المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌3038 - ابن القاصّ (1) : الإمام الفقيه، شيخ - سير أعلام النبلاء - ط الحديث - جـ ١٢

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌3038 - ابن القاصّ

(1)

:

الإمام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري، ثم البغدادي الشافعي، ابن القاص تلميذ أبي العباس بن سُرَيج.

حدَّث عن أبي خليفة الجُمَحي، وغيره.

رأيت له شرح حديث أبي عمير

(2)

.

وتفقَّه به أهل طبرستان.

صنَّف في المذهب كتاب المفتاح، وكتاب أدب القاضي، وكتاب المواقيت، وله كتاب التلخيص الذي شرحه أبو عبد الله الختن، ختن الإسماعيلي.

وتوفِّي مرابطًا بطرسوس.

قال الشيخ أبو إسحاق: كان ابن القاصّ من أئمة أصحابنا، صنَّف المصنفات.

مات بطرسوس سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 24"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 22"، والعبر "2/ 241"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 294"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 339".

(2)

حديث أبي عمير: ورد عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا، وكان لي أخ يقال له أبو عمير. قال: أحسبه قال: كان فطيمًا. قال: فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال: "يا أبا عمير، ما فعل النغير"؟، قال: فكان يلعب به.

أخرجه البخاري "6203"، ومسلم "2150" واللفظ له، وأبو داود "4969"، والترمذي "333" من حديث أنس به، والنغير: تصغير النغر، وهو طائر صغير.

ص: 5

‌3039 - المَمْسِيّ:

الإمام المفتي أبو الفضل العباس بن عيسى الممسيّ، المالكيّ، العابد.

أخذ عن موسى القطَّان القيرواني وغيره.

وكان مناظرًا صاحب حجة.

حجَّ في سنة سبع عشرة، وردَّ على الطحاوي في مسألة النبيذ، ثم رجع إلى الغرب، وأقبل على شأنه، ذكره عياض القاضي.

فلمَّا قام أبو يزيد مخلد بن كنْدَاد الأعرج رأس الخوارج على بني عبيد، خرج هذا الممسي معه في عدد من علماء القيروان؛ لَفَرْط ما عمَّهم من البلاء، فإن العبيدي كشف أمره، وأظهر ما يبطنه، حتى نصبوا حسن الضرير السباب في الطرق بأسجاع لقَّنوه يقول: العنوا الغار وما حوى، والكساء وما وعى، وغير ذلك، فمن أنكر ضُرِبَتْ عنقه، وذلك في أوّل دولة الثالث إسماعيل، فخرج مخلد الزناتي المذكور صاحب الحمارة، وكان زاهدًا، فتحرك لقيامه كل أحد، ففتح البلاد، وأخذ مدينة القيروان، لكن عملت الخوارج كل قبيح حتى أتى العلماء أبا يزيد يعيبون عليه، فقال: نُهْبُكم حلال لنا، فلاطفوه حتى أمرهم بالكَفِّ، وتحصَّن العبيدي بالمهدية.

وقيل: إن أبا يزيد لما أيقن بالظهور غلبت عليه نفسه الخارجية، وقال لأمرائه: إذا لقيتم العبيدية فانهزموا عن القيروانيين حتى ينال منهم عدوهم، ففعلوا ذلك، فاستُشْهِد خلق، وذلك سنة نيف وثلاثين وثلاث مائة.

فالخوارج أعداء المسلمين، وأما العبيدية الباطنية فأعداء الله ورسوله.

ص: 6

‌3040 - الحُبُلي:

الإمام الشهيد، قاضي مدينة برقة، محمد بن الحُبُلي.

أتاه أمير برقة فقال: غدًا العيد، قال: حتى نرى الهلال، ولا أفطِّر الناس وأتقلّد إثمهم، فقال: بهذا جاء كتاب المنصور، وكان هذا من رأي العبيدية يفطِّرون بالحساب ولا يعتبرون رؤية، فلم يُرَ هلال، فأصبح الأمير بالطبول والبنود وأهبة العيد، فقال القاضي: لا أخرج ولا أصلي، فأمر الأمير رجلًا خطب، وكتب بما جرى إلى المنصور، فطلب القاضي إليه فأحضر، فقال له: تنصَّل وأعفو عنك، فامتنع، فأمر فعلِّق في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث العطش فلم يسقَ، ثم صلبوه على خشبة، فلعنة الله على الظالمين.

ص: 6

‌3041 - حمزة بن القاسم

(1)

:

ابن عبد العزيز، الإمام القدوة، إمام جامع المنصور، أبو عمر الهاشمي البغدادي.

مولده في سنة تسع وأربعين ومائتين.

سمع من سعدان بن نصر، وعيسى بن أبي حرب، وعباس الترقفي، وعبَّاس الدُّوريّ.

روى عنه: الدارقطني وأبو الحسين بن المتيم، وإبراهيم بن مخلد الباقرحي وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقة مشهورًا بالصلاح، استسقى للناس فقال: اللهمَّ إنَّ عمر بن الخطاب استسقى بشيبة العباس فسقي وهو أبي، وأنا أستسقي به، قال: فأخذ يحول رداءه فجاء المطر وهو على المنبر.

توفِّي سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة.

‌3042 - الجُورِجيري

(2)

:

المحدِّث أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الأصبهاني الجُورِجيري.

سمع إسحاق بن الفيض، وإسحاق شاذان، ومحمد بن عاصم الثقفي، ومسعود بن يزيد القطّان، وحجَّاج بن يوسف بن قتيبة، وإبراهيم بن عبد الله الجُمَحي.

حدَّث عنه: أبو إسحاق بن حمزة الحافظ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن مندة، وعثمان بن أحمد بن البُرجِي، وآخرون.

يقع من عواليه في الثقفيات.

توفِّي في ربيع الأول سنة ثلاثين وثلاث مائة.

‌3043 - السِّمْسَار:

الإمام الزاهد المعمر أبو بكر محمد بن عمر بن حفص النيسابوري السمسار العابد.

سمع إسحاق بن عبد الله بن رزين، وسهل بن عمار، وغيرهما.

وعنه: أبو الحسين الحَجَّاجيّ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو طاهر بن محمش.

كان في مكسب عظيم فتركه واشتغل بالصلاة والتلاوة وحضور الجنائز.

أثنى عليه الحاكم وقال: توفي في شوال سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة، وله اثنتان وتسعون سنة، قال: وشيعه خلق مثل جمع يوم العيد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 181"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 350".

(2)

تقدَّمت ترجمته في الجزء السابق بتعليقنا رقم "514"، ورقم ترجمة عام "2966".

ص: 7

‌3044 - المدائني:

المحدِّث أبو عبد الله محمد بن الحسين بن إسماعيل المدائني.

حدَّث عن يزيد بن سنان القزاز، وزكريا بن يحيى بن خلَّاد الساجي صاحب الأصمعي، ونصر بن مرزوق، وجماعة.

وعنه: أبو عبد الله بن مندة، وأبو زرعة أحمد بن الحسين.

ذكره ابن النجار.

‌3045 - أبو زُرْعَة:

هو الإمام المحدث، أبو زرعة محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج بن مَتُّويه القزويني.

ذكره الخليلي فقال: ثقة عارف بهذا الشأن.

سمع بقزوين: محمد بن مسعود الأسدي، ويوسف بن حمدان، وبالعراق: أبا خليفة، وزكريا الساجي، ثم ارتحل إلى الشام سنة ثمان وعشرين، وكتب الكثير، فمات عند رجوعه بقرب قرميسين سنة ثلاثين وثلاث مائة وهو كهل.

روى عنه: ابن لال الهمذاني، وغيره، وحدَّثنا عنه ابنه عبد الله بحديثين.

وأبوه الحافظ أبو بكر.

‌3046 - أحمد بن محمد:

ابن مَتُّويه.

سمع يحيى بن عَبْدَك، وكثير بن شهاب، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وعدة من القزوينيين والعراقيين والحجازيين، قديم الموت، سمعوا منه بالعراق لحفظه.

وروى عنه: أبو الحسن القطان، وأبو داود الفامي.

ثم قال الخليلي: ولم ندرك مِمَّن روى عنه إلَّا علي بن أحمد بن صالح.

ص: 8

‌3047 - ابن زَبَّان

(1)

:

المقرئ العابد المعمر، أبو بكر أحمد بن سليمان بن زبان الكندي الدمشقي الضرير، ويعرف أيضًا بابن أبي هريرة.

ادَّعى أنه قرأ القرآن على أحمد بن يزيد الحلواني، وأنه سمع من هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وإبراهيم بن أيوب الحَوْرَانيّ.

تلا عليه أحمد بن عبد الله بن زُرَيق، وحدَّث عنه: ابن شمعون، وأبو بكر بن شاذان، وابن شاهين وجماعة.

وروى عنه: أولًا تَمَّام، والعفيف بن أبي نصر، ثم تركا الرواية عنه لضعفه.

وكان يقول: ولدت سنة خمس وعشرين ومائتين.

قال عبد الغني الأزدي: كان غير ثقة.

توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الإكمال "4/ 120"، والعبر "2/ 246"، وميزان الاعتدال "1/ 102"، ولسان الميزان "1/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 345".

ص: 9

‌3048 - ابن حيكويه:

القاضي الإمام المحدث، أبو الحسن محمد بن يحيى بن زكريا الرازي الشافعي.

ذكره الخليلي فقال: عالم كبير، سمعت ابن ثابت -يعني: علي بن أحمد- يقول: ما رأيت بقزوين من يعرف هذا الشأن غيره.

سمع سهل بن سعد، وعلي بن أبي طاهر، وارتحل فسمع أبا شعيب الحراني، ومحمد بن يحيى المروزي، ومطينًا، وأبا خليفة، وأبا يعلى، وهو من المكثرين في الحديث وفي الفقه.

لازم ابن سريج إلى أن مات.

وله تصانيف في الأصول والفقه.

ولي القضاء بقزوين أربع سنين، إلى سنة سبع وعشرين وثلاث مائة، وبنى المقصورة، وأمر باتخاذ المنبر، واستُقْضِيَ أيضًا بهمذان، وكان متعصبًا للسنَّة، ناصرًا لأهلها.

وأبوه هو حيكويه المعدَّل، ثقة معتمد.

سمع يحيى بن عبدك، وكثير بن شهاب، أدركت جماعة من أصحابه، مات سنة ثمان عشرة وثلاث مائة.

واستشهد القاضي أبو الحسن في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

ص: 9

‌3049 - أحمد بن عبيد

(1)

:

ابن إبراهيم، الإمام المحدِّث الحجة الناقد، أبو جعفر الأسدي الهمذاني.

حدَّث عن إبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن صالح الأشج، وإبراهيم الحربي، والحسن بن علي السري، ويوسف بن عبد الله الدينوري، ومحمد بن الضريس، وعدة.

قال صالح بن أحمد: كتبنا عنه، وهو صدوق بصير بالأنساب والرجال.

وقال الخليلي: كان ثقة، هو آخر من روى عن ابن ديزيل، وادَّعى ابن عمه عبد الرحمن بن الحسن الرواية عن ابن ديزيل فأنكر عليه، فلمَّا مات أحمد روى كتب ابن ديزيل فضعفوه، توفي أحمد.

‌3050 - محمد بن حاتم

(2)

:

ابن خُزَيْمَة الكشي.

قدم نيسابور.

وحدَّث عن عبد بن حميد، وعن الفتح بن عمرو الكَشِّي صاحب ابن أبي فديك، واتُّهِمَ في ذلك.

روى عنه: الحاكم وكذَّبه، وقال: حدثنا إملاء من كتابه، وذكر أنه ابن مائة وثمان سنين، كتب عنه في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

‌3051 - المصري

(3)

:

الإمام المحدث الرحَّال، أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي، الواعظ المشهور بالمصري؛ لإقامته مدَّة بمصر.

(1)

ترجمته في العِبَر "2/ 259"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 361".

(2)

ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 503"، ولسان الميزان "5/ 110".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 75".

ص: 10

سمع: أحمد بن عبيد أبا عصيدة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وابن أبي العوام الرياحي، وطبقتهم، وبمصر من: روح بن الفرج القطان، وأبي يزيد القراطيسي، وعبد الله بن محمد بن أبي مريم، وطبقتهم، وجمع وصنَّف.

روى عنه: أبو الحسين بن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، ومحمد بن فارس الغوريّ، وهلال الحفّار، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وطائفة.

قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة عارفًا، جمع حديث الليث، وحديث ابن لهيعة، وصنَّف في الزهد كتبًا كثيرة، وكان له مجلس وعظ.

حدثني الأزهري أنه يحضر مجلسه رجال ونساء، فكان يجعل على وجهه برقعًا خوفًا أن يفتتن به الناس من حسن وجهه.

ثم قال الأزهري: فحدثت أنَّ أبا بكر النقاش المقرئ حضر مجلسه مختفيًا، فلمَّا سمع كلامه قام قائمًا وشهر نفسه وقال: أيها الشيخ، القصص بعدك حرام.

قلت: عند السبط جزء عال من حديثه سمعناه.

قال الخطيب: توفي في ذي القعدة وله نيف وثمانون سنة.

مات سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

ص: 11

‌3052 - ابن دينار

(1)

:

الإمام الفقيه المأمون الزاهد العابد، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري الحنفي.

سمع محمد بن أشرس، والسري بن خزيمة، والحسين بن الفضل المفسّر، وأحمد بن سلمة، وعِدَّة.

روى عنه: عمر بن شاهين، وأبو عبد الله الحاكم، وغير واحد.

عظَّمه الحاكم وبجَّله وقال: كان يصوم النهار، ويقوم الليل، ويصبر على الفقر، ما رأيت في مشايخ أصحاب الرأي أعبد منه.

وكان يحج ويغزو، وكان عارفًا بالمذهب، سار ليحجَّ فتوفِّي غريبًا ببغداد رحمه الله ورضي الله عنه. وقال الخطيب: ثقة، توفِّي في غرة صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

وكان قد رغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة مع صبر على الفقر، وكان يأكل من عمل يده، ويتصدَّق، ويؤثر، ويَحُجّ في كل عشر سنين، ويغزو كل ثلاث سنين، وكان كثير الرواية.

قال مرة: ابني يحب الدنيا والله يبغضها، ولا أحب من يحب ما يبغضه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 451"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 365"، والعِبَر "2/ 248"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 300"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 348".

ص: 11

‌3053 - الحَصَائِريّ

(1)

:

الإمام مفتي دمشق ومقرئها ومسندها، أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدمشقي الحَصَائِريّ الشافعي.

مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتي، وارتحل إلى مصر، فأخذ عن الربيع المرادي كتاب الأمّ، وعن بكَّار بن قتيبة، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والعباس بن الوليد البيروتي، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأبي أمية الطرسوسي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وعدة.

وتلا على هارون الأخفش.

حدَّث عنه: عمر بن شاهين، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد المنعم بن غلبون، وأبو الحسين بن جميع، وتَمَّام الرازي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وخلق خاتمتهم: عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.

قال عبد العزيز الكتاني: هو ثقة نبيل حافظ لمذهب الشافعي، وقال ابن عساكر: كان إمام مسجد باب الجابية، وحدَّث بكتاب الأمّ.

قال الكَتَّاني: مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 247"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 300"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 346".

ص: 12

‌3054 - الأنطاكي

(1)

:

الإمام مقرئ الشام، أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق بن حسن الأنطاكي.

روى عن أبي أميه الطَّرَسوسي، ويزيد بن عبد الصمد، وعلي بن عبد العزيز.

وتلا على: هارون الأخفش، وقنبل، وعثمان بن خُرَّزاذ، وإسحاق الخزاعي، وعدة.

وتلا شيخه عثمان على قالون، وله مصنَّف في القراءات الثمان.

تلا عليه: محمد بن الحسن وعلي بن بشر الأنطاكيان، وعبد المنعم بن غَلْبُون، وأبو علي بن حبش، وعدة.

وروى عنه: أبو أحمد الدهَّان، وأبو الحسين بن جميع، وطائفة.

قال أبو عمرو الداني: هو مقرئ ضابط ثقة مأمون.

وقال علي بن بشر: مات شيخنا في شعبان سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 246"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 346".

ص: 13

‌3055 - ابن البَخْتَرِيّ

(1)

:

مسند العراق الثقة المحدث الإمام، أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري بن مدرك البغدادي الرزاز.

ولد سنة إحدى وخمسين ومائتين، وسمع سعدان بن نصر، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعباسًا الدوري، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي وطبقتهم.

حدَّث عنه: ابن منده، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو نصر بن حسنون النرسي، وهلال الحفّار، وأبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، وخلق كثير.

قال الحاكم: كان ثقة مأمونًا.

وقال الخطيب: كان ثقة ثبتًا.

قلت: وقع لنا جملة صالحة من حديثه.

توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

أخبرنا ابن الفرَّاء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا هبة الله الدقاق، أخبرنا ابن زكرى، أخبرنا ابن بشران، أخبرنا ابن البختري، حدَّثنا عبد الله بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو أسامة، حدثنا مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: أخبرت أنَّ فرعون كان أثرم.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 132"، والأنساب للسمعاني "6/ 107"، والعبر "2/ 251"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 350".

ص: 14

‌3056 - الأزدي

(1)

:

الحافظ الإمام الفقيه القاضي، أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس، الأزدي الموصلي، مؤلف "تاريخ الموصل" وقاضيها.

سمع محمد بن أحمد بن أبي المثنَّى، وعبيد بن غَنَّام، وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن عبد الله مطينًا، وطبقتهم.

ويعرف بابن زكرة.

حدث عنه: مظفَّر بن محمد الطوسي، وأبو الحسين بن جميع، ونصر بن أبي نصر العطار، وآخرون.

توفي قريبًا من سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة.

وقع لي من حديثه في "معجم ابن جُمَيع".

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 862".

ص: 14

‌3057 - الشعراني

(1)

:

المحدث العالم الجوّال، أبو بكر محمد بن معاذ بن فهد النهاوندي، ثم الهمذاني الشعراني، مؤلف طرق "من كذب عليَّ متعمدًا".

يروي عن: الكُدَيْمِي، وإبراهيم بن ديزيل، وتمتام، وأحمد الحمار، والكَجِّي، وحمدان بن المغيرة الهمذاني، ومطين، وعبد الله بن أحمد، والفريابي، وخلق.

وعنه: أبو بكر بن لال، ومنصور بن جعفر النهاوندي، وغيرهما، وهو واهٍ وله أوهام.

حدَّث في سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة، وقيل: توفي فيها.

‌3058 - ابن أوس:

الإمام المقرئ، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أوس الهمذاني.

روى عن أحمد بن بديل، وعبد الحميد بن عصام، وأحمد بن محمد التبعي، وإبراهيم بن أحمد بن يعيش، وأحمد بن منصور زاج، وعدة.

قال صالح بن أحمد: كتبت عنه، وكان رأس ماله في القرآن، فقرأت عليه القرآن بوجوه، وكان له محل جليل في القرآن، وهو صدوق في الرواية.

توفِّي في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.

قلت: قد نيف على التسعين.

‌3059 - ابن أبي صالح

(2)

:

الإمام الحافظ محدِّث همذان، أبو أحمد القاسم بن أبي صالح بُنْدار بن إسحاق الهمذاني الرَّواد.

حدَّث عن أبي حاتم الرازي، وإبراهيم بن نصر النهاوندي، وإبراهيم بن ديزيل، والحسن بن علي بن زياد السري، ويوسف بن عبد الله الدينوري، وعدة.

وعنه: أبو علي الدقاق، وإبراهيم بن محمد بن يعقوب مموس، وهو من أقرانه، وطائفة.

قال صالح بن أحمد: سمعت منه قديمًا، وكان صدوقًا متقنًا، سمعنا عامَّة ما كان عنده، وكان يتقن حديثه، وكتبه صحاح بخطه، وذهب عامَّتها في الفتنة، ثم كُفَّ بصره.

توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 44"، ولسان الميزان "5/ 384".

(2)

ترجمته في لسان الميزان "4/ 460".

ص: 15

‌3060 - إبراهيم بن محمد:

ابن يعقوب، الإمام الحافظ الجوال، أبو إسحاق الهَمَذَاني الترابي مَمّوس، أحد الأعلام.

روى عن يحيى بن أبي طالب، وأبي قلابة، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، وابن ديزيل، ومحمد بن الفرج الأزرق، وابن أبي الدنيا، وهلال بن العلاء، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بن إبراهيم الصوري، وأبي زرعة الدمشقي، وأبي الزنباع، وأبي يزيد القراطيسي، وإسحاق الدبري، والحسن بن عبد الأعلى البوسي، وخلائق.

ذكره صالح الحافظ وقال: روى عنه: الحسن بن يزيد الدقاق، وأبو عمران موسى بن سعيد، ومحمد بن يحيى، والفضل بن الفضل، وأبو أحمد محمد بن علي الكرجي بن القصاب، والكبار والحفّاظ، وسمعت منه مع أبي، وكان ثقة مفيدًا، سمعت أبي يقول: سمعت أبا حاتم البستي يقول عند أبي إسحاق: مائتا حديث مما ليس مخرجه إلَّا من عنده. وسمعت علان الكرجي يحكي عن أبي حاتم فقال: خمس مائة حديث.

وقال أبو أحمد القصاب: ما رأيت مثل ابن يعقوب، رأيت عنده ما لم أر عند أحد لا ببغداد ولا بأصبهان.

وطوَّل صالح ترجمته، وأنه امتنع من الرواية عن إبراهيم بن نصر؛ لكون بعض الناس قال فيه شيئًا.

توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مائة.

وقال الخليلي: حدَّثنا عنه جدي، ومحمد بن إسحاق الكيساني عدّلوه، قلت: وروى عنه: أحمد بن فراس العبقسي، وصالح بن أحمد، وكان ثقة.

ص: 16

‌3061 - الميداني

(1)

:

الشيخ الصدوق، أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل النيسابوري الميداني، من أهل محلة تعرف بميدان ابن زياد.

سمع من محمد بن يحيى الذهلي جزءًا واحدًا، وهو الذي عند سبط السلفي.

روى عنه: أبو سعيد بن أبي بكر، وأبو عبد الله بن منده، وأبو طاهر بن محمش، وأبو بكر الحيري، وغيرهم.

مات فجأة في رجب سنة ست وثلاثين وثلاث مائة عن سنٍّ عالية.

وقد روى الحاكم في تاريخه حديثين عن القاضي أبي بكر الحيري، عن المَيْدَانِيّ.

‌3062 - الصُّعْلُوكِيُّ

(2)

:

الإمام الحافظ الفقيه اللغوي، أبو الطيب أحمد بن محمد بن سليمان، الحنفي الصعلوكي.

سمع أبا الطيب يحيى بن محمد الذهلي، وعلي بن الحسن الدارابجردي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وفي الرحلة من محمد بن أيوب بالريّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وطبقته ببغداد.

حدث عنه: أبو سهل الصعلوكي، وأبو عبد الله الأخرم.

قال الحاكم: وسمعت منه حديثًا واحدًا في المذاكرة، وكان إمامًا مقدَّمًا في الفقه واللغة، وصنَّف في الحديث، وأمسك عن الرواية بعد أن عَمَّر، أو قال: عمي، وكنَّا نراه حسرة، رحمه الله.

توفي في رجب سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة.

‌3063 - القِرْمِيسينيّ

(3)

:

شيخ الصوفية، أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني، زاهد الجبل.

صحب إبراهيم الخواص، ومحمد بن إسماعيل المغربي.

وحدَّث عن علي بن الحسن بن أبي العنبر.

روى عنه: الفقيه أبو زيد المروزي، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن محمد بن ثوابة، وغيرهم، وساح بالشام وغيرها.

سئل عبد الله بن منازل الزاهد عنه فقال: هو حجة الله على الفقراء وأهل المعاملات والآداب.

وعن إبراهيم قال: من أراد أن يتعطل ويتبطل فليلزم الرُّخَص.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 243"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 343".

(2)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 65".

(3)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 639"، والأنساب للسمعاني "10/ 110"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 390"، والعبر "2/ 244"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 344".

ص: 17

وقال: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانية وصحة العبودية، وما كان غير هذا فهو من المغالطة والزندقة.

قلت: صدقت والله، فإن الفناء والبقاء من تُرَّهات الصوفية أطلقه بعضهم، فدخل من بابه كل زنديق، وقالوا: ما سوى الله باطل فانٍ، والله تعالى هو الباقي، وهو هذه الكائنات، وما ثم شيء غيره.

ويقول شاعرهم:

وما أنت غير الكون

بل أنت عينه

ويقول الآخر:

وما ثَمَّ إلَّا الله ليس سواه

فانظر إلى هذا المروق والضلال، بل كل ما سوى الله محدث موجود، قال الله تعالى:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام} . [الفرقان: 59].

وإنما أراد قدماء الصوفية بالفناء نسيان المخلوقات وتركها، وفناء النفس عن التشاغل بما سوى الله، ولا يسلم إليهم هذا أيضًا، بل أمرنا الله ورسوله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها والإقبال عليها، وتعظيم خالقها، وقال تعالى:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْء} وقال: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} .

وقال صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إليَّ النساء والطيب"

(1)

.

وقال: "كأنك علمت حبنا للحم".

وكان يحب عائشة، ويحب أباها، ويحب أسامة، ويحب سبطيه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه، ويحب الأنصار، إلى أشياء لا تحصى مما لا يغني المؤمن عنها قط.

توفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

حسن: أخرجه النسائي "7/ 61"، وأحمد "3/ 128" من طريق سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة". وهذا إسناد حسن، سلام أبو المنذر صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 18

‌3064 - أبو العرب

(1)

:

العلامة المفتي ذو الفنون أبو العرب، محمد بن أحمد بن تميم بن تمام، المغربي الإفريقي.

كان جده من أمراء أفريقية، سمع أبو العرب من خلق كثير، أصحاب سحنون وغيره، وصنَّف التصانيف.

وروى عن عيسى بن مسكين، وأبي عثمان بن الحداد.

وكان فيما قال القاضي عياض: حافظًا للمذهب مفتيًا، غلب عليه علم الحديث والرجال، وصنَّف طبقات أهل إفريقية، وكتاب المحن، وكتاب فضائل مالك، وكتاب مناقب سحنون، وكتاب التاريخ في أحد عشر جزءًا.

وقيل: إنه كتب بيده ثلاثة آلاف كتاب.

وأوّل طلبه للعلم كان بزي أولاد العرب.

وكان أحد من عقد الخروج على بني عبيد في ثورة أبي يزيد عليهم، ولما حاصروا المهدية سمع الناس على أبي العرب هناك كتابي الإمامة لمحمد بن سحنون، فقال أبو العرب: كتبت بيدي ثلاثة آلاف وخمس مائة كتاب، فوالله لقراءة هذين الكتابين هنا أفضل عندي من جميع ما كتبت.

مات لثمانٍ بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة، وصلى عليه ابنه.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 856".

ص: 19

‌3065 - أبو ميسرة:

فقيه المغرب، أبو ميسرة أحمد بن نزار القيرواني المالكي، من العلماء العاملين.

أخذ عنه أبو محمد بن أبي زيد.

أراد المنصور إسماعيل أن يوليه قضاء القيروان فأبى.

وكان يختم كل ليلة في مسجده، فرأى ليلة نورًا قد خرج من الحائط، وقال: تملا من وجهي، فأنا ربك، فبصق في وجهه وقال: اذهب يا ملعون، فطُفِئَ النور.

وقع في ذهن المنصور أنَّ أبا ميسرة لا يرى الخروج عليه، فأراده ليوليه القضاء فقال: كيف يلي القضاء رجل أعمى يبول تحته، فما علم أحد بضرره إلَّا يؤمئذ، فقال: اللهم إنك تعلم أني انقطعت إليك وأنا شاب، فلا تمكِّنهم مني، فما جاءت العصر إلَّا وهو من أهل الآخرة، فوجه إليه المنصور بكفن وطيب.

وكان مجاب الدعوة رحمه الله، توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

وقال الرجل: يا أخي، فائدة الاجتماع الدعاء، فادع لي إذا ذكرتني، وأدعو لك إذا ذكرتك، فنكون كأنَّا التقينا وإن لم نلتق.

ص: 19

‌3066 - ابن مهْرويه

(1)

:

المحدِّث الإمام الرحَّال الصدوق، أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني المعمر، ذكره الخليلي في "إرشاده".

سمع يحيى بن عبدك، ومحمد بن سهل بن زنجلة، وهارون بن أبي هزاري، ومحمد بن عبد العزيز الدينوري، وعمرو بن سلمة، فمن بعدهم، وسمع ببغداد عباسًا الدوري، وأبا بكر الصغاني، وأحمد بن أبي خيثمة، وبالكوفة: الحسن بن علي بن عفان، وأخاه محمدًا، وابن أبي العنبس، وبمكة: علي بن عبد العزيز، وأقرانه، وبصنعاء: إبراهيم بن برة، والدبري، والحسن بن عبد الأعلى.

وله إلى العراق رحلتان، وكتب ما لا يعد عاليًا ونازلًا.

انتخب عليه ابن عقدة ثلاثة أجزاء، ولم يرزق ذكرًا، وكانت له بنات.

توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة.

قلت: حدَّث عنه: محمد بن علي بن عمر جَدُّ الخليلي، والزبير بن محمد بن أحمد بن عثمان، والحافظ عبد الله بن أبي زرعة محمد بن أحمد ابن مَتُّويه، وإسماعيل بن أحمد بن ماك النساج، وأبو طاهر عبيد الله بن خسرماه الحنفي، وأهل قزوين والري.

وقال الخليلي: سمعت عبد الواحد بن محمد بن ماك، سمعت علي بن محمد بن مهرويه، سمعت ابن أبي خيثمة يقول: سألت يحيى بن معين عن مكي بن إبراهيم فقال: صالح ثقة.

قلت: سمعنا من طريقه فضائل القرآن لأبي عبيد عاليًا.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "261"، وتاريخ بغداد "12/ 69"، والأنساب للسمعاني "10/ 138"، ولسان الميزان "4/ 257".

ص: 20

‌3067 - الجَوْزِيّ

(1)

:

المحدِّث الثقة، أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن حمويه، الجوزي البغدادي.

حدَّث عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، ومحمد بن عبيد الله بن المناديّ، وأبي بكر ابن أبي الدنيا، وعنه: أبو إسحاق الطبري، وأبو الحسين بن بشران، وثقه الخطيب.

وتوفي في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 407"، والأنساب للسمعاني "3/ 367".

ص: 21

‌3068 - عليّ بن حمشاذ

(1)

:

ابن سَخْتَويه بن نصر، العدل الثقة الحافظ الإمام شيخ نيسابور، أبو الحسن النيسابوري، صاحب التصانيف.

ذكره الحاكم فقال: ولد سنة ثمان وخمسين ومائتين.

سمع الحسين بن الفضل المفسّر، والفضل بن محمد الشعراني، وحجَّ في سنة سبع وسبعين فسمع بالريّ من محمد بن منده، وبهمذان إبراهيم بن ديزيل، وببغداد الحارث بن أبي أسامة وطبقته، وبمكة يحيى بن أيوب العلاف، وعلي بن عبد العزيز، وأكثر عنه، وعن إسماعيل القاضي، وسمع بطوس المسند من تميم بن محمد الحافظ، وأقران هؤلاء.

إلى أن قال الحاكم: وجمع المسند في أربع مائة جزء، وكتبه بخطه، وعمل الأبواب مائتين وستين جزءًا، وتفسير القرآن في مائتين وثلاثين جزءًا.

قرأ علينا بكرة الجمعة نصف جزء، ثم قمنا نتأهَّب للصلاة، فلمَّا صلينا قعدت ساعة، فسمعت المنادي يصيح بجنازته، فصحت وقلت: هذا كذب، وإذا هو قد دخل الحمام فمات فيه، فلمَّا صلينا عليه قال أبو العباس الأصم: كنت أقول: إذا مت إنما يكون الشرف في التحديث لعلي بن حمشاذ، وذلك في شوال سنة ثمان وثلاثين.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 364"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 832"، والعبر "2/ 248"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 348".

ص: 21

وسمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: صحبت عليّ بن حمشاذ في الحضر والسفر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة.

قال: وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: ما رأيت في مشايخنا أثبت في الرواية والتصنيف من علي بن حمشاذ.

قال: وسمعت عبد الله ولده يقول: ما أعلم أنَّ أبي ترك قيام الليل. ثم روى الحاكم في ترجمته من تاريخ نيسابور عشرين حديثًا.

وحدَّث عنه: هو وأبو أحمد الحاكم، وأبو عبد الله بن منده، وأبو الحسن العلوي، وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمش، وآخرون.

ومات معه المعمَّر أبو بكر أحمد بن سليمان بن زبان الدمشقي، الذي زعم أنه سمع من هشام بن عمار، وصاحب التصانيف أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن النحاس المصري النحوي، ومقرئ الشام أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي، ومسند دمشق أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت السامري، ومفتي دمشق ومحدثها أبو علي الحسن بن حبيب الحصائري الشافعي في عشر المائة، والمحدّث الواعظ أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري ببغداد، والفقيه الزاهد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري العَدْل.

قرأت على أحمد بن هبة الله بمنزله عن زينب الشعرية، أخبرنا علي بن جامع الكاتب، أخبرنا عبد الملك بن عبد الله الدشتي، حدثنا محمد بن محمد الزيادي، أخبرنا علي بن حمشاذ العدل، أخبرنا علي بن عبد العزيز، أنَّ عبد الملك بن صالح حدثهم، حدثنا علي بن موسى الرضا، حدثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان"

(1)

.

كذا في الإسناد عبد الملك بن صالح، وإنما هو عبد السلام واهٍ، وهو مما عيب على ابن ماجه إخراج حديثه هذا، فرواه عن رجل عنه.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن ماجه "65"، وآفته أبو الصلت الهروي، عبد السلام بن صالح، قال الحافظ في "التقريب": صدوق له مناكير، وكان يتشيع، وأفرط العقيلي فقال: كذّاب.

ص: 22

‌3069 - ابن النَّحاس

(1)

:

العلامة إمام العربية، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري النحوي، صاحب التصانيف، ارتحل إلى بغداد، وأخذ عن الزجَّاج، وكان ينظر في زمانه بابن الأنباري وبنفطويه للمصريين، حدَّث عن محمد بن جعفر بن أعين، وبكر بن سهل الدمياطي، والحسن بن غليب، والحافظ أبي عبد الرحمن النسائي، وجعفر الفريابي، ومحمد بن الحسن بن سماعة، وعمر بن أبي غيلان، وطبقتهم، ووَهِمَ ابن النجار في قوله: إنَّه سمع من المبرّد، فما أدركه.

روى عنه: أبو بكر محمد بن علي الأدفوي تواليفه، ووصفه أبو سعيد بن يونس بمعرفة النحو.

ومن كتبه: "إعراب القرآن"، "اشتقاق الأسماء الحسنى"، "تفسير أبيات سيبويه"، كتاب "المعاني"، "الكافي" في النحو، "الناسخ والمنسوخ".

وروى كثيرًا عن علي بن سليمان الصغير، وكان من أذكياء العالم.

وقيل: كان مقتِّرًا على نفسه، يهبونه العمامة فيقطعها ثلاث عمائم، ويقال: إنه جلس على درج المقياس يقطّع عروض شعر، فسمعه جاهل فقال: هذا يسحر النيل حتى ينقص، فرفسه ألقاه في النيل، فغرق في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 364"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 224"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 40"، والعبر "2/ 246"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 300"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 346".

ص: 23

‌3070 - عِمَادُ الدَّوْلَة

(1)

:

السلطان الكبير عماد الدولة، أبو الحسن علي بن بويه بن فَنَّاخِسْرُو الديلمي.

صاحب ممالك فارس، وأخو الملكين معزّ الدولة أحمد، وركن الدولة الحسن، فكان عماد الدولة أوّل من تملَّك البلاد بعد أن كان قائدًا كبيرًا من قواد الدَّيْلم.

وكان أبوهم بويه يصطاد السمك، ثم آل بأولاده الأمر إلى ملك البلاد، ثم تملَّك من بعد العماد ولد أخيه عضد الدولة بن ركن الدولة.

وكانت دولة العماد ست عشرة سنة، وعاش بضعًا وخمسين سنة، توفي سنة ثمان وثلاثين في جمادى الأولى، وقيل: سنة تسع.

ولما تملَّك شيراز، طَالَبَه قواده بالأموال، وثاروا عليه، فاغْتَمَّ لذلك، واستقلى فرأى حية في السقف ففزع، ودعا الفرَّاشين فنصبوا سلمًا، فوجدوا غرفة يدخل إليها، فأمرهم بفتحها ففتحت، فوجدوا فيها صناديق فيها قدر خمس مائة ألف دينار، فأنزلت، ففرح، وأنفق في الجيش.

ثم إنه طلب خياطًا ليفصِّل له، وكان أطروشًا، ففزع وجاوبه عمَّا لم يسأل عنه، وحلف أنه ليس عنده سوى اثني عشر صندوقًا وديعة، فتعجب عماد الدولة، وأحضرت إليه، فإذا فيها أموال وثياب ديباج، فكان ذلك من سعادته المقبلة، ولا عقب له.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 365"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 480"، والعبر "2/ 247"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 299"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 346".

ص: 23

‌3071 - الكَرَّاني

(1)

:

الحافظ الإمام المجود، أبو علي أحمد بن محمد بن عاصم الأصبهاني الكراني، وكَرَّان محلة.

سمع عبد الله بن محمد بن النعمان، وعمران بن عبد الرحيم، وأبا بكر بن أبي عاصم، وطبقتهم.

وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وابن المقرئ، وأبو بكر بن مردويه، وعلي بن ميلة، وآخرون، وكان يفهم ويذاكر ويؤلف.

قال ابن مردويه: ثقة مأمون مكثر، مات في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 103"، والأنساب للسمعاني "10/ 378".

ص: 24

‌3072 - السُّوسيّ:

المحدِّث الحجة، أبو علي، أحمد بن محمد بن فضالة بن غيلان، الهمداني الحمصي الصفار المشهور بالسوسيّ.

سمع أبا زرعة الدمشقي، والربيع بن سليمان المراديّ، وبكار بن قتيبة، ومحمد بن عوف الطائي، ويزيد بن عبد الصمد، وبحر بن نصر الخولاني، وطبقتهم بمصر والشام.

حدَّث عنه: شجاع بن محمد العسكري، وأبو بكر بن أبي الحديد، وتمام الرازي، وأبو محمد بن النحاس، قال أبو سعيد بن يونس: كان ثقة، وكانت كتبه جيادًا، قدم مصر، وتوفِّي في رمضان سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

ص: 25

‌3073 - الرَّيَّاش:

الشيخ المسند، أبو الطيب الحسن بن إبراهيم البرمكي المصري الرياش.

حدَّث عنه: عبد الملك بن شعيب بن الليث، وهو خاتمة أصحابه، وعن يونس بن عبد الأعلى، وبحر بن نصر، والربيع، وابن عبد الحكم، وأبي أميَّة الطَّرَسُوسي.

سمع منه: عبد الرحمن بن عمر بن النحاس في سنة تسع وثلاثين.

قال أبو إسحاق الحبال: لم يكن عند ابن النحاس من حديث عبد الملك بن شعيب بعلوٍّ سوى حديث واحد، هو موافقة عالية لمسلم.

قلت: سمعه ابن طاهر المقدسيّ من الحبَّال عنه.

أخبرني محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الرحمن بن عمر البزاز إملاءً من لفظه، حدثنا أبو الطيب الحسن بن محمد البرمكي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا أبو ضمرة، حدثنا يوسف بن أبي ذرة، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من معمّر يعمَّر في الإسلام أربعين سنة إلَّا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء؛ الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين ليِّن الله عليه الحساب".

وساق الحديث وهو خبر منكر، ويوسف هذا ضعيف.

ص: 25

‌3074 - الفامي:

المحدِّث الصدوق، أبو داود، سليمان بن يزيد القزويني الفامي، رفيق أبي الحسن القطان في الرحلة.

سمع أبا حاتم الرازي، والمُنْسَجِر بن الصلت، وأبا عبد الله بن ماجه، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وطبقتهم.

روى عنه: سليمان بن أحمد النساج، وأبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي، والحسن بن عبد الرزاق، وشيخ للخليلي، ومحمد بن أحمد بن عثمان بن طلحة الزبيري القزويني، وآخرون.

وكان من العلماء بهذا الشأن، توفي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

ص: 26

‌3075 - الأُشْنَانِيّ

(1)

:

القاضي أبو الحسين، عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني البغدادي الأشناني، له مجلس، سمعناه روى عن أبيه، ومحمد بن عيسى المدائني، وموسى بن سهل الوشّاء، وأبي بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن شداد المسمعيّ، وعدة.

وعنه: ابن عُقْدَة وهو أكبر منه، وابن المظفَّر، والمعافى النهرواني، والدارقطني، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسن بن مخلد.

وروى حرف عاصم، عن محمد بن الجهم السمري، أخذه عنه ابن أبي هاشم، وأبو بكر الشذائي.

قال الدارقطني: كذَّاب ثم حكى حكاية تدل على وهنه، وقال السُّلميّ عن الدارقطني: ضعيف.

وقد ولي القضاء بأماكن بالشام، وولي القضاء ثلاثة أيام ببغداد، وعُزِلَ.

وقد حدَّث وهو شاب في أيام الحربي، وعاش ثمانين سنة.

توفِّي في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة -سامحه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 236"، والأنساب للسمعاني "1/ 281"، والعبر "2/ 250"، وميزان الاعتدال "2/ 185"، ولسان الميزان "4/ 290"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 349".

ص: 26

‌3076 - ابن الأعرابي

(1)

:

أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم، الإمام المحدّث القدوة الصدوق الحافظ، شيخ الإسلام أبو سعيد بن الأعرابي البصري الصوفي، نزيل مكة، وشيخ الحرم.

وما هو بابن محمد بن زياد الأعرابي اللغوي، ذاك مات قبل أن يُولَد هذا بأعوام عدة.

وُلِدَ سنة نيفٍ وأربعين ومائتين.

وسمع الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، وعبد الله بن أيوب المخرمي، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبا جعفر محمد بن عبيد الله المنادي، وعباسًا الترقفي، وعباس بن محمد الدوري، وإبراهيم بن عبد الله العبسي، وأممًا سواهم.

خَرَّج عنهم معجمًا كبيرًا، ورحل إلى الأقاليم، وجمع وصنَّف، صحب المشايخ وتعبَّد وتألَّه، وألَّف مناقب الصوفية، وحمل السنن عن أبي داود، وله في غضون الكتاب زيادات في المتن والسند.

روى عنه: أبو عبد الله بن خفيف، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، والقاضي أبو عبد الله بن مفرج، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، ومحمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، وعبد الله بن محمد الدمشقي القطان، وصدقة بن الدلم، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس وعبد الوهاب بن منير المصريان، ومحمد بن عبد الملك بن ضيفون، شيخ أبي عمر بن عبد البر، وأبو الفتح محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وعدد كثير من الحجاج والمجاورين.

وكان كبير الشأن، بعيد الصيت، عالي الإسناد، قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت محمد بن الحسن الخشَّاب، سمعت ابن الأعرابي يقول: المعرفة كلها الاعتراف بالجهل، والتصوف كله ترك الفضول، والزهد كله أخذ ما لا بد

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 647"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 371"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 830"، والعبر "2/ 252"، ولسان الميزان "1/ 308"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 306"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 354".

ص: 27

منه، والمعاملة كلها استعمال الأَوْلَى فالأَوْلَى، والرضى كله ترك الاعتراض، والعافية كلها سقوط التكلّف بلا تكلف.

وكان رحمه الله قد صحب الجنيد، وأبا أحمد القلانسي.

وعَمِل تاريخًا للبصرة لم أره، أمَّا كتابه في طبقات النسّاك فنقلت منه.

ومن كلامه في ترجمة أبي الحسين النوري قال: مات وهم يتكلَّمون عنده في شيء، سكوتهم عنه أَوْلَى؛ لأنه شيء يتكهَّنون فيه، ويتعسَّفون بظنونهم، فإذا كان أولئك كذلك، فكيف بمن حدَّث بعدهم? قال أيضًا: إنما كانوا يقولون: جمع، وصورة الجمع عند كل أحد بخلافها عند الآخر، وكذلك صورة الفناء، وكانوا يتفقون في الأسماء، ويختلفون في معناها؛ لأن ما تحت الاسم غير محصور؛ لأنها من المعارف.

قال: وكذلك علم المعرفة غير محصور، لا نهاية له ولا لوجوده ولا لذوقه، إلى أن قال: ولقد أحسن في المقال، فإذا سمعت الرجل يسأل عن الجمع أو الفناء، أو يجيب فيهما، فاعلم أنه فارغ ليس من أهل ذلك؛ إذ أهلهما لا يسألون عنه؛ لعلمهم أنه لا يدرك بالوصف.

قلت: إي والله، دقَّقوا وعمَّقوا وخاضوا في أسرار عظيمة، ما معهم على دعواهم فيها سوى ظنّ وخيال، ولا وجود لتلك الأحوال من الفناء والمحو والصحو والسكر إلَّا مجرد خطرات ووساوس، ما تفوّه بعباراتهم صديق ولا صاحب ولا إمام من التابعين، فإن طالبتهم بدعاويهم مقتوك وقالوا: محجوب، وإن سلمت لهم قيادك تخبّط ما معك من الإيمان، وهبط بك الحال على الحيرة والمحال، ورمقت العباد بعين المقت، وأهل القرآن والحديث بعين البعد، وقلت: مساكين محجوبون. فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

فإنما التصوّف والتأله والسلوك والسير والمحبة ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ من الرضا عن الله، ولزوم تقوى الله، والجهاد في سبيل الله، والتأدب بآداب الشريعة من التلاوة بترتيل وتدبر، والقيام بخشية وخشوع، وصوم وقت وإفطار وقت، وبذل المعروف، وكثرة الإيثار، وتعليم العوام، والتواضع للمؤمنين، والتعزز على الكافرين، ومع هذا، فالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

والعالم إذا عَرِيَ من التصوف والتأله فهو فارغ، كما أنَّ الصوفي إذا عَرِيَ من علم السنة زلَّ عن سواء السبيل.

ص: 28

وقد كان ابن الأعرابي من علماء الصوفية، فتراه لا يقبل شيئًا من اصطلاحات القوم إلَّا بحجَّة.

توفي بمكة في شهر ذي القعدة سنة أربعين وثلاث مائة، وله أربع وتسعون سنة وأشهر.

أخبرنا علي بن أحمد العلوي، ومحمد بن الحسين القرشي قالا: أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، أخبرنا سعدان بن نصر، حدَّثنا سفيان، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة"

(1)

.

وبه أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بمكة، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة، فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو في النار" فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عليه عباءة قد غَلَّها

(2)

.

قلت: الجمَّال حتى في الصحابة ليس بشيء كما ترى.

وفيها: مات الحسين بن أحمد بن أيوب الطوسي، والحسن بن يوسف بن فليح الطرائفي، وأبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، وقاسم بن أصبغ -محدّث الأندلس، والحسين بن صفوان البرذعي، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الأستاذ ببخارى، وأبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي صاحب الجمل، وأبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه بنيسابور، وشيخ الحنفية أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي، وشيخ الشافعية أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1447"، ومسلم "971"، وأبو داود "558".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3074"، وابن ماجه "2849"، وأحمد "2/ 160".

ص: 29

‌3077 - خَيْثَمة

(1)

:

الإمام الثقة المعمّر، محدث الشام، أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان القرشي الشامي الأطرابلسي، مصنف "فضائل الصحابة".

كان رحَّالًا جوّالًا صاحب حديث.

ذكر أبو عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي، أنَّ خيثمة وُلِدَ سنة خمسين ومائتين.

قلت: سمع أبا عتبة أحمد بن الفرج الحجازي صاحب بقية، ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني صاحب ابن عيينة، وإبراهيم بن عبد الله القصار، والحسين بن محمد بن أبي معشر السندي صاحبي وكيع، والحافظ محمد بن عوف الطائي، والعباس بن الوليد البيروتي، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي غرزة الكوفي، وأحمد بن ملاعب، وأبا عبيدة السري بن يحيى، وهلال بن العلاء الباهلي، وإسحاق بن سيار النصيبي، وأبا يحيى بن أبي مسرة المكي، ومحمد بن سعد العوفي، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وعبيد بن محمد الكشوري، وعليّ بن إبراهيم الواسطيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، والحسين بن الحكم الحِبَري، وعبد الملك بن محمد الرقاشيّ، وأبا إسماعيل الترمذي، وأبا العباس الكديمي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وصالح بن علي النوفلي، والحسن بن مكرم، وعبد الكريم بن الهيثم الدِّيرعاقولي، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر، وعبد الرحمن بن مرزوق البزوري، ومحمد بن عبد الحكم الرملي، وخلقًا سواهم بالشام والحرمين والعراق والجزيرة.

حدث عنه: أبو علي بن معروف، وعبد الوهاب الكلابي، ومحمد بن أحمد بن أبي عثمان بن أبي الحديد، وابن جميع الغسّاني، وتَمَّام الرازي، وأبو عبد الله بن منده، وأبو حفص بن شاهين، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وأبو نصر بن هارون، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مفرج القرطبي، وأبو بكر محمد بن يوسف الرقيّ، وخلق كثير.

وعُمِّر ورحل إليه من الآفاق، وقدم إلى دمشق في آخر عمره فحدَّث بها، وكان عبد الرحمن آخر من سمع منه وفاة، وآخر من روى عنه في الدنيا بالإجازة أبو نعيم الحافظ.

وقال عبيد بن أحمد بن فطيس: سألت خيثمة عن مولده فقال: في سنة سبع وعشرين ومائتين، كذا هذه الرواية، والأصح ما تقدَّم.

قال أبو بكر الخطيب خيثمة ثقة ثقة قد جمع فضائل الصحابة.

قال ابن أبي كامل: سمعت خيثمة بن سليمان يقول: ركبت البحر، وقصدت جبلة لأسمع من يوسف بن بحر، ثم خرجت إلى أنطاكية، فلقينا مركب -يعني: للعدو، قال: فقاتلناهم، ثم سلم مركبنا قوم من مقدمه، قال: فأخذوني ثم ضربوني، وكتبوا أسماءنا

(1)

ترجمته في تذكة الحفاظ "3/ ترجمة 834"، والعبر "2/ 262"، ولسان الميزان "2/ 411"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 312"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 365".

ص: 30

فقالوا: ما اسمك? قلت: خيثمة، فقالوا: اكتب حمار بن حمار، ولما ضُرِبْتُ سكرت ونمت، فرأيت كأني أنظر إلى الجنة، وعلى بابها جماعة من الحور العين، فقالت إحداهن: يا شقي، أيش فاتك? فقالت أخرى: أيش فاته? قالت: لو قتل لكان في الجنة مع الحور، قالت لها: لأن يرزقه الله الشهادة في عِزٍّ من الإسلام وذلٍّ من الشرك خير له، ثم انتبهت، قال: ورأيت كأنَّ من يقول لي اقرأ براءة، فقرأت إلى {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُر} [التوبة] قال: فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر، ففكَّ الله أسري.

قال ابن أبي كامل، وسمعت خيثمة يقول: رويت بدمشق حديث الثوري، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اطلبوا الخير عند حسان الوجوه" فأنكر القاضي زكريا البلخي هذا، وبعث فيجًا إلى الكوفة يسأل ابن عقدة عنه، فكتب إليه: قد كان السري بن يحيى حدَّث به في تاريخ كذا، قال: فطلب البلخي منِّي الأصل، فوجد تاريخه موافقًا، قال: فاستحلني البلخي فلم أحلّه.

قلت: رواه السري بن يحيى، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، وكان ينبغي له أن يحالل البلخي، فإنه تثبَّت في الحديث بطريقه، فلما تبيِّن عدالة خيثمة تحلَّل منه.

قال أبو عبد الله بن منده: كتبت عن خيثمة بأطرابلس ألف جزء.

وقيل: كان خيثمة كبير الأذنين، كبير الأنف، رحمه الله تعالى.

قال عبيد بن فطيس: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد سنة عشرين وست مائة، أخبرنا أبو العشائر محمد بن خليل حضورًا في الخامسة، أخبرنا علي بن محمد بن علي المصيصي، أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان، أخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن حاطب، عن عبد الرحمن بن مُحَيْريز، عن زيد بن أرقم قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فقال "اذهب إلى أبي بكر فإنك تجده في داره محتبيًا، فقل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول: أبشر بالجنة، ثم انطلق إلى عمر، فإنك تجده بالبنية على حماره، تبرق صلعته، فقل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول: أبشر بالجنة، ثم انطلق إلى عثمان، فإنك تجده في السوق يبيع ويبتاع، فقل له: إن رسول الله يقرئك السلام، ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد". قال: فانطلقت فأبلغتهم ووجدتهم -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عثمان: أين النبي صلى الله عليه وسلم? قلت: في مكان كذا وكذا، فأخذ بيدي حتى أتيناه،

ص: 31

فقال: يا رسول الله، إن زيدًا جاءني فقال كذا وكذا، فأيّ بلاء يصيبني، فوالذي بعثك بالحق ما تمنيت ولا تعنيت".

هذا حديث غريب تفرَّد به عبد الأعلى، وهو واهٍ.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، وإسماعيل بن عبد الرحمن، وأحمد بن مؤمن، ومحمد بن علي بن فضل، وأحمد بن إسحاق الهمذاني قالوا: أخبرنا محمد بن السيد الصفار بالمزة، أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس قالا: حدثنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أخبرنا ابن أبي نصر، أخبرنا خيثمة، حدثنا أحمد بن محمد البرتي، حدثنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا يزيد بن إبراهيم، أخبرنا الحسن قال: كانوا يستحيون أن لا يذكروا الله تعالي إلَّا على طهارة.

ومات معه: علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، وعلي بن الفضل الستوري بسامرَّاء، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب، وصاحب خراسان نوح بن نصر، وأبو بكر مكرم بن أحمد البزاز، وأحمد بن زكريا بن الشامة الأندلسي.

ص: 32

‌3078 - الفارابي

(1)

:

شيخ الفلسفة الحكيم، أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوْزَلَغ التركي الفارابي المنطقي، أحد الأذكياء.

له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها ضلّ وحار، منها تخرَّج ابن سينا، نسأل الله التوفيق.

وقد أحكم أبو نصر العربيه بالعراق، ولقي متَّى بن يونس صاحب المنطق فأخذ عنه، وسار إلى حرَّان فلزم بها يوحنَّا بن جيلان النصراني، وسار إلى مصر وسكن دمشق.

فقيل: إنه دخل على الملك سيف الدولة بن حمدان، وهو بزي الترك، وكان فيما يقال: يعرف سبعين لسانًا، وكان والده من أمراء الأتراك، فجلس في صدر المجلس، وأخذ يناظر العلماء في فنون، فعلا كلامه وبان فضله، وأنصتوا له، ثم إذا هو أبرع من يضرب بالعود، فأخرج عودًا من خريطة وشدّه ولعب به، ففرح كل أهل المجلس وضحكوا من الطرب، ثم غيِّر الضرب فنام كل من هناك حتى البوّاب فيما قيل، فقام وذهب.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 706"، والعبر "2/ 251"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 350".

ص: 32

ويقال: إنه هو أوّل من اخترع القانون.

وكان يحب الوحدة، ويصنف في المواضع النزهة، وقلَّ ما يبيّض منها، وكان يتزهَّد زهد الفلاسفة، ولا يحتفل بملبس ولا منزل، أجرى عليه ابن حمدان في كل يوم أربعة دراهم.

ويقال: إنهم سألوه: أأنت أعلم أو أرسطو؟ فقال: لو أدركته لكنت أكبر تلامذته.

ولأبي نصر نظم جيد، وأدعية مليحة على اصطلاح الحكماء.

ذكره أبو العباس بن أبي أصيبعة، وسرد أسامي مصنفاته وهي كثيرة، منها: مقالة في إثبات الكيمياء، وسائر تواليفه في الرياضي والإلهيّ.

وبدمشق كان موته في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، عن نحوٍ من ثمانين سنة، وصلى عليه الملك سيف الدولة بن حمدان، وقبره بباب الصغير.

ص: 33

‌3079 - ابن مُلَيْح

(1)

:

السيد المسند، أبو علي، الحسن بن يوسف بن مليح الطرائفي المصري.

سمع بحر بن نصر الخولاني، ويزيد بن سنان البصري، وجماعة.

وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.

توفي في رجب سنة أربعين وثلاث مائة، وقع لنا من عواليه في الخلعيات.

‌3080 - ابن بالُوَيه:

الإمام المفيد الرئيس، أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه الجلّاب النيسابوري، من كبراء بلده.

ارتحل به أبوه فسمع من محمد بن غالب تمتام، ومحمد بن ربح البزاز، ومحمد بن يونس الكديمي، وبشر بن موسى، وموسى بن الحسن الجُلاجلي.

وعنه: أبو علي الحافظ، وابن منده، والحاكم، وعدة.

قال الحاكم: سمعته يقول: قال لي ابن خزيمة: بلغني أنك كتبت عن محمد بن جرير الطبري تفسيره، قلت: نعم، كتبته كله إملاءً، فاستعاره منِّي.

قال الحاكم: وسمعته يقول: كتبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ثلاث مائة جزء.

قال الحاكم: توفي في رجب سنة أربعين وثلاث مائة.

‌3081 - ابن حَيْكَان:

العدل الثقة أبو علي، محمد بن أحمد بن محمد بن زيد بن حَيْكَان النيسابوري.

روى عنه: أحمد بن الأزهر، وزوَّجه محمد بن يحيى الذهلي ببنت ابنه.

مات سنة أربعين وثلاث مائة.

من أكبر شيخ للحاكم.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 226"، ولسان الميزان "2/ 260".

ص: 33

‌3082 - ابن داود

(1)

:

الإمام الحافظ الرباني العابد شيخ الصوفية، أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النيسابوري الزاهد.

سمع محمد بن عمرو قَشْمَرْد، وأبا عبد الله البوشنجي، وعدة، ببلده، وأبا خليفة الجمحي بالبصرة، وجعفر الفريابي ببغداد، ومحمد بن أيوب البجلي بالريّ، والحسين بن إدريس بهراة، وابن مجاشع بجرجان، وعبدان بالأهواز، والحسن بن سفيان بنسا، ومحمد بن جعفر القتات بالكوفة، وأبا يعلى بالموصل، وأبا عبد الرحمن النسائي بمصر، والفضل الأنطاكي بالشام، والمفضل الجندي بمكة.

وجمع فأوعى وصنَّف الأبواب والشيوخ، وعقد مجلس الإملاء، وكان كبير الشأن.

حدث عنه: أبو بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وهما من شيوخه، وابن عقدة، والحاكمان، وابن منده، وابن جميع، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وغيرهم.

وكان صدوقًا حسن المعرفة، من أوعية العلم، وكان في التألّه صنفًا آخر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 265"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 375"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 868"، والعبر "2/ 261"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 365".

ص: 34

قال أبو الفتح القوّاس: سمعت منه، وكان يقال: إنه من الأولياء.

وسئل الدارقطني عنه فقال: فاضل ثقة.

وقال عبد الرحمن بن أبي إسحاق المزكِّي: سمعت أبا بكر بن داود الزاهد يقول: كنت بالبصرة أيام القحط، فلم آكل في أربعين يومًا إلَّا رغيفًا واحدًا، كنت إذا جعت قرأت "يس" على نية الشبع، فكفاني الله الجوع.

توفي ابن داود في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة، يوم الجمعة لعشرٍ بَقَيْن منه.

أرَّخه الحاكم وقال: هو شيخ عصره في التصوّف، خرج عن نيسابور سنة أربع وتسعين ومائتين، وأتاها سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة، وكان من المقبولين، وجمع أخبار الصوفية.

وقال الخطيب: كان ثقة فهمًا.

وقال الخليلي: معروف بالحفظ، بَيَّن حفظه وعلمه في فَوائِدَ أملاها.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أنبأنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورًا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا محمد بن داود ببغداد، حدثنا محمد بن عمرو بن النضر وموسى بن محمد قالا: حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا عباد بن كثير، عن سفيان، عن منصور، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن طلب كسب الحلال فريضة بعد الفريضة".

تفرَّد به عباد، وهو ضعيف.

ص: 35

‌3083 - السَّمَرْقَنْدِيّ

(1)

:

الشيخ الثقة المحدث، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون بن وردان السمرقندي، ثم المصري الحَذَّاء.

مولده سنة خمسين ومائتين.

سمع أحمد بن شيبان الرملي، وأبا أمية الطرسوسي، ومحمد بن حمَّاد الطهراني، ومحمد بن عبد الحكم القطري، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وابن جميع، والحافظ عبد الغني الأزدي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، والخصيب بن عبد الله بن محمد، وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي، وسبطه محمد بن ذكوان التنيسي -شيخ للحبال، وجماعة.

قال ابن يونس: ثقة، له سماعات صحاح في كتب أبيه.

توفِّي في شعبان سنة خمس وأربعين وثلاث مائة، وله خمس وتسعون سنة.

انتهى إليه علوّ الإسناد بمصر، وهو أعلى شيخ لعبد الغني.

وقد روى بالإجازة أيضًا عن أحمد بن شيبان.

وبعض الناس يقول: حدثنا عثمان بن أحمد، ينسبه إلى جده.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو القاسم القاضي حضورًا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد، حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا أحمد بن شيبان، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قِبَل نجد، فبلغت سهمانهم اثني عشر بعيرًا، فنفلنا النبي صلى الله عليه وسلم بعيرًا بعيرًا

(2)

.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 267"، وشذرات الذهب "2/ 370".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4338"، ومسلم "1749"، وأبو داود "2741"، "2742"، "2744"، "2745"، "2746".

ص: 36

‌3084 - الأستاذ

(1)

:

الشيخ الإمام الفقيه العلَّامة المحدّث، عالم ما وراء النهر، أبو محمد الأستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث بن خليل الحارثي البخاري الكلاباذي الحنفي، المشهور بعبد الله الأستاذ.

مولده في سنة ثمان وخمسين ومائتين.

حدَّث عن عبيد الله بن واصل، وعبد الصمد بن الفضل، وحمدان بن ذي النون، وأبي معشر حمدويه بن خطاب، ومحمد بن الليث السرخسي، وعمران بن فرينام، وأبي الموجه محمد بن عمرو المروزي، والفضل بن محمد الشعراني، ومحمد بن علي الصائغ، وأبي همام محمد بن خلف النسفي، وموسى بن هارون الحمّال، وأحمد بن الضوء، وجماعة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 126"، والأنساب للسمعاني "1/ 212"، وميزان الاعتدال "2/ 496"، ولسان الميزان "3/ 348"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 357".

ص: 36

وعنه: أبو الطيّب عبد الله بن محمد، ومحمد بن الحسن بن منصور النيسابوري، وأحمد بن محمد بن يعقوب الفارسي، وأبو عبد الله بن منده، وآخرون.

وحدث عنه من المشايخ: أبو العباس بن عقدة، وكان ابن منده يحسن القول فيه.

وقال حمزة السهمي: سألت عنه أبا زرعة أحمد بن الحسين فقال: ضعيف.

وقال أبو عبد الله الحاكم: هو صاحب عجائب عن الثقات.

وقال الخطيب: لا يحتجّ به.

قلت: قد ألَّف مسندًا لأبي حنيفة الإمام، وتعب عليه، ولكن فيه أوابد ما تفوَّه بها الإمام، راجت على أبي محمد.

وله كتاب "وهم الطبقة الظلمة أبا حنيفة" ما رأيته.

وكان شيخ المذهب بما رواء النهر.

توفي في شوال سنة أربعين وثلاث مائة.

أخبرنا أبو الفضل بن قدامة، أنبأنا محمود بن إبراهيم، أخبرنا أبو الخير الباغبان، أخبرنا أبو عمرو بن منده، أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحارث، حدثنا عبد الله بن حمَّاد، حدثنا ابن أبي مريم، أخبرني بكر بن مضر، حدثنا موسى بن جبير، عن أبي أمامة بن سهل، عن عاصم بن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طلَّق حفصة بنت عمر تطليقةً ثم ارتجعها

(1)

.

(1)

صحيح: وهذا إسناد مرسل ضعيف، لكنَّه قد ورد من حديث عمر بن الخطاب عند أبي داود "2283"، وابن ماجه "2016" من طريق ابن عباس، عن عمر بن الخطاب، به.

وورد من حديث أنس عند الحاكم "3/ 15".

ص: 37

‌3085 - الكَرْخِيّ

(1)

:

الشيخ الإمام الزاهد، مفتي العراق، شيخ الخنفية، أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دَلَّال البغدادي الكَرْخِيّ، الفقيه.

سمع إسماعيل بن إسحاق القاضي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وطائفة.

حدَّث عنه: أبو عمر بن حيَّويه، وأبو حفص بن شاهين، والقاضي عبد الله بن الأكفاني، والعلامة أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي، وأبو القاسم علي بن محمد التنوخي، وآخرون.

انتهت إليه رئاسة المذهب، وانتشرت تلامذته في البلاد، واشتهر اسمه وبَعُدَ صيتُه، وكان من العلماء العباد، ذا تهجد وأوراد وتأله، وصبر على الفقر والحاجة، وزهد تام، ووَقْعٍ في النفوس، ومن كبار تلامذته: أبو بكر الرازي المذكور، وعاش ثمانين سنة.

كتب إليَّ المسلَّم بن محمد، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني الصيمري قال: حدثني أبو القاسم بن عَلَّان الواسطي قال: لما أصاب أبا الحسن الكَرْخِيّ الفالج في آخر عمره، حضرته وحضر أصحابه أبو بكر الدامغاني، وأبو علي الشاشي، وأبو عبد الله البصري، فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج، والشيخ مقلّ، ولا ينبغي أن نبذله للناس، فكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان، فأحسَّ الشيخ بما هُمْ فيه فبكى، وقال: اللهمَّ لا تجعل رزقي إلَّا من حيث عوَّدتني، فمات قبل أن يحمل إليه شيء، ثم جاء من سيف الدولة عشرة آلاف درهم، فتصدِّق بها عنه.

توفي رحمه الله في سنة أربعين وثلاث مائة.

وكان رأسًا في الاعتزال -الله يسامحه.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 353"، والأنساب للسمعاني "5/ 386"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 369"، والعبر "2/ 255"، ولسان الميزان "4/ 98"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 358".

ص: 38

‌3086 - الدِّينوَري:

الفقيه العلامة المحدث، أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي، مصنف كتاب المجالسة الذي يرويه البوصيري وغيره.

سمع أبا بكر بن أبي الدنيا، وأبا قلابة الرقاشي، وأبا محمد بن قتيبة صاحب التصانيف، ومحمد بن يونس الكديمي، والعباس بن محمد الدوري، وإبراهيم بن ديزيل، وعبد الرحمن بن مرزوق البزوري، والبصري عبد الله الحلواني، والمحدّث محمد بن عبد العزيز الدينوري، وعددًا كثيرًا.

حدَّث عنه: القاضي أبو بكر الأبهري، وإبراهيم بن علي التمّار المصري، والحسن بن إسماعيل الضراب وآخرون.

وكان بصيرًا بمذهب مالك، ألَّف كتابًا في الرَّد على الشافعي، وكتابًا في مناقب مالك.

ضعَّفه أبو الحسن الدارقطني.

قال ابن زولاق: قدم مصر وحدَّث بكتب ابن قتيبة وغيرها، ثم سافر إلى أسوان على قضائها، فأقام بها سنين كثيرة.

قال: فحدَّثني أحمد بن مروان قال: ولي أبو جعفر بن أبي محمد بن قتيبة قضاء مصر، فجاءني كتاب أبي الذكر محمد بن يحيى المالكي يقول فيه: خاطبت القاضي في أمرك، فوعدني بإنفاذ العهد إليك، فلما ذكرت له أنك تروي كتب أبيه، وقف وبدا له، وقال: أنا أعرف كلّ من سمع من أبي، وما أعرف هذا الرجل، فإن كان عندك علامة فاكتب إليّ بها.

قال: فكتبت إليه بعلاماتٍ يعرفها، فكتب إليَّ يعتذر، وبعث بعهدي.

قلت: لم أظفر بوفاة الدينوري، وأراها بعد الثلاثين وثلاث مائة.

أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن بركات، أخبرنا الصائن هبة الله، وعلي الحافظ قالا: أخبرنا النسيب، أخبرنا رشأ بن نظيف، أخبرنا الحسن بن إسماعيل، حدثنا الدينوري، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، عن هشيم، عن مجالد، عن الشعبي قال: كان فداء أسارى بدر أربعة آلاف ودونها، فمن لم يكن له شيء أمر أن يعلّم صبيان الأنصار الكتابة.

ص: 39

‌3087 - أبو إسحاق المَرْوَزِيّ

(1)

:

الإمام الكبير، شيخ الشافعية وفقيه بغداد، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، صاحب أبي العباس بن سريج، وأكبر تلامذته.

اشتغل ببغداد دهرًا، وصنَّف التصانيف، وتخرَّج به أئمة كأبي زيد المروزي، والقاضي أبي حامد أحمد بن بشر المَرْوَرّوذِي مفتي البصرة، وعدة.

شرح المذهب ولخَّصه، وانتهت إليه رئاسة المذهب.

ثم إنَّه في أواخر عمره تحوَّل إلى مصر، فتوفي بها في رجب في تاسعه، وقيل: في حادي عشره، سنة أربعين وثلاث مائة، ودفن عند ضريح الإمام الشافعي، ولعلّه قارب سبعين سنة.

وإليه ينسب ببغداد درب المروزي الذي في قطيعة الربيع.

وذكر ابن خلكان رحمه الله: إنَّ أبا بكر بن الحداد صاحب الفروع من تلامذة أبي إسحاق المروزي، فلعله جالسه وناظره، وإلا فابن الحداد أسنّ منه، ولكنه عاش بعد المروزي قليلًا.

صنَّف المروزي كتابًا في السنة، وقرأه بجامع مصر، وحضره آلاف، فجرت فتنة، فطلبه كافور فاختفى، ثم أدخل إلى كافور فقال: أما أرسلت إليك أن لا تشهر هذا الكتاب فلا تظهره، وكان فيه ذكر الاستواء، فأنكرته المعتزلة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 11"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 3"، والعبر "2/ 252"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 355".

ص: 39

‌3088 - ابن أبي هريرة

(1)

:

الإمام شيخ الشافعية، أبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي القاضي، من أصحاب الوجوه.

انتهت إليه رئاسة المذهب.

تفقَّه بابن سريج، ثم بأبي إسحاق المروزي، وصنَّف شرحًا لمختصر المزني.

أخذ عنه أبو علي الطبري والدارقطني، وغيرهما، واشتُهِرَ في الآفاق.

توفِّي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 298"، ووفيات الأعيان "2/ ترجمة 159"، والعبر "2/ 267"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 370".

ص: 40

‌3089 - الخامِيُّ

(1)

:

الشيخ الإمام المحدّث الصدوق المعمر، أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني، ثم المصري الخاميّ.

سمع يونس بن عبد الأعلى، وبحر بن نصر الخولاني، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وأبو الحسين بن جميع، وأبو محمد بن النحاس، ومنير بن أحمد الخشاب، وآخرون.

وحديثه من عوالي الخلعيات.

وكان قد عدله القاضي عبد الله بن وليد الظاهري، فلمَّا عُزِلَ ابن وليد أسقطه القاضي الجديد في جماعة، فتجمَّعوا ودخلوا على كافور نائب مصر، وفيهم أبو الطاهر، فقال: أيها الأستاذ، حدثنا يونس، حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تقاطعوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"

(2)

.

وهؤلاء القوم قاطعونا وهاجرونا، وصاروا بمخالفة الحديث عصاة غير مقبولين، فلان لهم كافور ووعد بخير.

توفِّي أبو الطاهر المديني في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.

أخبرنا علي بن محمد الحافظ، وإسماعيل بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن بن يحيى، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا عليّ بن الحسن القاضي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، أخبرنا أبو الطاهر المديني، حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، أخبرني أفلح بن حميد، عن أبي بكر بن حزم، عن سليمان الأغر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إلَّا المسجد الحرام، وصلاة الجماعة خمس وعشرون درجة على صلاة الفذ"

(3)

.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 256"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 358".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6076"، ومسلم "2559"، وأبو داود "4910".

(3)

صحيح: أخرجه بهذا اللفظ أحمد "2/ 485" من طريق عبد الملك، حدثنا أفلح بن حميد، به.

وورد مجزءًا. فأخرجه البخاري "1190"، ومسلم "1394"، والنسائي "2/ 35"، وابن ماجه "1404"، وأحمد "2/ 239، 256، 386، 466، 468".

وأما الشطر الثاني فهو عند البخاري "647"، ومسلم "649"، وأبو داود "559".

ص: 40

‌3090 - الحَوْرَانِيّ

(1)

:

الشيخ المحدث، أبو الطيب محمد بن حميد بن محمد بن سليمان بن معاوية الكلابي الحوراني ثم السامري المولد، شيخ معمر مشهور.

حدَّث عن عبَّاد بن الوليد الغبري، وعباس الترقفي، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبي حاتم الرازي، وإسحاق بن سيار، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وعِدَّة.

روى عنه: تَمَّام الرازي، ويوسف الميانجي، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو سليمان بن زبر، وآخرون.

وله جزء يرويه ابن عبد الدائم.

توفِّي بدمشق -فيما أحسب- في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وكان من أبناء التسعين.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 268"، والعبر "2/ 257"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 361".

ص: 41

‌3091 - البُخَارِيّ

(1)

:

الشيخ الصدوق النبيل، أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف البخاري، ثم النيسابوري.

سمع محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأبا حاتم الرازي، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وأبا يحيى بن أبي مسرة، ويحيى بن أبي طالب، وطبقتهم.

وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المُزَكِّي، وأبو عبد الله الحاكم، وابن منده، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وآخرون.

قال الحاكم: هو أبو الفضل العدل، كان هو وأبوه من ذوي اليسار والثروة، له خطة ومسجد وبساتين، فأنفق هذه الأموال على العلماء والصلحاء، وبقي يأوي إلى مسجد.

توفِّي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 259"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 362".

ص: 42

‌3092 - الأَرْدُبِيْلِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ المفيد، أبو القاسم حفص بن عمر الأردبيلي.

سمع أبا حاتم الرازي وطبقته بالري، ويحيى بن أبي طالب، وأبا قلابة عبد الملك بن محمد، وأقرانهما ببغداد، وإبراهيم بن ديزيل بهمذان.

وكان ثقة مجودًا عارفًا فهمًا مصنِّفًا مشهورًا.

حدث عنه: أحمد بن عليّ بن لال، وأحمد بن طاهر بن النجم الميانجي، وآخرون.

توفي في سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، وقد نيف على الثمانين.

أخبرنا أبو الربيع سليمان بن قدامة الحاكم، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحافظ، أخبرنا علي بن أحمد الزنجاني الفقيه، أخبرنا القاضي عبد الله بن علي السفني بأرْدُبيل، حدَّثنا يحيى بن محمد الجعدودي، حدثنا حفص بن عمر الحافظ، حدثنا أبو حاتم، حدثنا ثابت بن محمد الزاهد، حدَّثنا الحارث بن النعمان، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أحيني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين"، فقالت عائشة: لِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفًا". وذكر الحديث.

تفرَّد به ثابت محمد الزاهد شيخ البخاري.

والحارث بن النعمان هذا، قال البخاري: منكر الحديث.

قلت: روى ابن ماجه والترمذي في كتابيهما له.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 829"، والعبر "2/ 249"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 349".

ص: 42

‌3093 - الحسن بن سعد

(1)

:

ابن إدريس، الإمام العلامة الحافظ، أبو عليّ الكُتَّامي القرطبي، عالم قرطبة.

سمع من بقيِّ بن مخلد فأكثر، وبمكة من علي بن عبد العزيز، وباليمن من إسحاق بن إبراهيم الدبري، وعُبَيْد الكشْوَري، وبمصر من يوسف بن يزيد القراطيسي وبابته، وبالبصرة من أبي مسلم الكجّي، وجال شرقًا وغربًا، وكان يجتهد ولا يقلّد، ويميل إلى مذهب الشافعي.

قال أبو الوليد بن الفرضي: كان أبو علي يحضر الشورى، فلمَّا رأى الفتوى دائرة على المالكية ترك شهود الشورى، سمع منه الناس شيئًا كثيرًا، وكان شيخًا صالحًا، ولم يكن بالضابط جدًّا، مولده بقرطبة في سنة ثمان وأربعين ومائتين، إلى أن قال: وتوفي يوم الجمعة، يوم عرفة سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة بقرطبة، وله ثلاث وثمانون سنة وأشهر رحمه الله.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 351"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 840"، والعبر "2/ 225"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 329".

ص: 43

‌3094 - الخُتُّلِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ البارع، أبو عبد الله عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد البغدادي، ابن الختلي.

سمع أباه، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وأبا إسماعيل الترمذي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وهذه الطبقة.

حدَّث عنه: أبو القاسم بن الثلاج، وأبو الحسن الدارقطني، والقاضي أبو عمر الهاشمي، وآخرون.

قال الدارقطني: كان يذاكر ويصنِّف ويتعاطى الحفظ.

وقال الخطيب: كان يحفظ خمسين ألف حديث، ويملي من حفظه، وكان فَهِمًا عارفًا ثقة حافظًا، سكن البصرة.

قال أبو القاسم التنوخي: حدثني أبي قال: دخل إلينا أبو عبد الله الختلي إلى البصرة، وهو صاحب حديث جلد مشهور بالحفظ، فجاء وليس معه شيء من كتبه، فحدَّث شهورًا، إلى أن لحقته كتبه، فسمعته يقول: حدثت بخمسين ألف حديث من حفظي، إلى أن لحقتني كتبي.

قلت: لم أر أحدًا أرَّخ وفاته، وكأنها في سنة بضع وثلاثين وثلاث مائة، وعاش نيفًا وسبعين سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 290"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 220"، والأنساب للسمعاني "5/ 45"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 351"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 841".

ص: 44

‌3095 - الصَّفَّار

(1)

:

الشيخ الإمام المحدِّث القدوة، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الصفَّار، الزاهد.

سمع أحمد بن عصام، وأسيد بن عاصم، وأحمد بن مهدي، وعبيد الغزَّال، وعدة، بأصبهان بعد الستين، ومائتين، وسمع بفارس من أحمد بن مهران بن خالد، وببغداد من محمد بن الفرج الأزرق، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وابن أبي أسامة، وسمع التصانيف من أبي بكر بن أبي الدنيا، وسمع بمكة من علي بن عبد العزيز.

وجمع وصنَّف في الزهريات، وقَدِمَ نيسابور بعد الثلاث مائة فسكنها، وسمع المسند الكبير من عبد الله بن أحمد بن حنبل، وكتب عن إسماعيل القاضي تصانيفه، وصحب الأولياء والعباد، وارتحل إلى الحسن بن سفيان فحمل "المسند"، وكتب أبي بكر بن أبي شيبة عنه.

حدَّث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو الحسين الحجَّاجي، وابن منده، وأبو سعيد الصيرفي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وآخرون.

قال الحاكم: هو محدث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء -كما بلغنا- نيفًا وأربعين سنة.

وكان ورَّاقه أبو العباس المصري خانه واختزل عيون كتبه، وأكثر من خمس مائة جزء من أصوله، فكان أبو عبد الله يجامله جاهدًا في استرجاعها، فلم ينجع فيه، فذهب علمه بدعاء الشيخ عليه.

توفي الشيخ في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، وله ثمان وتسعون سنة.

ومات معه مسند بغداد أبو جعفر بن البختري، ومسند الثغر علي بن أبي مطر الإسكندراني عن مائة عام، وأحمد بن محمد بن عاصم الكَرَّاني، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي بمصر، والقاهر بالله، وأبو نصر محمد بن محمد بن طرخان الفارابي المتفلسف، والقاضي عمر بن الحسن الأشناني.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 271"، والأنساب للسمعاني "8/ 47"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 368"، والعبر "2/ 250"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 304"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 349".

ص: 44

‌3096 - الصفار

(1)

:

الإمام الحافظ المجود، أبو الحسن أحمد بن عبيد بن إسماعيل البصري الصفار، ابن زوجة الكديمي، ومؤلف كتاب السنن على المسند، الذي يكثر أبو بكر البيهقي من تخريجه في تواليفه.

سمع محمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبا مسلم الكجي، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وعلي بن الحسن بن بيان، وابن أبي قماش، والعباس بن الفضل الأسفاطي، ومحمد بن سليمان الباغندي، وخلقًا من هذه الطبقة فأعلى ما عنده أصحاب يزيد بن هارون، ونحوه.

حدث عنه: الدارقطني، والقاضي أبو عمر الهاشمي، وعلي بن القاسم النجاد، وأبو الحسين بن جميع، وعلي بن أحمد بن عبدان، وطائفة.

قال: كان ثقة ثبتًا، صنَّف المسند وجوَّدَه.

قلت: سمع منه ابن عبدان في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وتوفي بعدها بقليل.

قرأت على عمر بن عبد المنعم، أخبركم عبد الصمد بن محمد القاضي سنة تسع وست مائة حضورًا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ببغداد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن يونس، عن الحسن، عن أبي السفر، عن أُبَيّ بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله جعل مطعم بن آدم مثلًا للدنيا"

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 261"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 845".

(2)

صحيح: أخرجه الطبراني "531"، والبيهقي في "الزهد الكبير"، "414"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"، "5/ 136"، وأبو نعيم في "الحلية"، "1/ 254" من طريق أبي حذيفة، به.

قلت: أبو حذيفة اسمه: موسى بن مسعود النهدي، وهو وإن كان من شيوخ البخاري إلّا أنه سيء الحفظ، لكنه قد توبع من إسماعيل ابن علية وغيره، عند ابن أبي الدنيا في "الجوع"، "8/ 2/ 9"، وباقي رجاله ثقات.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد"، "493"، "494"، "495" من طرق عن يونس بن عبيد، عن الحسن، به.

وله شاهد عن الضحاك بن سفيان الكلابي عند أحمد "3/ 452"، وإسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.

وله شاهد آخر من حديث سلمان عند ابن المبارك في "الزهد"، "491"، والطبراني "6119"، وابن أبي الدنيا في "الجوع" من طريق سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان، به.

قلت: وهذا إسناد صحيح. والحديث قد أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، "10/ 288"، وقال:"رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".

ص: 45

‌3097 - الصفار

(1)

:

الإمام النحوي الأديب، مسند العراق، أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح البغدادي الصفار المُلَحِيّ، نسبة إلى المُلَح والنَّوَادِر.

وُلِدَ سنة سبع وأربعين ومائتين، وسمع من الحسن بن عرفة أربعة وتسعين حديثًا، ومن زكريا بن يحيى بن أسد، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن منصور الرمادي، وعبد الرحمن بن محمد كربزان، وعدة، وصَحِبَ أبا العبَّاس المبرد، وأكثر عنه.

حدَّث عنه: الدارقطني وابن المظفر وابن منده، وأبو عمر بن مهدي، وعبيد الله بن محمد السقطي، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، ومحمد بن الحسين بن

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 302"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 371"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 33"، والعبر "2/ 256"، ولسان الميزان "1/ 432"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 358".

ص: 46

الفضل القطّان، وعبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، وأبو الحسين بن مخلد، وخلق سواهم.

قال الدارقطني: كان ثقة متعصبًا للسنة.

قلت: انتهى إليه علوّ الإسناد، وقد روى الحاكم عن رجل عنه، وله شعر وفضائل، وكان مقدَّمًا في العربية.

توفِّي ببغداد في رابع عشر المحرم سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة.

أنبأنا جماعة أجاز لهم ابن كليب قال: أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا محمد بن محمد البزاز، أخبرنا إسماعيل الصفار "بجزء ابن عرفة".

وفيها مات أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني الخامي، ومحمد بن أيوب بن الصموت الرقي، والمنصور العبيدي، وأبو الطيب محمد بن حميد الحوراني الكلابي، وأبو حاتم محمد بن عيسى الوسفندي، وإسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة، وعبد الله بن عمر بن شوذب بواسط، وأبو الحسن شعبة بن الفضل البغدادي.

ص: 47

أمَّا:

‌3098 - أحمد بن عبيد الصَّفَّار

(1)

:

المحدِّث، أبو بكر الحمصي الرعيني، فيروي عن: أبي بكر أحمد بن علي المروزي، ومحمد بن عبيد الكلاعي، وطبقتهما.

حدث عنه: ابن منده، وأبو العباس بن الحاج، وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وآخرون.

مات في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.

ذكرته للتمييز، واسم جده أحمد.

(1)

ستأتي ترجمته في هذا المجلد برقم ترجمة عام "3459".

ص: 47

‌3099 - ابن صفوان

(1)

:

الشيخ المحدِّث الثقة، أبو علي الحسين بن صفوان بن إسحاق بن إبراهيم البرذعي.

صاحب أبي بكر بن أبي الدنيا، وراوي كتبه.

وحدَّث أيضًا عن: محمد بن شداد المسمعي صاحب يحيى القطان، وعن محمد بن الفرج الأزرق، والقاضي أحمد بن محمد البرتي، وطائفة.

حدث عنه: منصور بن عبد الله الخالدي، ومحمد بن عبد الله بن أخي ميمي، وأبو عبد الله بن دوست، وأبو الحسين بن بشران، وآخرون.

قال الخطيب: كان صدوقًا.

توفِّي في شعبان سنة أربعين وثلاث مائة ببغداد.

والبرذعي نسبة إلى عمل البرذعة.

أمَّا النسبة إلى بلد برذعة، فقد قيل: بدال مهملة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 54"، والعبر "2/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 356".

ص: 48

‌3100 - السُّتُوري

(1)

:

الشيخ المعمر الصدوق، أبو الحسن علي بن الفضل بن إدريس السامري الستوري.

له نسخة عن الحسن بن عرفة عالية، تفرَّد في زمانه بها، ما علمته روى سواها.

حدَّث عنه: يوسف القواس، وابن حسنون النرسي، والحسين بن برهان، ومحمد بن محمد الروزبهان، والحاكم.

قال أبو بكر الخطيب: سمعت العتيقي يوثِّقه، وقال: ما سمعت شيوخنا يذكرونه إلَّا بجميل.

قلت: توفِّي سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة، ولعلَّه قارب المائة.

روى جزءه النفيس ابن البنُّ عن جده، عن القاسم بن أبي العلاء، عن ابن الروزبهان عنه.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 48"، والأنساب للسمعاني "7/ 41"، والعبر "2/ 262"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 365".

ص: 48

‌3101 - ابن عُقْبَة

(1)

:

الإمام الثقة المحدث، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن همام الشيباني الكوفي.

قدم بغداد فروى عن إبراهيم بن أبي العنبس، والخضر بن أبان، وسليمان بن الربيع النهدي، ومطين.

وعنه: الدارقطني، وابن جميع الغسَّاني، وأبو الحسن بن رزقويه، وجماعة.

قال الخطيب: كان ثقة أمينًا.

كان يقول: شهدت عند القاضي إبراهيم بن أبي العنبس في سنة سبعين ومائتين.

وقال ابن حمَّاد الحافظ: كان شيخ الكوفة، ومختار السلطان والقضاة، صاحب جماعة وفقه وتلاوة.

توفِّي في رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة.

وكان ابن عقدة يحضر عنده كثيرًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 79"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 376"، والعبر "2/ 262"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 365".

ص: 49

‌3102 - ابن السماك

(1)

:

الشيخ الإمام المحدث المكثر الصادق، مسند العراق، أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد البغدادي الدقاق، ابن السمَّاك.

سمع باعتناءٍ والده من أبي جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وحنبل بن إسحاق، والحسين بن محمد بن أبي معشر، ومحمد بن الحسين الحنيني، وعبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي كربزان، ويحيى بن أبي طالب، والحسن بن مكرم، وخلق كثير.

وجمع فأوعى، وكتب العالي والنازل، والسمين والهزيل.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن منده، والحاكم، وأبو عمر بن مهدي، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسين بن الفضل، وأبو عليّ شاذان، وعِدَّة.

قال الدارقطني: شيخنا أبو عمرو كتب عن العطاردي ومَنْ بعده، وكتب المصنَّفات الطوال بخطه، وكان من الثقات.

وقال الخطيب: كان ابن السماك ثقة ثبتًا، سمعت ابن رزقويه يقول: حدَّثنا الباز الأبيض أبو عمرو بن السمَّاك السلمي، أخبرنا الدارقطني، سمعت ابن السمَّاك يقول: وُجَّه إليَّ الحسين النوبختي وقد كنت قضيت له حاجة: ابعث إلى القاضي أبي الحسين بن أبي عمر ليقبل شهادتك، فقلت: لا أنشط لذلك، أنا أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدي، فتقبَّل شهادتي، لا أحب أن أشهد على العامة ومعي آخر.

توفِّي في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وشيِّعَه نحو خمسين ألفًا، وصلى عليه ابنه محمد.

وقد عمَّر محمد هذا، وحدَّث عن البغوي وغيره.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 302"، والأنساب للسمعاني "7/ 127"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 378"، والعبر "2/ 264"، وميزان الاعتدال "3/ 31"، ولسان الميزان "4/ 131"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 366".

ص: 49

‌3103 - ابن الحَدَّاد

(1)

:

الإمام العلامة الثبت، شيخ الإسلام، عالم العصر، أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الكناني المصري الشافعي، ابن الحداد.

صاحب كتاب الفروع في المذهب.

وُلِدَ سنة أربع وستين ومائتين.

وسمع أبا الزِّنْباع روح بن الفرج، وأبا يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي، ومحمد بن عقيل الفريابي، ومحمد بن جعفر بن الإمام، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وخلقًا سواهم.

ولازم النسائي كثيرًا وتخرَّج به، وعَوّل عليه، واكتفي به، وقال: جعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى. وكان فى العلم بحرًا لا تكدره الدلاء، وله لسن وبلاغة وبصر بالحديث ورجاله، وعربية متقنة، وباع مديد في الفقه لا يجارى فيه، مع التأله والعبادة والنوافل، وبُعْد الصيت، والعظمة في النفوس.

ذكره ابن زولاق، وكان من أصحابه فقال: كان تقيًّا متعبدًا، يحسن علومًا كثيرة، علم القرآن وعلم الحديث والرجال والكنى واختلاف العلماء، والنحو واللغة والشعر، وأيام الناس، ويختم القرآن في كل يوم، ويصوم يومًا ويفطر يومًا، كان من محاسن مصر إلى أن قال: وكان طويل اللسان، حسن الثياب

والمركوب، غير مطعون عليه في لفظ ولا فعل، وكان

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 71"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 379"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 573"، وتذكرة الحافظ "3/ ترجمة 866"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 367".

ص: 50

حاذقًا بالقضاء. صنَّف كتاب "أدب القاضي" في أربعين جزءًا، وكتاب "الفرائض" في نحو من مائة جزء.

أخبرنا الحسن بن علي الأمين، أخبرنا محمد بن أحمد النسَّابة، أخبرنا أبو المعالي بن صابر، أخبرنا علي بن الحسن بن الموازيني، أخبرنا محمد بن سعدان، أخبرنا يوسف بن القاسم القاضي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الحداد، سمعت أبا عبد الرحمن النسائي، سمعت عبيد الله بن فضالة، سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الشافعي إمام.

نقلت في "تاريخ الإسلام" أنَّ مولد ابن الحداد يوم موت المزني، وأنه جالس أبا إسحاق المروزي لما قَدِمَ عليهم وناظره.

وكتابه في الفروع مختصر، دقَّق مسائله، شرحه القفَّال والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي، وهو صاحب وجه في المذهب.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت الدارقطني، سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد النسوي المعدّل بمصر يقول: سمعت أبا بكر بن الحداد يقول: أخذت نفسي بما رواه الربيع، عن الشافعي، أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة، فأكثر ما قدرت عليه تسعًا وخمسين ختمة، وأتيت في غير رمضان بثلاثين ختمة.

قال الدارقطني: كان ابن الحداد كثير الحديث، لم يحدِّث عن غير النسائي، وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله.

وقال ابن يونس: كان ابن الحداد يحسن النحو والفرائض، ويدخل على السلاطين، وكان حافظًا للفقه على مذهب الشافعي، وكان كثير الصلاة متعبدًا، ولي القضاء بمصر نيابة لابن هروان الرملي.

وقال المسبِّحيّ: كان فقيهًا عالمًا كثير الصلاة والصيام، يصوم يومًا ويفطر يومًا، ويختم القرآن في كل يوم وليلة، قائمًا مصليًّا.

قال: ومات وصلِّيَ عليه يوم الأربعاء، ودفن بسفح المقطَّم عند قبر والدته، وحضر جنازته الملك أبو القاسم بن الإخشيذ، وأبو المسك كافور، والأعيان، وكان نسيج وحده في حفظ القرآن واللغة والتوسّع في علم الفقه، وكانت له حلقة من سنين كثيرة يغشاها المسلمون، وكان جدًّا كله، رحمه الله، فما خلف بمصر بعده مثله.

قال: وكان عالمًا أيضًا بالحديث والأسماء والرجال والتاريخ.

وقال ابن زولاق في "قضاة مصر" في سنة أربع وعشرين: سلَّم الإخشيذ قضاء مصر إلى

ص: 51

ابن الحداد، وكان أيضًا ينظر في المظالم، ويوقع فيها، فنظر في الحكم خلافةً عن الحسين بن محمد بن أبي زرعة الدمشقي، وكان يجلس في الجامع، وفي داره، وكان فقيهًا متعبدًا، يحسن علومًا كثيرة، منها: علم القرآن، وقول الشافعي، وعلم الحديث، والأسماء والكنى، والنحو واللغة، واختلاف العلماء، وأيام الناس، وسير الجاهلية، والنسب، والشعر، ويحفظ شعرًا كثيرًا، ويجيد الشعر، ويختم في كل يوم وليلة، ويصوم يومًا ويفطر يومًا، ويختم يوم الجمعة ختمة أخرى في ركعتين في الجامع قبل صلاة الجمعة، سوى التي يختمها كل يوم، حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، فصيحًا غير مطعون عليه في لفظ، ولا فضل، ثقة في اليد والفرج واللسان، مجموعًا على صيانته وطهارته، حاذقًا بعلم القضاء، أخذ ذلك عن أبي عبيد القاضي.

وأخذ علم الحديث عن النسائي، والفقه عن محمد بن عقيل الفريابي، وعن بشر بن نصر، وعن منصور بن إسماعيل، وابن بحر، وأخذ العربية عن ابن ولاد، وكان لحبِّه الحديث لا يدع المذاكرة، وكان يلزمه محمد بن سعد الباوردي الحافظ، فأكثر عنه من مصنفاته، فذاكره يومًا بأحاديث فاستحسنها ابن الحدّاد وقال: اكتبها لي، فكتبها له، فجلس بين يديه، وسمعها منه، وقال: هكذا يؤخذ العلم، فاستحسن الناس ذلك منه، وكان تتبَّع ألفاظه، وتجمع أحكامه، وله كتاب الباهر في الفقه نحو مائة جزء، وكتاب الجامع.

وفي ابن الحداد يقول أحمد بن محمد الكحال:

الشافعي تفقهًا والأصمعي

تفننًا والتابعين تزهدا

قال ابن زولاق: حدَّثنا ابن الحداد بكتاب خصائص علي رضي الله عنه، عن النسائي، فبلغه عن بعضهم شيء في علي فقال: لقد هممت أن أملي الكتاب في الجامع.

قال ابن زولاق: وحدثني علي بن حسن قال: سمعت ابن الحداد يقول: كنت في مجلس ابن الإخشيذ -يعني: ملك مصر، فلمَّا قمنا أمسكني وحدي فقال: أيما أفضل، أبو بكر وعمر أو علي؟ فقلت: اثنين حذاء واحد، قال: فأيما أفضل، أبو بكر أو علي؟ قلت: إن كان عندك فعليّ، وإن كان برًّا فأبو بكر، فضحك.

قال: وهذا يشبه ما بلغني عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنه سأله رجل: أيما أفضل، أبو بكر أو علي? فقال: عد إليَّ بعد ثلاث، فجاءه فقال: تقدمني إلى مؤخّر الجامع، فتقدمه، فنهض إليه واستعفاه فأبى، فقال: عليّ، وتالله، لئن أخبرت بهذا أحدًا عنِّي لأقولنَّ للأمير أحمد بن طولون، فيضربك بالسياط.

ص: 52

وقد ولي القضاء من قِبَلِ ابن الإخشيذ، ثم بعد ستة أشهر ورد العهد بالقضاء من قاضي العراق ابن أبي الشوارب ابن أبي زرعة، فركب بالسواد، ولم يزل ابن الحداد يخلفه إلى آخر أيامه.

وكان ابن أبي زرعة يتأدَّب معه ويعظمه، ولا يخالفه في شيء، ثم عزل عن بغداد ابن أبي الشوارب بأبي نصر يوسف بن عمر، فبعث بالعهد إلى ابن أبي زرعة.

قال ابن خلكان: صنَّف أبو بكر بن الحداد كتاب "الفروع" في المذهب، وهو صغير الحجم، دقق مسائله، وشرحه جماعة من الأئمة؛ منهم: القفَّال المروزي، والقاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي، إلى أن قال: أخذ عن أبي إسحاق المروزي.

ومولده يوم مات المزني، وكان غواصًا على المعاني محققًا.

توفِّي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة، وقيل: سنة أربع.

قلت: حَجَّ ومرض في رجوعه، فأدركه الأجل عند البئر والجميزة، يوم الثلاثاء لأربَع بَقَيْنَ من المحرَّم سنة أربع، وهو يوم دخول الركب إلى مصر، وعاش تسعًا وسبعين سنة وأشهرًا، ودفن يوم الأربعاء عند قبر أمه، أرَّخَه المسبَّحي.

ص: 53

‌3104 - المادَرَائي

(1)

:

الوزير المعظّم، أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم البغدادي المادَرَائي.

وَزَرَ لصاحب مصر خمارويه، وكان أبوه ناظر خراج مصر.

وُلِدَ أبو بكر سنة سبع وخمسين.

واحترقت كتبه فسلِمَ منها جزءان، سمعهما من العُطَاردِيّ.

روى عنه: أبو مسلم الكاتب وغيره.

وكان رئيسًا نبيلًا كثير الأموال جدًّا، لا يلحق في برِّه، وكان القضاة والكبراء يتردَّدون إلى بابه، حجَّ عشرين حجة، وكان كثير الصيام، ملازمًا للجماعة، وقد نكب مرة على يد الوزير ابن حِنْزَابة، فوزن ألف ألف دينار، وحبس مدة بالرملة، ثم أطلقه الإخشيذ، وبالغ في إكرامه.

قال المسبِّحيّ: يقال: إن ديوانه اشتمل على ستين ألفًا ممن يمونهم، وكان يتصدَّق في الشهر بمائة ألف رطل دقيق، وقيل: أعتق في عمره مائة ألف نسمة، وكان ذكيًّا جيِّد البديهة، وكان له ختمة في اليوم والليلة، وبلغ ارتفاع أملاكه في العام أربع مائة ألف دينار، وقد وَرَدَ أنه أنفق في بعض حجاته مائة ألف دينار، نقله المسبِّحي.

توفِّي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة رحمه الله.

(1)

ترجمة في تاريخ بغداد "3/ 79"، والعبر "2/ 268"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 383"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 371".

ص: 53

‌3105 - الأصم

(1)

:

محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الإمام المحدِّث، مسند العصر، رحلة الوقت، أبو العباس الأموي، مولاه السناني المعقلي النيسابوري الأصم، ولد المحدث الحافظ أبي الفضل الورَّاق.

كان أبوه من أصحاب إسحاق بن راهويه، وعليّ بن حجر، وكان كما قال أبو عبد الله: الحاكم من أحسن الناس خطًّا، روى عنه: محمد بن مخلّد الدوري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن القاسم العتكي، وابنه أبو العباس الأصم، ومات سنة سبع وسبعين ومائتين.

وقد ارتحل بابنه أبي العباس إلى الآفاق، وسمَّعَه الكتب الكبار.

فسمع من: أحمد بن يوسف السلمي، وأحمد بن الأزهر، وكان خاتمة أصحابهما بها، لكنَّه عدم سماعه منهما، وسمع بأصبهان من هارون بن سليمان، وأسيد بن عاصم، وببغداد من زكريا بن يحيى أسد المروزي، صاحب سفيان بن عيينة، وعباس الدوري، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعدة، وبمصر من: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان المرادي، وبحر بن نصر الخولاني وأقرانهم، وبدمشق من: محمد بن هشام بن ملاس النميري، ويزيد بن عبد الصمد، وأبي زرعة النصري، وببيروت من: العباس بن الوليد العذري، وبالكوفة من: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي، والحسن بن علي بن عفان العامري.

وحدَّث بكتاب الأم للشافعي عن الربيع، وطال عمره، وبَعُدَ صيته، وتزاحم عليه

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 294"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 386"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 835"، والعِبَر "2/ 273"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 317"، وشذرات الذهب "2/ 373".

ص: 54

الطلبة، وجميع ما حدَّث به إنما رواه من لفظه، فإن الصَّممَ لحقه وهو شاب، له بضع وعشرون سنة، بعد رجوعه من الرحلة، ثم تزايد به، واستحكم بحيث إنه لا يسمع نهيق الحمار، وقد حدَّث في الإسلام ستًا وسبعين سنة.

حدَّث عنه: الحسين بن محمد بن زياد القباني، وأبو حامد الأعمشي، وهما أكبر منه، وحسَّان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن عدي، وأبو عمرو بن حمدان، والحافظ أبو علي النيسابوري، والإمام أبو بكر الإسماعيلي، وأبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، وأبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبو طاهر بن محمش، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبو صادق محمد بن أحمد بن أبي الفوارس العطار، والفقيه أبو نصر محمد بن علي الشيرازي، وأبو بكر محمد بن محمد بن رجاء الأديب، وأبو العباس أحمد بن محمد الشَّاذْياخي، وأبو نصر أحمد بن علي بن أحمد بن شبيب الفامي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن علي بن معاوية العطار، وإسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، والحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وسعيد بن محمد بن محمد بن عبدان، وأبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان الصعلوكيّ، وأبو أحمد عبد الله بن محمد بن حسن المهرجاني، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي حامد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وعبد الرحمن بن محمد بن أحمد بالويه المزكي، وعبيد بن محمد بن محمد بن مهدي القشيري، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي الإسفراييني المقرئ، وأبو الحسين علي بن محمد السبعي، وأبو القاسم علي بن الحسن الطهماني، وأبو نصر منصور بن الحسين المقرئ، والقاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي الحيري، وأبو بكر محمد بن علي بن محمد بن حيد، وأبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وعلي بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي الطرازي، ومحمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني، وأمم سواهم وآخرون.

روى عنه: في الدنيا بالإجازة أبو نعيم الحافظ.

قال الحاكم: كان يكره أن يقال له الأصم، فكان أمامنا أبو بكر بن إسحاق الصبغي يقول المعقلي: قال: وإنما حدَث به الصمم بعد انصرافه من الرحلة، وكان محدث عصره، ولم يختلف أحد في صدقه وصحة سماعاته، وضبط أبيه يعقوب الوراق لها، وكان يرجع إلى حسن مذهب وتديّن، وبلغني أنه أذن سبعين سنة في مسجده، قال: وكان حَسَن الخلق، سخي النفس، وربما كان يحتاج إلى الشيء لمعاشه فيورق ويأكل من كسب يده، وهذا الذي يعاب به من أنه كان يأخذ على الحديث، إنما كان يعيبه به من لا يعرفه، فإنه كان يكره

ص: 55

ذلك أشدّ الكراهة، ولا يناقش أحدًا فيه، إنما كان ورَّاقه وابنه يطلبان الناس بذلك، فيكره هو ذلك، ولا يقدر على مخالفتهما.

سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد، وكفاه شرفًا أن يحدِّث طول تلك السنين، ولا يجد أحد فيه مغمزًا بحجة، وما رأينا الرحلة في بلاد من بلاد الإسلام أكثر منها إليه، فقد رأيت جماعة من أهل الأندلس، وجماعة من أهل طراز وإسبيجاب على بابه، وكذا جماعة من أهل فارس، وجماعة من أهل الشرق.

سمعته غير مرة يقول: ولدت سنة سبع وأربعين ومائتين.

ورحل به أبوه على طريق أصبهان في سنة خمس وستين فسمع بها، ولم يسمع بالأهواز ولا البصرة حرفًا، ثم حج، وسمع بمكة من أحمد بن شيبان الرملي صاحب ابن عيينة، سمع بها منه فقط، وسمع بمصر، وعسقلان، وبيروت، ودمياط، وطرسوس، سمع بها من أبي أمية الطرسوسي، وسمع بحمص من محمد بن عوف، وأبي عتبة أحمد بن الفرج، وبالجزيرة من محمد بن علي بن ميمون الرقي، وسمع المغازي من لفظ العطاردي، وسمع مصنفات عبد الوهاب بن عطاء من يحيى بن أبي طالب، وسمع مصنفات زائدة، والسنن لأبي إسحاق الفزاري من أبي بكر الصاغاني، وسمع العلل لعلي بن المديني من حنبل، وسمع معاني القرآن من محمد بن الجهم السمري، وسمع التاريخ من عباس الدوري، ثم انصرف إلى خراسان وهو ابن ثلاثين سنة.

سمعته يقول: حدثت بكتاب معاني القرآن في سنة نيف وسبعين ومائتين.

قال الحافظ أبو حامد الأعمشي: كتبنا عن أبي العباس بن يعقوب الورَّاق في مجلس محمد بن عبد الوهاب الفراء سنة خمس وسبعين ومائتين.

الحاكم: سمعت محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، سمعت جدي، وسُئِل عن سماع كتاب المبسوط من أبي العباس الأصم فقال: اسمعوا منه فإنه ثقة، قد رأيته يسمع مع أبيه بمصر، وأبوه يضبط سماعه.

الحاكم: سمعت يحيى بن منصور القاضي، سمعت أبا نعيم بن عدي، واجتمع جماعة يسألونه المُقَام بنيسابور لقراءة المبسوط فقال: يا سبحان الله، عندكم راوي هذا الكتاب الثقة المأمون أبو العباس الأصم، وأنتم تريدون أن تسمعوه من غيره.

أبو أحمد الحاكم: سمعت ابن أبي حاتم يقول: ما بقي لكتاب المبسوط راوٍ غير أبي العباس الورَّاق، وبلغنا أنه ثقة صدوق.

ص: 56

أبو عبد الله الحاكم: حضرت أبا العباس يومًا في مسجده، فخرج ليؤذِّن لصلاة العصر، فوقف موضع المئذنة ثم قال بصوت عالٍ: أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، ثم ضحك وضحك الناس، ثم أذَّن.

قال الحاكم: سمعت الأصم وقد خرج ونحن في مسجده، وقد امتلأت السكة من الناس في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وكان يملي عشية كل يوم اثنين من أصوله، فلمَّا نظر إلى كثرة الناس والغرباء وقد قاموا يطرقون له، ويحملونه على عواتقهم من باب داره إلى مسجده، فجلس على جدار المسجد وبكى طويلًا، ثم نظر إلى المستملي فقال: اكتب: سمعت محمد بن إسحاق الصغاني يقول: سمعت الأشج، سمعت عبد الله بن إدريس يقول: أتيت يومًا باب الأعمش بعد موته، فدققت الباب فأجابتني جارية عرَّفتني: هاي هاي تبكي: يا عبد الله ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب، ثم بكى الكثير، ثم قال: كأنِّي بهذه السكة لا يدخلها أحد منكم، فإني لا أسمع، وقد ضعف البصر، وحان الرحيل، وانقضى الأجل، فما كان إلَّا بعد شهر أو أقل منه حتى كُفَّ بصره، وانقطعت الرحلة، وانصرف الغرباء، فرجع أمره إلى أنَّه كان يناول قَلمًا فيعلم أنهم يطلبون الرواية فيقول: حدَّثنا الربيع، وكان يحفظ أربعة عشر حديثًا، وسبع حكايات، فيرويها، وصار بأسوأ حالٍ حتى توفي.

وقرأت بخط أبي علي الحافظ يحثّ أبا العباس الأصمّ على الرجوع عن أحاديث أدخلوها عليه، حديث الصغاني عن علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، حديث "قبض العلم"

(1)

، وحديث أحمد بن شيبان، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية

(2)

قال: فوقع أبو العباس: كل مَنْ روى عني هذا فهو كذَّاب، وليس هذا في كتابي.

توفِّي أبو العباس في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

ومات أبوه سنة سبع وسبعين ومائتين بنيسابور في أولها عن نحو ستين سنة، وكان ذا معرفة وفهم.

حدَّث عن إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد وعِدَّة.

وعنه: ابنه، وابن أبي حاتم، ومحمد بن مخلد، وكان بديع الخط.

(1)

ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالمًا، اتَّخذ الناس رءوسا جهالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".

رواه البخاري "100"، ومسلم "2673" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، به.

(2)

ورد عن عبد الله بن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم، قِبَلَ نجد، فغنموا إبلًا كثيرة، فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرًا، أو أحد عشر بعيرًا، ونفلوا بعيرًا بعيرًا". أخرجه مالك "2/ 450"، ومن طريق أحمد "2/ 62"، والبخاري "3134"، ومسلم "1749" واللفظ له عن نافع، عن ابن عمر، به.

ص: 57

‌3106 - ابن أبي ثابت

(1)

:

القاضي الإمام المصدق المعمر، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت العبسي العراقي السامريّ، نزيل دمشق، ونائب الحكم بها، وصاحب ذاك الجزء العالي عند كريمة.

سمع الحسن بن عرفة، وسعدان بن نصر، وزكريا المروزي، والربيع بن سليمان، وإبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن عوف الطائي وعدة.

حدَّث عنه: أبو بكر الأبهريّ القاضي، وعبد الوهاب الكلابي، وابن جميع، وأبو مسلم الكاتب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الرحمن ابن أبي نصر التميمي، وآخرون.

وثَّقه الخطيب.

وكان تاجرًا نبيلًا، كثير الفضائل، عالي الرواية.

مات في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة، عن نيف وتسعين عامًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 165"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 364"، والعبر "2/ 247"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 364".

ص: 58

‌3107 - الطَّحَّان

(1)

:

الإمام الحافظ الناقد، أبو بكر أحمد بن عمرو بن جابر الطحان، محدِّث الرملة.

وُلِدَ في حدود سنة خمسين ومائتين.

وسمع محمد بن عوف الطائي، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وسليمان بن سيف الحرَّاني والعبَّاس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وبكّار ابن قتيبة، والحارث بن أبي أسامة، وأبا زرعة الدمشقيّ، وطبقتهم.

حدّث عنه: أبو سليمان بن زَبْر، ومحمد بن المظفَّر، وأبو بكر بن المقرئ، وعمر بن علي الأنطاكي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، ومحمد بن أحمد الغساني، وآخرون كثيرون.

مات في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.

وفيها توفِّي محدِّث دمشق أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عباد الشَّيباني، ومحدِّث أصبهان أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكم المديني، وأبو بكر أحمد بن مسعود الزنبري المصري، والمحدّث علي بن إبراهيم بن معاوية النيسابوري، ومؤرِّخ المغرب المفتي أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم الإفريقي، وأبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي صاحب أبي داود.

أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا ابن الحَرَسْتاني، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا ابن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع، حدثنا أحمد بن عمرو الحافظ إملاءً من حفظه، حدثنا محمد بن حماد الطهراني، حدثنا عبد الرزاق، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زار البيت يوم النَّحْرِ وصلَّى الظهر بِمِنَى

(2)

.

ومما رواه قال: حدثنا يزيد بن عبد الصمد، حدثنا أبو مسهر قال: كان لسعيد بن عبد العزيز جليس هو هشام بن يحيى الغسَّاني فقال: كان عندنا عبدة بن رياح صاحب الشرطة، فأتته امرأة فقالت: ابني يعُقُّني، فبعث معها أعوانًا فقالوا: إن أخذ ابنك قتله، قالت: كذا? قالوا: نعم، فمَرَّت فرأت شمَّاسًا فقالت: هذا ابني، فأتوه به فقال: تَعُقُّ أمك? قال: ما هي أمي، قال: وتجحدها? اضربوه ثم أركبها على عنقه، ونودي عليه: هذا جزاء من يعقّ أمه، فرآه صاحب له فقال: ما هذا؟ قال: من لم يكن له أم فليذهب إلى عبدة يجعل له أمًا.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 823"، والعبر "2/ 229"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 334".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1308" من طريق محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، به.

ص: 59

‌3108 - القَطَّان

(1)

:

الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام، أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر القزويني القطَّان، عالم قزوين.

مولده في سنة أربع وخمسين ومائتين.

سمع من أبي عبد الله بن ماجة سننه، ومن محمد بن الفرج الأزرق، وأبي حاتم الرازي، وإبراهيم بن ديزيل، والحارث بن أبي أسامة، والقاسم بن محمد الدَّلَّال، ويحيى بن عبدك القزويني، وإسحاق بن إبراهيم الدبري والحسن بن عبد الأعلى البوسي -لقيهما باليمن- وهذه الطبقة.

وجمع وصنَّف وتفنَّن في العلوم، وثابر على القرب.

حدَّث عنه: الزبير بن عبد الواحد الحافظ، وأبو الحسن النحوي، وأبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي، وأحمد بن علي بن لال، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد القزويني، والقاسم بن أبي المنذر الخطيب، وأحمد بن نصر الشَّذَائي المقرئ، تلا عليه عن تلاوته على الحسن بن علي الأزرق بحرف الكسائي.

قال أبو يعلى الخليلي: أبو الحسن القطان شيخ عالم بجميع العلوم والتفسير والفقه والنحو واللغة، كان له بنون: محمد وحسن وحسين، ماتوا شبابًا.

سمعت جماعة من شيوخ قزوين يقولون: لم ير أبو الحسن رحمه الله مثل نفسه في الفضل والزهد، أدام الصيام ثلاثين سنة، وكان يفطر على الخبز والملح، وفضائله أكثر من أن تُعَدّ.

وقال ابن فارس في بعض أماليه: سمعت أبا الحسن القطان بعدما عَلَت سِنُّه يقول: كنت حين رحلت أحفظ مائة ألف حديث، وأنا اليوم لا أقوم على حفظ مائة حديث.

وسمعته يقول: أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أيام الرحلة.

قلت: صدق والله، فقد كانوا مع حسن القصد، وصحة النية، غالبًا يخافون من الكلام

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 218"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 833"، والعبر "2/ 267"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 315"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 370".

ص: 60

وإظهار المعرفة والفضيلة، واليوم يكثرون الكلام مع نقص العلم وسوء القصد، ثم إن الله يفضحهم، ويلوح جهلهم وهواهم واضطرابهم فيما علموه، فنسأل الله التوفيق والإخلاص.

توفِّي هذا الإمام في سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

وفيها توفي: مسند وقته أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العباداني، والمحدِّث أبو القاسم إسماعيل بن يعقوب بن الجراب البغدادي بمصر، عن بضع وثمانين سنة، ومحدِّث مَرْو أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي الدُّخَمْسيني، وشيخ الشافعية أبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة البغدادي، ومسند مصر أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، والعلَّامة أبو عمر الزاهد غلام ثعلب، والمحدث أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح، والوزير أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم المادرائي، بمصر عن ثمانٍ وثمانين سنة، والمحدث مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم القاضي ببغداد، وصاحب مروج الذهب أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي.

أخبرنا القاضي تاج الدين عبد الخالق بن عبد السلام سنة ثلاث وتسعين ببعلبك، أخبرنا الإمام عبد الله بن أحمد "ح"، أخبرنا سُنْقُر بن عبد الله الحلبي، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف اللغوي قالا: أخبرنا أبو زرعة بن طاهر، أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم، حدثنا أبو عبد الله بن ماجة، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا مروان بن شجاع، حدثنا سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رفعه قال:"الشفاء في ثلاث؛ شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكيّ"

(1)

.

هذا حديث صحيح غريب، أخرجه البخاري نازلًا عن الحسين، عن أحمد بن منيع، فوقع لنا بدلًا عاليًا، والحسين هو ابن محمد القباني تلميذ البخاري، وراوية مسند أحمد بن منيع عنه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5680"، وابن ماجه "3491"، وأحمد "1/ 245، 246".

ص: 61

‌3109 - ابن شوذب

(1)

:

المقرئ المحدِّث أبو محمد عبد الله بن عمر بن أحمد بن علي بن شوذب الواسطي.

سمع: شعيب بن أيوب، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وصالح بن الهيثم، وجعفر بن محمد الواسطيين.

وعنه: منصور بن عبد الله، وأبو بكر بن لال، وأبو عبد الله بن منده، وابن جميع الصيداوي، وأبو علي الروذباري، وعدة.

وُلِدَ سنة تسع وأربعين.

قال أبو بكر أحمد بن بيري: ما رأيت أحدًا أقرأ لكتاب الله منه.

وقال توفي في سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة في ربيع الآخر.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 259"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 362".

ص: 62

‌3110 - ابن الأخرم

(1)

:

الإمام الحافظ المتقن الحجة أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني النيسابوري بن الأخرم، ويعرف قديمًا بابن الكرماني.

ولد سنة خمسين ومائتين.

شهد جنازة الإمام محمد بن يحيى الذهلي وصلَّى عليه.

وسمع من ولده يحيى بن محمد حَيْكان، وعلي بن الحسن الهلالي الدَّرَابَجِردي -ودرابجرد محلة من حواضر نيسابور المتطرقة على الصحراء، وإبراهيم بن عبد الله السعدي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وخُشْنَام بن الصديق، وإسحاق بن عمران الإسفراييني الفقيه، والحسين بن الفضل البجلي المفسّر، ومحمد بن نصر المروزي الإمام، وجعفر بن محمد الترك، والحسين بن محمد بن زياد القباني، وخلق كثير.

وجمع فأوعى، ومع حفظه وسعة علمه لم يرحل في الحديث، بل قنع بحديث بلده.

حدَّث عنه: أبو بكر بن إسحاق الصبغي، وحسان بن محمد الفقيه، وأبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الله الحاكم، ويحيى بن إبراهيم، والمزكِّي، وخلق كثير.

قال الحاكم: كان صدر أهل الحديث ببلدنا بعد ابن الشرقي، يحفظ ويفهم، وصنَّف كتاب المستخرج على الصحيحين، وصنَّف المسند الكبير، وسأله أبو العباس السراج أن يخرج له كتابًا على صحيح مسلم ففعل.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 836"، والعبر "2/ 265"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 368".

ص: 63

والآن قد رويته عن علي، عن ابن جهضم، قال: كلاهما عندي، وقد حدثت بهما، قال: فأخرج إلينا حديثك عن علي بن الحسن.

قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله بن الأخرم يقول: هذا جزاء من لم يَمُتْ مع أقرانه، وكنت أرى أبا علي بعد نادمًا على ما قال ذلك اليوم.

قال الحاكم: مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

قلت: فيها مات مقرئ بغداد أبو الحسين أحمد بن عثمان بن بويان، صاحب حرف نافع، ومحدِّث دمشق أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي، ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق بن السماك، وشيخ الشافعية العلامة أبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الكناني بمصر، ومسند حلب محمد بن عيسى التميمي البغدادي العلّاف، والإمام أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري المفسّر.

ص: 64

‌3111 - والده:

وكان والد ابن الأخرم، الإمام الفقيه، أبو يوسف الشافعي، الملقَّب بالأخرم، ذا حشمة ومال.

تفقَّه بمصر، وسمع في رحلاته من قتيبة، وهشام بن عمار، وسويد بن سعيد، وكتب عنه مسلم.

وحدَّث عنه: ابنه، وابن الشرقي، ويحيى العنبري، وجماعة.

توفي سنة سبع وثمانين ومائتين.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الرجل الصالح، أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن الصيرفي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب سنة أربعين وثلاث مائة، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: طيَّبْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم، وطيبته بمِنَى قبل أن يزور البيت

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1539"، ومسلم "1189"، وأبو داود "1745"، والنسائي "5/ 137" من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، به.

ص: 64

‌3112 - البَحْرِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ الثبت، محدث جرجان في وقته، أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن محمد الجرجاني البحري.

سمع محمد بن بسام، وأبا يحيى بن أبي مسرة المكي، وأبا قلابة الرقاشي، وهلال بن العلاء الرقي، والحارث بن أبي أسامة، وإسحاق بن إبراهيم الدبريّ، وبشر بن موسى، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، والنعمان بن محمد الجرجاني، وحسين بن جعفر، وأبو نصر بن الإسماعيلي، وآخرون.

قال الخليلي: هو حافظ ثقة مذكور، حدثني عنه أربعة نفر من أهل جرجان.

وقال الحاكم ابن البَيِّع: كتب إليَّ إجازة من جرجان هي عندي.

قلت: توفي أبو يعقوب البحري الحافظ سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة.

أخبرنا أبو علي بن الخلَّال، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا إسماعيل بن ماك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، حدثنا محمد بن الحسن بن المغيرة والحسين بن جعفر قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحافظ، حدثنا هلال بن العلاء، حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا المغيرة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت قريش ومن يقابلهم يقولون: نخن قُطَّان البيت لا نفيض إلَّا من مِنَى، فأنزل الله تعالى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [البقرة: 199]

(2)

غريب.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهميّ "122"، والأنساب للسمعاني "2/ 96"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 847"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 245".

(2)

[البقرة: 199]. والحديث أخرجه البخاري "1665"، ومسلم "1219"، وأبو داود "1910"، والترمذي "884"، والنسائي "5/ 255"، وابن ماجه "318"، والبيهقي "5/ 113"، من طرق عن هشام بن عروة، به.

ص: 65

‌3113 - قاسم بن أصبغ

(1)

:

ابن محمد بن يوسف بن ناصح، وقيل: واضح بدل ناصح، فيحرر هذا الإمام الحافظ العلامة محدث الأندلس، أبو محمد القرطبي، مولى بني أمية.

سمع بقيّ بن مخلد، ومحمد بن وضاح، وأصبغ بن خليل، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وطائفة بالأندلس، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وطبقته بمكة، ومحمد بن الجهم السمري، وأبا محمد بن قتيبة، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبا بكر بن أبي الدنيا، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وإسماعيل القاضي، وأكثر عنه جدًّا، وأبا بكر بن أبي خيثمة، وحمل عنه تاريخه، وإبراهيم بن عبد الله القصار، صاحب وكيع بالكوفة، وخلقًا سواهم، وفَاتَه السماع من أبي داود، فصنَّف سننًا على وضع سننه، وصحيح مسلم فاته أيضًا فخرَّج صحيحًا على هيئته، وألَّف كتاب "بر الوالدين" وكتاب "مسند مالك" وكتاب "المنتقى في الآثار"، وكتاب "الأنساب" بديع الحسن، وغير ذلك.

حدَّث عنه: حفيده قاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد الباجي، وعبد الله بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، والقاضي محمد بن أحمد بن مفرج، وأبو عثمان سعيد بن نصر، وأحمد بن القاسم التاهرتي، والقاسم بن محمد بن عسلون، وأبو عمر أحمد بن الجسور، وخلق كثير.

وانتهى إليه عُلُوّ الإسناد بالأندلس مع الحفظ والإتقان، وبراعة العربية، والتقدم في الفتوى، والحرمة التامة والجلالة.

أثنى عليه غير واحد، وتواليف ابن حزم، وابن عبد البر، وأبي الوليد الباجي، طافحةً بروايات قاسم بن أصبغ.

مات بقرطبة في جمادى الأولى سنة أربعين وثلاث مائة، وكان من أبناء التسعين.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 236"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 831"، والعبر "2/ 254"، ولسان الميزان "4/ 458"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 357".

ص: 66

‌3114 - البغدادي:

الشيخ المحدّث الثقة أبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي.

ارتحل وسمع من: عبد الله بن محمد بن أبي مريم، ويوسف بن يزيد القراطيسي ومحمد بن عمرو بن خالد، وأبي حارثة أحمد بن إبراهيم الغسَّاني، ومقدام بن داود الرعيني، وعدة.

روى عنه: القاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وأبو عبد الله بن منده، ومنير بن أحمد، وأبو محمد بن النحاس، وأحمد بن محمد بن عبد الوهاب الدمياطي، وأبوه، وآخرون.

أخبرنا الثقة محمد بن الحسين، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا الخلعي، أخبرنا منير بن أحمد الشاهد سنة اثنتي عشرة وأربع مائة، حدثنا علي بن أحمد سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، حدثنا مقدام بن داود عيسى بن تليد سنة ست وسبعين ومائتين، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا شعبة، عن أبي جمرة، سمعت زهدم بن مضرب، سمعت عمران بن حصين يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" فقال عمران: لا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة? ثم قال: "إن بعدكم قومًا يخونون ولا يؤتمنون، ولا يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمَن"

(1)

متفق عليه.

حدَّث البغدادي في صفر سنة أربعين وثلاث مائة، وتوفي بعد ذلك بمصر.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3651"، ومسلم "2535"، وأبو داود "4657".

ص: 67

‌3115 - الزجَّاجيّ

(1)

:

شيخ العربية أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق البغدادي النحوي.

صاحب "الجُمَل" والتصانيف، وتلميذ العلَّامة أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجَّاج، وهو منسوب إليه، له "أمالي" أدبية.

وقرأ أيضًا على أبي جعفر بن رستم الطبري غلام المازني.

وروى عن ابن دريد ونفطويه، وأبي بكر محمد بن السري السراج، وأبي الحسن الأخفش، وعدة، وتصدَّر بدمشق.

روى عنه: أحمد بن علي الحبَّال، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، والعفيف بن أبي نصر، وأحمد بن محمد بن شرام النحوي، والحسن بن علي السِّقليّ.

ويقال: أُخْرِجَ من دمشق لتشيعه، وكان حسن السمت، مليح الشارة، وكان في الدماشقة بقايا نَصْب، وله كتاب "الإيضاح"، و"شرح خطبة أدب الكاتب"، وكتاب "اللامات" كبير، و"المخترع في القوافي" وأشياء.

وقيل: إنه ما بَيِّضَ مسألة في الجمل إلَّا وهو على وضوء، فلذلك بورك فيه.

قال الكتَّاني: مات الزجاجي بطبرية في رمضان سنة أربعين وثلاث مائة.

‌3116 - الجلَّاب

(2)

:

الإمام المحدِّث القدوة، أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان الهمذاني الجلَّاب الجزار، أحد أركان السنة بهمذان.

سمع أبا حاتم الرازي، وإبراهيم بن ديزيل، وهلال بن العلاء، ومحمد بن غالب التمتام، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم بن نصر، وطبقتهم.

وعنه: صالح بن أحمد، وعبد الرحمن الأنماطي، وأبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الله الحاكم، والقاضي عبد الجبار بن أحمد، وأبو الحسن بن جهضم، وأبو الحسين بن فارس، وآخرون.

فال شيرويه الديلمي: كان صدوقًا قدوة له أتباع.

توفِّي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

قال صالح بن أحمد: سماع القدماء منه أصحّ، ذهب عامَّة كتبه في المحنة، وكُفَّ بصره.

‌3117 - الأسْوَارِيّ

(3)

:

الشيخ الإمام المحدّث الصادق، أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن سابور الأسواري الأصبهاني، من أهل قرية سوارى؛ من أعمال أصبهان، ثقة رحال.

سمع إبراهيم بن عبد الله القصار، وأبا يحيى بن أبي مسرة، وأبا حاتم الرازي، والفضل بن محمد الشعراني، وأبا إسماعيل الترمذي، ومحمد بن غالب التمتام، وطبقتهم.

حدَّث عنه: أبو الشيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، والحسين بن علي بن أحمد، وأبو بكر بن مردويه، وابن المقرئ، وعلي بن ميلة، وعدة.

توفّي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

حديثه عالٍ في الثقفيَّات.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 256"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 367"، والنجوم الزاهرة "3/ 302"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 357".

(2)

ترجمته في العبر "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 362".

(3)

ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 279"، والأنساب للسمعاني "1/ 257"، والعبر "2/ 261"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 365".

ص: 68

‌3118 - الأذْرَعِيّ

(1)

:

الإمام المحدّث الربَّاني القدوة، أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم النهدي الأذرعي، شيخ دمشق.

ارتحل وسمع بمصر من يحيى بن أيوب، ومقدام بن داود، وأبي يزيد القراطيسي، والنسائي، وسمع بحمص من موسى بن عيسى بن المنذر، وبدمشق من أبي زرعة النصري.

حدَّث عنه: ابن جميع، وابن منده، وتمام الرازي، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو محمد بن أبي نصر، وخلق سواهم.

قال أبو الحسين الرازي: كان من جُلَّة أهل دمشق وعُبَّادها وعلمائها.

وقال عبد القاهر بن عبد العزيز الصائغ: سمعت أبا يعقوب الأذرعي يقول: سألت الله أن يقبض بصري فعميت، فتضررت في الطهارة، فسألت الله إعادة بصري، فأعاده تفضلًا منه.

توفي أبو يعقوب يوم النَّحْرِ سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

أخبرنا عمر بن القواس، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي حضورًا، أخبرنا علي بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، حدثنا ابن جميع، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأذرعي، حدثنا محمد بن علي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا زهير بن عبَّاد، حدثنا منصور بن عمَّار قال: قال سليمان عليه السلام: إن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 263"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 366".

ص: 69

‌3119 - العَبَّادَانِيّ

(1)

:

المحدث المعمر، أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب بن إسحاق بن عبدة العَبَّاداني.

حدث ببغداد عن: الحسن بن محمد الزعفراني، وعلي بن حرب، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وعباس الترقفي، وأحمد بن منصور الرمادي، وطائفة.

روى عنه: ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، والحسين بن عمر بن برهان، وجماعة.

قال الخطيب: رأيت أصحابنا يغمزونه بلا حجة، فإن أحاديثه كلها مستقيمة، خلا حديث خلط في إسناده، وسماعه من علي بن حرب بسامراء.

ولد سنة ثمان وأربعين ومائتين.

وقال: حملوني إلى الحسن بن عرفة سنة ست وخمسين فقال: حدثنا المحاربي، ونسيت الباقي.

وقال محمد بن يوسف القطان: هو صدوق، غير أنه سمع وهو صغير.

قلت: بقي إلى سنة أربع أو سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 178"، والأنساب للسمعاني "8/ 335"، والعبر "2/ 266"، وميزان الاعتدال "1/ 101"، ولسان الميزان "1/ 182"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 369".

ص: 70

‌3120 - عبد المؤمن بن خلف

(1)

:

ابن طفيل بن زيد بن طفيل، الإمام الحافظ القدوة، أبو يعلى التميمي، النَّسَفيّ.

ولد سنة تسع وخمسين ومائتين.

وسمع من جَدِّه الطفيل بن زيد وأبي حاتم الرازي، وأبي يحيى بن أبي مسرَّة المكي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وأبي الزنباع روح بن الفرج، ويوسف بن يزيد القراطيسي، وعلي بن عبد العزيز البغوي وطبقتهم.

وكان من الفقهاء القائلين بالظاهر بفقه محمد بن داود ببغداد، وكان منافرًا لأهل القياس، ثريًّا متبعًا ناسكًا، كثير العلم.

حدث عنه: عبد الملك بن مروان الميداني، وأحمد بن عمَّار بن عصمة، ويعقوب بن إسحاق، وأهل نسف، وأبو عليّ منصور بن عبد الله الذهلي، وأبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي، وعدة.

وبلغنا أنَّ شيخ المعتزلة أبا القاسم الكعبي، شيخ أهل الكلام، لما قدم نسف أكرموه، ولم يأت إليه أبو يعلى، فقال الكعبي: نحن نأتي الشيخ، فلمَّا دخل لم يقم له ولا التفت من محرابه، فكسر الكعبي خجله وقال: بالله عليك أيها الشيخ، لا تقم، ودعا له وأثْنَى قائمًا وانصرف.

قال جعفر المستغفري: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عليّ النسفي قال: شهدت جنازة الشيخ أبي يعلى بالمصلى، فغشيتنا أصوات طبول مثل ما يكون من العساكر، حتى ظنَّ جمعنا أن جيشًا قد قدم، فكنَّا نقول: ليتنا صلينا على الشيح قبل أن يغشانا هذا، فلما اجتمع الناس وقاموا للصلاة وأنصتوا هدأ الصوت كأن لم يكن، ثُمّ إني رأيت في النوم كأنَّ إنسانًا واقفا على رأس درب أبي يعلى وهو يقول: أيها الناس، من أراد منكم الطريق المستقيم فعليه بأبي يعلى. أو نحو هذا.

توفي رحمه الله في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثلاث مائة بنسف، وهي التي يقال لها أيضًا نخشب.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد التميمي، أخبرنا عثمان بن علي البيكندي، أخبرنا الحسن بن عبد الملك النسفي، أخبرنا جعفر بن محمد المستغفري، أخبرنا الحسن بن علي بن قدامة، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف، حدثنا سعيد بن المغيرة أبو عثمان، حدثنا الفزاري، أخبرنا يزيد بن السمط، عن الحكم بن عبيد الأيلي، عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ في ليلة تنزيل السجدة، واقتربت، وتبارك، كنَّ له نورًا أو حرزًا من الشيطان، ورفع في الدرجات"

(2)

.

هذا حديث غريب.

أخبرنا أبو بكر الآنمي، وإسحاق الأسدي قالا: أخبرنا عبد الله بن رواحة، أخبرنا السلفي، أخبرنا أحمد بن الحسن الصوفي بمكة، أخبرنا عبد الملك بن محمد الحاكم بطوس،

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 837"، والعبر "2/ 272"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 373".

(2)

موضوع: آفته الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي، وأبو عبد الله، قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة.

وقال السعدي وأبو حاتم: كذّاب. وقال النسائي والدارقطني وجماعة: متروك الحديث. وقال البخاري في "الضعفاء": تركوه.

ص: 71

أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الله الأخرس، أخبرنا أبو مسلم غالب بن علي الرازي، أخبرنا محمد بن إسماعيل النسفي، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف، أخبرنا يحيى بن المستفاد، أخبرنا وهب بن جعفر، أخبرنا جنادة بن مروان الحمصي، أخبرنا الحارث بن النعمان، سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من عبادي من لو سألني الجنة بحذافيرها لأعطيته، ولو سألني علاقة سوط لم أعطه، أريد أن أدخر له في الآخرة"

(1)

.

هذا حديث غريب منكر، وفي إسناده من لا يُعرَف.

(1)

منكر: فيه جنادة بن مروان الحمصي، اتهمه أبو حاتم. وقال البخاري: منكر الحديث.

ص: 72

‌3121 - الصِّبْغِيّ

(1)

:

الإمام العلامة المفتي المحدّث شيخ الإسلام، أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد النيسابوري الشافعي، المعروف بالصبغي.

مولده في سنة ثمان وخمسين ومائتين.

رأى يحيى بن محمد الذُّهلي، وأبا حاتم الرازي.

وسمع الفضل بن محمد الشعراني، وإسماعيل بن قتيبة، ويوسف بن يعقوب القزويني، والحارث بن أبي أسامة، وهشام بن علي السيرافي، وعلي بن عبد العزيز البغويّ، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب البجلي، وطبقتهم بنيسابور والحجاز والبصرة وبغداد والري.

وجمع وصنَّف، وبرع في الفقه، وتميِّزَ في علم الحديث.

حج في سنة (283)، فقرأ له أبو القاسم البغوي على عَمِّه "مُنْتَقَى المسند".

حدَّث عنه: حمزة بن محمد الزيدي، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر الإسماعيلي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبو عبد الله الحاكم، وخلق كثير.

قال الحاكم: سمعته يقول: لما ترعرعت اشتغلت بتعلم الفروسية، ولم أسمع حرفًا، وحُمِلْتُ إلى الريّ وأبو حاتم حي، وسألته عن مسألة في ميراث أبي، ثم رجعنا إلى نيسابور في سنة ثمانين ومائتين، فبينا أنا على باب دارنا وأبو حامد بن الشرقي، وأبو حامد بن

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 33"، والعبر "2/ 258"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 310"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 361".

ص: 72

حسنويه جالسين، فقالا لي: اشتغل بسماع الحديث، قلت: مَمَّن؟ قالا: من إسماعيل بن قتيبة، فذهبت إليه، وسمعت، فرغبت في الحديث، ثم خرجت إلى العراق بعد بسنة.

قال الحاكم: بَقِيَ الإمام أبو بكر يفتي بنيسابور نيفًا وخمسين سنة، ولم يؤخذ عليه في فتاويه مسألة وَهِمَ فيها، وله الكتب المبسوطة مثل الطهارة والصلاة والزكاة، ثم إلى آخر كتاب المبسوط.

سمعت أبا الفضل بن إبراهيم يقول: كان أبو بكر بن إسحاق يخلف إمام الائمة ابن خزيمة في الفتوى بضع عشرة سنة في الجامع وغيره.

ثم قال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر يقول: رأيت في منامي كأنِّي في دار فيها عمر، وقد اجتمع الناس عليه يسألونه المسائل، فأشار إليَّ أن أجيبهم، فما زلت أسأل وأجيب، وهو يقول لي: أصبت، امض، أصبت، امض، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما النجاة من الدنيا أو المخرج منها? فقال لي بإصبعه: الدعاء، فأعدت عليه السؤال، فجمع نفسه كأنَّه ساجد لخضوعه، ثم قال: الدعاء.

قال الحاكم: ومن تصانيفه كتاب الأسماء والصفات، وكتاب الإيمان، وكتاب القدر، وكتاب الخلفاء الأربعة، وكتاب الرؤية، وكتاب الأحكام، وحمل الى بغداد، فكثر الثناء عليه -يعني: هذا التأليف، وكتاب الإمامة.

وقد سمعته يخاطب كهلًا من أهل فقال: حدثونا عن سليمان بن حرب فقال له: دعنا من حدثنا إلى متى حدثنا وأخبرنا? فقال: يا هذا، لست أشم من كلامك رائحة الإيمان، ولا يحل لك أن تدخل هذه الدار، ثم هجره حتى مات.

قال الحاكم: سمعت محمد بن حمدون يقول: صحبت أبا بكر بن إسحاق سنين، فما رأيته قط ترك قيام الليل، لا في سفر ولا حضر.

رأيت أبا بكر غير مرة عقيب الأذان يدعو ويبكي، وربما كان يضرب برأسه الحائط، حتى خشيت يومًا أن يدمَى رأسه، وما رأيت في جماعة مشايخنا أحسن صلاة منه، وكان لا يدع أحدًا يغتاب في مجلسه.

وسمعته غير مرة إذا أنشد بيتًا يفسده ويغيِّره حتى يذهب الوزن، وكان يضرب المثل بعقله ورأيه.

وسُئِلَ عَمَّن يدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة، فقال: يعيد الركعة.

ص: 73

ثم قال الحاكم: حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القزويني، حدثنا سعيد بن يحيى الأصبهاني، حدثنا سعير بن الخمس، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: من أحبَّ أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادَى بهنّ

(1)

.

قال الحاكم: كتب عني الدارقطني هذا وقال: ما كتبته عن أحد قط. ورواه الخليلي عن الحاكم، وقال الخليلي: ورواه ابن منده عن الصبغي. وقال ابن منده: كتبه عنّي أبو الشيخ الحافظ. رواه جماعة عن الهجري، وما جاء عن سعير إلَّا من هذا الوجه عن أبي إسحاق، وهو إبراهيم الهجري

(2)

لا السبيعي، ثم بالغ الخليلي في تعظيمه.

قال الحاكم: وسمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: خرجنا من مجلس إبراهيم الحربي، ومعنا رجل كثير المجون، فرأى أمرد فتقدَّم فقال: السلام عليك، وصافحه وقَبَّل عينيه وخدَّه، ثم قال: حدثنا الدبري بصنعاء بإسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحبَّ أحدكم أخاه فليعلمه"

(3)

فقلت: له: ألَا تستحي، تلوط وتكذب في الحديث؟ يعني: أنه ركب إسنادًا للمتن.

توفِّي الصبغي في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

وفيها مات مسند همذان أبو جعفر أحمد بن عبيد الأسدي، وشيخ الصوفية إبراهيم بن المولد، والمسند أبو الفضل الحسن بن يعقوب البخاري، والمسند عبد الرحمن بن حمدان الجلّاب بهمذان، والقاضي العلامة أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي، وشيخ مَرْو الإمام أبو العباس القاسم بن القاسم بن مهدي السياري، سبط أحمد بن سيار الحافظ، والمسند أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن علي الأسواري الأصبهاني، وشيخ المحدثين والزهَّاد بنيسابور أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النيسابوري.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "654""257"، والنسائي "2/ 108" من طريق علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود، به.

(2)

هو إبراهيم بن مسلم العبدي، أبو إسحاق الهجري، ليِّن الحديث -كما قال الحافظ في "التقريب": رفع موقوفات من الطبقة الخامسة، روى له ابن ماجه.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 130"، والبخاري في "الأدب المفرد""542"، وأبو داود "5124"، والترمذي "2393"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""206"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة""196"، والحاكم "4/ 171"، وأبو نعيم في "الحلية" "6/ 99" من طرق عن يحيى القطان قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن حبيب بن عبيد، عن المقدام بن معدي كرب، به مرفوعًا.

ص: 74

قرأت على أبي المعالي أحمد بن المؤيد، أخبرنا محمد بن محمد المأموني، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي إملاءً، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، حدثنا محمد بن غالب بن حرب، حدثنا داود بن عبد الله الجعفري، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا كَبَّر وإذا رفع

(1)

.

وبه: أخبرنا الصبغي، حدثنا أحمد بن القاسم بن أبي مساور، حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم قال: أملى علي بن وهب من حِفْظه، عن يونس، عن الزهري، عن أنس، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطع"

(2)

.

غريب جدًّا مع عدالة رواته، فلا تنبغي الرواية إلَّا من كتاب، فإني أرى ابن وهب مع حفظه وَهِمَ فيه، وللمتن إسناد غير هذا.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "735"، ومسلم "390"، وأبو داود "721".

(2)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "18845"، "18859"، وأبو داود "4391"، والترمذي "1448"، والنسائي "8/ 88 - 89، 89"، وابن ماجه "2591"، والدارمي "2/ 175"، والطحاوي "3/ 171"، والدارقطني "3/ 187"، والبيهقي "8/ 279" من طرق عن أبي الزبير، عن جابر، به.

قلت: وقد صرَّح أبو الزبير بالتحديث من جابر عند عبد الرزاق، فأمِنَّا شر تدليسه.

ص: 75

‌3122 - أخوه المعمَّر

(1)

:

أبو العباس محمد بن إسحاق الصبغي.

سمع يحيى بن الذهلي، وسهل بن عمار، وإبراهيم بن عبد الله السعدي.

قال: لزم الفتوة إلى آخر عمره، وكان أخوه ينهاه عن السماع لما كان يتعاطاه.

عاش مائة سنة وأربع سنين، وأملى مجالس.

مات سنة أربع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 34".

ص: 76

‌الطبقة العشرون:

‌3123 - أبو النضر الطُّوسيّ

(1)

:

الإمام الحافظ الفقيه العلامة القدوة شيخ الإسلام، أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الطوسي الشافعيّ، شيخ المذهب بخراسان.

وُلِدَ في حدود الخمسين ومائتين.

وسمع عثمان بن سعيد الدارمي، والحارث بن أبي أسامة، وإسماعيل القاضي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، والفضل بن عبد الله بن خرم اليشكري الهرويّ، وأحمد بن موسى الكوفي الحمّار، ومحمد بن عمرو قشمرد الحَرَشيّ، ومحمد بن أيوب بن الضُّرَيس، وأحمد بن سلمة الحافظ، والحسين بن محمد القباني، وتميم بن محمد الحافظ، ومحمد بن نصر المروزي الفقيه، ولازمه مدة، وأكثر عنه.

وجمع وصنَّف، وعمل مستخرجًا على صحيح مسلم، وكان من أئمة خراسان بلا مدافعة.

قال الحاكم: رحلت إليه إلى طوس مرتين، وسألته متى تتفرغ للتصنيف مع هذه الفتاوى الكثيرة، فقال: جزأت الليل أثلاثًا؛ فثلث أصنِّف، وثلث أنام، وثلث أقرأ القرآن.

قال: وكان إمامًا عابدًا بارع الأدب، ما رأيت في مشايخي أحسن صلاة منه، وكان يصوم الدهر، ويقوم ويتصدَّق بما فضل من قوته، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

سمعت أحمد بن منصور الحافظ يقول: أبو النضر يفتي الناس من سبعين سنة أو نحوها، ما أُخِذَ عليه في فتوى قط.

ثم قال الحاكم: دخلت طوس وأبو أحمد الحافظ على قضائها، فقال لي: ما رأيت قط في بلد من بلاد الإسلام مثل أبي النضر رحمه الله.

قلت: روى عنه الحاكمان، ولم يقع لي من حديثه بالاتصال فيما أعلم.

قال الحاكم: مات في شعبان سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 264"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 379"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 861"، والعبر "2/ 264"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 368".

ص: 76

قلت: جاوز التسعين.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله الدمشقي، أخبرنا القاسم بن أبي سعد في كتابه، أخبرنا جدِّي عمر بن أحمد، أخبرنا أبو بكر بن خلف، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ"

(1)

.

إسناده قوي، أخرجه الحاكم في المستدرك.

ورواه أبو داود عن موسى على الموافقة، ورواه الترمذي نازلًا عن حمَّاد، وله علة من أجلها لم يخرجه مسلم، رواه النسائي من وجوهٍ عن الأوزاعي، عن إسحاق المذكور، فقال: عن جعفر بن عياض، عن أبي هريرة.

(1)

صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 540 - 541" أخبرنا أبو النضر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد "2/ 305، 325"، وأبو داود "1544، والنسائي "8/ 261"، والبيهقي "7/ 12".

ص: 77

‌3124 - أبو الوليد الفقيه

(1)

:

الإمام الأوحد الحافظ المفتي شيخ خراسان، أبو الوليد حسان بن محمد بن أحمد بن هارون النيسابوري الشافعي العابد.

وُلِدَ بعد السبعين ومائتين.

وسمع من أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، وابن خزيمة، وعدة ببلده، والحسن بن سفيان بنسا، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد، وهذه الطبقة، وتفقَّه بأبي العباس بن سريج، وهو صاحب وجه في المذهب، ومن أغرب ما أتى به أنه قال: من كَرَّرَ الفاتحة مرَّتين بطلت صلاته. وهذا خلاف نَصّ الإمام.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 396"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 863"، والعبر "2/ 281"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 380".

ص: 77

وقال: الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم. والتزم أنه هو المذهب لصحة الأحاديث فيه، وهذا فيه نظر؛ لأن الإمام ما ضعَّف الأحاديث، بل ادَّعى نَسْخَها.

حدث عنه: الحاكم، وابن منده، وأبو طاهر بن محمش، والقاضي أحمد بن الحسن الحيري، وأبو الفضل أحمد بن محمد السهلي الصفار، وعدة.

قال الحاكم: صنَّف أبو الوليد المستخرج على صحيح مسلم.

وصنَّف الأحكام على مذهب الشافعي.

قال أبو سعد الأديب: سألت أبا علي الثقفي فقلت: من نسأل بعدك؟ قال: أبا الوليد.

قال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا الوليد يقول: قال لي أبي: أيّ شيء تجمع? قلت: أخرّج على كتاب البخاري، فقال: عليك بكتاب مسلم، فإنه أكثر بركة، فإن البخاري كان ينسب إلى اللفظ.

قال محمد بن الذهلي: ومسلم أيضًا نُسِبَ إلى اللفظ، ألَا تراه كيف قام من مجلس الذهلي على رأس الملأ لما قال: ألَا من كان يقول بقول محمد بن إسماعيل فلا يقربنا? فهذه مسألة مشكلة، وقد كان أحمد بن حنبل وغيره لا يرون الخوض في هذه المسألة، مع أنَّ البخاري رحمه الله ما صرَّح بذلك، ولا قال: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، بل قال: أفعالنا مخلوقة، والمقروء الملفوظ هو كلام الله تعالى، وليس بمخلوق، فالسكوت عن توسّع العبارات أسلم للإنسان.

ولقد كان أبو الوليد هذا من أركان الدين، ولما توفِّي رثاه أبو طاهر بن محمش الفقيه، أحد تلامذته بقصيدة ستين بيتًا.

قال الحاكم: أرانا أبو الوليد نقش خاتمه: الله ثقة حسان بن محمد، وقال: أرانا عبد الملك بن محمد بن عدي نقش خاتمه: الله ثقة عبد الملك بن محمد، وقال: أرانا الربيع نقش خاتمه: الله ثقة الربيع بن سليمان، وقال: كان نقش خاتم الشافعي: الله ثقة محمد بن إدريس، هذا إسناد ثابت.

مات أبو الوليد في شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، عن اثنتين وسبعين سنة.

قال الحاكم: هو أبو الوليد القرشي الأموي الشافعي، إمام أهل الحديث بخراسان، وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم، تفقَّه ببغداد على ابن سُرَيْج.

ص: 78

قلت: مات معه عالم أصبهان القاضي أبو أحمد العسال، وحافظ خراسان أبو علي الحسين بن علي بن زيد النيسابوري، ومسند العصر بمصر أبو الفوارس أحمد بن محمد السندي الصابوني، ومسند بغداد أحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي العطشي، وأبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني، ومسند دمشق أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح سنان المخزومي، وشيخ القراء أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، والمعمر أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرويه بن علم الصفّار، وأبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نِيخَاب الطِّيبي ببغداد.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا القاسم بن عبد الله الصفار، أخبرتنا عائشة بنت أحمد، أخبرنا الحسن بن علي البُسْتيّ، أخبرنا يحيى بن إبراهيم المزكِّي، حدثنا الزاهد إمام عصره أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث، عن ابن الهاد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم"

(1)

الحديث.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "832"، ومسلم "589".

ص: 79

‌3125 - ابن طَبَاطَبَا

(1)

:

الشريف الكبير، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي بن حسن بن الشريف طَبَاطَبَا، واسمه: إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن ابن السيد الإمام علي بن أبي طالب العلويّ الحسني المدني ثم المصري.

كان محتشمًا ذا أموال وعقار وعبيد وضياع ودائرة واسعة، بحيث قيل: كان في دهليز داره رجل يكسر اللوز دائمًا لعمل الحلواء، وكان يصلح للخلافة، وكان يهدي إلى الأستاذ كافور، وإلى الكبراء وله جلالة عجيبة.

توفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة.

ويقال: بقي حتى قدم المعز، وطلب منه نسبه، والظاهر أن ذلك يكون ولد هذا الشريف، وقيل: بل الذي كلّم المعز الشريف أبو إسماعيل الرَّسِّي.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 342".

ص: 79

‌3126 - ابن الجراب

(1)

:

الشيخ المحدث الأمين، أبو القاسم إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن الجراب البغدادي البزاز.

وُلِدَ بسامراء سنة اثنتين وستين ومائتين.

سمع موسى بن سهل الوشاء، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد البرتي، وعبد الله بن روح المدائني، وجعفر بن محمد بن شاكر، وإسماعيل القاضي، وطبقتهم.

حدَّث عنه: ابن جميع الغساني، والحافظ عبد الغني، وأخوه عبد الله بن سعيد، والحسين بن ميمون الصفّار، والحسين بن محمد بن رزيق المخزومي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.

وثَّقه الخطيب.

توفِّي سنة خمس وأربعين وثلاث مائة في شهر رمضان.

قرأت عن يحيى بن أحمد الجذامي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا الحسين بن محمد المخزومي الكوفي بمصر، أخبرنا إسماعيل بن يعقوب إملاءً، حدثنا محمد بن غالب بن حرب، حدثنا عمَّار بن زَرْبَى، حدثنا بشر بن منصور السليمي، عن داود بن أبي هند، عن وهب بن منبه قال: قرأت في بعض الكتب التي أنزلت: إنَّ الله قال لموسى: أتدري لأي شيء كلمتك؟ قال: لأي شيء؟ قال: لأني اطَّلعت في قلوب العباد فلم أر قلبًا أشدَّ حبًّا لي من قلبك.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 304"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 380"، وشذرات لابن العماد الحنبلي "2/ 369".

ص: 80

‌3127 - ابن عبد البر:

الإمام الحافظ المجوّد، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد البر التُّجيبي، الأندلسي القرطبي.

سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن عمر بن لبابة، ومحمد بن محمد بن النفاح الباهلي، وطبقته بمصر، وسعيد بن هاشم الطبراني، وغيره بالشام، ورجع ثم ارتحل في الشيخوخة.

فتوفِّي بالشام بطرابلس، في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة.

روى عنه: عمر بن نمارة الأندلسي، وأبو محمد عبد الرحمن بن عمر النحاس.

‌3128 - التنوخي

(1)

:

القاضي العلامة، أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي الحنفي.

مولده بأنطاكية سنة (278).

سمع أحمد بن خليد الحلبي، والحسن بن أحمد بن حبيب صاحب مسدد، وعمر بن أبي غيلان.

وكان معتزليًّا مناظرًا منجمًا شاعرًا أديبًا، ولي قضاء الأهواز.

حدَّث عنه: ابنه المحسن، وأبو حفص الآجري، وأبو القاسم بن الثلَّاج.

وكان أحد الأذكياء، حفظ ست مائة بيت في يوم وليلة، وله تصانيف.

وكان المطيع قد هَمَّ بتوليته قضاء القضاة.

ولما توفي بالبصرة وفَّى عنه المهلبي خمسين ألف درهم دينًا.

وقال ابنه: كان يحفظ للطائيين ست مائة قصيدة، ويحفظ من النحو واللغة شيئًا عظيمًا، ومن العقليات، ويجيب في أزيد من عشرين ألف حديث.

مات سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

‌3129 - السَّيَّاريّ

(2)

:

الإمام المحدث الزاهد شيخ مرو، أبو العباس القاسم بن القاسم بن مهدي السياري المروزي، سبط الحافظ أحمد بن سيار.

سمع أبا الموجه، وأحمد بن عبَّاد، وصحب محمد بن موسى الفرغاني.

وعنه: عبد الواحد بن علي، وأبو عبد الله الحاكم، وغيرهما.

ومن قوله: الخطرة للنبي، والوسوسة للوليّ، والفكرة للعاميّ، والعزم للفتي.

مات سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 77"، والأنساب للسمعاني "3/ 93"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 372"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "14/ 162"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 465"، وميزان الاعتدال "3/ 153"، ولسان الميزان "4/ 256"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 310"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 362".

(2)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 654"، والأنساب للسمعاني "7/ 212"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 374"، والعبر "2/ 260"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 309"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 364".

ص: 81

‌3130 - ابن الخَضِر:

الحافظ المجوّد الفقيه، أبو الحسن أحمد بن الخضر بن أحمد النيسابوري الشافعي من كبار الأئمة.

سمع أحمد بن النضر، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبا عبد الله البوشنجي.

وعنه: رفيقه أبو علي الحافظ، وأبو الوليد حسَّان بن محمد، وهو أكبر منه، وأبو عبد الله الحاكم.

مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

‌3131 - ابن ماهِيَان

(1)

:

المحدِّث الرحَّال الصدوق، أبو الحسين محمد بن حسين بن محمد بن ماهيان الجرجاني.

حدَّث بنيسابور عن الدبري، وإسماعيل القاضي، وتمتام، وعلي بن عبد العزيز، وطبقتهم.

حدث عنه: الحاكم، وكان متكلمًا أديبًا عالمًا.

مات ببخارى في سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

‌3132 - النجَّاد

(2)

:

الإمام المحدِّث الحافظ الفقيه المفتي شيخ العراق، أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل البغدادي الحنبلي النجَّاد.

وُلِدَ سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهميّ "402".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 189"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 390"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 838"، وميزان الاعتدال "1/ 101"، ولسان الميزان "1/ 180".

ص: 82

سمع أبا داود السجستاني ارتحل إليه، وهو خاتمة أصحابه، وأحمد بن ملاعب، ويحيى بن أبي طالب، والحسن بن مكرم، وأحمد بن محمد البرتي، وهلال بن العلاء الرقي، وارتحل إليه، وإسماعيل القاضي، ويزيد بن جهور، وأبا بكر بن أبي الدنيا القرشي صاحب الكتب، وإبراهيم الحربيّ، والحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسيّ، ومعاذ بن المثنَّى، وبشر بن موسى، ومحمد بن عبد الله مطينًا، وخلقًا كثيرًا.

وصنَّف ديوانًا كبيرًا في السُّنَنِ.

حدَّث عنه: أبو بكر القطيعي، وأبو بكر عبد العزيز الفقيه، وابن شاهين، والدارقطني، وابن منده، وأبو بكر محمد بن يوسف الرقي، وأبو الحسن بن الفرات، وأبو سليمان الخطّابي، وأبو عبد الله الحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو القاسم الخرقيّ، وأبو بكر بن مردويه، وأبو علي بن شاذان، وابن عقيل الباوردي، وأبو القاسم بن بشران، وعدد كثير.

وكان أبو الحسن بن رزقويه يقول: النَّجَّاد ابن صاعدنا.

وقال أبو إسحاق الطبري: كان النَّجَّاد يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف، فيترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة تصدَّق برغيفه، واكتفى بتلك اللقم.

وقال أبو بكر الخطيب: كان النَّجَّاد صدوقًا عارفًا، صنَّف السُّنن، وكان له بجامع المنصور حلقة قبل الجمعة للفتوى، وحلقة بعد الجمعة للإملاء.

وقال الدارقطني: حدَّث النجاد من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله.

قال الخطيب: كان قد أضرَّ، فلعل بعضهم قرأ عليه ذلك.

مات النجَّاد -رحمه الله تعالى- في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة.

وفيها مات شيخ الصوفية المحدِّث جعفر بن محمد بن نُصَيْر الخلدي ببغداد، وقاضي مصر أبو بكر عبد الله بن محمد بن الحسن بن الخصيب، ومسند الكوفة أبوالحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، وأبو بكر محمد بن الحارث بن أبيض.

أخبرنا الفقيه أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم بالإسكندرية، أخبرنا علي بن مختار العابدي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطُّرَيْثيثي، أخبرنا علي بن أحمد الرزاز، حدثنا أبو بكر النَّجَّاد قال: قرئ على أبي داود سليمان بن الأشعث

ص: 83

وأنا أسمع، حدثنا رجاء بن مرجَّى، حدثنا أبو همام الدلَّال، حدثنا سعيد بن السائب، عن محمد بن عبد الله بن عياض، عن عثمان بن أبي العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طواغيتهم.

وقع لي من رواية النجاد "كتاب الناسخ" لأبي داود، و"جزء التراجم"، والثاني من "فوائد الحاج"، وخمسة مجالس، ومجلس مفرد، وجزء سقت منه الخبر المذكور، وفي الأمالي البشرانية، وفي أمالي أبي المطيع، وفي مستخرج أبي علي بن شاذان، وفي الأوّل والثاني لأبي الحسين بن بشران، وفيهما انتقاء اللالكائي، وفي عشرة مجالس الحرفي.

وفي الثقفيات، وأجزاء يحيى المزكي، وفي البُلْفسة، وأماكن.

ص: 84

‌3133 - ابن الحَجَّام:

شيخ المالكية بالقيروان، أبو محمد عبد الله بن أبي هاشم مسرور التُّجيبي، مولاهم الإفريقي، عُرِفَ بابن الحجَّام، إمام كبير شهير.

أخذ عن جماعة، وسمع من عيسى بن مسكين، وابن أبي سليمان وطائفة.

حمل عنه أبو محمد بن أبي زيد وجماعة.

وكان على مجلسه مهابة وسكينة، كأنما على رءوسهم الطير، وكان يشبه بيحيى بن عمر، وبحمديس القطان.

شاخ وعمَّر، فقيل: إنه تدفَّأ بنار فاحترق لما نَعِسَ في سنة ست وأربعين وثلاث مائة، وله ثلاث وثمانون سنة، وله عدة تصانيف في فنون العلم، وكتب بخطه المتقن كثيرًا.

قال أبو الحسن القابسي: ترك سبعة قناطير كتب، كلها بخط يده.

فقيل: أخذها السلطان العبيدي، ومنع الناس منها كيدًا للإسلام، وقيل: سَلِمَ ثلثها، كان قد أودعه عند ابن أبي زيد.

نقلت حاله من تاريخ عبد الله بن محمد المالكي، وذكره عياض أيضًا.

ص: 84

‌3134 - أبو وَهْب:

زاهد الأندلس، جَمَع ابن بشكوال أخباره في جزء مفرد.

قال أبو جعفر بن عون الله: سمعته يقول: لا عانق الأبكار في جنات النعيم، والناس غدًا في الحساب إلَّا من عانق الذل، وضاجع الصبر، وخرج منها كما دخل فيها، ما رزق امرؤ مثل عافية، ولا تصدَّق بمثل موعظة، ولا سأل مثل مغفرة.

وعن خالد بن سعيد قال: قيل: إنَّ أبا وهب عباسي، وكان لا ينتسب، وكان صاحب عزلة، باع ماعونه قبل موته، فقيل: ما هذا؟ قال: أريد سفرًا، فمات بعد أيام يسيرة.

وعن ابن حفصون قال: قلت لأبي وهب: تعلم أني كبير الدار، فاسكن معي، وأخدمك وأشاركك في الحلو والمرِّ، قال: لا أفعل، إني طلقت الدنيا بالأمس، أفأراجعها اليوم، فالمطلق إنما يطلق المرأة بعد سوء خلقها وقلة خيرها، وليس في العقل الرجوع إلى مكروه، وفي الحديث "لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين".

وقال فقير: فقد قلت ليلة لأبي وهب: قم بنا لزيارة فلان. قال: وأين العلم؟ وليُّ الأمر له طاعة، وقد منع من المشي ليلًا.

قال يونس بن مغيث: طرأ أبو وهب إلى قرطبة، وكان جليلًا في الخير والزهد، يقال: إنه من ولد العباس، وكان يقصده الزهاد ويألفونه، وإذا جاءه من ينكر من الناس تباله وتوّله، وإذا قيل له: من أين أنت? قال: أنا ابن آدم، ولا يزيد، وأخبرني من صحبه أنه يفضي منه جليسه إلى علم وحلم، ويقين في الفقه والحديث، وقيل: كان ربما جلب من النبات ما يقوته.

توفي سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وقبره يزار.

ص: 85

‌3135 - أبو عمر الزَّاهد

(1)

:

الإمام الأوحد العلامة اللغوي المحدّث، أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم البغدادي الزاهد، المعروف بغلام ثعلب.

وُلِدَ سنة إحدى وستين ومائتين.

وسمع من موسى بن سهل الوشاء، وأحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن يونس الكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن زياد بن مهران السمسار، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى الأسدي، وأحمد بن سعيد الجمال، ومحمد بن هشام بن البختري، ومحمد بن عثمان العبسي.

ولازم ثعلبًا في العربية، فأكثر عنه إلى الغاية، وهو في عداد الشيوخ في الحديث لا الحفاظ، وإنما ذكرته لسعة حفظه للسان العرب، وصدقه، وعلوّ إسناده.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 356"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 380"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 638"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 844".

ص: 85

حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وابن منده، وأبو عبد الله الحاكم، والقاضي أبو القاسم بن المنذر، وأبو الحسين بن بشران، والقاضي محمد بن أحمد ابن المحاملي، وعلي بن أحمد الرزاز، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وخلق كثير.

وقع لي أربعة أجزاء من حديثه.

قرأت على أحمد بن إسحاق الزاهد، أنبأنا ظفر بن سالم ببغداد سنة عشرين وست مائة، أخبرنا هبة الله بن أحمد الشبلي سنة (557)، أخبرنا محمد بن علي بن أبي عثمان، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم سنة سبع وأربع مائة، حدثنا أبو عمر غلام ثعلب، حدثنا موسى بن سهل الوشاء، حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم"

(1)

.

إسناده صالح.

قال أبو الحسن ابن المرزبان: كان أبو محمد بن ماسي من دار كعب، ينفذ إلى أبي عمر غلام ثعلب، وقتًا بعد وقت، كفايته ما ينفق على نفسه، فقطع ذلك عنه مدة؛ لعذر، ثم أنفذ إليه جملة ما كان في رسمه، وكتب إليه يعتذر فردَّه، وأمر أن يكتب على ظهر رقعته: أكرمتنا فملكتنا، ثم أعرضت عنا فأرحتنا.

قلت: هو كما قال أبو عمر، لكنه لم يجمل في الرد، فإن كان قد ملكه بإحسانه القديم، فالتملك بحاله وجبر التأخير بمجيئه جملة وباعتذاره، ولو أنَّه قال: وتركتنا فأعتقتنا لكان أليق.

قال الخطيب أبو بكر في ترجمة أبي عمر الزاهد: ابن ماسي لا أشكّ أنه إبراهيم بن أيوب والد أبي محمد عبد الله.

(1)

جيد: أخرجه أحمد "2/ 50، 92"، وابن أبي شيبة "5/ 313"، وأبو داود "4031" جزءًا منه -من طريق عبد الرحمن بن ثابت، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر، به.

قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي، صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب"، ورواه ابن أبي شيبة "5/ 322"، والقضاعي في "مسند الشهاب""390" من طريق الأوزاعي، عن سعيد ابن جبلة عن طاوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

ص: 86

قال: وأخبرني عبَّاس بن عمر، سمعت أبا عمر الزاهد يقول: ترك قضاء حقوق الإخوان مذلّة، وفي قضاء حقوقهم رفعة.

قال الخطيب: سمعت غير واحد يحكي عن أبي عمر أنَّ الأشراف والكتاب كانوا يحضرون عنده ليسمعوا منه كتب ثعلب وغيرها، وله جزء قد جمع فيه فضائل معاوية، فكان لا يترك واحدًا منهم يقرأ عليه شيئًا حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء.

وكان جماعة من أهل الأدب لا يوثِّقون أبا عمر في علم اللغة، حتى قال لي عبيد الله بن أبي الفتح يقال: إنَّ أبا عمر كان لو طار طائر لقال: حدثنا ثعلب، عن ابن الأعرابي، ثم يذكر شيئًا في معنى ذلك.

فأمَّا الحديث فرأيت جميع شيوخنا يوثّقونه فيه، وحدَّثنا علي بن أبي علي، عن أبيه قال: ومن الرواة الذين لم ير قط أحفظ منهم أبو عمر غلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة لغةً فيما بلغني، وجميع كتبه إنما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتُّهِمَ، وكان يسأل عن الشيء الذي يقدر أن السائل وضعه، فيجيب عنه، ثم يسأله غيره بعد سنة، فيجيب بجوابه.

أخبرت أنه سُئِلَ عن قنطرة فقيل: ما هي؟ فقال: كذا وكذا، قال: فتضاحكنا، ولما كان بعد شهور هيأنا من سأله عنها فقال: أليس قد سئلت عن هذه منذ شهور وأجبت.

قال ابن خلكان: استدرك على "الفصيح" لثعلب كرَّاسًا سمَّاه: فائت الفصيح، وله كتاب "الياقوتة"، وكتاب "الموضح"، وكتاب "الساعات"، وكتاب "يوم وليلة"، وكتاب "المستحسن"، وكتاب "الشورى"، وكتاب "البيوع"، وكتاب "تفسير أسماء الشعراء"، وكتاب "القبائل"، وكتاب "المكنون والمكتوم"، وكتاب "التفاحة"، وكتاب "المداخل" وكتاب "فائت الجمهرة"، وكتاب "فائت العين" وأشياء.

قال الخطيب: حكى لي رئيس الرؤساء أبو القاسم عليّ بن الحسن، عَمَّن حدثه، أنَّ أبا عمر الزاهد كان يؤدِّب ولد أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، فأملى يومًا على الغلام ثلاثين مسألة في اللغة، وختمها ببيتين قال: فحضر ابن دريد وابن الأنباري وأبو بكر بن مقسم عند القاضي، فعرض عليهم المسائل فما عرفوا منها شيئًا، وأنكروا الشعر، فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها? فقال ابن الأنباري: أنا مشغول بتصنيف مشكل القرآن، وقال ابن مقسم: وذكر اشتغاله بالقراءات، وقال ابن دريد: هي من وضع أبي عمر، ولا أصل لشيء منها في اللغة، فبلغ أبا عمر، فسأل من القاضي إحضار دواوين جماعة عينهم له، ففتح خزائنه،

ص: 87

وأخرج تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدًا، ويعرضه على القاضي حتى تممها، ثم قال: والبيتان أنشدناهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي على ظهر الكتاب الفلاني، فأحضر القاضي الكتاب فوجدهما، وانتهى الخبر إلى ابن دريد، فما ذكر أبا عمر الزاهد بلفظة حتى مات.

ثم قال رئيس الرؤساء: وقد رأيت أشياء كثيرة مما استنكر على أبي عمر، واتهم فيها مدونة في كتب أئمة العلم، وخاصّة في غريب المصنّف لأبي عبيد، أو كما قال.

قال الخطيب: سمعت عبد الواحد بن برهان يقول: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأوّلين والآخرين أحسن كلامًا من كلام أبي عمر الزاهد، قال: وله كتاب غريب الحديث، ألَّفه على مسند أحمد بن حنبل، ولليشكري في أبي عمر قصيدة منها:

فلو أنني أقسمت ما كنت كاذبًا

بأن لم ير الراؤون حبرًا يعادله

إذا قلت شارفنا أواخر علمه

تفجر حتى قلت هذا أوائله

مات أبو عمر في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

ص: 88

‌3136 - ابنُ نَجيح

(1)

:

المحدّث الإمام أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح البغدادي البزاز.

ولد سنة (263).

سمع يحيى بن جعفر، وأبا قلابة، ومحمد بن الفرج الأزرق، وأبا العيناء، وعدة.

وعنه: ابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، والحاكم، وجماعة.

وصفه ابن رزقويه بالحفظ.

مات في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 118"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 370".

ص: 88

‌3137 - ابن حَذْلَم

(1)

:

الإمام العلامة مفتي دمشق، وبقية الفقهاء الأوزاعية، القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن داود بن عبد الله بن حَذْلم الأسدي الدمشقي الأوزاعي.

حدَّث عن أبيه، وبكار بن قتيبة القاضي، ويزيد بن عبد الصمد، وسعد بن محمد البيروتي، وأبي زرعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، والحسن بن جرير الصوري، وجماعة.

حدَّث عنه: تمام الرازي، وأبو عبد الله بن منده، والحسين بن معاذ الداراني، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وآخرون.

وتصدَّر للاشتغال، وناب في قضاء دمشق عن الحسين بن هروان، وعن أبي الطاهر الذهلي.

قال أبو الحسين الرازي: كانت له حلقة في جامع دمشق يُدَرِّسُ فيها مذهب الأوزاعي.

أنبأنا ابن علان، عن القاسم بن عساكر، أخبرنا أبي، أخبرنا ابن الأكفاني، أخبرنا الكتاني، أخبرنا تمام قال: كان القاضي أبو الحسن بن حذلم له مجلس في الجمعة، يملي فيه في داره، فحضرنا فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، وعن يمينه أبو بكر وعمر، وعن يساره عثمان وعلي، في داري، فجئت فجلست بين يديه، فقال لي: يا أبا الحسن، قد اشتقنا إليك، فما اشتقت إلينا.

قال تمام: فلم يمض جمعة حتى توفي في شوال سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

قال الكتاني: وكان قاضي دمشق، وكان ثقة مأمونًا نبيلًا.

وقال ابن زبر: مات في ربيع الأول سنة سبع، وله تسع وثمانون سنة.

قلت: كان جدّهم حَذْلم من النصارى فأسلم.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 320"، وشذرات الذَّهب لابن العماد "2/ 374".

ص: 89

‌3138 - ابن خُزَيْمَة

(1)

:

الشيخ المحدث الثقة، أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة البغدادي.

سمع أبا قلابة الرقاشي، وعبد الله بن روح المدائني، ومحمد بن إسماعيل السلمي، وأحمد بن سعيد الجمال، وطبقتهم ببغداد، ولم يرحل.

حدَّث عنه: الدارقطني والحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه عبد الملك، وآخرون.

وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: هو أوّل شيخ سمعت منه.

قلت: وُلِدَ سنة ثلاث وستين ومائتين، وتوفِّي في صفر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

وقع لي الجزء الثالث من حديثه، وهو أقدم شيخ لعبد الملك بن بشران.

‌3139 - العَقَبِيّ

(2)

:

الشيخ العالم الصدوق، أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس البغدادي العقبي الدهقان، يسكن بالعقبة التي بقرب دجلة.

سمع أحمد بن عبد الجبار، ومحمد بن عيسى بن حيان، والعباس بن محمد الدوري، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وعبد الكريم الديرعاقولي، وطائفة.

حدَّث عنه: الحاكم وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحرفي، وعبد الملك بن بشران، وغيرهم.

وكان موثَّقًا.

توفي في سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

‌3140 - الأمين:

هو شيخ الحنفيِّة العلامة، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هشام البخاري، ويلقَّب بالأمين.

سمع أبا الموجَّه محمد بن عمرو، وسهل بن شاذويه، وصالح بن محمد جزرة.

وحجَّ وحدَّث في طريقه.

روى عنه: أبو عمر بن حيُّويه، وعبد الله بن عثمان الدقاق.

قال الحاكم: هو فقيه أهل النظر في عصره، كتبنا عنه.

قلت: أرَّخ وفاته غُنْجَار في سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 374"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 374".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 183"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 375".

ص: 90

‌3141 - مُكْرَم بن أحمد

(1)

:

ابن محمد بن مُكْرَم، القاضي المحدث، أبو بكر البغدادي البزاز.

سمع يحيى بن أبي طالب، ومحمد بن عيسى المدائني، ومحمد بن الحسين الحنيني، وعبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي، ومحمد بن غالب، وطائفة.

حدَّث عنه: ابن منده، والحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.

وثَّقه الخطيب.

توفِّي في جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

يقع لي حديثه في أماكن.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 221"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 371".

ص: 91

‌3142 - أحمد بن بهزاد

(1)

:

ابن مهران الإمام المحدّث الصدوق، أبو الحسن الفارسي السيرافي، ثم المصري.

سمع الربيع المرادي، وبحر بن نصر الخولاني، وبكار بن قتيبة، وإبراهيم بن فهد، وطائفة.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن مفرج القرطبي، وابن منده، وأبو محمد بن النحاس، والمصريون، وسمع منه أحمد بن عون الله القرطبي، وتركه؛ لأنه قرص له عثمان رضي الله عنه، ثم أملى حديثًا يتضمَّن مخالفة الجماعة، فقال: أجيفوا الباب، ما أمليته منذ ثلاثين سنة، فاستشعر القوم، ولو سكت لمدَّ عليهم فقاموا عليه، ومنع من التحديث، فكان يجلس منفردًا، ثم تعصَّب له قوم من الفرس.

وحدَّث وقال غير واحد: ما علمنا إلَّا خيرًا.

توفِّي في شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 318"، وشذرات الذهب "2/ 372".

ص: 91

‌3143 - السِّمْسَار

(1)

:

الإمام المحدث، أبو جعفر أحمد بن جعفر بن أحمد بن معبد الأصبهاني السِّمْسَار.

سمع أحمد بن مهدي، وأحمد بن عصام، وعبيد بن الحسن الغزّال، وقدماء الأصبهانيين.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وأبو بكر بن مردويه، وأبو نعيم، وهو من قدماء مشايخه.

وكان شيخَ صِدْقٍ.

توفي في رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مائة، عن نيف وتسعين سنة.

يقع من عواليه لابن خليل.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 149"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 372".

ص: 92

‌3144 - الطَّرَائِفِيّ

(1)

:

الشيخ المسند الأمين، أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس بن سلمة العنزي النيسابوري الطرائفي.

سمع محمد بن أشرس، والسري بن خزيمة، وارتحل إلى عثمان بن سعيد الدارمي، فأكثر عنه.

حدَّث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو الحسين الحجاجي، والحاكم، وابن محمش، والسلمي، ويحيى بن المزكّي، وآخرون.

قال الحاكم: كان صدوقًا، قال لي: أقمت ببغداد سنة أربع وثمانين، ومئتين على التجارة، فلم أسمع بها شيئًا.

قال: وتوفِّي في رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مائة، وصلَّى عليه أبو الوليد الفقيه.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 226"، وشذرات الذهب "2/ 372".

ص: 92

‌3145 - العَلَّاف

(1)

:

الشيخ أبو عبد الله محمد بن عيسى بن حسن التميمي البغدادي العَلَّاف.

حدَّث بحلب عن: أحمد بن عبيد الله النرسي، والكديمي، والحارث بن محمد، والباغندي.

وعنه: عبد الغني بن سعيد، وأبو محمد بن النحاس، وعبد الرحمن بن الطُّبَيز السراج.

مات بمصر فجأةً في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 405"، والأنساب للسمعاني "9/ 97"، وميزان الاعتدال "3/ 680"، ولسان الميزان "5/ 336".

ص: 93

‌3146 - أبو سهل القَطَّان

(1)

:

الإمام المحدث الثقة مسند العراق، أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد بن عبّاد القطَّان البغدادي.

سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأبا جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي، ومحمد بن عيسى المدائني، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد بن الجهم، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسماعيل القاضي، وعدة، وروى الكثير، وتفرَّد في زمانه.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن منده، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وقوم آخرهم أبو القاسم بن بشران.

قال الخطيب: كان صدوقًا أديبًا شاعرًا، راوية للأدب عن ثعلب والمبرد، وكان يميل إلى التشيع.

قال أبو عبد الله بن بشر القطان: ما رأيت أحسن انتزاعًا لما أراد من آي القرآن من أبي سهل بن زياد، وكان جارنا، وكان يديم صلاة الليل والتلاوة، فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بين عينيه.

قال الخطيب: وكان في أبي سهل مزاح ودُعَابة، سمعت البرقاني يقول: كرهوه لمزاحٍ فيه وهو صدوق.

وقال محمد بن عليّ الصوري: سمعت عليّ بن نصر بمصر يقول: كنَّا يومًا بين يدي أبي سهل بن زياد، فأخذ شخص سكينًا كانت بين يديه، فجعل ينظر فيها فقال: ما لك ولها؟ أتريد أن تسرقها كما سرقتها أنا؟ هذه سكين البغوي سرقتها منه.

توفي أبو سهل في شعبان سنة خمسين وثلاث مائة.

وكان مولده في سنة تسع وخمسين ومائتين.

وقع لنا حديثه في مواضع.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 45"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 328"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 2 - 3".

ص: 93

‌3147 - الخُطَبِيّ

(1)

:

الإمام العلامة الخطيب الأديب المحدّث الأخباري، أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يحيى، البغدادي الخطبي المؤرخ.

سمع الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن يونس الكديمي، وبشر بن موسى، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو حفص بن شاهين، والدارقطني، وابن منده، وابن رزقويه، وأبو الحسن الحمَّامي، وأبو عليّ بن شاذان، وآخرون.

ولد في أول سنة تسع وستين ومائتين.

قال الخطيب في ترجمته: كان فاضلًا عارفًا بأيام الناس وأخبارهم، وخلفائهم، صنَّف تاريخًا كبيرًا على السنين، وقد وثَّقه الدارقطني.

روى ابن رزقويه، عن إسماعيل الخطبي قال: وجّه إليّ الراضي بالله ليلة الفطر، فحملت إليه راكبًا، فدخلت عليه وهو جالس في الشموع، فقال لي: يا إسماعيل، إني قد عزمت في غدٍ على الصلاة بالناس، فما الذي أقول إذا انتهيت إلى الدعاء لنفسي، فأطرقت ساعة ثم قلت: يا أمير المؤمنين قل: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ} [الأحقاف: 15] فقال لي: حسبك، فقمت وتبعني خادم فأعطاني أربع مائة دينار.

قلت: كان مجموع الفضائل، يرتجل الخطب.

قال محمد بن العباس بن الفرات: كان ركينًا عاقلًا مقدَّمًا من أهل الثقة والأدب، وأيام الناس، قَلَّ مَنْ رأيت مثله.

قلت: توفِّي في جمادى الآخرة سنة خمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 304"، والأنساب للسمعاني "5/ 147"، وشذرات الذهب "3/ 3".

ص: 94

‌3148 - ابن خَنْب

(1)

:

الشيخ العالم المحدّث الصدوق المسند، أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب البخاري، ثم البغدادي، الدهقان، نزيل بخارى ومسندها.

مولده في سنة ست وستين ومائتين.

سمع في حداثته من يحيى بن أبي طالب، والحسن بن مكرم، وموسى بن سهل الوشاء، وجعفر الصائغ، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وأبي قلابة الرقاشي، وطبقتهم.

حدَّث عنه: أبو أحمد الحاكم، وإسماعيل بن الحسين الزاهد، وعلي بن القاسم الرازي، وأحمد بن الوليد الزوزني شيخ للبيهقي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن إبراهيم البخاري، والحافظ محمد بن أحمد غنجار، وأهل ما وراء النهر.

وكان والده بخاريًّا فقدم بغداد، وتأهَّل فوُلِدَ له بها أبو بكر، ونشأ بها، ثم رجع محتده، وهو ابن عشرين سنة، وكان فقيهًا شافعي المذهب، محدثًا فهمًا، لا بأس به.

قال أبو كامل البصري: سمعت بعض مشايخي يقول: كنا في مجلس ابن خنب، فأملى في فضائل علي رضي الله عنه بعد أن كان أملى فضائل الثلاثة؛ إذ قام أبو الفضل السليماني، وصاح: أيها الناس، هذا دجال فلا تكتبوا، وخرج من المجلس؛ لأنه ما سمع بفضائل الثلاثة.

قلت: هذا يدل على زعارة السليماني وغلظته -الله يسامحه.

توفي ابن خَنْب في غرة رجب سنة خمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 296"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 7".

ص: 95

‌3149 - الهجيمي

(1)

:

الشيخ الإمام المحدّث الصدوق المعمر مسند الوقت، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن عبد الله الهجيمي البصري.

وُلِدَ سنة نيف وخمسين ومائتين.

وسمع من: الحسين بن محمد بن أبي معشر، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبي قلابة الرقاشي، وعبد الرحيم بن دَنُوقا، ومحمد بن يونس الكديمي، وعبيد بن عبد الواحد البزاز، وطبقتهم.

حدَّث عنه: أبو بكر محمد بن الفضل البابسيري، وطلحة بن يوسف المؤذّن، وأبو سعيد محمد بن علي النقاش، وآخرون.

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي في المشيخة: سمعت عبد الرحيم بن أحمد البخاري يقول: رأى أبو إسحاق الهجيمي أنه تعمَّم فدوَّر على رأسه مائة وثلاث دورات، فعبرت له بحياة مائة وثلاث سنين، فما حدث حتى بلغ المائة، ثم حدَّث، فقرأ عليه القارئ، وأراد أن يختبر عقله فقال:

إن الجبان حتفه من فوقه

كالكلب يحمي جلده بروقه

(2)

فردَّ عليه الهجيمي فقال: كالثور، فإن الكلب لا روق له، قال: ففرحوا بصحة ذهنه.

توفِّي الهجيمي في آخر سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

وقيل: اسم جده عبد الأعلى.

وفيها مات يحيى بن منصور القاضي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت المكي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وشيخ الحنفية قاضي الحرمين أبو الحسين أحمد بن محمد النيسابوري، وأحمد بن إبراهيم بن جامع المصري، وميمون بن إسحاق الهاشمي.

وحدَّث فيها أبو جعفر بن دُحَيْم الكوفي، وأبو بكر بن زياد النقاش.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 23"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 8".

(2)

الروق: القرن.

ص: 96

‌3150 - ابن قانع

(1)

:

الإمام الحافظ البارع الصدوق -إن شاء الله، القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأموي، مولاهم البغدادي، صاحب كتاب معجم الصحابة الذي سمعناه.

وُلِدَ سنة خمس وستين ومائتين.

سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم بن إسحاق الحربيّ، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وإسماعيل بن الفضل البلخيّ، وبشر بن موسى، وأحمد بن موسى الحمار، وعبيد بن شريك البزار، وأحمد بن إسحاق الوزان، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبا مسلم الكَجِّي، وعلي بن محمد بن أبي الشوارب، وعبيد بن غنام، ومطينًا، ومعاذ بن المثنَّى، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان.

وكان واسع الرحلة، كثير الحديث، بصيرًا به.

حدَّث عنه: الدارقطني، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو الحسين بن الفضل القطَّان، وأحمد بن علي البادي، وأبو علي بن شاذان، وأبو الحسن الحمَّامي، وأبو القاسم بن بشران، وأبو الحسن بن الفرات، وعدد كثير.

قال البرقاني: البغداديون يوثقونه، وهو عندي ضعيف.

وقال الدارقطني: كان يحفظ، ولكنه يخطئ ويصر.

وروى الخطيب عن الأزهري، عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان ابن قانع قد حدث به اختلاط قبل موته بنحوٍ من سنتين، فتركنا السماع منه، وسمع منه قوم في اختلاطه.

قال الخطيب: توفي في شوال سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 88"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 14"، وتذكرة الحفّاظ "3/ ترجمة 851".

ص: 97

‌3151 - ابن شُعَيْب

(1)

:

الإمام المحدِّث الرحَّال، أبو علي محمد بن هارون بن شعيب بن عبد الله بن عبد الواحد، ويقال: شعيب بن علقمة، ويقال: ابن ثمامة، من ولد أنس بن مالك الأنصاري، وقيل: لا، الدمشقي من أهل قرية قيننة غربي المصلَّى.

سمع بالشام ومصر والعراق وأصبهان، وصنَّف وجمع، وليس بالمتقِن.

سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم المرادي، وأبا علاثة محمد بن عمرو، وبكر بن سهل الدمياطي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ومطينًا، وأبا خليفة.

وعنه: ابن المقرئ، وابن منده، وتَمَّام، والعفيف بن أبي نصر، وعبد الوهاب الميداني.

قال الكتَّاني: كان يتهم.

توفِّي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة، عن سبع وثمانين سنة.

وقع لنا جزء من حديثه عند مُكْرَم بن أبي الصقر.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 57"، ولسان الميزان "5/ 411"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 13".

ص: 97

‌3152 - العَتَكِيّ:

المحدّث الإمام أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن قاسم بن منصور العتكي النيسابوري.

سمع من السري بن خزيمة، ومحمد بن أشرس، والحسين بن الفضل، وإسماعيل بن قتيبة، وأحمد بن سلمة، وطبقتهم.

أكثر عنه الحاكم، وأثنَى عليه، وقال: كان شيخًا متيقظًا فهمًا صدوقًا، جيد القراءة، صحيح الأصول. توفي في آخر سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

قلت: مات وهو في عشر التسعين، ويعرف أيضًا بالصبغي نسبةً إلى بيع الصبغ.

‌3153 - السُّكَّرِيّ:

الإمام الحجة، أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع المصري السكري المقرئ.

سمع: مقدام بن داود الرعيني، وروح بن الفرج القطان، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأحمد بن محمد الرشديني.

وحدَّث بحرف نافع، عن بكر بن سهل، عن أبي الأزهر، عن ورش عنه.

روى عنه: أحمد بن عمر الجيزي، ومحمد بن محمد الحضرمي، وأحمد بن محمد بن الحاج، ومحمد بن علي الأدفوي، وأبو الحسين بن جميع، وأبو عبد الله بن منده، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، وآخرون.

وثَّقه أبو سعيد بن يونس، وقال: توفِّي في المحرم سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

‌3154 - ابن نِيخَاب

(1)

:

الشيخ الصدوق، أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي.

حدَّث ببغداد في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، عن إبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وبشر بن موسى، وأبي مسلم الكَجّي، ومحمد بن أيوب، وعدة.

روى عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.

قال الخطيب: لم نسمع فيه إلَّا خيرًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 35"، والأنساب للسمعاني "8/ 281".

ص: 98

‌3155 - الكَعْبِيّ

(1)

:

المحدّث العالم الصادق، أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى بن كعب الكعبي النيسابوري.

سمع الفضل بن محمد الشعراني، واليسع بن زيد المكي صاحب سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن قتيبة، وعليّ بن عبد العزيز، وتمتامًا، وعدة.

روى عنه: الحاكم، وأبو نصر بن قتادة، وأبو عبد الرحمن السلميّ، ومحمد بن محمد بن أبي صادق نزيل مصر، وآخرون.

ذكره الحكم فقال: محدّث كثير الرحلة والسماع، صحيح السماع.

توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 444".

ص: 99

‌3156 - ابن دَرَسْتَوَيْه

(1)

:

الإمام العلامة، شيخ النحو، أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان الفارسي النحوي، تلميذ المبرد.

سمع يعقوب الفسوي فأكثر، له عنه تاريخه، ومشيخته، وسمع ببغداد من عباس بن محمد الدوري، ويحيى بن أبي طالب، وأبي محمد بن قتيبة، وعبد الرحمن بن محمد كربزان، ومحمد بن الحسين الحنيني.

قدم من مدينة فسا في صباه إلى بغداد، واستوطنها، وبرع في العربية، وصنَّف التصانيف، ورزق الإسناد العالي، وكان ثقة.

مولده سنة ثمان وخمسين ومائتين، وكان والده رحل به.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن منده، وابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.

وله كتاب الإرشاد في النحو، وشرح كتاب "الجرمي"، وكتاب "الهجاء"، و"شرح الفصيح"، و"غريب الحديث"، و"أدب الكاتب"، و"المذكر والمؤنث"، و"المقصور والممدود"، و"المعاني في القراءات" وأشياء، وكان ناصرًا لنحو البصريين، تخرَّج به أئمة.

وثَّقه ابن منده، وغيره.

وضعَّفه اللالكائي هبة الله، وقال: بلغني عنه أنه قيل له: حدِّث عن عباس الدوري حديثًا ونعطيك درهمًا ففعل، ولم يكن سمع منه.

قال الخطيب: سمعته يقول هذا، وهذه الحكاية باطلة، ابن درستويه كان أرفع قدرًا من أن يكذب، وحدَّثنا ابن رزقويه عنه بأمالي فيها أحاديثه عن عباس، وسألت البرقاني عنه فقال: ضعَّفوه بروايته تاريخ يعقوب عنه، وقالوا: إنما حدَّث به يعقوب قديمًا، فمتى سمعه منه؟

قال الخطيب: في هذا نظر، فإنَّ جعفر بن درستويه من كبار المحدثين، سمع من عليّ بن المديني، وطبقته، فلا يستنكر أن يكون بكَّر بابنه في السماع، مع أنَّ أبا القاسم الأزهري حدثني قال: رأيت أصل كتاب ابن درستويه بتاريخ يعقوب بن سفيان، ووجدت سماعه فيه صحيحًا.

قلت: توفي في صفر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، أخذ عن ثعلب، والمبرد، وتصانيفه كثيرة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 428"، وميزان الاعتدال "2/ 400"، ولسان الميزان "3/ 267".

ص: 100

‌3157 - أبو الميمون

(1)

:

الشيخ الإمام الأديب الثقة المأمون، أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي الدمشقي.

سمع بكار بن قتيبة، ويزيد بن عبد الصمد، وأبا زرعة، وخلقًا كثيرًا.

حدَّث عنه: ابن منده، وتَمَّام، وأبو علي بن مهنا، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.

وكان أحد الشعراء بلغ خمسًا وتسعين سنة.

توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

وفيها توفِّي أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي، وأحمد بن عثمان الأدمي ببغداد، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري، وأبو علي محمد بن القاسم بن معروف، وأحمد بن سليمان بن حَذْلَم القاضي.

(1)

ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد "2/ 375".

ص: 100

‌3158 - العَنْبَرِيّ

(1)

:

الإمام الثقة المفسِّر المحدِّث الأديب العلامة، أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله بن عنبر بن عطاء السلمي، مولاهم العنبري النيسابوري المعدّل.

سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن عمرو قشمرد، والحسين بن محمد القبَّاني، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وخلقًا كثيرًا.

روى عنه: أبو بكر بن عبدش، وأبو عليّ الحافظ -وهما من أقرانه، وأبو الحسين الحجاجي، والحاكم، وابن منده، وآخرون.

قال الحاكم: قال أبو علي الحافظ: أبو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شيء منها لعجزنا عنه، وما أعلم أني رأيت مثله.

ثم قال الحاكم: اعتزل أبو زكريا الناس، وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة.

سمعته يقول: العالم المختار أن يرجع إلى حسن حال، فيأكل الطيب والحلال، ولا يكسب بعلمه المال، ويكون علمه له جمال، وماله منّ الله من عليه وإفضال.

قلت: توفي في شوال سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وله ست وسبعون سنة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 74"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "20/ 34"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 369".

ص: 101

‌3159 - ابن سِنَان:

الشيخ الإمام الصدوق، إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان بن الأركون القرشي، مولاهم الدمشقيّ، وإلى جدِّهم سنان تنسب قنطرة سنان بباب توما.

حدث عن: محمد بن سليمان بن بنت مطر، وأبي زرعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وحمزة بن عبد الله الكَفْربَطْنانِي، وخلق كثير.

وعنه: ابنه، وعبد الوهاب الكلابي، وابن منده، وتَمَّام، وعبد الرحمن بن محمد بن ياسر، وعدة.

قال الكتاني: كان ثقة نيف على الثمانين.

وقال الميداني: مات في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

ص: 101

‌3160 - الإسفراييني

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد، أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأزهري الإسفراييني.

رحل به خاله الحافظ أبو عوانة.

وسمع من أبي بكر بن رجاء، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأبي مسلم الكجيّ، وأحمد بن سهل، وأبي خليفة الجمحي، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأقرانهم.

روى عنه الحاكم فقال: كان محدِّث عصره، ومن أجود الناس أصولًا، وعبد الرحمن بن محمد بالويه، وعلي بن محمد بن علي الإسفراييني، وولده أبو نعيم عبد الملك الأزهري، وآخرون.

قال الحاكم: توفِّي سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

قلت: حديثه كثير في تواليف البيهقي من جهة علي بن محمد بن علي المقرئ عنه.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 205".

ص: 102

‌3161 - أحمد بن منصور

(1)

:

ابن عيسى، الشيخ الإمام الحافظ الناقد، أبو حامد الطوسي الأديب.

بالغ الحاكم في تعظيمه، وقال: ورد نيسابور مرات، وقَلَّ من رأيت في المشايخ أجمع منه.

سمع من عبد الله بن شيرويه، وإبراهيم بن إسحاق الأنماطي، وهذه الطبقة من أصحاب قتيبة وإسحاق.

قال: وردت طوس وقاضيها أبو أحمد الحافظ، فسمعته يقول: إني لأتبجَّح بأحمد بن منصور أن يكون رجوعي في السؤال عن المشايخ إليه.

قال الحاكم: وتوفِّي في سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 874".

ص: 102

‌3162 - المحبوبيّ

(1)

:

الإمام المحدّث مفيد مرو، أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضيل المحبوبي المروزي، راوي "جامع أبي عيسى" عنه.

وسمع من سعيد بن مسعود صاحب النضر بن شميل، ومن الفضل بن عبد الجبار الباهلي، وأبي الموجّه، وعدة.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الله الحاكم، وعبد الجبار بن الجراح، وإسماعيل بن ينال المحبوبي مولاه، وجماعة.

وكانت الرحلة إليه في سماع الجامع.

وكان شيخ البلد ثروة وإفضالًا، وسماعه مضبوط بخط خاله أبي بكر الأحول، وكانت رحلته إلى ترمذ للقي أبي عيسى في خمس وستين ومائتين، وهو ابن ست عشرة سنة.

قال الحاكم: سماعه صحيح.

قلت: توفي في شهر رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

وآخر أصحابه موتًا مولاه إسماعيل بن ينال، الذي أجاز لأبي الفتح الحدّاد مروياته.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 272"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 373".

ص: 103

‌3163 - بكر بن محمد

(1)

:

ابن العلَّاء العلامة، أبو الفضل القشيري البصري المالكي.

سمع الموطأ من أحمد بن موسى السامي، وسمع من أبي مسلم الكَجّي، وحكى عن سهل التستري.

وصنَّف التصانيف في المذهب، وسكن مصر.

ومؤلَّفه في الأحكام نفيس، وألَّف في الردِّ على الشافعيّ، وعلى المزني، والطحاوي، وعلى أهل القدر.

حدَّث عنه: الحسن بن رشيق، وعبد الله بن محمد بن أسد القرطبي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.

توفِّي في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاث مائة بمصر.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 263"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "10/ 217".

ص: 103

‌3164 - ابن دَاسة

(1)

:

الشيخ الثقة العالم، أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق بن داسة البصري التمار، رواي السنن.

سمع أبا داود السجستاني، وأبا جعفر محمد بن الحسن بن يونس الشيرازي، وإبراهيم بن فهد الساجيّ، وغيرهم.

روى عنه: أبو سليمان حمد الخطَّابي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر بن لال، وأبو الحسين بن جميع، وأبو علي حسين بن محمد الروذَبَاري، وعبد الله بن محمد بن عبد المؤمن القرطبي شيخ ابن عبد البر، وآخرون.

وهو آخر من حدَّث بالسُّنَن كاملًا، عن أبي داود، وقد عاش بعده أبو بكر النَّجَّاد عامين، وعنده عن أبي داود أحاديث من السُّنَن، وجزء "الناسخ والمنسوخ".

وآخر من روى عن ابن داسة بالإجازة الحافظ أبو نعيم الأصبهاني.

توفِّي سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

أخبرنا عمر بن غدير، أخبرنا أبو القاسم الأنصاري، أخبرنا جمال الإسلام علي، أخبرنا أبو نصر الخطيب، أخبرنا أبو الحسين الغساني، أخبرنا محمد بن بكر بالبصرة، حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن، حدثنا الحسن بن مالك، حدثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع

(2)

.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 273"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 373".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5921"، ومسلم "2120"، وأبو داود "4193"، وبالنسبة "8/ 130 - 131"، وابن ماجه "3637"، "3638".

ص: 104

‌3165 - ابن الوزَّان

(1)

:

إمام النحو، فريد العصر، أبو القاسم إبراهيم بن عثمان القيرواني.

كان فيما قال القفطي: يحفظ كتاب "العين"، و"المصنف" لأبي عبيد، و"إصلاح المنطق"، وكتاب "سيبويه"، وأشياء، وبعضهم يفضِّله على ثعلب والمبرد.

توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة بالمغرب.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 372".

ص: 105

‌3166 - ابن الخصيب:

الإمام الكبير المحدِّث قاضي القضاة، أبو بكر عبد الله بن محمد بن الحسن بن الخصيب بن الصقر، الأصبهاني الفقيه الشافعي، مصنِّف "المسائل المجالسية" في الفقه.

سمع أبا شعيب الحرّاني، وبهلول بن إسحاق، ومحمد بن عثمان العبسي، ويوسف القاضي، ومحمد بن يحيى المروزي، وأحمد بن الحسين الطيالسي، وطبقتهم.

وعنه: ابنه الخصيب، ومنير بن أحمد الخلّال، والحافظ عبد الغني، وعبد الرحمن بن النحاس، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر الدمشقي، وعدة.

ولي قضاء دمشق في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة، ثم ولي قضاء مصر، ثم ولي قضاء دمشق بعد الأربعين وثلاث مائة، من جهة الخليفة المطيع، وولي قضاء مصر في سنة تسع وثلاثين من قِبَلِ ابن أم شيبان قاضي بغداد، فركب بالسواد إلى دار الإخشيد، وكان أبى أن يتولَّى من قِبَلِ ابن أم شيبان، فقيل له: يلي ولدك محمد وأنت الناظر، فنظر في أمور مصر، وبعث نوَّاب النواحي، وولي نظر الأوقاف، وتصلّب وجمد، ثم قدم أبو الطاهر الذهلي القاضي، فركب ابن الخصيب وابنه إليه، فما وجداه، وعلم فلم يكافئهما، فصارت عداوة، ثم حجَّ الذهلي، وعاد إلى دمشق، وكان قاضيها، ثم وقع بين ابن الخصيب وبين ابنه وعاند أباه، ثم استقلّ الأب، وله تأليف يرد فيه على ابن جرير.

توفِّي في المحرم سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة، وهو في عشر الثمانين.

يقع لنا حديثه في "الخلعيات".

ص: 105

‌3167 - السِّنْدِي

(1)

:

الشيخ الكبير، مسند وقته، أبو الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي المصري الصابوني.

قال: وُلِدت في أوّل سنة خمس وأربعين ومائتين.

سمع يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان، وأبا إبراهيم المزني، وبحر بن نصر الخولاني، وإبراهيم بن مرزوق، وفهد بن سليمان، وجماعة.

حدَّث عنه: الخطيب، ومحمد بن أحمد التميمي، وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، ومحمد بن نظيف الفراء، وآخرون.

يقع حديثه عاليًا في "الثقفيات"، و"الخلعيات".

وعندي جزء من حديثه، أخبرناه العز بن الفراء، أخبرنا ابن البُنّ، أخبرنا جدي، أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أخبرنا ابن نظيف عنه.

وفيه قال لنا أبو الفوارس: ولدت في محرَّم سنة (245)، وسمعت ولي عشر سنين.

قلت: قد عاش بعد أن سمع أربعًا وتسعين سنة.

توفي في شوال سنة تسع وأربعين وثلاث مائة بمصر، عن مائة وخمسة أعوام، وهو صدوق في نفسه، وليس بحجَّة، وقد أُدْخل عليه حديث باطل فرواه.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا علي بن مردك بالري، أخبرنا أبو سعد السمَّان، أخبرنا أبو العباس بن الحاجّ، وأبو علي بن مهدي الرازي قالا: أخبرنا أبو الفوارس ابن السندي، حدثنا محمد بن حمَّاد الطهراني، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "النظر إلى وجه عليّ عبادة"

(2)

.

فهذا أدخل على أبي الفوارس.

وفيها مات: الحافظ أبو علي النيسابوري، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، والقاضي أبو أحمد العسال، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن سعد النيسابوري، وأبو محمد عبد الله بن إسحاق الخراساني ببغداد، وأبو بكر بن علم الصفَّار.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 281"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 380".

(2)

موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل""7/ 218"، وأبو نعيم في "الحلية""5/ 58" عن ابن مسعود، وأخرجه ابن عدي في "الكامل""7/ 197"، عن ثوبان. وأخرجه ابن عدي "2/ 339" من حديث أبي هريرة.

ص: 106

‌3168 - الخراساني

(1)

:

الشيخ المحدّث المسند، أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد العزيز الخراساني البغوي، ثم البغدادي، وجَدُّه هو أخو محدِّث مكة علي بن عبد العزيز، وعمّ أبي القاسم البغوي.

سمع من عبد الرحمن بن محمد بن منصور كربزان، ويحيى بن أبي طالب، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، وأحمد بن ملاعب، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وخلق كثير.

وروى الكثير، وله أجزاء مشهورة تُرْوَى.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن منده، والحاكم، وابن رزقويه، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وعثمان بن دوست، وأبو عليّ بن شاذان، وآخرون.

قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه فقال فيه: ليِّن.

قلت: توفِّي في شهر رجب سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 414"، وميزان الاعتدال "2/ 392"، ولسان الميزان "3/ 258".

ص: 107

‌3169 - ابن علم

(1)

:

الشيخ المعمّر، أبو بكر، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه البغدادي الصفَّار، المعروف بابن علم.

له جزء مشهور سمعناه.

روى عن: محمد بن إسحاق الصغاني، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن نصر.

روى عنه: هلال الحفار، وابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو عليّ بن شاذان.

قال الخطيب: لم أسمع أحدًا يقول فيه إلَّا خيرًا، وجميع ما عنده جزء، مات في شعبان سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

ثم قال: يقال: أتى عليه مائة سنة وسنة.

قلت: حكايته عن عبد الله بن أحمد في قول أبيه لا تُعَدُّ مُنْكَرَة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 454"، والعِبر "2/ 283".

ص: 107

‌3170 - ابن كامل

(1)

:

الشيخ الإمام العلامة الحافظ القاضي، أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة البغدادي، تلميذ محمد بن جرير الطبري.

وُلِدَ سنة ستين ومائتين.

حدَّث عن: محمد بن الجهم السمري، ومحمد بن سعد العوفي، وعبد الملك بن محمد الرقاشي، والحسن بن سلام السواق، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وطبقتهم.

حدث عنه: الدارقطني، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو العلاء محمد بن الحسن الوراق، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو الحسن الحمَّامي، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.

قال أبو الحسن بن رزقويه: لم تر عيناي مثله، وسمعته يذكر مولده.

قال الخطيب: كان من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن، والنحو والشعر والتواريخ، وله في ذلك مصنفات، وَلِيَ قضاء الكوفة.

وقال الدارقطني: كان متساهلًا، ربما حدث من حفظه بما ليس في كتابه، وأهلكه العجب، كان يختار لنفسه ولا يقلّد أحدًا.

توفِّي ابن شجرة في المحرَّم سنة خمسين وثلاث مائة، وله تسعون سنة.

وقال الدارقطني أيضًا: كان لا يَعُدُّ لأحد من الفقهاء وزنًا، أملى كتابًا في السُّنَن، وتكلم على الأخبار.

قال ابن الذهبي: وقع لي من عواليه، وكان من بحور العلم، فأخمله العُجْب.

وقد صنَّف كتابًا في القراءات، وله مؤلَّف في غريب القرآن، وكتاب "موجز التأويل عن معجز التنزيل"، وكتاب "التاريخ"، وكتاب "الشروط".

وفيها مات محمد بن المؤمل الماسَرْجِسي، وأحمد بن علي بن حسنويه المقرئ، وأبو عمر محمد بن يوسف الكندي، وأبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن بريه، وأبو سهل بن زياد، وإسماعيل بن علي الخطبي، ومحمد بن أحمد بن خنب.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 357"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 102"، وميزان الاعتدال "1/ 129"، ولسان الميزان "1/ 249".

ص: 108

‌3171 - القَنْطَرِيّ:

الحافظ الإمام، أبو بكر القاسم بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى القنطري، السامَرِّي.

روى عن: الكديمي، وخلف بن عمرو العُكْبَرِيّ، ومقدام بن داود، وأنس بن سلم، وأبي يعلى الموصلي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن محمد بن هارون الخلال، وخلق.

والغالب على حديثه المناكير والموضوعات.

روى عنه: ابن بطة، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو سهل محمود بن عمرو العُكْبَري، وآخرون.

حدَّث في سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

قلت: ما علمت أنَّ أحدًا ضعفه، والكلام المذكور فيه هو عبارة ابن النجار، فلعل الضعف في تلك الروايات من غيره.

ص: 109

‌3172 - الجَمَّال

(1)

:

الشيخ المسند الثقة، محدِّث سمرقند، أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن جميل البغدادي، المشهور بالجَمَّال.

استوطن سمرقند، وروى بها الكثير عن أبي بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن عبد الله النرسيّ، وجعفر بن محمد بن شاكر، وعبد الكريم بن الهيثم، وطبقتهم ببلده، ثم ارتحل -وكان يسافر في التجارة، فسمع من أبي زرعة النصري وغيره بدمشق، ومن أبي علاثة محمد بن عمرو، ويحيى بن عثمان بن صالح، وخير بن عرفة بمصر، ومن عبيد الكشوري والدبري باليمن، وحَصَّل الأصول.

روى عنه: ابن منده، والحاكم، وأبو سعد الإدريسي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وخلق، وانتخب عليه الحافظ أبو علي النيسابوري. وحدَّث قي تجارته بأماكن.

قال الحاكم: هو محدِّث عصره بخراسان، وأكثر مشايخنا رحلة، وأثبتهم أصولًا، اتَّجر إلى الريّ، وسكنها مدة، فقيل له: الرازي، وكان صاحب جمال، فقيل له: الجَمَّال، انتقى عليه أبو عليّ أربعين جزءًا.

وتوفِّي سمرقند في ذي الحجة سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 217"، والأنساب للسمعاني "3/ 294"، والعبر "2/ 273".

ص: 109

‌3173 - ابن حَسنويه

(1)

:

الشيخ المعمّر الشهير، أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان النيسابوري، التاجر السفَّار، ابن حسنويه.

قال الحاكم: سمع من أبي عيسى الترمذي جملة من مصنَّفاته، وأبي حاتم الرازي، والسريّ ابن خُزَيْمَة، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، والحارث بن أبي أسامة، وكان من المجتهدين في العبادة الليل والنهار.

قال: ولو اقتصر على سماعه الصحيح لكان أَوْلَى به، لكنه حدَّث عن جماعة أشهد بالله أنه لم يسمع منهم.

وقد سألته عن سنِّه سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة فقال: لي ست وثمانون سنة، وأدخلت الشام سنة ست وستين ومائتين، وأنا ابن اثنتي عشرة سنة، وأخرجت من اسمه أحمد من شيوخي، فخرج مائة وعشرين، ثم دخلت عليه سنة تسع وثلاثين فقال: قد حلفت أن لا أحدِّث، ثم بعد ساعة قال: حدَّثنا فلان، فذكر حكايةً بإسناد، ولا أعلمه وضع حديثًا أو ركَّب سندًا، وإنما المنكر من حاله روايته عمَّن تقدَّم موتهم.

قال ابن عساكر: روى عن أحمد بن شيبان، وأحمد بن الأزهر، وعيسى بن أحمد البلخي، ومسلم بن الحجاج، وإسحاق الدبري.

حدَّث عنه: ابن منده، والحاكم، وأبو أحمد بن عدي، ومنصور بن عبد الله الخالدي، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن بن محمد السراج، وعليّ بن محمد الطرازي.

قال الحاكم: قال لي يومًا: ألَا تراقبون الله؟ أما لكم حياء يحجزكم عن تحقير المشايخ؟ جاءني أبو علي الحافظ، وأنكر روايتي عن أحمد بن أبي رجاء المصيصي، وهذا كتابي وسماعي منه، وهذا حفيدي كهل. وقال حمزة السهمي: سُئِلَ ابن منده بحضرتي عن ابن حسنويه المقرئ فقال: كان شيخًا أتى عليه مائة وعشر سنين.

قلت: غلط ابن منده، ما وصل إلى المائة أصلًا.

قال حمزة: وسألت أبا زرعة محمد بن يوسف عنه فقال: كذاب بحضرتي.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 121"، ولسان الميزان "1/ 223".

ص: 110

وقال الحاكم: سمعته يقول: ما رأيت أعجب من هذا الأصم، كان يختلف معنا إلى الربيع بن سليمان، وما سمع من ياسين القتباني، وكان جار الربيع، فكتبت قوله، وأريته الأصم، فصاح وقال: والله ما عرفته إلَّا بعد رجوعي من مصر.

قال أبو القاسم بن منده: توفِّي في رمضان سنة خمسين وثلاث مائة.

قلت: على ما زعم من سنِّه يكون عاش ثمانيًا وتسعين سنة إن صدق.

قال ابن عساكر: ابن حسنويه المقرئ التاجر النيسابوري. قال محمد بن صالح بن هانئ: كان ابن حسنويه يديم الاختلاف معنا إلى السري بن خزيمة، وشيعناه يوم خروجه إلى أبي حاتم.

قال الحاكم: ورحل إلى الترمذي.

ص: 111

‌3174 - ميمون بن إسحاق

(1)

:

الشيخ الصدوق المعمر، أبو محمد البغدادي الصواف، من موالي محمد بن الحنفية.

سمع: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وغلام خليل، والحسن بن السمح، وأحمد بن هارون البرديجي الحافظ.

حدث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو الحسن الحمَّامي، وأبو علي بن شاذان، وغيرهم.

قال الخطيب: كان صدوقًا، وُلِدَ سنة ستين ومائتين، وتوفِّي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

قلت: له جزء مرويٌّ سمعناه من أصحاب البهاء عبد الرحمن.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 211".

ص: 111

‌3175 - ابن بُرَيه

(1)

:

الشيخ الإمام الشريف المعمر، شيخ بني هاشم، أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم ابن الأمير عيسى ابن أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي البغدادي.

سمع: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأبا بكر بن أبي الدنيا، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو القاسم بن المنذر، وأحمد بن عبد الله البادي، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.

وكان خطيب جامع بغداد، فكان يقول: رقى هذا المنبر الواثق، وأنا، وكلانا في درجة في النسب إلى المنصور.

قلت: وقد عاش بعد الواثق نحوًا من مائة وعشرين سنة.

وثَّقه الخطيب.

وتوِّفي في صفر سنة خمسين وثلاث مائة، وله سبع وثمانون سنة.

أخبرنا أبو جعفر محمد بن السليمي، أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الفقيه، وأخبرنا أبو جعفر عبد الرحمن بن عبد الله الخياط، ومحمد بن أحمد القزاز، وأبو المعالي محمد بن علي، وعلي بن جعفر المؤذّن، وبيبرس المجدي، قالوا: أخبرنا يحيى بن أبي السعود البزاز قال: أخبرتنا شهدة الكاتبة، أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاني، أخبرنا الحسن بن بكر البزاز، أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل الهاشمي، وحمزة بن محمد الدهقان، وأبو سهل القطان، وابن السماك، قالوا: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الدِّين عزيزةً إلى يوم القيامة"

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 410"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 5"، والعبر "2/ 286".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1925".

ص: 112

‌3176 - ابن فارس

(1)

:

الشيخ الإمام المحدث الصالح، مسند أصبهان، أبو محمد عبد الله ابن المحدِّث جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني.

سمع من: محمد بن عاصم الثقفي، ويونس بن حبيب، وأحمد بن يونس الضبي، وهارون بن سليمان، وأحمد بن عصام، وإسماعيل سمويه، ويحيى بن حاتم، وحذيفة بن غياث، والكبار، وتفرَّدَ بالرواية عنهم.

وقارب المائة، وكان من الثقات العبَّاد.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وأبو ذر بن الطبراني، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو بكر بن فورك، وابن مردويه، والحسين بن إبراهيم الجَمَّال، ومحمد بن علي بن مصعب، وغلام محسن أحمد بن يزداد، وأبو نعيم الحافظ، وانتهى إليه عُلُوّ الإسناد.

مولده في سنة ثمان وأربعين.

وقال أبو بكر بن المقرئ: رأيته يحدِّث بمكة في أيام المفضل بن محمد الجندي.

وقال ابن منده: كان شيوخ الدنيا خمسة: ابن فارس بأصبهان، والأصم بنيسابور، وابن الاعرابي بمكة، وخيثمة بأطرابلس، وإسماعيل الصفَّار ببغداد.

قال ابن مردويه، وعبد الله بن أحمد السوذرجاني في تاريخهما: كان ثقة.

وقال أبو الشيخ: حكى أبو جعفر الخياط لنا قال: حضرت موت عبد الله بن جعفر، وكنَّا جلوسًا عنده، فقال: هذا ملك الموت قد جاء، وقال بالفارسية: اقبض روحي كما تقبض روح رجل يقول تسعين سنة: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.

قال أبو الشيخ: رأيت عبد الله بن جعفر في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأنزلني منازل الأنبياء.

قال: وتوفي في شوال سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 80"، والعبر "2/ 272".

ص: 112

‌3177 - الدُّخَمْسِيني

(1)

:

المحدِّث الرحَّال الإمام، أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان المروزي الصيرفي، كان يقول: زد خمسين، فبنوا له لقبًا من ذلك.

سمع أبا قلابة الرقاشي، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وأبا الموجّه محمد بن عمرو، وعبد الصمد بن الفضل، وأبا حاتم الرازي، لكن عدم سماعه من أبي حاتم.

روى عنه: ابن عدي، والحاكم، وابن منده، وغنجار، ومنصور الكاغدي، وحسين بن محمد الماسَرْجسي.

سار إلى سمرقند لميراثٍ له من غلامه، فمات ببخارى سنة خمس وأربعين وثلاث مائة -كذا أرَّخه الحاكم.

وقال السمعاني وغيره: بل توفِّي سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة.

وما علمت أنا به بأسًا.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 289"، والعبر "2/ 267"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 369".

ص: 113

‌3178 - الطَّسْتِيّ

(1)

:

المحدّث الثقة المسند، أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، البغدادي الطستي الوكيل.

سمع أحمد بن عبيد الله النرسيّ، وأبا بكر بن أبي الدنيا، ودبيس بن سلام القصباني، وحامد بن سهل، وإبراهيم الحربي، وطبقتهم.

وله جزءان مرويّان للسلفي، وقع لنا أحدهما بالاتصال.

حدَّث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وعلي بن داود الرزاز، وأبو عليّ بن شاذان،

وعاش ثمانين سنة.

توفِّي في شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 41"، والأنساب للسمعاني "8/ 124"، وشذرات الذهب "2/ 373".

ص: 114

‌3179 - وهب بن مَسَرَّة

(1)

:

ابن مفرج بن بكر، أبو الحزم التميمي الأندلسي الحجاري المالكي الحافظ، صاحب التصانيف.

وُلِدَ في حدود الستين ومائتين.

وسمع بقرطبة من محمد بن وضَّاح الحافظ، ومن عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وأحمد بن الراضي، وأبي عثمان الأعناقي، وقد سمع بوادي الحجارة -مدينة صارت للعدو- من محمد بن عزرة، وأبي وهب بن أبي نُخَيلة.

وقد حدَّث بمسند ابن أبي شيبة عن ابن وضاح.

وكان رأسًا في الفقه، بصيرًا بالحديث ورجاله، مع ورعٍ وتقوى، دارت الفتيا عليه ببلده وله تواليف وأوضاع، أحضروه إلى قرطبة، وأخرجت إليه أصول ابن وضَّاح التي سمعها منه، فسمعت عليه، وسمع منه عالم عظيم، وازدحموا عليه.

أخذ عنه: أبو محمد القَلَعي، وأبو عبد الرحيم أحمد بن العجوز، ومحمد بن علي بن الشيخ، وأبو عمر أحمد بن الجسور، وأحمد بن القاسم التاهرتي، وحمل الحافظان ابن عبد البر وابن حزم عن أصحابه، وقد كان منه هفوة في القول بالقَدَر -نسأل الله السلامة.

وقال أبو الوليد بن الفرضي: تُرِكَ؛ لأنه كان يدعو إلى بدعة وهب بن مسرة.

ومما نُقِل عن ابن مسرة أنه كان يقول: ليست الجنة التي أخرج منها أبونا آدم بجنة الخلد، بل جنة في الأرض.

فهذا تنطُّع وتعمّق مرذول.

قال الطَّلَمَنْكي في رده على الباطنية: ابن مسرة ادَّعى النبوة، وزعم أنه سمع الكلام، فثبت في نفسه أنه من عند الله.

قلت: ليس هذا من قبيل ادعاء النبوة، بل من قبيل الغلط والجهل.

توفِّي ببلده بعد رجوعه من قرطبة في نصف شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 857"، ولسان الميزان "6/ 231"، وشذرات الذهب "2/ 374".

ص: 114

‌3180 - الخُلْدِيّ

(1)

:

الشيخ الإمام القدوة المحدِّث شيخ الصوفية، أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن قاسم البغدادي كان يسكن محلة الخلد.

سمع الحارث بن أبي أسامة، وعلي بن عبد العزيز وأبا مسلم الكجي، وعمر بن حفص السدوسي، وأبا العباس بن مسروق.

وصحب أبا الحسين النوري، والجنيد، وأبا محمد الجريري.

حدث عنه: يوسف القواس، والحاكم، وأبو الحسن بن الصلت، وعبد العزيز الستوري، والحسين الغضائري، وابن رزقويه، وابن الفضل القطّان، وأبو الحسن الحمَّامي، وأبو علي بن شاذان.

وقال الخطيب: ثقة. قال إبراهيم بن أحمد الطبري: سمعت الخلدي يقول: مضيت إلى عباس الدوري وأنا حدث، فكتبت عنه مجلسًا، وخرجت فلقيني صوفيّ فقال: أيش هذا؟ فأريته فقال: ويحك، تدع علم الخرق وتأخذ علم الورق، ثم خرق الأوراق، فدخل كلامه في قلبي، فلم أعد إلى عبَّاس، ووقفت بعرفة ستًّا وخمسين وقفة.

قلت: ما ذا إلَّا صوفي جاهل يمزّق الأحاديث النبوية، ويحضّ على أمر مجهول، فما أحوجه إلى العلم.

قيل: عجائب بغداد؛ نكت المرتعش، وإشارات الشبلي، وحكايات الخلدي.

قال القواس: سمعت الخلدي يقول: لا توجد لذَّة المعاملة مع لذة النفس.

وعن الخلدي قال: عندي مائة وثلاثون ديوانًا من دواوين القوم.

قلت: توفِّي سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة في رمضان، وله خمس وتسعون سنة، وعندي مجالس من "أماليه".

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 655"، والأنساب للسمعاني "5/ 161"، وتاريخ بغداد "7/ 226"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 378".

ص: 115

‌3181 - الصَّرَفَنْدِيّ

(1)

:

المحدِّث الإمام، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء الأنصاري الصرفندي الشامي، وصرفندة حصن بالساحل دُثِرَ.

سمع: بكَّار بن قتيبة، وأبا أمية الطرسوسي، ومعاوية بن صالح، ويزيد بن عبد الصمد، والربيع بن محمد اللاذقي، وعدة.

روى عنه: عبد الله بن علي بن أبي العجائز، وشهاب بن محمد الصوري، وأبو الحسين بن جميع، وغيرهم.

هذا الذي عندي من حاله رحمه الله.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورًا، أخبرنا عليّ بن المسلم، أخبرنا الحسين بن طلاب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصرفندي قال: كتب إلي جعفر بن عبد الواحد قال لنا سعيد بن سلام، حدثنا المسيب أبو زهير، سمعت أبا جعفر المنصور يحدّث عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"العبَّاس عمِّي ووصيِّي ووارثي".

هذا حديث منكر، وجعفر ليس بثقة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 56".

ص: 116

‌3182 - ابن الجزَّار:

الفيلسوف الباهر، شيخ الطب، أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد القيرواني، تلميذ إسحاق بن سليمان الإسرائيلي.

اتَّصل بالدولة العبيدية، وكثرت أمواله وحشمته.

وصنَّف الكثير، من ذلك كتاب "زاد المسافر" في الطب، و"الأدوية المفردة"، و"رسالة في النفس" طويلة، وكتاب "ذم إخراج الدم"، وكتاب "أسباب وباء مصر والحيلة في دفعه"، وكتاب "دولة المهدي وظهوره بالغرب".

وكان حيًّا في دولة المعز بالله.

وله كتاب "طب الفقراء" وأشياء، وطال عمره.

ص: 117

‌3183 - صاحب الأندلس

(1)

:

الملك الملقَّب بأمير المؤمنين؛ الناصر لدين الله، أبو المطرف عبد الرحمن ابن الأمير محمد ابن صاحب الأندلس عبد الله ابن صاحب الأندلس محمد ابن صاحب الأندلس عبد الرحمن ابن صاحبها الحكم ابن صاحبها هشام ابن الأمير الداخل عبد الرحمن بن معاوية ابن أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان المرواني الأندلسي.

باني مدينة الزهراء، والذي دامت دولته خمسين سنة، وصاحب الفتوحات الكثيرة، والغزوات المشهورة، وهو أول من تلقَّب بألقاب الخلافة، وذلك لما بلغه قتل المقتدر، ووهن الخلافة العباسية، فقال: أنا أَوْلَى بالاسم والنعت.

قُتِلَ أبو هذا شابًّا، ولهذا عشرون يومًا، فكَفَلَه جدّه، فلمَّا مات جده بويع هذا سنة ثلاث مائة، مع وجود الأكابر من أعمامه وأعمام أبيه، فولي وعمره اثنتان وعشرون سنة، فضبط الممالك، وخافته الأعداء، وعمل الزهراء على بريد من قرطبة، فشيدها وزخرفها، وأنفق عليها قناطير من الذهب، وكان لا يَمَلّ من الغزو، فيه سؤدد وحزم وإقدام، وسجايا حميدة، أصابهم قحط، فجاء رسول قاضيه منذر البلوطي يحركه للخروج، فلبس ثوبًا خشنًا، وبكى واستغفر وتذلل لربه، وقال: ناصيتي بيدك، لا تعذِّب الرعية بي، لن يفوتك مني شيء، فبلغ القاضي فتهلَّل وجهه، وقال: إذا خشع جبار الأرض يرحم جبار السماء، فاستسقوا ورحموا.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 330".

ص: 117

وكان رحمه الله ينطوي على دين وحسن خلق، ومزاح، وكان دَسْتُه في وقته فوق دست ملوك الإسلام، ووزر له أبو مروان بن شهيد، وغيره.

ونقل بعضهم أنَّ وزيرًا له قَدَّم له هدية سنية منها: خمس مائة ألف دينار، وأربع مائة رطل تبرًا، وألفا ألف درهم، ومائة وثمانون رطلًا من العود، ومائة أوقية من المسك، وخمس مائة أوقية عنبر، وثلاث مائة أوقية كافور، وثلاثون ثوبًا خامًا، وست سرادقات، وعشرة قناطير سمور، وأربعة آلاف رطل حرير، وألف تُرْس، وثمان مائة تجفاف، وخمسة عشر حصانًا، وعشرون بغلًا، وأربعون مملوكًا، ومائة فرس، وعشرون سُرِّيَّة، وضيعتان، وألف جسر؛ كل جسر قيمته ألف درهم، فلقَّبه ذا الوزارتين، ورفع قدره.

وقد توفي الناصر قبل تتمة زخرفة مدينة الزهراء، فأتمها ابنه المستنصر، وبها جامع عديم المثل، وكذا منارته.

قال ابن عبد ربه: لي أرجوزة ذكرت فيها غزواته.

افتتح سبعين حصنًا من أعظم الحصون، وقد مدحته الشعراء.

قلت: توفي في شهر رمضان سنة خمسين وثلاث مائة، وله اثنتان وسبعون عامًا رحمه الله.

وقد كنت ذكرت ترجمته مع جدهم، فأعدتها بزوائد وفوائد، وإذا كان الرأس عالي الهمة في الجهاد احتملت له هنات، وحسابه على الله، أما إذا أمات الجهاد، وظلم العباد، وللخزائن أباد، فإن ربك لبالمرصاد.

ص: 118

‌3184 - ابن الأخْرَم

(1)

:

مقرئ دمشق، العلامة أبو الحسن، محمد بن النضر بن مُرٍّ بن الحر الربعي الدمشقي بن الأخرم، تلميذ هارون الأخفش الدمشقي، كانت له حلقة عظيمة بجامع دمشق، يقرءون عليه من بعد الفجر إلى الظهر.

قال الدانيّ: روى عنه القراءة عرضًا: أحمد بن بُدْهن، وأحمد بن نصر الشذائي، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، ومحمد بن الخليل، وصالح بن إدريس، وعلي بن محمد بن بشر الأنطاكي، وعبد الله بن عطية، ومظفر بن برهام، وعلي بن داود الداراني، ومحمد بن حجر، وجماعة لا يحصى عددهم.

قلت: منهم محمد بن أحمد الجبني، وسلامة المطرز، وأبو بكر أحمد بن مهران.

وقد ذكره عبد الباقي بن الحسن فغلط وسماه: علي بن حسن بن مر.

وقال علي بن داود الداراني: قَدِمَ ابن الأخرم بغداد، فأمر ابن مجاهد تلامذته أن يختلفوا إلى ابن الأخرم.

وقال الشنبوذي: قرأت عليه، فما رأيت أحسن معرفة منه بالقرآن، ولا أحفظ، وكان يحفظ تفسيرًا كثيرًا ومعاني، حدَّثني أن الأخفش حفَّظَه القرآن.

قال محمد بن علي السلمي: قمت ليلة سحرًا لآخذ النوبة على ابن الأخرم، فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئًا، وقال: لم تدركني النوبة إلى العصر.

توفِّي ابن الأخرم في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وعاش إحدى وثمانين سنة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 257"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 361".

ص: 119

‌3185 - ابن عَمَّار:

عالم الشيعة بالكوفة، أبو عليّ أحمد بن محمد بن عمار.

له تواليف؛ منها: أخبار آباء النبي صلى الله عليه وسلم، و إيمان أبي طالب.

روى عنه: أحمد بن داود، وغيره.

توفي سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

ص: 119

‌3186 - ابن مَاتَى

(1)

:

الشيخ الثقة المعمّر، أبو الحسين، علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن زيد بن ماتَى -بالفتح، الكوفي الكاتب، مولى آل زيد بن علي العلويّ.

حدَّث ببغداد عن: إبراهيم بن عبد الله العبسي، وإبراهيم بن أبي العنبس، وأحمد بن أبي غرزة، والحسين بن الحكم.

حدث عنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، ومحمد بن الحسين القطان، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.

وثَّقه الخطيب وقال: توفِّي في ربيع الأول سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، وله ثمانٍ وتسعون سنة.

وقع لنا من طريقه نسخة وكيع، والطلبة يقولون: ابن ماتي -بالكسر، فكأنه يسوغ أيضًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 32"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 199"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 389".

ص: 119

‌3187 - ابن الزُّبَير

(1)

:

الإمام الثقة المتقن، أبو الحسن، علي بن محمد بن الزبير، القرشي الكوفي الأديب.

حدَّث ببغداد عن: إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، والحسن بن علي بن عفّان، وأخيه محمد، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإبراهيم بن عبد الله القَصَّار.

حدَّث عنه: ابن رزقويه، وأبو نصر بن حسنون، وأحمد بن كثير البَيِّع، وعلي بن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وآخرون.

وكان أديبًا عالمًا، مليح الكتابة، بديع الوراقة، نسخ الكثير، وكان من جلة تلامذة ثعلب.

وثَّقه أبو بكر الخطيب.

وقال: توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة، عن أربع وتسعين سنة.

وقع لابن الشَّحْنة من طريقه الأمالي والقراءة جزء.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 81"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 391"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 379".

ص: 120

‌3188 - العَطَشِيّ

(1)

:

الشيخ الثقة المسند، أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى بن عمرو، البغدادي العَطَشِيّ الأدَمِيّ.

مولده سنة خمس وخمسين ومائتين.

سمع أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وعباس بن محمد الدوري، ومحمد بن ماهان زنبقة، ومحمد بن الحسين الحنيني.

حدَّث عنه: ابن رزقويه، وهلال الحفار، والحاكم، وأبو علي بن شاذان، وطلحة بن الصقر، وعدد كثير.

وكان البرقاني يوثِّقه.

قال الخطيب: توفي في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، وكان ثقة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 299"، والعبر "2/ 280" وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 379".

ص: 120

‌3189 - القَصَّار

(1)

:

الشيخ المعمر، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى القصار، الأصبهاني.

سمع أحمد بن مهدي، وأحمد بن عصام، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأسيد بن عاصم.

حدَّث عنه: أبو بكر بن أبي عليّ الذكواني، وأبو نعيم الحافظ، وجماعة.

ما علمت به بأسًا.

توفِّي سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، وله سبع وتسعون سنة.

‌3190 - المسْعُودي

(2)

:

صاحب "مروج الذهب" وغيره من التواريخ، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي، من ذرية ابن مسعود، عداده في البغاددة، ونزل مصر مدة.

وكان أخباريًّا، صاحب ملح وغرائب وعجائب وفنون، وكان معتزليًّا.

أخذ عن أبي خليفة الجمحي ونفطويه، وعدة.

مات في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

‌3191 - ابن بنت عَدَبَّس

(3)

:

الإمام المحدث، أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام الكندي الدمشقي، ابن بنت عَدَبَّس.

حدَّث عن: يزيد بن عبد الصمد، وأبي زُرْعة، وأحمد بن فيل البالسي، وعبد الباري الجسريني، وخلق كثير.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وتمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الله بن أحمد بن معاذ الداراني، وعبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.

قال الكتَّاني: ثقة مأمون.

توفِّي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 151".

(2)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "13/ 90"، والعبر "2/ 269"، ولسان الميزان "4/ 224" وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 371".

(3)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "6/ 151".

ص: 121

‌3192 - الأسداباذيّ

(1)

:

الشيخ الإمام الحافظ القدوة العابد، أبو عبد الله الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا الأسداباذي الهمذاني، صاحب التصانيف، وقيل: أحمد في جده محمد، رحَّال جوَّال.

سمع أبا خليفة الجمحي، ومحمد بن نصير الأصبهاني، والحسن بن سفيان، وعبدان الجواليقي، وعبد الله بن ناجية، وأبا يعلى، وابن قتيبة العسقلاني، ومحمد بن خزيم، وابن جوصا، وأبا العباس السراج، وخلقًا كثيرًا.

وعنه: محمد بن مخلد العطار -أحد شيوخه، وابن شاهين، وابن منده، وأبو بكر الجوزقي، والدارقطني، والحاكم، والقاضي عبد الجبار المعتزلي، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وعدة.

قال الحاكم: قَدِمَ نيسابور سنة ثلاث، فسمع المسند من ابن شيرويه، فأقام سنتين، وأمَّا رحلته إلى الآفاق فمشهورة، وكان من الصالحين المذكورين، والحفَّاظ، صنف الشيوخ والأبواب.

توفي بأسد اباذ في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

وقال الخطيب: كان حافظًا متقنًا مكثرًا.

أخبرنا المسَلَّم بن محمد في كتابه، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرني الأزهري، أخبرنا الدارقطني، حدثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا الزبير بن عبد الواحد، حدثني محمد بن بشر، وعبد الملك بن محمد قالا: حدثنا هاشم بن مرثد، سمعت يحيى بن معين يقول: الشافعي صدوق ليس به بأس.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 472"، والأنساب للسمعاني "1/ 224"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 867".

ص: 122

‌3193 - أبو الفضل بن إبراهيم:

الإمام السيد، أبو الفضل، محمد بن إبراهيم بن الفضل الهاشمي، النيسابوري، المزكي، أحد أصحاب الحديث.

سمع محمد بن عمرو قشمرد، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن أيوب الرازي، وأبا مسلم الكجي ومطينًا، والحسين بن محمد القباني، وخلقًا سواهم.

وعنه: الحاكم -وأثنى عليه، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو عبد الله بن منده، وآخرون.

مات في شوال سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

ص: 123

‌3194 - ابن معروف

(1)

:

الشيخ المحدِّث، أبو علي محمد بن القاسم بن معروف بن أبان التميمي الدمشقي.

سمع أحمد بن علي المروزي، وأبا عمر محمد بن يوسف بن القاسم، وزكريا بن أحمد البلخي، وأبا حامد محمد بن هارون، وعدة.

وعنه: ابن أخيه عبد الرحمن بن أبي نصر، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وعبد الرحمن بن النحاس، وعبيد الله بن الحسن الورَّاق، وآخرون.

قال الكتاني: حدَّث عن أحمد بن علي بأكثر كتبه، واتُّهِمَ في ذلك، وقيل: إن أكثرها إجازة.

وكان يحب الحديث وأهله، ويكرمهم، وله دنيا وتواليف.

قال عُبَيْد بن فُطَيس: حدَّثني أنه وُلِدَ سنة ثلاث وثمانين، وسمع سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

قال الكتَّاني: مات سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، وقال غيره: سنة تسع.

ومات أخوه أبو بكر أحمد سنة ثمان، وكان مسنًّا، سمع من أبي زُرْعة الدمشقي.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 277"، وميزان الاعتدال "4/ 14"، ولسان الميزان "5/ 347".

ص: 123

‌3195 - النقَّاش

(1)

:

العلَّامة المفسِّر، شيخ القراء، أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، ثم البغدادي النَّقاش.

وُلِد سنة ست وستين ومائتين.

وحدَّث عن: إسحاق بن سنين، وأبي مسلم الكجي، وإبراهيم بن زهير، ومطين، ومحمد بن عبد الرحمن الهروي، والحسن بن سفيان، وابن خزيمة، ومحمد بن علي الصائغ، وخلق.

وتلا على هارون الأخفش، وأحمد بن أنس بدمشق، وعلى الحسن بن الحباب وغيره ببغداد، وعلى الحسن بن أبي مهران بالريّ، وعلى أبي ربيعة محمد بن إسحاق، وعدة.

قرأ عليه أبو بكر بن مهران، وعبد العزيز بن جعفر الفارسي، وأبو الحسن بن الحمامي، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفرج الشنبوذي، وعلي بن محمد العلاف، وعليّ بن جعفر السعيدي، وأبو الفرج النهرواني، والحسن بن علي بن بشار، وخلق آخرهم موتًا أبو القاسم علي بن محمد الزيدي الحراني.

روى عنه: ابن مجاهد، وهو من شيوخه، والدارقطني، وابن شاهين، وأبو أحمد الفرضي، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحرفّي.

وهو مؤلف "شفاء الصدور" في التفسير.

وكان واسع الرحلة، قديم اللقاء، وهو في القراءات أقوى منه في الروايات.

وله كتاب "الإشارة في غريب القرآن"، وكتاب "المناسك"، و"دلائل النبوة"، والمعاجم الثلاثة أوسط، وأكبر وأصغر، فالأكبر في معرفة المقرئين، وله كتاب كبير في التفسير نحو من أربعين مجلدًا، وكتاب "القراءات بعللها"، وكتاب "السبعة"، و كتاب "ضد العقل" و كتاب "أخبار القصاص"، وأشياء، ولو تثبت في النقل لصار شيخ الإسلام.

قال أبو عمرو الداني: هو مقبول الشهادة، حدثنا فارس، سمعت عبد الله بن الحسين

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 201"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 14"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 146"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 627"، وميزان الاعتدال "3/ 520"، ولسان الميزان "5/ 132"، وشذرات الذهب "3/ 8 - 9".

ص: 124

سمعت ابن شنبوذ يقول: خرجت من دمشق، فإذا بقافلة فيها النقاش، وبيده رغيف، فقال لي: ما فعل الأخفش؟ قلت: توفي، قال ثم انصرف النقاش وقال: قرأت على الأخفش.

وقال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص.

وقال أبو بكر البرقاني: كل حديث النقاش منكر.

وقال الحافظ هبة الله اللالكائي: تفسير النقاش أشفى الصدور لا شفاء الصدور.

وقال الخطيب في حديثه: مناكير بأسانيد مشهورة.

روى أبو بكر، عن أبي غالب، عن جده معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه".

قال الدارقطني: فرجع عنه حين قلت له: هو موضوع.

قال الخطيب: قد رواه أبو علي الكوكبي، عن أبي غالب.

وقال الدارقطني: قال النقاش: كسرى أنو شروان جعلها كنية، وكان يدعو: لا رجعت يد قصدتك صفراء من عطائك، وإنما هي صِفْرًا.

قال الخطيب: سمعت ابن الفضل القطان يقول: حضرت النقاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، فنادى بأعلى صوته:{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافَّات: 61] يرددها ثلاثًا، ثم خرجت نفسه رحمه الله.

قلت: قد اعتمد الداني في التيسير على رواياته للقراءات، فالله أعلم، فإنَّ قلبي لا يسكن إليه، وهو عندي متَّهم، عفا الله عنه.

ص: 125

‌3196 - ابن أبي دارم

(1)

:

الإمام الحافظ الفاضل، أبو بكر أحمد بن محمد السري بن يحيى بن السري بن أبي دارم، التميمي الكوفي الشيعي، محدِّث الكوفة.

سمع إبراهيم بن عبد الله العبسي القصَّار، وأحمد بن موسى الحمَّار، وموسى بن هارون، ومحمد بن عبد الله مطينًا، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وعدة.

حدَّث عنه: الحاكم، وأبو بكر بن مردويه، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبو الحسن بن الحمَّامي، والقاضي أبو بكر الحيري، وآخرون.

كان موصوفًا بالحفظ والمعرفة، إلَّا أنه يترفَّض، قد ألَّف في الحطِّ على بعض الصحابة، وهو مع ذلك ليس بثقة في النقل، ومن عالي ما وقع لي منه:

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا أبو زكريا المزكي، أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم بالكوفة، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق، حدثنا أبو نعيم، عن زكريَّا، عن الشعبي، سمعت النعمان بن بشير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبين ذلك مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، مَنْ ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي إلى جنب الحمى، يوشك أن يواقعه". الحديث متفق عليه

(2)

.

مات أبو بكر في المحرَّم سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة، وقيل: سنة إحدى.

قال الحاكم: هو رافضيٌّ غير ثقة.

وقال محمد بن حمَّاد الحافظ: كان مستقيم الأمر عامَّة دهره، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يُقْرَأ عليه المثالب، حضرته ورجل يقرأ عليه أنَّ عمر رَفَسَ فاطمة حتى أسقطت محسنًا.

وفي خبر آخر قوله تعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْن} عمر {وَمَنْ قَبْلَه} أبو بكر {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} عائشة وحفصة، فوافقته وتركت حديثه.

قلت: شيخ ضالّ مُعَثَّر.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 852"، وميزان الاعتدال "1/ 139"، ولسان الميزان "1/ 268".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري (52)، ومسلم (52)، أبو داود (1599)، (3329) و (3330)، والنسائي (7/ 241 - 242)، وابن ماجة (3984)، وأحمد (4/ 270 - 271).

ص: 126

‌3197 - ابن يونس

(1)

:

الإمام الحافظ المتقن، أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن الإمام يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري صاحب "تاريخ علماء مصر".

وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائتين.

سمع أباه، وأحمد بن حمَّاد زُغْبَة، وعلي بن سعيد الرازي، وعبد الملك بن يحيى بن بُكَيْر، وأبا عبد الرحمن النسائي، وعبد السلام بن سهل البغدادي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وعلي بن قديد، وعلي بن أحمد عَلَّان، وخلقًا كثيرًا.

ما ارتحل ولا سمع بغير مصر، ولكنَّه إمام بصير بالرجال، فَهِمٌ متيقظ.

حدَّث عنه: عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي، وأبو عبد الله بن منده، وعبد الرحمن بن عمر بن النَّحاس، وآخرون.

وقد اختصرت تاريخه، وعلقت منه غرائب.

مات في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، عن ستة وستين عامًا.

وفيها مات: عالم دمشق ومسندها؛ القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حَذْلَم الأسدي، ومسند الكوفة؛ أبو الحسين علي بن ماتَى، ونحوي العراق؛ أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، ومحدِّث دمشق؛ أبو الميمون راشد البجلي، وأبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة ببغداد، وأبو الفضل إسماعيل بن محمد ابن الحافظ الفضل بن محمد الشعراني النيسابوري، وحمزة بن محمد بن العباس العقبي البغدادي الدهقان.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 45"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 568"، والعبر "2/ 276".

ص: 127

‌3198 - القَزْوينيّ

(1)

:

الشيخ الإمام الحافظ الثقة، أبو عمر محمد بن عيسى بن أحمد بن عبيد الله القزويني، نزيل دمشق ببيت لِهْيَا.

سمع ببلده من يوسف بن يعقوب القزويني، وبالريّ محمد بن أيوب بن الضُّرَيْس، وعليّ بن الجنيد المالكي، وببغداد إدريس بن جعفر وأقرانه، وبمصر أبا عبد الرحمن النسائي، وبالبصرة من الساجيّ وغيره.

حدث عنه: تمام الرازي، وأبو محمد النحاس المصري، ومنير بن أحمد، وآخرون.

توفِّي قبل الخمسين وثلاث مائة.

وثَّقه تَمَّام.

أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي، أخبرنا محمد بن عماد، وأخبرنا عليّ بن محمد الفقيه، أخبرنا أبو صادق بن صباح قالا: أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن الشافعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، أخبرنا محمد بن عيسى القزويني، حدثنا بهلول بن إسحاق، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام جُنَّة"

(2)

.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه كتابةً، أخبرنا عبد الصمد بن محمد، أخبرنا عبد الكريم بن حمزة، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا تَمَّام الحافظ، حدثنا محمد بن عيسى الحافظ، حدثنا إدريس بن جعفر، أخبرنا أبو بدر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"

(3)

.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 858".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1904"، ومسلم "1151"، وأبو داود "2363".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "887"، ومسلم "252"، وأبو داود "46"، والدارمي "1/ 174"، وأحمد "2/ 399، 429".

ص: 127

‌3199 - ابن سعد

(1)

:

الإمام الحافظ العلامة، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن سعد، النيسابوري الحاجي البزاز.

روى عنه الحاكم، وقال: سمع أبا عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، وإبراهيم بن أبي طالب، وأحمد بن النضر، وأبا العباس السرَّاج، وطبقتهم، ثم كتب عن أربع طبقات بعدهم، وكتب الكثير، وجمع الشيوخ والأبواب والملح، ولم يرحل، وقد سألته عن عبد الله بن شيرويه فقال: ثقة مأمون -إلى أن قال: توفّي أبو محمد فجأةً في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، وهو في عشر الثمانين.

أخبرنا الشرف أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني عبد الله بن سعد الحافظ، حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، أخبرني شريك، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال: من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالحرب" وذكر الحديث.

غريب جدًّا، مداره على ابن كرامة، قد رواه البخاري

(2)

عنه، ويُرْوَى شبهه من طريق عبد الواحد، عن مولاه عروة، عن عائشة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 871"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 381".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري (6502).

ص: 128

‌3200 - العسَّال

(1)

:

محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد القاضي، أبو أحمد الأصبهاني، الحافظ المعروف بالعسَّال، صاحب المصنَّفات.

رأيت له ترجمه مفردة في جزء للحافظ أبي موسى، قد سمعه منه الحافظ عبد الغني المقدسي.

سمع من والده، وهو من قدماء شيوخه، فإن والده مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وسمع من أبي مسلم الكجي، ومحمد بن أيوب بن الضريس الرازي، وأبي بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن أسد المديني صاحب أبي داود الطيالسي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبه، والحسن بن علي السري، وإبراهيم بن زهير الحلواني، ومطين، وأبى شعيب الحراني، وبكر بن سهل الدمياطي، وأمثالهم.

وقرأ القرآن لنافع على الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي بن عمرو بن سهل الأصبهاني الصوفي، عن قراءته على الفضل بن شاذان الرازي.

تلا عليه ولده أبو عامر عبد الوهاب، وكان من كبراء أهل أصبهان ومتموليهم، طالعت كتاب المعرفة له في السُّنَّة، ينبئ عن حفظه وإمامته، وأكبر شيخ لوالده هو إسماعيل بن عمرو البجلي صاحب مسعر.

حدث عن أبي أحمد أولاده؛ أبو جعفر أحمد، وأبو إسحاق إبراهيم، وأبو عامر عبد الوهاب، وأبو الفضل العباس، وأبو الحسين عامر، وأبو بكر عبد الله، وكان أربعة منهم معدلين محدثين، وهم أحمد وإبراهيم وعامر وأبو بكر.

وحدَّث عنه أيضًا: أبو أحمد عبد الله بن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، وأبو بكر بن مردويه، وأبو بكر بن أبي علي، ومحمد بن عبد الله الرباطي، وأحمد بن

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 283"، وتاريخ بغداد "1/ 270"، والأنساب للسمعاني "8/ 447"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 854"، والعبر "2/ 282"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 325"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 380".

ص: 129

إبراهيم القصار، وأحمد بن محمد بن عبد الله بن ماجه المؤدِّب، وأبو سعيد النقاش، ومحمد بن علي بن مصعب، وأبو نعيم.

قال الباطرقاني: أخبرنا ابن منده قال: كان أبو أحمد العسَّال يخلف الطبري وابنه، وكان أحد الأئمة في علم الحديث.

وقال الحاكم: كان أحد أئمة الحديث.

وقال ابن مردويه: كان أبو أحمد العسال المعدَّل يتولى القضاء خليفة لعبد الرحمن بن أحمد الطبري، هو أحد الأئمة في الحديث، فَهمًا وإتقانًا وأمانة.

وقال أبو سعيد النقاش: أخبرنا أبو أحمد العسال: ولم نر مثله في الإتقان والحفظ.

قلت: وقد رأى النَّقَّاش الحاكمين، والدارقطني، وأبا بكر الجِعَابِيّ، وأبا إسحاق بن حمزة، وأخذ عنهم وهو مع ذلك يقول هذا القول.

قال أبو بكر بن أبي علي الذكواني القاضي: أبو أحمد العسَّال الثقة المأمون الكبير في الحفظ والإتقان.

وقال أبو نعيم: أبو أحمد من كبار الناس في المعرفة والإتقان والحفظ، صنَّف الشيوخ والتفسير وعامة المسند، ولي القضاء بأصبهان، مقبول القول.

وقال الخليلي في الإرشاد: ومن أهل أصبهان أبو أحمد العسال، حافظ متقن، عالم بهذا الشأن، كان على قضاء أصبهان من شرط الصحاح، لقيت ابنه أحمد بالري فحدَّثني عن أبيه.

قلت: وقد حدث العسال ببغداد، وذكره أبو بكر الخطيب في تاريخه، وقال: أخبرنا الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا أبو أحمد العسال ببغداد، حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، فذكر حديثًا، قال أبو موسى المديني: ذكر أبو غالب بن هارون الأديب قال: كان يُكْرَه على تقلّد القضاء، فكان يمتنع منه، وكان يلحّ عليه حتى أجاب خلافة ونيابة، استخلفه الطبري وهو مقيم بحضرة ركن الدين حسن بن علي بن بويه سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، فلمَّا استخلف الطبري ولده عتبة في سنة اثنتين وأربعين، وولي عتبة القضاء برأسه في سنة ست وأربعين، فاستخلف أبا أحمد، وقيل: إنه كان لا يغلق بابه عن أحد، وكان إذا توجَّه على الخصم يمين لا يحلفه ما أمكنه، بل يغرم عنه ما لم يبلغ مائة دينار، فإذا بلغ المائة أو جاوزها كان يتثبت

ص: 130

ويدافع ويمهل إلى المجلس الثاني، ويحذر المدَّعى عليه وبال اليمين، ويخوفه يوم الدِّين، ويذكره الوقوف بين يدي رب العالمين، ثم يحلفه على كره.

قال أبو بكر بن مردويه: سمعت أبا أحمد يقول: احفظ في القرآن خمسين ألف حديث.

قال أبو موسى: ذكر أبو غالب هبة الله بن محمد بن هارون بخطه قال: سمعت بعض أصحاب الحديث أن محدثًا حضر القاضي أبا أحمد قال: إني حلفت أنك تحفظ سبعين ألف حديث، فهل أنا بارّ؟ قال: برَّت يمينك، إني أحفظ في القرآن سبعين ألف حديث.

ويقال: إنه أملى تفسيرًا كثيرًا من حفظه، وقيل: أملى أربعين ألف حديث بأردستان، فلما رجع إلى أصبهان قابل ذلك، فكان كما أملاه.

أخبرنا جماعة كتابةً، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب، حدثني عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني، وكان دينًا ثقةً قال: سمعت ابن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال.

وقال يحيى بن منده: سمعت عمِّي يقول: سمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبع مائة شيخ، فلم أجد فيهم مثل أبي أحمد العسال، وإبراهيم بن محمد بن حمزة. وكذا رواه أحمد بن جعفر الفقيه، عن أبي عبد الله فقال: ألف وسبع مائة. وعن ابن منده قال: طفت الدنيا مرتين، فما رأيت مثل العسال.

ذكر أبو غالب أيضًا قال: يُحْكَى أنه ما كان يجلس لإملاء الحديث ولا يمس جزءًا إلَّا على طهارة، وأنه كان مرة مع صهره فدخل مسجدًا، وشرع في الصلاة، فختم القرآن في ركعة، قال أبو غالب: وسمعت جدي يقول: سمعت والدي أبا إسحاق إبراهيم بن القاضي أبي أحمد العسال يقول: لما مات القاضي وجلس بنوه للتعزية، فدخل رجلان في لباس سواد، وأخذا يولولان ويقولان: واسلاماه، فسُئِلَا عن حالهما فقالا: إنا وردنا من أغمات

(1)

من المغرب، لنا سنة ونصف في الطريق، في الرحلة إلى هذا الإمام؛ لنسمع منه، فوافق ورودنا وفاته.

(1)

أغمات: ناحية من بلاد المغرب قرب مراكش، وهي كثيرة الخيرات، قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان""1/ 266".

ص: 131

تصانيفه: "تفسير القرآن"، كتاب "التاريخ"، كتاب "تاريخ النساء"، كتاب "معجمه"، كتاب "السنة"، كتاب "الأمثال"، كتاب "الرؤية"، كتاب "العظمة"، كتاب "الجزية"، كتاب "الرقائق"، كتاب "مسند الأبواب"، كتاب "الأبواب" على غريب الحديث، كتاب "حروف القراءات"، كتاب "الآيات وكرامات الأولياء"، كتاب "من يجمع حديثه من المقلين"، "طرق غسل يوم الجمعة"، "أحاديث مالك"، كتاب "الفوائد"، "أحاديث منصور بن المعتمر ومحمد بن جحادة، وقرة بن خالد"، وأشياء سوى ذلك.

كان أبوه أحمد من كبار التجار المتمولِّين، وقف أملاكه على أولاده، وهي بساتين ودور وحوانيت، سمع من إسماعيل بن عمرو، وسهل بن عثمان، وعمرو بن علي الفلاس.

توفِّي في شوال سنة اثنتين وثمانين مائتين.

قال أبو نعيم الحافظ في "تاريخ أصبهان": محمد بن أحمد بن إبراهيم مولى العلاء بن كسيب العنبري، أبو أحمد العسال: مقبول القول، من كبار الناس في المعرفة والحفظ، صنف الشيوخ والتاريخ والتفسير وعامَّة المسند.

أخبرنا عيسى بن محمد الأنصاري، أخبرنا منصور بن سند، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى الأصبهاني، أخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن الهيثم الواعظ سنة سبع عشرة وأربع مائة، حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم العسّال، حدثنا موسى بن إسحاق، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبي سعيد قال: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فإذا الفأرة قد أخذت الفتيلة، وصعدت إلى السقف لتحرق عليه البيت، قال: فلعنها، وأحلَّ قتلها للمحرم

(1)

هذا حديث غريب، من الأفراد الحسان

(2)

.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 79 - 80"، وأبو يعلى "1170" من طريق جرير بن عبد الحميد الضبي، وابن ماجه "3089"، من طريق محمد بن فضيل، والبخاري في "الأدب المفرد""1223"، واللفظ له من طريق أبي بكر بن عياش "ثلاثتهم" عن يزيد بن أبي زياد، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي، فإنه ضعيف.

(2)

لعلَّ المؤلف يريد بالحسن هنا ما ورد في جواز قتل الفأرة للمحرم، وهو حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أربع كلهنّ فاسق يقتلن في الحل والحرم: الحداة، والغراب، والفأرة والكلب العقور" أخرجه مسلم "1198" من طريق القاسم بن محمد عنها، به.

ص: 132

قال أبو منصور معمر بن أحمد الزاهد:

لقد مات من يرعى الأنام بعلمه

وكان له ذكر وصيت فينفع

وقد مات حفاظ الحديث وأهله

وممن رأينا وهو في الناس مقنع

أبو أحمد القاضي وقد كان حافظًا

ولم يك من أهل الضلالة يتبع

وكان أبو إسحاق ممن شهرته

يدرِّس أخبار الرسول ويوسِعُ

وثالثهم قطب الزمان وعصره

أبو القاسم اللخمي قد كان يبدع

ورابعهم كان ابن حيان آخرًا

ومات فكيف الآن في العلم يطمع

فأبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهاني الحافظ، توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

واللخمي هو سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني الحافظ، مات سنة ستين وثلاث مائة، عن مائة سنة.

وابن حيان هو الحافظ أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني، ذو التصانيف، توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة، عن بضع وتسعين سنة.

قال ابن مردويه الحافظ في تاريخه: توفِّي القاضي أبو أحمد في يوم الاثنين في رمضان سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، وأنا ببغداد.

قال أبو بكر بن أبي علي: مات في تاسع رمضان -رحمه الله تعالى.

قال ابن مردويه: وكان مولده يوم التروية سنة تسع وستين ومائتين.

قلت: عاش ثمانين سنة، وروى في معجمه عن أربع مائة شيخ.

سمع بأصبهان وهمذان وبغداد والكوفة والبصرة والحرمين وواسط والريّ وخوزستان.

وله ثلاثة إخوة: إبراهيم والحسن والحسين، ولكل منهم نسل وعقب.

أما أبو سعيد الحسن بن أحمد فروى عن أبي حاتم الرازي وأحمد بن يونس الضبي.

حدث عنه: ابن أخيه سعيد بن أبي أحمد.

وللحسن ولد حدَّث أيضًا، فقال أبو بكر بن مردويه في تاريخه: حدثنا أبو عمر أحمد بن الحسن، حدثنا عبدان، حدثنا ابن سابور الرقيّ، فذكر حديثًا.

وأمَّا سعيد بن أبي أحمد العسال: فهو أبو محمد، مشهور، روى عن علي بن محمد بن رستم، وأبي الحسن اللنباني، ومحمد بن علي بن الجارود، وطائفة.

روى عنه ابن مردويه وأبو نعيم وغيرهما، مات سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

وأمَّا أبو جعفر أحمد بن أبي أحمد: فروى عن عبد الله بن محمد بن نصر، وجماعة.

ومات ابنه أبو عامر سنة سنة اثنتين وأربع مائة، يروي عن أبي محمد الجابري الموصلي، والله أعلم.

ص: 133

‌3201 - ابن عُبَيد

(1)

:

أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الأسدي الهمذاني.

روى عن إبراهيم بن ديزيل، ومحمد بن الضريس، وعليّ بن الجنيد.

وعنه: ابن منده، والحاكم، وأبو بكر بن مردويه، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وعبد الرحمن بن شبانة، وعدة.

قال صالح بن أحمد الحافظ: ضعيف، ادَّعى الرواية عن ابن ديزيل، فذهب علمه، وكتبت عنه أيام السلامة أحاديث، ولم يدَّع عن إبراهيم، ثم ادَّعى، وروى أحاديث معروفة، كان إبراهيم يسأل عنها، ويستغرب، فجوزنا أن أباه سمعه تلك، فأنكر عليه ابن عمه أبو جعفر، والقاسم بن أبي صالح، فسكت حتى ماتوا، ثم ادَّعى المصنَّفات والتفاسير، مما بلغنا أنَّ إبراهيم قرأه قبل سنة سبعين، وهو فقال لي: إن مولده سنة سبعين، وسمعت القاسم يكذّبه، هذا مع دخوله في أعمال الظلمة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 292"، وميزان الاعتدال "2/ 556"، ولسان الميزان "3/ 411".

ص: 134

‌3202 - الرَّفَّاء

(1)

:

الشيخ الإمام المحدث الصادق الواعظ الكبير، أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله محمد بن معاذ الهروي الرَّفَّاء.

سمع من: عثمان بن سعيد الدارمي، والفضل بن عبد الله اليشكري، ومحمد بن المغيرة الهمذاني السكري، ومحمد بن صالح الأشج، وعلي بن عبد العزيز البغويّ، ومحمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربيّ، وبشر بن موسى، ومحمد بن أيوب البجلي، وداود بن الحسين البيهقي، وخلق كثير.

واشتهر اسمه وانتشر حديثه، وكان ذا معرفة وفهم وسعة علم، وغيره أحفظ منه، وأحذق بالفن، وانتهى إليه عُلُوّ الإسناد بهراة.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، والقاضي أبو منصور محمد بن محمد الأزدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، ويحيى بن عمَّار الواعظ، ومحمد بن عبد الرحمن الدباس، وأبو علي بن شاذان، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي، وآخرون.

انتخب عليه أبو الحسن الدارقطني ببغداد، ووثَّقه الخطيب وغيره.

قال الحافظ أبو بشر الهروي: ثقة صالح.

قلت: توفي بهراة في شهر رمضان سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وأظنه مات عن نيف وتسعين سنة.

ومات معه مقرئ مصر أحمد بن أسامة أبو جعفر التُّجِيبيّ، والسلطان معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي، وأبو محمد أحمد بن عبد الله المغفلي، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة، وأحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي، أحد التَّلْفَي، وأبو علي إسماعيل بن القاسم القالي اللغوي، وأبو الفضل العباس بن محمد الرافعي، وعبد الخالق بن أبي روبا، وعثمان بن محمد السقطي سَنَقَة، وصاحب الأغاني، وسيف الدولة بن حمدان، وكافور الإخشيدي، وعمر بن جعفر بن سلم، وقاضي القضاة أبو نصر يوسف عمر بن القاضي أبي عمر ببغداد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 172"، والأنساب للسمعاني "6/ 141"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 19".

ص: 135

‌3203 - والد تَمَّام

(1)

:

الإمام المحدث الحافظ المفيد، أبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد الرازي، وكان يعرف قديمًا بابن الرستاقي.

سمع: محمد بن أيوب بن الضُّرَيْس، ومحمد بن حفص المهرقاني، وعلي بن الجنيد المالكي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وسمع بنسا من الحسن بن سفيان، وبالكوفة من محمد بن جعفر القَتَّات، وببغداد الفريابي، وابن ناجية، وإبراهيم بن عبد الله الخرمي، وبدمشق محمد بن خريم، وابن جوصا، وعدة.

وجمع وصنَّف وأرَّخ، وأفاد الرفاق، وأفنى عمره في الطلب.

حدَّث عنه: ولده تمَّام، وعقيل بن عبدان، وأبو الحسن بن جهضم، وأحمد بن عبد الله البرامي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وآخرون.

قال عبد العزيز الكتَّاني: كان ثقة نبيلًا مصنفًا، حدَّثني ابنه أنه توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

أنبأنا الفخر علي، أخبرنا أبو القاسم الحرستاني، أخبرنا عبد الكريم بن حمزة، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا تَمَّام بن محمد، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز الوشَّاء، حدثنا أبو معمر القطيعي، حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن سماك بن حرب، عن عياض الأشعري، عن أبي موسى قال: قرأت عند النبي صلى الله عليه وسلم: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} [المائدة: 54] قال: "هم قومك أهل اليمن"

(2)

.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 864"، والعبر "2/ 277"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 321"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 376".

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 107"، والحاكم "2/ 313" من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، به.

قلت: إسناده حسن، سماك صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 136

‌3204 - خالد بن سعد

(1)

:

الحافظ الإمام الناقد المجوّد، أبو القاسم الأندلسي القرطبي.

سمع محمد بن فطيس، وسليمان بن قريش، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وطبقتهم.

ولم يطل عمره.

صنَّف كتاب "رجال الأندلس"، وكان حُجَّة محققًا مقدَّمًا على حفَّاظ قرطبة، يتوقَّد ذكاء، حفظ في مرة واحدة أحدًا وعشرين حديثًا، وورد عن صاحب الأندلس المستنصر أنه قال: إذا فاخرنا أهل المشرق بيحيى بن معين، فاخرناهم بخالد بن سعد، وقيل: إن خالدًا هذا كان بذيء اللسان، ينال من أعراض الناس -سامحه الله.

توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.

أنبأني جماعة، عن آخرين أجاز لهم أبو الفتح بن البطي، قال: أنبأنا أبو عبد الله الحميدي، أخبرنا أبو عمر بن عبد البر في كتابه، أخبرنا قاسم بن محمد، حدثنا خالد بن سعد، حدثنا أحمد بن عمر، حدثنا ابن سنجر، حدثنا شريك، فذكر حديثًا عن الكلبي، عن حميضة بنت الشَّمَرْدَل، عن الحارث بن قيس قال:"أسلمت وعندي ثمان نسوة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن اختار منهنَّ أربعًا"

(2)

.

وفيها مات أحمد بن محمود الشمعي بمصر، وإسماعيل بن علي الخزاعي، والوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي، وعلي بن أحمد بن أبي قيس الرَّفَّاء، وعلي بن هارون المنجم، وأبو بكر محمد بن محمد بن مالك الإسكافي.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 877"، والعبر "2/ 295"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 11".

(2)

صحيح: أخرجه البيهقي "7/ 183" من طريق هشيم، أخبرني الكلبي، عن حميضة بن الشمردل، به.

وللحديث شاهد من حديث ابن عمر: أنَّ غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اختر منهنَّ أربعة" الحديث.

أخرجه ابن أبي شيبة "4/ 317"، والشافعي "2/ 16"، وأحمد "2/ 14، 44، 83"، والترمذي "1128"، وابن ماجه "1953"، والحاكم "2/ 192"، والدارقطني "3/ 270"، والبيهقي "7/ 149، 181"، من طريق معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، به. وأخرجه الطبراني "13221" من طريق النعمان بن المنذر، عن سالم، عن أبيه، به.

ص: 137

‌3205 - ابن عَلَّان

(1)

:

الإمام الحافظ، محدِّث حران، أبو الحسن علي بن الحسن بن علَّان الحراني، صاحب "تاريخ الجزيرة".

سمع أبا يعلى الموصلي، ومحمد بن جرير، وعبد الله بن زيدان البجليّ، وسعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن محمد الباغندي، وطبقتهم، وجمع فأوعى.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وتَمَّام الرازي، وأحمد بن محمد بن الحاج، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الطبيز، وأبو العباس محمد بن السمسار، وآخرون.

قال عبد العزيز الكتَّاني: كان ثقة حافظًا نبيلًا، توفي يوم النَّحر سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.

قلت: رويت له في طبقات الحفَّاظ حديثًا.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 880"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 13"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 17".

ص: 137

‌3206 - ابن أبي هاشم

(1)

:

إمام المقرئين؛ أبو طاهر، عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم البغدادي، صاحب "جامع البيان".

روى عن محمد بن جعفر القتَّات، وأحمد بن فرح، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وعبد الله بن الصقر السكري، والحسن بن الحباب، وأحمد بن سهل الأشناني، وتلا عليه، وعلى سعيد بن عبد الرحيم الضرير، وأبي بكر بن مجاهد.

قرأ عليه أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر الفارسي، وعليّ بن أحمد بن الحمامي، وعلي بن محمد الجوهري، وأبو الحسن علي بن العلاف الكبير، وعبيد الله المصاحفي، وأبو الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وآخرون.

وقد طوَّل أبو عمرو الداني ترجمته وعظَّمه، وقال: لم يكن بعد ابن مجاهد مثل ابن أبي هاشم في علمه وفهمه، مع صدق لهجته، واستقامة طريقته، وكان ينتحل مذهب الكوفيين، ولما توفي ابن مجاهد أجمعوا على تقديم أبي طاهر، وأن يقرئ موضعه، فقصده الأكابر وتحلَّقوا عنده، وكان قد خالف جميع أصحابه في إمالة الناس لأبي عمرو، وكان القراء ينكرون ذلك عليه.

مولده سنة ثمانين ومائتين، ومات في شوال سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 7"، والعبر "2/ 282"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 325"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 380".

ص: 138

‌3207 - أبو الخير التِّينَاتي

(1)

:

الأقطع العابد، صاحب الأحوال والكرامات، وهو مغربي أسود، سكن تينات من أعمال حلب، يقال اسمه: حماد.

صحب أبا عبد الله بن الجلَّاء، وسكن جبل لبنان مدةً.

حكى عنه محمد بن عبد الله، وأحمد بن الحسن، ومنصور بن عبد الله الأصبهاني.

قال السلمي: كان ينسج الخوص بيده الصحيحة، لا يدري كيف ينسجه، وله آيات وكرامات، تأوي السباع إليه، وتأنس به.

وقال أبو القاسم القشيري: كان كبير الشأن، له كرامات وفراسة حادَّة.

ويقال: إن سبب قطع يده في تهمة ظهرت براءته منها، أنَّه اشتهى زعرورًا فقطع غصنًا، وكان عاهد الله أن لا يتناول لنفسه شهوة، قال: فذكر عهده، فرمى بالغصن، ثم كان يقول: يد قطعت عضوًا فقطعت.

توفِّي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، وقيل: سنة تسع وأربعين.

وقد ذكره ابن عساكر وطوَّل أمره.

وروى أبو ذر الهروي عن عيسى بن أبي الخير أنه قال: كان أبي مملوكًا فأُعْتِقَ، وكان يحتطب بالإسكندرية بيده، ثم سكن ثغر طرسوس، فكان يجاهد بسيف وحجفة، ثم أُخِذَ مع لصوص بات معهم في غار فقُطِعَ.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 651"، والأنساب للسمعاني "3/ 121"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 376".

ص: 139

‌3208 - الماسَرْجِسي:

الإمام، رئيس نيسابور، أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري، أحد البلغاء والفصحاء.

سمع الفضل بن محمد الشعراني، والحسين بن الفضل، وعِدّة.

وبنى دارًا للمحدثين، وأدرَّ عليهم الأرزاق.

كان أبو علي الحافظ يقرأ عليه تاريخ أحمد بن حنبل.

قلت: روى عنه السُّلَمي، والحاكم، وسعيد بن محمد بن محمد بن عبدان.

مات ليلة عيد الفطر سنة خمسين وثلاث مائة، وله تسع وثمانون سنة.

ص: 139

‌3209 - ابن جامع

(1)

:

الشيخ، أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن جامع السكري المصري.

سمع: مقدام بن داود الرعيني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وطبقتهم، وكان صاحب حديث.

روى عنه ابن منده، وابن النحاس، وأحمد بن محمد بن الحاج الأشبيلي، ومحمد بن إبراهيم بن غالب التمَّار، وحسين بن ميمون الصفَّار، وآخرون.

مات سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

‌3210 - ابن أبي الموت

(2)

:

الشيخ المحدّث، أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت المكيّ.

سمع يوسف بن يزيد القراطيسي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن علي الصائغ، وأحمد بن زغبة، والقاسم بن الليث الرسعني.

حدَّث عنه أبو محمد بن النحاس، وأبو العباس بن الحاج، ومحمد بن نظيف الفراء، وآخرون.

توفِّي بمصر في ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وله تسعون سنة.

‌3211 - قاضي الحرمين

(3)

:

العلامة أبو الحسين، أحمد بن محمد بن عبد الله النيسابوري الحنفي، شيخ الحنفية.

ولي قضاء الحرمين نيف عشرة سنة، ثم قدم نيسابور، وولي قضاءها.

سمع أبا خليفة الجمحي، والحسن بن سفيان، وجماعة.

وتفَقَّه بأبي الحسن الكرخيّ، وأبي طاهر بن الدبَّاس، وولي أيضًا قضاء الموصل والرملة.

روى عنه الحاكم، وقَرَّظَه.

وقال أبو إسحاق في "طبقات الفقهاء": به، وبأبي سهل الزجاجي تفَقَّه علماء نيسابور.

وقال الحاكم: سمعت أبا أبكر الأبهري شيخ الفقهاء يقول: ما قدم علينا من الخراسانين أفقه من أبي الحسين النيسابوري.

توفِّي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، عن سبعين سنة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 290"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 7".

(2)

ترجمته في العبر "2/ 290"، وميزان الاعتدال "1/ 152"، ولسان الميزان "1/ 296".

(3)

ترجمته في العِبَر "2/ 290"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 7".

ص: 140

‌3212 - ابن بدر:

المعمّر الأديب، أبو بكر إسماعيل بن بدر القرطبي.

سمع من بقيّ بن مخلد، وهو خاتمة أصحابه، ومن محمد بن وضَّاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، ومطرف بن قيس، وكان أحد الشعراء.

سمع منه بعض الناس وترخَّصوا، وقد ولي الحسبة فحمد.

مات في سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، ذكره ابن الفرضيّ.

‌3213 - سَلْمُ بن الفضل:

ابن سهل، المحدث العالم، أبو قتيبه البغدادي الأدمي، نزيل مصر.

عن محمد بن يونس الكديمي، والحسن بن علي المعمري، وموسى بن هارون، وجعفر الفريابي، وابن ناجية، وخلق.

عنه: أبو محمد بن النحاس، وعبد الغني الأزدي، وأبو عبد الله بن نظيف، وابن منده، وآخرون. محله الصدق.

توفِّي سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

‌3214 - فقيه قرطبة:

شيخ المالكية، عالم العصر، أبو بكر محمد بن أحمد اللؤلؤي.

قال ابن عفيف: كان أفقه أهل عصره وأبصرهم بالفتيا، وعليه مدار العلم، وبه تفقَّه ابن زرب، وكان أخفش.

توفّي سنة خمسين وثلاث مائة.

ص: 141

‌3215 - يحيى بن منصور

(1)

:

ابن يحيى بن عبد الملك، قاضي نيسابور، أبو محمد.

حدَّث عن عليَّ بن عبد العزيز البغويّ، وأبي مسلم الكجي، وأحمد بن سلمة، ومحمد بن عمرو قشمرد، وعدَّة. وكان غزير الحديث.

روي عنه: الحاكم، ويحيى المزكي، وأبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، وسبطه عنبر بن الطيب، وآخرون.

قال الحاكم: ولي القضاء بضع عشرة سنة، ثم عُزِلَ بأبي أحمد الحنفي في سنة تسع وثلاثين، وكان محدث نيسابور في وقته، وحُمِدَ في القضاء، وكان يحضر مجلسه الحفَّاظ أبو عبد الله بن الأخرم، وأبو علي الحسين بن محمد.

مات في سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

ومات فيها خلق من الكبار، وخرجت الروم، وأخذوا حلب وعين زربة، وعدة مدائن، وعجز عنهم سيف الدولة، وقتل خلق عظيم.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 293"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 9".

ص: 142

‌3216 - ابن أَفْرَجَه

(1)

:

الإمام المحدِّث، أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن يزيد بن بندار بن أفرجه التيمي، مولاهم الأصبهاني.

سمع إبراهيم الحربي، وإبراهيم بن فهد الساجيّ، وعمران بن عبد الرحيم، وسهل بن عبد الله الأصبهانيّ الزاهد، وطائفة.

روى عنه الحسن بن محمد بن حسنويه، وعليّ بن عبدكويه، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.

توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 150".

ص: 142

‌3217 - ابن الحِيرِيّ

(1)

:

الحافظ المجوّد، أبو سعيد أحمد بن أبي بكر بن أبي محمد ابن القدوة الكبير أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري، النيسابوري، الشهيد، أحد أئمة الحديث.

سمع الحسن بن سفيان، والهيثم بن خلف، وحامد بن شعيب، وأبا عمر الخفاف، وعبد الله شيرويه، وقاسم بن الفضل الرازي، وابن خزيمة، وخلقًا كثيرًا.

وصنَّف التفسير الكبير، والمستخرج على صحيح مسلم، والأبواب، وغير ذلك، ولما سار إلى بغداد قال الحاكم: خرج بعسكر كثيرٍ وأموال، واجتمع عليه ببغداد خلق كثير، قال: واستشهد بطرسوس في سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة، وله خمس وستون سنة.

روى عنه الحاكم وغيره.

‌3218 - ابن الحَكَم

(2)

:

جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي المؤدّب.

سمع الكديمي، ومحمد بن سليمان الباغندي، وإدريس العطار، وبشر بن موسى، وعدة.

روى عنه ابن رزقويه، وطلحة الكتَّاني، وأبو عليّ بن شاذان، وآخرون. وثَّقه الخطيب.

توفي سنة ثلاث وخمسين.

‌3219 - دَعْلَج

(3)

:

دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرحمن، المحدِّث الحجة، الفقيه الإمام، أبو محمد السجستاني، ثم البغدادي، التاجر ذو الأموال العظيمة.

وُلِدَ سنة تسع وخمسين ومائتين، أو قبلها بقليل، وسمع بعد الثمانين ما لا يوصف كثرة بالحرمين، والعراق وخراسان، والنواحي حال جولانه في التجارة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 23"، والعبر "2/ 296"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 878".

(2)

ترجمته في العبر "2/ 297"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 12".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 387"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 10"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 228"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 850"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 333".

ص: 143

وحدَّث عن: علي بن عبد العزيز، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن عمرو قشمرد النيسابوري، وعبد العزيز بن معاوية القرشي، وهشام بن علي السيرافي، وبشر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن أيوب البجلي، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وأبي مسلم الكجي، ومحمد بن ربح البزاز، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن عبد الرحمن السامي، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وعدد كثير.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن جميع الغساني، وأبو عبد الله الحاكم، وابن رزقويه، وأبو القاسم بن بشران، وعلي بن أحمد البادي، وأبو علي بن شاذان، وأحمد بن أبي عمران الهروي، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وخلق سواهم، ولقي بدمشق أبا الحسن بن جوصا، وطبقته.

قال أبو سعيد بن يونس: حدَّث بمصر وكان ثقةً.

وقال الحاكم: دعلج الفقيه، شيخ أهل الحديث في عصره، له صدقات جاريه على أهل الحديث بمكة وببغداد وسجستان، أول ارتحاله كان إلى نيسابور، فأخذ مصنفات ابن خزيمة، وكان يفتي على مذهبه، سمعته يقول ذلك، وجاور بمكة مدة.

قال الخطيب: كان دعلج من ذوي اليسار، له وقوف على أهل الحديث، وحدَّث عن عثمان الدارمي، وابن ربح، وإبراهيم بن زهير الحلواني، وإسحاق الحربي، ومحمد بن شاذان الجوهري، ومحمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن يحيى القزاز، وأحمد بن موسى الحمّار، وسرد جماعة، ثم قال: حدثنا عنه: فسمَّى جماعة، قال: وكان ثقةً ثبتًا، جمع له المسند، وحديث شعبة، وحديث مالك، قال: وبلغني أنَّه كان يبعث بمسنده إلى ابن عقدة لينظر فيه، فجعل بين كل ورقتين دينارًا، وكان الدارقطني هو المصنّف له كتبه، فحدَّثني أبو العلاء الواسطي عن الدارقطني قال: صنَّفت لدعلج المسند الكبير، فكان إذا شكَّ في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثبت منه.

قال أبو العلاء: وقال عمر البصري: ما رأيت ببغداد ممن انتخبت عليه أصحَّ كتبًا من دَعْلَج.

قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: ما رأيت في مشايخنا أثبت من دعلج.

قال أبو ذر الهَرَوي: سمعت أنَّ معز الدولة أوَّل ما أخذ من المواريث مال دعلج، خلَّف ثلاث مائة ألف دينار.

ص: 144

قال الخطيب: حكى لي أبو العلاء الواسطي أنَّ دعلجًا سُئِلَ عن مفارقته مكة، فقال: خرجت ليلة من المسجد فتقدَّم ثلاثة من الأعراب فقالوا: أخ لك من خراسان قَتل أخانا، فنحن نقتلك به، فقلت: اتقوا الله، فإن خراسان ليست بمدينة واحدة، ولم أزل بهم إلى أن اجتمع الناس وخلّوا عنِّي، فهذا كان سبب انتقالي إلى بغداد. وكان يقول: ليس في الدنيا مثل داري، وذلك لأنه ليس في الدنيا مثل بغداد، ولا ببغداد مثل محلة القطيعة، ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف، ولي في الدرب مثل داري.

ونقل أبو بكر الخطيب حكايةً مقتضاها أنَّ رجلًا صلَّى الجمعة فرأى رجلًا متنسِّكًا لم يصل، فكلَّمه فقال: استر عليَّ، لدعلج عليَّ خمسة آلاف، فلمَّا رأيته أحدثت، فبلغ ذلك دعلجًا، فطلبه إلى منزله وحلله من المال، ووصلة بمثلها لكونه رَوَّعَه.

قال الخطيب: حدَّثنا أبو منصور محمد بن محمد العكبري، حدثني أحمد بن الحسين الواعظ، قال: أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم، فضاقت يده فأنفقها، وكَبُر الصبي، وأذن له في قبض ماله، قال ابن أبي موسى: فضاقت عليَّ الأرض وتحيِّرت، فبكرت على بغلتي وقصدت الكرخ، فانتهت بي البغلة إلى درب السلولي، ووقفت بي على باب مسجد دعلج، فدخلت فصليت خلفه الفجر، فلمَّا انفتل رحَّب بي، وقمنا فدخلنا داره، فقُدِّمَت لنا هريسة، فأكلت وقصرت، فقال: أراك منقبضًا، فأخبرته، فقال: كُلْ فإنَّ حاجتك تُقْضَى، فلمَّا فرغنا استدعى بالذهب والميزان، فوزن لي عشرة آلاف دينار، وقمت أطير فرحًا، فوضعت المال على القربوس وغطيته بطيلساني، ثم سلمت المال إلى الصبي بحضرة قاضي القضاة، وعظم الثناء عليّ، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أمير من أولاد الخليفة، فقال: قد رغبت في معاملتك وتضمينك أملاكي، فضمنتها فربحت في سنتي ربحًا عظيمًا، وكسبت في ثلاث سنين ثلاثين آلف دينار، وحملت لدعلج المال، فقال: سبحان الله، والله ما نويت أخذها، حل بها الصبيان، فقلت: أيها الشيخ، أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال: نشأت وحفظت القرآن وطلبت الحديث، وكنت أتبزز، فوافاني تاجر من البحر، فقال: أنت دعلج؟ قلت: نعم، قال: قد رغبت في تسليم مالي إليك مضاربة، فسلَّم إلي برنامجات بألف درهم، وقال لي: ابسط يدك فيه ولا تعلم مكانًا ينفق فيه المتاع إلَّا حملته إليه، ولم يزل يتردد إليَّ سنة بعد سنة، يحمل إليَّ مثل هذا، والبضاعة تنمي، ثم قال: أنا كثير الأسفار في البحر، فإن هلكت فهذا المال لك، على أن تصدق منه وتبني المساجد، فأنا أفعل مثل هذا، وقد ثَمَّر الله المال في يدي، فاكتم عليَّ ما عشت.

ص: 145

قال الحاكم: كان السلطان لا يتعرَّض لتركة، ثم لم يصبر عن أموال دعلج. وقيل: لم يكن في الدنيا أيسر منه من التجار، وتركوا أوقافه رحمه الله.

قال الحاكم: اشترى دعلج بمكَّة دار العبَّاسية بثلاثين ألف دينار. قال أبو عمر بن حيويه: أدخلني دعلج بن أحمد داره، وأراني بدرًا من المال معبَّأة، فقال لي: خذ منها ما شئت، فشكرته وقلت: أنا في كفاية.

قال أبو علي بن شاذان، وابن الفضل القطان، وابن أبي الفوارس، وغيرهم: مات لعشر بَقَيْن من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وغلط أبو عبد الله الحاكم فقال: توفي في عشر ذي الحجة من سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

قلت: الصحيح سنة إحدى.

وفيها كان موت أبي إسحاق الهجيمي، وقد نيِّف على المائة، وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن الورد راوي السيرة بمصر، وشيخ القراء والمفسرين أبو بكر النقاش ببغداد، ومحدث الكوفة أبو جعفر بن دُحَيم، ومسند بغداد ميمون بن إسحاق صاحب العطاردي.

أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي، أخبرنا البهاء عبد الرحمن، وأخبرنا أبو جعفر بن المقيّر وجماعة، قالوا: أخبرنا يحيى بن أبي السعود قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد، أخبرنا محمد بن الحسن، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا دعلج، حدَّثنا بشر بن موسى، حدثنا عمرو بن حكام، حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبَّاد بن تميم، عن عبد الله بن زيد الأنصاري "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قلب رداءه".

ص: 146

‌3220 - البَلَاذُرِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ المفيد الواعظ، شيخ الجماعة، أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم الطوسي البلاذريّ.

سمع من محمد بن أيوب بن الضريس، وتميم بن محمد الحافظ، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وطبقتهم.

قال أبو عبد الله الحاكم: كان أوحد عصره في الحفظ والوعظ، وكان شيخنا الحافظ أبو علي ومشايخنا يحضرون مجلسه، ويفرحون بما يذكره على رءوس الملأ من الأسانيد، ولم أرهم قط غمزوه في إسناد أو اسم أو حديث. سمع جماعة كثيرة بالعراق وخراسان، وخرج صحيحًا على وضع صحيح مسلم، إلى أن قال: واستشهد بالطابران، وهي مرتحله من نيسابور، سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

قلت: كان قد انتخب على حاجب الطوسيّ وغيره.

وهذا هو البلاذري الصغير، فأمَّا البلاذري الكبير فهو أحمد بن يحيى، صاحب "التاريخ الكبير"، حافظ أخباريّ علّامة، أدرك عفَّان بن مسلم ومَنْ بعده، يعد من طبقة أبي داود صاحب السنن.

‌3221 - ابن دُحَيْم

(2)

:

الشيخ الثقة المسند الفاضل، محدِّث الكوفة، أبو جعفر محمد بن علي بن دُحَيْم، الشيباني الكوفي.

سمع من إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار، وإبراهيم بن أبي العنبس القاضي، وأبى عمرو أحمد بن غرزة الغفاري وجماعة.

حدَّث عنه الحاكم، وأبو بكر بن مردويه، والقاضي أبو بكر الحيري، ومحمد بن علي بن خشيش التميمي، وأبو منصور الظفر بن محمد العلوي، وزيد بن أبي هاشم العلويّ، والقاضي جناح بن نذير المحاربي، وعدة.

وحديثه يقع في تصانيف البيهقي، وفي الثقفيات، وكان أحد الثقات.

عاش إلى سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وما وجدت وفاته بعد، ثم وجدت ابن حماد الكوفي ورَّخَ سنة اثنتين وخمسين أنه حدَّث في آخرها، وقال: كان صالحًا صدوقًا، قليل المعرفة، وسماعه في كتب أبيه.

‌3222 - شُجَاع

(3)

:

الشيخ المعمر العالم الواعظ، مسند بغداد في وقته، أبو الفوارس شجاع بن جعفر البغدادي، الورَّاق.

سمع: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعباسًا الدوري، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وعبد الله بن شبيب الربعي، وأحمد بن ملاعب، وكان آخر من حدَّث من مشايخه.

حدَّث عنه أبو حفص الكتاني، وهلال الحفَّار، وعلي بن داود، وأبو علي شاذان.

وعمَّر دهرًا طويلًا. توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

وآخر من روى حديثه عاليًا الشهاب الحجّار في جزء النجاد.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 350"، واللباب لابن الأثير "1/ 193"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 860"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 349".

(2)

ترجمته في العبر "2/ 293"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 334".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 253"، والعبر "2/ 298"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 22".

ص: 147

‌3223 - ابن أبي العَقَب

(1)

:

الشيخ الإمام، محدِّث دمشق، أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر بن زامل الهمداني الدمشقي، عرف بابن أبي العَقَب.

سمع أبا زرعة النصري، والقاسم بن موسى بن الأشيب، وأحمد بن المعلَّى، وأنس بن السلم، والحسن بن جرير الصوري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، لقيه في الحج.

وتلا لعاصم على أحمد بن نصر بن شاكر. قرأ عليه مظفّر بن أحمد الدينوري.

وروى عنه ابن منده، وتمام الرازي، وأبو نصر بن هارون، وعبد الواحد بن مشماش، وعبد الرحمن بن ياسر الجوبري، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأبو العباس بن الحاج، وخلق أخرهم موتًا أبو الحسن بن السمسار.

وله نظم وفضيلة.

مات في ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة، عن اثنتين وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 298"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 339".

ص: 148

‌3224 - ابن الورد

(1)

:

الثقة، أبو محمد، عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد بن زنجويه البغدادي، ثم المصري، رواي السيرة.

حدَّث عن: عبد الرحمن بن البرقي، ويحيى بن أيوب العلَّاف، ويوسف بن يزيد القراطيسي، ومحمد بن عمرو بن خالد، وعدة.

وعنه: ابن منده، وأبو محمد بن النحاس، وأبو محمد بن أبي زيد الفقيه، ومحمد بن الفضل بن نظيف، وإبراهيم بن عليّ الغازي، وآخرون.

مات في ثامن رمضان سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، قاله يحيى ابن الطحان.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 292"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 8".

ص: 148

‌3225 - الشافعيّ

(1)

:

محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه، الإمام المحدِّث المتقِن الحجَّة الفقيه، مسند العراق، أبو بكر البغدادي الشافعيّ البزاز، السفَّار، صاحب الأجزاء الغيلانيات العالية.

مولده بجبُّل في سنة ستين ومائتين عام مولد الطبراني.

وأوَّل سماعه في سنة ست وسبعين ومائتين، فسمع من موسى بن سهل الوشَّاء، صاحب ابن علية، ومن محمد بن شداد المسمعي صاحب يحيى القطان، ومن محمد بن أحمد بن أبي العوام، وأبى قلابة الرقاشي، ومن محمد بن مسلمة الواسطي، والحارث بن أبي أسامة التميمي، ومحمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن إسماعيل السلمي الترمذي، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبى بكر بن أبي الدنيا، وعبد الله بن روح المدائني، ومحمد بن ربح البزاز، وعلي بن الحسن بن عبدويه الخزاز، وأبي الأحوص بن الهيثم القاضي، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن الفرج الأزرق، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وأحمد بن محمد البرتي القاضي، وجعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، وجعفر بن محمد بن كزال، والحسن بن سلَام السواق، وأحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي، وأبى مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، وإبراهيم بن دنوقا، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وأحمد بن سعيد الجمال، وإسحاق بن الحسن الحربي، سمع منه "الموطأ"، وبشر بن موسى الأسدي، وعيسى بن عبد الله زَغَاث، ومحمد بن أحمد بن برد الأنطاكي، ومحمد بن الجهم السمري، ومحمد بن سليمان الباغندي، وموسى بن الحسن الجلاجلي، ومضر بن محمد الأسدي، وموسى بن هارون الحمَّال، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والحسن بن علي المعمري، ومحمد بن عثمان العبسي، وخلق كثير.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 456"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 32"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 849"، والعبر "2/ 301".

ص: 149

وكَتَبَ كُتبَ الشافعي الجديدة عن الفقيه أبي بكر أحمد بن جون الفرغاني صاحب الربيع.

وقد رتَّب شيخنا أبو الحجاج شيوخ أبي بكر الشافعي على الحروف، لكنه اقتصر على من له عنه رواية في الغيلانيات، فذكرت هنا كبارهم.

وآخر من روى حديثه عاليًا أبو حفص بن طبرزد، بينه وبينه رجلان؛ أبو القاسم بن الحصين، عن أبي طالب بن غيلان، عنه. ومن فاتته "الغيلانيات" و"القطيعيات"، وجزء الأنصاري، نزل حديثه درجة، ثم لم يجد شيئًا أعلى من حديث البغوي، ثم ابن صاعد، ومن فاته حديث هذين نزل إلى حديث المحاملي والأصم وإسماعيل الصفار راوي جزء ابن عرفة.

طال عمر أبي بكر الشافعي، وتفرَّد بالرواية عن جماعة، وتزاحم عليه الطلبة؛ لإتقانه وعلوّ إسناده.

حدَّث عنه: الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وأبو عبد الله بن منده، وأبو بكر بن مردويه، وأبو سعيد النقاش، ومحمد بن عمر النرسي، وأبو علي بن شاذان، وأحمد بن عبد الله المحاملي، وأبو القاسم بن بشران، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والفضل بن عبيد الله بن شهريار التاجر، وطلحة بن الصقر الكتاني، ومكي بن علي الحريري، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأحمد بن محمد بن النمط، والحسين بن علي بن بطحاء، وعبد الغفار بن محمد المؤدّب، وعثمان بن دوست العلاف، والحسن بن دوما النعالي، وعبد الباقي بن محمد الطحان، وأبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان، وخلق سواهم. وكان يتردَّد إلى البلاد في التجارة.

وسمع بمصر والشام والجزيرة وغير ذلك.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا، كثير الحديث، حسن التصنيف، جمع شيوخًا وأبوابًا، حدثني أبو الحسن بن مخلد أنه رأى مجلسًا أملاه أبو بكر في حياة أبي محمد بن صاعد.

قال حمزة السهمي: سُئِلَ الدارقطني عن أبي بكر الشافعي فقال: ثقة جَبَل، ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه.

وقال الدارقطني: أخبرنا أبو بكر الثقة المأمون الذي لم يغمز بحال.

قلت: قد انتقى عليه الدارقطني رباعياته في جزء كبير سمعناه، وكانت وفاته في شهر ذي الحجة سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وهو أول من وقع ذكره

ص: 150

في "تاريخ مصر" للحافظ الإمام قطب الدين عبد الكريم بن منير الحلبي -فسَّح الله في مدته- ابتدأه بمن اسمه محمد بن عبد الله تبركًا باسم النبي صلى الله عليه وسلم.

قرأت على أبي العباس أحمد بن عبد الحميد بن قدامة، أخبركم الإمام موفّق الدين عبد الله بن قدامة في صفر سنة ثمان عشرة وست مائة، أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر النرسي سنة 426، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا محمد بن صادق، حدثنا مالك بن مغول، سمعت أبا حصين قال: قال أبو وائل: لما قَدِم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره، فقال: اتهموا الرأي، لقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت، والله ورسوله أعلم، ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا في أمر يفظعنا إلَّا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر، ما نسد منه خضمًا إلَّا انفجر علينا خضم ما ندري كيف نأتي له.

أخرجه البخاري، عن الحسن بن إسحاق المروزي، عن ابن سابق، فوقع بدلًا عاليًا.

ومات معه أبو الحسن نعيم بن عبد الملك بن محمد بن عدي الاستراباذي، ومقرئ العراق أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم البغدادي، والحافظ أبو حاتم بن حبان، وأبو العباس محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي أخو أبي بكر، وشاعر العصر أبو الطيب أحمد ابن حسين الكوفي المتنبي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عطية بن الحداد، توفي بتنِّيس.

ص: 151

‌3226 - ابن بُنْدار

(1)

:

المحدِّث الصادق، أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بُنْدار بن ناجية بن سدوس المديني الأصبهاني.

سمع أسيد بن عاصم الثقفي، وأحمد بن مهدي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، لقيه بمكة.

حدَّث عنه: عبد الله بن عمر السكري، وعلي بن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم، وآخرون.

مات سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 86"، والعبر "2/ 298".

ص: 151

‌3227 - الفاكهي

(1)

:

الإمام أبو محمد، عبد الله بن محمد بن العباس المكي، الفاكهيّ.

سمع أبا يحيى بن أبي مسرة، فكان آخر من حدَّث عنه.

روى عنه الحاكم، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، ومحمد بن أحمد بن الحسن البزاز، شيخ للبيهقي، وأبو القاسم بن بشران، وآخرون.

وله تصانيف في أخبار مكة.

توفِّي سنة ثلاث وخمسين أيضًا.

‌3228 - الرافقي

(2)

:

المحدّث أبو الفضل، العباس بن محمد بن نصر بن السري الرافقي، نزيل مصر.

سمع هلال بن العلاء، وحفص بن عمر سنجة، ومحمد بن محمد الجذوعي، وجماعة.

وعنه: أبو محمد بن النحاس، ومحمد بن نظيف، وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي، وآخرون.

مات في سنة ست وخمسين وثلاث مائة.

قال يحيى بن علي الطحان: تكلموا فيه.

‌3229 - القالي

(3)

:

العَلَّامة اللغوي، أبو علي، إسماعيل بن القاسم بن هارون بن عيذون البغدادي القالي، صاحب كتاب "الأمالي في الأدب".

وُلِدَ سنة ثمانين ومائتين، وأخذ العربية عن ابن دريد، وأبي بكر بن الانباري، وابن درستويه، ونفطويه، وطائفة.

وسمع من أبي يعلى بالموصل، ومن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وعلي بن سليمان الأخفش.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 298"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 13".

(2)

ترجمته في العبر "2/ 304"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 19".

(3)

ترجمته في العبر "2/ 304"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 18".

ص: 152

وتلا على أبي بكر بن مجاهد لأبي عمرو، ثم تحوَّل إلى الأندلس، ونشر بها علمه، دخلها في سنة ثلاثين وثلاث مائة، ففرح به صاحبها الناصر الأموي، وصنَّف له ولولده المستنصر تصانيف، وكان يدري كتاب سيبويه، قد بحثه على ابن درستويه، وأملى كتاب "النوادر".

وله كتاب "المقصور والمدود"، وكتاب "الإبل"، وكتاب "الخيل"، و"البارع في اللغة" في بضعة عشر مجلدًا، لكنه ما تَمَّمَه.

وولاؤه لبني مروان، ولهذا هاجر إلى المروانية، وعظم عندهم، وتواليفه مهذبة.

أخذ عنه الله بن الربيع التميمي، وأبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي، وأحمد بن أبان بن سعيد، وطائفة.

توفِّي بقرطبة في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مائة.

والقالي نسبة إلى قرية "قاليقلا" من أعمال منازكرد، من إقليم أرمينية، رافق ناسًا من تلك القرية، فعرف بذلك تلقيبًا، وشُهِرَ به.

ص: 153

‌3230 - أبو السائب

(1)

:

قاضي القضاه أبو السائب، عتبة بن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله، الهمذاني الشافعي الصوفي.

كان أبوه تاجرًا بهمذان، وإمام مسجد، فاشتغل هو وتصوّف أولًا، وتزهِّد، وسافر وصحب الجنيد والعلماء.

وروى عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وغيره، وعني بفهم القرآن، وكتب الحديث، والفقه، ثم ذهب إلى مراغة، واتَّصل بابن أبي الساج الأمير، فولي القضاء له، ثم بَعُدَ صيته، وقُلّد قضاء ممالك أذربيجان، ثم ولي قضاء همذان، ثم قدم بغداد، وتوصل، وازدادت عظمته، وقُلِّدَ قضاء العراق في سنة ثمان وثلاثين، فهو أول شافعي ولي قضاء بغداد، وعاش ستًا وثمانين سنة.

مات في ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 320" والمنتظم لابن الجوزي "7/ 5"، والعبر "2/ 287".

ص: 153

‌3231 - الحبيبي

(1)

:

المحدِّث المعمّر، أبو أحمد علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حبيب الحبيبي المَرْوَزيّ.

حدَّث عن سعيد بن مسعود، وعمَّار بن رجاء، وسهل بن المتوكل، وعبد العزيز بن حاتم.

وعنه: ابن منده، والحاكم، ومنصور بن عبد الله الذهلي، ومحمد بن أحمد غنجار.

قال الحاكم: يكذب مثل السكر، الحسنويّ أحسن حالًا منه.

قلت: مات في رجب سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وهو في عشرة المائة.

‌3232 - ابن قاج

(2)

:

الإمام المحدّث، أبو الحسين أحمد بن قاج بن عبد الله البغدادي الوراق.

لا يوصف ما سمعه كثرة.

سمع إبراهيم بن هاشم البغوي، والباغندي، وابن جرير، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن رزقويه، وأبو طالب بن غيلان، وآخرون.

وكان ثقة متقنًا، ذكر الخطيب أنه ورث سبع مائة دينار، فاشترى بمجموعها كاغدًا في صفقة، ومكث دهرًا يكتب فيه الحديث رحمه الله.

مات سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

‌3233 - أبو عمرو الصغير

(3)

:

هو الحافظ الإمام الرحَّال، أبو عمرو محمد بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري النحوي، ويعرف بالصغير.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 53"، واللباب لابن الأثير "1/ 339"، وميزان الاعتدال "3/ 155"، ولسان الميزان "4/ 258".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 355".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 277".

ص: 154

قال الخليلي: هو نيسابوريّ حافظ، سمع أبا يعلى الموصلي، وحامد بن شعيب، وابن قتيبة العسقلاني.

قلت: وأبا القاسم البغوي، وعبد الله بن شيرويه، صاحب إسحاق، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا عروبة الحراني، وابن أبي داود، وطبقتهم. وُلِدَ سنة تسع وثمانين ومائتين.

وذكره الحاكم، وقال: لقد كان كثيرًا في العلوم والعدالة؛ لأنهما كانا أبوي عمرو، ولا يزايلان مجلس ابن خزيمة، وهذا الأصغر، فكان ابن خزيمة يقول: أبو عمرو الصغير، فبقي عليه. رحل به أبو علي الحافظ إلى العراق، والجزيرة والشام، إلى أن قال: وتوفِّي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.

قلت: هو من شيوخ الحاكم، قال الخليلي: سمعت الحاكم يقول: كان فقيهًا أديبًا ورعًا، صاحب حديث، وهو كبير كبير، فإني سمعت أحمد بن محمد، سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: قلت لأبي: وسألته عن إبراهيم بن موسى الرازي الصغير، فقال: يا بني، لا تقل صغير، هو كبير هو كبير هو كبير. ثم قال الحاكم: هذا مثل ضربته لأبي عمرو. ثم قال الخليلي: مات سنة نيف وستين وثلاث مائة. قلت: بل الصحيح ما تقدَّم.

ص: 155

‌3234 - الإسفراييني

(1)

:

المحدِّث الثقة الرحال، أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق بن أزهر الإسفراييني، والد أبي نُعَيْم.

رحل به خاله أبو عوانة الحافظ، وسمع من أبي بكر بن رجاء، والكجي وابن الضريس، وعبد الله بن أحمد، ويوسف القاضي، وأبي خليفة، وخلق. وعنه الحاكم، وقال: كان محدِّث عصره، ومن أجود الناس أصولًا.

قلت: حدَّث عنه: علي بن محمد بن علي الإسفراييني، وعبد الرحمن بن محمد بن بالويه، وجماعة.

مات في شعبان سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 372".

ص: 155

‌3235 - ابن فحلون

(1)

:

الشيخ الثقة الإمام، أبو عثمان سعيد بن فحلون الأندلسي، الإلبيري، رواي كتاب "الواضحة" لعبد الملك بن حبيب، عن يوسف المغامي عنه، وسمع من بقيّ بن مخلد، وابن وضَّاح، ومطرف بن قيس، وحجَّ فأخذ عن النسائي، وأحمد بن محمد بن رشدين.

حدَّث عنه خلق، منهم: يحيى بن عبد الله بن عيسى الليثي، والمعمر حسين بن عبد الله البجاني، وكان صدوقًا زعر الخلق.

توفِّي في رجب سنة ست وأربعين وثلاث مائة، وله أربع وتسعون سنة.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 318".

ص: 156

‌3236 - أبو عليّ النيسابوري

(1)

:

الحافظ الإمام العلامة الثبت، أبو علي الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري، أحد النقاد.

وُلِدَ في سنة سبع وسبعين ومائتين.

وأوَّل شيء سمعه في سنة أربع وتسعين.

روى عن إبراهيم بن أبي طالب، وعلي بن الحسين، وعبد الله بن شيرويه، وجعفر بن أحمد الحافظ، وابن خزيمة، وأحمد بن محمد الماسرجسي، وطبقتهم بنيسابور، وعن الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السامي بهراة، وأبي خليفة الجمحي، وزكريا الساجي بالبصرة، ومحمد بن نصير، وطبقته بأصبهان، ومحمد بن جعفر القتّات، وعدة بالكوفة، وعبدان الجواليقي بالاهواز، والحسن بن سفيان بنَسَا، والحسن بن الفرج الغزي بغزة، وعمران بن موسى بن مجاشع بجرجان، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي يعقوب المنجنيقي بمصر، وأبي يعلى بن المثنَّى بالموصل، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وهو أقدم شيخ له، وأحمد بن يحيى الحلواني بحلوان، وعبد الله بن ناجية، ومحمد بن حبان ببغداد، وخلق كثير بمدائن خراسان، وبالحرمين، ومصر، والشام، والعراق، والجزيرة، والجبال.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 71"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 396"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 869"، والعبر "2/ 281"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 324"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 380".

ص: 156

وكان في أيام الحداثة يتعلَّم في الصاغة، فنصحه بعض العلماء لما شاهد فرط ذكائه، وأشار عليه بطلب العلم، فهشَّ لذلك، وأقبل على الطلب.

حدَّث عنه: ابن منده، والحاكم، وأبو طاهر بن محمش، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعدة. وقد حدَّث عنه الإمامان أبو بكر الصبغي، وأبو الوليد حسان بن محمد، وهما أكبر منه.

وتلمذ له: الحاكم، وتخرج به، وقال: هو واحد عصره في الحفظ والإتقان، والورع، والمذاكرة والتصنيف، سمع إبراهيم بن أبي طالب، ثم سرد شيوخه.

وعن أبي الحافظ قال: رحلت إلى هراة في سنة خمس وتسعين، وحضرت أبا خليفة الجمحي، وهو يهدد وكيلًا ويقول: تعوّد يا لكع، فقال: لا أصلحك الله، فقال: بل أنت لا أصلحك الله، قم عني.

قال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبًا بأبي يعلى الموصلي وبإتقانه، وقال: كان لا يخفى عليه شيء من حديثه إلَّا اليسير، ولولا اشتغاله بسماع كتب القاضي أبي يوسف من بشر بن الوليد الكندي؛ لأدرك بالبصرة أبا الوليد الطيالسي، وسليمان بن حرب.

قال الحاكم: كان أبو علي باقعة في الحفظ لا تطاق مذكراته، ولا يفي بمذكراته أحد من حفَّاطنا، وقد خرج إلى بغداد ثاني مرة في سنة عشر وثلاث مائة، وقد صنَّف وجمع، فأقام ببغداد، وما بها أحد أحفظ منه إلَّا أن يكون الجعابي، فإني سمعت أبا علي يقول: ما رأيت ببغداد أحفظ من الجعابي، وسمعت أبا علي يقول: كتب عني أبو محمد بن صاعد غير حديث في المذاكرة، وكتب عني ابن جوصا بدمشق جملة.

قال الحافظ أبو بكر بن أبي دارم: ما رأيت ابن عقدة يتواضع لأحد من الحفَّاظ كما يتواضع لأبي علي النيسابوري.

قال الحاكم: وسمعت أبا علي يقول: اجتمعت ببغداد مع أبي أحمد العسال، وأبي إسحاق بن حمزة، وأبي طالب بن نصر، وأبي بكر الجعابي، وأبي أحمد الزيدي، فقالوا لي: أملَّ من حديث نيسابور مجلسًا، فامتنعت، فما زالوا بي حتى أمليت عليهم ثلاثين حديثًا، فما أجاب واحد منهم في حديث منها سوى ابن حمزة في حديث واحد.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عند أبي علي النيسابوري، فقال: إمام مهذَّب.

ص: 157

قال الخليلي: سمعت الحاكم يقول: لست أقول تعصبًا؛ لأنه أستاذي -يعني: أبا علي، ولكن لم أر مثله قط.

وقال الخليلي: قال ابن المقرئ الأصبهاني: إني لأدعو له في أدبار الصلوات، كنت اتبعه في شيوخ مصر والشام.

ثم قال الخليلي: سمعت من يحكي عن أبي علي قال: دققت على ابن عقدة بابه فقال: من قلت: أبو علي النيسابوري الحافظ، قال: فلمَّا ذاكرني قال: أنت الحافظ، قلت: نعم، قال: لعلك تحفظ ثيابك، فلمَّا رجعت من الشام لقيته فذاكرته، فقال: أنت والله اليوم الحافظ، قد غلبتني.

قال الحاكم: سمعته يقول: كنت أختلف إلى الصاغة، وفي جوارنا فقيه كرامي يُعْرَف بالولي، أخذت عنه مسائل، فقال لي أبو الحسن الشافعي: لا تضيع أيامك، فقلت: إلى مَنْ أختلف، قال: إلى إبراهيم بن أبي طالب، فأتيته سنة أربع وتسعين، فلمَّا رأيت شمائله وسمته وحسن مذاكرته للحديث حلا في قلبي، فحدَّث يومًا عن محمد بن يحيى، عن إسماعيل بن أبي أويس، فقال لي رجل: اخرج إلى هراة، فإنَّ بها من يحدِّث عن إسماعيل، فوقع ذلك في قلبي، فخرجت إلى هراة سنة 95.

قلت: رحل أيضًا ثانيًا إلى العراق وحجَّ مرتين.

أنبأني مسلم بن محمد، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي، أخبرنا أخي أبو الحسين، سمعت أبا طاهر السلمي، سمعت غانم بن أحمد، سمعت أحمد بن الفضل الباطرقاني، سمعت أبا عبد الله بن منده، سمعت أبا علي النيسابوري، وما رأيت أحفظ منه يقول: ما تحت أديم السماء أصحّ من كتاب مسلم.

قال عبد الرحمن بن منده: سمعت أبي يقول: ما رأيت في اختلاف الحديث والإتقان أحفظ من أبي علي النيسابوري.

وقال القاضي أبو بكر الأبهري: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول لأبي علي النيسابوري: مَنْ إبراهيم، عن إبراهيم، عن إبراهيم، فقال: إبراهيم بن طهمان، عن إبراهيم بن عامر البجلي، عن إبراهيم النخعي، فقال: أحسنت يا أبا عليّ.

قال الحاكم: كان أبو علي يقول: ما رأيت في أصحابنا مثل أبي بكر الجعابي، حيَّرني حفظه، فحكيت هذا للجعابي، فقال: يقول أبو علي هذا، وهو أستاذي على الحقيقة?!

ص: 158

قال أبو علي: قدمت بغداد فدخلت على الفريابي، وقد قطع الرواية، فبكيت بين يديه، فما حدثني، ورأيته حسرة.

قال الحاكم: مات أبو علي في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

قلت: عاش ثنتين وسبعين سنة، ولم يخلف بخراسان مثله.

قال أبو علي: أستأذنت ابن خزيمه في الخروج إلى العراق سنة ثلاث وثلاث مائة، فقال: توحشنا مفارقتك يا أبا علي، فقد رحلت وأدركت العوالي، وتقدَّمت في الحفظ، ولنا فيك فائدة، فما زلت به حتى أذن لي، وقال أبو علي: قال لي ابن خزيمه: لقد أصبت في خروجك، فإنَّ الزيادة على حفظك ظاهرة، ثم إن أبا عليّ صنَّف وجمع.

أخبرنا محمد بن حازم المقدسي، أخبرنا محمد بن غسان، وأخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد، وأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا مكرم بن محمد، قالوا: أخبرنا سعيد بن سهل الفلكي، أخبرنا علي بن أحمد المؤذّن، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أخبرنا الحسين بن علي الحافظ، أخبرنا محمد بن علي بن الحسن الرقي، حدثنا سليمان بن عمرو الرقي، حدثنا ابن علية، حدثنا روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلَّا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلَّا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل".

(1)

قال الحاكم: سألت أبا علي عن الحسن بن الفرج الغزي فقال: ما كان إلَّا صدوقًا. قلت: إن أهل الحجاز يذكرون أنَّه سمع بعض الموطأ، فحدَّث بالكلّ فقال: ما رأينا إلَّا الخير، قرأ علينا الموطأ من أصل كتابه.

قال الحاكم: سمعت أبا عمرو الصغير يقول: نزلنا الخان بدمشق، فأتى ابن جوصا زائرًا لأبي علي الحافظ، فنزل عن البغلة، وأظهر الفرح، وذاكره أبا علي، وأخذ منه جمعه "كتاب

(1)

صحيح: أخرجه الطيالسي "2441"، وابن أبي شيبة "10/ 122، 124"، وأحمد "2/ 314، 377، 423، 439، 475، 482، 502، 528"، ومسلم "21""34، 35"، وأبو داود "2640"، والترمذي "2606"، والنسائي "6/ 6 - 7"، "7/ 77، 78، 79"، وابن ماجه "3927"، والدارقطني "1/ 231 - 232"، "2/ 89"، وابن منده "23"، "26"، "27"، "28"، 199"، "200"، وابن الجارود "1032"، والبغوي "31"، "32" والبيهقي "1/ 196"، "3/ 92"، "8/ 19، 196"، "9/ 182" من طرق عن أبي هريرة به.

ص: 159

عبد الله بن دينار، ثم حملناه إلى منزله، ثم اجتمع جماعة من الرحالة؛ منهم: الزبير الأسداباذي، ونقموا على ابن جوصا أحاديث، فقال أبو علي: لا تفعلوا، هذا إمام قد جاز القنطرة، فبلغ ذلك ابن الجوصا، فما بالي بهم، بل كان يهاب أبا علي، فبعث بوكيله إلى أبي عليّ بعشرين دينارًا، فقال: يا أبا علي، ينبغي أن تسافر، فإنَّ السلطان قد طلبك، فخرج وخرجنا معه.

قال الحاكم: سمعت أحمد بن محمد يقول: راسله ابن جوصا بأنَّه قد أُنْهِيَ إلى السلطان أنَّك استصحبت غلامًا حدثًا، وإن أباه قد خرج في طلبه، يعني: أبا عمرو الصغير.

أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الفارسي، وسنقر بن عبد الله الزيني قالا: أخبرنا علي بن محمود، أخبرنا أبو طاهر بن سلفة، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاءً، أخبرنا أبو علي الحسين بن علي، حدثنا عبد الصمد بن سعيد الحمصي، حدثنا الحسين بن خالد، عن محمد بن زياد، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغلق الرهن".

(1)

أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا جعفر الهمداني وجماعة قالوا: أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن حبيب، أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، حدثنا الفضل بن أحمد المروزي -ثقة، حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ، حدثنا الجُدّي، حدثنا شعبة عمرو بن دينار، حدثني يزيد بن جعدبة، عن عبد الرحمن بن مخراق، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله خلق ريحًا في الجنة بعد الريح بسبع سنين، بينكم وبينها باب، الذي يصيبكم من الريح، ما يخرج من خلل ذلك الباب، ولو فتح لأذرت ما بين السماء والأرض، اسمها عند الله الأرنب، وهي عندكم الجنوب"

(2)

غريب، ويقع لنا عاليًا بدرجتين من حديث المحاملي.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل""6/ 232" من طريق خالد بن سعيد الطائي ابن أخت ابن عوف، حدثنا محمد بن زياد الأسدي، به.

وقال ابن عدي في إثره: "وهذا حديث منكر بهذا الإسناد، وإنما يروي مالك هذا الحديث في "الموطأ" عن الزهري، عن سعيد، عن النبي مرسلًا. وقد روي عن مالك، عن الزهري، عن أنس، وهذا باطل".

قلت: إسناد ابن عدي واهٍ بمرة، آفته محمد بن زياد الأسدي، منكر الحديث عن الثقات -كما قال ابن عديّ، وللحديث شاهد عن أبي هريرة: أخرجه ابن ماجه "2441" حدثنا محمد بن حميد، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.

قلت: إسناده واهٍ، آفته محمد بن حميد، وهو الرازي الحافظ، قال البخاري: فيه نظر. وكذَّبه أبو زرعة.

وقال الكوسج: أشهد أنه كذَّاب. وقال ابن خراش: كان والله يكذب. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال صالح جزرة: ما رأيت أحذق بالكذب من ابن حميد، ومن ابن الشاذكوني.

(2)

منكر: في إسناده يزيد بن جُعْدُبَة، وعبد الرحمن بن مخراق، مجهولان؛ لذا فقد ذكرهما ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ولم يذكر فيهما جرحًا ولا تعديلًا. ومتن الحديث ظاهر النكارة لكل من له نظر واطلاع في دواوين السنة المشَرَّفة.

ص: 160

‌3237 - ابن مروان

(1)

:

المحدِّث الرئيس، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مران القرشي الدمشقي، الذي انتخب عليه ابن منده ثلاثين جزءًا.

سمع: أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأبا علاثة المصري، وأحمد بن إبراهيم البسري، وإسماعيل بن قيراط، وخياط السنة، وأنس بن السلم، وعدة.

وعنه: ابن منده، وتَمَّام، وحوي بن علي، وعبد الوهاب الميداني، وأبو الحسن بن السمسار، وآخرون، وأملى مجالس.

قال الكتاني: كان ثقة مأمونًا جوادًا، مات في شوال سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

قلت: وأبوه أبو إسحاق من أصحاب الحديث.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 311"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 27".

ص: 161

‌3238 - النَّضْرِيّ

(1)

:

الإمام الصَّادق المعمّر القاضي، أبو العباس عبد الله بن الحسين بن الحسن بن أحمد بن النضر بن حكيم النضري المروزي، قاضي مرو ومسندها.

قَدِمَ بغداد، وسمع من: الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن إسماعيل الترمذيّ، وجماعة، وكان أبوه قد سمع من عباس الدوري، وأبي داود السجستاني حدَّث عن أبي العباس الحاكم، وأبو غانم الكراعي المروزي وجماعة.

عمَّر طويلًا، وعاش سبعًا وتسعين سنة، توفي في شعبان سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، وفيها توفي أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي بمصر، وأبو الحسن أحمد بن القاسم بن كثير بن الريان اللكي، والحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي، والمتقي لله، وناصر الدولة بن حمدان، وحمزة الكناني، وعبد الرحمن بن العباس، والد المخَلِّص، وعمر البصري المحدث، وأبو عبد الله بن محرم، وأبو علي بن آدم الفزاري، وأبو سليمان محمد بن الحسين الحراني.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 308"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 20"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 24".

ص: 161

‌3239 - ابن مُحرم

(1)

:

الإمام المفتي المعمر، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد البغدادي الجوهري، عرف بابن محرم، من أعيان تلامذة ابن جرير.

سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، ومحمد بن يوسف بن الطباع، والكديمي، وطبقتهم.

وعنه: ابن رزقويه، وابن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.

قال الدارقطني: لا بأس به.

وقال ابن أبي الفوارس: لم يكن بذاك.

قلت: مات في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، على ثلاث وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 320"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 45"، والعبر "2/ 309"، وميزان الاعتدال "3/ 462"، ولسان الميزان "5/ 51"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 20"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 26".

ص: 162

‌3240 - الشَّعَّار

(1)

:

الإمام الفقيه البارع المحدِّث، مسند أصبهان، أبو عبد الله أحمد بن بندار بن إسحاق الأصبهاني الشَّعَّار الظاهري.

سمع إبراهيم بن سعدان، وعبيد بن الحسن الغزَّال، ومحمد بن زكريا، وعمير بن مرداس، وأبا بكر بن أبي عاصم، وطائفة.

حدَّث عنه: أبو بكر بن مردويه، وعلي بن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي، وأبو سعيد النقاس، وأبو نعيم الحافظ أبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفَّار، وجماعة.

قال أبو نعيم: درس المذهب على أبي بكر بن أبي عاصم، وسمع كتبه، وكان ثقة، ظاهري المذهب، توفي في ذي القعدة سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، عن نيف وتسعين سنة.

أخبرنا أحمد بن المعلم، أخبرنا بن خليل، أخبرنا مسعود الجمال، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن بندار، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا سليمان بن كران، حدثنا عمر بن صهبان، عن ابن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اطلبوا الخير عند حسان الوجوه" إسناده ليِّن

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 151"، والعبر "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 28".

(2)

بل موضوع: ورد عن أبي هريرة: عند ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج"، والدارقطني في "الأفراد" من طريق يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن عمران بن أبي أنس، عنه مرفوعًا به.

قلت: إسنده تالف، فيه علتان؛ الأولى: الانقطاع بين عمران وأبي هريرة، فبَيْنَ وفاتَيْهِمَا نحو ثمان وخمسين سنة، والثانية: النوفلي -ضعيف، قال الذهبي في "الضعفاء والمتروكين": ضَعَّفُوه.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء""2/ 321" من طريق محمد بن الأزهر البلخي، قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة به مرفوعًا.

قلت: إسناده تالف أيضًا، آفته عبد الرحمن بن إبراهيم، وهو القاصّ البصري، ضعَّفه الدارقطني. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقويّ.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط""6117"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان""2/ 246"، من طريق طلحة بن عمرو قال: سمعت عطاء، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.

قلت: إسناده واهٍ بمرة، آفته عطاء بن عمرو، فإنه متروك.

ص: 162

‌3241 - أبو عليٍّ الطَّبَرِيّ

(1)

:

الإمام شيخ الشافعية، الحسن بن القاسم، علق التعليقة عن أبي علي بن أبي هريرة، وصنَّف "المحرر في النظر"، وهو أوَّل كتاب صُنِّفَ في الخلاف المجرَّد، وصنَّف "الإفصاح في المذهب" وألَّف في الجدل، ودرَّس في بغداد بعد شيخه أبي علي، ومات كهلًا في سنة خمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 87"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 160"، والعبر "2/ 286"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 328".

ص: 163

‌3242 - الأنباري

(1)

:

الشيخ المعمّر، مسند بغداد، أبو بكر بن أبي أحمد البندار، واسمه: محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم بن عمران الأنباري.

وقع لابن خليل جزءان مشهوران من عواليه.

مولده في شوال سنة سبع وستين ومائتين.

وسمع في حداثته من أحمد بن الخليل البُرْجُلاني، ومحمد بن أحمد بن أبي العوَّام الرياحي، وجعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، ومحمد بن إسماعيل الترمذيّ، وجماعة، فكان آخر من حدَّث عنهم.

روى عنه: ابن سميكة وأبو عليّ بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ، وأبو بكر البرقاني، وابن داود الرزاز، ومحمد بن أبي إسحاق المزكي، وبُشْرَى بن مسيس الفاتني، وآخرون.

قال الخطيب: سألت البرقاني عنه فقال: كان سماعه صحيحًا بخط أبيه، وقال ابن أبي الفوارس: انتقى عليه عمر البصري، وكان قريب الأمر فيه بعض الشيء، وكان له أصول جياد بخط أبيه.

توفِّي فجأة يوم عاشوراء سنة ستين وثلاث مائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 150"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 55"، والعبر "2/ 316"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 62"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 31".

ص: 164

‌3243 - البُرُوجردي

(1)

:

الشيخ المعمر الخطيب، أبو العباس أحمد بن محمد بن صالح.

نزل بغداد، وروى جزءًا عن إبراهيم بن ديزيل، فكان خاتمة أصحابه.

روى عنه: هلال الحفَّار، ومحمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن محمد السواق.

بقي إلى شوال سنه ثمان وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 38"، والأنساب للسمعاني "2/ 175".

ص: 164

‌3244 - الطُّومَارِيّ

(1)

:

الشيخ المحدِّث المعمَّر، مسند العراق، أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد الجريجي الطوماري البغدادي، من ذرية فقيه مكة ابن جريج، وكان هو قد شهر بصحبة ابن طومار الهاشمي فنُسِبَ إليه، مولده في أول سنة اثنتين وستين ومائتين.

طلب الحديث وأكثر، وحدَّث عن الحارث بن أبي أسامة، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى، ومحمد بن يونس الكُدَيْمي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، ومحمد بن أحمد بن البراء، وكان يذكر أنَّ عنده عن أحمد بن أبي خَيْثَمَة "تاريخه".

حدَّث عنه: ابن رزقويه، وعلي بن عبد الله العيسوي، وابن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.

قال ابن الفرات الحافظ: لم يكن بذاك، حدَّث من غير أصول في آخر أمره.

وقال ابن أبي الفوارس: كان يذكر أنَّ عنده تاريخ ابن أبي خيثمة، وكتب ابن أبي الدنيا، ولم يكن له أصول، وكان يحفظ حكايات، وقيل: إنه قرئ عليه "الكامل" للمبرد من غير كتابه، مات في صفر سنة ستين وثلاث مائة.

قلت: عاش ثمانيًا وتسعين سنة وأيامًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 176"، والأنساب للسمعاني "8/ 267"، واللباب لابن الأثير "2/ 289"، والعِبَر "2/ 316"، وميزان الاعتدال "3/ 322"، ولسان الميزان "4/ 404"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 61"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 30".

ص: 165

‌3245 - الرازي:

العارف كبير الطائفة، أبو محمد عبد الله بن محمد الحيري، المشهور بالرازي، تلميذ الزاهد أبي عثمان الحيري.

رحل وروى عن أحمد بن نجدة، ويوسف القاضي، وأبى عبد الله البوشنجي، وعدة، وصحب الجنيد، والكبار، وطوَّف وتجرَّد وتقدَّم، وكان ثقة.

روى عنه: الحاكم، والسُّلَمِي، وأبو عليّ بن حُمْشَاد.

قال السلمي: هو أجلّ شيخ رأيناه من القوم وأقدمهم، قد صحب الحكيم الترمذي، وكان يرجع إلى فنون من العلم.

توفي في سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

ص: 165

‌3246 - محمد بن الحسن

(1)

:

ابن الحسين بن منصور، الحافظ المفيد، الإمام الحجة، أبو الحسن النيسابوري، التاجر، أحد الأعلام كأبيه وعمه عبدوس بن الحسين.

سمع: محمد بن أيوب الرازي، وأبا عبد البوشنجي، ومحمد بن عمرو قشمرد، وأبا عمر القَتَّات، ويوسف القاضي، وطبقتهم بخراسان، والجبال، والعراق.

وجمع وصنَّف، وكان موصوفًا بالصدق والضبط والبذل للطلبة، صنَّف كتابًا على رسم إمام الأئمة ابن خزيمة.

ذكره الحاكم وعظَّمه، وقال: سمعته يقول: عندي عن ابن ناجية، والقاسم المطرز، ألف جزء وزيادة، وسرت إلى بخارى سنة خمس عشره وثلاث مائة، وكتبوا عنِّي، وحدَّث عنِّي أبي وعمي.

قال عبد الله بن سعد الحافظ: كتبت عن أبي الحسن بن منصور أكثر من ألف حديث استفدتها منه.

قال الحاكم: وقد انتخب عليه أبو علي الحافظ مع تقدُّمه مائتي جزء، ورأيت مشايخنا يتعجَّبون من حسن قراءة أبي الحسن للحديث.

كُفَّ بصره في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، وتوفِّي في سنة خمس وخمسين وثلاث مائة رحمه الله.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن القاسم بن الصفَّار، أخبرنا جدِّي عمر بن أحمد، أخبرنا ابن خلف، أخبرنا أبو عبد الله الحاكم، أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسن، حدَّثنا ابن ناجية، حدَّثنا نصر بن علي، ومحمد بن موسى الحرشي قالا: حدَّثنا حمَّاد بن عيسى، حدَّثنا حنظلة، سمعت سالمًا، عن أبيه، عن عمر:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مَدَّ يديه في الدعاء لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه"

(2)

.

أخرجه الحاكم في مستدركه فلم يصب، حمَّاد ضعيف.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 853"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 17".

(2)

ضعيف: فيه حَمَّاد بن عيسى الجهنِّي، ضعَّفه أبو داود، وأبو حاتم، والدارقطني، والحديث عند الحاكم "1/ 536"، والترمذي "3383"، وابن ماجه "3866".

ص: 166

‌3247 - ابن الأَحْمَر

(1)

:

محدِّث الأندلس، ومسندها الثقة، أبو بكر محمد بن معاوية بن عبد الرحمن بن معاوية بن إسحاق بن إسحاق بن عبد الله بن معاوية ابن الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي المرواني القرطبي، المعروف بابن الأحمر، من بيت الإمرة والحشمة.

سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وغيره، وارتحل سنة خمس وتسعين، فسمع من أبي خليفة الجمحي بالبصرة، ومن إبراهيم بن شريك، ومحمد بن يحيى المروزي، وجعفر الفريابي ببغداد، ومن أبي عبد الرحمن النسائي، وأبى يعقوب المنجنيقي بمصر.

وجال ووصل إلى الهند تاجرًا، وكان يقول: رجعت من الهند وأنا أقدر على ثلاثين ألف دينار، ثُمَّ غَرِقْتُ وما نجوت إلَّا سباحة لا شيء معي. ثم رجع إلى الأندلس، وجلب إليها "السنن الكبير" للنسائي، وحمل الناس عنه.

وكان شيخًا نبيلًا ثقة معمرًا.

روى عنه: محمد بن عبد الله بن حكم، ومحمد بن إبراهيم بن سعيد، وجماعة، آخرهم موتًا عبد الله بن ربيع، ويونس بن عبد الله بن مغيث.

توفي في رجب سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، وقد قارب التسعين رحمه الله.

وفيها مات أبو عمر محمد بن العباس بن كوذك، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان القرشي، كلاهما بدمشق، والحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي ببغداد، وزيد بن أبي بلال المقرئ، ومحمد بن عدي الصابوني بسجستان.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 312"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 27".

ص: 167

‌3248 - ابن خَلَّاد

(1)

:

الشيخ الصدوق المحدث، مسند العراق، أبو بكر أحمد بن يوسف بن خَلَّاد بن منصور النصيبي، ثم البغدادي العطَّار.

سمع: محمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة وأكثر عنه، ومحمد بن يوسف الكديمي، ومحمد بن غالب التمتام، وإبراهيم الحربي، وعدة، وتَفَرَّد عن سائرهم.

روى عنه: الدارقطني، وابن رزقويه، وهلال الحفَّار، وأبو عليّ بن شاذان، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.

قال الخطيب: كان لا يعرف شيئًا من العلم، غير أن سماعه صحيح، وقد سأل أبا الحسن الدارقطني فقال: أيما أكبر؛ الصاع أو المد؟ فقال للطلبة: انظروا إلى شيخكم.

وقال أبو نعيم: كان ثقة.

وكذا وثَّقه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وقال: لم يكن يعرف من الحديث شيئًا.

قلت: فمن هذا الوقت، بل وقبله، صار الحفَّاظ يطلقون هذه اللفظة على الشيخ الذي سماعه صحيح بقراءة متقن وإثبات عدل وترخَّصوا في تسميته بالثقة، وإنما الثقة في عرف أئمة النَّقد كانت تقع على العدل في نفسه، المتقن لما حمله، الضابط لما نقل، وله فهم ومعرفة بالفن، فتوسَّع المتأخرون.

مات ابن خلاد في صفر سنة تسع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 220"، والعبر "313"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 28".

ص: 168

‌3249 - الخيام

(1)

:

الشيخ المحدّث الكبير، أبو صالح، خلف بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن نصر البخاري الخيام، كان بُنْدَار الحديث بما وراء النهر.

حدَّث عن صالح بن محمد جزرة، ونصر بن أحمد الكندي، وحامد بن سهل وموسى بن أفلح، ومحمد بن علي بن عثمان، وعمر بن هناد، وفرح بن أيوب، ومشايخ بلده، ولم يرحل.

روى عنه: الحاكم، وابن منده، ومحمد بن أحمد غُنْجَار، وأبو سعد عبد الرحمن بن الإدريسي، وغَمَزَه ولَيِّنَه وما تركه.

عاش ستًا وثمانين سنة، توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 226"، واللباب لابن الأثير "1/ 475"، وميزان الاعتدال "1/ 662"، ولسان الميزان "2/ 404"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 39".

ص: 168

‌3250 - ابن عُمَارة

(1)

:

الشيخ المسند؛ أبو الحارث، أحمد بن محمد بن عمارة بن أحمد الليثي الكناني، مولاهم الدمشقي.

سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا السِّجْزي خياط السنة، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وأحمد بن إبراهيم بن البُسْرِي، وطبقتهم، وكان واسع الرواية.

حدَّث عنه: أبو الحسين بن جُمَيْع، وتَمَّام الرازي، وأبو العباس بن الحاج، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وعبد الوهاب الميداني، وآخرون.

ما علمت فيه قدحًا.

توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وقد قارب التسعين.

‌3251 - الوَضَّاحِيّ

(2)

:

شاعر وقته، أبو عبد الله، محمد بن الحسن بن يحيى بن حَسَّان بن الوَضَّاح الأنباري الوضَّاحي التاجر، نزيل نيسابور.

سمع من: القاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد.

أخذ عنه: الحاكم، وقال: توفي ببخارى في رمضان سنة خمس وخمسين وثلاث مائة، له نظم في الذروة، مات في الكهولة.

‌3252 - الطَّرَازي

(3)

:

الإمام المحدث العالم، أبو عمرو سعيد بن القاسم بن العلاء البرذعي، ثم الطرازي.

سكن طراز من بلاد تركستان، ثم حَجَّ بأخرة.

وحدَّث عن: محمد بن حبان بن أزهر، ومحمد بن يحيى بن منده، وعبد الله بن الحسين الشاماتي، ومحمد بن جعفر الكرابيسي، وعدة.

وعنه: الدارقطني، وأبو علي بن فضالة الرازي، وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وآخرون.

قال أبو نعيم الأصبهاني: كان أحد الحفَّاظ، حدَّثنا عنه محمد بن إسماعيل الورَّاق ببغداد.

وقال الحاكم: جاء نعيه في سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.

قلت: سقت له حديثًا في التذكرة.

وفيها مات: أبو بحر البَرْبَهَارِيّ، وشيخ الحنفية أبو جعفر محمد بن عبد الله البلخي الهنداوني، وأبو عمر محمد بن موسى بن فضالة، وشاعر الأندلس محمد بن هانئ المارق، وأبو الحسن ثابت بن سنان الصابئ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي، وإسماعيل بن عبد الله بن ميكال الأمير.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 327"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 40".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 241"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 35"، واللباب لابن الأثير "3/ 369"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 13".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 110"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 62"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 889"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 41".

ص: 169

‌3253 - الرَّامَهُرْمُزَّي

(1)

:

الإمام الحافظ البارع، محدِّث العجم، أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الفارسي الرامهرمزي القاضي، مصنِّف كتاب "المحدِّث الفاصل بين الراوي والواعي" في علوم الحديث، وما أحسنه من كتاب! قيل: إن السلفي كان لا يكاد يفارق كمَّه، يعني: في بعض عمره.

سمع أباه، ومحمد بن عبد الله مطينًا الحضرميّ، وأبا حصين الوادعي، ومحمد بن حَيَّان المازني، وأبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وأبا شعيب الحراني، والحسن بن المثنَّى العنبري، وعبيد بن غنام، ويوسف بن يعقوب القاضي، وزكريا الساجي، وجعفر بن محمد الفريابي، وموسى بن هارون، وعمر بن أبي غيلان، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وعبدان الأهوازي، وأبا القاسم البغوي، فمن بعدهم، وأوَّل طلبه لهذا الشأن في سنة تسعين ومائتين، وهو حَدَث، فكتب وجمع وصنَّف، وساد أصحاب الحديث، وكتابه المذكور ينبئ بإمامته.

حدث عنه: أبو الحسين محمد بن أحمد الصيداوي في معجمه، والحسن بن الليث

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 52"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "9/ 5"، واللباب لابن الأثير "2/ 10"، والعبر "2/ 321"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 870"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 30".

ص: 170

الشيرازي، وأبو بكر محمد بن موسى بن مردويه، والقاضي أحمد بن إسحاق النهاوندي، وآخرون.

لم أظفر بترجمته كما ينبغي، وأظنّه بقي إلى بعد الخمسين وثلاث مائة.

وكان أحد الأثبات، إخباريًّا شاعرًا، له كتاب "ربيع المتيم في أخبار العُشَّاق"، وكتاب "الأمثال" سمعناه، وكتاب "النوادر"، وكتاب "رسالة السفر"، وكتاب "الرُّقَا والتَّعَازِي"، وكتاب "أدب الناطق" وقد ذكر أبو القاسم بن منده في "الوفيات" له، أنه عاش إلى قريب الستين وثلاث مائة بمدينه رامَهُرْمز.

سمعنا كتابه "المحدث الفاصل" من أبي الحسين علي بن محمد، عن جعفر بن علي، عن السلفي، عن أبي الحسين بن الطيوري، عن أبي الحسن الفالي، عن القاضي أبي عبد الله النهاوندي عنه، ويقع لنا حديثه أعلى من هذا.

فأخبرنا عمر بن عبد المنعم بن عمر غير مرة، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي في سنة تسع وست مائة، وأنا حاضر، أخبرنا الشيخ جمال الإسلام عليّ بن المسلَّم، أخبرنا الحسين بن طلاب الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد الغساني، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بالرامهرمز، حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان، حدثنا عبد الله بن حفص البراد، حدَّثنا يحيى بن ميمون، حدثنا أبو الأشهب العطاردي، عن الحسن، عن أبي أيوب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا أيوب، ألَا أدلك على عمل يرضاه الله عز وجل؟ أصلح بين الناس إذا تفاسدوا، وحبب بينهم إذا تباغضوا".

يحيى بن ميمون بصري سكن بغداد، تركه الدارقطني مع أنَّ أبا داود خرَّج له في سننه. مات قبل وكيع.

ص: 171

‌3254 - الأسيوطي

(1)

:

المحدّث الإمام، أبو علي، الحسن بن الخضر بن عبد الله الأسيوطي.

يروي عن النسائي سننه، وعن أبي يعقوب المنجنيقي، وجماعة.

روى عنه ابن نظيف، ويحيى بن علي بن الطحان، وأبو القاسم بن بشران، وآخرون.

مات في ربيع الأول سنة إحدى وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 263"، واللباب لابن الأثير "1/ 61"، والعبر "2/ 324"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 39".

ص: 171

‌3255 - السَّلِيطي

(1)

:

الشيخ المحدِّث الصدوق، أبو الحسن، محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة التميمي السليطي النيسابوري.

ذكره الحاكم فقال: من أهل بيت ثروة، كثير السماع.

سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، وجعفر بن أحمد الترك، وخشنام بن بشر، وإبراهيم بن علي الذهلي، وحجَّ على كِبَرِ السن، وأكثر عنه العراقيون.

توفِّي في المحرم سنة أربع وستين وثلاث مائة، وله اثنتان وتسعون سنة.

قلت: روى عنه الحاكم، وأبو سعد الماليني، ومحمد بن أحمد الجارودي.

أخبرنا الحسن بن الخلَّال، أخبرنا عبد الله بن اللتي، أخبرنا عبد الأول الماليني، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الحافظ إملاءً، أخبرنا محمد بن عبد الله السليطي، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان، حدثنا قتادة، حدثنا أنس، أن رجلًا قال: يا نبي الله، كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال:"إن الذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه"

(2)

.

وقع هذا لنا عاليًا في مسند عبد بن حميد، عن يونس بهذا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 459"، والأنساب للسمعاني "7/ 120"، والعبر "2/ 334"، وميزان الاعتدال "3/ 613"، ولسان الميزان "5/ 238"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 109"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 49".

(2)

صحيح أخرجه أحمد (3/ 229)، والبخاري (4760)، ومسلم (2806).

ص: 172

‌3256 - جُمَح

(1)

:

ابن القاسم بن عبد الوهاب، المحدث الثقة، أبو العباس الجُمَحي الدمشقي، المؤذِّن، ابن أبي الحواجب.

حدَّث عن: عبد الرحمن بن الروَّاس، وأبى قصي إسماعيل العذري، وأحمد بن بشر الصوري، وإبراهيم بن دحيم، وعدة.

روى عنه: ابن منده، وتمام الرازي، وأبو نصر بن الحبان، ومكي بن الغمر، وعبد الوهاب الميداني، ومحمد بن عبد السلام بن سعدان، وقال محمد بن عوف المزني: سألته عن مولده فقال: سنة ثمان وسبعين ومائتين.

وقال الكتَّاني: كان ثقة نبيلًا، انتقى عليه ابن منده.

مات في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 230"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 45".

ص: 172

‌3257 - أبو نصر القاضي

(1)

:

هو قاضي القضاة، أبو نصر يوسف ابن قاضي القضاة عمر ابن قاضي القضاه أبى عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل، ابن حافظ البصرة حَمَّاد بن زيد الأزدي المالكي، ثم الداوودي البغدادي.

ولد سنة خمس وثلاث مائة.

ولي بعد أبيه، وكان من أجود القضاة، وَرِعًا، حاذقًا بالأحكام، تامّ الهيئة، متفنِّنًا، بارع الأدب، ثم عزل بعد موت الراضي بالله.

قال ابن حزم: تحوَّل إلى مذهب داود وصنَّف فيه، وكان من الفصحاء البلغاء، ولي القضاء وله عشرون سنة، وكتب بالقضاء إلى نوَّابه بمصر والشام، ودام أربع سنين، ثم صرف بأخيه الحسين، وهو القائل:

يا محنة الله كفي

إن لم تكفي فخفي

ذهبت أطلب بختي

وجدته قد توفي

وهو القائل في رسالة: ولسنا نجعل مَنْ تصديره في كتبه ومسائله: يقول ابن المسيب والزهري، وربيعة، كمن تصديره في كتبه: يقول الله ورسوله، والإجماع، هيهات!

توفِّي سنة ست وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 322"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 42".

ص: 173

‌3258 - ابن شعبان

(1)

:

العلّامة أبو إسحاق، شيخ المالكية، واسمه: محمد بن القاسم بن شعبان بن محمد بن ربيعة العماري المصري، من ولد عمَّار بن ياسر، ويعرف بابن القُرْطي نسبةً إلى بيع القُرْط.

له التصانيف البديعة، منها: كتاب "الزاهي" في الفقه، وهو مشهور، وكتاب "أحكام القرآن"، و"مناقب مالك" كبير، وكتاب "المنسك" وأشياء.

وكان صاحب سُنَّة واتِّبَاع، وباعٌ مديدٌ في الفقه، مع بصرٍ بالأخبار وأيام الناس، مع الورع والتقوى وسعة الرواية.

رأيت له تأليفًا في تسمية الرواة عن مالك، أوله: الحمد لله الحميد، ذي الرشد والتسديد، والحمد لله أحق ما بُدِي، وأَوْلَى من شُكِر، الواحد الصمد، جلَّ عن المثَل، فلا شبه له ولا عدل، عال على عرشه، فهو دان بعلمه، وذكر باقي الخطبة، ولم يكن له عمل طائل في الرواية.

قال ابن حزم: حدَّثنا أحمد بن إسماعيل الحضرمي، حدثنا محمد بن أحمد بن خلاص، حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان، حدثني إبراهيم بن عثمان، فذكر حديثًا واهيًا، ثم قال ابن حزم: ابن شعبان في المالكية نظير عبد الباقي بن قانع في الحنفية، فإمَّا تغيّر حفظهما، وإمَّا اختلطت كتبهما.

وقال القاضي عياض: كان ابن شعبان رأس المالكية بمصر، واحفظهم للمذهب، مع التَّفَنُّن، لكن لم يكن له بصر بالنحو.

قلت: وممن روى عنه خلف بن القاسم بن سهلون، وعبد الرحمن بن يحيى العطار، وآخرون.

مات في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 100"، واللباب لابن الأثير "3/ 26"، وميزان الاعتدال "4/ 14"، ولسان الميزان "5/ 348".

ص: 174

‌3259 - التُّجِيبِي

(1)

:

العلَّامة شيخ المالكية بقرطبة، أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم بن مسرة التُّجِيبي، مولاهم الكَتَّاني الطليطلي، نزيل قرطبة، فقيه قدوة، ورع صالح، له حانوت في الكتّان، أقرأَ الفِقْهَ.

وروى عن محمد بن لبابة، وأحمد بن خالد الحافظ، صنَّف كتاب "النصائح" المشهور.

قال ابن عفيف: كان من أهل العلم والفهم والعقل والدين المتين والزهد والبعد من السلطان، لا تأخذه في الله لومة لائم.

وقال ابن الفرضيّ: كان أبو إبراهيم حافظًا للفقه، صدرًا في الفتيا، وقورًا مهيبًا، لم يكن له بالحديث كبير علم، وله كتاب "معالم الطهارة"، وكان الحَكَمُ أمير المؤمنين معظِّمًا له، وإذا دخل عليه مَدَّ رجليه، ويعتذر بشيخه، فيقول: أقعد كيف شئت، وكان صليبًا قليل الهيبة للملوك، اغتاب الحَكَم رجلًا فسكت أبو إبراهيم ونكَّس برأسه، فأقصر الحَكَم وفهم، وقد راوده على أن يأتيه بولده أحمد وهو صبيّ، فقال: لا يصلح الآن لذلك.

توفِّي أبو إبراهيم سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة، وسيعاد.

(1)

ترجمته في الديباج المذهب لابن فرحون المالكي "1/ 296".

ص: 175

‌3260 - ابن الحدَّاد

(1)

:

المحدِّث الحجَّة، أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية بن الحداد الأسدي الزبيري، مولاهم البغدادي، نزيل تِنِّيس.

سمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وعبد الرحمن بن الروّاس، وأنس بن السلم، وبكر بن سهل، ويوسف القاضي.

وعنه: ابن جهضم، وعبد الغني الأزدي، وابن النحاس، وابن نظيف الفرَّاء، وآخرون.

وثَّقه الخطيب.

توفِّي سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وله أربع وثمانون سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 17"، والعبر "2/ 299".

ص: 175

‌3261 - ابن أبي روبا

(1)

:

المحدِّث، أبو محمد، عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن نصر بن أبي روبا البغدادي السقطي المعدّل.

سمع: محمد بن غالب التمتام، ومحمد بن سليمان الباغندي، وإسحاق بن الحسن الحربيّ، وأبا شعيب الحرَّاني.

حدَّث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرزاز، وعبد الله بن يحيى السكري، وطلحة الكتَّاني، ومحمد بن طلحة النعالي، وأبو عليّ بن شاذان.

وثَّقه أبو بكر البركاني.

مات سنة ست وخمسين وثلاث مائة.

‌3262 - سَنَقَة

(2)

:

المحدّث، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن بشر البغدادي السَّقَطِي سَنَقَة.

سمع الكُدَيْمي، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن علي البَرْبَهَاري، وجماعة.

وعنه: الدارقطني، وابن أبى الفوارس، وابن رزقويه، وعبد الله بن يحيى السكري، وطلحة بن الصقر، ومحمد بن طلحة النعالي.

كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، ووثَّقه البرقاني وأثْنَى عليه.

توفِّي في ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاث مائة، عن سبع وثمانين سنة.

‌3263 - ابن سَلْم

(3)

:

الرجل الصالح، أبو الفتح، عمر بن جعفر بن محمد بن سَلْم الخَتْلِيّ، ثم البغداديّ.

سمع الحارث بن أبى أسامة والكُدَيْمي، وإبراهيم الحربي، وبشر بن موسى، ومعاذ بن المثنَّى.

روى عنه: ابن رزقويه، وأبو نصر بن حَسْنُون، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وطلحة الكَتَّاني، وعبد العزيز السُّتوري، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقة صالحًا. مولده سنة إحدى وسبعين ومائتين، وتوفِّي سنة ست وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 124"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 40"، والعبر "2/ 305".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 304"، والأنساب "7/ 92"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 40".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 243"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 40"، والعبر "2/ 307".

ص: 176

‌3264 - أخوه الحُجَّة

(1)

:

أبو بكر أحمد بن محمد بن سَلْم، وُلِدَ نحو سنة ثمانين.

وسمع أبا مسلم الكَجِّي، وعبد الله بن أحمد، وأحمد بن علي الأبار، وإدريس الحدَّاد، وطائفة.

وعنه: الدارقطني، وابن أبي الفوارس، والبرقاني، وأبو نعيم، وآخرون.

وكان أحد علماء بغداد، كتب من القراءات والتفاسير أمرًا كثيرًا.

قال الخطيب: كان صالحًا ثقة ثبتًا. وُلِدَ سنة ثمان وسبعين ومائتين.

توفِّي سنة خمس وستين وثلاث مائة.

‌3265 - وأخوهما محمد الأوسط

(2)

:

حدَّث عن جماعة. ذكره الخطيب، والله أعلم.

‌3266 - أبو إسحاق بن حمزة

(3)

:

الحافظ الإمام الحجة البارع، محدِّث أصبهان، إبراهيم ابن المحدِّث محمد بن حمزة بن عمَّارة الأصبهاني.

وُلِدَ سنة بضع وسبعين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 71"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 81"، والعِبَر "2/ 335".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 146".

(3)

ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 199"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 873"، والعبر "2/ 296"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 337"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 12".

ص: 177

وسمع: أبا خليفة الفضل بن الحُبَاب، وطبقته بالبصرة، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله الحضرميّ، وعدة بالكوفة، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا شعيب الحرَّاني، وابن ناحية، والفريابي، وطبقتهم ببغداد، وأحمد بن يحيى بن زهير التُّسْتَرِي، وخلقًا كثيرًا.

حدَّث عنه: أبو عبد الله بن منده، وأبو سعيد النقاش، وأبو بكر بن مردويه، وأبو بكر بن أبى علي، وعلي بن يحيى بن عبدكويه، وأبو نعيم، وآخرون.

قال أبو نعيم: كان أوحد زمانه في الحفظ، لم ير بعد ابن مظاهر في الحفظ مثله، جمع الشيوخ والمسند، قال: وجدّهم عمارة هو ابن حمزة بن يسار بن عبد الرحمن بن حفص، وحفص هذا هو أخو أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة.

قال الحافظ ابن منده: لم أر أحدًا أحفظ من أبى إسحاق بن حمزة.

وقال أبو جعفر بن أبي السَّري: سمعت أبا العباس بن عقدة يقول: ما رأيت مثل ابن حمزة في الحفظ.

وقال أبو عبد الله الحاكم: كان في عصرنا جماعة قد بلغ المسند المصنف على التراجم لكل واحد منهم ألف جزء، منهم: أبو إسحاق بن حمزة، والحسين بن محمد الماسَرْجِسي.

قال أبو نعيم: مات في سابع رمضان سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

قلت: عاش ثمانين سنة أو نحوًا منها.

أخبرنا أحمد بن محمد الآنمي غير مرة، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود بن أبى منصور، وأجاز لنا أحمد بن سلامة، عن مسعود، أخبرنا أبو عليّ المقرئ، أخبرنا أبو نعيم، سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمد، سمعت أبا خليفة، سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم، سمعت محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليخرجنَّ رجال من المدينة رغبة عنها، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون".

(1)

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 302، 464" من طريق محمد بن زياد، به.

وأخرجه مسلم "1381" حدَّثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز "يعني: الدراوردي" عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه. هَلُمَّ إلى الرخاء هَلُمَّ إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعملون. والذي نفسي بيده، لا يخرج أحد رغبة عنها إلّا أخلف الله فيها خيرًا منه، ألَا إنَّ المدينة كالكير تخرج الخبيث. لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد".

ص: 178

وبه إلى أبي إسحاق بن حمزة، حدَّثنا أبو جعفر الحضرمي، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، سمعت ابن عمر، سمعت عمر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلَّا سببي ونسبي"

(1)

.

أخبرنا أبو سعيد سنقر الحلبي، أخبرنا علي بن محمود، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن عبد الغفار، أخبرنا عليّ بن أبي حامد الخَرْجَاني، حدثنا أبو إسحاق بن حمزة، أخبرنا عبد الله بن زيدان، حدثنا عبَّاد بن يعقوب، حدثنا محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، أنه صعد المنبر فسلَّم ثم قال:"إن خير هذه الأمَّة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته"

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 463" من طريق أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنَّ عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم، فذكره في حديث طويل، وهو إسناد ضعيف؛ لإعضاله بين محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب.

وأخرجه الحاكم "3/ 142" من طريق معلَّى بن راشد، حدثنا وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، أن عمر خطب إلى علي رضي الله عنه أم كلثوم، فذكره في حديث طويل، وإسناده ضعيف؛ لإعضاله بين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب.

وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""6/ 182" من طريق الليث بن سعد القيسي، عن موسى بن علي بن رباح اللخمي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، عن عمر، به.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية""2/ 34" من طريق جعفر بن سليمان النوفلي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدَّثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، به.

(2)

صحيح لغيره: وهذا إسناد واهٍ بمرة، فيه ثلاث علل؛ الأولى: محمد بن الفرات، أبو علي التميمي كذَّبه أحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وقال أبو داود: روى عن محارب بن دثار أحاديث موضوعة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال النسائي: متروك، والعلة الثانية: الحارث هو ابن عبد الله الأعور الهمداني، ضعيف. والعلة الثالثة: أبو إسحاق، وهو عمر بن عبد الله الهمداني السبيعي، مدلّس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

وقد أخرجه بنحوه البخاري "3671" حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد، حدثنا أبو يعلى، عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: "أيّ الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم مَنْ؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان. قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلّا رجل من المسلمين".

ص: 179

قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب "معرفة مزكي الأخبار": كان أبو إسحاق بن حمزة يفي بمذاكرة مسانيد الصحابة ترجمة ترجمة، اعترف له بالتفرّد بحفظ المسند أبو بكر الجِعَابي، وأبو علي النيسابوري، ومشايخنا، وسألت أبا عبد الله بن منده عن وفاته فقال: سنة تسع وخمسين وثلاث مائة. قلت: الأصح سنة ثلاث -كما تقدَّم.

قال الحاكم: سمعت أبا القاسم الداركي الفقيه يقول: جمع الصاحب إسماعيل بن عبَّاد حفاظ بلدنا بأصبهان: العسال أبا أحمد، وأبا القاسم الطبراني، وأبا إسحاق بن حمزة، وغيرهم، وحضرت، وكان قد قَدِمَ عليه ابن الجِعَابي، فأخذوا في مذاكرة الأبواب، ثم ثنُّوا بذكر تراجم الشيوخ، فظهر العجز في كل منهم عن حفظ أبى إسحاق بن حمزة ومذاكرته.

قال الحاكم: وسمعت أبا علي الحافظ يقول: كان أبو عبيد بن حربويه انصرف من قضاء مصر فقَدِمَ بغداد، وكان يروي عن أبى الأشعث، وعمر بن شبة، ونحوهما، ثم إنه ارتقى إلى الرواية عن بندار، ومحمد بن المثنى، فلمَّا قَدِمَ حدَّث عن أبي الربيع الزهراني، وإبراهيم بن الحجاج الساميّ، وكان إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهاني مختصًّا به، فقال لي إبراهيم: إن أبا عبيد قال: عزمت على أن أحدِّث عن أبي الوليد الطيالسي، والحوضي قال: فقلت: الله الله أيها القاضي، فإنا نرجم.

قلت: قد كان ابن حربويه هذا جريئًا على الكذب.

وفيها توفّي: أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفرجة الأصبهابي، ومقرئ بغداد؛ بكار بن أحمد بن بكار؛ أبو عيسى البغدادي، ومسند بغداد أبو الفوارس شجاع بن جعفر الواعظ، والمحدّث أبو محمد عبد الله بن محمد بن العباس الفاكهي المكي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن خروف بمصر، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي، وأبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، وجعفر بن محمد بن الحكم الواسطي.

ص: 180

‌3267 - الجِعَابي

(1)

:

الحافظ البارع العلامة، قاضي الموصل، أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي البغدادي الجِعَابي.

مولده في صفر سنة أربع وثمانين ومائتين.

وسمع من: محمد بن يحيى المروزي، ويوسف بن يعقوب القاضي، ويحيى بن محمد الحنائي، وأبي خليفة الفضل بن الحُبَاب، ومحمد بن حِبَّان بن الأزهر، ومحمد بن الحسن بن سَماعة، وعبد الله بن محمد البَلْخِيّ، وجعفر بن محمد الفريابي، وعبد الله بن ناجية، وأبي بكر الباغندي، وقاسم المطرز، وطبقتهم، وتخرَّج بالحافظ ابن عقدة، وبرع في الحفظ، وبلغ فيه المنتهى.

حدَّث عنه: أبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وابن رزقويه، وابن منده، والحاكم، ومحمد بن الحسين بن الفضل القطان، والقاضي أبو عمر الهاشمي البصريّ، وخلق؛ آخرهم موتًا: أبو نعيم الحافظ، أخذ عنه لما قَدِمَ عليهم أصبهان.

قال أبو علي النيسابوري: ما رأيت في المشايخ أحفظ من عبدان، ولا رأيت في أصحابنا أحفظ من أبي بكر بن الجِعَابي، وذاك أني حسبته من البغداديين الذين يحفظون شيخًا واحدًا أو ترجمة واحدة، أو بابًا واحدًا، فقال لي أبو إسحاق بن حمزة يومًا: يا أبا علي، لا تغلط، ابن الجعابي يحفظ حديثًا كثيرًا، قال: فخرجنا يومًا من عند ابن صاعد فقلت: يا أبا بكر، أيش أسند سفيان عن منصور؟ فمَرَّ في الترجمة فما زلت أجُرُّه من حديث مصر إلى حديث الشام إلى العراق إلى أفراد الخراسانيين، وهو بجيب، إلى أن قلت: فأيش روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وأبي سعيد بالشركة؟ فذكر بضعة عشر حديثًا فحيّرني حفظه.

قال ابن الفضل القطان: سمعت ابن الجعابي يقول: دخلت الرقة، وكان لي ثَمَّ قَمِطْران كتب، فجاء غلامي مغمومًا وقد ضاعت الكتب، فقلت: يا بني، لا تغتمّ، فان فيها مائتي ألف حديث، لا يشكل عليَّ حديث منها، لا إسناده ولا متنه.

قال أبو عليّ التنوخي: ما شاهدنا أحدًا أحفظ من أبي بكر بن الجِعَابي، وسمعت من

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 26"، والأنساب للسمعاني "3/ 263"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 36" والعبر "2/ 302"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 881"، وميزان الاعتدال "3/ 670"، ولسان الميزان "5/ 322"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 12"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 17".

ص: 181

يقول: إنه يحفظ مائتي ألف حديث، ويجيب في مثلها، إلَّا أنه كان يفضّل الحفَّاظ بأنه كان يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفَّاظ يتسمَّحون في ذلك، وكان إمامًا في معرفة العلل والرجال وتواريخهم، وما يطعن على الواحد منهم، لم يبق في زمانه من يتقدمه.

أنبأني المسلم بن محمد، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني الحسن بن محمد الأشقر، سمعت أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، سمعت ابن الجعابي يقول: أحفظ أربع مائة ألف حديث، وأذاكر بست مائة ألف حديث.

قال أبو القاسم التنوخي: تقلَّد ابن الجعابي قضاء الموصل، فلم يحمد في ولايته.

ونقل الخطيب عن أشياخه أنَّ ابن الجعابي كان يشرب في مجلس ابن العميد.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن الجعابي فقال: خلط، وذكر مذهبه في التشيع، وكذا نقل أبو عبد الله الحاكم عن الدارقطني قال: وحدَّثني ثقة أنه خلى ابن الجعابي نائمًا، وكتب على رجله، قال: فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسه الماء.

قال الأزهري: إن ابن الجعابي لما مات أوصى بأن تحرق كتبه فأحرقت، فكان فيها كتب للناس، فحدثني أبو الحسين أنه كان له عنده مائة وخمسون جزءًا، فدهبت في جملة ما أحرق.

وقال مسعود السِّجْزي: حدثنا الحاكم، سمعت الدارقطني يقول: أخبرت بعلة الجعابي، فقمت إليه، فرأيته يحرق كتبه، فأقمت عنده حتى ما بقي منه سينه، ومات من ليلته.

أبو ذر الحافظ: سمعت أحمد بن عبدان الحافظ يقول: وقع إليَّ جزء من حديث الجعابي، فحفظت منه خمسة أحاديث، فأجابني فيها، ثم قال: من أين لك هذا؟ قلت: من جزئك، قال: إن شئت ألق عليّ المتن وأجيبك في إسناده، أو ألق عليَّ الإسناد وأجيبك في المتن.

قال الخطيب: سمعت ابن رزقويه يقول: كان ابن الجعابي يمتلئ مجلسه، وتمتلئ السكة التي يملي فيها، والطريق، ويحضر الدارقطني، وابن المظفر، ويملي من حفظه.

قال أبو علي الحافظ: قلت لابن الجعابي: قد وصلت إلى الدينور، فلا أتيت نيسابور، قال: هممت به، ثم قلت: أذهب إلى قوم عجم لا أفهم عنهم ولا يفهمون عني?! قال الحاكم: قلت للدارقطني: يبلغني عن الجعابي أنه تغيِّر عمَّا عهدناه، قال: وأي تغير? قلت: بالله هل أتهمته? قال: إي والله، ثم ذكر أشياء، فقلت: وضح لك أنه خلط في الحديث. قال: إي والله. قلت: هل اتهمته حتى خفت المذهب? قال: ترك الصلاة والدين.

ص: 182

وقال محمد بن عبيد الله المسبحي: كان ابن الجعابي المحدّث قد صحب قومًا من المتكلمين، فسقط عند كثير من أصحاب الحديث، وصل إلى مصر، ودخل إلى الإخشيذ، ثم مضى إلى دمشق، فوقفوا على مذهبه، فشردوه، فخرج هاربًا.

قال ابن شاهين: دخلت أنا وابن المظفر والدارقطني على ابن الجعابي وهو مريض، فقلت له: من أنا؟ قال: سبحان الله، ألستم فلانًا وفلانًا؛ سمانا فدعونا، وخرجنا فمشينا خطوات، فسمعنا الصائح بموته، ورأينا كتبه تَلَّ رماد.

قال الأزهري: كانت سكينة نائحة الرافضة تنوح في جنازته.

وقال أبو نعيم: قَدِمَ الجعابي أصبهان، وحدَّث بها في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة.

أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا أبو المكارم التيمي، أخبرنا أبو عليّ الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن عمر بن سلم، حدثنا محمد بن النعمان، حدثنا هدبة، حدثنا حزم بن أبي حزم، سمعت الحسن يقول:"بئس الرفيق الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك".

قلت: مات في رجب سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.

ص: 183

‌3268 - ابن حِبَّان

(1)

:

الإمام العلامة الحافظ المجوّد، شيخ خراسان، أبو حاتم، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سهيد بن هدية بن مرة بن سعد بن يزيد بن مرة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، التميمي الدارمي البستي، صاحب الكتب المشهورة.

ولد سنة بضع وسبعين ومائتين.

وأكبر شيخ لقية أبو خليفة الفضل بن الحباب الجُمَحي، سمع منه بالبصرة، ومن زكريا الساجي، وسمع بمصر من أبي عبد الرحمن النسائي، وإسحاق بن يونس المنجنيقي، وعدة، وبالموصل من أبي يعلى أحمد بن علي، وبنسا من الحسن بن سفيان، وبجرجان من عمران بن موسى بن مجاشع السختياني، وببغداد من أحمد بن الحسن بن عبد الجبار

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 209"، واللباب لابن الأثير "1/ 151"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 879"، وميزان الاعتدال "3/ 506"، ولسان الميزان "5/ 112"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 342"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 16".

ص: 183

الصوفي وطبقته، وبدمشق من جعفر بن أحمد، ومحمد بن خُرَيْم، وخلق، وبنيسابور من ابن خزيمة، والسراج، والماسرجسي، وبعسقلان من محمد بن الحسن بن قتيبة، وببيت المقدس من عبد الله بن محمد بن سلم، وبطبرية من سعيد بن هاشم، وبهراة من محمد بن عبد الرحمن السامي، والحسين بن إدريس، وبتُسْتَر من أحمد بن يحيى بن زهير، وبمنبج من عمر بن سعيد، وبالأبلة من أبي يعلى بن زهير، وبحران من أبي عروبة، وبمكة من المفضل الجندي، وبأنطاكية من أحمد بن عبيد الله الدارمي، وببخارى من عمر بن محمد بن بجير.

حدَّث عنه أبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الله الحاكم، ومنصور بن عبد الله الخالدي، وأبو معاذ عبد الرحمن بن محمد بن رزق الله السجستاني، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون الزوزني، ومحمد بن أحمد بن منصور النوقاتي، وخلق سواهم.

قال أبو سعد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زمانًا، وكان من فقهاء الدين، وحفَّاظ الآثار، عالمًا بالطب وبالنجوم، وفنون العلم، صنَّف المسند الصحيح -يعني: به كتاب "الأنواع والتقاسيم"، وكتاب "التاريخ"، وكتاب "الضعفاء" وفَقَّه الناس بسمرقند.

وقال الحاكم: كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه، واللغة، والحديث، والوعظ، ومن عقلاء الرجال، قَدِمَ نيسابور سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة، فسار إلى قضاء نسا، ثم انصرف إلينا في سنة سبع فأقام عندنا بنيسابور، وبنى الخانقاه، وقرئ عليه جملة من مصنفاته، ثم خرج من نيسابور إلى وطنه سجستان، عام أربعين، وكانت الرحلة إليه لسماع كتبه.

وقال أبو بكر الخطيب: كان ابن حبان ثقة نبيلًا فهمًا.

وقال أبو عمرو بن الصلاح في "طبقات الشافعية": غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته.

قال ابن حبان في أثناء كتاب "الأنواع": لعلَّنَا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ.

قلت: كذا فلتكن الهمم، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة، وكثرة التصانيف.

قال الخطيب: ذكر مسعود بن ناصر السجزي تصانيف ابن حبان فقال: "تاريخ الثقات"، "علل أوهام المؤرخين" مجلد، "علل مناقب الزهري" عشرون جزءًا، "علل

ص: 184

حديث مالك" عشرة أجزاء، "علل ما أسند أبو حنيفة" عشرة أجزاء، "ما خالف فيه سفيان شعبة" ثلاثة أجزاء، "ما خالف فيه شعبة سفيان" جزءان، "ما انفرد به أهل المدينة من السنن" مجلد، "ما انفرد به المكيون" مجيليد، "ما انفرد به أهل العراق" مجلد، "ما انفرد به أهل خراسان" مجيليد، "ما انفرد به ابن عروبة عن قتادة، أو شعبة عن قتادة" مجيليد، "غرائب الأخبار" مجلد، "غرائب الكوفيين" عشرة أجزاء، "غرائب أهل البصرة" ثمانية أجزاء، "الكنى" مجيليد، "الفصل والوصل" مجلد، "الفصل بين حديث أشعث بن عبد الملك وأشعث بن سوار" جزءان، كتاب "موقوف ما رفع" عشرة أجزاء، "مناقب مالك"، "مناقب الشافعي"، كتاب "المعجم على المدن" عشرة أجزاء، "الأبواب المتفرقه" ثلاثة مجلدات، "أنواع العلوم وأوصافها" ثلاثة مجلدات، "الهداية إلى علم السنن" مجلد، "قبول الأخبار" وأشياء.

قال مسعود بن ناصر: وهذه التواليف إنما يوجد منها النزر اليسير، وكان قد وقف كتبه في دار، فكان السبب في ذهابها مع تطاول الزمان ضعف أمر السلطان، واستيلاء المفسدين.

قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، مؤلف كتاب "ذم الكلام": سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد، سمعت أبي يقول: أنكروا على أبي حاتم بن حبان قوله: النبوة العلم والعمل. فحكموا عليه بالزندقة، هُجِرَ، وكُتِبَ فيه إلى الخليفة، فكتب بقتله.

قلت: هذه حكاية غريبة، وابن حبان مِنْ كبار الأئمة، ولسنا ندَّعي فيه العصمة من الخطأ، لكن هذه الكلمة التي أطلقها قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن يعتذر عنه، فنقول: لم يرد حصر المبتدأ في الخبر، ونظير ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"الحج عرفة"

(1)

، ومعلوم أنَّ الحاجَّ لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة حاجًّا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر مهم الحج، وكذا هذا، ذكر مهم النبوة؛ إذ من أكمل صفات النبي كمال العلم والعمل، فلا يكون أحد نبيًّا إلَّا بوجودهما،

(1)

صحيح: أخرجه الحميدي "899"، وأحمد "4/ 309 - 310، 335"، وأبو داود "1949"، والترمذي "889"، "890"، والنسائي في "المجتبى""5/ 256، 264 - 265"، وفي الكبرى "4011"، "4012"، "4050"، وابن خزيمة "2822"، من طرق عن سفيان الثوري، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلمي قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، جاء ناس، أو نفر من أهل نجد، فأمروا رجلًا فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف الحج؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا فنادى: "الحجُّ الحجُّ يوم عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فتَمَّ حجُّه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخَّر فلا إثم عليه"، واللفظ لأبي داود.

ص: 185

وليس كل من برز فيهما نبيًّا؛ لأن النبوة موهبة من الحق تعالى، لا حيلة للعبد في اكتسابها، بل بها يتولّد العلم اللدنِّي، والعمل الصالح.

وأمَّا الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كفر، ولا يريده أبو حاتم أصلًا، وحاشاه، وإن كان في تقاسيمه من الأقوال والتأويلات البعيدة، والأحاديث المنكرة عجائب، وقد اعترف أنَّ صحيحه لا يقدر على الكشف منه إلَّا من حفظه، كمن عنده مصحف لا يقدر على موضع آية يريدها منه إلَّا من يحفظه.

وقال في صحيحه: شرطنا في نقله ما أودعناه في كتابنا، ألَّا نحتج إلَّا بأن يكون في كل شيخ فيه خمسة أشياء: العداله في الدين بالستر الجميل، الثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه، الثالث: العقل بما يحدث من الحديث، الرابع: العلم بما يحيل المعنى من معاني ما روى، الخامس: تعري خبره من التدليس، فمن جمع الخصال الخمس احتججنا به.

وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت يحيى بن عمَّار الواعظ، وقد سألته عن ابن حبان فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا فأنكر الحدَّ لله، فأخرجناه.

قلت: إنكاركم عليه بدعة أيضًا، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى نصّ بإثبات ذلك ولا بنفيه، و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"

(1)

.

وتعالى الله أن يحدَّ أو يوصف إلَّا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد، بلا مثل ولا كيف، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} [الشورى: 11]

(1)

حسن لغيره: أخرجه الترمذي "2317"، وابن ماجه "3976"، والقضاعي في مسند الشهاب "192" من طريق الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به مرفوعًا، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلّا من هذا الوجه.

قلت: إسناده ضعيف؛ لضعف قرة بن عبد الرحمن، وأخرجه مرسلًا مالك "2/ 903"، ومن طريقه وكيع في "الزهد""364"، وهناد في "الزهد""1117"، والترمذي "2318"، والقضاعي "193" عن الزهري، عن علي بن حسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.

وأخرجه مرسلًا عبد الرزاق "20617"، والبيهقي في شعب الإيمان "4986" من طريق معمر، عن الزهري، به. وأخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 249" من طريق الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين مرسلًا، وأخرجه مرسلًا أحمد "1/ 201"، والطبراني في الكبير "2886" من طريق موسى بن داود، حدثنا عبد الله بن عمر، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ص: 186

قرأت بخط الحافظ الضياء في جزء علَّقَه مآخذ على كتاب ابن حبان فقال: في حديث أنس في الوصال

(1)

فيه دليل على أنَّ الأخبار التي فيها وضع الحجر على بطنه من الجوع كلها بواطيل، وإنما معناها الحُجَز، وهو طرف الرداء؛ إذ الله يطعم رسوله، وما يغني الحجر من الجوع

(2)

.

قلت: فقد ساق في كتابه حديث ابن عباس في خروج أبي بكر وعمر من الجوع، فلقيا النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبراه فقال:"أخرجني الذي أخرجكما" فدلَّ على أنه كان يطعم ويسقى في الوصال خاصّة.

وقال في حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أصمت من سرر شعبان شيئًا"؟ قال: لا قال: "إذا أفطرت فصم يومين"

(3)

.

فهذه لفظة استخبار، يريد الإعلام بنفي جواز ذلك؛ كالمنكر عليه لو فعله؛ كقوله لعائشة:"تسترين الجدر"

(4)

، وأمره بصوم يومين من شوال، أراد به انتهاء السرار، وذلك في الشهر الكامل، والسرار في الشهر الناقص يوم واحد.

(1)

وهو ما ورد عن أنس رضي الله عنه قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوّل شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك فقال:"لو مدّ لنا الشهر لواصلنا وصالًا، يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي" أو قال: "إني لست مثلكم، إني أظلّ يطعمني ربي ويسقيني".

أخرجه أحمد "3/ 124، 193، 218، 235، 247، 253، 289"، وابن أبي شيبة "3/ 82"، والبخاري "7241"، ومسلم "1104"، والترمذي "778"، وأبو يعلى "2874"، "3099"، "3282"، وابن خزيمة "2070"، والبيهقي "4/ 282"، والبغوي "1739" من طرق عن ثابت، عن أنس، به.

(2)

قد ثبت وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه من الجوع: فيما رواه البخاري "4101"، وأحمد "3/ 300" من حديث جابر بن عبد الله قال:"إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، قال: "أنا نازل" ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعْوَل فضرب في الكدية، فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم" الحديث، وقوله "فعرضت كدية": قيل: هي القطعة الشديدة الصلبة من الأرض.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "1983"، ومسلم "1161" من حديث عمران بن حصين، به.

والسرر -بفتح السين المهملة ويجوز كسرها وضمها- جمع سرة، ويقال أيضًا: سرار -بفتح أوله وكسره- وهو من الاستسرار، قال أبو عبيد والجمهور: المراد بالسرر هنا آخر الشهر، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها.

وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين، ووقع في رواية مسلم:"يا فلان، أصمت من سرة هذا الشهر"؟ وقوله: "سرة هذا الشهر" سرته: وسطه؛ لأن السرة وسط قامة الإنسان.

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 247"، ومسلم "2107".

ص: 187

قلنا: لو كان منكرًا عليه لما أمره بالقضاء.

وقال: في حديث "مررت بموسى وهو يصلي في قبره" أحيا الله موسى في قبره"

(1)

حتى مَرَّ عليه المصطفى عليه السلام، وقبره بمَدْيَن بين المدينة وبين بيت المقدس.

وحديث: "كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله تسع نسوة". وفي رواية الدستوائي عن قتادة: "وهي إحدى عشرة

(2)

.

قال ابن حبان: فحكى أنس ذلك الفعل منه أوّل قدومه المدينة؛ حيث كانت تحته إحدى عشرة امرأة، والخبر الأوَّل إنما حكاه أنس في آخر قدومه المدينة؛ حيث كانت تحته تسع؛ لأن هذا الفعل كان منه مرات.

قلنا: أوَّل قدومه، فما كان له سوى امرأة وهي سودة، ثم إلى السنة الرابعة من الهجرة لم يكن عنده أكثر من أربع نسوة، فإنه بنى بحفصة وبأم سلمة في سنة ثلاث، وقبلها سودة وعائشة، ولا نعلم أنه اجتمع عنده في آنٍ إحدى عشرة زوجة.

وقال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أنَّ بين إسماعيل وداود ألف سنة، فروى خبر أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، كم بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى قال:"أربعون سنة"

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "14/ 307 - 308"، وأحمد "3/ 148، 248"، ومسلم "2375"، والنسائي "3/ 215"، وابن حبان "50" من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "284" حدثنا عبد الأعلى بن حماد، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، أن أنس بن مالك حدَّثهم، أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه" الحديث.

(3)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "1578"، والطيالسي "462"، والحميدي "134"، وابن أبي شيبة "2/ 402"، وأحمد "5/ 150، 156، 157، 160، 166، 167"، والبخاري "3366"، "3425"، ومسلم "520"، والنسائي "2/ 32"، وابن ماجه "753"، وأبو عوانة "1/ 391، 392"، والطحاوي في "مشكل الآثار""1/ 32"، والبيهقي "2/ 433"، وفي "دلائل النبوة""2/ 43"، وابن خزيمة "1290" من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، به مرفوعًا.

قال ابن القيّم في "زاد المعاد""1/ 49": "وقد أشكل هذا الحديث على من لم يعرف المراد به، فقال: معلوم أنَّ سليمان بن داود هو الذي بنى المسجد الأقصى، وبينه وبين إبراهيم أكثر من ألف عام، وهذا جهل من هذا القائل، فإن سليمان إنما كان له من المسجد الأقصى تجديده لا تأسيسه، والذي أسسه يعقوب ابن إسحاق -صلى الله عليهما وآلهما وسلم، بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار".

ص: 188

حديث ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب

(1)

قال: فيه البيان بأن الحَبْرَ الفاضل قد يَنْسَى، قال: لأن المصطفى ما اعتمر إلَّا أربعًا، أولاها عمرة القضاء عام القابل من عام الحديبية، قال: وكان ذلك في رمضان، ثم الثانية حين فتح مكة في رمضان، ولما رجع من هوازن اعتمر من الجعرانة، وذلك في شوال، والرابعة مع حجته، فوِهَم أبو حاتم كما ترى في أشياء.

ففي الصحيحين لأنس اعتمر نبي الله أربع عمر كلهن في ذي القعده إلَّا التي من حجته عمره الحديبية، وعمرته من العام المقبل وعمرته من الجعرانة

(2)

.

وقال: ذكر ما كان يقرأ عليه السلام في جلوسه بين الخطبتين فما ذكر شيئًا.

توفِّي ابن حبان بسجستان، بمدينة بُسْت في شوال سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وهو في عشر الثمانين، وما ظفرت بشئ من حديثه عاليًا.

كتب إليَّ المسلَّم بن محمد العلاني، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أبو معاذ عبد الرحمن بن محمد سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، قدم للحج، أخبرنا أبو حاتم التميمي، حدثنا أبو خليفة، حدثنا القعنبي، عن شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"

(3)

.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن منصور النوقاني، أخبرنا أبو حاتم محمد بن حبان، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد بن صرما، والفتح بن عبد الله قالا: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن النقور، أخبرنا عليّ بن عمر الحربي، حدَّثنا الصوفي، حدَّثنا يحيى بن معين، حدَّثنا عبدة، عن هشام بن

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1776"، ومسلم "1255".

(2)

صحيح: اخرجه البخاري "1778"، ومسلم "1253"، وأبو داود "1994"، والترمذي "815".

(3)

صحيح: أخرجه الطيالسي "621"، وأحمد "4/ 121، 122"، "5/ 273"، والبخاري "3483"، "3484"، وفي "الأدب المفرد""597"، "1316"، وأبو داود "4797"، وابن ماجه "4183"، وأبو نعيم في "الحلية""4/ 370"، "8/ 124"، والبيهقي في "السنن""10/ 192"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق""83"، والقضاعي "1153"، "1156"، والبغوي في "شرح السنة""3597" من طرق عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود، به مرفوعًا.

ص: 189

عروة، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن عمرو الأَوْدِي، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يحرم على النار كل هيِّن لَيِّن قريب سهل"

(1)

.

أخرجه الترمذي من حديث عبدة بن سليمان وحسَّنه.

قرأت على سليمان بن حمزة القاضي، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا عبد المعز بن محمد، أنَّ تميمًا الجرجاني أخبرهم، أخبرنا علي بن محمد البَحَّاثي، أخبرنا محمد بن أحمد الزوزني، أخبرنا محمد بن حبان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا يزيد بن صالح، ومحمد بن أبان الواسطي قالا: حدثنا جرير بن حازم، سمعت أبا رجاء العطاردي، سمعت ابن عباس على المنبر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال أمر هذه الأمة موائمًا أو مقاربًا، ما لم يتكلموا في الولدان والقدر"

(2)

.

هذا حديث صحيح، ولم يخرَّج في الكتب الستة.

أنبانا يحيى بن أبي منصور، أخبرنا عبد القادر الحافظ، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا أبو عمرو بن منده، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو حاتم بن حِبَّان، حدَّثنا عمر بن محمد بن بجير، حدثنا ابن السرح، حدثنا ابن وهب، حدثنا بكر بن مضر، عن الأوزاعي قال: بلغني أنَّ الله إذا أراد بقوم شرًّا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن صالح، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن حبان، سمعت أسامة بن أحمد بمصر، سمعت ابن السرح، سمعت عبد الرحمن بن القاسم، سمعت مالكًا يقول:"ما أحدٌ ممن تعلمت منه العلم إلَّا صار إليَّ حتى سألني عن أمر دينه".

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 415"، والترمذي "2488"، وابن حبان "1096"، والطبراني "10562"، والبغوي في "شرح السنة""3505" من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الله بن عمرو الأودي، عن ابن مسعود، به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف؛ لجهالة عبد الله بن عمرو الأودي، فإنه لم يرو عنه خلا موسى بن عقبة. وذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين.

لكن للحديث شواهد يصح بمجموعها:

منها: عن معيقيب عند الخرائطي "23"، والطبراني في "الكبير""20/ 352"، وإسناده ضعيف، آفته أبو أمية بن يعلى الثقفي، وهو ضعيف.

ومنها: عن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط"، والعقيلي في "الضعفاء"، وفي إسناده مجاهيل.

ومنها: عن أنس عند الطبراني في "الأوسط"، وفي سنده الحارث بن عبيدة، وهو ضعيف.

وله شاهد من حديث العرباض بن سارية عند أحمد "4/ 126"، وابن ماجه "43"، والحاكم "1/ 96"، وإسناده حسن.

(2)

صحيح: أخرجه البزار "2180"، وابن حبان "1824"، موارد، والحاكم "1/ 33"، والطبراني في "الكبير""12764" من طريق جرير بن حازم، به.

ص: 190

‌3269 - أبو عمر بن حَزْم

(1)

:

الشيخ العالم الحافظ الكبير المؤرِّخ، أبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم يونس الصدفي الأندلسي، مؤلف "التاريخ الكبير في أسماء الرجال" في عدة مجلدات.

كان أحد أئمة الحديث، له عناية تامَّة بالآثار.

سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وسعيد الأعناقي، وسعيد بن الزراد، ومحمد بن أبي الوليد الأعرج، ومحمد بن عمر بن لبابة، وارتحل سنة إحدى عشرة وثلاث مائة، فسمع من محمد بن زبان، ومحمد بن محمد بن النفاح، وعدة بمصر، وأبا جعفر الديبلي، وابن المنذر بمكة، ومحمد بن محمد بن اللباد، وأحمد بن نصر بالقيروان، ورجع إلى الأندلس بعلم جَمٍّ.

أخذ عنه جماعة، ولم يزل يحدث إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة خمسين وثلاث مائة بقرطبة.

فأمَّا سميه الوزير الإمام، أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الأموي، مولاهم الأندلسي، والد الفقيه أبي محمد بن حزم، فهو أصغر منه.

كان بعد العشر وأربع مائة -رحمهما الله.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 50".

ص: 191

‌3270 - ابن مقسم

(1)

:

العلَّامة المقرئ، أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن مقسم البغدادي العطار، شيخ القراء.

وُلِدَ سنة خمس وستين ومائتين، وسمع أبا مسلم الكجي، ومحمد بن سليمان الباغندي، لقيه في سنة ثمان وسبعين، وجعفر الفريابي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن إسحاق، ومحمد بن يحيى المروزي، وعدة، وتلا على إدريس الحدَّاد صاحب خلف، وعلى داود بن سليمان تلميذ نصير، وعلى أبي قبيصة حاتم الموصلي، وطائفة، وأخذ العربية عن ثعلب.

وتصدَّر للإقراء، فتلا عليه إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفرج النهراوني، وأبو الحسن الحمامي، وابن داود الرزاز، والفرج بن محمد القاضي، وآخرون.

وحدَّث عنه ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وجماعة.

قال الخطيب: ثقة، من أحفظ الناس لنحو الكوفيين، وأعرفهم بالقراءات، صنَّف في التفسير والمعاني، قال: وطُعِنَ عليه بأن عَمَدَ إلى حروف تخالف الإجماع فأقرأ بها، فأنكر عليه، واستتابه السلطان في الدولة بحضرة الفقهاء والقراء، وكتبوا محضرًا بتوبته، وقيل: لم ينزع فيما بعد، بل كان يقرئ بها.

قال ابن أبي هاشم: نبغ في عصرنا من زعم أنَّ كل ما صحَّ له وجه في العربية لحرف يوافق خط المصحف، فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها.

قال أبو أحمد الفرضي: رأيت ابن مقسم كأنه يصلي مستدبر القبلة.

قلت: توفي في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وقيل: سنة خمس وخمسين.

وله في التصانيف: كتاب "الأنوار في علم القرآن"، و"المدخل إلى علم الشعر"، و"كتاب في النحو" كبير، وكتاب "المصاحف"، وكتاب "الوقف والابتداء"، و"كتاب اختياره في القراءات" وأشياء.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 206"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 30"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 150"، والعبر "2/ 301"، وميزان الاعتدال "3/ 519"، ولسان الميزان "5/ 130"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 16".

ص: 192

‌3271 - إسحاق بن إبراهيم

(1)

:

ابن مسرة أبو إبراهيم الطليطلي الزاهد، أحد الأعلام بقرطبة، كان يتَّجر بها في الكتان، وكان من أهل العلم والعمل، وممن لا تأخذه في الله ملامة.

وكان فقيهًا مشاورًا منقبضًا عن الناس مهيبًا.

وكان المستنصر بالله الحكم يتأدَّب معه، ويحترمه جدًّا، وقد كتب إليه الحكم ورقة فيها: حفظك الله، وتولاك وسددك ورعاك، لما امتحن أمير المؤمنين سيدي أبقاه الله للأولياء الذين يستعدّ بهم، متقدمًا في الولاية، متأخرًا عن الصلة، على أنه قد أنذرك خصوصًا للمشاركة في السرور الذي كان عنده، ثم أنذرت من قبلي إبلاغًا في التكرمة، فكان منك على ذلك كله من التخلّف ما ضاقت عليك فيه المعذرة، واستبلغ أمير المؤمنين في إنكاره، ومعاتبتك، فما الذي أوجب توقفك عن إجابة دعوته لأعرفه?

فأجاب أبو إبراهيم: سلام على الأمير سيدي ورحمة الله، لم يكن توقفي لنفسي، إنما كان لأمير المؤمنين، وذكر كلمات قَبِلَ بها عذره.

ومن خواصّ تلامذته: القاسم بن أحمد، المعروف بابن أرفع رأسه.

وقد ذكر في تاريخ أعيان الموالي بالأندلس، وأنَّه مولى بني هلال التُّجيبيين، وأنه كان من أحفظ العلماء للمسائل، وله ديوان شريف سماه "كتاب النصائح".

توفي سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وقبره يزار بالأندلس، وقيل: توفي قبل ذلك.

أمَّا الزاهد محمد بن عبد الله بن مسرة الأندلسي، الذي ألَّف في التصوف، فتوفِّي سنة تسع عشرة وثلاث مائة. رُمِيَ بالقدر.

(1)

سبق لنا ترجمته في هذا الجزء بتعليقنا رقم "234"، وترجمة برقم عام "3259".

ص: 193

‌3272 - بُنْدَار بن الحُسَين

(1)

:

الشيرازي القدوة، شيخ الصوفية، أبو الحسين، نزيل أرَّجان.

صحب الشَّبليّ، وحدَّث عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي بحديثٍ واحد.

وكان ذا أموال فأنفقها وتزهَّد، وله معرفة بالكلام والنظر.

قال السلمي: سمعت عبد الواحد بن محمد يقول: سمعت بندار بن الحسين يقول: دخلت على الشبلي، ومعي تجارة بأربعين ألف دينار، فنظر في المرآة فقال: المرآة تقول: إنَّ ثَمَّ سببًا، قلت: صدقت قال السلمي: كان بُنْدَار عالمًا بالأصول، وله رد على ابن خفيف في مسألة الإغانة وغيرها، ومما قيل: إن بندارًا أنشده:

نوائب الدهر أدبتني

وإنما يوعظ الأديب

قد ذقت حلوًا وذقت مرًّا

كذاك عيش الفتى ضروب

ما مَرَّ بؤس ولا نعيم

إلَّا ولي فيهما نصيب

ومن كلامه: لا تخاصم لنفسك، فانها ليست لك، دعها لمالكها، يفعل بها ما يريد.

وقال: صحبة أهل البدع تورِّث الإعراض عن الحق.

قيل: توفي بُنْدَار سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في حلبة الأولياء "10/ ترجمة 659"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 338".

ص: 193

فأما:

‌3273 - علي بن بُنْدار

(1)

:

ابن الحسين الصوفي العابد، فمعاصر لصاحب الترجمة، وما هو بابن له، بل علي أكبر، فانه لقي الجنيد، وسمع محمد بن إبراهيم البوشنجي، وأباخليفة، وكان يُعْرَف بالصيرفيّ. أملى مدة.

روى عنه الحاكم ووثَّقه.

غرق سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 52".

ص: 194

‌3274 - مَسْلَمَة بن القاسِم

(1)

:

ابن إبراهيم، المحدِّث الرحَّال، أبو القاسم الأندلسي القرطبي.

سمع محمد بن عمر بن لبابه، وأحمد بن خالد الجياب، وبالقيروان من أحمد بن موسى التمَّار، وعبد الله بن محمد بن فطيس، وبأطرابلس من صالح ابن الحافظ أحمد بن عبد الله العجليّ، وبمصر من محمد بن أبان، وأبي جعفر الطحاوي، وبمكة من محمد بن إبراهيم الديبلي، وبواسط من علي بن عبد الله بن مبشر، وببغداد من أبي بكر زياد، وبالبصرة واليمن والشام، ورجع إلى بلده بعلم كثير، ولم يكن بثقة.

قال ابن الفرضيّ: سمعت من ينسبه إلى الكذب، وقال لي محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج: لم يكن كذَّابًا، بل كان ضعيف العقل، قال: وحفظ عليه كلام سوء في التشبيه.

وقال ابن الفرضي: توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

قلت: أراه كان من أبناء الستين.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 122"، ولسان الميزان "6/ 35".

ص: 194

‌3275 - أبو بشر

(1)

:

قاضي القضاة، أبو بشر عمر بن أكثم بن أحمد ابن القاضي حيان بن بشر الأسدي الشافعي.

قال الخطيب: لم يلِ القضاء ببغداد من الشافعية قبله غير القاضي أبي السائب.

توفي سنة سبع وخميسن وثلاث مائة، وهو من بيت قضاء وعلم. مات وهو في عشر الثمانين، وولي القضاء بعده ابن معروف.

‌3276 - الزَّاهي

(2)

:

الشاعر المحسن المجوّد، أبو القاسم علي بن إسحاق بن خلف البغدادي، مات شابًّا في جمادى الآخر سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.

مدح الوزير المهلَّبي وسيف الدولة، وهو القائل:

سفرن بدورًا وانتقبن أهلة

ومسن غصونًا والتفتن جآذرا

وأطلعن في الأجياد بالدر أنجمًا

جعلن لحياة القلوب ضرائرا

‌3277 - القراريطي

(3)

:

الوزير الكبير، أبو إسحاق، محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسكافي، الكاتب المعروف بالقراريطي.

كاتب محمد بن رائق.

وزر للمتَّقي لله بعد الوزير ابن البريدي، ثم عزل بعد تسعة وثلاثين يومًا، وغرم مائتي ألف دينار وزيادة، ثم وَزَرَ بعد أشهر، وقبض عليه بعد ثمانية أشهر، فنزح إلى الشام، وكتب لصاحبها سيف الدولة، ثم قَدِمَ بغداد في وزارة المهلبي، فأكرمه ووصله.

روى عن الأخفش الصغير وغيره.

حدَّث عنه: المفيد، وأبو الحسن الجراحي، وكان ظلومًا عسوفًا.

عاش ستًا وسبعين سنة، ومات في المحرَّم سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 249"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 17".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 350"، والأنساب للسمعاني "6/ 231"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 59"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 467"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 63".

(3)

ترجمته في العبر "2/ 309"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 26".

ص: 195

‌3278 - الطَّبَسي

(1)

:

شيخ الشافعية، أبو الحسن أحمد بن محمد بن سهل الطبسي، تلميذ الإمام أبي إسحاق المروزي.

روى عن ابن خزيمة، ويحيى بن صاعد، وغيرهما.

وله تعليقة عظيمة في المذهب في نحو ألف جزء.

روى عنه الحاكم، وأرَّخ موته في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "2/ 274".

ص: 196

‌3279 - ابن عُتْبَة

(1)

:

المحدِّث الصادق، أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، ثم المصري.

سمع: مقدام بن داود الرُّعيني، وروح بن الفرج القطان، ويحيى بن عثمان، ويحيى بن أيوب العلاف، وطبقتهم.

حدَّث عنه: عبد الغني، وأبو محمد بن النحاس، وشعيب بن المنهال، وأبو عبد الله بن نظيف، وآخرون.

مولده سنة ثمان وستين ومائتين، وسمع سنة ثمانين ومائتين، وكانت وفاته بمصر في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 307"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 20"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 22".

ص: 196

‌3280 - اللُّكِّي

(1)

:

المعمر، أبو الحسن أحمد بن القاسم بن كثير بن صدقة بن الريان المصري اللكي، نزيل البصرة.

حدَّث في سنة سبع عن إسحاق الدبري، والحارث التميمي، والقاضي البرتي، وعبد الله بن محمد بن أبي مريم، والكديمي، وتمتام.

وعنه: ابن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وغيرهم.

ضعَّفه الدارقطني، وابن ماكولا.

وله جزء سمعناه، فيه ما ينكر.

‌3281 - والد المُخَلِّص

(2)

:

أبو القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا البغدادي، الأطروش، ويعرف بابن الفامي.

سمع: محمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وإسحاق بن سنين الختلي، وأبا شعيب الحراني، وسمع ولده أبا طاهر المخلِّص كثيرًا.

روى عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الحسن بن الحمامي، وعبد الله بن حمدية، وأبو نعيم الحافظ.

وثَّقه ابن أبي الفوارس، وقال: توفي في رمضان سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

‌3282 - المتَّقِي لله

(3)

:

مات في السجن في شعبان سنه سبع وخمسين، وبقي في السجن أربعًا وخمسين سنة.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 112"، والعبر "2/ 319"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 35".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 295"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 44"، والعبر "2/ 309"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 25".

(3)

هو أبو إسحاق، إبراهيم بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي، المخلوع، ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 51"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 43"، والعبر "2/ 307"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 22".

ص: 197

‌3283 - ابن الدّاعي:

الكبير، الرئيس المعظَّم الشريف، أبو عبد الله محمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن العلوي الدَّيْلَمي المولد.

ولد سنه أربع وثلاث مائة، وحجَّ في سنة بضع وثلاثين.

برع في الراي على الإمام أبي الحسن الكرخي، وأخذ علم الكلام عن حسين بن علي البصري، وأفتى ودرَّس، وولي نقابة الطالبين في دولة بني بويه، فعَدَلَ وحُمِدَ، وكان معز الدولة يبالغ في تعظيمه وتقبيل يده؛ لعبادته وهيبته، وكان فيه تشيع بلا غُلُوّ.

قال أبو علي التنوخي: حدثنا أبو الحسن بن الأزرق قال: كنت بحضرة الإمام أبي عبد الله بن الداعي، فسأله أبو الحسن المعتزلي عمَّا يقوله في طلحة والزبير، فقال: أعتقد أنهما من أهل الجنة، قال: ما الحجة؟ قال: قد رويت توبتهما، والذي هو عمدتي أنَّ الله بشرهما بالجنة، قال: فما تنكر على من زعم أنه عليه السلام قال: إنهما من أهل الجنة، ومقالته:"فلو ماتا لكانا في الجنة" فلمَّا أحدثا زال ذلك، قال: هذا لا يلزم، وذلك أنَّ نقل المسلمين أنَّ بشارة النبي صلى الله عليه وسلم سبقت لهما، فوجب أن تكون موافاتهما القيامة على عمل يوجب لهما الجنة، وإلّا لم يكن ذلك بشارة، فدعا له المعتزلي واستحسن ذلك، ثم قال: ومحال أن يعتقد هذا فيهما، ولا يعتقد مثله في أبي بكر وعمر؛ إذ البشارة للعشرة.

قال أبو علي التنوخي: رأيت في مجلس أبي عبد الله وقد جاءه رجل بفتوى فيمَنْ حلف فطَّلق امراته ثلاثًا معًا، فقال له: تريد أن أفتيك بما عندي، وعند أهل البيت، أو بما يحكيه غيرنا عن أهل البيت، فقال: أريد الجميع، قال: أمَّا عندي وعندهم فقد بانت، ولا تحلّ لك حتى تنكح زوجًا غيرك.

قال التنوخي: ولم يزل أبو عبد الله ببغداد، وبايعه جماعة على الأمامة، فلم يقدر على الخروج، فلمَّا كان في سنة (353) سار معز الدولة إلى الموصل لحرب ابن حمدان، فوجد أبو عبد الله فرصة، فركب يومًا إلى عز الدولة، فخوطب في مجلسه بسبب خلاف بين شريفين خطابًا ظاهرًا استقصاءً لفعله، فتألَّم وخرج مغضبًا، ثم أصلح أمره، ورتب قومًا بخيل خارج بغداد، وأظهر أنه عليل، وحجب عنه الناس، ثم تسَحَّبَ خفية بابنه الكبير، وعليه جبة صوف، وفي صدره مصحف وسيف، فلحق بهوسم

(1)

من بلاد الديلم، فأطاعته الديلم، وكان أعجمي اللسان، وأمه منهم، وتلقَّب بالمهدي، وكانت أعلامه من حرير أبيض، فيها: لا إله إلَّا الله محمد رسول الله، وأذنابها خضر، فأقام العدل، وتقشَّف، وقنع بالقوت، وقيل: إنه قال لقواده: أنا على ما ترون، فمتى غيِّرت أو ادَّخرت درهمًا، فأنتم في حِلٍّ من بيعتي، وكان يَعِظُ ويعلمهم، ويحث على الجهاد، ويكتب إلى الأطراف ليبايعوه، وكاتب ركن الدولة ومعز الدولة في ذلك، فأجابه ركن الدولة بالإمامة، واعتذر من ترك نصرته، ولم يتلقب بإمرة المؤمنين، بل بالإمام المهدي.

قلت: كان يمتنع من الترحّم على معاوية رضي الله عنه، ولا يشتم الصحابة.

(1)

هي من نواحي بلاد الجبل خلف طبرستان والديلم. قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان""5/ 420".

ص: 198

‌3284 - ابن السَّكَن

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد الكبير، أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن المصري البزاز، وأصله بغدادي.

نزل مصر بعد أن أكثر التِّرْحَال ما بين النهرين؛ نهر جيحون ونهر النيل، مولده سنة أربع وتسعين ومائتين.

سمع ببغداد من أبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، وطبقتهما، وبحرّان من: الحافظ أبي عروبة، وطائفة، وبدمشق من أحمد بن عمير بن جوصا، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأقرانهما، وبخراسان صحيح البخاري من محمد بن يوسف الفربري، فكان أوَّل من جلب الصحيح إلى مصر وحدَّث به، وقد لحق بمصر محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وعلي بن أحمد علّان، وأبا جعفر الطحاوي، وسمع بدمشق أيضًا من محمد بن خريم، وجماعة من بقايا أصحاب هشام بن عمَّار، وسمع بنيسابور من أبي حامد بن الشرقي، ومكي بن عبدان، وأعانه على سعة الرحلة التكسُّب بالتجارة.

جمع وصنَّف، وجرَّح وعدَّل، وصحَّح وعلَّل، ولم نر تواليفه، هي عند المغاربة.

حدَّث عنه: أبو سليمان بن زَبْر، وأبو عبد الله بن منده، وعبد الغني الأزدي، وعلي بن محمد الدقاق، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وعبد الله بن محمد بن أسد القرطبي، وأبو جعفر بن عون الله، والقاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج.

كان ابن حزم يثني على صحيحه المنتقى، وفيه غرائب.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 890"، والعبر "2/ 297"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 338"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 12".

ص: 199

توفي في المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

وحديثه يعز وقوعه لنا ويعسر إلَّا بنزول.

كتب إليَّ أحمد بن سلامة المقرئ، عن محمد بن حمد، عن علي بن الحسين الموصلي، أنبأنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر المالكي، حدثنا أبو علي سعيد بن عثمان الحافظ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد ومحمد ابني عبيد، عن أبي حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"

(1)

.

قال أبو علي: أبو حاتم هذا صحابي، ما روى شيئًا سوى هذا الحديث.

وممن مات معه في العام: مسند أصبهان؛ أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفرجه، وحافظ الوقت؛ أبو إسحاق بن حمزة المذكور، ومقرئ بغداد؛ أبو عيسى بكار بن أحمد، والمسند؛ جعفر بن محمد الواسطي المؤدّب، ومسند العصر؛ أبو الفوارس شجاع بن جعفر البغدادي الوراق في عشر المائة، ومسند العجم؛ عبد الله بن الحسن بن بندار المديني شيخ أبي نعيم، ومسند دمشق؛ أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب الهمداني، ومحدّث دمشق؛ أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري.

(1)

حسن: ورد من حديث أبي حاتم المزني، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم.

أمَّا حديث أبي حاتم المزني رضي الله عنه: فأخرجه الترمذي "1085"، والبيهقي "7/ 82"، والدولابي في "الكُنَى""1/ 25" من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن محمد وسعيد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني، به. وقال الترمذي:"حديث حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث".

قلت: بل إسناده ضعيف، وليس حسنًا؛ لجهالة ابني عبيد، وهما محمد وسعيد، كما أنَّ الراوي عنهما وهو ابن هرمز ضعيف -كما قال الحافظ في "التقريب". فهذه ثلاث علل في الإسناد، فليس الحديث حسنًا كما قال الترمذي الذي عرف بالتساهل عند علماء الحديث، لكن الحديث حسن باعتبار شاهد أبي هريرة خاصَّة، وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه الترمذي "1084"، وابن ماجه "1967"، والحاكم "2/ 165" من طريق عبد الحميد بن سليمان الأنصاري أخي فليح، عن محمد بن عجلان، عن ابن وثيمة البصري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلّا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، وقال الترمذي: "قد خولف عبد الحميد بن سليمان، فرواه الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا -أي: منقطعًا. قال محمد -يعني: البخاري: وحديث الليث أشبه، ولم يعد حديث عبد الحميد محفوظًا.

قلت: مع مخالفته لليث بن سعد الثقة الثبت، فهو ضعيف -كما في "التقريب"، ولهذا قال الحاكم في إثر الحديث: صحيح الإسناد. وتعقَّبه الذهبي في "التلخيص" بقوله:

"قلت: عبد الحميد، قال أبو داود: كان غير ثقة، ووثيمة لا يعرف".

قلت: كذا وقع في مستدرك الحاكم "وثيمة" وإنما هو "ابن وثيمة" كما وقع عند سائر من أخرجوه. وهو معروف، فإنه زفر بن وثيمة بن مالك بن أوس بن الحدثان النصري "بالنون" الدمشقي، وقد روى عنه أيضًا محمد بن عبد الله بن المهاجر، وقال ابن القطان: مجهول الحال، تفرَّد عنه محمد بن عبد الله الشعبي. قال الذهبي متعقبًا عليه:"قلت: قد وثَّقه ابن معين ودحيم". وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، أي عند المتابعة.

قلت: ومع أن الراجح أنَّ رواية الليث بن سعد منقطعة بين ابن عجلان وأبي هريرة، فهو شاهد لا بأس به -إن شاء الله؛ لحديث أبي حاتم المزني، يصير به الحديث حسنًا -كما قال الترمذي، والله أعلم.

وأما حديث ابن عمر: فقد أخرجه ابن عدي في "الكامل"، والدولابيّ في "الكنى""2/ 27" من طريق عمار بن مطر، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عنه، به مرفوعًا.

وقال أبو عبد الرحمن النسائي: هذا كذب.

قلت: يعني على مالك. وقال ابن عدي: "هذا لحديث بهذا الإسناد باطل، ليس بمحفوظ عن مالك، وعمَّار بن مطر، الضعف على رواياته بَيِّنٌ".

ص: 200

‌3285 - الطبراني

(1)

:

هو الإمام الحافظ الثقة الرحَّال الجوَّال، محدِّث الإسلام، علم المعمرين، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني، صاحب المعاجم الثلاثة.

مولده بمدينه عكَّا في شهر صفر سنة ستين ومائتين، وكانت أمه عكَّاويِّة.

وأوَّل سماعه في سنة ثلاث وسبعين، وارتحل به أبوه، وحرص عليه، فإنه كان صاحب حديث من أصحاب دحيم، فأول ارتحاله كان في سنة خمس وسبعين، فبقي في الارتحال، ولقي الرجال ستة عشر عامًا، وكتب عمَّن أقبل وأدبر، وبرع في هذا الشأن، وجمع وصنَّف، وعمَّر دهرًا طويلًا، وازدحم عليه المحدثون، ورحلوا إليه من الأقطار.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 335"، والأنساب للسمعاني "8/ 199"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 54"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 274"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 875"، وميزان الاعتدال "2/ 195"، ولسان الميزان "3/ 73"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 30".

ص: 201

لقي أصحاب يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وأبي عاصم، وحجَّاج بن محمد، وعبد الرزاق، ولم يزل يكتب حتى كتب عن أقرانه.

سمع من هاشم بن مرثد الطبراني، وأحمد بن مسعود الخياط حدَّثه ببيت المقدس في سنة أربع وسبعين، عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي، وسمع بطبرية من أحمد بن عبد الله اللحياني صاحب آدم، وبقيسارية من عمرو بن ثور، وإبراهيم بن أبي سفيان صاحبي الفريابي، وسمع نحو ألف شيخ أو يزيدون.

وروى عن أبي زرع الدمشقي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وإدريس بن جعفر العطار، وبشر بن موسى، وحفص بن عمر سنجة، وعلي بن عبد العزيز البغوي المجاور، ومقدام بن داود الرعيني، ويحيى بن أيوب العلّاف، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي، وأحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي، وأحمد بن إبراهيم البسري، وأحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الأشجعي صاحب تلك النسخه الموضوعة، وأحمد بن إسحاق الخشَّاب، وأحمد بن داود البصري، ثم المكي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي، وأحمد بن خليد الحلبي، لقيه بها في سنة ثمان وسبعين ومائتين، ومن أحمد بن زياد الرقي الحذَّاء صاحب حجاج الأعور، وإبراهيم بن سويد الشبامي، وإبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني والحسن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق، وبكر بن سهل الدمياطي، وحبوش بن رزق الله المصري، وأبي الزنباع روح بن الفرج القطان، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبد الله بن الحسين المصيصي، وعبد الرحيم بن عبد الله البرقي، سمع منه السيرة، لكنه وَهِم وسمَّاه أحمد باسم أخيه، وعلي بن عبد الصمد ماغمَّه، وأبي مسلم الكجي، وإسحاق بن إبراهيم المصري القطان، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وجعفر بن محمد الرملي القلانسي، والحسن بن سهل المجوز، وزكريا بن حمدويه الصفَّار، وعثمان بن عمر الضبي، ومحمد بن محمد التمَّار، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، صاحب سعيد بن عامر الضبعي، ومحمد بن زكريا الغلابي، ومحمد بن علي الصائغ، وأبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحرَّاني، ومحمد بن أسد بن يزيد الأصبهاني، حدَّثه عن أبي داود الطيالسي، ومحمد بن معاذ دُرَّان، وأبي عبد الرحمن النسائي، وعبيد الله بن رُمَاحِس، وهارون بن ملول، وسمع بالحرمين واليمن ومدائن الشام ومصر وبغداد والكوفة والبصرة وأصبهان وخوزستان، وغير ذلك، ثم استوطن أصبهان، وأقام بها نحوًا من ستين سنة، ينشر العلم ويؤلفه، وإنما وصل إلى

ص: 202

العراق بعد فراغه من مصر والشام والحجاز واليمن، وإلّا فلو قصد العراق أولًا لأدرك إسنادًا عظيمًا.

حدَّث عنه: أبو خليفة الجمحي، والحافظ ابن عقدة، وهما من شيوخه، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الصحَّاف، وابن منده، وأبو بكر بن مردويه، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو سعيد النقاش، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأحمد بن عبد الرحمن الأزدي، والحسين بن أحمد بن المرزبان، وأبو الحسين بن فاذشاه، وأبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفَّار، ومعمر بن أحمد بن زياد، وأبو بكر محمد بن عبد الله الرباطي، والفضل بن عبيد الله بن شهريار، وعبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني، وعلي بن يحيى بن عبدكويه، ومحمد بن عبد الله بن شمة، وبشر بن محمد الميهني، وخلق كثير؛ آخرهم موتًا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة التاجر، ثم عاش بعده أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر الذكواني، يروي عن الطبراني بالإجازة، فمات سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين وأربع مائة، ومات ابن ريذة عام أربعين.

ومن تواليفه: "المعجم الصغير" في مجلد، عن كل شيخ حديث، و "المعجم الكبير" وهو معجم أسماء الصحابه وتراجمهم، وما رووه، لكن ليس فيه مسند أبي هريرة، ولا استوعب حديث الصحابة المكثرين، في ثمان مجلدات، و"المعجم الأوسط" على مشايخه المكثرين، وغرائب ما عنده عن كل واحد، يكون خمس مجلدات، وكان الطبراني فيما بلغنا يقول عن الأوسط: هذا الكتاب روحي.

وقال أبو بكر بن أبي علي: سأل أبي أبا القاسم عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البواري

(1)

ثلاثين سنة.

قال أبو نعيم: قَدِمَ الطبراني أصبهان سنة تسعين ومائتين، ثم خرج، ثم قدمها، فأقام بها محدِّثًا ستين سنة.

قال سليمان بن إبراهيم الحافظ: قال أبو أحمد العسال القاضي: إذا سمعت من الطبراني عشرين ألف حديث، وسمع منه أبو إسحاق بن حمزة ثلاثين ألفًا، وسمع منه أبو الشيخ أربعين ألفًا، كملنا.

(1)

البواري: جمع بارية، وهي الحصير المنسوج.

ص: 203

قلت: هؤلاء كانوا شيوخ أصبهان مع الطبراني.

قال أبو نعيم الحافظ: سمعت أحمد بن بندار يقول: دخلت العسكر سنة ثمان وثمانين ومائتين، فحضرت مجلس عبدان، وخرج ليملي، فجعل المستملي يقول له: إن رأيت أن تملي فيقول: حتى يحضر الطبراني، قال: فأقبل أبو القاسم بعد ساعة متزرًا بإزار، مرتديًا بآخر، ومعه أجزاء، وقد تبعه نحو من عشرين نفسًا من الغرباء من بلدان شتَّى، حتى يفيدهم الحديث.

قال أبو بكر بن مردويه في تاريخه: لما قَدِمَ الطبراني قَدْمَته الثانية سنة عشر وثلاث مائة إلى أصبهان، قَبَّله أبو عليّ أحمد بن محمد بن رستم العالم، وضمَّه إليه، وأنزله المدينة وأحسن معونته، وجعل له معلومًا من دار الخراج، فكان يقبضه إلى أن مات، وقد كنَّى ولده محمدًا أبا ذر، وهي كنية والده أحمد.

قال أبو زكريا يحيى بن منده: سمعت مشايخنا ممن يُعْتَمَد عليهم يقولون: أملى أبو القاسم الطبراني حديث عكرمه في الرؤية، فأنكر عليه ابن طباطبا العلوي، ورماه بدَواة كانت بين يديه، فلمَّا رأى الطبراني ذلك واجهه بكلام اختصرته، وقال في أثناء كلامه: ما تسكتون وتشتغلون بما أنتم فيه حتى لا يذكر ما جرى يوم الحرة، فلما سمع ذلك ابن طباطبا قام واعتذر إليه، وندم، ثم قال ابن منده: وبلغني أنَّ الطبراني كان حسن المشاهدة، طيب المحاضرة، قرأ عليه يومًا أبو طاهر بن لوقا حديث: كان يغسل حصى جماره فصحَّفه وقال: خُصِي حماره، فقال: ما أراد بذلك يا أبا طاهر؟ قال: التواضع، وكان هذا كالمغفل، قال له الطبراني يومًا: أنت ولدي، قال: وإياك يا أبا القاسم، يعني: وأنت.

قال ابن منده: ووجدت عن أحمد بن جعفر الفقيه، أخبرنا أبو عمر بن عبد الوهاب السلمي، قال: سمعت الطبراني يقول: لما قَدِمَ أبو علي بن رستم بن فارس دخلت عليه، فدخل عليه بعض الكتاب فصبَّ على رجله خمس مائة درهم، فلمَّا خرج الكاتب أعطانيها، فلمَّا دخلت بنته أم عدنان صبّت على رجله خمس مائة، فقمت فقال: إلى أين؟ قلت: قمت لئلَّا يقول: جلست لهذا، فقال: ارفع هذه أيضًا، فلمَّا كان آخر أمره تكلَّم في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ببعض الشيء، فخرجت ولم أعد إليه بعد.

قال أحمد بن جعفر الفقيه: سمعت أبا عبد الله بن حمدان، وأبا الحسن المديني، وغيرهما يقولون: سمعنا الطبراني يقول: هذا الكتاب روحي -يعني: المعجم الأوسط.

قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي: سمعت الأستاذ ابن العميد يقول: ما كنت أظن

ص: 204

أنَّ في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها، حتى شاهدت مذاكرة أبي القاسم الطبراني، وأبي بكر الجعابي بحضرتي، فكان الطبراني يغلب أبا بكر بكثرة حفظه، وكان أبو بكر يغلب بفطنته وذكائه، حتى ارتفعت أصواتها، ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلَّا عندي، فقال: هات، فقال: حدَّثنا أبو خليفة الجمحي، حدثنا سليمان بن أيوب، وحدَّث بحديث، فقال الطبراني: أخبرنا سليمان بن أيوب، ومني سمعه أبو خليفة، فأسمع منِّي حتى يعلو فيه إسنادك، فخجل الجعابي، فوددت أن الوزارة لم تكن، وكنت أنا الطبران، وفرحت كفرحه، أو كما قال.

أنبئونا عن أبي المكارم، عن غانم البرجي، أنه سمع عمر بن محمد بن الهيثم يقول: سمعت أبا جعفر بن أبي السري قال: لقيت ابن عقدة بالكوفة، فسألته يومًا أن يعيد لي فوتًا، فامتنع، فشددت عليه، فقال: من أي بلد أنت؟ قلت: من أصبهان. فقال: ناصبة ينصبون العداوة لأهل البيت، فقلت: لا تقل هذا، فإنَّ فيهم متفقهة وفضلاء ومتشيعة، فقال: شيعة معاوية، قلت: لا والله، بل شيعة علي، وما فيهم أحد إلَّا وعليّ أعزّ عليه من عينه وأهله، فأعاد عليَّ ما فاتني، ثم قال لي: سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي، فقلت: لا لا أعرفه، فقال: يا سبحان الله، أبو القاسم ببلدكم، وأنت لا تسمع منه، وتؤذيني هذا الأذى بالكوفة، ما أعرف لأبي القاسم نظيرًا، قد سمعت منه، وسمع مني، ثم قال: أسمعت مسند أبي داود الطيالسي؟ فقلت: لا، قال: ضيعت الحزم؛ لأن منبعه من أصبهان، وقال: أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة؟ قلت: نعم، قال: قل ما رأيت مثله في الحفظ.

قال الحافظ أبو عبد الله بن منده: أبو القاسم الطبراني أحد الحفَّاظ المذكورين، حدَّث عن أحمد بن عبد الرحيم البرقي، ولم يحتمل سنه لقيه، توفي أحمد بمصر سنة ست وستين ومائتين، قلت: قد مَرَّ أن الطبراني وَهِمَ في اسم شيخه عبد الرحيم، فسماه: أحمد، واستمرَّ وقد أرَّخ الحافظ أبو سعيد بن يونس وفاة أحمد بن البرقي هكذا في موضع، وأرخها في موضع آخر سنة سبعين في شهر رمضان منها، وعلى الحالين فما لقيه، ولا قارب، وإنما وَهِمَ في الاسم، وحمل عنه السيرة النبوية بسماعه من عبد الملك بن هشام السدوسي، وقد كان أحمد بن البرقي يروي عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي، والكبار الذين لم يدركهم أخوه عبد الرحيم، ثم أننا رأينا االطبراني لم يذكر عبد الرحيم باسمه هذا في معجمه، بل تمادى على الوهم وسمَّاه بأحمد، في حرف الألف، ولهذين أخ ثالث؛ وهو محمد بن البرقي الحافظ، له مؤلَّف في الضعفاء، وهو أسنّ الثلاثة، توفي سنة تسع وأربعين ومائتين، ومات عبد الرحيم بن عبد الله بن البرقي الذي لقيه الطبراني وزَلَّ في تسميته بأحمد في سنة ست وثمانين

ص: 205

ومائتين، وقد سمعنا السيرة من طريقه، وقد سُئِل الحافظ أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي عن الطبراني فقال: كتبت عنه ثلاث مائة ألف حديث، ثم قال: وهو ثقة، إلَّا أنه كتب عن شيخ بمصر، وكانا أخوين، وغلط في اسمه -يعني: ابني البرقي.

قال أبو عبد الله الحاكم: وجدت أبا علي النيسابوري الحافظ سيء الرأي في أبي القاسم اللخمي، فسألته عن السبب فقال: اجتمعنا على باب أبي خليفة، فذكرت له طرق حديث:"أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء"

(1)

فقلت له: يحفظ شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس قال: بلى رواه غندر، وابن أبي عديّ، قلت: من عنهما؟ قال: حدثناه عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عنهما، فاتهمه إذ ذاك فإنه ما حدَّث به غير عثمان بن عمر، عن شعبة، قلت: هذا تعنَّت على حافظ حجة.

قال الحافظ ضياء الدين المقدسي: هذا وَهِمَ فيه الطبراني في المذاكرة، فأمَّا في جمعه حديث شعبة، فلم يروه إلَّا من حديث عثمان بن عمر، ولو كان كل من وَهِمَ في حديث واحد اتُّهِمَ؛ لكان هذا لا يسلم منه أحد.

قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: دخلت بغداد وتطلبت حديث إدريس بن جعفر العطار، عن يزيد بن هارون، وروح، فلم أجد إلَّا أحاديث معدودة، وقد روى الطبراني عن إدريس، عن يزيد، كثيرًا، قلت: هذا لا يدل على شيء، فإن البغاددة كاثروا عن إدريس للينه، وظفر به الطبراني فاغتنم عُلُوّ إسناده، وأكثر عنه، واعتنى بأمره.

وقال أحمد الباطرقاني: دخل ابن مردويه بيت الطبراني، وأنا معه، وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذر؛ لبيع كتب الطبراني، فرأى أجزاء الأوائل بها، فاغتمَّ لذلك، وسبَّ الطبراني، وكان سيء الرأي فيه.

وقال سليمان بن إبراهيم الحافظ: كان ابن مردويه في قلبه شيء على الطبراني، فتلفَّظَ بكلام، فقال له أبو نعيم: كم كتبت يا أبا بكر عنه، فأشار إلى حزم، فقال: ومن رأيت مثله، فلم يقل شيئًا.

قال الحافظ الضياء: ذكر ابن مردويه في تاريخه لأصبهان جماعة وضعَّفهم، وذكر الطبراني فلم يضعفه، فلو كان عنده ضعيفًا لضعَّفه.

قال أبو بكر بن أبي علي المعدل: الطبراني أشهر من أن يدل على فضله وعلمه، كان

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "809"، ومسلم "490"، وأبو داود "889".

ص: 206

واسع العلم، كثير التصانيف، وقيل: ذهبت عيناه في آخر أيامه، فكان يقول: الزنادقة سحرتني. فقال له يومًا حسن العطار -تلميذه- يمتحن بصره: كم عدد الجذوع التي في السقف؟ فقال: لا أدري، لكن نقش خاتمي سليمان بن أحمد.

قلت: هذا قاله على سبيل الدعابة، قال: وقال له مرة: من هذا الآتي؟ يعني ابنه، فقال: أبو ذر -وليس بالغفاري.

ولأبي القاسم من التصانيف: كتاب "السنة" مجلد، كتاب "الدعاء" مجلد، كتاب "الطوالات" مجيليد، كتاب "مسند شعبة" كبير، "مسند سفيان"، كتاب "مسانيد الشاميين"، كتاب "التفسير" كبير جدًّا، كتاب "الأوائل"، كتاب "الرمي"، كتاب "المناسك"، كتاب "النوادر"، كتاب "دلائل النبوة" مجلد، كتاب "عشرة النساء"، وأشياء سوى ذلك لم نقف عليها، منها:"مسند عائشة"، "مسند أبي هريرة"، "مسند أبي ذر"، "معرفة الصحابة"، "العلم"، "الرؤية"، "فضل العرب"، "الجود"، "الفرائض"، "مناقب أحمد"، كتاب "الأشربة"، كتاب "الألوية في خلافة أبي بكر وعمر" وغير ذلك، وقد سمَّاها على الولاء الحافظ يحيى بن منده، وأكثرها مسانيد حفَّاظ وأعيان ولم نرها.

ولم يزل حديث الطبراني رائجًا نافقًا مرغوبًا فيه، ولا سيما في زمان صاحبه ابن ريذه، فقد سمع منه خلائق، وكتب السلفي عن نحو مائة نفس منهم، ومن أصحاب ابن فاذشاه، وكتب أبو موسى المديني، وأبو العلاء الهمذاني، عن عدة من بقاياهم، وازدحم الخلق على خاتمتهم فاطمة الجوزدانيه، الميتة في سنة أربع وعشرين وخمس مائة، وارتحل ابن خليل والضياء، وأولاد الحافظ عبد الغني، وعدة من المحدثين في طلب حديث الطبراني، واستجازوا من بقايا المشيخة لأقاربهم وصغارهم، وجلبوه إلى الشام ورووه ونشروه، ثم سمعه بالإجازة العالية ابن جعوان، والحارثي، والمزي، وابن سامة، والبرزالي، وأقرانهم، ورووه في هذا العصر، وأعلى ما بقي من ذلك بالاتصال معجمه الصغير، فلا تفوتوه -رحمكم الله.

وقد عاش الطبراني مائة عام وعشرة أشهر.

قال أبو نعيم الحافظ: توفي الطبراني لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستين وثلاث مائة بأصبهان، ومات ابنه أبو ذر في سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، عن نيف وستين سنة.

أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن العطار، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا علي بن سعيد بن فاذشاه، ومحمد بن أبي زيد قالا: أخبرنا محمود ابن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن محمد

ص: 207

بن فاذشاه، حدَّثنا سليمان بن أحمد، حدَّثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا أبو عاصم، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة ومعه رجل؛ إذ لعن ناقته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين اللاعن ناقته" قال: ها أنذا. قال: "أخِّرها فقد أجبت فيها"

(1)

.

أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود بن أبي منصور، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن مهرة سنة خمس وعشرين وأربع مائة، أخبرنا سليمان الطبراني، حدثنا محمد بن حيان المازني، وأبو خليفة قالا: حدثنا أبو الوليد، حدَّثنا شعبة، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله قال:"من قرأ القرآن في أقلِّ من ثلاث فهو راجز"

(2)

.

قرأت على سليمان بن قدامة القاضي، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، أن خالد بن الوليد فَقَدَ قلنسوة له يوم اليرموك، فقال: اطلبوها، فلم يجدوها، فقال: اطلبوها، فوجدها، فإذا هي قلنسوة خَلِقَة، فقال خالد:"اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلق رأسه، فابتدر الناس جوانب شعره، فسبقتهم إلى ناصيته، فجعلها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالًا وهي معي إلَّا رُزِقْتُ النصر".

ومات في سنة ستين الآجري، وسيأتي، والمعمر أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد الجريجي الطوماري، عن تسع وتسعين سنة، وإمام جامع همذان أبو العباس الفضل بن الفضل الكندي، ومسند بغداد أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري، والبندار، وأبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة المؤدّب، والمحدّث القدوة أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري، والوزير أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد بن العميد صاحب "الترسل الفائق"، والمعمِّر أبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي المقرئ، وشيخ الزهَّاد أبو بكر محمد بن داود الدقي الدينوري، والذي تملَّك دمشق أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي، ثم أسر وبُعِثَ إلى مصر.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 428"، فيه محمد بن عجلان، وهو صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

ضعيف بهذا اللفظ: لانقطاعه بين أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأبيه، فإنه لم يسمع منه، لكن قد ورد النهي عن قراءته في أقلّ من ثلاث. فيما رواه سعيد بن منصور عن ابن مسعود:"اقرءوا القرآن في سبع، ولا تقرؤه في أقلّ من ثلاث .... " ذكره الحافظ في "الفتح""9/ 83"، وقال: إسناده صحيح. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص عن قراءته في أقلّ من ثلاث. وهو في صحيح مسلم.

ص: 208

‌3286 - البَلْخِيّ

(1)

:

شيخ الحنفية، أبو جعفر بن عبد الله بن محمد البلخي، من يضرب به المثل، ويلقَّب بأبي حنيفة الصغير.

حدَّث عن محمد بن عقيل البلخي، وتفقَّه بأبي بكر محمد بن أبي سعيد. أخذ عنه أئمة.

ويُعْرَف أيضًا بالهندواني، من أهل محلة باب هندوان.

مات في سنة اثنتين وستين وثلاث مائة في عشر السبعين.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 394"، والعبر "2/ 328"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 69"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 41".

ص: 209

‌3287 - ابن هاني

(1)

:

شاعر العصر، أبو الحسن محمد بن هاني الأزدي المهلّبي الأندلسي، يقال: إنه من ذرية المهلب، وكان أبوه شاعرًا أيضًا، ويكنَّى محمد أبا القاسم أيضًا.

مولده بإشبيلية، وكان ذا حظوة عند صاحب إشبيلية، ونظمه بديع في الذروة، وكان حافظًا لأشعار العرب وأيامها، لكنه فاسق خمِّير، يُتَّهَم بدين الفلاسفة، فهرب لما هموا به إلى العدوة، فاتصل بالمعز العبيديّ فأنعم عليه، وشرب عند قوم، فخنق في رجب سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وهو في عشر الخمسين.

وديوانه كبير، وفيه مدائح تفضي به إلى الكفر، وهو من نظراء المتنبي، وقيل: بل عاش ستًا وثلاثين سنة.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 92"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 668"، والعبر "2/ 328"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 67"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 41".

ص: 209

‌3288 - الصوناخي

(1)

:

الإمام المحدِّث، أبو الفضل، صدِّيق بن سعيد التركي الصوناخي، وصوناخ: قرية من عمل إسبيجاب.

قَدِمَ من بلاده، فأخذ ببخارى عن سهل بن شاذويه، وعن حامد بن سهل، وصالح بن محمد الحافظ، وأخذ بسمرقند عن محمد بن نصر المروزي الفقيه تصانيفه.

مات بفرياب سنة نيف وخمسين وثلاث مائة، قاله ابن السمعاني في الأنساب.

‌3289 - الفَرْغَاني

(2)

:

الأمير العالم، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن جعفر بن خذيان التركي الفرغاني، صاحب التاريخ المذيِّل على تاريخ محمد بن جرير الطبري.

حدَّث بدمشق عن ابن جرير، وعلي بن الحسن بن سليمان، وغيرهما.

روى عنه أبو الفتح بن مسرور، وأبو سليمان بن زبر، والدارقطني، وعبد الغني، وتَمَّام الرازي.

وثَّقه ابن مسرور، قال يحيى بن الطحان: مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.

‌3290 - الجابري

(3)

:

صاحب الجزء المشهور، أبو محمد عبد الله بن جعفر بن إسحاق بن علي بن جابر الجابري الموصلي، الذي لقيه أبو نعيم الحافظ بالبصرة في سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

ما عرفت من حاله شيئًا.

تفرَّد بالرواية عن محمد بن أحمد بن أبي المثنَّى الموصلي صاحب جعفر بن عون.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 112"، واللباب لابن الأثير "2/ 251"، وميزان الاعتدال "2/ 314"، ولسان الميزان "3/ 189".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 389"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 402".

(3)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "1/ 247"، والعبر "2/ 322"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 37".

ص: 210

‌3291 - الآجُريّ

(1)

:

الإمام المحدِّث القدوة، شيخ الحرم الشريف، أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي الآجري، صاحب التواليف، منها: كتاب "الشريعة في السنة" كبير، وكتاب "الرؤية"، وكتاب "الغرباء"، وكتاب "الأربعين"، وكتاب "الثمانين"، وكتاب "آداب العلماء"، وكتاب "مسألة الطائفين"، وكتاب "التهجد"، وغير ذلك.

سمع أبا مسلم الكجِّي، وهو أكبر شيخ عنده، ومحمد بن يحيى المروزي، وأبا شعيب الحراني، وأحمد بن يحيى الحلواني، والحسن بن علي بن علويه القطان، وجعفر بن محمد الفريابي، وموسى بن هارون، وخلف بن عمرو العكبري، وعبد الله بن ناجية، ومحمد بن صالح العكبري، وجعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، وعبد الله بن العباس الطيالسي، وحامد بن شعيب البلخي، وأحمد بن سهل الأشناني المقرئ، وأحمد بن موسى بن زنجويه القطان، وعيسى بن سليمان ورَّاق داود بن رشيد، وأبا علي الحسن بن الحباب المقرئ، وأبا القاسم البغوي، وابن أبي داود، وخلقًا سواهم.

وكان صدوقًا خيِّرًا عابدًا، صاحب سنة واتباع.

قال الخطيب: كان دَيِّنًا ثقة، له تصانيف. قلت: حدَّث عنه عبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم بن بشران، والمقرئ أبو الحسن الحمامي، وأبو نعيم الحافظ، وخلق من الحُجَّاجِ والمجاورين.

مات بمكة في المحرم سنة ستين وثلاث مائة، وكان من أبناء الثمانين رحمه الله ورضي عنه.

أخبرتنا ست الأهل بنت علوان سنة سبع مائة، أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم، أخبرنا عبد الحق اليوسفي، وأخبرنا محمد بن أبي بكر الأسدي غير مرة، أخبرنا يوسف بن محمود، أخبرنا أبو طاهر السلفي قالا: أخبرنا عليّ بن محمد بن العلّاف، أخبرنا عبد الملك ابن محمد الواعظ، أخبرنا أبو بكر الآجري، حدثنا خلف بن عمرو العكبري، حدثنا الحميدي، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 243"، والأنساب للسمعاني "1/ 94"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 55" ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 623"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 888"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 60"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 35".

ص: 211

هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الرجل انقطع عمله إلَّا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة جارية، وعلم ينتفع به"

(1)

.

هذا حديث صالح الإسناد على شرط مسلم، لا البخاري.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد، أخبرنا زين الأمناء أبو البركات بن عساكر، أخبرنا المبارك بن علي البزاز، أخبرنا علي بن محمد، أخبرنا عبد الملك بن محمد، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، حدثنا محمد بن الليث الجوهري، حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، حدثنا قبيصة بن الليث، عن مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع الرجل صوته بالقراءة قبل العتمة أو بعدها"

(2)

.

غريب، من الأفراد.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 372"، ومسلم "1631"، والبخاري في "الأدب المفرد""38"، وأبو داود "3880"، والترمذي "1376"، والنسائي "6/ 251"، والطحاوي في "مشكل الآثار""246"، والبيهقي "6/ 278"، والبغوي "139" من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به.

(2)

منكر: آفته الحارث؛ وهو ابن عبد الله الأعور، وهو ضعيف، ومتن الحديث ظاهر النَّكارة لكل من أترع قلبه بعشق السنة المشرّفة، وأنعم النظر في دواوينها الصحيحة بَلْه الضعيفة.

ص: 212

‌3292 - ابن كِيسَان

(1)

:

المعمّر الثقة النحوي، أبو محمد، الحسن بن محمد بن أحمد بن كسيان الحربي.

سمع إسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وجماعة.

وعنه: أبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ.

توفِّي في شوال سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. وثَّقه بعض الأئمة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 422"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 49"، والعبر "2/ 311"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 27".

ص: 212

‌3293 - القِرْمِيسيني

(1)

:

المحدِّث الصادق الصالح، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن حسن القرميسيني الجوَّال الرحَّال.

سمع الكُدَيْمي، وبشر بن موسى، وأبا عبد الرحمن النسائي، وعبد الرحمن بن القاسم الروَّاس، وطبقتهم.

حدَّث عنه: الدارقطني، والحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو الحسن بن الحمّامي، وآخرون.

توفِّي بالموصل في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. قال الخطيب: كان ثقة صالحًا.

‌3294 - ابن العَمِيد

(2)

:

الوزير الكبير، أبو الفضل، محمد بن الحسين بن محمد الكاتب، وزير الملك، ركن الدولة الحسن بن بويه الدَّيْلَمي.

كان عجبًا في التَّرَسُّل والإنشاء والبلاغة، يُضْرَب به المثل، ويقال له: الجاحظ الثاني، وقيل: بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد. وقد مدحه المتنبي فأجازه بثلاثة آلاف دينار.

وكان مع سمعة فنونه لا يدري ما الشرع، وكان متفلسِفًا متَّهَمًا بمذهب الأوائل.

وكان إذا تكلَّم فيه بحضرته شقَّ عليه ويسكت، ثم يأخذ في شيء آخر.

وكان ابن عبَّاد يصحبه ويلزمه، ومن ثَمَّ لُقِّب بالصاحب.

مات سنة ستين وثلاث مائة، فوَزَرَ بعده ابنه أبو الفتح علي، وعمره اثنتان وعشرون سنة، وكان ذكيًّا غزير الأدب، تياهًا، ولقِّبَ ذا الكفايتين، وله نظم رائق ثم عذب، وقُتِلَ في ربيع الأخر سنة ست وستين وثلاث مائة، بعد أن سَمَلَ عضد الدولة عينه الواحدة، وقطع أنفه، وله نظم جيد.

‌3295 - الدُّقِّي

(3)

:

شيخ الصوفية والزُّهَّاد، أبو بكر محمد بن داود الدينوري الدقي، شيخ الشاميين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 14".

(2)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 697"، والعبر "2/ 317"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 60"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 31".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 266"، والأنساب للسمعاني "5/ 327"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 56"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 63".

ص: 213

قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد، وحدَّث عن سعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأبي بكر الخرائطي، وحكى عن أبي محمد الجريري، وأبي عبد الله بن الجلاء، وأبي بكر الدقاق.

حكى عنه عبد الوهاب الميداني، وبكير بن محمد، وأبو الحسن بن جهضم، وعبدان المنبجي، وعبد الواحد بن بكر، وآخرون.

قال السلمي: عمَّر فوق مائة سنة، وكان من أَجَلِّ مشايخ وقته، وأحسنهم حالًا.

قال أبو نصر السَّرَّاج: حكى أبو بكر الدُّقِّي قال: كنت بالبادية، فوافيت قبيلة، فأضافني رجل، فرأيت غلامًا أسود مقيدًا، ورأيت جمالًا ستة، فقال الغلام: اشفع لي. قلت: لا آكل حتى تحله. قال: إنه أفقرني. قلت: ما فعل؟ قال: له صوت طيب، فحدا لهذه الجمال وهي مثقلة حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلمَّا حطَّ عنها ماتت كلها، ولكن قد وهبته لك. فلمَّا أصبحت أحببت أن أسمع صوته، فسألته، وكان هناك جمل يستقى عليه، فحدا، فهام الجمل على وجهه، وقطع حباله، ولم أظن أنِّي سمعت أطيب من صوته، ووقعت لوجهي.

مات الدقي في سابع جمادى الأولى سنة ستين وثلاث مائة.

ص: 214

‌3296 - ابن أبي يعلى

(1)

:

الشريف المعظّم، أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي الدمشقي.

ثار بدمشق، والتفَّ عليه الأحداث والشطَّار، وتملَّك بدمشق، وقطع دعوة المعزّ، ودعا إلى الخليفة المطيع في آخر سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، استفحل امره، فأقبل جيش المعزّ فالتقوا، فهرب الشريف، وطلب العراق، فأسره عند تدمر الأمير ابن عليان العدوي، فأعطاه جعفر بن فلاح المعزّى مائة ألف، وشُهِرَ الشريف على جمل في هيئة مسخرة، ثم لان له، وعنف من أسره، وكان الخلق يدعون له، فبُعِثَ إلى المعزِّ واختفى خبره.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 319"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 35".

ص: 214

‌3297 - الفرائِضِيّ:

المحدِّث الإمام، أبو علي، الحسين بن إبراهيم بن جابر بن أبي الزمزام الدمشقي الفرائضي الشاهد.

سمع عبد الرحمن بن الروَّاس، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، ومحمد بن المعافى الصيداوي، وطبقتهم فأكثر.

روى عنه: محمد بن عوف المزني، وعلي بن بشرى، ومكي بن الغمر، ومكي بن محمد المؤدّب، وثريَّا بن أحمد الألهاني، وآخرون.

وثَّقه الكتَّاني وقال: مات في شوال سنة ثمان وستين وثلاث مائة رحمه الله.

‌3298 - فاروق

(1)

:

ابن عبد الكبير بن عمر، المحدّث المعمّر، مسند البصرة، أبو حفص الخطَّابي البصري.

سمع هشام بن علي السيرافي، وعبد الله بن أبي قريش، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، وأبا مسلم الكجي، وطائفة، وتفرَّد في وقته، ورُحِلَ إليه.

حدَّث عنه: أبو بكر محمد بن أبي علي الذكواني، وأحمد بن محمد بن الصقر البغدادي، وعلي بن عبدكويه، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون. وما به بأس. بقي إلى سنة إحدى وستين وثلاث مائة.

‌3299 - والنَّقَويّ

(2)

:

عاش أيضًا إلى هذا الوقت، وهو المعمّر، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الصنعاني، صاحب إسحاق الدبري، أكثر عنه، وسمع جامع عبد الرزاق.

حدَّث عنه بمكة بعد العشرين وأربع مائة محمد بن الحسن الصنعاني.

وقيل: عاش إلى سنة سبع وستين.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 357"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 74".

(2)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 323"، والعبر "2/ 358"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 57".

ص: 215

‌3300 - البَربَهَاريّ

(1)

:

الشيخ المعمر المسند الرحلة، أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر البربهاري، ثم البغدادي.

وُلِدَ سنة ست وستين ومائتين.

سمع محمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن الفرج الأزرق، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب تمتامًا، ومحمد بن سليمان الباغندي، وعلي بن الفضل، وجماعة.

وانتخب عليه الدارقطني جزئين.

حدَّث عنه: ابن رزقويه، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني، وعبيد الله بن عمر بن شاهين، وطائفة.

قال أبو نعيم: كان يقول لنا الدارقطني: اقتصروا من حديث أبي بحر على ما انتخبته حسب.

وقال ابن الفوارس: فيه نظر.

وقال البرقاني: حضرت عند أبي بحر، فقال لنا ابن السرخسي: سأريكم أنَّ الشيخ كذَّاب، فقال له: فلان بن فلان ينزل المكان الفلاني، أسمعت منه؟ فقال: نعم. قال البرقاني: ولم يكن لذاك وجود.

وقال ابن أبي الفوارس: توفِّي لأربع بَقَيْن من جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وثلاث مائة. قال: وكان مخلطًا، وله أصول جياد، وله شيء رديء.

قلت: الجزآن يرويهما ابن خليل واليلداني بعلوّ، والله أعلم.

وفيها مات مفتي البصرة، أبو حامد أحمد بن بشر المروروذي الشافعي، وأبو إسحاق المزكي، وإسماعيل بن ميكال، وسعيد بن القاسم البرذعي المرابط، وعبد الملك بن الحسن بن السقطي، وأبو عمر بن فضالة، وفقيه بلخ أبو جعفر محمد بن عبد الله الهنداوي الحنفي، وشاعر الأندلس محمد بن هاني الأزدي الفاسق.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 209"، والأنساب للسمعاني "2/ 125"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 63"، وميزان الاعتدال "3/ 519"، ولسان الميزان "5/ 131"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 41".

ص: 216

‌3301 - غلام الخَلَّال

(1)

:

الشيخ الإمام العلامة، شيخ الحنابلة، أبو بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الفقيه، تلميذ أبي بكر الخلَّال. وُلِدَ سنة خمس وثمانين ومائتين.

وسمع في صباه من محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، والفضل بن الحباب الجمحي، وجعفر الفريابي، وأحمد بن محمد بن الجعد الوشّاء، والحسين بن عبد الله الخرقي الفقيه، وجماعة، وقيل: إنه سمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولم يصح ذلك.

حدَّث عنه: أحمد بن الجنيد الخطبي، وبشرى بن عبد الله الفاتني، وغيرهما.

وروى عنه بالإجازة أبو إسحاق البرمكيّ.

وتفقَّه به ابن بطة، وأبو إسحاق بن شاقلا، وأبو حفص العُكْبَري، وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البرمكي، وأبو عبد الله بن حامد.

وكان كبير الشأن، من بحور العلم، له الباع الأطول في الفقه، ومن نظر في كتابه الشافعيّ عرف محله من العلم، لولا ما بشعه بغض بعض الأئمة، مع أنه ثقة فيما ينقله.

قال أبو حفص البرمكي: سمعته يقول: سمع منِّي شيخنا أبو بكر الخلَّال نحوًا من عشرين مسألة، وأثبتها في كتبه.

قال القاضي أبو يعلى: كان لأبي بكر عبد العزيز مصنَّفات حسنة، منها: كتاب "المقنع"، وهو نحو مائة جزء، وكتاب "الشافي" نحو ثمانين جزءًا، وكتاب "زاد المسافر"، وكتاب "الخلاف مع الشافعي"، وكتاب "مختصر السنة"، وروي عنه أنه قال في مرضه: أنا عندكم إلى يوم الجمعة. فمات يوم الجمعة، ويذكر عنه عبادة وتأله وزهد وقنوع.

وذكر أبو يعلى أنه كان معظمًا في النفوس، متقدمًا عند الدولة، بارعًا في مذهب الإمام أحمد.

قلت: ما جاء بعد أصحاب أحمد مثل الخلَّال، ولا جاء بعد الخلَّال مثل عبد العزيز، إلَّا أن يكون أبا القاسم الخرقي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 459"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 71"، والعبر "2/ 230"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 105"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 45".

ص: 217

قال ابن الفراء: توفِّي في شوال سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، وله ثمان وسبعون سنة، في سنِّ شيخه الخلَّال، وسنّ شيخ شيخه أبي بكر المروذي، وسنِّ شيخ المروذي الإمام أحمد.

وفيها مات: جُمَح بن القاسم المؤذّن بدمشق، وأبو بكر محمد بن أحمد الرملي ابن النابلسي الشهيد، وأبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري، والحافظ أبو العباس محمد بن موسى السمسار، ومظفر ابن حاجب الفرغاني بدمشق، وأبو حنيفة النعمان بن محمد قاضي العبيدية، صنَّف كثيرًا في الزندقة، ونحلة الباطنية.

أخبرنا المؤمّل بن محمد البالسي وغيره إذنًا قالوا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثنا أحمد بن الجنيد الخطبي، حدثنا أبو بكر عبد العزيز بن جعفر، حدثنا علي بن طيفور، حدثنا قتيبة، حدثنا عبد الوارث، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خيركم من تَعَلَّم القرآن وعلَّمه"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 503"، وأحمد "1/ 153"، والترمذي "2909"، والبزار "698"، وابن الضُرِّيس في "فضائل القرآن""137"، وابن عدي في "الكامل""4/ 305"، والخطيب في "تاريخ بغداد""10/ 459" من طرق، عن عبد الواحد بن زياد، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، به.

قلت: إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وهو أبو شيبة الواسطي، وفيه النعمان بن سعد، مجهول.

لكن للحديث شاهد عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلَّمه" أخرجه عبد الرزاق "5995"، وأحمد "1/ 58"، والبخاري "5028"، والترمذي "2908"، وابن ماجه "212"، والنسائي في "الكبرى""8038"، وابن الضريس في "فضائل القرآن""136"، "139" من طريق إلى عبد الرحمن السلمي، عن عثمان، به.

قلت: إسناده صحيح، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، اسمه: عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي القارئ.

ص: 218

‌3302 - الشَّمْشَاطي:

الخطيب المقرئ، أبو بكر محمد بن جعفر بن أحمد الشمشاطي، نزيل واسط.

قرأ على عمرو بن عيسى الأدمي، صاحب خلف البزار.

تلا عليه منصور بن محمد السندي بواسط في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

وحدَّث عن أبي شعيب الحرَّاني، والفريابي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ويوسف القاضي، وعدة.

حدَّث عنه: الحسين بن أحمد التباني، وأحمد بن محمد بن سمنان المؤدّب، تقع روايته في مجلس التباني، وثَّقه خميس الحوزي.

ص: 218

‌3303 - ابن نُجَيْد

(1)

:

الشيخ الإمام القدوة المحدّث الباني، شيخ نيسابور، أبو عمرو إسماعيل بن نُجَيْد ابن الحافظ أحمد بن يوسف بن خالد السلمي النيسابوري الصوفِّي، كبير الطائفة، ومسند خرسان.

مولده في سنة اثنتين وسبعين ومائتين.

سمع أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن أيوب البجلي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وإبراهيم بن أبي طالب، وعلي بن الجنيد الرازي، وجعفر بن أحمد بن نصر، وجماعة، وله جزء من أعلى ما سمعناه.

حدَّث عنه: سبطه؛ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر أحمد بن عبد الرحمن الصفَّار، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي، وعبد القاهر بن طاهر الأصولي، وأبو نصر عمر بن قتادة، وأبو العلاء صاعد بن محمد القاضي، وأبو نصر محمد بن عبدش، وأبو حفص عمر بن مسرور، وآخرون.

ومن محاسنه أنَّ شيخه الزاهد أبا عثمان الحيري طلب في مجلسه مالًا لبعض الثغور، فتأخَّر، فتألَّم وبكى على رءوس الناس، فجاءه ابن نجيد بألفي درهم، فدعا له، ثم إنه نوَّه به، وقال: قد رجوت لأبي عمرو بما فعل، فإنه قد ناب عن الجماعة، وحمل كذا وكذا، فقام ابن نجيد وقال: لكن إنما حملت من مال أمي، وهي كارهة، فينبغي أن تردَّه لترضى، فأمر أبو عثمان بالكيس فرُدَّ إليه، فلمَّا جنَّ الليل جاء بالكيس، والتمس من الشيخ ستر ذلك، فبكى، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همة أبي عمرو.

وقال الحاكم: ورث أبو عمرو من آبائه أموالًا كثيرة، فأنفق سائرها على العلماء والزهاد، وصحب أبا عثمان الحيري والجنيد، وسمع من الكجي وغيره.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: جدِّي له طريقة ينفرد بها من صون الحال وتلبيسه، سمعته يقول: كل حال لا يكون عن نتيجة علم وإن جَلَّ، فإن ضرره على صاحبه أكبر من نفعه.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 84"، والعبر "2/ 336"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 127"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 50".

ص: 219

وسمعته يقول: لا يصفو لأحد قدم في العبودية حتى تكون أفعاله عنده كلها رياء، وأحواله كلها عنده دعاوى.

وقال جدِّي: من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق سهل عليه الإعراض عن الدنيا وأهلها. وسمعت أبا عمرو بن مطر يقول: سمعت أبا عثمان الحيري، وخرج من عنده ابن نجيد يقول: يلومني الناس في هذا الفتى، وأنا لا أعرف على طريقته سواه، وربما هو خلفي من بعدي.

وقال بعض المشايخ لي: جدّك من الأوتاد.

توفَّي ابن نجيد في ربيع الأول سنة خمس وستين وثلاث مائة، عن ثلاث وتسعين سنة.

ومات معه ابن عدي، وأحمد بن جعفر الختلي، وأحمد بن نصر الذارع الواهي، وأبو علي الحسن بن منير الدمشقي، والحافظ أبو علي الماسرجسي، وأبو بكر القفّال الشاشي، والمعز صاحب القاهرة، ومنصور بن عبد الملك الساماني صاحب ما وراء النهر.

ص: 220

‌3304 - الشهيد

(1)

:

الإمام القدوة الشهيد، أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل الرملي، ويُعْرَف بابن النابلسي.

حدَّث عن سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن أحمد بن شيبان الرملي.

روى عنه تَمَّام الرازي، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن عمر الحلبي.

قال أبو ذَر الحافظ: سجنه بنو عبيد وصلبوه على السنة، سمعت الدارقطني يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يسلخ {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسراء: 58] قال أبو الفرج بن الجوزي: أقام جوهر القائد لأبي تميم صاحب مصر، أبا بكر النابلسي، وكان ينزل الأكواخ، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهمٍ وجب أن يرمي في الروم سهمًا، وفينا تسعة. قال: ما قلت هذا، بل قلت: إذا كان معه عشرة أسهم

(1)

ترجمته في العبر "2/ 330"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 46".

ص: 220

وجب أن يرميكم بتسعة، وأن يرمي العاشر فيكم أيضًا، فإنكم غَيِّرْتم الملة، وقتلتم الصالحين، وادَّعَيْتم نور الإلهية، فشهره ثم ضربه، ثم أمر يهوديًّا فسلخه.

قال ابن الأكفاني: توفِّي العبد الصالح الزاهد أبو بكر بن النابلسي، كان يرى قتال المغاربة، هرب من الرملة إلى دمشق، فأخذه متوليها أبو محمود الكتامي، وجعله في قفص خشب، وأرسله إلى مصر، فلما وصل قالوا: أنت القائل: لو أنَّ معي عشرة أسهم، وذكر القصة فسُلِخَ، وحُشِيَ تبنًا وصُلِبَ.

قال معمر بن أحمد بن زياد الصوفي: أخبرني الثقة، أن أبا بكر سُلِخَ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ الصدر، فرحمه السَّلاخ، فوكزه بالسكين موضع قلبه، فقضى عليه. وأخبرني الثقة أنه كان إمامًا في الحديث والفقه، صائم الدهر، كبير الصولة عند العامَّة والخاصَّة، ولما سُلِخَ كان يسمع من جسده قراءة القرآن، فغلب المغربي بالشام، وأظهر المذهب الردئ، وأبطل التراويح والضحى، وأمر بالقنوت في الظهر، وقتل النابلسي سنة ثلاث، وكان نبيلًا رئيس الرملة، فهرب، فأخذ من دمشق.

وقيل: قال شريف ممن يعانده لما قَدِمَ مصر: الحمد لله على سلامتك. قال: الحمد لله على سلامة ديني وسلامة دنياك.

قلت: لا يُوصَف ما قلب هؤلاء العبيدية الدِّين ظهرًا لبطن، واستولوا على المغرب، ثم على مصر والشام، وسبوا الصحابة.

حكى ابن السعساع المصري، أنه رأى في النوم أبا بكر بن النابلسي بعدما صلب، وهو في أحسن هيئة فقال: ما فعل الله بك؟ فقال:

حباني مالكي بدوام عزٍّ

وواعدني بقرب الانتصار

وقرَّبني وأدناني إليه

وقال انعم بعيش في جواري

ص: 221

‌3305 - النُّعْمَان

(1)

:

العلَّامة المارق، قاضي الدولة العبيدية، أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور المغربي.

كان مالكيًّا فارتدَّ إلى مذهب الباطنية، وصنَّف له "أس الدعوة" ونبذ الدِّين وراء ظهره، وألَّف في المناقب والمثالب، ورَدَّ على أئمة الدين، وانسلخ من الإسلام، فسحقًا له وبعدًا.

ونافق الدولة، لا بل وافقهم.

وكان ملازمًا للمعزِّ أبي تميم منشئ القاهرة.

وله يد طولى في فنون العلوم والفقه والاختلاف، ونفس طويل في البحث، فكان علمه وبالًا عليه.

وصنَّف في الردِّ على أبي حنيفة في الفقه، وعلى مالك والشافعي، وانتصر لفقه أهل البيت، وله كتاب في اختلاف العلماء، وكُتُبه كبار مطوَّلة.

وكان وافر الحشمة، عظيم الحرمة، في أولاده قضاة وكبراء.

وانتقل إلى غير رضوان الله بالقاهرة في رجب سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، ثم ولي ابنه عليّ قضاء الممالك.

ومات محمد والد أبي حنيفة سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة بالقيروان، عن مائة وأربع سنين، ويعد من الأذكياء.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 766"، والعبر "2/ 331"، ولسان الميزان "6/ 167"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 47".

ص: 222

‌3306 - ابن الخشَّاب

(1)

:

الحافظ الأوحد، أبو الفرج أحمد بن القاسم بن عبيد الله بن مهدي البغدادي بن الخشاب، نزيل ثغر طرسوس.

حدَّث بدمشق وغيرها عن محمد بن محمد بن الباغندي، ومحمد بن جرير، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وأبي القاسم البغوي، وأبي جعفر الطحاوي، ومحمد بن الربيع الجيزي، وطبقتهم.

حدَّث عنه تَمَّام الرازي، وبقاء الخولاني، وعبد الوهاب الميداني، ومكي بن الغمر، ومحمد بن عوف المزني، وآخرون.

وقد روى عنه بالإجازة عيسى بن علي الوزير.

مات في صفر سنة أربع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 353"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 48".

ص: 222

‌3307 - الأبزاري

(1)

:

المحدِّث الإمام، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء النيسابوري الورَّاق الأبزاري.

سمع من مسدّد بن قطن، والحسن بن سفيان، وجعفر بن أحمد بن نصر، ومحمد بن محمد الباغندي، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وسعيد بن هاشم الطبراني، وأقرانهم، وأكثر وجوَّد وجَمَّع.

روى عنه ابن منده، والحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي.

قال الحاكم: كان ممن سلم المسلمون من لسانه ويده، طلب الحديث على كبر السنّ، ورحل فيه، سمعت أبا علي الحافظ يمازحه يقول: أنت بهز بن أسد، يريد بثبته وإتقانه، ويقول: هذا الشيخ ما اغتسل من حلال قط، فنقول: يا أبا علي، ولا من حرام.

مات في رجب سنة أربع وستين وثلاث مائة، وكان صادقًا حدَّث بمرويَّاته على القبول.

أبزار من قرى نيسابور.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 120"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 48".

ص: 223

‌3308 - عبد الجَبَّار

(1)

:

ابن عبد الصمد بن إسماعيل، المحدِّث المقرئ، أبو هاشم السلمي الدمشقي المؤدب.

تلا على أبي عبيدة أحمد عبد الله بن ذكوان، وسمع من محمد بن خريم، وأبي شيبة داود بن إبراهيم، وعلي بن أحمد علّان، وجعفر بن أحمد بن عاصم، والقاسم بن عيسى العصار، ومحمد بن المعافى الصيداوي، وسعيد بن عبد العزيز، وخلق كثير بالشام والحجاز ومصر.

حدَّث عنه تَمَّام الرازي، وأبو الحسن بن جهضم، وعلي بن بشرى العطار، ومكي بن الغمر، ومحمد بن عوف، وعبد الوهاب الميداني.

مولده في سنة ست وثمانين ومائتين، وتوفِّي في صفر سنة أربع وستين وثلاث مائة. أرَّخَه الكتَّاني وقال: جمع من المصنفات شيئًا كثيرًا، وكان ثقة مأمونًا، انتقى عليه أحمد بن قاسم بن الخشاب.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 333"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 109"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 48".

ص: 223

‌3309 - القُهُنْدُزي:

الشيخ المعمّر، أبو محمد، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن كامل القهندزي، مسند هراة.

سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، وأبا مسلم الكجي، ويوسف القاضي.

روى عنه: أبو أحمد المعلم، وأبو منصور الديباجي، وعدة.

قال أبو النصر الفامي: مات سنة أربع وستين وثلاث مائة.

‌3310 - ابن عَدِيّ

(1)

:

هو الإمام الحافظ الناقد الجوَّال، أبو أحمد، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك بن القطان الجرجاني، صاحب كتاب "الكامل في الجرح والتعديل" وهو خمسة أسفار كبار.

مولده في سنة سبع وسبعين ومائتين، وأوَّل سماعه كان في سنة تسعين، وارتحاله في سنة سبع وتسعين.

فسمع: بُلول بن إسحاق التنوخي، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، ومحمد بن يحيى المروزي، وأنس بن السلم، وعبد الرحمن بن القاسم بن الرواس الدمشقيين، وأبا خليفه الجمحي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وعمران بن موسى بن مجاشع، والحسن بن محمد المديني، والحسن بن الفرج الغزيّ صاحبي يحيى بن بكير، وجعفر بن محمد الفريابي، وأبا يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان النسوي، وعبدان الأهوازي، وأبا بكر بن خزيمة، والبغوي، وأبا عروبة، وخلقًا كثيرًا في الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان والجبال، وطال عمره، وعلا إسناده، وجرَّح وعدَّل، وصحَّح وعلَّل، وتقدم في هذه الصناعة على لحنٍ فيه يظهر في تأليفه.

حدَّث عنه: شيخه أبو العباس بن عقدة، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبدكويه، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو الحسين أحمد بن العالي، وآخرون.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "225"، والأنساب للسمعاني "3/ 221"، واللباب لابن الأثير "1/ 270"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 893"، والعبر "2/ 337"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 111"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 51".

ص: 224

قال الحافظ ابن عساكر: كان ثقةً على لحن فيه. وقال حمزة بن يوسف: سألت الدارقطني أن يصنِّف كتابًا في الضعفاء، فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ قلت: بلى. قال: فيه كفاية لا يزاد عليه.

بلغني أن ابن عدي صنَّف كتابًا سماه "الانتصار" على أبواب المختصر للمزني.

قال حمزة السهمي: كان ابن عدي حافظًا متقنًا، لم يكن في زمانه أحد مثله، تفرد برواية أحاديث وهب منها لابنيه عدي وأبي زرعة فتفرَّدَا بها عنه.

وقال أبو يعلى الخليلي: كان أبو أحمد عديم النظير حفظًا وجلالة، سألت عبد الله بن محمد الحافظ فقال: زرُّ قميص ابن عدي أحفظ من عبد الباقي بن قانع.

قال الخليلي: وسمعت أحمد بن أبي مسلم الحافظ يقول: لم أر أحدًا مثل أبي أحمد بن عدي فكيف فوقه في الحفظ؟ وكان أحمد هذا لقي الطبراني وأبا أحمد الحاكم، وقال لي: كان حفظ هؤلاء تكلفًا، وحفظ ابن عدي طبعًا، زاد معجمه على ألف شيخ.

وقال أبو الوليد الباجي: ابن عدي حافظ لا بأس به.

قلت: يذكر في الكامل كل من تكلم فيه بأدنى شيء لوكان من رجال الصحيحين، ولكنه ينتصر له إذا أمكن، ويروي في الترجمة حديثًا أو أحاديث مما استنكر للرجل، وهو منصف في الرجال بحسب اجتهاده.

قال حمزة السهمي: مات في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وثلاث مائة.

أخبرنا محمد بن الحسين القرشي بمصر، ويحيى بن أحمد الجذامي بالثغر، قالا: أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا الحسن بن الفرج، حدثني يحيى بن بكير، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر "أن رجلًا لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفى من ولدها، ففرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالمرأة"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5315"، ومسلم "1494"، وأبو داود "2259".

ص: 225

‌3311 - ابن مِيْكَال

(1)

:

الشيخ الإمام الأديب، رئيس خراسان، أبو العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، من ذرية كسرى يزدجرد بن بهرام جور الفارسي، استعمل المقتدر أباه عبد الله على مملكة الأهواز.

سمع من عبدان الأهوازي كتابًا خصَّه به، وسمع من أبي العباس السراج، وابن خزيمة، وعلي بن سعيد العسكري طائفة، وأملى مجالس.

حدَّث عنه: أبو علي الحافظ، وهو أكبر منه، وأبو الحسين الحجاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وعبد الغافر الفارسي.

طلب الأمير عبد الله أبا بكر بن دريد لتأديب ولده هذا، وفيه يقول ابن دريد في المقصورة:

إن ابن ميكال الأمير انتاشني

من بعد ما قد كنت كالشيء اللقى

ومد ضبعي أبو العباس مِن

بعد انقباض الذرع والباع الوزى

نفسي الفداء لأميري ومن

تحت السماء لأميري الفدا

قال الحاكم: سمعت الوضَّاحي يقول: سمعت أبا العباس يذكر صلة ابنه لابن دريد لما عَمِلَ المقصورة، فقلت: ما وصل اليه منك؟ قال: لم تصل يدي إذ ذاك إلَّا إلى ثلاث مائة دينار، وضعتها بين يديه.

قال الحاكم: عُرِضَت عليه ولايات جليلة فامتنع، وتوفي في صفر سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وله اثنتان وتسعون سنة.

قلت: سماعه من عبدان في سنة ثمان وتسعين ومائتين.

وقع لنا جزءان عاليان في طريقه

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 283"، والعبر "2/ 327"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 41".

ص: 226

‌3312 - ابن فَضَالة

(1)

:

الشيخ المسند المحدث، أبو عمر، محمد بن موسى بن فضالة بن إبراهيم بن فضالة بن كثير الأموي القرشي، مولى الخليفة عمر بن عبد العزيز.

دمشقي معروف، له جزء سمعناه.

سمع أبا قصي إسماعيل العذري، وأحمد بن أنس، والحسين بن محمد بن جمعة، وعبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، والحسن بن الفرج الغزي، وأبا القاسم البغوي حدثه بمكة، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وطائفة.

حدَّث عنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأبو نصر بن الجندي، ومكي بن الغمر، ومحمد بن رزق الله، ومحمد بن عبد السلام بن سعدان.

أرَّخ عبد العزيز الكتاني وفاته في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وقال: تكلموا فيه.

قرأت على خديجة بنت يوسف، أخبركم محمد بن هبة الله، أخبرنا إبراهيم بن الحسن الحصني، والخضر بن شبل الحارثي، وقرأت على الحسن بن علي، أخبرك جعفر بن علي، أخبرنا السلفي قالوا: أخبرنا محمد بن الحسين الحنائي، وعلي بن الحسن الموازيني، قالا: أخبرنا محمد بن عبد السلام بن سعدان، أخبرنا محمد بن موسى بن فضالة، حدثنا الحسين بن جمعة، حدثنا سعيد بن منصور بمكة سنة خمس وعشرين ومائتين، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن الحجاج بن دينار، عن الحكيم، عن حجية بن عدي، عن علي "أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخَّص له في ذلك"

(2)

.

وعند زين الأمناء جزء لابن فضالة غير الذي عند الشيرازي، والجزء الأول من أمالي ابن فضالة عن الحافظ قاسم بن عساكر.

ومن شيوخه: أبوه موسى، يروي عن سليمان بن بنت شرحبيل.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 328"، وميزان الاعتدال "4/ 51"، ولسان الميزان "5/ 400"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 69"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 41".

(2)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 104"، وابن سعد "4/ 26"، وأبو داود "1624"، والترمذي "678"، وابن ماجه "1795"، والدارمي "1/ 385"، وابن خزيمة "2331"، والدارقطني "2/ 123"، والحاكم "3/ 332"، والبيهقي "4/ 111"، والبغوي "1577"، من طرق عن سعيد بن منصور، به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وحسَّنه البغوي.

وقال أبو داود: روى هذا الحديث هشيم عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم "مرسلًا"، وحديث هشيم أصحّ. يعني من حديث الباب، وقال مثل ما قال أبو داود الدارقطني في "السنن""2/ 124"، وفي "العلل""3/ 189"، والبيهقي "4/ 111".

وللحديث شواهد يتقوَّى بها عند الدارقطني "2/ 123 - 125".

قال البغوي: واختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل تمام الحول، فذهب أكثرهم إلى جوازه، وهو قول الزهري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقال الثوري: أحب أن لا تعجل. وذهب قوم إلى أنه لا يجوز التعجيل، ويعيد لو عجَّل، وهو قول الحسن، ومذهب مالك، واتفقوا على أنه لا يجوز إخراجها قبل كمال النصاب، ولا يجوز تعجيل صدقة عامين عند الأكثرين.

ص: 227

‌3313 - ابن القَطَّان

(1)

:

من كبراء الشافعية، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي.

قال الخطيب: له مصنفات في أصول الفقه وفروعه، مات سنة تسع وخمسين وثلاث مائة.

ذكره مختصرًا.

تفقَّه بابن سريج، ثم بابي إسحاق المروزي، وتصدَّر للإفادة، واشتهر اسمه، وذكره أبو إسحاق في الطبقات.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 365"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 24"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 28".

ص: 228

‌3314 - ابن حَيُّويه

(1)

:

الشيخ الإمام المعمّر الفقيه الفرضي القاضي، أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري، ثم المصري الشافعي.

قَدِمَ مصر صغيرًا، وسمعه عمه الحافظ يحيى بن زكريا الأعرج من بكر بن سهل الدمياطي، والإمام أبي عبد الرحمن النسائي، وأبي بكر أحمد بن عمرو البزار، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف، وجماعة، وأخذ عن عمه.

حدَّث عنه عبد الغني الحافظ، وعلي بن محمد الخراساني القياس، وهارون بن يحيى الطحان، ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر، ومحمد بن الحسين الطفال، وآخرون.

وثَّقه ابن ماكولا فقال: كان ثقة نبيلًا، ذكر أنه ولد سنة ثلاث وسبعين ومائتين.

وقال ابن عساكر أيضًا: روى عن محمد بن جعفر بن أعين، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وأبي يعقوب المنجنيقي.

وأخذ عنه الدراقطني وقال: كان لا يترك أحدًا يتحدّث في مجلسه. وقال: جئت إلى شيخ عنده الموطأ، فكان يقرأ عليه وهو يتحدث، فلمَّا فرغ قلت: أيها الشيخ، يقرأ عليك وأنت تتحدث?! فقال: قد كنت أسمع. قال: فلم أعد إليه.

قلت: كذا شيوخ الحديث اليوم، إن لم ينعسوا تحدثوا، وإن عوتبوا قالوا: قد كنَّا نسمع، وهذه مكابرة.

توفي ابن حيوية في رجب سنة ست وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 360"، والعبر "2/ 342"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 128"، وشذرات الذهب "3/ 57".

ص: 229

‌3315 - السَّرَّاج

(1)

:

الإمام المحدث القدوة، شيخ الإسلام، أبو الحسن، محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل النيسابوري المقرئ.

ارتحل وسمع من أبي شعيب الحرَّاني، والحسن بن المثنَّى العنبري، وموسى بن هارون، ومحمد بن عبد الله مطين، ويوسف القاضي، وهذه الطبقة.

حدث عنه: الحاكم، وأبو سعد الماليني، وأبو الحسين بن العالي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشاط، ومحمد بن القاسم الماوردي القُلُوسِي، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الجوري، وخلق سواهم.

قال الحاكم: قلَّ ما رأيت أكثر اجتهادًا وعبادة منه، وكان يعلم القرآن، وما أشبه حاله إلَّا بحال أبي يونس القوي الزاهد، صلى حتى أقعد، وبكى حتى عمي.

حدَّث أبو الحسن رحمه الله من أصول صحيحه، سمعته يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فتبعته حتى دخل، فوقف على قبر يحيى بن يحيى وتقدَّم وصفَّ خلفه جماعة من الصحابة، وصلى عليه، ثم التفت فقال: هذا القبر أمان لأهل هذه المدينة.

قال الحاكم: توفي يوم عاشوراء سنة ست وستين وثلاث مائة.

قلت: هو من أبناء التسعين.

وفيها مات ابن حيوية النيسابوري بمصر، والمحدّث أبو الفضل الشَّرْمَقاني، وصاحب دمشق الحسن بن أحمد الجنابي القرمطي، وركن الدولة الحسن بن بويه ملك العجم، والمستنصر بالله حكم صاحب الأندلس، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد المعدّل بنيسابور.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 86"، والعبر "2/ 342"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 128"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 57".

ص: 229

‌3316 - ابن مَطَر

(1)

:

الشيخ الإمام القدوة العامل المحدّث، أبو عمرو، محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري المزكي، شيخ العدالة.

سمع: أبا عمرو أحمد المستملي، وإبراهيم بن علي الذهلي، ومحمد بن أيوب البجلي، وأبا خليفة الجمحي، ومحمد بن جعفر الكوفي القتات، ومحمد بن يحيى المروزي وطبقتهم، وكان ذا حفظ وإتقان.

حدَّث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو الحسين الحجاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، وأبو نصر بن قتادة، وآخرون، وحدَّث عنه من القدماء: أبو العباس بن عقدة.

قال الحاكم: وأعجب من ذلك، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أبو الحسن الشافعي، حدثنا أبو عمرو بن مطر -وقد ماتا قبله بدهر- قال: وهو الذي انتقى الفوائد على أبي العباس الأصم، فأحيا الله علم الأصم بتلك الفوائد، فإن الأصم أفسد أصوله، واعتمد على كتاب ابن مطر

إلى أن قال الحاكم: وقلَّ ما رأيت أصبر على الفقر من أبي عمرو، وكان يتجمَّل بدست ثياب للجمعات وحضور المجلس، ويلبس في بيته فروة ضعيفة، ويأكل رغيفًا وبصلة أو جزرة، وبلغني أنه كان يحيي الليل ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويضرب اللبن لقبور الفقراء، لم أر في مشايخنا له في الاجتهاد نظيرًا رحمه الله.

توفِّي في جمادى الآخرة سنة ستين وثلاث مائة، عن خمس وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 56"، والعبر "2/ 316"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 62"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 31".

ص: 230

‌3317 - المزَكِّي

(1)

:

الإمام المحدّث القدوة، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه النيسابوري المزكي، شيخ بلده ومحدّثه.

سمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا العباس الثقفي، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وموسى بن العباس الجويني، وأبا حامد الأعمشي، وزنجويه اللبَّاد، وأبا نعيم بن عدي، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبا العباس الدغولي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلقًا سواهم.

قال الحاكم: أملى عدة سنين، وكنَّا نعد في مجلسه أربعة عشر محدثًا؛ منهم: أبو العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم.

قلت: روى عنه الحاكم، وابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وأبو علي بن شاذان، وابنه محمد بن إبراهيم المزكّي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو طالب بن غيلان، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا مكثرًا، مواصلًا للحج، انتخب عليه الدارقطني، وكتب الناس عنه علمًا كثيرًا، مثل:"تاريخ السراج"، "تاريخ البخاري"، وعدة كتب لمسلم، وكان عند البرقاني عنه سفط أجزاء وكتب، لكن ما روى عنه في صحيحه، قال: في نفسي منه لكثرة ما يغرب، ثم إنه قواه، وقال: عندي عنه أحاديث عالية، كنت أخرجتها نازلًا، إلَّا أني لا أقدر على إخراجها لكبر السن.

قال الخطيب: حدثنا الحسين بن شيطا، سمعت المزكي يقول: أنفقت على الحديث بِدَرًا من الدنانير، وقَدِمْتُ بغداد ومعي تجارة.

مات في شعبان سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وله سبع وستون سنة، وله من الأولاد: علي، وأحمد ويحيى، وعبد الرحمن، ومحمد، عاشوا ورووا الحديث.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 168"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 61"، والعبر "2/ 327"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 69"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 40".

ص: 231

‌3318 - ابن بَرْزَة

(1)

:

المعمّر المسند، أبو جعفر، محمد بن عبد الله بن برزة الرُّوذَرَاوري الداوودي.

حدَّث بهمذان عن إسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب تمتام، وعبيد بن شريك، وإبراهيم بن ديزيل، وغيرهم.

قال صالح بن أحمد الحافظ: لم يثبت في ابن ديزيل، وهو شيخ حضرته، ولم أحمد أمره.

قلت: حدَّث عنه أبو بكر بن لال، وأبو طاهر بن سلمة، وابن فنجويه عليّ بن جهضم الصوفي، وأحمد بن الحسن الإمام، وعبد الرحمن بن شبانة، وآخرون، حدَّث في سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 323"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 38".

ص: 232

‌3319 - ابن حارث

(1)

:

الحافظ الإمام، أبو عبد الله، محمد بن حارث بن أسد الخشني القيرواني، صاحب التواليف.

روى عن أحمد بن نصر، وأحمد بن زياد، وقاسم بن أصبغ، وأحمد بن عبادة، واستوطن قرطبة، وتمكَّن من صاحبها المستنصر المرواني.

له كتاب "الاتفاق والاختلاف" في مذهب مالك، وكتاب "الفتيا"، و"تاريخ الأندلس"، و"تاريخ الإفريقيين"، وكتاب "النسب"، حتى قيل إنَّه صنَّف للمستنصر مائة ديوان.

وكان من أعيان الشعراء، وكان يتعاطى الكيمياء، واحتاج بعد موت مخدومه إلى القعود في حانوت يبيع الأدهان.

روى عنه أبو بكر بن حَوْبيل.

توفِّي سنة إحدى وستين وثلاث مائة، وقيل: توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 261"، والأنساب للسمعاني "5/ 130"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 111"، والعبر "2/ 324"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 934"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 39".

ص: 232

‌3320 - المرُّوروذِيّ

(1)

:

العلَّامة شيخ الشافعية، أبو حامد، أحمد بن بشر بن عامر المروروذي، مفتي البصرة، وصاحب التصانيف.

تفقَّه بأبي إسحاق المروزي، وصنَّف "الجامع" في المذهب، وألف شرحًا لمختصر المزني، وألَّف في الأصول، وكان إمامًا لا يشق غباره.

وعنه أخذ فقهاء البصرة.

توفي في سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.

‌3321 - ابن عمارة

(2)

:

المحدِّث الجليل، أبو الحارث، أحمد بن محمد بن عمارة بن أحمد الليثي الكناني، مولاهم الدمشقي.

حدَّث عن: أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأظنَّه آخر من روى عنه، وأحمد بن إبراهيم البسري، وزكريا خياط السنة، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وإبراهيم بن دحيم، وعدة.

وعنه: تمام الرازي، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأحمد بن محمد بن الحاج، وعبد الوهاب الميداني، وآخرون.

توفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وقد قارب التسعين.

‌3322 - السَّقَطِي

(3)

:

المحدِّث، أبو عمرو، عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي المعدّل ببغداد.

انتخب عليه الدارقطني.

سمع الكَجِّي، وأحمد بن يحيى الحلواني، ويوسف القاضي.

وعنه: محمد بن أسد شيخ الكتابة، وأبو علي بن شاذان، وأبو نعيم.

مات سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 23"، والعبر "2/ 326"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 40".

(2)

تقدمت ترجمتنا له بتعليق رقم "224"، وبرقم ترجمة عام "3250"، في هذا الجزء.

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 430"، والأنساب للسمعاني "7/ 92"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 63".

ص: 233

‌3323 - ابن عَلَّكَ

(1)

:

الحافظ المجوّد، محدث مرو، أبو عبد الرحمن، عبد الله ابن الحافظ عمر بن أحمد بن علك الجوهري المروزي.

سمع أباه، ومحمد بن أيوب بن الضريس، والفضل بن محمد الشعراني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبا عبد الله البوشنجي، وعبد الله بن ناجية، وطبقتهم، ورحل به أبوه.

حدَّث عنه: أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي في الألقاب، وأبو بكر البرقاني، وأبو عبد الله الحاكم، وجماعة.

قال الخليلي: مات بعد سنة ستين وثلاث مائة، ثم قال: هو حافظ متفق عليه.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أبو الفتح البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأخبرنا ابن الفراء، أخبرنا محمد بن خلف الفقيه، وأخبرنا التاج عبد الخالق، أخبرنا البهاء عبد الرحمن، قالا: أخبرتنا فخر النساء شهدة، وأخبرنا محمد بن عبد السلام قالا: أخبرنا الإمام أبو بكر البرقاني، قرأت على عبد الله بن عمر بن عَلَّكَ، حدثكم عبد الله بن أحمد، حدَّثنا عباد بن موسى، حدثنا إبراهيم بن سعد، أخبرني أبي، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ له الفجر يوم الجمعة {الم، تَنْزِيلُ} ، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَان} أخرجه مسلم

(2)

.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 882"، والعبر "2/ 322"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 37".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "880".

ص: 234

‌3324 - ابن رُمَيْح

(1)

:

الإمام الحافظ الجوّال، أبو سعيد، أحمد بن محمد بن رميح بن عصمة النخعي النسوي، ثم المروزي، صاحب التصانيف.

سمع: أبا خليفة الجمحي، وعمر بن أبي غيلان، وابن زيدان البجلي، وعبد الله بن محمود المروزي، وأبا العباس السراج، وعبد الله بن شيرويه، ومحمد بن الفضل السمرقندي الواعظ، وعمر بن بجير، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، وطبقتهم.

قال الحاكم: قَدِمَ نيسابور، فعقدت له مجلس الإملاء، وقرأت عليه صحيح البخاري، وقد أقام بصعدة من اليمن زمانًا، ثم قدم، وأكرموه، وأكثروا عنه ببغداد، وما المثل فيه إلَّا كما قال يحيى بن معين: لو ارتدَّ عبد الرزَّاق ما تركنا حديثه، وقد سألته المقام بنيسابور، فقال: على من أقيم؟ فوالله لو قدرت لم أفارق سدتك، ما الناس اليوم بخراسان إلَّا كما قيل:

كَفَى حزنًا أنَّ المروءة عُطِّلت

وأنَّ ذوي الألباب في الناس ضُيِّعُ

وأنَّ ملوكًا ليس يحظى لديهم

من الناس إلَّا من يغني ويصفع

قلت: روى عنه الدارقطني، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو علي بن دوما، وأبو القاسم السراج، وأبو عبد الرحمن السلمي، وقد طلبه أمير صعدة من بغداد، فأدركه الموت بالجحفة.

وثَّقه الحاكم، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وضعَّفه أبو زرعة الكشي، وأبو نعيم.

قال الخطيب: الأمر عندنا بخلاف ذلك، وهو ثقة ثبت، لم يختلف شيوخنا الذين لَقَوْه في ذلك.

توفِّي سبع وخمسين وثلاث مائة.

أخبرنا محمد بن عبد الرحيم، وبلال الوالي، قالا: أخبرنا ابن رواج، وأخبرنا أبو نصر بن مميل، وسنقر الزيني قالا: أخبرنا علي بن محمود، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاءً، حدثنا أحمد بن محمد بن رميح، حدثنا عمر بن سعيد بن حاتم، حدثنا إسماعيل بن مخلد، حدثنا عبيد بن يعيش، حدثني منصور بن وردان، عن أبي حمزة الثمالي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف فقال: "نَضَّرَ الله امرأً سمع منَّا حديثًا"، وذكر الحديث

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 6"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 884"، والعبر "2/ 307"، وميزان الاعتدال "1/ 135"، ولسان الميزان "1/ 261"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 20"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 22".

(2)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته أبو حمزة الثمالى، واسمه: ثابت بن أبي صفية.

وتَمَام الحديث: "نَضَّرَ الله امرأ سمع منّا حديثًا فبلَّغه غيره، فرُبَّ حامل فِقْهٍ إلى من هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فقه ليس بفقيه".

ص: 235

‌3325 - ابن النجم

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد، أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي، رحَّال جوال.

سمع أبا مسلم الكجِّي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويحيى بن محمد الحنائي، وأحمد بن هارون البرديجي، وطبقتهم، وتمهر بسعيد بن عمرو البردعي صاحب أبي زرعة.

روى عنه: عبد الله بن أبي زرعة القزويني، ويعقوب بن يوسف الأرْدُبِيلي، وأحمد بن الحسين التراسي، وأحمد بن فارس اللغوي، وآخرون.

وكان ابن فارس يقول: ما رأى ابن النجم مثل نفسه، ولا رأيت مثله، حكى ذلك سعد بن علي الحافظ.

وقال الخليلي: توفِّي بعد الخمسين وثلاث مائة.

أخبرنا أحمد بن عبد الكريم المحتسب، أخبرنا نصر بن جرو، أخبرنا السلفي، أخبرنا سعد بن علي المصري، وعليّ بن هبة الله قالا: أخبرنا أحمد بن الحسين بن علي التراسي، حدثنا أحمد بن طاهر الميانجي، أخبرنا يحيى بن محمد الحنائي، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا معتمر بن سليمان، قال: قال أبي: حدثنا أنس بن مالك أنَّ رجلين عَطسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسمت -أو فشمت- أحدهما، وترك الآخر، فقال رجل: يا رسول الله، تركت الآخر. قال:"لأنَّ هذا حمد الله، وأن هذا لم يحمد الله"

(2)

أو كما قال.

= وقد ورد عن زيد بن ثابت: أخرجه أحمد في "الزهد""ص 42"، وابن أبي عاصم في "السنة""94"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه""2/ 71"، وفي "شرف أصحاب الحديث""24"، والطحاوي في "مشكل الآثار""2/ 232"، والطبراني في "الكبير""4891" من طرق عن شعبة، عن عمر بن سليمان، عن عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، به مرفوعًا.

وورد عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا بلفظ: "نَضَّرَ الله امرأً سمع منَّا حديثًا فبلَّغه كما سمعه، فرُبَّ مبلَّغ أوْعَى من سامع" أخرجه الشافعي في "المسند""1/ 14"، والحميدي "88"، وأحمد "1/ 437"، والترمذي "2657"، "2658"، وابن ماجه "232"، والحاكم في "معرفة علوم الحديث""ص 322"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار""1/ 15"، والخطيب في "الكفاية""ص 29"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم""1/ 45"، والبغويّ في "شرح السنة""112" من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود، به، وأخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث""26"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم""ص 45، 46" من طريق الحارث العكلي، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود، به، وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان""2/ 90" من طريق محمد بن طلحة، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود، به.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 885"، والعبر "2/ 320"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 36".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6221"، ومسلم "2991"، وأبو داود "5039".

ص: 236

‌3326 - عُمَرُ البَصْرِيّ

(1)

:

الإمام المحدّث، مفيد بغداد، أبو حفص، عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السري البصري الوراق.

حمل الناس بانتخابه على الشيوخ كثيرًا.

وحدَّث عن أبي خليفة، والحسن بن المثنَّى، وعبدان، ومحمد بن جرير، وطبقتهم.

وعنه: الحاكم، وابن رزقويه، وعليّ بن داود الرزاز، وجماعة.

وكان الدارقطني يتبع خطاه في انتخابه على الشافعيّ، وعمل في ذلك رسالة في خمس كراريس، وبَيِّنَ أغاليطه في أشياء عديدة يخالف فيها أصول أبي بكر الشافعي، فتأمَّلتها، فرأيت فعله فعل تغفُّل لا يعي ما ينتخب فيصحِّف، ويسقط من الإسناد، وبدون ذلك يضعِّف المحدث.

وكان أبو محمد السبيعي يكذبه.

وقال ابن أبي الفوارس: كانت كتبه رديئة.

وحكى الحاكم عن عمر قال: ذاكرت ابن عقدة، فأغربت عليه حديثًا.

توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، ومولده سنة ثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 244"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 44"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 887"، والعبر "2/ 309"، وميزان الاعتدال "3/ 184"، ولسان الميزان "4/ 287"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 26".

ص: 237

‌3327 - مُنْذِر بن سعيد البَلُّوطِيّ

(1)

:

أبو الحكم الأندلسي، قاضي الجماعة، ينسب إلى قبيلة يقال لها: كُزْنَة، وهو من موضع قريب من قرطبة يقال له: فحص البلوط.

كان فقيهًا محقِّقًا، وخطيبًا بليغًا مفوَّهًا، له اليوم المشهور الذي ملا فيه الآذان، وبهر العقول، وذلك أن المستنصر بالله كان مشغوفًا بأبي علي القالي، يؤهله لكل مهم، فلما ورد رسول الروم أمره أن يقوم خطيبًا على العادة الجارية، فلما شاهد أبو علي الجمع العظيم جَبُنَ فلم تحمله رجلاه، ولا ساعده لسانه، وفطن له منذر بن سعيد، فوثب في الحال، وقام مقامه، وارتجل خطبة بديعة، فأبهت الخلق، وأنشد في آخرها لنفسه:

هذا المقال الذي ما عابه فند

لكنَّ صاحبه أزرى به البلد

لو كنت فيهم غريبًا كنت مُطّرفًا

لكنَّني منهم فاغتالني النَّكد

لولا الخلافة أبقى الله بهجتها

ما كنت أبقى بأرض ما بها أحد

فاستحسنوا ذلك، وصلَّب الرسول، وقال: هذا كبش رجال الدولة.

ومن تصانيفه: كتاب "الإنباه عن الأحكام من كتاب الله"، وكتاب "الإبانه عن حقائق أصول الديانة".

قال ابن بشكوال في بعض كتبه: منذر بن سعيد خطيب بليغ مصقَع

(2)

، لم يكن بالأندلس أخطب منه، مع العلم البارع، والمعرفة الكاملة، واليقين في العلوم والدين، والورع، وكثرة الصيام، والتهجد، والصدع بالحق، كان لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد استسقى غير مرة فسُقِيَ.

ذكر أمير المؤمنين الحكم فقال: كان فقيهًا فصيحًا خطيبًا، لم يسمع بالأندلس أخطب منه، وكان أعلم الناس باختلاف العلماء، شاعرًا لبيبًا أديبًا، له تصانيف حسان جدًّا، وكان مذهبه النظر والجدل، يميل إلى مذهب داود بن علي.

وذكره محمد بن حارث القروي فقال: كان من أهل النفاذ والتحصيل، متدربًا للمناظرة، متخلقًا بالأنصاف، جيد الفهم، طويل العلم، بليغا موجزًا، يميل إلى طرق الفضائل ويوالي أهلها، ويلهج بأخبار الصالحين.

حج سنة ثمان وثلاث مائة، فأقام في رحلته أربعين شهرًا، وانصرف، فأدخل الأندلس من علم النظر، ومن علم اللغة كتبًا كثيرة، وامتحنه الناصر بغير ما أمانة، وأخرجه رسولًا إلى

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 174"، واللباب لابن الأثير "1/ 176"، والعبر "2/ 302"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 17".

(2)

الخطيب المصقع: هو البليغ الماهر في خطبته. وهو مِفْعَلٌ من الصقع، رفع الصوت ومتابعته، ومفعل من أبنية المبالغة.

ص: 238

غير ما وجه، فخلص محمودًا، وأقام بما حمل مشكورًا، ثم ولَّاه قضاء كورة مارِدَة

(1)

، ثم ولَّاه قضاء الثغور الشرقية كلها، ثم نقله إلى قضاء القضاة، والصلاة بجامع الزهراء.

قال أبو محمد بن حزم: أخبرني حكم بن منذر بن سعيد، أخبرني أبي أنَّه حجَّ راجلًا مع قوم رجَّالة، فانقطعوا وأعوزهم الماء في الحجاز وتاهوا، قال: فأوينا إلى غارٍ ننتظر الموت، فوضعت رأسي ملصقًا بالجبل، فإذا حجر كان في قبالته، فعالجته، فنزعته، فانبعث الماء فشربنا وتزوَّدنا.

وقال ابن عبد البر: حُدِّثْتُ أنَّ رجلًا وجد القاضي منذر بن سعيد في بعض الأسحار على دكان المسجد، فعرفه، فجلس إليه وقال: يا سيدى، إنك لتغرر بخروجك، وأنت أعظم الحكام، وفي الناس المحكوم عليه، والرقيق الدَّيِّن، فقال: يا أخي، وأنَّى لي بمثل هذه المنزلة؟ وأنَّى لي بالشهادة؟ ما أخرج تعرضًا للتغرر، بل أخرج متوكلًا على الله؛ إذ أنا في ذمته، فأعلم أنَّ قدره لا محيد عنه، ولا وزر دونه.

قال الحسن بن محمد: قحط الناس في بعض السنين آخر مدة الناصر، فأمر القاضي منذر بن سعيد بالبروز إلى الاستسقاء بالناس، فصام أيامًا وتأهَّب، واجتمع الخلق في مصلى الربض، وصعد الناصر في أعلى قصره ليشاهد الجمع، فأبطأ منذر، ثم خرج راجلًا متخَشِّعًا، وقام ليخطب، فلمَّا رأى الحال بكى ونشج، وافتتح خطبته بأن قال: سلام عليكم، ثم سكت شبه الحسير، ولم يكن من عادته، فنظر الناس بعضهم إلى بعض، لا يدرون ما عراه، ثم اندفع فقال:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] استغفروا ربكم وتوبوا إليه، وتقرَّبوا بالأعمال الصالحة لديه، فضجَّ الناس بالبكاء، وجأروا بالدعاء والتضرع، وخطب فأبلغ، فلم يَنْفَضّ القوم حتى نزل غيث عظيم.

واستسقى مرةً، فقال يهتف بالخلق:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّه} [فاطر: 15] فهيِّج الخلق على البكاء.

قال: وسمعت من يذكر أن رسول الناصر جاءه للاستسقاء، فقال للرسول: ها أنا سائر، فليت شعري ما الذي يصنعه الخليفة في يومنا هذا، فقال: ما رأيته قط أخشع منه في يومه هذا، إنه منفرد بنفسه، لابس أخشن الثياب، مفترش التراب، قد علا نحيبه واعترافه بذنوبه،

(1)

هي كورة واسعة من نواحي الأندلس، من أعمال قرطبة، وهي إحدى القواعد التي تخيرتها الملوك للسكن من القياصرة والروم، وهي مدينة رائقة، كثيرة الرخام، عالية البنيان، فيها آثار قديمة حسنة، تقصد للفرجة والتعجّب. قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان""5/ 38 - 39".

ص: 239

يقول: رب هذه ناصيتي بيدك، أتراك تعذب الرعية وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم، أن يفوتك مني شيء، فتهلل منذر بن سعيد وقال: يا غلام، احمل الممطرة معك، إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء.

قال ابن عفيف: من أخباره المحفوظة، أنَّ أمير المؤمنين عمل في بعض سطوح الزهراء قُبَّة بالذهب والفضة، وجلس فيها، ودخل الأعيان، فجاء منذر بن سعيد فقال له الخليفة كما قال لمن قبله: هل رأيت أو سمعت أنَّ أحدًا من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا، فأقبلت دموع القاضي تتحدَّر، ثم قال: والله ما ظننت يا أمير المؤمنين أنَّ الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ، أن أنزلك منازِل الكفار، قال: لم؟ فقال: قال الله عز وجل: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّة} إلى قوله: {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 33، 34]، فنكَّس الناصر رأسه طويلًا، ثم قال: جزاك الله عنَّا خيرًا وعن المسلمين، الذي قلت هو الحق، وأمر بنقض سقف القبة.

وخطب يومًا فأعجبته نفسه، فقال: حتى متى أعظ ولا اتَّعظ، وأزجر ولا أزدجر، أدلّ على الطريق المستدلين، وأبقى مقيمًا مع الحائرين، كلّا، إن هذا لهو البلاء المبين، اللهم فرغِّبْنِي لما خلقتني له، ولا تشغلني بما تكفَّلْت لي به.

وقد استغرق مرة في خطبته بجامع الزهراء، فأدخل فيها:{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء] فتخيِّر الناصر لخطابة الزهراء أحمد بن مطرف إذا حضر الناصر.

توفِّي منذر في انسلاخ ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثلاث مائة، وقد سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى، وأخذ عن ابن المنذر كتاب "الإشراف".

ومن خطبته؛ إذ أرتج على أبي علي القالي: أما بعد، فانَّ لكل حادثة مقامًا، ولكل مقام مقالًا، وليس بعد الحق إلَّا الضلال، وإني قد قمت في مقام كريم، بين يدي ملك عظيم، فأصغوا إليَّ معشر الملأ بأسماعكم، إنَّ من الحق أن يقال للمحق صدقت، وللمبطل كذبت، وإنَّ الجليل تعالى في سمائه، وتقدس بأسمائه، أمر كليمه موسى أن يذكر قومه بنعم الله عندهم، وأنا أذَكِّركم نعم الله عليكم، وتلافيه لكم بولاية أميركم، التي آمنت سربكم، ورفعت خوفكم، وكنتم قليلًا فكثركم، ومستضعفين فقوَّاكم، ومستذلين فنصركم، ولاه الله أيامًا ضربت الفتنة سرادقها على الآفاق، وأحاطت بكم شعل النفاق، حتى صرتم مثل حدقة البعير، مع ضيق الحال والتغيير، فاستبدلتم بخلافته من الشدة بالرخاء،

إلى أن قال: فناشدتكم الله، ألم تكن الدماء مسفوكة فحقنها، والسبل مخوفة فأمَّنها، والأموال منتهبة فأحرزها، والبلاد خرابًا فعمَّرها، والثغور مهتضمة فحماها ونصرها، فاذكروا آلاء الله عليكم، وذكر باقي الخطبة.

وذكر بعضهم أن مولده سنة خمس وستين ومائتين، فيكون عمره تسعين سنة كاملة -رحمه الله تعالى.

ص: 240

‌3328 - حَمْزَةُ بن مُحَمَّد

(1)

:

ابن علي بن العباس، الإمام الحافظ القدوة، محدث الديار المصرية، أبو القاسم الكناني المصري، صاحب مجلس البطاقة.

وُلِدَ سنة خمس وسبعين ومائتين.

وسمع عمران بن موسى الطيب، ومحمد بن سعيد السراج، وأبا عبد الرحمن النسائي، والحسن بن أحمد بن الصيقل، وسعيد بن عثمان الحرَّاني، وأبا يعقوب المنجنيقي، وداود بن شيبة، وعبدان الأهوازي، وأبا يعلى الموصلي، ومحمد بن المعافا الصيداويّ، وجماهر بن محمد الزملكاني، وأبا خليفة الجمحي، لحقه بالبصرة.

وجمع وصنَّف، وكان متقنًا مجوّدًا، ذا تألّه وتعبُّد.

حدَّث عنه: الدارقطني، وابن منده، وعبد الغني بن سعيد، وتمام بن محمد الرازي، وشعيب بن المنهال، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعلي بن حمصة الحرَّاني، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وأحمد بن فتح القرطبي ابن الرسان، ومحمد بن إبراهيم المشكيالي الطليطلي، وأبو الحسن القابسي، وخلق سواهم.

قال أبو عبد الله الحاكم: حمزة المصري هو على تقدمه في معرفة الحديث أحد مَنْ يذكر بالزهد والورع والعبادة، سمع النسائي وأبا خليفة وأقرانهما بالحجاز والعراقَيْنِ.

وقال محمد بن علي الصوري: سمعت عبد الغني الحافظ يقول: وجرى ذكر حمزة بن محمد فقال: كل شيء له في سنة خمس، ولد سنة خمس وسبعين، وأول سماعه في سنة خمس وتسعين، ورحل إلى العراق سنة خمس وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 886"، والعبر "2/ 308"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 20"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 23".

ص: 241

قال الصوري: كان حمزة حافظًا ثبتًا.

قال ابن زولاق: حدَّثني الحافظ قال: رحلت سنة خمس، فدخلت حلب وقاضيها أبو عبد الله بن عبدة، فكتبت عنه، فكان يقول لي: لو عرفتك بمصر لملأت ركائبك ذهبًا، فيقال: أعطاه مائتي دينار ترَّحل بها إلى العراق.

قال أبو عمر بن عبد البر: سمعت عبد الله بن محمد بن أسد، سمعت حمزة الكناني يقول: خرَّجت حديثًا واحدًا عن النبي صلى الله عليه وسلم من نحو مائتي طريق، فداخلني لذلك من الفرح غير قليل، وأعجبت بذلك، فرأيت يحيى بن معين في المنام، فقلت: يا أبا زكريا، خرَّجت حديثًا من مائتي طريق، فسكت عنِّي ساعة، ثم قال: أخشى أن تدخل هذه تحت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر} [التكاثر: 1].

قال أبو عبد الله بن منده: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول: كنت أكتب الحديث فلا أكتب: وسلَّم بعد صلى الله عليه، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: أما تختم الصلاة عليّ في كتابك?!

أنبأنا الخضر بن حمويه، عن القاسم بن علي، حدَّثنا أبي، أخبرنا ابن الأكفاني، أخبرنا سهل بن بشر، سمعت علي بن عمر الحراني، سمعت حمزة بن محمد الحافظ، وجاءه غريب فقال: إن عسكر أبي تميم -يعني المغاربة- قد وصلوا إلى الأسكندرية، فقال: اللهمَّ لا تحيني حتى تريني الرايات الصفر، فمات حمزة، ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام.

قلت: هؤلاء عسكر المعز العبيدي الإسماعيلية، تملَّكوا مصر في هذا الوقت، وبنوا في الحال مدينة القاهرة المعزية، فأماتوا السنَّة، وأظهروا الرفض، ودامت دولتهم أزيد من مائتي عام، حتى أبادهم السلطان صلاح الدين، ونسبهم إلى علي رضي الله عنه غير صحيح.

مات حمزة في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، عن بضع وثمانين سنة، قاله المحدّث يحيى بن علي بن الطحان.

وفيها: مات الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي النخعي، وأبو العباس عبد الله بن الحسين النضري المروي، وعبد الرحمن بن العباس المخلص، وعمر بن جعفر البصري، وأبو عبد الله بن مُحْرِم.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، وعلي بن محمد قالا: أخبرنا الحسن بن صباح، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، حدَّثنا حمزة بن محمد الحافظ، سمعت الصيدلاني عباسًا الدوري، سمعت يحيى بن معين يقول: إذا رأيت الرجل يخرج من منزله بلا محبرة ولا قلمٍ يطلب الحديث، فقد عزم على الكذبة.

ص: 242

‌3329 - المغفَّلي

(1)

:

الإمام العالم القدوة الحافظ، ذو الفنون، أبو محمد أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن بشر بن مغفَّل بن حسان ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مغفل المزني المغفلي الهروي، الملقَّب بالباز الأبيض، وُلِدَ بعد السبعين ومائتين.

وسمع أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني، وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ، وعمران بن موسى بن مجاشع، وأبا خليفة الجمحي، ويوسف القاضي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وعبيد بن غنَّام، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، والحسن بن سفيان، وعبدان الأهوازي، وعلي بن أحمد علان المصري، وطبقتهم بمصر والحرمين، والشام والعراق، والعجم.

وجمع وصنَّف، وتقدَّم في معرفة الحديث والعلوم.

حدَّث عنه: أبو العباس بن عقدة شيخه، وعمرو بن الربيع بن سليمان شيخه، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، والحاكم، وأبو بكر القفَّال، وأبو عبد الله الخازن، وجماعة سواهم.

قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، وقد حجَّ بالناس، وخطب بمكة، وقدم إليه المقام وهو قاعد في جوف الكعبة، ولقد سمعتهم بمكة يذكرون أن هذه الولاية لم تكن قط لغيره، ومن عظمته أن كان فوق الوزراء، وأنهم كانوا يصدرون عن رأيه، وجاور مرة بمكة، وكنت ببخارى أستملي له، فذكر أنه حصل وجد وشيء من غشيّ بسبب إملاء حكاية وأبيات، وتوفي بعد جمعة، فسمعت ابنه بشرًا يقول: آخر كلمة تكلَّم بها، أن قبض على لحيته، ورفع يده اليمنى إلى السماء، وقال: ارحم شيبة شيخ جاءك بتوفيقك على الفطرة.

(1)

ترجمته في شذرات الذهب "3/ 18".

ص: 243

قال ابو النضر الفامي في "تاريخ هراة": أبو محمد المغفلي، كان إمام عصره بلا مدافعة في أنواع العلوم، مع رتبة الوزارة، وعلوّ القدر عند السلطان.

ومن شعره:

نزلنا مُكْرَهين بها فلما

ألفناها خرجنا كارهينا

وما حبُّ الديار بنا ولكن

أمر العيش فرقه من هوينا

قال الحاكم: توفِّي في سابع عشر رمضان سنة ست وخمسين وثلاث مائة ورأيت الوزير أبا علي البلعميّ وقد حمل في تابوته، وأحضر إلى باب السلطان -يعني: ببخارى- للصلاة عليه، ثم حمل تابوته إلى هراة فدفن بها.

قال الحاكم: وسمعت أبا الفضل السليماني وكان صالحًا يقول: رأيت أبا محمد المزني في المنام بعد وفاته بليلتين، وهو يتبختر في مشيته، ويقول بصوت عال:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60].

قال الحاكم: ورد كتاب من مصر بأن يحجّ أبو محمد المغفلي بالناس، ويخطب بعرفة ومنى، فصلَّى بعرفة، وأَتَمَّ الصلاة، فعج الناس، فصعد المنبر فقال: أيها الناس، أنا مقيم، وأنتم على سفر، فلذلك أتممت.

وتوفِّي في عام ستة مقرئ مصر، أبو جعفر أحمد بن أسامة بن أحمد التجيبي، أرَّخه يحيى الطحان، وصاحب العراق معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي، والمحدِّث التالف أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود الرقيّ، والعلَّامة أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي بالأندلس، ومسند هراة أبو علي حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء الواعظ، والمحدِّث أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر الرافقي، والشيخ عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن أبي روبا السقطي، وأبو عمرو عثمان بن محمد بن بشر سنقة السقطي البغدادي، والعلّامة أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني، ثم البغدادي صاحب الأغاني، وأبو الفتح عمرو بن جعفر الختلي، وصاحب مصر الطواشي أبو المسك كافور الإخشيدي، وصاحب الشام سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي.

ص: 244

‌3330 - أبو حامد

(1)

:

القاضي العلامة، أبو حامد أحمد بن بشر بن عامر المروروذي، تلميذ أبي إسحاق المروزي، له "الجامع في المذهب"، و"شرح المزني".

وكان إمامًا لا يشق غباره، أخذ عنه فقهاء البصرة.

توفِّي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.

‌3331 - ابن الصَّوَّاف

(2)

:

الشيخ الإمام المحدِّث الثقة الحجة، أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البغدادي، ابن الصواف.

مولده في سنة سبعين ومائتين.

سمع محمد بن إسماعيل الترمذي، وإسحاق بن الحسن الحربي، وبشر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن أحمد بن النضر الأزدي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسن بن علي بن الوليد الفارسي صاحب أبي عمر الحوضي، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وعلي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وحمزة بن محمد الكاتب، وأحمد بن محمد بن الجعد الوشاء، وأحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق، وأبا جعفر بن نصر، وأدريس بن عبد الكريم المقرئ، وجعفرًا الفريابي، وعِدَّة.

حدَّث عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو الحسين بن بشران، وأخو عبد الملك الواعظ، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني، وعِدَّة.

قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثل أبي علي بن الصوَّاف، وفلان بمصر.

وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو عليّ ثقة مأمونًا، ما رأيت مثله في التحرز.

توفِّي في شعبان سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، وله تسع وثمانون سنة.

أنبأنا جماعة، عن عفيفة بنت محمد الفاروقانية، وعبد الواحد بن أبي المطهر، قالا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد الصنَّاع، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو عليّ بن الصواف، حدَّثنا عبد الله ابن أحمد، حدثنا يحيى بن عبد الله مولى بني هاشم، حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن أبي هاشم، عن أبي سعيد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمَّار: "تقتلك الفئة الباغية"

(3)

.

(1)

تقدمت ترجمته في هذا الجزء بتعليقنا رقم "319"، وبرقم ترجمة عام "3320".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 289"، والأنساب للسمعاني "8/ 99"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 52" والعبر "2/ 314"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 28".

(3)

صحيح: أخرجه مسلم "2915""70"، وأحمد "5/ 306 - 307" من حديث أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير منِّي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار، حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه ويقول:"بؤس ابن سمية، تقتلك فئة باغية".

وأخرجه أحمد "3/ 90 - 91"، والبخاري "447"، "2812" من طريق خالد الحذَّاء، عن عكرمة، قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه، فانطلقنا، فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداء فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا، حتى أتى على ذكر بناء المسجد، فقال: كنَّا نحمل لبنة لبنة، وعمَّار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم، فينفض التراب عنه ويقول:"ويح عمَّار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار". قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفِتَن.

وأخرجه أحمد "3/ 5"، والطيالسي "2618" من طريق داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.

وأخرجه أحمد "3/ 28"، وابن سعد "3/ 252" من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن هشام، عن أبي سعيد مرفوعًا بلفظ:"ويح ابن سمية، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار".

ص: 245

‌3332 - ناصر الدولة

(1)

:

صاحب الموصل، الملك ناصر الدولة، الحسن بن عبد الله بن حمدان بن حمدون بن الحارث بن لقمان التغلبي، أخو الملك سيف الدولة، ابنا الأمير أبي الهيجاء.

وكان أكبر من أخيه سنًّا وقدرًا، وهو الذي قتل محمد بن رائق الذي تملك، ولما مات أخوه تأسَّف عليه، وساء مزاجه وتسودن، فحجر عليه بنوه، وتملّك ابنه أبو تغلب الغضنفر، وجعله في قلعة مرَفَّهًا معزَّزًا، وله حروب ومواقف مشهودة.

قال ابن خلكان: مات في سنة ثمان وخمسين، وأما علي بن محمد الشمشاطي فقال: مات يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الأول سنة سبع، مات بالقولنج ثم بذرب، وكان أخوه يتأدَّب معه، فكتب إليه:

رضيت لك العليا وقد كنت أهلها

وقلت لهم بيني وبين أخي فرق

ولم يك بي عنها نكول وإنما

تجافيت عن حقي فتمَّ لك الحق

ولا بد لي من أن أكون مصليًا

وإذا كنت أرضى أن يكون لك السبق

وكانت دولة ناصر الدولة بضعًا وعشرين سنة، وكان يداري بني بويه.

وفي سنة تسع وستين التقى الغضنفر وعسكر المصريين بالرملة، فانكسر جمعه وأُسِرَ وذُبِحَ صبرًا.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان "2/ ترجمة 175"، والعبر "2/ 311"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 27"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 27".

ص: 246

‌3333 - سيف الدولة

(1)

:

أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، صاحب حلب، مقصد الوفود، وكعبة الجود، وفارس الإسلام، وحامل لواء الجهاد. كان أديبًا مليح النظم، فيه تشيع.

ويقال: ما اجتمع بباب ملك من الشعراء ما اجتمع ببابه.

وكان يقول: عطاء الشعراء من فرائض الأمراء.

وقد جُمِعَ له من المدائح مجلَّدَان.

أخذ حلب من الكلابي نائب الإخشيذ في سنة ثلاث وثلاثين، وقبلها أخذ واسط، وتنقَّلت به الأحوال، وتملَّك دمشق مدة، ثم عادت إلى الإخشيذية، وهزم العدو مرات كثيرة.

يقال: تَمَّ له من الروم أربعون وقعة، أكثرها ينصره الله عليهم.

وقيل: إنه في عيد نَفَّذَ إلى الناس ضحايا لا تُعَدُّ كثرة، فبعث إلى اثني عشر ألف إنسان، فكان أكثر ما يبعث إلى الكثير منهم مائة رأس.

وتوفيت أخته فخلَّفت له خمس مائة ألف دينار، فافتكَّ بجميعها أسرى.

التقاه كافور، فنصر سيف الدولة بظاهر حمص، ونازل دمشق، ثم التقاه الإخشيذ، فهزم سيف الدولة، وأدرك الإخشيذ الأجل بدمشق، فوثب سيف الدولة عليها، ولم ينصف أهلها، واستولى على بعض أرضهم، فكاتب العقيقي والكبراء بعد سنة صاحب مصر، فجاء إليهم كافور.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 41"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 481"، والعبر "2/ 305"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 16"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 20".

ص: 247

مولده في سنة إحدى وثلاث مائة، وله غزو ما اتفق لملك غيره، وكان يُضْرَبُ بشجاعته المثَل، وله وقع في النفوس، فالله يرحمه.

مات بالفالج، وقيل: بعسر البول، في صفر سنة ست وخمسين، ولما احتضر أخذ على الأمراء العهد لابنه أبي المعالي. مات يوم جمعة قبل الصلاة، وغُسِّلَ، ثم عمل بصبر، ومر، ومنوين كافور، ومائة مثقال غالية، وكفِّنَ في أثوابٍ قيمتها ألف دينار، وكَبَّر عليه القاضي العلويّ خمسًا، ولما بلغ معز الدولة بالعراق موته جزع عليه، وقال: أيامي لا تطول بعده، وكذا وقع. ثم نقلوه إلى مَيَّافارقين فدُفِنَ عند أمه، وكان قد جمع من الغبار الذي يقع عليه وقت المصافّات ما جبل في قدر الكف، وأوصى أن يوضع على خده.

وكانت دولته نيفًا وعشرين سنة، وبقي بعده ابنه سعد الدولة في ولاية حلب خمسًا وعشرين سنة، وقد أسر ابن عمهم الأمير، شاعر زمانه، أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان، فبقي في قسطنطينية سنوات، ثم فداه سيف الدولة، وكان بديع الحسن، وكان صاحب منبج، ثم تملَّك حمص، فقتل عن سبع وثلاثين سنةً، سنة سبع وخمسين.

ص: 248

‌3334 - معز الدولة

(1)

:

السلطان أبو الحسين، أحمد بن بويه بن فنا خسرو بن تمام بن كوهي الديلمي الفارسي، قد ساق نسبه ابن خلكان إلى كسرى بهرام جور، فالله أعلم.

كان أبوه سمَّاكًا، وهذا ربما احتطب. تملَّك العراق نيفًا وعشرين سنة، وكان الخليفة مقهورًا معه، ومات مبطونًا، فعهد إلى ابنه عز الدولة بختيار وكان يتشيع، فقيل: تاب في مرضه وترضَّى عن الصحابة، وتصدَّق، وأعتق، وأراق الخمور، وندم على ما ظلم، ورَدَّ المواريث إلى ذوي الأرحام، وكان يقال له: الأقطع، طارت يساره في حرب، وطارت بعض اليمنى، وسقط بين القتلى ثم نجا، وتملَّك بغداد بلا كلفة، ودانت له الأمم، وكان في الابتداء تبعًا لأخيه الملك عماد الدولة.

مات في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وله ثلاث وخمسون سنة.

وقد أنشأ دارًا غَرِمَ عليها أربعين ألف ألف درهم، فبقيت إلى بعد الأربع مائة ونقضت، فاشتروا جَردَ ما في سقوفها من الذهب بثمانية آلاف دينار.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزيّ "7/ 38"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 72"، والعبر "2/ 303"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 14"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 18".

ص: 248

‌3335 - كافور

(1)

:

صاحب مصر، الخادم الأستاذ، أبو المسك، كافور الإخشيذي، الأسود.

تقدَّم عند مولاه الإخشيذ، وساد لرأيه وحزمه وشجاعته، فصيِّره من كبار قوَّاده، ثم حارب سيف الدولة، ثم صار أتابك أنوجور ابن أستاذه، وتمكَّن.

قال وكيله: خدمت كافورًا وراتبه في اليوم ثلاث عشرة جراية، وقد بلغت على يدي ثلاثة عشر ألف جراية.

مات الملك أنوجور شابًا في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، فأقام كافور أخاه عليًّا في السلطنة، فبقي ست سنين، وأزمَّة الأمور إلى كافور، وبعد تسلطن وركب الأسود بالخلْعة السوداء الخليفتية، فأشار عليه الكبار بنصب ابن لعلي صورة في اسم الملك، فاعتلَّ بصغره، وما التفت على أحد، وأظهر أن التقليد والأهبة جاءته من المطيع، وذلك في صفر سنة خمس وخمسين، ولم ينتطح فيها عنزان.

وكان مهيبًا سائسًا حليمًا جوادًا وقورًا، لا يشبه عقله عقول الخدام، وفيه يقول المتنبي:

قواصد كافور توارك غيره

ومن قصد البحر استقلَّ السواقيا

فجاءت بنا إنسان عين زمانه

وخلت بياضًا خلفها ومآقيا

فأقام عنده أربع سنين، وناله مال جزيل، ثم هجاه لآمة وكفرًا لنعمته، وهرب على البريّة يقول:

مَنْ عَلَّمَ الأسود المخصيَّ مَكْرُمَةً

أقوامه البيض أم آباؤه الصيد

وذاك أنَّ الفحول البيض عاجزة

عن الجميل فكيف الخصية السود

ودُعِيَ لكافور على منابر الشام ومصر والحرمين والثغور.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 50"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 545"، والعبر "2/ 306"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 1 - 10"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 21".

ص: 249

وقيل: كان شديد اليد، ولا يكاد أحد يمد قوسه فيعطي الفارس قوسه، فإن عجز ضحك واستخدمه، وإن مدَّه قطب. وكان ملازمًا لمصالح الرعية.

وكان يتعبَّد ويتهجَّد ويمرِّغ وجهه، ويقول: اللهم لا تسلِّط علي مخلوقًا.

وكان يقرأ عنده السير والدول.

وله ندماء وجوار مغنيات، ومن المماليك ألوف مؤلَّفة، وكان فطنًا يقظًا ذكيًّا، يهادي المعز إلى الغرب، ويداري ويخضع للمطيع، ويخدع هؤلاء وهؤلاء.

وله نظر في الفقه والنحو.

توفّي في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، ومات في عشر السبعين.

وقيل: مشتراه على الإخشيذ ثمانية عشر دينارًا.

وقد سقت من أخباره في التاريخ نكتًا.

وللمتنبي يهجوه ويهجو ابن حنزابة الوزير:

وماذا بمصر من المضحكات

ولكنه ضَحِكٌ كالبكا

بها نبطيٌّ من أهل السواد

يدرِّس أنساب أهل الفلا

وأسود مِشْفَرُهُ نصفه

يقال له أنت بدر الدجا

وشِعِر مدحت به الكركدنّ

بين القريض وبين الرقا

فما كان ذلك مدحًا له

ولكنه كان هجو الورى

وقد كان في كافور حلم زائد، وكفّ عن الدماء، وجودة تدبير.

وفي آخر أيامه سنة ست وخمسين كان القحط، فنقص النيل، فوقف على أقلّ من ثلاثة عشر ذراعًا بأصابع، وذلك نقص مفرِط، وبيع الخبز كلُّ رطلين بدرهم.

وقيل: كان في كافور ظلم ومصادرة، فصبر زمن القحط، كفَّن خلائق من الموتى، كان يصبح في السقاية نحو خمس مائة ميت.

ولكافور أخبار في الدول المنقطعة، وغير موضع.

ص: 250

‌3336 - ابن حَمْدَان

(1)

:

محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن عبد الله بن سنان، الإمام الحافظ، أبو العبَّاس، أخو الزاهد أبي عمر، ابنا الحافظ أبي جعفر الحيري النيسابوري محدِّث خوارزم.

وُلِدَ سنة ثلاث وسبعين ومائتين.

سمع: محمد بن أيوب الرازي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن عمرو قشمرد، ومحمد بن نعيم، والحسن بن عليّ بن زياد السري، وموسى بن إسحاق الأنصاري، والقاضي عبد الله بن أبي الخوارزمي، وإبراهيم بن علي الذهليّ، وتميم بن محمد الطوسيّ، والحسين بن محمد القباني، ومحمد بن النضر بن سلمة الجارودي، وأبا عمرو أحمد بن نصر الخفّاف، وعمران بن موسى بن مجاشع، وأبا الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري، وعلي بن الحسين بن الجنيد، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، والسرَّاج، وخلقًا سواهم.

روى عنه: أبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن قَطَن، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن يوسف الكرابيسي الحافظ، وأحمد بن أبي إسحاق، وغيرهم.

طوَّل ترجمته ابن أرسلان محدِّث خوارزم في تاريخه، فقال: سكن خوارزم، فسُمِّيَ بها أبا العباس الزاهد من وَرَعِه واجتهاده.

رحل به أبوه إلى الريّ للسماع من ابن الضريس، وإلى طوس إلى تميم.

حدَّث وهو حَدَث في مجلس ابن الضريس، فقرأت بخط أبي سعيد الكرابيسي، فقال: حدَّثنا أبو العباس، حدَّثنا أحمد بن سلمة، حدَّثنا سلمة بن شبيب، قال: كنت مع أحمد بن حنبل في مسجده وهو يقرأ عليه كتاب "الأشربة"؛ إذ دخل رجل فسلَّم، ثم قال: مَنْ فيكم أحمد بن حنبل؟ فقال: أنا أحمد. فقال: أتيتك من أربع مائة فرسخ برًّا وبحرًا، كنت بينا أنا نائم؛ إذ آتاني آتٍ فقال: إني أنا الخضر، فَرُحْ إلى بغداد، وسل عن أحمد بن حنبل، وقل له: إن ساكن العرش والملائكة الذين حول العرش راضون عنك بما صبرت به نفسك، فقام أحمد وذهب إلى منزله، فقال للرجل: ألك حاجة؟ قال: لا، إنما جئتك لهذا، فودَّعه وانصرف.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 322"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 38".

ص: 251

دخل أبو العباس خوارزم للتجارة سنة إحدى وتسعين ومائتين، فحكى أنَّ محمد بن إسماعيل رئيس أصحاب الحديث بخوارزم، جاء إليه إلى الخان زائرًا، ثم جئت مجلسه، فسألني عن أحاديث، فذكرتها على وجهها، فعظَّمني.

وحجَّ من خوارزم مرتين، وبورك له في التجارة، وأدرك سنة من حياة عبد الله بن أُبَيّ فلازمه.

قال: وكان مؤتمنًا عند الأمراء والكبراء، يقوم بالأمور الخطيرة، وكانت الأمتعة النفيسة تأتيه من كل جانب، وكان ورِعًا في معاملاته، كبير القدر، جعل ناظرًا للجامع فَعَمَّرَه.

وكان حافظًا للقرآن، عارفًا بالحديث والتاريخ والرجال والفقه، كافًّا عن الفتوى، حضره رجل فقال: حلفت إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثًا، فقال: قول مالك وأبي حنيفة تطلق، وقال الشافعي: لا تطلق، فقال السائل: فما تقول أنت؟ فقال: هذا إلى أبي بكر الفراتي، ولم يفته.

وقد سمع بمنصورة -وهي أم بلاد خوارزم- بعض "صحيح البخاري" من الفِرَبْرِي، فوجده نازلًا، فصنَّف على مثاله مستخرجًا له، وصنَّف كتابًا في الأحاديث التي في مختصر المزني.

وكان إذا صحَّ عنده حديث عمل به، ولم يلتفت إلى مذهب.

وكان يحفظ حديثه ويدريه.

وكان محببًا إلى الناس متبرَّكًا به، نافذ الكلمة، قدَّموه للاستسقاء بهم.

وكان له مجلس للإملاء في كل اثنين وخميس، فكان يحضره الأئمة، والكبراء، وكان يرى الجهر بالبسملة.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدّل، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني، قال: قرئ على أبي العباس بن حمدان -وأنا أسمع- في جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة، حدَّثكم محمد بن أيوب، أخبرنا أبو الوليد، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد، حدثني أبي، عن أبيه، قال: كنت عند عثمان رضي الله عنه، فدعا بطهور، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تحضره الصلاة المكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها

ص: 252

وركوعها، إلَّا كانت كفَّارة لما فيها -أو قال: قبلها- من الذنوب ما لم يأت كبيرةً، وذلك الدهر كله"

(1)

.

أخرجه مسلم عن عبد وابن الشاعر، عن أبي الوليد.

قال ابن أرسلان في تاريخه: قرأت بخط الحافظ أبي سعيد قال: لما مرض أبو العباس مرضه الذي مات فيه، اغتمَّ المسلمون، فرأى صهره أبو العباس الأزهري في المنام، أنَّ أبا العباس لاحق بنا، ومن استغفر له غفر له، فشاع الخبر في البلد، فحضره أهل البلد أفواجًا، فكان يستغفر لهم.

ومرض خمسة عشر يومًا، ثم اعتقل لسانه ليلة الجمعة إلَّا من الهمس بقول: لا إله إلَّا الله، وتوفّي ليلة السبت حادي عشر صفر سنة ست وخمسين وثلاث مائة، فعظمت المصيبة، واجتمع الكل لجنازته، وأقاموا رسم التعزية ستة أيام تعزية عامرة بالفقهاء والأكابر ووجوه الدهاقين

(2)

، وحضر خوارزم شاه أبو سعيد أحمد بن محمد بن عراق تعزيته مع أمرائه، وكثرت فيه المراثي، ومات عن ثلاثة بنين -رحمه الله تعالى.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "228".

(2)

الدهاقين: جمع دقهان. والدِّهقان والدُّهقان: التاجر، فارسيّ معرَّب.

ص: 253

‌3337 - أبو فراس

(1)

:

الأمير أبو فراس، الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الشاعر المفلق، وكان رأسًا في الفروسية والجود، وبراعة الأدب.

كان الصاحب ابن عبَّاد يقول: بدئ الشعر بملك وهو امرؤ القيس، وختم بملك وهو أبو فراس.

أسرته الروم جريحًا، فبقي بقسطنطينية أعوامًا، ثم فداه سيف الدولة منهم بأموال، وأعطاه أموالًا جزيلةً وخيلًا ومماليك.

وكانت له مَنْبج، ثم تملَّك حمص، ثم قُتِلَ بناحية تدمر، وكان سار ليتملَّك حلب.

وديوانه مشهور.

قتل سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، وكل عمره سبع وثلاثون سنة.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 68"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 153"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 19"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 24".

ص: 253

‌3338 - المهلَّبي

(1)

:

الوزير الكبير، أبو محمد الحسن بن محمد بن عبد الله بن هارون الأزدي، من ولد المهلب بن أبي صفرة.

وَزَرَ لمعزِّ الدولة، وكان سريًّا جوادًا، ممدحًا، كامل السؤدد، مقربًا للعلماء، أصابته فاقة في شبيبته، وتغرَّب، واشتهى مرة بدرهمٍ لحمًا، فاشترى رفيقه له بدرهم، ثم تنقَّلت به الأحوال، ووَزَرَ، فتعرَّض له ذلك الرجل، فخلع عليه، وولّاه عملًا.

وكان الوزير أديبًا مترسلًا، بليغًا شاعرًا، سائسًا، له أخبار في الكرم والمروءة.

نال أولًا في الوزارة، عن أبي جعفر الصيمري، فمات الصيمري، فولّاه مكانه معزّ الدولة سنة تسع وثلاثين، ثم وزر للمطيع، ولقبوه ذا الوزارتين، وقد استوفى ابن النجار أخباره.

قال هلال بن المحسن: كان المهلَّبي نهاية في سعة الصدر، وبُعْد الهمَّة، وكمال المروءة، والإقبال على أهل الأدب، وله نظم مليح، وكان يملأ العيون منظره، والمسامع منطقه، والصدور هيبته، وتقبل النفوس تفصيله وجملته.

ومن نظمه:

أراني الله وجهك كل يوم

صباحًا للتيمُّن والسرور

وأمتع ناظريَّ بصفحتيه

لأقرا الحسن من تلك السطور

عاش المهلبي نيفًا وستين سنة، ومات في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة ببغداد.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 9"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "9/ 118"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 178"، والعبر "2/ 294"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 9 - 11".

ص: 254

‌3339 - المهَلَّبي

(1)

:

شيخ الحنفية، العلامة الأوحد، مفتي ما وراء النهر، أبو منصور.

نصر بن جعفر بن علي الأزدي المهلبي السمرقندي.

انتهت إليه الإمامة في المذهب.

روى عن: أحمد بن يحيى، وفارس بن محمد، وأحمد بن حم، وأهل بلخ.

روى عنه الفقيه عبد الكريم بن محمد، وغيره.

قال شهاب الدين ابن قاضي الحصن: توفي في سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 276".

ص: 254

‌3340 - المتنبِّي

(1)

:

شاعر الزمان، أبو الطيب، أحمد بن حسين بن حسن الجُعْفِيّ الكوفي، الأديب الشهير بالمتنبي.

ولد سنة ثلاث وثلاث مائة، وأقام بالبادية يقتبس اللغة والأخبار، وكان من أذكياء عصره.

بلغ الذروة في النظم، وأربى على المتقدمين، وسار ديوانه في الآفاق، ومدح سيف الدولة ملك الشام، والخادم كافورًا صاحب مصر، وعضد الدولة ملك فارس والعراق.

وكان يركب الخيل بزيّ العرب، وله شارة وغلمان وهيئة.

وكان أبوه سقَّاء بالكوفة، يُعْرَف بعبدان.

روى عنه: أبو الحسين محمد بن أحمد المحاملي، وعلي بن أيوب القمِّي، وأبو عبد الله بن باكويه، وأبو القاسم بن حبيش، وكامل العزائمي، والحسن بن عليّ العلوي من نظمه.

قيل: إنه جلس عند كتبيَّ، فطوَّل المطالعة في كتاب للأصمعي، فقال صاحبه: يا هذا، أتريد أن تحفظه? فقال: فإن كنت قد حفظته، قال: أهبه لك، قال: فأخذ يقرؤه حتى فرغه، وكان ثلاثين ورقة.

قال التنوخي: خرج المتنبي إلى بني كلب، وأقام فيهم، وزعم أنه علويّ، ثم تنبَّأ فافتضح، وحُبِسَ دهرًا، وأشرف على القتل، ثم تاب.

وقيل: تنبَّأ ببادية السماوة، فأسره لؤلؤ أمير حمص بعد أن حارب.

وقد نال بالشعر مالًا جليلًا، يقال: وصل إليه من ابن العميد ثلاثون ألف دينار، وناله من عضد الدولة مثلها.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 102"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 24"، ووفيَّات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 50"، والعبر "2/ 300"، ولسان الميزان "1/ 159"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 340"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 13".

ص: 255

أخذ عند النعمانية، فقاتل، فقُتِلَ هو وولده محسَّد.

وفاته في رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مائة.

وكان يبخل.

وقد طولت أمره في "تاريخ الإسلام".

وهو القائل:

لولا المشقَّة ساد الناس كلهم

الجود يفقر والإقدام قَتَّال

وله هكذا عدة أبيات فائقة يضرب بها المثل.

وكان معجبًا بنفسه، كثير البأو والتيه، فمُقِتَ لذلك.

ص: 256

‌3341 - صاحب الأغاني

(1)

:

العلَّامة الأخباري، أبو الفرج، علي بن الحسين بن محمد القرشي الأموي الأصبهاني الكاتب، مصنِّف كتاب "الأغاني"، يذكر أنه من ذرية الخليفة هشام بن عبد الملك. قاله محمد بن إسحاق النديم، بل الصوَّاب أنه من وَلَدِ مروان الحمَّار.

كان بحرًا في نقل الأداب.

سمع مطينًا، ومحمد بن جعفر القتَّات، وعلي بن العباس البجليّ، وأبا الحسين بن أبي الأحوص، وأبا بكر بن دريد، وجحظة، ونفطويه، وخلائق.

وجده محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله ابن الخليفة مروان الحمار.

حدَّث عنه: الدارقطني، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز، وآخرون.

وكان بصيرًا بالأنساب وأيام العرب، جيد الشعر.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 22"، وتاريخ بغداد "11/ 398"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 40"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "13/ 94"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 440"، والعبر "2/ 305"، وميزان الاعتدال "3/ 123"، ولسان الميزان "4/ 221"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 15"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 19".

ص: 256

قال أبو علي التنوخيّ: كان أبو الفرج يحفظ من الشعر والأخبار والأغاني والمسندات والنسب ما لم أَرَ قط من يحفظ مثله، ويحفظ اللغة والنحو والمغازي، وله تصانيف عديدة، بعثها إلى صاحب الأندلس الأموي سرًّا، وجاءه الإنعام، وله:"نسب عبد شمس"، و"نسب بني شيبان"، و"نسب آل الملهب"، جمعه للوزير الملَّهبِيّ، وكان ملازمه، وله "مقاتل الطالبين"، وكتاب "أيام العرب" في خمسة أسفار.

والعجب أنه أمويّ شيعيّ.

قال ابن أبي الفوارس: خلط قبل موته.

قلت: لا بأس به.

وكان وَسِخًا زَرِيًّا يتَّقُون هجاءه.

وله حكاية مع الجُهَنِيّ المحتسب: كان يجازف، فقال مرة: بالبلد الفلاني نعنع يطول حتى يعمل منه سلالم، فبدر أبو الفرج وقال: عجائب الدنيا ألوان، والقدره صالحة، فعندنا ما هو أعجب من ذا، زوج حمام يبيض بيضتين، فنأخذهما ونضع بدلهما سنجتين نحاسًا، فتفقس عن طست ومسينه، فتضاحكوا، وخَجِلَ الجُهَنِيّ.

مات في ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وله اثنتان وسبعون سنة.

ص: 257

‌3342 - رُكْنُ الدولة

(1)

:

السلطان ركن الدولة، أبو علي، الحسن بن بويه الديلمي، صاحب أصبهان وبلاد العجم، ووالد السلطان عضد الدولة، وهو أحد الإخوة الثلاثة الذين ملَكُوا البلاد بعد الفقر.

وكان هذا ملكًا سعيدًا، قسم ممالكه على أولاده، فقاموا بها أمثل قيام، وامتدت أيامه، وخضعت له الرعيّة، وولي خمسًا وأربعين سنة.

وَوَزَرَ له الوزير الأوحد، لسان البلغاء، أبو الفضل محمد بن العميد، ثم ابنه أبو الفتح بن العميد، وَوَزَرَ لولديه مؤيِّد الدولة، وفخر الدولة الصاحب إسماعيل بن عبَّاد.

مات في المحرَّم بالقولنج، سنة ست وستين وثلاث مائة، وله ثمانون سنة، وكان لا بأس بدولته.

ومات قبله بزمانٍ أخوه عماد الدولة.

‌3343 - الخَيَّام

(2)

:

المحدِّث المكثِر، مسند بخارى، أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل البخاريّ الخيمي.

حدث عن: صالح جزرة، وموسى بن أفلح، ونصر بن أحمد الكندي، وعمر بن هناد، وفرج بن أيوب، وخلق.

وعنه: الحاكم، وأبو عبد الله غُنْجَار، وأبو سعد الإدريسي، ولَيِّنَه أبو سعد.

قال الخليلي: كان له حفظ ومعرفة، وهو ضعيف جدًّا، روى متونًا لا تعرف، سمعت الحاكم وابن أبي زرعة يقولان: كتبنا عنه الكثير، ونبرأ من عهدته.

قلت: عاش ستًا وثمانين سنة، توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وستين وثلاث مائة.

وفيها توفِّي الحسن بن الخضر الأسيوطي، وعثمان بن عمر بن خفيف الدراج.

‌3344 - الذُّهْلي

(3)

:

الإمام العالم المسند المحدِّث، قاضي القضاه، أبو الطاهر، محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي البغدادي المالكي، قاضي الديار المصرية.

وُلِدَ سنة تسع وسبعين ومائتين، وسمع وهو ابن تسع سنين.

حدَّث عن بشر بن موسى الأسدي، وأبي مسلم الكجيّ، وأبي شعيب الحراني، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعمر بن حفص السدوسي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وخلف بن عمرو العكبري، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون الحمَّال، ومحمد بن يحيى المروزي، ومحمد بن عبدوس بن كامل، وجعفر بن محمد الفريابي، والحسن بن علي بن الوليد الفسويّ، وأحمد بن أبي عوف البزوري، وأحمد بن عمرو القَطِرَاني، وموسى بن زكريا، وأبي العباس ثعلب، وأمثالهم.

وكان ثقةً في الحديث.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 85"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 176"، والعبر "2/ 341"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 127"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 55".

(2)

تقدمت: ترجمتنا له بتعليقنا رقم "223" في هذا الجزء. وبرقم ترجمة عام "3249".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 313"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 90"، والعبر "2/ 344"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 130"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 60".

ص: 258

انتقى عليه الدارقطني نحوًا من مائة جزء، وحدَّث عنه: هو، وتَمَّام الرازي، وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وأبو العباس بن الحاجّ الإشبيلي، ومحمد بن الفضل بن نظيف، وأبو الحسن القابسي، ومحمد بن الحسين الطفَّال، وعليّ بن منير الخلَّال، وخلق سواهم.

وثَّقه أبو بكر الخطيب.

قال ابن ماكولا: أخبرنا أبو القاسم بن ميمون الصدفَيّ، أخبرنا عبد الغني الحافظ قال: قرأت على القاضي أبي الطاهر كتاب "العلم" ليوسف القاضي، فلمَّا فرغ قلت: كما قرئ عليك? قال: نعم، إلَّا اللحنة بعد اللحنة، قلت: أيها القاضي، فسمعته معربًا? قال: لا، فقلت: هذه بهذه، وقمت من ليلتي فجلست عند اليتيم النحويّ.

قال طلحة بن محمد بن جعفر: استقضى المتقي لله في سنة تسع وعشرين وثلاث مائة أبا الطاهر محمد بن أحمد الذهلي، وله أبوة في القضاء، سديد المذهب، متوسط الفقه، على مذهب مالك، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون، ويناظرون بحضرته، وكان يتوسَّط بينهم، ويتكَلّم بكلام سديد، ثم صرف بعد أربعة أشهر، ثم استُقْضِيَ على الشرقية في سنة أربع وثلاثين، وعُزِلَ بعد أشهر.

قال عبد الغني: سألت أبا الطاهر عن أوّل ولايته القضاء فقال: سنة عشر وثلاث مائة، وقد كان ولي البصرة، وقال لي: كتبت العلم سنة ثمان وثمانين ومائتين.

قال عبد الغني: وقد قرأ القرآن وهو ابن ثمان سنين، وكان مفوَّهًا، حسن البديهة، شاعرًا علَّامة، حاضر الحجة، عارفًا بأيام الناس، غزير المحفوظ، لا يمله جليسه من حسن حديثه، وكان سمحًا كريمًا، ولي قضاء مصر سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة، وأقام على قضائها ثماني عشرة سنة.

قال عبد الغني: وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب بن يوسف يقول: قال لي الأستاذ كافور: اجتمع بالقاضي أبي الطاهر فسلّم عليه، وقل له: إنه بلغني أنك تنبسط مع جلسائك، وهذا الانبساط يقل هيبة الحكم، فأعلمته بذلك، فقال: قل للأستاذ: لست ذا مال أفيض به على جلسائي، فلا أقلَّ من خلقي، فأخبرت الأستاذ فقال: لا تعاوده، فقد وضع القصعة.

قال عبد الغني: وسمعت أحمد بن محمد بن سعرة، أنه سمع أبا بكر بن مقاتل يقول: أنفق القاضي أبا الطاهر بيت مال خلَّفه له أبوه.

ص: 259

قال الحافظ عبد الغني: لما تلقَّى أبو الطاهر المعز أبا تميم بالإسكندرية ساءله المعز، فقال: يا قاضي، كم رأيت من خليفة? قال: واحد. قال: من هو? قال: أنت، والباقون ملوك. فأعجبه ذلك، ثم قال له: أحججت؟ قال: نعم. قال: وسلمت على الشيخين? قال: شغلني عنهما النبي صلى الله عليه وسلم، كما شغلني أمير المؤمنين عن ولي عهده، فازداد به المعز إعجابًا، وتخلّص من ولي العهد؛ إذ لم يسلم عليه بحضرة المعز، فأجازه المعز يومئذ بعشرة آلاف درهم.

وحدَّثني زيد بن علي الكاتب: أنَّ القاضي أبا الطاهر السدوسي أنشده لنفسه:

إني وإن كنت بأمر الهوى

غِرًّا فسِتْري غير مهتوك

أكنَّى عن الحب ويبكي دمًا

قلبي ودمعي غير مسفوك

فظاهري ظاهر مستملك

وباطني باطن مملوك

وأخبرني خُمار بن علي بصور قال: أتيت القاضي أبا الطاهر بأبيات له في ولده، فأنشد فيها وبكى:

يا طالبًا بعد قتلي

الحج لله نسكا

تركتني فيك صبًّا

أبكي عليك وأبكى

وكيف أسلوك قل لي

أم كيف أصبر عنكا

روحي فداؤك هذا

جزاء عبدك منكا

وحدَّثني محمد بن علي الزينبي، حدَّثنا محمد بن علي بن نوح قال: كنَّا في دار القاضي أبي الطاهر نسمع عليه، فلمَّا قمنا صاح بي بعض من حضر: يا قاضي -وكنت ألقَّب بذلك، فسمع القاضي أبو الطاهر، فبعث إلينا حاجبه فقال: من القاضي فيكم? فأشاروا إليَّ، فلمَّا دخلت عليه قال لي: أنت القاضي? فقلت: نعم. قال لي: فأنا ماذا? فسكَتُّ، ثم قلت: هو لقب لي، فتَبَسَّم وقال لي: تحفظ القرآن? قلت: نعم. قال: تبيت عندنا الليلة أنت وأربعة أنفس معك، وتواعدهم، ممن تعلمه يحفظ القرآن والأدب. قال: ففعلت ذلك، وأتينا المغرب، فقُدِّمَ إلينا ألوان وحلواء، ولم يحضر القاضي، فلمَّا قاربنا الفراغ خرج إلينا يزحف من تحت ستر، ومنعنا من القيام وقال: كلوا معي، فلم آكل بعد، ولا يجوز أن تدعوني آكل وحدي، فعرفنا أن الذي دعاه إلى مبيتنا عنده غَمَّه على ولده أبي العباس، وكان غائبًا بمكة، ثم أمر من يقرأ منَّا، ثم استحضر ابن المقارعي وأمره بأن يقول

ص: 260

أي: يغني، فقام جماعة منَّا وتواجدوا بين يديه، ثم قال شعرًا في وقته، ألقاه عليَّ ابن المقارعي، فغنَّى به وهو:

يا طالبًا بعد قتلي

الحج لله نسكا

فبكى القاضي بكاءً شديدًا، وقدم ابنه بعد أيام يسيرة.

نقل هذه الفوائد أمين الدين محمد بن أحمد بن شهيد، من خط عبد الغني بن سعيد، ومن خطِّه نقلت.

قال ابن زولاق في قضاة مصر: وُلِدَ الذهلي ببغداد في ذي الحجة سنة تسع وسبعين، وكان أبوه يلي قضاء واسط، فعزل بابنه أبي طاهر عنها، وأخبرني أبو طاهر أنه كان يخلف أباه على البصرة في سنة أربع وتسعين

إلى أن قال: وولي قضاء دمشق من قِبَلِ الخليفة المطيع، فأقام بها سبع سنين، ثم دخل مصر زائرًا لكافور سنة أربعين، ثم ثار به أهل دمشق وآذوه، وعُمِلَت عله محاضر فعزل، وأقام بمصر إلى آخر أيام ابن الخصيب وولده، فسعى ابن وليد في القضاء، وبذل ثلاثة آلاف دينار، وحملها على يد فنك الخادم، فمدح الشهود أبا طاهر، وقاموا معه! فولَّاه كافور، وطلب له العهد من ابن أمّ شيبان القاضي، فولاه القضاء وحمد.

وقد اختصر تفسير الجُبَّائيّ، وتفسير البلخي، ثم إنَّ ابن وليد وَلِيَ قضاء دمشق، وكان أبو الطاهر قد عني به أبوه، فسمَّعه، فأدرك الكبار، وقد سمع من عبد الله بن أحمد، وإبراهيم الحربي، وما روى عنه شيئًا لصغره.

حصل للناس عنه إملاء وقراءة نحو مائتي جزء.

وحدَّث بكتاب "طبقات الشعراء" لمحمد بن سلَّام، رواه عن أبي خليفة عنه.

قال: ولم يزل أمره مستقيمًا إلى أن لحقته علة عطَّلت شقه في سنة 366، فقلَّد العزيز صاحب مصر القضاء حينئذ عليّ بن النعمان، وكانت ولاية أبي الطاهر ست عشرة سنة وعشرة أشهر، وأقام عليلًا، وأصحاب الحديث منقطعون إليه.

مات في آخر يوم سبع وستين وثلاث مائة، وقيل: مات في سلخ ذي القعده منها، وقيل: استُعْفِيَ من القضاء قبل موته بيسير.

ومن شعره في ولده:

ص: 261

يعز عليَّ بعدك يا عليُّ

فلي أرَقٌ إذا رقد الخَلِيّ

وما لي في اصطباري عنك عذر

وعذرك في مقارقتي جَلِيُّ

ومن يك مفلسًا من فرط وجد

فإني من صباباتي مَلِيّ

وما لي حيلة تدنيك فاذهب

لك الرحمن من دوني وَلِيّ

وفيها مات أبو القاسم النصراباذي شيخ الصوفية، والملك عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وأبو عيسى يحيى بن عبد الله الليثي القرطبي، وأبو بكر محمد بن عمر بن القوطية اللغوي، والوزير المصلوب نصير الدولة ابن بقية.

ومات والد القاضي الذهلي، وهو القاضي الإمام أبو العباس، قاضي واسط، في سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة، عن بضع وثمانين سنة.

يروي عن يعقوب الدَّوْرَقِيّ، ومحمود بن خداش، وعدة.

روى عنه: الدارقطني، والمخلص، وابن المقرئ.

ثقة نبيل.

ص: 262

‌3345 - القَطِيعيّ

(1)

:

الشيخ العالم المحدِّث، مسند الوقت، أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي القطيعي الحنبلي، راوي "مسند الإمام أحمد"، و"الزهد"، و"الفضائل" له.

وُلِدَ في أول سنة أربع وسبعين ومائتين.

سمع محمد بن يونس الكُدَيْمِيّ، وبشر بن موسى، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا مسلم الكجي، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن عليّ الأبار، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وأبا خليفة الجمحي، وأبا شعيب الحراني، والحسين بن عمر الثقفي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وعبد الله بن أحمد، وإبراهيم بن شريك، وجعفر بن محمد الفريابي، وأحمد بن

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 73"، والأنساب للسمعاني "10/ 203"، واللباب لابن الأثير "3/ 48"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 92"، والعبر "2/ 346"، وميزان الاعتدال "1/ 87"، ولسان الميزان "1/ 145"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 132"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 65".

ص: 262

محمد بن قيس المنقريّ وأحمد بن الحسن الصوفيّ، وعبد الله بن العباس الطيالسي، والحسن بن الطيب البلخي، وخلقًا سواهم.

ورحل وكتب وخرَّج، وله أُنْسٌ بعلم الحديث.

حدَّث عنه الدارقطني، وابن شاهين، والحاكم، وابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وخلف بن محمد الواسطي، وأبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني، ومحمد بن الحسين بن بكير، وأبو القاسم بن بشران، والمحدث علي بن عمر الأسداباذي، والحسن بن شهاب العكبري، وأبو عبد الله بن باكويه، وبشرى الفاتني، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري، ومحمد بن المؤمّل الورّاق، وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري، والحسن بن محمد الخلّال، وعبيد الله بن عمر بن شاهين، وأبو طاهر محمد بن علي بن العلاف الواعظ، وأبو علي الحسن بن علي بن المذهب، وأبو محمد الحسن بن عليّ الجوهري، خاتمة أصحابه.

قال ابن بكير: سمعته يقول: كان عبد الله بن أحمد يجيئنا فيقرأ عليه أبو عبد الله بن الخصاص عمّ أمي، فيقعدني في حجره، حتى يقال له: يؤلمك? فيقول: إني أحبه.

وقال أبو الحسن بن الفرات: هو كثير السماع، إلَّا أنه خَلَط في آخر عمره، وكُفَّ بصره وخرف، حتى كان لا يعرف شيئًا مما يقرأ عليه.

وقال الخطيب: سمعت الفقيه أحمد بن أحمد القصري يقول: قال لي ابن اللبان الفرضي: لا تذهبوا إلى القطيعي، قد ضعف واختلَّ، وقد منعت ابني من السماع منه.

وقال ابن أبي الفوارس: لم يكن بذاك له في بعض المسند أصول فيها نظر، ذكر أنه كتبها بعد الغرق، وكان مستورًا صاحب سنة.

وقال السلمي: سألت الدارقطني عنه، فقال: ثقة زاهد قديم، سمعت أنه مجاب الدعوة.

وقال البرقاني: كان صالحًا، ولأبيه اتصال بالدولة، فقرئ لابن ذلك السلطان على عبد الله بن أحمد المسند، فحضر القطيعي، ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك، فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن فيه سماعه فغمزوه، وثبت عندي أنه صدوق، وإنما كان فيه بله، وقد ليِّنْتُه عند الحاكم، فأنكر علي، وحسن حاله، وقال: كان شيخي.

مات لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين، وله خمس وتسعون سنة.

ص: 263

‌3346 - القَصَّاب

(1)

:

الإمام العالم الحافظ، أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرجيّ الغازي المجاهد.

وعُرِفَ بالقَصَّاب لكثرة ما قَتَل في مغازيه.

وكان والده من أصحاب عليِّ بن حرب الطائي.

حدَّث عن أبيه، وعن محمد بن العباس الأخرم، ومحمد بن إبراهيم الطيالسي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلم، وجعفر بن أحمد بن فارس، والحسن بن يزيد الدقَّاق، وطبقتهم.

وصنَّف كتاب "ثواب الأعمال"، وكتاب "عقاب الأعمال"، وكتاب "السنة"، وكتاب "تأديب الأئمة"، وأشياء.

حدَّث عنه: ابناه؛ علي وأبو الفرج عمَّار، وأبو المنصور مظفَّر بن محمد بن حسين البروجردي، وطائفة.

وعاش إلى حدود الستين وثلاث مائة.

وهو القائل: كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، فليست صفة مجاز، ولو كانت صفة مجاز لتحتَّم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفُسِّرَت بغير السابق إلى الأفهام، فلمَّا كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل، عُلِمَ أنها غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بَيِّنٌ.

وفي قصيدة أبي الحسن:

وفي الكرج الغراء أوحد عصره

أبو أحمد القَصَّاب غير مغالب

تصانيفه تبدي فنون علومه

فلست ترى علمًا له غير شارب

(1)

ترجمته في تذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 891"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "4/ 114".

ص: 264

‌3347 - غُنْدر

(1)

:

قد مَرَّ الحافظ المجوّد محمد بن جعفر

(2)

صاحب شعبة، وهو الكبير.

غندر الإمام الحافظ، أبو بكر محمد بن جعفر بن الحسين البغدادي الورَّاق.

سمع الحسن بن علي المعمري، وأبا بكر الباغندي، وأبا عروبة، وأبا الجهم المشغراني، والطحاوي، وخلقًا.

وعنه: الحاكم، وأبو الحسين بن جميع، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعمر بن أبي سعد الهروي، وأبو نعيم الحافظ، وعدة.

قال الحاكم: أقام سنين عندنا يفيدنا، وخرَّج لي أفراد الخراسانيين من حديثي، ثم دخل إلى أرض الترك، وكتب ما لا يوصف كثرة، ثم استدعي من مرو إلى الحضرة ببخارى ليحدِّث بها، فأدركه الأجل في المفازة سنة سبعين وثلاث مائة.

أنبأنا المسلم بن علان، أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن جعفر بن حسين غندر، حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بالرقة، أخبرنا عبد الله بن محمد بن عيشون، حدَّثنا محمد بن سليمان بن أبي داود، حدثنا داود بن الزبرقان، عن مطر الوراق، عن هارون بن عنترة، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ذهاب البصر مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب، وما نقص من الجسد فعلى قدر ذلك"

(3)

غريب جدًّا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 152"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 107"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 904"، والعبر "2/ 357"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 73".

(2)

مرت ترجمتنا له بتعليقنا رقم "667"، وبرقم ترجمة عام "1346" في الجزء الخامس.

(3)

موضوع: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""2/ 152"، وفي الإسناد علتان:

الأولى: داود بن الزبرقان الرقاشي البصري، قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: متروك. وقال أبو داود: ضعيف تُرِكَ حديثه. وقال الجوزجاني: كذّاب. وقال ابن عدي: عامَّة ما يرويه لا يتابع عليه.

والعلة الثانية: مطر بن طهمان الورَّاق، ضعيف، مجمَع على ضعفه.

ص: 265

‌3348 - غُنْدَر

(1)

:

المحدِّث الزَّاهد الصوفيّ الجوال، أبو الطيب، محمد بن جعفر بن دُرَّان البغدادي غُنْدُر، نزيل مصر.

سمع أبا خليفة الجمحي، وأبا يعلى، وإبراهيم بن عبد الله المخرميّ.

وعنه: الدارقطني، وأبو حفص الكتاني، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وآخرون.

توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا الحسن بن صباح، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا الخلعيّ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، حدثنا محمد بن جعفر بن دُرَّان، حدثنا الحسن بن الطيب، حدثنا قتيبة، حدثنا معلى بن هلال، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعًا:"لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن، ولا يحبهما منافق" مُعلَّى تُرِكَ، ومتن الحديث حق، لكنَّه ما صحَّ مرفوعًا.

‌3349 - غُنْدَر

(2)

:

الشيخ المقرئ، أبو بكر محمد بن جعفر بن العباس النجار.

سمع ابن المجدر، وأبا حامد الحضرمي، وابن صاعد.

روى عنه الحسن بن محمد الخلَّال.

توفي سنة تسع وسبعين وثلاث مائة ببغداد.

‌3350 - غُنْدَر

(3)

:

محمد بن جعفر، أبو بكر البغدادي، مولى فاتن.

سمع: أبا شاكر مسرة بن عبد الله.

سمع منه: بشرى الفاتني في سنة ستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 150"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 46".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 157"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 96".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 150".

ص: 266

‌3351 - غُنْدَر:

محمد بن جعفر، أبو الحسين الرازي.

حدَّث بطبرستان عن: أبي حاتم الرازي، ومحمد بن الضُرِّيس.

وعنه: محمد بن جعفر بن حمويه، لقيه في سنة ثلاثين وثلاث مائة.

يقع لنا حديثه في كتاب "الألقاب" للشيرازي.

وسابعهم شيخ لابن جميع، وعندي أنَّه هو الثاني المذكور، والله أعلم.

‌3352 - الغَزَّال

(1)

:

الإمام الحافظ المقرئ، أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد الأصبهاني، شيخ القراء، وصاحب التصانيف.

سمع: محمد بن علي الفرقدي، وعبدان الأهوازي، ومحمد بن زبان، وعليّ بن أحمد علّان، والقاسم بن العصار الدمشقي، وعدة.

وعنه: أبو سعد الماليني، وأبو نعيم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأديب، وعبد العزيز بن أحمد بن فاذويه.

قال أبو نعيم: هو أحد من يُرْجِعُ إلى حفظ ومعرفة، وله مصنَّفات، توفي في آخر سنة تسع وستين وثلاث مائة.

قلت: له كتاب الوقف والابتداء.

‌3353 - الرَّفَّاء

(2)

:

الشاعر المحسن، أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الموصلي، مدح سيف الدولة، وببغداد المهلَّبي.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 294"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 905"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 47".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 194"، والأنساب للسمعاني "6/ 141"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 62" ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 182"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 257"، والعبر "2/ 357"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 67"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 73".

ص: 267

وديوانه مشهور.

وكان بينه وبين الخالديَّيْن هجاء وشر، فآذياه، حتى احتاج إلى النَّسخ، فبقي ينسخ ديوانه ويبيعه.

مات سنة نيف وستين وثلاث مائة ببغداد.

وهو القائل:

وكانت الإبرة فيما مضى

صائنة وجهي وأشعاري

فأصبح الرزق بها ضيقًا

كأنه من خرمها جاري

وله:

يلقى الندى برقيق وجه مسفر

فإذا التقى الجمعان عاد صفيقًا

رحب المنازل ما أقام فإن سرى

في جحفل ترك الفضاء مضيقًا

ص: 268

‌3354 - المِصِّيصِيّ

(1)

:

الشيخ أبو الحسن، علي بن أحمد بن علي المصيصي.

حدَّث ببغداد عن: محمد بن معاذ دران، وأحمد بن خليد الحلبي، وجماعة.

وعنه: أبو بكر البرقاني، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز، ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.

قال أبو نعيم: توفي -وكان فيه تساهل- في جمادى الآخرة سنة أربع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 324"، والعبر "2/ 334"، وميزان الاعتدال "3/ 112"، ولسان الميزان "4/ 195"، وشذات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 48".

ص: 268

‌3355 - ابن القُوطيَّة

(1)

:

علَّامة الأدب، أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز الأندلسي القرطبي النحوي، صاحب التصانيف.

سمع من: أسلم بن عبد العزيز، وسعيد بن جابر، وطاهر بن عبد العزيز، ومحمد بن عبد الله الزبيدي، وعدة.

أخذ عنه ابن الفرضي، والناس.

وعمَّر دهرًا.

والقوطيَّة: هي سارة بنت المنذر بن جَطْسيَّة، من بنات ملوك القوط، والقوط: أمَّة كانو بإقليم الأندلس، من ذرية قوط بن حام بن نوح عليه السلام، هي جدَّة لجدِّه، وقد كانت سارت إلى الشام متظلِّمة من عمِّها أرطياس، فتزوجها بالشام عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، ثم سافر معها إلى الأندلس، وهو جد عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى.

نعم، وكان أبو بكر رأسًا في اللغة والنحو، حافظًا للحديث، إخباريًّا باهرًا، ولم يكن بالبارع في الفروع.

ألَّف تصاريف الأفعال فجوَّده، وفي المقصور والممدود.

وكان ذا عبادة ونسك وزهد.

وكان له نظم رقيق فتركه تورُّعًا.

وكان أبو علي القالي يبالغ في توقيره.

وقد صنَّف تاريخًا في أخبار أهل الأندلس، فكان يمليه من صدره غالبًا.

توفِّي في ربيع الأول سنة سبع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 272"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 650"، والعبر "2/ 345"، ولسان الميزان "5/ 324"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 62".

ص: 269

‌3356 - ابن بَقِيَّة

(1)

:

الوزير الكبير، نصير الدولة، أبو الطاهر، محمد بن محمد بن بقية بن علي العراقي الأواني، أحد الأجواد، تقلَّب به الدهر ألوانًا، فإن أباه كان فلَّاحًا، وآل أمر أبي الطاهر إلى وزارة عِزّ الدولة بختيار بن معز الدولة، بعد الستين وثلاث مائة، وقد استوزره المطيع أيضًا، فلقبُه الناصح.

وكان قليل النحو، فغطَّى ذلك السعد.

وله أخبار في الإفضال والبذل والتنعُّم، ثم قَبَضَ عليه عِزُّ الدولة بواسط في آخر سنة ست وستين، وسملت عيناه، فلمَّا تملَّك عضد الدولة أهلكه؛ لكونه كان يحرِّض مخدومه عليه، ألقاه تحت قوائم الفيل، وصلب عند البيمارستان العضدي، في شوال من سنة سبع.

يقال: إنه خلع في وزارته في عشرين يومًا عشرين ألف خلعة.

وعاش نيفًا وخمسين سنة.

ورثاه شاعر بأبيات واختفى، فقال:

علوٌّ في الحياة وفي الممات

لحقٌّ أنت إحدى المعجزات

وهي قطعة بارعة في معناها، ثم ظفر به عضد الدولة، وعفا عنه، وأعطاه فرسًا، وعشرة آلاف درهم، ثم أهلكه.

ذكرناه في الكبير.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 699"، والعبر "2/ 346"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 130"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 63".

ص: 269

‌3357 - الناشِئ الصغير

(1)

:

من فحول الشعراء، ورءوس الشيعة، أبو الحسن علي بن عبد الله ابن وصيف الحلَّاء.

أخذ الكلام عن إسماعيل بن نوبخت وغيره، وصنَّف التصانيف، والحلّاء: صانع حلية النحاس.

وهو القائل:

إذا أنا عاتبت الملوك فإنما

أخطّ بأقلامي على الماء أحرفا

وهبه ارْعَوَى بعد العتاب ألم

تكن مودته طبعًا فصارت تكلفًا

وقد روى بالكوفة ديوانه، وأخذ عنه المتنبي، ثم طال عمره، ومدح سيف الدولة والكبار، وعاش أزيد من تسعين سنة.

مات في صفر سنة خمس وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء "13/ 280"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 466"، ولسان الميزان "4/ 238".

ص: 270

‌3358 - الشيرازي

(1)

:

الوزير أبو الفضل، العباس بن الحسين الشيرازي، كاتب معز الدولة، ناب في الوزارة عن المهلّبي، وتزوج بابنته، ثم كتب لعز الدولة، ثم وَزَرَ له سنة سبع وخمسين، ثم عمل وزارة المطيع، فبقي على وزارتهما ثلاثة أشهر، ثم أمسك، ثم أعيد إلى الوزارة سنة ستين، وعزل سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، ثم نكب وحمل إلى الكوفة، فمات برمي الدم بعد مُدَيْدَةٍ، وماتت زوجته ابنة المهلبي في الاعتقال.

وكان ظالمًا عسوفًا مجاهرًا بالقبائح.

وكان جوَّادًا معطاءً.

عاش ستين سنة.

وكان كثير التجمُّل شديد الوطأه {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49] وقيل:

سكر الولاية طيب

وخماره مال وروح

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 73"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 68".

ص: 271

‌3359 - ابن الإخشيذ

(1)

:

الملك أبو محمد، الحسن بن عبيد الله بن طغج بن جف التركي.

ولد سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة، وكان أميرًا في دولة عَمِّه الإخشيذ محمد بن طغج، وكذا في أيام كافور، فمات كافور، فأقام الأمراء في الدست أبا الفوارس أحمد بن الملك علي بن الإخشيذ صبيًّا له إحدى عشرة سنة، وجعلوا أتابكه الحسن هذا، وكان صاحب الرَّملة، وقد مدحه المتنبي بقوله:

أيا لائمي أن كنت وقت اللوائم

عملت بحالي بين تلك المعالم

وهي بديعة، ثم تمكَّن الحسن وتزوَّج ببنت عمه فاطمة، ودُعِيَ له على المنابر بعد أبي الفوارس إلى نصف شعبان سنة (358)، فوصلت جيوش المغاربة مع جوهر، وتملَّكوا، وزالت الدولة الإخشيذية، وكانت خمسًا وثلاثين سنة.

وكان الحسن قد فَرَّ من القرامطة، وأخذوا منه الرملة، وتمكَّن بمصر، وقبض على الوزير بن حِنْزَابة، ثم انحاز إلى الشام، ثم حارب المغاربة مع جعفر بن فلاح، فأسره جعفر، وبعث به إلى مصر، فسُجِنَ مدة ولم يؤذوه، ولم يبلغني هل بقي مسجونًا زمانًا أو عفي عنه، إلَّا أنه مات في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة بمصر، وصلَّى عليه العزيز بالله في القصر.

وأمَّا الصبي أبو الفوارس، فإنه عاش إلى ربيع الأوَّل سنة سبع وسبعين، وتوفّي.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 97"، والنجوم الزاهرة "4/ 73".

ص: 271

‌3360 - الجُعَل

(1)

:

أبو عبد الله الحسين بن علي البصري، الفقيه المتكلم، صاحب التصانيف، من بحور العلم، لكنَّه معتزلي داعية، وكان من أئمة الحنفية.

قال الخطيب: له تصانيف كثيرة في الاعتزال. قال لي الصيمري: كان مقدَّمًا في الفقه والكلام، مع كثرة أماليه فيهما، وتدريسه لهما.

قال محمد بن إسحاق النديم: الجعل يعرف بالكاغدي، وأستاذه هو أبو القاسم بن سهلويه، انتهت إليه رئاسة أصحابه في عصره، .... إلى أن قال: وتفقَّه على أبي الحسن الكرخيّ، وله كتاب "نقض كلام ابن الريوندي" في أنَّ الجسم لا يجوز أن يكون مخترعًا لا من مادة، وكتاب "الكلام" أنَّ الله لم يزل موجودًا وحده إلى أن خلق الخلق، وكتاب "الإيمان"، وكتاب "الإقرار"، وتصانيف سوى ذلك.

قال أبو إسحاق الشيرازي في "طبقات الفقهاء": هو رأس المعتزلة، مات في ذي الحجة سنة تسع وستين وثلاث مائة، وصلَّى عليه شيخ النحو أبو علي الفارسي.

قلت: قارب ثمانين سنة. وقيل: بل عاش إحدى وستين سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 73"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 101"، والعبر "2/ 351"، ولسان الميزان "2/ 303"، والنجوم الزاهرة "4/ 135"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 68".

ص: 272

‌3361 - ابن أخت وليد

(1)

:

العلَّامة القاضي، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن راشد بن شعيب البغدادي الظاهري، ابن أخت وليد.

حدَّث عن أبي قتيبة العسقلاني وغيره.

وعنه: علي بن منير، وابن نظيف الفرَّاء، ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر، وغيرهم.

كان أولًا خياطًا، ثم اشتغل وَوَلِيَ قضاء مصر سنة، ثم عُزِلَ سنة ثلاثين وثلاث مائة، ثم ولي قضاء دمشق سنة ثمان وأربعين.

قال ابن حزم: له مصنَّفات كثيرة، أخذ عن أبي الحسن بن المغلس.

قلت: لم يحمد في القضاء، وبذل فيه ذهبًا، وقيل: كان سخيفًا خليعًا يرتشي.

قال ابن زولاق: تكبَّر واستهان بالنَّاس، وكان يهزل في مجلسه، وله أموال ومتاجرة، وكان يقول لحاجبه: أين اليهود؟ يعني: الشهود، وأين الكُمَنَا? يعني: الأمناء. وقالت امرأة: خذ بيدي، قال: وبرجلك، وكان الذهلي لا ينفذ له حكمًا.

مات سنة تسع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "2/ 390"، ولسان الميزان "3/ 215".

ص: 273

‌3362 - ابن أمِّ شَيْبَان

(1)

:

قاضي القضاة، أبو الحسن، محمد بن صالح بن علي بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله، ابن الأمير ولي العهد عيسى بن موسى بن محمد بن علي، ابن حبر الأمَّة عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي الكوفي ثم البغدادي.

سمع: محمد بن محمد بن عقبة، وعبد الله بن زيدان البجلي، وتلا على ابن مجاهد، وصاهر أبا عمر القاضي. روى عنه البرقاني وغيره. وكان كبير القدر إمامًا.

قال طلحة بن جعفر: هو عظيم القدر، واسع العلم، كثير الطلب، حسن التصنيف، ينظر في فنون العلم والآداب، متوسط في مذهب مالك، لا أعلم هاشميًّا ولي قضاء بغداد غيره، وجمع له معها قضاء مصر، وبعض الشام -يعني: فبعث نوَّابه إليها، وقد صُرِفَ لحكومة صمم فيها لله، ولم يأخذ رزقًا على القضاء، ولا لبس خلعة، وطلب لكاتب حكمه ولحاجبه معلومًا، وكذلك للأمناء والأعوان، فقرَّرَ للكل في الشهر ألف درهم ومائة وخمسون درهمًا.

وقال ابن أبي الفوارس: كان نبيلًا فاضلًا، ما رأينا في معناه مثله، وفي الصدق نهاية.

مات فجأة في جمادى الأولى سنة تسع وستين وثلاث مائة، وله ست وسبعون سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 363"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 102"، والعبر "2/ 352"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 137"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 70".

ص: 273

‌3363 - الرُّوذْبَاري

(1)

:

العارف الزاهد، شيخ الصوفية، أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري، نزيل صور.

حدَّث عن: البغوي، وابن أبي داود، والمحاملي.

وعنه: السكن بن جميع، وأبوه، وابن باكويه، وعلي بن عياض الصوري، وعدة، وهو ابن أخت أبي علي الرُّوذْبَاري.

قال القشيري: كان شيخ الشام في وقته، مات بصور سنة تسع وستين.

وقال السلمي: كان يرجع إلى أنواع من العلوم؛ كالقراءات والفقه وعلم الحقيقة، وإلى أخلاق في التجريد يختص بها، يُرْبي على أقرانه.

قال أبو القاسم بن عساكر: روى أحاديث غلط فيها غلطًا فاحشًا.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 658"، وتاريخ بغداد "4/ 336"، والمنتظم لابن الجوزي العماد "3/ 68".

ص: 274

‌3364 - الإسفراييني

(1)

:

الإمام المحدث الثقة الجوّال، مسند وقته، أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر بن محمود الإسفراييني الدهقان، كبير إسفرايين، وأحد الموصوفين بالشهامة والشجاعة.

سمع: إبراهيم بن علي الذهلي، ومحمد بن محمد بن رجاء، وجعفر بن أحمد الشاماتي، وأحمد بن سهل، والحسن بن سهل، وقرأ عليه مسنده، ومحمد بن يحيى المروزي ثم البغدادي، وعبد الله بن ناجية، وجعفر بن محمد الفريابي، وأبا يعلى الموصلي، سمع منه المسند.

وعُمِّر وأملى مدة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 355"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 71".

ص: 274

حدَّث عنه: الحاكم، والعلاء بن محمد بن أبي سعيد، ومحمد بن حميم الفقيه، ومحمد بن محمد بن أبي المعروف، وشريك بن عبد الملك المهرجاني، وهُمْ من شيوخ البيهقيّ، وآخِر من حدَّث عنه عمر بن مسرور الزَّاهد.

قال الحاكم: انتخبت عليه، وأملى زمانًا من أصول صحيحه، وتوفِّي في شوال سنة سبعين وثلاث مائة.

قلت: عاش نيفًا وتسعين سنة.

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، وزينب بنت عمر، عن زينب الشعرية، أنبأنا إسماعيل بن أبي القاسم القاري سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا بشر بن أحمد، أخبرنا داود بن الحسين، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن جابر، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي هريرة، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا اجتمع عيدان في يوم واحد أجزأهم الأوّل"

(2)

هكذا عندي، وسقط أبو صالح.

(2)

صحيح أخرجه أبو داود (1073)، وابن ماجة (1311) من طريق عبد العزبز بن رفيع، به

ص: 275

‌3365 - المُسْتَنْصِرُ

(1)

:

الملقَّب بأمير المؤمنين، المستنصر بالله، أبو العاص الحكم ابن الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأموي المراوني، صاحب الأندلس وابن ملوكها.

وكانت دولته ست عشرة سنة، وعاش ثلاثًا وستين سنة.

وكان جيد السيرة، وافر الفضيلة، مُكْرِمًا للوافدين عليه، ذا غرام بالمطالعة وتحصيل الكتب النفيسة الكثيرة؛ حقها وباطلها؛ بحيث إنها قاربت نحوًا من مائتي ألف سفر، وكان ينطوي على دين وخير.

سمع من قاسم بن أصبغ، وأحمد دحيم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريا بن خطاب، وطائفة.

وأجاز له ثابت بن قاسم السرقسطي.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 341"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 127"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 55".

ص: 275

وكان باذلًا للذَّهب في استجلاب الكتب، ويعطي من يتَّجر فيها ما شاء، حتى ضاقت بها خزائنه، لا لذة له في غير ذلك.

وكان عالمًا إخباريًّا وقورًا، نسيج وحده.

وكان على نمطه أخوه عبد الله -الملقَّب بالولد- في محبَّة العلم، فقُتَل في أيام أبيه.

وكان الحكم موثقًا في نقله، قلَّ أن تجد له كتابًا إلَّا وله فيه نظر وفائدة، ويكتب اسم مؤلفه ونسبه ومولده، ويغرب ويفيد.

ومن محاسنه أنَّه شدَّد في الخمر في ممالكه، وأبطله بالكلية، وأعدمه.

وكان يتأدَّب مع العلماء والعبَّاد، التمس من زاهد الأندلس أبي بكر يحيى بن مجاهد الفزاري أن يأتي إليه فامتنع، فمَرَّ في موكبه بيحيى وسلَّم عليه، فرَدَّ عليه ودعا له، وأقبل على تلاوته، ومَرَّ بحلقة شيخ القراء أبي الحسن الأنطاكي فجلس، ومنعهم من القيام له، فما تحرَّك أحد.

مات بقصر قرطبة في صفر سنة ست وستين وثلاث مائة.

وبويع ابنه هشام وله تسع سنين أو أكثر، ولقِّبَ بالمؤيد بالله، فكان ذلك سببًا لتلاشي دولة المروانية، ولكن سدد أمر المملكة الحاجب الملقَّب بالمنصور أبي عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني، وإليه كان العقد والحلّ، فساس أتمَّ سياسة.

وقد تقدم المستنصر

(1)

مع جدهم الداخل أيضًا.

(1)

تقدمت ترجمته بتعليقنا رقم "382"، في الجزء الخامس، وبرقم ترجمة عام "1233".

ص: 276

‌3366 - عزّ الدَّوْلَة

(1)

:

صاحب العراق، الملك أبو منصور بختيار، ابن الملك معز الدولة أحمد بن بوية بن فنا خسرو الديلمي.

تزوّج الطائع لله ببنته شهناز على مائة ألف دينار.

وكان شديد البأس، يمسك ثورًا بقرنيه فيصرعه.

وكان مسرفًا مبذِّرًا.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 89 - 90"، والعبر "2/ 343"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 129"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 59".

ص: 276

تسلطن بعد أبيه، وقد خرج عليه ابن عمِّه عضد الدولة، وجرت بينهما حروب، وأسر مملوك بديع الجمال لعز الدولة، فتجنَّن عليه، وترك الأكل وبكى، وافتُضِحَ، وكتب إلى عضد الدولة، وخضع وبذل في فدائه عوديَّتين؛ ثمن إحداهما مائة ألف، وقال: رضيت بردِّه، وأدع الملك، فردّه.

وقيل: كان راتبه من الشمع في الشهر عدة قناطير.

التقى هو وعضد الدولة في شوال سنة سبع وستين وثلاث مائة، فقتل في المصافّ، فندم عضد الدولة، وبكى لما جيء برأسه.

عاش ستًا وثلاثين سنة.

وضاع أمر الإسلام بدولة بني بويه، وبني عبيد الرافضة، وتركو الجهاد، وهاجت نصارى الروم، وأخذوا المدائن، وقتلوا وسبوا.

ص: 277

‌3367 - الصُّكوكي

(1)

:

الإمام الحافظ المتقن، أبو بكر محمد بن زكريا بن حسين النسفي الصُّكوكي.

حدث عن: محمد بن نصر المروزي، وصالح بن محمد جزرة، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وطبقتهم.

ذكره جعفر المستغفري في "تاريخ نسف" فقال: كان حافظًا مؤلفًا للأبواب، عارفًا بحديث أهل بلده، توفي في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.

قلت: ما وقع لي حديثه، ولا أكاد أعرفه.

‌3368 - ابن حرارة

(2)

:

الإمام الحافظ الرحَّال، أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد، الأسدي البَرْدَعِيّ.

ارتحل إلى العراق ومصر والشام، سمع حامد بن شعيب، وأبا القاسم البغوي، وعبد الله بن وهب الدينوري، وابن جوصا، وعدة.

حدَّث عنه: حسن بن جعفر الطيبي شيخٌ للخليلي.

قال الخليلي: يُعْرَف أبوه بحرارة، قال: وقد روى من حفظه زيادة على ثلاثين ألف حديث بقزوين والري، وما كان معه ورقة، وفي أماليه غرائب وكلام يستفاد، حدَّث عنه شيوخنا، توفي بقزوين سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 883"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 369".

(2)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 911"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 379".

ص: 277

‌3369 - التِّنِّيسيّ

(1)

:

الشيخ الإمام الحافظ الثقة، أبو بكر محمد بن علي بن حسن المصري النقاش، محدث تنيس، وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

سمع محمد بن جعفر الإمام، نزيل دمياط، وأبا عبد الرحمن النسائي، ومحمد بن جرير الطبري، وأبا يعقوب المنجنيقي، وعمر بن أبي غيلان، وعبدان الجواليقي، وأبا يعلى الموصلي، والقاسم بن الليث الرسعني، وجماهر بن محمد الزملكاني، وطبقتهم.

ارتحل إليه الدارقطني، وكان منزويًا بتنيس، فلم ينتشر حديثه.

وروى عنه أيضًا الحسين بن جعفر الكللي، ويحيى بن علي بن الطحان، وإبراهيم بن عليّ الغازي، والحسن بن عمر بن جماعة الإسكندراني، والقاضي علي بن الحسين بن جابر التنيسي، وجماعة.

وهو راوي نسخة فُلَيْح التي رويناها عن أصحاب أبي الحسن السخاوي.

نعم، ومن كبار شيوخه: الحسن بن الفرج الغزيّ، وأبو العلاء الوكيعي، وعبد الله بن إسحاق المدائني.

أخبرنا محمد بن مظفر السقطي، أخبرنا السخاوي، أخبرنا السلفي، أخبرنا الخليل بن عبد الجبار، حدثنا علي بن الحسين القاضي، أخبرنا أبو بكر النقاش، حدثنا القاسم بن الليث، حدثنا المعافى بن سليمان، حدثنا فليح، عن نافع، قال:"كان عبد الله يكثر الإهلال ويرفع صوته به، ويقول: إن من إكمال الحج رفع الصوت بالإهلال".

توفّي في رابع شعبان سنة تسع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 353"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 902"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 137"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 70".

ص: 278

‌3370 - الصُّعْلُوكِيّ

(1)

:

الإمام العلامة ذو الفنون، أبو سهل، محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الحنفي العجلي الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي، المتكلم النحوي، المفسر اللغوي، الصوفي، شيخ خراسان.

قال الحاكم: هو حبر زمانه، وبقية أقرانه، ولد سنة ست وتسعين ومائتين، وأول سماعه في سنة خمس وثلاث مائة، واختلف إلى ابن خزيمة، ثم اختلف إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثقفي، وناظَرَ وبرع، ثم استدعي إلى أصبهان، فلمَّا بلغه نَعْيَّ عمه أبي الطيب الصعلوكي خرج في الخفية حتى قدم نيسابور في سنة سبع وثلاثين، ثم نقل أهله من أصبهان.

أفتى ودرَّس بنيسابور نيفًا وثلاثين سنة.

سمع إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا العباس السرَّاج، وأحمد بن الماسرجسي، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمداباذي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وسمع ببغداد من إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وابن الأنباري، والمحاملي، وكان يمتنع عن التحديث كثيرًا إلى سنة خمس وستين، فأجاب إلى الإملاء، وقد سمعت أبا بكر الصبغي غير مرة يعوذ الأستاذ أبا سهل، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين.

وقيل: سُئِلَ أبو الوليد حسَّان الفقيه عن أبي بكر القفَّال، وأبي سهل الصعلوكي، أيهما أرجح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل.

وقال الفقيه أبو بكر الصيرفي: لم ير أهل خراسان مثل أبي سهل.

قال الصاحب إسماعيل بن عبَّاد: ما رأينا مثل أبي سهل، ولا رأى مثل نفسه.

وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو سهل مفتي البلدة وفقيهها، وأجدل من رأينا من الشافعية بخراسان، وهو مع ذلك أديب شاعر نحوي كاتب عروضي، صَحِب الفقراء.

قال الشيخ أبو إسحاق في "الطبقات": الصعلوكي من بني حنيفة، وهو صاحب أبي

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 63"، واللباب لابن الأثير "2/ 242" ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 578"، والعبر "2/ 352"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 136"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 69".

ص: 279

إسحاق المروزي، مات في آخر سنة تسع وستين وثلاث مائة، وكان فقيهًا أديبًا متكلمًا مفسرًا صوفيًّا كاتبًا، عنه أخذ ابنه أبو الطيب وفقهاء نيسابور.

قلت: هو صاحب وجه، ومن غرائبه وجوب النية لإزالة النجاسة.

وقال أبو العباس النسوي: كان أبو سهل الصعلوكي مقدَّمًا في علم التصوّف، صحب الشبلي، وأبا علي الثقفي، والمرتعش، وله كلام حسن في التصوف.

قلت: مناقب هذا الإمام جَمَّة.

قال أبو القاسم القشيري: سمعت أبا بكر بن فورك يقول: سُئِلَ الأستاذ أبو سهل عن جواز رؤية الله بالعقل فقال: الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة، والإرادة لا تتعلّق بمحال.

وقال السلمي: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قط، وما كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضة ولا ذهب قط، وسمعته يسأل عن التصوّف فقال: الإعراض عن الاعتراض، وسمعته يقول: من قال لشيخه: لِم? لا يفلح أبدًا.

وقد حضر أبو القاسم النصراباذي وجماعة، وتكلّم قوّال فقال:

جعلت تنزهي نظري إليكا

فقال النصراباذي: قل: جعلت. فقال أبو سهل: بل جعلتُ، فرأينا النصراباذي ألطف قولًا منه في ذلك، فقال: ما لنا وللتفرقة?! أليس عين الجمع أحق? فسكت النصراباذي، ومن حضر.

قلت: يشير إلى الوحدة وهي الجمع، وهذا الجمع مقيَّد بناظر ومنظور، وهو يرجع إلى القدر، فما جعل نظره حتى جعله الله، قال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] يعني: إذا قلتها بالضم أو بالفتح فهما متلازمان.

قال السلمي: قال لي أبو سهل: أقمت ببغداد سبعة أعوام ما مَرَّت بي جمعة إلَّا ولي على الشبلي وقفة، أو سؤال، ودخل الشبلي على أبي إسحاق المروزي فرآني عنده، فقال: ذا المجنون من أصحابك، لا بل من أصحابنا.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا محمد بن يوسف الحافظ، أخبرتنا زينب بنت أبي القاسم، وأخبرنا أحمد عن زينب قالت: أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم، أخبرنا عمر بن مسرور، أخبرنا أبو سهل محمد بن سليمان الحنفيّ إملاءً، حدثنا أبو قريش

ص: 280

الحافظ، حدَّثنا يحيى بن سليمان بن نضلة، حدثنا مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يأكل في معىٍّ واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء"

(1)

.

وبه أنشدنا أبو سهل الحنفي لنفسه:

أنام على سهو وتبكي الحمائم

وليس لها جرم ومني الجرائم

كذبت وبيت الله لو كنت عاقلًا

لما سبقتني بالبكاء الحمائم

قال الحاكم: توفِّي أبو سهل في ذي القعدة سنة تسع وستين وثلاث مائة.

قلت: وفيها مات شيخ العارفين أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري بصور، وقد روى عن البغوي، وشيخ الحنابلة أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن شاقلا البزاز ببغداد كهلًا، والحافظ أبو سعيد الحسين بن محمد بن علي الزعفراني بأصبهان، وشيخ التعبير رُحَيْم بن سعيد الدمشقي الضرير، خاتمة من حدَّث عن أبي زرعة الدمشقي عن مائة وسبع سنين، ومسند بغداد أبو محمد بن ماسي البزاز، وقاضي دمشق أبو محمد عبد الله بن أحمد بن راشد ابن أخت وليد البغدادي، والحافظ أبو الشيخ بأصبهان، وقاضي القضاة أبو الحسن محمد بن صالح بن علي ابن أم شيبان العباسي ببغداد، والحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل الغزال بأصبهان، والحافظ أبو بكر محمد بن علي النقاش بتنيس، وأبو علي مخلد بن جعفر الباقرجي، سمعنا مشيخته.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5396"، ومسلم "2063".

ص: 281

‌3371 - الحَجَّاجي

(1)

:

الإمام الحافظ الناقد المقرئ المجوّد، شيخ خراسان، أبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن الحجَّاج الحجَّاجي النيسابوري، صدر المقرئين والمحدثين.

مولده في سنة خمس وثمانين ومائتين.

وسمع ببغداد من عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير، والباغندي، والبغوي، وطبقتهم، وبنيسابور أبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس الثقفي، وأقرانهما، وبالري أحمد بن جعفر وطبقته، وبمصر علّان بن الصيقل، ونحوه، وبالشام أبا الجهم بن طلاب، وأبا الحسن بن جوصا، ومحمد بن يوسف الهروي، وبالجزيرة أبا عروبة الحرَّاني، وبالكوفة علي بن العباس المقانعي، والموجودين.

وجمع وصنَّف وصحَّح وعلَّل، وبَعُدَ صيته.

حدَّث عنه: أبو علي الحافظ، وأبو بكر بن المقرئ، وهما أكبر منه قليلًا، وأبو عبد الله بن منده، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو حازم العبدوي، وأبو بكر البرقاني، وطائفة سواهم.

قال الحاكم: هو أبو الحسين الحجَّاجي، ذكرت في "تاريخ النيسابوريين" مناقب جدهم إسماعيل بن الحجاج، وكان من أصحاب إسحاق الحنظلي، وذكرت مناقب يعقوب بن إسماعيل، وكان من أصحاب محمد بن يحيى الذهلي، واسم جدّهم الحجاج بن الجراح.

قال: فأمَّا أبو الحسين فإنه كان من الصالحين المجتهدين بالعبادة، قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد، ثم سرد شيوخه، ثم قال: صنَّف العلل والشيوخ والأبواب، وكان يمتنع وهو كهل عن الرواية، فلمَّا بلغ الثمانين لازمه أصحابنا الليل والنهار، حتى سمعوا كتاب "العلل"، وهو نيف وثمانون جزءًا، و"الشيوخ"، وسائر المصنَّفات، صحبته نيفًا وعشرين سنة بالليل والنهار، فما أعلم أنَّ الملك كتب عليه خطيئة، وكنت أسمع أبا علي الحافظ غير مرة يقول: لم يجئ عفَّان، وقلت: لعفَّان، وقال لي عفَّان، يريد به أبا الحسين، يلقبه بذلك لحفظه وإتقانه وفهمه، ولعمري إنه عفَّان، فإن فهمه كان يزيد على حفظه.

وحدثنا أبو علي الحافظ في مجلس إملائه قال: حدَّثني أبو الحسين بن يعقوب، وهو أثبت من حدثتكم عنه اليوم، أخبرنا الأصبغ بن خالد القرقساني، أن عثمان بن يحيى القرقساني حدثهم، حدثنا مؤمل، حدثنا إبراهيم بن يزيد، أخبرنا عمرو بن دينار، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: ما غبطت نفسي بمجلسٍ ساعة كمجلس جلسته إلى حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنتظر لصلاة الصبح، ورهط بناحية يمترون في القرآن، حتى علت أصواتهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مغضبًا فقال في طرف ثوبه على وجهه:"يا أيها الناس، إنما هلكت الأمم قبلكم على مثل هذا، وإنما نزل الكتاب يصدّق بعضه بعضًا، ولم ينزل يكذب بعضه بعضًا، فما استنصّ لكم منه فاعرفوه، وما اشتبه عليكم فردوا علمه إلى الله عز وجل"

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 223"، والأنساب للسمعاني "4/ 58"، واللباب لابن الأثير "1/ 341"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 895"، والعبر "2/ 349"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 134"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 67".

(2)

حسن: أخرجه عبد الرزاق "20367"، وأحمد "2/ 181، 195، 196"، وابن ماجه "85"، من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.

ص: 282

قال الحاكم: ثم سألت أبا الحسين عنه، فحدَّثني به، وقال الحاكم أيضًا في تاريخه: أبو الحسين الحجَّاجي العبد الصالح الصدوق الثبت، كان يمتنع عن الرواية وهو كهل. وسمعت أبا علي الحافظ يقول: ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت من أبي الحسين.

قال الحاكم: توفِّي في خامس ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاث مائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن اللُّتِّي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، أخبرنا محمد بن محمد الحجاجي، أخبرنا سعيد بن هاشم، حدَّثنا دحيم، حدَّثنا عمرو بن أبي سلمة، حدَّثنا صدقة، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بعثت بين يدي الساعة بالسيف، وجعل رزقي تحت ظلِّ رمحي، وجعل الذل والصَّغَار على مَنْ خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم"

(1)

.

أخبرنا بلال المغيثي بمصر، أخبرنا عبد الوهاب بن رواج، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، حدثنا محمد بن الحسين السلمي إملاءً، حدثنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا أيوب بن سليمان البزاز، حدثنا جعفر بن نوح، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، حدثنا عبثر بن القاسم، عن العلاء بن ثعلبة، عن طاوس، عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"

(2)

.

هذا حديث غريب تفرَّد به العلاء هذا، وهو مجهول.

وممن مات معه في سنة ثمان وستين: مسند الوقت أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد، وشيخ النحو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، ومسند دمشق، أبو علي، الحسين بن أبي الزمزام الفرضي، والحافظ أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني، الآبَنْدوني، ومقرئ بغداد أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن النخاس -بمعجمة، والقاضي عيسى بن حامد الرخجي ببغداد، والمعمَّر محمد بن عبيدون الأندلسي، آخر من روى عن محمد بن وضاح، وراوي صحيح مسلم أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي بنيسابور، والمسند أبو حاتم محمد بن يعقوب بن إسحاق الهروي، وصاحب الموصل أبو تغلب الغضنفر ابن ناصر الدولة بن حمدان التغلبي.

(1)

جيد: تقدَّم تخريجنا له في ترجمة أبي عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم في المجلد العاشر، وبتعليقنا رقم "105"، وهو عند أحمد "2/ 50، 92"، وابن أبي شيبة "5/ 313"، وأبي داود "4031"، عن ابن عمر، به. ورواه ابن أبي شيبة "5/ 322"، والقضاعي في "الشهاب""390" عن طاوس مرسلًا. راجع تخريجنا له ثمت.

(2)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة العلاء بن ثعلبة، لكنَّ الحديث له شاهد عن الحسن بن علي: أخرجه عبد الرزاق "4984"، والطيالسي "1178"، وأحمد "1/ 200"، والترمذي "2518"، والنسائي "8/ 327"، والدارمي "2/ 245"، والحاكم "2/ 13"، "4/ 99"، والطبراني في "الكبير""2708"، "2711"، وأبو نعيم في "الحلية""8/ 264"، والبغوي في "شرح السنة""2032" من طريق بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء السعدي، عن الحسن بن علي، به مرفوعًا.

ص: 283

‌3372 - ابن السَّليم

(1)

:

العلَّامة الرباني قاضي الأندلس، أبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن السليم الأموي، مولاهم المالكي.

سمع: محمد بن أيمن، وأحمد بن خالد بن الجبَّاب، وعدة، وحجَّ فسمع من ابن الأعرابي، وأبي جعفر بن النحاس النحوي.

وكان من العلماء العاملين، ذا زهد وتألّه، وباع طويل في الفقه، واختلاف العلماء، رأسًا في الآداب والبلاغة والنحو، روضة معارف، تخرَّج به أئمة.

وتوفِّي في جمادى الأولى سنة سبع وستين وثلاث مائة، وقد أسَنَّ.

حكى يونس بن عبد الله بن مغيث أنَّ رجلًا مشرقيًّا يعرف بالشيباني سكن الأندلس، فركب ابن السليم لحاجة، فألجأه مطر غزير إلى أن دخل دهليز الشيباني، فرحَّب به، وعزم عليه، فنزل، ففاوضه، وقال: أيها القاضي، عندي جارية لم يسمع أطيب من صوتها، فإن أذنت أسمعتك آيات من كتاب الله، وأبياتًا، قال: افعل. فقرأت وغنَّت حتى كاد عقل القاضي يذهب سرورًا، وأخرج عشرين دينارًا للجارية هبة وقام.

(1)

ترجمته في العِبَر "2/ 338"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 60".

ص: 284

‌3373 - يحيى بن مُجَاهِد

(1)

:

ابن عوانة، أبو بكر الفزاري الأندلسي، الإلبيري، الزاهد.

ذكره ابن بشكوال في غير الصلة فقال: زاهد عصره، وناسك مصره، الذي به يتبرَّكون، وإلى دعائه يفزعون.

كان منقطع القرين، مجاب الدَّعوة، جربت دعوته في أشياء ظهرت، حجَّ وعُنِيَ بالقراءات والتفسير، وله حظّ من الفقه، لكن غلبت عليه العبادة.

وقد جمع يونس بن عبد الله كتابًا في فضائله.

وذكره عمر بن عفيف فقال: كان من أهل العلم والزهد والتقشُّف والعبادة وجميل المذهب، لم تر عيني مثله في الزهد والعبادة، يلبس الصوف، ويمشي حافيًا مرة، وينتعل مرة، فحدَّثني محمد بن أبي عثمان، عن أبيه، أن الحكم المستنصر بالله أحبَّ أن يجتمع بيحيى بن مجاهد الزاهد، فلم يقدر عليه، ووجَّه إليه مَنْ يَتلطف به ويستعطفه، فقال: ما لي إليه حاجة، وإنما يدخل على السلطان الوزارء وأهل الهيئة، وأيش يعمل بأصحاب الأطمار الرثَّة، فوجَّه إليه الحكم جبة صوف، وغفارة، وقميصًا من وسط الثياب، ودنانير، فلمَّا نظر إليها قال: ما لي ولهذه?! ردوها على صاحبها، ولئن لم يتركوني سافرت، فيئس من لقائه وتركه، وكان يجلس إلى مؤدِّب بالجامع يأنس به.

قال ابن حَيَّان: أخبرني أبي خلف قال: كنت يومًا في حلقة الأستاذ أبي الحسن الأنطاكي في الجامع، وإذا بحس في المقصورة، فخرج منها فتًى وبيده كرسي جلد، فجاء حتى وقف على الشيخ، ووضع الكرسي على مقربة منه، وقال: أمير المؤمنين يخرج الساعة، ويقول لك: لا تقم، ولا تتغيِّر إكرامًا لمجلسك، وإعظامًا لما أنت عليه، فلم يلبثو إلَّا يسيرًا، وإذا برجَّة في المقصورة، فإذا الفتيان والعبيد قد خرجوا، والحكم معهم، فجاء وسلَّم، فردَّ عليه السلام، وبقي القارئ يقرأ على حالته التي كانت، ولم يتجرَّأ أحد يتغير عن مكانه، وإذا السفرة من العبيد والفتيان من أمير المؤمنين إلى الباب، ومن الباب إلى أمير المؤمنين، فقام وسلَّم وخرج.

قال ابن حيان: فاتبعته، فركب فرسًا، وكبار القوَّاد حوله، فجاء حتى وقف على ابن مجاهد وهو يقرأ في المصحف، فسلَّم عليه أمير المؤمنين، فقال: السلام عليك يا أبا بكر. فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ودعا له دعوات يسيرة، ثم أقبل على مصحفه، ورجع أمير المؤمنين إلى منزله.

توفِّي ابن مجاهد في جمادى الآخرة سنة ست وستين وثلاث مائة، وهو ابن سبعين سنة أو نحوها.

(1)

ترجمته في طبقات المفسرين للداوودي "2/ 375".

ص: 285

‌3374 - شيخ الشافعية

(1)

:

أبو الحسن علي بن أحمد بن المرزبان البغدادي الزاهد.

تفقَّه بأبي الحسين بن القطان، وهو من مشايخ الشيخ أبي حامد.

وهو صاحب وجه. درَّس ببغداد.

وتوفِّي في رجب سنة ست وستين وثلاث مائة.

وهو من أساطين المذهب.

‌3375 - الجُرْجَاني

(2)

:

الإمام أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني، المحتسب، راوي الصحيح عن الفربري.

وسمع من عمر بن بجير، وطائفة.

أخذ عنه الحاكم وغيره.

توفِّي في صفر سنة ست وستين أيضًا.

فأمَّا القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني الأديب فسيأتي.

‌3376 - السِّيْرَافِيّ

(3)

:

العلَّامة، إمام النحو، أبو سعيد، الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، صاحب التصانيف، ونحوي بغداد.

حدث عن: أبي بكر بن دريد، وابن زياد النيسابوري، ومحمد بن أبي الأزهر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 325"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 427"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 56".

(2)

ترجمته في تاريخ جُرْجَان للسهمي "276"، وميزان الاعتدال "3/ 112"، ولسان الميزان "4/ 194".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 341"، والأنساب للسمعاني "7/ 218"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 95"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 145"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 162"، والعبر "2/ 347"، ولسان الميزان "2/ 218"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 133"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 65".

ص: 286

حدَّث عنه: علي بن أيوب القُمِّي، ومحمد بن عبد الواحد بن رِزْمة، وطائفة.

وكان أبوه مجوسيًّا فأسلم.

وكان أبو سعيد صاحب فنون، من أعيان الحنفية، رأسًا في نحو البصريين، تصدَّر لإقراء القراءات، واللغة، والفقه، والفرائض، والعربية، والعروض، وقرأ القرآن على ابن مجاهد، وأخذ اللغة عن ابن دريد، والنحو عن أبي بكر بن السراج، وكان ديِّنًا متورِّعًا، لا يأكل إلَّا من كسب يده، وَوَلِيَ القضاء ببعض بغداد، وكان ينسخ كل يوم كراسًا أجرته عشرة دراهم لحسن خطه.

قال ابن أبي الفوارس: كان يذكر عنه الاعتزال ولم يظهر منه.

وقد جوَّد شرح "كتاب سيبويه"، وله "ألفات القطع والوصل" وكتاب "الإقناع" في النحو الذي كمَّله ولده يوسف، وله جزء مروي في "أخبار النحاة"، وسمعنا من طريقه جزءًا من أخبار الزبير بن بكار، وكان وافر الجلالة، كثير التلامذة.

عاش أربعًا وثمانين سنة، ومات في رجب سنة ثمان وستين وثلاث مائة.

ومات ابنه يوسف سنة خمس وثمانين كهلًا.

وكان إمامًا في العربية، صاحب تصانيف، فيه دين وورع.

ص: 287

‌3377 - عَضُدُ الدَّوْلَة

(1)

:

السلطان عضد الدولة، أبو شجاع، فَنَّاخِسْرُو، صاحب العراق وفارس، ابن السلطان ركن الدولة حسن بن بويه الدَّيْلَمِيّ.

تملَّك بفارس بعد عمِّه عماد الدولة، ثم كثرث بلاده، واتسعت ممالكه، وسار إليه المتنبي ومدحه، وأخذ صلاته.

قصد عضد الدوله العراق، والتقى ابن عمه عز الدولة وقتله، وتملَّك، ودانت له الأمم.

وكان بطلًا شجاعًا مهيبًا، نحويًّا أديبًا عالمًا، جبَّارًا عسوفًا، شديد الوطأة.

وله صنَّف أبو علي الفارسي كتابي "الإيضاح"، و"التكملة".

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 113"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 532"، والعبر "2/ 361"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 142"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 78".

ص: 287

ومدحه فحول الشعراء، وفيه يقول أبو الحسن السلامي، وأجاد:

إليك طوى عرض البسيطة جاعل

قُصَارى المنايا أن يلوح بها القصر

فكنت وعزمي والظلام وصارمي

ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر

وبشرت آمالي بملك هو الورى

ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر

وكان يقول الشعر، فقال أبياتًا كُفْرِيَّة:

ليس شرب الراح إلَّا في المطر

وغناء من جوار في السحر

مبرزات الكأس من مطلعها

ساقيات الراح من فاق البشر

عضد الدولة وابن ركنها

ملك الأملاك غلّاب القدر

نقل أنه لما احتضر ما انطلق لسانه إلَّا بقوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 28 - 29] ومات بعِلَّة الصَّرَع، وكان شيعيًّا جلدًا، أظهر بالنجف قبرًا زعم أنه قبر الإمام علي، وبنى عليه المشهد، وأقام شعار الرفض، ومأتم عاشوراء، والاعتزال، وأنشأ ببغداد البيمارستان العضدي، وهو كامل في معناه، لكنه تلاشى الآن.

تملَّك العراق خمسة أعوام ونصفًا، وما تلَّقى خليفة ملكًا من قدومه قبله، قَدِمَ بغداد وقد تضعضعت، وخربت القرى، وقويت الزُّعار، فأوقع جنده بآل شيبان الحرامية، وأسروا منهم ثمان مائة، وأحكم البثوق، وغرس الزاهر، غَرِم على تمهيد أرضه ألف ألف درهم، وغرس التاجي، ومساحته ألف وسبع مائة جريب، وعمَّر القناطر والجسور.

وكان يقظًا زعرًا شهمًا، له عيون وقصَّاد، شغل وشغف بسرية فأمر بتغريقها، وأخذ مملوكًا غصبًا من صاحبه، ثم وسَّطه، ووجد له في تذكرة: إذا فرغنا من حلّ إقليدس تصدقت بعشرين ألفًا، وإذا فرغنا من كتاب أبي عليّ النحوي تصدقت بخمسين ألفًا، وإن ولد لي ابن تصدقت بكذا وكذا.

وكان يطلب حساب ممالكه في العام، فإذا هو أَزْيَد من ثلاث مائة ألف ألف درهم، فقال: أريد أن أبلغ به حتى يتمّ في كل يوم ألف ألف.

قال ابن الجوزي: وفي رواية أنه كان يرتفع له في العام اثنان وثلاثون ألف ألف دينار، كان له كرمان وفارس وخوزستان والعراق والجزيرة وديار بكر ومنبج وعمان، وكان ينافس حتى في قيراط جَدّد مظالم ومكوسًا، وكان صائب الفراسة.

ص: 288

مات في شوال سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة ببغداد، وعمل في تابوت، ونقل فدفن بمشهد النجف، وعاش ثمانيًا وأربعين سنة، وقام بعده ابنه صمصام الدولة، وحلفوا له، وقَلَّدَه الطائع.

قال عبد الله بن الوليد: سمعت أبا محمد بن أبي زيد يسأل ابن سعدى لما جاء من الشرق: أحضرت مجالس الكلام? قال: مرتين ولم أعد، فأول مجلس جمعوا الفرق من السنة، والمبتدعة واليهود والنصارى والمجوس والدهرية، ولكل فرقة رئيس يتكلّم وينصر مذهبه، فإذا جاء رئيس قام الكل له، فيقول واحد: تناظروا ولا يحتجّ أحد بكتابه ولا بنبيه، فإنا لا نصدّق بذلك، ولا نقرّ به، بل هاتوا العقل والقياس، فلما سمعت هذا لم أعد ثم قيل لي: ههنا مجلس آخر للكلام، فذهبت فوجدتهم على مثل سيرة أصحابهم سواء، فجعل ابن أبي زيد يتعجّب، وقال: ذهبت العلماء، وذهبت حرمة الدين.

قلت: فنحمد الله على العافية، فلقد جرى على الإسلام في المائة الرابعة بلاء شديد بالدولة العبيدية بالمغرب، وبالدولة البويهية بالمشرق، وبالأعراب القرامطة، فالأمر لله تعالى.

ص: 289

‌3378 - ابن مَاسِي

(1)

:

الشيخ المحدّث الثقة المتقن، أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البغدادي البزاز.

سمع أبا مسلم الكجِّي، وأبا شعيب الحرّاني وأحمد بن أبي عوف البزوري، وخلف بن عمرو العكبري، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وأبا برزة الفضل بن محمد الحاسب، ومحمد بن علي بن شعيب السمسار، والحسن بن علويه القطان، ويحيى بن محمد الحنائي، وجعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، وأحمد بن علي الخزاز، وقال: سمعت منه في سنة ست وثمانين ومائتين، ويوسف بن يعقوب القاضي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن خالويه البابسيري لقيه بواسط، وإبراهيم بن موسى، والحسين بن عمر بن أبي الأحوص، وأبا معشر الدارمي، وأحمد بن يوسف بن هاشم البستي، والحسين بن الكميت، والصوفي الكبير، وأبا زيدان، ومحمد بن عبدوس، وغيرهم.

حدَّث عنه: ابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وأبو نعيم، وأبو إسحاق البرمكي، وآخرون.

ومولده في سنة أربع وسبعين ومائتين.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا. سألت البرقاني: أيما أحبّ إليك هو أو القطيعي? قال: ليس هذا مما يسأل عنه؛ ابن ماسي ثقة ثبت لم يتكلّم فيه.

قلت: توفِّي ابن ماسي في رجب سنة تسع وستين وثلاث مائة.

وفيها توفي شيخ الصوفية أبو عبد الله أحمد بن عطاء الرُّوذباري بصور، وشيخ الحنابلة أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن شاقلا كهلًا، ومحدّث أصبهان أبو سعيد الحسين بن محمد بن علي الزعفراني الحافظ، وقاضي دمشق أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن أخت وليد الظاهري، والعلامة أبو سهل الصعلوكي، وقاضي القضاة أبو الحسن ابن أم شيبان، ومحمد بن عبد الرحمن بن سهل الغزال بأصبهان، وأبو بكر محمد بن علي النقاش محدّث تنيس، وأبو علي مخلد بن جعفر الباقرحي، وأبو الشيخ الحافظ.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 408"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 102"، والعبر "2/ 351"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 137"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 68".

ص: 289

‌3379 - الباقرحي

(1)

:

الشيخ الصدوق المعمّر، أبو علي، مخلد بن جعفر بن مخلد بن سهل الفارسي الباقرحي الدقاق.

سمع يوسف القاضي، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن بن علويه القطَّان، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبا العباس بن مسروق، ويحيى بن محمد بن البختري الحنائي، وله مشيخة مروية.

حدَّث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو نعيم الحافظ، ومحمد بن الحسين بن بكير، وأبو طاهر محمد بن علي العلّاف، وآخرون.

قال أحمد بن عليّ البادي: كان ثقة صحيح السماع، غير أنه لم يكن يعرف شيئًا من الحديث.

وقال ابن أبي الفوارس: كان له أصول كثيرة، عن يوسف القاضي، وجعفر الفريابي جياد بخطه.

وقال أبو نعيم: بلغنا أنَّه خلط بعد سفري.

وقال محمد بن العباس بن الفرات: كان مخلد أصوله صحيحة، ثم إنَّ ابنه حمله في آخر عمره على ادعاء أشياء؛ منها: المغازي عن المروزي، والمبتدأ عن ابن علويه، وتاريخ الطبري الكبير، فشرهت نفسه، وقبل منه، واشترى هذه الكتب فحدَّث بها، فانْهَتَكَ.

وقال ابن أبي الفوارس: حدَّث بالتاريخ، والمبتدأ من كتابٍ ليس له فيه سماع، وكأنَّه ظن أنَّ هذا يجوز، وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 176"، والأنساب للسمعاني "2/ 50"، والعبر "2/ 354"، وميزان الاعتدال "4/ 82"، ولسان الميزان "5/ 7 - 8"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 137"، وشذران الذهب لابن العماد "3/ 70".

ص: 290

‌3380 - ابن السُّنِّي

(1)

:

الإمام الحافظ الثقة الرحَّال، أبو بكر، أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الهاشمي الجعفري، مولاهم الدينوري، المشهور بابن السني.

وُلِدَ في حدود سنة ثمانين ومائتين.

وارتحل فسمع من أبي خليفة الجمحي، وهو أكبر مشايخه، ومن أبي عبد الرحمن النسائي، وأكثر عنه، وأبي يعقوب إسحاق المنجنيقي، وعمر بن أبي غيلان البغدادي، ومحمد بن الباغندي، وزكريا الساجي، وأبي القاسم البغوي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبي عروبة الحرَّاني، وجُماهر بن محمد الزملكاني، وسعيد بن عبد العزيز، ومحمد بن خريم، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وخلق كثير.

وجمع وصنَّف كتاب "يوم وليلة"، وهو من المرويات الجيدة.

حدث عنه: أبو علي أحمد بن عبد الله الأصبهاني، وأبو الحسن محمد بن علي العلوي، وعلي بن عمر الأسداباذي، والقاضي أبو نصر الكسَّار، وعدة.

قال الحافظ عبد الغني الأزدي: كان حمزة الكِنَاني يرفع بابن السني.

قال يحيى بن عبد الوهاب بن منده: حدَّثنا عمي أبو القاسم، سمعت القاضي روح بن محمد الرازي سبط أبي بكر بن السني، سمعت عمي علي بن أحمد بن محمد بن إسحاق يقول: كان أبي رحمه الله يكتب الأحاديث، فوضع القلم في أنبوبة المحبرة، ورفع يديه

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 501"، والأنساب للسمعاني "7/ 176"، واللباب لابن الأثير "2/ 150"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة ترجمة 892"، والعبر "2/ 332".

ص: 291

يدعو الله عز وجل، فمات، وسُئِلَ عن وفاته فقال: في آخر سنة أربع وستين وثلاث مائة.

قلت: هو الذي اختصر "سنن النسائي"، واقتصر على رواية المختصر، وسماه:"المجتنى"، سمعناه عاليًا من طريقه.

ومات معه: الحافظ أبو الفرج أحمد بن القاسم الخشاب البغدادي بطرسوس، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء النيسابوري الأبزاري الوراق، وأبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي المؤدّب بدمشق، والمسند أبو الحسن علي بن أحمد بن علي المصيصي، وأمير المؤمنين الطائع لله الفضل بن المقتدر جعفر العباسي، والأمير محمد بن بدر الحمامي، وأبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي.

قرأت على إسحاق بن طارق، أخبرنا أبو القاسم بن رواحة، أخبرنا السلفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، أخبرنا علي بن عمر الأسداباذي، أخبرنا أبو بكر بن السني، أخبرني إبراهيم بن محمد بن الضحَّاك، حدثنا محمد بن سنجر، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا بكر بن خُنَيْس، عن ضرار بن عمرو، عن ابن سيرين، أو غيره، عن الأحنف بن قيس، سمع عمر رضي الله عنه يقول لحفصة:" أنشدك بالله، هل تعلمين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع ثيابه ليغتسل، فيأتيه بلال فيؤذنه للصلاة، فما يجد ثوبًا يخرج فيه إلى الصلاة حتى يلبس ثوبه، فيخرج فيه إلى الصلاة? " إسناده واهٍ.

أخبرنا جعفر بن محمد العلوي، أخبرنا ابن باقا، أخبرنا أبو زرعة، أخبرنا ابن حمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو بكر بن السني، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أخبرنا محمد بن النضر بن مساور، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرَدّ، ولكنَّك كافر وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، ولا أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها، قال ثابت: فما سمعت بامرأة قط كان أكرم مهرًا من أم سليم الإسلام، فدخل بها، فولدت له

(1)

.

(1)

صحيح: تقدم تخريجنا له في الجزء الثالث بتعليقنا رقم "1204"، وهو عند ابن سعد "8/ 426 - 427" فراجعه ثَمَّتَ.

ص: 292

‌3381 - القَبَّاب

(1)

:

الإمام الكبير المقرئ، مسند أصبهان، أبو بكر، عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك بن عطاء الأصبهاني القَبَّاب، وهو الذي يعمل القُبَّة -يعني: المحارة.

عاش نحوًا من مائة عام، فإنه سمع من محمد بن إبراهيم الجيراني في سنة ثمان وسبعين ومائتين، وسمع من أبي بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن محمد بن النعمان، وعليّ بن محمد الثقفي، وعبد الله بن محمد بن سلام.

وقرأ القرآن على أبي الحسن بن شنبوذ، وتصدَّر للأداء.

حدَّث عنه: أبو نعيم الحافظ، والفضل بن أحمد الخياط، وعلي بن أحمد بن مهران الصحَّاف، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو بكر محمد بن أبي علي المعدل، وولده أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، وآخرون.

وتلا عليه: أبو بكر محمد بن عبد الله بن المرزبان، وغيره.

توفِّي في ذي العقدة سنة سبعين وثلاث مائة، وما أعلم به بأسًا.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 90"، والأنساب للسمعاني "10/ 38"، واللباب لابن الأثير "3/ 10" والعبر "2/ 356"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 72".

ص: 293

‌3382 - الزَّبِيبِي

(1)

:

الشيخ أبو الحسين، عبد الله إبراهيم بن جعفر بن بيان البغدادي الزبيبي، نسبة إلى الزبيب البزاز.

ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين.

حدَّث عن: الحسن بن عَلّويه، والحسين بن أبي الأحوص، وأحمد بن أبي عوف، وابن ناجية، وعدة.

وعنه: البرقاني، ومحمد بن طلحة، وعبد العزيز الأزجي، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.

وثَّقه الخطيب وقال: توفِّي في ذي القعدة سنة (371).

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 409"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 204"، والأنساب للسمعاني "6/ 246"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 109"، والعبر "2/ 359"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 76".

ص: 293

‌3383 - النجيرمي

(1)

:

الشيخ المسند، محدث البصرة، أبو يعقوب، يوسف بن يعقوب النجيرمي البصري.

سمع أبا مسلم الكَجّي، والحسن بن المثنَّى العنبري، وأبا خليفة الجمحي، ومحمد بن حَيَّان المازني، وزكريا الساجي، وجماعة.

حدث عنه: أبو نعيم الحافظ، ومحمد بن عبد الله بن باكويه الشيرازي، وإبراهيم بن طلحة بن غسان، وأبو الحسن بن صخر الأزدي، وآخرون.

حدَّث في سنة خمس وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 358"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 75".

ص: 294

‌3384 - المطَّوَّعِي

(1)

:

الشيخ الإمام، شيخ القراء، مسند العصر، أبو العباس، الحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوَّعي، نزيل إصطخر.

ولد نحو السبعين ومائتين.

سمع أبا مسلم الكجي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وإدريس بن عبد الكريم المقرئ، وزعم أنه تلا عليه وعلى عدة من الكبار، وسمع أيضًا من الحسن بن المثنَّى، وجعفر الفريابي، وأبي خليفة، وخلق.

قال أبو نعيم: قَدِمَ أصبهان، وكان رأسًا في القرآن وحفظه، في روايته لين.

قلت: روى عنه أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي، ومحمد بن عبيد الله الشيرازي، وتلا عليه أبو عبد الله الكارزيني، وجماعة.

وكان أبوه واعظًا محدِّثًا.

وقال في سنة سبع وستين وثلاث مائة: لي ثمان وتسعون سنة.

وله ترجمة في طبقات القراء.

توفِّي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 271"، وميزان الاعتدال "1/ 492"، والعبر "2/ 359"، ولسان الميزان "2/ 210"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 141"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 75".

ص: 294

‌3385 - الميمذي

(1)

:

القاضي المحدّث الرحَّال، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن محمد الأنصاري الميمذي.

سمع محمد بن حَيّان المازني، وأبا خليفة الجمحي بالبصرة، وعبدان بالأهواز، وأبا يعلى بالموصل، وأحمد بن الحسن الصوفي ببغداد وبإفريقية، وأردبيل ودمشق والرملة.

حدَّث عنه: هبة الله بن سليمان الآمدي شيخ لنصر المقدسي، والواعظ يحيى بن عمَّار، وغيرهما.

وكان واسع الرحلة، إلَّا أن الخطيب قال: كان غير ثقة.

قلت: حدَّث في سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، عن عمر بن جعفر الكوفي، لقيه سنة ست وتسعين ومائتين.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 284"، وميزان الاعتدال "1/ 17"، ولسان الميزان "1/ 29".

ص: 295

‌3386 - الآَبَنْدُوني

(1)

:

الإمام الحافظ القدوة الرباني، أبو القاسم، عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني الآبندوني، وآبندون قرية من أعمال جرجان.

ولد سنة أربع وسبعين ومائتين، ورافق ابن عدي في الرحلة.

حدث عن أبي خليفة الجمحي، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى الموصلي، وأبي العباس السرَّاج، وأبي القاسم البغوي، والقاسم المطرّز، ومحمد بن الحسن قتيبة العسقلاني، وعمر بن سنان المنبجي، وطبقتهم.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا، له تصانيف، حدثنا عنه أبو بكر البرقاني، وأبو العلاء الواسطي، وسكن بغداد.

وقال الحاكم: كان أحد أركان الحديث.

وقال البرقاني: كان محدثًا زاهدًا متقللًا من الدنيا، لم يكن يحدث غير إنسان واحد، فقيل له في ذلك، فقال: أصحاب الحديث فيهم سوء أدب، وإذا اجتمعوا للسماع تحدثوا وأنا لا أصبر على ذلك، ثم أخذ البرقاني يصف أمورًا من زهده وتقلّله، وأنه أعطاه كسرًا، فقال: دع الباقلاني يطرح عليها ماء باقلاء، قال: فوقعت على الكسرة باقلاءتان فرفعهما، وقال: هذا الشيخ يعطيني كل شهر دانقًا حتى أبلّ له الكسر.

قلت: وحدَّث عنه: رفيقه أبو بكر الإسماعيلي، وأبو بكر بن شاه المروزي، وأبو نعيم الحافظ.

قال الحاكم: خرَّج الأبندوني إلى بغداد سنة خمسين وثلاث مائة.

وقال غيره: مات سنة ثمان وستين وثلاث مائة، وله خمس وتسعون سنة رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 407"، والأنساب للسمعاني "1/ 91"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 95 - 96"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 894"، والعبر "2/ 347"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 133"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 66".

ص: 295

‌3387 - ابن بَهْتَةَ

(1)

:

الشيخ المعمّر، أبو حفص، عمر بن محمد بن بَهْتَةَ البغدادي المناشر.

روى عن: أبي مسلم الكجي حديثًا واحدًا، وعن جعفر الفريابي، ومحمد بن صالح الصائغ، وله جزء معروف.

روى عنه: محمد بن عمر بن بكير النجار، وغيره.

عاش مائة سنة وسنتين، وتوفي سنة سبع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 257"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 378".

ص: 296

‌3388 - النصراباذي

(1)

:

الإمام المحدّث القدوة الواعظ، شيخ الصوفية، أبو القاسم، إبراهيم بن محمد بن مَحْمَوَيْه الخراساني النصراباذي النيسابوري الزاهد، ونصرآباذ: محلة من نيسابور.

سمع أبا العباس السراج، وابن خزيمة، وأحمد بن عبد الوارث العسّال، ويحيى بن صاعد، ومكحولًا البيروتي، وابن جوصا، وعددًا كثيرًا بخراسان والشام، والعراق والحجاز ومصر.

حدَّث عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو حازم العبدوي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو علي الدقاق، وجماعة.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: كان شيخ الصوفية بنيسابور، له لسان الإشارة مقرونًا بالكتاب والسنة، وكان يرجع إلى فنونٍ منها حفظ الحديث وفهمه، وعلم التاريخ، وعلوم المعاملات، والإشارة، لَقِيَ الشبلي، وأبا علي الروذباري، قال: ومع عِظَم محلّه كم من مرة قد ضرب وأهين، وكم حبس، فقيل له: إنك تقول: الروح غير مخلوقة، فقال: لا أقول ذا، ولا أقول إنها مخلوقة، بل أقول: الروح من أمر ربي، فجهدوا به، فقال: ما أقول إلَّا ما قال الله.

قلت: هذه هفوة، بل لا ريب في خلقها، ولم يكن سؤال اليهود لنبينا صلى الله عليه وسلم عن خلقها ولا قدمها، وإنما سألوا عن ماهيتها وكيفيتها، قال الله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء} [الزمر: 62].

فهو مبدع الأشياء، وموجد كل فصيح وأعجم، ذاته وحياته وروحه وجسده، وهو الذي خلق الموت والحياة والنفوس، سبحانه.

ثم قال السلمي: وقيل له: إنك ذهبت إلى الناوس وطفت به، وقلت: هذا طوافي فتنقَّصت بهذا الكعبة!! قال: لا، ولكنهما مخلوقان، لكن بها فضل ليس هنا، وهذا كمن يكرم كلبًا؛ لأنه خلق الله، فعوتب في ذلك سنين.

قلت: وهذه ورطة أخرى، أفتكون قبلة الإسلام كقبر ويطاف به، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ قبرًا مسجدًا

(2)

.

قال السلمي: سمعت جدي يقول: منذ عرفت النصراباذي ما عرفت له جاهلية.

وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب الأحوال الصحيحة، كان جَمَّاعَةً للروايات من الرَّحالين في الحديث، وكان يورِّق قديمًا، ثم غاب عن نيسابور نيفًا وعشرين سنة، وكان يعظ ويذكر، وجاور في سنة خمس وستين، وتعبَّد حتى دفن بمكة في ذي الحجة سنة سبع وستين وثلاث مائة، ودُفِنَ عند الفضيل، وبيعت كتبه، فكشفت تلك الكتب عن أحوالٍ والله أعلم. وسمعته يقول: وعوتب في الروح فقال: إن كان بعد الصديقين موحد فهو الحلّاج.

قلت: وهذه ورطة أخرى، بل قُتِلَ الحلَّاج بسيف الشرع على الزندقة.

وقد جمعت بلاياه في جزءين، وقد كان النصراباذي صحب الشبلي، ومشى على حذوه، فواغوثاه بالله.

(1)

ترجمته في تاريخ "6/ 196"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 89"، واللباب لابن الأثير "3/ 310"، والعبر "2/ 343"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 129"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 58".

(2)

صحيح: ورد من حديث أبي هريرة عند البخاري "437"، ومسلم "530"، وورد من حديث عائشة وابن عباس: عند البخاري "435"، "436"، ومسلم "531"، والنسائي "2/ 40 - 41".

ص: 297

ومن كلامه: نهايات الأولياء بدايات الأنبياء.

وقال: إذا أعطاكم حباكم، وإذا منع حماكم، فإذا حباك شغلك، وإذا حماك حملك.

وقال: أصل التصوّف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، ورؤية أعذار الخلق، والمداومة على الأوراد، وترك الرخَّص.

قال السُّلَمي: كان أبو القاسم يحمل الدواة والورق، فكلما دخلنا بلدًا قال لي: قم حتى نسمع، ودخلنا بغداد، فأتينا القطيعي، وكان له ورَّاق فأخطأ غير مرة، وأبو القاسم يرد، فلما رد عليه الثالثة قال: يا رجل، إن كنت تحسن تقرأ فدونك، فقام وأخذ الجزء، فقرأ قراءة تحيِّر منها القطيعي ومن حوله. قال: فسألني الورَّاق: مَنْ هذا؟ قلت: الأستاذ أبو القاسم النصراباذي، فقام، وقال: أيها الناس، هذا شيخ خراسان.

قال السلمي: وخرج بنا نستسقي مرة، فعمل طعامًا كثيرًا، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القرب، وبقيت أنا وهو لا نقدر على المضي، فأوينا إلى مسجد، فكان يكِفُ، وكنَّا صيامًا، فقال: تريد أن أطلب لك من الأبواب كسرة. قلت: معاذ الله، وكان يترنَّم ويقول:

خرجوا ليستسقوا فقلت لهم قفوا

دمعي ينوب لكم عن الأنواء

قالوا صدقت ففي دموعك مقنع

لكنَّها ممزوجة بدماء

أخبرنا أبو الفضل بن عساكر سماعًا عن المؤيد الطوسي، أخبرنا أبو الأسعد بن القشيري قال: ألبسني الخرقة جَدي أبو القاسم القشيري، ولبسها من الأستاذ أبي علي الدقاق، عن أبي القاسم النصراباذي، عن أبي بكر الشبلي، عن الجنيد، عن سري السقطي، عن معروف الكرخي -رحمهم الله تعالى.

قلت: وما بعد معروف فمنقطع، زعموا أنه أخذ عن داود الطائي، وصحب حبيبًا العجمي، وصحب الحسن البصري، وصحب عليًّا رضي الله عنه، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 298

‌3389 - عِمْران بن شاهين:

ملك البطائح، كان عليه دماء فهرب إلى البطيحة، واحتمى بالآجام، يتصيّد السمك والطير، فرافقه صيادون، ثم التفَّ عليه لصوص، ثم استفحل أمره، وكثر جمعه، فأنشأ معاقل وتمكَّن، وعجزت عنه الدولة، وقاتلوه فما قدروا عليه، وحاربه عز الدولة غير مرة، ولم يظفروا به إلى أن مات على فراشه سنة تسع وستين وثلاث مائة، وامتدت دولته أربعين سنة، وقام بعده ابنه الحسن مدة، لكنه التزم بمال في السنة لعضد الدولة.

ص: 299

‌3390 - اللَّيْثِيّ

(1)

:

الإمام الجليل المأمون، مسند الأندلس، أبو عيسى، يحيى بن عبد الله بن يحيى ابن فقيه الأندلس يحيى بن يحيى بن وِسْلاس اللَّيْثي القرطبيّ المالكيّ، راوي الموطأ عن عَمِّ أبيه عبيد الله بن يحيى.

سمع أيضًا من محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد الجباب، وأسلم بن عبد العزيز، ووالده عبد الله بن يحيى، وعلي بن الحسين البجاني، وجماعة.

وولي قضاء مدينة بجانة وإلبيرة من جهة أخيه قاضي الجماعة، ثم ولّاه أحكام الرد.

طال عمره وبَعُدَ صيته، وتفرَّد بعلوِّ "الموطَّأ"، ورحلوا إليه.

وروى عن عبيد الله بن يحيى أيضًا كتاب "الليث بن سعد"، و"سماع بن القاسم" و"عشرة يحيى بن يحيى" و"تفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم"، ونتفًا من حديث الشيوخ.

قال أبو الوليد بن الفرضيّ: اختلفت إليه في سماع "الموطأ" سنة ست وستين وثلاث مائة، وكان الميعاد أيام الجُمَع، فتَمَّ لي سماعه، ولم أشهد بقرطبة مجلسًا أكثر بشرًا من مجلسه في "الموطأ"، إلَّا ما كان من بعض مجالس يحيى بن مالك، وقد سمع منه أمير المؤمنين المؤيّد بالله.

قلت: وروى عنه: أبو عمر الطَّلَمَنْكي، والحافظ محمد بن عمر بن الفخار، وخلف بن عيسى الوشقيّ، وعثمان بن أحمد القيشطالي، ومحمد بن يحيى بن الحذَّاء، ويونس بن مغيث، وآخرون.

توفِّي في ثامن رجب سنة سبع وستين وثلاث مائة عن سن عالية.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 346"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 65".

ص: 299

‌3391 - عُمَر بن بِشْران

(1)

:

ابن محمد بن بشر بن مهران، الإمام الحافظ الثبت، أبو حفص البغدادي السكري.

سمع أحمد بن الحسن الصوفي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا القاسم البغوي، وأقرانهم، وهو أخو جد أبي الحسين بن بِشْران المعدّل.

قال أبو بكر الخطيب: حدثنا عنه البرقاني، وسألته عنه فقال: ثقة ثقة، كان حافظًا عارفًا، كثير الحديث، بقي إلى سنة سبع وستين وثلاث مائة.

قلت: يقع لنا حديثه في المصافَحَة للبرقاني.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 256"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 907"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 60".

ص: 300

‌3392 - المفيد

(1)

:

الشيخ الإمام المحدِّث الضعيف، أبو بكر، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجَرْجَرائي المفيد.

يروي عن أحمد بن عبد الرحمن السقطي -مجهول، عن يزيد بن هارون، وروى "الموطأ" عن الحسن بن عبيد الله -لا يدرى من ذا، عن القعنبي، وروى عن أبي شعيب الحراني، وموسى بن هارون، ومحمد بن يحيى المروزي، وعلي بن محمد بن أبي الشوارب، وخلق كثير.

وقد تجاسر البَرْقَاني وخرَّج عنه في صحيحه فلم يصب، واعتذر بالعلوّ، وقال: ليس بحجة. وقال: كتبت عنه "الموطأ"، فلما رجعت قال لي أبو بكر بن أبي سعد: أخلف الله نفقتك، فدفعت النسخة إلى رجل عامِّيّ أعطاني بدلها بياضًا.

قال أبو الوليد الباجي: أبو بكر المفيد أنكرت عليه أسانيد ادَّعاها.

وقال المحدث محمد بن أحمد الروياني: لم أر أحدًا أحفظ من المفيد.

ووصفه أبو نعيم الأصبهاني بالحفظ، وارتحل اليه إلى جرجرايا من أعمال العراق.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 346"، والعبر "3/ 8"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 915"، وميزان الاعتدال "3/ 460"، ولسان الميزان "5/ 45"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 92".

ص: 300

وقال الخطيب: حدَّثني محمد بن عبد الله، عن المفيد قال: موسى بن هارون هو سَمَّاني المفيد.

وقال الماليني: كان المفيد رجلًا صالحًا.

قرأت على أحمد بن ضياء الخطيب، أخبركم عتيق السلماني، أخبرنا أبو القاسم بن عساكر الحافظ، أخبرنا أبو غالب أحمد، ويحيى ابنا البنا، قالا: أخبرنا الحسن بن غالب المقرئ، حدثنا محمد بن أحمد المفيد إملاءً بجرجرايا، حدثنا عثمان بن خطاب، سمعت عليًّا رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من كَذَبَ عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار".

هذا حديث غير صحيح بهذا السند

(1)

، وعثمان هو أبو الدنيا الأشج كذاب، وهو ثمانيٌّ لنا.

توفي المفيد سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

(1)

صحيح متواتر: وقد ورد عن علي بن أبي طالب: عند البخاري "106"، ومسلم "1"، والترمذي "2662".

ص: 301

‌3393 - بصلة

(1)

:

هو الإمام المحدّث الحجة، أبو الحسين، محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني.

سمع عمران بن موسى بن مجاشع، والسَّرَّاج، وابن خزيمة، وابن جوصا، وعِدَّة.

روى عنه أبو نعيم الحافظ، وغيره، عداده في الحفَّاظ.

توفي بعد الستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 919"، تبصير المنتبه "4/ 1422".

ص: 301

‌3394 - ظالم بن مَرْهُوب

(1)

:

العُقَيْلِيّ، أمير العرب، قصد دمشق غير مرة، ثم غلب عليها، ووليها للقرمطي، واستناب أخاه ثم توجَّه إلى الحسن القرمطي فقبض عليه، ثم خلص وهرب إلى حصنٍ له بالفرات، ثم استماله المعز لكي يسوس به على القرمطي، فلما وصل إلى بعلبك بلغه هزيمة القرمطي، فاستولى على دمشق في سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، وأقام بها دعوة المعز شهرين، وجاء على دمشق الكتامي، فجرت بينهما فتنة.

(1)

ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 58".

ص: 301

‌3395 - ابن سالم

(1)

:

أبو عبد الله محمد بن أبي الحسن أحمد بن محمد بن سالم البصري الزاهد، شيخ الصوفية السالمية، وابن شيخهم.

عمَّر دهرًا، وكان أبوه من تلامذة سهل بن عبد الله التستري.

ولحق هو -وهو حدث- سهلًا، وحفظ عنه.

أدركه أبو سعيد النَّقَّاش، ورآه أبو نعيم الحافظ، وما كتب عنه شيئًا.

وروى عنه أبو طالب صاحب القوت، وأبو بكر بن شاذان الرازي، وأبو مسلم محمد بن علي بن عوف البرجي الأصبهاني، وأبو نصر عبد الله بن علي الطوسي، ومنصور بن عبيد الله الصوفي، وآخرون.

قال السلمي في "تاريخ الصوفية": محمد بن أحمد بن سالم، أبو عبد الله البصري، ولد أبي الحسن بن سالم، روى كلام سهل، وهو من كبار أصحابه، وله أصحاب يسمّون السالمية، هجرهم الناس لألفاظ هجنة أطلقوها وذكروها.

وقال أبو نعيم في الحلية: ومنهم: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سالم البصري، صاحب سهل التستري، وحافظ كلامه، أدركناه، وله أصحاب.

وقال أبو بكر الرازي: سمعت ابن سالم يقول: سمعت سهل بن عبد الله يقول: لا يستقيم قلب عبد حتى يقطع كل حيلة وكل سبب غير الله. وقال: قال سهل: ما اطَّلَع الله على قلبٍ فرأى فيه هَمّ الدنيا إلَّا مقته، والمقت أن يتركه ونفسه.

قال أبو نصر الطوسي: سألت ابن سالم عن الوَجَلِ فقال: انتصاب القلب بين يدي الله. فسألته عن العجب فقال: أن تستحسن عملك، وترى طاعتك. فقلت: يتهيأ أن لا يستحسن صلاته وصومه. قال: إذا علم تقصيره فيها، والآفات التي تدخلها.

قلت: للسالمية بدعة لا أتذكرها الساعة، قد تفضي إلى حلول خاص، وذلك في "القوت".

ومات ابن سالم، وقد قارب التسعين، سنة بضع وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 652"، والأنساب للسمعاني "7/ 12"، واللباب لابن الأثير "2/ 93".

ص: 302

‌3396 - ابن شَارَك

(1)

:

العلَّامة الحافظ، أبو حامد، أحمد بن محمد بن شارك الهروي الشافعي المفسِّر، مفتي هراة وشيخها.

سمع محمد بن عبد الرحمن السامي، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن شيرويه، وأبا يعلى الموصلي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأحمد بن الحسن الصوفيّ، وطبقتهم.

وعنه: الحاكم، وأبو إبراهيم النصراباذي، وطائفة من مشيخة أبي إسماعيل الأنصاري.

قال الحاكم: كان حسن الحديث.

وقال أبو النضر الفامي: توفِّي في ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

وقال الحاكم: مات بهراة سنة خمس وخمسين.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 321"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 36".

ص: 303

‌3397 - القِرْمِطيّ

(1)

:

الملك أبو علي، الحسن بن أحمد بن أبي سعيد حسن بن بهرام، من أبناء الفرس الجنابي القرمطي، الملقَّب بالأعصم.

مولده بالأحساء في سنة ثمان وسبعين ومائتين، وتنقَّلت به الأحوال، وأصله من الفرس.

استولى على الشام في سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، واستناب على دمشق وشاحًا السلمي، ثم رد إلى الأحساء، ثم جاء إلى الشام سنة ستين وثلاث مائة، وعظمت جموعه، والتقى جعفر بن فلاح مقدم جيش المعز العبيدي، فهزمه وظفر بجعفر فذبحه، وكان هذا قد أخذ دمشق وافتتحها للمعز، ثم ترقت همة الأعصم، وسار بجيوشه إلى مصر، ثم حاصر مصر في سنة إحدى وستين أشهرًا، واستعمل على إمرة دمشق ظالم بن مرهوب العقيلي، ثم رجع إلى الشام، وكانت وفاته بالرملة سنة ست وستين وثلاث مائة، وكان يظهر طاعة الطائع العباسي.

وله نظم يروق.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 340"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 128"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 55".

ص: 303

قال حسين بن عثمان الفارقي: كنت بالرملة، وقد قدمها أبو عليّ القرمطي القصير الثياب، فقربني إلى خدمته، فكنت ليلة عنده، وأحضرت الشموع، فقال لكاتبه أبي نصر كشاجم: ما يحضرك في صفة هذا الشمع؟ فقال: إنما نحضر مجلس سيدنا، نسمع من كلامه، فقال أبو علي بديهًا:

ومجدولة مثل صدر القناة

تعرَّت وباطنها مكتسي

لها مقلة هي روح لها

وتاج على هيئة البرنس

إذا غازلتها الصبا حركت

لسانًا من الذهب الأملس

فنحن من النور في أسعد

وتلك من النار في أنحس

فأجاز أبو نصر، فقال بعد أن قَبَّل الأرض:

وليلتنا هذه ليلة

تشاكل أوضاع إقليدس

فيارَبَّة العود حُثِّي الغنا

ويا حامل الكاس لا تنعس

ومما كتب الأعصم إلى جعفر بن فلاح يتهدده:

الكتب معذرة والرسل مخبرة

والجود متَّبَع والخير موجود

والحرب ساكنة والخيل صافنة

والسلم مبتذل والظل ممدود

فإن أنبتم فمقبول إنابتكم

وإن أبيتم فهذا الكور مشدود

على ظهور المطايا أو تردن بنا

دمشق والباب مهدوم ومردود

إني امرؤ ليس من شأني ولا أرَبَى

طبل يرن ولا ناي ولا عود

ولا أبيت بطين البطن من شبع

ولي رفيق خميص البطن مجهود

ولا تسامت بي الدنيا إلى طمع

يومًا ولا غرَّني فيها المواعيد

وهو القائل:

لها مقلة صحَّت ولكن جفونها

بها مرض يسبي القلوب ويتلف

وخد كورد الروض يجنى بأعين

وقد عزَّ حتى إنه ليس يقطف

وعطفة صدغ لو تعلم عطفها

لكانت على عشاقها تتعطف

ص: 304

‌3398 - أبو الشيخ

(1)

:

الإمام الحافظ الصادق، محدِّث أصبهان، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، المعروف بأبي الشيخ، صاحب التصانيف، ولد سنة أربع وسبعين ومائتين.

وطلب الحديث من الصِّغَر، اعتنى به الجد، فسمع من: جدِّه محمود بن الفرج الزاهد، ومن إبراهيم بن سعدان، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص الهمداني رئيس أصبهان، ومحمد بن أسد المديني صاحب أبي داود الطيالسي، وعبد الله بن محمد بن زكريا، وأبي بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي، وإبراهيم بن رُسْتَه، وأبي بكر أحمد بن عمرو البزار صاحب المسند، وإسحاق بن إسماعيل الرملي، سمع منه في سنة أربع وثمانين ومائتين.

وسمع في ارتحاله من خلقٍ: كأبي خليفة الجمحي، ومحمد بن يحيى المروزي، وعبدان، وقاسم المطرز، وأبي يعلى الموصلي، وجعفر الفريابي، وأحمد بن يحيى بن زهير، ومحمد بن الحسن بن علي بن بحر، وأحمد بن رسته الأصبهاني، وأحمد بن سعيد بن عروة الصفّار، والمفضل بن محمد الجندي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبي عروبة الحراني، ومحمد بن إبراهيم بن شبيب، ومحمود بن محمد الواسطي، وعلي بن سعيد الرازي، وإبراهيم بن علي العمري، وأبي القاسم البغوي، وأحمد بن جعفر الجمَّال، والوليد بن أبان، وأمم سواهم.

وعنه: ابن منده، وابن مردويه، وأبو سعد الماليني، وأبو سعيد النقاش، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وسفيان بن حسنكويه، وأبو نعيم الحافظ، ومحمد بن علي بن سمويه، والفضل بن محمد القاشاني، ومحمد بن علي بن محمد بن بهروزمرد، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين الصالحاني، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الصفار، وأبو الحسين محمد بن أحمد الكسائي، ومحمد بن علي بن محمد بن سَيّويه المؤدّب، ومحمد بن عبد الله بن أحمد التبان، وأبو العلاء محمد بن أحمد بن شاه المهرجاني، ومحمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ، وهو حفيده، وأبو ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني، وأحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر اليزدي، وأحمد بن محمد بن يزده الملنجي المقرئ، وأبو القاسم عبد الله

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 90"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 896"، والعبر "2/ 351"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 136"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 69".

ص: 305

بن محمد العطَّار المقرئ، وعبد الكريم بن عبد الواحد الصوفي، والفضل بن أحمد القصار، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، وآخرون.

قال ابن مردويه: ثقة مأمون، صنَّف التفسير والكتب الكثيرة في الأحكام، وغير ذلك.

وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو الشيخ حافظًا ثبتًا متقنًا.

وقال أبو القاسم السُّوذَرْجاني: هو أحد عبَّاد الله الصالحين، ثقة مأمون.

وقال أبو موسى المديني: مع ما ذُكِرَ من عبادته كان يكتب كل يوم دستجة كاغد؛ لأنه كان يورِّق ويصنِّف، وعرض كتابه "ثواب الأعمال" على الطبراني فاستحسنه، ويروى عنه أنه قال: ما عملت فيه حديثًا إلَّا بعد أن استعملته.

وعن بعض الطلبة قال: ما دخلت على أبي القاسم الطبراني إلَّا وهو يمزح أو يضحك، وما دخلت على أبي الشيخ إلَّا وهو يصلي.

قلت: لأبي الشيخ كتاب "السنة" مجلد، كتاب "العظمة" مجلد، كتاب "السنن" في عدة مجلدات، وقع لنا منه كتاب "الأذان"، وكتاب "الفرائض"، وغير ذلك. وله كتاب "ثواب الأعمال" في خمس مجلدات.

وقال أبو نعيم: كان أحد الأعلام، صنَّف الأحكام والتفسير، وكان يفيد عن الشيوخ، ويصنِّف لهم ستين سنة. قال: وكان ثقة.

وروى أبو بكر بن المقرئ، عن أبي الشيخ فقال: حدثنا عبد الله بن محمد القصير، أنبأني علي بن عبد الغني شيخنا: أنه سمع يوسف بن خليل الحافظ يقول: رأيت في النوم كأنِّي دخلت مسجد الكوفة، فرأيت شيخًا طوالًا لم أر شيخًا أحسن منه، فقيل لي: هذا أبو محمد بن حيان فتبعته، وقلت له: أنت أبو محمد بن حيان. قال: نعم. قلت: أليس قد مِتَّ؟ قال: بلى. قلت: فبالله ما فعل الله بك؟ قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْض} [الزمر: 74]. فقلت: أنا يوسف، جئت لأسمع حديثك، وأحصّل كتبك. فقال: سلمك الله، وفقك الله، ثم صافحته، فلم أر شيئًا قط ألين من كفه، فقَبَّلْتُها ووضعتها على عيني.

قلت: قد كان أبو الشيخ من العلماء العاملين، صاحب سنة واتباع، لولا ما يملأ تصانيفه بالواهيات.

قال أبو نعيم: توفي في سلخ المحرم سنة تسع وستين وثلاث مائة.

ص: 306

ومات معه في السنة: مسند بغداد أبو محمد بن ماسي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، والإمام أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي، وآخرون، وقاضي القضاة ابن أمّ شيبان.

أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود الجمال، أخبرنا أبو عليّ الحدّاد، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن مهران الصالحاني، حدَّثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا القعنبي، حدثنا سلمة بن وردان، سمعت أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"آية الكرسي ربع القرآن"

(1)

.

وأجازه لنا أحمد بن سلامة عن الجمَّال.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 221"، وآفته سلمة بن وردان الليثي، فإنه ضعيف -كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 307

‌3399 - الحسن بن رشيق

(1)

:

الإمام المحدّث الصادق، مسند مصر، أبو محمد العسكري المصري، منسوب إلى عسكر مصر، المعدّل.

ولد سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

وسمع من: أحمد بن حماد زغبة، ومحمد بن عثمان بن سعيد السراج، ومحمد بن رزيق بن جامع المديني، وأبي الرقراق أحمد بن محمد المعلم، وأبي عبد الرحمن النسائي، فأكثر، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وأبي دجانة أحمد بن إبراهيم المعافري، والمفضل بن محمد الجندي، وعبد السلام بن أحمد بن سهيل، وأحمد بن محمد بن يحيى الأنماطي، ويموت ابن المزرع، وأمم سواهم، وسمع وهو مراهق، وطال عمره، وعلا إسناده، وكان ذا فهم ومعرفة.

حدَّث عنه: الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد، وعبد الرحمن بن النحاس، وإسماعيل بن عمرو الحداد، ويحيى بن علي الطحان، ومحمد بن المغلس الداوودي، ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر، وعلي بن ربيعة التميمي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي، ومحمد بن الحسين الطفال، وخلق من المغاربة. وكان محدث مصر في زمانه.

قال يحيى بن الطحان: روى عن خلق لا أستطيع ذكرهم، ما رأيت عالمًا أكثر حديثًا منه قال لي: وُلِدت في صفر سنة ثلاث وثمانين ومائتين. وتوفِّي في جمادى الآخرة سنة سبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "2/ 340"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 903"، والعبر "2/ 355"، وميزان الاعتدال "1/ 490"، ولسان الميزان "2/ 207"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 71".

ص: 307

‌3400 - والد أبي نُعَيْم

(1)

:

الحافظ الإمام، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني، سبط محمد بن يوسف البنا الزاهد، وولاؤه لآل عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

روى عن أبي خليفة، وابن ناجية، وعبدان الأهوازي، ومحمد بن يحيى بن منده، وطبقتهم.

روى عنه: ابنه أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني.

مات سنة خمس وستين وثلاث مائة، وله أربع وثمانون سنة.

وكان صدوقًا عالمًا، بكَّر بولده وسَمَّعَه من الكبار، وأخذ له إجازة الأصم، وابن داسة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 337"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 50".

ص: 308

‌3401 - ابن الناصح

(1)

:

الإمام المسند المفتي، أبو أحمد، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح الدمشقي الفقيه الشافعي، ويعرف بابن المفسّر، نزيل مصر.

سمع أبا بكر أحمد بن علي المروزي، وعبد الرحمن بن القاسم الروّاس، وعلي بن غالب السكسكي، ومحمد بن إسحاق بن راهويه، والحافظ عبد الله بن محمد بن علي البلخي، والجنيد بن خلف السمرقندي، وهؤلاء الثلاثة لقيهم في الحج.

انتخب عليه الدارقطني، وحدَّث عنه ابن منده، وعبد الغني بن سعيد، وأحمد بن محمد بن أبي العوام، وأبو النعمان تراب بن عبيد، وإسماعيل بن أبي محمد بن النحاس، وإبراهيم بن علي الغازي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي، وآخرون.

توفي في رجب سنة خمس وستين وثلاث مائة، وكان من أبناء التسعين.

قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين بن البُنّ الأسدي، أخبرنا جدي، أخبرنا علي بن محمد المصيصي، أخبرنا تراب بن عمر، أخبرنا أبو أحمد بن الناصح، أخبرنا عليّ بن غالب ببيت لهيا، حدثنا عليّ بن المديني، حدثنا معاوية بن عبد الكريم قال:"سُئِلَ الحسن وأنا إلى جنبه، عن الرجل يقول: يا ولد البغل. قال: أصرَّح؟ ليس عليه حد".

(1)

ترجمته في العبر "2/ 338"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 51".

ص: 308

‌3402 - القفَّال الشاشي

(1)

:

الإمام العلامة الفقيه الأصولي اللغوي، عالم خراسان، أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي الشافعي القفال الكبير، إمام وقته بما وراء النهر، وصاحب التصانيف.

قال الحاكم: كان أعلم أهل ما وراء النهر بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث.

سمع أبا بكر بن خزيمة، وابن جرير الطبري، وعبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وأبا عروبة الحراني، وطبقتهم.

قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: توفي سنة ست وثلاثين.

فهذا وهم بَيِّنٌ، وقد أرَّخ وفاته الحاكم في آخر سنة خمس وستين وثلاث مائة بالشاش. وكذا ورَّخه أبو سعد السمعاني، وزاد أنه وُلِدَ في سنة إحدى وتسعين ومائتين. وذكر أبو إسحاق أنه تفقَّه على ابن سريج، وهذا وَهْمٌ آخر.

مات ابن سريج قبل قدوم القفَّال بثلاث سنين. قال: وله مصنَّفات كثيرة، ليس لأحد مثلها، وهو أوّل من صنَّف الجدل الحسن من الفقهاء، وله كتاب في أصول الفقه، وله شرح الرسالة، وعنه انتشر فقه الشافعي بما وراء النهر.

قلت: من غرائب وجوهه في "الروضة": أنَّ للمريض الجمع بين الصلاتين، ومنها: أنه استحبَّ للكبير أن يعقَّ عن نفسه، وقد قال الشافعي: لا يعقّ عن كبير.

وحدَّث عنه: ابن منده، والحاكم، والسلمي، وأبو عبد الله الحليمي، وأبو نصر بن قتادة، وابنه القاسم الذي صنَّف "التقريب"، وهو كتاب مفيد قليل الوقوع، ينقل منه صاحب "النهاية" إمام الحرمين، وصاحب "الوسيط" في كتاب "الرهن" فوهِمَ وسماه أبا القاسم.

قال السمعاني: وصنَّف أبو بكر كتاب "دلائل النبوة"، وكتاب "محاسن الشريعة".

وقال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 244"، واللباب لابن الأثير "2/ 174"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 575"، والعبر "2/ 338"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 111"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 51".

ص: 309

قال الشيخ محي الدين النواوي: إذا ذكر القفَّال الشاشي، فالمراد هو، وإذا قيل: القفَّال المروزي فهو القفال الصغير الذي كان بعد الأربع مائة، قال: ثم إنَّ الشاشي يتكرَّر ذكره في التفسير والحديث والأصول والكلام، وأما المروزي فيتكرَّر في الفقهيات.

قال أبو الحسن الصفار: سمعت أبا سهل الصعلوكي، وسئل عن تفسير أبي بكر القفَّال فقال: قدَّسَه من وجهٍ ودَنّسَه من وجه، أي: دَنَّسه من جهة نصره للاعتزال.

قلت: قد مَرَّ موته، والكمال عزيز، وإنما يمدح العالم بكثرة ما له من الفضائل، فلا تدفن المحاسن لورطة، ولعلَّه رجع عنها، وقد يغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق، ولا قوة إلَّا بالله.

قال أبو بكر البيهقي في "شعب الإيمان": أنشدنا أبو نصر بن قتادة، أنشدنا أبو بكر القفَّال:

أوسع رحلي على من نزل

وزادي مباح على من أكل

نقدم حاضر ما عندنا

وإن لم يكن غير خبز وخل

فأما الكريم فيرضى به

وأما اللئيم فمن لم أبل

ص: 310

‌3403 - كشاجم

(1)

:

شاعر زمانه، يذكر مع المتنبي، وهو أبو نصر محمود بن حسين، له ذكر في تاريخ دمشق.

روى عنه الحسين بن عثمان الخرقي وغيره.

ديوانه مشهور.

وكان شاعرًا كاتبًا منجمًا، فعمل من حروف ذلك له اللقب.

وله:

مستملح من كل أطرافه

مستحسن الإقبال والملتفت

لو بيعت الدنيا ولذاتها

بساعة من وصله ما وفت

سلطت الألحاظ منه على

جسمي فلو أودت به ما اكتفت

واستعذبت روحي هواه فما

تصحو ولا تسلو ولو أتلفت

(1)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "4/ 336"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 37".

ص: 310

‌3404 - الشَّرْمَقاني

(1)

:

الإمام الحافظ الرحَّال الأديب الفقيه، أبو الفضل أحمد بن محمد بن حمدون بن بندار الخراساني الشرمقاني، وشرمقان: بُلَيْدَةٌ من عمل نَسَا.

سمع من: الحسن بن سفيان، ومسدد بن قطن، وابن خزيمة، وأبي القاسم البغوي، وأبي عروبة الحرَّاني، وأقرانهم، وسمع بدمشق من أبي الحسن بن جوصا، وطائفة.

حدَّث عنه الحاكم، وأبو سعد الماليني، وجماعة. وعندي أجزاء من فوائده.

قال الحاكم: كان من أعيان مشايخ خراسان في الفقه والأدب، وكثرة الطلب.

توفِّي الشرمقاني في سنة ست وستين وثلاث مائة.

أخبرنا محمد بن أبي العز البزاز بطرابلس، أخبرنا الحسن بن يحيى المخزومي، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد الشرمقاني التاني، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا شجاع بن مخلد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو خيثمة قالوا: حدثنا ابن عليه، عن خالد الحذاء، حدثني الوليد بن مسلم، عن حمران، عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من مات وهو يعلم أنَّه لا إله إلَّا الله دخل الجنة"

(2)

.

قلت: يدخل الجنة على ما كان منه من خير وشر، وعلى ما يتمّ عليه من تعذيب أو عفو.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 326".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 65، 69"، ومسلم "26".

ص: 311

‌3405 - الماسَرْجسي

(1)

:

الحافظ الكبير الثبت الجوّال الإمام، أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري.

وجدّه هو سبط الحسن بن عيسى بن ماسرجس، مولى ابن المبارك.

وأبوه هو أحمد، من أصحاب محمد بن يحيى الذهلي، حدث بكتاب "جلود السباع" في خمسة أجزاء، تأليف مسلم عنه، وهو كتاب نفيس بالمرة. وتوفِّي عام خمسة عشر وثلاث مائة. وهو بيت العلم والرواية والحفظ والدراية.

ولد أبو علي في سنة ثمان وتسعين ومائتين.

وسمع من جدِّه أحمد بن محمد الماسرجسي، وإمام الأئمة أبي بكر بن خزيمة، وأبي العباس السراج، وأبي حامد بن الشرقي، ووالده محمد بن أحمد. وارتحل في سنة إحدى وعشرين فأخذ عن أبي بكر بن زياد النيسابوري، وابني المحاملي، وخلق بالعراق. ولحق بالشام بقايا أصحاب هشام بن عمار، وبمصر أصحاب يونس بن عبد الأعلى، والمزني، وكتب العالي والنازل، وأطال المكث بمصر، وكتب الفقه والحديث بها، وخرَّج على الصحيحين مستخرجًا حافلًا، وعمل المسند الكبير في نحو من وقر بعير.

فقال أبو عبد الله الحاكم في تاريخه: صنَّف المسند الكبير في ألف جزء، وثلاث مائة جزء، يعني: مهذَّبًا معلَّلًا، قال: وجمع حديث الزهري جمعًا لم يسبقه إليه أحد، فكان يحفظه مثل الماء، وصنَّف المغازي والقبائل والمشايخ والأبواب، وخرَّج على صحيح البخاري كتابًا، وعلى صحيح مسلم، وأدركته المنية قبل الحاجة إلى إسناده، ودُفِنَ علم كثير بموته، وقد سمعته يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنَّفت هذا المسند -يعني: صحيحه- من ثلاث مائة ألف حديث مسموعة.

وقال الحاكم في موضع آخر: صنَّف أبو علي حديث الزهري، فزاد على محمد بن يحيى الذهلي.

قلت: أحسبه ظفر بحديث الزهري لأحمد بن صالح المصري.

قال الحاكم: وعلى التخمين يكون مسنده بخط الورَّاقين في أكثر من ثلاثة آلاف جزء.

قلت: يجيء في مائة وخمسين مجلدًا.

قال: فعندي أنَّه لم يصنَّف في الإسلام مسند أكبر منه، وعقد أبو محمد بن زياد مجلسًا عليه لقراءته، قال: وكان مسند أبي بكر الصديق بخطِّه في بضعه عشر جزءًا بعلله وشواهده، فكتبه النساخ في نيف وستين جزءًا.

توفي في شهر رجب سنة خمس وستين وثلاث مائة، وصلى عليه ابن أخيه الإمام أبو الحسن الماسرجسي رحمه الله.

قلت: هذا ممن لم يقع لي شيء من حديثه، فلعل أن يكون في تواليف البيهقي شيء منه.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 81"، والعبر "2/ 336"، وتذكرة الحفاظ "ترجمة 900"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 111"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 50".

ص: 312

‌3406 - الرَّازي:

شيخ الشيعة ومصنّفهم، أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان بن بكير الرازي.

قال أبو جعفر الطوسي في تاريخ مصنفي أصحابهم: خرج توقيع من أبي محمد عليه السلام فيه ذكر الرازي، ثم قال: وصنَّف كتبًا منها "التاريخ" ولم يتمه، وكتاب "المناسك".

أخذ عنه ابن النعمان، يعني: الشيخ المفيد، والحسين بن عبيد الله بن الفحام.

توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة.

‌3407 - عبد الصمد بن محمد

(1)

:

ابن عبد الله بن حَيُّويه، الإمام الحافظ الرحَّال النحوي الأوحد، أبو محمد، وأبو القاسم البخاري.

حدَّث بدمشق، وأماكن عن سهل بن حسن البخاري الحافظ، ومكحول البيروتي، ومحمد بن محمد بن حاتم السجستاني، وطبقتهم.

روى عنه: الحاكم، وتمام الرازي، وعبد الغني الأزدي، وغنجار البخاري، ومحمد بن عمر بن بكير المقرئ، وعليّ بن يعقوب بن أبي العقب أحد شيوخه.

قال الحاكم: سمعته يقول: سمعت أبا بكر بن حرب الفقيه -شيخ أهل الرأي ببلدنا- يقول: كثيرًا ما أرى أصحابنا في مدينتنا هذه من الفقهاء يظلمون المحدّثين، كنت عند حاتم العتكي، فدخل عليه شيخ من أصحابنا من أهل الرأي، فقال: أنت الذي تروي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءة الفاتحة خلف الإمام، فقال: قد صَحَّ قوله عليه السلام، يعني:"لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب"

(2)

قال: كذبت، إن الفاتحة لم تكن في عهد النبي، إنما نزلت في عهد عمر.

قال أبو عبد الله الحاكم: عبد الصمد بن محمد بن حَيُّويه الحافظ الأديب، من أعيان الرحَّالة، قَدِمَ علينا نيسابور، وأقام سنوات، ثم دخل العراق ومصر والشام. استخرج على صحيح البخاري وجوَّده، اجتمعتُ به ببغداد وبخارى.

وقال غنجار: توفِّي بالدينور في سنة ثمان وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 42".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "756"، ومسلم "394"، وأبو داود "822"، والترمذي "247"، والنسائي "2/ 137 - 138" من حديث عبادة بن الصامت، به.

وأخرجه مالك "1/ 84 - 85"، ومسلم "395"، وأبو داود "819"، "820"، "821"، والترمذي "2954"، "2955"، والنسائي "2/ 135 - 136" من حديث أبي هريرة، به.

ص: 313

‌3408 - ابن حسنويه:

العدل المحدّث، أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه بن يونس الهروي.

سمع الحسين بن إدريس وطبقته.

حدَّث عنه: أبو يعقوب القرَّاب، والبرقاني، وأبو حازم العبدوي، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي، وآخرون.

وثَّقه أبو النضر الفامي.

توفِّي في رمضان سنة تسع وستين وثلاث مائة.

‌3409 - ابن شاقلا

(1)

:

شيخ الحنابلة، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا البغدادي البزاز.

كان رأسًا في الأصول والفروع.

سمع من: دعلج السجزي، وأبي بكر الشافعي، وتفقَّه بأبي بكر غلام الخلَّال، وتخرَّج به أئمة.

مات في رجب سنة تسع وستين وثلاث مائة، وله أربع وخمسون سنة.

‌3410 - الإسماعيلي

(2)

:

الإمام الحافظ الحُجَّة الفقيه، شيخ الإسلام، أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الجرجاني الإسماعيلي الشافعي، صاحب "الصحيح"، وشيخ الشافعية.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 17"، والعبر "2/ 351"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 68".

(2)

ترجمته في تاريخ جرجان "69 - 77"، والأنساب للسمعاني "1/ 249"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 108"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 140"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 72"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 897".

ص: 314

مولده في سنة سبع وسبعين ومائتين.

وكتب الحديث بخطِّه وهو صبي مميز، وطلب في سنة تسع وثمانين وبعدها.

روى عن: إبراهيم بن زهير الحلواني، وحمزة بن محمد الكاتب، ويوسف بن يعقوب القاضي مصنِّف "السُّنَن"، وأحمد بن محمد بن مسروق، ومحمد بن يحيى المروزي، والحسن بن علويه القطان، وجعفر بن محمد الفريابي، ومحمد بن عبد الله مطين، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن شريك، وجعفر بن محمد بن الليث البصري، ومحمد بن حيان بن أزهر، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وعمران بن موسى السختياني، ومحمد بن إسماعيل بن سماعة، والفضل بن الحباب الجمحي، وبهلول بن إسحاق خطيب الأنبار، وعبد الله بن ناجية، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى الموصلي، وابن خزيمة، والسرَّاج، والبغوي، وطبقتهم بخراسان والحجاز والعراق والجبال.

وصنَّف تصانيف تشهد له بالإمامة في الفقه، والحديث عمل مسند عمر رضي الله عنه في مجلدتين والمستخرج على الصحيح أربع مجلدات، وغير ذلك ومعجمه في مجيليد يكون عن نحو ثلاث مئة شيخ.

حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر البرقاني، وحمزة السهمي، وأبو حازم العبدوي، والحسين بن محمد الباشاني، وأبو سعيد النقاش، وأبو الحسن محمد بن علي الطبري، والحافظ أبو بكر محمد بن إدريس الجراجرائي، وعبد الصمد بن منير العدل، وأبو عمرو عبد الرحمن بن محمد الفارسي سبطه، وخلق سواهم.

قال حمزة بن يوسف: سمعت الدارقطني يقول: قد كنت عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي فلم أرزق.

قلت: إنما كان يرحل إليه لعلمه لا لعلوٍّ بالنسبة إلى أبي الحسن.

قال حمزة: سمعت الحسن بن علي الحافظ بالبصرة يقول: كان الواجب للشيخ أبي بكر أن يصنِّف لنفسه سننًا، ويختار ويجتهد، فإنه كان يقدر عليه لكثرة ما كتب، ولغزارة علمه وفهمه وجلالته، وما كان ينبغي له أن يتقيِّد بكتاب محمد بن إسماعيل البخاري، فإنه كان أجَلّ من أن يتَّبِعَ غيره، أو كما قال.

قلت: من جلالة الإسماعيلي إن عرف قدر صحيح البخاري وتقيد به.

ص: 315

قال الحاكم: كان الإسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء، وأجلهم في الرئاسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين العلماء من الفريقين وعقلائهم في أبي بكر.

قال حمزة السهمي: سألني الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بمصر عن الإسماعيلي وسيرته وتصانيفه، فكنت أخبره بما صنَّف من الكتب، وبما جمع من المسانيد والمقلين، وتخريجه على صحيح البخاري، وجميع سيرته، فتعجب من ذلك وقال: لقد كان رزق من العلم والجاه والصيت الحسن.

قال حمزة: وسمعت جماعة منهم: الحافظ ابن المظفّر يحكون جودة قراءة أبي بكر، وقالوا: كان مقدَّمًا في جميع المجالس، كان إذا حضر مجلسًا لا يقرأ غيره.

قال الإسماعيلي في معجمه: كتبت في صغري الإملاء بخطِّي في سنة ثلاث وثمانين ومائتين، ولي يومئذ ست سنين، فهذا يدلك على أنَّ أبا بكر حرص عليه أهله في الصغر.

وقد حمل عنه الفقه ولده أبو سعد، وعلماء جرجان.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن الفراء، أخبرنا الشيخ موفّق الدين عبد الله، أخبرنا مسعود بن عبد الواحد، أخبرنا صاعد بن سيار، أخبرنا عليّ بن محمد الجرجاني، أخبرنا حمزة بن يوسف، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال: اعلموا -رحمكم الله- أنَّ مذاهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله، وما صحَّت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا مَعْدِلَ عن ذلك. ويعتقدون بأنَّ الله مدعوٌّ بأسمائه الحسنى، وموصوف بصفاته التي وُصِفَ بها نفسه، ووصفه بها نبيه، خلق آدم بيديه، ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف، واستوى على العرش بلا كيف، وذكر سائر الاعتقاد.

قال القاضي أبو الطيب الطبري: دخلت جرجان قاصدًا إلى أبي بكر الإسماعيلي وهو حي، فمات قبل أن ألقاه.

قال حمزة: وسمعت أبا بكر الإسماعيلي يقول: لما ورد نعي محمد بن أيوب الرازي بكيت وصرخت ومزّقت القميص، ووضعت التراب على رأسي، فاجتمع عليَّ أهلي وقالوا: ما أصابك؟ قلت: نعي إلي محمد بن أيوب، منعتموني الارتحال إليه، فسلوني وأذنوا لي في الخروج إلى نَسَا إلى الحسن بن سفيان، ولم يكن ههنا شعرة، وأشار إلى وجهه.

قلت: مات ابن أيوب سنة أربع وتسعين، وليس الحسن بن سفيان في طبقته في العلوِّ.

قال: وخرجت إلى العراق في سنة ست وتسعين في صحبة أقربائي.

قال حمزة السهمي: سمعت الإسماعيلي يقول: كتبت بخطِّي عن أحمد بن خالد الدامغاني إملاءً في سنة ثلاث وثمانين، ولا أذكر صورته.

قال حمزة: مات أبو بكر في غُرَّة رجب سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، عن أربع وتسعين سنة.

ص: 316

‌3411 - السبيعي

(1)

:

الشيخ الحافظ البارع المسند، أبو محمد، الحسن بن أحمد بن صالح الهمداني السبيعي الحلبي، وإليه ينسب درب السبيعي بحلب.

ارتحل وسمع من: محمد بن حُبَّان، وعبد الله بن ناجية، والقاسم بن زكريا المطَرَّز، وعمر بن محمد الكاغدي، وعمر بن أيوب السقطي، وأحمد بن هارون البرديجي، ومحمد بن جرير الطبري، وهذه الطبقة.

حدَّث عنه: الدارقطني، وعبد الغني الأزدي، وأبو بكر البرقاني، وأبو طالب محمد بن الحسين بن بكير، وأبو نعيم الأصبهاني، والمفيد محمد بن محمد بن النعمان الشيعي، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وآخرون.

وكان زعرًا عسرًا في الرواية، إلَّا أنه من أئمة النقل على تشيع فيه.

وثَّقه ابن أبي الفوارس.

قال ابن أسامة الحلبي: لو لم يكن للحلبيين من الفضيلة إلَّا الحسن السبيعي لكفاهم. كان وجهًا عند الملك سيف الدولة، وكان يعظمه ويزوره في داره. قال: وصنَّف له كتاب "التبصرة في فضل العترة المطهرة"، وكان له بين العامَّة سوق. قال: وهو الذي وقف حمام السبيعي على العلويين.

قال الحاكم: سألت السبيعي عن حديث إسماعيل بن رجاء فقال: له قصة، قرأ علينا ابن ناجية مسند فاطمة بنت قيس، فدخلت على الباغندي فأخبرته، فقال: أقرأ عليكم حديث إسماعيل بن رجاء عن الشعبي؟ فنظرت في الجزء فلم أجده، فقال: اكتب: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، فقلت: عَمَّن؟ ومنعته من التدليس فقال: حدَّثني محمد بن عبيدة الحافظ، حدثنا

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 272"، والعبر "2/ 355"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 898"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 71".

ص: 317

محمد بن المعلَّى الأثرم، حدَّثنا أبو بكر، حدَّثنا محمد بن بشر العبدي، عن مالك بن مغول، عن ابن رجاء، عن الشعبي، عن فاطمة قصة الطلاق والسكنى، ثم انصرفت إلى حلب، وعندنا بغدادي، فذاكرته فخرج إلى الكوفة، وذاكر بن عقدة، فكتب عنه هذا الحديث عني، عن الباغندي، ثم اجتمعت مع فلان -يعني: الجعابي، فذاكرته بهذا، فلم يعرفه بعد، ثمَّ سنين استعادني بدمشق إسناده بعد، ثم اجتمعنا ببغداد فتذاكرناه فقال: حدَّثنا علي بن إسماعيل، حدثنا أبو بكر الأثرم، حدثنا ابن أبي شيبة، فذكرت قصَّتي لفلان المفيد، وأتى عليه سنون، فحدَّث بالحديث عن الباغندي. فالمذاكرة تكشف عوار من لا يصدق.

قال الخطيب: كان السبيعي ثقة حافظًا مكثرًا عسرًا، ولما شاخ عزم على التحديث والإملاء، وتهيَّأ فمات.

وحدَّث عن الدارقطني قال: سمعت السبيعي يقول: قدم علينا الوزير ابن حِنْزَابة، فتلقَّوه، فكنت فيمن تلقَّاه، فعرف إنِّي محدّث، فقال لي: تعرف إسنادًا فيه أربعة من الصحابة، كل واحد منهم عن صاحبه، فذكرت له حديث العمالة الذي عن عمر، فعرف لي ذلك، وصارت لي به عنده منزلة. ورواها الحافظ عبد الغني عن الدارقطني.

مات الحافظ السبيعي في سابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، وهو من أبناء التسعين.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن الخليل بن بدر، وأخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا ابن بدر، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا الحسن بن أحمد السبيعي، حدثنا أحمد بن الصقر بن ثوبان، حدثنا محمد بن موسى الحرشي، حدثنا عمر بن سنان، حدثنا يونس بن عبيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"أنها كانت تغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتكف، يصغي رأسه إليها في حجرتها، وهي حائض"

(1)

.

وفيها توفِّي أبو بكر أحمد بن محمد بن جميع الغساني والد أبي الحسين بصيدا، وبشر بن محمد المزني بهراة، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي البزاز، وشيخ المالكية أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن التبان، وأبو زيد المروزي فقيه الزهاد، وأبو بكر محمد بن إسحاق الصفار، والزَّاهد محمد بن خفيف شيخ شيراز، ومحمد بن خلف بن جيان، وشيخ الحنابلة أبو الحسن التميمي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2031"، ومسلم "297"، وأبو داود "2467".

ص: 318

‌3412 - الآبُري

(1)

:

الشيخ الإمام الحافظ، محدِّث سجستان بعد ابن حبان، أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم السجستاني الآبري -بالمد ثم الضم، مصنّف كتاب "مناقب الإمام الشافعي"، منسوب إلى قرية آبر من عمل سجستان.

ارتحل وسمع إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا العباس الثقفي، وأبا عروبة الحرَّاني، ومكحولًا البيروتي، ومحمد بن يوسف الهروي، وأبا نعيم بن عدي الجرجاني، ومحمد بن الربيع الجيزي، وزكريا بن أحمد البلخي القاضي.

حدَّث عنه: يحيى بن عَمَّار الواعظ، وعليَّ بن بشرى الليثي، وطائفة.

مات في شهر رجب سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، وأحسبه من أبناء الثمانين.

قال الآبري: حدَّثنا أبو عروبة، حدثنا إسحاق بن زيد، حدثنا محمد بن المبارك، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن جابر قال: لا ألوم أحدًا ينتمي عند خصلتين: عند سباقه، وعند قتاله، وذلك أنِّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجرى فرسًا، فسبق فقال: إنه لبحر، ورأيته ضرب بسيفه وقال: خذها وأنا ابن العواتك، انتمى إلى جداته.

أخبرنا ابن عساكر، أنبأنا أبو المظفَّر السمعاني، أخبرنا أبو الأسعد، أخبرنا مسعود بن ناصر، أخبرنا علي بن بشرى، حدثنا محمد بن الحسين بن إبراهيم، حدثنا عبد الملك بن محمد، حدثنا عمَّار بن رجاء، حدثنا الحفري، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبه بن عباد، عن سمرة:"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خطب حتى انكسفت الشمس، فقال: أما بعد".

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 89"، واللباب لابن الأثير "1/ 17"، والعبر "2/ 330"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 899"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 46".

ص: 319

‌3413 - الجُلُودي

(1)

:

الإمام الزاهد القدوة الصادق، أبو أحمد النيسابوري الجلودي، راوي "صحيح مسلم" عن إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه.

حدث عن: عبد الله بن شيرويه بن سفيان، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله، وأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي بكر محمد بن زنجويه القشيري، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبي العبَّاس السراج، وعدة، ولم يرحل.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن الحسن بن بندار، وأبو سعيد عمر بن محمد، وأبو سعيد محمد بن علي النقاش، وأبو محمد بن يوسف، وأبو الحسين بن عبد الغافر بن محمد الفارسي، وآخرون.

قال الحاكم في تاريخه: محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن الزَّاهد أبو أحمد الجلودي -كذا سَمَّى أباه وجده، وقال: هو من كبار عبَّاد الصوفية. صحب أصحاب الشيخ أبي حفص النيسابوري، وكان يورّق بالأجرة، ويأكل من كسب يده، وكان ينتحل مذهب سفيان الثوري، ويعرفه.

وقال الحاكم أيضًا، وسُئِلَ عن الجلودي فقال: كان من أعيان الفقراء الزهاد، ومن أصحاب المعاملات في التصوّف، ضاعت سماعاته من ابن سفيان، فنسخ البعض من نسخة لم يكن له فيها سماع.

قال أيضًا: ختم بوفاته سماع كتاب مسلم، فإن كلَّ مَنْ حَدَّث به بعده عن إبراهيم بن سفيان فإنه غير ثقة.

وقال ابن نقطة: رأيت نَسَبَه بخط غير واحد من الحفاظ: محمد بن عيسى بن عمرويه بن منصور.

قال الحاكم: مات الجلودي في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاث مائة، وهو ابن ثمانين. ودفن بمقبرة الحيرة.

قال ابن دحية: اختلف في الجلودي، فقيل: بفتح الجيم التفاتًا إلى ما ذكره يعقوب في إصلاح المنطق، ونقله ابن قتيبة في الأدب، وليس ذا من ذاك في شيء. إنَّ الذي ذكره يعقوب هو رجل منسوب إلى جلود: قرية من قرى إفريقية بينه وبين ابن عمرويه هذا أعوام عديدة. وهذا متأخر كان يحدّث في الدار التي تباع فيها الجلود للسلطان. والصواب عند النحويين أن يقال: الجلدي؛ لأنك إذا نسبت إلى الجمع رددت إلى الواحد؛ كقولك: صحفي وفرضي.

قلت: وتوفِّي في سنة ثمان: القطيعي، والخطيب أحمد بن صالح البروجردي الذي حدَّث ببغداد عن إبراهيم بن ديزيل، وإمام النحو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي القاضي ببغداد، وأبو علي الحسين بن إبراهيم بن أبي الزمزام الدمشقي الفرضي، والحافظ أبو القاسم الآبندوني، والمقرئ أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن سليمان بن النخاس البغدادي، والقاضي عيسى بن حامد الرُّخَّجي، والمعمَّر بن عبيدون القرطبي خاتمة من روى عن ابن وضاح، والحافظ أبو الحسين الحجَّاجي، والفقيه أبو حاتم محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمود الهروي، والأمير البطل الموصوف بالشجاعة هِفْتِكين التركي الشرابي، الذي تملَّك دمشق.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 283"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 97"، والعبر "2/ 348"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 133"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 87".

ص: 320

‌3414 - ابن بابويه

(1)

:

رأس الإمامية، أبو جعفر، محمد ابن العلَّامة علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القُمِّي، صاحب التصانيف السائرة بين الرافضة.

يضرب بحفظه المثل.

يقال: له ثلاث مائة مصنَّف؛ منها: كتاب "دعائم الإسلام"، كتاب "الخواتيم"، كتاب "الملاهي"، كتاب "غريب حديث الأئمة"، كتاب "التوحيد"، كتاب "دين الإمامية" ولا

(2)

...........

وكان أبوه من كبارهم ومصنِّفيهم.

حدَّث عن أبي جعفر جماعة منهم: ابن النعمان المفيد، والحسين بن عبد الله بن الفحّام، وجعفر حسنكية القمي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 89"، والأنساب للسمعاني "10/ 230".

(2)

كذا بالمطبوعة.

ص: 321

‌3415 - الباهلي

(1)

:

العلَّامة شيخ المتكلمين، أبو الحسن الباهلي البصري، تلميذ أبي الحسن الأشعري.

برع في العقليات، وكان يقظًا فطنًا لسنًا صالحًا عابدًا.

قال ابن الباقلاني: كنت أنا وأبو إسحاق الإسفراييني، وأبو بكر بن فورك، معًا في درس أبي الحسن الباهلي، كان يدرِّس لنا في كل جمعة مرة، وكان يرخي الستر بيننا وبينه، وكان من شدة اشتغاله بالله مثل مجنون أو واله، ولم يكن يعرف مبلغ درسنا حتى نذكره، وكنا نسأله عن سبب الحجاب، فأجاب بأننا نرى السوقة، وهم أهل الغفلة، فتروني بالعين التي ترونهم.

حتِّى إنه كان يحتجب من جاريته.

وقال الأستاذ الإسفراييني: أنا في جانب شيخنا أبي الحسن الباهلي كقطرة في بحر، وقد سمعته يقول: أنا في جنب الشيخ الأشعري كقطرة في جنب بحر.

‌3416 - ابن مجاهد

(2)

:

الأستاذ، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي البصري، صاحب أبي الحسن الأشعري.

قَدِمَ بغداد وصنَّف التصانيف، ودرَّس علم الكلام، اشتغل عليه القاضي أبو بكر بن الطيب.

قال الخطيب: ذكر لنا غير واحد أنَّه كان ثخين الستر، حسن التديُّن، جميل الطريقة رحمه الله. وكان أبو بكر البرقاني يثني عليه ثناءً حسنًا، وقد أدركه ببغداد فيما أحسب.

‌3417 - ابن أبي الزَّمزام:

الإمام المحدث العدل، أبو علي، الحسين بن إبراهيم بن جابر بن علي الدمشقي الفرائضي الشاهد، ويعرف بابن أبي الزَّمزام.

سمع عبد الرحمن بن الروّاس، وأحمد بن المعمر، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وجعفر بن أحمد بن عاصم، ومحمد بن المعَافَى الصيداوي، وأحمد بن عبد الوارث العسّال، ومحمد بن أبي عصمة، وعبيد الله بن الصنام، ومحمد بن زبان المصري، والسلم بن معاذ، وخلقًا.

روى عنه: عبد الوهاب الداراني، وعلي بن بشرى، ومكي بن الغمر، ومحمد بن عوف، ومكي بن محمد المؤدّب، وآخرون.

وثَّقه عبد العزيز الكَتَّاني.

وقد أملى بجامع دمشق. وزمزام بمعجمتين.

توفِّي في شوال سنة ثمان وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 312".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 343"، والعبر "2/ 358"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 74".

ص: 322

‌3418 - الغضنفر

(1)

:

الملك، أبو تغلب ابن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي.

كان بطلًا سائسًا، قبض على أبيه لما تسودَن وحَجَبه، وتملَّك الموصل، وحارب عضد الدولة فعجز، وصار إلى الرحبة، وهرب من ابن عمه سعد الدولة صاحب حلب، ومن بني كلاب، فإن عضد الدولة جرَّأهم عليه، فوصل إلى طرف الغوطة، وقصد دمشق، وضايقها، فمانعه قسّام في أعوانه، فبعث كاتبه إلى صاحب مصر العزيز يستنجد به، ثم تحوَّل إلى حوران، وفارقه ابن عمه أبو الغطريف، وسار إلى خدمة عضد الدولة، فجاء الخبر من العزيز يطلبه إليه فتردَّد، ثم نزل بطبرية، وبعث العزيز عسكرًا لأخذ دمشق فاجتمع بهم أبو تغلب، ثم توحَّش منه، وتحيِّز، وكان الأمير مفرّج الطائي قد استولى على الرملة، فاتفق مع العسكر على محاربة أبي تغلب، وتَمَّ المصافّ بالرملة في صفر سنة تسع وستين، فأسره مفرج ثم قتله صبرًا، وبعث برأسه إلى مصر.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 117"، والعبر "2/ 344"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 131"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 59".

ص: 323

‌3419 - هِفْتكين

(1)

:

ويقال: أفتكين التركي، أحد الشجعان والأبطال، من أمراء سُبُكْتِكين بالعراق.

مات مخدومه سبكتكين بواسط، ومعهم الخليفة الطائع، فتقدَّم هفتكين على الأتراك، وحاربوا عز الدولة بختيار بن بويه أيامًا، والظفر للترك، فاستنجد عز الدولة بابن عمه عضد الدولة، فسار هفتكين إلى الشام، واستولى على كثير منها، ونزل بظاهر حمص، فسار إليه الأمير ظالم العقيلي ليحاربه، فبادر هفتكين إلى دمشق بمكاتبه من الكبراء، وتملَّك وخطب للطائع، ومحا ذكر المعز العبيدي، وجمع العساكر، وسار في شعبان سنة أربع وستين فنزل على صيدا، وحارب المعزية، وكسرهم، وقُتِلَ خلق منهم، وأخذت مراكبهم، فبادر لحربه جوهر مقدَّم الجيوش، فتحصَّن هفتكين بدمشق، فحاصره جوهر سبعة أشهر، ثم بلغه مجيء القرامطة من الأحساء فتَرَجَّل، فساق وراءه هفتكين ومعه القرامطة، فالتقى الجمعان بعسقلان، فيحاصره هفتكين بها خمسة عشر شهرًا، ثم خرج بالأمان وسلَّمَها، فأقبل العزيز صاحب مصر في سبعين ألفًا، فتشجَّع هفتكين، وعمل معهم المصافّ، وثبت وبين، ثم تفلل عسكره. وأسر في أول سنة ثمان وستين، ومَنَّ عليه العزيز وأعطاه إمرة كبيرة، وصار له موكب حتى خافه الوزير ابن كلس، فتحيّل وسَمَّه، ويقال: بل مرض ومات في أول سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

وإلى شجاعته المنتهى، وهو من مماليك معز الدولة بن بويه.

وكان العزيز قد بذل مائة ألف دينار لمن أسر هفتكين، فتحيَّل عليه الأمير مفرّج الطائي، وأنزله، ثم غدر به وأسلمه.

وكان قد كتب إلى عضد الدولة أنَّ الشام قد صفا، وصار في يدي، وزال عنه حكم العزيز، فإنَّ قويتني بالمال والرجال حاربت القوم في دارهم، فأجابه عضد الدولة بهذه الألفاظ السائرة: غَرَّكَ عِزُّك، فصار قصار ذلك ذلك، فاخْشَ فاحش فِعْلِك، فعلَّك بهذا تُهد، والسلام.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 53"، والعبر "2/ 349"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى "4/ 133"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 67".

ص: 323

‌3420 - الشيرازي

(1)

:

الوزير الأكمل، أبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس الشيرازي الكاتب، كاتب معز الدولة، قلده ديوانه، وردَّ إليه ضبط المال مع وزيره المهلّبي، وناب في الوزارة، فلمَّا مات معزّ الدولة تلقَّب أبو الفرج بالوزارة من المطيع لله، ثم ولي الوزارة لعز الدولة بن المعز في سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، ثم إنه عزل بعد سنة وحبس.

قال إبراهيم الصابي: كان وقورًا في المجلس، راجح الحلم، دينًا، حسن الطريقة، وافر الأمانة. ولأحمد بن علي بن المنجم يمدح أبا الفرج:

قل للوزير سليل المجد والكرم

ومن له قامت الدنيا على قدم

ومن يداه معًا تجري ندىً وردىً

يجريهما حكم عدل السيف والقلم

ومن إذا همَّ أن يمضي عزائمه

رأيت ما يفعل الأقدار في الأمم

لانت أشهر في رعي الذمام وفي

حكم المكارم من نار على علم

مات الوزير أبو الفرج في شهر ذي القعدة سنة سبعين وثلاث مائة، وله اثنتان وستون سنة.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 198".

ص: 324

‌3421 - الشيرازي

(1)

:

الوزير الكبير، أبو الفضل، الذي غضب على أهل بغداد لقتلهم جندارًا، فأمر بإلقاء النار في الأسواق، فاحترق من النحَّاسين إلى السمّاكين، واحترق عدة من الرجال والنساء والأطفال، وراحت الأموال، دخل في ذلك الحريق من بيوت الله ثلاثة وثلاثون مسجدًا، وست مائة بيت ودكان، وكثر الدعاء عليه، وشتموه في وجهه، ثم قبض عليه عز الدولة، وطُرِدَ إلى الكوفة فسُقِيَ سمّ الذراريح، فهلك سنة بضع وستين وثلاث مائة.

‌3422 - البكائي

(2)

:

الإمام المحدّث الصدوق، مسند الكوفة، أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي السري البكائي الكوفي.

سمع في سنة تسعين ومائتين وبعدها من: أبي جعفر محمد بن عبد الله مطين، وأبي حصين محمد بن الحسين الوادعي، وأحمد بن فرح المفسّر، وعبد الله بن بحر وطائفة.

حدَّث عنه: أبو العلاء صاعد بن محمد، ومحمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وأبو الحسن محمد بن إسحاق بن فدويه، ومحمد بن الحسن بن حمزة السكري، وأبو الحسين محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن بيان الدهان، وعبيد الله بن علي العجلي الحذاء، وأبو طاهر محمد بن محمد بن عيسى البكري، وأخوه أبو الحسين محمد بن محمد، وأبو عبد الله ابن باكويه الشيرازي، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن خرجة النهاوندي، وآخرون.

وقال ابن خرجة: مات شيخنا البكائي في ثالث عشر ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاث مائة، وله تسع وتسعون سنة.

قلت: فيها توفِّي الحافظ أحمد بن محمد بن علي بن هارون البرذعي، روى بدمشق عن ابن أبي داود، والحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الجراح، عن خمس وثمانين سنة، لقي البغوي، والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم المستملي البلخي، وأبو سعيد الحسن بن جعفر بن الوضَّاح السمسار الحُرَفي، والمقرئ أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن يعقوب بن البوَّاب، وأبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن مطرف الجراحي القاضي، وأبو القاسم عمر بن محمد بن سَبَنْك البجلي، وقسَّام الحارثي الجبلي الترَّاب الذي حكم على دمشق، وأبو عمرو بن حمدان الحيري، ومحمد بن العبَّاس بن يحيى الحلبي الأموي، مولاهم بالأندلس، يروي عن أبي عروبة الحراني، والواعظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان الرازي الصوفي والد الحافظ أبي مسعود أحمد بن محمد، وشيخ الصوفية أبو العباس الوليد بن أحمد بن الوليد الزوزني حكيم زمانه.

(1)

تقدمت ترجمته بتعليقنا رقم "366" في هذا الجزء، وبرقم ترجمة عام "3358".

(2)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 270"، والعبر "3/ 2"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 87".

ص: 325

‌3423 - ابن خَمِيرويه

(1)

:

الشيخ الإمام المحدّث العدل، مسند هراة، أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن خميرويه بن سيار الهروي.

سمع علي بن محمد الجَكَّاني، وأحمد بن نجدة، وأحمد بن محمود بن مقاتل، وجماعة.

حدث عنه: أبو بكر البرقاني، وأبو الفضل عمر بن أبي سعد، وأبو ذر عبد بن أحمد، والحسين بن علي الباشاني، ومنصور بن إسماعيل القاضي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، وأبو يعقوب القَرَّاب، ومحمد بن الفضيل الهرويون.

وثَّقه أبو بكر السمعاني.

توفِّي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة.

وفيها مات العبَّاس بن الفضل النضروي -بمعجمة- هروي، وعبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني بنيسابور، وعضد الدولة بن بويه، ومحمد بن جعفر زوج الحرة، ومحمد بن العباس بن وصيف، وأبو بكر بن بخيت الدقاق.

‌3424 - الأَحْدَب الكاتب:

كان ببغداد يزوّر على الخطوط حتى لا يشك الشخص أنه خَطّ نفسه.

قرَّبه عضد الدولة، وبقي يوقع بخطه بين ملوك على حسب ما يشتهي.

مات سنة سبعين، وثلاث مائة ببغداد.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 180"، واللباب لابن الأثير "1/ 462"، والعبر "2/ 363".

ص: 326

‌الطبقة الحادية والعشرون:

‌3425 - أبو زيد المروزي

(1)

:

الشيخ الإمام المفتي القدوة الزاهد، شيخ الشافعية، أبو زيد محمد ابن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي، راوي "صحيح البخاري" عن الفربري.

وسمع أيضًا من أحمد بن محمد المنكَدِري، وأبي العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي، وعمر بن عَلَّّك، ومحمد بن عبد الله السعدي، وطائفة.

وأكثر التِّرْحَال، وروى الصحيح في أماكن.

حدَّث عنه: الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو الحسن الدارقطني، وهو من طبقته، وعبد الوهاب الميداني، والهيثم بن أحمد الدمشقي الصباغ، وأبو الحسن بن السمسار، وأبو بكر البرقاني، ومحمد بن أحمد المحاملي، وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، وآخرون.

وقال: ولدت سنة إحدى وثلاث مائة.

قال الحاكم: كان أحد أئمة المسلمين، ومن أحفظ الناس للمذهب، وأحسنهم نظرًا، وأزهدهم في الدنيا، سمعت أبا بكر البزاز يقول: عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة، فما أعلم أنَّ الملائكة كتبت عليه خطيئة.

وقال الخطيب: حدَّث أبو زيد ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدَّث هناك ب "الصحيح"، وهو أجلّ من رواه.

وقال أبو إسحاق الشيرازي: ومنهم أبو زيد المروزي، صاحب أبي إسحاق المروزي. مات بمرو في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. وكان حافظًا للمذهب، حسن النظر، مشهورًا بالزهد. وعنه أخذ أبو بكر القفَّال المروزي، وفقهاء مرو.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، سمعت خالد بن عبد الله المروزي، سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المروزي، سمعت الفقيه أبا زيد المروزي يقول:

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 112"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 581"، والعبر "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 76".

ص: 327

كنت نائمًا بين الركن والمقام، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا زيد، إلى متى تدرّس كتاب الشافعي، ولا تدرّس كتابي، فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل -يعني: البخاري.

سئل أبو زيد: متى لقيت الفربري؟ قال: سنة ثماني عشرة وثلاث مائة.

وقال الحاكم: سمع أبو زيد بمرو أصحاب عليّ بن حجر، وأكثر عن المُنْكَدِريّ.

وأرَّخ الحاكم وفاته كما مضى.

وله وجوه تستغرب في المذهب.

جاور بمكة سبعة أعوام، وكان فقيرًا يقاسي البرد ويتكتم ويقنع باليسير. أقبلت عليه الدنيا في آخر أيامه، فسقطت أسنانه، فكان لا يتمكَّن من المضغ، فقال: لا بارك الله في نعمة أقبلت حيث لا ناب، ولا نصاب، وعمل في ذلك أبياتًا.

ص: 328

‌3426 - الأزهري

(1)

:

العلَّامة أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي اللغوي الشافعي.

ارتحل في طلب العلم بعد أن سمع ببلده من الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السامي، وعدة، وسمع ببغداد من أبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، وإبراهيم بن عرفة، وابن السَّرَّاج، وأبي الفضل المنذري، وترك ابن دريد تورُّعًا، فإنه قال: دخلت داره فألفيته على كبر سنِّه سكران.

روى عنه: أبو عبيد الهروي، مؤلِّف الغريبين، وأبو يعقوب القَرَّاب، وأبو ذر عبد بن أحمد الحافظ، وسعيد بن عثمان القرشي، والحسين بن محمد الباشاني، وآخرون.

وكان رأسًا في اللغة والفقه، ثقة ثبتًا ديِّنًا. فعنه قال: امتحنت بالأسر سنة عارضت القرامطة الحاج بالهبير، فكنت لقوم يتكلمون بطباعهم البدوية، ولا يكاد يوجد في منطقهم لحن أو خطأ فاحش، فبقيت في أسرهم دهرًا طويلًا، وكنا نشتي بالدهناء، ونرتبع بالصمَّان، واستفدت منهم ألفاظًا جَمَّة.

قلت: وقع لي من عالي حديثه.

وله كتاب "تهذيب اللغة" المشهور، وكتاب "التفسير"، وكتاب "تفسير ألفاظ المزني"، و"علل القراءات"، وكتاب "الروح"، وكتاب "الأسماء الحسنى"، و"شرح ديوان أبي تَمَّام"، و"تفسير إصلاح المنطق" وأشياء.

مات في ربيع الآخر سنة سبعين وثلاث مائة، عن ثمان وثمانين سنة.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 164"، واللباب لابن الأثير "1/ 48"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 639"، والعبر "2/ 356"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 72".

ص: 328

‌3427 - الخَيَّاش:

الشيخ الصادق، أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن سلمة المصري الخَيَّاش.

سمع أبا عبد الرحمن النسائي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وجماعة.

روى عنه محمد بن الحسين الطفَّال، وغيره.

ولد سنة ثمانين ومائتين، وتوفِّي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

سمعنا الجزء الخامس من حديثه.

‌3428 - العسكري

(1)

:

الشيخ الصدوق المعمّر، أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن عبيد بن أحمد بن مخلد العسكري، ثم البغدادي الدقَّاق.

حدَّث عن: محمد بن يحيى المروزي، وأبي العباس بن مسروق، وحمزة بن محمد الكاتب، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وجماعة.

روى عنه: أبو القاسم الأزهري، والحسن بن محمد الخلَّال، وعبد الوهاب بن برهان الغزَّال، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

قال العتيقي: كان ثقة أمينًا، مات في شوال سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان فيه تساهل.

قلت: وأخوه هو محمد بن محمد بن عبيد العسكري، الذي يروي عنه بُشْرَى الفاتني.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 100"، والأنساب للسمعاني "8/ 455"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 85"، والعبر "2/ 369"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 85".

ص: 329

‌3429 - الفِهْرِيّ

(1)

:

أبيض بن محمد بن أبيض بن أسود بن نافع، الشيخ أبو العباس، وأبو الفضل القرشي الفهري المصري. آخر من مات من أصحاب النسائي، كان عنده عنه مجلسان فقط.

روى عنه: الحافظ عبد الغني الأزدي، وعبد الملك بن مسكين الشافعي، ويحيى بن عليّ بن الطحَّان، وجماعة.

وُلِدَ سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وتوفِّي في سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.

وقد روى عن والده محمد بن أبيض أبو محمد بن النحاس.

‌3430 - والد ابن جُمَيْع

(2)

:

العبد الصالح، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن جُمَيْع الغسّاني الصيداوي، والد المحدِّث الرحال أبي الحسين.

سمع من محمد بن المعافى الصيداوي، ومحمد بن عبدان المكي، أخذ عنه "موطأ أبي مصعب"، وروى عن طائفة.

وعنه: ابنه، وحفيده؛ الحسن بن محمد، وحسين بن جعفر الجرجاني، وآخرون.

وحكى حفيده عن خادم جده طلحة أنَّ جده أبا بكر كان يقوم الليل كله، فإذا صلى الفجر نام إلى الضحى، وإذا صلى الظهر يركع إلى العصر، إلى أن قال: وكانت هذه عادته.

وقال مُنَجَّى بن سليم: قال لي الحسن بن محمد: أن جدَّه صام وله اثنتا عشرة سنة، يعني: وسرد الصوم إلى أن توفي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

‌3431 - ابن التبَّان

(3)

:

عالم القيروان، وشيخ المالكية، أبو محمد عبد الله بن إسحاق المغربي، ابن التبَّان.

قال القاضي عياض: ضُرِبَت إليه آباط الإبل من الأمصار؛ لذَبِّه عن مذهب أهل المدينة، وكان حافظًا بعيدًا من التصنّع والرياء، فصيحًا، كبير القدر.

توفِّي سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 4"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 88".

(2)

ترجمته في الأنساب "8/ 116".

(3)

ترجمته في العبر "2/ 360"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 141".

ص: 330

‌3432 - أبو عثمان المَغْرِبِيّ

(1)

:

الإمام القدوة، شيخ الصوفية، أبو عثمان سعيد بن سلَّام المغربي القيرواني، نزيل نيسابور.

سافر وحَجَّ وجاور مدة، ولقي مشايخ مصر والشام، وكان لا يظهر أيام الحج.

قال الحاكم: خرجت من مكة متحسِّرًا على رؤيته، ثم خرج منها لمحنة، وقَدِمَ نيسابور، فاعتزل الناس أولًا، ثم كان يحضر الجامع.

وقال السلمي: كان أوحد المشايخ في طريقته، لم نر مثله في علوِّ الحال، وصون الوقت، امتُحِنَ بسبب زور نُسِبَ إليه، حتى ضرب وشُهِرَ على جمل، ففارق الحرم.

وقال الخطيب: وكان من كبار المشايخ، له أحوال وكرامات.

قال الحاكم: سمعته يقول وقد سُئِل: الملائكة أفضل أم الأنبياء؟

فقال: القرب القرب، هم أقرب إلى الحق وأطهر.

صحب أبو عثمان بالشام أبا الخير التيناتي، ولقي أبا يعقوب النَّهْرَجُوري.

قال السلمي: سمعته يقول: ليكن تدبُّرك في الخلق تدبر عبرة، وتدبُّرك في نفسك تدبر موعظة، وتدبرك في القرآن تدبر حقيقة. قال الله تعالى:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن} [النساء: 82]. جرأك به على تلاوته، ولولا ذلك لكلت الألسن، عن تلاوته.

وقال: من أعطى الأماني نفسه قطعَتْها بالتسويف وبالتواني.

وسمعته يقول: علوم الدقائق علوم الشياطين، وأسلم الطرق من الاغترار لزوم الشريعة.

توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 112"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 122"، والعبر "2/ 365"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 144"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 81".

ص: 331

‌3433 - ابن نُبَاتة

(1)

:

الإمام البليغ الأوحد، خطيب زمانه، أبو يحيى، عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقيّ، صاحب الديوان الفائق في الحمد والوعظ، وكان خطيبًا بحلب للملك سيف الدولة.

وقد اجتمع بأبي الطيّب المتنبي.

وكان فصيحًا مفوَّهًا، بديع المعاني، جزل العبارة، رُزِقَ سعادة تامَّة في خطبه.

وكان فيه خير وصلاح، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه، ثم استيقظ وعليه أثر نور لم يعهد قبل فيما قيل. وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يومًا، وتوفَّاه الله، فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تَفَل في فيه، وبقي تلك الأيام لا يستطعم بطعام ولا يشرب شيئًا.

وتوفِّي سنة أربع وسبعين وثلاث مائة بميَّافارقين. وقيل: لم يل خطابة حلب إلَّا بعد موت سيف الدولة بن حمدان، وبلغنا أنَّ عمره لم يبلغ الأربعين، بل عاش تسعًا وثلاثين سنة. فالله أعلم.

ولم يصح ذلك، فإنه ابتدأ بتصنيف خطبه في سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وهو إذ ذاك خطيب مميز، وجالس المتنبي فلعلَّه عاش خمسين سنة، أو أكثر.

ولأبيه رواية.

(1)

ترجمته في وفيَّات الأعيان "3/ ترجمة 373"، والعبر "2/ 367"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 146"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 83".

ص: 332

‌3434 - أبو اللَّيْث:

الإمام الفقيه المحدِّث الزاهد، أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي، صاحب كتاب "تنبيه الغافلين" وله كتاب "الفتاوى".

يروي عن: محمد بن الفضل بن أنيف البخاري، وجماعة. وتروج عليه الأحاديث الموضوعة.

روى عنه: أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الترمذي، وغيره.

نقلتُ وفاته من خط القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن عبد الحق -أيده الله، في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

‌3435 - ابن محمُويه:

الإمام الحافظ البارع، أبو بكر، عبد الملك بن عبد الواحد بن علي بن محمويه السمرقندي. وكان أبوه بغداديًّا، وجده موصليًّا.

وسمع هو من: أبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، ومحمد بن إسحاق العصفري، وعلي بن محتاج، وابن خنب، وببغداد من أبي بكر الشافعي، وطبقته.

وكان حافظًا متقنًا، جمع الأبواب والشيوخ والمقلِّين، وأكثر وجود، ولو طال عمره لكان له نبأ، بل عاش إحدى وخمسين سنة.

توفِّي سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

‌3436 - ابن الزيَّات

(1)

:

الشيخ الحافظ الثقة، أبو حفص، عمر بن محمد بن علي بن يحيى البغدادي، ابن الزيات.

ولد سنة ست وثمانين ومائتين.

وسمع إبراهيم بن شريك، وجعفرًا الفريابي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبَّار، وعمر بن أبي غيلان، وعبد الله بن ناجية، وطبقتهم.

حدث عنه: البرقاني، وأبو محمد الخلَّال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهريّ، وخلق.

وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة متقنًا أمينًا، قد جمع أبوابًا وشيوخًا.

وقال العتيقي: كان ثقة أمينًا، صاحب حديث يحفظه. توفِّي في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا عمر بن الحسين الخفَّاف، أخبرنا عمر بن محمد الزيات، أخبرنا حمزة بن محمد، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا أبو أمية الثقفي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بكَّر يوم الجمعة وابتكر، وغسَّل واغتسل، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع وأنصت ولم يلغ حتى يصلي الجمعة، كفاه الله ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام"

(2)

.

أبو أمية هو إسماعيل بن يعلى -ضعيف، وله إسناد آخر حسن.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 156"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 130"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 917"، والعبر "2/ 370"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 58".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "857"، وأبو داود "1050".

ص: 333

‌3437 - ابن السِّمْسَار

(1)

:

الإمام الحافظ الصدوق، محدِّث دمشق، أبو العباس، محمد بن موسى بن الحسين الدمشقي السمسار.

حدَّث عن: محمد بن خريم، وأبي الحسن بن جوصا، وأبي الجهم بن طَلَّاب، والقاضي أبي عبد الله المحاملي، وابن مخلد، وابن الدحداح الدمشقي، وعبد الله بن محمد بن السري الحمصي الحافظ، وخلق كثير.

روى عنه: أخوه أبو الحسن محمد، ومحمد بن عوف المزني، وتَمَّام الرازي، ومكيّ بن الغمر، وآخرون.

قال عبد العزيز الكَتَّاني: كان ثقة نبيلًا حافظًا، كتب القناطير.

وقال الميداني: توفِّي في رمضان سنة ثلاث وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 918"، والعبر "2/ 331"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 106".

ص: 334

‌3438 - ابن قُرَيْعَة

(1)

:

القاضي أبو بكر، محمد بن عبد الرحمن البغدادي الظريف، قاضي السِّنْدِيَّة.

كان مزَّاحًا خفيف الروح، أديبًا فاضلًا، ذكيًّا سريع الجواب.

أخذ عن أبي بكر بن الأنباري وغيره.

وقريعة: بقاف، قَيَّدَه ابن ماكولا.

وكان ملازمًا للوزير المهلَّبي في مجالس اللهو، وله أجوبة بليغة مسكنة، كان الوزير يغري به الرؤساء فيباسطونه.

كتب له رئيس: ما يقول القاضي في يهوديّ زنى بنصرانية، فولدت ابنًا جسمه للبشر، ووجهه للبقر، فأجاب: هذا من أعدل الشهود على الخبثاء اليهود، أشربو العجل في صدورهم حتى خرج من أيورهم، فلينط برأس اليهودي رأس العجل، ويصلب على عنق النصرانية الرأس والرِّجْل، ويسحبا على الأرض، وينادى عليهما: ظلمات بعضهما فوق بعض.

مات سنة سبع وستين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 317"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 117"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 91"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 655"، والعبر "2/ 345".

ص: 335

‌3439 - ابن لُؤْلُؤ

(1)

:

الإمام المحدِّث المسند، أبو الحسن، علي بن محمد بن أحمد بن نصير بن عرفة بن لؤلؤ البغدادي الوراق.

مولده في سنة إحدى وثمانين ومائتين.

سمع حمزة بن محمد الكاتب، وإبراهيم بن شريك، والفريابي، وعبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وزكريَّا بن يحيى الساجي، ومحمد بن المجدر، وعدة.

وعنه: البرقاني، وأبو محمد بن الخلَّال، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

قال البرقاني: كان ابن لؤلؤ يأخذ على التحديث دَانِقَيْن، قال: وكانت حاله حسنة من الدنيا، وهو صدوق غير أنه رديء الكتاب، أي: سيء النَّقل، وقد صحَّف غير مرة: عن عتي، عن أبي، فقال: عن عن عن أبي.

قال عبيد الله الأزهري: ابن لؤلؤ ثقة.

وقال العتيقي: توفِّي في محرم سنة سبع وسبعين وثلاث مائة. قال: وكان أكثر كتبه بخطه، وكان لا يفهم الحديث، وإنما يحمل أمره على الصدق.

قال علي بن المحسن: حضرت عند ابن لؤلؤ مع أبي الحسين البيضاوي لنقرأ عليه، وكان قد ذكر له عدد من يحضر، ودفعنا إليه دراهم، فرأى واحدًا زائدًا، فأخرجه، فجلس الرجل في الدهليز، وجعل البيضاوي يرفع صوته ليسمعه، فقال ابن لؤلؤ: يا أبا الحسين، أتعاطي عليَّ وأنا بغدادي باب طاقي ورَّاق، صاحب حديث شيعي أزرق كوسج?! ثم أمر جاريته بأن تدق في الهاون أشنانًا حتى لا يصل الصوت إلى الرجل.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 89"، والعبر "3/ 4 - 5"، وميزان الاعتدال "3/ 154"، ولسان الميزان "4/ 256".

ص: 335

‌3440 - ابن صابر

(1)

:

الشيخ المسند، أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر ابن كاتب البخاري المؤذّن.

روى عن: صالح بن محمد جزرة، وحامد بن سهل، ومحمد بن حريث، والحسين بن الوضَّاح، وطائفة، وكان آخر من روى عن صالح.

حدث عنه: أبو عبد الله غنجار، وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبو نصر بن علي البخاري السنِّي.

أرَّخ أبو بكر السمعاني وفاته في سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 353"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 70".

ص: 336

‌3441 - ابن ياسين

(1)

:

القاضي الإمام المحدّث، أبو القاسم، بشر بن محمد بن محمد بن ياسين بن النضر الباهلي النيسابوري الفقيه.

ذكره الحاكم فقال: كان كثير الذكر والصلاة.

سمع ابن خزيمة والسَّرَّاج وأبا العباس الدغولي، وأملى مجالس، وكان مكثِرًا لكن ضيّع أصوله.

قلت: روى عنه الحاكم، وأبو سعد الكَنْجَروذي، وجماعة.

توفِّي في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، وله اثنتان وثمانون سنة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 6"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 91".

ص: 336

‌3442 - ابن كَيْسَان

(1)

:

الشيخ الثقة، أبو الحسن، عليّ بن محمد بن أحمد بن كَيْسَان الحربي، الذي روى عن يوسف القاضي جزء الزكاة وجزء التسبيح، ما روى سواهما.

حدَّث عنه: البرقاني، والحسين بن جعفر السلماسي، وعلي بن المحسن، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

قال الخطيب: قال لنا التنوخيّ: أرانا ابن كيسان بخط أبيه: وُلِدَ عليّ ومحمد ابناي في بطنٍ واحدة، ليلة الجمعة لخمس مَضَيْنَ من جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

قلت: ثم مات أبوهما قبل الثلاث مائة، وكان من جلة النحويين.

وكان عليُّ هذا عريًا من الفضيلة.

قال البرقاني: كان لا يحسن يحدّث، سألته أن يقرأ لي شيئًا من حديثه فأخذ كتابه، ولم يدر ما يقول. فقلت له: سبحان الله، حدثكم يوسف القاضي، فقال: سبحان الله، حدثكم يوسف القاضي، ثم قال: إلَّا أن سماعه كان صحيحًا مع أخيه.

وقال الجوهري: سمعت منه في سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.

قلت: ما وقع الخطيب بوفاته.

فأما أخوه الأكبر:

الإمام أبو محمد الحسن بن النحوي:

فثقة عالم. سمع من إسماعيل القاضي، وبشر بن موسى.

روى عنه أبو عليّ بن شاذان، وأبو نعيم الحافظ.

مات في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 86"، والعبر "2/ 365"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 81".

ص: 337

‌3443 - مُحَمَّدُ بن المُؤَمَّل

(1)

:

هو الشيخ المسند المعمّر، أبو بكر، محمد بن حيُّويه بن المؤمّل بن أبي روضة الكرجي النحوي، نزيل همذان، ومسند وقته إن صدق، فإنه روى عن طبقة كبرى.

روى عن: أسيد بن عاصم الثقفي، وإسحاق الدبري، ومحمد بن المغيرة السكري، وإبراهيم بن ديزيل سيفنة، وإبراهيم بن نصر الرازي، ومحمد بن صالح الهمذاني الأشَجّ، وأبي مسلم الكجي، وعدة.

حدَّث عنه: أبو بكر البرقاني، وأبو نصر محمد بن بندار، وأبو طاهر بن سلمة، وعمر بن معروف الهمذانيان، والحسين بن محمد الفلاكي، وآخرون.

سأله الصقليّ عن سنِّه، فذكر أنه ابن مائة سنة، واثنتي عشرة سنة.

وقال شيرويه في "طبقات الهمذانيين": توفِّي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة.

قال الخطيب: كان غير موثَّق عندهم.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 223"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 189 "، والعبر "2/ 366" وميزان الاعتدال "3/ 532"، ولسان الميزان "5/ 151"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 82".

ص: 338

‌3444 - النَّضْرُوي

(1)

:

الثقة المسند، أبو منصور، العبَّاس بن الفضل بن زكريا بن نضرويه -بمعجمة، النضروي الهروي.

سمع أحمد بن نجدة، والحسن بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السامي.

وعنه: سبطه الحسن بن عليّ، وأبو حازم العبدوي، والبرقاني، وسعيد بن العباس القرشيّ، وأبو يعقوب القراب.

وثَّقه أبو بكر الخطيب.

مات في شعبان سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة بهراة.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 314"، والعبر "2/ 362"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 79".

ص: 338

‌3445 - الأَبْهَرِيّ

(1)

:

الإمام العلّامة القاضي المحدّث، شيخ المالكية، أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي الأبهري المالكي، نزيل بغداد وعالمها.

وُلِدَ في حدود التسعين ومائتين.

وسمع أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وعبد الله بن زيدان البجليّ، وأبا عروبة الحرّاني، ومحمد بن تَمَّام البهراني، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد بن خريم العقيلي، ومحمد بن الحسين الأشناني، وأبا علي محمد بن سعيد الحافظ، وطبقتهم بالعراق والشام والجزيرة. وجمع وصنَّف التصانيف في المذهب، وتفَقَّه ببغداد على أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وولده أبي الحسين.

حدَّث عنه: الدارقطني، وأثنى عليه، وأبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد العتيقيّ، وأحمد بن علي البادا، وعلي بن المحسن التنوخيّ، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

قال الدارقطني: هو إمام المالكية، إليه الرحلة من أقطار الدنيا.

رأيت جماعة من الأندلس والمغرب على بابه، ورأيته يذاكر بالأحاديث الفقهيات، ويذاكر بحديث مالك، ثقة مأمون، زاهد وَرِع.

وقال أبو إسحاق الشيرازي: فيما سمعت من عمر بن عبد المنعم، عن الكندي، أخبرنا عليّ بن هبة الله، أخبرنا أبو إسحاق قال: جمع أبو بكر بين القراءات وعلوّ الإسناد والفقه الجيد، وشرح مختصر عبد الله بن عبد الحكم، وانتشر عنه مذهب مالك في البلاد.

وذكره القاضي عياض فقال: له في شرح المذهب تصانيف، ورَدَّ على المخالفين، وحدَّث عنه كثير من الناس، وانتشر عنه المذهب في البلاد.

وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان ثقة، انتهت إليه رئاسة مذهب مالك.

وقال القاضي أبو العلاء الواسطي: كان معظَّمًا عند سائر العلماء، لا يشهد محضرًا إلَّا كان هو المقدَّم فيه، سئل أن يلي القضاء فامتنع.

قلت: توفِّي في شوال سنة خمس وسبعين. وقيل: في ذي القعدة، وعاش بضعًا وثمانين سنة رضي الله عنه.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 462"، والأنساب للسمعاني "1/ 125"، واللباب لابن الأثير "1/ 27"، والعبر "2/ 371"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 131"، وشذرات الذهب "3/ 85".

ص: 339

أخبرنا طائفة قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب، أخبرنا عليّ بن مهدي الطبيب سنة تسع وخمسين وخمس مائة، أخبرنا أحمد بن عبد المنعم الكريدي، أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري، حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو خالد الأحمر، حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقِّنُوا موتاكم لا إله إلَّا الله".

أخرجه مسلم

(1)

وابن ماجه من حديث أبي خالد سليمان بن حيان، تَفَرَّدَ به.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "917"، وابن ماجه "1444".

ص: 340

‌3446 - ابن بُخَيْت

(1)

:

الشيخ العالم الثقة المحدّث، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن خلف بن بُخَيْت العُكْبَري البغدادي الدقّاق.

حدَّث عن: خلف بن عمرو العُكْبَرِيّ صاحب الحميدي، وأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن صالح بن ذريح العُكْبَري، وإسماعيل بن موسى الحاسب، وأبي بكر بن أبي داود، وإبراهيم بن محمد العمري، وعبد الله بن زيدان البجلي، وسليمان بن داود بن كثير الباهلي، وخالد بن محمد الصفار صاحب ابن معين، وأبي القاسم البغويّ، وغيرهم. وله جزء مشهور طَبَرْزَدي.

حدث عنه: عبد الوهاب بن برهان الغزال، وأبو إسحاق البرمكي، وجماعة.

وثَّقه الخطيب وقال: مات في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة.

أخبرنا ابن أبي عمر وغيره إجازة، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي سنة (445)، أخبرنا محمد بن عبد الله بن بخيت، حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم العمري، حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن إدريس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر:"أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد وغَرَّبَ، وأنَّ أبا بكر جلد وغَرَّبَ، وجلد عمر وغَرَّبَ"

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 461"، والعبر "2/ 363"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 79".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "1438"، والحاكم "4/ 369"، والبيهقي "8/ 223"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

ص: 340

‌3447 - ابن مِهْران

(1)

:

الإمام الحافظ الثبت القدوة، شيخ الإسلام، أبو مسلم، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مِهْران بن سلمة البغدادي.

سمع محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وابن أبي داود، وأبا عروبة الحرَّاني، وأبا محمد بن صاعد، وأبا الحسن بن جوصا، وأبا حامد بن بلال، وخلقًا كثيرًا بالعراق والشام والجزيرة وخراسان، وما وراء النهر، وأقام بسمرقند نحوًا من ثلاثين سنة.

حدَّث عنه: أحمد بن محمد الكاتب، وعلي بن محمد الحذّاء المقرئ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، وآخرون، وكان ممن برز في العلم والعمل.

قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان ثبتًا زاهدًا، ما رأينا مثله.

وقال الحاكم: كان أوحد عصره في علم أهل الحقائق، وله قَدَمٌ في معرفة الحديث، وَرَد نيسابور ودخل إلى سمرقند، وأقام بها، وجمع المسند الكبير على الرجال، ثم خرج إلى مكة سنة ثمان وستين وجاور بها.

قال ابن أبي الفوارس: وصنَّف أبو مسلم أشياء كثيرة.

وقال الخطيب: جمع أحاديث المشايخ والأبواب، وكان متقنًا حافظًا مع وَرِع وزهد وتَدَيُّن. ذكره لي أبو العلاء الواسطي يومًا فأطنب في وصفه، وقال: كان الدارقطني والشيوخ يعظمونه.

قال الحاكم: دخلت مَرْوَ وما وراء النهر فلم أظفر به. وفي سنة خمس وستين في الحج طلبته في القوافل فأخفى نفسه، فحججت سنة سبع وستين وعندي أنه بمكة، فقالوا: هو ببغداد، فاستوحشت من ذلك، وتطلبته، ثم قال لي أبو نصر الملاحمي ببغداد: هنا شيخ من الأبدال تشتهي أن تراه؟ قلت: بلى، فذهب بي، فأدخلي خان الصبَّاغين، فقالوا: خرج، فقال أبو نصر: تجلس في هذا المسجد، فإنه يجيء، فقعدنا، وأبو نصر لم يذكر لي من هو الشيخ، فأقبل أبو نصر ومعه شيخ نحيف ضعيف برداء، فسلَّم عليَّ، فألهمت أنه أبو مسلم الحافظ، فبينا نحن نحدِّثه إذ قلت له: وجد الشيخ ههنا من أقاربه أحدًا، قال: الذين أردت

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 299"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 128"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 910"، والعبر "2/ 369"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 147".

ص: 341

لقاءهم انقرضوا، فقلت له: هل خلَّف إبراهيم ولدًا؟ أعني: أخاه الحافظ، قال: ومن أين عرفته? فسكت، فقال لأبي نصر: من هذا الكهل? قال: أبو فلان، فقام إليَّ وقمت إليه، وشكا شوقه، وشكوت مثله، واشتفينا من المذاكرة، وجالسته مرارًا، ثم ودعته يوم خروجي، فقال: يجمعنا الموسم، فإنَّ عليَّ أن أجاور، ثم حجَّ سنة ثمان وستين، وجاور إلى أن مات، وكان يجتهد أن لا يظهر لحديث ولا لغيره، وكان أخوه إبراهيم من الحفَّاظ الكبار.

أخبرنا المؤمل بن محمد، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب، أخبرني محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، حدثنا عبد المؤمن بن خلف، سمعت صالح بن محمد، سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث؛ إبراهيم الفراء، وعبد الله بن أبي شيبة.

قال أبو عبد الرحمن السلمي وغيره: مات بمكة سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

قلت: وفيها توفِّي محدِّث نيسابور أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر البحيري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد العسكري ببغداد، وشيخ الشافعية أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الداركي، ومحدّث بغداد أبو حفص عمر بن محمد بن الزيات، وشيخ المالكية القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري، ومحدّث الشام أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي، والواعظ صاحب كتاب "تنبيه الغافلين" أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي، والمسند عبد العزيز بن جعفر الخرقي ببغداد.

ص: 342

‌3448 - الفَضْلُ بن جَعْفَر

(1)

:

ابن محمد بن أبي عاصم، الشيخ المسند الصادق، أبو القاسم التميمي الدمشقي الطرائفي المؤذن، الرجل الصالح.

سمع نسخة أبي مسهر والوحاظي من عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس، وسمع من جماهر بن محمد الزملكاني، وإبراهيم بن دحيم، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وأبي شيبة داود بن إبراهيم، وعدة، وكان صاحب حديث.

حدث عنه: تمام الرازي، وعبد الغني الأزدي، ومكيّ بن الغمر، وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو أسامة محمد بن أحمد الهروي، وصالح بن أحمد الميانجي، ومحمد بن سلوان المازني، وأبو علي الحسن بن شواش، ومحمد بن عوف المزني، وخلق كثير.

قال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة نبيلًا، حدثنا عنه عدة، توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.

قلت: هو آخر أصحاب ابن الرواس موتًا.

وفيها مات شيخ الشافعية أبو العباس أحمد بن محمد الخياط الزاهد بمصر، وأحمد بن الحسين العكبري، وإبراهيم بن عبد الله بن إسحاق القصّار بأصبهان، وبُلُكين بن زيرى صاحب المغرب، وأبو عثمان المغربي شيخ الصوفية، ومحمد بن حيُّويه بن أبي روضة الكرجي، وعلي بن محمد بن كيسان الحربي، وعبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي ابن السقا.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 366"، وشذات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 81".

ص: 342

‌3449 - الرَّبَعِيّ

(1)

:

الشيخ المحدّث الثقة، أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف بن يعقوب الرَّبَعِي الدمشقي البندار.

سمع جعفر بن أحمد بن عاصم، وأحمد بن عامر بن المعمر، وجماهر بن محمد الزملكاني، وحاجب بن أركين، ومحمد بن الفيض الغساني، ومحمد بن تمام البهراني، وخلقًا سواهم.

حدَّث عنه: تمام الرازي، وأبو سعد الماليني، والمسدد بن علي الأملوكي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، ومحمد بن عبد السلام بن سعدان.

قال عبد العزيز الكتاني: حدثنا عنه جماعة، وكان ثقة، توفِّي في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.

قلت: سمعنا جزء الرَّبَعِيّ من أصحاب ابني أبي لقمة، عن ابن عبدان، عن ابن أبي العلاء المصيصي، عن ابن سعدان، عنه.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 386"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 84".

ص: 343

‌3450 - هلال بن محمد بن محمد

(1)

:

الشيخ المعمر، أبو بكر البصري، ابن أخي هلال الرازي.

حدَّث عن أبي مسلم الكجيّ، ومحمد بن زكريا الغلابي، والحسن بن المثنَّى، وأبي خليفة.

روى عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي، وشيخ المعتزلة أبو الحسين البصري، ومحمد بن عمر بن زاذان القزويني، وجماعة لم أسمع فيه قدحًا.

قال عبد الرحمن بن منده: توفِّي سنة تسع وسبعين وثلاث مائة.

قلت: لعلَّه قارب المائة.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 316"، ولسان الميزان "6/ 202".

ص: 343

‌3451 - أبو بكر الرازي

(1)

:

الإمام العلّامة المفتي المجتهد، علم العراق، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي، صاحب التصانيف.

تفقَّه بأبي الحسن الكرخي، وكان صاحب حديث ورحلة، لقي أبا العباس الأصمّ وطبقته بنيسابور، وعبد الباقي بن قانع ودعلج بن أحمد وطبقتهما ببغداد، والطبراني، وعدة بأصبهان.

وصنَّف وجمع، وتخرَّج به الأصحاب ببغداد، وإليه المنتهى في معرفة المذهب.

قَدِمَ بغداد في صباه فاستوطنها.

وكان مع براعته في العلم ذا زهد وتعبُّد، عُرِضَ عليه قضاء القضاة فامتنع منه، ويحتج في كتبه بالأحاديث المتصلة بأسانيده.

قال الخطيب: حدثنا أبو العلاء الواسطي قال: امتنع القاضي أبو بكر الأبهري المالكي من أن يلي القضاء، قالوا له: فمن يصلح؟ قال: أبو بكر الرازي، قال: وكان الرازي يزيد حاله على منزلة الرهبان في العبادة، فأريد على القضاء فامتنع رحمه الله. وقيل: كان يميل إلى الاعتزال، وفي تواليفه ما يدل على ذلك في رؤية الله وغيرها، نسأل الله السلامة.

مات في ذي الحجة سنة سبعين وثلاث مائة، وله خمس وستون سنة.

وفيها مات أحمد بن منصور اليشكري الدينوري، ومسند خراسان أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر الإسفراييني المحدّث، ومحدث حلب أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ، ومحدّث مصر أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري، وشيخ العربية أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، ومسند أصبهان أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك القباب، وإمام اللغة أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي، وأبو بكر محمد بن جعفر البغدادي غندر الورّاق، والمقرئ أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الرازي الديبلي، وعبد الله بن محمد بن أحمد الصائغ بأصبهان، ارتحل إلى الفريابي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 150"، والعبر "2/ 354"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 138"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 71".

ص: 344

‌3452 - ابن وَصِيف

(1)

:

الشيخ المسند الكبير، أبو بكر، محمد بن العباس بن وصيف الغَزِّيّ.

راوي "الموطأ" عن الحسن بن الفرج الغَزِّي، صاحب يحيى بن بكير، وقد روى أيضًا عن محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وغيره.

حدث عنه: أبو سعد الماليني، ومحمد بن جعفر الميماسي، وطائفة، وما علمت به بأسًا.

مات في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة عن سنٍّ عالية.

(1)

ترجمته في العبر "2/ 362"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 79".

ص: 345

‌3453 - ابن خفيف

(1)

:

الشيخ الإمام العارف الفقيه القدوة ذو الفنون، أبو عبد الله، محمد بن خفيف بن اسفكشار الضبي الفارسي الشيرازي، شيخ الصوفية.

وُلِدَ قبل السبعين ومائتين وستين.

وحدَّث عن حمَّاد بن مدرك وهو آخر أصحابه، وعن محمد بن جعفر التمار، والحسين المحاملي، وجماعة.

وتفَقَّه على أبي العباس بن سُرَيْج.

حدَّث عنه: أبو الفضل الخزاعي، والحسن بن حفص الأندلسي، وإبراهيم بن الخضر الشياح، والقاضي أبو بكر بن الباقلاني، ومحمد بن عبد الله بن باكويه.

قال السلمي: أقام بشيراز، وأمه نيسابورية، وهو اليوم شيخ المشايخ، وتاريخ الزمان، لم

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 660"، والأنساب للسمعاني "7/ 451"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 112"، والعبر "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 76".

ص: 345

يبق للقوم أقدم منه، ولا أتَمَّ حالًا، صحب رويم بن أحمد، وابن عطاء، ولقي الحلّاج، وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر، متمسك بالكتاب والسنة، فقيه شافعي.

أخبرنا أحمد بن إسحاق من لفظه، أخبرنا عمر بن كرم، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الوهاب بن أحمد، أخبرنا محمد بن باكويه، حدثنا محمد بن خفيف الضبي قال: قرئ على حمّاد بن مدرك، وأنا أسمع، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صنعت قدرًا فأكثر من مرقها، وانظر أهل بيتٍ من جيرانك، فأصبهم بمعروف"

(1)

.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: قال أحمد بن يحيى الشيرازي: ما أرى التصوّف إلَّا يُخْتَم بأبي عبد الله بن خفيف، وكان أبو عبد الله من أولاد الأمراء فتزهَّدَ، حتى قال: كنت أجمع الخرق من المزابل، وأغسلها، وأصلح منه ما ألبسه، وبقيت أربعين شهرًا أفطر كل ليلة على كَفّ باقلاء، فافتصدت، فخرج شبه ماء اللحم، فغشي عليّ، فتحير الفصّاد، وقال: ما رأيت جسدًا بلا دم إلَّا هذا.

قال ابن باكويه: سمعت أبا أحمد الكبير: سمعت ابن خفيف يقول: نُهِبْتُ في البادية، وجعت حتى سقطت لي ثمانية أسنان، وانتثر شعري، ثم وقعت إلى فَيْد، وأقمت بها حتى تماثلت، وحججت، ثم مضيت إلى بيت المقدس، ودخلت الشام، فنمت إلى جانب دكّان صبَّاغ، وبات معي في المسجد رجل به قيام، فكان يخرج ويدخل، فلما أصبحنا صاح الناس، وقالوا: نُقِبَ دكّان الصباغ وسرقت، فدخلوا المسجد ورأونا، فقال المبطون: لا أدري، غير أن هذا كان طول الليل يدخل ويخرج، وما خرجت إلَّا مرة تطهَّرت، فجروني وضربوني، وقالوا: تكلَّم، فاعتقدت التسليم، فاغتاظوا من سكوتي، فحملوني إلى دكان الصبَّاغ، وكان أثر رجل اللص في الرماد، فقالوا: ضع رجلك فيه، فكان على قدر رجلي، فزادهم غيظًا، وجاء الأمير، ونصبت القدر وفيها الزيت يغلي، وأحضرت السكين، ومن يقطع، فرجعت إلى نفسي وإذا هي ساكنة، فقلت: إن أرادوا قطع يدي سألتهم أن يعفو عن يميني لأكتب بها، وبقي الأمير يهدِّدني ويصول، فنظرت إليه فعرفته، كان مملوكًا لأبي، فكلَّمني بالعربية، وكلمته بالفارسية، فنظر إليَّ وقال: أبو الحسين، وبها كنت أكنَّى في صباي، فضحكت، فأخذ يلطم برأسه ووجهه، واشتغل الناس به، فإذا بضجَّة وأنَّ اللصوص قد أخذوا، فذهبت والناس ورائي وأنا ملَطَّخ بالدماء جائع، لي أيام لم آكل، فرأتني عجوز فقيرة، فقالت:

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2625" من طريق شعبة، به.

ص: 346

ادخل، فدخلت، ولم يرني الناس، وغسلت وجهي ويدي، فإذا الأمير قد أقبل يطلبني، فدخل ومعه جماعة، وجَرَّ من منطقته سكينًا، وحلف بالله إن أمسكني أحد لأقتلنَّ نفسي، وضرب بيده رأسه ووجهه مائة صفعة، حتى منعته أنا، ثم اعتذر وجهد بي أن أقبل شيئًا، فأبيت، وهربت ليومي، فحدَّثت بعض المشايخ فقال: هذا عقوبة انفرادك. فما دخلت بلدًا فيه فقراء إلَّا قصدتهم.

قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف -وقد سأله قاسم الإصطخري عن الأشعري- فقال: كنت مرة بالبصرة جالسًا مع عمرو بن علّويه على ساجة في سفينة، نتذاكر في شيء، فإذا بأبي الحسن الأشعري قد عَبَر وسَلَّم علينا، وجلس فقال: عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلمون في شيء، عرفت الألفاظ ولم أعرف المغزى، فأحب أن تعيدوها عليّ، قلت: وفي أي شيء كنَّا؟ قال: في سؤال إبراهيم عليه السلام {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البقرة: 260] وسؤال موسى عليه السلام {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} [الأعراف: 143]. فقلت: نعم. قلنا: إنَّ سؤال إبراهيم هو سؤال موسى، إلَّا أن سؤال إبراهيم سؤال متمكِّن، وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة وهيجان، فكان تصريحًا، وسؤال إبراهيم كان تعريضًا، وذلك أنه قال:{أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} فأراه كيفية المحيي، ولم يره كيفية الإحياء؛ لأن الإحياء صفته تعالى، والمحيي قدرته، فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلَّا أنه قال في الآخر {وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} فالعزيز المنيع. فقال أبو الحسن: هذا كلام صحيح، ثم إني مشيت مع أبي الحسن، وسمعت مناظرته، وتعجبت من حسن مناظرته حين أجابهم.

قال أبو العباس الفسوي: صنَّف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وانتفع به جماعة صاروا أئمة يُقْتَدَى بهم، وعُمِّر حتى عمَّ نفعه البلدان.

قال أبو الفتح عبد الرحيم خادم ابن خفيف: سمعت الشيخ يقول: سألنا يومًا أبو العباس ابن سريج بشيراز، ونحن نحضر مجلسه للفقه، فقال: أمحبة الله فرض أو لا؟ فقلنا: فرض. قال: ما الدليل؟ فما فينا من أجاب بشيء، فسألناه فقال: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُم} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه} [التوبة: 24]. قال: فتوعدهم الله على تفضيل محبتهم لغيره على محبته، والوعيد لا يقع إلَّا على فرض لازم.

قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يقول: كنت في بدايتي ربما أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} وربما كنت أقرأ في ركعة القرآن كله.

ص: 347

ورُوِيَ عن ابن خفيف أنه كان به وجع الخاصرة، فكان إذا أصابه أقعده عن الحركة، فكان إذا نودي بالصلاة يحمل على ظهر رجل، فقيل له: لو خفَّفْتَ على نفسك، قال: إذا سمعتم حي على الصلاة ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة.

قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يقول: ما وجبت عليّ زكاة الفطر أربعين سنة.

قال ابن باكويه: نظر أبو عبد الله بن خفيف يومًا إلى ابن مكتوم، وجماعة يكتبون شيئًا، فقال: ما هذا؟ قالوا: نكتب كذا وكذا. قال: اشتغلوا بتعلم شيء، ولا يغرنَّكم كلام الصوفية، فإني كنت أخبئ محبرتي في جيب مرقعي، والورق في حجزة سراويلي، وأذهب في الخفية إلى أهل العلم، فإذا علموا بي خاصموني، وقالوا: لا يفلح، ثم احتاجوا إليّ.

قلت: قد كان هذا الشيخ قد جمع بين العلم والعمل وعلوّ السَّنَد والتمسُّك بالسُّنَن، ومُتِّعَ بطول العمر في الطاعة. يقال: إنه عاش مائة سنة وأربع سنين، وانتقل إلى الله تعالى في ليلة الثالث من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. والأصح أنه عاش خمسًا وتسعين سنة، وازدحم الخلق على سريره، وكان أمرًا عجيبًا، وقيل: إنهم صلوا عليه نحوًا من مائة مرة، وفيها مات بجرجان الإمام أبو بكر الإسماعيلي، والصالح أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني الصيداوي والد صاحب المعجم، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن سلمة المصري الخياش، والحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي بحلب، والقاضي إبراهيم بن أحمد الميمَذي، الراوي عن محمد بن حيّان المازني، لكنه تالف، وبشر بن محمد المزني الهروي، ومقرئ الوقت أبو العباس الحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي عن مائة عام، والحسن بن عليّ الباد، الشاهد له عن أبي شعيب الحراني، ومفتي المغرب أبو سعيد، وأبو نصر خلف بن عمر القيراوني المالكي، وأبو الحسين عبد الله بن إبراهيم بن بيان الزبيبي البزاز عن ثلاث وتسعين سنة، وشيخ المالكية بالقيروان أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن التبان، ورئيس الحنبلية أبو الحسن التميمي عبد العزيز بن الحارث، والعلامة أبو زيد المروزي الزاهد، والمحدّث أبو بكر محمد بن إسحاق البغدادي الصفّار، وأبو بكر محمد بن خلف بن جيان -بجيم- البغدادي الخلّال أحد الثقات، وشاعر الأندلس أبو بكر يحيى بن هذيل المالكي.

ص: 348

‌3454 - أبو الفتح الأزدي

(1)

:

الحافظ البارع، أبو الفتح، محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريدة الأزدي الموصلي، صاحب كتاب "الضعفاء"، وهو مجلَّد كبير.

حدَّث عن: أبي يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن زيدان البجلي، وعلي بن زاطيا، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وطريف بن عبيد الله صاحب علي بن الجعد، وعبَّاد بن علي السيريني، وإسماعيل الحاسب، وحمدان بن عمرو الورّاق الموصلي، وعلي بن سراج، ومحمد بن محمد الباغندي، والهيثم بن خلف الدوري، وأبي عروبة الحراني، وأبي القاسم البغوي، وطبقتهم.

حدَّث عنه: أبو نعيم الحافظ، وأبو إسحاق البرمكي، وأحمد بن الفتح بن فرغان، وآخرون.

قال أبو بكر الخطيب: كان حافظًا، صنَّف في علوم الحديث، وسألت البرقاني عنه فضعَّفه، وحدثني أبو النجيب عبد الغفار الأرموي، قال: رأيت أهل الموصل يوهِّنون أبا الفتح، ولا يعدونه شيئًا.

قال الخطيب: في حديثه مناكير.

قلت: وعليه في كتابه في "الضعفاء" مؤاخذات، فإنه ضعَّف جماعة بلا دليل، بل قد يكون غيره قد وثَّقهم.

مات في شوال سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.

وفيها مات محدِّث دمشق أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف الربعي البندار، وخطيب الخطباء أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي صاحب "الديوان" في الخطب، والقاضي أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن حَسَكا الحنفي بنيسابور، وأبو يعقوب إسحاق بن سعيد ابن الحافظ الحسن بن سفيان النسوي.

قرأت على إسحاق بن طارق، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا يحيى بن أسعد، وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن أسعد، أخبرنا عبد القادر بن محمد، أخبرنا إبراهيم بن عمر

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 243"، والأنساب للسمعاني "1/ 198"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 125"، والعبر "2/ 367"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 908"، وميزان الاعتدال "3/ 523"، ولسان الميزان "5/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 84".

ص: 349

البرمكيّ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين بن بريدة، حدثنا أبو يعلى، حدثنا خليفة بن خياط، حدثنا دُرُسْت بن حمزة، عن مطر الوراق، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما من عبدين متحابَّيْن يستقبل أحدهما صاحبه فيصافحه، ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم، إلَّا لم يتفرَّقا حتى يغفر لهما ذنوبهما؛ ما تقدم وما تأخَّر".

هذا حديث غريب منكر. أخرجه البخاري في كتاب "الضعفاء" عن خليفة في ترجمة دُرُست، وقال: لا يتابع عليه، وقال الدارقطني: ضعيف.

أخبرنا محمد بن عبد السلام، أخبرنا أبي قال: أخبرنا جدي أبو سعد بن أبي عصرون، أخبرنا علي بن طوق، أخبرنا أحمد بن الفتح بن فرغان، أخبرنا أبو الفتح بن بريدة، فذكر أحاديث.

ص: 350

‌3455 - ابن السَّقَّاء

(1)

:

الإمام الحافظ البارع الثقة، أبو علي، محمد بن علي بن حسين الإسفراييني، تلميذ الحافظ أبي عوانة، كان ذا رحلة واسعة.

حدَّث عن أبي عروبة الحراني، وأبي محمد بن صاعد، ومحمد بن زبان المصري، وأبي الحسن بن جوصا، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وأبي عوانة الإسفراييني، وطبقتهم.

وكان علَّامة صالحًا خيرًا واعظًا، من كبار الفقهاء الشافعية.

روى عنه: ولده علي بن محمد -أحد مشيخة البيهقي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد أحمد بن محمد المروزي.

قال الحاكم: هو من المعروفين بكثرة الحديث والرحلة والتصنيف وصحبة الصالحين، ومن الحفَّاظ الجوَّالين.

أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا ابن روزبة، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا أحمد بن محمد ببُوشَنْج، أخبرنا محمد بن علي الحافظ إملاءً بإسفرايين، حدثنا زكريا بن يحيى المقدسي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه رأى رجلًا ناوله رجل ريحانة، فردَّها، فأخذها ابن عمر، فقَبَّله ووضعه على عينه، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذه الرياحين الطيبة من نبت الجنة، فإذا نوول أحدكم منها شيئًا فلا يرده".

هذا حديث منكر، والقشيري تالف.

سميه: الإمام الحافظ محمد بن علي بن الحسين البلخي عالم رحّال.

يروي عن: محمد بن المُعَافى الصيداوي وطبقته.

حدث عنه الحافظ محمد بن أحمد الجارودي.

توفِّي الأول وهو ابن السقاء في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة بإسفرايين -رحمه الله تعالى.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 935".

ص: 350

‌3456 - ابن السقاء

(1)

:

الإمام الحافظ الثقة الرحَّال، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، ابن السقاء، محدّث واسط.

سمع أبا خليفة الفضل بن الحباب، وأبا يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، وأبا جعفر أحمد بن يحيى بن زهير التستري، وأبا عمران موسى بن سهل الجوني، ومحمد بن الحسين بن مكرم، ومحمود بن محمد الواسطي، وطبقتهم.

حدث عنه: الدارقطني، ويوسف أبو الفتح القواس، وعلي بن أحمد ابن داود الرزاز، وأبو نعيم الحافظ، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وآخرون.

قال أبو العلاء الواسطي: سمعت ابن المظفر، والدارقطني يقولان: لم نر مع ابن السقا كتابًا، وإنما حدثنا حفظًا.

وقال علي بن محمد الطَّيِّب الجلابي في تاريخ واسط: ابن السقا من أئمة الواسطيين الحفَّاظ المتقنين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 130"، والأنساب للسمعاني "7/ 90"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 123"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 906"، والعبر "2/ 365"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 144"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 81".

ص: 351

قال السلفي: سألت خميسًا الحوزي عن ابن السقاء فقال: هو من مزينة مضر، ولم يكن سقاء، بل هو لقب له، كان من وجوه الواسطيين، وذوي الثروة والحفظ، رحل به أبوه، وأسمعه من أبي خليفة، وأبي يعلى، وابن زيدان البجلي، والمفضل الجندي، وجماعة، وبارك الله في سنِّه وعلمه، واتُّفِقَ أنه أملى حديث الطائر، فلم تحتمله أنفسهم، فوثبوا به وأقاموه، وغسَّلوا موضعه، فمضى ولزم بيته لا يحدّث أحدًا من الواسطيين، ولهذا قلَّ حديثه عندهم. قال: وتوفي سنة إحدى وسبعين، حدثني بذلك كله شيخنا أبو الحسن المغازلي.

وأما الجُلَّابي فقال: مات في ثاني جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي قال: أخبرنا الإمام عبد الله بن قدامة في سنة ثماني عشرة وست مائة، أخبرنا علي بن المبارك بن نَغُوبا، أخبرنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن المظفر بن يزداد العطار، حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الحافظ، حدثنا أبو خليفة، حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن زيد بن جبير قال: سألت ابن عمر قلت: من أين يجوز لي أن أعتمر? قال: "فرضها رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن"

(1)

.

ومات في سنة (73) شيخ القراء، أبو بكر أحمد بن نصر الشذائي بالبصرة، ونائب المعز علي المغرب الأمير بُلُّكين بن زيري الحميري، ومقرئ الدينور أبو علي الحسين بن محمد بن حبش، وشيخ الزهَّاد أبو عثمان سعيد بن سلّام المغربي بنيسابور، وعلي بن محمد بن أحمد بن كيسان الحربي صاحب يوسف القاضي، والفضل بن جعفر التميمي الدمشقي المؤذّن، وأبو بكر محمد بن حيويه بن المؤمل الكرجي التالف، وأبو أحمد محمد بن محمد بن يوسف الجرجاني صاحب الفِرَبْرِي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1525"، ومسلم "1182"، وأبو داود "1737"، والنسائي "5/ 122".

ص: 352

‌3457 - الغِطْرِيفِي

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد الرحَّال، مسند وقته، أبو أحمد، محمد بن أحمد بن حسين بن القاسم بن السري بن الغطريف بن الجهم العبدي الغطريفي الجرجاني الرباطي الغازي.

ولد سنة بضع وثمانين ومائتين.

وكان والده نيسابوريًّا، سكن رباط دهستان، وصار مقدَّم المرابطين، فولد أبو أحمد، ثم نشأ بجرجان واستقلَّ بها.

سمع أبا خليفة الجمحي فأكثر عنه، والحسن بن سفيان، وعمران بن موسى بن مجاشع، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وعبد الله بن ناجية، والهيثم بن خلف، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبا العباس بن سريج شيخ الشافعية، وأبا بكر بن خزيمة، وعبدوس بن أحمد الهمذاني، وأحمد بن محمد الوزان، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وعمر بن محمد الكاغدي، وطبقتهم بجرجان والري والبصرة ونيسابور وبغداد وهمذان، وغيرها.

حدَّث عنه رفيقه الإمام أبو بكر الإسماعيلي في تواليفه أكثر من مائة حديث، فمرة يقول فيه: حدثنا محمد بن أحمد العبدي، ومرة: حدثنا محمد بن أبي حامد الثغري، ومرة: النيسابوري، ومرة: العبقسي، يدلِّسه لكونه باقيًا عنده بالبلد.

وكان مع علمه، وحفظه صوَّامًا قوَّامًا متعبِّدًا، صنَّف الصحيح على المسانيد، وعُمِّر دهرًا.

حدَّث عنه: أبو نعيم الحافظ، وحمزة السهمي، ورضي بن إسحاق النصري، وأبو العلاء السري بن إسماعيل بن الإمام الإسماعيلي، والقاضي أبو الطيب الطبري، وآخرون.

آخر من روى حديثه عاليًا الفخر بن البخاري.

توفي في رجب سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.

وفيها مات أبو الحسن أحمد بن يوسف بن إسحاق بن البهلول التنوخي النحوي، سمع عمر بن أبي غيلان، وأبو العباس أبيض بن محمد بن أبيض بن أسود الفهري المصري، خاتمة أصحاب النسائي، وفقيهة العراق أمة الواحد بنت القاضي المحاملي، وشيخ النحو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي ببغداد، ومحدث بغداد أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ الورَّاق، لقي حمزة بن محمد الكاتب، والعلامة ذو الفنون أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي المقرئ، نزيل الأندلس، والمقرئ أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي، والمسند محمد بن علي بن زيد بن مروان بالكوفة.

ومسند بخارى أبو عمرو محمد بن محمد بن صابر بن كاتب المؤذن.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد إجازة، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا ابن مُلُّوك والقاضي أبو بكر قالا: أخبرنا طاهر بن عبد الله، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا أبو خليفة، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا شعبة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس:"أمر بلال أن يشفعَ الأذان، ويوتِر الإقامة"

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "387"، والأنساب للسمعاني "9/ 159"، واللباب لابن الأثير "2/ 385"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 912"، والعبر "3/ 5 - 6"، ولسان الميزان "5/ 35"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 90".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "603"، ومسلم "378"، وأبو داود "508"، والنسائي "2/ 3".

ص: 353

‌3458 - أبو عمرو بن حمدان

(1)

:

الإمام المحدّث الثقة النحوي البارع الزاهد العابد، مسند خراسان، أبو عمرو، محمد بن أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري.

ولد سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

وارتحل به والده الحافظ أبو جعفر إلى العجم والعراق والجزيرة والنواحي، وسمَّعه الكثير، وطلب هو بنفسه، وكتب وتميِّزَ وبرع في العربية، ومناقبه جمَّة رحمه الله.

ارتحل إلى الحسن بن سفيان النسوي في سنة تسع وتسعين، وهو ابن ست عشرة سنة أو أكثر، فسمع منه الكثير، وإلى الأهواز فأكثر عن عبدان الجواليقي، وإلى الموصل فأكثر عن أبي يعلى، وإلى جرجان فأكثر عن عمران بن موسى بن مجاشع السختياني، وسمع بالبصرة من زكريا الساجي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وإلى بغداد، فأخذ عن أحمد بن الحسن الصوفي، وحامد بن شعيب البلخي، والهيثم بن خلف الدوري، ومحمد بن جرير الطبري، وروى أيضًا عن أحمد بن محمد بن عبد الكريم الجرجاني، وابن خزيمة والسراج، ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدويري، وعبد الله بن محمد بن يونس السمّناني، وأبي عمرو أحمد بن نصر الخفاف، وأبي قريش محمد بن جمعة، ويعقوب بن حسن النسائي، وعبد الرحمن بن معاذ النسائي، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وعلي بن حمدويه الطوسي، وجعفر بن أحمد بن سنان، وعلي بن سعيد العسكري القطان، وعبد الله بن زيدان البجلي بالكوفة، وعليّ بن الحسين البشاري، وحمزة بن محمد الكوفي، ومحمد بن زنجويه بن الهيثم، ومحمد بن أحمد بن عبد الله الراذاني بنَسَا، وأحمد بن محمد بن عبيدة الثعالبي، وأبي العباس بن عقدة، وعبد الله بن محمد بن سيار الفرهاداني، وإبراهيم بن علي العمري، ومحمد بن أحمد بن

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 288"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 134"، والعبر "3/ 3"، وميزان الاعتدال "3/ 457"، ولسان الميزان "5/ 38"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 87".

ص: 354

نعيم وعبد الله بن أبي سفيان الموصلي، وأبي بكر بن أبي داود، والعباس بن الفضل بن شاذان الرازي، وشعيب بن محمد الزارع، والحافظ أبي بكر أحمد بن علي الرازي، وأبي القاسم البغوي، وإبراهيم بن محمد بن يزيد المروزي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن مخلّد الدوري، ومحمد بن هارون بن حميد، وأحمد بن محمد بن بشار -بغدادي يعرف بابن أبي العجوز، ومحمد بن محمد بن عقبة الشيباني، والحافظ أحمد بن يحيى بن زهير التستري، وغيرهم، وتفرَّد بالرواية عن طائفة منهم.

حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد النقاش، وأبو حازم العبدوي، وأبو العلاء صاعد بن محمد الهروي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو حفص بن مسرور، وأبو الحسين عبد الغافر الفارسي، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، ومحمد بن عبد العزيز النيلي الشافعي، وآخرون.

قال الحاكم: ولد له بنت وعمره تسعون سنة، وتوفِّي وزوجته حبلى، فبلغني أنها قالت له عند وفاته: قد قربت ولادتي، فقال: سلمته إلى الله، فقد جاءوا ببراءتي من السماء، وتشهَّد ومات في الوقت.

قال الحاكم: سمعت أبا عمرو يعدُّ ما عنده من المسانيد المسموعة فقال: مسند ابن المبارك، ومسند الحسن بن سفيان، ومسند أبي بكر بن أبي شيبة، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند عبد الله بن شيرويه، ومسند السراج، ومسند هارون بن عبد الله الحمال.

قال الحاكم: كان المسجد فراشه نيفًا وثلاثين سنة، ثم لما عَمِيَ وضعف نقل إلى بعض أقاربه بالحيرة، وكان من القرّاء والنحويين، وسماعاته صحيحة، رحل به أبوه، وصحب الزهاد، وأدرك أبا عثمان والمشايخ، وسمع من محمد بن زنجويه في سنة خمس وتسعين ومائتين، توفي في الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة ست وسبعين وثلاث مائة، وهو ابن ثلاث وتسعين، أو أربع وتسعين سنة، وصلَّى عليه الحافظ أبو أحمد الحاكم.

وقال الحافظ محمد بن طاهر المقدسي: كان يتشيِّع.

قلت: تشيعه خفيف كالحاكم.

وقع لي جملة من عواليه، وخرَّجت من طريقه كثيرًا.

ص: 355

‌3459 - الصَّفَّار

(1)

:

الإمام الثقة الرحَّال المتقن، أبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران الشامي، ثم البغدادي الصفَّار الضرير.

سمع أبا القاسم البغوي، ومحمد بن محمد بن النفاح، ومحمد بن صالح بن عصمة الدمشقي، وأبا عروبة الحراني، وعبد الله بن محمد بن مسلم المقدسي، وإبراهيم بن حماد القاضي، وعدة.

حدَّث عنه: الدارقطني، وأبو بكر البرقاني، وحمزة السهمي، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

قال البرقاني: ثقة فاضل، أصله من الشام، قال لي: إنَّ مولده في سنة تسع وثمانين ومائتين.

قلت: لم يؤرّخه ابن عساكر، وآخر ما سمعوا منه في سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، قاله الخطيب.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 260".

ص: 356

‌3460 - ابن جَيَّان

(1)

:

الإمام الفقيه المحدّث المجوّد، أبو بكر، محمد بن خلف بن محمد بن جيان -بجيم- البغدادي الخلَّال المقرئ.

سمع حامد بن شعيب البلخيّ، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسمًا المطرز، وأحمد بن سهل الأشناني.

حدَّث عنه: البرقاني، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وحمزة السهمي، وأبو القاسم التنوخي.

وثَّقه الخطيب وقال: توفِّي في آخر سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة. وقال حمزة السهمي: كان ثقة جبلًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 239"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 112".

ص: 356

‌3461 - الشَّمَّاخِي

(1)

:

المحدِّث الحافظ الجوّال المصنِّف، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد بن شماخ الشمَّاخي الهروي الصفَّار، صاحب "المستخرج على صحيح مسلم".

سمع أبا الجهم بن طلاب المشغرائي، وأبا الحسن بن جوصا، ومحمد بن يوسف الهروي، وأحمد بن عبد الوارث المصري العسال، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن حفص الجويني، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي، وأبا العباس بن عقدة، وأبا جعفر الطحاوي، وطبقتهم.

روى عنه: أبو جعفر بن عَلَّان الشروطي، وأبو عبد الله الحاكم، وغالب بن علي، وأبو الحسن بن جهضم، وأبو حازم العبدوي، والبرقاني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو يعقوب القراب.

قال البرقاني: قد كتبت عنه الكثير، ثم بان لي أنه ليس بحجة.

وقال أبو عبد الله بن أبي ذهل: ضعيف.

وسئل عنه الحاكم فقال: كذاب لا يُشْتَغَل به، قدم علينا سنة تسع وخمسين وثلاث مائة، وكتبتا عنه العجائب، ثم اجتمعت بابن أبي ذهل فأفحش القول فيه، وقال لي: دخلنا معًا بغداد، وقد مات البغوي وهو ذا يحدّث عنه ولا يحتشمني، ثم قال الحاكم: يحتمل أنه سمع من البغوي، وما علم ابن أبي ذهل، فإنه قال: دخلنا وهو في آخر علته.

توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 8 - 9"، والأنساب للسمعاني "7/ 380"، واللباب لابن الأثير "2/ 207"، وميزان الاعتدال "1/ 528".

ص: 357

‌3462 - المَيَانَجي

(1)

:

القاضي الإمام الحافظ المحدّث الكبير، أبو بكر يوسف بن القاسم بن يوسف بن فارس بن سوار الميانجي الشافعي، نائب الحكم بدمشق عن قاضي الدولة العبيدية أبي الحسن علي بن القاضي أبي حنيفة النعمان المغربي.

كان الميانجي مسند الشام في زمانه.

سمع أبا خليفة الجمحي، وزكريا الساجي، وعبدان الأهوازي، وأحمد بن يحيى التستري، ومحمد بن جرير الطبري، والقاسم بن زكريا المطرز، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وحامد بن شعيب البلخي، ومحمد بن المعافى الصيداوي، وأحمد بن محمد بن شاكر الزنجاني، وسماعه من هذا في سنه أربع وتسعين ومائتين، وأبا العباس السرَّاج، وطبقتهم، وأبا يعلى الموصلي.

وكان ذا رحلة وفهم وتواليف، مع الثقة والأمانة.

قال عبد العزيز بن أحمد الكتاني: حدثنا عن جماعة فوق الأربعين، وكان ثقة نبيلًا.

وقال أبو الوليد الباجي: محدّث مشهور لا بأس به.

قلت: وممن روى عنه: تَمَّام الرازي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبو سعيد الماليني، وصالح بن أحمد الميانجي -ولد أخيه، وأحمد بن الحسن الطيان، وعلي بن محمد السمسار، وأحمد بن سلمة بن الكامل، وعبد الوهاب الميداني، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، وأخوه أحمد، وطائفة.

وقع لي جماعة أجزاء من عواليه.

ومن قدماء مشيخته: عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن الصوفيّ، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وابن خزيمة.

قرأت على الحسن بن علي، وإسماعيل بن نصر الله، أخبركما محمد بن أحمد النسَّابة، أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن صابر، أخبرنا عليّ بن الحسن بن الموازيني، أخبرنا محمد بن عبد السلام بن سعدان سنة (440)، حدثنا يوسف القاضي، حدثنا عبد الله بن ناجية ببغداد، حدثنا خليفة بن خياط، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حجّاج الصواف، حدثنا معاوية بن قرة، عن أبيه قال: قال المغيرة بن شعبة لصاحب فارس: كنا نعبد الحجارة والأوثان، إذا رأينا حجر أحسن من حجر ألقيناه، وأخذنا غيره، لا نعرف ربًّا حتى بعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، فدعانا إلى الإسلام فأجبناه، وأخبرنا أنّ من قتل مِنَّا دخل الجنة.

توفِّي الميانجي في شعبان سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، وقد قارب التسعين أو جاوزها.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 278"، والعبر "2/ 371"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 86".

ص: 358

‌3463 - قَسَّام

(1)

:

هو قَسَّام الجبلي التَّلْفيتي، سكن دمشق، وكان ترابًا على الحمير، فيه قوة وشهامة، فسمت نفسه إلى المعالي، واتَّصل بأحمد بن الجصطر أحد الأحداث بدمشق، فكانة من حزبه، وتنقَّلت به الأحوال إلى أن كثر أعوانه، وغلب على دمشق مدة، فلم يكن لنوابها معه أمر، واستفحل أمره، فندب له صاحب مصر عسكرًا عليهم الأمير بُلُّكتين مولى هفكتين، فحارب قسَّامًا إلى أن قوي عليه، وضعف أمر قسَّام، فاختفى أيامًا ثم استأمن.

قال القفطي: تغلّب على دمشق رجل من العيارين يعرف بقسَّام، وتحصَّن بها، فسار لحربه من مصر عسكر عليهم فضل، فحاصر دمشق، وضاق بأهلها الحال، فخرج قسَّام متنكرًا، فأخذه الحرس فقال: أنا رسول قسَّام، فأحضروه إلى فضل، فقال: بعثني إليك لتحلف له، وتعوّضه عن دمشق ببلد يعيش فيه، فحلف له الفضل، فلمَّا توثَّق منه قال: أنا قسَّام، فأعجب به، وزاد في إكرامه، فرد إلى البلد وسلمه إليه، ووفَّى له، وعوّضه موضعًا، وأحسن العزيز صلته، وذلك في سنة تسع وستين وثلاث مائة، وقيل: إن ذلك في سنة اثنتين وسبعين. وقال غيره: بل أخذ إلى مصر مقيدًا، فعفى عنه العزيز. ولعبد المحسن الصوري فيه قصيدة، وقيل: حُمِلَ إلى مصر سنة ست وسبعين وثلاث مائة، وهو الذي تزعم العامَّة أن دمشق تملّكها قسيم الزبّال، وكان يركب بقحف من ذهب، وكان في أوائل استيلائه على دمشق يلاطف المصريين ويقول: أنا باقٍ على الطاعة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 2 - 3"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 114".

ص: 359

‌3464 - الرَّازي

(1)

:

الإمام المحدّث الواعظ، أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان الرازي الصوفي، والد المحدّث أبي مسعود أحمد بن محمد البجلي.

حدث عن: يوسف بن الحسين الزاهد، وأبي بكر بن الأنباري، وأبي يعقوب النَّهْرَجُوري، وأبي بكر الشبلي، وأبي محمد البربهاري الحنبلي، وخير النساج، وأبي العباس بن عطاء، وطائفة.

له اعتناء زائد بعبارات القوم، وجمع منها الكثير، ولقي الكبار، وله جلالة وافرة بين الصوفية.

قال الحاكم: ورد نيسابور سنة أربعين وثلاث مائة، وكتبت عنه، ورأيته ببخارى، فلمَّا قدمت الري سنة سبع وستين صادفته وقد انتسب وأملى عليهم أنه محمد بن عبد الله ابن المحدّث محمد بن أيوب بن يحيى ابن الضريس، فخلوت به وزجرته فانزجر، وترك الانتساب إليه، ولو اشتهر ذلك بالري لآذوه، فإن محمد بن أيوب لم يعقب ذكرًا، ثم التقينا سنة سبعين، فأخذ يحدّث عن علي بن عبد العزيز وأقرانه، وما كان قبل يحدث بالمسانيد، والله يرحمه.

قلت: يروي عنه أبو عبد الرحمن السُّلَمي بلايا وحكايات منكرة.

وروى عنه أبو عبد الله بن باكويه، وأبو نعيم، وأبو حازم العبدويي، وآخرون.

وما هو بمؤتَمَن.

مات سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 464"، والعبر "3/ 3"، وميزان الاعتدال "3/ 606"، ولسان الميزان "5/ 230"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150".

ص: 360

‌3465 - إسحاق بن سعد

(1)

:

ابن الحافظ الحسن بن سفيان بن عامر النسوي، أبو يعقوب الشيباني.

سمع من: جده، وعبد الله بن محمد بن سَيَّار الفرهاداني، ومحمد بن المجَدّر، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البغوي، وعبد الله بن محمد بن شيرويه.

وعنه: الحاكم وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو القاسم التنوخي، وعبد الوهاب بن برهان الغَزَّال، وآخرون.

وثَّقه التنوخي. وقد حدَّث ببغداد.

مولده سنة ثلاث وتسعين ومائتين بنَسَا، وبها توفِّي في سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 401"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 124"، والعبر "2/ 367".

ص: 360

‌3466 - البَحِيرِي

(1)

:

الشيخ الإمام أبو الحسين، أحمد بن محمد بن جعفر بن نوح بن بحير النيسابوري البحيري.

سمع: أحمد بن إبراهيم بن عبد الله الحافظ، وإمام الأئمة ابن حزيمة، ومحمد بن إسحاق الثقفي، وعدة. ولحق ببغداد محمد بن محمد الباغندي، والبغوي، وعدة.

وعقد مجلس الإملاء، فاستملى عليه أبو عبد الله الحاكم.

وحدَّث عنه: هو، وسبطه أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وعمر بن مسرور، وآخرون.

توفِّي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

وقع لنا جزء من عواليه.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بن أحمد، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو الحسين البحيري، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا علي بن معبد، حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا مالك، عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الذي يجر ثوبه من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة"

(2)

.

هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه النسائي في كتاب حديث مالك، عن زكريا خياط السنة، عن علي بن معبد، فوقع لنا بدلًا عاليًا بدرجتين.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 97"، واللباب لابن الأثير "1/ 124"، والعبر "2/ 368".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5791"، ومسلم "2085"، وأبو داود "4085"، والترمذي "1730".

ص: 361

‌3467 - قاضي مصر

(1)

:

أبو الحسن، علي بن النعمان بن محمد المغربي.

صدرٌ معظَّم، وقاضٍ متمكِّن، يقضي بفقه العُبَيْدية كأبيه، وله فهم وفضائل وفنون عديدة، ويد في الآداب والنحو والشعر وأيام الناس، مع وقار وهيبة وسكينة ورزانة، وله نظم جيد. ولم يزل في ارتقاء عند العزيز بمصر إلى أن مات في رجب سنة أربع وسبعين وثلاث مائة، وله خمس وأربعون سنة. وولي بعد قضاء القضاة أخوه أبو عبد الله زوج ابنة قائد القواد جوهر.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 417"، والعبر "2/ 367"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 84".

ص: 361

‌3468 - ابن النَّحَّاس

(1)

:

الإمام الحافظ الرحَّال، أبو العباس، أحمد بن محمد بن عيسى ابن الجراح المصري، نزيل نيسابور.

سمع في سنة خمس وثلاث مائة، وحدث عن: علي بن أحمد علان، وأبي القاسم البغوي، وأبي عروبة الحراني، وأبي نعيم عبد الملك بن عدي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبي حامد بن الشرقي، وخلق كثير، لكن عُدِمَ سماعه من البغوي، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو حازم العبدوي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وجماعة.

قال الحاكم: هو حافظ يتحرَّى في مذاكرته الصدق، وحدَّث من حفظه بأحاديث

إلى أن قال: توفِّي في آخر سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

قلت: وفيها توفِّي أبو إسحاق المستملي راوي الصحيح، والمعمَّر الحسن بن جعفر السمسار، وأبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن البواب المقرئ، والقاضي علي بن الحسن الجراحي، والمعمر علي بن عبد الرحمن البكائي، والقاضي عمر بن محمد بن سبنك البجلي، وأبو عمرو بن حمدان الحيري.

لم يقع لي من عوالي ابن النحاس شيء.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 926"، وميزان الاعتدال "1/ 148"، ولسان الميزان "1/ 289"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 88".

ص: 362

‌3469 - الحُرْفِي

(1)

:

الشيخ المسند، أبو سعيد، الحسن بن جعفر بن محمد بن الوضَّاح الحربي البغدادي السمسار، المعروف بالحرفي.

حدث عن: أبي شعيب الحراني، ومحمد بن الحسن بن سماعة، ومحمد بن جعفر القتات، ومحمد بن يحيى المروزي، وجعفر الفريابي، وطائفة، وتفرَّد في زمانه.

حدَّث عنه: أبو القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.

قال العتيقي: كان فيه تساهل. توفِّي سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 292"، والأنساب للسمعاني "4/ 113"، والعبر "3/ 2 - 1"، وميزان الاعتدال "1/ 481"، ولسان الميزان "2/ 198"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150".

ص: 362

‌3470 - ابن البواب

(1)

:

الإمام المقرئ المحدّث، أبو الحسين، عبيد الله بن أحمد بن يعقوب البغدادي بن البوّاب.

سمع إسماعيل بن موسى الحاسب، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، والحسن بن الحسين الصوّاف، وطبقتهم.

وتلا على أحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وتصدَّر للإقراء.

حدَّث عنه: الحسن بن محمد الخلّال، وعبيد الله بن أحمد الأزهري، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التنوخي. ووثَّقه الأزهري.

توفِّي في رمضان سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 362"، والأنساب للسمعاني "2/ 320"، واللباب لابن الأثير "1/ 183".

ص: 363

‌3471 - أبو أحمد الحاكم

(1)

:

الإمام الحافظ العلَّامة الثبت، محدِّث خراسان، محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي، الحاكم الكبير، مؤلِّف كتاب "الكنى" في عِدَّة مجلدات.

وُلِدَ في حدود سنة تسعين ومائتين أو قبلها.

وطلب هذا الشأن وهو كبير، له نيف وعشرون سنة؛ فسمع أحمد بن محمد الماسرجسي، ومحمد بن شادل، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا العباس السراج، وأبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا جعفر محمد بن الحسين الخثعمي، وأبا القاسم البغوي، وابن أبي داود، ومحمد بن إبراهيم الغازي، ومحمد بن الفيض الغسَّاني، ومحمد بن خريم، وأبا الطيب الحسين بن موسى الرقي -نزيل أنطاكية، وأبا عروبة الحراني، وعبد الرحمن بن عبيد الله ابن أخي الإمام الحلبي، وأبا الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب، ومحمد بن أحمد بن سلم الرقي، وأبا الحسن أحمد بن جوصا الحافظ، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ثم الدمشقي، وصدَّقه بن منصور الكندي الحراني، ومحمد بن سفيان المصيصي الصفّار، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن إبراهيم الديبلي، والعباس بن الفضل بن شاذان

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 146"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 914"، والعبر "3/ 9"، ولسان الميزان "7/ 5 - 6"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 154".

ص: 363

الرازي المقرئ، ومحمد بن مروان بن عبد الملك البزاز الدمشقي -كذا يسميه، وهو محمد بن خريم العقيلي، وعبد الله بن عتاب الزفتي، ومحمد بن أحمد بن المستنير المصيصي، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، ويوسف بن يعقوب مقرئ واسط، ومحمد بن المسيَّب الأرغياني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلقًا كثيرًا بالشام والعراق والجزيرة والحجاز وخراسان والجبال.

وكان من بحور العلم.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، ومحمد بن علي الأصبهاني الجصَّاص، ومحمد بن أحمد الجارودي، وأبو بكر أحمد بن علي بن منجويه، وأبو حفص بن سرور، وصاعد بن محمد القاضي، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وأبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد البحيري، وآخرون.

ذكره الحاكم ابن البيِّع فقال: هو إمام عصره في هذه الصنعة، كثير التصنيف، مقدَّم في معرفة شروط الصحيح والأسامي والكنى، طلب الحديث وهو ابن نيف وعشرين سنة،

إلى أن قال: ولم يدخل مصر، وكان مقدَّمًا في العدالة أولًا، ثم ولي القضاء في سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة، إلى أن قُلِّدَ قضاء الشاش، فذهب وحكم أربع سنين وأشهرًا، ثم قُلِّدَ قضاء طوس، وكنت أدخل إليه والمصنَّفات بين يديه فيحكم، ثم يقبل على الكتب، ثم أتى نيسابور سنة خمس وأربعين، ولزم مسجده ومنزله، مفيدًا مقبلًا على العبادة والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء والتزكية، فيستعفي. قال: وكُفَّ بصره سنة ست وسبعين، ثم توفي وأنا غائب.

وقال الحاكم أيضًا: كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على سنن السلف، ومن المنصفين فيما نعتقده في أهل البيت والصحابة، قُلِّدَ القضاء في أماكن، وصنف على "كتابي الشيخين"، وعلى "جامع أبي عيسى"، قال لي: سمعت عمر بن عَلَّك يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى الترمذي في العلم والزهد والورع، بكى حتى عمي، ثم قال الحاكم أبو عبد الله: وصنَّف أبو أحمد كتاب "العلل والمخرج على كتاب المزني"، وكتابًا في الشروط، وصنَّف الشيوخ والأبواب

إلى أن قال: وهو حافظ عصره بهذه الديار.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت مع الشيوخ عند أمير خراسان نوح بن نصر فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصدقات، فلم يكن

ص: 364

فيهم من يحفظه، وكان عليَّ خُلقان وأنا في آخر الناس، فقلت لوزيره: أنا أحفظه، فقال: ههنا فتًى من نيسابور يحفظه، فقُدِّمت فوقهم، ورويت الحديث، فقال الأمير: مثل هذا لا يضيع. فولاني قضاء الشاش.

قال أبو عبد الله بن البَيِّع: تغيِّر حفظ أبي أحمد لما كُفَّ، ولم يختلط قط، وسمعته يقول: كنت بالري وهم يقرءون على عبد الرحمن بن أبي حاتم كتاب "الجرح والتعديل"، فقلت لابن عبدويه الوراق: هذه ضحكة، أراكم تقرءون كتاب "تاريخ البخاري" على شيخكم على الوجه، وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم، فقال: يا أبا أحمد، اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما "تاريخ البخاري" قالا: هذا علم لا يستغنى عنه، ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا عبد الرحمن فسألهما عن رجل بعد رجل، وزادا فيه ونَقَصَا. وسمعته يقول: سمعت أبا الحسين الغازي يقول: سألت البخاري عن أبي غسَّان فقال: عن ما تسأل عنه؟ قلت: شأنه في التشيع، فقال: هو على مذهب أئمة آهل بلده الكوفيين، ولو رأيتم عبيد الله بن موسى، وأبا نعيم، وجماعة مشايخنا الكوفيين لما سألتمونا عن أبي غسان.

قال ابن البَيِّع: وسمعت أبا أحمد يقول: سمعت أبا الحسين الغازي يقول: سمعت عمرو بن علي، سمعت يحيى بن سعيد يقول: عجبًا من أيوب السختياني، يَدَع ثابتًا البنَّاني لا يكتب عنه!

قيل: إن بعض العلماء نازعه أبو عبد الله بن البيع في عمر بن زرارة، وعمرو بن زرارة النيسابوري، وقال: هما واحد، قال: فقلت لأبي أحمد الحاكم: ما تقول فيمن جعلهما واحدًا؟ فقال: مَنْ هذا الطَّبْل? قال الحاكم: أتينا أبا أحمد مع أبي علي الحافظ سنة أربعين، فقال أبو أحمد: قد غبت عنكم سبع عشرة سنة، فأفيدونا بكل سنة حديثًا، فقال بعضهم: حديث شعبة، عن حبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد مرفوعًا:"سبعة يظلهم الله"

(1)

فقال أبو أحمد: حدَّثناه أحمد بن عمير، حدثنا أحمد بن موسى، حدثنا مؤمّل بن إسماعيل، عن شعبة. فقال

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 439"، وابن المبارك في "الزهد""1342"، والبخاري "660"، "1423"، "6479"، "6806"، ومسلم "1031"، "91"، والترمذي بعد حديث "2391"، والنسائي "8/ 222 - 223"، والبيهقي "3/ 65 - 66"، "4/ 190"، "8/ 162"، من طريق عبيد الله بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.

وورد عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة: عند مالك "2/ 952"، ومسلم "1031"، والترمذي "2391"، والبغوي "470".

ص: 365

السائل: عنه، عن عمرو بن مرزوق عالٍ، فقالوا له: يا أبا أحمد، إنك لم تدخل مصر، قال: فأنتم قد دخلتموها، اذكروا ما فاتني بمصر، فقال بعضهم: حديث الليث في قصة الغار

(1)

، فقال: حدَّثناه ابن داود، أخبرنا عيسى بن حمّاد عنه. ثم ذكر أبو علي أحاديث استفادها، فذكرت أنا حديث الجساسة

(2)

من طريق أبي العميس، عن الشعبي، فقال: هذا فاتني.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميمي، وأحمد بن هبة الله قالا: أخبرتنا أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشعرية إذنًا، وزادنا أحمد فقال: وأنبأنا عبد المعز بن محمد البزاز قال: أخبرنا زاهر بن طاهر المستملي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الخنزرودي، أخبرنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا عبيد الله بن عثمان العثماني ببغداد، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن طلحة التيمي، حدثني أبو سهيل نافع بن مالك، عن سعيد بن المسيب، عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: "هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفًّا وأوصلها". أخرجه النسائي

(3)

، عن حميد بن زنجويه، عن علي.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد في كتابه، أخبرنا هبة الله بن سهل السدي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم، أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الواسطي ببغداد، حدثنا عبد الله -يعني: ابن عمران العابدي، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض مهلكة يخاف بها العطش"

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3465"، ومسلم "2743"، وأحمد "2/ 116" من حديث ابن عمر، به.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2942"، وأبو داود "4325"، وأحمد "6/ 373".

(3)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 185"، والنسائي في "الكبرى""8174"، والدولابي في "الكنى""2/ 60" والبزار "1077"، وأبو يعلى "820"، وابن حبان "7052"، والطبراني في "الأوسط""1947"، والحاكم "3/ 328، 328 - 329" من طرق عن محمد بن طلحة التيمي، به.

وقال الحاكم: صحيح. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده حسنن محمد بن طلحة صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 316، 500، 524، 534"، ومسلم "2675""1"، "2"، والترمذي "3238"، وابن ماجه "4247"، من حديث أبي هريرة، به.

ص: 366

قرأت على أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي سنة تسع وأربعين وأربع مائة قال: أخبرنا الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي، حدثنا إسحاق الحنظلي، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أشرك بالله فليس بمحصن"

(1)

. قال أبو أحمد: "لا أعلم حدَّث به غير إسحاق عن الدراوردي".

قلت: مَرَّ هذا في ترجمة الماسرجسي.

قال أبو عبد الله الحافظ: مات أبو أحمد وأنا غائب في شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، وله ثلاث وتسعون سنة.

قلت: مات معه في هذا العام: قاضي سمرقند أبو سعيد الخليل بن أحمد السجزي الحنفي الواعظ، عن تسعين سنة إلَّا سنة، ومفتي ما وراء النهر عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري الميغي الحنفي الزاهد، وشيخ المالكية صاحب "التفريع" أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن الجلاب البغدادي، ومسند مصر الشيخ أبو بكر عتيق بن موسى الأزدي الحاتمي، وكان عنده "الموطأ" عن أبي الرقراق، عن يحيى بن بكير، والحافظ أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس الورّاق صاحب "تلك الأمالي"، وكبير هراة ومحدثها الرئيس أبو عبد الله محمد بن أبي ذهل الضبي، والقاضي أبو القاسم بشر بن محمد بن محمد بن ياسين النيسابوري -صاحب ابن خزيمة.

(1)

منكر مرفوعًا: أخرجه الدارقطني "3/ 147"، والبيهقي "8/ 216"، من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، به.

وقال الدارقطني في إثره: "ولم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عنه، والصواب موقوف".

قلت: الرفع ليس من إسحاق، بل هو تلقاه مرفوعًا تارة، وموقوف تارة أخرى، فرواه كما سمعه، والحديث ذكره الحافظ الزيلعي في "نصب الراية""3/ 327"، ونقله من مسند إسحاق بن راهويه، وهو ابن إبراهيم الحنظلي، وقال في إثره: قال إسحاق: "رفعه مرة، فقال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقفه مرة".

وقال الزيلعي في إثره بعد أن نقل كلام الدارقطني المتقدّم: "وهذا لفظ إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما تراه، وليس فيه رجوع، وإنما أحال التردد على الراوي في رفعه ووقفه".

قلت: التردد من شيخ إسحاق بن راهويه، وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة من رجال مسلم، إلّا أنه في حفظه شيء، أشار إليه الحافظ في "التقريب" بقوله فيه:"صدوق كان يحدث من كتب غير فيخطئ. قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر".

قلت: وهذا من روايته عن عبيد الله بن عمر، كما ترى فهو منكر مرفوعًا. والمحفوظ موقوف على ابن عمر، كذلك رواه جمع من الثقات عن نافع. أخرجه الدارقطني "3/ 147"، والبيهقي "8/ 216" من طريق موسى بن عقبة، والبيهقي من طريق جويرية، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا.

وقال البيهقي في إثره: هكذا رواه أصحاب نافع، عن نافع.

ص: 367

‌3472 - ابن الباجي

(1)

:

العلَّامة الحافظ، محدِّث الأندلس، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة اللخمي الإشبيلي، المشهور بابن الباجي.

وُلِدَ سنة إحدى وتسعين ومائتين.

وسمع عن: محمد بن عبد الله بن القوق، وعبد الله بن يونس القبري، والزاهد سيد أبيه، وسعيد بن جابر الإشبيلي، ومحمد بن عمر بن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن فطيس، وطبقتهم.

قال ابن الفرضي: كان حافظًا ضابطًا، لم ألق مثله في الضبط، سمعت منه الكثير بقرطبة، ورحلت إليه إلى إشبيلية مرتين، وروى الناس عنه الكثير، ومات في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، وله سبع وثمانون سنة.

قلت: وممن روى عنه ولده أبو عمر، وحمام بن أحمد القاضي، وحدث عن القبري بمصنَّف ابن أبي شيبة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 19"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 938"، والعبر "3/ 7"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

ص: 368

‌3473 - ابن سَبَنْك

(1)

:

القاضي الإمام، أبو القاسم، عمر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خالد بن سبنك البجلي البغدادي، من ذرية جرير بن عبد الله رضي الله عنه.

سمع محمد بن حُبَّان، وعبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن محمد الباغندي، وجماعة.

وعنه: القاضي عبد الوهاب المالكي، وعبيد الله بن أحمد الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقة، ناب في الحكم بسوق الباشا، وُلِدَ سنة إحدى وتسعين ومائتين، وسمع في سنة ثلاث مائة، توفِّي سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 261"، والعبر "3/ 2"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 87".

ص: 368

‌3474 - الأمَوِيّ:

الشيخ المحدّث العالم، أبو عبد الله، محمد بن العباس بن يحيى الأموي، مولاهم الحلبي، نزيل الأندلس ومسندها.

سمع من: أبي عروبة الحَرَّاني، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز، ومكحول البيروتي، وأبي الجهم بن طلاب، ومحمد بن سعيد الترخمي الحمصيّ، ووفد على الأمير المستنصر صاحب الأندلس.

حدَّث عنه: أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي، وأبو الوليد عبد الله بن الفرضي.

قال أبو الوليد: كتبت عنه وقد كُفَّ بصره، وتوفي في سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

قلت: هذا أسند مَنْ بالأندلس في زمانه.

‌3475 - أبو عليّ الفارسي

(1)

:

إمام النحو، أبو علي، الحسن بن أحمد بن عبد الغفَّار الفارسي الفسوي، صاحب التصانيف.

حدَّث بجزء من حديث إسحاق بن راهويه، سمعه من علي بن الحسين بن معدان، تفرَّد به.

وعنه: عبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وجماعة.

قدم بغداد شابًّا وتخرَّج بالزجاج وبمبرمان، وأبي بكر السراج، وسكن طرابلس مدة، ثم حلب، واتصل بسيف الدولة.

وتخرَّج به أئمة.

وكان الملك عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي في النحو، وغلام الرازي في النجوم.

ومن تلامذته أبو الفتح بن جني، وعلي بن عيسى الربعي.

ومصنفاته كثيرة نافعة، وكان فيه اعتزال.

عاش تسعًا وثمانين سنة.

مات ببغداد في ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.

وله كتاب "الحجة" في علل القراءات، وكتابا "الإيضاح"، و"التكملة"، وأشياء.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 275"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 138"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 232"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 163"، والعبر "3/ 4"، وميزان الاعتدال "1/ 480"، ولسان الميزان "2/ 195"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 151"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 88".

ص: 369

‌3476 - ابن أبي ذُهْل

(1)

:

الإمام الحافظ الأنبل، رئيس خراسان، أبو عبد الله، محمد ابن أبي العباس محمد بن العباس بن أحمد بن عصم ابن أبي ذُهل العُصَمي الضبي الهروي.

مولده في سنة أربع وتسعين ومائتين.

وسمع في سنة تسع وثلاث مائة وبعدها، ولحق البغوي في السياق فلم يسمع منه، وسمع يحيى بن صاعد، ومؤمّل بن الحسن الماسرجسي، وحاتم بن محبوب، ومحمد بن معاذ الماليني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعِدَّة.

حدث عنه: أبو الحسين الحجاجي، والدارقطني -وهما من طبقته، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو يعقوب القراب وأهل هراة.

وكان إمامًا نبيلًا، وصدرًا معظَّمًا، كثير الأموال والبذل للمحدِّثين والأخيار.

قال الحاكم: صحبته حضرًا وسفرًا، فما رأيت أحسن وضوءًا ولا صلاة منه، ولا رأيت في مشايخنا أحسن تضرُّعًا وابتهالًا منه. قيل لي: إن عشر غلته تبلغ ألف حمل. وحدَّثني أبو أحمد الكاتب أنَّ النسخة بأساميّ من يمونهم تزيد على خمسة آلاف بيت، وقد عرضت عليه ولايات جليلة فأبى.

وقال أبو النضر الفامي: لابن أبي ذُهْل صحيح خرَّجه على "صحيح البخاري"، وتفقَّه ببغداد، ولم يجتمع لرئيس بهراة ما اجتمع له من السيادة.

قال الخطيب: كان ثقة نبيلًا، من ذوي الأقدار العالية. سمعت البرقاني يقول: كان ملك هراة من تحت أمره لقدره وأبوَّته.

أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أخبرنا علي بن روزبة، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن العالي، حدثنا الرئيس محمد بن أبي العباس العصمي إملاءً، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر القرشي، حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا إسماعيل بن عمرو الكوفي، حدثنا سفيان، عن الأجلح، عن ابن بريد، عن أبيه:"أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليًّا في سرية، وبعث معه رجلًا يكتب الأخبار"

(2)

. غريب جدًّا.

قال الحاكم: استُشْهد ابن أبي ذُهْل في صفر سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، فأخبرني مَنْ صَحِبَه أنَّه دخل الحمام، فلمَّا خرج أُلبس قميصًا ملطخًا، فانتفخ ومات رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 119"، والأنساب للسمعاني "8/ 471"، واللباب لابن الأثير "2/ 345" والعبر "3/ 9"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 940"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 92".

(2)

منكر: في إسناده علتان؛ الأولى: أحمد بن مهران، شيخ همداني، لقبه حمديل، لا يعتمد عليه -كما قال الذهبي في ترجمته في "الميزان"، الثانية: إسماعيل بن عمرو، هو ابن نجيح البجلي الكوفي، قال ابن عدي: حدَّث بأحاديث لا يتابع عليها. وقال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف.

ومتن الحديث منكر ظاهر النكارة لكل من أنعم النظر في دواوين السنة المشرَّفة الصحيحة، بله ما وضعه الوضاعون، وانتحله الأفاكون.

ص: 370

‌3477 - الوكيل

(1)

:

المحدِّث الأوحد، أبو الحسن، أحمد بن موسى بن عيسى الجرجاني، الوكيل عند الحكام.

يروي عن: عمران بن موسى السختياني، وأحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزّان، وأحمد بن حفص السعدي، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن، وعدة.

ذكره حمزة السهمي فقال: كتب الكثير من المسانيد والسنن، وجمع وصنَّف، وله فهم ودراية، وله مناكير عن شيوخ مجاهيل، فأنكروا عليه. قال: وتوفِّي في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

‌3478 - المِيغي:

شيخ الحنفية وعالمهم وزاهدهم، أبو الفضل، عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري الميغي، وميغ من قرى بخارى.

أخذ عن عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي الأستاذ.

وروى عنه، وعن أبي القاسم السمرقندي، ونصر المهلبي، ومحمد بن عمران البخاري.

كتب عنه أبو سعد الإدريسي وغيره، ولم يكن أحد في عصره مثله بسمرقند.

توفِّي سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "62"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 920"، وميزان الاعتدال "1/ 159"، ولسان الميزان "1/ 235"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 67".

ص: 371

‌3479 - الجَلَّاب:

شيخ المالكية العلامة، أبو القاسم بن الجلّاب، صاحب كتاب "التفريع"، قيل: اسمه عبيد الله بن الحسين بن الحسن، وسماه القاضي عياض: محمد بن الحسين، ثم قال: ويقال: اسمه الحسين بن الحسن. وسماه الشيخ أبو إسحاق في "طبقات الفقهاء": عبد الرحمن بن عبيد الله.

تفقَّه بالقاضي أبي بكر الأبهري، وله مصنَّف كبير في مسائل الخلاف، وكان أفقه المالكية في زمانه بعد الأبهري، وما خلّف ببغداد في المذهب مثله.

مات كهلًا في آخر سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة راجعًا من الحَجِّ.

‌3480 - السُّلْطَان

(1)

:

صاحب العراق، شرف الدولة، شيرويه ابن الملك عضد الدولة بن بويه الديلمي.

تملّك وظفر بأخيه صمصام الدولة فسجنه، وكان فيه خير، وأزال المصادرات.

تعلّل بالاستسقاء، وبقي لا يحتمي، فمات في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وثلاث مائة، لم يبلغ الثلاثين، وكانت أيامه سنتين وثمانية أشهر.

وتملّك بعده أخوه بهاء الدولة، وكان أخوهما الصمصام هو الذي تملّك العراق بعد أبيهم عضد الدولة ثلاثة أعوام، ثم أقبل شرف الدولة لحربه، فذَلَّ وسلَّم نفسه إلى أخيه، فغدر به وحبسه بشيراز إلى أن مات.

‌3481 - ابن ياسين

(2)

:

القاضي الجليل، أبو القاسم، بشر بن محمد بن محمد بن ياسين بن النضر بن سليمان بن سلمان بن ربيعة الباهلي النيسابوري الحنفي، قاضي القضاة ببلده.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 11"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 154"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 94".

(2)

تقدَّمت ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3441"، وبتعليقنا رقم "456".

ص: 372

قال الحاكم: كان حسن الوجه، حسن الخلق، طلق النفس، كثير الذكر والصلاة ليلًا ونهارًا، شديد الميل إلى الصالحين والمتصوفة، سمع بنيسابور أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبا العباس السرّاج، وغيرهما، وأبا العباس الدغولي، وأبا الحسن بن إسحاق بن مزين، وأقرانهما بسرخس، وأبا القاسم بن حمّ الفقيه، وأبا بكر بن طرخان، وأقرانهما، وعدة، وتوفِّي في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وشيعه الأمير العادل محمد بن إبراهيم، فقدم أبا القاسم القاضي ابن قاضي الحرمين للصلاة عليه.

قلت: روى عنه: الحاكم، والعبدوي، وأبو سعد الكنجروذي، وغيرهم.

وقع لي جزء من عواليه، وقد حدَّث عنه بمجلس له أبو بكر محمد بن محمد بن حمدون السُّلَمي في سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة، حدث فيه عن السراج، ومحمد بن شادل، وابن خزيمة، وعبد الله بن محمد بن عمر النصراباذي، وأبي عمرو أحمد بن محمد الحيري، وأبي الحسن أحمد بن إسحاق السرخسي، وعلي بن محمد بن أحمد الورَّاق، وعباس بن سهل وغيرهم. وتاريخ إملائه للمجلس كان في رمضان سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، ليالي وفاته رحمه الله.

ص: 373

‌3482 - الخالديَّان

(1)

:

الأخوان الشاعران المحسنان، أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد، ابنا هاشم بن وعكة بن عرام بن عثمان بن بلال، الموصليان الخالديان، من أهل قرية الخالدية.

كانا كفرسي رهان في قوة الذكاء، وسرعة النظم وجودته، يتشاركان في القصيدة الواحدة، ومحمد هو الأكبر. قَدِمَ دمشق في صحبة سيف الدولة بن حمدان. وهما من خواصّ شعرائه، اشتركا في شئ كثير، وكان سريّ الرفَّاء يهجوهما ويهجوانه.

ولمحمد:

البدر منتقب بغيم أبيض

هو فيه بين تخفر وتبرج

كتنفس الحسناء في المرآة إذ

كملت محاسنها ولم تتزوج

ولسعيد:

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 208"، واللباب لابن الأثير "1/ 414".

ص: 373

أما ترى الغيم يا من قلبه قاسي

كأنَّه أنا مقياسًا بمقياس

قطر كدمعي وبرق مثل نار أسىً

في القلب مني وريح مثل أنفاسي

ونظم فيهما أبو إسحاق الصابي:

أرى الشاعرين الخالديين سيَّرا

قصائد يفنى الدهر وهي تخلد

هما لاجتماع الفضل روح مؤلف

ومعناهما من حيث ما شئت مفرد

قال النديم في كتاب "الفهرست": كانا سريعي البديهة، قال لي أبو بكر منهما: إني أحفظ ألف سمر، كل سمر في نحو مائة ورقة. قال: وكانا مع ذلك إذا استحسنا شيئًا غصباه صاحبه حيًّا كان أو ميتًا، كذا كانت طباعهما، وقد رتَّب أبو عثمان شعره وشعر أخيه، وأحسب غلامهما رشأ رتَّب شعرهما، فجاء نحو ألف ورقة، ثم قال: تُوفَّيا وبُيِّضَ فدلَّ على موتهما قبل سنة سبع وسبعين وثلاث مائة. ولهما من الكتب كتاب "أخبار الموصل"، و"أخبار أبي تمام"، وغير ذلك من الأدبيات.

ص: 374

‌3483 - شَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ

(1)

:

ابن الحافظ أبي عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ الإمام المفيد أبو النضر الإسفراييني.

سمع من جده، ومن علي بن عبد الله بن مبشر، وأبي الحسن بن جوصا، وعبد الله بن الزفتي، وأحمد بن عبد الوارث العسَّال، وأبي جعفر الطحاوي، ومحمد بن إبراهيم الدَّيبُلي، والقاضي المحاملي، وطبقتهم.

وعنه: الحاكم، والسُّلَمي، وأبو نعيم، وأبو ذر الهروي، وأبو مسعود أحمد بن محمد الرازي، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

قال الحاكم: خرَّجت عنه في الصحيح.

قلت: توفِّي بجرجان سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان "ص 189".

ص: 374

‌3484 - الورَّاق

(1)

:

الإمام المحدِّث، أبو بكر، محمد بن إسماعيل بن العباس البغدادي المستملي الورَّاق.

سمع أباه، والحسن بن الطيِّب، وعمر بن أبي غيلان، وأحمد بن الحسن الصوفي، ومحمد بن محمد الباغندي، والبغوي.

وعنه: الدارقطني، والبرقاني، وأبو محمد الخلَّال، وأحمد بن عمر القاضي، وأبو محمد الجوهري، وعِدَّة.

وُلِدَ سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

ومات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

قال أبو حفص بن الزيَّات: حضرت عند الصوفي، وحضر إسماعيل الورَّاق مع ابنه، فسمع نسخة يحيى بن معين، فقام إسماعيل وأخذ بيد ابنه، وقال للجماعة: اشهدوا أنَّ ابني قد سمع من هذا الشيخ نسخة يحيى بن معين.

قال الخطيب: سألت البرقاني عن محمد بن إسماعيل فقال: ثقة ثقة.

وقال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل، ضاعت كُتُبُه، واستحدث نسخًا من كتب الناس.

وقال عبيد الله الأزهري: حافظ لَيِّن في الرواية، يحدث من غير أصل.

قلت: التحديث من غير أصل قد عَمَّ اليوم وطَمَّ، فنرجو أن يكون واسعًا بانضمامه إلى الإجازة.

الخطيب: حدثنا أحمد بن عمر القاضي، حدثنا أبو بكر الورَّاق قال: دققت باب ابن صاعد فقال: من ذا؟ فقلت: أبو بكر بن أبي علي، أههنا يحيى بن صاعد؟ فسمعته يقول للجارية: هاتي النَّعل حتى أخرج إلى هذا الجاهل الذي يكتنِي ويسمِّيني، فأصفعه.

قلت: عند أبي اليُمن الكِنْدي من أمالي الورَّاق هذا جزء سمعناه على أبي حفص القوَّاس بالإجازة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 53"، والعبر "3/ 8"، وميزان الاعتدال "3/ 484"، ولسان الميزان "5/ 80"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

ص: 375

‌3485 - ابن عون الله:

الشيخ المحدث الإمام الرحال أبو جعفر أحمد بن عون الله بن حدير بن يحيى القرطبي البزاز.

حج وسمع من: أبي سعيد بن الأعرابي، وخيثمة بن سليمان وأحمد بن سلمة بن الضحاك، وأبي يعقوب الأذرعي وخلق من طبقتهم.

روى عنه: أبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر الطلمنكي وجماعة.

وكان صدوقًا صالحًا شديدًا على المبتدعه لهجًا بالسنة صبورًا على الأذى.

قال ابن الفرضي: كتب الناس عنه قديمًا، وحديثًا وكتبت عنه. وقال لي: ولدت سنة ثلاث مائة.

قلت: كان طويل الروح على الطلبة، يسمعهم عامَّة نهاره، وله قصص مع أهل الأهواء.

مات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

ص: 376

‌3486 - ابن مُفَرِّج

(1)

:

الإمام الفقيه الحافظ القاضي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مُفَرِّج الأموي، مولاهم القرطبي، ويكنَّى أيضًا أبا بكر.

سمع أبا سعيد بن الأعرابي، وقاسم بن أصبغ، وخيثمة بن سليمان، وأبا الميمون بن راشد، ومحمد بن الصَّموت، وعدة.

وسمع بالحجاز والشام واليمن، وكان رفيق ابن عون الله في الرحلة.

حدَّث عنه: شيخه أبو سعيد بن يونس، وأبو الوليد بن الفرضي، وإبراهيم بن شاكر، وعبد الله بن ربيع التميمي، وأبو عمر الطَّلَمَنكي، وخلق.

وعدة شيوخه مائتان وثلاثون نفسًا.

قال ابن الفرضي: اتَّصل بصاحب الأندلس، وكان ذا مكانة عنده، صنَّف له عدة كتب، فولَّاه القضاء. قال: وكان حافظًا بصيرًا بأسماء الرجال وأحوالهم، أكثر الناس عنه.

وقال أبو عبد الله بن عفيف: كان ابن مُفَرِّج من أغنى الناس بالعلم، وأحفظهم للحديث. ما رأيت مثله في هذا الفنّ، من أوثق المحدثين وأجودهم ضبطًا.

وقال الحميدي: حافظ جليل مصنِّف، له كتب في الفقه، وفي فقه التابعين، وألَّف كتاب "فقه الحسن البصري" في سبع مجلدات، و"فقه الزهري" في عدة أجزاء، وجمع مسندًا مما حمله عن قاسم بن أصبغ في مجلدات.

قال ابن الفرضي: مات في رجب سنة ثمانين وثلاث مائة، وله ست وستون سنة رحمه الله.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 941"، والعبر "3/ 13"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

ص: 376

‌3487 - الزهري

(1)

:

الشيخ العالم الثقة العابد، مسند العراق، أبو الفضل، عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن الحافظ إبراهيم بن سعد بن إبراهيم ابن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري العوفي البغدادي.

ولد سنة تسعين ومائتين، وسمع سنة ثمان وتسعين وبعدها، من إبراهيم بن شريك الكوفي، وجعفر بن محمد الفريابي، وعبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن حميد بن المجدر، والحسن بن محمد بن شعبة، وأبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، وجماعة.

وتفرَّد في زمانه.

حدَّث عنه: البرقاني، وعبد العزيز الأزجي، وأبو محمد الخلّال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، والحسن بن غالب المقرئ، وطائفة، آخرهم وفاة: أبو جعفر بن المسلمة.

قال الخطيب: كان ثقة.

وقال العتيقي: سمعت أبا الفضل الزهري يقول: حضرت مجلس الفريابي وفيه عشرة آلاف، لم يبق منهم غيري، وجعل يبكي.

وقال الأزجيّ: هو شيخ ثقة، مجاب الدعاء.

وقال الدارقطني: ثقة، صاحب كتاب، وآباؤه كلهم قد حدَّثوا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 368"، والعبر "3/ 18"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 101".

ص: 377

مات الزهري في ربيع الأول، وقيل: مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

سمعنا من طريقه "صفة المنافق" للفريابي.

وهو جَدُّ خطيب القدس قطب الدين عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن عبيد الله بن الحسن ابن صاحب الترجمة.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرك الفتح بن عبد الله الكاتب في جمادى الآخرة سنة عشرين وست مائة، وأبو العباس أحمد بن يوسف بن صرما إجازةً إن لم يكن سماعًا، واللفظ له، قالا: أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر الشافعي، زاد الفتح: وأخبرنا محمد بن أحمد بن حسن الطرائفي سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، وأبو علي محمد بن علي المكبّر سنة ثلاث وأربعين، قالوا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن عمر المعدّل، أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري سنة ثمان وثلاث مائة، حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي سنة ثمان وتسعين ومائتين، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى الأشعريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأُتْرُجَّة؛ ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة؛ لا ريح لها، وطعمها حُلْو، ومَثَل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة؛ ريحها طيب، وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة؛ ليس لها ريح وطعمها مُرّ"

(1)

.

متفق عليه، وقد أخرجه مسلم والترمذي، عن قتيبة، فوافقناهما بعلوِّ درجة مع اتصال السماع، ولله الحمد.

وبه إلى الفريابي، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس، عن أبي موسى، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مثل المؤمن الذي يقرأ كمثل الأترجة ........... " فذكر الحديث، أخرجاه عن هدبة بتمامه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5020"، ومسلم "797"، وأبو داود "4829"، "4830"، "4831"، والنسائي "8/ 124 - 125"، وابن ماجه "214".

ص: 378

‌3488 - المرْوَانِيّ

(1)

:

الشيخ أبو نصر، أحمد بن الحسين بن أحمد بن مروان بن عبيد بن أبي مروان الضبي المرواني النيسابوري.

سمع ابن خزيمة، وابن شادل، والسراج، ومحمد بن حمدون، وطائفة.

وعنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

مات في شعبان سنة ثمانين وثلاث مائة.

‌3489 - الصُّنْدُوقِيّ

(2)

:

الشيخ الصدوق، أبو العبَّاس أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الصندوقي.

سمع: محمد بن شادل، وابن خزيمة، ومحمد بن المسيّب، وأبا العباس الثقفي، وعدة، حتى قال الحاكم: تفرَّد بالرواية عن بضعة عشر شيخًا، وعاش أربعًا وثمانين سنة.

روى عنه الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وجماعة.

توفِّي في شوال سنة ثمانين وثلاث مائة.

‌3490 - النَّسَفِيّ:

الشيخ المعمّر، أبو عمرو، بكر بن محمد بن جعفر بن راهب النسفي المؤذن.

راوي "صحيح البخاري" عن حمَّاد بن شاكر، وروى أيضًا عن محمود بن عنبر.

روى عنه جعفر المستغفري، وقال: كان كثير التلاوة، شديدًا على المبتدعة.

حدثنا بالكتاب "الجامع" عن ابن شاكر.

توفِّي سنة ثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 13"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 96".

(2)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 90"، واللباب لابن الأثير "2/ 247"، والعبر "3/ 13"، وشذرات الذهب "3/ 96".

ص: 379

‌3491 - طلحة بن محمد

(1)

:

ابن جعفر الشاهد، الشيخ العالم الأخباري المؤرِّخ، أبو القاسم البغدادي المقرئ.

وُلِدَ سنة تسعين ومائتين.

وسمع من: عمر بن أبي غيلان، وأبي القاسم البغوي، وأبي صخرة الكاتب، وعدة.

وتلا على ابن مجاهد.

تلا عليه أبو العلاء الواسطي، وغيره.

وحدَّث عنه: عبيد الله بن أحمد الأزهري، وأبو محمد الخلَّال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

صنَّف كتاب "أخبار القضاة" ضَعَّفَه الأزهري.

وقال ابن أبي الفوارس: كان يدعو إلى الاعتزال.

توفِّي سنة ثمانين وثلاث مائة، وله تسعون سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 351"، والعبر "3/ 13"، وميزان الاعتدال "2/ 342"، ولسان الميزان "3/ 212"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

ص: 380

‌3492 - محمد بن إبراهيم

(1)

:

ابن حمدان، الإمام المسند، أبو بكر البغدادي، قاضي دير عاقول.

حدَّث عن جده، وعن عمر بن أبي غيلان، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبي القاسم البغوي، ومحمد بن الحسين الأشناني.

وعنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلَّال، وعلي بن المحسن، وأبو محمد الجوهري. وكان جده يروي عن عبد الأعلى بن حمَّاد النرسي.

توفِّي في ربيع الأول سنة ثمانين وثلاث مائة.

وثَّقه الخلَّال.

وفيها مات طلحة الشاهد، وأبو نصر أحمد بن الحسين بن أبي مروان الضبي، وبكر بن محمد بن راهب النَّسَفي راوي "الصحيح" عن حماد بن شاكر، وأبو عبد الله بن مُفَرّج، ووزير مصر يعقوب بن يوسف بن كلس، وآخرون.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 415".

ص: 380

‌3493 - ابن المُقْرِئ

(1)

:

الشيخ الحافظ الجوَّال الصدوق، مسند الوقت، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان الأصبهاني، ابن المقرئ صاحب "المعجم" والرحلة الواسعة.

ولد سنة خمس وثمانين ومائتين، وأوَّل سماعه على رأس الثلاث مائة؛ فسمع من: محمد بن نصير بن أبان المديني، ومحمد بن علي الفرقدي صاحبي إسماعيل بن عمرو البجلي، ومن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن مَتُّويه الإمام، وقال: هو أوَّل من كتبت عنه. وسمع من عمر بن أبي غيلان، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبي بكر الباغندي، وحامد بن شعيب، والبغوي، وطبقتهم ببغداد، وعبدان الجواليقي بالأهواز، وأبي يعلى الموصلي بالموصل، ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، والمفضل بن محمد الجندي، وابن المنذر بمكة، وعبد الله بن زيدان البجلي، وعليّ بن عباس المقانعي بالكوفة، وعبد الله بن محمد بن سلم، وعدة ببيت المقدس، وإبراهيم بن مسرور صاحب لُوَيْن بحلب، وأحمد بن يحيى بن زهير الحافظ بتستر، وأحمد بن هشام بن عمَّار، ومحمد بن الفيض، وسعيد بن عبد العزيز، ومحمد بن خريم بدمشق، ومحمد بن المعافى بصيدا، ومكحول ببيروت، ومحمد بن عمير بالرملة، حدَّثه عن هشام بن عمَّار، ومأمون بن هارون بعكا، ومَضَاء بن عبد الباقي بأَذَنَة، وجعفر بن أحمد بن سنان، وعدة بواسط، ومحمد بن علي بن روح بعسكر مُكْرَم، ومحمد بن تمام البهراني وطبقته بحمص، والحسين بن عبد الله القطان بالرقة، ومحمد بن زبان، وعلي بن أحمد علّان، وأبي جعفر الطحاوي، وخلق بمصر.

فمنهم داود بن إبراهيم بن روزبة، وكهمس بن معمر صاحب محمد بن رمح، ومن أبي عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر بحرَّان، وحدَّثه عن هدبة بن خالد عمر بن أحمد بن إسحاق بالأهواز، وانتقى لنفسه فوائد وغرائب، وصنَّف مسندًا للإمام أبي حنيفة، وروى كتبًا كبارًا.

حدَّث عنه: أبو إسحاق بن حمزة الحافظ، وأبو الشيخ بن حَيَّان -وهما أكبر منه، وأبو بكر بن مردويه، وابن أبي علي الذكواني، وأبو سعيد النقاش، وأبو نعيم الحافظ، وحمزة بن

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 297"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 913"، والعبر "3/ 18"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 101".

ص: 381

يوسف السهمي، وأبو منصور محمد بن الحسن الصوَّاف، والإمام أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن عبيد الله بن شهريار، ومحمد بن طاهر بن طباطبا العلوي، ومحمد بن طاهر الهاشمي النقيب، ومحمد بن عمر البقَّال، ومحمد بن حسين البرجيّ المؤدّب، وأبو سعد محمد بن عبد الوهاب بن بطة، وأبو علي محمد بن أحمد بن ماشاذه المقدِّر، ومحمد بن عبد الواحد الجوهري، وأبو زيد محمد بن سلامة، وأحمد بن محمد بن النعمان الصائغ، وأبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأحمد بن محمد بن ديزكة، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن هاموشة، وداود بن سليمان الوكيل، وأبو عمرو شيبان بن محمد الجرقوي، وطاهر بن محمد بن أحمد بن منده، وأبو القاسم طاهر بن محمد العكلي، وطلحة بن عبد الملك التاجر، وعلي بن محمد بن عبد الصمد الدليلي، وعمر بن حسين بن حمدان الصائغ، وعمر بن عبد العزيز الوزَّان، وعبد الواحد بن إبراهيم الأردستاني، وأبو الطيب عبد الرزَّاق بن عمر بن شمَّة، وأبو الفضل عبد الرزَّاق بن أحمد البقَّال، وأبو طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، ومنصور بن الحسين التاني.

قال ابن مردويه في "تاريخه": ثقة مأمون، صاحب أصول.

وقال أبو نعيم: محدِّث كبير ثقة، صاحب مسانيد، سمع ما لا يحصى كثرة.

أبو طاهر أحمد بن محمود: سمعت أبا بكر بن المقرئ يقول: طفت الشرق والغرب أربع مرات.

وروى رجلان عن ابن المقرئ قال: مشيت بسبب نسخة مُفَضَّل بن فضالة سبعين مرحلة، ولو عُرِضَت على خباز برغيف لم يقبلها.

قال أبو طاهر بن سلمة: سمعت ابن المقرئ يقول: دخلت بيت المقدس عشر مرات، وحججت أربع حجات، وأقمت بمكة خمسة وعشرين شهرًا.

ورُوِيَ عن أبي بكر بن أبي علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلمَّا كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله، الجوع، فقال لي الطبراني: اجلس، فإمَّا أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علويّ ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفّتين فيهما شيء كثير، وقال: شكوتموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رأيته في النوم، فأمرني بحمل شيء إليكم.

قال الحافظ أبو موسى المديني: حدثنا معمر بن الفاخر، حدثنا عمِّي، سمعت أبا نصر بن أبي الحسن يقول: سمعت ابن سلامة يقول: قيل للصاحب إسماعيل بن عبَّاد: أنت رجل

ص: 382

معتزلي، وابن المقرئ محدِّث، وأنت تحبّه، قال: لأنه كان صديق والدي، وقد قيل: مودَّة الآباء قرابة الأبناء، ولأني كنت نائمًا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول لي: أنت نائم ووليّ من أولياء الله على بابك?! فانتبهت ودعوت، وقلت: مَنْ بالباب؟ فقال: أبو بكر بن المقرئ.

قال أبو عبد الله بن مهدي: سمعت ابن المقرئ يقول: مذهبي في الأصول مذهب أحمد بن حنبل، وأبي زرعة الرازي.

وكان ابن المقرئ خازن كتب إسماعيل بن عبَّاد. وما وقع لي من عواليه بالإجازة سوى نسخة مأمون التي انفرد بعلوِّها أبو سعد محمد بن عبد الواحد المديني. وقد سمع ابن المقرئ الحديث في نحو من خمسين مدينة، وانتقيت من معجمه أربعين حديثًا سمعتها بأربعين بلدًا، وكذلك انتقيت لأبي الحسين بن جُمَيْع الغساني أربعين بلديَّة.

قال أبو طاهر بن سلمة: سمعت ابن المقرئ يقول: استلمت الحجر في ليلة مائة وخمسين مرة.

توفِّي ابن المقرئ في شهر شوال سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة، وله ست وتسعون سنة.

ومات معه في العام: مقرئ نيسابور أبو بكر بن مهران مصنِّف "الغاية"، وراوي "الصحيح" عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، ومقرئ مصر أبو عديّ عبد العزيز بن علي ابن الإمام، وقاضي العراق أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف، وأبو بكر محمد بن يوسف بن دوسًا العلَّاف، وآخرون.

ص: 383

‌3494 - ابن مَحْمَويه:

الشيخ الصدوق، أبو سعيد، محمد بن الحسين بن موسى بن محمويه النيسابوري السِّمسار.

سمع إمام الأئمة ابن خزيمة، ومحمد بن جمعة الحافظ.

وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي.

مات في رمضان سنة ثمانين وثلاث مائة.

ص: 383

‌3495 - ابن شيرويه:

الشيخ المعمّر، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن شيرويه النيسابوري، نزيل فارس بمدينة فَسَا. ثقة صدوق.

سمع: الحسن بن سفيان، وابن خزيمة، وأبا العباس الثقفي.

روى عنه: محمد بن عبد العزيز القَصَّار، ووثَّقه وقال: قال لي: ولدت سنة إحدى وثمانين ومائتين.

وقال الحافظ أبو مسعود الدمشقي: سمعت أبا عمرو بن حمدان الحيري، وسئل عن أبي بكر بن شيرويه الذي يحدّث بفَسَا فقال: ما سمعنا مسند الحسن بن سفيان إلَّا حين قَدِمَ به والده، فوزن للحسن مائة دينار، فسمعنا معه.

قال ابن نقطة وغيره: توفِّي سنة ثمانين وثلاث مائة، وله تسع وتسعون سنة.

قلت: ضيَّعه أهل تلك الديار، ولم يغتنموا إسناده العالي.

‌3496 - القَطَّان:

الحافظ العالم، محدِّث دمشق، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن أيوب بن حيان الدمشقي القطان. له رحلة واسعة إلى الحجاز والعراق والجزيرة والنواحي.

حدَّث عن: أبي بكر الخرائطي، ومحمد بن مخلد العَطَّار وأبي العباس بن عقدة، ويعقوب الجصاص، وأبي سعيد ابن الأعرابي، وأمثالهم.

حدث عنه: تمام الرازي، وعبد الله بن محمد بن عطية، ومحمد بن عوف المزني، وآخرون.

لم يذكر له ابن عساكر وفاة.

‌3497 - البَلُّوطِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ، أبو الفرج، محمد بن الطيب بن محمد البغدادي البلوطي.

سمع أبا بكر بن أبي داود، وأبا ذر بن الباغندي، ومحمد بن سليمان النِّعالي.

حدَّث بالأهواز وغيرها.

حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم الحافظ، وآخرون.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 378"، والأنساب للسمعاني "2/ 298"، واللباب لابن الأثير "1/ 176".

ص: 384

‌3498 - الدَّارَكِيّ

(1)

:

الإمام الكبير، شيخ الشافعية بالعراق، أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الداركي الشافعي، سبط الحسن بن محمد الداركي الأصبهاني المحدِّث.

وُلِدَ بعد الثلاث مائة.

وروى عن جدِّه، ونزل بغداد.

وتفقَّه بأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، وتصدر للمذْهَب فتفقَّه به الأستاذ أبو حامد الإسفراييني، وجماعة. وانتهى إليه معرفة المذهب، وله وجوه معروفة منها: إنه لا يجوز السَّلم في الدقيق. وكان أبو حامد يقول: ما رأيت أفقه منه.

قال ابن خلكان: كان يُتَّهم بالاعتزال، وكان رُبَّما يختار في الفتوى، فيقال له في ذلك، فيقول: وَيْحَكُم! حدَّث فلان، عن فلان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، وكذا، والأخذ بالحديث أَوْلَى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة.

قلت: هذا جيد، لكن بشرط أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام من نظراء الإمامين مثل مالك، أو سفيان، أو الأوزاعي، وبأن يكون الحديث ثابتًا سالمًا من علة، وبأن لا يكون حجة أبي حنيفة، والشافعي حديثًا صحيحًا معارضًا للآخر، أمَّا من أخذ بحديث صحيح وقد تَنَكَّبه سائر أئمة الاجتهاد فلا، كخبر:"فإن شرب في الرابعة فاقتلوه"

(2)

، وكحديث "لعن الله السارق؛ يسرق البيضة فتقطع يده"

(3)

.

توفِّي الداركي ببغداد في شوال سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، وهو في عشر الثمانين. وكان ثقة صدوقًا.

ودارك: من أعمال أصبهان.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 463"، والأنساب للسمعاني "5/ 249"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 129"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 358"، والعبر "2/ 370"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 85".

(2)

صحيح: وقد تقدَّم تخريجنا له بإسهاب على نحوٍ يرضي جماهير علماء وطلاب علم الحديث ويروي غُلَّتَهم، فلله الحمد على ما حبانا به من علم.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "6783"، ومسلم "1687"، والنسائي "8/ 65".

ص: 385

‌3499 - ابن مِهْرَان

(1)

:

الإمام القدوة المقرئ، شيخ الإسلام، أبو بكر أحمد بن الحسين بن مِهْرَان، الأصبهاني الأصل، النيسابوري، مصنِّف "الغاية في القراءات".

وُلِدَ سنة خمس وتسعين ومائتين.

وسمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وابن خزيمة، وأبا العباس السَّرَّاج، ومكي بن عبدان، وجماعة.

وتلا بالعراق على زيد بن أبي بلال، وأبي الحسين بن بويان، وأبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكار، وابن مِقْسَم، وبدمشق على أبي الحسن محمد بن النضر الأخرم.

روى عنه: الحاكم، وابن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وعبد الرحمن بن عَلّيك، وأبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ.

وتلا عليه مهدي بن طرارة، وطائفة.

قال الحاكم: كان إمام عصره في القراءات، وكان أعبد من رأينا من القرَّاء، وكان مجاب الدعوة. انتقيت عليه خمسة أجزاء، وقرأت عليه ببخارى كتاب "الشامل" له، في القراءات.

توفِّي في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

وتوفِّي معه العامري

(2)

الفيلسوف، فحدَّثني عمر بن أحمد الزاهد، عن ثقة رأى ابن مهران في النوم ليلة دفنه، فقلت: أيها الأستاذ، ما فعل الله بك? قال: الله أقام أبا الحسن العامري بحذائي، وقال: هذا فداؤك من النار.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 12"، والعبر "3/ 16"، والنجوم الزاهرة لابن التغري بردي "4/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 98".

(2)

هو أبو الحسن، محمد بن يوسف العامري النيسابوري، عالم بالمنطق والفلسفة اليونانية، ترجمته في الأعلام للزركلي "7/ 148".

ص: 386

‌3500 - حُسَيْنَك

(1)

:

الإمام الحافظ الأنبل القدوة، أبو أحمد، الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي النيسابوري حسينك، ويقال له أيضًا: ابن مُنَيْنَةَ.

سمع عمر بن أبي غيلان، وأبا القاسم البغوي، والباغندي، وابن خزيمة، وأبا العبَّاس الثقفي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وطبقتهم.

وعنه: الحاكم، والبرقاني، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقة حجة.

وقال الحاكم: الغالب على سماعاته الصدق. وهو شيخ العرب في بلدنا، ومن وَرِثَ الثروة القديمة، وسلفه جِلَّة، صحبته حضرًا وسفرًا، فما رأيته ترك قيام الليل من نحو ثلاثين سنة، فكان يقرأ سبعًا كل ليلة، وكانت صدقاته دارةً سرًّا وعلانية. أخرج مرة عشرة من الغزاة بآلتهم عوضًا عن نفس، ورابط غير مرة. قال: وأوّل سماعه في سنة خمس وثلاث مائة. وكان ابن خزيمة يبعثه إذا تخلَّف عن مجلس السلطان ينوب عنه. وكان يعزه ويقدمه على أولاده، وفي حجره تربَّى، توفي في ربيع الآخر سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

قلت: عاش نيفًا وثمانين سنة.

أخبرنا ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي، أخبرنا البغوي، حدثنا هدبة، حدثنا حمَّاد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كانت شجرة تضرُّ بالطريق، فقطعها رجل، فنحّاها عن الطريق، فغُفِرَ له" رواه مسلم

(2)

. .

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 74"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 127"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 909"، والعبر "2/ 368"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 147"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 84".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم في "البر والصلة""1914""130""ج 4/ ص 202" من طريق بهز، حدثنا حماد بن سلمة، به.

ص: 387

‌3501 - ابن حَيّويه

(1)

:

الإمام المحدِّث الثقة المسند، أبو عمر، محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى البغدادي الخزاز، ابن حَيّويه، من علماء المحدِّثين.

سمع أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن خلف بن المرزبان، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وأبا القاسم البغوي، وابن أبي داود، وعبيد بن المؤمَّل، وعبيد الله بن عثمان العثماني صاحب ابن المديني، وبدر بن الهيثم، وأبا حامد الحضرمي، ومحمد بن هارون المجدر، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو بكر البرقاني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو محمد الخلّال، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون.

وروى الكتب المطوَّلة.

قال الخطيب: كان ثقة، كتب طول عمره، وروى المصنَّفات الكِبَار. مولده في خمس وتسعين ومائتين. حدَّثني أبو القاسم الأزهري قال: كان ابن حَيّويه مكثِرًا، وكان فيه تسامح، رُبَّما أراد أن يقرأ شيئًا ولا يكون أصله قريبًا منه، فيقرؤه من كتاب أبي الحسن بن الرزَّاز؛ لثقته بذلك الكتاب، ثم قال: وكان مع ذلك ثقة.

قال الخطيب: سألت البرقاني عنه فقال: ثقة ثَبْت حُجَّة. قال العتيقي: مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن عمر، حدثنا ابن حَيّويه، حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة، حدثنا عبدة بن عبد الله، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا مسعر، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن البراء قال:"كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعوده وركوعه وسجوده لا يُدْرَى أيّهُ أطول؟ "

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 121"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 170"، والعبر "3/ 21"، ولسان الميزان "5/ 214"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 104".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "792"، "801"، ومسلم "471"، "194"، والترمذي "279"، والنسائي "2/ 197"، من طريق شعبة، عن الحكم، به.

ص: 388

‌3502 - القَزْوِيْني:

الإمام المعمَّر، شيخ القراء، أبو الحسن، علي بن أحمد بن صالح بن حماد القزويني.

سمع من: يوسف بن عاصم الرازي، ومحمد بن مسعود الأسدي، ويوسف بن حمدان.

وأخذ القراءات عن أبي عبد الله الحسين بن علي الأزرق، والعباس بن الفضل بن شاذان. وقَدِمَ بغداد فجالس ابن مجاهد، وبحث معه، وتصدَّر للإقراء دهرًا طويلًا.

ترجمه الخليلي، وحدَّث عنه، وهو من كبار مشايخه. قال: وتوفِّي في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة. قال: وولد سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

‌3503 - ابن يَبْقَى

(1)

:

العلَّامة شيخ المالكية، أبو بكر، محمد بن يَبْقَى بن زرب بن يزيد القرطبي الفقيه.

كان عجبًا في حفظ المذهب.

سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الله بن أبي دُلَيْم. وتفقَّه باللؤلؤي.

وكان ابن السليم القاضي يقول: لو رآك ابن القاسم لعجب منك.

وله مؤلَّف في الرَّدِّ على ابن مَسَرَّة، وعدة تصانيف.

وكان جَمّ الفضائل.

مات في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

‌3504 - النَّسَائِيّ

(2)

:

الفقيه المفتي، مسند خراسان، أبو القاسم، عبد الله بن أحمد بن محمد بن يعقوب النسائي الشافعي. خاتمة من سمع من الحسن بن سفيان مسنده، ومَنْ سمع مِن عبد الله بن محمد بن شيرويه مسند إسحاق. وقد ارتحل إلى العراق، وسمع من محمد بن محمد الباغندي، وجماعة.

حدَّث عنه الحاكم، وغيره.

ولم يقع لي من عواليه.

وقد حدَّث ببغداد في أيام عثمان بن السَّمَّاك، فسمع منه أحمد بن جعفر الختلي، وأبو القاسم عبد الله بن الثّلاج، وعاش إلى هذا الوقت.

قال الخطيب: قال الحاكم: توفِّي في شوال سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة بنَسَا.

وعندي في "تاريخ الحاكم" أنه توفِّي سنة أربع وثمانين، فالله أعلم.

قال الحاكم: وكان شيخ العدالة والعلم بنَسَا، وعاش نيفًا وتسعين سنة رحمه الله.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 19"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 101".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 394"، والعِبَر "3/ 20"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 103".

ص: 389

‌3505 - السَّرْخَسِيّ

(1)

:

الشيخ الجليل، أبو القاسم، عبيد الله بن عبد الله بن محمد السرخسي، التاجر، مسند بخارى.

حدَّث عن: محمد بن عبد الرحمن الدغولي، ومحمد بن حمدويه المروزي، والقاضي المحاملي، ومحمد بن جعفر المطيري، ومنصور بن محمد البزدوي صاحب البخاري.

وعنه: ابن أبي الفوارس، وأبو سعد الماليني، ومحمد بن طلحة النَّعالي.

أثنى عليه الحافظ جعفر الإدريسي، ووثَّقه ووصفه بالصلاح.

قال: قدم نسف سنة (327) لسماع الصحيح من أبي طلحة منصور.

مات في رجب سنة ثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 364".

ص: 390

‌3506 - العسكري

(1)

:

الإمام المحدِّث الأديب العلَّامة، أبو أحمد، الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، صاحب التصانيف.

سمع من: عبدان الأهوازي، وأحمد يحيى التستري، وأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ومحمد بن جرير الطبري، وأبي بكر بن دريد، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، ومحمد بن علي بن روح المؤدب، وأبي بكر بن زياد، والعباس بن الوليد الأصبهاني، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن محمد بن جعفر اليزدي الأصبهاني، وأبو الحسن علي بن أحمد النعيمي، وأبو الحسين محمد بن الحسين الأهوازي، والمقرئ أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، وأبو نعيم الحافظ، وأبو بكر محمد بن أحمد الوادعي، وعبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، وأحمد بن محمد بن زنجويه، ومحمد بن منصور بن حَيْكَان التستري، وعلي بن عمر الإيذجي، وأبو سعيد الحسن بن علي بن بحر التستري السقطي، وآخرون.

قال الحافظ أبو طاهر السِّلَفي: كان أبو أحمد العسكري من الأئمة المذكورين بالتصرف في أنواع العلوم، والتبحُّر في فنون الفهوم، ومن المشهورين بجودة التأليف وحسن التصنيف، ألَّف كتاب "الحكم والأمثال"، وكتاب "التصحيف"، وكتاب "راحة الأرواح"، وكتاب "الزاوجر والمواعظ" وعاش حتى علا به السن، واشتُهِر في الآفاق.

انتهت إليه رئاسة التحدث والإملاء للآداب، والتدريس بقطر خوزستان، وكان يملي بالعسكر وبتستر ومدن ناحيته.

أخبرنا بنسبه أبو علي الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، حدثنا أبو الحسين بن الطيوري، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن علي السقطي بالبصرة، حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن إسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري إملاءً سنة ثمانين وثلاث مائة بتُسْتُر، فذكر مجالس من أماليه. قال السِّلَفي: هي عندي.

ولما توفي رثاه الصاحب إسماعيل بن عبَّاد فقال:

قالوا مضى الشيخ أبو أحمد

وقد رثوه بضروب النُّدَب

فقلت ما ذا فقد شيخ مضى

لكنَّه فَقْدُ فنون الأدب

أرَّخ أبو حكيم أحمد بن إسماعيل بن فضلان العسكري اللغوي، وفاة أبي أحمد في يوم الجمعة لسبع خَلَوْنَ من ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

قلت: أظنّه جاوز التسعين.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 272"، والأنساب للسمعاني "8/ 452"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 191"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 233"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 164"، والعبر "3/ 20"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163، 196"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 102".

ص: 391

‌3507 - الحسن بن عبد الله:

سَمِيُّه وعصريُّه، الفقيه المسند المحدّث، أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي الحمصي، نزيل بعلبك.

حدَّث عن: سعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأبي الحسن بن جوصا.

روى عنه: الحسن بن الأشعث المَنْبَجِي، وعلي بن أحمد الربعي، وجماعة.

وقع لي جزء من حديثه.

لم أظفر بموته، لكنه حدَّث في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

‌3508 - الكرابيسي

(1)

:

الشيخ الصالح المسند، أبو سعيد، محمد بن بشر بن العباس النيسابوري، البصري الأصل، الكرابيسي.

سمع أبا لبيد السرخسي، وأبا بكر بن خزيمة، وأبا القاسم البغوي، وجماعة، وكان ختن الحافظ أبي الحسين الحجَّاجي.

روى عنه الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وجماعة.

توفِّي في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، عن إحدى وثمانين سنة.

‌3509 - نَقَّاش الفِضَّة

(2)

:

العلَّامة أبو جعفر، محمد بن أحمد بن العباس السلمي، البغدادي الجوهري الأشعري، نقاش الفضة، وتلميذ أبي الحسن الأشعري.

سمع محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، والحسن بن محمي، وغيرهم.

حدث عنه: أبو علي بن شاذان، وعبيد الله الأزهري، وعلي بن المحسن التنوخي، وآخرون.

وثَّقه الأزهري وقال: كان أحد المتكلمين على مذهب أبي الحسن، ومنه تعلَّم ابن شاذان علم الكلام. مات في المحرم سنة تسع وسبعين وثلاث مائة، وله خمس وثمانون سنة.

قلت: حدَّث من حفظه بحديث باطل كأنه أخطأ فيه، سقته في "التاريخ الكبير".

(1)

ترجمته في العبر "3/ 8"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 325"، والعبر "3/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 94".

ص: 392

‌3510 - الزُّبَيْدِيّ

(1)

:

إمام النَّحو أبو بكر محمد بن الحسن بن عبيد الله بن مذحج الزبيدي الشامي الحمصي، ثم الأندلسي الإشبيلي صاحب التصانيف.

سمع سعيد بن فحلون، وقاسم بن أصبغ، وأبا علي القالي، وأخذ العربية عن القالي، وعن عبد الله الرياحي.

روى عنه: ولده؛ أبو الوليد محمد بن محمد، وإبراهيم بن محمد الأفليلي، وولده الآخر؛ أبو القاسم أحمد الأديب قاضي إشبيلية.

طلب المستنصر صاحب الأندلس أبا بكر الزبيدي من إشبيلية إلى قرطبة للاستفادة منه، فأدَّب جماعة، واختصر كتاب "العين"، وألف "الواضح" في العربية، وهو مؤدّب المؤيد بالله هشام.

توفِّي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وثلاث مائة، وله ثلاث وستون سنة.

وعاش ولده أبو الوليد إلى سنة نيف وأربعين وأربع مائة، فكان آخر من حدَّث عن والده.

قال ابن خلكان: كان أبو بكر أوحد عصره في علم النحو وحفظ اللغة، وكان أخبر أهل زمانه بالإعراب والمعاني والنوادر، إلى علم السير والأخبار، لم يكن بالأندلس في فَنِّه مثله في زمانه. وله كتب تدل على علمه منها: كتاب "طبقات النحاة واللغويين"، وله في الردِّ على ابن مسرة، وأشياء مفيدة، وله نظم بديع.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 249"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 179"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 651"، والعبر "3/ 12"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 94".

ص: 393

‌3511 - ابن المُظَفَّر

(1)

:

الشيخ الحافظ المجوّد، محدِّث العراق، أبو الحسين، محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى بن محمد البغدادي.

قال: أبي من سامَرَّاء، وولدت أنا ببغداد في أول سنة ست وثمانين ومائتين، وأول سماعي في سنة ثلاث مائة.

وقيل: إنه من ذرية سَلَمَة بن الأكوع رضي الله عنه، فسئل عن هذا فقال: لا أعلم صحة ذلك.

سمع من: حامد بن شُعَيْب البلخيّ، وأبي بكر بن الباغندي، وأبي القاسم البغويّ، والهيثم بن خلف الدوري، وقاسم بن زكريا المطرَّز، وأحمد بن الحسن الصوفّي، ومحمد بن جرير الطبريّ، وعبد الله بن صالح البخاريّ، ومحمد بن زبان المصري، وعلي بن أحمد علّان، وأبي جعفر الطحاوي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبي عروبة الحراني، والحسين بن محمد بن جمعة، ومحمد بن خريم، ومحمد بن عبد الحميد الفرغاني، وأبي الحسن بن جوصا، وطبقتهم ببغداد وواسط والكوفة، والرقة وحران، وحمص وحلب ومصر، وأماكن.

وتقدَّم في معرفة الرجال، وجمع وصنَّف، وعُمِّر دهرًا، وبَعُدَ صيته، وأكثر الحفَّاظ عنه مع الصدق والإتقان، وله شهرة ظاهرة، وإن كان ليس في حفظ الدارقطني.

حدَّث عنه: أبو حفص بن شاهين، والدارقطني، والبرقاني، وابن أبي الفوارس، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعد الماليني، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو نعيم، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو القاسم الجوهري، وعبد الوهاب بن برهان، والقاضي محمد بن عمر الداوودي، وخلق سواهم.

قال الخطيب: كان ابن المظَفَّر فهمًا حافظًا صادقًا مكثرًا.

قال أبو ذر الهرويّ: سمعت ابن أبي الفوارس يقول: سألت ابن المظَفَّر عن حديث عن الباغندي، عن ابن زيد المنادي، عن عمرو بن عاصم، عن شعبة فقال: ليس هو عندي، قلت: لعلَّه عندك، قال: لو كان عندي كنت أحفظه، وعندي عن الباغندي مائة ألف حديث، ليس عندي هذا.

قال البرقاني: كتب الدارقطني ألوفًا عن أبي المظَفَّر.

وقال الخطيب: حدثنا عمر بن محمد الداوودي قال: رأيت الدارقطنيّ يُعَظِّم ابن المظَفَّر ويُجِلُّه، ولا يستند بحضرته، ورأيت من أصوله في الوراقين شيئًا كثيرًا، فسألت عنها ورَّاقًا فقال: باعني ابن المظَفَّر منها ثمانين رطلًا. قال محمد بن عمر: وكانت كلها عن ابن صاعد، كتبها عنه بخطه الدقيق، فجئت إليه فسألته عنها، فقال: أنا بعتها، وهل أؤمّل أن يكتب عنِّي حديث ابن صاعد. أو كما قال.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 262"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 152"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 916"، والعِبَر "3/ 12"، وميزان الاعتدال "4/ 43"، ولسان الميزان "5/ 383"، والنجوم الزاهرة "4/ 155"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 96".

ص: 394

قال السُّلَمي: سألت الدارقطني عن ابن المظَفَّر فقال: ثقة مأمون. قلت: يقال: إنه يميل إلى التشيع، قال: قليلًا بقدر ما لا يضر -إن شاء الله.

قال أبو نعيم: هو حافظ مأمون.

وقال القاضي أبو الوليد الباجي: ابن المظَفَّر حافظ، فيه تشيع ظاهر.

قال أبو ذر الهروي: سمعت ابن حنيف يقول: كان ابن المظَفَّر خَرَّج أوراقًا في مثالب أصحاب الحديث، ويهديه لبعض أصحاب السلطان المعروفين بالرفض، فوقع ذلك الجزء في يدي، فدخلت أنا وابن أخي ميمي وأبو الحسين بن الفرات عليه، فلمَّا رأى الجزء معنا تغيِّر، وأخذ يعتذر، فلاطفناه وقرأناه عليه.

مات في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاث مائة يوم الجمعة. قاله العتيقي.

وفيها مات شيخ اللغة بالأندلس أبو بكر محمد بن الحسن الزَّبِيدي القرطبي، ومحدِّث دمشق الإمام أبو سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن زبر الربعي، وأبو الحسين محمد بن النضر بن النحاس الموصلي راوي "معجم أبي يعلى" عنه، والمعمر أبو بكر هلال بن محمد بن محمد البصري ابن أخي هلال الرأي، وهو آخر من روى عن الكجي.

قال إبراهيم بن محمد الرعيني: قَدِمَ علينا ابن المظَفَّر مصر، وكان أحول أشج، فحضر عند عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، فقال له: إن هذا الذي تَمَلّه علينا هو عندنا كثير بالعراق، ونريد حديث مصر، فكان ذلك مبدأ إخراج القزويني حديث عمرو بن الحارث، فكان منه الذي كان من تكثير الناس عليه، حتى قال أبو الحسن الدارقطني: وضع القزويني لعمرو بن الحارث أكثر من مائة حديث.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عمر بن طَبْرَزَد، أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا محمد بن المظفر، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا عبد الحميد بن بيان، حدثنا هشيم، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له"

(1)

.

هذا حديث غريب، لم يقل فيه:"إلّا من عذرٍ".

(1)

صحيح: أخرجه ابن ماجه "793"، والدارقطني "1/ 420"، والحاكم "1/ 245"، والطبراني "12265"، والبيهقي "3/ 57"، والبغوي "795" من طريق شعبة، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود "551"، والدارقطني "1/ 420 - 421"، والحاكم "1/ 245 - 246"، والطبراني "12266" من طريق قتيبة بن سعيد، عن جرير، عن أبي جناب، عن مغراء العبدي، عن عدي بن ثابت، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو جناب، واسمه يحيى بن أبي حية الكلبي، ضعَّفوه لكثرة تدليسه.

ص: 395

‌3512 - يحيى بن مالك

(1)

:

ابن عائذ، الإمام المجوّد الحافظ المحقّق، أبو زكريا الأندلسي.

سمع أبا عمر عبد ربه صاحب "العقد"، وعبد الله بن يونس المقرئ، وعِدَّة، وفي المرحلة من أبي سهل القطَّان، وعبد الباقي بن قانع، ودعلجا السجزي.

روى عنه: الحسن بن رشيق -أحد شيوخه، ومحمد بن أحمد بن القاسم المحاملي الشافعي، وأبو الوليد بن الفرضي، ويحيى بن علي الطحان، وجماعة.

أملى بجامع قرطبة.

قال التنوخي أبو علي في "النشوار": حضرت مجلس أبي الفرج صاحب "الأغاني" فقال: لم نسمع بمن مات فجاءةً على المنبر، فقال شيخ أندلسي قد لزم أبا الفرج، اسمه يحيى بن عائذ: إنه شاهد في جامع بلده بالأندلس خطيبهم وقد صعد يوم الجمعة ليخطب، فلما بلغ يسيرًا من الخطبة خَرَّ ميتًا فوق المنبر، فأنزل، وطلبوا في الحال من خطب.

قال أبو إسحاق الحبَّال: مات ابن عائذ بالأندلس في شعبان سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 936"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 93".

ص: 396

‌3513 - ابن مسرور

(1)

:

الإمام الحافظ المحدّث الرحَّال، أبو الفتح، عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخي، نزيل مصر.

روى عن: الحسين بن محمد المطبقي، وطبقته ببغداد، وأحمد بن سليمان بن زبان، وطبقته بدمشق، وأبي سعيد بن يونس، وابن السندي، وأبي عمر محمد بن يوسف الكندي، وخلق بمصر.

حدَّث عنه: الحافظ عبد الغني، وعمر بن الخَضِر الثمانيني، وأحمد بن عمر بن قديد، وآخرون.

مات في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 939"، والعبر "3/ 7 - 8"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 92".

ص: 396

‌3514 - ابن شَبُّويَه

(1)

:

الشيخ الثقة الفاضل، أبو علي، محمد بن عمر بن شبُّويه، الشبوي المروزي.

سمع الصحيح في سنة ست عشرة وثلاث مائة من أبي عبد الله الفِرَبْرِي، وكان من كبار مشايخ الصوفية.

حدَّث بمرو بـ "الصحيح" في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، رواه عنه سعيد بن أبي سعيد العيار.

قال أبو بكر السمعاني: لما توفي الشَّبوي سمع الناس "الصحيح" من الكُشْمِيهَني.

وقد ذكره السُّلَمي في طبقات الصوفية، وقال: كان من أصحاب أبي العباس السياري. له لسان ذرب في علوم القوم، وكان الأستاذ أبو علي الدقاق يميل إليه، وهو الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: قلت يا رسول الله: "شيبتني هود وأخواتها"

(2)

ما الذي شيبك منها? قال قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112].

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 107"، والأنساب للسمعاني "7/ 285"، واللباب لابن الأثير "2/ 183".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "3297"، وابن سعد "1/ 435"، وأبو نعيم في "الحلية""4/ 350"، والحاكم "2/ 344"، والضياء في "الأحاديث المختارة""66/ 75/ 1" من طريق شيبان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت؟ قال: "شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت".

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث ابن عباس إلّا من هذا الوجه".

قلت: قد تابعه أبو الأحوص عن أبي إسحاق الهمداني به. أخرجه الحاكم "2/ 476" وقال: "صحيح على شرط البخاري"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وإن كان قد أُعِلَّ بالاختلاف في إسناده، فقد اتفق شيبان وأبو الحوص على وصله من هذا الوجه، وهما ثقتان، فاتفاقهما حُجَّة.

وللحديث متابعات وشواهد يضيق المكان عن ذكرها واستيعابها، منها: شاهد عن عمران بن الحصين مرفوعًا، أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد "3/ 145" من طريق محمد بن سيرين عنه، به. وإسناده حسن.

ص: 397

‌3515 - ابن حَسْكَويه:

الشيخ أبو نصر، أحمد بن حسين بن محمد بن حَمُّويه بن حَسْكَويه النيسابوري، الورَّاق، المؤذِّن.

سمع أحمد بن محمد الماسرجسي، وابن خزيمة، والسراج، وطائفة.

وعنه: الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي.

توفِّي في شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

‌3516 - ابن ناقب

(1)

:

الشيخ أبو بكر محمد بن حمّ بن ناقب البخاري الصفَّار.

أحد من حدَّث بـ "صحيح البخاري" عن أبي عبد الله الفربري.

وسمع أيضًا من الحسين بن إسماعيل الفارسي، ومحمد بن سعيد.

توفِّي بسمرقند في ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

‌3517 - ابن كنانة:

المحدِّث المتقن، أبو عمر، أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن كِنَانَة اللخْمِيّ القرطبي، ويعرف أيضًا بابن العَنَّان.

سمع من: أحمد بن خالد الحافظ، وابن أيمن ومحمد بن قاسم، وحجَّ فسمع من أبي سعيد الأعرابي، وأحمد بن مسعود الزبيري.

ذكره ابن الفرضي فقال: سمع الناس منه كثيرًا. وحدَّث عنه محمد بن السليم القاضي في حياته، وكان ثقة خيارًا، وسيمًا ضابطًا، جيد التقييد، كان من أوثق من كتبنا عنه. قال لي: ولدت سنة تسع وتسعين ومائتين، توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

‌3518 - الشَّافعي

(2)

:

العلَّامة أبو عبد الله، محمد بن القاسم الأصبهاني، المشهور بالشافعي.

قال أبو نعيم: متكلِّم على مذهب الأشعري. مات في ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة. كثير المصنَّفات في الفقه والأصول والأحكام.

سمع الكثير بالعراق من محمد بن سليمان المالكي، وأبي علي اللؤلؤي، وجماعة. قال: وكان يعرف بالنتيف.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 422".

(2)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 300".

ص: 398

‌3519 - السِّمْسَار:

محمد بن الحسين بن موسى، أبو سعيد السِّمْسَار النيسابوري، من أولاد المحدثين.

سمع: ابن خزيمة، وأبا قريش.

وعنه: الحاكم، وجماعة.

توفِّي سنة ثمانين وثلاث مائة في رمضان.

‌3520 - ابن مَعْقِل:

الشيخ الصالح العابد الرئيس المحتشم، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن محمد بن محفوظ بن معقل النيسابوري، أحد المجتهدين في العبادة.

سمع ابن خزيمة، وأحمد بن محمد الماسرجسي، وأبا العباس الثقفي.

روى عنه الحاكم وقال: رأيت أصوله صحيحه، وأكثرها بخطِّه.

توفِّي في ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

‌3521 - ابن معروف

(1)

:

قاضي القضاة، شيخ المعتزلة، أبو محمد، عبيد الله بن أحمد بن معروف البغدادي.

سمع من: ابن صاعد، وابن حامد الحضرميّ، ومحمد بن نوح، وابن نيروز الأنماطي.

وكان من أجلاد الرجال وألباء القضاة، ذا ذكاء وفطنة، وعزيمة ماضية، وبلاغة وهيبة، إلَّا أنه كان مجردًا في الاعتزال بلية.

روى عنه: أبو محمد الخلّال، والعتيقي، وعبد الواحد بن شيطا، وأبو جعفر بن المُسْلِمة.

ووثَّقه بجهل الخطيب، وبالغ في تعظيمه، وقال: كان يجمع وسامة في منظره، وظرفًا في ملبسه، وطلاقة في مجلسه، وبلاغة في خطابه، قد ضرب في الأدب بسهم، وأخذ من الكلام بحظ، وله نظم رائق.

مات في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 365"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 166"، والعبر "3/ 18"، وميزان الاعتدال "3/ 3"، ولسان الميزان "4/ 96"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 162"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 101".

ص: 399

‌3522 - الرازي

(1)

:

الشيخ المعمّر الزاهد، شيخ الصوفية، مسند الوقت، أبو سعيد، عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير بن عبد الوهاب بن عطاء بن واصل القرشي الرازي، نزيل نيسابور.

حدَّث عن محمد بن أيوب بن الضريس، ويوسف بن عاصم، وسمع في الرحلة بدمشق من ابن جوصا، وأبي هاشم محمد بن عبد الأعلى، وببغداد من يحيى بن صاعد، وبالريّ أيضًا من عبد الرحمن بن أبي حاتم، وعُمِّر دهرًا.

حدَّث عنه: الحاكم، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسن بن المؤمل، وشيخ الإسلام إسماعيل الصابوني، وأخوه أبو يعلى، ومحمد بن عبد العزيز المروزي، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

ووصفه الكنجروذي بالصَّلاح. وساق نسبة كما مَرَّ.

وقال الحاكم: جَاور بمكة، وقصد أبا علي الثقفي ليصحبه في سنة خمس وعشرين وثلاث مائة، وقد دخلت عليه في أوّل سنة إحدى وثمانين لما بلغني خروجه إلى مَرْو، فسألته عن سنِّه، فذكر أنه ابن ثلاث وتسعين سنة، ولم يزل كالريحانة عند مشايخ الصوفية ببلدنا. ثم بلغني أنه دخل بخارى وحدَّث بها، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

قلت: حديثة مستقيم، ولم أر أحدًا تكلَّم فيه، وسماعه من ابن الضريس يقتضي أن يكون وله ستة أعوام.

قال الخليلي: ادَّعى بنيسابور بعد السبعين وثلاث مائة شيخ يقال له: أبو سعيد السجزي، فروى عن ابن الضريس وتكلموا فيه، ولم يصح سماعه منه، ومحمد بن أيوب متفق عليه.

قلت: أبو سعيد السجزي آخر -إن شاء الله، ما هو صاحب الترجمة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 21"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 163"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 103".

ص: 400

‌3523 - ابن شاذان

(1)

:

الشيخ الإمام، المحدّث الثقة المتقن، أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران البغدادي البزّاز، والد أبي علي بن شاذان.

سمع أبا القاسم البغوي، والحسن بن محمد بن غنبر، ويحيى بن صاعد، وأحمد بن محمد بن المغلس، وأبا بكر بن دريد، وعِدّة، وسمع بدمشق من أحمد بن زبان الكندي.

روى عنه: رفيقه أبو الحسن الدارقطني، وابناه؛ أبو علي وعبد الله، وأبو محمد الخلّال، والتنوخي، والجوهري، وآخرون، وكان يُجَهِّز البز إلى مصر.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا، كثير الحديث، وُلِدَ في ربيع الأول سنة ثمان وتسعين ومائتين، وسمع وهو ابن خمس سنين.

قال أبو ذر الهروي: ما رأيت ببغداد في الثقة مثل القواس، وبعده أبو بكر بن شاذان، فقال لأبي ذر ورَّاقه: ولا الدارقطني؟ قال: الدارقطني إمام.

وقال عبيد الله الأزهري: سمعت أبا بكر بن شاذان يقول: جاءوني بجزء في سماعي من محمد بن محمد الباغندي سنة تسع وثلاث مائة، ولم يكن لي به نسخة، فلم أحدِّث به.

قال الأزهري: كان حجَّةً ثبتًا.

قلت: مات في شوال سنة ثلاث وثماني وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 18"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 127"، والعبر "3/ 22"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 164"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 104".

ص: 401

‌3524 - الجوري:

الشيخ الفقيه المسند، أبو سعيد، أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الحنفي، ويقال له: الجوري.

سمع أبا بكر بن خزيمة، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، وعبد الرحمن بن الحسين الحنفي.

وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

درَّس وأفْتَى مدة وعمّر دهرًا.

توفِّي في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة، عن نيف وتسعين سنة.

ويروي أيضًا عن السراج، وأبي نعيم بن عدي، وابن شَنَبُوذ.

‌3525 - الفَنَّاكي

(1)

:

الشيخ أبو القاسم، جعفر بن عبد الله بن يعقوب بن الفَنَّاكي الرازي، راوي "مسند الحافظ محمد بن هارون الروياني" عنه، وقد سمع أيضًا من عبد الرحمن بن أبي حاتم.

قال الخليلي: هو موصوف بالعدالة وحسن الديانة.

روى عنه: هبة الله اللالكائي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن بندار الرازي.

توفِّي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

وفيها مات أبو بكر بن شاذان، وعلي بن حسان الجدلي صاحب مطين، والمحدّث أبو الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي العطار، وأبو سعيد الجوري.

‌3526 - ابن شاهين

(2)

:

الشيخ الصدوق الحافظ العالم، شيخ العراق، وصاحب التفسير الكبير، أبو حفص، عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن أيوب بن أزداذ البغدادي، الواعظ.

مولده بخطّ أبيه في صفر سنة سبع وتسعين ومائتين.

وقال هو: أوّل ما كتبت الحديث بيدي في سنة ثمان وثلاث مائة.

سمع أبا بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وأبا خبيب العبَّاس بن البرتي، وأبا بكر بن أبي داود، وشعيب بن محمد الذارع، وأبا علي محمد بن سليمان المالكي، ويحيى بن صاعد، وأبا حامد الحضرمي، وأبا بكر بن زياد، ومحمد بن هارون بن

(1)

ترجمته في العبر "3/ 23"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 165"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 104".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 265"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 182"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 923"، والعبر "3/ 29"، ولسان الميزان "4/ 283"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 117".

ص: 402

المجدّر، والحسين بن أحمد بن بسطام، ونصر بن القاسم الفرائضي، ومحمد بن صالح بن زغيل، ومحمد بن زهير الأبلي.

وارتحل بعد الثلاثين، فسمع بدمشق من: أحمد بن سليمان بن زبان، وأبي إسحاق بن أبي ثابت، وأبي عليّ بن أبي حذيفة.

وجمع وصنَّف الكثير، وتفسيره في نيف وعشرين مجلَّدًا، كله بأسانيد.

حدَّث عنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل الورَّاق رفيقه، وأبو سعد الماليني، وأبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد العتيقي، وابنه عبيد الله بن عمر، وأبو محمد الجوهري، والحسن بن محمد الخلّال، وأبو طالب العُشَاري، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو القاسم التنوخيّ، وخلق كثير.

قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: ثقة مأمون، صنَّف ما لم يصنفه أحد.

وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة أمينًا، يسكن بالجانب الشرقيّ.

وقال الأمير أبو نصر: هو الثقة الأمين، سمع بالشام والعراق وفارس والبصرة، وجمع الأبواب والتراجم، وصنَّف كثيرًا.

الخطيب: أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي، أنَّ ابن شاهين قال لهم: أوّل ما كتبت سنة ثمان وثلاث مائة، وصنَّف ثلاث مائة مصنّف، أحدها "التفسير" ألف جزء، و"المسند" ألف وثلاث مائة جزء، و"التاريخ" مائة وخمسين جزءًا، و"الزهد" مائة جزء، وأوَّل ما حدثت بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة.

قال الخطيب: سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عمر الداوودي، سمعت أبا حفص بن شاهين يقول: حسبت ما اشتريت به الحبر إلى هذا الوقت فكان سبع مائة درهم. قال الداوودي: وكنَّا نشتري الحبر أربعة أرطال بدرهم، قال: وكتب أبو حفص بعد ذلك زمانًا.

قال حمزة السهمي: سمعت الدارقطني يقول: ابن شاهين يلح على الخطأ وهو ثقة.

وقال أبو الوليد الباجي: هو ثقة.

وقال أبو القاسم الأزهري: كان ثقة، عنده عن البغوي سبع مائة جزء.

قال الخطيب: وسمعت محمد بن عمر الداوودي يقول: ابن شاهين ثقة يشبه الشيوخ، إلَّا أنه كان لَحَّانًا، وكان أيضًا لا يعرف من الفقه لا قليلًا ولا كثيرًا، وإذا ذكر له مذاهب الفقهاء

ص: 403

كالشافعي وغيره، يقول: أنا محمدي المذهب. قال لي أبو الحسن الدارقطني يومًا: ما أعمى قلب أبي حفص بن شاهين! حمل إليَّ كتابه الذي صنَّفه في التفسير، وسألني أن أصلح ما فيه من الخطأ، فلقيته قد نقل "تفسير أبي الجارود"، وفرَّقه في الكتاب، وجعله عن أبي الجارود، عن زياد بن المنذر، وإنما هو اسم أبي الجارود، ثم قال الداوودي: وسمعت ابن شاهين يقول: أنا أكتب ولا أعارض. وكذا حكى عنه البرقاني -يعني: ثقة بنفسه فيما ينقل، قال البرقاني: فلذلك لم أستكثر منه زهدًا فيه.

قلت: وتفسيره موجود بمدينة واسط اليوم.

وقال الداوودي: رأيت ابن شاهين اجتمع مع الدارقطني يومًا، فما نطق حرفًا.

قلت: ما كان الرجل بالبارع في غوامض الصنعة، ولكنه راوية الإسلام رحمه الله.

قال العتيقي: مات في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

قلت: عاش تسعًا وثمانين سنة، وعاش بعد الدارقطني أيامًا يسيرة، ومات قبلها في العام؛ الزاهد القدوة المحدّث أبو الفتح يوسف بن عمر القوَّاس.

وفيها مات: وزير العجم الصاحب إسماعيل بن عباد الطالقاني، ومحدث مصر أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، وشاعر وقته أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة العباسي البغدادي، والقاضي علي بن الحسين الأذني صاحب ابن فيل.

أنبأنا المسلم بن محمد الكاتب، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي العباسي لفظًا، حدثنا عمر بن أحمد الحافظ، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا عبد الله بن عمران العابدي، حدثنا الدراوردي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلَّا الله، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلَّا بحقها، وحسابهم على الله"

(1)

. هذا حسن غريب.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، وإسماعيل بن الفرَّاء قالا: أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب، أخبرنا أبو الحسن بن الطيوري، أخبرنا محمد بن علي العشاري، أخبرنا عمر بن شاهين، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عباد بن

(1)

صحيح: مَرَّ تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "207" في هذا الجزء، فراجعه ثَمَّتَ.

ص: 404

يعقوب، حدثنا عمر بن ثابت، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويزيد به في الحسنات"؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثر الخطا إلى هذه المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن حبان "162" موارد، وابن خزيمة "177"، "357"، والحاكم "1/ 191 - 192" من طريق أبي عاصم النبيل، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن سعيد بن المسيب، به.

ص: 405

‌3527 - الجوهري

(1)

:

الإمام الحافظ، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الغافقي الجوهري، من أعيان المصريين المالكية.

سمع أبا إسحاق بن شعبان، وأحمد بن محمد المكي، وأحمد بن بهزاذ، وعبد الله بن الورد، وأبا الطاهر الخامي، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر، ومؤمّل بن يحيى، وأبا القاسم العثماني، وعِدَّة.

روى عنه: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو الحسن بن فهد، وابنه، وأبو العباس بن نفيس المقرئ.

وصنَّف "مسند الموطأ" بعلله، واختلاف ألفاظه، وإيضاح لغته، وتراجم رجاله، وتسمية مشيخة مالك، فجوَّدَه، وكان يرويه جعفر الهمداني، عن العثماني، عن الحضرمي وابن خلف معًا، عن أحمد بن نفيس، عنه، سمعه الشيخ حسن من بنت الواسطي بإجازتها من جعفر، وألَّف "حديث مالك" مما ليس في الموطأ.

قال الحبال وأبو القاسم بن منده: مات في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

قلت: أظنه مات كهلًا.

سمع أبو علي بن الخلّال "مسند الموطأ" من جعفر الهمداني، ووقع لي في العثمانيات من حديثه.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 17"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 101".

ص: 405

‌3528 - الزُّهْرِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ الناقد، أبو محمد، الحسن بن علي بن عمرو البصري، المعروف بابن غلام الزُّهْرِي.

رحل وسمع من أبي القاسم البغويّ، وابن صاعد، ومحمد بن الحسين بن مكرم، والقاسم بن عبَّاد، وأحمد يعقوب المَتُّوثِي، وعلي بن عبد الله بن الفضل، وخالد بن النضر، وطائفة.

سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال وثقتهم ولينهم.

ولم أظفر له بترجمة.

حدَّث عنه: أبو الحسن بن صَخْر، ومحمد بن طلحة الخزاعي، وجماعة، وعاش إلى سنة ثمانين وثلاث مائة.

قرأت على أبي بكر بن عمر النحوي، أخبرك الحسن بن أحمد الزاهد، أخبرنا أبو طاهر بن سلفة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد إملاءً بالبصرة، حدثنا محمد بن طلحة بن المغيرة، حدثنا الحسن بن علي الحافظ، حدثنا أحمد بن يعقوب المَتُّوثي، حدثنا بندار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته".

أخرجه البخاري

(2)

عن أبي نُعَيْم، عن الثوري، فوقع لنا نازلًا بدرجة.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ 952"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2535"، ومسلم "1506"، وأبو داود "2919".

ص: 406

‌3529 - الخليل بن أحمد

(1)

:

ابن محمد بن الخليل، الإمام القاضي، شيخ الحنفية، أبو سعيد السجزي الحنفي الواعظ، قاضي سمرقند.

سمع أبا القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا العباس السراج، ومحمد بن إبراهيم الديبلي المكي، وابن جوصا، وجماعة.

روى عنه: الحاكم، وأبو يعقوب إسحاق القرَّاب، وعبد الوهاب بن محمد الخطَّابي، وجعفر المستغفري، وأبو ذر الهروي، ومحلم بن إسماعيل الضبي الهروي.

وقع لي حديثه عاليًا، وكان من أحسن الناس وعظًا وتذكيرًا.

مولده في سنة تسع وثمانين ومائتين.

ومات بفرغانة، في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.

قال الحاكم: هو شيخ أهل الرأيّ في عصره، وكان من أحسن الناس كلامًا في الوعظ.

ومن شعره:

سأجعل لي النُّعْمَان في الفقه قدوة

وسفيان في نقل الأحاديث سيِّدَا

وفي ترك ما لم يعنني عن عقيدتي

سأتبع يعقوب العُلا ومحمدا

وأجعل درسي من قراءة عاصم

وحمزة بالتحقيق درسًا مؤكَّدا

وأجعل في النحو الكسائي قدوة

ومن بعده الفرّاء ما عشت سرمدا

وفيها مات: أحمد بن الحسين العلوي العقيقي رئيس دمشق، وبشر بن محمد بن محمد الباهلي، وأبو بكر تبوك بن الحسن الكلابي، وأبو نصر الطوسي صاحب "اللمع"، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن الباجي الإشبيلي، وأبو الفتح بن مسرور البلخي، وشيخ المالكية أبو القاسم عبد الله بن الحسين الجلّاب، وأبو بكر المفيد، ومحمد بن إسماعيل الورَّاق، ومحمد بن بشر الوراق النيسابوري، والرئيس أبو عبد الله ابن أبي ذهل العصمي، وأبو أحمد الحاكم الكبير، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن الشخير، والقاسم بن خلف الجبيري الطرسوسي.

(1)

ترجمته في الأنساب "7/ 45"، ومعجم الأدباء لياقوت "11/ 77"، والعبر "3/ 7"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 153"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 91".

ص: 407

‌3530 - ابن حَمَّاد

(1)

:

الإمام الحافظ المفيد، محدِّث الكوفة، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن حَمَّاد بن سفيان الكوفي.

حدَّث عن: علي بن العباس المقانعي، وعبد الله بن زيدان البجلي، ومحمد بن الحسن الأنصاري، وطبقتهم.

روى عنه: القاضي أبو العلاء الواسطي، وأبو ذر الهروي، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم بن بشران، وآخرون.

توفِّي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، عن سن عالية.

وقد مَرَّ لنا سميه الحافظ الكبير، أبو بشر، محمد بن أحمد بن حمَّاد بن سعيد الأنصاري الدولابي، في سنة عشر وثلاث مائة.

‌3531 - ابن غريب

(2)

:

الشيخ العالم الثقة، أبو بكر، محمد بن غريب بن عبد الله البغدادي، غلام ابن مجاهد المقرئ.

سمع موطأ سويد من أحمد بن محمد بن الجعد الوشَّاء، وسمع من جعفر الفريابي، وعلي بن حمَّاد الخشَّاب.

وعنه البرقاني، وأبو العلاء الواسطي، وعمر بن إبراهيم الفقيه.

وثَّقه البرقاني.

سمعنا الموطأ من طريقه.

‌3532 - ابن زَبْر

(3)

:

الشيخ العالم الحافظ، أبو سليمان، محمد بن القاضي عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر الربعي، محدِّث دمشق، وابن قاضيها أبي محمد.

حدث عن: أبي القاسم البغوي، ومحمد بن الفيض الغساني، وسعيد بن عبد العزيز، وجماهر بن محمد الزملكاني، ومحمد بن خريم، ومحمد بن الربيع الجيزي، وابن أبي داود.

روى عنه: تَمَّام الرازي، وعبد الغني بن سعيد، ومحمد بن عوف، وأبو نصر بن الجبان، ومحمد وأحمد ولدَا العفيف عبد الرحمن بن أبي نصر، وآخرون.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 922"، والعبر "3/ 26"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 110".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 147".

(3)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 927"، والعبر "3/ 12"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 95".

ص: 408

قال أبو سليمان: كان أبو جعفر الطحاوي قد نظر في أشياء كثيرة من تصانيفي، وباتت عنده وتصفَّحها، فأعجتبه، فقال لي: يا أبا سليمان، أنتم الصيادلة ونحن الأطباء.

قال الكَتَّاني: حدثنا عنه عدة، وكان يملي بالجامع. قال: وكان ثقة مأمونًا نبيلًا، وتوفِّي في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وثلاث مائة.

قلت: له كتاب "الوفيّات" على السنين، مشهور، قد حكى عنه أبو نصر بن الجبان أنه رأى الحق عز وجل في النوم، فذكر أنه رأى نورًا.

وفيها مات: أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن بالويه، والملك شرف الدولة شيرويه ابن عضد الدولة، وأبو جعفر محمد بن أحمد الجوهري المتكلّم نقاش السكة، وشيخ النحو أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي بقرطبة، ومحمد بن النضر النخاس الموصلي، ومحمد بن المظفر الحافظ، وهلال بن محمد البصري صاحب الكجي.

ص: 409

‌3533 - ابن كلِّس

(1)

:

وزير المعز والعزيز، أبو الفرج، يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن هارون بن داود بن كلّس البغدادي، الذي كان يهوديًّا فأسلم.

كان داهية ماكرًا، فطنًا سائسًا، من رجال العالم.

سافر إلى الرملة، وتوكّل للتجار، فانكسر عليه جملة وتعثَّر، فهرب إلى مصر، وجرت له أمور طويلة، فرأى منه صاحب مصر كافور الخادم فطنة وخبرة بالأمور، وطمع هو في الترقي فأسلم يوم جمعة، ثم فهم مقاصده الوزير ابن حنزابة، فعمل عليه، ففَرَّ منه إلى المغرب، وتوصَّل بيهودٍ كانوا في باب المعز العبيدي، فنفق على المعز، وكشف له أمورًا، وحسن له تملك البلاد، ثم جاء في صحبته إلى مصر وقد عظم أمره. ولما ولي العزيز سنة خمس وستين استوزره، فاستمر في رفعة وتمكُّن، إلى أن مات.

وكان عالي الهمة عظيم الهيبة حسن المداراة.

مرض فنزل إليه العزيز يعوده، وقال: يا يعقوب، وددت أنك تباع فأشتريك من الموت بملكي، فهل من حاجة? فبكى وقَبَّل يده، وقال: أمَّا لنفسي فلا، ولكن فيما يتعلّق بك،

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 155"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 831"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 97".

ص: 409

سالم الروم ما سالموك، واقنع من بني حمدان بالدعوة والسكة، ولا تبق على المفرج بن دغفل متى قدرت، ثم مات، فدفنه العزيز في القصر في قبة أنشأها العزيز لنفسه، وألحده بيده، وجزع لفقده.

ويقال: إنه كان حسن إسلامه مع دخوله في الرفض، وقرأ القرآن والنحو، وكان يحضر عنده العلماء، وتقرأ عليه تواليفه ليلة الجمعة، وله حب زائد في العلوم على اختلافها.

وقد مدحه عدة من الشعراء، وكان جوَّادًا ممدحًا.

وصَّنف كتابًا في فقه الشيعة مما سمعه من المعز ومن العزيز، ثم سمعه من لفظه خلق في مجلس عام، وجلس جماعة من العلماء يفتون في جامع مصر بما في ذلك التصنيف الذميم.

وقد كان العزيز تنمَّر عليه في سنة ثلاث وسبعين، وسجنه شهورًا، ثم رضي عنه، واحتاج إليه، فرده إلى المنصب.

وكان معلومه في السنة مائتي ألف دينار، ولما مات وجد له من المماليك والجند والخدم أربعة آلاف مملوك، وبعضهم أمراء.

ويقال: إنه كُفِّنَ وحُنِّطَ بما يساوي عشرة آلاف مثقال.

وقال العزيز وهو يبكي: وا طول أسفي عليك يا وزير.

مات في ذي القعدة سنة ثمانين وثلاث مائة، وله اثنتان وستون سنة، وخلَّف من الذهب والجوهر والمتاع ما لا يوصف كثرة، ولا ريب أنَّ ملك مصر في ذاك العصر كان أعظم بكثير من خلفاء بني العباس، كما الآن صاحب مصر أعلى ملوك الطوائف رتبة ومملكة.

وقيل: ما برح يعقوب في صحبة كافور حتى مات.

أسلم يعقوب في سنة ست وخمسين، ولزم الخير والصلاة ثم قبض عليه ابن حنزابه، فبذل له مالًا فأطلقه.

تولى الوزارة سنة ثمان وستين، فكان من أنبل الوزراء وأحشمهم وأكرمهم وأحلمهم.

قال العلوي: رأيت يعقوب عند كافور، فلما راح قال لي: أي وزير بين جنبيه?!

ص: 410

‌3534 - القَلْعِيّ

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد الزاهد القدوة المجاهد، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم الأندلسي القَلْعِي.

سمع: وهب بن مسرة، وأبا محمد بن الورد، وعليّ بن أبي العقب الدمشقي، وإبراهيم بن علي الهجيمي، وأبا جعفر بن دحيم الشيباني، وأبا بكر الشافعي، وطبقتهم.

وجمع فأوعى.

قال ابن الفَرْضِيّ: سمعت منه علمًا كثيرًا.

وسمع منه: أحمد بن عون الله، وابن فرج القاضي، وعباس بن أصبغ شيوخنا وكانت الرحلة إليه، ونفع الله به الخلق، وكان زاهدًا شجاعًا، ولَّاه المستنصر بالله القضاء، فاستعفى فأعفاه، وكان فقيهًا صلبًا في الحق ورعًا، كانوا يشبهونه بسفيان الثوري في زمانه، وكان ثقة مأمونًا، وبلغنا أنه كان يقف وحده للفئة من المشركين.

توفِّي بقلعة أيوب من الأندلس في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

ووُلِدَ سنة عشرين وثلاث مائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 23"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 165"، وشذرات الذهب لابن 11: 12 ص 06/ 11/ 1429 العماد الحنبلي "3/ 104".

ص: 411

‌3535 - أحمد بن سهل بن إبراهيم:

الشيخ المعمّر، أبو حامد الأنصاري النيسابوري.

كان آخر من حدَّث عن: محمد بن شادل، وأبي قريش الحافظ، وغيرهما.

وعنه: الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وطائفة.

قال الحاكم: أصوله صحيحة، وكان من الأدباء المذكورين، وأوَّل تاريخ سماعه في سنة سبع وثلاث مائة. مات في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.

وفيها توفِّي أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن غالب التمار المصري صاحب محمد بن الربيع الجيزي، وأبو إسحاق إبراهيم بن هلال الحراني الصابي المشرك الأديب صاحب "الرسائل البديعة"، وعبد الله بن محمد الإصطخري صاحب أبي خليفة الجمحي، وشيخ العباد أبو العباس عبيد الله بن محمد بن محمد بن نافع البُشْتِي -بُشْت نيسابور، وشيخ الزهّاد علي بن الحسين بن محمويه النيسابوري، وشيخ النحو علي بن عيسى الرماني، ومحدّث الكوفة أبو الحسن محمد بن أحمد بن حمّاد، ومحدّث بغداد محمد بن العباس بن الفرات، وشيخ الشافعية أبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي النيسابوري، والعلامة أبو عبيد الله المرزباني.

ص: 411

‌3536 - الماسرجسي

(1)

:

العلّامة شيخ الشافعية، أبو الحسن، محمد بن علي بن سهل بن مصلح النيسابوري الشافعي الماسرجسي سبط المحدّث الحسن بن عيسى بن ماسرجس.

سمع من: خاله مؤمَّل بن الحسن، وأبي حامد بن الشرقي، وأبي سعيد بن الأعرابي، ومكيّ بن عبدان، وإسماعيل الصفّار، وابن شوذب، وابن داسة، وأبي الطاهر المديني، وأبي الحسن بن حذلم، وخلق كثير.

وتفقَّه بأبي إسحاق المروزي، وصحبه إلى مصر، وصار معيد أبي عليّ بن أبي هريرة، ولحق بمصر أصحاب الربيع والمزني.

وبه تفقَّه القاضي أبو الطيب الطبري، وجماعة.

وروى عنه: الحاكم، وأبو نعيم، وأبو طالب يحيى بن علي الدَّسْكَري، وأبو عثمان الصابوني، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

وهو من أصحاب الوجوه.

قال الحاكم: كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه، تفقَّه بأبي إسحاق وغيره، وعقد مجلس النظر ومجلس الإملاء، فأملى زمانًا،

إلى أن قال: وتوفّي في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، عن ست وسبعين سنة رحمه الله.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن سهل الإمام، أخبرنا مكي بن عبدان، حدثنا عبد الرحمن بن بشر، حدثنا مالك بن سعير، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قاربوا وسددوا، فإنه لم يُنْجِ أحدًا عملُه". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: فوضع يده على رأسه وقال: "ولا أنا، إلَّا أن يتغمَّدني الله برحمته"

(2)

.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 148"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 576"، والعبر "3/ 26".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 337"، ومسلم "2817"، من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، به.

ص: 412

‌3537 - المرْزَبَاني

(1)

:

العلّامة المتقن الأخباري أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى بن عبيد المرزباني، البغدادي، الكاتب، صاحب التصانيف.

حدَّث عن: البغوي، وأبي حامد الحضرمي، وابن دريد، ونفطويه، وعدة.

وعنه: التنوخي، وأبو محمد الجوهري، والعتيقي، وطائفة.

وكان راوية جَمَّاعة مكثرًا، صنَّف أخبار الشعراء، لكن غالب رواياته إجازةً، فيطلق في ذلك: أخبرنا، كالمتأخرين من المغاربة.

قال القاضي الصيمري: سمعته يقول: كان في داري خمسون ما بين لحاف ودواج معَدَّة لأهل العلم الذين يبيتون عندي.

قال الأزهري: كان المرزباني يضع المحبرة وقنينة النبيذ، يكتب ويشرب، وكان معتزليًّا صنف كتابًا في أخبار المعتزلة، وما كان ثقة.

قال الخطيب: ليس حاله عندنا الكذب، وأكثر ما عيب عليه مذهبه وتدليسه للإجازة.

وقال العتيقي: كان معتزليًّا ثقة.

مات في شوال سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، عن ثمان وثمانين سنة.

وقال غيره: كان جاحظ زمانه، وكان عضد الدولة يتغالى فيه، ويمر بداره فيقف حتى يخرج إليه.

وله "أخبار الشعراء" خمسة آلاف ورقة، وآخر في الشعراء ضخم جدًّا، نحو ثلاثين مجلدًا.

وأعطاه عضد الدولة مرة ألف دينار.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 135"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 177"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 268"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 647"، والعبر "3/ 27"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 8013".

ص: 413

‌3538 - الدارقطني

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد، شيخ الإسلام، علم الجهابذة، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله البغدادي، المقرئ المحدث، من أهل محلة دار القطن ببغداد.

ولد سنة ست وثلاث مائة، هو أخبر بذلك.

وسمع وهو صبي من أبي القاسم البغوي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبي بكر بن أبي داود، ومحمد بن نيروز الإنماطي، وأبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وأبي علي محمد بن سليمان المالكي، ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، وأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري، والحسن بن علي العدوي البصري، ويوسف بن يعقوب النيسابوري، وأبي بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، وعمر بن أحمد بن علي الدَّيْربي، وإسحاق بن محمد الزيَّات، وجعفر بن أبي بكر، وإسماعيل بن العباس الورَّاق، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وأخيه أبي عبيد القاسم، وأبي العباس بن عقدة، ومحمد بن مخلد العطار، وأبي صالح عبد الرحمن بن سعيد الأصبهاني، ومحمد بن إبراهيم بن حفص، وجعفر بن محمد بن يعقوب الصيدلي، وأبي طالب أحمد بن نصر الحافظ، والحسين بن يحيى بن عياش، ومحمد بن سهل بن الفضيل، وأحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة، وأحمد بن محمد بن أبي بكر الواسطي، والحسين بن محمد المطبقي، وأبي جعفر بن البختري، وإسماعيل الصفّار، وخلق كثير، وينزل إلى أبي بكر الشافعي، وإلى ابن المظَفَّر، وارتحل في الكهولة إلى الشام ومصر، وسمع من ابن حَيُّويه النيسابوري، وأبي الطاهر الذّهلي، وأبي أحمد بن الناصح، وخلق كثير.

وكان من بحور العلم، ومن أئمة الدنيا، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله، مع التقدم في القراءات وطرقها، وقوة المشاركة في الفقه والاختلاف والمغازي وأيام الناس، وغير ذلك.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 34"، والأنساب للسمعاني "5/ 245"، واللباب لابن الأثير "1/ 483"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 183"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 925"، والعبر "3/ 28"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 116".

ص: 414

قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب "مزكي الأخبار": أبو الحسن صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإمامًا في القراء والنحويين، أول ما دخلتُ بغداد كان يحضر المجالس وسنُّه دون الثلاثين، وكان أحد الحفَّاظ.

قلت: وَهِمَ الحاكم، فإن الحاكم إنّما دخل بغداد سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وسن أبي الحسن خمس وثلاثون سنة.

صنَّف التصانيف، وسار ذكره في الدنيا، وهو أوّل من صنَّف القراءات، وعقد لها أبوابًا قبل فرش الحروف.

تلا على أبي الحسين أحمد بن بويان، وأبي بكر النقاش، وأحمد بن محمد الديباجي، وعلي بن ذؤابة القزاز، وغيرهم، وسمع حروف السبعة من أبي بكر بن مجاهد، وتصدَّر في آخر أيامه للإقراء، لكن لم يبلغنا ذكر من قرأ عليه، وسأفحص عن ذلك -إن شاء الله تعالى.

قال ابن طاهر: له مذهب في التدليس، يقول فيما لم يسمعه من البغوي: قرئ على أبي القاسم البغوي، حدَّثكم فلان.

حدَّث عنه: الحافظ أبو عبد الله الحاكم، والحافظ عبد الغني، وتَمَّام بن محمد الرازي، والفقيه أبو حامد الإسفراييني وأبو نصر بن الجندي، وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو مسعود الدمشقي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو بكر البرقاني، وأبو الحسن العتيقي، وأحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني النحويّ، والقاضي أبو الطيب الطبري، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران، وأبو الحسن بن السمسار الدمشقي، وأبو حازم بن الفراء أخو القاضي أبي يعلى، وأبو النعمان تراب بن عمر المصري، وأبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو الحسين بن الآبْنُوسي محمد بن أحمد بن محمد، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حَسْنون النرسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وخلق سواهم من البغاددة، والدماشقة، والمصريين، والرحَّالين.

قال الحاكم: حجَّ شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذهل، فكان يصف حفظه وتفرَّده بالتقدم في سنة ثلاث وخمسين، حتى استنكرت وصفه إلي أن حججت في سنة سبع وستين، فجئت بغداد وأقمت بها أزيد من أربعة أشهر، وكثر اجتماعنا بالليل والنهار، فصادفته فوق ما وصفه ابن أبي ذهل، وسألته عن العلل والشيوخ، وله مصنفات يطول ذكرها.

ص: 415

قال أبو بكر الخطيب: كان الدارقطني فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إليه علوّ الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال، مع الصدق والثقة، وصحّة الاعتقاد، والاضطلاع من علوم سوى الحديث؛ منها القراءات، فإنه له فيها كتاب مختصر، جمع الأصول في أبواب عقدها في أول الكتاب، وسمعت بعض من يعتني بالقراءات يقول: لم يُسْبَق أبو الحسن إلى طريقته في هذا. وصار القراء بعده يسلكون ذلك، قال: ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، فإنَّ كتابه "السنن" يدل على ذلك، وبلغني أنه درَّس فقه الشافعي على أبي سعيد الإصطخري، وقيل: على غيره، ومنها: المعرفة بالأدب والشعر، حدَّثني حمزة بن محمد بن طاهر، أن الدارقطني كان يحفظ ديوان السيد الحميري، فنسب لذا إلى التشيع.

قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كنَّا نمر إلى البغوي، والدارقطني صبيّ يمشي خلفنا بيده رغيف عليه كامخ.

قال الخطيب: حدَّثنا الأزهري قال: بلغني أن الدارقطني حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفّار، فجعل ينسخ جزءًا كان معه، وإسماعيل يملي، فقال رجل: لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فقال الدارقطني: فهمي للإملاء خلاف فهمك، كم تحفظ أملى الشيخ؟ فقال: لا أحفظ. فقال الدارقطني: أملى ثمانية عشر حديثًا، الأول: عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا وكذا، والحديث الثاني: عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا وكذا، ومر في ذلك حتى أتى على الأحاديث، فتعجَّب الناس منه، أو كما قال.

قال الحافظ أبو ذر الهروي: سمعت أنَّ الدارقطني قرأ كتاب "النسب" على مسلم العلوي، فقال له المعيطي الأديب بعد القراءة: يا أبا الحسن، أنت أجرأ من خاصي الأسد، تقرأ مثل هذا الكتاب مع ما فيه من الشعر والأدب، فلا يؤخذ فيه عليك لحنة، وتعجب منه، هذه حكاها الخطيب عن الأزهري، فقال مسلم بن عبيد الله: وإنه كان يروي كتاب "النسب" عن الخضر بن داود عن الزبير.

قال رجاء بن محمد المعدل: قلت للدارقطني: رأيت مثل نفسك؟ فقال: قال الله: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُم} فألححت عليه، فقال: لم أر أحدًا جمع ما جمعت، رواها أبو ذر، والصوري عن رجاء المصري، وقال أبو ذر: قلت لأبي عبد الله الحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو ما رأى مثل نفسه، فكيف أنا?! وكان الحافظ عبد الغني الأزدي إذا حكى عن الدارقطني يقول: قال أستاذي.

ص: 416

وقال الصوري: سمعت الحافظ عبد الغني يقول: أحسن الناس كلامًا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة: ابن المديني في وقته، وموسى بن هارون -يعني: ابن الحمال في وقته، والدارقطني في وقته.

وقال القاضي أبو الطيب الطبري: كان الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث.

وقال الأزهري: كان الدارقطني ذكيًّا، إذا ذكر شيئًا من العلم أيّ نوع كان، وُجِدَ عنده منه نصيب وافر، لقد حدَّثني محمد بن طلحة النعالي أنه حضر مع أبي الحسن دعوة عند بعض الناس ليلة، فجرى شيء من ذكر الأكلة، فاندفع أبو الحسن يورِد أخبار الأكلة وحكاياتهم ونوادرهم، حتى قطع أكثر ليلته بذلك، قال الأزهري: ورأيت ابن أبي الفوارس سأل الدارقطني عن علة حديث، أو اسم، فأجاب ثم قال: يا أبا الفتح، ليس بين الشرق والغرب مَنْ يعرف هذا غيري.

قال القاضي أبو الطيب الطبري: حضرت الدارقطني، وقد قرئت الأحاديث التي جمعها في مَسّ الذكر عليه، فقال: لو كان أحمد بن حنبل حاضرًا لاستفاد هذه الأحاديث.

وقال أبو بكر البرقاني: كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه.

قلت: إن كان كتاب "العلل" الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه -كما دلت عليه هذه الحكاية، فهذا أمر عظيم يُقْضَى به للدارقطني أنه أحفظ أهل الدنيا، وإن كان قد أملى بعضه من حفظه، فهذا ممكن، وقد جمع قبله كتاب "العلل" علي بن المديني حافظ زمانه.

قال رجاء بن محمد المعدل: كنا عند الدارقطني يومًا والقارئ يقرأ عليه، وهو يتنفَّل، فمر حديث فيه نسير بن ذعلوق، فقال القارئ: بشير، فسبَّح الدارقطني فقال: بشير، فسبح، فقال: يسير. فتلا الدارقطني: {نْ وَالْقَلَمِ} [القلم: 1].

وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كنت عند الدارقطني وهو قائم يتنفَّل، فقرأ عليه أبو عبد الله بن الكاتب: عمرو بن شعيب، فقال: عمرو بن سعيد. فسبَّح الدارقطني، فأعاد، وقال: ابن سعيد، ووقف، فتلا الدارقطني:{يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُك} [هود: 87]. فقال ابن الكاتب: شعيب.

قال أبو الحسن العتيقي: حضرت أبا الحسن وجاءه أبو الحسين البيضاوي بغريب ليقرأ له شيئًا فامتنع، واعتلّ ببعض العلل، فقال: هذا غريب، وسأله أن يملي عليه أحاديث، فأملى

ص: 417

عليه أبو الحسن من حفظه مجلسًا تزيد أحاديثه على العشرين، متن جميعها:"نعم الشيء الهدية أمام الحاجة"

(1)

. قال: فانصرف الرجل ثم جاءه بعد، وقد أهدى له شيئًا فقرَّبه،. وأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثًا، متون جميعها:"إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"

(2)

.

قلت: هذه حكاية صحيحة، رواها الخطيب عن العتيقي، وهي دالَّة على سعة حفظ هذا الإمام، وعلى أنه لوَّح بطلب شيء، وهذا مذهب لبعض العلماء، ولعلَّ الدارقطني كان إذ ذاك محتاجًا، وكان يقبل جوائز دعلج السجزي، وطائفة، وكذا وصله الوزير ابن حنزابه بجملة من الذهب لما خرَّج له المسند.

قال الحاكم: دخل الدارقطني الشام ومصر على كبر السِّن، وحجَّ واستفاد وأفاد، ومصنفاته يطول ذكرها.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي فيما نقله عنه الحاكم وقال: شهدت بالله أن شيخنا الدارقطني لم يخلف على أديم الأرض مثله في معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الصحابة والتابعين وأتباعهم، قال: وتوفِّي يوم الخميس لثمانٍ خَلَوْن من ذي القعدة من سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، وكذا أرَّخ الخطيب وفاته.

وقال الخطيب في ترجمته: حدَّثني أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: رأيت كأني أسأل عن حال الدارقطني في الآخرة، فقيل لي: ذاك يدعى في الجنة الإمام.

وصحَّ عن الدارقطني أنه قال: ما شيء أبغض إلي من علم الكلام.

قلت: لم يدخل الرجل أبدًا في علم الكلام ولا الجدال، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفيًّا، سمع هذا القول منه أبو عبد الرحمن السلمي.

(1)

موضوع: أخرجه الطبراني في "الكبير""2903"، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، أنبأنا الهيثم بن خارجة، نا يحيى بن سعيد العطار، عن يحيى بن العلاء، عن طلحة بن عبيد الله، عن الحسين بن علي مرفوعًا.

قلت: إسناده تالف بمرَّةٍ، كما فيه يحيى بن سعيد، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به". وفيه يحيى بن العلاء -كذَّاب يضع الحديث.

(2)

حديث حسن: ورد عن ابن عمر: عند ابن ماجه "3712"، وفي إسناده سعيد بن مسلمة، وهو ضعيف.

وورد من حديث جرير بن عبد الله: عند ابن خزيمة والبزَّار، والبيهقي، ورواه البزار عن أبي هريرة.

ص: 418

وقال الدارقطني: اختلف قوم من أهل بغداد، فقال قوم: عثمان أفضل، وقال قوم: عليّ أفضل، فتحاكموا إليَّ، فأمسكت وقلت: الإمساك خير، ثم لم أر لديني السكوت، وقلت للذي استفتاني: ارجع إليهم، وقل لهم: أبو الحسن يقول: عثمان أفضل من علي باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول أهل السنة، وهو أوّل عقد يُحَلّ في الرفض.

قلت: ليس تفضيل عليّ برفض ولا هو ببدعة، بل قد ذهب إليه خلق من الصحابة والتابعين، فكل مِنْ عثمان وعليّ ذو فضل وسابقة وجهاد، وهما متقاربان في العلم والجلالة، ولعلهما في الآخرة متساويان في الدرجة، وهما من سادة الشهداء رضي الله عنهما، ولكن جمهور الأمة على ترجيح عثمان على الإمام علي، وإليه نذهب، والخطب في ذلك يسير، والأفضل منهما بلا شك أبو بكر وعمر، من خالف في ذا، فهو شيعي جلد، ومن أبغض الشيخين واعتقد صحة إمامتهما فهو رافضي مقيت، ومن سَبَّهما واعتقد أنهما ليسا بإمامي هدى فهو من غلاة الرافضة -أبعدهم الله.

قال الدارقطني: يقدم في "الموطأ" معن، وابن وهب، والقعنبي، قال: وأبو مصعب ثقة في "الموطأ".

قال حمزة السهمي: سُئِلَ أبو الحسن: إذا حدَّث النسائي وابن خزيمة بحديثٍ، أيهما نقدِّم? فقال: النسائي، فإنه لم يكن مثله، ولا أقدِّم عليه أحدًا.

الراوية عنه: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي، وجماعة إجازةً قالوا: أخبرنا داود بن أحمد الوكيل، أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر القاضي، أخبرنا عبد الصمد بن علي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثني سريج بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، عن أبيه، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل قال: خطبنا عمَّار فأبلغ وأوجز، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة"

(1)

.

أخرجه مسلم عن سريج، فوافقناه بعلوّ.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "869".

ص: 419

أخبرنا أبو القاسم الخضر بن عبد الرحمن الأزدي سنة سبع مائة، أخبرنا المُسَلَّم بن أحمد، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أخبرنا عبد الصمد بن علي، أخبرنا علي بن عمر الدارقطني، حدثنا محمد بن يحيى بن هارون الإسكاف، حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد بن عبد الله، عن يونس بن عبيد، عن عبد الرحمن بن عتبة، عن ابن مسعود قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة فقال: "إن من الصدقة أن تفك الرقبة، وتعتق النسمة". فقال رجل: يا رسول الله، أليستا واحدة، فقال:"لا، عتقها أن تعتقها، وفكاكها أن تعين في ثمنها". قال: أرأيت إن لم أستطع ذلك؟ قال: "تطعم جائعًا، وتسقي ظمآنًا" قال: أرأيت إن لم أجد؟ قال: "تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر" قال: أرأيت إن لم أستطع؟ قال: "فكُفَّ إذًا شرك". غريب، تفرَّد به خالد الطحان

(1)

.

أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام القاضي، وستُّ الأهل بنت علوان قالا: أخبرنا عبد الرحيم بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عبد المغيث بن زهير، أخبرنا أحمد بن عبيد الله العُكْبَري، أخبرنا أبو طالب محمد بن علي الحربي، حدثنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا ابن صاعد، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد، سمعت أبا أمامة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا بغير حساب ولا عذاب، مع كل ألف سبعين ألفًا وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل"

(2)

.

وحدَّثنا ابن صاعد، حدثنا محمد بن حرب بواسط، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل نحوه.

وروى بقية، عن محمد بن زياد نحوه، فإسناده قوي.

قال الخطيب: سألت البرقاني: هل كان أبو الحسن يملي عليك العلل من حفظه؟ قال: نعم، أنا الذي جمعتها، وقرأها الناس من نسختي.

ولحمزة بن محمد بن طاهر في الدارقطني:

جعلناك فيما بيننا ورسولنا

وسيطًا فلم تظلم ولم تتحوّب

فأنت الذي لولاك لم يعرف الورى

ولو جهدوا ما صادق من مكذب

قلت: يقع للدارقطني أحاديث رباعيات منها:

حدَّثنا البغوي، حدثنا طالوت، حدثنا فضال بن جبير، عن أبي أمامة الباهلي، وكذا بينه وبين شعبة اثنان، وبينه وبين الثوري كذلك.

(1)

صحيح لغيره: ويشهد له ما أخرجه أحمد "4/ 299" من حديث البراء بن عازب، وإسناده صحيح.

(2)

حسن: أخرجه أحمد "5/ 268"، والترمذي "2437"، وابن ماجه "4286"، وابن أبي عاصم في "السنة""1/ 261"، من طرق عن إسماعيل بن عياش، به.

ص: 420

‌3539 - ابن الثَّلَّاج

(1)

:

الشيخ المسند المحدّث، أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي، ابن الثلاج الشاهد، أصله من حلوان.

وُلِدَ سنة سبع وثلاث مائة.

وحدَّث عن البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وخلق بعدهم، وكان مكثِرًا.

روى عنه أبو عبد الله الصيمري، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم التنوخي، وآخرون.

وليس بثقة.

قال التنوخي: قال لي: ما باع أحد من أسلافي ثلجًا، وإنما كان جدي مترفًا يجمع له ثلجًا كثيرًا، فمَرَّ بعض الخلفاء بحلوان فطلب ثلجًا، فما وجده إلَّا عند جدي، فوقع منه بموقع، وقال: اطلبوا عبد الله الثلَّاج، فعرف به.

قال عبيد الله الأزهري: كان ابن الثّلَّاج يضع الحديث.

وقال الدارقطني: لا يشتغل به، يضع الأحاديث والأسانيد.

مات في ربيع الأول سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 135"، والعبر "3/ 43"، وميزان الاعتدال "2/ 497"، ولسان الميزان "3/ 350"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 122".

ص: 421

‌3540 - ابن المُهَنْدِس

(1)

:

محدِّث مصر، أبو بكر، أحمد بن محمد بن إسماعيل البنَّاء، ابن المهندس.

سمع داود بن إبراهيم، ومحمد بن محمد بن النَّفَّاح، وأبا بشر الدولابي، وأبا القاسم البغوي لقيه بمكة، ومحمد بن زبَّان، وعلي بن قديد، وأبا عبيد بن حربويه.

وكان مكثرًا، وأخطأ من قال: إنه سمع من النسائي.

روى عنه: عبد الغني الحافظ، ويحيى بن الحسين العفاص، وعبد الله بن مسكين، وعبد الرحمن بن مظفر الكحال، وعدد كثير.

وانتقى عليه الحفَّاظ. وكان ثقةً خيِّرًا تقيًّا.

عاش تسعين سنة. توفِّي سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 27"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 113".

ص: 422

‌3541 - ابن زولاق

(1)

:

الشيخ العلَّامة المحدِّث المؤرِّخ، أبو محمد، الحسن بن إبراهيم بن زولاق المصري، صاحب التصانيف.

مولده في شعبان سنة ست وثلاث مائة.

وسمع من أبي جعفر الطحاوي فمن بعده، وقد ارتحل إلى دمشق، وفات ابن عساكر أن يذكره في تاريخه، قَدِمَها سنة ثلاثين وثلاث مائة، ولم تبلغني سيرته كما في النفس.

توفِّي في ذي القعدة سنة ست وثمانين وثلاث مائة، وله ثمانون سنة، وقيل: توفّي سنة سبع وثمانين.

وهو حسن بن إبراهيم بن حسن بن الحسين بن علي بن خلف بن زولاق الليثي، مولاهم المصري رحمه الله، وكان جَدّ أبيه من كبار العلماء.

وقال ابن خلكان: مات أبو محمد في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة سبع.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 225"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 167"، ولسان الميزان "2/ 191".

ص: 422

‌3542 - الرَّيْحَاني

(1)

:

أبو عبد الله، الحسين بن أحمد البصري الريحاني، نزيل بغداد.

حدّث عن البغوي، وابن صاعد.

وعنه: الخلَّال، والعتيقي، وأبو طالب العُشَاريّ.

قال العتيقي: شيخٌ أميٌّ، أصوله صحاح، توفي سنة (387).

‌3543 - الكاتب

(2)

:

أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن سليمان البغدادي الكاتب.

سمع البغوي، وابن صاعد، وابن زياد.

وعنه: أبو القاسم التنوخي، والعُشَاري، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، شيخ صدوق.

لم تؤرَّخ وفاته.

‌3544 - الأذَنِيّ

(3)

:

القاضي المحدِّث، أبو الحسن، عليّ بن الحسين بن بندار بن عبد الله بن خير الأذني.

سمع بدمشق من: محمد بن خريم، ومحمد بن الفيض الغساني، وسعيد بن عبد العزيز، وبحلب من: علي بن عبد الحميد الغضائري، وبحران من أبي عروبة، وبأنطاكية من: الحسن بن أحمد بن فيل، واستوطن مصر.

حدَّث عنه: عبد الغني الحافظ، ومكيّ بن علي الحمال، ويوسف بن رباح، وهبة الله بن إبراهيم الصواف، وعبد الملك بن الملك بن مسكين، وأحمد بن سعيد بن نفيس المقرئ، وآخرون.

وما علمتُ به بأسًا.

توفِّي في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 232"، وتاريخ بغداد "8/ 11"، والأنساب للسمعاني "6/ 203".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 101".

(3)

ترجمته في العبر "3/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 116".

ص: 423

‌3545 - الكِسَائِيّ

(1)

:

الشيخ النحوي البارع، أبو بكر، محمد بن إبراهيم بن يحيى النيسابوري الكسائي.

تخرَّج به جماعة في العربية، وروى "صحيح مسلم" عن ابن سفيان، رواه عنه: أبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، وذلك إسناد ضعيف.

قال الحاكم: حدَّث بـ "الصحيح" من كتاب جديد بخطِّه، فأنكرت فعاتبني، فقلت: لو أخرجت أصلك، وأخبرتني بالحديث على وجهه، فقال: أحضرني أبي مجلس ابن سفيان الفقيه لسماع هذا الكتاب، ولم أجد سماعي، فقال لي أبو أحمد الجلودي: قد كنت أرى أباك يقيمك في المجلس تسمع، وأنت تنام لصغرك، فاكتب الصحيح من كتابي تنتفع به.

توفِّي سنة خمس وثمانين وثلاث مائة ليلة الأضحى.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 422"، والعبر "3/ 30"، وميزان الاعتدال "3/ 450"، ولسان الميزان "5/ 26"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 117".

ص: 424

‌3546 - الأَوْدَنِي

(1)

:

العلَّامة شيخ الشافعية، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن بصير بن ورقاء الأودني البخاري.

وأوْدَن: من قرى بخارى -بضم أوله- قاله السمعاني، وقال ابن ماكولا وغيره: بالفتح.

سمع من: يعقوب بن يوسف العاصمي، والهيثم بن كُلَيْب الشاشي، ومحمد بن صابر، وعبد المؤمِن بن خلف.

وعنه: الحاكم، وأبو عبد الله الحليمي، وأبو عبد الله غنجار، وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون.

كان إمام الشافعية في زمانه بما وراء النهر، وهو من أصحاب الوجوه، وهو القائل: الربا حرام في كل شيء، فلا يجوز بيع مال بجنسه إلَّا متساويًا.

قال الحاكم: كان رحمه الله من أزهد الفقهاء وأعبدهم وأورعهم، وأبكاهم على تقصيره، وأشدهم إنابةً وتواضعًا.

توفِّي ببخارى في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاث مائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "1/ 320"، والأنساب للسمعاني "1/ 380"، واللباب لابن الأثير "1/ 92"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 582"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 118".

ص: 424

‌3547 - الطِّرازي

(1)

:

الشيخ أبو بكر، محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي المقرئ، نزيل نيسابور.

سمع البغوي، وابن صاعد، ومحمد بن الحسين القطان، وعدة، وتلا على ابن مجاهد.

وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وكان عارفًا بالعربية.

قال الحاكم: حدَّث من حفظه فأخطأ.

وقال الخطيب: ذاهب الحديث.

توفِّي سنة خمس وثمانين وثلاث مائة في ذي الحجة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 225"، والأنساب للسمعاني "8/ 224"، واللباب لابن الأثير "2/ 277" وميزان الاعتدال "4/ 28"، ولسان الميزان "5/ 363".

ص: 425

‌3548 - جَوْهَر

(1)

:

الأمير الكبير، قائد الجيوش، أبو الحسن جوهر الرومي المعزِّي، من نجباء الموالي.

قَدِمَ من جهة مولاه المعز في جيش عظيم في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، فاستولى على إقليم مصر، وأكثر الشام، واختطَّ القاهرة، وبنى بها دار الملك، وكان عالي الهمَّة، نافذ الأمر، وتهيَّأ له أخذ البلاد بمكاتبة من أمراء مصر، قلَّت عليهم الأموال، ولما وصلت كتائب العُبَيدية، وكانوا نحوًا من مائة ألف، بعث إلى جوهر وجوه المصريين يطلبون الأمان، وتقرير أملاكهم، فأجابهم، وكتب بذلك عهدًا، واختلفت كلمة الإخشذية، ووقع حرب يسير. وقيل: بل قُتِلَ خلق من الإخشيذية وانهزم الباقون، ثم نفذوا يطلبون أمانًا فأمَّنَهم جوهر، ومنع جيشه من نهب الرعية، وفُتِحَت أسواق مصر، ثم دخل في هيئة الملوك وعليه قباء ديباج، فحفر لليلته أساس قصر الخلافة، وبعث إلى المعز برءوس القتلى، وقطعت الخطبة العبَّاسية، وألبس الخطباء البياض، وأذَّنوا بحيّ على خير العمل.

وكان جوهر هذا حسن السيرة في الرعايا، عاقلًا أديبًا، شجاعًا مهيبًا، لكنَّه على نحلة بني عبيد التي ظاهرها الرفض، وباطنها الانحلال، وعموم جيوشهم بربر، وأهل زعارة وشر لا سيما من تزندق منهم، فكانوا في معنى الكفرة، فيا ما ذاق المسلمون منهم من القتل والنهب وسبي الحريم، ولا سيما في أوائل دولتهم، حتى إنَّ أهل صور قاموا عليهم، وقتلوا فيهم فهربوا، حتى إن أهل صور استنجدوا بنصارى الروم فجاءوا في المراكب، وكان أهل صور قد لحقهم من المغاربة من الظلم والجَوْرِ وأَخْذِ الحريم من الحمَّامات والطُّرق أمر كبير.

وقد خرج على جوهر هفتكين التركي، فالتقاه، فانهزم جوهر وتحصَّن بعسقلان، فحاصره سبعة عشر شهرًا، ثم طلب الأمان فأمَّنه، فذهب إلى مصر، ودخل وبين يديه من أحمال المال ألف ومئتا صندوق.

ولقد كان المعز في زمانه أعظم بكثير من خلفاء بني العباس.

مات في سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 145"، والعبر "3/ 16"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 98".

ص: 425

‌3549 - ابن مَزْدِين:

الإمام شيخ الزهاد، أبو علي، أحمد بن محمد بن علي بن مزدين الصوفي النهاوندي القومساني.

حدَّث عن: أبي يعلى محمد بن زهير الأبلي، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وعبد الله بن أحمد بن عامر، وعبد الرحمن بن حمدان الجلّاب، وعدة.

وعنه: ابناه؛ محمد وعثمان، ورافع بن محمد، وأبو نصر شعيب، وجعفر بن محمد الأبهري، ومحمد بن عيسى، وآخرون.

قال شيرويه: ثقة، شيخ الصوفية ومقدمهم في الجبل، له آيات وكرامات ظاهرة، وقبره بقرية انبط، يزار.

قال جعفر بن محمد الأبهري: كان من أولياء الله الذين يتكلَّمون على السر، سمعته يقول: رأيت رب العزة في المنام أيام القحط، فقال: يا أبا علي، لا تشغل خاطرك، فإنك عيالي، وعيالك عيالي، وأضيافك عيالي.

توفِّي سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

ص: 426

‌3550 - الأَسْدِي:

المعمّر أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي حَمَّاد الأسدي الأبهري المالكي.

سمع من: محمد بن عبد السمرقندي، وأحمد بن محمد بن ساكن الزنجاني، ومحمد بن مسعود، وأحمد بن عليّ الجوزجاني.

روى عنه خلق من أهل همذان.

قال أبو يعلى الخليلي: فقيه عابد، كبير المحل. نيف على المائة.

‌3551 - الحَدَّادي

(1)

:

شيخ مَرْو، القاضي الكبير، أبو الفضل، محمد بن الحسين بن محمد بن مهران المروزي الحدادي.

سمع عبد الله بن محمود المروزي السعدي، وأبا يزيد صاحب "تفسير إسحاق"، وحَمَّاد بن أحمد القاضي، وأقرانهم.

قال الحاكم: كان شيخ أهل مَرْو في الحديث والفقه والتصوّف والفُتْيَا، مات في نصف صفر سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، وقد ولي قضاء نيسابور قبل الخمسين وثلاث مائة.

قلت: روى عنه الحاكم وأهْل مَرْو، وكان من أبناء التسعين رحمه الله.

روى محيي السنة في "معالم التنزيل" عن أصحاب الحاكم أبي الفضل الحدادي.

‌3552 - ابن الرُّومي

(2)

:

الزاهد العابد، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الرومي النيسابوري الحيري، شيخ سعيد بن أبي سعيد العيَّار.

وقع لي حديثه عاليًا.

قال الحاكم في تاريخه: كان أبوه أبو عبد الله الرومي محدِّثًا مذكورًا ثقة، ثم إنَّ أبا محمد كان من الصالحين المجتهدين في العبادة، إلَّا أنه لم يقتصر على سماعاته في كتاب أبيه، وزاد فيها، وكان سماعه من أبي العباس السَّرَّاج، فارتقى إلى ابن خزيمة.

توفِّي رحمه الله يوم الاثنين السادس عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة، ودُفِنَ في مقبرة الحيرة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 73"، واللباب لابن الأثير "1/ 346".

(2)

ترجمته في ميزان الاعتدال "2/ 498"، ولسان الميزان "3/ 353".

ص: 427

‌3553 - البُوزجاني

(1)

:

الأستاذ أبو الوفاء، محمد بن محمد بن يحيى البوزجاني الحاسب، حامل لواء الهندسة.

وله عدة تصانيف مهذّبة.

كان الكمال بن يونس يخضع له، ويعتمد كلامه.

مات سنة سبع وثمانين وثلاث مائة، وله تسع وخمسون سنة.

وبوزجان: بُلَيْدة بقرب هراة.

‌3554 - أحمد بن منصور

(2)

:

ابن ثابت، الإمام الحافظ الجوّال، أبو العباس الشيرازي، ليس بأحمد بن منصور الطوسي، ذاك تقدَّم آنفًا.

حدَّث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس، والقاسم بن القاسم السياري، وأبي القاسم الطبراني، وأبي محمد الرامهرمزي، وخلق.

وعنه: أبو نصر بن الإسماعيلي، والحاكم، وتَمَّام الرازي، وآخرون.

قال الحاكم: جمع من الحديث ما لم يجمعه أحد، وصار له القبول بشيراز؛ بحيث يضرب به المثل.

وقال الدارقطني: أدخل هذا الشيرازي بمصر على شيوخ أحاديث وأنا بمصر.

وقال يحيى بن منده: بل الذي صنع ذلك آخر اسمه باسم هذا.

وعن أحمد بن منصور الشيرازي قال: كتبت عن الطبراني ثلاث مائة ألف حديث.

وقال الحسين بن أحمد الشيرازي: لما مات أحمد بن منصور الحافظ، جاء إلى أبي رجل فقال: رأيته في النوم وهو في المحراب واقف بجامع شيراز، وعليه حُلَّة، وعلى رأسه تاج مكَلّل بالجوهر، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وأكرمني. قلت: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

توفِّي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان "5/ ترجمة 710".

(2)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 942"، وميزان الاعتدال "1/ 158"، ولسان الميزان "1/ 313".

ص: 428

‌3555 - الرّقِّي

(1)

:

الحافظ المحدّث الجوّال، أبو بكر محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي المؤرّخ، ويكنَّى أيضًا أبا عبد الله.

حدّث عن: أبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الله بن عمر بن شوذب الواسطي، وخيثمة الأطرابلسي، وإسماعيل الصفّار، وابن فارس الأصبهاني، وعدة.

روى عنه: ابن جميع في "معجمه" وهو أكبر منه، وأحمد بن الحسن الطيَّان، وعبد الغني الحافظ، وأبو العلاء الواسطي، وعبد العزيز الأزجي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر الدمشقي.

اتهمه الخطيب في حديث رواه المسكين بإسناد الصحاح مرفوعًا "يجيء المحدّثون يوم القيامة بأيديهم المحابر"

(2)

فالحمل فيه على هذا الرقي.

توفِّي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

‌3556 - الدِّمِمي

(3)

:

الشيخ المعمّر، أبو الحسن، علي بن حسان بن القاسم الجدلي الدممي، آخر من حدَّث عن محمد بن عبد الله مطين.

روى عنه: أبو خازم محمد بن الفراء، وأبو القاسم التَّنُوخي، وأبو عبد الله الصّيْمري، والقاضي أبو الحسن محمد بن إسحاق القُهُسْتَاني شيخ لأبي صادق المديني.

قال أبو خازم: تكلَّموا فيه، توفي في آخر سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة، فإن صدق فقد قارب مائة عام.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 409"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 944"، وميزان الاعتدال "4/ 72"، ولسان الميزان "5/ 436".

(2)

موضوع: وتمامه: "يجيء المحدثون يوم القيامة بأيديهم المحابر، فيأمر الله تعالى جبريل أن يأتيهم فيسألهم، وهو أعلم بهم. فيقول: من أنتم؟ فيقولون: نحن أصحاب الحديث. فيقول الله تعالى: "ادخلوا الجنة على ما كان منكم، طالما كنتم تصلّون على نبيي في دار الدنيا". أخرجه الخطيب في "تاريخه" "3/ 410"، وقال الخطيب: هذا حديث موضوع، والحمل فيه على الرقي. وقال الذهبي في "الميزان" "4/ 73": قال أبو بكر الخطيب: كذاب.

قلت: وضع على الطبراني حديثًا باطلًا في حشر العلماء بالمحابر.

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 422"، والأنساب للسمعاني "5/ 339"، والعبر "3/ 23".

ص: 429

‌3557 - القَوَّاس

(1)

:

الإمام القدوة الربَّاني، المحدِّث الثقة، أبو الفتح يوسف بن عمر بن مسرور البغدادي القواس.

ولد سنة ثلاث مائة، وسمع أحمد بن المغلّس، وعبد الله بن محمد البغوي، وأبا بكر بن أبي داود، ومحمد بن هارون الحضرمي، وابن صاعد، وطبقتهم، فأكثر وجَوَّدَ.

حدَّث عنه: أبو محمد الخلَّال، وأبو الحسن العتيقي، وعبد العزيز بن علي الأزجي، وأبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وخلق سواهم.

قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة زاهدًا صادقًا، أول سماعه في سنة (316).

سمعت علي بن محمد السمسار يقول: ما أتيت أبا الفتح القوّاس إلَّا وجدته يصلي، سمعت البرقاني والأزهري ذكرا القوَّاس فقالا: كان من الأبدال.

قال الأزهري: وكان مجاب الدعوة.

وقال أبو ذر: سمعت الدارقطني يقول: كنا نَتَبَرَّك بأبي الفتح القوَّاس وهو صبيّ.

وقال تَمَّام بن محمد الزينبي وغيره: سمعنا القوَّاس يذكر أنه وجد في كتبه جزءًا من فضائل معاوية قد قرضته الفأرة، فدعا عليها، فسقطت فأرة من السقف، واضطربت حتى ماتت، وروي عن أبي ذر أنه حضر لما ماتت.

قال العتيقي: مات في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

قال: وكان ثقة مستجاب الدعوة، ما رأيت في معناه مثله.

أنبأني المسلم بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدَّثني عبد الغفار الأرموي، حدثني أبو الحسن بن حميد، سمعت أبا ذر الهروي يقول: كنت عند أبي الفتح بن القوّاس فأخرج جزءًا فيه قرض فأر، فدعا الله على الفأرة التي قرضته، فسقطت فأرة لم تزل تضطرب حتى ماتت.

ذكر أبو الفتح رحمه الله أنه كان لا يكتب من لفظ المستملي، بل من لفظ الشيخ، فقيل: إن رجلًا قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد السماع كأنه يسمعه مني فليسمعه كسماع أبي الفتح القوّاس.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 325"، والأنساب للسمعاني "10/ 257"، والعبر "3/ 31".

ص: 430

أخبرنا المُسَلَّم بن عَلَّان في كتابه، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الله بن أحمد اليوسفي، أخبرنا محمد بن علي العباسي لفظًا، حدثنا يوسف بن عمر القوَّاس إملاءً قال: قُرِئَ على أبي القاسم ابن بنت منيع، وأنا أسمع، حدَّثكم محمد بن حميد، حدثنا ابن المبارك، عن حرملة بن أبي عمران، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمن يوم القيامة في ظلّ صدقته"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن المبارك في "الزهد""645"، وأحمد "4/ 147 - 148"، وأبو يعلى "1766"، وابن خزيمة "2431"، والطبراني في "الكبير" 17/ 771" من طريق حرملة بن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، به مرفوعًا ولفظه: "كل امرئ في ظلِّ صدقته حتى يُفْصَل بين الناس" أو قال: "يحكم بين الناس".

قال يزيد: "وكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا تصدق فيه بشيء، ولو كعكة أو بصلة أو كذا".

قلت: إسناد صحيح، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني.

ص: 431

‌3558 - زاهر بن أحمد

(1)

:

ابن محمد بن عيسى، الإمام العلَّامة، فقيه خراسان، شيخ القرَّاء والمحدِّثين، أبو علي السرخسي.

وُلِدَ سنة أربع وتسعين ومائتين.

وسمع أبا لبيد محمد بن إدريس السامي، وأبا القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن المسيب الأرغياني، ومحمد بن حفص الجويني، ومؤمل بن الحسن الماسرجسي، وأبا يعلى محمد بن زهير الأبلي، وإبراهيم بن عبد الله العسكري الزبيبي، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، وأبا علي محمد بن سليمان المالكي البصري، وعدة.

حدَّث عنه: الحاكم، وأبو عثمان إسماعيل بن الصابوني، ومحمد بن أحمد بن محمد بن جعفر المزكّي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، والقاضي أبو المظَفَّر منصور بن إسماعيل بن أبي قُرَّةَ الحنفي، وكريمة المروزيَّة المجاورة، وخلق سواهم.

وكان عنده "الموطأ" بفوت المساقاة والقراض عن الأمير إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي صاحب أبي مصعب الزبيري، وقد أخذ علم الجدل والكلام عن أبي الحسن الأشعري.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 206"، والعبر "3/ 43"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 200"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 131".

ص: 431

قال الحاكم: هو أبو علي السرخسي الشافعي، شيخ عصره بخراسان، سمعت مناظرته في مجلس أبي بكر بن إسحاق الصبغي، وكان قد قرأ على أبي بكر بن مجاهد، وتفقَّه عند أبي إسحاق المروزي، ودرس الأدب على أبي بكر بن الأنباري، وكانت كتبه تَرِدُ عليَّ على الدوام.

توفِّي في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، وله ست وتسعون سنة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا سعيد بن محمد البحيري، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا هدبة، حدثنا هَمَّام، حدثنا قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لله أشدّ فرحًا بتوبة عبده من أحدكم يسقط على بعيره قد أضلَّه بأرض فلاة"

(1)

. أخرجاه عن هدبة بن خالد، فوافقناهما بعلوّ.

وبه عن أنس، عن معاذ بن جبل قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه إلَّا مؤخّرة الرحل"

(2)

وذكر الحديث، أخرجاه في صحيحهما عن هدبة أيضًا.

قال شيخ الإسلام: سمعت يحيى بن عمَّار، سمعت زاهر بن أحمد -وكان للمسلمين إمامًا- يقول: نظرت في صير باب، فرأيت أبا الحسن الأشعري يبول في البالوعة، فدخلت، فحانت الصلاة، فقام يصلي وما كان تَمَسَّح ولا توضأ، فذكرت الوضوء، فقال: لست بمحدِث، قلت: لعلَّه نسي.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6309"، ومسلم "2747".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5967"، "6267"، "6500"، ومسلم "30".

ص: 432

‌3559 - المُخَلِّص

(1)

:

الشيخ المحدّث المعمّر الصدوق، أبو طاهر، محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا البغدادي الذهبي، مخلص الذهب من الغش.

مولده في شوال سنة خمس وثلاث مائة.

وقال: أول سماعي في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة.

سمع بعنايةِ والدهِ مِن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وأحمد بن سليمان الطوسي، ورضوان الصيدلاني، وأبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري، وأحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني، وإبراهيم بن حَمَّاد، وعبد الواحد بن المهتدي، وأبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول، وإسماعيل بن العباس، والقاضي المَحَاملي، وأخيه أبي عبيد القاسم، وعدة.

حدَّث عنه: هبة الله بن الحسن اللالكائي، وأبو محمد الخلّال، وأبو سعد السمان، وأبو طالب المحسن بن شهفيروز الفقيه، وإبراهيم بن محمد الشروي الفقيه، وعبد العزيز بن محمد بن الحسين القطان، وأحمد بن محمد بن النقور، وعبد العزيز بن علي الأنماطي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وعلي بن أحمد بن البسري، وأبو نصر محمد بن محمد الزينبي، وخلق كثير.

وانتقى عليه الحافظان أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البقّال.

قال الخطيب: كان ثقة، مات في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.

وفيها توفِّي أبو جعفر الأبهري، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري صاحب "الصحاح"، والحافظ خلف بن القاسم بن الدبَّاغ الأندلسي، والطائع لله ووزير الأندلس الملك المنصور أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر، وأبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي شاعر وقته، والسيد محمد بن علي الهمذاني.

أخبرنا عليّ بن أحمد العلوي، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله المخلّد، وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا عمر بن أحمد الزاهد، أخبرنا هبة الله بن أحمد الشبلي قالا: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلِّص قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عبد الجبار بن عاصم، حدثنا بقية، عن بَحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عمرو بن عبسة، أنه حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق رقبة مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورًا يوم القيامة"

(2)

.

رواه النسائي عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن الحارث، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أسود بن العلاء، عن مولى لسليمان بن عبد الملك، عن رجل، عن الصنابحي، عن عمرو بن عبسة، وروى شطره الثاني الترمذي، عن الكَوْسَج، عن حيوة، عن بقية بن الوليد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 322"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 225"، واللباب لابن الأثير "3/ 181".

(2)

صحيح: أخرجه النسائي "6/ 26"، وأحمد "4/ 386".

ص: 433

‌3560 - الكُشَانِيّ

(1)

:

الشيخ المسند الصدوق، أبو علي، إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكُشَاني السمرقندي.

آخر من روى "صحيح البخاري" عاليًا، سمعه من أبي عبد الله محمد بن يوسف الفِرَبْرِي في سنة عشرين وثلاث مائة.

رواه عنه: أبو عبد الله الحسين بن محمد الخلّال أخو الحسن الحافظ، وأبو سهل أحمد بن علي الأبيوردي، وأبو طاهر محمد بن علي الشجاعي، وأبو عبد الله غنجار، وعمر بن أحمد بن شاهين السمرقندي، وغيرهم.

قال أبو سعد الإدريسي: توفِّي سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.

وقال المؤتَمن الساجي: سنة اثنتين وتسعين.

قلت: كان شيخًا معمّرًا.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 185"، والأنساب للسمعاني "4/ 11"، "10/ 431"، واللباب لابن الأثير "3/ 99"، والعبر "3/ 52".

ص: 434

‌3561 - الخَفَّاف

(1)

:

الشيخ الإمام الزاهد العابد، مسند خراسان، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر النيسابوري الخَفَّاف القنطري، ولد الشيخ أبي نصر.

قال أبو عبد الله الحاكم: كان مجاب الدعوة، سماعاته صحيحة بخط أبيه من أبي العباس السَّرَّاج وأقرانه، وبقي واحد عصره في علوّ الإسناد.

قلت: حدَّث عنه: الحاكم، وعبد الله بن محمد بن حَسْكَويه، وأبو القاسم القُشَيْري، وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي، والسيد علي بن محمد بن محمد الحسيني، وأبو المظَفَّر محمد بن إسماعيل الشجاعي، وأبو نصر الحسين بن أحمد الجريميني القاضي، والفضل بن عبد الله بن المحب، وسعيد بن أبي سعيد العيَّار، وعائشة بنت محمد البسطامي، وخلق سواهم.

وقع لنا جملة من عواليه.

قال الحاكم: مات في ربيع الأول سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، وله ثلاث وتسعون سنة.

وفيها توفِّي: أبو علي الحسن بن محمد بن درستويه الدمشقي، أحد الثقات، من أصحاب محمد بن خريم، والمحدِّث أبو عثمان سعيد بن نصر القرطبي، والفقيه المحدِّث أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد الجهيني الطُّلَيْطِلي، والإمام أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان القرطبي، وثلاثتهم من كبار شيوخ ابن عبد البر، والمسند أبو الحسن محمد بن أحمد بن العبّاس الإخميمي بمصر، وأبو نصر محمد بن أحمد بن محمد الملاحمي، وحافظ الوقت أبو عبد الله بن منده، وأبو الحسين أحمد بن فارس الرازي اللغوي، وأحمد بن القاسم بن عبد الرحمن التاهَرْتِي البزاز بقرطبة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 156 - 157"، والعبر "3/ 58".

ص: 434

‌3562 - الكَتَّاني

(1)

:

الإمام المقرئ المحدّث المعمّر، أبو حفص، عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير البغدادي الكَتَّاني.

وُلِدَ سنة ثلاث مائة.

وقرأ على ابن مجاهد، وسمع منه كتابه في السبع.

وسمع من: البغوي، وأبي سعيد العدوي، وأبي حامد الحضرمي، وأبي محمد بن صاعد، وأبي بكر بن زياد، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبي ذر أحمد بن الباغندي، وإسماعيل الورَّاق، وعبد الوهاب بن أبي حَيَّة، وأحمد بن إسحاق بن البُهلول، ومحمد بن منصور الشيعي، وجعفر بن محمد بن المغلّس، وأبي عبيد المحاملي، وأبي العباس بن عقدة، وخلق سواهم.

حدث عنه: أبو محمد الخلّال، وأبو القاسم التَّنُوخي، وأبو الحسين ابن المهتدي بالله، وجابر بن ياسين، وأبو محمد بن هزارمرد، وأبو الحسين بن النقور، وآخرون.

وقد تلا أيضًا على زيد بن أبي بلال، وبكار بن أحمد، ومحمد بن جعفر الحربي، وأبي الحسن بن ذؤابة، وتصدَّر للإقراء بمسجده.

تلا عليه: أحمد بن مسرور، وأبو علي الشَّرْمقاني، وأبو الفضل عبد الله بن أحمد بن الكوفي، وأبو الفوارس محمد بن العباس الأواني شيخ للقَلانِسي.

قال الخطيب: هو ثقة، توفِّي في رجب سنة تسعين وثلاث مائة، وله تسعون سنة.

قرأت على عمر بن عبد المنعم في سنة (693)، عن زيد بن حسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الشيباني، أخبرنا محمد بن علي العباسي، حدثنا عمر بن إبراهيم إملاءً، حدثنا محمد بن هارون، حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم الأحول، عن أنس قال: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السَّفَر فقال: "من أفطر فرخصة، ومن صام فالصوم أفضل".

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 269"، والأنساب للسمعاني "10/ 352"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 211"، والعبر "3/ 46".

ص: 435

‌3563 - ابن حِنْزَابَة

(1)

:

الإمام الحافظ الثقة، الوزير الأكمل، أبو الفضل، جعفر ابن الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات البغدادي، نزيل مصر.

ولد ببغداد في ذي الحجة سنة ثمان وثلاث مائة.

ووزر أبوه للمقتدر عام مصرعه، ووزر عمَّ أبيه الوزير الكبير أبو الحسن علي بن محمد للمقتدر غير مرة. فقُتِلَ في سنة (332)، ووزر أبو الفضل بمصر لكافور.

وحدَّث عن: أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، والحسن بن محمد الداركي الأصبهاني، وأبي يَعْلَى محمد بن زهير الأبلي، ومحمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني، وأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن سعيد الحمصي، وعدة.

قال الخطيب: وكان يذكر أنه سمع مجلسًا من أبي القاسم البغويّ، ويقول: من جاءني به أغنيته. وكان يملي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدارقطني إليها، فإن ابن حِنْزَابة كان يريد أن يصنِّف مسندًا، فخرج الدارقطني إلى مصر، وأقام عنده مدة، وحصل له منه مال كثير.

حدَّث عنه: الدارقطني، والحافظ أبو محمد عبد الغني المصري، وطائفة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 234"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 163"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 133"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 953"، والعبر "3/ 49"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 203".

ص: 436

ويعسر وقوع حديثه لنا، فإنه -حال أوان الراوية، كان علمه كاسدًا بمصر لمكان الدولة الإسماعيلية. وقيل: هو الذي كاتبهم وجسرهم على المجيء لأخذ مصر، ثم نَدِمَ.

قال السِّلَفي: كان ابن حِنْزَابة من الحفَّاظ الثقات المتبجِّحين بصحبة أصحاب الحديث، مع جلالة ورياسة يروي ويملي بمصر في حال وزارته، ولا يختار على العلم وصحبة أهله شيئًا، وعندي من أماليه ومن كلامه على الحديث، وتصرفه الدَّال على حدة فهمه، ووفور علمه.

وقد روى عنه حمزة بن محمد الكناني الحافظ مع تقدمه.

ونقل بعضهم أنَّ ابن حنزابة بعد موت كافور وزر للملك أبي الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيذ، فقبض على جماعة من أرباب الدولة وصادرهم، وصادر يعقوب بن كلّس الذي وزر، فأخذ منه أربعة آلاف دينار، فهرب إلى المغرب، وتوصَّل وعظم قدره، ثم أنّ ابن حنزابة لم يقدر على إرضاء الإخشيذية، وماجت الأمور، فاختفى مرَّتين، ونُهِبَت داره، ثم قدم أمير الرَّمْلة الحسن بن عبيد الله بن طغج وتملَّك، وصادر ابن حنزابة وعذَّبه، فنزح إلى الشام سنة ثمان وخمسين، ثم رجع.

قال الحسن بن أحمد السبيعي: قَدِمَ علينا الوزير جعفر بن الفضل إلى حلب، فتلقَّاه الناس، فكنت فيهم، فعُرِّفَ أنّي محدِّث، فقال لي: تعرف إسنادًا فيه أربعة من الصحابة، قلت: نعم. حديث السائب بن يزيد، عن حويطب، عن عبد الله بن السعدي، عن عمر رضي الله عنهم في العمالة، فعرف لي ذلك، وصار لي عنده منزلة.

قيل: كان الوزير عند عدة وراقين، وكان يستعمل بسمرقند الكاغد، ويحمل إليه.

قلت: كاتب ابن حنزابة وعدة من الكبراء القائد جوهرًا، يطلبون الأمان فأمَّنهم، ودخل في دست عظيم، فاستوزر ابن حنزابة مرة.

قال عبد الله بن يوسف: كنت عند ابن المهلبي بمصر، فقال: كنت حاضرًا في دار الوزير ابن كلّس فدخل عليه أبو العباس ولد الوزير أبي الفضل بن حنزابة، وكان قد زوَّجه بابنته، فقال له: يا سيدي، ما أنا بأجَلّ من أبيك، ولا بأفضل، أتدري ما أقعده خلف الناس? شَيْل أنفه بأبيه، فلا تَشِلْ -يا أبا العباس- أنفك بأبيك. تدري ما الإقبال؟ نشاط وتواضع، والإدبار كسل وترفع.

قيل: كان ابن حنزابة متعبدًا، ثم يفطر ثم ينام، ثم ينهض في الليل، ويدخل بيت مصلّاه فيصفُّ قدميه إلى الفجر.

ص: 437

قال المُسَبِّحي: لما غُسِّلَ ابن حنزابة جعل فيه ثلاث شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، كان أخذها بمالٍ عظيم.

وحِنْزَابة: جارية، هي والدة الفضل الوزير، وفي اللغة: الحنزابة: هي القصيرة السمينة.

قال ابن طاهر: رأيت عند الحبَّال كثيرًا من الأجزاء التي خُرِّجَت لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء الموفّي ألفًا من مسند كذا، والجزء الموفِّي خمس مئة من مسند كذا، وكذا سائر المسندات. ولم يزل ينفق في البر والمعروف الأموال، وأنفق كثيرًا على أهل الحرمين، إلى أن اشترى دارًا أقرب شيء إلى الحجرة النبوية، وأوصى أن يدفن فيها، وأرضى الأشراف بالذهب، فلما حُمِلَ تابوته من مصر تلَقَّوه، ودُفِنَ في تلك الدار.

توفِّي في ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.

ولم أظفر بحديث من رواية ابن حنزابة بعد.

وفيها مات أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق بمصر، وأبو بكر أحمد بن يوسف بن واضح الخَشَّاب بأصبهان، وأبو علي بن حاجب الكُشَاني، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج الشاعر، وأبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي شيخ الظاهرية ببغداد، وأبو القاسم عيسى بن علي الوزير، وصاحب الموصل حسام الدولة مقلد بن المسيب العقيلي، والمؤمل بن أحمد الشيباني.

ص: 438

‌3564 - النُّعَيْمِي

(1)

:

الإمام المسند، أبو حامد، أحمد بن عبد الله بن نُعَيم بن الخليل النُّعَيْمِي السرخسي، نزيل هراة.

راوي "الصحيح" عن محمد بن يوسف الفربري، وسمع أيضًا أبا العباس محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي، والحسين بن محمد بن مصعب، وإبراهيم بن حمدويه السلمي، وأحمد بن إسحاق بن مزيز السرخسي -بفتح الميم، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو يعقوب القراب، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقان، وأبو حازم العبدوي، وأبو منصور الكرابيسي، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي، وآخرون.

مات بهراة في ربيع الأول، سنة ست وثمانين وثلاث مائة، وهو في عشر التسعين.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 318"، والعبر "3/ 31"، والنجوم الزاهرة "4/ 175".

ص: 438

‌3565 - ابن عَبْدَان

(1)

:

الإمام الحافظ المعمّر الثقة، أبو بكر، أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج الشيرازي، شيخ الأهواز، ومسند الوقت.

حدَّث عن: محمد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البغوي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وبكر بن أحمد الزهري، وأحمد بن محمد السكن، وعدة.

وعنه: حمزة السهمي، وإسماعيل بن محمد الجِيْرُفْتي، والقاضي علي بن عبيد الله الكسائي، وأبو الحسن بن صخر، وعبد الوهاب الغَنْدَجَاني، وأخذ عنه "تاريخ البخاري الكبير".

وكان يُلَقَّب بالباز الأبيض، سأله حمزة بن يوسف عن الجرح والتعديل والعلل.

مولده في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

وتوفِّي في صفر سنة ثمان وثلاث مائة، عن خمس وتسعين سنة.

سكن شيراز مدة، ثم الأهواز ثلاثين عامًا، وكان موصوفًا بالحفظ، ضيع نفسه بإقامته في جبل الأهواز.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 924"، والعبر "3/ 38"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 127".

ص: 439

‌3566 - حفيد ابن خزيمة

(1)

:

الشيخ الجليل المحدّث، أبو طاهر، محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري.

سمع من جدِّه إمام الأئمة فأكثر، ومن أبي العباس السراج، وأحمد بن محمد الماسرجسي، وطبقتهم.

حدث عنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنجروذي، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن، ومحمد بن محمد بن يحيى، وأبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن علي المقرئ، وجماعة.

قال الحاكم: عقدت له مجلس التحديث في سنة ثمان وستين وثلاث مائة، ودخلت بيت كتب جده، وأخرجت له منها مائتين وخمسين جزءًا من سماعاته الصحيحة، وانتقيت له عشرة أجزاء، وقلت له: دَعِ الأصول عندي صيانة لها، فأبى وأخذها، وفرَّقها على الناس، وذهبت، ومد يده إلى كتب غيره فقرأ منها، ثم أنه مرض وتَغَيّر بزوال عقله في سنة أربع وثمانين، ثم أتيته بعد للرواية فوجدته لا يعقل.

قال: وتوفِّي في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاث مائة، ودُفِنَ في دار جده.

قلت: ما أراهم سمعوا منه إلَّا في حال وعيه، فإنَّ من زال عقله كيف يمكن السماع منه، بخلاف من تَغَيِّرَ ونسيَ وانهرم.

أخبرنا ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد المقرئ، أخبرنا أبو طاهر بن خزيمة، أخبرنا جدي أبو بكر، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفَّارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر"

(2)

.

(1)

ترجته في العبر "3/ 37"، وميزان الاعتدال "4/ 9"، ولسان الميزان "5/ 341".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "233".

ص: 439

‌3567 - الكُشْمِيهَني

(1)

:

المحدِّث الثقة، أبو الهيثم، محمد بن مكي بن محمد بن مكي بن زراع بن هارون المروزي الكشميهني.

حدَّث بـ "صحيح البخاري" مرات، عن أبي عبد الله الفربري، وحدَّث عن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يزيد المروزي الداعواني، ومحمد بن أحمد بن عاصم، وإسماعيل بن محمد الصفّار، وغيرهم.

حدَّث عنه: أبو ذر الهروي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبو الخير محمد بن أبي عمران الصفَّار، وأبو سهل محمد بن أحمد الحفصي، وكريمة المروزية المجاورة، وآخرون.

وكان صدوقًا.

مات في يوم عرفة سنة تسع وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 437"، واللباب لابن الأثير "3/ 99"، والعبر "3/ 44".

ص: 440

‌3568 - المُسْتَمْلِي

(1)

:

الإمام المحدّث الرَّحَّال الصادق، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن داود البلخي المستملي، راوي الصحيح عن الفِرَبْرِي.

لم تبلغني أخباره مفصَّلَة.

حدَّث عنه: أبو ذر عبد بن أحمد، وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني بالأندلس، والحافظ أحمد بن محمد بن العباس البلخي.

وكان سماعه للصحيح في سنة أربع عشرة وثلاث مائة.

قال أبو ذر: كان من الثِّقَات المتقنين ببلخ، طوَّفَ وسمع الكثير، وخرَّج لنفسه معجمًا. توفِّي سنة ست وسبعين وثلاث مائة.

‌3569 - ابن حَمُّويه

(2)

:

الإمام المحدّث الصدوق المسند، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن حَمُّويه بن يوسف بن أعين، خطيب سرخس.

سمع في سنة ست عشرة وثلاث مائة الصحيح من أبي عبد الله الفِربري، وسمع "المسند الكبير"، و"التفسير" لعبد بن حميد من إبراهيم بن خزيم الشاشي، وسمع "مسند الدارمي" من عيسى بن عمر السمرقندي، عنه.

حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، والحافظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب، ومحمد بن عبد الصمد التراب المروزي، وعلي بن عبد الله الهروي، ومحمد بن أحمد بن محمد بن محمود، وأبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي، وآخرون.

قال أبو ذر: قرأت عليه، وهو ثقة، صاحب أصول حِسَان.

قلت: له جزء مفرد عَدَّ فيه أبواب الصحيح، وما في كل باب من الأحاديث، فأورد ذلك الشيخ محيي الدين النواوي في أوّل شرحه لـ "صحيح البخاري"، وقد بقي حديثه يروى عاليًا في سنة ثلاثين وسبع مائة عند أبي العباس الحجار.

مولده في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

وقال أبو يعقوب القراب: توفي لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 1"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 86".

(2)

ترجمته في العبر "3/ 17"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 161".

ص: 441

‌3570 - الجَوْزَقي

(1)

:

الإمام الحافظ المجوّد البارِع، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني الخراساني الجوزقي المعدّل.

مفيد الجماعة بنيسابور، وصاحب "الصحيح" المخرَّج على كتاب مسلم.

حرص عليه خاله أبو إسحاق المزكي، وسمَّعَه من أبي العباس السَّرَّاج أحاديث، ومن أبي نعيم بن عدي، وأبي العباس الدغولي، ومكي بن عبدان، وأبي حامد بن الشرقي، وفي رحلته من ابن الأعرابي، وإسماعيل الصفَّار، وأبي حاتم الوسقندي، وخلق.

وبرع في هذا الشأن، وصنَّف التصانيف.

قال الحاكم: انتقيت عليه عشرين جزءًا، ثم ظهر سماعه من السراج.

قلت: حدَّث عنه: الحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وأبو عثمان البحيري، ومحمد بن علي الخشاب، وسعيد العيار، وأحمد بن منصور المغربي، وآخرون.

وجوزق: من قرى نيسابور، وله كتاب "المتَّفق الكبير" يكون ثلاث مائة جزء، رواه شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني.

وكان يقول فيما يروي عنه: أنفقت في طلب الحديث مائة ألف درهم، ما كسبت به درهمًا.

وله أربعون سمعناها.

قال الحاكم: مات في شوال سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، وله اثنتان وثمانون سنة.

وفيها مات أبو بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، وأبو عبد الله بن بكير، وأبو سليمان الخطَّابي، وشافع بن محمد بن أبي عوانة، وأبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي، وعمر بن عراك المقرئ، وأبو الفرج الشَّنُبوذي، وأبو علي محمد بن الحسن بن المظَفَّر الحاتمي اللغوي الكاتب، وأبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي بمَرْو، وأبو بكر محمد بن علي الأدفوي المفسِّر، وأبو يعقوب يوسف بن الدخيل بمكة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 365"، واللباب "1/ 309"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 945"، والنجوم الزاهرة "4/ 199".

ص: 442

‌3571 - ابن الفُرَات

(1)

:

الإمام الحافظ البارع المجوّد، أبو الحسن، محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات البغدادي.

سمع أبا عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبا جعفر بن البَخْتَري، وخلقًا كثيرًا، وجمع فأوعى.

وعنه: أحمد بن علي البادي، ومحمد بن عبد الواحد بن رِزْمَة، وإبراهيم بن عمر البرمكي، وآخرون.

قال جعفر السراج: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: أبو الحسن بن الفرات غاية في ضبطه، حجة في نقله.

وقال الخطيب: بلغني أنه كان عند ابن الفرات عن الواعظ علي بن محمد المصري، وحده ألف جزء، وأنه كتب مائة تفسير، ومائة تاريخ، وحدَّثني الأزهري أن ابن الفرات خلَّفَ ثمانية عشر صندوقًا مملوءًا كتبًا، أكثرها بخطه، ثم قال: وكتابه هو الحُجَّة في صحة النقل وجودة الضبط.

ولم يزل يسمع إلى أن مات. وقال لي العتيقي: هو ثقة مأمون، ما رأيت أحسن قراءة للحديث منه.

مات ابن الفرات في شوال سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، وقد قارب السبعين.

‌3572 - ابن حَمَّاد

(2)

:

الحافظ، محدِّث الكوفة، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن حَمَّاد بن سفيان الكوفي.

روى عن: عبد الله بن زيدان البجلي، وعلي بن العباس المقانعي، ومحمد بن دليل.

روى عنه: أبو العلاء الواسطي، وأبو ذر الهروي، وأبو الحسن العتيقي، وعدة ارتحلوا إليه.

توفِّي سنة أربع وثمانين أيضًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 122"، واللباب لابن الأثير "2/ 414"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 946"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 168".

(2)

تقدمت ترجمته برقم عام "3530"، وبتعليقنا رقم "554" في هذا الجزء.

ص: 443

‌3573 - ابن المُزَكِّي

(1)

:

الإمام القدوة الرباني، أبو حامد، أحمد بن الشيخ المزكّي، أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري.

ولد سنة بضع وعشرين وثلاث مائة.

وأجاز له أبو العباس الدَّغولي الحافظ بخطّ يده، قاله الحاكم، وسمع من محمد بن الحسين القطان، وحجَّ فسمع من ابن الأعرابي، وببغداد من محمد بن البختري، وإسماعيل الصفَّار.

ذكره الخطيب وقال: سمع بالريّ من أبي حاتم الوَسْقَنْدي.

معروف بالعبادة، استملى عليه أبو بكر بن إسماعيل الورَّاق، وهو أكبر منه.

حدَّث عنه محمد بن طلحة النعالي، والأزهري، وأبو العلاء الواسطي.

قلت: وجعفر الأبهري بهمذان، وأحمد بن عبد الرحمن بن سعدويه، وأبو سعد الكنجروذي. وحدَّث عنه من القدماء والده، وأبو الحسين محمد بن المظَفَّر، وحضر مجالسه القضاة والأشراف.

قال الحاكم: خرَّجت له الفوائد، ومولده في سنة ثلاث وعشرين.

قال: وتوفِّي في شعبان سنة ست وثمانين وثلاث مائة، وصحبته ببغداد وطريق مكة، وعندي أنَّ الملائكة لم تكتب عليه خطيئة، وكان عابدًا مجتهدًا، صام الدهر نيفًا وعشرين سنة.

أخوه وهو الأسَنّ العابد الصادق، أبو الحسن:

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 20".

ص: 444

‌3574 - عبد الرحمن بن إبراهيم المُزَكِّي

(1)

:

سمع أبا حامد بن الشرقي، وأبا حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وإسماعيل الصفَّار، ومحمد بن عمر بن حفص، والأصمّ، وخرَّجت له العوالي.

قال الحاكم: كان من عقلاء الرجال والعُبَّاد.

وقال الخطيب: كان ثقة، حدثنا عنه محمد بن طلحة.

قلت: وروى عنه الحاكم، وعمر بن أحمد الجوري، وأحمد بن منصور المغربي. وحدَّث ببغداد.

وَرَّخَ الحاكم موته في شعبان سنة سبع وتسعين وثلاث مائة.

وسيأتي أخواهما يحيى ومحمد.

‌3575 - ابن حَمْشَّاذ:

العلَّامة الزاهد، أبو منصور، محمد بن عبد الله بن محمد بن حمشاذ النيسابوري الشافعي.

سمع أبا حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين بن القطان، وارتحل فسمع من أبي جعفر الرزاز، وإسماعيل الصفار.

وتفقَّه وبرع، وأتقن علم الجدل والكلام والنظر، وأخذ النحو عن أبي عمر الزاهد، ودخل إلى اليمن، وتخرَّج به الأصحاب.

وكان عابدًا متألهًا واعظًا، مجاب الدعوة، كثير التصانيف، منقبضًا عن أبناء الدنيا.

بالغ في تقريظة الحاكم وقال: ظهر له من مصنَّفاته أكثر من ثلاث مائة كتاب مصنَّف، وظهر لنا في غير شيء أنه مجاب الدعوة.

تفقَّه على أبي الوليد النيسابوري، وبالعراق على ابن أبي هريرة.

ومات في يوم الجمعة في رجب سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، عن اثنتين وسبعين سنة.

‌3576 - الحاتِمِيّ

(2)

:

إمام اللغة والأدب، أبو علي، محمد بن الحسين بن المظَفَّر البغدادي الكاتب.

أخذ عن أبي عمر الزاهد، وجماعة.

وله "الرسالة الحاتمية" فيها ما جرى بينه وبين المتنبي من إظهار سرقاته، وعيوب شعره

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 302".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 214"، والأنساب للسمعاني "4/ 8"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 205"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 154"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 608"، والعبر "3/ 40"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 129".

ص: 445

وحمقه وتيهه، فذكر أنه ذهب إليه وتحامق عليه، ثم قال: ما خبرك؟ فقلت: بخير لولا ما جنيته على نفسي من قصدك، ووسمت به قدري من ميسم الذّل بزيارتك، يا هذا، أَبِنْ لي مِمَّ تيهك وخيلاؤك? وما أوجب ذلك? أههنا نسب علقت بأذياله؟ أو سلطان تسلَّطت بعزة؟ أو علم يشار إليك به? فلو قدرت نفسك بقدرها لما عدوت أن تكون شاعرًا مكتسبًا، فامتقع لونه، ولان في الاعتذار، وكرَّر الأيمان أنه لم يثبتني، ولا اعتمد التقصير بي، وذكر فصلًا طويلًا في المعنى، وناظره في الشعر.

مات في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

وحاتم كان بعض جدوده.

ص: 446

‌3577 - الملك سُبُكْتِكِين

(1)

:

صاحب بلخ وغزنة، وغير ذلك.

مات في شعبان سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

كانت دولته نحوًا من عشرين سنة، وكان فيه عدل وشجاعة، ونبل مع عسف، وكونه كَرَّاميًّا، ولما أخذ طوس أخرب مشهد الرضا، وقتل من يزوره، فلمَّا تملَّك ابنه محمود رأى في النوم عليًّا رضي الله عنه وهو يقول: إلى كم هذا? فبنى المشهد ورَدَّ أوقافه إليه، عهد بالمملكة بعده إلى ابنه إسماعيل، ولم يقدم محمودًا، وهو كان الأسنّ، فتحارب الأخوان، وانهزم إسماعيل، فتحصَّن بقلعة غزنة، ثم إنه نزل بالأمان إلى أخيه بعد أشهر فأمَّنه وتمكَّن محمود.

ومات في العام عدة ملوك، منهم: الملك فخر الدولة علي بن الملك ركن الدولة بن بويه صاحب عراق العجم، الذي وزر له الصاحب إسماعيل بن عبّاد، وملَّكوا بعده ابنه مجد الدولة أبا طالب رستم، وله أربع سنين.

وفي سنة ثمان قتل صمصام الدولة الملك ابن عضد الدولة، وله ست وثلاثون سنة، تملّك مدة ثم زال ملكه، وأخذ فسُمِلَت عيناه، وحبس ثم أُخْرِجَ بعد مدة، وهو أعمى، فملكوه بفارس أعوامًا، ثم قُتِلَ.

وفي سنة إحدى وتسعين قتل صاحب الموصل، وأخو صاحبها الملك حسام الدولة مقلد بن المسيب بن رافع العُقَيْلِيّ، وكانت دولته خمسة أعوام، وتملَّك بعده ابنه قِرْوَاش فتمكَّن وحارب بني بويه.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 76"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 713".

ص: 446

‌3578 - المأموني:

شاعر زمانه، الأديب الأوحد، أبو طالب، عبد السلام بن الحسين المأموني، من ذرية المأمون الخليفة.

استوفى أخباره ابن النجار فقال: بديع النظم، مدح الملوك والوزراء، وامتدح الصاحب بن عبَّاد فأكرمه، فحسده ندماء الصاحب وشعراؤه، فرموه بالباطل، وقالوا: إنه دعيّ، وقالوا فيه: ناصبي، ورموه بأنه هجا الصاحب، فذلك يقول ليسافر:

يا ربع لو كنت دمعًا فيك منسكبًا

قضيت نحبي ولم أقض الذي وجبا

لا ينكرون ربعك البالي بِلى جسدي

فقد شربت بكأس الحب ما شربا

عهدي بربعك للذات مرتبعًا

فقد غدا لغوادي السحب منتحبا

ذو بارق كسيوف الصَّاحب انتضيت

ووابل كعطاياه إذا وهبا

وعصبة بات فيها القيظ متقدًا

إذ شدت لي فوق أعناق العدا رتبا

إني كيوسف والأسباط هم وأبو الـ

أسباط أنت ودعواهم دمًا كذبا

قد ينبح الكلب ما لم يلق لَيْثَ شَرَى

حتى إذا ما رأى ليثًا مضى هربا

قال الثعلبي: ففارق الريّ، وقَدِمَ نيسابور، ومدح صاحب الجيش فوصله، وقَدِمَ بخارى فأكُرْمِ بها، عاشرت منه فاضلًا ملء ثوبه، وكان يسمو بهمّته إلى الخلافة، ويمنِّي نفسه في قصد بغداد في جيوش تنظم إليه من خراسان، فاقتطعته المنيّة، ومرض بالاستسقاء، ومات في سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

ص: 447

‌3579 - ابن الطَّحَّان:

الإمام الحافظ الفقيه المحدّث المجوّد، أبو القاسم إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم القيسيّ القرطبي المالكي، ابن الطحان، صاحب التصانيف.

سمع قاسم بن أصبغ، وأحمد بن عبادة الرعيني، ومحمد بن الحافظ محمد بن عبد السلام الخشني، وأحمد بن دحيم، ومحمد بن معاوية، وجماعة.

قال ابن الفَرضي: سمعت منه، وانتفع به أهل الكورة، وكانت فتياه بما ظهر له من الحديث.

وله في "المدونة" أخبار معروفة، وغلب عليه الحديث.

توفّي في صفر سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، وطاب الثناء عليه، وشيعه الخلق.

‌3580 - جبريل بن محمد:

ابن إسماعيل بن سَنْدُول، الشيخ الصدوق، مسند همذان، أبو القاسم الخرقي العدل.

روى عن: عبدوس بن أحمد السراج، وعلي بن الحسن بن سعد، وأبي القاسم البغوي، ومحمد بن عبد السمرقندي، ومحمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، وأبي بكر بن المنذر الفقيه، وعدة.

وعنه: جعفر بن محمد الأبهري، ومحمد بن عيسى، وعبد الله بن عبدان الفقيه.

قال شيرويه: يدل حديثه على الصدق.

توفِّي في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.

‌3581 - الدمياطي:

الشيخ المحدّث الثقة، أبو بكر، محمد بن يحيى بن عمّار الدمياطي.

سمع محمد بن زبان، سمع منه كتاب "الليث"، وسمع من أبي بكر بن المنذر كتاب "الأشراف"، وسمع من أبي عبيد بن حربويه، ومحمد بن إبراهيم الديبلي.

روى عنه: أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، ويحيى بن علي بن الطحان، والمصريون.

توفِّي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.

‌3582 - العَبْدُويي

(1)

:

الشيخ الجليل، أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس الهذلي العبدويي النيسابوري، والد الحافظ أبي حازم عمر.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "6/ 350"، والأنساب للسمعاني "8/ 354".

ص: 448

سمع أبا العباس السَّرَّاج، وأبا بكر بن خُزَيْمة، وحاتم بن محبوب، وطائفة.

وعنه: ابنه والحاكم، وأبو سعد الكنجروذي، وغيرهم.

توفِّي في رمضان سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

وفيها توفِّي أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل ابن المهندس محدِّث مصر، والصاحب إسماعيل بن عبَّاد الوزير، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن اليسع الأنطاكي المقرئ، والقاضي علي بن الحسين بن بندار الأذني، والحافظ الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، والأديب أبو الحسن محمد بن سكرة الهاشمي الشاعر، وشيخ الشافعية أبو بكر محمد بن عبد الله الأودني صاحب وجه، وأبو بكر بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي، وشيخ الظاهرية أبو بكر محمد بن موسى بن المثنَّى البغدادي، وقد سمع البغوي وأبو الفتح القواس الزاهد.

ص: 449

‌3583 - ابن سَمْعُون

(1)

:

الشيخ الإمام الواعظ الكبير المحدّث، أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس البغدادي، شيخ زمانه ببغداد.

مولده سنة ثلاث مائة.

وسمعون: هو لقب جده إسماعيل.

سمع أبا بكر بن أبي داود، وهو أعلى شيخ له، ومحمد بن مخلد العطار، ومحمد بن عمرو بن البختري، وأحمد بن سليمان بن زبان الدمشقي، ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة، وعدة، أملى عنهم عشرين مجلسًا، سمعناها عالية.

حدث عنه: أبو عبد الرحمن السلمي، وعلي بن طلحة المقرئ، والحسن بن محمد الخلّال، وأبو طالب العشاري، وأبو الحسين بن الأبنوسي، وخديجة بنت محمد الشاهجانيّة، وأبو بكر أحمد بن محمد بن حمدوه الحنبلي، وآخرون.

وجدُّ أبيه عنبس -بنون ساكنة- هو عنبس بن إسماعيل القزاز، روى عن: شعيب بن حرب، لحقه محمد بن مخلد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 274"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 362"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 198"، واللباب لابن الأثير "2/ 140"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 631"، والعبر "3/ 36".

ص: 449

قال السلمي: هو من مشايخ البغداديين، له لسان عالٍ في هذه العلوم، لا ينتمي إلى أستاذ، وهو لسان الوقت، والمرجوع إليه في آداب المعاملات، يرجع إلى فنون من العلم.

وقال الخطيب: كان أوحد دهره، وفرد عصره في الكلام على علم الخواطر، دوَّنَ الناس حِكَمَه، وجمعوا كلامه، وكان بعض شيوخنا إذا حدَّث عنه قال: حدَّثنا الشيخ الجليل المُنْطَق بالحكمة.

أنبأنا ابن علّان، عن القاسم بن علي، أخبرنا نصر الله بن محمد الفقيه، أخبرنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم، أخبرنا عبيد الله بن عبد الواحد الزعفراني، حدثني أبو محمد السني صاحب أبي الحسين بن سمعون، قال: كان ابن سمعون في أوّل أمره ينسخ بالأجرة، وينفق على نفسه وأمه، فقال لها يومًا: أحب أن أحجّ، قالت: وكيف يمكنك? فغلب عليها النوم فنامت، وانتبهت بعد ساعة وقالت: يا ولدي حج. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم يقول: دعيه يحج، فإن الخير له في حجه، ففرح وباع دفاتره، ودفع إليها من ثمنها، وخرج مع الوفد، فأخذت العرب الوفد. قال: فبقيت عريانًا، فجعلت إذا غلب عليَّ الجوع، ووجدت قومًا من الحجّاج يأكلون وقفت، فيدفعون إليَّ كسرة فاقتنع بها، ووجدت مع رجل عباءة، فقلت: هبها لي أستتر بها، فأعطانيها، وأحرمت فيه، ورجعت. وكان الخليفة قد حَرَّمَ جارية وأراد إخراجها من الدار. قال السنِّي: فقال الخليفة: اطلبوا رجلًا مستورًا يصلح أن تزوّج هذه الجارية به، فقيل: قد جاء ابن سمعون، فاستصوب الخليفة ذلك، وزوَّجه بها. فكان يعظ، ويقول: خرجت حاجًّا، ويشرح حاله، ويقول: ها أنا اليوم عليَّ من الثياب ما ترون.!! قلت: كان فاخر الملبوس.

قال أبو بكر البرقاني: قلت له يومًا: تدعو الناس إلى الزهد، وتلبس أحسن الثياب، وتأكل أطيب الطعام، كيف هذا? فقال: كل ما يصلحك لله فافعله إذا صلح حالك مع الله تعالى.

قال أبو محمد الخلّال: قال لي ابن سمعون: ما اسمك? قلت: حسن. قال: قد أعطاك الله الاسم فسله المعنى.

قال أبو النجيب الأرموي: سألت أبا ذر عن ابن سمعون هل اتهمته? قال: بلغني أنه روى جزءًا عن ابن أبي داود عليه، وأبو الحسين بن سمعون، وكان رجلًا سواه؛ لأنه كان صبيًّا ما كانوا يكنّونه في ذلك الوقت. وسماعه من غيره صحيح، وكان القاضي أبو بكر الأشعري، وأبو حامد يُقَبِّلان يده، وكان القاضي يقول: ربما خفي عليَّ من كلامه بعض الشيء لدقته.

ص: 450

السُّلَمي: سمعت ابن سمعون يقول في {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142]: مواعيد الأحبة وإن اختلفت فإنها تؤنس. كنّا صبيانًا ندور على الشط ونقول:

ماطليني وسوِّفي

وعديني ولا تفي

واتركيني مولّهًا

أو تجودي وتعطفي

الخطيب: حدثنا محمد بن محمد الظاهري، سمعت ابن سمعون يذكر أنه أتى بيت المقدس، ومعه تمر، فطالبته نفسه برطب فلامها، فعمد إلى التمر وقت إفطاره فوجده رطبًا، فلم يأكل منه، ثم ثاني ليلة وجده تمرًا.

الخطيب: سمعت أحمد بن عليّ البادي، سمعت أبا الفتح القواس يقول: لحقتني إضافة، فأخذت قوسًا وخفَّيْن لأبيعهما، فقلت: أحضر مجلس ابن سمعون ثم أبيع، فحضرت، فلمَّا فرغ ناداني: يا أبا الفتح، لا تبع الخفَّيْن والقوس، فإن الله سيأتيك برزق من عنده، أو كما قال.

الخطيب: حدَّثنا شرف الوزراء أبو القاسم، حدثني أبو طاهر بن العلّاف قال: حضرت ابن سمعون وهو يعظ، وأبو الفتح القوّاس إلى جنب الكرسي فنعس، فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعةً حتى استيقظ أبو الفتح، فقال له أبو الحسين: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومك? قال: نعم. فقال: لذلك أمسكت خوفًا أن تنزعج.

الخطيب: حدَّثنا الوزير أبو القاسم، حدثنا أبو علي بن أبي موسى الهاشمي قال: حكى لي مولى الطائع أن الطائع أمره، فأحضر ابن سمعون، فرأيت الطائع غضبان، وكان ذا حِدَّة، فسلَّم ابن سمعون بالخلافة، ثم أخذ في وعظه فقال: روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه كذا، ووعظ حتى بكى الطائع، وسُمِعَ شهيقه، وابتلَّ منديل من دموعه، فلما انصرف سُئِلَ الطائع عن سبب طلبه فقال: رفع إليّ أنه ينتقص عليًّا، فأردت أقابله، فلما حضر افتتح بذكره والصلاة عليه، وأعاد وأبدى في ذكره، فعلمت أنه وُفِّقَ، ولعله كوشف بذلك.

قاضي المرستان: أنبأنا القضاعي، حدثنا علي بن نصر، حدثنا أبو الثناء شكر العضدي قال: لما دخل عضد الدولة بغداد وقد هلك أهلها قتلًا وخوفًا وجوعًا للفتن التي اتصلت بين السنة والشيعة، فقال: آفة هؤلاء القصّاص، فمنعهم، وقال: من خالف أباح دمه، فعرف ابن سمعون، فجلس على كرسيه، فأمرني مولاي، فأحضرته، فدخل رجل عليه نور، قال

ص: 451

شكر: فجلس إلى جنبي غير مكترث، فقلت: إن هذا الملك جبار عظيم، ما أوثر لك مخالفته، وإني موصلك إليه، فقبّل الأرض، وتلطّف له، واستعن بالله عليه. فقال: الخلق والأمر لله. فمضيت به إلى حجرة قد جلس فيها الملك وحده، فأوقفته، ثم دخلت استأذن، فإذا هو إلى جانبي، وحوَّل وجهه إلى دار عز الدولة، ثم تلا:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة} [هود: 102]. ثم حوَّل وجهه وقرأ {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون} [يونس: 14]. ثم أخذ في وعظه، فأتى بالعجب، فدمعت عين الملك، وما رأيت ذلك منه قط، وشرك كمه على وجهه، فلما خرج أبو الحسين رحمه الله قال الملك: اذهب إليه بثلاثة آلاف درهم، وعشرة أثواب من الخزانة، فإن امتنع فقل له: فرّقها في أصحابك، وإن قبلها فجئني برأسه، ففعلت، فقال: إن ثيابي هذه فصّلت من نحو أربعين سنة، ألبسها يوم خروجي، وأطويها عند رجوعي، وفيها متعة وبقية، ونفقتي من أجرة دار خلفها أبي، فما أصنع بهذا؟ قلت: فرّقها على أصحابك، قال: ما في أصحابي فقير، فعدت فأخبرته، فقال: الحمد لله الذي سلَّمه منَّا وسلَّمنا منه.

قال أبو سعيد النقاش: كان ابن سمعون يرجع إلى علم القرآن وعلم الظاهر، متمسِّكًا بالكتاب والسنة، لقيته وحضرت مجلسه، سمعته يسأل عن قوله:"أنا جليس من ذكرني" قال: أنا صائنه عن المعصية، أنا معه حيث يذكرني، وأنا معينه.

السلمي: سمعت ابن سمعون، وسُئِلَ عن التصوف فقال: أما الاسم فترك الدنيا وأهلها، وأما حقيقته فنسيان الدنيا ونسيان أهلها. وسمعته يقول: أحق النّاس بالخسارة يوم القيامة أهل الدعاوي والإشارة.

قال أبو الحسن العَتِيقي: توفِّي ابن سمعون وكان ثقة مأمونًا في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

قال أبو بكر الخطيب: ونقل ابن سمعون سنة ست وعشرين وأربع مائة من داره، فدفن بمقبرة باب حرب، ولم تكن أكفانه بليت فيما قيل.

قلت: نعم. الكفن قد يقيم نحوًا من مائة سنة، لأن الهواء لا يصل إليه فيسلم.

نقل أبو محمد بن حزم خرافةً لا تثبت فقال: وقال شيخ -يقال له: ابن سمعون- ببغداد: إن الاسم الأعظم ليس هو في الأسماء الحسنى المعروفة، قال: وهو سبعة وثلاثون حرفًا من غير حروف المعجم.

ص: 452

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أخبرنا هبة الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي العشاري، أخبرنا أبو الحسين بن سمعون، أخبرنا أحمد بن محمد بن سلم، حدَّثنا حفص الربالي، حدثنا سهل بن زياد، حدثنا أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فأصابهم عوز من الطعام، فقال:"يا أبا هريرة، أعندك شيء"؟ قلت: نعم، شيء من تمر في مزودي. قال:"جئ به" وقال: "هات نطعًا" فجئت بالنطع فبسطه، فأدخل يده وقبض من التمر، فإذا هو إحدى عشرة تمرة، ثم قال:"باسم الله" فجعل يضع كل تمرة ويسمي، حتى أتى على التمر، فقال به "هكذا"، فجمعه، فقال:"ادع فلانًا وأصحابه" فأكلوا وشبعوا وخرجوا، ثم قال:"ادع فلانًا وأصحابه" فأكلوا وشبعوا وخرجوا، وفضل تمر فأكل وأكلت، وفضل تمر، فأدخله في المزوَد إلى أن قال: فجهَّزت منه خمسين وسقًا في سبيل الله، فوقع زمن عثمان.

ص: 453

‌3584 - الصَّاحب

(1)

:

الوزير الكبير العلّامة، الصاحب، أبو القاسم إسماعيل بن عبَّاد بن عباس الطالقاني، الأديب الكاتب، وزير الملك مؤيد الدولة بويه ابن ركن الدولة.

صحب الوزير إلى أبا الفضل بن العميد، ومن ثَمَّ شهر بالصاحب.

وسمع من: أبي محمد بن فارس بأصبهان، ومن أحمد بن كامل القاضي، وطائفة ببغداد.

روى عنه: أبو العلاء محمد بن حسول، وعبد الملك بن علي الرازي، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو الطيب الطبري، وأبو بكر بن المقرئ شيخه.

وله تصانيف منها في اللغة "المحيط" سبعة أسفار، و"الكافي" في الترسل، وكتاب "الإمامة" وفيه مناقب الإمام عليّ، ويثبت فيه إمامة من تقدمه.

وكان شيعيًّا معتزليًّا مبتدعًا تيَّاهًا صلفًا جبارًا، قيل: إنه ذكر له البخاري فقال: ومن البخاري?!! حَشَوِي لا يُعَوَّل عليه.

وقد نُكِبَ ونُفِيَ، ثم رُدَّ إلى الوزارة، ودام فيها ثماني عشرة سنة. وافتتح خمسين قلعة لمخدومه فخر الدولة.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 179"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 168"، ووفيات العيان لابن خلكان "1/ ترجمة 96"، والعبر "3/ 28"، ولسان الميزان "1/ 413".

ص: 453

وقد طوَّل ابن النجار ترجمته.

وكان فصيحًا متقعِّرًا، يتعانى وحشي الألفاظ في خطابه، ويمقت التيه، ويتيه ويغضب إذا ناظر، قال مرة لفقيه: أنت جاهل بالعلم، ولذلك سوَّد الله وجهك.

وله كتاب "الوزراء"، وكتاب "الكشف عن مساوئ شعر المتنبي"، وكتاب "الأسماء الحسنى".

وهو القائل:

رقَّ الزجاج ورقت الخمر

وتشابها فتشاكل الأمر

فكإنما خمر ولا قدح

وكإنما قدح ولا خمر

قيل: جمع الصاحب من الكتب ما يحتاج في نقلها إلى أربع مائة جمل، ولما عزم على التحديث تاب، واتَّخذ لنفسه بيتًا سمَّاه بيت التوبة، واعتكف على الخير أسبوعًا، وأخذ خطوط جماعة بصحة توبته، ثم جلس للإملاء، وحضره الخلق، وكان يتفقَّد علماء بغداد في السنة بخمسة آلاف دينار، وأدباءها، وكان يبغض من يدخل في الفلسفة.

ومرض بالإسهال، فكان إذا قام عن الطست ترك إلى جنبه عشرة دنانير للغلام، ولما عُوِفَي تصدَّق بخمسين ألف دينار.

وقيل: إن صاحب ما وراء النهر نوح بن منصور كتب إليه يستدعيه ليوليه وزارته، فاعتلَّ بأنه يحتاج لنقل كتبه خاصّة أربع مائة جمل، فما الظن بما يليق به من التجمل.

وكان قد لُقِّبَ كافي الكُفَاة.

مات بالري، ونقل إلى أصبهان، ولما أبرز تابوته ضجَّ الخلق بالبكاء.

يقال: إنه قال: ثلاثة خجلوني: البندهي حضر المجلس، فقدمت فواكه منها مشمش فائق، فأكل وأمعن، فقلت: إنه ملطخ المعدة، فقال: لا يعجبني الرئيس إذا تطبّب، والفرندي قال: قد جئت من دار السلطنة وأنا ضجر من أين أقبل مولانا? قلت: من لعنة الله، قال: رد الله غربة مولانا. والثالث: المافروخي أيام حسنه داعبته، فقلت: رأيتك تحتي، قال: مع ثلاثة مثلي.

وللبستي في الصاحب:

يا من أعاد رميم الملك منشورًا

وضمَّ بالرأي أمرًا كان منشورًا

أنت الوزير وإن لم تؤت منشورًا

والملك بعدك إن لم يؤتمن شورى

مات الصاحب في صفر سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، عن تسع وخمسين سنة.

ووزر أبوه لركن الدولة.

ص: 454

‌3585 - السَّاماني

(1)

:

سلطان بخارى وسمرقند وابن سلاطينها، أبو القاسم نوح بن منصور بن نوح بن عبد الملك بن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان.

مات في رجب سبع وثمانين وثلاث مائة، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة.

وقام بعده ابنه أبو الحارث منصور.

قال ابن الجوزي: تملّك نوح خراسان وغزنة وما وراء النهر، ثم ولي بعده ابنه، فبقي سنة وتسعة أشهر، ثم قبض عليه الأمراء وملَّكوا أخاه عبد الملك، فقصدهم السلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، فالتقاهم فهزمهم إلى بخارى، وانقرضت دولة السامانية.

‌3586 - السَّامريّ

(2)

:

شيخ القراء، أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري البغدادي.

زعم أنه قرأ لحفص على الأشناني، وقرأ للسوسي على موسى بن جرير، وأبي عثمان النحوي، وقرأ لقالون على ابن شنبوذ، وللدوري على ابن مجاهد، فأما تلاوته على هذين فمعروفة.

وزعم أنه سمع من أبي العلاء محمد بن أحمد الوكيعي، والقدماء، فافتضح، ولكن كان نافق السوق بين القراء.

وُلِدَ سنة خمس وتسعين ومائتين.

تلا عليه: أبو الفضل الخزاعي، وأبو الفتح فارس، وعبد الساتر بن الذرب اللاذقي، وعبد الجبار الطرسوسي، وأبو العباس بن نفيس، وآخرون.

استوعبت ترجمته في طبقات القراء، وودِّي لو أنه ثقة، فإني قرأت من طريقه عاليًا.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 14"، واللباب لابن الأثير "2/ 94"، والعبر "3/ 38".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 442"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 376"، والعبر "3/ 32"، وميزان الاعتدال "2/ 408"، ولسان الميزان "3/ 273"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175".

ص: 455

قال الصوري: قال لي أبو القاسم العنابي: كنت عند أبي أحمد المقرئ، فحدثنا عن الوكيعي، فاجتمعت بعبد الغني فأخبرته، فاستعظم ذلك، وقال: سَلْه متى سمع منه، فقال: بمكة سنة ثلاث مائة، فأخبرت عبد الغني فقال: مات أبو العلاء عندنا في أول سنة ثلاث مائة، وترك السلام عليه، وقال: لا أسلم على من يكذب في الحديث.

وفي كتاب "العنوان": إن أبا أحمد قرأ على محمد بن يحيى الكسائي، وهذا وَهْمٌ، قد سقط من بينهما ابن شنبوذ أو ابن مجاهد.

وقال يحيى بن الطحان: ذكر أبو أحمد أنه يروي عن ابن المعتز.

قلت: بدون هذا يهدر الراوي.

مات في المحرم سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

ص: 456

‌3587 - ابن مسرور

(1)

:

الحافظ المحدِّث الرحَّال، أبو الفتح، عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن مسرور البلخي، نزيل مصر.

حدَّث عن: أبي بكر أحمد بن سليمان بن زبان، والحسين بن محمد المطبقي، والحافظ أبي سعيد بن يونس وطبقتهم.

روى عنه: عبد الغني بن سعيد وأحمد بن قديد، وعمر بن خضر الثمانيني، ومحمد عبد الرحمن الأزدي، وآخرون.

قال أبو إسحاق الحبَّال: توفِّي أبو الفتح في سلخ ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة. قال: وكان حافظًا مكثرًا.

قلت: أظنّه نيف على السبعين.

قرأت بخطّ محمد بن علي الصوري، وأنبأني ابن سلامة، عن ابن بَوْش، عن أحمد بن عبد الجبار، عنه، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي، حدثنا الفتح بن مسرور، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الحافظ، حدثنا عبد الله بن وهيب الغزي، حدثنا يزيد بن موهب، حدثنا المفضل بن فضالة، عن عياش بن عباس، عن عمران بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي خراش الهذلي، سمع فضالة بن عبيد رضي الله عنه يقول: من رَدَّتْه الطيرةُ فقد قَارَف الشِّرْكَ.

(1)

تقدَّمت ترجمته في هذا الجزء برقم عام "3513"، وبتعليقنا رقم "538".

ص: 456

‌3588 - الزَّعْفَراني

(1)

:

الحافظ الإمام، أبو سعيد، الحسين بن محمد بن علي الأصبهاني الزعفراني.

سمع أبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، والحسين بن علي بن زيد، وطبقتهم.

وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وجماعة.

قال أبو نعيم: كان بُنْدار بلدنا في كثرة الأصول والحديث، صاحب معرفة وإتقان، صنَّف المسند والتفسير والشيوخ وأشياء، وتوفِّي سنة تسع وستين وثلاث مائة.

أخبرنا الدشتي، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود الجمال، أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا الحسين بن علي بن زيد، حدثنا محمد بن عمرو بن حنان، حدثنا بقية، عن أبي فروة الرهاوي، عن مكحول، عن شداد بن أوس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف" لم يصح هذا.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 283"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 901".

ص: 457

‌3589 - صالح بن أحمد

(1)

:

ابن محمد بن أحمد بن صالح بن عبد الله بن قيس بن هذيل بن يزيد بن العباس بن الأحنف بن قيس، الإمام العالم الحافظ الثبت، أبو الفضل بن الكوملاذي التميمي الأحنفي الهمذاني السمسار.

حدَّث عن أبيه، وأحمد بن محمد بن أوس، ومحمد بن المَرَّار بن حمويه، وعلي بن الحسن بن سعد البزاز، وأحمد بن الحسن بن عزون، وقاسم بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن نبيل، والقاسم بن أبي صالح، وعبد السلام بن عبديل، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وعلي بن محمد بن مهرويه القزويني، وخلق.

وجمع وصنَّف.

حدَّث عنه: طاهر بن عبد الله بن ماهلة، وحمد الزجاج، وأحمد بن زنجويه العمري، وطاهر بن أحمد الإمام، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأحمد بن الحسين بن زنبيل النهاوندي، وآخرون.

قال الحافظ شيرويه الديلمي: كان ركنًا من أركان الحديث، ثقة حافظًا ديِّنًا وَرِعًا صدوقًا، لا يخاف في الله لومة لائم، وله مصنَّفات غزيرة، مولده سنة ثلاث وثلاث مائة، ومات لثمانٍ بَقَيْن من شعبان سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، ويستجاب الدعاء عند قبره، صلَّى عليه أبو بكر بن لال، فبلغنا أنه قال: كنا نترك الذنوب من خشية الله، وثلثي ذلك حياءً من هذا الشيخ رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 331"، والأنساب للسمعاني "1/ 503"، واللباب لابن الأثير "3/ 120" وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 921"، والعبر "3/ 25"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 110".

ص: 457

‌3590 - أبو الحسين البزاز

(1)

:

أمَّا والده الإمام القدوة المحدّث: أبو الحسين البزاز، فارتحل وروى عن حمزة بن محمد الكاتب، ومحمد بن حبّان الباهلي، وحامد بن شعيب، وطبقتهم.

روى عنه: ولده، وطاهر بن ماهلة، وأحمد بن تركان، وعلي بن جهضم، وكان ثقة كبير القدر.

قال أحمد بن محمد الصفَّار: كنا نشبه أبا الحسين بأحمد بن حنبل لسكونه ووقاره.

قرأت على أحمد بن عبد الكريم بمصر، وأخبرنا نصر بن جرو، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا حمد بن نصر الحافظ بهمذان، سمعت علي بن حميد الذهلي، سمعت طاهر بن عبد الله بن ماهلة الحافظ، سمعت حمد بن عمر الزجاج الحافظ، يقول: لما أملى صالح بن أحمد التميمي الحافظ بهمذان كانت له رحى فباعها بسبع مائة دينار، ونثرها على محابر أصحاب الحديث.

ومات في سنة أربع معه، أبو حامد أحمد بن سهل الأنصاري آخر أصحاب محمد بن شاذل، والأديب صاحب الإنشاء البديع أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن هارون الصابئ الحراني ببغداد، وأبو القاسم جبريل بن محمد بن سندول الهمذاني، رحل ولقي البغوي، ومسند خراسان الفقيه أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد بن سعيد النسائي العدل صاحب الحسن بن سفيان، وقيل: بل توفِّي سنة (382)، والمعمّر أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن محارب الأنصاري الإصطخري -حدَّث عن أبي خليفة الجمحي- والفقيه أبو الحسن علي بن عبد الملك بن دهثم الطرسوسي نزيل نيسابور -واهٍ روى عن أبي خليفة- وشيخ النحو علي بن عيسى الرماني المعتزلي، ومسند أصبهان أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن جشنس، والحافظ أبو الحسن محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات البغدادي، وشيخ الشافعية أبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي النيسابوري، والعلّامة أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني البغدادي صاحب التصانيف.

(1)

هو: أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الكوملاذي، ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 503".

ص: 458

‌3591 - الإشْتِيخَنِي

(1)

:

الإمام الفقيه، أبو بكر، محمد بن أحمد بن متّ السمرقندي الإشتيخني الشافعي، وإشتيخن -بشين معجمة- قرية كبيرة على سبعة فراسخ من سمرقند.

حدَّث بصحيح البخاري عن الفِرَبْرِي، وسماعه كان في سنة تسع عشرة وثلاث مائة.

حدث عنه: أبو سعد الإدريسي، وعلي بن سختام السمرقندي، والفقيه أبو نصر الداوودي، وكان من كبار الفقهاء مع الزهد والعبادة.

قال أبو كامل البصري: سمعت الفقيه أبا نصر الداوودي يقول: دخلت على ابن مت بإشتيخن، فقال لي: أسمعت جامع البخاري؟ قلت: نعم. قال: ممن؟ قلت: من إسماعيل الحاجبي. فقال: اسمعه مني، فإني أثبت فيه، فإني كنت أدرس الفقه، وكنت كبيرًا حين سمعته، وكان إسماعيل صغيرًا يُحْمَل على العاتق، ولا يقدر على المشي، أفسماعي وسماعه يستويان? قال: فسمعته من ابن متّ.

قال الإدريسي في "تاريخ سمرقند": الإشتيخني فقيه زاهد، مات في رجب سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

قلت: ومن مشايخه أبو بكر أحمد بن محمد بن آدم الشاشي، وطائفة لا أعرفهم.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 268"، واللباب لابن الأثير "1/ 63"، والعبر "3/ 40".

ص: 459

‌3592 - ابن سُكَّرة

(1)

:

شاعر وقته ببغداد، أبو الحسن، محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي، من ذرية المنصور.

شاعر مديد الباع في فنون الإبداع، صاحب مجون وسخف، وإن زمانًا جاد به وبابن الحجاج لكريم. يشبهان بجرير والفرزدق.

ولابن سكرة ديوان في أربع مجلدات.

وله البيتان:

جاء الشتاء وعنـ

ـدي من حوائجه

مات سنة خمس وثمانين وثلاث مائة في ربيع الآخر.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 465"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 186"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 666"، والعبر "3/ 30"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 173".

ص: 459

‌3593 - ابن أبي غالب

(1)

:

الشيخ المحدّث، أبو القاسم، عبيد الله بن محمد بن خلف بن سهل بن أبي غالب المصري البزاز.

سمع محمد بن محمد بن النَّفاح، وسعيد بن هاشم الطبراني، وعليّ بن أحمد علّان، وأبا عبيد بن حربويه، وعبد الله بن محمد بن جعفر القزويني، وأحمد بن مروان الدينوري.

وعنه: ابن أبي الفتح المصري، وأبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، وعبد الملك بن مسكين الزجاج، وعدة.

وكان من رؤساء مصر.

قال الطلمنكي: سمعته يقول: أقمت على هذه الدار أبني فيها عشر سنين، وفيها ثمانية وأربعون ألف قطعة من الرخام، وأنفقت عليها عشرة آلاف دينار، وأخذ مني كافور الإخشيذي سبعة وثمانين ألف دينار، ولكن رزقت من التجارة، ربحت في عسل في أربعة أيام أربعة آلاف دينار.

قال أبو إسحاق: توفِّي في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

‌3594 - الصابِئ

(2)

:

الأديب البليغ، صاحب الترسل البديع، أبو إسحاق، إبراهيم بن هلال الصابئ الحراني المشرك.

حرصوا عليه أن يسلم فأبى، وكان يصوم رمضان ويحفظ القرآن، ويحتاج إليه في الإنشاء.

(2)

ترجمته في العبر "3/ 35"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 122".

(3)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "2/ 20"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 15"، والعبر "3/ 24"، والنجوم الزهرة لابن تغري بردي "4/ 167"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 106".

ص: 460

كتب لعز الدولة بختيار.

وله نظم رائق.

ولما تملّك عضد الدولة هَمَّ بقتله وسجنه، ثم أطلقه في سنة 317، فألف له كتاب "التاجي في أخبار بني بويه".

مات في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، وله إحدى وسبعون سنة، ويقال: قتله؛ لأنه أمره بعمل "التاريخ التاجي" فدخل عليه رجل فسأله ما تؤلّف? فقال: أباطيل ألفِّقها، وأكاذيب أُنَمِّقها، فتحرك عليه عضد الدولة وطرده، ومات، فرثاه الشريف الرضي، فليم في ذلك، فقال: إنما رثيت فضله، وهذا عذر بارد.

وكان مكثِرًا من الآداب.

وكذلك مات على كفره ابنه المحسن، وكان محتشمًا أديبًا.

ثم خلفه ابنه الصدر الأوحد هلال بن المحسن الصابئ، الذي أسلم وعاش كثيرًا، وبقي إلى سنة 448.

ص: 461

‌3595 - التَّنُوخِيّ

(1)

:

القاضي العلامة، أبو علي، المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي البصري الأديب، صاحب التصانيف.

وُلِدَ بالبصرة -على ما قال- في سنة سبع وعشرين وثلاث مائة، وأول سماعه في سنة ثلاث وثلاثين.

سمع أبا العباس الأثرم، وأبا بكر الصولي، وابن داسة، وواهب بن محمد صاحب نصر الجهضمي.

روى عنه ولده أبو القاسم علي.

وكان أخباريًّا متفننًا شاعرًا نديمًا، ولي قضاء رامهرمز، وعسكر مكرم، وغير ذلك.

قال الخطيب: كان سماعه صحيح، توفِّي في المحرم سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، بعد أبيه باثنتين وأربعين سنة، وأوّل من استعمله على القضاء القاضي أبو السائب عتبة بن عبد الله، وذلك في سنة تسع وأربعين وثلاث مائة، له اثنتان وعشرون سنة.

وله كتاب "الفرج بعد الشدة"، وكتاب "النشوار" وغير ذلك.

عاش سبعًا وخمسين سنة.

وفيه لابن الحجّاج:

إذا ذكر القضاة وهم شيوخ

تخيرت الشباب على الشيوخ

ومن لم يرض لم أصفعه إلا

بمجلس سيدي القاضي التنوخي

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 155"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 178"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 92"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 557"، والعبر "3/ 27"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 168".

ص: 461

‌3596 - الطبرخزي

(1)

:

شاعر وقته، أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الأديب، كانت أمه من طبرستان، وأبوه خوارزميًّا، فركب له من الاسمين نسبة، قاله السمعاني.

وهو ابن أخت محمد بن جرير.

سكن الشام، وأقام بحلب، وكان مشارًا إليه في عصره.

يقال: إنه قصد ابن عباد، فقال للحاجب: إن كان يحفظ عشرين ألف بيت فليدخل، فقال: أمن شعر الرجال أم من شعر النساء? فأعلمه بذلك الحاجب، فقال: هذا يكون أبو بكر الخوارزمي، فأكرمه وباسطه.

وله ديوان نظم، وديوان ترسل، ومُلَح ونوادر.

مات بنيسابور في رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة، ويقال: سنة ثلاث وتسعين.

والطبرخزي: بفتح الخاء ثم بزاي.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 202"، واللباب لابن الأثير "2/ 273"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 664"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 105".

ص: 462

‌3597 - ابن أبي شُرَيح

(1)

:

الإمام القدوة المحدّث المتَّبع، مسند هراة وعالمها، أبو محمد، عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن مخلد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن ثابت الأنصاري الهروي، ابن أبي شريح.

ولد بعد الثلاث مائة.

وسمع أبا القاسم البغوي ببغداد، ومما عنده عنه كتاب "الجعديات"، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن عقيل البلخي، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الإنماطي، وإسماعيل بن العباس الورّاق، وأحمد بن سعيد الطبري، وأبا بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الهيتي، وأبا عثمان سعيد بن محمد أخي زُبَيْر الحافظ، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن خشيش، وجعفر بن عيسى الحلواني، وأبا عبد الله محمد بن محمود البلخي، وعبد الرحمن بن الحسن الأسدي الهمذاني، وعبد الواحد بن المهتدي بالله، وخلقًا سواهم.

ارتحل به أبوه، وكان صدوقًا، صحيح السماع، صاحب حديث وعلم وجلالة.

حدَّث عنه: الفقيه ناصر العمري، وسفيان بن محمد الشريحي، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي، وأبو بكر محمد بن عبد الله الغميري، وأبو صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي، وأبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي، ومحمد بن أبي مسعود عبد العزيز الفارسي، وعبد الرحمن بن محمد كلاري، وبيبى بنت عبد الصمد الهرثمية، وآخرون.

أنبأنا جماعة قالوا: أخبرنا محمد بن مسعود، أخبرنا عبد الأوّل بن عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، سمعت محمد بن أحمد البلخي المؤذّن يقول: كنت مع الشيخ أبي محمد بن أبي شريح في طريق غور، فأتاه إنسان في بعض تلك الجبال، فقال: إن امرأتي ولدت لستة أشهر، فقال: هو ولدك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش"

(2)

فعاوده، فردَّ عليه كذلك، فقال الرجل: أنا لا أقول بهذا، فقال: هذا الغزو، وسل عليه السيف، فأكببنا عليه، وقلنا: جاهل لا يدري ما يقول.

قلت: كان سبيله أن يوضّح له، ويقول: لك أن تنتفي منه باللعان، ولكنه احتمى للسنة، وغضب لها.

توفِّي في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة، وله خمس وثمانون سنة.

وقع لنا من طريقه أجزاء عالية كالمائة، وجزء أبي الجهم، وجزء بيبى، وحكايات شعبة.

وآخر من مات من أصحاب أصحابه عبد الجليل بن أبي سعد الهروي، بقي إلى سنة اثنتين وستين وخمس مائة، ورحل إليه الحافظ عبد القادر الرهاوي، فهو أعلى شيخ له. مات معه: أبو علي بن حاجب الكشاني، والحسن بن إسماعيل الضرَّاب، وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، وأبو الفتح عثمان بن جني النحوي، وقاضي القضاة بالري أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني الأديب، والحافظ الوليد بن بكر الأندلسي.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 53"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 140".

(2)

صحيح: ورد عن أبي هريرة: عند البخاري "6818"، ومسلم "1458"، والنسائي "6/ 180"، وورد عن عائشة: عند البخاري "6817"، ومسلم "1457"، وأبو داود "2273"، والنسائي "6/ 180"، وورد عن عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "2274".

ص: 463

‌3598 - ابن بَطَّة

(1)

:

الإمام القدوة العابد المحدّث، شيخ العراق، أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العُكْبَري الحنبلي، ابن بطة، مصنِّف كتاب "الإبانة الكبرى" في ثلاث مجلدات.

روى عن: أبي القاسم البغوي، وابن صاعد، وأبي ذر بن الباغندي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري، وإسماعيل الوراق، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبي طالب أحمد بن نصر الحافظ، ومحمد بن أحمد بن ثابت العُكْبَري، ورحل في الكهولة فسمع من علي بن أبي العقب بدمشق، ومن أحمد بن عبيد الصفار بحمص، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو نعيم الأصبهاني، وعبيد الله الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو محمد الجوهري، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي، وآخرون، وآخر من روى عنه بالإجازة عليّ بن أحمد بن البسري.

قال عبد الواحد بن علي العكبري: لم أر في شيوخ الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة رحمه الله.

قال الخطيب: حدثني أبو حامد الدلوي قال: لما رجع ابن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة، لم يُرَ في سوق، ولا رؤي مفطرًا إلَّا في عيد، وكان أمَّارًا بالمعروف، لم يبلغه خبر منكر إلَّا غيره.

وقال أبو محمد الجوهري: سمعت أخي الحسين يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله، قد اختلفت علي المذاهب فقال: عليك بابن بطة، فأصبحت ولبست ثيابي، ثم أصعدت إلى عُكْبَرا، فدخلت وابن بطة في المسجد، فلمَّا رآني قال لي: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 371"، والعبر "3/ 35"، وميزان الاعتدال "3/ 15"، ولسان الميزان "4/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 122".

ص: 464

قال العتيقي: توفِّي ابن بطة -وكان مستجاب الدعوة- في المحرم سنة سبع وثماني وثلاث مائة.

قال ابن بطة: ولدت سنة أربع وثلاث مائة، وكان لأبي ببغداد شركاء، فقال له أحدهم: ابعث بابنك إلى بغداد ليسمع الحديث، قال: هو صغير. قال: أنا أحمله معي، فحملني معه، فجئت فإذا ابن منيع يُقْرَأ عليه الحديث. فقال لي بعضهم: سل الشيخ أن يخرج إليك معجمه، فسألت ابنه فقال: نريد دراهم كثيرة، فقلت: لأمِّي طاق ملحم آخذه منها وأبيعه. قال: ثم قرأنا عليه المعجم في نفر خاص في نحو عشرة أيام، وذلك في آخر سنة خمس عشرة، وأول سنة ست عشرة، فأذكره قال: حدثنا إسحاق الطالقاني سنة أربع وعشرين ومائتين، فقال المستملي: خذوا هذا قبل أن يولد كل محدّث على وجه الأرض اليوم، وسمعت المستملي -وهو أبو عبد الله بن مهران- يقول له: من ذكرت يا ثبت الإسلام.

قلت: لابن بطة مع فضله أوهام وغلط.

أنبأنا المؤمّل بن محمد، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثني عبد الواحد بن علي الأسدي، قال لي أبو الفتح بن أبي الفوارس: روى ابن بطة، عن البغوي، عن مصعب بن عبد الله، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طلب العلم فريضة على كل مسلم"

(1)

.

قال الخطيب: هذا باطل، والحمل فيه على ابن بطة.

قلت: أفحش العبارة، وحاشى الرجل من التعمد، لكنه غلط ودخل عليه إسناد في إسناد.

وبه قال الخطيب: أخبرنا العتيقي، أخبرنا ابن بطة، حدثنا البغوي، حدثنا مصعب، عن مالك، عن هشام بن عروة بحديث:"إن الله لا يقيض العلم انتزاعًا"

(2)

. قال الخطيب: وهو باطل بهذا الإسناد.

قال الخطيب: أخبرنا عبد الواحد بن علي، قال لي الحسن بن شهاب: سألت ابن بطة

(1)

صحيح بطرقه: أخرجه الطبراني في "الأوسط""2008"، "2462".

وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الأوسط""4096"، وشاهد آخر من حديث الحسين بن علي عند الطبراني في "الأوسط""2030"، وله شواهد أخرى كثيرة.

(2)

صحيح: ومتنه صحيح. أخرجه البخاري "100"، ومسلم "2673".

ص: 465

أسمعت من البغوي حديث علي بن الجعد? قال: لا. قال عبد الواحد: وكنت قد رأيت في كتب ابن بطة نسخة بحديث علي بن الجعد قد حكَّها، وكتب بخطه سماعه فيها، فذكرت ذلك للحسن بن شهاب، فعجب منه.

قال عبد الواحد: وروى ابن بطة، عن النجاد، عن العطاردي، فأنكر عليّ بن ينال عليه، وأساء القول فيه، حتى همت العامّة بابن ينال، فاختفى، ثم تتبَّع ابن بطة ما خرّجه كذلك، وضرب عليه.

وقال عبيد الله الأزهري: ابن بطة ضعيف، وعندي عنه "معجم البغوي"، ولا أخرج عنه في الصحيح شيئًا.

وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق: لم يسمع ابن بطة الغريب من ابن عزيز، وقال: ادَّعى سماعه.

قال الخطيب: وروى ابن بطة كتب ابن قتيبة، عن ابن أبي مريم الدينوري عنه، ولا يعرف ابن أبي مريم.

وروى ابن بطة في "الإبانة": حدثنا إسماعيل الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود، حديث:"كلم الله موسى وعليه جبة صوف ونعلان من جلد حمار غير ذكيّ، فقال: من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة? قال: أنا الله". فتفرَّد ابن بطة برفعه، وبما بعد "غير ذكي".

وكذا غلط ابن بطة في روايات عن حفص بن عمر الأردبيلي، أنبأنا رجاء بن مرجَّى، فأنكر الدارقطني هذا، وقال: حفص يصغر عن هذا، فكتبوا إلى أرديبل يسألون ابنًا لحفص، فعاد جوابهم بأنَّ أباه لم ير رجاء قط، فتتبع ابن بطة النسخ، وجعل ذلك عن ابن الراجيان، عن الفتح بن شخرف، عن رجاء.

قلت: فبدون هذا يضعف الشيخ.

ومَرَّ موته في سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

وفيها مات القدرة أبو علي أحمد بن محمد بن علي القومساني النهاوندي صحب الشبلي، وأبو القاسم بن الثلاج وعبيد الله بن أبي غالب المصري، وعلي بن عبد العزيز بن مردك، وصاحب الري فخر الدولة علي بن ركن الدولة بن بويه، وشيخ الحنابلة أبو حفص العكبري، وأبو ذر عمار بن محمد التميمي ببخارى، وأبو الحسين بن سمعون وحفيد أبي بكر بن خزيمة، وآخرون.

ص: 466

‌3599 - الرُّمَّاني

(1)

:

العلَّامة أبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي المعتزلي.

أخذ عن: الزجاج، وابن دريد، وطائفة.

وعنه: أبو القاسم التنوخي، والجوهري، وهلال بن المحسن.

وصنَّف في التفسير واللغة والنحو، والكلام، وشرح "سيبويه"، وكتاب "الجمل"، وله في الاشتقاق، وفي التصريف، وأشياء، وألّف في الاعتزال "صنعة الاستدلال" سبع مجلدات، وكتاب "الأسماء والصفات"، وكتاب "الأكوان"، وكتاب "المعلوم والمجهول". له نحو من مائة مصنَّف.

وكان يتشيِّع ويقول: علي أفضل الصحابة.

وكان أبو حيان التوحيدي يبالغ في تعظيم الرماني إلى الغاية، ويصفه بالتأله والتنزه، والفصاحة والتقوى.

مات في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وثلاث مائة، عن ثمان وثمانين سنة.

أصله من سُرّ مَنْ رَأى، ومات ببغداد، وكان من أوعية العلم على بدعته.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 16"، والأنساب للسمعاني "6/ 160"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 176"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "14/ 73"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 435"، والعبر "3/ 25"، وميزان الاعتدال "3/ 149"، ولسان الميزان "4/ 248"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 168".

ص: 467

‌3600 - ابن جميل

(1)

:

الشيخ، الثقة، أبو أحمد عبيد الله بن يعقوب، ابن المحدث إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل الأصبهاني.

سمع من جده "مسند" أحمد بن منيع، وتفرَّد بروايته، وسمع من أحمد بن جعفر بن محمويه، والحسن بن عثمان الفسوي.

وعنه: أبو بكر بن مردويه، وأبو بكر الذكواني، وأبو نعيم، وعلي بن القاسم بن سيبويه وأبو نصر إبراهيم بن محمد الكسائي، وعثمان بن محمد بن أحمد بن سعيد الخلّال، وعبد الواحد بن أحمد المعلم، وآخرون.

قال ابن مردويه: مات في شعبان سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

وفيها مات أبو حامد بن المزكي، وأبو حامد النعيمي، وأبو محمد بن زولاق، والحافظ أحمد بن أبي الليث، وأبو أحمد السامري، وأبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن الحراني، وأبو عبد الله الختن، وأبو طالب المكي العزيز بالله صاحب مصر.

‌3601 - ابن ماهان

(2)

:

الإمام المحدّث، أبو العلاء، عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي ثم البغدادي.

سمع: إسماعيل الصفار، وأبا بكر العباداني، وعثمان بن السماك، وأبا الفوارس بن السندي، وأبا حامد أحمد بن الحسن النيسابوري، وأبا أحمد الجلودي، وعدة، وأكثر الأسفار.

حدث عنه: علي بن بُشْرَى الليثي، وعلي بن القاسم الخياط، والمطهر بن محمد الأصبهاني، ومحمد بن يحيى بن الحذاء، وأحمد بن فتح بن الرسَّان، وآخرون.

وحدَّث بمصر بـ "صحيح مسلم"، عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر الشافعي، عن أحمد بن علي القلانسي، عن مسلم، سوى ثلاثة أجزاء من آخره، فرواها عن الجلودي.

وثَّقه الدارقطني.

وقال الحبال: مات سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.

‌3602 - صاحب القوت

(3)

:

الإمام الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو طالب، محمد بن علي بن عطية الحارثي المكي المنشأ، العجمي الأصل.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 106"، والعبر "3/ 33"، والنجوم الزهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرت الذهب لابن العماد "3/ 120".

(2)

ترجمته في العبر "3/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 128".

(3)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 89"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 189"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 630"، والعبر "3/ 33"، وميزان الاعتدال "3/ 655"، ولسان الميزان "5/ 300"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 120".

ص: 468

روى عن: أبي بكر الآجُريّ، وأبي بكر بن خلّاد النصيبي، ومحمد بن عبد الحميد الصَّنْعَاني، وأحمد بن ضحاك الزاهد، وعلي بن أحمد المصيصي، ومحمد بن أحمد المفيد.

وعنه: عبد العزيز الأزجي، وغير واحد.

قال الخطيب: حدَّثني العتيقي والأزهري أنه كان مجتهدًا في العبادة، وقال لي أبو طاهر العلّاف: وعظ أبو طالب ببغداد، وخلط في كلامه، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضرّ من الخالق، فبَدَّعوه وهجروه.

وقال غيره: كان يجوع كثيرًا، ولقي سادة، ودخل البصرة بعد موت أبي الحسن بن سالم، فانتهى إلى مقالته.

وقال أبو القاسم بن بشران: دخلت على شيخنا أبي طالب فقال: إذا علمت أنه قد ختم لي بخير فانثر على جنازتي سكرًا ولوزًا، وقل: هذا الحاذق، وقال: إذا احتضرت فخذ بيدي، فإذا قبضت على يدك فأعلم أنه قد خُتِمَ لي بخير، فقعدت، فلمَّا كان عند موته قبض على يدي قبضًا شديدًا، فنثرت على جنازته سكرًا ولوزًا.

ولأبي طالب رياضات وجوع؛ بحيث إنه ترك الطعام وتقنَّع بالحشيش، حتى اخضرَّ جلده.

رأيت لأبي طالب أربعين حديثًا بخطه، قد خرَّج فيها عن عبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني إجازةً، وفيها عن أبي زيد المروزي من "صحيح البخاري" أولها:"الحمد لله كنه حمده بحمده" وله كتاب "قوت القلوب" مشهور.

توفِّي في جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

ص: 469

‌3603 - السُّكَّري

(1)

:

الشيخ العالم المعمّر، مسند العراق، أبو الحسن، علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان الحميري البغدادي الحربي السكري، ويعرف أيضًا بالصيرفي وبالكيال.

وُلِدَ سنة ست وتسعين ومائتين.

وسمع من: أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وعباد بن علي السيريني، وعلي بن سراج، والهيثم بن خلف، ومحمد بن محمد الباغندي، وعلي بن إسحاق بن زاطيا، والحسن بن الطيب البلخي، وأبي خبيب بن البرتي، وعلي بن الحسين بن حبان، وعيسى بن سليمان، والحسن بن محمد بن عنبر، وشعيب بن محمد الذارع، وأبي حفيص قاضي حلب، وأحمد بن سعيد الدمشقي، ومحمد بن عبده القاضي، ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري، وعدة، وعمّر دهرًا، وتفرَّد بأشياء.

حدث عنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلّال، والقاضي أبو الطيب الطبري، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التنوخي، والقاضي أبو يعلى محمد بن الفراء، وأبو الغنائم محمد بن علي بن الدجاجي، وأبو الحسين محمد بن علي بن الغريق، وعبد الصمد بن المأمون، وأبو الحسين بن النقور.

قال التنوخي: سمعته يقول: ولدت سنة ست وتسعين، وأول سماعي سنة ثلاث وثلاث مائة من الصوفي.

قال الخطيب: سألت الأزهري عنه فقال: صدوق، وكان سماعه في كتب أخيه، لكن بعض المحدثين قرأ عليه شيئًا منها لم يكن فيه سماعه، وألحق فيه السماع، فجاء آخرون فحكوا الإلحاق وأنكروه، وأما الشيخ فكان في نفسه ثقة.

وقال عبد العزيز الأزجي: كان صحيح السماع.

وقال العتيقي: كان ثقة، ذهب بصرة في آخر عمره، وتوفِّي في شوال سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

وقال البرقاني: لا يساوي شيئًا.

قلت: وقع لنا من عواليه نسخة يحيى بن معين، وقد خرجت منها في أماكن.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 40"، والأنساب للسمعاني "7/ 96"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 188"، والعبر "3/ 33"، وميزان الاعتدال "3/ 148"، ولسان الميزان "4/ 246"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 120".

ص: 470

‌3604 - المخْلَدِي

(1)

:

الإمام الصدوق المسند، أبو محمد، الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن مخلد بن شيبان المخَلْدي النيسابوري العدل شيخ العدالة، وبقية أهل البيوتات.

سمع أبا العباس السراج، ومؤمّل بن الحسن، وأبا نعيم بن عدي، وزنجويه بن محمد اللباد، وموسى بن العباس الجويني، وأحمد بن محمد بن الحسن الذهبي، وأبا حامد أحمد بن حمدون الأعمشي، ومحمد بن حمدون النيسابوري، وعبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني، وعلي بن أحمد بن محفوظ، وابن الشرقي، ومكي بن عبدان، وجده لأمه محمد بن أحمد بن محمد بن نصر بن زياد، والعباس بن عصام، ومحمد بن إسماعيل بن إسحاق المروزي صاحب علي بن حجر، والحسن بن محمد بن جابر الوكيل، وعدة.

حدث عنه: الحاكم، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، ويعقوب بن أحمد الصيرفي، وأبو سعيد بن محمد بن علي الخشاب، وأبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري، وآخرون. وقع لنا من عواليه.

قال الحاكم: هو صحيح السماع والكتب، متقن في الرواية، صاحب الإملاء في دار السنة، محدّث عصره، توفِّي في رجب سنة تسع وثمانين وثلاث مائة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا المؤيد بن محمد، أخبرنا أحمد بن سهل المساجدي، وأخبرنا أحمد، عن زينب الشعرية، والقاسم بن عبد الله قالا: أخبرنا وجيه بن طاهر، وأخبرنا أحمد، عن زينب، أخبرنا محمد بن منصور الحرضي قالوا: أخبرنا يعقوب بن أحمد الصيرفي، حدثنا الحسن بن أحمد المخلدي إملاءً، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ويل للأعقاب من النار"

(2)

.

هذا حديث حسن قوي الإسناد، أخرجه أبو عيسى في "جامعه"، عن قتيبة.

قال الحاكم: سمعت المخلدي يقول: شهدت سنة إحدى وعشرين فعدلت، وسجّل الحاكم بشهادتي.

وفيها توفِّي زاهر بن أحمد السرخسي، والمقرئ عبد المنعم بن غلبون، وأبو القاسم بن حبابة، وأبو الهيثم الكشميهني، وقاضي مصر محمد بن النعمان بن محمد الباطني.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 180"، والعبر "3/ 43"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 131".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "165"، ومسلم "242"، والترمذي "41"، والنسائي "1/ 77"، وابن ماجه "453"، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو: عند البخاري "60"، ومسلم "241"، وأبي داود "97"، والنسائي "1/ 78"، وابن ماجه "450"، وأحمد "2/ 193، 201".

وشاهد آخر من حديث عائشة: عند مسلم "240"، وابن ماجه "451"، "452"، وأحمد "6/ 99".

ص: 471

‌3605 - الضَّرَّاب

(1)

:

الإمام المحدّث، أبو محمد، الحسن بن إسماعيل بن محمد المصري، مصنف كتاب "المروءة".

سمع من أحمد بن مروان الدينوري المالكي، وأبي الحسين محمد بن علي بن أبي الحديد، وأحمد بن مسعود المقدسي، وعثمان بن محمد الذهبي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن عبيد الكلاعي الحمصي، ودعلج بن أحمد السجزي، وعدة.

وارتحل في الحديث وتَمَيِّز.

حدَّث عنه: ابنه عبد العزيز، وأحمد بن علي بن هاشم المقرئ، ورشأ بن نظيف الدمشقي، والدارقطني، وهو أكبر منه.

مولده في سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة.

ومات في ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة بمصر.

وهو راوي كتاب المجالسة للدينوري.

ولم تبلغنا أخباره كما في النفس، والظاهر من حاله أنه ثقة، صاحب حديث، ومعرفته متوسطة.

قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله، أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا علي بن إبراهيم الحسيني، أخبرنا رشأ بن نظيف، أخبرنا الحسن بن إسماعيل، حدثنا عثمان بن محمد البغدادي، حدثنا الحارث بن أسامة، حدثني محمد بن يحيى، عن سهل بن حماد، حدثنا محمد بن الفرات، حدثنا سعيد بن لقمان، عن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الأكل في السوق دناءة"

(2)

.

روي في ذلك آثار، ولا يثبت منها شيء.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 207"، والأنساب للسمعاني "8/ 150"، والعبر "3/ 52"، ولسان الميزان "2/ 197"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 140".

(2)

ضعيف: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""3/ 163" من طريق محمد بن الفرات، به.

وإسناده موضوع، آفته محمد بن الفرات، كذَّبه أحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""10/ 125"، وإسناده ضعيف، آفته الهيثم بن سهل، ضعَّفه الدارقطني. وله طرق أخرى واهية.

ص: 472

‌3606 - الحربي

(1)

:

الشيخ العالم الأديب المعمر، أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى بن زكريا بن حرب ابن أخي الزاهد أحمد بن حرب النيسابوري المزكّي الحربي، نسبه إلى الجد.

سمع أبا العباس السراج، ومكي بن عبدان، وأحمد بن حمدون الأعمشي، وعبد الله بن الشرقي، وعبد الواحد بن محمد بن سعيد، وطائفة.

حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر الأردستاني، ومحمد بن أبي عمرو شيخ للخطيب، وأبو سعد محمد بن محمد بن علي الحاكم، وأبو الحسن أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبو نصر عبد الرحمن بن علي التاجر، وآخرون.

وكان أديبًا أخباريًّا عالمًا متفِّننًا رئيسًا محتشمًا، من أهل الصدق والأمانة، على بدعة فيه، عمِّر دهرًا واحتيج إليه.

مات في شهر ذي الحجة سنة أربع وتسعين وثلاث مائة، وهو في عشر المائة.

وفيها مات مسند الأندلس أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن ضيفون اللخمي القرطبي -سمع ابن الأعرابي، وعبد الله بن يونس القبري، والشيخ أبو عمر عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الوهاب السلمي الأصبهاني، وأبو جعفر محمد بن محمد جعفر بن حسان الماليني بهراة، وأبو علي أحمد بن عمر بن خرشيذ، قوله بمصر: لقي أبا حامد الحضرمي، والمعمّر أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت البغدادي بمصر أدرك البغوي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 238"، والأنساب للسمعاني "4/ 101"، واللباب لابن الأثير "1/ 355"، والعبر "3/ 57"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 145".

ص: 473

‌3607 - المُعَافى

(1)

:

ابن زكريا بن يحيى بن حميد، العلّامة الفقيه، الحافظ القاضي المتفنن، عالم عصره، أبو الفرج النهرواني الجريري، نسبة إلى رأي ابن جرير الطبري، ويقال له: ابن طرارا.

سمع أبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا سعيد العدوي، وأبا حامد الحضرمي، والقاضي المحاملي، وخلقًا كثيرًا.

وتلا على ابن شنبوذ، وأبي مزاحم الخاقاني.

قرأ عليه: القاضي أبو تغلب الملحمي، وأحمد بن مسرور الخباز، ومحمد بن عمر النهاوندي، وطائفة.

وحدَّث عنه: أبو القاسم عبيد الله الأزهري، والقاضي أبو الطيب الطبري، وأحمد بن علي التوزي، وأحمد بن عمر بن روح، وأبو علي محمد بن الحسين الجازري، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وخلق سواهم.

قال الخطيب: كان من أعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللغة، وأصناف الأدب، وَلِيَ القضاء بباب الطاق، وكان على مذهب ابن جرير، وبلغنا عن أبي محمد البافي الفقيه أنه كان يقول: إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم كلها.

قال الخطيب: وحدَّثني القاضي أبو حامد الدَّلوي قال: كان أبو محمد البافي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أعلم الناس، لوجب أن يدفع إلى المعافى بن زكريا.

قال الخطيب: سألت البرقاني عن المعافي فقال: كان أعلم الناس، وكان ثقة، لم أسمع منه.

وحكى أبو حيان التوحيدي قال: رأيت المعافى بن زكريا قد نام مستدبر الشمس في جامع الرصافة في يوم شاتٍ، وبه من أثر الضر والفقر والبؤس أمر عظيم، مع غزارة علمه.

قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي: قرأت بخطّ المعافى بن زكريا قال: حججت وكنت بمنى، فسمعت مناديًا ينادي: يا أبا الفرج المعافى، قلت: من يريدني؟ وهممت أن أجيبه، ثم نادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني، فقلت: ها أنا ذا، ما تريد? فقال: لعلّك من نهروان العراق، قلت: نعم. قال: نحن نريد نهروان الغرب، قال: فعجبت من هذا الاتفاق، وعلمت أن بالمغرب مكانًا يسمَّى النهروان.

مات المعافى بالنهروان في ذي الحجة سنة تسعين وثلاث مائة، وله خمس وثمانون سنة.

وله تفسير كبير في ست مجلدات جمّ الفوائد، وله كتاب "الجليس والأنيس" في مجلدين.

وكان من بحور العلم.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 230"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 213"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 151"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 726"، وتذكرة الحفّاظ "3/ ترجمة 943"، والعبر "3/ 47"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 201"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 143".

ص: 474

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا محمد بن أحمد النرسي، أخبرنا المعافى، حدثنا البغوي، حدثنا وهب، حدثنا خالد، عن الشيباني، عن عون بن عبد الله، عن أخيه عبيد الله، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجمعة لساعة لا يسأل الله فيها عبد مؤمن شيئًا إلَّا استجاب له"

(1)

.

وفيها توفّي أبو حفص الكتاني، وأمة السلام بنت القاضي أحمد بن كامل، ونائب دمشق حبيش بن محمد بن صمصام البربري، وعبد الله بن محمد بن عبد المؤمن القرطبي، ومحمد بن جعفر بن رهيل، وأبو زرعة محمد بن يوسف الكشي، وأبو عبد الله بن أخي ميمي الدقاق.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "935"، ومسلم "852"، وأبو داود "1046"، من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.

ص: 475

‌3608 - ابن النعمان

(1)

:

قاضي الديار المصرية، أبو عبد الله، محمد بن القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد المغربي.

ولي الأحكام بعد أخيه أبي الحسن، وكان مجموع الفضائل، لكنه على اعتقاد العبيدية.

وله شعر عذب، ومن ذلك:

أيا مشبه البدر بدر السما

لسبع وخمس مضت واثنتين

ويا كامل الحسن في نعته

شغلت فؤادي وأسهرت عيني

فهل لي من مطمع أرتجيه

وإلا انصرفت بخفي حنين

ويشمت بي شامت في هواك

ويفصح لي ظلت صفر اليدين

فإما مننت وإما قتلت

فأنت قدير على الحالتين

قال ابن زولاق: لم نشاهد لقاضٍ من القضاة من الرئاسة ما شاهدناه لمحمد بن النعمان، ولا بلغنا ذلك عن قاضٍ بالعراق، وبالغ في نعته وتقريظه، ووصفه بالهيبة وإقامة الحق، وكان يخلفه أولاد أخيه.

مات في صفر، سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، ثم ولي القضاء ابن أخيه الحسين بن علي.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 419"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 132".

ص: 475

‌3609 - ابن حَبابَة

(1)

:

الشيخ المسند العالم الثقة، أبو القاسم، عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن سليمان بن حبابة -بالتخفيف- البغدادي، المتوثي، البزاز.

وُلِدَ سنة ثلاث مائة.

وسمع من أبي القاسم البغوي كتابه المعروف بـ "الجعديات"، وسمع أيضًا من أبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وطائفة.

حدّث عنه: أبو محمد الخلّال، والأزجي عبد العزيز بن علي، وعبيد الله بن أحمد الأزهري، وأبو محمد الصريفيني الخطيب، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقة، مات في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، وصلى عليه الإمام أبو حامد الإسفراييني.

أخبرنا علي بن أحمد، والمسلم بن محمد إذنًا قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي، أخبرنا عبيد الله بن محمد البزاز سنة (386)، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عبد الأعلى بن حَمَّاد، حدثنا حَمَّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي عثمان النهدي أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "صوم شهر الصبر، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر". أخرجه النسائي

(2)

عن زكريا خياط السنة، عن عبد الأعلى النرسي، فوقع لنا بدلًا عاليًا.

(1)

ترجمته في تاريخ بغدد "10/ 377"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 372"، والعبر "3/ 44"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 132".

(2)

صحيح: أخرجه النسائي "4/ 218 - 219".

ص: 476

‌3610 - ابن الجراح

(1)

:

الشيخ الجليل العالم المسند، أبو القاسم، عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي.

والد الوزير العادل أبي الحسن.

ولد سنة اثنتين وثلاث مائة.

وسمع البغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد، وأبا حامد الحضرمي، وبدر بن الهيثم، وأبا بكر بن دريد، ومحمد بن نوح الجُنْدَيْسابوري، وأبا بكر بن زياد، وأبا جعفر بن البهلول، وأبا عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا بكر مجاهد، وعدة.

وأمْلَى عدة مجالس.

حدَّث عنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلّال، وعلي بن المحسن التنوخي، وعبد الواحد بن شيطا، وأبو جعفر بن المسلمة، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثبت السماع، صحيح الكتاب.

وقال أبو الفتح ابن أبي الفوارس: كان يرمى بشيء من مذهب الفلاسفة، توفي في يوم الجمعة أول ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.

وقال غيره: مات في ربيع الآخر. وقيل: مات في المحرم.

وله نظم حسن.

قال الخطيب: أنشدني أبو يعلى بن الفرّاء، أنشدنا عيسى بن علي لنفسه:

رُبَّ ميت قد صار بالعلم حيًّا

ومُبَقَّى قد حاز جهلًا وغيّا

فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودًا

لا تعدو الحياة في الجهل شيّا

وقال محمد بن إسحاق النديم: كان عيسى أوحد زمانه في علم المنطق، والعلوم القديمة، له مؤلف في اللغة الفارسية.

قلت: لقد شانته هذه العلوم وما زانته، ولعله رحم بالحديث إن شاء الله.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السلام الكاتب، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى بن علي إملاءً قال: قرئ على بدر بن الهيثم وأنا أسمع، حدثكم أبو سعيد الأشج، حدثنا عقبة بن خالد، حدثني أسامة بن زيد، حدثني محمد بن كعب، عن عبد الله بن جعفر، عن علي قال:

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 179"، والعبر "3/ 50"، وميزان الاعتدال "3/ 319"، ولسان الميزان "4/ 402"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 137".

ص: 477

علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهنَّ عند الكرب: لا إله إلَّا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين"

(1)

.

رواه غيره بزيادة عبد الله بن شداد بن علي، وعبد الله بن جعفر، وذلك في سنن النسائي، فرواه عن خياط السنة، عن إسماعيل بن عبيد، عن محمد بن سلمة، عن خالد بن يزيد، عن عبد الوهاب بن بخت، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 91"، والبزار "469"، والنسائي في "الكبرى""7673"، وفي "اليوم والليلة""630"، "631"، وابن السنِّي في "اليوم والليلة" أيضًا "341"، والطبراني في "الدعاء""1011"، "1012"، وابن حبان "865"، والحاكم "1/ 508"، والبيهقي في "شعب الإيمان""10223" من طرق عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن عبد الله بن جعف، عن علي بن أبي طالب قال: لقَّنَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي كرب أو شدَّة أن أقولهن:"لا إله إلا الله الكريم الحليم، سبحانه، وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين".

ص: 478

‌3611 - ابن واضح

(1)

:

الشيخ العالم المعمّر الصدوق، أبو بكر، أحمد بن يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أيوب بن عمرو بن مسلم بن واضح الثقفي الأصبهاني الخشاب المؤذّن.

حدَّث عن الحسن بن محمد الداركي، والحسن بن محمد بن دكة، وعمر بن عبد الله بن الحسن، والفضل بن الخصيب، وجماعة.

حدَّث عنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبو سهل حمد بن أحمد الصيرفي، وآخرون.

توفِّي سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، وقد قارب تسعين سنة.

‌3612 - ابن رزيق

(2)

:

الشيخ المحدّث الثقة، أبو الحسن، أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق -أوله راء- شيخ بغدادي، سكن مصر.

سمع محمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن بكار السكسكي، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبا علي محمد بن سعيد الرقي، ومحمد بن جعفر بن ملّاس، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ المكي، وانتقى عليه خلف الحافظ.

حدث عنه: سبطه أبو الحسين محمد بن مكي، ورشأ بن نظيف، وعبد العزيز الأزجي، ويوسف بن رباح.

وثَّقه الصوري.

مات في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 164"، والعبر "3/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 135".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 236"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 54"، والعبر "3/ 48"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 135".

ص: 478

‌3613 - الحَلَبي

(1)

:

الإمام العلامة القاضي الفقيه القاضي، أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد الحلبي الشافعي، نزيل مصر.

سمع من: جده إسحاق، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وعبد الرحمن بن عبيد الله ابن أخي الإمام، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز الأنماطي، ومحمد بن نوح الجُنْدَيْسَابوري، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، وأبي بكر بن زياد النيسابوري، وعدة.

حدث عنه: عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، ورشأ بن نظيف، والحسين بن عتيق التنيسي، وعبد الملك بن عمر البغدادي الرزاز، ومحمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، وأبو الحسين محمد بن مكي المصري، وآخرون.

قال أبو عمرو الداني: روى عن ابن مجاهد كتاب "السبعة"، هو وشيخنا أبو مسلم آخر من بقي من أصحاب ابن مجاهد.

وعُمِّر أبو الحسن عمرًا طويلًا حتى نيف على عشر ومائة فيما بلغني.

وقيل: إن مولده كان في سنة خمس وتسعين ومئتين، وتوفِّي في سنة ست وتسعين، فعمره مائة سنة وسنة.

أنبأنا أحمد بن عبد القادر، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي، أخبرنا طاهر بن سهل، أخبرنا محمد بن مكي الأزدي، أخبرنا علي بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله، حدثنا محمد بن قدامة، حدثنا جرير، عن رقية، عن جعفر بن إياس، عن حبيب يعني ابن سالم، عن النعمان بن بشير قال:"أنا أعلم الناس بميقات هذه الصلاة؛ صلاة العشاء الآخرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّيها لسقوط القمر لثالثه"

(2)

.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 61"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 147".

(2)

صحيح: أخرجه النسائي "1/ 264" من طريق محمد بن قدامة، به.

وأخرجه أبو داود "419"، والترمذي "165"، والنسائي "1/ 164"، والدارمي "1/ 275"، والحاكم "1/ 194 - 195"، والبيهقي "1/ 448 - 449"، وأحمد "4/ 274" من طرق عن أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، به.

وأخرجه أحمد "4/ 270"، والطيالسي "797"، والحاكم "1/ 494" من طريق هشيم، عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، به. ولم يذكر في الإسناد بشير بن ثابت.

ص: 479

‌3614 - ابن زنبور

(1)

:

الشيخ المسند، أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن خلف بن زنبور البغدادي الورَّاق، بقية الأشياخ.

حدَّث عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وعمر الدربي، وغيرهم.

حدَّث عنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلّال، وجماعة خاتمتهم: أبو نصر الزينبي.

قال الأزهري: هو ضعيف في روايته عن البغوي، وسماعه من الدربي صحيح.

وقال العتيقي: فيه تساهل، توفِّي في صفر سنة ست وتسعين وثلاث مائة.

قال الخطيب: كان ضعيفًا جدًّا.

قلت: سمعنا من طريقه كتاب "البعث" لابن أبي داود، والثاني من رواية زغبة عن الليث، والثالث من مسند ابن مسعود لابن صاعد، وهذه الأجزاء من أعلى ما عندي مع ضعفه.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 35"، والعبر "3/ 62"، وميزان الاعتدال "3/ 671"، ولسان الميزان "5/ 325".

ص: 480

‌3615 - الأبهريّ

(1)

:

الأديب المعمّر الصدوق أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري -أبهر أصبهان، راوي جزء لوين، عن أبي جعفر محمد بن إبراهيم الحزوري، سمعه منه في سنة خمس وثلاث مائة.

وكان من فضلاء الأدباء.

حدَّث عنه: شجاع بن علي المصْقَلي، وأخوه أحمد، وأبو القاسم ابن منده، وأبو عيسى بن زياد، ومحمد بن عمر الطهراني، والمطهر بن عبد الواحد اليُزاني، وخلق آخرهم موتًا أبو بكر بن ماجه الأبهري.

توفِّي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 54"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 142".

ص: 481

‌3616 - ابن الجُنْدي

(1)

:

الشيخ أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي النهشلي البغدادي.

ولد سنة ست وثلاث مائة.

وسمع من: أبي القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد وأبي سعيد العدوي.

حدَّث عنه: أبو الحسن العتيقي، وأبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلّال وأحمد بن محمد بن النقور، وآخرون، وعُمِّر دهرًا.

قال الأزهري: ليس بشيء، حضرته وهو يقرأ عليه كتاب "ديوان الأنواع" الذي جمعه، فقال لي ابن الآبنوسي: ليس هذا سماعه، وإنما رأى على نسخة على ترجمتها اسم وافق اسمه، فادَّعى ذلك.

وقال العتيقي: كان يُرْمَى بالتشيّع، وكانت له أصول حسان.

مات في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 77"، وميزان الاعتدال "1/ 147"، ولسان الميزان "1/ 288"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 147".

ص: 481

‌3617 - المؤمّل بن أحمد

(1)

:

ابن محمد، الشيخ الصدوق، أبو القاسم الشيباني، البغدادي البزاز.

سكن مصر، وحدَّث عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وأبي حامد الحضرمي، وطائفة.

روى عنه: يوسف بن رباح، وأبو الحسين محمد بن مكي، وجماعة.

وثَّقه الخطيب.

وعاش أربعًا وتسعين سنة، توفِّي سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.

‌3618 - الكِلابي

(2)

:

المحدّث الصادق المعمّر، أبو الحسين، عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد بن موسى الكلابي الدمشقي، أخو تبوك.

حدَّث عن: محمد بن خريم، وطاهر بن محمد، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأبي الجهم بن طلاب، وأبي الحسن بن جوصا، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان، وأبي عبيدة بن ذكوان، ومحمد بن بكار السكسكي، وخلق سواهم.

حدَّث عنه: تَمَّام الرازي، وعبد الوهاب الميداني، ورشأ بن نظيف، وأبو عليّ الأهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وأبو القاسم بن الفرات، وأبو القاسم السميساطي، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وخلق سواهم.

مولده كان في ذي القعدة سنة ست وثلاث مائة.

ومات في ربيع الأول سنة ست وتسعين وثلاث مائة، وله تسعون سنة، قاله عبد العزيز الكَتَّاني وقال: كان ثقة نبيلًا مأمونًا.

وفيها مات: أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي الحافظ، وأبو الحسين أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي، والإمام أبو سعد بن الإمام أبي بكر الإسماعيلي إسماعيل، وعلي بن جعفر السيروان المعمّر بمكة، والقاضي علي بن محمد الحلبي، والمحدّث أبو عمرو محمد بن محمد البحيري، وعلي بن محمد بن العلّاف المقرئ، وأبو بكر محمد بن علي الديباجي، وأبو بكر بن زنبور الوراق.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 183"، والعبر "3/ 51".

(2)

ترجمته في العبر "3/ 61"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 214"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 147".

ص: 482

‌3619 - ابن دَرَسْتَويه

(1)

:

الشيخ الإمام العدل، أبو علي، الحسن بن محمد بن درستويه الدمشقي.

روى عن: محمد بن خريم، وأبي الحسن بن جوصا، ومكحول البيروتي، وجماعة.

وعنه: ولده محمد، وعلي بن محمد الحنائي، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وإبراهيم بن الخضر الصائغ.

أرَّخ الكتاني موته في ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، وقال: كان ثقة ثبتًا رحمه الله.

‌3620 - أبو مسلم الكاتب

(2)

:

الشيخ العالم المقرئ، المسند الرحلة، أبو مسلم، محمد بن أحمد بن علي بن الحسين البغدادي الكاتب، نزيل مصر.

حدَّث عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، ويزيد بن الهيثم، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي بكر بن دريد، وأبي عيسى بن قطن، وأبي بكر بن الأنباري، وسعيد بن محمد أخي زبير الحافظ، وأبي علي محمد بن سعيد الحراني، وأبي علي الحضائري، وإبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، وأبي القاسم زياد بن يونس، لقيه بالقيروان في حدود الأربعين وثلاث مائة. وتفرَّد في الدنيا، وكان خاتمة من حدَّث عن البغوي وابن أبي داود على لِينٍ فيه.

حدَّث عنه: الحافظ عبد الغني الأزدي، وأبو عمرو الداني، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ الجوهري، وأبو الفضل بن بندار، وأبو الحسين محمد بن مكي الأزدي، ومحمد بن أبي عدي السمرقندي، وأبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني، وعلي بن بقاء الورّاق، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، وعدد كثير.

قال الخطيب: قال لي الصوري: بعض أصول أبي مسلم عن البغوي وغيره جياد. قلت: فكيف حاله من حال ابن الجندي؟ فقال: قد اطَّلع منه على تخليط، وهو أمثل من ابن الجندي. حدَّثني وكيل أبي مسلم، وكان محدِّثًا حافظًا، يقال له: أبو الحسين العطار، قال: ما رأيت في أصول أبي مسلم عن البغوي شيئًا صحيحًا غير جزء واحد، كان سماعه فيه صحيحًا، وما عداه كان مفسودًا.

قال أبو بكر الخطيب: كان كاتب الوزير أبي الفضل بن حِنْزَابة.

وقال أبو إسحاق الحبَّال: مات أبو مسلم في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 323".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 323"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 245"، والعبر "3/ 71"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 156".

ص: 483

‌3621 - الأصِيلي

(1)

:

الإمام شيخ المالكية، عالم الأندلس، أبو محمد، عبد الله بن إبراهيم الأصيلي.

نشأ بأصيلا من بلاد العدوة، وتفقَّه بقرطبة.

سمع ابن المشاط، وابن السليم القاضي، ووهب بن مسرة لقيه بوادي الحجارة، وأبا الطاهر الذهلي، وابن حيويه، وأبا إسحاق بن شعبان، وعدة بمصر، وكتب بمكة عن أبي زيد الفقيه "صحيح البخاري"، ولحق أبا بكر الآجري، وأخذ ببغداد عن أبي بكر الشافعي، وابن الصواف، والقاضي الأبهري.

وله كتاب "الدلائل" في اختلاف مالك وأبي حنيفة والشافعي.

قال القاضي عياض: قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الأصيلي، ولم أر مثله.

قال عياض: كان من حفَّاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله، يرى أن النهي عن إتيان أدبار النساء على الكراهة، وينكر الغلوّ في الكرامات، ويثبت منها ما صحَّ. وَلِيَ قضاء سرقسطة. قال: وكان نظير ابن أبي زيد بالقيروان، وعلى طريقته وهديه، وفيه زعارة. حمل الناس عنه، توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة، وشَيِّعَه أمم.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 954"، والعبر "3/ 52"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 140".

ص: 484

‌3622 - النَّصِيبي

(1)

:

الإمام الحافظ البارع الناقد، أبو العباس، أحمد بن أبي الليث نصر بن محمد النصيبي المصري، نزيل نيسابور، وصاحب التصانيف.

قال أبو عبد الله الحاكم: هو باقعة في الحفظ، شُبِّهَت مذاكرته بالسحر، وكان يتقشَّف، ويجالس الصالحين، ثم ذهب إلى ما وراء النهر، وأقبل على الأدب والشعر، ودخل في الأعمال السلطانية، ثم اجتمعتُ به هناك، وحفظه كما كان، فكنت أتعجَّب منه.

سمع بمصر أصحاب يونس بن عبد الأعلى، وأحمد ابن أخي ابن وهب، وبالشام أبا هاشم الكناني، وأحمد بن عبد الرحيم القيسراني، وبالعراق أبا عبد الله الحكيمي، وإسماعيل الصفَّار، وبنيسابور أبا العباس الأصمّ.

مات في سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

قلت: روى عنه الحاكم والقدماء، ورأيت تصنيفًا في السنن مخرومًا أظنه له، وما أحسب أنه وقع لي شيء من حديثه إلَّا أن يكون بإجازة.

وفيها مات معه: أبو حامد أحمد بن المزكِّي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري، والمسند أبو حامد أحمد بن عبد الله بن نعيم النعيمي السرخسي، ومؤرِّخ مصر العلَّامة أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق المصري عن ثمانين سنة -لقي الطحاوي ونحوه- وشيخ القراء بمصر أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري في المحرم، والشيخ أبو أحمد عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق بن جميل الأصبهاني راوي مسند أحمد بن منيع، سمعه من جده عنه، ومسند العراق أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي السكري الصيرفي في شوال، وشيخ الشافعية أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إبراهيم الجرجاني المعروف بالخَتَن -يعني: ختن الإسماعيلي- والقدوة الواعظ أبو طالب محمد بن علي بن عطية المكي صاحب "القوت"، وصاحب مصر العزيز بالله نزار بن المعز معد العبيدي الرافضي، وعالم المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 947"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 122".

ص: 485

‌3623 - ابن خرشيذ قُوله

(1)

:

الشيخ المسند، أبو علي، أحمد بن عمر بن خرشيذ قُوله الأصبهاني التاجر، أحد الأثبات.

كان كثير الترحَال.

حدَّث بمصر ومكة، وببغداد، واستوطن مصر.

سمع أبا حامد الحضرميّ، وأبا بكر بن زياد النيسابوري.

وعنه: العتيقي، وإسماعيل بن رجاء العسقلاني، ورشأ بن نظيف، وخلق.

وثَّقه الخطيب.

وقال الخطيب: مات في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وثلاث مائة.

قلت: لعلّه نسيب أبي إسحاق بن خرشيذ قوله.

وفيها توفي أبو معاذ شاه بن عبد الرحمن الهروي، وأبو عمر بن عبد الوهاب السلمي، وأبو جعفر محمد بن محمد بن جعفر الماليني، ومحمد بن عبد الملك بن ضيفون القرطبي، لقي ابن الأعرابي، ويحيى بن إسماعيل الحربي المزكِّي.

‌3624 - الخَتَن

(2)

:

الإمام العلامة، شيخ الشافعية، أبو عبد الله، محمد بن الحسن بن إبراهيم الإستراباذي، ثم الجرجاني الشافعي، المعروف بالخَتَن، كان ختن الإمام أبي بكر الإسماعيلي.

مولده في سنة إحدى عشرة وثلاث مائة.

كان رأسًا في المذهب، صاحب وجه، مقدَّمًا في علم الأدب وفي القراءات، ومعاني القرآن، ذكيًّا مناظرًا، كبير الشأن.

سمع من: أبي نعيم عبد الملك بن عدي، وطبقته بجرجان، ومن عبد الله بن جعفر بن فارس، ونحوه بأصبهان، ومن أبي العباس الأصمّ بنيسابور، وأكثر عن الأصم.

وكان معنيًّا بالحديث، عارفًا به شرح "التلخيص" لأبي العباس بن القاصّ.

خَلَّفَ من الأولاد أبا بشر الفضل، وأبا النضر عبد الله، وأبا الحسن عبد الواسع.

تفقَّه به جماعة.

ومات بجرجان في يوم عرفة، ودُفِنَ يوم النحر سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

حدَّث عنه طائفة، منهم: الحافظ حمزة بن يوسف السهمي.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 161"، وتاريخ بغداد "4/ 292".

(2)

ترجمته في تاريخ جرجان "4108 - 409"، والأنساب للسمعاني "5/ 47"، واللباب لابن الأثير "1/ 422"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 577"، والعبر "3/ 33"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 175"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 120".

ص: 486

‌3625 - ابن أخي ميمي

(1)

:

الشيخ الصدوق المسند، أبو الحسين، محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون البغدادي الدقاق، أحد الثقات، ويعرف بابن أخي ميمي.

سمع أبا القاسم البغوي، وأبا جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول، وأبا حامد الحضرمي، وابن صاعد، وإسماعيل الورَّاق، وعدة.

حدث عنه: أبو طالب العشاري، وأبو محمد بن هزارمرد، وأبو الحسين بن النقور، وجماعة كثيرة.

وانتشر حديثه.

مات في سلخ رجب سنة تسعين وثلاث مائة، وكان من أبناء التسعين.

وقع لنا بالإجازة أربعة أجزاء من حديثه.

أنبأنا المؤمّل بن محمد وغيره: أنَّ الخضر بن كامل السروجي أخبرهم، أخبرنا الحسين بن علي السبط، أخبرنا أبو الحسن بن النقور، أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو نصر التمار، حدثتنا أم نهار، عن عمتها أمينة، أنها لقيت عائشة رضي الله عنها، فسألتها، عن الحناء فقالت: لا بأس به، بَقْلة رطبة، ولا تقربنه وأنتُنَّ حُيِّض، وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة، والواصلة والموصولة

(2)

.

هذا حديث غريب فرد. والمقشورة التي تقشّر وجهها بالغمرة

(3)

.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 465"، والعبر "3/ 47"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 134".

(2)

ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 250" من طريق عبد الصمد، حدثتنا أم نهار، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه أم نهار، وعمتها آمنة مجهولتان.

(3)

الغمرة: تطلى به العروس، يُتَّخَذ من الورس. وقال أبو سعيد: هو تمر ولبن يطلى به وجه المرأة ويداها حتى ترق بشرتها، وجمعها الغُمَر، والغُمَن. وقال ابن سيده في موضع آخر: والغُمْرة والغُمْرُ: الزعفران، وقيل: الورس. وقيل: الكركم.

ص: 487

‌3626 - صاحب المَوْصِل

(1)

:

حسام الدولة، مقلد بن المسيب بن رافع بن المقلد العقيلي.

تغلَّب أخوه أبو الزواد محمد بن المسَيَّب على الموصل سنة ثمانين وثلاث مائة، وزوَّج بنته بولد عضد الدولة، ومات سنة سبع وثمانين، فتملّك مقلد.

وكان عاقلًا سائسًا خبيرًا، اتسعت ممالكه، وأتته خلع القادر بالله، واستخدم ألوفًا.

وله شعر وأدب، وفيه رفض.

وثب عليه مملوك في مجلس أنسه، فقتله في صفر سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، لكونه سمعه يقول: لولا ضجيعاك لزرتك.

رثاه الشريف الرضي، وجماعة.

وله أخبار في تاريخ ابن خلكان.

وتملّك بعده ابنه معتمد الدولة قرواش، فدامت دولته نحوًا من خمسين سنة.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 735"، والعبر "3/ 51"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 203"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 138".

ص: 488

‌3627 - الطُّوسِي

(1)

:

الإمام الحافظ، أبو الفضل، نصر بن أبي نصر محمد بن أحمد بن يعقوب، الطوسِي العطار.

ولد في حدود سنة عشر وثلاث مائة.

وسمع أبا محمد بن الشرقي، وأبا حامد بن بلال، وأبا عبد الله المحاملي، وابن مخلد العطار، وابن عقدة، ومحمد بن الحسين القطان، وابن الأعرابي، ومحمد بن وردان العامري، وأحمد بن زبان الكندي، وابن حبيب الأنصاري، وخيثمة، والربيع بن سلامة الرملي، وطبقتهم.

وكان واسع الرحلة، حسن التصانيف.

حدَّث عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو نعيم، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.

قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بخراسان، مع ما يرجع إليه من الدين والزهد والسخاء والتعصّب لأهل السنة، أوّل رحلته كانت إلى مَرْو، إلى الليث بن محمد المروزي. قال: وما خلّف يوم مات بالطابران مثله، وأما علوم الصوفية وأخبارهم ولقي مشايخهم، فإنه ما خلّف في ذلك بخراسان مثله.

قلت: وقد صحب أبا بكر الشبلي ببغداد.

توفِّي في المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.

أخبرنا ابن عساكر، عن عبد المعز، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد الطبيب، أخبرنا نصر بن محمد العطار، أخبرنا أحمد بن الحسين بمصر، حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي، حدثنا الوليد بن موسى، حدثنا منبه بن عثمان، عن عروة بن رويم، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن مؤمني الجنِّ لهم ثواب، وعليهم عقاب". فسألناه عن ثوابهم وعن مؤمنيهم، قال:"على الأعراف وليسوا في الجنة" قلنا: وما الأعراف? قال: حائط الجنة، تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار.

هذا حديث منكر جدًّا.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 948"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 106".

ص: 488

‌3628 - ابن بكير

(1)

:

الإمام المحدّث الحافظ، مفيد بغداد، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير، البغدادي الصيرفي.

سمع أبا جعفر ابن البختري، وإسماعيل الصفَّار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن شاهين، وهو من شيوخه، وأبو العلاء الواسطي، وعبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وجماعة.

قال الأزهري: سمعته يقول: هذا الحديث كتبه عنِّي محمد بن إسماعيل الورّاق، والدارقطني.

قال الأزهري: كنت أحضر عنده وبين يديه أجزاء، فأنظر فيها، فيقول: أيما أحب إليك: تذكر لي متنًا حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسنادًا حتى أخبرك بمتنه? فكنت أذكر له المتون، فيحدِّثني بأسانيدها كما هي حفظًا، فعلت هذا معه مرارًا كثيرةً، وكان ثقةً، لكنهم حسدوه، وتكلَّموا فيه.

قال ابن أبي الفوارس: كان يتساهل في الحديث، ويلحق في بعض أصول الشيوخ ما ليس منها، ويصل المقاطيع.

توفِّي ابن بكير في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، وعاش إحدى وستين سنةً رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 13"، والعبر "3/ 38"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 949"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 128".

ص: 489

‌3629 - ابن أبي زيد

(1)

:

الإمام العلَّامة القدوة الفقيه، عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد الله بن أبي زيد، القيرواني المالكي، ويقال له: مالك الصغير.

وكان أحد من برز في العلم والعمل.

قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخَّص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه، تفقَّه بفقهاء القيروان، وعوّل على أبي بكر بن اللباد. وأخذ عن: محمد بن مسرور الحجَّام، والعسَّال، وحجَّ فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودرَّاس بن إسماعيل، وغيرهم.

سمع منه خلق كثير، منهم: الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي، وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني.

صنَّف كتاب "النوادر والزيادات" في نحو المائة جزء، واختصر "المدونة"، وعلى هذين الكتابين المعوّل في الفتيا بالمغرب، وصنَّف كتاب "العتبية" على الأبواب، وكتاب "الاقتداء بمذهب مالك"، وكتاب "الرسالة" وكتاب "الثقة بالله والتوكل على الله"، وكتاب "المعرفة

(1)

ترجمته في العبر "3/ 43"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 200"، وشذرات لابن العماد الحنبلي "3/ 131".

ص: 490

والتفسير"، وكتاب "إعجاز القرآن"، و"كتاب النهي عن الجدال"، ورسالته في الرد على القدرية، ورسالته في التوحيد، وكتاب "من تحرَّك عند القراءة".

وقيل: إنه صنع رسالته المشهورة وله سبع عشرة سنة.

وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة وإحسان.

وقيل: إنه نفَّذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي ألف دينار، وهذا فيه بُعْد، فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلَّا بعد زمان أبي محمد.

نعم، قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان بمائة وخمسين دينارًا، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي بأربع مائة دينار من مال ابن أبي زيد.

وقيل: إن محرزًا التونسي أتي بابنة ابن أبي زيد وهي زَمِنَة، فدعا لها، فقامت، فعجبوا، وسبحوا الله، فقال: والله ما قلت إلا: بحرمة والدها عندك اكشف ما بها، فشفاها الله.

قلت: وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلام، ولا يتأوّل، فنسأل الله التوفيق.

وقد حدَّث عنه بالسيرة النبوية "تهذيب ابن هشام" عبد الله بن الوليد بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد، لقيه بمصر.

ولما توفِّي رثاه عدة من الشعراء.

قال أبو إسحاق الحبَّال: مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، وكذا أرَّخَه أبو القاسم بن منده، وأرَّخ موته القاضي عياض وغيره في سنة ست وثمانين وثلاث مائة.

ص: 491

‌3630 - أبو الهيثم

(1)

:

شيخ الحنفية، نعمان زمانه، القاضي أبو الهيثم، عتبة بن خيثمة، ابن محمد بن حاتم، النيسابوري الحنفي.

سمع من: أبي العباس الأصمّ، وجماعة.

وتفقَّه على أبي الحسن النيسابوري قاضي الحرمين.

وصار أوحد عصره في المذهب، حتى قيل: لم يبق بخراسان قاضٍ حنفيّ إلَّا وهو ينتمي إليه.

قال الإمام أبو عبد الله الحليمي: لقد بارك الله في علم الفقيه أبي الهيثم، فليس بما وراء النهر أحد يرجع إلى النظر والجدل إلَّا من أصحابه.

قلت: روى عنه الحاكم في تاريخه حديثًا، وعظَّمه، وأثنى عليه.

بقي إلى حدود نيف وثمانين وثلاث مائة.

‌3631 - الصَّيْمَريّ:

شيخ الشافعية وعالمهم، القاضي أبو القاسم، عبد الواحد بن الحسين الصَّيْمَريّ، من أصحاب الوجوه.

تفقَّه بأبي حامد المروّروذي، وبأبي الفياض.

وارتحل الفقهاء إليه إلى البصرة، وعليه تفقَّه أقضى القضاة الماوردي.

وصنَّف كتاب "الإيضاح في المذهب" سبع مجلدات، وكتاب "القياس والعلل"، وغير ذلك.

وقد حدَّث ببعض كتبه في سنة سبع وثمانين وثلاث مائة رحمه الله.

‌3632 - ابن أبي عامر

(2)

:

الملك المنصور، حاجب الممالك الأندلسية، أبو عامر، محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد بن وليد القحطاني المعافري القرطبي، القائم بأعباء دولة الخليفة المرواني المؤيد بالله هشام بن الحكم أمير الأندلس، فإن هذا المؤيّد استُخْلِف ابن تسع سنين، وردت مقاليد الأمور إلى الحاجب هذا، فيعمد إلى خزائن كتب الحكم، فأبرز ما فيها، ثم أفرد ما فيها من كتب الفلسفة فأحرقها بمشهد من العلماء، وطَمَرَ كثيرًا منها، وكانت كثيرةً إلى الغاية، فعلّه تقبيحًا لرأي المستنصر الحكم.

وكان بطلًا شجاعًا، حازمًا سائسًا، غزَّاءً عالمًا، جَمَّ المحاسن، كثير الفتوحات، عالي الهمَّة، عديم النظر، وسيأتي من أخباره في ترجمة المؤيد.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 94"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 181".

(2)

ترجمته في العبر "3/ 56"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصَّفَدي "3/ 312"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 143".

ص: 492

دام في المملكة نيفًا وعشرين سنة، ودانت له الجزيرة، وأمنت به، وقد وزر له جماعة.

وكان المؤيد معه صورةً بلا معنى، بل كان محجوبًا لا يجتمع به أمير ولا كبير، بل كان أبو عامر يدخل عليه قصره، ثم يخرج فيقول: رسم أمير المؤمنين بكذا وكذا، فلا يخالفه أحد، وإذا كان بعد سنة أو أكثر، أركبه فرسًا، وجعل عليه برنسًا، وحوله جواريه راكبات، فلا يعرفه أحد.

وقد غزا أبو عامر في مدته نيفًا وخمسين غزوة، وكثر السبي، حتى لأبيعت بنت عظيم ذات حسن بعشرين دينارًا، ولقد جُمِعَ من غبار غزواته ما عُمِلَت منه لبنة، وألحدت على خده، أو ذُرَّ ذلك على كفنه.

توفِّي بأقصى الثغور بالبطن سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.

وكان جوادًا ممدحًا معطاءً.

وتملّك بعده ابنه أبو مروان عبد الملك.

ص: 493

‌3633 - المرجي

(1)

:

الشيخ المعمر، أبو القاسم، نصر بن أحمد بن محمد بن الخليل الموصلي المرجي، الراوي عن أبي يعلى الموصلي، بل هو خاتمة من روى عنه.

روى عنه خلق كثير، منهم: أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي، وعبد الله بن جعفر الخبازي الحافظ، وعبيد الله بن أحمد بن عبد الأعلى الرقي، وقاضي الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، والمقرئ أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، وأحمد بن عبد الباقي بن طوق.

وما علمت فيه جرحًا.

وبقي إلى سنة تسعين وثلاث مائة.

وقد أجاز لجماعة، آخرهم القاسم بن البُسْري.

توفِّي في عشر المائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 194".

ص: 493

‌3634 - ابن جني

(1)

إمام العربية، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، صاحب التصانيف.

كان أبوه مملوكاً رومياً لسليمان بن فهد الموصلي.

وله ترجمة طويلة في تاريخ الأدباء لياقوت.

لزم أبا علي الفارسي دهراً، وسافر معه حتى برع وصنف، وسكن بغداد، وتخرج به الكبار.

وله سر الصناعة واللمع، والتصريف، والتلقين في النحو، والتعاقب، والخصائص، والمقصور والممدود، وما يذكر ويؤنث، وإعراب الحماسة، والمحتسب في الشواذ.

وله نظم جيد.

خدم عضد الدولة وابنه، وقرأ على المتنبي ديوانه، وشرحه، وله مجلد في شرح بيت لعضد الدولة.

أخذ عنه: الثمانيني، وعبد السلام البصري.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد (12/ 311)، والمنتظم لابن الجوزي (7/ 220) ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (12/ 81)، واللباب لابن الأثير (1/ 299)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (3/ ترجمة 412)، والعبر (3/ 53)، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (4/ 250)، وشذرات الذهب لابن العماد (3/ 140).

ص: 494

‌3635 - الجُرْجَاني

(1)

:

القاضي العلامة، أبو الحسن، علي بن عبد العزيز الجرجاني، الفقيه الشافعي الشاعر، صاحب الديوان المشهور.

ولي القضاء فحُمِدَ فيه، وكان صاحب فنون ويد طُوْلَى في براعة الخطّ.

ورد نيسابور في صباه في سنة سبع وثلاثين، وسمع الحديث.

وقد أبان عن علم غزير في كتاب "الوساطة بين المتنبي وخصومه"، وَلِيَ قضاء الريّ مدة.

قال الثعالبي: هو فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، وقبَّة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خطّ ابن مقلة إلى نثر الجاحظ إلى نظم البحتري.

قلت: هو صاحب تيك الأبيات الفائقة:

يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما

رأوا رجلًا عن موقف الذّلّ أحجما

مات بالريِّ في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة، ونُقِلَ تابوته إلى جرجان.

وله تفسير كبير، وكتاب "تهذيب التاريخ".

قال الثعالبي: ترقَّى محل أبي الحسن إلى قضاء القضاة، فلم يعزله إلَّا موته.

وقال أبو سعد الآبي في "تاريخه": كان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلًا ولا مقاربًا، مع العفَّة والنزاهة والعدل والصرامة.

توفِّي في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة (396)، وَوَهِمَ ابن خلكان، وصحَّحَ أنه توفِّي سنة (366). وإنما ذاك آخر وهو: المحدِّث أبو الحسن:

‌3636 - علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني

(2)

:

نزيل نيسابور.

حدَّث عن الفربري بالصحيح، وعن أبي بشر المُصْعَبِيّ.

وهَّاه الحاكم، وقال: ظهرت منه المجازفة فترك، وحدَّثنا بالعجائب عن المُصْعَبِيّ.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "277"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 221"، ومعجم الأدباء "14/ 14"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 426"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 205"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 56".

(2)

ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 112"، ولسان الميزان "4/ 194".

ص: 495

‌الطبقة الثانية والعشرون:

‌3637 - الخَطَّابي

(1)

:

الإمام العلّامة، الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البُسْتِيّ الخطَّابي، صاحب التصانيف.

ولد سنة بضع عشرة وثلاث مائة.

وسمع من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، ومن إسماعيل بن محمد الصفَّار وطبقته ببغداد، ومن أبي بكر بن داسة وغيره بالبصرة، ومن أبي العباس الأصمّ، وعدة بنيسابور. وعُنِيَ بهذا الشأن متنًا وإسنادًا.

وروى أيضًا عن أبي عمرو بن السَّمَّاك، ومُكْرَم القاضي، وأبي عمر غلام ثعلب، وحمزة بن محمد العَقَبي، وأبي بكر النَّجَّاد، وجعفر بن محمد الخُلْدِي.

وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن أبي بكر القفَّال الشاشي، وأبي علي بن أبي هريرة، ونظرائهما.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وهو من أقرانه في السنِّ والسَّنَد، والإمام أبو حامد الإسفراييني، وأبو عمرو محمد بن عبد الله الرَّزجاهي، والعلَّامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي، وأبو مسعود الحسين بن محمد الكرابيسي، وأبو ذر عبد بن أحمد، وأبو نصر محمد بن أحمد البلخي الغزنوي، وجعفر بن محمد بن علي المروذي المجاور، وأبو بكر محمد بن الحسين الغزنوي المقرئ، وعلي بن الحسن السجزي الفقيه، ومحمد بن علي بن عبد الملك الفارسي الفَسَويّ، وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، وطائفة سواهم.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه، وشهدة بنت حسان قالا: أخبرنا جعفر بن علي المالكي، أخبرنا أبو طاهر السِّلَفي قال: وأما أبو سليمان الشارح لكتاب أبي داود، فإذا وقف مُنْصِفٌ على مصنَّفاته، واطَّلَع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقَّق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم، وطوَّف، ثم ألَّف في فنون من العلم وصنَّف، وفي شيوخه كثرة، وكذلك في تصانيفه، منها "شرح السنن"، الذي عوَّلنا

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 397"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 246"، واللباب لابن الأثير "1/ 151"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 590"، والعبر "3/ 39"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 199".

ص: 496

على الشروع في إملائه وإلقائه، وكتابه في غريب الحديث، ذكر فيه ما لم يذكره أبو عبيد، ولا ابن قتيبة في كتابيهما، وهو كتاب ممتع مفيد، ومحصله بنية موفَّقٌ سعيد، ناوَلَنِيه القاضي أبو المحاسن بالريّ، وشيخه فيه عبد الغافر الفارسي، يرويه عن أبي سليمان، ولم يقع لي من تواليفه سوى هذين الكتابين مناولةً لا سماعًا عند اجتماعي بأبي المحاسن، لعارضة قد برحت بي، وبلغت مني، لولاها لما توانيت في سماعهما، وقد روى لنا الرئيس أبو عبد الله الثقفي كتاب "العزلة" عن أبي عمرو الرزجاهي، عنه، وأنا أشك هل سمعته كاملًا أو بعضه.

إلى أن قال السِّلَفي: وحدَّث عنه أبو عبيد الهروي في كتاب"الغريبين"، فقال: أحمد بن محمد الخطابي، ولم يكنِّه. ووافقه على ذلك أبو منصور الثعالبي في كتاب "اليتيمة"، لكنَّه كَنَّاه، وقال: أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم البُسْتِي صاحب "غريب الحديث"، والصواب في اسمه: حمد، كما قال الجمّ الغفير، لا كما قالاه، وقال أحد الأدباء ممن أخذ عن ابن خُرَّزاذ النَّجيرمي: وهو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البُسْتِيّ من ولد زيد بن الخطاب، وله رحمه الله شعر هو سحر.

قلت: وله "شرح الأسماء الحسنى"، وكتاب:"الغنية عن الكلام وأهله" وغير ذلك.

أخبرنا أبو الحسن وشهدة قالا: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو المحاسن الروياني، سمعت أبا نصر البلخي، سمعت أبا سليمان الخطابي، سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب -يعني: سنن أبي داود- يقول: لو أنَّ رجلًا لم يكن عنده من العلم إلَّا المصحف الذي فيه كتاب الله، ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة.

قال أبو يعقوب القرَّاب: توفِّي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.

قلت: وفيها مات محدِّث إسفرايين أبو النضر شافع بن محمد بن أبي عوانة الإسفراييني في عشر التسعين، ومحدّث بُرُوجرد؛ القاضي أبو الحسين عبيد الله بن سعيد البروجردي في عشر المائة، يروي عن ابن جرير، والباغندي. ومسند نيسابور أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي، ومقرئ مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي، ومقرئ العراق أبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وشيخ الأدب أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي ببغداد، ومسند مَرْو أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي الفقيه عن مائة عام، وعالم مصر أبو بكر محمد بن علي الأدفوي المقرئ المفسِّر، ومحدِّث مكة أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن الدخيل.

ص: 497

أخبرنا أحمد بن سلامة كتابةً، عن عبد الغني بن سرور الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن غانم، أخبرنا عبد الواحد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن أحمد البلخي، حدَّثنا حمد بن محمد، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا أبو داود، حدثنا بن حُزابة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أسباط، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"الإيمان قَيَّدَ الفَتْكَ، لا يفتك مؤمن"

(1)

.

وهو القائل:

وما غربة الإنسان في شُقَّة النّوى

ولكنَّها والله في عدم الشّكل

وإنّي غريبٌ بين بستٍ وأهلها

وإن كان فيها أُسرتي وبها أهلي

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أبو داود "2769"، والبخاري في "التاريخ الكبير""1/ 1/ 403" من طريق إسحاق بن منصور السلولي، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الرحمن بن أبي كريمة، والد السدى، فإنه مجهول.

وله شاهد من حديث الزبير بن العوام: عند عبد الرزاق "9676"، "9677"، وابن أبي شيبة "15/ 123، 279"، وأحمد "1/ 166" من طريق الحسن -وهو البصري- قال: جاء رجل إلى الزبير بن العوام فقال: ألا أقتل لك عليًّا؟ قال: لا، وكيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به فأفتك به. قال: لا. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الإيمان قَيَّدَ الفتك، لا يفتك مؤمن".

قلت: إسناده ضعيف، الحسن البصري رأى الزبير يبايع عليًّا، وهو ابن أربع عشرة سنة، لكنه لم يسمع منه كما قال أحمد بن حنبل، وله شاهد من حديث معاوية: عند أحمد "4/ 92". وإسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، فإنه ضعيف، لكنَّه حسن في الشواهد، وجملة القول فالحديث صحيح بشواهده، والله تعالى أعلم. قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" "4/ 83": والفتك: أن يأتي الرجل الرجل وهو غار غافل، فيشد عليه فيقتله، والغيلة: أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي.

و"الإيمان قيد الفتك"، أي: إن الإيمان يمنع من القتل، كما يمنع القيد عن التصرف، فكأنه جعل الفتك مقيدًا، ومنه في صفة الفرس: قيد الأوابد، يريد أن يلحقها بسرعة، فكأنها مقيدة به لا تعدوه.

ص: 498

‌3638 - ابن مَنْدَه

(1)

:

الإمام الحافظ الجوَّال، محدِّث الإسلام، أبو عبد الله، محمد ابن المحدث أبي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده، واسم منده: إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار بن جهار بخت، وقيل: إن اسم استندار هذا فيرزان، وهو الذي أسلم حين افتتح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبهان، وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسيًّا فأسلم، وناب عن بعض أعمال أصبهان، العبدي الأصبهاني الحافظ، صاحب التصانيف.

مولده في سنة عشر وثلاث مائة، أو إحدى عشرة.

وأوّل سماعه في سنة ثمان عشرة وثلاث مائة.

سمع من: أبيه، وعمّ أبيه عبد الرحمن بن يحيى بن منده، ومحمد بن القاسم بن كوفي الكراني، ومحمد بن عمر بن حفص، وعبد الله بن يعقوب بن إسحاق الكرماني، وأبي علي الحسن بن محمد بن النضر، وهو ابن أبي هريرة، وعبد الله بن إبراهيم المقرئ، ومحمد بن حمزة بن عمارة، وأبي عمرو بن حكيم، وأحمد بن محمد اللنباني، وخلق بأصبهان، وأبي سعيد بن الأعرابي، وطبقته بمكة، وجعفر بن محمد بن موسى العلوي بالمدينة، وأحمد بن زكريا المقدسي، وعدة ببيت المقدس، وأبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وأبي علي محمد بن أحمد الميداني، وحاجب بن أحمد، وأبي العباس الأصمّ، وأبي عبد الله بن الأخرم، وأبي بكر محمد بن علي بن محمد، ومحمد بن علي بن عمر، والحسين بن محمد بن معاذ قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله البصري، وطبقتهم بنيسابور، ارتحل إليها أولًا وعمره تسع عشرة سنة، وسمع بها نحوًا من خمس مائة ألف حديث، وسمع ببخارى من الهيثم بن كليب الشاشي، وطائفة، وسمع ببغداد من إسماعيل الصفّار، وأبي جعفر بن البختري الرزاز وطبقتهما، وسمع بمصر من أبي الطاهر أحمد بن عمرو المديني، والحسن بن يوسف الطرائفي، وأحمد بن بهزاد الفارسي وأقرانهم، وبسرخس من عبد الله بن محمد بن حنبل، وبمَرْو محمد بن أحمد بن محبوب ونظرائه، وبدمشق من إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان القنطري، وجعفر بن محمد بن هشام، وابن أبي العقب، وخلق، وبطرابلس خيثمة بن سليمان القرشي، وبحمص الحسن بن منصور الإمام، وبتنيس عثمان بن محمد السمرقندي، وبغزة علي بن العباس الغزي، وسمع من خلق سواهم بمدائن كثيرة.

ولم أعلم أحدًا كان أوسع رحلةً منه، ولا أكثر حديثًا منه مع الحفظ والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبع مائة شيخ.

ويروي بالإجازة عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبي العباس بن عقدة، والفضل بن الحصيب، وطائفة أجازوا له باعتناء أبيه، وأهل بيته.

ولم يعمر كثيرًا، بل عاش أربعًا وثمانين سنة.

(1)

ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 306"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 232"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 959"، وميزان الاعتدال "3/ 479"، ولسان الميزان "5/ 70"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 213"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 146".

ص: 499

وأخذ عن أئمة الحفاظ كأبي أحمد العسال، وأبي حاتم بن حبان، وأبي علي النيسابوري، وأبي إسحاق بن حمزة، والطبراني، وأمثالهم.

حدَّث عنه: الحافظ أبو الشيخ أحد شيوخه، وأبو بكر ابن المقرئ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الله غنجار، وأبو سعد الإدريسي، وتمام بن محمد الرازي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وأبو المظفَّر عبد الله بن شبيب، وأبو أحمد عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن منده البقال، وأبو طاهر عمر بن محمد المؤدب، ومحمد بن أحمد بن الحسين المقرئ، ومحمد بن عبد الملك بن محمد البزار الزاهد، وأبو الفتح طاهر بن مَمُّويه، وأبو الحسن عدنان بن عبد الله المؤذن، وأبو مسلم محمد بن علي بن محمد الوراق، وحمد بن أحمد بن عمر بن ولكيز، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن المرزبان المقرئ الصيدلاني، وأبو الطيب أحمد بن محمد بن عمر التاجر، وأحمد بن علي بن عقبة، وأحمد بن محمد بن مسلم الصباغ الأعرج، وأحمد بن عبد العزيز بن شاذه الثقفي الواعظ، وأحمد بن علي بن شجاع المصقلي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم سبط الصالحاني، وأبو طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش، وحمد بن محمد العسال، وزياد بن محمد بن زياد البقال، وسليمان بن عبد الرحيم الحسناباذي، وشيبان بن عبد الله البرجي الواعظ، وطلحة بن أحمد بن بهرام القصار، وعبد الرحمن بن زُفَر الدَّلَّال، وعبد الواحد بن أحمد بن صالح المعلِّم، وعبد الرزاق بن سلهب، وأخوه عمر، وعلي بن محمد بن إبراهيم القطان، والفضل بن أحمد الأعمى، والفضل بن عبد الواحد النجاد، ومحمد بن عمر البقال، وأبو بكر محمد بن أحمد بن أسيد الواعظ، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الطهراني، ومنصور بن ينال الشاعر، وأبو طاهر منتجع بن أحمد الأنصاري، والمطَهَّر بن عبد الواحد البزاني، وكريمة بنت أبي سعد التميمي، وعائشة بنت الحسن الوركانية من شيوخ الخلّال، وعلي بن القاسم بن إبراهيم بن شبويه الخياط، وعبد الواحد بن أحمد المعداني، وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وشجاع المصقلي، وخلق، وأولاده؛ أبو القاسم عبد الرحمن، وأبو عمرو عبد الوهاب، وعبيد الله، وإسحاق.

قال الباطرقاني: حدثنا أبو عبد الله بن منده إمام الأئمة في الحديث -لقَّاه الله رضوانه.

وقال الحاكم: التقينا ببخارى في سنة إحدى وستين وثلاث مائة، وقد زاد زيادةً ظاهرةً، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهبًا إلى وطنه، فقال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ في الدنيا قديمًا وحديثًا، ألَا ترون إلى قريحة أبي عبد الله؟

ص: 500

وقيل: إنَّ أبا نعيم الحافظ ذكر له ابن منده، فقال: كان جبلًا من الجبال. فهذا يقوله أبو نعيم مع الوحشة الشديدة التي بينه وبينه.

قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: لا يُخَرِّج الصحيح إلَّا من ينزل في الإسناد أو يكذب، يعني: إن المشايخ المتأخرين لا يبلغون في الإتقان رتبة الصحة، فيقع في الكذب الحافظ إن خرج عنهم وسمَّاه صحيحًا، أو يروي الحديث بنزول درجة ودرجتين.

وقيل: كان ابن منده إذا قيل له: فاتك سماع كذا وكذا، يقول: ما فاتنا من البصرة أكثر.

قلت: ما دخل البصرة، فإنه ارتحل إليها إلى مسندها علي بن إسحاق المادرائي، فبلغ موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع.

ومن تصانيفه: كتاب "الإيمان"، كتاب "التوحيد"، كتاب "الصفات"، كتاب "التاريخ" كبير جدًّا، كتاب "معرفة الصحابة"، كتاب "الكنى"، وأشياء كثيرة.

قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: لابن منده في كتاب "معرفة الصحابة" أوهام كثيرة.

وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان": ابن منده حافظ من أولاد المحدثين، اختلط في آخر عمره، فحدّث عن ابن أسيد، وابن أخي أبي زرعة الرازي، وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازةً، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالًا في المعتقدات لم يعرفوا بها، نسأل الله الستر والصيانة.

قلت: لا نعبأ بقولك في خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع أيضًا قوله فيك، فلقد رأيت لابن منده حطًّا مقذعًا على أبي نعيم وتبديعًا، وما لا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متَّهم في نقله بحمد الله.

قال أحمد الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسَّال إلى ابن منده، وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه، وبيان علته.

ونقل غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة أنه قال: ما رأيت مثل أبي عبد الله بن منده.

أنبأني علي بن أحمد وطائفة، عن زاهر بن أحمد: أخبرنا الحسين بن عبد الملك قال: كتب إليَّ عبد الرحمن بن أبي عبد الله: إنَّ والده كتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء، وهم: أبو سعيد بن الأعرابي، وأبو العباس الأصمّ، وخيثمة الأطرابلسي، والهيثم الشاشي. قال: وسمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبع مائة نفس.

ص: 501

قال جعفر بن محمد المستغفري: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي عبد الله بن منده، سألته يومًا: كم تكون سماعات الشيخ? فقال:

تكون خمسة آلاف مَنٍّ.

قلت: يكون المَنُّ نحوًا من مجلدين أو مجلدًا كبيرًا.

وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ، ما فيهم أحفظ من ابن منده.

وقال شيخ هراة أبو إسماعيل الأنصاري: أبو عبد الله بن منده سيد أهل زمانه.

وأنبئونا عن زاهر الثقفي: أخبرنا الحسين الخلَّال، أنبأنا أبو الفوارس العنبري، سمع أبا الحسن علي بن الحسن الإسكاف، سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: رأيت ثلاثين ألف شيخ، فعشرة آلاف ممن أروي عنهم، وأقتدي بهم، وعشرة آلاف أروي عنهم، ولا أقتدي بهم، وعشرة آلاف من نظرائي، وليس من الكل واحد إلَّا وأحفظ عنه عشرة أحاديث أقلّها.

قلت: قوله: إنه كتب عن ألف وسبع مائة شيخ أصح، وهو شيء يقبله العقل، وناهيك به كثرةً، وقلَّ من يبلغ ما بلغه الطبراني، وشيوخه نحو من ألف، وكذا الحاكم، وابن مردويه، فالله أعلم.

قال الحاكم: أول خروج ابن منده إلى العراق من عندنا سنة تسع وثلاثين، فسمع بها وبالشام، وأقام بمصر سنين، وصنَّف "التاريخ" و"الشيوخ".

وقال عبد الله بن أحمد السوذرجاني: سمعت ابن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من القاضي أبي أحمد العسَّال.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا عبد العظيم الحافظ، أخبرنا علي بن المفضل، أخبرنا السلفي، أخبرنا طاهر المقدسي، سمعت سعد بن علي الحافظ بمكة، وسئل عن الدارقطني، وابن منده، والحاكم، وعبد الغني، فقال: أمَّا الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما ابن منده فأكثرهم حديثًا مع المعرفة التامَّة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفًا، وأما عبد الغني فأعرفهم بالأنساب.

قلت: بقي أبو عبد الله في الرحلة بضعًا وثلاثين سنةً، وأقام زمانًا بما وراء النهر، وكان ربما عمل التجارة، ثم رجع إلى بلده، وقد صار في عشر السبعين، فولد له أربعة بنين: عبد الرحمن، وعبيد الله، وعبد الرحيم، وعبد الوهاب.

قال الحافظ يحيى بن عبد الوهاب: كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور، فلما بلغنا

ص: 502

بئر مَجَنَّة، قال عمي: كنت ههنا مرةً، فعرض لي شيخ جَمَّال، فقال: كنت قافلًا من خراسان مع أبي، فلمَّا وصلنا إلى ههنا إذا نحن بأربعين وقرًا من الأحمال، فظننا أنها منسوج الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع قَلَّ من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الباطِرْقاني: سمعت أبا عبد الله يقول: طفت الشرق والغرب مرتين.

وهذه حكاية نكتبها للتعجب: قال الحسين بن عبد الملك: حكي لي عن أبي جعفر الهمذاني رئيس حجاج خراسان قال: سألت بعض خدم تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أبناء مائة وعشرين سنةً، قال: رأيت يومًا رجلًا عليه ثياب بيض دخل الحرم وقت الظهر، فانشقَّ حائط التربة، فدخل فيها وبيده محبرة وكاغد وقلم، فمكث ما شاء الله، ثم انشقَّ فخرج، فأخذت بذيله، فقلت: بحق معبودك من أنت? قال: أنا عبد الله بن منده، أشكل عليَّ حديث، فجئت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابني وأرجع. إسنادها منقطع.

وقد روى أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في "تاريخ الصوفية" عن رجل، عن ابن منده، وهو بعد حي.

قال الباطِرْقاني: وكنت مع أبي عبد الله في الليلة التي توفِّي فيها، ففي آخر نفسه قال واحد منَّا: لا إله إلَّا الله -يريد تلقينه- فأشار بيده إليه دفعتين ثلاثة. أي: اسكت، يقال لي مثل هذا.

روى يحيى بن منده في تاريخه، عن أبيه وعمه، أن أبا عبد الله قال: ما افتصدت قط، ولا شربت دواء قط، وما قبلت من أحد شيئًا قط.

قال يحيى: وذكر لي عمي عبيد الله قال: قَفَلْتُ من خراسان ومعي عشرون وقرًا من الكتب، فنزلت عند هذا البئر -يعني: بئر مَجَنَّة- فنزلت عنده اقتداءً بالوالد.

قال أبو نعيم وغيره: مات ابن منده في سلخ ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة.

وقد أفردت تأليفًا بابن منده وأقاربه.

وما علمت بيتًا في الرواة مثل بيت بني منده؛ بقيت الرواية فيهم من خلافة المعتصم وإلى بعد الثلاثين وست مائة، وقد ذكرنا أن والد أبي عبد الله الشيخ أبا يعقوب مات في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، يروي عن أبي بكر بن أبي عاصم، وجماعة.

ص: 503

وآخر من روى عن أبي عبد الله ولده عبد الوهاب، عُمِّر زمانًا، ومات سنة خمس وسبعين وأربع مائة.

قال أبو بكر الخطيب في كتاب السابق: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني إجازةً، حدثني محمد بن إسحاق الجوَّال، حدثنا أحمد بن إسحاق الصبغي، حدثنا يعقوب القزويني، حدثنا سعيد بن يحيى الأصبهاني، حدثنا سُعَيْر بن الخمس، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: من أحبّ أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهنَّ

(1)

.

قال يحيى بن منده: وأمّ أولاد أبي عبد الله هي: أسماء بنت أبي سعد محمد بن عبد الله الشيباني، ولها بنتان من أبي منصور الأصبهاني.

قلت: النواحي التي لم يرحل إليها أبو عبد الله: هراة وسجستان وكرمان وجرجان والري وقزوين واليمن، وغير ذلك، والبصرة، ورحل إلى خراسان، وما وراء النهر، والعراق والحجاز ومصر والشام.

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن منده: سمعت أحمد بن الجهم المستملي يقول لجليس له بحضرتي: سألت أباه حين ولد له عبد الرحمن: أهذا الحديث في العقيقة صحيح? فكأنه فهم المعنى، فقال: حتى يولد الآخر، فإني رأيت جدي في المنام، وأشار إليّ بأربع.

أنبأنا الثقة عن مثله، عن يحيى بن منده قال: سمعت عمي عبد الرحمن، سمعت محمد بن عبيد الله الطبراني يقول: قمت يومًا في مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشئوم -أعني: أبا نعيم الأشعري- فقال: أخرجوهم. فأخرجنا من المجلس فلانًا وفلانًا، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منَّا، أو يروي عنَّا، فإن فعل فليس هو منَّا في حل.

قلت: ربما آل الأمر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحِدَّة، فيقع في الهجران المحرَّم، وربما أفضى إلى التكفير

(2)

والسعي في الدم، وقد كان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ، بحيث إن أحمد اختفى.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "654"، والنسائي "2/ 108"، وابن ماجه "777".

(2)

في الأصل: والتفكير، وهو تصحيف والصواب [التكفير] وهو ما يقتضيه السياق وهو ما أثبتناه.

ص: 504

ولأبي عبد الله كتاب كبير في الإيمان في مجلّد، وكتاب في النفس والروح، وكتاب في الرد على اللفظية.

وإذا روى الحديث وسكت أجاد، وإذا بوب أو تكلم من عنده انحرف، وحَرْفَشَ، بلى ذنبه وذنب أبي نعيم أنهما يرويان الأحاديث الساقطة والموضوعة، ولا يهتكانها، فنسأل الله العفو.

وقد سمعت جملةً من حديث أبي عبد الله بإجازة، ولم يقع لي شيء متصلًا، وكان القاضي نجم الدين بن حمدان آخر من روى حديثًا عاليًا.

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه سنة أربع وسبعين وست مائة، أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ بحران سنة خمس وست مائة، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده، أخبرنا والدي، أخبرنا الهيثم بن كليب، حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومًا وخرجت معه، حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا فجلسنا، ثم تخطَّى القبور حتى انتهى إلى قبرٍ منها، فجلس إليه، فناجاه طويلًا، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيًا، فبكينا لبكائه، ثم أقبل إلينا، فتلقَّاه عمر، فقال: يا نبي الله! ما الذي أبكاك? فقد أبكانا وأفزعنا. فأخذ بيد عمر، ثم أومأ إلينا فأتيناه، فقال:"أفزعكم بكائي? " قلنا: نعم. قال: "إنَّ القبر الذي رأيتموني عنده إنما هو قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في الاستغفار لها، فلم يأذن لي، ونزل عليّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِين} [التوبة: 113] فأخذني ما يأخذ الولد لوالده من الرقِّة، فذاك الذي أبكاني، إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنه يزهّد في الدنيا ويذكر الآخرة"

(1)

.

هذا من غرائب الحديث، أخرجه ابن ماجه عن الثقة، عن ابن وهب مختصرًا، وأيوب هذا كوفي ضعَّفه يحيى بن معين.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1571" حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: أيوب بن هانئ، ضعيف كما قال ابن معين. والعلة الثانية: ابن جريج مدلس، وقد عنعنه. والقصة صحيحة دون ذكر الانتهاء إلى قبر أمه، والجلوس إليه، ومناجاته طويلًا؛ فأخرجه مسلم "976" من حديث أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى مَنْ حوله، فقال:"استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت".

ص: 505

‌3639 - عبد الله بن أبي زُرْعَة:

محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج بن مَتُّويه القَزْوِينِي الحافظ.

ذكره الخليلي في "إرشاده" فقال: حافظ فقيه عارِف بالأنساب والتواريخ، جامع في العلوم.

سمع: عليّ بن مهرويه، وعلي بن إبراهيم القطان، وأبا علي الصفَّار، وبواسط عبد الله بن شوذب، وبالبصرة محمد بن جعفر الزِّئبقي، وابن داسة، ورجع إلى قزوين، وارتحل ثانيًا إلى العراق، وسمع بمكة الفاكهي، وولي القضاء بخراسان، وأقام بها ست سنين، وكتب وناظر، واشتهر فضله ثَمَّ.

وكان عارفًا بمخارج الأحاديث، لم يُرَ أجمع منه.

مات سنة سبع وتسعين وثلاث مائة، وهو ابن أربع وسبعين سنة.

وابنه: أبو زرعة محمد بن عبد الله، سمع بالعراق الدارقطني، وابن شاهين، وبالأهواز ابن عبدان، قُتِلَ سنة ثمان وأربع مائة.

وأبوه أبو زرعة ذُكِرَ سنة 330.

ص: 506

‌3640 - أبو زُرْعَة الكَشِّي

(1)

:

الإمام الحافظ الثقة، أبو زرعة، محمد بن يوسف بن محمد بن الجنيد الجرجاني الكشي، وكَشّ: من قرى جرجان، على ثلاثة فراسخ منها -بشين معجمة، فأمَّا كس التي بما وراء النهر، فمدينة صغيرة منها عبد بن حميد، بكسر الكاف وبمهملة.

سمع أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني، وأبا العباس الدغولي، وابن أبي حاتم، ومكي بن عبدان، وطبقتهم بخراسان والعراق والحجاز.

حدَّث عنه: عبد الغني الحافظ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، وحمزة بن يوسف السهمي، وطائفة.

قال حمزة السهمي: جمع أبو زرعة الكَشِّي الأبواب والمشايخ، وكان يفهم، أملى علينا بالبصرة، ثم إنه جاور بمكة إلى أن توفِّي بها في سنة تسعين وثلاث مائة.

أخبرنا عيسى بن أبي محمد الصالحي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفيّ، أخبرنا أبو طاهر الحنائي، عن أبي الفضل محمد بن أحمد السعدي، حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ، حدثني أبو زرعة محمد بن يوسف بمكة -بعد جهد وعناء- أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي، حدثنا محمد بن مُشْكَان، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا سفيان، حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أَوْفَى قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد

(2)

.

هذا غريب، وإنما المحفوظ حديث سفيان عن أبي يعفور، عن ابن أبي أوفى.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 412 - 413"، وتاريخ بغداد "3/ 408"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 186"، والأنساب للسمعاني "10/ 440"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 213"، والعبر "3/ 47"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 928"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 134".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5495"، ومسلم "1952"، وأبو داود "3812".

ص: 506

‌3641 - أبو زُرْعَة الرازي

(1)

:

الإمام الحافظ، الرحَّال الصدوق، أبو زرعة، أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم، الرازي الصغير.

سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم، والقاضي أبا عبد الله المحاملي، وابن مخلد العطار، وعلي بن أحمد الفارسي نزيل بلخ، وأبا حامد بن بلال، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري الأستاذ، وأبا العباس الأصمّ، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني المصري، وأبا الحسين الرازي والد تمام، وطبقتهم.

وكان واسع الرحلة، جيد المعرفة.

حَدَّث عنه: تمام الرازي، والحسين بن محمد الفلاكي، وعبد الغني الأزدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو زرعة روح بن محمد، وأبو العلاء الواسطي، وعلي بن المحسن التنوخي، وخلق.

وصنَّف التصانيف.

وكانت رحلته إلى بغداد فيما نقله التنوخي في سنة أربع وعشرين وثلاث مائة وهو حدث له أربع عشرة سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 109"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة 930"، والعبر "2/ 368"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 147"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 84".

ص: 507

قلت: قد سأله حمزة السهمي عن الجرح والتعديل.

مات بطريق مكة قديمًا في سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.

وكنت قد وقفت على تأليف كبير في السنن، وهو ناقص، فيه أحاديث غريبة، فقيل: إنه تصنيفه.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السِّلَفي، أخبرنا المعمر بن محمد الحبّال بالكوفة، حدثنا أحمد بن علي الجعفري، حدَّثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين، حدَّثنا حامد بن حَمَّاد بنصيبين، حدثنا إسحاق بن سيار، حدثنا محمد بن عبد الملك بن جابر، حدثنا أبو الفضل قال: قال لي هشام بن عروة: تشرب النبيذ? قلت: نعم. قال: فلا تشربه، فإن أبي حدَّثني عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسكر حرام أوله وآخره".

أبو الفضل لا أعرفه، والخبر منكر.

ص: 508

‌3642 - أبو زُرْعَة الأسْتَرابَاذي

(1)

:

هو الإمام الحافظ، المجوّد، الجوَّال، أبو زرعة، محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بندار، الأستراباذي، الملقَّب باليمني؛ لسكناه مدةً باليمن.

سمع أبا العباس السرَّاج، وعلي بن الحسين بن معدان الفارسي، وأبا عروبة الحراني، وأبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وطبقتهم.

وله رحلة طويلة، ومعرفة جليلة، وجمع وتأليف.

حدَّث عنه: أبو سعد الإدريسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد بن عبد الرحمن اليزدي، وآخرون.

بقي إلى حدود نيفٍ وسبعين وثلاث مائة، وإنما أخرته عن طبقته قليلًا لأجمع بين آباء زرعة رحمهم الله جملةً.

أخبرنا محمد بن محمد بن السلم، أخبرنا الحسن بن أحمد الأوَقْي، أخبرنا أبو طاهر السِّلَفي، أخبرنا محمد بن محمد المديني، حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم بإستراباذ، أخبرنا أبو العباس السراج قال: قلت لقتيبة: أخبركم مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة تَفْضُلُ على "صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة"

(2)

، فأقرَّ به، وقال: نعم.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 495"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 929".

(2)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 129"، والشافعي في "مسند""1/ 121 - 122"، وأحمد "2/ 65، 112"، والبخاري "645"، "649"، ومسلم "649""248"، "650"، والنسائي "2/ 103"، وأبو عوانة "2/ 3"، والطحاوي في "مشكل الآثار""2/ 29"، والبيهقي "3/ 59"، والبغوي "784"، "785"، من طريق نافع، عن ابن عمر، به.

ص: 508

‌3643 - أبو زُرْعَة الأسْتَراباذي

(1)

:

آخر، هو قاضي إستراباذ، أبو زُرْعَة، أحمد بن بندار بن محمد بن مهران، العيشي الفقيه الشافعي، من كبار تلامذة أبي علي بن أبي هريرة.

يروي عن الحافظ حفص بن عمر الأردبيلي، ونحوه.

قال أبو سعد الإدريسي: مات في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

فهذا أبو زُرْعَة الأستراباذي الصغير.

‌3644 - أبو زرعة الدِّمَشْقي الصغير

(2)

:

هو الإمام المحدِّث، محمد بن عبد الله بن أبي دجانة عمرو بن عبد الله بن صفوان، النصري الدمشقي، ابن ابن أخي الحافظ أبي زرعة الدمشقي الكبير.

حدَّث عن: الحسين بن محمد بن جمعة، وإبراهيم بن دحيم، وجماعة.

روى عنه: تَمَّام الرازي، وأبو عليّ بن مهنَّا، وغيرهما.

مات قبل الستين وثلاث مائة.

أما أبو زُرْعَة النَّصْري الدمشقي فمشهور، مات بعد الثمانين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 470"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 933".

(2)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 932".

ص: 509

‌3645 - أبو زُرْعَة الرَّازِي

(1)

:

ثلاثة: فالكبير من أقران البخاري مَرَّ، والأوسط ذكرته الآن، والأصغر هو العلَّامة قاضي أصبهان، أبو زرعة روح بن محمد سبط الحافظ أبي بكر بن السني.

سمع من: إسحاق بن سعد النسوي، وجعفر بن فَنَّاكي، وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي، وأبي الحسين بن فارس اللغوي، وعدة.

قال الخطيب: قدم علينا فحدَّث ببغداد وبالكرج أيضًا، وكان صدوقًا فهمًا، أديبًا شاعرًا، ولي قضاء أصبهان. ثم قال: وبلغني موته في سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة بالكرج.

قلت: سمع أبو طاهر السلفي من أصحاب هذا، وهو متأخر عن هذه الطبقة، كتبناه للتمييز.

قرأت على سليمان بن قدامة الفقيه: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، حدثنا محمد بن عبد الواحد المصري، أخبرنا القاضي أبو زرعة روح بن محمد السني، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد الجواليقي، حدثنا أبو بكر أحمد بن مدرك بن زنجلة إملاءً، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، أخبرنا عبد الجبار بن الورد، سمعت ابن أبي مليكة، سمعت عبيد الله بن أبي يزيد قال: قال لي ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلَّا شهر رمضان، ويوم عاشوراء

(2)

".

هذا حديث غريب فيه نكارة، وابن الورد صدوق، وهو أخو وهيب الزاهد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 410"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 70"، وتذكرة الحفَّاظ "3/ ترجمة رقم 931".

(2)

منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير""11/ 11253"، والطحاوي في "معاني الآثار""3371"، وابن عدي في "الكامل""5/ 325" من طريق عبد الأعلى بن حماد، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الجبار بن الورد، فإنه ضعيف في حفظه، وقد أخطأ في رواية هذا الحديث، فاضطرب في إسناده؛ فمرَّةً رواه كما سبق عن ابن أبي مليكة، ورواه مرَّة عن "عمرو بن دينار" عن عبيد الله بن أبي يزيد، به.

ثم إنه قد خولف في متن هذا الحديث، فرواه جماعة من الثقات، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس قال:"ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صيام يوم فضله على غيره إلّا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر -يعني رمضان"، أخرجه البخاري "4/ 200 - 201"، ومسلم، وأحمد "رقم 1938، 2856، 3475"، والطحاوي، والطبراني، والبيهقي "4/ 286" من طرق عبيد الله، به.

وأحد أسانيده عند أحمد ثلاثي، فهذا هو أصل الحديث، وهو كما ترى من قول ابن عباس، ولفظه بناءً على ما علمه من صيامه صلى الله عليه وسلم، فجاء عبد الجبار فرواه مرفوعًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وشَتَّان ما بين الروايتين، فإن هذه الرواية الضعيفة تتعارض مع الأحاديث الأخرى التي تصرح بأن لبعض أيام أخرى غير يوم عاشوراء فضلًا على سائر الأيام؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:"صوم يوم عرفة يكفِّر السنة الماضية والباقية" رواه مسلم وغيره عن أبي قتادة، فكيف يعقل مع هذا أن يقول عليه السلام ما رواه عنه عبد الجبار هذا؟!

أمَّا الرواية الصحيحة لحديث ابن عباس، فإنما فيها إثبات التعارض بين نفي ابن عباس فضل يوم غير عاشوراء، وإثبات غيره كأبي قتادة، وهذا الأمر فيه هين لما تقرَّر في الأصول:"إن المثبت مقدَّم على النافي"، وإنما الإشكال الواضح أن ينسب النفي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنه قد صرَّح فيما صحَّ عنه بإثبات ما عزي إليه من النفي.

ومما تقدَّم تبيِّن أن لا إشكال، وأن نسبة النفي إليه صلى الله عليه وسلم وَهْمٌ من بعض الرواة.

ص: 510

‌3646 - الزَّكي:

أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب النيسابوري، الأديب.

سمع: ابن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وابن قوهيار، وعمرو بن عبد الله البصري، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وأبا طاهر المحمداباذي، وعدة.

روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي.

توفِّي سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة رحمه الله.

‌3647 - جيش بن محمد

(1)

:

ابن صَمْصَامة، الأمير الكبير، نائب دمشق، أبو الفتح المغربي.

وَلِيَ البلد من قِبَلِ خاله الأمير أبي محمود الكتامي في سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، ثم وليها مستقلًّا بعد موت خاله سنة سبعين، ثم صرف بعد عامين، ثم وليها سنة تسع وثمانين.

وكان ظلومًا متجبرًا سفَّاكًا للدماء، مصادرًا، خبيث العقيدة، عجّ الخلق فيه إلى الله حتى هلك بالجُذَام.

وكان قَدِمَ الشام في جيش، فنزل الرَّمْلَة، وبادر إلى خدمته نواب الشام، فقبض على سليمان بن فلاح الأمير، وجهز طائفةً لمنازلة صور لأنهم عصوا، وأمروا عليهم علاقة الملاح، فاستنجد بالروم، فأمده بسيل الملك بعدة مراكب، فالتقوا هم وأسطول جيش، فأخذت

(1)

ترجمته في العبر "3/ 46"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 133".

ص: 511

مراكب الروم، وهرب من نجا، ثم أخذت صور، وأسر علاقة، وسلخ بمصر حيًّا، وَوَلِي على صور حسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة، وهرب مفرج أمير العرب من جيش إلى جبال طيء.

وأقبل جيشٌ طالبًا لجموع الروم النازلين على فامية، وأقبل على أحداث دمشق واحترمهم، وخلع على أعيانهم، وسار إلى حمص، وأتته الأمداد والمطوعة، فالتقاه الذُّوفس -لعنه الله- وحملت الروم، فطحنت القلب، ثم انهزمت ميسرة جيش وعليها ميسور نائب طرابلس، وهرب جيش في الميمنة، فركبت الروم أقفيتهم، وقتلوا نحو الألفين، وأخذوا الخيام، فثبت بشارة الإخشيدي في خمس مائة فارس، فضجَّ الخلق من داخل فامية إلى الله بالدعاء، وكان طاغية الروم الذُّوفس على رابية بين يديه ابناه وعشرة فوارس، فقصده أحمد بن ضحاك الكردي على جواده، فظنّه مستأمنًا، فلمَّا قرب طعنه أحمد، قتله، فصاح أهل فامية: ألَا إن عدوَّ الله قُتِل، فانهزمت الملاعين، ثم تراجع المصريون وركبوا أقفية العدو، وألجئوهم إلى مضيق الجبل، إلى جانب بحيرة فامية، وأسر ولد الطاغية، وحمل إلى مصر من رءوسهم نحو عشرين ألف رأس، وألفا أسير، وسار جيش إلى أنطاكية فسبى وغنم.

وقَدِمَ دمشق وقد عظمت سطوته، ونزل بظاهرها، وزينت دمشق، فأظهر العدل، وشرع يلاطف الأحداث حتى طَمَّنَهم، وأمر قوَّاده بالأهبة، وهيَّأ رقاعًا مختومةً، وقسَّم البلد، وعَيِّن كل درب لقائد، وأن يبذلوا السيف، وهيأ في حمام داره التي ببيت لهيا مائتين بالسيوف، ومدَّ السماط للأحداث، فلما قاموا لغسل الأيدي أغلق عليهم، وكان كلّ مقدم من الأحداث يركب في جمعه بالسلاح، وكان الذين أغلق عليهم اثني عشر مقدمًا، فقتلوا، ومالت أعوانه على أصحابهم قتلًا، ودخل المصريون دمشق بالسيف، فكان يومًا عصيبًا، نسأل الله العافية، ثم جهز إلى قرى الغوطة والمرج نصرون القائد، فقتل نحو الألف، واستغاث أهل البلد إلى جيش: العفو العفو، فكفَّ، وطلب الأكابر، فلمَّا اجتمعوا أخرج رءوس الأحداث قد ضرب أعناقهم، ثم شرع في المصادرة والعذاب، ووضع عليهم خمس مائة ألف دينار، فقيل: عدة من قتل من الأحداث والشطّار ثلاثة آلاف نفس، فاستأصله الله بعد أشهر، في ربيع الآخر سنة تسعين وثلاث مائة.

ولقد لقي المسلمون من العبيدية والمغاربة أعظم البلاء في النفس والمال والدين، فالأمر لله، وابتلي جيش بما لا مزيد عليه، حتى ألقى ما في بطنه، وكان يقول لأصحابه: اقتلوني، ويلكم! أريحوني من الحياة.

ويقال: نفذت فيه دعوة أبي بكر بن الحرمي الزاهد، وأراق له خمورًا فما سلطه الله عليه.

ص: 512

‌3648 - ابن ضَيْفُون

(1)

:

الشيخ المحدّث المعمّر، أبو عبد الله، محمد بن عبد الملك بن ضَيْفُون اللَّخْمِيّ القرطبي الحداد.

سمع عبد الله بن يونس القبري، وأحمد بن زياد، وقاسم بن أصبغ، ثم حجَّ في سنة تسع وثلاثين، فشهد رد الحجر الأسود إلى مكانه، وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي جعفر محمد بن يحيى بن دحمان المِصِّيصي، لقيه بطرابلس، وعبد الله بن محمد بن مسرور القيرواني.

وكان صالحًا مُعَدَّلًا، آخر أصحابه موتًا أبو عمر بن عبد البر.

قال أبو الوليد بن الفرضي: علت سنُّه، واضطرب في أشياء قرئت عليه لم يسمعها، ولم يكن ضابطًا، قال لي: إنه وُلِدَ سنة ثلاث وثلاث مائة. وتوفِّي في شوال سنة أربع وتسعين وثلاث مائة.

قلت: هو آخر من حدَّث عن القبري، وابن الأعرابي بالأندلس.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 633"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 144".

ص: 513

‌3649 - ابن بَرْطَال:

القاضي أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن زكريا بن يحيى، التميمي القرطبي المالكي، ابن برطال.

ولد سنة تسع وتسعين ومائتين.

وسمع من: أحمد بن خالد الجباب الحافظ، ومحمد بن عيسى، وقاسم بن أصبغ، وإبراهيم بن فراس المكي، وإسماعيل بن الجراب، وعثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، ومحمد بن محمد بن الخياش، وعدة.

ووَلِي الخطابة وقضاء الجماعة إلى أن علت سنُّه، وتفلت ذهنه، فصرفه أبو عامر الحاجب عن القضاء إلى الوزارة.

روى عنه: الفرضي، وسراج بن عبد الله، وعمَّر دهرًا.

وكان حجُّه في سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، وتفرَّد بأشياء عالية.

توفِّي سنة أربع وتسعين وثلاث مائة، عن خمس وتسعين سنة.

ص: 513

‌3650 - ابن عَبْدُوس:

الإمام أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس بن أحمد، النيسابوري النحوي الفقيه.

سمع مكي بن عبدان، وأبا عمرو الحيري، وأبا حامد بن الشرقي، وعمّه إبراهيم بن عبدوس.

وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: عقدت له مجلس الإملاء سنة ثمان وثمانين، وروى عنه أبو القاسم القشيري، وأبو يعلى بن الصابوني، وآخرون.

توفِّي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مائة.

ومن طبقته: الحافظ الرَّحَّال:

‌3651 - أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس:

النسوي، محدث مَرْو.

حدَّث عن: علي بن أبي العقب، وبكير بن الحسن الحداد، وطائفة.

حدَّث عنه: الفقيه أبو محمد بن عبد الله بن يوسف الجويني، والحسن ابن القاسم المروزي، ومحمد بن الحسن الفقيه المروزي.

كان بعد الأربع مائة.

ومن طبقته:

‌3652 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس:

الحاتمي النيسابوري، الفقيه الشافعي.

سمع أبا العباس الأصمّ، وجماعة.

ومات في حياة والده سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.

ومن طبقته شيوخه:

ص: 514

‌3653 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس:

العَنَزيّ الطرائفِيّ، صاحب عثمان بن سعيد الدارمي، المتوفَّى سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

‌3654 - ابن الحَجَّاج

(1)

:

شاعر العصر، وسفيه الأدباء، وأمير الفُحش، وديوانه مشهور في خمس مجلدات، وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحَجَّاج البغدادي، المحتسب، الكاتب.

وقد هجا المتنبي، ومدح الملوك، مثل عضد الدولة وبنيه والوزراء. وله باع أطول في الغزل، وأما الزَّطاطة والتفحّش فهو حامل لوائها، والقائم بأعبائها.

وخدم بالكتابة في جهات، وأخذ الجوائز، وَوَلِي حسبة بغداد مدة وعُزِل، وله معانٍ مبتكرة ما سبق إليها.

وكان شيعيًّا رقيعًا، ماجنًا، مزَّاحًا، هجَّاءً، أمةً وحده في نظم القبائح، وخفة الروح، وله معرفة بفنون من التاريخ والأخبار واللغات.

ورأيت له أنه قال: كل ما قلته من المجون فالله يشهد أنني ما قصدت به إلَّا بسط النفس، وأنا أستغفر الله من هذه العثرة.

وقيل: إنه بعث ديوانه بخط منسوب إلى صاحب مصر، فأجازه بألف دينار.

مات ببلد النيل في جمادى الآخرة، سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة وقد شاخ.

‌3655 - الرَّازي

(2)

:

الإمام العلّامة، شيخ الشافعية، أبو الحسن، علي بن عمر بن العباس، الرازي الفقيه.

روى عن ابن أبي حاتم فأكثر، وعن أبي بكر محمد بن قارن بن العباس، وأحمد بن محمد بن معاوية الكاغدي، وأحمد بن خالد بن مصعب الحزوري، وارتحل بأخرة، فحمل عن النجاد، وابن السماك.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 14"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 216"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "9/ 206"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 192"، والعبر "3/ 50"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 204".

(2)

ترجمته في العبر "3/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 149".

ص: 515

أكثر عنه الخليلي، وقال: كان عالمًا، له في كلِّ علم حظ، وكان في الفقه إمامًا بلغ قريبًا من مائة سنة. وسمعت عبد الله بن محمد الحافظ يقول: لم يعش من أصحاب الشافعي أحد أكثر مما عاش هذا، وكان عالمًا بالفتاوى والنظر.

قلت: تفرَّد بالرواية عن ابن مصعب وغيره، وبقي إلى حدود سنة أربع مائة.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن ماك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، أخبرنا علي بن عمر الفقيه، حدثنا ابن أبي حاتم، سمعت أبي يقول: دخلت قزوين سنة ثلاث وعشرين وداود العقيلي -يعني: ابن إبراهيم- قاضيها، فدخلنا عليه، فدفع إلينا مشرسًا فيه مسند أبي بكر رضي الله عنه، فأول حديث فيه: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، في خروج الدجال من خراسان، فقلت: ليس ذا من حديث شعبة، إنما هو سعيد بن أبي عروبة، وقلت لخالي: لا أكتب عنه إلَّا أن يرجع عن هذا، فقال خالي: أستحيي أن أقول له. قال: فخرجت، ولم أسمع منه شيئًا.

ص: 516

‌3656 - العَنَزِي:

الإمام الفقيه، أبو عبد الله، الحسين بن جعفر بن حمدان بن محمد بن المهلب، العنزي، الجرجاني، الوراق، نزيل بغداد.

سمع أبا سعيد بن الأعرابي، وإسماعيل الصفار، وخيثمة بن سليمان، وأبا العباس الأصم، وأحمد بن أبي طلحة الفارسي، وطبقتهم.

وله رحلة واسعة، ومعرفة وفهم.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وحمزة السهمي، وسليم الرازي، وعليّ بن المحسن التنوخي، وأبو مسعود، وأحمد بن محمد البجلي، وعدة.

قال السهمي: كان سكن بغداد سنين كثيرة يورق، توفِّي في رمضان سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة.

‌3657 - ابن الوزير:

الإمام الحافظ، أبو أحمد، حسين بن محمد بن الوزير، الدِّمشقي الشاهد، راوي كتاب "الأم" للشافعي عن أبي علي الحضائري، وحدَّث أيضًا عن: أبيه، وابن ملاس، وهو كاتب القاضي الميانجي.

روى عنه: عليّ الحنائي، وأبو علي الأهوازي، وعبد الوهاب الميداني.

يوصَف بالحفظ.

قال الأهوازي: مات سنة أربع مائة، وله مائة سنة وسنة.

ص: 516

‌3658 - ابن وكيع

(1)

:

العلّامة البليغ الشاعر، أبو محمد، الحسن بن علي بن أحمد بن القاضي محمد بن خلف، ابن وكيع الضبي البغدادي، ثم التنيسي، من فحول الشعراء.

وله ديوان، وكان يلقَّب بالعاطس، وهو القائل:

لقد شمتّ بقلبي

لا خفّف اللّه عنه

كم لمته في هواه

فقال: لا بدّ منه

توفِّي في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة بتنيس، وبنوا على قبره قبة.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 171".

ص: 517

‌3659 - الوليد بن بكر

(1)

:

ابن مخلد بن أبي دبار، الحافظ اللغوي، الإمام أبو العباس، الغمري الأندلسي السرقسطي، أحد الرحَّالة في الحديث.

حدَّث عن علي بن أحمد بن الخصيب بكتاب العجلي في "معرفة الرجال"، وعن الحسن بن رشيق، ويوسف الميانجي، وأبي بكر الربعي، وأحمد بن جعفر الرملي.

حدَّث عنه: أبو الطيب أحمد بن علي الكوفي ابن عمشليق، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو ذر الهروي، وأبو الحسن العتيقي، وأبو طالب العشاري، وأبو سعد السمان، وأحمد بن منصور بن خلف المغربي، والحسين بن جعفر السلماسي.

قال ابن الفرضي: كان إمامًا في الحديث والفقه، عالمًا باللغة والعربية، كان أبو علي الفارسي النحوي يرفعه ويُثْنِي عليه، ذكر أنه لقي في الرحلة أزيد من ألف شيخ، كتب عنهم.

وقال الحاكم: سكن نيسابور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى نيسابور، وسماعاته في أقطار الأرض كثيرة، وهو مقدَّم في الأدب، وشعره فائق.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 450"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 993"، والعبر "3/ 53".

ص: 517

وقال عبد الغني في نَسَبِه: الغمري -بغين معجمة، حدثنا بـ"التاريخ" للعجلي.

وقال الحسن بن شريح: هو عُمَرِيّ، ولكن قَدِمَ إفريقية، فنقط العين حتى يسلم، وكان مؤدِّبي، وقال لي: إذا رجعت إلى الأندلس جعلت النقطة ضمَّةً.

قلت: فعله خوفًا من الدولة العبيدية.

قال الخطيب: كان ثقةً أمينًا، كثير السماع، سافر الكثير.

قال ابن عساكر: أخبرنا زاهر، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا الوليد بن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن الخصيب بالمغرب، حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الرِّشديني بمصر، حدثنا خشيش بن أصرم.

أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا عبد الغفار بن شيرويه، حدثنا محمد بن إبراهيم الكرماني، أنشدني الوليد بن بكر النحوي لنفسه:

لأيّ بلائك لا تدَّكِر

وماذا يضرّك لو تعتبر

بكاءٌ هنا وبراحٌ هناك

وميتٌ يساق وقبرٌ حفر

وبان الشّباب وحلّ المشيب

وحان الرّحيل فما تنتظر

كأنّك أعمى عدمت البصر

كأنّ جنابك جلدٌ حجر

وماذا تعاين من آيةٍ

لو أنّ بقلبك صحّ النّظر

وقد ذكره ابن الدباغ في "طبقات الحفاظ".

أخبرنا عيسى بن العطار، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ثابت بن بندار، أخبرنا الحسين بن جعفر، أخبرنا الوليد بن بكر، أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي، حدثني داود بن يحيى بن يمان، عن أبيه، عن سفيان قال: ما بالكوفة شاب أعقل من أبي أسامة.

توفِّي أبو الوليد بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة.

ص: 518

‌3660 - البديع

(1)

:

العلَّامة البليغ، أبو الفضل، أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني، بديع الزمان.

صاحب كتاب "المقامات" التي على منوالها نسج الحريري.

وله ترسل فائق، ونظم رائق، وهو القائل:

وكاد يحكيك صوت الغيث منسكبًا

لو كان طلق المحيّا يمطر الذّهبا

والدّهر لو لم يخن والشّمس لو نطقت

واللّيث لو لم يصل والبحر لو عذبا

ما اللّيث مختطمًا ما السّيل مرتطمًا

ما البحر ملتطمًا والليل مقتربا

أمضى شَبَا منك أدهى منك صاعقةً

أجدى يمينًا وأدنى منك مطّلبا

مات بهراة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة مسمومًا أو مسبوتًا.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "2/ 161"، واللباب لابن الأثير "3/ 392"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 52"، والعبر "3/ 67"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 218"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 150".

ص: 519

‌3661 - البافي

(1)

:

شيخ الشافعية، أبو محمد، عبد الله بن محمد البخاري، المعروف بالبافي، نزيل بغداد، وتلميذ أبي علي بن أبي هريرة، وأبي إسحاق المروزي، قد عمر دهرًا.

وكان من بحور العلم، ماهرًا بالعربية، حاضر البديهة، بديع النظم.

وكان من أصحاب الوجوه، تفقَّه بن جماعة.

روى عنه أبو القاسم التنوخي.

وكان أحد الفصحاء، وله:

قد حضرنا وليس يقضى تلاقي

نسأل الله خير هذا الفراق

إن تغب لم أغب وإن لم تغب

غبت كأنّ افتراقنا باتّفاق

مات البافي في المحرم سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة، رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 139"، والأنساب للسمعاني "2/ 47"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 240"، والعبر "3/ 68"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 219"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 152".

ص: 519

‌3662 - ابن خُرَّشِيذ قُوله

(1)

:

الشيخ الصدوق المسند، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن خرشيذ قوله، الكرماني الأصبهاني، التاجر.

سمع أبا بكر بن زياد النيسابوري، والقاضي المحَاملي، وأبا العباس بن عقدة، ومحمد بن مَخْلَد، والحسن بن أبي الربيع الأنماطي، وجماعة، وتفرَّد في وقته.

حدَّث عنه: أبو الوفاء محمد بن بديع، وظفر بن عبد الرحيم، وأبو القاسم بن منده، وأخوه عبد الوهاب، وسليمان بن عبد الرحيم الحَسْنَاباذي، ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطيّان، وأبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه الأصفهانيون.

قال المَصْقَلِي: سمعت ابن خرشيذ قوله يقول: ولدت في سنة سبع وثلاث مائة، ودخلت بغداد سنة إحدى وعشرين.

قلت: ما علمت فيه بأسًا، وسمعنا من طريقه عدة أجزاء.

توفِّي في شهر المحرم سنة أربع مائة.

وخرشيذ -بفتح أوله وثانيه- هكذا وجدته مضبوطًا، وإنما على أفواه الطلبة بالضم والتثقيل.

وفيها مات الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة الأموي الطليطلي، صاحب أبي إسحاق بن شِنْظِير الحافظ، اللذين يقال لهما: الصاحبان، والحافظ أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي، والشريف الطاهر أبو أحمد حسين بن موسى العَلَوي الموسوي والد الرضي والمرتضى، وسليمان بن هشام المقرئ ابن الغمَّاز، وأبو نعيم الإسفراييني، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث: بغدادي، ومحمد بن إبراهيم الخشني الطليطلي، ومحمد بن هشام بن عبد الجبار المهدي المرواني.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 304"، والعبر "3/ 72"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 158".

ص: 520

‌3663 - أبو نُعَيْم الإسفرايني

(1)

:

الشيخ العالم، مسند خراسان، أبو نعيم، عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن الأزهر، الأزهري الإسفرايني.

حدَّث عن خال أبيه الحافظ أبي عوانة بكتابه "الصحيح"، سمعه بقراءة والده الحافظ، وطال عمره، وتكاثر عليه المحدثون.

قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو نعيم هذا رجلًا صالحًا ثقةً، حضر إلى نيسابور في آخر عمره، ولم يعهد بعد ذلك المجلس مثله لقراءة الحديث، كما حدثنا الثقات، وعاد إلى إسفراين، وذلك في سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

قلت: روى عنه الكتاب أبو القاسم القشيري، وزوجته فاطمة بنت أبي علي الدقاق، ولها فوت، وعبد الحميد وعبد الله ابنا عبد الرحمن بن محمد البحيري، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عَلِيَّك. وروى عنه أكثر الكتاب أو كُلَّه عثمان بن محمد المحمي، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأبو الحسن علي بن عبد الله الجويني، وعليّ بن ماسرجس الخازن، وعلي بن عبد العزيز الخشاب، وعمر بن محمد بن البسطامي، وأبو بكر محمد بن حسَّان بن محمد، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وخلق آخرهم موتًا أبو نصر محمد بن سهل السراج، المتوفَّى في سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة.

وقد أجاز أبو عوانة أبا نعيم جميع كتبه في كتاب كتبه في وصيته له، ولجماعة، فقال: قد أجزت لهم جميع كتب التي سمعتها من جميع المشايخ، منها كتب عبد الرزاق، وكتب ابن أبي الدنيا، وأحاديث سفيان، وشعبة، ومالك، والأوزاعي، والتفاسير والقراءات، ليرووها عنِّي على سبيل الإجازة في رمضان سنة خمس عشرة وثلاث مائة. ولما مات أبو عوانة كان لأبي نعيم ست سنين وعشرة أشهر، وكان يسمع من أبي عوانة مع القوم ووحده ليلًا ونهارًا، ويلاعبه أبو عوانة، ويطعمه الفانيذ.

قال الحاكم: توفِّي أبو نعيم في ربيع الأول سنة أربع مائة.

قلت: وقد مات أبو عوانة سنة ست عشرة وثلاث مائة.

وكان مولد أبي نعيم في ربيع الأول سنة عشر وثلاث مائة.

وكان والده قد ارتحل، وحمل السنن عن يوسف القاضي، وحمل عن أبي خليفة الجمحي والكبار، وحدَّث، توفِّي الحسن سنة ست وأربعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 236"، والعبر "3/ 73"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 159".

ص: 521

‌3664 - السلامي

(1)

:

العلَّامة الأديب، أبو الحسن، محمد بن عبيد الله بن محمد بن محمد، القرشي المخزومي البغدادي، من فحول الشعراء.

سار إلى الموصل، وصاحب الخالديين والبَبَّغا، وسار إلى ابن عباد، وامتدحه، وامتدح عضد الدولة بقصيدة منها:

إليك طوى عرض البسيطة جاعلٌ

قصارى المنايا أن يلوح له القصر

وكان عضد الدولة يقول: إذا رأيت السَّلَامي في مجلسي، خلت أن عطارد نزل من الفلك إليّ. وله فيه:

يشبّهه المدّاح في البأس والنّدى

بمن لو رآه كان أصغر خادم

ففي جيشه خمسون ألفًا كعنترٍ

وأمضى وفي خزّانه ألف حاتم

وهو القائل:

لما أُصيب الخدّ منك بعارضٍ

أضحى بسلسلة العذار مقيّدا

توفِّي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة عن بضع وخمسين سنة.

ونسبته إلى مدينة السلام.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 335"، والأنساب للسمعاني "7/ 209"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 225"، ووفيَّات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 655"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 209".

ص: 522

‌3665 - ابن الباجي

(1)

:

الإمام الحافظ المحقّق، أبو عمر، أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة اللخمي الإشبيلي، عرف بابن الباجي.

سمع من والده جميع ما عنده، من ذلك "مصنف ابن أبي شيبة" بروايته عن القبري، عن بقي بن مخلد، عنه.

قال الخولاني: كان أبو عمر عارفًا بالحديث ووجوهه، إمامًا مشهورًا، لم تر عيني مثله في المحدثين وقارًا وسمتًا، رحل بابنه محمد، ولقيا شيوخًا جلّة، وولي أبو عمر قضاء إشبيلية مدةً يسيرة، وأخذنا عنه كثيرًا، توفِّي، فشهدت جنازته في محفل عظيم في المحرم سنة ست وتسعين وثلاث مائة، وله أربع وستون سنة.

وقال ابن عبد البر: كان يحفظ غريبي الحديث لأبي عبيد، وابن قتيبة، وشُوور في الأحكام وله ثمان عشرة سنة، وجمع له أبوه علوم الأرض، ولم يحتج إلى أحد، رحل بأخرة، ولقي أبا بكر المهندس وطائفة، وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالأندلس مثله، كملت عليه "مصنف ابن أبي شيبة"، وكان إمامًا في الأصول والفروع.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 18"، واللباب لابن الأثير "1/ 103"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 970"، والعبر "3/ 60"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 147".

ص: 523

‌3666 - ابن لال

(1)

:

الشيخ الإمام الفقيه، المحدِّث، أبو بكر، أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن الفرج، بن لال، الهمذاني الشافعي.

حدَّث عن: أبيه، والقاسم بن أبي صالح، وعبد الرحمن الجلّاب، وعبد الله بن أحمد الزعفراني، وإسماعيل الصفّار، وعلي بن الفضل الستوري، وأبي سعيد بن الأعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه المروزي، وحفص بن عمر الأردبيلي، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وخلق كثير.

وله رحلة وحفظ ومعرفة.

حدَّث عنه: جعفر بن محمد الأبهري، ومحمد بن عيسى الصوفي، وحميد بن المأمون، وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، وأحمد بن عيسى بن عبَّاد، وأبو الفرج عبد الحميد بن الحسن، وآخرون.

وكان إمامًا مُفَنَّنًا.

قال شيرويه: كان ثقةً، أوحد زمانه، مفتي البلد، وله مصنفات في علوم الحديث، غير أنه كان مشهورًا بالفقه. قال: ورأيت له كتاب السنن، ومعجم الصحابة، ما رأيت أحسن منه، والدعاء عند قبره مستجاب، ولد سنة ثمان وثلاث مائة، ومات في ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة.

وقال الحسن بن علي بن بندار الرنجاني الفرضي: ما رأيت قط مثل ابن لال رحمه الله.

قلت: والدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والأولياء، وفي سائر البقاع، لكن سبب الإجابة حضور الداعي، وخشوعه وابتهاله، وبلا ريب في البقعة المباركة، وفي المسجد، وفي السحر، ونحو ذلك، يتحصّل ذلك للداعي كثيرًا، وكل مضطر فدعاؤه مجاب.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 318"، والعبر "3/ 67"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 151".

ص: 523

‌3667 - أبو الرَّقَعْمَق

(1)

:

أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي، الشاعر المشهور بمصر.

له شعر كثير، وهو في الشاميين كابن الحجاج للعراقيين.

مدح الوزير ابن كِلّس والكبراء، ومدح المعز أيضًا والعزيز.

مات سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

‌3668 - الوصِيّ

(2)

:

الشريف السيد، أبو الحسن، محمد بن أبي إسماعيل علي بن الحسين بن الحسن بن القاسم، العلوي الحسني الزيدي، الهمذاني الملَقَّب بالوصيّ.

ولد سنة عشر وثلاث مائة.

وسمع من: إسماعيل الصفَّار، وخيثمة الأطرابلسي، والأصم، وابن الأعرابي، وأبي الميمون بن راشد، وعبدان بن يزيد الدقاق، وعبد الرحمن الجلّاب، وأحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي، وأبي القاسم الطبراني.

وعنه: محمد بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي الليث الصفَّار، ومحمد بن عمر بن عزيز، وجعفر بن محمد الأبهري، وأبو سعد الكنجروذي، وعدة.

قال شيرويه: ثقة صدوق، صوفِّي واعظ، تفقَّه ببغداد على أبي علي بن أبي هريرة، وتزهَّد وجاور، ثم رجع، فأقام ببخارى مدة، وبها مات في المحرَّم سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.

وقيل: مات ببَلْخ.

وقال السلمي: كان أحد الأشراف علمًا ونسبًا، ومحبةً للفقراء وصحبةً لهم مع ما يرجع إليه من العلوم، صحب الخلدي، ودخل دويرة الصوفية بالرملة، فكان يخدمهم أيامًا، حتى قدم فقير، فقَبَّل رأسه، وقال: هذا شريف الجبل. فقام عباس، فقَبَّل رجله، فأخذ الشريف ركوته، وسافر.

قال الإدريسي: يُحْكَى عنه أنه جازف في آخر عمره في الرواية.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 54"، والعبر "3/ 70"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 155".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 90"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 230"، واللباب لابن الأثير "3/ 368".

ص: 524

‌3669 - التَّاهَرْتِي

(1)

:

لشيخ المحدِّث، مسند الأندلس، أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن، أبو الفضل، التميمي التاهرتي، المغربي البزّاز.

مولده بتاهرت سنة تسع وثلاث مائة.

وقَدِمَ به والده قرطبة، فتديَّرها، وطلب الحديث في سنة أربع وثلاثين، فسمع من: قاسم بن أصبغ، وأبي عبد الملك بن أبي دُلَيْم، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، ووهب بن مسرة، ومحمد بن معاوية الأموي، وأحمد بن الفضل الدينوري.

حدث عنه: ابن الفرضي، وأبو عمر بن عبد البر، وطائفة.

وكان ذا زهد وتعبُّد وانقباض مع الثقة والعلم.

توفِّي في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، وله ست وثمانون سنة.

‌3670 - سعيد بن نصر

(2)

:

لإمام المحدِّث، المتقن الورع، أبو عثمان، مولى الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس.

حدّث عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن مطرف، ومحمد بن معاوية بن الأحمر، وعدة.

وعُنِيَ بالرواية والضبط، وروى الكثير.

روى عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.

وكان مَوْصوفًا بالعلم والعمل.

مات في ذي الحجة سنة خمس وتسعين أيضًا عن نيف وثمانين سنة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 14"، واللباب لابن الأثير "1/ 205"، والعبر "3/ 58"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 145".

(2)

ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 210"

ص: 525

‌3671 - الجوهري

(1)

:

إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حَمَّاد التركي الأتراري، وأترار: هي مدينة فاراب، مصنّف كتاب "الصحاح"، وأحد من يُضْرَب به المثل في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، يعد مع ابن مقلة وابن البواب ومهلهل والبريدي.

وكان يحب الأسفار والتغرّب، دخل بلاد ربيعة ومضر في تطلب لسان العرب، ودار الشام والعراق، ثم عاد إلى خراسان، فأقام بنيسابور يدرِّس ويصنِّف، ويعلم الكتابة، وينسخ المصاحف.

وانفرد أهل مصر برواية الصحاح عن ابن القطاع، فيقال: ركَّب له إسنادًا.

وفي "الصحاح" أوهام قد عمل عليها حواش.

استولت السوداء على أبي نصر حتى شَدَّ له دفين كجناحين، وقال: أريد أن أطير. فضحكوا، ثم طفر وطار، فتطحَّن.

وقد أخذ العربية عن: أبي سعيد السيرافي، وأبي علي الفارسي، وخاله صاحب "ديوان الأدب" أبي إبراهيم الفارابي.

ويقال: إنه بقي عليه قطعة من "الصحاح" مسوَّدة بَيَّضها بعده تلميذه إبراهيم بن صالح الوراق، فغلط في مواضع، حتى قال: في سقر: هو بالألف واللام. وهذا يدل على جهله بسورة المدثِّر. وقال: الحرأضل الجبل. فصحَّف، وعمل الكلمتين كلمةً، وإنما هي: الجَرُّ أصل الجبل.

وللجوهري نظم حسن، ومقدمة في النحو.

قال جمال الدين علي بن يوسف القفطي: مات الجوهري مترديًا من سطح داره بنيسابور، في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة. ثم قال: وقيل: مات في حدود سنة أربع مائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 151"، والعبر "3/ 55"، ولسان الميزان "1/ 400"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 207"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 142".

ص: 526

‌3672 - ابن حَمَّة

(1)

:

الشيخ الثقة، أبو الحسين، عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حَمَّة الخلّال، بغدادي.

مكثر عن حفيد يعقوب بن شيبة، وسمع من: المحاملي، وعبد الغافر بن سلامة، وأبي العباس بن عقدة.

وعنه: البرقاني، وعبد العزيز الأزجي، وعبيد الله الأزهري، وأحمد بن سليمان المقرئ، وأبو الحسين بن الغريق.

وثَّقَه الخطيب.

ومات سنة سبع وتسعين وثلاث مائة.

ومات أبوه في سنة ستين وثلاث مائة.

ومات سنة سبع: عبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وشيخ المالكية أبو الحسن علي بن عمر القصار البغدادي.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 301"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 234".

ص: 527

‌3673 - ابن أسد الجُهَنِيّ:

الإمام العلامة، عالم الأندلس، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد الجهنِي الطليطلي المالكي البزاز.

ولد سنة عشر وثلاث مائة.

وسمع من قاسم بن أصبغ وعدة، وارتحل فسمع من أبي محمد بن الورد، وأبي علي بن السَّكن بمصر، ومن أحمد بن محمد بن أبي الموت بمكة.

وكان من أوعية العلم، رأسًا في اللغة، فقيهًا محررًا، عالمًا بالحديث، كبير القدر.

أكثر عنه: أبو عمر بن عبد البَرِّ، وأبو المطرف بن فطيس، والخولاني، وأبو عمر بن الحذاء، وأبو مصعب بن أبي الوليد بن الفرضي.

وكان ذا ورع وإتقان، وتلاوة في المصحف.

مات في سنة خمس وتسعين وثلاث مائة في آخر السنة.

‌3674 - عبد الوارث بن سفيان

(1)

:

ابن جبرون -بضم الجيم، المحدِّث الثقة، العالم الزاهد، أبو القاسم القرطبي، الملقَّب بالحبيب.

أكثر عن: قاسم بن أصبغ، وكان مليًا به، وعن وهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أبي دُلَيْم.

روى عنه: أبو محمد الأصيلي، وأبو عمران الفاسي، وأبو عمر بن الحذّاء، وأبو عمر بن عبد البر.

قال ابن الحذاء: كان صالحًا عفيفًا، يعيش من ضيعته، ولد سنة سبع عشرة وثلاث مائة، وطلب العلم في الحداثة.

وقال ابن عبد البر: قرأت عليه تاريخ ابن أبي خيثمة كله، وموطأ ابن وهب، وغير ذلك عن قاسم، وأجزاء.

توفِّي لخمسٍ بَقَيْنَ من ذي الحجة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة.

‌3675 - الإِخْمِيمِي

(2)

:

الشيخ الثقة المسند، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن العبَّاس المصري الإخميمي، بقية الرواة.

سمع محمد بن زبان، وعلي بن أحمد علّان، ومحمد بن عبد الله المهراني، وإسماعيل بن وردان، وأبا جعفر الطحاوي، ومحمد بن إسماعيل المهندس، وجماعة.

روى عنه: أبو الحسين محمد بن مكي ثلاثة أجزاء عالية عند أبي القاسم بن الحَرَستاني.

مات في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، وهو من أهل الطبقة الماضية، تأخَّرَت وفاته.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 145".

(2)

ترجمته في العبر "3/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 145".

ص: 528

‌3676 - السَّامَريّ

(1)

:

الإمام القاضي، أبو الحسن، عليّ بن أحمد بن محمد بن يوسف السامري، الرَّفَّاء.

حدَّث عن: إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وحمزة بن القاسم، وغيرهما.

وعنه: ابن بنته أبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وعبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وجماعة.

وثَّقَه الخطيب، وقال: قال لي سبطه ابن حسنون: ما رأيته مفطرًا قط.

توفِّي سنة اثنتين وأربع مائة.

‌3677 - الملاحمي

(2)

:

الإمام المحدّث، أبو نصر، محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البخاري الملاحمي.

حدَّث بنيسابور، وبغداد بكتاب رفع اليدين، والقراءة خلف الإمام، عن محمود بن إسحاق، وروى عن سهل بن السري، والهيثم بن كليب، وعلي بن قريش، وعبد الله الأستاذ.

وعنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن النرسي، وعبد الصمد بن المأمون، وعدة، وكان من جلة المحدثين.

قال أبو العلاء: كان من الحفاظ، توفِّي سنة خمس وتسعين وثلاث مائة زاد غيره: في جمادى الآخرة، وله ثلاث وثمانون سنة.

‌3678 - ابن الإسماعيلي

(3)

:

العلَّامة، شيخ الشافعية، أبو سعد، إسماعيل بن الإمام شيخ الإسلام أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس، الإسماعيلي الجرجاني الشافعي، صاحب التصانيف.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 327"، والأنساب للسمعاني "7/ 15"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 259"، والعِبَر "3/ 79".

(2)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 230"، واللباب لابن الأثير "3/ 277"، والعبر "3/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 145".

(3)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 106"، وتاريخ بغداد "6/ 309"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 231"، والعِبَر "3/ 60".

ص: 529

ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.

وحدَّث عن: أبيه، وأبي العباس الأصمّ، وأحمد بن كامل القاضي، وابن دُحَيْم الشيباني، وعمر بن حفص المكي، وأبي أحمد بن عدي، وطبقتهم.

حدَّث عنه: بنوه؛ المفضَّل ومسعدة وسعد والسري، وأبو محمد الخلّال، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو القاسم التنوخي، وخلق سواهم.

قال القاضي أبو الطيب: ورد أبو سعد الإمام بغداد، فأقام بها سنةً، ثم حجَّ، عقد له الفقهاء مجلسين، تولَّى أحدهما الشيخ أبو حامد الإسفراييني، والآخر أبو محمد البافي.

وقال حمزة السهمي: كان أبو سعد إمام زمانه، مقدَّمًا في الفقه وأصوله، والعربية والكتابة، والشروط والكلام، صنَّف في أصول الفقه كتابًا كبيرًا، وتخرَّج به جماعة، مع الورع الثَّخِين، والمجاهدة والنصح للإسلام، والسخاء وحسن الخلق. وبالغ السهمي في تعظيمه.

توفِّي في نصف ربيع الآخر ليلة جمعة، سنة ست وتسعين وثلاث مائة، فتوفِّي إكرامًا من الله له في صلاة المغرب، وهو يقرأ:"إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعين" ففاضت نفسه رحمه الله.

أخوه:

ص: 530

‌3679 - أبو نصر محمد بن أبي بكر

(1)

:

الإمام المحدّث، صدر الكبراء.

ذو الجاه العريض، والرئاسة الكاملة بجرجان.

سمع من: أبي يعقوب البحيري، وأبي العباس الأَصَمّ، ودعلج، وعدة.

روى عنه: حمزة السهمي، وعبد الوهاب بن منده، وجماعة.

وأملى عدة مجالس.

وكان ذا فهم وعلم وقبول عظيم.

وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه كان أشعريًّا.

توفِّي في ربيع الآخر، سنة خمس وأربع مائة.

أخبرني محمد بن بيان البزاز بطرابلس، أنبأنا محمود بن إبراهيم، أخبرنا أبو رشيد أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن يحيى، أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، أخبرني أحمد بن عمرو بن الخليل الآملي، حدَّثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن عجلان، عن عامر بن عبد الله، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس"

(2)

.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 409"، والأنساب للسمعاني "1/ 251"، واللباب لابن الأثير "1/ 58".

(2)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 621"، وأحمد "5/ 295، 296، 303، 305، 311"، وعبد الرزاق "1673"، والحميدي "421"، وابن أبي شيبة "1/ 339"، والبخاري "444"، "1163"، ومسلم "714""69"، وأبو داود "467"، "468"، والترمذي "316"، والنسائي "2/ 53"، وابن ماجه "1013"، والدارمي "1/ 323 - 324"، وابن خزيمة "1825"، "1826"، "1827"، والبيهقي "3/ 53"، أبو عوانة "1/ 415"، والبغوي "480" من طرق عن عامر بن عبد الله بن الزبير، به.

ص: 530

‌3680 - البَحِيريّ

(1)

:

الإمام الحافظ، الناقد الثقة، أبو عمرو، محمد بن الشيخ أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير بن نوح، البحيري النيسابوري المزكّي. سمع أباه، ويحيى بن منصور القاضي، وعبد الله بن محمد الكعبي، ومحمد بن المؤمّل بن الحسن، وأبا بكر القطيعي، وطبقتهم.

حدَّث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وابنه أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وجماعة.

وله أربعون حديثًا سمعناها، وأربعون حديثًا أخرى عندي لم تقع لنا.

وممن روى عنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن شعيب الروياني.

قال الحاكم: كان من حفَّاظ الحديث المبرزين في المذاكرة، توفِّي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مائة، وله ثلاث وستون سنة.

وسيأتي أبو عثمان ولده مع أقرانه.

(1)

ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 502"، والأنساب للسمعاني "2/ 98"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 232"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 985".

ص: 531

‌3681 - البَبَّغَاء

(1)

:

شاعر وقته، الأديب أبو الفرج، عبد الواحد بن نصر بن محمد، المخزومي النصيبي.

له ديوان ومدائح في سيف الدولة.

وتنقل في البلاد، ومدح الكبار.

ولُقِّبَ بالببغاء لفصاحته، وقيل: بل للثغة في لسانه.

توفِّي في شعبان سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 11"، والأنساب للسمعاني "2/ 70"، واللباب لابن الأثير "1/ 117"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 241"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 391"، والعبر "3/ 68"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 219"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 152".

ص: 532

‌3682 - صاحب بخارى:

الملك الملقَّب بالمنتصر، أبو إبراهيم، إسماعيل ابن ملوك ما وراء النهر، ولد الملك نوح بن نصر بن نوح بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان، الساماني البخاري.

طوَّل الملك في هذا البيت، وقد ولي جدهم إسماعيل ممالك خراسان للمعتضد.

وكان قد عُزِلَ من الملك منصور بن نوح، واعتقل بسرخس، وملَّكوا أخاه عبد الملك بن نوح، فطمع في البلاد أيلك خان، وحاربهم، وظفر بعبد الملك، وسجنه، واستولى على بخارى، فمات في السجن بعد قليل، ثم قام المنتصر أخوهما، فسجنه أيضًا أيلك خان وأقاربه، فيهرب المنتصر في هيئة امرأة كانت تتردد إلى السجن، واختفى أمره، فذهب إلى خوارزم، فتلاحق به من بذ من بقايا السامانية، حتى استقام أمره، وكثر جيشه، فأغار عسكره على بخارى، وكبسوا بضعة عشر أميرًا من الخانية، وأسروهم، وجاءوا بهم إلى المنتصر، وهرب بقايا عسكر أيلك خان، وجاء المنتصر، وفرح به الرعية، فجمع أيلك خان عساكره، فعبر المنتصر إلى خراسان، ثم حارب متولي نيسابور نصر بن سبكتكين أخا السلطان محمود، وأخذ منه نيسابور، فتنمَّر السلطان، وطوى المفاوز، ووافى نيسابور، ففر منها المنتصر، وجال في أطراف خراسان، وجبى الخراج، وصادر، ووزن له شمس المعالي ثمانين ألف دينار، وخيلًا وبغالًا مصانعةً عن جرجان، ثم إنه عاود نيسابور، فهرب منها أخو السلطان، فدخلها المنتصر، وعثَّر أهلها، ثم كان بينه وبين السلطان محمود ملحمة مشهودة، وانهزم المنتصر إلى جرجان، ثم التقى هو والعساكر السُّبُكْتكينية على سرخس، وقُتِلَ خلق من الفريقين، وتمزَّق جمع المنتصر، وقتل أبطاله، فسار يعتسف المهالك حتى وقع إلى محال الترك الغُزِّيّة، وكان لهم ميل إلى آل سامان، فحركتهم الحمية له في سنة ثلاث وتسعين، والتقوا أيلك خان، وحاربوه، ثم إن المنتصر تخيّل منهم، وهرب، ثم راسل السلطان محمودًا يذكر سلفه، فعطف عليه، ثم تماثل حاله، وتمت له أمور طويلة.

وكان بطلًا شطاعًا مقدامًا، وافر الهيبة، ثم التقى أيلك في شعبان سنة أربع، فانهزم أيلك، ثم حشد وجمع وأقبل، فالتقوا أيضًا، فانهزم المنتصر بمخامرة عسكره، وفَرَّ إلى بسطام، وضاقت عليه المسالك، ثم بيتوه، وقُتِلَ، وأسرت إخوته في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة حتى مات بين الطعن والضرب ميتةً تقوم مقام النصر؛ إذ فاته النصر، كما قيل:

وأثبت في مستنقع الموت رجله

وقال لها: من دون أخمصك الحشر

ص: 532

‌3683 - الكَلَابَاذي

(1)

:

الإمام الحافظ الأوحد، أبو نصر، أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن بن علي بن رستم، البخاري الكلاباذي، وكلاباذ: محلة من بخارى.

وُلِدَ في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.

وسمع من: الهيثم بن كليب الشاشي، وعليّ بن محتاج، وأبي جعفر محمد بن محمد البغدادي الجمال، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، ومحمد بن محمود بن عنبر، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي، وطبقتهم.

روى عنه: الدارقطني مع تقدّمه في كتاب "المدَبَّج"، والحاكم، وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون.

قال المستغفري: هو أحفظ من بما وراء النهر اليوم فيما أعلم.

وقال الحاكم: أبو نصر الكلاباذي الكاتب من الحفاظ، حسن الفهم والمعرفة، عارف

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 434"، والأنساب للسمعاني "10/ 506"، واللباب لابن الأثير "3/ 122"، ووفيات الأعيان "4/ 210"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 956"، والعبر "3/ 67"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 151".

ص: 533

"بصحيح البخاري"، كتب بما وراء النهر وخراسان وبالعراق، ووجدت شيخنا أبا الحسن الدارقطني قد رضي فهمه ومعرفته، وهو متقن ثبت، توفِّي في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة. قال: ولم يخلف بما وراء النهر مثله.

قلت: له مصنَّف في معرفة رجال "صحيح البخاري".

وقال السلفي: أخبرنا بكتاب "الإرشاد في معرفة رجال البخاري" خالد بن عبد الواحد التاجر بأصبهان، أخبرنا عبد الملك بن الحسن بن سياوش الكازروني عن مؤلفه أبي نصر.

أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر المالكي، أنبأنا السلفي، أخبرنا حمد بن عمر، أخبرنا يوسف بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ، حدثنا أحمد بن نصر البخاري، حدثنا الحسين بن محمد القمي، حدثنا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي، حدثنا بقية بن الوليد: سمعت الأوزاعي يقول: لبس الصوف في السفر سُنَّة، وفي الحضر بدعة.

أخبرنا جماعة إذنًا عن محمود بن أحمد الفقيه البخاري، أخبرنا الحسن بن منصور قاضي خان، أخبرنا الحسن بن علي بن عبد العزيز إملاءً، حدثنا عمِّي محمود قال: قاضي خان: هو جدي، حدثنا عمر بن منصور الحافظ إملاءً، حدثنا أبو نصر الكلاباذي الحافظ، حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا إسماعيل بن إسحاق الأنصاري، حدثنا مسعر، حدثنا عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ صَلَّتْ عَلَيْهِ المَلَائِكَةُ" الحديث

(1)

.

الحافظ أحمد بن محمد بن ماما: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد الكلاباذي يقول: كنت أعرف حلية الصحابة وصفتهم، كأني أنظر إليهم، فلمَّا اشتغلت بالكتابة للسلطان ذهب ذلك عني.

(1)

باطل: أخرجه العقيلي في "الضعفاء""1/ 77" حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، به.

قلت: إسناده واهٍ بمرة، فيه علتان: إسماعيل بن إسحاق الأنصاري، قال العقيلي: منكر الحديث، وذكر العقيلي هذا الحديث في ترجمته، وقال: وهذا حديث باطل ليس له أصل، وليس هذا الشيخ ممن يقيم الحديث. العلة الثانية: عطية، وهو ابن سعد العوفي الكوفي، ضعيف بالاتفاق.

وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم""1/ 45" من طريق أبي زكريا يحيى بن هاشم، عن مسعر بن كدام، به.

قلت: إسناده تالف بمرة، آفته أبو زكريا يحيى بن هاشم السمسار الغسَّاني الكوفي، كذَّبه ابن معين. وقال النسائي وغيره: متروك. وقال ابن عدي: كان ببغداد يضع الحديث ويسرقه.

وقال صالح جزرة: رأيت يحيى بن هاشم، وكان يكذب في الحديث.

ص: 534

‌3684 - الضَّبِّي

(1)

:

القاضي أبو عبد الله، الحسين بن هارون بن محمد، الضبي البغدادي.

حدَّث عن: القاضي المحاملي، وأبي العباس بن عقدة، وأحمد بن محمد الآدمي المقرئ، ومحمد بن صالح بن زياد، وأحمد بن علي الجوزجاني، وأملى مجالس عدة.

روى عنه: البرقاني، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن النقور، وجماعة.

وكانت أصوله قد ذهبت إلَّا جزئين من مسموعاته، قاله الخطيب، ثم قال: أخبرنا عبد الكريم المحاملي، أخبرنا الدارقطني قال: القاضي أبو عبد الله الضبي غاية في الفضل والدين، عالم بالأقضية، ماهر بصناعة المحاضر والتَّرَسُّل، موفَّق في أحواله كلها.

وقال البرقاني: حجة في الحديث، وأي شيء كان عنده من السماع، جزءان، والباقي إجازة.

مات الضبي بالبصرة في شوال سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة، وقد وَلِيَ قضاء الكرخ، ثم أضيف إليه قضاء مدينة المنصور، وقضاء الكوفة.

وفيها مات البديع الهمذاني صاحب الترسل والمقامات؛ أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى الأديب بديع الزمان، والإمام أبو بكر أحمد بن علي بن أحمد بن لال الهمذاني، والحافظ أبو نصر الكلاباذي، وشيخ الشافعية أبو محمد عبد الله بن محمد البافي البخاري ببغداد، وكان آخر تلامذة أبي إسحاق المروزي، وأبو الفرج عبد الواحد بن نصر البَبَّغاء الشاعر، وعبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني، لحق ابن صاعد.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 146"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 240"، والعبر "3/ 68"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 151".

ص: 535

‌3685 - العَلَويّ

(1)

:

الإمام السيد، المحدِّث الصدوق، مسند خراسان، أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود بن علي، العلوي الحسني النيسابوري الحسيب، رئيس السادة.

سمع محمد بن إسماعيل بن إسحاق المروزي صاحب علي بن حجر، وأبا حامد بن الشرقي، وأخاه عبد الله بن محمد، ومحمد بن عمر بن جميل، وأبا نصر محمد بن حمدويه الغازي، وأبا بكر بن دلويه الدقاق، ومحمد بن الحسين القطان، وعبيد الله بن إبراهيم بن بالويه، وعدة.

حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر البيهقي، وهو أكبر شيخ له، ومحمد بن القاسم الصفَّار، وأبو عبيد صخر بن محمد، وأبو القاسم إسماعيل بن زاهر، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وعمر بن شاه المقرئ، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأحمد بن محمد بن مكرم الصيدلاني، وموسى بن عمران الأنصاري، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذّن، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وخلق سواهم.

قال الحاكم: هو ذو الهمة العالية، والعبادة الظاهرة، وكان يسأل أن يحدّث فلا يحدث، ثم في الآخر عقدت له مجلس الإملاء، وانتقيت له ألف حديث، وكان يعد في مجلسه ألف محبرة، فحدَّث وأملى ثلاث سنين، مات فجأة في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربع مائة.

أخوه السيد:

‌3686 - أبو علي محمد بن الحسين:

العلوي، هو الأصغر.

سمع ابن بلال، وأبا بكر القطان.

روى عنه الحاكم، وقال: مات سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة، وله آثار، ومعروف بنيسابور، عاش نيفًا وسبعين سنة.

قلت: قال الحاكم: حدثنا أبو علي من سماعه الصحيح، فذكر حديثًا.

‌3687 - ابن زَنْبِيل:

الشيخ الجليل، المسند الصادق، أبو العباس، أحمد بن الحسين بن أحمد بن زنبيل النهاوندي.

قدم همذان في رمضان سنة اثنتين وأربع مائة، فحدَّث بالتاريخ الصغير للبخاري، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن الأشقر القاضي البغدادي، عن المصنف.

وقد ارتحل في الكهولة، فسمع من أبي القاسم الطبراني، وأبي بكر القطيعي، ومحمد بن أحمد المفيد، وطبقتهم.

روى عنه: حمزة بن أحمد الرُّوذْرَاوَرِي، وهناد بن إبراهيم النسفي، وسعيد بن أحمد الجعفري، وأبو طاهر أحمد بن عبد الرحمن الروذراوري، وأبو منصور محمد بن الحسن بن محمد النهاوندي، وآخرون.

وثَّقه شيرويه الديلمي في "تاريخ همذان"، ولم يذكر له وفاة.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 76"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 162".

ص: 536

‌3688 - ابن النَّجَّار

(1)

:

الإمام المقرئ، المعمر المسند، أبو الحسن، محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن فروة، التميمي النحوي الكوفي، ابن النجار.

تلا على أبي علي الحسن بن عون النَّقار بحرف عاصم، عن تلاوته على القاسم بن أحمد الخياط تلميذ الشموني.

وسمع الحديث من محمد بن الحسين الخثعمي الأشناني، وأبي بكر بن دريد، وإبراهيم نفطويه، وأبي روق الهزاني.

وعاش مائة عام.

حَدَّث عنه: أبو القاسم الأزهري، وجماعة.

وتلا عليه الحسن بن محمد، وأبو علي غلام الهراس، وطائفة.

قال العتيقي: هو ثقة، مات بالكوفة في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربع مائة.

وقال الأزهري: كان مولده في المحرَّم سنة ثلاث وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 158"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 260"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 103"، والعبر "3/ 80"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 164".

ص: 537

‌3689 - الهَرَوَانِيّ

(1)

:

الإمام العلامة، شيخ الحنفية، القاضي أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن حاتم، الجعفي الكوفي الحنفيّ، المعروف بالهَرَوَاني.

تلا لعاصم على أبي العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي.

وسمع من محمد بن القاسم المحاربي، وعلي بن محمد بن هارون، ومحمد بن جعفر بن رياح الأشجعي.

قرأ عليه أبو علي غُلَام الهراس.

وحدَّث عنه: أبو محمد يحيى بن محمد بن الحسن العلوي الأقساسي، وأبو الفرج محمد بن أحمد بن علان، ومحمد بن الحسن بن المنثور الجهني، وأبو منصور محمد بن محمد العُكْبَري النديم، وآخرون.

قال الخطيب: كان ثقةً، حدَّث ببغداد.

قال: وكان من عاصره بالكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى وقته أحد أفقه منه، حدَّثني عنه غير واحد.

قلت: بل كان بالكوفة بينه وبين ابن مسعود جماعة أفقه منه؛ كعلقمة، وعبيدة السلماني، وجماعة، ثم كالشعبي وإبراهيم النخعي، ثم كحمَّاد والحكم ومغيرة وعدة، ثم كابن شبرمة وأبي حنيفة وابن أبي ليلى وحجَّاج بن أرطاة، ثم كسفيان الثوري ومسعر والحسن بن صالح وشريك، ثم كوكيع وحفص بن غياث، وابن إدريس، وخلق.

قال الخطيب: وقال لي العتيقي: ما رأيت بالكوفة مثل القاضي الهرواني.

وقال أبو الغنائم النرسي: ثقة مأمون، بقي على قضاء الكوفة سنين، مات في رجب سنة اثنتين وأربع مائة.

قلت: عاش سبعًا وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 472"، واللباب لابن الأثير "3/ 386"، والعبر "3/ 81"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 165".

ص: 538

‌3690 - ابن فارس

(1)

:

الإمام العلامة، اللغوي المحدّث، أبو الحسين، أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، نزيل همذان، وصاحب كتاب "المجمل".

حدث عن: أبي الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، وسليمان بن يزيد الفامي، وعلي بن محمد بن مهرويه القزوينيين، وسعيد بن محمد القطان، ومحمد بن هارون الثقفي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلّاب، وأحمد بن عبيد الهمذانيين، وأبي بكر بن السنِّي الدينوري، وأبي القاسم الطبراني، وطائفة.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 103"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 80"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 49"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 212"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 132".

ص: 538

حدَّث عنه: أبو سهل بن زيرك، وأبو منصور محمد بن عيسى، وعلي بن القاسم الخياط المقرئ، وأبو منصور بن المحتسب، وآخرون.

مولده بقزوين، ومرباه بهمذان، وأكثر الإقامة بالريّ.

وكان رأسًا في الأدب، بصيرًا بفقه مالك، مناظرًا متكلمًا على طريقة أهل الحق، ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين، جمع إتقان العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر.

وله مصنفات ورسائل، وتخرج به أئمة.

وكان يتعصب لآل العميد، فكان الصاحب بن عباد يكرهه لذلك، وقد صنَّف باسمه كتاب "الحجر"، فأمر له بجائزة قليلة.

وكان يقول: من قصر علمه في اللغة وغُولِطَ غلط.

قال سعد بن علي الزنجاني: كان أبو الحسين من أئمة اللغة، محتجًّا به في جميع الجهات غير منازع، رحل إلى الأوحد في العلوم أبي الحسن القطان، ورحل إلى زنجان، إلى صاحب ثعلب أحمد بن الحسن الخطيب، ورحل إلى ميانج إلى أحمد بن طاهر بن النجم، وكان يقول: ما رأيت مثله. قال سعد: وحمل أبو الحسين إلى الري؛ ليقرأ عليه مجد الدولة ابن فخر الدولة، وحصل بها مالًا منه، وبرع عليه، وكان أبو الحسين من الأجواد، حتى إنه يهب ثيابه وفرش بيته، وكان من رءوس أهل السُّنَّة المجرَّدين على مذهب أهل الحديث.

قال: ومات بالريّ في صفر سنة خمس وتسعين وثلاث مائة، وفيها ورَّخه أبو القاسم بن منده، ووهم من قال: مات سنة تسعين.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن: أخبرنا البهاء عبد الرحمن، أخبرنا عبد الحق اليوسفي، أخبرنا هادي بن إسماعيل، أخبرنا علي بن القاسم، أخبرنا أحمد بن فارس اللغوي، حدثنا علي بن أبي خالد بقزوين، حدثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملائكة في الأرض سياحين يبلِّغوني عن أمتي السلام"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "3116"، وابن أبي شيبة "2/ 517"، وأحمد "1/ 387، 441، 452" والنسائي "3/ 43"، وفي "عمل اليوم والليلة""66"، والدارمي "2/ 317"، والبزار "1/ 395"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان""2/ 205"، والطبراني في "الكبير""10528"، "10529"، "10530"، وإسماعيل القاضي "21"، والبغوي في "شرح السنة""687" من طريق سفيان الثوري، به.

ص: 539

ومن نظم ابن فارس.

سقى همذان الغيث لست بقائلٍ

سوى ذا وفي الأحشاء نارٌ تضرّم

وما لي لا أُصغي الدّعاء لبلدةٍ

أفدت بها نسيان ما كنت أعلم

نسيت الذي أحسنته غير أنّني

مدينٌ وما في جوف بيتي درهم

وله:

إذا كنت تؤذى بحرّ المصيف

ويبس الخريف وبرد الشّتا

ويلهيك حسن زمان الرّبيع

فأخذك للعلم قل لي متى?

ص: 540

‌3691 - الأكواخي

(1)

:

المحدِّث الحجة، أبو أحمد، عبد الله بن بكر بن محمد، الطبراني الزاهد، نزيل أكواج بانياس.

حدث عن: أبي سعيد بن الأعرابي، وأحمد بن زكريا المقدسي، وعثمان بن محمد السمرقندي، وخيثمة الأطرابلسي، وخلق كثير.

روى عنه: تمام الرازي، وعليّ بن محمد الربعي، وأحمد بن رواد العكاوي، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن علي الصوري.

وقال الصوري: كان ثقةً ثبتًا مكثرًا، حكى عنه الدارقطني.

وقال الكتاني: ثقة يتشيِّع، مات سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

قلت: وله رحلة إلى بغداد، ولقي أبا سهل بن زياد وأمثاله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 423".

ص: 540

‌3692 - القَصَّار

(1)

:

شيخ المالكية، القاضي أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد، البغدادي، ابن القصار.

حدث عن علي بن الفض السُّتُوري، وغيره.

روى عنه: أبو ذر الحافظ، وأبو الحسين بن المهتدي بالله.

ووثَّقه الخطيب.

وكان من كبار تلامذة القاضي أبي بكر الأبهريّ، يذكر مع أبي القاسم الجلّاب.

قال أبو إسحاق الشيرازي: له كتاب في مسائل الخلاف كبير، لا أعرف لهم كتابًا في الخلاف أحسن منه.

قال القاضي عياض: كان أصوليًّا نظَّارًا، وَلِي قضاء بغداد.

وقال أبو ذر: هو أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقة قليل الحديث.

قال ابن أبي الفوارس: مات في ثامن ذي القعدة، سنة سبع وتسعين وثلاث مائة، ويقال: مات سنة ثمان، والأول أصحّ.

‌3693 - القَصَّار

(2)

:

الفقيه الإمام، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الأصبهاني القَصَّار، من كبار الشافعية.

حدَّث عن أبي علي بن عاصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعبد الله بن خالد الزاذاني، ومحمد بن إسحاق بن عَبَّاد، والقاضي أبي أحمد العَسَّال.

وكان ثبتًا، كبير القدر.

حدث عنه: أبو القاسم بن منده، وأخوه عبد الوهاب، ومحمد بن أحمد بن علي السِّمسَار، ومحمد بن يحيى الصفار، وجماعة.

توفِّي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

‌3694 - ابن يونس

(3)

:

المنجِّم الكبير، مصنّف الزيج الحاكمي، أبو الحسن علي ابن محدِّث مصر أبي سعيد عبد الرحمن بن الفقيه أحمد ابن شيخ الإسلام يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري. وأهل التنجيم يخضعون لفضيلة هذا التأليف.

وله نظم رائق.

ليس مرةً ثياب النساء، وضرب بالعود، وبخَّر، ورقب الزهرة، وكان يلبس تحت العمامة طرطورًا كالبدو، وله إصابات عجيبة تُضِلُّ الجهلة.

وقد عدله القاضي محمد بن النعمان وقَبِلَه، فلا حول ولا قوة إلَّا بالله.

وله سماعات عالية.

مات في شوال سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 41"، والعبر "3/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 149".

(2)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 169".

(3)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 488"، وميزان الاعتدال "3/ 123"، ولسان الميزان "4/ 232"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 156".

ص: 541

الجيزي، وابن أبي عمران:

‌3695 - الجِيزي:

القاضي الإمام المقرئ الأوحد، أبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محفوظ المصري الجيزي.

تلا علي أبي الفتح بن بدهن.

وسمع من: أحمد بن بهزاد السيرافي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، وأحمد بن مسعود الزبيري، والعلّامة أبي جعفر بن النحاس.

حدث عنه: فارس بن أحمد الضرير، وأبو عمرو الداني، وجماعة.

قال الداني: كتبنا عنه شيئًا كثيرًا من القراءات والحديث، وتوفِّي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

وقيل: توفِّي في شعبان سنة أربع مائة.

وأكبر شيخ له أبو الطاهر أحمد بن محمد المديني صاحب يونس بن عبد الأعلى.

روى عنه المصريون.

‌3696 - ابن أبي عمران

(1)

:

الإمام القدوة الرباني، الحافظ الرحَّال، أبو الفضل، أحمد بن أبي عمران، الهروي الصرام، المجاور، شيخ الحرم.

حدَّث عن خيثمة بن سليمان، ومحمد بن أحمد المحبوبي، وأحمد بن بندار، ودعلج السجزي، وأبي القاسم الطبراني، وعدة.

وكان من أوعية الحديث، روى الكثير بمكة.

وحدَّث عنه: أبو يعقوب القَرَّاب، وأبو نُعَيْم الأصبهاني، وعليّ بن محمد الحنائي، وأبو علي الأهوازي، وأبو الفضل بن بندار الرازي، وآخرون.

وقد صَحِبَ محمد بن داود الدقي والكبار، وأخذ عنه خلق من المغاربة والرحَّالة، ووصفه الأهوازي بالحفظ.

توفِّي سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 165"، والعبر "3/ 69"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 153".

ص: 542

‌3697 - أبو علي البغدادي

(1)

:

الشيخ العالم الثقة، مسند أصبهان، أبو علي، الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان بن البغدادي، الشطرنجي، التاجر، نزيل أصبهان.

حدَّث جدهم سليمان عن هشام بن عبيد الله الرازي، وحدَّث أبوهما الأقرب علي بن أحمد عن أبي حاتم الرازي.

روى أبو علي عن: أبيه، والفضل بن الخصيب، وأحمد بن موسى بن إسحاق الخطمي، وعبد الله بن محمد ابن أخي أبي زرعة، والحسن بن علي بن أبي الحناء المرداسي الهمذاني، وأبي أسيد أحمد بن محمد بن أسيد، وأحمد بن محمد اللنباني، ومحمد بن عبد الله بن نبيل الهمذاني، وأبي الأسود عبد الرحمن بن الفيض، وأبي بكر محمد بن علي بن الحسين الهمذاني، وأحمد بن محمد السحيمي، وعِدَّة.

حدَّث عنه: محمود بن جعفر الكوسج، وابن منده أبو القاسم، وعدة.

وهُمْ بيت حديث وإسناد.

توفِّي في رجب سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، وعاش أربعًا وتسعين سنة رحمه الله.

وممن روى عنه: أبو الطيب محمد بن أحمد بن إبراهيم -عرف بسلة، والحسن بن عمر بن يونس، وأبو منصور بن شكرويه.

(1)

ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 274"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1029".

ص: 543

‌3698 - خلف بن القاسم

(1)

:

ابن سهل الحافظ الإمام المتقن أبو القاسم بن الدباغ الأزدي الأندلسي القرطبي.

وُلِدَ سنة خمس وعشرين وثلاث مائة.

وسمع بدمشق أبا الميمون بن راشد، وعلي بن أبي العقب، وجماعةً، وبمصر أبا بكر بن أبي الموت، وحمزة الحافظ، وابن النَّاصِح، وسلم بن الفضل، وأبا محمد بن الورد، وعدة، وبمكة بكيرًا الحداد والآجُرِيّ، وأبا الحسن الخزاعي، وبقرطبة محمد بن معاوية المرواني، وأحمد بن الشَّامة. وكان من بحور الرواية.

روى عنه: عبد الله بن محمد بن الفرضي، وأبو عمرو الداني، وابن عبد البر، وغيرهم.

قال الحميدي: جمع ابن الدبَّاغ "مسند أحاديث مالك"، و"مسند أحاديث شعبة"، و"الكُنَى التي للصحابة"، و"أقضية شريح"، وكتاب "الخائفين"، و"زهد بشر الحافي"، أكثر عنه شيخنا أبو عمر، وكان لا يقدم عليه من شيوخه أحدًا، وبالغ في وصفه، وقال: كتب بالمشرق عن نحو ثلاث مائة شيخ، وكان من أعلم الناس برجال الحديث وأكتبهم له، وهو محدِّث الأندلس في وقته. قال الحميدي: وقد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد بن مسرور.

قلت: وقرأ بالروايات على جماعة؛ منهم: أحمد بن صالح تلميذ ابن مجاهد.

توفِّي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.

قرأت على محمد بن عطاء الله: أخبرنا أبو القاسم السبط، أنبأنا خلف الحافظ، أخبرنا أبو محمد، عن أبي عمر الحافظ، أخبرنا خلف بن القاسم، حدَّثنا محمد بن موسى، حدَّثنا أحمد بن علي بن شعيب، حدثنا محمد بن حفص، حدثنا جراح بن يحيى، حدثنا عمر بن عمرو، سمعت عبد الله بن بسر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناءً على الله، وصلاةً على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعوه، فيستجاب الدعاء به". إسناده مظلم.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 955"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 211"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 144".

ص: 544

‌3699 - منصور بن عبد الله

(1)

:

ابن خالد بن أحمد بن خالد بن حَمَّاد، الحافظ، العالم الرحال، أبو علي الذهلي الخالدي الهروي.

حدَّث عن: أبي سعيد بن الأعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه المروزي، وعبد الله بن أحوص الدبوسي لقيه بسمرقند، والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي، وأبي جعفر بن البختري، وأبي حامد بن بلال، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وإسماعيل الصفَّار، وأبي العباس الأصمّ، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وابن السماك، وطبقتهم.

وكتب الكثير وتعب.

روى عنه: أبو يعلى بن الصابوني، وأبو حازم العبدوني الحافظ، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد المؤدِّب، ونجيب بن ميمون الواسطي ثم الهروي، وعدد كثير، إلَّا أنه غير ثقة.

قال أبو سعد الإدريسي: كذَّاب لا يُعْتَمَد عليه.

وذكره جعفر بن محمد المستغفري فقال: روى عن منصور بن محمد البزدوي -يعني: صاحب البخاري، ثم قال: مات في المحرم سنة اثنتين وأربع مائة. وقيل: توفِّي سنة إحدى وأربع مائة.

‌3700 - ابن تُرْكَان:

المحدِّث الصالح الصدوق، أبو العباس، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تُرْكَان، التميمي الهمذاني، الخَفَّاف.

روى عن: أوس الخطيب، وعبد الرحمن الجلّاب، وأبي سهل بن زياد القطان، ودعلج السجزي، وطبقتهم.

وعنه: محمد بن عيسى، وأبو الفرج بن عبد الحميد الجريري، وأحمد بن عيسى بن عبَّاد، ويوسف الخطيب، وآخرون.

قال شيرويه: ثقة صدوق، وُلِدَ سنة سبع عشرة وثلاث مائة، ومات في ربيع الأول سنة اثنتين وأربع مائة، وقبره يزار، رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 84"، واللباب لابن الأثير "1/ 413"، وميزان الاعتدال "4/ 185"، ولسان الميزان "6/ 96"، والعبر "3/ 76"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 162".

ص: 545

‌3701 - ملك سِجِسْتَان

(1)

:

الملك المحدِّث، صاحب سجستان، خلف بن أحمد بن محمد بن الليث، السجستاني الفقيه، من جلة الملوك، له إفضال كثير على أهل العلم.

مولده في سنة ست وعشرين وثلاث مائة.

وسمع من: محمد بن علي الماليني صاحب عثمان بن سعيد الدارمي، ومن عبد الله بن محمد الفاكهي المكي، وأبي علي بن الصَّوَّاف، وعلي بن بندار الصوفي.

روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو يعلى بن الصابوني، وطائفة.

وانتخب عليه الدارقطني.

وامتدت دولته، ثم حاصره السلطان محمود بن سبكتكين، في سنة ثلاث وتسعين، وآذاه، وضَيِّقَ عليه، فنزل بالأمان إليه، فبعثه مكرمًا في هيئة جيدة إلى الجوزجان، ثم بعد أربع سنين وصف للسلطان أنه يكاتب سلطان ما وراء النهر أيلك خان، فضَيِّق عليه.

وكان في أيامه ملكًا جوادًا مغشي الجناب، مُفْضِلًا محسنًا ممدحًا، جمع عدةً من الأئمة على تأليف تفسير عظيم حاوٍ لأقوال المفسرين والقراء والنحاة والمحدثين. فقال أبو النضر في كتاب "اليميني": بلغني أنه أنفق عليهم في أسبوع عشرين ألف دينار. قال: والنسخة به بنيسابور تستغرق عمر الناسخ. أخبرني أبو الفتح البستي قال: عملت في الملك خلف ثلاثة أبيات، لم أبلغها إياه لكنَّها اشتهرت، فلم أشعر إلَّا بثلاث مائة دينار بعثها إليّ، وهي هذه:

خَلَفُ بن أحمدَ أحمدُ الأخلاف

أربى بسؤدده على الأسلاف

خلف بن أحمد في الحقيقة واحدٌ

لكنّه مربٍ على الآلاف

أضحى لآل اللّيث أعلام الورى

مثل النّبيّ لآل عبد مناف

وقد امتدحه البديع الهمذاني وغيره، وفيه يقول الثعالبي:

من ذا الذي لا يذلّ الدّهر صعبته

ولا تُلِينُ له الأيّام صعدته

أما ترى خلفًا شيخ الملوك غدا

مملوك من فتح العذراء بلدته

توفِّي في السجن في رجب سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، وورثه ابنه أبو حفص.

(1)

ترجمته في اللباب لابن الأثير "2/ 105"، والعبر "3/ 70"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 156".

ص: 546

قال الحاكم: قرأت عليه ببخارى انتخاب الدارقطني له، ومات شهيدًا في الحبس ببلاد الهند، ثم ساق الحاكم في ترجمته تسعة أحاديث.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بقراءتي، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الواعظ سنة إحدى وخمسين وأربع مائة، أخبرنا الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد بن محمد بن خلف، حدَّثنا خلف بن محمد بن إسماعيل، حدثنا خلف بن سليمان، حدثنا خلف بن محمد كردوس، حدثنا خلف بن موسى بن خلف العمي، حدثنا أبي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه سمع رجلًا يقول: اللهم اغفر لي ولفلان. قال: من فلان? قال: جار لي أمرني أن أستغفر له. قال: غفر الله لك ولصاحبك، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم اغفر لي ولفلان. قال: من فلان? قال: جار لي أمرني أن أستغفر له. قال: غفر الله لك وله.

هذا مسلسل بخمسة خلفين.

ص: 547

‌3702 - أبو حَيِّان التَّوْحِيدِي

(1)

:

الضَّال الموحد، أبو حيان، علي بن محمد بن العباس، البغدادي الصوفي، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية، ويقال: كان من أعيان الشافعية.

قال ابن بابي في كتاب "الخريدة والفريدة": كان أبو حيان هذا كذَّابًا، قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان، تعرَّض لأمور جسام من القدح في الشريعة، والقول بالتعطيل، ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه ليقتله، فهرب، والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم تزخرفه وإفكه، ثم عثروا منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته، وما يبطنه من الإلحاد، ويرومه في الإسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلبي، فاستتر منه، ومات في الاستتار، وأراح الله، ولم يؤثر عنه إلَّا مثلبة أو مخزية.

وقال أبو الفرج بن الجوزي: زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري، وأشدّهم على الإسلام أبو حيان، لأنهما صرَّحا، وهو مَجْمَجَ ولم يصرِّح.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "15/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 112"، وميزان الاعتدال "4/ 518"، ولسان الميزان "7/ 38".

ص: 547

قلت: وكان من تلامذة علي بن عيسى الرمَّاني، ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ، فانظر إلى المادح والممدوح! وأجود الثلاثة الرماني مع اعتزاله وتشيعه.

وأبو حيان له مصنَّف كبير في تصوّف الحكماء، وزهَّاد الفلاسفة، وكتاب سماه "البصائر والذخائر"، وكتاب "الصديق والصداقة" مجلد، وكتاب "المقابسات"، وكتاب "مثالب الوزيرين" يعني ابن العميد وابن عباد، وغير ذلك.

وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد، كما سمى ابن تومرت أتباعه بالموحدين، وكما يسمي صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وبالاتحادية.

أنبأني أحمد بن أبي الخير، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، عن ابن طاهر: سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالريّ يقول: سمعت أبا حيان التوحيدي يقول: أناس مضوا تحت التَّوَهُم، وظنوا أن الحق معهم، وكان الحق وراءهم.

قلت: أنت حامل لوائهم.

قال الشيخ محيي الدين في "تهذيب الأسماء": أبو حيان من أصحابنا المصنِّفين، فمن غرائبه أنه قال في بعض رسائله: لا ربا في الزعفران. ووافقه عليه أبو حامد المروذي.

وقال ابن النجار: له المصنفات الحسنة كـ"البصائر" وغيرها. قال: وكان فقيرًا صابرًا متدينًا، صحيح العقيدة. سمع جعفرًا الخلدي، وأبا بكر الشافعي، وأبا سعيد السيرافي، والقاضي أحمد بن بشر العامري. روى عنه: علي بن يوسف الفامي، ومحمد بن منصور بن جيكان، وعبد الكريم بن محمد الداوودي، ونصر بن عبد العزيز الفارسيّ، ومحمد بن إبراهيم بن فارس الشيرازيون، وقد لقي الصاحب بن عباد وأمثاله.

قلت: قد سمع منه أبو سعد عبد الرحمن بن مَمَّجَة الأصبهاني، وذلك في سنة أربع مائة، وهو آخر العهد به.

وقال السِّلَفِي: كان نصر بن عبد العزيز ينفرد عن أبي حيان بنكت عجيبة.

وقال أبو نصر السجزي الحافظ فيما يأثروه عنه جعفر الحكاك: سمعت أبا سعد الماليني يقول: قرأت الرسالة -يعني: المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى علي رضي الله عنهم على أبي حيان، فقال: هذه الرسالة عملتها ردًّا على الرافضة، وسببه أنهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء، وكانوا يغلون في حال عليِّ، فعملت هذه الرسالة.

قلت: قد باء بالاختلاف على عليّ الصفوة، وقد رأيتها وسائرها كَذِبٌ بَيِّنٌ.

ص: 548

‌3703 - هشام المؤيَّد بالله:

ابن المستنصر صاحب الأندلس، بايعوه صبيًّا، فقام بتشييد الدولة الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر، فكان من رجال الدهر رأيًا وحزمًا، ودهاءً وشجاعةً وإقدامًا -أعني الحاجب، فعمد أوّل تغلبه إلى خزائن كتب الحكم، فأبرز ما فيها بمحضر من العلماء، وأمر بإفراز ما فيها من تصانيف الأوائل والفلاسفة، حاشا كتب الطب والحساب، وأمر بإحراقها، فأحرقت، وطمر بعضها، ففعل ذلك تحببًا إلى العوام، وتقبيحًا لمذهب الحكم.

ولم يزل المؤيَّد بالله هشام غائبًا عن الناس لا يظهر ولا ينفذ أمرًا.

وكان ابن أبي عامر ممن طلب العلم والأدب، ورأس وترقَّى، وساعدته المقادير، واستمال الأمراء والجيش بالأموال، ودانت لهيبته الرجال، وتلقَّب بالمنصور، واتخذ الوزراء لنفسه، وبقي المؤيَّد معه صورةً بلا معنى؛ لأن المؤيَّد كان أخرق، ضعيف الرأي، وكان للمنصور نكاية عظيمة في الفرنج، وله مجلس في الأسبوع يجتمع إليه فيه الفضلاء للمناظرة، فيكرمهم ويحترمهم ويصلهم، ويجيز الشعراء، افتتح عدة أماكن، وملأ الأندلس سبيًا وغنائم، حتى بيعت بنت عظيم من عظماء الروم ذات حسن وجمال بعشرين دينارًا، وكان إذا فرغ من قتال العدو نفض ما عليه من غبار المصافّ، ثم يجمعه ويحتفظ به، فلمَّا احتضر أمر بما اجتمع له من ذلك بأن يذر على كفته، وغزا نيفًا وخمسين غزوةً، وتوفِّي مبطونًا شهيدًا وهو بأقصى الثغر، بقرب مدينة سالم، سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.

وكان أول شيء حاجبًا للمؤيَّد بالله، فكان يدخل عليه القصر، ويخرج فيقول: أمر أمير المؤمنين بكذا، ونهى عن كذا، فلا يخالفه أحد، ولا يعترض عليه معترض، وكان يمنع المؤيَّد من الاجتماع بالناس، وإذا كان بعد مدة ركبه، وجعل عليه برنسًا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف المؤيَّد من بينهنّ، فكان يخرج يتنزه في الزهراء، ثم يعود إلى القصر على هذه الصفة.

ولما توفِّي الحاجب ابن أبي عامر، قام في منصبه ابنه الملقَّب بالمظفّر: أبو مروان عبد الملك بن محمد. وجرى على منوال والده، فكان ذا سعد عظيم، وكان فيه حياء مفرط يُضْرَب به المثل، لكنه كان من الشجعان المذكورين، فدامت الأندلس في أيامه في خير وخصب وعز إلى أن مات في صفر سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

وقام بتدبير دولة المؤيَّد بالله الناصر عبد الرحمن أخو المظفَّر المذكور المعروف بشنشول،

ص: 549

فعتا وتَمَرَّد، وفسق وتهتَّك، ولم يزل بالمؤيَّد بالله حتى خلع نفسه من الخلافة، وفوَّضها إلى شنشول هذا مكرهًا، في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.

ومن قصة شنشول -ويقال: شنجول- وهو أصح، أنَّ أباه المنصور غزا غزوة البررت، وهو مكان مضيق بين جبلين، لا يمشيه إلَّا فارس بعد فارس، فالتقى الروم هناك، ثم نزل، وأمر برفع الخيام، وبناء الدور والسور، واختطَّ قصرًا لنفسه، وكتب إلى ابنه ومولاه واضح بالنيابة على البلاد، يقول في كتابه: ولما أبصرت بلاد أرغون استقصرت رأي الخلفاء في ترك هذه المملكة العظيمة، فلمَّا علمت الروم بعزمه رغبوا إليه في أداء القطيعة، فأبى عليهم إلَّا أن يهبوه ابنة ملكهم الذي من ذرية هرقل، فقالوا: إن هذا لعار، فالتقوه في أمم لا تحصى في وسط بلادهم، وهو في عشرين ألف فارس، فكان للمسلمين جولة، فثبت المنصور وولداه، وكاتبه ابن برد، والقاضي ابن ذكوان في جماعة، فأمر أن تضرب خيمة له، فرآها المسلمون، فتراجعوا، فهزم الله الكافرين، ونزل النصر، ثم حاصر مدينةً لهم، فلمَّا همَّ بالظفر بذلوا له ابنة الملك، وكانت في غاية الجمال والعقل، فلمَّا شيعها أكابر دولتها سألوها البر والعناية بهم، فقالت: الجاه لا يطلب بأفخاذ النساء، بل برماح الرجال. فولدت للمنصور شنجول هذا، وهو لقب لجده لأمه لُقِّب هو به.

ومن مفاخر المنصور: أنه قَدِمَ من غزوة فتعرَّضت له امرأة عند القصر، فقالت: يا منصور! يفرح الناس وأبكي? إن ابني أسير في بلاد الروم. فثنى عنانه وأمر الناس بغزو الجهة التي فيها ابنها.

وقد عصاه مرةً ولد له، فهرب ولجأ إلى ملك سمورة، فغزاها المنصور وحاصرها، وحلف ألَّا يرحل إلَّا بابنه، فسلموه إليه، فأمر بقتله، فقتل بقرب سمورة.

ومن رُجْلَة المنصور: أنه أحيط به في مدينة فُتَّة، فرمى بنفسه من أعلى جبلها، وصار في عسكره، فبقي مفدع القدمين لا يركب، إنما يصنع له محمل على بغلٍ يقاد به في سبع غزوات، وهو بضعة لحم، فانظر إلى هذه الهمَّة العلية، والشجاعة الزائدة.

وكان موته آخر الصلاح وأوّل الفساد بالأندلس؛ لأن أفعاله كانت حسنةً في الحال، فاسدةً في المآل، فكانت قبله القبائل، كل قبيلة في مكان، فإذا كان غزو وضعت الخلفاء على كل قبيلة عددًا، فيغزون، فلمَّا استولى المنصور أدخل من صنهاجة ونفزن عشرين ألفًا إلى الأندلس، وشتّت العرب عن مواضعها، وأخملهم، وأبقى على نفسه؛ لكونه ليس من بيوت الملك، ثم قتلَ في بني أمية جماعةً، واحتاط على المؤيّد، ومنعه من الاجتماع بأحد، وربما

ص: 550

أخرجه لهم في يوم العيد للهناء، فلمَّا مات المنصور وابنه المظفر أبو مروان، انخرم النظام، وشرع الفساد، وهلك الناس، فقام شنجول وطغى وبَغَى، وفعل العظائم، والمؤيَّد بالله تحت الاحتجار، فدسَّ على المؤيَّد من خوفه وهدده، وأعمله أنه عازم على قتله إن لم يوله عهده، ثم أمر شنجول القضاة والأعلام بالمثول إلى القصر الذي بالزهراء، فأخرج لهم المؤيد، وأخرج كتابًا قرئ بينهم بأن المؤيَّد قد خلع نفسه، وسلم الأمر إلى الناصر لدين الله عبد الرحمن بن أبي عامر. فشهد من حضر بذلك على المؤيَّد، وأخذ الناصر هذا في التهتك والفسق، وكان زيهم المكشوفة، فأمر جنده بحلق الشعر، ولبس العمائم تشبهًا ببني زيرى، فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه، لفوا العمائم بلا صنعة، وبقوا ضحكةً، ثم سار غازيًا، فجاءه الخبر بأن محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي ابن عمّ المؤيد بالله قد توثَّب بقرطبة، وهدم الزهراء، وأقام معه القاضي ابن ذكوان، وأنفق الأموال في الشطار، فاجتمع له أربع مائة رجل، وأخذ يرتب أموره في السر، ثم ركب، وقصد دار والي قرطبة فقطع رأسه، فخرج إليه الأستاذ جوذر الكبير، فقال له محمد بن هشام: أين المؤيد بالله? أخرجه. فقال: أذلَّ نفسه وأذلنا بضعفه. فخرج يطلب أمانه، فقال: أنا إنما قمت لأزيل الذلّ عنك، فإن خلعت نفسك طائعًا فلك كل ما تحب. ثم طلب ابن المكُوي الفقيه، وابن ذكوان القاضي، والوزراء، فدخلوا على المؤيَّد، فشهدوا عليه بتفويض الأمر إلى ابن عمه هذا، وضعف أمر شنجول، وظفر به محمد، فذبحه في أثناء هذا العام، وله بضع وعشرون سنة.

قال ابن أبي الفياض: كان خِتَان شنشول في سنة ثمانين وثلاث مائة، فانتهت النفقة يومئذ إلى خمس مائة ألف دينار، وختنوا معه خمس مائة وسبعةً وسبعين صبيًّا.

وأما محمد بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله عبد الرحمن، فتلقَّب بالمهديّ، ونصب الديوان، واستخدم، فلم يبق زاهد ولا جاهل ولا حجام حتى جاءه، فاجتمع له نحو من خمسين ألفًا، ودانت له الوزراء والصقالبة، وبايعوه، فأمر بنهب دور آل المنصور أبي عامر، وانتهب جميع ما في الزهراء من الأموال والسلاح، وقلعت الأبواب. فقيل: وصل منها إلى خزانة المهدي هذا خمسة آلاف ألف دينار سوى الفضة، وصلَّى بالناس الجمعة بقرطبة، وقرئ كتابه بلعنة شنشول، ثم سار إلى حربه، فكان القاضي ابن ذكوان يحرّض على قتاله، ويقول: هو كافر. وكان شنشول قد استعان بعسكر الفرنج؛ لأن أمه منهم، وقام معه ابن غومش، فجاء إلى قرطبة، فتسحَّب جنده، فقال له ابن غومش: ارجع بنا قبل أن تؤخذ، فأبى، ومال إلى دير شربش جوعان سهران، فأنزل له راهب دجاجةً وخبزًا، فأكل وشرب وسكر، وجاء لحربه ابن عمّ المهدي وحاجبه محمد بن المغيرة الأموي، فقبض عليه، فظهر منه

ص: 551

الجزع، وقَبَّل قَدَم ابن المغيرة، وقال: أنا في طاعة المهدي. ثم ضربت عنقه، وطيف برأسه: هذا شنشول المأبون المخذول. فلمَّا استوثق الأمر للمهدي، أظهر من الخلاعة والفساد أكثر مما عمله شنشول.

قال الحميدي: فقام على المهدي ابن عمه هشام بن سليمان بن الناصر لدين الله، في شوال سنة تسع وتسعين، وقام مع البربر، وأسر هشام هذا، فقتله المهدي.

وقال غيره: زاد المهدي في الغي، وأخذ الحرم، وعمد إلى نصراني يشبه المؤيد بالله، ففصده حتى مات، وأخرجه إلى الناس، وقال: هذا المؤيَّد. فصلَّى عليه ودفنه، وقدم على المهدي رسول فلفل بن سعيد الزناتي صاحب طرابلس داخلًا في طاعته، يلتمس إرسال سكة على اسمه ليعينه على باديس، فغلب باديس على طرابلس وتملكها، وكتب إلى ابن عمِّه حمَّاد ليغري القبائل على المهدي لخذلانه، قد هَمَّ بالغدر بالبربر الذي حوله، ولوَّح بذلك، فهذا سبب خروجهم عليه مع ابن عمه هشام بن سليمان، فقتلوا أولًا وزيريه: محمد بن دري، وخلف بن طريف، وأحرقوا السراجين، وعبروا القنطرة، ثم تخاذلوا عن هشام حتى قتل، وتحيِّز جلهم إلى قلعة رباح، فهرب معهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر، وهو ابن أخي هشام المقتول، فبايعوه، وسموه: المستعين بالله، وجمعوا له مالًا، حتى صار له نحو من مائة ألف دينار، فتوجَّه بالبربر إلى طليطلة فتملَّكَها، وقتل واليها، فجزع المهدي، واعتد للحصار، وتجرأت عليه العامَّة، ثم بعث عسكرًا فهزمهم سليمان المستعين، ثم سار حتى شارف قرطبة، فبرز لحربه عسكر المهدي، فناجزهم سليمان، فكان من غرق منهم في الوادي أكثر ممن قتل، وكانت وقعة هائلة هلك فيها خلق من الأخيار والأئمة والمؤذنين، فلما أصبح المهدي بالله أخرج للناس الخليفة المؤيد بالله هشام بن الحكم، الذي كان أظهر لهم موته، فأجلسه للناس، وأقبل قاضي الجماعة يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما محمد بن هشام بن عبد الجبار نائبه. فقال له البربر: يا ابن ذكوان: بالأمس تصلي عليه، واليوم تحييه?! ثم خرج أهل قرطبة إلى المستعين سليمان، فاحسن ملقاهم، واختفى محمد المهدي، واستوثق أمر المستعين، ودخل قصر الإمارة، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا نحوًا من اثني عشر ألفًا، ثم تسحَّب المهدي إلى طليطلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنج ووعدهم بالأموال، فاجتمع إليه خلق عظيم، وهو أوّل مال انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج، وكانت الثغور كلها باقيةً على طاعة المهدي، فقصد قرطبة في جحفل عظيم، فالتقى الجمعان على عقبة البقر على بريد من قرطبة، فاقتتلوا أشد قتال، فانهزم سليمان المستمعين، واستولى المهدي على قرطبة ثانيًا، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جماهير البربر، فالتقاهم بوادي آرُهْ، فهزموه أقبح هزيمة، وقتل من

ص: 552

جنده الفرنج ثلاثة آلاف، وغرق خلق، فجاء إلى قرطبة، ثم وثب عليه العبيد، فضربت عنقه، وقطعت أربعته، وكفى الله شره في ثامن ذي الحجة عام أربع مائة، وعاش أربعًا وثلاثين سنة.

قال الحميدي: أعيد المؤيَّد بالله إلى الخلافة في آخر سنة أربع مائة، فحاصرته جيوش البربر مع سليمان المستعين مدةً، واتصل ذلك إلى شوال سنة ثلاث وأربع مائة، فدخل البربر قرطبة بالسيف، وقُتِلَ المؤيَّد بالله. وقرأت بخط أبي الوليد بن الحاجّ: إنَّ طائفةً وثبوا على المهدي فقتلوه، وأخرجوا المؤيد بالله، فطير عنبر رأس المهدي بين يدي المؤيد، وسكن الناس، وكتب المؤيد إلى البربر ليدخلوا في الطاعة فأبوا، وصار يركب ويظهر، فهابه الناس، وعاثت البربر، وعملت ما لا يعمله مسلم، ونازلوا قرطبة سنة اثنتين وأربع مائة، واشتدَّ القحط والبلاء، وفني الناس، ودخل البربر بالسيف في سنة ثلاث، فقتلوا حتى الولدان، وهرب الخلق، وهرب المؤيَّد بالله إلى المشرق فحَجَّ، ولقد تصرَّف في الدنيا عزيزًا وذليلًا، والعزة لله جميعًا.

وقال غيره: أما المؤيَّد فانقطع خبره، ونسي ذكره.

وقال عُزَيْز في "تاريخ القيروان": إنَّ المؤيَّد بالله هرب بنفسه من قرطبة، فلم يزل فارًّا ومستخفيًا حتى حج، وكان معه كيس جوهر، فشعر به حرابة مكة، فأخذوه منه، فمال إلى ناحية من الحرم، وأقام يومين لم يطعم طعامًا، فأتى المروة، فلقيه رجل، فقال له: تحسن تجبل الطين? قال: نعم. فذهب به، فلم يحسن الجبل، وشارط على درهم ورغيف، فقال: عجّل القرص، فإني جائع. فأتاه به، فأكله، وعمل حتى تعب، وهرب، وخرج مع الركب إلى الشام في أسوأ حال، فقدم القدس، فمشى، فرأى رجلًا يعمل الحصر، فنظر إليه الرجل، فقال: من أنت? قال غريب. قال: تحسن هذه الصنعة? قال: لا. قال: فتكون عندي تناولني الحلفاء وأعطيك أجرةً? قال: نعم. فأقام عنده يعاونه، ويأكل معه، فتعلَّم صنعة الحصر، وأقام بالقدس سنين، ولم يدر به أحد، ثم رجع إلى الأندلس في سنة أربع وعشرين وأربع مائة.

قال عزيز: فهذا نصّ ما رواه مشايخ أهل الأندلس، والذي ذكره ابن حزم في كتاب "نُقط العروس" أنه قال: أخلوقة لم يسمع بمثلها: ظهر رجل يقال له خلف الحصري بعد اثنتين وعشرين سنة من موت المؤيَّد بالله هشام، فبويع له، وخطب له على منابر الأندلس في أوقات شتَّى، وادَّعى أنه المؤيَّد بالله هشام، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش في أمره.

ص: 553

قال عُزَيْزٌ: فأقام المدعى أنه هشام نيفًا وعشرين سنة، والقاضي محمد بن إسماعيل ابن عبَّاد كالوزير بين يديه والأمر إليه، فاستقام بذلك لابن عباد أكثر بلاد الأندلس، ودفع عنه كلام الحسَّاد إلى أن مات هشام.

قلت: هذه الحكاية شبه خرافة، ومن بعد سنة ثلاث وأربع مائة انقطع خبر المؤيَّد بالله، وانتقل إلى الله، وأظنه قُتِلَ سرًّا، فكان له حينئذ خمسون سنة، وكان ضعيف الرأي، قليل العقل، يصدق بما لا يكون، وله نهمة في جمع البقر البلق، وأعطى مرةً مالًا عظيمًا لمن جاءه بحافر حمار، وزعم أنه حافر حمار العزير، وأتاه آخر بحجر، فقال: هذا من الصخرة. وأتاه آخر بشعر قال: هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم. فقيل لهذا السبب: كان المنصور يمنع الناس من الاجتماع به. وقال بعض الناس: بل خنقه المهدي، وأخرجه ميتًا كما ذكرنا، فالله أعلم، وبالجملة فالذي جرى على أهل الأندلس من جندها البربر لا يحد ولا يوصف، عملوا ما يصنعه كفَّار الترك وأبلغ، وأحرقوا الزهراء وجامعها وقصورها، وكانت أحسن مدينة في الدنيا وأطراها، قال ابن نبيط:

ثلاثةٌ من طبعها الفساد

الفأر والبربر والجراد

وقال محيي الدين عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي في كتاب "المعجب": دخلت البربر قرطبة وعليهم سليمان المستعين في شوال سنة ثلاث وأربع مائة، فقتلوا المؤيَّد بالله، وقتل في هذه الكائنة بقرطبة من أهلها نيف وعشرون ألفًا.

ص: 554

‌3704 - سليمان المستعين بالله

(1)

:

ابن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد، الأموي المرواني.

دانت له الأندلس سنة ثلاث وأربع مئة كما ذكرنا، جال بالبربر يفسد وينهب البلاد، ويعمل كل قبيح، ولا يبقي على أحد، فكان من جملة جنده القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الإدريسي، فجعلهما قائدين على البربر، وأمَّر عليًّا على سبتة وطنجة وتلك العدوة، وأمَّر القاسم على الجزيرة الخضراء.

قال الحميدي: لم يزل المستعين يجول بالبربر يفسد وينهب، ويقفر المدائن والقرى بالسيف، لا يبقي معه البربر على صغير ولا كبير، إلى أن غلب على قرطبة، ثم إن علي بن حمود الإدريسي طمع في الخلافة، وراسل جماعةً، فاستجاب له خلق وبايعوه، فعدَّى من سبتة إلى الأندلس، فبايعه متولي مالقه، واستحوذ على الكبار، وزحف إلى قرطبة، فجهز المستعين لحربه ولده محمد بن سليمان، فالتقوا، فانهزم محمد، وهجم ابن حمود، فدخل قرطبة في الحال، وظفر بالمستعين، فذبحه بيده صبرًا، وذبح أباه الحكم وهو شيخ في عشر الثمانين، وذلك في المحرم سنة سبع وأربع مائة، وانقضت دولة المروانية في جميع الأندلس.

وكان المستعين أديبًا شاعرًا، عاش نيفًا وخمسين سنة.

وله تيك الأبيات المشهورة:

عجبًا يهاب اللّيث حدّ سناني

وأهاب لحظ فواتر الأجفان

وأُقارع الأهوال لا متهيّبا

منها سوى الإعراض والهجران

وتملكت نفسي ثلاثٌ كالدُّمَى

زهر الوجوه نواعم الأبدان

ككواكب الظّلماء لحن لناظرٍ

من فوق أغصانٍ على كثبان

هذي الهلال وتلك بنت المشتري

حسنًا وهذي أُخت غصن البان

حاكمت فيهنّ السّلوّ إلى الصبا

فقضى بسلطانٍ على سلطاني

وإذا تجارى في الهوى أهل الهوى

عاش الهوى في غبطةٍ وأمان

(1)

ترجمته في فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "2/ 62"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 150"، وسيكرر المؤلف ترجمته في الجزء الثالث عشر برقم ترجمة عام "3800".

ص: 555

‌3705 - عليّ بن حمود بن ميمون

(1)

:

ابن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب، الناصر لدين الله، الهاشمي، العلوي الإدريسي.

استولى على الأمر بقرطبة في أول سنة سبع وأربع مائة كما قدمنا، وكانت دولته اثنين وعشرين شهرًا، ثم خالف عليه الموالي الذين قاموا بنصره وبيعته، فخرجوا عليه، وقدموا عليه الأمير عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن الناصر لدين الله الأموي، ولقبوه بالمرتضي، وزحفوا إلى غِرْناطة، ثم ندموا على تقديمه لما رأوا من قوته وصرامته وثبات جأشه، فخافوا من غائلته، ففروا عنه، ودسوا عليه من قتله غيلة.

وأمَّا علي بن حمود، فوثب عليه غلمان له صقالبة في الحمام، فقتلوه في آخر سنة ثمان وأربع مائة.

وخلف من الأولاد يحيى المعتلي وإدريس، فشيخنا جعفر بن محمد الإدريسي من ذريته، حدثنا بمصر عن ابن باقا.

‌3706 - القاسم بن حَمُّود بن ميمون

(2)

:

الإدريسي، والي إمرة الأندلس بعد مقتل أخيه علي بن حَمُّود سنة ثمان.

وكان هادئًا ساكنًا، أمِنَ الناس معه، وكان يتشيِّع قليلًا، فبقي في الملك إلى سنة اثنتي عشرة وأربع مائة، في ربيع الأول، فخرج عليه ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود المعتلي، فهرب القاسم من غير قتال إلى إشبيلية، فاستمال البربر، وجمع وحشد، وجاء إلى قرطبة، فهرب منه المعتلي، ثم اضطرب أمر القاسم بعد قليل، وخذله البربر، وتفرَّقوا في سنة أربع عشرة، وتغلَّبت كل فرقة على بلد من الأندلس، وجرت خطوب وأمور يطول شرحها، فلحق القاسم بشريش، فقصده المعتلي وحاصره، فظفر به، وسجنه دهرًا، وأمَّا أهل إشبيلية فطردوا عنها ابني القاسم بن حمود، وأمَّروا عليهم ثلاثةً: قاضي البلد محمد بن إسماعيل بن عباد، ومحمد بن يريم الألهاني، ومحمد بن الحسن الزُّبَيْدي، فساسوهم، ثم تملَّك عليهم القاضي، وأظهر لهم ذلك الحصري الذي يقال: إنه المؤيد كما قدمنا، وتملك مالقة يحيى المعتلي، والجزيرة الخضراء، وغلب أخوه إدريس بن عليٍّ على طنجة، وطال أسر القاسم، وعاش ثمانين سنة، ثم خنق في سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.

‌3707 - يحيى بن علي بن حَمُّود المعتلي بالله

(3)

:

أبو زكريا العلوي الحسني الإدريسي، وأمه علوية أيضًا.

(1)

ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 152".

(2)

ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 152"، وسيكرر المؤلّف ترجمته في الجزء الثالث عشر برقم ترجمة عام "3969".

(3)

ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 153"، وسيكرر المؤلف ترجمته في الجزء الثالث عشر برقم ترجمة عام "3993".

ص: 556

غلب على أكثر الأندلس، وتسمَّى بالخلافة، واستناب على قرطبة الأمير عبد الرحمن بن أبي عطاف إلى سنة سبع عشرة، ثم قطعت دعوته عن قرطبة، فتردَّد عليها بالعساكر إلى أن أطاعته جماعة البربر وسلموا إليه الحصون والقلاع، وعَظُم سلطانه، ثم قصد إشبيلية، فحاصرها، فخرج منها فوارس، وهو حينئذ سكران، فحمل عليهم، وكانوا قد أكمنوا له، فقتلوه في المحرَّم سنة سبع وعشرين وأربع مائة.

ولما انهزم البربر مع القاسم بن حَمُّود بن قرطبة، اتفق رأي أهلها على ردِّ الأمر إلى بني أمية، فاختاروا عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله أخا المهدي، فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة، ولقَّبوه بالمستظهر بالله، وله اثنتان وعشرون سنة.

ثم قام عليه نسيبه محمد بن عبد الرحمن في طائفة من سفَلَةِ العوام، فقتلوا المستظهر بعد شهرين، وكان قد وزر له أبو محمد بن حزم الظاهري، فأثنَى على المستظهر، وقال: كان في غاية الأدب والبلاغة والذكاء، رحمه الله.

وقوي أمر محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر الأموي، ولقَّبوه بالمستكفي بالله، فبُويع وله ثمان وأربعون سنة، فتملَّك ستة أشهر، وكان أحمق، قليل العقل، وَزَرَ له أحمد بن خالد الحائك، ثم قتل وزيره، وخلع هو، وسجنوه ثلاثًا لم يطعموه فيها شيئًا، ثم نَفَوْه المعثر، فلحق بالثغور، وأضمرته البلاد، وقيل: بل سُمَّ في دجاجة فهلك، وعاد أمر الناس إلى المعتلي.

فلما غاب المعتلي، أجمع أهل قرطبة على رد الأمر إلى بني أمية، ونهض بذلك الوزير أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، وبايعوا أبا بكر هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر لدين الله، ولقب بالمعتد بالله في ربيع الأول سنة ثماني عشرة، وله أربع وخمسون سنة، فبقي ينتقل في الثغور، ودخل قرطبة في آخر سنة عشرين، فلم يلبث إلَّا يسيرًا حتى قامت عليه طائفة من الجند، وجرت أمور يطول شرحها، ثم خلعوه، وأخرج من قصره والنساء مهتكات حافيات، إلى أن دخلوا الجامع في هيئة السبايا، فبقوا هنالك أيامًا يتعطف عليهم الناس بالطعام، إلى أن خرجوا من قرطبة، فلحق هشام هذا بابن هود المتغلب على سرقسطة ولاردة وطرطوشة، فأقام عنده إلى أن مات سنة سبع وعشرين في العام الذي قتل فيه المعتلي.

فهذا آخر ملوك بني أمية مطلقًا، وتفرَّقت الكلمة، وصار في الأندلس عدة ملوك.

ص: 557

‌3708 - جهور بن محمد بن جهور

(1)

:

الرئيس أبو الحزم القرطبي الوزير، من بيت رئاسة ووزارة، من دهاة الرجال وعقلائهم، دبَّر أمر قرطبة، واستولى عليها، لكنه من عقله لم يتَّسم بالإمرة، ورتَّب البوابين والحشم على باب القصر، ولم ينتقل من بيته، وأنفق في الجند الأموال، وأقام العمال، وفرق العدد على العامة.

وكان على طريقة الرؤساء الصالحين، فاستمرَّ أمر الناس معه مستقيمًا إلى أن توفِّي في صفر، سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.

فقام بعده ابنه الرئيس أبو الوليد محمد بن جهور، فجرى في السياسة على منهاج أبيه سواء، وبقي كذلك مدة سنين.

وكان والده أبو الحزم من كبار العلماء، روى عن أبي عبد الله بن مفرج، وخلف بن القاسم، وعباس بن أصبغ، وجماعة. روى عنه: محمد بن عتاب، وغيره.

وكان من صغار وزراء دولة ابن أبي عامر.

وكان يقول: أنا ممسك أمر الناس إلى أن يتهيأ لهم من يصلح للخلافة، فاستقلّ بالسلطنة، واستراح من اسمها، وكان يجعل ارتفاع الأموال ودائع عند التجار ومضاربة.

وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز وهو بزي الصالحين، وله هيبة عظيمة، وأمر مطاع، عاش إحدى وسبعين سنة.

وأما ابنه:

(1)

ترجمته في العبر "3/ 183"، وفي تاريخ ابن خلدون "4/ 159" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255"، وسيكرر المؤلف ترجمته في الجزء الثالث عشر برقم ترجمة عام "3980".

ص: 558

‌3709 - أبو الوليد

(1)

:

فحكم على قرطبة ثمانية أعوام، فقصده ابن عباد وقهره، وأخذ البلد، ثم سجن أبا الوليد في حصن.

وكان قد قرأ على مكي بن أبي طالب، وسمع من أبي المطرّف القنازعي، ويونس بن عبد الله بن مغيث، وطائفة. وعُنِيَ بالحديث.

فبقي في سجن ابن عبَّاد إلى أن مات في نصف شوال، سنة اثنتين وستين وأربع مائة.

وقيل: بل غلب على قرطبة المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة، وقام بعده ابن عكاشة البربري، ثم غلب عليها أبو القاسم بن عباد، وصارت تبعًا لإشبيلية.

(1)

ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 159".

ص: 558

‌3710 - إدريس بن علي بن حَمُّود الحسني

(1)

:

الإدريسي، أخو المعتلي بالله، لما قُتِلَ أخوه بادر أبو جعفر أحمد بن موسى بن بَقَنَّة، ونجا الصقلبي الخادم، فأتيا مالقة وهي دار ملكهم، فأخبرا إدريس بن علي بقتل أخيه وكان بسبتة، فدخل الأندلس.

بويع بمالقة بالخلافة، ولقِّب بالمتأيد بالله، وجعل ابن أخيه حسن بن المعتلي واليًا على سبتة.

ثم إنه استنجد بإدريس محمد البربري على حرب عسكر إشبيلية، فأمَدَّه بجيش عليهم ابن بقنة، فهزموا عسكر إشبيلية، وكان عليه إسماعيل ولد القاضي ابن عبَّاد، وقتل إسماعيل، وحمل رأسه إلى إدريس بن علي، فوافاه وهو عليل، فلم يعش إلَّا يومين ومات، وخلف من الولد محمدًا الذي لقب بالمهدي، والحسن الذي لقب بالسامي.

وكان المعتلي بالله قد اعتقل محمدًا وحسنًا ابني عمه القاسم بن حَمُّود بالجزيرة الخضراء، ووكَّل بهما رجلًا من المغاربة، فحين بلغه خبر مقتل المعتلي جمع من كان في الجزيرة من البربر والسودان، وأخرج محمدًا وحسنًا، وقال: هذان سيداكم، فسارعوا إلى الطاعة لهما، فبويع محمد، وتملَّك الجزيرة، لكنه لم يتسم بالخلافة، وأما أخوه الحسن فأقام معه مدةً، ثم تزهَّد وليس الصوف، وفرغ عن الدنيا، وحج بأخته فاطمة.

ولما بلغ نجا الصَّقْلَبي وهو بسبتة موت إدريس، عدَّى إلى مالقة ومعه حسن بن يحيى بن علي، فخارت قوى ابن بقنة، وهرب، فتحصَّن بحصن لمارش وهو على بريد من مالقة، فبويع الحسن بن يحيى بالخلافة، وتسمَّى بالمستعلي، ثم آمن ابن يقنة، فلمَّا قدم عليه قتله، ثم قتل ابن عمه يحيى بن إدريس بن علي، ورجع نجا إلى سبتة، ثم هلك حسن المستعلي بعد سنتين.

فجاز نجا ليملك البلاد، فقتله البربر، وأخرجوا من السجن إدريس ابن المعتلي، فبايعوه

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 324".

ص: 559

وتلقَّب بالعالي، وكان ذا رأفة ورِقّة، لكن كان دنيء النفس يُقَرِّب السِّفَل، ولا يحجب حرمه عنهم، وله تدبير سيئ. ثم إنَّ البربر مقتوه، وأجمعوا على محمد بن القاسم بن حمود الإدريسي الكائن بالجزيرة الخضراء، فبايعوه، ولقَّبوه بالمهديّ، وصار الأمر في غاية الأخلوقة، اجتمع في الوقت أربعة يُدْعَون بأمير المؤمنين في رقعة من الأندلس، مقدار ما بينهم ثلاثون فرسخًا في مثلها، ثم افترقوا عن محمد بعد أيام، ورد خاسئًا، فمات غمًّا بعد أيام، وخلف ثمانية أولاد.

فتولَّى أمر الجزيرة الخضراء بعده ولده القاسم بن محمد بن القاسم الإدريسي.

ووَلِيَ مالقة محمد بن إدريس بن المعتلي، فبقي عليها إلى أن مات سنة خمس وأربعين وأربع مائة، وعزل أبوه هذه المدة، ثم ردّوه بعد ولده إلى إمرة مالقة، فهو آخر من ملكها من الإدريسيين، فلمَّا مات اجتمع رَأْي البربر على نفي الإدريسية عن الأندلس إلى العُدْوَة، والاستبداد بضبط ما بأيديهم من الممالك، ففعلوا ذلك، فكانت الجزيرة وما والاها إلى تاكزونة ومالقة وغرناطة إلى قبيلة أخرى، ولم يزالوا كذلك إلى أن قوي المعتضد بالله عباد بن القاضي بن عباد، وغلب على الأندلس، فأجلاهم عنها، وذلك مذكور في تاريخ الحميدي وغيره، وغلب على كل قطر متغلب تسمَّى بالمأمون، ومنهم من تسمَّى بالمعتصم، وآخر بالمتوكّل، حتى قال الحسن بن رشيق:

ممّا يزهّدني في أرض أندلسٍ

سماع معتصمٍ فيها ومعتضد

ألقاب مملكةٍ في غير موضعها

كالهرّ يحكي انتفاخًا صولة الأسد

ص: 560

‌3711 - النُّوقاتي

(1)

:

المحدِّث الحافظ الأديب، أبو عمر، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان النُّوقاتي السجستاني. ونوقات: قرية من قرى سجستان.

حدَّث عن: عبد المؤمن بن خلف النسفي، ومحمد بن خيو بن حامد الترمذي، وأبي حامد أحمد بن محمد بن الحسين البوشنجي، وعبد الرحمن بن محمد بن علويه الأبهري القاضي، وعدة.

وله من التصانيف: كتاب "العلم والعلماء"، كتاب "التعظة"، كتاب "العتاب"، كتاب "صون المشيب"، كتاب "الرياحين"، كتاب "المسلسلات".

حدَّث عنه: ولده أبو سعيد عثمان، وعلي بن بشرى الليثي، وعلي بن طاهر الشروطي، وحسين بن محمد الكرابيسي، وقاسِم بن عبَّاس الصلحي، وأبو حامد أحمد بن سعيد التوني، وآخرون.

وقد لقي المسند عبد الله بن عمر بن مأمون السجستاني وولده عثمان، وسمع منه.

توفِّي أبو عمر قبل الأربع مائة.

‌3712 - ابن النُّعمان

(2)

:

قاضي الديار المصرية، أبو عبد الله، الحسين بن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن قاضي القضاة أبي حنيفة النعمان بن محمد، المغربيّ العبيدي الرافضي.

وَلِيَ بعد موت عمِّه محمد بأيام، وتمكَّن، واستمرَّ، فحكم خمس سنين ونصف، فعزل في رمضان سنة (394) بابن عمه أبي القاسم عبد العزيز بن محمد.

وجرى له أمر كبير مع الحاكم، ثم ضربت عنقه في أول سنة خمس وتسعين، وأحرق.

وعلت رتبة عبد العزيز جدًّا؛ بحيث إنَّ الحاكم أصعده معه يوم العيد على المنبر، وتصلّب في الأحكام، وقهر الظلمة، إلى أن عُزِلَ في رجب سنة ثمان وتسعين بالقاضي مالك بن سعيد الفارقي، وقتله الحاكم -وقَتَل معه القائد حسين بن جوهر وأمراء لأمر طويل- في سنة إحدى وأربع مائة، وعاش عبد العزيز سبعًا وأربعين سنةً.

‌3713 - أبو عبيد الهروي

(3)

:

العلامة أبو عبيد، أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي الشافعي اللغوي المؤدّب، صاحب "الغريبين".

أخذ علم اللسان عن الأزهري وغيره.

(1)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 205"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 90".

(2)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 422"، والعبر "3/ 45"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 132".

(3)

ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 260"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 228"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 161".

ص: 561

ويقال له: الفاشاني. وفاشان -بفاء مشوبة بباء: قرية من أعمال هراة.

وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية، فقال: روى الحديث عن أحمد بن محمد بن ياسين، وأبي إسحاق أحمد بن محمد بن يونس البزَّاز الحافظ. حدَّث عنه: أبو عثمان الصابوني، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي بكتاب "الغريبين".

قلت: توفِّي في سادس رجب سنة إحدى وأربع مائة.

قال ابن خلكان: سار كتاب في الآفاق، ومر من الكتب النافعة .... ثم قال: وقيل: إنه كان يحب البذلة، ويتناول في الخلوة، ويعاشر أهل الأدب في مجالس اللذة والطرب، عفا الله عنه.

ص: 562

‌3714 - البُسْتِيّ

(1)

:

العلَّامة شاعر زمانه، أبو الفتح، عليّ بن محمد البُسْتِيّ الكاتب.

قال الحاكم بعد أن روى عنه: هو واحد عصره، حدثنا أنه سمع الكثير من أبي حاتم بن حبان.

قلت: وروى عنه الحسين بن علي البردعي، وشيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني، وآخرون.

مات سنة إحدى وأربع مائة.

وله نظم في غاية الجودة، كبير، سائر بين الفضلاء.

(1)

ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 72"، والأنساب للسمعاني "2/ 210"، والعبر "3/ 75"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 159".

ص: 562

‌3715 - ابن الجَسُور

(1)

:

الإمام المحدِّث الثقة الأديب، أبو عمر، أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد بن الحباب، الأموي، مولاهم القرطبي، ابن الجسور، وقد كنَّاه أبو إسحاق بن شنظير: أبا عمير، والأوّل أصح.

حدَّث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مَسَرَّة، ومحمد بن عبد الله ابن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وأحمد بن مُطَرَّف.

حدث عنه: الصاحبان، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عبد الله الخولاني، وأبو محمد بن حزم، وهو أكبر شيخ لابن حزم.

مات في ذي القعدة سنة إحدى وأربع مائة، وله نيف وثمانون سنة.

وكان خَيِّرًا صالحًا شاعرًا، عالي الإسناد، واسع الرواية، صدوقًا.

قال أبو عمر بن عبد البر: قرأت عليه المدونة عن ابن مسرة، عن محمد بن وضاح، عن مؤلفها سحنون، وقرأت تفسير ابن عيينة بروايته عن قاسم بن أصبغ، و"الموطأ" حدثنا به عن محمد بن عيسى بن رفاعة، عن يحيى بن أيوب العلاف، عن ابن بكير، عن مالك.

ومات في العام قبله بأشهر شيخ المالكية بالأندلس أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن المكوي مصنف "الاستيعاب في المذهب" في مائة جزء. توفِّي فجأةً عن ست وسبعين سنة، وكان رأسًا في العلم والعمل.

ومات العلَّامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب "الغريبين" في رجب، والعدل حمد بن عبد الله بن علي الدمشقي صاحب دويرة حمد مذبوحًا في داره، والأديب البليغ أبو الفتح علي بن محمد البستي، وشيخ نيسابور السيد أبو الحسن العلوي، وأبو علي منصور بن عبد الله الخالدي الهروي أحد الضعفاء.

(1)

ترجمته في العبر "3/ 75"، والوافي بالوافيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 330"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 161".

ص: 563

‌3716 - الحِنَّائي

(1)

:

الشيخ المحدِّث الصدوق، أبو بكر، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال، البغدادي الحنائي الأديب.

حدَّث عن: يعقوب الجصَّاص، والحسين بن عيَّاش، وأبي جعفر بن البختري، وإسماعيل الصفار.

حدث عنه: أحمد بن علي الكفرطابي، ورشأ بن نظيف، وأبو القاسم الحنَّائي، وأبو علي الأهوازي.

وثَّقه الخطيب.

توفِّي سنة إحدى وأربع مائة بدمشق.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 140"، والأنساب للسمعاني "4/ 246"، والعِبَر "3/ 75"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 161".

ص: 563

‌3717 - أبو جعفر أحمد بن محمد

(1)

:

هما الحافظان الإمامان الرفيقان: أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة بن ميمون، الأموي، مولاهم الطُّلَيْطُلِيّ.

سمع بطليطلة من: عبد الله بن أمية وأقرانه، وبقرطبة من أحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مِفَرّج، وعبَّاس بن أصبغ، وأبي محمد عبد المؤمن. وارتحلا جميعًا إلى المشرق، فحجَّا وسمعا من أبي بكر أحمد بن محمد المهندس، وأبي عدي عبد العزيز بن عليّ، وأبي بكر الأذفوي وخلق، ثم رُدَّ ابن ميمون إلى طليطلة.

قال ابن مظاهر: كان من أهل العلم والفهم، حافظًا للفقه، راويةً للحديث، دقيق الذهن في جميع العلوم، ذا أخلاق وآداب مع الزهد والفضل والورع، مقبلًا على طريق الآخرة، لم يتأهل

إلى أن قال: قلَّ ما يجوز عليه في كتبه مع كثرتها وَهْم ولا خطأ، كانت كتبه وكتب صاحبه ابن شنظير أصح كتب بطليطلة.

قلت: حمل الناس عنه، وتوفِّي إلى رحمة الله في شعبان سنة أربع مائة بطُلَيْطُلَة كهلًا، وصلى عليه صاحبه ابن شنظير وهو:

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 991"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 158".

ص: 564

‌3718 - الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد

(1)

:

ابن حسين بن شنظير الأموي.

ذكرهما أبو القاسم بن بشكوال، فقال: كان كفرسي رهان في العناية الكاملة بالعلم والبحث على الرواية وضبطها، سمعا بطليطلة من لحقاه بها، وبقرطبة ومصر والحجاز. وكان أبو إسحاق صوَّامًا قوَّامًا وَرِعًا، يَغْلِبُ عليه علم الحديث ومعرفة طرقه .. إلى أن قال: وكان سنيًّا منافرًا لأهل البدع، ما رُئِيَ أزهد منه ولا أَوْقَر مجلسًا، رحل الناس إليهما، ثم تفرَّد أبو إسحاق بالمجلس، ثم توفِّي يوم النحر سنة اثنتين وأربع مائة، وله خمسون عامًا، رحمه الله.

(1)

ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 89"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 992"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 163".

ص: 564

‌3719 - ابن الأَكْفَانِي

(1)

:

قاضي القضاة ببغداد، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، البغدادي الشافعي، المعروف بابن الأَكْفَانِي.

حدَّث عن: القاضي أبي عبد الله المحاملي، وعبد الغافر بن سلامة، وابن عقدة، وأحمد بن علي الجوزجاني، وطائفة.

حدَّث عنه: محمد بن طلحة، وأبو القاسم التنوخي، وعبد العزيز الأزجي، وعدة.

قال التنوخي: قال لي أبو إسحاق الطبري: من قال إنَّ أحدًا أنفق على أهل العلم مائة ألف دينار فقد كذب، غير أبي محمد بن الأكفاني.

قال التنوخي: جمع له جميع قضاء بغداد في سنة (396)، مات سنة خمس وأربع مائة، وله تسعون سنة إلَّا سنة.

‌3720 - رأس الإمامية بالعراق:

أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن عبيد الله بن حسن الجوهري.

له تصانيف منها "أخبار الاثني عشر"، وكتاب "الشِّجاج"، وأشياء.

مات سنة إحدى وأربع مائة.

‌3721 - ابن جُمَيْع

(2)

:

الشيخ العالم الصالح، المسند المحدّث الرحال، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن جُمَيْع، الغساني الصيداوي، صاحب "المعجم".

سمع بمكة من أبي سعيد بن الأعرابي، وبالمدينة أو لم يسمع بها، وببغداد من المحاملي، وابن مخلد، والحسين بن سعيد المطبقي، وأبي العباس محمد بن أحمد الأثرم، وأحمد بن علي الجوزجاني، وخلق، وبالكوفة من الحافظ ابن عقدة، وبالبصرة من أبي روق الهزاني، وواهب بن محمد، وبواسط من أحمد بن محمد بن سعدان، وبكفربيا من أحمد بن عبد الحكم البزاز، وببلد من أحمد بن إبراهيم الإمام، وبالرملة من أحمد بن

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 141"، والأنساب للسمعاني "1/ 339"، واللباب لابن الأثير "1/ 82"، والعبر "3/ 90"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 174".

(2)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 116"، واللباب لابن الأثير "2/ 253"، والعبر "3/ 80"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 164".

ص: 565

عمرو الحافظ، وبمصر من أبي الطاهر أحمد بن محمد الخامي، وعدة، وبصيدا من أحمد بن ريحان، وبصور من أحمد بن سعيد الفارسي، وأحمد بن هشام بن الليث، وبمنبج من أبي بكر أحمد بن يوسف، وبحلب من أبي بكر أحمد بن مسعود الوزّان، وبسيراف من جعفر بن محمد الأصبهاني، وبرامهرمز من أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الحافظ، وبالمصيصة من حَيَّان بن بشر القاضي، وبعين زربة من حسنون بن محمد، وبأطرابلس من خيثمة القرشي، وبالموصل من عبد الله بن علي بن إبراهيم العمريّ، وبأنطاكية من عبد الله بن خلف الصَّيْدَلاني، وبيافا من عبد الله بن علي بن أبي الخنبش، وبتَنِّيس مؤنس بن وصيف، وبشيراز من أبي الصقر مظفّر بن محمد، وبدمشق من أحمد بن محمد بن عمارة، وبطرسوس من محمد بن إبراهيم بن أبي أمية الطرسوسي، وبالرِّقة من محمد بن الحسن بن أبي خبزة، وبالقلزم من محمد بن عبد الله بن قنقل، وبالأثارب من أحمد بن محمد العماري، وببيروت من أحمد بن مكحول البيروتي، وببياس من أحمد بن دينار، وبالأهواز من أحمد بن محمد بن شجاع، وبعرقة حسين بن عيسى الخزرجي، وبدمياط من خالد بن محمد، وبقرقيسيا من أبي القاسم عبد الملك بن محمد، وبجبلة من عليّ بن أحمد بن عسال، وبالأبلة من علي بن عبد الوهاب الظاهريّ، وبدير العاقول عمر بن سورين، وبنهر الملك يزيد بن إسماعيل الخلّال. وأعانه على لقي هؤلاء في هذه البلاد الشاسعة سفره في التجارة.

حدَّث عنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، وتَمَّام الرازي، ومحمد بن علي الصوري، وأبو علي الأهوازي، وولده السكن بن جُمَيْع، وعبد الله بن أبي عقيل، وأبو نصر بن سلمة الورَّاق، وأبو نصر الحسين بن طلاب الخطيب، وآخرون.

مولده في سنة خمس وثلاث مائة، وقيل: في سنة ست.

وقال ابنه: صام أبي أبو الحسين وله ثمان عشرة سنة إلى أن توفِّي.

قال الصوري في جزء له: أخبرنا أبو الحسين بن جُمَيْع وكان شيخًا صالحًا ثقة مأمونًا.

وقال الخطيب وغيره: ثقة.

قلت: قد سمع من أبي الحسن بن صفوة في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة، وسمع ببغداد في سنة سبع وثمان وعشرين، وكان أسند من بقي بالشام، ولم أظفر له بشيء في طيبة.

قرأت معجمه على ابن القواس، عن أبي القاسم بن الحرستاني، سنة تسع وست مائة

ص: 566

حضورًا، عن جمال الإسلام السلمي، عن ابن طلاب، عنه قال: هذا ما اشتمل عليه ذكر شيوخي الذين لقيتهم في سائر الآفاق: بمكة والعراق وفارس وأرض إصطخر والثغور وديار بكر والشام ومصر، وأبدأ بمن اسمه محمد

إلى أن قال: أنشدني أبو بكر أحمد بن محمد الصنوبري بحلب:

تزايد ما ألقى فقد جاوز الحدّا

وكان الهوى مَزْحًا فصار الهوى جدّا

وقد كنت جلدًا ثم أوهنني الهوى

وهذا الهوى ما زال يستوهن الجلدا

فلا تعجبي من غلب ضعفك قوّتي

فكم من ظباءٍ في الهوى غلبت أُسدا

غلبتم على قلبي فصرتم أحقّ بي

وأملك بي منّي فصرت لكم عبدا

جرى حبّكم مجرى حياتي ففقدكم

كفقد حياتي لا رأيت لكم فقدا

وقد سقت من هذا المعجم أحاديث فيما مضى.

قال أبو الفضل السعدي، والسَّكَن ولد ابن جُمَيْع، وأبو إسحاق الحبال: توفِّي ابن جميع في رجب سنة اثنتين وأربع مائة، لكن ابنه ما ذكر الشهر، وَوَهِمَ الكنَّاني، فقال: مات في سنة ثلاث وأربع مائة. والصحيح الأوّل، وعاش ستًا وتسعين سنة.

ص: 567

‌3722 - أبوه أبو بكر

(1)

:

وكان والده أبو بكر عابدًا صوَّامًا.

حدَّث عن محمد بن عبدان صاحب أبي مصعب الزهري.

روى عنه ولده في معجمه، وحفيده الحسَن الملقَّب بالسَّكَن.

توفِّي في سنة بضع وخمسين وثلاث مائة.

‌3723 - السَّكَن بن جُمَيْع

(2)

:

وكان السكن يُكَنَّى أبا محمد.

روى عن: أبيه، وعن جده، وعن جده الآخر المعمّر محمد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان، ويوسف بن القاسم الميَانَجي، وأحمد ابن عطاء الرُّوذَبَاري، وجماعة.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 119".

(2)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 117".

ص: 567

وعمَّر دهرًا كأبيه.

حدَّث عنه: محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري، وعليّ بن بكَّار الصوري، وجماعة، وبالإجازة الفقيه نصر المقدسي، وأبو الحسن بن الموازيني، حكى عنه مُنَجَّى بن سليم الكاتب قال: مكثت ستة أشهر ما شربت الماء.

وقال: سمعت الموطأ من جدي سنة سبع وخمسين، ولي الآن سبع وثمانون سنة، وقد سردت الصوم ولي ثمان وعشرون سنة، وكذا سرد الصوم أبي وجدي.

مات السكن في يوم عيد الفطر سنة سبع وثلاثين وأربع مائة بصيدا، وما زال بلد صيدا دار إسلام إلى أن استولى عليه الفرنج في حدود الخمس مائة، فدام بأيديهم دهرًا إلى أن افتتحه السلطان الملك الأشرف صلاح الدين سنة تسعين وست مائة وأخرب حصنه.

ومات مع ابن جُمَيْع في سنة اثنتين وأربع مائة شيخ همذان أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تركان التميمي الخفاف، وله رحلة سمع فيها من أبي سهل بن زياد، والوزير البليغ المنشئ أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب اليزيدي الأندلسي والد الفقيه أبي محمد، والإمام أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن مسور السوسنجردي البغدادي، ومحدِّث الأندلس أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن شنظير الطليطلي صاحب الحافظ أبي جعفر بن ميمون، ويقال لهما: الصاحبان؛ لكونهما في الحفظ والطلب معًا كفرسي رهان، ماتا كهلين، وكان أبو إسحاق عابدًا متبتلًا قانتًا لله، داعيةً إلى السنن. وأبو القاسم خلف بن إبراهيم بن محمد بن خاقان مقرئ مصر، والقدوة الزاهد طاهر بن عبد الله بن عمر بن ماهلة الهمذاني، حدَّث عن الكبار، وقاضي قرطبة العلَّامة أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس المالكي الحافظ، وزاهد بغداد أبو عمرو عثمان بن عيسى الباقلاني العابد، والمحدِّث علي بن أحمد بن محمد السامري الرَّفاء صاحب الهاشمي، وإمام جامع دمشق أبو الحسن علي بن داود الداراني المقرئ الزاهد، والعلَّامة أبو الحسين بن اللبَّان الفرضي، وطائفة ذكرتهم في هذا الكتاب.

ص: 568

‌3724 - القَابِسيّ

(1)

:

الإمام الحافظ الفقيه، العلّامة عالم المغرب، أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري القروي القابسي المالكي، صاحب "الملخَّص".

حج، وسمع من: حمزة بن محمد الكتاني الحافظ، وأبي زيد المروزي، وابن مسرور الدباغ بإفريقية، دراس بن إسماعيل، وطائفة.

وكان عارفًا بالعلل والرِّجَال، والفقه والأصول والكلام، مصنفًا يقظًا دَيِّنًا تقيًّا، وكان ضريرًا، وهو من أصحّ العلماء كتبًا، كتب له ثقات أصحابه، وضبط له بمكة "صحيح البخاري"، وحرَّرَه وأتقنه رفيقه الإمام أبو محمد الأصيلي.

قال حاتم الأطرابُلُسي: كان أبو الحسن القابسي زاهدًا ورعًا يقظًا، لم أر بالقيروان إلَّا معترفًا بفضله. تفقَّه عليه أبو عمران القابسي، وأبو القاسم اللبيدي، وعتيق السوسي، وغيرهم.

ألَّف تواليف بديعة ككتاب "الممهد" في الفقه، وكتاب "أحكام الديانات"، و"المنقذ من شبه التأويل"، وكتاب "المنبه للفطن"، وكتاب "ملخص الموطأ"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "الاعتقادات"، وغير ذلك.

وكان مولده في سنة أربع وعشرين وثلاث مائة.

وتوفِّي في ربيع الآخر بمدينة القيروان، وبات عند قبره خلق من الناس، وضربت الأخبية، ورثته الشعراء سنة ثلاث وأربع مائة.

وقد أخذ القراءة عرضًا بمصر عن أبي الفتح بن بدهن، وأقرأ الناس بالقيروان دهرًا، ثم قطع الإقراء لما بلغه أن بعض أصحابه أقرأ الوالي، ثم أعمل نفسه في درس الفقه والحديث حتى برع فيهما، وصار إمام العصر، أثنى عليه بأكثر من هذا أبو عمرو الداني، وقال: كتبنا عنه شيئًا كثيرًا، وبقي في الرحلة خمس سنين، وردَّ سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

قلت: وممن روى عنه: أبو محمد عبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري الفقيه شيخ أبي عبد الله محمد بن الحطاب الرازي الإسكندراني.

وقيل له: القابسي؛ لأن عمه كان يشد عمامته شدةً قابسية، فاشتهر لذلك بالقابسي.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 446"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 982"، والعبر "3/ 85"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 233"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 168".

ص: 569

أخبرنا قاضي دمشق علم الدين محمد بن أبي بكر المصري، أخبرنا أحمد بن عمر الباهي، أخبرنا عثمان بن حسن اللغوي، أخبرنا خلف بن عبد الملك الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن عتاب، حدثنا حاتم بن محمد، أخبرنا أبو الحسن القابسي، أخبرنا علي بن محمد بن مسرور، أخبرنا أحمد بن أبي سليمان، حدثنا سحنون بن سعيد، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، حدثنا مالك، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبَان، عن أمه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن نستمتع بجلود الميتة إذا دُبِغَت

(1)

.

ومات مع القابسي: ابن الباقلاني الأصولي، وأحمد بن فراس المكي باختلافٍ فيه، وأبو القاسم إسماعيل بن الحسن الصوصري صاحب المحاملي، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله بن حامد الورَّاق واسمه حسن، وشيخ الشافعية أبو عبد الله الحليمي الحسين بن الحسن البخاري، وأبو علي الحسين بن محمد الرُّوذَبَاري راوي "سنن أبي داود"، والحافظ أبو الوليد بن الفرضي القرطبي، وشيخ الحنفية أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي مفتي العراق، وشاعر الأندلس يوسف بن هارون الرمادي، وملك الترك أيلك خان، وكان خَيِّرًا عادلًا ديِّنًا، فتملَّك بعده أخوه طغان خان.

(1)

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه مالك "2/ 498"، ومن طريقه أخرجه أبو داود "4124"، والنسائي "7/ 176"، وابن ماجه "3612"، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط، به.

ووقع عند النسائي [محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه]، ورواه جميعهم [عن أمه]، ووروايته عن أبيه ضعيفة. كما أنَّ أمه مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبولة.

لكن ورد عن ابن عباس قال: تصدَّق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمَرَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"هَلَّا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به"؟ فقالوا: إنها ميتة. فقال: "إنما حُرِّم أكلها". أخرجه البخاري "5531"، ومسلم "363"، وأبو داود "4120"، والنسائي "7/ 171"، وابن ماجه "3610"، والدارمي "2/ 86"، والدارقطني "1/ 42"، وأبو عوانة "1/ 209"، والبيهقي "1/ 15".

ص: 570

‌3725 - الحاكم

(1)

:

محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم، الإمام الحافظ، الناقد العلّامة، شيخ المحدثين، أبو عبد الله بن البيع الضبي الطهماني النيسابوري، الشافعي، صاحب التصانيف.

مولده في يوم الاثنين، ثالث شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة بنيسابور.

وطلب هذا الشأن في صغره بعناية والده وخاله، وأوّل سماعه كان في سنة ثلاثين، وقد استملى على أبي حاتم بن حبان في سنة أربع وثلاثين وهو ابن ثلاث عشرة سنة.

ولحق الأسانيد العالية بخراسان والعراق وما وراء النهر، وسمع من نحو ألفيّ شيخ، ينقصون أو يزيدون، فإنَّه سمع بنيسابور وحدها من ألف نفس، وارتحل إلى العراق وهو ابن عشرين سنة، فقدم بعد موت إسماعيل الصفَّار بيسير.

وحدَّث عن أبيه، وكان أبوه قد رأى مسلمًا صاحب الصحيح، وعن محمد بن علي المذكر، ومحمد بن يعقوب الأصم، ومحمد بن يعقوب الشيباني بن الأخرم، ومحمد بن أحمد بن بالويه الجلّاب، وأبي جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن واره، ومحمد بن عبد الله بن أحمد الصفار، وصاحبي الحسن بن عرفة: علي بن الفضل الستوري، وعلي بن عبد الله الحكيمي، وإسماعيل بن محمد الرازي، ومحمد بن القاسم العتكي، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي الجمّال، ومحمد بن المؤمّل الماسرجسي، ومحمد بن أحمد بن محبوب محدِّث مَرْو، وأبي حامد أحمد بن علي بن حسنويه، والحسن بن يعقوب البخاري، والقاسم ابن القاسم السياري، وأبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن محمد بن عبدوس العنزي، ومحمد بن أحمد الشعيبي الفقيه، وإسماعيل بن محمد بن الشعراني، وأبي أحمد بكر بن محمد المروزي الصَّيْرَفِيّ، وأبي الوليد حسَّان ابن محمد الفقيه، وأبي علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، وحاجب بن أحمد الطوسي، لكن عدم سماعه منه، وعلي بن حمشاد العدل، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبي النضر محمد ابن محمد الفقيه، وأبي عمرو وعثمان بن أحمد الدقاق البغدادي، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن درستويه، وأبي سهل بن زياد، وعبد الباقي بن قانع، وعبد الرحمن بن حمدان الجلّاب شيخ همذان، والحسين بن الحسن الطوسي، وعلي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، ومحمد بن حاتم بن خزيمة الكشي شيخ زعم أنه لقي عبد بن حميد، وأمم سواهم؛ بحيث إنه روى عن أبي طاهر الزيادي، والقاضي أبي بكر الحيري.

حدَّث عنه: الدارقطني وهو من شيوخه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، وأبو ذر الهروي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، والزكي عبد الحميد البحيري، ومؤمل بن

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 473"، والأنساب للسمعاني "2/ 370"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 274"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 962"، وميزان الاعتدال "3/ 608"، ولسان الميزان "5/ 232"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 238"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 176".

ص: 571

محمد بن عبد الواحد، وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصرّام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وخلق سواهم.

وصنَّف وخرَّج، وجرَّح وعَدَّل، وصحَّح وعلل، وكان من بحور العلم على تشيع قليل فيه.

وقد قرأ بالروايات على ابن الإمام، ومحمد بن أبي منصور الصرّام، وأبي علي بن النقار مقرئ الكوفة، وأبي عيسى بكار مقرئ بغداد.

وتَفَقَّه على أبي علي بن أبي هريرة، وأبي الوليد حسان بن محمد، وأبي سهل الصعلوكيّ.

وأخذ فنون الحديث عن أبي علي الحافظ، والجعابي، وأبي أحمد الحاكم، والدارقطني، وعدة.

وقد أخذ عنه من شيوخه: أبو إسحاق المزكي، وأحمد بن أبي عثمان الحيري، ورأيت عجيبةً وهي أن محدّث الأندلس أبا عمر الطلمنكي قد كتب كتاب "علوم الحديث" للحاكم في سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، عن شيخ سماه، عن رجل آخر، عن الحاكم.

وقد صحب الحاكم من مشايخ الطريق إسماعيل بن نجيد، وجعفرًا الخلدي، وأبا عثمان المغربي.

وقع لي حديثه عاليًا بإسناد فيه إجازة.

قرأت على أبي علي بن الخلّال: أخبركم جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ ذكر الحاكم وعظَّمه، وقال: له رحلتان إلى العراق والحجاز، الثانية في سنة ثمان وستين، وناظر الدراقطني فرَضِيَه، وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبًا من خمس مائة جزء، يستقصي في ذلك، يؤلّف الغَثّ والسمين. ثم يتكلم عليه، فيبين ذلك.

قال: وتوفَّي في سنة ثلاث وأربع مائة. كذا قال.

قال: وسألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه، ويقرأ عليه في فوائد العراقيين: سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن سهل، حديث الاستئذان، فقال لي: من أبو سلمة هذا? فقلت من وقتي: المغيرة بن مسلم السراج. قال: وكيف يروي المغيرة عن الزهري? فبقيت، ثم قال لي: قد أمهلتك أسبوعًا حتى تتفكَّر فيه. قال: فتفكَّرت ليلتي حتى بقيت أكرر التفكر، فلمَّا وقعت إلى أصحاب الجزيرة من أصحاب الزهري، تذكرت محمد بن أبي

ص: 572

حفصة، فإذا كَنّيته أبو سلمة، فلما أصبحت، حضرت مجلسه، ولم أذكر شيئًا حتى قرأت عليه نحو مائة حديث، قال: هل تفكَّرت فيما جرى? فقلت: نعم. هو محمد بن أبي حفصة، فتعجَّب، وقال لي: نظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري? فقلت: لا. وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحيِّر، وأثنى علي، ثم كنت أسأله، فقال: أنا إذا ذاكرت اليوم في باب لا بد من المطالعة لكبر سني. فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرًا، وقال لي: أعلم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدة تاريخ صنَّفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئًا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت "تاريخ النيسابوريين" فتأمَّلته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد، وصنَّف لأبي علي بن سيمجور كتابًا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه وأحاديثه، وسمَّاه "الإكليل"، لم أر أحدًا رتَّب ذلك الترتيب، وكنت أسأله عن الضعفاء الذين نشئوا بعد الثلاث مائة بنيسابور وغيرها من شيوخ خراسان، وكان يبين من غير محاباة.

أخبرنا المؤمّل بن محمد وغيره كتابةً قالوا: أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: كان أبو عبد الله بن البيع الحاكم ثقةً، أول سماعه سنة ثلاثين وثلاث مائة، وكان يميل إلى التشيّع، فحدَّثني إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور، وكان صالحًا عالمًا قال: جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث، وزعم أنَّها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها حديث الطير، وحديث:"من كنت مولاه فعليّ مولاه"

(1)

فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك، ولم يلتفتوا إلى قوله.

أبو نعيم الحداد: سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، سمعت أبا عبد الرحمن الشَّاذْيَاخي الحاكم يقول: كنَّا في مجلس السيد أبي الحسن، فسُئِلَ أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير، فقال: لا يصح، ولو صحَّ لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذه حكاية قوية، فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك? فكأنه اختلف اجتهاده، وقد جمعت طرق حديث الطير في الجزء، وطرق حديث: من كنت مولاه وهو أصحّ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم عن علي قال: إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي: "إنه لا يحبك إلَّا

(1)

صحيح بطرقه: ورد من حديث بريدة: عند أحمد "5/ 350، 358، 361"، وابن أبي شيبة "12/ 57"، وابن أبي عاصم "1354"، والبزار "2535"، والحاكم "2/ 129 - 130"، من طريق الأعمش عن سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه، به.

وورد عن زيد بن أرقم: عند أحمد "4/ 368، 372"، والترمذي "3713"، والحاكم "3/ 110"، وورد عن البراء بن عازب: عند ابن ماجه "116"، وأحمد "4/ 281"، وورد من حديث سعد بن أبي وقاص: عند ابن ماجه "121".

ص: 573

مؤمن، ولا يبغضك إلَّا منافق"

(1)

. وهذا أشكل الثلاثة، فقد أحبه قوم لا خلاق لهم، وأبغضه بجهل قوم من النواصب، فالله أعلم.

أنبئت عن أبي سعد الصفار: عن عبد الغافر بن إسماعيل قال: الحاكم أبو عبد الله هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق معرفته، يقال له: الضبي؛ لأن جد جدته هو عيسى بن عبد الرحمن الضبي، وأم عيسى هي منويه بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته بيت الصلاح والورع والتأذين في الإسلام، وقد ذكر أباه في تاريخه، فأغنى عن إعادته، ولد سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة. قال: ولقي عبد الله بن محمد بن الشرقي، وأبا علي الثقفي، وأبا حامد بن بلال، ولم يسمع منهم، وسمع من أبي طاهر المحمداباذي، وأبي بكر القطان، ولم يظفر بمسموعه منهما، وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه، وقرأ بخراسان على قراء وقته، وتفقَّه على أبي الوليد، والأستاذ أبي سهل، واختصَّ بصحبة الإمام أبي بكر الصبغي، وكان الإمام يراجعه في السؤال والجرح والتعديل، وأوصى إليه في أمور مدرسته دار السنة. وفَوَّض إليه تولية أوقافه في ذلك، وذاكر مثل الجعابي، وأبي علي الماسرجسي الحافظ الذي كان أحفظ زمانه، وقد شرع الحاكم في التصنيف سنة سبع وثلاثين، فاتَّفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبًا من ألف جزء من تخريج "الصحيحين"، و"العلل والتراجم" والأبواب والشيوخ، ثم المجموعات مثل "معرفة علوم الحديث"، و"مستدرك الصحيحين"، و"تاريخ النيسابوريين"، و"كتاب مزكي الأخبار"، و"المدخل إلى علم الصحيح"، وكتاب "الإكليل"، و"فضائل الشافعي"، وغير ذلك. ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه، ويحكون أن مقدمي عصره مثل أبي سهل الصعلوكي، والإمام ابن فورك، وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم، ويراعون حق فضله، ويعرفون له الحرمة الأكيدة، ثم أطنب عبد الغافر في نحو ذلك من تعظيمه، وقال: هذه جمل يسيرة هي غيض من فيض سيره وأحواله، ومن تأمَّل كلامه في تصانيفه، وتصرفه في أماليه، ونظره في طرق الحديث، أذعن بفضله، واعترف له بالمزية على من تقدمه، وإتعابه من بعده، وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ شأوه، وعاش حميدًا، ولم يخلف في وقته مثله، مضى إلى رحمة الله في ثامن صفر سنة خمس وأربع مائة.

قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدويي الحافظ: سمعت الحاكم أبا عبد الله إمام أهل الحديث في عصره يقول: شربت ماء زمزم، وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "78" عن علي رضي الله عنه، به.

ص: 574

قال العبدويي: وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: كتبت على ظهر جزء من حديث أبي الحسين الحجَّاجي الحافظ، فأخذ القلم، وضرب على الحافظ، وقال: أيش أحفظ أنا? أبو عبد الله بن البياع أحفظ مني، وأنا لم أر مِنَ الحفاظ إلَّا أبا علي النيسابوري، وأبا العباس بن عقدة. وسمعت السلمي يقول: سألت الدارقطني: أيهما أحفظ: ابن منده أو ابن البيع? فقال: ابن البيع أتقن حفظًا.

قال أبو حازم: أقمت عند أبي عبد الله العصمي قريبًا من ثلاث سنين، ولم أر في جملة مشايخنا أتقن منه ولا أكثر تنقيرًا، وكان إذا أشكل عليه شيء أمرني أن أكتب إلى الحاكم إلى أبي عبد الله، فإذا ورد جواب كتابه، حكم به، وقطع بقوله.

قال الحافظ أبو صالح المؤذن: أخبرنا مسعود بن علي السجزي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، حدثنا الحافظ أبو عمرو محمد بن أحمد بن جعفر البحيري، حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل بن مطرف الكرابيسي في سنة سبع وأربعين وثلاث مائة، حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ، حدثنا النجاد، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا سعير بن الخمس، عن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن بلالًا يؤذن بليل" وذكر الحديث

(1)

، ثم قال مسعود: وحدثنيه الحاكم غير مرة، وقد كان الحاكم لما روى عنه الكرابيسي هذا شابًا طريًّا.

أنبأنا ابن سلامة عن الحافظ عبد الغني، أخبرنا أبو موسى المديني، أخبرنا هبة الله بن عبد الله الواسطي، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو القاسم الأزهري، حدثنا الدارقطني، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، حدثنا محمد بن جعفر النسوي، حدثنا الخليل بن أحمد النسوي، حدثنا خداش بن مخلد، حدثنا يعيش بن هشام، حدثنا مالك، عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحسن الهدية أمام الحاجة!.

قلت: هذا ملصق بمالك، وقد حدَّث به الوليد الموْقِري

(2)

أحد الضعفاء، عن الزهري مرسلًا.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "623"، ومسلم "1092" عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم".

(2)

هو الوليد بن محمد الموقَّري، صاحب الزهري، يكنَّى أبا بشر البلقاوي، مولى بني أمية، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به. وكذبه يحيى بن معين. وقال النسائي: متروك الحديث.

قلت: والحديث الذي رواه باطل، وقد مَرَّ تخريجنا له.

ص: 575

أبو موسى: حَدَّثنا الحسين بن عبد الملك، عن سعد بن علي الزنجاني، سمع أبا نصر الوائلي يقول: لما ورد أبو الفضل الهمذاني نيسابور تعصَّبوا له، ولقَّبوه: بديع الزمان، فأعجب بنفسه؛ إذ كان يحفظ المائة بيت إذا أنشدت مرةً، وينشدها من آخرها إلى أولها مقلوبةً، فأنكر على الناس قولهم: فلانٌ الحافظ في الحديث. ثم قال: وحفظ الحديث مما يذكر?! فسمع به الحاكم ابن البيع، فوجه إليه بجزء، وأجل له جمعةً في حفظه، فردَّ إليه الجزء بعد الجمعة، وقال: من يحفظ هذا? محمد بن فلان، وجعفر بن فلان، عن فلان? أساميّ مختلفة، وألفاظ متباينة? فقال له الحاكم: فاعرف نفسك، واعلم أنَّ هذا الحفظ أصعب مما أنت فيه.

ثم روى أبو موسى المديني: أنَّ الحاكم دخل الحمَّام، فاغتسل، وخرج. وقال: آه. وقبضت روحه وهو متَّزر لم يلبس قميصه بعد، ودُفِنَ بعد العصر يوم الأربعاء، وصلَّى عليه القاضي أبو بكر الحيري.

قال الحسن بن أشعث القرشي: رأيت الحاكم في المنام على فرس في هيئة حسنة وهو يقول: النجاة، فقلت له: أيها الحاكم! في ماذا? قال: في كتبة الحديث.

الخطيب في تاريخه: حدَّثني الأزهري قال: ورد ابن البيع بغداد قديمًا، فقال: ذكر لي أن حافظكم -يعني الدارقطني- خرَّج لشيخ واحد خمس مائة جزء، فأروني بعضها. فحمل إليه منها، وذلك مما خرَّجه لأبي إسحاق الطبريّ، فنظر في أول الجزء الأول حديثًا لعطية العوفي، فقال: استفتح بشيخ ضعيف. ورمى الجزء، ولم ينظر في الباقي.

قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ? قال: من? قلت: الدارقطني، وعبد الغني، وابن منده، والحاكم. فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأما ابن منده فأكثرهم حديثًا مع معرفة تامَّة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفًا.

أنبأني أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، عن ابن طاهر: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، عن أبي عبد الله الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضيّ خبيث.

قلت: كلّا ليس هو رافضيًّا، بل يتشيِّع.

قال ابن طاهر: كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنُّن في التقديم

ص: 576

والخلافة، وكان منحرفًا غاليًا عن معاوية رضي الله عنه وعن أهل بيته، يتظاهر بذلك، ولا يعتذر منه، فسمعت أبا الفتح سمكويه بهراة، سمعت عبد الواحد المليحي، سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: دخلت على الحاكم وهو في داره، لا يمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام، وذلك أنَّهم كسروا منبره، ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل حديثًا، لاسترحت من المحنة، فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي.

وسمعت المظَفَّر بن حمزة بجرجان، سمعت أبا سعد الماليني يقول: طالعت كتاب "المستدرك على الشيخين" الذي صنَّفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثًا على شرطهما.

قلت: هذه مكابرة وغلوّ، وليست رتبة أبي سعد أن يحكم بهذا، بل في "المستدرك" شيء كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعلَّ مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقلّ، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المائة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردت منها جزءًا، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء، وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته، ويعوز عملًا وتحريرًا.

قال ابن طاهر: قد سمعت أبا محمد بن السمرقندي يقول: بلغني أن "مستدرك" الحاكم ذكر بين يدي الدارقطني، فقال: نعم، يستدرك عليهما حديث الطير! فبلغ ذلك الحاكم، فأخرج الحديث من الكتاب.

قلت: هذه حكاية منقطعة، بل لم تقع، فإن الحاكم إنما ألف "المستخرج" في أواخر عمره، بعد موت الدارقطني بمدة، وحديث الطير ففي الكتاب لم يحوَّل منه، بل هو أيضًا في جامع الترمذي.

قال ابن طاهر: ورأيت أنا حديث الطير جمع الحاكم بخطه في جزء ضخم، فكتبته للتعجب.

قال الحاكم في تاريخه: ذكرنا يومًا ما روى سليمان التيمي عن أنس، فمررت أنا في الترجمة، وكان بحضرة أبي علي الحافظ وجماعة من المشايخ، إلى أن ذكرت حديث: "لا يزني

ص: 577

الزاني حين يزني وهو مؤمن". فحمل بعضهم عليّ، فقال أبو علي: لا تفعل، فما رأيت أنت ولا نحن في سنه مثله، وأنا أقول: إذا رأيته رأيت ألف رجل من أصحاب الحديث.

قد مر أن الحاكم مات فجأةً في صفر سنة خمس، وصلّى عليه القاضي أبو بكر الحيري.

وفيها مات مسند مكة أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، ومسند بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى المجبر، وحافظ شيراز أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الشيرازي المقرئ، ومسند دمشق أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي، وقاضي بغداد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الأكفاني، وشيخ الشافعية أبو القاسم يوسف بن أحمد بن كجّ الدينوري، وشيخ الشافعية بالبصرة أبو القاسم عبد الواحد ابن الحسين الصَّيْمري.

ص: 578