المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌2064 - المخرمي (1) : " خ، د، - سير أعلام النبلاء - ط الحديث - جـ ١٠

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌2064 - المخرمي

(1)

: " خ، د، س"

محمد بن عبد الله بن المبارك الإمام، العلامة الحافظ الثبت، أبو جعفر القرشي مولاهم البغدادي المخرمي المدائني قاضي حلوان.

ولد سنة نيف وسبعين ومائة.

وحدث عن: وكيع، ويحيى بن سعيد وأبي معاوية الضرير وعبد الرحمن بن مهدي، وأبي أسامة ومعاذ بن هشام وإسحاق بن يوسف الأزرق، وشبابة ومظفر بن مدرك الحافظ ويحيى بن آدم، ويحيى بن عيسى الرملي ويزيد بن هارون وأبي عامر العقدي، وخلق وينزل إلى مصعب بن عبد الله ويحيى بن معين ويحيى بن أيوب المقابري.

حدث عنه: البخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم والفسوي وابن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي وأبو بكر أحمد بن المروزي وعمر بن بجير وابن خزيمة، وابن صاعد والقاضي المحاملي ومحمد بن محمد الباغندي وخلق سواهم.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال لي أبي: كتبت حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر كنا نغسل الميت منا من يغتسل، ومنا من لم يغتسل? قلت: لا قال: في المخرم شاب يقال له: محمد بن عبد الله يحدث به عن أبي هشام المخزومي عن وهيب فاكتبه عنه.

قال أبو بكر الباغندي: كان المخرمي حافظًا متقنًا.

وقال ابن عقدة: سمعت نصر بن أحمد بن نصر قال: كان محمد بن عبد الله المخرمي من الحفاظ المتقنين المأمونين.

قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وهو ثقة صدوق سئل أبي عنه، فوثقه.

قال النسائي: ثقة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1658" وتاريخ الخطيب "5/ 423"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 311"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 137"، والكاشف "3/ ترجمة 5049"، والعبر "2/ 6 - 7"، وتهذيب التهذيب "9/ 272"، وتقريب التهذيب "2/ 179"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6392"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".

ص: 5

وقال الدارقطني: كان حافظًا، ثقة.

الإسماعيلي: أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني، قال: سمعتهم يقولون: قدم علي بن المديني بغداد، واجتمع إليه الناس، فلما تفرقوا قيل له: من وجدت أكيس القوم? قال: هذا الغلام المخرمي.

الإسماعيلي: حدثنا الفرهياني: سمعت المخرمي يقول: ذكر أبو خيثمة يومًا فقال: كم تحفظون لابن جريج عن أبيه? وكان يحيى بن معين ثمة، فما أجاب البتة في واحد، واندفعت أنا فقلت ثم قال الفرهياني: كنا نصف المخرمي بالمعرفة. فذكرناه لصاحب حديث، يقال له: عمر بن إسماعيل الأبيوردي، فقال: إن كيلجة

(1)

أفادني أبوابًا، وقال: الحديث فيها عزيز، وأنا أذكر لكم بعض تلك الأبواب، حتى تسألوا عنها المخرمي. فذكر الرجل يدرك الوتر من قال: يتشهد، ومن قال: لا يتشهد? فلما أتيناه، سألناه، فقال: ليس ذا من صناعتكم، ما حاجتكم إليه? وذاك أنه كان يرانا نتبع "المسند"، فقلنا: تحدثنا بما عندك فيه. فحدثنا على المكان بستة أحاديث. فرجعنا إلى الذي قال لنا فقلنا: أملى علينا فيه ستة أحاديث. فقال: ذا هول من الأهوال.

قال عبد الباقي بن قانع: مات سنة أربع وخمسين ومائتين.

وقال ابن حبان: مات سنة ستين ومائتين، أو قبلها بقليل، أو بعدها.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز أخبرنا، عمي؛ محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن يونس، عن قتادة، عن أنس قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان، ولا في سكرجة، ولا خبز له مرقق. قلت لقتادة: على أي شيء كانوا يأكلون? قال: على السفر

(2)

.

(1)

هو: الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن صالح البغدادي الأنماطي كليجة، محدث جوال تأتي ترجمته في هذا المجلد بترجمة رقم "2163".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5386"، والترمذي "1788"، وفي "الشمائل" له "146"، وابن ماجه "3292" عن قتادة، عن أنس، به.

ص: 6

‌2065 - أبو حاتم السجستاني

(1)

: " د، س"

الإمام العلامة، أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني، ثم البصري المقرئ، النحوي، اللغوي، صاحب التصانيف.

أخذ عن: يزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وأبي عبيدة بن المثنى، وأبي زيد الأنصاري، وأبي عامر العقدي، والأصمعي، ويعقوب الحضرمي، وقرأ عليه القرآن، وتصدر للإقراء والحديث والعربية.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي في كتابيهما، وأبو بكر البزار في "مسنده"، ومحمد بن هارون الروياني، وابن صاعد، وأبو بكر بن دريد، وأبو روق الهزاني، وعدد كثير.

وتخرج به أئمة، منهم أبو العباس المبرد، وكان جماعة للكتب يتجر فيها. وله باع طويل في: اللغات، والشعر، والعروض، واستخراج المغمى. وقيل: لم يكن باهرًا بالنحو.

وله كتاب "إعراب القرآن"، وكتاب "ما يلحن فيه العامة"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "المقاطع والمبادئ"، وكتاب "القراءات"، وكتاب "الفصاحة"، وكتاب "الوحوش"، وكتاب "اختلاف المصاحف"، وغير ذلك.

وكان يقول: قرأت: "كتاب سيبويه" على الأخفش مرتين.

قلت: عاش ثلاثًا وثمانين سنة ومات في آخر سنة خمس وخمسين ومائتين وقيل: مات سنة خمسين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل: "4/ ترجمة 882"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 263"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 282"، والكاشف "1/ ترجمة 2197"، والعبر "1/ 455" و"2/ 75"، وتهذيب التهذيب "4/ 275"، وتقريب التهذيب "1/ 337"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2084"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 121".

ص: 7

‌2066 - المازني

(1)

:

إمام العربية، أبو عثمان، بكر بن محمد بن عدي البصري، صاحب "التصريف" والتصانيف.

أخذ عن: أبي عبيدة، والأصمعي.

روى عنه: الحارث بن أبي أسامة، وموسى بن سهل الجوني، ومحمد بن يزيد المبرد، ولازمه، واختص به، وقد دخل المازني على الواثق بالله، فوصله بمال جزيل.

قال المبرد: لم يكن أحد بعد سيبويه أعلم بالنحو من المازني، قال: وذكر لنا المازني: أن رجلًا قرأ عليه "كتاب سيبويه" في مدة طويلة فلما بلغ آخره، قال: أما إني ما فهمت منه حرفًا، وأما أنت فجزاك الله خيرًا.

وقال المازني: قرأت القرآن على يعقوب، فلما ختمت، رمى إليَّ بخاتمه، وقال: خذه، ليس لك مثل.

وقيل: كان المازني ذا ورع ودين، بلغنا أن يهوديًا حصل النحو، فجاء ليقرأ على المازني "كتاب سيبويه"، فبذل له مائة دينار، فامتنع، وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة آية ونيف، فلا أمكن منها ذميًا.

قال القاضي بكار بن قتيبة: ما رأيت نحويًا يشبه الفقهاء إلَّا حبان بن هلال والمازني.

وقال المبرد: كان المازني إذا ناظر أهل الكلام، لم يستعن بالنحو، وإذا ناظر النحاة، لم يستعن بالكلام.

وعن المازني قال: قلت لابن السكيت: ما وزن "نكتل"؟ قال: "نفعل". قلت: اتئد. ففكر، وقال:"نفتعل". قلت: فهذه خمسة أحرف. فسكت فقال المتوكل: ما وزنها? قلت: وزنها في الأصل "نفتعل"؛ لأنها "نكتيل"، فتحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله، فقلب ألفًا، فصار نكتال، فحذفت ألفه للجزم، فبقي "نكتل".

مات المازني: سنة سبع -أو ثمان- وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ 93"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 107"، واللباب لابن الأثير "3/ 145"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 181"، والعبر "1/ 448" ولسان الميزان "2/ 57" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 329"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 113".

ص: 8

‌الطبقة الرابعة عشرة

‌2067 - الذهلي وابنه

(1)

: " خ، (4) "

محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب، الإمام، العلامة، الحافظ، البارع، شيخ الإسلام، وعالم أهل المشرق، وإمام أهل الحديث بخراسان، أبو عبد الله الذهلي مولاهم، النيسابوري.

مولده سنة بضع وسبعين ومائة.

وسمع من: الحفصين؛ حفص بن عبد الله، وحفص بن عبد الرحمن، والحسين بن الوليد، وعلي بن إبراهيم البناني، ومكي بن إبراهيم، وعلي بن الحسن بن شقيق بنيسابور، وارتحل في سنة سبع وتسعين سنة موت وكيع، فكتب بالري عن يحيى بن الضريس، وطبقته.

وكتب بأصبهان عن: عبد الرحمن بن مهدي -كذا قال الحاكم. وأحسبه لقيه بالبصرة، فإنه يقول: قدمت البصرة فاستقبلتني جنازة يحيى بن سعيد القطان، وكانت في صفر، من سنة ثمان، وعاش بعده عبد الرحمن خمسة أشهر، فأكثر عنه، وهو أقدم شيخ له وأجلهم. وسمع بها من: محمد بن بكر البرساني، وأبي داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وأبي علي الحنفي، وأبي عامر العقدي، وسعيد بن عامر، وصفوان بن عيسى، وأبي عاصم وحبان بن هلال، وطبقتهم. وبالكوفة عن: أسباط بن محمد، وعمرو بن محمد العنقزي، ويعلى بن عبيد، ومحمد -أخيه- وجعفر بن عون، ومحاضر بن المورع، وعبيد الله بن موسى، وأبي بدر السكوني، وعدة. وبواسط من: يزيد بن هارون، وعلي بن عاصم، وعدة. وببغداد من: أبي النضر، والأسود بن عامر، ويعقوب بن إبراهيم، والواقدي، وخلق. وبمكة من: أبي عبد الرحمن المقرئ، وطبقته. وبالمدينة من: عبد الملك بن الماجشون، وعبد الله بن نافع، وعدة. وباليمن من: عبد الرزاق -فأكثر- وإبراهيم بن الحكم بن أبان، وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم، وإسماعيل بن عبد الكريم، وبمصر من: عمرو بن أبي سلمة، ويحيى بن حسان، وسعيد بن أبي مريم، وأبي صالح، بالشام من: الفريابي، والهيثم بن جميل،

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 561"، وتاريخ بغداد "3/ 415"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 549" والكاشف "3/ ترجمة 5298"، والعبر "1/ 437" و"2/ 17، 201"، وتهذيب التهذيب "9/ 511"، وتقريب التهذيب "2/ 217"، وخلاصة الخزرجي "2/ 6741"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 138".

ص: 9

وأبي مسهر، وأبي اليمان، وعلي بن عياش. وبالجزيرة من: عمرو بن خالد، والنفيلي، وخلق كثير من هذا الجيل. وكتب العالي والنازل، وكان بحرًا لا تكدره الدلاء.

جمع علم الزهري، وصنفه وجوده من أجل ذلك يقال له: الزهري، ويقال له: الذهلي. وانتهت إليه رئاسة العلم، والعظمة والسؤدد ببلدة. كانت له جلالة عجيبة بنيسابور، من نوع جلالة الإمام أحمد ببغداد، ومالك بالمدينة.

روى عنه: خلائق، منهم الأئمة: سعيد بن أبي مريم، وأبو جعفر النفيلي، وعبد الله بن صالح، وعمرو بن خالد -وهؤلاء من شيوخه- ومحمود بن غيلان، ومحمد بن سهل بن عسكر، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ويدلسه كثيرًا، لا يقول: محمد بن يحيى، بل يقول: محمد فقط، أو محمد بن خالد، أو محمد بن عبد الله ينسبه إلى الجد، ويعمي اسمه لمكان الواقع بينهما، غفر الله لهما.

وممن روى عنه: سعيد بن منصور صاحب "السنن"، وهو أكبر منه، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبو زرعة وأبو حاتم، ومحمود بن عوف الطائي، وأبو داود السجزي، وأبو عيسى الترمذي، وابن ماجه، والنسائي في "سننهم"، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو العباس السراج، وأبو حامد بن الشرقي، ومكي بن عبدان، وأبو حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وحاجب بن أحمد الطوسي أحد الضعفاء، ومحمد بن عبد الرحمن الدغولي، وأبو عوانة، وأبو علي الميداني، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وخلق كثير. وأكثر عنه مسلم، ثم فسد ما بينهما، فامتنع من الرواية عنه، فما ضره ذلك عند الله.

قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بالري، وقال: ثقة. ثم قال عبد الرحمن: هو إمام من أئمة المسلمين.

وقال أبو نصر الكلاباذي: روى عنه البخاري، فقال مرة: حدثنا محمد، وقال مرة: حدثنا محمد بن عبد الله، نسبه إلى جده، وقال مرة: حدثنا محمد بن خالد، ولم يصرح به.

وقال الخطيب: كان أحد الأئمة العارفين، والحفاظ المتقنين. صنف حديث الزهري، وجوده، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه، وينشر فضله.

قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: رأيت جنازة محمد بن يحيى، والناس يعدون بين يديها، وخلفها، ولي ثمان سنين.

وقال محمد بن صالح بن هانئ: سمعت محمد بن النضر الجارودي يقول: بلغني أن محمد بن يحيى كان يكتب في مجلس يحيى بن يحيى، فنظر علي بن سلمة اللبقي إلى حسن

ص: 10

خطه وتقييده، فقال: يا بني ألا أنصحك? إن أبا زكريا يحدثك عن سفيان بن عيينة وهو حي، وعن وكيع وهو حي بالكوفة، وعن يحيى بن سعيد، وجماعة أحياء بالبصرة، وعن عبد الرحمن بن مهدي وهو حي بأصبهان، فاخرج في طلب العلم، ولا تضيع أيامك فعمل فيه قوله، فخرج إلى أصبهان فسمع من عبد الرحمن بن مهدي، والحسين بن حفص، ثم دخل البصرة وقد مات يحيى، فكتب عن أبي داود وأقرانه، وأكثر بها المقام، حتى مات سفيان بن عيينة.

قلت: ما كان يمكنه لقيه، فإن سفيان مات في وسط السنة، ولا كان يمكنه المسير إلى مكة إلَّا مع الوفد، وأما وكيع فمات قبل أن يتحرك الذهلي من بلده، قال: فخرج إلى اليمن، وأكثر عن عبد الرزاق وأقرانه، ثم رجع وحج، وذهب إلى مصر ثم الشام، وبارك الله له في علمه حتى صار إمام عصره.

قال أبو العباس الدغولي: سمعت صالح بن محمد الحافظ يقول: دخلت الري، وكان فضلك يذاكرني حديث شعبة، فألقى علي لشعبة، عن عبد الله بن صبيح، عن ابن سيرين، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا خالي فليرني امرؤ خاله"

(1)

فلم أحفظ، فقال فضلك: أنا أفيدكه، إذا دخلت نيسابور ترى شيخًا سن الشيب، حسن الوجه، راكبًا حمارًا مصريًا، حسن اللباس. فإذا رأيته، فاعلم أنه محمد بن يحيى، فسله عن هذا، فهو عنده عن سعيد بن واصل، عن شعبة. فلما دخلت نيسابور استقبلني شيخ بهذا الوصف، فقلت: يشبه أن يكون. فسألت عنه، فقالوا: هو محمد بن يحيى، فتبعته إلى أن نزل، فسلمت عليه، وأخبرته بقصدي إياه، فنزلت في مسجده، وكتبت مجلسًا من أصوله، فلما خرج، وصلى قرأته عليه، ثم قلت: حدثكم سعيد بن عامر، عن شعبة? فذكرت الحديث، فقال لي: يا فتى، من ينتخب هذا الانتخاب، ويقرأ هذه القراءة، يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث عن شعبة بمثل هذا الحديث. فقلت: نعم، أيها الشيخ حدثكم سعيد بن واصل? فقال: نعم.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "3752" من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا خالي فليرني امرؤ خاله".

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مجالد.

قلت: مجالد، هو ابن سعيد بن عمير، ضعيف.

لكن قد تابعه إسماعيل بن أبي خالد عند الحاكم "3/ 498"، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن جابر، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

قلت: وهو صحيح كما قالا. وقد خرجت الحديث بنحو هذا في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] ط. دار الحديث الجزء السادس تعليق رقم "197" فراجعه ثمت إن شئت.

ص: 11

قال أبو عمرو، وأحمد بن نصر الخفاف: رأيت محمد بن يحيى بعد وفاته، فقلت: ما فعل الله بك? قال: غفر لي قلت: فما فعل بحديثك? قال: كتب بماء الذهب، ورفعت في عليين.

قال أبو حامد بن الشرقي: سمعت أبا عمرو المستملي، يقول: دفنت من كتب محمد بن يحيى بعد وفاته ألفي جزء.

قال الحاكم: سمعت يحيى بن منصور القاضي يقول: سألت أبا بكر محمد بن محمد بن رجاء، فقلت: محمد بن يحيى صليبة كان أو مولى? قال: لا صليبة ولا مولى كان جدهم فارس مولى لابن معاذ، وكان معاذ بن مسلم بن رجاء رهينة عند معاوية بن أبي سفيان، رهنه عنده أبوه، ثم ارتد، فأراد معاوية قتل ابنه رجاء، وكان عنده القعقاع بن شور الذهلي، فاستوهبه من معاوية، فوهبه منه، فأطلقه فهذا كان النسب.

الدغولي: سمعت محمد بن يحيى قال: لما رحلت بابني إلى العراق صحبني جماعة من الغرباء، فسألوني: أي حديث عند أحمد بن حنبل أغرب? فكنت أقول: إذا دخلنا عليه، سألته عن حديث تستفيدونه. فلما دخلنا سألته عن حديث يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر حديث الإيمان

(1)

.

فقال: يا أبا عبد الله، ليس هو عندي عن يحيى بن سعيد، فخجلت، وقمنا، فأخذ أصحابنا يقولون: إنه ذكر هذا الحديث غير مرة، ثم لم يعرفه أحمد، وأنا ساكت لا أجيبهم. قال: ثم قدمنا بغداد، فدخلنا على أحمد، فرحب بنا، وسأل عنا. ثم قال: أخبرني يا أبا عبد الله: أي حديث استفدت عن مسدد، عن يحيى بن سعيد? فذكرت له حديث الإيمان. فقال أحمد: حدثناه يحيى بن سعيد، ثم أخرج كتابه، وأملى علينا، فسكت محمد بن يحيى، ولم يقل: سألناك عنه. فتعجب أصحابه من صبره. قال: فأخبر أحمد بأنه كان سأله عن الحديث قبل خروجه إلى البصرة. فكان أبو عبد الله إذا ذكره يقول: محمد بن يحيى العاقل.

(1)

وأوله: "بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ أقبل رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر

" الحديث. أخرجه مسلم "8" "3" من طريق محمد بن حاتم، "حدثنا يحيى بن سعيد به. وأخرجه مسلم من طرق عن كهمس بن الحسن، عن عبد لله بن بريدة، به.

وأخرجه مسلم "8""2" من طرق عن حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن عبد الله بن بريدة، به.

وأخرجه مسلم "8""4" من طريق حجاج بن الشاعر، عن يونس بن محمد، عن المعتمر، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، به.

ص: 12

قال أبو العباس الأزهري: سمعت خادمة محمد بن يحيى، وهو على السرير يغسل، تقول: خدمته ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له.

قال الحاكم: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد المعدل يقول: سمعت يحيى بن الذهلي يقول: دخلت على أبي في الصيف الصائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه، وبين يديه السراج، وهو يصنف، فقلت: يا أبة، هذا وقت الصلاة، ودخان هذا السراج بالنهار، فلو نفست عن نفسك. قال: يا بني، تقول لي هذا، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين!!

وسمعت يحيى بن منصور القاضي، سمعت خالي عبد الله بن علويه، سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: كنا عند أحمد بن حنبل، إذ دخل عليه محمد بن يحيى، فقام إليه، وقرب مجلسه، وأمر بنيه وأصحابه أن يكتبوا عنه.

زنجويه بن محمد: سمعت أبا عمرو المستملي يقول: أتيت أحمد بن حنبل، فقال: من أين أنت? قلت: من نيسابور. قال: أبو عبد الله محمد بن يحيى له مجلس? قلت: نعم. قال: لو أنه عندنا، لجعلناه إمامًا في الحديث. ثم ذكرت محمد بن رافع. فقال: من محمد بن رافع? ثم سكت ساعة ثم قال: لعله الذي كان معنا عند عبد الرزاق؟ قلت: نعم.

قال محمد بن سعيد بن منصور، حدثنا أبي، قلت ليحيى بن معين: لم لا تجمع حديث الزهري? فقال: كفانا محمد بن يحيى ذلك. قال زنجويه بن محمد: كنت أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الذي لا يعرفه محمد بن يحيى لا يعبأ به.

وقال أبو قريش الحافظ: كنت عند أبي زرعة، فجاء مسلم بن الحجاج، فسلم عليه، وجلس ساعة، وتذاكرا. فلما أن قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في "الصحيح" فقال: فلمن ترك الباقي? ثم قال: هذا ليس له عقل، لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلًا.

الحاكم: حدثنا أبو علي الحافظ حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا أبو عبد الرحيم الجوزجاني قال: قلت لأحمد بن حنبل: إني أريد البصرة، وقد عرفت أصحاب الحديث وما بينهم. فقال: إذا قدمت فسل عن محمد بن يحيى النيسابوري، فإذا رأيته فالزمه، ثم قال: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث الزهري منه.

قال ابن أبي حاتم: كتب أبي عن محمد بن يحيى بالري، وهو ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين، وثقه أبي، وسمعته يقول: هو إمام أهل زمانه.

وقال النسائي: ثقة مأمون.

ص: 13

وقال ابن أبي داود: حدثنا محمد بن يحيى، وكان أمير المؤمنين في الحديث.

الحاكم: حدثنا إبراهيم بن إسحاق القارئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، سمعت أبي يقول: إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة

(1)

.

وقال الحسين بن محمد الفقيه: سمعت محمد بن يحيى يقول: تقدم رجل إلى عالم، فقال: علمني وأوجز. قال: لأوجزن لك، أما لآخرتك: فإن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه: قل لقومك: لو كانت المعصية في بيت من بيوت الجنة لأوصلت إليه الخراب، وأما لدنياك: فإن الشاعر يقول:

ما الناس إلَّا مع الدنيا وصاحبها

وكيف ما انقلبت يومًا به انقلبوا

يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت

يومًا عليه بما لا يشتهي وثبوا

قال السراج: سمعت محمد بن يحيى: خرجت مع وهب بن جرير إلى مكة، فلما بلغناها أصابتنا شدة فسمعت وهبًا يقول:

إن الذي نجاك من بطن ذمه

ومن سيول في بطون مفعمه

لقادر أن يستتم نعمه

أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن يحيى يقول: قد جعلت أحمد بن حنبل إمامًا فيما بيني وبين ربي عز وجل.

قال الحاكم: سمعت محمد بن أحمد بن زيد، وهو عدل رضا، يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي، وكنت واقفًا على رأسه، بعد الفراغ من المجلس، وبيدي قلم فنقط نقطة على ثوبه، فرفع إلي رأسه، فقال: تراني أحبك بعد هذا!!

الحاكم: سمعت عبد الرحمن بن أحمد الفامي، سمعت أحمد بن محمد بن الحسن، سمعت محمد بن يحيى يقول: ما رأيت في يد عبد الرحمن بن مهدي كتابًا قط، ما سمعت منه فمن حفظه.

أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن يحيى، حدثني سفيان بن يحيى الواسطي، وكان شيخًا قصيرًا، أحمر الرأس واللحية، كتبت عنه أربعة أحاديث بواسط سنة تسع وتسعين ومائة.

(1)

أي جهالة: العين فمجهول العين: من روى عنه اثنان ولم يوثقه معتبر من أئمة الجرح والتعديل. وأما مجهول الحال: فهو من روى عنه واحد حسب ولم يوثقه معتبر. وكلاهما يصلح حديثهما للشواهد والمتابعات.

ص: 14

وقال لنا عفان: إذا قلت لكم: أخبرنا حماد، ولم أنسبه، فهو ابن سلمة، قال ابن يحيى: وإذا قال حجاج: أخبرنا حماد، فهو ابن سلمة. وما روى سليمان بن حرب، وأبو النعمان، عن حماد فهو ابن زيد، وجميعهم سمعوا من الحمادين.

قال محمد بن يحيى: أثبت من رأيت أربعة: عبد الرحمن، ووهب ابن جرير، ويزيد بن هارون، وسليمان بن حرب.

قال الحسين بن الحسن بن سفيان: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: ارتحلت ثلاث رحلات، وأنفقت على العلم مائة وخمسين ألفًا، ولما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى القطان على باب البصرة.

وقال الحسين بن الحسن بن سفيان النسوي: سمعت محمد بن يحيى يقول: لو لم أبدأ بالبصرة لم يفتني أبو أسامة، وحسين الجعفي.

عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني: سمعت ابن سافري بالرملة يقول: قلت لأحمد بن حنبل: نكتب عن محمد بن يحيى? قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة، قلت ليحيى بن معين: نكتب عن محمد بن يحيى? قال: اكتبوا عنه، فإنه ثقة، ما له يريد أن يحدث.

أبو بكر النيسابوري: سمعت محمد بن يحيى يقول: قال لي علي بن المديني: أنت وارث الزهري.

قال السلمي: سألت الدارقطني: من تقدم من محمد بن يحيى، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي? فقال: محمد بن يحيى، ومن أحب أن ينظر ويعرف قصور علمه عن علم السلف، فلينظر في "علل حديث الزهري" لمحمد بن يحيى.

قال النسائي: ثقة مأمون.

وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي إمام عصره، أسكنه الله جنته مع محبيه.

وقد سئل صالح جزرة عن محمد بن يحيى، فقال: ما في الدنيا أحمق ممن يسأل عن محمد بن يحيى.

قال ابن الشرقي: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن يحيى ثم قال: مات في سنة ثمان وخمسين، ومائتين زاد غيره في ربيع الأول.

وبخط أبي عمرو المستملي: عاش ستًا وثمانين سنة.

ص: 15

وقال أبو أحمد علي بن محمد المروزي: سمعت محمد بن موسى الباشاني يقول: مات الذهلي يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ربيع الآخر، سنة ثمان وخمسين.

وقال يعقوب بن محمد الصيدلاني: يوم الاثنين لأربع بقين من ربيع الأول.

كان الذهلي شديد التمسك بالسنة، قام على محمد بن إسماعيل لكونه أشار في "مسألة خلق العباد" إلى أن تلفظ القارئ بالقرآن مخلوق، فلوح وما صرح، والحق أوضح. ولكن أبى البحث في ذلك أحمد بن حنبل وأبو زرعة والذهلي، والتوسع في عبارات المتكلمين سدًا للذريعة، فأحسنوا، أحسن الله جزاءهم. وسافر ابن إسماعيل مختفيًا من نيسابور، وتألم من فعل محمد بن يحيى وما زال كلام الكبار المتعاصرين بعضهم في بعض لا يلوى عليه بمفرده. وقد سقت ذلك في ترجمة ابن إسماعيل، رحم الله الجميع، وغفر لهم ولنا آمين.

ولما توفي الذهلي تقدم في الصلاة عليه أمير خراسان محمد بن طاهر في ميدان الحسين.

ص: 16

وخلفه في مشيخة البلد ولده حيكان، واسمه:

‌2068 - يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي

(1)

: " ق"

الحافظ المجود الشهيد، أبو زكريا.

قال الحاكم: وهو إمام نيسابور في الفتوى والرئاسة، وابن إمامها، وأمير المطوعة بخراسان بلا مدافعة، يعني: الغزاة. قال: وكان يسكن دار أبيه، ولكل منهما فيها صومعة وآثار لعبادتهما، والسكة والمسجد منسوبان إلى حيكان.

سمع يحيى بن يحيى، وأحمد بن عمرو الحرشي، وابن راهويه. وبالري: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن عبد الله بن أبي جعفر، وببغداد: علي بن الجعد، والحكم بن موسى، وأحمد بن حنبل، والقواريري، وطبقتهم. وبالبصرة: أبا الوليد، وسليمان بن حرب، ومسددًا، والربيع بن يحيى، وعلي بن عثمان اللاحقي، ومحمد بن كثير، وسهل بن بكار، والحوضي، وعبيد الله بن معاذ، وبالكوفة: أحمد بن يونس، وسعيد بن الأشعثي،

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 774"، وتاريخ بغداد "14/ 217"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 586"، والأنساب للسمعاني:"4/ 332"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 644"، والكاشف "3/ ترجمة 6355"، والعبر "2/ 36"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9624"، وتهذيب التهذيب "11/ 276"، وتقريب التهذيب "2/ 357"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 153".

ص: 16

وأحمد بن يحيى بن المنذر. وبالحجاز: إسماعيل بن أبي أويس، وعبد الله بن عبد الحكم المصري، وسعيد بن منصور، وإبراهيم بن محمد الشافعي، ومحرز بن سلمة.

حدث عنه: أبوه، والحسين بن محمد القباني، وأبو عمرو أحمد بن نصر، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة والسراج.

قلت: ومحمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم. وفي كتاب الكمال أن ابن ماجه روى عنه، ولم نره.

قتله أحمد بن عبد الله الخجستاني ظلمًا في جمادى الآخرة سنة سبع وستين ومائتين، لكونه قام عليه، وحاربه لاعتدائه وعسفه.

قال الحاكم: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد العدل، ختن حيكان على ابنته، قال: دخلنا على أبي زكريا بعد أن رد من الطريق وهو في الحبس، فقال لنا: اشترك في دمي خمسة نفر: العباسان، وابن ياسين، وبشرويه، وأحمد بن نصر اللباد.

وسمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق، سمعت نوح بن أحمد، سمعت أحمد بن عبد الله الخجستاني يقول: دخلت على حيكان في محبسه الذي كنت حبسته فيه على أن أضربه خشبان، وأخلي سبيله، وما كنت عازمًا على قتله، فلما قربت منه، مددت يدي إلى لحيته، فقبضت عليها، فقبض على خصيي، حتى لم أشك أنه قاتلي، فذكرت سكينًا في خفي، فجردت السكين، وشققت بطنه.

وقيل: إن حيكان أسلمه جموعه، فانهزم، وانضم إلى حمالين، وتنكر، ثم عرف، فقبض عليه.

سمعت أبا الفضل الحسن بن يعقوب العدل، سمعت أبا عمرو المستملي يقول: رأيت يحيى بن محمد رضي الله عنه في المنام، فقلت: ما فعل الله بك? قال: غفر لي. قلت: فما فعل الخجستاني? قال: هو في تابوت من نار، والمفتاح بيدي.

وسمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: لما قتل حيكان ترك أبو عمرو المستملي اللباس القطني، وكان يلبس في الشتاء فروًا بلا قميص، وفي الصيف مسحًا، وكان مجلسه ومبيته في مسجد الأدميين على رأس سكة الحسن بن موسى بنيسابور، إذ سمع الناس يقولون: قد أقبل أحمد الخجستاني، فخرج المستملي، وعليه الفرو، فتقدم، فأخذ عنان أحمد، ثم قال: يا ظالم قتلت الإمام بن الإمام، العالم بن العالم??!! فارتعد الخجستاني، ونفرت دابته، فتقدم الرجالة لضربه، فصاح الخجستاني دعوه دعوه، فرجع ودخل المسجد.

ص: 17

قال محمد بن صالح: فبلغني عن أبي حاتم نوح أنه قال: قال الخجستاني: والله ما فزعت قط من أحد فزعي من صاحب الفروة، ولقد ندمت لما نظرت إليه من إقدامي على قتل حيكان.

وسمعت محمد بن صالح يقول: حضرنا آخر مجلس للإملاء عند يحيى بن محمد الشهيد في شهر رمضان من سنة سبع وستين ومائتين، وقيل في شوال، ورفضت مجالس الحديث، وخبئت المحابر، حتى لم يقدر أحد في البلد أن يمشي ومعه محبرة، ولا في كمه كراريس الحديث إلى سنة سبعين، فاحتال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل في مجيء السري خزيمة إلى نيسابور، وعقد له مجلس الإملاء في خان محمش، وعلا المحبرة بيده واجتمع عنده خلق عظيم.

حدثنا محمد بن صالح بن هانئ: حدثنا يحيى بن محمد، سمعت علي بن المديني يقول: عهدي بأصحابنا، وأحفظهم أحمد بن حنبل، فلما احتاج أن يحدث لا يكاد يحدث إلَّا من كتاب.

قلت: لأن ذلك أقرب إلى التحري والورع، وأبعد عن العجب.

قال: وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: سمعت يحيى بن محمد، سمعت مسددًا يقول: الجعة النبيذ الذي يعمل من الشعير.

ومن الرواية عن الذهلي وابنه:

أخبرنا الإمام أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا ثابت بن بندار، أخبرنا أبو بكر البرقاني، قرأنا على أبي العباس بن حمدان، حدثكم محمد بن نعيم قال: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: الإيمان قول، وعمل يزيد وينقص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، وحيث تصرف، ولا نرى الكلام فيما أحدثوا فتكلموا في الأصوات والأقلام والحبر والورق، وما أحدثوا من المتلي والمتلى والمقرئ، فكل هذا عندنا بدعة، ومن زعم أن القرآن محدث، فهو عندنا جهمي لا يشك فيه ولا يمترى.

قلت: كذا قال: المتلي والمتلى، ومراده المتلي والتلاوة، والمقرئ والقراءة، ومذهب السلف وأئمة الدين أن القرآن العظيم المنزل كلام الله -تعالى- غير مخلوق. ومذهب المعتزلة أنه مخلوق، وأنه كلام الله -تعالى- على حد قولهم: عيسى كلمة الله، وناقة الله، أي إضافة ملك.

ص: 18

ومذهب داود وطائفة أنه كلام الله، وأنه محدث مع قولهم: بأنه غير مخلوق.

وقال آخرون من الحنابلة وغيرهم: هو كلام الله قديم غير محدث، ولا مخلوق. وقالوا: إذا لم يكن مخلوقًا فهو قديم، ونوزعوا في هذا المعنى وفي إطلاقه.

وقال آخرون: هو كلام الله مجازًا، وهو دال على القرآن القديم القائم بالنفس.

وهنا بحوث وجدال لا نخوض فيها أصلًا، والقول هو ما بدأنا به، وعليه نص أزيد من ثلاث مائة إمام، وعليه امتحن الإمام أحمد، وضرب بالسياط، رحمه الله.

أخبرنا محمد بن محمد بن علي الوزير، وأحمد بن عبد الرحمن العابر، وعبد الرحيم بن عبد المحسن، وغيرهم قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي، قال: أخبرنا جدي أبو طاهر السلفي، أخبرنا مكي بن علان، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن معقل سنة ست وثلاثين وثلاث مائة، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني أبو أسامة سهل بن حنيف، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما أنا نائم، رأيت الناس يعرضون علي، وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره". قالوا: ماذا أولت ذلك يا رسول الله? قال: "الدين". متفق عليه

(1)

، وقد رواه النسائي عن محمد بن يحيى، فوافقناه بعلو.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري إملاء، حدثنا ابن يحيى، حدثنا محمد بن عبيد، حدثني الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة

(2)

.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق بمصر: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن أحمد الخبري في سنة إحدى، وعشرين أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا محمد بن يعقوب الحافظ سنة أربعين وثلاث مائة، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس سنة خمس وعشرين ومائتين، حدثني أبي عن

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "23"، ومسلم "2390"، والترمذي "2287"، والنسائي "8/ 113".

(2)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 916" والبخاري "5855"، ومسلم "2097"، وأبو داود "4136"، والترمذي "1774" من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"لا يمش أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا".

ص: 19

ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر الصديق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة"

(1)

.

أخرجه مسلم عن أبي خيثمة وأخرجه أبو داود عن حجاج بن الشاعر، جميعًا عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه عن صالح، وأخرجه النسائي عن عمرو بن يحيى الحمصي، عن محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاري، عن شعيب بن أبي حمزة كلاهما عن الزهري، لكن عن عروة، عن عائشة وهذا أصح، والآخر فمحفوظ، وإن كان أبو أويس عبد الله بن عبد الله الأصبحي فيه لين، وكذلك ابنه تكلم فيه مع أنه من رجال "الصحيحين"، وباقي الإسناد ثقات إلَّا ما كان من شيخ شيخنا هذا الخبري، فإنه تكلم في معتقده.

قال ابن أبي حاتم: سمعت من يحيى بن محمد، وهو صدوق.

وقال أبو إسحاق المزكي: حدثني أبو علي الحسن بن محمد وغيره أن محمد بن يحيى الذهلي وابنه يحيى اختلفا في مسألة، فقال أحدهما للآخر: اجعل بيننا حكمًا، فرضيا بابن خزيمة، فقضى ليحيى على أبيه. ثم قال المزكي: كان يحيى له موضع من العلم، والحديث سمع من العيشي ونحوه.

قال: وقال أبو العباس السراج: كان يحيى بن محمد أخرجه الغزاة، وجماعة من أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، وأركبوه دابة، وألبسوه سيفًا -قال المزكي: بلغني أنه كان سيف خشب- وقاتلوا: سلطان نيسابور، يقال له: أحمد بن عبد الله، خارجي غلب على البلد، وكان ظالمًا غاشمًا، وكان الناس أو أكثرهم مجتمعين عليه مع يحيى، فكانت الدبرة على العامة، وهرب يحيى إلى رستاق، يقال له: بست، فدل عليه أحمد بن عبد الله وجيء به، فيقال: إن عامة من كان مع يحيى من الرؤساء، انقلبوا عليه لما واقفه أحمد، وقال: ألم أحسن إليك? ألم أفعل ألم أفعل? وكان يحيى فوق جميع أهل البلد. فقال: أكرهت على ذلك، واجتمعوا علي. قال: فرد عليه الجماعة، أو من حضر منهم، وقالوا: ليس كما قال. فأخذه أحمد فقتله.

يقال: إنه بنى عليه. قال: ويقال: إنه أمر بجر خصييه حتى مات.

قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله بن الأخرم يقول: ما رأيت مثل حيكان، لا رحم الله قاتله.

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "9774"، وأحمد "1/ 4 و 6 - 7"، والمروزي في "مسند أبي بكر""36"، وابن سعد "2/ 315"، وأبو يعلى "43"، والبيهقي "7/ 65"، والبغوي "1/ 2741" من طريق عن ابن شهاب، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطاب.

وأخرجه مالك "2/ 993"، ومن طريقه أخرجه أحمد "6/ 262"، وابن سعد "2/ 314"، والبخاري "6730" ومسلم "1758"، وأبو داود "2976"، والبيهقي "6/ 301"، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، به. وأخرجه أحمد "6/ 145"، واسن سعد "2/ 314"، والبخاري "4034" و"6727"، وأبو داود "2977"، والبيهقي "6/ 302" من طرق عن ابن شهاب، به.

ص: 20

‌2069 - محمد بن إسماعيل بن علية

(1)

: " س"

قاضي دمشق ومفتيها ومحدثها الإمام، الحافظ الأوحد، أبو بكر، وأبو عبد الله، ولد شيخ البصرة الحافظ الكبير إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري، وكان أصغر الإخوة لا نعلم له شيئًا عن أبيه.

سمع من: محمد بن بشر العبدي، وإسحاق الأزرق، ويحيى بن آدم، ووهب بن جرير، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السهمي، وعدة.

حدث عنه: النسائي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو بشر الدولابي، وأبو عروبة الحراني، وابن جوصا، ومحمد بن جعفر بن ملاس، والقاضي محمد بن بكار البتلهي، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وآخرون.

قال النسائي: حافظ ثقة دمشقي.

وقال محمد بن الفيض: لم يزل قاضيًا بدمشق حتى مات في سنة أربع وستين ومائتين. وولي القضاء بعده القاضي أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز.

قلت أخوه هو إبراهيم بن عليه الجهمي المتكلم الذي ناظره الإمام الشافعي، نسأل الله العفو.

(1)

ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 4791"، والعبر "2/ 237"، وتهذيب التهذيب "9/ 55 - 56"، وتقريب التهذيب "2/ 144"، وخلاصة الخزرجي، "2/ ترجمة 6053".

ص: 21

‌2070 - صاعقة

(1)

: " خ، د، ت، س"

الإمام الحافظ المتقن، أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير العدوي، العمري، مولاهم، الفارسي، ثم البغدادي، صاعقة.

سمع: يزيد بن هارون، وشبابة بن سوار، وأبا أحمد الزبيري، وروح بن عبادة، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، ومعلى بن منصور، وأبا النضر وطبقتهم.

وعنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وزكريا خياط السنة، وأبو بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وخلق.

وثقه النسائي وغيره.

قال الخطيب: كان متقنًا ضابطًا عالمًا حافظًا.

وقال محمد بن محمد بن داود الكرجي: سمي صاعقة لأنه كان جيد الحفظ، وكان بزازًا.

قال السراج: قال لي: إنه ولد سنة خمس وثمانين ومائة، وتوفي في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 363"، وتذكرة الحافظ "2/ ترجمة 575"، والكاشف "3/ ترجمة 5088"، وتهذيب التهذيب "9/ 311"، وتقريب التهذيب "2/ 185"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6452"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 130".

ص: 22

‌2071 - ابن كرامة

(1)

: " خ، د، ث، ق"

الإمام، المحدث، الثقة، أبو جعفر محمد بن عثمان بن كرامة العجلي مولاهم الكوفي الوراق، وقيل: أبو عبد الله، وراق عبيد الله بن موسى.

سمع: عبد الله بن نمير، وأبا أسامة، ومحمد بن بشر العبدي، وحسين بن علي الجعفي، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد بن عبيد، وعدة. وقيل: إنه روى عن: غندر، ولم يصح.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن أبي الدنيا، وابن أبي داود، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، والسراج وجماعة.

قال أبو حاتم وغيره: صدوق.

قال مطين: مات في رجب سنة ست وخمسين ومائتين.

وقع لي من عواليه حديث: "من عادى لي وليًا"

(2)

وهو موافقة

(3)

للبخاري.

قرأت على علي بن محمد الفقيه وجماعة سمعوا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد حضورًا، ولي أربع سنين، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة قال: زلزلت فسا على عهد عبد الله رضي الله عنه فقال: إنا كنا نرى الآيات مع رسول صلى الله عليه وسلم بركات وأنتم تعدونها تخويفًا.

إسناده جيد

(4)

، وله علة فبالإسناد إلى يحيى قال: حدثناه إبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن الأعمش بإسناده نحوه.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 113"، وتاريخ بغداد "3/ 40 - 41"، والكاشف "3/ ترجمة 5124"، وتهذيب التهذيب "9/ 238"، وتقريب التهذيب "2/ 190"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6497".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6502" من طريق محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، قال حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله -تعالى- قال: من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما أفترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحببته .... " الحديث.

(3)

الموافقة: هي الوصول إلى شيخ المصنف من غير طريقه، فليتقي معه في شيخه.

(4)

الجيد والقوي سواء، وهما مرتبة واحدة، وهي أعلى من الحسن ودون الصحيح.

ص: 23

‌2072 - المقوم

(1)

: " د، س، ق"

يحيى بن حكيم الحافظ، الإمام المأمون، أبو سعيد البصري المقوم، وقد يقال: المقومي.

حدث عن: سفيان بن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وغندر ويحيى القطان، ومحمد بن أبي عدي، ومخلد بن يزيد الحراني، ومعاذ بن معاذ، وعبد الرحمن بن مهدي، وحرمي بن عمارة، وحماد بن مسعدة، وسلم بن قتيبة، وأبي داود الطيالسي، وخلق كثير وفي تهذيب شيخنا أنه روى عن النعمان بن عبد السلام الأصبهاني، ولم يدرك ذاك وينزل إلى أن يروي عن أبي الوليد، وعمر بن الخطاب الراسبي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 571"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 531"، والكاشف "3/ ترجمة 6267"، والعبر "2/ 13"، وتهذيب التهذيب "11/ 198"، وتقريب التهذيب "2/ 345"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136".

ص: 23

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وأسلم بن سهل، وزكريا بن يحيى السجزي، وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي، وعمر بن محمد بن بجير، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وأبو قريش محمد بن جمعة، وعلي بن العباس المقانعي، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وعبد الله بن أبي داود، وعبد الله بن عروة، والحافظ عمر بن إبراهيم أبو الآذان، وخلق كثير.

قال أبو داود: كان حافظًا متقنًا.

وقال النسائي: ثقة حافظ.

وقال أبو عروبة: ما رأيت بالبصرة أثبت منه، ومن أبي موسى العنزي، وكان يحيى ورعًا متعبدًا، أو كما قال.

وقال أبو حاتم البستي: كان ممن جمع وصنف.

ومات في سنة ست وخمسين ومائتين.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا محمد بن الحسن محبوب، حدثنا داود بن أبي هند، قال: دخلت أنا، والحسن، وثابت على إسحاق بن عبد الله بن الحارث الهاشمي، فقال ثابت: يا أبا يعقوب، حدث أبا سعيد بحديث الكتف، فقال إسحاق: حدثتني أم حكيم بنت الزبير أنها كانت تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا فيأتيها، فربما أكل عندها، وأنها زعمت أنه أتاها يومًا، فأتته بكتف، فجعل يتسحاها فأكل منها، ثم صلى ولم يتوضأ

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 419" من طريق همام، حدثنا قتادة، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن جدته أم حكيم، عن أختها ضباعة بنت الزبير أنها دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحما فانتهس منه ثم صلى ولم يتوضأ. قال أبي: قال عفان دفعت للنبي صلى الله عليه وسلم لحما.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث هو ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي النوفلي، وهو ثقة. وأم حكيم هي بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية صحابية. يقال اسمها صفية. وقيل هي ضباعة.

ص: 24

‌2073 - حجاج بن يوسف

(1)

: " م، د"

ابن حجاج، أبو محمد ابن الشاعر أبي يعقوب الثقفي البغدادي، الحافظ فأما أبوه فلقبه لقوة، من تلامذة أبي نواس وأصحابه. فنشأ حجاج ببغداد، وطلب العلم.

وكتب عن: أبي النضر، ويعقوب بن إبراهيم، وأبي داود، وحجاج بن محمد، والعقدي، وأبي أحمد الزبيري، وعبد الصمد التنوري، وخلق.

روى عنه: مسلم، وأبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى الموصلي، وموسى بن هارون، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، والمحاملي.

قال ابن أبي حاتم: ثقة، حافظ.

وقال أبو داود: هو خير من مائة مثل الرمادي.

قال صالح جزرة: سمعت حجاج بن الشاعر يقول: جمعت لي أمي مائة رغيف، فجعلتها في جراب، وانحدرت إلى شبابة بالمدائن، فأقمت ببابه مائة يوم، أغمس الرغيف في دجلة وآكله، فلما نفدت خرجت.

توفي سنة تسع وخمسين.

وفيها توفي أبو حذافة السهمي، وأبو إسحاق الجوزجاني، وإسحاق بن وهب، وإسحاق البغوي لؤلؤ، وبشر بن مطر، ومحمود بن آدم، وعلي بن معبد بمصر، ومحمد بن يزيد محمش.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 718"، وتاريخ بغداد "8/ 240"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 20"، والعبر "2/ 19"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 569"، والكاشف "1/ ترجمة 955" وميزان الاعتدال "1/ 466"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 315"، وتهذيب التهذيب "2/ 209"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1252"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 139".

ص: 25

‌2074 - العباس بن عبد العظيم

(1)

: " خت، (4) "

ابن إسماعيل بن توبة الحافظ الحجة، الإمام، أبو الفضل، العنبري البصري.

حدث عن: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وعبد الرحمن بن مهدي، وعمر بن يونس، ويزيد بن هارون، والنضر بن محمد، وعبد الرزاق، وأبي عاصم النبيل، وخلق كثير، وكان واسع الرحلة متبحرًا من الآثار.

روى له البخاري: تعليقًا، والباقون سماعًا، وبقي بن مخلد، وأبو حاتم، وعبدان الأهوازي، وابن خزيمة، وعمر بن بجير، وزكريا الساجي، وآخرون.

قال النسائي: ثقة مأمون.

وقال محمد بن المثنى السمسار: كان من سادات المسلمين.

وقال آخر: كان من أعقل أهل زمانه، ومن أهل الفضل.

قلت: توفي في سنة ست وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمة في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 23"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1190"، وتاريخ بغداد "12/ 138"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 541"، والعبر "1/ 447" و"2/ 33"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 2626"، وتهذيب التهذيب "5/ 121"، وتقريب التهذيب "1/ 397"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3353".

ص: 26

‌2075 - أبو التقي اليزني

(1)

: " د، س، ق"

الإمام الحافظ المتقن، أبو التقي هشام بن عبد الملك بن عمران، اليزني الحمصي.

حدث عن: إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، ومحمد بن حرب الأبرش، ومحمد بن حمير، وعدة.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وحفيده حسين بن تقي بن هشام، وأبو عروبة الحراني، وأبو بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبو الحسن بن جوصا، وخلق كثير.

قال أبو حاتم الرازي: كان متقنًا في الحديث.

وقال النسائي: ثقة.

قلت: مات في سنة إحدى وخمسين ومائتين عن بضع وثمانين سنة.

(1)

ترجمته في المعرفة ليعقوب الفسوي "2/ 780" و"3/ 304"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 254"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 547"، والكاشف "3/ ترجمة 6075"، والعبر "2/ 1"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9231"، وتهذيب التهذيب "11/ 45"، وتقريب التهذيب "2/ 319"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7863"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 124".

ص: 26

‌2076 - شعيب بن عمرو

(1)

:

المحدث المسند، أبو محمد الضبعي.

حدث بدمشق عن: سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وجماعة.

وعنه: أبو عوانة الإسفراييني، وابن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد وآخرون.

توفي سنة إحدى وستين ومائتين من أبناء التسعين.

‌2077 - شعيب بن المحدث

(2)

: " س"

شعيب بن إسحاق الدمشقي، مولى قريش، يكنى أبا محمد. لم يلحق السماع من أبيه، فإنه ولد: سنة تسعين ومائة.

سمع: زيد بن يحيى بن عبيد، وأبا المغيرة الحمصي، وأبا اليمان، وأحمد بن خالد.

وعنه: النسائي، وابن جوصا، وأبو الدحداح.

وله شعر جيد.

توفي سنة أربع وستين ومائتين.

قال أبو حاتم: صدوق.

‌2078 - عمرو بن عثمان

(3)

: " د، س، ق"

ابن سعيد بن كثير بن دينار، الحافظ، الثبت، أبو حفص الحمصي، مولى قريش.

ولد سنة بضع وستين ومائة.

(1)

ترجمته في لسان الميزان "3/ ترجمة 531"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 325".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1520"، والكاشف "2/ ترجمة 2312"، وتهذيب التهذيب "4/ 353"، وتقريب التهذيب "1/ 352"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2963".

(3)

ترجمته في التاريخ الصغير "2/ 391"، والمعرف والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 307"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 4"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 524"، والكاشف "2/ ترجمة 4285"، والعبر "2/ 1"، وتهذيب التهذيب "8/ 76"، وتقريب التهذيب "2/ 74"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5339"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 124".

ص: 27

وسمع: إسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، وعدة.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وجعفر الفريابي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق كثير من آخرهم أحمد بن عمير بن جوصا.

قال الحافظ ابن عساكر: وسمع من مروان بن معاوية، ومحمد بن حرب، ومحمد بن شعيب بن شابور، وسمى جماعة.

قال: وروى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبدان الجواليقي.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو زرعة: كان أحفظ من محمد بن مصفى.

قال داود بن الحسين البيهقي: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي السيد بن السيد.

قلت: مات في شهر رمضان سنة إحدى وخمسين ومائتين وقيل: سنة خمسين عن نيف وثمانين سنة. وقع لنا من عواليه في "البعث"، وفي "صفة المنافق".

ص: 28

وأخوه:

‌2079 - يحيى بن عثمان

(1)

: " د، س، ق"

العبد الصالح الولي، أبو سليمان.

سمع: بقية بن الوليد، ووكيعًا، والوليد بن مسلم، ومحمد بن حمير، وجماعة.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه أيضًا، وإبراهيم بن متويه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو عروبة الحراني، وابن أبي داود، وأبو بشر الدولابي، وعبد الغافر بن سلامة، وابن جوصا، وعدة.

قال أبو حاتم: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى بن عثمان الحمصي، نعم الشيخ هو.

قال أبو حاتم: كان صالحًا صدوقًا.

وسئل محمد بن عوف عن يحيى وأخيه عمرو، فقال: كلاهما ثقة، ولكن يحيى كان عابدًا، وعمرو أبصر منه في الحديث. وقال النسائي: ثقة.

وقال أبو عروبة: سمعت المسيب بن واضح يقول: رأيت في النوم كأن آتيًا أتاني، فقال: إن كان بقي من الأبدال أحد، فيحيى بن عثمان الحمصي.

قال ابن عدي: هو وأخوه وأبوهما لا بأس بهم، لم أر من يطعن في يحيى غير أبي عروبة، سمعته يقول: كان يحيى لا يسوى نواة في الحديث، وكان يتلقن كل شيء، قال: وكان يعرف بالصدق.

وقال محمد بن عوف: رأيت أحمد بن حنبل يجل يحيى بن عثمان، ويقدمه في الصلاة.

قلت: توفي سنة خمس وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 719"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2152"، والكاشف "3/ ترجمة 6323"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9587"، وتهذيب التهذيب "11/ 255"، وتقريب التهذيب "2/ 353".

ص: 28

‌2080 - وأبوهما

(1)

:

عثمان بن سعيد من أصحاب حريز بن عثمان، وشعيب بن أبي حمزة.

وهو صدوق، صاحب حديث.

روى عنه: ابناه، وعباس الترقفي، ومحمد بن عوف الطائي، وعثمان بن سعيد الدارمي. وثقه أحمد وابن معين، واحتج به النسائي وغيره.

قال عبد الوهاب بن نجدة: كان يقال: إنه من الأبدال.

قلت: موته قريب من أبي اليمان.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 835"، والكاشف "2/ ترجمة 3753"، وتهذيب التهذيب "7/ 118"، وتقريب التهذيب "2/ 9"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة "4737".

ص: 29

‌2081 - المرار بن حمويه

(1)

م: "ق"

ابن منصور، الإمام الفقيه الحافظ، شيخ همذان، أبو أحمد الثقفي الهمذاني.

ولد بعد التسعين ومائة.

وسمع من: أبي نعيم، وأبي الوليد الطيالسي، وعبد الله بن صالح الكاتب، وسعيد بن أبي مريم، والقعنبي، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن ماجه في "سننه"، وموسى بن هارون، وأبو عروبة الحراني، وابن وهب الدينوري، وعبد الله بن أحمد الدحيمي، وأحمد بن أبي غانم، والحسن بن علي بن سعد، وعبد الرحمن بن محمد بن حماد الطهراني، وآخرون. ورواية ابن ماجة عنه محمد بن مصفي الحمصي.

وقد روى البخاري في "صحيحه": حدث نا أبو أحمد، حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى الكتاني، فقيل: هو المرار. وقيل: بل هو محمد بن عبد الوهاب الفراء، وقيل: محمد بن يوسف البيكندي.

قال محمد بن عيسى الهمذاني: حدثنا أبي، حدثنا فضلان بن صالح قال: قلت لأبي زرعة الرازي: أنت أحفظ أم المرار? فقال: أنا أحفظ، وهو أفقه.

وعن أبي جعفر قال: ما أخرجت همذان أفقه من المرار.

قال الحافظ أبو شجاع شيرويه: نزل أبو حاتم على المرار، وكتب عنه، وهو قديم الموت، جليل الخطر، سأله جمهور النهاوندي عن مسائل، وهي مدونة عنه، من نظر فيها علم محل المرار من العلم الواسع، والحفظ والإتقان والديانة.

وقال عبد الله أحمد بن الدحيمي: سمعت المرار يقول: اللهم ارزقني الشهادة، وأمر يده على حلقه.

وقيل: لما وقعت فتنة المعتز، والمستعين كان على همذان الأميران جباخ، وجغلان من قبل المعتز، فاستشار أهل همذان المرار والجرجاني في محاربتهما، فأمراهم بلزوم منازلهم، فلما أغار أصحابهما على دار سلمة بن سهل وغيرها، ورموا رجلًا بسهم، أفتياهم في الحرب، وتقلد المرار سيفًا، فخرج معهم، فقتل عدد كثير من الفريقين، ثم طلب مفلح المرار، فاعتصم بأهل قم. وهرب معه إبراهيم بن مسعود المحدث. فأما إبراهيم فهازلهم وقاربهم فسلم، وأما المرار، فأظهر مخالفتهم في التشيع، وكاشفهم، فأوقعوا به وقتلوه، رحمه الله.

وروى الحسين بن صالح أن عمه المرار قتل في سنة أربع وخمسين ومائتين وله أربع وخمسون سنة.

قال صالح بن أحمد التميمي: قتل المرار في السنة شهيدًا. وكان ثقة عالمًا فقيهًا سنيًا، رحمة الله عليه.

قلت: كان من أئمة الإسلام. وما وقع لنا حديثه العالي إلَّا بالإجازة.

(1)

م ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2024"، والكاشف "2/ ترجمة 5444"، وتهذيب التهذيب "10/ 80 - 81"، وتقريب التهذيب "2/ 236"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7380".

ص: 30

‌2082 - أحمد بن سعد

(1)

: " د، س"

ابن الحكم بن أبي مريم، الإمام الحافظ، أبو جعفر المصري، مولى بني جمح.

حدث عن: عمه سعيد بن أبي مريم، وأسد بن موسى، وأبي اليمان، وحبيب كاتب مالك، وتحرج بيحيى بن معين.

وعنه: أبو داود، والنسائي، والباغندي، وعلي بن سراج، وعلي بن أحمد علان، وابن وهب الدينوري، وآخرون.

قال النسائي: لا بأس به.

توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 29 - 30"، وتقريب التهذيب "1/ 15".

ص: 31

‌2083 - الزبير بن بكار

(1)

: " ق"

العلامة الحافظ النسابة، قاضي مكة وعالمها، أبو عبد الله بن أبي بكر بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي الزبيري المدني المكي.

مولده في سنة اثنتين وسبعين ومائة.

سمع من: سفيان بن عيينة، وأبي ضمرة الليثي، والنضر بن شميل، وابن أبي فديك، وذؤيب بن عمامة، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وعلي بن محمد المدائني، ومحمد بن الحسن بن زبالة، ومحمد بن الضحاك بن عثمان، وإبراهيم بن المنذر، ومصعب بن عبد الله الزبيري عمه، وخلق سواهم.

حدث عنه: ابن ماجه في "سننه"، وأبو حاتم الرازي، وعبد الله بن شبيب الربعي، وأبو

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2660"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "9/ 41 - 42" والفهرست لابن النديم "123 - 124"، وتاريخ بغداد "8/ 468"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 240"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 546"، والعبر "2/ 12"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 2830"، والمغني "1/ ترجمة 2163"، والكاشف "1/ ترجمة 1626"، وتهذيب التهذيب "3/ 312"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 25"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2115"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 133 - 134".

ص: 31

بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن أبي الأزهر، وحرمي بن أبي العلاء المكي، واسمه أحمد بن محمد، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وإسماعيل بن العباس الوراق، ويوسف بن يعقوب الأزرق، وحدث في أواخر أيامه ببغداد.

وهو مصنف كتاب "نسب قريش"، وهو كتاب كبير نفيس.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: أدركته ورأيته، ولم أكتب عنه.

وقال الدارقطني: ثقة.

وروي عن السري بن يحيى التميمي، قال: لقي الزبير بن بكار إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فقال له إسحاق: يا أبا عبد الله، عملت كتابًا سميته كتاب "النسب" وهو كتاب الأخبار، فقال: وأنت يا أبا محمد عملت كتابًا سميته كتاب "الأغاني"، وهو كتاب المغاني.

قال الحسين بن القاسم الكوكبي: لما قدم الزبير بن بكار بغداد قال أبو حامد المستملي عليه: من ذكرت يا ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأعجبه.

روى محمد بن عبد الملك التاريخي، قال: أنشدني ابن أبي طاهر لنفسه في الزبير بن بكار:

ما قال: "لا" قط إلَّا في تشهده

ولا جرى لفظه إلَّا على "نعم"

بين الحواري والصديق نسبته

وقد جرى ورسول الله في رحم

الكوكبي: حدثنا محمد بن موسى المارستاني، حدثنا الزبير بن بكار، قال: قالت بنت أختي لأهلنا: خالي خير رجل لأهله، لا يتخذ ضرة وسرية. قال: تقول المرأة: والله هذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر.

قال محمد بن إسحاق الصيرفي: سألت الزبير: منذ كم زوجتك معك? قال: لا تسألني، ليس ترد القيامة أكثر كباشًا منها، ضحيت عنها سبعين كبشًا.

قال أبو بكر الخطيب: كان الزبير ثقة ثبتًا عالمًا بالنسب وأخبار المتقدمين، له مصنف في "نسب قريش".

قلت: الكتاب من عوالي الفخر علي عن ابن طبرزد.

وقال أحمد بن علي السليماني الحافظ: منكر الحديث. كذا قال، ولا يدري ما ينطق به.

قال أحمد بن سليمان الطوسي: توفي الزبير لتسع بقين من ذي القعدة سنة ست

ص: 32

وخمسين ومائتين بمكة. وقد بلغ أربعًا وثمانين سنة، وصلى عليه ابنه مصعب بعد فراغنا من قراءة كتاب "النسب"عليه بثلاثة أيام.

قال: وكان سبب وفاته أنه وقع من فوق سطحه، فمكث يومين لا يتكلم، ومات انكسرت ترقوته ووركه.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، ومحمد بن بطيخ وأحمد بن مؤمن، وعبد الحميد بن أحمد، قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ، أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا الحسين بن طلحة، وأخبرنا أبو المعالي ابن قاضي أبرقوه، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله، أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا الزبير بن بكار، حدثني أبو غزية، عن فليح بن سليمان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلَّا الله وأشهد أني عبده ورسوله، من لقي الله بهما غير شاك دخل الجنة"

(1)

.

وبه: إلى الحسين المحاملي، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أو عن جابر، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فذكره وقال: "لم يحجب عن الجنة"

(2)

.

ورواه مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن أبي صالح، عن أبي هريرة بهذا.

(1)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان؛ الأولى: أبو غزية، محمد بن موسى القاضي قال البخاري: عند مناكير. وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث، ويروى عن الثقات الموضوعات.

وقال أبو حاتم: ضعيف. العلة الثانية: فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي، ضعيف لسوء حفظه.

وأخرجه أحمد "3/ 11"، ومسلم "27""44"، والبيهقي في "دلائل النبوة""5/ 229 - 230".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 16"، ومسلم "27""45".

ص: 33

‌2084 - عبد الله بن منير

(1)

: " خ، ت، س"

الإمام القدوة الولي الحافظ الحجة، أبو عبد الرحمن المروزي.

حدث عن: النضر بن شميل، وعبد الرزاق، ويزيد بن هارون، وسعيد بن عامر، وعبد الله بن بكر السهمي، ووهب بن جرير، وأبي النضر، وطبقتهم. وكان واسع الرحلة، كثير الحديث والفضل.

حدث عنه: البخاري، والترمذي، والنسائي، وإسرائيل بن السميدع، وعبدان بن محمد المروزي، وهبيرة بن حسن البغوي، وطائفة.

وقال النسائي: ثقة.

وقال الفربري: سمعت بعض أصحابنا يقول: سمعت البخاري يقول: لم أر مثل عبد الله بن منير.

قال الفربري: كان يسكن فربر، وبها توفي في سنة إحدى، وأربعين ومائتين.

وقال هبة الله اللالكائي

(2)

: توفي سنة ثلاث وأربعين في ربيع الآخر.

قال يعقوب بن إسحاق بن محمود: سمعت يحيى بن بدر القرشي يقول: كان عبد الله بن منير قبل الصلاة، يكون بفربر، فإذا كان وقت الصلاة يرونه في مسجد آمل، فكانوا يقولون: إنه يمشي على الماء. فقيل له في ذلك، فقال: أما المشي على الماء فلا أدري، ولكن إذا أراد الله جمع حافتي النهر، حتى يعبر الإنسان. قال: وكان إذا قام من المجلس خرج إلى البرية مع قوم من أصحابه، يجمع شيئًا مثل الأشنان وغيره، يبيعه في السوق، ويعيش منه فخرج يومًا مع أصحابه، فإذا هو بالأسد رابض، فقال لأصحابه: قفوا، وتقدم هو إلى الأسد، فلا ندري ما قال له، فقام الأسد، فذهب.

وسئل ابن راهويه: أيدخل الرجل المفازة بغير زاد? قال: إن كان مثل عبد الله بن منير، فنعم.

وقيل: كان ابن منير يعد من الأبدال.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 683"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 842"، والكاشف "2/ ترجمة 3043"، والعبر "1/ 346"، وتهذيب التهذيب "6/ 43"، وتقريب التهذيب "1/ 454"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3843"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 99".

(2)

هو الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه الشافعي محدث بغداد.

قال الخطيب: كان يفهم ويحفظ، وصنف كتابًا في السنة، وكتابًا في رجال الصحيحين. وكتابًا في السنن وعاجلته المنية. خرج إلى الدينور فأدركه أجله بها في رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مائة. ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 986".

ص: 34

‌2085 - بحشل

(1)

: " م"

الحافظ العالم المحدث، أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ويعرف بـ: بحشل، ابن أخي عالم مصر عبد الله بن وهب.

أكثر عن عمه جدًا، وعن: الشافعي، وبشر بن بكر التنيسي، وجماعة.

حدث عنه: مسلم محتجًا به، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن جرير الطبري، والطحاوي، وأبو بكر بن زياد، وعبدان، وابن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وخلق كثير من المشارقة والمغاربة.

قال أبو أحمد بن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، والغرباء لا يمتنعون من الأخذ عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، فمن دونهما.

وقال لي عبدان: كان في أيامنا مستقيم الأمر، ومن لم يلحق حرملة اعتمده، وكل من تفرد عن ابن وهب بشيء وجدوه عند أبي عبيد الله، من ذلك كتاب الدجال.

ثم قال ابن عدي: وسمعت محمد بن محمد بن الأشعث يقول: كنا عند أحمد بن أخي بن وهب، فمر عليه هارون بن سعيد الأيلي راكبًا، فسلم عليه، وقال: ألا أطرفك بشيء? جاءني أصحاب الحديث، فسألوني عنك فقلت: إنما يسأل أبو عبيد الله عنا، ليس نحن نسأل عنه، هو الذي كان يستملي لنا عند عمه، وهو الذي كان يقرأ لنا.

قال ابن عدي: كل ما أنكروه عليه فيحتمل وإن لم يروه غيره، لعل عمه خصه به.

قال الحاكم: سمعت محمد بن يعقوب الحافظ: سمعت أبا بكر بن خزيمة، وقيل له: لم رويت عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وتركت سفيان بن وكيع? قال: لأن أحمد لما أنكروا عليه تلك الأحاديث، وعرضوها عليه رجع عنها عن آخرها إلَّا حديث مالك عن الزهري، عن أنس "إذا حضر العشاء .... "

(2)

وأما

ابن وكيع، فكان وراقه أدخل عليه أحاديث، فرواها، وكلمناه فيها، فلم يرجع عنها.

وقال أبو سعيد بن يونس: أبو عبيد الله لا تقوم به حجة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 91"، وميزان الاعتدال "1/ 113"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 47"، وتهذيب التهذيب "1/ 54"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 147".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "672"، ومسلم "557" من حديث أنس مرفوعًا وتمامه:"إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء".

ص: 35

وقال ابن حبان في "الضعفاء": جعل يأتي عن عمه بما لا أصل له، كأن الأرض أخرجت له أفلاذ كبدها. روي عن عمه، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم وهي الوتر"

(1)

.

قلت: لا يحتمل مالك، بل ولا ابن وهب هذا، وهكذا ذكره ابن حبان تعليقًا.

ابن عدي، حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا أبو عبيد الله، حدثنا ابن وهب، حدثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يكون في آخر الزمان قوم يحلون الحرام ويحرمون الحلال ويقيسون الأمور برأيهم"

(2)

.

فهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد، عن عيسى، وسرقه منه سويد، وعبد الوهاب العرضي، والحكم بن المبارك الخاستي، أنكروه على أبي عبيد الله عن عمه.

ثم قال: وله عن عمه، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا:"إذا كان الجهاد على باب أحدكم فلا يخرج إلَّا بإذن أبويه"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه ابن حبان في "المجروحين""1/ 149" من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن عمه، عن مالك، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال ابن حبان: كان يحدث بالأشياء المستقيمة قديمًا حيث كتب عنه ابن خزيمة وذووه، ثم جعل يأتي عن عمه بما لا أصل له. وقال الحافظ في "التقريب" صدوق تغير بأخرة. وقال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، والغرباء لا يمتنعون عن الأخذ عنه: أبو زرعة وأبو حاتم، فمن دونهما.

وله شاهد خارجة بن حذافة. عند أبي داود "1418"، والترمذي "452"، وابن ماجه "1168"، والدارمي "1/ 370"، والحاكم "1/ 306"، والبيهقي "2/ 478".

وشاهد آخر عن عبد الله بن عمرو: عند أحمد "2/ 206 و 208"، والدراقطني "2/ 31".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل""1/ 185" من طريق أبي عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمي، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، ضعيف كما قال ابن حبان وابن عدي.

(3)

ضعيف أخرجه ابن عدي في "الكامل""1/ 185" حدثنا عيسى بن أحمد بن يحيى، حدثنا أبو عبيد الله حدثني عمي، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وقد علمت حاله في التعليقات السابقة.

وقال ابن عدي في إثره: وهذا الحديث لم يحدث به عن عمه غير أبي عبيد الله، وأنكروه عليه".

ص: 36

ابن عدي: حدثنا موسى بن العباس، حدثنا أحمد حدثنا عمي، حدثنا حيوة، عن أبي صخر عن أبي حازم، عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا:"يأتي على الناس زمان يرسل إلى القرآن فيرفع من الأرض"

(1)

. فهذا تفرد برفعه.

أحمد بن أخي بن وهب: حدثنا عمي، حدثني يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤنثين أولاد الجن". قيل لابن عباس: كيف ذاك? قال: نهى الله أن يأتي الرجل حائضًا، فإذا أتاها سبقه بها الشيطان، فحملت منه، فأنث المؤنث

(2)

.

قال ابن عدي: تفرد به أحمد.

قال خالد بن سعد الأندلسي: سمعت سعيد بن عثمان الأعناقي، وسعد بن معاذ، ومحمد بن فطيس يحسنون الثناء على أحمد بن أخي بن وهب، ويوثقونه فقال الأعناقي: قدمنا مصر، فوجدنا يونس أمره صعبًا، ووجدنا أحمد أسهل، فجمعنا له دنانير، وأعطيناه، وقرأنا عليه "موطأ" عمه، وجامعه. وسمعت ابن فطيس يقول: فصارفي نفسي، فأردت أن أسال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، فقلت: أصلحك الله، العالم يأخذ على قراءة العلم? فشعر فيما ظهر لي أني إنما سألته عن ابن أخي ابن وهب فقال لي: جائز، عافاك الله، حلال أن لا أقرأ لك ورقة إلَّا بدرهم، ومن أخذني أن أقعد معك طول النهار، وأدع ما يلزمني من أسبابي، ونفقة عيالي?!

هذا الذي قاله ابن عبد الحكم متوجه في حق متسبب يفوته الكسب والاحتراف لتعوقه بالرواية لما قال علي بن بيان الرزاز الذي تفرد به بعلو جزء ابن عرفة، فكان يطلب على تسميعه دينارًا: أنتم إنما تطلبون مني العلو، وإلا فاسمعوا الجزء من أصحابي، ففي الله الدرب جماعة سمعوه مني. فإن كان الشيخ عسرًا ثقيلًا لا شغل له، وهو غني، فلا يعطى شيئًا، والله الموفق.

قال ابن يونس: مات أحمد بن عبد الرحمن في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين.

قلت كان من أبناء التسعين رحمه الله وقد روى ألوفًا من الحديث على الصحة، فخمسة أحاديث منكرة في جنب ذلك ليست بموجبة لتركه، نعم، ولا هو في القوة كيونس بن عبد الأعلى وبندار.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل""1/ 186" حدثنا موسى بن العباس، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمي، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، فإنه ضعيف كما قال ابن عدي.

(2)

منكر: آفاته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، فإنه ضعيف، وهذا المتن منكر تمجه الأفهام، والأسماع، ويمجه كل من له اطلاع واسع على الشرع الحنيف. وهذا لا يصدر من مشكاة النبوة.

ص: 37

‌2086 - عبد الوهاب بن عبد الحكم

(1)

: " د، ت، س"

ابن نافع، الإمام القدوة الرباني الحجة، أبو الحسن البغدادي الوراق. سمع: أبا ضمرة الليثي، ويحيى بن سليم الطائفي، ومعاذ بن معاذ، وطبقتهم.

وعنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي، والبغوي، وابن صاعد، والمحاملي وعدة.

وقال النسائي: ثقة.

وقال المروذي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عبد الوهاب الوراق: رجل صالح، مثله يوفق لإصابة الحق.

قال الحسن ولده: ما رأيت أبي مازحًا قط، ولا ضاحكًا إلَّا تبسمًا.

وقال أحمد بن حنبل: عافاه الله قل أن ترى مثله.

قلت: كان كبير الشان من خواص الإمام أحمد.

مات في ذي القعدة، سنة إحدى وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 383"، وتاريخ بغداد "11/ 25"، والكاشف "2/ ترجمة 3565"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 545"، وتهذيب التهذيب "6/ 448"، وتقريب التهذيب "1/ 528"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4507".

ص: 38

‌2087 - أبو نَشِيط

(1)

:

محمد بن هارون، الإمام المقرئ المجود الحافظ الثقة، أبو نشيط، وأبو جعفر الربعي المروزي ثم البغدادي الحربي.

ولد سنة نيف وثمانين ومائة.

تلا على: عيسى بن مينا بحرف نافع وسمع من روح بن عبادة، ومحمد بن يوسف الفريابي، ويحيى بن أبي بكر، وأبي المغيرة عبد القدوس الحمصي، وعلي بن عياش، وأبي اليمان، وعمرو بن الربيع المصري، والوليد بن عتبة المقرئ، وطائفة.

قرأ عليه: أبو حسان أحمد بن محمد بن أبي الأشعث العنزي، واعتمد على طريقه أبو عمرو في تيسيره من طريق أبي الحسين بن بويان.

وحدث عنه أبو بكر بن أبي الله الدنيا، وابن ماجه في "التفسير" والبغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وابن أبي حاتم، وابن مخلد، وقاسم المطرز، وعبد الله بن ناجية.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال ابن مخلد: حدثنا أبو نشيط، وكان حافظًا.

وقال الدارقطني: هو ثقة.

قال ابن مخلد: مات في شوال سنة ثمان وخمسين ومائتين.

قال الحافظ ابن عساكر: محمد بن هارون بن إبراهيم أبو جعفر الربعي البغدادي الحربي الفلاس المعروف بأبي نشيط سمع روح بن عبادة، وساق باقي الترجمة.

قال أبو عمرو الداني: كتبت من خط أبي أحمد بن أبي مسلم المقرئ، وحدثني عنه صاحبنا قال: قرأت على ابن بويان أنه قرأ على ابن الأشعث، وأنه قرأ على أبي نشيط، عن قالون، وذلك بجزم الميم من:"عليهم"، و"إليهم"، و"لديهم"، وأشباهه جميع القرآن. ثم قال الداني: خالفه إبراهيم بن عمر، عن ابن بويان، فروى ضم الميم في جميع القرآن.

وفي "سبعة" ابن مجاهد: حدثنا ابن أبي مهران، أخبرنا أحمد بن قالون، عن أبيه عن نافع، أنه كان لا يعيب رفع الميم في نحو:{أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَم} [البقرة: 6]، وشبهه.

وقد وهم أبو عمرو الله الداني، وقال: إن أبا نشيط توفي سنة ثلاث وستين ومائتين، وإنما المتوفى في نحو هذه السنة المحدث محمد بن أحمد بن هارون شيطا، وأصاب في جعل أبي نشيط المروزي هو البغدادي الربعي، وبعض الناس يفرق بين الترجمتين، وهما واحد -هذا الراجح عندي- وأنه توفي سنة ثمان وخمسين، كما قاله تلميذه ابن مخلد، والله أعلم.

قرأت على عمر بن عبد المنعم: عن أبي اليمن الكندي، قال: قرأت برواية قالون ختمة على هبة الله بن الطبر، قال: قرأت على أبي بكر الخياط، قال: قرأت على أبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي، قال: قرأت على أحمد بن عثمان بن بويان، قال: قرأت على أبي حسان، قال: قرأت على أبي نشيط، وقرأ على قالون صاحب نافع، رحمه الله.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 525"، وتاريخ بغداد "3/ 352"، وتهذيب التهذيب "9/ 493"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6711".

ص: 39

أخبرنا علي بن عبد الغني الخطيب: أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا ابن البطر، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله، أخبرنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون، والعباس الترقفي قالا: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثني شريح بن عبيد: أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن ابن عمر، قال: كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا غزا، أو سافر فأدركه الليل قال:"يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك، وشر ما دب عليك، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب، ومن ساكني البلد، ومن شر والد وما ولد"

(1)

.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 132" و"3/ 124"، وأبو داود "2603"، والنسائي في "الكبرى""10398"، وفي "عمل اليوم واليلة""563"، وابن خزيمة "2572"، والحاكم "1/ 446 - 447" و"2/ 100" والبيهقي في "السنن""5/ 253" من طريق صفوان، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته الزبير بن الوليد، وهو الشامي، مجهول، لم يرو عنه غير شريح بن عبيد الحضرمي، وذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في توثقي المجاهيل والمجروحين. وأبو المغيرة هو عبد القدوس بن حجاج الحمصي. وصفوان، هو ابن عمرو السكسكي.

ص: 40

‌2088 - محمد بن هارون

(1)

:

وقيل: محمد بن أحمد بن هارون، أبو جعفر المخرمي، الفلاس، شيطا.

حافظ ثقة، قاله ابن أبي حاتم.

سمع أبا نعيم، وسليمان بن حرب.

وعنه: المحاملي، وابن مخلد، وابن أبي حاتم.

مات بالنهروان سنة (265). وقع لنا حديثه في الأكابر عن مالك.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 526"، وتاريح بغداد "3/ 353"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 89"، والوافي بوفيات لصلاح الصفدي "5/ 147"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 55".

ص: 40

‌2089 - عبد الله بن هاشم

(1)

م:

ابن حيان، الإمام الحافظ المتقن، أبو عبد الرحمن الطوسي المولد، النيسابوري الوطن.

سمع: سفيان بن عيينة، ووكيعًا، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان وأبا معاوية، وعبد الله بن نمير، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبا أسامة، وعدة.

حدث عنه: مسلم، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، والحسين بن محمد القباني، وأحمد بن سلمة، ومكي بن عبدان، وأبو حامد بن الشرقي، وأخوه عبد الله بن الشرقي، وابن صاعد، وسائر من أدركه من أهل الحديث ببلده.

قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: عبد الله بن هاشم يجود في حديث يحيى وابن مهدي.

وقال صالح جزرة: ثقة.

قلت: قد جمع زاهر بن طاهر عوالي ابن هاشم، سمعناه.

الحاكم: حدثنا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن هاشم، قال لنا وكيع: أي الإسنادين أحب إليكم: الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، أو سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله? فقلنا: الأول فقال: الأعمش شيخ، وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه، ومنصور فقيه، وإبراهيم فقيه، وعلقمة فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء خير مما يتداوله الشيوخ.

قلت: بل والأعمش وشيخه لهما فقه ومعرفة وجلالة.

قال الحسين بن محمد بن زياد: توفي عبد الله بن هاشم في ذي الحجة سنة خمس وخمسين ومائتين.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا أبو عبد الرحمن، وهو عبد الله بن هاشم بن حيان، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتكم قليلًا ولبكيتم كثيرًا"

(2)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 912"، وتاريخ بغداد "10/ 193"، والأنساب للمسعاني "6/ 37"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 20"، واللباب لابن الأثير:"2/ 5"، وتذكرة الحفاظ "2/ 536"، والكاشف "2/ ترجمة 3068"، وتهذيب التهذيب "6/ 60"، وتقريب التهذيب "1/ 457"، وخلاصة الخزرحي "2/ ترجمة 3876".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6486"، ومسلم "2359"، والنسائي:"3/ 83".

ص: 41

‌2090 - البجلي:

محمد بن الهيثم بن خالد، الحافظ المحدث، أبو عبد الله البجلي، الكوفي، نزيل بخارى.

حدث عن: عم أبيه الحسن بن الربيع البوراني، وحسين الجعفي، وأبي أسامة، وأبي نعيم، وطائفة. روى عنه أهل بخارى.

قال بكر بن منير: سمعت أبي يسأل محمد بن إسماعيل البخاري، عن محمد بن الهيثم، لما قدم فقال: اكتبوا عنه فإنه ثقة.

قال بكر: جميع ما حدثناه من حفظه، والكتب بين يديه مطروحة.

أخبرني أبو علي بن الخلال: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني، أخبرنا هناد أخبرنا أبو عبد الله غنجار، حدثنا أحمد ابن أبي حامد الباهلي، حدثنا بكر بن منير بن خالد، سمعت محمد بن الهيثم البجلي يقول: كان ببغداد قائد من قواد المتوكل، وكانت امرأته تلد البنات فحملت مرة فحلف القائد، إن ولدت هذه المرة بنتًا قتلتك بالسيف فلما جلست للولادة هي، والقابلة ألقت مثل الجريب، وهو يضطرب فشقوه فخرج منه أربعون ابنًا، وعاشوا كلهم وأنا رأيتهم ببغداد ركبانًا خلف أبيهم وكان اشترى لكل، واحد منهم ظئرًا.

قال بكر: فحضرت مجلس محمد بن إسماعيل البخاري، فحدثه أبي بما حكى لنا ابن الهيثم فقال: إنه صدوق مستور.

قال غنجار: توفي سنة تسع وأربعين ومائتين.

قلت: وبكر ثقة. فسبحان القادر على كل شيء.

ص: 42

‌2091 - أحمد بن بديل

(1)

: " ت، ق"

ابن قريش بن بدير بن الحارث اليامي، قاضي الكوفة ثم همذان، الحافظ، أبو جعفر عالم دين فاضل معمر.

حدث عن: إبراهيم بن عيينة، وحفص بن غياث، وأبي بكر بن عياش والمحاربي، ووكيع وعدة.

وعنه: الترمذي وابن ماجه، وإبراهيم بن دينار الهمذاني تلميذ ابن ماجه، وإبراهيم بن عمروس، وأحمد بن عبد الله، وكيل أبي صخرة، وحاجب الفرغاني، وعلي بن عيسى الوزير، وابن صاعد، ومحمد بن عبد الله الزعفراني قليلة، وآخرون.

قال ابن عدي: روى أحاديث أنكرت عليه، وهو ممن يكتب حديثه على ضعفه.

وقال الدارقطني: فيه لين.

وقال ابن أبي حاتم: لم يقض لي السماع منه، ومحله الصدق.

قال صالح بن أحمد الحافظ: بلغني أنه كان يسمى بالكوفة راهب الكوفة فلما تقلد القضاء قال: خذلت على كبر السن مع عفته، وصيانته.

قال مطين: توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 17"، وتاريخ بغداد "4/ 49"، والعبر "2/ 16، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 263"، وتهذيب التهذيب "1/ 17" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 137"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 9"، وميزان الاعتدال "1/ 84".

ص: 43

‌2092 - أحمد بن إسرائيل

(1)

:

ابن الحسين الأنباري الكاتب، وزير المعتز.

كان ذا مكانة رفيعة عند المعتز فاستوزره سنة اثنتين وخمسين، فنهض بأعباء الأمر، وكان يضرب بذكائه المثل لا يسمع شيئًا إلَّا حفظه، وكان إليه المنتهى في حساب الديوان.

نوه باسمه ابن الزيات وقدمه، وقد باشر العمل في دولة الأمين وطال عمره.

وعنه قال: كنت أنسخ الكتاب، فلا أفرغه حتى أحفظه حرفًا حرفًا .... فعلت ذلك مرات كثيرة.

وقد أحدث رسومًا وقواعد في الكتابة بقيت بعده، وترك ما قبلها.

اختصر "تقدير خراج الممالك" في نصف طلحية فكان لا يفارق خف ابن الزيات فسأله الواثق يومًا عن الأموال، فلم تكن الورقة معه، فخرج فأملاه ابن إسرائيل عليه من حفظه.

قال الصولي: كانت وزارته دون ثلاث سنين: وقتله وصيف بالضرب في رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 243".

ص: 43

‌2093 - المُؤَيَّد بالله

(1)

:

إبراهيم بن المتوكل بن المعتصم.

عقد له أخوه بولاية عهد الخلافة من بعده، ودعي له في الأمصار، ثم بلغ المعتز عنه أمر، فضربه، وخلعه من العهد، وحبسه يومًا، ثم أخرج ميتًا، فقيل: أجلس في الثلج حتى مات بردًا، وبعث به إلى أمه، فبعثت تقول لقبيحة أم المعتز: عن قريب ترين المعتز ابنك هكذا.

قلت: كذا وقع، وما أمهله الله، قتل المؤيد في رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين وكان شابًا مليحًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 50"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 335".

ص: 44

‌2094 - الجروي

(1)

: "خ"

الإمام الأجل الصادق أبو علي، الحسن بن عبد العزيز بن وزير بن ضابئ بن مالك بن عامر ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدي بن حمرس الجذامي المصري الجروي.

أجاز له: ضمرة بن ربيعة، وسمع: أيوب بن سويد، وبشر بن بكر التنيسي، وعمرو بن أبي سلمة، وأبا مسهر الغساني، وجماعة.

وعنه: البخاري، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد، والسراج، ويحيى بن صاعد، وابن أبي حاتم، والمحاملي، وحفيده جعفر بن محمد بن الحسن الجروي، وآخرون.

قال أبو حاتم: ثقة.

وقال الدارقطني: هو فوق الثقة لم ير مثله فضلًا، وزهدًا.

وقال الخطيب: مذكور بالورع والثقة، موصوف بالعبادة.

قال جعفر: سمعت جدي الحسن بن عبد العزيز يقول: من لم يردعه القرآن والموت، ثم تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع.

قيل: حمل الحسن إلى العراق بعد مقتل أخيه، فبقي إلى أن توفي بها سنة سبع وخمسين ومائتين.

قال صالح بن أحمد: بعث إلى الحسن ميراثه مائة ألف دينار، فحمل منها إلى أبي ثلاثة آلاف دينار، وقال: هي حلال. فلم يقبلها.

الجروي ة: قرية تنيس، نزلها جد هذا، وهو جروي من ولد جرى بن عوف الجذامي.

(1)

ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 34"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 102"، وتاريخ بغداد "7/ 337" والمنتظم لابن الجوزي "5/ 2"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 71"، وتهذيب التهذيب "2/ 291"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 146"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1354".

ص: 44

‌2095 - العُتْبِي

(1)

:

فقيه الأندلس، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن حميد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب، الأموي السفياني العتبي القرطبي المالكي، صاحب كتاب "العتبية".

سمع يحيى بن يحيى الليثي، وأصبغ بن الفرج وسحنون بن سعيد، وسعيد بن حسان وطائفة.

روى عنه: محمد بن عمر بن لبابه، وجماعة.

قال أسلم بن عبد العزيز: أخبرني ابن عبد الحكم، قال: أتيت بكتب حسنة الخط، تدعى:"المستخرجة" من وضع صاحبكم محمد بن أحمد العتبي، فرأيت جلها كذوبًا، مسائل المجالس له لم يوقف عليها أصحابها، فخشيت أن أموت، فتوجد في تركتي، فوهبتها لمن يقرأ فيها. قلت: كيف استحللت أن تعطيه ليقرأ فيها? فسكت.

وقال ابن لبابة: ليس للعتبي نسبة، إنما كان له جد يسمى عتبة، كذا قال.

وقال ابن الفرضي: رحل وأخذ عن سحنون، وأصبغ، ونظرائهما، وكان حافظًا للمسائل، جامعًا لها، عالمًا بالنوازل، جمع المستخرجة، وأكثر فيها من الروايات المطروحة، والمسائل الشاذة.

مات سنة خمس وخمسين ومائتين، ويقال: سنة أربع.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 380"، واللباب لابن الأثير "2/ 320"، والعبر "2/ 7" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 30".

ص: 45

‌2096 - ابن نذير

(1)

:

مفتي الأندلس، أبو زيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن نذير الأموي مولاهم القرطبي المالكي.

حج وحمل عن: أبي عبد الرحمن المقرئ، ومطرف بن عبد الله اليساري، وعبد الملك بن الماجشون وطبقتهم.

برع في الفقه ودقائق المسائل.

روى عنه: محمد بن عمر بن لبابة، وسعيد بن عثمان الأعناقي، ومحمد بن فطيس، وآخرون.

مات بقرطبة في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ومائتين.

‌2097 - يعقوب بن إسحاق

(2)

:

ابن الصباح، الكندي الأشعثي الفيلسوف، صاحب الكتب، من ولد الأشعث بن قيس، أمير العرب.

كان رأسًا في حكمة الأوائل ومنطق اليونان والهيئة والتنجيم والطب وغير ذلك. لا يلحق شأوه في ذلك العلم المتروك، وله باع أطول في الهندسة والموسيقى.

كان يقال له: فيلسوف العرب، وكان متهمًا في دينه، بخيلًا، ساقط المروءة، وله نظم جيد وبلاغة وتلامذة، هم بان يعمل شيئًا مثل القران، فبعد أيام أذعن بالعجز.

قال عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان: رأيته في النوم، فقلت: ما فعل الله بك? قال: ما هو إلَّا أن رآني، فقال:{انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُون} [المرسلات: 29].

وقد روى عن أبيه أبو داود.

‌2098 - يعقوب بن عبيد

(3)

:

الإمام المحدث، أبو يوسف النهرتيري، من مشايخ العراق.

له رحلة ومعرفة.

سمع وكيعًا وعلي بن عاصم وأبا أسامة، وأبا مسهر وهشام بن عمار، وعدة.

وعنه: ابن أبي الدنيا، وأبو بكر بن أبي داود وعبد الله بن محمد الحامض، ومحمد بن مخلد.

قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي، وهو صدوق.

وقال ابن شاهين مات في شوال، سنة إحدى وستين ومائتين.

قلت: مات في عشر التسعين، رحمه الله.

(1)

ترجمته في هدية العارفين للبغدادي "1/ 512".

(2)

ترجمته في لسان الميزان "6/ 305".

(3)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 879"، وتاريخ بغداد "14/ 280".

ص: 46

‌2099 - ابن شاكر

(1)

:

محمد بن موسى بن شاكر، صاحب الهندسة، أخو أحمد والحسن كان أبوهم من رؤوس أئمة الهندسة، وكذلك بنوه وينسبون إلى "حيل" بني موسى.

ذكرهم ابن خلكان، ومن قبله محمد بن إسحاق النديم وأنهم كانوا ذوي أموال، ولهم همم عالية في تحصيل هذا الفن، والكتب القديمة وتطلبوها وأحضروا من عربها.

ولهم كتاب في "الحيل"، فيه عجائب وغرائب وكذلك صنفوا في الموسيقى.

وكان المأمون يعتمد عليهم في الرصد ومساحة الدنيا.

ويقال: إن كتاب "الحيل" لأحمد، وكتاب الجزء لمحمد وكتاب أولية العالم لمحمد، وكتاب حركات الفلك له وكتاب "المدور المستطيل" لحسن، وكتاب الشكل الهندسي لمحمد وهم الذين حسبوا أن دور الكرة مسافة أربعة وعشرين ألف ميل ومجموع ذلك ثلاث مائة وستون درجة.

مات محمد في سنة تسع وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "ترجمة 5/ 708"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 84".

ص: 47

‌2100 - ابن يزداذ

(1)

:

الوزير الأكمل، أبو صالح عبد الله بن محمد بن يزداذ الكاتب.

وزر للمستعين أشهرًا بعد أحمد بن الخصيب، فاحتاط على بعض أقطاع بغا، فتهددوه بالقتل فاختفى.

ثم وزر مرة ثانية للمستعين بعد شجاع، ثم إن بغا ألب عليه الأمراء فهرب إلى بغداد، واختفى.

مدحه البحتري وغيره.

ونقل الكوكبي أن جماعة من الشعراء امتدحوا الوزير أبا صالح فأمر لهم بثلاثة دراهم ليس إلَّا وكتب إليهم:

قيمة أشعاركم درهم

عندي وقد زدتكم درهما

وثالثًا قيمة أوراقكم

فانصرفوا قد نلتم مغنما

مات الوزير ابن يزداذ في رجب سنة إحدى وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 35".

ص: 48

‌2101 - عبد الرحمن بن بشر

(1)

: " خ، م، د، ق"

ابن الحكم بن حبيب بن مهران، المحدث الحافظ الجواد الثقة الإمام أبو محمد بن الإمام أبي عبد الرحمن العبدي النيسابوري.

أخبرنا الأبرقوهي: أخبرنا أكمل العلوي أخبرنا سعيد بن البناء أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا محمد بن زنبور أخبرنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا يزيد بن أبي حكيم حدثني الحكم بن أبان حدثني أبو هارون العماني عن أبي الشعثاء عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: "إن جبريل حدثه قال: إن الله قضى أو إن الله قال: يؤتى بحسنات العبد وسيئاته يوم القيامة فيقضى بعضها من بعض فإن بقيت حسنة وسع له الجنة ما شاء".

مولده بعد الثمانين ومائة.

واعتنى به أبوه، وارتحل به، ولقي الكبار وطال عمره، وتفرد.

روى عن: سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد ووكيع بن الجراح، وبهز بن أسد وعبد

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1011"، وتاريخ بغداد "10/ 27"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 25"، والكاشف "2/ ترجمة "3189"، والعبر "2/ 148"، وتهذيب التهذيب "6/ 144"، وتقريب التهذيب "1/ 473"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4036".

ص: 48

الرزاق بن همام، ومعن بن عيسى، ويعلى ومحمد ابني عبيد، وعبد الله بن الوليد العدني والحسين بن الوليد النيسابوري، وعلي بن الحسين بن واقد، وحفص بن عبد الله وحفص بن عبد الرحمن وعدة.

حدث عنه: البخاري، ومسلم وأبو داود وابن ماجه وأبو بكر بن أبي دواد وابن خزيمة، وابن صاعد وأبو عوانة الإسفراييني، ومكي بن عبدان وأبو حامد بن بلال وأبو محمد الجارود، وخلق كثير.

وممن روى عنه ابن عم والده الحافظ أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب بن حبيب الفراء فقال: سمعت عبد الرحمن ابن ابن عمي يقول: كنا نكتب عند عبد الرحمن بن مهدي، وأبوه يلعب بالحمام، وكان ابن بشر موصوفًا بطيب الصوت.

قال مكي بن عبدان: كان عبد الله بن طاهر الأمير يحضر بالليل متنكرًا إلى مسجد عبد الرحمن ليسمع قراءته.

قال عبد الرحمن بن بشر: أقامني يحيى القطان في مجلسه فقال: ما حدثكم عني هذا الصبي فصدقوه فإنه كيس.

قلت: كان ارتحال أبيه به في سنة ست وتسعين، وهو نحو المحتلم.

قال إبراهيم بن أبي طالب: سمعت عبد الرحمن بن بشر يقول: حملني أبي على عاتقه في مجلس سفيان بن عيينة، وقال: يا معشر أصحاب الحديث أنا بشر بن الحكم سمع أبي من سفيان بن عيينة وسمعت أنا منه، وحدثت عنه بخراسان وهذا ابني قد سمع منه.

قال عبد الرحمن: احتلمت باليمن مع أبي.

قلت: آخر من حدث عن عبد الرحمن في الدنيا محمد بن علي المذكر شيخ للحاكم ضعيف.

سمعنا عوالي عبد الرحمن بن بشر لزاهر الشحامي.

قال أبو حامد بن الشرقي: سمعت عبد الرحمن يقول: احتلمت فدعا أبي عبد الرزاق، وأصحاب الحديث الغرباء فلما فرغوا من الطعام قال: اشهدوا أن ابني قد احتلم وهو ذا يسمع من عبد الرزاق، وقد سمع من سفيان بن عيينة.

قلت: هذا الإعلام إيلام للصبي وتخجيل له.

ص: 49

روي أن الأمير عبد الله بن طاهر قال: ما بخراسان رجل أحسن عقلًا من عبد الرحمن بن بشر.

قال مسدد بن قطن: لما توفي محمد بن يحيى عقد مسلم مجلسًا لخالي عبد الرحمن بن بشر فكان يحضر أحمد بن سلمة، وينتقي له مسلم شرطه في الصحيح فيمليه عبد الرحمن، ولم يكن له مجلس إملاء قبلها.

قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول: كان عبد الرحمن بن بشر من قراء الناس وكان يقرأ: {فَعَدَلَك} [الانفطار: 7] فخفف.

وقال عبد الرحمن بن بشر: قال يحيى القطان يا بني، إن كنت تريد أحاديث شعبة، فعليك ببهز بن أسد.

وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا أبي، قال: أمر عبد الله بن طاهر أن يكتب له أسامي الأعيان بنيسابور، فكتبوا مائة نفس ثم قال: تختار من المائة عشرة فكتبوا أسماء عشرة قال: تختار منهم أربعة فكان من الأربعة عبد الرحمن بن بشر.

الحاكم: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، سمعت أحمد بن سلمة يقول: بكرت يومًا على عبد الرحمن بن بشر في تزويج أخت امرأة مسلم بن الحجاج، فرأيته في المسجد، فقال: ما بكر بك اليوم? قلت: عبد الواحد الصفار سألني أن أجيئك لتزوج ابنته فقال: ما حضرت تزويجًا قط إذا كان في وقت قولهم للخاطب: قبلت هذا النكاح، ولها من المهر عليك كذا وكذا فإذا قال: نعم قلت في نفسي: شقيت شقاء لا تسعد بعده أبدًا.

قال محمود بن والان: سمعت عبد الرحمن بن بشر سمعت ابن عيينة يقول: غضب الله داء لا دواء له.

قلت: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار، والتوبة النصوح.

قال الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: مات عبد الرحمن بن بشر ليلة الأربعاء لثمان عشرة خلت من ربيع الأخر سنة ستين، ومائتين وصلى عليه محمد بن عبد الوهاب فكبر أربعًا، وسلم تسليمة واحدة ثم جاء يحيى بن الذهلي إلى القبر في زحام كثير فصلى بهم على القبر.

أبوه الإمام الزاهد الثقة الفقيه الحافظ أبو عبد الرحمن:

ص: 50

‌2102 - بشر بن الحكم العبدي

(1)

: " خ، م، س"

من جلة أهل نيسابور. ولد في حدود سنة بضع وأربعين ومائة، أو نحو ذلك.

روى عن: أبي شيبة العبسي، ومالك بن أنس وشريك القاضي، ومسلم الزنجي وعبد ربه بن بارق، وعبد الرحمن بن أبي الرجال وفضيل بن عياض، وخلق وهو أحفظ من ولده وأوسع رواية.

وقد حدث عنه: البخاري، ومسلم والنسائي وإسحاق بن راهويه، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن يحيى الذهلي وإبراهيم بن أبي طالب، وابن عمه محمد بن عبد الوهاب الفراء والحسن بن سفيان ومسدد بن قطن.

وثقه ابن حبان وغيره.

قال الحسين القباني: مات بشر في رجب سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

وقال زكريا ابن دلويه: مات سنة سبع.

(1)

ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 447"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 89".

ص: 51

‌2103 - العطار

(1)

: " فق"

الإمام المحدث الصدوق أبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب، البغدادي العطار الضرير.

حدث عن: سفيان بن عيينة وإسماعيل بن علية، وعبيدة بن حميد ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن آدم والشافعي وأبي أسامة وخلق.

وعنه: ابن ماجه في "تفسيره"، وأبو العباس بن سريج وعبد الله بن عروة وابن أبي داود، وعبد الله بن محمد الحامض، والمحاملي وابن مخلد وابن أبي حاتم وأبو سعيد بن الأعرابي وعدة.

قال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق.

وقال ابن مخلد: مات في شوال سنة إحدى وستين ومائتين.

قلت: عندي حديثه بعلو مر في سيرة مالك.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1451"، وتاريخ بغداد "5/ 306"، وتهذيب التهذيب "9/ 189"، وتقريب التهذيب "2/ 164"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6254".

ص: 51

‌2104 - أحمد بن شيبان

(1)

:

ابن الوليد بن حيان، المحدث الكبير، الصدوق أبو عبد المؤمن الرملي.

سمع سفيان بن عيينة، وعبد المجيد بن رواد، وعبد الملك الجدي، ومؤمل بن إسماعيل.

حدث عنه: يوسف بن موسى المروزي، وأبو العباس الأصم ويحيى بن صاعد، وابن خزيمة وعثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، وآخرون.

وثقه أبو عبد الله الحاكم، وقال ابن حبان: يخطئ.

قلت: وقع لنا من عواليه في الخليعات، وفي الثقفيات.

مات في صفر سنة ثمان وستين، ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 72"، وميزان الاعتدال "1/ 103"، والعبر "2/ 38"، وتهذيب التهذيب "1/ 39"، ولسان الميزان "1/ 185".

ص: 52

‌2105 - محمد بن عبد الملك

(1)

: " (4) "

ابن زنجويه الحافظ، الإمام أبو بكر البغدادي الغزال الفقيه صاحب أحمد بن حنبل.

سمع: يزيد بن هارون، وزيد بن الحباب وعبد الرزاق، وجعفر بن عون ومحمد بن يوسف الفريابي، وطبقتهم وله رحلة شاسعة، ومعرفة جيدة وتواليف.

حدث عنه أرباب السنن الأربعة، وأبو يعلى والبغوي وابن صاعد والمحاملي، وأخوه قاسم وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون.

وثقه النسائي توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين ومائتين.

يقع لي من عواليه.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 20"، وتاريخ بغداد "2/ 345"، والكاشف "3/ ترجمة 5094"، والعبر "2/ 17"، وتهذيب التهذيب "9/ 318"، وتقريب التهذيب "2/ 186"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6458"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 138".

ص: 52

‌2106 - زكرويه

(1)

:

الشيخ المحدث الصدوق، أبو يحيى زكريا بن يحيى بن أسد المروزي نزيل بغداد.

حدث عن: سفيان بن عيينة، وأبي معاوية الضرير، ومعروف الكرخي وهو صاحب جزء ابن عيينة الذي عند السلفي.

حدث عنه: القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد وأبو الحسين أحمد بن المنادى، وإسماعيل الصفار، وأبو العباس الأصم وأبو عوانة وآخرون.

قال الدارقطني: لا بأس به.

وقد ذكره أبو الفتح الأزدي في كتاب الضعفاء فلم يصب أكثر ما تعلق عليه أنه قال: زعم أنه سمع من سفيان، وهذا قدح بارد وذكر أنه يلقب جوذابه.

مات في شهر ربيع الآخر سنة سبعين ومائتين.

قلت: لعله قارب المائة وآخر أصحابه موتًا الأصم، وآخر من روى في الدنيا عن أصحاب الأصم هذا الجزء هو عبد الغفار بن محمد الشيروي الباقي إلى سنة عشر وخمس مائة بنيسابور.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 460"، وميزان الاعتدال "2/ 80"، والعبر "2/ 45"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 160"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 77".

ص: 53

‌2107 - يونس بن عبد الأعلى

(1)

: " م، س، ق"

ابن ميسرة بن حفص بن حيان الإمام، شيخ الإسلام أبو موسى الصدفي المصري المقرئ الحافظ، وأمه فليحة بنت أبان التجيبية.

ولد سنة سبعين ومائة في ذي الحجة.

وحدث عن: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن، وهب والوليد بن مسلم ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك وأبي ضمرة الليثي، وبشر بن بكر التنيسي، وأيوب بن سويد وأبي عبد الله الشافعي، وعبد الله بن نافع الصائغ، وسلامة بن روح ومحمد بن عبيد الطنافسي ويحيى

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1022"، والأنساب للسمعاني "8/ 44"، واللباب لابن الأثير "2/ 236"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 853"، والكاشف "3/ ترجمة 6588"، والعبر "2/ 29"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9909"، وتهذيب التهذيب "11/ 440"، وتقريب التهذيب "2/ 385، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 149"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 49".

ص: 53

بن حسان، وأشهب الفقيه وينزل إلى نعيم بن حماد، ويحيى بن بكير بل وإلى أن روى عن تلميذه أبي حاتم الرازي.

وقرأ القرآن على ورش صاحب نافع، وكان من كبار العلماء في زمانه.

حدث عنه: مسلم والنسائي، وابن ماجه وأبو حاتم وأبو زرعة، وبقي بن مخلد، وابن خزيمة وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو عوانة الإسفراييني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وعمر بن بجير وأبو جعفر بن سلامة الطحاوي، وأبو الطاهر أحمد بن محمد الخامي وأبو بكر محمد بن سفيان بن سعيد المصري المؤذن، وأبو الفوارس أحمد بن محمد السندي وخلق كثير.

وقرأ عليه: مواس بن سهل المصري، وأحمد بن محمد الواسطي، وعبد الله بن الهيثم دلبة وعبد الله بن الربيع الملطي شيخ للمطوعي، وسمع منه الحروف: محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأسامة بن أحمد وابن خزيمة، وابن جرير ومحمد بن الربيع الجيزي، وغيرهم.

وكان كبير المعدلين والعلماء في زمانه بمصر.

قال يحيى بن حسان التنيسي: يونسكم هذا ركن من أركان الإسلام.

وقال النسائي: ثقة.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يوثقه ويرفع من شأنه.

وقال أبو حاتم: سمعت أبا الطاهر بن السرح يحث على يونس ويعظم شأنه.

وقال علي بن الحسن بن قديد: كان يحفظ الحديث.

وقال الطحاوي: كان ذا عقل لقد حدثني علي بن عمرو بن خالد: سمعت أبي يقول: قال الشافعي: يا أبا الحسن انظر إلى هذا الباب الأول من أبواب المسجد الجامع قال: فنظرت إليه فقال: ما يدخل من هذا الباب أحد أعقل من يونس بن عبد الأعلى.

وقال حفيده الحافظ الكبير أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس: دعوتهم في الصدف وليس هو من أنفسهم ولا مواليهم.

توفي غداة يوم الإثنين ثاني ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين.

ص: 54

قلت: عاش أربعًا وتسعين سنة. ووقع لي جملة من عالي حديثه في "الخلعيات"، وفي أماكن مختلفة وبين مشايخنا وبينه خمسة أنفس ولقد كان قرة عين مقدمًا في العلم والخير والثقة.

وأما الحديث الذي انفرد به عن الشافعي، حديث:"لا مهدي إلَّا عيسى"

(1)

، فلعله بلغه عن الشافعي، فدلسه. وقد رأيت أصلًا عتيقًا يقول فيه: حدثت عن الشافعي.

(1)

منكر: أخرجه ابن ماجه "4039"، والحاكم "4/ 441"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم""1/ 155" من طريق محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس مرفوعًا بلفظ:"لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا شحًّا ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم".

قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: الحسن البصري، مدلس، وقد عنعنه.

الثانية: محمد بن خالد الجندي مجهول كما قال الحافظ في "التقريب". الثالثة. الاضطراب في إسناده.

قال البيهقي: قال أبو عبد الله الحافظ: "محمد بن خالد مجهول، واختلفوا عليه في إسناده، فرواه صامت بن معاذ قال: حدثنا يحيى بن السكن، حدثنا محمد بن خالد، به.

قالت صامت: عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن مرسلًا، قال البيهقي: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي وهو مجهول عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادًا نقله في "التهذيب".

وقال الذهبي في "الميزان": إنه خبر منكر، ثم ساق الرواية الأخيرة عن ابن أبي عياش عن الحسن مرسلًا ثم قال:"فانكشف ووهي".

وقال الصغاني عن هذا الحديث: موضوع، كما نقله الشوكاني في "الفوائد المجموعة""ص 195".

ص: 55

‌2108 - محمد بن إشكاب

(1)

: " خ، د، س"

الحافظ الإمام الثقة، أبو جعفر محمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر بن زعلان البغدادي أخو علي، وأبوهما يلقب بإشكاب ومحمد هو الأصغر، والأحفظ.

سمع: عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبا النضر هاشم بن القاسم وإسماعيل بن عمر وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والنسائي وابن صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال بعضهم: ولد محمد في سنة إحدى، وثمانين ومائة، ومات يوم عاشوراء في سنة إحدى، وستين ومائتين.

وفيها مات أخوه:

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1262"، وتاريخ بغداد "2/ 223"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 599"، والكاشف "3/ ترجمة 4873"، وتهذيب التهذيب "9/ 121"، وتقريب التهذيب "2/ 155"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6151".

ص: 56

‌2109 - علي بن إشكاب

(1)

: " د، ق"

بعده بأشهر، وهو أبو الحسن محدث فاضل متقن.

سمع أبا معاوية الضرير وحجاج بن محمد الأعور، وإسماعيل بن علية وإسحاق الأزرق، ومحمد بن ربيعة وعدة.

وطال عمره وتزاحم عليه الطلاب.

حدث عنه: أبو داود وابن ماجة، وأبو العباس بن سريج وأبو محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد والحسين بن يحيى بن عياش القطان، وعبد الرحمن بن أبي حاتم.

ويقع حديثه عاليًا في جزء الحفاء.

وثقه النسائي وغيره.

مات في شوال سنة إحدى، وستين ومائتين، وله بضع وثمانون سنة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 979"، وتاريخ بغداد "11/ 392"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 30"، والكاشف "2/ ترجمة 3957"، وتهذيب التهذيب "7/ 302"، وتقريب التهذيب "2/ 34"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4965".

ص: 56

‌2110 - ابن ملاس

(1)

:

الشيخ المحدث الصدوق أبو جعفر محمد بن هشام بن ملاس النميري الدمشقي.

حدث عن: مروان بن معاوية الفزاري وحرملة بن عبد العزيز، وإسماعيل بن عبد الله السكري قاضي دمشق، ومتوكل بن موسى.

حدث عنه: حفيده؛ محمد بن جعفر ويحيى بن صاعد، وأبو عوانة الإسفراييني وإبراهيم بن أبي الدرداء، وأبو علي الحصائري وأبو العباس الأصم، وأبو حامد بن حسنويه وعدة.

قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي وهو صدوق.

وقال الأصم: سألته عن سنه فقال: أنا في أربع، وتسعين ولقيت ابن عيينة اثنتين وتسعين، ومائة لما حججت وكثر الناس عليه فلم أكتب عنه.

قال عمرو بن دحيم: توفي في ربيع الأول سنة سبعين، ومائتين وكان مولده في سنة ثلاث، وسبعين ومائة.

قلت له جزء عال سمعناه من أصحاب أبي القاسم بن رواحة.

أخبرنا سليمان بن قايماز الكافوري وعبد الصمد بن عبد الكريم الأنصاري، ومحمد بن علي الصابوني قالوا: أخبرنا عبد الله بن الحسين "ح"، وأخبرنا الحسن بن علي وأخبرنا جعفر بن علي قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا مكي بن منصور أخبرنا محمد بن موسى حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا محمد بن هشام حدثنا مروان بن معاوية حدثنا حميد عن أنس قال: أصيب حارثة يوم بدر فقالت أمه: يا رسول الله قد علمت منزل حارثة مني فإن يكن في الجنة صبرت، وإن يكن غير ذلك ترى ما أصنع فقال:"جنة واحدة?!! إنها جنات كثيرة وإنه في الفردوس الأعلى"

(2)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 519"، والعبر "2/ 47"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 160".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 264"، والبخاري "2809" من حديث أنس، به.

ص: 57

‌2111 - إبراهيم بن مرزوق

(1)

: " س"

ابن دينار، الحافظ الحجة أبو إسحاق، البصري نزيل مصر سمع أبا داود الطيالسي وعثمان بن عمر ومكي بن إبراهيم وعبد الصمد بن عبد الوارث وأبا عامر العقدي وطبقتهم.

حدث عنه: النسائي -فيما ذكره الحافظ ابن عساكر وحده- وأبو جعفر الطحاوي، وابن صاعد وأبو عوانة وعمر بن بجير، وأبو العباس الأصم وأبو الفوارس السندي وآخرون.

قال النسائي: صالح.

وقال ابن يونس: كان ثقة، ثبتًا.

مات في جمادى الآخرة، سنة سبعين ومائتين سكن مصر.

أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: أخبرنا الحسن بن علي الأسدي أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن البن أخبرنا علي بن محمد الفقيه أخبرنا محمد بن الفضل أخبرنا، أحمد بن محمد بن السندي حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا مكي بن إبراهيم البلخي حدثنا موسى بن عبيدة عن السمط بن عبد الله عن موسى بن وردان عن كعب الأحبار قال: إن في الجنة عمودًا من ياقوتة حمراء عليها كذا، وكذا غرفة وهو منزل المتحابين في الله عز وجل

(2)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 439"، وميزان الاعتدال "1/ 65"، وتهذيب التهذيب "1/ 63"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 74".

(2)

منكر: في إسناده موسى بن عبيدة الربذي، قال أحمد: لا يكتب حديثه. وقال النسائي وغيره: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرة. لا يحتج بحديثه. وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ضعيف الحديث جدًّا. ثم إنه من رواية كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار، قال المزي في ترجمته في "تهذيب الكمال" "24/ 193": ذكره البخاري في حديث حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطًا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار، فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.

ص: 58

‌2112 - الحسن بن أبي الربيع

(1)

: " ق"

المحدث، الحافظ الصدوق، أبو علي بن يحيى بن الجعد العبدي الجرجاني نزيل بغداد.

سمع أبا يحيى الحماني، ويزيد بن هارون وعبد الرزاق فأكثر، ووهب بن جرير وشبابة بن سوار وعبد الصمد بن عبد الوارث، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن ماجه وأبو بكر بن أبي عاصم ومحمد بن عقيل البلخي وأبو بكر بن أبي داود وأبو بكر بن زياد، وأبو عبد الله المحاملي والحسين بن يحيى القطان وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: صدوق.

وقيل: إنه عاش ثلاثًا وثمانين سنة.

قال ابن المنادي: مات في سلخ جمادى الأولى، سنة ثلاث وستين ومائتين.

أخبرنا محمد بن عبد الكريم، وزينب بنت يحيى بن علي، قالا: أخبرنا عبد الله بن الحسين وأخبرنا عيسى بن أبي محمد والحسن بن علي قال عيسى: أخبرنا علي بن محمود، وقال الحسن: أخبرنا جعفر بن منير قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي "ح". وأخبرنا علي بن عبد الغني أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، وأخبرنا محمد بن علي أخبرنا أبو محمد بن قدامة قالا: أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال هو، والسلفي: أخبرنا نصر بن أحمد وأخبرنا أحمد بن المؤيد أخبرنا زيد بن يحيى أخبرنا أحمد بن المبارك القطان أخبرنا أبو الغنائم محمد بن أبي عثمان قالا: أخبرنا عبد الله بن، عبيد الله المؤدب حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا الحسن بن أبي الربيع حدثنا وهب حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله أنه كان إذا سافر قال:"اللهم بلغ بلاغًا يبلغ خيرًا رضوانك والجنة إنك على كل شيء قدير".

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 188"، وتاريخ بغداد "7/ 453"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 44"، وتهذيب التهذيب "2/ 324"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1390".

ص: 58

‌2113 - سعدان

(1)

:

الشيخ العالم المحدث الصدوق، أبو عثمان سعدان بن نصر بن منصور الثقفي البغدادي البزاز، وإنما اسمه سعيد فلقب بسعدان.

سمع سفيان بن عيينة، وأبا معاوية ووكيع بن الجراح ومعمر بن سليمان الرقي، ومعاذ بن معاذ وعلي بن عاصم وأبا قتادة عبد الله بن واقد وشجاع بن الوليد وسلم بن سالم البلخي وعمر بن شبيب المسلي، وشبابة بن سوار ومحمد بن مصعب القرقساني، وموسى بن داود الضبي وطائفة.

حدث عنه: أبو بكر بن أبي الله الدنيا، ويحيى بن صاعد وأبو عبد الله المحاملي، وأبو جعفر بن البختري، وأبو عوانة في صحيحه وإسماعيل الصفار، وأبو بكر الخرائطي وخلق سواهم.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الله الدارقطني عنه فقال: ثقة مأمون.

قلت: كان من أبناء التسعين. مات: في ذي القعدة، سنة خمس وستين ومائتين رحمه الله.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1256"، وتاريخ بغداد "9/ 205"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 149"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 51".

ص: 59

‌2114 - سعدان

(1)

:

المحدث، الثقة، أبو محمد سعدان بن يزيد البغدادي، البزاز، نزيل سر من رأى.

سمع إسماعيل بن علية، وإسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، وأبا بدر السكوني.

وعنه: ابن صاعد، والمحاملي وابن مخلد، وأبو العباس الأثرم، والخرائطي وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

قلت: مات في رجب سنة اثنين وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1255"، وتاريخ بغداد "9/ 205"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 36"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 39".

ص: 60

‌2115 - المخرمي

(1)

:

الإمام المحدث الفقيه الورع، أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب بن صبيح البغدادي، المخرمي.

سمع: سفيان بن عيينة ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الله بن نمير وعلي بن عاصم، ومحمد بن عبيد الطنافسي وحسن بن صالح العباداني، ويحيى بن أبي بكير وموسى بن هلال العبدي، وروح بن عبادة ووهب بن جرير وزيد بن الحباب، وأبا سفيان الحميري وأسباط بن محمد، وأبا بدر السكوني وأبا أسامة، وجماعة.

حدث عنه: يحيى بن صاعد ومحمد بن مخلد، وابن عياش القطان وابن أبي حاتم، وإسماعيل الصفار وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو صدوق قلد القضاء فلم يقبله، واختفى.

قلت: مات سنة خمس وستين ومائتين. وإليه ينسب "جزء" المخرمي، والمروزي الذي عند ابن قميرة بعلو.

أما الحافظ الكبير أبو جعفر محمد بن عبد الله المخرمي فقد ذكر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 81"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 41"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 52".

ص: 60

‌2116 - محمد بن يحيى

(1)

:

ابن موسى الحافظ، المجود، الإسفراييني يلقب: حيويه.

روى عن: أبي النضر، وسعيد بن عامر، وعبيد الله بن موسى، وأبي عاصم، وأبي مسهر وخلق.

وعنه: ابن خزيمة، وأبو العباس السراج، وأبو عوانة ومحمد بن محمد بن رجاء، وطائفة.

وكان الحافظ أبو عوانة يفتخر به، يقول: محمد بن يحيانا، ومحمد بن يحياكم يعني: الذهلي، وقيل: إن حيويه لقب لأبيه يحيى.

مات أبو عبد الله الإسفراييني: يوم التروية من ذي الحجة، سنة تسع وخمسين، ومائتين عن نيف وسبعين سنة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 577"، والعبر "2/ 19"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 188"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".

ص: 61

‌2117 - زهير بن محمد بن قمير

(1)

: " ق"

ابن شعبة، الإمام الرباني المحدث الثبت، أبو محمد ويقال: أبو عبد الرحمن المروزي نزيل بغداد.

سمع روح بن عبادة، وعبد الرزاق، وأبا النضر هاشم بن القاسم وعبيد الله بن موسى وسنيد بن داود، وأبا نعيم وطبقتهم.

حدث عنه: ابن ماجه وأبو بكر أحمد بن عمرو البزار وعمر بن بجير، ويحيى بن صاعد وأبو العباس الثقفي، وأبو عبد الله المحاملي، والحسين بن يحيى بن عياش وعدة.

قال محمد بن إسحاق الثقفي: ثقة مأمون.

وقال الخطيب: كان ثقة صادقًا ورعًا زاهدًا انتقل في آخر عمره عن بغداد إلى طرسوس فرابط بها إلى أن مات.

قال البغوي: ما رأيت بعد أحمد بن حنبل أفضل منه، سمعته يقول: أشتهي لحمًا من أربعين سنة، ولا آكله حتى أدخل الروم فآكل من مغانم الروم.

وحدثني ولده محمد بن زهير قال: كان أبي يجمعنا في، وقت ختمه للقرآن في شهر رمضان في كل يوم، وليلة ثلاث مرات يختم تسعين ختمة في رمضان.

مات رحمه الله في آخر سنة سبع، وخمسين ومائتين وقيل: مات في سنة ثمان، وخمسين.

قلت: مات عن بضع وسبعين سنة.

يا حبذا مرو وما أخرجت

من سادة في العلم والدين

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2681 "، وتاريخ بغداد "8/ 484"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 127" والمنتظم لابن الجوزي "5/ 4"، وتذكرة الحفاظ "2/ 572 "، والعبر "2/ 14"، والكاشف "1/ ترجمة 1681"، وتهذيب التهذيب "3/ 347"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2170"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 136".

ص: 62

‌2118 - ابن مثرود

(1)

: " د، س"

الإمام الفقيه المحدث، أبو موسى عيسى بن إبراهيم بن مثرود الغافقي مولاهم، المصري من ثقات المسندين.

سمع: سفيان بن عيينة، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب وجماعة.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي وابن خزيمة، وأبو جعفر الطحاوي، وابن صاعد وابن أبي داود، وأبو الحسن بن جوصا، وأبو بكر بن زياد، وعدد كثير.

قال النسائي: لا بأس به. وقال ابن أبي حاتم: توفي قبل قدومي مصر.

وقال ابن يونس: توفي في صفر سنة إحدى، وستين ومائتين رحمه الله.

وفيها مات أحمد بن سليمان الرهاوي، وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، وشعيب بن أيوب الصريفيني وأبو شعيب صالح بن زياد السوسي، وعلي بن إشكاب وأخوه محمد وعلي بن سهل الرملي، ومسلم بن الحجاج القشيري ومحمد بن سعيد بن غالب العطار وخلق.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1507"، واللباب لابن الأثير "1/ 30"، والكاشف "2/ ترجمة 4434"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6550"، وتهذيب التهذيب "8/ 205"، وتقريب التهذيب "2/ 97"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5556".

ص: 62

‌2119 - الفاخوري

(1)

: " س، ق"

المحدث، الثقة، المعمر، أبو موسى عيسى بن يونس بن أبان الرملي الفاخوري.

حدث عن: الوليد بن مسلم، وضمرة بن ربيعة، وابن شابور، وجماعة.

وعنه: النسائي، وابن ماجة، وأبو بشر الدولابي، وابن أبي داود، وعبد الله بن عتاب الزفتي وأبو جعفر محمد بن أحمد الرملي القدوري، وابن وهب الدينوري ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض وآخرون.

وثقه النسائي، وغيره.

توفي سنة أربع وستين ومائتين من أبناء التسعين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1619"، والأنساب للسمعاني "9/ 209"، واللباب لابن الاثير "2/ 401"، وميزان الاعتدال "3/ 328"، وتهذيب التهذيب "8/ 236 - 237"، وتقريب التهذيب "2/ 103"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5614".

ص: 63

‌2120 - أحمد بن الأزهر

(1)

: " س، ق"

ابن منيع بن سليط الإمام الحافظ الثبت، أبو الأزهر العبدي، النيسابوري، محدث خراسان في زمانه.

ولد بعد السبعين ومائة.

رأى سفيان بن عيينة، وما أدري لم لم يسمع منه.

وسمع عبد الله بن نمير، وأسباط بن محمد، ومالك بن سعير ويعقوب بن إبراهيم، ووهب بن جرير وعبد الرزاق ويعلى بن عبيد وأنس بن عياض الليثي، وعبد الله بن ميمون القداح، وأبا أسامة ومحمد بن بشر، وابن أبي فديك ومروان بن محمد الطاطري، وخلقًا سواهم بالحجاز، واليمن والشام والكوفة، والبصرة وخراسان وجمع وصنف.

حدث عنه: رفيقاه؛ محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، وقد سمع منه شيخه يحيى بن يحيى التميمي، وحدث عنه النسائي وابن ماجه وأبو حاتم، وأبو زرعة وموسى بن

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 11"، وتاريخ بغداد "4/ 39، وتذكرة الحفاظ "2/ 565"، وميزان الاعتدال "1/ 82"، والعبر "2/ 26"، وتهذيب التهذيب "1/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 146".

ص: 63

هارون وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وأبو حامد بن الشرقي وخلق خاتمتهم محمد بن الحسين القطان، وممن قيل روى عنه أبو محمد الله الدارمي، والبخاري ومسلم وهو ثقة بلا تردد غاية ما نقموا عليه ذاك الحديث في فضل علي رضي الله عنه ولا ذنب له فيه.

قال النسائي والدارقطني: لا بأس به.

وقال أبو حاتم، وصالح بن محمد: صدوق.

وقال ابن عدي: أبو الأزهر هذا كتب الحديث، فأكثر، ومن أكثر لا بد من أن يقع في حديثه الواحد، والاثنان، والعشرة مما ينكر.

وسمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: قيل لي: لم لم ترحل إلى العراق? فقلت: وما أصنع بالعراق? وعندنا من بنادرة الحديث ثلاثة: الذهلي وأبو الأزهر، وأحمد بن يوسف السلمي.

وقال ابن الشرقي: سمعت أبا الأزهر يقول: كتب عني يحيى بن يحيى.

وقال مكي بن عبدان: سألت مسلمًا عن أبي الأزهر فقال: اكتب عنه.

قال الحاكم: ولعل متوهمًا يتوهم أن أبا الأزهر فيه لين لقول ابن خزيمة في مصنفاته: حدثنا أبو الأزهر، وكتبته من كتابه وليس كما يتوهم فإن أبا الأزهر كف بصره في آخر عمره، وكان لا يحفظ حديثه فربما قرئ عليه في الوقت بعد الوقت فقيد أبو بكر بسماعاته منه بهذه الكلمة.

قال الحاكم: حدثنا أبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر حدثنا أحمد بن الأزهر حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب فقال: "أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله فالويل لمن أبغضك بعدي"

(1)

.

قال الحاكم: حدث به ابن الأزهر ببغداد في حياة أحمد وابن المديني، وابن معين، فأنكره من أنكره حتى بين للجماعة أن أبا الأزهر بريء الساحة منه فإن محله محل الصادقين.

(1)

ضعيف جدًّا: في إسناده محمد بن علي بن عمر المذكر، أبو علي النيسابوري، قال المزي في أثناء ترجمة أحمد بن الخليل أن المذكر من المعروفين بسرقة الحديث.

ص: 64

وقد توبع عليه عن عبد الرزاق. فحدثني عبد الله بن سعد حدثنا محمد بن حمدون حدثنا محمد بن علي بن سفيان النجار حدثنا عبد الرزاق فذكره، وسمعت أبا علي الحافظ سمعت أحمد بن يحيى بن زهير يقول: لما حدث أبو الأزهر بحديثه عن عبد الرزاق في الفضائل أخبر يحيى بن معين بذلك فبينا هو عند يحيى في جماعة أهل الحديث إذ قال يحيى: من هذا الكذاب النيسابوري الذي حدث بهذا عن عبد الرزاق? فقام أبو الأزهر فقال: هوذا أنا فتبسم يحيى بن معين، وقال: أما إنك لست بكذاب وتعجب من سلامته وقال: الذنب لغيرك فيه.

وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت أبا حامد بن الشرقي وسئل عن حديث أبي الأزهر عن عبد الرزاق في فضل علي فقال: هذا حديث باطل ثم قال: والسبب فيه أن معمرًا كان له ابن أخ رافضي، وكان معمر يمكنه من كتبه فأدخل هذا عليه، وكان معمر رجلًا مهيبًا لا يقدر عليه أحد في السؤال، والمراجعة فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخي معمر.

قلت: ولتشيع عبد الرزاق سر بالحديث، وكتبه وما راجع معمرًا فيه ولكنه ما جسر أن يحدث به لمثل أحمد، وابن معين وعلي بل ولا خرجه في تصانيفه، وحدث به وهو خائف يترقب.

قال الحاكم: سمعت محمد بن حامد البزاز سمعت مكي بن عبدان سمعت أبا الأزهر يقول: خرج عبد الرزاق إلى قريته فبكرت إليه يومًا حتى خشيت على نفسي من البكور قال: فوصلت إليه قبل أن يخرج لصلاة الصبح فلما خرج رآني فقال: كنت البارحة ها هنا? قلت: لا ولكني خرجت في الليل فأعجبه ذلك فلما فرغ من صلاة الصبح دعاني، وقرأ علي هذا الحديث وخصني به دون أصحابي.

وقال أبو محمد بن الشرقي: حدثنا أبو الأزهر قال: كان عبد الرزاق يخرج إلى قرية فذهبت خلفه فرآني أشتد فقال: تعال فأركبني خلفه على البغل ثم قال لي: إلَّا أخبرك بحديث غريب? قلت: بلى فحدثني بالحديث فذكره قال: فلما رجعت إلى بغداد أنكر علي يحيى بن معين، وهؤلاء فحلفت أني لا أحدث به حتى أتصدق بدرهم.

قال الدارقطني: قد أخرج في الصحيح عمن هو دون أبي الأزهر.

وروي عن أبي حامد بن الشرقي، قال: كان عند أبي الأزهر عن شيوخ لم يكن عند

ص: 65

محمد بن يحيى عنهم، وهم: ابن نمير وأبو ضمرة وابن أبي فديك، وزيد بن الحباب ويحيى بن آدم، ومحمد بن بشر.

قال الحسين بن محمد القباني: مات أبو الأزهر سنة ثلاث وستين ومائتين.

وقال أحمد بن سيار في تاريخه: مات في أول سنة إحدى وستين ومائتين.

قلت: سنة ثلاث أثبت.

ومات فيها أحمد بن حرب الطائي الموصلي، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، والحافظ معاوية بن صالح تلميذ ابن معين، والإمام محمد بن علي بن ميمون الرقي.

أخبرنا أبو الحسين الحافظ: أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا القاسم بن الفضل حدثنا محمد بن إبراهيم الجرجاني إملاء حدثنا محمد بن الحسين القطان حدثنا أبو الأزهر حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الشيباني قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: نعم قلت: بعدما نزلت النور أم قبلها? قال: لا أدري

(1)

.

وسمعناه بطرق إلى السلفي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6840"، ومسلم "1702".

ص: 66

‌2121 - عمر بن شبة

(1)

: " ق"

ابن عبدة بن زيد بن رائطة، العلامة الأخباري، الحافظ، الحجة، صاحب التصانيف، أبو زيد، النميري البصري النحوي نزيل بغداد.

ولد سنة ثلاث وسبعين ومائة.

وسمع يحيى بن سعيد القطان، ويوسف بن عطيه، وعمر بن علي المقدمي، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الأعلى السامي، وغندرًا ومعاذ بن معاذ وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون وأبا زكير يحيى بن محمد بن قيس، وأبا أحمد الزبيري، وعبيد بن الطفيل وسعيد بن عامر، وأبا عاصم النبيل وأبا أسامة، وخلقًا كثيرًا وينزل إلى الرواية عن أبي خيثمة ومحمد بن حميد، ونصر بن علي الجهضمي، والحسن بن عرفة.

حدث عنه: ابن ماجه بحديثين، وابن أبي الدنيا وابن صاعد وأبو العباس السراج، وأبو نعيم بن عدي ومحمد بن أحمد الأثرم، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن مخلد والقاضي المحاملي وإسماعيل بن العباس الوراق، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلق سواهم.

وثقه الدارقطني وغير واحد.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي وهو صدوق صاحب عربية وأدب.

وقال أبو حاتم البستي: مستقيم الحديث، وكان صاحب أدب وشعر وأخبار، ومعرفة بأيام الناس.

قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة عالمًا بالسير وأيام الناس، وله تصانيف كثيرة وكان قد نزل في آخر عمره بسر من رأى وتوفي بها.

وذكر عمر بن شبة أن اسم أبيه زيد، ولقبه شبه لأن أمه كانت ترقصه وتقول:

يا بأبي وشبا

وعاش حتى دبا

شيخا كبيرًا خبا

قال ابن المنادي: مات بسر من رأى يوم الإثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين، وستين ومائتين وكان قد جاوز التسعين كذا قال.

وقال محمد بن موسى البربري: مولده أول رجب سنة ثلاث وسبعين ومائة قال: ومات يوم الخميس لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين ومائتين فكمل تسعًا وثمانين سنة إلَّا أربعة أيام.

قلت: صنف تاريخًا كبيرًا للبصرة لم نره، وكتابًا في "أخبار المدينة" رأيت نصفه يقضي بإمامته وصنف "أخبار الكوفة" و "أخبار مكة" وكتاب "الأمراء" وكتاب "الشعر والشعراء" وكتاب "أخبار المنصور" وكتاب "النسب" وكتاب "التاريخ" في أشياء كثيرة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 624 "، وتاريخ بغداد "11/ 208"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 60 - 62"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 491"، والعبر "1/ 362"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 533"، والكاشف "2/ ترجمة 4135"، وتهذيب التهذيب "7/ 460"، وتقريب التهذيب "2/ 57"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5181"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 146".

ووقع في الجرح والتعديل "ابن عبيدة"، وليس "ابن عبدة"، وكذلك وقع في معجم الأدباء وفي تهذيب الكمال كلهم قالوا:"ابن عبيدة".

ص: 67

وقد وقع لي من عالي حديث عمر بن شبة.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن أحمد أخبرنا علي بن أحمد البندار أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا يحيى بن محمد حدثنا عمر بن شبة حدثني أبو غسان محمد بن يحيى أخبرنا عبد العزيز بن عمران عن أبي النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم على أشراف حرم المدينة فأعلمت شرف ذات الجيش، وعلى مشيرف وعلى أشراف محيص، وعلى الحفياء، وعلى العشراء وعلى قلت

(1)

.

وفيها مات: سعدان بن يزيد البزاز، ومحمد بن عاصم الثقفي ومحمد بن عبد الله بن ميمون بالإسكندرية، ويعقوب بن شيبة صاحب المسند، ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ وعباد بن الوليد الغبري، وحاتم بن الليث الجوهري.

(1)

ضعيف جدًّا: فيه عبد العزيز بن عمر الزهري المدني، قال البخاري: لا يكتب حديثه. وقال النسائي وغيره: متروك. والحديث عند الطبراني في "الأوسط""9144".

ص: 68

‌2122 - الرياشي

(1)

: " د"

عباس بن الفرج، العلامة الحافظ، شيخ الأدب، أبو الفضل الرياشي البصري النحوي مولى محمد بن سليمان بن علي العباسي الأمير، وقيل: كان أبوه عبدًا لرجل من جذام اسمه رياش.

ولد بعد الثمانين ومائة.

وسمع من طائفة كثيرة، وحمل عن: أبي عبيدة معمر بن المثنى، وأبي داود الطيالسي والأصمعي وأبي عاصم النبيل، وأبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري، وأشهل بن حاتم وأحمد بن خالد الوهبي، وعمر بن يونس اليمامي، ووهب بن جرير ومسلم بن إبراهيم، والعلاء ابن أبي سوية المنقري ومسدد، ومحمد بن سلام وخلق كثير.

وعنه: أبو داود كلامه في تفسير أسنان الإبل، وإبراهيم الحربي وابن أبي الدنيا وابنه

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1170" وتاريخ بغداد "12/ 138"، والأنساب للسمعاني "6/ 209"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 320"، والكاشف "2/ ترجمة 2631"، وتذكرة الحفاظ "2/ 502"، وتهذيب التهذيب "5/ 124"، وتقريب التهذيب "1/ 298"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3358"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136".

ص: 68

محمد بن العباس، وأبو العباس المبرد، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن عميرة، وإسحاق بن إبراهيم البستي القاضي وأبو خليفة الفضل بن الحباب، وأبو عروبة الحراني وأبو روق الهزاني وأبو بكر بن خزيمة، وأبو بكر بن دريد وخلق سواهم وكان من بحور العلم.

قال ابن حبان: كان راويًا للأصمعي.

وقال أبو سعيد السيرافي: كان الرياشي حافظًا للغة، والشعر كثير الرواية عن الأصمعي، وأخذ أيضًا عن غيره أخذ عنه المبرد وأبو بكر بن دريد، وحدثني أبو بكر بن أبي الأزهر وكان عنده أخبار الرياشي قال: كنا نراه يجيء إلى أبي العباس المبرد في قدمة قدمها من البصرة، وقد لقيه أبو العباس ثعلب، وكان يفضله ويقدمه.

قال أبو بكر الخطيب: قدم الرياشي بغداد، وحدث بها وكان ثقة وكان من الأدب، وعلم النحو بمحل عال كان يحفظ كتب أبي زيد، وكتب الأصمعي كلها وقرأ على أبي عثمان المازني "كتاب" سيبويه فكان المازني يقول: قرأ علي الرياشي الكتاب وهو أعلم به مني.

قال ابن دريد: قتلته الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين.

وقال علي بن أبي أمية: لما كان من دخول الزنج البصرة ما كان، وقتلهم بها من قتلوا وذلك في شوال سنة سبع بلغنا أنهم دخلوا على الرياشي المسجد بأسيافهم والرياشي قائم يصلي الضحى فضربوه بالأسياف، وقالوا: هات المال فجعل يقول: أي مال أي مال?!! حتى مات فلما خرجت الزنج عن البصرة دخلناها فمررنا ببني مازن الطحانين، وهناك كان ينزل الرياشي فدخلنا مسجده فإذا به ملقى، وهو مستقبل القبلة كأنما، وجه إليها وإذا بشملة تحركها الريح، وقد تمزقت وإذا جميع خلقه صحيح سوي لم ينشق له بطن، ولم يتغير له حال إلَّا أن جلده قد لصق بعظمه ويبس، وذلك بعد مقتله بسنتين رحمه الله.

قلت: فتنة الزنج كانت عظيمة، وذلك أن بعض الشياطين الدهاة كان طرقيًا أو مؤدبًا له نظر في الشعر، والأخبار ويظهر من حاله الزندقة، والمروق ادعى أنه علوي، ودعا إلى نفسه فالتف عليه قطاع طريق، والعبيد السود من غلمان أهل البصرة حتى صار في عدة، وتحيلوا وحصلوا سيوفًا، وعصيًا ثم ثاروا على أطراف البلد فبدعوا، وقتلوا وقووا وانضم إليهم كل مجرم، واستفحل الشر بهم فسار جيش من العراق لحربهم فكسروا الجيش، وأخذوا البصرة واستباحوها، واشتد الخطب، وصار قائدهم الخبيث في جيش وأهبة كاملة،

ص: 69

وعزم على أخذ بغداد، وبنى لنفسه مدينة عظيمة وحار الخليفة المعتمد في نفسه، ودام البلاء بهذا الخبيث المارق ثلاث عشرة سنة، وهابته الجيوش وجرت معه ملاحم، ووقعات يطول شرحها قد ذكرها المؤرخون إلى أن قتل فالزنج هم عبارة عن عبيد البصرة الذين ثاروا معه لا بارك الله فيهم.

أخبرنا أيوب بن طارق، أخبرنا فضل الله بن عبد الرزاق ببغداد، أخبرنا نصر الله بن عبد الرحمن الشيباني، أخبرنا المبارك بن عبد الحبار، حدثنا أبو القاسم الحرفي حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا سهل بن أحمد الواسطي حدثنا العباس بن الفرج الرياشي سمعت زيد بن هبيرة المازني يحدث عن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم أحدًا كرامته للعباس.

ص: 70

‌2123 - ابن معارك

(1)

:

الحافظ الثبت، أبو علي، الحسين بن نصر بن معارك، البغدادي صهر الحافظ أحمد بن صالح.

نزل مصر، وحدث عن: يزيد بن هارون، وإسحاق بن سليمان الرازي وشبابة وفديك بن سليمان وعمر بن يونس، والفريابي وعدة.

وعنه: ابن خزيمة والدولابي وابن أبي حاتم والطحاوي، وابن جوصا وخلق.

قال ابن أبي حاتم: محله الصدق.

وقال ابن يونس: ثقة، ثبت.

توفي بمصر في شعبان سنة إحدى وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 300"، وتاريخ بغداد "8/ 143"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 27".

ص: 70

‌2124 - محمد بن عاصم

(1)

:

ابن عبد الله، القدوة العابد الصادق الإمام، أبو جعفر، الثقفي مولاهم الأصبهاني، أخو أسيد بن عاصم وإخوته.

سمع: سفيان بن عيينة، وعبدة بن سليمان، وحسين بن علي الجعفي، وأبا أسامة، ويحيى بن آدم، ومحمد بن بشر العبدي، وأبا يحيى الحماني وعدة.

حدث عنه: أحمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن يحيى بن مندة ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري، وخلق خاتمتهم عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس.

روي عن إبراهيم بن أورمة قال: ما رأيت مثل محمد بن عاصم، ولا رأى هو مثل نفسه يعني: في التقوى، والفضل.

وقال علي بن محمد الثقفي: كنت أختلف إلى أبي بكر بن أبي شيبة فما رأيت أحدًا يشبهه في حسن دينه، وحفظ لسانه إلَّا محمد بن عاصم.

وقال أبو الشيخ أو غيره: كان محمد، وأسيد وعلي والنعمان بنو عاصم من سكان المدينة مدينة جي. مات محمد في سنة اثنتين وستين ومائتين.

قرأت على أحمد بن عبد المنعم المعمر عن أبي جعفر محمد بن أحمد، أخبرنا أبو علي الحداد حضورًا، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا محمد بن عاصم، حدثنا أبو أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يكره مس قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

سمعنا جزء محمد بن عاصم بالاتصال.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 212"، والعبر "2/ 25"، والوافي لصلاح الدين الصفدي "3/ 180".

ص: 71

‌2125 - أسيد بن عاصم

(1)

:

الثقفي، الحافظ المحدث الإمام، أبو الحسين، كان أصغر من أخيه محمد.

سمع: سعيد بن عامر الضبعي، وعبد الله بن بكر السهمي، وبشر بن عمر الزهراني، وبكر بن بكار وعامر بن إبراهيم، والحسين بن حفص وطبقتهم وصنف "المسند".

حدث عنه: أبو علي أحمد بن محمد بن إبراهيم ومحمد بن حيويه الكرجي، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعبد الله بن الحسن بن بندار وأبو بكر بن أبي داود وعبد الرحمن بن أبي حاتم وآخرون.

وقع لنا نسختان من حديثه تتكرر أحاديثهما كثيرًا.

قال ابن أبي حاتم: ثقة رضًا.

قلت: توفي سنة سبعين ومائتين، وهو في عشر التسعين.

(1)

ترجمته في الجرح والعديل "2/ ترجمة 1205"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 675"، والعبر "2/ 44"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 158".

ص: 71

‌2126 - محمد بن شجاع

(1)

:

الفقيه، أحد الأعلام، أبو عبد الله البغدادي الحنفي، ويعرف بابن الثلجي.

سمع من: ابن علية ووكيع وأبي أسامة وطبقتهم

وتلا على: اليزيدي، وأخذ الحروف عن يحيى بن آدم، والفقه عن الحسن بن زياد، وبرع وكان من بحور العلم.

روى عنه: يعقوب بن شيبة، وحفيده وعبد الله بن أحمد بن ثابت وعدة.

وكان صاحب تعبد وتهجد وتلاوة. مات ساجدًا.

له كتاب "لمناسك"في نيف وستين جزءًا إلَّا أنه كان يقف في مسألة القرآن وينال من الكبار وليس هذا موضع بسط أخباره.

عاش خمسًا وثمانين سنة، ومات سنة ست وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 138"، واللباب لابن الأثير "1/ 241"، وميزان الاعتدال "3/ 577"، والعبر "2/ 33"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 148"، وتهذيب التهذيب "9/ 220"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 42"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 151"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 57".

ص: 72

‌2127 - السوسي

(1)

: " س"

الإمام المقرئ المحدث، شيخ الرقة، أبو شعيب، صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح، الرستبي السوسي الرقي.

ولد سنة نيف وسبعين ومائة.

وجود القرآن على يحيى اليزيدي وأحكم عليه حرف أبي عمرو.

وسمع: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن نمير وأسباط بن محمد، وجماعة.

تلا عليه طائفة منهم: أبو عمران موسى بن جرير، وعلي بن الحسين، وأبو عثمان النحوي وأبو الحارث محمد بن أحمد الرقيون.

وأخذ عنه الحروف أبو عبد الرحمن النسائي، وجعفر بن سليمان الخراساني، وغيرهما.

وحدث عنه: أبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة الحراني والحافظ أبو علي محمد بن سعيد.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقد ذكر النسائي أنه روي عنه، وما روى عنه سوى حروف القراءة وكان صاحب سنة دعا له الإمام لما بلغه أن ختنه تكلم في القرآن فقام أبو شعيب عليه ليفارق بنته.

مات في أول سنة إحدى وستين ومائتين، وقد قارب التسعين.

وفيها مات أحمد بن سليمان الرهاوي الحافظ، وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الحافظ، وشعيب بن أيوب الصريفيني، وعلي بن إشكاب، وأخوه محمد وعلي بن سهل الرملي، وعيسى بن إبراهيم بن مثرود، ومسلم بن الحجاج ومحمد بن سعيد بن غالب العطار وآخرون.

(1)

ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 98"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1766"، والأنساب للسمعاني "7/ 190"، والكاشف "2/ ترجمة 2362"، والمغني "1/ ترجمة 2829"، وتذكرة الحفاظ "2/ 559"، والعبر "2/ 22"، وتهذيب التهذيب "4/ 392"، وتقريب التهذيب "1/ 360"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3029"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 143".

ص: 73

‌2128 - عيسى بن أحمد

(1)

: " ق، س":

ابن عيسى بن وردان، الإمام المحدث الثقة، أبو يحيى، البغدادي، ثم البلخي العسقلاني نسبة إلى عسقلان بلخ وهي محلة كبيرة.

ولد سنة نيف وسبعين ومائة.

وسمع بقية بن الوليد وعبد الله بن، وهب وضمرة بن ربيعة، وعبد الله بن نمير وأبا أسامة، وبشر بن بكر التنيسي وعدة.

حدث عنه: ابن ماجه، والنسائي وأبو عوانة الإسفراييني، وحامد بن بلال البخاري، ومحمد بن عقيل البلخي والهيثم بن كليب الشاشي فأكثر عنه.

قال النسائي: ثقة.

وروى عنه أبو حاتم أيضًا، وقال: صدوق وحماد بن شاكر النسفي، وإبراهيم بن معقل وآخرون، وكان مسند تلك الديار في زمانه.

ويقال: إنه ولد سنة ثمانين ومائة. فالله أعلم.

مات في سنة ثمان وستين ومائتين.

وفيها مات أحمد بن سيار المروزي، وأحمد بن شيبان الرملي وأحمد بن يونس الضبي، والفضل بن عبد الجبار المروزي، ومحمد بن عبد الله بن عبيد الحكم.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1509"، والكاشف "2/ ترجمة 4435"، والعبر "2/ 38"، وتهذيب التهذيب "8/ 205"، وتقريب التهذيب "2/ 97"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 154"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 5557".

ص: 73

‌2129 - شاذان

(1)

:

الإمام المحدث الصدوق أبو بكر، إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن بكير بن زيد النهشلي الفارس، شاذان.

سمع من: جده سعد بن الصلت القاضي، وجده هذا كوفي من طبقة وكيع، ولي قضاء شيراز مدة ثم ارتحل شاذان، فسمع من أبي داود الطيالسي، ووهب بن جرير والأسود بن عامر شاذان وطبقتهم.

حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود ارتحل إليه، وأحمد بن علي الجارودي، ونصر بن أبي نصر الشيرازي وعبد الرحمن بن خراش الحافظ، ومحمد بن عمر الجورجيري، ومحمد بن حمزة بن عمارة.

ويقع لنا حديثه في الثقفيات.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتب إلي، وإلى أبي وهو صدوق.

وذكره أبو حاتم البستي في الثقات وقال: مات لسبع بقين من جمادى الآخرة سنة سبع وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 721"، والعبر "2/ 35"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 394"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 152".

ص: 74

‌2130 - أحمد بن حفص

(1)

: " خ، د، س"

ابن عبد الله بن راشد، الإمام الثقة، قاضي نيسابور، أبو علي النيسابوري.

حدث عن: أبيه أبي عمرو، والجارود بن يزيد والحسين بن الوليد، وعبدان وجماعة.

وعنه: البخاري، وأبو داود والنسائي وابن خزيمة، وابن أبي داود، وابن الشرقي وأخوه وأبو بكر بن زياد، وأبو حامد بن بلال، وخلق ومسلم خارج الصحيح وأبو عوانة.

قال النسائي: صدوق.

توفي في المحرم سنة ثمان وخمسين ومائتين، وشيعه أمم.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 41"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 360"، وتهذيب التهذيب "1/ 24"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 137".

ص: 75

‌2131 - أحمد بن يوسف

(1)

: " م، د، س، ق"

ابن خالد بن سالم، الإمام الحافظ الصادق، أبو الحسن السلمي النيسابوري ويلقب بحمدان، وهو جد الزاهد إسماعيل بن نجيد صاحب ذاك الجزء المشهور ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة.

قال حفيده ابن نجيد: كان جدي أحمد بن يوسف أزديًا سلمي الأم فغلب عليه السلمي.

قلت: كان محدث خراسان في زمانه.

سمع الجارود بن يزيد، وحفص بن عبد الرحمن وحفص بن عبد الله، وهاشم بن القاسم قيصر، ومحمد بن عبيد الطنافسي وموسى بن داود، وعبد الرزاق وطبقتهم.

حدث عنه: مسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجه وإبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة، وأبو حامد بن الشرقي وأبو بكر بن زياد، وأبو حامد بن بلال ومكي بن عبدان ومحمد بن الحسين القطان وعدد كثير.

ذكره الحاكم فقال: أحد أئمة الحديث كثير الرحلة، واسع الفهم مقبول عند الأئمة في أقطار الأرض، وهو من خواص يحيى بن يحيى ومن المصاهرين له.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 184"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 590"، والعبر "25/ 28"، وتهذيب التهذيب "1/ 91"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 147".

ص: 75

سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: سمعت مشايخنا يحكون عن أحمد بن يوسف السلمي قال: أنا لست بسلمي بل أزدي، وعيالي سلمية.

سمع بخراسان عدة، وبالري من: عيسى بن جعفر القاضي، ومحمد بن يحيى بن الضريس وسليمان بن داود القزاز، وببغداد من أبي النضر ومحمد بن جعفر المدائني وموسى بن داود، ومنصور بن سلمة.

ثم سمى الحاكم طائفة سمع منهم بالكوفة، والبصرة والحجاز واليمن والشام والجزيرة.

وذكره الحافظ ابن عساكر فقال: حدث عن جعفر بن عون ومحمد بن عبيد والعقدي والفريابي وأبي مسهر ويحيى بن أبي بكير وسمى خلقًا.

حدث عنه: يحيى بن يحيى شيخه والبخاري في غير صحيحه.

قال مسلم: ثقة.

وقال الدراقطني: ثقة نبيل.

وقال النسائي: ليس به بأس.

قال مكي بن عبدان: سمعت أحمد بن يوسف يقول: كتبت عن عبيد الله بن موسى ثلاثين ألف حديث.

قال أبو حامد بن الشرقي: توفي أحمد بن يوسف سنة أربع وستين ومائتين.

وروى أبو سعيد المؤذن عن أبيه أنه مات سنة ثلاث.

قال الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: سمعت حمدان السلمي، وقالوا له: أسمعنا قال: لا يمكنني أنا ابن ثمانين سنة، وذلك في نصف شوال سنة اثنتين وستين.

قلت: طلبوا أن يحدثهم من لفظه فاعتذر بالعجز عن تبليغ جمع كثير.

أبو إسحاق المزكي: سمعت العباس بن الفضل سمعت أحمد بن يوسف سمعت عبد الرزاق سمعت الثوري يقول: خرجت من عند هذا -يعني المهدي- ولم أسلم عليه بالإمارة فنظر إلي، وتبسم وقال: لقد طلبناك فأعجزتنا وقد جاء الله بك ارفع إلينا حاجتك قلت: قد ملأت الأرض ظلمًا، وجورًا فاتق الله وليكن منك في ذلك عبر فنكس رأسه ثم قال: أرأيت إن لم أستطع?!! قلت: تهرب بدينك.

وقع لنا عدة أحاديث من موافقات السلمي رحمه الله.

ص: 76

أخبرنا أبو الفتوح نصر الله بن محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر بالإسكندرية، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أخبرنا القاسم بن الفضل أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الزيادي، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن المبارك أخبرنا الهيثم بن حميد عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من مس فرجه فليتوضأ"

(1)

.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق: أخبرك أبو المفاخر محمد بن محمد المأموني: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجرجاني سنة خمس وأربع مائة إملاء قال: حدثنا العباس بن محمد بن معاذ النيسابوري، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان عن معاوية بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: استأذنه نساؤه في جهاد فقال: "بحسبكن الجهاد أو جهادكن الحج"

(2)

.

وفي سنة أربع مات أحمد ابن أخي ابن وهب، وأبو إبراهيم المزني وأبو زرعة الرازي، ويونس بن عبد الأعلى.

(1)

صحيح لغيره: وهذا إسناد منقطع بين عنسبة وأم حبيبة فإنه لم يدركها.

وورد عن بسره بنت صفوان مرفوعًا بلفظ: "من مس فرجه فليتوضأ" أخرجه ابن خزيمة "33"، وابن الجارود "17" و"18" من طرق عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، به.

وورد عن بسرة بنت صفوان مرفوعًا بلفظ: "من مس فرجه فليعد الوضوء". أخرجه أحمد "6/ 406 - 407"، والترمذي "82"، والنسائي "1/ 216"، والبيهقي "1/ 128" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، به.

وورد عنها مرفوعًا بلفظ: "إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ". أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 163"، والحميدي "352"، والطيالسي "1657"، وأحمد "6/ 406 - 407"، والنسائي "1/ 100 و 216"، والدارمي "1/ 185"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 185"، وابن الجارود "16"، والطبراني في "الكبير""24/ 487 - 495 و 497 - 504" من طرق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2875" و"2876".

ص: 77

‌2132 - زاج

(1)

:

الإمام المحدث الثقة أبو صالح أحمد بن منصور بن راشد، المروزي زاج.

عن: النضر بن شميل وعمر بن يونس، وحسين الجعفي وروح وعدة.

وعنه: ابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد والمحاملي، وآخرون ومسلم في غير "الصحيح".

قال: أبو حاتم: صدوق.

قلت: توفي سنة سبع وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 168"، وتاريخ بغداد "5/ 150"، وتهذيب التهذيب "1/ 82".

ص: 78

‌2133 - الرمادي

(1)

: " ق"

الإمام الحافظ الضابط، أبو بكر، أحمد بن منصور بن سيار بن معارك الرمادي البغدادي.

حدث عن: عبد الرزاق بكتبه، وعن زيد بن الحباب، ويزيد بن هارون، وأبي داود الطيالسي وهاشم بن القاسم، وعبيد الله بن موسى، والأسود بن عامر، وعفان ويحيى بن أبي بكير، وعثمان بن عمر بن فارس وأبي عاصم النبيل، وسعيد بن أبي مريم ومحمد بن وهب الدمشقي، وخلق كثير بالحجاز واليمن، والعراق والشام ومصر وكان من أوعية العلم.

حدث عنه: ابن ماجه، وإسماعيل القاضي وابن أبي الدنيا، وأبو العباس بن سريج وأبو عوانة وأبو نعيم بن عدي، وابن أبي حاتم، والمحاملي وابن مخلد ومحمد بن عقيل البلخي، وأبو بكر بن زياد وإسماعيل الصفار، والحسين بن يحيى بن عياش القطان، وخلق كثير.

وقال في "تاريخه": سمعت من عبد الرزاق سنة أربع، ومائتين وصنف المسند الكبير.

وكان عباس الدوري يقول: أنا أسكت من أمر الرمادي على شيء أخاف أن لا يسعني كنت ربما سمعت يحيى بن معين يقول: قال أبو بكر الرمادي يعني يذكره بكنيته، وقد كان رفيقًا وصاحبًا ليحيى في رحلته.

وروي عن إبراهيم بن أورمة، قال: لو أن رجلين قال أحدهما: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وقال الآخر: حدثنا الرمادي كانا سواء.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 169"، وتاريخ بغداد "5/ 151"، والأنساب للسمعاني "6/ 163"، واللباب لابن الأثير "2/ 63"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 589"، وميزان الاعتدال "1/ 158"، والعبر "2/ 30"، والوافي بالوفيات "8/ 192"، وتهذيب التهذيب "1/ 83 ".

ص: 78

قال الدارقطني: هو ثقة.

وقال ابن أبي حاتم: كان أبي يوثقه.

قال ابن مخلد: كان الرمادي إذا مرض يستشفي بأن يسمعوا عليه الحديث.

قال أبو الحسين بن المنادي: مات الرمادي لأربع بقين من ربيع الآخر، سنة خمس وستين ومائتين وقد استكمل ثلاثًا وثمانين سنة.

قلت: سمعنا من طريقه جماعة أجزاء عن عبد الرزاق.

وفيها مات إبراهيم بن الحارث البغدادي، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري وسعدان بن نصر المخرمي، وصالح بن أحمد بن حنبل وعلي بن حرب، وعبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي، والقدوة أبو حفص النيسابوري وهارون بن سليمان، والمنتظر محمد بن الحسن والرافضة تقول: لم يمت بل اختفى في السرداب.

ص: 79

‌2134 - أبو عبد الله البخاري

(1)

: " ت، س"

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بزدزبه، وقيل بذدزبه، وهي لفظة بخارية، معناها الزراع.

أسلم المغيرة على يدي اليمان الجعفي والي بخارى، وكان مجوسيًا وطلب إسماعيل بن إبراهيم العلم.

فأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر بن سلفة، أخبرنا أبو علي البرداني، أخبرنا هناد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن محمد، ومحمد بن الحسين قالا: حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف أنه سمع البخاري يقول: سمع أبي من مالك بن أنس، ورأى حماد بن زيد، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه.

قلت: وولد أبو عبد الله في شوال سنة أربع وتسعين ومائة. قاله أبو جعفر محمد بن أبي حاتم البخاري، وراق أبي عبد الله في كتاب:"شمائل البخاري" جمعه، وهو جزء ضخم.

أنبأني به أحمد بن أبي الخير عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أن محمد بن طاهر الحافظ

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1086"، وتاريخ بغداد "2/ 4 - 36"، والأنساب للسمعاني "2/ 100"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 569"، وتذكرة الحفاظ "2/ 578"، والكاشف "3/ ترجمة 4790"، وتهذيب التهذيب "9/ 47 - 55"، وتقريب التهذيب "2/ 144"، ومقدمة فتح الباري، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6052 "، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 134".

ص: 79

أجاز له، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن خلف أخبرنا أبو طاهر أحمد بن عبد الله بن مهرويه الفارسي المؤدب، قدم علينا من مرو لزيارة أبي عبد الله السلمي، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف، بن مطر الفربري، حدثنا جدي قال: سمعت محمد بن أبي حاتم فذكر الكتاب فما أنقله عنه فبهذا السند.

ثم إن أبا عبد الله فيما أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة ست عشرة وست مائة أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي أخبرنا هبة الله بن الحسن الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد بن حفص أخبرنا محمد بن أحمد بن سليمان، أخبرنا خلف بن محمد، حدثنا محمد بن أحمد بن الفضل البلخي سمعت أبي يقول: ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره فرأت، والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام فقال لها: يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو كثرة دعائك شك البلخي فأصبحنا، وقد رد الله عليه بصره.

وبالسند الماضي إلى محمد بن أبي حاتم قال: قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك? قال: ألهمت حفظ الحديث، وأنا في الكتاب فقلت: كم كان سنك? فقال: عشر سنين، أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف الداخلي، وغيره فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني فقلت له: ارجع إلى الأصل فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام? قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه وقال: صدقت فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه? قال: ابن إحدى عشرة سنة فلما طعنت في ست عشرة سنة كنت قد حفظت كتب ابن المبارك، ووكيع وعرفت كلام هؤلاء ثم خرجت مع أمي، وأخي أحمد إلى مكة فلما حججت رجع أخي بها! وتخلفت في طلب الحديث.

ذكر تسمية شيوخه وأصحابه:

سمع ببخارى قبل أن يرتحل من مولاه من فوق عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان الجعفي المسندي، ومحمد بن سلام البيكندي وجماعة ليسوا من كبار شيوخه.

ثم سمع ببلخ من مكي بن إبراهيم وهو من عوالي شيوخه وسمع بمرو من عبدان بن عثمان وعلي بن الحسن بن شقيق، وصدقة بن الفضل وجماعة.

وبنيسابور من يحيى بن يحيى وجماعة.

ص: 80

وبالري: إبراهيم بن موسى.

وببغداد إذ قدم العراق في آخر سنة عشر ومائتين من محمد بن عيسى بن الطباع، وسريج بن النعمان ومحمد بن سابق وعفان.

وبالبصرة من أبي عاصم النبيل، والأنصاري وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي صاحب ابن عون، ومن محمد بن عرعرة وحجاج بن منهال وبدل بن المحبر، وعبد الله بن رجاء وعدة.

وبالكوفة من عبيد الله بن موسى، وأبي نعيم وخالد بن مخلد وطلق بن غنام، وخالد بن يزيد المقرئ ممن قرأ على حمزة.

وبمكة من أبي عبد الرحمن المقرئ، وخلاد بن يحيى وحسان بن حسان البصري، وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي والحميدي.

وبالمدينة من عبد العزيز الأويسي، وأيوب بن سليمان بن بلال وإسماعيل بن أبي أويس.

وبمصر: سعيد بن أبي مريم وأحمد بن إشكاب، وعبد الله بن يوسف وأصبغ وعدة.

وبالشام: أبا اليمان وآدم بن أبي إياس وعلي بن عياش وبشر بن شعيب، وقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس، وأحمد بن خالد الوهبي ومحمد بن يوسف الفريابي وأبي مسهر وأمم سواهم.

وقد قال وراقه محمد بن أبي حاتم: سمعته يقول: دخلت بلخ فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثًا فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم.

قال: وسمعته قبل موته بشهر يقول: كتبت عن ألف وثمانين رجلًا ليس فيهم إلَّا صاحب حديث كانوا يقولون: الإيمان قول، وعمل يزيد وينقص.

قلت: فأعلى شيوخه الذين حدثوه عن التابعين، وهم أبو عاصم والأنصاري ومكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى وأبو المغيرة ونحوهم.

وأوساط شيوخه الذين رووا له عن الأوزاعي، وابن أبي ذئب وشعبة وشعيب بن أبي حمزة والثوري.

ثم طبقة أخرى دونهم كأصحاب مالك، والليث وحماد بن زيد وأبي عوانة.

ص: 81

والطبقة الرابعة من شيوخه مثل أصحاب ابن المبارك، وابن عيينة وابن وهب، والوليد بن مسلم.

ثم الطبقة الخامسة، وهو محمد بن يحيى الذهلي الذي روى عنه الكثير ويدلسه، ومحمد بن عبد الله المخرمي ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وهؤلاء هم من أقرانه وقد سمع من أبي مسهر، وشك في سماعه فقال في غير الصحيح: حدثنا أبو مسهر أو حدثنا رجل عنه، وروى عن أحمد بن عبد الملك بن، واقد الحراني لقيه بالعراق ولم يدخل الجزيرة وقال: دخلت على معلى بن منصور الرازي ببغداد سنة عشر.

روى عنه خلق كثير منهم: أبو عيسى الترمذي، وأبو حاتم وإبراهيم بن إسحاق الحربي وأبو بكر بن أبي الدنيا وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم وصالح بن محمد جزرة ومحمد بن عبد الله الحضرمي مطين، وإبراهيم بن معقل النسفي، وعبد الله بن ناجية وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وعمر بن محمد بن بجير وأبو قريش محمد بن جمعة، ويحيى بن محمد بن صاعد ومحمد بن يوسف الفربري راوي الصحيح، ومنصور بن محمد مزبزدة وأبو بكر بن أبي داود، والحسين والقاسم ابنا المحاملي، وعبد الله بن محمد بن الأشقر، ومحمد بن سليمان بن فارس ومحمود بن عنبر النسفي، وأمم لا يحصون وروى عنه مسلم في غير صحيحه وقيل: إن النسائي روى عنه في الصيام من سننه، ولم يصح لكن قد حكى النسائي في كتاب الكنى له أشياء عن عبد الله بن أحمد الخفاف عن البخاري.

وقد رتب شيخنا أبو الحجاج المزي شيوخ البخاري، وأصحابه على المعجم كعادته، وذكر خلقًا سوى من ذكرت.

وقد أنبانا المؤمل بن محمد وغيره أن أبا اليمن البغوي أخبرهم، أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي الحرشي بنيسابور سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد البلخي يروي عن محمد بن يوسف الفربري أنه كان يقول: سمع كتاب الصحيح لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه غيري.

وقال محمد بن طاهر المقدسي: روى "صحيح" البخاري جماعة، منهم: الفربري، وحماد بن شاكر، و إبراهيم بن معقل، وطاهر بن محمد بن مخلد النسفيان.

وقال الأمير الحافظ أبو نصر بن ماكولا: آخر من حدث عن البخاري بـ"الصحيح" أبو

ص: 82

طلحة منصور بن محمد بن علي البزدي من أهل بزدة. وكان ثقة توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مائة.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي بقراءتي، أخبرنا أبو بكر زيد بن هبة الله البغدادي، أخبرنا أحمد بن المبارك بن قفرجل، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن مهدي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي سنة تسع وعشرين وثلاث مائة، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان يعني: الثوري عن أبي بردة قال: أخبرني جدي أبو بردة، عن أبيه أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا". وشبك بين أصابعه، وكان جالسًا فجاءه رجل أو طالب حاجة فاقبل علينا بوجهه فقال:"اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان رسوله ما شاء"

(1)

.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الهاشمي، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ببغداد أخبرنا محمد بن عبيد الله المجلد أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا حماد عن يونس، وحبيب ويحيى بن عتيق وهشام عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تخرج ذوات الخدور يوم العيد قيل: فالحيض? قال: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين"

(2)

.

هذان حديثان صحيحان من عالي ما وقع لنا من رواية أبي عبد الله سوى "الصحيح".

وأما "الصحيح" فهو أعلى ما وقع لنا من الكتب الستة في أول ما سمعت الحديث، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وست مائة فما ظنك بعلوه اليوم، وهو سنة خمس عشرة وسبع مائة!! لو رحل الرجل من مسيرة سنة لسماعه لما فرط كيف، وقد دام علوه إلى عام ثلاثين وهو أعلى الكتب الستة سندًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كثير من الأحاديث وذلك لأن أبا عبد الله أسن الجماعة، وأقدمهم لقيًا للكبار أخذ عن جماعة يروي الأئمة الخمسة عن رجل عنهم.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6026" و"6027"، وورد مفرقًا أخرجه مسلم "2585"، وأبو داود "5131"، والترمذي "1929" و"2674"، والنسائي "5/ 78".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "981"، ومسلم "890"، وأبو داود "1136"، والترمذي "539"، والنسائي "3/ 180 - 181".

ص: 83

ذكر رحلته وطلبه وتصانيفه:

قال محمد بن أبي حاتم البخاري: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل يقول: حججت، ورجع أخي بأمي وتخلفت في طلب الحديث فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة، والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى.

وصنفت كتاب "التاريخ" إذ ذاك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة، وقل اسم في التاريخ إلَّا وله قصة إلَّا أني كرهت تطويل الكتاب.

وكنت أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي، فإذا جئت أستحيي أن أسلم عليهم فقال لي مؤدب من أهلها: كم كتبت اليوم? فقلت: اثنين وأردت بذلك حديثين فضحك من حضر المجلس فقال شيخ منهم: لا تضحكوا فلعله يضحك منكم يومًا!! وسمعته يقول: دخلت على الحميدي، وأنا ابن ثمان عشرة سنة، وبينه وبين آخر اختلاف في حديث فلما بصر بي الحميدي قال: قد جاء من يفصل بيننا فعرضا على فقضيت للحميدي على من يخالفه، ولو أن مخالفه أصر على خلافه ثم مات على دعواه لمات كافرًا.

أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا أبو الفضل الهمداني، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني، وابن الطيوري قالا: أخبرنا هناد بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن أحمد غنجار، أخبرنا خلف بن محمد الخيام سمعت الفضل بن إسحاق البزاز، حدثنا أحمد بن منهال العابد، حدثنا أبو بكر الأعين قال: كتبنا عن البخاري على باب محمد بن يوسف الفريابي، وما في وجهه شعرة فقلنا: ابن كم أنت? قال: ابن سبع عشرة سنة.

وقال خلف الخيام: سمعت إبراهيم بن معقل، سمعت أبا عبد الله يقول: كنت عند إسحاق بن راهويه فقال بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لسنن النبي صلى الله عليه وسلم فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب.

وعن

أن البخاري قال: أخرجت هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث.

أنبانا المؤمل بن محمد وغيره، أنبأنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني علي بن محمد العطار بالري، سمعت أبا الهيثم الكشميهني، سمعت الفربري يقول: قال لي محمد بن إسماعيل: ما وضعت في كتابي "الصحيح" حديثًا إلَّا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.

ص: 84

أخبرنا ابن الخلال، أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو عبد الله الرازي، حدثنا عبد الله بن الوليد، أخبرنا أحمد بن الحسن بن بندار، أخبرنا أبو أحمد بن عدي، سمعت الحسن بن الحسين البزاز، سمعت إبراهيم بن معقل، سمعت البخاري يقول: ما أدخلت في هذا الكتاب إلَّا ما صح، وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب.

وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم قلت لأبي عبد الله: تحفظ جميع ما أدخلت في المصنف? فقال: لا يخفى علي جميع ما فيه.

وسمعته يقول: صنفت جميع كتبي ثلاث مرات، وسمعته يقول: لو نشر بعض أستاذي هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت "التاريخ"، ولا عرفوه ثم قال: صنفته ثلاث مرات.

وسمعته يقول: أخذ إسحاق بن راهويه كتاب "التاريخ" الذي صنفت، فأدخله على عبد الله بن طاهر، فقال: أيها الأمير، إلَّا أريك سحرًا? قال: فنظر فيه عبد الله فتعجب منه وقال لست أفهم تصنيفه.

وقال خلف الخيام: سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف: يقول: دخل محمد بن إسماعيل إلى العراق في آخر سنة عشر ومائتين.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: دخلت بغداد آخر ثمان مرات في كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل فقال لي في آخر ما، ودعته: يا أبا عبد الله تدع العلم، والناس وتصير إلى خراسان?! قال: فأنا الآن أذكر قوله.

وقال أبو عبد الحاكم أول ما، ورد البخاري نيسابور سنة تسع ومائتين ووردها في الأخير سنة خمسين، ومائتين فأقام بها خمس سنين يحدث على الدوام.

أخرنا أبو حفص بن القوسا، أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني قراءة عليه سنة تسع وست مائة وأنا حاضر، أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، أخبرنا الحسين بن محمد الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثني أحمد بن محمد بن آدم، حدثنا محمد بن يوسف البخاري، قال: كنت مع محمد بن إسماعيل بمنزلة ذات ليلة، فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثمان عشرة مرة.

وقال محمد بن أبي حاتم الوراق، كان أبو عبد الله، إذا كنت معه في سفر، يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانًا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة، فيوري نارًا، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها.

ص: 85

وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن همام يقول: سمعت عدة من المشايخ، يقولون: حول محمد بن إسماعيل تراجم جامعة بين قبر سول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.

وقال: سمعت البخاري يقول: صنفت "الصحيح" في ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت هانئ بن النضر يقول: كنا عند محمد بن يوسف -يعني: الفريابي- بالشام وكنا نتنزه فعل الشباب في أكل الفرصاد ونحوه، وكان محمد بن إسماعيل معنا، وكان لا يزاحمنا في شيء مما نحن فيه، ويكب على العلم.

وقال محمد: سمعت النجم بن الفضيل يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، كأنه يمشي، ومحمد بن إسماعيل يمشي خلفه، فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه، وضع محمد بن إسماعيل قدمه في المكان الذي رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه.

وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: كان شيخ يمر بنا في مجلس الداخلي، فأخبره بالأحاديث الصحيحة مما يعرض عليَّ، وأخبره بقولهم، فإذا هو يقول لي يومًا، يا أبا عبد الله، رئيسنا في أبو جاد، وقال: بلغني أن أبا عبد الله شرب دواء الحفظ يقال له: بلاذر، فقلت له يومًا خلوة: هل من دواء يشربه الرجل، فينتفع به للحفظ؟ فقال: لا أعلم، ثم أقبل علي، وقال: لا أعلم شيئًا أنفع للحفظ من نهمة الرجل، ومداومة النظر.

قال: وذاك أني كنت بنيسابور مقيمًا، فكان ترد إليَّ من بخارى كتب، وكن قرابات لي يُقرئن سلامهن في الكتب، فكنت أكتب كتابًا إلى بخاري، وأردت أن أقرئهن سلامي، فذهب عليَّ أساميهن حين كتبت كتابي، لم أقرئهن سلامي، وما أقل ما يذهب عني من العلم. وقال: سمعته يقول: لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء. كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث، إن كان الرجل فهمًا. فإن لم يكن سألته أن يخرج إليَّ أصله ونسخته. فأما الآخرون لا يبالون ما يكتبون، وكيف يكتبون.

وقال: سمعت العباس الدوري يقول: ما رأيت أحدًا يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل، كان لا يدع أصلًا ولا فرعًا إلا قلعه. ثم قال لنا: لا تدعوا من كلامه شيئًا إلا كتبتموه.

وقال: كتب إلى أبي عبد الله بعض السلاطين في حاجة له، ودعا له دعاء كثيرًا. فكتب

ص: 86

إليه أبو عبد الله: سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: وصل إلى كتابك وفهمته، وفي بيته يؤتى الحكم والسلام.

وقال: سمعت إبراهيم الخواص، مستملي صدقة، يقول: رأيت أبا زرعة كالصبي جالسًا بين يدي محمد بن إسماعيل، يسأله عن علل الحديث.

ذكر حفظه وسعة علمه وذكائه:

قال محمد بن أحمد غنجار في "تاريخ بخارى": سمعت أبا عمرو أحمد بن محمد المقرئن سمعت مهيب بن سليم، سمعت جعفر القطان إمام كرمينية يقول: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كتبت عن ألف شيخ وأكثر، عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر، ما عندي حديث إلا أذكر إسناده.

قال غنجار: وحدثنا محمد بن عمروان الجرجاني، سمعت عبد الرحمن بن محمد البخاري، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: لقيت أكثر من ألف رجل أهل الحجاز والعراق والشام ومصر، لقيتهم كرات، أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع مرات، وبالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي خراسان، منهم: المكي بن إبراهيم، ويحيى بن يحيى، وابن شقيق، وقتيبة، وشهاب بن معمر، وبالشام: الفريابي، وأبا مسهر، وأبا المغيرة، وأبا اليمان، وسمى خلقًا. ثم قال: فما رأيت واحدًا منهم يختلف في هذه الأشياء أن الدين قول وعمل، وأن القرآن كلام الله.

وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعت حاشد بن إسماعيل، وآخر يقولان: كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة، وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام فكنا نقول له: إنك تختلف معنا، ولا تكتب فما تصنع? فقال لنا يومًا بعد ستة عشر يومًا: إنكما قد أكثرتما علي، وألححتما فاعرضا علي ما كتبتما فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر القلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه، ثم قال: أترون أني أختلف هدرًا وأضيع أيامي?! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.

قال: وسمعتهما يقولان: كان أهل المعرفة من البصريين يعدون خلفه في طلب الحديث، وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شابًّا لم يخرج وجهه.

وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ: سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا، وعمدوا إلى مائة

ص: 87

حديث فقلبوا متونها، وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا المتن هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم فسأل البخاري عن حديث من عشرته فقال: لا أعرفه، وسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، وكذلك حتى فرغ من عشرته فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم، ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز ثم انتدب آخر ففعل كما فعل الأول، والبخاري يقول: لا أعرفه ثم الثالث، وإلى تمام العشرة أنفس وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا والثالث كذا إلى العشرة فرد كل متن إلى إسناده، وفعل بالآخرين مثل ذلك فأقر له الناس بالحفظ فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول: الكبش النطاح.

وقال غنجار: حدثنا منصور بن إسحاق الأسدي، سمعت عبد الله بن محمد بن إبراهيم الزاغوني، سمعت يوسف بن موسى المروروذي يقول: كنت بالبصرة في جامعها إذ سمعت مناديًا ينادي: يا أهل العلم قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري فقاموا في طلبه، وكنت معهم فرأينا رجلًا شابًا يصلي خلف الأسطوانة فلما فرغ من الصلاة أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم فلما كان الغد اجتمع قريب من كذا كذا ألف فجلس للإملاء، وقال: يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم، وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل ثم قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رواد بلديكم قال: حدثنا أبي عن شعبة عن منصور، وغيره عن سالم بن أبي الجعد عن أنس أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ........... وذكر الحديث

(1)

ثم قال: ليس هذا عندكم إن ما عندكم، عن غير منصور عن سالم، وأملى مجلسًا على هذا النسق يقول في كل حديث: روى شعبة هذا الحديث عندكم كذا فأما من رواية فلان فليس عندكم أو كلامًا هذا معناه.

قال يوسف: وكان دخولي البصرة أيام محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب.

وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: قرأ علينا أبو عبد الله كتاب "الهبة" فقال: ليس في

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3171"، ومسلم "2639""164" من طريق عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، حدثنا أنس بن مالك قال: بينما أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارجين من المسجد، فلقينا رجلًا عند سدة المسجد. فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أعددت لها"؟ قال: فكأن الرجل استكان ثم قال: يا رسول الله ما أعدت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله قال: "فأنت مع من أحببت".

ص: 88

هبة وكيع إلَّا حديثان مسندان أو ثلاثة. وفي كتاب عبد الله بن المبارك خمسة أو نحوه. وفي كتابي هذا خمسمائة حديث أو أكثر.

وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: تفكرت أصحاب أنس فحضرني في ساعة ثلاثمائة.

قال: وسمعته يقول: ما قدمت على أحد إلَّا كان انتفاعه بي أكثر من انتفاعي به.

قال: وسمعت سليم بن مجاهد، سمعت أبا الأزهر يقول: كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث فاجتمعوا سبعة أيام، وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد، ولا في المتن.

وقال الفربري: سمعت أبا عبد الله يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلَّا عند علي بن المديني، وربما كنت أغرب عليه.

وقال أحيد بن أبي جعفر، والي بخارى قال محمد بن إسماعيل يومًا: رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر فقلت له: يا أبا عبد الله بكماله? قال: فسكت.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ما نمت البارحة حتى عددت كم أدخلت مصنفاتي من الحديث فإذا نحو مائتي ألف حديث مسندة.

وسمعته يقول: ما كتبت حكاية قط كنت أتحفظها.

وسمعته يقول: صنفت كتاب "الاعتصام" في ليلة.

وسمعته يقول: لا أعلم شيئًا يحتاج إليه إلَّا وهو في الكتاب والسنة فقلت له: يمكن معرفة ذلك كله? قال: نعم.

وسمعته يقول: كنت بنيسابور أجلس في الجامع، فذهب عمرو بن زرارة وإسحاق بن راهويه إلى يعقوب بن عبد الله والي نيسابور، فأخبروه بمكاني فاعتذر إليهم وقال: مذهبنا إذا رفع إلينا غريب لم نعرفه حبسناه حتى يظهر لنا أمره فقال له بعضهم: بلغني أنه قال لك: لا تحسن تصلي فكيف تجلس? فقال: لو قيل لي شيء من هذا ما كنت أقوم من ذلك المجلس حتى أروي عشرة آلاف حديث في الصلاة خاصة.

وسمعته يقول: كنت في مجلس الفريابي، فقال: حدثنا سفيان عن أبي عروة، عن أبي

ص: 89

الخطاب، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل، واحد

(1)

فلم يعرف أحد في المجلس أبا عروة، ولا أبا الخطاب فقلت: أما أبو عروة فمعمر، وأبو الخطاب قتادة قال: وكان الثوري فعولًا لهذا يكني المشهورين.

قال محمد بن أبي حاتم: قدم رجاء الحافظ فصار إلى أبي عبد الله فقال لأبي عبد الله: ما أعددت لقدومي حين بلغك? وفي أي شيء نظرت? فقال: ما أحدثت نظرًا، ولم أستعد لذلك فإن أحببت أن تسأل عن شيء فافعل فجعل يناظره في أشياء فبقي رجاء لا يدري أين هو ثم قال له أبو عبد الله: هل لك في الزيادة? فقال استحياء منه، وخجلًا: نعم قال: سل إن شئت? فأخذ في أسامي أيوب فعد نحوًا من ثلاثة عشر، وأبو عبد الله ساكت فلما فرغ قال له أبو عبد الله: لقد جمعت فظن رجاء أنه قد صنع شيئًا فقال لأبي عبد الله: يا أبا عبد الله فاتك خير كثير فزيف أبو عبد الله في أولئك سبعة، أو ثمانية وأغرب عليه أكثر من ستين ثم قال له رجاء: كم رويت في العمامة السوداء? قال: هات كم رويت أنت? ثم قال: تروي نحوًا من أربعين حديثًا فخجل رجاء من ذاك ويبس ريقه.

قال محمد: سمعت أبا عبد الله يقول: دخلت بلخ فسألني أصحاب الحديث أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثًا فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم.

وقال محمد بن أبي حاتم: قال أبو عبد الله: سئل إسحاق بن إبراهيم عمن طلق ناسيًا فسكت ساعة طويلة متفكرًا، والتبس عليه الأمر فقلت أنا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم"

(2)

، وإنما يراد مباشرة هذه الثلاث العمل، والقلب أو الكلام والقلب وهذا لم يعتقد بقلبه فقال إسحاق: قويتني وأفتى به.

وقال محمد: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث، وقال: هذه الأحاديث انتخبها محمد بن إسماعيل من حديثي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "268"، ومسلم "309".

(2)

صحيح: أخرجه الطيالسي "2459"، وأحمد "2/ 255، 393، 425، 474، 481، 491"، والبخاري "2528"، "5269"، "6664"، وأبو داود "2209"، والترمذي "1183"، والنسائي "6/ 156 - 157 و 157"، وابن ماجه "2044"، والبيهقي "7/ 298" من طرق عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى، عن أبي هريرة، به.

ص: 90

وقال محمد: سمعت الفربري يقول: رأيت عبد الله بن منير يكتب عن البخاري.

وسمعته يقول: أنا من تلاميذ محمد بن إسماعيل، وهو معلم.

قلت: وقد روى البخاري أحاديث في "صحيحه" عن عبد الله بن منير عن يزيد بن هارون وجماعة، وكان زاهدًا عابدًا حتى قال البخاري: لم أر مثله.

قلت: وتوفي هو والإمام أحمد في سنة.

قال محمد: وسمعت أبا بكر المديني بالشاش زمن عبد الله بن أبي عرابة يقول: كنا بنيسابور عند إسحاق بن راهويه، وأبو عبد الله في المجلس فمر إسحاق بحديث كان دون الصحابي عطاء الكيخاراني فقال إسحاق: يا أبا عبد الله أيش كيخاران? فقال: قرية باليمن كان معاوية بن أبي سفيان بعث هذا الرجل، وكان يسميه أبو بكر فأنسيته إلى اليمن فمر بكيخاران فسمع منه عطاء حديثين فقال له إسحاق: يا أبا عبد الله كأنك شهدت القوم.

وقال ابن عدي: حدثني محمد بن أحمد القومسي سمعت محمد بن خميرويه سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.

قال: وسمعت أبا بكر الكلواذاني يقول: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يأخذ الكتاب من العلماء فيطلع عليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الأحاديث بمرة.

قال محمد بن يوسف الفربري: سمعت أبا جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق يقول في الزيادات المذيلة على شمائل أبي عبد الله قلت: وليست هي داخلة في رواية ابن خلف الشيرازي قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم، وحتى نظرت في عامة كتب الرأي، وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلَّا كتبته إلَّا ما لم يظهر لي.

وقال غنجار في "تاريخه": حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرئ، حدثنا أبو بكر محمد بن يعقوب بن يوسف البيكندي سمعت علي بن الحسين بن عاصم البيكندي يقول: قدم علينا محمد بن إسماعيل قال: فاجتمعنا عنده فقال بعضنا: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي فقال محمد بن إسماعيل: أو تعجب من هذا?! لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه وإنما عنى به نفسه.

ص: 91

ذكر ثناء الأئمة عليه:

قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم: سمعت بعض أصحابي يقول: كنت عند محمد بن سلام فدخل عليه محمد بن إسماعيل فلما خرج قال محمد بن سلام: كلما دخل علي هذا الصبي تحيرت وألبس علي أمر الحديث، وغيره ولا أزال خائفًا ما لم يخرج.

قال أبو جعفر: سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول: كنت عند محمد بن سلام البيكندي فقال: لو جئت قبل لرأيت صبيًّا يحفظ سبعين ألف حديث قال: فخرجت في طلبه حتى لحقته قال: أنت الذي يقول: إني أحفظ سبعين ألف حديث? قال: نعم، وأكثر ولا أجيئك بحديث من الصحابة، والتابعين إلَّا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم، ومساكنهم ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة، أو التابعين إلَّا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظًا عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أبو جعفر: حدثني بعض أصحابي: إن أبا عبد الله البخاري صار إلى أبي إسحاق السرماري عائدًا فلما خرج من عنده قال أبو إسحاق: من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه، وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل، وأجلسه على حجره.

وقال أبو جعفر: قال لي بعض أصحابي: كنت عند محمد بن سلام فدخل عليه محمد بن إسماعيل حين قدم من العراق فأخبره بمحنة الناس، وما صنع ابن حنبل وغيره من الأمور فلما خرج من عنده قال محمد بن سلام لمن حضره: أترون البكر أشد حياء من هذا? وقال أبو جعفر: سمعت يحيى بن جعفر يقول: لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته ذهاب العلم.

قال: وسمعت يحيى بن جعفر، وهو البيكندي يقول لمحمد بن إسماعيل: لولا أنت ما استطبت العيش ببخارى.

وقال: سمعت محمد بن يوسف يقول: كنا عند أبي رجاء هو قتيبة فسئل عن طلاق السكران فقال: هذا أحمد بن حنبل وابن المديني، وابن راهويه قد ساقهم الله إليك وأشار إلى محمد بن إسماعيل وكان مذهب محمد أنه إذا كان مغلوب العقل حتى لا يذكر ما يحدث في سكره أنه لا يجوز عليه من أمره شيء.

قال محمد: وسمعت عبد الله بن سعيد بن جعفر يقول: لما مات أحمد بن حرب النيسابوري ركب محمد، وإسحاق يشيعان جنازته فكنت أسمع أهل المعرفة بنيسابور ينظرون ويقولون: محمد أفقه من إسحاق.

ص: 92

وقال: سمعت عمر بن حفص الأشقر سمعت عبدان يقول: ما رأيت بعيني شابًا أبصر من هذا، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل.

وقال: سمعت صالح بن مسمار المروزي يقول: سمعت نعيم بن حماد يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.

وقال: سمعت إبراهيم بن خالد المروزي يقول: قال مسدد: لا تختاروا على محمد بن إسماعيل يا أهل خراسان.

وقال: سمعت موسى بن قريش يقول: قال عبد الله بن يوسف للبخاري: يا أبا عبد الله انظر في كتبي، وأخبرني بما فيه من السقط قال: نعم.

وقال محمد: حدثني محمد بن إسماعيل قال: كنت إذا دخلت على سليمان بن حرب يقول: بين لنا غلط شعبة.

قال: وسمعته يقول: اجتمع أصحاب الحديث فسألوني أن أكلم إسماعيل بن أبي أويس ليزيدهم في القراءة ففعلت فدعا إسماعيل الجارية، وأمرها أن تخرج صرة دنانير وقال: يا أبا عبد الله فرقها عليهم.

قلت: إنما أرادوا الحديث قال: قد أجبتك إلى ما طلبت من الزيادة غير أني أحب أن يضم هذا إلى ذاك ليظهر أثرك فيهم.

وقال: حدثني حاشد بن إسماعيل قال: لما قدم محمد بن إسماعيل على سليمان بن حرب نظر إليه سليمان فقال: هذا يكون له يومًا صوت.

وقال خلف الخيام: حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف سمعت أحمد بن عبد السلام قال: ذكرنا قول البخاري لعلي بن المديني يعني: ما استصغرت نفسي إلَّا بين يدي علي بن المديني فقال علي: دعوا هذا فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه.

وقال محمد بن أبى حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ذاكرني أصحاب عمرو بن علي الفلاس بحديث فقلت: لا أعرفه فسروا بذلك وصاروا إلى عمرو، فأخبروه فقال: حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت حاشد بن عبد الله يقول: قال لي أبو مصعب الزهري: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر بالحديث من أحمد بن حنبل فقيل له: جاوزت الحد فقال للرجل: لو أدركت مالكًا ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل لقلت: كلاهما واحد في الفقه والحديث.

ص: 93

قال: وسمعت حاشد بن إسماعيل يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اكتبوا عن هذا الشاب يعني: البخاري فلو كان في زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث، وفقهه.

قال: وسمعت علي بن حجر يقول: أخرجت خراسان ثلاثة: أبو زرعة، ومحمد بن إسماعيل وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد عندي أبصرهم، وأعلمهم وأفقههم.

قال: وأوردت على علي بن حجر كتاب أبي عبد الله فلما قرأه قال: كيف خلفت ذلك الكبش? فقلت: بخير فقال: لا أعلم مثله.

وقال أحمد بن الضوء: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير يقولان: ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل.

وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.

وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: سمعت بندارًا محمد بن بشار سنة ثمان وعشرين ومائتين يقول: ما قدم علينا، مثل محمد بن إسماعيل.

وقال حاشد بن إسماعيل: كنت بالبصرة فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل فلما قدم قال بندار: اليوم دخل سيد الفقهاء.

وقال محمد: سمعت أبا عبد الله يقول: قال لي محمد بن بشار: إن ثوبي لا يمس جلدي مثلًا ما لم ترجع إلي أخاف أن تجد في حديثي شيئًا يسقمني، فإذا رجعت فنظرت في حديثي طابت نفسي وأمنت مما أخاف.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت إبراهيم بن خالد المروزي يقول: رأيت أبا عمار الحسين بن حريث يثني على أبي عبد الله البخاري، ويقول: لا أعلم أني رأيت مثله كأنه لم يخلق إلَّا للحديث.

وقال محمد: سمعت محمود بن النضر أبا سهل الشافعي يقول: دخلت البصرة والشام، والحجاز والكوفة ورأيت علماءها كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.

وقال: سمعت محمد بن يوسف يقول: لما دخلت البصرة صرت إلى بندار فقال لي: من أين أنت? قلت: من خراسان قال: من أيها? قلت: من بخارى قال: تعرف محمد بن إسماعيل? قلت: أنا من قرابته فكان بعد ذلك يرفعني فوق الناس.

ص: 94

قال محمد: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: لما دخلت البصرة صرت إلى مجلس بندار فلما وقع بصره علي قال: من أين الفتى? قلت: من أهل بخارى فقال لي: كيف تركت أبا عبد الله? فأمسكت فقالوا له: يرحمك الله هو أبو عبد الله فقام، وأخذ بيدي وعانقني وقال: مرحبًا بمن أفتخر به منذ سنين.

قال: وسمعت حاشد بن إسماعيل، سمعت محمد بن بشار يقول: لم يدخل البصرة رجل أعلم بالحديث من أخينا أبي عبد الله قال: فلما أراد الخروج، ودعه محمد بن بشار وقال: يا أبا عبد الله موعدنا الحشر أن لا نلتقي بعد.

وقال أبو قريش محمد بن جمعة الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، والدارمي بسمرقند ومحمد ابن إسماعيل ببخارى، ومسلم بنيسابور.

وقال محمد بن عمر بن الأشعث البيكندي: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي والحسن بن شجاع البلخي.

قال ابن الأشعث: فحكيت هذا لمحمد بن عقيل البلخي فأطرى ذكر ابن شجاع فقلت له: لِمَ لَمْ يشتهر? قال: لأنه لم يمتع بالعمر.

قلت: هذا ابن شجاع: رحل وسمع مكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى أبا مسهر، وتوفي سنة أربع وأربعين.

وقال نصر بن زكريا المروزي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: شباب خراسان أربعة: محمد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبد الرحمن يعني الدارمي وزكريا بن يحيى اللؤلؤي والحسن بن شجاع.

وقال محمد بن أبى حاتم: سمعت جعفرًا الفربري يقول سمعت عبد الله بن منير يقول: أنا من تلاميذ محمد بن إسماعيل وهو معلمي، ورأيته يكتب عن محمد.

وقال محمد: حدثنا حاشد بن عبد الله بن عبد الواحد سمعت يعقوب بن إبراهيم الدورقي يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.

عن أبي جعفر المسندي قال: حفاظ زماننا ثلاثة: محمد بن إسماعيل وحاشد بن إسماعيل ويحيى بن سهل.

ص: 95

وقال محمد: حدثني جعفر بن محمد الفربري قال: خرج رجل من أصحاب عبد الله بن منير رحمه الله إلى بخارى في حاجة له فلما رجع قال له ابن منير: لقيت أبا عبد الله? قال: لا فطرده، وقال: ما فيك بعد هذا خير إذ قدمت بخارى ولم تصر إلى أبي عبد الله محمد بن إسماعيل.

وقال محمد: سمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول: حضرت أبا بكر بن أبي شيبة فرأيت رجلًا يقول في مجلسه: ناظر أبو بكر أبا عبد الله في أحاديث سفيان فعرف كلها ثم أقبل محمد عليه فأغرب عليه مائتي حديث فكان أبو بكر بعد ذلك يقول: ذاك الفتى البازل -والبازل الجمل المسن- إلَّا أنه يريد هاهنا البصير بالعلم الشجاع.

وسمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول: إن الرتوت من أصحاب الحديث، مثل سعيد بن أبي مريم ونعيم بن حماد، والحميدي وحجاج بن منهال، وإسماعيل بن أبي أويس والعدني، والحسن الخلال بمكة ومحمد بن ميمون صاحب ابن عيينة، ومحمد بن العلاء والأشج وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وإبراهيم بن موسى الفراء كانوا يهابون محمد بن إسماعيل ويقضون له على أنفسهم في المعرفة، والنظر.

وقال محمد: حدثني حاتم بن مالك الوراق قال: سمعت علماء مكة يقولون: محمد بن إسماعيل إمامنا، وفقيهنا وفقيه خراسان.

وقال محمد: سمعت أبي رحمه الله يقول: كان محمد بن إسماعيل يختلف إلى أبي حفص أحمد بن حفص البخاري، وهو صغير فسمعت أبا حفص يقول: هذا شاب كيس أرجو أن يكون له صيت، وذكر.

وقال محمد: سمعت أبا سهل محمودًا الشافعي يقول: سمعت أكثر من ثلاثين عالمًا من علماء مصر يقولون: حاجتنا من الدنيا النظر في "تاريخ" محمد بن إسماعيل.

وقال محمد: حدثني صالح بن يونس قال: سئل عبد الله بن عبد الرحمن يعني: الدارمي عن حديث سالم بن أبي حفصة فقال: كتبناه مع محمد، ومحمد يقول: سالم ضعيف فقيل له: ما تقول أنت? قال: محمد أبصر مني.

قال: وسئل عبد الله بن عبد الرحمن عن حديث محمد بن كعب: "لا يكذب الكاذب إلَّا من مهانة نفسه عليه" وقيل له: محمد يزعم أن هذا صحيح فقال: محمد أبصر مني لأن همه النظر في الحديث، وأنا مشغول مريض ثم قال: محمد أكيس خلق الله إنه عقل

ص: 96

عن الله ما أمره به، ونهى عنه في كتابه وعلى لسان نبيه إذا قرأ محمد القرآن شغل قلبه، وبصره وسمعه وتفكر في أمثاله، وعرف حلاله وحرامه.

وقال: كتب إلي سليمان بن مجالد إني سألت عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي عن محمد فقال: محمد بن إسماعيل أعلمنا، وأفقهنا وأغوصنا وأكثرنا طلبًا.

وقال: سمعت أبا سعيد المؤدب يقول: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لم يكن يشبه طلب محمد للحديث طلبنا كان إذا نظر في حديث رجل أنزفه.

وقال: حدثني إسحاق، وراق عبد الله بن عبد الرحمن قال: سألني عبد الله عن كتاب "الأدب" من تصنيف محمد بن إسماعيل فقال: احمله لأنظر فيه فأخذ الكتاب مني وحبسه ثلاثة أشهر فلما أخذت منه قلت: هل رأيت فيه حشوًا أو حديثًا ضعيفًا? فقال: ابن إسماعيل لا يقرأ على الناس إلَّا الحديث الصحيح، وهل ينكر على محمد?! وقال: سمعت أبا الطيب حاتم بن منصور الكسي يقول: محمد بن إسماعيل آية من آيات الله في بصره، ونفاذه من العلم.

قال: وسمعت أبا عمرو المستنير بن عتيق يقول: سمعت رجاء الحافظ يقول: فضل محمد بن إسماعيل على العلماء كفضل الرجال على النساء فقال له رجل: يا أبا محمد كل ذلك بمرة?! فقال: هو آية من آيات الله يمشي على ظهر الأرض.

قال: وسمعت محمد بن يوسف يقول: سأل أبو عبد الله أبا رجاء البغلاني يعني: قتيبة إخراج أحاديث ابن عيينة فقال: منذ كتبتها ما عرضتها على أحد فإن احتسبت ونظرت فيها وعلمت على الخطأ منها فعلت، وإلا لم أحدث بها لأني لا آمن أن يكون فيها بعض الخطأ، وذلك أن الزحام كان كثيرًا، وكان الناس يعارضون كتبهم فيصحح بعضهم من بعض، وتركت كتابي كما هو فسر البخاري بذلك، وقال: وفقت ثم أخذ يختلف إليه كل يوم صلاة الغداة فينظر فيه إلى وقت خروجه إلى المجلس، ويعلم على الخطأ منه فسمعت البخاري رد على أبي رجاء يومًا حديثًا فقال: يا أبا عبد الله هذا مما كتب عني أهل بغداد، وعليه علامة يحيى بن معين وأحمد بن حنبل فلا أقدر أغيره فقال له أبو عبد الله: إنما كتب أولئك عنك لأنك كنت مجتازًا، وأنا قد كتبت هذا عن عدة على ما أقول لك كتبته عن يحيى بن بكير، وابن أبي مريم وكاتب الليث عن الليث فرجع أبو رجاء، وفهم قوله وخضع له.

ص: 97

قال: وسمعت محمد بن يوسف يقول: كان زكريا اللؤلئي، والحسن بن شجاع ببلخ يمشيان مع أبي عبد الله إلى المشايخ إجلالًا له، وإكرامًا.

قال: وسمعت حاشد بن إسماعيل يقول: رأيت إسحاق بن راهويه جالسًا على السرير، ومحمد بن إسماعيل معه وإسحاق يقول: حدثنا عبد الرزاق حتى مر على حديث فأنكر عليه محمد فرجع إلى قول محمد.

ثم رأيت عمرو بن زرارة، ومحمد بن رافع عند محمد بن إسماعيل يسألانه عن علل الحديث فلما قاما قالا لمن حضر: لا تخدعوا عن أبي عبد الله فإنه أفقه منا، وأعلم وأبصر.

قال: وسمعت حاشد بن عبد الله يقول: كنا عند إسحاق، وعمرو بن زرارة ثم وهو يستملي على البخاري، وأصحاب الحديث يكتبون عنه وإسحاق يقول: هو أبصر مني وكان محمد يومئذ شابًّا.

وقال: حدثني محمد بن يوسف قال: كنا مع أبي عبد الله عند محمد بن بشار فسأله محمد بن بشار عن حديث فأجابه فقال: هذا أفقه خلق الله في زماننا، وأشار إلى محمد بن إسماعيل.

قال: وسمعت سليم بن مجاهد يقول: لو أن وكيعًا وابن عيينة وابن المبارك كانوا في الأحياء لاحتاجوا إلى محمد بن إسماعيل.

قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: قال لي إسماعيل بن أبي أويس: انظر في كتبي، وما أملكه لك وأنا شاكر لك ما دمت حيًّا.

وقال: قال لي أبو عمرو الكرماني: سمعت عمرو بن علي الصيرفي يقول: أبو عبد الله صديقي ليس بخراسان مثله.

فحكيت لمهيار بالبصرة عن قتيبة بن سعيد أنه قال: رحل إلي من شرق الأرض، وغربها فما رحل إلي مثل محمد بن إسماعيل فقال مهيار: صدق أنا رأيته مع يحيى بن معين وهما يختلفان جميعًا إلى محمد بن إسماعيل فرأيت يحيى ينقاد له في المعرفة.

وقال: سمعت أبا سعيد الأشج، وخرج إلينا في غداة باردة، وهو يرتعد من البرد فقال: أيكون عندكم مثل ذا البرد? فقلت: مثل ذا يكون في الخريف، والربيع وربما نمسي والنهر جار فنصبح، ونحتاج إلى الفأس في نقب الجمد فقال لي: من أي خراسان أنت? قلت: من بخارى فقال له ابنه: هو من، وطن محمد بن إسماعيل فقال له: إذا قدم عليك من يتوسل به فاعرف له حقه فإنه إمام.

ص: 98

وقال: سمعت أحمد بن عبد الله بن ثابت الشاشي سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: ما أخذ عني أحد ما أخذ عني محمد نظر إلى كتبي فرآها دارسة فقال لي: أتأذن لي أن أجددها? فقلت: نعم فاستخرج عامة حديثي بهذه العلة.

وقال: سمعت أبا إسحاق المروزي يقول: دخلت على علي بن حجر ساعة، ودعه عبد الله بن عبد الرحمن فسمعته يقول: قل في أدب عبد الله بن عبد الرحمن ما شئت وقل في علم محمد ما شئت.

وقال: سمعت محمد بن الليث يقول: وذكر عنده عبد الله ومحمد فسمع بعض الجماعة يفضل عبد الله على محمد فقال: إذا قدمتوه فقدموه في الشعر، والعربية ولا تقدموه عليه في العلم.

وقال: سمعت حاشد بن إسماعيل يقول: كان عبد الله بن عبد الرحمن يدس إلي أحاديث من أحاديثه المشكلة عليه يسألني أن أعرضها على محمد، وكان يشتهي أن لا يعلم محمد فكنت إذا عرضت عليه شيئًا يقول: من ثم جاءت? وعن قتيبة قال: لو كان محمد في الصحابة لكان آية.

وقال محمد بن يوسف الهمذاني: كنا عند قتيبة بن سعيد فجاء رجل شعراني يقال له: أبو يعقوب فسأله عن محمد بن إسماعيل فنكس رأسه ثم رفعه إلى السماء فقال: يا هؤلاء نظرت في الحديث، ونظرت في الرأي وجالست الفقهاء والزهاد، والعباد ما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل.

وقال حاشد بن إسماعيل: سمعت قتيبة يقول: مثل محمد بن إسماعيل عند الصحابة في صدقه، وورعه كما كان عمر في الصحابة.

وقال حاشد بن إسماعيل: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل.

وروينا عن أبي حاتم الرازي قال: محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق.

وقال أبو عبد الله الحاكم: محمد بن إسماعيل البخاري إمام أهل الحديث سمع ببخارى هارون بن الأشعث ومحمد بن سلام، وسمى خلقًا من شيوخه.

ثم قال: سمعت أبا الطيب محمد بن أحمد المذكر سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل.

ص: 99

ثم قال الحاكم: سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت أبي يقول: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري يسأله سؤال الصبي.

ثم قال: سمعت الحسن بن أحمد الشيباني المعدل سمعت أحمد بن حمدون يقول: رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسامي، والكنى والعلل ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم كأنه يقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1].

أخبرنا محمد بن خالد المطوعي ببخارى، حدثنا مسبح بن سعيد البخاري سمعت عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي يقول: قد رأيت العلماء بالحجاز، والعراقين فما رأيت فيهم أجمع من محمد بن إسماعيل.

وقال محمد بن حمدون بن رستم: سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى البخاري فقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله.

وقال أبو عيسى الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ، ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.

وقال أبو عيسى الترمذي: كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن منير فلما قام من عنده قال له: يا أبا عبد الله جعلك الله زين هذه الأمة قال الترمذي: استجيب له فيه.

قلت: ابن منير من كبار الزهاد قال ........... قيل: إن البخاري لما قدم من العراق، قدمته الآخرة وتلقاه الناس، وازدحموا عليه وبالغوا في بره قيل له في ذلك فقال: كيف لو رأيتم يوم دخولنا البصرة? وقال أبو علي صالح بن محمد جزرة: كان محمد بن إسماعيل يجلس ببغداد، وكنت أستملي له ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفًا.

وقال عبد المؤمن بن خلف النسفي: سألت أبا علي صالح بن محمد، عن الدارمي ومحمد بن إسماعيل وأبو زرعة فقال: أعلمهم بالحديث محمد، وأحفظهم أبو زرعة.

وقال إسحاق بن زبرك: سمعت محمد بن إدريس الرازي يقول في سنة سبع، وأربعين ومائتين: يقدم عليكم رجل من خراسان لم يخرج منها أحفظ منه ولا قدم العراق أعلم منه فقدم علينا البخاري.

ص: 100

وقال أبو سعيد حاتم بن محمد: قال موسى بن هارون الحافظ: لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل ما قدروا عليه.

وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الفقيه الدغولي: كتب أهل بغداد إلى البخاري:

المسلمون بخير ما بقيت لهم

وليس بعدك خير حين تفتقد

وقال أبو بكر الخطيب: سئل أبو زرعة عن ابن لهيعة فقال: تركه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، وسئل عن محمد بن حميد فقال: تركه أبو عبد الله فذكر ذلك لأبي عبد الله فقال: بره لنا قديم.

قال الخطيب: وسئل العباس بن الفضل الرازي الصائغ: أيهما أفضل أبو زرعة، أو محمد بن إسماعيل? فقال: التقيت مع محمد بن إسماعيل بين حلوان، وبغداد فرجعت معه مرحلة، وجهدت أن أجيء بحديث لا يعرفه فما أمكنني، وأنا أغرب على أبي زرعة عدد شعره.

وقال أحمد بن سيار في "تاريخه": محمد بن إسماعيل الجعفي طلب العلم، وجالس الناس ورحل في الحديث ومهر فيه، وأبصر وكان حسن المعرفة، والحفظ وكان يتفقه.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: رأيت أبي يطنب في مدح أحمد بن سيار، ويذكره بالعلم والفقه.

وذكر عمر بن حفص الأشقر قال: لما قدم رجاء بن مرجى بخارى يريد الخروج إلى الشاش نزل الرباط، وسار إليه مشايخنا وسرت فيمن سار إليه فسألني عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل فأخبرته بسلامته، وقلت: لعله يجيئك الساعة فأملى علينا وانقضى المجلس ولم يجئ فلما كان اليوم الثاني لم يجئه فلما كان اليوم الثالث قال رجاء: إن أبا عبد الله لم يرنا أهلًا للزيارة فمروا بنا إليه نقض حقه فإني على الخروج وكان كالمترغم عليه فجئنا بجماعتنا إليه فقال رجاء: يا أبا عبد الله كنت بالأشواق إليك وأشتهي أن تذكر شيئًا من الحديث فإني على الخروج قال: ما شئت فألقى عليه، رجاء شيئًا من حديث أيوب، وأبو عبد الله يجيب إلى أن سكت رجاء عن الإلقاء فقال لأبي عبد الله: ترى بقي شيء لم نذكره فأخذ محمد يلقي ويقول رجاء: من روى هذا? وأبو عبد الله يجيء بإسناده إلى أن ألقى قريبًا من بضعة عشر حديثًا وتغير رجاء تغيرًا شديدًا، وحانت من أبي عبد الله نظرة إلى وجهه فعرف التغير فيه فقطع الحديث فلما خرج رجاء قال محمد: أردت أن أبلغ به ضعف ما ألقيته إلَّا أني خشيت أن يدخله شيء فأمسكت.

ص: 101

وقال خلف بن محمد: سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر الخفاف يقول: محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وغيرهما بعشرين درجة، ومن قال فيه شيئًا فمني عليه ألف لعنة.

ثم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل التقي النقي العالم الذي لم أر مثله.

وروي عن الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل قال: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل، ولم يكن مسلم بن الحجاج يبلغ محمد بن إسماعيل، ورأيت أبا زرعة، وأبا حاتم يستمعان إلى محمد أي شيء يقول يجلسون إلى جنبه فذكر لعبيد العجل قصة محمد بن يحيى فقال: ما له ولمحمد بن إسماعيل? كان محمد بن إسماعيل أمة من الأمم وكان أعلم من محمد بن يحيى بكذا، وكذا وكان دينًا فاضلًا يحسن كل شيء.

وقال أبو حامد أحمد بن حمدون القصار: سمعت مسلم بن الحجاج، وجاء إلى البخاري فقيل بين عينيه، وقال: دعني أقبل رجليك ثم قال: حدثك محمد بن سلام حدثنا مخلد بن يزيد الحراني أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس

(1)

، فما علته? قال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثًا غير هذا الحديث الواحد في هذا الباب إلَّا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون بن عبد

(1)

صحيح: أخرجه "2/ 494"، والترمذي "3433"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""397" والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 289"، والعقيلي في "الضعفاء""2/ 156"، والطبراني في "الدعاء""1914"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة""447"، والحاكم "1/ 536"، والبيهقي في "شعب الإيمان""628"، والبغوي "1340"، من طرق عن الحجاج بن محمد المصيصي قال: قال ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير""4/ 105"، وفي "الأوسط""2/ 40" من طريق ابن جريج، به.

وأخرجه الطبراني في "الدعاء""1913"، من طريق محمد بن أبي حميد، عن سهيل بن أبي صالح، به.

وأخرجه بنحو أبو داود "4858"، من طريق عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن أبي عمرو، عن المقبري، عن أبي هريرة، به.

وله شاهد عن جبير بن مطعم: عند النسائي في "عمل اليوم والليلة""424"، "425"، والطبراني في "الكبير""1586"، "1587"، وفي "الدعاء" له "1919".

وشاهد آخر عن رافع بن خديج: عند النسائي في "عمل اليوم والليلة""427"، والطبراني في "الكبير""4445"، وفي "الأوسط""4464"، وفي "الصغير""620"، وفي "الدعاء""1918"، والحاكم "1/ 537".

ص: 102

الله قوله قال محمد: وهذا أولى، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل فقال له مسلم: لا يبغضك إلَّا حاسد وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك.

وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم: سمعت أصحابنا يقولون: لما قدم البخاري نيسابور استقبله أربعة آلاف رجل ركبانًا على الخيل سوى من ركب بغلًا أو حمارًا وسوى الرجالة.

وقال عبد الله بن حماد الآملي: وددت أني شعرة في صدر محمد بن إسماعيل.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت حاشد بن إسماعيل، وآخر يقولان: كان أهل المعرفة بالبصرة يعدون خلف البخاري في طلب الحديث، وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه قالا: وكان أبو عبد الله عند ذلك شابًا لم يخرج، وجهه.

أخبرني الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهدوي، سمعت خالد بن عبد الله المروزي، سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المروزي، سمعت أبا زيد المروزي الفقيه يقول: كنت نائمًا بين الركن، والمقام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي، ولا تدرس كتابي? فقلت: يا رسول الله، وما كتابك? قال:"جامع" محمد بن إسماعيل.

وجدت فائدة منقولة عن أبي الخطاب بن دحية أن الرملي الكذابة قال: البخاري مجهول لم يرو عنه سوى الفربري قال أبو الخطاب: والله كذب في هذا، وفجر والتقم الحجر بل البخاري مشهور بالعلم وحمله مجمع على حفظه، ونبله جاب البلاد وطلب الرواية، والإسناد روى عنه جماعة من العلماء إلى أن قال: وأما كتابه فقد عرضه على حافظ زمانه أبي زرعة فقال: كتابك كله صحيح إلَّا ثلاثة أحاديث.

ذكر عبادته وفضله وورعه وصلاحه:

قال الحاكم: حدثنا محمد بن خالد المطوعي، حدثنا مسبح بن سعيد قال: كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة ويقوم بعد التروايح كل ثلاث ليال بختمة.

وقال بكر بن منير: سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا.

ص: 103

قلت: صدق رحمه الله ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعفه فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث سكتوا عنه فيه نظر ونحو هذا، وقل أن يقول: فلان كذاب أو كان يضع الحديث حتى إنه قال: إذا قلت فلان في حديثه نظر فهو متهم، واه وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدًا، وهذا هو والله غاية الورع.

قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعته يعني البخاري يقول: لا يكون لي خصم في الآخرة فقلت: إن بعض الناس ينقمون عليك في كتاب "التاريخ" ويقولون: فيه اغتياب الناس فقال: إنما روينا ذلك رواية لم نقله من عند أنفسنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بئس مولى العشيرة"

(1)

يعني: حديث عائشة.

وسمعته يقول: ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها.

قال: وكان أبو عبد الله يصلي في، وقت السحر ثلاث عشرة ركعة وكان لا يوقظني في كل ما يقوم فقلت: أراك تحمل على نفسك، ولم توقظني قال: أنت شاب ولا أحب أن أفسد عليك نومك.

وقال غنجار: حدثنا أبو عمرو أحمد بن المقرئ سمعت بكر بن منير قال: كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة فلما قضى الصلاة قال: انظروا أيش آذاني.

وقال محمد بن أبي حاتم: دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما صلى بالقوم الظهر، قام يتطوع فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه: انظر هل ترى تحت قميصي شيئًا فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر، أو سبعة عشر موضعًا،

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 38"، والحميدي "249"، والبخاري "6054"، "6131"، ومسلم "2591"، "73"، وأبو داود "4791"، والترمذي "1996"، والبيهقي "10/ 245"، والبغوي "3563" من طرق عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت ابن المنكدر يقول: حدثني عروة بن الزبير قال: حدثتني عائشة أن رجلًا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ائذنوا له، فلبئس ابن العشيرة، أو بئس رجل العشيرة" فلما دخل عليه ألان له القول. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله قلت له الذي قلت لِمَ ألنت له القول؟ قال: "يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه".

وأخرجه البخاري "6032"، من طريق روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، به.

وأخرجه عبد الرزاق "20144"، ومن طريقه أخرجه مسلم "2591"، عن معمر، عن ابن المنكدر، به.

ص: 104

وقد تورم من ذلك جسده فقال له بعض القوم: كيف لم تخرج من الصلاة أول ما أبرك? قال: كنت في سورة فأحببت أن أتمها!!

وقال: سمعت عبد الله بن سعيد بن جعفر يقول: سمعت العلماء بالبصرة يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة، والصلاح.

وقال أبو جعفر محمد بن يوسف الوراق: حدثنا عبد الله بن حماد الآملي قال: وددت أني شعرة في صدر محمد بن إسماعيل.

وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف حدثنا محمد بن إسماعيل التقي النقي العالم الذي لم أر مثله.

أعدت هذا للتبويب.

وقال الحاكم: حدثنا محمد بن حامد البزاز، سمعت الحسن بن محمد بن جابر، سمعت محمد بن يحيى الذهلي لما ورد البخاري نيسابور يقول: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه.

وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد إلى أقربائه بخرتنك فسمعته يدعو ليلة إذ فرغ من ورده: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فما تم الشهر حتى مات.

وقد ذكرنا أنه لما ألف "الصحيح" كان يصلي ركعتين عند كل ترجمة.

وروى الخطيب بإسناده عن الفربري قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي: أين تريد? فقلت: أريد محمد بن إسماعيل البخاري فقال: أقرئه مني السلام.

وقال محمد بن أبي حاتم: ركبنا يومًا إلى الرمي ونحن بفربر فخرجنا إلى الدرب الذي يؤدي إلى الفرضة

(1)

فجعلنا نرمي، وأصاب سهم أبي عبد الله، وتد القنطرة الذي على نهر ورادة فانشق الوتد فلما رآه أبو عبد الله نزل عن دابته فأخرج السهم من الوتد، وترك الرمي وقال لنا: ارجعوا ورجعنا معه إلى المنزل فقال لي: يا أبا جعفر لي إليك حاجة تقضيها? قلت: أمرك طاعة قال: حاجة مهمة، وهو يتنفس الصعداء فقال لمن معنا: اذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما سألته فقلت: أية حاجة هي? قال لي: تضمن قضاءها?

(1)

فرضة النهر: مشرب الماء منه. والفرضة: الثلمة التي تكون في النهر والتي منها يُستقى.

ص: 105

قلت: نعم، على الرأس والعين. قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب القنطرة، فتقول له: إنا قد أخللنا بالوتد فنحب أن تأذن لنا في إقامة بدله، أو تأخذ ثمنه، وتجعلنا في حل مما كان منا، وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري، فقال لي: أبلغ أبا عبد الله السلام، وقل له: أنت في حل مما كان منك، وقال: جميع ملكي لك الفداء، وإن قلت: نفسي أكون قد كذبت غير أني لم أكن أحب أن تحتشمني في، وتد أو في ملكي فأبلغته رسالته فتهلل، وجهه واستنار وأظهر سرورًا وقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوًا من خمسمائة حديث وتصدق بثلاثمائة درهم.

قال وسمعته يقول لأبي معشر الضرير: اجعلني في حل يا أبا معشر فقال: من أي شيء? قال: رويت يومًا حديثًا فنظرت إليك وقد أعجبت به، وأنت تحرك رأسك، ويدك فتبسمت من ذلك قال: أنت في حل رحمك الله يا أبا عبد الله.

قال: ورأيته استلقى على قفاه يومًا ونحن بفربر في تصنيفه كتاب "التفسير" وأتعب نفسه ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث فقلت له: إني أراك تقول: إني ما أثبت شيئًا بغير علم قط منذ عقلت فما الفائدة في الاستلقاء? قال: أتعبنا أنفسنا اليوم، وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة فإن غافصنا

(1)

العدو كان بنا حراك.

قال: وكان يركب إلى الرمي كثيرًا، فما أعلمني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلَّا مرتين فكان يصيب الهدف في كل ذلك، وكان لا يسبق.

قال: وسمعته يقول: ما أكلت كراثًا قط، ولا القنابرى قلت: ولم ذاك: قال: كرهت أن أوذي من معي من نتنهما قلت: وكذلك البصل النيئ? قال: نعم.

قال: وحدثني محمد بن العباس الفربري، قال: كنت جالسًا مع أبي عبد الله البخاري بفربر في المسجد فدفعت من لحيته قذاة مثل الذرة أذكرها فأردت أن ألقيها في المسجد فقال: ألقها خارجًا من المسجد.

قال: وأملى يومًا علي حديثًا كثيرًا فخاف ملالي فقال: طب نفسًا فإن أهل الملاهي في ملاهيهم، وأهل الصناعات في صناعاتهم، والتجار في تجاراتهم، وأنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقلت: ليس شيء من هذا يرحمك الله إلَّا وأنا أرى الحظ لنفسي فيه.

(1)

غافصنا العدو: أي أخذناه على غرة.

ص: 106

قال: وسمعته يقول: ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلَّا بدأت بحمد الله، والثناء عليه.

وقال له بعض أصحابه: يقولون: إنك تناولت فلانًا. قال: سبحان الله، ما ذكرت أحدًا بسوء إلَّا أن أقول ساهيًا، وما يخرج اسم فلان من صحيفتي يوم القيامة.

قال: وضيفه بعض أصحابه في بستان له وضيفنا معه فلما جلسنا أعجب صاحب البستان بستانه، وذلك أنه كان عمل مجالس فيه وأجرى الماء في أنهاره فقال له: يا أبا عبد الله كيف ترى? فقال: هذه الحياة الدنيا.

قال: وكان لأبي عبد الله غريم قطع عليه مالًا كثيرًا فبلغه أنه قدم آمل، ونحن عنده بفربر فقلنا له: ينبغي أن تعبر، وتأخذه بمالك فقال: ليس لنا أن نروعه ثم بلغ غريمه مكانه بفربر فخرج إلى خوارزم فقلنا: ينبغي أن تقول لأبي سلمة الكشاني عامل آمل ليكتب إلى خوارزم في أخذه، واستخراج حقك منه فقال: إن أخذت منهم كتابًا طمعوا مني في كتاب، ولست أبيع ديني بدنياي فجهدنا فلم يأخذ حتى كلمنا السلطان عن غير أمره فكتب إلى، والي خوارزم فلما أبلغ أبا عبد الله ذلك وجد، وجدًا شديدًا وقال: لا تكونوا أشفق علي من نفسي، وكتب كتابًا وأردف تلك الكتب بكتب، وكتب إلى بعض أصحابه بخوارزم أن لا يتعرض لغريمه إلَّا بخير فرجع غريمه إلى آمل وقصد إلى ناحية مرو فاجتمع التجار، وأخبر السلطان بأن أبا عبد الله خرج في طلب غريم له فأراد السلطان التشديد على غريمه وكره ذلك أبو عبد الله، وصالح غريمه على أن يعطيه كل سنة عشرة دراهم شيئًا يسيرًا، وكان المال خمسة وعشرين ألفًا، ولم يصل من ذلك المال إلى درهم ولا إلى أكثر منه.

قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: ما توليت شراء شيء ولا بيعه قط. فقلت له: كيف وقد أحل الله البيع? قال: لما فيه من الزيادة، والنقصان والتخليط فخشيت إن توليت أن أستوي بغيري قلت فمن كان يتولى أمرك في أسفارك ومبايعتك? قال: كنت أكفى ذلك.

قال: وسمعت محمد بن خداش يقول: سمعت أحمد بن حفص يقول: دخلت على أبي الحسن يعني: إسماعيل والد أبي عبد الله عند موته فقال: لا أعلم من مالي درهمًا من حرام، ولا درهمًا من شبهة قال أحمد: فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك. ثم قال أبو عبد الله: أصدق ما يكون الرجل عند الموت.

قال: وكان أبو عبد الله اكترى منزلًا فلبث فيه طويلًا فسمعته يقول: لم أمسح ذكري بالحائط، ولا بالأرض في ذلك المنزل فقيل له: لِمَ? قال: لأن المنزل لغيري.

ص: 107

قال: وقال لي أبو عبد الله يومًا بفربر: بلغني أن نخاسًا قدم بجواري، فتصير معي? قلت: نعم، فصرنا إليه فأخرج جواري حسانًا صباحًا ثم خرج من خلالهن جارية خزرية دميمة عليها شحم فنظر إليها فمس ذقنها فقال: اشتر هذه لنا منه فقلت: هذه. دميمة قبيحة لا تصلح، واللاتي نظرنا إليهن يمكن شراءهن بثمن هذه. فقال: اشتر هذه فإني قد مسست ذقنها، ولا أحب أن أمس جارية ثم لا أشتريها فاشتراها بغلاء خمسمائة درهم على ما قال أهل المعرفة، ثم لم تزل عنده حتى أخرجها معه إلى نيسابور.

وقال غنجار: أنبأنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرئ: سمعت بكر بن منير، وقد ذكر معناها محمد بن أبي حاتم، واللفظ لبكر قال: كان حمل إلى البخاري بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد فاجتمع بعض التجار إليه فطلبوها بربح خمسة آلاف درهم فقال: انصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه البضاعة بربح عشرة آلاف فقال: إني نويت بيعها للذين أتوا البارحة.

وقال غنجار: حدثنا إبراهيم بن حمد الملاحمي، سمعت محمد بن صابر بن كاتب سمعت عمر بن حفص الأشقر قال: كنا مع البخاري بالبصرة نكتب ففقدناه أيامًا ثم، وجدناه في بيت، وهو عريان وقد نفد ما عنده فجمعنا له الدراهم، وكسوناه.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ما ينبغي للمسلم أن يكون بحالة إذا دعا لم يستجب له فقالت له امرأة أخيه بحضرتي: فهل تبينت ذلك أيها الشيخ من نفسك، أو جربت? قال: نعم دعوت ربي عز وجل مرتين فاستجاب لي فلن أحب أن أدعو بعد ذلك فلعله ينقص من حسناتي أو يعجل لي في الدنيا ثم قال: ما حاجة المسلم إلى الكذب والبخل?!!

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: خرجت إلى آدم بن أبي إياس، فتخلفت عني نفقتي، حتى جعلت أتناول الحشيش، ولا أخبر بذلك أحدًا فلما كان اليوم الثالث أتاني آت لم أعرفه فناولني صرة دنانير، وقال: أنفق على نفسك.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت الحسين بن محمد السمرقندي يقول: كان محمد بن إسماعيل مخصوصًا بثلاث خصال مع ما كان فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع فيما عند الناس وكان لا يشتغل بأمور الناس كل شغله كان في العلم.

وقال: سمعت سليم بن مجاهد يقول: ما بقي أحد يعلم الناس الحديث حسبة غير محمد بن إسماعيل، ورأيت سليم بن مجاهد يسأل أبا عبد الله أن يحدثه كل يوم بثلاثة أحاديث،

ص: 108

ويبين له معانيها وتفاسيرها وعللها. فأجابه إلى ذلك قدر مقامه. وكان أقام في تلك الدفعة جمعة.

وسمعت سليمًا يقول: ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه، ولا أورع ولا أزهد في الدنيا من محمد بن إسماعيل.

قال عبد المجيد بن إبراهيم: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يسوي بين القوي، والضعيف.

ذكر كرمه وسماحته وصفته وغير ذلك:

قال محمد بن أبي حاتم: كانت له قطعة أرض يكريها كل سنة بسبعمائة درهم. فكان ذلك المكتري ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين؛ لأن أبا عبد الله كان معجبًا بالقثاء النضيج، وكان يؤثره على البطيخ أحيانًا فكان يهب للرجل مائة درهم كل سنة لحمله القثاء إليه أحيانًا.

قال: وسمعته يقول: كنت أستغل كل شهر خمسمائة درهم، فأنفقت كل ذلك في طلب العلم فقلت: كم بين من ينفق على هذا الوجه، وبين من كان خلوًا من المال فجمع وكسب بالعلم حتى اجتمع له فقال أبو عبد الله:{مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الشورى: 36].

قال: وكنا بفربر وكان أبو عبد الله يبني رباطًا مما يلي بخارى، فاجتمع بشر كثير يعينونه على ذلك، وكان ينقل اللبن فكنت أقول له: إنك تكفى يا أبا عبد الله فيقول: هذا الذي ينفعنا ثم أخذ ينقل الزنبرات

(1)

معه، وكان ذبح لهم بقرة فلما أدركت القدور دعا الناس إلى الطعام، وكان بها مائة نفس أو أكثر، ولم يكن علم أنه يجتمع ما اجتمع وكنا أخرجنا معه من فربر خبزًا بثلاثة دراهم، أو أقل فألقينا بين أيديهم فأكل جميع من حضر وفضلت أرغفة صالحة، وكان الخبز إذ ذاك خمسة أمناء بدرهم.

قال: وكان أبو عبد الله ربما يأتي عليه النهار فلا يأكل فيه رقاقة، إنما كان يأكل أحيانا لوزتين أو ثلاثًا وكان يجتنب توابل القدور مثل الحمص وغيره، فقال لي يومًا شبه المتفرج بصاحبه: يا أبا جعفر نحتاج في السنة إلى شيء كثير قلت له: قدر كم? قال: أحتاج في السنة إلى أربعة آلاف درهم، أو خمسة آلاف درهم قال: وكان يتصدق بالكثير يأخذ بيده

(1)

الزنبرات: جمع زنبر، وهو الزنبيل. وهي فارسية معربة.

ص: 109

صاحب الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين، وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد، وكان لا يفارقه كيسه، ورأيته ناول رجلًا مرارًا صرة فيها ثلاثمائة درهم، وذلك أن الرجل أخبرني بعدد ما كان فيها من بعد فأراد أن يدعو فقال له أبو عبد الله: ارفق واشتغل بحديث آخر كيلا يعلم بذلك أحد.

قال: وكنت اشتريت منزلًا بتسعمائة وعشرين درهمًا فقال: لي إليك حاجة تقضيها? قلت: نعم، ونعمى عين قال: ينبغي أن تصير إلى نوح بن أبي شداد الصيرفي وتأخذ منه ألف درهم، وتحمله إلي ففعلت فقال لي: خذه إليك فاصرفه في ثمن المنزل فقلت: قد قبلته منك، وشكرته وأقبلنا على الكتابة وكنا في تصنيف "الجامع" فلما كان بعد ساعة قلت: عرضت لي حاجة لا أجترئ رفعها إليك فظن أني طمعت في الزيادة فقال: لا تحتشمني، وأخبرني بما تحتاج فإني أخاف أن أكون مأخوذًا بسببك قلت له: كيف? قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه فذكر حديث سعد وعبد الرحمن فقلت له: قد جعلتك في حل من جميع ما تقول، ووهبت لك المال الذي عرضته علي عنيت المناصفة، وذلك أنه قال: لي جوار وامرأة وأنت عزب فالذي يجب علي أن أناصفك لنستوي في المال، وغيره وأربح عليك في ذلك فقلت له: قد فعلت رحمك الله أكثر من ذلك إذ أنزلتني من نفسك ما لم تنزل أحدًا، وحللت منك محل الولد ثم حفظ علي حديثي الأول وقال: ما حاجتك? قلت: تقضيها? قال: نعم وأسر بذلك قلت: هذه الألف تأمر بقبوله، واصرفه في بعض ما تحتاج إليه فقبله وذلك أنه ضمن لي قضاء حاجتي ثم جلسنا بعد ذلك بيومين لتصنيف "الجامع" وكتبنا منه ذلك اليوم شيئًا كثيرًا إلى الظهر ثم صلينا الظهر وأقبلنا على الكتابة من غير أن نكون أكلنا شيئًا فرآني لما كان قرب العصر شبه القلق المستوحش فتوهم في ملالًا وإنما كان بي الحصر غير أني لم أكن أقدر على القيام، وكنت أتلوى اهتمامًا بالحصر فدخل أبو عبد الله المنزل وأخرج إلي كاغدة فيها ثلاثمائة درهم وقال: أما إذ لم تقبل ثمن المنزل فينبغي أن تصرف هذا في بعض حوائجك فجهدني فلم أقبل ثم كان بعد أيام كتبنا إلى الظهر أيضًا فناولني عشرين درهما فقال: ينبغي أن تصرف هذه في شراء الخضر، ونحو ذلك فاشتريت بها ما كنت أعلم أنه يلائمه، وبعثت به إليه، وأتيت فقال لي: بيض الله وجهك ليس فيك حيلة فلا ينبغي لنا أن نعني أنفسنا فقلت له: إنك قد جمعت خير الدنيا والآخرة فأي رجل يبر خادمه بمثل ما تبرني إن كنت لا أعرف هذا فلست أعرف أكثر منه.

سمعت عبد الله بن محمد الصارفي يقول: كنت عند أبي عبد الله في منزله، فجاءته

ص: 110

جارية، وأرادت دخول المنزل فعثرت على محبرة بين يديه، فقال لها: كيف تمشين? قالت: إذا لم يكن طريق، كيف أمشي? فبسط يديه، وقال لها: اذهبي فقد أعتقتك قال: فقيل له فيما بعد: يا أبا عبد الله أغضبتك الجارية? قال: إن كانت أغضبتني فإني أرضيت نفسي بما فعلت.

وقال عبد الله بن عدي الحافظ: سمعت الحسن بن الحسين البزاز يقول: رأيت محمد بن إسماعيل شيخًا نحيف الجسم ليس بالطويل، ولا بالقصير.

وقال غنجار: حدثنا أحمد بن محمد بن حسين التميمي، حدثنا أبو يعلى التميمي، سمعت جبريل بن ميكائيل بمصر يقول: سمعت البخاري يقول: لما بلغت خراسان أصبت ببعض بصري فعلمني رجل أن أحلق رأسي، وأغلفه بالخطمي ففعلت فرد الله علي بصري.

وقال محمد الوراق: دخل أبو عبد الله بفربر الحمام، وكنت أنا في مشلح الحمام أتعاهد عليه ثيابه فلما خرج ناولته ثيابه فلبسها ثم ناولته الخف فقال: مسست شيئًا فيه شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: في أي موضع هو من الخف? فلم يخبرني فتوهمت أنه في ساقه بين الظهارة والبطانة.

ذكر قصته مع محمد بن يحيى الذهلي رحمهما الله:

قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت محمد بن حامد البزاز قال: سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول: سمعت محمد بن يحيى قال لنا لما، ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى فحسده بعد ذلك وتكلم فيه.

وقال أبو أحمد بن عدي ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه حسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم عليه فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه في المجلس فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق? فأعرض عنه البخاري، ولم يجبه فقال الرجل: يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول فأعرض عنه ثم قال في الثالثة فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله.

ص: 111

أنبأنا المسلم بن محمد القيسي وغيره قالوا: أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي الخطيب أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب أبو بكر البرقاني أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار، حدثني محمد بن مسلم خشنام قال: سئل محمد بن إسماعيل بنيسابور عن اللفظ فقال: حدثني عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة عن يحيى بن سعيد هو القطان قال: أعمال العباد كلها مخلوقة فمرقوا عليه، وقالوا له بعد ذلك: ترجع عن هذا القول حتى نعود إليك? قال: لا أفعل إلَّا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون أقوى من حجتي، وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته.

وقال الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى حدثنا محمد بن يوسف الفربري سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أما أفعال العباد فمخلوقة فقد حدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي عن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته"

(1)

.

وبه قال: وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة.

قال البخاري: حركاتهم، وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة. فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق قال الله تعالى:{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم} [العنكبوت: 49].

وقال أبو حامد الأعمشي: رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة أبي عثمان سعيد بن مروان، ومحمد بن يحيى يسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث، ويمر فيه محمد بن إسماعيل مثل السهم فما أتى على هذا شهر حتى قال محمد بن يحيى: إلَّا من يختلف إلى مجلسه فلا يختلف إلينا فإنهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته فلا تقربوه، ومن يقربه فلا يقربنا فأقام محمد بن إسماعيل ها هنا مدة ثم خرج إلى بخارى.

وقال أبو حامد بن الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: القرآن كلام الله غير

(1)

صحيح: أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد""ص 73"، وابن أبي عاصم في "السنة""357" و"358"، وابن منده في "التوحيد""ق 39/ 2"، وابن عدي في "الكامل""6/ 20"، والحاكم "1/ 31" والبيهقي في "الأسماء والصفات""ص 26 و 388" من طرق عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش عن حذيفة، به مرفوعًا.

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

ص: 112

مخلوق من جميع جهاته، وحيث تصرف فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ، وعما سواه من الكلام في القرآن، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر، وخرج عن الإيمان وبانت منه امرأته يستتاب فإن تاب، وإلا ضربت عنقه وجعل ماله فيئًا بين المسلمين، ولم يدفن في مقابرهم، ومن وقف فقال: لا أقول مخلوق، ولا غير مخلوق فقد ضاهى الكفر ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس، ولا يكلم ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه فإنه لا يحضر مجلسه إلَّا من كان على مثل مذهبه.

وقال الحاكم: أخبرنا محمد بن أبي الهيثم ببخارى أخبرنا الفربري حدثنا البخاري قال: نظرت في كلام اليهود، والنصارى والمجوس فما رأيت أحدًا أضل في كفرهم من الجهمية، وإني لأستجهل من لا يكفرهم.

وقال غنجار: حدثنا محمد بن أحمد بن حاضر العبسي حدثنا الفربري سمعت البخاري يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر.

وقال الحاكم: حدثنا طاهر بن محمد الوراق سمعت محمد بن شاذل يقول: لما وقع بين محمد بن يحيى، والبخاري دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله أيش الحيلة لنا فيما بينك، وبين محمد بن يحيى كل من يختلف إليك يطرد? فقال: كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك? قال: يا بني هذه مسألة مشؤومة رأيت أحمد بن حنبل، وما ناله في هذه المسألة وجعلت على نفسي أن لا أتكلم فيها.

قلت: المسألة هي أن اللفظ مخلوق، سئل عنها البخاري فوقف فيها فلما وقف، واحتج بأن أفعالنا مخلوقة واستدل لذلك فهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ فتكلم فيه، وأخذه بلازم قوله هو، وغيره وقد قال البخاري في الحكاية التي رواها غنجار في "تاريخه": حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر النيسابوري الخفاف ببخارى يقول: كنا يومًا عند أبي إسحاق القيسي، ومعنا محمد بن نصر المروزي فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله فقلت له: يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا، وأكثروا فيه فقال: ليس إلَّا ما أقول قال أبو عمرو الخفاف فأتيت البخاري فناظرته في شي من الأحاديث حتى طابت نفسه فقلت: يا أبا عبد الله ههنا أحد يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس

ص: 113

والري، وهمذان وحلوان، وبغداد والكوفة والبصرة، ومكة والمدينة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله إلَّا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.

وقال أبو سعيد حاتم بن أحمد الكندي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت، واليًا ولا عالمًا فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به استقبلوه مرحلتين، وثلاثة فقال محمد بن يحيى في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدًا فليستقبله فاستقبله محمد بن يحيى، وعامة العلماء فنزل دار البخاريين فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شي من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي، وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني، أو الثالث قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا فوقع بينهم اختلاف فقال بعض الناس: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل حتى تواثبوا فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم.

وقال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم، سمعت ابن علي المخلدي، سمعت محمد بن يحيى يقول: قد أظهر هذا البخاري قول اللفظية واللفظية عندي شر من الجهمية.

وقال سمعت محمد بن صالح بن هانئ: سمعت أحمد بن سلمة يقول: دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله هذا رجل مقبول بخراسان خصوصًا في هذه المدينة وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى? فقبض على لحيته ثم قال: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد} [غافر: 44]، اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرًا ولا بطرًا، ولا طلبًا للرئاسة، وإنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين، وقد قصدني هذا الرجل حسدًا لما آتاني الله لا غير ثم قال لي: يا أحمد إني خارج غدًا لتتخلصوا من حديثه لأجلي.

قال: فأخبرت جماعة أصحابنا فوالله ما شيعه غيري كنت معه حين خرج من البلد، وأقام على باب البلد ثلاثة أيام لإصلاح أمره.

قال: وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: لما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه. فلما وقع بين الذهلي وبين البخاري ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه ومنع الناس عنه انقطع عنه أكثر الناس غير مسلم فقال الذهلي يومًا: إلَّا من

ص: 114

قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا. فأخذ مسلم رداء فوق عمامته، وقام على رءوس الناس، وبعث إلى الذهلي ما كتب عنه على ظهر جمال. وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال: وسمعت محمد بن يوسف المؤذن، سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: حضرت مجلس محمد بن يحيى الذهلي فقال: إلا من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا فقام مسلم بن الحجاج من المجلس.

رواها أحمد بن منصور الشيرازي عن محمد بن يعقوب، فزاد: وتبعه أحمد بن سلمة.

قال أحمد بن منصور الشيرازي: سمعت محمد بن يعقوب الأخرم، سمعت أصحابنا يقولون: لما قام مسلم وأحمد بن سلمة من مجلس الذهلي، قال الذهلي: لا يساكنني هذا الرجل في البلد فخشي البخاري وسافر.

وقال محمد بن أبي حاتم: أتى رجل عبد الله البخاري فقال: يا أبا عبد الله إن فلانًا يكفرك فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما"

(1)

.

وكان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك فيقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، ويتلو أيضًا:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فاطر: 43]. فقال له عبد المجيد بن إبراهيم: كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك، ويتناولونك ويبهتونك? فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"

(2)

وقال صلى الله علية وسلم: "من دعا على ظالمه فقد انتصر"

(3)

.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 984"، ومن طريقه أخرجه أحمد "2/ 113"، والبخاري "6104"، والترمذي "2637"، وابن حبان "249"، وأبو عوانة "1/ 22"، والبيهقي "208"، والبغوي "3551"، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.

رواه أحمد "2/ 18 و 44"، ومسلم "60"، وابن منده "594"، وابن حبان "250"، وأبو عوانة "1/ 23"، والبغوي "3550"، من طرق عن عبد الله بن دينار، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3792"، ومسلم "1845"، والترمذي "2190"، والنسائي "8/ 224 - 225".

(3)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3552" من حديث عائشة. وإسناده ضعيف؛ آفته آبو حمزة ميمون الأعور القصاب، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 115

قال محمد بن أبي حاتم: وسمعته يقول: لم يكن يتعرض لنا قط أحد من أفناء الناس إلَّا رمي بقارعة، ولم يسلم وكلما حدث الجهال أنفسهم أن يمكروا بنا رأيت من ليلتي في المنام نارًا توقد ثم تطفأ من غير أن ينتفع بها فأتأول قوله تعالى:{كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّه} [المائدة: 64]. وكان هجيراه

(1)

من الليل إذا أتيته في آخر مقدمه من العراق: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِه} [آل عمران: 160]، الآية.

وقال أحمد بن منصور الشيرازي: سمعت القاسم بن القاسم يقول: سمعت إبراهيم وراق أحمد بن سيار يقول لنا قدم البخاري مرو استقبله، أحمد بن سيار فيمن استقبله فقال له أحمد: يا أبا عبد الله نحن لا نخالفك فيما تقول، ولكن العامة لا تحمل ذا منك فقال البخاري: إني أخشى النار أسأل عن شيء أعلمه حقًا أن أقول غيره فانصرف عنه أحمد بن سيار.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": قدم محمد بن إسماعيل الري سنة خمسين ومائتين، وسمع منه أبي وأبو زرعة، وتركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنه أظهر عندهم بنيسابور أن لفظه بالقرآن مخلوق.

قلت: إن تركا حديثه أو لم يتركاه البخاري ثقة مأمون محتج به في العالم.

ذكر محنته مع أمير بخارى:

روى أحمد بن منصور الشيرازي قال: سمعت بعض أصحابنا يقول: لما قدم أبو عبد الله بخارى نصب له القباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق مذكور إلَّا استقبله، ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فبقي أيامًا قال: فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى: إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا: لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج.

قال أحمد بن منصور: فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال: رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الذي أخرج فيه من بخارى فتقدمت إليه فقلت: يا أبا عبد الله، كيف ترى هذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر? فقال: لا أبالي إذا سلم

(1)

هجيراه: أي ديدنه ودأبه.

ص: 116

ديني. قال: فخرج إلى بيكند، فسار الناس معه حزبين: حزب معه، وحزب عليه إلى أن كتب إليه أهل سمرقند فسألوه أن يقدم عليهم فقدم إلى أن، وصل بعض قرى سمرقند فوقع بين أهل سمرقند فتنة من سببه قوم يريدون إدخاله البلد، وقوم لا يريدون ذلك إلى أن اتفقوا على أن يدخل إليهم فاتصل به الخبر، وما وقع بينهم بسببه فخرج يريد أن يركب فلما استوى على دابته قال: اللهم خر لي ثلاثًا فسقط ميتًا فاتصل بأهل سمرقند فحضروه بأجمعهم.

هذه حكاية شاذة منقطعة والصحيح ما يأتي خلافها.

قال غنجار في "تاريخه": سمعت أبا عمرو أحمد بن محمد المقرئ، سمعت بكر بن منير بن خليد بن عسكر يقول: بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي، والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب "الجامع" و"التاريخ" وغيرهما لأسمع منك فقال لرسوله: أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة فاحضر في مسجدي أو في داري وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة لأني لا أكتم العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار"

(1)

فكان سبب الوحشة بينهما هذا.

وقال الحاكم: سمعت محمد بن العباس الضبي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي عمرو الحافظ البخاري يقول: كان سبب منافرة أبي عبد الله أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سأل أن يحضر منزله فيقرأ "الجامع" و "التاريخ" على أولاده فامتنع عن الحضور عنده فراسله بأن يعقد مجلسًا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع، وقال: لا أخص أحدًا فاستعان الأمير بحريث بن أبي الورقاء، وغيره حتى تكلموا في مذهبه، ونفاه عن البلد فدعا عليهم فلم يأت إلَّا شهر حتى، ورد أمر الطاهرية بأن ينادى على خالد في البلد فنودي عليه على أتان، وأما حريث فإنه ابتلي بأهله فرأى فيها ما يجل عن الوصف، وأما فلان فابتلي بأولاده، وأراه الله فيهم البلايا.

وقال الحاكم: حدثنا خلف بن محمد، حدثنا سهل بن شاذويه قال: كان محمد بن إسماعيل يسكن سكة الدهقان، وكان جماعة يختلفون إليه، يظهرون شعار أهل الحديث من إفراد الإقامة، ورفع الأيدي في الصلاة وغير ذلك فقال حريث بن أبي الورقاء وغيره: هذا

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 263 و 305 و 344 و 353 و 495"، وأبو داود "3658"، والترمذي "2651"، وابن ماجه "261"، "266"، من حديث أبي هريرة، به.

ص: 117

رجل مشغب، وهو يفسد علينا هذه المدينة وقد أخرجه محمد بن يحيى من نيسابور، وهو إمام أهل الحديث فاحتجوا عليه بابن يحيى، واستعانوا عليه بالسلطان في نفيه من البلد فأخرج، وكان محمد بن إسماعيل ورعًا يتجنب السلطان، ولا يدخل عليهم.

قال الحاكم: سمعت أحمد بن محمد بن، واصل البيكندي سمعت أبي يقول: من الله علينا بخروج أبي عبد الله ومقامه عندنا حتى سمعنا منه هذه الكتب، وإلا من كان يصل إليه وبمقامه في هذه النواحي: فربر وبيكند بقيت هذه الآثار فيها، وتخرج الناس به.

قلت: خالد بن أحمد الأمير قال الحاكم: له ببخارى آثار محمودة كلها إلَّا موجدته على البخاري فإنها زلة وسبب لزوال ملكه.

سمع إسحاق بن راهويه، وعبيد الله بن عمر القواريري، وطائفة.

حدثنا عنه بهمذان عبد الرحمن الجلاب، وبمرو علي بن محمد الأزرق وكان قد مال إلى يعقوب بن الليث فلما حج حبسوه ببغداد حتى مات لسنته، وهي سنة تسع وستين ومائتين.

ذكر وفاته:

قال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خرتنك -قرية على فرسخين من سمرقند- وكان له بها أقرباء فنزل عندهم فسمعته ليلة يدعو، وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فما تم الشهر حتى مات، وقبره بخرتنك.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا منصور غالب بن جبريل، وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أيامًا فمرض، واشتد به المرض حتى، وجه رسولًا إلى مدينة سمرقند في إخراج محمد فلما، وافى تهيأ للركوب فلبس خفيه، وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها، وأنا آخذ بعضده، ورجل أخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها فقال رحمه الله: أرسلوني فقد ضعفت فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه الله فسأل منه العرق شيء لا يوصف فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه، وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص، ولا عمامة ففعلنا ذلك فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك فدام ذلك أيامًا ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون، وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر، ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس، وغلبنا

ص: 118

على أنفسنا، فنصبنا على القبر خشبًا مشبكًا، لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر، فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب، ولم يكونوا يخلصون إلى القبر وأما ريح الطيب فإنه تداوم أيامًا كثيرة حتى تحدث أهل البلدة، وتعجبوا من ذلك وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته، وخرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهروا التوبة، والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب.

قال محمد بن أبي حاتم: ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلَّا القليل، وأوصى أن يدفن إلى جنبه.

وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني: سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه، وهو واقف في موضع فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: ما، وقوفك يا رسول الله? قال: أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري فلما كان بعد أيام بلغني موته، فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

وقال خلف بن محمد الخيام: سمعت مهيب بن سليم الكرميني يقول: مات عندنا البخاري ليلة عيد الفطر، سنة ست وخمسين، وقد بلغ اثنتين وستين سنة، وكان في بيت وحده فوجدناه لما أصبح، وهو ميت.

وقال ابن عدي: سمعت الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول: توفي البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين، وعاش اثنتين وستين سنة إلَّا ثلاثة عشر يومًا.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا ذر يقول: رأيت محمد بن حاتم الخلقاني في المنام، وكان من أصحاب محمد بن حفص، فسألته وأنا أعرف أنه ميت عن شيخي رحمه الله هل رأيته? قال: نعم، رأيته، وهو ذاك يشير إلى ناحية سطح من سطوح المنزل. ثم سألته عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل. فقال: رأيته وأشار إلى السماء إشارة كاد أن يسقط منها لعلو ما يشير.

وقال أبو علي الغساني: أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن السكتي السمرقندي، قدم علينا بلنسية عام أربعين وستين وأربعمائة قال: قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام فاستسقى الناس مرارًا فلم يسقوا فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضي سمرقند فقال له: إني رأيت رأيًا أعرضه عليك قال: وما هو? قال: أرى أن تخرج، ويخرج الناس

ص: 119

معك إلى قبر الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وقبره بخرتنك ونستسقي عنده فعسى الله أن يسقينا قال: فقال القاضي: نعم ما رأيت فخرج القاضي، والناس معه واستسقى القاضي بالناس، وبكى الناس عند القبر وتشفعوا بصاحبه فأرسل الله تعالى السماء بماء عظيم غزير أقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام، أو نحوها لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند، من كثرة المطر وغزارته وبين خرتنك، وسمرقند نحو ثلاثة أميال.

وقال الخطيب في تاريخه: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي الحرشي بنيسابور قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الفقيه البلخي "ح"، قال الخطيب: سمعت أحمد بن عبد الله الصفار البلخي يقول: سمعت أبا إسحاق المستملي يروي عن محمد بن يوسف الفربري أنه كان يقول: سمع كتاب "الصحيح" لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه غيري.

ذكر الصحابة الذين أخرج لهم البخاري، ولم يرو عنهم سوى واحد:

مرداس الأسلمي؛ عنه قيس بن أبي حازم، حزن المخزومي تفرد عنه ابنه أبو سعيد المسيب بن حزن زاهر بن الأسود عنه ابنه مجزأة عبد الله بن هشام بن زهرة القرشي عنه حفيده زهرة بن معبد عمرو بن تغلب عنه الحسن البصري عبد الله بن ثعلبة بن صعير، روى عنه الزهري قوله سنين أبو جميلة السلمي عنه الزهري أبو سعيد بن المعلى، تفرد عنه حفص بن عاصم سويد بن النعمان الأنصاري شجري تفرد بالحديث عنه بشير بن يسار خولة بنت ثامر عنها النعمان ابن أبي عياش فجملتهم عشرة.

فصل:

"تاريخ" البخاري، يشتمل على نحو من أربعين ألفًا، وزيادة وكتابه في "الضعفاء" دون السبعمائة نفس ومن خرج لهم في "صحيحه" دون الألفين قال ذلك أبو بكر الحازمي فـ"صحيحه" مختصر جدًا، وقد نقل الإسماعيلي عمن حكى عن البخاري قال: لم أخرج في الكتاب إلَّا صحيحًا قال: وما تركت من الصحيح أكثر.

لبعضهم:

صحيح البخاري لو أنصفوه

لما خط إلَّا بماء الذهب

هو الفرق بين الهدى والعمى

هو السد بين الفتى والعطب

أسانيد مثل نجوم السماء

أمام متون كمثل الشهب

به قام ميزان دين الرسول

ودان به العجم بعد العرب

حجاب من النار لا شك فيه

تميز بين الرضى والغضب

وستر رقيق إلى المصطفى

ونص مبين لكشف الريب

فيا عالمًا أجمع العالمون

على فضل رتبته في الريب

سبقت الأئمة فيما جمعت

وفزت على رغمهم بالقصب

نفيت الضعيف من الناقلين

ومن كان متهمًا بالكذب

وأبرزت في حسن ترتيبه

وتبويبه عجبًا للعجب

فأعطاك مولاك ما تشتهيه

وأجزل حظك فيما وهب

ص: 120

‌2135 - البيروتي

(1)

: " د، س"

الإمام الحجة المقرئ الحافظ، أبو الفضل العباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي.

وبيروت مدينة على البحر من ساحل دمشق، ما زالت بلاد إسلام منذ الفتوح إلى أن استولى عليها الفرنج فدامت دارًا لهم إلى أن افتتحها السلطان الملك الأشرف خليل في سنة تسعين وستمائة عند أخذ عكا، وبها توفي الأوزاعي وتلميذه الوليد بن مزيد، وابنه هذا.

ولد سنة تسع وستين ومائة فكان ممن عمر أكثر من مائة عام بيقين.

سمع أباه وتفقه به ومحمد بن شعيب بن شابور وعقبة بن علقمة البيروتي ومحمد بن يوسف الفريابي وأبا مسهر الدمشقي وعبد الحميد بن بكار وطائفة وكان مقرئًا حاذقًا بحرف ابن عامر، تلا على أبيه.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي في كتابيهما وأبو زرعة وابن أبي داود، وابن جوصا ومكحول البيروتي وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو علي الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وأبو العباس الأصم وخلق كثير سمى الحافظ ابن عساكر منهم أربعين نفسًا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1178"، والأنساب للسمعاني "2/ 361"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 2637"، والعبر "2/ 46 و 224"، وتهذيب التهذيب "5/ 231" وتقريب التهذيب "1/ 399"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3365"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 160".

ص: 121

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي: ليس به بأس.

وقال إسحاق ابن سيار: ما رأيت أحسن سمتًا منه.

وقال أبو داود: سمع من أبيه ثم عرض عليه، وكان صاحب ليل.

قال الحسين بن أبي الحسين بن أبي كامل: سمعت خيثمة يقول: أتيت أبا داود السجستاني فأملى علي حديثًا عن العباس بن الوليد فقلت: وإياي حدث العباس فقال لي: رأيته? قلت: نعم. قال: متى مات? قلت: سنة إحدى وسبعين ومائتين، كذا قال خيثمة.

وأما عمرو بن دحيم فقال: مات في ربيع الآخر وعين اليوم وقال سنة سبعين ومائتين فتحرر لي أن مجموع عمره مائة سنة وثمانية أشهر، واثنان وعشرون يومًا وكان ممتعًا بقواه.

قال خيثمة بن سليمان: مازح العباس بن الوليد يومًا جارية له، فدفعته، فوقع فانكسرت رجله فلم يحدثنا عشرين يومًا فكنا نلقى الجارية، ونقول: حسبك الله كما كسرت رجل الشيخ، وحبستنا عن الحديث.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن سنة ثلاث وتسعين، أخبرنا أبو محمد بن قدامة والحسين بن صصرى وأخبرنا أحمد بن عبد الحميد، وأحمد بن عبد الرحمن الحسيني قالا: أخبرنا محمد بن غسان قالوا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد الأزدي، أخبرنا عبد الكريم بن المؤمل الكفرطابي حضورًا، أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان المعدل، أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أخبرنا العباس بن الوليد ببيروت، أخبرنا محمد بن شعيب، أخبرني داود بن الزبرقان، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن خالد بن أبي خالد عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث، عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق"

(1)

.

(1)

حسن: أخرجه ابن ماجه "1790"، والدارقطني "2/ 92"، والبيهقي "4/ 118"، والطحاوي "2/ 28 و 29"، من طريق الحارث، به وإسناده ضعيف، آفته الحارث، وهو ابن عبد الله الأعور، الهمداني، أبو زهير الكوفي ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب" لكنه قد توبع؛ فقد أخرجه أحمد "2/ 92"، وأبو داود "1574"، والترمذي "620"، والنسائي "5/ 37"، والطحاوي "2/ 28"، والبيهقي "4/ 117 - 118" من طريق أبي إسحاق، عن عاصم، عن ضمرة، عن علي، به.

ص: 122

قرأت على تاج الدين علي بن أحمد العلوي، أخبركم محمد بن أحمد بن القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد العذري، أخبرني أبي سمعت الأوزاعي، قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة، حدثنا زر بن حبيش، سمعت أبي بن كعب، وبلغه أن ابن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر فقال: والله الذي لا إله إلَّا هو إنها لفي رمضان يحلف بذلك ثلاثًا، ثم قال: والله الذي لا إله إلَّا هو إني لأعلم أي ليلة هي هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقومها ليلة صبيحة سبع وعشرين، وآية ذلك أن تطلع الشمس لا شعاع لها

(1)

.

أخرجه مسلم، وأبو داود والنسائي من، وجوه وأخرجه مسلم من حديث الأوزاعي، وشعبة جميعًا، عن عبدة، ورواه النسائي في تفسيره.

حدثنا بندار، حدثنا عبد الرحمن، عن جابر بن يزيد العجلي، عن يزيد بن أبي سليمان، عن زر أن أبيًّا حدثه، ولم يسمه بل قال: نبأ من لم يكذبني.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "763"، وأبو داود "1387"، والترمذي "793".

ص: 123

‌2136 - الرهاوي

(1)

: " س"

الإمام الحافظ الناقد، أبو الحسين أحمد بن سليمان بن عبد الملك الرهاوي، محدث الجزيرة.

سمع: زيد بن الحباب وجعفر بن عون، ويحيى بن آدم ويزيد بن هارون، وأبا داود الحفري، وعثمان بن عبد الرحمن الحراني، ومحمد بن عبيد، وحسين بن علي الجعفي، وعبيد الله بن موسى، ويعلى بن عبيد، وأبا نعيم، وعبد بن جعفر الرقي، وخلقًا كثيرًا.

حدث عنه النسائي فأكثر، وأبو عروبة، وأبو عبد الرحمن مكحول البيروتي، وآخرون وأجاز لعبد الرحمن بن أبي حاتم.

ذكره النسائي فقال: ثقة مأمون صاحب حديث.

قلت: توفي سنة إحدى وستين ومائتين، ومن قدماء مشيخته مسكين بن بكر.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا الحسن بن محمد، أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ، أخبرنا علي بن إبراهيم العلوي، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد، واقف السميساطية، أخبرنا عبد الوهاب الكلابي، أخبرنا مكحول البيروتي، أخبرنا أحمد بن سليمان، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه:"هل صمت من سرر هذا الشهر شيئًا"؟ قال: لا، قال:"فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه" مسلم

(2)

. عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 59"، والأنساب للسمعاني "6/ 205"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 580"، والعبر "2/ 21"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 401"، وتهذيب التهذيب "1/ 33"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 141".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1983"، ومسلم "1161"، "200" من حديث عمران، به.

ص: 123

‌2137 - يعقوب بن شيبة

(1)

:

ابن الصلت بن عصفور، الحافظ الكبير العلامة الثقة، أبو يوسف السدوسي، البصري، ثم البغدادي، صاحب "المسند" الكبير العديم النظير المعلل الذي تم من مسانيده نحو من ثلاثين مجلدًا، ولو كمل لجاء في مائة مجلد.

مولده في حدود الثمانين، ومائة وسماعاته على رأس المائتين.

سمع: علي بن عاصم ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة وأزهر بن سعد السمان، وبشر بن عمر الزهراني وجعفر بن عون، وأبا عامر العقدي وشجاع بن الوليد وعبد الله بن بكر السهمي، ومحاضر بن المورع وعبد الوهاب بن عطاء، وأبا النضر ويعلى بن عبيد ووهب بن جرير، وحجاج بن منهال وينزل إلى أحمد بن حنبل وعلي بن المديني، ويحيى بن معين ثم إلى الحسن بن علي الحلواني، وهارون الحمال ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبي بكر الأعين ثم ينزل إلى أصحاب يحيى بن معين وابن المديني، ويخرج العالي والنازل ويذكر أولًا سيرة الصحابي مستوفاة ثم يذكر ما، رواه ويوضح علل الأحاديث، ويتكلم على الرجال، ويجرح ويعدل بكلام مفيد عذب شاف بحيث إن الناظر في "مسنده" لا يمل منه، ولكن قل من روى عنه.

حدث عنه: حفيده محمد بن أحمد بن يعقوب، ويوسف بن يعقوب الأزرق، وطائفة.

وثقه أبو بكر الخطيب، وغيره.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 281"، وتذكرة الحفاظ "2/ 601"، والعبر "2/ 25"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 37"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 146"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 43".

ص: 124

قال أبو الحسن الدارقطني: لو كان كتاب يعقوب بن شيبة مسطورًا على حمام لوجب أن يكتب يعني: لا يفتقر الشخص فيه إلى سماع.

قال الخطيب: حدثني الأزهري، قال: بلغني أنه كان في منزل يعقوب بن شيبة أربعون لحافًا أعدها لمن كان عنده من الوراقين الذين يبيضون له "المسند". قال: ولزمه على ما خرج منه عشرة آلاف دينار. ثم قال: وقيل: إن نسخه بمسند أبي هريرة منه شوهدت بمصر، فكانت في مائتي جزء. قال: والذي ظهر له مسند العشرة، وابن مسعود وعمار، والعباس وعتبة بن غزوان، وبعض الموالي.

قلت: وبلغني أنه شوهد له "مسند علي" في خمسة أسفار.

قال أحمد بن كامل القاضي: كان يعقوب بن شيبة من كبار أصحاب أحمد بن المعذل، والحارث بن مسكين، فقيهًا سريًا، وكان يقف في القرآن.

قلت: أخذ الوقف عن شيخه أحمد المذكور، وقد وقف علي بن الجعد، ومصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة وخالفهم نحو من ألف إمام بل سائر أئمة السلف والخلف على نفي الخليقة عن القرآن، وتكفير الجهمية نسأل الله السلامة في الدين.

قال أبو بكر المروذي: أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك الجانب من بغداد، فحذر أبو عبد الله منه وقد كان المتوكل أمر عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن يقلد القضاء قال عبد الرحمن: فسألته عن يعقوب بن شيبة فقال: متبدع صاحب هوى.

قال الخطيب: وصفه أحمد بذلك لأجل الوقف.

قلت: قد كان يعقوب صاحب أموال عظيمة، وحشمة وحرمة وافرة بحيث إن حفيده حكى قال: لما ولدت عمد أبواي فملآ لي ثلاثة خوابي ذهبًا، وخبآها لي فذكر أنه طال عمره، وأنفقها وفنيت واحتاج، وكان مولده قبل موت جده بنيف عشرة سنة.

مات يعقوب الحافظ في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين ومائتين.

وقع لي جزء واحد من "مسند" عمار له.

قرأت على الحافظ أبي محمد بن خلف: أخبركم يحيى بن أبي السعود، أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا الحسين بن أحمد النعالي، أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن مهدي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، حدثنا

ص: 125

جدي، حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبي البختري الطائي قال: قاول عمار رجلًا فاستطال الرجل عليه، فقال عمار: أنا إذًا كمن لا يغتسل يوم الجمعة. فعاد الرجل فاستطال عليه، فقال له عمار: إن كنت كاذبًا فأكثر الله مالك وولدك، وجعلك يُوطأ عقبك.

وبه قال يعقوب: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن عون، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: ما نسينا الغبار على شعر صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة" إذ جاء عمار فقال: "ويحك أو ويلك يابن سمية تقتلك الفئة الباغية"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2916""73" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، به. وأخرجه البخاري "447"، من طريق خالد الحذاء عن عكرمة، عن أبي سعيد، به.

ص: 126

‌2138 - ابن ميمون

(1)

: " د، س"

المحدث الإمام المعمر، أبو بكر محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي، ثم الإسكندراني.

حدث عن: الوليد بن مسلم، وسفيان بن عيينة، وسلم بن ميمون الخواص، وجماعة.

وعنه: أبو داود، والنسائي في "سننهما" وأبو عوانة، وأبو بكر بن أبي داود، وابن جوصا، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو بكر بن زياد، وإمام الأئمة ابن خزيمة وآخرون خاتمتهم علي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندراني.

قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بالإسكندرية وهو صدوق ثقة.

وقال أبو سعيد بن يونس: توفي في حادي عشر ربيع الأول، سنة اثنتين وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1651"، وتاريخ بغداد "5/ 426"، والكاشف "3/ ترجمة 5056"، والمغني "2/ ترجمة 5687"، والعبر "2/ 250"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7770"، وتهذيب التهذيب "9/ 281"، وتقريب التهذيب "2/ 180"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6400".

ص: 126

‌2139 - أحمد بن الفرات

(1)

: " د"

ابن خالد، الشيخ الإمام الحافظ الكبير الحجة محدث أصبهان، أبو مسعود الضبي الرازي نزيل أصبهان. ولد سنة نيف وثمانين ومائة، في خلافة هارون الرشيد.

وطلب العلم في الصغر، وعد من الحفاظ وهو شاب أمرد، وارتحل إلى العراق والشام والحجاز، واليمن ولحق الكبار.

سمع: عبد الله بن نمير وأبا أسامة، وحسين بن علي الجعفي، وأبا داود الحفري ويزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي ويحيى بن آدم، وجعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد بن عبيد وأزهر بن سعد السمان، وأبا عامر العقدي وعبد الرزاق بن همام وشبابة بن سوار، وابن أبي فديك وأبا أحمد الزبيري، وأبا بكر الحنفي ووهب بن جرير، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومؤمل بن إسماعيل وعبيد الله بن موسى، وأبا نعيم وعفان وأبا صالح الكاتب، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وأبا جعفر النفيلي وأبا اليمان، وأبا عبد الرحمن المقرئ والهيثم بن جميل، وأبا الوليد ومسلم بن إبراهيم، وخلقًا كثيرًا إلى أن ينزل إلى أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن حميد وبكر بن خلف، وللطلبة اليوم جزء من حديثه من أعلى شيء يكون.

حدث عنه أبو داود في "سننه"، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن يحيى بن منده، وجعفر الفريابي ومحمد بن الحسن بن المهلب، وعبد الرحمن بن يحيى بن منده أخو محمد وأحمد بن محمود بن صبيح وخلق من الأصبهانيين، آخرهم موتًا المعمر أبو محمد بن فارس شيخ أبي نعيم الحافظ.

أخبرنا محمد بن قايماز الدقيقي، أخبرنا محمد بن نصر الرصافي، أخبرنا خليل بن بدر "ح". وأخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا خليل الراراني ويحيى الثقفي "ح". وأخبرنا أحمد بن فرج الفقيه وعدة قالوا: أخبرنا ابن عبد الدائم أخبرنا يحيى الثقفي "ح". وأنبانا أحمد بن سلامة، عن الراراني قالا: أنبانا أبو علي الحداد ويحيى محضر، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قراءة

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 122"، وتاريخ بغداد "4/ 343"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 564"، وميزان الاعتدال "1/ 127"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوافيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 280"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 29"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 138".

ص: 127

عليه في سنة أربع، وأربعين وثلاثمائة حدثنا أحمد بن الفرات الحافظ سنة سبع وخمسين ومائتين، حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه. قال: ما رأيت أحدًا أعلم بالطب من عائشة فقلت: يا خالة ممن تعلمت الطب? قالت: كنت أسمع: الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه.

وبه: حدثنا أحمد بن الفرات، أخبرنا أبو عامر عن ابن أبي ذئب عن سعد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان أن طبيبًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها

(1)

.

وبه أخبرنا أحمد، أخبرنا عبد الرزاق عن سفيان عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام جنبًا ما يمس ماء

(2)

.

قال إبراهيم بن محمد الطيان: سمعت أبا مسعود يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ أدخلت في تصانيفي ثلاثمائة وعشرة، وعطلت سائر ذلك، وكتبت ألف ألف حديث وخمسمائة ألف حديث فأخذت من ذلك خمسمائة ألف حديث في التفاسير، والأحكام والفوائد وغيره.

قال حميد بن الربيع: قدم أبو مسعود الأصبهاني، مصر فاستلقى على قفاه وقال لنا: خذوا حديث أهل مصر قال: فجعل يقرأ علينا شيخًا شيخًا من قبل أن يلقاهم يعني: كان قد نظر في حديث مشايخ مصر من كتب الرحالين ووعاه.

وعن أبي مسعود قال: كنا نتذاكر الأبواب، فخاضوا في باب، فجاؤوا فيه بخمسة أحاديث فجئت بسادس، فنخس أحمد بن حنبل في صدري لإعجابه بي.

وروى يزيد بن عبد الله الأصبهاني، عن أحمد بن دلويه قال: دخلت على أحمد بن حنبل فقال: من فيكم? قال: قلت: محمد بن النعمان بن عبد السلام فلم يعرفه فذكرت له أقوامًا فلم يعرفهم فقال: أفيكم أبو مسعود? قلت: نعم قال: ما أعرف اليوم أظنه قال: أسود الرأس أعرف بمسندات رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 453، 499"، وأبو داود "3871"، "5269"، والنسائي "7/ 210"، والدارمي "2/ 88"، والحاكم "4/ 410 - 411"، وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

(2)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "1082"، وأحمد "6/ 146، 171"، وأبو داود "228"، والترمذي "118"، وابن ماجه "581"، والبيهقي "1/ 201".

ص: 128

قال أبو عروبة الحراني: أبو مسعود الأصبهاني في عداد أبي بكر بن أبي شيبة في الحفظ، وأحمد بن سليمان الرهاوي في الثبت.

قيل: إن أحمد بن الفرات قدم أصبهان أولًا، ولم يكن معه كتاب فأملى كذا كذا ألف حديث من حفظه فلما، وصلت كتبه قوبلت بما أملى فلم يختلف إلَّا في مواضع يسيرة.

عن أحمد بن محمود بن صبيح: سمعت أبا مسعود الرازي يقول: وددت أني أقتل في حب أبي بكر وعمر.

قال أبو بكر الخطيب: كان أبو مسعود أحد الحفاظ، سافر الكثير وجمع في الرحلة بين البصرة، والكوفة والحجاز واليمن والشام، ومصر والجزيرة وقدم بغداد، وذاكر حفاظها بحضرة أحمد بن حنبل، وكان أحمد يقدمه.

قال أبو أحمد بن عدي: لا أعلم لأبي مسعود الرازي رواية منكرة وهو من أهل الصدق، والحفظ.

قال أبو عمران الطرسوسي: سمعت أبا بكر الأثرم يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود الرازي.

قال أبو الشيخ سمعت ابن الأصفر يقول: جالست أحمد وأثنى على ابن أبي شيبة وذكر عدة قال: فما رأيت رجلًا أحفظ لما ليس عنده من أبي مسعود.

ونقل القاضي أبو الحسين بن الفراء في "طبقات أصحاب الإمام أحمد" في ترجمة أبي مسعود أنه نقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: من دل على صاحب رأي لنفسه فقد أعان على هدم الإسلام.

وعن أبي مسعود الرازي قال: كتبت الحديث وأنا ابن اثنتي عشرة سنة.

قلت: بكر بطلب العلم؛ لأن أباه من أهل الحديث أيضًا وقيل: لم يلحق الأخذ عن أبيه.

وعن أبي مسعود قال: ذكرت بالحفظ، ولي ثمان عشرة سنة وسميت: الرويزي الحافظ.

قال أحمد بن علي بن الجارود الحافظ: سمعت إبراهيم بن أورمة الحافظ يقول: ما بقي أحد مثل أبي مسعود الرازي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عبد الله المخرمي.

وقد سئل الحافظ أبو بكر الأعين: أيما أحفظ أبو مسعود الرازي أو سليمان الشاذكوني? فقال: أما المسند فأبو مسعود وأما المنقطع فالشاذكوني.

ص: 129

ومما ألف أبو مسعود كتاب "الأحاديث الأفراد" روته كريمة القرشية بالإجازة.

وقد توفي في شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقد قارب الثمانين رحمه الله.

ومات معه في العام الحافظ أحمد بن سنان القطان، محدث واسط، ومحمد بن سنجر الجرجاني صاحب "المسند" ببلاد مصر، ومحمد بن يحيى الذهلي الحافظ عالم خراسان ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه الحافظ ببغداد، والمحدث أحمد بن بديل الكوفي قاضي همذان، وأحمد بن حفص السلمي محدث نيسابور، وأحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، والمحدث هارون بن إسحاق الهمداني الكوفي، والثقة عبدة بن عبد الله الصفار، ومحمد بن إسماعيل الحساني والمحدث حفص بن عمرو الربالي، والعباس بن يزيد البحراني المحدث، ويحيى بن معاذ الرازي شيخ الصوفية، ومحمد بن عمر بن أبي مذعور المحدث، وأبو عبيدة بن أبي السفر الكوفي والقاضي الكبير جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وعلي بن حرب الجنديسابوري، والفضل بن يعقوب الرخامي الحافظ، والمحدث علي بن محمد بن أبي الخصيب، والمحدث إسماعيل بن أبي الحارث، وأحمد بن عمر حمدان البزاز، وآخرون.

نعم، وغسل ابن الفرات رفيقه محمد بن عاصم الثقفي العابد صاحب ذلك الجزء العالي.

وفي آخر نسخة ابن الفرات مما وقع زائدًا عند يحيى الثقفي قال أبو محمد بن فارس: سمعت من أبي مسعود سنة أربع وخمسين ومائتين قال: وتوفي سنة ست وخمسين كذا قال، وسنة ثمان أصح وما ذكر الحافظ ابن عساكر سواه.

قال أبو نعيم الحافظ: أبو مسعود أحد الأئمة، والحفاظ صنف "المسند" والكتب، وحدث بأصبهان خمسًا وأربعين سنة، وكان قدم أصبهان قبل أن يرتحل إلى العراق في أيام الحسين بن حفص.

قلت: إنما ارتحل أولًا إلى العراق قبل المائتين، ولحق عبد الله بن نمير وطبقته.

قال ابن عدي في "الكامل": سمعت أحمد بن محمد بن سعيد سمعت ابن خراش يحلف بالله إن أحمد بن الفرات يكذب متعمدًا فقال ابن عدي: وهذا تحامل ولا أعلم له رواية منكرة.

قلت: من الذي يصدق ابن خراش ذاك الرافضي في قوله?!

ص: 130

قال أبو صالح الجلاب: بلغني أن أحمد بن حنبل كتب عن أبي مسعود حديث عبد الرحمن بن قيس عن حماد بن سلمة، "حديث العتيرة"

(1)

.

قال أبو نعيم: توفي في شعبان سنة (258) وغسله محمد بن عاصم الثقفي.

(1)

العتيرة: تفسيرها في الحديث أنها شاة تذبح في رجب وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث ويليق بحكم الدين. وأما العتيرة التي كانت تعترها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام، فيصيب دمها على رأسها. والخبر أورده الذهبي في "ميزان الاعتدال""2/ 583" من طريق عبد الرحمن بن يحيى بن منده، حدثنا أحمد بن الفرات، حدثنا عبد الرحمن بن قيس، حدثنا ابن سلمة، عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العتيرة فحسنها.

قلت: إسناده ضعيف، فيه أبو العشراء الدارمي، قال الذهبي في "الميزان" لا يدرى من هو ولا من أبوه.

ثم قال الذهبي في "الميزان""2/ 583": ورواه أبو داود في غير سننه عن زبنج، عن عبد الرحمن بن قيس، قال أبو بكر بن أبي داود، قال أبي: ذكرته لأحمد بن حنبل فاستحسنه، وقال: هذا من حديث الأعراب أمله علي. قال: فكتبه عني. وراجع أخي القارئ لزامًا ما كتبه الحافظ في "الفتح""9/ 595 - 597" في كتاب العقيقة باب العتيرة.

ص: 131

قلت:

‌2140 - أبوه

(1)

: " بخ"

يروى عن: مالك بن مغول ومسعر، وأسامة بن زيد الليثي، ويونس ابن أبي إسحاق.

روى عنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن حميد.

وثقه أبو حاتم. مات قبل المائتين.

روى له البخاري في كتاب "الأدب".

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 581"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 456"، وتهذيب التهذيب "8/ 258"، وتقريب التهذيب "2/ 107"، وخلاصة الخزرجي" 2/ ترجمة 5692"،

ص: 131

‌2141 - إسحاق بن بُهْلُول

(1)

:

ابن حسان الحافظ الثقة العلامة أبو يعقوب التنوخي الأنباري.

مولده: بالأنبار، في سنة أربع وستين ومائة.

سمع: أباه، وسفيان بن عيينة، وأبا معاوية الضرير، ويحيى بن سعيد القطان، وإسماعيل بن علية، ووكيع بن الجراح وشعيب بن حرب، وإسحاق الأزرق، وأبا ضمرة أنس بن عياض، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن آدم، وخلقًا كثيرًا وكان أحد، أوعية العلم.

حدث عنه: إبراهيم الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر الفريابي ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو عبد الله المحاملي ويوسف بن يعقوب بن إسحاق الأزرق حفيده وآخرون.

قال أبو بكر الخطيب: صنف كتابًا في القرءات، وصنف المسند وصنف كتابًا في الفقه، وله مذاهب اختارها. يعني: أنه يجتهد ولا يقلد أحدًا. إلى أن قال: وكان ثقة.

قال ولده بهلول بن إسحاق: استدعى المتوكل أبي إلى سر من رأى، حتى سمع: منه، ثم أمر فنصب له منبر، وحدث في الجامع وأقطعه إقطاعًا مغله في العام اثنا عشر ألفًا، ووصله بخمسة آلاف في السنة فكان يأخذها، وأقام إلى أن قدم المستعين بغداد فخاف أبي من الأتراك أن يكبسوا الأنبار فانحدر إلى بغداد، ولم يحمل معه كتبه فطالبه محمد بن عبد الله بن طاهر أن يحدث فحدث ببغداد من حفظه بخمسين ألف حديث لم يخطئ في شيء منها.

روى هذه القصة أحمد بن يوسف الأزرق عن عمه، إسماعيل بن يعقوب عن عمه بهلول.

وقال أبو طالب أحمد بن محمد بن إسحاق بن البهلول: تذاكرت أنا، وابن صاعد ما حدث به جدي ببغداد فقلت له: قال أنيس المستملي: إنه حدث من حفظه بأربعين ألف حديث فقال ابن صاعد: لا يدري أنيس ما قال، حدث إسحاق بن البهلول من حفظه ببغداد بأكثر من خمسين ألف حديث.

قلت: كذا فليكن الحفظ، وإلا فلا قنعنا اليوم بالاسم بلا جسم فلو رأى الناس في، وقتنا من يروي ألف حديث بأسانيدها حفظًا لانبهروا له.

مات إسحاق بن بهلول الحافظ بالأنبار في ذي الحجة في سنة اثنتين وخمسين ومائتين وقد قارب التسعين.

قرأت على عبد الحافظ بنابلس، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن البطي، أخبرنا على بن محمد بن محمد الأنباري، حدثنا أبو أحمد الفرضي، حدثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق،

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 736"، وتاريخ بغداد "6/ 366"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 535"، والعبر "2/ 3"، والوافي بالوفيات لصلاح الصفدي "8/ 408"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".

ص: 132

حدثنا جدي، حدثنا إسحاق الأزرق، عن عوف، عن ابن سيرين عن حكيم بن حزام قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي

(1)

.

أخبرنا عبد الحافظ، ويوسف الغسولي قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا ابن البناء، أخبرنا ابن البسري، أخبرنا المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إسحاق بن بهلول، حدثنا إسحاق الأزرق، أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: حججت مع رسول صلى الله عليه وسلم فلم يصم يوم عرفة ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 402 - 403"، وأبو داود "3503"، والترمذي "1232"، والنسائي "7/ 289"، وابن ماجه "2187"، والبيهقي "5/ 267 و 317 و 339"، والطبراني في "الكبير "3097 - 3105".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "751"، وأحمد "2/ 47 و 50"، من طريق ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عمر، به.

ص: 133

‌2142 - حُنَيْن بن إسحاق

(1)

:

العبادي النصراني علامة وقته في الطب، وكان بارعًا في لغة اليونان.

عرب كتاب إقليدس وله تصانيف عدة.

مات في صفر سنة ستين ومائتين.

وكان ابنه إسحاق بن حنين من كبار الأطباء أيضًا.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 209"، والعبر "2/ 20"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 24".

ص: 133

‌2143 - المُزَنِي

(1)

:

الإمام، العلامة فقيه الملة، علم الزهاد، أبو إبراهيم إسماعيل، بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم المزني المصري تلميذ الشافعي.

مولده في سنة موت الليث بن سعد سنة خمس وسبعين ومائة.

حدث عن: الشافعي، وعن علي بن معبد بن شداد، ونعيم بن حماد وغيرهم.

وهو قليل الرواية، ولكنه كان رأسًا في الفقه.

حدث عنه: إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة، وأبو الحسن بن جوصا وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو جعفر الطحاوي وأبو نعيم بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبو الفوارس بن الصابوني وخلق كثير من المشارقة، والمغاربة.

وامتلأت البلاد بـ"مختصره" في الفقه وشرحه عدة من الكبار بحيث يقال: كانت البكر يكون في جهازها نسخة بـ"مختصر" المزني.

أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا زيد بن الحسن كتابة، أخبرنا أبو الحسن بن عبد السلام، حدثنا الفقيه أبو إسحاق قال: فأما الشافعي رحمه الله فقد انتقل فقهه إلى أصحابه فمنهم أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق المزني مات بمصر في سنة أربع، وستين ومائتين قال: وكان زاهدًا عالمًا مناظرًا محجاجًا غواصًا على المعاني الدقيقة صنف كتبًا كثيرة: الجامع الكبير، و الجامع الصغير والمنثور والمسائل المعتبرة، والترغيب في العلم، وكتاب الوثائق.

قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي.

قلت: بلغنا أن المزني كان إذا فرغ من تبييض مسألة وأودعها "مختصره" صلى لله ركعتين.

وروي أن القاضي بكار بن قتيبة قدم على قضاء مصر، وكان حنفيًّا فاجتمع بالمزني مرة فسأله رجل من أصحاب بكار فقال: قد جاء في الأحاديث تحريم النبيذ، وجاء تحليله فلم قدمتم التحريم? فقال المزني: لم يذهب أحد إلى تحريم النبيذ في الجاهلية ثم حلل لنا، ووقع الاتفاق على أنه كان حلالًا فحرم فهذا يعضد أحاديث التحريم فاستحسن بكار ذلك منه.

قلت: وأيضًا فأحاديث التحريم كثيرة صحاح، وليس كذلك أحاديث الإباحة.

قال عمرو بن تميم المكي: سمعت محمد بن إسماعيل الترمذي قال: سمعت المزني يقول: لا يصح لأحد توحيد حتى يعلم أن الله تعالى على العرش بصفاته قلت له: مثل أي شيء? قال: سميع بصير عليم.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن شاذان سمعت محمد بن

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 688"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 932"، والعبر "2/ 28". واللباب لابن الأثير "3/ 205"، والنجوم الزاهرة "3/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 148".

ص: 134

على الكتاني، وسمعت عمرو بن عثمان المكي يقول: ما رأيت أحدًا من المتعبدين في كثرة من لقيت منهم أشد اجتهادًا من المزني، ولا أدوم على العبادة منه وما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا للعلم، وأهله منه وكان من أشد الناس تضييقًا على نفسه في الورع، وأوسعه في ذلك على الناس وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي.

قلت: وبلغنا أن المزني رحمه الله كان مجاب الدعوة ذا زهد، وتأله أخذ عنه خلق من العلماء وبه انتشر مذهب الإمام الشافعي في الآفاق.

يقال: كان إذا فاتته صلاة الجماعة، صلى تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرة.

وكان يغسل الموتى تعبدًا واحتسابًا، وهو القائل: تعانيت غسل الموتى ليرق قلبي فصار لي عادة، وهو الذي غسل الشافعي رحمه الله.

قال ابن أبي حاتم: سمعت من المزني، وهو صدوق.

وقال أبو سعيد بن يونس: ثقة كان يلزم الرباط.

توفي في رمضان، لست بقين منه، سنة أربع وستين ومائتين وله تسع، وثمانون سنة.

قلت: ومن جلة تلامذته: العلامة أبو القاسم عثمان بن بشار الأنماطي شيخ ابن سريج، وشيخ البصرة زكريا بن يحيى الساجي، ولم يل قضاء وكان قانعًا شريف النفس.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن الحنبلي غير مرة، أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن البن الأسدي سنة ثلاث وعشرين، أخبرنا جدي الحسين، أخبرنا علي بن محمد بن علي الشافعي سنة أربع وثمانين وأربع مائة، أخبرنا محمد بن الفضل الفراء بمصر، حدثنا أبو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة، أخبرنا المزني، حدثنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقيل: إنك تواصل? فقال: "لست مثلكم إني أطعم وأسقى"

(1)

.

وبالإسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له"

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 300"، والبخاري "1962"، ومسلم "1102"، وأبو داود "2360".

(2)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 286"، والبخاري "1900"، ومسلم "1080"، "3"، وأبو داود "2320"، والنسائي "4/ 134".

ص: 135

وبه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حر وعبد ذكر أو أنثى من المسلمين

(1)

متفق عليها.

أخبرنا ابن الفراء، أخبرنا ابن البن، أخبرنا جدي، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا ابن نظيف قال: قال لنا أبو الفوارس السندي: ولدت في المحرم سنة خمس وأربعين ومائتين وأول ما سمعت الحديث، ولي عشر سنين.

قال: ومات المزني سنة (264)، وتوفي الربيع سنة سبعين ومائتين قال: وكانا رضيعين بينهما ستة أشهر يعني في المولد.

قال: ومات في سنة أربع أيضًا أحمد ابن أخي ابن، وهب ويونس بن عبد الأعلى، ويزيد بن سنان.

(1)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 283"، والبخاري "1503"، ومسلم "984"، وأبو داود "1611" والترمذي "676"، والنسائي "55/ 48"، وابن ماجه "1825"، "1826".

ص: 136

‌2144 - محمد بن عبد الله بن عبد الحكم

(1)

: " س"

ابن أعين بن ليث، الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله المصري الفقيه.

ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة.

وسمع: من: عبد الله وهب بعناية أبيه به، ومن أبي ضمرة الليثي وابن أبي فديك وأيوب بن سويد، وبشر بن بكر وأشهب بن عبد العزيز، ووالده عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث، وأبي عبد الرحمن المقرئ والشافعي، وإسحاق بن الفرات وحرملة بن عبد العزيز، ويحيى بن سلام وسعيد بن بشير القرشي، وعبد الله بن نافع الصائغ وحجاج بن رشدين، وطائفة.

وعنه: النسائي في "سننه" وابن خزيمة، وابن صاعد وعمرو بن عثمان المكي، وأبو بكر بن زياد وأبو جعفر الطحاوي، وعلى بن أحمد علان وإسماعيل بن داود بن وردان وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبو العباس الأصم، وخلق كثير.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1630"، والكاشف "3/ ترجمة 5036"، والعبر "1/ 345"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7815"، وتهذيب التهذيب "9/ 260"، وتقريب التهذيب "2/ 154"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6375"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 154"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 65".

ص: 136

وكان عالم الديار المصرية في عصره مع المزني. وثقه النسائي وقال مرة: لا بأس به.

وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم.

وقال: كان أعلم من رأيت على أديم الأرض بمذهب مالك، وأحفظهم له سمعته يقول: كنت أتعجب ممن يقول في المسائل: لا أدري.

ثم قال ابن خزيمة: وأما الإسناد فلم يكن يحفظه، وكان من أصحاب الشافعي وكان ممن يتكلم فيه فوقعت بينه، وبين البويطي وحشة في مرض الشافعي فحدثني أبو جعفر السكري صديق الربيع قال لما مرض الشافعي رحمه الله جاء ابن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي فقال البويطي: أنا أحق به منك فجاء الحميدي وكان بمصر فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من البويطي، وليس أحد من أصحابي أعلم منه فقال له ابن عبد الحكم: كذبت فقال الحميدي: كذبت أنت، وأبوك وأمك وغضب ابن عبد الحكم فترك مجلس الشافعي.

قال: فحدثني ابن عبد الحكم قال: كان الحميدي معي في الدار نحوًا من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة ثم أبوا إلَّا أن يوقعوا بيننا ما، وقع.

هذه الحكاية رواها الحاكم عن حسينك عن ابن خزيمة.

وعن أبي إبراهيم المزني قال: نظر الشافعي إلى محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وقد ركب دابته فأتبعه بصره وقال: وددت أن لي، ولدًا مثله وعلي ألف دينار لا أجد قضاءها.

قال أبو الشيخ: حدثنا عمرو بن عثمان المكي قال: رأيت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يصلي الضحى فكان كلما صلى ركعتين سجد سجدتين فسأله من يأنس به فقال: أسجد شكرًا لله على ما أنعم به علي من صلاة الركعتين.

قال ابن أبي حاتم: ابن عبد الحكم ثقة صدوق أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك. قلت: قد تفقه بمالك ولزمه مدة وهو أيضًا في عداد أصحابه الكبار.

أخبرني عمر بن عبد المنعم عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا علي بن عبد السلام، أخبرنا الشيخ أبو إسحاق الشيرازي قال: حمل محمد في محنة القرآن إلى ابن أبي داود ولم يجب إلى ما طلب منه ورد إلى مصر وانتهت إليه الرئاسة بمصر يعني: في العلم وذكر غيره أن ابن عبد الحكم ضرب فهرب واختفى.

ص: 137

وقد نالته محنة أخرى صعبة مرت في "تاريخنا الكبير" في ترجمة أخيه عبد الحكم، الرجل الصالح. قال أبو سعيد بن يونس: عذب عبد الحكم، في السجن، ودخن عليه، فمات في سنة سبع وثلاثين ومائتين لكونه اتهم بودائع لعلي بن الجروي.

وقال ابن أبي دليم: لم يكن في الإخوة أفقه من عبد الحكم، وقيل: إن بني عبد الحكم غرموا في نوبة ابن الجروي أكثر من ألف ألف دينار استصفيت، أموالهم ونهبت منازلهم ثم بعد مدة أطلقهم المتوكل، ورد إليهم البعض وسجن القاضي الأصم الذي ظلمهم، وحلقت لحيته وضرب، وطيف به على حمار.

قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان محمد هو المفتي بمصر في أيامه.

قلت: له تصانيف كثيرة منها: كتاب في الرد على الشافعي، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب الرد على فقهاء العراق، وغير ذلك.

وما زال العلماء قديمًا وحديثًا يرد بعضهم على بعض في البحث، وفي التواليف وبمثل ذلك يتفقه العالم وتتبرهن له المشكلات، ولكن في زماننا قد يعاقب الفقيه إذا اعتنى بذلك لسوء نيته، ولطلبه للظهور والتكثر فيقوم عليه قضاة، وأضداد نسأل الله حسن الخاتمة، وإخلاص العمل.

وقد كان ابن عبد الحكم مع عظمته بمصر يركب حميرًا ضعيفًا، ويتواضع في أموره وكان أبوه كما قلنا من كبار الفقهاء من تلامذة مالك.

قال ابن يونس: مات محمد في يوم الأربعاء نصف ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائتين، وصلى عليه القاضي بكار بن قتيبة.

قلت: وله مصنف في أدب "القضاة" مفيد.

أخبرتنا خديجة بنت علي، أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا عبد المنعم بن الفراوي، أخبرنا عبد الغفار الشيروي، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عذبت امرأة في هرة أمسكتها حتى ماتت من الجوع فلم تكن تطعمها، ولا ترسلها فتأكل من خشاش الأرض"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2243" من طرق عن هشام، به.

وأخرجه مسلم "2619"، وأحمد "317" من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، به.

ص: 138

‌2145 - بَحْر بن نَصْر

(1)

:

ابن سابق الإمام المحدث الثقة أبو عبد الله الخولاني مولاهم، المصري.

حدث عن: عبد الله بن وهب، وضمرة بن ربيعة، وأيوب بن سويد وبشر بن بكر ومحمد بن إدريس الشافعي، وأشهب بن عبد العزيز وطائفة.

حدث عنه: أبو جعفر الطحاوي وابن خزيمة، وابن زياد النيسابوري وأبو عوانة، وابن جوصا وابن أبي حاتم وأحمد بن مسعود الزنبري، ومحمد بن بشر الزبيري العكري، وأبو العباس الأصم، وأحمد بن عبد الله البهنسي العطار وأحمد بن علي بن شعيب، وأحمد بن محمد بن أسيد الأصبهاني، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي الصفار، وأحمد بن محمد بن شاهين وأبو حامد بن بلال النيسابوري، وأبو الفوارس بن السندي، وآخرون وروى عنه النسائي في تأليفه لأحاديث مالك بواسطة فروى عن خياط السنة زكريا عنه.

وثقه ابن أبي حاتم، وغيره.

مات في شعبان، سنة سبع وستين ومائتين وقال الطحاوي: مولده هو والمزني والربيع المرادي، في سنة أربع وسبعين ومائة.

أخبرنا إسماعيل بن عميرة، أخبرنا أبو محمد بن البن، أخبرنا جدي أبو القاسم، أخبرنا علي بن محمد، حدثنا محمد بن نظيف، حدثنا أبو الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب عن مالك ويونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للوزغ:"الفويسق"

(2)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1660"، والعبر "2/ 35"، وتهذيب التهذيب "1/ 420" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 152".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3306"، ومسلم "2239".

ص: 139

‌2146 - إبراهيم بن مُنْقِذ

(1)

:

ابن إبراهيم بن عيسى، الإمام الحجة الخولاني أبو إسحاق مولاهم المصري العصفري.

سمع: عبد الله بن وهب، وأبا عبد الرحمن المقرئ، وإدريس بن يحيى الزاهد.

حدث عنه: أبو محمد بن صاعد، وأبو العباس الأصم، وأبو الفوارس أحمد بن محمد السندي، وجماعة.

قال أبو سعيد بن يونس: هو ثقة، رضى.

مات في ربيع الآخر، سنة تسع وستين ومائتين.

أخبرنا العماد عبد الحافظ ويوسف بن غالية، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إبراهيم بن منقذ بمصر، حدثنا ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه سمعت يونس بن يوسف، عن ابن المسيب قال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو عز وجل ثم يباهي بهم الملائكة"

(2)

إسناده حسن.

وفيها مات أحمد بن عبد المجيد الحارثي، وحذيفة بن غياث الأصبهاني وعبد الله بن حماد الآملي، وأبو فروة يزيد بن محمد الرهاوي، وأبو حمزة البغدادي الزاهد.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 468"، والعبر "2/ 40".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1348"، والنسائي "5/ 251 - 252"، وابن ماجه "3014" من طريق ابن وهب، به.

ص: 140

‌2147 - سعيد بن مسعود

(1)

:

ابن عبد الرحمن المحدث، المسند أبو عثمان المروزي أحد الثقات.

حدث عن: النضر بن شميل، ويزيد بن هارون، ويعقوب بن إبراهيم، وشبابة، وروح بن عبادة، وأزهر بن سعد السمان.

وعنه: عمر بن أحمد بن علك، ومحمد بن نصر الفقيه، ومحمد بن أحمد المحبوبي، وأهل مرو.

توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين، وكان من أبناء التسعين.

(1)

لم أقف على من ترجم له.

ص: 140

‌2148 - العِجْلي

(1)

:

الإمام الحافظ الأوحد الزاهد، أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي، الكوفي، نزيل مدينة أطرابلس المغرب، وهي أول مدائن المغرب بينها، وبين الإسكندرية مسيرة شهر ثم منها يسير غربًا إلى مدينة تونس التي هي اليوم قاعدة إقليم إفريقية.

مولده بالكوفة، في سنة اثنتين وثمانين، ومائة.

سمع: من: حسين الجعفي، وشبابة بن سوار، وأبي داود الحفري، ويعلى بن عبيد وأخيه محمد بن عبيد، ومحمد بن يوسف الفريابي، ووالده الإمام عبد الله بن صالح المقرئ وعفان وطبقتهم.

حدث عنه: ولده؛ صالح بن أحمد وسعيد بن عثمان الأعناقي ومحمد بن فطيس وعثمان بن حديد الإلبيري وسعيد بن إسحاق.

ولم أظفر بحديث من روايته.

وله مصنف مفيد في الجرح والتعديل طالعته وعلقت منه فوائد تدل على تبحره بالصنعة وسعة حفظه.

وقد ذكر العباس بن محمد الدوري فقال: ذلك كنا نعده مثل أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين.

ومن كلام أحمد بن عبد الله قال: من آمن برجعة علي رضي الله عنه فهو كافر ومن قال: القرآن مخلوق فهو كافر.

وقيل: إنه فر إلى المغرب لما ظهر الامتحان بخلق القرآن فاستوطنها، وولد له بها.

وقال بعض العلماء: لم يكن لأبي الحسن أحمد بن عبد الله عندنا بالمغرب شبيه، ولا نظير في زمانه في معرفة الغريب، وإتقانه وفي زهده وورعه.

وقال المؤرخ العالم أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم القيرواني: سألت مالك بن عيسى العفصي الحافظ: من أعلم من رأيت بالحديث? قال: أما في الشيوخ فأحمد بن عبد الله العجلي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 214"، تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 582"، والعبر "2/ 21"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 79"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 141".

ص: 141

وقال محمد بن أحمد بن غانم الحافظ: سمعت أحمد بن معتب مغربي ثقة يقول: سئل يحيى بن معين عن أحمد بن عبد الله بن صالح فقال: هو ثقة ابن ثقة.

وقال بعضهم: إنما سكن أحمد بن عبد الله بأطرابلس للتفرد، والعبادة وقبره هناك على الساحل، وقبر، ولده صالح إلى جنبه.

وقال أحمد العجلي: رحلت إلى أبي داود الطيالسي فمات قبل قدومي البصرة بيوم.

مات أحمد سنة إحدى وستين ومائتين، ومات ابنه صالح في سنة اثنتين، وعشرين وثلاث مائة.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا، حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله، حدثني أبي، حدثني أبي قال: جاء رجل إلى سفيان الثوري فقال له: اكتب لي إلى الأوزاعي يحدثني فقال: أما إني أكتب لك ولا أراك تجده إلَّا ميتًا لأني رأيت ريحانة رفعت من قبل المغرب ولا أراه إلَّا موت الأوزاعي فأتاه فإذا هو قد مات.

ص: 142

‌2149 - الوَزْدُولي

(1)

:

الإمام الكبير الحافظ الثبت أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن موسى الجرجاني العصار الوزدولي صاحب "المسند".

سمع من: عبيد الله بن موسى وآدم بن أبي إياس ومسلم بن إبراهيم وطبقتهم.

حدث عنه: عبد الرحمن بن عبد المؤمن وإبراهيم بن موسى الجرجانيان ومحمد بن جعفر البصري وآخرون.

وكان أحد الثقات.

مات في سنة تسع وخمسين ومائتين.

يقع حديثه في صحيح "الإسماعيلي".

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 585"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 140".

ص: 142

‌2150 - قُبَّيْطَة

(1)

:

الحافظ المتقن الإمام، أبو علي الحسن بن سليمان البصري، نزيل مصر.

سمع: أبا نعيم وأبا غسان النهدي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وأبا صالح وأقرانهم.

حدث عنه: الإمام ابن خزيمة، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، والطحاوي وعدة.

ووصفه أبو سعيد بن يونس بالحفظ، وقال: مات بمصر في سنة إحدى وستين ومائتين.

‌2151 - الحَارِثي

(2)

:

المحدث الصدوق أبو جعفر أحمد بن عبد الحميد بن خالد الحارثي الكوفي.

سمع: عبد الحميد الحماني وأبا أسامة وحسينًا الجعفي، وجعفر بن عون.

وعنه: أبو عوانة وابن عقدة وابن الأعرابي والأصم وعدة.

توفي في شوال سنة تسع وستين ومائتين.

‌2152 - يحيى بن عَبْدَك

(3)

:

الإمام الحافظ الثقة، محدث قزوين أبو زكريا يحيى بن عبد الأعظم القزويني، عالم مصنف كبير القدر من نظراء ابن ماجه لكنه أسند وأسن.

سمع: أبا عبد الرحمن المقرئ، وعفان والقعنبي وعبد الله بن رجاء والحميدي، وحسان بن حسان وطبقتهم.

حدث عنه: أبو نعيم بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وجعفر بن إدريس إمام الحرم، وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة، وآخرون.

قال أبو يعلى الخليلي: ثقة متفق عليه.

توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 596"، ولسان الميزان "2/ 214".

(2)

لم أقف له على ترجمة فيما بين يدي من مصادر.

(3)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 711"، والعبر "2/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 162".

ص: 143

أخبرنا عمر بن عبد المنعم غير مرة، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي، وأنا في الرابعة، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، أخبرنا جعفر بن إدريس القزويني بمكة، حدثنا يحيى بن عبدك، حدثنا حسان بن حسان البصري، حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن زر عن علي رضي الله عنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلَّا مؤمن ولا يبغضني إلَّا منافق

(1)

.

غريب عن شعبة والمشهور حديث الأعمش عن عدي.

فمعناه: أن حب علي من الإيمان، وبغضه من النفاق فالإيمان ذو شعب، وكذلك النفاق يتشعب فلا يقول عاقل: إن مجرد حبه يصير الرجل به مؤمنًا مطلقًا ولا بمجرد بغضه يصير به الموحد منافقًا خالصًا فمن أحبه وأبغض أبا بكر كان في منزلة من أبغضه وأحب أبا بكر فبغضهما ضلال، ونفاق، وحبهما هدى وإيمان والحديث ففي صحيح مسلم.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "78" من طريق الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر، عن علي، به.

ص: 144

‌2153 - أبو حفص النَّيْسابوري

(1)

:

الإمام القدوة الرباني شيخ خراسان أبو حفص، عمرو بن سلم وقيل: عمر وقيل: عمرو بن سلمة النيسابوري الزاهد.

روى عن: حفص بن عبد الرحمن الفقيه.

أخذ عنه: تلميذه؛ أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري، وأبو جعفر أحمد بن حمدان الحافظ، وحمدون القصار، وطائفة.

قال أبو نعيم: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا أبي قال: قال الأستاذ أبو حفص: المعاصي بريد الكفر كما أن الحمى بريد الموت.

وحدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: كان أبو حفص حدادًا فكان غلامه ينفخ عليه الكير مرة فأدخل أبو حفص يده فأخرج الحديد من النار فغشي على الغلام فترك أبو حفص الحانوت وأقبل على أمره.

وقيل إن أبا حفص دخل على مريض فقال المريض: آه فقال أبو حفص: ممن?

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1304"، والعبر "2/ 31"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 561"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 150"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 53".

ص: 144

فسكت، فقال أبو حفص: مع من? قال: فكيف أقول? قال: لا يكن أنينك شكوى، ولا سكوتك تجلدًا، ولكن بين ذلك.

وعن أبي حفص قال: حرست قلبي عشرين سنة ثم حرسني عشرين سنة ثم، وردت علي وعليه حالة صرنا محروسين جميعًا.

قيل لأبي حفص: من الولي? قال: من أيد بالكرامات، وغيب عنها.

قال الخلدي: سمعت الجنيد ذكر أبا حفص النيسابوري، فقال صاحب للحلاج: نعم يا أبا القاسم كانت له حال إذا لبسته مكث اليومين، والثلاثة لا يمكن أحد أن ينظر إليه فكانوا يدعونه حتى يزول ذلك عنه.

وبلغني أنه أنفد في يوم واحد بضعة عشر ألف دينار يفتك بها أسرى، فلما أمسى لم يكن له عشاء.

قال المرتعش: دخلت مع أبي حفص على مريض فقال: ما تشتهي? قال: أن أبرأ فقال لأصحابه: احملوا عنه فقام معنا، وأصبحنا نعاد في الفرش.

قال السلمي: أبو حفص كان حدادًا وهو أول من أظهر طريقة التصوف بنيسابور.

سمعت عبد الله بن علي سمعت أبا عمرو بن علوان، وسألته: هل رأيت أبا حفص عند الجنيد? فقال: كنت غائبًا لكن سمعت الجنيد يقول: أقام أبو حفص عندي سنة مع ثمانية فكنت أطعمهم طعامًا طيبًا، وذكر أشياء من الثياب فلما أرادوا السفر كسوتهم فقال لي: لو جئت إلى نيسابور علمناك السخاء، والفتوة ثم قال: عملك كان فيه تكلف إذا جاء الفقراء فكن معهم بلا تكلف إن جعت جاعوا وإن شبعت شبعوا.

قال الخلدي: لما قاله أبو حفص للجنيد: لو دخلت نيسابور علمناك كيف الفتوة، قيل له: ما الذي رأيت منه? قال: صير أصحابي مخنثين كان يتكلف لهم الألوان وإنما الفتوة ترك التكلف.

وقيل: كان في خدمة أبي حفص شاب يلزم السكوت فسأله الجنيد عنه فقال: هذا أنفق علينا مائة ألف واستدان مائة ألف ما سألني مسألة إجلالًا لي.

قال أبو علي الثقفي: كان أبو حفص يقول: من لم يزن أحواله كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره فلا تعده.

ص: 145

وفي "معجم بغداد" للسلفي، قيل: قدم ولدان لأبي حفص النيسابوري فحضرا عند الجنيد فسمعا قوالين فماتا فجاء أبوهما، وحضر عند القوالين فسقطا ميتين.

ابن نجيد: سمعت أبا عمرو الزجاجي يقول: كان أبو حفص نور الإسلام في وقته.

وعن أبي حفص: ما استحق اسم السخاء من ذكر العطاء، ولا لمحه بقلبه.

وعنه: الكرم طرح الدنيا لمن يحتاج إليها، والإقبال على الله بحاجتك إليه أحسن ما يتوسل به العبد إلى مولاه الافتقار إليه، وملازمة السنة وطلب القوت من حله.

توفي الأستاذ أبو حفص سنة أربع وستين ومائتين وقيل: سنة خمس رحمة الله عليه.

ص: 146

‌2154 - الصَّفَّار

(1)

:

الملك، أبو يوسف يعقوب بن الليث السجستاني، المستولي على خراسان.

قيل: كان هو وأخوه عمرو بن الليث يعملان في النحاس فتزهدا، وجاهدا مع صالح المطوعي المحارب للخوارج.

قال ابن الأثير: غلب صالح على سجستان ثم استنقذها منه طاهر بن عبد الله بن طاهر، فظهر بها درهم بن حسين المطوعي فاستولى أيضًا عليها، وجعل يعقوب بن الليث قائد عسكره ثم رأى أصحاب درهم عجزه فملكوا يعقوب لحسن سياسته، فأذعن لهم درهم، واشتهرت صولة يعقوب، وغلبه على هراة وبوشنج وحارب الترك وظفر برتبيل فقتله، وقتل ثلاثة ملوك ورجع معه ألوف من الرؤوس فهابته الملوك، وكان بوجهه ضربة سيف مخيطة.

بعث هدية إلى المعتز منها مسجد فضة يسع خمسة عشر نفسًا يحمل عل قطار جمال ثم إنه حارب متولي فارس، ونصر عليه وقتل رجاله فكتب إليه الصلحاء ينكرون عليه تسرعه في الدماء، وحاصرهم وأخذ شيراز فأمنهم، وأخذ من متوليها أربع مائة بدرة وعذبه، ورد إلى سجستان فجبى الأموال.

وكان يحمل إلى المعتمد في العام خمسة آلاف ألف درهم وقنع المعتمد بمداراته.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 828"، والعبر "2/ 19 و 24"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 35"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 150"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 56".

ص: 146

ثم أخذ بلخ ونيسابور، وأسر متوليها ابن طاهر في ستين نفسًا من آله وقصد جرجان فهزم المعتز عليها الحسن بن زيد العلوي، وغنم منه ثلاث مائة حمل مال وأخذ آمل ثم التقاه العلوي فهزم يعقوب ثم دخل جرجان فظلم، وعسف فجاءت زلزلة قتلت من جنده ألفين.

واستغاث جماعة جرجانيون ببغداد من يعقوب فعزم المعتمد على حربه ونفذ كتبًا إلى أعيان خراسان، وبذم يعقوب وبأن يهتموا لاستئصاله فكاتب المعتمد يخضع ويراوغ، ويطلب التقليد بتوليه المشرق ففعل المعتمد ذاك، وأخوه الموفق لاشتغالهم بحرب الزنج.

وأقبل يعقوب ليملك العراق، وبرز المعتمد فالتقى الجمعان بدير العاقول، وكشف الموفق الخوذة، وحمل وقال: أنا الغلام الهاشمي، وكثرت القتلى فانهزم يعقوب وجرح أمراؤه وذهبت خزائنه، وغرق منهم خلق في نهر.

وقال أبو الساج ليعقوب: ما رأيت منك شيئًا من تدبير الحرب، فكيف غلبت الناس? فإنك تركت ثقلك، وأسراءك أمامك، وقصدت بلدًا على جهل منك بأنهاره ومخائضه، وأسرعت وأحوال جندك مختلة? قال: لم أظن أني محارب، ولم أشك في الظفر.

قال أبو الفرج الأصبهاني: لم تزل كتب يعقوب تصل إلى المعتمد بالمراوغة، ويقول: عرفت أن نهوض أمير المؤمنين ليشرفني، ويتلقاني والمعتمد يبعث يحثه على الانصراف فما نفع ثم عبأ المعتمد جيوشه، وشقوا المياه على الطرق فكان ذلك سبب كسرتهم وتوهم الناس أن انهزامه مكيدة فما تبعوه، وخلص ابن طاهر فجاء في قيده إلى بين يدي المعتمد، وكان بعض جيوش يعقوب نصارى وكان المصاف في رجب سنة فذهب يعقوب إلى، واسط ثم إلى تستر فأخذها، وتراجع جيشه وعظمت وطأته وكاد أن يملك الدنيا ثم كان موته بالقولنج، ووصفت له حقنة فأبى وتلف بعد أسبوعين وكان المعتمد قد بعث إليه رسولًا يترضاه، ويتألفه وكان العلوي صاحب جرجان يسميه: يعقوب السندان من ثباته وقل أن رئي متبسمًا.

مات بجنديسابور في سنة خمس وستين ومائتين.

أخوه صاحب خرسان.

ص: 147

‌2155 - عمرو بن الليث الصَّفَّار

(1)

:

قيل: كان ضرابًا في الصفر، وقيل: بل مكاري حمير فآل به الحال إلى السلطنة.

تملك بعد أخيه، وأحسن السياسة وعدل وعظمت دوله، وأطاع الخليفة كان ينفق كل ثلاثة أشهر في جيشه فيحضر بنفسه عند عارض الجيش، والأموال كدوس فأول ما ينادي النقيب عمرو بن الليث فيقدم فرسه إلى العارض بعدتها فيتفقدها، ثم يزن له ثلاث مائة درهم ويضعها بين يديه فيضعها في خفه ويقول: الحمد الله الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين حتى استوجبت العطاء فيكون لمن يقلعه خفه. ثم يدعى بعده بالأمراء وبخيولهم وعددهم فمن أخل بشيء منع رزقه.

وقيل: كان في خدمة زوجته ألف وسبع مائة جارية.

ثم بغى عمرو على والي سمرقند إسماعيل بن أحمد بن أسد، وقصده فخضع له، وقال: أنا في ثغر قد قنعت به وأنت معك الدنيا فدعني فما تركه فبادر إسماعيل في الشتاء ودهم عمرًا فخارت قواه، وشرع في الهزيمة فأسروه.

قال نفطويه: حدثنا محمد بن أحمد أن السبب في انهزام عمرو من بلخ أن أهلها ملوا من جنده، ومن ظلمهم وأقبل إسماعيل فأخذ أصحاب عمرو بن الليث في الهزيمة فركبت عساكر إسماعيل ظهورهم، وتوحلت بعمرو دابته فأسر فأتي به إسماعيل فاعتنقه، وخدمه وقال: ما أحببت أن يجري هذا ثم بالغ في احترامه فقال: احلف لي، ولا تسلمني فحلف له لكن جاء رسول المعتضد بالخلع، والتقليد لإسماعيل ويطلب عمرًا فقال: أخاف أن يخرج عليكم عسكر يخلصونه فجميع عساكر البلاد في طاعته لقد كتب إلي، وما كناني بل قال: يا ابن أحمد والله لو أردت أن أعمل جسرًا على نهر بلخ من ذهب لفعلت، وصرت إليك حتى آخذك فكتبت إليه: الله بيني وبينك وأنا رجل ثغري مصاف للترك لباسي الكردوائي الغليظ ورجالي خشر بغير رزق، وقد بغيت علي ثم سلمة إلى الرسول، وقال: إن حاربكم أحد لأجله فاذبحوه فبقي يصوم، ويبكي ويخرج رأسه من العمارية ويقول للناس: يا سادتي ادعوا لي بالفرج فأدخل بغداد علي بختي عليه جبة ديباج وبرنس السخط ثم قال له المعتضد: هذا بيعتك يا عمرو! ثم اعتقله فقتله القاسم عبيد الله الوزير يوم موت المعتضد سنة تسع وثمانين ومائتين وكان دولته نيفًا وعشرين سنة.

حكى القشيري: أن عمرو بن الليث رئي، فقيل: ما فعل الله بك? قال: أشرفت يومًا من جبل على جيوشي فأعجبني كثرتهم فتمنيت أنني كنت حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصرته وأعنته فشكر الله لي وغفر لي.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ 415"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 40".

ص: 148

‌2156 - ابن أبي الشوارب

(1)

:

قاضي القضاة، أبو محمد، الحسن بن المحدث محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي أحد العلماء الأجواد الممدحين.

ولي قضاء المعتمد وقد ناب في قضاء سامراء سنة أربعين ومائتين.

وكان يضرب بسخائه المثل، وهو من بيت رئاسة وإمرة وعلم فجدهم عتاب بن أسيد متولي مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن صالح بن دراج الكاتب، قال: كان المعتز يقول: ما رأيت أحدًا أفضل من الحسن بن أبي الشوارب، ولا أحسن وفاء ما حدثني قط فكذبني، ولا ائتمنته على سر أو غيره فخانني.

قال محمد بن جرير: مات بمكة بعد قضاء حجه في ذي الحجة سنة إحدى وستين ومائتين.

قلت: عاش أربعًا وخمسين سنة.

يروي عن نحو سليمان بن حرب، وأبي الوليد.

لم يقع لنا من روايته.

فأما أخوه قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد فبقي إلى سنة بضع وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 401"، والعبر "2/ 22"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 34"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 142"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 27".

ص: 149

‌2157 - جَلْوَان

(1)

:

ابن سمرة بن ماهان بن خاقان بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، الإمام المحدث أبو الطيب الأموي البخاري.

سمع: أبا عبد الرحمن المقرئ، والقعنبي وأحمد بن حفص الفقيه، وسعيد بن منصور وأبا مقاتل النحوي، وعدة.

روى عنه: سهل بن شاذويه وحسين بن محمد بن قريش، وغيرهما.

قال أبو بكر الخطيب: جلوان بكسر الجيم، وقال ابن ماكولا: بل بفتحها وكذلك فتحه جعفر المستغفري، وأبو عبد الله غنجار.

ومن ذريته أحمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن جنيد بن جلوان الأموي.

‌2158 - حاتم بن الليث

(2)

:

الحافظ المكثر الثقة أبو الفضل البغدادي الجوهري.

سمع: عبيد الله بن موسى، وحسين بن محمد المروذي، وطبقتهما.

وعنه أبو العباس السراج، ومحمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن مخلد، وآخرون.

توفي سنة اثنتين وستين ومائتين.

‌2159 - حاجب بن سليمان

(3)

: " س"

ابن بسام الحافظ الرحال أبو سعيد المنبجي.

حدث عن وكيع وأبي أسامة، وابن أبي فديك، وجماعة.

وعنه: النسائي -ووثقه وأبو عروبة وأبو بكر بن زياد، وعبد الرحمن بن أخي الإمام، وعدة.

مات سنة خمس وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 117"، وتبصير المنتبه لابن حجر العسقلاني "1/ 451".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 245".

(3)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1273"، وميزان الاعتدال "1/ 429"، وتهذيب التهذيب "2/ 132".

ص: 150

‌2160 - الفارسي

(1)

:

الشيخ العالم، أبو علي الحسن بن سعيد الفارسي ثم البغدادي البزاز شيخ صدوق معمر من أقارب سعدان بن نصر.

سمع من سفيان بن عيينة، ومعمر بن سليمان وجماعة.

روى عنه: أحمد بن محمد الأدمي، والقاضي المحاملي وأبو سعيد بن الأعرابي، وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: هو صدوق أتيناه فلم نصادفه.

وقال محمد بن مخلد: كان يعرف بابن البستنبان.

مات في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين ومائتين ومنهم من سماه الحسين.

ويروي أيضًا عنه: أبو العباس السراج وعنده عن ابن علية وأبي بدر السكوني.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 58".

ص: 151

‌2161 - عَطَيِّة

(1)

:

ابن الإمام بقية بن الوليد الحمصي مكثر عن، والده وما علمت له شيئًا عن غيره وكان شيخًا محدثا ليس بالماهر بل طال عمره، وتفرد.

حدث عنه: عبد العزيز بن عمران الأصبهاني، وعبيد بن أحمد الصفار الحمصي وأحمد بن هارون البخاري، وأبو عوانة وابن أبي حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: كانت فيه غفلة، ومحله الصدق.

قال عبد الله بن أحمد: سمعته يقول: أنا عطية بن بقية، وأحاديثي نقية فإذا مات عطية ذهب حديث بقية.

توفي سنة خمس وستين ومائتين.

أخبرنا ابن اليونيني، أخبرنا ابن صباح، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا الخلعي، أخبرنا ابن النحاس، حدثنا محمد بن جعفر بن دران، حدثنا محمد بن خالد بن يزيد بمكة سمعت عطية يقول:

يا عطية بن بقيه

كأن قد أتتك المنيه

بكرة أو عشيه

فتفكر وتذكر

وتجنب الخطيه

واذكر الله بتقوى

واتبع القول بنيه

وأبي شيخ البرية

فاكتبوا عني بنيه

في قراطيس نقيه

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2120"، ولسان الميزان "4/ 175".

ص: 151

‌2162 - الدُّوري

(1)

: " ع"

الإمام الحافظ الثقة الناقد، أبو الفضل عباس بن محمد بن حاتم بن، واقد الدوري ثم البغدادي مولى بني هاشم أحد الأثبات المصنفين.

ولد سنة خمس وثمانين ومائة.

سمع: حسين بن علي الجعفي، ومحمد بن بشر وجعفر بن عون وأبا داود الطيالسي، وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن أبي بكير وشبابة بن سوار، وعبيد الله بن موسى وهاشم بن القاسم ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وعفان وخلقًا كثيرًا.

ولازم يحيى بن معين، وتخرج به وسأله عن الرجال وهو في مجلد كبير.

حدث عنه: أرباب السنن الأربعة، ووثقه النسائي ومن الرواة عنه ابن صاعد، وأبو عوانة وأبو بكر بن زياد، وأبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار، وحمزة بن محمد الدهقاني وأبو العباس الأصم وخلق.

قال الأصم: لم أر في مشايخي أحسن حديثًا منه.

قلت: يحتمل أنه أراد بحسن الحديث الإتقان، أو أنه يتبع المتون المليحة فيرويها أو أنه

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1189"، وتاريخ بغداد "12/ 144" والأنساب للسمعاني "5/ 400"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 83"، والكاشف "2/ ترجمة 2634"، والمغني "1/ ترجمة 3083"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 603"، والعبر "1/ 388"، وتهذيب التهذيب "5/ 129"، وتقريب التهذيب "1/ 399"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3362"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 161".

ص: 152

أراد علو الإسناد، أو نظافة الإسناد وتركه رواية الشاذ والمنكر، والمنسوخ ونحو ذلك فهذه أمور تقضي للمحدث إذا لازمها أن يقال: ما أحسن حديثه!

قال إسماعيل الصفار: سمعت عباسًا الدوري يقول: كتب لي يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل إلى أبي داود الطيالسي كتابًا فقالا فيه: إن هذا فتى يطلب الحديث وما قالا: من أهل الحديث.

قلت: كان مبتدئا له سبع عشرة سنة ثم إنه صار صاحب حديث، ثم صار من حفاظ وقته.

وقد عاش الدوري بعد رفيقه ونظيره أبي بكر الصاغاني سنة، واحدة.

توفي في صفر، سنة إحدى وسبعين ومائتين.

وفيها مات محمد بن سنان القزاز، ومحمد بن حماد الطهراني وكربزان الحارثي، ويوسف بن سعيد بن مسلم.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورًا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا علي بن محمد بن عبيد الحافظ، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا أزهر السمان، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا" قالوا: وفي نجدنا قال: "هناك الزلازل والفتن وبها -أو قال: منها- يطلع قرن الشيطان"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1037".

ص: 153

‌2163 - كَيْلَجَة

(1)

:

الإمام الحافظ، أبو بكر محمد بن صالح البغدادي، الأنماطي كيلجة محدث جوال.

سمع: عفان بن مسلم وسعيد بن أبي مريم ومسلم بن إبراهيم وأبا الوليد وطبقتهم.

روى عنه: القاضي المحاملي وإسماعيل الصفار ومحمد بن مخلد وجماعة قال الخطيب: كان حافظًا متقنًا ثقة.

وذكره أبو داود فقال: صدوق.

وقد سماه محمد بن مخلد مرة: أحمد بن صالح.

وقال النسائي: أحمد بن صالح بغدادي، ثقة.

وقال الدارقطني كذلك، وزاد فقال: ويقال اسمه محمد بن صالح.

قال أبو بكر الخطيب: بل هو محمد بلا شك.

قال أبو الحجاج القُضَاعي: روى النسائي حديثًا عن أحمد بن صالح عن يحيى بن محمد عن ابن عجلان فإن كان كيلجة فقد سقط من بينه، وبين أبي زكير يحيى بن محمد وإن كان يحيى هو الحارثي فقد سقط من بينه، وبين ابن عجلان.

قلت: لا يبعد أن يكون أحمد بن صالح هو الطبري الحافظ عن أبي زكير فالنسائي قد سمع: أولًا منه.

نعم وتوفي كيلجة بمكة في سنة إحدى وسبعين ومائتين.

أخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا زيد البيع، أخبرنا ابن قفرجل، أخبرنا عاصم، أخبرنا ابن مهدي، حدثنا المحاملي، حدثنا محمد بن صالح، حدثنا ابن مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، أخبرني يحيى بن سعيد، أخبرنا أبو صالح، عن الأسدي رجل حدثه قال: مررت على أبي ذر بالربذة فحدثني أنه سمع: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أشد أمتي حبًّا لي ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو يعطي أهله، وماله بأن يراني"

(2)

غريب.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 358"، وتهذيب التهذيب "9/ 226"، وتقريب التهذيب "2/ 170" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6309"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 161".

(2)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات خلا الأسدي، فإنه لا يعرف لكن أخرجه مسلم "2832" من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"من أشد أمتي لي حبًّا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله".

ص: 154

‌2164 - الدارابجردي

(164)

الإمام القدوة المحدث المأمون أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي عيسى موسى بن ميسرة الهلالي الخراساني الدرابجردي.

(164)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 991)، وحلية الأولياء (10/ ترجمة 504)، والكاشف (2/ ترجمة 3954)، وتهذيب التهذيب (7/ 299)، وتقريب التهذيب (2/ 34)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة رقم 4961).

ص: 154

حج ورأى سفيان بن عيينة وما سمع منه وصلى عليه هكذا قال الحاكم في تاريخه بالإسناد ولم يمت سفيان في أيام الحج بل في وسط العام.

سمع حرمي بن عمارة ويعلى بن عبيد وأبا جابر محمد بن عبد الملك وأبا عاصم النبيل وعبد المجيد بن أبي رواد وعبد الملك بن إبراهيم الجدي وأبا عبد الرحمن المقرئ وعبد الله بن الوليد العدني ويزيد بن أبي حكيم ومحمد بن جهضم وحبان بن هلال وأبا الوليد وهوذة بن خليفة ومكي بن إبراهيم وعبيد الله بن موسى وعبدان بن عثمان وخلقاً كثيراً وكان من أوعية العلم.

حدث عنه: أبو داود وأبو حاتم وأبو زرعة ومسلم والبخاري في غير صحيحيهما وإبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة ومحمد ابن يعقوب الشيباني وآخرون.

قال أبو عمرو المستملي: سمعت محمد بن عبد الوهاب يقول: علي بن الحسن الهلالي عندي ثقة صدوق.

قال الحاكم: سمعت محمد بن إسماعيل السكري يذكر عن أبي عبد الله الراوساني قال: وجد علي بن الحسن الهلالي ميتاً بعد أسبوع في مسجد من مساجد القرية سنة سبع وستين ومائتين.

وسمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب غير مرة يقول: استشهد علي بن الحسن برستاق أرغيان

(165)

في ضيعته قال: وكان السبب أنه زبر العامل بها فلما جن عليه الليل أمر به فأدخل متبنه وأوقد النار في تبن فمات في الدخان ثم وجد ميتاً وقد أكلت النمل عينيه.

قال الحاكم: كان من أكابر علماء المسلمين وابن عالمهم طلب الحديث بالحجاز واليمن والعراق وخراسان.

وقيل: إنه مات في رمضان سنة سبع وستين ومائتين وأكله الذئب رحمه الله تعالى.

قال أبو عبد الله بن الأخرم: حدثنا علي بن الحسن الهلالي وما رأيت أفضل منه.

وعن مسلم بن الحجاج أنه ذكر علي بن الحسن فقال: ذاك الطيب ابن الطيب.

(165)

أرُغِيان: كورة من نواحى نيسابور، قيل: إنها تشتمل على إحدى وسبعين قرية كما قال ياقوت الحموى في "معجم البلدان".

ص: 155

‌2165 - محمد بن عميرة

(166)

الإمام الحافظ البارع أبو عبد الله الجرجاني نزيل هراة.

حدث عن: إسحاق الأزرق ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وطبقتهم.

وكان كبير الشأن واسع الرحلة.

روى عنه: محمد بن عبد الرحمن السامي ومحمد بن شاذان وأبو يحيى البزاز وآخرون.

بلغنا أنه كان يحفظ سبعين ألف حديث.

‌2166 - إبراهيم بن مسعود

(167)

ابن عبد الحميد المحدث أبو محمد القرشي الهمذاني ابن أخي سندول.

سمع ابن نمير وأسباط بن محمد وأبا أسامة ويونس بن بكير والقاسم بن الحكم.

وعنه: عبد الله بن أحمد الدشتكي وأبو عوانة وابن حاتم وقال: صدوق وأحمد بن محمد بن أوس ومحمد بن ينبل وآخرون.

‌2167 - صالح بن أحمد

(168)

ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الإمام المحدث الحافظ الفقيه القاضي أبو الفضل الشيباني البغدادي قاضي أصبهان.

سمع أباه وتفقه عليه وسمع عفان وأبا الوليد وإبراهيم بن أبي سويد وعلي بن المديني وطبقتهم.

حدث عنه: ابنه زهير وأبو بكر بن أبي عاصم والبغوي وابن صاعد ومحمد بن مخلد وأبو علي الحصائري ومحمد بن جعفر الخرائطي وعبد الرحمن ابن أبي حاتم وأحمد بن محمد بن يحيى القصار شيخ لأبي نعيم الحافظ.

(166)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 557).

(167)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 453).

(168)

ترجمته في الجرح والتعديل (4/ترجمة 1724)، والعبر (2/ 30)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 149)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 51).

ص: 156

قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بأصبهان وهو صدوق ثقة.

قلت: ولد سنة ثلاث ومائتين وهو أكبر إخوته.

قال الخلال في أدب القضاء: أخبرنا محمد بن العباس حدثني محمد بن علي قال: لما صار صالح إلى أصبهان قرئ عهده بالجامع فبكى كثيراً وبكى بعض الشيوخ فلما فرغ جعلوا يدعون له ويقولون: ما ببلدنا إلا من يحب أباك قال: أبكاني أني ذكرته ويراني في هذه الحالة وكان عليه السواد ثم قال: كان أبي يبعث خلفي إذا جاءه رجل زاهد أو متقشف لأنظر إليه يحب أن أكون مثله ولكن الله يعلم ما دخلت في هذا الأمر إلا لدين غلبني وكثرة عيال.

قال الخلال: كان صالح سخياً جداً.

قال ابن المنادي: توفي بأصبهان في رمضان سنة ست وستين ومائتين.

وقال أبو نعيم: مات سنة خمس وستين.

‌2168 - أبو عوف

(169)

الإمام المحدث الصادق أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق بن عطية البغدادي البزوري.

سمع عبد الوهاب بن عطاء وروح بن عبادة وشبابة بن سوار وأبا نوح قراد ويحيى بن أبي بكير وطبقتهم.

حدث عنه: أبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبو سهل بن زياد وعدة.

قال الدارقطني: لا بأس به.

قلت: مات في سنة خمس وسبعين ومائتين.

ولده الصدر النبيل الثقة أبو عبد الله:

(169)

ترجمته في تاريخ بغداد (10/ 274)، والأنساب للسمعاني (2/ 198)، وميزان الاعتدال (2/ 589) ولسان الميزان (2/ 435).

ص: 157

‌2169 - أحمد بن أبي عوف

(170)

سمع سويد بن سعيد ولويناً وعثمان بن أبي شيبة.

حدث عنه: أبو علي بن الصواف وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي وجماعة.

وثقه الدارقطني.

توفي قبل الثلاث مائة.

فأما سميه أبو عوف:

‌2170 - عبد الرحمن بن مرزوق الطرسوسي

(171)

فهالك.

قال ابن حبان: كان يضع الحديث روى عن عبد الوهاب بن عطاء حدثنا عنه محمد بن المسيب الأرغياني فذكر حديثاً رفعه: لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم عليه السلام بهم يرزقون. فهذا كذب.

وفيها مات إبراهيم بن أورمة الحافظ وصالح بن أحمد بن حنبل ومحمد بن الشجاع بن الثلجي وأبو الساج الأمير وآخرون.

‌2171 - المعتز بالله

(172)

الخليفة أبو عبد الله محمد وقيل: الزبير بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد هارون بن المهدي العباسي ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.

واستخلف وهو ابن عشرين سنة أو دونها وكان أبيض جميلاً وسيماً من ملاح زمانه.

(170)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 245)، والأنساب للسمعاني (2/ 198).

(171)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1372)، والمجروحين لابن حبان (2/ 61)، وميزان الاعتدال (3/ 588)، ولسان الميزان (3/ 435).

(172)

ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 121)، والعبر (2/ 9 - 10)، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي (3/ 319)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (2/ 291)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 23)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 130).

ص: 158

قال علي بن حرب: أدخلت على المعتز بالله ليسمع مني الحديث فما رأيت خليفة أحسن منه وأمه رومية.

بويع وقت خلع المستعين فلما كان بعد أشهر من ولايته خلع أخاه المؤيد بالله إبراهيم من العهد فما بقي إبراهيم حتى مات وخاف المعتز من أن يتحدث الناس أنه سمه فأحضر القضاة حتى شاهدوه وما به أثر فالله أعلم.

وكانت دولة المعتز مستضعفة مع الأتراك فاتفق القواد وقالوا: أعطنا أرزاقنا ويقبل صالح بن وصيف وكان المعتز يخافه فطلب من أمه مالاً لينفقه فيهم فشحت عليه فتجمع الأتراك لخلعه واتفق معهم صالح وبابياك ومحمد بن بغا فتسلحوا وأتوا الدار وبعثوا إلى المعتز ليخرج إليهم فقال: قد شربت دواء وأنا ضعيف فهجم جماعة جروه وضربوه وأقاموه في الحر فبقي المسكين يتضور وهم يلطمونه ويقولون: اخلع نفسك ثم أحضروا القاضي والعدول وخلعوه وأقدموا من بغداد محمد بن الواثق وكان المعتز قد أبعده فسلم المعتز إليه الخلافة وبايعوه ولقب بالمهتدي بالله.

ثم إن رؤوس الأتراك أخذوا المعتز بعد خمسة أيام فأدخلوه حماماً وأكربوه حتى عطش ومنعوه الماء حتى كاد ثم سقوه ماء ثلج فسقط ميتاً رحمه الله وذلك في شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وعاش ثلاثاً وعشرين سنة.

ولما تولى خلع على محمد بن عبد الله بن طاهر خلعة الملك وقلده سيفين فأقام وصيف وبغا على وجل ابن طاهر ثم رضي المعتز عنهما وأعادهما إلى مرتبتهما وخلع على أخيه أبي أحمد خلعة الملك أيضاً وتوجه ورشحه وقلده سيفين وولي القضاء الحسن بن محمد بن أبي الشوارب الأموي وحسبت أرزاق جند الإسلام فكانت في السنة مائتي ألف ألف درهم ثم قبض المعتز على أخيه أبي أحمد ثم أطلقه مضطهداً.

وغلب على خراسان يعقوب بن الليث الصفار وأخذ هراة وغيرها وخرج بالكرج الأمير عبد العزيز بن أبي دلف فالتقاه موسى بن بغا وجرت ملحمة كبرى وقتل وصيف من كبار الأمراء.

ومات بمصر نائبها مزاحم بن خاقان.

وفيها أول ظهور الخبيث قائد الزنج واستباح البصرة وافترى أنه علوي.

وفيها التقى يعقوب الصفار وطوق بن المغلس متولي كرمان فأسر طوقاً ونزع الطاعة علي بن قريش ثم كتب إلى المعتز ليوليه خراسان ويقول: إن آل طاهر قد ضعفوا عن

ص: 159

محاربة الصفار فكتب إليه بإمرة خراسان وكتب بمثل ذلك إلى الصفار ليغري بينهما ويشتغلا عنه فأسر الصفار ثابت بن قريش وهو طوق ثم غلب على شيراز ثم التقى ابن قريش فانتصر الصفار ودانت له الأمم وأسر ابن قريش وبعث إلى المعتز بهدايا وتحف ووثب صالح بن وصيف غضباً لمقتل أبيه فقيد كتاب المعتز أحمد بن إسرائيل والحسن بن مخلد وأبا نوح وصادرهم وقل ما في بيوت الأموال جداً ثم خلع المعتز واختفت أمه قبيحة ثم بذلت لصالح أموالاً فقتر عنها وظهر لها نحو من ثلاثة آلاف ألف دينار فقال ابن وصيف: قبحها الله عرضت ابنها للقتل لأجل خمسين ألف دينار يرضي بها الأتراك ثم قتل ابن وصيف أبا نوح وأحمد بن إسرائيل ووهى منصب الخلافة فلله الأمر.

وخلف من الولد عبد الله بن المعتز وحمزة.

‌2172 - المهتدي بالله

(173)

أمير المؤمنين المهتدي بالله أبو إسحاق وأبو عبد الله محمد بن الواثق هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد العباسي.

مولده في دولة جده.

وبويع ابن بضع وثلاثين سنة لليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين وما قبل مبايعة أحد حتى أحضر المعتز بالله فلما رآه قام له وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين وجلس بين يديه فجيء بشهود فشهدوا على المعتز أنه عاجز عن أعباء الإمامة وأقر بذلك ومد يده فبايع ابن عمه المهتدي بالله فارتفع حينئذ المهتدي إلى صدر المجلس وقال: لا يجتمع سيفان في غمد وأنشد قول ابن أبي ذؤيب:

تريدين كيما تجمعيني وخالداً

وهل يجمع السيفان ويحك في غمد؟!

وكان المهتدي أسمر رقيقاً مليح الوجه ورعاً عادلاً صالحاً متعبداً بطلاً شجاعاً قوياً في أمر الله خليقاً للإمارة لكنه لم يجد معيناً ولا ناصراً والوقت قابل للإدبار.

نقل الخطيب عن أبي موسى العباسي أنه مازال صائماً منذ استخلف إلى أن قتل.

(173)

ترجمته في فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي (4/ 50)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (5/ 144)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 26)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 132).

ص: 160

وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: كنت عند المهتدي عشية في رمضان فقمت لأنصرف فقال: اجلس فجلست فصلى بنا ودعا بالطعام فأحضر طبق خلاف عليه أرغفة وآنية فيها ملح وزيت وخل فدعاني إلى الأكل فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ فقال: ألم تكن صائماً؟ قلت: بلى قال: فكل واستوف فليس هنا غير ما ترى؟! فعجبت ثم قلت: ولم يا أمير المؤمنين وقد أنعم الله عليك؟ قال: إني فكرت أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز فغرت على بني هاشم وأخذت نفسي بما رأيت.

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو النضر المروزي قال لي جعفر بن عبد الواحد: ذاكرت المهتدي بشيء فقلت له: كان أحمد بن حنبل يقول به ولكنه كان يخالف كأني أشرت إلى آبائه فقال: رحم الله أحمد بن حنبل لو جاز لي لتبرأت من أبي تكلم بالحق وقل به فإن الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني.

قال نفطويه: أخبرنا بعض الهاشميين أنه وجد للمهتدي صفط فيه جبة صوف وكساء كان يلبسه في الليل ويصلي فيه وكان قد اطرح الملاهي وحرم الغناء وحسم أصحاب السلطان عن الظلم وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين يجلس بنفسه ويجلس بين يديه الكتاب يعملون الحساب ويلزم الجلوس يومي الخميس والإثنين وقد ضرب جماعة من الكبار ونفى جعفر بن محمود إلى بغداد لرفض فيه وقدم موسى بن بغا من الري فكرهه وبعث بعبد الصمد بن موسى الهاشمي يأمره بالرجوع فلم يفعل وعزل من القضاء ابن أبي الشوارب وحبسه وولى مكانه عبد الرحمن بن نائل البصري.

وفي أوائل خلافته عبأ موسى بن بغا جيشه وشهر السلاح بسامراء لقتل صالح بن وصيف بدم المعتز ولأخذه أموال أمه قبيحة وأموال الدواوين وصاحت الغوغاء على صالح: يا فرعون جاءك موسى فطلب موسى الإذن على المهتدي بالله فلم يأذن له فهجم بمن معه والمهتدي جالس في دار العدل فأقاموه وحملوه على أكدش وانتهبوا القصر ولما دخلوا دار ناجور أدخلوا المهتدي إليها وهو يقول: يا موسى اتق الله ويحك ما تريد؟!! قال: والله ما نريد إلا خيراً وحلف له لا نالك سوء ثم حلفوه أن لا يمالئ صالح بن وصيف فحلف لهم فبايعوه حينئذ ثم طلبوا صالحاً ليحاققوه فاختفى.

ورد المهتدي بالله إلى داره ثم قتل صالح شر قتلة فيما بعد.

وفي المحرم من سنة ست ذكر أن سيما الشرابي زعم أن امرأة جاءت بكتاب فيه نصيحة لأمير المؤمنين وإن طلبتموني فأنا في مكان كذا وكذا قال: فطلبت فلم تقع فجمع

ص: 161

الأمراء وقال: هذا كتاب تعرفونه؟ فقال رجل: نعم هو خط صالح وفيه يذكر أنه مستخف بسامراء وأن الأموال علمها عند الحسن بن مخلد وكان كتابه دالاً على قوة نفسه فأشار المهتدي بالصلح فاتهمه ابن بغا وذووه ونافسوه ثم من الغد تكلموا في خلعه فقال باكيال: ويحكم! قتلتم ابن المتوكل وتريدون قتل هذا الصوام الدين! لئن فعلتم لأصيرن إلى خراسان ولأشنعن عليكم ثم خرج المهتدي وعليه ثياب بيض وتقلد سيفاً وأمر بإدخالهم إليه فقال: قد بلغني شأنكم ولست كالمستعين والمعتز والله ما خرجت إلا وأنا متحنط وقد أوصيت وهذا سيفي فلأضربن به ما استمسك بيدي أما دين أما حياء أما رعة؟ كم يكون الخلاف على الخلفاء والجرأة على الله؟ ثم قال: ما أعلم أين هو صالح قالوا: فاحلف لنا قال: إذا كان يوم الجمعة وصليت حلفت فرضوا وانفصلوا على هذا.

ثم ورد من فارس مال نحو عشرة آلاف ألف درهم فانتشر في العامة أن الأتراك على خلع المهتدي فثار العوام والقواد وكتبوا رقاعاً ألقوها في المساجد: معاشر المسلمين ادعوا لخليفتكم العدل الرضى المضاهي عمر بن عبد العزيز أن ينصره الله على عدوه.

وراسل أهل الكرخ والدور المهتدي بالله في الوثوب على موسى بن بغا فجزاهم خيراً ووعدهم بالجميل وعاثت الزنج بالبصرة ويعقوب الصفار بخراسان وقتل المهتدي الأمير باكيال فثار أصحابه وأحاطوا بدار الجوسق فألقي الرأس إليهم وركب أعوان الخليفة فتمت ملحمة كبرى قتل فيها من الأتراك ألوف وقيل بل ألف في رجب سنة ست ثم أصبحوا على الحرب فركب المهتدي وصالح بن علي في عنقه المصحف يصيح: أيها الناس انصروا إمامكم فحمل عليه أخو باكيال في خمس مائة وخامر الأتراك الذين مع الخليفة إليه وحمي الوطيس وتفلل جمع المهتدي واستحر بهم القتل فولى والسيف في يده يقول: أيها الناس قاتلوا عن خليفتكم ثم دخل دار صالح بن محمد بن يزداد ورمى السلاح ولبس البياض ليهرب من السطح وجاء حاجب باكيال فأعلم به فهرب فرماه واحد بسهم ونفحه بالسيف ثم حمل إلى الحاجب فأركبوه بغلاً وخلفه سائس وضربوه وهم يقولون: أين الذهب؟ فأقر لهم بست مائة ألف دينار مودعة ببغداد فأخذوا خطه بها وعصر تركي على أنثييه فمات وقيل: أرادوا منه أن يخلع نفسه فأبى فقتلوه رحمه الله وبايعوا المعتمد على الله.

بنو المهتدي بالله: أبو جعفر عبد الله وأبو الحسن عبد الصمد وأبو بكر عبد الرحمن وأبو أحمد عبد الله وأبو الفضل هبة الله وفي ذريته علماء وخطباء.

ص: 162

‌2173 - المعتمد على الله

(174)

الخليفة أبو العباس وقيل: أبو جعفر أحمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم أبي إسحاق بن الرشيد الهاشمي العباسي السامري وأمه رومية اسمها فتيان.

ولد سنة تسع وعشرين ومائتين.

قال ابن أبي الدنيا: كان أسمر رقيق اللون أعين جميلاً خفيف اللحية.

قلت: استخلف بعد قتل المهتدي بالله في سادس عشر رجب سنة ست وخمسين ومائتين.

وقدم موسى بن بغا بعد أربعة أيام إلى سامراء وخمدت الفتنة وكان في حبس المهتدي بالجوسق فأخرجوه وبايعوه فضيق المعتمد على عيال المهتدي واستعمل أخاه أبا أحمد الموفق على سائر المشرق وعقد بولاية العهد لابنه جعفر ولقبه المفوض إلى الله واستعمله على مصر والمغرب وانهمك في اللهو واللعب واشتغل عن الرعية فكرهوه وأحبوا أخاه الموفق.

وفي رجب أيضاً استولت الزنج على البصرة والأبلة والأهواز وقتلوا وسبوا وهم عبيد العوام وغوغاء الأنذال الملتفين على الخبيث وقام بالكوفة علي بن زيد العلوي واستفحل أمره وهزم جيش الخليفة وظهر أخوه حسن بن زيد بالري فسار لحربه موسى بن بغا وحج بالناس محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور العباسي ونودي على صالح بن وصيف المختفي من جاء به فله عشرة آلاف دينار فاتفق أن غلاماً دخل درباً فرأى باباً مفتوحاً فمشى في الدهليز فرأى صالحاً نائماً فعرفه فأسرع إلى موسى بن بغا فأخبره فبعث جماعة أحضروه وذهبوا به مكشوف الرأس إلى الجوسق فبدره تركي من ورائه فأثبته واحتزوا رأسه قبل مقتل المهتدي بيسير فقال: رحم الله صالحاً فلقد كان ناصحاً.

وأما الصولي: فقال: بل عذبوه في حمام كما هو فعل بالمعتز حتى أقر بالأموال ثم خنق.

وقتلت الزنج بالأبلة نحو ثلاثين ألفاً فحاربهم سعيد الحاجب ثم قووا عليه وقتلوا خلقاً من جنده وتمت بينهم وبين العسكر وقعات.

(174)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 60)، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي (1/ 64)، والوافى بالوفيات (6/ 292)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 173).

ص: 163

وفيها قتل ميخائيل بن توفيل طاغية الروم قتله بسيل الصقلبي فكان دولة ميخائيل أربعاً وعشرين سنة.

وفي سنة 258 جرت وقعة بين الزنج وبين العسكر فانهزم العسكر وقتل قائدهم منصور ثم نهض أبو أحمد الموفق ومفلح في عسكر عظيم إلى الغاية لحرب الخبيث فانهزم جيشه ثم تهيأ وجمع الجيوش وأقبل فتمت ملحمة لم يسمع بمثلها وظهر المسلمون ثم قتل مقدمهم مفلح فانهزم الناس واستباحهم الزنج وفر الموفق إلى الأبلة وتراجعت إليه العساكر ثم التقى الزنج فانتصر وأسر طاغيتهم يحيى وبعث به إلى سامراء فذبح ووقع الوباء فمات خلائق ثم التقى الموفق الزنج فانكسر وقتل خلق من جيشه وتحيز هو في طائفة وعظم البلاء وكاد الخبيث أن يملك الدنيا وكان كذاباً ممخرقاً ماكراً شجاعاً داهية ادعى أنه بعث إلى الخلق فرد الرسالة وكان يدعي علم الغيب لعنه الله.

ودخلت سنة تسع فعرض الموفق جيشه بواسط وأما الخبيث فدخل البطائح وبثق حوله الأنهار وتحصن فهجم عليه الموفق وأحرق وقتل فيهم واستنقذ من السبايا ورد إلى بغداد فسار خبيث الزنج إلى الأهواز فوضع السيف وقتل نحواً من خمسين ألفاً وسبى أربعين ألفاً فسار لحربه موسى بن بغا فتحاربا بضعة عشر شهراً وذهب تحت السيف خلائق من الفريقين فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفيها عصى كنجور فسار لحربه عدة أمراء فأسر وذبح وأقبلت الروم فنازلوا ملطية وسميساط فبرز القابوس بأهل ملطية فهزم الروم وقتل مقدمهم.

وفيها تملك يعقوب الصفار نيسابور وركب إلى خدمته نائبها محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر فعنفه وسبه واعتقله فبعث المعتمد يلوم الصفار ويأمره بالانصراف إلى ولايته فأبى واستولى على الإقليم ودانت له البلاد.

وفي سنة ستين التقى الصفار الحسن بن زيد العلوي فانهزم العلوي ودخل الصفار طبرستان والديلم واحتمى العلوي بالجبال فتبعه الصفار فهلك خلق من جيشه بالثلج ووقع الغلاء وأبيع ببغداد الكر بمائة وخمسين ديناراً وأخذت الروم مدينة لؤلؤة.

وفي سنة 261 مالت الديلم إلى الصفار ونابذوا العلوي فصار إلى كرمان.

وأما الزنج فحروبهم متتالية وسار يعقوب الصفار إلى فارس فالتقى هو وابن واصل فهزمه الصفار وأخذ له من قلعته أربعين ألف ألف درهم وأعيا المعتمد شأن الصفار وحار فلان له وبعث إليه بالخلع وبولاية خراسان وجرجان فلم يرض بذلك حتى يجيء

ص: 164

إلى سامراء وأضمر الشر فتحول المعتمد إلى بغداد وأقبل الصفار بكتائب كالجبال فقيل: كانوا سبعين ألف فارس وثقله على عشرة آلاف جمل فأناخ بواسط في سنة اثنتين وستين وانضمت العساكر المعتمدية ثم زحف الصفار إلى دير عاقول فجهز المعتمد الملتقى أخاه الموفق وموسى بن بغا ومسروراً فالتقى الجمعان في رجب واشتد القتال فكانت الهزيمة أولاً على الموفق ثم صارت على الصفار وانهزم جيشه فقيل نهب منهم عشرة آلاف فرس ومن العين ألفا ألف دينار ومن الأمتعة ما لا يحصى وخلص ابن طاهر من الأسر ورجع الصفار إلى فارس ورد المعتمد بن طاهر إلى ولايته وأعطاه خمس مائة ألف درهم.

وأما الخبيث فاغتنم اشتغال الجيش فعمل كل قبيح من القتل والأسر.

وفيها ولي قضاء القضاة بسامراء علي بن محمد بن أبي الشوارب وكان أخوه الحسن قد توفي حاجاً وولي قضاء بغداد إسماعيل القاضي وفيها واقع المسلمون الزنج وهزموهم وقتلوا قائدهم الصعلوك.

وفي سنة ثلاث أقبل الصفار فاستولى على الأهواز.

وفي سنة أربع سار الموفق وابن بغا لحرب الزنج فمات ابن بغا وغزا المسلمون الروم وغنموا ثم بيتت الروم مقدم المسلمين ابن كاوس فأسروه جريحاً وغلبت الزنج على واسط ونهبوها وأحرقوها.

وغضب المعتمد على وزيره سليمان بن وهب وأخذ أمواله واستوزر الحسن بن مخلد وتمكن الموفق وبقي لا يلتفت على أحد وأظهر المنابذة وقصد سامراء فتأخر المعتمد أخوه ثم تراسلا ووقع الصلح وأطلق سليمان بن وهب وهرب الحسن بن مخلد.

وفي سنة 65 مات يعقوب بن الليث الصفار المتغلب على خراسان وفارس بالأهواز فقام بعده أخوه عمرو ودخل في الطاعة واستنابه الموفق على المشرق وبعث إليه بالخلع وقيل: بلغت تركة الصفار ثلاثة آلاف ألف دينار ودفن بجندسابور وكتب على قبره: هذا قبر المسكين يعقوب وكان في صباه يعمل في ضرب النحاس بدرهمين.

وفي سنة 66 أقبلت الروم إلى ديار ربيعة وقتلوا وسبوا وهرب أهل الجزيرة وتمت وقعة مع خبيث الزنج وظهروا فيها وسار أحمد بن عبد الله الخجستاني فهزم الحسن بن زيد العلوي وظفر به فقتله وحارب عمرو بن الليث الصفار وظهر على عمرو ودخل نيسابور وفتل وصادر واستباحت الزنج رامهرمز.

ص: 165

وفي سنة سبع كروا على واسط وعثروا أهلها فجهز الموفق ولده أبا العباس الذي صار خليفة فقتل وأسر وغرق سفنهم ثم تجمع جيش الخبيث والتقوا بالعباس فهزمهم ثم التقوا ثالثاً فهزمهم ودام القتال شهرين ورغبوا في أبي العباس واستأمن إليه خلق منهم ثم حاربهم حتى دوخ فيهم ورد سالماً غانماً وبقي له وقع في النفوس وسار إليهم الموفق في جيش كثيف في الماء والبر ولقيه ولده والتقوا الزنج فهزموهم أيضاً وخارت قوى الخبيث وألح الموفق في حربهم ونازل طهثيا وكان عليها خمسة أسوار فأخذها واستخلص من أسر الخبثاء عشرة آلاف مسلمة وهدمها وكان المهلبي القائد مقيماً بالأهواز في ثلاثين ألفاً من الزنج فسار الموفق لحربه فانهزم وتفرق عسكره وطلب خلق منهم الأمان فأمنهم ورفق بهم وخلع عليهم ونزل الموفق بتستر وأنفق في الجيش ومهد البلاد وجهز ابنه المعتضد أبا العباس لحرب الخبيث فجهز له سفناً فاقتتلوا وانتصر أبو العباس وكتب كتاباً إلى الخبيث يهدده ويدعوه إلى التوبة مما فعل فعتا وتمرد وقتل الرسول فسار الموفق إلى مدينة الخبيث بنهر أبي الخصيب ونصب السلالم ودخلوها وملكوا السور فانهزمت الزنج ولما رأى الموفق حصانتها اندهش واسمها المختارة وهاله كثرة المقاتلة بها لكن استأمن إليه عدة فأكرمهم.

ونقلت تفاصيل حروب الزنج في تاريخ الإسلام فمن ذلك لما كان في شعبان سنة سبع برز الخبيث وعسكره فيما قيل في ثلاث مائة ألف ما بين فارس وراجل فركب الموفق في خمسين ألفاً وحجز بينهم النهر ونادى الموفق بالأمان فاستأمن إليه خلق ثم إن الموفق بنى بإزاء المختارة مدينة على دجلة سماها الموفقية وبنى بها الجامع والأسواق وسكنها الخلق واستأمن إليه في شهر خمسة آلاف وتمت ملحمة في شوال ونصر الموفق.

وفي ذي الحجة عبر الموفق بجيشه إلى ناحية المختارة وهرب الخبيث لكنه رجع وأزال الموفق عنها واستولى أحمد الخجستاني على خراسان وكرمان وسجستان وعزم على قصد العراق.

وفي سنة ثمان وستين تتابع أجناد الخبيث في الخروج إلى الموفق وهو يحسن إليهم وأتاه جعفر السجان صاحب سر الخبيث فأعطاه ذهباً كثيراً فركب في سفينة حتى حاذى قصر الخبيث فصاح إلى متى تصبرون على الخبيث الكذاب؟ وحدثهم بما اطلع عليه من كذبه وكفره فاستأمن خلق ثم زحف الموفق على البلد وهد من السور أماكن ودخل العسكر من أقطارها واغتروا فكر عليهم الزنج فأصابوا منهم وغرق خلق ورد الموفق إلى بلده حتى رم شعثه وقطع الجلب عن الخبيث حتى أكل أصحابه الكلاب والميتة وهرب

ص: 166

خلق فسألهم الموفق فقالوا: لنا سنة لم نر الخبز وقتل بهبود أكبر أمراء الخبيث وقتل الخبيث ولده لكونه هم أن يخرج إلى المرفق وشد على أحمد الخجستاني غلمانه فقتلوه وغزا الناس مع خلف التركي فقتلوا من الروم بضعة عشر ألفاً.

وفي سنة تسع دخل الموفق المختارة عنوة ونادى الأمان وقاتل حاشية الخبيث دونه أشد قتال وحاز الموفق خزائن الخبيث وألقى النار في جوانب المدينة وجرح الموفق بسهم فأصبح على الحرب وآلمه جرحه وخافوا فخرجوا حتى عوفي ورم الخبيث بلده.

وفي السنة خرج المعتمد من سامراء ليلحق لصاحب مصر أحمد بن طولون وكان بدمشق فبلغ ذلك الموفق فأغرى بأخيه إسحاق بن كنداج فلقي المعتمد بين الموصل والحديثة وقال: يا أمير المؤمنين ما هذا؟ فأخوك في وجه العدو وأنت تخرج من مقر عزك! ومتى علم بهذا ترك مقاومة عدوك وتغلب الخارجي على ديار آبائك وهذا كتاب أخيك يأمرني بردك فقال: أنت غلامي أو غلامه؟ قال: كلنا غلمانك ما أطعت الله وقد عصيت بخروجك وتسليطك عدوك على المسلمين ثم قام ووكل به جماعة ثم إنه بعث إليه يطلب منه ابن خاقان وجماعة ليناظرهم فبعث بهم فقال لهم: ما جنى أحد على الإمام والإسلام جنايتكم أخرجتموه من دار ملكه في عدة يسيرة وهذا هارون الشاري بإزائكم في جمع كثير فلو ظفر بالخليفة لكان عاراً على الإسلام ثم رسم أيضاً عليهم وأمر المعتمد بالرجوع فقال: فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني فحلف وانحدر إلى سامراء فتلقاه كاتب الموفق صاعد فأنزله في دار أحمد بن الخصيب ومنعه من نزول دار الخلافة ووكل به خمس مائة نفس ومنع من أن يجتمع به أحد وبعث الموفق إلى ابن كنداج بخلع وذهب عظيم.

قال الصولي: تحيل المعتمد من أخيه فكاتب ابن طولون ومما قال:

أليس من العجائب أن مثلي

يرى ما قل ممتنعاً عليه

وتؤكل باسمه الدنيا جميعاً

وما من ذاك شيء في يديه؟!

ولقب الموفق صاعد بن مخلد ذا الوزراتين ولقب ابن كنداج ذا السيفين فلما علم ابن طولون جمع الأعيان وقال: قد نكث الموفق بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد فخلعوه سوى القاضي بكار بن قتيبة فقال لابن طولون: أنت أريتني كتاب أمير المؤمنين بتوليته العهد فأرني كتابه بخلعه قال: إنه محجوز عليه قال: لا أدري قال: أنت قد خرفت لم وحبسه وأخذ منه عطاءه على القضاء عشرة آلاف دينار وأمر الموفق بلعنة أحمد بن طولون

ص: 167

على المنابر وسار ابن طولون فحاصر المصيصة وبها خادم فسلط الخادم على جيش أحمد بثوق النهر فهلك منهم خلق وترحلوا وتخطفهم أهل المدينة ومرض أحمد ومات مغبوناً.

وفي شوال كانت الملحمة الكبرى بين الخبيث والموفق ثم وقعت الهزيمة على الزنج وكانوا في جوع شديد وبلاء لا خفف الله عنهم وخامر عدة من قواد الخبيث وخواصه وأدخل المعتمد في ذي القعدة إلى واسط ثم التقى الخبيث والموفق فانهزمت الزنج أيضاً وأحاط الجيش فحصروا الخبيث في دار الإمارة فانملس منها إلى دار المهلبي أحد قواده وأسرت حرمه فكان النساء نحو مائة فأحسن إليهن الموفق وأحرقت الدار ثم جرت ملحمة بين الموفق والخبيث في أول سنة سبعين ثم وقعة أخرى قتل فيها الخبيث لا رحمه الله وكان قد اجتمع من الجند ومن المطوعة مع الموفق نحو ثلاث مائة ألف وفي آخر الأمر شد الخبيث وفرسانه فأزالوا الناس عن مواقفهم فحمل الموفق فهزمهم وساق وراءهم إلى آخر النهر فبينا الحرب تستعر إذ أتى فارس إلى الموفق وبيده رأس الخبيث فما صدق وعرضه على جماعة فقالوا: هو هو فترجل الموفق والأمراء وخروا ساجدين لله وضجوا بالتكبير وبادر أبو العباس بن الموفق في خواصه ومعه رأس الخبيث على قناة إلى بغداد وعملت قباب الزينة وكان يوماً مشهوداً وشرع الناس يتراجعون إلى المدائن التي أخذها الخبيث وكانت أيامه خمس عشرة سنة.

قال الصولي: قد قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مائة.

قلت: وكذا عدد قتلى بابك.

قال: وكان يصعد على منبره بمدينته ويسب عثمان وعلياً وطلحة وعائشة كمذهب الأزارقة وكان ينادي على المسبية العلوية في عسكره بدرهمين وكان عند الزنجي الواحد نحو عشر علويات يفترشهن ويخدمن امرأته وفي شعبان أعادوا المعتمد إلى سامراء في أبهة تامة.

وظهر بالصعيد أحمد بن عبد الله الحسني فحاربه عسكر مصر غير مرة ثم أسر وقتل.

وفيها أول ظهور دعوة العبيدية وذلك باليمن.

وفيها نازلت الروم في مائة ألف طرسوس فبيتهم يازمان الخادم فقيل: قتل منهم سبعون ألفاً وقتل ملكهم وأخذ منهم صليب الصلبوت.

ص: 168

فالحمد لله على هذا النصر العزيز الذي لم يسمع بمثله مع تمام المنة على الإسلام بمصرع الخبيث.

قالت أمه: أخذه أبوه مني وغاب سنين وتزوجت أنا وجاءني ولد ثم جاءني الغلام وقد مات أبوه باليمن فأقام عندي مدة لا يدع بالري أحداً عنده أدب أو حديث إلا خالطهم وعاشرهم.

وفي سنة 271 كانت الملحمة بين أبي العباس بن الموفق وبين صاحب مصر خمارويه بفلسطين وجرت السيول من الدماء ثم انهزم خمارويه وذهبت خزائنه ونزل أبو العباس في مضربه ولكن كان سعد الأعسر كميناً فخرج على أبي العباس بغتة فهزم جيشه ونجا هو في نفر يسير ونهب سعد وأصحابه ما لا يوصف.

وفي سنة 72 نزل أبو العباس بطرسوس وتراجع عسكره وآذوا أهل البلد فتناخوا وطردوهم واستولى هارون الشاري الخارجي وحمدان بن حمدون التغلبي على الموصل وقبض الموفق على ذي الوزارتين صاعد وأخذ أمواله واستكتب إسماعيل بن بلبل وهاجت بقايا الزنج بواسط وصاحوا: أنكلاي يا منصور وهو ولد الخبيث وكان في سجن بغداد هو والقواد: ابن جامع والمهلبي والشعراني فاخرجوا وصلبوا وسار الموفق إلى كرمان لحرب عمرو بن الليث الصفار وسار يازمان الخادم أمير الثغور فوغل في أرض الروم فقتل وسبى ورجع مؤيداً وأخذ عدة مراكب.

وفي سنة 76 وقع الرضى عن الصفار وكتب اسمه على الأعلام والأترسة وتمت بين محمد بن أبي الساج وخمارويه وقعات ثم انكسر محمد واتفق يازمان مع صاحب مصر وخطب له فبعث إليه خمارويه بخلع وذهب عظيم واستولى رافع بن هرثمة على طبرستان وعاد

الموفق إلى بغداد مريضاً من نقرس ثم صار داء الفيل وقاسى بلاء فكان يقول: في ديواني مائة ألف مرتزق ما أصبح فيهم أسوأ حالاً مني ثم مات.

وفي سنة 78 ظهور القرامطة بأعمال الكوفة وحاصر يازمان الخادم حصناً للعدو فجاء حجر فقتله وكان مهيباً مفرط الشجاعة.

وفي سنة 79 خلع المفوض بن المعتمد من ولاية العهد وقدم عليه أبو العباس المعتضد بن الموفق نهض بذلك الأمراء.

وفيها منع أبو العباس القصاص والمنجمين وألزم الكتبيين أن لا يبيعوا كتب الفلسفة والجدل وضعف أمر عمه المعتمد معه ثم مات فجأة لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب

ص: 169

سنة تسع وسبعين ومائتين ببغداد ونقل فدفن بسامراء فكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة وثلاثة أيام وقيل: كان نحيفاً ثم سمن وأسرع إليه الشيب.

مات بالقصر الحسني مع الندماء والمطربين أكل في ذلك اليوم رؤوس الجداء فيقال: سم ومات معه من أكل منها وقيل: نام فغموه ببساط وقيل: سم في كأس وأدخلوا إليه إسماعيل القاضي والشهود فلم يروا به أثراً واستخلف أبو العباس المعتضد وكانت عريب جارية المعتمد ذات أموال جزيلة ولها في المعتمد مدائح وكان يسكر ويعربد على الندماء سامحه الله وكانت دولته بهمة أخيه الموفق لا بأس بها.

وللمعتمد من البنين: المفوض جعفر ومحمد وعبد العزيز وإسحاق وعبيد الله وعباس وإبراهيم وعيسى وعدة بنات وكتب له سليمان بن وهب ثم عبيد الله بن يحيى بن خاقان وغيرهما.

‌2174 - أحمد بن الخصيب

(175)

ابن عبد الحميد الجرجرائي الوزير الكبير أبو العباس ابن أمير مصر.

استوزره المنتصر ثم المستعين وارتفع شأنه ثم نكب ونفاه المستعين إلى الغرب في سنة 248.

الصولي عن الحسين بن يحيى: أن ابن الخصيب كان يتصدق كل يوم بخمسين ديناراً فلما نكب بقي يتصدق بخمسين درهماً ويقلل نفقة نفسه.

قال أحمد بن أبي طاهر: كان يحتد ويخرج رجله من الركاب فيرفس من يراجعه فقلت:

قل للخليفة يا ابن عم محمد

شكل وزيرك إنه محلول

فلسانه قد جال في أعراضنا

والرجل منه في الصدور تجول

توفي سنة خمس وستين ومائتين ولما عزل صودر وأركب حماراً وهو في سلسلة.

(175)

ترجمته في العبر (2/ 29)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 372)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 149).

ص: 170

‌2175 - يزيد بن سنان

(176)

ابن يزيد بن ذيال الإمام الحافظ الثقة أبو خالد البصري القزاز مولى قريش نزل مصر وهو أخو محمد بن سنان القزاز صاحب ذاك الجزء المشهور.

حدث يزيد عن: يحيى بن سعيد القطان ومعاذ بن هشام والعقدي وعبد الرحمن بن مهدي وطبقتهم.

حدث عنه: النسائي وأبو عوانة الإسفراييني وأبو جعفر الطحاوي وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأهل مصر وبلغنا أنه كان ثقة إماماً نبيلاً.

صنف المسند ومات وهو في عشر التسعين بمصر.

توفي في جمادى الأولى سنة أربع وستين ومائتين.

وأخوه:

‌2176 - أبو الحسن القزاز

(177)

سمع روح بن عبادة وعمر بن يونس ومحمد بن بكر البرساني وعدة.

روى عنه: المحاملي وابن صاعد وإسماعيل الصفار.

اتهمه أبو داود وكذبه.

وأما الدارقطني فقال: لا بأس به.

مات ببغداد في رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين.

فأما:

(176)

ترجمته في الكنى للدولابي (1/ 162)، والجرح والتعديل (9/ترجمة 1121)، والإكمال لابن ماكولا (4/ 452) والكاشف (3/ ترجمة 6426)، وميزان الاعتدال (4/ ترجمة 9706)، وتهذيب التهذيب (11/ 335)، وتقريب التهذيب (2/ 365)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 49).

(177)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1517)، وتاريخ الخطيب (5/ 343)، والمغنى (2/ ترجمة 5601) وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7651)، وتهذيب التهذيب (9/ 206)، وتقريب التهذيب (2/ 167)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6281).

ص: 171

‌2177 - يزيد بن محمد

(178)

ابن يزيد بن سنان المحدث أبو فروة الرهاوي.

فسمع أباه والحسن بن موسى الأشيب وطائفة.

روى عنه: أبو عروبة الحراني وجماعة.

توفي سنة تسع وستين ومائتين في رمضان بالرها.

‌2178 - ابن المنادي

(179)

الإمام المحدث الثقة شيخ وقته أبو جعفر محمد بن أبي داود عبيد الله بن يزيد البغدادي المنادي.

مولده في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائة.

سمع حفص بن غياث وإسحاق الأزرق وأبا أسامة وأبا بدر شجاع بن الوليد وروح بن عبادة وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري لكن وهم فسماه أحمد

(180)

وأبو القاسم البغوي وحفيده أبو

(178)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1230)، والأنساب للسمعاوني (6/ 165).

(179)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 12)، وتاريخ بغداد (2/ 326)، والعبر (2/ 50)، وتهذيب التهذيب (9/ 325)، وتقريب التهذيب (2/ 188)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6474)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 163)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 87).

(180)

الحديث الذين وهم فيه البخاري في [ابن المنادى] هو الحديث الذى أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 327 - 328) قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود المُنادى، قال: حدثنا روح قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأبىّ بن كعب: "إنَّ الله أمرنى أن أقرئك القرآن أو أقرأ عليك القرآن. قال أبي: وسمانى لك؟ قال: نعم، قال: وقد ذُكرتُ عند رب العالمين؟ قال: نعم فذرفت عيناه رضي الله عنه.

قال الخطيب: روى البخاري عن محمد بن عبيد الله بن أبي داود أبي جعفر المنادى، إلَّا أنه سمَّاه أحمد، فسمعت هبة الله بن الحسن الطبري يقول: قيل إنه اشتبه على البخاري فجعل محمدًا أحمد، وقيل: كان لمحمد أخ صغير اسمه أحمد، وقال الخطيب: وهذا باطل ليس لأبي جعفر أخٌ فيما نعلم، ولعله اشتبه عليه أو كان يرى أن محمدًا وأحمد شئ واحد. اهـ.

والحديث أخرجه البخاري (4961). وقال الحافظ في الفتح (8/ 726): قوله: "حدثنى أحمد بن أبي =

ص: 172

الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبو العباس الأصم وإسماعيل الصفار وعثمان بن أحمد الدقاق وأبو سهل القطان وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو جعفر: كتب عني يحيى بن معين حديثاً رويته عن أبي النضر.

وقال حفيده أبو الحسين: مات جدي في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين وله مائة سنة وسنة وأربعة أشهر واثنا عشر يوماً.

قلت: وقع لنا من موافقاته ذاك الحديث الذي رواه البخاري عنه.

‌2179 - ابن البستنبان

(181)

الحسن بن سعيد ويقال: الحسين الفارسي ثم البغدادي البزاز قرابة سعدان بن نصر.

سمع سفيان بن عيينة ومعمر بن سليمان وأبا بدر.

حدث عنه القاضي المحاملي وأبو العباس السراج وابن مخلد وأبو سعيد بن الأعرابي وأحمد بن محمد الأدمي.

قال ابن أبي حاتم: صدوق أتيناه فلم نصادفه.

وقال ابن مخلد: توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وستين ومائتين يكنى أبا علي.

= داود أبو جعفر المنادى كذا وقع عند الفرَبْرى عن البخاري، والذى وقع عند النسفي "حدثنى أبو جعفر المنادى" حَسْب، فكأن تسميته من قبل الفربرى، فعلى هذ لم يصب من وَهَّمَ البخاري فيه، وكذا من قال إنه كان يرى أن محمدًا وأحمد شئ واحد، وقد ذكر ذلك الخطيب عن اللاكائى احتمالًا، قال: واشتبه على البخاري، قال: وقيل: كان لأبى جعفر أخ اسمه أحمد، قال: وهو باطل والمشهور، أن اسم أبي جعفر هذا محمدًا، وهو ابن عبد الله بن يزيد، وأبو داود كنية أبيه، وليس لأبي جعفر في البخاري سوى هذا الحديث.

(181)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 58)، وتاريخ بغداد (7/ 324).

ص: 173

‌2180 - مسلم

(182)

هو الإمام الكبير الحافظ المجود الحجة الصادق أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري صاحب الصحيح فلعله من موالي قشير.

قيل: إنه ولد سنة أربع ومائتين وأول سماعه في سنة ثمان عشرة من يحيى بن يحيى التميمي وحج في سنة عشرين وهو أمرد فسمع بمكة من القعنبي فهو أكبر شيخ له وسمع بالكوفة من أحمد بن يونس وجماعة وأسرع إلى وطنه ثم ارتحل بعد أعوام قبل الثلاثين وأكثر عن علي بن الجعد لكنه ما روى عنه في الصحيح شيئاً وسمع بالعراق والحرمين ومصر.

‌ذكر شيوخه على المعجم

روى عن: إبراهيم بن خالد اليشكري وإبراهيم بن دينار التمار وإبراهيم بن زياد سبلان وإبراهيم بن سعيد الجوهري وإبراهيم بن عرعرة وإبراهيم بن موسى وأحمد بن إبراهيم وأحمد بن جعفر وأحمد بن جناب وأحمد بن جواس وأحمد بن الحسن بن خراش وأحمد بن سعيد الرباطي وأحمد بن سعيد الدارمي وأحمد بن سنان وأحمد بن عبد الله الكردي وأحمد بن عبد الله بن يونس وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب وأحمد بن عبدة وأحمد بن عثمان الأودي وأبي الجوزاء أحمد بن عثمان النوفلي وأحمد بن عمر الوكيعي وأحمد بن عيسى التستري وأحمد بن حنبل وأحمد بن المنذر القزاز وأحمد بن منيع وأحمد بن يوسف السلمي وإسحاق بن راهويه وإسحاق بن عمر بن سليط وإسحاق بن منصور وإسحاق بن موسى وإسماعيل بن أبي أويس لقيه أول مرة وإسماعيل بن الخليل وإسماعيل بن سالم الصائغ وأمية بن بسطام وبشر بن الحكم وبشر بن خالد وبشر بن هلال وجعفر بن حميد وحاجب بن الوليد وحامد بن عمر البكراوي وحبان بن موسى وحجاج بن الشاعر وحرملة بن يحيى والحسن بن أحمد الحراني والحسن بن الربيع البوراني والحسن بن علي الخلال والحسن بن عيسى بن ماسرجس والحسين بن حريث والحسين بن عيسى البسطامي والحكم بن موسى وحماد

(182)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 797) وتاريخ بغداد (13/ 100)، والأنساب للسمعاني (10/ 155)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 613)، والكاشف (3/ترجمة 5509)، والعبر (1/ 197 و 211)، وتهذيب التهذيب (10/ 226)، وتقريب التهذيب (2/ 245)، وخلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 6962) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 144)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 33).

ص: 174

بن إسماعيل بن علية وحميد بن مسعدة وخالد بن خداش وخلف بن هشام وداود بن رشيد وداود بن عمرو ورفاعة بن الهيثم الواسطي وزكريا بن يحيى كاتب العمري وزهير بن حرب وزياد بن يحيى الحساني وسريج بن يونس وسعيد بن عبد الجبار الكرابيسي وسعيد بن عمرو الأشعثي وسعيد بن محمد الجرمي وسعيد بن منصور وسعيد بن يحيى بن الأزهر وسعيد بن يحيى الأموي وسليمان بن داود الختلي وسهل بن عثمان وسويد بن سعيد وشجاع بن مخلد وشهاب بن عباد وشيبان بن فروخ وصالح بن حاتم وصالح بن مسمار والصلت بن مسعود وعاصم بن النضر وعباد بن موسى وعباس بن عبد العظيم وعباس بن الوليد النرسي وعبد الله بن براد وعبد الله بن جعفر البرمكي وعبد الله بن الصباح وعبد الله بن عامر بن زرارة وعبد الله الدارمي وعبد الله بن عمر بن أبان وعبد الله بن عمر بن الرومي وعبد الله بن عون الخراز وعبد الله بن محمد بن أسماء وعبد الله بن محمد الزهري وعبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن مطيع وعبد الله بن هاشم وعبد الجبار بن العلاء وعبد الحميد بن بيان وعبد الرحمن بن بشر وعبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم وعبد الرحمن بن سلام الجمحي وعبد الملك بن شعيب وعبد الوارث بن عبد الصمد وعبد بن حميد وعبيد الله القورايري وعبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس وعبيد الله بن معاذ وعبيد بن يعيش وعثمان بن أبي شيبة وعقبة بن مكرم العمي وعلي بن حجر وأبي الشعثاء علي بن الحسن وعلي بن حكيم الأودي وعلي بن خشرم وعلي بن نصر وعمر بن حفص بن غياث وعمرو بن حماد وعمرو بن زرارة وعمرو بن سواد وعمرو بن علي وعمرو الناقد وعون بن سلام وعيسى بن حماد والفضل بن سهل والقاسم بن زكريا وقتيبة وقطن بن نسير ومجاهد بن موسى ومحرز بن عون ومحمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن إسحاق الصاغاني ومحمد بن إسحاق المسيبي وبندار ومحمد بن بكار بن الريان ومحمد بن بكار العيشي ومحمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن جعفر الوركاني ومحمد بن حاتم السمين ومحمد بن حرب النشائي ومحمد بن رافع ومحمد بن رمح ومحمد بن سلمة ومحمد بن سهل بن عسكر ومحمد بن عبد الله بن قهزاذ ومحمد بن عبد الله بن نمير الحافظ ومحمد بن عباد ومحمد بن الصباح الدولابي ومحمد بن طريف ومحمد بن عبد الله الرزي ومحمد بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم وابن أبي الشوارب ومحمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن عمرو زنيج ومحمد بن عمرو بن أبي رواد وأبي كريب ومحمد بن الفرج الهاشمي ومحمد بن قدامة البخاري ومحمد بن

ص: 175

المثنى ومحمد بن مرزوق الباهلي ومحمد بن مسكين اليمامي ومحمد بن معاذ بن معاذ ومحمد بن معمر القيسي ومحمد بن منهال الضرير ومحمد بن مهران ومحمد بن النضر بن مساور ومحمد بن الوليد البسري ومحمد بن يحيى القطعي ومحمد بن يحيى المروزي الصائغ ومحمد بن يحيى العدني ومحمود بن غيلان ومخلد بن خالد الشعيري ومنجاب بن الحارث ومنصور بن أبي مزاحم وموسى بن قريش البخاري ونصر بن علي وهارون بن سعيد وهارون الحمال وهارون بن معروف وهدبة وهريم بن عبد الأعلى وهناد والهيثم بن خارجة وواصل بن

عبد الأعلى والوليد بن شجاع ووهب بن بقية ويحيى بن أيوب ويحيى بن بشر ويحيى بن حبيب ويحيى بن محمد بن معاوية اللؤلؤي ويحيى بن معين ويحيى بن يحيى ويعقوب الدورقي ويوسف بن حماد المعني ويوسف بن عيسى المروزي ويوسف بن يعقوب الصفار ويونس بن عبد الأعلى وأبي الأحوص البغوي محمد وأبي أيوب الغيلاني سليمان وأبي بكر بن خلاد محمد وأبي بكر بن أبي شيبة عبد الله وأبي بكر بن نافع وأبي بكر بن أبي النضر وأبي بكر الأعين محمد وأبي داود السنجي سليمان وأبي داود المباركي سليمان وأبي الربيع الزهراني وأبي زرعة وأبي سعيد الأشج وأبي الطاهر بن السرح وأبي غسان المسمعي مالك وأبي قدامة السرخسي وأبي كامل الجحدري وأبي مصعب الزهري وأبي معمر الهذلي وأبي معن الرقاشي وأبي نصر التمار وأبي هشام الرفاعي وعدتهم مائتان وعشرون رجلاً أخرج عنهم في الصحيح.

وله شيوخ سوى هؤلاء لم يخرج عنهم في "صحيحه" كعلي بن الجعد وعلي بن المديني ومحمد بن يحيى الذهلي.

وقد ذكر الحاكم في شيوخ مسلم أبا غسان مالكاً النهدي وإنما يروي عن رجل عنه ولا أدركه فإنه مع أبي نعيم مات في سنة تسع عشرة ومائتين.

وقد ذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" مسلماً بناء على سماعه من محمد بن خالد السكسكي فقط والظاهر أنه لقيه في الموسم فلم يكن مسلم ليدخل دمشق فلا يسمع إلا من شيخ واحد والله أعلم.

‌الراوون عنه

علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي وهو أكبر منه ومحمد بن عبد الوهاب الفراء شيخه ولكن ما أخرج عنه في "صحيحه" والحسين بن محمد القباني وأبو بكر محمد بن

ص: 176

النضر بن سلمة الجارودي وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي وصالح بن محمد جزرة وأبو عيسى الترمذي في "جامعه" وأحمد بن المبارك المستملي وعبد الله بن يحيى السرخسي القاضي وأبو سعيد حاتم بن أحمد بن محمود الكندي البخاري وإبراهيم بن إسحاق الصيرفي وإبراهيم بن أبي طالب رفيقه وإبراهيم بن محمد بن حمزة وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه راوي "الصحيح" وأبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف وزكريا بن داود الخفاف وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف وأبو علي عبد الله بن محمد بن علي البلخي الحافظ وعبد الرحمن بن أبي حاتم وعلي بن إسماعيل الصفار وأبو حامد أحمد بن حمدون الأعمشي وأبو حامد أحمد بن محمد بن الشرقي وأبو حامد أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ أحد الضعفاء وأحمد بن سلمة الحافظ وسعيد بن عمرو البرذعي وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الشرقي والفضل بن محمد البلخي وأبو بكر بن خزيمة وأبو العباس السراج ومحمد بن عبد بن حميد ومحمد بن مخلد العطار ومكي بن عبدان ويحيى بن محمد بن صاعد والحافظ أبو عوانة ونصر بن أحمد بن نصر الحافظ.

قال أبو عمرو المستملي: أملى علينا إسحاق الكوسج سنة إحدى وخمسين ومسلم ينتخب عليه وأنا أستملي فنظر إليه إسحاق وقال: لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين.

لم يرو الترمذي في "جامعه" عن مسلم سوى حديث واحد

(183)

.

وقال أبو القاسم بن عساكر: حدثني أبو نصر اليونارتي قال: دفع إلي صالح بن أبي صالح ورقة من لحاء شجرة بخط مسلم قد كتبها بدمشق من حديث الوليد بن مسلم.

قلت: هذا إسناد منقطع لا يثبت.

قال أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلماً في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما وسمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن راهويه ذكر مسلماً فقال بالفارسية كلاماً معناه: أي رجل يكون هذا؟!.

ثم قال أحمد بن سلمة: وعقد لمسلم مجلس الذاكرة فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج وقال لمن في الدار: لا يدخل أحد منكم فقيل له:

(183)

أخرجه الترمذي (687) حدثنا مسلم بن حجاج، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحصوا هلال شعبان لرمضان".

ص: 177

أهديت لنا سلة تمر فقال: قدموها فقدموها إليه فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث.

رواها أبو عبد الله الحاكم ثم قال: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان مسلم ثقة من الحفاظ كتبت عنه بالري وسئل أبي عنه فقال: صدوق.

قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري ومسلم بنيسابور وعبد الله الدارمي بسمرقند ومحمد بن إسماعيل ببخارى.

قال أبو عمرو بن حمدان: سألت الحافظ ابن عقدة عن البخاري ومسلم: أيهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالماً ومسلم عالم فكررت عليه مراراً فقال: يا أبا عمرو قد يقع لمحمد الغلط في أهل الشام وذلك أنه أخذ كتبهم فنظر فيها فربما ذكر الواحد منهم بكنيته ويذكره في موضع آخر باسمه يتوهم أنهما اثنان وأما مسلم فقلما يقع له من الغلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل.

قلت: عنى بالمقاطيع أقوال الصحابة والتابعين في الفقه والتفسير.

قال أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى ومسلم بن الحجاج وإبراهيم بن أبي طالب.

وقال الحسين بن محمد الماسرجسي: سمعت أبي يقول: سمعت مسلماً يقول: صنفت هذا "المسند الصحيح" من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.

قال ابن مندة: سمعت محمد بن يعقوب الأخرم يقول ما معناه: قل ما يفوت البخاري ومسلماً مما ثبت من الحديث.

قال الحاكم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: رأيت شيخاً حسن الوجه والثياب عليه رداء حسن وعمامة قد أرخاها بين كتفيه فقيل: هذا مسلم فتقدم أصحاب السلطان فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين فقدموه في الجامع فكبر وصلى بالناس.

قال أحمد بن سلمة: كنت مع مسلم في تأليف "صحيحه" خمس عشرة سنة قال: وهو اثنا عشر ألف حديث.

ص: 178

قلت: يعني بالمكرر بحيث إنه إذا قال: حدثنا قتيبة وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين اتفق لفظهما أو اختلف في كلمة.

قال الحافظ ابن مندة: سمعت أبا علي النيسابوري الحافظ يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم.

وقال مكي بن عبدان: سمعت مسلماً يقول: عرضت كتابي هذا "المسند" على أبي زرعة فكل ما أشار علي في هذا الكتاب أن له علة وسبباً تركته وكل ما قال: إنه صحيح ليس له علة فهو الذي أخرجت ولو أن أهل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فمدارهم على هذا "المسند".

فسألت مسلماً عن علي بن الجعد فقال: ثقة ولكنه كان جهمياً.

فسألته عن محمد بن يزيد فقال: لا يكتب عنه.

وسألته عن محمد بن عبد الوهاب وعبد الرحمن بن بشر فوثقهما.

وسألته عن قطن بن إبراهيم فقال: لا يكتب حديثه.

قال أبو أحمد الحاكم: حدثنا أبو بكر محمد بن علي النجار سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: قلت لمسلم: قد أكثرت في "الصحيح" عن أحمد بن عبد الرحمن الوهبي وحاله قد ظهر فقال: إنما نقموا عليه بعد خروجي من مصر.

قلت: ليس في "صحيح" مسلم من العوالي إلا ما قل كالقعنبي عن أفلح بن حميد ثم حديث حماد بن سلمة وهمام ومالك والليث وليس في الكتاب حديث عال لشعبة ولا للثوري ولا لإسرائيل وهو كتاب نفيس كامل في معناه فلما رآه الحفاظ أعجبوا به ولم يسمعوه لنزوله فعمدوا إلى أحاديث الكتاب فساقوها من مروياتهم عالية بدرجة وبدرجتين ونحو ذلك حتى أتوا على الجميع هكذا وسموه: "المستخرج على صحيح مسلم" فعل ذلك عدة من فرسان الحديث منهم: أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني وزاد في كتابه متوناً معروفة بعضها لين والزاهد أبو جعفر أحمد بن حمدان الحيري وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه وأبو حامد أحمد بن محمد الشاركي الهروي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي والإمام أبو علي الماسرجسي وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني وآخرون لا يحضرني ذكرهم الآن.

ص: 179

قال الدارقطني: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء.

وقال الحاكم: كان متجر مسلم خان محمش ومعاشه من ضياعه بأستوا

(184)

رأيت من أعقابه من جهة البنات في داره وسمعت أبي يقول: رأيت مسلم بن الحجاج يحدث في خان محمش فكان تام القامة أبيض الرأس واللحية يرخي طرف عمامته بين كتفيه.

قال أبو قريش الحافظ: كنا عند أبي زرعة الرازي فجاء مسلم بن الحجاج فسلم عليه وجلس ساعة وتذاكرا فلما ذهب قلت لأبي زرعة: هذا جمع أربعة آلاف حديث في "الصحيح"! فقال: ولم ترك الباقي؟ ليس لهذا عقل لو دارى محمد بن يحيى لصار رجلاً.

قال سعيد البرذعي: شهدت أبا زرعة ذكر "صحيح" مسلم وأن الفضل الصائغ ألف على مثاله فقال: هؤلاء أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوقون به وأتاه يوماً رجل بكتاب مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث لأسباط بن نصر فقال: ما أبعد هذا من الصحيح ثم رأى قطن بن نسير فقال لي: وهذا أطم ثم نظر فقال: ويروي عن أحمد بن عيسى وأشار إلى لسانه كأنه يقول الكذب ثم قال: يحدث عن أمثال هؤلاء ويترك ابن عجلان ونظراءه ويطرق لأهل البدع علينا فيقولوا: ليس حديثهم من الصحيح؟ فلما ذهبت إلى نيسابور ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة فقال: إنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما رواه ثقات وقع لي بنزول ووقع لي عن هؤلاء بارتفاع فاقتصرت عليهم وأصل الحديث معروف وقد قدم مسلم بعد إلى الري فاجتمع بابن وارة فبلغني أنه عاتبه على "الصحيح" وجفاه وقال له نحواً من قول أبي زرعة: إن هذا يطرق لأهل البدع علينا فاعتذر وقال: إنما قلت: صحاح ولم أقل: ما لم أخرجه ضعيف وإنما أخرجت هذا من الصحيح ليكون مجموعاً لمن يكتبه فقبل عذره وحدثه.

وقال مكي بن عبدان: وافى داود بن علي الأصبهاني نيسابور أيام إسحاق بن راهويه فعقدوا له مجلس النظر وحضر مجلسه يحيى بن الذهلي ومسلم بن الحجاج فجرت مسألة تكلم فيها يحيى فزبره داود قال: اسكت يا صبي ولم ينصره مسلم فرجع إلى أبيه وشكا إليه داود فقال أبوه: ومن كان ثم؟ قال: مسلم ولم ينصرني قال: قد رجعت عن كل ما حدثته به فبلغ ذلك مسلماً فجمع ما كتب عنه في زنبيل وبعث به إليه وقال: لا أروي عنك أبداً.

(184)

أسْتُوا: كورة من نواحى نيسابور، تشتمل على ثلاث وتسعين قرية قاله ياقوت الحموى في "معجم البلدان".

ص: 180

قال أبو عبد الله الحاكم: علقت هذه الحكاية عن طاهر بن أحمد عن مكي وقد كان مسلم يختلف بعد هذه الواقعة إلى محمد بن يحيى وإنما انقطع عنه من أجل قصة البخاري وكان الحافظ أبو عبد الله بن الأخرم أعرف بذلك فأخبر عن الوحشة الأخيرة.

وسمعته يقول: كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ ولا يكتمه فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر وسافر من نيسابور قال: فقطعه أكثر الناس غير مسلم فبلغ محمد بن يحيى فقال يوماً: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس ثم بعث إليه بما كتب عنه على ظهر جمال قال: وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.

قال أبو حامد بن الشرقي: حضرت مجلس محمد بن يحيى فقال: ألا من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسنا فقام مسلم من المجلس.

قال أبو بكر الخطيب: كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى بسببه.

قلت: ثم إن مسلماً لحدة في خلقه انحرف أيضاً عن البخاري ولم يذكر له حديثاً ولا سماه في "صحيحه" بل افتتح الكتاب بالحط على من اشترط اللقي لمن روى عنه بصيغة "عن" وادعى الإجماع في أن المعاصرة كافية ولا يتوقف في ذلك على العلم بالتقائهما ووبخ من اشترط ذلك وإنما يقول ذلك أبو عبد الله البخاري وشيخه علي بن المديني وهو الأصوب الأقوى

(185)

وليس هذا موضع بسط هذه المسألة.

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول "الأطراف" له بعد أن ذكر "صحيح البخاري": ثم سلك سبيله مسلم بن الحجاج فأخذ في تخريج كتابه وتأليفه وترتيبه على قسمين وتصنيفه وقصد أن يذكر في القسم الأول أحاديث أهل الإتقان وفي القسم الثاني أحاديث أهل الستر والصدق الذين لم يبلغوا درجة المتثبتين فحالت المنية بينه وبين هذه الأمنية فمات قبل استتام كتابه غير أن كتابه مع إعوازه اشتهر وانتشر.

(185)

لأحد العلماء نظم في الموازنة بين صحيحى البخاري ومسلم فقال:

تشاجر قوم في البخاري ومسلم

لدىَّ وقالوا أىُّ ذَين تقدموا

فقلت لقد فاق البخاري صحة

كما فاق في حسن الصناعة مسلم

ص: 181

وقال الحاكم: أراد مسلم أن يخرج "الصحيح" على ثلاثة أقسام وعلى ثلاث طبقات من الرواة وقد ذكر هذا في صدر خطبته فلم يقدر له إلا الفراغ من الطبقة الأولى ومات ثم ذكر الحاكم مقالة هي مجرد دعوى فقال: إنه لا يذكر من الأحاديث إلا ما رواه صحابي مشهور له راويان ثقتان فأكثر ثم يرويه عنه أيضاً راويان ثقتان فأكثر ثم كذلك من بعدهم فقال أبو علي الجياني: المراد بهذا أن هذا الصحابي أو هذا التابعي قد روى عنه رجلان خرج بهما عن حد الجهالة.

قال القاضي عياض: والذي تأوله الحاكم على مسلم من اخترام المنية له قبل استيفاء غرضه إلا من الطبقة الأولى فأنا أقول: إنك إذا نظرت في تقسيم مسلم في كتابه الحديث على ثلاث طبقات من الناس على غير تكرار فذكر أن القسم الأول حديث الحفاظ ثم قال: إذا انقضى هذا أتبعته بأحاديث من لم يوصف بالحذق والإتقان وذكر أنهم لاحقون بالطبقة الأولى فهؤلاء مذكورون في كتابه لمن تدبر الأبواب والطبقة الثانية قوم تكلم فيهم قوم وزكاهم آخرون فخرج حديثهم عمن ضعف أو اتهم ببدعة وكذلك فعل البخاري.

ثم قال القاضي عياض: فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه وطرح الطبقة الرابعة.

قلت: بل خرج حديث الطبقة الأولى وحديث الثانية إلا النزر القليل مما يستنكره لأهل الطبقة الثانية ثم خرج لأهل الطبقة الثالثة أحاديث ليست بالكثيرة في الشواهد والاعتبارات والمتابعات وقل أن خرج لهم في الأصول شيئاً ولو استوعبت أحاديث أهل هذه الطبقة في "الصحيح" لجاء الكتاب في حجم ما هو مرة أخرى ولنزل كتابه بذلك الاستيعاب عن رتبة الصحة وهم كعطاء بن السائب وليث ويزيد بن أبي زياد وأبان بن صمعة ومحمد بن إسحاق ومحمد بن عمرو بن علقمة وطائفة أمثالهم فلم يخرج لهم إلا الحديث بعد الحديث إذا كان له أصل وإنما يسوق أحاديث هؤلاء ويكثر منها أحمد في "مسنده" وأبو داود والنسائي وغيرهم فإذا انحطوا إلى إخراج أحاديث الضعفاء الذين هم أهل الطبقة الرابعة اختاروا منها ولم يستوعبوها على حسب آرائهم واجتهاداتهم في ذلك.

وأما أهل الطبقة الخامسة كمن أجمع على اطراحه وتركه لعدم فهمه وضبطه أو لكونه متهماً فيندر أن يخرج لهم أحمد والنسائي ويورد لهم أبو عيسى فيبينه بحسب اجتهاده لكنه قليل ويورد لهم ابن ماجة أحاديث قليلة ولا يبين والله أعلم وقل ما يورد منها أبو داود فإن أورد بينه في غالب الأوقات.

وأما أهل الطبقة السادسة كغلاة الرافضة والجهمية الدعاة وكالكذابين والوضاعين

ص: 182

وكالمتروكين المهتوكين كعمر بن الصبح ومحمد المصلوب ونوح بن أبي مريم وأحمد الجويباري وأبي حذيفة البخاري فما لهم في الكتب حرف ما عدا عمر فإن ابن ماجة خرج له حديثاً واحداً

(186)

فلم يصب وكذا خرج ابن ماجة للواقدي حديثاً واحداً فدلس اسمه وأبهمه

(187)

.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله عن المؤيد بن محمد الطوسي وأجاز لنا القاسم ابن غنيمة قال: أخبرنا المؤيد أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي سنة خمس وستين وثلاثمائة أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا شيبان حدثنا أبو الأشهب عن الحسن عن معقل بن يسار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"

(188)

.

(186)

هو: عند ابن ماجه (2768) من طريق محمد بن يعلى السُّلمى، حدثنا عمر بن صُبَيْح، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن مكحول، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين مُحتسبًا من غير شهر رمضان، أعظمُ أجرًا من عبادة مائة سنة، صيامها وقيامها، ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين، محتسبًا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرًا (أراهُ قال) من عبادة ألف سنة، صيامها وقيامها، فإن ردَّه الله إلى أهله سالمًا لم تكتب عليه سيئة ألف سنة، وتُكتب له الحسنات، ويُجرى له أجر الرِّباط إلى يوم القيامة".

قلت: إسناده موضوع، فيه ثلاث علل: الأولى: محمد بن يعلى السُّلَمى، زُنبور، قال البخاري: ذاهب الحديث، وقال أبو حاتم: متروك. الثانية: عمر بن صُبيح، ليس بثقة ولا مأمون. قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث. وقال الدارقطنى وغيره: متروك. وقال الأزدي: كذَّاب. الثالثة: الانقطاع بين مكحول وأبى بن كعب، فإنه لم يدركه، كما أنه مدلس، وقد عنعنه.

(187)

أخرجه ابن ماجه (1095) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شيخ لنا، عن عبد الحميد بن جعفر، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثَوبٌ مِهنته". فالشيخ المبهم هنا في الإسناد هو الواقدي كما ورد عند عبد بن حميد، عن أبي بكر بن أبي شيبه، عن الواقدى، عن عبد الحميد بن جعفر، به.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الواقدي، وهو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، مولاهم الواقدي المدني القاضي، صاحب التصانيف، وأحد أوعية العلم على ضعفه. وذكر الذهبى هذا الحديث في ترجمته في "الميزان" (3/ 662 - 663) ثم قال في إثره: وحسبك أن ابن ماجه لا يجسر أن يُسمِّيه قال أحمد بن حنبل: هو كذاب يقلب الأحاديث. وقال البخاري وأبو حاتم: متروك.

ومتن هذا الحديث صحيح رواه أبو داود (1078)، وابن ماجه (1095) بإسناد صحيح.

(188)

صحيح: أخرجه مسلم (142) حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا أبو الأشهب، به.

وأخرجه البخاري (7140) من طريق أبي نعيم، عن أبي الأشهب، به.

ص: 183

وبه: حدثنا مسلم حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا عاصم بن محمد عن أبيه قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان"

(189)

.

قرأت على زينب بنت عمر بن كندي عن المؤيد وأخبرنا القاسم بن أبي بكر الإربلي

(190)

أخبرنا المؤيد أخبرنا الفراوي أخبرنا عبد الغافر أخبرنا ابن عمرويه حدثنا ابن سفيان سمعت مسلماً حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة

(191)

.

فصل: عدي بن عميرة الكندي خرج له مسلم ما روى عنه غير قيس ابن أبي حازم وخرج مسلم لقطبة بن مالك وما حدث عنه سوى زياد بن علاقة وخرج مسلم لطارق بن أشيم وما روى عنه سوى ولده أبي مالك الأشجعي وخرج لنبيشة الخير وما روى عنه إلا أبو المليح الهذلي.

ذكرنا هؤلاء نقضاً على ما ادعاه الحاكم من أن الشيخين ما خرجا إلا لمن روى عنه اثنان فصاعداً.

نقل أبو عبد الله الحاكم أن محمد بن عبد الوهاب الفراء قال: كان مسلم بن الحجاج من علماء الناس ومن أوعية العلم.

الحاكم: سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما ثم ذكر مصنفات إمام أهل الحديث مسلم رحمه الله كتاب "المسند الكبير" على الرجال وما أرى أنه سمعه منه أحد كتاب "الجامع على الأبواب" رأيت بعضه بخطه كتاب "الأسامي والكنى" كتاب "المسند الصحيح" كتاب "التمييز كتاب "العلل" كتاب "الوحدان" كتاب "الأفراد" كتاب "الأقران" كتاب "سؤالاته أحمد بن حنبل" كتاب "عمرو بن

(189)

صحيح. أخرجه مسلم (1820). كما أخرجه البخاري (7140).

(190)

الإربلى: نسبة إلى إربلِ، وهى قلعة على مرحلتين من الموصل.

(191)

أخرجه مسلم (321)، كما أخرجه البخاري (621).

ص: 184

شعيب" كتاب "الانتفاع بأهب السباع" كتاب "مشايخ مالك" كتاب "مشايخ الثوري" كتاب "مشايخ شعبة" كتاب "من ليس له إلا راو واحد" كتاب "المخضرمين" كتاب "أولاد الصحابة" كتاب "أوهام المحدثين" كتاب "الطبقات" كتاب "أفراد الشاميين" ثم سرد الحاكم تصانيف له لم أذكرها.

قال أحمد بن سلمة: سمعت مسلماً يقول: إذا قال ابن جريج: حدثنا وأخبرنا وسمعت فليس في الدنيا شيء أثبت من هذا.

قال مكي بن عبدان: سمعت مسلماً يقول: لو أن أهل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فمدارهم على هذا "المسند".

قلت: عنى به "مسنده الكبير".

وعن ابن الشرقي عن مسلم قال: ما وضعت في هذا المسند شيئاً إلا بحجة ولا أسقطت شيئاً منه إلا بحجة.

توفي مسلم في شهر رجب سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور عن بضع وخمسين سنة وقبره يزار.

‌2181 - المسوحي

(192)

شيخ الزهاد أبو علي الحسن بن علي البغدادي الصوفي المسوحي.

حكى عن بشر بن الحارث وصحب سرياً السقطي وكان أول من عقدت له حلقة ببغداد للكلام في الحقائق.

حكى عنه: الجنيد وابن مسروق وأبو محمد الجريري والقاضي أبو عبد الله المحاملي وقيل: صحبه أبو حمزة البغدادي.

قال ابن الأعرابي: سمعت غير واحد سمعوا أبا حمزة يقول كثيراً: حسن أستاذنا رحم الله حسناً.

قال ابن الأعرابي: كانت له حلقة في جامع بغداد ثم بعده حلقة أبي حمزة البغدادي وكان المسوحي لا يجاوز علم الوصول والعبادات والإرادات والأحوال دون المعارف.

(192)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 366)، واللباب لابن الأثير (3/ 213)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 24).

ص: 185

وقال غيره كان عذب العبارة قانعاً زاهداً يأوي إلى مسجد.

وقال السلمي: سمعت أبا العباس البغدادي حدثنا جعفر الخلدي سمعت الجنيد يقول: كلمت حسناً المسوحي في شيء من الأنس فقال لي ويحك الأنس! لو مات من تحت السماء ما استوحشت. قلت: توفي المسوحي بعد سنة ستين ومائتين.

‌2182 - عيسى بن شاذان

(193)

البصري القطان الحافظ أحد من يضرب بحفظه المثل.

حدث عن: عبد الله بن رجاء ومسلم بن إبراهيم وأبي عمر الحوضي وإبراهيم بن أبي سويد وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود وأبو عروبة الحراني وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي وأبو بكر بن أبي داود وآخرون وهو قديم الموت.

قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا دواد يقول: ما رأيت أحفظ من أبي جعفر النفيلي فقلت: ولا عيسى بن شاذان؟ قال: ولا عيسى بن شاذان.

قلت: بقي إلى حدود خمسين ومائتين.

قرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو سعد الكنجروذي أخبرنا محمد بن محمد الحافظ حدثنا أبو عروبة حدثنا عيسى بن شاذان حدثنا إبراهيم بن أبي سويد حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا يونس وحبيب وهشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله علية وسلم: "الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية"

(194)

.

(193)

ترجمته في الكاشف (2/ ترجمة 4445)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 853)، وتهذيب التهذيب (8/ 212) وتقريب التهذيب (2/ 98)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5569).

(194)

صحيح: أخرجه البخاري (4388) و (4390)، ومسلم (52) من حديث أبي هريرة، به.

ص: 186

‌2183 - الدقيقي

(195)

الإمام المحدث الحجة أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الواسطي الدقيقي.

ولد بعد الثمانين ومائة.

وسمع من يزيد بن هارون ووهب بن جرير ويعلى بن عبيد وأبي أحمد الزبيري وسعيد بن عامر وعبد الصمد بن عبد الوارث التنوري وأبي علي الحنفي وسلم بن سلام الواسطي ومعلى بن عبد الرحمن وأبي عاصم النبيل وسعيد بن سلام العطار ومسلم بن إبراهيم وعمرو بن عاصم وسليمان بن حرب وخلق.

حدث عنه: أبو داود وابن ماجة وإبراهيم الحربي ويحيى بن صاعد وإبراهيم بن عرفة وعبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد بن عمرو ابن البختري وأبو سعيد بن الأعرابي وإسماعيل الصفار وأحمد بن سليمان العباداني وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال الدارقطني: ثقة.

قلت: وقع لي جزءان من حديثه.

توفي في شوال سنة ست وستين ومائتين.

أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي المقدسي أخبرنا الفقيهان عبد الله بن أحمد بن محمد وعبد الرحمن بن إبراهيم قالا: أخبرتنا شهدة الكاتية أخبرنا الحسين بن أحمد أخبرنا علي بن محمد المعدل حدثنا محمد بن عمرو الرزاز حدثنا محمد بن عبد الملك حدثنا بشر بن عمر الزهراني حدثنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن

(195)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (2/ 358)، والجرح والتعديل (8/ ترجمة 19)، وتاريخ بغداد (2/ 346)، والأنساب للسمعاني (5/ 326).

والمنتظم لابن الجوزي (5/ 58)، والكاشف (3/ ترجمة 5097)، والعبر (2/ 34)، وميزان الاعتدال (3/ 632)، وتهذيب التهذيب (9/ 317).

وتقريب التهذيب (2/ 186)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6462)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 190) و (2/ 151).

ص: 187

ربيعة بن سيف عن عياض بن عقبة الفهري عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة وقاه الله فتنة القبر"

(196)

غريب.

‌2184 - الحجازي

(197)

الشيخ المعمر المحدث أبو عتبة أحمد بن الفرج بن سليمان الكندي الحمصي الملقب بالحجازي المؤذن.

حدث عن: بقية بن الوليد وضمرة بن ربيعة ومحمد بن حرب وأيوب بن سويد الرملي وابن أبي فديك وعمر بن عبد الواحد الدمشقي وعقبة بن علقمة البيروتي ومحمد بن يوسف الفريابي وأبي المغيرة الخولاني ومحمد بن حمير وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي وطائفة.

(196)

حسن لغيره: وهذا إسناد ضعيف، فيه ربيعه بن سيف المعافرى المصرى، قال البخاري وابن يونس: عنده مناكير. وقال الدارقطني: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس.

والعلة الثانية: عياض بن عقبة الفهري، لم أجد من ترجم له.

والحديث أخرجه أحمد (2/ 169)، والترمذي (1074)، والطحاوى في "شرح مشكل الآثار" (277) من طريق أبي عامر العقدي قال: حدثنا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو، به. وإسنادُهُ ضعيف، فيه علتان: ربيعة بن سيف، عنده مناكير، كما قال البخاري وابن يونس والعلة الثانية: الانقطاع بين ربيعه بن سيف، وعبد الله بن عمرو فإنه لم يدركه.

ورواه أحمد (2/ 176 و 220)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر"(156) من طريق بقية، حدثه معاوية ابن سعد التجيبي، عن أبي قبيل المصرى، عن عبد الله بن عمرو، به.

قلت: إسناده حسن، بقية بن الوليد صرَّح بالتحديث عند أحمد في الموضع الثانى، وأبو قبيل المصرى، هو حيى بن هانئ، صدوق يهم، ومعاوية بن سعيد بن شريح، ذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جمع.

وله شاهد من حديث أنس: أخرجه أبو يعلى (4113)، ومن طريقه ابن عدى في "الكامل"(7/ 93)، وفيه واقد بن سلامة ويزيد بن أبان الرقاشي، وهما ضعيفان.

وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله: عند أبي نعيم في "الحلية"(3/ 155) وقال: غريب من حديث جابر ومحمد بن المنكدر، تفرد به عمر بن موسى، وهو مدنى، فيه لين. قلت: عمر بن موسى، قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كان يضع الحديث. وقال النسائي والدارقطني: متروك.

(197)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 124)، وتاريخ بغداد (4/ 339)، والأنساب للسمعاني (4/ 62)، واللباب لابن الأثير (1/ 342)، وميزان الاعتدال (1/ 128)، والعبر (2/ 49)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (7/ 287)، وتهذيب التهذيب (1/ 67)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162).

ص: 188

وكانت له رحلة وعناية بالحديث وعمر دهراً واحتيج إليه.

وتفرد عنه: النسائي في غير "السنن" وموسى بن هارون ومحمد بن جرير ومحمد بن إسحاق السراج ويحيى بن صاعد وابن جوصا وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبو العباس الأصم وأبو البريك محمد بن حسين الأطرابلسي ويوسف بن يعقوب الأزرق وخيثمة بن سليمان ومحمد بن جعفر بن ملاس وأبو الدحداح أحمد بن محمد وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: محله عندنا الصدق.

وقال ابن عدي: كان محمد بن عوف يضعفه ويتكلم فيه وكان ابن جوصا يضعفه.

قال ابن عدي: قد احتمله الناس وليس ممن يحتج به.

وقال عبد الغافر بن سلامة: كان جارنا وكان مؤذن الجامع وكان يخضب بالحمرة وكان ابن عوف وعمي وأصحابنا يقولون: إنه كذاب فلم نسمع منه شيئاً.

قال: وقال محمد بن عوف: هو كذاب رأيته في سوق الرستن وهو يشرب مع مردان وهو يتقيأ وأنا مشرف عليه من كوة بيت كانت لي فيه تجارة سنة تسع عشرة ومائتين وكان في أيام أبي الهرماس يسمونه الغداف كان له ترس فيه أربعة مسامير كبار إذا أخذوا من يريدون قتله صاحوا: أين الغداف فيجيء فيقتله قتل غير واحد بترسه.

وقال أبو أحمد الحاكم: رأيت أبا الحسن بن جوصا يضعف أمره.

قلت: زلق ابن ماكولا زلقة فقال: إنه ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين ومات سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.

وقال الخطيب: بلغني أنه توفي بحمص سنة إحدى وسبعين ومائتين.

وقال عبد الغافر بن سلامة: قال محمد بن عوف: أبو عتبة الحجازي كذاب كتبه التي عنده لضمرة وابن أبي فديك من كتب أحمد بن النضر وقعت إليه وليس عنده في حديث بقية أصل هو أكذب خلق الله.

قلت: غالب رواياته مستقيمة والقول فيه ما قاله ابن عدي فيروى له مع ضعفه.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن قدامة الفقيه والحسين بن هبة الله قالا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد أخبرنا عبد الكريم بن المومل حضوراً أخبرنا عبد الرحمن بن أبي نصر أخبرنا خيثمة بن سليمان حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج حدثنا بقية

ص: 189

حدثني عبد الحميد بن السري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس في صلاة الخوف سهو"

(198)

. عبد الحميد ليس بمعتمد.

‌2185 - الربيع بن سليمان

(199)

ابن عبد الجبار بن كامل الإمام المحدث الفقيه الكبير بقية الأعلام أبو محمد المرادي مولاهم المصري المؤذن صاحب الإمام الشافعي وناقل علمه وشيخ المؤذنين بجامع الفسطاط ومستملي مشايخ وقته.

مولده في سنة أربع وسبعين ومائة أو قبلها بعام.

سمع عبد الله بن وهب وبشر بن بكر التنيسي وأيوب بن سويد الرملي ومحمد بن إدريس المطلبي ويحيى بن حسان وأسد السنة وسعيد بن أبي مريم وأبا صالح وعدداً كثيراً.

ولم يكن صاحب رحلة فأما ما يروى أن الشافعي بعثه إلى بغداد بكتابه إلى أحمد بن حنبل فغير صحيح.

حدث عنه: أبو داود وابن ماجة والنسائي وأبو عيسى بواسطة في كتبهم والواسطة الذي في "الجامع" هو محمد بن إسماعيل السلمي ومنهم أبو زرعة وأبو حاتم وزكريا الساجي وصالح بن محمد وابن أبي دواد وابن صاعد وأبو نعيم عبد الملك بن عدي وأبو جعفر الطحاوي وأبو بكر بن زياد النيسابوري وعبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد بن هارون الروياني وأبو عوانة الإسفراييني وأبو الحسن بن جوصا وأبو علي بن حبيب الحصائري وعيسى بن موسى البلدي وأحمد ابن بهزاذ الفارسي وأبو العباس الأصم وأحمد بن مسعود العكري وأبو الفوارس بن الصابوني وخلق كثير من المشارقة والمغاربة.

(198)

منكر: أخرجه الدارقطني (2/ 58) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج، به.

قلت: إسناده ضعيف، عبد الحميد بن السرى، مجهول كما قال أبو حاتم الرازي، وضعفه الدارقطني وذكر الحافظ الذهبي هذا الخبر في "ميزان الاعتدال" في ترجمة عبد الحميد هذا وقال: من المجاهيل، والخبر منكر.

(199)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 2083)، ووفيات الأعيان (2/ ترجمة 233)، وتذكرة الحفاظ (2/ 586)، والعبر (2/ 45)، والكاشف (1/ ترجمة 1547)، وتهذيب التهذيب (3/ 245)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 159)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 77)، والعقد الفريد لابن عبد ربه (3/ 428)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 188)، وطبقات الشافعية للسبكي (2/ 132 - 139).

ص: 190

وطال عمره واشتهر اسمه وازدحم عليه أصحاب الحديث ونعم الشيخ كان أفنى عمره في العلم ونشره ولكن ما هو بمعدود في الحفاظ وإنما كتبته في "التذكرة" وهنا لإمامته وشهرته بالفقه والحديث.

قال النسائي وغيره: لا بأس به.

وقال أبو سعيد بن يونس وغيره: ثقة.

ورووا عن الربيع أنه قال: كل محدث حدث بمصر بعد ابن وهب كنت مستمليه.

وقال علي بن قديد المصري: كان الربيع يقرأ بالألحان.

وروي عن الشافعي أنه قال للربيع: لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك وقال أيضاً: الربيع راوية كتبي.

وقال أبو عمر بن عبد البر: ذكر محمد بن إسماعيل الترمذي أسماء من أخذ عن الربيع كتب الشافعي ورحل إليه فيها من الآفاق فسمى نحو مائتي رجل.

قال أبو عمر: وكان الربيع لا يؤذن في منارة جامع مصر أحد قبله وكانت الرحلة إليه في كتب الشافعي وكانت فيه سلامة وغفلة ولم يكن قائماً بالفقه.

قلت: قد كان من كبار العلماء ولكن ما يبلغ رتبة المزني كما أن المزني لا يبلغ رتبة الربيع في الحديث وقد روى أبو عيسى في "جامعه" عن الربيع بالإجازة وقد سمعنا من طريقه "المسند" للشافعي انتقاه أبو العباس الأصم من كتاب "الأم" لينشط لروايته للرحالة وإلا فالشافعي رحمه الله لم يؤلف مسنداً.

وقيل إن هذا الشعر للربيع:

صبراً جميلاً ما أسرع الفرجا

من صدق الله في الأمور نجا

من خشي الله لم ينله أذى

ومن رجا الله كان حيث رجا

قال أبو جعفر الطحاوي: مات الربيع مؤذن جامع الفسطاط في يوم الإثنين ودفن يوم الثلاثاء لإحدى وعشرين ليلة خلت من شوال سنة سبعين ومائتين وصلى عليه الأمير خمارويه يعني: صاحب مصر وابن صاحبها أحمد بن طولون.

قرأت على عمر بن عبد المنعم عن أبي القاسم عبد الصمد بن محمد حضوراً أخبرنا جمال الإسلام علي بن المسلم أخبرنا الحسين بن طلاب أخبرنا محمد بن أحمد الغساني

ص: 191

بصيدا حدثنا عيسى بن موسى إمام المسجد ببلد قال: حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا بشر بن بكر حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يمر على قبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام"

(200)

.

غريب ومع ضعفه ففيه انقطاع ما علمنا زيداً سمع أبا هريرة.

أخبرنا أحمد بن عبد المنعم القزويني مرات أخبرنا محمد بن سعيد الصوفي ببغداد وقرأت على أبي الحسين علي بن محمد الحافظ وغيره قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك قالا: أخبرنا طاهر بن محمد المقدسي أخبرنا مكي بن منصور الكرجي وقرأت على أحمد بن عبد المنعم عن محمد بن أحمد الصيدلاني إجازة عامة عن عبد الغفار الشيروي كذلك قالا: حدثنا القاضي أبو بكر الحيري حدثنا محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد

(201)

.

قال عبد العزيز: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه قال عبد العزيز: وكان قد أصابت سهيلاً علة أصيب ببعض حفظه ونسي بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه أخرجه أبو داود عن الربيع.

ومن أقرانه الإمام المحدث الثقة أبو محمد:

‌2186 - الربيع بن سليمان الأزدي

(202)

مولاهم المصري الجيزي الأعرج.

(200)

ضعيف: فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب" وفيه الانقطاع بين زيد بن أسلم وأبي هريرة، قال يحيى بن معين: لم يسمع من أبي هريرة.

(201)

صحيح: أخرجه الشافعي (2/ 179)، وأبو داود (3610)، والترمذي (1343)، وابن ماجه (2368)، والطحاوى (4/ 144)، وابن الجارود (1007)، والبيهقي (10/ 168)، والبغوي (2503) من طريق ربيعه بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

(202)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 2082)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (2/ ترجمة 234)، والكاشف (1/ ترجمة 1546)، والمغنى (1/ ترجمة 2094)، وتهذيب التهذيب (3/ 245)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2025)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 159)، وتهذيب الأسماء واللغات للنووى (1/ 187)، وطبقات الشافعية للسبكي (2/ 132).

ص: 192

سمع من ابن وهب والشافعي أيضاً.

روى عنه: أبو داود والنسائي والطحاوي وآخرون.

مات سنة ست وخمسين ومائتين.

‌2187 - الصاغاني

(203)

الإمام الحافظ المجود الحجة أبو بكر محمد بن إسحاق بن جعفر وقيل: اسم جده محمد الصاغاني ثم البغدادي.

ولد في حدود الثمانين ومائة.

وكان ذا معرفة واسعة ورحلة شاسعة.

سمع من: يزيد بن هارون وعبد الوهاب بن عطاء وأبي بدر شجاع بن الوليد ومحاضر بن المورع ويعلى بن عبيد وروح بن عبادة وأحوص بن جواب وسعيد بن أبي مريم وعبد الأعلى بن مسهر والأسود بن عامر وأبي اليمان وسعيد بن عامر الضبعي وجعفر بن عون وأبي النضر ويحيى بن أبي بكير وعبد الله بن يوسف التنيسي وخلق كثير.

حدث عنه: مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو عمر الدوري أحد شيوخه وابن ماجة وعبدان الأهوازي وابن خزيمة وابن صاعد وأبو عوانة وابن أبي حاتم وأحمد البرديجي ومحمد بن مخلد والمحاملي وإسماعيل الصفار وأبو سعيد بن الأعرابي وأبو العباس الأصم وخلق خاتمتهم شجاع بن جعفر الأنصاري.

قال الأصم: سأله أبي: إلى أي قبيلة ينسب الشيخ؟ فقال: إن جدي كان في الصحراء فاستقبله رجل فقال له: أسلم فأسلم وقطع الزنار.

قال ابن أبي حاتم هو ثبت صدوق.

وقال عبد الرحمن بن خراش: ثقة مأمون.

(203)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1099)، وتاريخ بغداد (1/ 240)، والأنساب للسمعاني (8/ 9) والكاشف (3/ ترجمة 4785)، والعبر (2/ 46)، وتهذيب التهذيب (9/ 35)، وتقريب التهذيب (2/ 144) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6045)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 160)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 78).

ص: 193

وقال أبو الحسن الدارقطني: ثقة وفوق الثقة.

وعن أبي مزاحم الخاقاني قال: كان أبو بكر الصغاني يشبه يحيى بن معين في وقته.

وقال النسائي: ثقة.

وقال أبو بكر الخطيب: كان الصغاني أحد الأثبات المتقنين مع صلابة في الدين واشتهار بالسنة واتساع في الرواية.

قال أحمد بن كامل: توفي في سابع صفر سنة سبعين ومائتين.

قلت: سيأتي رفيقه عباس الدوري.

‌2188 - محمد بن عامر

(204)

ابن إبراهيم الإمام العلامة أبو عبد الله الأشعري مولاهم الأصبهاني.

سمع أباه وأبا داود الطيالسي وأبا عمر الجرمي صاحب النحو.

وعنه: ابن أبي داود وابن أبي حاتم وعبد الله بن محمد بن عيسى المقرئ وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس وجماعة.

وكان أحد أوعية العلم وله غرائب وكان أخوه إبراهيم من العلماء توفي قبله.

قال ابن أبي حاتم: محمد بن عامر صدوق.

وقال أبو نعيم الحافظ في "تاريخه" كان يجري في مجلس أبي عبد الله محمد بن عامر فنون العلم: الفقه والنحو والشعر والغريب والحديث.

توفي في سنة سبع وستين ومائتين.

قلت: كان من أبناء الثمانين.

وفيها مات إسماعيل بن عبد الله سمويه وإبراهيم بن عبد الله السعدي وإسحاق بن إبراهيم الفارسي شاذان وبحر بن نصر الخولاني وعباس الترقفي ومحمد بن عزيز الأيلي ويونس بن حبيب الأصبهاني ويحيى بن محمد الذهلي حيكان.

(204)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 202).

ص: 194

‌2189 - أحمد بن يونس

(205)

ابن المسيب بن زهير بن عمرو الإمام المحدث القدوة أبو العباس الضبي الكوفي ابن عم محدث بغداد داود بن عمرو الضبي شيخ البغوي من كبار العلماء سكن أصبهان.

وحدث عن: جعفر بن عون وعبد الله بن بكر السهمي وحجاج الأعور ومحاضر بن المورع ويعقوب بن إبراهيم بن سعد ويعلى بن عبيد وأسود بن عامر ويونس بن محمد ويزيد بن هارون وروح بن عبادة وكثير بن هشام وأبي النضر ومسلم بن إبراهيم وعبيد الله بن موسى وعثمان بن عمر بن فارس وأبي مسهر الغساني وطبقتهم.

حدث عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد بن عبد الله الصفار وأبو العباس الأصم وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس وجماعة.

قال ابن أبي حاتم: محله الصدق.

وقال محمد بن الفرخان: سمعت أحمد بن يونس يقول: قدمني أبي إلى الفضيل بن عياض فمسح رأسي فسمعته يقول: اللهم حسن خلقه وخلقه.

قال أبو نعيم الحافظ: توفي أحمد بن يونس سنة ثمان وستين ومائتين.

قلت: مات بأصبهان وكان من جلة المسندين بها.

‌2190 - يونس بن حبيب

(206)

المحدث الحجة أبو بشر العجلي مولاهم الأصبهاني.

روى عن أبي داود الطيالسي مسنداً في مجلد كبير وعن بكر بن بكار وعامر بن إبراهيم ومحمد بن نشر -بنون- الصنعاني وجماعة.

حدث عنه: أبو بكر بن أبي عاصم وأبو بكر بن أبي داود وعلي بن رستم وعبد الله بن جعفر بن فارس.

(205)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 183)، وتاريخ بغداد (5/ 223)، وشذرات الذهب ابن العماد الحنبلي (2/ 154).

(206)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1000)، والعبر (2/ 37)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 152).

ص: 195

قال أبو محمد بن أبي حاتم كتبت عنه وهو ثقة.

وحدثني ابن أبي عاصم أن ابن الفرات أمره بالكتابة عن يونس بن حبيب.

وقال بعضهم: كان يونس محتشماً عظيم القدر بأصبهان موصوفاً بالدين والصيانة والصلاح. مات سنة سبع وستين ومائتين.

روى القراءة عن قتيبة بن مهران صاحب الكسائي.

‌2191 - أحمد بن مهدي

(207)

ابن رستم الإمام القدوة العابد الحافظ المتقن أبو جعفر الأصبهاني.

سمع أبا نعيم وأبا اليمان وسعيد بن أبي مريم ومسلم بن إبراهيم وقبيصة بن عقبة وعبد الله بن صالح وأبا سلمة وطبقتهم وجمع وصنف.

حدث عنه: الحافظ محمد بن يحيى بن مندة وأحمد بن إبراهيم بن أفرجة وأحمد بن جعفر السمسار وعدة.

قال محمد بن يحيى بن مندة: لم يحدث ببلدنا منذ أربعين سنة أوثق منه صنف "المسند" ولم يعرف له فراش منذ أربعين سنة صاحب عبادة رحمه الله.

وقال أبو نعيم الحافظ: كان صاحب ضياع وثروة أنفق على أهل العلم ثلاثمائة ألف درهم.

وقال ابن النجار: كان من الأئمة الثقات وذوي المروءات رحل إلى الشام ومصر والعراق.

أنبئت عن أبي المكارم اللبان أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم سمعت أبا محمد بن حيان سمعت أبا علي أحمد بن محمد بن إبراهيم يقول: قال أحمد بن مهدي: جاءتني امرأة ببغداد ليلة فذكرت أنها من بنات الناس وأنها امتحنت بمحنة وأسألك بالله أن تسترني فقد أكرهت على نفسي وأنا حبلى وقلت: إنك زوجي فلا تفضحني فنكبت

(207)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 172)، والعبر (2/ 49)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 198)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 67)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162).

ص: 196

عنها ومضيت فلم أشعر حتى جاء إمام المحلة والجيران يهنئوني بالولد الميمون فأظهرت التهليل ووزنت في اليوم الثاني للإمام دينارين وقلت: أعطها نفقة فقد فارقتها وكنت أعطيها في كل شهر دينارين حتى أتى على ذلك سنتان فمات الطفل وجاءني الناس يعزوني فكنت أظهر لهم التسليم والرضى فجاءتني بعد أيام بالدنانير فردتها ودعت لي فقلت: هذا الذهب كان صلة للولد وقد ورثتيه وهو لك.

توفي في سنة اثنتين وسبعين ومائتين.

‌2192 - بكار بن قتيبة

(208)

ابن أسد بن عبيد الله بن بشير بن صاحب رسول صلى الله عليه وسلم أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي البكراوي البصري القاضي الكبير العلامة المحدث أبو بكرة الفقيه الحنفي قاضي القضاة بمصر.

مولده في سنة اثنتين وثمانين ومائة بالبصرة.

وسمع أبا داود الطيالسي وروح بن عبادة وعبد الله بن بكر السهمي وأبا عاصم ووهب بن جرير وسعيد بن عامر الضبعي وطبقتهم.

وعني بالحديث وكتب الكثير وبرع في الفروع وصنف واشتغل.

حدث عنه: أبو عوانة في "صحيحه" وابن خزيمة وعبد الله بن عتاب الزفتي ويحيى بن صاعد وابن جوصا وأبو جعفر الطحاوي وابن زياد النيسابوري وابن أبي حاتم ومحمد بن المسيب الأرغياني وأبو علي بن حبيب الحصائري وأبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو الخامي وأحمد بن سليمان بن حذلم ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة الدمشقي وأبو العباس الأصم والحسن بن محمد بن النعمان الصيداوي وأبو بكر محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري وأحمد بن عبد الله الناقد وخلق كثير من أهل مصر ودمشق ومن الرحالة وكان من قضاة العدل.

قال أبو بكر بن المقرئ: حدثنا محمد بن بكر الشعراني بالقدس حدثنا أحمد بن سهل الهروي قال: كنت ساكناً في جوار بكار بن قتيبة فانصرفت بعد العشاء فإذا هو يقرأ: "يا

(208)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (2/ 274)، واللباب لابن الأثير (1/ 169)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (1/ ترجمة 116)، والعبر (2/ 44) والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 18 - 19)، وحسن المحاضرة للسيوطى (1/ 463)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 158).

ص: 197

داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله" الآية قال: ثم نزلت في السحر فإذا هو يقرؤها ويبكي فعلمت أنه كان يتلوها من أول الليل.

قال محمد بن يوسف الكندي: قدم بكار قاضياً إلى أن توفي فأقامت مصر بلا قاض بعده سبع سنين ثم ولى خمارويه محمد بن عبدة القضاء قال: وكان أحمد بن طولون أراد بكاراً على لعن الموفق يعني: ولي العهد فامتنع فسجنه إلى أن مات أحمد بن طولون فأطلق القاضي بكار وبقي يسيراً ومات فغسل ليلاً وكثر الناس فلم يدفن إلى العصر.

قلت: كان عظيم الحرمة وافر الجلالة من العلماء العاملين كان السلطان ينزل إليه ويحضر مجلسه فذكر أبو جعفر الطحاوي أن بكار بن قتيبة استعظم فسخ حكم الحارث بن مسكين في قضية ابن السائح يعني لما حكم عليه فأخرج من يده دار الفيل وتوجه ابن السائح إلى العراق بغوث على ابن مسكين قال الطحاوي: وكان الحارث إنما حكم فيها بمذهب أهل المدينة فلم يزل يونس بن عبد الأعلى يكلم القاضي في بكاراً ويجسده حتى جسد ورد إلى ابني السائح الدار ولا أحصي كم كان أحمد بن طولون يجيء إلى مجلس بكار وهو يملي ومجلسه مملوء بالناس فيتقدم الحاجب ويقول: لا يتغير أحد من مكانه فما يشعر بكار إلا وأحمد إلى جانبه فيقول له: أيها الأمير ألا تركتني كنت أقضي حقك وأقوم؟ قال: ثم فسد الحال بينهما حتى حبسه وفعل به ما فعل.

وقيل: إن بكاراً صنف كتاباً ينقض فيه على الشافعي رده على أبي حنيفة وكان يأنس بيونس بن عبد الأعلى ويسأله عن أهل مصر وعدولهم ولما اعتقله ابن طولون لم يمكنه أن يعزله لأن القضاء لم يكن إليه أمره.

وقيل: إن بكاراً كان يشاور في حكم يونس والرجل الصالح موسى ولد عبد الرحمن بن القاسم فبلغنا أن موسى سأله: من أين المعيشة؟ قال: من وقف لأبي أتكفى به؟ قال: أريد أن أسألك يا أبا بكرة هل ركبك دين بالبصرة؟ قال: لا قال: فهل لك ولد أو زوجة؟ قال: ما نكحت قط وما عندي سوى غلامي قال: فأكرهك السلطان على القضاء؟ قال: لا قال: فضربت آباط الإبل بغير حاجة إلا لتلي الدماء والفروج؟ لله علي لا عدت إليك قال: أقلني يا أبا هارون قال: أنت ابتدأت بمسألتي انصرف ولم يعد إليه.

قلت: رضي الله عن موسى فلقد صدقه وصدعه بالحق ولم يكن بكار مكابراً فيقول: تعين علي القضاء.

ص: 198

وقال الحسن بن زولاق: في ترجمة بكار: لما اعتل أحمد بن طولون راسل بكاراً وقال: إنا رادوك إلى منزلك فأجبني فقال: قل له: شيخ فان وعليل مدنف والملتقى قريب والقاضي الله عز وجل فأبلغها الرسول أحمد فأطرق ثم أقبل يكرر ذلك على نفسه ثم أمر بنقله من السجن إلى دار اكتريت له وفيها كان يحدث فلما مات الملك قيل لأبي بكرة: انصرف إلى منزلك فقال: هذه الدار بأجرة وقد صلحت لي فأقام بها.

قال الطحاوي: فأقام بها بعد أحمد أربعين يوماً ومات.

قلت: كان ولي العهد الموفق قد استبد بالأمور وضيق على أخيه الخليفة المعتمد.

قال الصولي: تخيل المعتمد من أخيه فكاتب أحمد بن طولون واتفقا وقال المعتمد:

أليس من العجائب أن مثلي

يرى ما قل ممتنعاً عليه

وتؤكل باسمه الدنيا جميعاً

وما من ذاك شيء في يديه؟!!

فبلغنا أن ابن طولون جمع العلماء والأعيان وقال: قد نكث الموفق أبو أحمد بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد فخلعوه إلا بكار بن قتيبة وقال: أنت أوردت علي كتاب المعتمد بتوليته العهد فهات كتابا آخر منه بخلعه قال: إنه محجور عليه ومقهور؟ قال: لا أدري فقال له: غرك الناس بقولهم: ما في الدنيا مثل بكار أنت قد خرفت وقيده وحبسه وأخذ منه جميع عطائه من سنين فكان عشرة آلاف دينار فقيل: إنها وجدت بختومها وحالها وبلغ ذلك الموفق فأمر بلعن ابن طولون على المنابر.

ونقل القاضي ابن خلكان أن ابن طولون كان ينفذ إلى بكار في العام ألف دينار سوى المقرر له فيتركها بختمها فلما دعاه إلى خلع الموفق طالبه بجملة المال فحمله إليه بختومه ثمانية عشر كيساً فاستحيا ابن طولون عند ذلك ثم أمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري ففعل واستخلفه وكان يحدث من طاقة السجن لأن أصحاب الحديث طلبوا ذلك من أحمد فأذن لهم على هذه الصورة.

قال ابن خلكان: وكان بكار تالياً للقرآن بكاء صالحاً ديناً وقبره مشهور قد عرف باستجابة الدعاء عنده.

قال الطحاوي: كان على نهاية في الحمد على ولايته وكان ابن طولون على نهاية في تعظيمه وإجلاله إلى أن أراد منه خلع الموفق قال: فلما رأى أنه لا يلتئم له ما يحاوله ألب عليه سفهاء الناس وجعله لهم خصماً فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم فلا يأبى ويقوم

ص: 199

بالحجة لنفسه ثم حبسه في دار فكان كل جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إلى الباب فيقولون له الموكلون به: ارجع فيقول: اللهم اشهد.

قال أبو عمر الكندي: قدم بكار قاضياً من قبل المتوكل في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين فلم يزل قاضياً إلى أن توفي في ذي الحجة سنة سبعين ومائتين وقيل: شيعه خلق عظيم أكثر ممن يشهد صلاة العيد وأمهم عليه ابن أخيه محمد بن الحسن بن قتيبة الثقفي رحمه الله تعالى.

قلت: عاش تسعاً وثمانين سنة.

وفيها مات أحمد بن طولون صاحب مصر وإبراهيم بن مرزوق وأسيد بن عاصم والحسن بن علي بن عفان والربيع المرادي وزكريا بن يحيى المروزي وعباس بن الوليد بن مزيد ومحمد بن مسلم بن وارة ومحمد بن هشام بن ملاس ومحمد بن ماهان رفيقه وأحمد بن المقدام الهروي وأحمد بن عبد الله البرقي وداود الظاهري وأبو بكر الضغاني وأبو البختري ابن شاكر.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضوراً في سنة تسع وست مائة أخبرنا علي بن المسلم أخبرنا ابن طلاب أخبرنا ابن جميع حدثنا الحسن بن محمد بن النعمان بصور حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا أبو مطرف بن أبي الوزير حدثنا موسى بن عبد الملك بن عمير عن أبيه عن شيبة الحجبي عن عمه يعني عثمان بن طلحة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه"

(209)

.

أخبرنا علي بن أحمد الحسيني بالإسكندرية أخبرنا محمد بن أحمد ببغداد أخبرنا محمد بن عبيد الله أخبرنا أبو نصر الزينبي أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا يحيى بن محمد حدثنا بكار بن قتيبة حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء حدثنا ابن الزبير أخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لهدمت الكعبة وألزقتها بالأرض ولجعلت لها بابين: باباً شرقياً

(209)

ضعيف: أخرجه الحاكم (3/ 429) من طريق بكار بن قتيبة، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه موسى بن عبد الملك بن عمير، ضعفه أبو حاتم. وذكره البخاري في كتاب الضعفاء. وأورد الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وقال في إثره: هذا منكر، موسى ضعيف الحديث.

ص: 200

وباباً غربياً ولزدت ستة أذرع من الحجر في البيت فإن قريشاً استقصرت لما بنت البيت"

(210)

.

‌2193 - محمد بن يحيى

(211)

ابن كثير الإمام محدث حران أبو عبد الله الكلبي الحراني الحافظ لؤلؤ وقيده ابن نقطة: يؤيؤ بياءين والأول أصح.

سمع أبا قتادة عبد الله بن واقد وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي وأبا اليمان البهراني وأحمد بن يونس والنفيلي وعدة.

وعنه: النسائي في سننه وقال: هو ثقة وأبو عروبة الحراني وأبو عوانة وأبو علي محمد بن سعيد الرقي وآخرون.

توفي في صفر سنة سبع وستين ومائتين.

‌2194 - أبو أحمد الفراء

(212)

الإمام العلامة الحافظ الأديب أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران العبدي الفراء النيسابوري ويعرف أيضاً ب: حمك.

كان وجه مشايخ نيسابور عقلاً وعلماً وجلالة وحشمة.

ولد بعد الثمانين ومائة.

وسمع جعفر بن عون ويعلى بن عبيد ومحاضر بن المورع وابن كناسة وعبيد عبد الله بن موسى وحفص بن عبد الرحمن الفقيه والحسين بن الوليد وحفص بن عبد الله السلمي ومحمد بن الحسن بن زبالة وأبا عبد الرحمن المقرئ وشبابة بن سوار والواقدي وخلقاً كثيراً.

(210)

صحيح: أخرجه البخاري (1586)، ومسلم (1333).

(211)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 563)، والكاشف (3/ ترجمة 5305)، وتهذيب التهذيب (9/ 21)، وتقريب التهذيب (2/ 218)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6750).

(212)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ترجمة 54)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 622)، والعبر (2/ 50)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدى (4/ 74)، وتهذيب التهذيب (9/ 319)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 163).

ص: 201

وأخذ الأدب عن الأصمعي وأبي عبيد وطائفة وعلم الحديث عن علي بن المديني وأحمد بن حنبل والفقه عن أبيه وعلي بن عثام.

حدث عنه: أبو النضر شيخه وبشر بن الحكم والذهلي وأحمد بن الأزهر والنسائي في سننه ومسلم في بعض تصانيفه ووثقه وإبراهيم بن أبي طالب والإمام ابن خزيمة وأبو العباس السراج وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم والحسن بن يعقوب وآخرون.

قال الحاكم: كان يفتي في الفقه والحديث والعربية ويرجع إليه فيها جرى ذكر السلاطين فقال أبو أحمد: اللهم أنسهم ذكري ومن أراد ذكري عندهم فاشدد على قلبه فلا يذكرني.

وقال أبو أحمد: أول ما كتبت في سنة سبع وتسعين ومائة.

قلت: مات عن نيف وتسعين سنة في أواخر سنة اثنتين وسبعين ومائتين وقيل: عاش خمساً وتسعين سنة.

انتقى عليه مسلم وفي صحيح البخاري: حدثنا أبو أحمد حدثنا أبو غسان فقيل: هو هو ويقال: هو مرار بن حمويه وقيل محمد بن يوسف البيكندي.

قال علي بن الحسن الدرابجردي: أبو أحمد عندي ثقة مأمون.

‌2195 - الحسين بن محمد بن أبي معشر

(213)

نجيح السندي المدني ثم البغدادي.

حدث عن: وكيع بن الجراح ومحمد بن ربيعة الكلابي.

حدث عنه: محمد بن أحمد الحكيمي وإسماعيل الصفار وعثمان بن السماك وجماعة.

قال أبو الحسين المنادي: حدث عن وكيع ولم يكن بالثقة فتركه الناس.

مات هو وأبو عوف البزوري في يوم واحد من رجب سنة خمسة وسبعين ومائتين.

(213)

ترجمته في تاريخ بغداد (8/ 91)، وميزان الاعتدال (1/ 547)، ولسان الميزان (2/ 312).

ص: 202

‌2196 - أبوه

(214)

هو المحدث المعمر أبو عبد الملك محمد بن أبي معشر المدني نزيل بغداد.

حدث عن: أبيه وغيره وما علمته إلا صدوقاً.

حدث عنه: الترمذي ثم روى عن رجل عنه.

مات سنة سبع وأربعين ومائتين وله مائة سنة إلا سنة.

وجده: هو المحدث الإمام صاحب المغازي أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن مر.

‌2197 - أحمد بن سيار

(215)

ابن أيوب بن عبد الرحمن الإمام الكبير الحافظ الحجة أبو الحسن المروزي الفقيه عالم مرو.

سمع عفان بن مسلم وسليمان بن حرب وعبدان بن عثمان وبحمص بن بكير ومحمد بن كثير وإسحاق بن راهويه وصفوان بن صالح الدمشقي وطبقتهم بالحجاز والعراق ومصر والشام وخراسان وجمع وصنف.

حدث عنه: النسائي والبخاري في غير الصحيح محمد بن نصر المروزي وأبو بكر بن أبي داود وابن خزيمة ومحمد بن عقيل البلخي وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب وحاجب بن أحمد الطوسي وآخرون.

صنف تاريخاً لمرو.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثنا عنه علي بن الجنيد: ورأيت أبي يطنب في مدحه ويذكره بالعلم والفقه.

قلت: قد عد في الفقهاء الشافعية وهو صاحب وجه أوجب الأذان للجمعة فقط

(214)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ترجمة 487)، وتاريخ بغداد (3/ 326)، والكاشف (3/ترجمة 5271) وميزان الاعتدال (4/ ترجمة 8255)، وتهذيب التهذيب (9/ 487)، وتقريب التهذيب (2/ 213) وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6703).

(215)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 61)، وتاريخ بغداد (4/ 187)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 581)، والعبر (2/ 37)، وتهذيب التهذيب (1/ 35)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 44)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 154).

ص: 203

وأوجب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام كمذهب داود وقد كان بعض العلماء يشبهه في زمانه بابن المبارك علماً وفضلاً رحمهما الله.

وقد روى البخاري في صحيحه: حدثنا أحمد حدثنا المقدمي فقيل: إنه هو.

قال النسائي: ثقة وقال مرة: ليس به بأس.

وقال الدارقطني: ثقة حدثنا عنه ابن صاعد.

وقال ابن أبي داود: كان من حفاظ الحديث.

قلت: عاش سبعين سنة مات في ربيع الآخر سنة ثمان وستين ومائتين.

‌2198 - عبد الله بن حماد

(216)

ابن أيوب الإمام الحافظ البارع الثقة أبو عبد الرحمن الآملي آمل جيحون وهي بليدة من أعمال مرو ويقال لها: أمو ومن ثم قيل له: الأموي بفتحتين.

سمع القعنبي وأبا اليمان وسليمان بن حرب وسعيد بن أبي مريم ويحيى الوحاظي ويحيى بن معين وأبا الجماهر الكفرسوسي.

وعنه: البخاري فيما قيل فقد قال: حدثنا عبد الله حدثنا سليمان بن عبد الرحمن والذي عندي أن عبد الله هذا هو ابن أبي الخوارزمي فإن البخاري نزل عنده بخوارزم ونظر في كتبه وعلق عنه أشياء وحدث عن الآملي: عمر بن بجير وإبراهيم بن خزيم والهيثم بن كليب وعبد الله محمد بن يعقوب الحارثي والقاضي المحاملي.

مات في رجب سنة ثلاث وسبعين ومائتين وقيل: بل مات سنة تسع وستين في ربيع الآخر.

(216)

ترجمته في ثقات ابن حبان (8/ 369)، وتاريخ بغداد (9/ 44)، والأنساب للسمعاني (1/ 107)، والكاشف (2/ ترجمة 2718)، وتهذيب التهذيب (5/ 190)، وتقريب التهذيب (1/ 410) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3457).

ص: 204

‌2199 - التبعي

(217)

الإمام الثقة محدث همذان أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن أبان القرشي مولاهم الهمذاني المعروف بالتبعي من موالي بني أمية.

حدث ببلده وببغداد عن: القاسم بن الحكم العرني وأصرم بن حوشب والحسن بن موسى الأشيب وجماعة.

روى عنه: مطين والإمام ابن خزيمة ويحيى بن صاعد وابن أبي حاتم والحسين المحاملي ومحمد بن مخلد وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: صدوق.

قلت: توفي سنة سبع وستين ومائتين.

‌2200 - البرلسي

(218)

الإمام الحافظ المتقن أبو إسحاق إبراهيم بن أبي داود سليمان بن داود الأسدي الكوفي الأصل الصوري المولد البرلسي الدار بفتح الباء والراء وضم اللام قيده ابن نقطة.

سمع من: آدم بن أبي إياس وسعيد بن أبي مريم وأبي مسهر الدمشقي ورواد بن الجراح ويحيى بن صاعد ويزيد بن عبد ربه وبكار بن عبد الله السيريني وعمرو بن عوف والتبوذكي وعدة.

وعنه: الطحاوي فأكثر وابن صاعد وابن جوصا ومحمد بن يوسف الهروي وأبو العباس الأصم وأبو الفوارس بن السندي وآخرون.

قال أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن جوصا يقول: ذاكرت أبا إسحاق البرلسي وكان من أوعية الحديث.

وقال ابن يونس: كان أحد الحفاظ المجودين الثقات الأثبات مولده بصور وتوفي بمصر.

(217)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 138)، وتاريخ بغداد (5/ 12 - 13)، والأنساب للسمعاني (2/ 167)، واللباب لابن الأثير (1/ 207).

(218)

ترجمته في اللباب لابن الأثير (1/ 142)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 85)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 162).

ص: 205

وقال الطحاوي: مات في شعبان سنة سبعين ومائتين.

‌2201 - محمد بن عوف

(219)

ابن سفيان الإمام الحافظ المجود محدث حمص أبو جعفر الطائي الحمصي.

سمع عبيد الله بن موسى ومحمد بن يوسف الفريابي وأبا المغيرة الخولاني وأحمد بن خالد الوهبي وعبد السلام بن عبد الحميد السكوني وهاشم بن عمرو شقران وأبا مسهر وآدم بن أبي إياس وعلي بن عياش وخلقاً كثيراً بالعراق والشام.

حدث عنه: أبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي في مسند علي وأبو زرعة الدمشقي وابن أبي داود وابن صاعد وابن جوصا ومكحول البيروتي وأبو عروبة وأبو بشر الدولابي وعبد الغافر بن سلامة وخيثمة الأطرابلسي وحفيده حسن بن عبد الرحمن وآخرون.

وسمع منه الإمام أحمد حديثاً وهو ما رواه حمام وابن أبي نصر قالا: حدثنا خيثمة حدثنا محمد بن عوف حدثنا أبي حدثنا شقير مولى العباس سمعت الهدار وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول للعباس ابن وليد ورأى إسرافه في خبز السميذ وغيره: لقد رأيت رسول صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز بر حتى فارق الدنيا.

قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: سمعت محمد بن عوف يقول: كنت ألعب في الكنيسة بالكرة وأنا حدث فدخلت الكرة فوقعت قرب المعافى بن عمران الحمصي فدخلت لأخذها فقال: ابن من أنت؟ قلت: ابن عوف بن سفيان قال: أما إن أباك كان من إخواننا فكان ممن يكتب معنا الحديث والعلم والذي كان يشبهك أن تتبع ما كان عليه والدك فصرت إلى أمي فأخبرتها فقالت: صدق هو صديق لأبيك فألبستني ثوباً وإزاراً ثم جئت إلى المعافى ومعي محبرة وورق فقال لي: اكتب: حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد ربه بن سليمان قال: كتبت لي أم الدرداء في لوحي: اطلبوا العلم صغاراً تعملوا به كباراً فإن لكل حاصد ما زرع.

قال أبو حاتم: هو صدوق.

(219)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ترجمة 241)، والكاشف (3/ترجمة 5181)، والعبر (2/ 50)، وتهذيب التهذيب (9/ 383)، وتقريب التهذيب (2/ 197)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6568)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 163).

ص: 206

وقيل لابن معين في حديث لابن عوف فقال: هو أعرف بحديث أهل بلده.

وقال ابن عدي: هو عالم بحديث الشام صحيحاً وضعيفاً وكان على ابن عوف اعتماد ابن جوصا ومنه يسأل وخاصة حديث حمص.

وعن أحمد بن حنبل قال: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثل محمد بن عوف.

وكذلك أثنى طائفة من الكبار على ابن عوف ووصفوه بالحفظ والعلم والتبحر.

قال ابن المنادي: مات ابن عوف في وسط سنة اثنتين وسبعين ومائتين رحمه الله.

أخبرنا محمد بن علي سنة أربع وتسعين أخبرنا محمد بن السيد أخبرنا الخضر بن عبدان أخبرنا علي بن أبي العلاء اخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون حدثنا خيثمة بن سليمان حدثنا محمد بن عوف حدثنا عثمان بن سعيد اخبرنا شعيب هو ابن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود في نواصيها الخير"

(220)

.

‌2202 - محمد بن أحمد بن حفص

(221)

الإمام المفتي الفقيه أبو عبد الله الحرشي النيسابوري الحيري والد الإمام أبي عمرو.

سمع مسلم بن إبراهيم وعفان بن مسلم وسليمان بن حرب وعبدان بن عثمان ويحيى بن يحيى وإسماعيل بن أبي أويس وطبقتهم وبرع في الفقه.

روى عنه: أحمد بن المبارك المستملي وأبو عمرو الحيري وأبو بكر بن خزيمة وآخرون.

قال أبو عمرو الحيري: سمعت أبي يقول: قلت للقعنبي: ما لك لا تروي عن شعبة غير حديث؟ قال: كان يستثقلني فلا يحدثني.

قال ابن خزيمة: أول من حمل علم الشافعي إلى خراسان محمد بن أحمد بن حفص يعني: كتاب الرسالة.

(220)

صحيح: أخرجه مالك (2/ 467) ومن طريقه البخاري (2849)، ومسلم (1871) عن نافع، عن ابن عمر، به.

(221)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (4/ 111)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (2/ 30).

ص: 207

توفي أبو عبد الله في رجب سنة ثلاث وستين ومائتين قيدها أبو عمرو المستملي.

سميه:

‌2203 - محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان

(222)

مولى بني عجل عالم ما وراء النهر شيخ الحنفية أبو عبد الله البخاري تفقه بوالده العلامة أبي حفص.

قال أبو عبد الله بن مندة: كان عالم أهل بخارى وشيخهم.

سمعت ابن الأخرم يقول: سمعت أحمد بن سلمة يقول: سئل محمد بن إسماعيل البخاري عن القرآن فقال: كلام الله فقالوا: كيفما تصرف؟ فقال: والقرآن يتصرف بالألسنة؟ فأخبر محمد بن يحيى فقال: من أتى مجلسه فلا يأتني وأخرج جماعة فخرج إلى بخارى وكتب الذهلي إلى خالد أمير بخارى وإلى شيوخها بأمره فهم خالد حتى أخرجه محمد بن أحمد بن حفص إلى بعض رباطات بخارى فبقي إلى أن كتب إلى أهل سمرقند يستأذنهم في القدوم عليهم فامتنعوا عليه ومات في قرية.

قال ابن مندة: نسخة كتاب أبي عبد الله بن أبي حفص في الرد على اللفظية: الحمد لله الذي حمد نفسه وأمر بالحمد عباده .... فسرد كتاباً في ذلك.

وكان قد ارتحل وسمع من أبي الوليد الطيالسي والحميدي وأبي نعيم عارم ويحيى بن يحيى والتبوذكي وعبد الله بن رجاء وطبقتهم.

ورافق البخاري في الطلب مدة وله كتاب الأهواء والاختلاف.

وكان ثقة إماماً ورعاً زاهداً ربانياً صاحب سنة واتباع لقي أبا نعيم وهو أكبر شيوخه وكان يقول بتحريم النبيذ المسكر وكان أبوه من كبار تلامذة محمد بن الحسن انتهت إليه رئاسة الأصحاب ببخارى إلى ابنه أبي عبد الله هذا وتفقه عليه أئمة.

قال أبو القاسم بن مندة: توفي أبو عبد الله في رمضان سنة أربع وستين ومائتين رحمه الله.

قلت: روى عنه أبو عصمة أحمد بن محمد اليشكري وعبدان بن يوسف وعلي بن حسن بن عبدة وطائفة آخرهم وفاة أحمد بن خالد البخاري.

(222)

لم أجد من ترجم له.

ص: 208

‌2204 - زغاث

(223)

الشيخ الحافظ الثقة أبو موسى عيسى بن عبد الله بن سنان بن دلويه البغدادي الطيالسي زغاث.

سمع عبيد الله بن موسى وأبا عبد الرحمن المقرئ وأبا نعيم وعفان وأبا بكر الحميدي وأمثالهم.

وعنه: إسماعيل الصفار ومحمد بن البختري وأحمد بن كامل وأبو بكر الشافعي وآخرون.

وثقه الدارقطني.

وقال أحمد بن المنادي: كان يعد في الحفاظ قال: ومات في شوال سنة سبع وسبعين ومائتين.

أنبأنا جماعة سمعوا عمر بن طبرزد أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا عيسى بن عبد الله الطيالسي أخبرنا أبو غسان حدثنا عمارة هو ابن زاذان أخبرنا ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الدباء وهو القرع

(224)

.

‌2205 - يحيى بن أبي طالب

(225)

جعفر بن عبد الله بن الزبرقان الإمام المحدث العالم أبو بكر البغدادي أخو العباس والفضل.

مولده سنة اثنتين وثمانين ومائة.

سمع علي بن عاصم وأبا بدر شجاع بن الوليد ويزيد بن هارون ومعروفاً الزاهد وعبد الوهاب بن عطاء وأبا داود الطيالسي وزيد بن الحباب وطبقتهم.

(223)

ترجمته في تاريخ بغداد (11/ 170)، وتذكرة الحفاظ (2/ 634).

(224)

صحيح: أخرجه أحمد (3/ 177 و 274)، والترمذي في "الشمائل" من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس، به.

وأخرجه ابن ماجه (3302) من طريق أحمد بن منيع، عن عبيدة بن حميد، عن حميد، عن أنس قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحبُّ القرع.

(225)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 220)، وميزان الاعتدال (4/ 386)، ولسان الميزان (6/ 245).

ص: 209

حدث عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا وابن صاعد وأبو جعفر بن البختري وعثمان بن السماك وأبو سهل القطان وأبو بكر النجاد وعبد الله بن إسحاق الخراساني وخلق سواهم.

قال أبو حاتم: محله الصدق.

وقال البرقاني: أمرني الدارقطني أن أخرج ليحيى بن أبي طالب في الصحيح وأما أبو أحمد الحاكم فقال: ليس بالمتين.

وقال موسى بن هارون: أشهد عليه أنه يكذب يريد في كلامه لا في الرواية نسأل الله لساناً صادقاً وهو موالي بني هاشم.

يقع عواليه لي ولأولادي.

توفي في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.

أخوه:

‌2206 - الفضل بن جعفر

(226)

سمع يزيد بن هارون وحجاج بن محمد وعدة.

وعنه: الترمذي والقاضي المحاملي وجماعة.

ثقة توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين يكنى أبا سهل.

أخوهما:

‌2207 - العباس بن أبي طالب

(227)

أبو محمد. ثقة.

(226)

ترجمته في ثقات ابن حبان (9/ 7)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 345)، وتاريخ بغداد (12/ 364) والكاشف (2/ ترجمة 4530)، وتهذيب التهذيب (8/ 269)، وتقريب التهذب (2/ 109)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5707).

(227)

هو العباس بن جعفر بن عبد لله بن الزِّبرقان البغدادي، أبو محمد بن أبي طالب بن أبي حسَّان، مولى آل العباس، واسطى الأصل، وهو أخو الفضل بن أبي طالب، ويحيى بن أبي طالب، وكان الأصغر. ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1184)، وثقات ابن حبان (8/ 513)، وتاريخ بغداد (12/ 141)، والكاشف (2/ ترجمة 2615)، وتهذيب التهذيب (5/ 115)، وتقريب التهذيب (1/ 396)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3341).

ص: 210

سمع شبابة ويحيى بن أبي بكير وهوذة.

وعنه: ابن ماجة وابن أبي داود وعمر بن بجير وعبد الرحمن بن أبي حاتم.

توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين.

‌2208 - يوسف بن سعيد

(228)

ابن مسلم الإمام الحافظ الحجة المصنف أبو يعقوب المصيصي.

ولد سنة نيف وثمانين ومائة.

وسمع حجاج بن محمد الأعور ومحمد بن مصعب القرقساني وعبيد الله بن موسى وخالد بن يزيد القسري وهوذة بن خليفة وأبا مسهر الغسان والهيثم بن جميل ومحمد بن المبارك الصوري وعدة.

حدث عنه: النسائي وقال: ثقة حافظ وأبو عوانة ويحيى بن صاعد وأبو بكر بن زياد ومحمد بن أحمد بن صفوة ومحمد بن الربيع الجيزي وآخرون.

قال الدارقطني: ومسلم بالتشديد: يوسف بن سعيد بن مسلم: حدثنا عنه جماعة.

وقال ابن أبي حاتم: كان ثقة صدوقاً.

قلت: توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين ومائتين من أبناء التسعين.

‌2209 - أمير الأندلس

(229)

المنذر بن محمد بن عبد الرحمن المرواني صاحب مدائن الأندلس قام بعد أبيه.

وكان فارساً شجاعاً ماضي العزيمة تملك نحواً من سنتين وعاش ستاً وأربعين سنة.

توفي وهو يحاصر ملك الغرب عمر بن حفصون الثائر عليه في شهر صفر سنة خمس وسبعين فتملك بعده أخوه عبد الله إلى سنة ثلاث مائة.

(228)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ترجمة 938)، وثقات ابن حبان (9/ 281)، والإكمال لابن ماكولا (7/ 244)، والأنساب للسمعاني (12/ 298)، واللباب لابن الأثير (3/ 221)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 608) والكاشف (3/ ترجمة 6552)، والعبر (2/ 48)، وتهذيب التهذيب (11/ 414)، وتقريب التهذيب (2/ 381)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162)

(229)

ترجمته في نفح الطيب لأحمد بن محمد المقرئ التلمساني (1/ 352).

ص: 211

‌2210 - الأثرم

(230)

الإمام الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الأثرم الطائي وقيل: الكلبي أحد الأعلام ومصنف السنن وتلميذ الإمام أحمد ولد في دولة الرشيد.

وسمع من: عبد الله بن بكر السهمي إن شاء الله ومن هوذة بن خليفة وأحمد بن إسحاق الحضرمي وأبي نعيم وعفان والقعبني وأبي الوليد الطيالسي وعبد الله بن صالح الكاتب الليثي وعبد الله بن رجاء الغداني وحرمي بن حفص ومسدد بن مسرهد وموسى بن إسماعيل وعمرو بن عون وقالون عيسى وعبد الحميد بن موسى المصيصي ومسلم بن إبراهيم وأحمد بن حنبل وأبي جعفر النفيلي وابن أبي شيبة وخلق.

حدث عنه: النسائي في سننه وموسى بن هارون ويحيى بن صاعد وعلي بن أبي طاهر القزويني وعمر بن محمد بن عيسى الجوهري وأحمد بن محمد بن شاكر الزنجاني وغيرهم.

وله مصنف في علل الحديث.

قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة فقال: أرجو أن لا يكون به بأس فعله غير واحد: الحسن وبكر بن عبد الله وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة وسألته عن القراءة بالألحان فقال: كل شيء محدث فإنه لا يعجبني إلا أن يكون صوت الرجل لا يتكلفه.

قال أبو بكر الخلال: كان الأثرم جليل القدر حافظاً وكان عاصم بن علي لما قدم بغداد طلب رجلاً يخرج له فوائد يمليها فلم يجد في ذلك الوقت غير أبي بكر الأثرم فكأنه لما رآه لم يقع منه موقعاً لحداثة سنة فقال له أبو بكر: أخرج كتبك فجعل يقول له: هذا الحديث خطأ وهذا غلط وهذا كذا قال: فسر عاصم بن علي به وأملى قريباً من خمسين مجلساً وكان يعرف الحديث ويحفظ فلما صحب أحمد بن حنبل ترك ذلك وأقبل على مذهب أحمد.

سمعت أبا بكر المروذي يقول: قال الأثرم: كنت أحفظ يعني: الفقه والاختلاف فلما

(230)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 134)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 595)، والعبر (2/ 22)، وتهذيب التهذيب (1/ 78)، وشذرات لابن العماد الحنبلي (2/ 141).

ص: 212

صحبت أحمد بن حنبل تركت ذلك كله وكان معه تيقظ عجيب حتى نسبه يحيى بن معين ويحيى بن أيوب المقابري فقال: كان أحد أبوي الأثرم جنياً.

ثم قال الخلال: وأخبرني أبو بكر بن صدقة سمعت أبا القاسم بن الختلي قال: قام رجل فقال: أريد من يكتب لي من كتاب الصلاة ما ليس في كتب أبي بكر بن أبي شيبة فقلنا له ليس لك إلا أبو بكر الأثرم قال: فوجهوا إليه ورقاً فكتب ست مائة ورقة من كتاب الصلاة قال: فنظرنا فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شيء.

قلت: كان عالماً بتواليف ابن أبي شيبة لازمه مدة.

قال الخلال أبو بكر: وسمعت الحسن بن علي بن عمر الفقيه يقول: قدم شيخان من خراسان الحج فحدثا فلما خرجا طلب قوم من أصحاب الحديث أحدهما قال: فخرجا يعني: إلى الصحراء فقعد هذا الشيخ ناحية معه خلق ومستمل وقعد الآخر ناحية كذلك وقعد أبو بكر الأثرم بينهما وكتب ما أملى هذا وما أملى هذا.

قال: وأخبرني عبد الله بن محمد قال: سمعت سعيد بن عتاب يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أحد أبوي الأثرم جنياً.

وأخبرني أبو بكر بن صدقة قال إبراهيم الأصبهاني يعني: ابن أورمة فيما أحسب يقول: أبو بكر الأثرم أحفظ من أبي زرعة الرازي وأتقن.

قلت: لم أظفر بوفاة الأثرم ومات بمدينة إسكاف في حدود الستين ومائتين قبلها أو بعدها.

أخبرنا عبد الولي بن عبد الرحمن الخطيب وعيسى بن بركة المعلم في جماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضوراً أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي أخبرنا أبو بكر بن عمر حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا أبو الأشعث حدثنا يزيد ابن زريع حدثنا روح عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة زاد فيها أو نقص فلما فرغ قلنا: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ فثنى رجله فسجد سجدتين

(231)

.

وبه قال ابن صاعد وزادنا أبو بكر الأثرم عن محمد بن المنهال عن يزيد في هذا الحديث قلنا: صليت كذا وكذا وذكر الحديث.

(231)

صحيح: أخرجه البخاري (401)، ومسلم (572)، وأبو داود (1020) و (1021)(1022).

ص: 213

فهذا من أعلى ما يقع لنا من حديث الأثرم ووقع لنا جزء من البيوع من سننه.

قرأت على الشيخ وهبان بن علي الجزري المؤذن: أخبركم عبد العزيز بن أحمد بن باقا أخبرنا علي بن عساكر المقرئ أخبرنا عبد القادر بن محمد اليوسفي أخبرنا أبو إسحاق البرمكي أخبرنا أبو بكر بن بخيت أخبرنا عمر بن محمد الجوهري أخبرنا أبو بكر الطائي الأثرم حدثنا سعيد بن عفير حدثني ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال: لا يصلح الكراء بالضمان

(232)

.

‌2211 - محمد بن حماد

(233)

الإمام المحدث الرحال الثقة أبو عبد الله الرازي الطهراني وطهران محلة أظن.

سمع عبد الرزاق وعبيد الله بن موسى وأبا عاصم النبيل وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي وأبا نعيم وطبقتهم فأكثر وأطاب.

حدث عنه: ابن ماجة وأبو إسحاق بن أبي ثابت وعبد الرحمن بن أبي حاتم وعبد الله بن علي خطيب يافا وجماعة.

قال ابن أبي حاتم: ثقة كتبت عنه بالري وبغداد والإسكندرية.

وقال الدراقطني: ثقة.

وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت منصوراً الفقيه يقول: لم أر من الشيوخ أحداً فأحببت أن أكون مثلهم يعني: في الفضل غير ثلاثة أنفس: أولهم محمد بن حماد الطهراني.

قلت: توفي الطهراني بعسقلان سنة إحدى وسبعين ومائتين في شهر ربيع الآخر وله نيف وثمانون سنة.

قرأت على عمر بن عبد المنعم: أخبركم عبد الصمد بن محمد حضوراً أخبرنا علي بن المسلم أخبرنا ابن طلاب أخبرنا ابن جميع حدثنا عبد الله بن علي إمام الجامع بيافا حدثنا

(232)

ضعيف: آفته ابن لهيعة، فإنه ضعيف لسوء حفظه.

(233)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1320)، وثقات اين حبان (9/ 129)، وتاريخ بغداد (2/ 271)، والكاشف (3/ ترجمة 4879)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7443)، والعبر (2/ 48)، وتهذيب التهذيب (9/ 124)، وتقريب التهذيب (2/ 155)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6160) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 161).

ص: 214

محمد بن حماد الطهراني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن إسماعيل بن أمية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له فكشف الستر وقال: "إذا كان أحدكم يناجي ربه فلا يرفعن بعضكم على بعض القراءة" أو قال "في الصلاة"

(234)

.

‌2212 - فضلك الصائغ

(235)

الإمام الحافظ المحقق أبو بكر الفضل بن العباس الرازي صاحب التصانيف.

روى عن: عيسى بن ميناقالون وعبد العزيز الأويسي وقتيبة بن سعيد وهدبة بن خالد وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عوانة الإسفراييني وأبو بكر الخرائطي ومحمد بن مخلد العطار ومحمد بن جعفر المطيري وآخرون.

قال المروذي: ورد علي كتاب من ناحية شيراز أن فضلك قال بناحيتهم: إن الإيمان مخلوق فبلغني أنهم أخرجوه من البلد بأعوان.

قلت: هذه من مسائل الفضول والسكوت أولى والذي صح عن السلف وعلماء الأثر أن الإيمان قول وعمل وبلا ريب أن أعمالنا مخلوقة لقوله تعالى: "والله خلقكم وما تعملون" فصح أن بعض الإيمان مخلوق وقولنا: لا إله إلا الله فمن إيماننا فتلفظنا بها أيضاً من أعمالنا وأما ماهية الكلمة الملفوظة فهي غير مخلوقة لأنها من القرآن أعاذنا الله من الفتن والهوى.

مات فضلك رحمه الله في صفر سنة سبعين ومائتين وكان من أبناء السبعين.

(234)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق (4216)، ومن طريقه أحمد (3/ 94)، وأبي داود (1332) وابن خزيمة (1162).

(235)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 373)، وتاريخ بغداد (2/ 367)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 623)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 160)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 77).

ص: 215

‌2213 - القلوسي

(236)

الإمام الحافظ الثبت الفقيه قاضي مدينة نصيبين أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن زياد البصري القلوسي.

حدث عن: عثمان بن عمر وأبي عاصم النبيل والأنصاري وخلق.

وعنه: المحاملي ابن مخلد وأبو الحسين بن المنادي وآخرون.

توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين.

‌2214 - الختلي

(237)

الشيخ الإمام الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي ثم السرمرائي.

سمع أبا نعيم وسعيد بن أبي مريم وسليمان بن حرب وأبا الوليد وأبا جعفر النفيلي وعمر بن مرزوق ويحيى بن بكير ويحيى بن معين وله عنه سؤالات مفيدة.

وله جموع وتواليف ورحلة واسعة.

وثقه الخطيب وقال: له كتب في الزهد والرقائق.

قلت: حدث عنه: أبو العباس بن مسروق ومحمد بن القاسم الكوكبي وأبو بكر الخرائطي السامري وأحمد بن محمد الأدمي وجماعة.

بقي إلى قرب سنة سبعين ومائتين.

‌2215 - ابن أبي مسرة

(238)

الإمام المحدث المسند أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة المكي.

سمع أبا عبد الرحمن المقرئ وعثمان بن يمان ويحيى بن قرعة والحميدي وعدة.

(236)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (10/ 219)، واللباب لابن الأثير (3/ 52)، وتاريخ بغداد (4/ 285)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 84).

(237)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 325)، وتاريخ بغداد (6/ 120)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 610).

(238)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 28).

ص: 216

وعنه: أبو القاسم البغوي ويعقوب بن يوسف العاصمي وخيثمة بن سليمان وأبو محمد بن إسحاق الفاكهي المكي وآخرون.

توفي بمكة في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومائتين.

‌2216 - اليسع بن زيد

(239)

ابن سهل الشيخ المعمر أبو نصر الزينبي المكي خاتمة من زعم أنه لقي سفيان بن عيينة.

حدث عن سفيان وعن هوذة بن خليفة.

حدث عنه: عبد الله بن محمد بن موسى الكعبي وإسحاق بن إبراهيم بن محمد بن يوسف الجرجاني وغيرهما.

ذكره ابن ماكولا وقال فيه ابن ماكولا: يروي عن ابن عيينة وهوذة.

وقال أبو عبد الله الحاكم: لا أعرفه بعدالة ولا بجرح حدث بمكة في سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

قلت: كان من أبناء المائة أتى عن ابن عيينة بخبر موضوع هو في الأربعين لأبي الأسعد القشيري عن حميد عن أنس ما تفوه به سفيان.

جاء في آخر هذا المجلد وهو الثامن ما نصه: تم المجلد الثامن من سير أعلام النبلاء للشيخ الإمام العالم العامل الحجة الناقد البارع جامع أشتات الفنون مؤرخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي فسح الله في مدته وهي أول نسخة نسخت من خط المصنف وقوبلت عليه بحسب الإمكان ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة ويتلوه في الجزء الذي يليه وهو التاسع عبد الله روح المدائني وكان الفراغ من كتابته ليلة الإثنين لخمس مضين من شهر رمضان المعظم سنة أربعين وسبعمائة أحسن الله خاتمتها والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

‌2217 - عبد الله بن روح

(240)

المدائني الشيخ الثقة أبو محمد عبدوس. سمع: يزيد بن هارون وأبا بدر شجاع بن الوليد وشبابة بن سوار وجماعة. حدث عنه: أبو سهل بن زياد ومكرم بن أحمد وأحمد بن خزيمة وأبو بكر الشافعي وآخرون. قال الدارقطني: ليس به بأس. وكان يقول: ولدت سنة سبع وثمانين ومئة يوم قتل جعفر البرمكي. مات سنة سبع وسبعين ومئتين وله تسعون عاماً.

(239)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (6/ 347)، والإكمال لابن ماكولا (4/ 202).

(240)

ترجمته في تاريخ بغداد (9/ 445)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 93)، ولسان الميزان (3/ 286).

ص: 217

‌2218 - ابن المواز

(241)

الإمام العلامة فقيه الديار المصرية أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندراني المالكي ابن المواز صاحب التصانيف. أخذ المذهب عن: عبد الله بن عبد الحكم وعبد الملك بن الماجشون وأصبغ بن الفرج ويحيى بن بكير وقيل: أنه لحق أشهب وأخذ عنه ولم يصح هذا.

أنتهت إليه رئاسة المذهب والمعرفة بدقيقه وجليله وله مصنف حافل في الفقه رواه عنه علي بن عبد الله بن أبي مطر وابن مبشر. وآخر من حدث عنه: ولده بكر بن محمد. وقد قدم دمشق في صحبة السلطان أحمد بن طولون. وقيل: أنه أنملس

(242)

وتزهد وانزوى ببعض الحصون الشامية في أواخر عمره حتى أدركه أجله رحمه الله تعالى. وكذا فلتكن ثمرة العلم. قال أبو سعيد بن يونس: توفي سنة تسع وستين ومئتين وحدث عن: يحيى بن بكير. قلت: فهذا الصحيح من وفاته وبعضهم أرخ موته في سنة أحدى وثمانين ومئتين.

‌2219 - ابن أبي العوام

(243)

المحدث الإمام أبو بكر وأبو جعفر محمد بن أحمد بن يزيد ابن أبي العوام الرياحي. سمع: يزيد بن هارون وعبد الوهاب بن عطاء العقدي وجماعة. وعنه: ابن عقدة وإسماعيل الصفار وأبو بكر الشافعي وابن الهيثم الأنباري وآخرون. قال الدارقطني: صدوق.

(241)

ترجمته في العبر (2/ 66)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (1/ 335)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 177).

(242)

انملس: أي انفلت.

(243)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (6/ 200).

ص: 218

قلت: مات سنة ست وسبعين ومئتين في رمضان.

‌2220 - الحسن بن مخلد

(244)

ابن الجراح الوزير الأكمل أبو محمد البغدادي الكاتب أحد رجال العصر سؤدداً ورأياً وشهامة وكتابة وبلاغة وفصاحة ونبلاً. مولده: في سنة تسع ومئتين فاتفق أنه ولد فيها أربعة وزراء: هو وعبيد الله بن يحيى بن خاقان ومحمد بن عبد الله بن طاهر وأحمد ابن إسرائيل. وزر الحسن للمعتمد نوبتين فصادره ثم وزر له ثالثاً فاستمر خمسة أعوام فسخط عليه فتسلل إلى مصر فأقبل عليه ابن طولون وجعل إليه نظر الإقليم والتزم له بنحو ألف ألف دينار في السنة مع العدل فخافه العمال وتفرغوا له وقالوا: هذا عين عليك للموفق ولي العهد فتخيل وسبحنه فقالوا: ما الرأي في حبسه في جوارك فربما حدث به موت فينسب إليك فأرسل به إلى نائبه بأنطاكية وأمره أن يعذبه فتلف تحت العذاب. وكان مع ظلمه شاعراً جواداً ممدحاً امتدحه البحتري وغيره. قال ابن النجار: عمل الوزارة مع كتابة الموفق وكان آية في حساب الديوان حتى قيل: ما لا يعرفه ابن مخلد فليس من الدنيا. وكان تام الشكل مهيباً فاخر البزة يركب غلمأنه في الديباج ونسيج الذهب وعدة جنائب وإذا جلس في داره تقع العين على الفرش والستور والأنية التي قيمتها مئة ألف دينار كان في هيئة سلطأن كبير. مات في سنة أحدى وسبعين ومئتين وقيل: سنة تسع وستين.

‌2221 - ابن خاقان

(245)

الوزير الكبير أبو الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان التركي ثم البغدادي. وزر للمتوكل وللمعتمد وجرت له أمور وقد نفاه المستعين إلى برقة ثم قدم بغداد بعد خمس سنين ثم وزر سنة ست وخمسين.

(244)

ترجمته في لسان الميزان (2/ 256).

(245)

ترجمته في العبر (2/ 26)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 45)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 147).

ص: 219

ذكر محرز الكاتب أن عبيد الله مرض فعاده عمه الفتح وقال: أن أمير المؤمنين يسأل عن علتك فقال:

عليل من مكانين

من الأسقام والدين

وفي هذين لي شغل

وحسبي شغل هذين

فوصله المتوكل بألف ألف.

وروى الصولي: أن المتوكل قال: قد مللت عرض الشيوخ فابغوني حدثا ثم طلب عبيد الله فلما خاطبه أعجبته حركته فأمره أن يكتب فأعجبه خطه فقال عمه الفتح: والذي كتب أحسن قال: وما كتب قال: {إِنَّا فتحنا لك فتحاً مبيناً} [الفتح:1]، وقد تفاءلت بذلك فولاه العرض وحظي عند المتوكل وكان سمحاً جواداً. وقيل: لم يكن له حظ من الصناعة فأيد بأعوان وكفاة. وكان واسع الحيلة ونفاه المعتز فلما ولي المعتمد طلبه وخلع عليه فأدبته النكبة وتهذب كثيراً وله أخبار في الحلم والسخاء. مات وعليه ست مئة ألف دينار مع كثرة ضياعه. قيل: صدمه خادمه رشيق في لعب الصوالجة فسقط ثم مات ليومه سنة ثلاث وستين ومئتين. وقد وزر ابنه أبو علي محمد بن عبيد الله ووزر حفيده أبو القاسم عبد الله بن محمد للمقتدر سنة اثنتي عشرة وثلاث مئه وتوفي سنة أربع عشرة.

‌2222 - سمويه

(246)

الإمام الحافظ الثبت الرحال الفقيه أبو بشر إسماعيل بن عبد الله بن مسعود بن جبير العبدي الأصبهاني سمويه صاحب تلك الأجزاء الفوائد التي تنبئ بحفظه وسعة علمه. ولد في حدود التسعين ومئة.

(246)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 620)، والأنساب للسمعاني (7/ 151)، واللباب لابن الأثير (2/ترجمة 147)، وتذكرة الحفاظ (2/ 591)، والعبر (2/ 35).

ص: 220

وسمع بالكوفة من: أبي نعيم الملائي وطبقته وبدمشق من: أبي مسهر الغساني وأقرانه وبحمص من: علي بن عياش وأبي اليمان وعدة وبمكة من: الحميدي وبتنيس من: عبد الله بن يوسف وبمصر من: سعيد بن أبي مريم وأمثاله وبأصبهان من: بكر بن بكار والحسين بن حفص. حدث عنه: محمد بن يحيى بن مندة ومحمد بن أحمد بن يزيد وأبو بكر بن أبي داود وعبد الله بن جعفر بن فارس وخلق سواهم. قال ابن أبي حاتم: سمعنا منه وهو ثقة صدوق. وقال أبو الشيخ: كان حافظاً متقناً. وقال أبو نعيم الأصبهاني: كان من الحفاظ والفقهاء. قال أبو الشيخ: كان يذاكر بالحديث. مات سنة سبع وستين ومئتين. قرأت على إسحاق الصفار أخبرنا ابن خليل أخبرنا مسعود بن سعد الخياط وأنباني أحمد بن سلامة عن الخياط أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا وهيب عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق وأن كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا"

(247)

.

أخرجه مسلم عن حجاج بن الشاعر عن مسلم بن إبراهيم وفيه: ولو كان.

‌2223 - الترقفي

(248)

الإمام القدوة المحدث الحجة أبو محمد عباس بن عبد الله ابن أبي عيسى الباكسائي الترقفي: أحد الرحالين في السنن.

(247)

صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(4/ 17) حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسلم بن إبراهيم، به.

وأخرجه مسلم (2188) من طرق عن مسلم بن إبراهيم، حدثنا وهيب، عن ابن طاوس، به.

(248)

ترجمته. . . . . (8/ 513)، وتاريخ بغداد (12/ 143)، وتذكرة الحفاظ (2/ 566)، والكاشف (2/ترجمة 2623)، وتهذيب التهذيب (5/ 119)، وتقريب التهذيب (1/ 397)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3350)، وشذرات الذهب ابن العماد (2/ 153).

ص: 221

سمع: زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي وأبا عاصم النبيل ومروان ابن محمد الطاطري وأبا عبد الرحمن المقرئ ومحمد بن يوسف الفريابي وعبد الأعلى بن مسهر وحفص بن عمر العدني وأبا المغيرة ورواد بن الجراح ومحمد بن كثير المصيصي ويحيى بن يعلي ويسرة بن صفوان. حدث عنه: ابن ماجة وأبو العباس بن سريج وأبو العباس السراج وأبو بكر بن مجاهد وأبو بكر الخرائطي وأبو عوانة الإسفراييني والقاضي المحاملي وإسماعيل الصفار وآخرون. قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة صالحاً عابداً وقال محمد بن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسم. ووثقه الدارقطني. وله جزء معروف. مات في آخر سنة سبع وستين ومئتين وهو من أبناء الثمانين رحمه الله تعالى. قرأت على عبد الحافظ بن بدران أخبرك عبد الله بن أحمد الفقيه أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن مبادر أخبرنا الحسين بن علي أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري أخبرنا إسماعيل بن محمد حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي حدثنا رواد بن الجراح أبو عصام حدثنا أبو سعد الساعدي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم في المئتين كل خفيف الحاذ" قالوا: يا رسول الله وما الخفيف الحاذ قال: "الذي لا اهل له ولا ولد"

(249)

. غريب جداً تفرد به رواد.

(249)

منكر: أخرجه ابن عدى في "الكامل"(3/ 176 - 177) والخطيب في "تاريخه"(6/ 198) و (11/ 225) من طريق عباس الترقفى، حدثنا رواد، عن سفيان، به.

قلت: إسناده تالف، رواد، وهو ابن الجراح العسقلاني، حدَّث عن سفيان بمناكير وقال النسائي: روى غير حديث منكر. وقال الدَّارقطني: متروك. وذكر الذهبي في ترجمته في "الميزان" وعدَّه من منكراته.

ص: 222

‌2224 - يحيى بن معاذ

(250)

الرازي الواعظ: من كبار المشايخ له كلام جيد ومواعظ مشهورة. وعنه قال: لست أبكي على نفسي أن ماتت أنما أبكي على حاجتي أن فاتت. لا يفلح من شممت رائحة الرياسة منه. مسكين ابن آدم قلع الاحجار أهون عليه من ترك الأوزار. لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طريقها بالذنوب. الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضه وهو يسألك عن جناح بعوضة. وعنه قال: الدرجات سبع: التوبة ثم الزهد ثم الرضى ثم الخوف ثم الشوق ثم المحبة ثم المعرفة. قلت: وقد حدث عن: علي بن محمد الطنافسي وغيره. روى عنه: الحسن بن علويه وأحمد بن محمد البذشي وأبو العباس بن حمكويه.

‌2225 - حماد بن إسحاق

(251)

ابن إسماعيل بن الإمام حماد بن زيد: الحافظ العلامة القاضي أبو إسماعيل الأزدي البغدادي المالكي أخو إسماعيل القاضي كان أكبر من إسماعيل فيما أرى. حدث عن: مسلم بن إبراهيم والقعنبي وإسماعيل بن أبي أويس وعدة. وصنف في المذهب وتفقه بأحمد بن المعذل. حدث عنه: ابنه إبراهيم والقاضي المحاملي وأبو بكر الخرائطي. وثقه الخطيب. وكان يصحب الخلفاء فغضب عليه المهتدي بالله وضربه وطوف به لأمر وعزل أخاه عن القضاء.

(250)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 463) وتاريخ بغداد (14/ 208)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (6/ ترجمة 794)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 138)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 16).

(251)

ترجمته في تاريخ بغداد (8/ 159)، والعبر (2/ 35)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 152)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 60).

ص: 223

مات بالسوس سنة سبع وستين ومئتين وقد ولي مرة قضاء بغداد وقارب سبعين سنة.

‌2226 - إبراهيم بن هانئ

(252)

النيسابوري: الإمام الحافظ القدوة العابد أبو إسحاق الأرغياني الفقيه نزيل بغداد. ولد بعد الثمانين ومئة. وارتحل فسمع من: محمد ويعلي ابني عبيد وعبيد الله بن موسى وعبد الله بن داود الخريبي وأبي المغيرة عبد القدوس وعلي بن عياش وعفان ويسرة بن صفوان ومحمد بن بكار بن بلال وخلاد بن يحيى وسعيد بن عفير وأصبغ بن الفرج وطبقتهم. حدث عنه: أبو القاسم البغوي وابن صاعد وأبو نعيم بن عدي وابن مخلد والمحاملي وإسماعيل الصفار وأبو سعيد بن الأعرابي ومحمد بن سفيان بن بيأن وابن أبي حاتم وآخرون. قال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق. وقال الحاكم ثقة مأمون روى عنه: عبد الله بن أحمد ومحمد ابن عبدوس. وقال الخطيب: كان أحد الأبدال رحل إلى الشام والعراق ومصر والحجاز. قال ابن زياد النيسابوري: حدثني أبو موسى الطرسوسي في جنازة إبراهيم بن هانئ: سمعت ابن زنجويه يقول: قال أحمد ابن حنبل: أن كان ببغداد أحد من الأبدال فأبو إسحاق النيسابوري. الخلال: أخبرنا ابن هارون أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ قال: كان أحمد بن حنبل مختفيا عندنا هاهنا فقال لي: ما أطيق ما يطيق أبوك من العبادة. وعن أحمد بن حنبل قال: أبو إسحاق النيسابوري ثقة. وقال الدارقطني: ثقة فاضل.

(252)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 472)، وتاريخ بغداد (6/ 204) والعبر (2/ 30) وميزان الاعتدال (1/ 70)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 156)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 149)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 50).

ص: 224

وكان أحمد بن حنبل يغشاه ويحترمه ويجله. قال أبو بكر بن زياد: حضرت إبراهيم بن هانئ عند وفاته فقال: أنا عطشان فجاءه ابنه بماء فقال: أغابت الشمس قال: لا فرده وقال: "لمثل هذا فليعمل العاملون" -الصافات:61 - ثم مات. قال أبو الحسين بن المنادي: مات في ربيع الآخر سنة خمس وستين ومئتين. قلت: كان من كبار تلامذة أحمد في الفقه والفضل. وابنه:

‌2227 - إسحاق بن إبراهيم

(253)

النيسابوري الفقيه: من أصحاب الإمام أحمد له عنه سؤالات في مجلدة. حدث عنه: أبو بكر بن زياد النيسابوري ومحمد بن أبي هارون الوارق وعبد الله بن سليمان الفامي. وكان من العلماء العاملين. مات سنة خمس وسبعين ومئتين.

أخبرنا محمد بطيخ وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم: وأخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا نصر بن عبد الرزاق القاضي قالا: أخبرتنا شهدة الكاتبة أخبرنا الحسين بن أحمد النعالي وأخبرنا أحمد بن إسحاق أيضاً أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري أخبرنا عمي أبو بكر محمد أخبرنا عاصم بن الحسن قالا: أخبرنا عبد الوأحد بن محمد أخبرنا الحسين بن إسماعيل أخبرنا إبراهيم بن هانئ أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية عن أبي مريم عن أبي هريرة سمعه يقول: "من لقي أخاه فليسلم عليه أن حال بينهما شجرة أو حائط أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه"

(254)

.

(253)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (5/ 96).

(254)

صحيح: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(1010) من طريق عبد الله بن صالح، به. وأخرجه أبو داود (5200)، حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنى معاوية بن صالح، عن أبي موسى، عن أبي مريم، عن أبي هريرة، به.

ص: 225

وبه قال: وحدثني معاوية عن عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك

(255)

. معاوية هو: ابن صالح ثقة.

‌2228 - محمد بن عيسى بن حيان

(256)

المحدث المقرئ الإمام أبو عبد الله المدائني بقية الشيوخ. حدث عن: سفيان بن عيينة ومحمد بن الفضل بن عطية وشعيب بن حرب وعلي بن عاصم ويزيد بن هارون وجماعة. حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود وأبو بكر بن مجاهد وإسماعيل الصفار وخيثمة الأطرابلسي وعثمان بن السماك وحمزة العقبي وأحمد بن عثمان الأدمي وأبو سهل القطان وآخرون. قال البرقاني: لا بأس به. وقال الدارقطني: ضعيف. قلت: توفي في سنة أربع وسبعين ومئتين من أبناء المئة. يقع من عواليه للمؤتمن بن قميرة: أخبرنا أبو جعفر عبد الرحمن بن عبد الله بن المقير وأبو المعالي محمد بن علي الشاهد ومحمد بن أحمد بن القزاز وعلي بن جعفر المؤذن وبيبرس المجدي قالوا: أخبرنا مؤتمن بن أبي السعود وقرأت على محمد بن علي السلمي: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم قالا: أخبرتنا شهده بنت أحمد أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاني أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا حمزة وعثمان بن السماك وأبو سهل بن زياد قالوا: أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا شعيب بن حرب أخبرنا إبراهيم بن طهمان أخبرنا بديل بن ميسرة عن أبي

(255)

صحيح: أخرجه أبو داود (5200) قال معاوية: وحدثنى عبد الوهاب بن بَخْتٍ، به.

(256)

ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 398)، وتذكرة الحفاظ (2/ 603)، وميزان الاعتدال (3/ 678)، والعبر (2/ 53)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (4/ 294)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 71) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 166).

ص: 226

الجوزاء عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يصوب رأسه ولم يشخصه"

(257)

. هذا حديث حسن. ومات معه: الحسن بن مكرم وعلي بن إبراهيم الواسطي وأبو غسان مالك بن يحيى بمصر وآخرون وأبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني وخلف بن محمد كردوس بواسط.

‌2229 - إبراهيم بن الحارث

(258)

ابن إسماعيل: الحافظ الثقة أبو إسحاق البغدادي نزيل نيسابور. سمع: يزيد بن هارون وحجاج بن محمد وأبا النضر ويحيى بن أبي بكير وعبد العزيز بن أبان. حدث عنه: البخاري وإبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة وأبو حامد بن الشرقي وأبو بكر محمد بن الحسين القطان وجماعة. يقع لنا حديثه بعلو من طريق السلفي. توفي في أول سنة خمس وستين ومئتين ولعله جاوز الثمانين رحمه الله.

‌2230 - معاوية بن صالح

(259)

ابن الوزير أبي عبيد الله: معاوية بن يسار الأشعري مولاهم الحافظ الإمام المجود أبو عبيد الله الدمشقي. رحل وعني بهذا الشان. وأخذ عن: أبي مسهر الغساني وأبي غسان النهدي وخالد بن مخلد وأبي عبد الرحمن المقرئ وعبيد الله بن موسى وأبي الوليد الطيالسي وعبد الله بن جعفر الرقي وعدة.

(257)

صحيح: أخرجه مسلم (498)، وأبو داود (783)، وابن ماجه (869)، وأحمد (6/ 31 و 194).

(258)

ترجمته في تاريخ بغداد (6/ 54)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (5/ 342)، وتهذيب التهذيب (1/ 112).

(259)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ترجمة 1751)، والكاشف (3/ترجمة 5626)، والعبر (2/ 27)، وتهذيب التهذيب (10/ 212)، وتقريب التهذيب (2/ 259)، وخلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7083)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 147).

ص: 227

وسأل يحيى بن معين عن الرجال. قال النسائي: لا بأس به. قلت: حدث عنه: النسائي وأبو حاتم وأبو زرعة الدمشقي وابن جوصا وأبو عوانة وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان الدمشقي وعدة. قال الطحاوي وغيره: توفي بدمشق في سنة ثلاث وستين ومئتين. قلت: شاخ وجاوز السبعين.

‌2231 - ابن عفان

(260)

المحدث الثقة المسند أبو محمد الحسن بن علي بن عفان العامري الكوفي أخو محمد. سمع: عبد الله بن نمير وأبا يحيى عبد الحميد الحمأني وأسباط ابن محمد وأبا أسامة وجعفر بن عون وطائفة ولم يرحل. حدث عنه: ابن ماجة في سننه وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق وعلي بن محمد بن كاس القاضي وإسماعيل بن محمد الصفار وعلي بن محمد بن الزبير القرشي وآخرون.

وله بضعة وعشرون شيخاً كوفيون. سمعنا من طريقه كتاب الخراج ليحيى بن آدم وسمعنا جزءاً من حديثه أنفرد به ابن اللتي. فأما قول الحافظ ابن عساكر في شيوخ النبل أن أبا داود روى عن هذا فوهم قديم والذي في النسخ القديمة بالسنن: أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا يزيد بن هارون وأبو عاصم عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن عن عرفجة: أنه أصيب أنفه يوم الكلاب

(261)

ورواه ابن داسة وحده فقال فيه: حدثنا الحسن بن علي بن عفان ولا ريب

(260)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 90)، والكاشف (1/ ترجمة 1055)، والعبر (2/ 44 - 45)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (12/ 122)، وتهذيب التهذيب (2/ 301)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1362)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 158).

(261)

صحيح: أخرجه أبو داود (4232) و (4233) من طريق أبي الأشهب، عن عبد الرحمن بن طرفة، أن جده عرفجة بن أسعد قُطع أنفُهُ يوم الكُلاب فاتخذ أنفًا من وَرِق، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفًا من ذهب". =

ص: 228

أن الأنفصال عن مثل هذا صعب لكن أجزم بأن قوله: ابن عفان زيادة من كيس ابن داسة وقد خالفه جماعة وحذفوا ذلك ولا نعلم لأبي داود عن ابن عفان رواية ولا علمنا أن ابن عفان رحل إلى يزيد ولا إلى أبي عاصم وأنما هو الحسن بن علي الحلواني الحافظ الرحال. قال الدارقطني: الحسن بن علي بن عفان وأخوه محمد ثقتان. وقال ابن عقدة: توفي الحسن لليلة خلت من صفر سنة سبعين ومئتين. أخبرنا الحسن بن علي ومحمد بن قيماز الدقيقي وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا مسعود بن محمد بن شنيف سنة -551 - أخبرنا الحسين بن محمد السراج وأبو غالب محمد بن محمد العطار قالا: أخبرنا الحسن بن أحمد البزاز أخبرنا علي بن محمد القرشي حدثنا الحسن بن علي بن عفان سنة خمس وستين ومئتين حدثنا جعفر بن عون أخبرنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: إذا أعتق الرجل وليدته فله أن يطأها ويستخدمها وينكحها وليس له أن يبيعها أو يهبها وولدها بمنزلتها. أخوه.

‌2232 - أبو جعفر

(262)

المحدث الثقة: محمد بن علي بن عفان العامري الكوفي المقرئ. تلا على: عبيد الله بن موسى.

وحدث عن: الحسن بن عطية وغيره. حدث عنه: ابن عقدة علي بن كاس القاضي وابن الزبير القرشي وآخرون. مات في صفر سنة سبع وسبعين ومئتين. وثقة الدارقطني. وبالإسناد الماضي إلى علي بن محمد القرشي: أخبرنا أبو محمد الحسن وأبو جعفر

= والكُلاب: بضم الكاف وتخفيف اللام المفتوحة: اسم ماء كان به يومٌ معروف من أيام العرب بين البصرة والكوفة. وكانت الحرب بين ملوك كندة وبنى تميم.

(262)

ترجمته في طبقات القراء لابن الجزري (2/ 206).

ص: 229

محمد ابنا علي بن عفان قالا: حدثنا الحسن بن عطية القرشي عن الحسن بن صالح سمعت عبد الله بن دينار سمعت ابن عمر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته"

(263)

.

‌2233 - ابن وارة

(264)

محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله: الحافظ الإمام المجود أبو عبد الله بن واره الرازي أحد الأعلام. ارتحل إلى الآفاق. وحدث عن: أبي عاصم النبيل والأنصاري والفريابي ومحمد بن عرعرة وهوذة بن خليفة وأبي نعيم وأبي مسهر وعبيد الله بن موسى والهيثم بن جميل وسعيد بن أبي مريم وعبد الله بن يوسف وحجاج بن أبي منيع والأصمعي وعلي ابن عياش وعارم ومسلم بن إبراهيم وخلق كثير وينزل إلى أحمد بن صالح المصري ونحوه. وكان يضرب به المثل في الحفظ على حمق فيه وتيه. ولقد اجتمع بالري ثلاثة يعز وجود مثلهم: أبو زرعة وابن وارة وأبو حاتم.

حدث عنه: النسائي ومحمد بن يحيى الذهلي وهو أكبر منه وأبو بكر بن عاصم وعبد الرحمن بن خراش وابن ناجية وأبو عوانة وابن صاعد ومحمد بن المسيب الأرغيأني وأبو عمر محمد بن يوسف القاضي وابن مجاهد المقرئ وابن أبي داود ومحمد بن مخلد والمحاملي والحسن بن محمد الداركي وعبد الله بن محمد الحامض ومحمد بن المنذر شكر وأبو عمرو بن حكيم المديني وعبد الله بن محمد بن أخي أبي زرعة الرازي وعبد الرحمن بن أبي حاتم وخلق سواهم. وكان مولده في حدود عام تسعين ومئة. قال النسائي: هو ثقة صاحب حديث. وقال ابن أبي حاتم: ثقة صدوق وجدت أبا زرعة يبجله ويكرمه.

(263)

صحيح: أخرجه البخاري (2535)، ومسلم (1506)، وأبو داود (2919)، والترمذي (1236)، والنسائي (7/ 306)، وابن ماجه (2747)، وأحمد (2/ 79 و 107).

(264)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 339)، وتاريخ بغداد (3/ 256)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة رقم 600)، والكاشف (3/ ترجمة 5232)، وتهذيب التهذيب (9/ 451)، وتقريب التهذيب (2/ 207) وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6654)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 160).

ص: 230

وقال عبد المؤمن بن أحمد: كان أبو زرعة لا يقوم لأحد ولا يجلس أحداً في مكانه إلا ابن واره. وقال فضلك الرازي: سمعت أبا بكر بن أبي شيبه يقول: أحفظ من رأيت أحمد بن ألفرات وابن واره وأبو زرعة. قال أبو جعفر الطحاوي: ثلاثة من علماء الزمان بالحديث اتفقوا بالري لم يكن في الأرض مثلهم في وقتهم فذكر ابن واره وأبا حاتم وأبا زرعة. وعن عبد الرحمن بن خراش قال: كان ابن واره من أهل هذا الشان المتقنين الأمناء كنت ليلة عنده فذكر أبا إسحاق السبيعي فذكر شيوخة فذكر في طلق وأحد سبعين ومئتين من شيوخه ثم قال: كان غاية شيئاً عجباً. وقال عثمان بن خرزاذ: سمعت الشاذكوني يقول: جاءني محمد بن مسلم فقعد يتقعر في كلامه فقلت له: من أي بلد أنت قال: من أهل الري ألم يأتك خبري ألم تسمع بنبئي أنا ذو الرحلتين قلت: من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن من الشعر حكمة" فقال: حدثني بعض أصحابنا قلت: من قال: أبو نعيم وقبيصة قلت: يا غلام ائتني بالدرة فأتأني بها فأمرته فضربه بها خمسين وقلت: أنت تخرج من عندي ما آمن أن تقول: حدثني بعض غلمأننا.

قال زكريا الساجي: جاء ابن واره إلى أبي كريب وكان في ابن واره بأو فقال لأبي كريب: ألم يبلغك خبري ألم يأتك نبئي أنا ذو الرحلتين أنا محمد بن مسلم بن واره فقال: واره وما واره وما أدراك ما واره قم فوالله لا حدثتك ولا حدثت قوماً أنت فيهم. قال أبو العباس بن عقدة: دق ابن واره على ابن كريب فقال: من قال: ابن واره أبو الحديث وأمه. وقد زلق الحافظ أبو أحمد الحاكم وذكر أن ابن واره سمع من سفيان ابن عيينة ويحيى القطان. كما أخطأ ابن المنادي في الوفيات فقال: توفي ابن واره سنة خمس وستين ومئتين. بل الصواب في وفاته ما قاله ابن مخلد وغيره: أنها في رمضان سنه سبعين ومئتين. أخبرنا بلال بن عبد الله الخادم أخبرنا عبد الوهاب بن رواج وأخبرنا الحسن بن علي

ص: 231

بن الخلال أخبرنا محمد بن عبد الوأحد الحافظ قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي فالأول سماعاً والثاني إجازة أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله بن أحمد السوذرجاني قالا: أخبرنا علي بن محمد ألفرضي أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم حدثنا محمد ابن مسلم بن وارة حدثنا عبد الغفار الكريزي حدثنا صالح بن أبي الأخضر عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع أبو بكر الثوب عن وجهه فقبله ثم قال مت والله الذي لا إله إلا هو موتة لا تموت بعدها أبداً

(265)

.

‌2234 - سهل بن عمار

(266)

القاضي العلامة أبو يحيى العتكي النيسابوري الحنفي شيخ أهل الرأي بخرسان وقاضي هراة.

ارتحل في الحديث وسمع من: يزيد بن هارون وشبابة بن سوار وجعفر بن عون وعبد الرحمن بن قيس والواقدي وعبيد الله بن موسى وعدة. حدث عنه: العباس بن حمزة وأبو يحيى البزاز وإبراهيم بن محمد ابن سفيان الفقيه ومحمد بن سليمان بن فارس وأحمد بن شعيب الفقيه ومحمد بن علي بن عمر المذكر وآخرون. قال الحاكم: قلت لمحمد بن صالح بن هانئ: لم لم تكتب عن سهل قال: كانوا يمنعون من السماع منه. وسمعت ابن الأخرم يقول: كنا نختلف إلى إبراهيم بن عبد الله السعدي وسهل بن عمار مطروح في سكته فلا نتقدم إليه. وعن إبراهيم السعدي أنه اتهم سهلاً.

(265)

صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف، آفته صالح بن أبي الأخضر، ضعيف؛ وهو مجمع على ضعفه.

ولكن للحديث شاهد عن عائشة: أن أبا بكر رضي الله عنه أقبل على فرس من مسكنه بالسُّنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُغشّى بثوب حِبَرة، فكشف عن وجهه، ثم أكبَّ عليه فقبَّلهُ وبكى، ثم قال: بأبى أنت وأمى، والله لا يجمع الله عليك موتتين، أمَّا الموتهُ التى كتبت عليك فقد مُتَّها".

أخرجه البخاري (4452) و (4453) من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب قال أخبرنى أبو سلمة، عن عائشة، به.

(266)

ترجمته في ميزان الاعتدال (2/ 240)، ولسان الميزان (3/ 121).

ص: 232

وقال الحاكم: مختلف في عدالته. توفي سنة سبع وستين ومئتين.

‌2235 - أبو البختري

(267)

الشيخ المحدث الثقة أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر العنبري البغدادي المقرئ. سمع حروف عاصم من يحيى بن آدم ورواها عنه. وسمع: أبا أسامة ومحمد بن بشر العبدي وحسين بن علي الجعفي وعدة. حدث عنه: القاضي المحاملي وعبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد ابن مخلد وأبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبو بكر بن مجاهد وآخرون. قال الدراقطني: ثقة صدوق. قلت: توفي في ذي الحجة سنة سبعين ومئتين. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا هبة الله بن الحسن أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن علي أخبرنا علي بن محمد المعدل أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمأن فينظرأيمن منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه وينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه فينظر أمامه فلا يرى إلا النار فأتقوا النار ولو بشق تمرة

(268)

.

‌2236 - عمار بن رجاء

(269)

الحافظ الثقة الإمام أبو ياسر التغلبي الأستراباذي صاحب المسند الكبير رحل وجمع وصنف.

(267)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 748)، وتاريخ بغداد (10/ 82)، والعبر (2/ 46)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 160)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 77)، طبقات القراء لابن الجزري (1/ 449).

(268)

صحيح أخرجه البخاري (6539)، ومسلم (1016) والترمذي (2415) من طريق الأعمش به.

(269)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 2202)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 584)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 61).

ص: 233

حدث عن: يزيد بن هارون ومحمد بن بشر العبدي وزيد بن الحباب ويحيى بن آدم وحسين بن علي الجعفي ومعاوية بن هشام وعبيد الله بن موسى وطبقتهم. حدث عنه: أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي وأحمد بن محمد بن مطرف الأستراباذي ومحمد بن الحسين الأديب وطائفة سواهم. ترجمة أبو سعد الإدريسي وقال: كان شيخاً فاضلاً ديناً كثير العبادة والزهد ثقة في الحديث رحل وهو ابن ثمأن وعشرين سنة ومات سنة سبع وستين ومئتين على الصحيح. قال وقبره يزار رحمة الله عليه.

‌2237 - ابن السرماري

(270)

الإمام الثقة أبو صفوان إسحاق ابن البطل الكرار فارس العصر أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر السلمي البخاري السرماري. سمع في حداثته باعتناء أبيه من: أشهل بن حاتم وأبي عاصم وعبيد الله ومكي بن إبراهيم والمقرئ. وعنه: صالح جزرة وعمر بن محمد بن بجير وآخرون.

وكان يقول: سئل المقرئ فقيل له: إن رجلاً ببخارى يقال له: أحمد بن حفص يقول: الإيمان قول فقال: مرجئ وكنت قدامه فقلت: وأنا أقول ذلك فأخذ برأسي ونطحني برأسه نطحه وقال: أنت مرجئ يا خرساني. توفي سنة ست وسبعين ومئتين. أبوه:

‌2238 - أحمد بن إسحاق

(271)

الإمام الزاهد العابد المجاهد فارس الإسلام أبو إسحاق: من أهل سرمارى من قرى بخارى.

(270)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (7/ 74).

(271)

ترجمته في الوافى الوفيات صلاح الدين الصفدي (6/ 241)، وتهذيب التهذيب (1/ 13 - 14).

ص: 234

سمع من: يعلى بن عبيد: وعثمان بن عمر بن فارس وأبي عاصم وطبقتهم. حدث عنه: ابنه وأبو عبد الله البخاري في صحيحه وإدريس بن عبدك وآخرون. وكان أحد الثقات وبشجاعته يضرب المثل.

قال إبراهيم بن عفان البزاز: كنت عند أبي عبد الله البخاري فجرى ذكر أبي إسحاق السرماري فقال: ما نعلم في الإسلام مثله فخرجت فإذا أحيد رئيس المطوعة فأخبرته فغضب ودخل على البخاري وسأله فقال: ما كذا قلت: بل: ما بلغنا أنه كان في الإسلام ولا الجاهلية مثله. سمعها إسحاق بن أحمد بن خلف من ابن عفان. قال أبو صفوان: دخلت على أبي يوماً وهو يأكل وحده فرأيت في مائدته عصفوراً يأكل معه فلما رآني طار. وعن أحمد بن إسحاق قال: ينبغي لقائد الغزاة أن يكون فيه عشر خصال: أن يكون في قلب الأسد: لا يجبن وفي كبر النمر: لا يتواضع

وفي شجاعة الدب: يقتل بجوارحه كلها وفي حملة الخنزير: لا يولي دبره وفي غارة الذئب: إذا أيس من وجه أغار من وجه وفي حمل السلاح كالنملة: تحمل أكثر من وزنها وفي الثبات كالصخرة وفي الصبر كالحمار وفي الوقاحة كالكلب: لو دخل صيده النار لدخل خلفه وفي التماس الفرصة كالديك. غنجار: سمعت أبا بكر محمد بن خالد المطوعي سمعت محمد بن إدريس المطوعي البخاري سمعت إبراهيم بن شماس يقول: كنت أكاتب أحمد بن إسحاق السرماري فكتب إلي: إذا أردت الخروج إلى بلاد الغزية في شراء الأسرى فاكتب إلي فكتبت إليه فقدم سمرقند فخرجنا فلما علم جعبويه استقبلنا في عدة من جيوشه فأقمنا عنده فعرض يوماً جيشه فمر رجل فعظمه وخلع عليه فسألني عنه السرماري فقلت: هذا رجل مبارز يعد بألف فارس قال: أنا أبارزه فسكت فقال جعبويه: ما يقول هذا قلت: يقول كذا وكذا قال: لعله سكران لا يشعر ولكن غدا نركب فلما كان الغد ركبوا فركب السرماري معه عمود في كمه فقام بإزاء المبارز فقصده فهرب أحمد حتى باعده من الجيش ثم كر وضربه بالعمود قتله وتبع إبراهيم بن شماس لأنه كان سبقه فلحقه وعلم جعبويه فجهز في طلبه خمسين فارساً نقاوة فأدركوه فثبت تحت تل مختفياً حتى مروا كلهم وأحداً بعد وأحد وجعل يضرب بعموده من ورائهم إلى أن قتل تسعة

ص: 235

وأربعين وأمسك وأحداً قطع أنفه وأذنيه وأطلقه ليخبر ثم بعد عامين توفي أحمد وذهب ابن شماس في ألفداء فقال له جعبويه: من ذاك الذي قتل فرسأننا قال: ذاك أحمد السرماري قال: فلم لم تحمله معك قلت: توفي فصك في وجهي وقال: لو أعلمتني أنه هو لكنت أعطيه خمس مئة برذون وعشرة آلاف شاة.

وعن بكر بن منير قال: رأيت السرماري أبيض الرأس واللحية ضخماً مات بقريته فبلغ كراء الدابة إليها عشرة دراهم وخلف ديوناً كثيرة فكان غرماؤه ربما يشترون من تركته حزمة القصب بخمسين درهماً إلى مئة حباً له فما رجعوا حتى قضي دينه.

عن عمران بن محمد المطوعي: سمعت أبي يقول: كان عمود المطوعي السرماري وزنه ثمانية عشر مناً فلما شاخ جعله اثني عشر مناً وكان به يقاتل.

قال غنجار: سمعت محمد بن خالد وأحمد بن محمد قالا: سمعنا عبد الرحمن بن محمد بن جرير سمعت عبيد الله بن واصل سمعت أحمد السرماري يقول وأخرج سيفه فقال: أعلم يقينا أني قتلت به ألف تركي وإن عشت قتلت به ألفاً أخرى ولولا خوفي أن يكون بدعة لأمرت أن يدفن معي.

وعن محمود بن سهل الكاتب قال: كانوا في بعض الحروب يحاصرون مكاناً ورئيس العدو قاعد على صفة فرمى السرماري سهماً فغرزه في الصفة فأومأ الرئيس لينزعه فرماه بسهم آخر خاط يده فتطاول الكافر لينزعه من يده فرماه بسهم ثالث في نحره فأنهزم العدو وكان الفتح. قلت: اخبار هذا الغازي تسر قلب المسلم.

قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: توفي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين ومئتين رحمه الله تعالى فإنه كان مع فرط شجاعته من العلماء العاملين العباد.

قال ولده أبو صفوان: وهب المأمون لأبي ثلاثين ألفاً وعشرة أفراس وجارية فلم يقبلها.

‌2239 - أحمد بن الفرج

(272)

ابن عبد الله: المحدث المعمر أبو علي الجشمي البغدادي المقرئ.

(272)

ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 341)، وميزان الاعتدال (1/ 128)، ولسان الميزان (1/ 244).

ص: 236

حدث عن: عباد بن عباد المهلبي وسويد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن نمير وطائفة. روى عنه: إسحاق بن سنين الختلي ومحمد بن جعفر القماطري وأبو جعفر بن البختري وآخرون. يقع لنا من عواليه. قال الحسين بن أحمد بن بكير الحافظ: هو ضعيف. قلت: توفي قبل السبعين ومئتين.

‌2240 - أبو الليث

(273)

الإمام الحافظ محدث وقته أبو الليث عبد الله بن سريج بن حجر بن عبد الله بن الفضل الشيبأني البخاري والد أبي عبيده البخاري. سمع: عبدان بن عثمان وأحمد بن حفص الفقيه ومحمد بن سلام البيكندي ووهب بن زمعة وحبان بن موسى وهذه الطبقة ولا أكاد أعرف هذا. قال سهل بن بشر: سمعت أبا الليث يقول: حفظت عشرة آلاف حديث من غير تكرير.

وقال محمد ابن يزيد المروزي: رأيت أبا الليث الحافظ جالساً مع عبدان على سريره ورأيت عبدان يجله يعني عبدان بن عثمان هكذا ترجمه غنجار ولم يؤرخ وفاته رحمه الله.

‌2241 - أحمد بن عصام

(274)

العالم الصادق المحدث أبو يحيى الأنصاري مولاهم الأصبهاني هو ابن أخت محمد بن يوسف الزاهد وهو: أحمد بن عصام بن عبد المجيد بن كثير بن أبي عمرة. سمع: أبا داود الطيالسي ومعاذ بن هشام وأبا أحمد الزبيري وطبقتهم.

(273)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 612).

(274)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 119).

ص: 237

حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود وأحمد بن جعفر السمسار وعبد الله بن جعفر بن فارس وآخرون. وما علمت فيه ليناً. توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومئتين وكان من أبناء التسعين رحمه الله.

‌2242 - أحمد بن ملاعب

(275)

الإمام المحدث الحافظ أبو الفضل البغدادي المخرمي. سمع: عبد الله بن بكر السهمي وأبا نعيم وعبد الصمد بن النعمان وعفان ومسلم بن إبراهيم وطبقتهم. وعنه: يحيى بن صاعد وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وعثمان ابن السماك وأبو جعفر بن البختري وخلق. قال ابن عقدة: سمعت أحمد بن ملاعب يقول: ما أحدث إلا بما أحفظه كحفظي القرآن قال: ورأيته يفصل بين ألفاء والواو. قال ابن خراش وغيره: ثقة. قلت: توفي في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومئتين وقع لي جزء صغير من حديثه.

وفيها مات: أبو بكر المروزي والحسين بن محمد بن أبي معشر ويحيى بن أبي طالب وأبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق البزوري.

‌2243 - إبراهيم بن عبد الله

(276)

ابن عمر بن أبي الخيبري: المحدث المعمر الصادق أبو إسحاق العبسي الكوفي القصار.

(275)

ترجمته في تاريخ بغداد (5/ 168 - 170)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 618)، والعبر (2/ 54)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 208)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 166).

(276)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ 635).

ص: 238

سمع: وكيع بن الجراح وهو خاتمة أصحابه وجعفر بن عون وعبيد الله بن موسى والعباس بن الوليد الضبي وطائفة.

حدث عنه: أبو الحسن محمد بن أحمد الأسواري وعلي بن عبد الرحمن بن ماتي وقاسم بن أصبغ الأندلسي وأبو العباس الأصم وأبو سعيد بن الأعرابي وخيثمة بن سليمان وآخرون.

وهو صدوق جائز الحديث. مات سنة تسع وسبعين ومئتين بالكوفة.

‌2244 - إبراهيم بن عبد الله بن يزيد

(277)

السعدي: الإمام الحافظ الثقة أبو إسحاق التميمي النيسابوري ابن أخت بشر بن القاسم الفقيه.

سمع: معاوية بن هشام وجعفر بن عون ويعلى بن عبيد ومحمد ابن عبيد بالكوفة وروح بن عبادة ووهباً وأبا عاصم والأصمعي بالبصرة ويحيى بن الضريس بالري والحسين بن الوليد وحفص بن عبد الله بنيسابور وسلماً الخواص بمكة في حياة ابن عيينة.

حدث عنه: محمد بن نصر المروزي وإبراهيم بن أبي طالب والحسن بن سفيان وابن خزيمة ومحمد بن الحسين القطان ومحمد بن يعقوب بن الأخرم وعدة وبنته فاطمة السعدية.

قال الحاكم: هو محدث كبير أديب كثير الرحلة وكان يؤذن على راس المربعة ذكر مولده تقريباً سنة خمس وسبعين ومئة. توفي سنة سبع وستين ومئتين يوم عاشوراء.

‌2245 - محمش

المحدث أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله النيسابوري المقرئ الزاهد المعروف محمش. سمع من: حفص بن عبد الله وجماعة بنيسابور ومن يعلى بن عبيد وعبيد الله بن موسى وطائفة بالكوفة.

(277)

ترجمته في الوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 29).

ص: 239

روى عنه: أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي والعباس بن حمزة وجماعة. محله الصدق. مات سنة اثنتين وستين ومئتين.

‌2246 - الخشك

(278)

إسحاق بن عبد الله بن محمد بن رزين السلمي النيسابوري. سمع: حفص بن عبد الله ويعلى بن عبيد وعدة. وعنه: ابن خزيمة ومحمد بن عمر بن حفص وابن الأخرم وأحمد ابن علي بن حسنويه وعدة. مات سنة ست وستين ومئتين.

‌2247 - أخطل بن الحكم

المسند المعمر أبو القاسم القرشي الدمشقي. سمع من: بقية بن الوليد والوليد بن مسلم. وروى عنه: أبو عوانة الحافظ ومكحول البيروتي وعلي بن أحمد شيخ لتمام الرازي وغيرهم. توفي سنة أربع وستين ومئتين.

أخبرنا ابن تاج الأمناء عن عبد الرحيم بن السمعاني أخبرنا عبد الله بن محمد أخبرنا أبو عمرو المحمي أخبرنا أبو نعيم الأزهري حدثنا يعقوب بن إسحاق الحافظ حدثني الأخطل بن الحكم حدثنا بقية حدثنا شعبة عن خالد وابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في وهم بعد التسليم"

(279)

.

(278)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (5/ 125)، واللباب لابن الأثير (1/ 445).

(279)

صحيح: أخرجه البخاري (1228)، ومسلم (573).

ص: 240

‌2248 - ابن البرقي

(280)

الإمام الحافظ الثقة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن سعيد الزهري مولاهم المصري ابن البرقي مؤلف كتاب:"الضعفاء".

سمع: عمرو بن أبي سلمة التنيسي وأسد بن موسى ومحمد بن يوسف الفريابي وأبا عبد الرحمن المقرئ وعبد الملك بن هشام وطبقتهم وأخذ معرفة الرجال عن يحيى بن معين.

حدث عنه: أبو داود والنسائي ومحمد بن المعافى وعمر بن بجير وجماعة ومات قبل أوان الرواية كهلاً. قال ابن مؤنس: ثقة حدث بالمغازي ثم قالك وإنما عرف بالبرقي لأنهم كانوا يتجرون إلى برقة. مات محمد في سنة تسع وأربعين ومئتين. أخوه:

‌2249 - أحمد بن عبد الله بن البرقي

(281)

المحدث الحافظ الصادق أبو بكر: سمع من: عمرو بن أبي سلمة وأسد السنة وابن هشام وأبي صالح وعدة. وله كتاب في معرفة الصحابة وأنسابهم وكان من أئمة الأثر. حدث عنه: أحمد بن علي المدائني والطحاوي وخلق.

رفسته دابة فمات في شهر رمضان سنة سبعين ومئتين وكان من أبناء الثمانين وهو الذي استمر فيه الوهم على الطبراني ويقول كثيراً في كتبه: حدثنا أحمد بن عبد الله

(280)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ترجمة 1631)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 593)، والكاشف (3/ ترجمة 5038)، وتهذيب التهذيب (9/ 263)، وتقريب التهذيب (2/ 178)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة رقم 6378)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 120).

(281)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 93)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 594)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (7/ 80)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلى (2/ 158)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 71).

ص: 241

البرقي ولم يلقه أصلاً وإنما وهم الطبراني ولقي أخاه عبد الرحيم وأكثر عنه واعتقد أن اسمه أحمد فغلط في اسمه. أخوهما:

‌2250 - عبد الرحيم بن عبد الله

(282)

ابن عبد الرحيم بن سعيد بن البرقي: المحدث أبو سعيد راوي السيرة عن عبد الملك بن هشام. حدث أيضاً عن: عبد الله بن يوسف التنيسي وطائفة.

حدث عنه بالسيرة: أبو محمد عبد الله بن جعفر بن الورد وحدث عنه بالكثير: أبو القاسم الطبراني لكنه يغلط فيه ويسميه أحمد فقال في معجمه حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي حدثنا عبد الله ابن يوسف فذكر حديثاً وأيضاً فما ذكر عبد الرحيم في حرف العين وقد قدمنا أن أحمد مات سنة سبعين.

ومات عبد الرحيم في ذي القعدة سنة ست وثمانين ومئتين وكان صدوقاً مسناً من أهل العلم.

‌2251 - ابن قريش

(283)

الحافظ المحدث الرحال أبو عمران موسى بن قريش بن نافع التميمي البخاري. حدث عن: أبي نعيم وعلي بن عياش الحمصي ومسلم بن إبراهيم وإسحاق بن بكر بن مضر وعبد الله بن صالح الكاتب وطبقتهم. وعنه: مسلم في صحيحه والحسين بن الحسن الوضاحي وعلي ابن الحسن بن عبدة وإسحاق بن أحمد بن خلف وآخرون. تعب وجمع وصنف. أرخ ابن ماكولا وفاته في سنة أربع وخمسين ومئتين.

(282)

ترجمته في العبر (2/ 77)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 193).

(283)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 641)، وتهذيب التهذيب (10/ 366).

ص: 242

‌2252 - حمدان الوراق

(284)

الحافظ المجود العالم أبو جعفر محمد بن علي بن عبد الله بن مهران البغدادي الوراق حمدان العبد الصالح. سمع: عبيد الله بن موسى وأبا نعيم وقبيصة ومعاوية بن عمرو وعبد الله بن رجاء وعفان وطبقتهم. حدث عنه: يحيى بن صاعد ومحمد بن مخلد وإسماعيل الصفار وأبو الحسين بن بويان المقرئ وعدة. قال الخطيب: كان فاضلا حافظا ثقة عارفاً. وروى أبو حفص بن شاهين قال: كان من نبلاء أصحاب أحمد. وقال أحمد بن المنادي: حمدان بن علي مشهود له بالصلاح والفضل بلغنا أنه قال في علة الموت: ما لصق جلدي بجلد ذكر ولا أنثى قط. وقال الدارقطني: ثقة. قلت: هكذا حكيت لشيخنا ابن تيمية قول الشيخ علي بن النفيس المحدث: عمري ما رأيته في أنثى ولا ذكر فدعا له الشيخ وعظمه. وتوفي حمدان في سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

‌2253 - حمدون القصار

(285)

شيخ الصوفية أبو صالح حمدون بن أحمد بن عمارة النيسابوري. قدوة الملامتية: وهو تخريب الظاهر وعمارة الباطن مع التزام الشريعة وكان سفيانياً. سمع: محمد بن بكار بن الريأن وابن راهويه وأبا معمر الهذلي. وصحب أبا تراب وأبا حفص النيسابوري وكان من الأبدال.

(284)

ترجمته في تاريخ بغداد (3/ 61)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 614).

(285)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ترجمة 562)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 82).

ص: 243

روى عنه: ابنه الحافظ أبو حامد الأعمشي ومكي بن عبدان وأبو جعفر بن حمدان وآخرون. ومن كلامه قال: لا يجزع من المصيبة إلا من اتهم ربه. وسئل عن الملامة فقال: خوف القدرية ورجاء المرجئة. وقد جمع السلمي جزءاً من حكايات حمدون وأنه مات سنة أحدى وسبعين وأنه شيخ الزاهد عبد الله بن منازل.

‌2254 - حنبل

(286)

ابن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد: الإمام الحافظ المحدث الصدوق المصنف أبو علي الشيباني ابن عم الإمام أحمد وتلميذه. ولد قبل المئتين.

وسمع: محمد بن عبد الله الأنصاري وسليمان بن حرب وأبا نعيم وعفان بن مسلم والحميدي وأبا الوليد الطيالسي وحجاج بن منهال ومسلم بن إبراهيم وقبيصة بن عقبة وأبا سلمة وعاصم بن علي وسريج بن النعمان وعلي بن الجعد وأباه وابن عمه وخلقاً كثيراً.

حدث عنه: ابن صاعد وأبو بكر الخلال ومحمد بن مخلد وأبو جعفر ابن البختري وعثمان بن السماك وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً. قلت: له مسائل كثيرة عن أحمد ويتفرد ويغرب.

قال أحمد بن المنادي: كان حنبل قد خرج إلى واسط فجاءنا نعيه منها في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ومئتين. قلت: كان من أبناء الثمانين. ومات أبوه في سنة ثلاث وخمسين ومئتين وله ثنتان وتسعون سنة.

(286)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 1434)، وتاريخ بغداد (8/ 286)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 624)، والعبر (2/ 51)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 70)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 163).

ص: 244

وقد حدث عن: يزيد بن هارون وغيره. وقع لي جزء حنبل وجزء فيه الرابع من الفتن لحنبل وكتاب المحنة لحنبل وله تاريخ مفيد رأيته وعلقت منه.

‌2255 - ابن عطية

(287)

الإمام أبو بكر أحمد بن القاسم بن عطية الرازي البزاز: أحد الحفاظ الرحالة. روى عن: محمد بن أبي بكر المقدمي وهشام بن عمار وأبي الربيع الزهراني وابن سهم. وعنه: الوليد بن أبان وعبد الرحمن بن أبي حاتم وعبد الرحمن ابن حمدان الجلاب وآخرون. قال ابن أبي حاتم: ثقة.

‌2256 - ابن أنس

(288)

الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن أنس القربيطي. حدث عن: محمد بن أبي بكر المقدمي وإبراهيم بن زياد سبلان ووهب بن بقية وطبقتهم. روى عنه: أبو حاتم الرازي مع تقدمه وابنه عبد الرحمن وابن مخلد العطار ومحمد بن نوح الجنديسابوري وروى عنه من شيوخه: محمد بن سعد في الطبقات ثم ساق أبو بكر الخطيب حديثاً في السابق واللاحق من طريق ابن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد أخبرنا أحمد بن محمد بن أنس أخبرنا أبو حفص الفلاس وذكره.

قال الخطيب: ثقة. قال ابن مخلد: مات في شوال سنة أربع وستين ومئتين.

(287)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 125).

(288)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 146)، وتاريخ بغداد (4/ 397).

ص: 245

‌2257 - الجرجاني

الإمام الجوال أبو إسحاق إسماعيل بن زيد الجرجاني الحافظ ليس بالمشهور لقدم وفاته. سمع: أحمد بن يونس ويوسف بن عدي والشاذكوني وحمل كتب الشافعي عن حرملة. قال أبو أحمد بن عدي: كان إسماعيل هذا يكتب في الليلة تسعين ورقة بخط دقيق. قلت: هذا كان يمكنه أن يكتب صحيح مسلم في أسبوع.

‌2258 - ابن سميع

(289)

الإمام الحافظ المتقن أبو القاسم محمود بن إبراهيم بن المحدث محمد بن عيسى بن سميع الدمشقي مؤلف كتاب الطبقات. سمع: إسماعيل بن أبي أويس ويحيى بن عبد الله بن بكير وأبا جعفر النفيلي وصفوان بن صالح وطبقتهم. حدث عنه: أبو حاتم وأبو زرعة الدمشقي وابن جوصا وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق ما رأيت بدمشق أكيس منه. وقال عمرو بن دحيم: مات بدمشق في جمادى الآخر سنة تسع وخمسين ومئتين. قلت: مات كهلاً رحمه الله.

‌2259 - العطاردي

(290)

الشيخ المعمر المحدث أبو عمر أحمد بن عبد الجبار بن محمد بن عمير بن عطارد التميمي العطاردي الكوفي.

(289)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ترجمة 1344)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 640)، والعبر (2/ 19) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 140).

(290)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 99)، وتاريخ بغداد (4/ 262)، والأنساب للسمعاني (8/ 476)، واللباب لابن الأثير (2/ 345)، وتذكرة الحفاظ (2/ 582)، والعبر (2/ 49)، والوافى بالوفيات (7/ 15)، وتهذيب التهذيب (1/ 51 - 52)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162).

ص: 246

ولد سنة سبع وسبعين وبكر بالسماع باعتناء والده. حدث عن: أبي بكر بن عياش وعبد الله بن إدريس وأبي معاوية الضرير وحفص بن غياث ويونس بن بكير ووكيع بن الجراح وابن فضيل وجماعة. وحدث بالمغازي لابن إسحاق عن يونس بن بكير عنه.

حدث عنه: ابن أبي الدنيا ويحيى بن صاعد وأبو بكر بن أبي داود ورضوان الصيدلاني والقاضي المحاملي وأبو سهل بن زياد وأبو سعيد بن الأعرابي وأبو العباس الأصم وعثمان بن أحمد السماك وميمون بن إسحاق وأبو جعفر بن بريد الهاشمي وحمزة بن محمد العقبي وأحمد بن يحيى الأدمي وخلق سواهم.

قال ابن عدي: رأيتهم مجمعين على ضعفه ولم أر له حديثاً منكراً إنما ضعفوه بأنه لم يلق أولئك.

قلت: قد لقيهم وله بضع عشرة سنة وقد قال الأصم: سمعت أبا عبيدة السري بن يحيى وسأله أبي عن العطاردي فوثقه. وقال أبو كريب: قد سمع من أبي بكر بن عياش. وقال الدارقطني: لا بأس به قد أثنى عليه أبو كريب.

وقال محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع عن أبيه قال: ابتدأ أبو كريب يقرأ علينا المغازي ليونس بن بكير فقرأ علينا مجلساً أو مجلسين فلغط بعض أصحاب الحديث فقطع قراءته وحلف لا يقرأه علينا فعدنا إليه نسأله فأبى وقال: امضوا إلى عبد الجبار العطاردي فإنه كان يحضر سماعه معنا من يونس قلنا: قد مات قال: اسمعوه من ابنه أحمد فإنه كان يحضر معنا قال: فدلنا إلى منزله وكان أحمد يلعب بالحمام فقال لنا: مذ سمعناه ما نظرت فيه ولكن هو في قماطر فيها كتب فاطلبوه فقمت فطلبته فوجدته وعليه ذرق الحمام وإذا سماعه مع أبيه بالخط العتيق فسألته أن يدفعه إلي ويجعل وراقته لي ففعل.

قلت: جرى هذا سنة نيف وأربعين ومئتين ثم عاش بعد ذلك بضعاً وعشرين سنة وتكاثر عليه المحدثون. وقال مطين الحضرمي: كان أحمد العطاردي يكذب. قلت: يعني في لهجته لا أنه يكذب في الحديث فإن ذلك لم يوجد منه ولا تفرد

ص: 247

بشيء ومما يقوي أنه صدوق في باب الرواية: أنه روى أوراقاً من المغازي بنزول عن أبيه عن يونس بن بكير وقد أثنى عليه الخطيب وقواه واحتج به البيهقي في تصانيفه.

وقع حديثه عالياً للمؤتمن بن قميرة وللسبط. قال عثمان بن السماك: مات بالكوفة في شعبان سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

وفيها مات: أحمد بن عصام بأصبهأن وأبو عتبة الحجازي وأحمد بن مهدي بن رستم ومحمد بن عوف الطائي وسليمان بن سيف الحراني وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء وأبو جعفر ابن المنادي.

قرأت على أبي جعفر محمد بن علي أخبرنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم أخبرتنا شهدة بنت أحمد أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل الهاشمي وحمزة بن محمد الدهقان وأحمد بن محمد بن زياد وعثمان بن أحمد قالوا: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الدين عزيزة إلى يوم القيامة "

(291)

.

وفي تهذيب الكمال أن أبا داود روى عن العطاردي ولم يصح ذلك بل ذلك من زيادات أبي سعيد بن الأعرابي عن العطاردي.

(291)

ورد عند مسلم (1925) من طريق هُشيم، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة".

وورد من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا بلفظ: "لا تزال عصابةٌ من أمتى يُقاتلون على أمر الله قاهرين لعدُوِّهم، لا يضُرُّهم من خالفهم، حتى تأتيهم لساعة، وهم على ذلك". أخرجه مسلم (1924).

وورد من حديث معاوية بن أبي سفيان مرفوعًا بلفظ: "لا تزال طائفة من أمتى قائمةٌ بأمر الله، لا يضُرُّهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتى أمر الله وهم ظاهرون على الناس" أخرجه مسلم (1037)(174).

وورد من حديث جابر بن عبد الله مرفوعًا بلفظ: "لا تزال طائفة من أمتى يُقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" أخرجه مسلم (1923).

وورد بنحوه عن جابر بن سَمُرة: عند مسلم (1922).

وورد عن المغيرة بن شعبة: عند البخاري (7311)، ومسلم (1921).

ص: 248

‌2260 - الجوهري

(292)

الإمام الحافظ العابد الرباني أبو عبد الله محمد بن يوسف البغدادي الجوهري صاحب بشر الحافي. رحل وجال وحدث عن: عبيد الله بن موسى وأبي غسان مالك بن إسماعيل ومعلي بن أسد وعبد العزيز الأويسي وطبقتهم. حدث عنه: عمر بن شبة النميري وهو أكبر منه وابن صاعد وابن أبي حاتم ومحمد بن مخلد العطار وجماعة. قال ابن أبي حاتم: ثقة. وقال الخطيب: كان موصوفاً بالدين والستر. قال ابن قأنع: توفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين ومئتين.

‌2261 - ابن سحنون

(293)

فقيه المغرب محمد أبو عبد الله ابن فقيه المغرب عبد السلام سحنون ابن سعيد التنوخي القيروأني شيخ المالكية. تفقه بأبيه. وروى عن: أبي مصعب الزهري وطبقته. وكان محدثاً بصيراً بالآثار واسع العلم متحرياً متقناً علامة كبير القدر وكان يناظر أباه. وقيل لعيسى بن مسكين: من خير من رأيت في الغلمة قال: ابن سحنون. قلت: له مصنف كبير في فنون من العلم وله كتاب: السير عشرون مجلداً وكتاب: التاريخ ومصنف في الرد على الشافعي والعراقيين. وقيل: لما مات ضربت الخيام حول قبره فأقاموا شهراً وأقيمت هناك أسواق الطعام ورثته الشعراء وتأسفوا عليه.

توفي سنة خمس وستين ومئتين.

(292)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ترجمة 538)، وتاريخ بغداد (3/ 394).

(293)

ترجمته في العبر (2/ 31)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (3/ 86)، ولسان الميزان (5/ 259)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 150).

ص: 249

ثم رأيت له ترجمة طويلة في تاريخ أبي بكر عبد الله بن محمد المالكي قال: قال أبو العرب: كان ابن سحنون إماماً ثقة عالماً بالفقه عالماً بالآثار لم يكن في عصره أحد أجمع لفنون العلم منه ألف في جميع ذلك كتباً كثيرة نحو مئتي كتاب في العلوم والمغازي والتواريخ وكان أبوه يقول: ما أشبهه إلا بأشهب وكانت له حلقة غير حلقة أبيه ولد سنة ثنتين ومئتين وتوفي سنة ست وخمسين ومئتين.

سمع من: أبيه وموسى بن معاوية وعبد العزيز بن يحيى المدني. وارتحاله إلى المشرق في سنة خمس وثلاثين فلقي أبا المصعب الزهري ويعقوب بن كاسب. وقيل: إن المزني صاحب الشافعي أتاه فلما خرج قيل له كيف رأيته فقال لم أر أعلم منه ولا أحد ذهناً على حداثة سنه. وألف كتاب: الإمامة فقيل: كتبوه ونفذوه إلى المتوكل. وكان ذا تعبد وتواضع ورباط وصدع بالحق. وناظر شيخاً معتزلياً فقال: يا شيخ المخلوق يذل لخالقه فسكت فقال: إن قلت بالذلة على القرآن فقد خالفت قوله تعالى:" وإنه لكتاب عزيز".-فصلت:41 - .

وسئل ابن عبدوس عن الإيمان: أمخلوق هو أم غير مخلوق فلم يدر ودل على محمد بن سحنون فقال محمد:" الإيمان بضع وسبعون درجة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله " فالإقرار غير مخلوق وما سواه من الأعمال مخلوقة يريد كلمة الإقرار وأما حقيقة الإقرار الذي هو التصديق فهو نور يقذفه الله في قلب عبده وهو خلق لله قال: أحمد بن أبي مسعود: فمضت إلى العراق فسألت عنها فكان جوابه كجواب محمد. وقيل: لما توفي محمد رثي بثلاث مئة قصيدة.

‌2262 - بن عبدوس

(294)

فقيه المغرب أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبدوس. قال أبو العرب: كان ثقة إماماً في ألفقه ذا ورع وتواضع بذ الهيئة كان أشبه شيء

(294)

ترجمته في الوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (1/ 342).

ص: 250

بأحوال شيخه سحنون في فقهه وزهادته وملبسه ومطعمه وكان حسن الكتاب حسن التقييد مات ابن ثمان وخمسين سنة.

قال لقمان بن يوسف: أقام ابن عبدوس سبع سنين يدرس لا يخرج إلا لجمعة. وعن عبد الله بن إسحاق بن التبان أن ابن عبدوس أقام أربع عشرة سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء وكان على غاية من التواضع. وقد فرق مئة دينار من غلة ضيعته في القحط. وقيل: أتاه رجل فقال: ما تقول في الإيمان قال: أنا مؤمن فقال: عند الله قال: أما عند الله فلا أقطع لنفسي بذلك لأني لا أدري بم يختم لي فبصق الرجل في وجهه فعمي من وقته الرجل. توفي قريباً من سنة ستين ومئتين.

‌2263 - أحمد بن بكر

(295)

المحدث المفيد أبو سعيد البالسي ويقال له: أحمد بن بكرويه. حدث عن: زيد بن الحباب ومحمد بن مصعب القرقساني وخالد ابن يزيد القسري وحجاج الأعور وجماعة. روى عنه: مطين ويحيى بن صاعد وعبد الملك بن محمد الأسفراييني وأبو إسحاق بن أبي ثابت. له حديث منكر.

قال ابن عدي: حدثنا محمد بن حمدون حدثنا أحمد حدثنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن أبي سعيد مرفوعاً:" من أبغض عمر فقد أبغضني ومن أحبه فقد أحبني عمر معي حيث حللت وأنا مع عمر حيث حل"

(296)

.

قال أبو نعيم بن عدي: روى مناكير عن الثقات. وقال الأزدي: كان يضع الحديث.

(295)

ترجمته في ميزان الاعتدال (1/ 86)، ولسان الميزان (1/ 140 - 141).

(296)

موضوع: المتهم به أحمد بن بكر البالسي، فإنه كان يضع الحديث كما قال أبو الفتح الأزدي وقد ذكر الذهبي الحديث في ترجمته وعدَّهُ من منكراته.

ص: 251

‌2264 - أبو زرعة الرازي

(297)

الإمام سيد الحفاظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ: محدث الري ودخول الزاي في نسبته غير مقيس كالمروزي. مولده بعد نيف ومئتين.

وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة سمع من: عبد الله بن صالح العجلي والحسن بن عطية بن نجيح وهما ممن توفي سنة أحدى عشرة ومئتين فيما بلغني فإما وقع غلط في وفاتهما وإما في مولده وإما في لقيه لهما.

وقد سمع من: محمد بن سابق وقرة بن حبيب وأبي نعيم والقعنبي وخلاد بن يحيى وعمرو بن هاشم وعيسى بن ميناقالون وإسحاق بن محمد الفروي وعبد العزيز وعبد الله الأويسي ويحيى بن بكير وعبد الحميد بن بكار وصفوان بن صالح وسليمان بن بنت شرحبيل وأحمد بن حنبل وطبقتهم.

قال لنا أبو الحجاج في تهذيبه: هو مولى عياش بن مطرف بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ثم سرد شيوخه ومنهم: أحمد بن يونس اليربوعي والحسن بن بشر البجلي والحسن بن الربيع البوراني وأبو عمر الحوضي والربيع بن يحيى الأشناني وسهل بن بكار الدارمي وشاذ بن فياض وقبيصة بن عقبة ومحمد بن الصلت الأسدي ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل وأبو الوليد الطيالسي وآخرون.

وذكر شيخنا أبو الحجاج فيهم أبا عاصم النبيل وهذا وهم لم يدركه ولا سمع منه ولا دخل البصرة إلا بعد موته بأعوام. وطلب هذا الشان وهو حدث وارتحل إلى الحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة وخرسان وكتب ما لا يوصف كثرة.

حدث عنه: أبو حفص الفلاس وحرملة بن يحيى وإسحاق بن موسى الخطمي ومحمد بن حميد الرازي ويونس بن عبد الأعلى والربيع المرادي وهم من شيوخه وابن وارة وأبو حاتم ومسلم بن الحجاج وخلق من أقرانه وعبد الله بن أحمد وأبو بكر بن أبي داود وأبو عوانة الإسفراييني وأبو بكر بن زياد وأحمد بن محمد بن أبي حمزة

(297)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ترجمة 1543)، وتاريخ بغداد (10/ 326)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 579) والكاشف (2/ ترجمة 3619)، والعبر (2/ 16 و 28)، وتهذيب التهذيب (7/ 30)، وتقريب التهذيب (1/ 536) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4573)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 148).

ص: 252

الذهبي ومحمد بن حمدون النيسابوري وعدي بن عبد الله والد الحافظ أبي أحمد وموسى بن العباس الجويني ومحمد ين الحسين القطان والحسن بن محمد الداركي وخلق كثير وابن سابق شيخه وهو: محمد بن سعيد بن سابق.

فذكر سعيد بن عمرو البرذعي أن أبا زرعة قال: لا أعلم صفا لي رباط يوم قط أما بيروت: فأردنا العباس بن الوليد بن مزيد وأما عسقلان فأردنا محمد بن أبي السري وأما قزوين: فمحمد بن سعيد بن سابق. قال ابن أبي حاتم: فروخ جد أبي زرعة هو مولى عباس بن مطرف القرشي.

قال أبو بكر الخطيب: سمع أبو زرعة من مسلم بن إبراهيم وأبي نعيم وقبيصة وأبي الوليد ويحيى بن بكير قال: وكان إماماً ربانياً حافظاً متقناً مكثراً جالس أحمد بن حنبل وذاكره وحدث عنه من أهل بغداد: إبراهيم الحربي وعبد الله بن أحمد وقاسم المطرز.

قال تمام الرازي: أخبرنا جعفر بن محمد الكندي حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قدم علينا جماعة من أهل الري دمشق قديماً منهم: أبو يحيى فرخويه فلما انصرفوا فيما أخبرني غير واحد منهم: أبو حاتم الرازي رأوا هذا الفتى قد كاس يعني أبا زرعة الرازي فقالوا له: نكنيك بكنية أبي زرعة الدمشقي ثم لقيني أبو زرعة الرازي بدمشق وكان يذكرني هذا الحديث ويقول: بكنيتك اكتنيت.

قال أبو عبد الله بن بطة: سمعت النجاد سمعت عبد الله بن أحمد يقول: لما ورد علينا أبو زرعة نزل عندنا فقال لي أبي: يا بني قد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ. وقال صالح بن محمد جزرة: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن إبراهيم ابن موسى الرازي مئة ألف حديث وعن أبي بكر بن أبي شيبة مئة ألف فقلت له: بلغني أنك تحفظ مئة ألف حديث تقدر أن تملي علي ألف حديث من حفظ قال: لا ولكن إذا ألقي علي عرفت.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قلت لأبي زرعة: يجوز ما كتبت عن إبراهيم بن موسى مئة ألف قال: مئة ألف كثير قلت: فخمسين ألفاً قال: نعم وستين وسبعين ألفاً حدثني من عد كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألف حديث.

وقال أبو عبد الله بن مندة الحافظ: سمعت أبا العباس محمد بن جعفر ابن حمكويه بالري يقول: سئل أبو زرعة عن رجل حلف بالطلاق: أن أبا زرعة يحفظ مئتي ألف حديث

ص: 253

هل حنث فقال: لا ثم قال أبو زرعة: أحفظ مئتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان: {قل هو الله أحد} [الإخلاص:1] وفي المذاكرة ثلاث مئة ألف حديث.

هذه حكاية مرسلة وحكاية صالح جزرة أصح روى الخطيب هذه عن عبد الله بن أحمد السوذرجاني أنه سمع ابن مندة يقول ذلك. قال الحافظ أبو أحمد بن عدي: سمعت أبي يقول كنت بالري وأنا غلام في البزازين فحلف رجل بطلاق امرأته: أن أبا زرعة يحفظ مئة ألف حديث فذهب قوم أنا فيهم إلى أبي زرعة فسألناه فقال: ما حمله على الحلف بالطلاق قيل: قد جرى الآن منه ذلك فقال أبو زرعة: ليمسك امرأته فإنها لم تطلق عليه أو كما قال.

قال ابن عدي: سمعت بن عثمان التستري سمعت أبا زرعة يقول: كل شيء: قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلاً إلا أربعة أحاديث. وقال ابن أبي حاتم: قال أبو زرعة: عجبت ممن يفتي في مسائل الطلاق يحفظ أقل من مئة ألف حديث. وقال ابن أبي شيبة: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة.

وقال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الرازي يقول: سمعت محمد بن مسلم بن وارة قال: كنت عند إسحاق بنيسابور فقال رجل من العراق: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صح من الحديث سبع مئة ألف حديث وكسر وهذا الفتى يعني أبا زرعة قد حفظ ست مئة ألف حديث.

قلت: أبو جعفر ليس بثقة. ابن عدي: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد حدثني الحضرمي سمعت أبا بكر بن أبي شيبة وقيل له: من أحفظ من رأيت قال: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة الرازي.

ابن المقرئ: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني: سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني يقول: أبو زرعة يشبه بأحمد بن حنبل. وقال علي بن الحسين بن الجنيد: ما رأيت أحداً أعلم بحديث مالك ابن أنس مسندها ومنقطعها من أبي زرعة وكذلك سائر العلوم.

قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن أبي زرعة: فقال: إمام. قال عمر بن محمد بن إسحاق القطان: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسر أحد أفقه من إسحاق بن راهويه ولا أحفظ من أبي زرعة.

ص: 254

ابن عدي: سمعت أبا يعلى الموصلي يقول: ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ إلا كان اسمه أكبر من رؤيته إلا أبا زرعة الرازي فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه وكان قد جمع حفظ الأبواب والشيوخ والتفسير كتبنا بأنتخابه بواسط ستة آلاف حديث.

وقال صالح جزرة: حدثنا سلمة بن شبيب حدثني الحسن بن محمد ابن أعين حدثنا زهير حدثتنا أم عمرو بنت شمر سمعت سويد بن غفلة يقول:" وعيس عين" يريد:"حور عين"-الواقعة:22 - . قال صالح: فألقيت هذا على أبي زرعة فبقي متعجباً فقال: أنا أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث قلت: فتحفظ هذا قال: لا.

ابن عدي: سمعت الحسن بن عثمان سمعت أبن وارة سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي فليس له أصل.

وقال الحاكم: سمعت الفقيه أبا حامد أحمد بن محمد سمعت أبا العباس الثقفي يقول: لما انصرف قتيبة بن سعيد إلى الري سألوه أن يحدثهم فامتنع فقال: أحدثكم بعد أن حضر مجلسي أحمد وابن معين وابن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة قالوا له: فإن عندنا غلاماً يسرد كل ما حدثت به مجلساً مجلساً قم يا أبا زرعة قال: فقام فسرد كل ما حدث به قتيبة فحدثهم قتيبة.

قال سعيد بن عمرو الحافظ: سمعت أبا زرعة يقول: دخلت البصرة فحضرت سليمان الشاذكوني يوم الجمعة فروى حديثاً فرددت عليه ثم قال: حدثنا ابن أبي غنية عن أبيه عن سعد ابن إبراهيم عن نافع بن جبير قال: لا حلف في الإسلام. فقلت: هذا وهم وهم فيه إسحاق بن سليمان وإنما هو: سعد عن أبيه عن جبير قال: من يقول هذا قلت: حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا أبن أبي غنية فغضب ثم قال لي: ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة قلت: يعيد قال: من قال هذا قلت: الشعبي قال: من عن الشعبي قلت: حدثنا قبيصة عن سفيان عن جابر عن الشعبي قال: ومن غير هذا قلت: إبراهيم وحدثنا أبو نعيم حدثنا منصور بن أبي الأسود عن مغيرة عنه قال: أخطأت قلت: حدثنا أبو نعيم حدثنا جعفر الأحمر حدثنا مغيرة قال: أخطأت قلت: حدثنا أبو نعيم حدثنا أبو كدينة عن مغيرة قال: أصبت ثم قال أبو زرعة: اشتبه علي وكتبت هذه الأحاديث الثلاثة عن أبي نعيم فما طالعتها منذ كتبتها ثم قال: وأي شيء غير هذا قلت: معاذ بن هشام عن أشعث عن الحسن قال: هذا سرقته مني وصدق كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظته عنه.

ص: 255

قال أبو علي جزرة: قال لي أبو زرعة: مر بنا إلى سليمان الشاذكوني نذاكره قال: فذهبنا فما زال يذاكره حتى عجز الشاذكوني عن حفظه فلما أعياه ألقى عليه حديثاً من حديث الرازيين فلما يعرفه أبو زرعة فقال سليمان: يا سبحان الله حديث بلدك هذا مخرجه من عندكم وأبو زرعة ساكت والشاذكوني يخجله ويري من حضر أنه قد عجز فلما خرجنا رأيت أبا زرعة قد اغتم ويقول: لا أدري من أين جاء بهذا فقلت له: وضعه في القوت كي تعجز تخجل قال: هكذا قلت: نعم فسري عنه.

ابن عدي: سمعت محمد بن إبراهيم المقرئ سمعت فضلك الصائغ يقول: دخلت المدينة فصرت إلى باب أبي مصعب فخرج إلي شيخ مخضوب وكنت ناعساً فحركني وقال: يا مردريك من أين أنت أي شيء تنام قلت: أصلحك الله أنا من الري من بعض شاكردي أبي زرعة فقال: تركت أبا زرعة وجئتني لقيت مالكاً وغيره فما رأت عيناي مثل أبي زرعة.

قال: ودخلت على الربيع بمصر فقال: من أين قلت: من الري قال: تركت أبا زرعة وجئت إن أبا زرعة آية وأن الله إذا جعل إنساناً آية أبانه من شكله حتى لا يكون له ثان. قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: ما رأيت أكثر تواضعاً من أبي زرعة هو وأبو حاتم إماما خرسان. وقال يوسف الميانجي: سمعت عبد الله بن محمد القزويني القاضي يقول: حدثنا يونس بن عبد الأعلى يوماً فقال: حدثني أبو زرعة فقيل له: من هذا فقال: إن أبا زرعة أشهر في الدنيا من الدنيا.

ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أحمد سمعت أحمد بن حنبل يدعو الله لأبي زرعة وسمعت عبد الواحد بن غياث يقول: ما رأى أبو زرعة مثل نفسه. سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت محمد بن يحيى يقول: لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زرعة يعلم الناس وما كان الله ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة يعلم الناس ما جهلوه. علقها ابن أبي حاتم عن سعيد.

ابن عدي: حدثنا أحمد بن محمد بن سلمان القطان حدثنا أبو حاتم الرازي حدثني أبو

ص: 256

زرعة عبيد الله وما خلف بعده مثله علماً وفهماً وصيانة وحذقاً وهذا ما لا يرتاب فيه ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشان مثله.

ابن عدي: سمعت القاسم بن صفوان سمعت أبا حاتم يقول: أزهد من رأيت أربعة: آدم بن أبي إياس وثابت بن محمد الزاهد وأبو زرعة الرازي وذكر آخر. قال النسائي: أبو زرعة رازي ثقة.

وقال أبو نعيم بن عدي: سمعت ابن خراش يقول: كان بيني وبين أبي زرعة موعد أن أبكر عليه فأذاكره فبكرت فمررت بأبي حاتم وهو قاعد وحده فأجلسني معه يذاكرني حتى أضحى النهار فقلت: بيني وبين أبي زرعة موعد فجئت إلى أبي زرعة والناس منكبون عليه فقال لي: تأخرت عن الموعد قلت: بكرت فمررت بهذا المسترشد فدعاني فرحمته لوحدته وهو أعلى إسناداً منك وصرت أنت بالدست أو كما قال.

أبو العباس السراج: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة قال: رأيت أبا زرعة في المنام فقلت له: ما حالك قال: أحمد الله على الأحوال كلها إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى فقال لي: يا عبيد الله لم تذرعت في القول في عبادي قلت: يا رب إنهم حاولوا دينك فقال: صدقت ثم أتي بطاهر الخلقاني فاستعديت عليه إلى ربي فضرب الحد مئة ثم أمر به إلى الحبس ثم قال: ألحقوا عبيد الله بأصحابه وبأبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله: سفيان ومالك وأحمد بن حنبل.

رواها ابن وارة أيضاً ابن أبي حاتم وأبو القاسم ابن أخي أبي زرعة. قال أبو جعفر محمد بن علي وراق أبي زرعة: حضرنا أبا زرعة بماشهران وهو في السوق وعنده أبو حاتم وابن وارة والمنذر بن شاذان وغيرهم فذكروا حديث التلقين:" لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله"

(298)

واستحيوا من أبي زرعة أن يلقنوه فقالوا: تعالوا نذكر الحديث فقال ابن وراة: حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح وجعل يقول: ابن أبي ولم يجاوره وقال أبو حاتم: حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح ولم يجاوز والباقون سكتوا فقال أبو زرعة وهو في السوق:

(298)

صحيح: أخرجه مسلم (916)، وأبو داود (3117)، والترمذي (976)، والنسائي (4/ 5) من حديث أبي سعيد الخدري، وورد من حديث أبي هريرة: عند مسلم (917)، وابن ماجه (1444)، وورد من حديث عائشة: عند النسائي (4/ 5).

ص: 257

حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ ابن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة "

(299)

وتوفي رحمه الله. رواها أبو عبد الله الحاكم وغيره عن أبي بكر محمد بن عبد الله الوراق الرازي عن أبي جعفر بهذا. قال أبو الحسين بن المنادي وأبو سعيد بن يونس توفي أبو زرعة الرازي في آخر يوم من سنة أربع وستين ومئتين ومولده كان في سنة مئتين.

وأما الحاكم فقال في ترجمة أبي الحسين محمد بن علي بن محمد ابن مهدي الرازي المعمر: هذا الشيخ عندي صدوق فإنه قال: رأيت أبا زرعة الرازي فقلت له: كيف رأيته فقال: أسود اللحية نحيف أسمر وهذه صفة أبي زرعة وأنه توفي وهو ابن ست وخمسين سنة. قلت: أحسب أبا عبد الله وهم في مقدار سن أبي زرعة فإنه قد ارتحل بنفسه وسمع من قبيصة وأبي نعيم والظاهر أنه ولد سنة مئتين والله أعلم.

وقد ذكر الحاكم في كتاب الجامع لذكر أئمة الأعصار المزكين لرواة الأخبار: سمعت عبد الله بن محمد بن موسى سمعت أحمد بن محمد بن سليمان الرازي الحافظ يقول: ولد أبو زرعة سنة أربع وتسعين ومئة وارتحل من الري وهو ابن ثلاث عشرة سنة وأقام بالكوفة عشرة أشهر ثم رجع إلى الري ثم خرج في رحلته الثانية وغاب عن وطنه أربع عشرة سنة وجلس للتحديث وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة. قال: وتوفي سنة ستين ومئتين وهو ابن أربع وستين سنة. قلت: وهذا القول خطأ في وفاته والصحيح ما مر.

وذكر إبراهيم بن حرب العسكري أنه رأى أبا زرعة الرازي وهو يؤم الملائكة في السماء

(299)

صحيح: أخرجه أحمد (5/ 233)، وأبو داود (3116)، والحاكم (1/ 315).

وله شاهد عن أبي هريرة: عند مسلم (917)، وابن ماجه (1444)، وابن أبي شيبة (3/ 237)، والبيهقي (3/ 383)، والطبراني في "الصغير"(1119).

وله شاهد آخر من حديث أبي سعيد الخدري: عند أحمد (3/ 3)، ومسلم (1916) وأبى داود (3117) والترمذي (976)، والنسائي (4/ 5)، وأبي نعيم في "الحلية"(9/ 224)، والبغوي (1465).

ص: 258

الرابعة فقلت: بم نلت هذه المنزلة قال: برفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه. وقال إسحاق بن إبراهيم بن عبد الحميد القرشي: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: ذاكرت أبي ليلة الحفاظ فقال: يا بني قد كان الحفظ عندنا ثم تحول إلى خراسان إلى هؤلاء الشباب الأربعة قلت: من هم قال: أبو زرعة ذاك الرزي ومحمد بن إسماعيل ذاك البخاري وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي والحسن بن شجاع ذاك البلخي قلت: يا أبه فمن أحفظ هؤلاء قال: أما أبو زرعة فأسردهم وأما البخاري فأعرفهم وأما عبد الله يعني الدارمي فأتقنهم وأما ابن شجاع: فاجمعهم للأبواب.

قال الحاكم: حدثنا أبو حاتم الرازي: سمعت أبا محمد بن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول: بينا أنا قائم أصلي وأنا أقرأ "وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب" الآية فوقفت متعجباً من هذا الوعيد ساعة ورجعت إلى أول الآية ثلاث مرات فلما كانت المرة الثالثة وقعت هدة من الزلزلة فبلغني أنهم عدوا بضعة عشر ألف جنازة حملت من الغد بالري.

قال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول: إذا مرضت شهراً أو شهرين تبين علي في حفظ القرآن وأما الحديث فإذا تركت أياماً تبين عليك ثم قال أبو زرعة: نرى قوماً من أصحابنا كتبوا الحديث تركوا المجالسة منذ عشرين سنة أو أقل إذا جلسوا اليوم مع الأحداث كأنهم لا يعرفون أولا يحسنون الحديث ثم قال: الحديث مثل الشمس إذا حبس عن الشرق خمسة أيام لا يعرف السفر فهذا الشان يحتاج أن تتعاهد أبداً.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: اختيار أحمد وإسحاق أحب إلي من قول الشافعي وما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد وسمعت أبا زرعة وسئل عن مرسلات الثوري ومرسلات شعبة فقال: الثوري تساهل في الرجال وشعبة لا يدلس ولا يرسل قيل له: فمالك مرسلاته أثبت أم الأوزاعي قال: مالك لا يكاد يرسل إلا عن قوم ثقات مالك متثبت في أهل بلدة جداً فإن تساهل فإنما يتساهل في قوم غرباء لا يعرفهم.

قال الحاكم: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن عبد الوهاب السياري سمعت محمد بن داود بن يزيد الرازي سمعت أبا زرعة يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح المصري فدخلت عليه مع أصحاب الحديث فتذاكرنا إلى أن ضاق الوقت ثم أخرجت من كمي أطرافاً فيها أحاديث سألته عنها فقال لي: تعود فعدت من الغد ومعي أصحاب

ص: 259

الحديث فأخرجت الأطراف وسألته عنها فقال: تعود فقلت: اليس قلت لي بالأمس: تعود ما عندك مما يكتب أورد علي مسنداً أو مرسلاً أو حرفاً مما أستفيد فإن لم أروه لك عمن هو أوثق منك فلست بأبي زرعة ثم قلت: من هاهنا ممن نكتب عنه قالوا: يحيى بن بكير.

ابن جوصا: سمعت أبا إسحاق الجوزجاني يقول: كنا عند سليمان بن عبد الرحمن فلم يأذن لنا أياماً ثم دخلنا عليه فقال: بلغني ورود هذا الغلام يعني أبا زرعة فدرست للالتقاء به ثلاث مئة ألف حديث. وعن أبي حاتم قال: كان أبو زرعة لا يأكل الجبن ولا الخل.

وقال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول: لا تكتبوا عني بالمذاكرة فإني أخاف أن تحملوا خطأً هذا ابن المبارك كره أن يحمل عنه بالمذاكرة وقال لي إبراهيم بن موسى: لا تحملوا عني بالمذاكرة شيئاً. وسمعت أبا زرعة يقول: إذا انفرد ابن إسحاق بالحديث لا يكون حجة ثم روى له حديث القراءة خلف الإمام

(300)

وسمعته يقول: كان الحوضي وعلي بن الجعد وقبيصة يقدرون على الحفظ يجيؤون بالحديث بتمام وذكر عن قبيصة كأنه يقرأ من كتاب.

(300)

ضعيف: أخرجه أحمد (5/ 316)، وأبو داود (823)، والترمذي (311)، وابن خزيمة (1581) وابن حبان (460) موارد، والحاكم (1/ 238)، والدارقطني (1/ 318 و 319)، والطحاوى في "شرح معانى الآثار"(1/ 215)، والبغوي في "شرح السنة"(606) من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثنى مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت قال: كنَّا خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثَقُلت عليه القراءة، فلما فرغ قال:"لعلكم تقرؤون خلف إمامكم" قلنا: نعم هذا يا رسول اللَّه، قال: لا تفعلوا إلَّا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".

قلت: إسناده ضعيف، مكحول الشامى مدلس، وقد عنعنه. وقد اضطرب عليه في إسناده كما سنبين. وقد أمِنّا علة تدليس ابن إسحاق فقد صرَّح بالتحديث عند ابن خزيمة وابن حبان وبقيت العلتان؛ علة تدليس مكحول، وعلة الاضطراب، فقد اضطرب على مكحول في إسناده: - فقد رواه أبو داود (824)، والدارقطني (1/ 319 و 320)، والبيهقي (2/ 164) من طريق زيد بن واقد، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عبادة بن الصامت، به نحوه.

قلت: إسناده ضعيف، نافع هذا مستور كما قال الحافظ في "التقريب"، وقد اضطرب في إسناده فقد رواه في الرواية الأولى: إسماعيل بن عُلية، ومحمد بن سلمة، وعبدة بن سليمان، وعبد الأعلى ويحيى بن سعيد الأموى خمستهم عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، به. =

ص: 260

قلت: يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والمخبرة بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنه جراح.

أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ومحمد بن الحسين الفقيه وإبراهيم بن عبد الرحمن الشاهد وست القضاة بنت يحيى قراءة قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب القرشية أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد الباغبان في كتابه أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري حدثنا أبو زرعة الرازي حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم أني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك". أخرجه مسلم

(301)

عن أبي زرعة فوافقناه بعلو درجة ورواه الطبراني عن أبي الزنباع عن ابن بكير ورواه أبو داود عن محمد بن عون عن عبد الغفار بن داود عن يعقوب نحوه.

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور في كتابه: أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ أخبرنا مسعود بن الحسن بأصبهان حدثنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق العبدي أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين القطان حدثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم حدثنا سعيد بن محمد الجرمي حدثنا أبو عبيده عبد الواحد بن واصل حدثنا محمد بن ثابت البناني عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" للأنبياء منابر من ذهب يجلسون عليها ويبقى منبري لا أجلس عليه". أو قال:" لا أقعد عليه فيما بين يدي ربي عز وجل منتصباً مخافة أن يذهب بي إلى الجنة وتبقى أمتي فأقول: رب أمتي أمتي فيقول الله تعالى: وما تريد أن أصنع بأمتك

- وفي الرواية الثانية: رواه زيد بن واقد، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت به.

وثمة رواية ثالثة: أخرجها أبو داود (825) من طريق ابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء، عن مكحول، عن عبادة، به. دون أن يذكر محمود بن الربيع.

وهذا اضطراب في إسناده يوجب ضعف الحديث خلا قوله: "فلا تفعلوا إلَّا بأم الكتاب" فهى صحيحة ثابتة.

(301)

صحيح: أخرجه مسلم (2739)، وأبو داود (1545).

ص: 261

فأقول: يا رب عجل حسابهم. فيدعى بهم فيحاسبون فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي فما أزال أشفع حتى أعطى صكاً برجال قد بعث بهم إلى النار حتى إن مالكاً خازن النار يقول: يا محمد ما تركت للنار ولغضب ربك في أمتك من نقمة "

(302)

. هذا حديث غريب منكر تفرد به محمد بن ثابت أحد الضعفاء قال البخاري: فيه نظر وقال: يحيى بن معين: ليس بشيء وروى له الترمذي وحده.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أبي الحسين: أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد أخبرنا عبد الله بن محمد الصاعدي أخبرنا عثمان بن محمد وأخبرنا أبو الفضل عن القاسم بن أبي سعد أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن حدثنا يعقوب بن إسحاق الحافظ حدثنا أبو زرعة الرازي حدثنا عمرو بن مرزوق وبالإسناد إلى يعقوب قال: وحدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا عمر بن يونس قالا: أخبرنا عكرمة بن عمار أخبرنا شداد قال: سمعت أبا أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك وأن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى"

(303)

.

أنبأنا أحمد بن سلامة عن يحيى بن نوش أخبرنا أبو طالب بن يوسف أخبرنا أبو إسحاق البرمكي أخبرنا علي بن عبد العزيز حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار فكان من مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف أحاط بكل شي علماً.

قال أبو الحسن البناني حدثنا محمد بن علي بن الهيثم الفسوي قال: لما قدم حمدون البرذعي على أبي زرعة لكتابة الحديث دخل فرأى في داره أواني وفرشاً كثيرة وكان ذلك لأخيه قال: فهم أن يرجع ولا يكتب فلما كان من الليل رأى كأنه على شط بركة ورأى ظل شخص في الماء فقال: أنت الذي زهدت في أبي زرعة أما علمت أن أحمد بن حنبل كان من الأبدال فلما مات أبدل الله مكانه أبا زرعة.

(302)

منكر: محمد بن ثابت البُنانى، ضعيف بالاتفاق.

(303)

صحيح: أخرجه مسلم (1036)، والترمذي (2344) من طريق عمر بن يونس، به.

ص: 262

أخبرنا المسلم بن علان ومؤمل بن محمد إجازة أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو نعيم أخبرنا إبراهيم بن عبد الله المعدل حدثنا محمد بن إسحاق السراج سمعت محمد بن مسلم بن وارة يقول: رأيت أبا زرعة في المنام فقلت له: ما حالك يا أبا زرعة قال: أحمد الله على أحواله كلها إني حضرت فوقفت بين يدي الله تعالى فقال: يا عبيد الله لم تذرعت القول في عبادي قلت: يا رب إنهم حاولوا دينك قال: صدقت ثم أتي بطاهر الخلقاني فاستعديت عليه إلى ربي تعالى فضرب الحد مئة ثم أمر به إلى الحبس ثم قال: الحقوا عبيد الله بأصحابه: أبي عبد الله وأبي عبد الله وأبي عبد الله: سفيان الثوري ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل. قلت: إسنادها كالشمس.

أخبرنا ابن الخلال أخبرنا الهمداني أخبرنا السلفي أخبرنا ابن مالك أخبرنا أبو يعلى الحافظ سمعت محمد بن علي الفرضي سمعت القاسم بن محمد بن ميمون سمعت عمر بن محمد بن إسحاق الحافظ سمعت ابن وارة يقول: حضرت أنا وأبو حاتم عند وفاة أبي زرعة فقلنا: كيف تلقن مثل أبي زرعة فقلت: حدثنا أبو عاصم وحدثنا عبد الحميد بن جعفر وقال أبو حاتم: حدثنا بندار في آخرين حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد ففتح عينيه وقال: حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد حدثنا صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله ". وخرج روحه معه

(304)

.

‌2265 - أبو يزيد البسطامي

(305)

سلطأن العارفين أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامي أحد الزهاد أخو الزاهدين: آدم وعلي وكان جدهم شروسان مجوسياً فأسلم يقال: أنه روى عن إسماعيل السدي وجعفر الصادق أي: الجد وأبو يزيد فبالجهد أن يدرك أصحابهما. وقل ما روى وله كلام نافع.

(304)

صحيح: سبق تخريجنا له برقم (299).

(305)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 458)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (2/ترجمة 312)، واللباب لابن الأثير (1/ 152)، وميزان الاعتدال (2/ 346)، والعبر (2/ 23)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 35)، وشذرات الذهب لابن تغرى بردى (2/ 143).

ص: 263

منه قال: ما وجدت شيئاً اشد علي من العلم ومتابعته ولولا اختلاف العلماء لبقيت حائراً. وعنه قال: هذا فرحي بك وأنا اخافك فكيف فرحي بك إذا امنتك ليس العجب من حبي لك وأنا عبد فقير أنما العجب من حبك لي وأنت ملك قدير. وعنه وقيل له: أنك تمر في الهواء فقال: واي اعجوبة في هذا وهذا طير ياكل الميتة يمر في الهواء. وعنه: ما دام العبد يظن أن في الناس من هو شر منه فهو متكبر. الجنة لا خطر لها عند المحب لأنه مشغول بمحبته. وقال: ما ذكروا مولاهم إلا بالغفلة ولا خدموه إلا بالفترة. وسمعوه يوما وهو يقول: اللهم لا تقطعني بك عنك. العارف فوق ما نقول والعالم دون ما نقول. وقيل له: علمنا الأسم الأعظم قال: ليس له حد أنما هو فراغ قلبك لوحدانيته فإذا كنت كذلك فارفع له أي اسم شئت من أسمائه اليه

(306)

. وقال: لله خلق كثير يمشون على الماء لا قيمة لهم عند الله ولو نظرتم إلى من اعطي من الكرمات حتى يطير فلا تغتروا به حتى تروا كيف هو عند الأمر والنهي وحفظ الحدود والشرع.

وله هكذا نكت مليحة وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها الشان في ثبوتها عنه أو أنه قالها في حال الدهشة والسكر والغيبة والمحو فيطوي ولا يحتج بها اذ ظاهرها إلحاد مثل: سبحاني وما في الجبة إلا الله ما النار لأستندن اليها غداً وأقول: اجعلني فداءً لاهلها وإلا بلعتها ما الجنة لعبة صبيأن ومراد أهل الدنيا ما المحدثون أن خاطبهم رجل عن رجل فقد خاطبنا القلب عن الرب.

(306)

هذا كلام مردود فقد ورد عن بريدة بن الحصيب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللَّهم إنِّى أسألُك بأنِّى أشهدُك أنك أنت اللَّه لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن لم كفوًا أحد، فقال: لقد سألت اللَّه بالاسم الذى إذا سئل به أعطى وإذا دُعى به أجاب".

أخرجه أبو داود (1493)، وأحمد (5/ 350) من طريق يحيي القطان، عن مالك بن مِغْوَل، حدثنا عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، به. وإسناده صحيح.

ص: 264

وقال في اليهود: ما هؤلاء هبهم لي أي شيء هؤلاء حتى تعذبهم. قال السلمي في تاريخ الصوفية: توفي أبو يزيد عن ثلاث وسبعين سنة وله كلام حسن في المعاملات. ثم قال: ويحكى عنه في الشطح أشياء منها ما لا يصح أو يكون مقولاً عليه وكان يرجع إلى احوال سنية ثم ساق بإسناد له عن أبي يزيد قال: من نظر إلى شاهدي بعين الاضطراب وإلى أوقاتي بعين الاغتراب وإلى أحوالي بعين الاستدراج وإلى كلامي بعين الافتراء وإلى عباراتي بعين الاجتراء وإلى نفسي بعين الازدراء فقد أخطأ النظر في. وعنه قال: لو صفا لي تهليلة ما باليت بعدها. توفي أبو يزيد ببسطام سنة أحدى وستين ومئتين.

‌2266 - الميموني

(307)

الإمام العلامة الحافظ الفقيه أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد بن عبد الحميد بن شيخ الجزيرة ميمون بن مهران الميموني الرقي تلميذ الإمام أحمد ومن كبار الأئمة. سمع: إسحاق بن يوسف الازرق وحجاج بن محمد ومحمد بن عبيد الطنافسي وروح بن عبادة ومكي بن إبراهيم وعبد الله القعنبي وعفان وخلقاً كثيراً. حدث عنه: النسائي في سننه ووثقه وأبو عوانة الإسفراييني وأبو بكر بن زياد النيسابوري وأبو علي محمد بن سعيد الحراني ومحمد ابن المنذر شكر وإبراهيم بن محمد بن متوية وآخرون. وكان عالم الرقة ومفتيها في زمانه. مات في شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين ومئتين وهو في عشر المئة رحمة الله عليه.

(307)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 190، وتذكرة الحفاظ (1 / ترجمة 627)، والكاشف (2/ ترجمة 3506)، والعبر (2/ 53)، وتهذيب التهذيب (6/ 400)، وتقريب التهذيب (1/ 520)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4438)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 165).

ص: 265

‌2267 - الواسطي

(308)

الشيخ المحدث الثقة أبو الحسين علي بن إبراهيم بن عبد المجيد الواسطي نزيل بغداد. حدث عن يزيد: بن هارون ووهب بن جرير وجماعة. وعنه: ابن صاعد وعثمان بن السماك وأبو سهل العطار وأبو بكر النجاد. وثقة الدارقطني. توفي في رمضان سنة أربع وسبعين ومئتين. قال البخاري: حدثنا علي حدثنا روح فقال الحاكم: هذا هو الواسطي وقال ابن عدي: يشبه أن يكون علي بن إشكاب. قلت: ما المانع من أن يكون هو علي بن المديني.

‌2268 - أبو أمية

(309)

الإمام الحافظ المجود الرحال أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم البغدادي ثم الطرسوسي نزيل طرسوس ومحدثها وصاحب المسند والتصانيف. ولد في حدود سنة ثمانين ومئة. وحدث عن: عبد الوهاب بن عطاء وعمر بن يونس اليمامي وروح ابن عبادة وجعفر بن عون وعبد الله بن بكر السهمي وعثمان بن عمر بن فارس وعبيد الله بن موسى والحسن بن موسى الأشيب ويعقوب الحضرمي وشبابة بن سوار وأبي مسهر وطبقتهم. حدث عنه: أبو حاتم وابن صاعد وأبو عوانة وابن جوصا وأبو الدحداح وأبو بكر

(308)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 957)، وتاريخ بغداد (11/ 335 - 336)، والكاشف (2/ ترجمة 3935)، وتهذيب التهذيب (7/ 281)، وتقريب التهذيب (2/ 31) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4941).

(309)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1061)، وحلية الأولياء (10/ ترجمة 590)، وتاريخ الخطيب (1/ 394)، والأنساب للسمعاني (8/ 231)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 605)، والعبر (2/ 51)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7106)، وتهذيب التهذيب (9/ 15)، وتقريب التهذيب (2/ 141)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6022)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 164).

ص: 266

بن زياد وأبو الطيب بن عبادل وعثمان بن محمد السمرقندي وأبو علي الحضائري وحفيده محمد بن إبراهيم بن أبي أمية وخلق كثير. قال النسائي: هو بغدادي سكن طرسوس. وقال ابن يونس: كان فهما حسن الحديث. وقال أبو داود: ثقة. وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو امية صدوق كثير الوهم. وقال أبو بكر الخلال الفقية: أبو أمية رفيع القدر جداً كان إماماً في الحديث. قال ابن يونس: مات بطرسوس في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومئتين. وقال أبو الحسين بن المنادى: جاءنا في رمضان نعي أبي أمية سنة ثلاث وسبعين. وقيل: مات في سنة ثمأن وسبعين وهذا وهم. ومات معه في سنة ثلاث: أحمد بن الوليد الفحام وإسحاق بن سيار النصيبي وحنبل بن إسحاق والفتح بن شخرف الزاهد وأبو عبد الله بن ماجة.

ص: 267

‌الطبقة الخامسة عشرة:

‌2269 - أحمد بن طولون

(1)

:

التركي صاحب مصر أبو العباس.

ولد بسامراء، وقيل: بل تبناه الأمير طولون. وطولون قدمه صاحب ما وراء النهر إلى المامون في عدة مماليك سنة مائتين فعاش طولون إلى سنة أربعين ومائتين.

فأجاد ابنه أحمد حفظ القرآن وطلب العلم، وتنقلت به الأحوال، وتأمر وولي ثغور الشام ثم إمرة دمشق ثم ولي الديار المصرية في سنة أربع وخمسين وله إذ ذاك أربعون سنة.

وكان بطلًا شجاعًا، مقدامًا، مهيبًا، سائسًا، جوادًا، ممدحًا، من دهاة الملوك.

قيل: كانت مؤنته في اليوم ألف دينار، وكان يرجع إلى عدل، وبذل لكنه جبار سفاك للدماء.

قال القضاعي: أحصي من قتله صبرًا أو مات في سجنه فبلغوا ثمانية عشر ألفًا.

وأنشأ بظاهر مصر جامعًا غرم عليه مائة ألف دينار، وكان جيد الإسلام معظمًا للشعائر.

خلف من العين عشرة آلاف ألف دينار وأربعة وعشرين ألف مملوك، وجماعة بنين وست مائة بغل للثقل.

ويقال: بلغ ارتفاع خراج مصر في أيامه أزيد من أربعة آلاف ألف دينار وكان الخليفة مشغولا عن ابن طولون بحروب الزنج، وكان يزري على أمراء الترك فيما يرتكبونه.

قال محمد بن يوسف الهروي: كنا عند الربيع المرادي فجاءه رسول ابن طولون بألف دينار فقبلها.

قيل: إن ابن طولون نزل يأكل، فوقف سائل فأمر له بدجاجة، وحلواء فجاء الغلام فقال: ناولته فما هش لها فقال: علي به. فلما وقف بين يديه لم يضطرب من الهيبة

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 71"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 430"، والعبر "2/ 43"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 1 - 21"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 157".

ص: 268

فقال: أحضر الكتب التي معك واصدقني، فأنت صاحب خبر هاتوا السياط، فأقر فقال بعض الأمراء: هذا السحر؟ فقال: لا ولكن قياس صحيح.

قال ابن أبي العجائز، وغيره: وقع حريق بدمشق، فركب إليه ابن طولون، ومعه أبو زرعة، وأحمد بن محمد الواسطي كاتبه فقال أحمد لأبي زرعة: ما اسم هذا المكان قال: خط كنيسة مريم فقال الواسطي: ولمريم كنيسة قال: بنوها باسمها فقال ابن طولون: مالك، وللاعتراض على الشيخ ثم امر بسبعين ألف دينار من ماله لأهل الحريق فأعطوا، وفضل من الذهب وامر بمال عظيم ففرق في فقراء الغوطة، والبلد فأقل من أعطي دينار.

عن محمد بن علي المادرائي قال: كنت أجتاز بقبر ابن طولون فأرى شيخًا ملازمًا له ثم لم أره مدة ثم رأيته فسألته فقال: كان له علي اياد فأحببت أن أصله بالتلاوة قال: فرأيته في النوم يقول: أحب أن لا تقرأ عندي فما تمر بي آية إلَّا قرعت بها، ويقال لي: أما سمعت هذه؟

توفي أحمد بمصر في شهر ذي القعدة سنة سبعين ومائتين.

وقام بعده ابنه خمارويه ثم جيش بن خمارويه ثم أخوه هارون.

ص: 269

‌2270 - أحمد الخُجُسْتَاني

(1)

:

جبار عنيد ظالم متمرد خرج عن طاعة صاحب خرسان، يعقوب الصفار وتملك نيسابور، وغيرها وأظهر الانتماء إلى الطاهرية، وجعل رافع بن هرثمة أتابكه وجرت له ملاحم، وظفر بيحيى بن الذهلي شيخ نيسابور فقتله وعتا ثم ذبحه مملوكان له في سنة ثمان وستين.

تملك سبع سنين.

ومن جوره: أنه لما غلب على نيسابور نصب رمحًا وألزمهم أن يزنوا من الدراهم ما يغطي رأس الرمح فأفقر الخلق وعذبهم.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 33 - 36"، واللباب لابن الأثير "1/ 424"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 80 - 81".

ص: 269

‌2271 - داود بن علي

(1)

:

ابن خلف الإمام، البحر الحافظ العلامة، عالم الوقت أبو سليمان البغدادي، المعروف بالأصبهاني، مولى أمير المؤمنين المهدي رئيس أهل الظاهر.

مولده سنة مائتين.

وسمع: سليمان بن حرب، وعمرو بن مرزوق، والقعنبي، ومحمد بن كثير العبدي، ومسدد بن مسرهد، وإسحاق بن راهويه، وأبا ثور الكلبي، والقواريري، وطبقتهم.

وارتحل إلى إسحاق بن راهويه، وسمع: منه "المسند" و"التفسير"، وناظر عنده وجمع وصنف وتصدر، وتخرج به الأصحاب.

قال أبو بكر الخطيب: صنف الكتب، وكان إمامًا ورعًا ناسكًا زاهدًا، وفي كتبه حديث كثير لكن الرواية عنه عزيزة جدًّا.

حدث عنه: ابنه أبو بكر محمد بن داود، وزكريا الساجي، ويوسف بن يعقوب الداوودي، وعباس بن أحمد المذكر، وغيرهم.

قال أبو محمد بن حزم: إنما عرف بالأصبهاني لأن أمه أصبهانية، وكان أبوه حنفي المذهب.

قال أبو عمرو المستملي: رأيت داود بن علي يرد على إسحاق بن راهويه وما رأيت أحدًا قبله ولا بعده يرد عليه هيبة له.

قال عمر بن محمد بن بجير الحافظ: سمعت داود بن علي يقول: دخلت على إسحاق، وهو يحتجم فجلست فرأيت كتب الشافعي فأخذت أنظر فصاح بي إسحاق: أيش تنظر فقلت: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَه} [يوسف: 79] قال: فجعل يضحك أو يبتسم.

سعيد بن عمرو البرذعي قال: كنا عند أبي زرعة الرازي فاختلف رجلان من أصحابنا في أمر داود الأصبهاني، والمزني والرجلان: فضلك الرازي، وابن خراش فقال ابن خراش: داود كافر وقال فضلك: المزني جاهل فاقبل أبو زرعة يوبخهما وقال لهما: ما

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 369"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 223"، والعبر "2/ 45"، وميزان الاعتدال "2/ 14 - 16"، ولسان الميزان "2/ 422"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 47"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 158 - 159".

ص: 270

وأحد منكما لهما بصاحب. ثم قال: ترى داود هذا، لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان، والآلة، ولكنه تعدى لقد قدم علينا من نيسابور فكتب إلي محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى وعمرو بن زرارة، وحسين بن منصور ومشيخة نيسابور بما أحدث هناك فكتمت ذلك لما خفت من عواقبه، ولم أبد له شيئًا من ذلك فقدم بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد بن حنبل حسن فكلم صالحًا أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال: رجل سألني أن يأتيك فقال: ما اسمه قال: داود قال: من أين هو قال: من أصبهان فكان صالح يروغ عن تعريفه فما زال الإمام أحمد يفحص حتى فطن به فقال: هذا قد كتب الي محمد بن يحيى في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني. فقال: يا أبه أنه ينتفي من هذا وينكره فقال: محمد بن يحيى اصدق منها لا تأذن له.

قال أبو عبد الله المحاملي: رأيت داود بن علي يصلي، فما رأيت مسلمًا يشبهه في حسن تواضعه.

وقد كان محمد بن جرير الطبري يختلف إلى داود بن علي مدة ثم تخلف عنه، وعقد لنفسه مجلسًا فأنشأ داود يتمثل:

فلو أني بليت بهاشمي

خئولته بنوة عبد المدان

صبرت على أذاه لي ولكن

تعالي فأنظري بمن ابتلاني

قال أحمد بن كامل القاضي: أخبرني أبو عبد الله الوراق: أنه كان يورق على داود بن علي وأنه سمعه يسأل عن القرآن، فقال: أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق.

قلت: هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله فيما علمت، وما زال المسلمون على أن القرآن العظيم كلام الله، ووحيه وتنزيله حتى أظهر المأمون القول: بأنه مخلوق وظهرت مقالة المعتزلة فثبت الإمام أحمد ابن حنبل وأئمة السنة على القول: بأنه غير مخلوق إلى أن ظهرت مقالة حسين بن علي الكرابيسي، وهي: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الفاظنا به مخلوقة فأنكر الإمام أحمد ذلك، وعده بدعة وقال: من قال: لفظي القرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي وقال أيضًا: من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع فزجر عن الخوض في ذلك من الطرفين.

ص: 271

وأما داود فقال القرآن محدث. فقام على داود خلق من أئمة الحديث، وأنكروا قوله وبدعوه وجاء من بعده طائفة من أهل النظر فقالوا: كلام الله معنى قائم بالنفس، وهذه الكتب المنزلة دالة عليه، ودققوا وعمقوا فنسأل الله الهدى، واتباع الحق فالقرآن العظيم حروفه، ومعانيه والفاظه كلام رب العالمين غير مخلوق وتلفظنا، به وأصواتنا به من أعمالنا المخلوقة قال النبي صلى الله عليه وسلم:"زينوا القرآن بأصواتكم"

(1)

ولكن لما كان الملفوظ لا يستقل إلَّا بتلفظنا، والمكتوب لا ينفك عن كتابه، والمتلو لا يسمع: إلَّا بتلاوة تال صعب فهم المسألة، وعسر إفراز اللفظ الذي هو الملفوظ من اللفظ الذي يعنى به التلفظ فالذهن يعلم الفرق بين هذا وبين هذا، والخوض في هذا خطر نسأل الله السلامة في الدين، وفي المسألة بحوث طويلة الكف عنها أولى، ولا سيما في هذه الأزمنة المزمنة.

قال أبو العباس ثعلب: كان داود بن علي عقله أكبر من علمه.

وقال قاسم بن أصبغ الحافظ: ذاكرت ابن جرير الطبري، وابن سريج في كتاب ابن قتيبة في الفقه فقالا: ليس بشيء فإذا أردت الفقه فكتب أصحاب الفقه كالشافعي، وداود ونظرائهما ثم قالا: ولا كتب أبي عبيد في الفقه اما ترى كتابه في "الأموال" مع أنه أحسن كتبه.

وقال ابن حزم: كان داود عراقيًا كتب ثمانية عشر ألف ورقة ومن أصحابه: أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن رويم، وأبو بكر بن النجار وأبو الطيب محمد بن جعفر الديباجي، وأحمد بن مخلد الإيادي وأبو سعيد الحسن بن عبيد الله صاحب التصانيف، وأبو بكر محمد بن أحمد الدجاجي وأبو نصر السجستاني ثم سرد أسماء عدة من تلامذته.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم: عن أبي اليمن الكندي أخبرنا علي ابن عبد السلام، أخبرنا أبو إسحاق الفقيه في طبقات الفقهاء له قال: ذكر فقهاء بغداد ومنهم: أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني، ولد في سنة اثنتين ومئتين ومات سنة سبعين ومئتين أخذ العلم عن: إسحاق بن راهويه، وأبي ثور وكان زاهدًا متقللًا وقيل: إنه كان في مجلسه

(1)

صحيح: ورد من حديث البراء بن عازب، أخرجه الطيالسي "2/ 3"، وابن أبي شيبة "2/ 521" و"10/ 462"، وأحمد "4/ 283، 285، 304"، وأبو داود "1468"، والنسائي "2/ 179 - 180" وابن ماجه "1342"، والحاكم "1/ 572 - 575"، وأبو نعيم في "الحلية""5/ 27"، والبيهقي في "السنن""2/ 53"، من طريق عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، به.

ص: 272

أربع مائة صاحب طيلسان أخضر، وكان من المتعصبين للشافعي وصنف كتابين في فضائله، والثناء عليه وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد وأصله من أصفهان، ومولده بالكوفة ومنشؤه ببغداد وقبره بها في الشونيزية.

وقال أبو بكر الخلال: أخبرنا الحسين بن عبد الله قال: سألت المروذي عن قصة داود الأصبهاني، وما أنكر عليه أبو عبد الله فقال: كان داود خرج إلى خرسان إلى ابن راهويه فتكلم بكلام شهد عليه أبو نصر بن عبد المجيد، وآخر شهدا عليه أنه قال: القرآن محدث.

فقال لي أبو عبد الله: من داود بن علي لا فرج الله عنه قلت: هذا من غلمان أبي ثور قال: جاءني كتاب محمد بن يحيى النيسابوري أن داود الأصبهاني قال ببلدنا: إن القرآن محدث قال المروذي: حدثني محمد بن إبراهيم النيسابوري، أن إسحاق بن راهويه لما سمع: كلام داود في بيته وثب على داود، وضربه وأنكر عليه.

الخلال: سمعت أحمد بن محمد بن صدقة سمعت محمد بن الحسين بن صبيح سمعت داود الأصبهاني يقول: القرآن محدث ولفظي بالقرآن مخلوق.

وأخبرنا سعيد بن أبي مسلم: سمعت محمد بن عبدة يقول: دخلت إلى داود فغضب علي أحمد بن حنبل، فدخلت عليه فلم يكلمني فقال له رجل: يا أبا عبد الله أنه رد عليه مسألة قال: وما هي قال: قال: الخنثى إذا مات من يغسله قال داود: يغسله الخدم فقال محمد ابن عبدة: الخدم رجال، ولكن ييمم، فتبسم أحمد وقال: أصاب أصاب ما أجود ما أجابه.

قال محمد بن إسحاق النديم: لداود من الكتب: كتاب "الإيضاح" كتاب "الإفصاح" كتاب "الأصول" كتاب "الدعاوي" كتاب كبير في الفقه كتاب "الذب عن السنة والأخبار" أربع مجلدات كتاب "الرد على أهل الإفك"، "صفة أخلاق النبي" كتاب "الإجماع" كتاب "إبطال القياس" كتاب "خبر الواحد وبعضه موجب للعلم" كتاب "الإيضاح" خمسة عشر مجلدًا كتاب "المتعة" كتاب "إبطال التقليد" كتاب "المعرفة" كتاب "العموم والخصوص"، وسرد أشياء كثيرة.

قلت: للعلماء قولان في الاعتداد بخلاف داود، وأتباعه: فمن اعتد بخلافهم قال: ما اعتدادنا بخلافهم لأن مفرداتهم حجة بل لتحكى في الجملة، وبعضها سائغ وبعضها قوي وبعضها ساقط ثم ما تفردوا به هو شيء من قبيل مخالفة الإجماع الظني، وتندر

ص: 273

مخالفتهما لإجماع قطعي، ومن أهدرهم ولم يعتد بهم لم يعدهم في مسائلهم المفردة خارجين بها من الدين، ولا كفرهم بها بل يقول: هؤلاء في حيز العوام أو هم كالشيعة في الفروع، ولا نلتفت إلى أقوالهم، ولا ننصب معهم الخلاف، ولا يعتنى بتحصيل كتبهم، ولا ندل مستفتيًا من العامة عليهم وإذا تظاهروا بمسألة معلومة البطلان كمسح الرجلين أدبناهم وعزرناهم، وألزمناهم بالغسل جزمًا.

قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييبي: قال الجمهور: أنهم يعني نفاة القياس لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء.

ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي عن أبي علي بن أبي هريرة، وطائفة من الشافعية أنه لا اعتبار بخلاف داود، وسائر نفاة القياس في الفروع دون الأصول.

وقال إمام الحرمين أبو المعالي: الذي ذهب إليه أهل التحقيق: أن منكري القياس لا يعدون من علماء الأمة، ولا من حملة الشريعة لأنهم معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضة، وتواترًا لأن معظم الشريعة صادر عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام.

قلت: هذا القول من أبي المعالي أداه إليه اجتهاده، وهم فأداهم اجتهادهم إلى نفي القول بالقياس فكيف يرد الاجتهاد بمثله، وندري بالضرورة أن داود كان يقرئ مذهبه ويناظر عليه، ويفتي به في مثل بغداد، وكثرة الأئمة بها وبغيرها فلم نرهم قاموا عليه، ولا انكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا سعوا في منعه من بثه وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي شيخ المالكية، وعثمان بن بشار الأنماطي شيخ الشافعية، والمروذي شيخ الحنبلية وابني الإمام أحمد، وأبي العباس أحمد بن محمد البرتي شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران القاضي، ومثل عالم بغداد إبراهيم الحربي بل سكتوا له حتى لقد قال قاسم بن أصبغ: ذاكرت الطبري يعني ابن جرير وابن سريج فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في الفقه أين هو عندكما قالا: ليس بشيء، ولا كتاب أبي عبيد فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود ونظرائهما.

ثم كان بعده ابنه أبو بكر وابن المغلس وعدة من تلامذة داود، وعلى أكتافهم مثل: ابن سريج شيخ الشافعية، وأبي بكر الخلال شيخ الحنبلية، وأبي الحسن الكرخي شيخ الحنفية، وكان أبو جعفر الطحاوي بمصر بل كانوا يتجالسون، ويتناظرون ويبرز كل منهم بحججه،

ص: 274

ولا يسعون بالداودية إلى السلطأن بل ابلغ من ذلك ينصبون معهم الخلاف في تصانيفهم قديمًا، وحديثًا وبكل حال فلهم اشياء احسنوا فيها ولهم مسائل مستهجنة يشغب عليهم بها وإلى ذلك يشير الإمام أبو عمرو بن الصلاح حيث يقول: الذي اختاره الأستاذ أبو منصور، وذكر أنه الصحيح من المذهب أنه يعتبر خلاف داود ثم قال ابن الصلاح: وهذا الذي استقر عليه الأمر آخرًا كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين الذين أوردوا مذهب داود في مصنفاتهم المشهورة كالشيخ أبي حامد الإسفراييني، والماوردي والقاضي أبي الطيب فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه في مصنفاتهم المشهورة.

قال: وأرى أن يعتبر قوله إلَّا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها فاتفاق من سواه إجماع منعقد كقوله في التغوط في الماء الراكد، وتلك المسائل الشنيعة وقوله: لا ربا إلَّا في الستة المنصوص عليها

(1)

فخلافه في هذا، أو نحوه غير معتد به لأنه مبني على ما يقطع ببطلانه.

قلت: لا ريب أن كل مسالة انفرد بها، وقطع ببطلان قوله فيها فأنها هدر، وإنما نحكيها للتعجب وكل مسألة له عضدها نص وسبقه إليها صاحب أو تابع فهي من مسائل الخلاف فلا تهدر.

وفي الجملة فداود بن علي بصير بالفقه عالم بالقرآن حافظ للأثر رأس في معرفة الخلاف من أوعية العلم له ذكاء خارق، وفيه دين متين، وكذلك في فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر، وذكاء قوي فالكمال عزيز، والله الموفق.

ونحن: فنحكي قول ابن عباس في المتعة وفي الصرف، وفي إنكار العول وقول طائفة من الصحابة في ترك الغسل من الإيلاج وأشباه ذلك ولا نجوز لأحد تقليدهم في ذلك.

قال ابن كامل: مات داود في شهر رمضان سنة سبعين ومئتين.

(1)

ورد عن عبادة بن الصامت قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح وبالملح إلا سواء بسواء عينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى. أخرجه مسلم "1587"واللفظ له، وأبو داود "3349"، والترمذي "1240"، والنسائي "7/ 274"، وابن ماجه "2254".

ص: 275

فأما ابنه:

‌2272 - محمد بن داود

(1)

:

ابن علي الظاهري: العلامة، البارع، ذو الفنون، أبو بكر: فكان أحد من يضرب المثل بذكائه، وهو مصنف كتاب: الزهرة في الآداب، والشعر، وله كتاب في الفرائض، وغير ذلك.

حدث عن: أبيه وعباس الدوري، وأبي قلابة الرقاشي، وأحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن عيسى المدائني، وطبقتهم.

وله بصر تام بالحديث، وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد، ولا يقلد أحدًا.

حدث عنه: نفطويه، والقاضي أبو عمر محمد بن يوسف، وجماعة.

ومات قبل الكهولة، وقل ما روى.

تصدر للفتيا بعد، والده وكان يناظر أبا العباس بن سريج، ولا يكاد ينقطع معه.

قال القاضي أبو الحسن الداودي: لما جلس أبو بكر بن داود، للفتوى بعد والده استصغروه فدسوا عليه من سأله عن حد السكر، ومتى يعد الإنسان سكران فقال: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم. فاستحسن ذلك منه.

قال أبو محمد بن حزم: كان ابن داود من أجمل الناس، وأكرمهم خلقًا، وأبلغهم لسانًا وأنظفهم هيئة مع الدين، والورع وكل خلة محمودة محببًا إلى الناس حفظ القرآن، وله سبع سنين وذاكر الرجال بالآداب، والشعر وله عشر سنين وكان يشاهد في مجلسه أربع مئه صاحب محبره، وله من التآليف: كتاب الإنذار، والإعذار، وكتاب التقصي في الفقه، وكتاب الإيجاز، ولم يتم وكتاب الانتصار من محمد بن جرير الطبري، وكتاب الوصول إلى معرفة الأصول، وكتاب اختلاف مصاحف الصحابه، وكتاب الفرائض وكتاب "المناسك" عاش ثلاثا وأربعين سنه قال: ومات في عاشر رمضان سنه سبع وتسعين ومائتين.

قال أبو علي التنوخي: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البختري الداوودي حدثني أبو الحسن بن المغلس الداودي، قال: كان محمد بن داود وابن سريج إذا حضرا مجلس أبي

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 256"، ووفيات الأعيان "4/ ترجمة 604"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 85"، والعبر "2/ 108"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 93"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 226".

ص: 276

عمر القاضي لم يجر بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن، ومن ما يجري بينهما فسأل أبا بكر عن العود الموجب لكفارة الظهار فقال: إعادة القول ثانيًا، وهو مذهبه ومذهب أبيه فطالبه بالدليل فشرع فيه فقال ابن سريج: يا أبا بكر هذا قول من من المسلمين تقدمكم فيه فغضب أبو بكر، وقال: أتظن أن من اعتقدت قولهم إجماعًا في هذه المسألة عندي إجماع أحسن أحوالهم أن أعدهم خلافًا، وهيهات أن يكونوا كذلك فغضب ابن سريج وقال: أنت بكتاب "الزهرة" أمهر منك بهذه الطريقة قال: وبكتاب "الزهرة" تعيرني، والله ما تحسن تستتم قراءته قراءة من يفهم، وأنه لمن أحد المناقب لي إذ أقول فيه:

أكرر في روض المحاسن مقلتي

وأمنع نفسي أن تنال محرما

وينطق سري عن مترجم خاطري

فلولا اختلاسي رده لتكلما

رأيت الهوى دعوى من الناس كلهم

فما أن أرى حبا صحيحا مسلما

فقال ابن سريج: فأنا الذي أقول:

ومشاهد بالغنج من لحظاته

قد بت أمنعه لذيذ سباته

ضنا بحسن حديثه وعتابه

وأكرر اللحظات في وجناته

حتى إذا ما الصبح لاح عموده

ولى بخاتم ربه وبراته

فقال أبو بكر: أيد الله القاضي قد أخبر بحالة ثم ادعى البراءة مما توجبه فعليه البينة فقال ابن سريج: من مذهبي أن المقر إذا أقر إقرارًا ناطه بصفة كان إقراره موكولًا إلى صفته تلك.

قال محمد بن يوسف القاضي: كنت أساير محمد بن داود، فإذا بجارية تغني بشيء من شعره وهو:

أشكو غليل فؤاد أنت متلفه

شكوى عليل إلى ألف يعلله

سقمي تزيد مع الأيام كثرته

وأنت في عظم ما ألقى تقلله

الله حرم قتلي في الهوى سفهًا

وأنت يا قاتلي ظلما تحلله

وقيل: كان ابن داود خصمًا لابن سريج في المناظرة كانا يترادان في الكتب فلما بلغ ابن سريج موت محمد بن داود حزن له ونحى مخاده وجلس للتعزية وقال: ما آسى إلَّا على تراب يأكل لسأن محمد بن داود.

ص: 277

قال محمد بن إبراهيم بن سكرة القاضي: كان محمد بن جامع الصيدلاني محبوب محمد بن داود وكان ينفق على ابن داود، وما عرف معشوق ينفق على عاشقه سواه ومن شعره:

حملت جبال الحب فيك وأنني

لأعجز عن جمل القميص وأضعف

وما الحب من حسن ولا من سماحة

ولكنه شيء به الروح تكلف

قال إبراهيم بن عرفة نفطويه: دخلت على محمد بن داود في مرضه فقلت: كيف تجدك قال: حب من تعلم أورثني ما ترى. فقلت: ما منعك من الاستمتاع به مع القدرة عليه قال: الاستمتاع على وجهين أحدهما: النظر وهو أورثني ما ترى والثاني: اللذة المحظورة، ومنعني منها ما حدثني به أبي، حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس رفعه قال:"من عشق وعف وكتم وصبر غفر الله له وأدخله الجنة"

(1)

. ثم أنشد لنفسه:

انظر إلى السحر يجري في لواحظه

وأنظر إلى دعج في طرفه الساجي

(2)

وأنظر إلى شعرات فوق عارضه

كأنهن نمال دب في عاج

قال نفطويه: ومات من ليلته أو في اليوم الثاني.

رواها جماعة عن نفطويه.

قال أبو زيد علي بن محمد: كنت عند يحيى بن معين فذكرت له حديثًا سمعته من سويد بن سعيد فذكر الحديث المذكور فقال: والله لو كان عندي فرس ورمح لغزوت سويدًا في هذا الحديث.

(1)

موضوع: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""5/ 156، 262"، "6/ 50 - 51"، "13/ 184" من طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني، حدثنا علي بن مسهر، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف فيه علتان: الأولى: ضعف أبي يحيى القتات، واسمه زاذان، وقيل غير ذلك قال الحافظ في "التقريب": لين الحديث. الثانية: ضعف سويد بن سعيد، قال الحافظ في "التقريب":"صدوق في نفسه إلا أنه عمى فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". قال ابن القيم في كتابه "زاد المعاد""4/ 275"، ولا تغتر بالحديث الموضوع

فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يكون من كلامه، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة الصديقية ولها أعمال وأحوال هي شروط في حصولها

راجع كلامه لزامًا فإنه مفيد جدًّا.

(2)

الدَّعَج: شدة سواد العين في شدة بياضها. والساجي: الساكن.

ص: 278

قلت: هو مما نقموا على سويد.

قال "ابن حزم": توفي أبو بكر في عاشر رمضان، سنة سبع وتسعين ومائتين.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم عن الكندي، وقرأت على أبي الحسن علي بن الموفق الشافعي: أخبركم محمد بن علي بن النشبي قال: أخبرنا زيد بن الحسن الكندي أخبرنا علي بن هبة الله الكاتب، سمعت أبا إسحاق الشيرازي يقول: ثم انتهى الفقه بعد ذلك في جميع البلاد التي انتهى اليها الإسلام إلى أصحاب الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك وأحمد وداود، وانتشر عنهم الفقه في الآفاق وقام بنصرة مذاهبهم أئمة ينتسبون إليهم، وينصرون أقوالهم.

وبه: قال أبو إسحاق رحمه الله: وأما داود: فقام بنقل فقهه جماعه من أصحابه، منهم: ابنه أبو بكر محمد، وكان فقيهًا أديبًا شاعرًا ظريفًا، وكان يناظر إمام أصحابنا أبا العباس بن سريج، وخلف أباه في حلقته، وسمعت شيخنا القاضي أبا الطيب الطبري يقول: سمعت أبا العباس الخضري قال: كنت جالسًا عند أبي بكر محمد بن داود فجاءته امرأة فقالت: ما تقول في رجل له زوجة لا هو يمسكها، ولا هو يطلقها فقال أبو بكر: اختلف في ذلك أهل العلم فقال قائلون: تؤمر بالصبر، والاحتساب، وتبعث على الطلب والاكتساب، وقال قائلون: يؤمر بالإنفاق وإلا حمل على الطلاق فلم تفهم المرأة قوله فأعادت سؤالها عليه فقال: يا قد هذه أجبتك ولست بسلطان فأمضي، ولا قاض فأقضي، ولا زوج فأرضي فانصرفي.

قال لنا ابو العباس بن الظاهري عن ابن النجار، قال: وهب بن جامع ابن وهب العطار الصيدلاني صاحب محمد بن داود كان قد أحبه، وشغف به حتى مات من حبه ومن أجله صنف كتاب:"الزهرة".

حدث عن ابن داود: محمد بن موسى البربري، روى عنه ابنه قاسم.

أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن محمد التيمي أنبأنا عبد الغفار بن محد النيسابوري، أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد الشيرازي الحافظ، سنة سبع وأربعين وأربع مئة بالدامغان، حدثنا الجد محمد بن جعفر الظاهري، حدثنا أحمد بن محمد بن صالح المنصوري القاضي، أخبرنا القاسم بن وهب الداوودي، حدثني وهب بن جامع العطار، حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن علي، حدثنا أبو سعيد البصري، حدثنا معاذ بن هشام

ص: 279

حدثنا أبي، عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرضيع: "يُنضح بول الغلام ويُغسل بول الجارية"

(1)

.

وقال عبد الكريم بن محمد الحافظ: حدثنا عبد الرحمن بن الحسين الفارسي، الواعظ إملاء بالري، حدثنا محمد بن إسماعيل العلوي، حدثني جدي سمعت وهب بن جامع العطار صديق ابن داود قال: دخلت على المتقي لله: فسألني عن أبي بكر بن داود: هل رأيت منه ما تكره قلت: لا يا أمير المؤمنين إلَّا أني بت عنده ليلة فكان يكشف عن وجهي ثم يقول: اللهم أنك تعلم أني لأحبه، وأني لأراقبك فيه.

قال: فما بلغ من رعايتك من حقه قلت: دخلت الحمام فلما خرجت نظرت في المرآة فاستحسنت صورتي فوق ما اعهد فغطيت وجهي، واليت أن لا ينظر إلى وجهي أحد قبله، وبادرت إليه فكشف وجهي ففرح، وسر وقال: سبحان خالقه، ومصوره وتلا:{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء} [آل عمران: 6].

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 97، 137"، وأبو داود "378"، والترمذي "610"، وابن ماجه "525"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 92"، والدارقطني "1/ 129"، والحاكم "1/ 165 - 166" والبيهقي في "السنن""2/ 415"، من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، به.

ص: 280

‌2273 - أبو إبراهيم الزُّهْري

(1)

:

الإمام الرباني الثقة أبو إبراهيم أحمد بن سعد بن الإمام، إبراهيم بن سعد بن إبراهيم ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف الزهري العوفي البغدادي أخو عبيد الله بن سعد، وعبد الله بن سعد.

ولد سنة ثمان وتسعين ومائة.

ولم يلحق أخذ العلم عن أبيه، ولا عن عمه يعقوب بن إبراهيم.

سمع من: عفان وعلي بن الجعد ويحيى بن بكير ويحيى بن سليمان الجعفي وعلي بن بحر القطان، ومحمد بن سلام الجمحي وعدة.

روى عنه: ابن صاعد وأبو عبد الله المحاملي وأبو عوانة في "صحيحه" في مواضع فقال في بعضها: وكان من الأبدال وآخر من روى عنه: إسماعيل الصفار.

قال الخطيب: كان مذكورًا بالعلم والفضل موصوفا بالصلاح، والزهد من أهل بيت كلهم علماء، ومحدثون.

قال عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري: حدثني أبي قال: مضى عمي أبو إبراهيم إلى أحمد بن حنبل فلما رآه وثب وقام إليه وأكرمه فلما أن مضى قال له ابنه عبد الله: يا أبه شاب تعمل به هذا، وتقول إليه قال: لا تعارضني في مثل هذا إلَّا أقوم إلى ابن عبد الرحمن بن عوف.

قال ابن صاعد: كان ثقة.

وقال ابن المنادي: توفي في المحرم سنة ثلاث وسبعين ومائتين. رحمه الله.

قلت وإنما احترمه الإمام أحمد لشرفه ونسبه ولتقواه وفضله فمن جمع العمل والعلم فناهيك به!

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 181"، والمنتظم "5/ 88".

ص: 280

‌2274 - أبو يونس الجُمَحِي

(1)

:

مفتي المدينة الإمام، أبو يونس محمد بن أحمد بن يزيد بن عبد الله بن يزيد القرشي الجمحي المدني الفقيه المالكي.

تفقه بأصحاب مالك.

وحدث عن إسحاق بن محمد الفروي، وإسماعيل بن أبي أويس وإبراهيم بن المنذر، وأبي مصعب وبشر بن عبيس العطار، وعدة.

روى عنه: زكريا الساجي، ويحيى بن الحسن العلوي النسابة، وأبو بشر الدولابي وأبو عوانة الإسفراييني، وابن أبي حاتم ومحمد بن إبراهيم الديبلي، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق كان مفتي المدينة.

توفي في حدود السبعين ومائتين.

وقيل: إن أبا داود روى عنه عن الحميدي، ولم يصح ذلك بل شيخ أبي داود هو: محمد بن أحمد بن أنس القرشي النيسابوري لقي أبا عبد الرحمن المقرئ، وأقرأنه بمكة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1040"، وتهذيب التهذيب "9/ 24"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 1038".

ص: 281

‌2275 - ومحمد بن أحمد بن حسين

(1)

: " ت"

ابن مدوية، القرشي، الترمذي يكنى: أبا عبد الرحمن.

حدث عن القاسم بن الحكم العرني، وعبيد الله بن موسى، وأسود ابن شاذان.

روى عنه: الترمذي، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون.

وثقة ابن حبان.

ذكرته للتمييز وإلا فهو أكبر من الجمحي.

(1)

ترجمته في ثقات ابن حبان "9/ 148"، والكاشف "3/ ترجمة 4776"، وتهذيب التهذيب "9/ 21" وتقريب التهذيب "2/ 142"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6034".

ص: 282

‌2276 - المُنْتَظَر

(1)

:

الشريف، أبو القاسم، محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين الشهيد بن الإمام، علي بن أبي طالب العلوي الحسيني.

خاتمة الاثني عشر سيدًا، الذين تدعي الإمامية عصمتهم -ولا عصمة إلَّا لنبي- ومحمد هذا هو الذي يزعمون أنه الخلف الحجة، وأنه صاحب الزمان، وأنه صاحب السرداب بسامراء وأنه حي لا يموت، حتى يخرج فيملأ الأرض عدلًا وقسطًا كما ملئت ظلمًا، وجورًا فوددنا ذلك والله، وهم في أنتظاره من أربع مئة وسبعين سنة ومن أحالك على غائب لم ينصفك فكيف بمن أحال على مستحيل، والإنصاف عزيز فنعوذ بالله من الجهل والهوى.

فمولانا الإمام علي من الخلفاء الراشدين المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه نحبه أشد الحب، ولا ندعي عصمته ولا عصمة أبي بكر الصديق.

وابناه الحسن والحسين: فسبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدا شباب أهل الجنة، لو استخلفا لكانا اهلًا لذلك.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 562"، والعبر "2/ 31"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".

ص: 282

وزين العابدين: كبير القدر، من سادة العلماء العاملين، يصلح للإمامة، وله نظراء وغيره أكثر فتوى منه وأكثر رواية.

وكذلك ابنه أبو جعفر الباقر: سيد، إمام، فقيه يصلح للخلافة.

وكذا ولده جعفر الصادق: كبير الشأن، من أئمة العلم، كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور.

وكان ولده موسى: كبير القدر جيد العلم أولى بالخلافة من هارون، وله نظراء في الشرف والفضل.

وابنه علي بن موسى الرضا: كبير الشأن له علم وبيان ووقع في النفوس صيره المأمون، ولي عهده لجلالته فتوفي سنة ثلاث ومئتين.

وابنه محمد الجواد: من سادة قومه لم يبلغ رتبة آبائه في العلم، والفقه، وكذلك ولده الملقب بالهادي: شريف جليل.

وكذلك ابنه الحسن بن علي العسكري رحمهم الله تعالى.

فأما محمد بن الحسن هذا: فنقل أبو محمد بن حزم: أن الحسن مات عن غير عقب قال: وثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنًا أخفاه. وقيل: بل ولد له بعد موته، من أمه اسمها: نرجس أو سوسن والأظهر عندهم أنها صقيل، وادعت الحمل بعد سيدها فأوقف ميراثه لذلك سبع سنين، ونازعها في ذلك أخوه جعفر بن علي فتعصب لها جماعة، وله آخرون ثم انفش ذلك الحمل، وبطل فأخذ ميراث الحسن أخوه جعفر وأخ له، وكان موت الحسن سنة ستين ومئتين إلى أن قال: وزادت فتنة الرافضة بصقيل، وبدعواها إلى أن حبسها المعتضد بعد نيف وعشرين سنة من موت سيدها، وجعلت في قصره إلى أن ماتت في دولة المقتدر.

قلت: ويزعمون أن محمدًا دخل سردابًا في بيت أبيه، وأمه تنظر إليه فلم يخرج إلى الساعه منه وكان ابن تسع سنين وقيل دون ذلك.

قال ابن خلكان: وقيل: بل دخل وله سبع عشره سنة في سنة خمس وسبعين ومئتين وقيل: بل في سنة خمس وستين، وأنه حي.

نعوذ بالله من زوال العقل فلو فرضنا وقوع ذلك في سالف الدهر فمن الذي رآه ومن الذي نعتمد عليه في إخباره بحياته، ومن الذي نص لنا على عصمته، وأنه يعلم كل شيء؟

هذا هوس بين، إن سلطناه على العقول ضلت، وتحيرت بل جوزت كل باطل أعاذنا الله وإياكم من الاحتجاج بالمحال، والكذب أو رد الحق الصحيح كما هو ديدن الإمامية.

وممن قال: أن الحسن العسكري لم يعقب: محمد بن جرير الطبري ويحيى بن صاعد، وناهيك بهما معرفة، وثقة.

ص: 283

‌2277 - يوسف بن بَحْر

(1)

:

الإمام الرحال أبو القاسم التميمي البغدادي، ثم الطرابلسي قاضي حمص ثم نزل جبلة.

سمع: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون وأبا النضر، وحجاج بن محمد، والأسود بن عامر، ومروان بن محمد.

وعنه: ابن صاعد، ومحمد بن المسيب الأرغياني، ومحمد بن سليمان اخو خيثمه، وابن أبي حاتم، وآخرون.

وروى الكثير.

وجاء عن خيثمة: أنه ارتحل اليه بعيد سنه سبعين ومائتين إلى جبلة. فاسره الفرنج.

قال ابن عدي: ليس هو بالقوي رفع أحاديث أتى عن الثقات بمناكير.

وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم.

وقال الدارقطني: ضعيف وقال مرة: ليس بالقوي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 915"، وتاريخ بغداد "14/ 305"، وميزان الاعتدال "4/ 462"، ولسان الميزان "6/ 318".

ص: 284

‌2278 - الخَصَّاف

(1)

:

العلامة، شيخ الحنفية، أبو بكر أحمد بن عمرو بن مهير الشيباني، الفقيه، الحنفي، المحدث.

حدث عن: وهب بن جرير، وأبي عامر العقدي، والواقدي، وأبي نعيم، وعمرو بن عاصم، وعارم، ومسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وخلق كثير.

ذكره ابن النجار في "تاريخه".

وقال محمد بن إسحاق النديم: كان فاضلًا، صالحًا فارضًا، حاسبًا، عالمًا بالرأي، مقدما عند المهتدي بالله، حتى قال الناس: هو ذا يحيى دوله أحمد بن أبي دواد ويقدم الجهمية.

صنف للمهتدي كتاب: "الخراج" فلما قتل المهتدي، نهبت دار الخصاف، وذهبت بعض كتبه.

صنف كتاب "الحيل" وكتاب "الشروط الكبير" ثم اختصره، و"الرضاع"، و"أدب القاضي"، و"العصير وأحكامه"، و"أحكام الوقوف"، و"ذرع الكعبة والمسجد والقبر".

ويذكر عنه زهد وورع وأنه كان يأكل من صنعته رحمه الله، وقل ما روى وكان قد قارب الثمانين.

مات ببغداد سنة أحدى وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 266".

ص: 285

‌2279 - ابن المُدَبِّر

(1)

:

الوزير الكبير أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن المدبر الضبي.

أحد البلغاء والشعراء، وزر للمعتمد، وهو أخو أحمد بن المدبر، ومحمد.

حكى عنه: علي الأخفش وجعفر بن قدامه، وأبو بكر الصولي، وغيرهم.

ولم يكن أحد من كتاب الترسل يقاربه في فنه، وتوسعه ولم يزل عالي المكانة إلى أن ندب إلى الوزارة في سنة ثلاث وستين ومائتين فاستعفي لكثرة المطالبة بالمال.

وكان وافر الحشمة كثير البذل، وفيه يقول أبو هفان:

يابن المدبر أنت علمت الورى

بذل النوال وهم به بخلاء

لو كان مثلك في البرية وأحد

في الجود لم يك فيهم فقراء

وله أخبار طويلة في "تاريخ" ابن النجار.

مات سنة تسع وسبعين ومائتين.

ومات أخوه أحمد بن المدبر، أبو الحسن الكاتب السامري سنة سبعين قبله. وكان ولي مساحة الشام للمتوكل، وكان بليغا مترسلًا صاحب فنون يصلح للقضاء وللبحتري فيه مدائح.

ثم ولي خراج مصر مع دمشق. ثم قبض عليه أحمد بن طولون، وسجنه وعذبه ثم طلبه، وقال: كيف حالك فقال: أخذك الله من مأمنك يا عدو الله فأمر بقتله وقيل: بل هلك في السجن.

ولإبراهيم أخبار مع عريب المغنية، في تعشقه لها وأنها بعد أن عجزت زارته يومًا في جواريها فوصلها بنحو من ألفي دينار ذلك اليوم.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "22/ 151"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "1/ 226"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "1/ 45"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 107".

ص: 285

‌2280 - السُّكَّري

(1)

:

العلامة، البارع، شيخ الأدب، أبو سعيد الحسن بن الحسين بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العلاء بن أبي صفرة بن الأمير المهلب بن أبي صفرة الأزدي، المهلبي، السكري النحوي صاحب التصانيف.

سمع من: يحيى بن معين وجماعة.

وأخذ العربية عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، وعمر بن شبة.

روى عنه: محمد بن أحمد الحكيمي، ومحمد بن عبد الملك التاريخي، وأبو سهل بن زياد، وصنف التصانيف.

قال الخطيب: كان ثقة دينًا صادقًا يقرئ القرآن، وأنتشر عنه شيء كثير من كتب الأدب.

له كتاب "الوحوش" وكتاب "النبات".

وكان عجبًا في معرفة أشعار العرب، ألف لجماعة منهم دواوين، فجمع شعر أبي نواس وشرحه في ثلاث مجلدات، ودون شعر امرئ القيس، وشعر النابغتين و"ديوان قيس بن الخطيم"، و"ديوان تميم" و"ديوان هذيل"، و"ديوان الأعشى"، و"ديوان زهير" و"ديوان الأخطل" و"ديوان هدبة بن خشرم"، وأشياء سوى ذلك.

مولده سنة اثنتي عشرة ومائتين وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 296"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 97"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 94"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 502".

ص: 286

‌2281 - سليمان بن وهب

(1)

:

ابن سعيد بن عمرو بن حصين: الوزير الكبير، أبو أيوب الحارثي الكاتب.

مولده بسواد واسط.

وتأدب في صغره، وكتب للمأمون، وهو حدث. وتنقلت به الأيام، إلى أن وزر للمهتدي سنة ست وخمسين، ثم وزر بعد في سنة " (263) " للمعتمد فعزل بعد سنة.

وهو أخو الحسن بن وهب وكان جدهما سعيد نصرانيًّا يكتب في دواوين الخراج ثم استخدم الفضل بن سهل، وهبًا ونوه بذكره، وولاه نظر فارس فولد سليمان في سنة تسعين ومائة وأخوه أسن منه. وسمع: سليمان حديثًا كبيرًا، وكتب المنسوب.

قال حسين بن علي الكاتب: سمعت سليمان بن وهب يقول: اطلع أبو تمام وأنا أكتب فقال لي: يا أبا أيوب كلامك ذوب شعري.

قال جرير بن أحمد بن أبي داود: كلنا في مجلس المهتدي بالله فدفع إلى سليمان بن وهب كتابًا وقال: أجب عنه فلما قام قال المهتدي: ما في صناعته له نظير غير أنه يفسد نفسه بشره فيه على المال.

وفي "تاريخ الوزراء" لأبي عبد الله الجهشياري قال: كان سليمان حسن الخلق كريم الطبع لين العشرة.

وقال أبو العباس بن الفرات: كان سليمان بن وهب أكتب خلق الله يدًا ولسانًا.

قلت: إلَّا أنه قليل الخير ذكر محمد بن الضحاك بن الخصيب أنه رآه يقرأ في مصحف: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَة} [الشورى: 20]. فقال: اللهم! ائتني حرثي في الدنيا ولا تجعل لي في الآخرة من نصيب. فأجيب دعاؤه.

وقال محرز الكاتب: كان لسيلمان غلام يحبه فاستهتر به فألحت عليه امرأته فأبعده.

قال الصولي: نكبه الموفق وصادره فلم يوجد معه ما ظن فيه وجرت له بعد نكبات فمات محبوسًا في صفر سنة اثنتين وسبعين ومائتين في وزارة صاعد بن مخلد.

وهو والد الوزير عبيد الله وجد الوزير القاسم بن عبيد الله وأبو جد الوزير الحسين.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "23/ 3 - 18"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 86"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 277"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 37".

ص: 287

‌2282 - الخبيث

(1)

:

هو طاغية الزنج، علي بن محمد بن عبد الرحمن العبدي، من عبد القيس.

افترى وزعم أنه من ولد زيد بن علي العلوي، وكان منجمًا طرقيًّا ذكيًّا حروريًّا ماكرًا داهية منحلًا على رأي فجرة الخوارج يتستر بالأنتماء إليهم، وإلا فالرجل دهري فيلسوف زنديق.

ظهر بالبصرة، واستغوى عبيد الناس، وأوباشهم فتجمع له كل لص، ومريب وكثروا فشد بهم أهل البصرة، وتم له ذلك واستباحوا البلد، واسترقوا الذرية، ومكوا فنتدب لحربهم عسكر المعتمد فالتقى الفريقان، وانتصر الخبيث، واستفحل بلاءه، وطوى البلاد وأباد العباد وكاد أن يملك بغداد، وجرت بينه، وبين الجيش عدة مصافات، وأنشأ مدينة سماها: المختارة في غاية الحصانة، وزاد جيشه على مئة ألف، ولولا زندقتة ومروقة لاستولى على الممالك.

وقد سقت من فتنته في دولة المعتمد، وكانت أيامه أربع عشرة سنة.

قال نفطويه: كان أولًا بواسط، وربما كتب العوذ فأخذه محمد بن أبي عون فحبسه ثم أطلقه فما لبث أن خرج، واستغوى الزنج يعني: عبيد الناس والذين يكسحون ويزبلون فصار من أمره ما صار، وخافته الخلفاء ثم أظفرهم الله به بعد حروب تشيب النواصي.

وقتل ولله الحمد في سنة سبعين ومئتين في صفر، وله ثمأن وأربعون سنة.

ولو أفردت أخباره ووقائعه لبلغت مجلدًا وكان مفرط الشجاعة جريًا داهية قد استوعب ابن النجار سيرته.

رئي أبوه أنه بال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بولة أحرقت نصف الدنيا.

وكانت أم الخبيث تقول: لم يدع ابني أحدا عنده علم بالري حتى خالطهم ثم خرج إلى خراسان فغاب عني سنتين، وجاء ثم غاب عني غيبته التي خرج فيها فورد علي كتابه من البصرة وبعث إلي بمال فلم أقبله لما صح عندي من سفكه للدماء، وخرابه للمدن.

قلت: وكان أبوه داهية شيطانًا كولده فقال علي: مرضت وأنا غلام فجلس أبي يعودني وقال لأمي: ما خبره قالت: يموت قال: فإذا مات من يخرب البصرة قال: فبقي ذاك في قلبي.

(1)

ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 155".

ص: 288

وقيل: مات أبوه بسامراء، سنة إحدى وثلاثين ومائتين فقال علي الشعر ومدح به، وصار كاتبًا ودخل في ادعاء الإمامة، وعلم المغيبات، وخاف فنزح من سامراء إلى الري لميراث في سنة تسع وأربعين.

قلت: بعد مصرع المتوكل، وابنه وأولئك الخلفاء المستضعفين المقتولين نقض أمر الخلافة جدًا، وطمع كل شيطان في التوثب، وخرج الصفار بخراسان واتسعت ممالكه وخرج هذا الخبيث بالبصرة وفعل ما فعل وهاجت الروم، وعظم الخطب.

ثم بعد سنوات ثارت القرامطة، والأعراب وظهر بالمغرب عبيد الله الملقب بالمهدي، وتملك ثم دامت الدولة في ذرية الباطنية إلى دولة نور الدين رحمه الله.

فادعى بعد الخمسين هذا الخبيث بهجر أنه علي بن محمد بن الفضل بن حسين زيد عبد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب، ودعا إلى نفسه فمال إليه رئيس هجر، ونابذه قوم فاقتتلوا فتحول إلى الأحساء، واعتصم ببني الشماس، وأنما قصد البحرين لغباوة أهلها، ورواج المخاريق عليهم فحل منهم محل نبي، وصدقوه بمرة ثم تنكروا له لدبره فشخص إلى البادية يستغوي الأعاريب بنفوذ حيله، وشعوذته، واعتقدوا فيه أنه يعلم منطق الطير وجعل يغير على النواحي ثم تمت له، وقعة كبيرة هزم فيها وقتل كبراء أتباعه، وكرهته العرب فقصد البصرة فنزل في بني ضبيعة، والتف عليه جماعة في سنة أربع وخمسين، وطمع في ميل البصريين اليه فأمر أربعة فدخلوا الجامع يدعونهم إلى طاعته فلم يجبه أحد بل وثب الجند إليهم فهرب، وأخذ أتباعه وابنه الكبير وأمه، وبنته فحبسوا.

وذهب إلى بغداد فأقام سنة يستغوي الناس ويضلهم فاستمال عدة من الحاكة بمخاريقه، والجهلة اسبق شيء إلى أرباب الأحوال الشيطانية، ومات متولي البصرة وهاجت الأعراب بها، وفتحوا السجون فتخلص قومه فبادر إلى البصرة في رمضان سنة خمس، وحوله جماعة واستجاب له عبيد زنوج للناس فأفسدهم، وجسرهم وعمد إلى جريدة فكتب على خرقة عليها {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة} [التوبة: 111] وكتب اسمه وخرج بهم في السحر لليلتين بقيتا من رمضان في ألف نفس فخطبهم، وقال: أنتم الأمراء وستملكون، ووعدهم ومناهم ثم طلب أستاذيهم وقال أردت ضرب أعناقكم لأذيتكم لهؤلاء الغلمان قالوا: هؤلاء أبقوا ولا يبقون عليك، ولا علينا فأمر غلمانهم فبطحوهم، وضربوا كل واحد خمس مائة، وحلفهم بالطلاق أن لا يعلموا أحدًا بموضعه.

ص: 289

وقيل: كان ثم خمسة عشر ألف عبد يعملون في أموال مواليهم، فأنذروا ساداتهم بما جرى فقيدوهم فأقبل حزبه فكسروا قيودهم، وضموهم إليه فلما كان يوم الفطر ركز علمه، وصلى بهم العيد، وخطبهم، وأعلمهم أن الله يريد أن يمكن لهم ويملكهم، وحلف لهم على ذلك ثم نزل فصلى بهم.

ثم لم يزل ينهب، ويغير ويكثر جمعه من كل مائق

(1)

، وقاطع طريق حتى استفحل أمره، وعظمت فتنته وغنم الخيول، والسلاح والأمتعة، والأموال، والمواشي وصار من الملوك، وصار كلما حاربه عسكر، وأنهزموا فر إليه غلمان فحشد له أهل البصرة في ذي القعدة من العام، والتقوا فهزمهم، وقتل منهم مقتلة، ووقع رعبه في النفوس فوجه الخليفة جيشا فما نفعوا.

ثم أوقع بأهل الأبلة

(2)

في سنة ست وأحرقها فسلم أهل عبادان

(3)

بأيديهم، وسالموه فأخذ عبيدهم وسلاحهم.

ثم أخذ الأهواز فخافه أهل البصرة، وأنجفلوا فأخذها بالسيف في شوال سنة سبع وخمسين، وقت صلاة الجمعة وهرب جندها فأحرق الجامع بمن حوى، ولم تزل الحرب بينه وبين الموفق سجالًا.

واستباح واسط في سنة أربع وستين، وحصل للخبيث جواهر، وأموال فاستأثر بها فأنكر عليه المتقشفون من أصحابه، وذكروا له سيرة أبي بكر وعمر فقال: ليس فيهما قدوة.

وادعى أنه هو عبد الله المذكور في: {قُلْ أُوحِي} [الجن: 1] وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما يمتاز عليه إلَّا بالنبوة.

وزعم أنه تكلم في المهد صيح به: يا علي فقال: يا لبيك.

وكان يجمع اليهود والنصارى يسألهم عما في التوراة والأنجيل من ذكره، وهم يسخرون منه ويقرءون له فصولًا فيدعي أنها فيه، وزاد من الإفك فنفرت منه قلوب خلق من أتباعه ومقتوه.

(1)

المائق: الحاقد.

(2)

الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان".

(3)

عبادان: موضع تحت البصرة قرب البحر المالح قاله ياقوت في "معجم البلدان".

ص: 290

ولم يجد لجيشه لما كثروا بدا من أرزاق فقرر للجندي في الشهر عشرة دنانير فحسد قواده الفرسان وشغل بأنشاء الأبنية وفتر عن الزنج فهموا بالفتك به.

وأنشأ القائد الشعراني مدينة منيعة فأخذت وهرب الشعراني. وأنشأ سليمان بن جامع مدينة سماها: المنصورة وحصنها بخمسة خنادق وطولها فرسخ فأخذت ونجا ابن جامع.

وبقي الموفق يكرم كل من فر إليه ويخلع عليهم وكتب إلى الخبيث يدعوه إلى التوبة من ادعاء مخاطبة الملائكة ومن تحريفه القرآن وضلالته فما أجاب بشيء وحصن مدينته المختارة التي بنهر أبي الخصيب حتى بقيت يضرب بها المثل ونصب فيها المجانيق والأسلحة بما بهر العقول وبها نحو مئتي ألف مقاتل فما قدر عليها الجيش إلا بالمطاولة وأنشأ تلقاءها الموفق مدينة وسكنها ولم يزل إلى أن أخذ المختارة فهرب الخبيث إلى مضائق في نهر أبي الخصيب لا تصل إليها سفينة ولا فارس ثم برز في أبطاله وقاتل أشد قتال وهو يقول:

وعزيمتي مثل الحسام وهمتي

نفس أصول بها كنفس القسور

وإذا تنازعني أقول لها اسكتي

قتل يريحك أو صعود المنبر

قال أحمد بن داود بن الجراح الكاتب: وصاحب الزنج: هو علي بن محمد بن عبد الرحيم بن رجب من أهل الري له حظ من الأدب وهو القائل:

أما والذي أسرى إلى ركن بيته

حراجيج بالركبأن مقورة حدبا

لأدرعن الحرب حتى يقال لي

قضيت ذمام الحرب فاعتجر الحربا

وله إلى الخليفة:

بني عمنا أنا وأنتم أنامل

تضمنها من راحتيها عقودها

بني عمنا لا توقدوا نار فتنة

بطيء على مر الزمان خمودها

بني عمنا وليتم الترك أمرنا

ونحن قديما أصلها وعديدها

ص: 291

‌2283 - الزيدي

(332)

الأمير صاحب جرجان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب العلوي فجده إسماعيل هو أخو الست نفيسة. ظهر هذا في سنة خمسين ومئتين وكثر جيشه واستولى على جرجان وتلك الناحية واستفحل أمره وهزم جيوش الخلفاء ثم أخذ الري وصاهر الديلم وتمكن وعظم وامتدت أيامه إلى أن توفي في شهر شعبان سنة سبعين ومئتين. فتملك بعده أخوه محمد بن زيد فطالت أيامه وظلم وعسف إلى أن قتل رحمه الله قبل التسعين ومئتين.

‌2284 - خالد بن أحمد

(333)

الأمير أبو الهيثم الذهلي صاحب ما وراء النهر: له آثار حميدة ببخارى أكرم بها المحدثين وأعطاهم وطلب من البخاري أن يحدث بقصره بالصحيح ليسمعه أولاده فأبى فتألم وأخرجه من بخارى. ثم أنه والى يعقوب الصفار وخرج على ابن طاهر ثم حج سنة تسع وستين فأخذ وسجن ببغداد حتى مات. روى عن: ابن راهويه وعبيد الله القواريري وجماعة. روى عنه: سهل بن شاذويه وابن أبي حاتم وابن عقدة وأحمد بن محمد المنكدري وجماعة آخرهم عبد الرحمن بن حمدان الجلاب. وكان يمشي في الطلب ولا يركب وأنفق في ذلك ألف ألف درهم. مات سنة سبعين ومئتين.

(332)

ترجمته في العبر (2/ 19).

(333)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ترجمة 1442)، وتاريخ بغداد (8/ 314)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 68)، واللباب لابن الأثير (1/ 536).

ص: 292

‌2285 - كربزان

(334)

المحدث المعمر البقية أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي البصري ثم البغدادي ولقبه كربزان بتقديم الراء. سمع: يحيى بن سعيد القطان ومعاذ بن هشام وسالم بن نوح ووهب بن جرير وطائفة. حدث عنه ابن صاعد ومحمد بن مخلد وإسماعيل الصفار وحمزة الهاشمي وأبو جعفر بن البختري وعبد الله بن إسحاق الخرساني وعدة. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي تكلموا فيه وسألت أبي عنه فقال: شيخ. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. قلت: مات يوم الأضحى سنة أحدى وسبعين ومئتين من أبناء التسعين. وكربزان بضم الكاف ثم راء ساكنة ثم موحدة مضمومة ثم زاي. وقع لي من عواليه وقد روى عنه أبو عوانة في صحيحه.

أخبرنا عز الدين إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي أخبرنا الإمام عبد الله بن أحمد سنة ست عشرة وست مئة أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا سليمان التيمي عن أبي العلاء أراه عن مطرف عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أو لغيره:" هل صمت من سرار هذا الشهر" قال: لا قال:" فإذا افطر الناس أو أفطرت فصم يومين"

(335)

.

(334)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1347)، وتاريخ بغداد (10/ 273)، وميزان الاعتدال (2/ 586)، والعبر (2/ 48)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 161).

(335)

صحيح: وهذ إسناد ضعيف، آفته عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، فهو ضعيف. لكن الحديث أخرجه البخاري (1983)، ومسلم (1161)(195) من طريق مهدى بن ميمون حدثنا غيلان بن جرير، عن مُطرِّف، عن عمران بن حُصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله -أو سأل رجلًا وعمران يسمع- فقال: يا فلان أما صُمْتَ سَرَرَ هذ الشهر؟ فقال: أظنُّهُ قال يعنى رمضان. قال الرجل: لا يا رسول اللَّه. قال: فإذا أفطرت فصُم يومين، لم يقُلْ أظنه يعنى رمضان، واللفظ للبخاري.

ص: 293

‌2286 - محمد بن أحمد بن أبي المثنى

(336)

يحيى بن عيسى بن هلال: الحافظ المفيد شيخ الموصل أبو جعفر التميمي الموصلي نسيب أبي يعلى الموصلي وخاله. ولد سنة نيف وثمانين ومئة. وسمع: أبا بكر السكوني وعبد الوهاب بن عطاء وجعفر بن عون ومحمد بن عبيد وأخاه يعلى بن عبيد وأبا النضر ومحمد بن القاسم الأسدي وينزل إلى أحمد بن حنبل ونحوه. حدث عنه: ابن أخته أبو يعلى ومحمد بن العباس بياع الطعام ويزيد ابن محمد ابن اياس الحافظ وعبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري وآخرون. وعامة جزء الجابري عنه.

قال ابن إياس: كان من أهل الفضل وألفقه ومن آدب من رأينا من المحدثين كان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يكرمونه إلى أن قال: وكانت الرحلة إليه بالموصل بعد علي بن حرب سمعته يقول: خرج أحمد بن حنبل يوماً فقمت فقال: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من احب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار"

(337)

فقلت: أنما قمت إليك ولم أقم لك فاستحسن ذلك. توفي في شوال سنة سبع وسبعين ومئتين. أخبرنا ابن الخلال: أخبرنا ابن المقير أخبرنا عبد الحق أخبرنا ابن العلاف أخبرنا أبو الحسن الحمامي حدثنا محمد بن العباس حدثنا محمد بن أحمد بن أبي المثنى حدثنا قبيصة عن سفيان عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه". متفق عليه

(338)

.

(336)

ترجمته في طبقات الفقهاء الحنابلة لابن الفراء (1/ 263).

(337)

صحيح: أخرجه أحمد (4/ 91 و 93)، وابن أبي شيبة (8/ 586)، والبخاري في "الأدب المفرد"(977)، وأبو داود (5229)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 219)، والبغوي في "شرح السنة"(3330)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(2/ 40) من طرق عن حبيب بن الشهيد، عن أبي مِجْلَز، عن معاوية، به.

(338)

صحيح: أخرجه البخاري (1521)، ومسلم (1350).

ص: 294

‌2287 - علان

(339)

الإمام الحافظ المتقن النبيل أبو الحسن علي بن عبد الرحمن ابن محمد بن المغيرة المخزومي المصري علان. سمع: آدم بن أبي اياس وخلاد بن يحيى وسعيد بن أبي مريم وعبد الله بن يوسف التنيسي وأبا صالح. وعنه: أبو جعفر الطحاوي وزكريا خياط السنة وأبو علي بن حبيب الحصائري وأبو بكر بن زياد وأبو علي بن فضالة وأحمد بن مسعود الزنبري ومحمد بن يوسف الهروي وآخرون. قال الطحاوي: توفي في شعبان سنة اثنتين وسبعين ومائتين. قلت: أغفله ابن يونس. قال النسائي في اليوم والليلة: حدثنا زكريا السجزي حدثنا علي ابن عبد الرحمن فذكر حديثا وهو من أنزل ما للنسائي.

‌2288 - النفيلي الصغير

(340)

الإمام المحدث أبو محمد علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن عثمان بن نفيل النفيلي الحراني نسيب أبي جعفر الحافظ النفيلي. سمع يعلى بن عبيد وعلي بن عياش وخالد بن مخلد القطوأني وأبا مسهر الغساني وعدة. وعنه النسائي وقال لا بأس به ومحمود بن محمد الرافعي وابن صاعد وأبو عوانة والقاضي أبو محمد بن زبر وآخرون. توفي سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

(339)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1071)، وتهذيب التهذيب (7/ 360)، وتقريب التهذيب (2/ 40)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5013).

(340)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 235 و 534) و (2/ 398 و 604 و 772)، وثقات ابن حبان (8/ 476)، والكاشف (2/ ترجمة 4005)، وتهذيب التهذيب (7/ 364)، وتقريب التهذيب (2/ 41)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5020).

ص: 295

‌2289 - الكلاعي

(341)

س

الشيخ المحدث الحافظ أبو موسى عمران بن بكار بن راشد الكلاعي البراد الحمصي المؤذن. سمع محمد بن حمير السليحي وأبا المغيرة الخولاني وأحمد ابن خالد الوهبي وعتبة بن السكن وأبا اليمأن ولم يرحل في الحديث. حدث عنه النسائي وقال ثقة وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو عوانة وأبو محمد بن زبر وخيثمة بن سليمان وآخرون. توفي أيضا سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

‌2290 - القنطري

(342)

الإمام المحدث أبو الحسن علي بن داود بن يزيد التميمي البغدادي القنطري الأدمي الحافظ سمع محمد بن عبد الله الأنصاري وآدم بن أبي إياس وعبد الله بن صالح الكاتب وسعيد بن أبي مريم وطبقتهم. حدث عنه: ابن ماجة وإبراهيم الحربي رفيقه والهيثم الشاشي ومحمد بن أحمد الحكمي وإسماعيل الصفار وآخرون. وثقه أبو بكر الخطيب. توفي سنة اثنتين أيضا وسبعين ومئتين.

(341)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ترجمة 1633)، والكاشف (2/ترجمة 4325)، وتهذيب التهذيب (8/ 124)، وتقريب التهذيب (2/ 82)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5420).

(342)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1015)، وثقات ابن حبان (8/ 473)، وتاريخ بغداد (11/ 424)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 87)، والكاشف (2/ ترجمة 3970)، والمغنى (2/ ترجمة 421) وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 5837)، وتهذيب التهذيب (7/ 317)، وتقريب التهذيب (2/ 36)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4980).

ص: 296

‌2291 - الوراق

(343)

الإمام الحجة الورع الغازي فارس الإسلام عيسى بن جعفر الوراق البغدادي سمع: أبا بدروشبابة.

وعنه: المحاملي وابن المنادي وإسماعيل الصفار. توفي سنة اثنتين ايضاً.

‌2292 - العطار

(344)

الشيخ المحدث الحجة أبو علي الحسن بن إسحاق بن يزيد البغدادي العطار. يروي عن: عمر بن شبيب المسلي وزيد بن الحباب والحسن بن موسى الأشيب ومحمد بن بكير الحضرمي وأبي نعيم وعدة. روى عنه: محمد بن مخلد وأبو العباس الأصم وإسماعيل الصفار. قال الخطيب: ثقة.

قال ابن قانع: مات في صفر سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

الخطيب: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال: حدثنا الأصم حدثنا الحسن بن إسحاق العطارقال: سمعت عبد الرحمن بن هارون يقول: كنا في البحر سائرين إلى إفريقية قال: فركدت علينا الريح فأرسينا إلى موضع يقال له: البرطون ومعنا صبي صقلبي يقال له: أيمن معه شص يصطاد به السمك فاصطاد سمكة نحواً من شبر أو أقل فكان على صنيفته اليمنى مكتوب لا إله إلا الله وعلى قذالها وصنيفة أذنها اليسرى مكتوب محمد رسول الله وكان أبين من نقش على حجر وكانت السمكة بيضاء والكتابة سوداء كأنه كتب بحبر قال: فقذفناها في البحر ومنع الناس أن يصيدوا من ذلك الموضع حتى أوغلنا. أنبأنا المسلم بن محمد: أخبرنا الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب فذكرها.

(343)

ترجمته في تاريخ بغداد (11/ 168).

(344)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 286)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 86).

ص: 297

‌2293 - إبراهيم بن أورمة

(345)

الإمام الحافظ البارع أبو إسحاق الأصبهاني مفيد الجماعة ببغداد. حدث عن: محمد بن بكار بن الريان وصالح بن حاتم بن وردان وعاصم بن النضر وعبيد الله بن معاذ وعباس العنبري وعمرو بن علي الفلاس وطبقتهم. روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا ومحمد بن يحيى بن مندة وأبو بكر ابن الباغندي وآخرون. قال الدارقطني هو ثقة حافظ نبيل وقال أبو الحسين: بن المنادي: ما رأينا في معناه مثله مرض وكان ينتخب على عباس الدوري. قال أبو نعيم الحافظ: فاق إبراهيم بن أورمة أهل عصره في المعرفة والحفظ وأقام بالعراق يكتبون بفائدته. قلت: لم ينتشر حديثه لأنه مات قبل محل الرواية عاش خمساً وخمسين سنة. قال ابن المنادي: مات في أواخر سنة ست وستين ومئتين رحمه الله.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا ابن الحرستاني أخبرنا ابن المسلم أخبرنا ابن طلاب أخبرنا ابن جميع حدثنا طاهر بن محمد بالبصرة حدثنا الحسن بن علي السراج حدثنا إبراهيم بن أورمة حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم" نهى عن الوصال"

(346)

.

(345)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 218)، وتاريخ بغداد (6/ 42)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 56)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 655)، والعبر (2/ 33)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 151).

(346)

صحيح: ورد من حديث أنس: عند أحمد (3/ 170 و 173 و 193 و 202 و 218 و 235 و 253 و 276 و 289)، والبخاري (1961)، ومسلم (1104)، والترمذي (778)، والدارمي (2/ 8) وله شاهد عن أبي هريرة: عند أحمد (2/ 231 و 237 و 244 و 257 و 261 و 281 و 315 و 496 و 516) والبخاري (1965)، ومسلم (1103).

وشاهد آخر: من حديث عبد الله بن عمر: عند البخاري (1962)، ومسلم (1102)، وأبي داود (2360).

وشاهد ثالث: من حديث أبي سعيد الخدري: عند البخاري (1963)، وأبي داود (2361).

وشاهد رابع: من حديث عائشة: عند البخاري (1964)، ومسلم (1105).

ص: 298

‌2294 - سليمان بن سيف

(347)

ابن يحيى بن درهم: الحافظ الكبير أبو داود الحراني الطائي مولاهم محدث حران. سمع: يزيد بن هارون وجعفر بن عون وسعيد بن عامر وبكر بن عبد الله السهمي والحسن بن محمد بن أعين ووهب بن جرير ومحاضر ابن المورع ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وطبقتهم. وعني بالعلم الشريف وبرع فيه وجوده.

روى عنه: النسائي كثيراً وقال: ثقة وأبو عروبة وأبو عوانة ومكحول البيروتي وأبو نعيم بن عدي ومحمد بن المسيب الأرغياني وأبو علي محمد بن سعيد الحراني وأحمد بن عمرو الرملي وهاشم بن أحمد بن مسرور وحفيده أحمد بن محمد بن سليمان وعدة. قال ابن عقدة: مات في شعبان سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا أخبرنا علي بن المسلم أبو نصر بن طلاب أخبرنا أبو الحسن بن جميع حدثنا هاشم بن أحمد أبو الوليد النصيبي حدثنا سليمان بن سيف حدثنا أبو عتاب بن سهل بن حماد حدثنا عزرة بن ثابت عن عمرو ابن دينار: حدثني ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد"

(348)

. هذا حديث حسن عال من الموافقات أخرجه النسائي عن سليمان ابن سيف. ومات فيها: أحمد بن عبد الجبار العطاردي وأحمد بن عصام وأبو عتبة الحجازي وأحمد بن مهدي بن رستم ومحمد ابن عبد الوهاب الفراء ومحمد بن عبيد المنادي ومحمد بن عوف الطائي.

(347)

ترجمته في الجرح والتعديل (4/ترجمة 530)، والعبر (2/ 50)، والكاشف (1/ترجمة 2119)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 616)، وتهذيب التهذيب (4/ 199)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2704)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162).

(348)

صحيح: ورد عن ابن عباس: أخرجه النسائي (5/ 115)، والطبراني في "الكبير"(11196) و (11428)، وورد عن ابن مسعود: عند أحمد (1/ 387)، والترمذي (810)، والنسائي (5/ 115)، وابن خزيمة (2512)، والطبراني في "الكبير"(10406)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 110)، والبغوي (1843).

ص: 299

‌2295 - محمد بن شداد

(349)

ابن عيسى: الشيخ المعمر المسند أبو يعلى المسمعي البصري ثم البغدادي المتكلم المعتزلي الملقب بزرقان آخر من حدث عن يحيى بن سعيد القطان وأبي زكير يحيى بن محمد المدني. وحدث عن: عباد بن صهيب وروح بن عبادة وجماعة. حدث عنه: الحسين بن صفوان ومكرم بن أحمد القاضي وأبو بكر الشافعي وغيرهم. قال أبو بكر البرقاني: ضعيف جداً كان الدارقطني يقول: لا يكتب حديثه. قال أبو بكر الشافعي: مات سنة ثمان وسبعين ومئتين. وقال أبو العباس بن عقدة: توفي سنة تسع وسبعين.

قلت: حديثه عال في الغيلانيات بالمرة فمن بلاياه: قال: حدثنا أبو الهذيل العلاف قال: أخذت ما أنا عليه من العدل والتوحيد عن عثمان الطويل وأخبرني أنه أخذه عن واصل بن عطاء وأخذه عن عبد الله ابن محمد بن الحنفية وأخذه من أبيه وأخبره أنه أخذه عن أبيه علي وأنه أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أن جبريل نزل به عن الله تعالى. رواه جماعة عن زرقان فهو متهم به.

‌2296 - موسى بن سهل بن كثير

(350)

المحدث المعمر أبو عمران البغدادي الحرفي الوشاء أحد الضعفاء الذين يحتمل حالهم. سمع: إسماعيل بن علية وإسحاق الأزرق فكان آخر من حدث عنهما وسمع أيضا: من أبي بدر السكوني وعلي بن عاصم ويزيد بن هارون وجماعة. روى عنه: عثمان بن أحمد السماك وأحمد بن عثمان الأدمي وعمر بن الحسن الأشناني وأبو بكر الشافعي وآخرون. ضعفه الدارقطني. وقال البرقاني: ضعيف جداً.

(349)

ترجمته في اللباب لابن الأثير (3/ 212)، وتذكرة الحفاظ (2/ 602)، وميزان الاعتدال (3/ 579) والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (3/ 148).

(350)

ترجمته في تاريخ بغداد (13/ 48)، وميزان الاعتدال (4/ 206)، ولسان الميزان (6/ 119).

ص: 300

قلت: حديثه أعلى شيء في الغيلانيات. مات في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين ومئتين.

‌2297 - ابن منيب

(351)

- ق-

الإمام الحافظ محدث مرو أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب ابن سلام المروزي. حدث عن: عبيد الله بن موسى وعثمان بن الهيثم المؤذن وأبي عبد الرحمن المقريء وعلي بن الحسين بن واقد وعبدان بن عثمان وأصبغ بن الفرج ويحيى بن بكير وخلق. وعنه: النسائي في اليوم والليلة وابن ماجه فيما قاله ابن عساكر ولم نره والحسن بن سفيان ومحمد بن عقيل البلخي والحسين المحاملي وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. قيل: توفي بعد سنة سبع وستين ومئتين وقيل: توفي فيها.

‌2298 - ابن عبد الصمد

(352)

- د س-

الإمام المحدث المتقن أبو القاسم يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي مولى بني هاشم سمع أبا مسهر وأبا بكر الحميدي وأبا اليمان وأبا الجماهر وعبد الله بن يزيد بن راشد المقريء وآدم بن أبي إياس وسليمان بن حرب ويحيى الوحاظي ويسرة بن صفوان وطبقتهم. وعنه: أبو داود النسائي وأبو حاتم وهو من أقرانه وأبو زرعة النصري رفيقه وأبو علي الحصائري وابن جوصا وأبو عوانة وأبو العباس الأصم وابن حذلم وخلق وابن أبي حاتم وقال: صدوق ثقة.

(351)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1839)، وثقات ابن حبان (8/ 397)، وتاريخ بغداد (10/ 450) وتهذيب التهذيب (6/ 360)، وتقريب التهذيب (1/ 513)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4378)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 153).

(352)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1231)، وثقات ابن حبان (9/ 277)، وتذكرة الحفاظ (2/ 631) والكاشف (3/ترجمة 6465)، والعبر (2/ 58)، وتهذيب التهذيب (11/ 357)، وتقريب التهذيب (2/ 370).

ص: 301

وقد اجتمع بالربيع المرادي فأكرمه وأجلسه معه على سريره وألقى عليه مسألة في الفقه من كلام الشافعي فأجابه بغير قول الشافعي فقال: يا أبا القاسم ينبغي لك أن تنظر في الفقه. قلت: مولده سنة ثمان وتسعين ومئة. وتوفي بدمشق في شوال سنة -276 - ابنه: محمد بن يزيد هو صاحب الجزء العالي الذي رواه ابن غالب القواس. توفي سنة تسع وتسعين ومئتين.

‌2299 - الحوطي

(353)

المحدث العالم أبو عبد الله أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي الحمصي نزيل مدينة جبلة.

سمع: أباه وأحمد بن خالد الوهبي وجنادة بن مروان وأبا المغيرة الخولاني وعلي بن عياش وجماعة. روى عنه: النسائي في اليوم والليلة وعلي بن سراج وعبد الصمد بن سعيد القاضي وأبو القاسم الطبراني وجماعة. لقيه الطبراني في سنة تسع وسبعين ومئتين فأكثر عنه. و:

‌2300 - أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد بن فصيل

المحدث أبو عبد الله الحوطي نسيب الذي قبله سكن أيضاً جبلة. وروى عن: أبي المغيرة وأبي اليمان ومحمد بن مصعب القرقساني وعلي ين عياش وجماعة. وعنه: أبو القاسم الطبراني وجعفر بن محمد بن هشام وجماعة. كان حياً في سنة تسع وسبعين أيضاً

(353)

ترجمته في تهذيب التهذيب (1/ 58)، واللباب لابن الأثير (1/ 402).

ص: 302

‌2301 - ابن الدورقي

(354)

عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن كثير: الإمام المحدث أبو العباس ابن الحافظ الدورقي. حدث عن عفان ومسلم وابن الوليد وأحمد بن نصر الخزاعي وطائفة. وعنه: محمد بن نجيح وأحمد بن خزيمة وعبد الله بن إسحاق الخرساني وابن قانع وأحمد بن جعفر بن حمدان السقطي قال ابن أبي حاتم: كتب إلي بجزء من حديثه وكان صدوقاً. وثقة الدارقطني. توفي سنة ورخه جماعة في ربيع الأول منها.

‌2302 - أبو معين

(355)

الحافظ الإمام الحسين بن الحسن الرازي.

سمع: سعيد بن أبي مريم وأبا سلمة موسى بن إسماعيل وأبا توبة وأحمد بن يونس ونعيم بن حماد ويحيى بن معين وطبقتهم وسمع الموطأ من يحيى بن بكير. أخذ عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم وأبو نعيم بن عدي ومحمد ابن الفضل المحمد أباذي وأحمد بن قشمرد ويوسف بن إبراهيم الهمذاني وحفص بن عمر الأردبيلي وآخرون. قال أبو عبد الله الحاكم: وهو من كبار حفاظ الحديث. وسماه ابن أبي حاتم كما قلنا وسماه أبو أحمد الحاكم في الكنى: محمد بن الحسين والأول اصح. توفي سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

(354)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 31)، وتاريخ بغداد (9/ 371 - 372)، والأنساب للسمعاني (5/ 354)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 102)، واللباب لابن الأثير (1/ 512).

(355)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ترجمة 221)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 631)، والعبر (2/ 49)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162).

ص: 303

أخبرنا عيسى بن أبي محمد أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا علي بن أحمد بسراي أخبرنا عبد الله بن علي السفني بأردبيل أخبرنا يحيى بن محمد البزار حدثنا حفص بن عمر الحافظ حدثنا أبو معين الرازي حدثنا عبد السلام بن مطهر حدثنا حفص عن هشام عن الحسن قال: قال صفوان: إذا أكلت رغيفا سد بطني وشربت كوزا من ماء فعلى الدنيا وأهلها العفاء.

‌2303 - القومسي

(356)

الإمام المحدث الجوال أبو عبد الله أحمد بن الخليل بن حرب القرشي النوفلي مولاهم القومسي.

حدث بأصبهان عن أبي النضر وعبيد الله بن موسى وأبي عبد الرحمن المقرئ ومعلى بن أسد.

وعنه: محمد بن إبراهيم بن يزيد الزهري والفضل بن الخصيب وعمر بن عبد الله بن حسن وآخرون. كذبه أبو زرعة وأبو حاتم جميعاً وادعى لقي جماعة. قال ابن مردويه: فيه لين.

‌2304 - أبو الأحوص

(357)

الإمام الحافظ الثبت قاضي عكبرى أبو عبد الله محمد ابن الهيثم بن حماد بن واقد الثقفي مولاهم البغدادي المشهور بأبي الأحوص. حدث: عن أبي نعيم ومسلم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء وسعيد بن أبي مريم وعبد العزيز الأويسي وموسى بن داود الضبي ومحمد بن كثير الصنعأني وعارم والقعنبي وأبي الوليد وسعيد بن عفير وأبي جعفر النفيلي ومحمد بن عائذ الكاتب وطبقتهم.

وله رحلة واسعة ومعرفة تامة.

(356)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 49)، وميزان الاعتدال (1/ 96)، وتهذيب التهذيب (1/ 28).

(357)

ترجمته في ثقات ابن حبان (9/ 151)، وتاريخ بغداد (3/ 362)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 630) والكاشف (3/ ترجمة 5280)، وتهذيب التهذيب (9/ 498)، وتقريب التهذيب (2/ 215)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6719) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 175).

ص: 304

روى عنه: ابن ماجة حديثاً وأحداً في الاستسقاء وموسى بن هارون وابن صاعد وأبو عوانة وعثمان بن السماك وأبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وأبو بكر بن مالك الإسكافي وآخرون.

قال أبو الحسن الدارقطني: كان من الحفاظ الثقات. قلت: توفي بعكبرى في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومئتين. رحمه الله.

أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا القاسم بن أبي سعد أخبرنا أبو الأسعد القشيري أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن ح: وأخبرنا أحمد عن ابن السمعاني أخبرنا عبد الله بن الفراوي أخبرنا عثمان بن محمد قالا: أخبرنا أبونعيم المهرجاني أخبرنا أبو عوانة الحافظ حدثنا أبو الأحوص قاضي عكبري ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا الحسن ابن الربيع حدثنا ابن ادريس حدثنا حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ولا يخطر لهم فحل فصعد المنبر فحمد الله ثم قال:" اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريعاً مرياً طبقاً غدقاً عاجلاً غير رائث" ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قال قد أحيينا. أخرجه ابن ماجه

(358)

عن أبي الأحوص.

‌2305 - الصائغ

(359)

العلامة الثقة أبو محمد القاسم بن الحسن الهمداني البغدادي المتكلم ويعرف بالصائغ.

(358)

صحيح لغيره: أخرجه ابن ماجه (1270)، وفيه حبيب بن أبي ثابت، كثير الإرسال والتدليس وقد عنعنه، وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكى فقال لهم: اللَّهم اسقنا غيثًا مُغيثًا مريئًا مَريعًا نافعًا غير ضار عاجلًا غير آجل. قال فأطبقت عليهم السماء".

أخرجه أبو داود (1169) حدثنا ابن أبي خلف، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا مسعر، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله، به. وإسناده صحيح. ويزيد الفقير، هو يزيد بن صهيب أبو عثمان المعروف بالفقير، لأنه كان يشكو فقار ظهره، ثقة، روى له البخاري ومسلم وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وابن أبي خلف، هو محمد بن أحمد بن أبي خلف السلمى، أبو عبد الله القطيعي، ثقة. روى له مسلم وأبو داود.

وقوله: مريعًا: أي كثيرًا.

(359)

ترجمته في تاريخ بغداد (12/ 432).

ص: 305

سمع يزيد بن هارون وعبد الله بن بكر السهمي. وعنه ابن مجاهد والهيثم الشاشي وعلي بن إسحاق المادرائي وآخرون. وثقه الخطيب. وتوفي بمصر في سنة اثنتين وسبعين ومئتين. هذا لا أعرفه.

‌2306 - القزويني

(360)

كثير بن شهاب القزويني: أحد علماء الحديث. روى عن: محمد بن سابق القزويني وعبد الله بن الجراح. وعنه: محمد بن مخلد وإسماعيل الصفار وأبو جعفر بن البختري وأبو الحسن القطان.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: صدوق كتبت عنه بقزوين. قلت: مات أيضاً سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

‌2307 - ترنجة

(361)

الإمام الحافظ أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن سهل القرشي مولاهم الكوفي نزيل مصر. حدث عن: جعفر بن عون ومحمد بن القاسم الأسدي وأبي نعيم وطلق بن غنام وإسحاق السلولي وسعيد بن أبي مريم وخلق. روى عنه: ابن خزيمة والطحاوي وابن زياد النيسابوري وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: هو صدوق. وقال ابن يونس: أصابه فالج ثم مات بعد يسير في جمادى الأولى سنة سبعين ومئتين.

(360)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 853)، وتاريخ بغداد (12/ 484).

(361)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 530).

ص: 306

‌2308 - علي بن سهل

(362)

ابن المغيرة: المحدث الإمام الثقة أبو الحسن النسائي ثم البغدادي البزاز. سمع: أبا بدر السكوني وعبد الوهاب بن عطاء ومحمد بن عبيد ويحيى بن أبي بكير وعبيد الله بن موسى وعدة. وعنه: ابن صاعد وعلي بن عبيد الحافظ ومحمد بن أحمد الحكيمي وإسماعيل الصفار وجماعة. قال ابن أبي حاتم: صدوق. قلت: توفى في صفر سنة أحدى وسبعين ومئتين. ومر: علي بن سهل الرملي وأخوه.

‌2309 - ابن الطباع

(363)

المحدث الصادق المسند أبو بكر محمد بن يوسف بن عيسى ابن الطباع. حدث عن: يزيد بن هارون ومحمد بن مصعب القرقساني وعبيد الله ابن موسى وطبقتهم. وعنه: القاضي المحاملي ومحمد بن مخلد وأحمد بن عثمان الأدمي ومحمد بن العباس بن نجيح وآخرون. وثقه الخطيب.

وقال الدارقطني: صدوق.

توفي سنة ست وسبعين وقيل: سنة خمس وسبعين ومئتين.

(362)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1038)، وثقات ابن حبان (8/ 473)، وتاريخ بغداد (11/ 429) والمنتظم لابن الجوزي (5/ 83)، وتهذيب التهذيب (7/ 329)، وتقريب التهذيب (2/ 38)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4993).

(363)

ترجمته في تاريخ بغداد (3/ 394)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (5/ 243).

ص: 307

‌2310 - أبو معشر

(364)

المنجم جعفر بن محمد البلخي صاحب التصانيف في النجوم والهندسة. قيل: كان محدثاً فمكر به ودخل في النجوم وقد صار ابن نيف وأربعين ثم جاوز المئة. ومات في رمضان سنة اثنتين وسبعين ومئتين. وقد ضربه المستعين لكونه أصاب في أمر قبل أن يقع. وصنف كتاب: الزيج وكتاب المواليد وكتاب القرآنات وكتاب: طبائع البلدان وأشياء كثيرة من كتب الهذيان.

‌2311 - الصائغ

(365)

الإمام المحدث الثقة شيخ الحرم أبو جعفر محمد بن إسماعيل ابن سالم القرشي العباسي مولى المهدي البغدادي نزيل مكة. سمع: أباه وأبا اسامة وأبا داود الحفري وروح بن عبادة وحجاج ابن محمد الأعور وعدة. حدث عنه: أبو داود وابن صاعد وابن أبي حاتم وخلق آخرهم عبد الله بن الحسن بن بندار شيخ أبي نعيم الحافظ. قال ابن أبي حاتم: صدوق. قلت: كان من أبناء التسعين.

مات في جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومئتين. وكان والده الحافظ أبو محمد إسماعيل بن سالم بن دينار من شيوخ مسلم الذين روى عنهم في صحيحه لقي عباد بن عباد وهشيماً

(364)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خَلِّكان (1/ترجمة 136)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 161).

(365)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1084)، وثقات ابن حبان (9/ 133)، وتاريخ بغداد (2/ 38)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 104)، وتهذيب التهذيب (9/ 58)، وتقريب التهذيب (2/ 145)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6056)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 170).

ص: 308

‌2312 - البلاذري

(366)

العلامة الأديب المصنف أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي البلاذري الكاتب صاحب التاريخ الكبير. سمع: هوذة بن خليفة وعبد الله بن صالح العجلي وعفان وأبا عبيد وعلي بن المديني وخلف بن هشام وشيبان بن فروخ وهشام بن عمار وعدة وجالس المتوكل ونادمه. روى عنه: يحيى بن المنجم وأحمد بن عمار وجعفر بن قدامة ويعقوب بن نعيم قرقارة وعبد الله بن أبي سعد الوراق. وكان كاتباً بليغاً شاعراً محسناً وسوس بأخرة لأنه شرب البلاذر للحفظ. وله مدائح في المأمون وغيره. وقد ربط في البيمارستان وفيه مات. وقيل: كان يكنى أبا الحسن وقيل: أبا جعفر. توفي بعد السبعين ومئتين رحمه الله. وكان جده كاتبا للخصيب امير مصر.

‌2313 - محمد بن الجهم

(367)

الإمام العلامة الأديب أبو عبد الله السمري الكاتب تلميذ يحيى الفراء وراويه. سمع: يزيد بن هارون وعبد الوهاب بن عطاء وجعفر بن عون ويعلى بن عبيد وطبقتهم. حدث عنه: موسى بن هارون وأبو بكر بن مجاهد وإسماعيل الصفار وأبو العباس الأصم وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي وخلق سواهم. قال الدارقطني: ثقة.

(366)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموى (5/ 89)، ولسان الميزان (1/ 322).

(367)

ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 161)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي (18/ 109)، واللباب لابن الأثير (2/ 138)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 108)، ولسان الميزان (5/ 110).

ص: 309

وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضاً عن عائذ بن أبي عائذ صاحب حمزة الزيات وسمع الحروف من خلف بن هشام وسليمان الهاشمي أخذ عنه القراءة: ابن مجاهد وجماعة وكان من أئمة العربية العارفين بها. قلت: مات في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين ومئتين وعاش تسعاً وثمانين سنة. يقع حديثه عالياً في الغيلانيات.

‌2314 - محمد بن عيسى

(368)

ابن يزيد الحافظ العالم الجوال أبو بكر التميمي الطرسوسي الثغري نزيل بلخ. حدث عن: أبي عبد الرحمن المقرئ وأبي نعيم وأبي اليمان وعفان وطبقتهم. وعنه ابن خزيمة وأبو عوانة الإسفراييني وأبو العباس الدغولي ومكي بن عبدان ومحمد بن أحمد بن محبوب وعبد الله بن إبراهيم بن الصباح الأصبهاني وآخرون. قال الحاكم: مشهور بالرحلة والفهم والتثبت أخذ عنه أهل مرو. وقال ابن عدي: هو في عداد من يسرق الحديث. قلت: توفي سنة سبع وسبعين ومئتين.

أخبرنا يحيى بن أحمد المشهدي: أخبرنا الشرف المرسي أخبرنا منصور ألفراوي أخبرنا عبد الجبار بن محمد أخبرنا البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس المحبوبي حدثنا محمد بن عيسى الطرسوسي حدثنا سنيد حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قالت أم سليمان لسليمان: يا بني لا تكثر النوم بالليل فأن ذلك يدع صاحبه فقيرا يوم القيامة"

(369)

.

(368)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 625)، وميزان الاعتدال (3/ 679).

(369)

ضعيف: أخرجه ابن ماجه (1332). وإسناده ضعيف، آفته سنيد بن داود، وشيخه يوسف بن محمد، وهما ضعيفان.

ص: 310

‌2315 - أبو حمزة البغدادي

(370)

شيخ الشيوخ أبو حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي الصوفي. جالس بشراً الحافي والإمام أحمد وصحب السري بن المغلس. وكان بصيراً بالقراءات وكان كثير الرباط والغزو. حكى عنه: خير النساج ومحمد بن علي الكتاني وغير واحد. ومن كلامه: قال: علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى ويذل بعد العز ويخفى بعد الشهرة وعلامة الصوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر ويعز بعد الذل ويشتهر بعد الخفاء. قال إبراهيم بن علي المريدي: سمعت أبا حمزة يقول: من المحال أن تحبه ثم لا تذكره وأن تذكره ثم لا يوجدك طعم ذكره ويشغلك بغيره. قلت: ولأبي حمزة انحراف وشطح له تأويل. ففي الحلية: عن عبد الواحد بن بكر حدثنا محمد بن عبد العزيز سمعت أبا عبد الله الرملي يقول: تكلم أبو حمزة في جامع طرسوس فقبلوه فصاح غراب فزعق أبو حمزة: لبيك لبيك فنسبوه إلى الزندقة وقالوا: حلولي وشهدوا عليه وطرد وبيع فرسه بالمناداة على باب الجامع: هذا فرس الزنديق. قال أبو نصر السراج صاحب اللمع: بلغني أنه دخل على الحارث المحاسبي فصاحت شاة: ماع فشهق وقال: لبيك لبيك يا سيدي فغضب الحارث وأخذ السكين وقال: أن لم تتب أذبحك.

أبو نعيم: حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم حدثنا أبو بدر الخياط سمعت أبا حمزة قال: بينا أنا أسير وقد غلبني النوم إذ وقعت في بئر فلم أقدر أطلع لعمقها فبينا أنا جالس اذ وقف على رأسها رجلان فقال أحدهما: نجوز ونترك هذه في طريق السابلة قال: فما نصنع قال: نطمها فهممت أن أقول: أنا فيها فتوقرت: تتوكل علينا وتشكو بلاءنا إلى سوأنا فسكت فمضيا ورجعا بشيء جعلاه على راس البئر غطوها به فقالت لي نفسي أمنت طمها ولكن حصلت مسجونا فيها فمكثت يومي وليلتي فلما كان من الغد

(370)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 590)، وتاريخ بغداد (1/ 390)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 68)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (1/ 344).

ص: 311

ناداني شيء يهتف بي ولا أراه: تمسك بي شديداً فمددت يدي فوقعت على شيء خشن فتمسكت به فعلا وطرحني فتأملت فوق الأرض فذا هو سبع فلما رأيته لحقني شيء فهتف بي هاتف: يا أبا حمزة استنقذناك من البلاء بالبلاء وكفيناك ما تخاف بما تخاف.

وقيل: أن أبا حمزة تكلم يوماً على كرسيه ببغداد وكان يذكر الناس فتغير عليه حاله وتواجد فسقط عن كرسيه فمات بعد أيام. نقل الخطيب وفاته في سنة تسع وستين ومئتين. وأما السلمي فقال: توفي سنة تسع وثمانين ومئتين. قلت: تصحفت واحدة بالأخرى والصواب: ستين لا ثمانين.

وكذا ورخه ابن الأعرابي وقال: جاء من طرسوس فاجتمعوا عليه ببغداد وما زال مقبولاً حضر جنازته أهل العلم والنسك وغسله جماعة من بني هاشم وقدم الجنيد في الصلاة عليه فامتنع فتقدم ولده وكنت بائتاً في مسجده ليلة موته فأخبرت أنه كان يتلو حزبه حتى ختم تلك الليلة.

وكان صاحب ليل مقدماً في علم القرآن وخاصة في قراءة أبي عمرو وحملها عنه جماعة وكان سبب علته أن الناس كثروا فأتي بكرسي فجلس ومر في كلامه شيء اعجبه فردده وأغمي عليه فسقط وقد كان هذا يصيبه كثيراً فانصرف بين اثنين يوم الجمعة فتعلل ودفن في الجمعة الثانية بعد الصلاة وهو أول من تكلم في صفاء الذكر وجمع الهم والمحبة والشوق والقرب والأنس على رؤوس الناس وهو مولى لعيسى بن أبان القاضي وقد سمعته غير مرة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: يا صوفي ما تقول في هذه المسألة.

‌2316 - الموفق

(371)

ولي عهد المؤمنين الأمير الموفق أبو أحمد طلحة ومنهم من سماه: محمدا ابن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي أخو الخليفة المعتمد وولي عهده ووالد أمير المؤمنين المعتضد وأمه أم ولد. ولد سنة تسع وعشرين ومئتين.

(371)

ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 127)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 121)، والعبر (2/ 39)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (2/ 294)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 172).

ص: 312

وعقد له أخوه بولاية العهد من بعد ولده جعفر في سنة أحدى وستين ومئتين فكان الموفق بيده العقد والحل لا يبرم أمر دونه وكان من أعلاهم رتبة وأنبلهم رأيا واشجعهم قلباً وأوفرهم هيبة وأجودهم كفاً وكان محبوباً إلى الرعية ولا سيما لما استؤصل الخبيث طاغوت الزنج على يديه فأنه ما زال يحاربه حتى ظفر به ولذا لقبه الناس الناصر لدين الله.

قال إسماعيل الخطبي: لم يزل أمر الموفق يقوى ويزيد حتى صار صاحب الجيش وكلهم تحت يده ولما غلب على الأمر حظر على المعتمد واحتاط عليه وعلى ولده ووكل بهم وأجرى الأمور مجاريها. مات في صفر سنة ثمأن وسبعين ومئتين. وكان قد غضب على ابنه وسجنه خوفا منه فلما احتضر أخرجه وفوض إليه منصبه.

‌2317 - أبو أحمد القلانسي

(372)

شيخ الصوفية القدوة أبو أحمد مصعب بن أحمد البغدادي صاحب أبي حمزة وماتا في وقت. حكى عنه: الواعظ علي بن محمد المصري وغيره. قال ابن الأعرابي: الحكايات عن أخلاقه ومذاهبه يطول بها الكتاب صحب أبا عثمان والوراق وسافر مع عبد الله الرباطي وكان مقدماً على جميع مريدي بغداد لما كان فيه من السخاء والأخلاق ومراعاته مذاهب النسك مع طيب القلب ورقته وعلو الإشارة وشدة الاحتراق وعبارته كانت دون إشارته وله نكت وإشارات صحبته إلى أن مات فما رأيته بيت درهماً يتكلم في الأحوال والمقامات وكان النوري يقدمه في ذلك.

قال منبه البصري: سافرت مع أبي أحمد فجعنا جوعاً شديداً ففتح علينا بشيء من طعام فآثرني به وكان معنا سويق فقال: يا منبه تكون جملي يمزح قلت: نعم فكان يؤجرني السويق.

قال ابن الأعرابي: كان أبو أحمد يكرمه من أدركت كأبي حمزة وسعد الدمشقي والجنيد وابن الخلنجي ويحبونه ثم أنه تزوج فما أغلق باباً ولا ادخر شيئاً عن أصحابه

(372)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ترجمة 578)، وتاريخ بغداد (13/ 114)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 79)، واللباب لابن الأثير (3/ 67).

ص: 313

وحضرنا ليلة عرسه ومعنا الجنيد ورويم ومعنا قارئ يقول قصائد في الزهد فما زال أبو أحمد عامة ليله في النحيب والحركة إلى أن قال: وحج سنة سبعين ومئتين فمات بمكة بعد ذهاب الوفد فصلي عليه أمير مكة.

قال الخلدي: قال لي أبو أحمد القلانسي: فرق رجل أربعين ألفاً على ألفقراء فقال لي سمنون: أما ترى ما أنفق هذا وما قد عمله ونحن لا نرجع إلى شيء ننفقه فامض بنا إلى موضع فذهبنا إلى المدائن فصلينا أربعين ألف ركعة.

‌2318 - صاحب الأندلس

(373)

مر مع آبائه وهو: الأمير أبو عبد الله محمد بن صاحب الأندلس عبد الرحمن بن الحكم بن هاشم بن الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي المرواني القرطبي. من خيار ملوك المروانية كان ذا فضل وديانة وعلم وفصاحة وإقدام وشجاعة وعقل وسياسة. بويع بعد أبيه فس سنة ثمان وثلاثين ومئتين على مدائن الأندلس وكان كثير الغزو والتوغل في بلاد الروم يبقى في الغزوة السنة والسنتين قتلاً وسبياً. قال الحافظ بقي بن مخلد: ما رأيت ولا علمت أحدا من الملوك أبلغ لفظاً من الأمير محمد بن عبد الرحمن ولا أفصح ولا أعقل منه. قال سبط ابن الجوزي: هو صاحب وقعة سليط وهي ملحمة عظمى يقال: أنه قتل فيها ثلاث مئة ألف كافر وهذا شيء ما سمع بمثله قط ومدحته الشعراء. مات في صفر سنة ثلاث وسبعين ومئتين. وقام بعده ابنه المنذر فلم تطل أيامه.

(373)

ترجمته في العبر (2/ 52)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (3/ 224)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 164).

ص: 314

‌2319 - المروذي

(374)

الإمام القدوة الفقيه المحدث شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي نزيل بغداد وصاحب الإمام أحمد وكان والده خوارزميا وأمه مروذية. ولد في حدود المئتين. وحدث عن: أحمد بن حنبل ولازمه وكان أجل أصحابه وعن: هارون بن معروف ومحمد بن المنهال الضرير وعبيد الله بن عمر القواريري وسريج بن يونس ومحمد بن عبد الله بن نمير وعثمان بن أبي شيبة والعباس بن عبد العظيم ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وخلق سواهم. روى عنه: أبو بكر الخلال ومحمد بن عيسى بن الوليد ومحمد بن مخلد العطار وعبد الله الخرقي والد الفقيه أبي القاسم وأبو حامد أحمد ابن عبد الله الحذاء وآخرون. قال الخلال: أخبرنا محمد بن جعفر الراشدي سمعت إسحاق بن داود يقول: لا أعلم أحدا أقوم بأمر الإسلام من أبي بكر المروذي. وقال أبو بكر بن صدقة: ما علمت أحدا أذب عن دين الله من المروذي. قال الخلال: سمعت المروذي يقول: كان أبو عبد الله يبعث بي في الحاجة فيقول: قل ما قلت فهو على لساني فأنا قلته.

قال الخلال: خرج أبو بكر إلى الغزو فشيعوه إلى سامراء فجعل يردهم فلا يرجعون قال: فحزروا فإذا هم بسامراء سوى من رجع نحو خمسين ألفا فقيل له يا أبا بكر: أحمد الله فهذا علم قد نشر لك فبكى وقال: ليس هذا العلم لي أنما هو لأبي عبد الله أحمد. قال الخطيب في المروذي: هو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله وكان أحمد يأنس به وينبسط إليه وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله وقد روى عنه مسائل كثيرة.

(374)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 423)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 94)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 657) والعبر (2/ 54)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (7/ 393)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 166).

ص: 315

وقيل لعبد الوهاب الوراق: أن تكلم أحد في أبي طالب والمروذي أما البعد منه أفضل قال: نعم من تكلم في أصحاب أحمد ثم اتهمه فاتهمه فأن له خبئة سوء وأنما يريد أحمد. الخلال: حدثنا أحمد بن حمدون قال المروذي: رأيت كان القيامة قد قامت والملائكة حول بني آدم ويقولون: قد أفلح الزاهدون اليوم في الدنيا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أحمد هلم إلى العرض على الله. قال: فرأيت أحمد والمروذي وحده خلفه وقد رؤي أحمد راكباً فقيل: إلى أين يا أبا عبد الله قال: إلى شجرة طوبى نجلو أبا بكر المروذي.

قال الخلال: المروذي أول أصحاب أبي عبد الله واورعهم روى عن أبي عبد الله مسائل مشبعة كثيرة وأغرب على أصحابه في دقائق المسائل وفي الورع وهو الذي غمض أبا عبد الله وغسله ولم يكن أبو عبد الله يقدم عليه أحداً. توفي أبو بكر في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومئتين. وكان إماما في السنة شديد الاتباع له جلالة عجيبة ببغداد.

حدثنا إبراهيم بن إسماعيل القرشي في كتابه عن أسعد بن روح وعائشة بنت معمر قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء أخبرنا أحمد ابن محمود أخبرنا أبو بكر بن المقرئ حدثنا محمد بن دبيس ببغداد حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي حدثنا محمد بن أبي بكر البصري حدثنا سلام عن ثابت عن أنس قال: أوحى الله تعالى إلى يوسف: يا يوسف: من نجاك من القتل إذ هم إخوتك بقتلك قال: أنت يا رب قال: فمن نجاك من المرأة إذ هممت بها قال: أنت قال: فما بالك نسيتني وذكرت مخلوقاً قال: يا رب كلمة تكلم بها لساني ووجب قلبي قال: وعزتي لأخلدنك في السجن سنين. غريب موقوف.

أنبأنا شيخ الإسلام عبد الرحمن بن أبي عمر: أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا يحيى بن علي أخبرنا محمد بن علي العباسي أخبرنا عمر ابن إبراهيم الكتأني حدثنا أحمد بن عبد الله الحذاء حدثنا أحمد بن اصرم وأبو بكر المروذي قالا: حدثنا محمد بن نوح رفيق أحمد بن حنبل حدثنا إسحاق الأزرق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كل امة بعضها في الجنة وبعضها في النار إلا هذه الأمة فأنها كلها في الجنة".

ومات سنة مع المروذي: أحمد بن ملاعب والحسين بن محمد بن أبي معشر

ص: 316

وأبو داود صاحب السنن وأبو عوف البزوري ويحيى بن أبي طالب وأحمد بن محمد بن غالب غلام خليل ومحمد بن أصبغ بن الفرج وفهد بن سليمان الدلال.

‌2320 - أبو قلابة

(375)

الإمام الحافظ القدوة العابد محدث البصرة أبو قلابة عبد الملك بن الحافظ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي البصري. ولد سنة تسعين ومئة.

وسمع في حداثته من: يزيد بن هارون وروح بن عبادة وأبي عامر العقدي وعبد الله بن بكر السهمي وأبي عاصم النبيل وأبي عتاب سهل ابن حماد الدلال وعبيد بن عقيل الهلالي وعمر بن حبيب العدوي ويعقوب الحضرمي وسعد بن الربيع أبي زيد الهروي وعون بن عمارة ووالده محمد بن عبد الله وخلق سواهم. وكان أحد الأذكياء المذكورين.

حدث عنه: ابن ماجه وابن صاعد وأبو بكر النجاد وأبو سهل القطان وإبراهيم بن علي الهجيمي وأبو بكر الشافعي وأبو جعفر بن البختري والحافظ حفص بن عمر الأردبيلي وأبو سعيد بن الأعرابي وعلي بن الفضل البلخي الحافظ وإسحاق بن إبراهيم الجرجأني البحري وخلق كثير.

قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ لكونه يحدث من حفظه.

وقال أحمد بن كامل القاضي: قيل أن أبا قلابة كان يصلي في اليوم والليلة أربع مئة ركعة قال: ويقال: أنه حدث من حفظه بستين ألف حديث. وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: أمين مأمون كتبت عنه. وقال محمد بن جرير الطبري: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي قلابة الرقاشي.

(375)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1730)، وثقات ابن حبان (8/ 391)، وتاريخ بغداد (10/ 425)، والكاشف (2/ترجمة 3525)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 604)، والمغنى (2/ترجمة 3840)، والعبر (2/ 56)، وميزان الاعتدال (2/ترجمة 5245)، وتهذيب التهذيب (6/ 419)، وتقريب التهذيب (1/ 522)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4457)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 170).

ص: 317

قلت: توفي في شوال سنة ست وسبعين ومئتين.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه في كتابه أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن الحصين أخبرنا أبو طالب بن غيلان أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله حدثنا أبو قلابة سنة حدثنا يعقوب الحضرمي وسعيد بن عامر قالا حدثنا شعبة عن سفيان ح: وحدثنا أبو قلابة حدثنا أبو عاصم حدثنا سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أما أنا فلا آكل متكئا"

(376)

.

قرأت على عبد الحافظ بن بدران أخبرنا أبو محمد بن قدامة أخبرنا محمد بن الحسين الحاجب أخبرنا طراد بن محمد أخبرنا ابن حسنون حدثنا محمد بن عمرو الرزاز حدثنا عبد الملك بن محمد حدثنا يحيى بن طلحة إملاء سنة ست ومئتين سمعت سعيد بن جمهان يحدث عن سفينة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" احملوا عليه فأنه سفينة". هذا حديث حسن من العوالي بل هو أعلى ما وقع لأبي قلابة. قيل: أن أم أبي قلابة أريت وهي حامل به كانها ولدت هدهداً فقال لها عابر: أن صدقت رؤياك تلدين ولداً يكثر الصلاة.

‌2321 - رغيف

(377)

الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الله بن القاسم التميمي البصري الوراق ولقبه رغيف. سمع: عبيد الله بن معاذ وصالح بن حاتم بن وردان. وعنه: محمد بن مخلد وأبو سعيد بن الأعرابي.

توفي سنة تسع وستين ومئتين.

(376)

صحيح: أخرجه أحمد (4/ 308 و 309)، والبخاري (5398)، وأبو داود (3769) والترمذي (1830)، وابن ماجه (3262) من طريق على بن الأقمر، به.

(377)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 218).

ص: 318

‌2322 - الفسوي

(378)

الإمام الحافظ الحجة الرحال محدث اقليم فارس أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي من أهل مدينة فسا ويقال له: يعقوب بن أبي معاوية. مولده في حدود عام تسعين ومئة في دولة الرشيد: وله تاريخ كبير جم الفوائد ومشيخته في مجلد رويناها. ارتحل إلى الأمصار ولحق الكبار.

وسمع: أبا عاصم النبيل وعبيد الله بن موسى والأنصاري ومكي ابن إبراهيم وأبا عبد الرحمن المقرئ وأبا نعيم وعبد الله بن رجاء وأبا مسهر الغساني وعون بن عمارة وحبان بن هلال وسعيد بن أبي مريم وأبا الجماهر محمد بن عثمان وحجاج بن منهال وسعيد بن منصور وعبد الحميد بن بكار البيروتي وصفوان بن صالح وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي وإبراهيم ابن أبي طالب والحسن بن سفيان ألفسوي وعبد الرحمن بن خراش وأبو بكر بن أبي داود وأبو بكر بن خزيمة ومحمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني وأبو عوانة الإسفراييني وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي وهو راويته وخاتمة أصحابه.

قال الفسوي: وخرجت في سنة تسع عشرة فسمعت من آدم بن أبي اياس وأبي اليمان والوحاظي ومشايخ فلسطين ودمشق قال: وسمعت من هشام بن عمار في سنة اثنتين وأربعين. قال النسائي: لا بأس به. وجوان قيده الأمير بضم الجيم. وروي عن الحافظ أبي عبد الرحمن النهاوندي أنه سمع الفسوي يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر كلهم ثقات. قلت: ليس في مشيخته إلا نحو من ثلاث مئة شيخ فأين الباقي ثم في المذكورين جماعة قد ضعفوا.

(378)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ ترجمة 868)، واللباب لابن الأثير (2/ 432)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 607)، والعبر (2/ 58)، وتهذيب التهذيب (11/ 385)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 171).

ص: 319

قال الحافظ أبو إسحاق بن حمزة: سمعت أبي يقول: كنت رحلت إلى يعقوب بن سفيان فبقيت عنده ستة أشهر فقلت له: طال مقامي عندك ولي والدة فقال: رددت الباب على والدتي ثلاثين سنة.

وعن محمد بن القاسم بن بشر: سمعت محمد بن يزيد ألفسوي العطار سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كنت في رحلتي في طلب الحديث فدخلت إلى بعض المدن فصادفت بها شيخاً احتجت إلى الإقامة عليه للاستكثار عنه وقلت نفقتي وبعدت عن بلدي فكنت أدمن الكتابة ليلاً وأقرا عليه نهاراً فلما كان ذات ليله كنت جالساً أنسخ وقد تصرم الليل فنزل الماء في عيني فلم أبصر السراج ولا البيت فبكيت على أنقطاعي وعلى ما يفوتني من العلم فاشتد بكائي حتى اتكأت على جنبي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فناداني: يا يعقوب بن سفيان لم أنت بكيت فقلت: يا رسول الله ذذهب بصري فتحسرت على ما فاتني من كتب سنتك وعلى الانقطاع عن بلدي فقال: أدن مني فدنوت منه فأمر يده علي عيني كانه يقرأ عليهما قال: ثم استيقظت فأبصرت وأخذت نسخي وقعدت في السراج أكتب.

قال محمد بن إسماعيل الفارسي: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قدم علينا رجلان من نبلاء الرجال أحدهما وأجلهما يعقوب بن سفيان أبو يوسف يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلاً وذكر الثاني: حرب بن إسماعيل الكرماني فقال: هذا من الكتاب عني. أبو بكر الإسماعيلي: حدثنا محمد بن داود بن دينار الفارسي حدثنا يعقوب بن سفيان العبد الصالح بحديث ساقه.

الحافظ أبو ذر: سمعت أبا بكر أحمد بن عبدان يقول قدم يعقوب بن الليث الصفار صاحب خرسان إلى فارس فأخبر أن هناك رجلاً يتكلم في عثمان بن عفان وأراد بالرجل يعقوب الفسوي فأنه كان يتشيع فأمر بإحضاره من فسا إلى شيراز فلما أن قدم علم الوزير ما وقع في قلب السلطان فقال: أيها الملك أن هذا الرجل قد قدم ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا يريد بشيخه السجزي وأنما يتكلم في عثمان ابن عفان صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فلما سمع ذلك قال: مالي ولأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توهمت أنه يتكلم في عثمان بن عفان السجزي فلم يعرض له. قلت: هذه حكاية منقطعة فالله أعلم وما علمت يعقوب الفسوي إلا سلفياً وقد صنف كتاباً صغيراً في السنة.

ص: 320

قال أبو الشيخ: سمعت أحمد بن محمود بن صبيح يقول: مات يعقوب بن سفيان بفسا في سنة سبع وسبعين ومئتين ومات قبل أبي حاتم الرازي بشهر.

أخبرنا محمد بن محمد بن صاعد القاضي أخبرنا الحسن بن أحمد الأوقي أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا أحمد بن علي الطريثيثي أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا عبد الله بن درستويه أخبرنا يعقوب بن سفيان أخبرنا حاتم القزاز حدثنا زنفل العرفي. حدثنا ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أمرا قال" اللهم خر لي واختر لي"

(379)

. ومات معه أبو حاتم الرازي ومحمد بن الجهم وإبراهيم ابن أبي العنبس القاضي والحسن بن سلام السواق ومحمد بن الحسين الحنيني وعلي بن الحسن بن عبدويه الخزاز وعيسى زغات.

‌2323 - ابن ديزيل

(380)

الإمام الحافظ الثقة العابد أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين ابن علي الهمدأني الكسائي ويعرف بابن ديزيل. وكان يلقب بدابة عفان لملازمته له ويلقب بسيفنة وسيفنة: طائر ببلاد مصر لا يكاد يحط على شجرة إلا أكل ورقها حتى يعريها. فكذلك كان إبراهيم إذا ورد على شيخ لم يفارقه حتى يستوعب ما عنده. سمع بالحرمين ومصر والشام والعراق والجبال وجمع فأوعى. ولد قبل المئتين بمديدة.

(379)

ضعيف: أخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر"(44)، وأبى يعلى والترمذي (3516) من طريق زنفل بن عبد الله العرفى، به.

وقال الترمذي في إثره: هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من حديث زنْفل وهو ضعيف عند أهل الحديث، ويُقال له زَنفَل العَرَفى، وكان سكن عرفات، وتفرد بهذا الحديث، ولا يُتابع عليه.

قلت: نعم إسناده ضعيف، آفته زنفل هذا، قال ابن معين: ليس بشئ. وقال الدارقطني: ضعيف وقال النسائي: ليس بثقة.

(380)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 633)، والعبر (2/ 65)، والوافى بالوفيات (5/ 346)، ولسان الميزان (1/ 48)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 177).

ص: 321

وسمع: أبا نعيم وأبا مسهر ومسلم بن إبراهيم وعفان وأبا اليمان وسليمان بن حرب وآدم بن أبي اياس وعلي بن عياش وعمرو ابن طلحة القناد وعتيق بن يعقوب وأبا الجماهر والقعنبي وعبد السلام بن مطهر وقرة بن حبيب ويحيى الوحاظي وأصبغ بن الفرج وإسماعيل بن أبي أويس وعيسى قالون ونعيم بن حماد ويحيى بن بكير وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عوانة وأحمد بن هارون البرديجي وأحمد بن مروان الدينوري وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان وعلي بن حمشاذ النيساربوري وعمر بن حفص المستملي وأحمد بن صالح البروجردي وعبد السلام بن عبديل وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وأحمد بن عبيد وأحمد بن محمد المقرئ وإبراهيم بن أحمد بن أبي غأنم وعمر ابن سهل الحافظ وأحمد بن إسحاق بن نيخاب ومحمد بن عبد الله بن برزة والروذراوري وخلق كثير. وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

قال الحاكم: هو ثقة مأمون. وقال ابن خراش: صدوق اللهجة. قلت: إليه المنتهى في الإتقان روي عنه أنه قال: إذا كان كتابي بيدي وأحمد بن حنبل عن يميني ويحيى بن معين عن شمالي ما أبالي يعني: لضبط كتبه.

قال صالح بن أحمد في تاريخ همذان: سمعت جعفر بن أحمد يقول: سألت أبا حاتم الرازي عن ابن ديزيل فقال: ما رأيت ولا بلغني عنه إلا صدق وخير وكان معنا عند سليمان بن حرب وابن الطباع.

قلت: فعند أبي صالح قال: لا أحفظه قلت: فعند عفان قال: ولا أحفظه غير أني قد التقيت معه في غير موضع وليس كل الناس رأيتهم أنا عند المحدثين قال جعفر: فعارضني رجل فقال: يا أبا حاتم يذكر أن عنده عن عفان ثلاثين ألف حديث قال أبو حاتم: من ذكر أن عنده عن عفان ثلاثين ألف حديث فقد كذب كان عسراً في التحديث كنت أختلف اليه ثلاثة عشر شهراً ما كتبت عنه إلا مقدار خمس مئة حديث قلت: يا أبا حاتم نكذب على إبراهيم.

قال صالح: سمعت القاسم بن أبي صالح سمعت إبراهيم يقول: سمعت حديث همام عن أبي جمرة من عفان أربع مئة مرة لأنه كان يسأل عنه ولما دعي عفان للمحنة كنت أخذاً بلجام حماره قال صالح: فمن تكون مواظبته هكذا لا يكاد أن يبقي عنده شيئاً.

ص: 322

وسمعت أبا جعفر بن عبيد يقول: سألت إبراهيم بن الحسين عن محمد بن عبد العزيز الدينوري فقال: رأيته عند أبي نعيم وليس حده أن يكذب ولعله أدخل عليه فيما أنكروا عليه.

قال: سمعت القاسم بن أبي صالح سمعت إبراهيم يقول: كنت بالمدينة ووافى محمد بن عبد الجبار سندول فأفدته عن إسماعيل بن أبي اويس وكان إسماعيل يكرمه فلما دخل عليه اجلسه معه على السرير وقمت أنا عند الباب فجعل محمد يسأل إسماعيل فبصر بي فقال: هذا من عمل ذاك المكدي اخرجوه فأخرجت ثم خرجت مع محمد إلى مكة فجعلت أذاكره في الطريق فتعجب وقال: من أين لك هذا قلت: هذا سماع المكدين.

وسمعت القاسم سمعت يحيى الكرابيسي يقول: صححنا كتبنا بإبراهيم ومر يوماً حديث فقال يحيى: قد كنا سمعناه فقال إبراهيم: سمعتموه بالفارسية وتسمعونه اليوم بالعربية.

وسمعت من أصحابنا من يحكي عن ابن وهب الدينوري قال: كنا نذاكر إبراهيم بالحديث فتذاكرنا بالقماطر. وسمعت أبي يحكي عن ابن ماجة القزويني أنه قال: منعني الخروج إلى إبراهيم قلة ذات اليد.

وسمعت أحمد بن محمد يقول: لما وافى إبراهيم قال لي الدحيمي: قد وافى إبراهيم بن الكسائي فنحضر غداً مجلسه فلما حضرنا قال إبراهيم: أول ما نذاكر: حدثنا آدم بن أبي إياس فصعب على الدحيمي وقال: لا قلت خيراً قلت: تقول هذا قال: قد سوانا مع الصبيان.

قال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبي سمعت علي بن عيسى يقول: إن الإسناد الذي يأتي به إبراهيم لو كان فيه أن لا يؤكل الخبز لوجب أن لا يؤكل لصحة إسناده.

قال الحاكم: بلغني أن ابن ديزيل قال: كتبت حديث أبي جمرة عن ابن عباس عن عفان وسمعته منه أربع مئة مرة.

قال القاسم بن أبي صالح: سمعت إبراهيم بن ديزيل يقول: قال لي يحيى بن معين: حدثني بنسخة الليث عن ابن عجلان فإنها فاتتني على أبي صالح فقلت: ليس هذا وقته قال: متى يكون قلت: إذا مت.

ص: 323

قلت: عنى أني لا أحدث في حياتك فاساء العبارة.

لا تلمني على ركاكة عقلي

إن تيقنت أنني همذاني

قال القاسم بن أبي صالح: جاء أيام الحج أبو بكر محمد بن الفضل القسطاني وحريش بن أحمد إلى إبراهيم بن الحسين فسألاه عن حديث الإفك رواية الفروي عن مالك فحانت منه التفاته فقال له الزعفراني: يا أبا إسحاق تحدث الزنادقة قال: ومن الزنديق قال: هذا إن أبا حاتم الرازي لا يحدث حتى يمتحن فقال: أبو حاتم عندنا أمير المؤمنين في الحديث والامتحان دين الخوارج من حضر مجلسي فكان من أهل السنة سمع ما تقر به عينه ومن كان من أهل البدعة يسمع ما يسخن الله به عينه فقاما ولم يسمعا منه.

وقد طول الحافظ شيرويه ترجمة إبراهيم وذكر فيها بلا سند أنه قال إبراهيم: كتبت في بعض الليالي فجلست كثيراً وكتبت ما لا أحصيه حتى عييت ثم خرجت أتأمل السماء فكان أول الليل فعدت إلى بيتي وكتبت إلى أن عييت ثم خرجت فإذا الوقت آخر الليل فأتممت جزئي وصليت الصبح ثم حضرت عند تاجر يكتب حساباً له فورخه يوم السبت فقلت سبحان الله أليس اليوم الجمعة فضحك وقال: لعلك لم تحضر أمس الجامع قال: فراجعت نفسي فإذا أنا قد كتبت لليلتين ويوما.

قال أبو يعلى الخليلي في مشايخ ابن سلمة القطان قال: إبراهيم يسمى: سيفنة لكثرة ما يكون في كمه من الأجزاء قال: كان يكون في كمي خمسون جزئاً في كل جزء ألف حديث إلى أن قال: وهو مشهور بالمعرفة بهذا الشأن. وقال: مات سنة سبع وسبعين ومئتين كذا قال فوهم.

وروي عن عبد الله بن وهب الدينوري قال: كنا نذاكر إبراهيم بن الحسين فيذاكرنا بالقمطر نذكر حديثاً واحداً فيقول: عندي منه قمطر يريد طرقه وعلله واختلاف الفاظه.

والصحيح من وفاته ما أرخه علي بن الحسين الفلكي فقال: في آخر شعبان سنة إحدى وثمانين ومئتين وكذا أرخ القاسم بن أبي صالح.

أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن علوان ببعلبك أخبرنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم أخبرنا عبد الحق اليوسفي أخبرنا علي بن محمد العلاف أخبرنا عبد الملك بن محمد الواعظ اخبرنا أحمد بن إسحاق الطيبي حدثنا إبراهيم بن الحسين بهمذان حدثنا عفان حدثنا مبارك عن الحسن أخبرني أبو بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فإذا

ص: 324

سجد وثب الحسن بن علي على ظهره أو على عنقه فيرفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعا رفيقا لئلا يصرع فعل ذلك غير مرة فلما قضى صلاته قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد قال: "إنه ريحانتي من الدنيا وأن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين"

(381)

.

هذا حديث حسن من حسنات الحسن تفرد به عن أبي بكرة الثقفي الحسن بن أبي الحسن ومبارك بن فضالة: شيخ حسن.

وفيها مات: أحمد بن إسحاق الوزان وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وأبو بكر بن أبي الدنيا وعثمان بن خرزاذ وأبو زرعة الدمشقي وعبد الله بن محمد بن النعمان بأصبهان.

‌2324 - الحسن بن سلام

(382)

الإمام الثقة المحدث أبو علي البغدادي السواق.

حدث عن: عبيد الله بن موسى وأبي عبد الرحمن المقرئ وعمرو بن حكام وأبي نعيم وعفان بن مسلم وعدة. حدث عنه: ابن صاعد وإسماعيل الصفار وعثمان بن السماك وأبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وخلق سواهم. قال أبو بكر الخطيب: ثقة صدوق.

(381)

ورد مُقَطَّعًا صحيحًا: وهذا إسناد ضعيف، آفته مبارك، وهو ابن فضالة، فإنه مدلس، وقد عنعنه. وقد وردت قصة وثوب الحسن بن على رضي الله عنه على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحمد (3/ 493 - 494)، والنسائي (2/ 229) من طريق عبد الله بن شداد، عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتى العشاء وهو حامل حسنًا أو حُسينًا فتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى فسجد بين ظهرانى صلاته سجدة أطالها قال أبي فرفعتُ رأسى وإذ الصبىُّ على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعتُ إلى سجودى فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناسُ يا رسول الله إنك سجدتَ بين ظهرانى صلاتك سجدة أطَلْتَها حتى ظننا أنه قد حدث أمرٌ أو أنه يوحَى إليك قال: كلُّ ذلك لم يكن ولكنَّ ابنى ارتحلنى فكرهتُ أن أعَجِّلَهُ حتى يقضى حاجته" وإسناده صحيح. وأخرج البخاري (3753) من حديث ابن عمر مرفوعًا: "هما ريحانتاى من الدنيا". وأخرج البخاري (2704) من حديث أبي بكرة مرفوعًا عن الحسن بن على: "إن ابنى هذا سيد ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

(382)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 326)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 107).

ص: 325

قال أبو بكر الشافعي: مات في صفر سنة سبع وسبعين ومئتين.

‌2325 - الحسن بن مكرم

(383)

الإمام الثقة أبو علي البغدادي البزاز.

سمع: علي بن عاصم ويزيد بن هارون وروح بن عبادة وأبا النضر هاشم بن القاسم وطائفة.

حدث عنه: القاضي المحاملي وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وأبو سهل بن زياد وآخرون.

وثقه الخطيب. توفي في شهر رمضان سنة أربع وسبعين ومئتين.

‌2326 - أبو عصيدة

(384)

الشيخ العالم المحدث أبو جعفر أحمد بن عيد بن ناصح بن بلنجر الديلمي ثم البغدادي الهاشمي مولاهم الملقب بأبي عصيدة. حدث عن: علي بن عاصم ويزيد بن هارون وأبي داود الطيالسي وعبد الله بن بكر والأصمعي ومحمد بن مصعب القرقساني وعدة.

حدث عنه: علي بن محمد المصري الواعظ ومحمد بن جعفر الأدمي وعبد الله بن إسحاق الخرساني وعدة. في حديثه مناكير. قال ابن عدي: كان يسكن بسر من رأى يحدث عن الأصمعي ومحمد بن مصعب بمناكير وهو صاحب موعظة الأوزاعي للمنصور وتفرد به قلت: قد تابعه أحمد الحوطي قال: وأبو عصيدة مع هذا كله من أهل الصدق.

(383)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 432)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 93)، والعبر (2/ 53)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 165).

(384)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 258)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (3/ 228)، وميزان الاعتدال (1/ 118) وتهذيب التهذيب (1/ 60).

ص: 326

قلت: كان رأساً في العربية.

مات في سنة ثمان وسبعين ومئتين وكان من أبناء التسعين رحمه الله. وفيها مات إبراهيم بن الهيثم البلدي وعبد الكريم الديرعاقولي ومحمد بن شداد المسمعي وموسى بن سهل الوشاء وهاشم بن مرثد الطبراني وموسى بن عيسى بن المنذر الحمصي وأبو أحمد الموفق بالله ولي العهد.

‌2327 - إسحاق بن سيار

(385)

ابن محمد: الإمام الحافظ الثبت أبو يعقوب النصيبي. سمع: عبد الله بن داود الخريبي وأبا عاصم النبيل وأبا النضر هاشم بن القاسم وطبقتهم وجمع وصنف. قال ابن عساكر: إسحاق بن سيار بن محمد بن مسلم النصيبي حدث عن: عبيد الله بن موسى والخريبي ويحيى البابلتي وأبي نعيم وأبي مسهر وأبي النضر ومحمد بن جهضم وجنادة بن محمد. حدث عنه: جعفر الفريابي وابن صاعد ومحمد بن يوسف الهروي وأحمد بن نصر بن بجير وخيثمة بن سليمان ومحمد بن حمدون ابن خالد وآخرون. قال محمد بن حمدون في بعض أماليه: حدثنا إسحاق بن سيار إمام الأئمة حدثنا إبراهيم بن زكريا فذكر حديثاً.

وقال ابن أبي حاتم: كتب إلي إسحاق بن سيار ببعض حديثه وكان صدوقاً ثقة. قال أبو عروبة الحراني: مات بنصيبين في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ومئتين. قال ابن أبي حاتم: كان إسماعيل القاضي يقول: ما بقي في زماننا أحد تجب الرحلة إليه غير إسحاق بن سيار وأبي حاتم الرازي ويعقوب الفسوي.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أخبرنا الفتح بن عبد الله حدثنا أبو الفضل الأرموي ومحمد بن أحمد الطرائفي وابن الداية قالوا: أخبرنا أبوجعفر بن المسلمة أخبرنا أبو

(385)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 770)، والعبر (2/ 51)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 163).

ص: 327

الفضل الزهري حدثنا جعفر الفريابي حدثنا إسحاق بن سيار حدثنا أبو صالح حدثنا معاوة بن صالح عن المهاصر بن حبيب: أن عيسى بن مريم كان يقول: أن الذي يصلي ويصوم ولا يترك الخطايا مكتوب في الملكوت كذاباً.

وفيها مات: حنبل بن إسحاق وأحمد بن الوليد الفحام والفتح بن شخرف العابد وأبو أمية الطرسوسي وأبو إبراهيم أحمد بن سعد الزهري وأحمد بن يوسف التغلبي وأبو عبد الله بن ماجة القزويني وعبد الله بن حماد الآملي وخلق.

‌2328 - جعفر بن محمد بن شاكر

(386)

الإمام المحدث شيخ الإسلام أبو محمد البغدادي الصائغ أحد الأعلام. ولد قبل التسعين ومئة.

وسمع: حسين بن محمد المروذي وأبا نعيم وقبيصة بن عقبة وعفان بن مسلم وأبا غسان النهدي ومعاوية بن عمرو وسريج بن النعمان وطبقتهم. حدث عنه: موسى بن هارون وابن صاعد وأبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وعثمان بن السماك وابن نجيح وأبو بكر الشافعي ومحمد بن جعفر الأنباري وخلق سواهم. قال الخطيب: كان زاهداً ثقة صادقاً متقناً ضابطاً. وقال أبو الحسين بن المنادي: كان ذا فضل وعبادة وزهد أنتفع به خلق كثير في الحديث وأكثروا عنه لثقته وصلاحه. قال: وتوفي لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع وسبعين ومئتين وبلغ تسعين سنة سوى أشهر يسيرة رحمه الله. قلت: حديثه بعلو في الغيلانيات. وفيها: وفاة الخليفة المعتمد وأحمد بن الخليل البرجلاني وأحمد بن أبي خيثمة وأبو عيسى الترمذي وأبو يحيى بن أبي مسرة وإبراهيم بن عبد الله القصار.

(386)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 185 - 187)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 140) وتذكرة الحفاظ (2/ 635)، وتهذيب التهذيب (2/ 102)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1053)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 174).

ص: 328

‌2329 - ابن أبي العنبس

(386 م)

الإمام المحدث قاضي الكوفة أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق ابن أبي العنبس الزهري الكوفي.

سمع: جعفر بن عون ويعلى بن عبيد وجماعة. وعنه: أبو العباس بن عقدة وخيثمة بن سليمان وعلي بن محمد ابن الزبير القرشي وجماعة وروى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا مع تقدمه ومحمد بن خلف ووكيع. قال الخطيب: كان ثقة خيراً فاضلاً ديناً صالحاً ولي القضاء بعد أحمد بن محمد بن سماعة. قال محمد بن خلف: كتبت عنه سنة ثلاث وخمسين وهو على قضاء مدينة المنصور فبقي سنة وصرف لأن الموفق أراد أن يقرضه أموال الأيتام فقال لا والله ولا حبة فعزله ورده إلى قضاء الكوفة. مات في ربيع الآخر سنة سبع وسبعين ومئتين عن نيف وتسعين سنة. وله أخ ماجن صاحب نوادر.

‌2330 - كردوس

(387)

الإمام المتقن أبو الحسين خلف بن محمد بن عيسى الواسطي. سمع: علي بن عاصم ويزيد بن هارون وروحاً. وعنه: ابن ماجة وابن مخلد: وإسماعيل الصفار وابن أبي حاتم وابن الأعرابي وخيثمة. وثقة الدارقطني. توفي سنة أربع وسبعين ومئتين.

(386 م) ترجمته في تاربخ بغداد (6/ 25،26)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 105).

(387)

ترجمته في تاريخ بغداد (8/ 330 - 331)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 93)، والعبر (2/ 53)، والكاشف (1/ ترجمة 1412)، وتهذيب التهذيب (3/ 154)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1856)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 165).

ص: 329

‌2331 - ابن بلبل

(387 م)

الوزير الكبير الأوحد الأديب أبو الصقر إسماعيل بن بلبل الشيباني. أحد الشعراء والبلغاء والأجواد الممدحين. وزر للمعتمد في سنة خمس وستين ومئتين بعد الحسن بن مخلد ثم عزل ثم وزر ثم عزل ثم وزر ثالثاً عند القبض على صاعد الوزير سنة اثنتين وسبعين. وكان في رتبة كبار الملوك له راتب عظيم في اليوم مئة شاة وسبعون جدياً وقنطار حلواء ولما ولي العهد المعتضد قبض عليه وعذبه حتى هلك في سنة ثمان وسبعين ومئتين.

قال عبيد الله بن أبي طاهر: وقع اختيار الموفق لوزارته على أبي الصقر فاستوزر رجلا قلما رؤى مثله كفاية للمهم واستقلالاً بالأمور وأمضى للتدبير في أصح سبله وأعودها بالنفع وأحوطها لأعمال السلطان مع رفع قدره للأدب واهله وبذله لهم الكرائم مع الشجاعة وعلو الهمة وصغر الدنيا عنده إلا ما قدمه لمعاده مع سعة حلمه وكظمه وإفضاله على من أراد تلف نفسه.

قال أبو علي التنوخي: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن أحمد حدثنا سليمان بن الحسن قال: قال أبو العباس بن الفرات: حضرت مجلس ابن بلبل وقد جلس جلوساً عاماً فدخل إليه المتظلمون فنظر في أمورهم فما أنصرف أحد إلا بصلة أو ولاية أو قضاء حاجة أو أنصاف وبقي رجل في آخر المجلس يسأله تسييب إجارة قريته فقال: أن الموفق أمر أن لا أسيب شيئاً إلا عن أمره فسأخبره قال: فراجعنا الرجل وقال: متى أخرني الوزير فسد حالي فقال لكاتبه: اكتب حاجته في التذكرة فولى الرجل غير بعيد ثم رجع واستأذن ثم قال:

ليس في كل دولة وأوان

تتهيا صنائع الإحسان

فإذا أمكنتك يوما من الدهر

فبادر بها صروف الزمان

فقال لي: يا أبا العباس: اكتب له بتسييب إجارة ضيعته الساعة وأمر الصيرفي أن يدفع إليه خمس مئة دينار.

(387 م) ترجمته في الكامل لابن الأثير (7/ 328).

ص: 330

ويقال: أن فتاه ناوله مدة بالقلم فنقطت على دراعة مثمنة فجزع فقال: لا تجزع ثم أنشد:

إذا ما المسك طيب ريح قوم

كفأني ذاك رائحة المداد

فما شيء بأحسن من ثياب

على حافاتها حمم السواد

قلت: صدق وهي خال في ملبوس الوزراء. قال جحظة: قلت:

بأبي الصقر علينا

نعم الله جليلة

ملك في عينيه الدني

الراجيه قليله

فأمر لي بمئتي دينار. قال الصولي: ولد ابن بلبل سنة ثلاثين ومئتين ورأيته مرات فكان في نهاية الجمال وتمام القد والجسم فقبض عليه في صفر سنة ثمان وسبعين وقيد وألبس عباءة غمست في دبس ومرقة كوارع وأجلس في مكان حار وعذب بأنواع العذاب فمات في جمادى الأولى وقيل: رؤي في النوم فقيل: ما فعل الله بك قال: غفر لي بما لقيت لم يكن ليجمع علي عذاب الدنيا والآخرة.

وروى أبو علي التنوخي عن أبيه عن جماعة من أهل الحضرة أخبروه: أن المعتضد أمر بابن بلبل فاتخذ له تغاراً

(388)

كبيراً وملئ اسفيذاجاً

(389)

وبله ثم جعل رأسه فيه إلى عنقه ومسك عليه حتى خمد فلم يزل روحه يخرج بالضراط من أسفله حتى مات

‌2332 - أصبغ بن خليل

(390)

فقيه قرطبة ومفتيها أبو القاسم الأندلسي المالكي. أخذ عن: الغازي بن قيس قليلا وعن يحيى بن يحيى وأصبغ بن الفرج وسحنون وطائفة.

(388)

التغار: وعاء كبير. وهى فارسية معربة.

(389)

الاسفيذاج: هو كربونات الرصاص القاعدية كما في "المعجم الوسيط"(1/ 17 - 18).

(390)

ترجمته في ميزان الاعتدال (1/ 269)، ولسان الميزان (1/ 458).

ص: 331

وبرع في الشروط وكان لا يدري الأثر وقد اتهم في النقل ووضع في عدم رفع اليدين فيما قيل. وقال قاسم بن أصبغ: هو منعني السماع من بقي وسمعته يقول: أحب أن يكون في تابوتي خنزير ولا يكون فيه مصنف ابن أبي شيبة ثم دعا عليه قاسم. وقيل:؟ قرأ عليه أحمد بن خالد الحافظ اسم أسيد بن الحضير فرد عليه بخاء معجمة. روى عنه: هو وقاسم بن أصبغ ومحمد بن عبد الملك. وكان ذا تعبد وورع عفا الله عنه. عاش نحو التسعين ومات سنة ثلاث وسبعين ومئتين.

‌2333 - أبو داود

(391)

وابنه

سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عامر كذا اسماه عبد الرحمن بن أبي حاتم وقال محمد بن عبد العزيز الهاشمي: سليمان بن الأشعث بن بشر بن شداد وقال ابن داسة وأبو عبيد الآجري: سليمان ابن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد وكذلك قال أبو بكر الخطيب في تاريخه وزاد: ابن عمرو بن عمران. الإمام شيخ السنة مقدم الحفاظ أبو داود الأزدي السجستاني محدث البصرة. ولد سنة اثنتين ومئتين ورحل وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن. قال أبو عبيد الآجري: سمعته يقول: ولدت سنة اثنتين وصليت على عفان سنة عشرين ودخلت البصرة وهم يقولون: أمس مات عثمان بن الهيثم المؤذن فسمعت من أبي عمر الضرير مجلساً واحداً. قلت: مات في شعبان من سنة عشرين ومات عثمان قبله بشهر.

(391)

ترجمته في الجرح والتعديل (4/ترجمة 456)، وتاريخ أصبهان (1/ 334)، وتاريخ بغداد (9/ 55) والأنساب للسمعاني (7/ 46)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 97)، واللباب لابن الأثير (1/ 105)، ووفيات الأعيان (2/ترجمة 272)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 615)، والعبر (2/ 54)، والكاشف (1/ ترجمة 2089)، وتهذيب التهذيب (4/ 298)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2669)، وشذرات الذهب لابن لعماد الحنبلي (2/ 167).

ص: 332

قال: وتبعت عمر بن حفص بن غياث إلى منزله ولم أسمع منه وسمعت من سعيد بن سليمان مجلساً واحداً ومن عاصم بن علي مجلساً واحداً. قلت: وسمع بمكة من القعنبي وسليمان بن حرب. وسمع من: مسلم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء وأبي الوليد الطيالسي وموسى بن إسماعيل وطبقتهم بالبصرة.

ثم سمع بالكوفة من: الحسن بن الربيع البوراني وأحمد بن يونس اليربوعي وطائفة وسمع من: أبي توبة الربيع بن نافع بحلب ومن: أبي جعفر النفيلي وأحمد بن أبي شعيب وعدة بحران ومن حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه وخلق بحمص ومن صفوان بن صالح وهشام بن عمار بدمشق ومن إسحاق بن راهويه وطبقته بخراسان ومن أحمد بن حنبل وطبقته ببغداد ومن قتيبة بن سعيد ببلخ ومن أحمد بن صالح وخلق بمصر ومن إبراهيم بن بشار الرمادي وإبراهيم بن موسى الفراء وعلي بن المديني والحكم بن موسى وخلف بن هشام وسعيد بن منصور وسهل بن بكار وشاذ بن فياض وأبي معمر عبد الله بن عمرو المقعد وعبد الرحمن بن المبارك العيشي وعبد السلام بن مطهر وعبد الوهاب بن نجدة وعلي بن الجعد وعمرو بن عون وعمرو بن مرزوق ومحمد بن الصباح الدولابي ومحمد بن المنهال الضرير ومحمد بن كثير العبدي ومسدد بن مسرهد ومعاذ بن أسد ويحيى بن معين وأمم سواهم.

حدث عنه: أبو عيسى في جامعه والنسائي فيما قيل وإبراهيم ابن حمدان العاقولي وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن الأشناني البغدادي نزيل الرحبة راوي السنن عنه وأبو حامد أحمد بن جعفر الاشعري الأصبهاني وأبو بكر النجاد وأبو عمرو أحمد بن علي بن حسن البصري راوي السنن عنه وأحمد بن داود بن سليم وأبو سعيد بن الأعرابي راوي السنن بفوت له وأبو بكر أحمد بن محمد الخلال الفقيه وأحمد بن محمد بن ياسين الهروي وأحمد بن المعلى الدمشقي وإسحاق بن موسى الرملي الوراق وإسماعيل بن محمد الصفار وحرب بن إسماعيل الكرماني والحسن بن صاحب الشاشي والحسن بن عبد الله الذارع والحسين بن إدريس الهروي وزكريا بن يحيى الساجي وعبد الله بن أحمد الأهوازي عبدان وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو بكر بن أبي الدنيا وعبد الله ابن أخي أبي زرعة وعبد الله بن محمد بن يعقوب وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي وعلي بن الحسن بن العبد الأنصاري أحد رواة السنن وعلي بن عبد الصمد ما غمه

ص: 333

وعيسى بن سليمان البكري والفضل بن العباس بن أبي الشوارب وأبو بشر الدولابي الحافظ وأبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي راوي السنن ومحمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي البصري راوي كتاب القدر له ومحمد بن بكر بن داسة التمار من رواة السنن ومحمد بن جعفر بن الفريابي ومحمد بن خلف بن المرزبان ومحمد بن رجاء البصري وأبو سالم محمد بن سعيد الأدمي وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي المكي وأبو أسامة محمد ابن عبد الملك الرواس راوي السنن بفواتات وأبو عبيد محمد بن علي ابن عثمان الآجري الحافظ ومحمد بن مخلد العطار الخضيب ومحمد ابن المنذر شكر ومحمد بن يحيى بن مرداس السلمي وأبو بكر محمد بن يحيى الصولي وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني.

وقد روى النسائي في سننه مواضع يقول: حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن حرب وحدثنا النفيلي وحدثنا عبد العزيز بن يحيى المدني وعلي بن المديني وعمرو بن عون ومسلم بن إبراهيم وأبو الوليد فالظاهر أن أبا داود في كل الاماكن هو السجستاني فأنه معروف بالرواية عن السبعة لكن شاركه أبو داود سليمان بن سيف الحراني في الرواية عن بعضهم والنسائي فمكثر عن الحراني.

وقد روى النسائي في كتاب الكنى عن سليمان بن الأشعث ولم يكنه وذكر الحافظ ابن عساكر في النبل أن النسائي يروي عن أبي داود السجستاني.

أنبأني جماعة سمعوا ابن طبرزد أخبرنا أبو البدر الكرخي أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو عمر الهاشمي أخبرنا أبو علي اللؤلؤي أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن كثير أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال: عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس وقال: ثلاثون

(392)

.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد فيما أظن وعمر بن محمد الفارسي وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا أبو الحسن الداوودي

(392)

حسن: أخرجه أبو داود (5915) حدثنا محمد بن كثير، به. وإسناده حسن فيه جعفر بن سليمان الضُّبَعي البصري، صدرق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 334

أخبرنا عبد الله بن أحمد أخبرنا عيسى ابن عمر السمرقندي أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ أخبرنا محمد ابن كثير فذكره بنحوه. أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي عن أبي داود عن محمد بن كثير وأخرجه أبو عيسى في جامعه عن الحافظ عبد الله الدارمي فوافقناهما بعلو.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم الفقيه بقراءتي أخبرنا علي بن مختار أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي الصوفي أخبرنا علي بن أحمد الرزاز حدثنا أحمد بن سلمأن الفقيه حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث بالبصرة حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي الجلب فأن تلقاه متلق فاشتراه فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق

(393)

. هذا حديث صحيح غريب وأخرجه الترمذي من طريق عبيد الله ابن عمرو وهو من أفراده. وقع لنا عدة أحاديث لأبي داود وكتاب الناسخ له وسكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغيه الزنج فنشر بها العلم وكان يتردد إلى بغداد. قال الخطيب أبو بكر: يقال: أنه صنف كتابه السنن قديماً وعرضه على أحمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه. قال أبو عبيد: سمعت أبا داود يقول: رأيت خالد بن خداش ولم أسمع منه ولم أسمع من يوسف الصفار ولا من ابن الأصبهاني ولا من عمرو بن حماد والحديث رزق. قال أبو عبيد الآجري: وكان أبو داود لا يحدث عن ابن الحماني ولا عن سويد ولا عن ابن كاسب ولا عن محمد بن حميد ولا عن سفيان ابن وكيع.

وقال أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس مئه ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني كتاب السنن جمعت فيه أربعه آلاف حديث وثماني مئه حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ويكفي الإنسان

(393)

صحيح: أخرجه أبو داود (3437) حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، به.

وأخرجه مسلم (1519)(17) من طريق هشام القردوسي، عن ابن سيرين، قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلقَّوُا الجَلَب، فمن تلقَّاهُ فاشترى منه، فإذا أتى سيِّدُهُ السُّوقَ، فهو بالخيار".

ص: 335

لدينه من ذلك أربعة أحاديث أحدها قوله صلى الله عليه وسلم:" الأعمال بالنيات

(394)

والثاني:" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"

(395)

والثالث: قوله:" لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه"

(396)

والرابع: "الحلال بين" الحديث

(397)

. رواها الخطيب: حدثني أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم القاري الدينوري بلفظه: سمعت أبا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن الفرضي سمع ابن داسة

(394)

صحيح: أخرجه أحمد (25 و 43)، والبخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنسائي (1/ 58)، وابن ماجه (4227) من حديث عمر بن الخطاب مرفوعًا وتمامه:"إنما الأعمالُ بالنِّيات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبُهُا، أو إلى امرأة ينكِحها، فهجرتُهُ إلى ما هاجر إليه".

(395)

حسن لغيره: أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجه (3976) من طريق الأوزاعي، عن قُرَّة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف، آفته قُرَّة بن عبد الرحمن فإنه ضعيف. لكن له شاهد من حديث حسين بن على: أخرجه أحمد (1/ 201)، وهناد في "الزهد"(1118) من طريق حجاج بن دينار الواسطى، عن شعيب ابن خالد، عن حسين بن على، به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه؛ شعيب بن خالد لم يدرك الحسين بن على.

وأخرجه أحمد (1/ 201)، والطبراني في "الكبير"(2886) من طريق موسى بن داود حدثن عبد الله بن عمر، عن ابن شهاب، عن على بن حسين، عن أبيه، به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الله بن عمر، وهو العمرى، فإنه ضعيف.

وورد مرسلًا عن ابن شهاب، عن على بن الحسين، به مرفوعًا. عند مالك (2/ 903)، ومن طريقه وكيع في "الزهد"(364)، وهناد في "الزهد"(1117)، والترمذي (2318)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 360)، والقضاعي في "الشهاب"(193).

(396)

صحيح: أخرجه أحمد (3/ 176 و 272)، والبخاري (13)، ومسلم (45)، والترمذي (2515)، والنسائي (8/ 125)، وابن ماجه (66)، والدارمي (2/ 307)، وابن المبارك في "الزهد"(677)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(899)، وأبو عوانة (1/ 33)، وابن منده في "الإيمان"(296) من طرق عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك مرفوعًا بلفظ:"لا يؤمن أحدكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه".

(397)

صحيح: أخرجه أحمد (4/ 267 و 269 و 270 و 271)، والبخاري (52) و (2051)، ومسلم (1599)، وأبو داود (3329) و (3330)، والترمذي (1205)، والنسائي (7/ 241) و (8/ 327)، وابن ماجه (3984)، والدارمي (2/ 245)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 270 و 336)، والبيهقي في "السنن"(5/ 264)، والبغوي في "شرح السنة"(2031) من طرق عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، به.

ص: 336

قوله: يكفي الإنسان لدينه ممنوع بل يحتاج المسلم إلى عدد كثير من السنن الصحيحة مع القرآن.

قال أبو بكر الخلال: أبو داود الإمام المقدم في زمانه رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعه أحد في زمانه رجل ورع مقدم سمع منه أحمد بن حنبل حديثاً واحداً كان أبو داود يذكره. قلت: هو حديث أبي داود عن محمد بن عمرو الرازي عن عبد الرحمن بن قيس عن حماد بن سلمه عن أبي العشراء عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيره فحسنها

(398)

. وهذا حديث منكر تكلم في ابن قيس من اجله وإنما المحفوظ عند حماد بهذا السند حديث: أما تكون الذكاة إلا من اللبة

(399)

. ثم قال الخلال: وكان إبراهيم الأصبهاني ابن اورمة وأبو بكر بن صدقه يرفعون من قدره ويذكرونه بما لا يذكرون أحدا في زمانه مثله.

وقال أحمد بن محمد بن ياسين: كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان الحديث.

وقال أبو بكر محمد بن إسحاق الصاغاني وإبراهيم الحربي: لما صنف أبو داود كتاب السنن ألين لأبي داود الحديث كما الين لداود عليه السلام الحديد.

(398)

موضوع: آفته عبد الرحمن بن قيس، فقد كذبه ابن مهدى، وأبو زُرْعة.

وقال البخاري: ذهب حديثه. وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في جملة منكراته.

(399)

ضعيف: أخرجه أبو داود (2825)، والترمذي (1481)، وابن ماجه (3184) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، أما تكونُ الذكاة إلَّا من اللُّبَّة أو الحَلْق؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو طعنتَ في فخذها لأجزأ عنك". وقال أبو عيسى في إثره: هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من حديث حماد بن سلمة ولا نعرفه لأبي العُشراء عن أبيه غير هذا الحديث، واختلفوا في اسم أبي العُشراء، فقال بعضهم: اسمه أسامة بن قهْطم، ويُقال اسمه يسار بن بَرْز، ويُقال بَلْز، ويُقال اسمه عُطارد نُسب إلى جده.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو العُشراء الدارمي، قال الذهبي في "الميزان": لا يُدْرى من هو ولا من أبوه. قال البخاري: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر.

ص: 337

الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى سمعت محمد بن مخلد يقول: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث ولما صنف كتاب السنن وقرأه على الناس صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه. وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق أبو داود في الدنيا للحديث وفي الآخرة للجنة. وقال علان بن عبد الصمد: سمعت أبا داود وكان من فرسان الحديث. قال أبو حاتم بن حبان: أبو داود أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلماً وحفظاً ونسكاً وورعاً وإتقانا جمع وصنف وذب عن السنن. قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربعة البخاري ومسلم ثم أبو داود والنسائي. وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة سمع بمصر والحجاز والشام والعراقين وخراسان وقد كتب بخراسان قبل خروجه إلى العراق في بلده وهراة وكتب ببغلان عن قتيبة وبالري عن إبراهيم بن موسى إلا أن أعلى اسناده: القعنبي ومسلم بن إبراهيم وسمى جماعه قال: وكان قد كتب قديماً بنيسابور ثم رحل بابنه أبي بكر إلى خراسان روى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال: دخلت الكوفه سنه أحدى وعشرين وما رأيت بدمشق مثل أبي النضر الفراديسي وكان كثير البكاء كتبت عنه سنة اثنتين وعشرين.

قال القاضي الخليل بن أحمد السجزي: سمعت أحمد بن محمد بن الليث قاضي بلدنا يقول جاء سهل بن عبد الله التستري إلى أبي داود السجستاني فقيل يا أبا داود: هذا سهل بن عبد الله جاءك زائراً فرحب به واجلسه فقال سهل: يا أبا داود لي إليك حاجة قال: وما هي قال: حتى تقول: قد قضيتها مع الإمكان قال: نعم قال: أخرج الي لسانك الذي تحدث به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اقبله فأخرج اليه لسانه فقبله. روى إسماعيل بن محمد الصفار عن الصاغاني قال: لين لأبي داود السجستاني الحديث كما لين لداود الحديد. وقال موسى بن هارون: ما رأيت أفضل من أبي داود. قال ابن داسة: سمعت أبا داود يقول: ذكرت في السنن الصحيح وما يقاربه فأن كان فيه وهن شديد بينته.

ص: 338

قلت: فقد وفى رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده وبين ما ضعفه شديد ووهنه غير محتمل وكاسر عن ما ضعفه خفيف محتمل فلا يلزم من سكوته والحالة هذه عن الحديث أن يكون حسنا عنده ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاري ويمشيه مسلم وبالعكس فهو داخل في أداني مراتب الصحة فأنه لو أنحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج ولبقي متجاذباً بين الضعف والحسن فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان وذلك نحو من شطر الكتاب ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً سالماً من علة وشدود ثم يليه ما كان إسناده صالحاً وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعداً يعضد كل إسناد منهما الآخر ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالبا ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالباً وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته والله أعلم. قال الحافظ زكريا الساجي: كتاب الله أصل الإسلام وكتاب أبي داود عهد الإسلام.

قلت: كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء فكتابه يدل على ذلك وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد لازم مجلسه مدة وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول. وكان على مذهب السلف في اتباع السنة والتسليم لها وترك الخوض في مضائق الكلام. روى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: كان عبد الله بن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك. قال جرير بن عبد الحميد: وكان إبراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك وكان منصور يشبه بإبراهيم. وقيل: كان سفيان الثوري يشبه بمنصور وكان وكيع يشبه بسفيان وكان أحمد يشبه بوكيع وكان أبو داود يشبه بأحمد.

قال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي حدثني أبو بكر بن جابر خادم أبي داود رحمه الله قال: كنت مع أبي داود ببغداد فصلينا المغرب فجاءه الأمير أبو أحمد

ص: 339

الموفق يعني ولي العهد فدخل ثم أقبل عليه أبو داود فقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت قال: خلال ثلاث قال: وما هي قال: تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطناً ليرحل إليك طلبة العلم فتعمر بك فأنها قد خربت وأنقطع عنها الناس لما جرى عليها من محنة الزنج فقال: هذه واحدة قال: وتروي لأولادي السنن قال: نعم هات الثالثة قال: وتفرد لهم مجلساً فأن اولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة قال: أما هذه فلا سبيل اليها لأن الناس في العلم سواء. قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون في كم حيري عليه ستر ويسمعون مع العامة. قال ابن داسة: كان لأبي داود كم واسع وكم ضيق فقيل له في ذلك فقال: الواسع للكتب والآخر لا يحتاج إليه. قال أبو بكر بن أبي داود: سمعت أبي يقول: خير الكلام ما دخل الأذن بغير إذن.

قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: الليث روى عن الزهري وروى عن أربعة عن الزهري حدث عن: خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري. وسمعت أبا داود يقول: كان عمير بن هانئ قدرياً يسبح كل يوم مئة ألف تسبيحة قتل صبراً بدارياً أيام يزيد بن الوليد وكان يحرض عليه.

قال أبو داود: مسلمة بن محمد حدثنا عنه مسدد قال أبو عبيد: فقلت لأبي داود: حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:" إياكم والزنج فأنه خلق مشوه"

(400)

فقال: من حدث بهذا فاتهمه. وقال أبو داود: يونس بن بكير ليس هو عندي حجة هو والبكائي سمعا من ابن إسحاق بالري.

قال الحاكم: سليمان بن الأشعث السجستاني مولده بسجستان وله ولسلفه إلى الآن بها

(400)

موضوع: أخرجه ابن عدى في "الكامل"(5/ 83) من طريق عامر بن صالح الزبيري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

قلت: إسناده موضوع، عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام، كذبه بن معين وقال الدارقطني: متروك.

ص: 340

عقد وأملاك وأوقاف خرج منها في طلب الحديث إلى البصرة فسكنها وأكثر بها السماع عن سليمان بن حرب وأبي النعمان وأبي الوليد ثم دخل إلى الشام ومصر وأنصرف إلى العراق ثم رحل بابنه أبي بكر إلى بقية المشايخ وجاء إلى نيسابور فسمع ابنه من إسحاق بن منصور ثم خرج إلى سجستان وطالع بها أسبابه وانصرف إلى البصرة واستوطنها.

وحدثنا محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا أبي حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا عبد الرحمن بن قيس عن حماد بن سلمة عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة فحسنها"

(401)

.

قيل: أن أحمد كتب عن أبي هذا فذكرت له فقال: نعم قلت: وكيف كان ذلك فقال: ذكرنا يوماً أحاديث أبي العشراء فقال أحمد: لا أعرف له إلا ثلاثة أحاديث ولم يرو عنه إلا حماد حديث اللبة وحديث: رأيت علي أبي العشراء عمامة فذكرت لأحمد هذا فقال: امله علي ثم قال لمحمد بن أبي سمينة عند أبي داود حديث غريب فسألني فكتبه عني محمد بن يحيى بن أبي سمينة.

قال الحاكم: وأخبرنا أبو حاتم بن حبان: سمعت ابن أبي داود سمعت أبي يقول: أدركت من أهل الحديث من أدركت لم يكن فيهم أحفظ للحديث ولا اكثر جمعاً له من ابن معين ولا أورع ولا أعرف بفقه الحديث من أحمد وأعلمهم بعلله علي بن المديني ورأيت إسحاق على حفظه ومعرفته يقدم أحمد بن حنبل ويعترف له.

وحدثني أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة حدثني عبد الكريم بن النسائي حدثني أبي حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث بالبصرة قال: سمع الزهري من ثلاثة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنس سهل السائب سنين أبي جميلة محمود بن الربيع رجل من بلي ابن أبي صعير أبو أمامة بن سهل وقالوا: ابن عمر فقال: رأيت ابن عمر سن على وجهه الماء سناً وقالوا: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض وعبد الرحمن بن أزهر.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد وإسماعيل بن عبد الرحمن ومحمد بن بيان بقراءتي أخبركم الحسن بن صباح أخبرنا عبد الله بن رفاعة أخبرنا علي بن الحسن القاضي أخبرنا عبد الرحمن بن عمر النحاس قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن

(401)

موضوع: راجع تخريجنا السابق رقم (398).

ص: 341

الأعرابي حدثنا أبو داود سليمان بن حرب ومسدد قالا: أخبرنا حماد عن ثابت عن أبي بردة عن الأغر وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنه ليغان على قلبي وأني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة"

(402)

.

أخرجه مسلم أيضاً من حديث حماد هذا وهو ابن زيد وأخرجه مسلم من حديث عمرو بن مرة عن أبي بردة عن الأغر بن يسار المزني وقيل: الجهني وما علمته روى شيئاً سوى هذا الحديث.

وأخبرناه أبو سعيد الثغري أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف أخبرنا عبد الحق أخبرنا علي بن محمد أخبرنا أبو الحسن الحمامي أخبرنا ابن قانع حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة قال: عمرو بن مرة أخبرني قال: سمعت أبا بردة يحدث عن رجل من جهينة يقال له: الأغر وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فأني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة"

(403)

. قال أبو داود في سننه: شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبراً ورأيت أترجه على بعير وقد قطعت قطعتين وعملت مثل عدلين.

فأما سجستان الإقليم الذي منه الإمام أبو داود: فهو إقليم صغير منفرد متاخم لإقليم السند غربيه بلد هراة وجنوبيه مفازة بينه وبين إقليم فارس وكرمان وشرقيه مفازة وبرية بينه وبين مكران التي هي قاعدة السند وتمام هذا الحد الشرقي بلاد الملتان وشماليه أول الهند.

فأرض سجستان كثيرة النخل والرمل وهي من الإقليم الثالث من السبعة وقصبة سجستان هي: زرنج وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وتطلق زرنج على سجستان ولها سور وبها جامع عظيم وعليها نهر كبير وطولها من جزائر الخالدات تسع وثمانون درجة والنسبة إليها أيضاً: سجزي وهكذا ينسب أبو عوانة الإسفراييني أبا داود فيقول: السجزي وإليها ينسب مسند الوقت أبو الوقت السجزي وقد قيل وليس بشيء أن أبا داود من سجستان قرية من أعمال البصرة ذكره القاضي شمس الدين في وفيات الأعيان فأبو داود

(402)

صحيح: أخرجه أبو داود (1515) حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا حدثنا حماد، به.

وأخرجه مسلم (2702) من طرق عن حماد بن زيد، عن ثابت، به.

(403)

صحيح: أخرجه مسلم (2702)(42).

ص: 342

أول ما قدم من البلاد دخل بغداد وهو ابن ثمان عشرة سنة وذلك قبل أن يرى البصرة ثم ارتحل من بغداد إلى البصرة.

قال أبو عبيد الآجري: توفي أبو داود في سادس عشر شوال سنة خمس وسبعين ومئتين.

قلت: كان أخوه محمد بن الأشعث أسن منه بقليل وكان رفيقاً له في الرحلة. يروي: عن أصحاب شعبة. روى عنه: ابن اخيه أبو بكر بن أبي داود ومات كهلاً قبل أبي دواد بمدة.

‌2334 - أبو بكر

(404)

عبد الله بن سليمان بن الأشعث: الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد أبو بكر السجستاني صاحب التصانيف. ولد بسجستان في سنة ثلاثين ومئتين. وسافر به أبوه وهو صبي فكان يقول رأيت جنازة إسحاق بن راهويه. قلت: وكانت في سنة ثمان وثلاثين ومئتين في شعبان فأول شيخ سمع منه: محمد بن أسلم الطوسي وسر أبوه بذلك لجلالة محمد بن أسلم.

روى عن: أبيه وعمه وعيسى بن حماد زغبة وأحمد بن صالح ومحمد بن يحيى الزماني وأبي الطاهر بن السرح وعلي بن خشرم ومحمد بن بشار ونصر بن علي وعمرو بن عثمان الحمصي وكثير بن عبيد وموسى بن عامر المري ومحمود بن خالد ومحمد بن سلمة المرادي وهارون بن إسحاق ومحمد بن معمر البحراني وأبي سعيد الأشج وهارون بن سعيد الأيلي ومحمد بن مصفى وإسحاق الكوسج والحسن بن أحمد بن أبي شعيب وعمرو بن علي الفلاس وهشام بن خالد الدمشقي والحسن بن محمد الزعفراني وزياد بن أيوب والحسن بن عرفة ومحمد بن يحيى الذهلي وإسحاق

(404)

ترجمته في تاريخ أصبهان (2/ 66 و 67)، وتاريخ بغداد (9/ 464)، والمنتظم لابن الجوزي (6/ 28)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (2/ 405)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 768)، وميزان الاعتدال (2/ 433)، والعبر (2/ 164)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 222)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 273).

ص: 343

بن أبراهيم شاذان ويوسف بن موسى القطان وعباد بن يعقوب الرواجني وخلق كثير بخراسان والحجاز والعراق ومصر والشام وأصبهان وفارس. وكان من بحور العلم بحيث أن بعضهم فضله على أبيه. صنف السنن والمصاحف وشريعة المقارئ والناسخ والمنسوخ والبعث وأشياء.

حدث عنه خلق كثير منهم: ابن حبان وأبو أحمد الحاكم وأبو عمر بن حيويه وابن المظفر وأبو حفص بن شاهين وأبو الحسن الدارقطني وعيسى بن علي الوزير وابن المقرئ وأبو القاسم بن حبابة وأبو طاهر المخلص ومحمد بن عمر بن زنبور الوراق وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب وآخرون.

وكان يقول: دخلت الكوفة ومعي درهم وأحد فأخذت به ثلاثين مد باقلاً فكنت آكل منه وأكتب عن أبي سعيد الأشج فما فرغ الباقلاً حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث ما بين مقطوع ومرسل.

قال أبو بكر بن شاذان: قدم أبو بكر بن أبي داود سجستان فسألوه أن يحدثهم فقال: ما معي أصل فقالوا: ابن أبي داود وأصل قال: فأثاروني فأمليت عليهم من حفظي ثلاثين ألف حديث فلما قدمت بغداد قال البغداديون: مضى إلى سجستان ولعب بهم ثم فيجوا فيجاً اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة فكتبت وجيء بها وعرضت على الحفاظ فخطؤوني في ستة أحاديث منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت وثلاثة أخطأت فيها. هكذا رواها أبو القاسم الأزهري عن ابن شاذان ورواها غيره فذكر أن ذلك كان بأصبهان وكذا روى أبو علي النيسابوري الحافظ عن ابن أبي داود فالأزهري واهم.

قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحافظ سمعت ابن أبي داود يقول: حدثت من حفظي بأصبهان بستة وثلاثين ألفاً ألزموني الوهم فيها في سبعة أحاديث فلما انصرفت وجدت في كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به. قال الحافظ أبو محمد الخلال: كان ابن أبي داود إمام أهل العراق ومن نصب له السلطان المنبر وقد كان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو.

ص: 344

أبو ذر الهروي: أنبأنا أبو حفص بن شاهين قال: أملى علينا ابن أبي داود سنين وما رأيت بيده كتاباً أنما كان يملي حفظاً فكان يقعد على المنبر بعدما عمي ويقعد دونه بدرجة ابنه أبو معمر بيده كتاب فيقول له: حديث كذا فيسرده من حفظه حتى يأتي على المجلس.

قرأ علينا يوماً حديث الفتون من حفظه فقام أبو تمام الزينبي وقال: لله درك ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي فقال: كل ما كان يحفظ إبراهيم فأنا أحفظه وأنا اعرف النجوم وما كان هو يعرفها.

أنبأنا المسلم بن محمد وغيره: سمعوا أبا اليمن الكندي أنبأنا أبو منصور الشيباني أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: عبد الله بن أبي داود رحل به أبوه من سجستان يطوف به شرقاً وغرباً بخراسان والجبال وأصبهان وفارس والبصرة وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر والجزيرة والثغور يسمع ويكتب واستوطن بغداد وصنف المسند والسنن والتفسير والقراءات والناسخ والمنسوخ وغير ذلك وكان فقيهاً عالماً حافظاً. قلت: وكان رئيساً عزيز النفس مدلاً بنفسه سامحه الله.

قال أبو حفص بن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح بين ابن أبي داود وابن صاعد فجمعهما وحضر أبو عمر القاضي فقال الوزير: يا أبا بكر أبو محمد أكبر منك فلو قمت إليه فقال: لا أفعل فقال الوزير: أنت شيخ زيف فقال: الشيخ الزيف: الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الوزير: من الكذاب قال: هذا ثم قام وقال: تتوهم أني أذل لك لأجل رزقي وأنه يصل إلي على يدك والله لا آخذ من يدك شيئاً قال: فكان الخليفة المقتدر يزن رزقه بيده ويبعث به في طبق على يد الخادم.

قال أبو أحمد الحاكم: سمعت أبا بكر يقول: قلت لأبي زرعة الرازي: ألق علي حديثاً غريباً من حديث مالك فألقى علي حديث وهب ابن كيسان عن أسماء حديث: لا تحصي فيحصى عليك رواه عن عبد الرحمن بن شيبة وهو ضعيف فقلت له: يجب أن تكتبه عني عن أحمد بن صالح عن عبد الله بن نافع عن مالك فغضب أبو زرعة وشكاني إلى أبي وقال انظر ما يقول لي أبو بكر.

ويروى بإسناد منقطع: أن أحمد بن صالح كان يمنع المرد من حضور مجلسه فأحب أبو داود أن يسمع ابنه منه فشد على وجهه لحية وحضر فعرف الشيخ فقال: أمثلي يعمل

ص: 345

معه هذا فقال أبو داود: لا ينكر علي سوى جمع ابني من الكبار فأن لم يقاومهم بالمعرفة فاحرمه السماع.

حدث بها أبو القاسم بن السمرقندي حدثنا يوسف بن الحسن بن محمد التفكيري الزنجاني قال: سمعت الحسن بن علي بن بندار الزنجاني قال: كان أحمد بن صالح يمنع المرد من التحديث تنزهاً فذكرها وزاد: فاجتمع طائفة فغلبهم الابن بفهمه ولم يرو له أحمد بعدها شيئاً وحصل له الجزء الأول فأنا أرويه. قلت: بل أكثر عنه. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة كثير الخطأ في الكلام على الحديث.

وقد ذكره أبو أحمد بن عدي في كامله وقال: لولا أنا شرطنا أن كل من تكلم فيه ذكرناه لما ذكرت ابن أبي داود قال: وقد تكلم فيه أبوه وإبراهيم ابن أورمة وينسب في الابتداء إلى شيء من النصب. ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط ثم رده الوزير علي بن عيسى فحدث وأظهر فضائل علي رضي الله عنه ثم تحنبل فصار شيخاً فيهم وهو مقبول عند أصحاب الحديث وأما كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبين له منه وسمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود يقول: من البلاء أن عبد الله يطلب القضاء. ابن عدي: أنبأنا علي بن عبد الله الداهري سمعت أحمد بن محمد ابن عمرو كركرة سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب. قال ابن صاعد: كفانا ما قال فيه أبوه. ابن عدي: سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول: حدثني أبو بكر سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب. ابن عدي: سمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر بن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده فلما قرأ رقعته قال: أنت عندي والله منسلخ من العلم.

قال: وسمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن مندة بين يدي الله تعالى أنه قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة قال: حفيت أظافير فلان من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 346

قلت: هذا باطل وإفك مبين وأين إسناده إلى الزهري ثم هو مرسل ثم لا يسمع قول العدو في عدوه وما اعتقد أن هذا صدر من عروة أصلاً وابن أبي داود أن كان حكى هذا فهو خفيف الرأس فلقد بقي بينه وبين ضرب العنق شبر لكونه تفوه بمثل هذا البهتان فقام معه وشد منه رئيس أصبهان محمد بن عبد الله بن حفص الهمداني الذكواني وخلصه من أبي ليلى امير أصبهان وكان أنتدب له بعض العلويه خصماً ونسب إلى أبي بكر المقالة وأقام عليه الشهادة محمد بن يحيى بن مندة الحافظ ومحمد بن العباس الأخرم وأحمد بن علي بن الجارود واشتد الخطب وأمر أبو ليلى بقتله فوثب الذكواني وجرح الشهود مع جلالتهم فنسب ابن مندة إلى العقوق ونسب أحمد إلى أنه يأكل الربا وتكلم في الآخر وكان الهمداني الذكواني كبير الشأن فقام وأخذ بيد أبي بكر وخرج به من الموت فكان أبو بكر يدعو له طول حياته ويدعو على أولئك الشهود. حكاها أبو نعيم الحافظ ثم قال: فاستجيب له فيهم منهم من احترق ومنهم من خلط وفقد عقله. قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: كل الناس مني في حل إلا من رماني ببغض علي رضي الله عنه.

قال الحافظ ابن عدي: كان في الابتداء ينسب إلى شيء من النصب فنفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط فرده ابن عيسى فحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخاً فيهم. قلت: كان شهماً قوي النفس وقع بينه وبين ابن جرير وبين ابن صاعد وبين الوزير ابن عيسى الذي قربه.

قال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند ابن جرير فقيل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل الإمام علي فقال ابن جرير: تكبيرة من حارس. قلت: لا يسمع هذا من ابن جرير للعداوة الواقعة بين الشيخين. قال أبو بكر الخطيب: سمعت الحافظ أبا محمد الخلال يقول: كان أبو بكر أحفظ من أبيه أبي داود. وروى الإمام أبو بكر النقاش المفسر وليس بمعتمد أنه سمع أبا بكر ابن أبي داود يقول: أن في تفسيره مئة ألف وعشرين ألف حديث.

ص: 347

قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: كان ابن أبي داود امام العراق ونصب له السلطان المنبر وكان في وقته ببغداد مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ.

قلت: لعل قول أبيه فيه أن صح أراد الكذب في لهجته لا في الحديث فأنه حجة فيما ينقله أو كان يكذب ويوري في كلامه ومن زعم أنه لا يكذب أبداً فهو أرعن نسأل الله السلامة من عثرة الشباب ثم أنه شاخ وارعوى ولزم الصدق والتقى. قال محمد بن عبد الله بن الشخير: كان ابن أبي داود زاهداً ناسكاً صلى عليه يوم مات نحو من ثلاث مئة ألف إنسان وأكثر.

قال: ومات في ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاث مئة وخلف ثلاثة بنين: عبد الأعلى ومحمداً وأبا معمر عبيد الله وخمس بنات وعاش سبعاً وثمانين سنة وصلي عليه ثمانين مرة نقل هذا أبو بكر الخطيب.

قال المحدث يوسف بن الحسن التفكري: سمعت الحسن بن علي ابن بندار الزنجاني قال: كان أحمد بن صالح يمتنع علي المرد من التحديث تورعاً وكان أبو داود يسمع منه وكان له ابن أمرد فاحتال بأن شد على وجهه قطعة من شعر ثم أحضره وسمع فأخبر الشيخ بذلك فقال: أمثلي يعمل معه هذا قال أبو داود: لا تنكر علي واجمع ابني مع شيوخ الرواة فأن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه السماع. إسنادها منقطع.

قال أبو أحمد بن عدي سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول: سألت ابن أبي داود عن حديث الطير فقال: أن صح حديث الطير فنبوة النبي صلى الله عليه وسلم باطل لأنه حكى عن حاجب النبي صلى الله عليه وسلم خيانة يعني أنساً وحاجب النبي لا يكون خائناً.

قلت: هذه عبارة رديئة وكلام نحس بل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق قطعي أن صح خبر الطير وأن لم يصح وما وجه الارتباط هذا أنس قد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحتلم وقبل جريان القلم فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة فرضنا أنه كان محتلماً ما هو بمعصوم من الخيانة بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولاً ثم أنه حبس علياً عن الدخول كما قيل فكان ماذا والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت فلو حبسه أو رده مرات ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلا اللهم الا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد بقوله:" إيتني بأحب خلقك إليك يأكل معي" عدداً من الخيار يصدق على مجموعهم أنهم أحب الناس إلى الله كما يصح قولنا: احب الخلق إلى الله الصالحون فيقال: فمن احبهم إلى

ص: 348

الله فنقول: الصديقون والأنبياء فيقال: فمن احب الأنبياء كلهم إلى الله فنقول: محمد وإبراهيم وموسى والخطب في ذلك يسير وأبو لبابة مع جلالته بدت منه خيانة حيث أشار لبني قريظة إلى حلقه وتاب الله عليه وحاطب بدت منه خيانة فكاتب قريشاً بأمر تخفي به نبي الله صلى الله عليه وسلم من غزوهم وغفر الله لحاطب مع عظم فعله رضي الله عنه وحديث الطير على ضعفه فله طرق جمة وقد أفردتها في جزء ولم يثبت ولا أنا بالمعتقد بطلانه وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله وله على خطئه أجر واحد وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو والرجل فمن كبار علماء الإسلام ومن أوثق الحفاظ رحمه الله تعالى. قال ابنه عبد الأعلى: توفي أبي وله ست وثمانون سنة وأشهر.

أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الحميد قال: أنشدنا الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مئة أخبرتنا فاطمة بنت علي الوقاياتي أخبرنا علي بن بيان أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري حدثنا أبو حفص بن شاهين أنشدنا أبو بكر بن أبي داود لنفسه:

تمسك بحبل الله واتبع الهدى

ولا تك بدعيا لعلك تفلح

ودن بكتاب الله والسنن التي

أتت عن رسول الله تنجو وتربح

وقل: غير مخلوق كلام مليكنا

بذلك دأن الاتقياء وأفصحوا

ولا تك في القرآن بالوقف قائلاً

كما قال أتباع لجهم وأستجحموا

ولا تقل: القرآن خلق قرأته

فأن كلام الله باللفظ يوضح

وقل يتجلى الله للخلق جهرة

كما البدر لا يخفى وربك أوضح

وليس بمولود وليس بوالد

وليس له شبه تعالى المسبح

وقد ينكر الجهمي هذا وعندنا

بمصداق ما قلنا حديث مصرح

رواه جرير عن مقال محمد

فقل مثل ما قد قال في ذاك تنجح

وقد ينكرالجهمي أيضاً يمينه

وكلتا يديه بألفواضل تنفح

وقل ينزل الجبار في كل ليلة

بلا كيف جل الواحد المتمدح

إلى طبق الدنيا يمن بفضله

فتفرج أبواب السماء وتفتح

ص: 349

يقول ألا مستغفر يلق غافراً

ومستمنح خيرا ورزقا فيمنح

روى ذاك قوم لا يرد حديثهم

ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا

وقل: أن خير الناس بعد محمد

وزيراه قدماً ثم عثمان الأرجح

ورابعهم خير البرية بعدهم

علي حليف الخير بالخير منجح

وأنهم للرهط لا ريب فيهم

على نجب الفردوس بالنور تسرح

سعيد وسعد وابن عوف وطلحة

وعامر فهر والزبير الممدح

وقل خير قول في الصحابة كلهم

ولا تك طعاناً تعيب وتجرح

فقد نطق الوحي المبين بفضلهم

وفي الفتح أي للصحابة تمدح

وبالقدر المقدور أيقن فأنه

دعامة عقد الدين والدين أفيح

ولا تنكرن جهلاً نكيراً ومنكراً

ولا الحوض والميزان أنك تنصح

وقل: يخرج الله العظيم بفضله

من النار أجسادا من الفحم تطرح

على النهر في الفردوس تحيا بمائة

كحب حميل السيل إذ جاء يطفح

وأن رسول الله للخلق شافع

وقل في عذاب القبر: حق موضح

ولا تكفرن أهل الصلاة وأن عصوا

فكلهم يعصي وذو العرش يصفح

ولا تعتقد أي الخوارج أنه

مقال لمن يهواه يردي ويفضح

لا تك مرجيا لعوبا بدينه

ألا أنما المرجي بالدين يمزح

وقل: أنما الإيمان قول ونية

وفعل على قول النبي مصرح

وينقص طوراً بالمعاصي وتارة

بطاعته ينمي وفي الوزن يرجح

ودع عنك آراء الرجال وقولهم

فقول رسول الله أولى وأشرح

ولا تك من قوم تلهو بدينهم

فتطعن في أهل الحديث وتقدح

إذا ما اعتقدت الدهر يا صاح هذه

فأنت على خير تبيت وتصبح

ص: 350

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد بمصر أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا هبة الله بن الحسين أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور البزاز حدثنا عيسى بن علي حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث إملاء سنة أربع عشرة وثلاث مئة حدثنا محمد بن سليمان لوين حدثنا سليمان بن بلال عن أبي وجزة عن عمر بن أبي سلمة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا بني ادن وكل بيمينك وكل مما يليك واذكر اسم الله عز وجل" أخرجه أبو داود عن لوين فوافقناه بعلو.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد وأحمد بن محمد الحافظ وسنقر الثغري وأحمد بن مكتوم وعبد المنعم بن عساكر وعلي بن محمد الفقيه وطائفة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء حضوراً ح: وأخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر العلوي أخبرنا ابن البناء أخبرنا محمد بن محمد الزينبي أخبرنا محمد بن عمر بن خلف حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الله ابن سعيد حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز عن أبيه عن جده عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما في الجنة من شجرة إلا وساقها من ذهب". أخرجه الترمذي عن عبد الله وهو أبو سعيد الأشج فوافقناه بعلو.

‌2335 - عبيد الله بن واصل

(405)

ابن عبد الشكور بن زين: الإمام الحافظ البطل الكرار أبو الفضل الزيني البخاري محدث بخارى في وقته رحل ولقي الأعلام. وحدث عن: أبي الوليد الطيالسي وعبد السلام بن مطهر والحسن ابن سوار البغوي وعبدان بن عثمان بن المروزي ومسدد بن مسرهد ويحيى بن يحيى وطبقتهم.

روى عنه: محمد بن إسماعيل خارج الصحيح وصالح بن محمد جزرة وأهل بخارى وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري الأستاذ.

وكان والده من علماء الحديث رحل لقي ابن عيينة وابن وهب أكثر عنه ولده عبيد الله. قال أبو الفضل السليماني: روى عن عبيد الله شيوخنا وكان البخاري يتبجح به لقي سهل بن بكار وهلال بن فياض وسعيد بن منصور وسمى جماعة.

(405)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 628).

ص: 351

استشهد رحمه الله في وقعه خوكيجة في شوال سنة اثنتين وسبعين ومئتين وقيل: قتل سنة سبع وسبعين ومئتين وهو في عشر الثمانين.

أخبرنا أبو الفضل بن قدامة عن محمود بن منده أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا عبد الوهاب بن محمد العبدي أخبرنا أبي أخبرنا عبد الله ابن محمد بن الحارث حدثنا عبيد الله بن واصل عن الحسن بن سوار عن قيس عن عاصم بن سليمان عن عباس مولى بني هاشم قال:" رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في المسجد فحكه ثم لطخه بزعفران".

‌2336 - عن أبي غرزة

(406)

الإمام الحافظ الصدوق أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غرزة أبو عمرو الغفاري الكوفي صاحب المسند. ولد سنة بضع وثمانين ومئة. سمع: جعفر بن عون ويعلى بن عبيد وعبيد الله بن موسى وإسماعيل بن أبان وعفان وأحمد بن يونس وعدة. حدث عنه: مطين وابن دحيم الشيباني وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم وأبو العباس بن عقدة وخلق كثير. وله مسند كبير وقع لنا منه جزء. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان متقناً. قلت: توفي سنة ست وسبعين ومئتين في ذي الحجة.

‌2337 - ابن أبي الخناجر

(407)

الإمام المحدث مسند طرابلس أبو علي أحمد بن محمد بن يزيد بن مسلم بن أبي الخناجر الأنصاري الشامي الأطرابلسي.

(406)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 40)، واللباب لابن الأثير (2/ 378)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 617)، والعبر (2/ 55)، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 298)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 168).

(407)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 144)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 165).

ص: 352

حدث عن: يزيد بن هارون ويحيى بن أبي بكير ومؤمل بن إسماعيل ومحمد بن مصعب القرقساني ومعاوية بن عمرو وعدة. روى عنه: أبو نعيم بن عدي وابن جوصا وابن صاعد وابن أبي حاتم وخيثمة بن سليمان وآخرون. قال أبن أبي حاتم: صدوق. وقيل: كان لبيباً حليماً قال ابن دحيم: توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين ومئتين. وسمعه خيثمة يقول: وقف المأمون على مجلس يزيد وكنت فيهم وفي المجلس ألوف فالتفت إلى أصحابه وقال: هذا الملك.

‌2338 - النرسي

(408)

الإمام المحدث الثقة أبو بكر أحمد بن عبيد بن ادريس الضبي مولاهم البغدادي النرسي. سمع: أبا بدر شجاع بن الوليد ويزيد بن هارون وروح بن عبادة ويحيى بن أبي بكير وشبابة بن سوار وطبقتهم. حدث عنه: ابن صاعد وعثمان بن السماك ومكرم بن أحمد القاضي وأحمد بن كامل وأبو بكر الشافعي وآخرون. ويقع حديثه عالياً في الغيلانيات. قال: أبو بكر الخطيب: كان ثقة أميناً. وقال ابن كامل: توفي في خامس ذي الحجة سنة ثمانين ومئتين. وقال مرة أخرى: مات في خامس ذي الحجة سنة تسع وسبعين. وقال أبو الحسين بن المنادي: مات سنة ثمانين وقد وثقه الحافظ الدارقطني وكان مولده في سنة ست وثمانين ومئة.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا ظفر بن سالم أخبرنا هبة الله بن أحمد أخبرنا محمد

(408)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 250).

ص: 353

بن علي بن أبي عثمان سنة ثمان وسبعين وأربع مئة أخبرنا محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي حدثنا أبو عمر الزاهد حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حريز بن عثمان سمعت حبيب بن عبيد الرحبي يقول: تعلموا العلم واعقلوه وتفقهوا به ولا تعلموه لتجملوا به فإنه يوشك أن طال بكم عمر أن يتجمل بالعلم كما يتجمل ذو البز ببزه.

‌2339 - محمد بن إسماعيل بن يوسف

(409)

الإمام الحافظ الثقة أبو إسماعيل السلمي الترمذي ثم البغدادي. ولد بعد التسعين ومئة.

وسمع: محمد بن عبد الله الأنصاري وأبا نعيم وقبيصة بن عقبة ومسلم بن إبراهيم والحميدي وسعيد بن أبي مريم وعارماً وحماد بن مالك الحرستاني وإسحاق بن الأركون ونعيم بن حماد وطبقتهم بالحجاز والشام ومصر والعراق. وعني بهذا الشأن وجمع وصنف وطال عمره ورحل الناس اليه.

حدث عنه: أبو داود والترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا وموسى ابن هارون وابن صاعد وابن مخلد والمحاملي وإسماعيل الصفار وأحمد بن كامل وخيثمة بن سليمان وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي وأبو بكر النجاد وأبو عبد الله بن محرم وخلق كثير. قال النسائي: ثقة. وقال: الدارقطني: ثقة صدوق تكلم فيه أبو حاتم. وقال الخطيب: كان فهماً متقناً مشهوراً بمذهب السنة. وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه بمكة وتكلموا فيه. قلت: أنبرم الحال على توثيقه وإمامته. قال أبو الحسين بن المنادي: توفي في رمضان سنة ثمانين ومئتين.

(409)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 351)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 1085)، وثقات ابن حبان (9/ 122)، وتاريخ بغداد (2/ 42)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 629)، والكاشف (3/ترجمة 4799)، والعبر (2/ 64 و 309)، وميزان الاعتدال (3/ترجمة 7240)، وتهذيب التهذيب (9/ 62)، وتقريب التهذيب (2/ 145)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6062).

ص: 354

‌2340 - الحنيني

(410)

الإمام المحدث الحافظ المتقن أبو جعفر محمد بن الحسين بن موسى بن أبي الحنين الحنيني الكوفي صاحب المسند وقع لنا مسند أنس من مسنده. سمع: عبيد الله بن موسى وأبا نعيم والقعنبي وأبا غسان النهدي ومسدداً. وحدث بالموطأ عن القعنبي. حدث عنه: ابن مخلد وأبو عبد الله المحاملي وعثمان بن السماك وأبو سهل بن زياد ومكرم القاضي ومحمد بن علي بن دحيم وطائفة سواهم. وثقه الدارقطني وغيره. مات في سنة سبع وسبعين ومئتين.

‌2341 - المقدسي

المحدث الإمام أبو عبد الله أحمد بن مسعود المقدسي الخياط. حدث عن: عمرو بن أبي سلمة التنيسي والهيثم بن جميل الأنطاكي ومحمد بن كثير المصيصي ومحمد بن عيسى الطباع وطبقتهم. وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي وأبو عوانة الإسفراييني وأبو القاسم الطبراني وآخرون. لقيه الطبراني ببيت المقدس سنة أربع وسبعين ومئتين.

‌2342 - حرب

(411)

الإمام العلامة أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني الفقيه تلميذ أحمد بن حنبل. رحل وطلب العلم.

(410)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1263)، وتاريخ بغداد (2/ 225)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 109) واللباب لابن الأثير (1/ 398)، والعبر (2/ 58)، وشذرات الذهب ابن العماد الحنبلي (2/ 171).

(411)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ترجمة 1128)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 638)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 176).

ص: 355

وأخذ عن: أبي الوليد الطيالسي وأبي بكر الحميدي وأبي عبيد وسعيد بن منصور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. روى عنه: القاسم بن محمد الكرماني نزيل طرسوس وعبد الله بن إسحاق النهاوندي وعبد الله بن يعقوب الكرماني وأبو حاتم الرازي رفيقه وأبو بكر الخلال وآخرون. قال الخلال: كان رجلاً جليلاً حثني المروذي على الخروج إليه. قلت: مسائل حرب من أنفس كتب الحنابلة وهو كبير في مجلدين. قيد تاريخ وفاته عبد الباقي بن قانع في سنة ثمانين ومئتين. قلت: عمر وقارب التسعين وما علمت به بأساً رحمه الله تعالى.

‌2343 - السري بن خزيمة

ابن معاوية الإمام الحافظ الحجة أبو محمد الأبيوردي محدث نيسابور. سمع في الرحلة من: أبي عبد الرحمن المقرئ وأبي نعيم وعبدان ابن عثمان ومسلم بن إبراهيم ومحمد بن الصلت وطبقتهم. حدث عنه: أبو بكر بن خزيمة وإبراهيم بن أبي طالب وأبو حامد بن الشرقي ومحمد بن صالح بن هانئ والحسن بن يعقوب وعدد كثير.

قال الحاكم: هو شيخ فوق الثقة ورد نيسابور سنة سبعين ومئتين وبقي بها يحدث إلى سنة أربع وسبعين ثم انصرف إلى أبيورد فسمعت محمد بن صالح يقول: لما قتل حيكان يعني ابن الذهلي رفضوا الحديث والمجالس حتى لم يقدر أحد أن يأخذ بنيسابور محبرة إلى أن من الله علينا بورود السري بن خزيمة فاجتمعنا لنذهب إليه فلم نقدر فقصدنا أبا عثمان الحيري الزاهد واجتمع الناس عنده فأخذ هو محبرة بيده وأخذنا المحابر بأيدينا فلم يقدر أحد من المبتدعة أن يتقرب منا فخرج السري فأملى علينا وابن خزيمة ينتخب.

قال الحاكم: وسمعت الحسن بن يعقوب يقول: ما رأيت مجلساً أبهى من مجلس السري بن خزيمة ولا شيخاً أبهى منه كانوا يجلسون بين يديه وكأنما على رؤوسهم الطير وكان لا يحدث إلا من أصل كتابه رحمه الله.

ص: 356

أخبرنا سنقر الزيني بحلب أخبرنا علي بن محمود أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا القاسم بن الفضل أخبرنا يحيى بن إبراهيم أخبرنا محمد بن يعقوب الحافظ حدثنا السري بن خزيمة حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا ايوب عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من حلف بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال ومن قتل نفسه بشيء عذب به في جهنم ولعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله"

(412)

. توفي أظنه في سنة خمس وسبعين ومئتين.

‌2344 - أبو حاتم الرازي

(413)

وابنه

محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران: الإمام الحافظ الناقد شيخ المحدثين الحنظلي الغطفاني من تميم بن حنظلة بن يربوع وقيل: عرف بالحنظلي لأنه كان يسكن في درب حنظلة بمدينة الري. كان من بحور العلم طوف البلاد وبرع في المتن والإسناد وجمع وصنف وجرح وعدل وصحح وعلل. مولده سنة خمس وتسعين ومئة. وأول كتابه للحديث كان في سنة تسع ومئتين وهو من نظراء البخاري ومن طبقته ولكنه عمر بعده أزيد من عشرين عاماً.

سمع: عبيد الله بن موسى ومحمد بن عبد الله الأنصاري والأصمعي وقبيصة وأبا نعيم وعفان وعثمان بن الهيثم المؤذن وأبا مسهر الغساني وأبا اليمان وسعيد بن أبي مريم وزهير بن عباد ويحيى بن بكير وأبا الوليد وآدم بن أبي إياس وثابت بن محمد

(412)

صحيح: أخرجه البخاري (1363)، ومسلم (110)، وأبو داود (3257)، والترمذي (2636)، والنسائي (7/ 5 - 6).

(413)

ترجمته في الجرح والتعديل (1/ 349 - 375) و (7/ ترجمة 1133)، وثقات ابن حبان (9/ 137). وتاريخ بغداد (2/ 73)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 107)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 592)، والكاشف (3/ ترجمة 4781)، وتهذيب التهذيب (9/ 31 - 34)، وتقريب التهذيب (2/ 143)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6041)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 171).

ص: 357

الزاهد وأبا زيد الأنصاري النحوي وعبد الله بن صالح العجلي وعبد الله بن صالح الكاتب وأبا الجماهر محمد بن عثمان وهوذة بن خليفة ويحيى الوحاظي وأبا توبة الحلبي وخلقاً كثيراً وينزل إلى بندار وأبي حفص الفلاس والربيع المرادي ثم إلى ابن وارة ومحمد بن عوف. ويتعذر استقصاء سائر مشايخه فقد قال الخليلي: قال لي أبو حاتم اللبان الحافظ: قد جمعت من روى عنه أبو حاتم الرازي فبلغوا قريبا من ثلاثة آلاف.

حدث عنه: ولده الحافظ الإمام أبو محمد بن عبد الرحمن بن أبي حاتم ويونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المؤذن شيخاه وأبو زرعة الرازي رفيقه وقرابته وأبو زرعة الدمشقي وإبراهيم الحربي وأحمد الرمادي وموسى بن إسحاق الأنصاري وأبو بكر بن أبي الدنيا وأبو عبد الله البخاري فيما قيل وأبو داود وأبو عبد الرحمن النسائي في سننهما وابن صاعد وأبو عوانة الإسفراييني وحاجب بن أركين ومحمد بن إبراهيم الكناني وزكريا بن أحمد البلخي والقاضي المحاملي ومحمد بن مخلد العطار وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان وأبو عمرو محمد ابن أحمد بن حكيم وسليمان بن يزيد الفامي والقاسم بن صفوان وأبو بشر الدولابي وأبو حامد بن حسنويه وخلق كثير. وقد حدث في رحلاته بأماكن وارتحل بابنه ولقي به أصحاب ابن عيينة ووكيع.

قال الحافظ أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عديك حدثنا الربيع المرادي حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا داود الجعفري حدثنا عبد العزيز ابن محمد عن إبراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خير نساء العالمين مريم وآسية امرأة فرعون وخديجة وفاطمة"

(414)

ثم قال ابن عدي: وحدثناه أبو حاتم.

قال صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي صالح وسليمان بن يزيد قالا: حدثنا أبو حاتم قال: حدثني أبو زرعة عني عن أبي الجماهر أخبرنا إسماعيل بن

(414)

صحيح: ورد عن أنس بن مالك مرفوعًا وتمامه: "حَسْبُك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خُويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون" أخرجه عبد الرزاق (20919)، ومن طريقه أخرجه أحمد (3/ 135)، وفي "فضائل الصحابة"(1325) و (1337)، والترمذي (3878)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(147)، والطبراني في "الكبير"(22/ 1003) و (23/ 3)، والحاكم (3/ 157)، والبغوي (3955) عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، به.

ص: 358

عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن مجاهد عن ابن عباس يرفعه قال:" رفع القلم عن ثلاثة"

(415)

. قال أبو حاتم: كان عندي هذا في قرطاس فضاع رواه الحافظ أبو بكر الخطيب حدثنا علي بن طلحة حدثنا صالح.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت موسى بن إسحاق القاضي يقول: ما رأيت أحفظ من والدك وكان قد لقي أبا بكر بن أبي شيبة وابن نمير وابن معين ويحيى الحماني. قال الخطيب: كان أبو حاتم أحد الأئمة الحفاظ الأثبات أول سماعه سنة تسع ومئتين.

قال أبو الشيخ الحافظ: حكى لنا عبد الله بن محمد بن يعقوب: سمعت أبا حاتم يقول: نحن من اهل أصبهان من قرية جروكان وأهلنا كانوا يقدمون علينا في حياة أبي ثم أنقطعوا عنا.

قال الخليلي: كان أبو حاتم عالماً باختلاف الصحابة وفقه التابعين ومن بعدهم سمعت جدي وجماعة سمعوا علي بن إبراهيم القطان يقول: ما رأيت مثل أبي حاتم فقلنا له: قد رأيت إبراهيم الحربي وإسماعيل القاضي قال: ما رأيت أجمع من أبي حاتم ولا أفضل منه.

(415)

صحيح: ورد عن عائشة مرفوعًا وتمامه: "رُفع عن القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق".

أخرجه أحمد (6/ 100 - 101 و 144)، وأبو داود (4398)، وابن ماجه (2041)، والدارمي (2/ 171)، وابن الجارود في "المنتقى"(148) من طرق عن حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان الأشعري، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.

قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد بن قيس النخعي. وورد عن على مرفوعًا: عند أبي داود (4399) و (4400) و (4401)، وابن خزيمة (1003) و (3048)، والحاكم (1/ 258) و (2/ 59) و (4/ 389) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي - والدارقطني (3/ 138 - 139) من طريق الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، عن على به مرفوعًا.

وأخرجه أحمد (1/ 154 و 158)، والطيالسي (90)، وأبو داود (402)، والبيهقي (8/ 264 - 265) من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، عن على، به مرفوعًا.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم، وأبو ظبيان: هو حصين بن جندب بن الحارث الجنبي.

ص: 359

علي بن إبراهيم الرازي: حدثنا أحمد بن علي الرقام سمعت الحسن بن الحسين الدراستيني قال: سمعت أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة: ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك فقلت له: أن عبد الرحمن ابني لحريص فقال: من أشبه أباه فما ظلم قال الرقام: فسألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له وسؤالاته لأبيه فقال: ربما كان يأكل وأقرأ عليه ويمشي وأقرأ عليه ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه. قال أحمد بن سلمة النيسابوري: ما رأيت بعد إسحاق ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث من أبي حاتم الرازي ولا أعلم بمعانيه.

قال ابن عدي: سمعت القاسم بن صفوان سمعت أبا حاتم يقول: أورع من رأيت أربعة: آدم وأحمد بن حنبل وثابت بن محمد الزاهد وأبو زرعة الرازي قال القاسم: فذكرته لعثمان بن خرزاذ فقال: أنا اقول أحفظ من رأيت أربعة: محمد بن المنهال الضرير وإبراهيم بن عرعرة وأبو زرعة وأبو حاتم. قال ابن أبي حاتم: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان ودعا لهما وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين. وقال محمد بن الحسين بن مكرم: سمعت حجاج بن الشاعر وذكرت له أبا زرعة وابن وارة وأبا جعفر الدارمي فقال: ما بالمشرق أنبل منهم.

ابن أبي حاتم: سمعت أبي قال لي هشام بن عمار أي شيء تحفظ من الأذواء قلت: ذو الأصابع وذو الجوشن وذو الزوائد وذو اليدين وذو اللحية الكلابي وعددت له ستة فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة وزدت انت ثلاثة. قال الحافظ عبد الرحمن بن خراش: كان أبو حاتم من أهل الامأنة والمعرفة. وقال هبة الله اللالكائي: كان أبو حاتم إماماً حافظاً متثبتاً وذكره اللالكائي في شيوخ البخاري. وقال النسائي: ثقة.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته فجعل يذكر أحاديث وعللها وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ فقال لي: يا أبا حاتم قل من يفهم هذا ما أعز هذا إذا رفعت هذا من واحد واثنين

ص: 360

فما أقل من تجد من يحسن هذا وربما أشك في شيء أو يتخالجني في حديث فإلى أن ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه قال أبي: وكذلك كان أمري.

صالح بن أحمد الحافظ: حدثنا القاسم بن أبي صالح سمعت أبا حاتم يقول: قال لي أبو زرعة: ترفع يديك في القنوت قلت: لا فترفع أنت قال: نعم قلت: فما حجتك قال: حديث ابن مسعود قلت: رواه ليث بن أبي سليم قال: فحديث أبي هريرة قلت: رواه ابن لهيعة قال: حديث ابن عباس قلت: رواه عوف قال: فما حجتك في تركه قلت: حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فسكت.

وقال ابن أبي حاتم في اول كتاب الجرح والتعديل له: سمعت أبي يقول: جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم ومعه دفتر فعرضه علي فقلت في بعضه: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث وهذا باطل وهذا منكر وسائر ذلك صحاح فقال: من أين علمت أن ذاك خطأ وذاك باطل وذاك كذب أأخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت أو بأني كذبت في حديث كذا قلت: لا ما أدري هذا الجزء من راويه غير أني أعلم أن هذا الحديث خطأ وأن هذا باطل فقال: تدعي الغيب قلت: ما هذا ادعاء غيب قال: فما الدليل على ما قلت قلت: سئل عما قلت من يحسن مثل ما أحسن فأن اتفقنا علمت أنا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم قال: ويقول أبو زرعة كقولك قلت: نعم قال: هذا عجب قال: فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الاحاديث ثم رجع إلي وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث فقال: ما قلت أنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل قلت: الكذب والباطل واحد قال: وما قلت: أنه منكر قال: هو منكر كما قلت وما قلت: أنه صحيح قال: هو صحيح ثم قال: ما أعجب هذا تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما قلت: فعند ذلك علمت أنا لم نجازف وأنا قلنا بعلم ومعرفة قد أوتيناه والدليل على صحة ما نقوله أن ديناراً بهرجاً يحمل إلى الناقد فيقول: هذا بهرج فأن قيل له: من أين قلت: أن هذا بهرج هل كنت حاضراً حين بهرج هذا الدينار قال: لا وأن قيل: أخبرك الذي بهرجه قال: لا قيل: فمن أين قلت قال: علماً رزقته وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك وكذلك إذا حمل إلى جوهري فص ياقوت وفص زجاج يعرف ذا من ذا ويقول كذلك وكذلك نحن رزقنا علماً لا يتهيأ له أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا كذب او هذا منكر فنعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون كلام النبوة ونعرف سقمه وأنكاره بتفرد من لم تصح عدالته.

ص: 361

قال: وسمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثاً غريباً مسنداً لم أسمع به صحيحاً فله علي درهم يتصدق به وكان ثم خلق: أبو زرعة فمن دونه وأنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع به فيقولون: هو عند فلان فأذهب وأسمعه فلم يتهيأ لأحد أن يغرب علي حديثاً.

وسمعت أبي يقول: كان محمد بن يزيد الأسفاطي قد ولع بالتفسير وتحفظه فقال يوماً: ما تحفظون في قوله تعالى:" فنقبوا في البلاد" فبقي أصحاب الحديث ينظر بعضهم إلى بعض فقلت: حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ضربوا في البلاد فاستحسن. سمعت أبي يقول: قدم محمد بن يحيى النيسابوري الري فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثاً من حديث الزهري فلم يعرف منها إلا ثلاثة احاديث وسائر ذلك لم تكن عنده ولم يعرفها.

سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ. قلت: مسافة ذلك نحو أربعة أشهر سير الجادة.

قال: ثم تركت العدد بعد ذلك وخرجت من البحرين إلى مصر ماشياً ثم إلى الرملة ماشياً ثم إلى دمشق ثم أنطاكية وطرسوس ثم رجعت إلى حمص ثم إلى الرقة ثم ركبت إلى العراق كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة خرجت من الري فدخلت الكوفة في رمضان سنة ثلاث عشرة وجاءنا نعي المقرئ وأنا بالكوفة ثم رحلت ثانياً سنة اثنتين وأربعين ثم رجعت إلى الري سنة خمس وأربعين وحججت رابع حجة في سنة خمس وخمسين وحج فيها عبد الرحمن ابنه. سمعت: أبي يقول كتب عني محمد بن مصفى جزءاً أنتخبه.

وكلمني دحيم في حديث أهل طبرية وكانوا سألوني التحديث فقلت: بلدة يكون فيها مثل دحيم القاضي أحدث أنا بها فكلمني دحيم فقال: أن هذه بلدة نائية عن جادة الطريق فقل من يقدم عليهم يحدثهم.

سمعت أبي يقول: بقيت في سنة أربع عشرة ثمانية أشهر بالبصرة وكان في نفسي أن أقيم سنة فأنقطعت نفقتي فجعلت أبيع ثيابي حتى نفذت وبقيت بلا نفقة ومضيت

ص: 362

أطوف مع صديق لي إلى المشيخة وأسمع إلى المساء فأنصرف رفيقي ورجعت إلى بيتي فجعلت أشرب الماء من الجوع ثم أصبحت فغدا علي رفيقي فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد وانصرفت جائعاً فلما كان من الغد غدا علي فقال: مر بنا إلى المشايخ قلت: أنا ضعيف لا يمكنني.

قال: ما ضعفك قلت: لا أكتمك أمري قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئاً فقال: قد بقي معي دينار فنصفه لك ونجعل النصف الآخر في الكراء فخرجنا من البصرة وأخذت منه النصف دينار.

وسمعت أبي يقول: خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري وصرنا إلى الجار وركبنا البحر فكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا وفني ما كان معنا وخرجنا إلى البر نمشي أياماً حتى فني ما تبقى معنا من الزاد والماء فمشينا يوماً لم نأكل ولم نشرب ويوم الثاني كمثل ويوم الثالث فلما كان يكون المساء صلينا وكنا نلقي بأنفسنا حيث كنا فلما أصبحنا في اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا وكنا ثلاثة أنفس: شيخ نيسابوري وأبو زهير المروروذي فسقط الشيخ مغشياً عليه فجئنا نحركه وهو لا يعقل فتركناه ومشينا قدر فرسخ فضعفت وسقطت مغشياً علي ومضى صاحبي يمشي فبصر من بعد قوماً قربوا سفينتهم من البر ونزلوا على بئر موسى فلما عاينهم لوح بثوبه إليهم فجاؤوه معهم ماء في إداوة.

فسقوه واخذوا بيده فقال لهم: الحقوا رفيقين لي فما شعرت إلا برجل يصب الماء على وجهي ففتحت عيني فقلت: اسقني فصب من الماء في مشربة قليلاً فشربت ورجعت إلي نفسي ثم سقاني قليلاً وأخذ بيدي فقلت: ورائي شيخ ملقى فذهب جماعة إليه وأخذ بيدي وأنا أمشي وأجر رجلي حتى إذا بلغت إلى عند سفينتهم وأتوا بالشيخ وأحسنوا إلينا فبقينا أياماً حتى رجعت إلينا أنفسنا ثم كتبوا لنا كتاباً إلى مدينة يقال لها: راية إلى واليهم وزودونا من الكعك والسويق والماء.

فلم نزل نمشي حتى نفد ما كان معنا من الماء والقوت فجعلنا نمشي جياعاً على شط البحر حتى دفعنا إلى سلحفاة مثل الترس فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهرها فانفلق فإذا فيها مثل صفرة البيض فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع ثم وصلنا إلى مدينة الراية وأوصلنا الكتاب إلى عاملها فأنزلنا في داره فكان يقدم لنا كل يوم القرع ويقول لخادمه: هاتي لهم اليقطين المبارك فيقدمه مع الخبز أياماً فقال واحد منا: ألا تدعو باللحم المشؤوم فسمع صاحب الدار فقال: أنا أحسن بالفارسية فإن جدتي كانت هروية وأتانا بعد ذلك باللحم ثم زودنا إلى مصر.

ص: 363

وسمعت أبي يقول: كتبت الحديث سنة تسع وأنا ابن أربع عشرة سنة وكتبت عن عتاب بن زياد المروزي سنة عشر فلما قدم علينا حاجاً وكنت أفيد الناس عن أبي عبد الرحمن المقرئ وأنا بالري فيخرج الناس إليه فيسمعون منه ويرجعون وأنا بالري. وسمعت أبي يقول: كتبت عند عارم وهو يقرأ وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ وسرت من الكوفة إلى بغداد ما لا أحصي كم مرة.

ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر حدثنا محمد بن إدريس قال: كان أبو نعيم يوماً جالساً ورجل في ناحية المجلس يقول: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا ابن جريج قال: فنظر إليه أبو نعيم وقال: كذب الدجال ما سمعت من ابن جريج شيئاً.

ابن حبان: أخبرني محمد بن المنذر حدثنا محمد بن إدريس حدثنا مؤمل بن يهاب عن يزيد بن هارون قال: كان بواسط رجل يروي عن أنس بن مالك أحرفاً ثم قيل: أنه أخرج كتاباً عن أنس فأتيناه فقلنا له: هل عندك من شيء من تلك الأحرف فقال: نعم عندي كتاب عن أنس فقلنا: أخرجه فأخرجه فنظرنا فإذا هي أحاديث شريك بن عبد الله فجعل يقول: حدثنا أنس فقلنا: هذه أحاديث شريك. فقال: صدقتم حدثنا أنس بن مالك عن شريك قال: فأفسد علينا تلك الأحرف التي سمعناها منه وقمنا عنه.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية له: حدثنا أبي وأبو زرعة قال: كان يحكى لنا أن هنا رجلاً من قصته هذا فحدثني أبو زرعة قال: كان بالبصرة رجل وأنا مقيم سنة ثلاثين ومئتين فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك عنه أنه قال: أن لم يكن القرآن مخلوقاً فمحا الله ما في صدري من القرآن وكان من قراء القرآن فنسي القرآن حتى كان يقال له: قل:" بسم الله الرحمن الرحيم" فيقول: معروف معروف ولا يتكلم به قال أبو زرعة: فجهدوا به أن أراه فلم أره.

وقال الحافظ أبو القاسم اللالكائي: وجدت في كتاب أبي حاتم محمد ابن ادريس الحنظلي مما سمع منه يقول: مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ولزوم الكتاب والسنة ونعتقد أن الله عز وجل على عرشه" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"-الشورى:11 - وأن الإيمان يزيد وينقص ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض وبالمسائلة في القبر وبالشفاعة ونترحم على جميع الصحابة وذكر أشياء.

ص: 364

إذا وثق أبو حاتم رجلاً فتمسك بقوله فأنه لا يوثق الا رجلاً صحيح الحديث وإذا لين رجلاً أو قال فيه: لا يحتج به فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم فأنه متعنت في الرجال قد قال في طائفة من رجال الصحاح: ليس بحجة ليس بقوي او نحو ذلك وآخر من حدث عنه هو: محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي عاش إلى بعد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.

أخبرنا أحمد بن إسحاق بن المؤيد أخبرنا زيد بن يحيى بن هبة الله ببغداد أخبرنا أبو القاسم أحمد بن المبارك بن قفرجل أخبرنا عاصم ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي الفارسي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل إملاء حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا أبو مسهر أخبرنا إسماعيل بن عياش حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال الله عز وجل: ابن آدم أركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره"

(416)

.

أخبرنا المؤمل بن محمد وابن علان كتابة قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا عبد الرحمن الشيباني أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو عمر بن مهدي أخبرنا أبو عمر بن مهدي أخبرنا ابن مخلد حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا خالد بن الحباب بالشام حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" احتج آدم وموسى فحج آدم موسى"

(417)

.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن سنة اثنتين وتسعين وست مئة أخبرنا محمد بن خلف الحنبلي سنة ست عشرة وست مئة أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله بن أحمد قالا: أخبرنا علي بن محمد الفرضي أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن عبد الله حدثني حميد عن أنس بن مالك قال: افتتح أبو بكر رضي الله عنه البقرة- في يوم عيد فطر او أضحى فقلت:

(416)

صحيح لغيره: أخرجه الترمذي (475) من طريق أبي جعفر السِّمنانى، حدثنا أبو مُسهر به.

وقال أبو عيسى: هذ حديث حسن غريب. وأخرجه أحمد (6/ 440 و 451) من طريق صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن أبي الدرداء، به مرفوعًا.

قلت: وإسناده صحيح.

(417)

صحيح لغيره. أخرجه الخطيب في "تاريخه"(5/ 104). وله شاهد عن أبي هريرة: عند البخاري (6614)، ومسلم (2652)، وأبي داود (4701)، والترمذي (2135). وشاهد آخر عن عمر: عند أبي داود (4702).

ص: 365

يقرأ عشر آيات فلما جاوز العشر قلنا: يقرأ مئة آية حتى قرأها فرأيت أشياخ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يميلون. هذا حديث صحيح غريب.

قال أبو الحسين بن المنادي وغيره: مات الحافظ أبو حاتم في شعبان سنة سبع وسبعين ومئتين وقيل: عاش ثلاثاً وثمانين سنة. ولأبي محمد الإيادي الشاعر مرثية طويلة في أبي حاتم رواها عنه ابن أبي حاتم أولها.

أنفسي مالك لا تجزعينا

وعيني مالك لا تدمعينا

ألم تسمعي بكسوف العلو

م من شهر شعبان محقا مدينا

ألم تسمعي خبر المرتضى

أبي حاتم أعلم العالمينا

‌2345 - ابنه عبد الرحمن

(418)

العلامة الحافظ يكنى: أبا محمد ولد سنة أربعين ومئتين أو أحدى وأربعين.

قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الخطيب في ترجمة عملها لابن أبي حاتم: كان رحمه الله قد كساه الله نوراً وبهاء يسر من نظر إليه.

سمعته يقول: رحل بي أبي سنة خمس وخمسين ومئتين وما احتلمت بعد فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت فسر أبي حيث أدركت حجة الإسلام فسمعت في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ.

قلت: وسمع من: أبي سعيد الأشج والحسن بن عرفة والزعفراني ويونس بن عبد الأعلى وعلي بن المنذر الطريقي وأحمد ابن سنان ومحمد بن إسماعيل الأحمسي وحجاج بن الشاعر ومحمد ابن حسان الأزرق ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه وإبراهيم المزني والربيع بن سليمان المؤذن وبحر بن نصر وسعدان بن نصر والرمادي وأبي زرعة وابن وارة وخلائق من طبقتهم وممن بعدهم بالحجاز والعراق والعجم ومصر والشام والجزيرة والجبال. وكان بحراً لا تكدره الدلاء.

(418)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (3/ترجمة 812)، والعبر (2/ 208)، وميزان الاعتدال (2/ 587)، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي (2/ 287)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 265)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 308).

ص: 366

روى عنه: ابن عدي وحسين بن علي التميمي والقاضي يوسف الميانجي وأبو الشيخ بن حيان وأبو أحمد الحاكم وعلي بن عبد العزيز بن مردك وأحمد بن محمد البصير الرازي وعبد الله بن محمد بن أسد الفقيه وأبو علي حمد بن عبد الله الأصبهاني وإبراهيم بن محمد بن يزداد وأخوه أحمد وإبراهيم بن محمد النصر آباذي وأبو سعيد بن عبد الوهاب الرازي وعلي بن محمد القصار وخلق سواهم.

قال أبو يعلى الخليلي: اخذ أبو محمد علم أبيه وأبي زرعة وكان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال صنف في الفقه وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار قال: وكان زاهداً يعد من الأبدال. قلت: له كتاب نفيس في الجرح والتعديل أربع مجلدات وكتاب الرد على الجهمية مجلد ضخم انتخبت منه وله تفسير كبير في عدة مجلدات عامته آثار بأسأنيده من أحسن التفاسير.

قال الحافظ يحيى بن مندة: صنف ابن أبي حاتم المسند في ألف جزء وكتاب الزهد وكتاب الكنى وكتاب الفوائد الكبير وفوائد أهل الري وكتاب تقدمة الجرح والتعديل. قلت: وله كتاب العلل مجلد كبير.

وقال الرازي المذكور في ترجمة عبد الرحمن: سمعت علي بن محمد المصري ونحن في جنازة ابن أبي حاتم يقول: قلنسوة عبد الرحمن من السماء وما هو بعجب رجل منذ ثمانين سنة على وتيرة واحدة لم ينحرف عن الطريق. وسمعت علي بن أحمد الفرضي يقول: ما رأيت أحداً ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط. وسمعت عباس بن أحمد يقول: بلغني أن أبا حاتم قال: ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن لا أعرف لعبد الرحمن ذنباً. وسمعت عبد الرحمن يقول: لم يدعني أبي اشتغل في الحديث حتى قرات القرآن على الفضل بن شاذان الرازي ثم كتبت الحديث. قال الخليلي: يقال أن السنة بالري ختمت بابن أبي حاتم وأمر بدفن الأصول من كتب أبيه وأبي زرعة ووقف تصانيفه وأوصى إلى الدرستيني القاضي.

ص: 367

وسمعت أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ يحكي عن علي بن الحسين الدرستيني أن أبا حاتم كان يعرف الاسم الأعظم فمرض ابنه فاجتهد أن لا يدعو به فأنه لا ينال به الدنيا فلما اشتدت العلة حزن ودعا به فعوفي فرأى أبو حاتم في نومه: استجبت لك ولكن لا يعقب ابنك فكان عبد الرحمن مع زوجته سبعين سنة فلم يرزق ولداً وقيل: أنه ما مسها.

وقال الرازي: وسمعت علي بن أحمد الخوارزمي يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ وبالليل: النسخ والمقابلة قال: فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً فقالوا: هو عليل فرأينا في طريقنا سمكة أعبجتنا فاشتريناه فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس فلم يمكنا إصلاحه ومضينا إلى المجلس فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير فأكلناه نيئاً لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.

قال الخطيب الرازي: كان لعبد الرحمن ثلاث رحلات: الأولى مع أبيه سنة خمس وسنة ست ثم حج وسمع محمد بن حماد في سنة ثنتين ثم رحل بنفسه إلى السواحل والشام ومصر سنة اثنتين وستين ومئتين ثم رحل إلى أصبهان في سنة أربع وستين فلقي يونس بن حبيب.

سمعت الواعظ أبا عبد الله القزويني يقول: إذا صليت مع عبد الرحمن فسلم إليه نفسك يعمل بها ما شاء دخلنا يوماً بغلس على عبد الرحمن في مرض موته فكان على الفراش قائماً يصلي وركع فأطال الركوع.

ومن كلامه: قال: وجدت ألفاظ التعديل والجرح مراتب: فإذا قيل ثقة: أو: متقن احتج به وأن قيل: صدوق أو: محله الصدق أو: لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية وإذا قيل: شيخ فيكتب حديثه وهو دون ما قبله وإذا قيل: صالح الحديث فيكتب حديثه وهو دون ذلك يكتب للاعتبار وإذا قيل: لين فدون ذلك وإذا قالوا: ضعيف الحديث فلا يطرح حديثه بل يعتبر به فإذا قالوا: متروك الحديث أو: ذاهب الحديث أو: كذاب فلا يكتب حديثه.

قال عمر بن إبراهيم الهروي الزاهد: حدثنا الحسين بن أحمد الصفار سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وقع عندنا العلاء فأنفذ بعض أصدقائي حبوباً من أصبهان فبعته بعشرين ألفاً وسألني أن اشتري له داراً عندنا فإذا جاء ينزل فيها فأنفقتها في الفقراء

ص: 368

وكتبت إليه: اشتريت لك بها قصراً في الجنة فبعث يقول: رضيت فاكتب على نفسك صكاً ففعلت فأريت في المنام قد وفينا بما ضمنت ولا تعد لمثل هذا. قال الإمام أبو الوليد الباجي: عبد الرحمن بن أبي حاتم ثقة حافظ.

وقال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه الرازي سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت يحيى بن معين يقول: أنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مئتين سنة. قلت: لعلها من مئة سنة فأن ذلك لا يبلغ في أيام يحيى هذا القدر. قال ابن مهرويه: فدخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب: الجرح والتعديل فحدثته بهذا فبكى وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية. قلت: أصابه على طريق الوجل وخوف العاقبة وإلا فكلام الناقد الورع في الضعفاء من النصح لدين الله والذب عن السنة.

وقد كتب الي عبد الرحمن بن محمد وجماعة سمعوا عمر بن محمد يقول: أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا محمد بن محمد بن غيلأن أخبرنا أبو إسحاق المزكي أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي حدثنا هارون بن حميد حدثنا الفضل بن عنبسة أخبرنا شعبة عن الحكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" الجار أحق بسقب داره أو أرضه"

(419)

.

أخرجه النسائي عن زكريا خياط السنة عن هارون هذا فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين. توفي ابن أبي حاتم في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاث مئة بالري وله بضع وثمانون سنة.

(419)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد (4/ 389 - 390)، والنسائي (7/ 320) من طريق عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، به. وإسناده حسن، عمرو بن شعيب، صدوق كما قال الحافظ في التقريب وله شاهد من حديث أبي رافع: عند البخاري (2258)، وأبي داود (3516)، والنسائي (7/ 320) وأحمد (6/ 10 و 390).

وله شاهد آخر من حديث سمرة بن جندب: عند أبي داود (3517)، وأحمد (5/ 8 و 12 - 13).

وشاهد من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد (3/ 303)، وأبي داود (3518)، وابن ماجه (2494).

ص: 369

‌2346 - البرجلاني

(420)

الشيخ الإمام الثقة أبو جعفر أحمد بن الخليل بن ثابت البغدادي البرجلاني والبرجلانية: محلة من بغداد. سمع: الواقدي وأبا النضر والأسود بن عامر شاذان والحسن الأشيب. حدث عنه: عثمان بن السماك وأبو بكر النجاد ومحمد بن جعفر ابن الهيثم الأنباري وآخرون. وثقه أبو بكر الخطيب وقال: توفي في ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومئتين.

‌2347 - هاشم بن مرثد

(421)

أبو سعيد الطبراني الطيالسي مولى بني العباس. سمع: آدم بن أبي إياس والمعافى الرسعني ويحيى بن معين وصفوان بن صالح. وعنه: ابنه سعيد وعبد الملك بن محمد الحراني ويحيى بن زكريا النيسابوري وسليمان الطبراني وهو من كبار شيوخه سمع منه بطبرية في سنة ثلاث وسبعين ومئتين وما هو بذاك المجود. قال ابن حبان: ليس بشيء. مات في شوال سنة ثمان وسبعين ومئتين.

‌2348 - الترمذي

(422)

محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك وقيل: هو محمد ابن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن: الحافظ العلم الإمام البارع ابن عيسى السلمي الترمذي الضرير مصنف الجامع وكتاب العلل وغير ذلك.

(420)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 133)، وتهذيب التهذيب (1/ 28).

(421)

ترجمته في ميزان الاعتدال (4/ 290).

(422)

ترجمته في ثقات ابن حبان (9/ 153)، والأنساب للسمعاني (3/ 45)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ترجمة 613)، والكاشف (3/ترجمة 5185)، والعبر (1/ 442) و (2/ 62)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 8035)، وتهذيب التهذيب (9/ 387) وتقريب التهذيب (2/ 198) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6572)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 174).

ص: 370

اختلف فيه فقيل: ولد أعمى والصحيح أنه أضر في كبره بعد رحلته وكتابته العلم. ولد في حدود سنة عشر ومئتين. وارتحل فسمع بخراسان والعراق والحرمين ولم يرحل إلى مصر والشام.

حدث عن: قتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه ومحمد بن عمرو السواق البلخي ومحمود بن غيلان وإسماعيل بن موسى الفزاري وأحمد بن منيع وأبي مصعب الزهري وبشر بن معاذ العقدي والحسن ابن أحمد بن أبي شعيب وأبي عمار الحسين بن حريث والمعمر عبد الله ابن معاوية الجمحي وعبد الجبار بن العلاء وأبي كريب وعلي بن حجر وعلي بن سعيد بن مسروق الكندي وعمرو بن علي الفلاس وعمران بن موسى القزاز ومحمد بن أبان المستملي ومحمد بن حميد الرازي ومحمد بن عبد الأعلى ومحمد بن رافع ومحمد بن عبد العزيز ابن أبي رزمة ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ومحمد بن يحيى العدني ونصر بن علي وهارون الحمال وهناد بن السري وأبي همام الوليد بن شجاع ويحيى بن أكثم ويحيى بن حبيب بن عربي ويحيى ابن درست البصري ويحيى بن طلحة اليربوعي ويوسف بن حماد المعني وإسحاق بن موسى الخطمي وإبراهيم بن عبد الله الهروي وسويد بن نصر المروزي. فأقدم ما عنده حديث مالك والحمادين والليث وقيس بن الربيع وينزل حتى أنه أكثر عن البخاري وأصحاب هشام بن عمار ونحوه.

حدث عنه: أبو بكر أحمد بن إسماعيل السمرقندي وأبو حامد أحمد ابن عبد الله بن داود المروزي وأحمد بن علي بن حسنويه المقرئ وأحمد ابن يوسف النسفي وأسد بن حمدويه النسفي والحسين بن يوسف الفربري وحماد بن شاكر الوراق وداود بن نصر بن سهيل البزدوي والربيع بن حيان الباهلي وعبد الله بن نصر أخو البزدوي وعبد بن محمد بن محمود النسفي وعلي بن عمر بن كلثوم السمرقندي والفضل بن عمار الصرام وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب راوي الجامع وأبو جعفر محمد بن أحمد النسفي وأبو جعفر محمد بن سفيان بن النضر النسفي الأمين ومحمد بن محمد بن يحيى الهروي القراب ومحمد بن محمود بن عنبر النسفي ومحمد بن مكي بن نوح النسفي ومسبح بن أبي موسى الكاجري ومكحول بن الفضل النسفي ومكي بن نوح ونصر بن محمد بن سبرة والهيثم بن كليب الشاشي الحافظ راوي الشمائل عنه وآخرون.

وقد كتب عنه شيخه أبو عبد الله البخاري فقال الترمذي في حديث عطية عن أبي

ص: 371

سعيد يا علي: لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك

(423)

سمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث.

وقال ابن حبان في الثقات: كان أبو عيسى ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر. وقال أبو سعد الإدريسي: كان أبو عيسى يضرب به المثل في الحفظ. وقال الحاكم: سمعت عمر بن علك يقول: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد. بكى حتى عمي وبقي ضريراً سنين.

ونقل أبو سعد الإدريسي بإسناد له أن أبا عيسى قال: كنت في طريق مكة فكتبت جزأين من حديث شيخ فوجدته فسألته وأنا أظن أن الجزأين معي فسألته فأجابني فإذا معي جزأن بياض فبقي يقرأ علي من لفظه فنظر فرأى في يدي ورقاً بياضاً فقال: أما تستحي مني فأعلمته بأمري وقلت: أحفظه كله قال: اقرأ فقرأته عليه فلم يصدقني وقال: استظهرت قبل أن تجيء فقلت: حدثني بغيره قال: فحدثني بأربعين حديثا ثم قال: هات فأعدتها عليه ما اخطأت في حرف.

قال شيخنا أبو الفتح القشيري الحافظ: ترمذ بالكسر وهو المستفيض على الألسنة حتى يكون كالمتواتر وقال المؤتمن الساجي: سمعت عبد الله بن محمد الأنصاري يقول: هو بضم التاء ونقل الحافظ أبو الفتح بن اليعمري أنه يقال فيه: ترمذ بالفتح.

وعن أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي قال: قال أبو عيسى صنفت هذا الكتاب وعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به ومن كان هذا الكتاب يعني الجامع في بيته فكانما في بيته نبي يتكلم. قلت: في الجامع علم نافع وفوائد غزيرة ورؤوس المسائل وهو أحد أصول الإسلام لولا ماكدره بأحاديث واهية بعضها موضوع وكثير منها في الفضائل.

(423)

ضعيف: أخرجه الترمذي (3727) حدثنا على بن المنذر، حدثنا محمد بن فُضَيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن عطية، عن أبي سعيد، به.

وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من هذا الوجه، وسمع منى محمد بن إسماعيل هذا الحديث فاستغربه".

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: - الأولى: سالم بن أبي حفصة، ضعيف مفرط في التشيع كما قال الفلاس، وقال النسائي: ليس بثقة. الثانية: عطية، هو ابن سعد بن جُنادة العوفى، ضعيف لسوء حفظه، وقد كان مدلسًا، وعنعنه.

ص: 372

وقال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق: الجامع على أربعة أقسام: قسم مقطوع بصحته وقسم على شرط أبي داود والنسائي كما بينا وقسم أخرجه للضديه وأبان عن علته وقسم رابع أبان عنه فقال: ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثا قد عمل به بعض الفقهاء سوى حديث:" فأن شرب في الرابعه فاقتلوه"

(424)

وسوى حديث:"جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر"

(425)

.

قلت: جامعه قاض له بإمامته وحفظه وفقهه ولكن يترخص في قبول الأحاديث ولا يشدد ونفسه في التضعيف رخو. وفي المنثور لابن طاهر: سمعت أبا إسماعيل شيخ الإسلام يقول جامع الترمذي أنفع من كتاب البخاري ومسلم لأنهما لا يقف على الفائدة منهما الا المتبحر العالم والجامع يصل إلى فائدته كل أحد. قال غنجار وغيره: مات أبو عيسى في ثالث عشر رجب سنة تسع وسبعين ومئتين بترمذ.

(424)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق (17087)، وأحمد (4/ 95 و 96 و 101)، وأبو داود (4482)، والترمذي (1444)، والطبراني (19/ 767)، والبيهقي (8/ 313) من طرق عن عاصم بن أبي النجود، عن ذكوان أبي صالح، عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعًا وتمامه:"من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه" وأخرجه أحمد (4/ 93 و 97)، والطحاوي (3/ 159)، والطبراني (19/ 843 - 846) من طريق عبد الرحمن بن عبد الجدلى، عن معاوية بن أبي سفيان، به.

وأخرجه الطيالسي (2337)، وأحمد (2/ 291 و 504)، وأبو داود (4484)، وابن الجارود (831)، والطحاوى (3/ 159)، والحاكم (4/ 371)، والبيهقي (8/ 313) من طرق عن ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

(425)

صحيح: أخرجه الترمذي (187) من طريق هناد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر. قال: فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يُحرج أمته".

وأخرجه مالك (1/ 144)، ومن طريقه مسلم (705) وأبو داود (1210)، وابن خزيمة (972)، والبيهقي (3/ 166) عن أبي الزبير المكى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.

ص: 373

‌2349 - ابن ماجة

(426)

محمد بن يزيد: الحافظ الكبير الحجة المفسر أبو عبد الله ابن ماجة القزويني مصنف السنن والتاريخ والتفسير وحافظ قزوين في عصره. ولد سنة تسع ومئتين. وسمع من: علي بن محمد الطنافسي الحافظ أكثر عنه ومن: جبارة بن المغلس وهو من قدماء شيوخه ومن: مصعب بن عبد الله الزبيري وسويد بن سعيد وعبد الله معاوية الجمحي ومحمد بن رمح وإبراهيم بن المنذر الحزامي ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبي بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار ويزيد بن عبد الله اليمامي وأبي مصعب الزهري وبشر بن معاذ العقدي وحميد بن مسعدة وأبي حذافة السهمي وداود بن رشيد وأبي خيثمة وعبد الله بن ذكوان المقرئ وعبد الله بن عامر بن براد وأبي سعيد الأشج وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني وعثمان بن أبي شيبه وخلق كثير مذكورين في سننه وتآليفه. حدث عنه: محمد بن عيسى الأبهري وأبو الطيب أحمد بن روح البغدادي وأبو عمر وأحمد بن محمد بن حكيم المديني وأبو الحسن علي ابن إبراهيم القطان وسليمان بن يزيد الفامي وآخرون. قال القاضي أبو يعلى الخليلي: كان أبوه يزيد يعرف بماجة وولاؤه لربيعة.

وعن ابن ماجة قال: عرضت هذه السنن على أبي زرعة الرازي فنظر فيه وقال: أظن أن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها ثم قال: لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما في إسناده ضعف أو نحو ذا.

قلت: قد كان ابن ماجة حافظاً ناقداً صادقاً واسع العلم وإنما غض من رتبة سننه ما في الكتاب من المناكير وقليل من الموضوعات وقول أبي زرعة أن صح فأنما عنى بثلاثين حديثا الأحاديث المطرحة الساقطة وأما الأحاديث التي لا تقوم بها حجة فكثيرة لعلها نحو الألف.

(426)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 659)، والكاشف (3/ ترجمة 5317)، والعبر (2/ 51)، وتهذيب التهذيب (9/ 530)، وتقريب التهذيب (2/ 220)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6770)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 164)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 70)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 90).

ص: 374

قال أبو يعلى الخليلي: هو ثقة كبير متفق عليه محتج به له معرفة بالحديث وحفظ ارتحل إلى العراقين ومكة والشام ومصر والري لكتب الحديث.

وقال الحافظ محمد بن طاهر: رأيت لابن ماجة بمدينة قزوين تاريخاً على الرجال والأمصار إلى عصره وفي آخره بخط صاحبه جعفر بن إدريس مات أبو عبد الله يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان وصلىعليه أخوه أبو بكر وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله وابنه عبد الله. قلت: مات في رمضان سنة ثلاث وسبعين ومئتين وقيل: سنة خمس والأول أصح وعاش أربعاً وستين سنة. وقع لنا رواية سننه بإسناد متصل عال وفي غضون كتابه أحاديث يعلها صاحبه الحافظ أبو الحسن بن القطان. وقد حدث ببغداد أخوه أبو محمد الحسن بن يزيد بن ماجه القزويني في حدود سنة ثمانين ومئتين إذ حج عن إسماعيل بن توبة القزويني الحافظ. سمع منه: الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر.

سمعت كتاب سنن ابن ماجة ببعلبك من القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام ومن ذلك بقراءتي نحو الثلث الأول من الكتاب.

وحدثني بالكتاب كله عن الشيخ الإمام موفق الدين عبد الله بن قدامة سماعاً في سنة أحدى عشرة وست مئة وسمعته كله بحلب من أبي سعيد سنقر الزيني بسماعه من الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف بسماعهما من أبي زرعة المقدسي عن محمد بن الحسين المقومي عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب عن أبي الحسن القطان عنه. وعدد كتب سنن ابن ماجة اثنان وثلاثون كتاباً. وقال أبو الحسن القطان: في السنن ألف وخمس مئة باب وجملة ما فيه أربعة آلاف حديث.

فبالإسناد المذكور إلى ابن ماجة قال: حدثنا إسماعيل بن حفص حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا دخل الميت القبر مثلت له الشمس عند غروبها فيجلس يمسح عينيه ويقول دعوني أصلي"

(427)

. أخرجه الضياء الحافظ في المختارة عن موفق الدين بن قدامة.

(427)

حسن: أخرجه ابن ماجه (4272) وابن أبي عاصم في "السنة"(867)، وابن حبان (779) موارد وأبو سفيان اسمه طلحة بن نافع القرشي، وإسماعيل بن حفص: قال النسائي: أرجو أن لا يكون به بأس. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقد روى عنه جمع فالإسناد به حسن والله -تعالى- أعلى وأعلم.

ص: 375

‌2350 - محمد بن جابر

(428)

ابن حماد: الإمام الحافظ الفقيه الكبير أبو عبد الله المروزي.

سمع: هدبة بن خالد وعلي بن المدين وشيبان بن فروخ وأحمد بن حنبل وأبا مصعب الزهري وحبان بن موسى وعلي بن حجر وإسحاق بن راهويه وأحمد بن صالح وطبقتهم بخراسان والحجاز والعراق ومصر والشام وجمع وصنف وبرع. حدث عنه: البخاري في تاريخه وابن خزيمة وأبو حامد بن الشرقي وأبو العباس الدغولي وأبو العباس المحبوبي وآخرون. ذكره الحاكم وقال: هو أحد أئمة زمانه أدركته المنية في حد الكهولة مات بمرو لسبع بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومئتين رحمه الله قلت قارب سبعين سنة.

‌2351 - المنجم

(429)

أبو الحسن علي بن يحيى بن أبي منصور الأخباري الشاعر نديم المتوكل ثم من بعده. وكان ذا فنون وعقليات وهذيان وتوسع في الأدبيات. وله تصانيف منها: كتاب أخبار إسحاق النديم.

مات سنة خمس وسبعين ومئتين وخلف عدة أولاد أدباء وهم أهل بيت.

‌2352 - غلام خليل

(430)

الشيخ العالم الزاهد الواعظ شيخ بغداد أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غالب بن خالد بن مرداس الباهلي البصري غلام خليل.

(428)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 667)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 175).

(429)

ترجمته في الأغانى لأبى الفرج الأصبهاني (8/ 369)، وتاريخ بغداد (12/ 121)، ومعجم الأدباء (15/ 144)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (3/ ترجمة 468).

(430)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 142)، والمجروحين (1/ 150)، وتاريخ بغداد (5/ 78) والمنتظم لابن الجوزي (5/ 95)، وميزان الاعتدال (1/ 141)، ولسان الميزان (1/ 272).

ص: 376

سكن بغداد وكان له جلالة عجيبة وصولة مهيبة وأمر بالمعروف واتباع كثير وصحة معتقد إلا أنه يروي الكذب الفاحش ويرى وضع الحديث نسأل الله العافية. روى عن: دينار الذي زعم أنه لقي أنساً وعن قرة بن حبيب وسهل بن عثمان وشيبان وسليمان الشاذكوني وخفي حاله على الكبار أولاً. حدث عنه: محمد بن مخلد وعثمان السماك وأحمد بن كامل وطائفة. قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: رجل صالح لم يكن عندي ممن يفتعل الحديث. وقال ابن خراش: سرق غلام خليل هذه الأحاديث من عبد الله بن شبيب. وقال الإمام أبو بكر الصبغي: غلام خليل ممن لا أشك في كذبه. وروي عن أبي داود السجستاني أنه قال: ذاك دجال بغداد نظرت في أربع مئة حديث له عرضت علي كلها كذب متونها وأسانيدها. وقال ابن عدي: سمعت أبا عبد الله النهاوندي يقول: كلمت غلام خليل في هذه الأحاديث فقال: وضعناها لترقق القلوب.

وفي تاريخ بغداد: أن أبا جعفر الشعيري قال: قلت لغلام خليل لما روى عن بكر بن عيسى عن أبي عوانة: يا أبا عبد الله هذا شيخ قديم الوفاة لم تلحقه ففكر وخفت أنا فقلت: كأنك سمعت من رجل باسمه فسكت فلما كان من الغد قال لي: أني نظرت البارحة فيمن سمعت منه بالبصرة ممن يقال له: بكر بن عيسى فوجدتهم ستين رجلاً.

قال ابن الأعرابي: قدم من واسط غلام خليل فذكرت له هذه الشناعات يعني خوض الصوفية ودقائق الأحوال التي يذمها أهل الأثر وذكر له قولهم بالمحبة ويبلغه قول بعضهم: نحن نحب ربنا ويحبنا فأسقط عنا خوفه بغلبة حبه فكان ينكر هذا الخطأ بخطأ أغلظ منه حتى جعل محبة الله بدعة وكان يقول: الخوف أولى بنا قال: وليس كما توهم بل المحبة والخوف أصلان لا يخلو المؤمن منها فلم يزل يقص بهم يحذر منهم ويغري بهم السلطان والعامة ويقول: كان عندنا بالبصرة قوم يقولون بالحلول وقوم يقولون بالأباحة وقوم يقولون كذا. فانتشر في الأفواه أن ببغداد يقولون بالزندقة.

وكانت تميل إليه والدة الموفق وكذلك الدولة والعوام لزهده وتقشفه فأمرت المحتسب أن يطيع غلام خليل فطلب القوم وبث الأعوان في طلبهم وكتبوا فكانوا نيفاً وسبعين نفساً فاختفى عامتهم وبعضهم خلصته العامة وحبس منهم جماعة مدة.

ص: 377

قلت وهرب النوري إلى الرقة.

قال ابن كامل: مات غلام خليل في رجب سنة خمس وسبعين ومئتين وغلقت الأسواق وخرج الرجال والنساء للصلاة عليه ثم حمل في تابوت إلى البصرة وبنيت عليه قبة قال: وكان فصيحاً معرباً يحفظ علماً كثيراً ويخضب بالحناء ويقتات بالباقلا صرفاً

‌2353 - بقي بن مخلد

(431)

ابن يزيد: الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ صاحب التفسير والمسند اللذين لا نظير لهما. ولد في حدود سنة مئتين أو قبلها بقليل.

وسمع من: يحيى بن يحيى الليثي بن عبد الله بن بكير ومحمد بن عيسى الأعشى وأبي مصعب الزهري وصفوان بن صالح وإبراهيم بن المنذر الحزامي وهشام بن عمار وزهير بن عباد الرؤاسي ويحيى بن عبد الحميد الحماني ومحمد بن عبد الله بن نمير وأحمد بن حنبل مسائل وفوائد ولم يرو له شيئاً مسنداً لكونه كان قد قطع الحديث وسمع من: أبي بكر بن أبي شيبة فأكثر ومن: جبارة بن المغلس ويحيى بن بشر الحريري وشيبان بن فروخ وسويد بن سعيد وهدبة بن خالد ومحمد بن رمح وداود بن رشيد ومحمد بن أبان الواسطي وحرملة بن يحيى وإسماعيل بن عبيد الحراني ويعقوب بن حميد بن كاسب وعيسى بن حماد زغبة وسحنون بن سعيد الفقيه وهريم بن عبد الأعلى ومنجاب بن الحارث وعثمان بن أبي شيبة وعبيد الله القواريري وأبي كريب وبندار وهناد والفلاس وكثير بن عبيد وخلق.

وعني بهذا الشأن عناية لا مزيد عليها وأدخل جزيرة الأندلس علماً جماً وبه وبمحمد بن وضاح صارت تلك الناحية دار حديث وعدة مشيخته الذين حمل عنهم مئتان وأربعة وثمانون رجلاً.

حدث عنه: ابنه أحمد وأيوب بن سليمان المري وأحمد بن عبد الله الأموي وأسلم بن عبد العزيز ومحمد بن وزير ومحمد بن عمر بن لبابة والحسن بن سعد الكناني وعبد

(431)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (5/ 100)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (7/ 75)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 656)، والعبر (2/ 56)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 75)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 169).

ص: 378

الله بن يونس المرادي القبري وعبد الواحد بن حمدون وهشام بن الوليد الغافقي وآخرون. وكان إماماً مجتهداً صالحاً ربانياً صادقاً مخلصاً رأساً في العلم والعمل عديم المثل منقطع القرين يفتي بالأثر ولا يقلد أحداً.

وقد تفقه بافريقية على سحنون بن سعيد. ذكره أحمد بن أبي خيثمة فقال: ما كنا نسميه إلا المكنسة وهل احتاج بلد فيه بقي إلى أن يرحل إلى ها هنا منه أحد.

قال طاهر بن عبد العزيز الأندلسي: حملت معي جزءاً من مسند بقي بن مخلد إلى المشرق فأريته محمد بن إسماعيل الصائغ فقال: ما اغترف هذا إلا من بحر وعجب من كثرة علمه. وقال إبراهيم بن حيون عن بقي بن مخلد قال: لما رجعت من العراق أجلسني يحيى بن بكير إلى جنبه وسمع مني سبعة أحاديث.

وقال أبو الوليد بن الفرضي في تاريخه: ملأ بقي بن مخلد الأندلس حديثاً فأنكر عليه أصحابه الأندلسيون: أحمد بن خالد ومحمد بن الحارث وأبو زيد ما أدخله من كتب الاختلاف وغرائب الحديث فأغروا به السلطان وأخافوه به ثم إن الله أظهره عليهم وعصمه منهم فنشر حديثه وقرأ للناس روايته ثم تلاه ابن وضاح فصارت الأندلس دار حديث وإسناد ومما انفرد به ولم يدخله سواه مصنف أبي بكر بن أبي شيبة بتمامه وكتاب الفقه للشافعي بكماله يعني الأم وتاريخ خليفة وطبقات خليفة وكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز لأحمد بن إبراهيم الدورقي وليس لأحد مثل مسنده. وكان ورعاً فاضلاً زاهداً قد ظهرت له اجأبات الدعوة في غير ما شئ. قال: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضاح لا يسمعون منه للذي بينهما من الوحشة ولد في شهر رمضان سنة إحدى ومئتين. وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: لم يقع إلي حديث مسند من حديث بقي.

قلت: عمل له ترجمه حسنة في تاريخه. قال الإمام أبو محمد بن حزم الظاهري: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسير بقي لا تفسير محمد بن جرير ولا غيره.

ص: 379

قال: وكان محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس محباً للعلوم عارفاً فلما دخل بقي الأندلس بمصنف أبي بكر بن أبي شيبة وقرئ عليه أنكر جماعة من أهل الرأي مافيه من الخلاف واستبشعوه ونشطوا العامة عليه ومنعوه من قراءته فاستحضره صاحب الأندلس محمد وإياهم وتصفح الكتاب كله جزءاً جزءاً حتى اتى على آخره ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لا تستغني عنه خزانتنا عنه فأنظر في نسخه لنا ثم قال لبقي: انشر علمك وارو ما عندك ونهاهم أن يتعرضوا له.

قال أسلم بن عبد العزيز: حدثنا بقي بن مخلد قال: لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله بن يحيى بن يحيى واخوه إسحاق فقالا: بلغنا أنك وضعت مسنداً قدمت فيه أبا مصعب الزهري ويحيى بن بكير وأخرت أبانا فقال: أما تقديمي أبا مصعب فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قدموا قريشاً ولا تقدموها" وأما تقديمي ابن بكير فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كبر كبر" يريد السن ومع أنه سمع الموطأ من مالك سبع عشر مرة وأبوكما لم يسمعه إلا مرة واحدة. قلت: وله فيه فوت معروف. قال: فخرجنا ولم يعودا وخرجا إلى حد العداوة.

وألف أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البر القرطبي الميت في عام ثمانية وثلاثين وثلاث مئة كتاباً في أخبار علماء قرطبة ذكر فيه بقي بن مخلد فقال: كان فاضلاً تقياً صواماً قواماً متبتلاً منقطع القرين في عصره منفرداً عن النظير في مصره كان أول طلبه عند محمد بن عيسى الاعشى ثم رحل فحمل عن أهل الحرمين ومصر والشام والجزيره وخلوان والبصرة والكوفة وواسط وبغداد وخراسان كذا قال فغلط لم يصل إلى خراسان بل ولا إلى همذان وما أدري هل دخل الجزيرة أم لا ويظهر ذلك لمن تأمل شيوخه ثم قال: وعدن والقيروان قلت: وما دخل الرجل إلى اليمن قال: وذكر عبد الرحمن بن أحمد عن أبيه: أن امرأة جاءت إلى بقي فقالت: أن ابني في الأسر ولا حيله لي فلو أشرت إلى من يفديه فأنني والهة قال: نعم انصرفي حتى أنظر في أمره ثم أطرق وحرك شفتيه ثم بعد مده جاءت المرأه بابنها فقال: كنت في يد ملك فبينا أنا في العمل سقط قيدي قال: فذكر اليوم والساعة فوافق وقت دعاء الشيخ قال: فصاح على المرسم بنا ثم نظر وتحير ثم أحضر الحداد وقيدني فلما فرغه ومشيت سقط القيد فبهتوا ودعوا رهبانهم فقالوا: ألك والده قلت: نعم قالوا: وافق دعاءها الإجابة.

ص: 380

هذه الواقعة حدث بها الحافظ حمزة السهمي عن أبي الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك قال: سمعت عبد الرحمن بن أحمد حدثنا أبي فذكرها وفيها: ثم قالوا: قد أطلقك الله فلا يمكننا أن نقيدك فزودوني وبعثوا بي.

قال: وكان بقي أول من كثر الحديث بالأندلس ونشره وهاجم به شيوخ الأندلس فثاروا عليه لأنهم كان علمهم بالمسائل ومذهب مالك وكان بقي يفتي بالأثر فشذ عنهم شذوذاً عظيماً فعقدوا عليه الشهادات وبدعوه ونسبوا إليه الزندقة وأشياء نزهه الله منها وكان بقي يقول: لقد غرست لهم بالأندلس غرساً لا يقلع الا بخروج الدجال.

قال: وقال بقي: أتيت العراق وقد منع أحمد بن حنبل من الحديث فسألته أن يحدثني وكان بيني وبينه خلة فكان يحدثني بالحديث في زي السؤال ونحن خلوة حتى اجتمع لي عنه نحو من ثلاث مئة حديث. قلت: هذه حكاية منقطعة.

قال ابن حزم: ومسند بقي روى فيه عن ألف وثلاث مئة صاحب ونيف ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه فهو مسند ومصنف وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله في الحديث وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم الذي قد أربى فيه على مصنف ابن أبي شيبة وعلى مصنف عبد الرزاق وعلى مصنف سعيد بن منصور ثم أنه نوه بذكر تفسيره وقال: فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام لا نظير لها وكان متخيراً لا يقلد أحداً وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل وجارياً في مضمار البخاري ومسلم والنسائي.

وقال أبو عبد الملك المذكور في تاريخه: كان بقي طوالا أقنى ذا لحية مضبراً قوياً جلداً على المشي لم ير راكباً دابة قط وكان ملازماً لحضور الجنائز متواضعاً وكان يقول أني لأعرف رجلاً كان تمضي عليه الأيام في وقت طلبه العلم ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى وسمعت من كل من سمعت منه في البلدان ماشياً إليهم على قدمي.

قال ابن لبابة الحافظ: كان بقي من عقلاء الناس وأفاضلهم وكان أسلم بن عبد العزيز يقدمه على جميع من لقيه بالمشرق ويصف زهده ويقول: ربما كنت أمشي معه في أزقة قرطبة فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه.

وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة قال: كان بقي يختم القرآن كل ليلة في ثلاث عشرة

ص: 381

ركعة وكان يصلي بالنهار مئة ركعة ويصوم الدهر. وكان كثير الجهاد فاضلاً يذكر عنه أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة.

ونقل بعض العلماء من كتاب لحفيد بقي عبد الرحمن بن أحمد: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكة إلى بغداد وكان رجلاً بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل قال: فلما قربت بلغتني المحنة وأنه ممنوع فاغتممت غما شديداً فاحتللت بغداد واكتريت بيتاً في فندق ثم أتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس فدفعت إلى حلقة نبيلة فإذا برجل يتكلم في الرجال فقيل لي: هذا يحيى بن معين ففرجت لي فرجة فقمت إليه فقلت: يا أبا زكريا رحمك الله رجل غريب ناء عن وطنه يجب السؤال فلا تستجفني فقال: قل فسألت عن بعض من لقيته فبعضاً زكى وبعضاً جرح فسألته عن هشام بن عمار فقال لي: أبو الوليد صاحب صلاة دمشق ثقة وفوق الثقة لو كان تحت ردائه كبر او متقلداً كبراً ما ضره شيئاً لخيره وفضله فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك رحمك الله غيرك له سؤال فقلت وأنا واقف على قدم: اكشف عن رجل واحد: أحمد بن حنبل فنظر إلي كالمتعجب فقال لي: ومثلنا نحن نكشف عن أحمد ذاك إمام المسلمين وخيرهم وفاضلهم فخرجت أستدل على منزل أحمد بن حنبل فدللت عليه فقرعت بابه فخرج إلي فقلت: يا أبا عبد الله: رجل غريب نائي الدار هذا أول دخولي هذا البلد وأنا طالب حديث ومقيد سنة ولم تكن رحلتي إلا إليك فقال: ادخل الأصطوان ولا يقع عليك عين فدخلت فقال لي: وأين موضعك قلت: المغرب الأقصى فقال: إفريقية قلت: أبعد من إفريقية أجوز من بلدي البحر إلى إفريقية بلدي الأندلس قال: أن موضعك لبعيد وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك فقلت: بلى قد بلغني وهذا أول دخولي وأنا مجهول العين عندكم فأن أذنت لي أن آتي كل يوم في زي السؤال فأقول عند الباب ما يقوله السؤال فتخرج إلى هذا الموضع فلو لم تحدثني كل يوم إلا بحديث واحد لكان لي فيه كفاية فقال لي: نعم على شرط أن لا تظهر في الخلق ولا عند المحدثين فقلت: لك شرطك فكنت آخذ عصاً بيدي وألف رأسي بخرفه مدنسة وآتي بابه فأصيح: الأجر رحمك الله والسؤال هناك كذلك فيخرج إلي ويغلق ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له وولي بعده من كان على مذهب السنة فظهر أحمد وعلت إمامته وكانت تضرب إليه آباط الإبل فكان يعرف لي حق صبري فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي ويقص على أصحاب

ص: 382

الحديث قصتي معه فكان يناولني الحديث مناولة ويقرؤه علي وأقرؤه عليه واعتللت في خلق معه ذكر الحكاية بطولها.

نقلها القاسم بن بشكوال في بعض تآليفه ونقلتها أنا من خط شيخنا أبي الوليد بن الحاج وهي منكرة وما وصل ابن مخلد إلى الإمام أحمد إلا بعد الثلاثين ومئتين وكان قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين وما روى بعد ذلك ولا حديثاً واحداً إلى أن مات ولما زالت المحنة سنة اثنتين وثلاثين وهلك الواثق واستخلف المتوكل وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية وغيرها امتنع الإمام أحمد من التحديث وصمم على ذلك ما عمل شيئاً غير أنه كان يذاكر بالعلم والأثر وأسماء الرجال والفقه ثم لو كان بقي سمع منه ثلاث مئة حديث لكان طرز بها مسنده وافتخر بالرواية عنه فعندي مجلدان من مسنده وما فيهما عن أحمد كلمة.

ثم بعدها حكاية أنكر منها فقال: نقلت من خط حفيده عبد الرحمن ابن أحمد بن بقي حدثني أبي أخبرتني أمي أنها رأت أبي مع رجل طوال جداً فسألته عنه فقال: أرجو أن تكوني امرأة صالحة ذاك الخضر عليه السلام.

ونقل عبد الرحمن هذا عن جده اشياء الله أعلم بصحتها ثم قال: كان جدي قد قسم أيامه على أعمال البر: فكان إذا صلى الصبح قرأ حزبه من القرآن في المصحف سدس القرآن وكان أيضاً يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة ويخرج كل ليلة في الثلث الأخير إلى مسجده فيختم قرب انصنداع الفجر وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة طويلة جداً ثم ينقلب إلى داره وقد اجتمع في مسجده الطلبة فيجدد الوضوء ويخرج اليهم فإذا أنقضت الدول صار إلى صومعة المسجد فيصلي إلى الظهر ثم يكون هو المبتديء بالأذان ثم يهبط ثم يسمع إلى العصر ويصلي ويسمع وربما خرج في بقية النهار فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر فإذا غربت الشمس أتى مسجده ثم يصلي ويرجع إلى بيته فيفطر وكان يسرد الصوم إلا يوم الجمعة ويخرج إلى المسجد فيخرج إليه جيرانه فيتكلم معهم في دينهم ودنياهم ثم يصلي العشاء ويدخل بيته فيحدث أهله ثم ينام نومة قد أخذتها نفسه ثم يقوم هذا دأبه إلى أن توفي وكان جلداً قوياً على المشي قد مشى مع ضعيف في مظلمة إلى إشبيلية ومشى مع آخر إلى إلبيرة ومع امرأة ضعيفة إلى جيان.

قلت: وهم بعض الناس وقال: مات سنة ثلاث وسبعين ومئتين. بل الصواب أنه توفي لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومئتين ورخه عبد الله بن يونس وغيره.

ص: 383

ومن مناقبه أنه كان من كبار المجاهدين في سبيل الله يقال: شهد سبعين غزوة.

ومن حديثه: أخبرني محمد بن عطاء الله بالإسكندرية أخبرنا عبد الرحمن بن مكي في سنة ست وأربعين وست مئة أنبأنا خلف بن عبد الملك الحافظ أخبرنا أبو محمد بن عتاب أخبرنا الحافظ أبو عمر النمري أخبرنا محمد بن عبد الملك حدثنا عبد الله بن يونس حدثنا بقي بن مخلد حدثنا هانيء بن المتوكل عن معاوية بن صالح عن رجل عن مجاهد عن علي رضي الله عنه قال: لولا أني أنسى ذكر الله ما تقربت إلى الله إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" قال جبريل: يا محمد أن الله يقول: من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخطه".

‌2354 - ابن قتيبة

(432)

العلامة الكبير ذو الفنون أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري وقيل: المروزي الكاتب صاحب التصانيف. نزل بغداد وصنف وجمع وبعد صيته. حدث عن: إسحاق بن راهويه ومحمد بن زياد بن عبيد الله الزيادي وزياد بن يحيى الحساني وأبي حاتم السجستاني وطائفة. حدث عنه: ابنه القاضي أحمد بن عبد الله بديار مصر وعبيد الله السكري وعبيد الله بن أحمد بن بكر وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي وغيرهم. قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ديناً فاضلاً ذكر تصانيفه: غريب القرآن غريب الحديث كتاب المعارف كتاب مشكل القرآن كتاب مشكل الحديث كتاب أدب الكاتب كتاب عيون الأخبار كتاب طبقات الشعراء كتاب إصلاح الغلط كتاب الفرس كتاب الهجو كتاب المسائل كتاب أعلام النبوة كتاب الميسر كتاب الإبل كتاب الوحش كتاب الرؤيا كتاب الفقه كتاب معاني الشعر كتاب جامع النحو كتاب الصيام كتاب أدب القاضي كتاب الرد على من يقول بخلق القرآن كتاب إعراب القرآن كتاب القراءات كتاب الأنواء كتاب التسوية بين العرب والعجم كتاب الأشربة.

(432)

ترجمته في تاريخ بغداد (10/ 170)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (3/ترجمة 328)، وتذكرة الحفاظ (2/ 633)، والعبر (2/ 56)، وميزان الاعتدال (2/ 503)، ولسان لميزان (3/ 357)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 75)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 169).

ص: 384

وقد ولي قضاء الدينور وكان رأساً في علم اللسان العربي والأخبار وأيام الناس. وقال أبو بكر البيهقي: كان يرى رأي الكرامية. ونقل صاحب مرآة الزمان بلا إسناد عن الدارقطني أنه قال: كان ابن قتيبة يميل إلى التشبيه. قلت: هذا لم يصح وأن صح عنه فسحقاً له فما في الدين محاباة. وقال مسعود السجزي: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: أجمعت الأمة على أن القتبي كذاب. قلت: هذه مجازفة وقلة ورع فما علمت أحدا اتهمه بالكذب قبل هذه القولة بل قال الخطيب: أنه ثقة.

وقد أنبأني أحمد بن سلامة عن حماد الحراني أنه سمع السلفي ينكر على الحاكم في قوله: لا تجوز الرواية عن ابن قتيبة ويقول: ابن قتيبة من الثقات وأهل السنة ثم قال: لكن الحاكم قصده لأجل المذهب. قلت: عهدي بالحاكم يميل إلى الكرامية ثم ما رأيت لأبي محمد في كتاب مشكل الحديث ما يخالف طريقة المثبتة والحنابلة ومن أن أخبار الصفات تمر ولا تتأول فالله أعلم.

وكان ابنه أحمد حفظة فحفظ مصنفات أبيه وحدث بها بمصر لما ولي قضاءها من حفظه واجتمع لسماعها الخلق سنة نيف وعشرين وثلاث مئة وكان يقول: أن والده أبا محمد لقنه إياها.

وما أحسن قول نعيم بن حماد الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد ابن إسماعيل الترمذي أنه سمعه يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.

قلت: أراد أن الصفات تابعة للموصوف فإذا كان الموصوف تعالى:" ليس كمثله شيء"- الشورى:11 - في ذاته المقدسة فكذلك صفاته لا مثل لها إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات وهذا هو مذهب السلف.

قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي: مات أبو محمد بن قتيبة فجاءه صاح صيحة سمعت من بعد ثم أغمي عليه وكان أكل هريسة فأصاب حرارة فبقي إلى الظهر ثم

ص: 385

اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى السحر ومات سامحه الله وذلك في شهر رجب سنة ست وسبعين ومئتين.

والرجل ليس بصاحب حديث وأنما هو من كبار العلماء المشهورين عنده فنون جمة وعلوم مهمة.

قرأت على مسند حلب أبي سعيد سنقر بن عبد الله: أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف أخبرنا أحمد بن المبارك المرقعاتي أخبرنا جدي لأمي ثابت بن بندار أخبرنا عبد الله بن إسحاق اللبان في سنة ثمان وعشرين وأربع مئة أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق الحافظ أخبرنا الهيثم بن كليب ببخارى سنة (334) حدثنا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة حدثني الزيادي حدثني عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير قال: قال علي بن أبي طالب: ما كنت أرى أن أعلى القدم أحق من باطنها حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على قدميه.

قال قاسم بن أصبغ: سمعت ابن قتيبة يقول: أنا أكثر أوضاعاً من أبي عبيد له اثنان وعشرون وضعاً ولي سبعة وعشرون. ثم قال قاسم: وله في الفقه كتاب وله عن ابن راهويه شيء كثير.

قيل لابن أصبغ: فكتابه في الفقه كان ينفق عنه قال لا والله لقد ذاكرت الطبري وابن سريج وكانا من أهل النظر وقلت: كيف كتاب ابن قتيبة في الفقه فقالا: ليس بشيء ولا كتاب أبي عبيد في الفقه أما ترى كتابه في الأموال وهو أحسن كتبه كيف بني على غير أصل واحتج بغير صحيح ثم قالا: ليس هؤلاء لهذا بالحرى أن تصح لهما اللغة فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي وداود ونظرائهما. قال قاسم بن أصبغ: كنا عند ابن قتيبة فأتوه بأيديهم المحابر فقال: اللهم سلمنا منهم فقعدوا ثم قالوا: حدثنا رحمك الله قال: ليس أنا ممن يحدث إنما هذه الأوضاع فمن أحب قالوا له: ما يحل لك هذا فحدثنا بما عندك عن إسحاق بن راهويه فإنا لا نجد فيه إلا طبقتك وأنت عندنا أوثق قال: لست أحدث ثم قال لهم: تسألوني أن أحدث وببغداد ثمان مئة محدث كلهم مثل مشايخي لست أفعل فلم يحدثهم بشيء.

ص: 386

‌2355 - الكديمي

(433)

الشيخ الإمام الحافظ الكبير المعمر أبو العباس محمد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيد بن ربيعة بن كديم القرشي السامي الكديمي البصري الضعيف. ولد سنة ثلاث وثمانين ومئة وقيل: سنة خمس. وهو ابن امرأة روح بن عبادة فسمع بسبب ذلك من الكبار في حداثته. روى عن: أبي داود الطيالسي وعبد الله الخريبي وأزهر السمان وأبي زيد الانصاري وروح بن عبادة وأبي عاصم والأصمعي وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي والحميدي وأبي نعيم وخلق كثير. حدث عنه: أبو بكر بن الأنباري وإسماعيل الصفار وأبو بكر الشافعي وأحمد بن يوسف بن خلاد وأحمد بن الريان اللكي وخيثمة ابن سليمان وعثمان بن سنقة وأبو عبد الله بن محرم وعمر بن سلم الختلي وأبو بكر القطيعي وخلق سواهم.

روى ابن خلاد النصيبي عن الكديمي قال: قال لي علي بن المديني: عندك ما ليس عندي.

وقال الكديمي: كتبت عن ألف شيخ ومئة وستة وثمانين وحججت سنة ست ومئتين فرأيت عبد الرزاق ولم أسمع منه. قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كان محمد بن يونس الكديمي حسن الحديث حسن المعرفة ما وجد عليه إلا صحبته لسليمان الشاذكوني.

وروى الحسن الصائغ: حدثنا الكديمي قال: خرجت نا وعلي بن الديني وسليمان الشاذكوني نتنزه ولم يبق لنا موضع غير بستان الأمير وكان الأمير قد منع من الخروج إلى الصحراء فكما قعدنا وافى الأمير فقال خذوهم فأخذونا وكنت أصغرهم فبطحوني وقعدوا على أكتافي فقلت أيها الأمير اسمع حدثنا الحميدي أخبرنا سفيان عن

(433)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 548)، والمجروحين لابن حبان (2/ 313)، والكامل ابن عدى (6/ترجمة 1780)، وتاريخ بغداد (3/ 435)، والأنساب للسمعاني (10/ 367)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 645)، والمغني (2/ترجمة 6109)، والعبر (2/ 78)، وميزان الاعتدال (4/ ترجمة رقم 8353)، وتهذيب التهذيب (9/ 539)، وتقريب التهذيب (2/ 222).

ص: 387

عمرو عن أبي قابوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء قال أعده فأعدته فقال قوموا عنه وقال أنت تحفظ مثل هذا وتخرج تتنزه

كذا فيه ابن عباس وصوابه عبد الله بن عمرو. قال ابن عدي اتهم الكيديمي بوضع الحديث. وقال ابن حبان لعله قد وضع اكثر من ألف حديث. قال ابن عدي وادعى رؤية قوم لم يرهم ترك عامة مشايخنا الرواية عنه. وقال أبو الحسين بن المنادي كتبنا عن الكديمي ثم بلغنا كلام أبي داود فيه فرمينا بما سمعنا منه. قال أبو عبيد الآجري رأيت أبا داود يطلق في محمد بن يونس الكذب وكان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع من الكديمي وقال موسى وهو متعلق بأستار الكعبة اللهم إني أشهدك أن الكديمي كذاب يضع الحديث. قال القاسم بن زكريا المطرز انا أجاثي الكديمي بين يدي الله. وأقول كان يكذب على رسولك وعلى العلماء. وأما إسماعيل الخطبي فتبارد وقال كان ثقة ما رأيت ناساً أكثر من مجلسه. مات الكديمي في جمادى الآخرة سنة ست وثمانين ومئتين فإن كان مولده كما مر فقد جاوز مئة عام. يقع عواليه لابن البخاري ونحوه.

‌2356 - العسكري

(434)

الإمام المحدث أبو إسحاق إبراهيم بن حرب العسكري السمسار مؤلف مسند أبي هريرة.

حدث عن: القعنبي وعارم وإبراهيم بن حميد الطويل وأبي الوليد الطيالسي ومسدد وعلي بن عثمان اللاحقي وسهل بن عثمان وأبي معمر المقعد وحجاج بن منهال ويعقوب بن كاسب وعبيد الله بن عائشة وعلي بن بحر القطان وعدة.

(434)

ترجمته في كشف الظنون لحاجى خليفة (2/ 1679).

ص: 388

حدث عنه: أبو الحسين أحمد بن سهل بن عمر بن سهل بن بحر العسكري شيخ الحافظ أبي نعيم وذكر ابن سهل انه قدم عليهم البصرة في سنة اثنتين وثمانين ومئتين.

أخبرنا أحمد بن سلامة وعلي بن أحمد إجازة عن أحمد بن محمد التيمي أخبرنا أبوعلي الحداد سنة إحدى عشرة وخمس مئة أخبرنا أبو نعيم أخبرنا أحمد بن سهل حدثنا إبراهيم بن حرب حدثنا القعنبي حدثنا ابن أبي ذئب عن عجلان مولى المشمعل عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركوب البدنة قال:" اركبها" قال: يا رسول الله إنها بدنة قال:" اركبها ويلك".

وبه: حدثنا إبراهيم بن حرب حدثنا علي بن حرب حدثنا حكام حدثنا عنبسة عن كثير بن زاذان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قال لي جبريل: لو رأيتني يا محمد وأنا أغطه بإحدى يدي وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة ربه فيغفر له". حديث غريب وكثير فيه جهالة. والعسكري: نسبة إلى مدينة عسكر مكرم: قريبة من البصرة.

‌2357 - المصيصي

(435)

الإمام المحدث أبو محمد عبد الله بن الحسين بن جابر البغدادي ثم المصيصي الثغري البزاز.

حدث بدمشق وبالثغور عن: هوذة وعفان وموسى بن داود وآدم وأبي اليمان وسعيد بن أبي مريم وعبد الله بن جعفر الرقي ومحمد بن سابق والحسن الأشيب وعلي بن عياش وخلق وكان صاحب رحلة وفضل. روى عنه: ابن حذلم وخيثمة ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة وأبو عوانة الحافظ وأبو الميمون راشد وأحمد بن عيسى السكين وخلق آخرهم: أبو القاسم الطبراني. قال ابن حبان: كان يقلب الأخبار ويسرقها لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. قلت: توفي بعد الثمانين ومئتين.

(435)

ترجمته في ميزان الاعتدال (2/ 408)، ولسان الميزان (3/ 272).

ص: 389

‌2358 - أبو العيناء

(436)

العلامة الأخباري أبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد البصري الضرير النديم. ولد بالأهواز ونشأ بالبصرة. وأخذ عن: أبي عبيدة وأبي زيد وأبي عاصم النبيل والأصمعي. وعنه: الحكيمي وأبو بكر الصولي وأبو بكر الأدمي وأحمد بن كامل وابن نجيح وآخرون. قال الدارقطني: ليس بالقوي. أضر أبو العيناء وله أربعون سنة وكان يخضب بالحمرة. مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومئتين وقد جاوز التسعين. قلما روى من المسندات ولكنه كان ذا ملح ونوادر وقوة ذكاء.

قال له الوزير أبو الصقر: ما أخرك عنا قال: سرق حماري قال: وكيف سرق قال: لم أك مع اللص فأخبرك قال: فهلا جئت على غيره قال: أخرني عن السرى قلة يساري وكرهت ذلة العواري ونزق المكاري. وقيل: عاش اثنتين وتسعين سنة.

‌2359 - هلال بن العلاء

(437)

ابن هلال بن عمر بن هلال بن أبي عطية: الحافظ الإمام الصدوق عالم الرقة أبو عمر الباهلي مولى قتيبة بن مسلم الأمير الرقي الأديب. سمع: أباه أبا محمد العلاء وحجاج بن محمد الأعور ومحمد بن مصعب القرقساني وحسين بن عياش وعبد الله بن جعفر الرقي وأبا جعفر النفيلي وخلقاً سواهم.

(436)

ترجمته في تاريخ بغداد (3/ 170)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (18/ 286)، ووفيات الأعيان (4/ترجمة 643)، وميزان الاعتدال (4/ 13)، ولسان الميزان (5/ 344)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 180).

(437)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ترجمة 318)، وثقات ابن حبان (9/ 248)، ومعجم الأدباء ياقوت الحموى (19/ 294)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 637)، والكاشف (3/ترجمة 6111)، وميزان الاعتدال (4/ 315)، وتهذيب التهذيب (11/ 83)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 176).

ص: 390

حدث عنه: النسائي وخيثمة بن سليمان وأبو بكر النجاد والعباس ابن محمد الرافقي ومحمد بن أيوب الصموت وعدة. قال النسائي: ليس به بأس روى أحاديث منكرة عن أبيه ولا أدري: الريب مه أو من أبيه. قيل: توفي يوم عيد النحر سنة ثمانين ومئتين وقيل: مات في ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ومئتين. وله شعر رائق لائق بكل ذائق فمنه:

سيبلى لسان كان يعرب لفظه

فيا ليته من وقفة العرض يسلم

وما تنفع الآداب إن لم يكن تقى

وما ضر ذا تقوى لسان معجم

وله مما رواه عنه خيثمة بن سليمان:

اقبل معاذير من يأتيك معتذرًا

إن بر عندك فيما قال أو فجرا

فقد أطاعك من أرضاك ظاهره

وقد أجلك من يعصيك مستترا

وكان من أبناء التسعين وقع لنا جملة من حديثه. ومات أخوه:

‌2360 - أحمد بن العلاء

قاضي ديار مصر كالرقة وغيرها في سنة ست وسبعين ومئتين على القضاء. حدث عن: عبد الله بن جعفر وعبيد بن جناد.

وعنه: ابن حذلم وخيثمة بن سليمان وأبو الميمون البجلي وعدة.

‌2361 - الأنطاكي

(438)

الإمام الثبت الرحال أبو الوليد محمد بن أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي.

حدث عن: رواد بن الجراح والهيثم بن جميل ومحمد بن كثير الصنعاني ومحمد بن عيسى بن الطباع وجماعة.

(438)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ترجمة 1041)، وتاريخ بغداد (1/ 367)، واللباب ابن الأثير (1/ 90)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 121).

ص: 391

وعنه: أحمد بن المنادي وإسماعيل الصفار وأبو بكر الشافعي وآخرون. وثقه الدارقطني. حج وقدم فمات في سنة ثمان وسبعين ومئتين بأنطاكية من أبناء التسعين.

‌2362 - أبو زرعة الدمشقي

(439)

الشيخ الإمام الصادق محدث الشام أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو النصري بنون الدمشقي وكانت داره عند باب الجابية. ولد قبل المئتين.

وروى عن: أبي نعيم الفضل بن دكين وهوذة بن خليفة وعفان بن مسلم وأبي مسهر الغساني وأحمد بن خالد الوهبي وسليمان بن حرب وعلي بن عياش وأبي اليمان الحكم بن نافع وأبي بكر الحميدي وأبي غسان النهدي وسعيد بن سليمان سعدويه وعبد الغفار بن داود وأبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي وإسحاق بن إبراهيم الفراديسي وسعيد بن منصور وسليمان بن داود الهاشمي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهشام بن عمار ويحيى بن صالح الوحاظي وخلق كثير بالشام والعراق والحجاز. وجمع وصنف وذاكر الحفاظ وتميز وتقدم على أقرانه لمعرفته وعلو سنده.

حدث عنه: أبو داود في سننه ويعقوب الفسوي وأحمد بن المعلى القاضي وأبو بكر بن أبي داود واسحاق بن أبي الدرداء الصرفندي وأبو الحسن بن جوصا ويحيى بن صاعد وأبو العباس الأصم وأبو الحسن بن حذلم وأبو يعقوب الأذرعي وعلي بن أبي العقب وأبو جعفر الطحاوي وأبو القاسم الطبراني وخلق كثير.

أنبأنا أحمد بن سلامة عن أبي المكارم أحمد بن محمد عن عبد الغفار بن محمد بن شيرويه أخبرنا أبو بكر الحيري حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا أبو زرعة حدثنا أحمد بن خالد حدثنا ابن إسحاق عن عياض بن دينار قال: دخلت المسجد وأبو هريرة يخطب الناس خليفة لمروان أيام الحج في يوم الجمعة فقال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم:" أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ثم التي تليها على أشد نجوم السماء إضاءة".

(439)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ترجمة 1259)، وثقات ابن حبان (8/ 384)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 651)، والكاشف (2/ترجمة 3319)، وتهذيب التهذيب (6/ 236)، وتقريب التهذيب (1/ 493)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4202)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 177).

ص: 392

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان أبو زرعة الدمشقي رفيق أبي وكتبت عنه انا وأبي وكان ثقة صدوقاً. قال أبو الميمون بن راشد: سمعت أبا زرعة يقول: أعجب أبو مسهر بمجالستي إياه صغيراً. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: ذكر أحمد بن أبي الحواري أبا زرعة الدمشقي فقال: هو شيخ الشباب وسئل أبي عنه فقال: صدوق. قلت لأبي زرعة تاريخ مفيد في مجلد ولما قدم أهل الري إلى دمشق أعجبهم علم أبي زرعة فكنوا صاحبهم الحافظ عبيد الله بن عبد الكريم بكنيته.

أخبرتنا نخوة بنت محمد أخبرنا ابن خليل أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي وأنبأني أحمد بن أبي الخير عن الطرسوسي أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري قال: قال طاووس قلت: لابن عباس ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنباً وأصيبوا من الطيب". فقال: أما الغسل فنعم وأما الطيب: فلا أدري. أخرجه البخاري عن أبي اليمان.

قال أبو القاسم بن عساكر: قرأت في كتاب أبي الحسين الرازي يعني والد تمام قال: سمعت جماعة قالوا: لما اتصل الخبر بأبي أحمد الواثق أن أحمد بن طولون قد خلعه بدمشق أمر بلعن أحمد بن طولون على المنابر فلما بلغ أحمد أمر بلعن الموفق على المنابر بمصر والشام وكان أبو زرعة محمد ابن عثمان القاضي ممن خلع الموفق يعني من ولاية العهد ولعنه ووقف عند المنبر بدمشق ولعنه وقال: نحن أهل الشام نحن أهل صفين وقد كان فينا من حضر الجمل ونحن القائمون بمن عاند أهل الشام وأنا أشهدكم أني قد خلعت أبا أحمق يعني أبا أحمد كما يخلع الخاتم من الإصبع فالعنوه لعنه الله.

قال الرازي: وحدثني إبراهيم بن محمد بن صالح قال: لما رجع أحمد بن الموفق من وقعة الطواحين إلى دمشق من محاربة خمارويه بن أحمد بن طولون يعني بعد موت أبيه أحمد وذلك في سنة إحدى وسبعين قال لأبي عبد الله الواسطي: انظر ما انتهى إليك ممن كان يبغضنا فليحمل. فحمل يزيد بن عبد الصمد وأبو زرعة الدمشقي والقاضي أبو زرعة بن عثمان حتى صاروا بهم مقيدين إلى أنطاكية فبينا أحمد بن أبي الموفق وهو المعتضد

ص: 393

يسير يوماً إذ بصر بمحامل هؤلاء فقال للواسطي: من هؤلاء قال: أهل دمشق قال: وفي الأحياء هم إذا نزلت فاذكرني بهم.

قال ابن صالح: فحدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: فلما نزل أحضرنا بعد أن فكت القيود وأوقفنا مذعورين فقال: أيكم القائل: قد نزعت أبا أحمق قال: فربت ألسنتنا حتى خيل إلينا أننا مقتولون فأما أنا: فأبلست وأما ابن عبد الصمد: فخرس وكان تمتاماً وكان أبو زرعة القاضي أحدثنا سناً فقال: أصلح الله الأمير فالتفت إليه الواسطي فقال: أمسك حتى يتكلم أكبر منك ثم عطف علينا وقال: ماذا عندكم فقلنا: أصلحك الله هذا رجل متكلم يتكلم عنا قال: تكلم: فقال: والله ما فينا هاشمي ولا قرشي صحيح ولا عربي فصيح ولكنا قوم ملكنا حتى قهرنا.

وروى أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السمع والطاعة في المنشط والمكره وأحاديث في العفو والإحسان وكان هو الذي تكلم بالكلمة التي نطالب بخزيها ثم قال: أصلح الله الأمير وأشهدك أن نسواني طوالق وعبيدي أحرار ومالي حرام إن كان في هؤلاء القوم أحد قال هذه الكلمة ورءانا عيال وحرم وقد تسامع الناس بهلاكنا وقد قدرت وإنما العفو بعد المقدرة.

فقال للواسطي: يا أبا عبد الله أطلقهم لا كثر الله في الناس مثلهم. فأطلقنا فاشتغلت أنا ويزيد بن عبد الصمد عند عثمان بن خرزاذ في نزه أنطاكية وطيبها وحماماتها وسبق أبو زرعة القاضي إلى حمص. قال ابن زبر والدمشقيون: مات أبو زرعة النصري سنة إحدى وثمانين ومئتين وغلط من قال: سنة ثمانين.

‌2363 - الشعراني

(440)

الإمام الحافظ المحدث الجوال المكثر أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن زهير بن يزيد بن كيسان ابن الملك باذان صاحب اليمن الذي أسلم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخراساني النيسابوري الشعراني عرف بذلك لكونه كان يرسل شعره وهو من قرية ريوذ: من معاملة بيهق.

سمع بمصر: سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح وسعيد بن عفير وطبقتهم وبالبصرة: سليمان بن حرب وسهل بن بكار وقيس ابن حفص وعدة وبالكوفة: أحمد

(440)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 654)، واللباب لابن الأثير (2/ 199)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 155)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 179).

ص: 394

بن يونس ووضاح بن يحيى وضرار بن صرد وبالمدينة: قالون وإسماعيل بن أبي أويس وإسحاق الفروي وبحلب: أبا توبة الربيع بن نافع وبحمص: حيوة بن شريح.

وبالثغر: سنيد بن داود وبخراسان: يحيى بن يحيى التميمي وابن راهويه وبواسط: عمرو بن عون وبحران: أبا جعفر النفيلي وتخرج: بعلي بن المديني وابن معين وبرع في هذا الشأن وسأل أحمد بن حنبل وأخذ اللغة عن ابن الأعرابي وتلا على خلف بن هشام وقدم بعلم جم.

حدث عنه: ابن خزيمة وأبو العباس الثقفي والمؤمل بن الحسن وأبو عمرو أحمد بن محمد الحيري وأبو حامد بن الشرقي ومحمد بن هانئ شيخ الحاكم وأبو منصور محمد بن القاسم العتكي وعلي بن حمستاذ ومحمد بن يعقوب الشيباني ومحمد بن المؤمل الماسرجسي وأحمد بن إسحاق الصيدلاني وحفيده إسماعيل بن محمد بن الفضل وعدة. وجمع وصنف. قال أبو نصر بن ماكولا: قرأ القرآن على خلف وعنده عن أحمد ابن حنبل تاريخه وعن سنيد المصيصي تفسيره. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: تكلموا فيه. وقال أبو عبد الله بن الأخرم: صدوق غال في التشيع.

قال الحاكم: لم أر خلافاً بين الأئمة الذين سمعوا منه في ثقته وصدقه رضوان الله عليه وكان أديباً فقيهاً عالماً عابداً كثير الرحلة في طلب الحديث فهما عارفاً بالرجال تفرد برواية كتب لم يروها أحد بعده التاريخ الكبير عن أحمد والتفسير عن سنيد والقراءات عن خلف والتنبيه عن يحيى بن اكثم والمغازي عن إبراهيم الحزامي والفتن عن نعيم بن حماد. سمعت إسماعيل بن محمد يقول: توفي جدي الفضل في المحرم سنة اثنتين وثمانين. وسمعت محمد بن المؤمل يقول: كنا نقول: ما بقي في الدنيا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث إلا الأندلس. سمعت محمد بن القاسم العتكي سمعت الفضل الشعراني سمعت يحيى بن أكثم يقول: من قال: القرآن مخلوق يستتاب فان تاب وإلا ضربت عنقه.

ص: 395

وقال ابن الأخرم: كان ابن خزيمة يتولى الانتخاب على الفضل بن محمد. وقال مسعود السجزي: سألت الحاكم عن الفضل بن محمد فقال: ثقة مأمون لم يطعن في حديثه بحجة. وأما الحسين القباني فرماه بالكذب فبالغ.

‌2364 - الدارمي

(441)

عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد: الإمام العلامة الحافظ الناقد شيخ تلك الديار أبو سعيد التميمي الدارمي السجستاني صاحب المسند الكبير والتصانيف. ولد قبل المئتين بيسير وطوف الأقاليم في طلب الحديث.

وسمع: أبا اليمان ويحيى بن صالح الوحاظي وسعيد بن أبي مريم ومسلم بن إبراهيم وعبد الغفار بن داود الحراني وسليمان بن حرب وأبا سلمة التبوذكي ونعيم بن حماد وعبد الله بن صالح كاتب الليث ومحمد بن كثير ومسدد بن مسرهد وأبا توبة الحلبي وعبد الله ابن رجاء الغداني وأبا جعفر النفيلي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وفروة بن المغراء وأبا بكر بن أبي شيبة ويحيى الحماني وسهل بن بكار وأبا الربيع الزهراني ومحمد بن المنهال والهيثم بن خارجة وخلقاً كثيراً بالحرمين والشام ومصر والعراق والجزيرة وبلاد العجم.

وصنف كتاباً في الرد على بشر المريسي وكتاباً في الرد على الجهمية رويناهما. وأخذ علم الحديث وعلله عن علي ويحيى وأحمد وفاق أهل زمانه وكان لهجاً بالسنة بصيراً بالمناظرة.

حدث عنه: أبو عمرو: أحمد بن محمد الحيري ومحمد بن إبراهيم الصرام ومؤمل بن الحسين وأحمد بن محمد بن الأزهر ومحمد بن يوسف الهروي وأبو إسحاق بن ياسين ومحمد بن إسحاق الهروي وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي وأبو النضر محمد بن محمد الطوسي الفقيه وحامد الرفاء وأحمد بن محمد العنبري وأبو الفضل يعقوب القراب وخلق كثير من أهل هراة وأهل نيسابور.

(441)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ترجمة 837)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 648)، والعبر (2/ 64)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 176).

ص: 396

قال الحاكم: سمعت محمد بن العباس الضبي سمعت أبا الفضل يعقوب بن إسحاق القراب يقول: ما رأينا مثل عثمان بن سعيد ولا رأى عثمان مثل نفسه أخذ الأدب عن ابن الأعرابي والفقه عن أبي يعقوب البويطي والحديث عن ابن معين وابن المديني وتقدم في هذه العلوم رحمه الله.

وقال أبو حامد الأعمشي: ما رأيت في المحدثين مثل محمد بن يحيى وعثمان بن سعيد ويعقوب الفسوي.

وقال أبو عبد الله بن أبي ذهل: قلت لأبي الفضل القراب: هل رأيت أفضل من عثمان بن سعيد الدارمي فأطرق ساعة ثم قال: نعم إبراهيم الحربي وقد كنا في مجلس الدارمي غير مرة ومر به الأمير عمرو بن الليث فسلم عليه فقال: وعليكم حدثنا مسدد ولم يزد على رد السلام.

قال ابن عبدوس الطرائفي: لما أردت الخروج إلى عثمان بن سعيد يعني إلى هراة أتيت ابن خزيمة فسألته أن يكتب لي اليه فكتب إليه فدخلت هراة في ربيع الأول سنة ثمانين ومئتين فأوصلته الكتاب فقرأه ورحب بي وسأل عن ابن خزيمة ثم قال: يا فتى متى قدمت قلت: غداً قال: يا بني فارجع اليوم فإنك لم تقدم بعد حتى تقدم غداً.

قال أحمد بن محمد الأزهر: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: أتاني محمد بن الحسين السجزي وكان قد كتب عن يزيد بن هارون وجعفر بن عون فقال: يا أبا سعيد إنهم يجيؤوني فيسألون أن أحدثهم وأنا أخشى أن لا يسعني ردهم قلت: ولم قال: لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار". فقال: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علم تعلمه وأنت لا تعلمه.

قال يعقوب القراب: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قد نويت أن لا أحدث عن أحد أجاب إلى خلق القرآن قال: فتوفي قبل ذلك. قلت: من أجاب تقية فلا بأس عليه وترك حديثه لا ينبغي.

قلت: كان عثمان الدارمي جذعاً في أعين المبتدعة وهو الذي قام على محمد بن كرام وطرده عن هراه فيما قيل. قال عثمان بن سعيد: من لم يجمع حديث شعبة وسفيان ومالك وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة فهو مفلس في الحديث يريد أنه ما بلغ درجة الحفاظ.

ص: 397

وبلا ريب أن من جمع علم هؤلاء الخمسة وأحاط بسائر حديثهم وكتبه عالياً ونازلاً وفهم علله فقد أحاط بشطر السنة النبوية بل بأكثر من ذلك وقد عدم في زماننا من ينهض بهذا وببعضه فنسأل الله المغفرة وأيضاً فلو أراد أحد أن يتتبع حديث الثوري وحده ويكتبه بأسانيد نفسه على طولها ويبين صحيحه من سقيمه لكان يجيء مسنده في عشر مجلدات وإنما شأن المحدث اليوم الاعتناء بالدواوين الستة ومسند أحمد بن حنبل وسنن البيهقي وضبط متونها وأسانيدها ثم لا ينتفع بذلك حتى يتقي ربه ويديدن بالحديث فعلى علم الحديث وعلمائه ليبك من كان باكياً فقد عاد الإسلام المحض غريباً كما بدأ فليسع امرؤ في فكاك رقبته من النار فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية ولكنه نور يقذفه الله في القلب وشرطه الاتباع والفرار من الهوى والابتداع وفقنا الله وإياكم لطاعته. قال المحدث يحيى بن أحمد بن زياد الهروي صاحب ابن معين: رأيت في النوم كأن قائلاً يقول: إن عثمان يعني الدارمي لذو حظ عظيم. وقال محمد بن المنذر شكر: سمعت أبا زرعة الرازي وسألته عن عثمان بن سعيد فقال: ذاك رزق حسن التصنيف. وقال أبو الفضل الجارودي: كان عثمان بن سعيد إماماً يقتدى به في حياته وبعد مماته.

قال محمد بن إبراهيم الصرام: سمعت عثمان بن سعيد يقول: لا نكيف هذه الصفات ولا نكذب بها ولا نفسرها. وبلغنا عن عثمان الدارمي انه قال له رجل كبير يحسده: ماذا أنت لولا العلم فقال له: أردت شيناً فصار زيناً.

أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا عبد الله بن عمر أخبرنا أبو الوقت السجزي أخبرنا أبو إسماعيل الانصاري حدثنا محمد ابن أحمد الجارودي ويحيى بن عمار ومحمد بن جبريل أملوه وأخبرنا محمد بن عبد الرحمن قالوا: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن محمد الواشقي هروي أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي أخبرنا يحيى الحماني عن ابن نمير عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ولو كان حياً ثم أدرك نبوتي لاتبعني". هذا حديث غريب ومجالد ضعيف الحديث.

ص: 398

ومن كلام عثمان رحمه الله في كتاب النقض له: اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه فوق سماواته.

قلت: أوضح شيء في هذا الباب قوله عز وجل:" الرحمن على العرش استوى"- طه:5 - فليمر كما جاء كما هو معلوم من مذهب السلف وينهى الشخص عن المراقبة والجدال وتأويلات المعتزلة" ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول"- آل عمران:53 - .

قال يعقوب بن إسحاق: سمعت عثمان بن سعيد يقول: ما خاض في هذا الباب أحد ممن يذكر إلا سقط فذكر الكرابيسي فسقط حتى لا يذكر وكان معنا رجل حافظ بصير وكان سليمان بن حرب والمشايخ بالبصرة يكرمونه وكان صاحبي ورفيقي يعني فتكلم فيه فسقط. وقال الحسن بن صاحب الشاشي: سألت أبا داود السجستاني عن عثمان بن سعيد فقال: منه تعلمنا الحديث.

قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس: توفي عثمان الدارمي في ذي الحجة سنة ثمانين ومئتين. وهكذا أرخه إسحاق القراب وغيره وما رواه أبو عبد الله الضبي عن شيوخه أنه مات سنة اثنتين وثمانين ومئتين فوهم ظاهر.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم قراءة عن أبي القاسم بن الحرستاني عن أبي نصر أحمد بن عمر الحافظ أخبرنا عبد الرحمن بن الأحنف أخبرنا إسحاق بن يعقوب القراب أخبرنا محمد بن الفضل المزكي أخبرنا محمد بن إبراهيم الصرام حدثنا عثمان بن سعيد الحافظ حدثنا عبد الله ابن صالح عن ليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن خالد بن أبي عمران عن أبي عياش بن أبي مهران عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنما قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل". هذا حديث غريب جداً والمتن قد روي من وجوه وهو في صحيح مسلم.

قال الحاكم أبو عبد الله: والدارمي سجزي سكن هراة سمع: ابن أبي مريم وأبا صالح بمصر وابن أبي أويس بالحجاز وسليمان بن حرب ومحمد بن كثير وأبا سلمة بالبصرة وأبا غسان وأحمد بن يونس بالكوفة ويحيى بن صالح والربيع بن روح ويزيد بن عبد ربه بالشام.

ص: 399

‌2365 - صاعد بن مخلد

(442)

الوزير الكبير أبو العلاء الكاتب: أسلم وكتب للموفق ثم وزر للمعتمد وهو من نصارى كسكر وله صدقات وبر وقيام ليل لكنه نزر الأدب. وزر سنة ست وستين ولقب ذا الوزارتين.

قال الصولي: قبض عليه الموفق سنة ثمان وسبعين فحدثوني أن الذي أخذ منه نحو ألفي ألف دينار وخمسة آلاف رأس وأخذ ذلك الموفق منه بلين وملاطفة ولم يؤذه ومما أخذ له من المماليك البيض والسود ثلاثة آلاف مملوك وحبسه مكرماً وترك له من ضياعه مغل عشرين ألف دينار.

وقال أحمد بن أبي ظاهر: المقبوض منه من العين ألف ألف دينار وأخذ له مخيم قوم بمئة وعشرين ألفي ألف دينار فيه من الخز ثمانية عشر ألف ثوب وأربعون رطل ذهب وأخذ منه جوهر يساوي خمسين ألف دينار وآنية بمئتي ألف درهم وثلاثة آلاف ثوب حرير وستة بسط خز أكبرها طول خمسة وأربعين ذراعاً في عرض ستة وعشرين ذراعاً وأكثر من مئة ألف قطعة صيني وسرد أشياء من هذا الضرب مما لم يوجد الملوك. ذكره ابن النجار في تاريخه وقال: توفي في صفر سنة ست وسبعين ومئتين. وكان يتردد إليه أبو العيناء فيقولون: هو الساعة يصلي فقال: كل جديد له لذة.

‌2366 - البياني

(443)

الإمام المجتهد الحافظ عالم الأندلس أبو محمد القاسم ابن محمد بن القاسم بن محمد بن سيار مولى الخليفة الوليد بن عبد الملك الأموي الأندلسي القرطبي البياني أحد الأعلام.

غطى معرفته بالحديث براعته في الفقه والمسائل وفاق أهل العصر وضرب بإمامته المثل وصار إماماً مجتهداً لا يقلد أحداً مع قوة ميله إلى مذهب الشافعي وبصره به فإنه لازم التفقه على الإمامين: أبي إبراهيم المزني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم.

(442)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (5/ 101).

(443)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 671)، والعبر (2/ 57)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 170).

ص: 400

مولده بعد سنة عشرين ومئتين فيما أرى. وروى عن: إبراهيم بن محمد الشافعي وأبي الطاهر بن السرح وإبراهيم بن المنذر الحزامي والحارث بن مسكين ويونس بن عبد الأعلى والمزني والربيع وابن عبد الحكم وخلق.

وأدرك بقايا أصحاب الليث ومالك. تفقه به علماء قرطبة. وحدث عنه: سعيد بن عثمان الأعناقي وأحمد بن خالد بن الجباب ومحمد بن عمر بن لبابة وابنه محمد بن قاسم ومحمد بن عبد الملك بن أيمن وآخرون.

قال ابن الفرضي في تاريخه: لزم قاسم البياني ابن عبد الحكم للتفقه والمناظرة وصحبه وتحقق به والمزني وكان يذهب مذهب الحجة والنظر وترك التقليد ويميل إلى فقه الشافعي لم يكن بالأندلس أحد مثله في حسن النظر والبصر بالحجة. وقال أحمد بن الجباب: ما رأيت مثل قاسم في الفقه ممن دخل الأندلس من أهل الرحل. وقال محمد بن عبد الله بن قاسم الزاهد: سمعت بقي بن مخلد يقول: قاسم بن محمد أعلم من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. قال أسلم بن عبد العزيز: سمعت ابن عبد الحكم يقول: لم يقدم علينا من الأندلس أحد أعلم من قاسم بن محمد ولقد عاتبته حين رجوعه إلى الأندلس قلت: أقم عندنا فإنك تعتقد هنا رئاسة ويحتاج الناس إليك فقال: لابد من الوطن. قال ابن الفرضي: ألف قاسم في الرد على يحيى بن مزين والعتبي وعبد الله بن خالد كتاباً نبيلاً يدل على علمه قال: وله كتاب شريف في خبر الواحد وكان يلي وثائق الأمير محمد يعني ملك الأندلس طول أيامه. قلت: وصنف كتاب الإيضاح في الرد على المقلدين وكان ميالا إلى الآثار. قال أبو علي الغساني: سمعت ابن عبد البر يقول: لم يكن أحد ببلدنا أفقه من قاسم بن محمد وأحمد بن الجباب. مات في آخر سنة ست وسبعين ومئتين هو وبقي بن مخلد في عام وما خلفا مثلهما.

ص: 401

‌2367 - سهل بن عبد الله

(444)

ابن يونس: شيخ العارفين أبو محمد التستري الصوفي الزاهد. صحب خاله محمد بن سوار ولقي في الحج ذا النون المصري وصحبه. روى عنه الحكايات: عمر بن واصل وأبو محمد الجريري وعباس ابن عصام ومحمد بن المنذر الهجيمي وطائفة. له كلمات نافعة ومواعظ حسنة وقدم راسخ في الطريق. روى أبو زرعة الطبري عن ابن درستويه صاحب سهل قال: قال سهل ورأى أصحاب الحديث فقال: اجهدوا أن لا تلقوا الله إلا ومعكم المحابر. وروي في كتاب ذم الكلام: سئل سهل إلى متى يكتب الرجل الحديث قال: حتى يموت ويصب باقي حبره في قبره.

أخبرنا أبو علي بن الخلال: أخبرنا ابن اللتي أخبرنا أبو الوقت أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري أخبرنا عبد الرحمن بنيسابور حدثنا الحسن ابن أحمد الأديب بتستر حدثنا علي بن الحسين الدقيقي سمعت سهل بن عبد الله يقول: من أراد الدنيا والآخرة فليكتب الحديث فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة. وقيل: إن سهل بن عبد الله أتى أبا داود فقال: أخرج لي لسانك هذا الذي حدثت به أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله فأخرجه له. ومن كلام سهل: لا معين إلا الله ولا دليل إلا رسول الله ولا زاد إلا التقوى ولا عمل إلا الصبر عليه. وعنه قال: الجاهل ميت والناسي نائم والعاصي سكران والمصر هالك. وعنه قال: الجوع سر الله في أرضه لا يودعه عند من يذيعه.

قال إسماعيل بن علي الأبلي: سمعت سهل بن عبد الله بالبصرة في سنة ثمانين ومئتين يقول: العقل وحده لا يدل على قديم أزلي فوق عرش محدث نصبه الحق دلالة وعلماً لنا لتهتدي القلوب به إليه ولا تتجاوزه ولم يكلف القلوب علم ماهية هويته فلا كيف لاستوائه

(444)

ترجمته في العبر (2/ 70)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (/ترجمة 281)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 98)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 182).

ص: 402

عليه ولا يجوز أن يقال: كيف الاستواء لمن أوجد الاستواء وإنما على المؤمن الرضى والتسليم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" إنه على عرشه". وقال: إنما سمي الزنديق زنديقاً لأنه وزن دق الكلام بمخبول عقله وقياس هوى طبعه وترك الأثر والاقتداء بالسنة وتأول القرآن بالهوى فسبحان من لا تكيفه الأوهام في كلام نحو هذا.

قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا أبي حدثنا أبو بكر الجوربي سمعت سهل بن عبد الله يقول: أصولنا ستة: التمسك بالقرآن والإقتداء بالسنة وأكل الحلال وكف الأذى واجتناب الآثام والتوبة وأداة الحقوق. عن سهل: من تكلم فيما لا يعنيه حرم الصدق ومن اشتغل بالفضول حرم الورع ومن ظن ظن السوء حرم اليقين ومن حرم هذه الثلاثة هلك. وعنه قال: من أخلاق الصديقين أن لا يحلفوا بالله وأن لا يغتابوا ولا يغتاب عندهم وأن لا يشبعوا وإذا وعدوا لم يخلفوا ولا يمزحون أصلاً. قال ابن سالم الزاهد شيخ البصرة: قال عبد الرحمن لسهل بن عبد الله: إني أتوضأ فيسيل الماء من يدي فيصير قضبان ذهب فقال: الصبيان يناولون خشخاشة. قيل: توفي سهل بن عبد الله في سنة ثلاث وسبعين وليس بشيء بل الصواب: موته في المحرم سنة ثلاث وثمانين ومئتين ويقال: عاش ثمانين سنة أو أكثر. سميه: الزاهد المحدث:

‌2368 - أبو طاهر

(445)

سهل بن عبد الله بن الفرخان الأصبهاني أحد الثقات. ارتحل وأخذ عن: سليمان بن بنت شرحبيل وصفوان بن صالح وهشام بن عمار ومحمد بن أبي السري العسقلاني وحرملة بن يحيى وطبقتهم. وعنه: محمد بن أحمد بن يزيد الزهري ومحمد بن عبد الله الصفار وأبو علي الصحاف وأحمد بن إبراهيم بن أفرجة وآخرون.

(445)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 547).

ص: 403

وكان من حملة الحجة كبير القدر ويقال: كان من الأبدال رحمة الله عليه.

قال أبو نعيم: لقيت أصحابه وكان مجاب الدعوة كان أهل بلدنا مفزعهم إلى دعائه عند النوائب والمحن له آثار مشهورة في إجابة الدعاء وأما رفيع حاله من إدمان الذكر والمشاهدة والحضور والتعري من حظوظ النفس فشائع ذائع وهو أول من حمل مختصر حرملة من علم الشافعي إلى أن قال: ومات في سنة ست وسبعين ومئتين. لم يذكر مولده.

وفيها مات: أحمد بن حازم بن أبي غرزة وبقي بن مخلد وأبو محمد بن قتيبة الدينوري وأبو قلابة الرقاشي ومحمد بن إسماعيل الصائغ ومحمد بن سعد العوفي ويزيد بن محمد بن عبد الصمد ومحمد بن أحمد بن أبي العوام.

‌2369 - ابن أبي عمران

(446)

الإمام العلامة شيخ الحنفية أبو جعفر أحمد بن أبي عمران موسى بن عيسى البغدادي الفقيه المحدث الحافظ. ولد في حدود المئتين وسكن مصر. وحدث عن: عاصم بن علي ومحمد بن عبد الله بن سماعة وسعدويه الواسطي وبشر بن الوليد الكندي وجماعة. وتفقه على بشر وابن سماعة وأصحاب أبي يوسف ومحمد. لازمه أبو جعفر الطحاوي وتفقه به وولي قضاء مصر مدة بعد بكار ابن قتيبة وكان من بحور العلم يوصف بحفظ وذكاء مفرط. قال الإمام أبو عبد الله الصيمري الحنفي: كان شيخ أصحابنا بمصر في زمانه أخذ عن أصحاب أبي يوسف. قلت: روى شيئاً كثيراً من الحديث من حفظه. وتوفي في المحرم سنة ثمانين ومئتين.

(446)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (5/ 146)، والعبر (2/ 63)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 175).

ص: 404

‌2370 - الديرعاقولي

(447)

الإمام الحافظ الحجة أبو يحيى عبد الكريم بن الهيثم بن زياد ابن عمران الديرعاقولي ثم البغدادي القطان. ولد بعد التسعين ومئة وطوف وكتب الكثير. سمع: أبا نعيم وأبا اليمان الحمصي وأبا بكر الحميدي ومسلم ابن إبراهيم وسليمان بن حرب وعلي بن عياش وطبقتهم. حدث عنه: موسى بن هارون ويحيى بن صاعد وعثمان بن السماك وأحمد بن كامل وأبو سهل بن زياد وآخرون.

قال أحمد بن كامل القاضي: كتبنا عنه وكان ثقة مأموناً. وقال الخطيب: كان الدير عاقولي ثقة ثبتاً مات في شعبان سنة ثمان وسبعين ومئتين.

قلت: وفيها مات: محدث طبرية هاشم بن مرثد الطبراني ومحدث حمص موسى بن عيسى بن المنذر ومسندا بغداد موسى بن سهل الوشاء صاحب ابن علية ومحمد بن شداد أبو يعلى المسمعي صاحب يحيى القطان وأحمد بن عبيد بن ناصح النحوي وإبراهيم بن الهيثم البلدي وولي العهد أبو أحمد الموفق.

‌2371 - المغامي

(448)

العلامة المفتي شيخ المالكية أبوعمرو يوسف بن يحيى الأزدي الأندلسي القرطبي المالكي المعروف بالمغامي أحد الأعلام. وقد نسبه بعض الأئمة فقال: هو يوسف بن يحيى بن يوسف بن محمد بن منصور بن السمح الأزدي ثم الدوسي من ولد أبي هريرة رضي الله عنه. سمع: يحيى بن يحيى الليثي الفقيه وسعيد بن حسان وعبد الملك بن حبيب فأكثر عنه وحمل عنه تصانيفه وارتحل في الشيخوخه وسمع وبث علمه بمصر.

(447)

ترجمته في تاريخ بغداد (11/ 78)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 626)، والعبر (2/ 60)، واللباب لابن الأثير (1/ 523)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 172).

(448)

ترجمته في العبر (2/ 81)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 198)، وبغية الوعاة للسيوطي (2/ 363).

ص: 405

وسمع من: إسحاق الدبري وعلي بن عبد العزيز البغوي ويوسف بن يزيد القراطيسي. وكان رأساً في الفقه لا يجارى بصيراً بالعربية فصيحاً مدركاً مصنفاً أقام بمكة وروى بها الواضحة لابن حبيب وعظم قدره هناك.

وروى تميم بن محمد القيرواني عن أبيه قال: كان أبو عمرو المغامي ثقة إماماً جامعاً لفنون العلم عالماً بالذب عن مذاهب أهل الحجاز فقيه البدن عاقلاً وقوراً قل من رايت مثله في عقله وأدبه وخلقه رحمه الله رحل في الحديث وهو شيخ رأيته وقد جاءته كتب كثيرة نحو المئة من أهل مصر يسألونه الإجازة وبعضهم يسأل منه الرجوع إليهم سألته عن مولده فأبى أن يخبرني وعندنا توفي بالقيروان في سنة ثمان وثمانين ومئتين. قلت: قد ألف هذا في الرد على الإمام الشافعي كتاباً في عشرة أجزاء وصنف كتاب فضائل مالك. تفقه به خلق منهم: سعيد بن فحلون ومحمد بن فطيس وقيل: يكنى أبا عمر نقله الحميدي. ومغامة: قربة من ناحية طليطلة. وقال الحميدي: قيل: مات سنة ثلاث وثمانين وقيل: مات سنة خمس وثمانين ومئتين.

‌2372 - ابن أخت غزال

(449)

الإمام الحافظ المجود أبو بكر محمد بن علي بن داود بن عبد الله البغدادي نزيل مصر ويعرف بابن أخت غزال. حدث عن: سعيد بن داود الزنبري وأحمد بن عبد الملك الحراني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعدة. وعنه: أبوجعفر الطحاوي وعلي بن أحمد الصيقل وغيرهما.

قال أبو سعيد بن يونس: كان يحفظ الحديث ويفهم حدث بمصر وخرج إلى قرية من

(449)

ترجمته في تاريخ بغداد (3/ 59)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 679).

ص: 406

أسفل بلاد مصر فتوفي بها في ربيع الأول سنة أربع وستين ومئتين قال: وكان ثقة حسن الحديث. قلت: وذكره الخطيب في تاريخه وساق له حديثاً غريباً.

‌2373 - إسماعيل القاضي

(450)

الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبوإسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن محدث البصرة حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم البصري المالكي قاضي بغداد وصاحب التصانيف. مولده سنة تسع وتسعين ومئة واعتنى بالعلم من الصغر.

وسمع من: محمد بن عبد الله الأنصاري ومسلم بن إبراهيم والقعنبي وعبد الله بن رجاء الغداني وحجاج بن منهال وإسماعيل بن أبي أويس وسليمان بن حرب وعارم ويحيى الحماني ومسدد بن مسرهد وأبي مصعب الزهري وقالون عيسى وتلا عليه بحرف نافع. وأخذ الفقه عن أحمد بن المعذل وطائفة وصناعة الحديث عن علي ابن المديني وفاق أهل عصره في الفقه. روى عنه: أبو القاسم البغوي وابن صاعد والنجاد وإسماعيل الصفار وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي والحسن بن محمد بن كيسان وأبو بحر محمد بن الحسن البربهاري وعدد كثير. وقد روى النسائي في كتاب الكنى عن إبراهيم بن موسى عنه وتفقه به مالكية العراق. قال أبو بكر الخطيب: كان عالماً متقناً فقيهاً شرح المذهب واحتج له وصنف المسند وصنف علوم القرآن وجمع حديث أيوب وحديث مالك. ثم صنف الموطأ وألف كتاباً في الرد على محمد بن الحسن يكون نحو مئتي جزء ولم يكمل.

(450)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 531)، وتاريخ بغداد (6/ 284)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 151)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 652)، والعبر (2/ 67)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 178).

ص: 407

استوطن بغداد وولي قضاءها إلى أن توفي وتقدم حتى صار علماً ونشر مذهب مالك بالعراق. وله كتاب أحكام القرآن لم يسبق إلى مثله وكتاب معاني القرآن وكتاب في القراءات.

قال ابن مجاهد: سمعت المبرد يقول: إسماعيل القاضي أعلم مني بالتصريف. وعن إسماعيل القاضي قال: أتيت يحيى بن أكثم وعنده قوم يتناظرون فلما رآني قال: قد جاءت المدينة.

قال نفطويه: كان إسماعيل كاتب محمد بن عبد الله بن طاهر فحدثني أن محمداً سأله عن حديث: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" وحديث:" من كنت مولاه" فقلت: الأول أصح والآخر دونه قال: فقلت لإسماعيل: فيه طرق رواه البصريون والكوفيون فقال: نعم وقد خاب وخسر من لم يكن علي مولاه. قال محمد بن إسحاق النديم: إسماعيل هو أول من عين الشهادة ببغداد لقوم ومنع غيرهم وقال: قد فسد الناس. قال أبو سهل القطان: حدثنا يوسف القاضي قال: خرج توقيع المعتضد إلى وزيره: استوص بالشيخين الخيرين الفاضلين خيراً إسماعيل بن إسحاق وموسى بن إسحاق فانهما ممن إذا أراد الله بأهل الأرض عذاباً صرف عنهم بدعائهما. قلت: ولي قضاء بغداد ثنتين وعشرين سنة وولي قبلها قضاء الجانب الشرقي في سنة ست وأربعين ومئتين وكان وافر الحرمة ظاهر الحشمة كبير الشأن يقع حديثه عالياً في الغيلانيات. توفي فجأة في شهر ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومئتين. قال عوف الكندي: خرج علينا إسماعيل القاضي لصلاة العشاء وعليه جبة وشي يمانية تساوي مئتي دينار.

وفيها مات: جعفر بن أبي عثمان الطيالسي والحارث بن أبي اسامة وخمارويه صاحب مصر والفضل بن محمد الشعراني ومحمد بن الفرج الأزرق ومحمد بن القاسم أبو العيناء ومحمد بن مسلمة الواسطي ويحيى بن عثمان بن صالح.

ص: 408

‌2374 - الختلي

(451)

الإمام المحدث مصنف كتاب الديباج الذي يرويه أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن خازم بن سنين الختلي نزيل بغداد. حدث عن: علي بن الجعد وأبي نصر التمار وكامل بن طلحة وداود بن عمر الضبي وهشام بن عمار وطبقتهم بالعراق والشام والجزيرة. حدث عنه: أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز وأبو سهل بن زياد وأبو عمرو بن السماك وأبو بكر الشافعي وغيرهم. قال الدارقطني: ليس بالقوي. قلت: مات في شوال سنة ثلاث وثمانين ومئتين وقد بلغ الثمانين. وفي كتابه الديباج أشياء منكرة. قال الحاكم: ضعيف وقال مرة: ليس بالقوي.

‌2375 - الجبلي

(452)

الحافظ أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن الجبلي وجبل: بليدة من سواد العراق. سمع: منصور بن أبي مزاحم وطبقته. روى عنه: أبو سهل بن زياد. قال الخطيب: كان يذكر بالفهم ويوصف بالحفظ ولم يحدث إلا بشيء يسير. وقال ابن المنادي: كان في أكثر عمره بالجانب الشرقي وكان بوجهه وبدنه وضح وكان يفتي بالحديث ويذاكر ولا يحدث مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين ومئتين عن سبعين سنة. قلت ذكرته للتمييز ولأنه من أئمة الأثر وسأكشف ان كان وقع لنا من روايته من جهة أبي سهل القطان إن شاء الله.

(451)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (5/ 163)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 386)، ولسان الميزان (1/ 348).

(452)

ترجمته في تاريخ بغداد (6/ 378)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 395).

ص: 409

‌2376 - إسماعيل بن قتيبة

(453)

ابن عبد الرحمن: الإمام القدوة المحدث الحجة أبو يعقوب السلمي النيسابوري.

سمع: يحيى بن يحيى وسعد بن يزيد الفراء ويزيد بن صالح الفراء ويحيى الحماني وأحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد المسندي وابا بكر بن أبي شيبة والقواريري وطبقتهم. حدث عنه: إبراهيم بن أبي طالب وابن خزيمة وأبو حامد بن الشرقي وأبو العباس السراج ومحمد بن صالح بن هانئ وأحمد بن إسحاق الصبغي وخلق كثير.

قال الحاكم: إسماعيل بن قتيبة البشتنقاني وهي: قرية على نصف فرسخ من البلد سمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: أول من اختلفت إليه في سماع الحديث إسماعيل بن قتيبة وذلك سنة ثمانين وكان الإنسان إذا رآه يذكر السلف لسمته وزهده وورعه كنا نختلف إلى بشتنقان فيخرج فيقعد على حصباء النهر والكتاب بيده فيحدثنا وهو يبكي وإذا قال: حدثنا يحيى بن يحيى يقول: رحم الله أبا زكريا. قال الحاكم: قرأ إسماعيل على ابن أبي شيبة المصنفات كلها وهي أجل رواية عندنا لابن أبي شيبة. قال ابن هانئ: توفي ابن قتيبة في رجب سنة أربع وثمانين ومئتين وشهدت جنازته. قلت: لعله جاوز الثمانين وكان من حملة الحجة ومن سالكي المحجة رحمه الله.

‌2377 - مقدام بن داود

(454)

ابن عيسى بن تليد: الفقيه العلامة المحدث أبو عمرو الرعيني المصري. حدث عن: عمه عيسى بن تليد وأسد بن موسى وعبد الله بن محمد بن المغيرة وخالد بن نزار الأيلي ويحيى بن بكير وعبد الله بن يوسف وعدة. حدث عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم وأحمد بن الحسن بن عتبة الرازي وعلي بن أحمد البغدادي ومحمد بن أحمد بن أبي الأصبغ وأبو القاسم الطبراني وآخرون.

(453)

ترجمته في طبقات الحنابلة لابن الفراء (1/ 106).

(454)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 1399)، وميزان الاعتدال (4/ 175)، ولسان الميزان (6/ 84).

ص: 410

قال النسائي في الكنى: ليس بثقة. وقال أبو عمرو محمد بن يوسف الكندي: كان فقيهاً مفتياً لم يكن بالمحمود في الرواية. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن يونس: تكلموا فيه مات في رمضان سنة ثلاث وثمانين ومئتين. وقال غيره: كان من كبار المالكية.

حدث أبو العباس بن دلهاث العذري: حدثنا محمد بن نوح الأصبهاني بمكة حدثنا الطبراني حدثنا المقدام بن داود حدثنا عبد الله ابن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً طعام البخيل داء وطعام السخي شفاء. فهذا باطل ما حدث به ابن يوسف أبداً.

‌2378 - جعفر بن محمد بن أبي عثمان

(455)

الإمام الحافظ المجود أبو الفضل الطيالسي البغدادي أحد الأعلام. سمع: عفان بن مسلم وسليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم ومحمد بن الفضل عارماً وإسحاق بن محمد الفروي ويحيى بن معين وخلقاً كثيراً. حدث عنه: ابن صاعد وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد ومحمد بن العباس بن نجيح وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي وآخرون. قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتاً صعب الأخذ حسن الحفظ. وقال أبو الحسين بن المنادي: كان مشهوراً بالإتقان والحفظ والصدق. قال: وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين ومئتين. قلت: توفي في عشر التسعين.

(455)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 188)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 653)، والعبر (2/ 67)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 178).

ص: 411

‌2379 - أبو الموجه

(456)

الشيخ الإمام محدث مرو أبو الموجه محمد بن عمرو الفزاري المروزي اللغوي الحافظ. سمع: عبدان بن عثمان وعلي بن الجعد وسعدويه الواسطي وسعيد بن منصور وصدقة بن الفضل وسعيد بن هبيرة وأمثالهم. وعنه: الحسن بن محمد بن حليم وعبد الرحمن بن أبي حاتم وعلي بن محمد الحبيبي وأبو بكر بن أبي نصر المروزيان وعدة. توفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين.

قال ابن الصلاح: قيده بكسر الجيم أبو سعد السمعاني بخطه في مواضع وهو بلديه ويقال: بالفتح قال: وهو محدث كبير أديب كثير الحديث صنف السنن والأحكام رحمه الله.

‌2380 - علي بن عبد العزيز

(457)

ابن المرزبان ابن سابور: الإمام الحافظ الصدوق أبو الحسن البغوي نزيل مكة. ولد سنة بضع وتسعين ومئة. وسمع: أبا نعيم وعفان والقعنبي ومسلم بن إبراهيم وموسى ابن إسماعيل وأبا عبيد وأحمد بن يونس وعلي بن الجعد وعاصم بن علي وطبقتهم. وجمع وصنف المسند الكبير وأخذ القراءات عن أبي عبيد وغيره. سمع منه الحروف: أحمد بن التائب وإبراهيم بن عبد الرزاق وأبو سعيد بن الأعرابي وأبو إسحاق بن فراس ومحمد بن عيسى بن رفاعة وأحمد بن خالد بن الجباب. وحدث عنه أيضاً: علي بن محمد بن مهرويه القزويني وأبو علي حامد الرفاء وعبد المؤمن بن خلف النسفي وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان وأبو القاسم الطبراني وخلق كثير من الرحالة والوفد.

(456)

ترجمته في الجرح والتعديل (8 / ترجمة 158)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 643)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (4/ 290).

(457)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1076)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (14/ 11)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 649)، وميزان الاعتدال (3/ 143)، ولسان الميزان (4/ 241).

ص: 412

وكان حسن الحديث. قال الدارقطني: ثقة مأمون. وقال ابن أبي حاتم: كتب إلينا بحديث أبي عبيد وكان صدوقاً.

وقال أبو بكر بن السني سمعت النسائي يسأل عن علي بن عبد العزيز فقال قبحه الله ثلاثاً فقيل أتروي عنه قال لا فقيل أكان كاذباً قال لا ولكن قوماً اجتمعوا ليقرؤوا عليه شياً وبروه بما سهل وكان فيهم إنسان غريب فقير لم يكن في جملة من بره فأبى أن يحدث بحضرته فذكر الغريب انه ليس معه إلا قصعة فأمره بإحضارها وحدث. ثم قال ابن السني بلغني أنهم عابوه على الأخذ فقال يا قوم أنا قوم بين الأخشبين إذا خرج الحاج نادى أبو قبيس قعيقعان يقول من بقي فيقول بقي المجاورون فيقول أطبق. مات سنة ست وثمانين ومئتين وقيل سنة سبع.

‌2381 - الكشوري

(458)

المحدث العالم المصنف أبو محمد عبد الله بن محمد ويقال له: عبيد الكشوري الصنعاني. حدث عن: عبد الله بن أبي غسان وبكر بن الشرود ومحمد بن عمر السمسار وعبد الحميد بن صبيح ولم يلحق عبد الرزاق. حدث عنه: خيثمة الأطرابلسي ومحمد بن أحمد بن مسعود البذشي وأبو القاسم الطبراني ومحمد بن محمد بن حمزة الجمال وآخرون من الرحالين. وكان يقال له: تاريخ اليمن وقد جمعه. قال أبو يعلى الخليلي: هو عالم حافظ له مصنفات مات سنة ثمان وثمانين. وقال: غيره بل مات في سنة أربع وثمانين ومئتين.

(458)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (10/ 439).

ص: 413

‌2382 - ابن رزين

العلاء بن أيوب بن رزين: الإمام المجود الحافظ أبو الفضل الموصلي صاحب المسند والسنن وغير ذلك. حدث عن: محمد بن عبد الله بن عمار وعبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ويعقوب الدورقي وأبي سعيد الأشج وخلق. وكان عابداً خاشعاً مخبتاً من أحسن الناس صوتاً بالقرآن قاله يزيد بن محمد الأزدي وحدث عنه.

‌2383 - البوسي

(459)

المسند المعمر أبو محمد الحسن بن عبد الأعلى بن إبراهيم بن عبيد الله الأبناوي اليمني الصنعاني البوسي صاحب عبد الرزاق سمع منه نحو خمسين حديثاً قاله الخليلي. قال أبو الحسن بن سلمة القطان عنه: ولدت سنة أربع وتسعين ومئة وسمعت من عبد الرزاق سنة عشر ومئتين.

قلت: روى عنه أبو عوانة في صحيحه وأحمد بن شعيب الأنطاكي وأبو جعفر محمد بن محمد الجمال نزيل بخارى وحفيده عبد الأعلى بن محمد بن حسن البوسي وأبو الحسن بن سلمة وأبو القاسم الطبراني وعدة وما علمت به بأساً. والبوسي: بباء مفتوحة وسين مهملة. قال أبو القاسم بن مندة: توفي سنة ست وثمانين ومئتين.

‌2384 - ابن برة

إبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني. سمع من: عبد الرزاق وهو احد الشيوخ الأربعة الذين لقيهم الطبراني من أصحاب عبد الرزاق. توفي أيضاً في سنة ست باليمن.

(459)

ترجمته في الأنساب للسمعاني (1/ 123).

ص: 414

‌2385 - الشبامي

وشبام: على مرحلة من صنعاء. أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن سويد الشبامي. ولد سنة تسعين ومئة. وسمع من: عبد الرزاق. توفي سنة ست أيضاً. روى عنه: محمد بن محمد الجمال والطبراني وجماعة.

‌2386 - بشر بن موسى

(460)

ابن صالح بن شيخ بن عميرة: الإمام الحافظ الثقة المعمر أبو علي الأسدي البغدادي. ولد سنة تسعين ومئة.

وسمع من: روح بن عبادة حديثاً واحداً ومن حفص بن عمر العدني والأصمعي وهوذة بن خليفة والحسن بن موسى الأشيب وأبي عبد الرحمن المقرئ وعمرو بن حكام وعبد الصمد بن حسان وأبي نعيم ويحيى بن إسحاق السيلحيني وسعيد بن منصور والحميدي وخلق كثير. حدث عنه: إسماعيل الصفار وابن نجيح وأبو عمر الزاهد وأبو علي بن الصواف وأبو بكر الشافعي وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر القطيعي وخلائق. وهو من بيت حشمة وأصالة. قال الخطيب: كان ثقة أميناً عاقلاً ركيناً. قال ابن المقرئ: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي خبزة سمعت بشر بن موسى يقول: سمعت أبا أسامة يقول: حدثنا هشام بن عروة فلم أحفظ عنه غير هذا. وقال إسماعيل الخطبي: سمعت بشر بن موسى يقول: ذهب بي خالي حيان بن بشر

(460)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1415)، وتاريخ بغداد (7/ 86)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 636)، والعبر (2/ 80)، وشذرات لذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 196).

ص: 415

الأسدي إلى يحيى بن آدم وصليت خلف أبي عمرو الشيباني النحوي فقرأ سورة السجدة فسجد. قال أبو بكر الخلال الفقيه: كان أحمد بن حنبل يكرم بشر بن موسى وكتب له إلى الحميدي إلى مكة. وقال الدارقطني: ثقة.

قال إسماعيل الخطبي: مات لأربع بقين من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ومئتين. قلت: عمر ثمانياً وتسعين سنة وفي القطيعيات والغيلانيات جملة من عواليه. وفيها توفي: إسحاق بن إسماعيل الرملي بأصبهان وجعفر بن محمد بن سوار النيسابوري ومعاذ بن المثنى العنبري وعثمان بن سعيد بن بشار شيخ الشافعية.

‌2387 - يحيى بن عثمان

(461)

ابن صالح بن صفوان: العلامة الحافظ الأخباري أبو زكريا السهمي المصري.

حدث عن: أبيه عثمان بن صالح وسعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح ونعيم بن حماد وأصبغ بن الفرج والنضر بن عبد الجبار وإسحاق بن بكر بن مضر وطبقتهم من أصحاب الليث وابن لهيعة. حدث عنه: ابن ماجة وعبد المؤمن بن خلف النسفي وأبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الجمال وعلي بن محمد المصري الواعظ ومحمد بن جعفر بن كامل وعلي بن حسن بن قديد وأبو القاسم الطبراني وخلق كثير. قال ابن يونس: كان عالماً بأخبار مصر وبموت العلماء حافظاً للحديث وحدث بما لم يكن يوجد عند غيره. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وكتب عنه أبي وتكلموا فيه. قلت: هذا جرح غير مفسر فلا يطرح به مثل هذا العالم. قال ابن يونس: مات في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ومئتين.

(461)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ترجمة 721)، وميزان الاعتدال (4/ 396)، وتهذيب التهذيب (11/ 257)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 161).

ص: 416

‌2388 - إبراهيم بن نصر

ابن عبد العزيز: الحافظ الإمام المجود أبو إسحاق الرازي محدث نهاوند. يروي عن: أبي نعيم وعمرو بن مرزوق وعبد الله بن رجاء وحجاج بن منهال وأبي الوليد وأبي حذيفة والتبوذكي وخلق. وعنه: أحمد بن محمد بن أوس والقاسم بن أبي صالح وعبد الرحمن بن حمدان. قال جعفر بن أحمد: سألت أبا حاتم عن إبراهيم بن نصر فقال: كان معنا عند أبي سلمة بالبصرة وكان يورق. وقيل: أن إبراهيم بن نصر لطول مقامه بالبصرة فتح بها دكاناً وقد صنف المسند وقدم همدان وحدث بها وكان كبير الشأن عالي الإسناد. توفي في حدود الثمانين ومئتين.

قال الخليلي: مسنده نيف وثلاثون جزءاً وهو صدوق سمع منه: أبو الحسن القطان وعلي بن مهرويه وسليمان بن يزيد الفامي وجدي أحمد بن إبراهيم وغيرهم.

‌2389 - إبراهيم الحربي

(462)

هو: الشيخ الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي الحربي صاحب التصانيف. مولده في سنة ثمان وتسعين ومئة.

وطلب العلم وهو حدث فسمع من: هوذة بن خليفة وهو أكبر شيخ لقيه وعفان بن مسلم وأبي نعيم وعمرو بن مرزوق وعبد الله بن صالح العجلي وأبي عمر الحوضي وعمر بن حفص وعاصم بن علي ومسدد بن مسرهد وموسى بن إسماعيل المنقري وشعيب بن محرز وأبي عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل وأحمد بن شبيب وابن نمير والحكم بن موسى وأبي معمر المقعد وأبي الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب وسريج بن النعمان وعلي بن الجعد ومحمد بن الصباح وخلف بن هشام وأبي بكر بن أبي شيبة وبندار وخلق كثير.

(462)

ترجمته في اللباب لابن الأثير (1/ 355)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 609)، والعبر (2/ 74) والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (5/ 320)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 190).

ص: 417

حدث عنه خلق كثير منهم: أبو محمد بن صاعد وأبو عمرو بن السماك وأبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وعمر بن جعفر الختلي وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي وعبد الرحمن بن العباس والد المخلص وسليمان بن إسحاق الجلاب ومحمد بن مخلد العطار وجعفر الخلدي ومحمد بن جعفر الأنباري وأبو بحر محمد بن الحسن البربهاري وأمثالهم. قال أبو بكر الخطيب: كان إماماً في العلم رأساً في الزهد عارفاً بالفقه بصيراً بالأحكام حافظاً للحديث مميزاً لعلله قيماً بالأدب جماعة للغة صنف غريب الحديث وكتباً كثيرة وأصله من مرو.

روى المخلص عن أبيه قال: كان إسماعيل القاضي يشتهي ان يلتقي إبراهيم فالتقيا يوماً وتذاكرا فلما افترقا سئل إبراهيم عن إسماعيل فقال: إسماعيل جبل نفخ فيه الروح وقال إسماعيل: ما رأيت مثل إبراهيم. قلت: إسماعيل هو ابن إسحاق القاضي عالم العراق.

ويروي أن أبا إسحاق الحربي لما دخل على إسماعيل القاضي بادر أبو عمر محمد بن يوسف القاضي إلى نعله فأخذها فمسحها من الغبار فدعا له وقال: أعزك الله في الدنيا والآخرة فلما توفي أبو عمر رؤى في النوم فقيل: ما فعل الله بك قال: أعزني في الدنيا والاخرة بدعوة الرجل الصالح.

قال محمد بن مخلد العطار: سمعت إبراهيم الحربي يقول: لا أعلم عصابة خيراً من أصحاب الحديث إنما يغدو أحدهم ومعه محبرة فيقول: كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكيف صلى إياكم ان تجلسوا إلى أهل البدع فإن الرجل إذا أقبل ببدعة ليس يفلح.

وقال أبو أيوب الجلاب سليمان بن إسحاق: قال لي إبراهيم الحربي: ينبغي للرجل إذا سمع شيئاً من أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به قال: فقيل لإبراهيم: إنهم يقولون: صاحب السوداء يحفظ قال: لا هي أخت البلغم صاحبها لا يحفظ شيئاً إنما يحفظ صاحب الصفراء.

وقال عثمان بن حمدويه البزاز: سمعت إبراهيم الحربي يقول: خرج أبو يوسف القاضي يوماً وأصحاب الحديث على الباب فقال: ما على الأرض خير منكم قد جئتم أو بكرتم تسمعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 418

هبة الله اللالكائي: سمعت أحمد بن محمد بن الصقر سمعت أبا الحسن بن قريش يقول: حضرت إبراهيم الحربي وجاءه يوسف القاضي ومعه ابنه أبو عمر فقال له: يا أبا إسحاق لو جئناك على مقدار واجب حقك لكانت أوقاتنا كلها عندك فقال: ليس كل غيبة جفوة ولا كل لقاء مودة وإنما هو تقارب القلوب.

الحاكم: سمعت محمد بن عبد الله الصفار سمعت إبراهيم الحربي وحدث عن حميد بن زنجويه عن عبد الله بن صالح العجلي بحديث فقال: اللهم لك الحمد ورفع يديه فحمد الله ثم قال: عندي عن عبد الله بن صالح قمطر وليس عندي عن حميد غير هذا الطبق وأنا أحمد الله على الصدق زادني فيه بعض أصحابنا: عن الصفار فقال رجل: يا أبا إسحاق لو قلت فيما لم تسمع: سمعت لما اقبل الله بهذه الوجوه عليك. ثم قال الحاكم: وسمعت محمد بن صالح القاضي يقول: لا نعلم بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الأدب والفقه والحديث والزهد ثم ذكر له كتاباً في غريب الحديث لم يسبق إليه.

قال القاضي أبو المطرف بن فطيس: سمعت أبا الحسن المقرئ سمعت محمد بن جعفر بن محمد بن بيان البغدادي سمعت إبراهيم الحربي ولم يكن في وقته مثله يقول وقد سئل عن الاسم والمسمى: لي مذ أجالس أهل العلم سبعون سنة ما سمعت أحداً منهم يتكلم في الاسم والمسمى.

عمر بن عراك المقرئ: حدثنا إبراهيم بن المولد حدثنا أحمد بن عبد الله بن خالد حدثني إبراهيم الحربي قال: كنا عند عبيد الله بن عائشة في مسجده إذ طرقه سائل فسأله شيئاً فلم يكن معه ما يعطيه فدفع إليه خاتمه فلما أن ولى السائل دعاه فقال له: لا تظن أني دعوتك ضنة مني بما أعطيتك إن هذا الفص شراؤه علي خمس مئة دينار فانظر كيف تخرجه فضرب السائل بيده إلى الخاتم فكسره ورمى بالفص إليه وقال: بارك الله لك في فصك هذه الفضة تكفيني لقوتي وقوت عيالي اليوم. قال أبو العباس ثعلب: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس لغة ولا نحو من خمسين سنة. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن إبراهيم الحربي فقال: كان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه.

ص: 419

وقيل: إن المعتضد نفذ إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف فردها ثم سير له مرة أخرى ألف دينار فردها. وروى أبو الفضل عبيد الله الزهري عن أبيه عبد الرحمن عن إبراهيم الحربي قال: ما أنشدت بيتاً قط إلا قرأت بعده:" قل هو الله أحد" ثلاثاً. قال أبو الحسن الدارقطني: وإبراهيم إمام بارع في كل علم صدوق.

أبو ذر الهروي: سمعت أبا طاهر المخلص سمعت أبي: سمعت إبراهيم الحربي وكان وعدنا أن يمل علينا مسألة في الاسم والمسمى وكان يجتمع في مجلسه ثلاثون ألف محبرة وكان إبراهيم مقلاً وكانت له غرفة يصعد فيشرف منها على الناس فيها كوة إلى الشارع فلما اجتمع الناس أشرف عليها فقال لهم: قد كنت وعدتكم أن أملي عليكم في الاسم والمسمى ثم نظرت فإذا لم يتقدمني في الكلام فيها إمام يقتدى به فرأيت الكلام فيه بدعه فقام الناس وانصرفوا فلما كان يوم الجمعة أتاه رجل وكان إبراهيم لا يقعد إلا وحده فسأله عن هذه المسألة فقال ألم تحضر مجلسنا بالأمس قال: بلى فقال: أتعرف العلم كله قال: لا قال: فاجعل هذا مما لم تعرف.

وبالإسناد: قال إبراهيم: ما انتفعت من علمي قط إلا بنصف حبة وقفت على إنسان فدفعت إليه قطعة اشتري حاجة فأصاب فيها دانقاً إلا نصف حبة فسألني عن مسألة فأجبته ثم قال للغلام: أعط أبا إسحاق بدانق ولا تحطه بنصف حبة. وسمعته يقول: أقمت ثلاثين سنة كل ليلة إذا أويت إلى فراشي لو أعطيت رغيفي جارتي لاحتجت إليهما.

ويروى: أن إبراهيم لما صنف غريب الحديث وهو كتاب نفيس كامل في معناه قال ثعلب: ما لإبراهيم وغريب الحديث رجل محدث ثم حضر مجلسه فلما حضر المجلس سجد ثعلب وقال: ما ظننت أن على وجه الأرض مثل هذا الرجل.

قال أبو ذر الهروي: حكى لي بعض أصحابنا ببغداد أن إبراهيم الحربي كان سمع مسائل ابن القاسم علي بن الحارث بن مسكين وحصل سماعه مع رجل ثم مال إلى طريقة الكلام فلم يستعرها منه إبراهيم ورجع فسمعها من الحسن بن عبد العزيز الجروي عن ابن أبي الغمر عن ابن القاسم. قلت: نعم يظهر في تصانيف الحربي أنه ينزل في أحاديث ويكثر منها وهذا يدل على أنه لم يزل طلابة للعلم.

ص: 420

وروى المخلص عن أبيه: أن المعتضد بعث إلى إبراهيم الحربي بمال فرده عليه أوحش رد وقال: ردها إلى من أخذتها منه وهو محتاج إلى فلس وكان لا يغسل ثوبه إلا في كل أربعة أشهر مرة ولقد زلق مرة في الطين فلقد كنت أرى عليه أثر الطين في ثوبه إلى أن غسله.

قال عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي الحنبلي: أخبرنا أبو الحسين العتكي قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول لجماعة عنده: من تعدون الغريب في زمانكم فقال رجل: الغريب: من نأى عن وطنه وقال آخر: الغريب من فارق أحبابه فقال إبراهيم: الغريب في زماننا رجل صالح عاش بين قوم صالحين إن أمر بمعروف آزروه وإن نهى عن منكر أعانوه وإن احتاج إلى سبب من الدنيا مانوه ثم ماتوا وتركوه.

قال أحمد بن مروان الدينوري: أتينا إبراهيم الحربي وهو جالس على باب داره فسلمنا وجلسنا فجعل يقبل علينا فلما أكثرنا عليه حدثنا حديثين ثم قال لنا: مثل أصحاب الحديث مثل الصياد الذي يلقي شبكته في الماء فيجتهد فإن أخرج سمكة وإلا أخرج صخرة.

قال أحمد بن جعفر بن سلم: حدثنا شيخ لنا قال: قيل لإبراهيم الحربي: هل كسبت بالعلم شيئاً قال: كسبت به نصف فلس: كانت أمي تجري علي كل يوم رغيفين وقطيعة فيها نصف دانق فخرجت في يوم ذي طين وأجمع رأيي على أن آكل شيئاً حلواً فلم أر شيئاً أرخص من الدبس فأتيت بقالاً فدفعت إليه القطيعة فإذا فيها قيراط إلا نصف فلس وتذاكرنا حديث السخاء والكرم فقال البقال: يا أبا إسحاق أنت تكتب الأخبار والحديث حدثنا في السخاء بحديث قلت: نعم حدثني أبو بكر عبد الله بن الزبير حدثنا أبي عن شيخ له قال: خرج عبد الله ابن جعفر إلى ضياعه ينظر إليها فإذا في حائط لنسيب له عبد أسود بيده رغيف وهو يأكل لقمة ويطرح لكلب لقمة فلما رأى ذلك استحسنه فقال: يا أسود لمن أنت قال: لمصعب بن الزبير قال: وهذه الضيعة لمن قال: له قال: لقد رأيت منك عجباً تأكل لقمة وتطرح للكلب لقمة قال: إني لأستحيي من عين تنظر إلي أن أوثر نفسي عليها قال: فرجع إلى المدينة فاشترى الضيعة والعبد ثم رجع وإذا بالعبد فقال: يا أسود إني قد اشتريتك من مصعب فوثب قائماً وقال: جعلني الله عليك ميمون الطلعة قال: وإني اشتريت هذه الصنيعة فقال: أكمل الله لك خيرها قال: وإني أشهد أنك حر لوجه الله قال: أحسن الله جزاءك قال: وأشهد الله أن الضيعة مني هدية إليك

ص: 421

قال: جزاك الله بالحسنى ثم قال العبد: فأشهد الله وأشهدك أن هذه الضيعة وقف مني على الفقراء. فرجع وهو يقول: العبد أكرم منا.

قال سليمان بن إسحاق الجلاب: سمعت الحربي يقول: الأبواب تبنى على أربع طبقات: طبقة المسند وطبقة الصحابة وطبقة التابعين فيقدم كبارهم كعلقمة والأسود وبعدهم من هو أصغر منهم وبعدهم تابع التابعين مثل سفيان ومالك والحسن بن صالح وعبيد الله بن الحسن وابن أبي ليلى وابن شبرمة والأوزاعي.

وروي عن إبراهيم الحربي قال: الناس على أربع طبقات: مليح يتملح ومليح يتبغض وبغيض يتملح وبغيض يتبغض فالأول: هو المنى الثاني: يحتمل وأما بغيض يتملح فإني أرحمه وأما البغيض الذي يتبغض فأفر منه.

قال ابن بشكوال في أخبار إبراهيم الحربي: نقلت من كتاب ابن عتاب: كان إبراهيم الحربي رجلاً صالحاً من أهل العلم بلغه أن قوماً من الذين كانوا يجالسونه يفضلونه على أحمد بن حنبل فوقفهم على ذلك فأقروا به فقال: ظلمتموني بتفضيلكم لي على رجل لا أشبهه ولا ألحق به في حال من أحواله فأقسم بالله لا أسمعكم شيئاً من العلم أبدا فلا تأتوني بعد يومكم. مات الحربي ببغداد فدفن في داره يوم الاثنين لسبع بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومئتين في أيام المعتضد.

قال المسعودي: كانت وفاة الحربي المحدث الفقيه في الجانب الغربي وله نيف وثمانون سنة وكان صدوقاً عالماً فصيحاً جواداً عفيفاً زاهداً عابداً ناسكاً وكان مع ذلك ضاحك السن ظريف الطبع ولم يكن معه تكبر ولا تجبر وربما مزح مع أصدقائه بما يستحسن منه ويستقبح من غيره وكان شيخ البغداديين في وقته وظريفهم وزاهدهم وناسكهم ومسندهم في الحديث وكان يتفقه لأهل العراق وكان له مجلس في المسجد الجامع الغربي يوم الجمعة فأخبرني إبراهيم بن جابر قال: كنت أجلس في حلقة إبراهيم الحربي وكان يجلس إلينا غلامان في نهاية الحسن والجمال من الصورة والبزة وكأنهما روح في جسد إن قاما قاما معاً وإن حضرا فكذلك فلما كان في بعض الجمع حضر أحدهما وقد بان الأصفرار بوجهه والانكسار في عينيه فلما كانت الجمعة الثانية حضر الغائب ولم يحضر الذي جاء في الجمعة الاولى منهما وإذ الصفرة والانكسار بين في لونه وقلت: إن ذلك للفراق الواقع بينهما وذلك للألفة الجامعة لهما فلم يزالا

ص: 422

يتسابقان في كل جمعة إلى الحلقة فأيهما سبق صاحبه إلى الحلقة لم يجلس الآخر فلما كان في بعض الجمع حضر أحدهما فجلس إلينا ثم جاء الآخر فأشرف على الحلقة فوجد صاحبة قد سبق وإذا المسبوق قد أخذته العبرة فتبينت ذلك منه في دائرة عينيه وإذا في يسراه رقاع صغار مكتوبة فقبض بيمينه رقعة منها وحذف بها في وسط الحلقة وانساب بين الناس مستخفياً وأنا أرمقه وكان ثم أبو عبيدة بن حربويه فنشر الرقعة وقرأها وفيها دعاء أن يدعو لصاحبها مريضاً كان أو غير ذلك ويؤمن على الدعاء من حضر فقال الشيخ: اللهم اجمع بينهما وألف قلوبهما واجعل ذلك فيما يقرب منك ويزلف لديك وأمنوا على دعائه ثم طوى الرقعة وحذفني بها فتأملت ما فيها فإذا فيها مكتوب:

عفا الله عن عبد أعان بدعوة

لخلين كانا دائمين على الود

إلى أن وشى واشي الهوى بنميمة

إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد

فلما كان في الجمعة الثانية حضرا جميعاً وإذا الاصفرار والانكسار قد زال فقلت لابن حربويه: إني أرى الدعوة قد أجيبت وأن دعاء الشيخ كان على التمام فلما كان في تلك السنة كنت فيمن حج فكأني أنظر إلى الغلامين محرمين بين منى وعرفة فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن تكهلا.

قال القفطي في تاريخ النحاة له: كان إبراهيم الحربي رأساً في الزهد عارفاً بالمذاهب بصيراً بالحدث حافظاً له له في اللغة كتاب: غريب الحديث وهو من أنفس الكتب وأكبرها في هذا النوع. أبو الحسن بن جهضم واه: حدثنا جعفر الخلدي حدثنا أحمد ابن عبد الله بن ماهان: سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: اجمع عقلاء كل ملة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه.

وكان يقول: قميصي أنظف قميص وإزاري أوسخ إزار ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط وفرد عقبي صحيح والآخر مقطوع ولا أحدث نفسي أني أصلحهما ولا شكوت إلى أهلي وأقاربي حمى أجدها لا يغم الرجل نفسه وعياله ولي عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحداً وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين إن جاءتني بهما أمي أو أختي وإلا بقيت جائعاً إلى الليلة الثانية وأفنيت ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة إن جاءتني امرأتي أو بناتي به وإلا بقيت جائعاً والآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة وقام إفطاري في رمضان هذا بدرهم ودانقين ونصف.

ص: 423

قال أبو القاسم بن بكير: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئاً كنت أجيء من عشي إلى عشي وقد هيأت لي أمي باذنجانة مشوية أو لعقة بن أو باقة فجل.

محمد بن أيوب العكبري: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما تروحت ولا روحت قط ولا أكلت من شيء في يوم مرتين.

قال أبو الحسين بن سمعون: حدثنا أحمد بن سليمان القطيعي قال: أضقت إضاقة فأتيت إبراهيم الحربي لأبثه فقال لي: لا يضيق صدرك فان الله من وراء المعونة فإني أضقت مرة حتى انتهى أمري إلى ان عدم عيالي قوتهم فقالت الزوجة: هب أني أنا وأنت نصبر فكيف بالصبيتين هات شيئاً من كتبك نبيعه أو نرهنه فضننت بذلك وقلت: أقترض غداً فلما كان الليل دق الباب فقلت: من ذا قال: رجل من الجيران فقلت: ادخل فقال: فأطفئ السراج حتى أدخل فكببت شيئاً على السراج فدخل وترك شيئاً وقام فإذا هو منديل فيه أنواع من المآكل وكاغد فيه خمس مئة درهم فأنبهنا الصغار وأكلوا ثم من الغد إذا جمال يقود جملين عليهما حملان ورقاً وهو يسأل عن منزلي فقال: هذان الجملان أنفذهما لك رجل من خراسان واستحلفني أن لا أقول من هو. إسنادها مرسل. قال الحسين بن فهم الحافظ: لا ترى عيناك مثل إبراهيم الحربي إمام الدنيا لقد رأيت وجالست العلماء فما رأيت رجلاً أكمل منه. قال الحاكم: سمعت محمد بن صالح القاضي يقول: لا نعلم بغداد أخرجت مثل إبراهيم الحربي في الأدب والفقه والحديث والزهد. قلت: يريد من اجتمع فيه هذه الأمور الأربعة. قال سليمان بن الخليل: سمعت الحربي يقول: في كتاب أبي عبيد غريب الحديث ثلاثة وخمسون حديثاً ليس لها أصل. قال أبو الحسن الدارقطني: الحربي إمام مصنف عالم بكل شيء بارع في كل علم صدوق.

قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: عندي عن علي ابن المديني قمطر ولا أحدث عنه بشيء لأني رأيته المغرب وبيده نعله مبادراً فقلت: إلى أين قال: ألحق

ص: 424

الصلاة مع أبي عبد الله فظننته يعني أحمد بن حنبل ثم قلت: من أبو عبد الله قال: ابن أبي دؤاد.

وقيل: إن المعتضد لما نفذ إلى الحربي بالعشرة آلاف فردها فقيل له: ففرقها فأبى ثم لما مرض سير إليه المعتضد ألف دينار فلم يقبلها فخاصمته بنته فقال: أتخشين إذا مت الفقر قالت: نعم قال: في تلك الزاوية اثنا عشر ألف جزء حديثية ولغوية وغير ذلك كتبتها بخطي فبيعي منها كل يوم جزءاً بدرهم وأنفقيه. نقل الخطيب وطائفة: إن الحربي توفي لسبع بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومئتين وكانت جنازته مشهودة صلى عليه يوسف القاضي صاحب كتاب السنن وقبره يزار ببغداد. وفيها مات: إسحاق الدبري صاحب عبد الرزاق وعبيد بن عبد الواحد البزار وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد.

أخبرتنا أم عبد الله زينب بنت علي الصالحية سنة ثلاث وتسعين وست مئة أخبرنا أبو محمد عبد الله بن قدامة في سنة إحدى عشرة وست مئة أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا أبوالفضل بن خيرون أخبرنا أحمد بن عبد الله المحاملي أخبرنا عمر بن جعفر الختلي أخبرنا إبراهيم ابن إسحاق الحربي حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء ابن يزيد عن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يهجر أحدكم أخاه فوق ثلاث يلتقيان: فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام". وبه: قال الحربي حدثناه أبو مصعب أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".

أخبرنا عيسى بن عبد المنعم أخبرنا عبد الغفار بن شجاع ح: وأخبرنا محمد بن أبي العز والحسن بن علي القلانسي قالا: أخبرنا أبو الوفاء عبد الملك بن الحنبلي وأخبرنا علي بن محمد الجذامي أخبرنا يوسف بن عبد المعطي وأخبرنا عمر بن نصير السهمي وعبد الرحمن بن سليمان: أخبرنا أبو الحسن بن الجميزي وأخبرنا سنقر الزيني وعبد الرحمن ومحمد ابنا سليمان قالوا: أخبرنا علي بن محمود وأخبرنا محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصواف أخبرنا جدي وأخبرنا عبد الولي بن رافع وعثمان بن موسى وفاطمة بنت إبراهيم قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن رواحة وأخبرنا عبد الواحد بن كثير وجماعة قالوا: أخبرنا علي بن محمد المفسر قالوا جميعاً: أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا

ص: 425

حمد بن إسماعيل الزكي بمكة ح: وأخبرنا ابن قدامة وعدة إجازة قالوا: أخبرنا عمر بن طبرزد أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قالا: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد البزاز أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا إبراهيم الحربي حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن القاسم عن عائشة قالت:" كنت اغتسل معه صلى الله عليه وسلم من الإناء الواحد".

‌2390 - أحمد بن سلمة

(463)

ابن عبد الله الحافظ الحجة العدل المأمون المجود أبو الفضل النيسابوري البزاز رفيق مسلم في الرحلة. سمع: قتيبة وإسحاق بن راهوية ومحمد بن مهران الجمال وعبد الله بن معاوية وعثمان بن أبي شيبة وأبا كريب وابن حميد وأحمد بن منيع وخلقاً كثيراً وجمع وصنف.

حدث عنه: ابن وارة وأبو زرعة وأبو حاتم وهو من صغار شيوخه وأبو حامد بن الشرقي ويحيى بن منصور القاضي وسليمان بن محمد بن ناجية وعلي بن عيسى وأبو الفضل محمد بن إبراهيم وعدة. قال أبو القاسم النصر آباذي: رأيت أبا علي الثقفي في النوم وهو يقول: عليك بصحيح أحمد بن سلمة. قال أبو الفضل الهاشمي: توفي ابن سلمة في غرة جمادة الآخرة سنة ست وثمانين ومئتين رحمه الله.

‌2391 - المستملي

(464)

الحافظ العالم الزاهد العابد المجاب الدعوة أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي النيسابوري عرف بحمكويه. سمع: يزيد بن صالح الفراء وأحمد بن حنبل وقتيبة بن سعيد وسهل بن عثمان

(463)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 69)، وتاريخ بغداد (4/ 186)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 660)، والعبر (2/ 76)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 192).

(464)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 666)، والعبر (2/ 73)، والوافى بالوفيات لصلاح لدين الصفدي (7/ 302)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 186).

ص: 426

العسكري وعبيد الله القواريري وإسحاق بن راهويه وأبا مصعب وسريج بن يونس وطبقتهم ومن بعدهم. وكتب الكثير وما زال يعالج هذا الفن حتى توفي.

حدث عنه: أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف وجعفر بن محمد بن سوار وأبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري وأبو حامد بن الشرقي وزنجويه بن محمد ومحمد بن صالح بن هانئ ومحمد بن يعقوب بن الأخرم وأبو الطيب بن المبارك ومحمد بن داود الزاهد وغيرهم.

قال الحاكم: كان مجاب الدعوة راهب عصره حدثنا محمد بن صالح قال: كنا عند أبي عمرو المستملي فسمع جلبة فقال: ما هذا قالوا: أحمد بن عبد الله يعني الخجستاني في عسكره فقال: اللهم مزق بطنه فما تم الأسبوع حتى قتل.

وسمعت علي بن محمد الفامي يقول: حضرت مجلس أبي عثمان الزاهد ودخل أبو عمرو المستملي وعليه أثواب رثة فبكى أبو عثمان فلما كان يوم مجلس الذكر قال: دخل عليه رجل من مشايخ العلم فاشتغل قلبي برثاثة حاله ولولا أني اجله لسميته قال: فرمى الناس بالخواتيم والدراهم والثياب بين يديه فقام أبو عمرو على رؤوس الناس وقال: أنا الذي عنى أبو عثمان ولولا أني كرهت أن يتهم به غيري لسكت ثم إنه أخذ جميع ذلك وحمل معه فما بلغ باب الجامع حتى وهب جميعه للفقراء. قد استملى أبو عمرو على جماعة عاشوا بعده وأول ما استملى كان في سنة ثمان وعشرين ومئتين.

قال الحاكم: وسمعت أبا بكر الصبغي يقول: كان أبو عمرو يصوم النهار ويحيى الليل ثم قال الصبغي: فأخبرني غير واحد أن الليلة التي قتل فيها أحمد بن عبد الله يعني الظالم الذي استولى على نيسابور صلى أبوعمرو العتمة ثم صلى طول ليله وهو يدعو على أحمد بصوت عال: اللهم شق بطنه اللهم شق بطنه. مات محدث نيسابور أبو عمرو في جمادى الاخرة سنة أربع وثمانين ومئتين.

‌2392 - ابن عاصم

الإمام الحافظ المصنف الثقة أبو العباس أحمد بن محمد ابن عاصم الرازي. سمع: أباه احد من رحل إلى عبد الرزاق وسمع: علي بن المديني وإبراهيم بن

ص: 427

الحجاج السامي وأبا الربيع الزهراني وهدبة بن خالد وقتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه وطبقتهم. وهو من أقران أبي عيسى الترمذي. حدث عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم وعلي بن إبراهيم بن سلمة القطان وعمر بن إسحاق والقاضي أبو أحمد العسال وأبو جعفر النفيلي. توفي سنة تسع وثمانين ومئتين.

‌2393 - الحمار

(465)

الإمام المحدث الصدوق أبو جعفر أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي الكوفي الحمار البزاز.

حدث عن: أبي نعيم وقطبة بن العلاء ووضاح بن يحيى ومخبول بن إبراهيم والحسن بن الربيع وعلي بن ثابت الدهان وطائفة. حدث عنه: أحمد بن عمرو بن جابر الرملي وأبو الحسن بن سلمة القزويني القطان ومحمد بن أحمد بن يوسف وأبو العباس بن عقدة وابن أبي دارم وآخرون كثيرون. وما علمت به باساً مات في شهر رمضان سنة ست وثمانين ومئتين وهو في عشر التسعين. وقال الخليلي في إرشاده: سنة خمس والأول أصح وللخليلي أوهام كثيرة في كتابه كأنه أملاه من حفظه.

‌2394 - العنبري

(466)

الإمام القدوة الرباني الحافظ المجود أبوإسحاق إبراهيم ابن إسماعيل العنبري الطوسي: محدث طوس وأزهدهم بعد محمد بن اسلم وأخصهم بصحبته وأكثرهم رحلة.

(465)

ترجمته في الأنساب (4/ 203).

(466)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 700)، والعبر (2/ 67)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 205).

ص: 428

سمع يحيى بن يحيى التميمي وابن راهويه وعلي بن حجر وابن حميد والحسين بن حريث وعبيد الله القواريري وهناد بن السري وأبا مصعب ومحمد بن رمح وهشام بن عمار وقتيبة بن سعيد وإبراهيم ابن يوسف الفقيه ومحمد بن أسلم وطبقتهم. حدث عنه: أبو النضر الفقيه وأبو الحسن بن زهير ومحمد بن صالح بن هانئ وآخرون. ذكره الحاكم ولم يذكر تاريخاً لموته وكذلك مؤرخ حلب الصاحب كمال الدين العقيلي. قال أبو النضر الفقيه: كتبت عنه مسنده بخطي في مئتين وتسعين جزءاً. قلت: موته تخميناً بعد الثمانين ومئتين وكان من أبناء الثمانين أو دونها بيسير وهو من أئمة الهدى رضي الله عنه.

‌2395 - الجلاجلي

(467)

المحدث المقرئ أبو السري موسى بن الحسن بن عباد النسائي ثم البغدادي الملقب بالجلاجلي لطيب صوته. سمع روح بن عبادة وعبد الله بن بكر السهمي ومحمد بن مصعب القرقساني وأبا نعيم وعدة. وعنه: ابن البختري والنجاد وابن قانع وعمر بن سلم وعبد الصمد الطستي. قال الدارقطني: لا بأس به. قال ابن المنادي: قيل إن القعنبي قدم الجلاجلي في التراويح فأعجبه صوته وقال: كأنه صوت جلاجل. قلت: توفي سنة سبع وثمانين ومئتين.

(467)

ترجمته في تاريخ بغداد (13/ 49)، والمنتظم لابن الجوزي (6/ 26).

ص: 429

‌2396 - عثمان بن خرزاذ

(468)

هو: الحافظ الثبت شيخ الإسلام أبو عمرو بن أبي أحمد وهو: عثمان بن عبد الله بن محمد بن خرزاذ الطبري ثم البصري نزيل أنطاكية وعالمها. ولد قبل المئتين.

وسمع من: عفان بن مسلم وقرة بن حبيب وعمرو بن مرزوق وعمرو بن خالد الحراني وفروة بن أبي المغراء وأبي الوليد الطيالسي وسعيد بن منصور وعبد السلام بن مطهر وموسى بن إسماعيل ويحيى ابن بكير ويحيى الحماني وإبراهيم بن الحجاج السامي وإبراهيم بن محمد بن عرعرة وأحمد بن جناب وأحمد بن يونس وأمية بن بسطام وبكار بن محمد السيريني والحكم بن موسى وسعيد بن كثير بن عفير وسهل بن بكار وشيبان بن فروخ وسليمان بن بنت شرحبيل وأبي معمر المقعد وعبيد الله بن عائشة وعمرو بن عون الواسطي ومحمد بن سنان العوقي ومسدد وعدة وجمع وصنف.

حدث عنه: النسائي وأبو حاتم الرازي مع تقدمه وأبو عوانة في صحيحه ومحمد بن المنذر شكر وحاجب بن أركين وأحمد بن عمرو ابن جابر الرملي وأبو الحسن بن جوصا وخيثمة الأطرابلسي وعلي بن الحسن بن العبد البصري صاحب أبي داود وأبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه الأهوازي ومحمد بن إسماعيل الفارسي ومحمد بن علي بن حمزة الأنطاكي وهشام بن محمد بن جعفر الكندي وأبو القاسم الطبراني بالإجازة وخلق كثير. قال عبد الغني بن سعيد الحافظ: عثمان بن خرزاذ هو عثمان بن عبد الله كذا يقول أبو عبد الرحمن وهو عثمان بن صالح كما حدثني أبو طاهر السدوسي: حدثنا أبي حدثنا عثمان بن صالح ويعرف صالح بخرزاذ. وقال ابن أبي حاتم: كان رفيق أبي في كتابة الحديث في بعض الجزيرة والشام وهو صدوق أدركته ولم أسمع منه.

وقال أبو بكر بن محمويه الأهوازي: أحفظ من رأيت عثمان بن خرزاذ. قال ابن مندة: كان أحد الحفاظ. وقال الحاكم: ثقة مأمون.

(468)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 650)، والعبر (2/ 66)، وتهذيب التهذيب (7/ 131).

ص: 430

قال محمد بن بركة الحلبي: سمعت عثمان بن خرزاذ يقول: يحتاج صاحب الحديث إلى خمس فإن عدمت واحدة فهي نقص يحتاج إلى عقل جيد ودين وضبط وحذاقة بالصناعة مع أمانة تعرف منه.

قلت: الأمانة جزء من الدين والضبط داخل في الحذق فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقياً ذكياً نحوياً لغوياً زكياً حيياً سلفياً يكفيه أن يكتب بيده مئتي مجلد ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مئة مجلد وأن لا يفتر من طلب العلم إلى الممات بنية خالصة وتواضع وإلا فلا يتعن. قال سليمان بن أحمد الطبراني: أخبرنا عثمان بن خرزاذ في كتابه وقد رأيته: دخلنا عليه بأنطاكية وهو عليل مسبوت فلم أسمع منه شيئاً وعاش بعد خروجي من أنطاكية ثلاث سنين ونيفاً.

وقال أبو يعقوب الأذرعي: توفي عثمان بن خرزاذ بأنطاكية في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين ومئتين. وأما أبو سعيد بن يونس فقال: مات في المحرم سنة اثنتين وثمانين وكذا أرخه عمرو بن دحيم.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن عذير الدمشقي مرات أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي سنة تسع وست مئة وأنا في الرابعة أخبرنا علي بن المسلم الفقيه أخبرنا الحسين بن طلاب أخبرنا محمد بن أحمد الغساني أخبرنا إبراهيم بن محمد بن صدقة حدثنا عثمان بن خرزاذ حدثنا المشرف بن أبان حدثنا عمرو بن جرير عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خير موضع في المسجد خلف الإمام".

عمرو بن جرير: هو أبو سعيد البجلي كذبة أبو حاتم.

‌2397 - عمرو بن منصور

(469)

الحافظ المجود المصنف أبو سعيد النسائي أحد من يضرب به المثل في الحفظ وهو قديم الوفاة.

(469)

ترجمته في ميزان الاعتدال (3/ 289).

ص: 431

حدث عن: أبي مسهر الغساني وأبي نعيم وأبي اليمان وآدم بن أبي إياس ومسلم بن إبراهيم وطبقتهم. حدث عنه: النسائي كثيراً وعبد الله بن محمد بن سيار وقاسم بن زكريا المطرز وآخرون. قال النسائي: ثقة مأمون ثبت. وقال ابن سيار الفرهياني: سمعت عباساً العنبري يقول: ما قدم علينا مثل عمرو بن منصور وأبي بكر الأثرم فقلت له: تقرن صاحبنا بالأثرم يعني أن هذا فوق الأثرم. قلت: لم أقع له بتاريخ وفاة وينبغي أن يذكر مع البخاري.

‌2398 - عبد العزيز بن معاوية

(470)

ابن عبد العزيز بن محمد بن أمية: الإمام الصدوق المسند أبو خالد القرشي الأموي العتابي البصري من ولد عتاب بن أسيد أمير مكة. حدث عن: أبي عاصم النبيل وأزهر السمان وأشهل بن حاتم وجعفر بن عون والأنصاري وبدل بن المحبر وطبقتهم.

وعنه: أبو العباس السراج وأبو سعيد بن الأعرابي وأبو علي الحصائري وخيثمة الأطرابلسي وأبو عمرو بن السماك وإبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء وفاروق بن عبد الكبير الخطابي وآخرون. قال الدارقطني: لا بأس به. وقال أبو أحمد الحاكم: روى عن أبي عاصم ما لا يتابع عليه. قال أبو سعيد بن يونس: حدث بمصر ومات بالبصرة في ربيع الأول سنة أربع وثمانين ومئتين. قلت: كان من المعمرين مات في عشر المئة.

(470)

ترجمته في تاريخ بغداد (10/ 452)، واللباب لابن الأثير (2/ 319)، وميزان الاعتدال (2/ 636) وتهذيب التهذيب (6/ 358).

ص: 432

‌2399 - محمد بن المغيرة

(471)

ابن سنان الضبي الهمذاني السكري الحنفي الفقيه ويلقب بحمدان شيخ المحدثين بهمذان وأهل الرأي. حدث عن: القاسم بن الحكم العرني وهشام بن عبيد الله الرازي وعبيد الله بن موسى ومكي بن إبراهيم وقبيصة وطائفة. وعنه: أبو الحسن بن سلمة القطان وعبد السلام بن محمد وأبو جعفر أحمد بن عبيد وحامد الرفاء وآخرون. قال صالح بن أحمد: صدوق. وقال السليماني: فيه نظر. قلت: يشير إلى أنه صاحب رأي. توفي سنة أربع وثمانين ومئتين.

‌2400 - أحمد بن أصرم

(472)

ابن خزيمة بن عباد بن عبد الله بن حسان بن الصحابي عبد الله بن مغفل المزني المغفلي البصري ثم الهمذاني. حدث عن: أحمد بن حنبل وابن معين وعبد الأعلى بن حماد والقواريري وسريج وأبي إبراهيم الترجماني وعدة. وعنه: أبو عوانة في صحيحه وابن أبي حاتم والقاسم بن أبي صالح وأبو جعفر العقيلي وأبو عبد الله بن مروان الدمشقي وأبو بكر النجاد وآخرون. وثقه أبو بكر الخلال وقال: حدثنا أبو بكر المروذي عنه. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي وسمعت موسى بن إسحاق القاضي يعظم شأنه ويرفع منزلته. وقال صالح بن أحمد الحافظ: كان ثبتاً شديداً على أصحاب البدع.

(471)

ترجمته في ميزان الاعتدال (4/ 46)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (5/ 50).

(472)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 13)، وتاريخ بغداد (4/ 44)، والمنتظم لابن الجوزي (6/ 3).

ص: 433

قلت: توفي في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين ومئتين وهو من طبقة الفريابي ونحوه وإنما قدمته لقدم وفاته مات في عشر الثمانين.

‌2401 - عبيد بن عبد الواحد

(473)

ابن شريك: المحدث المفيد أبو محمد البغدادي البزار. سمع: سعيد بن أبي مريم وأبا صالح وآدم بن أبي إياس وأبا الجماهر الكفرسوسي ونعيم بن حماد وعدة. وعنه: عثمان بن السماك وابن نجيح والطستي والنجاد وأبو بكر الشافعي وآخرون. قال الدارقطني: صدوق. وقال الخطيب: مات في رجب سنة خمس وثمانين ومئتين. قلت: يقع من عواليه في الغيلانيات.

‌2402 - الباغندي

(474)

الإمام المحدث العالم الصادق أبو بكر محمد بن سليمان ابن الحارث الواسطي المعروف بالباغندي والد الحافظ الكبير محمد بن محمد. حدث عن: عبيد الله بن موسى وأبي عاصم ومحمد بن عبد الله الأنصاري وأبي نعيم وقبيصة وحجاج بن منهال وعبد الله بن رجاء وخلاد بن يحيى والقعنبي وغيرهم. حدث عنه: ابنه الحافظ أبو بكر والقاضي المحاملي وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وابن مقسم وأبو بكر الشافعي وعبد الخالق بن الحسن بن أبي روبا وآخرون. وقيل: إن أبا داود جلس بين يديه وحمل عنه. قال الخطيب: سمعت أبا الفتح بن أبي الفوارس يقول: هو ضعيف.

وقال السلمي: سألت الدارقطني عنه فقال: لا بأس به.

(473)

ترجمته في تاريخ بغداد (11/ 99)، ولسان الميزان (4/ 120).

(474)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ 685 - 686)، وميزان الاعتدال (3/ 571)، ولسان الميزان (5/ 186)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 185).

ص: 434

وقال الخطيب: رواياته كلها مستقيمة مات في آخر سنة ثلاث وثمانين ومئتين. قلت: كان من أبناء التسعين.

وفيها مات: إسحاق بن إبراهيم الختلي وسهل بن عبد الله التستري الزاهد وتمتام ومقدام بن داود الرعيني وعلي بن محمد بن أبي الشوارب وعبد الرحمن بن خراش والعباس بن الفضل الأسفاطي.

أخبرنا سنقر الأسدي بحلب أخبرنا علي بن محمود أخبرنا أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ أخبرنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز أخبرنا عبد الملك بن بشران أخبرنا عبد الخالق بن الحسن حدثنا محمد ابن سليمان الواسطي حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن أبي إسحاق: سمعت سليمان بن صرد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب:" الآن نغزوهم ولا يغزونا".

‌2403 - الحارث بن محمد

(475)

ابن أبي أسامة واسم أبي أسامة: داهر: الحافظ الصدوق العالم مسند العراق أبو محمد التميمي مولاهم البغدادي الخصيب صاحب المسند المشهور ولم يرتبه على الصحابة ولا على الأبواب.

ولد في سنة ست وثمانين ومئة.

وسمع من: عبد الوهاب بن عطاء وبشر بن عمر الزهراني ويزيد ابن هارون وروح بن عبادة وكثير بن هشام وعبد الله بن بكر السهمي ومحمد بن عمر الواقدي وسعيد بن عامر الضبعي وأبي النضر وعثمان ابن عمر بن فارس وأبي نوح قراد وعبيد الله بن موسى ويحيى بن أبي بكير الكرماني وأبي جابر محمد بن عبد الملك ومحمد بن عبد الله بن كناسة والأسود بن عامر شاذان ومحمد بن مصعب القرقساني وقبيصة وأبي نعيم وعفان ومسلم بن إبراهيم وأبي عبيد وخلق سواهم.

روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا ومحمد بن جرير الطبري ومحمد ابن مخلد وأبو بكر النجاد وعبد الصمد الطستي وأبو بكر الشافعي وأبو بكر بن خلاد النصيبي وعبد الله بن الحسين النضري المروزي وخلق.

(475)

ترجمته في تاريخ بغداد (8/ 212)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 646)، وميزان الاعتدال (1/ 442)، والعبر (2/ 68)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 178).

ص: 435

ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني: صدوق.

قال غنجار البخاري: حدثنا محمد بن موسى الرازي: سمعت الحارث بن أبي أسامة يقول: لي ست بنات أصغرهن بنت ستين سنة ما زوجت واحدة منهن لأنني فقير وما جاءني إلا فقير وكرهت أن أزيد في عيالي وها كفني على الوتد من ثلاثين سنة خفت أن لا يجدوا لي كفناً.

ورواها غير غنجار عن الرازي. وقال محمد بن محمد بن مالك الإسكافي: سألت إبراهيم الحربي عن الحارث بن محمد وقلت: إنه يأخذ الدراهم فقال: اسمع منه فإنه ثقة. وقال أبو الفتح الأزدي: هو ضعيف لم أر في شيوخنا من يحدث عنه. قلت: هذه مجازفة ليت الأزدي عرف ضعف نفسه. وقال البرقاني: أمرني الدارقطني أن أخرج حديث الحارث في الصحيح. وقال ابن حزم في المحلى: ضعيف.

قلت: لا بأس بالرجل وأحاديثه على الاستقامة وهو الذي روى كتاب العقل عن ابن المحبر وقيل: إنه سمع من علي بن عاصم وأظنني رأيت ذلك له وكذا قيل: إنه روى عن أبي بدر السكوني وقد سمعنا جملة من مسنده وذنبه أخذه على الرواية فلعله وهو الظاهر أنه كان محتاجاً فلا ضير ولهذا عمل فيه محمد بن خلف بن المرزبان الأخباري هذه القطعة:

أبلغ الحارث المحدث قولاً

عن أخ صادق شديد المحبة

ويك قد كنت تعتزي سالف الده

ر قديماً إلى قبائل ضبه

وكتبت الحديث عن سائر النا

س وحاذيت في اللقاء ابن شبه

عن يزيد والواقدي وروح

وابن سعد والقعنبي وهدبه

ثم صنفت من أحاديث سفيا

ن وعن مالك ومسند شعبه

وعن ابن المديني فما زلت

قديماً تبث في الناس كتبه

أفعنهم أخذت بيعك للعلم

وإيثار من يزيدك حبه

ص: 436

في أبيات أخر فلما وصلت الأبيات إليه قال: أدخلوه فضحني قاتله الله. توفي الحارث يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين ومئتين في عشر المئة.

‌2404 - تمتام

(476)

الإمام المحدث الحافظ المتقن أبو جعفر محمد بن غالب ابن حرب الضبي البصري التمار التمتام نزيل بغداد. ولد سنة ثلاث وتسعين ومئة. وسمع: أبا نعيم ومسلم بن إبراهيم والقعنبي وعفان بن مسلم وعبد الصمد بن النعمان وابا حذيفة النهدي وعمرو بن مرزوق ومسداداً والحوضي وطبقتهم. حدث عنه: أبو جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وعثمان بن السماك وأبو سهل القطان وابن كوثر البربهاري وأبو بكر الشافعي وخلق كثير.

قال الدارقطني: ثقة مأمون إلا أنه كان يخطئ وقال في موضع آخر: ثقة مجود سمعت أبا سهل بن زياد سمعت موسى بن هارون يقول في حديث محمد بن غالب عن الوركاني عن حماد الأبح عن ابن عون عن ابن سيرين عن عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شيبتني هود وأخواتها": إنه حديث موضوع. قلت: يريد موضوع السند لا المتن.

قال أبو سهل: فحضرنا مجلس إسماعيل القاضي موسى عنده والمجلس غاص بأهله فدخل محمد بن غالب فلما بصر به إسماعيل قال: إلي يا أبا جعفر إلي ووسع له معه على السرير فلما جلس أخرج كتاباً فقال: أيها القاضي تأمله وعرض عليه الحديث وقال: أليس الجزء كله بخط واحد قال: نعم قال: هل ترى شيئاً على الحاشية قال: لا قال: فترضى هذا الأصل قال: إي والله قال: فلم أوذى وينكر علي فصاح موسى بن هارون وقال: الحديث موضوع قال: فحدث به محمد بن غالب بحضرة القاضي وهو ساكت وما زال القاضي يذكر من فضل محمد بن غالب وتقدمه.

وفي رواية أخرى قال الدارقطني: فقال إسماعيل القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة فلو تركته لم يضرك قال: لا أرجع عما في أصلي.

(476)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 254)، وتاريخ بغداد (3/ 143)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 642)، وميزان الاعتدال (3/ 681)، والعبر (2/ 71)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 185).

ص: 437

قال الدارقطني: كان يتقى لسان تمتام. والصواب: أن الوركاني حدث بهذا الإسناد عن عمران بن حصين مرفوعاً: "لا طاعة لمخلوق" وحدث على أثره الأبح عن يزيد الرقاشي عن أنس:" شيبتني هود".

قلت: مات في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين ومئتين وله تسعون عاماً.

وقع لنا حديثه كثيراً وبالإجازة في الغيلانيات.

‌2405 - البرلسي

(477)

الشيخ الإمام الحافظ المجود أبو إسحاق إبراهيم بن أبي داود سليمان بن داود الأسدي الشامي الصوري المولد. البرلسي بفتحتين ثم لام مضمومة. سمع: آدم بن أبي إياس وسعيد بن أبي مريم وأبا مسهر الغساني وطبقتهم. وكان من أوعية العلم. قال ابن جوصا: ذاكرته وكان من أوعية الحديث. قلت: روى عنه: محمد بن يوسف الهروي وأبو جعفر الطحاوي وأبو العباس الأصم وأبو الفوارس السندي وجماعة. قال أبو سعيد بن يونس: هو أحد الحفاظ المجودين الإثبات توفي بمصر في شعبان سنة سبعين ومئتين. قال ابن عساكر: سمع أبا مسهر ورواد بن الجراح وبكار بن عبد الله السيريني ويحيى الوحاظي ويزيد بن عبد ربه وسمى عدة.

قال أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن جوصا يقول: ذاكرت أبا إسحاق البرلسي وكان من أوعية الحديث فذكر حكاية. أبو إسحاق أبوه كوفي وولد هو بصور وقيل توفي سنة اثنتين وسبعين ومئتين.

(477)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (5/ 85)، واللباب لابن الأثير (1/ 142)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 162).

ص: 438

‌2406 - الأزرق

(478)

المحدث العالم المسند أبو بكر محمد بن الفرج بن محمود الأزرق البغدادي.

حدث عن: حجاج بن محمد الأعور ومحمد بن عمر الواقدي وأبي النضر هاشم بن القاسم ومحمد بن يحيى بن كناسة وعبيد الله بن موسى وعبد الله بن بكر السهمي ومحمد بن مصعب القرقساني والأسود بن عامر شاذان ويونس بن محمد المؤدب وكثير بن هشام وحفص بن عمر الحبطي وخلف بن تميم وجماعة.

حدث عنه: عبد الصمد بن علي الطستي ومحمد بن العباس بن نجيح وأبو بكر الشافعي وأحمد بن يوسف بن خلاد العطار وآخرون. قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: لا بأس به وهو من أصحاب حسين الكرابيسي يطعن عليه في اعتقاده. قال الخطيب: أما أحاديثه فصحاح.

قلت: له أسوة بخلق كثير من الثقات الذين حديثهم في الصحيحين أو أحدهما ممن له بدعة خفيفة بل ثقيلة فكيف الحيلة نسأل الله العفو والسماح. مات الأزرق في آخر سنة إحدى وثمانين ومئتين.

أنبأني أحمد بن سلامة وحدثني عنه أبو سليمان بن إبراهيم الوراق قال: أنبأنا محمد بن أبي عيسى التيمي: وأخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز الفقيه أخبرنا إسماعيل بن ظفر أخبرنا التيمي أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن يوسف النصيبي حدثنا محمد بن الفرج حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر بن برقان عن نافع عن ابن عمر عن حفصة قالت: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحل في حجته التي حج".

‌2407 - محمد بن مسلمة

(479)

ابن الوليد: المحدث المعمر أبو جعفر الواسطي الطيالسي. ولد سنة ثمان وسبعين ومئة.

(478)

ترجمته في تاريخ بغداد (3/ 159)، وميزان الاعتدال (4/ 4)، والعبر (2/ 69)، وتهذيب التهذيب (9/ 399)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 180).

(479)

ترجمته في تاريخ بغداد (3/ 305)، وميزان الاعتدال (4/ 41).

ص: 439

وحدث ببغداد عن: يزيد بن هارون وأبي جابر محمد بن عبد الملك وأبي عبد الرحمن المقرئ وموسى الطويل الذي زعم أنه سمع من أنس بن مالك. حدث عنه: أبو جعفر بن البختري ومحمد بن مخلد العطار وأبو بكر الشافعي وأحمد بن ثابت الواسطي وعدة. روى الحاكم عن الدارقطني: لا بأس به. قال الخطيب: رأيت أبا القاسم اللالكائي والحسن بن محمد الخلال يضعفانه. وقال الخطيب: له مناكير.

توفي سنة اثنتين وثمانين ومئتين وقد نيف على المئة فإنه ذكر أنه سمع من موسى الطويل مولى أنس بواسط سنة إحدى وتسعين ومئة قال: وكان لي ثلاث عشرة سنة.

وقال ابن عدي في كامله: أخبرنا عبد الحميد الوراق قال: قاطعنا محمد بن مسلمة على أجزاء فقرأنا عليه وفيها حديث طويل فقال: ما أحسن هذا والله إن سمعت هذا الحديث قط إلا الساعة وقال له رجل: قل عن هشام بن عروة فقال: بدرهمين صحاح ثم ساق له ابن عدي مناكير. وحديثه عال في الغيلانيات.

‌2408 - ابن أبي الدنيا

(480)

عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي مولاهم البغدادي المؤدب صاحب التصانيف السائرة من موالي بني أمية. ولد سنة ثمان ومئتين. وأقدم شيخ له سعيد بن سليمان سعدويه الواسطي. وسمع من: علي بن الجعد وخالد بن خداش وعبد الله بن خيران صاحب المسعودي وطبقتهم.

(480)

ترجمته في الجرح والتعديل (5/ ترجمة 751)، وتاريخ بغداد (10/ 89)، والعبر (1/ 65)، وتهذيب التهذيب (6/ 12)، وتقريب التهذيب (1/ 447)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3790)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (3/ 86).

ص: 440

وقد جمع شيخنا أبو الحجاج الحافظ أسماء شيوخه على المعجم وهم خلق كثير فمنهم: أحمد بن إبراهيم الدورقي وأحمد بن جناب وأحمد بن حاتم الطويل وأحمد بن عبدة الضبي وأحمد بن عمران الأخنسي وأحمد بن عيسى المصري وأحمد بن محمد بن أيوب وأحمد بن محمد البرتي وأحمد بن منيع وأحمد بن زياد سبلان وإبراهيم بن سعيد الجوهري وإبراهيم بن عبد الله الهروي وإبراهيم بن محمد بن عرعرة وإبراهيم بن أورمة وهو أصغر منه وإسحاق بن أبي اسرائيل وإسماعيل بن إبراهيم الترجماني وإسماعيل القاضي وتأخر بعده وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي وإسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة وإسماعيل بن عيسى العطار وبسام بن يزيد النقال وبشار بن موسى وبشر بن الوليد الكندي وحاجب بن الوليد والحارث بن سريج النقال والحارث بن أبي أسامة رفيقه والحكم بن موسى وخالد بن خداش وخلف بن سالم المخرمي وخلف بن هشام البزار وداود بن رشيد وداود بن عمرو الضبي والربيع بن ثعلب وزهير بن حرب وسريج بن يونس وسعيد بن زنبور الهمداني وسعيد بن سليمان المخرمي الأحول وسعيد بن سليمان سعدويه وسعيد بن محمد الجرمي وسليمان بن أيوب صاحب البصري وسويد بن سعيد وعبد الله بن خيران وعبد الله بن عون الخراز وعبد الله بن معاوية الجمحي وعبد الأعلى بن حماد وعبد الصمد بن يزيد مردويه وعبد العزيز بن بحر وعبد المتعالي بن طالب وأبي نصر بن عبد العزيز التمار وعبيد الله القواريري وعبيد الله العيشي وعلي بن الجعد وعمار بن نصر وأبو عبيد القاسم بن سلام وهو من قدماء شيوخه وكامل بن طلحة ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة ومحمد بن بكار بن الريان ومحمد بن جعفر المدائني عن حمزة الزيات في اصطناع المعروف ومحمد بن زياد بن الأعرابي ومحمد بن سعيد الكاتب ومحمد بن سلام الجمحي ومحمد ابن الصباح الدولابي ومحمد بن الصباح الجرجرائي ومحمد بن عاصم صاحب الخان حدثه عن: حريز بن عثمان وعن كثير بن سليم ومحمد ابن عباد المكي ومحمد بن عبد الواهب الحارثي ومحمد بن عبيد والده ومحمد بن عمران بن أبي ليلى الأنصاري ومحمد بن يونس الكديمي ومحمود بن الحسن الوراق من نظمه ومحمود بن محمد بن محمود بن عدي بن ثابت بن قيس بن الخطيم الظفري ومنصور بن أبي مزاحم ومهدي بن حفص وموسى بن محمد بن حيان البصري والنضر بن طاهر البصري ونعيم بن الهيصم وهارون بن معروف والهيثم بن خارجة ويحيى بن أيوب العابد ويحيى بن درست القرشي ويحيى بن عبد الحميد الحماني ويحيى بن عبدويه صاحب شعبة ويحيى بن يوسف الزمي وأبو بلال الأشعري مرداس وأبو عبيدة بن فضيل بن عياض.

ص: 441

ويروي عن خلق كثير لا يعرفون وعن طائفة من المتأخرين كيحيى ابن أبي طالب وأبي قلابة الرقاشي وأبي حاتم الرازي ومحمد بن إسماعيل الترمذي وعباس الدوري لأنه كان قليل الرحلة فيتعذر عليه رواية الشيء فيكتبه نازلاً وكيف اتفق.

وتصانيفه كثيرة جداً فيها مخبآت وعجائب.

حدث عنه: الحارث بن أبي أسامة أحد شيوخه وابن أبي حاتم وأحمد بن محمد اللنباني وأبو بكر أحمد بن سلمان النجاد والحسين بن صفوان البرذعي وأحمد بن خزيمة وأبو جعفر عبد الله بن برية الهاشمي وأبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي وعيسى بن محمد الطوماري وأبو علي أحمد بن محمد الصحاف وأبو العباس بن عقدة وأبو سهل بن زياد وأحمد بن مروان الدينوري وعثمان بن محمد الذهبي وعلي بن الفرج بن أبي روح وإبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي وإبراهيم بن عثمان الخشاب بصري وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ومات قبله وأبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي وابن أبي حاتم وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب ومحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الصفار وأبو بشير الدولابي وأبو جعفر بن البختري ومحمد بن أحمد بن خنب البخاري وابن المرزبان ومحمد بن خلف وكيع وآخرون. وقد روى عنه ابن ماجة في تفسيره.

وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي وقال أبي: هو صدوق. وقال الخطيب: كان يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء. وقال غيره: كان ابن أبي الدنيا إذا جالس أحداً إن شاء أضحكه وإن شاء أبكاه في آن واحد لتوسعه في العلم والأخبار. قال أحمد بن كامل: كان أبي الدنيا مؤدب المعتضد.

قال أبو بكر بن شاذان البزاز: حدثنا أبو ذر القاسم بن داود حدثني ابن أبي الدنيا قال: دخل المكتفي على الموفق ولوحه بيده فقال: مالك لوحك بيدك قال: مات غلامي واستراح من الكتاب قال: ليس هذا من كلامك كان الرشيد أمر أن تعرض عليه ألواح أولاده فعرضت عليه فقال لابنه: ما لغلامك ليس لوحك معه قال: مات واستراح من الكتاب قال: وكأن الموت أسهل عليك من الكتاب قال: نعم قال: فدع الكتاب قال: ثم جئته فقال: كيف محبتك لمؤدبك قلت: كيف لا أحبه وهو أول من فتق لساني بذكر الله وهو مع ذاك إذا شئت أضحكك وإذا شئت أبكاك قال: يا راشد أحضر هذا فأحضرني فابتدأت في

ص: 442

أخبار الخلفاء ومواعظهم فبكى بكاء شديداً ثم ابتدأت فذكرت نوادر الأعراب فضحك ضحكاً كثيراً ثم قال لي: شهرتني شهرتني.

وقع لي من تصانيف ابن أبي الدنيا: القناعة قصر الأمل مجابي الدعوة التوكل الوجل ذم الملاهي الصمت الفرج بعد الشدة قرى الضيف من عاش بعد الموت والمحتضرين المدارة بفوت محاسبة النفس ذم المسكر اليقين التوبة الشكر الموت القبور العزلة وأشياء.

ترتيب مصنفاته على المعجم: كتاب الأدب اصطناع المعروف الأشراف أخبار ضيغم إصلاح المال الأنواء أخبار الملوك الأخلاق الإخوان الانفراد أخبار الثوري الألوية الأولياء الأمر بالمعروف الألحان الأحزان أخبار أويس أخبار معاوية الأضحية الإخلاص الأيام والليالي أهوال القيامة أعلام النبوة إنزال الحاجة بالله أخبار قريش أخبار الأعراب إعطاء السائل انقلاب الزمان أعقاب السرور والأحزان والبكاء. التوبة التهجد التفكر والاعتبار التعازي تاريخ الخلفاء التاريخ تغيير الإخوان تغير الزمان التقوى تعبير الرؤيا التشمس التوكل. الجوع الجهاد الجفاة عند الموت الجيران. حسن الظن الحذر والشفقة حلم الحكماء الحلم حلم الأحنف حروف خلف الحوائج. الخلفاء الخافقين الخمول الخبز الخاتم. دلائل النبوة الدين والوفاء الدعاء ذم الدنيا ذم الشهوات ذم المسكر ذم البغيذم الغيبة ذم الحسد ذم الفقر ذم الرياء ذم الربا ذم الضحك ذم البخل الذكر. الرهبان الرخصة في السماع الرمي الرهائن الرضا الرقة. الزهد الزفير السنة السخاء الشكر الشيب شرف الفقر. الصمت الصدقة صدقة الفطر الصبر صفة الجنة صفة النار صفة النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الطبقات الطواعين.

ص: 443

العزلة العزاء عقوبة الأنبياء العقل العوائد العقوبات العيال العباد العوذ العيدين العلم عاشوراء العفو عطاء السائل العمر والشباب. فضل العباس الفتوى الفرج بعد الشدة فضل العشر فضل رمضان فضائل علي فضل لا إله إلا الله الفوائد الفتون فضائل القرآن. القصاص قضاء الحوائج قصر الأمل قرى الضيف القبور القناعة. كرامات الأولياء.

المدارة من عاش بعد الموت المحتضرين المرض والكفارات الموت المتمنين مكائد الشيطان المطر المنامات مقتل علي مقتل عثمان مقتل الحسين مقتل طلحة مقتل الزبير مقتل ابن الزبير مقتل ابن جبير كتاب المروءة المجوس معارض الكلام المملوكين المغازي المنتظم المناسك مكارم الأخلاق مجابي الدعوة محاسبة النفس المعيشة. النوادر النوازع. الهم والحزن الهدايا. الورع الوصايا الوقف والابتداء الوجل اليقين.

‌2409 - المنجم

(481)

الأديب الأخباري أبو عبد الله هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور بن المنجم البغدادي النديم. مصنف كتاب: البارع في الشعراء المولدين فبدأ ببشار وختم بابن الزيات وهم مئة وستون شاعراً فالعماد في الخريدة والحظيري والباخرزي والثعالبي نسجوا على منواله وفرعوا عليه. وله كتاب النساء وما فيهن وغير ذلك. وهو من بيت أدب ومجالسة للخلفاء.

(481)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموى (19/ 262).

ص: 444

توفي سنة ثمان وثمانين ومئتين ولم يطل عمره. وكان أبوه أبو الحسن أديباً شاعراً. وكان جده منجماً واصلاً عند المأمون ومات بحلب سنة بضع عشرة ومئتين. وكان جدهم أبو منصور منجم أبي جعفر المنصور وكان مجوسياً شقياً وأسلم ابنه يحيى على يد المأمون وصار مولاه ونديمه وأنيسه.

ولعلي بن هارون بن علي ترجمة في تاريخ ابن خلكان. أخوه: العلامة النديم أبو أحمد:

‌2410 - يحيى بن علي بن يحيى المنجم

(482)

نادم جماعة آخرهم المكتفي وصنف كتباً عدة وعلت رتبته. وكان معتزلياً مبتدعاً رأساً في ذلك. وله كتاب: الباهر في شعراء الدولتين ثم تممه ولده أحمد بن يحيى وله كتاب: الإجماع في الفقه. كان من كبار تلامذة محمد بن جرير وله مع المعتضد وقائع ونوادر وحرد عليه المكتفي مرة فألزمه بصيد الأسد فعمل أبياتاً منها:

كلفونا صيد السباع وإنا

لبخير إن لم تصدنا السباع

عاش تسعاً وخمسين سنة وتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث مئة.

‌2411 - سنجة

(483)

الإمام المحدث الصادق شيخ الرقة أبو عمر حفص بن عمر ابن الصباح الرقي الجزري ويلقب بسنجة ألف. ارتحل وسمع: أبا نعيم وقبيصة بن عقبة وعبد الله بن رجاء الغداني وفيض بن الفضل وطبقتهم.

(482)

ترجمته في تاريخ بغداد (14/ 230)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (20/ 28)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (6/ ترجمة 802).

(483)

ترجمته في ميزان الاعتدال (1/ 566)، ولسان الميزان (2/ 328).

ص: 445

حدث عنه: أبو عوانة الإسفراييني ويحيى بن صاعد والعباس بن محمد الرافقي وأبو القاسم الطبراني وآخرون وأكثر عنه الطبراني. قال أبو أحمد الحاكم: حدث بغير حديث لم يتابع عليه. قلت: احتج به أبو عوانة. وتوفي سنة ثمانين ومئتين. وهو صدوق في نفسه وليس بمتقن.

‌2412 - رافع بن هرثمة

(484)

الأمير: ولي خراسان من قبل محمد بن طاهر في سنة إحدى وسبعين ومئتين عندما عزل الموفق عمرو بن الليث الصفار عن إمرة خراسان ثم وردت كتب الموفق على رافع بقصد جرجان وهي للحسن بن زيد فحاصرها رافع سنتين واستولى رافع على طبرستان في سنة سبع وسبعين ثم استخلف المعتضد فعزل عن خراسان رافعاً وأعاد عمرو بن الليث فحشد رافع واستعان بملوك فالتقى عمراً في سنة ثلاث وثمانين فهزمه عمرو وساق وراءه أياماً وضايقه إلى أن تفرق جنده وقتل رافع في شوال من سنة ثلاث ونفذ رأسه إلى المعتضد. وقيل: لم يكن هرثمة أباه بل كان زوج أمه وإنما هو رافع بن نومرد. وقد امتدحه البحتري فبعث إليه بألف دينار إلى بغداد. وكان ملكاً جواداً عالي الهمة واسع الممالك وتمكن بعده الصفار.

‌2413 - البرتي

(485)

القاضي العلامة الحافظ الثقة أبو العباس أحمد بن محمد ابن عيسى بن الأزهر البرتي البغدادي الحنفي العابد. ولد سنة نيف وتسعين ومئة.

سمع: أبا نعيم والقعنبي وعفان وعاصم بن علي وأبا الوليد الطيالسي ومسلم بن

(484)

ترجمته في العبر (2/ 70)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 182).

(485)

ترجمته في تاريخ بغداد (5/ 61)، واللباب لابن الأثير (1/ 133)، والعبر (2/ 63)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 620)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 175).

ص: 446

إبراهيم وأبا سلمة وسليمان بن حرب وأبا حذيفة النهدي وأبا عمر الحوضي وأبا حذيفة وأبا غسان مالك بن إسماعيل ومسدد بن مسرهد ومحمد بن كثير ويحيى الحماني وعدة.

وتفقه بأبي سليمان الجوزجاني الفقيه صاحب محمد بن الحسن. وجمع وصنف وتفقه به أئمة وعلماء. حدث عنه: أبو محمد بن صاعد وابن مخلد وإسماعيل الصفار النحوي وأبو سهل بن زياد وأبو بكر النجاد وجماعة سواهم. قال الخطيب: ولي قضاء بغداد بعد أبي هشام الرفاعي لما توفي في سنة تسع وأربعين ومئتين.

قال طلحة بن محمد بن جعفر: وكان البرتي من خيار المسلمين ديناً عفيفاً على مذهب أهل العراق وكان من أصحاب يحيى بن أكثم وكان قبل ذلك يتقلد قضاء واسط روى تآليف محمد عن الجوزجاني وحدث بحديث كثير.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً حجة يذكر بالصلاح والعبادة إلى أن قال: أخبرنا القاضي الصميري أخبرنا القاضي أبو عبد الله الضبي أخبرنا القاضي قال: ركبت يوماً مع إسماعيل القاضي إلى أحمد بن محمد البرتي وهو ملازم لبيته فرأيت شيخا مصفاراً أثر العبادة عليه ورأيت إسماعيل أعظمه إعظاماً شديداً وسأله عن نفسه وأهله وعجائزه وجلسنا عنده ساعة وانصرفنا فقال لي إسماعيل: يا بني تدري من هذا الشيخ قلت: لا قال: هذا القاضي البرتي لزم بيته واشتغل بالعبادة هكذا تكون القضاة لا كما نحن.

عن العلاء بن صاعد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخل عليه القاضي البرتي فقام إليه وصافحه وقال: مرحباً بالذي يعمل بسنتي وأثري فذهبت وبشرته بالرؤيا. قال الدارقطني: ثقة. وقال أحمد بن كامل: كان إسماعيل القاضي يقدم البرتي على كافة أقرانه في القضاء والرواية والعدالة. قلت: مات في ذي الحجة سنة ثمانين ومئتين. وقع لنا من عواليه في الغيلانيات.

ص: 447

قرأت على عبد الحافظ بن بدران أخبرنا ابن قدامة أخبرنا ابن البطي أخبرنا أبو الفضل بن خيرون أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أبو سهل بن زياد حدثنا أحمد بن محمد حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم بخمس وعشرين جزءاً".

ومات معه: عثمان بن سعيد الدارمي وأبو إسماعيل الترمذي وهلال بن العلاء الرقي وحفص بن عمر الرقي سنجة وجعفر بن محمد القلانسي بالرملة وأحمد بن عبيد الله النرسي وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي.

‌2414 - الحربي

(486)

الإمام الحافظ الصدوق أبو يعقوب إسحاق بن الحسن بن ميمون البغدادي الحربي. ولد سنة نيف وتسعين ومئة. سمع هوذة بن خليفة وحسين بن محمد المروذي وموسى بن داود وعفان بن مسلم وأبا نعيم وأبا حذيفة موسى بن مسعود والقعنبي. وسمعنا الموطأ من روايته عنه. حدث عنه محمد بن مخلد وأبو بكر النجاد وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي وأبو علي بن الصواف وأبو بكر القطيعي وخلق كثير. قال الدارقطني قال لنا أبو بكر الشافعي سئل إبراهيم الحربي عن إسحاق بن الحسن فقال هو ينبغي أن يسأل عنا. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل هو ثقة وقد سئل إبراهيم الحربي مرة عنه فقال هو أكبر مني بثلاث سنين وأنا قد لقيت حسين بن محمد أفلا يلقاه هو لو أن الكذب حلال ما كذب إسحاق. قلت كان من العلماء السادة. مات في شوال سنة أربع وثمانين ومئتين وقد جاوز التسعين.

(486)

ترجمته في ميزان الاعتدال (1/ 190)، والعبر (2/ 73)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 186).

ص: 448

وقع حديثه عالياً لابن طبرزد. وفيها مات أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي وعبد العزيز ابن معاوية القرشي ومحمود بن الفرج الأصبهاني ويزيد بن الهيثم الباداء وهشام بن علي السيرافي ورافع بن هرثمة مقتولاً.

‌2415 - البلدي

(487)

المحدث الرحال الصادق أبو إسحاق إبراهيم بن الهيثم البلدي نزيل بغداد.

سمع: أبا اليمان وآدم بن أبي إياس وعلي بن عياش وأبا صالح الكاتب وطبقتهم.

وعنه: إسماعيل الصفار والنجاد وأبو بكر الشافعي وأبو عبد الله ابن مخرم وآخرون.

قال ابن عدي: أحاديثه مستقيمة سوى حديث الغار فنالوا منه.

قال الخطيب: هو ثقة ثبت عندنا. توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين.

‌2416 - علي بن محمد بن عبد الملك

(488)

ابن أبي الشوارب: الحافظ الإمام قاضي القضاة أبو الحسن الأموي البصري.

سمع: أباه وأبا الوليد الطيالسي وأبا سلمة المنقري وأبا عمر الحوضي وسهل بن بكار وطبقتهم. حدث عنه: يحيى بن محمد بن صاعد وأبو بكر النجاد وإسحاق ابن أحمد الكاذي وعبد الباقي بن قانع وأبو بكر الشافعي وآخرون. وثقة الخطيب وغيره.

وقال طلحة الشاهد: لما مات إسماعيل القاضي مكثت بغداد ثلاثة أشهر ونصف بغير قاض حتى ولي القضاء علي بن أبي الشوارب مضافاً إلى قضاء سامراء وكان ولي سامراء

(487)

ترجمته في تاريخ بغداد (6/ 207)، وميزان الاعتدال (1/ 73)، ولسان الميزان (1/ 123).

(488)

ترجمته في تاريخ بغداد (12/ 59)، والعبر (2/ 71)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 164)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 185).

ص: 449

بعد أخيه الحسن قال: وكان علي بن محمد رجلاً صالحاً عظيم الخطر كثير الطلب للحديث ثقة أميناً بقي على قضاء بغداد أشهراً.

مات في شوال سنة ثلاث وثمانين ومئتين رحمه الله.

‌2417 - خير بن عرفة

المحدث الصدوق أبو طاهر المصري.

روى عن: عبد الله بن صالح الكاتب ويحيى بن بكير ويزيد بن عبد ربه وحيوة بن شريح وسليمان بن عبد الرحمن وعدة.

روى عنه: علي بن محمد الواعظ وأبو يعقوب الأذرعي والطبراني وآخرون.

وعمر طويلاً ومن قدماء شيوخه: عروة بن مروان. ومات في أول سنة ثلاث وثمانين ومئتين.

‌2418 - الحسين بن الفضل

(489)

ابن عمير: العلامة المفسر الإمام اللغوي المحدث أبو علي البجلي الكوفي ثم النيسابوري عالم عصره. ولد قبل الثمانين ومئة.

وسمع: يزيد بن هارون وعبد الله بن بكر السهمي والحسن بن قتيبة المدائني وشبابة بن سوار وأبا النضر هاشم بن القاسم وهوذة بن خليفة وإسماعيل بن أبان وطائفة.

حدث عنه: أبو الطيب محمد بن عبد الله بن المبارك ومحمد بن صالح بن هانئ ومحمد بن القاسم العتكي ومحمد بن علي العدل وعمرو بن محمد بن منصور وأحمد بن شعيب الفقيه ومحمد بن يعقوب ابن الأخرم وآخرون.

قال الحاكم: الحسين بن الفضل بن عمير بن قاسم بن كيسان البجلي المفسر: إمام عصره في معاني القرآن أقدمه ابن طاهر معه نيسابور وابتاع له دار عزرة فسكنها وهذا في سنة سبع عشرة ومئتين فبقي يعلم الناس ويفتي في تلك الدار إلى أن توفي ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ في سنة اثنتين وثمانين ومئتين وهو ابن مئة وأربع سنين وقبره مشهور

(489)

ترجمته في العبر (2/ 68)، ولسان الميزان (2/ 307)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 178).

ص: 450

يزار وشيعه خلق عظيم وسمعت محمد بن أبي القاسم المذكر يقول: سمعت أبي يقول: لو كان الحسين بن الفضل في بني إسرائيل لكان ممن يذكر في عجائبهم وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول ما رأيت أفصح لساناً من الحسين بن الفضل.

قال محمد بن يعقوب الكرابيسي: كان الحسين بن الفضل في آخر عمره يأمرنا أن نبسط بحذاء سكة عمار فكنا نحمله في المحفة فمر به جماعة من الفرسان على زي أهل العلم فرفع حاجبه ثم قال لي: من هؤلاء قلت: هذا أبو بكر بن خزيمة وجماعة معه فقال: يا سبحان الله بعد أن كان يزورنا في هذه الدار إسحاق بن راهوية ومحمد بن رافع يمر بنا ابن خزيمة فلا يسلم.

الحاكم: سمعت إبراهيم بن مضارب سمعت أبي يقول: كان علم الحسين بن الفضل بالمعاني إلهاماً من الله فإنه كان قد تجاوز حد التعليم. قال: وكان يركع في اليوم الليلة ست مئة ركعة ويقول: لولا الضعف والسن لم أطعم بالنهار.

وسمعت أبا زكريا العنبري: سمعت أبي يقول: لما قلد المأمون عبد الله بن طاهر خراسان قال: يا أمير المؤمنين حاجة قال: مقضية قال: تسعفني بثلاثة: الحسين بن الفضل وأبو سعيد الضرير وأبو إسحاق القرشي قال: أسعفناك وقد أخليت العراق من الأفراد.

ثم إن الحاكم ساق في ترجمته بضعة عشر حديثاً غرائب فيها حديث باطل رواه عن محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فرج عن مؤمن كربة جعل الله له يوم القيامة شعبتين من نور على الصراط يستضيء بهما من لا يحصيهم إلا رب العزة" قال محمد بن صالح بن هانئ: توفي الحسين في شعبان سنة اثنتين وثمانين ومئتين وهو ابن مئة وأربع سنين وصلى عليه محمد بن النضر الجارودي.

ص: 451

‌2419 - الدبري

(490)

الشيخ العالم المسند الصدوق أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الصنعاني الدبري: راوية عبد الرزاق سمع تصانيفه منه في سنة عشر ومئتين باعتناء أبيه به وكان حدثاً فإن مولده على ما ذكره الخليلي في سنة خمس وتسعين ومئة وسماعه صحيح.

حدث عنه: أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه وخيثمة بن سليمان ومحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الحمال ومحمد بن عبد الله النقوي وأبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي وأبو القاسم الطبراني وخلق كثير من المغاربة والرحالة.

قال ابن عدي: استصغر في عبد الرزاق أحضره أبوه عنده وهو صغير جداً فكان يقول: قرأنا علىعبد الرزاق أي قرأ غيره وهو يسمع قال: وحدث عنه بأحاديث منكرة.

قلت: ساق له ابن عدي حديثاً واحداً من طريق ابن أنعم الإفريقي يحتمل مثله فأين المناكير والرجل فقد سمع كتباً فأداها كما سمعها ولعل النكارة من شيخه فإنه أضر بأخرة فالله أعلم.

قال الحاكم: سألت الدارقطني عن إسحاق الدبري: أيدخل في الصحيح قال: إي والله هو صدوق ما رأيت فيه خلافاً. قلت: مات بصنعاء في سنة خمس وثمانين ومئتين وله تسعون سنة. وألف القاضي أبو عبد الله بن مفرج كتاباً في الحروف التي أخطأ فيها الدبري وصحف في جامع عبد الرزاق. وقد كان المغاربة يدعون للدبري ويعدونه بأنهم يطوفون عنه إذا أتوا مكة ويعتمرون عنه فيسر بذلك.

‌2420 - محمد بن يحيى بن المنذر

(491)

المحدث المعمر أبو سليمان البصري القزاز. حدث عن: سعيد بن عامر الضبعي وأبي عاصم النبيل ويزيد بن بيان العقيلي ومسلم بن إبراهيم وطائفة. وطال عمره وتفرد.

(490)

ترجمته في اللباب لابن الأثير (1/ 489)، وميزان الاعتدال (1/ 181)، والعبر (2/ 74)، وشذرات الذهب (2/ 190).

(491)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ 639 - 640).

ص: 452

روى عنه: محمد بن علي بن مسلم العقيلي وفاروق الخطابي وأبو القاسم الطبراني وآخرون. ما عملت بعد فيه جرحاً. مات في رجب سنة تسعين ومئتين.

‌2421 - الخزاز

الشيخ الإمام المقرئ المحدث أبو جعفر أحمد بن علي البغدادي الخزاز.

سمع: هوذة بن خليفة وسريج بن النعمان وعاصم بن علي وسعدوية وأحمد بن يونس وأسيد بن زيد الجمال وطبقتهم. وتلا على هبيرة التمار صاحب حفص.

أخذ عنه الحروف: ابن مجاهد وابن شنبوذ وأحمد بن عجلان.

وحدث عنه: ابن صاعد وجعفر الخلدي وأبو عمرو بن السماك وأبو بكر الشافعي وأبو بكر بن خلاد وآخرون. وثقة الدارقطني وغيره.

توفي في المحرم سنة ست وثمانين ومئتين. وكان بدمشق سنة نيف وستين ومئتين من المشايخ.

‌2422 - أحمد بن علي

الدمشقي الخراز بالراء ثم الزاي أبو بكر المري. حدث عن: الفريابي وأبي المغيرة الحمصي وجماعة. حدث عنه: ابن جوصا وأبو عوانة وجماعة.

‌2423 - الخراز

(492)

شيخ الصوفية القدوة أبو سعيد أحمد بن عيسى البغدادي الخراز.

(492)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 569)، وتاريخ بغداد (4/ 276)، واللباب لابن الأثير (1/ 429)، والعبر (2/ 77)، والمنتظم لابن الجوزي (5/ 105)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 192).

ص: 453

أخذ عن: إبراهيم بن بشار الخراساني ومحمد بن منصور الطوسي.

روى عنه: علي بن محمد الواعظ المصري وأبو محمد الجريري وعلي بن حفص الرازي ومحمد بن علي الكتاني وآخرون. وقد صحب سريا السقطي وذا النون المصري. ويقال: إنه أول من تكلم في علم الفناء والبقاء فأي سكتة فاتته قصد خيراً فولد أمراً كبيراً تشبث به كل اتحادي ضال به.

قال أبو القاسم عثمان بن مردان النهاوندي: أول ما لقيت أبا سعيد الخراز سنة اثنتين وسبعين فصحبته أربع عشرة سنة.

قال: وتوفي سنة ست وثمانين ومئتين وقال غيره: بل توفي سنة سبع وسبعين ومئتين.

قال السلمي: هو إمام القوم في كل فن من علومهم له في مبادئ أمره عجائب وكرامات وهو أحسن القوم كلاماً خلا الجنيد فإنه الإمام. قال القشيري: صحب ذا النون والسري والنباجي وبشراً الحافي. قال: ومن كلامه: كل باطن يخالفه ظاهر فهو باطل.

وقال ابن الطرسوسي: أبو سعيد الخراز قمر الصوفية.

وعنه قال: أوائل الأمر التوبة ثم ينتقل إلى مقام الخوف ثم إلى مقام الرجاء ثم منه إلى مقام الصالحين ثم إلى مقام المريدين ثم إلى مقام المطيعين ثم منه إلى المحبين ثم ينتقل إلى مقام المشتاقين ثم منه إلى مقام الأولياء ثم منه إلى مقام المقربين.

قال السلمي: أنكر أهل مصر على أبي سعيد وكفروه بألفاظه فإنه قال في كتاب السر: فإذا قيل لأحدهم: ما تقول قال: الله وإذا تكلم قال: الله وإذا نظر قال: الله فلو تكلمت جوارحه قالت: الله وأعضاؤه مملوءة من الله فأنكروا عليه هذه الألفاظ وأخرجوه من مصر قال: ثم رد بعد عزيزاً.

ويروى عن الجنيد قال: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سعيد لهلكنا فقيل لإبراهيم بن شبيان: ما كان حاله قال: أقام سنين ما فاته الحق بين الخرزتين.

وعن المرتعش قال: الخلق عيال على أبي سعيد الخراز إذا تكلم في الحقائق.

ص: 454

وقال الكتاني سمعت أبا سعيد يقول من ظن أنه يصل بغير بذل المجهود فهو متمني ومن ظن أنه يصل ببذل المجهود فهو متعني. سمعها السلمي والماليني وأبو حازم العبدوي من محمد بن عبد الله الرازي عن الكتاني. له ترجمة في تاريخ دمشق طويلة.

‌2424 - أبو حنيفة

(493)

العلامة ذو الفنون أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري النحوي تلميذ ابن السكيت.

صدوق كبير الدائرة طويل الباع ألف في النحو واللغة والهندسة والهيئة والوقت وأشياء.

مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين ومئتين. له كتاب: النبات كبير جميع وكتاب: الأنواء وغير ذلك. وقيل كان من كبار الحنفية.

(493)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموى (3/ 26)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 377).

ص: 455

‌الطبقة السادسة عشرة:

‌2425 - الكَجِّي

(494)

الشيخ، الإمام، الحافظ المعمر شيخ العصر أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز بن مهاجر البصري الكجي صاحب السنن.

ولد سنة نيف وتسعين ومائة.

وسمع في الحداثة من: أبي عاصم النبيل ومحمد بن عبد الله الأنصاري ومعاذ بن عوذ الله وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي وعبد الملك بن قريب الأصمعي وسعيد بن سلام العطار وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري وبدل بن المحبر ومسلم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء وحجاج بن نصير وأبي الوليد وحجاج بن منهال وأبي عمر الضرير وسليمان بن داود الهاشمي وعثمان بن الهيثم المؤذن وخلق كثير.

وعنده عدة أحاديث ثلاثية السند.

حدث عنه: أبو بكر النجاد وأبو بكر الشافعي وفاروق الخطابي وحبيب القزاز وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي والحسن بن سعد القرطبي والقاضي أبو أحمد العسال وأحمد بن طاهر الميانجي وأبو بكر الآجري وأبو محمد بن ماسي وخلق سواهم.

وثقة الدارقطني وغيره.

وكان سريًا نبيلًا متمولًا عالمًا بالحديث وطرقه عالي الإسناد قدم بغداد وازدحموا عليه فقال أحمد بن جعفر الختلي: لما قدم علينا أبو مسلم الكجي أملى علينا في رحبة غسان وكان في مجلسه سبعة مستملين يبلغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه وكتب الناس عنه قيامًا ثم مسحت الرحبة وحسب من حضره بمحبرة فبلغ ذلك نيفًا وأربعين ألف محبرة سوى النظارة.

إسنادها صحيح سمعه أبو بكر الخطيب من بشرى الفاتني قال: سمعت الختلي يقول ذلك.

(494)

ترجمته في تاريخ بغداد (6/ 120)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 647)، والعبر (2/ 92)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 29)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 210).

ص: 456

وقال غنجار في "تاريخ بخارى": أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد: سمعت جعفر بن محمد الطبسي يقول: كنا ببغداد، ومعنا عبد الله مستملي صالح جزرة فقيل لأبي مسلم الكجي: هذا مستملي صالح قال: ومن صالح فقيل: صالح الجزري قال: ويحكم ما أهونة عندكم إلَّا تقول: سيد المسلمين، وكنا في أخريات الناس فقدمنا فقال كيف أخي، وكبيري ما تريدون فقلنا: أحاديث محمد بن عرعرة، وحكايات الأصمعي فأملى علينا عن ظهر قلب، وكان ضريرًا مخضوب اللحية.

عن فاروق الخطابي قال: لما فرغنا من السنن على الكجي عمل لنا مأدبة أنفق عليها ألف دينار، وقد مدح الكجي أبو عبادة البحتري فأجازه بمال، وقيل: إنه لما حدث تصدق بعشرة آلاف درهم شكرًا لله.

مات ببغداد في سابع المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين فنقل إلى البصرة، ودفن بها وقد قارب المائة رحمه الله.

‌2426 - بكر بن سَهْل

(495)

ابن إسماعيل بن نافع: الإمام، المحدث، أبو محمد الهاشمي مولاهم الدمياطي المفسر المقرئ.

ولد سنة ست وتسعين ومائة.

وسمع: نعيم بن حماد وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن صالح، كاتب الليث، وسليمان بن أبي كريمة، وشعيب ين يحيى، ومحمد بن مخلد الرعيني، وصفوان بن صالح، وطائفة وتلا على تلامذة، ورش.

قرأ عليه: أبو الحسن بن شنبوذ وزكريا بن يحيى الأندلسي.

وحمل عنه أحمد بن يعقوب التائب الحروف، وإبراهيم بن عبد الرزاق في كتابه إليهما.

وحدث عنه: أبو جعفر الطحاوي، وأبو العباس الأصم، وعلي بن محمد الواعظ، وأحمد بن عتبة الرازي، وأبو أحمد العسال، وأبو القاسم سليمان الطبراني، وخلق كثير.

وكان أسمر، ربعة، كبير الأذنين.

قال أبو الشيخ: كانوا قد جمعوا له بالرملة خمس مئة دينار ليقرأ لهم التفسير فامتنع وقدم بيت المقدس فجمع له منها، ومن الرملة ألف دينار فقرأ عليهم الكتاب ومات في هذه السنة أي سنة سبع، وثمانين ومائتين.

قال النسائي: ضعيف.

وقال أبو سعيد بن يونس: مات بدمياط في ربيع الأول سنة تسع وثمانين ومائتين.

قلت: هذا أصح.

قال أبو بكر القباب: سمعت أبا الحسن بن شنبوذ سمعت بكر بن سهل الدمياطي يقول: هجرت أي بكرت يوم الجمعة فقرأت إلى العصر ثمان ختمات حكاه يحيى بن منده في "تاريخه".

(495)

ترجمته في ميزان الاعتدال (1/ 345)، ولسان الميزان (2/ 51)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 201).

ص: 457

‌2427 - الحسين بن فَهْم

(496)

هو: الحافظ العلامة النسابة الأخباري أبو علي الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم بن محرز البغدادي.

روى عن: محمد بن سلام الجمحي، وخلف هشام، ويحيى بن معين، ومحمد بن سعد الكاتب ولزمه، وأكثر عنه ومحرز بن عون، ومصعب بن عبد الله، وزهير بن حرب، وطبقتهم، وجمع وصنف.

حدث عنه: أحمد بن معروف الخشاب، وأحمد بن كامل، وإسماعيل الخطبي، وأبو علي الطوماري، وطائفة.

وكان له جلساء من أهل العلم يذاكرهم لكنه عسر في الرواية.

وقد قال الدارقطني: ليس بالقوي.

وقال الخطبي: مولده في سنة إحدى عشرة ومائتين، ومات في رجب سنة تسع وثمانين ومائتين.

وقال ابن كامل القاضي: كان حسن المجلس مفننًا في العلوم كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الأخبار والنسب والشعر والمعرفة بالرجال فصيحًا متوسطًا في الفقه، يميل إلى مذهب العراقيين، سمعته يقول: صحبت يحيى بن معين فأخذت عنه معرفة الرجال، وصحبت مصعبًا فأخذت عن النسب، وصحبت أبا خيثمة فأخذت عنه المسند، وصحبت سجادة فأخذت عنه الفقه.

(496)

ترجمته في تاريخ بغداد (8/ 92)، والمنتظم (6/ 36)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 701)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 201).

ص: 458

‌2428 - الصائغ

(497)

المحدث، الإمام، الثقة، أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد المكي الصائغ.

سمع: القعنبي، وخالد بن يزيد العمري، وحفص بن عمر الحوضي، وسعيد بن منصور، ومحمد بن معاوية، ويحيى بن معين، ومحمد بن بشر التنيسي، وأحمد بن شبيب، وحفص بن عمر الجدي، وإبراهيم بن المنذر، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعدة مع الصدق، والفهم وسعة الرواية.

حدث عنه: دعلج بن أحمد، وأبو أحمد، وأبو محمد الفاكهي، وسليمان الطبراني، وخلق كثير من الرحالين.

أرخ أبو يعلى الخليلي وفاته سنة سبع وثمانين ومائتين.

والصواب: وفاته بمكة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين ومائتين.

‌2429 - ماغَمَّه

(498)

الشيخ، المحدث، الحافظ، أبو الحسن علي بن عبد الصمد الطيالسي البغدادي علان، ويلقب أيضًا: ماغمه وماغمها.

سمع: مسروق بن المرزبان، وعبيد الله القواريري، وأبا معمر الهذلي، والجراح بن مخلد، وطبقتهم.

وعنه: أحمد بن كامل، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.

وثقة أبو بكر الخطيب.

توفي في شعبان سنة تسع وثمانين ومائتين.

(497)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ 659)، والعبر (2/ 90)، وشذرات الذهب (2/ 209).

(498)

ترجمته في تاريخ بغداد (12/ 28)، واللباب لابن الأثير (2/ 367)، والعبر (2/ 83)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 201).

ص: 459

‌2430 - ابن بَشَّار

(499)

الإمام، العلامة، شيخ الشافعية، أبو القاسم عثمان بن سعيد بن بشار البغدادي، الفقيه الأنماطي الأحول.

ارتحل، وتفقه على المزني، والربيع المرادي، وروى عنهما.

ويعز وقوع شيء من حديثه لأنه مات قبل أوان الرواية.

وعليه تفقه أبو العباس بن سريج، وغيره.

قال الشيخ أبو إسحاق: هو كان السبب في نشاط الناس ببغداد لكتب فقه الشافعي، وتحفظه.

توفي في شوال سنة ثمان وثمانين ومائتين ببغداد.

‌2431 - ابن أبي عاصم

(500)

حافظ كبير إمام بارع، متبع للآثار كثير التصانيف.

قدم أصبهان على قضائها، ونشر بها علمه.

قال أبو الشيخ: كان من الصيانة والعفة بمحل عجيب.

وقال أبو بكر بن مروديه: حافظ كثير الحديث صنف المسند، والكتب.

وقال أبو العباس النسوي: أبو بكر بن أبي عاصم وهو: أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني من أهل البصرة من صوفية المسجد من أهل السنة، والحديث والنسك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صحب النساك منهم: أبو تراب وسافر معه، وكان مذهبه القول بالظاهر، وكان ثقة نبيلًا معمرًا.

وقال الحافظ أبو نعيم: كان فقيهًا ظاهري المذهب.

(499)

ترجمته في تاريخ بغداد (11/ 292)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (3/ ترجمة 409)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 198).

(500)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 120)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 663)، والعبر (2/ 79) والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (7/ 269)، ولسان الميزان (6/ 349)، وشذرات الذهب (2/ 195).

ص: 460

في هذا نظر، فإنه صنف كتابًا على داود الظاهري أربعين خبرًا ثابتة، مما نفى داود صحتها.

قالت بنته عاتكة: ولد أبي شوال سنة ست ومائتين فسمعته يقول: ما كتبت الحديث حتى صار لى سبع عشرة سنة، وذلك أني تعبدت، وأنا صبي فسألني إنسان عن حديث فلم أحفظه فقال لي: ابن ابي عاصم لا تحفظ حديثًا فاستأذنت أبي فأذن لي فارتحلت.

قلت: كان يمكنه أن يحفظ أحاديث يسيره من جده أبي عاصم.

وأمه هي: أسماء بنت الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي فسمع: من جده التبوذكي، ومات والده بحمص على قضائها في سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وله نيف وستون سنة.

وكان وأخوه عثمان بن عمرو بن أبي عاصم من كبار العلماء.

قال ابن عبد كويه: سمعت عاتكة بنت أحمد تقول: سمعت أبي يقول: جاء أخي عثمان عهده بالقضاء على سامراء فقال: أقعد بين يدي الله تعالى قاضيًا فانشقت مرارته فمات.

قال ابن عبد كويه: أخبرتنا عاتكة: سمعت أبي يقول: خرجت إلى مكة من الكوفة فأكلت أكلة بالكوفة، والثانية بمكة.

قلت: إسنادها صحيح.

قال أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أبي عبد الله الكسائي قال: كنت عنده -يعني ابن أبي عاصم- فقال واحد: أيها القاضي بلغنا أن ثلاثة نفر كانوا بالبادية، وهم يقبلون الرمل فقال واحد منهم: اللهم إنك قادر على أن تطمعنا خبيصًا على لون هذا الرمل فإذا هم بأعرابي بيده طبق فوضعه بينهم خبيص حار فقال ابن أبي عاصم: قد كان ذاك.

قال أبو عبد الله: كان الثلاثة: عثمان بن صخر الزاهد، وأبو تراب وابن أبي عاصم، وكان هو الذي دعا.

عن محمد بن إبراهيم، عن ابن أبي عاصم قال: صحبت أبا تراب فقطعوا البادية فلم يكن زاد إلَّا هذين البيتين:

ص: 461

رويدك جانب ركوب الهوى

فبئس المطية للراكب

وحسبك بالله من مؤنس

وحسبك بالله من صاحب

وكان ابن أبي عاصم مجودًا للقراءة، وكان يقول: أنا أقدم نافعًا في القراءة، وكان يقول: ما بقي أحد قرأ على روح بن عبد المؤمن غيري -يعني: صاحب يعقوب.

ابن مردويه: سمعت عبد الله بن محمد بن عيسى سمعت أحمد بن محمد بن محمد المديني البزاز يقول: قدمت البصرة وأحمد بن حنبل حي فسألت عن أفقههم فقالوا: ليس بالبصرة أفقه من أحمد بن عمرو بن أبي عاصم.

أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أحمد بن محمد بن عاصم: سمعت ابن أبي عاصم يقول: وصل إلى منذ دخلت إلى أصبهان من دراهم القضاء زيادة على أربع مئة ألف درهم لا يحاسبني الله يوم القيامة أني شربت منها شربة ماء أو أكلت منها أو لبست.

وأورد هذه الحكاية ابن مردويه فقال: أرى أني سمعتها من أحمد بن محمد بن عاصم.

أبو الشيخ: وسمعت ابني يحكي عن أبي عبد الله الكسائي: سمعت ابن أبي عاصم يقول: لما كان من أمر العلوي بالبصرة ما كان ذهبت كتبي فلم يبق منها شيء فأعدت عن ظهر قلبي خمسين ألف حديث كنت أمر إلى دكان البقال فكنت أكتب بضوء سراجه ثم تفكرت أني لم أستأذن صاحب السراج فذهبت إلى البحر فغسلته ثم أعدته ثانيًا.

قال أبو الشيخ: فولي القضاء بأصبهان مدة لإبراهيم بن أحمد الخطابي ثم ولي القضاء بعد موت صالح بن أحمد إلى سنة اثنتين وثمانين ومائتين ثم بقي يحدث ويسمع: منه إلى أن توفي، وكان قاضيًا ثلاث عشرة سنة وكثرت الشهود في أيامه.

قال ابن مردويه: عزل سنة اثنتين وثمانين.

قال أبو عبد الله بن خفيف: قال ابن أبي عاصم: صحبت أبا تراب فكان يقول: كم تشقى لا يجيء منك إلَّا قاضي، وكان بعدما دخل في القضاء إذا سئل عن مسألة الصوفية يقول: القضاء، والدنية والكلام في علم الصوفية محال.

قال أبو الشيخ: كثرت الشهود في أيامه، واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه وكان صديقه طول أيامه فاتفق أنه صار إلى ابن متويه قوم من المرابطين فشكوا إليه خراب الرباطات، وتأخر الإجراء عنهم فاحتد علي بن متويه فذكر ابن أبي عاصم حتى قال: إنه لا يحسن يقوم سورة {الْحَمْد} . فبلغ الخبر ابن أبي عاصم فتغافل عنه إلى أن

ص: 462

حضر الشهود عنده فاستدرجهم، وقرأ عليهم سورة {الْحَمْد} ، فقومها ثم ذكر ما فيها من التفسير، والمعاني ثم أقبل عليهم فقال: هل ارتضيتم؟ قالوا: بلى قال: فمن زعم أني لا أحسن تقويم سورة {الْحَمْد} كيف هو عندكم؟ قالوا: كذاب، ولم يعرفوا قصده فحجر ابن أبي عاصم على علي بن متويه لهذا السبب فماج الناس، واجتمعوا على باب أبي ليلى -يعني الحارث بن عبد العزيز- وكان خليفة أخيه عمر بن عبد العزيز على البلد، وذلك في سنة فأكرهه أبو ليلى على فسخه ففسخه ثم ضعف بصره فورد صرفه.

قال أبو بكر بن أبي علي: سمعت بعض مشايخنا يحكون أنه حكم بحجره، ووضعه في جونته فأنفذ إليه السلطان يكرهونه على فسخه فامتنع حتى منع من الخروج إلى المسجد أيامًا فصبر، وكانت الرسل تختلف إليه في ذلك فيقول: قد حكمت بحكم، وهو في جونتي مختوم فمن أحب إخراج ذلك منها فليفعل من دون أمري فلم يقدروا إلى أن طيب قلبه فأخرجه، وفسخه.

قال أبو موسى المديني: وجدت بخط بعض قدماء علماء أصبهان فيما جمع من قضاتها قال: إبراهيم بن أحمد الخطابي، وافى أصبهان من قبل المعتز، وكان من أهل الأدب والنظر فلما قدمها صادف بها ابن أبي عاصم فجعله كاتبه، وعليه كان يعول ثم، وافى صالح بن أحمد بن حنبل من قبل المعتمد، وانقطع القضاة عن أصبهان مدة إلى أن، ورد كتاب المعتمد على ابن أبي عاصم بتوليته القضاء، وكان في رجب سنة تسع وستين ومئتين فبقي عليها ثلاث عشرة سنة، واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين علي بن متويه زاهد البلد قال، وولي بعده القضاء الوليد بن أبي دواد.

أبو العباس النسوي: سمعت أبا بكر محمد بن مسلم سمعت محمد ابن خفيف يقول: سمعت الحكيمي يقول: ذكروا عند ليلى الديلمي أن أبا بكر بن أبي عاصم ناصبي فبعث غلامًا له، ومخلاة وسيفًا وأمره أن يأتيه برأسه فجاء الغلام، وأبو بكر يقرأ الحديث والكتاب في يده فقال أمرني أن أحمل إليه رأسك فنام على قفاه، ووضع الكتاب الذي كان في يده على، وجهه وقال: افعل ما شئت فلحقه إنسان وقال: لا تفعل فإن الأمير قد نهاك فقام أبو بكر، وأخذ الجزء، ورجع إلى الحديث الذي قطعه فتعجب الناس.

قال أبو بكر بن مردويه: سمعت أحمد بن إسحاق يقول: مات أحمد ابن عمرو سنة سبع وثمانين ليلة الثلاثاء لخمس خلون من ربيع الآخر.

وذكر عن أبي الشيخ قال: حضرت جنازة أبي بكر، وشهدها مئتا ألف من بين راكب وراجل ما عدا رجلًا كان يتولى القضاء فحرم شهود جنازته وكان يرى رأي جهم.

ص: 463

قال أبو الشيخ: سمعت ابني عبد الرزاق يحكي عن أبي عبد الله الكسائي، قال: رأيت ابن عاصم فيما يرى النائم، كأنه كان جالسًا في مسجد الجامع، وهو يصلي كم قعود فسلمت عليه فرد علي، وقلت له: أنت أحمد بن أبي عاصم؟ قال: نعم. قلت: ما فعل الله بك؟ قال: يؤنسني ربي. قلت: يؤنسك ربك قال: نعم فشهقت شهقة، وانتبهت.

ذكر تصانيفه: جمع جزء فيها زيادة على ثلاث مئة مصنف رواها عنه أبو بكر القباب من ذلك: "المسند الكبير" نحو خمسين ألف حديث، و"الآحاد والمثاني" نحو عشرين ألف حديث في الأصناف "المختصر من المسند" نيف وعشرون ألفًا فذكر نحوًا من هذا إلى أن عد مائة وأربعين ألفًا ونيفًا.

شيوخه: أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن مرزوق، وأبو عمر الحوضي، ومحمد بن كثير، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وشيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإبراهيم بن محمد الشافعي، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وإبراهيم بن الحجاج السامي، والحوطي عبد الوهاب بن نجدة، ودحيم، وهشام بن عمار، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الأعلى بن حماد، وكامل بن طلحة الجحدري، وأبو كامل الجحدري، وعبد الله بن محمد بن أسماء وطبقتهم، وينزل إلى طبقة أبي حاتم الرازي، والبخاري، ويكثر عن ابن أبي شيبة، وابن كاسب، وهشام.

حدث عنه: ابنته أم الضحاك عاتكة، وأحمد بن جعفر بن معبد، والقاضي أبو أحمد العسال، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه، وأحمد بن محمد بن عاصم، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن معمر بن ناصح، وأبو الشيخ، وأبو بكر القباب -وهو آخر أصحابه- وفاة وأبو عبد الله محمد بن أحمد الكسائي.

قال أبو سعيد بن الأعرابي في كتاب "طبقات النساك" له: فأما أبو بكر بن أبي عاصم فسمعت من يذكر أنه كان يحفظ لشقيق البلخي ألف مسألة، وكان من حفاظ الحديث، والفقه وكان مذهبه القول بالظاهر، ونفي القياس.

قرأت على أحمد بن محمد الدشتي: أخبركم يوسف الحافظ، أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال، "ح". وأنبأنا أحمد بن سلامة عن الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد بن مسلم بن رافع بن رفيع بن ذهل بن شيبان أبو بكر كان فقيها: ظاهري المذهب ولي القضاء بأصبهان ثلاث عشرة سنة بعد صالح بن أحمد توفي فصلى عليه ابنه الحكم

، سمع: من جده لأمه موسى بن إسماعيل كتب حماد بن سلمة، ومن أبي الوليد وعمرو بن مرزوق والحوضي.

ص: 464

وبه إلى أبي نعيم: حدثنا القاضي أبو أحمد، حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، حدثنا الأزرق بن علي أبو الجهم، حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، حدثنا خالد بن سعيد المدني، عن أبي حازم، عن سهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل عمل سنامًا وسنام القرآن البقرة من قرأها في بيته ليلًا لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال ومن قرأها في بيته نهارًا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام"

(501)

.

وبه إلى أبي نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سياه، حدثنا أحمد بن عمرو، حدثنا هدبة، حدثنا أبان، عن يحيى بن أبي كثير قال: بلغني أن القرآن يرفع يوم القيامة غير سورة يوسف، وسورة مريم يتكلم بها أهل الجنة.

أخبرنا بلال الحبشي، أخبرنا ابن رواج، أخبرنا السلفي، أخبرنا محمد وأحمد؛ ابنا أبي القاسم السوذرجاني، أخبرنا علي بن ميلة الفرضي إملاء، حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا المقدمي، حدثنا عبد ربه الحنفي، حدثنا سماك الحنفي، سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة! من كان له فرطان من أمتي دخل الجنة" قالت: يا نبي الله! فمن كان له فرط قال: "ومن كان له فرط يا موفقة".

قالت: يا نبي الله! فمن لم يكن له فرط من أمتك قال: "أنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي"

(502)

رواه الترمذي محسنًا مغربًا له عن نصر بن علي، وزياد بن يحيى وعن أحمد بن سعيد المرابطي عن حبان جمعيًا عن عبد ربه عن سماك بن الوليد أبي زميل الحنفي.

وعبد ربه هذا: ضعفه ابن معين، وقال أحمد: ما به بأس.

أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا ناصر بن محمد، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد أبو الشيخ بقراءة أبي، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا عمرو بن مرزوق، عن عمران القطان، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة، قالت: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له شهاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنت هشام". إسناده جيد.

(501)

ضعيف: أخرجه ابن حبان (1727) موارد، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(2/ 6) من طريق الأزرق ابن على أبي الجهم، حدثنا حسان بن إبراهيم، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته خالد بن سعيد المدني، قال العقيلي: لا يُتابع على حديثه، وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" مستدلًا به على ضعفه.

(502)

ضعيف: أخرجه الترمذي (1062)، وأحمد (1/ 334 - 335) من طريق عبد ربه بن بارق الحنفي قال سمعت جدى أبا أمِّى سماك بن الوليد الحنفي يحدث أنه سمع ابن عباس يحدث، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

وقال أبو عيسى في إثره: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفُهُ إلَّا من حديث عبد ربه بن بارق، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة".

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد ربه بن بارق الحنفي اليمامي. قال النسائي: ليس بالقوى وقال ابن معين: ضعيف. وقال مَرَّة: ليس بشئ.

ص: 465

‌2432 - الحكيم

(503)

الإمام، الحافظ، العارف، الزاهد، أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشر الحكيم الترمذي.

حدث عن: أبيه، وقتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، وصالح بن عبد الله الترمذي، وعبتة ابن عبد الله المروزي، ويحيى خت، وسفيان بن وكيع، وعباد بن يعقوب الرواجين، وطبقتهم.

وكان ذا رحلة ومعرفة، وله مصنفات وفضائل.

حدث عنه: يحيى بن منصور القاضي، والحسن بن علي، وغيرهما من مشايخ نيسابور، فإنه قدمها وحدث بها في سنة خمس وثمانين ومائتين.

وقد لقى أبا تراب النخشبي، وصحب أحمد بن خضرويه، ويحى بن الجلاء.

وله حكم ومواعظ وجلالة، لولا هفوة بدت منه.

ومن كلامه: ليس في الدنيا حمل أثقل من البر، فمن برك، فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك.

وقال: كفى بالمرء عيبًا أن يسره ما يضره.

وقال: من جهل أوصاف العبودية، فهو بنعوت أوصاف الربانية أجهل.

وقال صلح خمسة في خمسة: صلاح الصبى في المكتب، وصلاح الفتى في العلم، وصلاح الكهل في المسجد، وصلاح المرأة في البيت، وصلاح المؤذي في السجن.

(503)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 564)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 668)، ولسان الميزان (5/ 308).

ص: 466

وسئل عن الخلق: فقال ضعف ظاهر، ودعوى عريضة.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخرجوا الحكيم من ترمذ، وشهدوا عليه بالكفر، وذلك بسبب تصنيفه كتاب: ختم الولاية، وكتاب علل الشريعة وقالوا: إنه يقول: إن للأولياء خاتمًا كالأنبياء لهم خاتم، وإنه يفضل الولاية على النبوة واحتج بحديث:"يغبطهم النبيون والشهداء"

(504)

. فقدم بلخ، فقبلوه لموافقته لهم في المذهب.

وذكره ابن النجار، فوهم في قوله: روى عنه علي بن محمد بن ينال العكبري. فإن ابن ينال إنما سمع: من محمد الترمذي، شيخ حدثهم في سنة ثمان عشرة وثلاث مائة.

قال السلمي: حدثنا علي بن بندار الصيرفي سمعت أحمد بن عيسى الجوزجاني سمعت محمد بن علي الترمذي يقول: ما صنفت شيئًا عن تدبير، ولا لأن ينسب إلي شيء منه، ولكن كان إذا اشتد علي وقتي كنت أتسلى بمصنفاتي.

وقال السلمي: هجر لتصنيفه كتاب: "ختم الولاية"، و"علل الشريعة"، وليس فيه ما يوجب ذلك ولكن لبعد فهمهم عنه.

قلت: كذا تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب: "حقائق التفسير"، فيا ليته لم يؤلفه، فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية، والشطحات البسطامية، وتصوف الاتحادية فواحزناه على غربة الإسلام، والسنة قال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 135].

‌2433 - الصُّوْري

الإمام، المحدث، أبو علي، الحسن بن جرير الصوري الزنبقي البزاز.

حدث عن: سلام المدائني، وقالون، وسعيد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أويس، وعدة.

وعنه: خيثمه، وأبو محمد بن زبر، وعلي بن أبي العقب، والطبراني، وآخرون.

بقي إلى سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

(504)

صحيح أخرجه الترمذي (2390) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني حدثنى معاذ ابن جبل قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: المُتحابُّون في جلالى لهم منابرُ من نور يغبِطُهم النبيون والشهداء".

وقال أَبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأبو مسلم الخولاني اسمُهُ عبد الله بن ثُوَب.

ص: 467

‌2434 - الأبَّار

(1)

:

الحافظ، المتقن، الإمام، الرباني، أبو العباس أحمد بن علي بن مسلم الأبار، من علماء الأثر ببغداد.

حدث عن: مسرهد، ومحمد بن المنهال، وعلي بن الجعد، وأمية بن بسطام، وهدبة، وإبراهيم بن هشام الغساني، ويحيى الحماني، وعلي بن عثمان اللاحقي، وشيبان بن فروخ، ودحيم، وهشام بن عمار، وطبقتهم بالشام، والعراق، وخراسان.

وجمع وصنف وأرخ.

حدث عنه: يحيى بن صاعد، وأبو بكر النجاد، ودعلج السجزي، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر القطيعي، وجعفر الخلدي، وخلق.

قال الخطيب: كان ثقة حافظًا متقنًا حسن المذهب.

وقال جعفر الخلدي: كان الأبار من أزهد الناس استأذن أمه في الرحلة إلى قتيبة فلم تأذن له ثم ماتت فخرج إلى خراسان ثم وصل إلى بلخ، وقد مات قتيبة فكانوا يعزونه على هذا فقال: هذا ثمرة العلم إني اخترت رضا الوالدة.

وقال أبو سهل بن زياد: سمعت أحمد الأبار يقول: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقال أحمد بن جعفر بن سلم سمعت الأبار يقول: كنت بالأهواز، فرأيت رجلًا قد حف شاربه -وأظنه قال: قد اشترى كتبًا وتعين للفتيا- فذكر له أصحاب الحديث فقال: ليسوا بشيء، وليس يسوون شيئًا فقلت: أنت لا تحسن تصلي قال: أنا قلت: نعم أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحت ورفعت يديك فسكت قلت: فما تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدت فسكت فقلت: ألم أقل: إنك لا تحسن تصلي فلا تذكر أصحاب الحديث.

قال الخطيب: توفي الأبار يوم النصف من شعبان سنة تسعين ومائتين.

قلت: عاش نيفًا وثمانين سنة. وله تاريخ مفيد رأيته. وقد وثقه: الدارقطني وجمع حديث الزهري.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 306"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 662"، والعبر "2/ 85"، واللباب لابن الأثير "1/ 23".

ص: 468

‌2435 - ابن وَضَّاح

(1)

:

الإمام، الحافظ، محدث الأندلس مع بقي، أبو عبد الله محمد بن وضاح بن بزيع المرواني، مولى صاحب الأندلس عبد الرحمن بن معاوية الداخل.

ولد سنة تسع وتسعين ومائة.

وسمع: يحيى بن معين، وإسماعيل بن أبي أويس، وأصبغ بن الفرج، وزهير بن عباد، وحرملة، ويعقوب بن كاسب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ومحمد بن رمح، وطبقتهم.

وقيل: إنه ارتحل قبل ذلك في حياة آدم بن أبي إياس فلم يسمع: شيئًا وقد ارتحل إلى العراق والشام ومصر وجمع فأوعى.

روى عنه: أحمد بن خالد الجباب، وقاسم بن أصبغ، ومحمد بن أيمن، وأحمد بن عبادة، ومحمد بن المسور، وخلق.

قال ابن حزم: كان يواصل أربعة أيام.

وقال ابن الفرضي: كان عالمًا بالحديث بصيرًا بطرقه وعلله كثير الحكاية عن العباد ورعًا زاهدًا صبورًا على نشر العلم متعففًا نفع الله أهل الأندلس به، وكان ابن الجباب يعظمه، ويصف عقله وفضله ولا يقدم عليه أحدًا غير أنه ينكر رده لكثير من الحديث.

قال ابن الفرضي: كان كثيرًا ما يقول: ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في شيء ويكون ثابتًا من كلامه. قال: وله خطأ كثير محفوظ عنه، ويغلط، و يصحف ولا علم له بالعربية، ولا بالفقه، توفي ابن وضاح في المحرم سنة سبع وثمانين ومائتين.

أنبأنا ابن هارون، عن أبي القاسم بن بقي عن شريح بن محمد: أن أبا محمد بن حزم أجاز له: أخبرنا أحمد بن الجسور، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد، أخبرنا حميد، عن بكر بن عبد الله، عن ابن عمر قال: إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأهللنا معه فلما قدم قال: "من لم يكن معه هدي فليحل"

(2)

.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 670"، وميزان الاعتدال "4/ 59"، ولسان الميزان "5/ 416"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 121"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 194".

(2)

صحيح: إسناده صحيح رجاله ثقات، ويزيد هو ابن هارون، وحميد هو ابن أبي حميد الطويل، وللحديث شاهد عن جابر بن عبد الله، عند مسلم "1213"، "138".

ص: 469

‌2436 - خُمَارَويه

(1)

:

ابن أحمد بن طولون التركي: صاحب مصر والشام.

ولي بعد أبيه وله عشرون سنة فكانت دولته ثنتي عشرة سنة.

وكان بطلًا شجاعًا جوادًا مبذرًا مسرفًا على نفسه.

روى علي بن محمد الماذرائي عن عم أبيه قال: تنزه خمارويه بعذراء فغناه المغني فطرب فأمر له بمائة ألف دينار فكلمه خازنه في ذلك فقال: كيف أرجع عما قلت لكن عجل له مائة ألف درهم، وفرق ما تبقي وابسطه له.

وروى الماذرائي عن أبيه قال: كنا مع أبي الجيش خمارويه على نهر ثورا فأتاه أعرابي فأخذ بلجامه، وقال: اسمع: لي قال: قل قال:

إن السنان وحد السيف لو نطقا

لحدثا عنك بين الناس بالعجب

أتلفت مالك تعطيه وتنهبه

يا آفة الفضة البيضاء والذهب

فأعطاه خمس مائة دينار فقال: أيها الملك زدني فقال: للغلمان اطرحوا له سيوفكم ومناطقكم.

وقد ملك من النوبة إلى الفرات.

ولما استخلف المعتضد سارع خمارويه بالتحف إليه فتزوج المعتضد بابنته قيل: أراد أن يفقره بجهازها.

يقال: قتله مماليكه للفاحشة في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومائتين بدير مران ثم ضربت رقابهم.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "5/ 155"، والعبر "2/ 47 و 55 و 66"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 221"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 178".

ص: 470

‌2437 - السَّرْخَسي

(1)

:

الفليسوف، البارع، ذو التصانيف، أبو العباس أحمد بن الطيب، وقيل: أحمد بن محمد السرخسي من بحور العلم الذي لا ينفع.

وكان مؤدب المعتضد، ثم صار نديمه، وصاحب سره، ومشورته، وله رئاسة وجلالة كبيرة.

وهو تلميذ يعقوب بن إسحاق الكندي الفليسوف.

روى عنه: أحمد بن إسحاق الملحمي ومحمد بن أبي الأزهر وعم صاحب الأغاني ومحمد بن أحمد الكاتب.

ثم إن المعتضد انتخى لله وقتل السرخسي لفلسفته وخبث معتقده.

فقيل: إنه تنصل إليه وقال: قد بعت كتب الفلسفة، والنجوم والكلام، وما عندي سوى كتب الفقه والحديث فلما خرج قال المعتضد: والله إني لأعلم أنه زنديق فعل ما زعم رياء.

ويقال: إنه قال له: لك سالف خدم فكيف تختار أن نقتلك.

فاختار أن يطعم كباب اللحم وأن يسقى خمرًا كثيرًا حتى يسكر، ويفصد في يديه ففعل به ذلك فصفي من الدم وبقيت فيه حياة، وغلبت عليه الصفراء وجن وصاح، وبقي ينطح الحائط لفرط الآلام ويعدو كثيرًا حتى مات وذلك في أول سنة ست ثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 98"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 5"، ولسان الميزان "1/ 189".

ص: 471

‌2438 - ابن الضُّرَيْس

(1)

:

الحافظ المحدث الثقة المعمر المصنف أبو عبد الله محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس البجلي الرازي صاحب كتاب: "فضائل القرآن".

مولده في حدود عام مائتين.

وسمع: مسلم بن إبراهيم والقعنبي، وأبا الوليد الطيالسي، ومحمد بن كثير العبدي، وعلي بن عثمان اللاحقي، ومسدد بن مسرهد، وأبا سلمة التبوذكي، وأحمد بن يونس، ومحمد بن سنان العوقي، وعبيد الله بن محمد العيشي، وإسحاق بن محمد الفروي، ويحيى ابن هاشم السمسار، وحفص بن عمر الحوضي، وعبد الله بن الجراح، وعبد الأعلى بن حماد، وأبا الربيع الزهراني، وسهل بن بكار، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن المنهال، وطبقتهم وانتهى إليه علو الإسناد بالعجم مع الصدق، والمعرفة.

روى عنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: هو ثقة، وعلي بن شهريار، وأحمد بن إسحاق الطيبي، وأبو عمرو إسماعيل بن نجيد، وأحمد بن عبيد الهمذاني، وخلق كثير آخرهم موتًا: أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي.

قال أبو يعلى الخليلي: ابن الضريس ثقة وهو محدث ابن محدث، وجده يحيى بن الضريس من أصحاب سفيان الثوري.

ولما سمع: أبو بكر الإسماعيلي بموت ابن الضريس -وكان يود أن يرحل إليه- صاح ولطم وقال لأهله: منعتموني من الرحلة إليه قال: فرقوا، وسفروني مع خالي إلى الحسن بن سفيان.

مات ابن الضريس يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين ومائتين بالري.

وأما ابن عقدة فأورد وفاته في سنة خمس وتسعين، والأول أصح.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1114"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 665"، والوافي بالوفيات، لصلاح الصفدي "2/ 234"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".

ص: 471

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، وأبو عبد الله بن أبي عصرون، وزينب بنت عمر، عن المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي "ح": وأخبرونا عن أبي روح الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعيد "ح". وأخبرونا عن زينب الشعرية، أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم قالوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا إسماعيل بن نجيد، حدثنا محمد بن أيوب بن ضريس، حدثنا محمد بن سنان العوقي، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن بديل، عن عبد الله بن شقيق، عن ميسرة الفجر قال: قلت: يا رسول الله متى كتبت نبيًا قال: "كتبت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد"

(1)

.

وبه إلى محمد بن الضريس: أخبرنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: رفعت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيًا لها في محفة، فقالت: يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: "نعم، ولك أجر"

(2)

.

أخبرنا عيسى بن يحيى، أخبرنا منصور بن الدماغ، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن مردويه، أخبرنا محمد بن سليمان الوكيل، أخبرنا علي بن الفصل بن شهريار، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا خالد، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما"

(3)

.

ومات في سنة أربع معه: جبرون بن عيسى البلوي، ومحمد بن إسحاق بن راهويه، وعبيد بن محمد العجل، والحسن بن مثنى العنبري، ومحمود بن أحمد بن الفرج بأصبهان، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف بمصر، وأحمد بن يحيى بن خالد الرقي، ومحمد بن نصر المروزي الفقيه، وموسى بن هارون الحافظ.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 59"، وفي "السنة""ص 111"، من طريق منصور بن سعد، عن بديل بن ميسرة، به. وإسناده صحيح. وأخرجه ابن سعد "7/ 60" من طريق معاذ بن هانئ البهراني، حدثنا إبراهيم بن طهمان، به.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة""410"، وأبو نعيم في "الحلية""9/ 53"، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا منصور بن سعد، عن بديل، به.

وله شاهد من حديث أبي هريرة: عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان""2/ 226".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1336"، "410"، وأبو داود "1736"، والنسائي "5/ 120" من طرق سفيان بن عيينة، به.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "630"، ومسلم "674"، وأبو داود "589"، والترمذي "205"، والنسائي "2/ 17" من طرق عن خالد الحذاء، به.

ص: 472

‌2439 - العَلَّاف

(1)

: " س"

الإمام، المحدث، الحجة، الفقيه، أبو زكريا يحيى بن أيوب بن بادي المصري العلاف.

حدث عن: سعيد بن أبي مريم، وعبد الغفار بن دواد الحراني، ويوسف بن عدي، ويحيى بن بكير، وأحمد بن يزيد المكي، وطائفة.

حدث عنه: النسائي، ومحمد بن جعفر الحضرمي، وأبو القاسم الطبراني، وأحمد بن خالد بن الجباب، وعلي بن محمد الواعظ، وآخرون.

وكان شيخًا -آدم شديد- الأدمة أعور ثقة بصيرًا بالفقه.

قال أحمد بن خالد الحافظ: أخبرنا يحيى بن أيوب العلاف فقيه أهل مصر.

قلت: مات في المحرم سنة تسع وثمانين ومائتين وكان مسنًا من أبناء التسعين.

وفيها مات: أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري، والمعتضد بالله، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي، وأمير القيروان إبراهيم بن الأغلب، وأنس بن المسلم الدمشقي، والحسين بن محمد بن زياد القباني.

(1)

ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 6245"، والعبر "2/ 83"، وتهذيب التهذيب "11/ 185"، وتقريب التهذيب "2/ 343"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 202".

ص: 473

‌2440 - الحَكَّاني:

الشيخ، المحدث، الثقة، مسند هراة، أبو الحسن، علي بن محمد بن عيسى، الخزاعي الهروي الحكاني، وحكانك محلة على باب مدينة هراة.

رحل، وسمع من: أبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، ومحمد بن وهب بن عطية، ويحيى بن صالح الوحاظي، ومحمد بن أبي السري.

وعنه: أبو علي حامد الرفاء، وأبو محمد أحمد بن عبد الله المغفلي، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه، وأحمد بن إسحاق، الهرويون.

ووثقه بعض الحفاظ.

مات سنة اثنتين وتسعين ومائتين، في عشر المائة.

ص: 474

‌2441 - القراطيسي

(1)

: " س"

الإمام، الثقة، المسند، أبو يزيد، يوسف بن يزيد بن كامل بن حكيم، الأموي المصري القراطيسين مولى أمير مصر عبد العزيز بن مروان.

سمع: أسد بن موسى السنة، وسعيد بن أبي مريم، وعبد الله بن صالح الكاتب، وحجاج بن إبراهيم الأزرق، وعدة.

وكان عالمًا مكثرًا مجودًا.

حدث عنه: عبد الله بن جعفر بن الورد، وعلي بن محمد الواعظ، وسليمان بن أحمد الطبراني، وآخرون. وقيل: إن النسائي روى عنه.

وثقة ابن يونس. وكان معمرًا، رأى الشافعي.

قال الحافظ أحمد بن خالد الجباب: أبو يزيد من أوثق الناس، لم أر مثله، ولا لقيت أحدًا إلا وقد مس، أو تكلم فيه إلا هو، ويحبى بن أيوب العلاف.

ورفع أحمد الحباب من شأن القراطيسي.

مات فيما أرخه ابن يونس -في ربيع الأول، سنة سبع وثمانين ومائتين، عن مائة سنة- رحمه الله.

وفيها مات: أحمد بن إسحاق بن نبيط، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن وضاح محدث الأندلس، وأبو السري موسى بن الحسن الجلاجلي.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 27"، وتذكرة الحفاظ "2/ 680"، والعبر "2/ 84"، وتهذيب التهذيب "11/ 229"، وتقريب التهذيب "2/ 383"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 202".

ص: 474

‌2442 - إسحاق بن أبي عِمْران

(1)

:

الإمام، الفقيه، الحافظ شيخ خراسان، أبو يعقوب الإسفراييني.

أخبرنا المؤمل بن محمد كتابة، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، حدثني محمد بن محمد بن يحيى الإسفراييني الفقيه، حدثنا إسحاق بن أبي عمران، حدثنا أبو محمد المروزي وراق محمود بن غيلان، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا علي بن المديني، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك فكان يؤخر الظهر حتى يدخل، وقت العصر فيجمع بينهما"

(2)

.

رواه البيهقي بلفظه عن الحاكم محمد بن نعيم الضبي.

قال الحاكم: هو إسحاق بن موسى بن عمران أحد أئمة الشافعية، والرحالة في طلب الحديث من رستاق إسفرايين تفقة عند أبي إبراهيم المزني، وسمع: المبسوط من الربيع وكتب الحديث بخراسان، والعراقين والحجاز ومصر والشام.

قال: وله مصنفات كثيرة سمع: بخراسان: قتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر وأقرانهم وبالجبال: محمد بن مقاتل، وابن أحمد وطائفة وببغداد: منصور بن أبي مزاحم، ومحمد بن بكار، وعبيد الله القواريري، وأحمد بن عمران الأخنسي، وأبا مسلم الواقدي، وبالبصرة: عبد الأعلى بن حماد النرسي، وعبد الله بن معاوية، وبندارًا، وأبا موسى، وبالكوفة: عثمان بن أبي شيبة وأخاه القاسم، وجبارة

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 419".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 241"، وأبو داود "1220"، والترمذي "553"، والبيهقي "3/ 163" من طريق قتيبة، به. وإسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو الطفيل، هو عامر بن واثلة.

ص: 475

بن المغلس وأبا كريب، وعبد الله بن عمر بن أبان. وبالحجاز: إبراهيم بن محمد الشافعي، وإبراهيم بن المنذر، وأبا مصعب، ويعقوب بن حميد، وعدة وبالشام: هشام بن عمار، ودحيمًا، وأحمد بن أبي الحواري، وطبقتهم. وبمصر: محمد بن رمح، وعيسى بن حماد، وحرملة، وأبا الطاهر بن السرح، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عمرو الحيري، وأبو عوانة الإسفراييني، ومؤمل بن الحسن، ومحمد بن عبدك وغيرهم، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني.

قال محمد بن عبدك الإسفراييني: توفي أبو يعقوب الإسفراييني بها في شهر رمضان سنة أربع وثمانين ومائتين.

ثم قال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا إسحاق بن موسى الإسفراييني، حدثنا إسحاق، أخبرنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: أول من خطب جالسًا: معاوية وذلك حين عظم بطنه، وكثر شحمه.

قلت: عاش ابن أبي عمران هذا نحوًا من سبعين سنة، وكان من الأئمة الأثبات، وتخيل إلى أنه والد أبي عوانة، لكن والد أبي عوانة اسمه: إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني يروي عن: إسحاق بن راهويه، وابن حجر، وأبي مروان العثماني أكثر عنه: ولده أبو عوانة في "صحيحه" ثم إني لم أظفر لأبي عوانة برواية عن إسحاق بن أبي عمران ولا ذكر الحاكم لوالد أبي عوانة ترجمة في "تاريخه" فلهذا جوزت في البديهة أنهما واحد، وكلاهما طبقة واحدة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن القاسم بن أبي سعد، أخبرنا أبو الأسعد القشيري، أخبرنا عبد الحميد البحيري، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، حدثنا أبو عوانة، حدثني أبي، حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنه سمع: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قالت النار يا رب أكل بعضي بعضًا فأذن لها بنفسين

"

(1)

الحديث.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "537"، ومسلم "617"، وأحمد "2/ 238".

ص: 476

‌2443 - الخُشَنِي

(1)

:

الإمام، الحافظ، المتقن، اللغوي، العلامة، أبو الحس، محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشني الأندلسي القرطبي، صاحب التصانيف.

حدث عن: يحيى بن يحيى الليثي، وغيره.

وحج، ولبى الكبار، وحمل عن: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ومحمد بن بشار، وسلمة بن شيب، وطبقتهم، فأكثر وجود.

حدث عنه: أسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن قاسم بن محمد، وابنه محمد الخشني، وقاسم بن أصبغ، وآخرون.

وأريد على قضاء الجماعة، فامتنع، وتصدر لنشر الحديث، وكان أحد الثقات الأعلام.

أنبأنا ابن هارون الطائي، عن ابن بقي، عن شريح بن محمد، عن أبي محمد بن حزم، حدثنا محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن عون الله، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا بندار، حدثنا غتندر، حدثنا شعبة، عن أبي قزعة، عن أنس، قال: كنت رديف أبي طلحة، وكانت ركبة أبي طلحة تكاد تمس ركبة النبي صلى الله عليه وسلم فكان يهل بهما جميعًا.

توفي الخشني، سنة ست وثمانين ومائتين، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.

وجده ثعلبة هو: ابن زيد بن حسن بن كلب ابن صاحب النبي أبي ثعلبة الخشني قاله ابن الفرضي، وولده محمد بن محمد بقي إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.

سميه: الإمام المحدث، أبو عبد الله:

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "1/ 446"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 672"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 160".

ص: 477

‌2444 - محمد بن عبد السلام

(1)

:

ابن بشار النيسابوري، الوراق، الزاهد.

سمع الكتب من: يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري، والتفسير من: إسحاق، وكان ينسخ التفسير ويتقوت.

وسمع: من: الحسن بن عيسى، وعمرو بن زرارة، ومحمد بن رافع.

وعنه: مؤمل بن الحسن، وأبو حامد بن الشرقي.

قال ولده عبدان: كان يقول أبي: نحن في مرحلة، وكان يصوم النهار، ويقوم الليل ويقول: هذا ما أوصانا به يحيى بن يحيى.

قال الحاكم: حدثنا أبو زكريا العنبري سمعت محمد بن يونس سمعت الحسين بن محمد القباني يقول: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى فلما فرغ قال: أتدرون عمن حدثتكم قالوا: حدثتنا عن بندار عن يحيى القطان قال: لا والله، حدثنا محمد بن عبد السلام بن بشار، حدثنا يحيى بن يحيى.

توفي محمد بن عبد السلام في رمضان سنة ست أيضًا وثمانين ومائتين فتوافق هو، والذي قبله في الاسم والأب والحفظ وعام الوفاة وفي اسم شيخيهما الليثي والتميمي والله أعلم.

وفيها مات: أحمد بن سلمة النيسابوري وأحمد بن علي الخزاز، وشيخ الصوفية أبو سعيد الخزاز، وأحمد بن المعلى الدمشقي، وإبراهيم بن سويد الشامي، ورفيقه إبراهيم بن برة الصنعاني، ورفيقهما الحسن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق، وعبد الرحيم بن البرقي راوي السيرة، وعلي بن عبد العزيز البغوي بمكة، ومحمد بن وضاح القرطبي، ومحمد بن يونس الكديمي، والزاهد محمد بن يوسف البناء، وأبو عبادة البحتري الشاعر، ومحمد بن محمد بن رجاء الإسفراييني.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 649"، وهو سمي محمد بن عبد السلام الخشني.

ص: 478

‌2445 - يحيى بن عمر

(1)

:

ابن يوسف: الإمام، شيخ المالكية، أبو زكريا الكناني الأندلسي الفقيه.

قال ابن الفرضي: ارتحل وسمع: بإفريقية من: سحنون، وأبي زكريا الحفري، وعون بن يوسف صاحب الدراوردي، وسمع: بمصر من: يحيى بن بكير، وحرملة وابن رمح وبالمدينة من: أبي مصعب وطائفة وسكن القيروان وكان حافظًا للفروع ثقة ضابطًا لكتبه.

أخذ عنه: أحمد بن خالد الحافظ، وجماعة وأهل القيروان.

وكانت الرحلة إليه في وقته سكن سوسة في آخر عمره، وبها مات.

قال الحميدي: هو من موالي بني أمية.

روى عنه: سعيد بن عثمان الأعناقي، وإبراهيم بن نصر، ومحمد بن مسرور، وقمود بن مسلم القابسي، وعبد الله بن محمد القرباط، وتوفي سنة خمس وثمانين.

وقال ابن الفرضي: مات في ذي الحجة سنة تسع وثمانين ومائتين.

وقال أبو بكر بن اللباد: كان أهل الصيام والقيام مجاب الدعاء كانت له براهين.

وقال أبو العباس الأبياني: ما رأيت مثل يحيى بن عمر في علمه وزهده ودعائه وبكائه فالوصف والله يقصر عن ذكر فضله.

وقال محمد بن حارب: كان متقدمًا في الحفظ لقي يحيى بن بكير وكان يقول: سألت سحنون فرأيت بحرًا لا تكدره الدلاء، والله ما رأيت مثله قط كأن العلم جمع بين عينيه وفي صدره.

قال يحيى الكانشي: أنفق يحيى بن عمر في طلب العلم ستة آلاف دينار.

قلت: له شهرة كبيرة بأفريقية وحمل عنه عدد كثير رحمه الله.

(1)

ترجمته في لسان الميزان "6/ 270"، وجذوة المقتبس للحميدي "377".

ص: 479

‌2446 - المعتضد بالله

(1)

:

الخليفة، أبو العباس أحمد بن الموفق بالله، ولي العهد، أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي.

ولد في أيام جده سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

ودخل دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب ابن طولون، واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع.

وكان ملكًا مهيبًا شجاعًا، جبارًا، شديد الوطأة، من رجال العالم يقدم على الأسد وحده.

وكان أسمر نحيفًا معتدل الخلق، كامل العقل.

قال المسعودي: كان قليل الرحمة، إذا غضب على أمير حفر له حفيرة، وألقاه حيًّا، وطم عليه.

وكان ذا سياسة عظيمة، قيل: إنه تصيد فنزل إلى جانب مقثأة فصاح الناطور فطلبه فقال: إن ثلاثة غلمان دخلوا المقثأة، وأخذوا فجيء بهم فاعتقلوا، ومن الغد ضربت أعناقهم فقال لابن حمدون: اصدقني عني فذكرت الثلاثة فقال: والله ما سفكت دمًا حرامًا منذ وليت الخلافة، وإنما قتلت حرامية قد قتلوا أوهمت أنهم الثلاثة قلت: فأحمد بن الطيب قال: دعاني إلى الإلحاد.

روى أبو العباس بن سريج عن إسماعيل القاضي قال: دخلت على المعتضد، وعلى رأسه أحداث روم ملاح فنظرت إليهم فرآني المعتضد أتأملهم فلما أردت الانصراف أشار إلي ثم قال: أيها القاضي والله ما حللت سراويلي على حرام قط.

ودخلت مرة فدفع إلي كتابًا فنظرت فيه فإذا قد جمع له فيه الرخص من زلل العلماء فقلت مصنف هذا زنديق فقال: ألم تصح هذه الأحاديث قلت: بلى ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، وما من عالم إلى وله زلة ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه فأمر بالكتاب فأحرق.

قال أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المعتضد أنه كان جالسًا في بيت يبنى له فرأى فيهم أسود منكر الخلقة يصعد السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحمله غيره فأنكر ذلك، وطلبه وسأله عن سبب ذلك فتلجلج فكلمه ابن حمدون فيه، وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه قال: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلًا ثم أمر به فضرب مائة، وتهدده بالقتل ودعا بالنطع والسيف فقال: الأمان أنا أعمل في أتون الآجر فدخل من شهور رجل في وسط هميان فأخرج دنانير، فوثبت عليه، وسددت فاه وكتفته وألقيته في الأتون والذهب معي يقوى به قلبي فاستحضرها فإذا على الهميان اسم صاحبه فنودي في البلد فجاءت امرأة فقالت: هو زوجي ولي منه طفل فسلم الذهب إليها وقتله.

قال التنوخي: وبلغني أنه قام ليلة فرأى المماليك المرد واحد منهم فوق آخر ثم دب على ثلاثة، واندس بين الغلمان فجاء فوضع يده على صدره فإذا بفؤاده يخفق فرفسه برجله فجلس فذبحه.

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 462 - 490"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "10/ 41"، وتاريخ بغداد "4/ 403"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 133" و"6/ 34"، والعبر "2/ 80" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 428"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 126"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 199".

ص: 480

وأن خادمًا أتاه، فأخبره أن صيادًا أخرج شبكته، فثقلت فجذبها، فإذا فيها جراب فظنه مالًا فإذا فيه آجر بينه كف مخضوبة فهال ذاك المعتضد، وأمر الصياد فعاود طرح الشبكة فخرج جراب آخر فيه رجل فقال: معي في بلدي من يفعل هذا ما هذا بملك فلم يفطر يومه، ثم أحضر ثقة له وأعطاه الجراب وقال: طف به على من يعمل الجرب: لمن باعه فغاب الرجل، وجاء وقد عرف بائعه، وانه اشترى منه عطار جرابًا فذهب إليه فقال: نعم اشترى مني فلان الهاشمي عشرة جرب، وهو ظالم .... ، إلى أن قال: يكفيك أنه كان يعشق مغنية فاكتراها من مولاها، وادعى أنها هربت فلما سمع: المعتضد ذلك سجد وأحضر الهاشمي فأخرج له اليد والرجل فاصفر واعترف فدفع إلى صاحب الجارية ثمنها وسجن الهاشمي فيقال: قتله.

وروى التنوخي، عن أبيه، قال: رأيت المعتضد -وكان صبيًّا- عليه قباء أصفر وقد خرج إلى قتال وصيف بطرسوس.

وعن خفيف السمرقندي قال: خرجت مع المعتضد للصيد، وانقطع عنه العسكر فخرج علينا الأسد فقال: يا خفيف أمسك فرسي، ونزل فتحزم، وسل سيفه وقصد الأسد فتلقاه المعتضد فقطع يده فتشاغل بها الأسد فضربه فلق هامته، ومسح سيفه في صوفه وركب، وصحبته إلى أن مات فما سمعته يذكر الأسد لقلة احتفاله به.

قلت: وكان في المعتضد حرص وجمع للمال حارب الزنج، وله مواقف مشهودة، وفي دولته سكتت الفتن وكان فتاه بدر على شرطته، وعبيد الله بن سليمان على وزارته ومحمد بن شاه على حرسه، وأسقط المكس ونشر العدل، وقلل من الظلم وكان يسمى السفاح الثاني أحيا رميم الخلافة التي ضعفت من مقتل المتوكل وأنشأ قصرًا غرم عليه أربع مائة ألف دينار وكان مزاجه قد تغير من فرط الجماع وعدم الحمية حتى إنه أكل في مرضه زيتونًا وسمكًا.

ونقل المسعودي أنهم شكوافي موته، فتقدم الطبيب فجس نبضه ففتح عينيه فرفس الطبيب دحرجه أذرعًا فمات الطبيب ثم مات المعتضد من ساعته كذا قال.

وقال الخطبي في "تاريخه": حبس الموفق ابنه أبا العباس فلما اشتدت علة الموفق عمد غلمان أبي العباس فأخرجوه، وأدخلوه إلى أبيه فلما رآه أيقن بالموت فقيل: إنه قال: لهذا اليوم خبأتك ثم فوض إليه وضم الجيش إليه وخلع عليه قبل موته بثلاث.

قال: وكان ابن العباس شهمًا، جلدًا، رجلًا بازلًا، موصوفًا بالرجلة والجزالة قد لقي

ص: 481

الحروب، وعُرِف فضله فقام بالأمر أحسن قيام، وهابه الناس ورهبوه ثم عقد له المعتمد مكان الموفق، وجعل أولاده تحت يده ثم إن المعتمد جلس مجلسًا عامًا أشهد فيه على نفسه بخلع، ولده المفوض إلى الله جعفر من ولاية عهده، وإفراد أبي العباس بالعهد في المحرم، وتوفي في رجب يعني المعتمد فقيل: إنه غم في بساط.

وكان المعتضد أسمر نحيفًا معتدل الخلق أقنى الأنف في مقدم لحيته طول، وفي مقدم رأسه شامة بيضاء تعلوه هيبة شديدة رأيته في خلافته.

قلت: لما بويع قدمت هدايا خمارويه، وخضع وذلك عشرون بغلا تحمل الذهب سوى الخيل والجواهر والنفائس وزرافة، وقدمت هدية الصفار فولاه خراسان وتزوج المعتضد ببنت خمارويه فقدمت في تجمل لا يعبر عنه، وصلى بالناس يوم النحر فكبر في الأولى ستًّا، وفي الثانية نسي تكبيرها ولم يكد يسمع: صوته.

وفي سنة ثمان وسبعين: كان أول شأن القرامطة.

ولا ريب أن أول وهن على الأمة قتل خليفتها عثمان صبرًا فهاجت الفتنة، وجرت وقعة الجمل بسببها ثم وقعة صفين، وجرت سيول الدماء في ذلك.

ثم خرجت الخوارج وكفرت عثمان وعليًّا وحاربوا ودامت حروب الخوارج سنين عدة.

ثم هاجت المسودة بخراسان، وما زالوا حتى قلعوا دولة بني أمية، وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا يحصيهم إلَّا الله.

ثم اقتتل المنصور، وعمه عبد الله ثم خذل عبد الله، وقتل أبو مسلم صاحب الدعوة.

ثم خرج ابنا حسن وكادا أن يتملكا فَقُتِلا.

ثم كان حرب كبير بين الأمين والمأمون إلى أن قتل الأمين.

وفي أثناء ذلك قام غير واحد يطلب الإمامة:

فظهر بعد المائتين بابك الخرمي زنديق بأذربيجان، وكان يضرب بفرط شجاعته الأمثال فأخذ عدة مدائن وهزم الجيوش إلى أن أسر بحيلة وقُتِل.

ولما قُتِل المتوكل غيلة ثم قتل المعتز ثم المستعين والمهتدي وضعف شأن الخلافة توثب ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان بعد أن كانا يعملان في النحاس، وأقبلا لأخذ العراق وقلع المعتمد.

ص: 482

وتوثب طرقي داهية بالزنج على البصرة، وأباد العباد ومزق الجيوش، وحاربوه بضع عشرة سنة إلى أن قتل، وكان مارقًا بلغ جنده مائة ألف.

فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة، ويتحيل على الأمة ليرديهم في دينهم، ودنياهم فتحرك بقوى الكوفة رجل أظهر التعبد والتزهد وكان يسف الخوص ويؤثر ويدعو إلى إمام أهل البيت فتلفق له خلق، وتألهوه إلى سنة ست وثمانين فظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي، وكان قماحًا فصار معه عسكر كبير، ونهبوا وفعلوا القبائح، وتزندقوا وذهب الأخوان يدعوان إلى المهدي بالمغرب فثار معهما البربر إلى أن ملك عبد الله الملقب بالمهدي غالب المغرب، وأظهر الرفض، وأبطن الزندقة وقام بعده ابنه ثم ابن ابنه ثم تملك المعز، وأولاده مصر والمغرب واليمن والشام دهرًا طويلًا فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

في سنة ثمانين: أخذ المعتضد محمد بن سهل من قواد الزنج فبلغه أنه يدعو إلى هاشمي فقرره فقال: لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه فقتله.

وعاثت بنو شيبان فسار المعتضد فلحقهم بالسن فقتل وغرق ومزقهم وغنم العسكر من مواشيهم ما لا يوصف حتى أبيع الجمل بخمسة دراهم، وصان نساءهم وذراريهم ودخل الموصل فجاءته بنو شيبان وذلوا فأخذ منهم رهائن، وأعطاهم نساءهم ومات في السجن المفوض إلى الله وقيل: كان المعتضد ينادمه في السر.

قيل: كان لتاجر على أمير مال فمطله ثم جحده فقال له صاحب له: قم معي فأتى بي خياطا في مسجد فقام معنا إلى الأمير فلما رآه هابه، ووفاني المال فقلت للخياط: خذ مني ما تريد فغضب فقلت له: فحدثني عن سبب خوفه منك قال: خرجت ليلة فإذا بتركي قد صاد امرأة مليحة، وهي تتمنع منه، وتستغيث فأنكرت عليه فضربني فلما صليت العشاء جمعت أصحابي، وجئت بابه فخرج في غلمانه، وعرفني فضربني وشجني، وحملت إلى بيتي فلما تنصف الليل قمت فأذنت في المنارة لكي يظن أن الفجر طلع فيخلي المرأة لأنها قالت: زوجي حالف علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي فما نزلت حتى أحاط بي بدر، وأعوانه فأدخلت على المعتضد فقال: ما هذا الأذان فحدثته بالقصة فطلب التركي، وجهز المرأة إلى بيتها وضرب التركي في جوالق حتى مات ثم قال لي: أنكر المنكر، وما جرى عليك فأذن كما أذنت فدعوت له، وشاع الخبر فما خاطبت أحدًا في خصمه إلَّا أطاعني وخاف.

وفيها: ولد بسلمية القائم محمد بن المهدي العبيدي الذي تملك هو وأبوه المغرب.

ص: 483

وفيها: غزا صاحب ما وراء النهر إسماعيل بن أحمد بن أسد بلاد الترك، وأسر ملكهم في نحو من عشرة آلاف نفس، وقتل مثلهم وزلزلت ديبل فسقط أكثر البلد، وهلك نحو من ثلاثين ألفًا ثم زلزلت مرات، ومات أزيد من مئة ألف.

وغزا المسلمون أرض الروم فافتتحوا ملورية.

وفي سنة إحدى وثمانين ومائتين: غارت مياه طبرستان حتى لأبيع الماء ثلاثة أرطال بدرهم وجاعوا وأكلوا الميتة.

وفيها: سار المعتضد إلى الدينور، ورجع ثم قصد الموصل لحرب حمدان بن حمدون جد بني حمدان، وكانت الأعراب والأكراد قد تحالفوا، وخرجوا فالتقاهم المعتضد فهزمهم فكان من غرق أكثر ثم قصد ماردين فهرب منه حمدان فحاصر ماردين، وتسلمها ثم ظفر بحمدان فسجنه ثم حاصر قلعة للأكراد، وأميرهم شداد فظفر به، وهدمها وهدم دار الندوة بمكة، وصيرها مسجدًا.

وفي سنة اثنتين وثمانين أبطل المعتضد، وقيد النيران وشعار النيروز.

وقدمت الندى بنت صاحب مصر مع عمها وقيل: مع عمتها العباسة فدخل بها المعتضد فكان جهازها بأزيد من ألف ألف دينار، وكان صداقها خمسين ألف دينار وقيل: كان في جهازها أربعة آلاف تكة مجوهرة، وكانت بديعة الحسن جيدة العقل قيل: خلا بها المعتضد يومًا فنام على فخذها قال: فوضعت رأسه على مخدة وخرجت فاستيقظ فناداها، وغضب وقال: ألم أحلك إكرامًا لك فتفعلين هذا قالت: ما جهلت إكرامك لي، ولكن فيما أدبني أبي أن قال: لا تنامي بين جلوس ولا تجلسي مع النائم.

ويقال: كان لها ألف هاون ذهب.

وفيها: قتل خمارويه صاحب مصر والشام غلمانه لأنه راودهم ثم أخذوا، وصلبوا وتملك ابنه جيش فقتلوه بعد يسير، وملكوا أخاه هارون، وقرر على نفسه أن يحمل إلى المعتضد في العام ألف ألف دينار وخمس مائة ألف دينار.

وفيها: قتل المعتضد عمه محمدًا لأنه بلغه أنه يكاتب خمارويه.

وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين: سار المعتضد إلى الموصل لأجل هارون الشاري، وكان قد عاث، وأفسد وامتدت أيامه فقال الحسين بن حمدان للمعتضد: إن جئتك به فلي ثلاث حوائج قال: سمها قال: تطلق أبي، والحاجتان: أذكرهما إذا أتيت به قال: لك

ص: 484

ذلك. قال: وأريد أن أنتقي ثلاث مائة بطل قال: نعم ثم خرج الحسين في طلب هارون فضايقه في مخاضة، والتقوا فانهزم أصحاب هارون، واختفى هو ثم دل عليه أعراب فأسره الحسين، وقدم به وخلع المعتضد على الحسين وطوقه، وسوره وعملت الزينة وأركب هارون فيلًا، وازدحم الخلق حتى سقط كرسي جسر بغداد وغرق خلق، ووصلت تقادم الصفار منها مائتا حمل مال وكتبت الكتب إلى الأمصار بتوريث ذوي الأرحام.

وفيها: غلب رافع بن هرثمة على نيسابور وخطب بها لمحمد بن زيد العلوي فأقبل الصفار، وحاصره ثم التقوا فهزمه الصفار وساق خلفه إلى خوارزم فأسر رافعًا وقتله وبعث برأسه إلى المعتضد وليس هو بولد لهرثمة بن أعين بل ابن زوجته.

قال ابن جرير: وفي سنة "284" عزم المعتضد على لعنة معاوية على المنابر فخوفه الوزير فلم يلتفت، وحسم مادة اجتماع الشيعة، وأهل البيت، ومنع القصاص من الكلام جملة، وتجمع الخلق يوم الجمعة لقراءة ما كتب في ذلك، وكان من إنشاء الوزير فقال يوسف القاضي: راجع أمير المؤمنين فقال: يا أمير المؤمنين تخاف الفتنة فقال: إن تحركت العامة، وضعت السيف فيهم قال: فما تصنع بالعلوية الذين هم في كل قطر قد خرجوا عليك فإذا سمع: الناس هذا من مناقبهم كانوا إليهم أميل وأبسط ألسنة فأعرض المعتضد عن ذلك، وعقد المعتضد لابنه علي المكتفي فصلى بالناس يوم النحر.

وفي سنة ست: سار المعتضد بجيوشه فنازل آمد وقد عصى بها ابن الشيخ فطلب الأمان فآمنه، وفي وسط العام جاء الحمل من الصفار فمن ذلك أربعة آلاف ألف درهم.

وفيها: تحارب الصفار وابن أسد صاحب سمرقند، وجرت أمور ثم ظفر ابن أسد بالصفار أسيرًا فرفق به، واحترمه وجاءت رسل المعتضد تحث في إنفاذه فنفذ وأدخل بغداد أسيرًا على جمل، وسجن بعد مملكة العجم عشرين سنة، ومبدأه: كان هو وأخوه يعقوب صانعين في ضرب النحاس وقيل: بل كان عمرو يكري الحمير فلم يزل مكاريًا حتى عظم شأن أخيه يعقوب فترك الحمير، ولحق به وكان الصفار يقول: لو شئت أن أعمل على نهر جيحون جسرًا من ذهب لفعلت وكان مطبخي يحمل على ست مئة جمل، وأركب في مائة ألف ثم صيرني الدهر إلى القيد، والذل فيقال: إنه خنق عند، وفاة المعتضد.

وبني المعتضد على البصرة سورًا وحصنها.

وظهر بالبحرين رأس القرامطة أبو سعيد الجنابي، وكثرت جموعه وانضاف إليه بقايا الزنج، وكان كيالًا بالبصرة فقيرًا يرفو الأعدال وهم يستخفون به ويسخرون منه فآل أمره

ص: 485

إلى ما آل وهزم عساكر المعتضد مرات، وفعل العظائم ثم ذبح في حمام قصره فخلفه ابنه سليمان الذي أخذ الحجر الأسود، وقتل الحجيج حول الكعبة وهو وجد أبي علي الذي غلب إلى الشام، وهلك الرملة في سنة خمس وستين، وثلاث مائة.

وفي سنة سبع: استفحل شأن القرامطة، وأسرفوا في القتل، والسبي والتقى الجنابي، وعباس الأمير فأسره الجنابي، وأسر عامة عسكره ثم قتل الجميع سوى عباس فجاء إلى المعتضد وحده في أسوا حال.

ووقع الفناء بأذربيجان حتى عدمت الأكفان جملة فكفنوا في اللبود.

واعتل المعتضد في ربيع الآخر ثم تماثل وانتكس فمات في الشهر وقام المكتفي لثمان بقين من الشهر وكان غائبًا بالرقة فنهض بالبيعة له الوزير القاسم بن عبيد الله.

وعن وصيف الخادم قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:

تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى

وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا

ولا تأمنن الدهر إني أمنته

فلم يبق لي حالًا ولم يرع لي حقا

قتلت صناديد الرجال فلم أدع

عدوًا ولم أمهل على ظنه خلقا

وأخليت دور الملك من كل بازل

وشتتهم غربًا ومزقتهم شرقا

فلما بلغت النجم عزًا ورفعة

ودانت رقاب الخلق أجمع لي رقا

رماني الردى سهمًا فأخمد جمرتي

فها أناذا في حفرتي عاجلا ملقى

فأفسدت دنياي وديني سفاهة

فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى

فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى

إلى رحمة لله أم ناره ألقى؟

وقال الصولي: قال المعتضد:

يا لا حظي بالفتور والدعج

وقاتلي بالدلال والغنج

أشكو إليك الذي لقيت من ال

وجد فهل لي إليك من فرج

حللت بالظروف والجمال من النا

س محل العيون والمهج

وكانت خلافة المعتضد تسع سنين، وتسعة أشهر وأيامًا، ودفن في دار الرخام.

ولعبد الله بن المعتز يرثيه:

ص: 486

يا ساكن القبر في غبراء مظلمة

بالظاهرية مقصى الدار منفردا

أين الجيوش التي قد كنت تسحبها؟

أين الكنوز التي أحصيتها عددا؟

أين السرير الذي قد كنت تملؤه

مهابة من رأته عينه ارتعدا؟

أين الأعادي الأولى ذللت مصعبهم

أين الليوث التي صيرتها بعدا؟

أين الجياد التي حجلتها بدم"

وكن يحملن منك الضيغم الأسدا

أين الرماح التي غذيتها مهجًا

مذ مت ما وردت قلبًا ولا كبدا

أين الجنان التي تجري جداولها

وتستجيب إليها الطائر الغردا؟

أين الوصائف كالغزلان رائحة؟

يسحبن من حلل موشية جددا

أين الملاهي وأين الراح تحسبها

ياقوته كسيت من فضة زردا؟

أين الوثوب إلى الأعداء مبتغيًا

صلاح ملك بني العباس إذ فسدا؟

ما زلت تقسر منهم كل قسورة

وتخبط العالي الجبار معتمدا

ثم انقضيت فلا عين ولا أثر

حتى كأنك يومًا لم تكن أحدا

وقد ولي الخلافة من بنيه: المكتفي علي، والمقتدر جعفر، والقاهر محمد، وله عدة بنات، وهارون.

ص: 487

‌2447 - المكتفي بالله

(1)

:

الخليفة أبو محمد علي بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق طلحة بن المتوكل العباسي.

مولده في سنة أربع وستين ومائتين.

وكان يضرب بحسنه المثل في زمانه.

كان معتدل القامة دري اللون أسود الشعر حسن اللحية.

بويع بالخلافة عند موت والده بعهد منه في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين، فاستخلف ستة أعوام ونصفًا.

وتوفي أبوه وهذا غائب، فقام له بالبيعة الوزير أبو الحسين القاسم بن عبيد الله وضبط له، ما خلف أبوه في بيوت المال فكان من ذلك من الذهب المصري عشرة آلاف ألف دينار ومن الجواهر ما قيمته مثل ذلك، ومن الدراهم والخيل والثياب نسبة ذلك وقسم القاسم في الجند العطاء فسكنوا، وقدم المتكفي بغداد منحدرًا في سميرية، وكان يومًا مشهودًا سقط طائفة من الجسر في دجلة منهم أبو عمر القاضي فأخرج سالمًا، ونزل المكتفي بقصر الخلافة، وتكلمت الشعراء فخلع على القاسم سبع خلع، وقلده سيفًا وهدم المطامير التي عملها أبوه، وصيرها مساجد، ورد أملاك الناس إليهم وكان أبوه قد أخذها لعمل قصر، وأحسن السيرة فأحبه الناس.

وفيها: عسكر محمد بن هارون وبيض والتقى متولي الري فهزم جيشه، وقتله وقتل ولديه وقواده، وتملك.

ودامت الزلزلة ببغداد أيامًا.

وهبت بالبصرة ريح قلعت أكثر نخلها.

وظهر زكرويه القرمطي، واستغوى عرب السواد وأخاف السبل، وقطع الطرق.

وأما ابن هارون: فاشتد بأسه، وبلغ عسكره مئة ألف فسار لحربه عسكر خراسان فهزموه إلى الديلم وتفلل ذلك الجمع فالتجأ في نحو من ألف إلى الديلم.

وقوي أمر أبي عبد الله الشيعي داعي العبيدية بالمغرب.

وصلى المكتفي بالناس يوم الأضحى بالمصلى.

وقتل الأمير بدر وكان المعتضد يحبه وكان شجاعًا جوادًا، وقد كان القاسم الوزير هم عند موت المعتضد بنقل الخلافة إلى غير ابنه، وناظر بدرًا في ذلك فأبى عليه ثم خاف منه، ومات المعتضد واتفق غيبة بدر بفارس، وكان بينه وبين المكتفي شيء فأشار القاسم على المكتفي أن يأمر بإقامة بدر هناك، وخوف المكتفي منه فكتب إليه مع يانس الموفقي، وبعث إليه بخلع وعشرة آلاف ألف درهم فقال: لا بد من القدوم لأشاهد مولاي فقال الوزير للمكتفي: قد جاهرك، ولا نأمنه وكاتب الوزير الأمراء الذين مع بدر بالمجيء فأروا بدرًا الكتب، وقالوا: قم معنا حتى نجمع بينكما ثم فارقوه وقدموا ثم جاء بدر فنزل واسطًا فبعث إليه أبو خازم القاضي وقال: اذهب إلى بدر بالأمان، والعهود فامتنع أبو خازم

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 316"، والعبر "2/ 102"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 31"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "3/ 5 - 6"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 183"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 219".

ص: 488

وقال: لا أؤدي عن الخليفة إلَّا ما أسمعه منه فندب الوزير أبا عمر القاضي فسارع، واجتمع ببدر وأعطاه الأمان عن المكتفي فنزل في طيار ليأتي فتلقاه لؤلؤ غلام الوزير في جماعة فأصعدوه إلى جزيرة فلما عاين الموت قال: دعوني أصلي ركعتين وأوصي فذبحوه وهو في الركعة الثانية الجمعة السابع والعشرين من رمضان، وذم الناس أبا عمر.

وفيها: دخل عبيد الله المهدي إلى المغرب متنكرًا فقبض عليه متولي سجلماسة.

وسار يحيى بن زكرويه القرمطي وحاصر دمشق، وبها طغج فضعف عن القراطمة فقتل يحيى في الحصار، وقام بعده أخوه الحسين وسار المكتفي بجيوشه إلى الموصل، وتقدمه إلى حلب أبو الأعز فبيتهم القرمطي فقتل من المسلمين تسعة آلاف ووصل المكتفي إلى الرقة، وعظم البلاء بالقرامطة ثم أوقع بهم العسكر، وهربوا إلى البادية يعيثون وينهبون، وتبعهم الحسين بن حمدان، وعدة أمراء يطردونهم وكان يحيى المقتول يدعي أنه حسيني رماه بربري بحربة ثم قتل أخوه الحسين صاحب الشامة.

وفي سنة إحدى وتسعين ومائتين: زوج المكتفي ولده ببنت الوزير على مائة ألف دينار، وخلع الوزير يومئذ على الأعيان أربع مائة خلعة.

وفيها: أقبلت جموع الترك فبيتهم والي خراسان إسماعيل، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأقبلت الروم في مائة ألف وأتوا إلى الحدث فأحرقوه، وقتلوا وسبوا.

وفيها: سار عسكر طرسوس فافتتحوا أنطاكية وحصل سهم الفارس ألف دينار، وأسر صاحب الشامة، وقرابته المدثر وعدة فقتلوا وأحرقوا.

وفي سنة اثنتين وتسعين: سار محمد بن سليمان بجيوش المكتفي إلى مصر فالتقوا غير مرة ثم اختلف جيش مصر فخرج ملكهم هارون بن خمارويه ليسكنهم فرماه مغربي بسهم قتله، واستولى محمد بن سليمان على مصر، وأسر بضعة عشر قائدًا ودانت البلاد للمكتفي وزادت دجلة حتى بلغت أحدًا وعشرين ذراعًا، وأخرجت مالا يعبر عنه.

وفي آخرها: خرج بمصر الخنجي، وتمكن، فتجهز فتك لحربه.

وفي سنة ثلاث: التقى الخلنجي وجيش المكتفي بالعريش، فهزمهم أقبح هزيمة، ونازل دمشق أخو القرمطي، واسباح طبرية، وساروا على السماوة، فنهبوا هيت، ووثبت القرامطة يوم النحر على الكوفة، فحاربهم أهلها، ثم حاربوا عسكر المكتفي أيضًا وهزموه.

والتقى فاتك المعتضدي والخلنجي، فانهزم عسكر الخلنجي، واختفى هون ثم أسر هو وعدة.

ص: 489

وفي سنة أربع وتسعين ومائتين: أخذ زكرويه القرمطي ركب العراق، وكن نساء العرب يجهزن على الجرحى فيقال: قتلوا عشرين ألفًا وأخذوا ما قيمته ألفا ألف دينار ووقع النوح في المدن، وجهز المكتفي جيشًا لحربه فلا تسأل ما فعل هذا الكلب بالوفد ثم التقوا فقتل عامة أصحاب زكرويه، وأسر هو وعدة ثم مات من جراحه وأحرق هو وجماعة.

وفي سنة خمس وتسعين: كان الفداء بين المسلمين، والروم فافتك نحو ثلاثة آلاف نفر.

ومات المكتفي شابًّا في سابع ذي القعدة من السنة.

ذكر أبو منصورالثعالبي قال: حكى إبراهيم بن نوح أن المكتفي خلف من الذهب مائة ألف ألف دينار، هكذا قال وهو بعيد جدًا قال: وخلف ثلاثة وستين ألف ثوب وبويع بعده أخوه المقتدر.

واسم أم المكتفي: جنجق التركية.

مات في ثالث عشر ذي القعدة، وعاش إحدى وثلاثين سنة وأشهرًا.

وخلف من الأولاد: محمدًا وجعفرًا والفضل وعبد الله وعبد الملك وعبد الصمد وموسى وعيسى.

ومات وزيره القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين ومائتين فوزر له العباس بن الحسن.

وكان على شرطته مؤنس، والواثقي ثم سوسن مولاه وحاجبه وعلى قضاء بغداد يوسف بن يعقوب القاضي، وابنه محمد وأبو خازم عبد الحميد، وعبد الله بن علي بن أبي الشوارب بعد أبي خازم.

ص: 490

‌2448 - ثابت بن قُرَّة

(1)

:

الصابئ الشقي الحراني فيلسوف عصره.

كان صيرفيًّا، فصحب ابن شاكر، وكان يتوقد ذكاء فبرع في علم الأوائل وصار منجم المعتضد فكان يجلس مع الخليفة، ووزيره واقف ونال من الرئاسة، والأموال فنونًا.

قال ابن أبي أصيبعة: لم يكن في زمانه من يماثله في الطب وجميع الفلسفة.

وتصانيفه فائقة أقطعه المعتضد ضياعًا جليلة.

من تلامذته: عيسى بن أسيد النصراني المشهور.

قلت: كان عجبًا في الرياضي إليه المنتهى في ذلك، وكان ابنه إبراهيم رأس الأطباء، وكذلك حفيده، ثابت بن سنان الطبيب صاحب "التاريخ" المشهور ماتوا على ضلالهم ولهم عقب صائبة فابن قرة هو أصل رئاسة الصابئة المتجددة بالعراق فتنبه الأمر.

مات سنة ثمان وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 128"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 196".

ص: 490

‌2449 - البُحْتُرِي

(1)

:

شاعر الوقت، وصاحب الديوان المشهور أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى بن عبيد الطائي البحتري المنبجي.

مدح الخلفاء والوزراء وصاحب مصر خمارويه.

حكى عنه: القاضي المحاملي، والصولي وأبو الميمون راشد، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي.

وعاش نيفًا وسبعين سنة. ونظمه في أعلى الذروة.

وقد اجتمع بأبي تمام الطائي، وأراه شعره، فأعجب به، وقال: أنت أمير الشعر بعدي.

قال: فسررت بقوله.

وقال المبرد: أنشدنا شاعر دهره، ونسيج وحده، أبو عبادة البحتري.

وقيل: كان في صباه يمدح أصحاب البصل والبقل.

وقيل: أنشد أبا تمام قصيدة له فقال: نعيت إلي نفسي.

وقيل: سئل أبو العلاء المعري: من أشعر الثلاثة: أبو تمام، والبحتري، والمتنبي؟ فقال: حكيمان، والشاعر: البحتري.

للبحتري "حماسة" كـ"حماسة" أبي تمام وكتاب معاني الشعر.

مات بمنبج، وقيل: بحلب، سنة ثلاث، أو أربع وثمانين ومئتين.

وله أملاك بمنبج وحفيدان، هما: أبو عبادة، وعبيد الله ابنا يحيى ابن البحتري اللذان مدحهما المتنبي، وكانا رئيسين في زمانهما.

مات معه: شاعر زمانه أبو الحسن علي بن أبو العباس بن الرومي صاحب التشبيهات البديعة.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "21/ 39"، وتاريخ بغداد "31/ 476"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 11"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "9/ 248"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 770"، والعبر "2/ 73"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 99"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 186".

ص: 491

‌2450 - ابن الأغلب:

صاحب المغرب، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب بن تميم التميمي الأغلبي القيرواني، ابن أمراء القيروان.

ولي سنة إحدى وستين ومائتين.

وكان ملكًا حازما صارمًا مهيبًا كانت التجار تسير في الأمن من مصر إلى سبتة لا تعارض، ولا تروع.

ابتنى الحصون والمحارس بحيث كانت توقد النار فتتصل في ليلة إذا حدث أمر من سبتة إلى الإسكندرية بحيث إنه يقال: قد أنشئ في البلاد من بنائه، وبناء آبائه ثلاثون ألف معقل، وهو الذي مصر مدينة سوسة.

وقد دونت أيامه وعدله جوده، وكان سديد السيرة شهمًا ظفر بامرأة متعبدة قادت قودة فدفنها حية، وشنق سبعة أجناد أخذوا لتاجر ثلاثة آلاف دينار بعد أن قررهم وأخذ الذهب لم ينقص سوى سبعة دنانير فوزنها من عنده.

وقيل: جاءه رجل فقال: قد عشقت جارية، وثمنها خمسون دينارًا وما معي إلَّا ثلاثون فوهبه مائة دينار فسمع به آخر فجاء، وقال: إني عاشق قال: فما تجد قال: لهيبًا قال: اغمسوه في الماء فغمسوه مرات، وهو يصيح: ذهب العشق فضحك، وأمر له بثلاثين دينارًا.

ثم إنه تسودن وقتل إخوته ثم عوفي وتاب وتصدق.

ثم ظهر عليه الشيعي داعي عبيد الله المهدي، وحاربه وجرت أمور طويلة بعضها في "تاريخ الإسلام".

توفي غازيًا بصقلية: في ذي القعدة، سنة تسع وثمانين ومائتين.

وتملك ابنه عبد الله، فكان دينًا عالمًا، بطلًا، شجاعًا، شاعرًا، فقتله غلمانه غيلة بعد عام وتملك بعده ابنه زيادة الله.

ص: 492

‌2451 - أحمد بن خُلَيد:

أبو عبد الله الكندي الحلبي.

سمع: أبا نعيم، وأبا اليمان، ويحيى الوحاظي والحميدي ومحمد بن عيسى بن الطباع، وزهير بن عباد وطبقتهم.

وكان صاحب رحلة ومعرفة، وطال عمره.

روى عنه: علي بن أحمد المصيصي وأحمد بن مروان الدينوري، وأبو القاسم الطبراني وآخرون.

ما علمت به بأسًا.

‌2452 - أخو السَّرَّاج:

إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي السراج شيخ إمام ثقة نيسابوري سكن بغداد.

وحدث عن: يحيى بن يحيى ويزيد بن صالح الفراء، وأحمد بن حنبل ويحيى الحماني.

وعنه: أخوه أبو العباس وأحمد بن المنادي وأبو سهل بن زياد وأبو بكر الشافعي.

وثقه الدارقطني.

وكان الإمام أحمد يأنس به، وينبسط في منزلة وهو من تلامذة أحمد.

توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

أخوه: الإمام أبو محمد.

ص: 493

‌2453 - إسماعيل بن إسحاق الثقفي السَّرَّاج

(1)

:

سكن هو وأخوه بغداد.

فحدث عن يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل وإسحاق، وعدة ولازم الإمام أحمد.

حدث عنه: دعلج، وابن قانع، وأبو بكر الصبغي، وجماعة.

وثقه الدارقطني.

توفي سنة ست وثمانين ومائتين. ويقال سنة ثلاث وتسعين. والأول أصح.

‌2454 - المَغَازلي

(2)

:

الإمام، الولي، أبو بكر بن المنذر المغازلي، البغدادي، العابد، صاحب الإمام أحمد.

اسمه بدر، وقيل: أحمد.

حدث عن: معاوية بن عمرو الأزدي، وغيره.

وعنه: النجاد، وأحمد بن يوسف العطار، وأبو بكر الشافعي.

وكان ثقة، ربانيًّا، قانعًا بكسرة.

قال أبو نعيم الحافظ: أطبقت الألسنة من الحنابلة والمحدثين أنه كان من البدلاء، له أحوال عجيبة.

وكان الخلال يقول: كان أبو عبد الله يقدم بدرًا ويكرمه، وكنت إذا رأيته ورأيت منزلة شهدت له بالصبر والصلاح.

وقيل: كان أحمد يتعجب منه، ويقول: من مثله؟! قد ملك لسانه.

ويقال: باعت زوجة بدر بيتها بثلاثين دينارًا، فأشار عليها، فتصدقت بها، وصبرا على قوت يوم بيوم.

توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

كان يتقوت من كسبه.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 19".

(2)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 577"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 153".

ص: 494

‌2455 - أبو قَبِيصة

(1)

:

الإمام، الخير، الصادق، أبو قبيصة، محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمارة بن القعقاع، الضبي الكوفي، ثم البغدادي المقرئ.

سمع من: سعدويه الواسطي، وعاصم بن علي، وسعيد بن محمد الجرمي، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي، والخطبي وآخرون.

قال الدارقطني: لا بأس به.

وروى الخطيب، عن الحسن بن أبي طالب، عن يوسف القواس: حدثنا إسماعيل الخطبي: سألت أبا قبيصة الضبي -وكان من أدرس من رأيناه للقرآن- عن أكثر ما قرأ في يوم وكان يوصف بسرعة القراءة فامتنع أن يخبرني فلم أزل به حتى قال: قرأت في يوم من أيام الصيف أربع ختم وبلغت في الخامسة إلى {بَرَاءَة} ، وأذنت العصر قال: وكان من أهل الصدق.

قال: وتوفي في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "2/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 156".

ص: 495

‌2456 - محمد بن محمد بن رَجَاء

(1)

:

ابن السندي: الإمام الحافظ أبو بكر الإسفراييني، مصنف "الصحيح" المخرج على كتاب مسلم.

سمع: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، وأبا بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأقرانهم.

وأكثر الترحال، وبرع في هذا الشأن.

حدث عنه: أبو عوانة الحافظ، وابن الشرقي، وابن الأخرم، وأبو النضر محمد بن محمد الفقيه، ومحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون.

ذكره الحاكم فقال: كان دينًا ثبتًا، مقدمًا في عصره، سمع من جده رجاء بن السندي ثم سمى طائفة.

قال بشر بن أحمد الإسفراييني: مات أبو بكر في سنة ست وثمانين ومائتين، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 371"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 706"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 193".

ص: 495

‌2457 - إبراهيم بن مَعْقِل

(1)

:

ابن الحجاج: الإمام، الحافظ، الفقيه القاضي أبو إسحاق النسفي قاضي مدينة نسف التي يقال لها أيضًا: نخشب.

سمع: قتيبة بن سعيد، وجبارة بن المغلس، وهشام بن عمار، وأبا كريب وأحمد بن منيع، وطبقتهم وله رحلة واسعة.

حدث عنه: علي بن إبراهيم الطغامي، وخلف بن محمد الخيام، وعبد المؤمن بن خلف، ومحمد بن زكريا، وولده سعيد بن إبراهيم.

قال أبو يعلى الخليلي: هو ثقة حافظ مات في ذي الحجة سنة خمس وتسعين ومائتين.

قلت: له "المسند الكبير"، و"التفسير"، وغير ذلك. وحدث بصحيح البخاري عنه، وكان فقيهًا مجتهدًا

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 707"، والعبر "2/ 100"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 149"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 164"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 218".

ص: 496

‌2458 - الغَسِيلي

(1)

:

الإمام، الحافظ، المصنف؛ أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن عيسى بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل الأنصاري البغدادي، الغسيلي.

سمع: أبا إبراهيم الترجماني، ومحمد بن سليمان لوينًا، وأحمد بن منيع، ومجاهد بن موسى، وطبقتهم وخرج وجمع.

حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله بن الأخرم، وحسان بن محمد الفقيه، وآخرون، ومحمد بن يحيى البوشنجي.

وحدث بهراة ونيسابور بتصانيفه.

وحضر أجله ببوشنج في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

(1)

ترجمته في المجروحين لابن حبان "1/ 119"، واللباب لابن الأثير "2/ 382"، وميزان الاعتدل "1/ 18"، ولسان الميزان "1/ 30".

ص: 496

‌2459 - ابن مسروق

(1)

:

الشيخ: الزاهد، الجليل، الإمام، أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق البغدادي، شيخ الصوفية.

يروي عن: علي بن الجعد، وخلف بن هشام، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ومن بعدهم.

وعنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر الخلدي، وحبيب القزاز، ومخلد الباقرحي، وابن عبيد العسكري، وأبو بكر الإسماعيلي، وآخرون.

سمعنا "القناعة" من تأليفه.

قال أبو نعيم: صحب الحارث المحاسبي، ومحمد بن منصور الطوسي، والسري السقطي.

وهو القائل: التصوف: خلو الأسرار مما منه بد، وتعلقها بما لا بد منه.

وقد كان الجنيد يحترم ابن مسروق، ويعتقد فيه.

قال الدارقطني: ليس بالقوي.

وقيل: إنه قال لضيف: الضيافة ثلاث، فما زاد فهو صدقة علي.

توفي في صفر، سنة ثمان وتسعين ومائتين. وعاش أربعًا وثمانين سنة، رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 100"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 98"، وميزان الاعتدال "1/ 150" ولسان الميزان "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 227".

ص: 497

‌2460 - ابن الرومي

(1)

:

شاعر زمانه مع البحتري، أبوالحسن علي بن العباس بن جريج، مولى آل المنصور.

له النظم العجيب، والتوليد الغريب. رتب شعره الصولي. وكان رأسًا في الهجاء، وفي المديح وهو القائل:

آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم

في الحادثات إذا دجون نجوم

منها معالم للهدى ومصابح

تجلو الدجى والأخريات رجوم

مولده: سنة إحدى وعشرين ومائتين.

ومات لليلتين بقيتا من جمادى الأولى، سنة ثلاث وثمانين وقيل: سنة أربع.

قيل: إن القاسم بن عبيد الله الوزير كان يخاف من هجو ابن الرومي فدس عليهمن أطعمه خشكناكة مسمومة فأحسن بالسم فوثب فقال الوزير: إلى أين قال: إلى موضع بعثتني إليه قال: سلم على أبي قال: ما طريقي على النار فبقي أيامًا ومات.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 12"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 165"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 463"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 188".

ص: 497

‌2461 - تميم بن محمد بن طُمْغَاج

(1)

:

الحافظ، الإمام، الجوال الثقة أبو عبد الرحمن الطوسي، صاحب المسند الكبير على الرجال.

طوف، وسمع من: شيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وإبراهيم بن الحجاج السامي، ومحمد بن رمح، وحرملة وعيسى بن حماد، وأبي الربيع الرشديني، والحارث بن مسكين، وسليمان بن سلمة الخبائري، وطبقتهم بخراسان والحجاز ومصر والشام والعراق.

حدث عنه: الحسن بن سفيان رفقية، وعلي بن حمشاذ، وأبو عبد الله بن الأخرم -نعم سهوت- وإنما حدث الحسن بن سفيان عن ولده أبي بكر بن الحسن عن تميم.

قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: هو محدث ثقة مصنف جمع المسند الكبير، ولم يذكر له وفاة.

وممن روى عنه: أبو النضير الفقيه.

ولعله توفي في حدود الثمانين أو التسعين ومائتين.

وطمغاج: بضم أوله.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 696".

ص: 498

‌2462 - عبيد الله بن سليمان

(1)

:

ابن وهب: الوزير الكبير، أبو القاسم وزير المعتضد.

كان شهمًا، مهيبًا، شديد الوطأة قوي السطوة ناهضا بأعباء الأمور متمكنًا من المعتضد.

مات في ربيع الآخر سنة ثمان، وثمانين ومائتين.

وهو ولد الوزير الكبير الذي مات أيام المعتمد، ووالد الوزير الكبير القاسم بن عبيد الله.

وقد عمل الوزارة لأبي العباس قبل أن يستخلف فوجده فوق ما في النفس فرد أعباء الأمور إليه وبلغ من الرتبة ما لم يبلغه، وزير وكان عديم النظير في السياسة والتدبير والاعتناء بالصديق اختفى مرة عند تاجر فلما، وزر وصله في يوم بمائة ألف دينار من غلة عظيمة باعة إياها برخص فربح فيها مائة ألف دينار.

وقد علم لإسماعيل القاضي في ساعة على ستين قصة.

وكان مولده سنة ست وعشرين ومائتين.

وعند دفنه قال ابن المعتز:

هذا أبو القاسم في لحده

قفوا انظروا كيف تزول الجبال

وقال أيضا فيه:

وما كان ريح المسك ريح حنوطه

ولكنه هذا الثناء المخلف

وليس صرير النعش ما تسمعونه

ولكنه أصلاب قوم تقصف

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 122".

ص: 499

‌2463 - القباني

(1)

: " خ"

الإمام، الحافظ، الثقة شيخ المحدثين بخراسان أبو علي الحسين بن محمد بن زياد النيسابوري.

أخبرنا العز بن الفراء، أخبرنا الإمام موفق الدين بن قدامة، أخبرنا ابن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وقرأت على التاج عبد الخالق: أخبرنا البهاء عبد الرحمن، وأخبرنا إسماعيل بن عميرة، أخبرنا محمد بن خلف بن راجح قالا: أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا محمد بن عبد السلام قالا: أخبرنا أبو بكر البرقاني قرأت على أبي العباس بن حمدان، حدثكم الحسين بن محمد بن زياد، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا شعبة عن الحكم: سمعت ذرًا عن ابن عبد الرحمن بن أبزى قال الحكم، وقد سمعت من ابن عبد الرحمن ابن أبزى عن أبيه: أن رجلًا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد الماء قال: لا تصل حتى تغتسل فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا، وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال:"إنما كان يكفيك" وضرب بيديه إلى الأرض ثم نفخ فيهما ومسح بهما وجهه وكفيه فقال عمر.

اتق الله يا عمار فقال: يا أمير المؤمنين إن شئت لما جعل الله علي من حقك لا أحدث فيه أحدًا.

رواه البخاري من حديث شعبة ثم قال: وقال النضر عن شعبة عن الحكم، وذكره فقد وصله الحسين أحد الأثبات.

ذكره الحاكم فقال: أحد أركان الحديث، وحفاظ الدنيا رحل وأكثر السماع وصنف "المسند"، و"الأبواب" و"التاريخ" و"الكنى" ودونت في الدنيا.

قلت: ولد سنة بضع عشرة ومائتين.

وسمع: إسحاق بن راهويه، وسهل بن عثمان، ومنصور بن أبي مزاحم، وعمرو بن زرارة، والحسين بن الضحاك، وسريج بن يونس، وأبا مصعب، وأبا معمر الهذلي، وأبا بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن عباد المكي، وعبيد الله بن عمر القواريري، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وطبقتهم بخراسان والحرمين والعراق وتقدم في هذا الشأن.

حدث عنه: محمد بن إسماعيل البخاري شيخه وزكريا بن محمد بن بكار، وأحمد محمد بن عبيدة، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم الهاشمي، ويحيى بن محمد العنبري، ومحمد بن يعقوب الشيباني، وآخرون.

قال البخاري في الطب من "صحيحه": حدثنا حسين، حدثنا أحمد بن منيع

، فذكر حديثًا فقال أبو نصر الكلاباذي والحاكم: هو القباني.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 43 - 44"، واللباب لابن الأثير "3/ 12"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 702"، وميزان الاعتدال "1/ 545"، والعبر "2/ 83"، وتهذيب التهذيب "2/ 368"، وخلاصة الحزرجي "1/ ترجمة 1452"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 201".

ص: 500

وقال أحمد بن محمد بن عبيدة: سمعت الحسين بن محمد يقول: كان لزياد جدي قبان، ولم يكن وزانًا ولم يكن بنيسابور إذا ذاك كبير قبان، وكان الناس إذا أرادوا أن يزنوا شيئًا استعاورا قبان جدي فشهر بالقباني، وكان حمل القبان معه من بلاد فارس إلى نيسابور.

قلت: كان أبو علي القباني قد سمع "مسند أحمد بن منيع" منه، وكان ملازمًا للبخاري في إقامته يرجح أنه هو وقيل: بل هو الحسين بن يحيى بن جعفر البيكندي.

وممن روى عنه: دعلج السجزي.

قال أبو عبد الله بن الأخرم: كان أبو علي مجمع أهل الحديث عنده بعد مسلم بن الحجاج.

وقال محمد بن صالح بن هانئ: سمعت الحسين القباني يقول: حدثت البخاري بحديث عن سريج بن يونس فرأيت في كتاب بعض الطلبة: قد سمعه من البخاري عني.

قال ابن الأخرم: سمعت أبا علي القباني، وسئل عن محمد بن قيس شيخ أبي معشر فقال: هو والد أبي زكير.

الحاكم: سمعت الحسين بن يعقوب سمعت القباني يقول: أبو الزعراء الكبير: عبد الله بن عبد الوهاب، وأبو الزعراء الجمشي: عمرو بن عمرو وقيل: عمرو بن عامر عن عمه أبي الأحوص، وأبو الزعراء يحيى بن الوليد الطائي: كوفي يروي عنه ابن مهدي.

قلت: ورابعهم: أبو الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس المقرئ تلميذ الدوري، وخامسهم: محمد بن عبدوس بن كامل السراج صاحب علي بن الجعد.

الحاكم: سمعت عبد الله بن علي الحضرمي يقول: توفي جدي الحسين بن محمد سنة تسع وثمانين ومائتين وقيل: صلى عليه أبو عبد الله البوشنجي.

ص: 501

‌2464 - عبد الله بن أبي الخُوَارزمي

(1)

: " خ"

قاضي خوارزم، ومحدثها رحال، حافظ.

سمع: أحمد بن يونس اليربوعي، وسعيد بن منصور وسليمان بن عبد الرحمن، وإسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري، ومحمد بن علي الساني الحساني الخوارزمي، وأبو العباس بن حمدان الحيري، وهما من مشيخة البرقاني.

وقد روى البخاري عن ابن أبي في كتاب الضعفاء أحاديث رواية، وتعليقًا فإنه مر بخوارزم فنزل على هذا الرجل فقول البخاري في الصحيح: حدثنا عبد الله حدثنا سليمان بن عبد الرحمن فذكر حديثًا فهو عبد الله بن أبي.

وكذلك قوله: حدثنا عبد الله حدثنا يحيى بن معين حدثنا أسماعيل بن مجالد عن بيان عن وبرة عن همام قال: قال عمار: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلَّا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر"

(2)

.

وقيل: بل عبد الله هذا هو ابن حماد الآملي، والأرجح عندي: أنه ابن أبي.

وأخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا الفتح، وأحمد بن صرما قالا: أخبرنا الأرموي، أخبرنا ابن النقور، أخبرنا الحربي، حدثنا أحمد الصوفي، حدثنا يحيى فذكره.

عاش ابن أبي نحوًا من تسعين سنة، وبقي إلى حدود التسعين ومائتين، وإلى بعدها والله أعلم.

(1)

ترجمته في الكاشف "2/ ترجمة 2644"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 677"، وتهذيب التهذيب "5/ 139"، وتقريب التهذيب "1/ 401"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3374".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3857".

ص: 502

‌2465 - ابن الرَّوَّاس:

المحدث، العالم، الثقة، أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج بن عبد الواحد الهاشمي الدمشقي، مسند وقته بدمشق.

سمع: أبا مسهر الغساني، ويحيى بن صالح الوحاظي، وزهير بن عباد، وإبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، وهشام بن عمار، وعبد الله بن ذكوان، وخالة إبراهيم بن أيوب الحوراني، وطائفة.

حدث عنه: أبو عبد الله بن مروان، وأبو بكر بن أبي دجانة، وأبو عمر بن فضالة، وعلي بن أبي العقب، وأبو أحمد بن عدي، وجمح بن القاسم، وعلي بن أبي العقب، وأبو أحمد بن الناصح، والفضل بن جعفر المؤذن، وخلق.

قال جمح: سمعت ابن الرواس يقول سمعت من أبي مسهر وأنا ابن إحدى عشرة سنة.

قلت: لم أظفر لابن الرواس بوفاة، لكن رحلة ابن عدي كانت إلى الشام في سنة سبع وتسعين ومائتين فأدركه وهو راوي نسخة أبي مسهر.

ص: 502

‌2466 - الخزاعي:

الشيخ، الصدوق، المحدث، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن أسيد الخزاعي الأصبهاني.

حدث عن: القعنبي، ومسلم بن إبراهيم، وقرة بن حبيب، وأبي الوليد الطيالسي، وأبي عمر الحوضي، وعدة.

حدث عنه: القاضي، وأحمد العسال وعبد الرحمن بن سياه، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ بن حيان، وآخرون.

قال أبو الشيخ: هو ثقة مأمون توفي في صفر سنة إحدى وتسعين ومائتين.

وفيها مات: أبو العباس ثعلب، وعثمان بن عمر الضبي وأحمد بن سهل الأهوازي، ومحمد بن علي الصائغ، وأحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، وعلي بن رسته، والقاضي محمد بن محمد الجذوعي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي.

‌2467 - القَطِراني:

الشيخ، المحدث، المعمر، الثقة، أبو بكر أحمد بن عمرو بن حفص بن عمر بن النعمان القريعي البصري القطراني.

سمع: القعنبي وعمرو بن مرزوق، وأبا الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب، وهدبة بن خالد، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو القاسم الطبراني وقاضي مصر أبو الطاهر الذهلي وآخرون.

وذكره ابن حبان في ديوان "الثقات".

توفي في شوال سنة خمس وتسعين ومائتين.

ص: 503

‌2468 - خَيَّاط السنة

(1)

: " س"

الإمام الحافظ، المجود الرحال، أبو عبد الرحمن زكريا بن يحيى بن إياس بن سلمة السجزي نزيل دمشق ويعرف: بخياط السنة.

ولد سنة خمس وتسعين ومائة.

وسمع: بشر بن الوليد، وشيبان بن فروخ، وقتيبة بن سعيد، وصفوان بن صالح، وإسحاق بن راهويه، وحكيم بن سيف الرقي، وأبا مصعب، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وهشام بن عمار، وسويد بن سعيد، وخلقًا كثيرًا.

وكان واسع الرحلة متبحرًا في الحديث.

روى عنه: النسائي فأكثر وإسحاق المنجنيقي، وابن صاعد، وابن جوصا، وأبو علي بن هارون، وعلي بن أبي العقب، ومحمد بن إبراهيم بن زوران، وأبو القاسم الطبراني.

وثقة النسائي، وغيره.

وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: كان ثقة حافظًا، حدثنًا عنه أحمد وإسحاق ابنا إبراهيم بن الحداد.

مات خياط السنة سنة تسع وثمانين ومائتين، أرخه ابن زير وعاش أربعًا، وتسعين سنة.

ومن غرائبه: قال: حدثنا سعيد بن كثير، حدثنا إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة، عن صفوان بن سليم، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًا"

(2)

.

(1)

ترجمته في الكاشف "1/ ترجمة 1664"، والعبر "2/ 79"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 673"، وتهذيب التهذيب "3/ 334"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2151"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 196".

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود "5003"، وأحمد "4/ 221"، من طريق عن ابن أبي ذئب، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وابن أبي ذئب اسمه، محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وهو ثقة والسائب بن يزيد صحابي صغير.

ص: 504

‌2469 - ابن خِراش

(1)

:

الحافظ، الناقد، البارع أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش المروزي، ثم البغدادي.

روى عن: خالد بن يوسف السمتي، وعبد الجبار بن العلاء، وأبي عمير بن النحاس الرملي، وأبي حفص الفلاس، ونصر بن علي، وأبي التقي هشام بن عبد الملك اليزني، وعلي بن خشرم، ويعقوب الدروقي، وطبقتهم.

وعنه: ابن عقدة، وبكر بن محمد الصيرفي، وأبو سهل بن زياد، وآخرون.

قال بكر بن محمد: سمعته يقول: شربت بولي في هذا الشأن يعني الحديث خمس مرات.

قال أبو نعيم بن عدي: ما رأيت أحدًا أحفظ من ابن خراش.

وقال ابن عدي: قد ذكر بشيء من التشيع، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب سمعت ابن عقدة يقول: كان ابن خراش عندنا إذا كتب شيئًا في التشيع يقول: هذا لا ينفق إلَّا عندي، وعندك وسمعت عبدان يقول: حمل ابن خراش إلى بندار عندنا جزأين صنفهما في مثالب الشيخين فأجازه بألفي درهم بنى له بها حجرة ببغداد ليحدث فيها فمات حين فرغ منها.

وقال أبو زرعة محمد بن يوسف الحافظ: خرج ابن خراش مثالب الشيخين، وكان رافضيًّا.

وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش حديث: ما تركنا صدقة فقال: باطل أتَّهِمُ مالك بن أوس.

قال عبدان: وقد حدث بمراسيل وصلها ومواقيف رفعها.

قلت: هذا معثر مخذول كان علمه وبالًا وسعيه ضلالًا نعوذ بالله من الشقاء.

قال ابن المنادي: مات في رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 280"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 164"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 705"، وميزان الاعتدال "2/ 600"، ولسان الميزان "3/ 444"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 184".

ص: 505

‌2470 - المَعْمَري

(1)

:

الإمام، الحافظ، المجود، البارع، محدث العراق أبو علي الحسن بن علي بن شبيب البغدادي المعمري.

ولد في حدود سنة عشر ومائتين.

سمع: شيبان بن فروخ، وأبا نصر التمار، وعلي بن المديني، وخلف بن هشام، وهدبة بن خالد، وسعيد بن عبد الجبار، وسويد بن سعيد، وجبارة بن المغلس، وعيسى بن زغبة، ودحيمًا، وطبقتهم بالشام ومصر والعراق وجمع وصنف، وتقدم.

حدث عنه: أبو بكر النجاد، وأبو سهل بن زياد، وأحمد بن كامل القاضي وابن قانع، وأحمد بن عيسى التمار، ومحمد بن أحمد المفيد، وأبو القاسم الطبراني، وخلق.

قال الخطيب: كان من أوعية العلم، يذكر بالفهم ويوصف بالحفظ، وفي حديثه غرائب، وأشياء ينفرد بها.

قال الدارقطني: صدوق حافظ جرحه موسى بن هارون، وكانت العداوة بينهما وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصوله بها ثم إنه ترك روايتها.

وقال عبدان الأهوازي: ما رأيت صاحب حديث في الدنيا مثل المعمري.

وقال موسى بن هارون: استخرت الله سنتين حتى تكلمت في المعمري، وذلك أني كتبت معه في الشيوخ، وما افترقنا فلما رأيت تلك الأحاديث قلت: من أين أتى بها.

رواها أبو عمرو بن حمدان عن أبي طاهر الجنابذي عنه.

ثم قال الجنابذي: كان المعمري يقول: كنت أتولى لهم الانتخاب، فإذا مر حديث غريب قصدت الشيخ، وحدي فسألته عنه.

قلت: فعوقب بنقيض قصده، ولم ينتفع بتلك الغرائب بل جرت إليه شرًا فقبح الله الشره.

قال ابن عقدة: سألت عبد الله بن أحمد عن المعمري فقال: لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قومًا يوصلون يعني المراسيل.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 369"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 78"، واللباب لابن الأثير "3/ 236"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 687"، والعبر "2/ 101"، ولسان الميزان "2/ 221"، وشذرات الذهب "2/ 218".

ص: 506

قال الحاكم: سمعت الحافظ أبا بكر بن أبي دارم يقول: كنت ببغداد لما أنكر موسى بن هارون على المعمري تلك الأحاديث، وأنهى أمرهم إلى يوسف القاضي بعد أن كان إسماعيل القاضي توسط بينهما فقال موسى بن هارون: هذه أحاديث شاذة عن شيوخ ثقات لا بد من إخراج الأصول بها فقال المعمري: قد عرف من عادتي أني كنت إذا رأيت، حديثًا غريبًا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه إنما كنت أقرأ من كتاب الشيخ، وأحفظه فلا سبيل إلى إخراج الأصول بها.

قال علي بن حمشاذ: كنت ببغداد حنيئذ فأخرج نيفًا وسبعين حديثًا ذكر أنه لم يشركه فيها أحد ورفض المعمري مجلسه فصار الناس حزبين: حزب للمعمري وحزب لموسى فكان من حجة المعمري: أن هذه أحاديث حفظتها عن الشيوخ لم أنسخها ثم اتفقوا بأجمعهم على عدالة المعمري، وتقدمه.

قال أبو أحمد بن عدي: كان المعمري كثير الحديث صاحب حديث بحقه كما قال عبدان: إنه لم يرو مثله، وما ذكر عنه أنه رفع أحاديث وزاد في متون قال: هذا شيء موجود في البغداديين خاصة، وفي حديث ثقاتهم وانهم يرفعون الموقوف، ويصلون المرسل، ويزيدون في الإسناد.

قلت: بئست الخصال هذه وبمثلها ينحط الثقة عن رتبة الاحتجاج به فلو وقف المحدث المرفوع أو أرسل المتصل لساغ له كما قيل: أنقص من الحديث، ولا تزد فيه.

قال أحمد بن كامل القاضي: مات أبو علي المعمري، لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة خمس وتسعين، ومائتين.

قال: وكان في الحديث، وجمعه وتصنيفه إمامًا ربانيًّا، وقد شد أسنانه بالذهب، ولم يغير شيبه.

وقيل: عاش اثنتين وثمانين سنة، وقد كان ناب في القضاء عن البرتي بالقصر، وأعمالها وشهر بالمعمري لأنه ابن أم الحسن بنت سفيان بن الشيخ أبي سفيان محمد بن حميد المعمري، وكان أبو سفيان ارتحل إلى اليمن إلى معمر فلذا قيل له: المعمري والله أعلم.

أخبرنا أبو سعيد الثغري بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، أخبرنا عبد الحق بن يوسف، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا أبو الحسن الحمامي، أخبرنا ابن قانع، حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا هشام ابن عمار، حدثنا عمرو بن واقد، عن موسى بن يسار، عن مكحول، عن جنادة بن أبي أمية، عن حبيب بن مسلمة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السلب للقاتل"

(1)

.

(1)

ضعيف جدًّا: أخرجه الطبراني في "الكبير""4/ 3533" من طريق هشام بن عمار، به.

قلت: إسناده ضعيف جدًّا، آفته عمرو بن واقد، فإنه متروك. لكن قد ورد من حديث أبي قتادة مرفوعًا بلفظ:"من قتل قتيلًا، له عليه بينة، فله سلبه". أخرجه مسلم "1751"، واللفظ له، وأبو داود "2717"، والترمذي "1562".

ص: 507

‌2471 - ابن سَهْل:

الحافظ، الإمام، المتقن، أبو العباس أحمد بن سهل بن بحر النيسابوري.

سمع: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وداود بن رشيد وعبد الله بن معاوية الجمحي، والقواريري، وهشام بن عمار، وحرملة وطبقتهم.

وله رحلة، واسعة ومعرفة جيدة.

حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو عمرو الحيري.

قال الحاكم: ليس في مشايخ بلدنا من أقرانه أكثر سماعا بالشام منه، وهو مجود في الشاميين، وسمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت أحمد بن سهل يقول: دخلت على أحمد بن حنبل في المحنة فسمعته يقول: كان وكيع إمام المسلمين في وقته، وكان ابن يعقوب يعتمد أحمد بن سهل أي اعتماد.

قلت: يقع حديثه في تصانيف البيهقي.

وتوفي في سنة اثنتين وثمانين ومائتين رحمه الله.

ومن الرواة عن ابن سهل: علي بن حمشاذ ومحمد بن صالح بن هانئ.

وله ترجمه في "تاريخ دمشق".

ص: 508

‌2472 - ابن سَهْل

(1)

:

الإمام، المحدث، الكبير، أبو بكر محمد بن علي بن سهل الأنصاري البغدادي ثم المروزي.

ولد سنة مائتين.

حدث عن: عمرو بن مرزوق، وأبي عمر الحوضي، ويحيى بن يحيى، وعلي بن الحسن بن شقيق، ومسدد، وعلي بن الجعد، وقتيبة.

وعنه: أحمد بن سعيد، ومحمد بن يوسف البخاريان، وابن عدي، والإسماعيلي.

وكان إمامًا في التفسير.

لينه ابن عدي، ثم قال: أرجو أنه لا بأس به.

قيل: توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 652"، ولسان الميزان "5/ 295".

ص: 508

‌2473 - عبد الله بن أحمد

(1)

: " س"

ابن محمد بن حنبل بن هلال: الإمام، الحافظ، الناقد، محدث بغداد أبو عبد الرحمن ابن شيخ العصر أبي عبد الله الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي.

ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين فكان أصغر من أخيه صالح بن أحمد قاضي الأصبهانيين.

روى عن أبيه شيئًا كثيرًا، من جملته "المسند" كله و"الزهد"، وعن يحيى بن عبدويه صاحب شعبة، وامتنع من الأخذ عن علي بن الجعد لوقفه في مسألة القرآن وعن: شيبان بن فروخ، وحوثرة بن أشرس، وسويد بن سعيد، ويحيى بن معين، ومحمد بن الصباح الدولابي، والهيثم بن خارجة، وعبد الأعلى بن حماد، وأبي الربيع الزهراني، وأبي بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعبيد الله القواريري، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن جعفر الوركاني، وأحمد بن محمد بن أيوب، وأحمد بن إبراهيم الموصلي، وإسحاق بن موسى الخطمي، وأبي معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي، وإسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، والحكم بن موسى القنطري، وخلف بن هشام البزار، وداود بن رشيد، وداود بن عمرو الضبي، وروح بن عبد المؤمن، وأبي خيثمة، وسريج بن يونس، وعباد بن يعقوب، وعبد الله بن عون الخراز، وعبيد الله بن معاذ، وكامل بن طلحة، ومحمد بن أبان الواسطي، ومحمد بن أبان البلخي، ومحمد بن عباد المكي، ومحمد بن عبد الله بن عمار،

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 23"، وتاريخ بغداد "9/ 375"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 39"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 685"، والعبر "2/ 86"، والكاشف "2/ ترجمة 2651"، وتهذيب التهذيب "5/ 141"، وتقريب التهذيب "1/ 401"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3378" وشذرات الذهب "2/ 203".

ص: 509

ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ومنصور بن أبي مزاحم، ووهب بن بقية، وخلق كثير.

حدث عنه: النسائي حديثين في "سننه"، والبغوي وابن صاعد، وأبو عوانة الإسفراييني، والخضر بن المثنى الكندي، وأبو بكر بن زياد، ومحمد بن مخلد، والمحاملي، ودعلج، وإسحاق بن أحمد الكاذي، وأبو بكر النجاد، وسليمان الطبراني، وأبو علي بن الصواف، وأبو أحمد العسال، وقاسم بن أصبغ، وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر القطيعي، وخلق كثير.

قال إبراهيم بن محمد بن بشير: سمعت عباسًا الدوري يقول: كنت يومًا عند أحمد بن حنبل فدخل ابنه عبد الله فقال لي أحمد: يا عباس إن أبا عبد الرحمن قد وعى علمًا كثيرًا.

ومن شيوخه: أحمد الدورقي، وأحمد بن أيوب بن راشد، وأحمد بن بديل، وأحمد بن جناب، وأحمد بن الحسن بن جنيدب، وأحمد بن الحسن بن خراش، وأحمد بن خالد الخلال، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن حميد، وأحمد بن حاتم، وأحمد بن عبدة البصري، وأحمد بن عمر الوكيعي، وابن عيسى التستري، وأحمد بن محمد بن المغيرة الحمصي، وأحمد بن محمد بن يحيى القطان، وإبراهيم بن الحسن الباهلي، وإبراهيم بن زياد سبلان، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وإبراهيم بن عبد الله بن بشار واسطي، وإبراهيم بن نصر -وهو ابن أبي الليث- وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وإسحاق الكوسج، وإسماعيل بن إبراهيم الترجماني، وأبو معمر الهذلي، وإسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، وإسماعيل بن محمد المعقب، وإسماعيل بن مهدي، وإسماعيل بن موسى، وحميد، وجعفر بن محمد بن فضيل، وجعفر بن مهران بن السباك، وجعفر بن أبي هريرة، وحجاج بن الشاعر، والحسن بن قزعة، والحسن بن أبي الربيع، وحوثرة بن أشرس، وأبو مسلم الخليل بن سلم لقي عبد الوارث، وخلاد بن أسلم، وروح بن عبد المؤمن، وزكريا بن يحيى زحمويه، وزكريا بن يحيى الرقاشي، وزياد بن أيوب، وسعيد بن أبي الربيع السمان، وسعيد بن محمد الجرمي، وسعيد بن يحيى الأموي، وسفيان بن وكيع، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وأبو الربيع الزهراني، وسليمان بن محمد المبارك، وشجاع بن مخلد، وصالح بن عبد الله الترمذي، والصلت بن مسعود، وعاصم بن عمر المقدمي، وعباس العنبري وعباس الدوري، والعباس بن الوليد النرسي، وعبد الله بن أبي زياد، وعبد الله بن سالم المفلوج، وعبد الله بن سعد الزهري، وعبد الله بن صندل، عن الفضيل بن عياض، وعبد الله بن عامر بن زرارة، وعبد الله مشكدانة، وعبد الله بن عمران الرازي، وعبد الواحد بن غياث،

ص: 510

والقواريري، وعثمان بن أبي شيبة، وعقبة بن مكرم العمي، وعلي بن إشكاب، وأبو الشعثاء علي بن الحسن، وعلي بن حكيم، وعلي بن مسلم، وعمران بن بكار الحمصي، وعمرو الفلاس، وعمرو الناقد، وعيسى بن سالم، وأبو كامل الفضيل الجحدري، وفطر بن حماد، وقاسم بن دينار، وقتيبة بن سعيد كتابة، وقطن بن نسير، وكثير بن يحيى الحنفي، وليث بن خالد البلخي، وأبو بكر الصاغاني، ومحمد بن إسحاق المسيبي، وبندار، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن بكار مولى بن هاشم، ومحمد بن تميم النهشلي، ومحمد بن ثعلبة بن سواء، ومحمد بن حسان السمتي، ومحمد بن إشكاب، ومحمد لوين، ومحمد بن صدران، ومحمد بن عبد الله جار لهم يكنى أبا بكر، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن عبد الله الرزي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، ومحمد بن عبيد بن حسان، ومحمد بن عبيد المحاربي، ومحمد بن عثمان العثماني، ومحمد بن علي بن الحسن بن شقيق، ومحمد بن عمرو الباهلي وأبو كريب محمد بن العلاء، ومحمد بن أبي غالب، ومحمد بن المثنى ومحمد بن المنهال أخو حجاج، ومحمد بن يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن يحيى بن أبي سمينة، ومحمد بن يزيد العجلي، ومحمد بن يعقوب أبو الهيثم سمع: معتمرًا، ومحرز بن عون، ومخلد بن الحسن، ومصعب الزبيري، ومعاوية بن عبد الله بن معاوية الزبيري، عن سلام أبي المنذر، ونصر بن علي ونوح بن حبيب، وهارون بن معروف، وهدبة بن خالد وهدية بن عبد الوهاب، وهريم بن عبد الأعلى، وهناد، ويحيى بن أيوب البلخي، ويحيى بن عثمان الحربي، ويعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد، ويوسف بن يعقوب الصفار، وأبو عبد الله البصري العنبري كأنه محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبيدة بن الفضيل، وأبو موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم، وسائر هؤلاء حدث عنهم في "مسند" أبيه سوى بعض الأحمدين.

قال أبو يعلى بن الفراء: وجدت على ظهر كتاب رواه أبو الحسين السوسنجردي عن إسماعيل الخطبي قال: بلغني عن أبي زرعة أنه قال: قال لي أحمد بن حنبل: ابني عبد الله محظوظ من علم الحديث الخطبي يشك لا يكاد يذاكرني إلَّا بما لا أحفظ.

قال أبو علي بن الصواف: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كل شيء أقول: قال أبي فقد سمعته مرتين وثلاثة وأقله مرة.

قال ابن أبي حاتم: كتب إلي عبد الله بمسائل أبيه وبعلل الحديث.

وقال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي: لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه من عبد الله بن أحمد؛ لأنه سمع منه "المسند"، وهو ثلاثون ألفًا، و"التفسير" وهو مائة ألف وعشرون

ص: 511

ألفًا سمع منه ثمانين ألفًا، والباقي وجادة وسمع "الناسخ والمنسوخ" و"التاريخ"، و"حديث شعبة" و"المقدم والمؤخر في كتاب الله"، و"جوابات القرآن"، و"المناسك الكبير" و"الصغير"، وغير ذلك من التصانيف، وحديث الشيوخ قال: ومازلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء، والكنى والمواظبة على طلب الحديث في العراق، وغيرها ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة، وزيادة السماع للحديث على أبيه.

قلت: ما زلنا نسمع بهذا "التفسير" الكبير لأحمد على ألسنة الطلبة، وعمدتهم حكاية ابن المنادي هذه، وهو كبير قد سمع من جده، وعباس الدوري، ومن عبد الله بن أحمد لكن ما رأينا أحدا، أخبرنا عن وجود هذا "التفسير"، ولا بعضه ولا كراسة منه، ولو كان له، وجود أو لشيء منه لنسخوه، ولاعتني بذلك طلبة العلم، ولحصلوا ذلك، ولنقل إلينا، ولاشتهر ولتنافس أعيان البغداديين في تحصيله، ولنقل منه ابن جرير فمن بعده في تفاسيرهم، ولا والله يقتضي أن يكون عند الإمام أحمد في التفسير مائة ألف وعشرون ألف حديث فإن هذا يكون في قدر مسنده بل أكثر بالضعف ثم الإمام أحمد لو جمع شيئًا في ذلك لكان يكون منقحًا مهذبًا عن المشاهير فيصغر لذلك حجمه، ولكان يكون نحوا من عشرة آلاف حديث بالجهد بل أقل ثم الإمام أحمد كان لا يرى التصنيف، وهذا كتاب "المسند" له لم يصنفه هو، ولا رتبه ولا اعتنى بتهذيبه بل كان يرويه لولده نسخًا، وأجزاءً ويأمره: أن ضع هذا في مسند فلان، وهذا في مسند فلان، وهذا التفسير، ولا جود له وأنا أعتقد أنه لم يكن فبغداد لم تزل دار الخلفاء، وقبة الإسلام ودار الحديث ومحلة السنن ولم يزل أحمد فيها معظمًا في سائر الأعصار، وله تلامذة كبار وأصحاب أصحاب، وهلم جرًّا إلى بالأمس حين استباحها جيش المغول، وجرت بها من الدماء سيول وقد اشتهر ببغداد "تفسير ابن جرير"، وتزاحم على تحصيله العلماء، وسارت به الركبان، ولم نعرف مثله في معناه ولا ألف قبله أكبر منه، وهو في عشرين مجلدة وما يحتمل أن يكون عشرين ألف حديث بل لعله خمسة عشر ألف إسناد فخذه فعده إن شئت.

قال أبو أحمد بن عدي: نبل عبد الله بن أحمد بأبيه، وله في نفسه محل في العلم أحيا علم أبيه من "مسنده" الذي قرأ عليه أبوه خصوصًا قبل أن يقرأه على غيره، ومما سأل أباه عن رواة الحديث فأخبره به ما لم يسأله غيره ولم يكتب عن أحد إلَّا من أمره أبوه أن يكتب عنه.

قال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ ابن جهبذ.

ص: 512

وقال الخطيب: كان ثقة ثبتًا فهمًا.

قال أبو علي: بن الصواف ولد سنة ثلاث عشرة، ومات سنة تسعين ومائتين.

قلت: عاش في عمر أبيه سبعًا وسبعين سنة.

قال إسماعيل الخطبي: مات يوم الأحد، ودفن في آخر النهار لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة تسعين، وصلى عليه ابن أخيه زهير بن صالح، ودفن في مقابر باب التبن، وكان الجمع كثيرًا فوق المقدار.

وقيل: إن عبد الله أمرهم أن يدفنوه هناك وقال: بلغني أن هناك قبر نبي، ولأن أكون في جواز نبي أحب إلي أن أكون في جوار أبي.

ولعبد الله كتاب: الرد على الجهمية في مجلد، وله كتاب: الجمل.

وكان صينًا دينًا صادقًا صاحب حديث، واتباع وبصر بالرجال لم يدخل في غير الحديث، وله زيادات كثيرة في مسند والده واضحة عن عوالي شيوخه، ولم يحرر ترتيب المسند، ولا سهله فهو محتاج إلى عمل وترتيب رواه عنه جماعة، وسمع أبو نعيم الحافظ كثيرًا منه من أبي علي بن الصواف، وعامته من أبي بكر القطيعي وحدث القطيعي مرات، وقرأه عليه أبو عبد الله الحاكم، وغيره ولم يكن القطيعي من فرسان الحديث، ولا مجودًا بل أدى ما تحمله إن سلم من أوهام في بعض الأسانيد، والمتون.

وآخر من روى "المسند" كاملا عنه -سوى نزر يسير منه اسقط من النسخ- الشيخ الواعظ أبو علي بن المذهب، ولم يكن صاحب حديث بل احتيج إليه في سماع هذا الكتاب فرواه في الجملة، وعاش بعده عشرة أعوام الشيخ أبو محمد الجوهري فكان خاتمة أصحاب القطيعي، وتفرد عنه بعدة أجزاء عالية، وبسماع مسند العشرة من "المسند".

ثم حدث بالكتاب كله آخر أصحاب ابن المذهب وفاة: الشيخ الرئيس الكاتب ابو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني بن الحصين، شيخ جليل مسند انتهى إليه علو الإسناد بمثل قبة الإسلام بغداد، وكان عريًا من معرفة هذا الشأن أيضًا روى الكتاب عنه خلق كثير من جملتهم: أبو محمد بن الخشاب إمام العربية، والحافظ أبو الفضل بن ناصر، والإمام ذو الفنون أبو الفرج بن الجوزي، والحافظ الكبير أبو موسى المديني، والحافظ العلامة شيخ همذان أبو العلاء العطار، والحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر، والقاضي أبو الفتح بن المندائي الواسطي، والشيخ عبد الله بن أبي المجد الحربي، والمبارك بن المعطوش، والشيخ المبارك حنبل بن عبد الله الرصافي في آخرين.

ص: 513

فأما الحافظ أبو موسى: فروى منه الكثير في تآليفه، ولم يقدم على ترتيبه ولا تحريره.

وأما ابن عساكر: فألف كتابًا في أسماء الصحابة الذين فيه على المعجم، ونبه على ترتيب الكتاب.

وأما ابن الجوزي: فطالع الكتاب مرات عدة، وملأ تآليفه منه، ثم صنف "جامع المسانيد"، وأودع فيه أكثر متون "المسند"، ورتب وهذب، ولكن ما استوعب.

فلعل الله يقيض لهذا الديوان العظيم من يرتبه ويهذبه، ويحذف ما كرر فيه، ويصلح ما تصحيف، ويوضح حال كثير من رجاله، وينبه على مرسله، ويوهن ما ينبغي من مناكيره، ويرتب الصحابة على المعدم، وذلك أصحابه على المعجم، ويرمز على رءوس الحديث بأسماء الكتب الستة، وإن رتبه على الأوباب فحسن جميل، ولولا أني قد عجزت عن ذلك لضعف البصر، وعدم النية، وقرب الرحيل، لعملت في ذلك.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه، والمسلم بن محمد الكاتب كتابة، قال: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن الحصين، أخبرنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثني عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا سفيان، عن سمى النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يصوم عبد يومًا في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفًا"

(1)

.

وبه: حدثني أبي، أخبرنا محمد بن جعفر، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن طارق بن مرقع، عن صفوان بن أمية: أن رجلًا سرق بردة، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه. فقال: يا رسول الله! قد تجاوزت عنه. قال: "فلولا كان هذا قبل أن تأتيني به يا أبا وهب". فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

أخرجهما النسائي في "سننه"، عن عبد الله بن أحمد، فوقعا عاليين.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 26"، من هذا الطريق. وأخرجه البخاري "2840"، ومسلم "1653"، والترمذي "1623"، من حديث أبي سعيد الخدري، به.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 401"، من هذا الطريق. وأخرجه أبو داود "4394"، والنسائي "8/ 86"، والدارمي "2/ 172"، والحاكم "4/ 380"، والبيهقي "8/ 265".

ص: 514

‌2474 - الحسن بن المُثَنَّى

(1)

:

ابن معاذ بن معاذ العنبري، أبو محمد أخو معاذ: من نبلاء الثقات.

سمع: عفان، وأبا حذيفة النهدي، وعدة.

وعنه: الطبراني يوسف البختري، وجماعة.

وكان، ورعًا عابدًا يمتنع من الرواية ثم أمر في النوم بالرواية.

مات في رجب سنة أربع وتسعين.

وولد سنة مائتين.

أخوه:

‌2475 - معاذ بن المثنى

(2)

:

أبو المثنى: ثقة، متقن.

سمع: القعنبي، ومحمد بن كثير، ومسلم بن إبراهيم، وعدة.

وعنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر المؤدب، والطبراني، وآخرون.

عاش ثمانين سنة توفي سنة ثمان وثمانين ومائتين.

‌2476 - المَرْوَزي

(3)

: " س"

الإمام، الحافظ، القاضي، أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم الأموي المروزي، قاضي حمص.

ولد بعد المائتين.

حدث عن: علي بن الجعد، وأبي نصر التمار، وإبراهيم بن الحجاج السامي، ويحيى بن معين، وكامل بن طلحة، وسويد بن سعيد، ومنصور بن أبي مزاحم، وعبيد الله القواريري، وطبقتهم.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 166".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 136".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 304"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 683"، والعبر "2/ 91"، وتهذيب التهذيب "1/ 62".

ص: 515

حدث عنه: النسائي، وقال: لا بأس به، وأبو عوانة، وابن جوصا، وأبو علي بن معروف، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن الناصح، وأحمد بن عبيد الحمصي، وأبو عبد الله بن مروان، وخلق كثير.

قال أبو علي بن معروف: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي القرشي، وكان قاضيًا على دمشق، وحمص وهو من بني أمية بن عبد شمس.

قلت: ناب بدمشق عن قاضيها أبي زرعة محمد بن عثمان.

وقال الخطيب: بلغني أنه بغدادي وأصله من مرو.

وقال النسائي أيضًا: ثقة.

وقال أبو أحمد بن الناصح: توفي في نصف ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

وقيل: بلغ التسعين أو دونها بيسير.

وله تصانيف منها: العلم ومسند عائشة وغير ذلك.

وكان إمامًا أكثر عنه النسائي.

ص: 516

‌2477 - البَلْخِي

(1)

:

الإمام، الكبير، حافظ بلخ، أبو علي عبد الله بن محمد بن علي البلخي.

سمع: قتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف الفقيه، وعلي بن حجر، وهدية بن عبد الوهاب، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو بكر أحمد بن علي، وأهل نيسابور، وابن قانع، والجعابي، وأبو بكر الشافعي، والبغاددة.

وجمع وصنف: كتاب "العلل"، وكتاب "التاريخ".

عظمه الحاكم وفخمه.

وقال الخطيب: كان أحد أئمة الحديث حفظًا وإتقانًا وثقة وإكثارًا، وله تصانيف.

قال أحمد بن الخضر الشافعي: لما قدم عبد الله بن محمد البلخي نيسابور، عجزوا عن مذاكراته، فذكراه جعفر بن أحمد بن نصر بأحاديث الحج فكان عبد الله يسردها فقال له جعفر: تحفظ للتيمي عن أنس: أن رسول الله لبى بحجة، وعمرة فبهت فقال جعفر: حدثناه يحيى بن حبيب، حدثنا معتمر، عن أبيه.

استشهد أبو علي رحمه الله على يد القرامطة في سنة أربع وتسعين ومائتين.

وأما أبو عبد الله الحاكم فقال: توفي في سلخ سنة خمس وتسعين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 93"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 79"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة رقم 710"، والعبر "2/ 102"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 219".

ص: 516

‌2478 - ابن سَلْم

(1)

:

الحافظ، المجود، العلامة، المفسر أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي ثم الأصبهاني إمام جامع أصبهان.

حدث عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى، والحسين بن عيسى، الزهري وعدة وينزل، عن أصحاب يزيد بن هارون، وأبي دواد.

حدث عنه: القاضي أبو أحمد العسال، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ بن حيان، و عبد الرحمن بن سياه، وآخرون.

وكان من أوعية العلم صنف "المسند"، و"التفسير" وغير ذلك.

مات في سنة إحدى وتسعين ومائتين وهو من أبناء الثمانين.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 711"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 133".

ص: 517

‌2479 - ابن عَبْدوس

(1)

:

الإمام، الحجة، الحافظ، أبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل السراج، السلمي البغدادي صديق عبد الله بن أحمد وقيل: اسم أبيه: عبد الجبار ولقبه: عبدوس.

سمع: علي بن الجعد، وأحمد بن جناب، وداود بن عمرو الضبي، وأبا بكر بن أبي شيبة، وخلقًا كثيرًا.

روى عنه: جعفر الخلدي، وأبو بكر النجادن، ودعلج، والطبراني، وابن ماسي، وآخرون.

قال أبو الحسين بن المنادي: كان من المعدودين في الحفظ وحسن المعرفة بالحديث، أكثر الناس عنه لثقته وضبطه. قال: وكان كالأخ لعبد الله بن أحمد بن حنبل.

مات في آخر رجب، أو أول شعبان، سنة ثلاثة وتسعين ومائتين، رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 380"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 704"، والعبر "2/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 215".

ص: 517

‌2480 - عبيد الله بن يحيى بن يحيى

(1)

:

ابن كثير بن وسلاس: الفقيه، الإمام، المعمر، أبو مروان الليثي، مولاهم الأندلسي، القرطبي، مسند قرطبة.

روى عن: والده الإمام يحيى "الموطأ"، وتفقه به، وارتحل للحج والتجارة، فسمع من: أبي هشام الرفاعي، ومحمد بن عبد الله بن البرقي، وطائفة.

قال ابن الفرضي: روى عن أبيه علمه، ولم يسمع ببلده من غير أبيه، وكان كريمًا عاقلًا عظيم الجاه والمال، مقدمًا في الشورى، منفردًا برئاسة البلد، غير مدافع. روى عنه: أحمد بن خالد، ومحمد بن أيمن، وأحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، وابن أخيه يحيى بن عبد الله بن يحيى الليثي

إلى أن قال: وكان آخر من حدث عنه: شيخنا أبو عيسى يحيى-يعني: ابن أخيه.

توفى في عاشر رمضان، سة ثمان وتسعين ومائتين. وصلى عليه ولده يحيى، وكانت جنازته مشهودة.

وقال ابن بشكوال في بعض كتبه: كان متمولًا، سمحًا، جوادًا، كثير الصدقات والإحسان، كامل المروءة، رأى مرة شيخا خطابًا ضعيفًا، فوهبه مائة دينا. ولقد قيل: إنه شوهد يوم موته البواكي عليه من كل ضرب حتى اليهود والنصارى، وما شوهد قط مثل جنازته، ولا سمع بالأندلس بمثلها، رحمه الله؟

قلت: مات في عشر التسعين.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 111"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 231".

ص: 518

‌2481 - زُغْبَة

(1)

: " س"

المحدث، المعمر، الصدوق، أبو جعفر، أحمد بن حماد بن مسلم التجيبي البصري، أخو عيسى بن حماد زغبة، وهذا لقب لأبيهما ولهما.

حدث عن: سعيد بن أبي مريم، وأبي صالح، ويحيى بن بكير، وسعيد بن أبي عفير، وأخيه عيسى، وعدة.

حدث عنه: النسائي، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وعلي بن محمد الواعظ، وأبو سعيد بن يونس، وسليمان بن أحمد الطبراني، والحسن بن رشيق، وخلق.

وعاش أربعًا وتسعين سنة.

توفى بمصر في جمادى الأولى، سنة ست وتسعين ومائتين. أرخه ابن يونس، وقال: كان ثقة، مأمونًا.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 105"، وتهذيب التهذيب "1/ 25 - 26".

ص: 519

‌2482 - ابن ملحان

(1)

:

الشيخ، المحدث، المتقن، أبو عبد الله، أحمد بن إبراهيم بن ملحان البلخي، ثم البغدادي. صاحب يحيى بن بكير.

حدث عنه: أبو بكر الشافعي، وابن قانع، والطبراني، وأبو بكر بن خلاد النصيبي، وجماعة.

وثقه الدارقطني.

وتوفى سنة تسعين ومائتين.

وفيها مات: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن عليى الآبار، والحسن بن سهل المجوز، والحسين بن إسحاق التستري، ومحمد بن زكريا الغلابي، ومحمد بن العباس المؤدب، ومحمد بن يحيى بن المنذر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 11".

ص: 519

‌2483 - ابن أسد

(1)

:

الشيخ المعمر، أبو عبد الله، محمد بن أسد بن يزيد المديني الأصبهاني الزاهد آخر من حدث عن أبي دواد الطيالسي عنده عنه مجلس معروف سمعناه.

روى عنه: أبو أحمد العسال، والطبراني، وأحمد بن بندار، وأبو الشيخ، وجماعة.

توفي سن ثلاث وتسعين ومائتين عن أزيد من مائة عام.

قال أبو عبد الله بن منده: حدث عن أبي داود مناكير.

قلت: كان متعبدًا مجاب الدعوة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 643"، وميزان الاعتدال "3/ 480"، والعبر "2/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 215".

ص: 520

‌2484 - بُهْلُول

(1)

:

ابن إسحاق بن بهلول بن حسان: الشيخ المسند، الصدوق، أبو محمد بن الحافظ الكبير أبي يعقوب التنوخي، خطيب الأنبار، وقاضيها ورئيسها، وعالمها ومن يضرب المثل ببلاغته في خطابته.

ارتحل في حداثته باعتناء، والده وسمع من: سعيد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أويس، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وأحمد بن حاتم الطويل، ومحمد بن معاوية النيسابوري، وطبقتهم.

حدث عنه: أخوه أبو جعفر أحمد بن إسحاق، وابن أخيه يوسف بن يعقوب الأزرق، وإسماعيل أخو الأزرق، وأبو بكر الشافعي، والطبراني، وابن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وخلق من الرحالين.

وثقه الدارقطني.

مولده سنة أربع ومائتين.

ومات في شوال سنة ثمان وتسعين ومائتين وهو من كبار شيوخ الإسماعيلي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 109"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 110"، والعبر "2/ 110"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 228".

ص: 520

‌2485 - دُرَّان

(1)

:

الإمام، المحدث، المعمر الصدوق أبو بكر محمد بن معاذ بن سفيان بن المستهل، العنزي البصري، ثم الحلبي، دران.

سمع: القعنبي، ومسلم بن إبراهيم، وعمرو بن مرزوق، وعبد الله بن رجاء ومحمد بن كثير العبدي، وأبا سلمة المنقري، وعدة.

وعنه: النجاد، ومحمد بن أحمد الرافقي، وعلي بن أحمد المصيصي، وسليمان الطبراني، ومحمد بن جعفر بن السقاء، وجماعة.

توفي سنة أربع وتسعين ومائتين، وهو من في عشر المائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 89"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".

ص: 521

‌2486 - أبو شعيب الحَرَّاني

(1)

:

الشيخ، المحدث، المعمر، المؤدب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب.

نزل بغداد، وحدث عن: أبيه، وجده، وأحمد بن عبد الملك بن واقد، وعفان بن مسلم، ويحيى البابلتي، وجماعة.

وطال عمره، وتفرد.

حدث عنه: إسماعيل الخطبي، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني وأبو بكر الآجري، والحسن بن جعفر الحرفي، وخلق سواهم.

وكان يحيى البابلتي زوج أمه، وكان الأوزاعي زوج أم البابلتي، واسم جدهم: عبد الله بن مسلم ومسلم من سبي سمرقند، وقع لعمر بن عبد العزيز فأعتقه فولد له ولد فجاء به عمر فسماه عبد الله، وفرض له في الذرية فعاش عبد الله مائة، وعشرين سنة.

ولد أبو شعيب في سنة ست ومائتين.

وقال الصواف: سماعه من البابلتي في سنة ثماني وعشرة.

قلت: وقد كان زوج أمه، فسمع منه وهو حدث.

وقال الدارقطني: ثقة مأمون.

قال أحمد بن كامل: كان يأخذ على الحديث، أخبرني نصر الصائغ، قال: سألت أبا شعيب أن يحدثني بحديث عن عفان، فقال: أعط السقاء ثمن الراوية فأعطيته دانقًا، وحدثني بالحديث.

قال أحمد بن كامل: مات في ذي الحجة، سنة خمس وتسعين ومائتين -يعني ببغداد- وكان أسند من بقي بها.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 435"، والمنتظم "6/ 79"، والعبر "2/ 101"، وميزان الاعتدال "2/ 406"، ولسان الميزان "3/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 218".

ص: 521

‌2487 - نَصْرَك

(1)

:

هو: الحافظ، المجود، الماهر، الرحال، أبو محمد نصر بن أحمد بن نصر، الكندي البغدادي، نصرك نزيل بخارى.

سمع: محمد بن بكار بن الريان، وعبد الأعلى بن حماد، وعبيد الله بن عمر القواريري، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن عقدة الحافظ، وخلف بن محمد الخيام، وآخرون.

جمع، وخرج وصنف المسند، وبرع في هذا الشأن.

قال أبو الفضل السليماني يقال: إنه كان أحفظ من صالح بن محمد جزرة، إلَّا أنه كان يتهم بشرب المسكر قلت: قلما يوجد من علم هذا الرجل.

توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني، أخبرنا هناد النسفي، حدثنا محمد بن أحمد الحافظ، حدثنا خلف بن محمد، حدثنا نصر بن أحمد الكندي، وسهل بن شاذويه قالا: حدثنا محمد بن سهل بن عثمان، حدثنا أبي، حدثنا عيسى غنجار، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة مرفوعًا "لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم"

(2)

. غريب.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 293"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 59"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 698".

(2)

ورد عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "لا تسموا العنب الكرم، فإن الكرم الرجل المسلم" أخرجه البخاري "6183"، ومسلم "2247"، "8"، واللفظ له وأبو داود "4974".

ص: 522

‌2488 - القاضي أبو خازم

(1)

:

الفقيه، العلامة، قاضي القضاة، أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز السكوني البصري، ثم البغدادي الحنفي.

حدث عن: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وشعيب بن أيوب، وطائفة.

روى عنه: مكرم بن أحمد، وأبو محمد بن زبر.

وكان ثقة دينًا، ورعًا عالمًا أحذق الناس بعمل المحاضر، والسجلات بصيرًا بالجبر، والقابلة فارضًا ذكيًا كامل العقل.

أخذ عن هلال الرأي وبكر العمي، ومحمود الأنصاري الفقهاء أصحاب محمد بن شجاع، وغيره.

وبرع في المذهب حتى فضل على مشايخه، وبه يضرب المثل في العقل.

قال أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء: ومنهم أبو خازم أخذ عن شيوخ البصرة، وولي القضاء بالشام، وبالكوفة وكرخ بغداد.

قال أبو علي التنوخي: حدثنا القاضي أبو بكر بن مروان، حدثني مكرم بن بكر قال: كنت في مجلس أبي خازم القاضي فتقدم شيخ معه غلام فادعى عليه بألف دينار فأقر الحدث فقال القاضي للشيخ: ما تشاء قال: حبسه فقال للحدث: قد سمعت فهل توفيه البعض قال: لا ففكر ساعة ثم قال: تلازما حتى أنظر فقلت: لم أخر القاضي الحبس قال: ويحك إني أعرف في أكثر الأحوال وجه المحق من المبطل وقد وقع لي أن سماحته بالإقرار شيء بعيد من الحق أما رأيت قلة تغاضبهما في المحاروة مع عظم المال فبينا نحن كذلك إذا استبان الأمر فاستأذن تاجر موسر فأذن له القاضي فدخل وقال: قد بليت بابن لي حدث يتلف مالي عند فلان المقبن، فإذا منعته مالي احتال بحيل يلجئني إلى التزام غرم، وأقربه أنه نصب المقبن اليوم لمطالبته بألف دينار، وأقع مع أمه -إن حبس- في نكد فتبسم القاضي، وطلب الغلام والشيخ فأدخلا فوعظ الغلام فأقر الشيخ وأخذ التاجر بيد ابنه، وانصرف.

قال أبو برزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم القاضي.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 52"، وتذكرة الحفاظ "2/ 654"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 210".

ص: 523

قال القاضي أبو الطاهر الذهلي: بلغني أن أبا خازم القاضي جلس في الشرقية، فأدب خصما لأمر فمات فكتب رقعة إلى المعتضد يقول: إن دية هذا في بيت المال فإن رأى أمير المؤمنين أن يحملها إلى ورثته فعل فحمل إليه عشرة آلاف فدفعها إلى ورثته.

قلت: قد كان المعتضد يحترم أبا خازم ويجله قيل: إن أبا خازم لما احتضر بكى، وجعل يقول: يا رب من القضاء إلى القبر.

وله شعر رقيق.

قال محمد بن الفيض: ولي قضاء دمشق أبو خازم سنة أربع وستين ومائتين إلى أن قدم المعتضد قبل الخلافة دمشق لحرب ابن طولون فسار معه أبو خازم إلى العراق.

قال الطحاوي: مات ببغداد في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

ولنا: أبو حازم بحاء مهملة: أحمد بن محمد بن نصر.

مات سنة ست عشرة وثلاث مائة.

ص: 524

‌2489 - الجَارُودِي

(1)

:

الإمام، الأوحد، الحافظ، المتقن، الأمجد، صدر خراسان، أبو بكر محمد بن النضر بن سلمة بن الجارود بن يزيد الجارودي النيسابوري.

ذكره الحاكم فقال: شيخ وقته، وعين علماء عصره حفظًا وكمالًا، وقدوة ورئاسة وثروة.

سمع: إسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وسويد بن سعيد، وإسماعيل بن موسى السدي، وابن أبي الشوارب، وعمرو بن علي الفلاس، وأبا كريب، وحميد بن مسعدة، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وخلقًا كثيرًا.

حدث عنه: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، والمؤمل بن الحسن، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، ويحيى بن منصور القاضي، وآخرون.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت منه بالري، وهو صدوق من الحفاظ.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 492"، والأنساب للسمعاني "3/ 158"، وتهذيب التهذيب "9/ 490"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6706".

ص: 524

وقال الحاكم: أهل بيته حنفيون.

قال أبو أحمد الحاكم: كان محمد بن يحيى الذهلي يستعين بعربية أبي بكر الجارودي، ويبيته عنده.

وقال أبو عبد الله الحاكم: كان رحلته مع مسلم يتبجح بذلك، ويعتمده في جميع أسبابه إلى أن توفي مسلم.

وقال أبو حامد بن الشرقي: سمعت محمد بن يحيى الذهلي، وأملى حديثًا فرد عليه الجارودي فزبره محمد بن يحيى فلما كان المجلس الثاني قال الذهلي: ها هنا أبو بكر قال: نعم قال: الصواب ما قلت فإني رجعت إلى كتابي فوجدته على ما قلت.

قال يحيى بن محمد العنبري: توفي محمد بن النضر الجارودي فدفن عشية الخميس السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين ومائتين، وصلى عليه رئيسنا أبو عمر الخفاف، وخرج أحمد بن أسد الأمير فصلى عليه، وانصرف راجلًا.

ومحمد بن النضر بن عبد الوهاب: مر آنفًا.

ومن حديث الجارودي: أخبرنا الحسن بن علي بن الخلال، أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا أحمد بن محمد بن سلفة، أخبرنا ابن ماك حدثنا أبو يعلى الخليلي، حدثنا أبو عبد الله الحاكم حدثنا، يحيى بن منصور حدثنا محمد بن النضر الجارودي، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، حدثنا محمد بن بكر عن صدقة بن أبي عمران عن إياد بن لقيط عن البراء قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بفلاة بميتة فقال: "الدنيا أهون على الله من هذه على أهلها"

(1)

.

محمد بن بكر: ليس هو البرساني، بل يقال له: الحصني. والحديث غريب جدًا، وإنما المعروف من حديث المستورد الفهري.

الجارودي آخر هو: الحافظ الإمام صاحب التصانيف، أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد الجاورد الأصبهاني: سيأتي.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "2321"، وابن ماجه "4111" من طريق مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، عن المستورد بن شداد قال: كنت مع الركب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السخلة الميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها"، قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله، قال:"فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها".

قلت: إسناده ضعيف، آفته مجالد، وهو ابن سعيد بن عمير الهمداني، ليس بالقوي كما قال الحافظ في "التقريب". ولكن للحديث شاهد من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلًا من بعض العالية والناس كنفته فمر بجدى أسك ميت، فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال:"أيكم يحب أن هذا له بدرهم"؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال:"أتبحون أنه لكم"؟ قالوا: والله لو كان حيا كان عيبًا فيه لأنه أسك؟ فكيف وهو ميت؟ فقال: "فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم" أخرجه مسلم "2957".

ص: 525

‌2490 - القاسم بن خالد:

ابن قطن: الإمام، الحافظ، المحدث، أبو سهل المروزي، أحد المشاهير، والأعيان.

سمع: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني ويحيى بن معروف، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبا بكر بن أبي شيبة، وعبد الوهاب بن نجدة، وأبا مصعب الزهري، وأبا كامل الجحدري، وعلي بن حجر، وحبان بن موسى، وطبقتهم وأكثر الترحال، وجمع وصنف.

حدث عنه: الدغولي وعمر بن علك، وأحمد بن علي الرازي وأبو عبد الله بن الأخرم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون.

مات في شوال سنة سبع وتسعين ومائتين.

ص: 526

‌2491 - محمد بن إسحاق

(1)

:

ابن راهويه الحنظلي: الإمام العالم الفقيه الحافظ قاضي نيسابور، أبو الحسن.

سمع: أباه الإمام أبا يعقوب، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبا مصعب، وعلي بن حجر، وجماعة.

وعنه: إسماعيل الخطبي، وابن قانع، وأحمد بن خزيمة، وأحمد بن سلم الختلي، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون.

ولي قضاء مرو ثم قضاء نيسابور وتوفي والده وهذا في الرحلة.

قال الحافظ أبو عبد الله بن الأخرم: سمعته يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فقال لي: أنت ابن أبي يعقوب قلت: نعم قال: أما إنك لو لزمته كان أكثر لفائدتك فإنك لن ترى مثله.

قال الحاكم: توفي بمرو.

هذا وهم فإن ابن قانع، وابن المنادي قالا: قتلته القرامطة بطريق مكة، سنة أربع وتسعين ومائتين.

قلت: قارب الثمانين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1104"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 36"، وميزان الاعتدال "3/ 475"، ولسان الميزان "5/ 65"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".

ص: 526

‌2492 - أبو جعفر التِّرْمذي

(1)

:

هو: الإمام، العلامة، شيخ الشافعية بالعراق في وقته أبو جعفر محمد بن أحمد نصر الترمذي الشافعي الزاهد. ولد سنة إحدى ومائتين.

وارتحل وسمع: يحيى بن بكير، ويوسف بن عدي، وإسحاق بن إبراهيم الصيني، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وعبيد الله القواريري، وتفقه بأصحاب الشافعي، وله وجه في المذهب.

حدث عنه: أحمد بن كامل، وابن قانع، وأبو بكر بن خلاد، وأبو القاسم الطبراني، وعدة.

قال الدارقطني: ثقة مأمون ناسك.

وذكر إبراهيم بن السري الزجاج: أنه كان يجرى على أبي جعفر في الشهر أربعة دراهم يتقوت بها قال: وكان لا يسأل أحدًا شيئًا.

وقال محمد بن موسى البربري: أخبرني أبو جعفر أنه تقوت بضعة عشر يومًا بخمس حبات قال: ولم أكن أملك غيرها أخذت بها لفتًا.

ونقل الشيخ محيي الدين النووي: أن أبا جعفر جزم بطهارة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خالف في هذه المسألة جمهور الأصحاب.

قلت: يتعين على كل مسلم القطع بطهارة ذلك وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه فرق شعره المطهر على أصحابه إكرامًا لهم بذلك

(2)

، فوالهفي على تقبيل شعرة منها.

قال والد أبي حفص بن شاهين: حضرت أبا جعفر، فسئل عن حديث النزول

(3)

فقال: النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

قال أحمد بن كامل القاضي: لم يكن للشافعية بالعراق أرأس ولا أورع ولا أنقل من أبي جعفر الترمذي.

قلت: توفي في المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين وقيل: إنه اختلط بأخرة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 365"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 80"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 572"، والعبر "2/ 103"، ولسان الميزان "5/ 46"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 220".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "171"، ومسلم "1305"، من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره.

(3)

ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حتى يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول: من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيته ومن يستغفرني فأغفر له" أخرجه مالك "1/ 214"، ومن طريقه أخرجه "2/ 487"، والبخاري "1145"، "6321"، "7494"، ومسلم "758"، وأبو داود "1315"، وابن خزيمة في "التوحيد""ص 127"، وابن أبي عاصم في "السنة""492"، وأبو القاسم اللالكائي في "شرح السنة""3/ 435، 436"، والبيهقي في "السنن""3/ 2"، وفي "الأسماء والصفات""ص 449"، عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة مرفوعًا.

ص: 527

‌2493 - إبراهيم بن أبي طالب

(1)

:

الإمام، الحافظ، المجود، الزاهد شيخ نيسابور، وإمام المحدثين في زمانه أبو إسحاق بن أبي طالب محمد بن نوح بن عبد الله بن خالد النيسابوري المزكي.

ذكره الحاكم فقال: إمام عصره بنيسابور في معرفة الحديث والرجال جمع الشيوخ والعلل.

قال: سمع: إسحاق بن راهويه، وأبا قدامة السرخسي، وعمرو بن زرارة، والحسين بن الضحاك، وعبد الله بن الجراح، وعبد الله بن عمر بن الرماح، ومحمد بن أبان البلخي، وأقرانهم بنيسابور، ومحمد بن مهران الجمال، ومحمد بن حميد، ومحمد بن عمرو، وزنيج بالري، وأحمد بن حنبل -سؤالات- وداود بن رشيد، وأحمد بن منيع، وطبقتهم ببغداد، وإسحاق بن شاهين، وبشر بن آدم بواسط، وعمرو بن علي الفلاس، وبندارا، ونصر بن علي بالبصرة، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا كريب، وعبد الله بن عمر بن أبان الكوفة، وأبا مصعب، ويحيى بن سليمان بن نضلة، وهارون بن موسى الفروي، وإسماعيل بن أبي خُبْزَة، ومحمد بن عباد، وعبد الله بن عمران، وابن أبي عمر العدني بمكة.

(1)

ترجمته في المتنظم لابن الجوزي "6/ 76"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 661"، والعبر "2/ 100"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 128"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 218"

ص: 528

حدث عنه: أبو يحيى الخفاف، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأكثر مشايخنا.

سمعت عبد الله بن سعد يقول: ما رأيت مثل إبراهيم بن أبي طالب، ولا أرى مثل نفسه اختلف إليه ست سنين.

قال: سمعت عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ غير مرة يقول: إنما أخرجت مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى، ومسلم الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب.

وسمعت أبا بكر الصبغي يقول: ما رأيت في المحدثين أهيب من إبراهيم بن أبي طالب كنا نجلس بن يديه، وكأن على رءوسنا الطير بينا نحن في مسجده إذ عطس أبو زكريا العنبري فأخفى عطاسه فقلت له: قليلًا قليلًا لا تخف فلست بين يدي الله عز وجل.

وسمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم سمعت ابن أبي طالب يقول: قال لي محمد بن يحيى، من أحفظ من رأيت بالعراق؟ قلت: لم أر بعد أحمد بن حنبل مثل أبي كريب ثم قال أبو الفضل: كان إبراهيم بن أبي طالب يهاب بمرة، وكان لا يحضر مجلس القضاة إلَّا لشهادة تلزمه.

وحدثنا حسان بن محمد الفقيه سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: دخلت على أحمد بعد المحنة غير مرة، وذاكرته رجاء أن آخذ عنه حديثًا حتى قلت له: أبا عبد الله حديث أبي سلمة عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "امرؤ القيس قائد لواء الشعراء إلى النار"

(1)

. فقال: قيل: عن الزهري؟ عنه قلت: من عن الزهري قال: أبو الجهم، قلت: من رواه عن أبي الجهم فسكت فعاودته فقال: اللهم سلم فسكت.

قال: وسمعت أبا علي النيسابوري يقول: كنت أختلف إلى الولي بباب معمر فقال لي بعض مشايخنا: ألا تحضر مجلس إبراهيم بن أبي طالب فترى شمائله، ومحاسنه فأحضرني فرأيت شيخًا لم تر عيناي مثله.

(1)

ضعيف جدًّا: أخرجه "2/ 228"، وابن حبان في "المجروحين""3/ 150"، وابن عدي في "الكامل""4/ 85 - 86"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية""1/ 138"، من طريق هشيم أخبرنا أبو الجهم الواسطي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

قلت: إسناده ضعيف جدًّا، آفته أبو الجهم الواسطي، قيل اسمه صبيح بن عبد الله، وقيل ابن القاسم، قال أبو زرعة الرازي: واهي الحديث، وجهله الإمام أحمد، وقال ابن حبان في "المجروحين":"شيخ من أهل واسط يروي عن الزهري ما ليس من حديثه، روى عنه هشيم، لا يجوز الاحتجاج براويته إذا انفرد".

ص: 529

قال أبو حامد بن الشرقي: إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة: الذهلي، والدارمي، والبخاري، ومسلم، وإبراهيم بن أبي طالب.

قال الحاكم: كان إبراهيم بن أبي طالب يعيش من كراء حانوت له، في الشهر بسبعة عشر درهمًا يتبلغ بها، وقد أملى كتاب "العلل"؛ وغير شيء.

وسمعت أبا الطيب محمد بن أحمد بن حمدون، سمعت إبراهيم بن أبي طالب، سمعت من يسأل أحمد بن حنبل، فقال: إن أصحاب الحديث يكتبون كتب الشافعي؟ فقال: لا أرى لهم ذلك؛ يعني: أنهم يشتغلون بذلك عن الحديث.

وسمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي، سمعت إبراهيم، سمعت ابن حنبل يقول: كان وكيع لا يقدم على زائدة في الحفظ أحدًا.

وسمعت العبنري: سمعت ابن أبي طالب يقول: سألت أحمد، عن القراءة فيما يجهر فيه الإمام، فقال: يقرأ بفاتحة الكتاب.

وسمعت عبد الله بن سعد يقول: توفي إبراهيم: في ثاني رجب، سنة خمس وتسعين ومائتين، صلى عليه ابن أخيه ووارثه، ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ.

أخبرنا ابن أبي عصرون، وابن عساكر، وبنت كندي سماعًا، عن المؤيد بن محمد، وأبي روح، وزينب الشعرية: قال المؤيد: أخبرنا محمد بن الفضل، وقال أبو روح:"أخبرنا تميم المؤدب، وقالت الشعرية: أخبرنا إسماعيل القارئ قالوا: أخبرنا عمر بن مسرور، أخبرنا إسماعيل بن نجيد، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو خالد، عن شعبة، عن عاصم، عن زر، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، سل الله الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد تسديدك السهم"

(1)

.

إسناده قوي، ولم يخرجه أرباب الكتب الستة.

وفيها مات معه: الحسن بن علي المعمري، وأبو جعفر الترمذي الفقيه، أبو شعيب، الحراني، والمتكفي بالله، والحكم بن معبد الخزاعي، والزاهد أبو الحسين النوري، وقاضي نسف: إبراهيم بن معقل النسفي.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2725" من طري عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل: اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم".

ص: 530

‌2494 - ابن مُسَاور

(1)

:

الإمام، الحافظ، الثقة، أبو جعفر، أحمد بن القاسم بن مساور البغدادي الجوهري.

حدث عن: عفان بن مسلم، وخالد بن داش، وعلي بن الجعد، وطبقتهم.

حدث عنه: عبد الباقي بن قانع، وأحمد بن كامل، ومحمد بن علي بن حبيش، وسليمان الطبراني، وآخرون.

قال أحمد بن المنادي: قال لي: إنه كتب عن علي بن الجعد خمسة عشر ألف حديث.

قال: ومات: في المحرم سنة ثلاثة وتسعين ومائتين.

‌2495 - بَحْشَل

(2)

:

الحافظ، الصدوق، المحدث، مؤرخ مدينة واسط، أبو الحسن أسلم بن سهل بن سلم بن زياد بن حبيب الواسطي، الرزاز، ويعرف ببحشل، وهو أيضًا لقب لأحمد بن أخي ابن وهب.

سمع من: جده لأمه وهب بن بقية، ومن عم أبيه سعيد بن زياد، ومحمد بن أبي نعيم، الواسطي، ومحمد بن خالد الطحان، وسليمان بن أحمد، وعدة.

حدث عنه: محمد بن عثمان بن سمعان، ومحمود بن عبد الله بن يوسف، وإبراهيم بن يعقوب، وعلي بن حميد البزاز، ومحمد بن جعفر بن الليث، وأبو القاسم الطبراني.

قال خميس الحوزي: هو منسوب إلى محلة الرزازين، ومسجده هناك، وهو ثقة، ثبت، إمام، يصلح للصحيح.

قلت: توفى سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

‌2496 - أبو عُلَاثة

(3)

:

محمد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبة: الأخباري، الأديب، من مشيخة المصريين.

كان ذا عارضة، ولسان وكان ممقوتًا عند كثير من الناس، فشهد عليه أقوام بأمور، قبل منهم السلطان فضرب مرارًا فمات ثم تبين أنه ظلم، وكان ثار عليه أهل المسجد العوام فتوفي في رمضان سنة إحدى وتسعين ومائتين.

حدث عن: أبيه وطائفة.

روى عنه: الطبراني، والواعظ علي بن محمد، ومحمد بن أحمد الصفار، وحميد بن يونس، وعدة.

ومن شيوخه: محمد بن رمح، ومكي بن عبد الله الرعيني، وحرملة.

توفي من الضرب رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 349".

(2)

ترجمته في معجم الأدباء "6/ 127"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 684"، وميزان الاعتدال "1/ 211"، ولسان الميزان "1/ 388"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي:"2/ 210".

(3)

ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 465"، ولسان الميزان "5/ 57".

ص: 531

‌2497 - البَزَّار

(1)

:

الشيخ، الإمام، الحافظ، الكبير أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، البزار، صاحب المسند الكبير الذي تكلم على أسانيده.

ولد سنة نيف عشرة ومائتين.

وسمع: هدبة بن خالد، وعبد الأعلى بن حماد، وعبد الله بن معاوية الجمحي، ومحمد بن يحيى بن فياض الزماني، ومحمد بن معمر القيسي، وبشر بن معاذ العقدي، وعيسى بن هارون القرشي، وسعيد بن يحيى الأموي، وعبد الله بن جعفر البرمكي، وعمرو بن علي الفلاس، وزياد بن أيوب، وأحمد بن المقدام العجلي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وبندارًا، وابن مثنى، وعبد الله بن الصباح، وعبد الله بن شبيب، ومحمد بن مرداس الأنصاري، ومحمد بن عبد الرحمن بن الفضل الحراني، وخلقًا كثيرًا.

حدث عنه: ابن قانع، وابن نجيع، وأبو بكر الختلي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ، وأحمد بن الحسن بن أيوب التميمي، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وأحمد بن جعفر بن سلم الفرساني، وعبد الله بن خالد بن رستم الراراني، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف الضرير، ومحمد بن أحمد بن الحسن الثقفي، وأحمد بن جعفر بن معبد

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 334"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 50"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة رقم 675"، والعبر "2/ 92"، ولسان الميزان "1/ 237"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 157"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 209".

ص: 532

السمسار، وعبد الرحمن بن محمد بن جعفر الكسائي، وأبو بكر محمد بن الفضل بن الخصيب، وأبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن سياه، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن عطاء القباب، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، ومحمد بن عبد الله بن ممشاذ القارئ، ومحمد بن عبد الله بن حيوية النيسابوري وخلق سواهم.

وقد أملى أبو سعيد النقاش مجلسًا عن نحو من عشرين شيخًا حدثوه عن أبي بكر البزار.

وقد ارتحل في الشيخوخة ناشرًا لحديثه فحدث بأصبهان عن الكبار وببغداد ومصر ومكة والرملة.

وأدركه بالرملة أجله فمات في سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

وقد ذكره أبو الحسن الدارقطني فقال: ثقة يخطئ ويتكل على حفظه.

وقال أبو أحمد الحاكم: يخطئ في الإسناد والمتن.

وقال الحاكم أبو عبد الله: سألت الدارقطني عن أبي بكر البزار فقال: يخطئ في الإسناد والمتن حدث بالمسند بمصر حفظًا ينظر في كتب الناس ويحدث من حفظه ولم يكن معه كتب فأخطأ في أحاديث كثيرة.

جرحه النسائي.

وقال أبو سعيد بن يونس: حافظ للحديث توفي بالرملة ثم أرخ كما مر.

أخبرنا علي بن بقاء وعبد الدائم بن أحمد الوزان قالا: أخبرنا علي بن محمود سنة سبع وعشرين وست مائة، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن عبد الواحد المصري، أخبرنا محمد بن علي الحافظ إملاء سنة عشر وأربع مائة، أخبرنا جدي أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي، حدثنا أحمد بن عمرو البزار، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل الحراني، حدثنا الوليد بن المهلب الحراني، حدثنا النضر بن محرز، حدثنا محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته العضباء وليست بالجدعاء فقال: "يا أيها الناس! كأن الموت فيها على غيرنا كتب وكأن الحق فيها على غيرنا وجب وكأن من نشيع من الموتى سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم قد نسيتم كل واعظة وأمنتم كل جائحة طوبي، لمن

ص: 533

شغله عيبه عن عيب أخيه، وتواضع لله في غير منقصة وأنفق من مال جمعة من غير معصية، وخالط أهل الفقه، والحكمة وجانب أهل الشك والبدعة وحسنت سريرته، وصلحت علانيته وأمن الناس شره"

(1)

.

هذا حديث واهي الإسناد، فالنضر: قال أبو حاتم: مجهول. والوليد: لا يعرف، ولا يصح لهذا المتن إسناد.

أخبرنا أحمد بن سلامة، إجازة، عن مسعود الجمال، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب، حدثنا أحمد بن عمرو البزار، حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي الكوفي، حدثنا أبو يحيى التيمي، حدثنا سيف بن وهب، عن أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا محمد وأنا أحمد وأبو القاسم والماحي والحاشر"

(2)

.

(1)

موضوع: وهذا إسناد تالف، فيه علتان: الأولى: النضر بن محرز، مجهول، وقال ابن حبان لا يحتج به، وساق الذهبي الحخديث في ترجمته وعده من منكراته. الثانية: الوليد بن المهلب، لا يعرف وله ما ينكر والحديث أخرجه ابن حبان في "المجروحين""1/ 97" من طريق أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن أنس بن مالك به مرفوعًا، وإسناده ضعيف جدًّا، متنه موضوع، فيه أبان بن أبي عياش، قال ابن حبان:"سمع عن أنس بن مالك أحاديث، وجالس الحسن، فكان يسمع كلامه ويحفظه، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن الذي سمعه من قوله عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم، ولعله روى عن أنس أكثر من ألف وخمسمائة حديث ما لكبير شيء منها أصل يرجع إليه". وقال شعبة: لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن أبان بن أبي عياش. وقال ابن معين: أبان بن بعياش ليس بشيء.

وقد ذكرت هذا الحديث في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" في المجلد الأول منه حديث رقم "149"، وقد تكلمت على طرقه بإسهاب، وهو مطبوع بمكتبة الدعوة بالأزهر الشريف يسر الله طبع بقية مجلداته الأربعة بكرمه ومنه وجعله في ميزان حسناتنا إنه سميع مجيب.

(2)

صحيح لغيره: وهذا إسناد موضوع، فيه ثلاث علل: الأولى: إبراهيم بن يوسف الصيرفي، ليس بالقوي كما قال النسائي.

والثانية: أبو يحيى التيمي، واسمه إسماعيل بن يحيى بن عبد الله بن طلحة بن عبد الله، قال صالح بن محمد جزرة، كان يضع الحديث. وقال الأزدي: ركن من أركان الكذب، لا تحل الرواية عنه.

والعلة الثالثة: سيف بن وهب، قال يحيى بن سعيد: هالك. وقال أحمد: ضعيف.

ويغني عنه ما رواه جبير بن مطعم مرفوعًا بلفظ: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يُمْحَى بي الكفر وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب"، والعاقب الذي ليس بعده نبي.

أخرجه مالك "2/ 1004" والبخاري، ومسلم "2354"، والترمذي "2840".

ص: 534

‌2498 - عُبيد بن غَنَّام

(1)

:

ابن القاضي حفص بن غياث: الإمام، المحدث، الصادق، أبو محمد النخعي، الكوفي. قيل: اسمه عبد الله.

حدث عن: أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وجبارة بن المغلس، وعلي بن حكيم الأودي، وأبي كريب، وعدة.

حدث عنه: أبو العباس بن عقدة، ويزيد بن محمد بن إياس الموصلي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر عبيد الله بن يحيى الطلحي، وآخرون.

وكان مكثرًا عن ابن أبي شيبة.

مولده في سنة إحدى عشرة ومائتين، قاله ابن عقدة.

ومات في نصف ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين.

وتآليف أبي نعيم مشحونة بحديث ابن غنام وهو ثقة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 660"، والعبر "2/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 225".

ص: 535

‌2499 - ابن عَلُّويه

(1)

:

الشيخ، الإمام، الثقة، أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن سليمان بن علوية، البغدادي القطان.

سمع: عاصم بن علي، وبشار بن موسى، وعبيد الله بن عائشة، وبشر بن الوليد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وإسماعيل بن عيسى العطار راوي المبتدأ، وجماعة.

وعنه: النجاد، والشافعي، وأحمد بن سندي الحداد، وأبو علي بن الصواف، والآجري، ومخلد الباقرحي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي.

وثقة الدارقطني والخطيب.

ولد سنة خمس ومائتين.

ومات سنة ثمان وتسعين ومائتين.

وفيها توفي: أبو العباس بن مسروق، وبهلول بن إسحاق، والجنيد بن محمد شيخ الصوفية، وأبو عثمان الحيري الزاهد، وسمنون المحب، ومحمد بن علي طرخان البلخي، ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي، ويوسف بن عاصم الرازي، والأمير محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 375"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 106".

ص: 535

‌2500 - أبو عمرو الخَفَّاف

(1)

:

الإمام، الحافظ، الكبير، القدوة شيخ الإسلام، أبو عمرو أحمد بن نصر بن إبراهيم النيسابوري، المعروف بالخفاف.

قال أبو عبد الله الحاكم: كان نسيج، وحده جلالة ورئاسة وزهدًا، وعبادة وسخاء نفس.

سمع: إسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة وأبا عمار الحسين بن حريث، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، والحسين بن الضحاك، ومحمد بن رافع، ومحمد بن علي بن شقيق، وأقرانهم بنيسابو، وأحمد بن منيع، وأبا همام السكوني، والطبقة ببغداد، وأبا كريب، وعباد بن يعقوب، وهناد بن السري، وإبراهيم بن يوسف الصيرفي، وطبقتهم بالكوفة، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وأبا مصعب الزهري، وعبد الله بن عمران العابدي، وعدة بالمدينة، ومحمد بن يحيى العدني، وغيره بمكة.

وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن.

حدث عنه: أبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن سليمان بن فارس، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو بكر الصبغي، ومحمد بن أحمد بن حمدون الذهلي، وأبو سعيد أحمد بن أبي بكر الحيري، وخلق من مشيخة الحاكم.

قال الحاكم: سمعت أبا إسحاق المزكي سمعت أبا العباس السراج يقول: ما رأيت أحفظ من أبي عمرو الخفاف كان يسرد الحديث سردًا حتى المنقطع، والمرسل.

قال الحاكم: وسمعت الصبغي يقول: صام أبو عمرو الخفاف الدهر نيفًا وثلاثين سنة.

قلت: ليته أفطر وصام فما خفي -والله- وعليه النهي عن صيام الدهر.

ولكن له سلف ولو صاموا أفضل الصوم للزموا صوم داود عليه السلام.

قال: وسمعت الصبغي غير مرة يقول: كنا نقول: إن أبا عمران يفي بمذكراة مائة ألف حديث.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 174"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 110"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 676"، والعبر "2/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 231".

ص: 536

قال: وسمعت أبا زكريا العنبري يقول: كان ابتداء حال أبي عمرو، وأحمد بن نصر الرئيس الزهد، والورع وصحبة الأبدال إلى أن بلغ من العلم، والرئاسة والجلالة ما بلغ، ولم يكن يعقب.

قال: فلما أيس من الولد تصدق بأموال كان يقال: إن قيمتها خمسة آلاف درهم على الأشراف، والفقراء والموالي.

قال: وسمعت أبا الطيب الكرابيسي: سمعت ابن خزيمة يقول على رءوس الملأ يوم مات أبو عمرو الخفاف: لم يكن بخراسان أحفظ منه للحديث.

قال: وسمعت محمد بن المؤمل بن الحسن الماسرجسي، سمعت أبا عمرو الخفاف يقول: كان عمرو بن الليث الصفار، يعني السلطان يقول لي: يا عم متى ما علمت شيئًا لا يوافقك فاضرب رقبتي إلى أن أرجع إلى هواك.

قلت: كذا فليكن السلطان مع الشيخ، وقد كان عمرو بن الليث صانعًا في الصفر فتنقلت به الأحوال إلى أن تملك خراسان، وتملك بعده أخوه يعقوب فانظر في تاريخ الإسلام تسمع العجب من سريتهما.

وكان الرئيس أبو عمرو عظيم القدر سيدا مطاعًا ببلده نال رئاسة الدين، والدنيا وكانوا يلقبونه بزين الأشراف.

وكانت وفاته في شهر شعبان سنة تسع وتسعين ومائتين من أبناء الثمانين.

وقع لي حديثه عاليًا.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف، حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد الله بن داود، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن ربيعة الجرشي، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صوم الاثنين والخميس، ويصوم شعبان ورمضان

(1)

هذا حديث صحيح وربيعة: قيل له: صحبة.

وفيها توفي: أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي، والحسين بن عبد الله الفقيه والد الخرقي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، والعارف ممشاذ الدينوري، وحسين بن حميد العكي المصري، وعبد الرحمن بن عبد الوارث بن مسلم التجيبي، ومحمد بن الليث الجوهري، وأبو جعفر أحمد بن الحسين الحذاء، وأحمد بن علي بن محمد بن الجارود الأصبهاني، ويحيى بن محمد بن البحتري الحنائي، والحسن بن أحمد الصيقل المصري.

(1)

صحيح دون قوله: "ويصوم شعبان ورمضان": أخرجه الترمذي "745"، والنسائي "4/ 202 - 203" من طريق عمرو بن علي، عن عبد الله بن داود، به، وأخرجه أحمد "6/ 80 و 89 و 106"، والنسائي "4/ 202"، وابن ماجه "1739"، من طريق خالد بن معدان، عن جبير نفير، عن عائشة، به.

ص: 537

‌2501 - أحمد بن النضر

(1)

: " خ"

ابن عبد الوهاب: الحافظ المجود العلامة أبو الفضل النيسابوري أحد الأئمة، والمصنفين.

قال الحاكم: كان أبو عبد الله البخاري: إذا ورد نيسابور نزل عند الأخوين أحمد، ومحمد ابني النضر وقد روى عنهما في صحيحه، وإسنادهما وسماعهما معًا، وهما سيان.

سمع: هدبة بن خالد، وشيبان بن فروخ وسهل بن عثمان العسكري وأبا مصعب الزهري، وإسحاق بن راهويه وعبيد الله بن معاذ، وعمرو بن زرارة وخلقا كثيرا ذكرهم الحاكم ثم قال: وأحمد مجود في البصريين.

حدث عنه: البخاري، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأحمد بن إسحاق الصيدلاني، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وآخرون.

ولما روى البخاري حديث الإفك عن أبي الربيع الزهراني قال: وثبتني أحمد في بعضه فأحمد هنا ابن النضر، وما هو بابن حنبل.

وقال البخاري: حدثنا محمد، حدثنا عبيد الله بن معاذ فذكر حديثًا فهذا محمد بن النضر فأما هذا فقديم الوفاة، وأما أحمد فطال عمره وبقي إلى سنة بضع وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 669"، وتهذيب التهذيب "1/ 87 - 88"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 205".

ص: 538

‌2502 - الأخفش

(1)

:

مقرئ دمشق، الإمام، الكبير أبو عبد الله هارون بن موسى بن شريك التغلبي الدمشقي.

قرأ على ابن ذكوان، وهشام.

وحدث عن: سلام المدائني، وأبي مسهر الغساني.

تلا عليه: ابن شنبوذ وأبو علي الحصائري، وأبو الحسن بن مر الأخرم، وجعفر أبي داود، وعدة.

وروى عنه: أبو أحمد بن الناصح، والطبراني وأبو طاهر بن ذكوان، وآخرون.

مولده سنة مائتين.

ومات في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

وكان إمامًا صاحب فنون وله تصانيف في القراءات، والعربية ارتحل إليه المقرثون كهبة الله بن جعفر، وأبي بكر النقاش، وإبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن أحمد الداجوني وغيرهم.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 263"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 133"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 209".

ص: 539

‌2503 - محمد بن جعفر

(1)

:

ابن أعين: المحدث الصادق أبو بكر البغدادي.

حدث بمصر عن: عفان بن مسلم، وعاصم بن علي، وأبي بكر بن أبي شيبة.

حدث عنه: الطبراني ومحمد بن عبد الله بن حيوية، وجماعة.

وثقة الخطيب.

توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 128"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 59".

ص: 539

‌2504 - القَتَّات

(1)

:

المعمر، المسند، أبو عمر محمد بن جعفر الكوفي.

سمع: أبا نعيم، وأحمد بن يونس، وجماعة.

وعنه: أبو بكر الشافعي، ومحمد بن عمر الجعابي، وسلميان الطبراني، والحسن بن جعفر الحرفي، وهو أخو الحسين بن جعفر بن محمد بن حبيب الكوفي.

قال أبو بكر الخطيب: كان ضعيفًا

تكلموا في سماعه من أبي نعيم.

توفى ببغداد في جمادى الأولى، سنة ثلاث مائة.

وفي الشهر توفي معه: المعمر.

‌2505 - أبو عبد الله

(2)

:

محمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي، الراوي أيضا عن أبي نعيم.

حدث عنه: الجعابي، والإسماعيلي، والحسن بن جعفر الحرفي، وجماعة.

وهو أصلح حالًا من القتات.

قال الدارقطني: ليس بالقوي.

‌2506 - ابن الإمام

(3)

" س"

الشيخ، المحدث، الثقة، أبو بكر، محمد بن جعفر بن محمد الربعي، الحنفي، البغدادي، ابن الإمام، نزيل دمياط.

سمع: أحمد بن يونس اليربوعي، وإسماعيل بن أبي أوى، وعلي بن المديني، وطبقتهم.

حدث عنه: النسائي في "سننه" وقال: هو ثقة، وأبو علي بن هارون، وابن عدي، وأبو بكر محمد بن علي النقاش، وسليمان الطبراني، وآخرون.

توفي يوم عيد النحر سنة ثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 129"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 120"، وميزان الاعتدال "3/ 501"، ولسان الميزان "5/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 236".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 188"، والمنتظم "6/ 120"، والعبر "2/ 115"، وشذرات الذهب "2/ 236".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 130"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 120"، والعبر "2/ 115"، وتهذيب التهذيب "9/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 236".

ص: 540

‌2507 - الوادِعي

(1)

:

المحدث، الحافظ، الإمام، القاضي أبو حصين محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي الكوفي صاحب "المسند".

سمع: أحمد بن يونس، وجندل بن والق، ويحيى بن عبد الحميد، وعون بن سلام، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو عمرو بن السماك، وأبو بكر بن النجاد، وجعفر بن محمد بن عمرو، وأبو بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، والطبراني، وآخرون.

وثقة الدارقطني.

توفي بالكوفة في رمضان سنة ست وتسعين ومائتين.

‌2508 - المازني:

الشيخ، الصدوق، المحدث، أبو العباس محمد بن حيان المازني البصري.

حدث عن عمرو بن مرزوق، وأبي الوليد الطيالسي، ومسدد بن مسرهد، وطبقتهم.

روى عنه دعلج السجزي، وابن قانع والطبراني، وفاروق الخطابي، وآخرون.

بقي إلى بعد التسعين ومائتين.

‌2509 - يحيى بن منصور

(2)

:

ابن حسن السلمي: الإمام، الحافظ، الثقة، الزاهد، القدوة، محدث هراة، أبو سعد الهروي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 229"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 88"، واللباب لابن الأثير "3/ 344"، والعبر "2/ 106"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 372"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 225".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 225"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 26"، وتذكرة الحافظ "2/ ترجمة 712"، والعبر "2/ 94"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 123"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 213".

ص: 541

سمع من: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وأبي مصعب، وابن راهويه، وابن نمير، وسويد بن سعيد، ويعقوب بن كاسب، وحبان بن موسى، وعد كثير من طبقتهم.

حدث عنه: عبد الصمد الطستي، وأبو بكر أحمد بن خلف، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعلي بن حمشاذ، وأحمد بن عيسى الغيزاني، وأبو بكر الشافعي، وإسماعيل الخطبي، وآخرون وحدث ببغداد.

ذكره أبو بكر الخطيب وقال: توفي بهراة في سنة سبع وثمانين ومائتين قال: وكان ثقة حافظًا زاهدًا.

قلت: بل الصحيح وفاته في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

وكان عجبًا في التأله، والعبادة حتى قيل: إنه لم ير مثل نفسه رحمة الله عليه.

ولد سنة خمس عشر ومائتين.

وله كتاب: أحكام القرآن قال الرهاوي: لم يسبق إلى مثلها وكتاب: شرف النبوة وكتاب: الإيمان وله أحفاد وأسباط علماء أكابر.

ص: 542

‌2510 - أحمد بن نَجْدة

(1)

:

ابن العريان: المحدث، القدوة، أبو الفضل الهروي.

رحل، وجاور، وسمع من: سعيد بن منصور، وسعيد بن سليمان الواسطي، وجماعة.

حدث عنه: أبو إسحاق البزار، وأبو محمد المغلفي، وآخرون.

وكان في الثقات.

توفي بهراة سنة ست وتسعين ومائتين عن سن عالية.

وهو أخو معاذ بن نجدة الراوي عن قبيصة وطبقته ومات سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 224".

ص: 542

‌2511 - الطَّهْمَاني

(1)

:

العلامة، إمام، اللغة، أبو العباس عيسى بن محمد الطهماني المروزي الكاتب.

سمع: إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وجماعة.

وعنه: أحمد بن الخضر، ويحيى بن محمد العنبري، وعمر بن علك.

وكان من رؤساء المراوزة.

قال الحاكم: حدثنا أبي، سمع الطهماني يقول: رأيت بخوارزم امرأة لا تأكل، ولا تشرب، ولا تروث.

وقال ولده أبوه صالح محمد بن عيسى: مات أبي في صفر سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

وقال يحيى العنبري: سمعت الطهماني يحكي شأن التي لا تأكل، ولا تشرب وأنها عاشت كذلك نيفًا وعشرين سنة، وأنه عاين ذلك.

قلت: سقت قصتها في "تاريخ الإسلام" وهي: رحمة بنت إبراهيم قتل زوجها، وترك ولدين وكانت مسكينة فنامت فرأت زوجها مع الشهداء يأكل على موائد وكانت صائمة قالت: فاستأذنهم وناولني كسرة فوجدتها أطيب من كل شيء فاستيقظت شبعانة، واستمرت.

وهذه حكاية صحيحة، فسبحان القادر على كل شيء.

وحكى الشيخ عز الدين الفاروثي: أن رجلًا بعد الست مائة كان بالعراق، دام سنين لا يأكل.

وحكى لي ثقات ممن لحق عائشة الصائمة بالأندلس، وكانت حية سنة سبع مائة دامت أعوامًا لا تأكل.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 170"، واللباب لابن الأثير "2/ 291"، والعبر "2/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 210".

ص: 543

‌2512 - عيسى بن مسكين

(1)

:

شيخ المالكية بالمغرب، أبو محمد الإفريقي، صاحب سحنون.

أخذ عنه: تميم بن محمد، وحمدون بن مجاهد الكلبي، ولقمان الفقيه، وعبد الله بن مسرور بن الحجام.

وكان ثقة ورعًا عابدًا مجاب الدعوة.

ولي القضاء مكرهًا، فكان يستقي بالجرة، ويترك التكلف. وله تصانيف.

مات سنة خمس وتسعين ومائتين، رحمه الله.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 102"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 220".

ص: 543

‌2513 - القاضي

(1)

:

الإمام، الحافظ، المفيد، القاضي، أو نعيم الفضل بن عبد الله بن مخلد التميمي، الجرجاني.

سمع: قتيبة بن سعيد وطبقته بخراسان، وعيسى بن حماد وأبا الطاهر بن السرح بمصر، ومحمد بن مصفى، وهشام بن خالد بالشام.

وعنه: أبو جعفر العقيلي، والزبير بن عبد الواحد وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وآخرون.

قال الإسماعيلي: صدوق جليل.

وقال حمزة في تاريخه: مات في ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

(1)

ترجمته في جرجان للسهمي "288 - 289".

ص: 544

‌2514 - جعفر بن محمد بن سَوَّار

(1)

:

الإمام، الحجة، أبو محمد النيسابوري.

ذكره الحاكم فقال: من أكابر الشيوخ وأكثرهم حديثًا، وإتقانًا.

سمع: قتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن يوسف وعلي بن حجر، وأبا مصعب الزهري، وأبا مروان محمد بن عثمان بن خالد، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، وأبا كريب، وخلقًا سواهم.

ودخل الشام بأخرة فكتب عن: محمد بن عوف الطائي، ويوسف بن سعيد بن مسلم.

حدث عنه: أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، والمؤمل بن الحسن، وأبو حامد بن الشرقي، والشيوخ.

قلت: روى عنه أيضًا: محمد بن صالح بن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، ويحيى بن منصور، وأبو العباس بن حمدان نزيل خوارزم، وأبو عمرو، وإسماعيل بن نجيد، ومحمد بن العباس بن نجيح البغدادي، وآخرون.

حدث بنيسابور، وبغداد وكان من علماء هذا الشأن يقع لنا حديثه عاليا في جزاء ابن نجيد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 191"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 29".

ص: 544

قال الحاكم: سمعت أبا الفضل بن إبراهيم يقول: توفي جعفر بن محمد بن سوار يوم الثلاثاء، لإحدى عشرة ليلة مضت من ذي القعدة، سنة ثمان وثمانين ومائتين وصلى عليه ابن خزيمة.

قلت: هو من أبناء السبعين، وزيادة.

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، وأحمد بن هبة الله بن أحمد وزينب بنت كندي سماعًا عن المؤيد بن محمد الطوسي، أخبرنا محمد بن الفضيل الفقيه "ح"، وأخبرنا الثلاثة عن عبد المعز بن محمد البزاز، أخبرنا تميم بن أبي سعيد "ح"، وأخبرونا عن زينب بنت أبي القاسم قالت: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم قالوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا جعفر بن محمد بن سوار، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا"

(1)

.

وبإسناده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك"

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "257، 418" من طريقين عن أبي الزناد، به.

وأخرجه أحمد "2/ 312"، والبخاري "6637"، من طريقين عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، به.

وأخرجه أحمد "2/ 502"، والترمذي "2313" من طريقين عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به، وأخرجه أحمد "2/ 432"، من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5352"، ومسلم "993"، من طريقين، عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.

ص: 545

‌2515 - المُبَرِّد

(1)

:

إمام، النحو، أبو العباس، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، البصري، النحوي الأخباري، صاحب، "الكامل".

أخذ عن: أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني.

وعنه: أبو بكر الخرائطي، ونفطويه، وأبو سهل القطان، وإسماعيل الصفار، والصولي، وأحمد بن مروان الدينوري، وعدة.

وكان إمامًا، علامة، جميلًا، وسيمًا، فصيحًا، مفوهًا، موثقًا صاحب نوادر وطرف.

قال ابن حماد النحوي: كان ثعلب أعلم باللغة، وبنفس النحو من المبرد، وكان المبرد أكثر تفننا في جميع العلوم من ثعلب.

قلت: له تصانيف كثيرة، يقال: إن المازني أعجبه جوابه: فقال له: قم فأنت المبرد، أي: المثبت للحق، ثم غلب عليه: بفتح الراء.

وكان آية في النحو، كان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه.

مات المبرد: في أول سنة ست وثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 380" والمنتظم لابن الجوزي "6/ 9 - 11"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 111 - 122"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 636"، والعبر "2/ 74"، ولسان الميزان "5/ 430"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 117"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 190".

ص: 546

‌2516 - العُكْبَري

(1)

:

الشيخ، المحدث، الثقة، الجليل، أبو محمد، خلف بن عمرو العكبري.

حج، وسمع من: أبي بكر الحميدي، وسعيد بن منصور، وحسن بن الربيع، ومحمد بن معاوية النيسابوري.

وعنه: حعفر الخلدي، وعبد الصمد الطستي، وأبو بكر الآجري، وأبو القاسم الطبراني، وحبيب القزاز، ومحمد بن عبد الله بن بخيت، وآخرون.

وثقة الدارقطني.

ونقل الخطيب: أن العكبري هذا كان له ثلاثون خاتمًا، وثلاثون عكازًا، يلبس كل يوم خاتمًا، ويأخذ عكازًا، كان من ظرفاء بغداد ومحتشميهم.

مات سنة ست وتسعين ومائتين.

وفيها مات: أحمد بن نجدة العريان الهروي، وأحمد بن حماد زغبة التجيبي، وأحمد بن يحيى الحلواني أبو جعفر، وعبد الله بن المعتز، وأبو حصين الوادعي محمد بن الحسين، وأبو شهاب معمر بن محمد البلخي، ويوسف بن موسى القطان الصغير، وأحمد بن عمرو القطراني، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان بمصر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 331"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 84"، والعبر "2/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 225".

ص: 546

‌2517 - البَيْهَقي:

المحدث، الإمام، الثقة، مسند نيسابور، أبو سليمان، داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد الخسروجردي البيهقي.

سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفراء، وقتيبة، وإسحاق، وعلي بن حجر، وأبا مصعب الزهري، ويعقوب بن كاسب، ومحمد بن رمح، وأبا التقى اليزني.

ورحل، وكتب الكثير، وجود.

وعنه: أبو علي النيسابوري، وأبو بكر بن علي، وعبد الله بن محمد بن مسلم، وبشر بن أحمد الإسفراييني، وخلق كثير.

خرج البيهقي له كثيرًا في كتبه.

مات بخسروجرد، وهي: قرية كبيرة، في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

ص: 547

‌2518 - موسى بن إسحاق

(1)

:

ابن موسى بن عبد الله بن موسى ابن الصحابي عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي، الإمام، العلامة، القدوة، المقرئ، القاضي، أبو بكر ابن القاضي الإمام أبي موسى، الفقيه الشافعي، قاضي نيسابور، وقاضي الأهواز.

ولد سنة نيف ومائتين.

وحدث عن: قالون عيسى بن مينا -فهو خاتمة أصحابه- وعن: أحمد بن يونس اليربوعي، وعلي بن الجعد، وعلي بن المديني، ويحيى بن بشر الحريري، وأبي نصر التمار، وأبيه إسحاق الخطمي، وخلق كثير.

حدث عنه: عبد الباقي بن قانع، وحبيب القزاز، وأبو محمد بن ماسى، وجماعة.

قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق.

وقال ولده أحمد: قال أبي: سمعت من أبي كريب ثلاث مائة ألف حديث.

وقال أحمد بن كامل: كان فصيحًا كثير السماع، محمودًا، ينتحل مذهب الشافعي.

وقال ابن المنادي: بلغني أنه أقرأ الناس القرآن، وله ثمان عشرة سنة.

وروى أن المعتضد وصى وزيره بإسماعيل القاضي، وبموسى بن إسحاق، وقال: بهما يدفع عن أهل الأرض.

قلت: يقع حديثه عاليًا في "القطيعيات".

وجاء عن موسى بن إسحاق أنه كان لا يُرى متبسمًا، فقالت له امرأة: لا يحل لك أن تقضي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان"

(2)

. فتبسم.

وكان يضرب به المثل في ورعه.

توفى سنة سبع وتسعين ومائتين بالأهواز.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 613"، وتاريخ بغداد "13/ 52"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 69"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 688"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 226".

(2)

صحيح على شرطهما: أخرجه البخاري "7158"، والبيهقي "10/ 104 - 105" من طرق عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحم بن أبي بكرة، عن أبيه، به.

وأخرجه أحمد "5/ 46"، ومسلم "1717"، والترمذي "1334"، والنسائي "8/ 237"، وابن الجارود "997" والبيهقي "10/ 105" من طرق عن عبد الملك بن عمير، به.

ص: 547

‌2519 - البُوشَنْجِي:

" خ"

الإمام، العلامة، الحافظ، ذو الفنون، شيخ الإسلام، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن بن موسى العبدي، الفقيه، المالكي، البوشنجي، شيخ أهل الحديث في عصره بنيسابور.

مولده في سنة أربع ومائتين.

وارتحل شرقًا وغربًا ولقي الكبار، وجمع، وصنف، وسار ذكره، وبعد صيته.

سمع: يحيى بن بكير، وروح بن صلاح، ويوسف بن عدي، ومحمد بن سنان العوقي، ومسددًا، وإسماعيل بن أبي أويس، وسعيد بن منصور، وأحمد بن عبد الله بن يونس، ومحمد بن المنهال الضرير، وهدبة بن خالد، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وأمية بن بسطام، وأبا نصر التمار، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله بن محمد العيشي، وإبراهيم بن حمزة

ص: 548

الزبيري، وسليمان بن بنت شرحبيل، ومحبوب بن موسى الأنطاكي، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبا الربيع الزهراني، وطبقتهم.

حدث عنه: محمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن إسماعيل البخاري وهما أكبر منه، وأبو حامد بن الشرقي، وابن خزيمة، وأبو العباس الدغولي، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، وأبو عبد الله بن الأخرم، ويحيى بن محمد العنبري، ودعلج السجزي، وعلي بن حمشاذ، وإسماعيل بن نجيد، وخلق خاتمتهم: أبو الفوارس أحمد بن محمد بن جمعة المتوفى بعد ابن نجيد بعام.

قال دعلج: حدثني فقيه من أصحاب داود بن علي: أن أبا عبد الله دخل عليهم يومًا، وجلس في أخريات الناس ثم إنه تكلم مع داود فأعجب به، وقال: لعلك أبو عبد الله البوشنجي قال: نعم فقام اليه، وأجلسه إلى جنبه وقال: قد حضركم من يفيد، ولا يستفيد.

وقال أبو زكريا العنبري: شهدت جنازة الحسين القباني فصلى بنا عليه أبو عبد الله البوشنجي، فلما أرادوا الانصراف قدمت دابة أبي عبد الله، وأخذ أبو عمرو الخفاف بلجامه، وأخذ إمام الأئمة بركابه، وأبو بكر الجارودي وإبراهيم بن أبي طالب يسويان عليه ثيابه فلم يمنع، واحدًا منهم ومضى.

قال أبو زكريا العنبري: قال لي البوشنجي مرة: أحسنت ثم التفت إلى أبي وقال: قلت لابنك: أحسنت ولو قلت هذا لأبي عبيد لفرح به.

قال أبو عمرو بن نجيد: سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل يقول: تقدمت لأصافح أبا عبد الله البوشنجي تبركًا به فقبض عني يده ثم قال: يا أبا عثمان! لست هناك.

قال أبو بكر محمد بن جعفر المزكي: أخبرنا البوشنجي، عن أحمد بن حنبل، عن ابن مهدي، عن زهير بن محمد، عن صالح بن كيسان، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البذاذة من الإيمان"

(1)

. فقال البوشنجي: البذاء خلاف البذاذة

(1)

صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 9"، والبيهقي في "شعيب الإيمان""6173"، "8136"، وفي "الآداب""240"، والقضاعي في "مسند الشهاب""157" من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.

ورواه الطبراني "790" من طريق عبد الله بن رجاء، عن سعيد بن مسلمة، عن صالح بن كيسان، به.

ورواه البخاري في "التاريخ الكبير""9/ 3"، والطبراني "788" من طريقين عن عبد الله بن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة، عن أبيه منيب بن عبد الله قال: لقيني رجل بالسوق، فقال: أخبرني جدك أبو أمامة بن ثعلبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. =

ص: 549

إنما البذاء: طول اللسان برمي الفواحش، والبهتان، والبذاذة: رثاثة الثياب في الملبس، والمفرش تواضعًا عن رفيع الثياب، وثمين الملابس والمفترش، وهي ملابس أهل الزهد يقال: فلان بذ الهيئة: رث الملبس.

قال أبو بكر محمد بن جعفر: سمعت البوشنجي يقول للمستملي: الزم لفظي، وخلاك ذم.

الحاكم: سمعت الحسن بن أحمد بن موسى، سمعت أبا عبد الله البوشنجي يقول في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار"

(1)

. قال: معناه: أن من حمل القرآن وقرأه، لم تمسه النار.

الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، سمعت البوشنجي غير مرة يقول: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، وذكره يملأ الفم وقال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر سمعت البوشنجي غير مرة يقول: عبد العزيز بن محمد الأندراوردي.

قال: وحدثنا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا البوشنجي، حدثنا النفيلي، حدثنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي قاضي الري، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة قال: ما رأيت أخطب من عائشة، ولا أعرب، لقد رأيتها يوم الجمل، وثار إليها الناس فقالوا: يا أم المؤمنين، حدثينا عن عثمان وقتله فاستجلست الناس ثم حمدت الله وأثنت عليه ثم قالت:

أما بعد .. فإنكم نقمتم على عثمان خصالًا ثلاثًا: إمرة الفتى، وضربة السوط، وموقع الغمامة المحماة، فلما أعتبنا منهن مصتموه موص الثوب بالصابون، عدوتم به الفقر الثلاث: حرمة الشهر الحرام، وحرمة البلد الحرام، وحرمة الخلافة، والله لعثمان كان أتقاكم للرب، وأوصلكم للرحم، وأحصنكم فرجًا أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي، ولكم.

= رواه الحميدي "357" عن سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن معبد بن كعب، عن عمه أو أمه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعلمن يا هؤلاء البذاذة من الإيمان". رواه أبو داود "4161"، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان""6470"، وفي "الآداب""241" عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب، عن أبي أمامة، به، ورواه ابن ماجه "4118" عن كثير بن عبيد الحمصي، عن أيوب بن سويد، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن أبي أمامة، به.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "4/ 155" من طريق حجاج والدارمي "2/ 430" من طريق عبد الله بن يزيد كلاهما عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، به.

قلت: إسناده حسن، عبد الله بن لهيعة، روى عنه عبد الله بن يزيد قبل احتراق فحديثه عنه صحيح لأنه قد روى عنه قبل الاختلاط.

ص: 550

قال البوشنجي: إمرة الفتى: عزله سعدًا، وتوليته مكانه الوليد بن عقبة لقرابته منه، وضربة السوط: فإنه تناول عمارًا، وأبا ذر ببعض التقويم، وموقع الغمامة: فإنه حمى أحماء في بلاد العرب لإبل الصدقة، وقد فعله عمر فما أنكره الناس، والموص: الغسل، والفقر: الفرص.

الحاكم: حدثنا محمد بن أحمد بن موسى الأديب، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا عبد الله بن يزيد الدمشقي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: رأيت في المقسلاط صنمًا من نحاس إذا عطش نزل فشرب ثم قال البوشنجي: ربما تكلمت العلماء على سبيل تفقدهم مقدار أفهام حاضريهم تأديبًا لهم وتنبيهًا على العلم وامتحانًا لأوهامهم فهذا ابن جابر، وهو أحد علماء الشام، وله كتب في العلم يقول هذا والمقسلاط: موضع بدمشق بسوق الدقيق يريد أن الصنم لا يعطش ولو عطش نزل فشرب فينفي عنه النزول والعطش.

قال: وسمعت أبا زكريا العنبري، سمعت البوشنجي، سمعت قتيبة بن سعيد، سمعت يونس بن سليم يقول: الأرز من طعام الكرام.

قال قتيبة: فلما حججت صيروه حديثًا، فكانوا يجيئون ببغداد فيقولون: حديث الأرز حديث الأرز.

سمعت العنبري سمعت البوشنجي، سمعت أبا صالح الفراء سمعت يوسف بن أسباط يقول: قال لي سفيان: إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مراء وإياك أن تخدع، ويقال لك: ترد مظلمة وتدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة إبليس اتخذها القراء سلمًا.

وسمعت العنبري سمعت البوشنجي، يقول: ابن إسحاق عندنا ثقة ثقة.

قال: وسمعت أبا عمرو بن حمدان، سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: لو لم يكن في أبي عبد الله من البخل بالعلم ما كان ما خرجت إلى مصر.

قال أبو النضر الفقيه: سمعت البوشنجي يقول: من أراد العلم، والفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله.

ص: 551

ذكر السليماني الحافظ أبا عبد الله البوشنجي، فقال: أحد أئمة أصحاب مالك.

وقال الحسن بن يعقوب: كان مقام أبي عبد الله البوشنجي بنيسابور على الليثية فلما انقضت أيامهم خرج إلى بخارى إلى حضرة الأمير إسماعيل فالتمس منه بعد أن أقام عنده برهة ان يكتب أرزاقه بنيسابور.

الحاكم: سمعت الحسين بن الحسن الطوسي سمعت أبا عبد الله البوشنجي يقول: وصلني من الليثية سبع مائة الف درهم.

وقال دعلج: سمعت أبا عبد الله يقول وأشار إلى ابن خزيمة: كيس، وأنا لا أقول ذا لأبي ثور.

قال أبو عبد الله بن الأخرم: روى البخاري حديثًا في "الصحيح"، عن أبي عبد الله البوشنجي.

قال ابن الذهبي: في "الصحيح": حدثنا محمد، حدثنا أبو جعفر النفيلي .... فذكر حديثًا في تفسير سورة البقرة فإن لم يكن البوشنجي، فهو محمد بن يحيى والأغلب أنه البوشنجي؛ لأن الحديث بعينه قد رواه الحاكم: حدثنا أبو بكر بن أبي نصر، حدثنا البوشنجي، حدثنا النفيلي، حدثنا مسكين بن بكير، حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن مروان الأصفر، عن رجل وهو ابن عمر: أنها نسخت: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} [الآية: 284] من سورة البقرة.

الحاكم: حدثنا الأصم، حدثنا الصغاني، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا النفيلي فذكر حديثًا، ثم قال الحاكم: حدثناه محمد بن جعفر، حدثنا البوشنجي

فذكره.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميم مدرس الشامية، وأبو الفضل بن تاج الأمناء وزينب بنت كندي قراءة عليهم عن المؤيد بن محمد الطوسي، وعبد المعز بن محمد الهروي وزينب بنت أبي القاسم الشعري قال المؤيد: أخبرنا محمد بن الفضل الصاعدي، وقال عبد المعز: أخبرنا تميم بن أبي سعيد المعلم، وقالت زينب: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم قالوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا أبو عمرو بن نجيد سنة أربع وستين وثلاث مائة، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا روح بن صلاح المصري، حدثنا موسى بن علي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحسد في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فقام به وأحل حلاله وحرم حرامه، ورجل آتاه الله مالًا،

ص: 552

فوصل منه أقرباءه ورحمه، وعمل بطاعة الله تمنى أن يكون مثله، ومن تكن فيه أربع، لم يضره ما زُوي عنه من الدنيا: حسن خليقة، وعفاف، وصدق حديث، وحفظ أمانة"

(1)

.

حديث غريب، عال جدًّا وروح: ضعفه ابن عدي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وبالغ الحاكم فقال: ثقة مأمون. وقد طول الحاكم ترجمة البوشنجي بفنون من الفوائد. قال: وتوفي في غرة المحرم، سنة إحدى وتسعين ومائتين.

وقيل: مات في سلخ ذي الحجة من سنة تسعين، فدفن من الغد، وصلى عليه ابن خزيمة. وبوشنج -بشين معجمه- قيده أبو سعد السمعاني وقال: بلدة على سبعة فراسخ من هراة.

قلت: وبعضهم يقولها بسين مهملة.

تم الجزء العاشر ويليه:

الجزء الحادي عشر، وأوله: ثعلب

(1)

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه الذهبي في "ميزان الاعتدال"، بإسناد لنفسه "2/ 58" في ترجمة "روح بن صلاح المصري" قال الذهبي: أخبرنا محمد بن عبد السلام، وزينب بنت عمر، عن أبي روح، والمؤيد، وزينب، قال أبو روح: أخبرنا تميم. وقال المؤيد: أخبرنا أبو عبد الله الفزاري، وقالت زينب: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم قالوا: أخبرنا عمر بن مسرور، به.

قلت: إسناده ضعيف، روح بن صلاح المصري، ضعيف، ضعفه ابن عدي. وذكره ابن حبان في الثقات على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين. لكن الحديث قد ورد عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:

"لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فهو يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه في حقه فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي عملت فيه مثل ما يعمل". أخرجه أبي شيبة "10/ 557"، والحميدي "617"، والبخاري "7529" واللفظ له، وفي "خلق أفعال أفعال العباد""ص 124"، ومسلم "815"، والنسائي في "فضائل القرآن""97"، وابن ماجه "4209"، والبيهقي "4/ 188"، والبغوي "3537" من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، به، وأخرجه أحمد "2/ 36 و 88" عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به.

وورد عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله هذا الكتاب، فقام به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا فتصدق به آناء الليل وآناء النهار". أخرجه أحمد "2/ 152" ومسلم "815"، "267"، واللفظ له، والطحاوي في "مشكل الآثار""1/ 191"، من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، به.

ص: 553