الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
3726 - ابن الفرضي
(1)
:
الإمام الحافظ، البارع الثقة، أبو الوليد، عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر القرطبي، ابن الفرضي، مصنف "تاريخ الاندلسيين".
أخذ عن: أبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وعبد الله بن قاسم، وعباس ابن أصبغ، وخلف بن القاسم، وخلق. وحج، فحمل عن: أبي بكر أحمد بن محمد بن المهندس، ويوسف بن الدخيل، والحسن بن إسماعيل الضراب، وأبي محمد بن أبي زيد، وأحمد بن رحمون، وأمد بن نصر الداوودي.
وله تأليف في "أخبار شعراء الأندلس" ومصنف في "المؤتلف والمختلف، وفي "مشتبه النسبة".
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وقال: كان فقيهًا حافظًا، عالمًا في جميع فنون العلم في الحديث والفرجال، أخذت معه عن أكثر شوخي، و كان حسن الصحبة والمعاشرة، قتلته البربر، وبقي ملقى في داره ثلاثة أيام.
وقال أبو مروان بن حيان، وممن قتل يوم أخذ يوم قربطة الفقيه الأديب الفصيح ابن الفرضي، وورى متغيرًا من غير غسلن ولا كفن، ولا صلاة، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية، وحفظ الحديث، ومعرفة الرجال، والافتنان في العلوم، والأدب البارع، ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة، وحج سنة اثنتين وثمانين، وجمع من الكتب أكثر ما يجمعه أحد في علماء البلد، وتقلد قراءة الكتب بعهد العامرية، واستقضاه محمد المهدي ببلنسية، وكان حسن البلاغة والخط.
قال الحميدي: حدثنا علي بن أحمد الحافظ، أخبرني أبو الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة، وسألت الله -تعالى- الشهادة، ثم فكرت في هول القتل، فندمت، وهممت أن أرجع، فأستقبل الله ذلك، فاستحييت. قال الحافظ على: فأخبرني من رآه بين القتلى،
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 251 "، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 105"، والعبر "3/ 85"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 981"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 168".
ودنا منه، فسمعه يقول بصوت ضعيف:"لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلَّا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، اللون لون الدم، والريح ريح المسك". كأنه يعيد على نفسه الحديث، ثم قضى على إثر ذلك، رحمه الله.
وله شعر رائق فمنه:
إنّ الذي أصبحت طوع يمينه
…
إن لم يكن قمرًا فليس بدونه
ذلّي له في الحبّ من سلطانه
…
وسقام جسمي من سقام جفونه
وقال ابن عبد البر: أنشدنا ابن الفرضي لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقفٌ
…
على وجلٍ ممّا به أنت عارف
يخاف ذنوبًا لم يغب عنك غيبها
…
ويرجوك فيها فهو راجٍ وخائف
ومن ذا الذي يرجو سواك ويتّقي
…
ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيّدي! لا تخزني في صحيفتي
…
إذا نشرت يوم الحساب الصّحائف
قتل رحمه الله سنة ثلاث وأربع مائة كهلًا.
3727 - صاحب اليمن:
كان ابن زياد وآله ملك اليمن من أكثر من مائتي عام، وبدأت دولتهم تولي، وملكوا صغيرًا قام بتدبيره مولاه حسين ابن سلامة النوبي، وكان خيرًا صالحًا، أنشأ مدينة الكدراء، ومدينة المعقر، وأنشأ الجوامع، وعدل وتصدق، توفي سنة اثنتين وأربع مائة أعني حسينًا وكان في المائة الرابعة باليمن دعاة للقرامطة.
3728 - العبقسي
(1)
:
القاضي العدل، أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس وقيل: بين علي وفراس "أحمد" العبقسي، المكي، العطار، مسند الحجاز.
ولد سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة.
وسمع في صباه -وهو ابن عشر سنين- من أبي جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، وأبي
التريك محمد بن الحسين بن موسى السعدي الحمصي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، وأبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ، وبكير بن محمد الحداد، وأبي اليسع إسماعيل بن محمد المصيصي، وأبي علي الحسين بن الفتح النيسابوري الفقيه كمام، والعباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة، وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، وأبو سعد إسماعيل ابن علي السمان، وحاتم بن محمد الأطرابلسي ثم الأندلسي، وأبو علي الأهوازي، وأبو نصر السجزي، وأبو عمرو الداني، والحسن بن النعمان الصيمري، وأبو ذر الهروي، وعلي بن عبد الملك بن شبانة الدينوري، وأبو محمد الحسن بن الحسين التجيبي الفرشي، وسليم الرازي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وأبو طالب العشاري، وأبو عمران الفارسي، ومكي بن أبي طالب، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، ومظفر ابن الحسن سبط ابن لال، وعلي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي، وآخرون.
قال أبو ذر في "معجمه": ثقة ثبت.
وذكره أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في ترجمة أبيه إبراهيم، وقال: وولده اليوم هو شيخ مكة، ومحدثها في وقته، سمع مع أبيه وعني به، وكتبه صحاح.
وكذا وثقه السجزي، ويقول: حدثنا أحمد بن أبي إسحاق قاضي جدة.
وقال العتيقي: كان قد انفرد في وقته بجماعة شيوخ، ثقة صدوق.
وقال أبو نصر هبة الله بن معاذ السجزي في كتاب "السبعيات" من جمعه: كان من كبار أهل زمانه، وإليه الرحلة في أوانه، وهو ثقة.
قلت: وروى عنه أبو عمر بن عبد البر بالإجازة، وآخر من بقي من أصحابه راوي نسخة إسماعيل بن جعفر أبو علي الحسن بن عبد الرحمن ابن الحسن المكي الشافعي الحناط.
وقال ابن بشكوال في ترجمة حام الأطرابلسي: كان أحمد من المسندين الثقات.
وقال ابن بشكوال في جمعه لشيوخ ابن عبد البر: مات سنة أربع وأربع مائة بمكة، وقد نيف على المائة. ثم قال: ذكر ذلك حاتم بن محمد.
وقال الحبال: ولد سنة اثنتي عشرة، ومات سنة خمس وأربع مائة.
وقال العتيقي: مات سنة خمس في جمادى الأولى. وقال الكتاني: مات سنة ثلاث. فوهم.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن الأرتاحي، عن الفراء قال: أخبرنا الحبال، حدثنا الحسن بن أحمد بمكة بوفاة أبيه ومولده، فذكرهما كما مضى.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 370"، واللباب لابن الأثير "2/ 317"، والعبر "3/ 89"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1063"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 173".
3729 - ابن كج
(1)
:
القاضي العلامة، شيخ الشافعية، أبو القاسم، يوسف بن أحمد بن كج، الدينوري، تلميذ أبي الحسين بن القطان. وحضر مجلس الداركي.
وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وله وجه، وتصانيف كثيرة، وأموال وحشمة، ارتحل إليه الناس من الآفاق.
وكان بعضهم يقدمه على الشيخ أبي حامد، وقال: هو ذاك رفعته بغداد، وحطت مني الدينور. قال ذلك عندما قال له تلميذ: يا أستاذ! الاسم لأبي حامد، والعلم لك.
قتلته الحرامية بالدينور ليلة سبع وعشرين من رمضان، سنة خمس وأربع مائة، ولم يبلغني مقدار ما عاش.
(1)
ترجمته في الأنساب "10/ 360" واللباب لابن الأثير "3/ 85"، ووفيات الاعيان لابن خلكان "7/ 65" والعبر "3/ 92" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 177".
3730 - ابن أبي حديد
(1)
:
العدل الأمين العالم، مسند دمشق، أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن الحكم بن أبي الحديد السلمي، الدمشقي.
ولد سنة تسع وثلاث مائة.
وسمع: أبا الدحداح أحمد بن محمد، وأبا بكر محمد بن جعفر الخرائطي، ومحمد بن يوسف الهروي، وعبد الغافر بن سلامة، وبمصر من محمد بن بشر الزبيري، وعبد العزيز بن أحمد الآجري، وعبد العزيز بن قيس، وطائفة.
حدث عنه: حفيداه: أحمد وعبيد الله ابنا عبد الواحد، وعلي بن الحسين الشرابي، وأبو الحسن بن السمسار، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وآخرون. وتفرد بعلو الرواية.
قال أبو نصر بن ماكولا: حدثنا عنه جماعة، وكان من الأعيان.
وقال عبد العزيز الكتاني: كان ثقةً مأمونًا أعرفه، وتوفي في شوال سنة خمس وأربع مائة.
قال أبو الفرج بن عمرو: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: أبو بكر ابن أبي الحديد قوال بالحق.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 55"، والعبر "3/ 91".
3731 - بهاء الدولة
(1)
:
أبو نصر، أحمد بن عضد الدولة ابن بويه، ملك العراق.
مات في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربع مائة بعلة الصرع المتتابع كأبيه، توفي بأرجان في سن اثنتين وأربعين سنة وتسعة أشهر.
وكانت أيامه أربعًا وعشرين سنة، وتملك ابنه سلطان الدولة أبو شجاع.
وكان بهاء الدولة خاضعًا للسلطان محمود بن سبكتكين، مداريًا له.
وقام ابنه بعده اثنتي عشرة سنة، وأخذت الدولة البويهية تتناقص.
وقيل: بل كان ملك بهاء الدولة اثنتين وعشرين سنة ويومين.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 264"، والعبر "3/ 83"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 461 - 462 - 463"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 166".
3732 - المجبر
(1)
:
مسند بغداد أبو الحسن، أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت بن الحارث بن مالك بن سعد بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، القرشي، العبدري، البغدادي، الجرائحي، المجبر.
ولد سنة أربع عشرة وثلاث مائة.
وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وأحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة، وأبي بكر بن الأنباري، والقاضي المحاملي، وجماعة.
حدث عنه: عبيد الله بن أحمد الأزهري، وعبد الباقي الأنصاري، وعلي بن أحمد بن البسري، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
قال الخطيب: سئل إبو بكر البرقاني -وأنا أسمع- عن ابن الصلت المجبر، فقال: ابنا الصلت ضعيفان.
قال: وسألت حمزة بن محمد بن طاهر عن المجبر، فقال: كان صالحًا دينًا، وسمعت عبد العزيز الأزجي يقول: عمد ابن الصلت إلى كتب لابن أبي الدنيا، فحدث بها عن البرذعي، يشير الأزجي إلى أن تلك الكتب لم تكن عند البرذعي.
مات المجبر وله إحدى وتسعون سنة، في شهر رجب سنة خمس وأربع مائة.
وهو صاحب "جزء" البانياسي.
فأما سميه: المسند الكبير.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 94"، واللباب لابن الأثير "3/ 165"، والعبر "3/ 89"، وميزان الاعتدال "1/ 132"، ولسان الميزان "1/ 255"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 174".
3733 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد
(1)
:
ابن موسى بن هارون بن الصلت، الأهوازي، ثم البغدادي، فمولده في سنة أربع وعشرين وثلاث مائة.
سمع: القاضي أبا عبد الله المحاملي، وأبا العباس بن عقدة، ومحمد بن مخلد العطار، وعبد الغفر بن سلامة الحمصي.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن مندة، وجماعة.
قال الخطيبك كان صدوقًا صالحًا. توفى في جمادى الآخرة سنة تسع وأربع مائة.
وآخر من مات من أصحابه علي بن الحسين بن قريش البناء.
وقيل: إن يحيى بن أحمد السيبي روى عنه. وبقى إلى سنة تسعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 370"، والعبر "3/ 100"، وميزان الاعتدال "1/ 132" ولسان الميزان "1/ 255"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 188".
3734 - ابن أبي زمنين
(1)
:
الإمام القدوة الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الأندلسي، الإلبيري، شيخ قرطبة.
قرأ ببجانة على سعيد بن فحلون "مختصر" ابن عبد الحكم.
وسمع من: محمد بن معاوية الأموي، وأحمد بن المطرف، وأحمد بن الشامة، ووهب ابن مسرة.
وتفقه بإسحاق الطليطلي.
وتفنن، واستبحر من العلم، وصنف في الزهد والرقائق. وقال الشعر الرائق.
وكان صاحب جد وإخلاص، ومجانية للأمراء.
روى عنه: أبو عمر والداني، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
ولد في أول سنة أربع وعشرين وثلاث مائة.
وتوفى في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.
وتوفي في ربع الآخر، سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.
واختصر "المدونة"، وله، "منتخب الأحكام" مشهور، وكتاب "الوثائق"، و"مختصر تفسير ابن سلام"، وكتاب "حياة القلوب" في الزهد، وكتاب "أدب الإسلام"، وكتاب "أصول السنة"، وأشياء كثيرة.
وكان من حملة الحجة. وزمنين بفتح الميم، ثم كسر النون.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 71"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 156".
3735 - ابن الباقلاني
(1)
:
الإمام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الأصوليين، القاضي، أبو بكر محمد بن الطيب ابن محمد بن جعفر بن قاسم البصري، ثم البغدادي، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه.
سمع: أبا بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وطائفة.
وخرج له أبو الفتح بن أبي الفوارس.
وكان ثقة إمامًا بارعًا، صنف في الرد على الرافضة، والمعتزلة، والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق، فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر على أصحابه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 379"، والأنساب للسمعاني "2/ 51"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 265"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 269"، والعبر "3/ 86"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 234"، وشذرات الذهب لان العماد "3/ 168".
وقد ذكره القاضي عياض في طبقات المالكية، فقال: هو الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث، وطريق أبي الحسن، وإليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع البصرة حلقة عظيمة.
حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، وقاضي الموصل، والحسين بن حاتم الأصولي.
قال أبو بكر الخطيب: كان ورده في كل ليلة عشرين ترويحةً في الحضر والسفر، فإذا فرغ منها، كتب خمسًا وثلاثين ورقةً من تصنيفه. سمعت أبا الفرج محمد بن عمران يقول ذلك. وسمعت علي بن محمد الحربي يقول: جميع ما كان يذكر أبو بكر بن الباقلاني من الخلاف بين الناس صنفه من حفظه، وما صنف أحد خلافًا إلَّا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، سوى ابن الباقلاني.
قلت: أخذ القاضي أبو بكر المعقول عن أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن مجاهد الطائي صاحب أبي الحسن الأشعري.
وقد سار القاضي رسولًا عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم، وجرت له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعًا للملك، ففطن لها القاضي، ودخل بظهره.
ومنها أنه قال لراهبهم، كيف الأهل والأولاد؟ فقال الملك: مه! أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا؟ فقال: تنزهونه عن هذا، ولا تنزهون رب العالمين عن الصاحبة والولد! وقيل: إن الطاغية سأله: كيف جرى لزوجة نبيكم؟ يقصد توبيخًا قال: كما جرى لمريم بنت عمران، وبرأهما الله، لكن عائشة لم تأت بولد. فأفحمه.
قال الخطيب: سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كتب الناس سوى القاضي أبي بكر، فإنما صدره يحوي علمه وعلم الناس.
وقال أبو محمد البافي: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري.
قال أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: كان ما يضمره القاضي أبو بكر الأشعري من الورع والدين أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظًا لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة، لئلا يستحقروا علماء الحق.
وعمل بعضهم في موت القاضي:
انظر إلى جبلٍ تمشي الرّجال به
…
وانظر إلى القبر ما يحوي من الصّلف
وانظر إلى صارم الإسلام منغمدًا
…
وانظر إلى درّة الإسلام في الصّدف
مات في ذي القعدة، سنة ثلاث وأربع مائة، وصلى عليه ابنه حسن، وكانت جنازته مشهودةً، وكان سيفًا على المعتزلة والرافضة والمشبهة، وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديًا يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين، والذاب عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة. ثم كان يزور قبره كل جمعة.
قيل: ناظر أبو بكر أبا سعيد الهاروني، فأسهب، ووسع العبارة، ثم قال للجماعة: إن أعاد ما قلت، قنعت به عن الجواب. فقال الهاروني: بل إن أعاد ما قاله، سلمت له.
3736 - أبو حامد الإسفراييني
(1)
:
الأستاذ العلامة، شيخ الإسلام، أبو حامد، أحمد ابن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفراييني، شيخ الشافعية ببغداد.
ولد سنة أربع وأربعين وثلاث مائة.
وقدم بغداد وله عشرون سنةً، فتفقه على أبي الحسن بن المرزبان، وأبي القاسم الداركي، وبرع في المذهب، وأربى على المتقدمين، وعظم جاهه عند الملوك.
حدث عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وسمع السنن من الدارقطني.
حدث عنه تلامذته أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي، والفقيه سليم الرازي، وأبو علي السنجي، وأبو الحسن المحاملي، وآخرون.
قال الشيخ أبو إسحاق في "الطبقات": انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني، وطبق الأرض بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاث مائة متفقه.
وقال الشيخ محيي الدين النواوي: تعليقه الشيخ أبي حامد في نحو من خمسين مجلدًا، ذكر فيها مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، تفقه عليه جماعة منهم: أبو علي السنجي، وقد تفقه السنجي على القفال أيضًا، وهما شيخا طريقتي العراق وخراسان، وعنهما انتشر المذهب.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 368"، والأنساب للسمعاني "1/ 237"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 277"، ووفيات الاعيان لابن خلكان "1/ 72"، والعبر "3/ 92"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 239"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 178".
قال الخطيب: حدثونا عن أبي حامد، وكان ثقةً، حضرت تدريسه في مسجد ابن المبارك، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبع مائة فقيه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي، لفرح به.
قال الخطيب: وحدثني أبو إسحاق الشيرازي قال: سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء؟ فقال: أبو حامد الإسفراييني.
قال أبو حيان التوحيدي في رسالة له: سمعت الشيخ أبا حامد يقول لطاهر العباداني: لا تعلق كثيرًا مما تسمع منا في مجالس الجدل، فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم لوجه الله خالصًا، ولو أردنا، لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله، فإنا نطمع في سعة رحمة الله.
قلت: أبو حيان غير معتمد.
قال ابن الصلاح: وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، فكان الشافعي على رأس المائةين، وابن سريج على رأس الثلاث مائة، وأبو حامد على رأس الأربع مائة.
وروي عن سليم الرازي قال: كان أبو حامد في أول أمره يحرس في درب، وكان يطالع على زيت الحرس، وإنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة.
قال الخطيب: مات أبو حامد في شوال، سنة ست وأربع مائة، وكان يومًا مشهودًا، ودفن في داره، ثم نقل بعد أربع سنين، ودفن بباب حرب، رحمه الله.
ومات معه باديس بن منصور الحميري، صاحب المغرب، وشيخ الصوفية أبو علي الدقاق، وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، وشيخ مكة عبيد الله بن محمد السقطي، وشيخ بغداد أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي بأصبهان، وشيخ المتكلمين أبو بكر بن فورك.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا إلياس بن أحمد، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم، حدثنا سليم بن أيوب، حدثنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الشعراني، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، حدثنا ابن المبارك، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر قال: ظهر ها هنا معبد الجهني، وهو أول من قال في القدر ها هنا. وذكر الحديث
(1)
.
(1)
صحيح: وهو حديث طويل أخرجه مسلم "8"، وأبو داود "4695"، والترمذي "2610"، والنسائي "8/ 97".
3737 - ابن بيري
(1)
:
المحدث المعمر الصدوق، شيخ واسط، أبو بكر بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيري الواسطي.
آخر أصحاب علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، حدث عنه، وعن محمد بن عثمان بن سمعان، وعبد الله بن عمر بن شوذب، ومحمد بن الحسين الزعفراني، ومحمد بن يحيى الصولي، وأبي جعفر بن البختري، وأبي علي الحسن بن منصور، وعبد الباقي بن قانع، وعدة، حتى إن خميس بن علي الحوزي زعم أنه سمع من أبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، وهذا غلط، قال: وكان ثقةً صدوقًا، كف بصره بأخرة.
حدث عنه: عبد الكريم بن محمد الشروطي، وأبو يعلى حمزة بن الحسن، ومحمد بن علي بن عيسى القارئ، وعلي بن الحسين بن الطيب الصوفي، وأبو غالب بن بشران النحوي، والقاضي أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن الطيب بن كماري، والفقيه أبو الحسين محمد بن علي الشافعي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن مخلد البزاز: الواسطيون وسماع ابن مخلد منه في سنة نيف وأربع مائة، رحمه الله.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "1/ 521"، والأنساب للسمعاني "2/ 365"واللباب لابن الأثير "1/ 197".
3738 - ابن خزفة
(1)
:
الشيخ أبو الحسن، علي بن محمد بن علي بن خزفة، الواسطي، الصيدلاني الأديب، راوي التاريخ الكبير لأحمد بن أبي خيثمة، عن محمد بن الحسين الزعفراني، عنه، وروى عن محمد بن أحمد بن أبي وطن، وأبي العلاء محمد بن يونس.
وعنه: اللالكائي، ومحمد بن الحسين بن البيطار، وأبو علي غلام الهراس، وأبو يعلى محمد بن سفيان، وعلي بن عبيد الله العلاف، وإبراهيم بن محمد الجماري، وعدة.
وكان خصيصًا بالوزير فخر الملك ونديمًا له.
توفي في سنة تسع وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 411"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1049".
3739 - الخزاعي
(1)
:
الشيخ الصدوق، العالم المحدث، أبو القاسم، علي بن أحمد بن محمد بن الحسن، الخزاعي البلخي، من ولد مكلم الذئب أهبان بن عياذ الخزاعي، رضي الله عنه.
سمع من: الهيثم بن كليب الشاشي مسنده، وكتاب الشمائل، وكتاب غريب الحديث لابن قتيبة، وغير ذلك، وطال عمره، وتفرد.
وحدث أيضًا عن أبيه، والأستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري، وعبد الله بن محمد بن طرخان البلخي، ومحمد بن أحمد بن خنب، وأبي عمرو محمد بن إسحاق العصفري، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، ومحمد بن أحمد السلمي، وطائفة.
وارتحل في كبره، فحدث ببخارى، وبلخ وسمرقند ونسف.
وكان مولده في رجب سنة ست وعشرين وثلاث مائة.
حدث عنه جماعة من أهل تلك الديار، وآخر أصحابه موتًا أحمد بن محمد الخليلي الدهقان.
مات ببخارى في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 195".
3740 - السليماني
(1)
:
الإمام الحافظ المعمر، محدث ما وراء النهر، أبو الفضل، أحمد بن علي بن عمرو بن حمد بن إبراهيم بن يوسف بن عنبر، سبط أحمد بن سليمان، السليماني البيكندي البخاري.
ولد سنة إحدى عشرة وثلاث مائة.
وسمع محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، وعلي بن سختويه، وعلي بن إبراهيم بن معاوية، ومحمد بن إسحاق الخزاعي، ومحمد بن صابر بن كاتب، وصالح بن زهير البخاريين، وعلي بن إسحاق المادرائي، وأبا العباس الأصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وطبقتهم، وتفرد بالرواية عن ابن حمدويه وغيره.
قال أبو سعد السمعاني في "الأنساب": السليماني منسوب إلى جده لأمه: أحمد بن سليمان البيكندي، له التصانيف الكبار، رحل إلى الآفاق، ولم يكن له نظير في زمانه إسنادًا وحفظًا ودرايةً وإتقانًا، وكان يصنف في كل جمعة شيئًا، ويدخل من بيكند إلى بخارى، ويحدث بما صنف.
حدث عنه: جعفر بن محمد المستغفري، وولده أبو ذر محمد بن جعفر، وجماعة لا نعرفهم بتلك الديار.
قال أبو سعد: توفي في ذي القعدة، سنة أربع وأربع مائة وله ثلاث وتسعون سنة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا عثمان بن علي البيكندي، أخبرنا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي إملاءً، حدثنا أبو سهل أحمد بن علي الأبيوردي، أخبرنا أحمد بن عمرو السليماني، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد السمرقندي، حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم السمرقندي، حدثنا عيسى بن مينا، حدثنا محمد ابن جعفر بن أبي كثير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة إلَّا فتح الله عليه باب فقر"
(2)
.
أخبرنا الحسن بن علي بن يونس، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت عبد الأول، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن علي الحافظ بيكند، حدثنا محمد بن إبراهيم بن عيسى الخوارزمي الشافعي، حدثنا محمد بن إسحاق الدمشقي، حدثني محمد ابن إسحاق الدمشقي، حدثني محمد بن حمدان البلخي، حدثنا محمد بن نهشل المروزي، حدثنا موسى بن مسعود، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: ولد الزنى لا يكتب الحديث.
رأيت للسليماني كتابًا فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 122"، واللباب لابن الأثير "2/ 132"، والعبر "3/ 87"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 960"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 172".
(2)
صحيح: أخرجه أحمد "2/ 418"، من طريق قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد، عن العلاء يعني ابن عبد الرحمن، عن أبيه، به.
قلت: إسناده حسن، عبد العزيز بن محمد الدراوردي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
وأخرجه أحمد "4/ 231"، والترمذي "2325"، من طريق يونس بن خباب، عن سعيد الطائي أبي البختري أنه قال حدثني أبو كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره في حديث طويل، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3741 - ابن حامد
(1)
:
شيخ الحنابلة، ومفتيهم، أبو عبد الله، الحسن بن حامد بن علي بن مروان، البغدادي الوراق، مصنف كتاب الجامع في عشرين مجلدًا في الاختلاف.
روى عن: أبي بكر النجاد، وأبي بكر الشافعي، وابن سلم الختلي.
روى عنه: أبو علي الأهوازي، وأبو طالب العشاري، والقاضي أبو يعلى، وتفقه عليه، والمقرئ أبو بكر الخياط.
وكان يتقوت من النسخ، ويكثر الحج.
وهو أكبر تلامذة أبي بكر غلام الخلال.
هلك شهيدًا في أخذ الوفد سنة ثلاث وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 303"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 263"، والعبر "3/ 84"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 232"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 166".
3742 - ابن وجه الجنة
(1)
:
الشيخ الثقة المعمر، أبو بكر، يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود بن موسى، القرطبي، عرف بابن وجه الجنة.
سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وابن حزم الصدفي، وأحمد بن مطرف.
وكان خيرًا دينًا، من عدول القاضي أبي بكر بن السليم، وكان يلتزم صنعة الخز.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وطائفة.
مولده في سنة أربع وثلاث مائة.
ومات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربع مائة.
وهو أكبر شيخ لقيه ابن حزم.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 663"، والعبر "3/ 82"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 165".
3743 - ابن الرسان
(1)
:
الشيخ الجليل الثقة المحدث، أبو القاسم، أحمد بن فتح بن عبد الله ابن علي القرطبي، التاجر السفار، المعروف بابن الرسان.
حج، وأخذ عن أبي الحسن عتبة الرازي، وحمزة الكناني، والحسن ابن رشيق، وإسحاق بن إبراهيم فقيه قرطبة، وحمل صحيح مسلم عن أبي العلاء بن ماهان.
روى عنه: الصاحبان: ابن ميمون وابن شنظير، ويونس بن عبد الله، ومحمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر، والخولاني، وقال: هو رجل صالح على هدى وسنة، صنف في الفرائض، وكان عنده فوائد جمة عوال.
وقال غيره: مات عن أربع وثمانين سنة في شهر ربيع الأول، مختفيًا بعد طلب شديد بسبب مصادرة وعسف.
وقد روى ابن حزم في تواليفه عن رجل عنه.
مات سنة ثلاث وأربع مائة.
3744 - لحية الزبل
(2)
:
الإمام المحدث الثقة، شيخ اللغة، أبو عثمان، سعيد بن عثمان بن سعيد، البربري الأندلسي، ابن القزاز، اللغوي القرطبي، تلميذ أبي علي القالي.
مولده في سنة خمس عشرة وثلاث مائة.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله ابن أبي دليم، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، وسعيد بن جابر، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وجماعة
وكان أحد الثقات.
عدم في وقعة الأندلس، في ربيع الأول، سنة أربع مائة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 26".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 208"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 585".
3745 - ابن المكوي
(1)
:
عالم الأندلس، وشيخ المالكية، أبو عمر، أحمد بن عبد الملك بن هاشم، الإشبيلي، ابن المكوي.
تفقه على إسحاق بن إبراهيم الفقيه.
وبرع، وفاق الأقران، وانتهت إليه معرفة المذهب وغوامضه مع الصلابة في الدين، والبعد عن الهوى، والإنصاف في النظر.
صنف هو والعلامة أبو بكر المعيطي معًا كتاب الاستيعاب في المذهب، في مائة جزء، لصاحب الأندلس المستنصر، فسر بذلك، ووصلهما بمبلغ، وقدمهما للشورى.
تفقه على ابن المكوي أبو عمر بن عبد البر، وأخذ عنه "المدونة".
مات فجأةً في جمادى الأولى، سنة إحدى وأربع مائة عن سبع وسبعين سنة، وكانت جنازته مشهودةً، رحمه الله.
3746 - الصعلوكي
(2)
:
العلامة، شيخ الشافعية بخراسان، الإمام أبو الطيب، سهل بن الإمام أبي سهل محمد بن سليمان بن محمد، العجلي الحنفي، ثم الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي.
تفقه على والده.
وسمع من: أبي العباس الأصم، وأبي علي الرفاء، وطائفة.
ودرس وتخرج به أئمة.
قال الحاكم: هو من أنظر من رأينا، تخرج به جمعة، وحدث وأملى.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 22"، والعبر "3/ 74"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 161".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 64"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 435"، والعبر "3/ 88"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 172".
قال: وبلغني أنه كان في مجلسه أكثر من خمس مائة محبرة.
وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان أبو الطيب فقيهًا أديبًا، جمع رئاسة الدنيا والدين، وأخذ عنه فقهاء نيسابور. وقال الحاكم: كان أبو يجله، ويقول: سهل والد.
قلت: حدث عنه الحاكم وهو أكبر منه، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر محمد بن سهل الشاذياخي، وآخرون.
وله ألفاظ بديعة، منها: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه.
وقال: إذا كان رضى الخلق معسورًا لا يدرك، كان رضى الله ميسورًا لا يترك، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العسرة.
وكان بعض العلماء يعد أبا الطيب المجدد للأمة دينها على رأس الأربع مائة، وبعضهم عد ابن الباقلاني، وبعضهم عد الشيخ أبا حامد الإسفراييني، وهو أرجح الثلاثة.
توفي الإمام أبو الطيب في رجب، سنة أربع وأربع مائة في عشر الثمانين، رحمه الله تعالى.
وفيها توفي: السليماني، وشيخ القراء أبو الفرج عبد الملك بن بكران النهرواني، وقاضي قرطبة أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن واقد المالكي، والحافظ أبو محمد حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي مؤلف "السنن الكبير".
3747 - ابن الليث
(1)
:
الإمام الحافظ الفقيه، العلامة أبو علي، الحسن بن أحمد بن محمد ابن الليث الكشي، ثم الشيرازي الشافعي، من أعيان القراء والحفاظ والفقهاء.
ولد في حدود العشرين وثلاث مائة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وعبد الله بن درستويه النحوي، والحافظ الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي.
وارتحل وجمع، وشارك في الفضائل، وروى الكثير ببلاد فارس.
سمع منه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: هو متقدم في معرفة القراءات، حافظ للحديث، رحال، قدم علينا أيام الأصم، ثم قدم علينا في سنة ثلاث وخمسين.
وذكر أبو عمرو بن الصلاح أبا علي بن الليث في "طبقات الشافعية" مختصرًا، وقال: هو والد الليث وأبي بكر.
ذكره أيضًا أبوز عبد الله القاء في "طبقات أهل شيراز"، وأثنى عليه كثييرًا ثم قال ومن أصحابه: زيد بن عمر الحافظ، ومحمد بن موسى الحافظ، وأحمد بن عبد الرحمن الحافظ.
قال: وتوفى لثمان عشرة مضت من شعبان سنة خمس وأربع مائة.
قلت: ومات ابنه محمد في سنة ثمان وعشرين وأربع مائة، ويكنى أبا بكر. حدث عن: أبي بكر بن المقرئ. وقيل: بل توفى سنة سبع وأربعين وأربع مائة، فيحرر هذا.
وقد ذكر الحافظ يحيى بن مندة: أن الحافظ أبا الشيخ مع تقدمه روى عن أبي علي بن الليث حديثًا. فهذا من رواية الشيوخ عن التلامذة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 441""الكشي" و"الليثي" واللباب "3/ 100، 138"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 961"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 175".
3748 - ابن فطيس
(1)
:
الإمام العلامة الحافظن ذو الفنون، قاضي الجماعة، أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس القرطبي، المالكي.
حدث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي جعفر بن عون الله وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي الحسن الأنطاكي، وأبي محمد الأَيلي، وأبي محد بن عبد المؤمن، وعدة.
وأجاز له الحسن بن رشيق، والقاضي أبو بكر الأبهري. وطائفة.
وكان حافظًا ناقدًا جهبذًا، مجودًا محققًا، بصيرًا بالعلل والرجال، مع قوته في الفقه والفضاسئل، وكان يملي من حفظه.
حدث عنه: الصاحبان، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر بن سميق، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وحاتم بن محمد، وآخرون.
صنف كتاب "القصص" وهو ثلاث مجلدات، وكتاب "أسباب النزول" في مائة جزء،
وكتاب "فضائل الصحابة" في مائة جزء، وكتاب "فضائل التابعين" في سبع مجلدات، وكتاب "الناسخ والمنسوخ" ثلاثون جزءًا، وكتاب "الإخوة من أهل العمل" مجلدان، وكتاب "أعلام النبوة" في عشرة أسفار، وكتاب "الكرامات" في مجلدين، و"مسند" محمد بن فطيس، خمسون جزءًا و"مسند" قاسم بن أصبغ العوالي ثلاث مجلدات، وكتاب "المناولة والإجازة" مجلد.
وكان قد ولى الوزارة للمظفر بن أبي عامر، فلما أن ولي القضاء، ترك زي الوزراء.
وكان عادلًا، شديدًا في أحكامه، بحر من بحور العلم، عظيم الخطر.
عاش خمسا وخمسين سنة، وتوفي في نصف ذي القعدة، سنة اثنتين وأربع مائة، وصلى عليه ولده محمد، رحمه الله.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 309"، والعبر "3/ 78"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 972"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 231"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 163".
3749 - أبو أحمد الفرضي
(1)
:
الإمام القدوة، شيخ العراق، أبو أحمد، عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي ابن أبي مسلم البغدادي، الفرضي، المقرئ.
تلا على ابن بويان.
وسمع من: القاضي المحاملي، ويوسف بن البهلول الأزرق، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري.
تلا عليه: أبو بكر بن موسى الخياط، وأبو علي غلام الهراس، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وجماعة.
وروى عنه: أبو محمد الخلال، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وعلي بن البسري، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري الخطيب، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقة ورعا دينًا.
وقال العتيقي: ما رأيت في معناه مثله.
وقال الأزهري: عبيد الله كان إمامًا من الأئمة.
قال عيسى بن أحمد الهمذاني: كان أبو أحمد إذا جاء إلى أبي حامد الإسفراييني، قام ومشى حافيًا إلى باب مسجده مستقبلًا له.
وقال منصور الفقيه: لم أر في الشيوخ من يعلم لله غير أبي أحمد الفرضي، اجتمعت فيه أدوات من علم وقرآن وإسناد، وحالة من الدنيا متسعة، وكان مع ذلك أورع الخلق، لم أر مثله.
قلت: توفي في شوال سنة ست وأربع مائة وله اثنتان وثمانون سنة.
وقد استوفيت أمره في "طبقات المقرئين".
سمعت قراءة قالون على عمر بن عبد المنعم، قال: أنبأني أبو اليمن الكندي قال: تلوت بها على هبة الله بن الطبر قال: قرأت بها على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط سنة إحدى وستين وأربع مائة، قال: قرأت بها على أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن أبي حسان، عن أبي نشيط، عن قالون صاحب نافع.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 380"، والأنساب للسمعاني "9/ 272"، واللباب لابن الأثير "2/ 422"، والعبر "3/ 94"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 181".
3750 - ابن فورك
(1)
:
الإمام العلامة الصالح، شيخ المتكلمين، أبو بكرن محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني.
سمع مسند أبي داود الطيالسي من عبد الله بن جعفر بن فارس، وسمع من ابن خرزاذ الأهوازي.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
وصنف التصانيف الكثيرة.
قال عبد الغافر في "سياق التاريخ": الأستاذ أبو بكر قبره بالحيرة يستسقى به.
وقال القاضي ابن خلكان فيه: أبو بكر الأصولي، الأديب النحوي الواعظ، درس بالعراق مدةً، ثم توجه إلى الري، فسعت به المبتدعة يعني الكرامية فراسله أهل نيسابور، فورد عليهم، وبنوا له مدرسةً ودارًا، وظهرت بركته على المتفقهة، وبلغت مصنفاته قريبًا من مائة مصنف، ودعي إلى مدينة غزنة، وجرت له بها مناظرات، وكان شديد الرد على ابن
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 272"، والعبر "1/ 95"، والنجوم الزاهرة لابن تغري "4/ 240"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 181".
كرام، ثم عاد إلى نيسابور، فسم في الطريق، فمات بقرب بست
(1)
، ونقل إلى نيسابور، ومشهده بالحيرة يزار، ويستجاب الدعاء عنده
(2)
.
قلت: كان أشعريًا، رأسًا في فن الكلام، أخذ عن أبي الحسن الباهلي صاحب الأشعري.
وقال عبد الغافر: دعا أبو علي الدقاق في مجلسه لطائفة، فقيل: إلَّا دعوت لابن فورك؟ قال: كيف أدعو له، وكنت البارحة أقسم على الله بإيمانه أن يشفيني?.
قلت: حمل مقيدًا إلى شيراز للعقائد.
ونقل أبو الوليد الباجي أن السلطان محمودًا سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان رسول الله، وأما اليوم فلا. فأمر بقتله بالسم.
وقال ابن حزم: كان يقول: إن روح رسول الله قد بطلت، وتلاشت، وما هي في الجنة.
قلت: وقد روى عنه الحاكم حديثًا، وتوفي قبله بسنة واحدة.
(1)
بست هي: مدينة بين سجستان وغزنين وهراة، كما قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان""1/ 492".
(2)
الدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين من البدع المنكرة التي لا يقرها الشرع، وهو ذريعة إلى الشرك. وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أحدهم أن يدعو لنفسه استقبل القبلة ودعا في مسجده كما كانوا يفعلون في حياته، لا يقصدون الدعاء عند الحجرة ولا يدخل أحدهم إلى القبر. وكل من يقصد زيارة القبر أي قبر ولو كان قبر سيد الخلق صلى الله عليه وسلم للدعاء عنده فهو ضال مبتدع؛ فإن الدعاء عند القبور لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله الصحابة ومن تبعهم خير القرون سلف الأمة. فالدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين من البدع المنكرة، ومن جنس الشرك، وذريعة إليه، ولو قصد الصلاة عند قبور الأنبياء والصالحين من غير أن يقصد دعاءهم والدعاء عندهم مثل أن يتخذ قبورهم مساجد لكان ذلك الفعل محرمًا ومنهيًا عنه، ولتعرض صاحبه لغضب الله ولعنته كما قال صلى الله عليه وسلم:"اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، وعن أبي هريرة مرفوعًا:"قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وعن زيد بن ثابت مرفوعًا: "لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"؛ فإن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد من أسباب غضب الله ولعنته، كما وردت به الأحاديث، فكيف بمن يقصد دعاء الميت والدعاء عند قبره، واعتقد أن ذلك من أوكد الأسباب لاستجابة الدعوات فهذا من جنس الشرك الذي كان يفعله قوم نوح عليه السلام ومن كانوا يعبدون الأوثان.
3751 - باديس
(1)
:
ابن منصور بن يوسف بن بلكين بن زيري، صاحب المغرب، وابن ملوكها من جهة العبيدية، أبو مناد الصنهاجي.
ولي ممالك إفريقية للحاكم، فلقبه: نصير الدولة.
وكان سائسًا حازمًا، شديد البأس، إذا هز رمحًا، كسره.
مولده سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.
وفي سنة ست وأربع مائة أمر جيشه بالعرض، فسره حسن شارتهم وهيئتهم، ثم مد السماط وأكل، فمات فجأةً لليلته، فأخفوا موته، ورتبوا في الملك أخاه كرامت، ثم عطفوا، فبايعوا ابنه المعز بن باديس.
ويقال: مات بالخوانيق، دعا عليه الصالح محرز الطرابلسي المؤدب، لكونه هم بخراب طرابلس المغرب.
وصنهاجة من حمير بالكسر. وقال ابن دريد: لا يجوز إلَّا ضم الصاد.
3752 - ابن اللبان
(2)
:
الإمام العلامة الكبير، إمام الفرضيين في الآفاق، أبو الحسين، محمد بن عبد الله بن الحسن، البصري، ابن اللبان، الفرضي، الشافعي.
سمع: أبا العباس محمد بن أحمد الأثرم، وابن داسه، وحدث عنه ببغداد ب "سنن أبي داود"، فسمعها منه القاضي أبو الطيب الطبري.
وثقه أبو بكر الخطيب، وقال: انتهى إليه علم الفرائض، صنف فيها كتبًا، وتوفي في ربيع الأول، سنة اثنتين وأربع مائة.
قلت: أظنه من أبناء الثمانين.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 265"، وتاريخ بغداد "6/ 157".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 472"، والعبر "3/ 80"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 231"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 164".
قيل: إنه كان يقول: ليس في الدنيا فرضي إلَّا من أصحابي، أو أصحاب أصحابي، أو لا يحسن شيئًا.
قال أبو إسحاق الشيرازي: كان ابن اللبان إمامًا في الفقه والفرائض، صنف فيها كتبًا ليس لأحد مثلها، أخذ عنه أئمة وعلماء.
وقال ابن أرسلان في "تاريخه": دخل ابن اللبان خوارزم في دولة مأمون بن محمد بن علي بن مأمون خوارزم شاه، فأكرمه، وبره، وبالغ، وبنى له مدرسةً ببغداد ينزل فيها فقهاء خوارزم، فكان أبو الحسين يدرس بها، وكان خوارزم شاه يبعث إليه كل سنة بمال.
قال ابن أرسلان: وأنا رأيت هذه المدرسة وقد خربت بقرب قطيعة الربيع.
3753 - أبو علي الروذباري
(1)
:
الإمام المسند، أبو علي، الحسين بن محمد بن محمد بن علي بن حاتم، الروذباري، الطوسي.
سمع إسماعيل الصفار، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وابن داسة، والحسين بن الحسن الطوسي، وطائفة.
وحدث ب "سنن أبي داود" بنيسابور، وعقد له مجلس في الجامع، ثم مرض، ورد إلى وطنه بالطابران، فتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربع مائة.
قلت: حدث عنه الحاكم وهو من أقرانه، وأبو بكر البيهقي، وأبو الفتح نصر بن علي الطوسي، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وعدد كثير نيف على الثمانين.
3754 - ابن ثرثال
(2)
:
الشيخ المعمر المسند، أبو الحسن، أحمد بن عبد العزيز بن أحمد ابن حامد بن محمود بن ثرثال، التيمي البغدادي، نزيل مصر.
حدث بجزء واحد وما كان معه سواه عن القاضي أبي عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإبراهيم بن محمد بن بطحاء.
وكان مولده في سنة سبع عشرة وثلاث مائة، وسماعه في سنة ست وعشرين.
حدث عنه: محمد بن علي الصوري، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وخلف بن أحمد الحوفي، وأبو إسحاق إبراهيم الحبال، وآخرون.
وثقه الخطيب.
مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربع مائة.
وفيها توفي المقرئ أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الفحام السامري، وأبو محمد بن البيع، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبو الفضل بن بديل الخزاعي المقرئ، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 180"، واللباب لابن الأثير "2/ 41"، والعبر "3/ 85" وشذارت الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 168".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 257"، والأنساب للسمعاني "3/ 114"، واللباب لابن الأثير "1/ 232"، والعبر "3/ 98"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 187".
3755 - ابن البيع
(1)
:
الشيخ المعمر، مسند بغداد، أبو محمد، عبد الله بن عبيد الله بن يحيى، البغدادي المؤدب، عرف بابن البيع.
حدث عن القاضي أبي عبد الله المحاملي بالدعاء له، وبعدة أجزاء تفرد بها.
حدث عنه: أبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وأخوه أبو محمد أحمد، وأبو الفضل بن البقال عمر بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن أحمد الدجاجي، ومحمد بن محمد العكبري، وأبو الخطاب نصر بن البطر.
قال الخطيب: كان يسكن بدرب اليهود، وكان ثقةً، لم أرزق السماع منه، وأعرف لما ذهبوا إليه، فلم أذهب لأجل الحر، مات في رجب سنة ثمان وأربع مائة، وله سبع وثمانون سنة.
3756 - ابن مهدي
(2)
:
الشيخ الصدوق المعمر، مسند الوقت، أبو عمر، عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، الفارسي الكازروني، ثم البغدادي البزاز.
سمع: كثيرًا من القاضي المحاملي، وسمع من أبي العباس بن عقدة، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، ومحمد بن مخلد العطار، والحسين ابن يحيى بن عياش، وتفرد وبعد صيته.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، ووثقه، وهبة الله بن الحسين البزاز، ويوسف بن محمد المهرواني، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وأبو القاسم ابن البسري، وأبو الحسن الداوودي، وعبد الرحمن بن أبي بكر الطبري، وأبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن العاصمي، وكبير المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني المفسر، ورزق الله بن عبد الوهاب التميمي، والخطيب علي بن محمد بن محمد الأنباري، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً أمينًا، مات في رجب سنة عشر وأربع مائة.
قال: ومولده في سنة ثماني عشرة وثلاث مائة.
قلت: وقع لنا من طريقه أجزاء عالية من "المحامليات" وغيرها، وحدث في أسفاره.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 39"، والعبر "3/ 99"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 187".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 13"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 295"، والعبر "3/ 103"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 245"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 192".
3757 - أبو علي الفارسي
(1)
:
أخوه: الشيخ أبو علي عبد الملك بن محمد الفارسي.
قال ابن النجار: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي بن خشنام بن النعمان بن مخلد، سمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، وجماعة.
وحدث ببغداد والري وقزوين وهمذان في التجارة.
وعنه: علي بن بشرى الليثي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو سعد السمان.
وسكن قزوين، وكان صدوقًا.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، رحمه الله.
(1)
ترجمته في ذيل تاريخ بغداد لابن النجاز "1/ 134".
3758 - ابن أبي الفوارس
(1)
:
الإمام الحافظ المحقق الرحال، أبو الفتح، محمد بن أحمد بن محمد بن فارس ابن أبي الفوارس سهل، البغدادي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
وأول سماعه في سنة ست وأربعين وثلاث مائة.
سمع من أحمد بن الفضل بن خزيمة، وجعفر بن محمد الخلدي، ودعلج بن أحمد، وأبي عيسى بكار بن أحمد، وأبي بكر الشافعي، وأبي بكر النقاش المفسر، وأبي علي بن الصواف، ومحمد بن الحسن بن مقسم، وأبي بكر بن الهيثم الأنباري، وخلق كثير.
وارتحل إلى البصرة وبلاد فارس وخراسان، وجمع وصنف، وانتخب عليه المشايخ، وكان مشهورًا بالحفظ والصلاح والمعرفة.
حدث عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر البرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، ومحمد بن علي بن سكينة، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
وقال الحاكم: أول سماع ابن أبي الفوارس من أبي بكر النجاد.
قال الخطيب: قرأت عليه قطعةً من حديثه، وكان يملي في جامع الرصافة.
قال: وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا ملك بن أحمد، حدثنا أبو الفتح بن أبي الفوارس الحافظ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، حدثنا الأبار، حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت عبدان يقول: قال عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد، لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 352"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 5"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 967"، والعبر "3/ 109"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 196".
3759 - أبو عمر الهاشمي
(1)
:
الإمام الفقيه المعمر، مسند العراق، القاضي أبو عمر، القاسم بن جعفر بن عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد بن الأمير جعفر بن سليمان ابن علي بن الحبر البحر عبد الله بن عباس، الهاشمي، العباسي، البصري.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة.
وسمع أبا روق أحمد بن محمد الهزاني، وأبا العباس محمد بن أحمد الأثرم، وعبد الغافر بن سلامة، وعلي بن إسحاق المادرائي، ومحمد بن الحسين الزعفراني الواسطي، وأبا علي اللؤلؤي، والحسين بن يحيى بن عياش القطان، ويزيد بن إسماعيل الخلال صاحب الرمادي، والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي، وعدة.
وانتهى إليه علو الإسناد بالبصرة.
حدث عنه من الرحالة وغيرهم: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي الأصبهاني، والمحدث أبو علي الوخشي، وهناد بن إبراهيم النسفي، وسليم بن أيوب الرازي، والمسيب بن محمد الأرغياني، وعلي بن أحمد التستري وأبو القاسم عبد الملك بن شغبة، وجمع آخرهم موتًا جعفر بن محمد العباداني.
قال الخطيب: كان ثقة أمينًا، ولي القضاء بالبصرة، وسمعت منه سنن أبي داود وغيرها.
وقال أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري: سمعت عليه "السنن" بقراءتي ست مرات، فسمعته يقول: أحضرني أبي سماع هذا الكتاب وأنا ابن ثمان سنين، فأثبت حضوري ولم يثبته سماعًا، ثم سمعته وأنا ابن عشر.
قال الخطيب: مات في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 451"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 14"، والعبر "3/ 117"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 201".
3760 - الإدريسي
(1)
:
الحافظ الإمام المصنف، أبو سعد، عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس، الإدريسي الإستراباذي، محدث سمرقند، ألف تاريخها، وتاريخ إستراباذ وغير ذلك.
سمع: أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم وهو أكبر شيخ له، وأبا نعيم محمد بن حمويه الإستراباذي، وأبا سهل هارون بن أحمد بن هارون، وأبا أحمد بن عدي، وخلقًا كثيرًا، وصنف الأبواب والشيوخ.
حدث عنه: أبو علي الشاشي، وأبو عبد الله الخبازي، وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وخلق سواهم.
وثقة الخطيب، وقد حدث ببغداد.
مات بسمرقند في سنة خمس وأربع مائة، من أبناء الثمانين.
وكان حافظ وقته بسمرقند.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الطبيب، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ابن محمد قدم حاجًا، حدثنا يوسف بن محمد بسمرقند، حدثنا القاسم بن حنبل السرخسي، حدثنا إسحاق بن إسماعيل السمرقندي، حدثنا معروف بن حسان السمرقندي، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ربى شجرةً حتى نبتت كان له كأجر قائم الليل، صائم النهار، وكأجر غاز في سبيل الله دهره".
هذا إسناد مظلم، ومتن لا يصح، ألصق بابن أبي ذئب.
(1)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 219"، وتاريخ بغداد "10/ 302"، والأنساب للسمعاني "1/ 160"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 273" وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 973"، والعبر "3/ 90". والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 237"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 175".
3761 - أبو مسعود
(1)
:
الحافظ المجود البارع، أبو مسعود، إبراهيم بن محمد بن عبيد، الدمشقي، مصنف كتاب "أطراف الصحيحين"، وأحد من برز في هذا الشأن.
سمع: أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وعبد الله بن محمد بن السقا الواسطي، وأبا بكر عبد الله بن فورك القباب الأصبهاني، وعلي بن عبد الرحمن البكائي، وأبا بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، وأصحاب مطين، وأصحاب أبي خليفة الجمحي، والفريابي.
وجمع فأوعى، ولكنه مات في الكهولة قبل أن ينفق ما عنده.
حدث عنه: أبو ذر الهروي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد بن محمد العتيقي، وهبة الله بن الحسن اللالكائي، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب: سافر الكثير، وكتب ببغداد والبصرة والأهواز وواسط وخراسان وأصبهان، وكان له عناية بالصحيحين، روى القليل على سبيل المذاكرة.
قال: وكان صدوقًا دينًا، ورعًا فهمًا، صلى عليه الإمام أبو حامد الإسفراييني ببغداد وكان وصيه، حدثني العتيقي أنه مات سنة إحدى وأربع مائة.
قلت: ذكر غيره أنه مات في شهر رجب سنة أربع مائة.
وقفت على جزء فيه أحاديث معللة لأبي مسعود يقضي بإمامته.
كتب إلي المسلم بن محمد القيسي، ومؤمل بن محمد، ويوسف بن يعقوب قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري، أخبرنا إبراهيم بن محمد الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد المزني، حدثنا الوليد بن أبان الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة، أخبرنا عبد الله بن عمر الفهري، عن عبد الله بن عمر، عن أخيه يحيى قال: حدثني أخي عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى وادي محسر، حرك راحلته، وقال:"عليكم بحصى الخذف"
(2)
.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 172"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 252"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 977"، والعبر "3/ 72"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 162".
(2)
صحيح: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد "6/ 173". =
وبه: قال الخطيب: وحدثنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا به المزني، وقال فيه: عبد الله بن عمرو الفهري.
أنبأني أحمد بن سلامة، عن يحيى بن أسعد، عن أح (0) مد بن عبد الجبار الصيرفي قال: كتب إلى أحمد بن محمد العتيي، حدثنا أبو مسعود الحافظ، حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الله بن القاسم بنهر الدير، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن حمويه بالبصرة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا يعلى بن الحارث المحاربي، حدثنا إياس بن سلمة قال: قال أبي: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، وليس للحيطان فئ نستظل به
(1)
.
رواه مسلم، عن إسحاق بن راهويه، عن أبي الوليد، وتابعه وكيع بن الجراح.
وله شاهد من حديث الفضل بن عباس: عند أحمد "1/ 210 - 213"، ومسلم "1282"، والنسائي "5/ 258، 269"، وابن خزيمة "2483"، "2860"، "2873"، والطبراني في "الكبير""18/ 686، 687، 688، 690، 691، 692"، والبيهقي "5/ 127"، من طرق عن أبي الزبير، عن أبي معبد، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، به.
قلت: إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير المكي بالتحديث عند مسلم وغيره فانتفت شبهة تدليسه، وأبو معبد: هو نافذ مولى ابن عباس.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "4168"، ومسلم "860"، "32".
3762 - عميد الجيوش
(1)
:
الأمير الوزير، أبو علي، الحسين بن أبي جعفر. كان أبوه الأمير أبو جعفر حاجبًا لعضد الدولة.
وخدم أبو علي بهاء الدولة فاستنابه على العراق، فقدمها في سنة (396) سنة والفتن ثائرة بها، فضبط العراق بأتسم سياسة، وأباد الحرامية، وقتل عدة، وأبطل ما تم عاشوراء، وأمر مملوكًا له بالمسير في محال بغداد، وعلى يده صينية مملوءة دنانير، ففعل، فما تعرض له أحد لا في الليل ولا في النهار. ومات نصران تاجر من مصر، وخلف أموالًا، فأمر رحفظها حتى جاء الورثة من مصر، فتسلموها.
وكان مع فرط هيبته ذا عدل وإنصاف، ولى العراق تسع سنين سوى أشهر.
وفيه يقول الببغا:
سألت زماني: بمن أستغيث:
…
فقال: استغث بعميد الجيوش
القصيدة.
توفي سنة إحدى وأربع مائة، وولي بعده فخر الملك.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 252"، والعبر "3/ 74"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 228"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 160".
3763 - الحليمي
(1)
:
القاضي العلامة، رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي.
أحد الأذكياء الموصوفين، ومن أصحاب الوجوه في المذهب.
وكان متفننًا، سيال الذهن، مناظرًا، طويل الباع في الأدب والبيان.
أخذ عن: الأستاذ أبي بكر القفال، والإمام أبي بكر الأودني، وحدث عن: خلف بن محمد الخيام، وأبي بكر محمد بن أحمد بن خنب، وبكر بن محمد المروزي الدخمسيني، وجماعة.
ولد في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة فقيل: إنه ولد بجرجان، وحمل، فنشأ ببخارى، وقيل: بل ولد ببخارى.
وله مصنفات نفيسة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم وهو أكبر منه، والحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
ولم أقع له بترجمة تامة، وله عمل جيد في الحديث، لكنه ليس كالحاكم ولا عبد الغني، وإنما خصصته بالذكر لشهرته.
توفي في شهر ربيع الأول، سنة ثلاث وأربع مائة.
وللحافظ أبي بكر البيهقي اعتناء بكلام الحليمي ولا سيما في كتاب: "شعب الإيمان".
(1)
ترجمته في تاريخ جرجان "ص 156"، والأنساب للسمعاني "4/ 198". والمنتظم لابن الجوزي "7/ 264"، و اللباب لابن الأثير "1/ 382"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 137"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 958"، والعبر "3/ 84"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 167".
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء بقراءة أبي الحجاج الحافظ في سنة (695) أنبأنا عبد المعز بن محمد البزاز، أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر في سنة سبع وعشرين وخمس مائة، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الطبيب، أخبرنا الإمام أبو عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي، أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان، حدثنا أحيد بن الحسن، حدثنا مقاتل بن إبراهيم، حدثنا نوح بن أبي مريم، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمته"
(1)
.
هذا حديث غريب لا يثبت مثله لوهن الرقاشي ونوح في ضبط الحديث.
ومات في سنة الحليمي -سنة ثلاث- القاضي أبو بكر محمد بن الطيب ابن الباقلاني الأصولي صاحب التصانيف، وعالم المغرب أبو الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي المالكي صاحب كتاب الملخص، وشيخ البيهقي أبو علي الحسين بن محمد الروذباري راوي سنن أبي داود، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق، وحافظ الأندلس أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي، ومسند بغداد أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام الصرصري، رحمهم الله.
(1)
موضوع: فيه نوح بن أبي مريم من رءوس الكذب.
3764 - ابن نباتة
(1)
:
شاعر العراق، أبو نصر، عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد ابن نباتة بن حميد، التميمي السعدي.
له نظم عذب، مدح الملوك والكبراء، سيف الدولة فمن بعده، وله بيت سائر:
ومن لم يمت بالسّيف مات بغيره
…
تنوّعت الأسباب والدّاء واحد
وله ديوان كبير.
مات في شوال سنة خمس وأربع مائة وهو في عشر الثمانين، عفا الله عنه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 466"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 274"، واللباب لابن الأثير "3/ 294"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 190"، والعبر "3/ 91"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 238"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 175".
3765 - الخوارزمي
(1)
:
المفتي العلامة، شيخ الحنفية، أبو بكر، محمد بن موسى، الخوارزمي، ثم البغدادي، تلميذ أبي بكر أحمد بن علي الرازي.
سمع: من أبي بكر الشافعي وغيره، وهو قليل الرواية.
حدث عنه البرقاني، وقال: سمع: ته يقول: ديننا دين العجائز، لسنا من الكلام في شيء. وكان له إمام حنبلي يصلي به.
قال القاضي أبو عبد الله الصيمري: ثم صار إمام أصحاب أبي حنيفة ومفتيهم شيخنا أبو بكر الخوارزمي، وما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى وحسن التدريس، وقد دعي إلى القضاء مرارًا، فامتنع، رحمه الله.
قلت: توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربع مائة، تخرج به فقهاء بغداد.
3766 - ابن جوله:
الإمام الثقة الأديب، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن جوله ابن جهور الأبهري الأصبهاني. وأبهر هذه غير أبهر زنجان المشهورة، هذه قرية من عمل أصبهان.
حدث عن: أبي عمرو بن حكيم، ومحمد بن محمد بن يونس الغزال، وأبي علي أحمد بن علي الأبهري، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب.
وعنه: عبد الرحمن بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج، والقاسم ابن الفضل الثقفي، وجماعة.
توفي في ربيع الآخر سنة خمس وأربع مائة عن سن عالية.
3767 - السقطي:
الإمام المحدث الثقة، أبو القاسم، عبيد الله بن محمد بن أحمد بن جعفر، البغدادي السقطي المجاور.
سمع: إسماعيل الصفار، وأبا جعفر بن البختري، ومحمد بن يحيى بن عمر بن علي بن
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 247"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 266"، والعبر "3/ 86"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 234"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 170".
حرب، وعثمان بن السماك، وأبا بكر النجاد، وخلقًا ببغداد، ولحق بمكة أبا سعيد بن الأعرابي.
روى الكثير، وانتخب عليه ابن أبي الفوارس.
وحدث عنه: حمزة السهمي، ومظفر سبط ابن لال، وأبو ذر الهروي، وعبد العزيز الأزجي، وأبو علي الحسن بن عبد الرحمن المكي، وخلق من الوافدين.
قال سعد الزنجاني: كان السقطي يدعو الله أن يرزقه المجاورة أربع سنين، فجاور أربعين سنة، فرأى كأن من يقول له: يا أبا القاسم! طلبت أربع سنين وقد أعطيناك أربعين، إن الحسنة بعشر أمثالها. قال: ومات لسنته.
قال الحافظ ابن النجار: مات سنة ست وأربع مائة.
قال ابن النجار: انتقى له ابن أبي الفوارس فوائد في مائة جزء، وكان من الصالحين، رحمه الله تعالى.
3768 - ابن حبيب
(1)
:
العلامة أبو القاسم، الحسن بن محمد بن حبيب بن أيوب، النيسابوري، المفسر الواعظ، صاحب كتاب:"عقلاء المجانين"، الذي سمعناه.
سمع: أبا العباس الأصم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبا الحسن الكارزي، وأبا حاتم بن حبان، وعدة.
وعنه: أبو بكر محمد بن عبد الواحد الحيري الواعظ، ومحمد بن إسماعيل الفرغاني، والحسين بن محمد السكاكي، وجماعة.
وصنف في التفسير والآداب.
توفي في ذي الحجة سنة ست وأربع مائة.
وقد تكلم فيه الحاكم في رقعة نقلها عنه مسعود بن علي السجزي، فالله أعلم.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 93"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 181".
3769 - ابن حبيب:
القاضي أبو زيد، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب، النيسابوري، الفقيه.
سمع: الأصم، وأحمد بن محمد بن بالويه القشيري، والبيهقي، وابن خلف الشيرازي، والرئيس الثقفي، وعدة.
مات سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، في جمادى الآخرة، وكان مدرسًا.
3770 - عبد الله بن يوسف
(1)
:
ابن أحمد بن بامويه، الإمام المحدث الصالح. شيخ الصوفية، أبو محمد الأردستاني، المشهور بالأصبهاني، نزيل نيسابور.
ولد سنة خمس عشرة وثلاث مائة.
وحج وصحب شيخ الحرم أبا سعيد بن الأعرابي، وأكثر عنه، وسمع: بنيسابور من أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي الحسن البوشنجي، وأبي العباس الأصم، وأبي رجاء محمد بن حامد التميمي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن مهدي العلوي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وأبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، وخلق سواهم.
وأضر بأخرة.
توفي في رمضان سنة تسع وأربع مائة، عن أربع وتسعين سنة، رحمه الله.
أكثر عنه البيهقي.
3771 - النجاد:
الشيخ الثقة العالم، أبو الحسن، علي بن القاسم بن الحسن، البصري النجاد، مسند البصريين مع أبي عمر الهاشمي.
كان من كبار العدول، ومن آخر من روى عن أبي روق الهزاني وروى عن أحمد بن عبيد الصفار "سننه".
لم أظفر بأخباره.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، والحسن بن عمر بن يونس الأصبهاني، وآخرون.
وكان في سنة ثلاث عشرة وأربع مائة حيًا، وقد عمر وتفرد.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 177"، واللباب لابن الأثير "1/ 41"، والعبر "3/ 100"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1049"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 188".
3772 - ابن بالويه
(1)
:
الرئيس الأوحد، الثقة المسند، أبو محمد، عبد الرحمن بن محمد ابن أحمد بن بالويه، النيسابوري المزكي.
حدث عن: أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي العباس الأصم، وأبي بكر بن المؤمل، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي محمد الكعبي، وأبي علي بن الصواف البغدادي.
وهو آخر أصحاب القطان موتًا.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وآخرون.
وقع لنا مجلس من أماليه، وكان من وجوه البلد، عقد مجلس الإملاء في داره، وكان صادقًا أمينًا.
مات فجأةً في شعبان سنة عشر وأربع مائة.
3773 - ابن الدباغ
(2)
:
الإمام الحافظ المجود، أبو القاسم، خلف بن القاسم بن سهل، الأندلسي ابن الدباغ.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مائة.
سمع: محمد بن معاوية ابن الأحمر، وبمصر أبا محمد بن الورد، وسلم بن الفضل، وبمكة بكيرًا الحداد، والآجري، وبدمشق علي بن أبي العقب، وأبا الميمون بن راشد.
صنف "حديث مالك"، و"حديث شعبة"، وكتابًا في الزهد.
وتلا بالسبع على جماعة.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر.
وكان ابن عبد البر يعظمه ولا يقدم عليه أحدًا من شيوخه.
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 59"، والعبر "3/ 102"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1051"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 190".
(2)
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "3698"، وبتعليقنا رقم "730".
3774 - الشيرازي
(1)
:
الإمام الحافظ المجود، أبو بكر، أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى، الشيرازي، مصنف كتاب "الألقاب" سماعنا.
سمع: أبا بحر محمد بن الحسن البربهاري، وأبا بكر القطيعي، وعلي بن أحمد المصيصي، وأبا القاسم الطبراني، وعبد الله بن عدي، وأبا بكر الإسماعيلي، وأبا الشيخ، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري، وعبد الواحد بن الحسن الجنديسابوري، وسعيد بن القاسم بن العلاء المطوعي، لقيه بطراز من بلاد الترك، ومحمد بن محمد بن صابر، لقيه ببخارى، وأسامة بن زيد القاضي بشيراز، وأحمد بن عبد الرحمن الخاركي بالبصرة.
وأقام مدة بهمذان، فحدث عنه: محمد بن عيسى، وأبو مسلم بن غزو، وحميد بن المأمون، وأبو الفرج البجلي، وآخرون.
وروى عنه كثيرًا أبو يعلى الخليلي، فيقول: حدثنا أحمد بن أبي مسلم الفارسي الحافظ.
قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ.
وقال الحافظ شيرويه الديلمي: كان ثقةً صادقًا حافظًا، يحسن هذا الشأن جيدًا جيدًا، فخرج من عندنا يعني من همذان سنة أربع وأربع مائة إلى شيراز، وأخبرت أنه مات بها سنة إحدى عشرة وأربع مائة. كذا قال. وأما أبو القاسم بن مندة، فقال: توفي في شوال سنة سبع وأربع مائة، فهذا أشبه.
قلت: كان من فرسان الحديث، واسع الرحلة، لقي بمرو عبد الله بن عمر بن علك.
قال المستغفري: سمع: ته يقول: وقع بيني وبين الحافظ ابن البيع منازعة في عمرو بن زرارة، وعمر بن زرارة، فقال: هما واحد. فحاكمته إلى أبي أحمد الحاكم، فقلنا: ما يقول الشيخ فيمن قال: عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة واحد؟ فقال: من هذا الطبل الذي لا يفصل بينهما?.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد القرافي، أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن فتحة سنة ثمان عشرة وست مائة حضورًا، أخبرنا شهردار ابن شيرويه الديلمي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع، أخبرنا أبو غانم حميد ابن مأمون سنة (444)، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، أخبرنا أبو أحمد بن عدي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، حدثنا شاذ ابن فياض، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخف الناس صلاةً في تمام
(2)
.
قال ابن عدي: لم يرو شاذ عن شعبة غير هذا الحديث.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 975"، والعبر "3/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 184".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "706"، ومسلم "469"، "189"، والترمذي "237"، والنسائي "2/ 94"، والدارمي "1/ 289".
3775 - القاضي عبد الجبار
(1)
:
ابن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل، العلامة المتكلم، شيخ المعتزلة، أبو الحسن الهمذاني، صاحب التصانيف، من كبار فقهاء الشافعية.
سمع: من: علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، ولعله خاتمة أصحابه، ومن عبد الله بن جعفر بن فارس بأصبهان، ومن الزبير بن عبد الواحد الحافظ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب.
حدث عنه: أبو القاسم التنوخي، والحسن بن علي الصيمري الفقيه، وأبو يوسف عبد السلام القزويني المفسر، وجماعة.
ولي قضاء القضاة بالري، وتصانيفه كثيرة، تخرج به خلق في الرأي الممقوت.
مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مائة، من أبناء التسعين.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 113"، والأنساب للسمعاني "1/ 225"، والعبر "3/ 119"، وميزان الاعتدال "2/ 533"، ولسان الميزان "3/ 386"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 202".
3776 - الإسفراييني
(1)
:
الإمام الحافظ المجود، أبو بكر، محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفراييني الحديثي الرحال.
ارتحل في سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، ولقي الكبار كأبي أحمد بن عدي وأقرانه.
قال أبو مسعود البجلي: سمع: ت أبا عبد الله الحاكم يقول: أشهد على أبي بكر الإسفراييني أنه يحفظ من حديث مالك وشعبة ومسعر والثوري أكثر من عشرين ألف حديث.
قلت: لم تبلغنا أخبار هذا الحافظ مفصلة.
وتوفي سنة ست وأربع مائة.
ومعه توفي مفتي العراق أبو حامد الإسفراييني، وشيخ الصوفية الأستاذ أبو علي الدقاق، وشيخ الأطباء أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي بنيسابور، ومسند الحرم عبيد الله بن محمد السقطي، والإمام أبو أحمد الفرضي، والأستاذ أبو بكر بن فورك، ونقيب العلويين العلامة الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي الشاعر.
وقد سقت حديثين في ترجمة هذا الحافظ في "تذكرة الحفاظ".
3777 - السلمي
(2)
:
محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم بن زاوية بن سعيد بن قبيصة بن سراق، الأزدي، السلمي الأم، الإمام الحافظ المحدث، شيخ خراسان وكبير الصوفية، أبو عبد الرحمن النيسابوري الصوفي، صاحب التصانيف.
أفرد له المحدث أبو سعيد محمد بن علي الخشاب ترجمةً في جزء، فقال: ولد في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مائة، وذلك بعد موت مكي بن عبدان بستة أيام، وكتب بخطه في سنة ثلاث وثلاثين عن أبي بكر الصبغي، ومن الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، وسمع كثيرًا: من جده لأمه إسماعيل بن نجيد، ومن خلق كثير. وله رحلة -يعني
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 974"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 184".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 248"، والأنساب للسمعاني "7/ 113"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 6"، والعبر "3/ 109"، وميزان الاعتدال "3/ 523"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 963"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 256"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 196".
إلى العراق- ابتدأ بالتصنيف سنة نيف وخمسين وثلاث مائة، وصنف في علوم القوم سبع مائة جزء، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من جمع الأبواب والمشايخ وغير ذلك ثلاث مائة جزء، وكانت له تصانيفه مقبولة.
قال الخشاب: كان مرضيًا عند الخاص والعام، والموافق والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك، وحبب تصانيفه إلى الناس وبيعت بأغللاى الأثمان، وقد بعت يومًا من ذلك على رداءة خطى بعشرين دينارًا، وكان في الحياء، وقد سمع منه كتا "حقائق التفسير" أبو العباس النسوي، فوقع إلى مصر، فقرئ عليه، ووزعوا له ألف دينار، وكان الشيخ ببغداد حيًا. وسمعت أبا مسلم غالب بن علي الرازي يقول: لما قرأنا كتاب "تاريخ الصوفية" في شهور سنة أربع وثمانين وثلاث مائة بالري، قتل في صبى في الزحام، وزعق رجل في المجلس زعقة، ومات، ولما خرجنا من همذان، تبعنا الناس لطلب الإجازة مرحلة.
قال السلمي: ولما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد الإسفراييني: أريد أن أنظر في "حقائق التفسير"، فبعثت به إ ليه، فمظر فيه، وقال: أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبرًا.
قال: ورأينا في طريق همذان أميرًا، فاجتمعت به، فقال: لا بد من كتابة "حقائق التفسير". فنسخ له في يومن فرق على خمسة وثمانين ناسخًا، ففرغوها إلى العصر، وأمر لي بفرس جواد ومائة دينار وثياب كثيرة. فقلت: قد نغصت على، وأفزعتني، وأفزعت الحاج وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويح المسلم، فإن أردت أن يبارك لك في الكتاب، فاقض لي حاجتي. قال: وما هي؟ قلت: ان تعفيني من هذه الصلة، فإني لا أقبل ذلك. ففرقها في نقباء الرفقة، وبعث من خفرنا، وكان الأمير نصر بن سبكتكين صاحب الجيش عالمًا، فلما رأى ذلك التفسير، أعبجه وأمر بنسخه في عشر مجلدات، وكتبة الآيات بماء الذهب، ثم قالوا: تأتي حتى يسمع الامير الكتاب. فقلت: لا آتيه البتة. ثم جاؤوا خلفي إلى الخانقاه، فاختفيت، ثم بعث بالمجلد الأول، وكتبت له بالإجازة.
قال: ولما توفى جدي أبو عمرو، خلف ثلاثة أسمهم في قرية، قيمتها ثلاثة آلاف دينار، وكانوا يتوارثون ذلك عن جده أحمد بن يوسف السلمي، وكذلك خلف أيضًا ضياعًا ومتاعًا، ولم يكن له وراث غير والدتي، وكان على التركات رجل متسلط، فكان من صنع الله انه لم يأخذ من ذلك شيئًا، وسلم إلى الكل، فلما تهيأ أبو القاسم النصراباذي للحج، استأذنت أمي في الحج، فبعث سهمًا بألف دينار، وخرجت سنة 366. فقالت: أمي توجهت إلى بيت
الله، فلا يكتبن عليك حافظاك شيئًا تستحي منه غدًا. وكنت مع النصراباذي أي بلد أتيناه يقول: قم بنا: نسمع الحديث. وسمعته يقول: إذا بدا لك شيء من بوادي الحق، فلا تلتفت معها إلى جنة ولا نار، وإذا رجعت عن تلك الحال، فعظم ما عظمه الله.
وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والدوام على الأوراد.
قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في "سياق التاريخ": أبو عبد الرحمن شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة طريق التصوفغ، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة، ورث التصوف من أبيه وجده، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرس كتبه المائة أو أكثر، حدث أكثر من أربعين سنة قراءة وإملاء، وكتب الحديث بنيسابور ومرو والعراق والحجاز، وانتخب عليه الحفاظ. سمع من: أبيه، وجده ابن نجيد، وأبي عبد الله الصفار، وأبي العباس الاصم، ومحمد بن يعقوب الحافظ، وأبي إسحاق الحيري، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن الكارزي، وأبي الحسن الطرائفي، والإمام أبي بكر الصبغي، والأستاذ أبي الوليد حسان، وابني المؤمل، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي سعيد بن رميح، وأبي بكر القطيعي، وطبقتهم.
وولد في سنة ثلاثين وثلاث مائة، كذا ورخه عبد الغافر، فالله أعلم.
وقال: حدثنا عنه جدي زين الإسلام القشيري، وأبو سعيد بن رامش، وأبو بكر بن زكريا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو نصر الجوري، وعلي بن أحمد المديني.
قلت: ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو بكر البيهقي، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق كثير. وما هو بالقوي في الحديث.
ذكره الخطيب، فقال: محله كبير، وكان مع ذلك صاحب حديث، مجودًا، جمع شيوخًا وتراجم، وأبوابًا، وعمل دويرة للصوفية، وصنف سننا وتفسيرًا.
قال أبو الوليد القشيري: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يسأل أبا على الدقاق، فقال الذكر أتم أم الفكر؟ فقال: ما الذي يفتح للشيخ فيه؟ قال أبو عبد الرحمن: عندي الذكر أتم، لأن الحق يوصف بالذكر، ولا يوصف بالفكر. فاستحسنه أبو علي.
السلمي: حدثنا محمد بن العباس الضبي، حدثنا محمد بن أبي علي، حدثنا الفضل بن
محمد بن نعيم، سمعت علي بن حجر، سمعت أبا حاتم الفراهيجي، سمعت فضالة النسوي، سمعت ابن المبارك يقول: حق على العاقل أن لا يستخف بثلاثة: العلماء والسلاطين والإخوان، فإنه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته.
القشيري: سمعت السلمي يقول: خرجت إلى مرو في حياة الأستاذ أبي سهل الصعلوكي، وكان له قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس دور القرآن بختم، فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس، وعقد لابن العقابي في ذلك الوقت مجلس القول فداخلني من ذلك شيء، وكنت أقول في نفسي: استبدل مجلس الختم بمجلس القول يعني الغناء فقال لي يومًا: يا أبا عبد الرحمن: أيش يقول الناس لي؟ قلت: يقولون: رفع مجلس القرآن، ووضع مجلس القول. فقال: من قال لأستاذه: لم؟ لا يفلح أبدًا.
قلت: ينبغي للمريد أن لا يقول لأستاذه: لم، إذا علمه معصومًا لا يجوز عليه الخطأ، أما إذا كان الشيخ غير معصوم وكره قول: لم؟ فإنه لا يفلح أبدًا، قال الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وقال: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ} [العصر: 3]، {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [البلد: 17] بلى هنا مريدون أثقال أنكاد، يعترضون ولا يقتدون، ويقولون ولا يعملون، فهؤلاء لا يفلحون.
قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث.
قلت: وللسلمي سؤالات للدارقطني عن أحوال المشايخ الرواة سؤال عارف، وفي الجملة ففي تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة، وفي حقائق تفسيره أشياء لا تسوغ أصلًا، عدها بعض الأئمة من زندقة الباطنية، وعدها بعضهم عرفانًا وحقيقةً، نعوذ بالله من الضلال ومن الكلام بهوى، فإن الخير كل الخير في متابعة السنة والتمسك بهدي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
مات السلمي في شهر شعبان سنة اثنتي عشرة وأربع مائة، وقيل: في رجب بينسابور، وكانت جنازته مشهودة.
وفيها مات عبد الجبار الجراحي، والحسين بن عمر بن برهان الغزال، وأبو الحسن بن رزقويه، ومنير أحمد الخشاب، والمحدث أبو سعد الماليني، وأبو أحمد عبد الله بن عمر الكرجي السكري، ومحمد بن أحمد غنجار.
أخبرنا أبو نصر الفارسي وأبو سعيد الحلبي، قالا: أخبرنا علي بن محمود، وأخبرنا بلال الحبشي، أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن الحسين، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن حسين الشيباني، حدثنا أحمد بن زغبة، حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا سفيان، حدثني عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن الزبير خاصم رجلًا، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له أنه ابن عمته. فأنزل الله هذه الآية: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .. الآية [النساء: 65]
(1)
.
تفرد به حامد البلخي، وهو صدوق مكثر.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا الحسن بن محمد بن عساكر "ح" وأخبرنا محمد بن حازم، أخبرنا ابن غسان وأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا مكرم بن أبي الصقر قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل الفلكي، أخبرنا علي بن أحمد المديني، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، أخبرنا القعنبي، حدثنا الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم، فلا يقل: اللهم إن شئت. ولكن ليعزم، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شيء أعطاه"
(2)
رواه مسلم.
ومن كبار شيوخه أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ وأبو ظهير عبد الله ابن فارس العمري البلخي، وسعيد بن القاسم البردعي.
قال الخطيب: وأخبرنا أبو القاسم القشيري قال: جرى ذكر السلمي، وأنه يقوم في السماع موافقةً للفقراء، فقال أبو علي الدقاق: مثله في حاله لعل السكون أولى به، امض إليه، فستجده قاعدًا في بيت كتبه، على وجه الكتب مجلدة مربعة فيها أشعار الحلاج، فهاتها، ولا تقل له شيئًا. قال: فدخلت عليه وإذا هو في بيت كتبه، والمجلدة بحيث ذكر،
(1)
صحيح: أخرجه الحميدي "300"، ومن طريقه الطبري "9914"، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سلمة رجل من ولد أم سلمة، عن أم سلمة، به.
وله شاهد من حديث عبد الله بن الزبير: عند البخاري "2359"، "2360"، ومسلم "2357"، وابو داود "3637"، والترمذي "1363"، والنسائي "8/ 245"، وأحمد "1/ 165 - 166"، "4/ 4 - 5".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "6339"، ومسلم "2679".
فلما قعدت، أخذ في الحديث، وقال: كان بعض الناس ينكر على عالم حركته في السماع، فرئي ذلك الإنسان يومًا خاليًا في بيت وهو يدور كالمتواجد، فسئل عن حاله، فقال: كانت مسألة مشكلة علي، تبين لي معناها، فلم أتمالك من السرور، حتى قمت أدور فقل له: مثل هذا يكون حالهم. قال: فلما رأيت ذلك منهما، تحيرت كيف أفعل بينهما، فقلت: لا وجه إلَّا الصدق، فقلت: إن أبا علي وصف هذه المجلدة، وقال: احملها إلي من غير أن تعلم الشيخ، وأنا أخافك، وليس يمكنني مخالفته، فأيش تأمر؟ فأخرج أجزاء من كلام الحسين الحلاج، وفيها تصنيف له سماه الصيهور في نقض الدهور، وقال: احمل هذه إليه.
وقيل: بلغت تآليف السلمي ألف جزء، وحقائقه قرمطة، وما أظنه يتعمد الكذب، بلى يروي عن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي أباطيل وعن غيره.
قال الإمام تقي الدين ابن الصلاح في "فتاويه": وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر رحمه الله أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي "حقائق التفسير"، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قلت: واغوثاه! واغربتاه!.
3778 - الخركوشي
(1)
:
الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو سعد، عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم، النيسابوري الواعظ. وخركوش: سكة بنيسابور.
حدث عن: حامد الرفاء، ويحيى بن منصور، وأبي عمرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وطبقتهم.
وتفقه بأبي الحسن الماسرجسي.
وسمع: بدمشق وببغداد ومكة، وجاور، وصحب الكبار، ووعظ وصنف، ورزق القبول الزائد، وبعد صيته.
له "تفسير" كبير، وكتاب "دلائل النبوة"، وكتاب "الزهد".
حدث عنه: الحاكم -وهو أكبر منه، والحسن بن محمد الخلال، وعبد العزيز الأزجي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو القاسم القشيري، وأبو علي الأهوازي، وأبو بكر البيهقي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وخلق.
قال الحاكم: أقول إني لم أر أجمع منه علمًا وزهدًا، وتواضعًا وإرشادًا إلى الله وإلى الزهد، زاده الله توفيقًا، وأسعدنا بأيامه، وقد سارت مصنفاته.
وقال الخطيب: كان ثقةً ورعًا صالحًا.
قلت: توفي في جمادى الأولى سنة سبع وأربع مائة.
وكان ممن وضع له القبول في الأرض، وكان الفقراء في مجلسه كالأمراء، وكان يعمل القلانس، ويأكل من كسبه، بنى مدرسةً ودارًا للمرضى، ووقف الأوقاف، وله خزانة كتب موقوفة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 432"، والأنساب للسمعاني "5/ 93"، واللباب لابن الأثير "1/ 436" وتذكرة الحفاظ "3/ 1066"، والعبر "3/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 184".
3779 - الجراحي
(1)
:
الشيخ الصالح الثقة، أبو محمد، عبد الجبار بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الجراح بن الجنيد بن هشام بن المرزبان، المرزباني الجراحي المروزي.
ولد في سنة إحدى وثلاثيني وثلاث مائة بمرو.
وسكن هراة، فحدث بها بـ"جامع الترمذي" عن أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب التاجر، فحمل الكتاب عنه خلق، منهم: أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد الغورجي، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد شيخ الإسلام، وعبد العزيز بن محمد الترياقي، ومحمد بن محمد العلائي، وآخرون.
قدم هراة في سنة تسع وأربع مائة.
قال المؤتمن بن أحمد الساجي: روى الحسين بن أحمد الصفار هذا "الجامع"، عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القراب، عن أبي عيسى الترمذي، فسمعه منه القاضي أبو منصور محمد بن محمد الأزدي ونظراؤه، فسمعت أبا عامر الأزدي يقول: سمعت جدي أبا منصور القاضي يقول: اسمعوا فقد سمعنا هذا الكتاب منذ سنين، وأنتم تساوونا فيه الآن.
قال أبو سعد السمعاني: توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة إن شاء الله. قال: وهو صالح ثقة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 214"، واللباب لابن الأثير "1/ 268"، والعبر "3/ 108"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1052"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 195".
3780 - ابن رزقويه
(1)
:
الإمام المحدث، المتقن، المعمر، شيخ بغداد، أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق بن عبد الله بن يزيد، البغدادي البزاز.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مائة.
وذكر أن أول سماعه سنة سبع وثلاثين.
سمع: محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري الواعظ، وعبد الله بن عبد الرحمن السكري، وعثمان بن السماك، وطبقتهم ومن بعدهم.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحسين بن الغريق، ومحمد بن علي بن الحندقوقي، وعبد العزيز بن طاهر الزاهد، ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعبد الله بن عبد الصمد بن المأمون، وأبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وأحمد بن الحسين بن سلمان العطار، ونصر بن البطر، وأخوه علي بن البطر، وآخرون، وأملى مدةً.
قال الخطيب: كان ثقةً صدوقًا كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد، مديمًا للتلاوة، بقي يملي في جامع المدينة من بعد ثمانين وثلاث مائة إلى قرب موته، وهو أول شيخ كتبت عنه، وذلك في سنة ثلاث وأربع مائة بعدما كف بصره.
قال أبو القاسم الأزهري: أرسل بعض الوزراء إلى أبي الحسن بن رزقويه بمال، فرده تورعًا.
وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه للشافعي.
قال الخطيب: سمعته يقول: والله ما أحب الحياة إلَّا للذكر وللتحديث. وسمعت البرقاني يوثق ابن رزقويه. مات سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 351"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 4"، والعبر "3/ 108"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1052"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 256"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 196".
3781 - خلف
(1)
:
الإمام الحافظ الناقد، أبو علي، خلف بن محمد بن علي بن حمدون، الواسطي.
سمع: أبا بكر القطيعي وطبقته ببغداد، وعبد الله بن محمد بن السقا بواسط، وأبا بكر الإسماعيلي بجرجان، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه بهراة، وأمثالهم بالشام ومصر وخراسان والعجم والعراق، وكان رفيق أبي الفتح بن أبي الفوارس في الرحلة إلى أكثر النواحي.
صنف كتاب: "أطراف الصحيحين"، وسافر الكثير في التجارة، وكتابه قالوا: أقل أوهامًا من أطراف أبي مسعود.
وقال أبو نعيم الحافظ: صحبناه بنيسابور وأصبهان.
وذكره الحاكم، فقال: حدثنا خلف بن محمد وكان حافظًا لحديث شعبة وغيره.
قلت: روى عنه الحاكم وهو من شيوخه، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم عبيد الله الأزهري، وطائفة. وأقام بالرملة يتجر.
قال الخطيب: سمعت الأزهري يقول: كان خلف حافظًا، وكان أبو الفتح بن أبي الفوارس أستاذه.
أنبأنا المسلم بن محمد الكاتب، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا خلف بن محمد، أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن عيسى بنيسابور، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسي، حدثنا أحمد بن صالح بن رسلان الفيومي بمكة، حدثنا ذو النون المصري، حدثنا فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر عثرةً".
هذا حديث منكر.
لم أظفر لخلف بتاريخ وفاة، وقد بقي إلى بعيد الأربع مائة بيسير.
وقد مات في سنة أربع مائة مسند خراسان أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفراييني، وهو راوي "مسند أبي عوانة الحافظ" عنه، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث الرزاز البغدادي، وكان يذكر أنه سمع: من البغوي، وزاهد الأندلس الشيخ سليمان بن بنج مال عن تسع وتسعين سنة، ومسند أصبهان أبو إسحاق بن عبد الله بن خرشيذ
(2)
قوله.
(1)
ترجمته في أخبار أصبهان "1/ 310"، وتاريخ بغداد "8/ 334"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 196"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 976".
(2)
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "3662"، وبتعليقنا رقم "696" فراجعها تمت.
3782 - الشيباني
(1)
:
الشيخ العالم المؤدب، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عمر بن نصر بن محمد، الشيباني السامري، ثم الدمشقي البزاز.
سمع: ابن حبيب الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وعثمان بن محمد الذهبي، وأبا يعقوب الأذرعي، وخلقًا سواهم.
حدث عنه: العتيقي، وعلي بن صصرى، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن علي الحداد، والشيخ عبد العزيز الكتاني، وغيرهم.
قال الكتاني: كتب الكثير، واتهم في لقاء أبي إسحاق بن أبي ثابت، وكان يتهم بالاعتزال، توفي في رجب سنة عشر وأربع مائة.
قلت: له جماعة أجزاء مروية، ولم يقع لي حديثه إلَّا بنزول.
وفيها مات عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو عمر بن مهدي الفارسي، وأبو الفضل التميمي، وابن محمش الزيادي، والقاضي أبو منصور الأزدي، وابن بابك شاعر وقته، وهبة الله بن سلامة الضرير المفسر، وأبو بكر بن مردويه الحافظ، وظفر بن محمد العلوي.
3783 - ظفر بن محمد:
ابن أحمد بن محمد بن زبارة بن عبد الله بن حسن بن علي بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، السيد المسند، الرئيس المجاهد، أبو منصور، العلوي الحسيني النيسابوري، البيهقي، الغازي.
سمع: عمه أبا علي بن زبارة، وأبا العباس الأصم، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني، وأبا بكر النجاد، وعلي بن عيسى بن ماتي، وخلف بن محمد البخاري الخيام، وأبا زكريا العنبري، وعدة، وانتقى عليه الحاكم.
وحدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف الأديب، وعمر بن الإمام أبي عمر البسطامي، وآخرون.
قال عبد الغافر في "السياق": كانت أصوله صحيحةً، ثم احترق قصره بما فيه، وراحت أصوله، فصار يروي من فروعها، توفي بقريته، وبها دفن سنة عشر وأربع مائة.
قلت: نيف على الثمانين فيما أرى.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 102"، وميزان الاعتدال "2/ 580"، ولسان الميزان "3/ 424"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 190".
3784 - المهلبي
(1)
:
الشيخ الثقة العالم، شيخ الأطباء، أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن حمزة، المهلبي النيسابوري، بقية المشايخ.
سمع: محمد بن أحمد بن دلويه، صاحب البخاري، ومحمد بن الحسين، القطان، وأبا حامد بن بلال، وأبا جعفر محمد بن الحسن الأصبهاني، وجماعةً.
وتفرد في وقته. وهو راوي المسلسل بالأولية.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي، وأبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي، وأبو بكر البيهقي، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
قال الحاكم: صحب أبو يعلى الصيدلاني المشايخ، وطلب الحديث، ثم تقدم في معرفة الطب.
قلت: توفي في يوم عيد النحر سنة ست وأربع مائة، وقد قارب التسعين.
وهو من ذرية أمير خراسان المهلب بن أبي صفرة الأزدي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 122"، واللباب لابن الأثير "2/ 254"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1064"، والعبر "3/ 94"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 181".
3785 - المحاملي
(1)
:
الفقيه الإمام، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل، الضبي المحاملي البغدادي من كبار الشافعية.
ولد سنة اثتين وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وأبا عمر الزاهد، وجماعة.
روى عنه: سليم الرازي، وأبو الغنائم بن أبي عثمان، وأخوه أحمد وآخرون.
قال الدارقطني: حفظ القرآن والفرائض ودرس المذهب، وكتب الحديث، وهو ممن يزداد كل يوم خيرًا.
وقال الخطيب: حضرت مجلسه غير مرة، وتوفي في رجب سنة سبع وأربع مائة، وكان ثقةً صادقًا خيرًا فاضلًا، لم يحصل عندي شيء مما سمعت منه.
3786 - ابن برهان
(2)
:
الشيخ الثقة الصالح، أبو عبد الله، الحسين بن عمر بن برهان، البغدادي الغزال البزاز، والد عبد الوهاب ومحمد.
سمع: إسماعيل الصفار، وعلي بن إدريس الستوري، وأبا جعفر بن البختري، وابن السماك.
روى عنه: أبو بكر البيهقي والخطيب، وأبو الفوارس طراد النقيب، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً صالحًا، مات في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
قلت: وقع لنا حديثه من عوالي طراد.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 333"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 285"، والعبر "3/ 97"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 185".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 82"، والعبر "3/ 108"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 195".
3787 - ابن الدلم
(1)
:
المحدث الثقة المأمون، أبو القاسم، بقية المسندين، صدقة بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك القرشي الدمشقي، ابن الدلم.
سمع: من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، وعثمان بن محمد الذهبي، وأبي علي الحصائري، وأبي الطيب بن عبادل، وخيثمة الأطرابلسي.
حدث عنه: عبد الرحيم البخاري، وأبو علي الأهوازي، وعلي بن الخضر السلمي، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعلي بن صدقة الشرابي.
قال الكتاني: ثقة مأمون، مضى على سداد، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.
قلت: هذا أكبر شيخ عند الكتاني.
3788 - منير بن أحمد
(2)
:
ابن الحسن بن علي بن منير، أبو العباس المصري الخشاب المعدل.
حدث عن: علي بن عبد الله بن أبي مطر، ومحمد بن أيوب بن الصموت، ومحمد بن أحمد بن أبي الأصبغ، وأحمد بن الضحاك، وطبقتهم.
وعنه: الصوري، وخلف الحوفي، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
قال الحبال: ثقة لا يجوز عليه تدليس، مات في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
3789 - عبد الغني بن سعيد
(3)
:
ابن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الإمام الحافظ الحجة النسابة، محدث الديار المصرية، أبو محمد الأزدي المصري، صاحب كتاب "المؤتلف والمختلف".
(1)
ترجمته في العبر "3/ 112"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1055".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 110"، وشذرات الذعب لابن العماد الحنبلي "3/ 197".
(3)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 198"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 291"، ووفيات الأعيان "3/ 223"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 964"، والعبر "3/ 100"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 244"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 188".
مولده في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة.
وكان أبوه سعيد فرضي مصر في زمانه.
سمع أبو محمد من: عثمان بن محمد السمرقندي، -وهو أكبر شيخ له-، ومن: أحمد بن إبراهيم بن عطية، وأحمد بن بهزاد السيرافي، -وسماعه منه في عام اثنين وأربعين. وسمع من: إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، وأبي الطيب القاسم بن عبد الله الروذباري، وعلي بن أحمد بن إسحاق المزكي، والحسن بن يحيى القلزمي، وأبي أحمد بن الناصح المفسر، والحسن بن الخضر الأسيوطي، ومحمد بن علي النقاش التنيسي، وعلي بن جعفر الفريابي، وأبي قتيبة سلم بن الفضل، وإبراهيم بن علي الحنائي، -صاحب الكجي، وأبي نجيد محمد بن القاسم الحذاء، والخضر بن محمد المراغي، وأبي الحسن الدارقطني، ويعقوب بن مبارك، وحمزة بن محمد الكناني الحافظ، والقاضي أبو طاهر السدوسي، وأبي الحسن بن حيويه، وطبقتهم بمصر، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبي سليمان بن زبر، والفضل بن جعفر المؤذن، وطبقتهم بدمشق.
حدث عنه: الحافظ محمد بن علي الصوري، ورشأ بن نظيف المقرئ، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وابن بقاء الوراق، وأبو علي الأهوازي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وخلق سواهم، وبالإجازة أبو عمر بن عبد البر، وغيره.
وكان من كبار الحفاظ.
قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في طريقك من يفهم شيئًا من العلم? قال: ما رأيت في طول طريقي إلَّا شابًا بمصر يقال له: عبد الغني، كأنه شعلة نار ........... ، وجعل يفخم أمره، ويرفع ذكره.
وقال أبو الفتح منصور بن علي الطرسوسي: أراد أبو الحسن الدارقطني الخروج من عندنا من مصر، فخرجنا معه نودعه، فلما ودعناه بكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد، وفيه الخلف.
ولعبد الغني "جزء" بين فيه أوهام كتاب المدخل إلى الصحيح للحاكم، يدل علي إمامته وسعة حفظه.
قال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم "الأوهام التي في المدخل" بعث إلي يشكرني، ويدعو لي، فعلمت أنه رجل عاقل.
قال أبو بكر البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني.
وقال محمد بن علي الصوري: قال لي الحافظ عبد الغني: ابتدأت بعمل كتاب المؤتلف والمختلف فقدم علينا الدارقطني، فأخذت عنه أشياء كثيرةً منه، فلما فرغت من تصنيفه، سألني أن أقرأه عليه ليسمع: هـ مني، فقلت: عنك أخذت أكثره. قال: لا تقل هكذا، فإنك أخذته عني مفرقًا، وقد أوردته فيه مجموعًا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك. قال: فقرأته عليه.
قال أبو الوليد الباجي: عبد الغني بن سعيد حافظ متقن، قلت لأبي ذر الهروي: أخذت عن عبد الغني؟ فقال: لا إن شاء الله. على معنى التأكيد، وذلك أنه كان لعبد الغني اتصال ببني عبيد-، بعني أصحاب مصر.
قال أحمد بن محمد العتيقي: كان عبد الغني إمام زمانه في علم الحديث وحفظه، ثقةً مأمونًا، ما رأيت بعد الدارقطني مثله.
قلت: اتصاله بالدولة العبيدية كان مداراةً لهم، وإلا فلو جمح عليهم، لاستأصله الحاكم خليفةً مصر، الذي قيل: إنه ادعى الإلهية. وأظنه ولي وظيفةً لهم، وقد كان من أئمة الأثر، نشأ في سنة واتباع قبل وجود دولة الرفض، واستمر هو على التمسك بالحديث، ولكنه دارى القوم، وداهنهم، فلذلك لم يحب الحافظ أبو ذر الأخذ عنه.
وقد كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي أمامها: هذا نافي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي في سابع صفر سنة تسع وأربع مائة.
قلت: ومات معه في هذا العام المحدثون المسنون: أبو الحسين أحمد بن محمد بن المتيم البغدادي الواعظ، وأبو الحسن أحمد بن محمد ابن احمد بن الصلت الأهوازي، شيخا أبي بكر الخطيب، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي شيخ البيهقي، والمعمر أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة، الصيدلاني الواسطي، وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي "سنن ابن ماجه".
أخبرنا عيسى بن عبد الرزاق، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، سمعت جعفر بن أحمد اللغوي، سمعت محمد بن علي الصوري الحافظ، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا القاسم الحسين بن عبد الله القرشي، سمعت بنانًا الزاهد يقول: من كان يسره ما يضره متى يفلح?.
أخبرنا أحمد بن سلامة المقرئ إجازةً عن هبة الله بن علي، أخبرنا علي بن الحسين، أخبرنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد الغني ابن سعيد، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد العطار، حدثنا إبراهيم بن دنوقا، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا بشر بن المفضل، عن غالب القطان، عن بكر، عن أنس قال:"كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا أراد أحدنا أن يسجد على الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه"
(1)
.
غالب هو ابن خطاف، قيده الدارقطني بفتح الخاء، اتفق الشيخان عليه من طريق بشر.
قال عبد الغني بن سعيد في كتاب "العلم"، وهو جزآن: أخبرنا محمد بن عبد الله بن البياع في كتابه من نيسابور، حدثنا الأصم .... ، فذكر حديثًا.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "385"، ومسلم "620"، وأبو داود "660".
3790 - أبو الفضل التميمي
(1)
:
الإمام الفقيه، رئيس الحنابلة، أبو الفضل، عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث، التميمي، البغدادي، الحنبلي.
حدث عن: أبيه، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وأبي بكر النجاد، وأحمد بن كامل، وعدة.
وعنه: الخطيب، ورزق الله التميمي -ابن أخيه، وعمر بن عبيد الله ابن عمر المقرئ، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقًا، دفن إلى جنب قبر الإمام أحمد، وحدثني أبي وكان ممن شيعه أنه صلى عليه نحو من خمسين ألفًا، رحمه الله.
قلت: كان صديقًا للقاضي أبي بكر بن الباقلاني، وموادًا له.
توفي سنة عشر وأربع مائة.
3791 - أبو منصور الأزدي
(2)
:
العلامة المحدث، القاضي أبو منصور، محمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين، الأزدي الهروي الشافعي.
روى عن: الحسن بن عمران الحنظلي الهروي، وسمع: لما حج بالكوفة من محمد بن علي بن دحيم، وببغداد من أبي محمد دعلج السجزي، وأحمد بن عثمان الأدمي، وعدة.
وأملى مدةً، وكان رأس الشافعية في عصره بهراة مع الدين والخير وعلو الإسناد.
حدث عنه: أحمد بن أحمد بن حمدين، وأبو سعد يحيى بن أبي نصر العدل، وأبو عدنان القاسم بن علي، ومحمد بن علي العميري، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وآخرون.
وكان السلطان محمود بن سبكتكين يجله، ويحترمه لخيره واتباعه ومحاسنه.
قارب التسعين، ومات بهراة فجأةً في المحرم سنة عشر وأربع مائة.
وهو من ذرية الأمير المهلب بن أبي صفرة.
وابنه: هو الإمام:
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 14"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 295".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 103"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 192".
3792 - أبو أحمد منصور بن محمد
(1)
:
المهلبي الأديب.
علق المذهب ببغداد عن الشيخ أبي حامد.
وروى عن: محمد بن عبد الله بن خميرويه، والخليل بن أحمد السجزي، والعباس بن الفضل النضروي.
وأملى مجالس، وكان يختم كل يوم.
وأما نظمه الفائق ونثره البديع، فإليه المنتهى.
قال الرهاوي: توفي سنة أربعين وأربع مائة.
3793 - ابن جهضم
(2)
:
الشيخ الإمام الكبير، شيخ الصوفية بالحرم، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني المجاور، مصنف "بهجة الأسرار". يروي فيه عن أبي الحسن بن سلمة القطان، وأحمد بن عثمان الأدمي، وعلي بن أبي العقب، وخلق.
ليس بثقة بل متهم يأتي بمصائب.
قال ابن خيرون: قيل: إنه يكذب.
قلت: سقت أخباره في "التاريخ""والميزان".
مات سنة أربع عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 191".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 14"، والعبر "3/ 116"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1057"، وميزان الاعتدال "3/ 142"، ولسان الميزان "4/ 238"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 200".
3794 - ابن محمش
(1)
:
الفقيه العلامة القدوة، شيخ خراسان، أبو طاهر، محمد بن محمد ابن محمش بن علي بن داود، الزيادي، الشافعي، النيسابوري، الأديب.
كان يسكن بمحلة ميدان زياد بن عبد الرحمن، فنسب إليها، وكان والده من العابدين.
ولد أبو طاهر: سنة سبع وعشرين وثلاث مائة.
وأسمع: هـ أبوه سنة خمس وعشرين وبعدها من أبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، والعباس بن محمد بن قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله النصري، ومحمد بن الحسن المحمداباذي، ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري، وعبدوس بن الحسين، وأبي العباس الأصم، وأبي علي الميداني، وحاجب بن أحمد الطوسي، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وعدة. وكاد أن يسمع: من ابن الشرقي.
وكان إمامًا في المذهب، متبحرًا في علم الشروط، له فيه مصنف، بصيرًا بالعربية، كبير الشأن، وكان إمام أصحاب الحديث ومسندهم ومفتيهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أملى نحوًا من ثلاث سنين، ولولا ما اختص به من الإقتار وحرفة أهل العلم لما تقدم عليه أحد، أخبرنا عنه الإمام حدي، وأبو سعد بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، ومحمد ابن يحيى المزكي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وعلي بن أحمد الواحدي المفسر.
قلت: وأبو بكر البيهقي، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة، ومحمد بن محمد الشاماتي، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق. وقد روى عنه من أقرانه الحاكم ابن البيع.
مات في شعبان سنة عشر وأربع مائة، رحمه الله.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 336"، واللباب لابن الأثير "2/ 84"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1051"، والعبر "3/ 103"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 192".
3795 - طغان خان:
التركي، صاحب تركستان، وبلاساغون وكاشغر وختن وفاراب.
قصدته جيوش الصين والخطا في جمع ما سمع: بمثله حتى قيل: كانوا ثلاث مائة ألف. وكان مريضًا فقال: اللهم عافني لأغزوهم، ثم توفني إن شئت. فعوفي، وجمع عساكره، وساق، فبيتهم، وقتل منهم نحو مائةي ألف، وأسر مائة ألف، وكانت ملحمةً مشهودةً في سنة ثمان وأربع مائة، ورجع بغنائم لا تحصى إلى بلاساغون، فتوفاه الله عقيب وصوله.
وكان دينًا عادلًا، بطلًا شجاعًا.
وتملك بعده أخوه أرسلان خان، أرخ ذلك صاحب حماة المؤيد.
3796 - الناصر
(1)
:
تقدم، وهو صاحب الأندلس، الناصر لدين الله، أبو الحسن علي ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن السيد الحسن بن علي، العلوي الحسني، ثم الإدريسي.
كان من قواد المستعين المرواني، فلما طغى المستعين، وعثر الرعية، حاربه علي هذا وقتله وتملك وتمكن، ثم خالف عليه الموالي الذين كانوا قد نصروه، ومالوا إلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن الناصر الأموي، ولقبوه بالمرتضى، ونازلوا غرناطة، ثم ندموا على بيعته لما رأوا من صولته، فتنقلوا عنه، ودسوا من قتله غيلةً.
وكانت دولة الإدريسي اثنين وعشرين شهرًا، ثم قتله غلمان له صقالبة في حمام، في أواخر سنة ثمان وأربع مائة، فقام بعده أخوه القاسم.
وترك علي من الولد إدريس، ويحيى المعتلي، فشيخنا جعفر ابن محمد الإدريسي من نسل المعتلي.
3797 - ابن بابك
(2)
:
شاعر وقته، أبو القاسم، عبد الصمد بن منصور بن بابك، البغدادي.
وديوانه كبير في مجلدين.
طوف النواحي، ومدح الكبار، ولما سأله الصاحب إسماعيل بن عباد وقد وفد عليه: أأنت ابن بابك؟ قال: بل أنا ابن بابك. فأعجبه ذلك.
توفي سنة عشر وأربع مائة.
(1)
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "3705"، وبتعليقنا رقم "735".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 295"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 196"، والعبر "3/ 102"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 245"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 191".
3798 - ابن سراقة
(1)
:
الحافظ العلامة، أبو الحسن، محمد بن يحيى بن سراقة، العامري البصري.
حدث عن: ابن داسة، وأبي إسحاق الهجيمي، وابن عباد، وطائفة.
وأخذ عن أبي الفتح الأزدي "مصنفه" في الضعفاء، ثم هذبه، وراجع فيه أبا الحسن الدارقطني.
وارتحل في الحديث إلى فارس وأصبهان والدينور، وسكن آمد مدة.
وكان من أئمة الشافعية.
له تآليف في الفرائض والسجلات.
كان حيًا في سنة أربع مائة.
3799 - فخر الملك
(2)
:
الوزير الكبير، أبو غالب، محمد بن علي بن خلف بن الصيرفي. وباسمه صنف كتاب "الفخري" في الجبر والمقابلة.
كان صدرًا معظمًا، جوادًا ممدحًا من رجال الدهر، كان أبوه صيرفيًا بديوان واسط، وكان أبو غالب من صباه يتعانى المكارم والأفضال، ويلقبونه بالوزير الصغير، ثم ولي بعض الأعمال، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي ديوان واسط، ثم وزر، وناب للسلطان بهاء الدولة بفارس، وافتتح قلاعًا، ثم الولي العراق بعد عميد الجيوش، فعدل قليلًا، وأعاد اللطم يوم عاشوراء، وثارت الفتن لذلك، ومدحته الشعراء، ودام ست سنين، ثم أمسك بالأهواز،
(1)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 195".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "7/ 286"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 124"، والعبر "3/ 97" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 242"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 185".
وقتل في ربيع الأول سنة سبع وأربع مائة، وأخذوا له جوهرًا ونفائس، وألف ألف دينار وغير ذلك، وطمر في ثيابه.
وكان شهمًا كافيًا، خبيرًا بالتصرف، سديد التوقيع، طلق المحيا، يكاتب ملوك النواحي، ويهاديهم، وفيه عدل في الجملة، عمرت العراق في أيامه، وكان من محاسن الدهر، أنشأ بيمارستانًا عظيمًا ببغداد، وكانت جوائزه متواترةً على العلماء والصلحاء، وعاش ثلاثًا وخمسين سنة.
رفعت إليه سعاية برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة، ولو كانت صحيحة، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة شيبك، لعاملناك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق من يعلم الغيب. فأخذها فقهاء المكاتب، وعلموها الصغار.
وقد أنشأ ببغداد دارًا عظيمة، وكان يضرب المثل بكثرة جوائزه وعطاياه.
3800 - المستعين
(1)
:
صاحب الأندلس، الملقب بالمستعين، أبو الربيع، سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبد الرحمن، الأموي، المرواني، الأندلسي.
خرج على ابن عمه المؤيد بالله هشام على رأس عام أربع مائة، والتف عليه البربر بالأندلس، وغلبوا على قلعة رباح، وملكوه، وجمعوا له أموالًا نحو المائة ألف دينار، فسار بهم إلى طليطلة، فحاربهم، واستولى عليها، وذبح واليها، ثم هزم عسكرًا واقعوه، ثم قصد قرطبة، فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم في النهر، وقتل خلق، وكانت ملحمةً كبرى، ذهب فيها عدة من العلماء والصلحاء، فعمد المهدي، فأخرج المؤيد بالله، بعد أن زعم أنه مات، فأجلسه للناس، وجعل القاضي ابن ذكوان يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما ابن عبد الجبار نائبه. فقالت البربر: يا ابن ذكوان! بالأمس تصلي عليه، واليوم تحييه! وأما الرعية فخرجوا يطلبون أمانًا من سليمان، فأكرمهم، واختفى ابن عبد الجبار، واستوسق لسليمان الأمر، ودخل القصر، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا اثني عشر ألفًا، وهرب ابن عبد الجبار إلى طليطلة، فقاموا معه، واستنجد بالفرنجية، وبعث إليهم من بيت المال بذهب عظيم، فلله الأمر، ثم أقبل في عسكر عظيم، فكان المصاف على عقبة البقر بقرب قرطبة، فينهزم ابن عبد الجبار، وقتل من الفرنج ثلاثة آلاف، وغرق خلائق، ثم
(1)
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني برقم ترجمة عام "3800"، وبتعليقنا رقم "734".
ظفروا بابن عبد الجبار، فذبح صبرًا، وقطعت أربعته في يوم التروية سنة أربع مائة، وله أربع وثلاثون سنةً، ثم استمر في الملك المؤيد بالله، وعاث المستعين بالبربر، وجرت أمور طويلة، وحاصر قرطبة مدةً طويلة إلى شوال سنة ثلاث، فشدوا، وزحفوا على البلد، فأخذوه، وبذلوا السيف والنهب وبعض السبي، وقتلوا المؤيد، فيقال: قتل بقرطبة نيف وعشرون ألفًا، وفعلت عساكر المستعين ما لا تفعله النصارى، واستوسق الأمر للمستعين، فعسف وجار، وأخرب البلاد، وكان من قواده القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الإدريسي، فقدمهما على جيشه، ثم استناب أحدهما على الجزيرة الخضراء، والآخر على سبتة، فراسل علي متولي سبتة جماعةً، وحدث نفسه بالخلافة، فبادر إليه خلق، وبايعوه، فعدى إلى الأندلس، فانضم إليه أمير مالقة، واستفحل أمره، ثم نازل قرطبة، فبرز لحربه محمد ولد المستعين، فالتقوا، فانهزم محمد، وهجم الإدريسي قرطبة، وتملك، وذبح المستعين ولله الحمد بيده صبرًا، وذبح أباه الحكم أيضًا. وكان شيخًا من أبناء الثمانين، وذلك في المحرم سنة سبع وأربع مائة، وزالت الدولة المروانية، وعاش المستعين نيفًا وخمسين سنة، وله شعر جيد قد تقدم منه.
3801 - الرضي
(1)
:
الشريف أبو الحسن، محمد بن الطاهر أبي أحمد الحسين بن موسى، الحسيني، الموسوي، البغدادي، الشاعر، صاحب "الديوان".
له نظم في الذروة حتى قيل: هو أشعر الطالبيين.
ولي النقابة بعد أبيه، وديوانه يكون أربع مجلدات.
وله كتاب "معاني القرآن" ممتع يدل على سعة علمه.
مات في المحرم -وقيل: صفر- سنة ست وأربع مائة، وله سبع وأربعون سنة، وكان شيعيًا.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 246"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 279"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 414"، والعبر "3/ 95"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 182".
3802 - الجرجاني
(1)
:
الشيخ الثقة العالم، مسند أصبهان، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم ابن جعفر اليزدي الجرجاني، صاحب تلك "الأمالي الأربعين".
ولد بجرجان سنة تسع عشرة وثلاث مائة.
ونشأ بنيسابور، فسمع: محمد بن الحسين القطان، والعباس بن محمد ابن قوهيار، وحاجب بن أحمد الطوسي، ومحمد بن الحسن المحمداباذي، وأبا العباس الأصم، ومحمد بن عبد الله الصفار، والحسن بن يعقوب البخاري، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن الحسن بن سليم القاضي، وعبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو عمرو عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي، ومحمد بن أحمد بن ررا، ومحمود بن جعفر الكوسج، والرئيس القاسم ابن الفضل، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، ورجاء بن عبد الواحد بن قولويه، وآخرون. وهذا السمسار خاتمتهم، حديثه من أعلى شيء في "الثقفيات".
وقع لي من أماليه أربعة مجالس.
مات بأصبهان، في رجب سنة ثمان وأربع مائة، عن تسع وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني، أخبرنا محمد بن محمد المأموني، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الجرجاني، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن الأزهر، حدثنا زمعة بن صالح، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا اشتد الحر، فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم"
(2)
.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 99"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 187".
(2)
صحيح: أخرجه من طرق عن أبي هريرة: مالك "1/ 16"، والشافعي "1/ 48، 49"، و ابن أبي شيبة "1/ 334، 325"، وعبد الرزاق "2048"، "2049"، "2051"، والحميدي "942"، وأحمد "2/ 229، 256، 266، 318، 348، 393، 394، 462، 501، 507"، والبخاري "533"، "534"، "536" ومسلم "615"، وابن الجارود "156"، والطحاوي "1/ 187"، والبغوي "364".
وورد من حديث المغيرة بن شعبة: عند ابن ماجه "680"، والطحاوي في "شرح معانى الآثار""1/ 187" والطبراني في "الكبير""20/ 949" =
3803 - ابن المتيم
(1)
:
الإمام الواعظ المعمر، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد، البغدادي، ابن المتيم.
شيخ صدوق، لكنه كثير المزاح.
حدث عن: القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب الأزرق، والحافظ أبي العباس بن عقدة، وعلي بن محمد بن عبيد، وإسماعيل الصفار، وحمزة بن القاسم.
قيل: جميع ما كان عنده عن كل واحد مجلس إلَّا الأزرق، فسمع: منه ستة مجالس.
وتفرد، واشتهر، وكان يعظ في جامع المنصور.
حدث عنه: الخطيب، وقال: لم أكتب عن أقدم سماعًا منه، ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعاصم بن الحسن العاصمي، ورزق الله التميمي، وآخرون. وقع لي من عواليه في مجلس رزق الله.
مات في جمادى الآخرة، سنة تسع وأربع مائة.
ومات فيها ابن الصلت الأهوازي الذي ذكر مع سميه المجبر، وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، الفقيه الجريري المذهب سمع: من ابن عياش القطان، والفقيه رجاء بن عيسى الأنصناني المالكي، وعبد الله ابن يوسف بن بامويه الأصبهاني، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة الواسطي الصيدلاني، -راوي "تاريخ أحمد بن أبي خيثمة" عن الزعفراني، عنه، وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي "سنن ابن ماجة"، عاش إلى هذه السنة.
= وورد من حديث أبي ذر: عند ابن أبي شيبة "1/ 324"، والطيالسي "445"، وأحمد "5/ 155، 162، 176"، والبخاري "535، 539، 629"، "3258"، ومسلم "616"، وأبو داود "401"، والترمذي "158"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 186"، والبغوي "363".
(1)
ترجمته في تاري بغداد "4/ 370"، ومعجم الأدباء الحموي "4/ 244"، والعبر "3/ 100"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 188".
3804 - تمام بن محمد
(1)
:
ابن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد، الإمام الحافظ، المفيد الصادق، محدث الشام، أبو القاسم بن الحافظ الثقة أبي الحسين، البجلي، الرازي، ثم الدمشقي.
كان أبوه من أعيان الرحالين الذين سكنوا دمشق، وكتبوا الكثير، فحدث عن: محمد بن أيوب بن الضريس البجلي، ومحمد بن جعفر القتات، وهذه الطبقة، وأسمع: ولده تمامًا بدمشق واعتنى به.
مولده بدمشق في سنة ثلاثين وثلاث مائة.
سمع: أباه، وخيثمة بن سليمان، والحسن بن حبيب الحصائري، ومحمد بن حميد الحوراني، وأبا الحسن بن حذلم، وأبا علي أحمد بن محمد بن فضالة، وأبا الميمون بن راشد، وأبا يعقوب الأذرعي، وعلي بن أبي العقب، وأبا علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي، -صاحب بحر بن نصر، وعلي بن أحمد بن الوليد المري -حدثه عن أخطل بن الحكم-، وعلي بن الحسين بن السفر الجرشي -عن بكار بن قتيبة- ومحمد بن هميان القيسي حدثه عن ابن عرفة، وهشام بن محمد بن عدبس، وإبراهيم بن محمد بن محمد بن سنان، عن ابن بنت مطر، وخلقًا سواهم.
وتلا لأبي عمرو على أحمد بن عثمان غلام السباك صاحب الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، عن قراءتهما على أبي عمر الدوري.
خرج الفوائد في مجلدة انتقاء من يدري الحديث.
حدث عنه: عبد الوهاب الكلابي -أحد شيوخه- وأبو الحسين الميداني، وأبو علي الأهوازي، والحسن بن علي اللباد، وأحمد بن محمد العتيقي، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبد الرحمن الطرائفي، وخلق سواهم.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي أستاذنا أبو القاسم تمام الحافظ لثلاث خلون من المحرم سنة أربع عشرة وأربع مائة.
قال: وكان ثقةً حافظًا، لم أر أحفظ منه في حديث الشاميين، ذكر أن مولده، سنة ثلاثين وثلاث مائة.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 969"، والعبر "3/ 115"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 259".
وقال أبو علي الأهوازي: ما رأيت مثل تمام في معناه، كان عالمًا بالحديث ومعرفة الرجال.
وقال أبو بكر: ما لقينا مثله في الحفظ والخير.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي إجازةً أخبرنا عبد الكريم بن حمزة في سنة خمس وعشرين وخمس مائة، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، حدثنا تمام بن محمد الحافظ، أخبرنا الحسن ابن حبيب، أخبرنا العباس بن الوليد البيروتي، أخبرنا محمد بن شعيب، حدثنا معان بن رفاعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يكتوي في أكحله، حين رمته بنو النضير، فاكتوى.
هذا حديث غريب، ومعان ليس بذاك القوي.
ومات مع تمام في العام الحافظ أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو الأصبهاني النقاش الحنبلي، صاحب التواليف، وشيخ الحرم أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم الهمذاني الزاهد صاحب "بهجة الأسرار" -وكان ضعيفًا- ومحدث بغداد أبو الفتح هلال بن محمد الحفار، ومسند نيسابور أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي، ومسند البصرة القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، وشيخ أصبهان القدوة، أبو الحسن علي بن محمد بن ميلة الفرضي، ومحدث طرابلس أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن أبي كامل.
3805 - الحفار
(1)
:
الشيخ الصدوق، مسند بغداد، أبو الفتح، هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان بن عبد الرحمن بن ماهويه بن مهيار بن المرزبان، الكسكري، ثم البغدادي.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة.
وسمع من: الحسين بن يحيى بن عباس القطان صاحب أحمد بن المقدام العجلي، فكان آخر أصحابه، ومن إسماعيل الصفار، وأبي جعفر ابن البختري، وعلي بن محمد الواعظ، وعثمان بن أحمد الدقاق، وإسماعيل بن علي الخزاعي، وجماعة.
وسمع من: الحسين بن يحيى بن عباس القطان صاحب أحمد بن المقدام العجلي، فكان آخر أصحابه، ومن إسماعيل الصفار، وأبي جعفر بن البختري، وعلى بن محمد الواعظ وعثمان بن أحمد الدقاق، وإسماعيل بن علي الخزاعي، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وعلي بن أحمد بن البسري، وأبو الفضل عمر بن عبيد الله البقال، وعاصم بن الحسن، وطاهر بن الحسين القواس، ومحمد بن محمد بن المسلمة، والحسن بن محمد بن زينه، وأبو الفوارس طراد الزيني، وهبه الله بن عبد الرزاق الأنصاري، وخلق سواهم.
وقد روى جزء الحفار عاليًا إبراهيم بن الخير، ثم بالإجازة زين الدين ابن عبد الدايم.
قال الخطيب: كان صدوقًا، مات في صفر سنة أربع عشرة وأربع مائة، كتبنا عنه.
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أحمد السعدي، أخبرنا علي بن مختار، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا هلال بن محمد، أخبرنا الحسين بن يحيى القطان، حدثنا أبو الأشعث العجلي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: إن شر الطعام طعام العرس، يطعمه الأغنياء، ويمنعه المساكين.
وبه: حدثنا أبو الأشعث، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد:{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون} [الذاريات: 13]، قال: يحرقون عليها، ويعذبون.
3806 - المزكي
(2)
:
الشيخ الإمام الصدوق، القدوة الصالح، أبو زكريا، يحيى بن المحدث المزكي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، النيسابوري، شيخ التزكية ببلده.
أملى مدةً على ورع وإتقان.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، والحسن بن يعقوب البخاري، وأبي بكر بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن محمد بن عبدوس، وعدة من
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 75"، والأنساب للسمعاني "10/ 428"، الكسكري، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 15"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1057 - 1058"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 201".
(2)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1058"، والعبر "3/ 118".
النيسابوريين، وأبي سهل بن زياد، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، والقاضي أحمد بن كامل، وأحمد بن عثمان الأدمي من البغداديين، ومحمد بن علي بن دحيم، وغيره من الكوفيين، انتقى عليه الحافظ أحمد بن علي الأصبهاني، وقع لنا جماعة أجزاء من حديثه.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي كثيرًا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر محمد بن يحيى ولده، وعثمان بن محمد المحمي، وهبة الله بن أبي الصهباء، والقاسم بن الفضل الثقفي، وعلي بن أحمد بن الأخرم، وآخرون.
وكان شيخًا ثقةً، نبيلًا خيرًا، زاهدًا ورعًا متقنًا، ما كان يحدث إلَّا وأصله بيده يعارض، حدث بالكثير.
وكان بصيرًا بمذهب الشافعي، تفقه على الأستاذ أبي الوليد حسان بن محمد.
توفي في ذي الحجة سنة أربع عشرة وأربع مائة.
قرأت على يحيى بن محمد المكي بها، أخبرنا علي بن هبة الله، وقرأت على سنقر الزينبي بحلب، أخبرنا علي بن محمود قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا يحيى بن إبراهيم، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الصغاني، حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة: أنه سمع: القراظ يزعم أنه سمع: أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد بها سوءًا أذابه الله كما يذوب الملح في الماء"
(1)
.
أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم، عن حجاج.
(1)
صحيح: أخرجه مسلم "1386".
3807 - ابن ميلة
(1)
:
الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو الحسن، علي بن ماشاذه محمد بن أحمد بن ميلة بن خرة، الأصبهاني الزاهد الفرضي، شيخ الصوفية.
ولد سنة نيف وعشرين وثلاث مائة.
وسمع: من: أبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، ومحمد بن محمد بن يونس الأبهري، وأبي علي أحمد بن محمد بن إبراهيم الصحاف، ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، ومحمد بن عبد الله بن أسيد، وأبي علي أحمد بن محمد ابن عاصم، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، والقاضي أبي أحمد العسال، وغياث بن محمد، وعدة.
وأملى عدة مجالس وقع لنا منها.
حدث عنه: رجاء بن قولويه، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو الحسين سعيد بن محمد الجوهري، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني، وأخوه محمد بن عبد الله، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وآخرون.
وحديثه من أعلى مرويات السلفي.
قال أبو نعيم الحافظ: صحب أبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن واضح، وأبا جعفر محمد بن الحسن، وزاد عليهما في طريقهما خلقًا وفتوةً، جمع بين علم الظاهر وعلم الباطن، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان ينكر على المتشبهة بالصوفية وغيرهم من الجهال فساد مقالاتهم في الحلول والإباحة والتشبيه، وغير ذلك من ذميم أخلاقهم، فعدلوا عنه لما دعاهم إلى الحق جهلًا وعنادًا، وانفرد في وقته بالرواية ثم سمى جماعة.
قال: وتوفي يوم عيد الفطر سنة أربع عشرة وأربع مائة.
وقال أبو بكر أحمد بن جعفر اليزدي: سمعت الإمام أبا عبد الله بن مندة وقت قدومه من خراسان، سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة يقول وعنده أبو جعفر ولد القاضي أبي أحمد العسال وعدة مشايخ فسأله ابن العسال عن أخبار مشايخ البلاد التي شاهدها فقال: طفت الشرق والغرب لم أر في الدنيا مثل رجلين: أحدهما ولدك، والثاني أبو الحسن بن ماشاذه الفقيه، ومن عزمي أن أجعله وصيي، وأسلم كتبي إليه، فإنه أهل له. أو كما قال.
قرأت على إسحاق الأسدي، أخبركم يوسف بن خليل، أخبرنا أبو المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم في "الحلية" له قال: ختم التحقيق بطريقة المتصوفة بأبي الحسن علي بن ماشاذه، لما أولاه الله -تعالى- من فنون العلم والسخاء والفتوة، كان عارفًا بالله، فقيهًا عاملًا، له من الأدب الحظ الجزيل.
أخبرنا الأستاذ بلال المغيثي، أخبرنا ابن روج، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله قالا: أخبرنا علي بن محمد إملاءً، حدثنا أبو علي الصحاف، حدثنا أبو علي الصحاف، حدثنا أحمد بن مهدي، حدثنا ثابت بن محمد، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال النبي محمد، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة".
هذا حديث منكر مع قوة إسناده، والعجب من البخاري حدث عن ثابت بن محمد الزاهد في صحيحه! وذكره في كتاب "الضعفاء". وقال فيه أبو حاتم: صدوق.
(1)
ترجمته في أخبار أصبهان "2/ 24"، والعبر "3/ 117".
3808 - الرازي:
شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد بن الحسن بن بندار، الرازي المحدث.
حدث بأماكن عن: محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، وأبي بكر الشافعي، وأبي بكر بن خلاد، وأبي القاسم الطبراني، وابن الريان، اللكي، وابن عدي، وعدة.
روى عنه ولده الإمام عبد الرحمن، وأبو العباس بن الخطاب الرازي، وأبو مسعود البجلي، وطاهر بن أحمد الميداني.
وكان من علماء الحديث.
عاش إلى سنة تسع وأربع مائة.
3809 - عبد الرحيم بن إلياس:
العبيدي ابن عم الحاكم، وولي عهده، فاسق ظالم.
ولي الشام سنة عشر وأربع مائة، ورخص في الخمر والغناء مما كان الحاكم شدد فيه، وكان بخيلًا، فأبغضه الأمراء، وكاتبوا الحاكم بأنه مضمر للشر، فطلبه بعد سنة، فراح، وتغلب على دمشق محمد بن أبي طالب الخزاز مع الأحداث، وقهر الجند، وعرف الحاكم أن ولي العهد على الطاعة، فرده، فتمكن، والتف عليه الأحداث، وطغى ابن أبي طالب، وتمرد، فأخذته الجند، وصلب، ثم صادر ولي العهد العامة وعسف، فلما هلك الحاكم، قبضوا على ولي العهد، وقيد وسجن بمصر مدة، وقتل جماعة في أخذه ولم يصل صلاة العيد، ثم إنه قتل نفسه في الحبس، لا رحمه الله.
3810 - الماليني
(1)
:
الإمام المحدث الصادق، الزاهد الجوال، أبو سعد، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل، الأنصاري الهروي، الماليني الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء.
جال في طلب العلم ولقاء المشايخ إلى نيسابور وأصبهان، وبغداد والشام ومصر والحرمين، وحصل، وله معرفة وفهم جمع وصنف.
وحدث عن: أبي أحمد بن عدي، وإسماعيل بن نجيد، وأبي الشيخ بن حيان، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، ويوسف ابن القاسم الميانجي، والحسن بن رشيق المصري، ومحمد بن أحمد بن علي بن النعمان الرملي، وأبي بكر القطيعي، والفضل بن جعفر التميمي، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبي أحمد العسكري، وعبد العزيز بن هارون البصري، وطبقتهم.
حدث عنه: الحافظان تمام الرازي، وعبد الغني المصري، -وهما من شيوخه- وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر الباطرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن الحبان، وأبو نصر السجزي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، ومحمد بن أحمد بن شبيب الكاغدي، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق سواهم.
وكان ذا صدق وورع وإتقان، حصل المسانيد الكبار.
قال حمزة السهمي: دخل الماليني جرجان في سنة أربع وستين وثلاث مائة، ورحل رحلات كثيرةً إلى أصبهان وما وراء النهر ومصر والحجاز.
قال: وتوفي سنة تسع وأربع مائة. كذا قال، وهذا وهم. وقد قال أبو إسحاق الحبال: توفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
قلت: أراه مات بمصر، وقد ذكره الإمام ابن الصلاح في "طبقات الشافعية".
وأخبرنا علي بن محمد الحافظ: أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، سمعت عبد العزيز بن علي الأزجي يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة خمسين دينارًا في دفعة واحدة.
(1)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 82"، وتاريخ بغداد "4/ 371"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 3" وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 978"، والعبر "3/ 107"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 256".
قلت: وقد ألف أربعين حديثًا، كل حديث من طريق صوفاي معتبر، وجاء في ذلك مناكير لا تنكر للقوم، فإن غالبهم لا اعتناء لهم بالرواية.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي بمصر، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد أحمد ابن محمد الماليني، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي خالد بنيسابور، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلَّا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد له نار، فيقذف فيها"
(1)
.
(1)
صحيح: أخرجه أحمد "3/ 103"، والبخاري "16"، "6941"، ومسلم "43"، والترمذي "2624".
3811 - غنجار
(1)
:
الإمام المفيد الحافظ، محدث بخارى، وصاحب تاريخها، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل، البخاري. ولقبه غنجار بلقب غنجار الكبير عيسى بن موسى البخاري.
حدث أبو عبد الله عن: خلف بن محمد الخيام، وسهل بن عثمان السلمي، وأبي عبيد أحمد بن عروة الكرميني، ومحمد بن حفص بن أسلم، وإبراهيم بن هارون الملاحمي، والحسن بن يوسف بن يعقوب، وعدد كثير من أهل تلك الديار، ولم يرحل.
حدث عنه: هناد بن إبراهيم النسفي، وجماعة.
وما بلغتني أخباره كما ينبغي، وما هو ببارح المعرفة.
توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة وقد شاخ.
أخبرنا الحسن بن علي الأمين، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني وأبو الحسين الصيرفي قالا: أخبرنا هناد القاضي، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو يحيى أحمد بن محمد ابن إبراهيم السمرقندي، حدثنا محمد بن نصر المروزي، حدثنا عبد الله بن محمد أبو جعفر المسندي، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، عن واقد
ابن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلَّا بحق الإسلام، وحسابهم على الله"
(2)
.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 177"، واللباب لابن الأثير "2/ 390"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 966"، والعبر "3/ 108"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 196".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "25"، وابن مندة في "الإيمان""25"، والبيهقي في "السنن""3/ 367" و"8/ 177"، والبغوي "33" من طريق حرمي بن عمارة به.
3812 - ابن السقا:
الإمام الحافظ الناقد، القاضي أبو الحسن، علي بن محمد بن علي ابن حسين بن شاذان بن السقا، الإسفراييني، من أولاد أئمة الحديث.
سمع: الكتب الكبار، وأملى، وصنف.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله محمد بن يعقوب ابن الأخزم، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وأبي الطيب محمد بن عبد الله الشعيري، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي منصور محمد ابن القاسم العتكي، وأبي سهل بن زياد القطان، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وجعفر الخلدي، وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني، وطبقتهم بنيسابور وهمذان وبغداد، وغير ذلك.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وسبطه حكيم بن أحمد الإسفراييني، وجماعة.
توفي سنة أربع عشرة وأربع مائة.
3813 - اليزدي:
الإمام القاضي، أبو بكر، أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر ابن المرزبان، اليزدي، نزيل أصبهان.
روى عن: أبيه، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعلي بن الفضل بن شهريار، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبي أحمد العسال، وأبي بكر الجعابي، والطبراني، وإسماعيل بن نجيد، وفاروق الخطابي.
روى عنه: عبد الرحمن بن مندة، وعلي بن شجاع، والخصيب بن قتادة، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وجماعة سماهم يحيى ابن مندة في ترجمته، وقال: هو ثقة مقبول القول، صاحب أصول، على غاية من العقل والديانة والرزانة، توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وأربع مائة.
3814 - النقاش
(1)
:
الإمام الحافظ، البارع الثبت، أبو سعيد، محمد بن علي بن عمرو ابن مهدي، الأصبهاني، الحنبلي النقاش.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مائة.
وسمع من: جده لأمه أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي، وعبد الله ابن جعفر بن فارس، وأحمد بن معبد السمسار، وعبد الله بن عيسى الخشاب، وأبي أحمد العسال، والطبراني، وخلق. وببغداد من أبي بكر الشافعي، وابن مقسم، وأبي علي بن الصواف، وابن محرم. وبالبصرة من أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي، وفاروق الخطابي، وحبيب القزاز وبالكوفة من القاضي نذير بن جناح المحاربي، وصباح بن محمد النهدي، وعدة. وبمرو من حاضر بن محمد الفقيه. وبجرجان من أبي بكر الإسماعيلي. وبهراة من أحمد بن محمد بن حسنويه، وأبي منصور الأزهري. وبالدينور من ابن السني. وبالحرمين ونيسابور ونهاوند وإسفرايين وعسكر مكرم. وصنف وأملى.
حدث عنه: الفضل بن علي الحنفي، وأبو العباس ابن أشته، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد، وسليمان الحافظ، وأبو الفتح أحمد بن عبد الله السوذرجاني.
وقع لنا جزآن من أماليه، وكتاب "القضاة"، وكتاب "طبقات الصوفية"، وغير ذلك.
مات في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مائة.
كان من أئمة الأثر، رحمه الله ورضي عنه. مات في عشر التسعين.
(1)
ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 308"، والعبر "3/ 118"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 971"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 201".
3815 - ابن مردويه
(1)
:
الحافظ المجود العلامة، محدث أصبهان، أبو بكر، أحمد بن موسى ابن مردويه بن فورك بن موسى بن جعفر، الأصبهاني، صاحب "التفسير الكبير"، و"التاريخ"، و"الأمالي" الثلاث مائة مجلس، وغير ذلك.
مولده في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبيه أبي عمران بحديث سمع: هـ من إبراهيم بن متويه، ومات أبوه سنة (356).
قال أبو بكر بن أبي علي -وذكر أبا بكر بن مردويه: هو أكبر من أن ندل عليه وعلى فضله، وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف حديثه، أبقاه الله، ومتعه بمحاسنه.
قال أبو موسى في ترجمة ابن مردويه: سمعت أبي يحكي عمن سمع: أبا بكر بن مردويه يقول: ما كتبت بعد العصر شيئًا قط، وعميت قبل كل أحد يعني من أقرانه، وسمعت أنه كان يملي حفظًا بعدما عمي.
ثم قال: وسمعت الإمام إسماعيل يقول: لو كان ابن مردويه خراسانيًا، كان صيته أكثر من صيت الحاكم.
وأجاز لي أبو نعيم الحداد: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه يقول: رأيت من أحوال جدي من الديانة في الرواية ما قضيت منه العجب من تثبته وإتقانه، وأهدى له كبير حلاوةً، فقال: إن قبلتها، فلا آذن لك بعد في دخول داري وإن ترجع به، تزد علي كرامةً.
قلت: وروى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، ومحمد بن عبد الله بن علم الصفار، وإسماعيل بن علي الخطبي، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي، وإسحاق بن محمد بن علي الكوفي، وأبي بكر محمد بن عبيد الله الشافعي، وأحمد بن عبد الله بن دليل، ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بندار الشعار، وأحمد بن محمد بن عاصم الكراني، وأبي أحمد العسال، وأبي إسحاق بن حمزة، وسليمان الطبراني، وخلق كثير.
(1)
ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 168"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 965"، والعبر "3/ 102"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 190".
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، وأبو عمرو عبد الوهاب، وأبو القاسم عبد الرحمن: ابنا الحافظ ابن مندة، وأبو الخير محمد بن أحمد بن ررا، والقاضي أبو منصور بن شكرويه، وأبو بكر محمد ابن الحسن بن محمد بن سليم، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وأبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف، وخلق كثير.
ومن تصانيفه كتاب "المستخرج على صحيح البخاري"، بعلو في كثير من أحاديث الكتاب حتى كأنه لقي البخاري.
وكان من فرسان الحديث، فهمًا يقظًا متقنًا، كثير الحديث جدًا، ومن نظر في تواليفه، عرف محله من الحفظ.
وله كتاب "التشهد وطرقه وألفاظه"، في مجلد صغير، وتفسيره للقرآن في سبع مجلدات.
يقع لنا حديثه في "الثقفيات" وغيرها.
مات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربع مائة عن سبع وثمانين سنة.
ومات معه في العام مسند نيسابور ومفتيها أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، ومسند العراق أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ابن مهدي الفارسي، ومسند هراة القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي، ومؤلف الناسخ والمنسوخ أبو القاسم هبة الله بن سلامة البغدادي، ومحدث دمشق أبو القاسم عبد الله بن عمر بن نصر الشيباني، ومسند بغداد إبراهيم بن مخلد الباقرحي، والمعمر أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه المزكي، صاحب ذاك المجلس العالي.
أخبرنا أبو الحسن اليونيني، أخبرنا جعفر بن علي وغيره قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، حدثنا أحمد بن موسى الحافظ إملاءً، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ومحمد بن أحمد الأسواري، قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبوًا". متفق عليه
(1)
.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "657"، ومسلم "651".
3816 - ابن بشران
(1)
:
الشيخ العالم المعدل، المسند، أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر، الأموي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
وسمع: من أبي جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري، وإسماعيل الصفار، والحسين بن صفوان، وأحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، وإسحاق بن أحمد الكاذي، وعثمان بن السماك، وأبي بكر النجاد، وعدة.
روى شيئًا كثيرًا على سداد وصدق وصحة رواية، كان عدلًا وقورًا.
قال الخطيب: كان تام المروءة، ظاهر الديانة، صدوقًا ثبتًا.
قلت: حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والحسن بن البناء، وأبو الفضل عبد الله بن زكري الدقاق، وعلي بن عبد الواحد المنصوري، ونصر بن البطر، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، والحسين بن أحمد بن عبد الرحمن العكبري، وأبو الفوارس طراد، وعاصم بن الحسن، وأحمد بن عبد العزيز ابن شيبان، وآخرون.
توفي في شعبان سنة خمس عشرة.
وقع لنا عدة أجزاء من حديثه ومن طريقه.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا هبة الله بن هلال الدقاق، أخبرنا عبد الله بن علي، أخبرنا علي بن محمد بن بشران، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا سعدان بن نصر، أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون قال: أنبأنا القاسم بن محمد، عن عائشة أنها قالت: من زعم أن محمدًا رأى ربه، فقد أعظم الفرية على الله، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه سادًا ما بين الأفق
(2)
.
أخرجه البخاري عن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج، عن الأنصاري.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 98"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 18"، والعبر "3/ 120".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "3234"، ومسلم "177".
3817 - ابن النحاس
(1)
:
الشيخ الإمام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية، أبو محمد، عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد، التجيبي المصري المالكي البزاز، المعروف: بابن النحاس.
ولد ليلة الأضحى سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.
وأول سماعه وهو ابن ثمان سنين، في سنة إحدى وثلاثين، وحج سنة تسع وثلاثين، وجاور، فأكثر عن أبي سعيد بن الأعرابي، وسمع: بمصر أبا الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندراني، وأحمد بن بهزاذ السيرافي، وأحمد بن محمد بن فضالة الدمشقي قدم عليهم، ومحمد بن إبراهيم بن حفص البصري ابن الوصي، وعثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مليح الطرائفي، ومحمد بن بشر العكري، ومحمد بن أيوب بن الصموت، وعبد الله بن محمد بن الخصيب، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعبد الله بن جعفر بن ورد -وسمع منه "السيرة"- والحسن بن مروان القيسراني، ومحمد بن محمد بن عيسى الخياش، والحافظ أبا سعيد بن يونس الصدفي، والفضل ابن وهب، ومحمد بن وردان العامري، وفاطمة بنت الريان، وعدة.
وله "مشيخة" في جزئين.
حدث عنه: الصوري، وأبو نصر السجزي، وعبد الرحيم البخاري، وأبو عمرو الداني، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني كاكو، وخلف بن أحمد الحوفي، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، والحسين بن أحمد العداس، وأبو إسحاق الحبال، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق.
وكان الخطيب قد عزم على الرحلة إليه، فلم يقض.
قال الحبال: مات في عاشر صفر سنة ست عشرة وأربع مائة.
وفيها مات الخصيب بن عبد الله بن الخصيب بمصر، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن جانجان بهمذان، وشاعر الوقت أبو الحسن علي بن محمد التهامي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الداراني القطان، ومحمد بن أبي نصر المعداني أبو بكر، والفضل بن عبيد الله بن شهريار.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 121"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 263"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 204".
3818 - محمد بن أسد
(1)
:
ابن علي، الإمام المقرئ، شيخ الكتابة، وكبير المجودين بالعراق، أبو الحسين، البغدادي البزاز، الكاتب، شيخ ابن البواب.
سمع من: جعفر الخلدي، وأبي بكر النجاد.
روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقًا، توفي سنة عشر وأربع مائة في أول السنة.
قلت: انتهى إليه حسن الخط، ولكن أربى عليه تلميذه أبو الحسن.
3819 - علي بن هلال ابن البواب
(2)
:
البغدادي، مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي.
وكان ابن البواب دهانًا يجيد التزويق.
وصحب أبا الحسين بن سمع: ون الواعظ، وسمع: من أبي عبيد الله المرزباني، وقرأ النحو على أبي الفتح بن جني.
وبرع في تعبير الرؤيا، وقص على الناس بجامع المنصور، وله نظم ونثر وإنشاء.
قال ابن خلكان: هذب ابن البواب طريقة ابن مقلة، ونقحها، وكساها طلاوةً وبهجة.
وكان يذهب إذهابًا فائقًا، وكان في أول أمره مزوقًا يصور الدور فيما قيل، ثم أذهب الكتب، ثم تعانى الكتابة، ففاق الأولين والآخرين فيها، ونادم الوزير فخر الملك أبا غالب، وقيل: وعظ بجامع المنصور، ولم يكن له في عصره ذاك النفاق الذي تهيأ له بعد موته، لأنه وجد بخطه ورقة قد كتبها إلى كبير يسأله فيها مساعدة صديق له بشيء لا يساوي دينارين، وقد بسط القول فيها نحو السبعين سطرًا، وقد بيعت بعد ذلك بسبعة عشر دينارًا إمامية.
قال أبو علي بن البناء: حكى لي أبو طاهر بن الغباري أن الحسن بن البواب أخبره أن ابن سهلان استدعاه، فأبى، وتكرر ذلك. قال: فمضيت إلى أبي الحسن بن القزويني، وقلت: ما ينطقه الله به أفعله، فلما دخلت، قال: يا أبا الحسن: اصدق والق من شئت. فعدت، فإذا
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 83"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 296"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 342".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 10"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "15/ 120"، ووفيات الأعيان "3/ 342"، والعبر "3/ 113".
على بابي رسل الوزير، فمضيت معهم، فلما دخلت، قال: ما أخرك عنا؟ فاعتذرت، ثم قال: رأيت منامًا. فقلت: مذهبي تعبير المنام من القرآن. فقال: رضيت. قال: رأيت كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري. قال وعند فرح بذلك: كيف يجتمع له الملك والوزارة؟ قلت: قال الله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ، كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: 9 - 11]، وكررت عليه هذا ثلاثًا. قال: فدخل إلى حجرة النساء، وذهبت، فلما كان بعد ثلاث، انحدر إلى واسط على أقبح حال، وكان قتله هناك.
قال الخطيب: ابن البواب صاحب الخط لا أعلمه روى شيئًا.
أبو غالب بن الخالة: أخبرنا محمد بن علي بن نصر الكاتب، حدثني أبو الحسن علي بن هلال ابن البواب
…
فذكر حكايةً مضمونها: أنه ظفر بربعة ثلاثين جزءًا في خزانة بهاء الدولة بخط أبي علي بن مقلة، تنقص جزءا، وأنه كتبه وعتقه، وقلع جلدًا من الأجزاء، فجلده به. واستجد جلدًا للجزء الذي قلع عنه، فاختفى الجزء الذي كتبه على حذاق الكتاب.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي ابن البواب صاحب الخط الحسن في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.
وقال أبو الفضل بن خيرون في وفاته كذلك وقال: كان من أهل السنة.
قلت: عبث به شاعر، فقال:
هذا وأنت ابن بوابٍ وذو عدمٍ
…
فكيف لو كنت ربّ الدّار والمال
ولأبي العلاء المعري:
ولاح هلالٌ مثل نونٍ أجادها
…
بماء النّضار الكاتب ابن هلال
وقد رثاه الشريف المرتضى بقوله:
ردّيت يا ابن هلالٍ والرّدى عرضٌ
…
لم يحم منه على سخطٍ له البشر
ما ضرّ فقدك والأيّام شاهدةٌ
…
بأنّ فضلك فيها الأنجم الزّهر
أغنيت في الأرض والأقوام كلّهم
…
من المحاسن ما لم يغنه المطر
فللقلوب التي أبهجتها حزنٌ
…
وللعيون التي أقررتها سهر
وما لعيشٍ وقد ودّعته أرجٌ
…
ولا لليلٍ وقد فارقته سحر
وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا
…
مسلوبةً منك أوضاعٌ ولا غرر
قال ابن خلكان: روى الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل للكتابة العربية من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية. فقيل لأبي سفيان: ممن أخذ أبوك الكتابة؟ قال: من ابن سدرة، وأخبره أنه أخذها من واضعها مرامر بن مرة، قال: وكانت لحمير كتابة تسمى المسند، حروفها منفصلة، غير متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، فلما جاء الإسلام، لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب.
قلت: هذا فيه نظر، فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني.
إلى أن قال: فجميع كتابات الأمم اثنتا عشرة كتابةً، وهي: العربية، والحميرية، واليونانية، والفارسية، والرومية، والسريانية، والقبطية، والبربرية، والأندلسية، والهندية، والصينية، والعبرانية، فخمس منها ذهبت: الحميرية، واليونانية، والقبطية، والبربرية، والأندلسية، وثلاث لا تعرف ببلاد الإسلام: الرومية، والصينية، والهندية.
قلت: الكتابة مسلمة لابن البواب، كما أن أقرأ الأمة أبي بن كعب، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالتأويل ابن عباس، وأمينهم أبو عبيدة، وعابرهم محمد بن سيرين، وأصدقهم لهجة أبو ذر، وفقيه الأمة مالك، ومحدثهم أحمد بن حنبل، ولغويهم أبو عبيد، وشاعرهم أبو تمام، وعابدهم الفضيل، وحافظهم سفيان الثوري، وأخباريهم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم سيبويه، وعروضيهم الخليل، وخطيبهم ابن نباتة، ومنشئهم القاضي الفاضل، وفارسهم خالد بن الوليد. رحمهم الله.
3820 - البسطامي
(1)
:
شيخ الشافعية، قاضي نيسابور، الإمام أبو عمر، محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم، البسطامي، الشافعي، الواعظ.
له رحلة واسعة، وفضائل.
سمع الطبراني، وأحمد بن الجارود الرقي، والقطيعي، وعلي ابن حماد الأهوازي، وأحمد بن محمود بن خرزاذ.
ووعظ مدةً، ثم تصدر للإفادة والفتيا، وولي القضاء، فأظهر المحدثون من الفرح ألوانًا.
روى عنه: الحاكم، والبيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد ابن يحيى المزكي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، ويوسف بن محمد الهمذاني، وخلق.
وكان وافر الحشمة، كبير الشأن، تزوج بابنة الأستاذ أبي الطيب الصعلوكي، فولدت له المؤيد والموفق.
مات سنة ثمان وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ "2/ 247"، والأنساب للسمعاني "2/ 215"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 285".
3821 - العيسوي
(1)
:
الإمام العلامة، القاضي الصدوق، أبو الحسن، علي بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد، الهاشمي العباسي العيسوي، من أولاد ولي العهد عيسى بن موسى ابن عم المنصور.
سمع: أبا جعفر محمد بن عمرو بن البختري، وأبا عمرو بن السماك، وعبد العزيز بن الواثق، وموسى بن القاضي إسماعيل، وكان موسى هذا يروي عن والده إسماعيل بن إسحاق.
حدث عنه: الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وطراد الزينبي، وآخرون.
وقع لي جزآن من حديثه.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً، ولي قضاء مدينة المنصور، ومات في رجب سنة خمس عشرة وأربع مائة.
أخبرنا أيوب بن طارق، وسنقر بن عبد الله الحلبيان قالا: أخبرنا محمد بن سعيد الخازن، أخبرنا أحمد بن المقرب، أخبرنا طراد بن محمد، أخبرنا علي بن عبد الله الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عفان، حماد بن سلمة، أخبرنا يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل: أن رجلًا لقي امرأةً كانت بغيًا في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت: مه! إن الله قد ذهب بالشرك، وجاء بالإسلام، فولى، فأصاب وجهه الحائط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال:"أنت عبد أراد الله بك خيرًا، وإن الله إذا أراد بعبد خيرًا، عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد الله بعبد شرًا، أمسك عليه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة كأنه عير".
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 8"، والعبر "3/ 119"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 203".
3822 - ابن دوست:
الإمام الحافظ الأوحد، المسند، أبو عبد الله، أحمد بن المحدث محمد بن يوسف بن دوست، البغدادي البزاز، أخو عثمان ابن دوست العلاف.
حدث عن: الحسين بن يحيى بن عياش القطان، ومحمد بن جعفر المطيري، وإسماعيل الصفار، وطبقتهم.
حدث عنه: هبة الله اللالكائي، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم الأزهري، وأبو بكر الخطيب، ورزق الله التميمي، وآخرون.
أثنوا على حفظه وفهمه، واختلفوا في عدالته، ضعفه الأزهري، وطعن ابن أبي الفوارس في روايته عن المطيري.
وقال الخطيب: كان محدثًا مكثرًا، حافظًا عارفًا، مكث مدةً يملي من حفظه بجامع المنصور بعد أبي طاهر المخلص.
وكان عارفًا بمذهب مالك.
وقال البرقاني: كان يسرد الحديث من حفظه، وتكلموا فيه، فقيل: إنه كان يكتب الأجزاء، ويتربها، ليظن أنها عتق.
وقال الأزهري: غرقت كتبه، فكان يجددها.
وأثنى عليه بعض الأئمة، وكان يذاكر الدارقطني، ويسرد من حفظه كتبه.
قال الخطيب: توفي في رمضان سنة سبع وأربع مائة وله أربع وثمانون سنة.
وفيها مات الحافظ أبو بكر الشيرازي مصنف الألقاب، والإمام أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان النيسابوري الواعظ المفسر، وأبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان العكبري آخر من روى عن أبي ذر بن الباغندي؛ ومقرئ الشام أبو بكر محمد بن أحمد الجبني.
3823 - صريع الدلاء
(1)
:
الأديب الخليع، أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد، البصري، نزيل بغداد.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 383"، والعبر "3/ 110".
له "ديوان" مشهور، وقد تحول إلى مصر، فمات بها في سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
وكان صاحب مزاح ولعب، وله تيك القصيدة السائرة.
وهي:
قلقل أحشائي تباريح الجوى
…
وبان صبري حين حالفت الأسى
وطار عقلي حين أبصرتهم
…
تحت ظلام اللّيل يطوون السّرى
لم أزل أسعى على آثارهم
…
والبين في إتلاف روحي قد سعى
فلو درت مطيّهم ما حلّ بي
…
بكت عليّ في الصّباح والمسا
فسوف أسلي عنهم خواطري
…
بحمقٍ يعجب منه من وعا
وطرفٍ أنظمها مقصورةً
…
إذ كنت قصّارًا صريعًا للدّلا
من صفع النّاس ولم يدعهم
…
أن يصفعوه مثله قد اعتدى
من صعد السّطح وألقى نفسه
…
إلى قرار الأرض يومًا ارتدى
وليس للبغل إذا لم ينبعث
…
من الطّريق باعثٌ مثل العصا
والذّقن شعرٌ في الوجوه نابتٌ
…
وإنما الدّبر الذي تحت الخصى
والجوز لا يؤكل مع قشوره
…
ويؤكل التّمر الجديد بالّلبا
من طبخ الدّيك ولا يذبحه
…
طار من القدر إلى حيث اشتهى
من دخلت في عينه مسلّةٌ
…
فسله من ساعته كيف العمى
من فاته العلم وأخطاه الغنى
…
فذاك والكل على حدٍّ سوا
3824 - القزاز
(1)
:
العلامة، إمام الأدب، أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي، القيرواني، النحوي.
مؤلف كتاب "الجامع" في اللغة، وهو من نفائس الكتب.
وكان يعرف بالقزاز، صنف كتبًا للعزيز العبيدي صاحب مصر.
وكان مهيبًا، عالي المكانة، محببًا إلى العامة، لا يخوض إلَّا في علم دين أو دنيا.
وله نظم جيد، وشهرة بمصر، وعمر تسعين عامًا.
قيل: مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.
3825 - الراشد بالله:
الشريف، صاحب مكة، الحسن بن جعفر، العلوي.
كان الوزير أبو القاسم بن المغربي قد هرب من الحاكم، وصار إلبًا عليه؛ فحسن لحسان بن مفرج الخروج على الحاكم لجوره وكفر نفسه، وأمره بنصب صاحب مكة إمامًا لصحة نسبه، فبادر حسان إلى مكة، وبايع صاحبها، وأخذ مال الكعبة، ومال التجار، ولقبوه بالراشد، وأقبل إلى الشام، فتلقاه والد حسان ووجوه العرب، وتمكن، وخطب له على المنابر، وكان متقلدًا سيفًا زعم أنه ذو الفقار، وفي يده قضيب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه عدد من أقاربه، وفي ركابه ألف عبد، فنزل الرملة، فراسل الحاكم مفرج بن جراح المذكور، واستماله بالرغبة والرهبة، وأحس الراشد بالأمر، فذل، وتذمم بمفرج، وقال: أنا راض من الغنيمة بالإياب، أنتم غريتموني. فجهزه مفرج إلى الحجاز، وتسحب ابن المغربي إلى العراق، وجرى ذلك سنة بضع وأربع مائة.
3826 - الغضائري
(2)
:
الإمام الصالح الثقة، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حلبس، المخزومي، الغضائري، البغدادي.
سمع: محمد بن يحيى الصولي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر البختري، وأبا عمرو بن السماك، وأبا بكر النجاد.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين ابن المهتدي بالله، وعباس بن بكران الهاشمي، وأبو عبد الله القاسم ابن الفضل الثقفي، وآخرون.
قال الخطيب: كان ثقةً فاضلًا مات في المحرم سنة أربع عشرة وأربع مائة.
قلت: لعله جاوز التسعين، وله "جزء" مشهور سمعناه.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 105"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 374".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 34"، والأنساب للسمعاني "9/ 155"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 14".
3827 - الغضائري
(1)
:
شيخ الشيعة وعالمهم، أبو عبد الله، الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم، البغدادي الغضائري.
يوصف بزهد وورع وسعة علم.
يقال: كان أحفظ الشيعة لحديث أهل البيت غثه وسمينه.
روى عنه: أبو جعفر الطوسي، وابن النجاشي الرافضيان.
وهو فيروي عن: أبي بكر الجعابي، وسهل بن أحمد الديباجي، وأبي المفضل الشيباني.
قال الطوسي تلميذه: خدم العلم، وطلبه لله، وكان حكمه أنفذ من حكم الملوك.
وقال ابن النجاشي: صنف كتبًا منها: "كتاب يوم الغدير"، وكتاب "مواطئ أمير المؤمنين"، وكتاب "الرد على الغلاة"، وغير ذلك. مات في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مائة.
قلت: هو من طبقة الشيخ المفيد في الجلالة عند الإمامية، يفتخرون بهما، ويخضعون لعلمهما حقه وباطله.
3828 - ابن الحاج
(2)
:
الإمام المحدث الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد بن الحاج ابن يحيى، الإشبيلي الشاهد، نزيل مصر.
سمع: عثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مروان القيسراني، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعلي بن أبي العقب الدمشقي، وأحمد بن محمد بن عمارة، والعباس بن محمد الرافقي، وأحمد بن أبي الموت، وطبقتهم بمصر ودمشق.
حدث عنه: الحافظ أبو نصر السجزي، والحافظ عبد الرحيم بن أحمد البخاري، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
وانتقى عليه السجزي أجزاءً عديدةً، وأثنى عليه الحبال.
(1)
ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 541"، ولسان الميزان "2/ 288".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 119"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 202".
وكان صاحب معرفة وفهم، وقع لي من عواليه.
قال الحبال: مات في صفر سنة خمس عشرة وأربع مائة.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا أبو العباس بن الحاج، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر السقطي بالبصرة، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا شعبة، أخبرنا محمد ابن زياد، سمع: أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار"
(1)
.
وفيها مات أبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة، وشيخ الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن المحاملي، والقاضي عبد الجبار شيخ المعتزلة، وأبو الحسن علي بن عبد الله العيسوي، وأبو الحسين بن بشران، وأبو صادق محمد بن أحمد بن محمد بن شاذان، وأبو الحسين بن الفضل القطان، وأبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي، وأبو بكر محمد بن الحسين بن جرير الدشتي، وابن عقيل الباوردي، وعلي بن أحمد بن عبدان الأهوازي.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "691"، ومسلم "427"، وأبو داود "623".
3829 - القطان
(1)
:
الشيخ العالم الثقة، المسند، أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل، البغدادي القطان الأزرق.
ذكر لأبي بكر الخطيب: أنه ولد في شوال سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: وهو ابن خمس سنين من إسماعيل الصفار وهو أكبر شيخ له، ومن أبي جعفر محمد بن علي بن عمر بن علي بن حرب، وعبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، وعنده عنه تاريخ الفسوي، وأبي بكر النجاد، وأبي عمرو بن السماك، وعدة.
وانتقى عليه ابن أبي الفوارس، وهبة الله اللالكائي.
وحدث عنه: البيهقي، والخطيب، ومحمد بن هبة الله اللالكائي، وأبو عبد الله الثقفي، وجماعة سواهم.
وهو مجمع على ثقته.
توفي في شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربع مائة، عن ثمانين سنة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 249"، والأنساب للسمعاني "10/ 186"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 20"، والعبر "3/ 120".
3830 - الوهراني:
الشيخ الثقة الجليل، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر، الهمداني المغربي الوهراني ثم البجاني. وبجانة من مدن الأندلس، وبجاية الناصرية أحدثت في المائة الخامسة بالمغرب، وهي أشهر وأكبر، ولكن خرج من الأولى جلةً وعلماء.
مولده في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
وسافر في التجارة إلى أقصى خراسان، وعني بالرواية.
وأخذ عن: الحسن بن رشيق ونحوه بمصر، وعن القاضي أبي بكر الأبهري، وطائفة ببغداد، وعن تميم بن محمد بالقيروان، وعن محمد بن عمر الشبويي بمرو، وعن إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ.
وقدم إلى بلاده بإسناد عال، فحمل عنه ابن عبد البر، وأبو عمر ابن سميق، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر أحمد ابن الحذاء، وأبو محمد بن حزم، وآخرون.
وكان خيرًا صالحًا متقبضًا، يتكسب بالتجارة.
سمع: من تميم "الموطأ": أخبرنا عيسى بن مسكين عن سحنون، عن ابن القاسم.
مات في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربع مائة.
حدث "بصحيح البخاري".
3831 - العبدويي
(1)
:
الإمام الحافظ، شرف المحدثين، أبو حازم، عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله بن الفقيه عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، الهذلي المسعودي، العبدويي، النيسابوري، الأعرج، ابن المحدث أبي الحسن.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 272"، والأنساب للسمعاني "8/ 354"، واللباب لابن الأثير "2/ 314"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 979"، والعبر "3/ 125"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 208".
مات أبوه أبو الحسن في رمضان سنة خمس وثمانين وثلاث مائة وهو في عشر التسعين، وقد روى عنه: ابن خزيمة، والسراج، روى عنه: ابنه، والحاكم، وأبو سعيد الكنجروذي، وعدة.
وابنه أبو حازم ولد بعد الأربعين وثلاث مائة.
سمع: إسماعيل بن نجيد، وأبا بكر الإسماعيلي، ومحمد بن عبد الله بن عبدة السليطي، وأبا عمرو بن مطر، وأبا الفضل بن خميرويه الهروي، وأبا أحمد الغطريفي، وأبا عمرو بن حمدان، وأبا سعيد بن عبد الوهاب، وأبا أحمد الحاكم، وطبقتهم. وتأخر عن الرحلة إلى بغداد، ولحق بها عيسى بن الوزير، وأبا طاهر المخلص.
وكتب العالي والنازل، وجمع وخرج، وتميز في علم الحديث.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو القاسم علي بن المحسن، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وآخرون.
قال أبو محمد بن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم، وأبو حازم العبدويي.
قلت: وقد سمع: هـ والده من أبي بكر الصبغي، وحامد الرفاء.
قال الحافظ أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حازم الحافظ يقول: كتبت بخطي عن عشرة من شيوخي عشرة آلاف جزء، عن كل واحد ألف جزء.
وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو حازم ثقةً صادقًا، حافظًا عارفًا.
قلت: من ورعه أنه ما حدث عن الصبغي، ولا عن حامد الرفاء لصغره، وقد كانا أكبر مشايخه.
قال أبو بكر محمد بن علي الطوسي: رأيت بخط زاهر بن طاهر قال: كتب مسعود بن ناصر ورقةً قال: وجدت عند مسعود بن علي بن معاذ السجزي بخط الحاكم أبي عبد الله قال: اجتمعنا سنة 381، فذكرنا الكذابين بنيسابور، والذين ظهر لنا من جرحهم، فأثبتناه للاعتبار، فذكر جماعةً منهم أبو بكر الكسائي، وأبو بكر الطرازي، وأبو حازم العبدويي، وأبو القاسم بن حبيب المفسر، وقال: هم كذبة في الرواية. قال مسعود بن علي: واستشهد جماعةً أثبتوا خطوطهم عقيب خطه فيمن كتب أبو جعفر العزائمي.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي المقرئ، وأخبرنا علي بن عثمان البربري، أخبرنا أحمد بن محمد المحمودي قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم ابن الفضل، حدثنا أبو حازم الحافظ إملاءً، حدثنا أبو عمرو بن مطر، أخبرنا إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى: قلت لمالك: حدثك عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها؟ قال: نعم. متفق عليه
(1)
.
قال الحافظ أبو علي الوخشي: مات أبو حازم العبدويي يوم عيد الفطر سنة سبع عشرة وأربع مائة.
قلت: وفيها توفي مسند بغداد أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري، ومقرئ الوقت أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي، ومحدث دمشق أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون ابن الجندي الغساني إمام جامع دمشق لقي خيثمة، والمسند البقية أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري البزاز وقاضي بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي الشوارب عن ثمان وثمانين سنة، وشيخ الشافعية أبو بكر عبد الله بن أحمد المروزي القفال، والمسند أبو الحسين أحمد بن محمد سلامة الطحان الستيتي صاحب خيثمة.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "516"، ومسلم "543"، وأبو داود "917"، "918"، "919".
3832 - ابن حسنون
(1)
:
الشيخ العالم الصادق الصالح الخير، أبو نصر، أحمد بن محمد ابن أحمد بن حسنون، النرسي البغدادي، والد صاحب "المشيخة" أبي الحسين ابن النرسي. وفي ذريته جماعة من المشايخ.
سمع: أبا جعفر بن البختري، وعلي بن إدريس الستوري، وعثمان بن أحمد ابن السماك.
روى عنه: الخطيب أبو بكر الحافظ -وقال: كان صدوقًا، صالحًان- وأبو الفوارس طراد الزينبي، وعبد الواحد بن علوان، وأبو الحسين محمد بن أحمد ولده، وآخرون.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مائة في شهر ذي القعدة.
وفيها مات الحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليزدي القاضي، وأبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الخزاعي ببلخ، والحاكم صاحب مصر، وآخرون.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 371"، والعبر "3/ 104"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 192".
3833 - ابن المنذر
(1)
:
الشيخ الإمام القاضي العلامة، أبو القاسم، الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر، البغدادي.
سمع: إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وأبا عمرو بن السماك، وطبقتهم.
وكان مكثرًا من السماع.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا ضابطًا، كثير الكتاب، حسن الفهم، حسن العلم بالفرائض. استنابه القاضي أبو عبد الله الحسين الضبي على القضاء، ثم ولي قضاء ميافارقين عدة سنين، ثم رد إلى بغداد، فأقام يحدث إلى أن مات في شعبان وله ثمانون سنة.
قلت: آخر من تبقى من أصحابه أبو عبد الله بن طلحة النعالي.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مائة.
3834 - ابن أبي كامل
(2)
:
العدل المسند، أبو عبد الله، الحسين بن عبد الله بن محمد بن إسحاق بن أبي كامل، العبسي البصري الأصل، الطرابلسي.
حدث عن: خال أبيه خيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن حذلم، وأبي الميمون بن راشد، وأبي يعقوب الأذرعي بدمشق، ومحمد بن إبراهيم السراج لقيه ببيت المقدس، وأبي محمد بن الورد، وطائفة بمصر.
انتقى عليه خلف الواسطي، ووثقه أبو بكر الحداد.
وحدث عنه: الصوري، وعبد الرحيم البخاري، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو الحسن بن صصرى، وآخرون.
يقع حديثه في فوائد النسيب.
توفي بأطرابلس، سنة أربع عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 304"، والمنتظم لابن الجوزي "7/ 301"، والعبر "3/ 106".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 116"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1057".
3835 - الباشاني:
الثقة المعمر، أبو عبد الله، محمد بن علي بن الحسين، الباشاني الهروي.
حدث عن: أبي إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين، فكان آخر أصحابه، وعن محمد بن إبراهيم بن نافع.
حدث عنه: شيخ الإسلام الأنصاري، وطائفة.
وثق.
وقيل: إنه عاش مائة وست سنين. مات سنة أربع عشرة وأربع مائة.
3836 - النعيمي:
الحافظ الإمام، أبو منصور، أحمد بن الفضل، النعيمي الجرجاني.
حدث عن: أبي أحمد بن عدي، والإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف، وأبي عمرو بن حمدان، والحاكم أبي أحمد، ونصر بن عبد الملك.
وله مصنف في أخبار الجبل، وآخر سماه "المجتبى".
ذكره أبو نصر الأمير، وقال: توفي في سنة خمس عشرة وأربع مائة.
3837 - ابن المسلمة
(1)
:
الإمام القدوة، أبو الفرج، أحمد بن محمد بن عمر بن حسن ابن المسلمة، البغدادي المعدل.
سمع: أحمد بن كامل، وأبا بكر النجاد، وابن علم، ودعلج بن أحمد، وطائفة.
روى عنه: الخطيب، وطراد الزينبي، وجماعة.
قال الخطيب: كان ثقةً، يملي في العام مجلسًا واحدًا، وكان موصوفًا بالعقل والفضل والبر، وداره مألف لأهل العلم، وكان صوامًا، كثيرة التلاوة.
وقال غيره: تفقه على أبي بكر الرازي شيخ الحنفية، وكان يسرد الصوم، ويتهجد -بسبع رحمه الله ورئي له أنه من أهل السعادة.
توفي في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مائة وله ثمان وسبعون سنة.
وهو والد المسند أبي جعفر، وجد الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 67"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 16".
3838 - حمد بن عمر
(1)
:
ابن أحمد بن إبراهيم، الزجاج الحافظ، محدث همذان، أبو نصر.
سمع: من: أحمد بن محمد بن هارون الكرابيسي صاحب الكجي، ومن أحمد بن محمد بن مهران، وعبد الله بن الحسين القطان، وطاهر بن سهلويه، وأبي زرعة أحمد بن الحسين، وخلق.
حدث عنه: أبو الفضل الفلكي في تواليفه، ومحمد بن الحسين الصوفي، ويوسف الخطيب، وآخرون.
قال شيرويه: كان ثقةً حافظًا، يحسن هذا الشأن، سمعت عبدوس ابن عبد الله يقول: كان حمد الزجاج يقرأ على المشايخ، وينام ويقرأ مستويًا لحفظه ومعرفته بالأسانيد والمتون.
إلى أن قال: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.
3839 - القنازعي
(2)
:
العلامة القدوة، أبو المطرف، عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن، الأنصاري القرطبي القنازعي. وقنازع قرية.
سمع: "الموطأ" من أبي عيسى الليثي، وسمع: من القاضي محمد بن السليم، وأبي جعفر بن عون الله.
وتلا على أبي الحسن الأنطاكي، وأصبغ بن تمام.
وارتحل سنة (67)، فسمع: الحسن بن رشيق، ولقي حسينك التميمي في الموسم، وأكثر عن أبي محمد بن أبي زيد، وأقبل على شأنه، وتصدر للإقراء والفقه بقرطبة.
روى عنه: محمد بن عتاب، وابن عبد البر، وطائفة.
وكان إمامًا، متفننًا، حافظًا، خاشعًا، متهجًدا، مفسرًا، بصيرًا بالفقه واللغة، امتنع من الشورى.
وكان زاهًدا، ورعًا، قانعًا باليسير، مجاب الدعوة، بعيد الصيت، رأسا في القراءات، صاحب تصانيف.
مات في رجب، سنة ثلاث عشر وأربع مائة، عن ثنتين وسبعين سنة.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1055".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 198".
3840 - الشيخ المفيد
(1)
:
عالم الرافضة، صاحب التصانيف، الشيخ المفيد، واسمه: محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، الشيعي، ويعرف: بابن المعلم.
كان صاحب فنون وبحوث وكلام، واعتزال وأدب.
ذكره ابن أبي طي في "تاريخ الإمامية"، فأطنب وأسهب، وقال: كان أوحد في جميع فنون العلم: الأصلين، والفقه، والأخبار، ومعرفة الرجال، والتفسير، والنحو، والشعر.
وكان يناظر أهل كل عقيدة مع العظمة في الدولة البويهية، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء، وكان قوي النفس، كثير البر، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والسوم، يلبس الخشن، من الثياب، وكان مديمًا للمطالعة والتعليم، ومن احفظ الناس. قيل: إنه ما ترك للمخالفين كتابًا إلى وحفظه، وبهذا قدر على حل شبه القوم، وكان من أحرص الناس على التعليم، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة، فيتلمح الصبي الفطن، فيستأجره من أبويه -يعني فيضله- قال: وبذلك كثر تلامذته. وقيل: ربما زاره عضد الدولة، ويقول له: اشفع تشعع. وكان ربعة نحيفًا أمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنف -إلى أن قال: مات سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، وشيعه ثمانون ألفًا.
وقيل: بلغت تواليفه مائتين، لم أقف على شيء منها -ولله الحمد- يكنى أبا عبد الله.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 231"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 11"، وميزان الاعتدال "4/ 30"، ولسان الميزان "5/ 368".
3841 - سلطان الدولة
(1)
:
ملك العراق وفارس، سلطان الدولة، أبو شجاع، فناخسرو بن الملك بهاء الدولة خره فيروز بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي.
تملك بعد أبيه سنة ثلاث وأربع مائة، فكانت أيامه اثنتي عشرة سنة، ووزر له فخر الملك أبو غالب، فقرئ عهد سلطان الدولة من القادر بالله، والألقاب كانت: عماد الدين، مشرف الدولة، مؤيد الملة، مغيث الأمة، صفي أمير المؤمنين. ثم أحضرت الخلع وهي سبع على العادة، وعمامة سوداء، وتاج مرصع، وسيف، وسواران، وطوق، وفرسان، ولواءان عقدهما القادر بيده، وتلفظ بالحلف له بمسمع: من الوزير أبي غالب والكبار ونفذ ذلك مع القاضي أبي خازم محمد بن الحسين وخادمين إلى فارس، أول العهد: من عبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين إلى فناخسرو بن بهاء الدولة مولى أمير المؤمنين: سلام عليك
…
فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله. ومنه: أما بعد -أطال الله بقاءك- إلى أن قال: وكتب في ربيع الأول سنة أربع وأربع مائة.
قال محمد بن عبد الملك في "تاريخه": لما صار الأمر إلى سلطان الدولة، استخلف ببغداد أخاه مشرف الدولة أبا علي، وجعل إليه إمارة الأتراك خاصةً، فحسنوا له العصيان، فاستولى على بغداد وواسط، وتردد الأتراك إلى الديوان، فأمر بقطع خطبة سلطان الدولة، وأن يخطب لمشرف الدولة.
وكان دخول سلطان الدولة بغداد سنة تسع، وتلقاه الخليفة، وضربت له النوبة في أوقات الصلوات الخمس، فأوحش القادر، وكانت العادة جاريةً من أيام عضد الدولة بضرب النوبة ثلاث أوقات.
إلى أن قال: ولما تمكن مشرف الدولة، انحاز أخوه إلى أرجان، وتناقضت أموره، وكان يواصل الشرب حتى فسد خلقه، وطلب طبيبًا لفصده، ففصده بحضرة الأوحد، ونفذ قضاء الله فيه بشيراز في شوال سنة خمس عشرة وأربع مائة عن اثنتين وثلاثين سنة وخمسة أشهر. ولما مات، نهبت الديلم ما قدروا عليه، وأشار عليهم الأوحد بابنه أبي كاليجار، فخطب له بخوزستان. وظهر الملك أبو جعفر بن كاكويه فتملك همذان، وقهر بني بويه، وافتتح الدينور وشابور خواست، وعظمت هيبته.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 17".
3842 - المستظهر بالله:
عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله، المرواني.
قام معه كبراء قرطبة، وملكوه بعد ذهاب القاسم الإدريسي، فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مائة وله ثنتان وعشرون سنة.
وكان عجبًا في الذكاء والبلاغة. يكنى أبا المطرف. وزر له ابن حزم الظاهري.
ولم تطل أيامه، بل قتل بعد أيام في ذي القعدة من عامه، توثب عليه ابن عمه المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن، وتملك ستة أشهر، ونزع.
3843 - الحناط:
الإمام المحدث الرحال، أبو بكر، خلف بن عمرو بن خلف بن محمد ابن إبراهيم، الهمذاني الحناط. كان من نبذاء المشايخ.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وعبد الرحمن الجلاب، وأبي جعفر أحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي، وأبي بكر الشافعي، وعدة.
روى عنه: أبو محمد جعفر بن محمد الأبهري، وعلي بن أحمد بن سهل العطار، والحسين بن محمد البزاز، والخليل بن عبد الله الخليلي، وآخرون.
ذكره شيرويه، فقال: كان صدوقًا حافظًا، يحسن هذا الشأن.
قلت: بقي إلى سنة بضع وأربع مائة، لم يقع لي شيء من عواليه.
3844 - الخصيب
(1)
:
ابن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الخصيب، الشيخ العالم الثقة، القاضي، أبو الحسن المصري.
روى عن: أبيه، وعثمان بن محمد السمرقندي، وإسماعيل بن الجراب، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، ومحمد بن العباس بن كوذك، ومحمد بن أبي كريمة الصيداوي، وجماعة.
حدث عنه: أبو نصر عبيد الله السجزي، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن علي الصوري، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وهبة الله بن إبراهيم الصواف، وأبو إسحاق الحبال، وأبو الحسن الخلعي.
توفي في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربع مائة وهو في عشر الثمانين.
محله الصدق.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 121"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 204".
3845 - الصيرفي
(1)
:
الشيخ الثقة المأمون، أبو سعيد، محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان، الصيرفي، ابن أبي عمرو، النيسابوري.
كان والده أبو عمرو مثريًا، وكان ينفق على الأصم، فكان لا يحدث حتى يحضر محمد هذا، وإن غاب عن سماع جزء، أعاده له، فأكثر عنه جدًا.
وسمع: أيضًا من: أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي حامد أحمد بن محمد بن شعيب، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، والخطيب، وأبو صالح المؤذن، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، وطاهر بن محمد الشحامي، وأبو القاسم بن مندة، والقاسم بن الفضل الثقفي، ومكي بن علان الكرجي، وأحمد بن سهل السراج، وخلق كثير آخرهم موتًا عبد الغفار بن محمد بن شيرويه التاجر الباقي إلى سنة عشر وخمس مائة.
مات في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مائة عن نيف وتسعين سنة.
وفيها مات: أبو بكر الحيري، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين بن سليمان السليطي النيسابوري النحوي المعدل، -سمع: الأصم وكان ثقةً- وفاتح الهند السلطان محمود بن سبكتكين، وراوي الترمذي إسماعيل بن ينال المروزي- سمع "الجامع" من مولاه المحبوبي وعمر- وأبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الأصبهاني الجمال، والأديب العلامة أبو عمر أحمد بن محمد بن العاص بن دراج القسطلي الأندلسي شاعر عصره، وأبو علي الحسين بن عبد الله بن يعقوب البجاني راوي الواضحة عن سعيد بن فحلون عن خمس وتسعين سنة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 144"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 220".
3846 - ابن خواستى
(1)
:
الشيخ الإمام المعمر المرئ، مسند الأندلس، أبو القاسم عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستى، الفارسي، ثم البغدادي، النحوي.
ولد في رجب سنة عشرين وثلاث مائة، وكان يذكر وفاة ابن مجاهد.
وسمع: من: إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي بكر النجاد، وأبي بكر ابن داسة البصري، وأبي عمر الزاهد، وأبي بكر بن زياد النقاش المقرئ، وهو من تلامذته في القراءات. وتلا أيضًا على عبد الواحد بن أبي هاشم.
ودخل الأندلس، ففرحوا بعلو أسانيده، وأخذوا عنه.
تلا عليه أبو عمرو بثلاث روايات، وأسندها عنه في "تيسيره".
وروى عنه: هو وأبو الوليد بن الفرضي، وقال: لقيته بمدينة التراب.
وقال الداني: دخل إلى الأندلس تاجرًا سنة خمسين، فسكنها.
قال: وكان خيرًا فاضلًا، صدوقًا ضابطًا، وكان يعرف بابن أبي غسان، قال لي: أذكر اليوم الذي مات فيه ابن مجاهد، وقرأت القرآن في حدود سنة أربعين على النقاش ولازمته مدةً، وكان أسخى الناس، وسمعت سنن أبي داود من ابن داسة سنة ثمان وثلاثين، واختلفت إلى أبي سعيد السيرافي، فقرأت عليه عدة كتب. قال الداني: توفي في ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.
قلت: لم أره في مشايخ ابن عبد البر ولا ابن حزم.
وفيها مات صدقة بن محمد بن الدلم، وأبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب النيسابوري، وعلي بن هلال ابن البواب المجود، وشيخ الشيعة المفيد محمد بن محمد بن النعمان، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "5/ 375"، والعبر "3/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 198".
3847 - أبو إسحاق الإسفراييني
(1)
:
الإمام العلامة الأوحد، الأستاذ، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الإسفراييني الأصولي الشافعي، الملقب ركن الدين. أحد المجتهدين في عصره، وصاحب المصنفات الباهرة.
ارتحل في الحديث، وسمع من: دعلج السجزي، وعبد الخالق بن أبي روبا، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ومحمد بن يزداد بن مسعود، وأبي بكر الإسماعيلي، وعدة، وأملى مجالس وقع لي منها.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو الطيب الطبري، وتخرج به في المناظرة، وأبو السنابل هبة الله بن أبي الصهباء، وطائفة.
ومن تصانيفه كتاب جامع الخلي في أصول الدين والرد على الملحدين، في خمس مجلدات.
وبنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة. توفي بنيسابور يوم عاشوراء من سنة ثماني عشرة وأربع مائة.
قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: درس عليه شيخنا أبو الطيب، وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور.
وقال غيره: نقل تابوته إلى إسفرايين، ودفن هناك بمشهده.
قال عبد الغافر في "تاريخه": كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق، فضلًا عن نيسابور، ومن المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع، انتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في تاريخه لجلالته، وانتقى له الحافظ أحمد بن علي الرازي ألف حديث، وعقد مجلس الإملاء، وكان ثقةً ثبتًا في الحديث.
وقال الحافظ ابن عساكر: حكى لي من أثق به: أن الصاحب إسماعيل ابن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر هؤلاء، يقول: ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق، والإسفراييني نار تحرق.
قال الحاكم في "تاريخه": أبو إسحاق الأصولي الفقيه المتكلم، المتقدم في هذه العلوم، انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم. إلى أن قال: وبني له بنيسابور المدرسة التي لم يبن بنيسابور مثلها قبلها، فدرس فيها.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 237"، واللباب لابن الأثير "1/ 55"، والعبر "3/ 128".
ومن كلام هذا الأستاذ قال: القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة وآخره زندقة. فقال أبو القاسم الفقيه: كان شيخنا الأستاذ إذا تكلم في هذه المسألة، قيل: القلم عنه مرفوع حينئذ يعني أبا إسحاق لأنه كان يشتم ويصول، ويفعل أشياء.
وحكى أبو القاسم القشيري عنه أنه كان ينكر كرامات الأولياء ولا يجوزها، وهذه زلة كبيرة.
ومات معه في سنة ثماني عشرة أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداد الأصبهاني غلام محسن، والوزير العلامة أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي بميافارقين. وقد قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته. وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد النيسابوري السراج صاحب الأصم، والمحدث أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني الناسخ، والفقيه محمد بن زهير النسائي الشافعي الخطيب -سمع الأصم- وأبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد الروز بهان البغدادي الراوي عن الستوري، وشيخ الصوفية معمر بن أحمد بن محمد بن زياد الأصبهاني، ومكي بن محمد بن الغمر الدمشقي مستملي الميانجي، والحافظ هبة الله بن الحسن اللالكائي.
3848 - الحيري
(1)
:
الإمام العالم المحدث، مسند خراسان، قاضي القضاة، أبو بكر، أحمد بن أبي علي الحسن بن الحافظ أبي عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن مسلم بن يزيد، الحرشي الحيري النيسابوري الشافعي، وجده هو سبط أحمد بن عمرو الحرشي.
ولد في حدود سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. ورخه أبو بكر محمد بن منصور السمع: اني، وقال: هو ثقة في الحديث.
قلت: حدث عن: أبي علي محمد بن أحمد بن معقل الميداني، وحاجب بن أحمد الطوسي، وأبي العباس الأصم، وابنه أبي علي، وأبي سهل بن زياد القطان، وأبي بكر بن أبي دارم الكوفي، وأبي محمد الفاكهي المكي، وبكير بن أحمد الحداد، وأبي أحمد بن عدي، وخلق.
وتفقه على أبي الوليد حسان بن محمد، ودرس الكلام والأصول على أصحاب أبي الحسن الأشعري، وانتقى عليه أبو عبد الله الحاكم، وقد أملى من سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.
وكان بصيرًا بالمذهب، فقيه النفس، يفهم الكلام، وقلد قضاء نيسابور مدة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 141"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 217".
حدث عنه: الحاكم، وهو أكبر منه، وأبو محمد الجويني، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، والحسن بن محمد الصفار، ومحمد بن إسماعيل المقرئ، ومحمد بن مأمون المتولي، ومحمد بن عبد الملك المظفري، وأحمد بن عبد الرحمن الكسائي، ومحمد بن يحيى المزكي، وقاضي القضاة أبو بكر محمد بن عبد الله الناصحي، وشيخ الحنفية محمد بن إسماعيل بن حسنويه، ومحمد بن علي العميري الزاهد، وأبو بكر بن خلف، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، ومكي بن منصور السلار، وأسعد بن مسعود العتبي، ومحمد بن أحمد الكامخي، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، وعلي بن أحمد الأخرم، وعبد الغفار بن محمد الشيروبي خاتمة أصحابه، وخلق سواهم.
قال عبد الغافر الفارسي في "تاريخه": أصابه وقر في آخر عمره، وكان يقرأ عليه مع ذلك، ويحتاط، إلى أن اشتد ذلك قريبًا من سنتين أو ثلاث، فما كان يحسن أن يسمع:، وكان من أصح أقرانه سماعًا، وأوفرهم إتقانًا، وأتمهم ديانةً واعتقادًا. صنف في الأصول والحديث.
قلت: وقد قرأ بالروايات على أحمد بن العباس الإمام تلميذ الأشناني، وسمعنا "مسند الشافعي" من طريقه.
أثنى عليه الحاكم، وفخم أمره، وقال: كان جدهم الأكبر سعيد بن عبد الرحمن الحرشي خليفة الأمير عبد الله بن عامر بن كريز على نيسابور. تلا أبو بكر بأحرف على أبي بكر الإمام، وعقد له مجلس النظر في حياة الأستاذ أبي الوليد.
ثم قال الحاكم في ترجمة أبي علي المعقلي: حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأخبرنا "ح". بعلو محمد بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي، أخبرنا السلفي، أخبرنا مكي بن علان، حدثنا أبو بكر الحيري، حدثنا أبو علي الميداني، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقاطعوا ........... " وذكر الحديث
(1)
.
مات الحيري في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وأربع مائة وله ست وتسعون سنة. رحمه الله.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "6076"، ومسلم "2559"، وأبو داود "4910".
وتمامه عن أنس مرفوعًا: "لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
3849 - الستيتي
(1)
:
الشيخ أبو الحسين، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الله، الستيتي، الدمشقي، الأديب، ويعرف: بابن الطحان.
حدث عن: خيثمة الطرابلسي، وأبي الطيب المتنبي، وأبي القاسم الزجاجي النحوي.
روى عنه: أبو سعد السمان، ومحمد بن إبراهيم بن حذلم، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن أبي العلاء المصيصي وآخرون.
وكان يقول: كنت أنام في مجلس خيثمة بن سليمان، فينبهني أبي، فأنظر إلى خيثمة عظيم الهامة، كبير الأذنين والأنف.
قال الكتاني: ولد في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة ومات في سنة سبع عشرة وأربع مائة، وكان يتهم بتشيع، فحلف لنا أنه بريء من ذلك. وأنه من موالي يزيد من ولد ستيتة مولاة يزيد. وأنه قد زار قبر يزيد. قال: وكانت له أصول حسنة.
3850 - ابن أبي الشوارب
(2)
:
قاضي القضاة، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباس ابن المحدث محمد بن أبي الشوارب، الأموي.
ولي بعد أبي محمد بن الأكفاني.
قال الخطيب: كان عفيفًا نزهًا رئيسًا، سمع: من: ابن قانع، وأبي عمر الزاهد. ولم يرو. وحدثني أبو العلاء الواسطي أنه أنشده بيتين، قال: أنشدنا أبو عمر. يقال: عرض المتوكل القضاء على جدهم محمد، فامتنع، فيرون أن بركة امتناعه دخلت على ولده، فولي منهم القضاء أربعة وعشرون، فثمانية منهم تقلدوا قضاء القضاة، آخرهم هذا، وما رأينا مثله جلالةً وشرفًا، ولي أولًا قضاء البصرة، ثم ولي بغداد في سنة خمس وأربع مائة، ومات في شوال سنة سبع عشرة وأربع مائة وله ثمان وثمانون سنة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 128"، والأنساب للسمعاني "7/ 41"، واللباب لابن الأثير "2/ 103".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 47"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 25"، والعبر "3/ 124".
3851 - العكبري
(1)
:
أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، العكبري، البزاز، أحد المسندين.
سمع: أبا جعفر محمد بن يحيى الطائي، وأبا بكر النقاش، وعلي بن صدقة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، ونصر بن البطر، وجماعة.
أرخ الخطيب وفاته في سنة سبع عشرة وثلاث مائة.
قلت: إنما سمع: من الطائي وله عشرون سنة، ولو سمع في صباه، لجاء بالمحاملي وذويه.
3852 - الرباطي
(2)
:
الشيخ الجليل، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسحاق، الأصبهاني الرباطي.
سمع: أبا أحمد العسال، وإبراهيم بن محمد الرقاعي، -الراوي عن محمد بن سليمان الباغندي- وعبد الله بن الحسن بن بندار، وأبا بكر الجعابي والطبراني.
وزار بيت المقدس، وأملى به مجالس.
روى عنه: عمر بن الحسن بن سليم المعلم، وأحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه وجماعة.
توفي في شعبان سنة عشرين وأربع مائة.
3853 - المسبحي
(3)
:
الأمير الكبير، عز الملك، ويلقب بالمختار، محمد بن عبيد الله ابن أحمد المسبحي، الجندي.
نال دنيا ورتبةً من الحاكم. وكان رافضيًا منجمًا، رديء الاعتقاد.
له كتاب "التنجيم والإصابات" في عشر مجلدات، وكتاب "الديانات" في اثني عشر مجلدًا، وكتاب الشعر ثلاث مجلدات، وكتاب أصناف الجماع ثلاث مجلدات، وكتاب "التاريخ" وأشياء.
مات في ربيع الآخر، سنة عشرين وأربع مائة، وله أربع وخمسون سنة.
وله يد طولى في الشعر والأدب والأخبار.
وكان أبوه من الأعيان، مات سنة أربع مائة عن سن عالية.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 273"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 27"، والعبر"3/ 126".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 138"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 216".
(3)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 377"، والعبر "3/ 139"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 216".
3854 - التباني
(1)
:
الشيخ أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن علي بن تبان، التباني الواسطي البيع. له مجلس مشهور.
روى عن: أبي محمد بن السقا، وعلي بن أحمد الغزال، ومحمد ابن جعفر الشمشاطي.
وعنه: إبراهيم بن محمد بن خلف الجمازي، وأبو نعيم أحمد بن علي البزاز، وأحمد بن عثمان بن نفيس، وهبة الله الصفار.
وثقه خميس الحوزي.
بقي إلى سنة سبع عشرة وأربع مائة.
ومن قاله: البناني بموحدة ثم نونين، فقد وهم.
3855 - أبو أسامة الهروي
(2)
:
الإمام المحدث المقرئ، أبو أسامة، محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم الهروي، شيخ الحرم.
تلا على السامري، وأبي الطيب بن غلبون.
وحدث عن: أبي الطاهر الذهلي، ومحمد بن علي النقاش محدث تنيس، وأبي علي بن أبي الرمرام، والفضل بن جعفر المؤذن، ومحمد بن وصيف الغزي، وأحمد بن عبد الله بن عبد المؤمن المكي.
روى عنه: ابنه عبد السلام، وأبو علي الأهوازي، وأبو بكر البيهقي، وأبو الغنائم بن الفراء، ومحمد بن علي المطرز.
وحدث بمكة وبدمشق، وسمع منه طلحة بن عبيد الله الجيرفتي.
قال أبو عمرو الداني: رأيته يقرئ بمكة، وربما أملى الحديث من حفظه، فقلب الأسانيد، وغير المتون.
عاش ثمانيًا وثمانين سنة، وتوفي بمكة سنة سبع عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب "3/ 19"، واللباب لابن الأثير "1/ 206".
(2)
ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 464"، ولسان الميزان "5/ 55".
3856 - ابن دراج
(1)
:
الأديب، إمام البلغاء، والشعراء، أبو عمر، أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج، القسطلي، الأندلسي.
قال ابن حزم: لو قلت: إنه لم يكن بالأندلس أشعر منه، لم أبعد، وقال: لا يتأخر عن شأو حبيب والمتنبي.
وكان من كتاب الإنشاء في دولة المنصور بن أبي عامر.
له ديوان مشهور. عاش أربعًا وسبعين سنة.
توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. وقسطلة بليدة.
3857 - ابن أبي نصر
(2)
:
الشيخ الإمام المعدل الرئيس، مسند الشام، أبو محمد، عبد الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف بن حبيب، التميمي الدمشقي، الملقب بالشيخ العفيف.
ولد سنة سبع وعشرين وثلاث مائة.
وتلا لأبي عمرو على أحمد بن عثمان، غلام السباك.
وحدث عن: أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أبي ثابت البغدادي، صاحب الحسن بن عرفة، وعن أبي علي بن حبيب الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 40"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 135"، والعبر "3/ 142" .. وسيكرر المؤلف ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3950".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 137"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 215".
حذلم، وجعفر بن عدبس، وأحمد بن سليمان بن زبان الكندي، ثم امتنع من التحديث عنه لضعفه، وأحمد بن محمد بن عمارة الليثي، وأبي علي ابن هارون، وعدة. وتفرد بالرواية عن كثير من هؤلاء.
حدث عنه: أبو علي الأهوازي، ورشأ بن نظيف، وأبو القاسم الحنائي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو سعد السمان، وعلي بن محمد بن أبي العلاء المصيصي، وأبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي، وخلق كثير آخرهم موتًا عبد الكريم بن المؤمل الكفرطابي.
قال أبو الوليد الدربندي: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بدمشق، وكان خيرًا من ألف مثله إسنادًا وإتقانًا وزهدًا مع تقدمه.
قال رشأ بن نظيف: قد شاهدت سادات، فما رأيت مثل أبي محمد بن أبي نصر، كان قرة عين.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي شيخنا ابن أبي نصر في جمادى الآخرة سنة عشرين وأربع مائة، فلم أر جنازةً كانت أعظم من جنازته، كان بين يديه جماعة من أصحاب الحديث يهللون ويكبرون، ويظهرون السنة، وحضرها جميع أهل البلد، حتى اليهود والنصارى، ولم ألف شيخًا مثله زهدًا، وورعًا وعبادةً ورئاسة.
قال: وكان ثقةً مأمونًا عدلًا رضىً. وكان يلقب بالعفيف. وكانت أصوله حسانًا بخط ابن فطيس والحلبي، وقد جمع له أبو العباس ابن السمسار طرق حديث:"نعم الإدام الخل"
(1)
.
قلت: آخر من روى حديثه عاليًا كريمة القرشية. وقع لنا جملة من طريقه، منها أكثر مغازي ابن عائذ.
(1)
أخرجه أحمد "3/ 301 - 304، 352، 364، 371، 389، 390، 400"، ومسلم "2052"، وأبو داود "3820"، "3821"، والترمذي "1839"، من حديث جابر بن عبد الله، به.
3858 - الكاغدي
(1)
:
مسند سمرقند، الشيخ أبو الفضل، منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مت، السمرقندي الكاغدي، وإليه ينسب الورق العالي المنصوري.
كان آخر من حدث عن الهيثم بن كليب الشاشي، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، وعاش نحوًا من مائة عام.
حدث عنه: أبو الحسن بن خذام، وأبو إسحاق الأصبهاني، وأبو بكر الحسن بن الحسين البخاري، والفقيه أبو بكر الشاشي، وآخرون من أهل ما وراء النهر.
توفي بسمرقند في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة.
وفيها مات أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبو منصور محمد بن أحمد القومساني، وأبو الفرج محمد بن عبد الله ابن شهريار، والحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه المعلم، وإسماعيل بن رجاء بعسقلان.
3859 - الرزاز
(2)
:
الشيخ المسند، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن داود، البغدادي الرزاز.
ولد سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: عثمان بن أحمد بن السماك، وأبا بكر النجاد، وعبد الصمد بن علي الطستي، وأبا سهل بن زياد، وأبا عمر غلام ثعلب، وميمون بن إسحاق، وجعفرًا الخلدي، وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، ودعلجًا السجزي.
وتلا لحمزة على أبي بكر بن مقسم، عن إدريس الحداد.
تلا عليه عبد السيد بن عتاب وغيره.
وروى عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وجماعة من البغاددة والخراسانية وغيرهم.
وروى الكثير، وكف بصره بأخرة، وكان له حانوت في الرزازين.
قال الخطيب: كان كثير السماع والشيوخ، وإلى الصدق ما هو، شاهدت جزءًا من أصوله من أمالي ابن السماك، في بعضها سماعه بالخط القديم ثم رأيته قد غير بعد وقت وفيه إلحاق بخط جديد. مات في شهر ربيع الآخر، سنة تسع عشرة وأربع مائة.
وفيها توفي أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصور العالي بهراة، والحسن بن محمد بن جبارة بكسر الجيم الجوهري بدمشق، وعبد الواحد بن أحمد بن مشماس الدمشقي، وأبو بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، وأبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، وأبو بكر محمد بن علي ابن محمد بن حيد، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد الثقفي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 337"، واللباب لابن الأثير "3/ 76"، والعبر "3/ 152".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 330"، والأنساب للسمعاني "6/ 108"، وميزان الاعتدال "3/ 113"، ولسان الميزان "4/ 196".
3860 - ابن مخلد
(1)
:
الشيخ المعمر الصدوق، مسند وقته، أبو الحسن، محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد، البغدادي البزاز.
ولد سنة تسع وعشرين وثلاث مائة.
وسمع: من إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي جعفر بن البختري، وعمر بن الحسن الأشناني، وعثمان بن السماك، وأبي بكر النجاد، وجعفر الخلدي، وغيرهم. وهو خاتمة أصحاب ابن البختري والصفار.
حدث عنه: الخطيب، وعلي بن طاهر الموصلي، وأبو القاسم ابن أبي العلاء المصيصي، وعبد العزيز الكتاني، والحسين بن علي بن البسري، وعلي بن الحسين الربعي، وعبد السميع بن علي الهاشمي، وأبو تمام هبة الله بن محمد، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي ومحمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وعدد كثير.
قال الخطيب: كان صدوقًا، أثنى عليه أبو القاسم اللالكائي، وكان جميل الطريقة، له أنسة بالعلم، ومعرفة بشيء من الفقه على مذهب أهل العراق. مات في ربيع الأول. كتبنا عنه. وبلغني أنه لم يكن له كفن.
قلت: مات في سنة تسع عشرة وأربع مائة.
3861 - ابن الفخار
(2)
:
الإمام العلامة الحافظ، شيخ الإسلام، عالم الأندلس، أبو عبد الله، محمد بن عمر بن يوسف بن الفخار، القرطبي المالكي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 231"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 37"، والعبر "3/ 133".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 510"، والعبر "2/ 132"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 268"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 213".
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مائة.
حدث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي محمد الباجي، وأبي جعفر بن عون الله، وطبقتهم، وحج، وسمع: بمصر من طائفة. وجاور بالمدينة.
وقد تفقه بأبي محمد الأصيلي، وأبي عمر بن المكوي.
وكان رأسًا في الفقه، مقدمًا في الزهد، موصوفًا بالحفظ، مفرط الذكاء، عارفًا بالإجماع والاختلاف، عديم النظير، يحفظ المدونة سردًا، والنوادر لأبي محمد بن أبي زيد.
أريد على الرسلية إلى أمراء البربر، فأبى، وقال: بي جفاء، وأخاف أن أوذى. فقال الوزير: ورجل صالح يخاف الموت! فقال: إن أخفه، فقد خافه أنبياء الله، هذا موسى قد حكى الله عنه:{فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} [الشعراء: 21].
قال ابن حيان: توفي الفقيه الحافظ المشاور، المستبحر الرواية، البعيد الأثر، الطويل الهجرة في طلب العلم، الناسك المتقشف، أبو عبد الله بن الفخار بمدينة بلنسية في عاشر ربيع الأول سنة تسع عشرة وأربع مائة. فكان الحفل في جنازته عظيمًا. وعاين الناس فيها أيةً من طيور شبه الخطاف وما هي بها تخللت الجمع رافةً فوق النعش، جانحةً إليه، مشفةً إليه، لم تفارق نعشه إلى أن ووري، فتفرقت، وتحدث الناس بذلك وقتًا. مكث مدة ببلنسية مطاعًا، عظيم القدر عند السلطان والعامة، وكان ذا منزلة عظيمة في الفقه والنسك، صاحب أنباء بديعة.
قال جماهر بن عبد الرحمن: صلى على ابن الفخار الشيخ خليل التاجر، ورفرفت عليه الطير إلى أن تمت مواراته.
وكذا ذكر الحسن بن محمد القبشي من خبر الطيور، وزاد: كان عمره نحو الثمانين، وكان يقال: إنه مجاب الدعوة. واختبرت دعوته في أشياء.
وقال أبو عمرو الداني: مات في سابع ربيع الأول سنة 419 عن ست وسبعين سنة، وهو آخر الفقهاء الحفاظ، الراسخين العالمين بالكتاب والسنة بالأندلس. رحمه الله.
وقال القاضي عياض: كان أحفظ الناس، وأحضرهم علمًا، وأسرعهم جوابًا، وأوقفهم على اختلاف الفقهاء وترجيح المذاهب، حافظًا للأثر، مائلًا إلى الحجة وانظر. فر عن قرطبة إذ نذرت البربر دمه عند غلبتهم على قرطبة.
قلت: سميه الحافظ أبو عبد الله بن الفخار المالقي، مات سنة تسعين وخمس مائة.
3862 - ابن العجوز
(1)
:
مفتي المغرب، أبو عبد الرحمن، عبد الرحيم بن أحمد، الكتامي المالكي، من بيت حشمة ورئاسة. دارت الفتيا عليه بسبتة، وفي عقبه أئمة نجباء.
لازم أبا محمد بن أبي زيد. وسمع: من الأصيلي.
روى عنه: قاسم بن محمد المأموني، ومحمد بن عبد الرحمن، وإبراهيم بن يعقوب الكلاعي، وأهل سبتة. وكان من بحور العلم.
مات سنة ثمان عشرة وأربع مائة أو بعدها.
ومات ابنه عبد الرحمن سنة تسع وأربعين.
وفي ذريته أئمة كبار بالمغرب.
3863 - صالح بن مرداس
(2)
:
الملك، أسد الدولة الكلابي، من وجوه العرب.
تملك حلب، وانتزعها من مرتضى الدولة نائب الظاهر العبيدي سنة سبع عشرة وأربع مائة، فأقبل لمحاربته المصريون، عليهم الدزبري، فكان المصاف بالأقحوانة في جمادى الأولى سنة عشرين، فقتل صالح. وكان بيده بعلبك أيضًا.
ونجا ولده أبو كامل نصر، فتملك حلب، ولقب سيد الدولة. وبقي إلى سنة تسع وعشرين، فاقتتل هو وعسكر مصر عند حماة، فقتل نصر، وأخذ الدزبري حلب والشام كله، إلى أن مات بحلب في سنة (434)، فأقبل من الرحبة ثمال بن صالح، وهو معز الدولة، فتملك حلب إلى سنة أربعين، فقاتله المصريون، فهزمهم، ثم التقوه، فهزمهم، وتمكن، ثم صالح صاحب مصر، وراح إلى مصر، فتوثب ابن أخيه محمود، وحارب وتملك، وجرت له أحوال، حتى مات سنة ثمان وستين وأربع مائة. وقام بعده ابنه نصر ابن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أيامًا، وقتل، فتملك أخوه سابق، فدام إلى سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة. فانتزع منه صاحب الموصل حلب. وهو مسلم بن قريش.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 138"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 216".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 487"، والعبر "3/ 136"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 214".
3864 - إسماعيل بن ينال
(1)
:
الشيخ المعمر، أبو إبراهيم المحبوبي.
سمع من: مولاه محمد بن أحمد بن محبوب المروزي جامع أبي عيسى. وسمع: من أبي بكر الداربردي وهو خاتمة من سمع: من ابن محبوب.
قال أبو بكر السمع: اني: كان ثقةً عالمًا، أدركت بحمد الله نفرًا من أصحابه.
قلت: ولأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد منه إجازة مشهورة بمروياته.
قال السمع: اني أبو بكر: مولده سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة. وتوفي سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. زاد غيره: مات في صفر منها.
3865 - الجمال
(2)
:
الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن إبراهيم بن محمد، الأصبهاني الجمال.
له جزء مشهور سمع: ناه.
يروي عن أبي محمد بن فارس، ومحمد بن أحمد الثقفي.
وعنه: أبو عبد الله الثقفي، ومحمد بن علي الخباز، وعلي بن الفضل بن عبد الرزاق اليزدي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه وآخرون.
مات في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، وهو في عشر التسعين.
3866 - البجاني
(3)
:
الشيخ الفقيه المعمر، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسين بن يعقوب، الأندلسي البجاني المالكي. وبجانة: بليدة بالأندلس، مستفاد مع بجاية المدينة الناصرية، التي أنشأها الأمير الناصر بن علناس بغربي إفريقية، وهي بلد كبيرة عامرة.
سمع أبو علي من أبي عثمان سعيد بن فحلون خاتمة أصحاب يوسف المغامي. وتوفي ابن فحلون شيخه في سنة ست وأربعين وثلاث مائة، وكان هو آخر من رأى ابن فحلون.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 142"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 219".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 143"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 219".
(3)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 141"، والعبر "3/ 143"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 219".
روى عنه: محمد بن عبد الله الخولاني، وقال: كان قديم الطلب، كثير السماع، من أهل العلم، عمر طويلًا، واحتيج إليه، وقارب المائة.
مولده في سنة ست وعشرين وثلاث مائة.
وحدث عنه أيضًا: أبو عبد الله محمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر المصحفي، وأبو العباس أحمد بن عمر العذري، وآخرون. وانتهى إليه علو الإسناد بالأندلس.
مات سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، عن ست وتسعين سنة.
وفيها مات الكبار: القاضي أبو بكر الحيري، وأبو سعيد بن موسى الصيرفي، وسلطان الوقت محمود بن سبكتكين، وأبو إبراهيم إسماعيل بن ينال المحبوبي، وأبو بكر عبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، وأحمد بن محمود بن الحسين السليطي، والحسن بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي الأصم، وأبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الجمال.
3867 - القراب:
الإمام الحفاظ القدوة، شيخ الإسلام، أبو محمد، إسماعيل بن الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، السرخسي ثم الهروي القراب، أخو الحافظ الكبير أبي يعقوب إسحاق.
كان من أفراد الدهر، قدوةً في الزهد، عظيم القدر.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: منصور بن العباس، وأبا بكر الإسماعيلي، وأحمد بن محمد بن مقسم المقرئ، وأبا أحمد بن الغطريفي، وأبا عمر بن حمدان، وأبا أحمد الحاكم، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وبشر بن أحمد الإسفراييني، وعلي بن عيسى العاصمي وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي، وشيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري وجماعة.
وله مصنفات كثيرة، منها كتاب درجات التائبين، الذي يرويه أبو الوقت، عن عبد الأعلى عنه.
وكان مقدمًا في عدة علوم، رأسًا في الزهد والتأله.
وصنف كتابًا في "مناقب الشافعي".
قال الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي: كان في عدة من العلوم إمامًا، منها القراءات والحديث والفقه ومعاني القرآن والأدب، وله تصانيف فيها في غاية الحسن. قال: وله كتاب "الجمع بين الصحيحين"، بأسانيده، وكان في الزهد والتقلل من الدنيا أيةً، فلم تجد سوق فضله بهراة نفاقًا، كان الصيت إذ ذاك ليحيى بن عمار.
قال أبو عمرو بن الصلاح: رأيت كتاب أبي محمد القراب المسمى بالكافي في علم القرآن، في عدة مجلدات، وهو كتاب ممتع، مشتمل على علم كثير، وقد قال في مناقب الشافعي: لقيت جماعةً من أصحاب ابن سريج.
وكان القراب قد تفقه ببغداد على الإمام عبد العزيز الداركي.
مات في شعبان سنة أربع عشرة وأربع مائة.
ومات أخوه أبو يعقوب في سنة تسع وعشرين وأربع مائة ومات أبوهما الإمام أبو إسحاق في سنة.
3868 - ابن العالي
(1)
:
الشيخ الإمام الصادق، خطيب بوشنج، أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصور بن العالي، الخراساني.
سمع: أبا أحمد بن عدي، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، ومحمد بن علي الغيسقاني، وأبا سعيد محمد بن أحمد بن كثير بن ديسم، والإمام أبا بكر الإسماعيلي.
حدث عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وأحمد بن محمد العاصمي البوشنجي وجماعة.
وقع لنا جزء من حديثه.
توفي في رمضان سنة تسع عشرة وأربع مائة، رحمه الله.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 318"، واللباب لابن الأثير "2/ 305"، والعبر "2/ 131".
3869 - التهامي
(1)
:
شاعر وقته، أبو الحسن، علي بن محمد بن فهد، التهامي.
له ديوان صغير، وكان دينًا، ورعًا عن الهجاء.
ولد باليمن، وقدم الشام والعراق والجبل، وامتدح ابن عباد، وصار معتزليًا، ثم ولي خطابة الرملة، وزعم أنه علوي. وذهب إلى مصر بخبر لحسان بن مفرج، فقتل سرًا سنة ست عشرة وأربع مائة.
3870 - الجرجرائي
(2)
:
الشيخ العالم، الحافظ الرحال المفيد، أبو بكر محمد بن إدريس بن محمد بن إدريس بن سليمان، الجرجرائي، الفقيه الشافعي، تلميذ محدث بلده محمد بن أحمد المفيد.
سمع: ببغداد لما قدمها من أحمد بن نصر الذارع وطبقته، وبجرجان من أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف، وبأصبهان من أبي بكر ابن المقرئ وطائفة، وبدمشق من محمد بن أحمد الخلال وغيره، وببلخ وأنطاكية والنواحي، وسمع: المحدثون بانتخابه. وما علمت به بأسًا.
ذكره الحافظ ابن عساكر مختصرًا، وعرفه أبو عبد الله بن النجار، وذكر أنه روى عنه هناد بن إبراهيم النسفي، وأبو حامد أحمد بن محمد بن ماما الحافظ، وعبد الصمد بن إبراهيم البخاري الحافظ، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح العطار وآخرون.
سكن بخارى في آخر عمره. وكان موصوفًا بالفهم والمعرفة.
توفي في ربيع الأول، سنة خمس عشرة وأربع مائة. أحسبه من أبناء السبعين.
3871 - ابن فنجويه
(3)
:
الشيخ الإمام، المحدث المفيد، بقية المشايخ، أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن صالح بن شعيب بن فنجويه، الثقفي الدينوري.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان "3/ 378"، والعبر "3/ 122"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 263".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 224"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 203".
(3)
ترجمته في العبر "3/ 116"، وتبصير المنتبه "3/ 1084"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 200".
روى عن: هارون العطار، وأبي علي بن حبش، وأبي بكر بن السني، وأبي بكر القطيعي، وعيسى بن حامد الرخجي، وأبي الحسين أحمد بن جعفر بن حمدان الدينوري، وإسحاق بن محمد النعالي، وعدد كثير من أهل همذان وغيرها.
حدث عنه: جعفر الأبهري، وعبد الرحمن بن مندة، وسعد بن حمد وابناه سفيان ومحمد، وأبو الفضل القومساني، وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله، وأحمد بن محمد بن صاعد، وعلي بن أحمد بن الأخرم المؤذن، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، ومحمد بن يحيى الكرماني وخلق.
قال شيرويه في "تاريخه": كان ثقةً صدوقًا، كثير الرواية للمناكير، حسن الخط، كثير التصانيف، دخل همذان فقيرًا، فجمعوا له، وسار إلى نيسابور، فوقع له بها حشمة جليلة، وقد حدث عنه أبو إسحاق الثعلبي في التفسير، وتكلم فيه الحافظ أبو الفضل الفلكي، وقال: ما سمع: من عبيد الله بن شيبة. فخرج ساخطًا من همذان، فتبعه الفلكي، واعتذر، ورجع عن مقالته، فكان يدعو على الفلكي.
مات بنيسابور في ربيع الآخر، سنة أربع عشرة وأربع مائة.
وقد حدث بالمجتبى من "سنن" أبي داود.
3872 - الجارودي
(1)
:
الحافظ الإمام، المتقن الجوال، أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الجارودي، الهروي.
سمع: حامد بن محمد الرفاء، وسليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد بن عبد الله السليطي، وإسماعيل بن نجيد السلمي، وعبد الله بن الحسين النضري المروزي، وأبا إسحاق القراب، وأحمد بن محمد بن سلمويه النيسابوري، وعمر بن محمد بن جعفر الأهوازي، وخلقًا سواهم بنيسابور وأصبهان ومرو والحجاز والعراق والري.
حدث عنه: أبو عطاء عبد الأعلى المليحي، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري وأهل هراة.
وكان أبو إسماعيل يقول: حدثنا إمام أهل المشرق أبو الفضل الجارودي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 159"، واللباب لابن الأثير "1/ 249"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 968"، والعبر "3/ 114"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 199".
قال أبو النضر الفامي: كان أبو الفضل عديم النظير في العلوم، خصوصًا في علم الحفظ والتحديث، وفي التقلل من الدنيا والاكتفاء بالقوت، كان وحيدًا في الورع، وقد رأى بعض الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فأوصاه بزيارة قبر الجارودي، وقال: إنه كان فقيرًا سنيًا.
وقال بعض الكبار: الجارودي أول من سن بهراة تخريج الفوائد، وشرح الرجال والتصحيح.
قال ابن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول: سمعت الجارودي يقول: رحلت إلى الطبراني، فقربني وأدناني، وكان يتعسر علي، ويبذل لآخرين، فكلمته في هذا، فقال: لأنك تعرف قدر هذا الشأن.
مات في شوال سنة ثلاث عشرة وأربع مائة وقد شاخ وأسن.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا محمد بن أحمد الجارودي إملاءً، حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد القاضي بأصبهان، حدثنا محمد بن العباس الأخرم، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان الثوري، عن أسامة بن زيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد سردكم هذا، يتكلم بكلمة فصل يحفظه كل من سمعه"
(1)
.
(1)
صحيح: أخرجه أحمد "6/ 118، 157"، ومسلم "2493"، وأبو داود "3655".
3873 - السكري
(1)
:
الشيخ المعمر الثقة، أبو محمد، عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار البغدادي السكري، ويعرف: بابن وجه العجوز.
سمع: من إسماعيل الصفار عدة أجزاء انفرد بعلوها، وسمع من جعفر الخلدي، وأبي بكر النجاد، وجماعة.
روى عنه: الخطيب، والبيهقي، والحسين بن علي بن البسري، وآخرون.
قال الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقًا.
مات في صفر سنة سبع عشرة وأربع مائة. رحمه الله.
3874 - سابور بن أردشير
(2)
:
الوزير الأوحد البليغ، بهاء الدولة، أبو نصر.
وزر لبهاء الدولة بن عضد الدولة.
وكان شهمًا مهيبًا كافيًا، جوادًا ممدحًا، له ببغداد دار علم.
توفي سنة ست عشرة وأربع مائة عن ثمانين سنة.
ومات مخدومه بأرجان سنة ثلاث وأربع مائة كهلًا.
وقد مدح سابور الببغاء وطائفة.
3875 - غلام محسن:
الشيخ الثقة، أبو علي، أحمد بن إبراهيم بن يزداد، الأصبهاني، غلام محسن.
سمع: أبا محمد بن فارس، وأبا أحمد العسال.
روى عنه: أبو حفص عمر بن أحمد المعلم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الحافظ ابن مردويه، وجماعة من مشايخ الحافظ السلفي.
توفي في صفر سنة ثماني عشرة وأربع مائة.
3876 - ابن حيد:
العدل الرئيس، المجاهد الغازي، أبو بكر، محمد بن علي بن محمد بن حيد بن عبد الجبار، النيسابوري الجوهري الصيرفي، أحد الكبراء، وإليه ينسب قصر حيد.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: من أبي العباس الأصم، ومن أبي عمرو بن نجيد.
حدث عنه: أبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وجماعة آخرهم حفيده منصور بن بكر بن محمد بن حيد.
توفي في رجب سنة تسع عشرة وأربع مائة.
وله جزء مشهور عن الأصم، سمعناه عاليًا.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 199"، والعبر "3/ 125"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 208".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 22"، ووفيات الأعيان "5/ 354".
3877 - السهلي
(1)
:
الشيخ أبو الفضل، أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف، السهلي النيسابوري الأديب، شيخ النحو.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي الوليد الفقيه، وأبي الفضل المزكي.
روى عنه: أبو الحسن الواحدي، وبه تأدب، وأبو سعد عبد الله بن القشيري.
وعاش إلى حدود العشرين وأربع مائة.
3878 - السليطي:
الشيخ أبو الحسن، أحمد بن محمد بن الحسين بن سليمان، السليطي، النيسابوري، النحوي المعدل.
حدث عن: أبي العباس الأصم.
روى عنه: أبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري.
وثقه عبد الغافر الفارسي، وقال: توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربع مائة.
3879 - المعاذي
(2)
:
الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن حمد بن محمد بن يحيى، المعاذي النيسابوري.
سمع: مجلسين من أبي العباس الأصم.
قال عبد الغافر: سماعه منه في سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة، وتوفي في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربع مائة.
قلت: روى عنه أبو إسماعيل الأنصاري، وجماعة.
وثقه عبد الغافر.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 261"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 369".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 143"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 219".
3880 - الجصاص
(1)
:
شيخ الزهاد، أبو محمد، طاهر بن حسن بن إبراهيم، الهمذاني، الجصاص.
روى عن: محمد بن يوسف الكسائي، صاحب أبي القاسم البغوي، وعن غيره قليلًا.
روى عنه: أبو مسلم بن غزو. وحكى عنه طائفة من الفقراء.
وله أحوال وخوارق. وبعضهم رماه بالزندقة. وقد عظمه شيرويه الديلمي، وبالغ.
وله مصنفات عدة، منها أحكام المريدين مجلد.
وكان يقرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، ويعرف تفسيرها فيما قيل.
وسئل عن التوحيد، فقال: أن يكون رجوعك إلى نفسك ونظرك إليها أشد عليك من ضرب العنق.
قال جعفر الأبهري: كان لطاهر الجصاص ثلاث مائة تلميذ، كلهم من الأوتاد.
قال مكي بن عمر البيع: سمعت محمد بن عيسى يقول: صام طاهر أربعين يومًا أربعين مرة، فآخر أربعين عملها صام على قشر الدخن، فليبسه قرع رأسه، واختلط في عقله، ولم أر أكثر مجاهدةً منه.
قلت: فعل هذه الأربعينات حرام قطعًا، فعقباها موت من الخور أو جنون واختلاط، أو جفاف يوجب للمرء سماع خطاب لا وجود له أبدًا في الخارج، فيظن صاحبه أنه خطاب إلي. كلا والله.
قال شيرويه: كان طاهر يذهب مذهب أهل الملامة.
وقال ابن زيرك: حضرت مجلسًا ذكر فيه الجصاص، فبعضهم نسبه إلى الزندقة، وبعضهم نسبه إلى المعرفة.
وقيل: كان ترك اللحم والخبز، فحوقق في ذلك، فقال: إذا أكلتهما، طالبتني نفسي بتقبيل أمرد مليح.
وكان عليه قمل مفرط، ولا يقتله، ويقول: لا يؤذيني.
توفي سنة ثمان عشرة وأربع مائة وقبره يزار بهمذان.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 260".
3881 - النسائي
(1)
:
شيخ الشافعية، العلامة أبو بكر، محمد بن زهير بن أخطل، النسائي، خطيب نسا.
سمع من: الأصم، وأبي حامد الحسنوي، وابن عبدوس الطرائفي، وحسان بن محمد، وأبي سهل بن زياد القطان. وعمر دهرًا.
روى عنه البيهقي، وأبو صالح المؤذن وطائفة. ورحل إليه الفقهاء.
توفي ليلة عيد الفطر سنة ثماني عشرة وأربع مائة. رحمه الله.
3882 - الربعي
(2)
:
إمام النحو، أبو الحسن، علي بن عيسى بن الفرج الربعي، البغدادي، صاحب التصانيف.
لازم أبا سعيد السيرافي ببغداد، وأبا علي الفارسي بشيراز، حتى بلغ الغاية.
بلغنا أن أبا علي قال: قولوا لعلي البغدادي، لو سرت من الشرق إلى الغرب، لم تجد أحدًا أنحى منك. ويقال: واظبه بضع عشرة سنة.
وصنف "شرحًا للإيضاح"، وشرحًا "لمختصر الجرمي". وتخرج به كبار.
مات في المحرم سنة عشرين وأربع مائة وقد بلغ ثنتين وتسعين سنة.
وقيل: أصله من شيراز. مولده في سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
3883 - ابن مرزوق:
الشيخ الجليل، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق، المصري الأنماطي المعدل.
سمع من: أبي محمد بن الورد "السيرة"، وسمع من: أحمد بن عبيد الحمصي الصفار، وحمزة الكناني، والحسين بن إبراهيم الفرائضي الدمشقي.
حدث عنه: أبو نصر السجزي، وأبو إسحاق الحبال، وسمع: منه الحبال السيرة تهذيب ابن هشام، وإنما يعرف الحبال بروايته للسيرة عن عبد الرحمن بن النحاس.
مات ابن مرزوق سنة ثمان عشرة وأربع مائة. رحمه الله.
(1)
ترجمة في العبر "3/ 129"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 210".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 17"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 46"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 336"، والعبر "3/ 138"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 216".
3884 - ابن المغربي
(1)
:
الوزير الأديب البليغ، أبو القاسم، الحسين بن الوزير علي بن الحسين بن محمد، المصري، المعروف بابن المغربي.
قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته، فهرب هذا ونجا، فأجاره أمير العرب حسان بن مفرج الطائي، فامتدحه، وأخذ صلاته.
روى عن الوزير جعفر بن حنزابه.
وعنه: ولده عبد الحميد، وأبو الحسن بن الطيب الفارقي.
ووزر لصاحب ميافارقين أحمد بن مروان.
وله نظم في الذروة، ورأي ودهاء وشهرة وجلالة، وكان جدهم يلقب بالمغربي لكونه خدم كاتبًا على ديوان المغرب، وأصله بصري.
وقد قصد أبو القاسم الوزير فخر الملك، وتوصل إلى أن ولي الوزارة في سنة أربع عشرة وأربع مائة.
وله ترسل فائق وذكاء وقاد.
قال مهيار الشاعر: وزر ابن المغربي ببغداد، وتعظم وتكبر، ورهبه الناس، فانقبضت عن لقائه، ثم عملت فيه قصيدتي البائية، ودخلت، فأنشدته، فرفع طرفه إلي، وقال: اجلس أيها الشيخ!. فلما بلغت:
جاء بك الله على فترةٍ
…
بآيةٍ من يرها يعجب
لم تألف الأبصار من قبلها
…
أن تطلع الشّمس من المغرب
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 32"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "10/ 79"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 172"، ولسان الميزان "2/ 310"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 266".
فقال: أحسنت يا سيدي. وأعطاني مائةي دينار.
ومن نظم الوزير:
وكلّ امرئٍ يدري مواقع رشده
…
ولكنّه أعمى أسير هواه
هوى نفسه يعميه عن قبح عيبه
…
وينظر عن حذقٍ عيوب سواه
وقد وصل القاضي ابن خلكان نسب الوزير ببهرام جور، وقال: له ديوان شعر، ومختصر إصلاح المنطق، وكتاب الإيناس، ولد سنة سبعين وثلاث مائة، وحفظ كتبًا في اللغة والنحو، وتحفظ من الشعر نحو خمسة عشر ألف بيت، وبرع في الحساب، وله أربع عشرة سنة، وهو القائل:
أرى النّاس في الدّنيا كراعٍ تنكّرت
…
مراعيه حتّى ليس فيهنّ مرتع
فماءٌ بلا مرعىً ومرعىً بغير ما
…
وحيث يرى ماءٌ ومرعىً فمسبع
وكان من دهاة العالم، هرب من الحاكم، فأفسد نيات صاحب الرملة وأقاربه، وسار إلى الحجاز، فطمع صاحب مكة في الخلافة، وأخذ مصر، فانزعج الحاكم، وقلق. وهو القائل وكتب إلى الحاكم:
وأنت وحسبي أنت تعلم أنّ لي
…
لسانًا أمام المجد يبني ويهدم
وليس حليمًا من تقبّل كفّه
…
فيرضى ولكن من تعضّ فيحلم
قال: ومات بميافارقين سنة ثمان عشرة وأربع مائة، فحمل تابوته إلى الكوفة بوصية منه، فدفن بقرب المشهد. وكان شيعيًا.
3885 - المستكفي
(1)
:
محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر، الأموي المرواني.
خرج على ابن عمه الملقب بالمستظهر بقرطبة، في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مائة، وقتله، وتمكن.
وكان أحمق طائشًا.
وزر له أحمد الحايك، ثم إنه قتل وزيره هذا، فقاموا عليه، وخلعوه، وسجن وثلاثًا لا يطعم فيها، ثم طردوه، فلحق بالثغور، ثم إن بعض أمرائه سمه في دجاجة في سنة بضع عشرة وأربع مائة.
3886 - ابن عبدان:
الشيخ المحدث الصدوق، أبو الحسن، علي بن الحافظ أحمد بن عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان، الشيرازي ثم الأهوازي.
ثقة مشهور، عالي الإسناد.
سمع: أباه، وأحمد بن عبيد الصفار، ومحمد بن أحمد بن محمويه الأزدي، وأبا بكر محمد بن عمر الجعابي، وأبا القاسم الطبراني، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي في تصانيفه، وأبو القاسم القشيري، والقاسم بن الفضل الثقفي، وآخرون.
توفي بخراسان في سنة خمس عشرة وأربع مائة.
وقد مر أبوه في زمن ابن المقرئ.
3887 - ابن شهريار
(2)
:
الشيخ الأمين، أبو القاسم، الفضل بن عبيد الله بن أحمد بن الفضل ابن شهريار، الأصبهاني، التاجر، السفار.
سمع: عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وعم والده الفضل بن علي بن شهريار، وأحمد بن بندار الشعار، وعمر بن محمد الجمحي المكي، وأبا بكر الشافعي، وطائفةً.
حدث عنه: أبو عمرو بن مندة، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وأحمد ابن عبد الغفار بن أشته، وأبو الفتح السوذرجاني، وأخوه محمد، وأبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، وأحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وآخرون.
توفي في شوال سنة ست عشرة وأربع مائة. من أبناء الثمانين.
(1)
ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 152".
(2)
ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 157".
3888 - ابن الخلال:
الشيخ الجليل الثقة، الرئيس أبو بكر، محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن يحيى بن يونس، الطائي الدمشقي الداراني القطان، ويعرف بابن الخلال.
حدث عن: خيثمة الأطرابلسي، وأبي الميمون بن راشد، وأبي الحسن بن حذلم، وإسحاق بن إبراهيم الأذرعي، وجماعة.
روى عنه: علي بن محمد الحنائي، وأخوه أبو القاسم إبراهيم، وأبو علي الأهوازي، وأبو سعد السمان، والقاضي أبو يعلى بن الفراء، وعبد الواحد البري، وعبد الله بن كبية النجار، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء.
وكان ذا زهد وصلاح وتقوى.
قال الكتاني: توفي شيخنا أبو بكر القطان في رابع عشر ربيع الأول، سنة ست عشرة وأربع مائة.
قال: وكان قد كف بصره في آخر عمره، وكان ثقةً نبيلًا. مضى على سداد وأمر جميل.
3889 - عبد المحسن
(1)
:
ابن محمد بن أحمد، شاعر الشام، أبو محمد الصوري.
روى عنه الحافظ محمد الصوري، ومبشر بن إبراهيم، وسلامة بن حسين.
ونظمه فائق، وسار له:
بالّذي ألهم تعـ
…
ـذيبي ثناياك العذابا
ما الذي قالته عيـ
…
ـناك لقلبي فأجابا
توفي سنة تسع عشرة وأربع مائة وله ثمانون سنة.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 232"، والعبر "2/ 131"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 211".
3890 - ابن هارون
(1)
:
الإمام العلامة، المأمون، أبو نصر، محمد بن أحمد بن هارون بن موسى بن عبدان، الغساني الدمشقي، القاضي، المعروف بابن الجندي، إمام جامع دمشق وقاضيها نيابةً، ومحدثها.
قال الكتاني: ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
سمع: من: خيثمة بن سليمان أحاديث صالحةً، ومن علي بن أبي العقب، وأبي علي بن جابر الفرائضي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، وجماعة.
قلت: حدث عنه أبو نصر عبد الوهاب بن الحبان، وأبو علي المقرئ الأهوازي، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو نصر الحسين بن طلاب، والحافظ أبو سعد السمان، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي.
قال الكتاني: توفي القاضي ابن هارون إمام جامع دمشق وقاضيها في صفر سنة سبع عشرة وأربع مائة.
قال: وكان ثقةً مأمونًا.
3891 - أبو صادق:
الشيخ الفقيه الإمام، الأديب المسند، أبو صادق، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن شاذان، النيسابوري الصيدلاني.
سمع من: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، وأبي بكر الصبغي.
حدث عنه: البيهقي، والرئيس الثقفي، وعلي بن أحمد المؤذن.
توفي في ربيع الأول سنة خمس عشرة وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 222"، والأنساب للسمعاني "3/ 322"، والعبر "3/ 126".
3892 - الحمامي
(1)
:
الإمام المحدث، مقرئ العراق، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
وسمع: من عثمان بن السماك، وأبي سهل القطان، وأحمد بن عثمان الأدمي، وعلي بن محمد بن الزبير، والنجاد، وابن قانع، ومحمد بن جعفر الأدمي، وعدة.
وتلا على النقاش، وزيد بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وهبة الله ابن جعفر، وابن أبي هاشم، وغيرهم.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، ورزق الله، وعبد الله بن زكري الدقاق، وطراد الزينبي، وأبو الحسن بن العلاف، وعبد الواحد بن فهد، وآخرون.
وتلا عليه خلق كثير منهم: أبو الفتح بن شيطا، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، وأبو بكر محمد بن علي الخياط، وأبو الخطاب الصوفي، وأبو علي الشرمقاني، وحسن بن علي العطار، وعلي ابن محمد بن فارس الخياط، وعبد السيد بن عتاب، ويحيى السيبي، ورزق الله التميمي.
قال الخطيب: كان صدوقًا دينًا فاضلًا، تفرد بأسانيد القراءات وعلوها في وقته، مات في شعبان سنة سبع عشرة وأربع مائة.
قال سليم الرازي: سمعت أبا الفتح بن أبي الفوارس يقول: لو رحل رجل من خراسان ليسمع: كلمةً من أبي الحسن الحمامي أو من أبي أحمد الفرضي، لم تكن رحلته عندنا ضائعةً. هذه الحكاية رواها الخطيب في "تاريخه" عن نصر المقدسي، عنه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 329"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 289"، والأنساب للسمعاني "4/ 207"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 28"، والعبر "3/ 125"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 208".
3893 - ابن المحاملي
(1)
:
الإمام الكبير، شيخ الشافعية، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل، الضبي البغدادي الشافعي، ابن المحاملي، أحد الأعلام.
تفقه على الشيخ أبي حامد، وخلفه في حلقته، وكان عجبًا في الفهم والذكاء وسعة العلم.
ارتحل به والده، فأسمع: هـ من علي بن عبد الرحمن البكائي، وغيره. وسمع: ببغداد من أبي الحسين بن المظفر، والطبقة.
تلمذ له أبو بكر الخطيب، وروى عنه.
وروى أبوه عن إسماعيل الصفار ونحوه، ومات سنة سبع وأربع مائة.
قال الشريف المرتضى: دخل علي أبو الحسن بن المحاملي مع الشيخ أبي حامد، ولم أكن عرفته، قال لي أبو حامد: هذا أبو الحسن بن المحاملي، وهو اليوم أحفظ للفقه مني.
قال أبو إسحاق الشيرازي: تفقه بأبي حامد، وله عنه تعليقه تنسب إليه، وله مصنفات كثيرة في الخلاف والمذهب.
قلت: ألف كتاب "المجموع" في عدة مجلدات، والمقنع مجلد، وكتاب اللباب وغير ذلك.
ولم يطل عمره، توفي في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربع مائة وله سبع وأربعون سنة. رحمه الله.
3894 - القفال
(2)
:
الإمام العلامة الكبير، شيخ الشافعية، أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله، المروزي، الخراساني.
حذق في صنعة الأقفال حتى عمل قفلًا بآلاته ومفتاحه، زنة أربع حبات، فلما صار ابن ثلاثين سنة، آنس من نفسه ذكاءً مفرطًا، وأحب الفقه، فأقبل على قراءته حتى برع فيه، وصار يضرب به المثل، وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 372"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 17"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 74"، والعبر "3/ 119"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 262"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 202".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 212"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 46"، والعبر "3/ 124"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 265"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 207".
تفقه بأبي زيد الفاشاني، وسمع: منه، ومن الخليل بن أحمد السجزي، وسمع: ببخارى وهراة. تفقه عليه أبو عبد الله محمد بن عبد الملك المسعودي، وأبو علي الحسين بن شعيب السنجي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المراوزة.
قال الفقيه ناصر العمري: لم يكن في زمان أبي بكر القفال أفقه منه، ولا يكون بعده مثله، وكنا نقول: إنه ملك في صورة الإنسان. حدث، وأملى، وكان رأسًا في الفقه، قدوةً في الزهد.
وقال أبو بكر السمعاني في "أماليه": كان وحيد زمانه فقهًا وحفظًا وورعًا وزهدًا، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره من أهل عصره، وطريقته المهذبة في مذهب الشافعي التي حملها عنه أصحابه أمتن طريقة، وأكثرها تحقيقًا، رحل إليه الفقهاء من البلاد، وتخرج به أئمة. ابتدأ بطلب العلم وقد صار ابن ثلاثين سنة، فترك صنعته، وأقبل على العلم.
وذكر ناصر المروزي أن بعض الفقهاء المختلفين إلى القفال احتسب على بعض أتباع متولي مرو، فرفع ذلك إلى السلطان محمود، فقال: أيأخذ القفال شيئًا من ديواننا؟ قال: لا. قال: فهل يتلبس بشيء من الأوقاف؟ قال: لا. قال: فإن الاحتساب لهم سائغ، دعهم.
حكى القاضي حسين عن القفال أستاذه أنه كان في كثير من الأوقات يقع عليه البكاء حالة الدرس، ثم يرفع رأسه ويقول: ما أغفلنا عما يراد بنا.
تخرج القفال كما قدمنا على أبي زيد، وقبره بمرو يزار.
مات في سنة سبع عشرة وأربع مائة في جمادى الآخرة وله من العمر تسعون سنة، وسماعاته نازلة، لأنه سمع: في الكهولة وقبلها.
ومات فيها أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي الأديب الراوي عن خيثمة بدمشق، وأبو الحسن بن أبي الشوارب الأموي قاضي القضاة ببغداد، وعبد الله بن يحيى السكري الراوي عن الصفار، ومقرئ العصر أبو الحسن بن الحمامي، وحافظ نيسابور أبو حازم العبدويي، والمسند أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري شيخ ابن البطر، وأبو نصر بن هارون الجندي بدمشق. ولأكثرهم هنا تراجم، وإنما أحببت الجمع لينضبط موتهم.
3895 - مشرف الدولة
(1)
:
أبو علي بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه.
مات في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربع مائة، وله أربع وعشرون سنة.
كانت دولته خمس سنين، وكان فيه عدل في الجملة. وكان له العراق في وقت وشيراز وكرمان، ولأخيه سلطان الدولة صاحب فارس وبخارى ثم اصطلحا.
وتملك بعد مشرف الدولة أخوه جلال الدولة ببغداد.
3896 - الطرازي
(2)
:
الشيخ الكبير، مسند خراسان، أبو الحسن، علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان، البغدادي الطرازي، الحنبلي الأديب، من كبار النيسابوريين.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي حامد أحمد بن علي بن حسنويه، وأبي بكر محمد بن المؤمل، وأبي عمرو بن مطر، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وصاعد بن سيار، وأبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق، وجماعة، وهو آخر من حدث عن الأصم بالسماع، وبقي بعده يروي بالإجازة أبو نعيم الحافظ عنه.
مات في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة.
ومات أبوه بعد الثمانين وثلاث مائة. وكان يروي عن أبي القاسم البغوي. حدث عنه: أبو سعد الكنجروذي، وطائفة.
وفيها مات قبل أبي الحسن الطرازي بأشهر الشيخ أبو نصر منصور بن الحسين النيسابوري المفسر يروي أيضًا عن الأصم، حدث عنه: أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري. وعاش خمسًا وثمانين سنة. وتوفي الخليفة القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي عن ست وثمانين سنة، وطلحة بن الصقر الكتاني، وعلي بن عبدكويه الإمام، وأحمد بن محمد بن إسحاق المعلم سمع: العسال، والحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس بمكة، والقاضي عبد الوهاب شيخ المالكية، ومحمد بن يوسف القطان المحدث، ويحيى بن عمار الواعظ، وأبو الحسن يحيى بن نجاح القرطبي مؤلف "سبل الخيرات".
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 24"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 262".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 225"، والعبر "3/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 225".
الطبقة الثالثة والعشرون:
3897 - الحرفي
(1)
:
الشيخ المسند العالم، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله بن محمد، البغدادي الحربي الحرفي.
سمع: علي بن محمد بن الزبير القرشي، وحمزة بن محمد الدهقان، وأبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي، وأبا بكر النقاش، وعدة.
حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والقاسم بن الفضل الثقفي، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، والحسين بن محمد السراج، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن قنداس، وثابت بن بندار، وأحمد بن سوسن التمار، وعبد الواحد بن علوان، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو الحسن علي ابن الحسين بن أيوب البزاز، وأبو بكر الطريثيثي، وخلق سواهم.
وأملى عدة مجالس، وقع لنا منها.
مولده في سنة ست وثلاثين وثلاث مائة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، غير أن سماعه في بعض ما رواه عن النجاد كان مضطربًا، ومات في شوال سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة.
3898 - عطية بن سعيد
(2)
:
ابن عبد الله، الإمام الحافظ، القدوة الكبير، شيخ الوقت، أبو محمد، الأندلسي القفصي الصوفي.
سمع: من: عبد الله بن محمد بن علي الباجي، وطائفة بالأندلس، وقاضي أذنة علي بن الحسين بمصر، وزاهر بن أحمد بسرخس، وابن فراس بمكة، وإسماعيل بن حاجب الكشاني بما وراء النهر.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 303"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 282"، والأنساب للسمعاني "4/ 112"، واللباب لابن الأثير "1/ 357"، والعبر "3/ 152"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 226".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 322"، والصلة لابن بشكوال "2/ 447"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 989".
وتلا بالأندلس على: ابن بشر الأنطاكي، وبمصر على أبي أحمد السامري، وكتب الكثير بالشام والعراق وخراسان وبخارى.
ثم استوطن نيسابور مدةً على قدم التوكل، ورزق القبول، وكثر أتباعه، وانضم إليه أصحاب أبي عبد الرحمن السلمي.
قال الخطيب: حدثنا عنه أبو الفضل عبد العزيز بن المهدي قال: وكان زاهدًا لا يضع جنبه إلى الأرض، إنما ينام محتبيًا.
حدث بصحيح البخاري بمكة، وكان عارفًا بأسماء الرجال، وكان يحضر السماع.
وذكره الداني في طبقات المقرئين، وقال: كان ثقةً، كتب معنا بمكة عن أحمد بن مت البخاري وغيره.
قال: وبمكة توفي سنة سبع وأربع مائة.
وقال غيره: لما نزح عطية إلى مكة من بغداد كان قد جمع كتبًا حملها على بخاتي كثيرة، وليس له إلَّا ركوة ووطاء، وكذلك سار إلى الحج، وكان كل يوم يعزم عليه رجل من الوفد، قال من رافقه: ما رأيته يحمل زادًا.
قال عبد العزيز بن بندار الشيرازي: لقيته ببغداد وصحبته، وكان من الإيثار والسخاء على أمر عظيم، ويقتصر على فوطة ومرقعة، وله كتب تحمل على جمال، رافقته وخرجنا جميعًا إلى الياسرية على التجريد، فعجبت من حاله، فلما بلغنا المنزلة، ذهبنا نتخلل الرفاق، فإذا شيخ خراساني حوله حشم، فقال لنا: انزلوا. فجلسنا، فأتى بسفرة، فأكلنا وقمنا، فلم نزل هكذا، يتفق لنا كل يوم من يطعمنا ويسقينا إلى مكة، وما حملنا من الزاد شيئًا، وحدث بمكة بالصحيح، فكان يتكلم على الرجال وأحوالهم، فيتعجب من حضر، وتوفي بمكة سنة ثمان أو تسع وأربع مائة.
قال الحميدي: له كتاب في تجويز السماع، فكان كثير من المغاربة يتحامونه لذلك، وجمع طرق حديث المغفر في أجزاء عدة.
ثم قال: حدثنا أبو غالب بن بشران النحوي، حدثنا عطية بن سعيد، حدثنا القاسم بن علقمة، حدثنا بهز. فذكر حديثًا.
3899 - الجوبري
(1)
:
الشيخ أبو الحسن، عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر، التميمي الدمشقي الجوبري.
عن: ابن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، وإبراهيم بن محمد ابن سنان، وجماعة.
وعنه: القاسم الحنائي، وحيدرة المالكي، وسعد الزنجاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، والكتاني، وقال: كان لا يقرأ ولا يكتب، سمعه أبوه، وضبط له، وكان يحسن المتون، وجدت سماعه في صحيح البخاري فقال لي: قد سمع: ني أبي الكثير، فما أحدثك، حتى أدري مذهبك في معاوية. فقلت: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترحمت عليه، فأخرج إلي كتب أبيه جميعها، ثم قال: مات في صفر سنة خمس وعشرين وأربع مائة.
3900 - ابن شاذان
(2)
:
الإمام الفاضل الصدوق، مسند العراق، أبو علي، الحسن بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، البغدادي البزاز، الأصولي.
ولد في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.
وبكر به والده إلى الغاية، فأسمع: هـ وله خمس سنين أو نحوها من أبي عمرو بن السماك، وأبي بكر أحمد بن سليمان العباداني، وميمون بن إسحاق، وأبي سهل بن زياد، وحمزة الدهقان، وجعفر الخلدي، والنجاد، وعبد الله بن درستويه النحوي، وأبي عمر الزاهد، وعلي بن عبد الرحمن بن ماتي، وأحمد بن عثمان الأدمي، وعبد الصمد الطستي، وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، ومكرم بن أحمد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، ومحمد بن العباس بن نجيح، وأحمد بن كامل القاضي، ومحمد بن عبد الله بن علم، وأبي بكر الشافعي، وعبد الرحمن بن سيما المجبر، وإسماعيل بن علي الخطبي، وعبد الله بن بريه الهاشمي، ودعلج بن أحمد، وأبي بكر النقاش، وأحمد بن نيخاب الطيبي، وابن قانع، وأبي بكر بن مقسم، وأبي علي بن الصواف، وحامد الرفاء، وشجاع ابن جعفر، ومحمد بن محمد
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 344"، والعبر "3/ 157"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 229".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 279"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 86"، والعبر "3/ 157"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1075"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 228".
الإسكافي، وأبي سليمان الحراني، وعبد الرحمن بن عبيد الهمذاني، وعبد الخالق بن أبي روبا، ومحمد بن أحمد بن محرم، ومحمد بن جعفر القارئ، وعدة.
وله مشيخة كبرى هي عواليه عن الكبار، ومشيخة صغرى عن كل شيخ حديث.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وأبو الفضل بن خيرون، والحسن بن أحمد الدقاق، وأبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط، وثابت بن بندار، والحسن بن محمد التككي، وأبو سعد الحسين بن الحسين الفانيذي، وعبد الله بن جابر بن ياسين، وأبو مسلم عبد الرحمن بن عمر السمناني، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، ومحمد بن عبد الملك الأسدي، والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري، ومحمد بن عبد الملك بن خشيش، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني، وعلي بن بيان الرزاز، وأبو علي بن نبهان الكاتب، وخلق كثير. وتفرد بالرواية عن جماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صحيح السماع، صدوقًا، يفهم الكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري، ويشرب النبيذ على مذهب الكوفيين، ثم تركه بأخرة، كتب عنه جماعة من شيوخنا كالبرقاني، وأبي محمد الخلال. وسمعت أبا الحسن بن زرقويه يقول: أبو علي بن شاذان ثقة، وسمعت أبا القاسم الأزهري يقول: أبو علي أوثق من برأ الله في الحديث. وحدثني محمد بن يحيى الكرماني يقول: كنت يومًا بحضرة أبي علي بن شاذان فدخل شاب، فسلم، ثم قال: أيكم أبو علي بن شاذان؟ فأشرنا إليه، فقال له: أيها الشيخ! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: سل عن أبي علي بن شاذان، فإذا لقيته، فاقره مني السلام، وانصرف الشاب، فبكى الشيخ، وقال: ما أعرف لي عملًا أستحق به هذا، إلَّا أن يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر. ثم قال الكرماني: ولم يلبث أبو علي بعد ذلك إلَّا شهرين أو ثلاثةً حتى مات.
توفي أبو علي في سلخ عام خمسة وعشرين وأربع مائة، ودفن في أول يوم من سنة ست وعشرين.
وآخر من روى عن رجل عنه: عبد المنعم بن كليب.
أخبرنا إسماعيل بن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا ابن خيرون، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخراساني، حدثنا محمد بن سعدن حدثنا أبو زيد، حدثنا محمد ابن عمرو بن علقمة، حدثنا الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار وحش وهو بالبيداء محرم، فرده علي، فعرف ذلك في وجهي، فقال:"أما إنا لم نرده عليك إلَّا أنا حرم"
(1)
.
اتفقا عليه من غير وجه عن الزهري.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "1825"، ومسلم "1193".
3901 - اللالكائي
(1)
:
الإمام الحافظ المجود، المفتي أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن منصور، الطبري الرازي، الشافعي اللالكائي، مفيد بغداد في وقته.
سمع: عيسى بن علي الوزير، وأبا طاهر المخلص، وجعفر بن فناكي الرازي، وأبا الحسن بن الجندي، وعلي بن محمد القصار، والعلاء بن محمد، وأبا أحمد الفرضي، وعدة.
وتفقه بالشيخ أبي حامد، وبرع في المذهب.
روى عنه: أبو بكر الخطيب: وابنه محمد بن هبة الله، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، ومكي الكرجي السلار، وعدة.
قال الخطيب: كان يفهم ويحفظ، وصنف كتابًا في السنة، وعاجلته المنية، خرج إلى الدينور، فأدركه أجله بها في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مائة.
ثم قال: حدثني علي بن الحسين بن جداء العكبري قال: رأيت هبة الله الطبري في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ فقال كلمة خفية: بالسنة.
وقال شجاع الذهلي: لم يخرج عنه شيء من الحديث إلَّا اليسير.
قلت: قد روى عنه أبو بكر الطريثيثي كتابه في "شرح السنة".
3902 - الخرجاني
(2)
:
الشيخ المحدث المسند الثقة، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن الحسين، الأصبهاني الخرجاني، الرجل الصالح.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 70"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 34"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 986"، والعبر "3/ 130"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 211".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 231"، والأنساب للسمعاني "5/ 75".
رحل وسمع: من: إبراهيم بن علي الهجيمي، وأبي إسحاق بن حمزة الحافظ، وإبراهيم بن فراس المكي، والقاضي أبي أحمد العسال، وأبي الشيخ، وعدة.
حدث عنه: إسماعيل بن علي السيلقي، وروح بن محمد الراراني، وعمر بن حسن بن سليم، وأحمد بن عبد الغفار بن أشته، وطائفة سواهم.
وقال الخطيب: كتب إلي بالإجازة بما يصح عندي من حديثه.
وممن روى عنه المحدث أحمد بن محمد بن أبي بكر بن مردويه وغيره.
ويعرف بعلي بن أبي حامد الخرجاني. وخرجان: بخاء معجمة مفتوحة.
توفي سنة عشرين وأربع مائة. وقيل: سنة إحدى وعشرين ببراب.
يقع لنا حديثه في أربعين الرئيس الثقفي عنه.
ومن طبقته:
3903 - أبو الحسين علي بن محمد
(1)
:
ابن أحمد، الجرجاني بجيمين الحناطي، المعلم.
حدث عن أبي أحمد بن عدي، وطائفة.
وبقي إلى حدود العشرين وأربع مائة.
ذكرته للتمييز، ويعرف بابن عرفة.
3904 - الخرقاني
(2)
:
والزاهد، القدوة، أبو الحسن، علي بن أحمد، الخرقاني البسطامي، من قرية خرقان بالتحريك.
قال السمعاني: هو شيخ العصر، له الكرامات والأحوال، وكان يكري على بهيمة، ثم فتح عليه، زاره محمود بن سبكتكين، فوعظه، ولم يقبل منه شيئًا.
توفي يوم عاشوراء سنة خمس وعشرين وأربع مائة عن ثلاث وسبعين سنة.
(1)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 279".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 86"، واللباب لابن الأثير "1/ 434".
3905 - ابن زهر
(1)
:
المفتي المحدث، أبو بكر، محمد بن مروان بن زهر، الإيادي الإشبيلي.
أخذ بقرطبة عن محمد بن معاوية الأموي، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي علي القالي، ومحمد بن حارث القيرواني.
وكان من رؤوس المالكية، بصيرًا بالمذهب، أكثر الناس عنه.
روى عنه: أبو عبد الله الخولاني، وأبو محمد بن خزرج، وعبد الرحمن بن محمد الطليطلي، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد، وجماهر بن عبد الرحمن، وأبو المطرف بن سلمة.
وعاش ستًا وثمانين سنة، وروى الكثير.
توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة.
وهو والد شيخ الطب أبي مروان عبد الملك، وجد رئيس الأطباء أبي العلاء زهر بن عبد الملك، وجد جد العلامة أبي بكر محمد بن عبد الملك، الذي بقي إلى سنة خمس وتسعين وخمس مائة.
3906 - القطان
(2)
:
الحافظ البارع الجوال، أبو عبد الرحمن، محمد بن يوسف بن أحمد، النيسابوري، القطان، الأعرج.
روى عن: الحاكم ابن البيع، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر الهاشمي البصري، وأبي محمد بن النحاس المصري، وأمثالهم.
روى عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني.
مات في الكهولة سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة. وقل ما خرج عنه.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 514"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 437"، والعبر "3/ 150".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 225".
3907 - ابن نجاح
(1)
:
الإمام الزاهد، أبو الحسين، يحيى بن نجاح القرطبي، مولى بني أمية، ويعرف بابن الفلاس. كان من العلماء العاملين.
صنف كتاب سبل الخيرات في الرقائق، واشتهر عنه، وحدث به بمكة، حمله عنه أبو محمد عبد الله بن سعيد الشنتجالي، وأبو يعقوب ابن حماد، وغيرهما.
توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة.
3908 - الصباغ
(2)
:
الشيخ المسند، أبو بكر، محمد بن الطيب بن سعد، البغدادي الصباغ.
سمع: أبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي.
روى الخطيب عن الوزير علي بن المسلمة أن هذا تزوج بأزيد من تسع مائة امرأة.
مات سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة.
3909 - الفشيديزجي
(3)
:
قاضي بخارى، نعمان زمانه، أبو علي، الحسين بن الخضر بن محمد، البخاري الحنفي.
انتهت إليه إمامة أهل الرأي، وقد قدم بغداد، وتفقه وناظر، وسمع: من أبي الفضل الزهري، وسمع: ببخارى من أبي عمرو محمد بن محمد بن صابر.
وانتشر له التلامذة. وآخر من حدث عنه: سبطه علي بن محمد البخاري.
قيل: ناظره الشريف المرتضى الشيعي في خبر: "ما تركنا صدقة"
(4)
. فقال للمرتضى: إذا صيرت ما نافيةً، خلا الحديث من فائدة، فكل أحد يدري أن الميت يرثه أقرباؤه، ولا تكون تركته صدقةً. ولكن لما كان المصطفى بخلاف الأمة، بين ذلك، وقال: ما تركناه صدقة.
ولأبي علي سماع من ابن شبويه، وجعفر بن فناكي.
توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 665"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 276".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 383"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 71".
(3)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 309"، واللباب لابن الأثير "2/ 433"، والعبر "3/ 154".
(4)
صحيح: أخرجه البخاري "3712"، ومسلم "1759"، من حديث أبي بكر الصديق. مرفوعًا بلفظ:"لا نورث ما تركنا صدقة"، وأخرجه البخاري "3094"، ومسلم "1757"، وأبو داود "2963" من حديث عمر بن الخطاب، به، وورد من حديث عائشة: عند البخاري "6730"، ومسلم "1758"، وأبي داود "3976"، وأحمد "6/ 145".
3910 - ابن ذنين
(1)
:
العلامة القدوة العابد، أبو محمد، عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن ذنين، الصدفي الأندلسي الطليطلي.
روى عن: أبيه، وعبدوس بن محمد، وأبي عبد الله بن عيشون، وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وبمصر عن أبي بكر بن المهندس، وأبي الطيب بن غلبون، ومحمد بن أحمد بن عبيد الوشاء. وبمكة عن عبيد الله السقطي. وبالغرب عن أبي محمد بن أبي زيد، ولازمه.
ورحل إلى بلده بعلم جم، فأكثر عنه الطليطليون، ورحل إليه من النواحي لعلمه وتألهه وتبتله وخشوعه واتباعه.
يقال: كان مجاب الدعوة. وكان سنيًا، أثريًا، ثبتًا، متحريًا، قوالًا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم. صنف في الأمر بالمعروف كتابًا، وكان مهيبًا في الله مطاعًا، لا يختلف اثنان في فضله، وكان يخدم كرمه بنفسه، ويتبلغ منه.
توفي سنة أربع وعشرين وأربع مائة، وشيعه أمم لا يحصون رحمه الله.
3911 - ابن كردان
(2)
:
إمام النحو، أبو القاسم، علي بن طلحة بن كردان، الواسطي.
تلميذ أبي علي الفارسي، وابن عيسى الرماني. قرأ عليهما كتاب سيبويه.
وأهل واسط يتغالون فيه، ويرجحونه على ابن جني.
عمل إعرابًا للقرآن في بضعة عشر مجلدًا، ثم غسله قبل موته.
وكان دينًا صينًا نزهًا.
أخذ عنه أبو الفتح بن مختار، ومحمد بن عبد السلام.
قال خميس الحوزي: توفي سنة أربع وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 264"، والعبر "3/ 155"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 227".
(2)
ترجمته في معجم الأدباء "13/ 259". وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 170".
3912 - الأردستاني
(1)
:
الإمام الحافظ الجوال، الصالح العابد، أبو بكر، محمد بن إبراهيم ابن أحمد الأردستاني.
سمع: من عدد كثير، وحدث عن: أبي الشيخ، وأبي بكر بن المقرئ، ويوسف القواس، وعمر بن شاهين، وعبد الوهاب الكلابي، والقاسم بن علقمة الأبهري، وإسماعيل بن حاجب الكشاني. وحدث عنه بـ"الصحيح"، ولقي بعكا أبا زرعة المقرئ. وتلا على جماعة.
روى عنه: محمد بن عثمان القومساني، وابن ممان، وظفر بن هبة الله، وغيرهم من الهمذانيين. وروى عنه أبو نصر الشيرازي المقرئ، والبيهقي في كتبه، ووصفه بالحفظ.
قال شيرويه: كان ثقةً، يحسن هذا الشأن، سمعت عدةً يقولون: ما من رجل له حاجة من أمر الدنيا والآخرة يزور قبره ويدعو إلَّا استجاب الله له. قال: وجربت أنا ذلك، وقد حدث عنه في سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة بـ"صحيح البخاري" عبد الغفار بن طاهر بهمذان.
قلت: هو ممن فات ابن عساكر ذكره في "تاريخه".
وكان مع عمله بالأثر قيمًا بكتاب الله، رفيع الذكر، أخذ بالبصرة عن أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي، وأحمد بن عبيد الله النهرديري. ويكنى أيضًا بأبي جعفر.
مات سنة أربع وعشرين وأربع مائة.
3913 - الفارسي:
فأما أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشاط، فمن أقران صاحب الترجمة.
حدث عن: أبي عمرو بن مطر، وجماعة.
روى عنه: البيهقي أيضًا، وعلي بن أحمد الأخرم.
لا أعلم متى توفي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 417"، والأنساب للسمعاني "1/ 178"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 90"، والعبر "3/ 155"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 279"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 227".
3914 - القاضي عبد الوهاب
(1)
:
هو الإمام العلامة، شيخ المالكية، أبو محمد، عبد الوهاب بن علي ابن نصر بن أحمد بن حسين بن هارون بن أمير العرب مالك بن طوق، التغلبي العراقي، الفقيه المالكي، من أولاد صاحب الرحبة.
صنف في المذهب كتاب "التلقين"، وهو من أجود المختصرات، وله كتاب المعرفة في شرح الرسالة، وغير ذلك.
ذكره أبو بكر الخطيب، فقال: كان ثقةً، روى عن الحسين بن محمد ابن عبيد العسكري، وعمر بن سبنك. كتبت عنه، لم نلق أحدًا من المالكيين أفقه منه، ولي قضاء بادرايا وباكسايا.
وخرج في آخر عمره إلى مصر، واجتاز بالمعرة فضيفه أبو العلاء بن سليمان، وفيه يقول أبو العلاء:
والمالكيّ ابن نصرٍ زار في سفرٍ
…
بلادنا فحمدنا النّأي والسّفرا
إذا تفقّه أحيا مالكا جدلًا
…
وينشر الملك الضّلّيل إن شعرا
وله أشعار رائقة، فمن ذلك:
ونائمةٍ قبّلتها فتنبّهت
…
وقالت تعالوا فاطلبوا اللّصّ بالحدّ
فقلت لها إنّي فديتك غاصبٌ
…
وما حكموا في غاصبٍ بسوى الرّدّ
خذيها وكفّي عن أثيمٍ ظلامةً
…
وإن أنت لم ترضي فألفًا على العدّ
فقالت قصاصٌ يشهد العقل أنّه
…
على كبد الجاني ألذّ من الشّهد
وبانت يميني وهي هميان خصرها
…
وبانت يساري وهي واسطة العقد
فقالت ألم أُخبر بأنّك زاهدٌ
…
فقلت بلى ما زلت أزهد في الزّهد
قال أبو إسحاق في "الطبقات": أدركت عبد الوهاب وسمعته يناظر، وكان قد رأى القاضي الأبهري ولم يسمع: منه. وله كتب كثيرة في الفقه: خرج إلى مصر، وحصل له هناك حال من الدنيا بالمغاربة.
وقيل: كان ذهابه إلى مصر لإفلاس لحقه. فمات بها في شهر صفر سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة وله ستون سنة.
وكان أخوه من الشعراء المذكورين، ولي كتابة الإنشاء لجلال الدولة، ثم نفذه رسولًا. وهو أبو الحسن محمد بن علي. مات بواسط في سنة سبع وثلاثين وأربع مائة.
ومات أبوهما في سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 31"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 61"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 219"، والعبر "3/ 149"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 276"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 223".
3915 - ابن شبانة
(1)
:
الشيخ العدل الكبير، مسند همذان، أبو سعيد، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن بندار بن شبانة، الهمذاني.
وقع لنا من حديثه الجزء الثاني.
يروي عن: أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد، والفضل بن الفضل الكندي، ومحمد بن عبد الله بن برزة، ومحمد بن علي بن محمويه النسوي، وأبي بكر القطيعي، وجماعة.
قال الحافظ شيرويه: حدثنا عنه عبد الملك بن عبد الغفار، ومحمد ابن الحسين، ومحمد بن طاهر العابد، وأحمد بن عبد الرحمن الروذباري، وسعد بن الحسن القصري، وأحمد بن طاهر القومساني، وأبو غالب أحمد ابن محمد بن القارئ العدل.
قال: وكان صدوقًا من أهل الشهادات، ومن تناء البلد، مات في سنة خمس وعشرين وأربع مائة.
قلت: وتوفي صاحبه أبو غالب بن القارئ سنة بضع وخمس مائة.
3916 - الذكواني
(2)
:
العالم الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر، محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن حفص، الهمداني الذكواني الأصبهاني المعدل.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 12"، والعبر "3/ 157"، وشذرات الذهب "3/ 229".
(2)
ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 310"، والأنساب للسمعاني "6/ 15"، واللباب لابن الأثير "1/ 530"، والعبر "3/ 132"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 213".
وسمع من: عبد الله بن جعفر بن فارس، ومحمد بن أحمد الكشاني، والقاضي أبي أحمد العسال، وأحمد بن معبد السمسار، ومحمد ابن قاسم العسال، وأحمد بن محمد بن يحيى القصار، وأحمد بن بندار الشعار، وأبي إسحاق بن حمزة الحافظ، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني، وعاتكة بنت الإمام أبي بكر بن أبي عاصم، وأبي القاسم الطبراني، وأبي بكر بن الجعابي، وأبي بكر الآجري، وإبراهيم بن محمد ابن إبراهيم الديبلي، وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي المصري، وفاروق الخطابي، ومحمد بن إسحاق بن عباد التمار، وعدة.
وله معجم في جزءين يرويه عبد الرحيم بن الطفيل عن السلفي.
حدث عنه: أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، والمحدث أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وإسماعيل بن علي السيلقي، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وعمر بن حسن بن سليم، وعلي بن الفضيل اليزدي، والفضل بن محمد الحداد، وأخوه أبو الفتح، وفضلان بن عثمان القيسي، وأبو العلاء محمد بن عبد الجبار الفرساني، وهؤلاء من شيوخ السلفي.
قال أبو نعيم: شهد وحدث ستين سنة، وسمع: بمكة والبصرة والأهواز والري، وجمع وصنف، وكان حسن الخلق، قويم المذهب.
توفي في غرة شعبان سنة تسع عشرة وأربع مائة.
قلت: وقع لنا سبعة مجالس له.
3917 - أبو طاهر بن سلمة:
الشيخ الإمام المحدث، شيخ همذان، أبو طاهر، الحسين بن علي ابن الحسن بن محمد بن سلمة، الكعبي الهمذاني.
ولد سنة أربعين وثلاث مائة.
وحدث عن: الفضل بن الفضل الكندي، وأبي بكر بن السني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر القطيعي، وأبي أحمد عبد الله بن عدي، وأبي بحر البربهاري، وأبي إسحاق المزكي، وأبي عمرو بن حمدان.
وله رحلة واسعة ومعرفة حسنة.
روى عنه: أبو القاسم بن مندة، ومحمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين الصوفي، وأبو علي أحمد بن طاهر القومساني، وثابت بن عبد الرحمن الصائغ، وأبو طالب بن هشيم الصيرفي، وعدة ممن لقيهم شيرويه الديلمي، وقال: كان صدوقًا، صحيح السماع، كثير الرحلة. سمعت ثابت بن حسين بن شراعة يقول لما مات أبو طاهر: غربت شمس أصحاب الحديث. فقلت: ماذا؟ قال: مضى الشيخ أبو طاهر بن سلمة لسبيله.
توفي في ذي القعدة، سنة ست عشرة وأربع مائة. رحمه الله.
3918 - الثعلبي
(1)
:
الإمام الحافظ العلامة، شيخ التفسير، أبو إسحاق، أحمد بن محمد ابن إبراهيم النيسابوري. كان أحد أوعية العلم.
له كتاب "التفسير الكبير"، وكتاب "العرائس" في قصص الأنبياء.
قال السمعاني: يقال له: الثعلبي والثعالبي؛ وهو لقب له لا نسب.
حدث عن: أبي بكر بن مهران المقرئ، وأبي طاهر محمد بن الفضل ابن خزيمة، والحسن بن أحمد المخلدي، وأبي الحسين الخفاف، وأبي بكر بن هانئ، وأبي محمد بن الرومي، وطبقتهم.
وكان صادقًا موثقًا، بصيرًا بالعربية، طويل الباع في الوعظ.
حدث عنه: أبو الحسن الواحدي وجماعة.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب -جل اسمه-: أقبل الرجل الصالح. فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل.
توفي الثعلبي في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مائة.
وفيها مات: أبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد الكاتب، ومحمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي المحدث، وأبو عمرو محمد بن عبد الله بن أحمد الرزجاهي، والظاهر علي بن الحاكم صاحب مصر، والهيثم بن محمد بن عبد الله الخراط، وأبو نصر منصور بن رامش.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "5/ 36"، واللباب لابن الأثير "1/ 238"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 79"، والعبر "3/ 161"،/ وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1090"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 283"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 230".
3919 - الثعالبي
(1)
:
أما الثعالبي العلامة شيخ الأدب، فهو أبو منصور عبد الملك بن محمد ابن إسماعيل النيسابوري، الشاعر.
مصنف كتاب "يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر"، وله كتاب فقه اللغة، وكتاب سحر البلاغة.
وكان رأسًا في النظم والنثر.
مات سنة ثلاثين وأربع مائة، وله ثمانون سنة.
3920 - ابن منجويه
(2)
:
الحافظ الإمام المجود، أبو بكر، أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن منجويه اليزدي، الأصبهاني، نزيل نيسابور، من الحفاظ الأثبات المصنفين.
حدث عن الإمام أبي بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن عبد الله النيسابوري، وإسماعيل بن نجيد، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شهدل، وأبي عبد الله بن مندة، وخلق كثير.
وارتحل إلى بخارى وسمرقند وهراة وجرجان، ولم أره وصل إلى العراق.
حدث عنه: أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وعبد الرحمن بن مندة، والحسن بن تغلب الشيرازي، وسعيد البقال، وعلي ابن أحمد الأخرم، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وخلق.
قال أبو إسماعيل الأنصاري: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي الأصبهاني أحفظ من رأيت من البشر.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 178"، والعبر "3/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 246".
(2)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 261"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 987"، والعبر "3/ 164".
وقال أبو إسماعيل: رأيت في سفري وحضري حافظًا ونصف حافظ: فأما الحافظ، فأحمد بن علي بن منجويه، وأما نصف حافظ، فالجارودي.
قال يحيى بن مندة: كتب عنه عمي عبد الرحمن بن مندة كتاب السنن له، الذي عمله على هيئة سنن أبي داود، وكان يثني عليه كثيرًا. وقال: سمعت منه المسندات الثلاثة للحسن بن سفيان.
قلت: قد صنف ابن منجويه على الصحيحين مستخرجًا، وعلى "جامع أبي عيسى" و"سنن أبي داود".
مات يوم الخميس خامس المحرم سنة ثمان وعشرين وأربع مائة، وله إحدى وثمانون سنة.
وفيها مات شيخ الحنفية أبو الحسين القدوري، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الصقر ابن النمط، وأبو طاهر عبد الغفار بن محمد المؤدب، وأبو عمرو عثمان بن محمد بن دوست العلاف، والقدوة أبو الحسن علي بن محمد الحنائي بدمشق، وأبو عبد الله بن باكويه الشيرازي الصوفي، وشاعر وقته مهيار الديلمي، وصلة بن المؤمل البغدادي بمصر، والعلامة صاحب الخط الفائق؛ أبو علي الحسن بن شهاب العكبري الحنبلي، وشيخ الفلاسفة الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، وشيخ الحنابلة أبو علي بن أبي موسى الهاشمي.
3921 - النجيرمي
(1)
:
لغوي مصر، أبو يعقوب، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن خرزاذ البصري، من أهل بيت علم وعربية.
وكان علامةً متقنًا، راويةً لكتب الآداب، بصيرًا بمعانيها، وكان أسمر، كث اللحية.
ونجيرم: محلة بالبصرة. وقيل: قرية من أعمالها.
مات في سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة عن ثمان وسبعين سنة، رحمه الله.
(1)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 300"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ 75"، والعبر "2/ 358".
3922 - المفسر
(1)
:
الشيخ الإمام، أبو نصر، منصور بن الحسين بن محمد بن أحمد النيسابوري، المفسر.
سمع من أبي العباس الاصم، وكاد أن ينفرد به.
حدث عنه: أبو إسماعيل الأنصاري، وعبد الواحد بن القشير، وجماعة.
وقد سمع أيضًا من أبي الحسن الفارسي، والحافظ أبي على النيسابوري، وعمر دهرًا طويلًا.
وتوفى سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة، قبل وفاة الطرازي بيسير، فهو من طبقته، فليضم إليه.
3923 - القومساني:
الشيخ العالم الثقة، أبو منصور، محمد بن أحمد بن محمد بن مزدين القومساني، الهمذاني.
حدث عن: أبيه، وعبد الرحمن الجلانب، وعبد الرحمن بن عبيد، وعمرو بن حسين الصرام، وأوس بن أحمد، وأبي علي الرفاء، وأبي جعفر بن برزةن والفضل بن الفضل الكندي.
وعنه: انبه طاهر، وحفيده أبو علي أحد بن طاهر بن محمد، وابن أخيه أبو الفضل محمد بن عثمان، وأبو طاهر أحمد بن عبد الرحمن الروذباري، وخلق سواهم.
قال شيرويه: ثقة صدوق. توفى: في جمادى الآخر سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة.
3924 - حمزة بن محمد
(2)
:
ابن طاهر، الحافظ المفيد المحدث، أبو طاهر البغدادي، الدقاق.
ولد سنة (366).
وسمع: أبا الحسين بن المظفر، وأبا الحسن الدراقطنين وأبا حفص .. شاهين، وطبقتهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا فهما عارفًا.
وقال البرقاني: ما اجتمعت قط مع حمزة بن محمد ففارقته إلا بفائدة علم.
قال الخطيب: مات سنة أربع وعشرين وأربع مائة، وحدثني محمد بن يحيى الكرماني وابن جدًا أنهما رأيا حمزة بن محمد بن طاهر في النون، فأخبرهما أن الهل رضي عنه.
وفيها مات: شيخ الحنفية وقاضي بخاري؛ أبو علي الحسين بن الخضر الفشيديزجي، والإمام القدوة، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن ذنين الطليطلي، وألآبو نصر محمد بن عبد العزيز بن شنبويه.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 151".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 184"، والعبر "3/ 155"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 227".
3925 - ابن الحذاء
(1)
:
العلامة المحدث، أبو ع بد الله، محمد بن يحسى بن أحمد التميمي، القرطبي، المالكي، ابن الحذاء.
روى عن: أحمد بن ثابت التغلبي، وأبي عيسى الليث ي، وابن القوطية، وابن عون الله، وحج فسمع: من محمد بن علي الأدفوي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الجوهري، وعدة. وكان بصيرًا بالفقه والحديث. صحب أبا محمد الأصيلي.
قال ولده أبو عمر أحمد بن الحذاء: كان لأبي علم بالحديث والفقه والتعبير. صنف كتاب "الإنباه عن أسماء الله"، وأوصى أن يدفن علي صدره، وكتاب "الرؤيا" في عشرة أسفار، وكتاب "سير الخطباء" مجلدين. ولي قضاء إشبيلية ثم سرقسطة، وبها مات في رمضان سنة ست عشر وأربع مائة. روى عنه: الصاحبا، وأبو عمر بن عبد البر، وحاتم بن محمد، وأبو عمر بن سميق، وآخرون.
3926 - النعيمي
(2)
:
الإمام الحافظ المتقن الأديب، أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم التميمي، البصري، الشافعي، نزيل بغداد.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 505"، ومعجم الادباء لياقوت الحموي "19/ 108"، والعبر "3/ 122"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 264"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 206".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 331"، واللباب لابن الأثير "3/ 318"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة رقم 1001"، والعبر "3/ 152"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 277".
حدث عن: أحمد بن محمد العباس الأسفاطي، وأحمد بن عبيد الله النهرديري، ومحد بن عدي بن زحر المنقري، وعلي بن عمر الحربي السكري، وأبي أحمد العسكري، ومحمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي، ومحمد بن المظفر، والدراقطني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان حافظًا عارفًا متكلمًا شاعرًا. حدث عنه: البرقاني في جمعه لحديث الثوري.
قال: وسمعت الصوري يقول: لم أر ببغداد أحدًا أكمل من النعيمي، قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب، ودرس شيئًا من فقه الشافعي. قال: وكان البرقاني يقول: هو كامل في كل شيء لولا بأوفيه.
قال الخطيب: وحدثني الأزهري قال: وضع النعيمي على ابن المظفر حديثًا لشعبة، فتنبه أصحاب الحديث على ذلك، فخرج النعيمي عن بغداد، وغاب حتى مات ابن المظفر، وما من عرف قصته، ثم عاد إلى بغداد.
مات النعيمي وهو في عشر الثمانين سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة.
كتب إلينا المسلم بن علان: أخبرنا اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيبن أخبرني علي بن أحمد النعيمي، حدثنا محمد بن أحم بن القيض الأصبهاني ثقة، حدثنا علي بن عبد الحميد الغضائري، حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، حدثنا بشر بن السري، عن سفيان، عن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة قالت: قار رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الطواف بالبيت والسعي لإقامة ذكر الله عز وجل"
(1)
.
صوابه: الثوري، عن عبيد لله بن أبي زياد، عن القاسم.
ومن شعر النعيمي ا لمشهور له:
إذا أظمأتك أكف اللئام
…
كفتك القناعة شبعا وريًا
فكن رجلًا رجله في الثرى
…
وهامة همته في الثريا
أبيا لنائل ذي صروة
…
تراه بما في يديه أبيا
فإن إراقة الحياة
…
دون إراقة ماء المحيا
(1)
ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 64، 75، 139"، وأبو داود "1888"، والترمزي "902"والدارمي "2/ 50"، من طرق عن عبيد الله بن أبي زياد، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عبيد الله بن أبي زياد القداح، أبو الحصين المكي، قال ابن معين: ضعيف.
وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو داود: أحاديثه مناكير.
3927 - الأرموي
(1)
:
الحافظ الإمام الجوال، أبو النجيب، عبد الغفار بن عبد الواحد بن محمد الأرموي.
سمع: ابن نظيف بمصر، وأحمد بن عبد الله المحاملي ببغداد، وأبا نعيم بأصبهان.
روى عنه: الخطيب، والكتاني، ونجا بن أحمد.
قال الخطيب: جاور بمكة، فأكثر عن أبي ذر، ورجع إلى الشام، فمات بين دمشق والرحبة، في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة.
وذكر الحبال أنه توفى سنة ست وخمسين، فغلط. مات حين الرواية شابًا.
3928 - عمر بن إبراهيم
(2)
:
ابن إسماعيل، الحافظ القدوة، أبو الفضل بن أبي سعيد الهروي، الزاهد، خال شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني.
سمع: عبد الله بن عمر بن علك الجوهري، وطبقته بمرو، والحسين بن محمد بن عبيد العسكري، وعدة ببغداد، وعلي بن عبد البكائي بالكوفة، وأبا بكر الإسماعيلي بجرجان، وبشر بن أحمد بإسفرايين، وأبا عمرو بن حمدان بنيسابور، وأمثالهم.
وكان مقدمًا في العلم والعمل والزهد والورع.
حدث عنه: ابن أخته أبو عثمان، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، ومحمد ابن علي العميري الزاهد، وعبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي، وآخرون.
وكان محدث هراة وشيخها.
وكان أبوه من كبار العلماء، توفى سنة تسعين وثلاث مائة.
وتوفى ألو الفضل الزاهد في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وأربع مائة، من أبناء الثمانين.
وفيها مات أبو بكر محمد بن علي بن مصعب التاجر، ومسند العراق أبو علي بن شاذان البزاز، وسفيان بن محمد حسنكويه السفياني، وعبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجوبري، وأبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب البرقاني، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن شبانه، وزاهدن وقته أبو الحسن علي بن أحمد الخرقاني.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 117".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 273"، والعبر "3/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 229".
3929 - ابن مصعب
(1)
:
الشيخ الأمين، أبو بكر، محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب بن عبيد الله بن مصعب ابن إسحاق ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله التيمى، الأًصبهاني، التاجر، بقية المشايخ.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فار، وأحمد بن جعفر السمسار، وشكر ابن عمر المعدل، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وسليمان الطبراني، وجماعة.
حدث عنه: أبو العباس أحمد بن محمد بن بشرويه، وأبو الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، وأبو علي أحمد بن محمد بن شهريار، والمقرئ أبو علي الحداد، وعدة.
وكان من كبراء أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة، وهو عم أم الحافظ إسماعيل بن محمد بالتيمي؛ مصنف "الترغيب والترهيب".
توفى في ربيع الأول، سنة خمس وعشرين وأربع مائة، وقد ناطح التسعين، رحمه الله.
قرأنا على إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود الجمال "ح". ونبأني أحمد بن سلامة، عن مسعود، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي القرشي سنة أربع وعشرين وأربع مائة، حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد ابن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن حمزة الزيات، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: "يا ابنَ آدم: اذْكُرْني في نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ في نَفْسي، اذْكُرْني في مَلأٍ من الناسِ أَذْكُرْكَ في مَلأٍ خَيْرٍ منهم"
(2)
. تفرد به معاوية.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 158"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1076"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 229".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "7405"، ومسلم "2675"، والترمذي "3603"، وابن ماجه "3822"، وأحمد "2/ 251، 413"، من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب مني شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" واللفظ لمسلم.
3930 - ابن بشران
(1)
:
الشيخ الإمام، المحدث الصادق، الواعظ المذكر، مسند العراق؛ أبو القاسم، عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشران ابن مهران، الأموي مولاهم البغدادي، صاحب الأمالي الكثيرة.
مولده في شوال سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع: الكثير هو وأخوه أبو الحسين بن بشران المعدل من جماعة.
حدث عن: أبي بكر النجاد، وأبي سهل بن زياد، وحمزة الدهقان، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وعبد الله بن محمد الفاكهي المكي، ودعلج السجزي، وأبي بكر الشافعي، وعمر بن محمد الجمحي، وأبي بكر الآجري، وعبد الخالق بن أبي روبا، وعبد الباقي بن قانع، وأحمد بن نيخاب الطيبي، وأبي علي بن الصواف، والحسن بن الخضر الأسيوطي، وأحمد بن إبراهيم الكندي، والقطيعي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الفضل بن خيرون، ومحمد بن سليمان بن لوبا، ومحمد بن أحمد بن الفقيرة، وأبو غالب محمد بن عبد العزيز، ومحمد بن المنذر بن طيبان، وأبو نصر أحمد بن الحسن المزرر، وأبو الحسن علي بن الخل، وأبو منصور محمد بن أحمد الخياط، وأبو الخطاب بن الجراح، وأبو سعد الأسدي، وأبو غالب بن الباقلاني، وعلي بن أحمد بن فتحان الشهرزوري، وخلق كثير.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً ثبتًا صالحًا.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 432"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 102"، والعبر "3/ 171"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1097"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 30"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 246".
مات في ربيع الآخر، سنة ثلاثين وأربع مائة، وأوصى أن يدفن بجنب الشيخ أبي طالب المكي، وكان الجمع في جنازته يتجاوز الحد، ويفوت الإحصاء. رحمه الله.
أخبرنا حسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو ياسر الخياط وأبو سعد الأسدي قالا: أخبرنا أبو القاسم ابن بشران، أخبرنا أحمد بن الفضل بن خزيمة، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، حدثنا محمد بن عيسى الطباع، حدثنا هشيم، حدثنا منصور، عن علي بن زيد، عن أبي خالد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قيل: يا رسول الله! كيف يمشون على وجوههم؟ قال: "إن الذي أمشاهم على أقدامهم يمشيهم على وجوههم"
(1)
.
(1)
ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه الترمذي "3142"، من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس ابن خالد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف. صنفًا مشاة، وصنفًا ركبًا، وصنفًا على وجوههم". قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوهم؟ قال: "إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك".
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
قلت: بل إسناده ضعيف، فيه علتان: -الأولى: علي بن زيد، وهو ابن جدعان، فإنه ضعيف. والعلة الثانية: جهالة أوس بن خالد. قال الذهبي في "الميزان": لا يعرف.
ولبعضه شاهد من حديث أنس بن مالك قال: إن رجلًا قال: يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: "أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا، قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ ".
أخرجه البخاري "4760"، ومسلم "2806"، من حديث أنس، به.
3931 - المنيني
(1)
:
الإمام المقرئ، خطيب منين، أبو بكر، محمد بن رزق الله ابن عبيد الله بن أبي عمرو المنيني، الأسود. عاش بضعًا وثمانين سنة.
سمع: علي بن أبي العقب، وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبا علي بن آدم.
روى عنه: أبو الوليد الدربندي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وآخرون.
قال الدربندي: لم يكن في جميع الشام من يكنى بأبي بكر غيره، وكان ثقةً.
قلت: وكذا لم ين يوجد بمصر منذ تملك بنو عبيد أحد يكنى بأبي بكر، وكانت الدنيا تغلي بهم رفضًا وجهلًا.
مات أبو بكر سنة ست وعشرين وأربع مائة.
وفيها مات العلامة شيخ البلاغة أحمد بن عبد الملك بن شهيد الأندلسي، وإبراهيم بن جعفر بن أبي الكرام بمصر.
(1)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 266"، والعبر "3/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 230".
3932 - أبو نعيم
(1)
:
أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الإمام الحافظ، الثقة العلامة، شيخ الإسلام، أبو نعيم، المهراني، الأصبهاني، الصوفي، الأحول، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء، وصاحب "الحلية".
ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مائة.
وكان أبوه من علماء المحدثين والرحالين، فاستجاز له جماعةً من كبار المسندين، فأجاز له من الشام خيثمة بن سليمان بن حيدرة، ومن نيسابور أبو العباس الأصم، ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوذب، ومن بغداد أبو سهل بن زياد القطان، وجعفر بن محمد بن نصير الخلدي، ومن الدينور أبو بكر بن السني، وآخرون.
وسمع: من أبي محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، في سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، ومن القاضي أبي أحمد العسال، وأحمد بن بندار الشعار، وأحمد بن معبد السمسار، وأحمد بن محمد القصار، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني، وأحمد بن إبراهيم ابن يوسف التيمي، والحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي، وأبي إسحاق بن حمزة، وأبي القاسم الطبراني، وعبد الله بن محمد ابن إبراهيم العقيلي، وأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سياه، ومحمد بن معمر بن ناصح الذهلي، والحافظ محمد بن عمر الجعابي قدم عليهم، وأبي الشيخ بن حيان، وابن المقرئ، وخلق كثير بأصبهان، ومن أبي بكر بن الهيثم الأنباري، وأحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي، وأبي علي بن الصواف، وأبي بحر بن كوثر البربهاري، وعبد الرحمن بن العباس؛ والد المخلص، وعيسى بن محمد الطوماري، ومخلد بن جعفر الدقيقي، وأبي بكر القطيعي، وطبقتهم ببغداد، وحبيب بن الحسن القزاز، وفاروق بن عبد الكبير الخطابي، وعبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري،
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 100"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 91"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 993"، والعبر "3/ 170"، وميزان الاعتدال "1/ 111"، ولسان الميزان "1/ 201"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 30"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 245".
وأحمد بن الحسن بن القاسم بن الريان اللكي، ومحمد بن علي بن مسلم العامري، وطبقتهم بالبصرة، وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم، وأبي بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، وعدة بالكوفة، ومن أبي عمرو ابن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وحسينك التميمي، وخلق بنيسابور، وأحمد بن إبراهيم الكندي، وأبي بكر الآجري، وغيرهما بمكة.
وعمل معجم شيوخه، وكتاب الحلية، و"المستخرج على الصحيحين"، و"تاريخ أصبهان"، و"صفة الجنة"، وكتاب "دلائل النبوة"، وكتاب "فضائل الصحابة"، وكتاب "علوم الحديث"، وكتاب "النفاق". ومصنفاته كثيرة جدًا.
روى عنه: كوشيار بن لياليزور الجيلي ومات قبله بأزيد من ثلاثين سنة، وأبو سعد الماليني ومات قبله بثمانية عشر عامًا، وأبو بكر بن أبي علي الهمداني، وأبو بكر الخطيب، وأبو علي الوخشي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وهبة الله بن محمد الشيرازي، ويوسف بن الحسن التفكري، وعبد السلام بن أحمد القاضي، ومحمد بن عبد الجبار ابن ييا، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، ومحمد بن عبد الواحد ابن محمد الصحاف، ومحمد بن عبد الله الأدمي الفقيه، وأبو غالب محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء القاضي، وأبو الفضائل محمد بن أحمد بن يونس، ومحمد بن سعد بن ممك العطار، وأبو سعد محمد ابن سرفرتج، وأبو منصور محمد بن عبد الله بن مندويه الشروطي، والأديب محمد بن محمود الثقفي، ومحمد بن الفضل بن كندوج، ومحمد بن علي بن محمد بن المرزبان، ومحمد بن حسين بن محمد ابن زيله، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري، وأحمد بن منصور القاص، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن رشيد الأدمي، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمد التيمي اللبان، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأبو نصر إسماعيل بن المحسن بن طراق، وبندار بن محمد الخلقاني، وحمد بن علي الباهلي الدلال، وأبو العلاء حمد بن عمر الشرابي، وحمد بن محمد التاجر، وحمد بن محمود البقال، وأبو العلاء حسين بن عبيد الله الصفار، وحيدر بن الحسن السلمي، وخالد ابن عبد الواحد التاجر، وأبو بكر ذو النون بن سهل الأشناني، وزكريا ابن محمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن عبد الله التميمي، وأبو زيد سعد بن عبد الرحمن الصحاف، وسهل بن محمد المغازلي، وصالح ابن عبد الواحد البقال، وأبو علي صالح بن محمد الفابجاني، وعبد الله بن عبد الرزاق بن ررا، وأبو زيد عبيد الله بن عبد الواحد الخرقي، وأبو محمد عبيد الله بن الخصيب الحلاوي، وأبو الرجاء عبيد الله بن أحمد، وأبو طاهر عبد الواحد بن أحمد الشرابي، وعبد الجبار بن عبد الله بن فورويه الصفار، وأبو طاهر علي بن عبد الواحد بن
فاذشاه، وعلي بن أحمد البرجي، وغانم بن محمد بن عبيد الله البرجي، وعباد بن منصور المعدل، والفضل بن عبد الواحد، والفضل ابن عمر بن سهلويه، وأبو طاهر المحسد بن محمد، ومبشر بن محمد الجرجاني الواعظ، وأبو علي الحداد، وأخوه أبو الفضل حمد، وخلق كثير من مشيخة السلفي خاتمتهم بعد الحداد أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدشتج الذهبي.
وكان حافظًا مبرزًا عالي الإسناد، تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي، وهاجر إلى لقيه الحفاظ.
قال أبو محمد السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدًا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين؛ أبو نعيم الأصبهاني وأبو حازم العبدويي.
قال ابن المفضل الحافظ: جمع شيخنا أبو طاهر السلفي أخبار أبي نعيم وذكر من حدثه عنه، وهم نحو الثمانين، وقال: لم يصنف مثل كتابه "حلية الأولياء"، سمع: ناه من أبي المظفر القاساني عنه سوى فوت يسير.
قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولًا إليه، ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره، ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غداء سوى التصنيف والتسميع.
قال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنةً بلا نظير، لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلى منه إسنادًا، ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون: لما صنف كتاب "الحلية" حمل الكتاب إلى نيسابور حال حياته، فاشتروه بأربع مائة دينار.
قلت: روى أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه عن رجل، عن أبي نعيم، فقال في كتاب "طبقات الصوفية": حدثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشمي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي بن حبيش المقرئ ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن سهل الآدمي فذكر حديثًا.
قال أبو طاهر السلفي: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبار الفرساني يقول: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي الذكواني المعدل في صغري مع أبي، فلما فرغ من إملائه، قال إنسان: من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم، فليقم. وكان أبو نعيم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان بين الأشعرية والحنابلة تعصب زائد يؤدي إلى فتنة، وقيل وقال، وصداع طويل، فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد الرجل يقتل.
قلت: ما هؤلاء بأصحاب الحديث، بل فجرة جهلة، أبعد الله شرهم.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أن السلطان محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان، أمر عليها واليًا من قبله، ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي، فقتلوه، فرجع السلطان إليها، وآمنهم حتى اطمأنوا، ثم قصدهم في يوم جمعة وهم في الجامع، فقتل منهم مقتلةً عظيمةً، وكانوا قبل ذلك منعوا الحافظ أبا نعيم من الجلوس في الجامع، فسلم مما جرى عليهم، وكان ذلك من كرامته.
وقال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: رأيت بخط أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي أبي نعيم، عن جزء محمد بن عاصم: كيف قرأته على أبي نعيم، وكيف رأيت سماعه؟ فقال: أخرج إلي كتابًا، وقال: هو سماعي، فقرأته عليه. ثم قال الخطيب: قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أن يقول في الإجازة: أخبرنا. من غير أن يبين.
قال الحافظ أبو عبد الله ابن النجار: جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نعيم، والحافظ الصادق إذا قال: هذا الكتاب سماعي، جاز أخذه عنه بإجماعهم.
قلت: قول الخطيب: كان يتساهل
…
إلى آخره، هذا شيء قل أن يفعله أبو نعيم، وكثيرًا ما يقول: كتب إلي الخلدي. ويقول: كتب إلي أبو العباس الأصم، وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه. ولكني رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذي سمع: منه كثيرًا وهو أكبر شيخ له: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه. فيوهم أنه سمعه، ويكون مما هو له بالإجازة، ثم إطلاق الإخبار على ما هو بالإجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي الأندلس، وتوسعوا فيه. وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل الأصم وأبي الميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع: منهم بل له منهم إجازة، كان له سائغًا، والأحوط تجنبه.
حدثني أبو الحجاج الكلبي الحافظ أنه رأى خط الحافظ ضياء الدين قال: وجدت بخط أبي الحجاج بن خليل أنه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم.
قلت: فبطل ما تخيله الخطيب، وتوهمه، وما أبو نعيم بمتهم، بل هو صدوق عالم بهذا الفن، ما أعلم له ذنبًا -والله يعفو عنه- أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه، ثم يسكت عن توهيتها.
قال الحافظ أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو: سمعت أبا الحسين القاضي، سمعت عبد العزيز النخشبي يقول: لم يسمع: أبو نعيم مسند الحارث بن أبي أسامة بتمامه من أبي بكر بن خلاد، فحدث به كله، فقال الحافظ ابن النجار: قد وهم في هذا، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقةً وخط أبي نعيم عليها يقول: سمع: مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاد، ويمكن أن يكون روى الباقي بالإجازة، ثم قال:
لو رجم النّجم جميع الورى
…
لم يصل الرّجم إلى النّجم
قلت: قد كان أبو عبد الله بن مندة يقذع في المقال في أبي نعيم لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي الحسن، ونال أبو نعيم أيضًا من أبي عبد الله في تاريخه، وقد عرف وهن كلام الأقران المتنافسين بعضهم في بعض. نسأل الله السماح.
وقد نقل الحافظان ابن خليل والضياء جملةً صالحةً إلى الشام من تواليف أبي نعيم ورواياته، أخذها عنهما شيوخنا، وعند شيخنا أبي الحجاج من ذلك شيء كثير بالإجازة العالية كالحلية، و"المستدرك على صحيح مسلم".
مات أبو نعيم الحافظ: في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربع مائة وله أربع وتسعون سنة.
أخبرنا الحسن بن علي وسليمان بن قدامة قالا: أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، وحمد بن سهلويه الشرابي، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري، وأبو علي الحداد قالوا: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو إسحاق بن حمزة، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلَّا سببي ونسبي"
(1)
.
أخبرنا أحمد بن محمد الآنمي غير مرة، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا مسعود بن أبي
(1)
صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته يونس بن أبي يعفور العبدي الكوفي. قال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ كثيرًا. أما أبو يعفور. واسمه وقدان العبدي الكوفي فإنه ثقة روى له الجماعة، ولكن للحديث شاهد عن عمر بن الخطاب: عند ابن سعد "8/ 463"، والحاكم "3/ 142"، والخطيب في "تاريخ بغداد""6/ 182"، وأبى نعيم في "الحلية" ط 2/ 34"، وإسناده ضعيف لانقطاعه.
وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: عند الخطيب في "تاريخ بغداد""10/ 271".
وشاهد من حديث المسور: عند أحمد "4/ 323، 332".
منصور الجمال "ح". وأنبأني ابن سلامة عن الجمال، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القصار، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، سمعت أبي، سمعت سفيان، سمعت الزهري، سمعت ابن المسيب يقول: طوبى لمن كان عيشه كفافًا وقوله سدادًا.
ومات معه في سنة ثلاثين مسند العراق؛ أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الواعظ، ومسند الأندلس أبو عمرو أحمد بن محمد بن هشام بن جهور له إجازة الآجري، وشيخ التفسير أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير، وصاحب الآداب أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي، والعلامة أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي المصري؛ صاحب كتاب "الإعراب"، والعلامة أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي شيخ المالكية بالقيروان.
3933 - البرقاني
(1)
:
الإمام العلامة الفقيه، الحافظ الثبت، شيخ الفقهاء والمحدثين، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب، الخوارزمي، ثم البرقاني الشافعي، صاحب التصانيف.
سمع: في سنة خمسين وثلاث مائة بخوارزم من: أبي العباس بن حمدان الحيري النيسابوري أخي أبي عمرو، حدثه عن محمد بن الضريس، والكبار، وسمع: بها من محمد بن علي الحساني، وأحمد بن إبراهيم بن جناب الخوارزميين. وسمع: بهراة من أبي الفضل بن خميرويه. وبجرجان من الإمام أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف. وببغداد من أبي علي بن الصواف، ومحمد بن جعفر البندار، وأبي بحر بن كوثر، وأحمد بن جعفر الختلي، وأبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وابن كيسان، وخلق، وبنيسابور من أبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وعدة. وبدمشق من أبي بكر بن أبي الحديد. وبمصر من الحافظ عبد الغني، وعبد الرحمن بن عمر المالكي.
حدث عنه: أبو عبد الله الصوري، وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، والفقيه أبو إسحاق الشيرازي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو القاسم علي بن أبي العلاء المصيصي،
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 373"، والأنساب للسمعاني "2/ 156"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 79"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 980"، والعبر "3/ 156"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 280"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 228".
وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرجي، وأبو الفضل بن خيرون، ويحيى بن بندار البقال، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعدد كثير. واستوطن بغداد دهرًا.
قال الخطيب: كان البرقاني ثقةً ورعًا ثبتًا فهمًا، لم نر في شيوخنا أثبت منه، عارفًا بالفقه، له حظ من علم العربية، كثير الحديث، صنف مسندًا ضمنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري ومسلم، وجمع حديث سفيان الثوري، وأيوب، وشعبة، وعبيد الله بن عمر، وعبد الملك بن عمير، وبيان بن بشر، ومطر الوراق، وغيرهم، ولم يقطع التصنيف إلى حين وفاته، ومات وهو يجمع حديث مسعر، وكان حريصًا على العلم، منصرف الهمة إليه، سمعته يقول يومًا لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح: ادع الله تعالى أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب علي، فليس لي اهتمام إلَّا به.
قال أبو القاسم الأزهري: البرقاني إمام، إذا مات ذهب هذا الشأن.
قال الخطيب: سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني. وسألت الأزهري: هل رأيت شيخًا أتقن من البرقاني؟ قال: لا. وذكره أبو محمد الحسن بن محمد الخلال، فقال: هو نسيج وحده.
قال الخطيب: أنا ما رأيت شيخًا أثبت منه.
وقال أبو الوليد الباجي: البرقاني ثقة حافظ.
وذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقات الشافعية، فقال: ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مائة، وسكن بغداد، وبها مات في أول رجب سنة خمس وعشرين وأربع مائة.
ثم قال: تفقه في حداثته، وصنف في الفقه، وثم اشتغل بعلم الحديث، فصار فيه إمامًا.
قال البرقاني: دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت الدنانير، وبقي الدرهم، فدفعته إلى خباز، فكنت آخذ منه كل يوم رغيفين، وآخذ من بشر بن أحمد الإسفراييني جزءًا فأكتبه، وأفرغه بالعشي، فكتبت ثلاثين جزءًا، ونفد ما عند الخباز، فسافرت.
قلت: كان الخبز رخيصًا إلى الغاية.
قال أبو بكر الخطيب: حدثني أحمد بن غانم -وكان صالحًا- قال: نقلت البرقاني من بيته، فكان معه ثلاثة وستون سفطًا وصندوقان، كل ذلك مملوء كتبًا.
قلت: ومن همته أنه سمع: من تلميذه أبي بكر الخطيب، وحدث عنه في حياته، وقد سمع: نا المصافحة له في مجلد بإسناد عال.
قال الخطيب: كنت أذاكره الأحاديث، فيكتبها عني، ويضمنها جموعه، وسمعته يقول: كان الإمام أبو بكر الإسماعيلي يقرأ لكل واحد ممن يحضره ورقةً بلفظه، ثم يقرأ عليه، وكان يقرأ لي ورقتين، ويقول للحاضرين: إنما أفضله عليكم لأنه فقيه.
قلت: قد روى عن الإسماعيلي "صحيحه".
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا أبو بكر البرقاني: قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب، أخبركم محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا خلف بن هشام، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود، فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والله إني لا آمن اليهود على كتابي". قال: فلما تعلمت كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم، فإذا كتبوا إليه، قرأت كتابهم له
(1)
.
ذكره البخاري تعليقًا، فقال: وقال خارجة بن زيد عن أبيه، لأن ابن أبي الزناد ليس من شرطه، ومع هذا فذكره بصيغة جزم لصدق عبد الرحمن ومعرفته بعلم أبيه.
(1)
صحيح لغيره: علقه البخاري "7190"، ووصله أبو داود "3645"، والترمذي "2716"، وأحمد "5/ 186"، من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، به.
وله شاهد من حديث زيد بن ثابت: عند أحمد "5/ 182"، والحاكم "3/ 422"، من طريق الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتحسن السريانية إنها تأتيني كتب؟ قال: قلت، لا، قال: فتلعمها، فتلمتها في سبعة عشر يومًا"، وقال الحكم: صحيح إن كان ثابت بن عبيد سمعه من زيد بن ثابت وكذا قال الذهبي في "التخليص".
3934 - المري
(1)
:
الحافظ الإمام، أبو نصر، عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر بن أيوب المري، الأذرعي ثم الدمشقي، الشروطي، ابن الجبان.
حدث عن: الحسين بن أبي الزمزام، وأبي عمر بن فضالة، ومظفر بن حاجب بن أركين، والفضل المؤذن، وجمح، وعدة. ولم يرحل.
وعنه: الأهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وأبو سعد السمان، والكتاني، وابن أبي العلاء.
وثقه أبو بكر الحداد.
وقال الكتاني: هو أستاذنا وشيخنا، صنف كتبًا كثيرةً، وكان يحفظ شيئًا من علم الحديث.
مات في شوال سنة خمس وعشرين وأربع مائة.
3935 - السهمي
(2)
:
الإمام الحافظ، المحدث المتقن، المصنف، أبو القاسم، حمزة ابن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد، القرشي السهمي، من ذرية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هشام بن العاص بن وائل السهمي، محدث جرجان.
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مائة.
وأول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين، سمع: من أبيه المحدث أبي يعقوب، وأبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام، وأبي أحمد بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وخلق.
وارتحل في سنة ثمان وستين إلى أصبهان والري وبغداد والبصرة والشام ومصر والحرمين وواسط والأهواز والكوفة.
وروى عن: أبي محمد بن ماسي، وأبي حفص الزيات، وأبي محمد بن غلام الزهري، وأبي بكر الوراق، وعبد الوهاب الكلابي، وأبي بكر بن عبدان الشيرازي، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي زرعة محمد بن يوسف الكشي، وجعفر بن حنزابة الوزير، وميمون بن حمزة العلوي، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، وعلي بن محمد الزبحي، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وإبراهيم بن عثمان الجرجاني، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وآخرون.
وصنف التصانيف، وتكلم في العلل والرجال.
مات سنة ثمان وعشرين وأربع مائة، وقيل: سنة سبع وعشرين.
حدث الخطيب عن رجل عنه.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 261"، والعبر "3/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 229".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 202"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 87"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 990"، والعبر "3/ 161"، والنجوم الزاهرة بالن تغري بردي "4/ 283"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 231".
3936 - ابن دوست
(1)
:
الشيخ الصدوق المسند، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست، البغدادي العلاف.
وكان والده يروي عن أبي القاسم البغوي، ومات سنة نيف وثمانين وثلاث مائة روى عنه: ابن المهتدي بالله في مشيخته، وجماعة.
وسمع أبا عمرو ولده من: أبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وعمر بن سلم الختلي، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، وحدث عن أبي بكر هذا "بموطأ القعنبي".
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقًا. مات في صفر سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
قلت: قارب التسعين.
حدث عنه: أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأبو الفضل بن خيرون، وعبد الواحد بن علوان، وثابت بن بندار، وآخرون.
3937 - مهيار
(2)
:
ابن مرزويه، الأديب الباهر، ذو البلاغتين، أبو الحسن الديلمي، الفارسي.
كان مجوسيًا، فأسلم، فقيل: أسلم على يد الشريف الرضي فهو شيخه في النظم وفي التشيع، فقال له ابن برهان: انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية، كنت مجوسيًا، فصرت تسب الصحابة في شعرك.
ولد ديوان، ونظمه جزل حلو، يكون ديوانه مائة كراس.
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 92"، والعبر "3/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 238".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 276"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 94"، ووفيات الأعيان "5/ 359"، والعبر "3/ 167"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 26"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 242".
3938 - ابن بكير
(1)
:
الإمام المقرئ المجود، أبو بكر، محمد بن عمر بن بكير بن ود، البغدادي النجار، جار أبي القاسم بن بشران.
ولد سنة ست وأربعين وثلاث مائة.
وسمع: أبا بكر بن خلاد النصيبي، وأبا بحر البربهاري، وأحمد بن جعفر الختلي، وأبا إسحاق المزكي، وطائفة.
وقرأ عليه جماعة كبار، منهم عبد السيد بن عتاب، وأبو الخطاب ابن الجراح، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وثابت بن بندار البقال، وذلك لحق قراءته على البزوري. صاحب أحمد بن فرح المفسر.
وحدث عنه: الخطيب، وابن الطيوري، وأحمد بن بندار البقال.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقةً من أهل القرآن، تلا على إبراهيم بن أحمد البزوري. توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
3939 - ابن غرسية
(2)
:
العلامة قاضي الجماعة، أبو المطرف، عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بشر بن غرسية، القرطبي المالكي، ابن الحصار، ويعرف بمولى بني فطيس.
تفقه بأبي عمر الإشبيلي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 39"، والعبر "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 250".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 326"، والعبر "3/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 223".
وروى عن أبيه، والإمام أبي محمد الأصيلي.
وكان أحد الأذكياء المتفننين.
قال ابن حيان: لم يكن في وقته مثله، وبه تفقه محمد بن عتاب، وكان ابن عتاب يفخر بذلك.
قلت: ولاه متولي قرطبة علي بن حمود الحسني القضاء، سنة سبع وأربع مائة، فأحسن السيرة، ثم ولي للقاسم بن حمود القضاء مع الخطابة، ثم عزله المعتمد لأمور سنة تسع عشرة.
ابن بشكوال: حدثنا ابن عتاب، عن أبيه قال: كنت أرى القاضي ابن بشر في المنام في هيئته، فأسلم عليه، وأدري أنه ميت، فيقول: صرت إلى خير ويسر بعد شدة. فكنت أقول له في فضل العلم، فيقول: ليس هذا العلم، ليس هذا العلم يشير إلى المسائل، ويذهب إلى أن الذي نفعه علم القرآن والحديث.
وقال ابن حزم: ما لقيت أشد إنصافًا في المناظرة من ابن بشر، ولقد كان من أعلم من لقيته بمذهب مالك مع قوته في علم اللغة والنحو، ودقة فهمه.
قال ابن عتاب: كان لا يفتح على نفسه باب رواية، وصحبته عشرين سنةً، وذهب في أول أمره إلى التكلم على "الموطأ"، فقرأته عليه في أربعة أنفس، فلما عرف ذلك، أتاه جماعة ليسمعوا، فامتنع، وكنا نجتمع عنده مع شيوخ الفتوى، فيشاور في المسألة، فيخالفونه، فلا يزال يحاجهم ويستظهر عليهم حتى يقولوا بقوله.
توفي ابن بشر هذا في نصف شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة وله ثمان وخمسون سنة رحمه الله، ولم يجئ بعده قاض مثله.
3940 - المرزوقي
(1)
:
إمام النحو، أبو علي، أحمد بن محمد بن الحسن، المرزوقي الأصبهاني، أحد أئمة اللسان.
حدث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس.
وتصدر، وأخذ الناس عنه، ورحلوا إليه.
وله شرح الحماسة في غاية الحسن، و"شرح الفصيح"، وغير ذلك.
روى عنه: سعيد بن محمد البقال، وأبو الفتح محمد بن عبد الواحد الزجاج، شيخ السلفي. تخرج به أئمة.
توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. قارب تسعين سنة.
3941 - ابن نظيف
(2)
:
الشيخ العالم المسند المعمر، أبو عبد الله، محمد بن الفضل بن نظيف، المصري الفراء؛ أخو الشيخ أحمد بن الفضل.
ولد سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، في صفر.
وسمع: من أبي الفوارس أحمد بن محمد بن السندي الصابوني، والعباس بن محمد بن نصر الرافقي، وأحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، وأحمد بن محمد بن أبي الموت المكي، وأبي بكر أحمد بن إبراهيم بن عطية الحداد، وأحمد بن محمود الشمعي، وعبد الله بن جعفر ابن الورد، ومحمد بن عمر بن مسرور الحطاب، وعدة.
وتفرد في الدنيا بعلو الإسناد.
حدث عنه: أبو جعفر أحمد بن محمد كاكو، شيخ لوجيه الشحامي، وأبو القاسم سع بن علي الزنجاني، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، والقاضي أبو الحسن الخلعي، وآخرون.
ووقع لي جزآن من حديثه.
قال أبو إسحاق الحبال: كان أبو عبد الله بن نظيف يصلي بالناس في مسجد عبد الله سبعين سنةً، وكان شافعيًا يقنت، فأم بعده رجل مالكي، وجاء الناس على عادتهم، فلم يقنت، فتركوه وانصرفوا، وقالوا: لا يحسن يصلي. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة وقد نيف على التسعين، رحمه الله.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "5/ 34"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 365".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 175"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 31"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 249".
3942 - المنقي
(1)
:
الإمام الواعظ، أبو بكر، أحمد بن طلحة بن أحمد بن هارون، البغدادي المنقي يعني المغربل.
سمع: أبا جعفر بن بريه، وعبد الصمد الطستي، وأبا بكر النجاد.
وعنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحطاب بن البطر، وجماعة.
قال الخطيب: كان ثقةً مستورًا، مات في ذي الحجة سنة عشرين وأربع مائة، رحمه الله.
3943 - ابن عبدكويه
(2)
:
الشيخ الإمام المحدث الرحال الثقة، أبو الحسن، علي بن يحيى بن جعفر بن عبد كويه، الأصبهاني.
مولده سنة بضع وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع من: أبي إسحاق بن حمزة، وعبد الله بن الحسن بن بندار، وأبي القاسم الطبراني، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم الفابجاني، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن القاسم ابن سياه، وفاروق بن عبد الكبير الخطابي، ومحمد بن معمر بن ناصح، ومحمد بن إسحاق بن عباد، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفرجه، وعلي بن الفضل بن شهريار، وأحمد بن عمران الأشناني، بصري، وأحمد بن محمود بن خرزاذ، وإبراهيم بن محمد الديبلي بمكة، ومحمد بن أحمد بن المنذر المديني، وأحمد بن سهل العسكري، ومحمد ابن إسحاق بن أيوب بن كوشيذ.
وأملى مجالس كثيرةً، وقع لي منها ثلاثة وأربعة ومجلسان.
حدث عنه: أبو العلاء أحمد بن محمد بن قولون، وأبو العلاء محمد ابن عبد الجبار الفرساني، وأبو طاهر محمد بن عبد الله بن مهران اللباد، وعلي بن محمد بن علي بن فورجه الفراش، وأسماء بنت أحمد بن عبد الله ابن مهران؛ وهم من شيوخ السلفي.
توفي في المحرم سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 212"، و العبر "3/ 136"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 214".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 150"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 225".
وممن روى عنه: أبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف.
أخبرنا أبو الربيع سليمان بن قدامة وأخوه داود، وعيسى بن أبي محمد، وأحمد بن عبد الرحمن سنة سبع مائة، ومحمد بن علي بن أحمد، ومحمد بن حمزة، وهدية بنت علي قالوا: أخبرنا جعفر بن علي، وأخبرنا أحمد بن محمد الصواف، وابن مؤمن قالا: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الجبار بأصبهان، حدثنا علي بن عبدكويه سنة عشرين وأربع مائة، حدثنا عمر بن أحمد بن علي البغدادي بالبصرة سنة (357)، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا علي بن عاصم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبدًا، دعا جبريل، فقال: يا جبريل: إني أحب فلانًا، فأحبه. فيحبه جبريل، وينادي في السماء: إن الله قد أحب فلانًا فأحبوه. فيحبه أهل السماء، ثم يجعل له القبول في الأرض
…
" الحديث
(1)
. وذكر في البغض نحو ذلك.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "3209"، ومسلم "2637".
3944 - طلحة بن علي
(1)
:
ابن الصقر، الشيخ الثقة، الخير الصالح، بقية السلف، أبو القاسم، البغدادي الكتاني.
ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع من: أحمد بن عثمان الأدمي، وأبي بكر النجاد، ودعلج، والشافعي، وأبي علي بن الصواف، وأبي سليمان الحراني، وأحمد بن ثابت الواسطي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان ثقة صالحًا. وأبو بكر البيهقي. وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم المصيصي، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وأبو الفضل بن خيرون، وآخرون.
مات في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة، عن ست وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، أخبرنا محمد بن السيد بالمزة، أخبرنا القاضي محمد بن يحيى القرشي سنة ست وثلاثين وخمس مائة، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، أخبرنا طلحة بن علي، أخبرنا أبو الطيب أحمد بن ثابت، حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا موسى الطويل، حدثنا أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الجوربين عليهما النعلان.
هذا حديث تساعي لنا، لكن موسى ليس بثقة، زعم أنه من موالي أنس بن مالك، وزعم أنه رأى أم المؤمنين عائشة بالبصرة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 352"، والأنساب للسمعاني "10/ 354""الكتاني"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 61"، والعبر "3/ 148"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 223".
3945 - يحيى بن عمار
(1)
:
ابن يحيى بن عمار بن العنبس، الإمام المحدث الواعظ، شيخ سجستان، أبو زكريا الشيباني، النيهي، السجستاني، نزيل هراة.
حدث عن: حامد بن محمد الرفاء، وعبد الله بن عدي بن حمدويه الصابوني، وأخيه محمد بن عدي، ومحمد بن إبراهيم بن جناح، وعدة.
حدث عنه: أبو نصر الطبسي، وأبو محمد عبد الواحد الهروي، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل بن عبد الله بن محمد، وآخرون.
وكان متحرفًا على المبتدعة والجهمية بحيث يؤول به ذلك إلى تجاوز طريق (4) ة السلف، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا، إلا أنه كان له جلالة عجيبة بهراة وأتباع وأنصار.
وقد روى أيضًا عن والدة عمار.
وكان فصيحًا مفوهًا، حسن الموعظة، رأسا في التفسير، أكمل التفسير على المنبر في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة، ثم افتتح ختمة أخرى فمات وهو يفسر في سورة القيامة، وعاش تسعين سنة.
قال السلفي في "معجم" بغداد: قال أبو إسماعيل الأنصاري: كان يحيى بن عمار ملكًا في زي عالم، كان له محب متمول يحمل إليه كل عام ألف دينار هروية، فلما مات يحيى، وجدوا له أربعين بدرة لم يفك ختمها.
وقال أبو إسماعيل: سمعت يحيى بن عمار يقول: العلوم خمسة؛ علم حياة الدين وهو علم التوحيد، وعلم هو قوت الدين وهو العظة والذكر، وعلم هو دواء الدين وهو القه، وعلم هو داء الدين وهو أخبار ما وقع بين السلف، وعلم هو هلاك الدين وهو الكلام.
قلت: وعلم الأوائل.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 151"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 226".
وكان يحيى بن عمار من كبار المذكرين، لكن ما أقبتاح بالعالم الداعي إلى الله الحرص وجمع المال! وكان قد تحول من سجستان عند جور الولاة، فعظم بهراة جدً، وتغالوا فيه، وتخرج به أبو إسماعيل الأنصاري، وخلفه من بعده.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن محمد الفقيه إملاء، أخبرنا دعلج، "ح". وبالإسناد إلى عبد الله قال: وحدثنا يحيى بن عمار إمنلاء، أخبرنا حامد بن محمد، قال: حدثنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن عرياض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة" وذكر الحديث
(1)
.
هذا حديث عال، صالح الإسناد.
توفى يحيى بن عمار بهراة، في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربع مائةن وصلى عليه الإمام عمر بن إبراهيم الزاهد، وكانت جنازته مشهودة.
ورثاه جمال الإسلام الداوودي، فقال:
وسائل ما دهاك اليوم؟ قلت له
…
انكرت حالي وأني وقت إنكار
أما ترى الأرض من أقطارها نقصت
…
وصار أقطارها تبكي لأقطار
لموت أفضل أهل العصر قاطبة
…
عمار دين الهدى يحيى بن عمار
(1)
صحيح أخرجه أحمد "4/ 126 - 127"، وأبو داود "4607"، والآجري في "الشريعة""ص 46"، وابن أبي عاصم في "السنة""32"، "57"، من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، به. وأدخلوا مع عبد الرحمن بن عمرو: حجر بن حجر الكلاعي.
وأخرجه الترمذي "2676"، وابن ماجه "44"، والدارمي "1/ 44"، والطحاوي في "مشكل الآثار""2/ 69"، وابن أبي عاصم في "السنة" 54"، والبغوي "102"، والآجري "47"، من طرق عن ثور بن يزيد، به.
3946 - السلطان
(1)
:
الملك يمين الدولة، فاتح الهند، أبو القاسم، محمود بن سيد الأمراء ناصر الدولة سبكتكين، التركي، صاحب خراسان والهند وغير ذلك.
كان والده أبو منصور قد قدم بخارى في أيام نوح بن منصور، في صحبة ابن السكين متوليًا على غزنة، فعرف بالشهامة والإقدام والسمو، فلما سار ابن السكين متوليًا على غزنة، ذهب في خدمته أبو منصور، فلم يلبث ابن السكين أن مات، واحتاج الناس إلى أمير، فأمروا عليهم أبا منصور، فتمكن وعظم، وأخذ يغير على أطراف الهند، وافتتح قلاعًا، وتمت له ملاحم مع الهنود، وافتتح ناحية بست، واتصل بخدمته أبو الفتح البستي الكاتب وقرب منه، وكان كراميًا.
قال جعفر المستغفري: كان أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن الحسين النضري قاضي مرو ونسف صلب المذهب، فدخل صاحب غزنة سبكتكين بلخ، ودعا إلى مناظرة الكرامية، وكان النضري يومئذ قاضيًا ببلخ، فقال سبكتكين: ما تقولون في هؤلاء الزهاد الأولياء؟ فقال النضري: هؤلاء عندنا كفرة. قال: ما تقولون فيّ؟ قال: إن كنت تعتقد مذهبهم، فقولنا فيك كذلك. فوثب، وجعل يضربهم بالدبوس حتى أدماهم، وشج النضري، وقيدهم وسجنهم، ثم أطلقهم خوف الملامة، ثم تمرض ببلخ، وسار إلى غزنة، فمات سنة سبع وثمانين وثلاث مائة، وعهد بالإمرة إلى ابنه إسماعيل، وكان محمود ببلخ، وكان أخوهما نصر على بست، وكان في إسماعيل خلة، فطمع فيه جنده، وشغبوا، فأنفق فيهم خزائن، فدعا محمود عمه، فاتفقا، وأتاهما نصر، فقصدوا غزنة، وحاصروها، وعمل هو وأخوه مصافًا مهولًا، وقتل خلق، فانهزم إسماعيل، ثم آمن إسماعيل، وحبسه معززًا مرفهًا، ثم حارب محمود النواب السامانية، وخافته الملوك. واستولى على إقليم خراسان، ونفذ إليه القادر بالله خلع السلطنة، ففرض على نفسه كل سنة غز والهند، فافتتح بلادًا شاسعة، وكسر الصنم سومنات؛ الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه، ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال، وفي خدمته من البراهمة ألفا نفس، ومائة جوقة مغاني رجال ونساء، فكان بين بلاد الإسلام وبين قلعة هذا الصنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفًا، فيسر الله فتح القلعة في ثلاثة أيام، واستولى
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 52"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 175"، والعبر "3/ 145"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 373"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 220".
محمود على أموال لا تحصى، وقيل: كان حجرًا شديد الصلابة طوله خمسة أذرع، منزل منه في الأساس نحو ذراعين، فأحرقه السلطان، وأخذ منه قطعةً بناها في عتبة باب جامع غزنة، ووجدوا في أذن الصنم نيفًا وثلاثين حلقةً؛ كل حلقة يزعمون أنها عبادته ألف سنة.
وكان السلطان مائلًا إلى الأثر إلَّا أنه من الكرامية.
قال أبو النضر الفامي: لما قدم التاهرتي الداعي من مصر على السلطان يدعوه سرًا إلى مذهب الباطنية، وكان التاهرتي يركب بغلًا يتلون كل ساعة من كل لون، ففهم السلطان سر دعوتهم، فغضب، وقتل التاهرتي الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي؛ شيخ هراة، وقال: كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس الموحدين.
وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيًا يحب الحديث، فوجد كثيرًا منه يخالف مذهبه، فجمع الفقهاء بمرو، وأمر بالبحث في أيما أقوى مذهب أبي حنيفة أو الشافعي. قال: فوقع الاتفاق على أن يصلوا ركعتين بن يديه على المذهبين. فصلى أبو بكر القفال بوضوء مسبغ وسترة وطهارة وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلى صلاةً على ما يجوزه أبي حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغًا قد لطخ ربعه بنجاسة، وتوضأ بنبيذ، فاجتمع عليه الذبان، وكان وضوءًا منكسًا، ثم كبر بالفارسية، وقرأ بالفارسية،: دوبركك سبز. ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع، وتشهد، وضرط بلا سلام. فقال له: إن لم تكن هذه الصلاة يجيزها الإمام، قتلتك. فأنكرت الحنفية الصلاة. فأمر القفال بإحضار كتبهم، فوجد كذلك، فتحول محمود شافعيًا. هكذا ذكره الإمام أبو المعالي بأطول من هذا.
قال عبد الغافر الفارسي في ترجمة محمود: كان صادق النية في إعلاء الدين، مظفرًا كثير الغزو، وكان ذكيًا بعيد الغور، صائب الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء. وقبره بغزنة يزار.
قال أبو علي بن البناء: حكى علي بن الحسين العكبري أنه سمع: أبا مسعود أحمد بن محمد البجلي قال: دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لأن لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن جاز أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت. فقال السلطان: ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه. فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات. فيقال: انشقت مرارته.
قال عبد الغافر: قد صنف في أيام محمود وأحواله لحظة لحظة، وكان في الخير ومصالح الرعية يسر له الإسار والجنود والهيبة والحشمة مما لم يره أحد.
وقال أبو النضر محمد بن عبد الجبار العتبي في كتاب اليميني في سيرة هذا الملك: قيل فيه:
تعالى اللّه ما شاء
…
وزاد اللّه إيماني
أأفريدون في التّاج
…
أم الإسكندر الثاني
أم الرّجعة قد عادت
…
إلينا بسليمان
أظلّت شمس محمودٍ
…
على أنجم سامان
وأمسى آل بهرامٍ
…
عبيدًا لابن خاقان
فمن واسطة الهند
…
إلى ساحة جرجان
ومن قاصية السّند
…
إلى أقصى خراسان
فيومًا رسل الشّاه
…
ويومًا رسل الخان
مولد محمود في سنة إحدى وستين وثلاث مائة.
ومات بغزنة في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربع مائة.
وتسلطن بعده ابنه محمد مديدةً، وقبض عليه أخوه مسعود، وتمكن، وحارب السلجوقية مرات إلى أن قتل في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، ثم قام ابنه.
وكانت غزوات السلطان محمود مشهورةً عديدةً وفتوحاته المبتكرة عظيمة.
قرأت بخط الوزير جمال الدين بن علي القفطي في سيرته: قال كاتبه الوزير ابن الميمندي: جاءنا رسول الملك بيدا على سرير كالنعش؛ بأربع قوائم يحمله أربعة. وكان السلطان يعظم أمر الرسل لما يفعله أصحابهم برسله. قال: فحمل على حالته حتى صار بين يديه، فقال له الهندي: أي رجل أنت؟ قال: أدعو إلى الله، وأجاهد من يخالف دين الإسلام. قال: فما تريد منا؟ قال: أن تتركوا عبادة الأصنام، وتلتزموا شروط الدين، وتأكلوا لحم البقر. وتردد بينهما الكلام، حتى خوفه محمود وهدده، وقال الحاجب للهندي: أتدري لمن تخاطب؟ وبين يدي أي سلطان أنت?. فقال الهندي: إن كان يدعو إلى الله كما يزعم، فليس هذا من شروط ذلك، وإن كان سلطانًا قاهرًا لا ينصف، فهذا أمر آخر. فقال الوزير: دعوه. ثم ورد الخبر بتشويش خراسان، وضاق على صاحب الهند الأمر، ورأى أن بلاده تخرب، فنفذ رسولًا آخر، وتلطف، وقال: إن مفارقة ديننا لا سبيل إليه، وليس هنا مال
نصالحك عليه، ولكن نجعل بيننا هدنةً، ونكون تحت طاعتك. قال: أريد ألف فيل وألف منًا ذهبًا. قال: هذا لا قدرة لنا عليه. ثم تقرر بينهما تسليم خمس مائة فيل وثلاثة آلاف من فضة، واقترح محمود على الملك بيدا أن يلبس خلعته، ويشد السيف والمنطقة، ويضرب السكة باسمه. فأجاب، لكنه استعفى من السكة، فكانت الخلعة قباءً نسج بالذهب، وعمامة قصب، وسيفًا محلى، وفرسًا وخفًا، وخاتمًا عليه اسمه، وقال لرسوله: امض حتى يلبس ذلك، وينزل إلى الأرض، ويقطع خاتمه وأصبعه، ويسلمها إليك، فذلك علامة التوثقة. قال: وكان عند محمود شيء كثير من أصابع الملوك الذين هادنهم.
قال ابن الميمندي الوزير: فذهبت في عشرة مماليك أتراك، وجئنا وصحنا: رسول رسول. فكفوا عن الرمي، فأدخلنا على الملك، وهو شاب مليح الوجه على سرير فضة، فخدمته بأن صفقت بيدي، وانحنيت عليهما، وقلت: جو. فكان جوابه: باه. وأجلسني، وقربني، وأخذ يشكو ما لحق البلاد من الخراب، ثم لبس الخلعة بعد تمنع، وتعمم له تركي، وطالبته بالحلف، قال: نحلف بالأصنام والنار، وأنتم لا تقنعون بذلك. قلت: لا بد وأحجمت عن ذكر الأصبع، فأخرج حديدةً قطع بها أصبعه الصغرى ولم يكترث، وعمل على يده كافورًا، ودفعت إليه وقال: قل لصاحبك: اكفف عن أذى الرعية. فرجع السلطان إلى خراسان، ونفذ إليه ابن مروان صاحب ديار بكر هديةً، فردها وقال: لم أردها استقلالًا، ولكن علمت أن قصدك المخالطة والمصادقة، ويقبح بي أن أصادق من لا أقدر أن أنصره، وربما طرقك عدو وأنا على ألف فرسخ منك، فلا أتمكن من نصرتك.
ثم بلغ السلطان أن الهنود قالوا: أخرب أكثر بلاد الهند غضب الصنم الكبير سومنات على سائر الأصنام ومن حولها، فعزم على غزو هذا الوثن، وسار يطوي القفار في جيشه إليه، وكانوا يقولون: إنه يرزق ويحيي ويميت ويسمع: ويعي، يحجون إليه، ويتحفونه بالنفائس، ويتغالون فيه كثيرًا، فتجمع عند هذا الصنم مال يتجاوز الوصف، وكانوا يغسلونه كل يوم بماء وعسل ولبن، وينقلون إليه الماء من نهر حيل مسيرة شهر، وثلاث مائة يحلقون رؤوس حجاجه ولحاهم، وثلاث مائة يغنون. فسار الجيش من غزنة، وقطعوا مفازةً صعبةً، وكانوا ثلاثين ألف فارس وخلقًا من الرجالة والمطوعة، وقوى المطوعة بخمسين ألف دينار، وأنفق في الجيش فوق الكفاية، وارتحل من المليا ثاني يوم الفطر سنة 416، وقاسوا مشاق، وبقوا لا يجدون الماء إلَّا بعد ثلاث، غطاهم في يوم ضباب عظيم، فقالت الكفرة: هذا من فعل الإله سومنات. ثم نازل مدينة أنهلوارة، وهرب منها ملكها إلى جزيرة، فأخرب المسلمون بلده، ودكوها، وبينها وبين الصنم مسيرة شهر في مفاوز، فساروا حتى نازلوا مدينة
دبولوارة؛ وهي قبل الصنم بيومين، فأخذت عنوةً، وكسرت أصنامها، وهي كثيرة الفواكه، ثم نازلوا سومنات في رابع عشر ذي القعدة، ولها قلعة منيعة على البحر، فوقع الحصار، فنصبت السلالم عليها، فهرب المقاتلة إلى الصنم، وتضرعوا له، واشتد الحال وهم يظنون أن الصنم قد غضب عليهم، وكان في بيت عظيم منيع، على أبوابه الستور الديباج، وعلى الصنم من الحلي والجواهر ما لا يوصف، والقناديل تضيء ليلًا ونهارًا، على رأسه تاج لا يقوم، يندهش منه الناظر، ويجتمع عنده في عيدهم نحو مائة ألف كافر، وهو على عرش بديع الزخرفة؛ علو خمسة أذرع، وطول الصنم عشرة أذرع، وله بيت مال فيه من النفائس والذهب ما لا يحصى، ففرق محمود في الجند معظم ذلك، وزعزع الصنم بالمعاول، فخر صريعًا، وكانت فرقة تعتقد أنه منات، وأنه تحول بنفسه في أيام النبوة من ساحل جدة، وحصل بهذا المكان ليقصد ويحج معارضةً للكعبة. فلما رآه الكفار صريعًا مهينًا، تحسروا، وسقط في أيديهم، ثم أحرق حتى صار كلسًا، وألقيت النيران في قصور القلعة، وقتل بها خمسون ألفًا، ثم سار محمود لأسر الملك بهيم، ودخلوا بالمراكب، فهرب، وافتتح محمود عدة حصون ومدائن، وعاد إلى غزنة، فدخلها في ثامن صفر سنة سبع عشرة، ودانت له الملوك، فكانت مدة الغيبة مائةً وثلاثة وستين يومًا.
وفي سنة ثمان عشرة سار إلى بلخ، وجهز جيشه إلى ما وراء النهر في نصرة الخانية، وكان علي بن تكين قد أغار على بخارى، فضاق قدرخان به ذرعًا، واستنجد محمودًا، ففر ابن تكين، ودخل البرية. ثم حارب محمود الغز، وقبض على ابن سلجوق مقدمهم، فثارت الغز، وأفسدوا، وتفرغوا للأذى، وتعبت بهم الرعية، واستحكم الشر، وأقام محمود بنيسابور مدةً، ثم في عشرين قصد الري، وأخذها، وقبض على ملكها مجد الدولة بن بويه؛ وكان ضعيف التدبير، فضرب حتى حمل ألف ألف دينار، وصلب محمود أمراء من الديلم، وجرت قبائح وظلم. ثم جهز محمود ولده مسعودًا، فاستولى على أصبهان، ثم رجع السلطان إلى غزنة عليلًا، فمات في ربيع الأول سنة إحدى، وأمسى وقد فارقته الجنود، وتنكست لحزنه البنود، وناح عليه الوالد والمولود، وسكن ظلمة اللحود.
وقد خطب له بالغور وبخراسان والسند والهند، وناحية خوارزم وبلخ؛ وهي من خراسان، وبجرجان وطبرستان والري والجبال، وأصبهان وأذربيجان، وهمدان وأرمينية.
وكان مكرمًا لأمرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر ولا يكاد يقر. سار مرةً في خمسين ألف فارس، وفي مائةي فيل، وأربعين ألف جمازة تحمل ثقل العساكر، وكان يعتقد في الخليفة، ويخضع لجلاله، ويحمل إليه قناطير من الذهب، وكان إلبًا على القرامطة
والإسماعيلية وعلى المتكلمين، على بدعة فيه فيما قيل، ويغضب للكرامية، وكان يشرب النبيذ دائمًا، وتصرفه على الأخلاق الزكية، وكان فيه شدة وطأة على الرعية؛ ولكن كانوا في أمن وإقامة سياسة، ولازمه علة نحو ثلاث سنين، كان يعتريه إسهال، ولا يترك الركوب والسفر، قبض وهو في مجلسه ودسته ما وضع جنبه، ولما احتضر، قال لوزيره: يا أبا الحسن: ذهب شيخكم. ثم مات يوم الخمسين لتسع بقين من ربيع الآخر، فكتم موته، ثم فشى، وأتى ابنه السلطان محمد من الجوزجان، فوصل في أربعين يومًا.
كان السلطان محمود ربعةً، فيه سمن، تركي العين، فيه شقرة، ولحيته مستديرة، غليظ الصوت، وفي عارضيه شيب. وكان ابنه محمد في قده، وكان ابنه مسعود طويلًا.
قال محمود يومًا للأمير أبي طاهر الساماني: كم جمع آباؤك من الجوهر؟ قال: سمعت أنه كان عند الأمير الرضي سبعة أرطال. فسجد شكرًا، وقال: أنا في خزانتي سبعون رطلًا.
وكان صمم على التوغل في بلاد الخانية، وقال: معي أربع مائة فيل مقاتلة ما يثبت لها أحد. فبلغه أن الخانية قالوا: نحن نأخذ ألف ثور تركية؛ وهي كبار ضخام، فنجعل عليها ألف عجلة، ونملؤها حطبًا، فإذا دنت الفيلة، أوقدنا الحطب، فتطلب البقر أمامها، وتلقي النار على الأفيلة وعلى من حولها، فتتم الهزيمة، فأحجم محمود.
وكان يعظم الميمندي كاتبه، لأنهم لما نازلوا مدينة بيدا، حصل السلطان وكاتبه في عشرين فارسًا فوق تل تجاه البلد، فبرز لهم عسكر أحاطوا بالتل، فعاينوا التلف، فتقدم كاتبه، ونادوا الهنود، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا محمود. قالوا: أنت المراد. قال: ها أنا في أيديكم، وعندي من ملوككم جماعة أفدي نفسي بهم، وأحضرهم، وأنزل على حكمكم. ففرحوا، وقالوا: فأحضر الملوك. فالتفت إلى شاب، وقال: امض إلى ولدي، وعرفه خبري. ثم قال: لا! أنت لا تنهض بالرسالة. وقال لمحمود: امض، أنت عاقل وأسرع. فلما جاوز نهرًا، لقيه بعض جنده، فترجلوا. وعاين ذلك من فوق القلعة، فقالوا لكاتبه: من رسولك؟ قال: ذاكم السلطان فديته بنفسي، فافعلوا ما بدا لكم. وبلغ ذلك بيدا، فأعجبهن وقال: نعم ما فعلت، فتوسط لنا عند سلطانك. فهادنهم، وزادت عظمة الميمندي عند محمود، حتى إنه زوج أخاه يوسف بزليخا ابنة الميمندي، ثم في الآخر قبض عليه، وصادره، لأنه أراد أن يسم محمودًا، ووزن له ألف ألف دينار، ومن التحف والذخائر ما لا يوصف بعد العذاب، ثم أطلق الميمندي بعد وفاة محمود، ووزر لمسعود.
أحضر إلى محمود بغزنة شخصان من النسناس من بادية بلاصيغون؛ وهي مملكة قدرخان، وعدو النسناس في شدة عدو الفرس، وهو في صورة آدمي، لكنه بدنه ملبس بالشعر، وكلامه صفير، ويأكل حشيشًا، وأهل تلك البلاد يصطادونهم، ويأكلونهم. فسأل محمود الفقهاء عن أكل لحمهم، فنهوا عنه.
3947 - مسعود
(1)
:
كان طوالًا جسيمًا، مليحًا، كبير العين، شديدًا حازمًا، كثير البر، ساد الجواب، رؤوفًا بالرعية، محبًا للعلم. صنف له كتب في فنون، وكان أبوه يخشى مكانه. ويحب أخاه محمدًا، فأبعد مسعودًا، وأعطاه الري والجبال، وطلب منه أن يحلف لأخيه أنه لا يقاتله، قال: أفعل إن أشهد مولانا على نفسه أني لست ولده، أو يحلف لي أخي أنه لا يخفيني من ميراثي شيئًا.
ولما سمع: مسعود بموت أبيه، لبس السواد، وبكى، وعمل عزاءه بأصبهان، وخطب لنفسه بأصبهان والري وأرمينية، ثم سار واستقر بنيسابور، ومالت الأمراء إلى شهاب الدولة مسعود، وجرت بينه وبين أخيه محمد مراسلات، ثم قبضوا على محمد، وبادروا إلى خدمة السلطان مسعود، فقدم هراة، وكان أخوه محمد الملقب بجمال الدولة منهمكًا في اللذات المردية والسكر. ثم قبض مسعود على عمه يوسف وعلى علي الحاجب. ودانت له الممالك. وأظهر كتاب القادر بالله، وأنه لقبه بالناصر لدين الله ظهير خليفة الله. ولبس خلعًا وتاجًا، ثم أطلق الوزير أحمد بن الحسن الميمندي، واستوزره، ثم أخذت الري من مسعود، فجهز جيشًا استباحوها، وعملوا قبائح، وجرت له حروب على الدنيا، وقدم عليه رسول الديوان، فاحتفل لقدومه، وزينت خراسان، وكان يوم قدومه بلخ يومًا مشهودًا كدخول السلطان. وكان في الموكب مائةا فيل والجيش ملبس.
ووقع الوباء في عام ثلاثة وعشرين وأربع مائة بالهند وغزنة وأطراف خراسان، حتى إنه خرج من أصبهان في مدة قريبة أربعون ألف جنازة، وكان ملكها أبو جعفر بن كاكويه والخليفة القائم وسلطان العراق جلال الدولة، وأبو كاليجار على فارس، ومسعود بن محمد على خراسان والجبال والغور والهند. وتوفي قدرخان التركي؛ صاحب ما وراء النهر في هذا العام، وتأهب مسعود، وحشد يقصد العراق، فجاءه أمر شغله؛ وهو عصيان نائبه على الهند، فسار
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 113"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 181"، والعبر "3/ 180"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 253".
لقصده، وجهزه مسعود؛ وهو الأمير أحمد بن ينال تكين، ثم عاثت الترك الغزية بما وراء النهر، فقصدهم مسعود، وأوقع بهم، وأثخن فيهم، ثم كر إلى طبرستان، لأن نائبها فارق الطاعة، وجرت له خطوب.
ثم اضطرب جند مسعود، وتجرؤوا عليه، وبادرت الغز، فأخذوا نيسابور وبدعوا، فاستنجد مسعود بملوك ما وراء النهر فما نفعوا، ثم سارت الغز لحربه، وعليهم طغرلبك، وأخوه داود، فهزموه، وأخذت خزائنه، وركب هو فيلًا ماهرًا حركًا يعده للحروب، فنجا عليه في قل من غلمانه، وكان جسيمًا لا يعدو به فرس إلَّا قليلًا، ثم أقام بغزنة، وأخلد إلى اللذات، وذهبت منه خراسان، فعزم على سكنى الهند بآله ورجاله. وشرع في ذلك في سنة اثنتين وثلاثين في الشتاء لفرط برد غرنة، وأخذ معه أخاه محمدًا مسمولًا، فلما وصل إلى نهر الهند، نزل عليه، وواصل السكر، واستقر بقلعة هناك، وتخطفه بعض العسكر، وذل، فخلعوه، وملكوا المسمول محمدًا، وقبض عليه محمد، وقال: لأقابلنك على فعلك بي، فاختر مكانًا تنزله بحشمك. فاختار قلعةً، فبعثه إليها مكرمًا. فعمل عليه ولد محمد وجماعة، وبيتوه وقتلوه حنقًا عليه، وجاؤوا برأسه إلى السلطان المسمول، فبكى، وغضب على ابنه، ودعا عليه، وكان مودود بن مسعود مقيمًا بغزنة وبينهما عشرة أيام، فسارع في خمسة آلاف، وبيت محمدًا، وقتل أمراء، وقبض على عمه محمد، وقتل الذين قتلوا أباه؛ وكانوا اثني عشر، ثم قتل عمه محمدًا.
3948 - ابن الطبيز
(1)
:
الشيخ المعمر المسند، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن أحمد، الحلبي، السراج الرامي، المشهور بابن الطبيز، نزيل دمشق.
حدث عن: محمد بن عيسى البغدادي العلاف، وأبي بكر محمد بن الحسين السبيعي، ومحمد بن جعفر بن السقا، وأبي بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، وجماعة تفرد في الدنيا عنهم.
روى عنه: عبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد الربعي، والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، ووالده أحمد، وأبو عبد الله بن أبي الصقر الأنباري، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والفقيه نصر المقدسي، وعبد الرزاق بن عبد الله الكلاعي، وآخرون.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 174"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 248".
قال أبو الوليد الباجي: هو شيخ لا بأس به.
قال عبد العزيز: توفي شيخنا ابن الطبيز في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، وكان يذكر أن مولده في سنة ثلاثين وثلاث مائة.
قال: وكانت له أصول حسنة، وكان يذهب إلى التشيع.
قلت: كان شيخه العلاف يروي عن أحمد بن عبيد الله النرسي والكبار.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران: أخبرنا أحمد بن الخضر، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عبد الرحمن ابن عبد العزيز السراج، أخبرنا محمد بن جعفر بن هشام الحلبي، حدثنا سليمان بن المعافى بحلب، حدثنا أبي، حدثنا موسى بن أعين، عن أبي الأشهب، عن عمران بن مسلم، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من دخل السوق، فقال: لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له بها ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، وبنى له بيتًا في الجنة"
(1)
.
هذا إسناد صالح غريب.
(1)
منكر: أخرجه الطيالسي "12"، وأحمد "1/ 47"، والترمذي "3429"، وابن ماجه "2235"، والطبراني في "الدعاء""789"، "790" و"791"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة""182"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان""2/ 180"، والبزار "125"، والبغوي في "شرح السنة""1338"، كلهم من طريق عمرو بن دينار، مولى آل الزبير، عن سالم بن عبد الله بن عمر، به.
وقال أبو عيسى: "عمرو بن دينار هذا هو شيخ بصري، وقد تكلم فيه بعض أصحاب الحديث من غير هذا الوجه"، وقال أبو حاتم الرازي في "العلل""2/ 171/ 2006"، "وهذا حديث منكر جدًا لا يحتمل سالم هذا الحديث".
قلت: إسناده ضعيف جدًا. في عمرو بن دينار، قهرمان آل الزبير، وهو مولى آل الزبير بن شعيب، وليس الزبير بن العوام، قال أحمد: ضعيف، وقال البخاري: فيه نظر، وقال ابن معين: ذاهب. وقال مرة: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف. وفي الحديث اضطراب، قال الدارقطني في "العلل" "2/ 49":"ورواه فضيل بن عياض، عن هشام، عن سالم، عن أبيه، ولم يذكر فيه عمر، ورواه سويد بن عبد العزيز عن هشام، عن عمرو، عن ابن عمر، عن عمر موقوفًا، ولم يذكر فيه سالمًا، ويشبه أن يكون الاضطراب فيه من عمرو بن دينار، لأنه ضعيف قليل الضبط، وروى عن عمر بن محمد بن زيد قال: حدثني رجل من أهل البصرة مولى قريش، عن سالم، فرجع الحديث إلى عمرو بن دينار، وهو ضعيف الحديث، لا يحتج به". =
3949 - الميداني
(1)
:
الشيخ الإمام المحدث، أبو الحسين، عبد الوهاب بن جعفر بن علي، الدمشقي، ابن الميداني.
يروي عن: أبي علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن عمارة، وأبي عبد الله بن مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبي بكر ابن أبي دجانة، وأبي عمر بن فضالة، وخلق بعدهم. وعني بالرواية والإكثار.
وعنه: رشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأحمد بن قبيس المالكي، وطائفة.
قال الكتاني: ذكر أنه كتب بمائة رطل حبر، احترقت كتبه وجددها.
ثم قال: كان فيه تساهل، واتهم في ابن هارون.
توفي في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وأربع مائة عن ثمانين سنة.
3950 - ابن دراج
(2)
:
العلامة المنشئ البليغ، أبو عمر، أحمد بن محمد بن العاص، القسطلي، الأندلسي، من أعيان الأدباء، وفحول الشعراء.
قال الثعالبي: كان بالأندلس كالمتنبي بالشام.
قلت: هو من كتاب المنصور الحاجب، فقال فيه قصيدةً، منها يقول:
ألم تعلمي أنّ الثّواء هو النّوى
…
وأنّ بيوت العاجزين قبور
تخوّفني طول السّفار وإنّه
…
لتقبيل كفّ العامريّ سفير
دعيني أرد ماء المفاوز آجنا
…
إلى حيث ماء المكرمات نمير
مات في جمادى الآخرة، سنة إحدى وعشرين وأربع مائة، وله خمس وسبعون سنة.
= وقد بينت هذا الاضطراب، وفصلت في الحديث القول تفصيلًا على النحو الذي يرضي الجماهير من عشاق علم الحديث في كتبانا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" المجلد الأول ط. مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف حديث رقم "346" يسر الله بكرمه ومنه طبع بقية المجلدات الثلاث، وأكثر النفع بها، وجعلها في ميزان حسناتنا إنه سميع مجيب كريم جواد.
(1)
ترجمته في ميزان الاعتدال "2/ 679"، ولسان الميزان "4/ 86"، وشذات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 210".
(2)
تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3856"، وبتعليقنا رقم "134".
3951 - ابن شهيد
(1)
:
العلامة البليغ، جاحظ وقته، أبو عامر، أحمد بن أبي مروان، عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين أحمد بن عبد الملك بن عمر ابن شهيد، الأشجعي القرطبي، الشاعر.
كان حامل لواء النظم والنثر بالأندلس، وله ترسل فائق.
وله تواليف أنيقة الجد، مطبوعة الهزل، منها: كتاب جونة عطار.
قال أبو محمد بن حزم: ولنا من البلغاء أبو عامر، له من التصرف في وجوه البلاغة وشعابها مقدار ينطق فيه بلسان مركب من عمرو يعني الجاحظ وسهل يعني ابن هارون.
ومن نظمه:
فكأنّ النّجوم في اللّيل جيشٌ
…
دخلوا للكمون في جوف غاب
وكأنّ الصّباح قانص طيرٍ
…
قبضت كفّه برجل غراب
توفي في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وأربع مائة.
قال ابن حزم: كان حامل لواء الشعر والبلاغة، ما خلف له نظيرًا، وانقرض عقب جده الوزير بموته، وكان سمحًا جوادًا.
3952 - تراب بن عمر
(2)
:
ابن عبيد، أبو النعمان المصري، الكاتب.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والدارقطني.
وعنه: أبو القاسم بن أبي العلاء، والقاضي الخلعي.
عاش بضعًا وثمانين سنة، ومات في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 90"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 220"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 116"، والعبر "3/ 159"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 230".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 231".
3953 - الفلكي
(1)
:
الحافظ الأوحد، أبو الفضل، علي بن الحسين بن أحمد بن الحسن، الهمذاني، عرف بالفلكي.
قال شيرويه: سمع: عامة مشايخ همذان والعراق وخراسان. حدث عن: ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، والقاضي أبي بكر الحيري. حدثنا عنه: الحسني، والميداني.
وكان حافظًا متقنًا يحسن هذا الشأن جيدًا جيدًا.
صنف الكتب منها: الطبقات الملقب ب"المنتهى في معرفة الرجال" في ألف جزء.
سمعت حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الإسلام الأنصاري يقول: ما رأت عيناي أحدًا من البشر أحفظ من ابن الفلكي، وكان صوفيًا مشمرًا.
قلت: مات بنيسابور في شعبان، سنة سبع وعشرين وأربع مائة كهلًا: وكان جده بارعًا في علم الفلك والحساب، هيوبًا محتشمًا، توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.
3954 - الرزجاهي
(2)
:
العلامة المحدث الأديب، أبو عمرو، محمد بن عبد الله بن أحمد، الرزجاهي البسطامي، الفقيه الشافعي؛ تلميذ أبي سهل الصعلوكي.
كتب الكثير عن: ابن عدي، والإسماعيلي، وابن الغطريف، وأبي علي بن المغيرة، وتصدر للإفادة.
حدث عنه: البيهقي، والرئيس الثقفي، وأبو سعد بن أبي صادق، وعلي بن محمد الفقاعي، وعدة.
مات في ربيع الأول سنة سبع وعشرين وأربع مائة، وله ست وسبعون سنة، وكان صاحب فنون.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 330"، واللباب لابن الأثير "2/ 440"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1009"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 185".
(2)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 419"، والأنساب للسمعاني "6/ 110"، واللباب لابن الأثير "2/ 23"، والعبر "3/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 230".
3955 - الزيدي
(1)
:
الإمام العالم المقرئ المعمر، شيخ حران، أبو القاسم، علي ابن محمد بن علي، الهاشمي العلوي الحسيني الزيدي، الحراني الحنبلي السني.
تلا بالروايات على الأستاذ أبي بكر النقاش، وروى عنه: تفسيره "شفاء الصدور"، فكان آخر من روى عنه القراءات والحديث.
تلا عليه: أبو معشر عبد الكريم الطبري، وأبو القاسم الهذلي، وأبو العباس أحمد بن الفتح الموصلي؛ نزيل زهر الملك.
وكان مفخر أهل حران.
قال أبو عمرو الداني: هو آخر من قرأ على النقاش.
قال: وكان ثقةً ضابطًا مشهورًا، أقرأ بحران دهرًا طويلًا.
وقال هبة الله بن أحمد الأكفاني: سمعت عبد العزيز الكتاني وقد أريته جزءًا من كتب إبراهيم بن شكر من مصنفات الآجري، والسماع عليه مزور بين التزوير -فقال: ما يكفي علي بن محمد الزيدي الحراني أن يكذب حتى يكذب عليه.
قلت: توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وقد قارب المائة.
وأعلى شيء عنده القراءات والتفسير عن النقاش، والنقاش مجمع على ضعفه في الحديث لا في القراءات، فإن كان الزيدي مقدوحًا فيه، فلا يفرح بعلو رواياته للأمرين، وقد وثقه أبو عمرو الداني في الجملة، كما وثق شيخه النقاش، ولكن الجرح مقدم، وما أدري ما أقول.
وبلغني أن الزيدي نفذ رسولًا إلى ملك الروم، فلما جلس، غنت النصارى، وحركوا الأرغل، فثبت الزيدي عند سماعه، وتعجبوا من ثباته كثيرًا، فلما قام، وجدوا تحت كعبه الدم مما ثبت نفسه، ولم يتحرك.
(1)
ترجمته في مزيان الاعتدال "3/ 155"، ولسان الميزان "4/ 259"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 251".
3956 - ابن السمسار
(1)
:
الشيخ الجليل، المسند العالم، أبو الحسن، علي بن موسى بن الحسين، ابن السمسار الدمشقي.
حدث عن: أبيه، وأخيه المحدث أبي العباس محمد، وأخيه الآخر أحمد، وأبي القاسم علي بن أبي العقب، وأبي عبد الله محمد ابن إبراهيم بن مروان، وأحمد بن أبي دجانة، وأبي علي بن آدم الفزاري، وأبي عمر بن فضالة ومظفر بن حاجب بن أركين، والدارقطني، والفقيه أبي زيد المروزي وحمل عنه صحيح البخاري، وروى عن خلق كثير.
وكان مسند أهل الشام في زمانه.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو القاسم المصيصي، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، والفقيه نصر ابن إبراهيم، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال الكتاني: كان فيه تشيع وتساهل.
وقال أبو الوليد الباجي: فيه تشيع يفضي به إلى الرفض، وهو قليل المعرفة، في أصوله سقم.
مات ابن السمسار في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وقد كمل التسعين، وتفرد بالرواية عن ابن أبي العقب وطائفة، ولعل تشيعه كان تقية لا سجية، فإنه من بيت الحديث، ولكن غلت الشام في زمانه بالرفض، بل ومصر والمغرب بالدولة العبيدية، بل والعراق وبعض العجم بالدولة البويهية، واشتد البلاء دهرًا، وشمخت الغلاة بأنفها، وتواخى الرفض والاعتزال حينئذ، والناس على دين الملك، نسأل الله السلامة في الدين.
(1)
ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 158"، ولسان الميزان "4/ 264"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 252".
3957 - صاعد بن محمد
(1)
:
ابن أحمد بن عبد الله القاضي، أبو العلاء الأستوائي، النيسابوري، الفقيه، شيخ الحنفية ورئيسهم، وقاضي نيسابور.
سمع: أبا عمرو بن نجيد، وبشر بن أحمد، وعلي بن عبد الرحمن البكائي.
وعنه: الخطيب، والقاضي صاعد بن سيار.
سمع: نا جزءًا من حديثه من أبي نصر المزي عن جده.
مولده سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة.
ومات في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين. وقيل: سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
3958 - سيار بن يحيى:
ابن محمد بن إدريس، العلامة القاضي، أبو عمرو الكناني الهروي الحنفي.
سمع: من: أبي عاصم محبوب بن عبد الرحمن الحاكم، وجماعة.
وعنه: ابناه: القاضي أبو العلاء صاعد، والقاضي أبو الفتح نصر.
مات سنة ثلاثين وأربع مائة، فخلفه ابنه أبو الفتح إلى أن قتل مظلومًا في سنة (446)، فخلفه أخوه، فامتدت أيامه.
3959 - ابن عليك:
الحافظ الحجة الإمام، أبو سعد، عبد الرحمن بن الحسن بن عليك، النيسابوري.
روى عن: أبي أحمد الحاكم، وأبي سعيد الرازي، وأبي بكر بن شاذان، والدارقطني، وخلق.
حدث عنه: أبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، وإمام الحرمين أبو المعالي، وأبو سعد بن القشيري.
وجمع وصنف.
توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة. وكان من أبناء السبعين.
أخذ بالكوفة عن أبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبي المفضل الشيباني، وببغداد أيضًا عن علي بن عمر السكري، وبمرو عن طائفة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 344"، والأنساب للسمعاني "1/ 221"، واللباب لابن الأثير "1/ 52"، والعبر "3/ 174"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 32"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 248".
3960 - ابن دوست:
الحاكم العلامة النحوي، أبو سعد، عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن عزيز بن محمد، ابن دوست، النيسابوري؛ صاحب التصانيف الأدبية، وله "ديوان" شعر.
ولد سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.
سمع: منك أبي عمرو بن حمدان، وبشر بن أحمد، وأبي أحمد الحاكم، وعدة.
وكان أصم لا يسمع: شيئًا.
أخذ اللغات عن أبي نصر الجوهري.
وعنه أخذ المفسر أبو الحسن الواحدي، وغيره.
وكان ذا زهد وصلاح.
مات في ذي القعدة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.
3961 - القيشطالي
(1)
:
المحدث الثقة، مسند وقته، أبو عمرو، عثمان بن أحمد بن محمد ابن يوسف، المعافري القرطبي القيشطالي؛ بشين مشوبة بجيم، نزيل إشبيلية.
سمع: مع أبيه من أبي عيسى الليثي "الموطأ" وتفسير ابن نافع، وسمع: من القاضي ابن السليم، وابن القوطية، والزبيدي.
وكان نديمًا للمؤيد بالله هشام.
قال ابن خزرج: كان من أهل الطهارة والعفاف والثقة، وروايته كثيرة. مات في صفر، سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، عن ثمانين سنة.
قلت: روى عنه: محمد بن شريح المقرئ، وأبو عبد الله الخولاني، وابنه أحمد بن محمد، وآخرون.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 404"، والعبر "3/ 174"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 248". =
3962 - الدزبري
(1)
:
أمير الجيوش المظفر، سيف الخلافة، عضد الدولة، أبو منصور، نوشتكين بن عبد الله التركي.
اشتراه بدمشق سنة أربع مائة القائد تزبر الديلمي، فرأى منه فرط شهامة وإقدام، وشاع ذكره، فقدمه للحاكم، وقيل: بل نفذ الحاكم بطلبه في سنة ثلاث وأربع مائة. وجعل بين المماليك الحجرية، فقهرهم واستطال، فضربه واليهم، ثم لزم الخدمة، وتودد إلى الأمراء، فارتضاه الحاكم، وأعجب به، فأمره، وبعثه إلى دمشق سنة ست، فتلقاه تزبر، فتأدب وترجل لمولاه، ثم أعيد إلى مصر، وجرد إلى الريف، ثم بعث واليًا على بعلبك، وحسنت سيرته، ثم نقل إلى قيسارية، واتفق قتل متولي حلب فاتك؛ قتله غلامه، ثم ولي فلسطين، فخافه ملك العرب حسان بن مفرج الطائي، وقلق، وجرت لأمير الجيوش هذا وقائع، ودوخ العرب، فخبث حسان، وكاتب فيه وزير مصر الحسن بن صالح، فأمسكه بحيلة دبرت له سنة سبع عشرة وأربع مائة، فشفع فيه سعيد السعداء، فأطلق له، ثم ترقى، وكثرت غلمانه وأمواله.
وأما الشام، فعاثت العرب فيها، وأفسدت، ووزر نجيب الدولة الجرجرائي، فقدم نوشتكين على العساكر سبعة آلاف، فقصد حسان وصالح بن مرداس، فكانت المصاف على الأقحوانة، فهزم العرب، وقتل صالح، فبعثت الخلع إلى نوشتكين، ثم نازل حلب، ثم عاد إلى دمشق، ونزل بالقصر، ثم رد إلى حلب ودخلها، فأحسن إلى الرعية، وعدل، ثم تغير، وشرب الخمر، فجاء كتاب بذمه وتهديده، فقلق وتنصل، وكتب: من عبد الدولة العلوية، والإمامية الفاطمية متبرئًا من ذنوبه لائذًا بالعفو، ثم حم، وطلب طبيبًا، فوصف له مسهلًا، فأبى، وأصابه فالج أبطل يده ورجله، ثم مات بعد أيام من جمادى الأولى، سنة ثلاث وثلاثين بحلب، ومما خلف من النقد ست مائة ألف دينار، وأصله من بلاد ختن، ومن قواده مقلد بن منقذ الكناني.
3963 - شعيب بن عبد الله:
ابن المنهال، مسند مصر، أبو عبد الله المصري.
حدث عن: أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي، وطائفة.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم بن الحطاب الرازي، وأبو الحسن الخلعي، وطائفة.
قال أبو إسحاق الحبال: يتكلم في مذهبه، مات في شعبان سنة أربع وثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 272"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "4/ 252".
3964 - الرخجي
(1)
:
الوزير الكبير، أبو علي، الحسين، وزير بني بويه بالعجم، ثم عظم عن الوزارة وتركها، فكانت الوزراء يغشونه، ويتأدبون معه، حتى مات في سنة ثلاثين، وأربع مائة.
3965 - الكسار:
القاضي الجليل العالم، أبو نصر؛ أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن بوان الدينوري.
سمع: "سنن" النسائي المختصر من الحافظ أبي بكر بن السني، وسماعه له في سنة ثلاث وستين وثلاث مائة، وحدث به في جمادى الأولى، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة.
حدث عنه: بدر بن خلف الفركين وعبدوس بن عبد الله الهمذاني، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن.
وكان الكسار صدوقًا، صحيح السماع، ذا علم وجلالة. مات في هذا الوقت بعد تحديثه بالكتاب بيسير، وآخر من روى عنه بالإجازة مسند أصبهان أبو علي الحداد.
3966 - ابن رزمة
(2)
:
الشيخ الثقة، أبو الحسين، محمد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة، البزاز، من محدثي بغداد.
حدث عن: أبي بكر بن خلاد العطار، وأبي بكر بن سلم، وأبي سعيد السيرافي، وطائفة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر بن سوار المقرئ، وخالد ابن عبد الواحد التاجر.
قال الخطيب: كان صدوقًا، كثير السماع، كتبت عنه.
وعاش أربعًا وثمانين سنة، مات في جمادى الأولى، سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.
وفيها توفي أبو بكر محمد بن جعفر الميماسي؛ راوي "موطأ" يحيى ابن بكير، وشارح "الصحيح" أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 100"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 356".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 361"، والعبر "3/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 255".
3967 - ابن فاذشاه
(1)
:
الشيخ الرئيس المسند، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن الحسين ابن محمد بن فاذشاه، الأصبهاني التاني.
سمع الكثير من: أبي القاسم الطبراني، وكان سماعه من جده الحسين في سنة أربع وخمسين وثلاث مائة. روى "المعجم الكبير" كله عن الطبراني، وغير ذلك.
حدث عنه: معمر بن أحمد اللنباني، والمحسد بن محمد الإسكاف، وطاهر بن محمود الصباغ، وأبو الفتح عبد الله بن محمد الخرقي، وأبو القاسم عبد الله بن عمر الغسال، وعبد الجبار بن محمد التاجر، وعبد الأحد بن أحمد العنبري، ونصر بن أبي القاسم الصباغ، والهيثم بن محمد المعداني، وستان بنت حسين الصالحاني، ومحمد بن عمر بن عزيزة، وأبو سعد أحمد بن عبد الكريم الأطروش، وأبو علي الحداد، ومحمود بن إسماعيل الأشقر، وخلق من شيوخ السلفي.
قال يحيى بن مندة: كان ابن فاذشاه صاحب ضياع كثيرة، صحيح السماع، رديء المذهب.
قلت: كان يرمى بالاعتزال والتشيع.
مات في صفر، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة.
ومن شعره:
سهام الشّيب نافذةٌ مصيبة
…
وسابقة الملمّة والمصيبة
ومن نزل المشيب بعارضيه
…
قد استوفى من الدنيا نصيبه
(1)
ترجمته في العبر "3/ 178"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 250".
3968 - ذو القرنين
(1)
م:
الأمير الكبير، الشاعر المجيد، وجيه الدولة، أبو المطاع، ذو القرنين بن حمدان ابن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي.
فمن نظمه:
إني لأحسد "لا" في أسطر الصّحف
…
إذا رأيت اعتناق اللاّم للألف
وما أظنّها طال اعتناقهما
…
إلاّ لما لقيا من شدّة الشّغف
وكان قد سار إلى مصر، وولي الإسكندرية في دولة الظاهر بن الحاكم، ثم رجع إلى دمشق.
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
3969 - الإدريسي
(2)
:
القاسم بن حمود بن ميمون بن أحمد بن عبيد الله بن عمر بن إدريس ابن إدريس بن عبد الله بن حسن، العلوي الحسني، الإدريسي.
ولي قرطبة سنة ثمان وأربع مائة عند قتل أخيه علي بن حمود.
وكان ساكنًا وادعًا، أمن الناس به، وفيه تشيع قليل، ثم خرج عليه ابن أخيه يحيى بن علي سنة اثنتي عشرة، ففر منه القاسم إلى إشبيلية، ثم حشد، وأقبل إلى قرطبة، فهرب منه يحيى أيضًا، ثم بعد أشهر اضطرب أمر القاسم، وانهزم عنه البربر في سنة أربع عشرة، وتغلبت كل فرقة على بلد، وجرت خطوب وزلازل، ثم لحق القاسم بشريش، فقصده يحيى بن علي، وحاصره، وظفر به، وأسره، فبقي في اعتقاله دهرًا، وفي اعتقال ابنه إدريس بن يحيى، فلما مات إدريس، خنقوا القاسم هذا وله ثمانون سنة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، ثم حمل تابوته إلى الجزيرة الخضراء، فدفن بها، وبها يومئذ ولده محمد.
(1)
م، مكرر: ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 279"، والعبر "3/ 165"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 238"، وستأتي ترجمته برقم عام "3987".
(2)
تقدمت ترجمته في المجلد الثاني عشر برقم ترجمة عام "3706"، وبتعليقنا رقم "736".
3970 - الأملوكي
(1)
:
الشيخ أبو المعمر، المسدد بن علي الأملوكي، خطيب حمص.
سمع: محمد بن عبد الرحمن الحلبي، ويوسف الميانجي، والحسين ابن خالويه، وأحمد بن عبد الكريم الحلبي، وعدة.
وعنه: أبو نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وأبو صالح المؤذن، وأحمد بن أبي الحديد، وولده الحسن بن أحمد، وعبد الله بن عبد الرزاق الكلاعي.
وصار في آخر إمام مسجد سوق الأحد بدمشق.
قال الكتاني: كان فيه تساهل، مات في ذي الحجة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.
3971 - الإسماعيلي
(2)
:
العلامة، مفتي جرجان، أبو معمر، المفضل بن إسماعيل بن العلامة شيخ الإسلام أبي بكر، الإسماعيلي الجرجاني الشافعي، رئيس البلد وعالمه ومحدثه.
روى عن: جده كثيرًا، وحفظ القرآن وجملةً من الفقه وهو ابن سبعة أعوام، ورحل به أبوه، فأكثر عن ابن شاهين، والدارقطني، ويوسف بن الدخيل، والحافظ أبي زرعة محمد بن يوسف.
وكان ممن يضرب المثل بذكائه، روى الكثير، وأملى وعاش أخوه مسعدة بعده إلى سنة ثلاث وأربعين.
وتوفي هو في ذي الحجة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، بعد موت أخيه الإمام أبي العلاء بسنة.
3972 - الخولاني
(3)
:
شيخ المالكية، مفتي القيروان، رفيق أبي عمران الفاسي.
تفقه بأبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي.
تخرج به أئمة كأبي القاسم بن محرز، وأبي إسحاق التونسي، وأبي القاسم الستوري، وأبي محمد عبد الحق الصقلي، وأبي حفص العطار.
وكان رأسًا في المذهب، واسع الأدب، ذا تأله وصلاح وتعبد.
مات سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
وقد دخل إلى مصر وسمع: بها.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 176"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 249".
(2)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 421"، والأنساب للسمعاني "1/ 252"، والعبر "3/ 176"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 249".
(3)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 38"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 324".
3973 - الإسماعيلي
(1)
:
مفتي جرجان وعالمها، أبو العلاء السري بن العلامة الكبير، أبي سعد إسماعيل ابن شيخ عصره أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، الإسماعيلي الجرجاني الشافعي الأديب.
تفقه بأبيه، وسمع: الكثير من جده، وتفرد عنه ببعض تواليفه، وسمع: من ابن الغطريف، وابن شاهين، والدارقطني.
وتخرج به الفقهاء.
وكان عالم تلك الديار، متواضعًا محبًا للعلماء والصلحاء.
عاش سبعين سنة وتوفي سنة ثلاثين وأربع مائة. رحمه الله.
3974 - الدبوسي
(2)
:
العلامة، شيخ الحنفية، القاضي أبو زيد، عبد الله بن عمر بن عيسى، الدبوسي البخاري، عالم ما وراء النهر، وأول من وضع علم الخلاف وأبرزه.
وكان من أذكياء الأمة.
وله كتاب: "تقويم الأدلة"، وكتاب "الأسرار"، وكتاب:"الأمد الأقصى". وأشياء.
مات ببخارى سنة ثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 185".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 273"، واللباب لابن الأثير "1/ 490"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 48"، والعبر "3/ 171"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 76"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 245".
3975 - الحوفي
(1)
:
العلامة، نحوي مصر، أبو الحسن؛ علي بن إبراهيم بن سعيد، الحوفي، صاحب أبي بكر محمد بن علي الأدفوي.
له: إعراب القرآن؛ في عشر مجلدات.
تخرج به المصريون.
وتوفي سنة ثلاثين وأربع مائة.
3976 - الرازي
(2)
:
الحافظ الأوحد، أبو بكر؛ أحمد بن علي، الرازي ثم الإسفراييني، الزاهد الثبت.
أملى بإسفرايين عن: شافع بن محمد، وزاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي، وطبقتهم.
وانتقى عليه الشيوخ، وتعب وجمع.
حدث عنه: أبو صالح المؤذن.
مات كهلًا في قرب الثلاثين وأربع مائة.
3977 - البراذعي:
شيخ المالكية، أبو سعيد؛ خلف بن أبي القاسم، الأزدي القيرواني المغربي المالكي، صاحب "التهذيب" قفي اختصار "المدونة".
قال القاضي عياض: كان من كبار أصحاب ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي، وعلى كتابه المعول بالمغرب، سكن صقلية واشتهرت كتبه هناك، وقرب من السلطان، والله يسمح له، لم أظفر بوفاته.
قال القاضي عياض: كان مبغضًا عند أصحابه لصحبته سلاطين القيروان، ويقال: لحقه دعاء الشيخ أبي محمد، لأنه كان ينتقصه، ويطلب مثالبه.
بقي إلى بعد الثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 273"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 221"، والعبر "3/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 247".
(2)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 988".
3978 - ابن غالب
(1)
:
شيخ المالكية، القدوة الزاهد، أبو محمد؛ عبد الله بن غالب بن تمام، الهمداني، المغربي، شيخ أهل سبتة.
ارتحل وحمل بالأندلس عن: أبي بكر الزبيدي، وأبي محمد الأصيلي، وبمصر عن: أبي بكر بن المهندس، وطبقته، وبالقيروان عن: أبي محمد بن أبي زيد.
أخذ عنه: ولده الفقيه أبو عبد الله محمد، وإسماعيل بن حمزة، وابن جماح القاضي المالكي، وأبو محمد المسيلي.
وكان من أوعية العلم، بصيرًا بالمذهب، متفننًا أديبًا، بليغًا شاعرًا، حافظًا نظارًا، مدار الفتاوى عليه.
مات في صفر سنة أربع وثلاثين وأربع مائة.
3979 - الزهري
(2)
:
الفقيه العلامة، أبو طالب؛ عمر بن إبراهيم بن سعيد، الزهري الوقاصي، من ذرية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص، بغدادي من كبار الشافعية ببغداد، ويعرف بابن حمامة.
مولده في سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.
كتب عن: أبي بكر القطيعي، وابن ماسي، وعيسى بن محمد الرخجي، وعدة.
روى عنه: الخطيب ووثقه.
توفي سنة أربع وثلاثين وأربع مائة.
3980 - جهور بن محمد
(3)
:
ابن جهور بن عبيد الله، رئيس قرطبة وأميرها، وصاحبها بعد هيج الفتن بالجزيرة.
نصب نفسه ممسكًا لقربطة إلى أن تهيأ من يصلح للملك، وعاش إحدى وسبعين سنة.
حدث عن: عباس بن أصبغ، وأبي عبد الله بن مفرج، وخلف بن القاسم.
وكان من وزراء الدولة العامرية، ومن رجال الكمال دهاء ورأيا وسؤددًا وتصونًا.
وثبت على قرطبة، وتملك من غير أن يتلقبب بإمرةن ولا تحول من داره، وجعل بيوت الأمول تحت أيدي جماعة ودائع، وصير أهل الأسواق أدنادًا، ورزقهم من أموال أعطاها إياهم مضاربة، وفرق عليهم الأسلحة، وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز وهو بزي النساك.
واستمر في الأمر إلى أن مات في المحرم سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.
وقام في الإمرة كذلك بعده ابنه الأمير أبو الوليد؛ محمد بن جهور.
وحدث عنه: محمد بن عتاب، وغيره.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 299"، والعبر "3/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 254".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 274".
(3)
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "3708"، وبتعليقنا رقم "738".
3981 - ابن شعيب
(1)
:
الإمام، شيخ الشافعية، أبو علي؛ الحسن بن محمد بن شعيب، ويقال: اسمه الحسين بن شعيب، السنجي المروزي.
مصنف شرح كتاب "الفروع" لابن الحداد، وهو من أنفس كتب المذهب، وله: كتاب "المجموع".
وهو أول من جمع بين طريقتي خراسان والعراق.
أخذ الفقه عن: أبي بكر المروزي القفال.
وكان من رفقاء القاضي حسين، وأبي محمد الجويني.
مات في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
3982 - الطحان
(2)
:
الشيخ الثقة، أبو القاسم؛ عبد الباقي بن محمد بن أحمد بن زكريا، البغدادي، الطحان.
سمع: أبا بكر الشافعي، وأبا علي بن الصواف.
روى عنه: الخطيب، وطاهر بن أسد الطباخ، وجماعة.
عمر ثمانيًا وثمانين سنة، وتوفي في جمادى الأولى، سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 165"، "السنجي"، واللباب لابن الأثير "2/ 147"، ووفيات الأعيان لابن خلكان. "2/ 135".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 90"، والعبر "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 250".
3983 - ابن كردي
(1)
:
المعمر، أبو عبد الله؛ أحمد بن محمد بن علي بن كردي، البغدادي الأنماطي.
حدث عن: أبي بكر الشافعي.
روى عنه: الخطيب، وقال: لا بأس به، والفضل بن عبد العزيز القطان، وعبد الله بن محمد الحارثي.
مات في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة.
3984 - ابن عباد
(2)
:
القاضي الكبير، أمير إشبيلية ومدبرها وحاكمها، أبو القاسم؛ محمد ابن إسماعيل بن عباد بن قريش، اللخمي، من ذرية أمير الحيرة النعمان بن المنذر، أصله من الشام من بلد العريش، فدخل أبوه الأندلس، ونشأ أبو القاسم، فبرع في العلم، وتنقلت به الأحوال، وولي قضاء إشبيلية في أيام بني حمود العلوية، فساس البلد، وحمد، ورمقته العيون، ثم سار يحيى ابن علي بن حمود، وكان ظلومًا، فحاصر إشبيلية، فاجتمع الأعيان على القاضي، وأطاعوه، ثم قالوا: انهض بناء إلى هذا الظالم، ونملكك. فأجابهم، وتهيأ للحرب، وذكرنا أن يحيى ركب إليهم سكران، فقتل، وتمكن القاضي، ودانت له الرعية، ولقب بالظافر، ثم إنه تملك قرطبة وغيرها.
وقصته مشهورة مع الشخص الذي زعم أنه المؤيد بالله المرواني، وكان خبر المرواني قد انقطع من عشرين سنة، وجرت فتن صعبة في هذه السنين، فقيل لابن عباد: إن المؤيد حي بقلعة رباح في مسجد، فطلبه، واحترمه، وبايعه بالخلافة، وصير نفسه كوزير له.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 70".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 22"، والعبر "3/ 179"ن وتاريخ ابن خلدون "4/ 156".
قال الأمير عزيز: حسد ابن عباد، وقالوا: قتل يحيى الإدريسي من أهل البيت، وقتل ابن ذي النون ظلمًا، فبقي يفكر فيما يفعله، فجاءه رجل، فقال: رأيت المؤيد. فقال: انظر ما تقول! قال: إي والله هو هو. وقال تومرت -عبد كان يخدم المؤيد: وأنا إذا رأيت سيدي، عرفته، ولي فيه علامات. فأرسل رجلًا مع ذلك الرجل إلى قلعة رباح، فوجداه، فقدم معهما، فلما رآه تومرت، وثب، وقبل قدمه، وقال: مولاي والله! فقبل حينئذ القاضي يده، ثم بويع، وأخرجه يوم الجمعة، ومشوا بين يديه إلى الجامع، ثم خطب المؤيد الناس، وصلى بهم، وبقي ابن عباد كالحاجب له على قاعدة الحاجب المنصور بن أبي عامر، غير أن المؤيد يخرج إلى الجمعة دائمًا، ودانت له أكثر المدن.
قال عزيز: هرب المؤيد من قرطبة عام أربع مائة متنكرًا حتى قدم مكة ومعه كيس جواهر، فشعر به حرامية مكة، فأخذوه منه، وبقي يومين لم يطعم، ثم عمل في الطين وتقوت، ثم توصل إلى القدس، فتعلم نسج الحصر، ثم رجع إلى الأندلس سنة 24.
قال عزيز: هذا رواه مشايخ.
وقال ابن حزم: فضيحة! أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام يسمون أمير المؤمنين في وقت؛ أحدهم خلف الحصري بإشبيلية على أنه المؤيد بالله، والثاني محمد بن القاسم الإدريسي بالجزيرة الخضراء، والثالث محمد بن إدريس بن علي بن حمود بمالقة، والرابع إدريس بن يحيى بن علي بن حمود بشنترين. فهذه أخلوقة لم يسمع: بمثلها! وخطب لخلف على المنابر، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش، فأقام في الأمر نيفًا وعشرين سنة، وابن عباد القاضي كالوزير بين يديه.
قلت: مات القاضي في جمادى الأولى، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، ودفن بقصر إشبيلية، وخلفه ابنه المعتضد بالله عباد، فدامت دولته إلى سنة أربع وستين وأربع مائة.
وقيل: بل بقي القاضي محمد إلى سنة تسع وثلاثين، وكان يستعين بالوزير محمد بن الحسن الزبيدي، وبعيسى بن حجاج الحضرمي، وبعبد الله بن علي الهوزني، وكان له ابنان: إسماعيل قتل في مصاف، والمعتضد الذي تملك بعده.
3985 - الأردستاني:
الإمام الحافظ الفقيه، أبو الحسن؛ محمد بن عبد الواحد بن عبيد الله ابن أحمد بن الفضل بن شهريار، الأردستاني، ثم الأصبهاني، مصنف كتاب الدلائل السمع: ية على المسائل الشرعية؛ وهو في ثلاثة أسفار.
حدث عن: أبي بكر بن المقرئ، وعبيد الله بن يعقوب بن إسحاق ابن جميل، والحسن بن علي ابن البغدادي، ومحمد بن أحمد بن جشنس، وأبي عبد الله بن مندة، وأحمد بن إبراهيم العبقسي، وأبي عمر بن مهدي، وأبي أحمد الفرضي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وإبراهيم بن خرشيذ قوله، وعدة. وينزل إلى أبي نعيم الحافظ ونحوه.
وينصب الخلاف مع أبي حنيفة ومالك، وينتصر لإمامه الشافعي، ولكنه لا يتكلم على الأسانيد. وفي كتابه مخبآت تنبئ بإمامته وحفظه.
روى عنه: سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو علي الحداد وغيرهما.
وقع لي من حديثه في "معجم" الحداد.
مات بعد الثلاثين وأربع مائة.
3986 - ابن سينا
(1)
:
العلامة الشهير الفيلسوف، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق.
كان أبوه كاتبًا من دعاة الإسماعيلية، فقال: كان أبي تولى التصرف بقرية كبيرة، ثم نزل بخارى، فقرأت القرآن وكثيرًا من الأدب ولي عشر، وكان أبي ممن آخى داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية.
ثم ذكر مبادئ اشتغاله، وقوة فهمه، وأنه أحكم المنطق وكتاب إقليدس إلى أن قال: ورغبت في الطب، وبرزت فيه، وقرؤوا علي، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه، وأناظر ولي ست عشرة سنةً.
ثم قرأت جميع أجزاء الفلسفة، وكنت كلما أتحير في مسألة، أو لم أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المنغلق منه، وكنت أسهر، فمهما غلبني النوم، شربت قدحًا. إلى أن قال: حتى استحكم معي جميع العلوم، وقرأت كتاب "ما بعد الطبيعة"، فأشكل علي حتى أعدت قراءته أربعين مرةً، فحفظته ولا أفهمه، فأيست. ثم وقع لي مجلد لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب "ما بعد الحكمة الطبيعية"، ففتح علي أغراض الكتب، ففرحت، وتصدقت بشيء كثير.
(1)
ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 539"، ولسان الميزان "2/ 291"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 25"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 234".
واتفق لسلطان بخارى نوح مرض صعب، فأحضرت مع الأطباء، وشاركتهم في مداواته، فسألت إذنًا في نظر خزانة كتبه، فدخلت فإذا كتب لا تحصى في كل فن، فظفرت بفوائد. إلى أن قال: فلم بلغت ثمانية عشر عامًا، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شيء، وصنفت "المجموع"، فأتيت فيه على علوم، وسألني جارنا أبو بكر البرقي وكان مائلًا إلى الفقه والتفسير والزهد، فصنفت له الحاصل والمحصول في عشرين مجلدة، ثم تقلدت شيئًا من أعمال السلطان، وكنت بزي الفقهاء إذ ذاك؛ بطيلسان محنك، ثم انتقلت إلى نسا، ثم أباورد وطوس وجاجرم، ثم إلى جرجان.
قلت: وصنف الرئيس بأرض الجبل كتبًا كثيرةً، منها "الإنصاف"؛ عشرون مجلدًا، "البر والإثم"؛ مجلدان، "الشفاء"، ثمانية عشر مجلدًا، "القانون"؛ مجلدات. "الإرصاد"، مجلد، "النجاة"، ثلاث مجلدات، "الإشارات"، مجلد، "القولنج"، مجلد، "اللغة"، عشر مجلدات، "أدوية القلب"، مجلد، الموجز مجلد، "المعاد" مجلد، وأشياء كثيرة ورسائل.
ثم نزل الري وخدم مجد الدولة وأمه، ثم خرج إلى قزوين وهمذان، فوز بها، ثم قام عليه الأمراء، ونهبوا داره، وأرادوا قتله، فاختفى، فعاود متوليها شمس الدولة القولنج، فطلب الرئيس، واعتذر إليه، فعالجه، فبرأ، واستوزره ثانيًا، وكانوا يشتغلون عليه، فإذا فرغوا، حضر المغنون، وهيئ مجلس الشراب. ثم مات الأمير، فاختفى أبو علي عند شخص، فكان يؤلف كل يوم خمسين ورقةً، ثم أخذ، وسجن أربعة أشهر، ثم تسحب إلى أصبهان متنكرًا في زي الصوفية هو وأخوه وخادمه وغلامان. وقاسوا شدائد، فبالغ صاحب أصبهان علاء الدولة في إكرامه، إلى أن قال خادمه: وكان الشيخ قوي القوى كلها، يسرف في الجماع، فأثر في مزاجه، وأخذه القولنج حتى حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح معاه، وظهر به سحج، ثم حصل له الصرع الذي يتبع علة القولنج، فأمر يومًا بدانقين من بزر الكرفس في الحقنة، فوضع طبيبه عمدًا أو خطًا زنة خمسة دراهم، فازداد السحج، وتناول مثروذيطوس لأجل الصرع، فكثره غلامه، وزاده أفيون، وكانوا قد خانوه في مال كثير، فتمنوا هلاكه، ثم تصلح، لكنه مع حاله يكثر الجماع، فينتكس، وقصد علاء الدولة همذان، فسار معه الشيخ، فعاودته العلة في الطريق، وسقطت قوته، فأهمل العلاج، وقال: ما كان يدبر بدني عجز، فلا تنفعني المعالجة. مات بهمذان بعد أيام وله ثلاث وخمسون سنة.
قال ابن خلكان: ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجل يختم القرآن في كل ثلاث، ثم مات يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
قال: ومولده في صفر سنة سبعين وثلاث مائة.
قلت: إن صح مولده، فما عاش إلَّا ثمانيًا وأربعين سنة وأشهرًا، ودفن عند سور همذان، وقيل: نقل تابوته إلى أصبهان.
ومن وصية ابن سينا لأبي سعيد، فضل الله الميهني: ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عينه مكحولةً بالنظر إليهن وقدمه موقوفةً على المثول بين يديه، مسافرًا بعقله في الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قرارهن فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن ظاهر تجلى لكل شيء بكل شيء، وتذكر نفسه، وودعها، وكان معها كأن ليس معها، فأفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر والصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي الرياء، ولن تخلص النفس عن الدون ما التفتت إلى قيل وقال وجدال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما انفرج عن علم، ومعرفة الله أول الأوائل، إليه يصعد الكلم الطيب. إلى أن قال: والمشروب فيهجر تلهيًا لا تشفيًا، ولا يقصر في الأوضاع الشرعية، ويعظم السنن الإلهية.
قد سقت في تاريخ الإسلام أشياء اختصرتها، وهو رأس الفلاسفة الإسلامية، لم يأت بعد الفارابي مثله، فالحمد لله على الإسلام والسنة.
وله كتاب "الشفاء"، وغيره، وأشياء لا تحتمل، وقد كفره الغزالي في كتاب "المنقذ من الضلال"، وكفر الفارابي.
وقال الرئيس: قد صح عندي بالتواتر ما كان بجوزجان في زماننا من أمر حديد لعله زنة مائة وخمسين منًا نزل من الهواء، فنشب في الأرض، ثم نبا نبوة الكرة، ثم عاد، فنشب في الأرض، وسمع: له صوت عظيم هائل، فلما تفقدوا أمرهن ظفرا به، وحمل إلى والي جوزجان، فحاولوا كسر قطعة منه، فما عملت فيه الآلات إلَّا بجهد، فراموا عمل سيف منه، فتعذر. نقله في "الشفاء".
3987 - ذو القرنين
(1)
:
الأمير الكبير، نائب دمشق، وجيه الدولة، أبو المطاع، ابن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي الشاعر.
ولي دمشق بعد لؤلؤ سنة إحدى وأربع مائة، وجاءته الخلع من الحاكم، ثم عزل بابن بزال، ثم ولي دمشق للظاهر بن الحاكم، ثم عزل بعد أشهر بسختكين، ثم وليها سنة خمس عشرة، ثم عزل بالدزبري بعد أربعة أعوام.
وله نظم في الذروة، وكان ابنه من خيار الدولة المصرية.
مات ذو القرنين في صفر سنة ثمان وعشرين وأربع مائة، وكان من أبناء الثمانين.
وله:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا
…
وشهدت حين نكرّر التّوديعا
أيقنت أنّ من الدّموع محدّثا
…
وعلمت أنّ من الحديث دموعا
ومن شعره:
أفدي الذي زرته بالسّيف مشتملًا
…
ولحظ عينيه أمضى من مضاربه
فما خلعت نجادي للعناق له
…
إلا لبست نجادًا من ذوائبه
فبات أسعدنا في نيل بغيته
…
من كان في الحبّ أشقانا بصاحبه
3988 - المحاملي
(2)
:
الشيخ أبو عبد الله؛ أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل، الضبي المحاملي.
سمع: النجاد، وأبا سهل بن زياد، ودعلجًا، وطائفة.
وعنه: الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأبو غالب الباقلاني، وآخرون.
قال الخطيب: سماعه صحيح، حدث له صمم في سنة ثمان، ومات سنة تسع وعشرين وأربع مائة، في ربيع الآخر عن ست وثمانين سنة.
(1)
تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "3968"، وبتعليقنا رقم "241".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 238".
3989 - ابن الحارث
(1)
:
الإمام أبو بكر؛ أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحارث، التميمي الأصبهاني، المقرئ النحوي، الزاهد المحدث، نزيل نيسابور.
حدث عن: أبي الشيخ بن حيان، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وأبي الحسن الدارقطني، وطائفة.
حدث عنه: البيهقي، ومحمد بن يحيى المزكي، ومنصور بن حيد، وعبد الغفار بن محمد الشيروبي، وآخرون.
وتخرج به أهل نيسابور في العربية.
مات في ربيع الأول سنة ثلاثين وأربع مائة عن إحدى وثمانين سنة، وحدث "بسنن الدارقطني".
3990 - الحيري
(2)
:
العلامة المفسر، أبو عبد الرحمن؛ إسماعيل بن أحمد، النيسابوري، الحيري، الضرير الزاهد، أحد الأعلام.
له التصانيف في القرآن والقراءات، والحديث والوعظ، ونفع الخلق.
روى عن: زاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي، وحفيد ابن خزيمة، وأبي الهيثم الكشميهني.
وعنه: الخطيب، ومسعود بن ناصر.
قال الخطيب: قدم علينا، ونعم الشيخ كان، له تفسير مشهور، قرأت عليه "صحيح البخاري" في ثلاثة مجالس؛ ميعادان في ليلتين، وقرأت الثالث من ضحوة إلى الليل، ثم إلى طلوع الفجر.
قلت: مات سنة ثلاثين وأربع مائة وله تسع وستون سنة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 170"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 245".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 313"، والأنساب للسمعاني "4/ 289"، والعبر "3/ 171"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 245".
3991 - ابن رامش
(1)
:
المولى الكبير، متولي نيسابور، أبو عبد الله؛ منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد، النيسابوري.
حدث بخراسان وببغداد والحرم ودمشق عن: أبي الفضل عبيد الله الزهري، وأبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وعبيد الله بن محمد الفامي، والدارقطني، وأبي ممد المخلدي، وعدة.
روى عنه: الخطيب، والكتاني، والحسن بن أبي الحديد، وأبو الفضل بن الفرات، ومحمد بن علي المطرز.
وكان صدرًا معظمًا، ثقةً، محدثًا كثير الرواية، وجه بوقر من مسموعاته، وتفرد بأشياء.
قال عبد الغافر بن إسماعيل في "السياق": كنيته أبو نصر الرئيس، السلار الغازي، رجل من الرجال، وداه من الدهاة، ولي رئاسة نيسابور في دولة محمود، وترتيب نيسابور بعدله وإنصافه، ثم حج وجاور سنتين، ثم عاد فولي البلد، فلم يتمكن من العدل، فاستعفى، ولزم العبادة، وكان ثقةً.
توفي في رجب سنة سبع وعشرين وأربع مائة.
3992 - ابن المغلس
(2)
:
الأستاذ اللغوي، أبو محمد، عبد العزيز بن أحمد بن السيد بن مغلس، القيسي الأندلسي، نزيل مصر، من أئمة الأدب.
وله نظم بديع، وهو القائل:
مريض الجفون بلا علّةٍ
…
ولكنّ قلبي به ممرض
وما زار شوقًا ولكن أتى
…
يعرّض لي أنّه معرض
أخذ عن: صاعد بن الحسن الربعي وغيره.
توفي سنة سبع وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 86".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 369"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 193".
3993 - المعتلي
(1)
:
أمير الأندلس، أبو زكريا؛ يحيى بن علي بن حمود، الحسني الإدريسي المغربي، الملقب بالمعتلي بالله.
توثب على عمه الأمير القاسم بن حمود، وزحف إليه من مالقة، وتملك قرطبة، ثم تراجع أمر القاسم، واستمال البربر، وحشد وقصد قرطبة في سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، ففر المعتلي إلى مالقة، ثم اضطرب أمر القاسم بعد يسير، وتغلب المعتلي على الجزيرة الخضراء، وكانت أمه علوية أيضًا، ثم تلقب بأمير المؤمنين، واستفحل أمره، وتسلم قرطبة ثانيًا، وتسلم القلاع قبل سنة عشرين، ثم حاصر إشبيلية، وكبيرها القاضي محمد ابن إسماعيل بن عباد، فبرز عدة فوارس للمبارزة، فساق لقتالهم المعتلي بنفسه وهو مخمور، فقتلوه في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مائة، فقام بعده ولده إدريس.
واتفق في العام موت الأمير المعتد بالله أبي بكر هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر المرواني، وكان قد بويع، ونهض بأمره عميد قرطبة أبو الحزم جهور بن محمد، فعقدوا له في سنة ثمان عشرة، وبقي مترددًا في الثغور ثلاث سنين، وثارت فتن وبلايا واضطراب، ثم خلعه الجند، وأهين، فالتجأ إلى ابن هود بسرقسطة إلى أن مات عن ثلاث وستين سنة، فهو آخر المروانية.
3994 - ابن شهاب
(2)
:
الإمام العلامة الأوحد، الكاتب المجود، أبو علي؛ الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي، العكبري، الفقيه الحنبلي.
مولده سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة.
وطلب الحديث في رجوليته، فسمع: من: أبي علي بن الصواف، وأبي بكر بن خلاد، وأبي بكر القطيعي، وحبيب بن الحسن القزاز، فمن بعدهم.
وبرع في المذهب، وكان من أئمة الفقه والعربية والشعر وكتابة المنسوب.
وثقة أبو بكر البرقاني.
(1)
تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "3707"، وبتعليقنا رقم "737".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 329"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 92"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 241".
وحدث عنه: أبو بكر الخطيب، وعيسى بن أحمد الهمذاني.
وكان يضرب المثل بحسن كتابته.
قال الخطيب: حدثنا عيسى بن أحمد قال: قال لي أبو علي بن شهاب يومًا: أرني خطك، فقد ذكر لي أنك سريع الكتابة، فنظر فيه، فلم يرضه، ثم قال لي: كسبت في الوراقة خمسةً وعشرين ألف درهم راضية، كنت أشتري كاغدًا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال، وأبيعه بمائةي درهم، وأقله بمائة وخمسين درهمًا، وكذلك كتب الأدب المطلوبة.
قال الأزهري: أوصى بالثلث لفقهاء الحنابلة، فلم يعطوا شيئًا، أخذ السلطان من تركته ألف دينار سوى العقار.
مات ابن شهاب في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
3995 - ابن باكويه
(1)
:
الإمام الصالح المحدث، شيخ الصوفية؛ أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن باكويه، الشيرازي.
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مائة.
وطلب هذا الشأن، وارتحل فيه.
وسمع: محمد بن خفيف الزاهد، ومحمد بن ناصح الكرجي، وأبا أحمد بن عدي، وأبا بكر الإسماعيلي، وأبا يعقوب النجيرمي، وأبا بكر القطيعي، وأبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، وعلي بن عبد الرحمن البكائي الكوفي، ومغيرة بن عمرو المكي، وإسماعيل بن محمد البلخي الفراء، وأبا بكر بن المقرئ، وأبا بكر يوسف بن القاسم الميانجي، ولقي ببخارى أبا بكر محمد بن القاسم الفارسي.
حدث عنه: أبو القاسم القشيري، وعبد الواحد ولد القشيري، وأبو بكر بن خلف الشيرازي، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي، وعلي بن أبي صادق الحيري، وعبد الغفار بن محمد الشيروبي، وآخرون.
وقع لي جزء من حديثه، وله تصانيف وجموع.
قال أبو صالح المؤذن: نظرت في أجزاء أبي عبد الله بن باكويه، فلم أجد عليها آثار السماع، وأحسن ما سمعت عليه الحكايات.
قال الحسين بن محمد الكتبي: مات سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 54"، واللباب لابن الأثير "1/ 113"، والعبر "3/ 167". وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 242".
3996 - أبو عمران الفاسي
(1)
:
الإمام الكبير، العلامة، عالم القيروان، أبو عمران؛ موسى بن عيسى بن أبي حاج يحج، البربري، الغفجومي الزناتي، الفاسي المالكي، أحد الأعلام.
تفقه بأبي الحسن القابسي، وهو أكبر تلامذته، ودخل إلى الأندلس، فتفقه بأبي محمد الأصيلي. وسمع: من عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأحمد بن القاسم التاهرتي.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان صاحبي عندهم، وأنا دللته عليهم.
قلت: حج غير مرة، وأخذ القراءات ببغداد عن أبي الحسن الحمامي، وغيره، وسمع: من أبي الفتح بن أبي الفوارس، والموجودين، وأخذ علم العقليات عن القاضي أبي بكر بن الباقلاني في سنة تسع وتسعين وسنة أربع مائة.
قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران من أعلم الناس وأحفظهم، جمع حفظ الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه، وكان يقرأ القراءات ويجودها، ويعرف الرجال والجرح والتعديل، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب، لم ألق أحدًا أوسع علمًا منه، ولا أكثر روايةً.
قال ابن بشكوال: أقرأ الناس بالقيروان، ثم ترك ذلك، ودرس الفقه، وروى الحديث.
قال ابن عبد البر: ولدت مع أبي عمران في سنة ثمان وستين وثلاث مائة.
قال أبو عمرو الداني: توفي في ثالث عشر رمضان سنة ثلاثين وأربع مائة.
قلت: تخرج بهذا الإمام خلق من الفقهاء والعلماء.
وحكى القاضي عياض قال: حدث في القيروان مسألة في الكفار؛ هل يعرفون الله-
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 80"، والأنساب للسمعاني "9/ 224"، واللباب لابن الأثير "2/ 407"، والعبر "3/ 172"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 30"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 247".
تعالى أم لا؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في ألسنة العامة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسي، فقال: إن أنصتم، علمتكم. قالوا: نعم. قال: لا يكلمني إلَّا رجل، ويسمع: الباقون. فنصبوا واحدًا، فقال له: أرأيت لو لقيت رجلًا، فقلت له: أتعرف أبا عمران الفاسي؟ قال: نعم. فقلت له: صفه لي. قال: هو بقال في سوق كذا، ويسكن سبتة، أكان يعرفني? فقال: لا. فقال: لو لقيت آخر فسألته كما سألت الأول، فقال: أعرفه، يدرس العلم، ويفتي، ويسكن بغرب الشماط، أكان يعرفني؟ قال: نعم. قال: فكذلك الكافر قال: لربه صاحبة وولد، وأنه جسم، فلم يعرف الله ولا وصفه بصفته بخلاف المؤمن. فقالوا: شفيتنا. ودعوا له، ولم يخوضوا بعد في المسألة.
قلت: المشركون والكتابيون وغيرهم عرفوا الله تعالى بمعنى أنهم لم يجحدوه، وعرفوا أنه خالقهم، قال -تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه} [الزخرف: 87] وقال: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10]، فهؤلاء لم ينكروا البارئ، ولا جحدوا الصانع، بل عرفوه، وإنما جهلوا نعوته المقدسة، وقالوا عليه ما لا يعلمون، والمؤمن فعرف ربه بصفات الكمال، ونفى عنه سمات النقص في الجملة، وآمن بربه، وكف عما لا يعلم، فبهذا يتبين لك أن الكافر عرف الله من وجه، وجهله من وجوه، والنبيون عرفوا الله تعالى، وبعضهم أكمل معرفةً لله، والأولياء فعرفوه معرفةً جيدة، ولكنها دون معرفة الأنبياء، ثم المؤمنون العالمون بعدهم، ثم الصالحون دونهم. فالناس في معرفة ربهم متفاوتون، كما أن إيمانهم يزيد وينقص، بل وكذلك الأمة في الإيمان بنبيهم والمعرفة له على مراتب، فأرفعهم في ذلك أبو بكر الصديق مثلًا، ثم عدد من السابقين، ثم سائر الصحابة، ثم علماء التابعين، إلى أن تنتهي المعرفة به والإيمان به إلى أعرابي جاهل وامرأة من نساء القرى، ودون ذلك. وكذلك القول في معرفة الناس لدين الإسلام.
3997 - بشرى
(1)
:
ابن مسيس، وهو ابن عبد الله، الشيخ المعمر، الصالح الصادق المسند، أبو الحسن، الرومي الفاتني؛ مولى فاتن الأمير، مولى المطيع لله.
أسر من أرض الروم وهو أمرد، فحكى قال: أهداني بعض بني حمدان إلى فاتن،
فأدبني، وأسمعني، ثم ورد أبي إلى بغداد سرًا ليتلطف في أخذي، فلما رآني على تلك الصفة من الإسلام والاشتغال بالعلم، يئس مني، ورجع.
حدث عن: أبي بكر بن الهيثم الأنباري، ومحمد بن بدر الحمامي، وعمر بن محمد بن حاتم الترمذي، وسعد بن محمد الصيرفي، ومحمد بن حميد المخرمي، وابن سلم الختلي، والحافظ أبي محمد بن السقاء، وأبي يعقوب النجيرمي، وأبي بكر القطيعي، وطائفة.
حدث عنه: الخطيب، وخالد بن عبد الواحد التاجر، وهبة الله بن أحمد الموصلي، والأمير أبو نصر ابن ماكولا، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وأبو ياسر أحمد بن بندار، وعدة.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا صالحًا، توفي يوم عيد الفطر سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.
قلت: مات في عشر المائة.
قال الخطيب: حدثني أن أباه ورد بغداد سرًا ليتلطف في أخذه، قال: فلما رآني على تلك الحالة من الاشتغال بالعلم والمثابرة على لقاء الشيوخ، علم ثبوت الإسلام في قلبي، فانصرف.
وفيها مات أبو علي الحسن بن الحسين بن دوما النعالي، والقاضي أبو عمرو سيار بن يحيى الهروي والد صاعد، والقاضي أبو العلاء صاعد بن محمد الأستوائي، وأبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك، وعبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز بدمشق، وعثمان بن أحمد القيشطالي، ومحمد بن أحمد التميمي الجواليقي، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج، وأبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني، ومحمد بن الفضل بن نظيف الفراء، والمسدد بن علي الأملوكي، والمفضل بن إسماعيل بن أبي بكر الإسماعيلي، ومحمد بن عوف المزني بدمشق.
3998 - محمد بن عوف
(2)
:
ابن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، الإمام المحدث الحجة، أبو الحسن المزني الدمشقي. وكان تكنى قديمًا بأبي بكر، فلما منعت الدولة العبيدية من التكني بذلك، تكنى بأبي الحسن.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 135"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 51"، والأنساب للسمعاني "9/ 208"، واللباب لابن الأثير "2/ 401"، والعبر "3/ 173"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 248".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 175"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "4/ 294"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 249".
حدث عن أبي علي الحسن بن منير، وأبي علي بن أبي الرمرام، ومحمد بن معيوف، والفضل بن جعفر المؤذن، والقاضي يوسف الميانجي، وأبي سليمان بن زبر، وعدة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الطاهر بن أبي الصقر الأنباري، والفقيه نصر ابن إبراهيم، وعلي بن بكار الصوري، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال الكتاني: كان شيخًا ثقةً نبيلًا مأمونًا، توفي في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.
قلت: كان من أبناء التسعين أو دونها.
أخبرنا محمد بن علي الصالحي، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين ابن الحسن الأسدي سنة عشرين وست مائة، أخبرنا جدي، أخبرنا الحسن بن أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عوف، أخبرنا الفضل بن جعفر، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس، حدثنا عبد الرحمن بن إسماعيل ابن يحيى، حدثني الوليد بن محمد قال: قال الزهري: حدثني أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي، فيأتيها والشمس مرتفعة
(1)
.
العوالي عن المدينة: أربعة أميال.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "550"، "551"، ومسلم "621"، وأبو داود "404" من طريق ابن شهاب، عن أنس، به.
3999 - ابن المزكي
(1)
:
المحدث الصادق المعمر، أبو عبد الله، محمد بن المحدث أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه، النيسابوري المزكي، أحد الإخوة الخمسة وهو أصغرهم.
حدث عن: والده أبي إسحاق المزكي، وأبي العباس محمد بن إسحاق الصبغي، وحامد بن محمد الرفاء، وأبي عمرو بن مطر، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي بكر بن الهيثم الأنباري، وأبي بحر البربهاري، وأبي بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، وعدة.
وانتقى عليه أحمد بن علي بن منجويه الحافظ، وأبو حازم العبدويي، وكان صحيح الأصول.
قال عبد الغافر الفارسي: كان أبي يتأسف على فوات السماع منه، وقد أخبرنا عنه أخوالي؛ أبو سعد، وأبو سعيد، وأبو منصور، ونافع بن محمد الأبيوردي، وفلان الشقاني، وأبو بكر محمد بن يحيى المزكي بن أخيه، وعلي بن عبد الرحمن العثماني.
قلت: وأبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق، وعبد الغفار بن محمد الشيروبي، وآخرون.
مات سنة سبع وعشرين وأربع مائة، وكان من أبناء الثمانين، رحمه الله.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 163"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "1/ 350"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 233".
4000 - القرشي
(1)
:
الإمام المسند العدل، أبو عثمان؛ سعيد بن العباس بن محمد بن علي بن سعيد، القرشي الهروي.
سمع: أبا علي حامد بن محمد الرفاء، وأبا حامد بن حسنويه، وأبا الفضل بن خميرويه، ومنصور بن العباس البوشنجي، وجماعةً تفرد بالرواية عنهم.
وانتخب عليه الحافظ أبو يعقوب القراب أجزاء كثيرةً.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، ومحمد بن علي العميري، وآخرون.
عاش أربعًا وثمانين سنة. مات في المحرم سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة.
وكان من سروات الرجال وبقايا المسندين بهراة.
4001 - النصرويي
(2)
:
الشيخ الجليل، الإمام المحدث، أبو سعد، عبد الرحمن بن حمدان بن محمد بن حمدان بن نصرويه، النصرويي بصاد مهملة النيسابوري.
رحل وكتب الكثير، وروى "مسند" إسحاق وغير ذلك.
حدث عن: أبي عمرو بن نجيد، وأبي الحسن السراج، وأبي محمد ابن ماسي، ومحمد بن أحمد المفيد، وأبي بكر القطيعي، وأبي عبد الله العصمي، وطبقتهم.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، وأبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمويه، وعبد الغفار الشيرويي، وعدة. وسماعه لمسند إسحاق من عبد الله بن محمد بن زياد السمذي.
مات في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وأبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الطيان بدمشق، وأبو نصر أحمد بن الحسين الكسار، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي الهروي، وأبو الحسن علي بن محمد بن السمسار، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن الباجي، والسلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين، وقاضي إشبيلية الملك محمد بن إسماعيل بن عباد، وأحمد بن محمد بن فاذشاه، وأبو القاسم علي بن محمد الزيدي؛ شيخ حران.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 113، 114"، والأنساب "10/ 94"، والعبر "3/ 178" وشذرات الذهب "3/ 50".
(2)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 311"، والعبر "3/ 178"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 250".
4002 - أبو ذر الهروي
(1)
:
الحافظ الإمام المجود، العلامة، شيخ الحرم، أبو ذر؛ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير بن محمد، المعروف ببلده بابن السماك، الأنصاري الخراساني الهروي المالكي، صاحب التصانيف، وراوي الصحيح عن الثلاثة: المستملي، والحموي، والكشميهني.
قال: ولدت سنة خمس أو ست وخمسين وثلاث مائة.
سمع: أبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه، وبشر بن محمد المزني، وعدةً بهراة، وأبا بكر هلال بن محمد بن محمد، وشيبان بن محمد الضبعي بالبصرة، وعبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وأبا عمر بن حيويه، وعلي بن عمر السكري، وأبا الحسن الدارقطنين وطبقتهم ببغداد، وعبد الوهاب الكلابي ونحوه بدمشق، وأبا مسلم الكاتب وطبقته بمصر، وزاهر ابن أحمد الفقيه بسرخس، وأبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ، وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عثمان الدينوري، وغيره بمكة. وألف معجمًا لشيوخه، وحدث بخراسان وبغداد والحرم.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 141"، والمنتظم لابن الجوزي "1/ 115"، والعبر "3/ 180"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 997"، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردي "5/ 36"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 254".
حدث عنه: ابنه أبو مكتوم عيسى، وموسى بن علي الصقلي، وعلي ابن محمد بن أبي الهول، والقاضي أبو الوليد الباجي، وأبو عمران موسى بن أبي حاج الفارسي، وأبو العباس بن دلهاث، ومحمد بن شريح، وأبو عبد الله بن منظور، وعبد الله بن الحسن التنيسي، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وعلي بن بكار الصوري، وأحمد بن محمد القزويني، وأبو الطاهر إسماعيل بن سعيد النحوي، وعبد الله بن سعيد الشنتجالي، وعبد الحق بن هارون السهمي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وعلي بن عبد الغالب البغدادي، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبو شاكر أحمد ابن علي العثماني، وعنده عنه فرد حديث، وعدة.
وروى عنه بالإجازة: أبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر الخطيب، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون الخولاني المتوفى في سنة ثمان وخمس مائة.
أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي، أخبرنا علي بن أحمد الجرباذقاني بهراة "ح" وأخبرنا أبو الحسن الغرافي، أخبرنا علي بن روزبه ببغداد، أخبرنا أبو الوقت السجزي قالا: أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال: عبد بن أحمد السماك الحافظ صدوق، تكلموا في رأيه، سمعت منه حديثًا واحدًا عن شيبان بن محمد الضبعي، عن أبي خليفة، عن علي بن المديني حديث جابر بطوله في الحج
(1)
قال لي: اقرأه علي حتى تعتاد قراءة الحديث، وهو أول حديث قرأته على الشيخ، وناولته الجزء، فقال: لست على وضوء، فضعه.
قال أبو ذر: سمعت الحديث من ابن خميرويه.
قلت: هو أقدم شيخ له.
قال: ودخلت على أبي حاتم بن أبي الفضل قبل ذلك، وسمعته يملي يقول: حدثنا الحسين بن إدريس، قال أبو بكر الخطيب: قدم أبو ذر بغداد، وحدث بها وأنا غائب، وخرج إلى مكة، وجاور، ثم تزوج في العرب، وأقام بالسروات، فكان يحج كل عام، ويحدث، ثم يرجع إلى أهله، وكان ثقةً ضابطًا دينًا، مات بمكة في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وأربع مائة.
وقال الأمين ابن الأكفاني: حدثني أبو علي الحسين بن أبي حريصة، قال: بلغني أن أبا ذر مات سنة أربع بمكة، وكان على مذهب مالك ومذهب الأشعري.
(1)
صحيح: حديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم في حديث طويل "1128".
قلت: أخذ الكلام ورأي أبي الحسن عن القاضي أبي بكر بن الطيب، وبث ذلك بمكة، وحمله عنه المغاربة إلى المغرب، والأندلس، وقبل ذلك كانت علماء المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يتقنون الفقه أو الحديث أو العربية، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان الأصيلي، وأبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر الطلمنكي، ومكي القيسي، وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر، والعلماء.
وقد مدح إسماعيل بن سعيد النحوي أبا ذر بقصيدة.
قال أبو الوليد الباجي في كتاب اختصار فرق الفقهاء من تأليفه، في ذكر القاضي ابن الباقلاني: لقد أخبرني الشيخ أبو ذر وكان يميل إلى مذهبه، فسألته: من أين لك هذا؟ قال: إني كنت ماشيًا ببغداد مع الحافظ الدارقطني، فلقينا أبا بكر بن الطيب فالتزمه الشيخ أبو الحسن، وقبل وجهه وعينيه، فلما فارقناه، قلت له: من هذا الذي صنعت به ما لم أعتقد أنك تصنعه وأنت إمام وقتك؟ فقال: هذا إمام المسلمين، والذاب عن الدين، هذا القاضي أبو بكر محمد بن الطيب. قال أبو ذر: فمن ذلك الوقت تكررت إليه مع أبي، كل بلد دخلته من بلاد خراسان وغيرها لا يشار فيها إلى أحد من أهل السنة إلَّا من كان على مذهبه وطريقه.
قلت: هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان، وبالحضرة رؤوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يرد على الكرامية، وينصر الحنابلة عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامر، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام، وقد ألف كتابًا سماه: الإبانة، يقول فيه: فإن قيل: فما الدليل على أن لله وجهًا ويدًا؟ قال: قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27]، وقوله:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، فأثبت تعالى لنفسه وجهًا ويدًا. إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله! بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه. إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم تزل ولا يزال موصوفًا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع: والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى. فهذا نص كلامه. وقال نحوه في كتاب التمهيد له، وفي كتاب الذب عن الأشعري وقال: قد بينا دين الأمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير.
قلت: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الذي أوضحه أبو الحسن وأصحابه، وهو
التسليم لنصوص الكتاب والسنة، وبه قال ابن الباقلاني، وابن فورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد، فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو.
ولأبي ذر الهروي مصنف في الصفات على موال كتاب أبي بكر البيهقي بحدثنا وأخبرنا.
قال الحسن بن بقي المالقي: حدثني شيخ قال: قيل لأبي ذر: أنت هروي فمن أين تمذهبت بمذهب مالك ورأي أبي الحسن؟ قال: قدمت بغداد. فذكر نحوًا مما تقدم في ابن الطيب. قال: فاقتديت بمذهبه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل في "تاريخ نيسابور": كان أبو ذر زاهدًا، ورعًا عالمًا، سخيًا لا يدخر شيئًا، وصار من كبار مشيخة الحرم، مشارًا إليه في التصوف، خرج على الصحيحين تخريجًا حسنًا، وكان حافظًا، كثير الشيوخ.
قلت: له "مستدرك" لطيف في مجلد على "الصحيحين" علقت منه، يدل على معرفته، وله كتاب "السنة"، وكتاب "الجامع"، وكتاب "الدعاء"، وكتاب "فضائل القرآن"، وكتاب "دلائل النبوة"، وكتاب "شهادة الزور"، وكتاب "العيدين". الكل بأسانيده، وله كتاب "فضائل مالك"، كبير، و"كتاب الصحيح المسند المخرج على الصحيحين"، و"مسانيد الموطأ" و"كرامات الأولياء"، و"المناسك"، و"الربا"، و"اليمين الفاجرة"، وكتاب "مشيخته"، وأشياء. وهذه التواليف لم أرها، بل سماها القاضي عياض.
وقال علي بن المفضل الحافظ: روى لنا السلفي شيخنا- أحاديث عن أبي بكر الطريثيثي بسماعه من أبي ذر، وعن أبي شاكر العثماني حديثًا واحدًا بسماعه منه. وسمع: نا من السلفي جميع صحيح البخاري بإجازته من أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، وكان شيخنا أبو عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري سمع: الكتاب بمكة من أبي مكتوم، فسمعت عليه أكثره، وأجاز لي ما بقي من آخره، وآخر من حدث عن أبي مكتوم أبو الحسن علي بن حميد بن عمار الأنصاري بمكة، وأجازه لي.
قال: وقرأت الكتاب كله على شيخنا أبي طالب صالح بن سند بسماعه من الطرطوشي، عن أبي الوليد الباجي، عن أبي ذر، وقرأته على أبي القاسم مخلوف بن علي القروي، عن أبي الحجاج يوسف بن نادر اللخمي، عن علي بن سلمان النقاش، عن أبي ذر، عن شيوخه الثلاثة.
قال الحافظ أبو علي الغساني: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد الباجي، أخبرنا
أبي أن الفقيه أبا عمران الفاسي مضى إلى مكة، وقد كان قرأ على أبي ذر شيئًا، فوافق أبا ذر في السراة موضع سكناه، فقال لخازن كتبه: أخرج إلي من كتب الشيخ ما أنسخه ما دام غائبًا، فإذا حضر، قرأته عليه. فقال الخازن: لا أجترئ على هذا، ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت، فخذ وافعل ذلك. فأخذها، وأخرج ما أراد، فسمع: أبو ذر بالسراة بذلك، فركب، وطرق مكة، وأخذ كتبه، وأقسم أن لا يحدثه. فلقد أخبرت أن أبا عمران كان بعد إذا حدث عن أبي ذر، يوري عن اسمه، فيقول: أخبرنا أبو عيسى. وبذلك كانت العرب تكنيه باسم ولده.
قلت: قد مات أبو عمران الفاسي قبل أبي ذر، وكان قد ألقي القاضي ابن الباقلاني والكبار، وما لانزعاج أبي ذر وجه، والحكاية دالة على زعارة الشيخ والتلميذ رحمهما الله.
وكان ولده أبو مكتوم يحج من السراة، ويروي، إلى أن قدم فلان المرابط من أمراء المغرب، فجاور وسمع: صحيح البخاري من أبي مكتوم، وأعطاه ذهبًا جيدًا، فأباعه نسخة الصحيح، وذهب بها إلى المغرب. وحج أبو مكتوم في سنة سبع وتسعين وأربع مائة وله بضع وثمانون سنة، وحج فيها أبو طاهر السلفي، وأبو بكر السمع: اني، وجمعهم الموقف، فقال السمع: اني للسلفي: اذهب بنا نسمع: منه. قال السلفي: فقلت له: دعنا نشتغل بالدعاء، ونجعله شيخ مكة. قال: فاتفق أنه نفر من منى في النفر الأول مع السرويين وذهب، وفاتهما الأخذ عنه. قال السلفي: فلامني ابن السمع: اني، فقلت: أنت قد سمعت الصحيح مثله من أبي الخير بن أبي عمران صاحب الكشميهني، وما كان معه من مروياته سواه.
قلت: ولم يسمع: لأبي مكتوم بعد هذا العام بذكر ولا ورخ لنا موته.
وقد أرخ القاضي عياض موت أبي ذر في سنة خمس وثلاثين وأربع مائة، والصواب: في سنة أربع.
قال أبو علي بن سكرة: توفي عقب شوال.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا أحمد بن طاووس سنة 617، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد كتابةً، أن بشر بن محمد المزني حدثهم إملاء، حدثنا الحسين بن إدريس، حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا الوليد بن الوليد، حدثنا ابن ثوبان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول، فإذا كان أول يوم من شهر رمضان، هبت ريح من تحت العرش، فشققت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن: يا رب! اجعل لنا من عبادك أزواجًا تقربهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا".
قال الفقيه نصر: تفرد به الوليد بن الوليد العنسي، وقد تركوه.
قلت: وهاه الدارقطني، وقواه أبو حاتم الرازي.
وفيها أعني سنة أربع توفي شعيب بن عبد الله بن المنهال بمصر، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري، وهارون بن محمد بن أحمد بن هارون في رمضان.
4003 - محمد بن عيسى:
ابن عبد العزيز بن الصباح، الإمام المحدث، الرئيس الأوحد، شيخ همذان، أبو منصور الهمذاني الصوفي، العبد الصالح.
حدث عن: الحافظ صالح بن أحمد، وجبريل العدل، والهمذانيين، وسهل بن أحمد الديباجي، وابن المظفر، ومحمد بن إسحاق القطيعي، والبغداديين، وأبي بكر بن المقرئ، والأصبهانيين، ويوسف بن أحمد بن الدخيل المكي، وطبقتهم.
قال شيرويه في "تاريخه": حدثنا عنه أبو طالب العلوي، وأبو الفضل القومساني، ومحمد بن حسين، ومحمد بن طاهر، ويحيى وثابت ابنا الحسين بن شراعة، ونصر بن محمد المؤذن، وعبدوس بن عبد الله.
قال: وكان صدوقًا ثقةً، وكان متواضعًا رحيمًا، يصلي آناء الليل والنهار، حج نيفًا وعشرين حجةً، ووقف الضياع والحوانيت على الفقراء، وأنفق أموالًا لا تحصى على وجوه البر، وتوفي في رمضان سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، وكانت الترك الغز قد أغاروا على همذان، فصودر محمد بن عيسى حتى سلم إليهم جميع ما يملك، وبقي فقيرًا محتاجًا عليلًا ذليلًا في الخانقاه، ثم قضى نحبه، وكان مولده في سنة أربع وخمسين وثلاث مائة.
قلت: ومن الرواة عنه الحافظ أبو بكر الخطيب.
4004 - المستغفري
(1)
:
الإمام الحافظ المجود المصنف، أبو العباس، جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس، المستغفري النسفي.
(1)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 208"، والعبر "3/ 177"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1102"، ولسان الميزان "6/ 100"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 33"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 249".
مؤلف كتاب "معرفة الصحابة"، وكتاب "الدعوات"، وكتاب "دلائل النبوة"، وكتاب "فضائل القرآن"، وكتاب "الشمائل"، وكتاب "خطب النبي صلى الله عليه وسلم"، وكتاب "تاريخ نسف"، وكتاب "الطب"، وكتاب "تاريخ كش"، وغير ذلك.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي، وإبراهيم بن لقمان، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وعلي بن محمد بن سعيد السرخسي، وجعفر بن محمد البخاري، وخلق كثير. ولم يرحل إلى العراق فيما أعلم.
حدث عنه: الحسن بن عبد الملك النسفي، وأبو نصر أحمد بن جعفر الكاسني، والحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، والخطيب إسماعيل بن محمد النوحي، وآخرون.
وكان محدث ما وراء النهر في زمانه.
مولده بعد الخمسين وثلاث مائة بيسير.
ومات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة عن ثمانين سنة، رحمه الله.
وفيها مات حماد بن عمار القرطبي عن مائة عام، وأبو القاسم عبد الباقي بن محمد الطحان، وأبو حسان محمد بن أحمد بن جعفر المزكي، وأحمد بن محمد بن يوسف بن مزدة المقرئ، وإبراهيم بن محمد بن إبراهيم؛ سبط أبي مسلم الجلاب، وأبو العلاء صاعد بن محمد بنيسابور على الأصح، وأبو بكر محمد بن عمر بن بكير المقرئ.
4005 - الحنائي
(1)
:
الإمام القدوة الحافظ المقرئ، شيخ الإسلام، أبو الحسن؛ علي بن محمد بن إبراهيم بن حسين، الدمشقي الحنائي الزاهد.
حدث عن: عبد الوهاب الكلابي، وأبي بكر بن أبي الحديد، وأبي الحسين بن جميع، وابن فراس المكي، وأحمد بن ثرثال، وأبي محمد بن النحاس، بالحرمين ومصر والشام. وجمع، وصنف "معجمًا" لنفسه في مجلد.
حدث عنه: أبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وسعد بن علي الزنخاني، وسعد الله بن صاعد الرحبي، وآخرون. وكان كبير الشأن.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي شيخنا وأستاذنا أبو الحسن الحنائي؛ الشيخ الصالح في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. وولد سنة سبعين وثلاث مائة. كتب الكثير، وكان من العباد، وكانت له جنازة عظيمة، ما رأيت مثلها! ولم يزل يحمل من بعد صلاة الجمعة إلى قريب العصر، وانحل كفنه.
قال أبو علي الأهوازي: دفن بباب كيسان.
قلت: هو أخو أبي القاسم الحسين الحنائي، وعم الشيخ أبي طاهر محمد بن الحسين شيخ السلفي.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 238".
4006 - الطلمنكي
(1)
:
الإمام المقرئ المحقق المحدث الحافظ الأثري، أبو عمر؛ أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى، المعافري الأندلسي الطلمنكي. وطلمنك بفتحات ونون ساكنة: مدينة استولى عليها العدو قديمًا.
كان من بحور العلم، وأول سماعه في سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
حدث عن: أبي عيسى يحيى بن عبد الله الليثي، وأبي بكر الزبيدي، وأبي الحسن بن بشر الأنطاكي، وأبي جعفر أحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي محمد الباجي، وخلف بن محمد الخولاني، وعدة، وأبي بكر أحمد بن محمد المهندس بمصر، ومحمد بن يحيى بن عمار بدمياط، وأبي الطيب بن غلبون، وأبي القاسم عبد الرحمن الجوهري، وأبي بكر محمد بن علي الأدفوي، والفقيه أبي محمد بن أبي زيد، وأبي جعفر أحمد بن رحمون، ويحيى بن الحسين المطلبي لقيه بالمدينة، وأبي الطاهر محمد بن محمد العجيفي، وأبي العلاء بن ماهان، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وعبد الله بن سهل المقرئ وعدة.
أدخل الأندلس علمًا جمًا نافعًا، وكان عجبًا في حفظ علوم القرآن: قراآته ولغته وإعرابه وأحكامه ومنسوخه ومعانيه. صنف كتبًا كثيرةً في السنة يلوح فيها فضله وحفظه وإمامته واتباعه للأثر.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 44"، والعبر "3/ 168"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 994"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 28"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 243".
قال أبو عمر الداني: أخذ القراءة عن الأنطاكي، وابن غلبون، ومحمد بن الحسين بن النعمان.
قال: وكان فاضلًا ضابطًا، شديدًا في السنة.
وقال ابن بشكوال: كان سيفًا مجردًا على أهل الأهواء والبدع، قامعًا لهم، غيورًا على الشريعة، شديدًا في ذات الله، أقرأ الناس محتسبًا، وأسمع: الحديث، والتزم للإمامة بمسجد منعة، ثم خرج، وتحول في الثغر، وانتفع الناس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمره، فتوفي بها. أخبرنا إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بقي الحجاري، عن أبيه قال: خرج أبو عمر الطلمنكي علينا، ونحن نقرأ عليه، فقال: رأيت البارحة في منامي من ينشدني:
اغتنموا البرّ بشيخٍ ثوى
…
ترحمه السّوقة والصّيد
قد ختم العمر بعيدٍ مضى
…
ليس له من بعده عيد
فتوفي في ذلك العام في ذي الحجة، سنة تسع وعشرين وأربع مائة.
قلت: عاش تسعين عامًا سوى أشهر، وقد امتحن لفرط إنكاره، وقام عليه طائفة من أضداده، وشهدوا عليه بأنه حروري يرى وضع السيف في صالحي المسلمين، وكان الشهود عليه خمسة عشر فقيهًا، فنصره قاضي سرقسطة؛ في سنة خمس وعشرين وأربع مائة، وأشهد على نفسه بإسقاط الشهود، وهو القاضي محمد بن عبد الله بن قرنون.
وحدث عنه أيضًا قاضي سرقسطة عبد الله بن محمد بن إسماعيل، وقاضي المرية محمد بن خلف بن المرابط، والخطيب محمد بن يحيى العبدري.
رأيت له كتابًا في السنة في مجلدين عامته جيد، وفي بعض تبويبه ما لا يوافق عليه أبدًا مثل: باب الجنب لله، وذكر فيه:{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56]، فهذه زلة عالم، وألف كتابًا في الرد على الباطنية، فقال: ومنهم قوم تعبدوا بغير علم، وزعموا أنهم يرون الجنة كل ليلة، ويأكلون من ثمارها، وتنزل عليهم الحور العين، وأنهم يلوذون بالعرش، ويرون الله بغير واسطة، ويجالسونه.
4007 - ابن مغيث
(1)
:
الإمام الفقيه المحدث، شيخ الأندلس، قاضي القضاة، بقية الأعيان، أبو الوليد؛ يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد بن عبد الله ابن الصفار، القرطبي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة.
وحدث بـ "سنن النسائي" وغيره عن: أبي بكر محمد بن معاوية المرواني ابن الأحمر، وعن أبي عيسى الليثي راوية "الموطأ"، وإسماعيل ابن بدر، وأحمد بن ثابت التغلبي، وتميم بن محمد القروي، ومحمد بن إسحاق بن السليم القاضي، وتفقه بالقاضي أبي بكر بن زرب، وروى أيضًا عن خلق منهم: أبو بكر بن القوطية، ويحيى بن مجاهد، وأبو جعفر ابن عون الله، وعني بالحديث جدًا، وأجاز له من مصر الحسن بن رشيق، ومن العراق أبو الحسن الدارقطني.
ولي خطابة مدينة الزهراء مدةً، ثم ولي القضاء والخطابة بقرطبة مع الوزارة، ثم عزل، فلزم بيته، ثم ولي قضاء الجماعة والخطابة سنة تسع عشرة وأربع مائة حتى مات.
وكان بليغ الموعظة، وافر العلم، ذا زهد وقنوع، وفضل وخشوع، قد أثر البكاء في عينيه، وعلى وجهه النور، وكان حفظةً لأخبار الصالحين.
صنف كتبًا نافعة منها: "كتاب محبة الله"، وكتاب "المستصرخين بالله"، وكتاب "المتهجدين".
حدث عنه: مكي بن أبي طالب، وأبو عبد الله بن عابد، وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر، وابن حزم، ومحمد بن عتاب، وأبو الوليد الباجي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر بن الحذاء، ومحمد بن فرج الطلاعي، وخلق كثير.
مات في رجب سنة تسع وعشرين وأربع مائة، وشيعه خلق لا يحصون.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 684"، والعبر "3/ 169"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 244".
4008 - القراب
(1)
:
الشيخ الإمام، الحافظ الكبير، المصنف، أبو يعقوب؛ إسحاق بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، السرخسي، ثم الهروي القراب، محدث هراة، وصاحب التواليف الكثيرة. وقد مر أخوه.
ولد هذا في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة، وبالغ في الطلب إلى الغاية.
قال أبو النضر الفامي: زاد عدد شيوخه على ألف ومائةين، وعمل الوفيات على السنين في مجلدين، وكتاب نسيم المهج، وكتاب الأنس والسلوة، وكتاب شمائل العباد، وغير ذلك.
قال: وكان زاهدًا مقلًا من الدنيا.
قلت: سمع: العباس بن الفضل النضرويي، وجده لأمه محمد بن عمر بن حفصويه، وأبا الفضل محمد بن عبد الله السياري، وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن عبد الله النعيمي، والخليل بن أحمد السجزي، وأبا الحسن محمد بن أحمد بن حمزة، والحسين بن أحمد الشماخي الصفار، وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز، فمن بعدهم، حتى كتب عن أقرانه ومن دونه.
حدث عنه: شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري، وأحمد بن أبي عاصم الصيدلاني، والحسين بن محمد بن مت، وأهل هراة.
وكان ممن يرجع إليه في العلل، والجرح والتعديل.
مات في سنة تسع وعشرين وأربع مائة.
وقع لنا كتاب "الرمي" له.
4009 - عبد القاهر
(2)
:
ابن طاهر، العلامة البارع، المتفنن الأستاذ، أبو منصور البغدادي، نزيل خراسان، وصاحب التصانيف البديعة، وأحد أعلام الشافعية.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 995"، والعبر "3/ 168"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 244".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 203"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 105".
حدث عن: إسماعيل بن نجيد، وأبي عمرو محمد بن جعفر بن مطر، وبشر بن أحمد، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وخلق.
وكان أكبر تلامذة أبي إسحاق الإسفراييني، وكان يدرس في سبعة عشر فنًا، ويضرب به المثل، وكان رئيسًا محتشمًا مثريًا، له كتاب التكملة في الحساب.
قال أبو عثمان الصابوني: كان الأستاذ أبو منصور من أئمة الأصول، وصدور الإسلام بإجماع أهل الفضل، بديع الترتيب، غريب التأليف، إمامًا مقدمًا مفخمًا، ومن خراب نيسابور خروجه منها.
وقيل: إنه لما حصل بإسفرايين، ابتهجوا بمقدمه إلى الغاية.
قلت: وقع لي من عواليه، وكنت أفردت له ترجمةً لم أظفر الساعة بها.
مات بإسفرايين في سنة تسع وعشرين وأربع مائة وقد شاخ.
وله تصانيف في النظر والعقليات.
4010 - أما: أبو منصور الأيوبي:
المتكلم النيسابوري، فهو إمام باهر ذكي.
قال عبد الغافر: هو محمد بن الحسن بن أبي أيوب، الأستاذ أبو منصور، حجة الدين، صاحب البيان والحجة والنظر الصحيح، أنظر من كان في عصره على مذهب الأشعري، تلمذ لابن فورك، وكان فقيرًا نزهًا قانعًا، مصنفًا.
توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مائة.
4011 - ابن الميراثي:
الحافظ الأوحد المجود، أبو بكر؛ أحمد بن محمد بن عيسى بن إسماعيل، البلوي القرطبي، المعروف بابن الميراثي، أحد أئمة الحديث.
روى عن: أبي الفتح بن سيبخت، وأبي مسلم الكاتب، ويوسف ابن الدخيل، وعبيد الله السقطي، وسعيد بن نصر القرطبي، وأحمد بن قاسم البزاز، وطبقتهم.
ولما رأى عبد الغني بن سعيد حذقه واجتهاده، لقبه غندرًا.
رجع، وبث حديثه، فروى عنه: أبو عبد الله الخولاني، وأبو العباس بن دلهاث، وأبو العباس المهدوي، وأبو محمد بن خزرج.
توفي في حدود سنة ثمان وعشرين وأربع مائة وله بضع وستون سنة.
4012 - القدوري
(1)
:
شيخ الحنفية، أبو الحسين؛ أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان، البغدادي القدوري.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا، انتهت إليه بالعراق رئاسة الحنفية، وعظم وارتفع جاهه، وكان حسن العبارة، جريء اللسان، مديمًا للتلاوة.
قلت روى عن: عبيد الله بن محمد الحوشبي، ومحمد بن علي بن سويد المؤدب.
روى عنه: الخطيب، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني.
مات في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مائة وله ست وستون سنة.
4013 - الأبهري:
القدوة شيخ الزهاد، أبو محمد؛ جعفر بن محمد بن الحسين، الأبهري ثم الهمذاني.
قال شيرويه: كان وحيد عصره في علم المعرفة والطريقة، بعيد الإشارة، دقيق النظر.
حدث عن: صالح بن أحمد، وعلي بن الحسين بن الربيع، وعلي بن أحمد بن صالح القزويني، والمفيد الجرجرائي، وابن المظفر.
وارتحل وعني بالرواية.
حدثنا عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن طاهر القومساني، وأحمد بن عمر، وعبدوس بن عبد الله، وينجير بن منصور.
وكان ثقةً عارفًا، له شأن وخطر، وكرامات ظاهرة.
مات في شوال سنة ثمان وعشرين وأربع مائة عن ثمان وسبعين سنة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 377"، والأنساب للسمعاني "10/ 76"، واللباب لابن الأثير "3/ 19"، والعبر "3/ 164"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1086"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 233".
قيل: إنه عمل له خلوةً، فبقي خمسين يومًا لا يأكل شيئًا. وقد قلنا: إن هذا الجوع المفرط لا يسوغ، فإذا كان سرد الصيام والوصال قد نهي عنهما، فما الظن؟ وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:"اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع"
(1)
. ثم قل من عمل هذه الخلوات المبتدعة إلَّا واضطرب، وفسد عقله، وجف دماغه، ورأى مرأى، وسمع: خطابًا لا وجود له في الخارج، فإن كان متمكنًا من العلم والإيمان، فلعله ينجو بذلك من تزلزل توحيده، وإن كان جاهلًا بالسنن وبقواعد الإيمان، تزلزل توحيده، وطمع فيه الشيطان، وادعى الوصول، وبقي على مزلة قدم، وربما تزندق، وقال: أنا هو. نعوذ بالله من النفس الأمارة، ومن الهوى، ونسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا آمين.
(1)
حسن: أخرجه أبو داود "1547"، والنسائي "8/ 263"، وابن ماجه "3354"، من حديث أبي هريرة.
4014 - جلال الدولة
(1)
:
صاحب العراق، الملك جلال الدولة، أبو طاهر؛ فيروزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه، الديلمي.
تملك سبع عشرة سنةً، وكانت دولته لينةً، وتملك بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور، فكانت أموره واهيةً كأبيه.
وكان جلال الدولة شيعيًا كأهل بيته وفيه جبن، وعسكره مع قلتهم طامعون فيه.
عاش نيفًا وخمسون سنة، وذاق نكدًا كثيرًا كما ذكرناه في "تاريخنا" في الحوادث.
توفي سنة (435). وإنما كان سلطان العصر ابن سبكتكين.
4015 - الأزهري
(2)
:
المحدث الحجة المقرئ، أبو القاسم؛ عبيد الله بن أحمد بن عثمان، الأزهري البغدادي الصيرفي، ابن السوادي، وهو عبيد الله بن أبي الفتح.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد الحرفي، وابن عبيد العسكري، وعلي بن عبد الرحمن البكائي، وعدة.
وكان من بحور الرواية.
قال الخطيب: كان أحد المعنيين بالحديث والجامعين له، مع صدق واستقامة ودوام تلاوة. سمع: نا منه المصنفات الكبار، وكمل الثمانين. مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 118"، والعبر "3/ 183"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 37"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 385"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 117"، والعبر "3/ 183"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 37"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255".
4016 - المهلب بن أحمد
(1)
:
ابن أبي صفرة أسيد بن عبيد الله، الأسدي الأندلسي المريي، مصنف شرح صحيح البخاري.
وكان أحد الأئمة الفصحاء، الموصوفين بالذكاء.
أخذ عن: أبي محمد الأصيلي، وفي الرحلة عن أبي الحسن القابسي، وأبي الحسن علي بن بندار القزويني، وأبي ذر الحافظ.
روى عنه: أبو عمر بن الحذاء، ووصفه بقوة الفهم وبراعة الذهن.
وحدث عنه أيضًا: أبو عبد الله بن عابد، وحاتم بن محمد.
ولي قضاء المرية.
توفي في شوال سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.
4017 - ابن ماما
(2)
:
الحافظ، صاحب التصانيف، أبو حامد، أحمد بن محمد بن أحيد ابن ماما، الأصبهاني المامائي.
حدث عن: عبد الرحمن بن أبي شريح، وأبي علي إسماعيل بن حاجب الكشاني، وأبي نصر محمد بن أحمد الملاحمي، وأبي عبد الله الحليمي، وخلق كثير.
ولم يقدم العراق، بل ارتحل إلى ما وراء النهر، ويعز وقوع حديثه إلينا، وقد ذيل على تاريخ بخارى لغنجار، لم تتصل بنا أحواله كما يجب.
توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وأربع مائة. وكان من أبناء السبعين رحمه الله.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 626"، والعبر "3/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 255".
(2)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 156"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1003".
4018 - الربعي
(1)
:
الشيخ الإمام الحافظ المفيد، المقرئ المجود، أبو الحسن؛ علي ابن الحسن بن علي بن ميمون بن أبي زروان، الربعي الدمشقي.
سمع: الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي، والعباس بن محمد بن حبان، ومحمد بن علي بن أبي فروة، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وأحمد بن عتبة بن مكين، وعدة.
وتلا وجود على الإمام علي بن داود الداراني، وعلي بن زهير.
حدث عنه: الحافظ أبو سعد السمان، والكتاني، ونجا بن أحمد، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وآخرون، وجمع وصنف.
مات في صفر سنة ست وثلاثين وأربع مائة وله ثلاث وسبعون سنة.
قال الكتاني: كان يحفظ غريب الحديث لأبي عبيد، ويحفظ ألف حديث بأسانيدها من حديث ابن جوصا، وكان ثقةً مأمونًا، وانتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا المؤيد بن محمد، عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن الحسن بن أحمد السلمي، أخبرنا جدي، أخبرنا الربعي، أخبرنا الحسن بن عبد الله الكندي، أخبرنا العباس بن الخليل بحمص، أخبرنا نصر بن خزيمة، أخبرنا أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه محفوظ ابن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ: حدثني جبير بن نفير قال: قال عوف ابن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الأنبياء يتكاثرون بأممهم غير موسى، وأنا أرجو أن أكثره، ولقد أعطي خصلات: مكث يناجي ربه أربعين يومًا، ولا ينبغي لمتناجيين أن يتناجيا أطول من نجواهما، ولا يصعق مع الناس".
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 194"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 998".
4019 - الدلويي
(1)
:
العلامة الكبير، أبو حامد؛ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن دلويه الدلويي الأستوائي الشافعي.
ولد في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة تقريبًا.
ذكره الخطيب في تاريخه، فقال: وأستوا من قرى نيسابور، سمع: أبا سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وأبا أحمد الحاكم، وببغداد الدارقطني، وولي قضاء عكبرا، وكان شافعيًا أصوليًا أشعريًا، له حظ من معرفة الأدب والعربية، كتبت عنه، وكان صدوقًا.
إلى أن قال: مات في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وأربع مائة.
4020 - الجرجرائي
(2)
:
الوزير الكامل، نجيب الدولة، أبو القاسم، علي بن أحمد، وزير الديار المصرية للظاهر العبيدي، وكان من دهاة الملوك.
خدم الحاكم، فغضب عليه، فقطع يديه من مرفقيه في سنة أربع وأربع مائة لكونه خان في مباشرة ديوان، ثم رضي عنه في سنة تسع وأربع مائة، وولاه ديوان النفقات، ثم عظم أمره إلى أن وزر في سنة ثماني عشرة وأربع مائة، فكان يكتب العلامة عنه القاضي أبو عبد الله القضاعي، وهي: الحمد لله شكرًا لنعمته.
وكان شهمًا كافيًا سائسًا، ذا أمانة وعفة.
وقد هجاه جاسوس الفلك بأبيات منها:
فمن الأمانة والتّقى
…
قطعت يداك من المرافق?!
واستمر في الوزارة للظاهر، ثم لابنه المستنصر، فكانت دولته ثماني عشرة سنة، إلى أن مات في سابع رمضان سنة ست وثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 377"، والأنساب للسمعاني "5/ 333"، واللباب لابن الأثير "1/ 507".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 407".
4021 - المنازي
(1)
:
الوزير البليغ، ذو الصناعتين، أبو نصر؛ أحمد بن يوسف الكاتب، من أهل منازجرد.
وزر لأحمد بن مروان صاحب ديار بكر، وترسل عنه إلى القسطنطينية غير مرة، وله كتب كثيرة وقفها، وهو القائل لأبي العلاء: فما لهم يؤذونك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة.
وله نظم فائق قليل الوجود كما قيل:
وأقفر من شعر المنازي المنازل
ومنازجرد: بقرب خرت برت، وليست منازكرد القلعة التي من عملا خلاط.
4022 - التياني
(2)
:
حامل لواء اللغة، أبو غالب؛ تمام بن غالب بن عمر، القرطبي، ابن التياني، نزيل مرسية.
روى عن: أبيه، وأبي بكر الزبيدي، وعبد الوارث بن سفيان، وطائفة.
قال الحميدي: كان إمامًا في اللغة، ثقةً ورعًا خيرًا، له كتاب في اللغة لم يؤلف مثله اختصارًا وإكثارًا، حدثني ابن حزم قال: حدثني محمد بن الفرضي أن الأمير مجاهدًا العامري وجه إلى أبي غالب إذ غلب على مرسية ألف دينار على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب: مما ألفته لأبي الجيش مجاهد العامري، فرد الدنانير، ولم يفعل، وقال: لو بذلت لي الدنيا على ذلك، ما فعلت، ولا استجزت الكذب، فإني لم أجمعه له خاصة.
توفي بالمرية سنة ست وثلاثين وأربع مائة رحمه الله.
4023 - الصفار:
المسند أبو سعد؛ عبد الرحمن بن أحمد بن عمر، الأصبهاني الصفار، أخو الفقيه أبي سهل الصفار.
حدث عن: أحمد بن بندار الشعار، وأبي القاسم الطبراني.
روى عنه: جماعة من شيوخ السلفي منهم: محمد بن الحسن العلوي الرسي، وأبو علي الحداد.
توفي ليلة عرفة سنة ست وثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 143"، والعبر "3/ 187"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 259".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "1/ 443"، والصلة لابن بشكوال "1/ 120"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 300"، والعبر "3/ 185"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 256".
4024 - ابن ميقل
(1)
:
عالم قرطبة، وعابدها، وشيخ المالكية، أبو الوليد؛ محمد بن عبد الله بن أحمد بن ميقل، المرسي.
حدث عن: أبي محمد الأصيلي، وهاشم بن يحيى، وسهل بن إبراهيم. وتحول إلى قرطبة، وتفقه وبرع.
قال أبو عمر بن الحذاء: ما لقيت أتم ورعًا ولا أحسن خلقًا ولا أكمل علمًا منه، كان يختم القرآن على قدميه في كل يوم وليلة، وترك اللحم من أول الفتنة إلَّا من طير أو حوت أو صيد، وكان سخيًا على توسط ماله، وكان أحفظ الناس للمذهب، وأقواهم احتجاجًا، مع علمه بالحديث ورجاله، واللغة والقراءات والشعر. مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مائة بمرسية، ودفن في قبلة جامعها، وله أربع وسبعون سنة.
4025 - أبو الحسين البصري
(2)
:
شيخ المعتزلة، وصاحب التصانيف الكلامية، أبو الحسين محمد ابن علي بن الطيب، البصري. كان فصيحًا بليغًا، عذب العبارة، يتوقد ذكاءً. وله اطلاع كبير.
حدث عن: هلال بن محمد بحديث رواه عنه أبو بكر الخطيب.
توفي ببغداد في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وأربع مائة وقد شاخ.
أخذ عنه: أبو علي بن الوليد، وأبو القاسم بن التبان المعقول. أجارنا الله من البدع.
وله كتاب "المعتمد في أصول الفقه"، من أجود الكتب، يغترف منه ابن خطيب الري. وله كتاب "تصفح الأدلة" كبير.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 527"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 39".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 100"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 126"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 271"، وميزان الاعتدال "3/ 654"، ولسان الميزان "5/ 298"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 38".
4026 - المرتضى
(1)
:
العلامة الشريف المرتضى، نقيب العلوية، أبو طالب؛ علي بن حسين بن موسى، القرشي العلوي الحسيني الموسوي البغدادي، من ولد موسى الكاظم.
ولد سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.
وحدث عن: سهل بن أحمد الديباجي، وأبي عبد الله المرزباني، وغيرهما.
قال الخطيب: كتبت عنه.
قلت: هو جامع كتاب "نهج البلاغة"، المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها، ولكن أين المنصف?! وقيل: بل جمع أخيه الشريف الرضي.
وديوان المرتضى كبير وتواليفه كثيرة، وكان صاحب فنون.
وله كتاب "الشافي في الإمامة"، و"الذخيرة في الأصول"، وكتاب "التنزيه"، وكتاب في إبطال القياس، وكتاب في الاختلاف في الفقه، وأشياء كثيرة. وديوانه في أربع مجلدات.
وكان من الأذكياء الأولياء، المتبحرين في الكلام والاعتزال، والأدب والشعر، لكنه إمامي جلد. نسأل الله العفو.
قال ابن حزم: الإمامية كلهم على أن القرآن مبدل، وفيه زيادة ونقص سوى المرتضى، فإنه كفر من قال ذلك، وكذلك صاحباه أبو يعلى الطوسي، وأبو القاسم الرازي.
قلت: وفي تواليفه سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعوذ بالله من علم لا ينفع.
توفي المرتضى في سنة ست وثلاثين وأربع مائة.
وفيها مات إمام اللغة تمام بن غالب التياني المرسي، والمحدث الفقيه أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري، وأبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفار صاحب الطبراني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن حسين الوضاحي القدوة بدمشق، وشيخ المالكية أبو الوليد محمد بن
عبد الله بن ميقل المرسي، وشيخ الشافعية أبو عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز النيلي النيسابوري، وشيخ المعتزلة أبو الحسين محمد بن علي البصري.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 402"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 120"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 313"، وميزان الاعتدال "3/ 124"، ولسان الميزان "4/ 223"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 256"، وقد وقع في الشذرات، ووفيات الأعيان [أبو القاسم] بدل [أبي طالب].
4027 - مكي
(1)
:
العلامة المقرئ، أبو محمد، مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار، القيسي القيرواني، ثم القرطبي، صاحب التصانيف.
ولد بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.
وأخذ عن: ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي.
وتلا بمصر على أبي عدي ابن الإمام، وأبي الطيب بن غلبون، وولده طاهر.
وسمع: من محمد بن علي الأدفوي، وأحمد بن فراس المكي، وعدة.
وكان من أوعية العلم مع الدين والسكينة والفهم، ارتحل مرتين، الأولى في سنة ست وسبعين.
وقال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ: أخبرني مكي أنه سافر إلى مصر وله ثلاث عشرة سنة، واشتغل، ثم رحل سنة ست وسبعين، وأنه جاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس في سنة ثلاث وتسعين، وأقرأ بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وبعد صيته.
قال ابن بشكوال: قلده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة بعد يونس بن عبد الله، وقد ناب عن يونس.
قال: وله ثمانون مصنفًا، وكان خيرًا متدينًا، مشهورًا بإجابة الدعوة، دعا على رجل كان يؤذيه، ويسخر به إذا خطب، فزمن الرجل. توفي في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربع مائة.
قلت: تلا عليه خلق منهم: عبد الله بن سهل، ومحمد بن أحمد بن مطرف، وروى عنه بالإجازة أبو محمد بن عتاب.
وفيها مات أبو محمد السكن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جميع الغساني بصيدا عن بضع وثمانين سنة. يروي عن جده "الموطأ".
وفيها مات أحمد بن محمد بن يزدة الملنجي المقرئ، وعلي بن محمد بن علي الأسواري.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 631"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 167"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 274"، والعبر "3/ 187"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 260".
4028 - الخلال
(1)
:
الإمام الحافظ المجود، محدث العراق، أبو محمد؛ الحسن بن أبي طالب محمد بن الحسن بن علي، البغدادي الخلال، أخو الحسين.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.
وسمع: أبا بكر القطيعي، وأبا بكر الوراق، وأبا سعيد السيرافي، ومحمد بن المظفر، وأبا عمر بن حيويه، وأبا عبد الله بن العسكري، وأبا الفضل الزهري، وأبا بكر بن شاذان، وأبا الحسن الدارقطني، وخلقًا كثيرًا، وما أظنه رحل في الحديث.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي، ومحمد بن أحمد الصندلي، وأبو الفضل بن خيرون، والمعمر بن أبي عمامة، وجعفر بن المحسن السلماسي، وأبو سعد أحمد ابن عبد الجبار الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وآخرون.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً، له معرفة، وتنبه، وخرج المسند على الصحيحين، وجمع أبوابًا وتراجم كثيرةً، ومات في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربع مائة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، والحسن بن علي قالا: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، سمعت أبا الحسين بن الطيوري، سمعت محمد بن علي الصوري يقول: ما رأت عيناني بعد عبد الغني بن سعيد أحفظ من أبي محمد الخلال البغدادي.
كتب إلينا محمد بن عبد الكريم الشافعي: أخبرنا زين الأمناء الحسن ابن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحسن، وقرأت على إسحاق بن طارق، أخبركم ابن خليل، أخبرنا عبد الخالق بن عبد الوهاب قالا: أخبرنا علي بن عبد الواحد، حدثنا أبو محمد الخلال إملاءً، حدثنا علي بن لؤلؤ، حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي سنة ثلاث وتسعين ومائتين، حدثنا علي بن الحسن بن
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 425"، والأنساب للسمعاني "5/ 218"، واللباب لابن الأثير "1/ 473"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 132"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 999"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 262".
شقيق، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا ابن بريدة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها، فقد كفر"
(1)
. سقط منه رجل
(2)
.
أخبرنا عيسى بن أبي محمد، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الملك بن أسد، أخبرنا أبو محمد الخلال، حدثني علي بن أحمد السرخسي الحافظ، حدثنا عبد الله بن عثمان الواسطي، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد بواسط، سمعت أبا عثمان المازني يقول: حدثنا سيبويه، عن الخليل، عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن الحارث، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة"
(3)
. سقط من بين الخليل وبين ذر.
(1)
صحيح: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، وأخرجه ابن أبي شيبة "11/ 34"، وأحمد "5/ 246، 355"، والترمذي "2621"، والنسائي "1/ 231"، وابن ماجه "1079"، والدارقطني "2/ 52"، والبيهقي "3/ 336"، من طرق عن الحسين بن واقد، به. وورد عندهم جميعًا عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
سقط من بريدة بن الحصيب راوي الحديث لكنه صحيح كما بينا في التعليق السابق.
(3)
صحيح لغيره: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""11/ 326"، من طريق الخلال، به.
وإسناده ضعيف؛ آفته الحارث بن عبد الله الأعور، فإنه ضعيف، وورد من حديث علي أيضًا: عند الحاكم "4/ 321"، وإسناده ضعيف.
وللحديث شاهد عن أبي موسى الأشعري: عند الطبراني في "الصغير""1/ 73 - 74"، وورد من حديث أبي هريرة: عند أبي نعيم في الحلية "9/ 319"، والطبراني في "الصغير""1/ 261 - 262".
وورد من حديث سلمان الفارسي: عند البخاري في "الأدب المفرد""223"، والطبراني "6112".
وورد من حديث قبيصة بن برمة الأسدي: "221"، والطبراني "11078"، "11460".
4029 - ابن ريذة
(1)
:
الشيخ العالم، الأديب، الرئيس، مسند العصر، أبو بكر، محمد ابن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد، الأصبهاني، التاني التاجر، المشهور بابن ريذة.
سمع: "معجمي" الطبراني: الأكبر والأصغر. والفتن لنعيم بن حماد، من أبي القاسم الطبراني، وما أظنه سمع: من غيره. وعمر دهرًا، وتفرد في الدنيا.
مولده في سنة ست وأربعين وثلاث مائة.
حدث عنه خلق لا يحصون، منهم: أبو العلاء محمد بن الفضل الكاغدي، وأخوه أبو بكر، ومحمد بن عمر بن عزيزة، والصدر محمد بن جهاربختان، ومحمد بن أبي الفرج الملحمي، ومحمد بن مردويه الصباغ، وأبو الفتح محمد بن عبد الله الخرقي وأبو طاهر محمد بن الفضل الشرابي، وأحمد بن محمد النجار الأصم، وأبو غالب أحمد بن العباس الكوشيذي، ومحمد بن إبراهيم بن شذوة، والحافظ يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، ومعمر بن أحمد اللنباني، وهادي بن الحسن العلوي، والمقرئ أبو علي الحداد، وأبو عدنان محمد بن إبراهيم العبدي، وأبو عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار، ومحمد بن الفضل القصار الزاهد، وأبو الرجاء أحمد بن عبد الله بن ماجه، ونوشروان بن شيرزاذ الديلمي، وطلحة ابن حسين بن أبي ذر الصالحاني، وحمد بن علي المعلم، والهيثم بن محمد المعداني، وفاطمة بنت عبد الله الجوزدانية.
قال يحيى بن مندة: كان أحد الوجوه، ثقةً أمينًا، وافر العقل، كامل الفضل، مكرمًا لأهل العلم، حسن الخط، يعرف طرفًا من النحو واللغة، قرئ عليه الحديث مرات لا أحصيها بالبلد والرساتيق، ثم أرخ مولده، وقال: توفي في شهر رمضان سنة أربعين وأربع مائة وله أربع وتسعون سنة.
قلت: عاشت فاطمة بعده إلى سنة أربع وعشرين وخمس مائة، وعاش صاحبها أبو الفخر أسعد بن روح إلى سنة ست وست مائة.
4030 - أبو حسان المزكي
(2)
:
الإمام الفقيه، مسند نيسابور، أبو حسان، محمد بن أحمد بن جعفر، المولقاباذي المزكي، أحد الثقات الصلحاء، وكان إليه التزكية بنيسابور، وله الحشمة الوافرة والجلالة.
حدث عن: والده أبي الحسن، وأبي العباس محمد بن إسحاق الصبغي، ومحمد بن الحسن السراج، وأبي عمرو بن مطر، وأبي عمرو بن نجيد، وجعفر المراغي، وطائفة. وسمع ببغداد من أبي الفضل عبيد الله ابن عبد الرحمن الزهري، وغيره. وخرجوا له الفوائد، وروى الكثير.
حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وإسماعيل بن عمرو البحيري، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة وهو في عشر التسعين.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 175"، والعبر "3/ 193" وتبصير المنتبه "2/ 617"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 46"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 265".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 250".
4031 - الخلال
(1)
:
أبو عبد الله؛ الحسين بن محمد بن الحسن، البغدادي، الخلال، المؤدب، أخو الحافظ الحسن.
سمع: أبا حفص الزيات، وسمع: بما وراء النهر الصحيح، ورواه عن الحاجبي.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، وطائفة، والخطيب وقال: لا بأس به، مات سنة ثلاثين وأربع مائة.
4032 - ابن غيلان
(2)
:
الشيخ الأمين المعمر، مسند الوقت، أبو طالب؛ محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان بن عبد الله بن غيلان بن حكيم، الهمداني البغدادي البزاز، أخو غيلان بن محمد المكني بأبي القاسم.
سمع: غيلان من: النجاد، ودعلج وجماعة، حدث عنه: الخطيب ووثقه. ومات في سنة ست عشرة وأربع مائة.
مولد أبي طالب في أول سنة ثمان وأربعين فيما سمع: هـ الخطيب منه، ثم سمع: هـ الخطيب يقول: كنت أغلط في مولدي حتى رأيته بخط جدي: في المحرم سنة سبع وأربعين.
قلت: وسمع: من أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي في سنة اثنتين وخمسين، وسنة ثلاث وأربع، فعنده عنه أحد عشر جزءًا لقبت بالغيلانيات. تفرد في الدنيا بعلوها. وسمع: من أبي إسحاق المزكي جزئين، وسمع: من الشافعي جزئين من تفسير سفيان الثوري.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 108"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 102".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 234"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 139"، واللباب لابن الأثير "2/ 398"، والعبر "3/ 193"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 265".
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا دينًا صالحًا.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو علي البرداني، وأبو طاهر بن سوار، وأحمد بن قريش البناء، وأبو البركات أحمد بن طاووس المقرئ، وجعفر بن أحمد السراج، وجعفر بن المحسن السلماسي، وعبيد الله بن عمر البقال، والمعمر بن أبي عمامة، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وأبو المعالي أحمد بن محمد البخاري، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وأبو سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، وأبو الفتح أحمد بن عبيد الله المعير، وأبو غالب أحمد بن عبد الباقي العطار، وأبو غالب الحسن بن علي البزاز، والحسن بن عبد الملك اليوسفي، وأبو نصر عبد الله بن عمر الدباس، وعبد الباقي بن محمد الوراق، وعلي بن محمد ابن علي الأنباري الواعظ، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، ومحمد بن عبد الواحد بن الأزرق، ومحمد بن عبد القادر بن السماك، وأبو نصر هبة الله بن محمد بن الصباغ، وهبة الله بن مبارك الوقاياتي، وأبو البركات هبة الله ابن محمد بن البخاري، وهبة الله بن محمد بن النرسي، وهبة الله بن محمد ابن الحصين الشيباني.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت بخط أبي: سمعت محمد بن محمود الرشيدي يقول: لما أردت الحج، أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره بسماع مسند أحمد بن حنبل، وفوائد أبي بكر الشافعي، فدخلت بغداد، واجتمعت بابن المذهب، فقال: أريد مائةي دينار. فقلت: كل نفقتي سبعون دينارًا، فإن كان ولا بد، فأجز لي. قال: أريد عشرين دينارًا على الإجازة. فتركته، وقلت لابن حيدر: أريد السماع من ابن غيلان. قال: إنه مبطون وهو ابن مائة سنة. قلت: فأعجل فأسمع: منه. قال: لا حتى تحج. فقلت: كيف يسمح قلبي بذا؟ قال: إن له ألف دينار يجاء بها، فتفرغ في حجره، فيقبلها، ويتقوى بذلك. فاستخرت الله، وحججت، ولحقته، قرأ لي عليه أبو بكر الخطيب.
قال الخطيب: مات ابن غيلان في سادس شوال سنة أربعين وأربع مائة.
قلت: عاش أربعًا وتسعين سنة.
والرشيدي المذكور صدوق مات سنة 498 عن نيف وثمانين سنة.
ومات في سنة أربعين: أبو بكر بن ريذة صاحب الطبراني، وأبو ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني، والحسن بن عيسى بن المقتدر، وعبيد الله ابن عمر بن شاهين، وأحمد بن محمد بن أحمد الحكيمي، وعلي بن ربيعة الربعي، وشيخ خراسان أبو سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، والحافظ الصوري، وشيخ القراء الكارزيني، وأبو منصور محمد بن محمد بن السواق ببغداد، وشيخ الشافعية أبو حاتم محمود بن الحسن القزويني بأمد.
4033 - ابن شاهين
(1)
:
الشيخ الصادق المعمر، أبو الفتح، عبيد الله بن أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمابن بن شاهين البغدادي، الواعظ.
سمع من: أبيه الحافظ حفص، وأبي بحر البربهاري، وأبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وحسينك التميمي، وعدة.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو علي محمد بن محمد المهدي، وآخرون.
قال الخطيب: كتب عنه، وكان صدوقًا، مات في ربيع الأول، سنة أربعين وأربع مائة.
قلت: سمعنا من طريقه كتاب "سجود القرآن" للحربي، بسماعه من أبي بحر، عنه.
4034 - ابن حمصة
(2)
:
المعمر الأمين، أبو الحسن، علي بن عمر الحراني، ثم المصري، عرف: بابن حمصة الصواف.
ما سمع شيئًا سوى مجلس البطاقة، وتفرد في الدنيا عن حمزة الكناني.
ولد في رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة.
حدث عنه: هبة الله بن محمد الشيرازي، وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، ومرشد أبو صادق المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وعدة.
مات في ثالث رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مائة، عن ثمان وتسعين سنة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 386"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 138"، والعبر "3/ 192".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 508"، واللباب لابن الأثير "3/ 390"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 266".
4035 - العتيقي
(1)
:
الإمام المحدث الثقة، أبو الحسن؛ أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور، البغدادي العتيقي المجهز السفار.
سمع: علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وأبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وإسحاق بن سعد النسوي، والقاضي أبا بكر الأبهري، وعبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، والحسين بن أحمد بن فهد الموصلي، ومحمد بن المظفر، وعدة. وسمع: بدمشق من تمام الرازي، وبمصر من عبد الغني، وجمع وخرج، وكتب الكثير.
حدث عنه: ولده أبو غالب محمد بن أحمد، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وعبد المحسن بن محمد الشيحي، وعلي بن أبي العلاء المصيصي، والمبارك بن الطيوري، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وآخرون.
وهو الذي يقول فيه الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي وقال: كان صدوقًا، ولد في أول سنة سبع وستين وثلاث مائة، وذكر لي أن بعض أجداده كان يسمى عتيقًا، وإليه ينسب.
وقال ابن ماكولا: قال لي شيخنا العتيقي: إنه روياني الأصل، خرج على الصحيحين، وكان ثقةً متقنًا، يفهم ما عنده.
وقال الخطيب: مات في صفر سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.
قلت: وقع لي أجزاء من حديثه، وله وفيات في جزء كبير.
4036 - ابن سختام
(2)
:
الفقيه العلامة المفتي، أبو الحسن؛ علي بن إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة، الغزي السمرقندي الحنفي حج في آخر أيامه.
وحدث ببغداد ودمشق عن: أبيه، ومحمد بن مت الإشتيخني، وإبراهيم بن عبد الله
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 379"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 142"، واللباب لابن الأثير "2/ 323"، و"3/ 170"، والعبر "3/ 195"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "32/ 265".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 342"، واللباب لابن الأثير "1/ 454"، والعبر "3/ 196".
الرازي، ثم البخاري، وأبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي، ومنصور بن نصر الكاغدي، ومحمد بن يحيى الغياثي، وطائفة.
وله ثلاث أجزاء سمعناها.
حدث عنه: أبو علي الأهوازي مع تقدمه، وأبو بكر الخطيب، ومنصور بن عبد الجبار السمعاني، والفقيه نصر المقدسي، وفيد بن عبد الرحمن الهمذاني، وأبو طاهر الحنائي، وآخرون.
قال الخطيب: كان من أهل العلم والتقدم في مذهب أبي حنيفة، قال لي: ولدت في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مائة. قال: وكان أبي يذكر أنه من العرب.
قال: وأدركته أجله في الطريق- يعني في سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.
وفيها مات: المحدث أبو الحسن العتيقي، وشيخ اللغة أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا الإفليلي الزهري بقرطبة، وأبو الحسن علي بن عمر بن حمصة الحراني، وصاحب الموصل معتمد الدولة قرواش بن مقلد بن المسيب العقيلي، والقاضي محمد بن أحمد بن عيسى السعدي بمصر، وأبو الحسن محمد بن إسحاق القهستاني، وأحمد بن المظفر بن أحمد ابن يزداد الواسطي العطار، والفضل بن أحمد الثقفي والد الرئيس أبي عبد الله.
4037 - البرمكي
(1)
:
الشيخ الإمام المفتي، بقية المسندين، أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد بن إبراهيم البرمكي، ثم البغدادي، الحنبلي قيل: أصله من قرية البرمكية، وقيل: سكن آباؤه محلة تعرف بالبرمكية.
مولده في سنة إحدي وستين وثلاث مائة.
وسمع: أبا بكر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، والحافظ أبا الفتح ا لأزدي الموصلي، وابن بخيت الدقاق، وإسحاق بن سعد النسوي، وعدة.
وبرع في المذهب، وكان له حلقة للفتوى.
حدث عنه: أبو غالب محمد بن الواحد الشيباني، وأبو طالب اليوسفي، وابن عمه
عبد الرحمن بن أحمد، وأبو العز محمد بن المختار، وأبو منصور محمد بن أحمد بن النقور، وأبو البركات محمد بن محمد الخرزي، ومبارك بن محمد بن السدنك، وهبة الله بن المبارك الوقاياتي، وهبة الله بن المبارك الدواتي، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وهبة الله ابن أحمد بن الطبر، وأبو علي بن المهدي، والقاضي أبو بكر الأنصاري، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا دينًا، فقيهًا على مذهب أحمد، وله حلقة للفتوى، مات يوم التروية، من ذي الحجة سنة خمس وأربعين وأربع مائة.
قلت: كان ذا زهد وصلاح، ومعرفة تامة بالفرائض.
تفقه على ابن بطة، وابن حامد، وله إجازة من أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال.
وتوفي ابنه أحمد بعده بثلاث وعشرين سنة. روى عن ابن أبي الفوارس.
ومات فيها أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الكاتب، وأبو الحسين أحمد بن عمر بن روح النهرواني، وأبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن السوادي، ومقرئ مصر أبو العباس بن هاشم، ومحمد بن إسحاق بن فدويه الكوفي، وأبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 139"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 158"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 55"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 273".
4038 - الكراعي
(1)
:
الشيخ الجليل، مسند مرو، أبو غانم؛ أحمد بن علي بن حسين، المروزي الكراعي نسبةً إلى بيع الأكارع.
كان خاتمة من حدث عن أبي العباس عبد الله بن الحسين النضري؛ صاحب الحارث بن أبي أسامة، وحدث أيضًا عن أبي الفضل محمد بن الحسين الحدادي، وغيرهما.
حدث عنه: محمد بن أحمد الطبسي، والإمام أبو المظفر منصور بن السمع: اني، والقاضي أبو المحاسن الروياني، وأبو منصور محمد بن علي الكراعي حفيده.
مات في سنة أربع وأربعين وأربع مائة وهو في عشر المائة.
وعاش حفيده بعده ثمانين سنة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 374"، والعبر "3/ 205"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
4039 - ابن العلاف
(1)
:
الإمام العالم الواعظ، أبو طاهر، محمد بن علي بن محمد بن يوسف، البغدادي، ابن العلاف.
سمع: أبا بكر القطيعي، وأحمد بن جعفر بن سلم الختلي، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وطائفة.
وعنه: ابنه أبو الحسن الحاجب، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين ابن الطيوري، والحسن بن محمد الباقرحي، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا، ظاهر الوقار، له حلقة بجامع المنصور ومجلس وعظ. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
4040 - الذكواني:
الشيخ الإمام المعمر، بقية المسندين، أبو القاسم؛ عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن، الهمداني الذكواني الأصبهاني المعدل، من كبراء أهل بلده، ومن بيت الحشمة والرواية.
حدث عن: أبي الشيخ الحافظ، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وإسحاق بن علي بن أحمد، وعبد الله بن محمد الصائغ، وعبد العزيز بن محمد بن يوسف، وأبي بكر بن المقرئ، وجماعة، وهو آخر من روى في الدنيا بالإجازة عن أبي القاسم الطبراني. أملى عدة مجالس.
حدث عنه: هادي بن إسماعيل العلوي، وجعفر بن عبد الواحد الثقفي، وأبو علي الحداد، وأبو سعد المطرز، وبندار بن محمد الخلقاني، وإسماعيل بن الفضل السراج، وآخرون.
قال يحيى بن مندة: تكلموا فيه، ألحق في بعض سماعه، وسماعه كثير بخط أبيه، ومات في سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة في ربيع الأول.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 103"، والأنساب للسمعاني "9/ 98"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 148"، والعبر "3/ 200"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 269".
4041 - القزويني
(1)
:
الإمام القدوة، العارف، شيخ العراق، أبو الحسن، علي بن عمر بن محمد، ابن القزويني البغدادي الحربي الزاهد.
سمع: أبا عمر بن حيويه، وأبا حفص بن الزيات، وأبا بكر بن شاذان، والقاضي أبا الحسن الجراحي، وأبا الفتح القواس وطبقتهم، وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو الوليد الباجي، وأبو علي أحمد بن محمد البرداني، وأبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر الطرسوسي، وجعفر بن أحمد السراج، والحسن بن محمد الباقرحي، وأبو العز محمد بن المختار، وأحمد بن محمد بن بغراج، وهبة الله بن أحمد الرحبي، وأبو منصور أحمد بن محمد الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وخلق سواهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان أحد الزهاد، ومن عباد الله الصالحين، يقرئ القرآن، ويروي الحديث، ولا يخرج من بيته إلَّا للصلاة، رحمة الله عليه، قال لي: ولدت سنة ستين وثلاث مائة، ومات في شعبان سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة، وغلقت جميع بغداد يوم دفنه، لم أر جمعًا على جنازة أعظم منه.
قال أبو نصر هبة الله بن المجلي: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن طلحة بن المنقي قال: حضرت والدي الوفاة، فأوصى إلي بما أفعله، وقال: تمضي إلى القزويني، وتقول له: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي: اقرأ على القزويني مني السلام، وقل له: بالعلامة أنك كنت بالموقف في هذه السنة، فلما مات، جئت إليه، فقال لي ابتداءً: مات أبوك؟ قلت: نعم. قال: رحمه الله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق أبوك. وأقسم علي أن لا أحدث به في حياته.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرن جعفر بن علي، أخبرنا السلفي قال: سألت شجاعًا الذهلي عن أبي الحسن القزويني، فقال: كان علم الزهاد والصالحين، وإمام الأتقياء الورعين، له كرامات ظاهرة معروفة يتداولها الناس، لم يزل يقرئ ويحدث إلى أن مات.
وقال أبو صالح المؤذن في "معجمه": أبو الحسن القزويني الشافعي المشار إليه في زمانه
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 43"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 146"، والعبر "3/ 199"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 268".
ببغداد في الزهد والورع وكثر القراءة، ومعرفة الفقه والحديث، تلا على أبي حفص الكتاني، وقرأ القراءات، ولم يكن يعطي من يقرأ عليه إسنادًا بها.
وقال هبة الله بن المجلي في كتاب "مناقب القزويني": كان يعني كلمة إجماع في الخير، وممن جمعت له القلوب، فحدثني أحمد بن محمد الأمين قال: كتبت عنه مجالس أملاها في مسجده، وكان أي جزء وقع بيده، خرج منه عن شيخ واحد جميع المجلس، ويقول: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفى. وكان أكثر أصوله بخطه.
وسمعت عبد الله بن سبعون القيرواني يقول: القزويني ثقة ثبت، ما رأيت أعقل منه.
وقيل: إن أبا الحسن علق تعليقة عن أبي القاسم الداركي، وله تعليق في النحو عن ابن جني، سمعت أبا العباس المؤدب وغيره يقولان: إن القزويني سمع: الشاة تذكر الله تعالى. وحدثني هبة الله بن أحمد الكاتب أنه زار قبر ابن القزويني، ففتح ختمةً هناك، وتفاءل للشيخ، فطلع أول ذلك، {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران: 45].
وروي عن أقضى القضاة الماوردي قال: صليت خلف أبي الحسن القزويني، فرأيت عليه قميصًا نقيًا مطرزًا، فقلت في نفسي: أين الطرز من الزهد؟ فلما سلم، قال: سبحان الله! الطرز لا ينقض حكم الزهد.
وذكر محمد بن حسين القزاز قال: كان ببغداد زاهد خشن العيش، وكان يبلغه أن ابن القزويني يأكل الطيب، ويلبس الرقيق، فقال: سبحان الله! رجل مجمع على زهده وهذا حاله! أشتهي أن أراه. فجاء إلى الحربية، فرآه، فقال الشيخ: سبحان الله! رجل يومأ إليه بالزهد، يعارض الله في أفعاله، وما هنا محرم ولا منكر. فشهق ذلك الرجل، وبكى.
وقال أبو نصر بن الصباغ الفقيه: حضرت عند ابن القزويني، فدخل عليه أبو بكر بن الرحبي، فقال: أيها الشيخ! أي شيء أمرتني نفسي أخالفها؟ قال: إن كنت مريدًا، فنعم، وإن كنت عارفًا، فلا. فانصرفت، وأنا مفكر، وكأنني لم أصوبه، فرأيت ليلتي كأن من يقول لي وقد هالني أمر: هذا بسبب ابن القزويني. وحدثني أبو القاسم عبد السميع الهاشمي، عن عبد العزيز الصحراوي الزاهد قال: كنت أقرأ على القزويني، فجاء رجل مغطى الوجه، فوثب الشيخ إليه، وصافحه، وجلس بين يديه ساعةً، فسألت صاحبي: من هذا؟ قال: تعرفه؟ هذا أمير المؤمنين القادر بالله.
وحدثنا أحمد بن محمد الأمين قال: رأيت الملك أبا كاليجار قائمًا يشير إليه أبو الحسن بالجلوس، فلا يفعل.
وحدثني علي بن محمد الطراح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن بويه قائمًا بين يدي الشيخ أبي الحسن يومئ بالجلوس، فيأبى.
ثم سرد له ابن المجلي كرامات منها شهوده عرفة وهو ببغداد، ومنها ذهابه إلى مكة، فطاف، ورجع من ليلته.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي: سمعت جعفرًا السراج يقول: رأيت على أبي الحسن القزويني ثوبًا رقيقًا، فخطر لي: كيف مثله في زهده يلبس هذا؟ فنظر في الحال إلي، وقال:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32]. وحضرت عنده يومًا للسماع إلى أن وصلت الشمس إلينا، وتأذينا بحرها، فقلت في نفسي: لو تحول الشيخ إلى الظل. فقال في الحال: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81].
ومات مع القزويني في سنة 442 أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وشيخ العربية أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني؛ صاحب ابن جني، والواعظ أبو طاهر محمد بن علي بن محمد العلاف، وأبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن فاذويه.
4042 - الفارسي
(1)
:
الشيخ الأمين الجليل، مسند الديار المصرية، أبو القاسم، علي بن محمد بن علي بن أحمد بن عيسى، الفارسي، ثم المصري.
شيخ معمر عالي الرواية، مكثر عن أبي أحمد بن الناصح المفسر، والقاضي أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن حيويه، والحسن بن رشيق، وعلي بن عبد الله بن العباس البغدادي، وطائفة.
حدث عنه: سهل بن بشر الإسفراييني ثم الدمشقي، وأبو صادق مرشد ابن يحيى المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون.
قال الرازي في "مشيخته": سمعت عليه ستين جزءًا أو أزيد. توفي في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
أخبرنا أحمد بن نصير المفيد، أخبرنا رواج، أخبرنا عبد الواحد بن عسكر المخزومي، أخبرنا مرشد بن يحيى المديني في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وخمس مائة، أخبرنا علي بن محمد بن علي الفسوي سنة (441) أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: من لم يصل فلا دين له.
ومات فيها أبو علي الحسن بن علي بن محمد الشاموخي بالبصرة، ومسند أصبهان أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي الذكواني، والمسند محمد بن عبد السلام بن سعدان بدمشق، والمحدث أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر الأزدي.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 202"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 374".
4043 - ابن عابد
(1)
:
المحدث المسند، أبو عبد الله؛ محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد، المعافري القرطبي.
حج، وسمع: وحدث عن: أبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي زيد، وأبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وعدة.
قالوا: وكان ثقةً معنيًا بالآثار، خيرًا صالحًا، متواضعًا، دعي إلى الشورى، فأبى.
روى عنه: أبو مروان الطبني: وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب، وأبوه محمد، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وآخرون. وقيل: بل رواية أبي محمد عنه إجازة، والمغاربة يتسمحون في إطلاق ذلك.
توفي في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربع مائة وله بضع وثمانون سنة.
ومات معه فيها المحدث علي بن منير بن أحمد الخلال الشاهد بمصر، والمحدث العالم أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري ببغداد، ومشرف الجامع أبو علي الحسن بن علي بن شواش الكناني بدمشق.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 530"، والعبر "3/ 190"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 263".
4044 - الصيمري
(1)
:
القاضي العلامة، أبو عبد الله؛ الحسين بن علي بن محمد، الصيمري الحنفي.
روى عن: هلال بن محمد، والمفيد، وابن شاهين والحربي، وطبقتهم.
وعنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني، وآخرون.
وكان من كبار الفقهاء المناظرين، صدوقًا، وافر العقل.
قال الخطيب: قال لي: سمعت من الدارقطني أجزاء من سننه، وانقطعت لكونه لين أبا يوسف، وليتني لم أفعل، أيش ضر أبا الحسن انصرافي؟.
قال الخطيب: مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مائة عن إحدى وثمانين سنة.
4045 - الجويني
(2)
:
شيخ الشافعية، أبو محمد؛ عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف ابن محمد بن حيويه، الطائي السنبسي كذا نسبه الملك المؤيد الجويني والد إمام الحرمين.
كان فقيهًا مدققًا محققًا، نحويًا مفسرًا.
تفقه بنيسابور على أبي الطيب الصعلوكي، وبمرو على أبي بكر القفال، وسمع: من أبي نعيم الإسفراييني، وابن محمش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران، وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو المعالي، وعلي بن أحمد بن الأخرم، وسهل بن إبراهيم المسجدي.
قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل، لنقلت إلينا شمائله، وافتخروا به.
قال ابن الأخرم: سمعت أبا محمد يقول: أنا من سنبس؛ قبيلة من العرب.
وقال أبو صالح المؤذن: غسلت أبا محمد، فلما لففته في الكفن، رأيت يده اليمنى إلى الإبط منيرة كلون القمر، فتحيرت، وقلت: هذه بركات فتاويه.
قلت: رجع من عند القفال، وتصدر للإفادة والفتوى سنة سبع وأربع مائة، وكان مجتهدًا في العبادة، مهيبًا بين التلامذة، صاحب جد ووقار وسكينة، تخرج به ابنه.
وله من التواليف "كتاب التبصرة" في الفقه، وكتاب "التذكرة"، وكتاب "التفسير الكبير"، وكتاب "التعليقة".
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة، وهو صاحب وجه في المذهب، وكان يرى تكفير من تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيها توفي شيخ القراء أبو علي الحسن بن محمد البغدادي بمصر، وأبو أحمد محمد بن علي بن سيويه المؤدب، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد التبان، وآخرون.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 78"، والأنساب للسمعاني "8/ 128"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 119"، والعبر "3/ 186"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 38"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 256".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 385"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 130"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 47"، والعبر "3/ 188"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 42"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 261".
4046 - الطناجيري
(1)
:
المحدث الحجة، أبو الفرج، الحسين بن علي بن عبيد الله، البغدادي، الطناجيري.
ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.
وكتب عن القطيعي مجالس، وضاعت منه.
وسمع: من علي بن عبد الرحمن البكائي، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن مروان، وأبي بكر بن شاذان، وخلق كثير.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً دينًا، توفي في سلخ ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مائة.
4047 - ابن منير
(2)
:
الشيخ الصدوق، أبو الحسن؛ علي بن منير بن أحمد، الخلال المصري الشاهد.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والقاضي أبي الطاهر الذهلي، وجماعة.
روى عنه: القاضي الخلعي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وسعد بن علي الزنجاني، وآخرون.
قال السلفي: سمعت عبد الرحمن بن صابر، سمعت سهل بن بشر يقول: اجتمعنا بمصر، فلم يأذن لنا علي بن منير، وصاح عبد العزيز في كوة:"من سئل عن علم فكتمه، ألجم بلجام من نار"
(3)
. ففتح لنا، وقال: لا أحدث إلَّا بذهب. ولم يأخذ من الغرباء. وكان ثقةً فقيرًا.
قلت: توفي في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 79"، والأنساب للسمعاني "8/ 251"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 133".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 189"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 373".
(3)
صحيح أخرجه أحمد (2/ 263، 305 و 344 و 353 و 495)، وأبو داود (3658)، والترمذي
(2651)
، وابن ماجه (261) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، وله شاهد آخر من حديث أبي
سعيد الخدري: عند ابن ماجه (265)، وشاهد من حديث أنس بن مالك: عند ابن ماجه (264).
4048 - الوزير
(1)
أبو الفرج؛ محمد بن جعفر بن محمد بن العباس بن فسانجس الملقب بذي السعادات.
وزر ببغداد للسلطان أبي كاليجار ثلاث سنين، وكان ذا أدب غزير وباع في اللغة، وترسل باهر، وخط فائق.
وكان جده من الوزراء، ولهم نسب إلى بهرام جور، وكان يرجع إلى دين ومروءة.
توفي معتقلاً في رمضان سنة أربعين وأربع مئة عن نيف وخمسين سنة.
4049 - ابن حمدان
(2)
الأمير الأوحد، نائب دمشق للمصريين، ناصر الدولة وسيفها، أبو محمد؛ الحسن بن الحسين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي.
ولي دمشق بعد أمير الجيوش الدزبري، سنة ثلاث وثلاثين، فبقي إلى أن قبض عليه في سنة أربعين وأربع مئة. ثم ولي بعده طارق الصقلبي.
وهو والد الأمير ناصر الدولة حسين؛ الذي أذل المستنصر بمصر، وقهره، وجرت له سيرة إلى أن قتل بعد الستين وأربع مئة.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي (8/ 138)، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (5/ 45).
(2)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (11/ 419)، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (5/ 45، 90).
4050 - حفيد المقتدر
(1)
:
الأمير أبو محمد؛ الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد، الهاشمي العباسي.
سمع: من مؤدبه أحمد بن منصور اليشكري، ومن أبي الأزهر عبد الوهاب الكاتب.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان دينًا، حافظًا لأخبار الخلفاء، عارفًا بأيام الناس، فاضلًا.
توفي في شعبان سنة أربعين وأربع مائة وله سبع وتسعون سنة.
قلت: غسله أبو الحسين ابن المهتدي بالله، وآخر من حدث عنه أبو القاسم بن الحصين.
4051 - الميهني
(2)
:
القدوة الزاهد، شيخ خراسان، أبو سعيد؛ فضل بن أبي الخير محمد ابن أحمد، الميهني الصوفي.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي.
روى عنه: الحسن بن أبي طاهر الختلي، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وآخرون.
توفي بقريته ميهنه سنة أربعين وأربع مائة، وله تسع وسبعون سنة، وله أحوال ومناقب، ووقع في النفوس وتأله وجلالة.
4052 - السواق
(3)
:
الشيخ الصدوق، أبو منصور؛ محمد بن محمد بن عثمان، البغدادي، ابن السواق.
سمع: القطيعي، وابن ماسي، ومخلد الباقرحي، وعلي بن لؤلؤ.
وثقه الخطيب، وروى عنه هو، وثابت بن بندار، وأخوه أبو ياسر، وابن الطيوري، وآخرون.
توفي في آخر يوم من سنة أربعين وأربع مائة عن ثمانين سنة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 354"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 137"، والعبر "3/ 192"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 264".
(2)
ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 46".
(3)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 235"، والأنساب للسمعاني "7/ 181"، واللباب لابن الأثير "2/ 152"، والعبر "3/ 194"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 265".
4053 - اللبيدي
(1)
:
مفتي المغرب، أبو القاسم بن محمد، الحضرمي المالكي اللبيدي ولبيدة من قرى إفريقية.
صحب القدوة أبا إسحاق الجبنياني ولازمه.
روى عنه: ابن سعدون، وغيره.
وكان من العلماء الأبرار، كبير الشأن، رفيع الذكر، عابدًا مخلصًا متفننًا، شاعرًا مفلقًا.
له كتاب كبير في المذهب في بضعة عشر مجلدًا، وكتاب في بسط مسائل "المدونة"، وكتاب "زيادات الأمهات ونادر الروايات"، ومؤلف في سيرة شيخه الجبنياني.
توفي سنة أربعين وأربع مائة. ذكره القاضي عياض.
4054 - خاموش:
الإمام المحدث الحافظ الواعظ، أبو حاتم؛ أحمد بن الحسن بن محمد، الرازي البزاز أبوهن الملقب بخاموش. له رحلة ومعرفة وشهرة.
سمع: من: أبي عبد الله بن مندة، ومن فاتك بن عبد الله، وطائفة بأصبهان، ومن أبي أحمد الفرضي، وطبقته ببغداد، ومن إسماعيل بن الحسن بصرصر، ومن علي بن محمد بن يعقوب الرازي بالري، ومن أحمد بن محمد بن سليمان، وغيره بنيسابور. وكان شيخ أهل الري في زمانه.
روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل، وجماعة.
وله ترجمة في "تاريخ يحيى بن مندة" مختصرة، وقال: سمع: منه جماعة من بلدان.
(1)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 128".
أنبؤونا عن محمد بن إسماعيل، عن يحيى بن أبي عمرو، أخبرنا أبو بكر بن الحسين بن أحمد بن جعفر التويي بهمذان، أخبرنا أبو حاتم بالري، في ذي الحجة، سنة تسع وثلاثين وأربع مائة، حدثنا فاتك مولى ابن هارون، حدثنا عبد بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا يونس بن حبيب ........... ، فذكر حديثًا.
وبه إلى أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمران القطيعي ببغداد، حدثنا محمد بن مخلد العطار .... ، فذكر حديثًا.
قال أبو حاتم خاموش في عقب حديث: كتب عني هذا الحديث أبو نعيم بأصبهان.
ويروي أيضًا عن أبي محمد المخلدي، وعبد الله بن الحسين القطان، والفقيه أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي، والحسين بن محمد المهلبي.
روى عنه: أبو منصور حجر بن مظفر، والشريف يحيى بن حسين.
وحكاية شيخ الإسلام معه مشهورة لما قبض عليه بعض الجفاة، وحمله إلى أبي حاتم، وقال: إن هذا ذكر له مذهبًا ما سمعت به، قال: هو حنبلي. فقال: دعه ويلك! من لم يكن حنبليًا، فليس بمسلم.
أخبرنا محمد بن قايماز، وفاطمة بنت جوهر، قالا: أخبرنا الحسين ابن المبارك، أخبرنا أبو الفتوح الطائي، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن الحسين التويي الفقيه، أخبرنا أبو حاتم أحمد بن الحسن الرازي، حدثنا ابن مندة، حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى النيسابوري، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها"
(1)
.
(1)
ضعيف: أخرجه الدارقطني "4/ 184" من طريق يعقوب بن إبراهيم، ومحمد بن حسان الأزرق قال: حدثنا إسحاق الأزرق، أخبرنا داود بن أبي هند، به.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين مكحول وأبي ثعلبة الخشني، ومكحول مدلس، وقد عنعنه، وهو كثير الإرسال، ومع أنه عاصر أبا ثعلبة بالسن والبلد إلا أنه لم يسمع منه كما جزم أبو حاتم.
وورد من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: عند الدارقطني "4/ 298"، وفيه نهشل بن سعيد البصري، وهو كذاب. =
4055 - علي بن ربيعة
(1)
:
ابن علي، الشيخ المعمر، أبو الحسن، التميمي المصري، البزاز.
كان من الرواة المكثرين عن الحسن بن رشيق.
أجاز لأبي عبد الله بن الحطاب الرازي مروياته في سنة تسع وثلاثين وأربع مائة، وقال: هذا ثبت ما عندي عنه بالسماع: نسخة سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب جزء كبير رواه ابن رشيق، عن أحمد بن حماد التجيبي ابن زغبة عنه. نسخة إبراهيم بن سعد رواية ابن رشيق، عن ابن أبي السوار، عن أبي صالح، عنه. الجزء الثاني من "مسند مالك" للنسائي رواية ابن رشيق عنه. والثالث منه، والجزء الرابع انتخاب الدارقطني على ابن رشيق. كتاب الطلاق من "السنن" للنسائي. الفرائض من "الموطأ" رواية يحيى بن بكير، عن مالك.
توفي ابن ربيعة في صفر سنة أربعين وأربع مائة. وصلى عليه: أبو العباس بن هاشم المقرئ.
4056 - الصوري
(2)
:
الإمام الحافظ البارع الأوحد الحجة، أبو عبد الله؛ محمد بن علي ابن عبد الله بن محمد بن رحيم، الشامي الساحلي الصوري، أحد الأعلام.
ولد فيما ذكره سنة ست، أو سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.
وسمع: محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الصمد الزرافي، وأبا عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي، وعبد الغني بن سعيد المصري، ومحمد بن جعفر
= وله من طريق آخر عن أبي الدرادء: عند ابن عدي في "الكامل""1/ 404"، وفيه أصرم بن حوشب، كذاب خبيث يضع الحديث على الثقات. وقد تكلمت على الحديث بإسهاب في كتبانا [الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة]، المجلد الأول حديث رقم "370" ط. مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف يسر الله طبع بقية المجلدات الثلاث وأكثر النفع به وجعله في ميزان حسناتنا بكرمه ومنه إنه سمع مجيب كريم جواد.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 192"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 264".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 103"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 143"، والأنساب للسمعاني "8/ 106"،، اللباب لابن الأثير "2/ 250"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1002"، والعبر "3/ 197"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 48"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 267".
الكلاعي، وأبا نصر عبد الله بن محمد بن بندار، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس. وصحب الحافظ عبد الغني، وتخرج به، ثم قدم بغداد، ولحق بها البقايا، فسمع: من أبي الحسن بن مخلد جزء ابن عرفة، ومن أحمد بن طلحة المنقي، وأبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، وعثمان بن دوست، وخلق، فأكثر.
حدث عنه: شيخه الحافظ عبد الغني، وأبو بكر الخطيب، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو القاسم بن بيان الرزاز، وسعد الله بن صاعد الرحبي، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفين وآخرون.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو سعد بن الطيوري.
قال الخطيب: كان الصوري من أحرص الناس على الحديث، وأكثرهم كتبًا له، وأحسنهم معرفةً به، لم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق الخط، صحيح النقل. حدثني أنه كان يكتب في الوجهة من ثمن الكاغد الخراساني ثمانين سطرًا، وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب في الأخذ؛ ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات. وكان رحمه الله يسرد الصوم إلَّا الأعياد، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها. وذكر لي أن شيخه الحافظ عبد الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرح باسمه في بعضها؛ ومرةً يقول: حدثني الورد بن علي.
قال الخطيب: كان الصوري صدوقًا، كتب عني، وكتبت عنه.
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه.
وقال غيث بن علي الأرمنازي: رأيت جماعةً من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصوري.
وقال عبد المحسن الشيحي التاجر: ما رأيت مثل الصوري! كان كأنه شعلة نار، بلسان كالحسام القاطع.
قال أبو طاهر السلفي: كتب الصوري "صحيح البخاري" في سبعة أطباق من الورق البغدادي، ولم يكن له سوى عين واحدة.
قال: وذكر أبو الوليد الباجي في كتاب "فرق الفقهاء" له: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي الوراق وكان ثقةً متقنًا أنه شاهد أبا عبد الله الصوري، وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك، لم يكن وراء ذلك إلَّا الخير والدين، ولكنه كان شيئًا جبل عليه، ولم يكن في ذلك
بالخارق للعادة، فقرأ يومًا جزءًا على أبي العباس الرازي، وعن له أمر ضحكه، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده، فأنكروا عليه، وقالوا: هذا لا يصلح، ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنت تضحك. وكثروا عليه، وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا. فقال: ما في بلدكم شيخ إلَّا يجب أن يقعد بين يدي، ويقتدي بي، ودليل ذلك أني قد صرت معكم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديث شئتم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، اقرؤوا إسناده لأقرأ متنه، أو اقرؤوا متنه حتى أخبركم بإسناده. ثم قال الباجي: لزمت الصوري ثلاثة أعوام، فما رأيته تعرض لفتوى.
قال أبو الحسين بن الطيوري: كتبت عن عدة، فما رأيت فيهم أحفظ من الصوري!؛ كان يكتب بفرد عين، وكان متفننًا يعرف من كل علم، وقوله حجة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث.
قلت: كان من أئمة السنة، وله شعر رائق.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي: أخبرنا علي بن جبارة، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا محمد بن علي الصوري الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الحراني، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا المعافى؛ هو ابن سليمان، حدثنا موسى بن أعين، عن عبد الله، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تجوزوا في الصلاة، فإن خلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة"
(1)
.
هذا حديث صحيح، وعبد الله هو بشر الرقي.
أخبرنا محمد بن علي السلمي، ومحمد بن علي ابن الواسطي قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن الحسن بن سلامة المنبجي، أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا محمد بن علي، أخبرنا عبد الرحمن ابن عمر، أخبرنا أحمد بن سلمة الهلالي، حدثنا المقدام بن داود، حدثنا أبو زرعة؛ عبد الأحد بن الليث، عن عثمان بن الحكم الجذامي، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة، عن عائشة قالت:"أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلَّا جاءت مثل فلق الصبح"
(2)
.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "703"، ومسلم "467"، وأبو داود "794"، والترمذي "236"، والنسائي "2/ 94".
(2)
صحيح: أخرجه أحمد "6/ 153، 232"، والبخاري "3"، "4953"، ومسلم "160".
أنشدنا أبو الحسن الحافظ: أخبرنا جعفر السلفي، أخبرنا ابن الطيوري، أنشدنا الصوري لنفسه:
قل لمن عاند الحديث وأضحى
…
عاثبًا أهله ومن يدّعيه
أبعلمٍ تقول هذا أبن لي
…
أم بجهلٍ فالجهل خلق السّفيه
أيعاب الذين هم حفظوا الدّي
…
ن من التّرّهات والتّمويه
وإلى قولهم وما قد رووه
…
راجعٌ كلّ عالمٍ وفقيه
قال الخطيب: مات الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.
4057 - أبو كاليجار
(1)
:
السلطان صاحب العراق، أبو كاليجار؛ مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة ابن بويه.
تملك بعد ابن عمه جلال الدولة، فكانت أيامه خمس سنين، وجرت له خطوب وحروب، وعاش نيفًا وأربعين سنة، وقهر ابن عمه الملك العزيز، ومات سنة أربعين وأربع مائة بكرمان، وملكوا بعده ابنه الملك الرحيم أبا نصر، وولت دولة بني بويه، وقامت دولة بني سلجوق.
4058 - العزيز
(2)
:
الملك العزيز، أبو منصور بن الملك جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة؛ من بقايا ملوك بني بويه.
كان بارع الأدب، مليح النظم، وهو أول من لقب بألقاب ملوك زماننا، وكانت دولته محلولةً، قهره أبو كاليجار كما ذكرنا، وبقي في ملك مزلزل سبعة أعوام، واتفق موته بظاهر ميافارقين سنة إحدى وأربعين وأربع مائة، واسمه خسرو فيروز بن فيروز بن خره فيروز بن فنا خسرو بن حسن بن بويه.
وكان مولده بالبصرة سنة سبع وأربع مائة.
عمل إمرة واسط لأبيه، وبرع في الأدب والأخبار، وأكب على اللهو والخلاعة نسأل الله العافية.
وهو القائل:
من ملّني فلينأ عنّي راشدًا
…
فمتى عرضت له فلست براشد
ما ضاقت الدّنيا عليّ بأسرها
…
حتّى تراني راغبًا في زاهد
ولما مات أبوه الجلال، فارق العزيز واسطًا، وأقام عند أمير العرب دبيس بن مزيد الأسدي، ثم توجه إلى ديار بكر منتجعًا للملوك، وقد تلاشى حاله، فمات في ربيع الأول بميافارقين، من سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 136"، والعبر "3/ 191"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 46"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 263".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 199" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 268".
4059 - قرواش
(1)
:
ابن مقلد بن المسيب بن رافع، الأمير؛ صاحب الموصل، أبو المنيع، معتمد الدولة ابن صاحب الموصل حسام الدولة أبي حسان العقيلي.
تملك بعد موت أبيه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة، فطالت أيامه، واتسع ملكه؛ فكان له الموصل والكوفة والمدائن، وسقي الفرات.
وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي، ثم ترك، وأعاد الخطبة العباسية، فغضب الحاكم، وجهز جيشًا لحربه، وأتوا، ونهبوا داره بالموصل، وأخذوا له مائةي ألف دينار، فاستنجد بدبيس الأسدي، فانتصر.
وكان أديبًا شاعرًا، جوادًا ممدحًا، نهابًا وهابًا، فيه جاهلية وطبع الأعراب، يقال: إنه جمع بين أختين، فلاموه، فقال: حدثوني ما الذي نعمل بالشرع حتى تذكروا هذا؟ وقال مرةً: ما في عنقي غير دم خمسة ستة من العرب، فأما الحاضرة، فما يعبأ الله بهم.
ثم إنه وقع بينه وبين ابن أخيه بركة، فظفر به بركة، وحبسه، وتملك، وتلقب زعيم الدولة، في سنة إحدى وأربعين وأربع مائة، فلم تطل دولة بركة، ومات في آخر سنة ثلاث، فقام بعده الملك أبو المعالي قريش بن بدران بن مقلد، فأخرج عمه، وذبحه صبرًا في رجب سنة أربع وأربعين. وقيل: بل مات موتًا.
وتمكن قريش، ونهض مع البساسيري، ونهب دار الخلافة، وكان هلاكه بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين كهلًا، فتملك بعده ابنه شرف الدولة مسلم بن قريش، فعظم سلطانه، واستولى على الجزيرة وحلب، وحاصر دمشق، وكاد أن يأخذها، وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وخرج عليه أهل حران سنة ست وسبعين، فظفر بهم، وقتل قاضيها، وكان محببًا إلى الرعية مهيبًا، وكان يصرف جميع الجزية إلى الطالبين، وأنشأ سور الموصل.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 147"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 263"، والعبر "3/ 196"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 266".
4060 - صاحب غزنة والهند
(1)
:
السلطان مودود بن السلطان بن محمود بن سبكتكين.
كان بطلًا شجاعًا. كانت دولته ثمانية أعوام.
ومات في رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مائة وله تسع وعشرون سنة.
مات بغرنة، فأخرجوا عمه عبد الرشيد من السجن، وسلطنوه، ولقب سيف الدولة.
4061 - ابن سعدان
(2)
:
الشيخ الجليل الصدوق، مسند دمشق، أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبيد بن سعدان الجذامي الزنباعي مولاهم، الدمشقي.
سمع: جمح بن القاسم، وأبا علي الحسن بن منير، وأبا عمر بن فضالة، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبا سليمان بن زبر، والقاضي يوسف ابن القاسم الميانجي، وطائفة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وابن أبي العلاء الفقيه، وأبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر، ونجا العطار، وأبو طاهر محمد ابن الحسين الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وآخرون.
وروى عنه: عبد الكريم بن حمزة السلمي، وذلك وهم، ولعله له منه إجازة.
قال الكتاني: عنده ستة أجزاء، أو نحوها، توفي يوم عرفة، سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة، رحمه الله.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 148"، والعبر "3/ 198"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 267".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 202"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 270".
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمذاني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، وأخبرنا محمد بن أبي العز، أخبرنا محمد بن هبة الله الفارسي، أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبل، وإبراهيم بن الحسن الحصني قالوا: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين، وعلي بن الحسن ابن الموازيني قالا: أخبرنا محمد بن عبد السلام بن سعدان، أخبرنا أبو عمر بن فضالة، حدثنا الحسن بن الفرج الغزي، حدثنا يوسف بن عدي، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: كنت أبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال:"إذا بايعت صاحبك، فلا تفارقه وبينك وبينه شيء"
(1)
.
هذا حديث حسن غريب، خرجوا نحوًا منه في السنن من طريق سماك.
(1)
ضعيف: أخرجه أبو داود "3354"، والترمذي "1242"، والنسائي "7/ 281 - 282"، وابن ماجه "2262".
من طريق سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، به.
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا.
وقال الحافظ في "الفتح""4/ 427": ضعيف باتفاق المحدثين.
وقال أيضًا في "التخليص الحبير""3/ 26": "وروى البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي، قال سئل شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب، عن نافع، عن ابن عمر لم يرفعه. وحدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه. وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سالم، عن ابن عمر ولم يرفتعه ورفعه لنا سماك، وأنا أفرقه".
4062 - العلوي
(1)
:
الإمام المحدث الثقة العالم الفقيه، مسند الكوفة أبو عبد الله؛ محمد ابن علي بن الحسن بن عبد الرحمن، العلوي الكوفي.
انتقى عليه الحافظ أبو عبد الله الصوري، وغيره.
حدث عن: علي بن عبد الرحمن البكائي، وأبي الفضل محمد بن الحسن بن حطيط، ومحمد بن زيد بن مروان، وأبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، ومحمد بن علي بن أبي الجراح، وعدة. وببغداد من: أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص.
حدث عنه: أبو منصور أحمد بن عبد الله العلوي، ومحمد بن عبد الوهاب الشعيري، وأبو الحارث علي بن محمد الجابري، وعلي بن قطر الهمداني، وعلي بن علي بن الرطاب، وعبد المنعم بن يحيى بن هقل، وأبو الغنائم محمد بن علي النرسي؛ الكوفيون شيوخ السلفي، وآخر من روى عنه بالإجازة عمر بن إبراهيم الزيدي النحوي.
قال ابن النرسي: مات بالكوفة في ربيع الأول، سنة خمس وأربعين وأربع مائة.
قال: ومولده في رجب سنة سبع وستين وثلاث مائة، ما رأيت من كان يفهم فقه الحديث مثله.
قال: وكان حافظًا، خرج عنه الحافظ الصوري وأفاد عنه، وكان يفتخر به.
4063 - ابن فدويه
(2)
:
العدل الأمين، أبو الحسن؛ محمد بن إسحاق بن فدويه، الكوفي، صاحب البكائي.
أثنى عليه الصوري.
وقال الخطيب: كان ثقةً، ذا وقار.
قلت: روى عنه: أبو الغنائم النرسي.
توفي سنة خمس مع العلوي.
4064 - ابن صخر
(3)
:
القاضي الإمام المحدث الثقة، أبو الحسن؛ محمد بن علي بن محمد بن صخر، الأزدي البصري، صاحب المجالس المعروفة، وغير ذلك.
حدث بمصر والحجاز واليمن وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السجزي.
حدث عن: أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان السقطي؛ صاحب عبد الله بن أحمد بن الدورقي، وفهد بن إبراهيم بن فهد الساجي، ويوسف ابن يعقوب النجيرمي، وأبي العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي، والحافظ أبي محمد الحسن بن علي ابن غلام الزهري، وأبي
(1)
ترجمته في العبر "3/ 210"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 274".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 263"، والأنساب للسمعاني "9/ 243"، واللباب لابن الأثير "2/ 413".
(3)
ترجمته في العبر "3/ 203"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
4065 - أبو طاهر بن عبد الرحيم
(1)
:
الإمام المحدث الثقة، بقية المسندين، أبو طاهر؛ محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد الرحيم، الأصبهاني الكاتب.
حدث عن: أبي الشيخ بشيء كثير، وعن أبي بكر القباب، وأبي بكر ابن المقرئ، وارتحل إلى الدارقطني، فأخذ عنه سننه، وأتقن نسخته، وأخذ عن عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وعمر بن شاهين، وهذه الطبقة.
حدث عنه: أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي، وعبد الغفار بن نصرويه، وأبو زكريا بن مندة، وأبو الرجاء محمد بن أبي زيد أحمد الجركاني، وأبو منصور أحمد بن محمد بن إدريس الكرماني، وأبو الطيب حبيب بن أبي مسلم الطهراني، وأبو الفتح رجاء بن إبراهيم الخباز، وأبو الفتح سعيد بن إبراهيم الصفار، وهبة الله بن الحسن الأبرقوهي، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وإسماعيل بن الفضل الإخشيذ، ومحمد بن عبد الله الساجي، وأبو الوفاء
محمد بن محمد المديني، وأحمد بن محمد ابن براذجة، والقاضي إبراهيم بن الحسن الديلمي، وجوامرد الأرمني، وحمزة بن العباس العلوي، وسين بن حمد التاني، وخلق كثير من مشيخة السلفي، وأبي موسى المديني، خاتمتهم أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني.
مولده في أول سنة ثلاث وستين، وسماعه في صفر سنة ثمان وستين.
قال يحيى بن مندة: ثقة.
وقال عبد الغافر النخشبي: لم يحدث في وقته أوثق منه، وأكثر حديثًا، صاحب الأصول الصحاح، مات في حادي عشر ربيع الآخر، سنة خمس وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 209"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 273".
4066 - ابن المذهب
(1)
:
الإمام العالم، مسند العراق، أبو علي؛ الحسن بن علي بن محمد ابن علي بن أحمد بن وهب، التميمي البغدادي الواعظ، ابن المذهب.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.
سمع: من: أبي بكر القطيعي "المسند"، و"الزهد"، و"فضائل الصحابة"، وغير ذلك.
وسمع: من: أبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد الحرفي، وأبي الحسن بن لؤلؤ الوراق، وأبي بكر بن شاذان، وطائفة كثيرة.
وكان صاحب حديث وطلب، وغيره أقوى منه، وأمثل منه.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وابن ماكولا، والحسين ابن الطيوري، وعلي بن بكر بن حيد، وعلي بن عبد الوهاب الهاشمي الخطيب، ومحمد بن مكي بن دوست، وأبو طالب عبد القادر بن محمد، وابن عمه أبو طاهر عبد الرحمن بن أحمد اليوسفي، وأبو غالب عبيد الله بن عبد الملك الشهرزوري، وأبو المعالي أحمد بن محمد بن البخاري، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان يروي عن القطيعي "مسند أحمد" بأسره، وكان سماعه
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 390"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 155"، واللباب لابن الأثير "3/ 187"، والعبر "3/ 205"، وميزان الاعتدال "1/ 510"، ولسان الميزان "2/ 236"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 53"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
صحيحًا إلَّا في أجزاء منه، فإنه ألحق اسمه، وكان يروي "الزهد" لأحمد، ولم يكن له به أصل، إنما كانت النسخة بخطه، وليس هو محل الحجة.
حدث عن أبي سعيد الحرفي، وابن مالك، عن أبي شعيب الحراني، حدثنا يحيى البابلتي، حدثنا الأوزاعي، حدثنا هارون بن رياب قال: من تبرأ من نسب لدقته أو ادعاه، فهو كفر.
قال الخطيب: وجميع ما عنده عن ابن مالك للبابلتي جزء ليس هذا فيه، وكان كثيرًا يعرض علي أحاديث، في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين، ويسألني عنهم، فأنسبهم له، فيلحق ذلك في تلك الأحاديث موصولةً بالأسماء، فأنهاه، فلا ينتهي.
قال أبو بكر بن نقطة: ليت الخطيب نبه في أي مسند تلك الأجزاء التي استثنى، ولو فعل، لأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن مسندي فضالة بن عبيد، وعوف بن مالك، لم يكونا في نسخة ابن المذهب، وكذلك أحاديث من "مسند جابر" لم توجد في نسخته، رواها الحراني عن القطيعي، ولو كان ممن يلحق اسمه كما قيل، لألحق ما ذكرناه أيضًا، والعجب من الخطيب يرد قوله بفعله، فقد روى عنه من "الزهد" لأحمد في مصنفاته.
أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي: سألت شجاعًا الذهلي عن ابن المذهب، فقال: كان شيخًا عسرًا في الرواية، سمع: حديثًا كثيرًا، ولم يكن ممن يعتمد عليه في الرواية، فإنه خلط في شيء من سماعه. ثم قال السلفي: كان متكلمًا فيه.
قال أبو الفضل بن خيرون: مات ليلة الجمعة، تاسع عشرة ربيع الآخر، سنة أربع وأربعين وأربع مائة، سمعت منه جميع ما عنده، وسمع: ابن أخي منه "الزهد" لأحمد.
وقد مر في ترجمة ابن غيلان أن الرشيدي استجاز أبا علي "مسند الإمام أحمد"، فأبى أن يكتب له الإجازة إلَّا بعشرين دينارًا -سامحه الله- وأما قول ابن نقطة: ولو كان ممن يلحق اسمه: لا شيء، فإن إلحاق اسمه من باب نقل ما في بيته إلى النسخة، لا من قبيل الكذب في ادعاء السماع، وفي ذلك نزاع، وما الرجل بمتهم.
4067 - العمري
(1)
:
الإمام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو الفتح؛ ناصر بن الحسين بن محمد بن علي، القرشي العمري المروزي الشافعي.
سمع: أبا العباس السرخسي، وغيره بمرو، وأبا محمد المخلدي، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وجماعةً بنيسابور، وعبد الرحمن بن أبي شريح الزاهد بهراة.
وتفقه على أبي بكر القفال، وعلى أبي الطيب الصعلوكي، وابن محمش الزيادي.
وبرع في المذهب، ودرس في أيام مشايخه، وتفقه به أهل نيسابور، وكان مدار الفتوى والمناظرة عليه.
أخذ عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو إسحاق الجيلي، ومسعود بن ناصر السجزي، وأبو صالح المؤذن، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وآخرون. وأملى مدةً. وصنف.
وكان خيرًا متواضعًا فقيرًا. متعففًا قانعًا باليسير، كبير القدر، رحمه الله.
مات بنيسابور في ذي القعدة، سنة أربع وأربعين وأربع مائة.
ومات معه راوي المسند أبو علي، الحسن بن علي ابن المذهب، وأبو غانم أحمد بن علي الكراعي المروزي، والحافظ أبو نصر عبيد الله ابن سعيد السجزي، والحافظ عبد العزيز بن علي الأزجي، وقاضي الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني المتكلم، وعبد الله بن محمد بن مكي السواق المقرئ، وشيخ القراء أبو عمرو الداني.
4068 - سليم بن أيوب
(2)
:
ابن سليم، الإمام شيخ الإسلام، أبو الفتح، الرازي الشافعي.
ولد سنة نيف وستين وثلاث مائة.
وحدث عن: محمد بن عبد الملك الجعفي، ومحمد بن جعفر التميمي، والحافظ أحمد بن محمد بن البصير الرازي، وحمد بن عبد الله، صاحبي ابن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي، وأبي أحمد الفرضي، والأستاذ أبي حامد الإسفراييني وتفقه به، وطائفة سواهم.
وسكن الشام مرابطًا، ناشرًا للعلم احتسابًا.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو نصر الطريثيثي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو القاسم النسيب، وآخرون.
(1)
ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 272".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 397"، والعبر "2/ 213"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 275".
قال النسيب: هو ثقة، فقيه، مقرئ محدث.
وقال سهل بن بشر: حدثنا سليم أنه كان في صغره بالري، وله نحو من عشر سنين، فحضر بعض الشيوخ وهو يلقن قال: فقال لي: تقدم فاقرأ. فجهدت أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني، فقال: لك والدة؟ قلت: نعم: قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك الله قراءة القرآن والعلم. قلت: نعم. فرجعت، فسألتها الدعاء، فدعت لي، ثم إني كبرت، ودخلت بغداد، قرأت بها العربية والفقه، ثم عدت إلى الري، فبينا أنا في الجامع أقابل "مختصر المزني"، وإذا الشيخ قد حضر وسلم علينا وهو لا يعرفني، فسمع: مقابلتنا، وهو لا يعلم ماذا نقول، ثم قال: متى يتعلم مثل هذا؟. فأردت أن أقول: إن كانت لك والدة، فقل لها تدعو لك. فاستحييت.
وقال أبو نصر الطريثيثي: سمعت سليمًا يقول: علقت عن شيخنا أبي حامد جميع التعليقة، وسمعت يقول: وضعت مني صور، ورفعت بغداد من أبي الحسن ابن المحاملي. قال أبو القاسم ابن عساكر: بلغني أن سليمًا تفقه بعد أن جاز الأربعين. قال: وقرأت بخط غيث الأرمنازي: غرق سليم الفقيه في بحر القلزم، عند ساحل جدة، بعد أن حج في صفر سنة سبع وأربعين وأربع مائة، وقد نيف على الثمانين. قال: وكان فقيهًا مشارًا إليه، صنف الكثير في الفقه وغيره، ودرس، وهو أول من نشر هذا العلم بصور، وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر، وحدثت عنه أنه كان يحاسب نفسه في الأنفاس، لا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ.
وحدثت عنه: أنه كان يحرك شفتيه إلى أن يقط القلم.
قلت: وله كتاب "البسملة "سمعناه، وكتاب غسل الرجلين، وله تفسير كبير شهير، وغير ذلك، رحمه الله تعالى.
4069 - ابن سلوان
(1)
:
الشيخ المسند، أبو عبد الله؛ محمد بن علي بن يحيى بن سلوان، المازني الدمشقي، ابن القماح.
ليس عنده شيء سوى نسخة أبي مسهر وما معها. سمع: ذلك من الفضل بن جعفر التميمي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، والفقيه نصر المقدسي، والحسن ابن أحمد بن أبي الحديد، وسهل بن بشر الإسفراييني، ونجا بن أحمد، وأبو طاهر الحنائي، وأبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي، وأبو الفضل محمد؛ ابنا الموازيني، وعبد المنعم بن الغمر، وآخرون.
ولد في سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
ومات في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
ومثله في زمنه أبو الحسن بن حمصة الحراني؛ راوي مجلس البطاقة، ما عنده سواه. وهكذا جماعة اشتهروا، وسماعهم قليل، وما ذاك إلَّا لتعميرهم وعلوهم، كما أن جماعةً من كبار العلماء لا يكادون يعرفون لموتهم في الكهولة قبل أوان الرواية.
وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب القادسي البزاز؛ صاحب القطيعي، وشيخ الشافعية أبو القاسم منصور بن عمر الكرخي، وقاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا العجلي، ومسند قرطبة أبو العاص حكم بن محمد بن حكم الجذامي، والمفتي رافع بن نصر الحمال، وسليم بن أيوب أبو الفتح الرازي غريقًا، وعبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال، وأبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني، وعبيد الله بن المعتز النيسابوري، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي.
4070 - ابن أبي نصر
(2)
:
العدل الكبير المأمون المحدث، أبو الحسين؛ محمد بن الشيخ العفيف أبي محمد عبد الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف، التميمي الدمشقي.
سمع: أباه، والقاضي يوسف بن القاضي الميانجي، وأبا سليمان بن زبر، وتفرد بالرواية عنهما.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وسهل بن بشر، وموسى الصقلي، وأبو القاسم النسيب، وأبو طاهر الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وعدة.
توفي في رجب سنة ست وأربعين وأربع مائة، وشيعه نائب دمشق، وكانت جنازته مشهودةً، أغلق له البلد، وكان محتشم وقته.
ومات معه أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي الفراتي، وعلي بن الفضل ابن الفرات إمام جامع دمشق، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن اللبان المتكلم.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 215"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 277".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 211"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 274".
4071 - أخوه:
العدل الأمين الأنبل، أبو علي، أحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، التميمي.
حدث أيضًا عن: يوسف الميانجي، وابن زبر. وسمع: هو وأخوه معًا.
حدث عنه: الكتاني، ونجا العطار، وسهل بن بشر، وأبو طاهر الحنائي، والحسن بن سعيد العطار.
قال الكتاني: كان ثقةً مأمونًا، صاحب أصول، لم أر أحسن منه، وكان سماعه وسماع أخيه بخط أبيهما، وكانت له جنازة عظيمة.
مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين وأربع مائة، رحمه الله.
4072 - التنوخي
(1)
:
القاضي العالم المعمر، أبو القاسم؛ علي ابن القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي البصري ثم البغدادي، صاحب كتاب "الطوالات"، وولد صاحب كتاب الفرج بعد الشدة، وكتاب "النشوار"، وغير ذلك.
ولد في شعبان، سنة خمس وستين وثلاث مائة، بالبصرة.
وسمع: لما كمل خمسة أعوام من: علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وعلي بن محمد بن كيسان، وأبي سعيد الحرفي، وأبي عبد الله الحسين بن محمد العسكري، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وإبراهيم بن أحمد الخرقي، وخلق كثير.
قال الخطيب: كان متحفظًا في الشهادة، عند الحكام، صدوقًا في الحديث، تقلد قضاء المدائن، وقرميسين، والبردان.
وقال أبو الفضل بن خيرون: قيل: كان رأيه الرفض والاعتزال.
وقال شجاع الذهلي: كان يتشيع، ويذهب إلى الاعتزال.
وقال شجاع الذهلي: كان يتشيع، ويذهب إلى الاعتزال.
قلت: نشأ في الدولة البويهية، وأرجاؤها طافحة بهاتين البدعتين. وقيل: إنه صحب أبا العلاء المعري، وصادقه، واسمعه "صحيحه".
مات في ثاني المحرم، سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
حدث عنه: أبي النرسي، والحسن بن محمد الباقرحي، ونور الهدى حسين بن محمد الزينبي، وأبو علي بن المهدي، وأبو شجاع بهرام بن بهرام، وأبو منصور بن النقور، وأبو القاسم بن الحصين، وخلق سواهم. وروى شيئًا كثيرًا.
يقع لنا حديثه عاليًا، وهو راوي كتاب "الأشربة" لأحمد بن حنبل.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 115"، والأنساب للسمعاني "3/ 94"، واللباب لابن الأثير "1/ 225"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 162"، والعبر "3/ 214"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 276".
4073 - السمناني
(1)
:
العلامة، قاضي الموصل؛ أبو جعفر، محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، السمناني الحنفي.
حدث عن: نصر المرجي، وعلي بن عمر الحربي، وأبي الحسن الدارقطني، وجماعة.
ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا، فاضلًا حنفيًا، يعتقد مذهب الأشعري، وله تصانيف.
قلت: كان من أذكياء العلم.
وقد ذكره ابن حزم، فقال: هو أبو جعفر السمناني المكفوف، هو أكبر أصحاب أبي بكر الباقلاني، ومقدم الأشعرية في وقتنا، ومن مقالته قال: من سمى الله جسمًا من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته، فقد أصاب المعنى، وأخطأ في التسمية فقط. ثم أخذ ابن حزم يشنع على السمناني، وذكر عنه تجويز الردة على الرسول بعد أداء الرسالة. نعوذ بالله من الضلال.
توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مائة وله ثلاث وثمانون سنة. تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 355"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 156"، والأنساب للسمعاني "7/ 149"، واللباب لابن الأثير "2/ 141"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 65".
4074 - وابنه أحمد بن أبي جعفر
(1)
:
وهو الإمام القاضي، أبو الحسين؛ أحمد بن أبي جعفر.
ولد بسمنان في شعبان، سنة أربع وثمانين.
وقدم، وسمع: ببغداد من الحسن بن الحسين النوبختي، ومن إسماعيل بن هشام الصرصري، وجماعة.
وولي قضاء باب الطاق، وطال عمره.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا.
قلت: يأتي في الطبقة الأخرى.
4075 - الكسائي:
المحدث الإمام الرحال، أبو الحسن؛ علي بن عبيد الله بن محمد، الهمذاني الكسائي الصوفي، نزيل مصر.
سمع: أحمد بن عبدان الشيرازي بالأهواز، ونصر بن أحمد المرجي بالموصل، وعبد الوهاب الكلابي بدمشق، وأبا الفتح محمد بن أحمد النحوي بالرملة، ومنير بن عطية بقيساريه، والضراب بمصر.
حدث عنه: عبد المحسن الشيحي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وانتقى عليه الحافظان أبو نصر السجزي، وعبد العزيز النخشبي، وآخر من حدث عنه أبو عبد الله الرازي صاحب السداسيات.
توفي في جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وأربع مائة.
4076 - ابن اللبان
(2)
:
العلامة، أبو محمد؛ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن المحدث عبد الله بن محمد بن عالم أصبهان النعمان بن عبد السلام، التيمي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 382".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 144"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 162"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 38"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 274".
روى عن: ابن المقرئ، والمخلص، وأحمد بن فراس، وطائفة.
ولزم أبا بكر الباقلاني، وأبا حامد الإسفراييني، وبرع في الأصول والفروع، وتلا بالروايات، وصنف التصانيف، وولي قضاء إيذج.
عظمه الخطيب، وقال: كتبنا عنه، وكان أحد أوعية العلم، ثقةً، وجيز بالعبارة مع تدين وعبادة وورع بين، سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سنين، وأحضرت مجلس ابن المقرئ ولي أربع سنين.
قال الخطيب: لم أر أحسن قراءةً منه، أدرك رمضان ببغداد، فصلى التراويح بالناس، ثم يحيي بقية الليل صلاةً، فسمعته يقول: لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلًا ولا نهارًا.
وقيل: إن القاضي أبا يعلى الحنبلي قرأ عليه في الأصول سرًا، وحدث عنه أبو علي الحداد في معجمه، وتلا عليه بالروايات غير واحد.
ومات بأصبهان في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وأربع مائة.
4077 - أبو نصر السجزي
(1)
:
الإمام العالم الحافظ المجود شيخ السنة، أبو نصر؛ عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد، الوائلي البكري السجستاني، شيخ الحرم، ومصنف "الإبانة الكبرى" في أن القرآن غير مخلوق، وهو مجلد كبير دال على سعة علم الرجل بفن الأثر.
طلب الحديث في حدود الأربع مائة، وسمع: بالحجاز والشام والعراق وخراسان من: أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، وأبي أحمد الفرضي، والحافظ أبي عبد الله الحاكم، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وعلي بن عبد الرحيم السوسي، وأبي عبد الرحمن السلمي، وعبد الصمد بن أبي جرادة الحلبي؛ حدثه عن أبي سعيد بن الأعرابي، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، ومحمد بن محمد ابن محمد بن بكر الهزاني، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري، وأمم سواهم.
حدث عنه: الحافظ أبو إسحاق الحبال، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو معشر الطبري
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1005"، والعبر "3/ 206"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 271".
المقرئ، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وجعفر بن يحيى الحكاك، وجعفر بن أحمد السراج، وخلق.
وهو راوي الحديث المسلسل بالأولية.
قال محمد بن طاهر: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر السجزي، وأبي عبد الله الصوري، أيهما أحفظ؟ فقال: كان السجزي أحفظ من خمسين مثل الصوري. ثم قال إسحاق: كنت يومًا عند أبي نصر السجزي، فدق الباب، فقمت ففتحت، فدخلت امرأة، وأخرجت كيسًا فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي الشيخ، وقالت: أنفقها كما ترى! قال: ما المقصود؟ قالت: تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج، لكن لأخدمك. فأمرها بأخذ الكيس، وأن تنصرف، فلما انصرفت، قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت، سقط عني هذا الاسم، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئًا.
قلت: كأنه يريد متى تزوج للذهب، نقص أجره، وإلا فلو تزوج في الجملة، لكان أفضل، ولما قدح ذلك في طلبه العلم، بل يكون قد عمل بمقتضى العلم، لكنه كان غريبًا، فخاف العيلة، وأن يتفرق عليه حاله عن الطلب.
قال أبو نصر السجزي في كتاب "الإبانة": وأئمتنا كسفيان، ومالك، والحمادين، وابن عيينة، والفضيل، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وأنه يغضب ويرضى، ويتكلم بما شاء.
توفي أبو نصر بمكة، في المحرم سنة أربع وأربعين وأربع مائة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، الحسيني بقراءتي عليه بالثغر، وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ببغداد وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا عبد الحق اليوسفي وهو أول حديث سمعته وأخبرنا عبد الخالق بن علوان ببعلبك، وعبد الحافظ بن بدران بنابلس قالا: أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أحمد بن المقرب قالا: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج وهو أول حديث سمع: ناه منه، أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو يعلى المهلبي وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو حامد بن بلال وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا عبد الرحمن بن بشر وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول حديث سمعته من سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس؛ مولى لعبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض، يرحمكم من في السماء"
(1)
.
(1)
صحيح: أخرجه الحميدي "591"، وأحمد "2/ 160"، وأبو داود "4941"، والترمذي "1924".
4078 - العالي بالله
(1)
:
إدريس بن يحيى بن علي بن حمود، العلوي الإدريسي.
أخرجته البربر من السجن، وملكوه بعد مصرع نجا الخادم، وبعد موت أخيه الحسن بن يحيى.
وكان العالي فيه رقة ورحمة، لكنه قليل العقل، يقرب السفهاء، ولا يحجب عنهم خطاياه، وكان سيئ التدبير، فمالت البربر إلى محمد بن القاسم الإدريسي، فملكوه بالجزيرة الخضراء، ولقبوه بالمهدي، وصارت الأندلس ضحكةً، بها أربعة كل واحد يدعى أمير المؤمنين في مسيرة أربع ليال، ثم لم يتم أمر المهدي، وفجأه الموت عن ثمان بنين. وقام بالجزيرة ابنه القاسم بن محمد، ولم يتلقب بالخلافة. وقام بعد العالي ولده محمد، ثم مات بمالقة سنة خمس وأربعين وأربع مائة في حياة أبيه، ثم ردوا أباه إلى مالقة وغرناطة، ثم قهرهم ملك إشبيلية المعتضد بن عباد، وزالت دولة الإدريسية.
4079 - عبد الله بن الوليد
(2)
:
ابن سعد بن بكر، الإمام المفتي، أبو محمد، الأنصاري، الأندلسي، المالكي، نزيل مصر.
سمع: بقرطبة من إسماعيل بن إسحاق القطان، وارتحل في سنة أربع وثمانين، فأخذ السيرة عن أبي محمد بن أبي زيد وكتاب "الرسالة"، وأخذ عن أبي الحسن القابسي، وأبي جعفر أحمد بن دحمون وأخذ بمكة عن أبي العباس بن بندار الرازي، وطائفة.
وكان من كبار العلماء.
حدث عنه: أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خلف، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وجماعة لقيهم السلفي، وسمع: السيرة من رجل عنه.
اتفق أنه خرج في آخر أيامه إلى الشام، فتوفي به بعد أشهر، في شهر رمضان، سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
وكان مولده في سنة ستين وثلاث مائة.
وما رأيته روى بالشام شيئًا.
(1)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 324"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 155".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 275"، والعبر "3/ 216"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 451"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 277".
4080 - الخفاف
(1)
:
الشيخ المسند الصدوق، أبو القاسم، عمر بن الحسين بن إبراهيم، البغدادي الخفاف.
سمع: أبا حفص بن الزيات، ومحمد بن المظفر، وأبا الفضل الزهري، وجماعة.
حدث عنه: الخطيب، وقاضي المرستان أبو بكر، وجماعة.
توفي سنة خمسين وأربع مائة، ولا بأس به.
4081 - حكم بن محمد
(2)
:
ابن حكم بن إفرانك، الشيخ المعمر، مسند الأندلس، أبو العاص، الجذامي القرطبي.
حدث عن: أبي بكر بن المهندس، وإبراهيم بن علي التمار، وعبد المنعم بن غلبون؛ وتلا عليه، ويوسف بن أحمد بن الدخيل، وأبي محمد ابن أبي زيد، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وهاشم بن يحيى، وعدة، ولقي بطليطلة عبدوس بن محمد.
وكانت رحلته وحجه في سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
روى عنه: أبو مروان الطبني، والحافظ أبو علي الغساني، وجماعة.
قال الغساني: كان رجلًا صالحًا، ثقةً مسندًا، صلبًا في السنة، مشددًا على أهل البدع، عفيفًا ورعًا، صبورًا على القل، رافضًا للدنيا، مهينًا لأهلها، يتمعش من بضيعة حل مضاربة مع سفار، عاش بضعًا وتسعين سنة.
توفي في صدر ربيع الآخر، سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
وقال عبد الرحمن بن خلف: رأيت على نعش حكم يوم دفنه طيورًا ترفرف لم تعهد بعد؛ كالذي رئي على نعش أبي عبد الله بن الفخار.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 276"، والعبر "3/ 223"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 287"؟
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 149"، والعبر "3/ 213"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 275".
4082 - الناصحي
(1)
:
قاضي القضاة، أبو محمد عبد الله بن الحسين الناصحي، الحنفي، الخراساني.
روى عن: بشر بن أحمد الإسفراييني.
وطال عمره، وعظم قدره، وكان قاضي السلطان محمود بن سبكتكين.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
حدث عنه طائفة.
4083 - ابن مسكين
(2)
:
الإمام الفقيه، أبو الحسن؛ عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن صهيب بن مسكين المصري، الشافعي.
حدث عن: أبيض بن محمد الفهري صاحب النسائي، وعبيد الله بن محمد بن أبي غالب البزاز، ومحمد بن القاسم بن أبي هريرة، وقاضي أذنه أبي الحسن الأنطاكي، وابن المهندس.
وكان يعرف أيضًا بالزجاج.
روى عنه طائفة، آخرهم: أبو عبد الله الرازي.
4084 - الغندجاني
(3)
:
الشيخ أبو أحمد، عبد الوهاب بن محمد بن موسى الغندجاني.
راوي "تاريخ البخاري" عن الحافظ أحمد بن عبدان، ويروي أيضًا عن المخلص، وغيره.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون والمبارك بن الطيوري وأبو الغنائم النرسي وآخرون.
قال الخطيب: حدث بالتاريخ بعضه بقوله وأرجو أن يكون صدوقًا.
توفي في جمادى الآخرة، سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 443".
(2)
ترجمته في حسن المحاضرة للسيوطي "1/ 403".
(3)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 33"، والأنساب للسمعاني "9/ 179"، واللباب لابن الأثير "2/ 390" والعبر "3/ 212"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 276".
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون والمبارك بن الطيوري وأبو الغنائم النرسي وآخرون.
قال الخطيب: حدث بالتاريخ بعضه بقوله وأرجو أن يكون صدوقًا.
توفي في جمادى الآخرة، سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
4085 - ابن المعتز:
الشيخ أبو الحسن؛ عبيد الله بن المعتز بن منصور بن عبد الله بن حمزة النيسابوري راوي الأجزاء الأربعة من حديث علي بن حجر.
سمع من: أبي الفضل بن خزيمة وأبي الفضل الفامي وأبي بكر الجوزقي وحدث بأصبهان وبالري.
روى عنه: أبو علي الحداد وإسحاق الراشتيناني ومحمد بن عبد الله بن خوروست.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مائة؛ وهو أخو منصور شيخ إسماعيل بن المؤذن.
4086 - الباقلاني
(1)
:
الشيخ الإمام الصادق، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن عيسى البغدادي، الباقلاني، المقرئ.
سمع: أبا بكر بن مالك القطيعي، وحسينك بن علي التميمي، ومحمد ابن إسماعيل الوراق.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان لا بأس به مات في سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن ماكولا، وابن خيرون، وأبو الغنائم النرسي، وقاضي المرستان أبو بكر الأنصاري، ومسدد بن محمد بن علكان الجيزي، وطائفة سواهم.
وهو راوي أمالي القطيعي والوراق.
(1)
ترجمته في بغداد "11/ 342"، والعبر "3/ 216"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 278".
4087 - ابن حمدان
(1)
:
الإمام الحافظ الثبت، أبو طاهر؛ محمد بن أحمد بن علي بن حمدان، خراساني، رحال.
صحب الحاكم ابن البيع، وتخرج به، وسمع من: الحافظ أبي بكر الجوزقي، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبي الحسين الخفاف وجعفر بن فناكي بالري، وأحمد بن علي السليماني الحافظ ببيكند، ومحمد ابن أحمد الغنجار، وأبي سعد الإدريسي بسمرقند، وعلي بن محمد بن عمر المالكي بالري، وأبي الفضل محمد بن الحسين الحدادي بمرو.
وله تواليف، منها:"طرق حديث الطير".
سمع منه: أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري في سنة إحدى وأربعين وأربع مائة.
لم أقع بوفاته، وقد سقت له في "تذكرة الحفاظ" حديثًا من المجالس السلماسية.
وأخبرنا سليمان ومحمد ابنا حمزة سماعًا من الأول قالا: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا محمد بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد بالري، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن حمدان، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد، حدثنا محمد ابن وهب، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا محمد بن الوليد الزبيري، أخبرنا الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جاريةً في وجهها سفعة فقال: "استرقوا لها، فإن بها النظرة"
(2)
.
غريب، فرد، مسلسل بالمحمدين، وهم خمسة عشرة نفسًا.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1000".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "5739"، ومسلم "2197".
4088 - الطفال
(1)
:
الشيخ الإمام الثقة المقرئ مسند مصر أبو الحسن؛ محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن أحمد بن السري النيسابوري ثم المصري البزاز التاجر المعروف بابن الطفال.
ولد سنة تسع وخمسين وثلاث مائة.
حدث عن: القاضي أبي الطاهر الذهلي وأبي الحسن بن حيويه النيسابوري والحسن بن رشيق وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش وعبد الواحد بن أحمد بن أبي محمد بن قتيبة وأحمد بن محمد بن هارون الأسواني وأبي الطيب العباس بن أحمد الهاشمي وجماعة.
حدث عنه: سهل بن بشر الإسفراييني وأبو صادق مرشد بن يحيى المديني وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي والخفرة بنت مبشر بن فاتك وآخرون.
قال السلفي: كان بمصر من مشاهير الرواة ومن الثقات الأثبات. مات في صفر سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
وماتت الخفرة في سنة ثمان وعشرين وخمس مائة. سمع: الرازي منه جملةً وافرة.
4089 - العادل:
الوزير الكبير الملقب بالعادل أبو عبد الله؛ عبد الرحيم بن حسين.
وزر للملك الرحيم أبي نصر بن أبي كاليجار وكان سمحًا جوادًا مهيبًا عسوفًا سفاكًا للدماء.
تنمر له أبو نصر فأهلكه؛ طلبه إلى داره وقد حفر له جبًا وبسط عليه حصيرةً فتردى فيه وطم عليه وذلك في رمضان سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 243"، واللباب لابن الأثير "2/ 282"، والعبر "3/ 217"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 278".
4090 - الخليلي
(1)
القاضي العلامة الحافظ، أبو يعلى، الخليل بن عبد الله بن أحمد بن الخليل، الخليلي القزويني، مصنف كتاب الإرشاد في معرفة المحدثين، وهو كتاب كبير انتخبه الحافظ السلفي. سمعنا المنتخب.
سمع من: علي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق الكيساني، والقاسم بن علقمة، وأبي حفص عمر بن إبراهيم الكتاني، وأبي طاهر المخلص، وأبي الحسين الخفاف القنطري، ومحمد بن سليمان ابن يزيد الفامي، وأبي عبد الله الحاكم، وعدد كثير.
وروى بالإجازة عن: أبي بكر بن المقرئ، وأبي حفص بن شاهين، ومسند الكوفة علي بن عبد الرحمن البكائي كتب إليه من الكوفة، والحافظ أبي أحمد الغطريفي؛ أجاز له من جرجان.
وطال عمره، وعلا إسناده.
حدث عنه: شيخه أبو بكر بن لال، وولده أبو زيد واقد بن الخليل، وإسماعيل بن ماكي، وآخرون.
وكان ثقةً حافظاً، عارفاً بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في إرشاده، قرأناه على أبي علي بن الخلال، عن الهمداني، عن السلفي، عن ابن ماك، عنه.
وحكى أنه حضر عند الحاكم، فسأله عن أبي سلمة، عن الزهري، ما اسمه؟ فتفكر، وقال: محمد بن أبي حفصة. فعرف له ذلك.
توفي أبو يعلى بقزوين في آخر سنة ست وأربعين وأربع مئة. وكان من أبناء الثمانين.
وفيها مات شيخ القراء أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي بدمشق، والرئيس المحدث أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي عمرو بن أبي الفراتي بنيسابور، والعلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن التيمي الأصبهاني؛ ابن اللبان، ومسند دمشق الصدر أبو الحسين محمد ابن العفيف عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، ومقرئ الأندلس أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد القرطبي.
أخبرنا الحسن بن علي اليونسي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد ابن محمد الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين، أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله، أخبرنا أحمد بن محمد الزاهد، أخبرنا عبد الملك بن عدي، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، أخبرنا الشافعي، حدثنا يحيى ابن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بهم صلاة الكسوف ركعتين، كل ركعة بركوعين وسجدتين.
وبه: إلى أبي يعلى قال: أخبرنا الحسن بن عبد الرزاق، حدثن علي ابن إبراهيم بن سلمة القزويني، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا الشافعي مثله، تفرد به الإمام الشافعي، والإمام أحمد قد أخذ عن يحيى بن سليم الطائفي، وروى عن رجل، عن آخر، عنه.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا (3/ 174)، وتذكرة الحفاظ (3/ ترجمة 1008)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (3/ 274).
4091 - أبو الطيب الطبري
(1)
:
الإمام العلامة شيخ الإسلام القاضي أبو الطيب؛ طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري الشافعي فقيه بغداد.
ولد سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة، بآمل.
وسمع بجرجان من: أبي أحمد بن الغطريف جزءًا تفرد في الدنيا بعلوه وبنيسابور من مفقهه أبي الحسن الماسرجسي وببغداد من الدارقطني وموسى بن عرفة وعلي بن عمر السكري والمعافى الجريري.
واستوطن بغداد، ودرس، وأفتى، وأفاد، وولي قضاء ربع الكرخ بعد القاضي الصيمري.
وقال: سرت إلى جرجان للقاء أبي بكر الإسماعيلي، فقدمتها يوم الخميس، فدخلت الحمام ومن الغد لقيت ولده أبا سعد فقال لي: الشيخ قد شرب دواءً لمرض وقال لي: تجيء غدًا لتسمع: منه. فلما كان بكرة السبت غدوت فإذا الناس يقولون: مات الإسماعيلي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 358"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 198"، والأنساب للسمعاني "8/ 207"، واللباب لابن الأثير "2/ 274"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 512"، والعبر "3/ 222"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 63"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 284".
قال الخطيب: كان شيخنا أبو الطيب ورعًا عاقلًا عارفًا بالأصول والفروع محققًا حسن الخلق صحيح المذهب اختلفت إليه وعلقت عنه الفقه سنين.
قيل: إن أبا الطيب دفع خفًا له إلى من يصلحه فمطله وبقي كلما جاء نقعه في الماء وقال: الآن أصلحه. فلما طال ذلك عليه قال: إنما دفعته إليك لتصلحه لا لتعلمه السباحة.
قال الخطيب: سمعت محمد بن أحمد المؤدب سمعت أبا محمد البافي يقول: أبو الطيب الطبري أفقه من أبي حامد الإسفراييني. وسمعت أبا حامد يقول: أبو الطيب أفقه من أبي محمد البافي.
قال القاضي ابن بكران الشامي: قلت للقاضي أبي الطيب شيخنا وقد عمر: لقد متعت بجوارحك أيها الشيخ! قال: ولم؟ وما عصيت الله بواحدة منها قط. أو كما قال.
قال غير واحد: سمع: نا أبا الطيب يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله: أرأيت من روى أنك قلت: نضر الله امرءًا سمع: مقالتي فوعاها"
(1)
أحق هو؟ قال: نعم.
قال أبو إسحاق في "الطبقات": ومنهم شيخنا وأستاذنا القاضي أبو الطيب توفي عن، مائة وسنتين لم يختل عقله ولا تغير فهمه يفتي مع الفقهاء ويستدرك عليهم الخطأ،
(1)
صحيح: ورد من حديث جبير بن مطعم: أخرجه أحمد "4/ 80 و 82"، وابن ماجه "231"، والدارمي "1/ 74 - 75"، والحاكم "1/ 87"، وابن حبان في "المجروحين""1/ 4 - 5"، والطبراني في "الكبير""1541"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم""1/ 41"، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث""ص 18" من طرق عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد جبير بن مطعم، عن أبيه، به.
ورواه الطبراني "1544"، والحاكم "1/ 86 - 87" من طريق صالح بن كيسان، عن الزهري، به.
وتمام الحديث: "نضر الله امرأ سمع مقالتي، فوعاها، ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
وإسناد الحديث ضعيف، آفته ابن إسحاق، فهو مدلس، وقد عنعنه.
وورد من حديث زيد بن ثابت: عند أحمد "5/ 183"، وأبو داود "3660"، والترمذي "2656"، وابن ماجه "230"، والدارمي "1/ 175"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم""1/ 39"، وابن أبي عاصم في "السنة "94".
وورد من حديث أنس بن مالك: عند ابن ماجه "236"، وأحمد "3/ 225".
ويقضي ويشهد ويحضر المواكب إلى أن مات. تفقه بآمل على أبي علي الزجاجي صاحب أبي العباس بن القاص. وقرأ على أبي سعد بن الإسماعيلي وأبي القاسم بن كج بجرجان ثم ارتحل إلى أبي الحسن الماسرجسي وصحبه أربع سنين وحضر مجلس أبي حامد ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادًا وأشد تحقيقًا وأجود نظرًا منه. شرح مختصر المزني وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتبًا كثيرة ليس لأحد مثلها لازمت مجلسه بضع عشرة سنةً ودرست أصحابه في مسجده سنين بإذنه ورتبني في حلقته وسألني أن أجلس للتدريس في سنة ثلاثين وأربع مائة ففعلت.
قلت: من وجوه أبي الطيب في المذهب أن خروج المني ينقض الوضوء. ومنها أن الكافر إذا صلى في دار الحرب فصلاته إسلام.
قلت: حدث عنه: الخطيب وأبو إسحاق، وابن بكران، وأبو محمد بن الآبنوسي، وأحمد بن الحسن الشيرازي، وأبو سعد بن الطيوري، وأبو علي بن المهدي، وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن أحمد العكبري، وأبو العز بن كادش وأبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك وهبة الله بن الحصين وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وخلق كثير.
قال الخطيب: مات صحيح العقل ثابت الفهم، في ربيع الأول، سنة خمسين وأربع مائة، وله مائة وسنتان، رحمه الله.
الطبقة الرابعة والعشرون:
4092 - السعدي
(1)
:
الإمام البارع، القاضي، أبو الفضل، محمد بن أحمد بن عيسى بن عبد الله السعدي، البغدادي الفقيه الشافعي نزيل مصر وراوي معجم الصحابة للبغوي عن، ابن بطة العكبري.
وسمع: أبا الفضل الزهري وموسى بن محمد بن جعفر السمسار وأبا بكر بن شاذان وأبا طاهر المخلص وابن زنبور وسمع: أبا عبد الله الجعفي الهرواني وغيره بالكوفة وأبا الحسين بن جميع بصيدا وحامد بن إدريس بالموصل وأبا مسلم الكاتب بمصر.
وأملى مجالس، وأشغل، وهو من تلامذة أبي حامد الإسفراييني.
حدث عنه: سهل بن بشر الإسفراييني وعلي بن مكي الأزدي وأبو نصر الطريثيثي ومحمد بن أحمد أبو عبد الله الرازي وآخرون. وقد كتب عنه شيخه الحافظ عبد الغني ومات قبله بدهر.
مات أبو الفضل السعدي: في شعبان وقيل: في شوال- سنة إحدى وأربعين وأربع مائة، في عشر الثمانين.
4093 - النوقاني
(2)
:
الإمام أبو منصور؛ محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر راوي سنن الدارقطني عنه سمعه منه بفوت قليل معين في النسخة: الفضل ابن محمد الأبيوردي العطار بنيسابور في سنة أربعين وأربع مائة والفوت جزآن فسمع: هما من أبي عثمان الصابوني بإجازته من الدارقطني.
قال أبو سعد السمعاني: كان ثقةً، فاضلًا، مكثرًا.
مات سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 197"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "652"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 403"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 267".
(2)
ترجمته في تبصير المنتبه "1/ 143".
4094 - ابن المأموني
(1)
:
القاسم بن محمد بن هشام الرعيني، السبتي، المالكي، الفقيه، عرف: بابن المأموني.
أخذ عن: عبد الرحيم بن العجوز وأبي عبد الله بن الشيخ وأبي محمد الباجي وحج وسمع: بمصر من الحافظ عبد الغني وعبد الوهاب ابن منير.
تصدر بالمرية للإقراء والفقه.
روى عنه: أبو المطرف الشعبي وأبو بكر بن صاحب الأحباس القاضي وغانم المالقي وولده حجاج.
توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
ولده:
4095 - حجاج بن القاسم
(2)
:
الحافظ، المحدث، أبو محمد.
سمع: من أبي ذر الهروي، وأبي بكر المطوعي.
وحدث "بصحيح البخاري".
وكان رأس العلماء، بالمرية ثم تحول إلى سبتة.
روى عنه: القاضي أبو محمد بن منصور، وأبو علي بن طريف، وأبو القاسم بن العجوز.
توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مائة. ذكرته تبعًا للأب.
4096 - منصور بن عمر
(3)
:
ابن علي، العلامة أبو القاسم البغدادي، الكرخي، الشافعي.
ذكره أبو إسحاق في "طبقات الفقهاء" فقال: ومنهم شيخنا أبو القاسم الكرخي تفقه على أبي حامد الإسفراييني، وله عنه تعليقة، وصنف في المذهب كتاب "الغنية" ودرس ببغداد.
قلت: وحدث عن، أبي طاهر المخلص وأبي القاسم الصيدلاني.
روى عنه الخطيب، وقال: هو من أهل كرخ جدان توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 470".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 152"، وستأتي ترجمته في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "4360".
(3)
ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 87"، والأنساب للسمعاني "10/ 393"، "الكرخي"، وطبقات الفقهاء للشيرازي 129 - 130".
4097 - الخوارزمي
(1)
:
العلامة أبو سعيد أحمد بن محمد بن علي بن نمير الخوارزمي الشافعي الضرير أحد أئمة المذهب ببغداد وتلميذ الشيخ أبي حامد.
قال الخطيب: درس وأفتى ولم يكن بعد القاضي أبي الطيب أحد أفقه منه. روى عن: عبيد الله بن أحمد الصيدلاني. كتبت عنه وتوفي في صفر سنة ثمان وأربعين وأربع مائة وكان يقدم على منصور الكرخي وأبي نصر النابتي.
4098 - ابن مأمون:
الشيخ العالم الأديب، الصادق، أبو غانم حميد بن المأمون بن حميد بن رافع القيسي الهمذاني النحوي راوي كتاب الألقاب عن، مؤلفه أبي بكر الشيرازي.
وروى أيضًا عن، أبي بكر بن لال، وأحمد بن تركان، وعلي بن أحمد البيع، وأبي عمر بن مهدي، وأحمد بن محمد البصير الرازي، وأبي الحسن بن جهضم، وعدة.
قال شيرويه: ما أدركته وحدثنا عنه أبو الفضل القومساني وابن ممان وأحمد بن عمر البيع وعامة مشايخي وسمع: منه كهولنا وهو صدوق مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
قلت: وأجاز لعبد المنعم بن القشيري.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 71"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 63 - 64".
4099 - ابن مسرور
(1)
:
الشيخ الإمام الصالح القدوة الزاهد مسند خراسان أبو حفص؛ عمر بن أحمد بن عمر بن محمد بن مسرور النيسابوري.
سمع: أبا عمرو إسماعيل بن نجيد وبشر بن أحمد الإسفراييني وأبا سهل الصعلوكي وحسين بن علي التميمي وأبا عمرو بن حمدان والحافظ أبا أحمد الحاكم وأحمد بن محمد البالوي ومحمد بن حسين السمسار ومحمد بن أحمد المحمودي وأبا نصر بن أبي مروان الضبي ومحمد بن عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه وأبا بكر بن مهران المقرئ وأحمد بن محمد البحيري وأحمد بن إبراهيم العبدوي ومحمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة وأبا منصور محمد بن محمد بن سمع: ان وعدة.
حدث عنه: عبيد الله بن أبي القاسم القشيري وأحمد بن علي بن سلمويه وسهل بن إبراهيم المسجدي وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وإسماعيل بن أبي بكر القارئ وتميم بن أبي سعيد الجرجاني وهبة الله بن سهل السيدي وآخرون.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: هو أبو حفص الماوردي الفامي الزاهد الفقيه كان كثير العبادة والمجاهدة وكان المشايخ يتبركون بدعائه.
عاش تسعين سنةً وتوفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وأربع مائة رحمه الله.
4100 - القادسي
(2)
:
الشيخ المعمر أبو عبد الله؛ الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب القادسي ثم البغدادي البزاز.
أملى مجالس بجامع المنصور عن: أبي بكر القطيعي وأبي بكر الوراق وأبي بكر بن شاذان.
وعنه: أبو الغنائم النرسي وقال: كان يسمع: لنفسه وله سماع صحيح منه جزء الكديمي وجزء من حديث القعنبي وأجزاء من "مسند الإمام أحمد"، سمعنا منه.
قلت: وقع لنا جزء الكديمي من طريق أُبي عنه.
وقال الخطيب: حضرته يومًا وطالبته بأصوله فدفع إلي عن، ابن شاذان وغيره أصولًا صحيحة فقلت: أرني أصلك عن، القطيعي فقال: أنا لا يشك في سماعي من القطيعي سمع: نا منه خالي هبة الله المفسر المسند كله. فقلت: لا ترو ها هنا شيئًا إلَّا بعد أن تحضر أصولك. فانقطع ومضى إلى مسجد براثا فأملى فيه وكانت الرافضة تجتمع هناك فقال لهم: منعتني النواصب أن أروي في جامع المنصور فضائل أهل البيت. ثم اجتمع عليه في مسجد الشرقية الروافض ولهم إذ ذاك قوة وحميتهم ظاهرة فأملى عليهم العجائب من الموضوعات في الطعن على السلف.
قلت: مات في ذي القعدة سنة سبع وأربعين وأربع مائة.
ومات في العام قبله.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 216 - 217"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 278".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 16 - 17"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 80"، والأنساب للسمعاني "10/ 10" والعبر "3/ 212"، وميزان الاعتدال "1/ 529"، ولسان الميزان "2/ 264"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 275".
4101 - أحمد بن محمد بن عبدوس الزعفراني
(1)
:
أبو الحسن؛ أحمد بن محمد بن أحمد بن عبدوس الزعفراني المؤدب ببغداد.
روى عن: القطيعي وابن ماسي.
قال الخطيب: كتبت عنه من سماعه الصحيح وعاش تسعًا وثمانين سنة.
4102 - الأهوازي
(2)
:
قد ذكرته في "التاريخ" وفي "طبقات القراء" وفي "ميزان الاعتدال" مستوفىً فلنذكره ملخصًا.
كان رأسًا في القراءات، معمرًا، بعيد الصيت صاحب حديث ورحلة وإكثار، وليس بالمتقن له ولا المجود بل هو حاطب ليل ومع إمامته في القراءات فقد تكلم فيه وفي دعاويه تلك الأسانيد العالية.
وهو الشيخ الإمام، العلامة، مقرئ الآفاق، أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز الأهوازي نزيل دمشق. ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 380".
(2)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "9/ 34"، وميزان الاعتدال "1/ 512"، ولسان الميزان "2/ 237" وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 274".
وزعم أنه تلا على علي بن الحسين الغضائري مجهول لا يوثق به ادعى أنه قرأ على الأُشناني والقاسم المطرز وذكر أنه تلا لقالون في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة بالأهواز على محمد بن محمد بن فيروز عن، الحسن بن الحباب وأنه قرأ على شيخ عن، أبي بكر بن سيف وعلى الشنبوذي وأبي حفص الكتاني وجماعة قبل التسعين وثلاث مائة.
وسمع من: نصر بن أحمد المرجي؛ صاحب أبي يعلى ومن المعافى الجريري والكتاني وعدة. ولحق بدمشق عبد الوهاب الكلابي وأنه سمع: بمصر من أبي مسلم الكاتب ويروي العالي والنازل وخطه رديء الوضع جمع سيرةً لمعاوية ومسندًا في بضعة عشر جزءًا حشاه بالأباطيل السمجة.
تلا عليه الهذلي، وغلام الهراس، وأحمد بن أبي الأشعث السمرقندي وأبو الحسن المصيني وعتيق الردائي وأبو الوحش سبيع ابن قيراط وخلق.
وحدث عنه: الخطيب والكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو طاهر الحنائي، وأبو القاسم النسيب ووثقه، وبالإجازة أبو سعد بن الطيوري.
وألف كتابًا طويلًا في الصفات؛ فيه كذب ومما فيه حديث عرق الخيل وتلك الفضائح فسبه علماء الكلام وغيرهم. وكان ينال من ابن أبي بشر وعلق في ثلبه والله يغفر لهما.
قال ابن عساكر: كان على مذهب السالمية؛ يقول بالظاهر ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوي رأيه. وسمعت أبا الحسن بن قبيس عن، أبيه قال: لما ظهر من أبي علي الإكثار من الروايات في القراءات اتهم فسار رشأ بن نظيف وابن الفرات وقرؤوا ببغداد على الذين روى عنهم الأهوازي وجاؤوا فمضى إليهم أبو علي وسألهم أن يروه الإجازات فأخذها وغير أسماء من سمى ليستر دعواه فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح وعوتب رجل في القراءة عليه فقال: أقرأ عليه للعلم ولا أُصدقه في حرف.
قال عبد العزيز الكتاني: اجتمعت بهبة الله اللالكائي فسألني: من بدمشق؟ فذكرت منهم الأهوازي فقال: لو سلم من الروايات في القراءات.
ثم قال الكتاني: وكان مكثرًا من الحديث وصنف الكثير في القراءات وفي أسانيدها له غرائب يذكر أنه أخذها روايةً وتلاوةً. وممن وهاه ابن خيرون.
وقال الداني: أخذ القراءات عرضًا وسماعًا من أصحاب ابن شنبود وابن مجاهد. قال: وكان واسع الرواية حافظًا ضابطًا، أقرأ دهرًا بدمشق.
قلت: في نفسي أمور من علوه في القراءات.
وقال ابن عساكر: عقيب حديث كذب: الأهوازي متهم.
قلت: الحديث أنبأني به ابن أبي الخير عن، ابن بوش عن، أحمد ابن عبد الجبار عن، الأهوازي حدثنا، أحمد بن علي الأطرابلسي عن، عبد الله بن الحسن القاضي عن، البغوي عن، هدبة عن، حماد بن سلمة عن، وكيع بن عدس عن، أبي رزين عن، النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رأيت ربي بمنىً على جمل أورق عليه جبة".
وقال ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري": لا يستبعدن جاهل كذب الأهوازي فيما أورده من تلك الحكايات فقد كان من أكذب الناس فيما يدعي من الروايات في القراءات.
وقال محمد بن طاهر الملحي: كنت عند رشإ بن نظيف في داره على باب الجامع فاطلع منها وقال: قد عبر رجل كذاب. فاطلعت فوجدته الأهوازي.
وقال عبد الله بن أحمد بن السمرقندي: قال لنا أبو بكر الخطيب: أبو علي الأهوازي كذاب في القراءات والحديث جميعًا.
قلت: يريد تركيب الإسناد وادعاء اللقاء أما وضع حروف أو متون فحاشا وكلا ما أُجوز ذلك عليه وهو بحر في القراءات تلقى المقرئون تواليفه ونقله للفن بالقبول ولم ينتقدوا عليه انتقاد أصحاب الحديث كما أحسنوا الظن بالنقاش وبالسامري وطائفة راجوا عليهم.
توفي أبو علي سامحه الله في رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربع مائة.
4103 - الأزجي
(1)
:
الشيخ الإمام، المحدث المفيد، أبو القاسم عبد العزيز بن علي ابن أحمد بن الفضل بن شكر البغدادي، الأزجي.
سمع الكثير من: ابن كيسان، وأبي عبد الله العسكري، وأبي الحسن ابن لؤلؤ، وأبي سعيد الحرفي، وعبد العزيز الخرقي، ومحمد ابن أحمد الجرجرائي المفيد، وابن المظفر، والدارقطني، وخلق. وعني بالحديث.
روى عنه: الخطيب والقاضي أبو يعلى وعبد الله بن سبعون القيرواني والحسين بن علي الكاشغري وحمد بن إسماعيل الهمذاني والمبارك بن الطيوري وخلق.
له مصنف في الصفات لم يهذبه.
قال الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقًا كثير الكتاب. مولده في سنة ست وخمسين وثلاث مائة. وتوفي في شعبان سنة أربع وأربعين وأربع مائة.
4104 - عبد الغافر بن محمد
(2)
:
ابن عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد؛ الشيخ الإمام الثقة المعمر الصالح أبو الحسين الفارسي، ثم النيسابوري.
ولد سنة نيف وخمسين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبي أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي ب "صحيح مسلم" سمعه منه سنة خمس وستين وثلاث مائة. وحدث عن، الإمام أبي سليمان الخطابي بغريب الحديث له وحدث عن، بشر بن أحمد الإسفراييني وإسماعيل بن عبد الله بن ميكال وكان يمكنه السماع من أبي عمرو بن نجيد وأبي عمرو بن مطر، وطائفة.
حدث عنه: نصر بن الحسن التنكتي وأبو عبد الله الحسين بن علي الطبري وعبيد الله بن أبي القاسم القشيري وعبد الرحمن بن أبي عثمان الصابوني ومحمد بن الفضل الصاعدي الفراوي وإسماعيل بن أبي بكر القاري وفاطمة بنت زعبل العالمة وآخرون.
قال حفيده الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر: هو الشيخ الجد، الثقة، الأمين الصالح الصين الدين المحظوظ من الدنيا والدين الملحوظ من الحق تعالى بكل نعمى كان يذكر أيام أبي سهل الصعلوكي ويذكره وما سمع: منه شيئًا وسمع: من الخطابي بسبب نزوله عندهم حين قدم نيسابور ولم تكن مسموعاته إلَّا ملء كمين من الصحيح والغريب وأعداد قليلة من المتفرقات من الأجزاء ولكنه كان محظوظًا مجدودًا في الرواية حدث قريبًا من خمسين سنةً منفردًا عن، أقرانه مذكورًا مشهورًا في الدنيا مقصودًا من الآفاق سمع: منه الأئمة والصدور وقد قرأ عليه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ صحيح مسلم نيفًا وثلاثين مرة وقرأه عليه أبو سعد البحيري نيفًا وعشرين مرة هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئمة. استكمل خمسًا وتسعين سنة، وطعن في السادسة
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 468"، والأنساب للسمعاني "1/ 197"، واللباب لابن الأثير "1/ 46"، والعبر "3/ 206"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 271".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 216"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 277".
والتسعين، وألحق الأحفاد بالأجداد، وعاش في النعمة عزيزًا مكرمًا في مروءة وحشمة إلى أن توفي رحمه الله تعالى في خامس شوال سنة ثمان وأربعين وأربع مائة بنيسابور.
وفيها مات شيخ الشافعية مع القاضي أبي الطيب أبو سعيد أحمد بن محمد بن نمير الخوارزمي الضرير والفقيه عبد الله بن الوليد الأندلسي بمصر والزاهد أبو حفص بن مسرور وعلي بن إبراهيم الباقلاني وأبو الحسن بن الطفال والزاهد محمد بن الحسين ابن الترجمان بغزة وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران والمفتي أبو الفرج محمد ابن عبد الواحد الدارمي الشافعي.
4105 - الخولاني
(1)
:
الإمام المحدث، الثبت، أبو عبد الله؛ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن غلبون الخولاني القرطبي؛ والد المسند أبي عبد الله أحمد بن محمد.
كان أحد علماء الأثر بقرطبة.
حدث عن: أبيه وعمه أبي بكر وأبي محمد بن أسد وأحمد بن القاسم التاهرتي وأبي عمر بن الجسور وأبي عمر أحمد بن عبد الله الباجي وأبي عبد الله بن أبي زمنين وأبي المطرف بن فطيس، وخلق.
وكان معنيًا بالحديث وجمعه، ثقةً ثبتًا صينًا خيرًا. عاش ستًا وسبعين سنة. روى عنه ولده وجماعة.
توفي سنة ثمان وأربعين.
4106 - ابن الصباغ
(2)
:
مفتي الشافعية أبو طاهر؛ محمد بن عبد الواحد بن محمد البغدادي البيع ابن الصباغ.
سمع: أبا حفص بن شاهين والمعافى بن طرارا، وابن حبابة، وعدة.
وتفقه بالشيخ أبي حامد.
وتفقه عليه ولده أبو نصر؛ صاحب "الشامل".
قال الخطيب: كتبنا عنه وكان ثقة له حلقة للفتوى مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
قلت: وروى عنه أُبي النرسي.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 535".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 362"، والأنساب للسمعاني "2/ 372"، واللباب لابن الأثير "1/ 199" وستأتي ترجمته عند ذكر ولده في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة عام "4333".
4107 - أبو العلاء
(1)
:
هو الشيخ العلامة شيخ الآداب أبو العلاء؛ أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود بن مطهر بن زياد ابن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم بن النعمان ويلقب بالساطع لجماله ابن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله؛ الذي هو مجتمع تنوخ بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف ابن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر؛ وهو هود عليه السلام القحطاني ثم التنوخي المعري الأعمى اللغوي الشاعر صاحب التصانيف السائرة والمتهم في نحلته.
ولد في سنة ثلاث وستين وثلاث مائة.
وأضر بالجدري وله أربع سنين وشهر؛ سالت واحدة وابيضت اليمنى فكان لا يذكر من الألوان إلَّا الأحمر لثوب أحمر ألبسوه إياه وقد جدر وبقي خمسًا وأربعين سنة لا يأكل اللحم تزهدًا فلسفيًا.
وكان قنوعًا متعففًا له وقف يقوم بأمره ولا يقبل من أحد شيئًا ولو تكسب بالمديح لحصل مالًا ودنيا فإن نظمه في الذروة يعد مع المتنبي والبحتري.
سمع: جزءًا من يحيى بن مسعر رواه عن، أبي عروبة الحراني.
وأخذ الأدب عن، بني كوثر، وأصحاب ابن خالويه وكان يتوقد ذكاء.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 240"، والأنساب للسمعاني "3/ 90 - 93""التنوخي" و "المعري" و المنتظم لابن الجوزي "8/ 184"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 170"، وميزان الاعتدال "1/ 112"، ولسان الميزان "1/ 203"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 61"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 280".
ومن أردإ تواليفه "رسالة الغفران" في مجلد قد احتوت على مزدكة وفراغ ورسالة الملائكة ورسالة الطير على ذلك الأنموذج وديوانه سقط الزند مشهور وله لزوم ما لا يلزم من نظمه وكان إليه المنتهى في حفظ اللغات.
ارتحل في حدود الأربع مائة إلى طرابلس وبها كتب كثيرة واجتاز باللاذقية فنزل ديرًا به راهب متفلسف فدخل كلامه في مسامع أبي العلاء وحصلت له شكوك لم يكن له نور يدفعها فحصل له نوع انحلال دل عليه ما ينظمه ويلهج به. ويقال: تاب من ذلك وارعوى.
وقد سارت الفضلاء إلى بابه وأخذوا عنه.
وكان أخذ اللغة عن، أبيه وبحلب عن، محمد بن عبد الله بن سعد النحوي.
وكانت غلته في العام نحو ثلاثين دينارًا أفرز منها نصفها لمن يخدمه.
وكان غذاؤه العدس ونحوه وحلواه التين وثيابه القطن وفراشه لباد وحصير بردي وفيه قوة نفس وترك للمنن عورض في وقفه فسافر إلى بغداد يتظلم في سنة تسع وتسعين وحدث بها بسقط الزند.
يقال: كان يحفظ كل ما مر بسمع: هـ ويلازم بيته وسمى نفسه رهن المحبسين؛ للزومه منزله وللعمى وقال الشعر في حداثته وكان يملي تصانيفه على الطلبة من صدره.
خرج صالح بن مرداس ملك حلب فنازل المعرة يحاصرها ورماها بالمجانيق فخرج إليه أبو العلاء يتشفع فأكرمه وقال: ألك حاجة؟ قال: الأمير أطال الله بقاءه كالسيف القاطع لامن مسه وخشن حده وكالنهار الماتع
(1)
قاظ
(2)
وسطه وطاب أبرداه
(3)
{خُذ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عن الجاهلين} [الأعراف: 199] فقال: قد وهبتك المعرة فأنشدنا من شعرك. فأنشده على البديه أبياتًا وترحل صالح.
كان لأبي العلاء خلوة يدخلها للأكل ويقول: الأعمى عورة والواجب استتاره. فأكل مرةً دبسًا فنقط على صدره منه فلما خرج للإفادة؛ قيل له: أكلتم دبسًا؟ فأسرع بيده إلى صدره فمسحه وقال: نعم لعن الله النهم. فعجبوا من ذكائه وكان يعتذر إلى من يرحل إليه ويتأوه لعدم صلته.
(1)
الماتع: المرتفع.
(2)
قاظ: من القيظ، وهو شدة الحر.
(3)
أبرداه: أي طرفاه وهما الغداة والعشي.
قال الباخرزي: أبو العلاء ضرير ماله ضريب ومكفوف في قميص الفضل ملفوف ومحجوب خصمه الألد محجوج قد طال في ظل الإسلام آناؤه ورشح بالإلحاد إناؤه وعندنا خبر بصره والله العالم ببصيرته والمطلع على سريرته وإنما تحدثت الألسن بإساءته بكتابه الذي عارض به القرآن وعنوانه بـ "الفصول والغايات في محاذاة السور والآيات".
وقال غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن: له شعر كثير وأدب غزير ويرمى بالإلحاد وأشعاره دالة على ما يزن به ولم يأكل لحمًا ولا بيضًا ولا لبنًا بل يقتصر على النبات ويحرم إيلام الحيوان ويظهر الصوم دائمًا. قال: ونحن نذكر مما رمي به فمنه:
قران المشتري زحلًا يرجّى
…
لإيقاظ النّواظر من كراها
تقضّى الناس جيلًا بعد جيلٍ
…
وخلّفت النّجوم كما تراها
تقدّم صاحب التوراة موسى
…
وأوقع بالخسار من اقتراها
فقال رجاله: وحيٌ أتاه
…
وقال الآخرون: بل افتراها
وما حجّي إلى أحجار بيتٍ
…
كؤوس الخمر تشرب في ذراها
إذا رجع الحكيم إلى حجاه
…
تهاون بالمذاهب وازدراها
وله:
صرف الزمان مفرّق الإلفين
…
فاحكم إلهي بين ذاك وبيني
أنهيت عن، قتل النّفوس تعمّدًا
…
وبعثت أنت لقبضها ملكين
وزعمت أنّ لها معادًا ثانيًا
…
ما كان أغناها عن، الحالين
وله:
عقولٌ تستخفّ بها سطورٌ
…
ولا يدري الفتى لمن الثّبور
كتاب محمدٍ وكتاب موسى
…
وإنجيل ابن مريم والزّبور
ومنه:
هفت الحنيفة والنّصارى ما اهتدت
…
ويهود حارت والمجوس مضلّله
رجلان أهل الأرض: هذا عاقلٌ
…
لا دين فيه وديّنٌ لا عقل له
ومنه:
ومنه:
قلتم لنا خالقٌ قديمٌ
…
صدقتم هكذا نقول
زعمتموه بلا زمانٍ
…
ولا مكانٍ إلَّا فقولوا
هذا كلامٌ له خبيءٌ
…
معناه ليست لكم عقول
ومنه:
دينٌ وكفرٌ وأنباءٌ تقال وفر
…
قانٌ ينصّ وتوراةٌ وإنجيل
في كلّ جيلٍ أباطيلٌ يدان بها
…
فهل تفرّد يومًا بالهدى جيل
فأجبته:
نعم أبو القاسم الهادي وأُمّته
…
فزادك اللّه ذلًا يا دجيجيل
ومنه لعن:
فلا تحسب مقال الرّسل حقًّا
…
ولكن قول زورٍ سطّروه
وكان الناس في عيشٍ رغيدٍ
…
فجاؤوا بالمحال فكدّروه
ومنه:
وإنما حمّل التوراة قارئها
…
كسب الفوائد لا حبّ التّلاوات
وهل أُبيحت نساء الرّوم عن، عرضٍ
…
للعرب إلَّا بأحكام النّبوات
أنشدتنا فاطمة بنت علي كتابة أخبرنا، فرقد الكناني سنة ثمان وست مائة أنشدنا السلفي سمعت أبا زكريا التبريزي يقول: لما قرأت على أبي العلاء بالمعرة قوله:
تناقضٌ ما لنا إلَّا السّكوت له
…
وأن نعوذ بمولانا من النار
يدٌ بخمس مئٍ من عسجدٍ وديت
…
ما بالها قطعت في ربع دينا?
سألته فقال: هذا كقول الفقهاء: عبادة لا يعقل معناها.
قال كاتبه: لو أراد ذلك؛ لقال: تعبد. ولما قال: تناقض. ولما أردفه ببيت آخر يعترض على ربه.
وبإسنادي قال السلفي: إن كان قاله معتقدًا معناه فالنار ماواه وليس له في الإسلام نصيب. هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب الفصول والغايات فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربع مائة سنة.
وبه قال: وأخبرنا الخليل بن عبد الجبار بقزوين وكان ثقةً حدثنا، أبو العلاء بالمعرة حدثنا، أبو الفتح محمد بن الحسين حدثنا، خيثمة ........... ، فذكر حديثًا.
ثم قال السلفي: ومن عجيب رأي أبي العلاء تركه أكل ما لا ينبت حتى نسب إلى التبرهم وأنه يرى رأي البراهمة في إثبات الصانع وإنكار الرسل وتحريم إيذاء الحيوانات حتى العقارب والحيات وفي شعره ما يدل عليه وإن كان لا يستقر به قرار فأنشدني أبو المكارم الأسدي أنشدنا أبو العلاء لنفسه:
أقرّوا بالإله وأثبتوه
…
وقالوا: لا نبيّ ولا كتاب
ووطء بناتنا حلٌّ مباحٌ
…
رويدكم فقد طال العتاب
تمادوا في الضلال فلم يتوبوا
…
ولو سمع: وا صليل السّيف تابوا
قال: وأنشدنا أبو تمام غالب بن عيسى بمكة أنشدنا أبو العلاء المعري لنفسه:
أتتني من الإيمان ستّون حجّةً
…
وما أمسكت كفّي بثني عنان
ولا كان لي دارٌ ولا ربع منزلٍ
…
وما مسّني من ذاك روع جنان
تذكّرت أني هالكٌ وابن هالكٍ
…
فهانت عليّ الأرض والثّقلان
وبه: قال السلفي: ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار سمعت أبا المهدي بن عبد المنعم بن أحمد السروجي سمعت أخي أبا الفتح القاضي يقول: دخلت على أبي العلاء التنوخي بالمعرة بغتةً فسمعته ينشد:
كم غودرت غادةٌ كعابٌ
…
وعمّرت أُمّها العجوز
أحرزها الوالدان خوفا
…
والقبر حرزٌ لها حريز
يجوز أن تخطئ المنايا
…
والخلد في الدّهر لا يجوز
ثم تأوه مرات وتلا قوله تعالى: {إنَّ في ذلكَ لآيةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الآخِرةِ} إلى قوله: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 103 - 105]. ثم صاح وبكى وطرح وجهه على الأرض زمانًا ثم مسح وجهه وقال: سبحان من تكلم بهذا في القدم! سبحان من هذا كلامه! فصبرت ساعةً ثم سلمت ثم قلت: أرى في وجهك أثر غيظ؟ قال: لا بل أنشدت شيئًا من كلام المخلوق وتلوت شيئًا من كلام الخالق فلحقني ما ترى. فتحققت صحة دينه.
وبه: قال السلفي: سمعت أبا زكريا التبريزي يقول: أفضل من قرأت عليه أبو العلاء.
وسمعت أبا المكارم بأبهر وكان من أفراد الزمان يقول: لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرًا وختم في أسبوع واحد مائةا ختمة. إلى أن قال السلفي: وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب قرأ القرآن بروايات وسمع: الحديث على ثقات وله في التوحيد وإثبات النبوات وما يحض على الزهد وإحياء طرق الفتوة والمروءة شعر كثير والمشكل منه فله على زعمه تفسير.
قال غرس النعمة: حدثنا، الوزير أبو نصر بن جهير حدثنا، المنازي الشاعر قال: اجتمعت بأبي العلاء فقلت: ما هذا الذي يروى عنك؟ قال: حسدوني وكذبوا علي. فقلت: على ماذا حسدوك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة؟ فقال: والآخرة?! قلت: إي والله.
ثم قال غرس النعمة: وأذكر عند ورود الخبر بموته وقد تذاكرنا إلحاده ومعنا غلام يعرف بأبي غالب بن نبهان من أهل الخير والفقه فلما كان من الغد حكى لنا قال: رأيت البارحة شيخًا ضريرًا على عاتقه أفعيان متدليان إلى فخذيه وكل منهما يرفع فمه إلى وجهه فيقطع منه لحمًا ويزدرده وهو يستغيث فهالني وقلت: من هذا؟ فقيل لي: هذا أبو العلاء المعري الملحد.
ولأبي العلاء.
لا تجلسن حرّةٌ موفّقةٌ
…
مع ابن زوجٍ لها ولا ختن
فذاك خيرٌ لها وأسلم للـ
…
إنسان إنّ الفتى من الفتن
أنشدنا أبو الحسين الحافظ ببعلبك أنشدنا جعفر بن علي أنشدنا السلفي أنشدنا أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأسدي أنشدنا أبو العلاء بن سليمان لنفسه:
رغبت إلى الدّنيا زمانا فلم تجد
…
بغير عناءٍ والحياة بلاغ
وألقى ابنه اليأس الكريم وبنته
…
لديّ فعندي راحةٌ وفراغ
وزاد فساد النّاس في كلّ بلدةٍ
…
أحاديث مينٍ
(1)
تفترى وتصاغ
ومن شرّ ما أسرجت في الصّبح والدّجى
…
كميتٌ لها
(2)
بالشّاربين مراغ
(1)
المين: الكذب.
(2)
الكميت: من أسماء الخمر، لما فيها من سواد وحمرة، وفي المحكم: الكميت الخمر التي فيها سواد وحمرة.
وبه:
أوحى المليك إلى من في بسيطته
…
من البريّة جوسوا الأرض أو حوسوا
(1)
فأنتم قوم سوءٍ لا صلاح لكم
…
مسعودكم عند أهل الرأي منحوس
أنشدنا موسى بن محمد ببعلبك أنشدنا الشرف الإربلي أنشدنا أحمد بن مدرك القاضي أنشدني أبو جعفر محمد بن مؤيد بن أحمد بن حواري أنشدنا جدي أبو اليقظان أحمد أنشدنا أبو العلاء بن سليمان لنفسه:
يا ساهر البرق أيقظ راقد السّمر
(2)
…
لعلّ بالجزع
(3)
أعوانًا على السّهر
وإن بخلت على الأحياء كلّهم
…
فاسق المواطر
(4)
حيًّا من بني مطر
ويا أسيرة حجليها
(5)
أرى سفها
…
حمل الحليّ لمن أعيى عن، النّظر
ما سرت إلَّا وطيفٌ منك يطرحني
…
يسري أمامي وتأويبًا
(6)
على أثري
لو حطّ رحلي فوق النجم رافعه
…
ألفيت ثمّ خيالًا منك منتظري
يودّ أنّ ظلام الليل دام له
…
وزيد فيه سواد القلب والبصر
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم
…
والعذب يهجر للإفراط في الخصر
وهي طويلة بديعة نيف وسبعون بيتًا وشعره من هذا النمط.
قيل: إنه أوصى أن يكتب على قبره:
هذا جناه أبي عليّ
…
وما جنيت على أحد
(1)
الحوس: انتشار القتل والتحرك في ذلك، وهو مرادف الجوس، والمعنى تخللوا ديارهم واطلبوهم.
(2)
السمر: ضرب من العضاه، وقيل من الشجر صغار الورق قصار الشوك وله برمة صفراء يأكلها الناس، وليس في العضاه شيء أجود خشبا من السمر.
(3)
جزع: منعطف الوادي، وقيل منقطعه، وقيل: جانبه ومنعطفه، وقيل: هو ما اتسع من مضايقه أنبت أو لم ينبت، وقيل: لا يسمى جزع الوادي جزعا حتى تكون له سعة تنبت الشجر وغيره، وقيل هو منحناه.
(4)
المواطر: السحب التي ينسكب منها المطر.
(5)
الحجل: هو الخلخال.
(6)
التأويب: المجيء أول الليل. والمراد أنه سرى أمامه النهار كله إلى أول الليل.
قلت: الفلاسفة يعدون اتخاذ الولد وإخراجه إلى الدنيا جنايةً عليه ويظهر لي من حال هذا المخذول أنه متحير لم يجزم بنحلة. اللهم فاحفظ علينا إيماننا.
ونقل القفطي أن أبا العلاء قال: لزمت مسكني منذ سنة أربع مائة واجتهدت أن أتوفر على الحمد والتسبيح إلَّا أن أضطر إلى غير ذلك فأمليت أشياء تولى نسخها أبو الحسن ابن أبي هاشم في الزهد والعظات والتمجيد؛ فمن ذلك الفصول والغايات مائة كراسة ومؤلف في غريب ذلك عشرون كراسة وإقليد الغايات في اللغة عشر كراريس وكتاب الأيك والغصون ألف ومائةا كراسة وكتاب مختلف الفصول نحو أربع مائة كراس وتاج الحرة في وعظ النساء نحو أربع مائة كراسة والخطب مجلد وكتاب في الخيل عشر كراريس وكتاب خطبة الفصيح خمس عشرة كراسة وترسيل الرموز مجلد ولزوم ما لا يلزم نحو مائة وعشرين كراسة وزجر النابح مجلد وكتاب نجر الزجر مقداره وكتاب شرح لزوم ما لا يلزم ثلاث مجلدات وكتاب ملقى السبيل جزء ومواعظ في مجلد وخماسية الراح في ذم الخمر عشر كراريس قلت: أظنه يعني بالكراسة ثلاث ورقات وكتاب سقط الزند وكتاب القوافي والأوزان ستون كراسة وسرد أشياء كثيرة أدبيات وكتابه في الزهد يعرف بكتاب استغفر واستغفري منظوم نحو عشرة آلاف بيت المجموع خمسة وخمسون مصنفًا. قال: في نحو أربعة آلاف ومائة وعشرين كراسة.
قلت: قد قدرت لك الكراسة.
قال القفطي: أكثر كتبه عدمت وسلم منها ما خرج عن، المعرة قبل استباحة الكفار لها.
قلت: قبره داخل المعرة في مكان داثر وقد حدث عنه أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري وطائفة وقد طال المقال وما على الرجل أنس زهاد المؤمنين والله أعلم بما ختم له. ومن خبيث قوله:
أتى عيسى فبطّل شرع موسى
…
وجاء محمّدٌ بصلاة خمس
وقالوا: لا نبيٌّ بعد هذا
…
فضلّ القوم بين غدٍ وأمس
ومهما عشت من دنياك هذي
…
فما تخليك من قمر وشمس
إذا قلت المحال رفعت صوتي
…
وإن قلت الصحيح أطلت همسي
إن كنت لم ترق الدّماء زهادةً
…
فلقد أرقت اليوم من جفني دما
سيّرت ذكرك في البلاد كأنّه
…
مسكٌ فسامعةً يضمّخ أو فما
وأرى الحجيج إذا أرادوا ليلةً
…
ذكراك أخرج فديةً من أحرما
وممن روى عنه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي ومات قبله وغالب بن عيسى الأنصاري.
وكانت علته ثلاثة أيام ومات في أوائل شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وأربع مائة وعاش ستًا وثمانين سنة.
وممن رثاه تلميذه أبو الحسن علي، فقال:
4108 - الصابوني
(1)
:
الإمام العلامة القدوة المفسر المذكر المحدث شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عابد بن عامر النيسابوري الصابوني.
ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.
وأول مجلس عقده للوعظ إثر قتل أبيه في سنة ثنتين وثمانين وهو ابن تسع سنين.
حدث عن: أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وأبي بكر ابن مهران وأبي محمد المخلدي وأبي طاهر بن خزيمة وأبي الحسين الخفاف وعبد الرحمن بن أبي شريح وزاهر بن أحمد الفقيه وطبقتهم ومن بعدهم.
حدث عنه: الكتاني وعلي بن الحسين بن صصرى ونجا بن أحمد وأبو القاسم بن أبي العلاء والبيهقي وابنه عبد الرحمن بن إسماعيل وخلق آخرهم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي.
قال أبو بكر البيهقي: حدثنا، إمام المسلمين حقًا وشيخ الإسلام صدقًا أبو عثمان الصابوني. ثم ذكر حكاية.
وقال أبو عبد الله المالكي: أبو عثمان ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ والتفسير.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 5 - 6"، واللباب لابن الأثير "2/ 228 - 229"، والعبر "3/ 219"، والنجوم الزاهرةلابن تغري بردي "5/ 62"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 282".
وقال عبد الغافر في "السياق": الأستاذ أبو عثمان إسماعيل الصابوني شيخ الإسلام المفسر المحدث الواعظ أوحد وقته في طريقه وعظ المسلمين سبعين سنةً وخطب وصلى في الجامع نحوًا من عشرين سنة وكان حافظًا كثير السماع والتصانيف حريصًا على العلم سمع: بنيسابور وهراة وسرخس والحجاز والشام والجبال وحدث بخراسان والهند وجرجان والشام والثغور والحجاز والقدس ورزق العز والجاه في الدين والدنيا وكان جمالًا للبلد مقبولًا عند الموافق والمخالف مجمع على أنه عديم النظير وسيف السنة ودامغ البدعة وكان أبوه الإمام أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ففتك به لأجل المذهب وقتل فأقعد ابنه هذا ابن تسع سنين فأقعد بمجلس الوعظ وحضره أئمة الوقت وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في ترتيبه وتهيئة شأنه وكان يحضر مجلسه هو والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني والأستاذ أبو بكر بن فورك ويعجبون من كمال ذكائه وحسن إيراده حتى صار إلى ما صار إليه وكان مشتغلًا بكثرة العبادات والطاعات حتى كان يضرب به المثل.
قال الحسين بن محمد الكتبي في "تاريخه": في المحرم توفي أبو عثمان سنة تسع وأربعين وأربع مائة.
وقال السلفي في "معجم السفر": سمعت الحسن بن أبي الحر بسلماس يقول: قدم أبو عثمان الصابوني بعد حجه ومعه أخوه أبو يعلى في أتباع ودواب فنزل على جدي أحمد بن يوسف الهلالي فقام بجميع مؤنه وكان يعقد المجلس كل يوم وافتتن الناس به وكان أخوه فيه دعابة فسمعت أبا عثمان يقول وقت أن ودع الناس: يا أهل سلماس! لي عندكم أشهر أعظ وأنا في تفسير آية وما يتعلق بها ولو بقيت عندكم تمام سنة لما تعرضت لغيرها والحمد لله.
قال عبد الغافر في "تاريخه": حكى الثقات أن أبا عثمان كان يعظ فدفع إليه كتاب ورد من بخارى مشتمل على ذكر وباء عظيم بها ليدعو لهم ووصف في الكتاب أن رجلًا خبازًا درهمًا فكان يزن والصانع يخبز والمشتري واقف فمات ثلاثتهم في ساعة.
فلما قرأ الكتاب هاله ذلك واستقرأ من القارئ {أَفَأَمِنَ الّذِيْنَ مَكَرُوا السَّيِّآتِ} [النحل: 45] الآيات ونظائرها وبالغ في التخويف والتحذير وأثر ذلك فيه وتغير وغلبه وجع البطن وأنزل من المنبر يصيح من الوجع فحمل إلى حمام فبقي إلى قريب المغرب يتقلب ظهرًا لبطن وبقي أسبوعًا لا ينفعه علاج فأوصى وودع أولاده ومات وصلي عليه عقيب عصر الجمعة رابع المحرم وصلى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى.
وأطنب عبد الغافر في وصفه وأسهب إلى أن قال: وقرأت في كتاب كتبه زين الإسلام من طوس في التعزية لشيخ الإسلام: أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله في وقته؟ أليست السنة كانت بمكانه منصورةً والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعيًا إلى الله هاديًا عباد الله شابًا لا صبوة له كهلًا لا كبوة له شيخًا لا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر وطؤوا رحالكم قد غيب من كان عليه إلمامكم ويا أرباب المنابر أعظم الله أجوركم فقد مضى سيدكم وإمامكم.
قال الكتاني: ما رأيت شيخًا في معنى أبي عثمان زهدًا وعلمًا كان يحفظ من كل فن لا يقعد به شيء وكان يحفظ التفسير من كتب كثيرة وكان من حفاظ الحديث.
قلت: ولقد كان من أئمة الأثر له مصنف في السنة واعتقاد السلف ما رآه منصف إلَّا واعترف له.
قال معمر بن الفاخر: سمعت عبد الرشيد بن ناصر الواعظ بمكة، سمعت إسماعيل بن عبد الغافر، سمعت الإمام أبا المعالي الجويني يقول: كنت بمكة أتردد في المذاهب فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: عليك باعتقاد ابن الصابوني.
قال عبد الغافر: ومما قيل في أبي عثمان قول الإمام أبي الحسن؛ عبد الرحمن بن محمد الداوودي:
أودى الإمام الحبر إسماعيل
…
لهفي عليه ليس منه بديل
بكت السّما والأرض يوم وفاته
…
وبكى عليه الوحي والتّنزيل
والشمس والقمر المنير تناوحا
…
حزنًا عليه وللنّجوم عويل
والأرض خاشعةٌ تبكّي شجوها
…
ويلي تولول أين إسماعيل؟
أين الإمام الفرد في آدابه
…
ما إن له في العالمين عديل
لا تخدعنك منى الحياة فإنّها
…
تلهي وتنسي والمنى تضليل
وتأهّبن للموت قبل نزوله
…
فالموت حتمٌ والبقاء قليل
الخبازي، عميد الرؤساء:
4109 - الخبازي
(1)
:
شيخ القراء، أبو عبد الله، محمد بن علي بن محمد النيسابوري، الخبازي.
حدث ب "صحيح البخاري" عن الكشميهني رواه عنه الفراوي وكان ارتحل إلى الكشميهني.
قال ابن نقطة: قال عبد الغافر: شيخ نبيل مشاور في فهم الأمور مبجل في المحافل عارف بالقراءات توفي في رمضان سنة تسع وأربعين وأربع مائة.
قلت: وولد سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة.
وتلا على والده أبي الحسين الخبازي وعلى أبي بكر الطرازي صاحب ابن مجاهد.
وسمع: من: أبي أحمد الحاكم وجماعة. وكان ذا تعبد وتهجد.
روى عنه: مسعود الركاب وتلا عليه الهذلي وغيره. ومات أبوه نحو سنة أربع مائة.
4110 - عميد الرؤساء
(2)
:
الوزير الكبير، أبو طالب، محمد بن الوزير أبي الفضل؛ أيوب بن سليمان المراتبي.
كان أبوه كاتب القادر.
ووزر هذا للقائم أيام ولاية عهده ثم وزر للقادر بعد ابن حاجب النعمان ثم وزر للقائم بضع عشرة سنة.
وكان بليغًا مترسلًا صاحب فنون صنف كتابًا في الخراج وروى ديوان البحتري عن، الحسين بن محمد الخالع عن، أبي سهل القطان عن، أبي الغوث بن البحتري. وروى عن، أبي نصر بن نباتة شعره روى عنه أبو الجوائز هبة الله بن حمزة وغيره.
ولد سنة سبعين وثلاث مائة.
ومات في المحرم سنة ثمان وأربعين.
وهو القائل: الكتاب سبعة: الكامل الذي ينشئ ويملي ويكتب، والأعزل: وهو المنشئ ولا خط له والثالث: المبهم: وهو صاحب الخط ولا إنشاء له الرابع: الرقاعي: وهو من يجيد رقعةً ولا حظ له في طول نفس الخامس: المخبل: وهو ذو الحفظ والرواية ولا عبارة له فيجيء منه نديم السادس: المخلط؛ وهو الآتي بدره مع بعره السابع: السكيت؛ وهو الذي يجهد نفسه حتى يأتي بما يستحسن.
(1)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "1/ 417"، والعبر "3/ 219 - 220"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 283".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 175"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 234".
4111 - ابن بطال
(1)
:
شارح صحيح البخاري العلامة أبو الحسن؛ علي بن خلف بن بطال البكري القرطبي ثم البلنسي ويعرف بابن اللجام.
أخذ عن: أبي عمر الطلمنكي وابن عفيف وأبي المطرف القنازعي ويونس بن مغيث.
قال ابن بشكوال: كان من أهل العلم والمعرفة عني بالحديث العناية التامة؛ شرح الصحيح في عدة أسفار رواه الناس عنه واستقضي بحصن لورقة.
توفي في صفر سنة تسع وأربعين وأربع مائة.
قلت: كان من كبار المالكية. ذكره القاضي عياض.
4112 - العشاري
(2)
:
الشيخ الجليل الأمين أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي العشاري.
سمع: أبا الحسن الدارقطني وأبا الفتح القواس وأبا حفص بن شاهين وأبا عبد الله بن بطة ومحمد بن يوسف العلاف والكتاني والمخلص وأبا بكر بن شاذان وعيسى بن الوزير والمعافى.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان ثقةً صالحًا ولد في أول سنة ست وستين وثلاث مائة. وقال لي: كان جدي طوالًا فقيل له: العشاري.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 414"، والعبر "3/ 219"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 283".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 107"، والأنساب للسمعاني "8/ 459"، واللباب لابن الأثير "2/ 341"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 214"، وميزان الاعتدال "3/ 656"، والعبر "3/ 226" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 289".
قلت: قد كان أبو طالب فقيهًا عالمًا زاهدًا خيرًا مكثرًا صحب أبا عبد الله بن بطة وأبا عبد الله بن حامد وتفقه لأحمد.
حدث عنه: أبو الحسين ابن الطيوري وأبو علي البراداني وشجاع الذهلي وأبو العز بن كادش وأحمد بن قريش وأبو بكر محمد بن عبد الباقي القاضي وآخرون. وقد أدخل في سماعه ما لم يتفطن له.
قال ابن الطيوري: لما قدم عسكر طغرلبك لقي بعضهم ابن العشاري فقال: يا شيخ! أيش معك؟ قال: ما معي شيء. ثم ذكر أن في جيبه نفقةً فناداه وأخرج ما معه وقال: هذا معي. فهابه الرجل وعظمه ولم يأخذ النفقة.
قال ابن الطيوري: قال لي بعض أهل البادية: نحن إذا قحطنا استسقينا بابن العشاري فنسقى.
وقيل: إن رجلًا قرأ على العشاري كتاب الرؤيا للدارقطني فلما وصل إلى خبر أم الطفيل؛ قال: وذكر الحديث فقال للقارئ: اقرأ الحديث على وجهه فهو مثل السارية.
توفي سنة إحدى وخمسين وأربع مائة.
4113 - ابن الترجمان
(1)
:
الإمام الصالح شيخ الصوفية أبو الحسين محمد بن الحسين بن علي بن الترجمان العزي.
حدث عن: أبي بكر محمد بن أحمد الحندري المقرئ وبكير ابن محمد الطرسوسي وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي والحسن بن إسماعيل الضراب وأبي سعد الماليني وعلي بن أحمد الحندري وعدة.
حدث عنه: القاضي أبو عبد الله القضاعي ومحمد بن عمر بن عقيل الكرجي وأحمد بن أسد وعبد الباقي بن جامع وسهل بن بشر الإسفراييني ومحمد بن أحمد الرازي وبالإجازة أبو الحسن ابن الموازيني.
وكان شيخ المشايخ بمصر في زمانه. عاش خمسًا وتسعين سنة.
مات في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربع مائة وقبره عند ذي النون المصري رحمهما الله.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 38"، واللباب لابن الأثير "1/ 211"، والعبر "3/ 217"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 515"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 278".
4114 - الحمال
(1)
:
العلامة المفتي الزاهد أبو الحسن رافع بن نصر البغدادي الشافعي الحمال.
روى عن: أبي عمر بن مهدي وأخذ عن، أبي بكر الباقلاني وغيره.
وكان يدري الأصول وله نظم جيد.
قال هياج بن عبيد: كان لرافع قدم في الزهد وإنما تفقه الشيخ أبو إسحاق وأبو يعلى بن الفراء بمعاونة رافع لهما لأنه كان يحمل وينفق عليهما وتفقه بالشيخ أبي حامد. جاور وتوفي بمكة وله قدم راسخ في التقوى.
روى عنه: سهل بن بشر الإسفراييني وجعفر السراج.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مائة وقد شاخ.
4115 - أبو الفرج الدارمي
(2)
:
الإمام العلامة شيخ الشافعية، أبو الفرج محمد بن عبد الواحد ابن محمد بن عمر بن ميمون الدارمي، البغدادي، الشافعي، نزيل دمشق.
سمع: أبا الحسين محمد بن المظفر، وأبا عمر بن حيويه، وأبا الحسن الدارقطني، وأبا بكر بن شاذان، وجماعة.
وسمع من: أبي محمد بن ماسي، وضاع سماعه منه.
حدث عنه: الخطيب وأبو علي الأهوازي، والكتاني، وأبو طاهر الحنائي، والفقيه نصر المقدسي، وآخرون.
قال الخطيب: هو أحد الفقهاء موصوف بالذكاء وحسن الفقه والحساب والكلام في دقائق المسائل وله شعر حسن كتبت عنه بدمشق وقال لي: كتبت عن ابن ماسي، وأبي
وأبي بكر الوراق وولدت في سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. سكن الرحبة مدة وحدثني أنه سمع: أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا العباس بن سريج يقول وقد سئل عن، القرد فقال: هو طاهر هو طاهر.
وقال الشيخ أبو إسحاق في "الطبقات": كان فقيهًا حاسبًا شاعرًا متصرفًا ما رأيت أفصح منه لهجةً قال لي: مرضت فعادني الشيخ أبو حامد فقلت:
مرضت فارتحت إلى عائدٍ
…
فعادني العالم في واحد
ذاك الإمام ابن أبي طاهرٍ
…
أحمد ذو الفضل أبو حامد
وروى عنه من شعره أبو الحسين ابن النقور والحسن بن أبي الحديد. وله كتاب "الاستذكار" في المذهب كبير.
مات في أول ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وأربع مائة وله تسعون عامًا ودفن بباب الفراديس وشيعه خلق عظيم رحمه الله.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 205 - 206".
(2)
ترجمته في بغداد "2/ 361 - 362"، والأنساب للسمعاني "5/ 251"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "4/ 63".
4116 - الفالي
(1)
:
بفاء، الإمام النحوي، أبو الحسن، علي بن أحمد بن علي بن سلك الفالي الخوزستاني الشاعر.
سمع: من: أبي عمر الهاشمي، وابن خربان النهاوندي، وأبي الحسن بن النجار، وعدة. وسكن بغداد.
روى عنه: الخطيب في تاريخه وأبو الحسين بن الطيوري وطائفة.
وله نظم جيد وفضائل وقد اشترى منه الشريف المرتضى كتاب الجمهرة بستين دينارًا فإذا عليها للفالي:
أنست بها عشرين حولًا وبعتها
…
لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظنّي أنّني سأبيعها
…
ولو خلّدتني في السّجون ديوني
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصبيةٍ
…
صغارٍ عليهم تستهلّ شؤوني
وقد تخرج الحاجات يا أُمّ مالك
…
كرائم من ربٍّ بهنّ ضنين
توفي الفالي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 334"، والأنساب للسمعاني "9/ 233"، واللباب لابن الأثير "2/ 409"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 174" - 175"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 226 - 230" وتبصير المنتبه "2/ 787"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 60"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 278".
4117 - السمان
(1)
:
الإمام الحافظ العلامة البارع المتقن أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين. وقيل في جده: الحسين بن محمد بن زنجويه الرازي، السمان.
ولد سنة نيف وسبعين وثلاث مائة.
ولحق السماع من: أبي طاهر المخلص ببغداد، وسمع بالري: عبد الرحمن بن محمد بن فضالة وبمكة أحمد بن إبراهيم بن فراس وبدمشق عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي وسمع: من أبي محمد عبد الرحمن بن عمر ابن النحاس بمكة. وما أظنه دخل مصر.
قال ابن عساكر: قدم دمشق طالب علم وكان من المكثرين الجوالين سمع: من نحو أربعة آلاف شيخ.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وعبد العزيز الكتاني وجماعة من أهل الري منهم: ابن أخيه طاهر بن الحسين.
قلت: وروى عنه: أبو علي الحداد.
أنبئت عن القاسم بن علي: أخبرنا أبي، سمعت معمر بن الفاخر، سمعت أحمد بن محمد بن الفضل، وعبد الرحيم بن علي الحاجي يقولان: سمع: نا محمد بن طاهر الحافظ سمعت المرتضى أبا الحسن المطهر بن علي العلوي بالري يقول: سمعت أبا سعد السمان إمام المعتزلة يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام.
وبه: قال علي: سألت أبا منصور عبد الرحيم بن مظفر بالري عن، وفاة أبي سعد السمان الرازي فقال في سنة ثلاث وأربعين. قال: وكان عدلي المذهب يعني معتزليًا وكان له ثلاثة آلاف وست مائة شيخ وصنف كتبًا كثيرة، ولم يتأهل قط.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 130 - 131"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1007"، والعبر "3/ 209"، وميزان الاعتدال "1/ 239"، ولسان الميزان "1/ 421"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 51" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 273".
وقال الحافظ عبد العزيز الكتاني: كان أبو سعد من الحفاظ الكبار زاهدًا ورعًا وكان يذهب إلى الاعتزال.
أنبؤونا عن، القاسم بن علي: حدثنا، أبو محمد عمر بن محمد الكلبي قال: وجدت على ظهر جزء: مات الزاهد أبو سعد إسماعيل بن علي السمان في شعبان سنة خمس وأربعين وأربع مائة شيخ العدلية وعالمهم وفقيههم ومحدثهم وكان إمامًا بلا مدافعة في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشروط عالمًا بفقه أبي حنيفة وبالخلاف بين أبي حنيفة والشافعي وفقه الزيدية.
قال: وكان يذهب مذهب الحسن البصري ومذهب الشيخ أبي هاشم ودخل الشام والحجاز والمغرب وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ وقصد أصبهان في آخر عمره لطلب الحديث.
قال: وكان يقال في مدحه: إنه ما شاهد مثل نفسه كان تاريخ الزمان وشيخ الإسلام.
قلت: وذكر أشياء في وصفه وأنى يوصف من قد اعتزل وابتدع وبالكتاب والسنة فقل ما انتفع؟ فهذا عبرة والتوفيق فمن الله وحده.
هتف الذّكاء وقال لست بنافعٍ
…
إلا بتوفيقٍ من الوهّاب
وأما قول القائل: كان يذهب مذهب الحسن فمردود قد كانت هفوة في ذلك من الحسن وثبت أنه رجع عنها ولله الحمد.
وأما أبو هاشم الجبائي وأبوه أبو علي فمن رؤوس المعتزلة ومن الجهلة بآثار النبوة برعوا في الفلسفة والكلام وما شموا رائحة الإسلام ولو تغرغر أبو سعد بحلاوة الإسلام لانتفع بالحديث. فنسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا وتوحيدنا.
أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا، جعفر بن منير أخبرنا، أحمد بن محمد الحافظ أخبرنا، علي بن الحسين بن مردك بالري أخبرنا، إسماعيل ابن علي الحافظ أخبرنا، أحمد بن إبراهيم بمكة أخبرنا، إسماعيل بن العباس الوراق حدثنا، علي بن حرب حدثنا، سفيان عن، أبي إسحاق عن، عبد خير عن، علي ر قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما
(1)
.
قرأت على عيسى بن عبد الرزاق وسليمان بن قدامة وأبي علي بن الخلال: أخبركم جعفر بن علي أخبرنا، أبو طاهر السلفي أخبرنا، أبو علي المقرئ أخبرنا، أبو سعد الحافظ أخبرنا، كوهي ابن الحسن حدثنا، محمد بن هارون الحضرمي حدثنا، محمد بن سهل بن عسكر حدثنا، عبد الرزاق قال: ما رأيت أحسن صلاةً من ابن جريج أخذ عن، عطاء وأخذ عطاء عن، ابن الزبير وأخذ ابن الزبير عن، أبي بكر الصديق وأخذها أبو بكر عن، النبي صلى الله عليه وسلم وأخذها عن، جبريل عن، الله عز وجل.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "3671"، وأبو داود "4629". وابن أبي عاصم في "السنة""1206" من طريق سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد، حدثنا أبو يعلي، عن محمد ابن الحنفية قال: قلت لأبي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين". =
4118 - ابن بشران
(1)
:
الشيخ العالم الصدوق أبو بكر محمد بن الواعظ الإمام أبي القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي؛ مولاهم البغدادي راوي "سنن الدارقطني" عن، المصنف.
وسمع: عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وأبا عمر بن حيويه، ومحمد بن المظفر، وأبا بكر بن شاذان وطبقتهم.
وكان من المكثرين الثقات.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الغنائم النرسي، وأبو طالب بن يوسف، وابن عمه عبد الرحمن بن أحمد راوي السنن، وأبو علي البرداني وعدة.
قال السلفي: سألت شجاعًا الذهلي عنه، فقال: كان شيخًا جيد السماع، حسن الأصول، صدوقًا فيما يروي من الحديث، قد سمعت منه.
وقال أبو بكر الخطيب: مولده في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة وتوفي في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربع مائة.
وفيها مات كبير الشافعية بعد أبي الطيب الإمام أبو سعيد أحمد ابن محمد بن علي بن نمير الخوارزمي الضرير والأديب أبو غانم حميد ابن المأمون الهمذاني وأبو محمد عبد الله بن الوليد المالكي راوي السيرة عن، ابن أبي زيد وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ثم النيسابوري وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي الفالي المؤدب؛ بصري وأبو الحسن علي بن إبراهيم الباقلاني وأبو حفص عمر بن أحمد بن عمر بن مسرور الزاهد وأبو الحسن محمد ابن الحسين ابن الطفال بمصر ومحمد بن الحسين بن الترجمان الغزي شيخ الصوفية والعلامة أبو طاهر محمد بن عبد الواحد الصباغ الشافعي؛ والد العلامة أبي نصر الشافعي وأبو الفرج محمد ابن عبد الواحد الدارمي، الشافعي، مفتي دمشق.
= وورد من غير طريق محمد بن الحنفية بلفظ: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر، ولو شئت أن أسمي لكم الثالث لفعلت". أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 14"، ومن طريقه أحمد "1/ 106" وابن أبي عاصم في "السنة""1201"، من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة قال: قال على رضي الله عنه فذكره.
قلت: وإسناده ضعيف، شريك، هو ابن عبد الله النخعي، وهو سيئ الحفظ، وأبو إسحاق هو السبيعي، مدلس، لكن للحديث طرق أخرى منها الطريق السابق، فيتقوى بها الحديث وقد خرجت هذا الحديث بنحو ما تقدم في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" الجزء الأول تعليقنا رقم "11" فراجعه ثمت إن شئت. وقد تكرر تخريجنا في هذا الكتاب وفي الكتاب الذي بين يديك "السير" فلله الحمد والمنة على ما حبانا من نعمة العلم.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 348"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 176"، والعبر "3/ 217" وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 278".
4119 - أبو مسعود البجلي
(1)
:
الإمام الحافظ، المحدث، المسند بقية المشايخ أبو مسعود؛ أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان البجلي الرازي، ثم النيسابوري.
مولده سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
وبكر به أبوه المحدث الزاهد محمد بن عبد الله فأسمع: هـ من: أبي سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وأبي عمرو بن حمدان، وحسينك بن علي التميمي، وأبي طاهر بن خزيمة.
وطلب هذا الشأن، وبرز فيه على الأقران.
وروى أيضًا عن، أبي النضر محمد بن أحمد الشرمغولي، وأبي بكر الطرازي وأبي الحسين القنطري وأبي محمد المخلدي وشافع الإسفراييني وأبي بكر بن لال وأحمد بن فراس المكي وأبي الحسن ابن جهضم وابن فارس اللغوي وخلق.
وكان يسافر في التجارة كثيرًا كثير الأصول عارفًا بالحديث جيد الفهم وثقه جماعة.
حدث عنه: يحيى بن شراعة، وعبد الواحد بن أحمد الهمداني الخطيب، وأبو الحسن
علي بن محمد الجرجاني وظريف النيسابوري وعبد الرحمن بن محمد التاجر والحافظ إسماعيل بن عبد الغافر وآخرون.
اتفق موته ببخارى في المحرم سنة تسع وأربعين وأربع مائة.
قال يحيى بن مندة: كان ثقةً تاجرًا كثير الكتب عارفًا بالحديث.
وفيها مات أبو العلاء بن سليمان التنوخي المعري صاحب التواليف وأبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن النعمان الأصبهاني الصائغ وشيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني وشارح الصحيح أبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي والمقرئ أبو عبد الله محمد بن علي الخبازي النيسابوري وشيخ الإمامية أبو الفتح الكراجكي الرافضي.
(1)
ترجمته في تاريخ جرجان للسهمي "ص 85 - 86"، والأنساب للسمعاني "2/ 86"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1010"، والعبر "3/ 218 - 219"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 282".
4120 - الماوردي
(1)
:
الإمام العلامة أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي الشافعي صاحب التصانيف.
حدث عن: الحسن بن علي الجبلي صاحب أبي خليفة الجمحي. وعن محمد بن عدي المنقري ومحمد بن معلى وجعفر بن محمد بن الفضل.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب ووثقه وقال: مات في ربيع الأول سنة خمسين وأربع مائة وقد بلغ ستًا وثمانين سنة وولي القضاء ببلدان شتى ثم سكن بغداد.
قال أبو إسحاق في الطبقات: ومنهم أقضى القضاة الماوردي تفقه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة وارتحل إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني ودرس بالبصرة وبغداد سنين وله مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير وأصول الفقه والأدب وكان حافظًا للمذهب. مات ببغداد.
وقال القاضي شمس الدين في وفيات الأعيان: من طالع كتاب الحاوي له يشهد له بالتبحر ومعرفة المذهب ولي قضاء بلاد كثيرة وله تفسير القرآن سماه: النكت وأدب
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 102 - 103"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 199" - 200" ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "15/ 52 - 55"، والعبر "3/ 223"، وميزان الاعتدال "3/ 155"، ولسان الميزان "4/ 260"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 285".
الدنيا والدين" و"الأحكام السلطانية" و"قانون الوزارة وسياسة الملك" و"الإقناع" مختصر في المذهب.
وقيل: إنه لم يظهر شيئًا من تصانيفه في حياته وجمعها في موضع فلما دنت وفاته قال لمن يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما لم أظهرها لأني لم أجد نيةً خالصةً فإذا عاينت الموت ووقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها وعصرتها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها فاعمد إلى الكتب وألقها في دجلة وإن بسطت يدي فاعلم أنها قبلت.
قال الرجل: فلما احتضر وضعت يدي في يده فبسطها فأظهرت كتبه.
قلت: آخر من روى عنه أبو العز بن كادش.
قال أبو الفضل بن خيرون: كان رجلًا عظيم القدر متقدمًا عند السلطان أحد الأئمة له التصانيف الحسان في كل فن بينه وبين القاضي أبي الطيب في الوفاة أحد عشر يومًا.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: هو متهم بالاعتزال وكنت أتأول له وأعتذر عنه حتى وجدته يختار في بعض الأوقات أقوالهم قال في تفسيره: لا يشاء عبادة الأوثان. وقال في: {جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} {الأنعام: 112} معناه: حكمنا بأنهم أعداء أو تركناهم على العداوة فلم نمنعهم منها. فتفسيره عظيم الضرر وكان لا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة بل يتكتم ولكنه لا يوافقهم في خلق القرآن ويوافقهم في القدر قال في قوله: {إنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] أي بحكم سابق. وكان لا يرى صحة الرواية بالإجازة.
وروى خطيب الموصل عن، ابن بدران الحلواني عن، الماوردي.
وفيها مات القاضي أبو الطيب الطبري وأبو عبد الله الحسين بن محمد الوني والمحدث علي بن بقاء الوراق وأبو القاسم عمر بن الحسين الخفاف ورئيس الرؤساء علي بن المسلمة الوزير وأبو الفتح منصور بن الحسين التاني.
4121 - الجوهري
(1)
:
الشيخ الإمام المحدث الصدوق مسند الآفاق أبو محمد؛ الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الشيرازي ثم البغدادي الجوهري المقنعي.
قال: ولدت في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاث مائة.
سمع من: أبي بكر القطيعي في سنة ثمان وستين وأبي عبد الله العسكري وعلي بن لؤلؤ الوراق وعلي بن محمد بن كيسان ومحمد ابن إبراهيم العاقولي: وأبي علي محمد بن أحمد العطشي وعلي ابن إبراهيم بن أبي عزة وعلي بن محمد بن أبي العصب وأبي حفص الزيات والحسين بن محمد بن عبيد الدقاق وعبد العزيز بن الحسن الصيرفي والحسن بن جعفر السمسار وعبيد الله بن أحمد بن يعقوب وعمر بن شاهين ومحمد بن إسحاق القطيعي ومحمد بن زيد بن مروان ومحمد بن أحمد بن كيسان ومحمد بن المظفر وعبد العزيز بن جعفر الخرقي وأبي عمر بن حيويه وأبي بكر بن شاذان وأبي الحسن الدارقطني وعدد كثير.
وكان من بحور الرواية. روى الكثير وأملى مجالس عدة.
وحدث عن، القطيعي بمسند العشرة ومسند أهل البيت من المسند وبالأجزاء القطيعيات الخمسة وغير ذلك. وكان آخر من روى في الدنيا عنه بالسماع والإذن.
قال الخطيب: كان ثقة أمينًا كتبنا عنه. مات في سابع ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربع مائة.
قلت: عاش نيفًا وتسعين سنة وقيل له: المقنعي لأنه كان يتطيلس ويتحنك كالمصريين.
حدث عنه: أبو نصر بن ماكولا وأبو علي البرداني وأبي النرسي وأحمد بن بدران الحلواني والحسن بن أحمد السقلاطوني وأبو نصر محمد بن هبة الله بن المأمون ومحمد بن عبد الباقي الدوري ومحمد بن علي بن طالب الخرقي ومبارك بن عمار الوتار والمعمر بن محمد الأنماطي وأبو الخطاب محفوظ بن أحمد الحنبلي ومظفر بن علي المالحاني وأبو
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 393"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 227"، والأنساب للسمعاني "3/ 379" واللباب لابن الأثير "1/ 313"، والعبر "3/ 231"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 292".
الوفاء علي بن عقيل، وهبة الله بن محمد الفرضي، وهبة الله بن علي الدينوري، ويحيى بن حمزة الحداد، ومحمد بن علي ابن عياش الدباس وأبو طالب بن يوسف وقراتكين بن أسعد وأحمد ابن محمد بن ملوك وهبة الله بن الحصين الكاتب وأبو غالب ابن البناء وقاضي المرستان أبو بكر الأنصاري؛ خاتمة من سمع: منه. وروى عنه بالإجازة زاهر بن طاهر الشحامي وأبو منصور محمد بن عبد الملك ابن خيرون المقرئ.
ومات معه في سنة أربع: أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس النيسابوري المقرئ، والعلامة أبو نصر زهير بن الحسن السرخسي تلميذ أبي حامد الإسفراييني؛ يروي عن، زاهر بن أحمد. وكبير النحاة أبو الحسين طاهر بن بابشاذ المصري الجوهري، والإمام أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي المقرئ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن المظفر المصري الكحال، ومسند سمرقند أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين الفارسي، والحافظ أبو حفص عمر بن عبيد الله الزهراوي، القرطبي يروي عن، أبي محمد بن أسد. وقاضي مصر أبو عبد الله بن سلامة القضاعي؛ مؤلف الشهاب وصاحب المغرب المعز بن باديس الحميري شرف الدولة. وطالت أيامه.
4122 - السميساطي
(1)
:
الشيخ العالم الرئيس النبيل أبو القاسم علي بن محمد بن يحيى بن محمد السلمي الحبشي الدمشقي المعروف بالسميساطي واقف الخانقاه التي كانت دار أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز.
حدث عن: أبيه وعبد الوهاب الكلابي.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب وإبراهيم بن يونس المقدسي وأبو القاسم النسيب وأبو الحسن علي بن قبيس المالكي وأبو الحسن ابن سعيد وآخرون.
قال ابن عساكر: كان متقدمًا في علم الهندسة والهيئة.
وقال الكتاني: مات في ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة وقد أشرف على الثمانين ودفن بداره التي وقفها على الصوفية، ووقف علوها على الجامع، ووقف أكثر
نعمته وكان يذكر أنه ولد في رمضان سنة أربع وسبعين وثلاث مائة. سمع: الموطأ وجزء ابن خريم من الكلابي.
قلت: قبره بالخانقاه يزار.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "5/ 141 - 142"، والأنساب للسمعاني "7/ 153"، والعبر "3/ 229 - 230" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 70"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 291".
4123 - الجيلي:
العلامة أبو إسحاق إبراهيم بن العباس الجيلي الشافعي من علماء جرجان وأذكيائهم.
روى عن: أبي طاهر بن محمش، وأبي عبد الرحمن السلمي.
قال علي بن محمد الجرجاني في "تاريخه": لم يبق بنيسابور من يقاربه ولا من يقارنه. صار إليه التدريس والفتوى، وتوفي في رجب سنة إحدى وخمسين وأربع مائة.
4124 - سبط بحرويه
(1)
:
الشيخ الصالح الثقة المعمر أبو القاسم إبراهيم بن منصور ابن إبراهيم بن محمد السلمي الكراني الأصبهاني ويعرف بسبط بحرويه. وكران: محلة من أصبهان.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
وسمع: "مسند" أبي يعلى الموصلي من أبي بكر بن المقرئ وكتاب التفسير لعبد الرزاق.
حدث عنه يحيى بن مندة، وقال: كان رحمه الله صالحًا عفيفًا ثقيل السمع: مات في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وأربع مائة.
قلت: وحدث عنه أيضًا: سعيد بن أبي الرجاء والحسين بن عبد الملك الخلال وفاطمة العلوية أم المجتبى. وآخرون.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 378"، [الكراني]، والعبر "3/ 235"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 296".
4125 - ابن عمروس
(1)
:
لإمام العلامة شيخ المالكية أبو الفضل؛ محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس البغدادي المالكي.
مولده سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة.
سمع: أبا حفص بن شاهين وأبا القاسم بن حبابة وأبا طاهر المخلص وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الخطيب وقال: انتهت إليه الفتوى ببغداد.
قلت: وكان من كبار المقرئين.
قال أبو إسحاق في طبقات الفقهاء: كان فقيهًا أصوليًا صالحًا.
وقال أبو الغنائم النرسي: كان رجلًا صالحًا ممن انتهى إليه معرفة مذهب مالك ببغداد.
وذكر ابن عساكر في تبيين كذب المفتري أنه توفي في أول سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة.
قلت: وفيها مات أمير مصر بعد دمشق الموصوف بالشجاعة ناصر الدولة الحسين بن الحسن بن الحسين بن صاحب الموصل الحسن ابن عبد الله بن حمدان التغلبي. وشيخ همذان أبو الحسن علي بن حميد الذهلي العابد ومقرئ مصر أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي سعد القزويني.
4126 - أبو يعلى الصابوني
(2)
:
لشيخ المسند العالم أبو يعلى؛ إسحاق بن عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري الصابوني أخو شيخ الإسلام أبي عثمان المذكور.
سمع: كأخيه من: أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي طاهر بن خزيمة والحسن بن أحمد المخلدي وأحمد ابن محمد القنطري الخفاف وأبي معاذ الشاه وأبي طاهر المخلص وعبد الرحمن بن أبي شريح الهروي وعدة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 339 - 340"، والأنساب للسمعاني "9/ 54 - 55"[العمروسي]، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 218"، والعبر "3/ 228"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 290".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 6"، والعبر "3/ 235"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 296".
وخرجت له عشرة أجزاء سمع: ناها. وكان ينوب في الوعظ عن، أخيه.
قال أبو القاسم بن عساكر: حدثنا، عنه زاهر بن طاهر وأبو عبد الله الفراوي وهبة الله السيدي وعبيد الله بن محمد البيهقي.
وقال عبد الغافر الفارسي: هو شيخ ظريف ثقة على طريقة الصوفية سمع: بنيسابور وهراة وبغداد ولد في سنة خمس وسبعين وثلاث مائة ومات في ربيع الآخر.
وقال غيره: توفي في تاسع ربيع الأول سنة خمس وخمسين وأربع مائة.
قال السلفي: سمعت الحسن بن سعادة بسلماس يقول: قدم علينا أبو عثمان الصابوني وأخوه فنزل على جدي فسمعنا منهما وكان أبو يعلى فيه دعابة فكان بين يدي أخيه صحن حلاوة فأكله فأخذ جدي صحنًا من جهة أبي يعلى فقربه إلى أبي عثمان فقال أبو يعلى: أخي ما يكفيه ما هو فيه من الأموال والحشمة حتى زاحمني هذه الحلاوة.
أخبرنا أحمد بن أبي الحسين عن، عبد المعز بن محمد أخبرنا، زاهر بن طاهر أخبرنا، أبو يعلى الصابوني أخبرنا، أبو سعيد محمد بن الحسين السمسار حدثنا، ابن خزيمة حدثنا، عبد الرحمن بن بشر حدثنا، عبد الرزاق حدثنا، ابن جريج ومالك عن، ابن شهاب عن، سالم عن، ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم"
(1)
.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "620"، ومسلم "1092"، والترمذي "203"، والنسائي "2/ 10"، والدارمي "1/ 269"، وأحمد "2/ 9 و 123" من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، به.
4127 - أبو عمرو الداني
(1)
:
الإمام الحافظ المجود المقرئ الحاذق عالم الأندلس أبو عمرو؛ عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي مولاهم الأندلسي القرطبي ثم الداني ويعرف قديمًا بابن الصيرفي مصنف "التيسير" و "جامع البيان" وغير ذلك.
ذكر أن والده أخبره أن مولدي في سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة فابتدأت بطلب العلم في أول سنة ست وثمانين ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين فمكثت بالقيروان أربعة
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 405"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 124"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1006"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 54"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 272".
أشهر ثم توجهت إلى مصر فدخلتها في شوال من السنة فمكثت بها سنةً وحججت.
قال: ورجعت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وخرجت إلى الثغر في سنة ثلاث وأربع مائة فسكنت سرقسطة سبعة أعوام ثم رجعت إلى قرطبة. قال: وقدمت دانية سنة سبع عشرة وأربع مائة.
قلت: فسكنها حتى مات.
سمع: أبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب؛ صاحب البغوي وهو أكبر شيخ له وأحمد بن فراس المكي، وعبد الرحمن بن عثمان القشيري الزاهد، وعبد العزيز بن جعفر بن خواستى الفارسي نزيل الأندلس وخلف بن إبراهيم بن خاقان المصري وتلا عليهما وحاتم ابن عبد الله البزاز، وأحمد بن فتح بن الرسان، ومحمد بن خليفة بن عبد الجبار، وأحمد بن عمر بن محفوظ الجيزي، وسلمة بن سعيد الإمام، وسلمون بن داود القروي، وأبا محمد بن النحاس المصري، وعلي بن محمد بن بشير الربعي، وعبد الوهاب بن أحمد بن منير، ومحمد بن عبد الله بن عيسى الأندلسي، وأبا عبد الله بن أبي زمنين، وأبا الحسن علي بن محمد القابسي وعدة.
وتلا أيضًا على: أبي الحسن طاهر بن غلبون، وأبي الفتح فارس ابن أحمد الضرير وسمع: سبعة ابن مجاهد من أبي مسلم الكاتب بسماعه منه وصنف التصانيف المتقنة السائرة.
حدث عنه وقرأ عليه عدد كثير منهم: ولده أبو العباس، وأبو داود سليمان بن أبي القاسم نجاح، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن ابن الدش، وأبو الحسين يحيى بن أبي زيد ابن البياز، وأبو الذواد مفرج الإقبالي، وأبو بكر محمد بن المفرج البطليوسي، وأبو بكر بن الفصيح، وأبو عبد الله محمد بن مزاحم، وأبو علي الحسين بن محمد ابن مبشر، وأبو القاسم خلف بن إبراهيم الطليطلي، وأبو عبد الله محمد بن فرج المغامي، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي؛ نزيل الإسكندرية، وأبو القاسم ابن العربي، وأبو عبد الله محمد بن عيسى بن الفرج التجيبي المغامي، وأبو تمام غالب بن عبيد الله القيسي، ومحمد ابن أحمد بن سعود الداني، وخلف بن محمد المريي ابن العريبي، وخلق كثير.
وروى عنه بالإجازة: أحمد بن محمد الخولاني، وأبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي حمزة المرسي؛ خاتمة من روى عنه في الدنيا، وعاش بعده سبعًا وثمانين سنة وهذا نادر ولا سيما في المغرب.
قال المغامي: كان أبو عمرو مجاب الدعوة مالكي المذهب.
وقال الحميدي: هو محدث مكثر ومقرئ متقدم سمع: بالأندلس والمشرق.
قلت: المشرق في عرف المغاربة مصر وما بعدها من الشام والعراق وغير ذلك كما أن المغرب في عرف العجم وأهل العراق أيضًا مصر وما تغرب عنها.
قال أبو القاسم بن بشكوال: كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم القرآن رواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه وجمع في ذلك كله تواليف حسانًا مفيدة وله معرفة بالحديث وطرقه وإسماء رجاله ونقلته وكان حسن الخط جيد الضبط من أهل الذكاء والحفظ والتفنن في العلم دينًا فاضلًا ورعًا سنيًا.
وفي فهرس ابن عبيد الله الحجري قال: والحافظ أبو عمرو الداني قال بعض الشيوخ: لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئًا قط إلَّا كتبته ولا كتبته إلَّا وحفظته ولا حفظته فنسيته. وكان يسأل عن، المسألة مما يتعلق بالآثار وكلام السلف فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها.
قلت: إلى أبي عمرو المنتهى في تحرير علم القراءات وعلم المصاحف مع البراعة في علم الحديث والتفسير والنحو وغير ذلك.
ألف كتاب جامع البيان في السبع ثلاثة أسفار في مشهورها وغريبها وكتاب التيسير وكتاب الاقتصاد في السبع وايجاز البيان في قراءة ورش والتلخيص في قراءة ورش أيضًا والمقنع في الرسم وكتاب المحتوى في القراءات الشواذ فأدخل فيها قراءة يعقوب وأبي جعفر وكتاب طبقات القراء في مجلدات والأرجوزة في أصول الديانة وكتاب الوقف والابتداء وكتاب العدد وكتاب التمهيد في حرف نافع مجلدان وكتاب اللامات والراءات لورش وكتاب الفتن الكائنة؛ مجلد يدل على تبحره في الحديث وكتاب الهمزتين مجلد وكتاب الياءات مجلد وكتاب الإمالة لابن العلاء مجلد. وله تواليف كثيرة صغار في جزء وجزئين.
وقد كان بين أبي عمرو وبين أبي محمد بن حزم وحشة ومنافرة شديدة أفضت بهما إلى التهاجي وهذا مذموم من الأقران موفور الوجود. نسأل الله الصفح. وأبو عمر أقوم قيلًا وأتبع للسنة ولكن أبا محمد أوسع دائرةً في العلوم بلغت تواليت أبي عمرو مائةً وعشرين كتابًا.
وهو القائل في أرجوزته السائرة:
تدري أخي أين طريق الجنّه
…
طريقها القرآن ثمّ السّنّه
كلاهما ببلد الرّسول
…
وموطن الأصحاب خير جيل
فاتّبعن جماعة المدينه
…
فالعلم عن، نبيّهم يروونه
وهم فحجّةٌ على سواهم
…
في النّقل والقول وفي فتواهم
واعتمدن على الإمام مالك
…
إذ قد حوى على جميع ذلك
في الفقه والفتوى إليه المنتهى
…
وصحّة النقل وعلم من مضى
منها:
وحكّ ما تجد للقياس
…
داود في دفترٍ أو قرطاس
من قوله إذ خرق الإجماعا
…
وفارق الأصحاب والأتباعا
واطّرح الأهواء والمراء
…
وكلّ قولٍ ولّد الآراء
منها:
ومن عقود السّنة الإيمان
…
بكلّ ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المرويّ
…
عن الأئمّة عن، النّبيّ
وأنّ ربّنا قديمٌ لم يزل
…
وهو دائمٌ إلى غير أجل
منها:
كلّم موسى عبده تكليما
…
ولم يزل مدبّرًا حكيما
كلامه وقوله قديم
…
وهو فوق عرشه العظيم
والقول في كتابه المفصّل
…
بأنّه كلامه المنزّل
على رسوله النّبيّ الصّادق
…
ليس بمخلوق ولا بخالق
من قال فيه: إنّه مخلوق
…
أو محدثٌ فقوله مروق
والوقف فيه بدعةٌ مضلّه
…
ومثل ذاك اللّفظ عند الجلّه
كلا الفريقين من الجهميّه
…
الواقفون فيه واللّفظيه
أهون بقول جهمٍ الخسيس
…
وواصلٍ وبشرٍ المريسي
ذي السّخف والجهل وذي العناد
…
معمّر وابن أبي دواد
وابن عبيدٍ شيخ الاعتزال
…
وشارع البدعة والضّلال
والجاحظ القادح في الإسلام
…
وجبت هذه الأمة النّظّام
والفاسق المعروف بالجبّائي
…
ونجله السّفيه ذي الخناء
واللاّحقيّ وأبي هذيل
…
مؤيدي الكفر بكلّ ويل
وذي العمى ضرارٍ المرتاب
…
وشبههم من أهل الارتياب
وبعد فالإيمان قولٌ وعمل
…
ونيّة عن، ذاك ليس ينفصل
فتارةً يزيد بالتّشمير
…
وتارةً ينقص بالتّقصير
وحبّ أصحاب النّبيّ فرض
…
ومدحهم تزلّفٌ وفرض
وأفضل الصّحابة الصّدّيق
…
وبعده المهذّب الفاروق
منها:
ومن صحيح ما أتى به الخبر
…
وشاع في النّاس قديمًا وانتشر
نزول ربّنا بلا امتراء
…
في كلّ ليلةٍ إلى السّماء
من غير ما حدٍّ ولا تكييف
…
سبحانه من قادرٍ لطيف
ورؤية المهيمن الجبّار
…
وأنّنا نراه بالأبصار
يوم القيامة بلا ازدحام
…
كرؤية البدر بلا غمام
وضغطة القبر على المقبور
…
وفتنة المنكر والنّكير
فالحمد للّه الذي هدانا
…
لواضح السّنّة واجتبانا
وهي أرجوزة طويلة جدًا.
مات أبو عمرو يوم نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربع مائة ودفن ليومه بعد العصر بمقبرة دانية ومشى سلطان البلد أمام نعشه وشيعه خلق عظيم رحمه الله تعالى.
4128 - النرسي
(1)
:
الشيخ العالم، المقرئ المسند أبو الحسين؛ محمد بن الشيخ أبي نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون ابن النرسي البغدادي صاحب تلك "المشيخة".
سمع: أبا بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وعلي بن عمر الحربي، وابن أخي ميمي والمعافى الجريري وطبقتهم ببغداد. وعبد الوهاب ابن الحسن الكلابي، وغيره بدمشق.
حدث عنه أبو بكر الخطيب وقال: كان ثقةً من أهل القرآن ولد سنة سبع وستين وثلاث مائة وتوفي في صفر سنة ست وخمسين وأربع مائة.
قلت: وروى عنه: أبو العز بن كادش وأبو غالب بن البناء والقاضي أبو بكر بن عبد الباقي وآخرون.
سمعنا "مشيخته" من أبي حفص القواس: أنبأنا الكندي أخبرنا، أبو بكر الأنصاري أخبرنا، أبو الحسين رحمه الله.
ومات معه: أبو الوليد الدربندي، وقاضي قرطبة سراج بن عبد الله الأموي وشمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد الحلوائي والمحدث عبد العزيز النخشبي وأبو القاسم بن برهان النحوي المتكلم وأبو محمد ابن حزم وأبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب والوزير عميد الملك الكندري.
4129 - ابن الآبنوسي
(2)
:
الشيخ الثقة، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن محمد بن علي، ابن الآبنوسي البغدادي.
سمع: أبا القاسم بن حبابة، والدارقطني، وابن شاهين، وابن أخي ميمي، وعبد الله بن محمد بن محارب الإصطخري، وأبا حفص الكتاني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحًا مات في سنة سبع وخمسين وأربع مائة.
قلت: وله مشيخة في جزئين رواها عنه أبو غالب أحمد بن البناء.
ومات فيها أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني، وسعيد بن أبي سعيد العيار، والموحد بن علي بن البري الدمشقي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 356"، والعبر "3/ 240"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 301".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 356"، والأنساب للسمعاني "1/ 93"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 238".
4130 - العيار
(1)
:
الشيخ العالم الزاهد المعمر أبو عثمان سعيد بن أبي سعيد؛ أحمد بن محمد بن نعيم بن إشكاب النيسابوري الصوفي المعروف بالعيار.
ارتحل في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة فسمع: صحيح البخاري بمرو من محمد بن عمر الشبوي وسمع: بنيسابور من أبي محمد المخلدي وأبي طاهر بن خزيمة وأبي الفضل عبيد الله بن محمد الفامي وأبي الحسين الخفاف وطائفة.
انتقى عليه أبو بكر البيهقي.
حدث عنه: محمد بن الفضل الفراوي وزاهر الشحامي وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي وعدة ومن أصبهان غانم بن أحمد الجلودي وفاطمة بنت محمد البغدادي وحسين بن طلحة الصالحاني.
وعتيق بن الحسين الرويدشتي وآخرون.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: سمع: الصحيح بمرو.
قلت: وسمع: بهراة من عبد الرحمن بن أبي شريح.
قال السلفي: سمعت أبا بكر السمع: اني يقول: سمعت صاحب بن أبي صالح المؤذن يقول: كان أبي سيء الرأي في سعيد العيار ويطعن فيما روى عن، بشر بن أحمد الإسفراييني خاصة.
قلت: لهذا ما خرج له البيهقي عن، بشر شيئًا وسماعه منه ممكن فقد ذكر الحافظ ابن نقطة أن مولد العيار في سنة خمس وأربعين وثلاث مائة وخرج له البيهقي عن، زاهر بن أحمد.
قال فضل الله بن محمد الطبسي: كان العيار شيخًا بهيًا ظريفًا من أبناء مائة واثنتي
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "6/ 287"، والعبر "3/ 241"، ولسان الميزان "3/ 30".
عشرة سنة. وذكر أنه كان لا يحدث بشيء فرأى بدمشق رؤيا حملته على أن روى. قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فتلقاني أبو بكر برسالة منه يقول: كيف لا تروي أخباري وتنشرها؟. قال: فأنا منذ ذلك أطوف في البلدان وأروي مسموعاتي.
قال غيث الأرمنازي: سألت جماعة: لم سمي العيار؟ قالوا: لأنه كان في ابتدائه يسلك مسالك العيارين.
قال ابن طاهر في كتاب "الضعفاء": يتكلمون فيه لروايته كتاب اللمع عن، أبي نصر السراج وكان يزعم أنه سمع: الأربعين لمحمد بن أسلم من زاهر السرخسي.
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: روى العيار عن، بشر بن أحمد وبئس ما فعل أفسد سماعاته الصحيحة بروايته عنه.
قال عبد الغافر: مات العيار بغزنة في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربع مائة.
أخبرنا محمد بن عبد السلام، وأبو الفضل بن عساكر، عن عبد المعز ابن محمد أخبرنا، الفضيلي محمد بن إسماعيل أخبرنا، سعيد بن محمد العيار أخبرنا، عبيد الله بن محمد الصيرفي أخبرنا، محمد بن إسحاق حدثنا، قتيبة حدثنا، الليث عن، ابن شهاب عن، ابن المسيب عن، أبي هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرة: عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها توفيت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها"
(1)
.
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن، قتيبة.
وفيها توفي أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني، بمصر، والموحد بن علي بن البري، بدمشق، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن الآبنوسي، وعالي بن النحوي عثمان بن جني.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "6909"، ومسلم "1681"، وأبو داود "4576"، و "4577"، والترمذي "2111"، والنسائي "8/ 47 و 48 و 49"، وابن ماجه "2639"، وأحمد "2/ 535".
4131 - القاضي أبو يعلى
(1)
:
الإمام العلامة شيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى؛ محمد بن الحسين ابن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي الحنبلي ابن الفراء صاحب التعليقة الكبرى والتصانيف المفيدة في المذهب.
ولد في أول سنة ثمانين وثلاث مائة.
وسمع: علي بن عمر الحربي وإسماعيل بن سويد وأبا القاسم بن حبابة وعيسى بن الوزير وابن أخي ميمي وأم الفتح بنت أحمد بن كامل وأبا طاهر المخلص وأبا الطيب بن منتاب وابن معروف القاضي وطائفة. وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: الخطيب وأبو الخطاب الكلوذاني وأبو الوفاء بن عقيل وأبو غالب بن البناء وأخوه يحيى بن البناء وأبو العز بن كادش وأبو بكر محمد بن عبد الباقي وابنه القاضي أبو الحسين محمد بن محمد ابن الفراء وأبو سعد أحمد بن محمد الزوزني. وحدث عنه من القدماء المقرئ أبو علي الأهوازي.
أفتى ودرس وتخرج به الأصحاب وانتهت إليه الإمامة في الفقه وكان عالم العراق في زمانه مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره والنظر والأصول وكان أبوه من أعيان الحنفية ومن شهود الحضرة فمات ولأبي يعلى عشرة أعوام فلقنه مقرئه العبادات من مختصر الخرقي فلذ له الفقه وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن حامد شيخ الحنابلة فصحبه أعوامًا وبرع في الفقه عنده وتصدر بأمره للإفادة سنة اثنتين وأربع مائة وأول سماعه من علي بن معروف في سنة (385). وقد سمع: بمكة ودمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر وبحلب وجمع كتاب إبطال تأويل الصفات فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع فخرج إلى العلماء من القادر بالله المعتقد الذي جمعه وحمل إلى القادر كتاب إبطال التأويل فأعجبه وجرت أمور وفتن نسأل الله العافية ثم أصلح بين الفريقين الوزير علي بن المسلمة وقال في الملأ: القرآن كلام الله وأخبار الصفات تمر كما جاءت.
ثم ولي أبو يعلى القضاء بدار الخلافة والحريم مع قضاء حران وحلوان وقد تلا بالقراءات العشر وكان ذا عبادة وتهجد وملازمة للتصنيف مع الجلالة والمهابة ولم تكن له يد طولى في معرفة الحديث، فربما احتج بالواهي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 256"، والأنساب للسمعاني "9/ 246"[الفراء]، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 243"، والعبر "3/ 243 - 244"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 306".
تفقه عليه أبو الحسن البغدادي وأبو جعفر الهاشمي وأبو الغنائم بن الغباري وأبو علي بن البناء وأبو الوفاء بن القواس وأبو الحسن النهري وابن عقيل وأبو الخطاب وأبو الحسن بن جدا وأبو يعلى الكيال وأبو الفرج الشيرازي.
ألف كتاب "أحكام القرآن" و "مسائل الإيمان" و "المعتمد"؛ ومختصره، و"المقتبس" و "عيون المسائل" و"الرد على الكرامية" و"الرد على السالمية والمجسمة" و"الرد على الجهمية" و"الكلام في الاستواء" و"العدة" في أصول الفقه؛ ومختصرها و"فضائل أحمد" وكتاب "الطب" وتواليف كثيرة سقتها في "تاريخ الإسلام".
وكان متعففًا نزه النفس كبير القدر ثخين الورع.
توفي سنة ثمان وخمسين وأربع مائة.
ومات فيها البيهقي وقاضي سارية أبو إسحاق إبراهيم بن محمد السروي وأبو علي الحسن بن غالب المقرئ وأبو الطيب عبد الرزاق بن شمة وأبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده صاحب المحكم والقاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد العبادي بهراة.
4132 - القضاعي
(1)
:
الفقيه العلامة القاضي أبو عبد الله؛ محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي المصري الشافعي قاضي مصر ومؤلف كتاب الشهاب مجردًا ومسندًا.
سمع: أبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب وأحمد بن ثرثال وأبا الحسن بن جهضم وأحمد بن عمر الجيزي وأبا محمد بن النحاس المالكي وعدة.
حدث عنه: أبو نصر بن ماكولا وأبو عبد الله الحميدي وأبو سعد عبد الجليل الساوي وسهل بن بشر الإسفراييني وأبو القاسم النسيب وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الرازي وآخرون من المغاربة والرحالة.
قال ابن ماكولا: كان متفننًا في عدة علوم لم أر بمصر من يجري مجراه.
قال غيث الأرمنازي: كان ينوب في القضاء بمصر وله تصانيف منها: تاريخ مختصر؛ من مبتدأ الخلق إلى زمانه في مجيليد وكتاب "أخبار الشافعي".
وقال غيره: له معجم لشيوخه وكتاب دستور الحكم؛ كتب عنه الحفاظ كأبي بكر الخطيب وأبي نصر بن ماكولا.
وقال الفقيه نصر بن إبراهيم: قدم علينا القضاعي صور رسولًا من المصريين إلى بلد الروم فذهب ولم أسمع: منه ثم رويت عنه بالإجازة.
وقال السلفي: كان من الثقات الأثبات شافعي المذهب والاعتقاد مرضي الجملة.
قال الحبال: مات بمصر في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 147"، والأنساب للسمعاني "10/ 180"، واللباب لابن الأثير "3/ 43" ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 212"، و الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 116"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 403"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 293".
4133 - المغربي
(1)
:
الشيخ الجليل، الأمين أبو بكر؛ أحمد بن منصور بن خلف بن حمود المغربي الأصل، النيسابوري.
حدث عن: أبي طاهر بن خزيمة، وأبي محمد عبد الله بن أحمد الصيرفي، والحافظ أبي بكر الجوزقي، وأبي محمد المخلدي، وعبيد الله بن محمد الفامي، وأحمد بن محمد الخفاف، وأبي عمرو، أحمد بن أبي الفراتي، وطائفة.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أما شيخنا أبو بكر المغربي البزاز؛ أخو خلف فشيخ نظيف طاف به وبأخيه أبوهما الشيخ منصور على مشايخ عصره، فسمعا الكثير، وجمع لأبي بكر الفوائد. سمع: منه الأئمة الكبار ورزق الرواية سنين وعاش عيشًا نقيًا. توفي سنة اثنتين وستين وأربع مائة. كذا قال.
وقال غيره: توفي سنة ستين.
وقال أبو القاسم بن عساكر: توفي في رمضان سنة تسع وخمسين، وأربع مائة.
قلت: حدث عنه: عبد الغافر الفارسي، وأبو عبد الله الفراوي، وأبو القاسم الشحامي، وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري، وآخرون.
وله أربعون حديثًا سمعناها.
أخبرنا أحمد بن هبة الله غير مرة عن، عبد المعز بن محمد أخبرنا، تميم ابن أبي سعيد المعلم، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، حدثنا عقيل، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن، مسلم كربةً، فرج الله عنه بها كربةً من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة"
(2)
.
أخرجه البخاري، عن ابن بكير، ومسلم، عن قتيبة معًا، عن الليث.
وفيها مات أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق بالموصل، وأبو القاسم الحنائي بدمشق ومسند واسط القاضي أبو تمام علي بن محمد بن الحسن المعتزلي، وأبو مسلم بن مهربزدا وشيخ المالكية عبد الجليل ابن مخلوق المصري وقد شاخ.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 245"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 307".
(2)
صحيح: أخرجه أحمد "2/ 91"، والبخاري "2442" و"6951"، ومسلم "2580"، وأبو داود "4893"، والترمذي "1426"، والبيهقي في "السنن""6/ 94" و"8/ 330"، والبغوي "3518" من طريق ليث بن سعد، به.
4134 - كله
(1)
:
الشيخ الجليل الأمين، أبو أحمد عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن مندة العبدي الأصبهاني المؤدب البقال. ويلقب بكله وهو من أقارب الحافظ أبي عبد الله بن مندة.
حدث عن: عبيد الله بن جميل بمسند أحمد بن منيع وحدث عن، أبي بكر محمد بن أحمد بن جشنس، ومحمد بن أحمد بن شهريار، وعبد الله بن عمر بن الهيثم، وأبي عبد الله بن مندة وطائفة.
حدث عنه: أبو علي الحداد، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي؛ وسمع منه الصيرفي هذا في سنة خمسين، وأربع مائة وبعدها مسند ابن منيع.
توفي في صفر سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة.
4135 - ابن غزو:
الشيخ العالم الثقة أبو مسلم؛ عبد الرحمن بن غزو بن محمد ابن يحيى النهاوندي العطار.
له جزء سمعناه من طريق السلفي.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 229"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 291".
حدث عن: أحمد بن زنبيل النهاوندي وأحمد بن فراس المكي وأبي الحسن الرفاء ومحمد بن بكران الرازي وأبي أحمد الفرضي وحمزة بن العباس الطبري وخلق سواهم.
وعنه: أبو طاهر المطهر ولده وأبو الفتح المظفر بن شجاع الهمذاني وأبو بكر الأخباري.
قال شيرويه: كان ثقةً صدوقًا سمع: منه الكبار.
وقال السلفي: سمعت ولده أبا طاهر يقول: توفي أبي في سنة أربع وخمسين وأربع مائة.
قلت: حدث في سنة ثلاث وخمسين.
نعم وفيها مات العلامة أبو الحسن علي بن رضوان المصري الفيلسوف صاحب التصانيف في الطب والرياضي سنة ثلاث. وشيخ المقرئين بمصر أبو العباس أحمد بن نفيس عن، نيف وتسعين سنة. وصاحب ماردين وميافارقين وتلك الديار نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي وكانت أيامه إحدى وخمسين سنة وأبو أحمد عبد الواحد بن أحمد البقال الأصبهاني وقد ذكر والفقيه علي بن الحسين بن جابر التنيسي راوي نسخة فليح وواقف الخانقاه دار عمر بن عبد العزيز الشيخ أبو القاسم علي بن محمد السلمي السميساطي وأبو طاهر عمر ابن محمد بن زاده الخرقي الدلال؛ من أصحاب أبي بكر بن المقرئ والأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري صاحب الخبازي المقرئ وأبو عد الكنجروذي وصاحب الموصل أبو المعالي قريش بن بدران ابن مقلد العقيلي.
4136 - ابن حمدون
(1)
:
الشيخ أبو بكر؛ محمد بن محمد بن حمدون السلمي النيسابوري.
حدث عن: أبي عمرو بن حمدان وأبي القاسم بن ياسين القاضي وأبي عمرو أحمد بن أبي الفراتي.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر وزاهر بن طاهر وتميم بن أبي سعيد الجرجاني وآخرون.
وألحق الصغار بالكبار. وكان مقيمًا بقرية بقرب نيسابور.
وثقه عبد الغافر وقال: توفي في المحرم، سنة خمس وخمسين، وأربع مائة.
وقع لي من عواليه.
4137 - الوني
(2)
:
إمام الفرضيين العلامة أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الواحد بن الوني، البغدادي الضرير الحاسب صاحب التصانيف.
سمع من: أبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، وأبي الحسن ابن رزقويه، وجماعة.
حدث عنه: أبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو زكريا التبريزي اللغوي.
وكان ذا اختصاص بالقائم بأمر الله يكثر الحضور عنده فروى ابن النجار قال: أخبرنا، الفخر الفارسي، أخبرنا السلفي، أنشدنا عبيد الله بن عبد العزيز الرسولي، سمعت أبا عبد الله الوني الفرضي يقول: سمعت القائم بأمر الله ينشد لنفسه:
القلب من خمر التّصابي منتشي
…
هل لي غديرٌ من شرابٍ معطش
والنّفس من برح الهوى مقتولةٌ
…
ولكم قتيلٍ في الهوى لم ينعش
جمعت عليّ من الغرام عجائبٌ
…
خلّفن قلبي في إسارٍ موحش
خلٌّ يصدّ وعاذل متنصّحٌ
…
ومنازعٌ يغري ونمّامٌ يشي
قال ابن ماكولا: كان الوني متقدمًا في الفرائض له فيه تصانيف جيدة وكانت له يد في علوم كان حسن الذكاء سمعت أبا بكر الخطيب يقول: حضرنا مجلس محدث ومعنا الوني فأملى أحاديث وقمنا وقد حفظ الوني منها بضعة عشر حديثًا.
سمع: منه أبو حكيم الخبري، وغيره.
وقال ابن خيرون: مات الوني في رابع ذي الحجة سنة خمسين وأربع مائة وكان عند الخليفة فاتفق أن كبست دار الخليفة وخرج الخليفة وقتل جماعة في الدار وضرب الوني بدبوس في رأسه وجرح في وجهه ومات منها شهيدًا وكان أحد أئمة المسلمين سمعت منه.
قلت: قتل في كائنة البساسيري.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 236"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 296".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 401"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 197"، والعبر "3/ 222"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 283".
ابن حمدون، الوني:
4138 - الذهلي
(1)
:
إمام جامع همذان وركن السنة أبو الحسن علي بن حميد بن علي الذهلي الهمذاني.
روى عن: أبي بكر بن لال وابن تركان وأحمد بن محمد البصير وأبي عمر بن مهدي وطبقتهم.
روى عنه: يوسف بن محمد الخطيب وغيره.
وكان ورعًا تقيًا محتشمًا يتبرك بقبره.
مات سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة وقد قارب الثمانين.
وفيها مات المقرئ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي القزويني بمصر وشيخ المالكية أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس ببغداد لقي ابن شاهين.
4139 - الكنجروذي
(2)
:
الشيخ الفقيه الإمام الأديب النحوي الطبيب مسند خراسان أبو سعد محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر النيسابوري الكنجروذي والجنزروذي. وجنزروذ: محلة.
ولد بعد الستين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبي عمرو بن حمدان وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي وحسينك بن علي التميمي وأبي الحسين بن دهثم وأبي الحسين أحمد بن محمد البحيري ومحمد بن بشر البصري وشافع ابن محمد الإسفراييني وأبي بكر بن مهران المقرئ والحافظ أبي أحمد الحاكم وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي وأحمد بن محمد البالوي وأحمد بن الحسين المرواني وطبقتهم.
وعنه البيهقي والسكري، وروى الكثير، وانتهى إليه علو الإسناد.
حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وأبو عبد الله الفراوي، وهبة الله بن سهل السيدي، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني، وزاهر الشحامي، وعبد المنعم بن القشيري، وخلق سواهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: له قدم في الطب والفروسية وأدب السلاح. كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم أدرك الأسانيد العالية في الحديث والأدب وأدرك ببغداد أئمة النحو وسمع: منه الخلق
…
إلى أن قال: وختم بموته أكثر هذه الروايات وله شعر حسن أجاز لي جميع مسموعاته وخطه عندي.
قلت: توفي في صفر سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة. سمعنا كثيرًا من حديثه بالإجازة العالية.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 227"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 289".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 479"، واللباب لابن الأثير "3/ 113"، والعبر "3/ 230"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 291".
4140 - البحيري
(1)
:
الشيخ الجليل الثقة أبو عثمان سعيد بن محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير البحيري النيسابوري.
سمع من: جده أبي الحسين وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وأبي علي الحسن بن أحمد الحيري؛ والد أبي بكر، وأبي الهيثم الكشميهني، وأبي حفص الكتاني، وابن أخي ميمي، ومحمد بن عمر بن بهتة، والحافظ أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفراييني بها، وأبي سعد بن الإسماعيلي بجرجان، ومحمد بن عبد الله الجوزقي، وأبي القاسم بن حبابة، والحسن ابن أحمد المخلدي، والحسن بن علي بن إبراهيم؛ صاحب ابن خزيمة، وأبي الحسين الخفاف، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل وأبي أحمد بن جامع الدهان، ومن أحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي بمكة، وطائفة.
حدث عنه: هبة الله بن سهل، وزاهر بن طاهر، ومحمد بن الفضل الفراوي، وطائفة. وقع لي من عواليه.
قال علي بن محمد الجرجاني الحافظ: ورد أبو عثمان جرجان مع أبيه فسمع: بها وحدث زمانًا على السداد، وخرج له الفوائد وحج ثلاث مرات وغزا الهند والروم غزا مع السلطان محمود وعقد مجلس الإملاء بعد موت أخيه عبد الرحمن.
وقال عبد الغافر في "سياقه": شيخ كبير ثقة في الحديث سمع: الكثير بخراسان والعراق وخرج له. ثم سمى شيوخه.
وقال: توفي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وأربع مائة.
وفيها قتل البساسيري والمقرئ أبو علي الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني والمقرئ أبو المظفر عبد الله بن شبيب وأبو طالب العشاري والسلطان جغريبك السلجوقي بسرخس وأخوه الملك إبراهيم ينال؛ خنقه أخوه طغرلبك وأبو الحسن علي بن محمود الزوزني وذو الفنون قاسم بن الفتح الأندلسي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 98"، والعبر "3/ 226"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 288".
4141 - ابن رضوان
(1)
:
الفيلسوف الباهر أبو الحسن؛ علي بن رضوان بن علي بن جعفر المصري صاحب التصانيف وله دار كبيرة بمصر قد تهدمت.
كان صبيًا فقيرًا يتكسب بالتنجيم واشتغل في الطب ففاق فيه وأحكم الفلسفة ومذهب الأوائل وضلالهم فقال: أجهدت نفسي في التعليم فلما بلغت أخذت في الطب والفلسفة وكنت فقيرًا ثم اشتهرت بالطب وحصلت منه أملاكًا وأنا الآن في الستين.
قلت: كان أبوه خبازًا ولما تميز خدم الحاكم بالطب فصيره رئيس الأطباء وعاش إلى القحط الكائن في الخمسين وأربع مائة فسرقت يتيمة رباها عنده نفائس وهربت فتعثر واضطرب وكان ذا سفه في بحثه ولم يكن له شيخ بل اشتغل بالأخذ عن، الكتب وصنف كتابًا في تحصيل الصناعة من الكتب وأنها أوفق من المعلمين. وهذا غلط وكان مسلمًا موحدًا ومن قوله: أفضل الطاعات النظر في الملكوت وتمجيد المالك لها. وشرح عدة تواليف لجالينوس وله مقالة في دفع المضار بمصر عن، الأبدان ورسالة في علاج داء الفيل ورسالة في الفالج ورسالة في بقاء النفس بعد الموت مقالة في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم مقالة في حدث العالم مقالة في الرد على محمد بن زكريا الرازي في العلم الإلهي وإثبات الرسل مقالة في حيل المنجمين وقد سرد له ابن أبي أصيبعة عدة تصانيف.
ثم قال: مات سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 229"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 69"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 291".
4142 - جغريبك
(1)
:
هو السلطان داود بن الأمير ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركماني السلجوقي صاحب خراسان؛ ووالد السلطان ألب آرسلان؛ وأخو صاحب العراق والعجم طغرلبك؛ وهما أول الملوك السلجوقية استولوا على الممالك وأبادوا الدولة البويهية.
وكان جغريبك ينكر على أخيه الظلم وفيه ديانة وعدل.
عاش سبعين سنةً وامتدت أيامه إلى أن توفي بسرخس في رجب سنة إحدى. وقيل: في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة. فنقل ودفن بمرو.
وأول ظهورهم كان في سنة اثنتين وثلاثين بل قبلها وكان جدهم دقاق من الأمراء وكذا ولده سلجوق فقدمه الخان بيغو وكثر جنده وصار يغزو كفرة الترك وعمر دهرًا وجاز المائة وقام ابنه ميكائيل مدة ثم استشهد في الغزو وجرى لولديه حروب في حدود الأربع مائة حتى توطد ملكهم.
تملك بعد جغريبك ابنه ألب آرسلان.
4143 - طغرلبك
(2)
:
محمد بن ميكائيل السلطان الكبير ركن الدين أبو طالب.
أصل السلجوقية من بر بخارى؛ لهم عدد وقوة وإقدام وشجاعة وشهامة وزعارة فلا يدخلون تحت طاعة وإذا قصدهم ملك دخلوا البرية على قاعدة الأعراب ولما عبر السلطان محمود بن سبكتكين إلى بلاد ما وراء النهر وجد رأس السلجوقية قوي الشوكة فاستماله وخدعه حتى جاء إليه فقبض عليه واستشار الأمراء فأشار بعضهم بتغريق كبارهم وأشار آخرون بقطع إبهاماتهم ليبطل رميهم ثم اتفق الراي على تفريقهم في النواحي ووضع الخراج عليهم فتهذبوا وذلوا فانفصل منهم ألفا خركاه ومضوا إلى كرمان وملكها يومئذ ابن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه فأحسن إليهم ولم يلبث أن مات بعد الأربع مائة فقصدوا أصبهان ونزلوا بظاهرها وكان صاحبها علاء الدولة بن كاكويه،
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 198"، والعبر "3/ 225".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 190 و 202"، والعبر "3/ 220"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 73"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 294".
فرغب في استخدامهم فكتب إليه السلطان محمود يأمره بحربهم فوقع بينهم مصاف ثم ترحلوا إلى أذربيجان وانحاز إخوانهم الذين بخراسان إلى خوارزم وجبالها فجهز السلطان جيشًا ضايقوهم نحو سنتين ثم قصدهم محمود بنفسه ومزقهم وشتتهم فمات وتسلطن ابنه مسعود فتألف الذين نزلوا بأذربيجان فأتاه ألف فارس فاستخدمهم ثم لاطف الآخرين فأجابوا إلى طاعته ثم اشتغل بحرب الهند فإنهم خرجوا عليه فخلت البلاد للسلجوقية فهاجوا وأفسدوا.
هذا كله والأخوان طغرلبك وجغريبك في أرضهم بأطراف بخارى ثم جرت ملحمة بين السلجوقية وبين متولي بخارى؛ قتل فيها خلق من الفئتين ثم نفذوا رسولًا إلى السلطان فحبسه وجهز جيشه لحربهم فاتلقوا فانكسر آل سلجوق وذلوا وبذلوا الطاعة لمسعود وضمنوا له أخذ خوارزم فطيب قلوبهم وانخدع لهم ثم حشد الأخوان وعبروا إلى خراسان وانضم الآخرون إليهم وكثروا وجرت لهم أمور يطول شرحها إلى أن استولوا على الممالك فأخذوا الري في سنة تسع وعشرين وأربع مائة وأخذوا نيسابور في سنة ثلاثين وأخذوا بلخ وغير ذلك وضعف عنهم مسعود وتحيز إلى غزنة وبقوا في أوائل الأمر يخطبون له حتى تمكنوا فراسلهم القائم بأمر الله بقاضي القضاة أبي الحسن الماوردي ثم إن طغرلبك المذكور عظم سلطانه وطوى الممالك واستولى على العراق في سنة سبع وأربعين وتحبب إلى الرعية بعدل مشوب بجور وكان في نفسه ينطوي على حلم وكرم وقيل: كان يحافظ على الجماعة ويصوم الخميس والاثنين ويبني المساجد ويتصدق وقد جهز رسوله ناصر بن إسماعيل العلوي إلى ملكة النصارى فاستأذنها ناصر في الصلاة بجامع قسطنطينية جماعةً يوم جمعة فأذنت له فخطب للخليفة القائم وكان هناك رسول خليفة مصر المستنصر فأنكر ذلك.
وذكر المؤيد في "تاريخه" أن في سنة إحدى وأربعين بعث ملك الروم إلى طغرلبك هدايا وتحفًا والتمس الهدنة فأجابه وعمر مسجد القسطنطينية وأقام فيها الخطبة لطغرلبك وتمكن ملكه.
وحاصر بأصبهان صاحبها ابن كاكويه أحد عشر شهرًا ثم أخذها بالأمان وأعجبته ونقل خزائنه من الري إليها.
ولما تمهدت البلاد لطغرلبك خطب بنت الخليفة القائم فتألم القائم واستعفى فلم يعف فزوجه بها ثم قدم طغرلبك بغداد للعرس.
وكانت له يد عظيمة على القائم في إعادة الخلافة إليه وقطع خطبة المصريين التي أقامها البساسيري.
ثم نفذ طغرلبك مائة ألف دينار برسم نقل الجهاز فعمل العرس في صفر سنة خمس وخمسين وأجلست على سرير مذهب ودخل السلطان إلى بين يديها فقبل الأرض ولم يكشف المنديل عن، وجهها وقدم تحفًا سنية وخدم وانصرف ثم بعث إليها عقدين مجوهرين وقطعة ياقوت عظيمة ثم دخل من الغد فقبل الأرض وجلس على سرير إلى جانبها ساعةً وخرج وبعث لها فرجية نسيج مكللةً بالجوهر ومخنقةً أي قلادة مثمنة وسر بها. هذا والخليفة في ألم وحزن وكظم فأما غيره من الخلفاء الضعفاء فوده لو زوج بنته بأمير من عتقاء السلطان ثم إن طغرلبك خلا بها ولم يمتع بنعيم الدنيا بل مات في رمضان من السنة بالري سنة خمس وخمسين وحمل إلى مرو فدفن عند أخيه وقيل: بل دفن بالري وعاشت الزوجة الخليفتية إلى سنة ست وتسعين وأربع مائة وصار ملكه من بعده إلى ابن أخيه السلطان ألب آرسلان.
ولم يرزق طغرلبك ولدًا، وعاش سبعين عامًا، وكان بيده خوارزم، ونيسابور وبغداد والري وأصبهان، وكان أخوه إبراهيم ينال قد حاربه وجرت أمور وحصل في يده ملك كبير للروم، فبذل في نفسه أموالًا عظيمة، فأبى عليه فبعث نصر الدولة صاحب الجزيرة وميافارقين يشفع في فكاكه فبعثه طغرلبك إلى نصر الدولة بلا فداء فانتخى ملك الروم وأهدى إلى طغرلبك مائةي ألف دينار وخمس مائة أسير وألفًا وخمس مائة ثوب ومائة لبنة فضة وألف عنز أبيض وثلاث مائة شهري وبعث إلى نصر الدولة تحفًا ومسكًا كثيرًا.
4144 - ينال
(1)
:
الملك إبراهيم بن ميكائيل السلجوقي أحد الأبطال المذكورين.
حارب أخاه طغرلبك، وقهره، وجرت له فصول، ثم انفل جيشه، وأخذه أخوه أسيرًا، وخنقه بوتر مع إخوته سنة إحدى وخمسين وأربع مائة بنواحي الري.
4145 - قتلمش
(2)
:
ابن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق الملك شهاب الدولة التركماني السلجوقي؛ والد صاحب الروم سليمان بن قتلمش وما زالت مملكة إقليم الروم في يد ذريته إلى أن أخذها منهم هولاكو.
كانت لقتلمش قلاع بعراق العجم، عصى على ابن عمه ألب آرسلان، ثم عملا المصاف بنواحي الري في سنة ست وخمسين، فانحلت المعركة، فوجد قتلمش ميتًا. فيقال: مات خورًا ورعبًا فالله أعلم فلما رآه ألب آرسلان حزن وبكى عليه وجلس للعزاء فعزاه وزيره نظام الملك.
وكان قتلمش يتعانى التنجيم والهذيان.
4146 - الكندري
(3)
:
الوزير الكبير، عميد الملك، أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الكندري، وزير السلطان طغرلبك.
كان أحد رجال الدهر سؤددًا وجودًا وشهامة وكتابة، وقد سماه محمد بن الصابئ في تاريخه وعلي بن الحسن الباخرزي في الدمية: منصور بن محمد. وسماه محمد بن عبد الملك الهمذاني: أبا نصر محمد بن محمد بن منصور.
وكندر: من قرى نيسابور. ولد بها سنة خمس عشرة وأربع مائة.
تفقه وتأدب وكان كاتبًا لرئيس ثم ارتقى وولي خوارزم وعظم ثم عصى على السلطان وتزوج بامرأة ملك خورازم فتحيل السلطان حتى ظفر به وخصاه لتزوجه بها ثم رق له وتداوى وعوفي ووزر له وقدم بغداد ولقبه القائم سيد الوزراء وكان معتزليًا له النظم والنثر فلما مات طغرلبك؛ وزر لألب آرسلان قليلًا ونكب.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 203"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 152".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 71"، والعبر "3/ 240"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 73"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 301".
(3)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 483"، واللباب لابن الأثير "3/ 114"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 234" ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 138"، والعبر "3/ 240"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 76"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 301".
يقال: غنته بنت الأعرابي في جوقها، فطرب وأمر لها بألفي دينار، ووهب أشياء ثم أصبح وقال: كفارة المجلس أن أتصدق بمثل ما بذلت البارحة.
وقيل: إنه أنشد عند قتله:
إن كان بالناس ضيقٌ عن، منافستي
…
فالموت قد وسّع الدّنيا على النّاس
مضيت والشّامت المغبون يتبعني
…
كلٌّ بكأس المنايا شاربٌ حاسي
ما أسعدني بدولة بني سلجوق! أعطاني طغرلبك الدنيا، وأعطاني ألب آرسلان الآخرة.
ووزر تسع سنين وأخذوا أمواله منها ثلاث مائة مملوك. وقتل صبرًا وطيف برأسه وما بلغنا عنه كبير إساءة كن ما على غضب الملك عيار. قتل بمرو الروذ في ذي الحجة سنة ست وخمسين وأربع مائة وله اثنتان وأربعون سنة.
قيل: كان يؤذي الشافعية ويبالغ في الانتصار لمذهب أبي حنيفة.
ووزر بعده نظام الملك.
4147 - الريولي
(1)
:
العلامة ذو الفنون أبو محمد؛ القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف الأندلسي الفرجي المالكي. عرف بابن الريولي من أهالي مدينة الفرج.
روى عن: أبيه وأبي عمر الطلمنكي، وأبي محمد الشنتجالي، وحج وأخذ عن، أبي عمران الفاسي.
وكان من أوعية العلم عالمًا بالحديث بصيرًا بالاختلاف والتفسير والقراءات لم يكن يرى التقليد وله تواليف كثيرة ونظم وبلاغة وكان ينطوي على دين وورع وعفة وتقلل.
قال أبو محمد بن صاعد القاضي: كان القاسم بن فتح واحد الناس في وقته في العلم والعمل سالكًا سبيل السلف في الصدق والورع متقدمًا في علم اللسان وفي القرآن وأصول الفقه وفروعه ذا حظ من البلاغة عديم النظير.
وقال الحميدي: هو فقيه مشهور عالم زاهد يتفقه بالحديث وله أشعار في الزهد.
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.
ومات في صفر سنة إحدى وخمسين وأربع مائة، وقد أثنى عليه غير واحد.
وله:
أيّام عمرك تذهب
…
وجميع سعيك يكتب
ثمّ الشّهيد عليك من
…
ك فأين أين المهرب
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 470".
4148 - الإسكاف
(1)
:
العلامة الأستاذ أبو القاسم عبد الجبار بن علي بن محمد بن حسكان الإسفراييني الأصم المتكلم. عرف بالإسكاف.
أخذ عن: الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وغيره وسمع: من عبد الله بن يوسف الأصبهاني وطائفة.
روى عنه: أبو سعيد بن أبي ناصر وغيره. وقرأ عليه إمام الحرمين فن الأصول.
وكان ورعًا قانتًا عابدًا زاهدًا مفتيًا متبحرًا مبرزًا في راي أبي الحسن الأشعري.
توفي في الثامن والعشرين من صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة. ذكره ابن عساكر في طبقات العلماء الأشعرية.
4149 - نصر الدولة
(2)
:
صاحب ديار بكر وميافارقين الملك نصر الدولة أحمد بن مروان ابن دوستك الكردي.
قتل أخاه منصورًا بقلعة الهتاخ وتمكن وكانت دولته إحدى وخمسين سنة.
وكان رئيسًا حازمًا عادلًا مكبًا على اللهو ومع ذا فلم تفته صلاة الصبح فيما قيل وكان له ثلاث مائة وستون سرية يخلو كل ليلة بواحدة خلف عدة أولاد مدحته الشعراء ووزر له الوزير أبو القاسم ابن المغربي صاحب الأدب مرتين ثم وزر له فخر الدولة بن
(1)
ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "5/ 99".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 222"، والعبر "3/ 229"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 177" و الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 176"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 290".
جهير وكان محتشمًا كثير الأموال نفذ إلى السلطان طغرلبك تقدمة سنية وتحفًا من جملتها الجبل الياقوت الذي كان لبني بويه أخذه بالثمن من ابن جلال الدولة وكان من كرمه يبذر القمح من الأهراء للطيور.
توفي في شوال سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة وعاش نحو الثمانين وتملك بعده ابنه نظام الدولة نصر.
فمن أخبار نصر الدولة والحديث شجون أن مملكة الموصل ذهبت من أولاد ناصر الدولة ابن حمدان سنوات وانضم ولداه إبراهيم وحسين إلى شرف الدولة ابن عضد الدولة فكانا من أمرائه فلما تملك أخوه بهاء الدولة؛ استأذناه في المسير لأخذ الموصل فأذن لهما فقاتلهما عاملها فمالت المواصلة إلى الأخوين فهرب العامل وجنده ودخل الأخوان الموصل فطمع فيهما الأمير باد؛ صاحب ديار بكر فالتقاهما فقيل: فبادر ابن أخته الأمير أبو علي بن مروان الكردي في سنة ثمانين وثلاث مائة إلى حصن كيفا وهناك زوجة باد فقال لها: قتل خالي وأنا أتزوجك فملكته الحصن وغيره واستولى على بلاد خاله وحارب ولدي ناصر الدولة مرات وسار إلى مصر وتقلد من العزيز حلب وأماكن ورجع فوثب عليه شطار آمد بالسكاكين فقتلوه وتملك بآمد ابن دمنة وقام ممهد الدولة أخو أبي علي فتملك ميافارقين فعمل الأمير شروة له دعوةً قتله فيها واستولى على ممالك بني مروان سنة اثنتين وأربع مائة وحبس ممهد الدولة أخاه وهو أحمد بن مروان صاحب الترجمة لأجل رؤيا فإنه رأى الشمس في حجره وقد أخذها منه أحمد فأخرجه شروة من السجن وأعطاه أرزن. هذا كله وأبوهم مروان باق أعمى مقيم بأرزن فتمكن أحمد وخرجت البلاد عن، طاعة شروة واستولى أحمد على مدائن ديار بكر وامتدت أيامه وأما الموصل فقصدها الأمير أبو الذواد محمد بن المسيب العقيلي وحارب وظفر بصاحبها أبي الطاهر إبراهيم بن ناصر الدولة وبأولاده وبجماعة من قواده فقتلهم وتملك زمانًا.
طالت إمرة ابنه نصر
وتوفي سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة، وتملك بعده ابنه منصور.
4150 - الملك الرحيم
(1)
:
الملك أبو نصر؛ خسرو ابن الملك أبي كاليجار ابن الملك سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ابن ركن الدولة ابن بويه.
كان خاتمة ملوك بني بويه الديلم.
انتزع منه السلطان طغرلبك الملك وأخذه وسجنه مدة بقلعة الري بعد أن أتى برجليه إليه مستأمنًا فغدر به في سنة سبع وأربعين.
وتوفي محبوسًا في سنة خمسين وأربع مائة، وكان ضعيف الدولة.
4151 - الراغب
(2)
:
العلامة الماهر المحقق الباهر أبو القاسم؛ الحسين بن محمد بن المفضل الأصبهاني، الملقب بالراغب، صاحب التصانيف.
كان من أذكياء المتكلمين لم أظفر له بوفاة ولا بترجمة.
وكان إن شاء الله في هذا الوقت حيًا يسأل عنه لعله في الألقاب لابن الفوطي.
4152 - الكراجكي
(3)
:
شيخ الرافضة، وعالمهم أبو الفتح؛ محمد بن علي، صاحب التصانيف.
مات بمدينة صور سنة تسع وأربعين وأربع مائة.
4153 - ابن أبي شمس
(4)
:
الشيخ الإمام الفقيه الرئيس شيخ القراء؛ أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى بن أحمد بن منصور النيسابوري الشاماتي المقرئ. عرف بابن أبي شمس صاحب تيك الأربعين حديثًا.
حدث عن، أبي محمد المخلدي، وأبي طاهر بن خزيمة، وأبي بكر الجوزقي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن وأبي القاسم بن حبيب المفسر والقاضي أبي منصور الأزدي؛ لقيه بهراة. وسمع: كتاب الغاية في القراءات من أبي بكر بن مهران المؤلف.
حدث عنه: أحمد بن محمد بن صاعد القاضي، وزاهر بن طاهر، وأبو المظفر عبد المنعم بن القشيري وطائفة.
قال عبد الغافر في السياق: شيخ فاضل ثقة عالم بالقراءات متصرف في الأمور اختاره المشايخ لنيابة الرئاسة بنيسابور مدةً لحسن كفاءته وفضله بالتوسط بين الخصوم عقد مجلس الإملاء وأملى سنين ومات في شعبان سنة أربع وخمسين وأربع مائة وله نحو من ثمانين سنةً رحمه الله.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 164"، والعبر "3/ 224"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 459"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 287".
(2)
ترجمته في بغية الوعاة للسيوطي "2/ 297"، والأعلام للزركلي "2/ 255".
(3)
ترجمته في العبر "3/ 220"، ولسان الميزان "5/ 300"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 283".
(4)
ترجمته في العبر "3/ 231"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 292".
4154 - أبو طاهر الثقفي
(1)
:
الشيخ العالم الثقة المحدث مسند أصبهان أبو طاهر؛ أحمد ابن محمود بن أحمد بن محمود الثقفي الأصبهاني المؤدب جد ليحيى بن محمود الثقفي المتأخر.
ولد سنة ستين وثلاث مائة.
سمع: من أبي الشيخ وحدث عن، أبي بكر بن المقرئ وأبي أحمد بن جميل وأبي مسلم عبد الرحمن بن شهدل وأحمد بن علي الخلقاني والحافظ أبي عبد الله بن منده وطائفة كبيرة.
وعني بهذا الشأن وارتحل إلى الري وسمع: من جعفر بن فناكي مسند ابن هارون الروياني.
قال يحيى بن مندة: سمع: كتاب العظمة من أبي الشيخ بن حيان وكان يقول: سمعت من أبي الشيخ فلم يظهر سماعه إلَّا بعد موته. قال: وهو شيخ صالح ثقة واسع الرواية صاحب أصول حسن الخط مقبول متعصب لأهل السنة ظهر سماعه لمسند الروياني بعد موته وظهر سماعه لكتاب العظمة بعد موته بقليل.
قلت: حدث عنه: يحيى بن منده وسعيد بن أبي الرجاء ومحمد ابن محمد القطان
وسهل بن ناصر الكاتب والحسين بن عبد الملك الخلال وحمد بن الفضل الخواص الحافظ وخلق.
مات في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 234"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 165"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 296".
4155 - ابن برهان
(1)
:
العلامة شيخ العربية ذو الفنون أبو القاسم؛ عبد الواحد بن علي بن برهان العكبري.
سمع الكثير من: أبي عبد الله بن بطة، ولم يرو عنه.
وذكره الخطيب في "تاريخه" فقال: كان مضطلعًا بعلوم كثيرة منها: النحو والأنساب واللغة وأيام العرب والمتقدمين وله أنس شديد بعلم الحديث.
وقال ابن ماكولا: هو من أصحاب ابن بطة. وأخبرني أبو محمد بن التميمي أن أصل ابن بطة بمعجم البغوي وقع عنده وفيه سماع ابن برهان وأنه قرأ عليه لولديه.
ثم قال ابن ماكولا: ذهب بموته علم العربية من بغداد وكان أحد من يعرف الأنساب ولم أر مثله وكان حنفيًا تفقه وأخذ الكلام عن، أبي الحسين البصري وتقدم فيه وصار له اختيار في الفقه.
وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس، ولم يقبل من أحد شيئًا.
مات في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربع مائة وقد جاوز الثمانين.
وكان يميل إلى مذهب مرجئة المعتزلة ويعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار.
وذكره ياقوت في "الأدباء" فقال: نقلت من خط عبد الرحيم بن وهبان قال: نقلت من خط أبي بكر بن السمع: اني سمعت المبارك بن الطيوري سمعت أبا القاسم بن برهان يقول: دخلت على الشريف المرتضى في مرضه وقد حول وجهه إلى الحائط وهو يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما أفأنا أقول: ارتدا بعد أن أسلما؟ قال: فقمنا وخرجت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 17"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 246"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 236"، والعبر "3/ 237"، وميزان الاعتدال "2/ 675"، ولسان الميزان "4/ 82"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 75"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 297".
قلت: حجته في خروج الكفار هو مفهوم العدد من قوله: {لابِثِيْنَ فِيها أَحْقَابًا} [النبأ: 23] ولا ينفعه ذلك لعموم قوله: {وَمَا هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167] ولقوله: {خَالِدِيْنَ فِيها أَبَدًا} [النساء: 169] إلى غير ذلك وفي المسألة بحث عندي أفردتها في جزء.
ومات معه في سنة ست شمس الأمة الحلوائي والمحدث أبو الوليد الدربندي وقاضي الأندلس أبو القاسم سراج بن عبد الله والحافظ عبد العزيز النخشبي وأبو شاكر القبري ثم القرطبي وأبو محمد بن حزم الفقيه والملك شهاب الدولة قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق صاحب الروم؛ هو جد ملوك الروم وأبو الحسين بن النرسي وأبو سعيد محمد بن علي النيسابوري الخشاب والوزير عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندري؛ وزير طغرلبك.
4156 - ابن شاهين
(1)
:
الشيخ المسند الكبير أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن حسن بن شاهين الفارسي الشاهيني السمرقندي.
سمع: في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة من: أبي بكر محمد بن جعفر ابن جابر بسماعه من محمد بن الفضل البلخي الواعظ؛ صاحب قتيبة بن سعيد. وسمع من أبي علي إسماعيل بن حاجب صاحب الفربري، ومن الحافظ أبي سعد الإدريسي وطائفة.
ذكره أبو سعد السمع: اني فقال: روى عنه أهل سمرقند وله أوقاف كثيرة ومعروف. وتوفي في ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربع مائة.
قلت: عاش نيفًا وتسعين سنة.
حدث عنه: علي بن أحمد الصيرفي وجماعة كانوا أحياء بعد الخمس مائة لا أكاد أعرفهم.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 272"[الشاهيني]، واللباب لابن الأثير "2/ 181".
4157 - أبو حاتم القزويني
(1)
:
العلامة الأوحد أبو حاتم؛ محمود بن حسن الطبري القزويني الشافعي الفقيه الأصولي الفرضي صاحب التصانيف الغزيرة في الخلاف والأصول والمذهب.
أخذ الأصول، عن أبي بكر بن الباقلاني والفرائض، عن ابن اللبان والفقه، عن الشيخ أبي حامد وجماعة من مشايخ آمل.
قال الشيخ أبو إسحاق: لم أنتفع بأحد في الرحلة ما انتفعت به وبالقاضي أبي الطيب.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، حدثنا أبو الفرج محمد بن أبي حاتم القزويني إملاء، أخبرنا أبي أخبرنا، محمد بن أحمد الناتلي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا يونس بن عبد الأعلى. فذكر حديثًا.
4158 - ابن شق الليل
(2)
:
الشيخ الإمام الحافظ المجود الرحال أبو عبد الله؛ محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السلام الأنصاري الأندلسي الطليطلي المعروف بابن شق الليل.
حج ولقي بمكة أحمد بن فراس العبقسي وعبيد الله السقطي وأبا الحسن بن جهضم. وبمصر أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبا محمد بن النحاس، وأحمد بن ثرثال، وابن منير الخشاب، وعدة وبالأندلس الصاحبين، أبا إسحاق بن شنظير، وأبا جعفر بن ميمون فأكثر عنهما، وهو أعلى إسنادًا منهما، وروى أيضًا، عن المنذر بن المنذر، وأبي الحسن بن مصلح.
قال ابن بشكوال وغيره: كان ابن شق الليل فقيهًا إمامًا متكلمًا، عارفًا، بمذهب مالك حافظًا متقنًا بصيرًا بالرجال والعلل مليح الخط جيد المشاركة في الفنون نحويًا شاعرًا مجيدًا لغويًا دينًا فاضلًا كثير التصانيف حلو العبارة. ولد في حدود سنة ثمانين وثلاث مائة وتوفي بمدينة طلبيرة في نصف شعبان سنة خمس وخمسين وأربع مائة وله بضع وسبعون سنة.
(1)
ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "5/ 312".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 539"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "1/ 343"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 15".
4159 - الحنائي
(1)
:
الشيخ العالم العدل أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم بن الحسين الدمشقي الحنائي؛ صاحب الأجزاء الحنائيات العشرة التي انتقاها له الحافظ عبد العزيز النخشبي.
حدث عن: عبد الوهاب الكلابي، والحسن بن درستويه، وعبد الله ابن محمد الحنائي، وتمام بن محمد الرازي، وأبي بكر بن أبي الحديد، ومحمد بن عبد الرحمن القطان، وأبي الحسن بن جهضم وعدة.
حدث عنه: أبو سعد السمان، وأبو بكر الخطيب، ومكي الرملي، وأبو نصر بن ماكولا وسهل بن بشر، وعبد المنعم بن علي الكلابي، وأبو القاسم النسيب، وأبو طاهر محمد، وأبو الحسين عبد الرحمن؛ ولداه. وأبو الحسن بن الموازيني، وطاهر بن سهل الإسفراييني، وعبد الكريم بن حمزة وهبة الله بن الأكفاني، وأبو الحسن بن سعيد، وثعلب بن جعفر السراج وآخرون.
وكان محدث البلد في وقته.
قال النسيب: سألت الشيخ الثقة الدين الفاضل أبا القاسم الحنائي المحدث عن، مولده فقال: في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.
وقال ابن ماكولا: كتبت عنه وكان ثقةً وهو منسوب إلى بيع الحناء.
قال الكتاني: توفي في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وأربع مائة. قال: وهو آخر أصحاب ابن درستويه ودفن على أخيه علي بمقبرة باب كيسان وكانت له جنازة عظيمة؛ ما رأينا مثلها من مدة.
4160 - صاحب اليمن
(2)
:
كان من بقايا ملوك اليمن طفل من آل ابن زياد الذي استولى على اليمن بعد المائتين فدام الأمر بيد أولاده أزيد من مائتين وستين سنة ودبر الأمور موالي الصبي؛ كالخادم مرجان ونجاح الحبشي، ونفيس وثلاثتهم من عبيد الوزير حسين النوبي الذي مر بعد الأربع مائة وجرت أمور إلى أن دفن الصبي وعمته السيدة حيين. وكانت هذه الدولة الزيادية في طاعة بني العباس ويهادونهم ثم عسكر نجاح وحارب نفيسًا مرات وتمكن هذا ودعاة بني عبيد يأتون من مصر ووراءهم خلائق من أتباعهم وزاد الهرج إلى أن ظهر الصليحي. وكان الملك نجاح حازمًا سائسًا وله عدة أولاد نبلاء. امتدت أيام نجاح الحبشي نحوًا من أربعين عامًا فقيل: إن الصليحي أهدى إليه سريةً فسمته في سنة اثنتين وخمسين وتملك بعده ابنه سعيد الأحول ثلاث سنين وغلب الصليحي فهرب الأحول إلى الحبشة ثم أقبل بعد زمان فقتل الصليحي في سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة وجرت أمور وعجائب.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 60"، والأنساب للسمعاني "4/ 244"، والعبر "3/ 245"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 307".
(2)
ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 214".
4161 - البساسيري
(1)
:
أبو الحارث الملقب بالمظفر، ملك الأمراء آرسلان التركي البساسيري نسبةً إلى تاجر باعه من أهل فسا. والصواب: فسوي فقيلت على غير قياس كعادة العجم.
ترقت به الأحوال إلى أن نابذ الخليفة وخرج عليه وكاتب صاحب مصر المستنصر فأمده بأموال وسلاح فأقبل في عسكر قليل وتوثب على بغداد ففر منه القائم وتذمم بأمير العرب مهارش وعاث جمع البساسيري وأقام الدعوة بالعراق للمستنصر سنة وقتل الوزير وفعل القبائح حتى أقبل طغرلبك ونصر الخليفة ونزح البساسيري فاتبعه عسكر فقاتل حتى قتل فلله الحمد قيل: سنة إحدى وخمسين في ذي الحجة.
4162 - صاحب غزنة:
السلطان فرخزاد بن السلطان مسعود بن السلطان الكبير محمود بن سبكتكين.
كان ملكًا سائسًا مهيبًا شجاعًا متسع الممالك هجم عليه مماليكه الحمام فكان عنده سيفه فشد عليهم وسلم وأدركة الحرس وقتلوا أولئك ثم صار بعد يكثر من ذكر الموت ويزهد في الدنيا فأخذه قولنج في سنة إحدى وخمسين وأربع مائة فمات. وتملك أخوه إبراهيم فجاهد، ونشر العدل، وفتح قلاعًا من الهند.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 190"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 192"، والعبر "3/ 220"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 287".
4163 - زهير بن حسن
(1)
:
ابن علي العلامة، شيخ الشافعية، أبو نصر السرخسي.
ولد بعد السبعين وثلاث مائة.
وسمع من: زاهر بن أحمد السرخسي، وببغداد من أبي طاهر المخلص، وبالبصرة السنن من القاضي أبي عمر الهاشمي.
وتفقه بالشيخ أبي حامد الإسفراييني.
قال أبو سعد السمعاني: لقيت من أصحابه أبا نصر محمد بن أبي عبد الله بسرخس.
وقد قال بعض الشافعية: ما رأيت تعليقةً أحسن من تعليقة زهير عن، أبي حامد الإسفراييني لازمه ست سنين توفي في شوال سنة أربع وخمسين وأربع مائة وهو في عشر التسعين. وقيل: بل توفي سنة خمس وخمسين وأربع مائة.
وكان رئيس المحدثين بسرخس.
وفيها مات أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه وأبو يعلى الصابوني ومصنف العنوان أبو الطاهر إسماعيل بن خلف بمصر والسلطان طغرلبك السلجوقي ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي وأبو الخطاب العلاء بن عبد الوهاب بن حزم الرحال نسيب أبي محمد الفقيه شابًا.
4164 - ابن بندار
(2)
:
الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو الفضل عبد الرحمن بن المحدث أحمد بن الحسن بن بندار العجلي الرازي المكي المولد، المقرئ.
تلا على أبي عبد الله المجاهدي؛ تلميذ ابن مجاهد، وتلا بحرف ابن عامر على مقرئ دمشق علي بن داود الداراني، وتلا ببغداد على أبي الحسن الحمامي، وجماعة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 56"، [الخدامي]، واللباب لابن الأثير "1/ 425"، والعبر "3/ 232"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 232"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 292".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 232"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1128"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 71"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 293".
وسمع بمكة من: أحمد بن فراس، وعلي بن جعفر السيرواني الزاهد، ووالده أبي العباس بن بندار، وبالري من جعفر بن فناكي. وببغداد من أبي الحسن الرفاء، وعدة وبدمشق من عبد الوهاب الكلابي وبأصبهان من أبي عبد الله بن مندة وبالبصرة والكوفة وحران وتستر والرها وفسا وحمص ومصر والرملة ونيسابور ونسا وجرجان وجال في الآفاق عامة عمره وكان من أفراد الدهر علمًا وعملًا.
أخذ عنه: المستغفري أحد شيوخه، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح المؤذن، ونصر بن محمد الشيرازي شيخ للسلفي، وأبو علي الحداد، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو سهل بن سعدويه، وفاطمة بنت البغدادي وخلق. ولحق بمصر أبا مسلم الكاتب.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: كان ثقةً جوالًا إمامًا في القراءات أوحد في طريقه كان الشيوخ يعظمونه، وكان لا يسكن الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب فإذا عرف مكانه نزح وكان لا يأخذ من أحد شيئًا فإذا فتح عليه بشيء آثر به.
وقال يحيى بن منده: قرأ عليه القرآن جماعة وخرج من عندنا إلى كرمان فحدث بها وتوفي في بلد أوشير في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربع مائة.
قال: وولد سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، وهو ثقة ورع متدين عارف بالقراءات عالم بالأدب والنحو هو أكبر من أن يدل عليه مثلي، وأشهر من الشمس وأضوأ من القمر ذو فنون من العلم وكان مهيبًا منظورًا فصيحًا حسن الطريقة كبير الوزن.
قال السلفي: سمعت عبد السلام بن سلمة بمرند يقول: اقتدى أبو الفضل الرازي بالسيرواني شيخ الحرم وصحب السيرواني أبا محمد المرتعش صاحب الجنيد.
وقال الخلال: خرج أبو الفضل الإمام نحو كرمان فشيعه الناس فصرفهم وقصد الطريق وحده وهو يقول:
يا موت ما أجفاك من زائر
…
تنزل بالمرء على رغمه
قال الخلال: وأنشدني لنفسه:
وتأخذ العذراء من خدرها
…
وتأخذ الواحد من أمه
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا
…
كفى لمطايانا بذكراك حاديا
قال السمعاني في "الذيل": كان مقرئًا فاضلًا كثير التصانيف حسن السيرة زاهدًا متعبدًا خشن العيش منفردًا قانعًا يقرئ ويسمع: في أكثر أوقاته وكان يسافر وحده ويدخل البراري.
قرأت على إسحاق الأسدي: أخبرنا ابن خليل أخبرنا، خليل بن بدر أخبرنا، محمد بن عبد الواحد الدقاق قال: ورد علينا الإمام الأوحد أبو الفضل الرازي لقاه الله رضوانه وأسكنه جنانه وكان إمامًا من الأئمة الثقات في الحديث والروايات والسنة والآيات ذكره يملأ الفم ويذرف العين قدم أصبهان مرارًا سمعت منه قطعةً صالحة وكان رجلًا مهيبًا مديد القامة وليًا من أولياء الله صاحب كرامات طوف الدنيا مفيدًا ومستفيدًا.
وقال الخلال: كان أبو الفضل في طريق ومعه خبز وفانيذ فأراد قطاع الطريق أخذه منه فدفعهم بعصاه فقيل له في ذلك فقال: لأنه كان حلالًا وربما كنت لا أجد مثله. ودخل كرمان في هيئة رثة وعليه أخلاق وأسمال فحمل إلى الملك وقالوا: جاسوس. فقال الملك: ما الخبر؟ قال: تسألني عن، خبر الأرض أو خبر السماء؟ فإن كنت تسألني عن، خبر السماء ف {كُلَّ يَوْمٍ هُو في شَأْنٍ} [الرحمن: 29] وإن كنت تسألني عن، خبر الأرض ف {كُلُّ مَنْ عليها فانٍ} [الرحمن: 26] فتعجب الملك من كلامه وأكرمه وعرض عليه مالًا، فلم يقبله.
4165 - الحصري
(1)
:
الأديب شاعر المغرب أبو إسحاق؛ إبراهيم بن علي بن تميم القيرواني.
وشعره سائر مدون. وله كتاب "زهر الآداب" وكتاب "المصون في الهوى".
مدح الكبراء.
وتوفي سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة.
وهو ابن خالة الشاعر الشهير أبي الحسن الحصري.
4166 - ابن باديس
(2)
:
صاحب إفريقية، المعز بن باديس بن منصور بن بلكين بن زيري ابن مناد الحميري، الصنهاجي، المغربي، شرف الدولة ابن أمير المغرب.
نفذ إليه الحاكم من مصر التقليد والخلع في سنة سبع وأربع مائة، وعلا شأنه.
وكان ملكًا مهيبًا سريًا شجاعًا عالي الهمة محبًا للعلم كثير البذل مدحته الشعراء. وكان مذهب الإمام أبي حنيفة قد كثر بإفريقية فحمل أهل بلاده على مذهب مالك حسمًا لمادة الخلاف وكان يرجع إلى إسلام فخلع طاعة العبيدية وخطب للقائم بأمر الله العباسي فبعث إليه المستنصر يتهدده فلم يخفه فجهز لمحاربته من مصر العرب فخربوا حصون برقة وإفريقية وأخذوا أماكن واستوطنوا تلك الديار من هذا الزمان ولم يخطب لبني عبيد بعدها بالقيروان.
قيل: كان مولد المعز في سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة.
ومات في شعبان سنة أربع وخمسين وأربع مائة، ومرض بالبرص، ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيرواني، وكان موته بالمهدية.
وقام بعده ولده تميم بن المعز.
4167 - الجعفري:
عالم الإمامية، الشريف أبو يعلى، حمزة بن محمد الهاشمي الجعفري. من دعاة الشيعة.
لازم الشيخ المفيد وبرع في فقههم وأصولهم وعلم الكلام وزوجه المفيد ببنته وخصة بكتبه. وأخذ أيضًا عن، الشريف المرتضى وصنف التصانيف وكان يحتج على حدث القرآن بدخول الناسخ فيه والمنسوخ وكان بصيرًا بالقراءات.
قال ابن أبي طي في "تاريخ الشيعة": كان من صالحي طائفته وعبادهم وأعيانهم شيع جنازته خلق عظيم توفي سنة خمس وستين وأربع مائة ببغداد.
فأما ما زعمه من حدث القرآن فإن عنى به خلق القرآن، فهو معتزلي جهمي، وإن عنى بحدوثه إنزاله إلى الأمة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم واعترف بأنه كلام الله ليس بمخلوق فلا بأس بقوله ومنه قوله تعالى:{مَا يَأْتيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُوْنَ} [الأنبياء: 2]. أي محدث الإنزال إليهم.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "2/ 94"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 54"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 61".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 233"، وتاريخ بغداد ابن خلدون "6/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 294".
4168 - البسطامي
(1)
:
شيخ الشافعية ومحتشمهم أبو سهل محمد بن الإمام جمال الإسلام الموفق هبة الله ابن العلامة المصنف أبي عمر محمد بن الحسين البسطامي ثم النيسابوري زين أهل الحديث.
انتهت إليه زعامة الشافعية بعد أبيه وكان مدرسًا رئيسًا ذكيًا وقورًا قليل الكلام مات شابًا عن، ثلاث وثلاثين سنة.
سمع: من النصرويي وأبي حسان المزكي.
وكانت داره مجمع العلماء واحتف به الفقهاء رعايةً لأبوته وظهر له القبول وشد منه القشيري وظهر له خصوم وحساد وحرفوا عنه السلطان ونيل من الأشعرية ومنعوا من الوعظ وعزلوا من خطابة نيسابور وقويت المعتزلة والشيعة وآل الأمر إلى توظيف اللعن في الجمع ثم تعدى اللعن إلى طوائف وهاجت فتنة بخراسان حتى سجن القشيري والرئيس الفراتي وإمام الحرمين وأبو سهل هذا وأمر بنفيهم فاختفى الجويني وفر إلى الحجاز من طريق كرمان فتهيأ أبو سهل وجمع أعوانًا ومقاتلة والتقى في البلد هو وأمير البلد فانتصر أبو سهل وجرح الأمير وعظمت المحنة وبادر أبو سهل إلى السلطان فأخذ وحبس أشهرًا وصودر وأخذت ضياعه ثم أطلق فحج ثم عظم بعد عند ألب آرسلان وهم بأن يستوزره فقصد واغتيل إلى رحمة الله في سنة ست وخمسين وأظهر عليه أهل نيسابور من الجزع ما لا يعبر عنه وندبته النوائح مدة وأنشدت مراثيه في الأسواق.
وقيل: بل بعثه السلطان رسولًا إلى بغداد فمات في الطريق وخلف دنيا واسعة.
(1)
ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "4/ 208".
4169 - ابن سيده
(1)
:
إمام اللغة أبو الحسن؛ علي بن إسماعيل المرسي، الضرير صاحب كتاب "المحكم" في لسان العرب وأحد من يضرب بذكائه المثل.
قال أبو عمر الطلمنكي: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها ليسمع: وا علي غريب المصنف فقلت: انظروا من يقرأ لكم وأمسك أنا كتابي فأتوني بإنسان أعمى يعرف بابن سيده فقرأه علي كله فعجبت من حفظه. قال: وكان أعمى ابن أعمى.
قلت: وكان أبوه أيضًا لغويًا فأخذ عن، أبيه وعن صاعد بن الحسن.
قال الحميدي: هو إمام في اللغة والعربية حافط لهما على أنه كان ضريرًا وقد جمع في ذلك جموعًا وله مع ذلك حظ في الشعر وتصرف.
وأرخ صاعد بن أحمد القاضي موته في سنة ثمان وخمسين وأربع مائة وقال: بلغ الستين أو نحوها.
قال اليسع بن حزم: كان شعوبيًا يفضل العجم على العرب.
وحط عليه أبو زيد السهيلي في الروض فقال: تعثر في المحكم وغيره عثرات يدمى منها الأظل ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل من ضل حتى إنه قال في الجمار: هي التي ترمى بعرفة.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: أضرت به ضرارته.
قلت: هو حجة في نقل اللغة وله كتاب العالم في اللغة؛ نحو مائة سفر بدأ بالفلك وختم بالذرة. وله شواذ اللغة خمسة أسفار.
وكان منقطعًا إلى الأمير مجاهد العامري.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 417"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 231"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 330"، والعبر "3/ 243"، ولسان الميزان "4/ 205"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 305".
4170 - ابن مهربزد
(1)
:
الشيخ العلامة النحوي المفسر المعتزلي أبو مسلم؛ محمد ابن علي بن محمد بن الحسين بن مهربزد الأصبهاني صاحب "التفسير الكبير" الذي هو في عشرين سفرًا.
كان آخر من حدث بأصبهان عن، أبي بكر بن المقرئ.
قال الحافظ يحيى بن مندة: كان عارفًا بالنحو غاليًا في مذهب الاعتزال.
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: سألته عن، مولده فقال: في سنة ست وستين وثلاث مائة.
قلت: آخر من حدث عنه المعمر إسماعيل بن علي الحمامي؛ يروي عنه نسخة مأمون. وروى عنه ناضر بضاد معجمة ابن محمد بن محمد المديني وعدد من مشيخة السلفي الصغار.
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وأربع مائة. وتفسيره كان بمصر للإمام الشرف المرسي. عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
وممن يروي عنه: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي والحسين الخلال ومحمد بن حمد الكبريتي.
4171 - السروي
(2)
:
الإمام الكبير شيخ الشافعية أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن موسى السروي الشافعي، ويقال له: المطهري: نسبة إلى قرية مطهر: بفتح الهاء الثقيلة.
ولد في حدود الستين وثلاث مائة ببلد سارية.
وقدم بغداد وهو من أبناء الثلاثين، فسمع من: أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص.
وتفقه بالشيخ أبي حامد، وأخذ الفرائض عن ابن اللبان.
وروى عنه: مالك بن سنان، وغيره.
وله تصانيف في الأصول والفروع، وولي قضاء سارية وصار إمام تلك الناحية.
توفي في صفر، سنة ثمان وخمسين وأربع مائة عن، مائة عام.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 245"، وميزان الاعتدال "3/ 655"، ولسان الميزان "5/ 298"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 307".
(2)
ترجمته في اللباب لابن الأثير "3/ 226"، وطبقات الشافعية للسبكي "4/ 263".
4172 - عمر بن منصور
(1)
:
ابن أحمد بن محمد بن منصور، الإمام الحافظ، العالم، محدث ما وراء النهر، أبو حفص البخاري، البزاز.
سمع: أبا علي إسماعيل بن حاجب الكشاني، وأبا نصر أحمد بن محمد الملاحمي وأبا الفضل أحمد بن علي السليماني، وأبا نصر أحمد بن محمد بن حسين الكلاباذي، وإبراهيم بن محمد بن يزداد الرازي وطبقتهم.
حدث عنه: الحافظ عبد العزيز النخشبي، ومحمد بن علي بن سعيد المطهري، ومحمد بن عبد الله السرخكتي، وآخرون.
قال الحافظ النخشبي: هو مكثر صحيح السماع، فيه هزل.
قلت: هذا هو سبط المحدث محمد بن أحمد بن خنب.
ذكر الحافظ أبو سعد السمعاني أنه توفي بعد سنة ستين وأربع مائة.
آخر من حدث عنه ركن الإسلام إبراهيم بن إسماعيل بن أبي نصر الصفاري؛ شيخ قاضي خان.
4173 - ابن شمة
(2)
:
الشيخ الجليل، أبو الطيب، عبد الرزاق بن عمر بن موسى بن شمة بالفتح والتخفيف الأصبهاني، التاجر، راوي كتاب السنن لأبي قرة الزبيدي اليماني عن، أبي بكر بن المقرئ.
حدث عنه: سعيد بن أبي الرجاء، وغانم بن خالد التاجر، والحسين ابن عبد الملك، وآخرون.
مات في سنة ثمان وخمسين وأربع مائة وقد قيده بعضهم شمة بالكسر كسمة. وكذا وجد بخط أبي العلاء العطار.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 188"، [الخنبي]، واللباب لابن الأثير "1/ 464"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1158".
(2)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1135".
4174 - الصفار الخشاب
(1)
:
الإمام المحدث، المفيد، الثقة أبو سعيد محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حبيب النيسابوري الخشاب الصفار.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
وسمع من: أبي محمد المخلدي، وأبي الحسين الخفاف، والحاكم، وأبي عبد الرحمن، وابن محمش، وخلق سواهم. وعني بهذا الشأن.
قال عبد الغافر في "سياق تاريخ نيسابور": كان محدثًا مفيدًا من خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي وكان صاحب كتب صار بندار كتب الحديث بنيسابور وأكثر أقرانه سماعًا وأصولًا رزقه الله الإسناد العالي وجمع الأبواب وأسمع: الصبيان وهو من بيت حديث وصلاح. حدثني ثقة أن أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصابوني فتكلم أصحاب الحديث فيه وما رضوا ذلك منه والله أعلم بحاله وأما سماعه من غيره فصحيح وقد أجاز لي مروياته وأخبرنا عنه جماعة منهم الوالد وأبو صالح المؤذن وأبو سعد بن رامش.
قلت: آخر من حدث عنه زاهر الشحامي.
توفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربع مائة.
وفيها مات قاضي الجماعة سراج بن عبد الله وأبو الوليد الحسن ابن محمد الدربندي وعبد العزيز بن محمد النخشبي والعلامة أبو القاسم عبد الواحد بن برهان وأبو شاكر عبد الواحد بن محمد القبري وأبو محمد بن حزم الظاهري وأبو الحسين محمد بن أحمد ابن النرسي وعميد الملك الكندري الوزير.
أخبرنا ابن عساكر عن، أبي روح أخبرنا، زاهر أخبرنا، محمد بن علي الخشاب أخبرنا، الحسن بن أحمد حدثنا، أبو العباس السراج حدثنا، قتيبة حدثنا، يعقوب بن عبد الرحمن،
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 120"[الخشاب]، والعبر "3/ 240"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1154"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 301".
عن، سهيل عن، أبيه عن، أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة فيقول: أنا الملك أنا الملك
…
" وذكر الحديث
(1)
.
(1)
صحيح: وتمام الحديث: "من ذا الذي يدعوني، فأستجيب له، من ذا الذي يسألني، فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر".
أخرجه مالك "1/ 214"، ومن طريقه اخرجه أحمد "2/ 487"، والبخاري "1145"، و"6321" و"7494"، ومسلم "758"، وأبو داود "1315"، وابن خزيمة في "التوحيد""ص 127"، وابن أبي عصام "في السنة""429"، وأبو القاسم اللالكائي في شرح السنة" "3/ 435 - 436" والبيهقي في "السنن" "3/ 2"، وفي "الأسماء والصفات" "ص 449"، عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الأغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به مرفوعا.
4175 - التاني
(1)
:
الشيخ المحدث المأمون أبو الفتح؛ منصور بن الحسين بن علي ابن القاسم بن محمد بن رواد الأصبهاني التاني صاحب أبي بكر بن المقرئ.
قال يحيى بن منده في تاريخه: كان صاحب أصول كتب الحديث وكان من أروى الناس عن، ابن المقرئ.
وقال ابن نقطة: روى معجم ابن المقرئ ومسند أبي حنيفة جمع ابن المقرئ روى عنه هذين الكتابين سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي.
قلت: وروى عنه كتاب تهذيب الآثار لأبي جعفر الطحاوي إسماعيل بن الإخشيذ السراج بسماعه من ابن المقرئ وقد روى السلفي عن، جماعة من أصحاب التاني.
مات في ذي الحجة سنة خمسين وأربع مائة.
4176 - ابن عبد البر
(2)
:
الإمام العلامة حافظ المغرب شيخ الإسلام أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري الأندلسي القرطبي المالكي صاحب التصانيف الفائقة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 224"، وتبصير المنتبه "1/ 115"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 287".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 677 - 679"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ 66 - 72"، والعبر "3/ 255"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة "1013"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 314 - 316".
مولده في سنة ثمان وستين وثلاث مائة في شهر ربيع الآخر. وقيل: في جمادى الأولى. فاختلفت الروايات في الشهر عنه.
وطلب العلم بعد التسعين وثلاث مائة وأدرك الكبار وطال عمره وعلا سنده وتكاثر عليه الطلبة وجمع وصنف ووثق وضعف وسارت بتصانيفه الركبان وخضع لعلمه علماء الزمان وفاته السماع من أبيه الإمام أبي محمد فإنه مات قديمًا في سنة ثمانين وثلاث مائة فكان فقيهًا عابدًا متهجدًا عاش خمسين سنة وكان قد تفقه على التجيبي وسمع: من أحمد بن مطرف وأبي عمر بن حزم المؤرخ.
نعم وابنه صاحب الترجمة أبو عمر. سمع من: أبي محمد عبد الله ابن محمد بن عبد المؤمن سنن أبي داود بروايته عن، ابن داسة وحدثه أيضًا عن، إسماعيل بن محمد الصفار وحدثه بالناسخ والمنسوخ لأبي داود عن، أبي بكر النجاد وناوله مسند أحمد بن حنبل بروايته عن، القطيعي نعم وسمع: من المعمر محمد بن عبد الملك ابن ضيفون أحاديث الزعفراني بسماعه من ابن الأعرابي عنه وقرأ عليه تفسير محمد بن سنجر في مجلدات وقرأ على أبي القاسم عبد الوارث ابن سفيان موطأ ابن وهب بروايته عن، قاسم بن أصبغ عن، ابن وضاح عن، سحنون وغيره عنه. وسمع: من سعيد بن نصر مولى الناصر لدين الله الموطأ وأحاديث وكيع؛ يرويها عن، قاسم بن أصبغ عن، القصار عنه. وسمع: منه في سنة تسعين وثلاث مائة كتاب المشكل لابن قتيبة وقرأ عليه مسند الحميدي وأشياء. وسمع: من أبي عمر أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور المدونة. وسمع: من خلف بن القاسم بن سهل الحافظ تصنيف عبد الله بن عبد الحكم وسمع: من الحسين بن يعقوب البجاني. وقرأ على عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني موطأ ابن القاسم وقرأ على أبي عمر الطلمنكي أشياء وقرأ على الحافظ أبي الوليد بن الفرضي مسند مالك وسمع: من يحيى بن عبد الرحمن بن وجه الجنة، ومحمد ابن رشيق المكتب، وأبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي، وأحمد بن فتح بن الرسان، وأبي عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الباجي، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك بن المكوي، وأحمد بن القاسم التاهرتي، وعبد الله بن محمد بن أسد الجهني، وأبي حفص عمر بن حسين بن نابل، ومحمد بن خليفة الإمام وعدة.
حدث عنه: أبو محمد بن حزم، وأبو العباس بن دلهاث الدلائين وأبو محمد بن أبي قحافة، وأبو الحسن بن مفوز، والحافظ أبو علي الغساني، والحافظ أبو عبد الله الحميدي، وأبو بحر سفيان بن العاص، ومحمد بن فتوح الأنصاري، وأبو داود سليمان بن أبي القاسم نجاح، وأبو عمران موسى بن أبي تليد، وطائفة سواهم. وقد أجاز له من ديار مصر أبو الفتح
ابن سيبخت صاحب البغوي وعبد الغني بن سعيد الحافظ وأجاز له من الحرم أبو الفتح عبيد الله السقطي وآخر من روى عنه بالإجازة علي بن عبد الله بن موهب الجذامي.
قال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات، وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال قديم السماع يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي.
وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب. ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفًا عنهما وكان من النمر بن قاسط طلب وتقدم ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه ولزم أبا الوليد بن الفرضي ودأب في طلب الحديث وافتن به وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار جلا عن، وطنه فكان في الغرب مدةً ثم تحول إلى شرق الأندلس فسكن دانية وبلنسية وشاطبة وبها توفي.
وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة.
قلت: كان إمامًا دينًا ثقة متقنًا علامة متبحرًا صاحب سنة واتباع وكان أولًا أثريًا ظاهريًا فيما قيل ثم تحول مالكيًا مع ميل بين إلى فقه الشافعي في مسائل ولا ينكر له ذلك فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه ونغطي معارفه بل نستغفر له ونعتذر عنه.
قال أبو القاسم بن بشكوال: ابن عبد البر إمام عصره، وواحد دهره، يكنى أبا عمر، روى بقرطبة عن: خلف بن القاسم، وعبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأبي محمد بن عبد المؤمن، وأبي محمد بن أسد، وجماعة يطول ذكرهم. وكتب إليه من المشرق السقطي، والحافظ عبد الغني، وابن سيبخت، وأحمد بن نصر الداوودي، وأبو ذر الهروي، وأبو محمد بن النحاس.
قال أبو علي بن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث وهو أحفظ أهل المغرب.
وقال أبو علي الغساني: ألف أبو عمر في الموطأ كتبًا مفيدة منها: كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد فرتبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله وهو سبعون جزءًا.
قلت: هي أجزاء ضخمة جدًا.
قال ابن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه؟.
ثم صنع كتاب "الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار" شرح فيه الموطأ على وجهه وجمع كتابًا جليلًا مفيدًا وهو الاستيعاب في أسماء الصحابة وله كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله وغير ذلك من تواليفه.
وكان موفقًا في التأليف، معانًا عليه، ونفع الله بتواليفه وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم النسب والخبر.
وذكر جماعة أن أبا عمر ولي قضاء الأشبونة وشنترين في مدة المظفر ابن الأفطس.
ولأبي عمر كتاب "الكافي في مذهب مالك". خمسة عشر مجلدًا وكتاب الاكتفاء في قراءة نافع، وأبي عمرو، وكتاب التقصي في اختصار الموطأ، وكتاب الإنباه عن، قبائل الرواة، وكتاب الانتقاء لمذاهب الثلاثة العلماء، مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وكتاب البيان في تلاوة القرآن، وكتاب الأجوبة الموعبة، وكتاب الكنى، وكتاب المغازي، وكتاب القصد والأمم في نسب العرب والعجم، وكتاب الشواهد في إثبات خبر الواحد، وكتاب الإنصاف في أسماء الله وكتاب الفرائض وكتاب أشعار أبي العتاهية وعاش خمسةً وتسعين عامًا.
قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربع مائة واستكمل خمسًا وتسعين سنة وخمسة أيام رحمه الله.
قلت: كان حافظ المغرب في زمانه.
وفيها مات حافظ المشرق أبو بكر الخطيب ومسند نيسابور أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري الشروطي عن، تسع وثمانين سنة وشاعر الأندلس الوزير أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي القرطبي، ورئيس خراسان أبو علي حسان بن سعيد المخزومي المنيعي واقف الجامع المنيعي، بنيسابور، وشاعر القيروان أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي، ومسند هراة أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ومسند بغداد أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الدجاجي، المحتسب، ومسند مرو أبو بكر محمد بن أبي الهيثم عبد الصمد الترابي، وله ست وتسعون سنة والمسند، أبو علي محمد بن وشاح الزينبي، مولاهم البغدادي.
وقيل: إن أبا عمر كان ينبسط إلى أبي محمد بن حزم ويؤانسه وعنه أخذ ابن حزم فن الحديث.
قال شيخنا أبو عبد الله بن أبي الفتح: كان أبو عمر أعلم من بالأندلس في السنن والآثار واختلاف علماء الأمصار.
قال: وكان في أول زمانه ظاهري المذهب مدةً طويلة ثم رجع إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد إلَّا أنه كان كثيرًا ما يميل إلى مذهب الشافعي. كذا قال. وإنما المعروف أنه مالكي.
وقال الحميدي: أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات وبالخلاف وعلوم الحديث والرجال قديم السماع لم يخرج من الأندلس وكان يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي.
قلت: وكان في أصول الديانة على مذهب السلف لم يدخل في علم الكلام بل قفا آثار مشايخه رحمهم الله.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الحافظ أخبرنا، علي بن هبة الله الخطيب أخبرنا، أبو القاسم الرعيني أخبرنا، أبو الحسن بن هذيل أخبرنا، أبو داود بن نجاح قال: أخبرنا، أبو عمر بن عبد البر أخبرنا، سعيد بن نصر حدثنا، قاسم بن أصبغ حدثنا، محمد بن وضاح حدثنا، يحيى بن يحيى حدثنا، مالك عن، يحيى بن سعيد أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة عن، أبيه عن، جده قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع: والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم
(1)
.
وأخبرناه عاليًا بدرجات إسماعيل بن عبد الرحمن أخبرنا، عبد الله بن أحمد أخبرنا، أبو الفضل المبارك بن المبارك السمسار، بقراءتي سنة " (561) " أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة، أخبرنا عبد الواحد بن محمد حدثنا، الحسين ابن إسماعيل، حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني، حدثنا مالك. فذكره.
(1)
صحيح: أخرجه مالك "2/ 445 - 446"، ومن طريقه البخاري "7199" و"7200"، والنسائي "7/ 138"، والبيهقي "8/ 145" والبغوي "2456" عن يحيى بن سعيد، به، وأخرجه أحمد "5/ 316" والبيهقي "8/ 145"، من طرق عن عبادة بن الوليد، عن أبيه، عن جده، به، وأخرجه أحمد "5/ 321"، والبيهقي "8/ 145" من طريق جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، به.
أخرجه البخاري عن، إسماعيل بن أبي أويس عن، مالك.
كتب إلي القاضي أبو المجد عبد الرحمن بن عمر العقيلي أخبرنا، عمر بن علي بن قشام الحنفي بحلب أخبرنا، الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري أخبرنا، أبو الحسن بن موهب أخبرنا، يوسف بن عبد الله الحافظ أخبرنا، خلف بن القاسم حدثنا، الحسن بن رشيق حدثنا، إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا، محمد بن عبد الأعلى حدثنا، سلمة بن رجاء عن، الوليد بن جميل عن، القاسم عن، أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الخير"
(1)
. تفرد به الوليد وليس بمعتمد.
أنبأنا عدة عن، أمثالهم عن، أبي الفتح بن البطي عن، محمد بن أبي نصر الحافظ عن، ابن عبد البر، حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا إبراهيم العبسي، عن وكيع، عن الأعمش قال: حدثنا، أبو خالد الوالبي قال: كنا نجالس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيتناشدون الأشعار ويتذاكرون أيام الجاهلية
(2)
.
قال ابن الأبار في "الأربعين" له: وفي "التمهيد" يقول مؤلفه:
سمير فؤادي مذ ثلاثون حجّةً
…
وصيقل ذهني والمفرّج عن، همّي
بسطت لكم فيه كلام نبيّكم
…
بما في معانيه من الفقه والعلم
وفيه من الآثار ما يقتدى به
…
إلى البرّ والتّقوى وينهى عن، الظّلم
(1)
صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "2685"، والطبراني "7911" و "7912"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله""ص 38" من طريق الوليد بن جميل، به.
قلت: إسناده حسن، الوليد بن جميل، صدوق يخطيء كما قال الحافظ في "التقريب". و للحديث شاهد عن أبي الدرداء: عند أحمد "5/ 196"، وأبي داود "3641"، والترمذي "2684"، وابن ماجه "223"، والدارمي "1/ 98"، وله شاهد آخر من حديث جابر: عند الطبراني في "الأوسط" كما ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد""1/ 124".
(2)
صحيح: له شواهد منها من حديث جابر بن سمرة، رواه عنه سماك بن حرب قال: قلت: لجابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيرا، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم" أخرجه أحمد "5/ 91"، ومسلم "670" و "2322"، وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء من دينه دارت حماليق عينيه" وأخرج من طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: كنت أجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أبي في المسجد، فيتناشدون الأشعار، ويذكرون حديث الجاهلية" وقد ذكرهما الحافظ في "الفتح" "10/ 540".
4177 - البيهقي
(1)
:
هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه شيخ الإسلام أبو بكر؛ أحمد ابن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي الخراساني. وبيهق: عدة قرى من أعمال نيسابور على يومين منها.
ولد في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة في شعبان.
وسمع: وهو ابن خمس عشرة سنة من: أبي الحسن محمد بن الحسين العلوي؛ صاحب أبي حامد بن الشرقي وهو أقدم شيخ عنده وفاته السماع من أبي نعيم الإسفراييني؛ صاحب أبي عوانة وروى عنه بالإجازة في البيوع وسمع: من الحاكم أبي عبد الله الحافظ فأكثر جدًا وتخرج به ومن أبي طاهر بن محمش الفقيه، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبي علي الروذباري، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر بن فورك المتكلم، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، والقاضي أبي بكر الحيري، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي سعيد الصيرفي، وعلي بن محمد بن السقا، وظفر بن محمد العلوي، وعلي بن أحمد بن عبدان، وأبي سعد أحمد بن محمد الماليني الصوفي، والحسن بن علي المؤملي، وأبي عمر محمد بن الحسين البسطامي، ومحمد بن يعقوب الفقيه بالطابران، وخلق سواهم. ومن أبي بكر محمد بن أحمد بن منصور بنوقان. وأبي نصر محمد بن علي الشيرازي، ومحمد بن محمد بن أحمد بن رجاء الأديب، وأحمد بن محمد الشاذياخي، وأحمد بن محمد بن مزاحم الصفار، وأبي نصر أحمد بن علي بن أحمد الفامي، وإبراهيم بن محمد الطوسي الفقيه، وإبراهيم بن محمد بن معاوية العطار، وإسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، والحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وسعيد ابن محمد بن محمد بن عبدان، وأبي الطيب الصعلوكي، وعبد الله بن محمد المهرجاني، وعبد الرحمن بن أبي حامد المقرئ، وعبد الرحمن ابن محمد بن بالويه، وعبيد بن محمد بن مهدي، وعلي بن محمد بن علي الإسفراييني، وعلي بن محمد السبعي، وعلي
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 381"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 242" ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 75"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1014"، والعبر "3/ 242"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 77"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 304".
ابن حسن الطهماني ومنصور بن الحسين المقرئ ومسعود بن محمد الجرجاني؛ وهؤلاء العشرون من أصحاب الأصم. وسمع: ببغداد من هلال بن محمد بن جعفر الحفار وعلي بن يعقوب الإيادي وأبي الحسين بن بشران وطبقتهم. وبمكة من الحسن بن أحمد بن فراس وغيره. وبالكوفة من جناح بن نذير القاضي وطائفة.
وبورك له في علمه وصنف التصانيف النافعة ولم يكن عنده سنن النسائي ولا سنن ابن ماجه ولا جامع أبي عيسى بلى عنده عن، الحاكم وقر بعير أو نحو ذلك وعنده سنن أبي داود عاليًا وتفقه على ناصر العمري وغيره.
وانقطع بقريته مقبلًا على الجمع والتأليف فعمل السنن الكبير في عشر مجلدات ليس لأحد مثله وألف كتاب السنن والآثار في أربع مجلدات وكتاب الأسماء والصفات في مجلدتين وكتاب المعتقد مجلد وكتاب البعث مجلد وكتاب الترغيب والترهيب مجلد وكتاب الدعوات مجلد وكتاب الزهد مجلد وكتاب الخلافيات ثلاث مجلدات وكتاب نصوص الشافعي مجلدان وكتاب دلائل النبوة أربع مجلدات وكتاب السنن الصغير مجلد ضخم وكتاب شعب الإيمان مجلدان وكتاب المدخل إلى السنن مجلد وكتاب الآداب مجلد وكتاب فضائل الأوقات مجيليد وكتاب الأربعين الكبرى مجيليد وكتاب الأربعين الصغرى وكتاب الرؤية جزء وكتاب الإسراء وكتاب مناقب الشافعي مجلد وكتاب مناقب أحمد مجلد وكتاب فضائل الصحابة مجلد وأشياء لا يحضرني ذكرها.
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء قانعًا باليسير متجملًا في زهده وورعه.
وقال أيضًا: هو أبو بكر الفقيه الحافظ الأصولي الدين الورع واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الإتقان والضبط من كبار أصحاب الحاكم ويزيد على الحاكم بأنواع من العلوم كتب الحديث وحفظه من صباه وتفقه وبرع وأخذ فن الأصول وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز ثم صنف وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد جمع بين علم الحديث والفقه وبيان علل الحديث ووجه الجمع بين الأحاديث طلب منه الأئمة الانتقال من بيهق إلى نيسابور لسماع الكتب فأتى في سنة إحدى وأربعين وأربع مائة وعقدوا له المجلس لسماع كتاب "المعرفة" وحضره الأئمة.
قال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي: حدثنا، أبي قال: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب يعني كتاب المعرفة في السنن والآثار وفرغت من تهذيب أجزاء منه سمعت الفقيه محمد بن أحمد وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة يقول: رأيت الشافعي رحمه الله في النوم وبيده أجزاء من هذا الكتاب وهو يقول: قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء أو قال: قرأتها. ورآه يعتد بذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعدًا في الجامع على سرير وهو يقول: قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا.
وأخبرنا أبي قال: سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول: رأيت في المنام كأن تابوتًا علا في السماء يعلوه نور فقلت: ما هذا؟ قال: هذه تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال شيخ القضاة: سمعت الحكايات الثلاثة من الثلاثة المذكورين.
قلت: هذه رؤيا حق فتصانيف البيهقي عظيمة القدر غزيرة الفوائد قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء سيما سننه الكبير وقد قدم قبل موته بسنة أو أكثر إلى نيسابور وتكاثر عليه الطلبة وسمع: وا منه كتبه وجلبت إلى العراق والشام والنواحي واعتنى بها الحافظ أبو القاسم الدمشقي وسمع: ها من أصحاب البيهقي ونقلها إلى دمشق هو وأبو الحسن المرادي.
وبلغنا عن، إمام الحرمين أبي المعالي الجويني قال: ما من فقيه شافعي إلَّا وللشافعي عليه منة إلَّا أبا بكر البيهقي فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه.
قلت: أصاب أبو المعالي هكذا هو ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبًا يجتهد فيه؛ لكان قادرًا على ذلك لسعة علومه ومعرفته بالاختلاف ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث. ولما سمع: وا منه ما أحبوا في قدمته الأخيرة مرض وحضرت المنية فتوفي في عاشر شهر جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربع مائة فغسل وكفن وعمل له تابوت فنقل ودفن ببيهق؛ وهي ناحية قصبتها خسروجرد هي محتده وهي على يومين من نيسابور وعاش أربعًا وسبعين سنة.
ومن الرواة عنه شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، بالإجازة وولده إسماعيل بن أحمد وحفيده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد وأبو زكريا يحيى بن مندة الحافظ
وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وزاهر بن طاهر الشحامي، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وعبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وأخوه عبد الحميد بن محمد الخواري، وأبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري النيسابوري؛ المتوفى سنة أربعين، وخمس مائة، وطائفة سواهم. ومات معه أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة الأصبهاني صاحب ابن المقرئ، وإمام اللغة أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة، وشيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء البغدادي.
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد سماعًا، عن زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد، أخبرنا أبو بكر بن حجة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا عمرو بن العلاء اليشكري، عن صالح بن سرج، عن عمران بن حطان، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط". غريب جدًا.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أخبرنا، زين الأمناء الحسن بن محمد ومحمد بن عبد الوهاب بن الشيرجي وابن غسان قالوا: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا ابن الأعرابي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني أبو علي المدائني، حدثنا فطر بن حماد بن واقد، حدثنا أبي: سمعت مالك بن دينار يقول: يقولون: مالك زاهد! أي زهد عند مالك وله جبة وكساء؟ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فاغرةً فاها فأعرض عنها.
4178 - حيدرة:
ابن الحسين، الأمير المؤيد، نائب دمشق للمستنصر، من كبار الدولة.
ولي سنة إحدى وأربعين وأربع مائة ودام تسع سنين ثم صرف ثم ولي سنة ثلاث وخمسين ثم عزل بعد عامين ببدر الجمالي ذكره ابن عساكر مختصرًا ثم فر بدر من البلد بعد سنة فوليه حيدرة بن منزو الكتامي عرف بحصن الدولة فقدم في رمضان سنة ست ثم عزل بعد شهرين، وولي دري المستنصري.
4179 - الكازروني:
الإمام الأوحد شيخ الشافعية أبو عبد الله؛ محمد بن بيان بن محمد الكازروني المقرئ فقيه أهل آمد.
حدث عن: أحمد بن الحسين بن الصياح البلدي والقاضي أبي عمر الهاشمي وابن رزقويه وابن أبي الفوارس. وقرأ القرآن على الحمامي أو غيره.
ارتحل إليه الفقيه نصر المقدسي وتفقه عليه. وقرأ عليه القرآن أبو علي الفارقي الفقيه.
وحدث عنه: أبو غانم عبد الرزاق المعري وعبد الله بن الحسن النحاس وإبراهيم بن فارس وآخرون.
وحدث بدمشق قدمها للحج.
قال ابن عساكر: حدثني ضبة بن أحمد أنه لقيه وسمع: منه.
قال ابن النجار: توفي سنة خمس وخمسين وأربع مائة.
4180 - الخضري
(1)
:
الإمام العلامة أبو عبد الله؛ محمد بن أحمد الخضري منسوب إلى بعض أجداده المروزي الشافعي؛ صاحب القفال المروزي.
كان من أساطين المذهب يضرب بذكائه وقوة حفظه المثل وإذا حفظ شيئًا لا يكاد ينساه وهو صاحب وجه في المذهب له وجوه غريبة نقلها الخراسانيون وقد نقل أن الشافعي صحح دلالة الصبي على القبلة.
وكان موثقًا في نقله وله خبرة بالحديث.
عاش نيفًا وسبعين سنة وكان حيًا في حدود الخمسين إلى الستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 252"، والأنساب للسمعاني "5/ 141"، واللباب لابن الأثير "1/ 451"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 215 - 216"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 82".
4181 - ابن أبي الطيب
(1)
:
الإمام العلامة المفسر الأوحد أبو الحسن علي بن أبي الطيب؛ عبد الله بن أحمد النيسابوري.
له تفسير في ثلاثين مجلدًا وآخر في عشرة وضعه في ثلاث مجلدات. وكان يملي ذلك من حفظه وما خلف من الكتب سوى أربع مجلدات إلَّا أنه كان آيةً في الحفظ مع الورع والعبادة والتأله.
قيل: إنه حمل إلى السلطان محمود بن سبكتكين ليسمع: وعظه فلما دخل جلس بلا إذن وأخذ في رواية حديث بلا أمر فتنمر له السلطان وأمر غلامًا فلكمه لكمةً أطرشته فعرفه بعض الحاضرين منزلته في الدين والعلم فاعتذر إليه وأمر له بمال فامتنع فقال: يا شيخ: إن للملك صولةً وهو محتاج إلى السياسة ورأيت أنك تعديت الواجب فاجعلني في حل. قال: الله بيننا بالمرصاد وإنما أحضرتني للوعظ وسماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وللخشوع لا لإقامة قوانين الرئاسة. فخجل الملك واعتنقه.
ذكره ياقوت في "تاريخ الأدباء" وقال: توفي في شوال سنة ثمان وخمسين وأربع مائة بسانزوار.
قلت: رتبة محمود رفيعة في الجهاد وفتح الهند وأشياء مليحة وله هنات هذه منها وقد ندم واعتذر فنعوذ بالله من كل متكبر جبار. وقد رأينا الجبارين المتمردين الذين أماتوا الجهاد وطغوا في البلاد فواحسرةً على العباد.
4182 - اللوزنكي
(2)
:
مفتي طليطلة الإمام أبو جعفر، أحمد بن سعيد الأندلسي، اللوزنكي المالكي.
امتحنه ملك طليطلة المأمون هو وابن مغيث وابن أسد وجماعة اتهمهم على سلطانه فأحضرهم مع قاضيهم أبي زيد القرطبي وقيدهم فهاجت العامة ونفروا إلى السلاح فقتل طائفة فكفوا واستبيحت دور المذكورين في سنة ستين وأربع مائة وسجنوا وسجن الوزير ابن غصن الأديب فصنف كتاب الممتحنين من لدن آدم عليه السلام إلى زمانه؛ اتهم بالنم على المذكورين ابن الحديدي كبير طليطلة ثم مات المأمون وقام بعده حفيده القادر والعقد والحل بالبلد لابن الحديدي فخوطب فيه القادر فأخرج أضداده من السجن فقتلوا ابن الحديدي وطيف برأسه وأضر ابن اللوزنكي في الحبس.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "13/ 273 - 276".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 64 - 65".
4183 - ثابت بن أسلم
(1)
:
العلامة أبو الحسن الحلبي، فقيه الشيعة، ونحوي حلب ومن كبار تلامذة الشيخ أبي الصلاح.
تصدر للإفادة وله مصنف في كشف عوار الإسماعيلية وبدء دعوتهم وأنها على المخاريق فأخذه داعي القوم وحمل إلى مصر فصلبه المستنصر فلا رضي الله عمن قتله وأحرقت لذلك خزانة الكتب بحلب وكان فيها عشرة آلاف مجلدة فرحم الله هذا المبتدع الذي ذب عن، الملة، والأمر لله.
4184 - الحمادي
(2)
:
شيخ الحنفية والشافعية العلامة أبو علي حسن بن علي بن مكي ابن إسرافيل بن حماد الحمادي النسفي؛ أحد الأعلام.
كان حنفيًا ثم تحول شافعيًا.
سمع: من: أبي نعيم عبد الملك الإسفراييني وإسماعيل بن حاجب الكشاني. وعمر دهرًا.
حدث عنه: حسين بن الخليل شيخ أبي سعد السمع: اني.
توفي سنة ستين وأربع مائة.
4185 - الحلوائي
(3)
:
الشيخ العلامة رئيس الحنفية شمس الأئمة الأكبر أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح البخاري الحلوائي بفتح الحاء وبالمد إمام أهل الرأي بتلك الديار.
(1)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "10/ 470"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 480".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 201"، واللباب لابن الأثير "1/ 383"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 164".
(3)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 111 و 303"، والأنساب للسمعاني "4/ 194"، واللباب لابن الأثير "1/ 380 - 381".
تفقه بالقاضي أبي علي الحسين بن الخضر النسفي.
وحدث عن: عبد الرحمن بن حسين الكاتب وأبي سهل أحمد بن محمد بن مكي الأنماطي ومحمد بن أحمد غنجار الحافظ وصالح بن محمد وجماعة.
وصنف التصانيف وتخرج به الأعلام.
أخذ عنه: شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي وفخر الإسلام علي بن محمد بن الحسين البزدوي وأخوه صدر الإسلام أبو اليسر محمد بن محمد والقاضي جمال الدين أبو نصر أحمد بن عبد الرحمن وشمس الأئمة أبو بكر محمد بن علي الزرنجري وآخرون سماهم أبو العلاء الفرضي ثم قال: ومات ببخارى في شعبان سنة ست وخمسين وأربع مائة ودفن بمقبرة الصدور.
وأما السمع: اني فقال في الأنساب: توفي بكس وحمل إلى بخارى سنة ثمان أو تسع وأربعين.
وقال عبد العزيز النخشبي في معجمه: هو شيخ عالم بأنواع العلوم معظم للحديث غير أنه متساهل في الرواية توفي في شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة.
وفيها مات علي بن حميد الذهلي؛ خطيب همذان وشيخها وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني؛ مقرئ مصر وشيخ المالكية أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس البغدادي.
4186 - ابن سراج
(1)
:
الإمام العلامة قاضي الجماعة أبو القاسم؛ سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج الأموي مولاهم الأندلسي القرطبي المالكي؛ قاضي قرطبة.
سمع: صحيح البخاري من أبي محمد الأصيلي بفوت يسير وسمع: من أبي عبد الله محمد بن برطال وأبي محمد بن مسلمة وأبي المطرف عبد الرحمن بن فطيس.
وولي القضاء بضع عشرة سنة فحمد إلى الغاية ولا حفظت عليه سقطة.
كان فقيهًا صالحًا خيرًا حليمًا، على منهاج السلف حمل عنه جماعة جلة، وعاش ستًا وثمانين سنة.
مات في شوال سنة ست وخمسين وأربع مائة.
وهو والد عبد الملك بن سراج، إمام اللغة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 226 - 227".
4187 - القبري
(1)
:
الإمام العلامة أبو شاكر عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي الأندلسي القبري نسبة إلى مدينة قبرة المالكي.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.
وتفرد في وقته بالإجازة من الفقيه أبي محمد بن أبي زيد.
وسمع: من: أبي محمد الأصيلي وأبي حفص بن نابل وأبي عمر ابن أبي الحباب وطائفة.
وله أيضًا إجازة من أبي الحسن القابسي. وولي القضاء والخطابة ببلنسية.
ذكره الحميدي فقال فيه: محدث أديب خطيب شاعر.
توفي في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وأربع مائة.
قلت: أخذ عنه أبو علي الغساني وغيره. وهو خال أبي الوليد الباجي وكان والده قد رحل وتفقه على ابن أبي زيد والقابسي فاستجاز منهما لولده وسكن أبو شاكر شاطبة مدةً. وله شعر رائق.
4188 - العبادي
(2)
:
الإمام شيخ الشافعية القاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عباد العبادي، الهروي، الشافعي.
حدث عن: أحمد بن محمد بن سهل القراب وغيره.
وتفقه على القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي بهراة، وعلى أبي عمر البسطامي بنيسابور.
تفقه به القاضي أبو سعد الهروي، وغيره.
وحدث عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن.
وكان إمامًا محققًا مدققًا، صنف كتاب "المبسوط" وكتاب "الهادي" وكتاب "أدب القاضي" وكتاب الفقهاء وغير ذلك.
وتنقل في النواحي واشتهر اسمه. عاش ثلاثًا وثمانين سنة وتوفي في شوال سنة ثمان وخمسين وأربع مائة.
وفيها توفي الإمام أبو بكر البيهقي صاحب التصانيف وقاضي سارية أبو إسحاق إبراهيم بن محمد السروي الشافعي والمعمر أبو علي الحسن بن غالب بن المبارك المقرئ ببغداد وعبد الرزاق بن شمة الأصبهاني وصاحب المحكم أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي اللغوي الضرير والعارف الزنجاني فرج الزاهد الملقب بأخي فرج وشيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى بن الفراء.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 384"، والعبر "3/ 238"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 298".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 336"، واللباب لابن الأثير "2/ 309"، ووفيات الأعيان "4/ 214"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 82 - 83"، والعبر "3/ 243"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 306".
4189 - الباطرقاني
(1)
:
الإمام الكبير شيخ القراء أبو بكر أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الأصبهاني الباطرقاني.
حمل الكثير عن: أبي عبد الله بن مندة وإبراهيم بن خرشيذ قوله وأبي مسلم بن شهدل وأحمد بن يوسف الثقفي وأبي جعفر الأبهري وعبد الله بن جعفر والحسن بن يوه وعدة.
وتلا بالروايات على الكبار وصنف كتاب طبقات القراء وكتاب الشواذ.
حدث عنه: أبو علي الحداد وتلا عليه بالروايات وسعيد بن أبي الرجاء والحسين بن عبد الملك الأديب ومحمد بن عبد الواحد الدقاق وأحمد بن الفضل المهاد وشبيب بن محمد بن جوره وعبد السلام بن محمد الحسناباذي وآخرون.
وحدث عنه من القدماء الحافظان عبد العزيز النخشبي وأبو علي الوخشي.
وتلا عليه: أبو القاسم الهذلي. وأم بجامع أصبهان بعد أبي المظفر بن شبيب قال يحيى بن منده: هو كثير السماع واسع الرواية دقيق الخط قرأ على جماعة وقال لي: إنه ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة. وذكره عمي يومًا والحافظ عبد العزيز النخشبي وجماعة حاضرون فقال عبد العزيز: صنف مسندًا مخرجًا على صحيح البخاري إلَّا أنه كتب أكثره من الأصل ثم ألحقه الإسناد وهذا ليس من شرط أصحاب الحديث.
ثم قال يحيى: وتكلم في مسائل لا يسع الموضع ذكرها لو اقتصر على التحديث والإقراء كان خيرًا له.
وقال الدقاق: لم أر بأصبهان شيخًا جمع بين علم القرآن والقراءات والحديث والروايات وكثرة الكتابة والسماعات أفضل من أبي بكر الباطرقاني وكان حسن الخلق والهيئة والقراءة والدراية ثقةً في الحديث.
قال ابن منده: توفي في صفر سنة ستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 41"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 100"، والعبر "3/ 246"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 308".
4190 - ابن حزم
(1)
:
الإمام الأوحد البحر ذو الفنون والمعارف أبو محمد؛ علي ابن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الفارسي الأصل ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي رضي الله عنه المعروف بيزيد الخير نائب أمير المؤمنين أبي حفص عمر على دمشق الفقيه الحافظ المتكلم الأديب الوزير الظاهري صاحب التصانيف فكان جده يزيد مولىً للأمير يزيد أخي معاوية. وكان جده خلف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام؛ المعروف بالداخل.
ولد أبو ممد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.
وسمع: في سنة أربع مائة وبعدها من طائفة منهم: يحيى بن مسعود بن وجه الجنة؛ صاحب قاسم بن أصبغ فهو أعلى شيخ عنده ومن أبي عمر أحمد بن محمد بن
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 415"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 235"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 325"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1016"، والعبر "3/ 239"، ولسان الميزان "4/ 198"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 75"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 299".
الجسور ويونس بن عبد الله بن مغيث القاضي وحمام بن أحمد القاضي ومحمد بن سعيد بن نبات وعبد الله بن ربيع التميمي وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد وعبد الله بن محمد بن عثمان وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي وعبد الله بن يوسف بن نامي وأحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ. وينزل إلى أن يروي عن، أبي عمر بن عبد البر وأحمد بن عمر بن أنس العذري. وأجود ما عنده من الكتب سنن النسائي يحمله عن، ابن ربيع عن، ابن الأحمر عنه. وأنزل ما عنده صحيح مسلم بينه وبينه خمسة رجال وأعلى ما رأيت له حديث بينه وبين وكيع فيه ثلاثة أنفس.
حدث عنه: ابنه أبو رافع الفضل وأبو عبد الله الحميدي ووالد القاضي أبي بكر بن العربي وطائفة. وآخر من روى عنه مروياته بالإجازة أبو الحسن شريح بن محمد.
نشأ في تنعم ورفاهية ورزق ذكاء مفرطًا وذهنًا سيالًا وكتبًا نفيسة كثيرة وكان والده من كبراء أهل قرطبة؛ عمل الوزارة في الدولة العامرية وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته وكان قد مهر أولًا في الأدب والأخبار والشعر وفي المنطق وأجزاء الفلسفة فأثرت فيه تأثيرًا ليته سلم من ذلك ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق ويقدمه على العلوم فتألمت له فإنه رأس في علوم الإسلام متبحر في النقل عديم النظير على يبس فيه وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول.
قيل: إنه تفقه أولًا للشافعي ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث والقول بالبراءة الأصلية واستصحاب الحال وصنف في ذلك كتبًا كثيرة وناظر عليه وبسط لسانه وقلمه ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب بل فجج العبارة وسب وجدع فكان جزاؤه من جنس فعله بحيث إنه أعرض عن، تصانيفة جماعة من الأئمة وهجروها ونفروا منها وأحرقت في وقت واعتنى بها آخرون من العلماء وفتشوها انتقادًا واستفادة وأخذًا ومؤاخذة ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجًا في الرصف بالخرز المهين فتارةً يطربون ومرةً يعجبون ومن تفرده يهزؤون. وفي الجملة فالكمال عزيز وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان ينهض بعلوم جمة ويجيد النقل ويحسن النظم والنثر. وفيه دين وخير ومقاصده جميلة ومصنفاته مفيدة، وقد زهد في الرئاسة ولزم منزله مكبًا على العلم فلا نغلو فيه ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار.
قال أبو حامد الغزالي: وجدت في أسماء الله تعالى كتابًا ألفه أبو محمد بن حزم الأندلسي يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه.
وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان ووفور حظه من البلاغة والشعر والمعرفة بالسير والأخبار؛ أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربع مائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة.
قال أبو عبد الله الحميدي: كان ابن حزم حافظًا للحديث وفقهه مستنبطًا للأحكام من الكتاب والسنة متفننًا في علوم جمة عاملًا بعلمه ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين وكان له في الأدب والشعر نفس واسع وباع طويل وما رأيت من يقول الشعر على البديه أسرع منه وشعره كثير جمعته على حروف المعجم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر المرواني ثم وزر للمظفر ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام ثم نبذ هذه الطريقة وأقبل على العلوم الشرعية وعني بعلم المنطق وبرع فيه ثم أعرض عنه. قلت: ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورًا وانحرافًا عن، السنة قال: وأقبل على علوم الإسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله.
وقد حط أبو بكر بن العربي على أبي محمد في كتاب "القواصم والعواصم" وعلى الظاهرية فقال: هي أمة سخيفة تسورت على مرتبة ليست لها وتكلمت بكلام لم نفهمه تلقوه من إخوانهم الخوارج حين حكم علي رضي الله عنه يوم صفين فقالت: لا حكم إلَّا لله. وكان أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن فلما عدت وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم نشأ وتعلق بمذهب الشافعي ثم انتسب إلى داود ثم خلع الكل واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ويحكم ويشرع ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ويقول عن، العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب منهم وخرج عن، طريق المشبهة في ذات الله وصفاته فجاء فيه بطوام واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلَّا بالمسائل فإذا طالبهم بالدليل كاعوا
(1)
، فيتضاحك مع أصحابه منهم، وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب، وبشبه كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه، ويحمونه، بما كان يلقي إليهم من شبه البدع والشرك، وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة ونار ضلالهم لافحة فقاسيتهم مع غير أقران وفي عدم أنصار إلى حساد يطؤون عقبي تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكشر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراض عنهم أو
(1)
كاعوا: أي جبنوا.
تشغيب بهم، وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه "نكت الإسلام" فيه دواهي، فجردت عليه نواهي وجاءني آخر برسالة في الاعتقاد فنقضتها برسالة الغرة والأمر أفحش من أن ينقض. يقولون: لا قول إلَّا ما قال الله ولا نتبع إلَّا رسول الله فإن الله لم يأمر بالاقتداء بأحد ولا بالاهتداء بهدي بشر. فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل وإنما هي سخافة في تهويل فأوصيكم بوصيتين: أن لا تستدلوا عليهم وأن تطالبوهم بالدليل فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب عليك وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلًا. فأما قولهم: لا قول إلَّا ما قال الله فحق ولكن أرني ما قال. وأما قولهم: لا حكم إلَّا لله. فغير مسلم على الإطلاق بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره فيما قاله وأخبر به. صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك"
(1)
. وصح أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
…
" الحديث
(2)
.
قلت: لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله شيخ أبيه في العلم، ولا تكلم فيه
(1)
صحيح: أخرجه مسلم "1731"، وأبو داود "2612" من حديث بريدة بن الحصيب.
(2)
صحيح: أخرجه أحمد "4/ 126 - 127"، وأبو داود "4607"، والترمذي "2676"، وابن ماجه "43" و"44"، والدارمي "1/ 44 - 45"، وابن حبان في "صحيحه""5" ترتيب الفارسي، والأجري في "الشريعة""ص 46 - 47"، والحاكم "1/ 95 - 97"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم "2/ 181 - 182"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "11/ 265/ 1"، من طريق عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر قالا: أتينا العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]، فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا مجدعا، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" والسياق لأبي داود. ولم يذكر الترمذي وغيره في سنده "حجر بن حجر" وقال: حديث حسن صحيح.
وله طريق ثان عند الحاكم "1/ 97" من طريق يحيى بن أبي المطاع قال: سمعت العرباض بن سارية يقول فذكره بنحوه دون قوله: "وإن عبدا حبشيا"، وله طريق ثالث عند الحارث بن أبي أسامة في "المسند "19" من "زوائده" حدثنا سعيد بن عامر، عن عوف، عن رجل سماه أحسبه قال سعيد بن خثيم، عن رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين وفدوا إلى الشام. قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ........... " الحديث بنحوه. وإسناده حسن، سعيد بن خثيم، صدوق كما في "التقريب".
بالقسط وبالغ في الاستخفاف به وأبو بكر فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد ولا يكاد فرحمهما الله وغفر لهما.
قال اليسع ابن حزم الغافقي وذكر أبا محمد فقال: أما محفوظه فبحر عجاج وماء ثجاج يخرج من بحره مرجان الحكم وينبت بثجاجه ألفاف النعم في رياض الهمم لقد حفظ علوم المسلمين وأربى على كل أهل دين وألف الملل والنحل وكان في صباه يلبس الحرير ولا يرضى من المكانة إلَّا بالسرير. أنشد المعتمد، فأجاد وقصد بلنسية وبها المظفر أحد الأطواد. وحدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي ببلنسية وهو يدرس المذهب إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب ثم سأل الحاضرين مسألةً من الفقه جووب فيها فاعترض في ذلك فقال له بعض الحضار: هذا العلم ليس من منتحلاتك فقام وقعد ودخل منزله فعكف ووكف منه وابل فما كف وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع، فناظر أحسن مناظرة وقال فيها: أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب.
قلت: نعم من بلغ رتبة الاجتهاد وشهد له بذلك عدة من الأئمة لم يسغ له أن يقلد كما أن الفقيه المبتدئ والعامي الذي يحفظ القرآن أو كثيرًا منه لا يسوغ له الاجتهاد أبدًا فكيف يجتهد وما الذي يقول؟ وعلام يبني؟ وكيف يطير ولما يريش؟ والقسم الثالث: الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدث الذي قد حفظ مختصرًا في الفروع وكتابًا في قواعد الأصول وقرأ النحو وشارك في الفضائل مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوة مناظرته فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيد وتأهل للنظر في دلائل الأئمة فمتى وضح له الحق في مسألة وثبت فيها النص وعمل بها أحد الأئمة الأعلام كأبي حنيفة مثلًا أو كمالك أو الثوري أو الأوزاعي أو الشافعي وأبي عبيد وأحمد وإسحاق فليتبع فيها الحق ولا يسلك الرخص وليتورع ولا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد فإن خاف ممن يشغب عليه من الفقهاء فليتكتم بها ولا يتراءى بفعلها فربما أعجبته نفسه وأحب الظهور فيعاقب. ويدخل عليه الداخل من نفسه فكم من رجل نطق بالحق وأمر بالمعروف فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده وحبه للرئاسة الدينية فهذا داء خفي سار في نفوس الفقهاء كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين فتراهم يلتقون العدو ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبآت وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال والعجب، ولبس
القراقل
(1)
المذهبة، والخوذ المزخرفة والعدد المحلاة على نفوس متكبرة وفرسان متجبرة وينضاف إلى ذلك إخلال بالصلاة وظلم للرعية وشرب للمسكر فأنى ينصرون؟ وكيف لا يخذلون؟ اللهم: فانصر دينك ووفق عبادك. فمن طلب العلم للعمل كسره العلم وبكى على نفسه ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء تحامق واختال وازدرى بالناس وأهلكه العجب ومقتته الأنفس {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاها} [الشمس: (9)، 10] أي: دسسها بالفجور والمعصية. قلبت فيه السين ألفًا.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام وكان أحد المجتهدين: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين.
قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين.
وثالثهما: "السنن الكبير" للبيهقي.
ورابعها: التمهيد لابن عبد البر. فمن حصل هذه الدواوين وكان من أذكياء المفتين وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقًا.
ولابن حزم مصنفات جليلة أكبرها كتاب "الإيصال إلى فهم كتاب الخصال" خمسة عشر ألف ورقة وكتاب "الخصال الحافظ لجمل شرائع الإسلام" مجلدان وكتاب "المجلى" في الفقه مجلد وكتاب "المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار" ثماني مجلدات كتاب حجة الوداع مائة وعشرون ورقة كتاب قسمة الخمس في الرد على إسماعيل القاضي مجلد كتاب "الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي التناقض عنها" يكون عشرة آلاف ورقة لكن لم يتمه كتاب "الجامع في صحيح الحديث" بلا أسانيد كتاب التلخيص والتخليص في المسائل النظرية كتاب ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي مختصر الموضح لأبي الحسن بن المغلس الظاهري مجلد كتاب اختلاف الفقهاء الخمسة مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وداود كتاب التصفح في الفقه مجلد كتاب التبيين في هل علم المصطفى أعيان المنافقين ثلاثة كراريس كتاب الإملاء في شرح الموطأ ألف ورقة كتاب الإملاء في قواعد الفقه ألف ورقة أيضًا كتاب در القواعد في فقه الظاهرية ألف ورقة أيضًا كتاب الاجماع مجيليد كتاب الفرائض مجلد كتاب الرسالة البلقاء في الرد على عبد الحق بن محمد الصقلي مجيليد كتاب الإحكام لأصول الأحكام مجلدان كتاب "الفصل في
(1)
القراقل: ضرب من الثياب، وقيل هو ثوب بغير كمين.
الملل والنحل" مجلدان كبيران كتاب الرد على من اعترض على الفصل له مجلد كتاب اليقين في نقض تمويه المعتذرين عن، إبليس وسائر المشركين مجلد كبير كتاب الرد على ابن زكريا الرازي مائة ورقة كتاب الترشيد في الرد على كتاب الفريد لابن الراوندي في اعتراضه على النبوات مجلد كتاب الرد على من كفر المتأولين من المسلمين مجلد كتاب مختصر في علل الحديث مجلد كتاب التقريب لحد المنطق بالألفاظ العامية مجلد كتاب الاستجلاب مجلد كتاب نسب البربر مجلد كتاب نقط العروس مجيليد وغير ذلك.
ومما له في جزء أو كراس: "مراقبة أحوال الإمام""من ترك الصلاة عمدًا""رسالة المعارضة""قصر الصلاة" رسالة التأكيد ما وقع بين الظاهرية وأصحاب القياس فضائل الأندلس والعتاب على أبي مروان الخولاني رسالة في معنى الفقه والزهد مراتب العلماء وتواليفهم التلخيص في أعمال العباد الإظهار لما شنع به على الظاهرية زجر الغاوي جزآن النبذ الكافية النكت الموجزة في نفي الرأي والقياس والتعليل والتقليد مجلد صغير الرسالة اللازمة لأولي الأمر مختصر الملل والنحل مجلد الدرة في ما يلزم المسلم جزآن مسألة في الروح الرد على إسماعيل اليهودي الذي ألف في تناقض آيات النصائح المنجية الرسالة الصمادحية في الوعد والوعيد مسألة الإيمان مراتب العلوم بيان غلط عثمان بن سعيد الأعور في المسند والمرسل ترتيب سؤالات عثمان الدارمي لابن معين عدد ما لكل صاحب في مسند بقي تسمية شيوخ مالك السير والأخلاق جزآن بيان الفصاحة والبلاغة رسالة في ذلك إلى ابن حفصون مسألة هل السواد لون أو لا الحد والرسم تسمية الشعراء الوافدين على ابن أبي عامر شيء في العروض مؤلف في الظاء والضاد التعقب على الأفليلي في شرحه لديوان المتنبي غزوات المنصور بن أبي عامر "تأليف في الرد على أناجيل النصارى".
ولابن حزم "رسالة في الطب النبوي"، وذكر فيها أسماء كتب له في الطب منها:"مقالة العادة " و"مقالة في شفاء الضد بالضد" و"شرح فصول بقراط" وكتاب "بلغة الحكيم" وكتاب "حد الطب" وكتاب "اختصار كلام جالينوس في الأمراض الحادة" وكتاب في "الأدوية المفردة"، و"مقالة في المحاكمة بين التمر والزبيب" و"مقالة في النخل" وأشياء سوى ذلك.
وقد امتحن لتطويل لسانه في العلماء، وشرد عن وطنه، فنزل بقرية له وجرت له أمور وقام عليه جماعة من المالكية، وجرت بينه وبين أبي الوليد الباجي مناظرات ومنافرات،
ونفروا منه ملوك الناحية فأقصته الدولة وأحرقت مجلدات من كتبه وتحول إلى بادية لبلة في قرية.
قال أبو الخطاب ابن دحية: كان ابن حزم قد برص من أكل اللبان وأصابه زمانة وعاش ثنتين وسبعين سنةً غير شهر.
قلت: وكذلك كان الشافعي رحمه الله يستعمل اللبان لقوة الحفظ فولد له رمي الدم.
قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين.
وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي: قال لي الإمام أبو محمد عبد الله ابن محمد يعني والد أبي بكر بن العربي: أخبرني أبو محمد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة فدخل المسجد فجلس ولم يركع فقال له رجل: قم فصل تحية المسجد.
وكان قد بلغ ستًا وعشرين سنة. قال: فقمت وركعت فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة دخلت المسجد فبادرت بالركوع فقيل لي: اجلس اجلس ليس ذا وقت صلاة وكان بعد العصر قال: فانصرفت وقد حزنت وقلت للأستاذ الذي رباني: دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون. قال: فقصدته وأعلمته بما جرى فدلني على موطأ مالك فبدأت به عليه وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحوًا من ثلاثة أعوام وبدأت بالمناظرة. ثم قال ابن العربي: صحبت ابن حزم سبعة أعوام وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب "الفصل" وهو ست مجلدات، وقرأنا عليه من كتاب "الإيصال" أربع مجلدات في سنة ست وخمسين وأربع مائة وهو أربعة وعشرون مجلدًا ولي منه إجازة غير مرة.
قال أبو مروان بن حيان: كان ابن حزم رحمه الله حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب وما يتعلق بأذيال الأدب مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة وله كتب كثيرة لم يخل فيها من غلط لجراءته في التسور على الفنون لا سيما المنطق فإنهم زعموا أنه زل هنالك وضل في سلوك المسالك وخالف أرسطاطاليس واضع الفن مخالفة من لم يفهم غرضه ولا ارتاض ومال أولًا إلى النظر على رأي الشافعي وناضل عن، مذهبه حتى وسم به فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء وعيب بالشذوذ ثم عدل إلى قول أصحاب الظاهر فنقحه وجادل عنه وثبت عليه إلى أن مات وكان يحمل علمه هذا ويجادل عنه من خالفه على استرسال في طباعه ومذل بأسراره، واستناد إلى العهد الذي
أخذه الله على العلماء: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَه} فلم يك يلطف صدعه بما عنده بتعريض ولا بتدريج بل يصك به من عارضه صك الجندل وينشقه إنشاق الخردل فتنفر عنه القلوب وتوقع به الندوب حتى استهدف لفقهاء وقته فتمالؤوا عليه وأجمعوا على تضليله وشنعوا عليه وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عن، الدنو منه فطفق الملوك يقصونه عن، قربهم ويسيرونه عن، بلادهم إلى أن انتهوا به منقطع أثره: بلدة من بادية لبلة وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع يبث علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامة المقتبسين من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة يحدثهم ويفقههم ويدارسهم حتى كمل من مصنفاته وقر بعير لم يعد أكثرها باديته لزهد الفقهاء فيها حتى لأحرق بعضها بإشبيلية ومزقت علانيةً وأكثر معايبه زعموا عند المنصف جهله بسياسة العلم التي هي أعوض وتخلفه عن، ذلك على قوة سبحه في غماره وعلى ذلك فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه إلى أن يحرك بالسؤال فيتفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء وكان مما يزيد في شنآنه تشيعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم واعتقاده لصحة إمامتهم حتى لنسب إلى النصب.
قلت: ومن تواليفه: كتاب تبديل اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل وقد أخذ المنطق أبعده الله من علم عن: محمد بن الحسن المذحجي وأمعن فيه فزلزله في أشياء ولي أنا ميل إلى أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح ومعرفته به وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل والمسائل البشعة في الأصول والفروع وأقطع بخطئه في غير ما مسألة ولكن لا أكفره ولا أضلله وأرجو له العفو والمسامحة وللمسلمين. وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه ورأيته قد ذكر قول من يقول: أجل المصنفات الموطأ. فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم صحيحا البخاري ومسلم وصحيح ابن السكن ومنتقى ابن الجارود والمنتقى لقاسم بن أصبغ ثم بعدها كتاب أبي داود وكتاب النسائي والمصنف لقاسم بن أصبغ "مصنف أبي جعفر الطحاوي".
قلت: ما ذكر "سنن ابن ماجة" ولا "جامع أبي عيسى"؛ فإنه ما رآهما، ولا أدخلا إلى الأندلس إلَّا بعد موته.
ثم قال: و"مسند البزار" و"مسند ابني أبي شيبة" و"مسند أحمد بن حنبل" ومسند إسحاق ومسند الطيالسي و"مسند" الحسن بن سفيان و"مسند ابن سنجر" و"مسند عبد الله ابن محمد المسندي" و"مسند يعقوب بن شيبة" و"مسند علي بن المديني" و"مسند ابن أبي غرزة" وما جرى مجرى هذه الكتب التي أفردت لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم صرفًا، ثم
الكتب التي فيها كلامه وكلام غيره مثل مصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومصنف بقي بن مخلد وكتاب محمد بن نصر المروزي وكتاب ابن المنذر الأكبر والأصغر ثم مصنف حماد بن سلمة وموطأ مالك بن أنس وموطأ ابن أبي ذئب وموطأ ابن وهب ومصنف وكيع ومصنف محمد بن يوسف الفريابي ومصنف سعيد بن منصور ومسائل أحمد بن حنبل وفقه أبي عبيد وفقه أبي ثور.
قلت: ما أنصف ابن حزم؛ بل رتبة الموطأ أن يذكر تلو الصحيحين مع سنن أبي داود والنسائي لكنه تأدب وقدم المسندات النبوية الصرف وإن للموطأ لوقعًا في النفوس ومهابةً في القلوب لا يوازنها شيء.
كتب إلينا المعمر العالم أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون من مدينة تونس عام سبع مائة عن، أبي القاسم أحمد بن يزيد القاضي عن، شريح بن محمد الرعيني أن أبا محمد بن حزم كتب إليه قال: أخبرنا، يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود أخبرنا، قاسم بن أصبغ حدثنا، إبراهيم ابن عبد الله حدثنا، وكيع عن، الأعمش عن، أبي صالح عن، أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصوم جنة".
أخرجه مسلم
(1)
عن، أبي سعيد الأشج عن، وكيع.
وبه: قال ابن حزم: حدثنا، أحمد بن محمد الجسوري حدثنا، محمد بن عبد الله بن أبي دليم حدثنا، محمد بن وضاح حدثنا، أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا، يزيد بن هارون أخبرنا، حميد عن، بكر بن عبد الله المزني عن، ابن عمر قال: إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وأهللنا به معه فلما قدم قال: "من لم يكن معه هدي فليحلل". فأحل الناس إلَّا من كان معه هدي، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هدي، ولم يحل
(2)
.
وبه: قال ابن حزم: حدثني أحمد بن عمر العذري حدثنا، عبد الله ابن الحسين بن عقال حدثنا، عبيد الله بن محمد السقطي حدثنا، أحمد ابن جعفر بن سلم حدثنا، عمر بن محمد الجوهري حدثنا، أحمد بن محمد الأثرم حدثنا، أحمد بن حنبل حدثنا، هشيم أخبرنا، حميد حدثنا، بكر بن عبد الله سمعت أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعًا. قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر فقال: لبى بالحج وحده.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "1904"، ومسلم "1151"، وأبو داود "2363"، والنسائي "4/ 163"، وأحمد "2/ 273".
(2)
صحيح: أخرجه أحمد "2/ 28"، من طريق حميد، به.
وقع لنا هذا في مسند أحمد فأنا وابن حزم فيه سواء.
وبه: إلى ابن حزم فيما أحرق له المعتضد بن عباد من الكتب يقول:
فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الّذي
…
تضمّنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلّت ركائبي
…
وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
دعوني من إحراق رقٍّ وكاغدٍ
…
وقولوا بعلم كي يرى النّاس من يدري
وإلا فعودوا في المكاتب بدأةً
…
فكم دون ما تبغون للّه من ستر
كذاك النّصارى يحرقون إذا علت
…
أكفّهم القرآن في مدن الثّغر
وبه لابن حزم:
أُشهد اللّه والملائك أنّي
…
لا أرى الرّأي والمقاييس دينا
حاش للّه أن أقول سوى ما
…
جاء في النّصّ والهدى مستبينا
كيف يخفى على البصائر هذا
…
وهو كالشّمس شهرةً ويقينا
فقلت مجيبًا له:
لو سلمتم من العموم الّذي
…
نعلم قطعًا تخصيصه ويقينا
وترطّبتم فكم قد يبستم
…
لرأينا لكم شفوفًا مبينا
ولابن حزم:
مناي من الدنيا علومٌ أبثّها
…
وأنشرها في كلّ بادٍ وحاضر
دعاءٌ إلى القرآن والسّنن التي
…
تناسى رجالٌ ذكرها في المحاضر
وألزم أطراف الثّغور مجاهدًا
…
إذا هيعةٌ ثارت فأوّل نافر
لألقى حمامي مقبلًا غير مدبرٍ
…
بسمر العوالي والرّقاق البواتر
كفاحًا مع الكفار في حومة الوغى
…
وأكرم موتٍ للفتى قتل كافر
فيا ربّ لا تجعل حمامي بغيرها
…
ولا تجعلنّي من قطين المقابر
ومن شعره:
هل الدّهر إلَّا ما عرفنا وأدركنا
…
فجائعه تبقى ولذّاته تفنى
إذا أمكنت فيه مسرّة ساعةٍ
…
تولّت كمرّ الطّرف واستخلفت حزنا
إلى تبعاتٍ في المعاد وموقفٍ
…
نودّ لديه أنّنا لم نكن كنّا
حنينٌ لما ولّى وشغلٌ بما أتى
…
وهمٌّ لما نخشى فعيشك لا يهنا
حصلنا على همٍّ وإثمٍ وحسرةٍ
…
وفات الذي كنّا نلذّ به عنا
كأنّ الذي كنّا نسرّ بكونه
…
إذا حقّقته النّفس لفظٌ بلا معنى
وله على سبيل الدعابة وهو يماشي أبا عمر بن عبد البر وقد رأى شابًا مليحًا فأعجب ابن حزم فقال أبو عمر: لعل ما تحت الثياب ليس هناك فقال:
وذي عذلٍ فيمن سباني حسنه
…
يطيل ملامي في الهوى ويقول
أمن حسن وجهٍ لاح لم تر غيره
…
ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل؟
فقلت له: أسرفت في اللّوم فاتّئد
…
فعندي ردٌّ لو أشاء طويل
ألم تر أنّي ظاهريٌّ وأنّني
…
على ما بدا حتّى يقوم دليل
أنشدنا أبو الفهم بن أحمد السلمي أنشدنا ابن قدامة أنشدنا ابن البطي أنشدنا أبو عبد الله الحميدي أنشدنا
أبو محمد علي بن أحمد لنفسه:
لا تشمتن حاسدي إن نكبةٌ عرضت
…
فالدّهر ليس على حال بمتّرك
ذو الفضل كالتّبر طورًا تحت ميفعةٍ
…
وتارةً في ذرى تاجٍ على ملك
وشعره فحل كما ترى وكان ينظم على البديه ومن شعره:
أنا الشّمس في جوّ العلوم منيرةً
…
ولكنّ عيبي أن مطلعي الغرب
ولو أنّني من جانب الشّرق طالعٌ
…
لجدّ على ما ضاع من ذكري النّهب
ولي نحو أكناف العراق صبابةٌ
…
ولا غرو أن يستوحش الكلف الصّبّ
فإن ينزل الرّحمن رحلي بينهم
…
فحينئذٍ يبدو التّأسّف والكرب
هنالك يدرى أنّ للبعد قصّةً
…
وأنّ كساد العلم آفته القرب
وله:
أنائمٌ أنت عن، كتب الحديث وما
…
أتى عن، المصطفى فيها من الدّين
كمسلمٍ والبخاريّ اللّذين هما
…
شدّا عرى الدين في نقلٍ وتبيين
أولى بأجرٍ وتعظيمٍ ومحمدةٍ
…
من كلّ قولٍ أتى من رأي سحنون
يا من هدى بهما اجعلني كمثلهما
…
في نصر دينك محضًا غير مفتون
قال ابن حزم في تراجم أبواب صحيح البخاري: منها ما هو مقصور على آية إذ لا يصح في الباب شيء غيرها ومنها ما ينبه بتبويبه على أن في الباب حديثًا يجب الوقوف عليه لكنه ليس من شرط ما ألف عليه كتابه ومنها ما يبوب عليه ويذكر نبذةً من حديث قد سطره في موضع آخر ومنها أبواب تقع بلفظ حديث ليس من شرطه ويذكر في الباب ما هو في معناه.
وقال في أول الإحكام: أما بعد
…
فإن الله ركب في النفس الإنسانية قوىً مختلفة فمنها عدل يزين لها الإنصاف ويحبب إليها موافقة الحق قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل: 90] وقال: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] وَمنها غضبٌ وشهوةٌ يُزَيّنان لها الجور؛ ويَعميانها عن، طريق الرشد" قال تعالى:{وَإذا قِيْلَ لَهُ اتَّقِ اللّه أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ} [البقرة: 206]. وقال: {كل حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 32] فالفاضل يسر بمعرفته والجاهل يسر بما لا يدري حقيقة وجهه وبما فيه وباله ومنها فهم يليح لها الحق من قريب وينير لها في ظلمات المشكلات فترى به الصواب ظاهرًا جليًا ومنها جهل يطمس عليها الطريق ويساوي عندها بين السبل فتبقى النفس في حيرة تتردد وفي ريب تتلدد ويهجم بها على أحد الطرق المجانبة للحق تهورًا وإقدامًا قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] ومنها قوة التمييز التي سماها الأوائل المنطق فجعل لها خالقها بهذه القوة سبيلًا إلى فهم خطابه وإلى معرفة الأشياء على ما هي عليه وإلى إمكان التفهم فبها تكون معرفة الحق من الباطل ومنها قوة العقل التي تعين النفس المميزة على نصرة العدل فمن اتبع ما أناره له العقل الصحيح نجا وفاز ومن عاج عنه هلك قال تعالى: {إنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]. فأراد بذلك العقل أما مضغة القلب فهي لكل أحد فغير العاقل هو كمن لا قلب له.
وكلام ابن حزم كثير ولو أخذت في إيراد طرفه وما شذ به لطال الأمر.
قال أبو القاسم بن بشكوال الحافظ في الصلة له: قال القاضي صاعد بن أحمد: كتب
إلي ابن حزم بخطه يقول: ولدت بقرطبة في الجانب الشرقي في ربض منية المغيرة قبل طلوع الشمس آخر ليلة الأربعاء آخر يوم من رمضان سنة أربع وثمانين وثلاث مائة بطالع العقرب وهو اليوم السابع من نونير.
قال صاعد: ونقلت من خط ابنه أبي رافع أن أباه توفي عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وخمسين وأربع مائة فكان عمره إحدى وسبعين سنةً وأشهرًا رحمه الله.
ومن نظم أبي محمد بن حزم:
لم أشك صدًّا ولم أُذعن بهجران
…
ولا شعرت مدى دهري بسلوان
أسماء لم أدر معناها ولا خطرت
…
يومًا عليّ ولا جالت بميداني
لكنّما دائي الأدوا الّذي عصفت
…
عليّ أرواحه قدمًا فأعياني
تفرّقّ لم تزل تسري طوارقه
…
إلى مجامع أحبابي وخلاّني
كأنّما البين بي يأتمّ حيث رأى
…
لي مذهبًا فهو يتلوني ويغشاني
وكنت أحسب عندي للنوى جلدًا
…
داءٌ عنا في فؤادي شجوها العاني
فقابلتني بألوانٍ غدوت بها
…
مقابلًا من صباباتي بألوان
وممن مات مع ابن حزم في السنة: الحافظ أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي والفقيه أبو القاسم سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج قاضي الجماعة بقرطبة والحافظ عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم النخشبي وشيخ العربية أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان ببغداد ومسند الوقت أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي والمحدث أبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب النيسابوري والوزير عميد الملك محمد بن منصور الكندري.
ولابن حزم:
قالوا تحفّظ فإنّ الناس قد كثرت
…
أقوالهم وأقاويل الورى محن
فقلت: هل عيبهم لي غير أنّي لا
…
أقول بالرأي إذ في رأيهم فتن
وأنّني مولعٌ بالنّصّ لست إلى
…
سواه أنحو ولا في نصره أهن
ولا أنثني لمقاييس يقال بها
…
في الدّين بل حسبي القرآن والسّنن
يا برد ذا القول في قلبي وفي كبدي
…
ويا سروري به لو أنّهم فطنوا
دعهم يعضّوا على صمّ الحصى كمدًا
…
من مات من قوله عندي له كفن
4191 - القاضي أبو تمام
(1)
:
قاضي واسط، المعمر المسند، أبو تمام علي بن محمد بن الحسن ابن يزداد البغدادي، الواسطي، المعتزلي.
حدث عن: محمد بن المظفر الحافظ، وأبي الفضل الزهري وغيرهما. وتفرد في وقته.
ومات في شوال سنة تسع وخمسين وأربع مائة.
قال أبو بكر الخطيب: تقلد قضاء واسط مدة وكان معتزليًا.
قلت: آخر من روى عنه بالإجازة أبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي، وبالسماع أبو الكرم نصر الله بن محمد بن الجلخت الأزدي.
4192 - السيوري
(2)
:
شيخ المالكية، وخاتم الأئمة بالقيروان، أبو القاسم عبد الخالق بن عبد الوارث المغربي السيوري، أحد من يضرب بحفظه المثل في الفقه مع الزهد والتأله.
له تعليقة على المدونة وتخرج به أئمة.
مات سنة ستين وأربع مائة عن، سن عالية. ذكره عياض.
4193 - ابن المسلمة
(3)
:
الشيخ الإمام الثقة الجليل الصالح مسند الوقت أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن الرفيل السلمي البغدادي ابن المسلمة. أسلم الرفيل المذكور على يد عمر رضي الله عنه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 103"، وميزان الاعتدال "3/ 155"، ولسان الميزان "4/ 261".
(2)
ترجمته في الديباج المذهب لابن فرحون المالكي "2/ 22".
(3)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 356"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 12"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 282"، واللباب لابن الأثير "3/ 211"، والعبر "3/ 259"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 94" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 323".
ومولد أبي جعفر في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.
وسمع أبا الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، فكان خاتمة أصحابه.
والقاضي أبا محمد بن معروف، وإسماعيل بن سويد ومحمد بن أخي ميمي وعيسى بن الوزير وأبا طاهر المخلص.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب وأبو علي البرداني وتمرتاش بن بختكين والقاسم بن طاهر المعقلي ومحمد بن مطر العباسي وأبو سعد المبارك بن علي المخرمي الفقيه وأبو الحسن بن الزاغوني وأبو عبد الله الحميدي وأبو الغنائم النرسي وأبو بكر قاضي المرستان وأبو الفتح عبد الله بن البيضاوي ومحمد بن الفرج المعلم وهبة الله بن محمد الرفيلي ومحمد بن محمد السلال وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي ومحمد بن أحمد الطرائفي ومحمد بن علي بن الداية وأبو تمام أحمد بن محمد بن المختار الهاشمي؛ نزيل نيسابور وخلق كثير.
وكان صحيح الأصول كثير السماع جميل الطريقة.
قال أبو الفضل بن خيرون: كان ثقة صالحًا.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت إسماعيل بن الفضل الحافظ يقول: أبو جعفر ثقة محتشم.
قلت: توفي في تاسع جمادى الأولى سنة خمس وستين وأربع مائة.
وأبوه:
4194 - ابن المسلمة:
هو الإمام العابد الصدوق أبو الفرج؛ أحمد بن محمد بن عمر المعدل.
سمع: أبا بكر النجاد وأحمد بن كامل القاضي وابن علم ودعلجًا.
قال الخطيب: كان ثقةً يملي في السنة مجلسًا واحدًا وكان موصوفًا بالعقل والفضل والبر وداره مألف لأهل العلم وكان صوامًا كثير التلاوة.
مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مائة عن، ثمان وسبعين سنة.
قلت: حدث عنه الخطيب وطراد الزينبي وغيرهما.
وتفقه على شيخ الحنفية أبي بكر الرازي.
وسرد الصوم وكان يتهجد بسبع القرآن.
قال رئيس الرؤساء: كان جدي يختلف إلى أبي بكر الرازي ورئي له أنه من أهل الجنة.
وابن أخيه:
4195 - رئيس الرؤساء
(1)
:
هو وزير القائم بأمر الله الصدر المعظم رئيس الرؤساء أبو القاسم؛ علي بن الحسن بن الشيخ أبي الفرج بن المسلمة.
استكتنه القائم ثم استوزره وكان عزيزًا عليه جدًا وكان من خيار الوزراء العادلين.
ولد سنة (397).
وسمع: من جده وابن أبي مسلم الفرضي، وإسماعيل الصرصري.
حدث عنه: الخطيب، وكان خصيصًا به، ووثقه وقال: اجتمع فيه من الآلات ما لم يجتمع في أحد قبله، مع سداد مذهب، ووفور عقل، وأصالة رأي.
قال ابن الجوزي: وزر أبو القاسم في سنة ثلاث وأربعين، ولقب جمال الورى، شرف الوزراء. ولم يبق له ضد إلَّا البساسيري؛ الأمير المظفر أبو الحارث التركي، فإن أبا الحارث عظم جدًا ولم يبق للملك الرحيم بن بويه معه سوى الاسم ثم إنه خلع القائم وتملك بغداد وخطب بها لصاحب مصر المستنصر فقتل رئيس الرؤساء أبا القاسم بن المسلمة.
وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني: أخرج رئيس الرؤساء وعليه عباءة وطرطور وفي رقبته مخنقة جلود وهو يقرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ}
…
[آل عمران: 26] ويرددها فطيف به على جمل ثم خيط عليه جلد ثور بقرنين وعلق وفي فكيه كلوبان وتلف في آخر النهار في ذي الحجة سنة خمسين وأربع مائة.
قلت: كان من علماء الكبراء ونبلائهم.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 391"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 196"، والعبر "3/ 221"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 457"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 6 - 7".
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق أخبرنا، الفتح بن عبد السلام أخبرنا، محمد بن عمر ومحمد بن أحمد الطرائفي ومحمد بن علي قالوا: أخبرنا، أبو جعفر محمد بن أحمد المعدل أخبرنا، عبيد الله بن عبد الرحمن سنة ثمانين وثلاث مائة أخبرنا، جعفر بن محمد الفريابي حدثنا، قتيبة بن سعيد حدثنا، أبو عوانة عن، قتادة عن، أنس عن، أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة؛ ريحها طيب وطعمها طيب".
وبه: إلى الفريابي: حدثنا، هدبة حدثنا، همام حدثنا، قتادة عن، أنس بن مالك عن، أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة". متفق عليه
(1)
.
مات مع ابن المسلمة السلطان ألب آرسلان السلجوقي وعائشة ابنة أبي عمر البسطامي وأبو الغنائم بن المأمون وأبو القاسم بن القشيري وصردر شاعر وقته أبو منصور علي بن الحسن والحافظ أبو سعد السكري وكريمة المروزية وأبو عثمان محمد بن أحمد بن محمد بن ورقاء وأبو الحسين بن المهتدي بالله وأبو المظفر هناد النسفي.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "5020"، ومسلم "797"، وأبو داود "4829"، "4831" والترمذي "2865"، والنسائي "8/ 124"، وابن ماجه "214".
4196 - الزهراوي
(1)
:
الإمام العالم الحافظ المجود محدث الأندلس مع ابن عبد البر أبو حفص؛ عمر بن عبيد الله بن يوسف بن حامد الذهلي القرطبي الزهراوي. ومدينة الزهراء: بعض نهار عن، قرطبة أنشأها الناصر الأموي.
ولد سنة إحدى وستين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبي محمد بن أسد، وعبد الوارث بن سفيان، والقاضي أبي المطرف بن فطيس، وأبي عبد الله بن أبي زمنين، وسلمة بن سعيد، وأبي المطرف القنازعي، وعبد السلام بن سمح، وأبي القاسم بن عصفور، وأبي الوليد بن الفرضي، وطبقتهم من أهل قرطبة والزهراء وإشبيلية. وكتب إليه بالإجازة أبو الحسن القابسي وطائفة.
وكان معتنيًا بنقل الحديث وجمعه وسماعه.
حدث عنه: أبو عبد الله بن عتاب وابنه عبد الرحمن وابنه الآخر أبو القاسم وأبو مروان الطبني وأبو عمر بن مهدي المقرئ وقال: وكان خيرًا ثقة متصاونًا قديم الطلب. حدث عنه أبو علي الغساني وذكر أنه اختلط في آخر عمره.
قال ابن بشكوال: أخبرنا، عنه أبو محمد بن عتاب وقال لي: لحق أبا حفص في آخر عمره خصاصة فكان يتكفف الناس. قال: وقرأت بخط أبي مروان الطبني: أخبرني أبو حفص الزهراوي قال: شددت ثمانية أحمال كتب لأنقلها إلى مكان فما تم حتى انتهبها البربر.
توفي في صفر سنة أربع وخمسين وأربع مائة عن، اثنتين وتسعين سنة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 399"، و تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1012"، والعبر "3/ 233"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 293".
4197 - المأمون
(1)
:
ملك طليطلة أبو زكريا؛ يحيى بن صاحب طليطلة الأمير إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النون الهواري الأندلسي.
استولى أبوه على البلد بعد العشرين وأربع مائة ونزعوا طاعة المروانية وتملك المأمون بعد أبيه سنة خمس وثلاثين فامتدت أيامه خمسًا وعشرين سنة عاكفًا على اللذات والخلاعة وصادر الرعية وهادن العدو وقدم الأطراف فطمعت فيه الفرنج بل في الأندلس؛ وأخذت عدة حصون إلى أن أخذوا منهم طليطلة في سنة ثمان وسبعين وأربع مائة وجعلوها دار ملكهم فإنا لله وإنا إليه راجعون وكان المأمون أراد أن يستنجد بالفرنج على تملك مدائن الأندلس فكاتب طاغيتهم: أن تعال في مائة فارس والملتقى في مكان كذا فسار في مائةين وأقبل الطاغية في ستة آلاف وجعلهم كمينًا له وقال: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا فأحيطوا بنا. فلما اجتمع الملكان أحاط بهم الجيش فندم المأمون وحار فقال الفرنجي: يا يحيى! وحق الإنجيل كنت أظنك عاقلًا وأنت أحمق! جئت إلي وسلمت مهجتك بلا عهد ولا عقد فلا نجوت مني حتى تعطيني ما أطلب. قال: فاقتصد. فسمى له حصونًا وقرر عليه مالًا في كل سنة ورجع ذليلًا مخذولًا، وذلك بما قدمت يداه.
توفي سنة ستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ ابن خلدون "4/ 161"، والأعلام للزركلي "8/ 138".
4198 - ابن المأمون
(1)
:
الشيخ الإمام، الثقة، الجليل، المعمر، أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون بن الرشيد الهاشمي العباسي البغدادي شيخ المحدثين ببغداد.
قال أبو سعد السمعاني: كان ثقة صدوقًا نبيلًا، مهيبًا، كثير الصمت تعلوه سكينة ووقار وكان رئيس آل المأمون وزعيمهم. طعن في السن ورحل إليه الناس وانتشرت روايته في الآفاق.
سمع: أبا الحسن الدارقطني وعلي بن عمر السكري وأبا نصر الملاحمي وجده أبا الفضل بن المأمون وعبيد الله بن حبابة وطائفة.
روى لنا عنه: يوسف بن أيوب الهمذاني، ومحمد بن عبد الباقي الفرضي، وأبو منصور القزاز وغيرهم.
قال الخطيب: كان صدوقًا كتبت عنه.
قال السمع: اني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن، أبي الغنائم ابن المأمون فقال: شريف محتشم ثقة كثير السماع.
وقال عبد الكريم بن المأمون: ولد أخي أبو الغنائم سنة ست وسبعين وثلاث مائة.
وقال غيره: ولد سنة أربع وسبعين.
قلت: وحدث عنه: الحميدي وأبي النرسي وأحمد بن ظفر وأبو الفتح عبد الله بن البيضاوي وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي وروى عنه بعدهم بالإجازة مسعود بن الحسن الثقفي ثم ظهر أن ذلك ليس بصحيح فرجع عن، الرواية.
مات في سابع عشر شوال سنة خمس وستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 46"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 280"، والعبر "3/ 259"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 319".
4199 - الداوودي
(1)
:
الإمام العلامة الورع القدوة جمال الإسلام مسند الوقت أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن معاذ الداوودي البوشنجي.
مولده في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.
وسمع: "الصحيح" ومسند عبد بن حميد وتفسيره، و"مسند" أبي محمد الدارمي من أبي محمد بن حمويه السرخسي ببوشنج وتفرد في الدنيا بعلو ذلك وسمع: بهراة من عبد الرحمن بن أبي شريح وبنيسابور من أبي عبد الله الحاكم وابن يوسف وابن محمش وببغداد من ابن الصلت المجبر وابن مهدي الفارسي وعلي بن عمر التمار.
وكان مجيئه إلى بغداد سنة تسع وتسعين وثلاث مائة فأقام بها أعوامًا وتفقه على أبي حامد وعلى أبي الطيب الصعلوكي وأبي بكر القفال وابن محمش.
وقيل: إنه كان يتقوت بما يحمل إليه من ملك له ببوشنج ويبالغ في الورع ومحاسنه جمة.
قال أبو سعد السمعاني: كان وجه مشايخ خراسان فضلًا عن، ناحيته والمعروف في أصله وفضله وطريقته له قدم في التقوى راسخ يستحق أن يطوى للتبرك به فراسخ فضله في الفنون مشهور وذكره في الكتب مسطور وأيامه غرر وكلامه درر. قرأ الأدب على أبي علي الفنجكردي. والفقه على عدة كان ما يأكله يحمل من بوشنج إلى بغداد احتياطًا صحب أبا علي الدقاق وأبا عبد الرحمن السلمي بنيسابور وصحب فاخرًا السجزي ببست في رحلته إلى غزنة ولقي يحيى بن عمار الواعظ. إلى أن قال: وأخذ في مجلس التذكير والفتوى والتدريس والتصنيف وكان ذا حظ من النظم والنثر. حدثنا، عنه مسافر بن محمد وأخوه أحمد وأبو المحاسن أسعد ابن زياد الماليني وأبو الوقت عبد الأول السجزي وعائشة بنت عبد الله البوشنجية.
وسمعت يوسف بن محمد بن فاروا الأندلسي، سمعت علي بن سليمان المرادي يقول: كان أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل يقول: سمعت الصحيح من أبي سهل الحفصي، وأجازه لي الداوودي وإجازة الداوودي أحب إلي من السماع من الحفصي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 263"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 296"، والعبر "3/ 264" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 99"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 327".
وسمعت أسعد بن زياد يقول: كان شيخنا الداوودي بقي أربعين سنةً لا يأكل لحمًا وقت تشويش التركمان واختلاط النهب فأضربه فكان يأكل السمك ويصطاد له من نهر كبير فحكي له أن بعض الأمراء أكل على حافة ذلك النهر ونفضت سفرته وما فضل في النهر فما أكل السمك بعد.
وسمعت محمود بن زياد الحنفي سمعت المختار بن عبد الحميد البوشنجي يقول: صلى أبو الحسن الداوودي أربعين سنة ويده خارجة من كمه استعمالًا للسنة واحتياطًا لأحد القولين في وضع اليدين وهما مكشوفتان حالة السجود.
قال السلفي: سألت المؤتمن عن، الداوودي فقال: كان من سادات رجال خراسان ترك أكل الحيوانات وما يخرج منها منذ دخل التركمان ديارهم. تفقه بسهل الصعلوكي وبأبي حامد الإسفراييني.
قال ابن النجار: كان من الأئمة الكبار في المذهب ثقة عابدًا محققًا درس وأفتى وصنف ووعظ.
قال أبو القاسم عبد الله بن علي؛ أخو نظام الملك: كان أبو الحسن الداوودي لا تسكن شفته من ذكر الله فحكي أن مزينًا أراد قص شاربه فقال: سكن شفتيك. قال: قل للزمان حتى يسكن. ودخل أخي نظام الملك عليه فقعد بين يديه وتواضع له فقال لأخي: أيها الرجل! إنك سلطك الله على عباده فانظر كيف تجيبه إذا سألك عنهم.
ومن شعره:
ربّ تقبّل عملي
…
ولا تخيّب أملي
أصلح أُموري كلّها
…
قبل حلول الأجل
وله:
يا شارب الخمر اغتنم توبةً
…
قبل التفاف السّاق بالسّاق
الموت سلطانٌ له سطوةٌ
…
يأتي على المسقيّ والسّاقي
قال عبد الغافر في "تاريخه": ولد الداوودي في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاث مائة.
وقال الحسين بن محمد الكتبي: توفي ببوشنج في شوال، سنة سبع وستين وأربع مائة.
وبوشنج: بشين معجمة وقيل: أوله فاء: بلدة على سبعة فراسخ من هراة. وبعضهم يقول: بسين مهملة.
أنشدنا ابن اليونيني أخبرنا، جعفر أخبرنا، السلفي أنشدنا أبو السمح الحافظ بتستر أنشدنا الداوودي ببوشنج لنفسه:
كان اجتماع النّاس فيما مضى
…
يورث البهجة والسّلوه
فانقلب الأمر إلى ضدّه
…
فصارت السّلوة في الخلوه
وقال عبد الله بن عطاء الإبراهيمي: أنشدنا الداوودي لنفسه:
كان في الاجتماع من قبل نورٌ
…
فمضى النّور وادلهمّ الظّلام
فسد النّاس والزّمان جميعا
…
فعلى النّاس والزّمان السّلام
4200 - القشيري
(1)
:
الإمام الزاهد القدوة الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري الخراساني النيسابوري الشافعي الصوفي المفسر صاحب "الرسالة".
ولد سنة خمس وسبعين وثلاث مائة.
وتعانى الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك ثم تعلم الكتابة والعربية وجود.
ثم سمع الحديث من: أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف؛ صاحب أبي العباس الثقفي ومن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني وأبي الحسن العلوي وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكي وعبد الله بن يوسف وأبي بكر بن فورك وأبي نعيم أحمد بن محمد وأبي بكر بن عبدوس والسلمي وابن باكويه وعدة.
وتفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وابن فورك. وتقدم في الأصول والفروع، وصحب العارف أبا علي الدقاق، وتزوج بابنته، وجاءه منها أولاد نجباء.
قال القاضي ابن خلكان: كان أبو القاسم علامةً في الفقه والتفسير والحديث والأصول
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 83"، والأنساب للسمعاني "10/ 156"، واللباب لابن الأثير "3/ 38" والمنتظم لابن الجوزي "8/ 280"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 205"، والعبر "3/ 259" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 91"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 319".
والأدب والشعر والكتابة. صنف التفسير الكبير وهو من أجود التفاسير وصنف الرسالة في رجال الطريقة وحج مع الإمام أبي محمد الجويني والحافظ أبي بكر البيهقي. وسمع: وا ببغداد والحجاز.
قلت: سمعوا من هلال الحفار وأبي الحسين بن بشران وطبقتهما.
قال: وذكره أبو الحسن الباخرزي في كتاب دمية القصر وقال: لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه، لتاب.
قلت: حدث عنه أولاده، عبد الله وعبد الواحد وأبو نصر عبد الرحيم وعبد المنعم وزاهر الشحامي وأخوه وجيه ومحمد بن الفضل الفراوي وعبد الوهاب بن شاه وعبد الجبار بن محمد الخواري وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري وحفيده أبو الأسعد هبة الرحمن وآخرون.
ومات أبوه وهو طفل، فدفع إلى الأديب أبي القاسم اليمني، فقرأ عليه الآداب وكانت للقشيري ضيعة مثقلة بالخراج بأستوا فتعلم طرفًا من الحساب وعمل قليلًا ديوانًا ثم دخل نيسابور من قريته فاتفق حضوره مجلس أبي علي الدقاق فوقع في شبكته وقصر أمله وطلب القبا فوجد العبا فأقبل عليه أبو علي وأشار عليه بطلب العلم فمضى إلى حلقة الطوسي وعلق التعليقة وبرع وانتقل إلى ابن فورك فتقدم في الكلام ولازم أيضًا أبا إسحاق ونظر في تصانيف ابن الباقلاني ولما توفي حموه أبو علي تردد إلى السلمي وعاشره وكتب المنسوب وصار شيخ خراسان في التصوف ولزم المجاهدات وتخرج به المريدون.
وكان عديم النظير في السلوك والتذكير لطيف العبارة طيب الأخلاق غواصًا على المعاني صنف كتاب نحو القلوب وكتاب لطائف الإشارات وكتاب الجواهر وكتاب أحكام السماع وكتاب عيون الأجوبة في فنون الأسولة وكتاب المناجاة وكتاب المنتهى في نكت أولي النهى.
قال أبو سعد السمعاني: لم ير الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته جمع بين الشريعة والحقيقة أصله من ناحية أستواءة وهو قشيري الأب سلمي الأم.
وقال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقةً وكان حسن الوعظ مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب الشافعي قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاث مائة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة ثلاث وتسعين عن، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، أخبرنا زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك، أخبرنا أبو عوانة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس، عن ابن شهابن حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بينا رجل يسوق بقرةً قد حمل عليها التفتت إليه وقالت: إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث". فقال الناس: سبحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر"
(1)
.
وبه إلى عبد الكريم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي سمعت الحسين بن يحيى سمعت جعفر بن محمد بن نصير سمعت الجنيد يقول: قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم أيامًا فلا أقبل منه إلَّا شاهدين عدلين من الكتاب والسنة.
قال أبو الحسن الباخرزي: ولأبي القاسم "فضل النطق المستطاب" ماهر في التكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري خارج في إحاطته بالعلوم، عن الحد البشري كلماته للمستفيدين فرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد وله نظم تتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن جملة أحوال أبي القاسم ما خص به من المحنة في الدين وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين وأربع مائة إلى سنة خمس وخمسين وميل بعض الولاة إلى الأهواء وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب وكان هو المقصود من بينهم حسدًا حتى اضطر إلى مفارقة الوطن وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد فورد على القائم بأمر الله ولقي قبولًا وعقد له المجلس في مجالسه المختصة به وكان ذلك بمحضر ومرأى منه وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه فعاد إلى نيسابور وكان يختلف منها إلى طوس بأهله حتى طلع صبح الدولة ألبآرسلانية فبقي عشر سنين محترمًا مطاعًا معظمًا.
ومن نظمه:
سقى اللّه وقتًا كنت أخلو بوجهكم
…
وثغر الهوى في روضة الأُنس ضاحك
أقمت زمانا والعيون قريرةٌ
…
وأصبحت يومًا والجفون سوافك
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "3471"، ومسلم "2388".
أنشدنا أبو الحسين الحافظ أخبرنا، جعفر بن علي أخبرنا، السلفي أخبرنا، القاضي حسن بن نصر بنهاوند أنشدنا أبو القاسم القشيري لنفسه:
البدر من وجهك مخلوق
…
والسّحر من طرفك مسروق
يا سيّدًا تيّمني حبّه
…
عبدك من صدّك مرزوق
ولأبي القاسم أربعون حديثًا من تخريجه سمع: ناها عالية.
قال عبد الغافر: توفي الأستاذ أبو القاسم صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة خمس وستين وأربع مائة.
قلت: عاش تسعين سنة.
وقال المؤيد في تاريخه: أهدي للشيخ أبي القاسم فرس فركبه نحوًا من عشرين سنة فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئًا ومات بعد أسبوع.
4201 - كريمة
(1)
:
الشيخة العالمة الفاضلة المسندة أم الكرام؛ كريمة بنت أحمد ابن محمد بن حاتم المروزية المجاورة بحرم الله.
سمعت من أبي الهيثم الكشميهني صحيح البخاري وسمعت من زاهر بن أحمد السرخسي وعبد الله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني.
وكانت إذا روت قابلت بأصلها ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد.
روت الصحيح مرات كثيرة؛ مرةً بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام الموسم وماتت بكرًا لم تتزوج أبدًا.
حدث عنها: الخطيب وأبو الغنائم النرسي وأبو طالب الحسين بن محمد الزينبي ومحمد بن بركات السعيدي وعلي بن الحسين الفراء وعبد الله بن محمد بن صدقة بن الغزال وأبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب وأبو المظفر منصور بن السمع: اني وآخرون.
قال أبو الغنائم النرسي: أخرجت كريمة إلي النسخة بالصحيح فقعدت بحذائها، وكتبت سبع أوراق، وقرأتها وكنت أريد أن أعارض وحدي فقالت: لا حتى تعارض معي. فعارضت معها.
قال: وقرأت عليها من حديث زاهر.
وقال أبو بكر بن منصور السمع: اني: سمعت الوالد يذكر كريمة ويقول: وهل رأى إنسان مثل كريمة؟.
قال أبو بكر: وسمعت بنت أخي كريمة تقول: لم تتزوج كريمة قط وكان أبوها من كشميهن وأمها من أولاد السياري وخرج بها أبوها إلى بيت المقدس وعاد بها إلى مكة وكانت قد بلغت المائة.
قال ابن نقطة: نقلت وفاتها من خط ابن ناصر سنة خمس وستين وأربع مائة.
قلت: الصحيح موتها في سنة ثلاث وستين.
قال هبة الله بن الأكفاني سنة ثلاث: حدثني عبد العزيز بن علي الصوفي قال: سمعت بمكة من مخبر بأن كريمة توفيت في شهور هذه السنة.
وقال أبو جعفر محمد بن علي الهمداني: حججت سنة ثلاث وستين فنعيت إلينا كريمة في الطريق ولم أدركها.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 171"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 270"، والعبر "3/ 254" وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 314".
4202 - ابن الخالة
(1)
:
العلامة شيخ الأدب أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران الواسطي اللغوي الحنفي المعدل. وكان جده للأم هو ابن عم المحدث أبي الحسين بن بشران.
مولد أبي غالب في سنة ثمانين وثلاث مائة.
وسمع: من أبي القاسم علي بن كردان النحوي وأبي الحسين علي بن دينار وأبي عبد الله العلوي وأحمد بن عبيد بن بيري وأبي الفضل التميمي وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله الحميدي وهبة الله الشيرازي وعلي بن محمد الجلابي وخلق.
وبالإجازة أبو القاسم بن السمرقندي.
قال أبو سعد السمع: اني: كان الناس يرحلون إليه لأجل اللغة وهو مكثر من رواية كتبها.
وقال خميس الحوزي: قرأ كتاب سيبويه على ابن كردان ولازم حلقة الشيخ أبي إسحاق الرفاعي؛ تلميذ السيرافي فكان يقول: قرأت عليه من أشعار العرب ألف ديوان. قال: وكان جيد الشعر معتزليًا.
وقال أحمد بن صالح الجيلي: كان أحد شهود واسط، وكان عالمًا بالأدب راويةً له؛ ثقةً، بارعًا في النحو، صار شيخ العراق في اللغة في وقته، وانتهت الرحلة إليه في هذا العلم ............ ، ثم سرد أسماء مشايخه. حدث عنه: الحميدي، وأبو الفرج محمد بن عبيد الله قاضي البصرة .... ، إلى أن قال: أنبأنا ابن السمرقندي، وأبو عبد الله بن البناء، ومحمد بن علي ابن الجلابي قالوا: أخبرنا أبو غالب إجازة.
مات في نصف رجب سنة اثنتين وستين وأربع مائة.
قلت: شاخ وعمر.
وفيها مات:
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 259"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 214"، وميزان الاعتدال "3/ 459"، ولسان الميزان "5/ 43"، وتبصير المنتبه "2/ 524"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 85"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 26"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 310".
4203 - الأسداباذي
(1)
:
الشيخ أبو منصور أحمد علي الأسداباذي بتبريز.
يروي عن، عبيد الله الصيدلاني، وغيره.
كذبه ابن خيرون.
قيل: عاش ستًا وتسعين سنة.
قال أبو بكر الخطيب: كان مخلطًا مجازفًا سمع: لنفسه على أبي بكر ابن شاذان.
وفيها مات:
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 325"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 258"، وميزان الاعتدال "1/ 112"، ولسان الميزان "1/ 225".
4204 - ابن أبي علانة
(1)
:
الشيخ أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي علانة ببغداد فجأةً في شعبان.
ثقة.
حدث عن، أبي طاهر المخلص.
كتب عنه الخطيب، وصحح سماعه.
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
وفيها توفي بالقدس أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الغراء البصري المقرئ.
4205 - الطريثيثي:
أبو الحسن، علي بن محمد بن جعفر الطريثيثي اللحساني، ويقال: اللحاسي.
حدث عن: أبي الحسين الخفاف وأبي معاذ الشاه، ومحمد بن جعفر الماليني.
حدث عنه: زاهر الشحامي ومنصور بن أحمد الطريثيثي.
بقي إلى سنة ستين وأربع مائة.
4206 - ابن المهتدي
(2)
:
القاضي الشريف أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله.
ولد في شوال سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.
وسمع من عثمان بن عيسى الباقلاني الزاهد، والحافظ أبي بكر بن بكير، وابن رزقويه.
روى عنه: أبو بكر القاضي، ويحيى بن الطراح، وطائفة. ومن أقرانه: الحافظ أبو بكر الخطيب، وأبو علي البرداني.
قال الخطيب: كان صدوقًا قال: إنه قرأ القرآن على أبي القاسم الصيدلاني وسمع: منه لكن لم يكن عنده ما سمع: منه.
قال أحمد بن صالح: كان ثقةً مأمونًا مات في جمادى الأولى سنة أربع وستين وأربع مائة.
ومات معه: أبو طاهر المبارك بن الحسين الأنصاري البغدادي الصفار. ثقة سري يروي عن: أبي أحمد الفرضي وبكر بن محمد بن حيد النيسابوري بالري.
وأبو بكر محمد بن علي بن عبيد الله الطحان يوم الفطر. يروي عن، ابن سمع: ون وكان صالحًا.
وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن شاده الأصبهاني القاضي فجأة بسواد العراق. يروي عن، أبي عمر بن مهدي روى عنه: قاضي المرستان ومفلح الدومي وابن الطراح ويحيى بن البناء.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 257"، والإكمال لابن ماكولا "6/ 306"، والأنساب للسمعاني "9/ 101" والمنتظم لابن الجوزي "8/ 260".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 356"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 274"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 90".
4207 - ابن زيدون
(1)
:
الصاحب الوزير العلامة، أبو الوليد، أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن غالب بن زيدون المخزومي القرشي الأندلسي القرطبي الشاعر حامل لواء الشعر في عصره.
قال ابن بسام: كان غاية منثور ومنظوم وخاتمة شعراء بني مخزوم أحد من جر الأيام جرًا وفاق الأنام طرًا وصرف السلطان نفعًا وضرًا ووسع البيان نظمًا ونثرًا إلى أدب ما للبحر تدفقه ولا للبدر تألقه وشعر ليس للسحر بيانه ولا للنجوم اقترانه.
إلى أن قال: وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة فانتقل منها إلى عند صاحب إشبيلية المعتضد بن عباد بعد الأربعين وأربع مائة فجعله من خواصه وبقي معه في صورة وزير وهو صاحب هذه الكلمة البديعة:
بنتم وبنّا فما ابتلّت جوانحنا
…
شوقًا إليكم ولا جفّت مآقينا
كنّا نرى اليأس تسلينا عوارضه
…
وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا
…
يقضي علينا الأسى لولا تأسّينا
حالت لفقدكم أيّامنا فغدت
…
سودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
ليسق عهدكم عهد السّرور فما
…
كنتم لأرواحنا إلَّا رياحينا
توفي في رجب سنة ثلاث وستين وأربع مائة.
وقد وزر ابنه أبو بكر للمعتمد بن عباد.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ 139"، والعبر "3/ 253"، والنجوم الزاهرة "5/ 88".
4208 - ابن المهتدي بالله 1:
الإمام العالم الخطيب المحدث الحجة مسند العراق أبو الحسين؛ محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد بن محمد بن المهتدي بالله أمير المؤمنين محمد بن الواثق هارون بن المعتصم الهاشمي العباسي البغدادي المعروف بابن الغريق سيد بني هاشم في عصره.
ولد في ذي القعدة سنة سبعين وثلاث مائة.
وسمع: الدارقطني وعمر بن شاهين فكان آخر من حدث عنهما وعلي بن عمر السكري ومحمد بن يوسف بن دوست وأبا الفتح يوسف القواس وأبا القاسم بن حبابة وأبا الطيب عثمان بن منتاب وأبا حفص الكناني والمخلص وعيسى بن الوزير وإدريس بن علي وعلي بن عمر المالكي القصار وعدة.
ومشيخته في جزين مروية.
حدث عنه: الخطيب والحميدي وشجاع الذهلي ومحمد بن طرخان التركي والمفتي يوسف بن علي الزنجاني ويحيى بن عبد الرحمن الفارقي وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي ويوسف بن أيوب الهمذاني والقاضي أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي وأبو منصور القزاز وخلق كثير.
قال الخطيب: كان ثقة نبيلًا ولي القضاء بمدينة المنصور وهو ممن شاع أمره بالعبادة والصلاح حتى كان يقال له: راهب بني هاشم كتبت عنه.
وقال أبو سعد السمع: اني: حاز أبو الحسين قصب السبق في كل فضيلة عقلًا وعلمًا ودينًا وحزمًا وورعًا ورأيًا وقف عليه علو الرواية ورحل الناس إليه من البلاد ثقل سمع: هـ بأخرة فكان يتولى القراءة بنفسه مع علو سنه وكان ثقةً حجة نبيلًا مكثرًا.
وقال أبي النرسي: كان ثقةً يقرأ للناس وكانت إحدى عينيه ذاهبة.
ترجمته في بغداد "3/ 108"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 283"، والعبر "3/ 260"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 324".
وقال أبو الفضل بن خيرون: كان صائم الدهر زاهدًا وهو آخر من حدث عن، الدارقطني وابن دوست وهو ضابط متحر أكثر سماعاته بخطه ما اجتمع في أحد ما اجتمع فيه قضى ستًا وخمسين سنة وخطب ستًا وسبعين سنة لم تعرف له زلة وكانت تلاوته أحسن شيء.
قال أبو بكر بن الخاضبة: رأيت كأن القيامة قد قامت وكأن من يقول: أين ابن الخاضبة؟ فقيل لي: ادخل الجنة فلما دخلت استلقيت على قفاي ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: آه! استرحت والله من النسخ. فرفعت رأسي فإذا ببغلة مسرجة ملجمة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ فقال: للشريف أبي الحسين بن الغريق. فلما كان في صبيحة تلك الليلة نعي إلينا أبو الحسين رحمه الله.
وقال الزاهد يوسف الهمذاني: انطرش أبو الحسين فكان يقرأ علينا وكان دائم العبادة قرأ علينا حديث الملكين فبكى بكاء عظيمًا، وأبكى الحاضرين.
قال ابن خيرون: مات في أول ذي الحجة سنة خمس وستين وأربع مائة.
وفيها مات: السلطان عضد الدولة أبو شجاع آرسلان بن جغريبك واسم جغريبك: داود بن ميكال بن سلجوق بن تقاق بن سلجوق التركي الملك العادل وجدهم تقاق تفسيره: قوس حديد فكان أول من أسلم من الترك من السلجوقية له ممالك واسعة ومواقف مشهودة وترجمته في "تاريخ الإسلام".
وفيها مات: الملك ملك الأمراء ناصر الدولة حسين بن الحسن بن حسين ابن صاحب الموصل ناصر الدولة بن حمدان؛ أحد الأبطال جرت له حروب وعجائب وأظهر بمصر السنة وكان عمالًا على إقامة الدولة لبني العباس وقهر العبيدية وتهيأت له الأسباب وترك المستنصر على برد الديار وأباد الكبار إلى أن وثب عليه أتراك فقتلوه وقد ولي نيابة دمشق مرة وأبوه سيف الدولة.
4209 - الحفصي
(1)
:
الشيخ المسند، أبو سهل، محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزي، الحفصي، راوي "صحيح البخاري"، عن أبي الهيثم الكشميهني، صاحب الفربري. حدث به بمرو ونيسابور.
وكان رجلًا مباركًا من العوام، أكرمه نظام الملك وسمع: منه ووصله بجملة.
روى عنه: الشيخ أبو حامد الغزالي وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ووجيه بن طاهر الشحامي وهبة الرحمن حفيد القشيري وخلق سواهم.
قال أبو سعد السمع: اني: لم يحدث بالصحيح بمرو وحمله النظام الوزير إلى نيسابور فحدث بالصحيح في النظامية وسمع: منه عالم لا يحصون وانصرف في سنة خمس وستين وأربع مائة، وفيها مات.
وهو محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عمر بن سعيد بن حفص فنسب إلى الجد فقيل: الحفصي.
وقيل: مات في سنة ست وستين.
وفيها توفي أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن الحجري الطليطلي شيخ المالكية، والحافظ أبو علي الحسن بن عمر بن يونس الأصبهاني، وعائشة بنت حسن الوركانية، والفقيه عبد الحق بن محمد الصقلي، وعبد العزيز الكتاني محدث دمشق، وأبو مسلم عمر بن علي الليثي، والحافظ أبو بكر محمد بن إبراهيم العطار، وأبو المكارم محمد بن سلطان بن حيوس الفرضي، وأبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي.
4210 - الصيرفي
(2)
:
الشيخ الرئيس الثقة، المسند، أبو بكر؛ يعقوب بن أحمد بن محمد النيسابوري.
سمع: أبا محمد المخلدي وأبا الحسين الخفاف وأبا نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم الأزهري وأبا عبد الله الحاكم.
حدث عنه: محمد بن الفضل الفراوي وزاهر بن طاهر وأخوه وجيه وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وهبة الرحمن ابن القشيري وآخرون.
وكان صحيح الأصول محتشمًا.
مات في سابع ربيع الأول سنة ست وستين وأربع مائة.
وقع لنا من عواليه بإجازة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 175"، واللباب لابن الأثير "1/ 376"، والعبر "3/ 261" وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 325".
(2)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1160"، والعبر "3/ 262"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 325".
4211 - جابر بن ياسين
(1)
:
ابن حسن بن محمد بن أحمد بن محمويه الشيخ المسند أبو الحسن البغدادي الحنائي العطار.
سمع: أبا حفص الكتاني وأبا طاهر المخلص.
وعنه: الخطيب والحميدي وأبو بكر بن عبد الباقي وأبو منصور القزاز ويحيى بن الطراح ومحمد بن عمر الأرموي وآخرون.
مات في شوال سنة أربع وستين وأربع مائة.
قال الخطيب: كتبت عنه وسماعه صحيح.
وفيها مات: أحمد بن عثمان بن المخبزي وأبو منصور بكر بن محمد ابن علي بن محمد بن حيد والمعتضد عباد بن محمد والشريف أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله في جمادى الأولى عن، ثمانين سنة.
4212 - الغندجاني
(2)
:
مسند واسط الثقة أبو محمد؛ الحسن بن أحمد بن موسى بن داذ ابن فروخ الغندجاني.
مولده ببغداد: فأكثر باعتناء أبيه وابن عمه أبي أحمد عبد الوهاب بن محمد عن، المخلص وعمر الكتاني وأبي أحمد الفرضي وإسماعيل الصرصري وابن مهدي.
وسكن الأهواز ثم واسطًا؛ كان عاملها.
روى عنه: الحميدي، ومحمد بن علي الجلابي، وطائفة.
قال خميس: هو نبيل جليل صحيح الأصول صدوق ثقة مات في أواخر سنة سبع وستين وأربع مائة.
وقال أبو الفضل بن خيرون: مات في أول جمادى الأولى سنة ثمان.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 239"، والأنساب للسمعاني "4/ 244"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 274"، والعبر "3/ 256"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 316".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 180 - 181".
4213 - الكتاني 1:
الإمام الحافظ، المفيد الصدوق، محدث دمشق، أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي بن سليمان التميمي، الدمشقي، الكتاني، الصوفي.
ولد سنة تسع وثمانين وثلاث مائة.
وسمع: تمام بن محمد الرازي وصدقة بن الدلم وأبا نصر بن هارون وأبا محمد بن أبي نصر ومحمد بن عبد الرحمن القطان وخلقًا كثيرًا بدمشق وأحمد ومحمد ابني الصياح ببلد ومن أبي الحسن بن الحمامي وعلي بن داود الرزاز ومحمد بن الروزبهان وأبي القاسم الحرفي وخلق ببغداد وسمع: بالموصل ومنبج ونصيبين وكتب العالي والنازل حتى إنه كتب تاريخ بغداد عن، أبي بكر الخطيب.
حدث عنه: الخطيب والحميدي، وأبو الفتيان الدهستاني، وأبو القاسم النسيب، وهبة الله بن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، وإسماعيل ابن السمرقندي، وأحمد بن عقيل الفارسي، وأبو المفضل يحيى بن علي القرشي، وخلق سواهم.
وجمع وصنف، ومعرفته متوسطة، وأول سماعه في سنة سبع وأربع مائة.
قال ابن ماكولا: كتب عني وكتبت عنه وهو مكثر متقن.
وقال الخطيب: ثقة أمين.
وقال الأكفاني: كان كثير التلاوة صدوقًا سليم المذهب. مات في جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربع مائة.
قال ابن الأكفاني: أجاز لكل من أدرك حياته قبل موته مروياته.
قلت: روى عنه بهذه الإجازة محفوظ بن صصرى وجماعة.
وكان مديمًا للتلاوة مكبًا على طلب الحديث وقد اشتاق أبوه إليه وسافر خلفه إلى بغداد فوجده قد طبخ رزًا بلحم فقربه إليه فقال: يا بني! قد عرفت عادتي وكان قد هجر أكل الرز خشية أن يبتلع فيه عظمًا فيقتله فقال: كل لا يكون إلَّا الخير. فأكل فابتلع عظمًا فمات. رواها ابن عساكر عن، جمال الإسلام عن، ابن أبي العلاء أو عن، الكتاني.
وكان أبوه صوفيًا يكنى أبا طاهر؛ حدث عن: يوسف الميانجي.
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 187"، والأنساب للسمعاني "10/ 353"، واللباب لابن الأثير "3/ 83" وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1024"، والعبر "3/ 261"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 96" وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 325".
4214 - الإسماعيلي:
الإمام الواعظ المعدل، أبو الحسن؛ أحمد بن عبد الرحيم بن أحمد الإسماعيلي النيسابوري الحاكم.
حدث عن: أبي الحسين الخفاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي، وأبي العباس السليطي، وأبي علي الروذباري وجماعة. وحدث بسنن أبي داود عن، الحسن بن داود بن رضوان السمرقندي؛ صاحب ابن داسه. وقيل: سمع: هـ أيضًا من أبي علي الروذباري.
حدث عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن وزاهر بن طاهر الشحامي وأخوه وجيه وعبد الغافر بن إسماعيل.
ووثقه عبد الغافر والسمع: اني.
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وستين وأربع مائة وقد قارب التسعين.
أخبرنا أحمد بن هبة الله في سنة أربع وتسعين عن، عبد المعز بن محمد أخبرنا، زاهر بن طاهر أخبرنا، أحمد بن عبد الرحيم أخبرنا، أبو الحسين الخفاف أخبرنا، أبو العباس السراج حدثنا، هناد بن السري حدثنا، وكيع عن، عبد الله بن نافع عن، أبيه عن، ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يتحرى أحدكم بصلاة طلوع الشمس ولا غروبها"
(1)
.
عبد الله بن نافع ضعفوه.
4215 - الترابي
(2)
:
الشيخ الجليل المعمر مسند خراسان، أبو بكر؛ محمد بن أبي الهيثم عبد الصمد بن أبي عبد الله المروزي الترابي.
حدث وعمر وتفرد عن، عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي؛ صاحب ابن الضريس والحاكم أبي الفضل محمد بن الحسين الحدادي، وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، ومحمد بن أحمد الدورقي المروزي وطائفة.
حدث عنه: الإمام أبو المظفر السمع: اني وعلي بن الفضل الفارمذي ومحيي السنة البغوي وآخرون.
مات في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وأربع مائة وله ست وتسعون سنة ولم يقع لي حديثه إلَّا بنزول.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "585"، ومسلم "828"، من طريق نافع، عن ابن عمر، به.
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "1/ 534"، والأنساب للسمعاني "3/ 35"، واللباب لابن الأثير "1/ 210".
4216 - ابن حيد
(1)
:
الأجل المسند المعروف بالشيخ المؤتمن أبو منصور بكر بن محمد بن علي بن محمد بن حيد النيسابوري التاجر.
حدث بهمذان وببغداد وتنقل في التجارة.
يروي عن: أبي الحسين الخفاف ومحمد بن الحسين العلوي وابن عبدوس وابن بامويه.
قال شيرويه: فاتني السماع منه.
وقال السمع: اني: حدثنا، عنه محمد بن عبد الباقي الأنصاري وسعيد بن أبي الرجاء وإسماعيل بن علي الحمامي وسمع: منه جدي وأبو بكر الخطيب وأثنى عليه.
مات في صفر سنة أربع وستين وأربع مائة.
4217 - محمد بن مكي
(2)
:
ابن عثمان المحدث، المسند، أبو الحسين الأزدي المصري.
سمع: القاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي ومحمد بن أحمد الإخميمي والمؤمل بن أحمد الشيباني والميمون بن حمزة الحسيني وعبد الكريم بن أبي جدار الصواف وأبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب وأبا علي أحمد بن خرشيذ قوله وجده لأمه أحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي وطائفة. حدث بدمشق وبمصر.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 97"، والأنساب للسمعاني "3/ 9 - 10"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 274" والعبر "3/ 256".
(2)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1158"، والعبر "3/ 248"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 84" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 309".
روى عنه: أبو بكر الخطيب وابن ماكولا والفقيه نصر المقدسي وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي وعلي بن إبراهيم النسيب وهبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة وطاهر بن سهل الإسفراييني وأبو القاسم ابن بطريق وعدة.
وثقه الكتاني وقال: توفي في نصف جمادى الأولى سنة إحدى وستين وأربع مائة.
مولده كان في سنة أربع وثمانين وثلاث مائة. سمع: وه في الصغر.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا، أبو القاسم عبد الصمد بن محمد في كتابه سنة ثمان وست مائة أخبرنا، طاهر بن سهل سنة خمس وعشرين وخمس مائة أخبرنا، أبو الحسين محمد بن مكي أخبرنا، جدي أحمد بن عبد الله بن رزيق حدثنا، عبد الرحمن بن رشدين المهري أخبرنا، الحارث بن مسكين حدثنا، ابن عيينة عن، الزهري عن، سالم عن، أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبل"
(1)
.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "3297"، ومسلم "2233"، وأبو داود "5252".
4218 - الأزهري
(1)
:
العدل المسند الصدوق أبو حامد؛ أحمد بن الحسن بن محمد ابن الحسن بن أزهر الأزهري النيسابوري الشروطي من أولاد المحدثين.
سمع من أبي محمد المخلدي، وأبي سعيد بن حمدون، وأبي الحسين الخفاف. وله أصول متقنة.
حدث عنه: زاهر ووجيه ابنا طاهر وعبد الغافر بن إسماعيل وآخرون.
توفي في رجب سنة ثلاث وستين وأربع مائة.
وكان مولده في سنة أربع وسبعين وثلاث مائة وله بصر بالشروط. وقع لي من عواليه.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 252"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1131"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 311".
4219 - المليحي
(1)
:
الشيخ الصدوق، مسند هراة، أبو عمر عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم بن محمد بن داود بن أبي حاتم المليحي الهروي.
سمع: أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وعبد الرحمن بن أبي شريح، ومحمد بن محمد بن سمعان، وأبا حامد أحمد بن عبد الله النعيمي، وجماعة. وروى صحيح البخاري عن، النعيمي.
حدث عنه: محيي السنة أبو محمد البغوي وخلف بن عطاء الماوردي وإسماعيل بن منصور المقرئ ومحمد بن إسماعيل الفضيلي وآخرون.
قال المؤتمن الساجي: كان ثقةً صالحًا قديم المولد سماعه للبخاري بقراءة أبي الفتح بن أبي الفوارس.
قال الحسين بن محمد الكتبي: توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وأربع مائة وله ست وتسعون سنة.
ومليح: من قرى هراة.
4220 - المعتضد
(2)
:
صاحب إشبيلية أبو عمرو عباد بن محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمي الأندلسي ابن القاضي أبي القاسم.
حكم أبوه على إشبيلية مدةً ومات في سنة (433) فقام عباد بعده وتلقب بالمعتضد بالله.
وكان شهمًا مهيبًا شجاعًا صارمًا جرى على قاعدة أبيه مدةً ثم خوطب بأمير المؤمنين. قتل جماعةً صبرًا وصادر الكبار وتمكن. اتخذ في قصره خشبًا جللها برؤوس أمراء وكبار وكانوا يشبهونه بالمنصور لكن مملكة هذا سعة ستة أيام ومملكة أبي جعفر
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1131"، والعبر "3/ 254"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 119"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 314".
(2)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 23"، والعبر "3/ 256"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 156" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 90" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 316".
مسيرة ثمانية أشهر، في عرض أشهر وقد هم ابنه بقتله فما تم له وسجنه أبوه ثم قتله ثم عهد بالملك إلى ابنه المعتمد محمد، وكان جبارًا عسوفًا.
مات سنة أربع وستين وأربع مائة، وقام بعده ابنه.
قيل: لما رأى ميل الكبار إلى خليفة مرواني أخبرهم بأن المؤيد بالله الذي زال ملكه سنة أربع مائة عنده وأحضر جماعةً شهدوا له وقال: أنا حاجبه. وأمر بذكره على المنابر واستمر ذلك مدةً إلى أن نعاه إلى الناس في سنة خمس وخمسين وأربع مائة. وزعم أنه عهد إليه بالخلافة. وهذا محال لا يروج أصلًا ولو كان المؤيد حيا إلى حين نعاه لكان ابن مائة عام وزيادة.
وقيل: إن طاغية الفرنج سم المعتضد في ثياب أهداها له.
4221 - عبد الرحيم بن أحمد
(1)
:
ابن نصر بن إسحاق بن عمرو الإمام الحافظ الجوال أبو زكريا التميمي البخاري.
سمع: بالشام والحجاز واليمن ومصر والعراق والثغر وخراسان وبخارى والقيروان.
حدث عن: أبي نصر أحمد بن علي الكاتب ومحمد بن أحمد غنجار وأبي عبد الله الحسين بن الحسين الحليمي وحمزة بن عبد العزيز المهلبي وأبي عمر بن مهدي الفارسي وهلال بن محمد الحفار وأبي محمد بن البيع؛ صاحب المحاملي وتمام بن محمد الرازي وعبد الغني ابن سعيد الحافظ، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو نصر عبد الوهاب بن الجبان المري؛ أحد شيوخه وعلي بن محمد الحنائي والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي ومشرف بن علي وعلي بن الحسين الفراء وجميل بن يوسف وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي وعدة.
مولده في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.
وأكبر شيخ له إبراهيم بن محمد بن يزداذ، صاحب ابن أبي حاتم.
قال الرازي في "مشيخته": دخل أبو زكريا بلاد المغرب وبلاد الأندلس، وكتب بها وفي شيوخه كثرة وكان من الحفاظ الأثبات، ومات في سنة إحدى وستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1019"، والعبر "3/ 248"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 84"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 309".
وقال ابن طاهر: حدثنا، سعد الزنجاني قال: لم يرو كتاب مشتبه النسبة عن، مؤلفه عبد الغني سوى ابن بنته علي بن البقاء وابن عبد الرحيم البخاري حدث به.
في قول الزنجاني، نظر فإن رشأ بن نظيف قد رواه أيضًا، وهو وعبد الرحيم ثقتان، والله أعلم.
أنبأنا المسلم بن محمد عن، القاسم بن علي أخبرنا، أبي أخبرنا، أبو الحسن علي بن المسلم حدثنا، عبد العزيز الكتاني أخبرنا، أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المري حدثني عبد الرحيم بن أحمد البخاري قدم علينا أخبرنا، أحمد بن نصر الكاتب ببخارى أخبرنا، أبو نصر أحمد بن سهل حدثنا، قيس بن أنيف حدثنا، محمد بن صالح حدثنا، محمد بن سليمان المكي حدثنا، عبد الله بن ميمون القداح عن، جعفر بن محمد عن، أبيه عن، جده عن، علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا. فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك فزنت نساؤهم"
(1)
.
أخبرنا، الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الديباجي، حدثنا أحمد بن يحيى بن الجارود، حدثنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ إملاءً، أخبرنا محمد بن إبراهيم البصري ببيت المقدس، حدثنا أحمد بن سلام الطرسوسي، أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الطرسوسي، حدثنا يعلى ومحمد ابنا عبيد قالا: حدثنا الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة: سمعت عليًا رضي الله عنه يقول: "إذا حدثتكم عن، رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فإني والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيننا فإن الحرب خدعة". أخرجه مسلم
(2)
.
ومات معه أبو معمر أحمد بن عبد الواحد البالكي الهروي؛ راوي الجعديات عن، ابن أبي شريح وأبو عمر أحمد بن محمد بن مسعود الجذامي البزلياني القاضي؛ صاحب ابن زرب وأبي عبد الله بن مفرج عن، مائة سنة وأبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري ومقرئ مصر أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي ومحدث بخارى عمر بن منصور البزاز وأبو الحسن أحمد بن الحسن بن علي بن الفضل الكاتب وقد شاخ والمظفر بن الحسن سبط ابن لال الهمذاني وأبو طاهر عبد الباقي بن محمد الأنصاري صهر هبة وأبو طاهر أحمد بن الحسين بن أبي حنيفة؛ روى عن، أحمد السوسنجردي ومختار بن محمد بن محمد النجار؛ أحد الشعراء والقدوة أبو محمد عبد الله بن البرداني زاهد بغداد.
(1)
ضعيف جدا: آفته عبد الله بن ميمون القداح، قال أبو حاتم: متروك.
وقال البخاري: ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
(2)
صحيح أخرجه البخاري "3611"، ومسلم "1066"، وأبو داود "4767"، والنسائي "7/ 119".
4222 - القاضي حسين
(1)
:
ابن محمد بن أحمد العلامة شيخ الشافعية بخراسان أبو علي المروذي. ويقال له أيضًا: المروروذي الشافعي.
حدث عن: أبي نعيم سبط الحافظ أبي عوانة.
حدث عنه: عبد الرزاق المنيعي ومحيي السنة البغوي وجماعة وهو من أصحاب الوجوه في المذهب.
تفقه بأبي بكر القفال المروزي.
وله التعليقة الكبرى والفتاوى وغير ذلك وكان من أوعية العلم وكان يلقب بحبر الأمة.
ومما نقل في التعليقة أن البيهقي نقل قولًا للشافعي: أن المؤذن إذا ترك الترجيع في أذانه لم يصح أذانه.
وقيل: إن إمام الحرمين تفقه عليه أيضًا. ومن أنبل تلامذته محيي السنة صاحب التهذيب.
مات القاضي حسين بمرو الروذ في المحرم سنة اثنتين وستين وأربع مائة.
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن محمد بن سياوش الكازروني والحسن بن علي بن عبد الصمد اللباد المقرئ وعبد الله بن الحسن التنيسي ابن النحاس ووالد قاضي المارستان وعبد الله ابن إبراهيم بن كبيبة الدمشقي وأبو غالب محمد بن أحمد بن سهل الواسطي ابن الخالة والمفتي محمد بن عتاب بقرطبة وأبو الغنائم محمد بن محمد بن الغراء ببيت المقدس وصاحب الغرب أبو بكر بن عمر اللمتوني.
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 134"، والعبر "3/ 249"، وطبقات الشافعية للسبكي "4/ 356"، وتبصير المنتبه "4/ 1357"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 310".
4223 - ابن الدجاجي
(1)
:
الشيخ الأمين المعمر أبو الغنائم؛ محمد بن علي بن علي بن حسن ابن الدجاجي البغدادي محتسب بغداد.
حدث عن: علي بن عمر الحربي وأبي محمد بن معروف وإسماعيل ابن سويد وطائفة وله إجازة من المعافى بن زكريا.
حدث عنه: أبو عبد الله الحميدي وشجاع الذهلي وناصر بن علي الباقلاني وطلحة بن أحمد العاقولي ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبو منصور القزاز وآخرون.
قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا مات في سلخ شعبان سنة ثلاث وستين وأربع مائة عن، ثلاث وثمانين سنة.
ولي الحسبة فلم يحمد فصرف.
قال السمعاني: قرأت بخط هبة الله السقطي أن ابن الدجاجي كان ذا وجاهة وتقدم وحال واسعة وعهدي به وقد أخنى عليه الزمان وقصدته في جماعة مثرين لنسمع: منه وهو مريض فدخلنا وهو على بارية وعليه جبة قد حرقت النار فيها وليس عنده ما يساوي درهمًا فحمل على نفسه حتى قرأنا عليه بحسب شره أهل الحديث فلما خرجنا قلت: هل معكم ما نصرفه إلى الشيخ؟ فاجتمع له نحو خمسة مثاقيل فدعوت بنته وأعطيتها ووقفت لأرى تسليمها له فلما أعطته؛ لطم حر وجهه ونادى: وافضيحتاه: آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عوضًا؟ لا والله. ونهض حافيًا إلي وبكى فأعدت الذهب إليهم فتصدقوا به.
4224 - الفوراني
(2)
:
العلامة كبير الشافعية أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي الفقيه صاحب أبي بكر القفال.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 108"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 208"، والأنساب للسمعاني "5/ 282"، واللباب لابن الأثير "1/ 492"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1131"، والعبر "3/ 254"، وتبصير المنتبه "2/ 657"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 314".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "9/ 341"، واللباب لابن الأثير "2/ 444"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 132"، والعبر "3/ 247"، ولسان الميزان "3/ 433"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 309".
له المصنفات الكبيرة في المذهب. وكان سيد فقهاء مرو.
وسمع: علي بن عبد الله الطيسفوني والقفال المروزي.
حدث عنه: عبد الرحمن بن عمر المروزي وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري وزاهر بن طاهر وآخرون.
صنف كتاب "الإبانة" وغير ذلك.
وهو شيخ الفقيه أبي سعد المتولي صاحب التتمة يعني تتمة كتاب الإبانة فالتتمة كالشرح للإبانة. وقد أثنى أبو سعد المتولي على الفوراني في خطبة كتاب التتمة وسمع: منه أيضًا محيي السنة البغوي.
وكان إمام الحرمين يحط على الفوراني حتى قال في باب الأذان: هذا الرجل غير موثوق بنقله. وقد نقم الأئمة على إمام الحرمين ثوران نفسه على الفوراني وما صوبوا صورة حطه عليه لأن الفوراني من أساطين أئمة المذهب.
توفي سنة إحدى وستين وأربع مائة، وقد شاخ، رحمه الله.
4225 - المنيعي
(1)
:
الشيخ الجليل الحاج الرئيس أبو علي حسان بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرحمن بن سيف الله خالد بن الوليد المخزومي الخالدي المنيعي المروروذي.
سمع: أبا طاهر بن محمش وأبا القاسم بن حبيب وأبا الحسن بن السقا وطائفة.
روى عنه: محيي السنة أبو محمد البغوي وعبد المنعم بن القشيري وعبد الوهاب بن شاه وآخرون.
قال عبد الغافر: هو الرئيس أبو علي الحاجي شيخ الإسلام المحمود بالخصال السنية عم الآفاق بخيره وبره وكان في شبابه تاجرًا ثم عظم حتى كان من المخاطبين من مجالس السلاطين لم يستغنوا عن، رأيه فرغب إلى الخيرات وأناب إلى التقوى وبنى المساجد والرباطات وجامع مرو الروذ يكسو في الشتاء نحوًا من ألف نفس وسعى في إبطال الأعشار عن، بلده ورفع الوظائف عن، القرى واستدعى صدقة عامةً على أهل البلد غنيهم وفقيرهم فتدفع إلى كل واحد خمسة دراهم وتم ذلك بعده وكان ذا تهجد وصيام واجتهاد.
قال السمع: اني: كان في شبابه يجمع بين الدهقنة والتجارة ويسلك طريق الفتيان حتى ساد ولما تسلطن سلجوق ظهر أمره وبنى الجامع ببلده ثم بنى الجامع الجديد بنيسابور.
وقيل: إن امرأةً أتته بثوب لينفق ثمنه في بناء الجامع يساوي نصف دينار فاشتراه منها بألف دينار وسلمت المال إلى الخازن لإنفاقه وخبأ الثوب كفنًا له.
وقيل: مر السلطان بباب مسجده فنزل مراعاةً له وسلم عليه. ومناقبه جمة.
مات في ذي القعدة سنة ثلاث وستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 270"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1131"، والعبر "3/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 313".
4226 - النخشبي
(1)
:
الشيخ الإمام الحافظ الرحال المفيد عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم النسفي. ونسف: هي نخشب.
صحب الحافظ جعفر بن محمد المستغفري وأكثر عنه وأدرك ببغداد محمد بن محمد بن غيلان ومحمد بن الحسين الحراني وبأصبهان أبا بكر بن ريذة وبدمشق والأقاليم.
حدث عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء وسهل بن بشر الإسفراييني وطائفة.
قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فجعل يعظمه جدًا ويقول: ذاك النخشبي ذاك النخشبي كان حافظًا كثيرًا.
وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن، عبد العزيز النخشبي فقال: كان الحفاظ مثل أبي بكر الخطيب ومحمد بن علي الصوري يحسنون الثناء عليه ويرضون فهمه. حصل له بمصر وما والاها الإسناد.
وقال الحافظ يحيى بن مندة: كان أوحد زمانه في الحفظ والإتقان لم نر مثله في الحفظ في عصرنا دقيق الخط سريع الكتابة والقراءة حسن الأخلاق. ثم قال: توفي بنخشب سنة سبع وخمسين وأربع مائة.
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: مات سنة ست بنخشب. وقيل: مات بسمرقند.
وقال يحيى بن مندة: قدم علينا في سنة " (433) " ضربه القاضي الخطبي بسبب الإمام أبي حنيفة رأيت بعيني علامة الضرب على ظهره. مات في جمادى الآخرة سنة سبع. كان ينزل في دارنا ويبيت مع أبي.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة "1018"، والعبر "3/ 237"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 297".
4227 - الحسكاني
(1)
:
الإمام المحدث البارع القاضي أبو القاسم؛ عبيد الله بن عبد الله ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم. ويعرف أيضًا بابن الحذاء من ذرية الأمير الذي افتتح خراسان؛ عبد الله بن عامر بن كريز.
حدث عن: جده وعن أبي الحسن العلوي وأبي عبد الله الحاكم وأبي طاهر بن محمش وعبد الله بن يوسف وابن فنجويه الدينوري وأبي الحسن بن السقا وعلي بن أحمد بن عبدان وخلق إلى أن ينزل إلى أبي سعد الكنجروذي وطبقته.
اختص بصحبة أبي بكر بن الحارث النحوي، ولازمه، وأخذ أيضًا عن، الحافظ أحمد بن علي بن منجويه.
وتفقه بالقاضي صاعد بن محمد.
وصنف وجمع وعني بهذا الشأن.
لازمه الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل وأكثر عنه وأورده في تاريخه لكني ما وجدته أرخ موته والظاهر أنه بقي إلى بعد السبعين وأربع مائة.
حدث عنه: وجيه الشحامي في مشيخته حديثًا يرويه عن، عبد الله بن يوسف بن بامويه.
أما:
4228 - أبو سعد:
عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حسكويه، فشيخ كان حيًا بعد الثمانين وأربع مائة. يروي عنه: عبد الخالق بن زاهر الشحامي، ويروي والده أيضًا عن، والده عبد الله صاحب أبي الحسين الخفاف.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1032".
4229 - الخطيب
(1)
:
الإمام الأوحد العلامة المفتي الحافظ الناقد محدث الوقت أبو بكر؛ أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، صاحب التصانيف، وخاتمة الحفاظ.
ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة.
وكان أبوه أبو الحسن خطيبًا بقرية درزيجان، وممن تلا القرآن على أبي حفص الكتاني فحض ولده أحمد على السماع والفقه فسمع: وهو ابن إحدى عشرة سنةً وارتحل إلى البصرة وهو ابن عشرين سنة وإلى نيسابور وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وإلى الشام وهو كهل وإلى مكة وغير ذلك. وكتب الكثير وتقدم في هذا الشأن وبذ الأقران وجمع وصنف وصحح وعلل وجرح وعدل وأرخ وأوضح وصار أحفظ أهل عصره على الإطلاق.
سمع: أبا عمر بن مهدي الفارسي وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي وأبا الحسين بن المتيم وحسين بن الحسن الجواليقي ابن العريف يروي عن، ابن مخلد العطار وسعد بن محمد الشيباني سمع: من أبي علي الحصائري وعبد العزيز بن محمد الستوري حدثه عن، إسماعيل الصفار وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي وأبا الفرج محمد بن فارس الغوري وأبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي وأبا بكر محمد بن عبد الله بن أبان الهيتي ومحمد بن عمر بن عيسى الحطراني حدثه عن، أحمد بن إبراهيم البلدي وأبا نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي وأبا القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر والحسين بن عمر ابن برهان وأبا الحسن بن رزقويه وأبا الفتح هلال بن محمد الحفار وأبا الفتح بن أبي الفوارس وأبا العلاء محمد بن الحسن الوراق وأبا الحسين بن بشران. وينزل إلى أن يكتب عن، عبد الصمد بن المأمون وأبي الحسين بن النقور بل نزل إلى أن روى عن، تلامذته كنصر المقدسي وابن ماكولا والحميدي وهذا شأن كل حافظ يروي عن، الكبار والصغار.
وسمع: بعكبرا من الحسين بن محمد الصائغ حدثه عن، نافلة علي بن حرب.
ولحق بالبصرة أبا عمر الهاشمي شيخه في السنن وعلي بن القاسم الشاهد والحسن بن علي السابوري وطائفة.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "5/ 151"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 265"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "4/ 13"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1135"، والعبر "3/ 253"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 87"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 311".
وسمع بنيسابور: القاضي أبا بكر الحيري وأبا سعيد الصيرفي وأبا القاسم عبد الرحمن السراج وعلي بن محمد الطرازي والحافظ أبا حازم العبدوي وخلقًا.
وبأصبهان: أبا الحسن بن عبد كويه وأبا عبد الله الجمال ومحمد ابن عبد الله بن شهريار وأبا نعيم الحافظ.
وبالدينور: أبا نصر الكسار.
وبهمذان: محمد بن عيسى وطبقته.
وسمع: بالري والكوفة وصور ودمشق ومكة.
وكان قدومه إلى دمشق في سنة خمس وأربعين، فسمع من محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي وطبقته. واستوطنها ومنها حج وقرأ صحيح البخاري على كريمة في أيام الموسم.
وأعلى ما عنده حديث مالك، وحماد بن زيد بينه وبين كل منهما ثلاثة أنفس.
حدث عنه: أبو بكر البرقاني؛ وهو من شيوخه وأبو نصر بن ماكولا والفقيه نصر والحميدي وأبو الفضل بن خيرون والمبارك بن الطيوري وأبو بكر بن الخاضبة وأبي النرسي وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي والمرتضى محمد بن محمد الحسيني ومحمد بن مرزوق الزعفراني وأبو القاسم النسيب وهبة الله بن الأكفاني ومحمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي وغيث بن علي الأرمنازي وأحمد بن أحمد المتوكلي وأحمد ابن علي بن المجلي وهبة الله بن عبد الله الشروطي وأبو الحسن بن سعيد وطاهر بن سهل الإسفراييني وبركات النجاد وعبد الكريم بن حمزة وأبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس المالكي وأبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي وقاضي المارستان أبو بكر وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي وأبو منصور الشيباني؛ راوي تاريخه وأبو منصور بن خيرون المقرئ وبدر بن عبد الله الشيحي والزاهد يوسف بن أيوب الهمذاني وهبة الله بن علي المجلي وأخوه أبو السعود أحمد وأبو الحسين بن أبي يعلى وأبو الحسين بن بويه وأبو البدر الكرخي ومفلح الدومي ويحيى بن الطرح وأبو الفضل الأرموي وعدد يطول ذكرهم.
وكان من كبار الشافعية، تفقه على أبي الحسن بن المحاملي، والقاضي أبي الطيب الطبري.
قال أبو منصور بن خيرون: حدثنا، الخطيب أنه ولد في جمادى الآخرة سنة 392 وأول ما سمع: في المحرم سنة ثلاث وأربع مائة.
قال أحمد بن صالح الجيلي: تفقه الخطيب وقرأ بالقراءات وارتحل وقرب من رئيس الرؤساء فلما قبض عليه البساسيري استتر الخطيب وخرج إلى صور وبها عز الدولة؛ أحد الأجواد فأعطاه مالًا كثيرًا. عمل نيفًا وخمسين مصنفًا وانتهى إليه الحفظ شيعه خلق عظيم وتصدق بمائةي دينار وأوقف كتبه واحترق كثير منها بعده بخمسين سنة.
وقال الخطيب: استشرت البرقاني في الرحلة إلى أبي محمد بن النحاس بمصر أو إلى نيسابور إلى أصحاب الأصم فقال: إنك إن خرجت إلى مصر إنما تخرج إلى واحد إن فاتك ضاعت رحلتك وإن خرجت إلى نيسابور ففيها جماعة إن فاتك واحد أدركت من بقي. فخرجت إلى نيسابور.
قال الخطيب في تاريخه: كنت أذاكر أبا بكر البرقاني بالأحاديث فيكتبها عني ويضمنها جموعه. وحدث عني وأنا أسمع: وفي غيبتي ولقد حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني أخبرنا، أبو بكر الخوارزمي سنة عشرين وأربع مائة حدثنا، أحمد بن علي بن ثابت حدثنا، محمد بن موسى الصيرفي حدثنا، الأصم. فذكر حديثًا.
قال ابن ماكولا: كان أبو بكر آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفةً وحفظًا وإتقانًا وضبطًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفننًا في علله وأسانيده وعلمًا بصحيحه وغريبة وفرده ومنكره ومطروحه ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن الدارقطني مثله. سألت أبا عبد الله الصوري عن، الخطيب وأبي نصر السجزي: أيهما أحفظ؟ ففضل الخطيب تفضيلًا بينًا.
قال المؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي بكر الخطيب.
وقال أبو علي البرداني: لعل الخطيب لم ير مثل نفسه.
انبأني بالقولين المسلم بن محمد عن، القاسم بن عساكر حدثنا، أبي حدثنا، أخي هبة الله حدثنا، أبو طاهر السلفي عنهما.
وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه: أبو بكر الخطيب يشبه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه.
وقال أبو الفتيان الحافظ: كان الخطيب إمام هذه الصنعة ما رأيت مثله.
قال أبو القاسم النسيب: سمعت الخطيب يقول: كتب معي أبو بكر البرقاني كتابًا إلى أبي
نعيم الحافظ يقول فيه: وقد رحل إلى ما عندك أخونا أبو بكر أيده الله وسلمه ليقتبس من علومك وهو بحمد الله ممن له في هذا الشأن سابقة حسنة وقدم ثابت وقد رحل فيه وفي طلبه وحصل له منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك مع التورع والتحفظ ما يحسن لديك موقعه.
قال عبد العزيز بن أحمد الكتاني سمع: من الخطيب شيخه أبو القاسم عبيد الله الأزهري في سنة اثنتي عشرة وأربع مائة. وكتب عنه شيخه البرقاني وروى عنه. وعلق الفقه عن، أبي الطيب الطبري وأبي نصر بن الصباغ وكان يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله.
قلت: صدق. فقد صرح الخطيب في أخبار الصفات أنها تمر كما جاءت بلا تأويل.
قال الحافظ أبو سعد السمعاني في "الذيل": كان الخطيب مهيبًا وقورًا ثقة متحريًا حجة حسن الخط، كثير الضبط فصيحًا ختم به الحفاظ، رحل إلى الشام حاجًا، ولقي بصور أبا عبد الله القضاعي، وقرأ الصحيح في خمسة أيام على كريمة المروزية ورجع إلى بغداد ثم خرج منها بعد فتنة البساسيري لتشويش الوقت إلى الشام سنة إحدى وخمسين فأقام بها وكان يزور بيت المقدس ويعود إلى صور إلى سنة اثنتين وستين فتوجه إلى طرابلس ثم منها إلى حلب ثم إلى الرحبة ثم إلى بغداد فدخلها في ذي الحجة. وحدث بحلب وغيرها.
السمع: اني: سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو سمعت الفضل ابن عمر النسوي يقول: كنت بجامع صور عند أبي بكر الخطيب فدخل علوي وفي كمه دنانير فقال: هذا الذهب تصرفه في مهماتك. فقطب في وجهه وقال: لا حاجة لي فيه فقال: كأنك تستقله وأرسله من كمه على سجادة الخطيب. وقال: هذه ثلاث مائة دينار. فقام الخطيب خجلًا محمرًا وجهه وأخذ سجادته ورمى الدنانير وراح. فما أنى عزه وذل العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير.
ابن ناصر: حدثنا، أبو زكريا التبريزي اللغوي قال: دخلت دمشق فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة وكنت أسكن منارة الجامع فصعد إلي وقال: أحببت أن أزورك في بيتك. فتحدثنا ساعةً. ثم أخرج ورقة وقال: الهدية مستحبة تشتري بهذا أقلامًا. ونهض فإذا خمسة دنانير مصرية ثم صعد مرة أخرى ووضع نحوًا من ذلك. وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع: صوته في آخر الجامع وكان يقرأ معربًا صحيحًا.
قال السمعاني: سمعت من ستة عشر نفسًا من أصحابه وحدثنا عنه يحيى بن علي الخطيب سمع: منه بالأنبار قرأت بخط أبي سمعت أبا محمد بن الآبنوسي سمعت الخطيب يقول: كلما ذكرت في التاريخ رجلًا اختلفت فيه أقاويل الناس في الجرح والتعديل فالتعويل على ما أخرت وختمت به الترجمة.
قال ابن شافع: خرج الخطيب إلى صور وقصدها وبها عز الدولة الموصوف بالكرم فتقرب منه فانتفع به وأعطاه مالًا كثيرًا. قال: وانتهى إليه الحفظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث.
قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحكي عن، ابن خيرون أو غيره أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات وسأل الله ثلاث حاجات أن يحدث بتاريخ بغداد بها وأن يملي الحديث بجامع المنصور وأن يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له الثلاث.
قال غيث بن علي: حدثنا، أبو الفرج الإسفراييني قال: كان الخطيب معنا في الحج فكان يختم كل يوم ختمةً قراءة ترتيل ثم يجتمع الناس عليه وهو راكب يقولون: حدثنا، فيحدثهم. أو كما قال.
قال المؤتمن: سمعت عبد المحسن الشيحي يقول: كنت عديل أبي بكر الخطيب من دمشق إلى بغداد فكان له في كل يوم وليلة ختمة.
قال الخطيب في ترجمة إسماعيل بن أحمد النيسابوري الضرير: حج وحدث ونعم الشيخ كان ولما حج كان معه حمل كتب ليجاور منه: صحيح البخاري؛ سمع: هـ من الكشميهني فقرأت عليه جميعه في ثلاثة مجالس فكان المجلس الثالث من أول النهار وإلى الليل ففرغ طلوع الفجر.
قلت: هذه والله القراءة التي لم يسمع: قط بأسرع منها.
وفي تاريخ محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي الخطيب في كذا ومات هذا العلم بوفاته. وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثًا حتى يعرضوه عليه فما صححه أوردوه وما رده لم يذكروه. وأظهر بعض اليهود كتابًا ادعى أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسقاط الجزية عن، أهل خيبر وفيه شهادة الصحابة وذكروا أن خط علي ر فيه. وحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء فعرضه على الخطيب فتأمله وقال: هذا مزور قيل: من أين قلت؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر
سنة سبع وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات يوم بني قريظة قبل خيبر بسنتين. فاستحسن ذلك منه.
قال السمع: اني: سمعت يوسف بن أيوب بمرو يقول: حضر الخطيب درس شيخنا أبي إسحاق فروى أبو إسحاق حديثًا من رواية بحر بن كنيز السقاء ثم قال للخطيب: ما تقول فيه؟ فقال: إن أذنت لي ذكرت حاله. فانحرف أبو إسحاق وقعد كالتلميذ وشرع الخطيب يقول وشرح أحواله شرحًا حسنًا فأثنى الشيخ عليه وقال: هذا دارقطني عصرنا.
قال أبو علي البرداني: حدثنا، حافظ وقته أبو بكر الخطيب وما رأيت مثله ولا أظنه رأى مثل نفسه.
وقال السلفي: سألت شجاعًا الذهلي عن، الخطيب فقال: إمام مصنف حافظ لم ندرك مثله.
وعن سعيد المؤدب قال: قلت لأبي بكر الخطيب عند قدومي: أنت الحافظ أبو بكر؟ قال: انتهى الحفظ إلى الدارقطني.
قال ابن الآبنوسي: كان الحافظ الخطيب يمشي وفي يده جزء يطالعه.
وقال المؤتمن: كان الخطيب يقول: من صنف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس.
محمد بن طاهر: حدثنا، مكي بن عبد السلام الرميلي قال: كان سبب خروج الخطيب من دمشق إلى صور أنه كان يختلف إليه صبي مليح فتكلم الناس في ذلك وكان أمير البلد رافضيًا متعصبًا فبلغته القصة فجعل ذلك سببًا إلى الفتك به فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل فيقتله وكان صاحب الشرطة سنيًا فقصده تلك الليلة في جماعة ولم يمكنه أن يخالف الأمير فأخذه وقال: قد أمرت فيك بكذا وكذا ولا أجد لك حيلةً إلَّا أني أعبر بك عند دار الشريف ابن أبي الجن فإذا حاذيت الدار اقفز وادخل فإني لا أطلبك وأرجع إلى الأمير فأخبره بالقصة. ففعل ذلك ودخل دار الشريف فأرسل الأمير إلى الشريف أن يبعث به فقال: أيها الأمير! أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله وليس في قتله مصلحة هذا مشهور بالعراق إن قتلته قتل به جماعة من الشيعة وخربت المشاهد. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن ينزح من بلدك. فأمر بإخراجه فراح إلى صور وبقي بها مدة.
قال أبو القاسم بن عساكر: سعى بالخطيب حسين بن علي الدمنشي إلى أمير الجيوش فقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة وفضائل العباس في الجامع.
وروى ابن عساكر عمن ذكره أن الخطيب وقع إليه جزء فيه سماع القائم بأمر الله فأخذه وقصد دار الخلافة وطلب الإذن في قراءته فقال الخليفة: هذا رجل كبير في الحديث وليس له في السماع حاجة فلعل له حاجةً أراد أن يتوصل إليها بذلك فسلوه ما حاجته؟ فقال: حاجتي أن يؤذن لي أن أملي بجامع المنصور. فأذن له فأملى.
قال ابن طاهر: سألت هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: لا كنا إذا سألناه عن، شيء أجابنا بعد أيام وإن ألححنا عليه غضب كانت له بادرة وحشة ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه.
وقال أبو الحسين بن الطيوري: أكثر كتب الخطيب سوى تاريخ بغداد مستفادة من كتب الصوري كان الصوري ابتدأ بها وكانت له أخت بصور خلف أخوها عندها اثني عشر عدلًا من الكتب فحصل الخطيب من كتبه أشياء. وكان الصوري قد قسم أوقاته في نيف وثلاثين شيئًا.
قلت: ما الخطيب بمفتقر إلى الصوري هو أحفظ وأوسع رحلة وحديثًا ومعرفة.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا أبو الفضل الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن مرزوق الزعفراني، حدثنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال: أما الكلام في الصفات فإن ما روي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها، وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه. والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله فإذا كان معلومًا أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا: لله يد وسمع: وبصر فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ولا نقول: إن معنى اليد القدرة ولا إن معنى السمع: والبصر العلم ولا نقول: إنها جوارح. ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ووجب نفي التشبيه عنها لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد} [الإخلاص: 4].
قال ابن النجار: ولد الخطيب بقرية من أعمال نهر الملك، وكان أبوه خطيبًا بدرزيجان ونشأ هو ببغداد وقرأ القراءات بالروايات وتفقه على الطبري وعلق عنه شيئًا من الخلاف إلى أن قال: وروى عنه محمد بن عبد الملك بن خيرون وأبو سعد أحمد بن محمد الزوزني ومفلح بن أحمد الدومي والقاضي محمد بن عمر الأرموي وهو آخر من حدث عنه يعني بالسماع.
وروى عنه بالإجازة طائفة عددت في "تاريخ الإسلام" آخرهم مسعود بن الحسن الثقفي ثم ظهرت إجازته له ضعيفةً مطعونًا فيها فليعلم ذلك.
وكتابة الخطيب مليحة مفسرة كاملة الضبط بها أجزاء بدمشق رأيتها. وقرأت بخطه: أخبرنا، علي بن محمد السمسار، أخبرنا ابن المظفر، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا جعفر بن نوح، حدثنا محمد بن عيسى، سمعت يزيد بن هارون يقول: ما عزت النية في الحديث إلَّا لشرفه.
قال أبو منصور علي بن علي الأمين: لما رجع الخطيب من الشام كانت له ثروة من الثياب والذهب وما كان له عقب فكتب إلى القائم بأمر الله: إن مالي يصير إلى بيت مال فائذن لي حتى أفرقه فيمن شئت. فأذن له ففرقها على المحدثين.
قال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أبي حدثها قال: كنت أدخل على الخطيب وأمرضه فقلت له يومًا: يا سيدي! إن أبا الفضل بن خيرون لم يعطني شيئًا من الذهب الذي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث. فرفع الخطيب رأسه من المخدة وقال: خذ هذه الخرقة بارك الله لك فيها. فكان فيها أربعون دينارًا فأنفقتها مدة في طلب العلم.
وقال مكي الرميلي: مرض الخطيب في نصف رمضان إلى أن اشتد الحال به في غرة ذي الحجة وأوصى إلى ابن خيرون ووقف كتبه على يده وفرق جميع ماله في وجوه البر وعلى المحدثين وتوفي في رابع ساعة من يوم الاثنين سابع ذي الحجة من سنة ثلاث وستين ثم أخرج بكرة الثلاثاء وعبروا به إلى الجانب الغربي وحضره القضاة والأشراف والخلق. وتقدم في الإمامة أبو الحسين بن المهتدي بالله فكبر عليه أربعًا ودفن بجنب قبر بشر الحافي.
وقال ابن خيرون: مات ضحوة الاثنين ودفن بباب حرب. وتصدق بماله وهو مائتا دينار، وأوصى بأن يتصدق بجميع ثيابه، ووقف جميع كتبه، وأخرجت جنازته من حجرة تلي النظامية، وشيعة الفقهاء والخلق، وحملوه إلى جامع المنصور، وكان بين يدي الجنازة
جماعة ينادون: هذا الذي كان يذب عن، النبي صلى الله عليه وسلم الكذب هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وختم على قبره عدة ختمات.
وقال الكتاني في "الوفيات": ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر توفي في سابع ذي الحجة وحمل جنازته الإمام أبو إسحاق الشيرازي. وكان ثقةً حافظًا متقنًا متحريًا مصنفًا.
قال أبو البركات إسماعيل ابن أبي سعد الصوفي: كان الشيخ أبو بكر ابن زهراء الصوفي برباطنا قد أعد لنفسه قبرًا إلى جانب قبر بشر الحافي وكان يمضي إليه كل أسبوع مرةً وينام فيه ويتلو فيه القرآن كله فلما مات أبو بكر الخطيب كان قد أوصى أن يدفن إلى جنب قبر بشر فجاء أصحاب الحديث إلى ابن زهراء وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره وأن يؤثره به فامتنع وقال: موضع قد أعددته لنفسي يؤخذ مني!. فجاؤوا إلى والدي وذكروا له ذلك فأحضر ابن زهراء وهو أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي فقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر ولكن أقول لك: لو أن بشرًا الحافي في الأحياء وأنت إلى جانبه فجاء أبو بكر الخطيب ليقعد دونك أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا بل كنت أجلسه مكاني. قال: فهكذا ينبغي أن تكون الساعة. قال: فطاب قلبه وأذن.
قال أبو الفضل بن خيرون: جاءني بعض الصالحين وأخبرني لما مات الخطيب أنه رآه في النوم فقال له: كيف حالك؟ قال: أنا في روح وريحان وجنة نعيم.
وقال أبو الحسن علي بن الحسين بن جدا: رأيت بعد موت الخطيب كأن شخصًا قائمًا بحذائي فأردت أن أسأله عن، أبي بكر الخطيب فقال لي ابتداءً: أنزل وسط الجنة حيث يتعارف الأبرار. رواها البرداني في كتاب المنامات عنه.
قال غيث الأرمنازي: قال مكي الرميلي: كنت نائمًا ببغداد في ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربع مائة فرأيت كأنا اجتمعنا عند أبي بكر الخطيب في منزله لقراءة التاريخ على العادة فكأن الخطيب جالس والشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي عن، يمينه وعن يمين نصر رجل لم أعرفه فسألت عنه فقيل: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليسمع: التاريخ فقلت في نفسي: هذه جلالة لأبي بكر إذ يحضر رسول الله مجلسه وقلت: هذا رد لقول من يعيب التاريخ ويذكر أن فيه تحاملًا على أقوام.
قال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: حدثني الفقيه الصالح حسن بن أحمد البصري قال: رأيت الخطيب في المنام وعليه ثياب بيض حسان وعمامة بيضاء وهو فرحان يتبسم فلا أدري قلت: ما فعل الله بك؟ أو هو بدأني فقال: غفر الله لي أو رحمني، وكل
من يجيء فوقع لي أنه يعني بالتوحيد إليه يرحمه أو يغفر له فأبشروا وذلك بعد وفاته بأيام.
قال المؤتمن: تحاملت الحنابلة على الخطيب حتى مال إلى ما مال إليه.
قلت: تناكد ابن الجوزي رحمه الله وغض من الخطيب ونسبه إلى أنه يتعصب على أصحابنا الحنابلة.
قلت: ليت الخطيب ترك بعض الحط على الكبار فلم يروه.
قال أبو سعد السمع: اني: للخطيب ستة وخمسون مصنفًا: التاريخ مائة جزء وستة أجزاء. شرف أصحاب الحديث ثلاثة أجزاء الجامع خمسة عشر جزءًا الكفاية ثلاثة عشر جزءًا السابق واللاحق عشرة أجزاء المتفق والمفترق ثمانية عشر جزءًا المكمل في المهمل ستة أجزاء غنية المقتبس في تمييز الملتبس من وافقت كنيته اسم أبيه الأسماء المبهمة مجلد الموضح أربعة عشر جزءًا من حدث ونسي جزء التطفيل ثلاثة أجزاء القنوت ثلاثة أجزاء الرواة عن، مالك ستة أجزاء الفقيه والمتفقه مجلد تمييز متصل الأسانيد مجلد الحيل ثلاثة أجزاء الإنباء عن، الأبناء جزء الرحلة جزء الاحتجاج بالشافعي جزء البخلاء في أربعة أجزاء المؤتنف في تكميل المؤتلف "كتاب البسملة وأنها من الفاتحة""الجهر بالبسملة" جزآن مقلوب الأسماء والأنساب مجلد "جزء اليمين مع الشاهد""أسماء المدلسين""اقتضاء العلم العمل"، "تقييد العلم" ثلاثة أجزاء القول في النجوم جزء رواية الصحابة عن، تابعي جزء صلاة التسبيح جزء مسند نعيم بن حماد جزء النهي عن، صوم يوم الشك إجازة المعدوم والمجهول جزء ما فيه ستة تابعيون جزء.
وقد سرد ابن النجار أسماء تواليف الخطيب وزاد أيضًا له: معجم الرواة عن، شعبة ثمانية أجزاء المؤتلف والمختلف أربعة وعشرون جزءًا حديث محمد بن سوقة أربعة أجزاء المسلسلات ثلاثة أجزاء الرباعيات ثلاثة أجزاء طرق قبض العلم ثلاثة أجزاء غسل الجمعة ثلاثة أجزاء "الإجازة للمجهول".
أنشدني أبو الحسين الحافظ أنشدنا جعفر بن منير أنشدنا السلفي لنفسه.
تصانيف ابن ثابتٍ الخطيب
…
ألذّ من الصّبا الغضّ الرطيب
يراها إذ رواها من حواها
…
رياضًا للفتى اليقظ اللّبيب
ويأخذ حسن ما قد صاغ منها
…
بقلب الحافظ الفطن الأريب
فأيّة راحةٍ ونعيم عيشٍ
…
يوازي كتبها بل أيّ طيب
رواها السمع: اني في تاريخه عن، يحيى بن سعدون عن، السلفي.
أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد ومؤمل بن محمد كتابة قالا: أخبرنا، زيد بن الحسن أخبرنا، أبو منصور القزاز أخبرنا، أبو بكر الخطيب أخبرنا، أحمد بن محمد بن أحمد الأهوازي أخبرنا، محمد بن جعفر المطيري حدثنا، الحسن بن عرفة حدثنا، زكريا بن يحيى بن أبي زائدة عن، عبيد الله بن عمر عن، أسامة بن زيد عن، عراك بن مالك عن، أبي هريرة عن، النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس في الخيل والرقيق زكاة إلَّا أن في الرقيق صدقة الفطر"
(1)
.
وبه: قال الخطيب: أخبرنا، علي بن القاسم الشاهد من حفظه حدثنا، أبو روق الهزاني حدثنا، أبو حفص عمرو بن علي سنة سبع وأربعين ومائةين حدثنا، معتمر عن، أبيه عن، أنس قال: كانت أم سليم مع نسوة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وكان حاديهم يقال له: أنجشة فناداه النبي صلى الله عليه وسلم: "رويدًا يا أنجشة سوقك بالقوارير"
(2)
.
قال أبو الخطاب بن الجراح المقرئ يرثي الخطيب بأبيات منها:
فاق الخطيب الورى صدقًا ومعرفةً
…
وأعجز الناس في تصنيفه الكتبا
حمى الشريعة من غاوٍ يدنّسها
…
بوضعه ونفى التّدليس والكذبا
جلى محاسن بغداد فأودعها
…
تاريخه مخلصًا للّه محتسبا
وقال في النّاس بالقسطاط منحرفًا
…
عن الهوى وأزال الشّكّ والرّيبا
سقى ثراك أبا بكرٍ على ظمأٍ
…
جونٌ ركامٌ تسحّ الواكف السّربا
ونلت فوزًا ورضوانًا ومغفرةً
…
إذا تحقّق وعد اللّه واقتربا
يا أحمد بن عليٍّ طبت مضطجعًا
…
وباء شانيك بالأوزار محتقبا
وللخطيب نظم جيد، فروى المبارك بن الطيوري عنه لنفسه:
(1)
صحيح: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد""14/ 114"، وأخرجه البخاري "1463"، ومسلم "982"، وأبو داود "1594"، و "1595"، والنسائي "5/ 35"، وابن ماجه "1812".
(2)
صحيح: أخرجه الخطيب "في تاريخ بغداد""12/ 208".
وأخرجه البخاري "6149"، ومسلم "2323"، وأحمد "3/ 107 و 117 و 186".
تغيّب الخلق عن، عيني سوى قمرٍ
…
حسبي من الخلق طرًّا ذلك القمر
محلّه في فؤادي قد تملّكه
…
وحاز روحي فما لي عنه مصطبر
والشّمس أقرب منه في تناولها
…
وغاية الحظّ منه للورى نظر
وددت تقبيله يوما مخالسةً
…
فصار من خاطري في خدّه أثر
وكم حليمٍ رآه ظنّه ملكا
…
وردّد الفكر فيه أنّه بشر
قال غيث بن علي: أنشدنا الخطيب لنفسه:
إن كنت تبغي الرّشاد محضًا
…
لأمر دنياك والمعاد
فخالف النّفس في هواها
…
إنّ الهوى جامع الفساد
أبو القاسم النسيب: أنشدنا أبو بكر الخطيب لنفسه:
لا تغبطنّ أخا الدّنيا لزخرفها
…
ولا للذّة وقتٍ عجّلت فرحا
فالدّهر أسرع شيءٍ في تقلّبه
…
وفعله بيّنٌ للخلق قد وضحا
كم شاربٍ عسلًا فيه منيّته
…
وكم تقلّد سيفًا من به ذبحا
ومات مع الخطيب حسان بن سعيد المنيعي وأبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن زيدون شاعر الأندلس وأبو سهل حمد بن ولكيز بأصبهان وعبد الواحد بن أحمد المليحي وأبو الغنائم محمد بن علي الدجاجي وأبو بكر محمد بن أبي الهيثم الترابي بمرو وأبو علي محمد بن وشاح الزينبي والحافظ أبو عمر بن عبد البر وأبو طاهر أحمد ابن محمد العكبري عن، ثلاث وسبعين سنة وهو أخو أبي منصور النديم وشيخ الشيعة أبو يعلى محمد بن حسن بن حمزة الطالكي الجعفري؛ صهر الشيخ المفيد.
4230 - الدربندي
(1)
:
الشيخ الإمام الحافظ الجوال أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي البلخي الدربندي.
سمع: أبا عبد الله محمد بن أحمد غنجار ونحوه ببخارى وأبا الحسين بن بشران وطبقته ببغداد والشيخ العفيف عبد الرحمن بن أبي نصر ونحوه بدمشق وأبا زكريا المزكي وأبا بكر الحيري بنيسابور وأبا عمر الهاشمي بالبصرة، وابن نظيف الفراء بمصر.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب وأبو علي الحداد وأبو عبد الله الفراوي وعبد المنعم بن القشيري، وزاهر الشحامي، وآخرون.
قال ابن النجار: رحل من بخارى إلى إسكندرية وهو مكثر صدوق لكنه رديء الخط. لم يكن له كبير معرفة بالحديث. سمع: ببلخ من علي ابن أحمد الخزاعي وبنيسابور من أبي زكريا المزكي وبهراة من القاضي أبي منصور الأزدي وبإستراباذ من بندار بن محمد وبالبصرة من القاضي أبي عمر الهاشمي وبمصر من أبي عبد الله بن نظيف.
وقال عبد الغافر في تاريخه: طوف أبو الوليد البلاد وحصل الأسانيد والغرائب.
قلت: مات بسمرقند في رمضان سنة ست وخمسين وأربع مائة.
قال عبد الغافر في "السياق": أبو الوليد الدربندي الصوفي المحدث من المشايخ الجوالين في الحديث.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا أبو روح البزاز أخبرنا، زاهر أخبرنا، أبو الوليد الحسن بن محمد أخبرنا، أبو القاسم حسن بن محمد الأنباري أخبرنا، محمد بن أحمد بن المسور حدثنا، المقدام بن داود حدثنا، علي ابن معبد حدثنا، إسماعيل بن جعفر عن، عمرو بن أبي عمرو عن، عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي عن، حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف وتنهون عن، المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم"
(2)
.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1017"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 301".
(2)
حسن لغيره: أخرجه الترمذي "2169" من طريق عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
قلت: بل إسناده ضعيف، آفته عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري الأشهلي، فإنه مجهول. لذا قال الحافظ في "التقريب":"مقبول". أي عند المتابعة.
وله شاهد من حديث عائشة: أخرجه أحمد "6/ 159"، وابن ماجه "4004"، والبزار "3304" و "3305" من طريق عمرو بن عثمان بن هانيء، عن عاصم بن عمر بن عثمان، عن عروة، عن عائشة مرفوعا بلفظ:"مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم" واللفظ لابن ماجه.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عاصم بن عمر بن عثمان، فإنه مجهول كما قال الحافظ في "التقريب" لكن الحديث يرتقي للحسن بمجموع طريقيه والله تعالى أعلم.
4231 - ابن عليك
(1)
:
الشيخ الإمام الفاضل، أبو القاسم؛ علي بن عبد الرحمن بن الحسن ابن عليك النيسابوري.
من أولاد المشايخ كثير الأسفار. نزل أصبهان مدة وحدث بها وبأذربيجان وبغداد.
حدث عن: أبي الحسين الخفاف ومحمد بن الحسين العلوي وأبي نعيم عبد الملك الإسفراييني وأبي عبد الله الحاكم وحمزة المهلبي وعبد الرحمن بن أبي إسحاق المزكي.
وعنه: أبو بكر الخطيب وقال: كان صدوقًا. وسعيد بن أبي الرجاء وأبو بكر محمد بن عبد الباقي وأبو سعد أحمد بن محمد بن البغدادي وإسماعيل بن محمد التيمي وأحمد بن عمر الناتاني المقرئ شيخ للسلفي وآخرون.
قال ابن نقطة: سمع: منه ابن ماكولا والمؤتمن الساجي.
وقال الناتاني: قدم علينا تفليس وحدثنا عن، الخفاف وبها توفي.
قال السمعاني: قلت لإسماعيل بن محمد فقال: كتبت عنه وله سماع ولأبيه حفظ. وكان سيء الرأي فيه. وسمعت محمد بن أبي نصر اللفتواني يقول: كان أبو القاسم بن عليك على أوقاف الجامع بأصبهان فحوسب فانكسر عليه مال وكان للوقف دكان حلواني أخذ من ساكنها حلاوةً كبيرة فكانوا يضحكون ويقولون: نرى الجامع أكل الحلاوة.
وسألت أبا سعد بن البغدادي عنه فقال: كان فاضلًا ما سمعت فيه إلَّا خيرًا وكان أبوه محدثًا وما سمعت قدحًا في سماعاته وكتب عنه الجم الغفير مسند أبي عوانة إلَّا أنه كان أشعريًا.
قلت: أجاز لابن ناصر الحافظ ومات في رجب سنة ثمان وستين وأربع مائة.
4232 - أبو الفرج الجريري
(2)
:
الشيخ الجليل المأمون الصدر أبو الفرج علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الحميد البجلي الجريري الهمذاني. من أولاد جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 33"، والإكمال لابن ماكولا "6/ 262"، والعبر "3/ 267"، وتبصير المنتبه "3/ 966"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 330".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 206"، والأنساب للسمعاني "3/ 242".
حدث بسنن أبي داود عن، أبي بكر بن لال وحدث عن، أبيه وأحمد بن تركان وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ وعبد الرحمن بن عمر بن أبي الليث وعلي بن أحمد بن عبدان وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ومحمد بن الحسين بن يوسف الصنعاني وأحمد بن علي بن عمشليق الجعفري.
قال شيرويه: سمعت منه عامة ما مر له. قال: وكان ثقةً عدلًا من بيت الإمارة والعلم. وكان أحد تناء
(1)
بلدنا.
قلت: وحدث عنه هبة الله بن أخت الطويل وأحمد بن سعد العجلي وجماعة.
قال شيرويه: توفي في ثامن وعشرين رمضان سنة ثمان وستين وأربع مائة وسمعته يقول: ولدت سنة سبع وثمانين وثلاث مائة.
(1)
التناء: مفردها تانيء، وهو الدهقان، رئيس الإقليم.
4233 - عبد الحق
(1)
:
ابن محمد بن هارون الإمام شيخ المالكية أبو محمد السهمي الصقلي.
تفقه على أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي والأجدابي وحج فلقي عبد الوهاب؛ صاحب التلقين. وأبا ذر الهروي.
وله كتب منها: النكت والفروق لمسائل المدونة. وكتاب تهذيب الطالب وألف عقيدة وتخرج به أئمة.
مات بالإسكندرية سنة ست وستين وأربع مائة.
وقد حج مرات وناظر بمكة أبا المعالي إمام الحرمين وباحثه. وهو موصوف بالذكاء وحسن التصنيف وله استدراك على مختصر البراذعي وخرج له عدة تلامذة. وكان قرشيًا من بني سهم.
4234 - عائشة بنت حسن
(2)
:
ابن إبراهيم، الواعظة العالمة المسندة أم الفتح الأصبهانية الوركانية. ووركان: محلة هناك.
كتبت الإملاء عن، أبي عبد الله بن مندة بخطها. وسمعت من محمد بن جشنس الراوي عن، ابن صاعد. ومن: عبد الواحد بن شاه، وجماعة.
روى عنها: الحسين بن عبد الملك الخلال، وسعيد بن أبي الرجاء، وإسماعيل بن محمد الحافظ.
قال ابن السمعاني: سألت الحافظ إسماعيل عنها فقال: امرأة صالحة عالمة تعظ النساء وكتبت أمالي ابن مندة عنه. وهي أول من سمعت منها الحديث بعثني أبي إليها وكانت زاهدةً.
قلت: وروى عنها أيضًا محمد بن حمد الكبريتي، وإسماعيل الحمامي المعمر، فكان خاتمة أصحابها. بقيت إلى سنة ست وستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ص 1160"، والديباج المذهب لابن فرحون المالكي "2/ 56".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 247"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 308".
4235 - صردربعر
(1)
:
الشاعر المفلق أديب وقته، أبو منصور علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي، الكاتب. ويلقب بصربعر. صاحب بلاغة وجزالة ورقة وحلاوة، وباع أطول في الأدب.
سمع: أبا الحسين بن بشران، وأبا الحسن بن الحمامي.
وعنه: أبو سعد الزوزني، وعلي بن عبد السلام، وفاطمة بنت الخبري.
قال ابن عبد السلام الكاتب: كان نظام الملك يقول له: أنت صردر لا صربعر.
قال ابن النجار: مدح الخليفة القائم ووزيره أبا القاسم بن المسلمة، لم يك في المتأخرين أرق طبعًا منه، مع جزالة وبلاغة.
وقال بعض الأدباء: هو أشعر من مهيار.
وقيل: ظلم أهل شهرابان، وسعى بهم. وخلط في دينه. تقطر به فرسه فهلك، في ربيع الأول، سنة خمس وستين وأربع مائة. وقع به الفرس في زبية للأسد فهلكا معًا.
وقيل: إنما أبوه لقب بصربعر لبخله.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 280"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 385، والعبر "3/ 259"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 94"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 322".
4236 - ابن السمناني
(1)
:
القاضي العلامة أبو الحسين؛ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمود بن أعين الحنفي ولد القاضي الكبير شيخ الأشعرية أبي جعفر السمناني. ذكرنا والده في الطبقة الماضية.
وهذا ولد بسمنان في سنة " (384) ".
وكان ثقةً صدوقًا، حسن الأخلاق، كبير القدر وافر الجلالة.
تفقه على أبيه لأبي حنيفة، وأخذ عنه علم الكلام وكان معه لما ولي قضاء حلب، سنة سبع وأربع مائة.
وسمع: من الحسن بن الحسين النوبختي، وإسماعيل بن هشام الصرصري، وأبي أحمد الفرضي، وابن الصلت المجبر.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقًا.
قلت: حدث عنه: أبو منصور القزاز ويحيى بن الطراح وأبو البدر الكرخي. وتزوج بابنته قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني واستنابه في القضاء.
توفي ببغداد في جمادى الأولى سنة ست وستين وأربع مائة وحضره الكبار وأرباب الدولة ودفن بداره مدة ثم نقل. وكان يدري العقليات.
4237 - ابن القطان
(2)
:
شيخ المالكية أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال القرطبي.
دارت عليه وعلى ابن عتاب الفتيا بقرطبة وكان بينهما منافسة وكان محمد بن عتاب يقدم على ابن القطان لسنه وتفننه ويفوقه ابن القطان ببيانه وقوة حفظه وجودة انبساطه.
تفقه بأبي محمد بن دحون وابن حوبيل وابن الشقاق.
وسمع: من يونس بن عبد الله القاضي.
قال ابن حيان: كان ابن القطان أحفظ الناس للمدونة والمستخرجة وأبصر أصحابه بطرق الفتيا والرأي وكان ينكر المنكر ويكره الملاهي. وكان أبوه وليًا لله من الزهاد. تفقه أهل قرطبة بأبي عمر منهم: ابن مالك وابن الطلاع وابن دحمين وابن رزق. قال: وتوفي في ذي القعدة سنة ستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 382"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 287".
(2)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 61"، والعبر "3/ 246"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 82"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 308".
4238 - القائم
(1)
:
أمير المؤمنين القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد ابن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد العباسي البغدادي.
مولده في سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.
وأمه أرمنية تسمى بدر الدجى، وقيل: قطر الندى. وقد مر ذكره استطرادًا بعد العشرين والثلاث مائة وأنه كان جميلًا وسيمًا أبيض بحمرة ذا دين وخير وبر وعلم وعدل بويع سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة وأنه نكب سنة خمسين في كائنة البساسيري ففر إلى البرية في ذمام أمير للعرب ثم عاد إلى خلافته بعد عام بهمة السلطان طغرلبك وأزيلت خطبة خليفة مصر المستنصر بالله من العراق وقتل البساسيري. ولما أن فر القائم إلى البرية رفع قصةً إلى رب العالمين مستعديًا على من ظلمه ونفذ بها إلى البيت الحرام فنفعت وأخذ الله بيده ورده إلى مقر عزه. فكذلك ينبغي لكل من قهر وبغي عليه أن يستغيث بالله تعالى وإن صبر وغفر فإن في الله كفايةً ووقايةً.
وكان أبيض وسيمًا، عالمًا مهيبًا فيه دين وعدل. ظهر عليه ماشرا، فافتصد ونام فانفجر فصاده، وخرج دم كثير، وضعف، وخارت قواه.
وكان ذا حظ من تعبد وصيام وتهجد، لما أن أعيد إلى خلافته قيل: إنه لم يسترد شيئًا مما نهب من قصره، ولا عاقب من آذاه، واحتسب وصبر. وكان تاركًا للملاهي، رحمه الله وكانت خلافته خمسًا وأربعين سنة.
وغسله شيخ الحنابلة أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي.
وعاش ستًا وسبعين سنة، وبويع بعده ابن ابنه المقتدي بالله.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 399"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 57"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 447"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 4 - 11".
ووزر للقائم أبو طالب محمد بن أيوب وأبو الفتح بن دارست وأبو القاسم بن المسلمة وأبو نصر بن جهير.
وكان ملك بني بويه في خلافته ضعيفًا بحيث إن جلال الدولة باع من ثيابه الملبوسة ببغداد وقل ما بيده وخلت داره من حاجب وفراش وقطعت النوبة على بابه لذهاب الطبالين وثار عليه جنده ثم كاشروا له رحمةً ثم جرت فتنة البساسيري ثم بدت الدولة السلجوقية وأول ما ملكوا خراسان ثم الجبل وعسفوا ونهبوا وقتلوا وفعلوا القبائح وهم تركمان. ومات جلال الدولة سنة 435 وله نيف وخمسون سنة وكان على ذنوبه يعتقد في الصلحاء. وخلف أولادًا. ودخل أبو كاليجار بغداد وتعاظم ولم يرض إلَّا بضرب الطبل له في أوقات الصلوات الخمس وكان جدهم عضد الدولة مع علو شأنه لم تضرب له إلَّا ثلاثة أوقات. ومات أبو كاليجار سنة أربعين فولي الملك بعده ولده الملك الرحيم أبو نصر بن السلطان أبي كاليجار بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة.
وفيها غزا ينال السلجوقي أخو طغرلبك بجيوشه ووغل في بلاد الروم وغنم ما لا يعبر عنه وكانت غزوةً مشهودةً وفتحًا مبينًا. فهذا هو أول استيلاء آل سلجوق ملوك الروم على الروم وفي هذا الحين خطب متولي القيروان المعز بن باديس للقائم بأمر الله وقطع خطبة العبيدية فبعثوا من حاربه فتمت فصول طويلة.
وفي سنة (441): عملت ببغداد مآتم عاشوراء فجرت فتنة بين السنة والشيعة تفوت الوصف من القتل والجراح وندب أبو محمد بن النسوي لشحنكية بغداد فثارت العامة كلهم واصطلح السنة والشيعة وتوادوا وصاحوا: متى ولي ابن النسوي أحرقنا الأسواق ونزحنا. وترحم أهل الكرخ على الصحابة وهذا شيء لم يعهد. وكان الرخاء ببغداد بحيث إنه أبيع الكر بسبعة دنانير. ومات صاحب الموصل معتمد الدولة أبو المنيع ثم بعد سنة فسد ما بين السنة والشيعة وعملت الشيعة سورًا على الكرخ وكتبوا عليه بالذهب: محمد وعلي خير البشر فمن أبى فقد كفر. ثم وقع القتال والنهب وقويت السنة وفعلوا العظائم ونبشت قبور وأحرقت عظام العوني والناشي والجذوعي وقتل مدرس الحنفية السرخسي وعجزت الدولة عنهم. وأخذ طغرلبك أصبهان وجعلها دار ملكه. واقتتل المغاربة وجيش مصر فقتل من المغاربة ثلاثون ألفًا.
وفي سنة (444): هاجت السنة على أهل الكرخ وأحرقوا وقتلوا وهلك يومئذ في الزحمة نيف وأربعون نفسًا أكثرهم نساء نظارة وجرت حروب كثيرة بين جيش خراسان
وبين الغز على الملك وحاصر الملك الرحيم والبساسيري البصرة وأخذها من ولد أبي كاليجار ثم استولى عسكر الملك الرحيم على شيراز بعد حصار طويل وقحط وبلاء حتى قيل: لم يبق فيها إلَّا نحو ألف نفس ودور سورها اثنا عشر ألف ذراع ولها أحد عشر بابًا.
وفي سنة "447": قبض طغرلبك على الملك الرحيم وانقضت أيام بني بويه وكان فيها دخول طغرلبك بغداد وكان يومًا مشهودًا بين يديه ثمانية عشر فيلًا مظهرًا أنه يحج ويغزو الشام ومصر ويزيل الدولة العبيدية. ومات ذخيرة الدين محمد بن الخليفة ولي عهد أبيه وخلف ولدًا طفلًا وهو المقتدي وعاثت جيوش طغرلبك بالقرى بحيث لأبيع الثور بعشرة دراهم والحمار بدرهمين. ووقعت الفتنة ببغداد بين الحنابلة والشافعية. وتزوج الخليفة ببنت طغرلبك على مائة ألف دينار.
وفي سنة ثمان: مبدأ فتنة البساسيري، وخطب بالكوفة وواسط وبعض القرى للمستنصر العبيدي وكان القحط عظيمًا بمصر وبالأندلس وما عهد قحط ولا وباء مثله بقرطبة حتى بقيت المساجد مغلقة بلا مصل وسمي عام الجوع الكبير.
وفي سنة تسع: أخذ طغرلبك الموصل، وسلمها إلى أخيه ينال وكتب في ألقابه: ملك المشرق والمغرب. وفيها كان الجوع المفرط ببغداد والفناء وكذلك ببخارى وسمرقند حتى يقال: هلك بما وراء النهر ألف ألف وست مائة ألف.
وفي سنة خمسين: أخذ البساسيري بغداد كما قدمنا، وخطب لصاحب مصر فأقبل في أربع مائة فارس في وهن وضعف ومعه قريش أمير العرب في مائةي فارس بعد أن حاصرا الموصل وأخذاها وهدما قلعتها. واشتغل طغرلبك بحرب أخيه فمالت العامة إلى البساسيري لما فعلت بهم الغز وفرحت به الرافضة فحضر الهمذاني عند رئيس الرؤساء الوزير واستأذنه في الحرب وضمن له قتل البساسيري فأذن له. وكان رأي عميد العراق المطاولة رجاء نجدة طغرلبك فبرز الهمذاني بالهاشميين والخدم والعوام إلى الحلبة فتقهقر البساسيري واستجرهم ثم كر عليهم فهربوا وقتل عدة ونهب باب الأزج وأغلق الوزير عليهم ولطم العميد كيف استبد الوزير بالأمر ولا معرفة له بالحرب فطلب الخليفة العميد وأمره بالقتال على سور الحريم فلم يرعهم إلَّا الصريخ ونهب الحريم ودخلوا من باب النوبى فركب الخليفة وعلى كتفه البردة وبيده السيف وحوله عدد فرجع نحو العميد فوجده قد استأمن إلى قريش فصعد المنظرة فصاح رئيس الرؤساء بقريش: يا علم الدين: إن أمير المؤمنين يستدنيك. فدنا فقال: قد أنالك الله رتبةً لم ينلها أحد، أمير المؤمنين
يستذم منك على نفسه وأصحابه بذمام الله ورسوله وذمام العرب. قال: نعم. وخلع قلنسوته فأعطاها الخليفة وأعطى الوزير مخصرته فنزلا إليه وذهبا معه فبعث إليه البساسيري: أتخالف ما تقرر بيننا؟ قال: لا. ثم اتفقا على تسليم الوزير فلما أتاه؛ قال: مرحبًا بمهلك الدول. قال: العفو عند القدرة. قال: أنت قدرت فما عفوت وركبت القبيح مع أطفالي فكيف أعفو وأنا رب سيف! ?. وحمل قريش الخليفة إلى مخيمه وسلم زوجته إلى ابن جردة ونهبت دور الخلافة فسلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارش بن مجلي فسار به في هودج إلى الحديثة وسار حاشية الخليفة على حمية إلى طغرلبك وشكى الخليفة البرد فبعث إليه متولي الأنبار جبةً ولحافًا. ولا ريب أن الله لطف بالقائم لدينه.
حكى المحدث أبو الحسن بن عبد السلام: سمعت الأستاذ محمد بن علي بن عامر قال: دخلت إلى الخزانة، فأعطوني عدة قصص، حتى امتلأ كمي فقلت: لو كان الخليفة أخي لضجر مني وألقيتها في البركة. وكان القائم ينظر ولم أدر. قال: فأمر بأخذ الرقاع فنشرت في الشمس ثم وقع على الجميع وقال: يا عامي! لم فعلت هذا؟ قال: فاعتذرت فقال: ما أطلقنا شيئًا من أموالنا بل نحن خزانهم.
نعم، وأحسن البساسيري السيرة، ووصل الفقهاء، ولم يتعصب للشيعة، ورتب لأم الخليفة راتبًا. ثم بعد أيام أخرج الوزير مقيدًا عليه طرطور وفي رقبته قلادة جلود وهو يقرأ:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ} [آل عمران: 26] فبصق في وجهه أهل الرفض فالأمر لله ثم صلب وجعل في فكيه كلوبان فمات ليومه وقتلوا العميد أيضًا وهو الذي بنى رباط شيخ الشيوخ ثم سار البساسيري فحكم على البصرة وواسط وخطب بها للمستنصر ولكن قطع المستنصر مكاتبته خوفه وزيره أبو الفرج ابن أخي الوزير المغربي وكان قد هرب من البساسيري فذم أفعاله وخوف من عواقبه. وبكل حال فناله من المصريين نحو ألف ألف دينار.
وفي سنة "454": زوج القائم بنته بطغرلبك بعد استعفاء وكره وغرقت بغداد؛ وبلغ الماء أحدًا وعشرين ذراعًا.
وفي سنة "456": قبض السلطان ألب آرسلان على وزيره عميد الملك الكندري واستوزر نظام الملك وكان المصاف بالري بين ألب آرسلان وقرابته قتلمش فقتل قتلمش وندم السلطان وعمل عزاءه ثم سار يغزو الروم. وأنشئت مدينة بجاية بناها الناصر بن علناس وكانت مرعىً للدواب.
وفي سنة ثمان: أنشئت نظامية بغداد وسلطن ألب آرسلان ابنه ملكشاه وجعله ولي عهده وسار إليه مسلم بن قريش بن بدران صاحب الموصل فأقطعه هيت وحربا وبنوا على قبر أبي حنيفة قبة عظيمة.
وفي سنة "461": احترق جامع دمشق كله ودار السلطنة التي بالخضراء وذهبت محاسن الجامع وزخرفته التي تضرب بها الأمثال من حرب وقع بين جيش مصر وجيش العراق.
وفي سنة "62": أقبل طاغية الروم في جيش لجب حتى أناخ بمنبج فاستباحها وأسرع الكرة للغلاء أبيع في عسكره رطل الخبز بدينار وكان بمصر الغلاء المفرط وهي النوبة التي قال فيها صاحب المرآة: فخرجت امرأة بالقاهرة بيدها مد جوهر فقالت: من يأخذه بمد قمح؟ فما التفت إليها أحد فرمته وقالت: ما نفعني وقت الحاجة فلا أريده. فما كان له من يأخذه وكاد الخراب أن يشمل الإقليم حتى بيع كلب بخمسة دنانير والهر بثلاثة وبلغ ثمن الإردب مائة دينار وأكل الناس بعضهم بعضًا وتشتت أهل مصر في البلاد.
وفي سنة "63": كانت الملحمة العظمى بين الإسلام والنصارى.
قال ابن الأثير: خرج أرمانوس في مائةي ألف وقصد الإسلام ووصل إلى بلاد خلاط. وكان السلطان ألب آرسلان بخوي فبلغه كثرة العدو وهو في خمسة عشر ألف فارس فقال: أنا ألتقيهم فإن سلمت فبنعمة الله وإن قتلت فملكشاه ولي عهدي. فوقعت طلائعه على طلائعهم فانكسر العدو وأسر مقدمهم فلما التقى الجمعان؛ بعث السلطان يطلب الهدنة فقال أرمانوس: لا هدنة إلَّا ببذل الري. فانزعج السلطان فقال له إمامه أبو نصر: إنك تقاتل عن، دين وعد الله بنصره وإظهاره على الأديان فأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح والقهم يوم الجمعة والساعة يكون الخطباء على المنابر يدعون للمجاهدين فصلى به وبكى السلطان وبكى الناس ودعا وأمنوا وقال: من أراد أن ينصرف فلينصرف فما ثم سلطان يأمر ولا ينهى ورمى القوس وسل السيف وعقد بيده ذنب فرسه وفعل الجند كذلك ولبس البياض وتحنط وقال: إن قتلت فهذا كفني. ثم حمل فلما لاطخ العدو ترجل وعفر وجهه في التراب وأكثر التضرع ثم ركب وحصل المسلمون في الوسط فقتلوا في الروم كيف شاؤوا ونزل النصر وتطايرت الرؤوس وأسر ملك الروم وأحضر بين يدي السلطان فضربه بالمقرعة وقال: ألم أسألك الهدنة؟ قال: لا توبخ وافعل ما تريد. قال: ما كنت تفعل لو أسرتني؟ قال: أفعل القبيح. قال: فما تظن
بي؟ قال: تقتلني أو تشهرني في بلادك والثالثة بعيدة أن تعفو وتأخذ الأموال. قال: ما عزمت على غيرها. ففك نفسه بألف ألف دينار وخمس مائة ألف دينار وبكل أسير في مملكته، فنزله في خيمة، وخلع عليه، وبعث له عشرة آلاف دينار يتجهز بها، وأطلق له عدة بطارقة، وهادنه خمسين سنة، وشيعه، وأما جيشه فملكوا ميخائيل. ومضى أرمانوس فبلغه ذهاب ملكه فترهب ولبس الصوف وجمع ما قدر عليه من الذهب فكان نحو ثلاث مائة ألف دينار، فبعثها، واعتذر.
وفيها تملك الشام أتسز الخوارزمي، وبدع وأفسد، وعثر الرعية.
وفي سنة "65": قتل السلطان ألب آرسلان. وفيها اختلف جيش مصر وتحاربوا مرات وقويت الأتراك وقتل خلق من عرب مصر واضمحل دست المستنصر وذاق ذلًا وحاجة وبالغ في إهانته ناصر الدولة الحمداني وعظم وجرت أمور مزعجة.
وفي سنة "66": غرقت بغداد وأقيمت الجمعة في السفن مرتين وهلك خلق لا يحصون حتى لقيل: إن الماء بلغ ثلاثين ذراعًا. حتى لقال سبط ابن الجوزي: وانهدمت مائة ألف دار وبقيت بغداد ملقةً واحدة.
وفي سنة "67": بعث المستنصر إلى ساحل الشام إلى بدر الجمالي ليغيثه فسار من عكا في البحر زمن الشتاء وخاطر وهجم مصر بغتةً وسماه المستنصر أمير الجيوش فلما كان في الليل بعث إلى كل أمير من أعيان الأمراء طائفةً أتوه برأسه وأخذ أموالهم إلى قصر المستنصر وأضاءت حاله وسار إلى الإسكندرية فحاصرها مدةً وأخذها وقتل طائفةً استولوا وسار إلى دمياط ففعل كذلك وسار إلى الصعيد فقتل به في ثلاثة أيام اثني عشر ألفًا ونهب وبدع فتجمعوا له بالصعيد في ستين ألفًا من بين فارس وراجل فبيتهم ليلًا فهزمهم وقتل خلق كثير وغرق مثلهم وغنمت أموالهم. ثم التقوا ثانيةً ونصر عليهم ووقع ببغداد حريق لم يسمع بمثله، وذهب الأموال.
ومات القائم بأمر الله: في شعبان سنة سبع وستين وأربع مائة، وبايعوا حفيده، فنذكره استطرادًا.
4239 - المقتدي
(1)
:
الخليفة المقتدي بأمر الله أبو القاسم عبيد الله بن ذخيرة الدين محمد ابن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسي.
تسلم الخلافة بعهد من جده يوم ثالث عشر شعبان سنة " (467) " وهو ابن عشرين سنة سوى أشهر وأمه أرجوان أم ولد بقيت بعده دهرًا رأت ابن ابن ابنها المسترشد خليفة.
وكان حسن السيرة وافر الحرمة. أمر بنفي الخواطئ والقينات وأن لا يدخل أحد الحمام إلَّا بمئزر وأخرب أبراج الحمام وفيه ديانة ونجابة وقوة وعلو همة. وكان ملكشاه قد صمم على إخراجه من بغداد فحار والتجأ إلى الله فدفع عنه وهلك ملكشاه.
ولد بعد موت أبيه بأشهر وكان في اعتقال القائم نوبة البساسيري صغيرًا فأخفي وحمله ابن المحلبان إلى حران.
وزر له فخر الدولة ابن جهير بوصية من جده.
وفي سنة " (469) ": سار أتسز الذي أخذ دمشق إلى مصر وحاصرها وكاد أن يملكها فتضرع أهلها إلى الله فترحل بلا سبب ونازل القدس ثم أخذها وقتل ثلاثة آلاف وذبح القاضي والشهود صبرًا وعسف.
وقال أبو يعلى بن القلانسي: كسره بمصر أمير الجيوش، فرد وقد قتل أخوه، وقطعت يد أخيه الآخر، فسر الناس.
وكانت الفتنة الصعبة بين الحنبلية والقشيرية بسبب الاعتقاد وقتل بينهم جماعة وعظم البلاء وتشفت بهم الروافض وحاصر دمشق المصريون مرتين. وعزل ابن جهير الوزير لشده من الحنابلة.
وفي سنة " (471) ": أقبل تاج الدولة تتش أخو ملكشاه فاستولى على دمشق وقتل أتسز وأحبه الناس.
وفي سنة " (73) ": مات صاحب اليمن أبو الحسن علي بن أحمد الصليحي وكانت دولته نحوًا من عشرين سنة وكان على دين العبيدية تحيل إلى أن تملك جميع اليمن. وكان أبوه من قضاة اليمن له سيرة في "تاريخي الكبير".
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 291"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 139" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 380".
ورافعوا نظام الملك وزير ملكشاه.
قال ابن الأثير: فمد سماطًا، وأقام عليه مماليكه وهم ألوف من الترك بخيلهم وسلاحهم وحضر السلطان ثم قال: إني خدمتك وخدمت أباك وجدك وقد بلغك أخذي للأموال وصدقوا إنما أصرفها على مثل هؤلاء الغلمان وهم لك وفي البر والصلات، ومعظم أجرها لك، وكل ما أملكه فبين يديك وأنا أقنع بمرقعة. فصفا له السلطان وأحبه وسمل سيد الرؤساء أبا المحاسن، الذي ناوأه.
وفي هذا القرب تملك سليمان بن قتلمش السلجوقي قونية وآقصرا. ثم سار فأخذ أنطاكية من الروم وكان لها في أيديهم مائة وعشرون سنة. وبعث بالبشارة إلى السلطان ملكشاه ثم تحارب هو ومسلم بن قريش في سنة "77" فقتل مسلم. ونازل ابن قتلمش حلب شهرًا ثم ترحل.
ونازل الأذفيش مدينة طليطلة أعوامًا ثم كانت الملحمة الكبرى بالأندلس وانتصر المسلمون وأساء أمير المسلمين يوسف بن تاشفين إلى ابن عباد وأخذ بلاده وسجنه.
وأقبل أمير الجيوش فنازل دمشق وضيق على تتش ثم ترحل.
وفي سنة "79" التقى تتش وصاحب قونية سليمان فقتل سليمان واستولى تتش على حلب. وأقبل أخوه السلطان من أصبهان إلى حلب فأخذها وهرب منه أخوه وناب بحلب قسيم الدولة؛ جد نور الدين فعمرت به وافتتح السلطان الجزيرة وقدم بغداد وقدم بعده النظام ثم تصيد وعمل منارة القرون وجلس له المقتدي وخلع عليه خلع السلطنة وعلى أمرائه ونظام الملك يقدمهم ويترجم عنهم ثم كان عرس المقتدي على بنت السلطان ولم يسمع: بمثل جهازها وعرسها؛ دخل في الدعوة أربعون ألف منًا من السكر.
ومات صاحب غزنة والهند المؤيد إبراهيم بن مسعود بن السلطان محمود، وتملك بعده ابنه جلال الدين، زوج بنت ملكشاه التي غرم نظام الملك على عرسها ألفي ألف درهم. وسار ملكشاه ليملك سمرقند وافتتح ما وراء النهر وتضورت بنت ملكشاه من اطراح الخليفة لها فأذن لها في الذهاب إلى أصبهان مع ابنها جعفر، وأقبل جيش مصر فأخذوا صور وعكا وجبيل.
وفتن السنة والشيعة متتالية ببغداد لا يعبر عنها.
وفي سنة "483": استولى ابن الصباح؛ رأس الإسماعيلية على قلعة أصبهان، فهذا أول
ظهورهم. واستولت النصارى على سائر جزيرة صقلية وهي إقليم كبير. وكانت ملحمة جيان بالأندلس بين الفرنج والمسلمين ونصر الله وحصدت الفرنج. وافتتح ملكشاه اليمن على يد جنق أمير التركمان واستباحت خفاجة ركب العراق فذهب وراءهم عسكر فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، ولم تقم لهم شوكة بعد.
ومات نظام الملك في سنة "86"، ثم مات السلطان فسار من الشام أخوه تتش ليتسلطن وفي خدمته قسيم الدولة وصاحب أنطاكية وجماعة خطبوا له بمدائنهم. وسار وأنفق الأموال وأخذ الرحبة ثم نصيبين عنوةً وقتل وعسف. وقصد الموصل فعمل معه صاحبها إبراهيم بن قريش مصافًا فأسر إبراهيم وتمزق جمعه وقتل من الفريقين عشرة آلاف وذبح إبراهيم صبرًا.
وأبيعت من النهب مائة شاة بدينار. ثم بعث تتش يطلب من الخليفة تقليد السلطنة. وافتتح ميافارقين وديار بكر وبعض أذربيجان فبادر بركياروق ابن أخيه فالتقوا فخامر قسيم الدولة وبوزان وصارا مع بركياروق، فضعف تتش، وولى إلى الشام.
وفي أول سنة سبع وثمانين خطب ببغداد للسلطان بركياروق ركن الدولة، وعلم المقتدي على تقليده ثم مات فجأةً من الغد تغدى وغسل يديه وعنده فتاته شمس النهار فقال: ما هذه الأشخاص دخلوا بلا إذن؟ فارتابت وتغير وارتخت يداه وسقط فظنوه غشي عليه فطلبت الجارية وزيره ومات فأخذوا في البيعة لابنه أحمد المستظهر بالله في ثامن عشر المحرم. توفي وهو ابن تسع وثلاثين سنة وكان خلافته عشرين سنة وأخروا دفنه ثلاث ليال لكونه مات فجأة.
قال ابن النجار: اسم أمه علم. قال: وكان محبًا للعلوم مكرمًا لأهلها لم يزل في دولة قاهرة وصولة باهرة وكان غزير الفضل كامل العقل بليغ النثر فمنه: وعد الكرماء ألزم من ديون الغرماء. الألسن الفصيحة أنفع من الوجوه الصبيحة والضمائر الصحيحة أبلغ من الألسن الفصيحة. حق الرعية لازم للرعاة ويقبح بالولاة الإقبال على السعاة.
ومن نظمه:
أردت صفاء العيش مع من أُحبّه
…
فحاولني عمّا أروم مريد
وما اخترت بتّ الشّمل بعد اجتماعه
…
ولكنّه مهما يريد أُريد
وفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة من دولته جددت قبة النسر فاسمه على القبة. وكان هو خليفة الإسلام في زمانه لكن يزاحمه صاحب مصر المستنصر وابنه فكان العبيدي والعباسي مقهورين من وجوه.
وكان الدست لوزير مصر أمير الجيوش. وكان حكم العراق والمشرق إلى السلجوقية. وحكم المغرب إلى تاشفين وابنه. وحكم اليمن إلى طائفة. والأمر كله لله.
4240 - القيرواني
(1)
:
العلامة البليغ أبو علي الحسن بن رشيق الشاعر.
كان أبوه من موالي الأزد. ولأبي علي تصانيف منها: العمدة في صناعة الشعر و"كتاب الأنموذج". و"الرسائل الفائقة".
ولد بالمسيلة وتأدب وعلمه أبوه الصياغة فلما قال الشعر رحل إلى القيروان ومدح ملكها فلما أخذتها العرب واستباحوها دخل إلى صقلية وسكن مازر إلى أن مات سنة ثلاث وستين وأربع مائة ويقال: مات في ذي القعدة سنة ست وخمسين.
وله كتاب "قراضة الذهب". وكتاب "الشذوذ في اللغة" ذكره ابن خلكان.
4241 - الإيلاقي
(2)
:
شيخ الشافعية أبو الربيع طاهر بن عبد الله التركي.
وإيلاق: هي قصبة الشاش.
كان من كبراء الشافعية بتلك الديار.
تفقه بمرو على الشيخ أبي بكر القفال، وببخارى على الأستاذ أبي عبد الله الحليمي. وحدث عن، أبي نعيم الإسفراييني، وجماعة.
وله وجه في المذهب. عاش ستًا وتسعين سنة.
توفي سنة خمس وستين وأربع مائة. لم يقع لي حديثه عاليًا.
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 110"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 85" وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 504"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 297".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "1/ 406"، واللباب لابن الأثير "1/ 98"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 325".
4242 - غالب بن عبد الله
(1)
:
ابن أبي اليمن، العلامة، شيخ القراء والنحاة، أبو تمام القيسي القرطبي، القطيني الأصل، نزيل دانية.
وقطينة: ضيعة بجزيرة ميورقة.
قرأ على أبي الحسن محمد بن قتيبة، وأبي عمرو الداني.
وسمع: من ابن عبد البر، وجماعة.
وكان قائمًا على كتاب سيبويه، رأسًا في معرفته.
تخرج به أئمة مع الزهد والتعفف.
أراده الملك إقبال الدولة العامري على القضاء، فامتنع.
تلا عليه: عبد العزيز بن شفيع وغيره.
وله شعر جيد وفضائل. وقد أخذ اللغة عن صاعد.
وكان مولده في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.
وسمع: في سنة سبع وأربع مائة من حبيب بن أحمد الراوي عن، قاسم بن أصبغ.
توفي سنة خمس وستين وأربع مائة: وقيل: سنة ست.
4243 - زعيم الملك
(2)
:
الوزير الكبير، أبو الحسن، علي بن الحسين بن علي بن عبد الرحيم العراقي.
وزر بعد هلاك أخيه كمال الملك هبة الله للسلطان أبي نصر خسرو ابن الملك أبي كاليجار البويهي في سنة ثلاث وأربعين فلما أن تغلب البساسيري على العراق سنة خمسين دخل يومئذ وزعيم الملك هذا عن، يمينه وكان يحترمه ويخاطبه بمولانا. ثم إنه هرب إلى البطائح وفتر سوقه، وعاش إلى سنة ست وستين، وكان عمره سبعين سنة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 457"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 240".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 288".
4244 - محمد بن عتاب
(1)
:
ابن محسن، الإمام العلامة، المحدث، مفتي قرطبة أبو عبد الله مولى ابن أبي عتاب الأندلسي. ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.
وحدث عن: عبد الرحمن بن أحمد التجيبي، وأبي القاسم خلف بن يحيى، وأبي المطرف القنازعي، وسعيد بن سلمة، وأبي عبد الله محمد بن نبات، وعبد الرحمن بن أحمد بن بشر القاضي، ويونس بن مغيث، وأبي أيوب بن عمرون، والقاضي أبي بكر بن واقد وعدة.
حدث عنه: ابنه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد وغيره.
قال خلف بن بشكوال: كان فقيهًا ورعًا عاملًا بصيرًا بالحديث، وطرقه لا يجارى في الوثائق كتبها عمره وما أخذ عليها من أحد أجرًا يقال: قرأ فيها أزيد من أربعين مؤلفًا. وكان متفننًا في العلم حافظًا للأخبار والأشعار والأمثال صليبًا في الحق منقبضًا عن، السلطان وأسبابه متواضعًا مقتصدًا في ملبسه يتولى حوائجه بنفسه. وكان شيخ أهل الشورى في زمانه وعليه كان مدار الفتوى دعي إلى قضاء قرطبة مرارًا فأبى وكان يهاب الفتوى ويقول: وددت أني أنجو منها كفافًا. وله اختيارات من أقاويل العلماء يأخذ بها في خاصة نفسه.
قال أبو علي الغساني: كان من جلة العلماء الأثبات، وممن عني بالفقه وسماع الحديث دهره وقيده، فأتقنه.
مات في صفر سنة اثنتين وستين وأربع مائة، وشيعه المعتمد بن عباد.
4245 - الصريفيني
(2)
:
الإمام الثقة الخطيب، خطيب صرفين، أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن مجيب بن المجمع بن بحر بن معبد بن هزارمرد الصريفيني، راوي كتاب "الجعديات" عن أبي القاسم بن حبابة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 544"، والعبر "3/ 250"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 86"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 311".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 146"، والأنساب للسمعاني "8/ 59"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 309"، والعبر "3/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 334".
سمع: ابن حبابة، وابن أخي ميمي الدقاق وعمر بن إبراهيم الكتاني وأبا طاهر المخلص وأمة السلام بنت أحمد بن كامل والحافظ أحمد بن محمد بن دوست العلاف وغيرهم.
واختلف في نسبه في تقديم مجيب على مجمع.
حدث عنه: الخطيب والحميدي وأبو المظفر السمع: اني وهبة الله الشيرازي ومحمد بن طاهر وأبو بكر الأنصاري وإسماعيل بن السمرقندي وعلي بن سكينة وعبد الوهاب الأنماطي، والحسين بن علي سبط الخياط، ويحيى بن علي بن الطراح، وآخرون.
وسمع: من المخلص "النسب" للزبير وكتاب "الفتوح" وكتاب "المزني" و"أخبار الأصمعي" وكتاب "البر" وكتاب "الزهد" لابن المبارك وكتاب "المزاح" للزبير وأشياء.
ذكره الخطيب فقال: عرف والده بهزارمرد. قدم أبو محمد بغداد دفعات وحدث بها وكان صدوقًا.
وقال أبو سعد السمعاني: شيخ صالح خير صارت إليه الرحلة ولد ببغداد وكان أحمد الناس طريقةً وأجملهم خليقة وأخلصهم نيةً وأصفاهم طويةً سمع: منه الكبار. حكى ابن طاهر أن هبة الله بن عبد الوارث كان مصعدًا إلى الشام فدخل صريفين فرأى شيخًا ذا هيئة قاعدًا على باب داره فسأله: هل سمعت شيئًا؟ فقال: سمعت من ابن حبابة والكتاني وأبي طاهر المخلص وطبقتهم. فتعجب من ذلك وطالبه بالأصول فخرج له أصولًا عتيقة بخط ابن البقال وغيره فقرأ هبة الله ما عنده ونسخ. ونم الخبر إلى عكبرا وبغداد فرحل الناس إليه.
قال أبو الفضل بن خيرون: هو ثقة، له أصول جياد قرأت بخط والده: ولد ابني عبد الله ليلة الجمعة، لخمس خلون من صفر، سنة أربع وثمانين.
توفي ابن هزارمرد: في ثالث جمادى الآخرة، سنة تسع وستين وأربع مائة.
كتب إلينا أبو الحسن بن البخاري، وغيره بكتاب "الجعديات" أن عمر بن محمد أخبرهم قال: أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو القاسم بن حبابة، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرني أبو الأشهب، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال أنا في الجنة فهو في النار". هذا مرسل غريب.
وبه: حدثنا علي، أخبرني مبارك بن فضالة، عن الحسن قال: أخبرني عمران بن حصين أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقرع بينهم وأعتق اثنين وأرق أربعةً
(1)
.
إسناده صالح، وهو نص في شرعية القرعة في مثل هذا. والله أعلم.
(1)
صحيح: أخرجه أحمد "4/ 428 و 439 و 440 و 445 و 446"، والنسائي "4/ 64" من طريق الحسن، به، وأخرجه مسلم "1668"، وأبو داود "3958"، والترمذي "1364" من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، به.
4246 - الشيخ الأجل
(1)
:
هو الصدر الأنبل الرئيس القدوة أبو منصور عبد الملك بن محمد ابن يوسف البغدادي سبط الإمام أبي الحسين أحمد بن عبد الله السوسنجردي. وكان يلقب بالشيخ الأجل.
سمع جده وأبا محمد بن البيع وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وأبا عمر بن مهدي.
حدث عنه: ابناه، وأقاربه، وغير واحد.
قال الخطيب: كان أوحد وقته في فعل الخير ودوام الصدقة والإفضال على العلماء والنصر لأهل السنة، والقمع لأهل البدع، توفي وهو في عشر السبعين.
قلت: مات في المحرم سنة ستين وأربع مائة. أرخه ابن خيرون وقال: دفن عند جده لأمه وحضره جميع الأعيان وكان صالحًا عظيم الصدقة متعصبًا للسنة قد كفى عامة العلماء والصلحاء.
قلت: كان ذا جاه عريض واتصال بالخليفة.
وقال أبي النرسي: لم أر خلقًا قط مثل من حضر جنازته. رحمه الله.
وفيها توفي أحمد بن الفضل الباطرقاني شيخ أصبهان ومفتي قرطبة أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن القطان القرطبي والمعمر العلامة أبو علي الحسن بن علي بن مكي النسفي الحنفي ثم الشافعي والواعظة خديجة بنت محمد بن علي الشاهجانية التي تروي عن، ابن سمع: ون والمعمر عبد الدائم بن الحسن الهلالي الحوراني ثم الدمشقي صاحب عبد الوهاب الكلابي، وشيخ الرافضة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المفسر ومسند هراة أبو مضمر محلم بن إسماعيل الضبي.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد: "10/ 434"، و المنتظم لابن الجوزي "8/ 250"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 82".
4247 - أبو جعفر الطوسي
(1)
:
شيخ الشيعة، وصاحب التصانيف، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي.
قدم بغداد، وتفقه أولًا للشافعي. ثم أخذ الكلام وأصول القوم عن الشيخ المفيد رأس الإمامية، ولزمه وبرع، وعمل التفسير، وأملى أحاديث ونوادر في مجلدين، عامتها عن شيخه المفيد.
وروى عن: هلال الحفار، والحسين بن عبيد الله الفحام، والشريف المرتضى وأحمد بن عبدون، وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو علي.
وأعرض عنه الحفاظ لبدعته، وقد أحرقت كتبه عدة نوب في رحبة جامع القصر، واستتر لما ظهر عنه من التنقص بالسلف، وكان يسكن بالكرخ، محلة الرافضة ثم تحول إلى الكوفة، وأقام بالمشهد يفقههم.
ومات في المحرم سنة ستين وأربع مائة.
وكان يعد من الأذكياء لا الأزكياء. ذكره ابن النجار في تاريخه.
وله تصانيف كثيرة منها: كتاب تهذيب الأحكام كبير جدًا وكتاب مختلف الأخبار وكتاب المفصح في الإمامة وأشياء. ورأيت له مؤلفًا في فهرسة كتبهم وأسماء مؤلفيها.
4248 - ابن حمدان
(2)
:
الأمير الكبير ناصر الدولة حسين بن الأمير ناصر الدولة وسيفها حسن بن الحسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي.
كان أبوه قد عمل نيابة دمشق لصاحب مصر المستنصر، ونشأ ناصر الدولة، فكان شهمًا شجاعًا مقدامًا مهيبًا وافر الحشمة تمكن بمصر وتقدم على أمرائها وجرت له حروب وخطوب. وكان عازمًا على إقامة الدعوة لبني العباس فإنه تهيأت له الأسباب وقهر المستنصر وتركه على برد الديار وأخذ منه أموالًا لا تحصى ثم في الآخر انتدب لاغتياله وللفتك به إلدكز التركي في جماعة فقتلوه في سنة خمس وستين وأربع مائة وكان قد ولي إمرة دمشق أيضًا وقتل معه أخوه فخر العرب وطائفة من الحمدانية بمصر واضطرب الجيش وماجوا. وكان قد راسل السلطان ألب آرسلان لينجده بعسكر فأجابه.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 252"، ولسان الميزان "5/ 135"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 82".
(2)
ترجمته في الوفي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 357"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 13".
4249 - حاتم بن محمد
(1)
:
ابن عبد الرحمن بن حاتم المحدث المتقن، الإمام الفقيه، أبو القاسم التميمي الطرابلسي، ثم الأندلسي القرطبي. أصله من طرابلس الشام.
مولده في نصف شعبان سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة.
وسمع من: عمر بن حسين بن نابل صاحب قاسم بن أصبغ، ومن أبي المطرف بن فطيس القاضي، ومحمد بن عمر بن الفخار، وحماد الزاهد، والفقيه أبي محمد بن الشقاق، وارتحل في سنة اثنتين وأربع مائة، فلقي الإمام أبا الحسن القابسي، ولازمه وأكثر عنه، ثم حج في سنة ثلاث، وسمع من أحمد بن فراس العبقسي، وسمع "صحيح" مسلم من أبي سعيد السجزي وسمع: من محمد بن سفيان كتاب "الهادي في السبع" ثم رجع بعلم جم وأخذ بطليطلة عن الخطيب أبي محمد بن عباس وخلف بن أحمد.
قال أبو علي الغساني: كان شيخنا حاتم ممن عني بتقييد العلم وضبطه، ثقةً كتب الكثير بخطه المليح.
وقال أبو الحسن بن مغيث: كانت كتابته في نهاية الإتقان ولم يزل مثابرًا على حمل العلم وبثه والصبر على ذلك مع كبر السن. أخذوا عنه لطول عمره. قال: وقد دعي إلى القضاء بقرطبة فأبى.
قلت: حدث عنه: أبو علي، وأبو محمد بن عتاب، وطائفة.
مات في ذي القعدة سنة تسع وستين وأربع مائة، عن نيف وتسعين سنة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 157"، والعبر "3/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 333".
4250 - ابن يونس
(1)
:
الشيخ العالم الحافظ، المحدث، الثقة، أبو علي الحسن بن عمر بن حسن بن يونس الأصبهاني.
رحال صدوق، صاحب معرفة.
سمع: أبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، وأبا عمر بن مهدي، وهلالًا الحفار وطائفةً ببغداد، وأبا عمر الهاشمي بالبصرة، وعثمان بن أحمد البرجي، وأبا بكر بن مردويه وجماعةً، بأصبهان وكتب الكثير.
حدث عنه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمود بن أحمد بن ماشاذه، وأبو سعد أحمد بن محمد بن ثابت الخجندي، والمعمر إسماعيل ابن علي الحمامي، وآخرون.
توفي في ذي القعدة، سنة ست وستين وأربع مائة، وهو في عشر التسعين، رحمه الله.
4251 - العطار
(2)
:
الإمام الحافظ، الثقة، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني العطار، مستملي أبي نعيم الحافظ.
ارتحل وسمع: أبا عمر الهاشمي، وعلي بن القاسم النجاد بالبصرة، وأبا القاسم الحرفي، وأبا علي بن شاذان ببغداد، وأبا بكر بن مردويه، وأبا سعيد محمد بن علي بن عمرو النقاش، وطبقتهما بأصبهان.
قال أبو سعد السمعاني: هو حافظ، عظيم الشأن عند أهل بلده، أملى عدة مجالس.
وقال الدقاق في رسالته: كان من الحفاظ، يملي من حفظه.
قلت: روى عنه: سعيد بن أبي الرجاء، والحسين الخلال، وفاطمة بنت محمد بن البغدادي، وإسماعيل بن علي الحمامي، وعدة.
توفي في صفر، سنة ست وستين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 194".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 417"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 288"، والعبر "3/ 261" وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1020".
4252 - الواحدي
(1)
:
الإمام العلامة، الأستاذ، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري الشافعي صاحب التفسير وإمام علماء التأويل من أولاد التجار. وأصله من ساوه.
لزم الأستاذ أبا إسحاق الثعلبي وأكثر عنه وأخذ علم العربية عن أبي الحسن القهندزي الضرير.
وسمع: من: أبي طاهر بن محمش والقاضي أبي بكر الحيري وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ومحمد بن إبراهيم المزكي وعبد الرحمن بن حمدان النصروي وأحمد بن إبراهيم النجار وخلق.
حدث عنه: أحمد بن عمر الأرغياني وعبد الجبار بن محمد الخواري وطائفة أكبرهم الخواري.
صنف التفاسير الثلاثة: البسيط والوسيط والوجيز. وبتلك الأسماء سمى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه. ولأبي الحسن كتاب أسباب النزول مروي وكتاب التحبير في الأسماء الحسنى وشرح ديوان المتنبي. وكان طويل الباع في العربية واللغات. وله أيضًا: كتاب الدعوات وكتاب المغازي وكتاب الإغراب في الإعراب وكتاب "تفسير النبي صلى الله عليه وسلم" وكتاب "نفي التحريف عن القرآن الشريف".
تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه.
وقيل: كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء ما لا ينبغي، وقد كفر من ألف كتاب "حقائق التفسير" فهو معذور.
وله شعر رائق.
قال عن نفسه: درست اللغة على أبي الفضل أحمد بن محمد بن يوسف العروضي وكان من أبناء التسعين. روى عن الأزهري "تهذيبه في اللغة" ولحق السماع من الأصم، وله تصانيف وأخذت التفسير عن الثعلبي، والنحو عن أبي الحسن علي بن محمد الضرير - وكان من أبرع أهل زمانه في لطائف النحو وغوامضه علقت عنه قريبًا من مائة جزء في المشكلات وقرأت القراءات على جماعة.
قال أبو سعد السمعاني: كان الواحدي حقيقًا بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة، وقد سمعت أحمد بن محمد بن بشار يقول: كان الواحدي يقول: صنف السلمي كتاب "حقائق التفسير"، ولو قال: إن ذلك تفسير القرآن لكفرته.
قلت: الواحدي معذور مأجور.
مات بنيسابور في جمادى الآخرة، سنة ثمان وستين وأربع مائة، وقد شاخ.
أخوه:
(1)
ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 257"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 303". والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 104"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 330".
4253 - الواحدي
(1)
:
الشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي.
سمع: أبا طاهر بن محمش ويحيى بن إبراهيم المزكي وأبا بكر الحيري.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ وعبد الله بن الفراوي وعبد الخالق بن زاهر الشحامي وآخرون.
وأملى مجالس وكان ثقةً صادقًا معمرًا.
مات سنة سبع وثمانين وأربع مائة وهو من أبناء التسعين. يقع لي من حديثه في مشيخة زاهر.
وأما أخوه المفسر فما وقع لي حديثه بعلو.
4254 - البحيري:
الإمام الفقيه الصالح أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد البحيري النيسابوري راوي مسند أبي عوانة عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن قرأه عليه الإمام أبو المظفر منصور السمع: اني.
وحدث عنه: وجيه الشحامي وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري وجماعة.
مات في سنة تسع وستين وأربع مائة بنيسابور.
أخبرنا أحمد بن هبة الله الدمشقي، أنبأنا القاسم بن عبد الله بن الصفار، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، أخبرنا عبد الملك بن الحسن، أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحافظ سنة ست عشرة وثلاث مائة حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: بلغنا عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة والعلم يقبض قبضًا سريعًا فنعش العلم ثبات الدين والدنيا وذهاب ذلك في ذهاب العلم.
أخوه:
(1)
ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 104".
4255 - البحيري:
هو الشيخ أبو الحسن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري المزكي شيخ زاهر الشحامي ووالد عبد الرحمن بن عبد الله البحيري المتوفى في سنة أربعين وخمس مائة.
يروي عن: محمد بن أحمد بن عبدوس والسيد العلوي وأبي نعيم الأزهري وأبي عبد الله الحاكم وعبد الرحمن بن المزكي وعدة.
وأملى مجالس.
لا أعلم متى توفي وكان موجودًا في حدود سنة ستين وأربع مائة.
4256 - ابن الحذاء
(1)
:
الإمام المحدث الصدوق المتقن أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن يعقوب بن داود القرطبي ابن الحذاء مولى بني أمية.
مكثر عن والده الحافظ أبي عبد الله ابن الحذاء.
ندبه أبوه إلى الطلب في حداثته فسمع: من: عبد الله بن محمد بن راشد وسعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان وأبي القاسم عبد الرحمن الوهراني وأدرك بهم درجة أبيه وأول سماعه في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة.
نزح عن قرطبة في الفتنة الكبرى، وسكن سرقسطة والمرية، ثم ولي القضاء بطليطلة وبدانية، ثم تحول إلى إشبيلية وقرطبة.
حدث عنه: الحافظ أبو علي الغساني وجماعة ممن أعرفهم أو لا أعرفهم وكذا غالب مشايخ الأندلس لا اعتناء لنا بمعرفتهم لأن روايتهم لا تقع لنا.
وكان حسن الأخلاق موطأ الأكناف عالمًا سريع الكتابة انتهى إليه علو الإسناد مع ابن عبد البر.
مات في ربيع الآخر سنة سبع وستين وأربع مائة وله سبع وثمانون سنة ومشى المعتمد على الله في جنازته.
وفيها مات أبو منصور شجاع بن علي المصقلي والقائم بأمر الله وجمال الإسلام الداوودي وأبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي مصنف دمية القصر وعلي بن الحسين بن صصرى بدمشق وأبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى الخياط المقرئ.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 62 - 63"، والعبر "3/ 264"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 326".
4257 - ابن سكينة
(1)
:
الشيخ الثقة، أبو عبد الله، محمد بن علي بن حسين بن سكينة الأنماطي، البغدادي.
سمع: عبيد الله بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن فارس الغوري، وعدة.
وعنه: قاضي المارستان، وأحمد بن البناء، وإسماعيل بن السمرقندي، وعبد الله اليوسفي.
توفي في ذي القعدة، سنة تسع وستين وأربع مائة، وله ثمانون سنة.
4258 - المهرواني
(2)
:
الشيخ الإمام الزاهد العابد الصادق بقية المشايخ أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد المهرواني الهمذاني نزيل بغداد من صوفية رباط الزوزني.
سمع: أبا أحمد الفرضي وأبا الحسن بن الصلت وأبا عمر بن مهدي وأبا محمد بن البيع وعلي بن محمد بن بشران وطبقتهم. وانتقى عليه أبو بكر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة وابن خيرون ثلاثة أجزاء؛ لم تقع لي وكان من ثقات النقلة.
(1)
ترجمة في المنتظم لابن الجوزي "8/ 311".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 303"، والعبر "3/ 268"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 331".
حدث عنه: أبو بكر قاضي المارستان ويوسف بن أيوب الهمذاني وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي وعبد الرحمن بن محمد القزاز ويحيى بن الطراح وأبو الفضل الأموي وآخرون.
مات في رابع عشر ذي الحجة، سنة ثمان وستين وأربع مائة، في عشر التسعين، ودفن على باب رباط الزوزني، رحمه الله.
وفيها توفي: الإمام أبو العباس أحمد بن منصور بن قبيس الغساني. الداراني الدمشقي المالكي وأول سماعه بداريا في سنة اثنتين وأربع مائة. وأبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ومقرئ واسط أبو علي الحسن بن القاسم غلام الهراس عن نيف وتسعين سنة وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الجوهري الواعظ وأبو نصر عبد الرحمن بن علي التاجر النيسابوري وشيخ التفسير أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي والإمام أبو الحسن علي بن الحسين بن جدا العكبري الحنبلي وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري وأبو الفرج علي بن محمد البجلي الجريري بهمذان والحافظ أبو الحسن علي بن محمد الزبحي الجرجاني والعلامة أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله البيضاوي ببغداد وأبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي الواسطي البزاز والحافظ أبو بكر مكي بن جابار الدينوري وخطيب همذان أبو القاسم يوسف بن محمد بن يوسف المحدث وصاحب ابن أبي شريح أبو صاعد يعلى بن هبة الله الفضيلي الهروي والمحدث اللغوي ناصر بن محمد بن علي البغدادي التركي الأصل والد الحافظ ابن ناصر وله إحدى وثلاثون سنة ومحدث غزنة أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري، ابن اللبان.
4259 - الهمذاني
(1)
:
الإمام المحدث الأوحد الخطيب أبو القاسم يوسف بن محمد ابن يوسف بن حسن الهمذاني، خطيب همذان ومفيدها.
سمع: أبا سهل عبيد الله بن زيرك، وأبا بكر بن لال، وأحمد بن إبراهيم التميمي، وأبا طاهر بن سلمة، وببغداد أبا أحمد الفرضي، وأبا الحسن بن الصلت وأبا عمر بن مهدي، وأبا الفتح بن أبي الفوارس وعدة.
حدث عنه: حفيده أبو منصور سعد بن سعيد الخطيب، وأبو علي أحمد بن سعد العجلي، وهبة الله بن الفرج الطويل، وأبو تمام إبراهيم بن أحمد البروجردي، وآخرون.
قال السمعاني: سمعت هبة الله بن الفرج يقول: كان يوسف بن محمد الخطيب شيخًا كبيرًا صاحب كرامات.
وأثنى عليه إلكياشيرويه الديلمي ووصفه بالصدق والدين وقال: ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
مات في خامس ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربع مائة.
وفيها يوم عيد الفطر سكر ملك حلب نصر بن محمود بن صالح بن مرداس وركب العصر وأمر بنهب التركمان النازلين بالحاضر فرماه واحد بسهم في حلقه فقتله وتملك أخوه سابق فالبغي مصرعه.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 304"، والعبر "3/ 268"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 331".
4260 - ابن منده
(1)
:
الشيخ الإمام المحدث المفيد الكبير المصنف أبو القاسم عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة. وهو أكبر إخوته.
له إجازة زاهر السرخسي وتفرد بها.
وحدث عن أبيه فأكثر وعن أبي جعفر بن المرزبان وإبراهيم بن خرشيذ قوله وإبراهيم بن محمد الجلاب وأبي بكر بن مردويه وأبي ذر ابن الطبراني وأبي عمر الطلحي ومحمد بن إبراهيم الجرجاني وخلق.
وارتحل إلى بغداد في سنة ست وأربع مائة فسمع: أبا عمر بن مهدي وأبا محمد بن البيع وابن الصلت الأهوازي والموجودين وسمع: بواسط من ابن خزفة وبمكة من أبي الحسن بن جهضم وابن نظيف الفراء وبنيسابور من أبي بكر الحيري ولكن ما روى عنه لا هو ولا أبو إسماعيل الأنصاري لأشعريته.
قال أبو عبد الله الدقاق: ولد عبد الرحمن في السنة التي مات فيها أبو بكر ابن المقرئ،
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 315"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة "1023"، والعبر "3/ 274". والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 105"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 337".
ومناقبه أكثر من أن تعد. كان صاحب خلق وفتوة وسخاء وبهاء وكانت الإجازة عنده قويةً وكان يقول: ما حدثت بحديث إلَّا على سبيل الإجازة كيلا أوبق. وله تصانيف كثيرة وردود على المبتدعة.
وقال أبو سعد السمعاني: له إجازة زاهر بن أحمد وعبد الرحمن بن أبي شريح والجوزقي والحاكم وحمد بن عبد الله الأصبهاني. روى لنا عنه أبو نصر الغازي وأبو سعد بن البغدادي والحسين بن عبد الملك الخلال وأبو بكر الباغبان وأبو عبد الله الدقاق.
قال ابن طاهر: حدثنا أبو علي الدقاق بأصبهان: سمعت أبا القاسم بن مندة يقول: قرأت على أبي أحمد الفرضي ببغداد جزءًا فأردت خطه بذلك فقال: يا بني! لو قيل لك بأصبهان: ليس ذا خط فلان. بم كنت تجيبه؟ ومن كان يشهد لك؟ فبعدها لم أطلب من شيخ خطًا.
السمع: اني: سمعت الحسين بن عبد الملك الخلال سمعت عبد الرحمن ابن منده يقول: قد عجبت من حالي فإني وجدت أكثر من لقيته إن صدقته فيما يقوله مداراةً له؛ سماني موافقًا وإن وقفت في حرف من قوله أو في شيء من فعله؛ سماني مخالفًا وإن ذكرت في واحد منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك؛ سماني خارجيًا وإن قرئ علي حديث في التوحيد؛ سماني مشبهًا وإن كان في الرؤية؛ سماني سالميًا
…
إلى أن قال: وأنا متمسك بالكتاب والسنة متبرئ إلى الله من الشبه والمثل والند والضد والأعضاء والجسم والآلات ومن كل ما ينسبه الناسبون إلي ويدعيه المدعون علي من أن أقول في الله تعالى شيئًا من ذلك أو قلته أو أراه أو أتوهمه أو أصفه به.
وقال يحيى بن منده: كان عمي سيفًا على أهل البدع وهو أكبر من أن يثني عليه مثلي كان والله آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر كثير الذكر قاهرًا لنفسه عظيم الحلم كثير العلم قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه حديثًا فأنا له عبد. فقال عمي: من كتب عني حديثًا فأنا له عبد.
وسمعت أبي يقول: أفطرنا في رمضان ليلةً شديدة الحر فكنا نأكل ونشرب وكان أخي عبد الرحمن يأكل ولا يشرب فخرجت وقلت: إن من عادة أخي أنه يأكل ليلةً ولا يشرب ويشرب ليلة أخرى ولا يأكل. قال: فما شرب تلك الليلة وفي الليلة الآتية كان يشرب ولا يأكل ألبتة فلما كان في الليلة الثالثة قال: يا أخي: لا تلعب بعد هذا فإني ما اشتهيت أن أكذبك.
قال الدقاق في "رسالته": أول من سمعت منه الشيخ الإمام السيد السديد الأوحد أبو
القاسم عبد الرحمن، فرزقني الله ببركته وحسن نيته وجميل سيرته فهم الحديث. وكان جذعًا في أعين المخالفين لا تأخذه في الله لومة لائم ووصفه أكثر من أن يحصى.
وذكر أبو بكر أحمد بن هبة الله بن أحمد، أنه سمع: من سعد الزنجاني بمكة يقول: حفظ الله الإسلام برجلين: أبي إسماعيل الأنصاري، وعبد الرحمن بن منده.
وقال السمعاني: سمعت الحسن بن محمد بن الرضا العلوي يقول: سمعت خالي أبا طالب بن طباطبا يقول: كنت أشتم أبدًا عبد الرحمن بن منده فسافرت إلى جرباذقان فرأيت أمير المؤمنين عمر في النوم ويده في يد رجل عليه جبة زرقاء وفي عينه نكتة فسلمت عليه فلم يرد علي وقال: تشتم هذا: فقيل لي في المنام: هذا عمر وهذا عبد الرحمن بن منده. فانتبهت ثم رجعت إلى أصبهان وقصدت عبد الرحمن فلما دخلت عليه صادفته كما رأيته في النوم فلما سلمت عليه قال: وعليك السلام يا أبا طالب. وقبلها ما رآني ولا رأيته فقال لي قبل أن أكلمه: شيء حرمه الله ورسوله يجوز لنا أن نحله؟ فقلت: اجعلني في حل. وناشدته الله وقبلت عينيه فقال: جعلتك في حل فيما يرجع إلي.
قال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، فسكت وتوقف فراجعته فقال: سمع: الكثير وخالف أباه في مسائل وأعرض عنه مشايخ الوقت ما تركني أبي أن أسمع: منه. كان أخوه خيرًا منه.
قال المؤيد ابن الإخوة: سمعت عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي سمعت أبي سمعت صاعد بن سيار سمعت الإمام أبا إسماعيل الأنصاري يقول في عبد الرحمن بن مندة: كانت مضرته أكثر من منفعته في الإسلام.
قلت: أطلق عبارات بدعه بعضهم بها، الله يسامحه. وكان زعرًا على من خالفه، فيه خارجية وله محاسن وهو في تواليفه حاطب ليل؛ يروي الغث والسمين وينظم رديء الخرز مع الدر الثمين.
قال يحيى: مات عمي في سادس عشر شوال، سنة سبعين وأربع مائة، وصلى عليه أخوه عبد الوهاب، وشيعه عالم لا يحصون.
وممن روى عنه أبو سعد بن البغدادي الحافظ، وأبو بكر الباغبان، وبالإجازة مسعود الثقفي، وأول ما حدث في سنة سبع وأربع مائة في حياة كبار مشايخه.
أخبرنا قاسم بن مظفر عن محمود بن إبراهيم، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد إذنًا، أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا سلم بن جنادة، حدثنا أبو معاوية وابن نمير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما مؤمن سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاةً ورحمةً"
(1)
.
أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه.
أخوه عبد الوهاب سيأتي
(2)
.
وأخوه:
(1)
صحيح أخرجه البخاري "6361"، ومسلم "2601".
(2)
عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن الحافظ محمد بن يحيى بن منده العبدي أبو عمرو الأصبهاني أخو الحافظ عبد الرحمن بن منده. ستأتي ترجمته في هذا الجزء برقم ترجمة عام "4318" فراجعها ثمت.
4261 - ابن منده:
الثقة الأمين، أبو الحسن، عبيد الله بن محمد التاجر.
سمع: أباه وابن خرشيذ قوله، وأبا جعفر بن المرزبان، والحسن بن يوه.
روى عنه الحسين بن عبد الملك الخلال، وجماعة.
وعاش ثمانين سنة.
مات بجيرفت، سنة اثنتين وستين وأربع مائة، وقيل: مات سنة أربع وستين، فالله أعلم.
4262 - أبو نصر التاجر
(1)
:
الشيخ العالم، الصالح، العدل، المسند، أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن أحمد بن حسين بن موسى النيسابوري، المزكي التاجر.
سمع: أبا الحسين الخفاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي، وأبا أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأبا عمر بن مهدي، وأبا القاسم علي بن أحمد الخزاعي، وطائفةً بخراسان والعراق.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 267"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 330".
قال عبد الغافر الفارسي: ارتحل في صباه وسمع: من أصحاب ابن صاعد والمحاملي. وروى الكثير.
وقال أبو سعد السمع: اني: حدثنا عنه زاهر ووجيه ابنا الشحامي وهبة الرحمن بن عبد الواحد بن القشيري وآخرون. وكان ثقةً صالحًا مكثرًا.
مات سنة ثمان وستين وأربع مائة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين إملاءً أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشرقي حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من غسله الغسل ومن حمله الوضوء"
(1)
.
إسناده صالح وهو ظاهر في أن ذلك سنة ولا بد للحديث من تقدير شيء محذوف مع الغسل ومع الوضوء فالمقدر: المشروع أو المسنون أو المستحب أو الواجب. والله أعلم.
(1)
صحيح: أخرجه الترمذي "993"، وابن ماجه "1463"، والبيهقي "1/ 301" من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، به.
وأخرجه البيهقي "1/ 300" من طريق القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، به.
وأخرجه الطيالسي "2314"، وابن أبي شيبة "3/ 369"، وأحمد "2/ 433" و 454 و 472"، والبغوي "339" من طرق عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، به.
4263 - الجوري
(1)
:
العالم الحافظ المفيد، الثقة، أبو منصور عمر بن أحمد بن محمد بن موسى الجوري، الحنفي الصوفي، العابد، تلميذ الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي.
سمع من: أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، ومحمد ابن الحسن العلوي.
وكان من خواص أصحاب السلمي، كتب عنه تصانيفه.
حدث عنه: زاهر بن طاهر، وأخوه وجيه، وعبد الغافر بن إسماعيل، وإسماعيل بن أحمد المؤذن، ومحمد بن الفضل الفراوي، وآخرون.
وهو من جور، أحد أعمال نيسابور.
مات في جمادى الآخرة، سنة تسع وستين وأربع مائة، عن سن عالية.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 10"، والأنساب للسمعاني "3/ 359" واللباب لابن الأثير "1/ 307".
4264 - صاحب حلب
(1)
:
الملك عز الدولة محمود بن الملك صالح بن مرداس الكلابي.
تسلم حلب من عمه عطية، فوليها عشر سنين، وكان شجاعًا مهيبًا جوادًا، يداري الدولتين، المصرية والبغدادية.
ولابن حيوس فيه مدائح.
توفي سنة سبع وستين وأربع مائة. وتملك ابنه الأمير نصر وأم نصر هي بنت الملك العزيز بن جلال الدولة بن بويه. فقتل نصر بعد سنة بظاهر حلب.
4265 - الصليحي
(2)
:
صاحب اليمن، كان أبوه من قضاة اليمن، وهو الملك أبو الحسن علي بن القاضي محمد بن علي.
دار به داعي الباطنية عامر الزواخي حتى أجابه وهو حدث فتفرس به عامر النجابة وقيل: ظفر بحليته في كتاب الصور فأطلعه على ذلك وشوقه واسر إليه أمورًا ثم لم ينشب عامر أن هلك فأوصى بكتبه لعلي فعكف على الدرس والمطالعة وفقه وتميز في رأي العبيدية ومهر في تأويلاتهم، وقلبهم للحقائق. وهو القائل:
أنكحت بيض الهند سمر رماحهم
…
فرؤوسهم عوض النّثار نثار
وكذا العلى لا يستباح نكاحها
…
إلاّ بحيث تطلّق الأعمار
ثم صار يحج بالناس على طريق السراة خمس عشرة سنة، وكان الناس يقولون له:
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 300"، والعبر "3/ 266"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 100"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 329".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 87"، واللباب لابن الأثير "2/ 246"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 411"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 214"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 58".
ستملك اليمن بأسره. فينكر على القائل فلما كان في سنة تسع وعشرين وأربع مائة ثار بجبل مشار في ستين رجلًا فأووا إلى ذروة شاهق فما أمسوا حتى أحاط بهم عشرون ألفًا وقالوا: انزل وإلا قتلناكم جوعًا وعطشًا. قال: ما فعلت هذا إلَّا خوفًا أن يملكه غيرنا وإن تركتمونا نحرسة وإلا نزلنا إليكم. وخدعهم فانصرفوا فلم يمض عليه أشهر حتى بناه وحصنه ولحق به كل طماع وذي جلادة وكثروا فاستفحل أمره وأظهر الدعوة لصاحب مصر المستنصر وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة ويلاطفه ويتحيل عليه حتى سقاه مع جارية مليحة أهداها له واستولى على الممالك اليمنية في سنة خمس وخمسين وأربع مائة وخطب على منبر الجند فقال: وفي مثل هذا اليوم نخطب على منبر عدن. فقال رجل: سبوج قدوس. يستهزئ بقوله فأمر بأخذه فاتفق أنه أخذ عدن وخطب وصيرها دار ملكه وأنشأ عدة قصور أنيقة وأسر ملوكًا وامتدت أيامه ثم حج وأحسن إلى أهل مكة.
وكان أشقر أزرق، يسلم على من مر عليهم، وكان ذا ذكاء ودهاء كسا الكعبة البياض وخطب لزوجته أيضًا معه على المنابر وكان فرسه بألف دينار ويركب بالعصائب وتركب الحرة في مائةي جارية في الحلي والحلل ومعها الجنائب بسروج الذهب ثم إنه حج في سنة ثلاث وسبعين واستخلف على اليمن ابنه أحمد الملك المكرم فلما نزل بالمهجم وثب عليه جياش بن نجاح وأخوه سعيد الأحول فقتلاه بأبيهما وكانا قد خرجا في سبعين نفسًا بلا سلاح بل مع كل واحد جريدة في رأسها زج وساروا نحو الساحل فجهز لحربهم خمسة آلاف فاختلفوا في الطريق ووصل السبعون إلى منزلة الصليحي وقد أخذ منهم التعب والحفاء فظنهم الناس من عبيد العسكر فشعر بهم أخو الصليحي فدخل مخيمه وقال: اركب فهذا الأحول سعيد. فقال الصليحي: لا أموت إلَّا بالدهيم. فقال رجل: قاتل عن نفسك فهذا والله الدهيم. فلحقه زمع الموت وبال وما برح حتى قطع رأسه بسيفه وقتل أخوه عبد الله وأقاربه وذلك في ذي القعدة من سنة ثلاث والتف أكثر العسكر على ابن نجاح وتملك ورفع رأس الصليحي على قناة وتملك ابن نجاح مدائن وجرت أمور إلى أن دبرت الحرة على قتله بعد ثمانية أعوام، فقتل.
وحدثني تاج الدين عبد الباقي النحوي في "تاريخه" قال: احتضر رأس الدعاة فأعطى الصليحي ما جمع من الأموال فأقام يعمل الحيل ثم صعد جبلًا في جمع وبناه حصنًا وحارب وأمره يستفحل ثم اقتفاه ابن أبي حاشد متولي صنعاء فقتل وقتل معه ألف وتملك الصليحي صنعاء، وطوى اليمن سهلًا وجبلًا، واستقر ملكه لجميع اليمن من مكة إلى حضرموت إلى أن قتله سعيد وأخذ بثأر أبيه نجاح ودام ملك ولده المكرم على شطر اليمن مدةً وحارب ابن نجاح غير مرة إلى أن مات سنة أربع وثمانين فتملك بعده ابن عمه سبأ بن أحمد إلى سنة خمس وتسعين، وصار الملك إلى آل نجاح مدة.
4266 - الباخرزي
(1)
:
العلامة الأديب، صاحب "دمية القصر" أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي، الشاعر، الفقيه الشافعي.
تفقه بأبي محمد الجويني، ثم برع في الإنشاء والآداب، وسافر الكثير، وسمع الحديث، وكتابه هو ذيل ليتيمة الدهر للثعالبي. وقيل: ذيل علي بن زيد البيهقي الأديب عليه بكتاب "وشاح الدمية".
وللباخرزي ديوان كبير، ونظمه رائق.
قتل بباخرز -من أعمال نيسابور- وطل دمه في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربع مائة وكان من كبار كتاب الإنشاء. ذكره ابن خلكان.
4267 - الزبحي
(2)
:
الحافظ العالم أبو الحسن علي بن أبي محمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زكريا الجرجاني، الزبحي. والزبح: بزاي مفتوحة وبموحدة ثم حاء مهملة: من أعمال جرجان.
ولد بعد التسعين وثلاث مائة.
سمع: علي بن محمد المؤدب، وعبد الواحد بن محمد المنيري، والقاضي أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وعبد الله بن عبد الرحمن البناني الحرضي، والحافظ حمزة السهمي، وطبقتهم.
روى عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وصاعد بن سيار، وطائفة.
وألف "تاريخ جرجان" وسكن هراة، وهو خال الحافظ عبد الله بن يوسف الجرجاني، وعاش ستًا وسبعين سنة.
مات في صفر سنة ثمان وستين وأربع مائة. وزبح كما قلنا قيده أبو نعيم بن الحداد.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 21"، واللباب لابن الأثير "1/ 104"، ومعجم الأدباء "13/ 33" والعبر 3/ 265"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 99"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 327".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "6/ 240"، واللباب لابن الأثير "2/ 58"، وتبصير المنتبه "2/ 660".
4268 - الوخشي
(1)
:
الشيخ الإمام الحافظ، المحدث، الزاهد، أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن جعفر البلخي، الوخشي.
ولد سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، قاله السمعاني.
سمع: أبا عمر بن مهدي والقاضي أبا عمر الهاشمي وأبا محمد بن النحاس المصري وتمام بن محمد الرازي وعقيل بن عبدان والقاضي أبا بكر الحيري وخلقًا كثيرًا. وكان جوالًا في الآفاق.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب وعمر بن محمد السرخسي وعمر بن علي وآخرون.
قال الخطيب: علقت عنه ببغداد وأصبهان.
وقال أبو سعد السمعاني: كان حافظًا فاضلًا ثقة حسن القراءة رحل إلى العراق والجبال والشام والثغور ومصر وذاكر الحفاظ وسمع: ببلخ من أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي وبنيسابور من أبي زكريا المزكي وببغداد من ابن مهدي وبأصبهان من أبي نعيم.
وقال عبد العزيز النخشبي: كان يتهم بالقدر.
قلت: انتقى على أبي نعيم خمسة أجزاء تعرف بالوخشيات وكان ربما حدث من حفظه سئل عنه إسماعيل بن محمد التيمي فقال: حافظ كبير.
قلت: قد روى عن الوخشي كتاب السنن لأبي داود أبو علي الحسن ابن علي الحسيني البلخي.
قال عمر المحمودي: لما مات الوخشي كنت قد راهقت فلما وضعوه في القبر سمع: نا صيحةً فقيل: إنه لما وضع في القبر خرجت الحشرات من المقبرة. وكان في طرفها واد فأخذت إليه الحشرات فذهبت والناس لا يعرضون لها.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 391"، والعبر "3/ 275"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1025"، ولسان الميزان "2/ 241"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 339".
قال ابن النجار: سمع: أيضًا بحلب وبهمذان من محمد بن أحمد بن مزدين سمع: منه نظام الملك ببلخ وصدره بمدرسته ببلخ.
وعن الوخشي قال: جعت بعسقلان أيامًا وعجزت عن الكتابة ثم فتح الله.
مات الوخشي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وأربع مائة ببلخ وله ست وثمانون سنة. قاله السمع: اني.
وقال: سمعت عمر السرخسي يقول: ورد نظام الملك علينا فقيل له: إن بقرية وخش شيخًا ذا رحلة ومعرفة فاستدعاه وقرؤوا عليه سنن أبي داود.
فقال الوخشي يومًا: رحلت وقاسيت الذل والمشاق ورجعت إلى وخش وما عرف أحد قدري فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري ولا يترحم أحد علي فسهل الله ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة وأجلسني فيها أحدث لقد كنت بعسقلان أسمع: من ابن مصحح وبقيت أيامًا بلا أكل فقعدت بقرب خباز؛ لأشم رائحة الخبز وأتقوى بها.
أخبرتنا زينب بنت عمر بن كندي أنبأنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل أخبرنا عمر بن علي المحمودي القاضي ببلخ حدثنا الحسن بن علي الحافظ حدثنا تمام بن محمد الحافظ أخبرنا أحمد بن أيوب بن حذلم حدثنا أبو زرعة حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثني إبراهيم قال: قال الأسود: كنا جلوسًا عند عائشة فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها فقالت عائشة: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأوذن بها فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس .. " وذكر الحديث
(1)
.
(1)
صحيح أخرجه البخاري "664"، ومسلم "418"، والنسائي "2/ 99 - 100".
4269 - ابن الخلال
(1)
:
الشيخ الصالح الصدوق، أبو القاسم، عبد الله بن الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن البغدادي، الخلال.
ولد سنة خمس وثمانين وثلاث مائة.
وسمعه أبوه من أبي حفص الكتاني، وأبي طاهر المخلص، وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني وجماعة.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقًا.
وقال أبو سعد السمع: اني: كان صالحًا صدوقًا صحيح السماع بكر به أبوه وسمع: هـ وعمر حتى نقل عنه الكثير حدثنا عنه إسماعيل بن السمرقندي وأبو الفضل بن المهتدي بالله وأبو الحسن بن صرما وجماعة.
وقال ابن خيرون: ثقة.
قال شجاع الذهلي: توفي في ثامن عشر صفر سنة سبعين وأربع مائة.
قلت: سماعه من الكتاني في الخامسة ومن هذا الحين أخذ الطلبة في تسميع أولادهم في سن الحضور ففسد النظام بل الإجازة أجود من الحضور في القوة إذ من سمع: حضورًا بلا فهم لم يتحمل شيئًا والمجاز له قد يحمل أما إذا كان مع الحضور إذن من الشيخ في الرواية فهو أجود.
4270 - الدينوري اللبان:
الإمام المحدث الجوال المسند الصدوق أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري اللبان نزيل غزنة ومحدثها.
سمع: أبا عمر بن مهدي وطبقته ببغداد والقاضي أبا عمر الهاشمي وطائفةً بالبصرة وأبا عبد الرحمن السلمي وأبا بكر الحيري وعدةً بنيسابور وأبا سعيد النقاش وعلي بن ميلة الفرضي وجماعةً بأصبهان.
حدث عنه: مسافر وأحمد ابنا محمد بن علي البسطامي وجماعة لا نعرفهم من أهل تلك الناحية وأجاز لحنبل بن علي.
قال السمع: اني: سمعت شيخنا الموفق بن عبد الكريم يقول: كان شيخنا أبو الحسن بن اللبان الدينوري بغزنة وعندة الحلية عن أبي نعيم فأتاه صوفي ليسمع: ها فقال: إن هذا كتاب فيه ذكر الممتحنين فإن أردت أن تقرأه فوطن نفسك على المحنة. قال: نعم. وقرأ أيامًا إلى أن انتهى إلى ذكر فلان وكان في المجلس حنفي فسعى بالشيخ إلى القاضي ورفع الأمر إلى السلطان فأمر الشيخ بلزوم بيته وأغلق مسجده ومنع من التحديث وكان ذلك في أواخر عمره، وضرب الصوفي ونفي، وصحت فراسة الشيخ.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 439"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 314"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1164"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 336".
قلت: قد شان أبو نعيم كتابه بذلك.
توفي الدينوري هذا: في سنة ثمان وستين وأربع مائة.
قال ابن النجار: كان من الجوالين في طلب الحديث، سمع بالدينور أبا منصور محمد بن أحمد بن علي بن ميمونة
…
إلى أن قال: وببغداد أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن الصلت وابن رزقويه.
روى عنه: أبو بكر الخطيب.
وقال يحيى بن مندة: كان مذكورًا في الحفاظ، موصوفًا بالفهم.
وقال أبو الفضل بن خيرون: سمع في كل بلد وجمع الكثير، وحدث، وهو ثقة.
4271 - ابن حيان
(1)
:
الإمام المحدث المؤرخ النحوي، صاحب التصانيف، أبو مروان حيان بن خلف بن حسين بن حيان الأموي مولاهم، القرطبي، الأخباري، الأديب.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مائة.
ومات في عشر المائة إلَّا قليلًا.
وسمع من: أبي حفص عمر بن حسين بن نابل وغيره، ولزم أبا عمر بن الحباب النحوي، تلميذ القالي، وصاعد بن الحسن.
حدث عنه: أبو علي الغساني، ووصفه بالصدق وقال ولد
…
فذكره.
وقال أبو عبد الله بن عون: كان أبو مروان فصيحًا بليغًا، كان لا يتعمد كذبًا فيما يحكيه من القصص والأخبار.
قلت: من تصانيفه كتاب "المقتبس في تاريخ الأندلس" عشرة أسفار وكتاب "المبين في تاريخ الأندلس" مبسوطًا في ستين مجلدًا نقله ابن خلكان.
قيل: رآه بعضهم في النوم فسأله عن التاريخ فقال: لقد ندمت عليه إلَّا أن الله أقالني وغفر لي بلطفه.
توفي أبو مروان بن حيان: في أواخر شهر ربيع الأول سنة تسع وستين وأربع مائة.
قال الغساني: كان بارعًا في الآداب، صاحب لواء التاريخ بالأندلس أفصح الناس فيه.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "1/ 153"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 218"، والعبر "3/ 270"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 333".
4272 - ابن النقور
(1)
:
الشيخ الجليل، الصدوق، مسند العراق، أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور البغدادي، البزاز.
مولده في جمادى الأولى، سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة.
وسمع: علي بن عمر الحربي، وعبيد الله بن حبابة، وأبا حفص الكتاني، ومحمد بن عبد الله الدقاق ابن أخي ميمي، وأبا طاهر المخلص، وعيسى بن الوزير، وعلي بن عبد العزيز بن مردك، وطائفة.
وتفرد بأجزاء عالية كنسخة هدبة بن خالد، ونسخة كامل بن طلحة، ونسخة طالوت، ونسخة مصعب الزبيري، ونسخة عمر بن زرارة وأشياء.
وكان صحيح السماع متحريًا في الرواية.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وابن الخاضبة، ومحمد بن طاهر، ومؤتمن الساجي، والحسين سبط الخياط، وإسماعيل بن السمرقندي، وعمر بن إبراهيم الزيدي، ومحمد بن أحمد بن صرما، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو نصر إبراهيم بن الفضل البار، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الفتح عبد الله بن محمد البيضاوي.
قال الخطيب: كان صدوقًا.
وقال ابن خيرون: ثقة.
قال الحسين سبط الخياط: كان إذا تكلم أحد في مجلس ابن النقور قال لكاتب الأسماء: لا تكتبه.
وقال أبو الحسن بن عبد السلام: كان أبو محمد التميمي يحضر مجلس ابن النقور ويسمع: منه ويقول: حديث ابن النقور سبيكة الذهب.
وكان يأخذ على نسخة طالوت بن عباد دينارًا.
قال الحافظ ابن ناصر: إنما أخذ ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بذلك لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه من الكسب لعياله وكان أيضًا يمنع من ينسخ حالة السماع.
قال أبو علي الحسن بن مسعود الدمشقي: كان ابن النقور يأخذ على جزء طالوت دينارًا فجاء غريب فأراد أن يسمعه فقرأه عليه، وما صرح، بل قال: حدثنا أبو عثمان الصيرفي. فما تفطن لها ابن النقور، وحصل للغريب الجزء كذلك.
مات ابن النقور في سادس عشر رجب، سنة سبعين وأربع مائة عن تسعين سنة.
ابنه:
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 381"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 314"، والعبر "3/ 272" وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1164"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 335".
4273 - ابن النقور
(1)
:
الشيخ أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن النقور البزاز.
سمع: أبا إسحاق البرمكي، وأبا القاسم التنوخي، وجماعة.
حدث عنه: ولده أبو بكر عبد الله بن محمد، وأبو طاهر السلفي، وغيرهما.
قال السلفي: لم يكن بذاك، لكنه سمع: الحديث الكثير، وكان ابنه أبو بكر يسمع: معنا.
قلت: مات محمد سنة سبع وتسعين وأربع مائة، من أبناء الستين.
4274 - ابن طلاب
(2)
:
الشيخ الإمام الثقة، المقرئ، خطيب دمشق، أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاب القرشي، الدمشقي، مولى عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي.
حدث عن: أبي الحسين بن جميع ب "معجمه" وعن أبي بكر بن أبي الحديد وعبد الرحمن بن أبي نصر وعطية الله الصيداوي وعدة.
(1)
ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 65"، ولسان الميزان "5/ 49".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 273"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1164"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 336".
روى عنه: أبو عبد الله بن أبي الحديد، وأبو الفتيان الرؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وعلي بن أحمد بن قبيس، وجمال الإسلام علي بن المسلم، وإسماعيل بن السمرقندي، وآخرون.
قال النسيب: هو ثقة أمين.
وقال ابن قبيس: كان ابن طلاب قد كسب في الوكالة كسبًا عظيمًا فحدثني قال: لما استوفيت سبعين سنةً قلت: أكثر ما أعيش عشر سنين أخرى. فجعلت لكل سنة مائة دينار. قال: فعاش أكثر من ذلك، وكان له ملك بالشاغور.
وقال النسيب: سألته عن مولده، فقال: في آخر سنة تسع وسبعين وثلاث مائة بصيدا.
قال هبة الله بن الأكفاني: كان فاضلًا ثقةً، مأمونًا، كثير الدرس للقرآن، كان يخطب للمصريين، ثم تخلى عن ذلك، مات في ثالث صفر، سنة سبعين وأربع مائة. وقيل: مات في المحرم بصيدا.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورًا أخبرنا علي بن المسلم حدثنا الحسين بن محمد أخبرنا محمد بن أحمد الغساني أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن الدوري حدثنا الحسين بن عرفة حدثنا قدامة بن شهاب المازني حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن وبرة عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطيب الكسب فقال: "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور".
4275 - الفارسي
(1)
:
الشيخ، المسند، الصدوق، أبو عبد الله، محمد بن أبي مسعود عبد العزيز الفارسي، ثم الهروي راوي "جزء أبي الجهم" ونسخة مصعب الزبيري، والأجزاء الستة من حديث ابن صاعد عن عبد الرحمن بن أبي شريح الزاهد.
حدث عنه: محمد بن طاهر المقدسي، وعبد السلام بن أحمد بكبرة، وأبو الفتح محمد بن علي المصري، وأبو الوقت عبد الأول السجزي، وخلق من أهل هراة أخذ عنهم السمعاني وابن عساكر. وطال عمره.
قال ابن طاهر: ارتحلت إلى أبي عبد الله محمد بن أبي مسعود فذكر أنه منع من الدخول إليه فتنازل معهم إلى أن يدخل فيقرأ حديثًا واحدًا ويخرج. فأذن له فلما دخل وقرأ الحديث الذي من نسخة مصعب؛ الذي في ذكر خيبر وقد رواه البخاري نازلًا عن المسندي: حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق الفزاري حدثنا مالك. وكذلك بين هذا الشيخ وبين مالك فيه ثلاثة أنفس كالبخاري فقال لابن طاهر ولم اخترت قراءة هذا الحديث؟ فوصف له علوه فقال: اقرأ باقي الجزء. ثم قال: لازمته وأكثرت عنه.
توفي في شوال سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة.
وفيها توفي أبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي، بمكة وأبو بكر محمد بن حسان الملقاباذي وأبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري النديم وأبو بكر محمد بن هبة الله ابن اللالكائي وهياج بن عبيد الحطيني الزاهد ويحيى بن محمد الأقساسي العلوي الكوفي.
أخبرنا عبد الحافظ بنابلس أخبرنا موسى بن عبد القادر وحسين بن المبارك قالا: أخبرنا عبد الأول أخبرنا محمد بن عبد العزيز أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو الجهم حدثني سوار بن مصعب عن مطرف عن أبي الجهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أكلت لحمه فلا بأس ببوله". هذا مرسل ضعيف.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 278"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 110"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 342".
4276 - ابن المحب
(1)
:
الشيخ الإمام الواعظ المسند أبو القاسم الفضل بن عبد الله ابن المحب النيسابوري.
سمع من: أبي الحسين الخفاف وبه ختم حديثه، وأبي الحسين العلوي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن محمش، وطائفة.
ارتحل إليه ابن طاهر وحدث عنه هو وزاهر الشحامي، ومحمد بن إسماعيل الشاماتي وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي وسعيد ابن الحسين الجوهري والحسين بن علي الشحامي ومحمد بن إسماعيل ابن أحمد المقرئ وأبو الأسعد بن القشيري ومليكة بنت أبي الحسن الفندورجي، وخلق كثير، وأجاز للحافظ ابن ناصر.
قال ابن طاهر: رحلت من مصر لأجل الفضل بن المحب صاحب الخفاف فلما دخلت قرأت عليه في أول مجلس جزئين من حديث السراج فلم أجد لذلك حلاوةً واعتقدت أنني نلته بلا تعب لأنه لم يمتنع علي ولا طالبني بشيء وكل حديث من الجزء يساوي رحلة.
قلت: قد صنف في الوعظ، وكان خيرًا دينًا، عالمًا، أثنى عليه السمعاني.
توفي سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة. وكان من أبناء التسعين، رحمه الله.
وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن علي الأنطاكي، وصاحب اليمن علي بن محمد الصليحي وأبو الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس شاعر الشام، وأبو القاسم يوسف بن الحسن التفكري، ومحمود بن جعفر الأصبهاني الكوسج.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 279"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 343".
4277 - ابن البناء
(1)
:
الإمام العالم المفتي المحدث أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء البغدادي الحنبلي صاحب التواليف.
سمع من: هلال الحفار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الحسن ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، وعبد الله بن يحيى السكري، وطبقتهم فأكثر وأحسن.
حدث عنه: أحمد بن ظفر المغازلي، وأبو منصور عبد الرحمن القزاز، وإسماعيل بن السمرقندي، وابنا أبي غالب أحمد، ويحيى، وأبو الحسين بن الفراء، وأبو بكر قاضي المارستان.
وقد تلا بالروايات على أبي الحسن الحمامي.
وعلق الفقه والخلاف، عن القاضي أبي يعلى قديمًا، واشتغل في حياته، وصنفت في الفقه والأصول والحديث وكان له حلقة للفتوى وحلقة للوعظ وكان شديدًا على المخالفين.
وقد روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ.
وقد ذكره القفطي فقال: كان من كبار الحنابلة قيل: إنه قال: هل ذكرني الخطيب في
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 319"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 265"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1176 - 1777"، والعبر "3/ 275"، ولسان الميزان "2/ 195"، والنجوم الزاهرة "5/ 107".
"تاريخ بغداد" في الثقات أو مع الكذابين؟ قيل: ما ذكر أصلًا. فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين.
قال القفطي: كان مشارًا إليه في القراءات واللغة والحديث فقيل: عمل خمس مائة مصنف إلَّا أنه حنبلي المعتقد توفي في رجب سنة إحدى وسبعين وأربع مائة.
قال ابن النجار: كان ابن البناء يؤدب بني جردة. تلا على الحمامي بالروايات وكتب الكثير وتصانيفه تدل على قلة فهمه كان يصحف وكان قليل التحصيل أقرأ وحدث ودرس وأفتى وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي وإذا نظرت في كلامه بان لك سوء تصرفه ورأيت له ترتيبًا في الغريب لأبي عبيد قد خبط وصحف.
وقال شجاع الذهلي: كان أحد القراء المجودين سمع: نا منه قطعة من تصانيفه.
وقال المؤتمن الساجي: كان له رواء ومنظر ما طاوعتني نفسي للسماع منه.
وقال إسماعيل بن السمرقندي: كان رجل من المحدثين اسمه الحسن ابن أحمد بن عبد الله النيسابوري فكان ابن البناء يكشط بوري ويمد السين فتصير البناء. كذا قيل: إنه يفعل ذلك.
قلت: هذا جرح بالظن والرجل في نفسه صدوق وكان من أبناء الثمانين رحمه الله وما التحنبل بعار والله ولكن آل منده وغيرهم يقولون في الشيخ: إلَّا أنه فيه تمشعر. نعوذ بالله من الشر.
4278 - الأنطاكي:
القاضي أبو عبد الله الحسن بن علي بن عمر الأنطاكي، ثم الشاغوري نائب الحكم بدمشق.
سمع من: تمام الحافظ، وابن أبي نصر.
روى عنه: عمر الدهستاني، والخطيب مع تقدمه، وأبو الحسن بن قبيس، وجمال الإسلام علي بن المسلم، وهبة الله بن الأكفاني.
توفي في أول سنة ثلاث وسبعين، وأربع مائة وله تسع وسبعون سنة وهو آخر أصحاب تمام.
4279 - أبو الخير الصفار
(1)
:
الشيخ المعمر المؤتمن المسند أبو الخير محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله المروزي الصفار، آخر من روى "صحيح البخاري" عاليًا في زمانه حدث به عن أبي الهيثم الكشميهني.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وأبوه، وأبو بكر محمد بن إسماعيل المروزي، وأبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وعدة.
قال ابن طاهر المقدسي: سمعت عبد الله بن أحمد السمرقندي يقول: لم يصح لهذا الرجل من أبي الهيثم سماع وإنما وافق الاسم اسم آخر وقد حمل إلى الوزير نظام الملك ليقرأ عليه عنده فقرئ عليه بعضه ورمته البغلة فمات ولم يكمل. قال: وقد رأيت أهل مرو يضحكون إذا قيل: إن أبا الخير بن أبي عمران هذا سمع: من الكشميهني. ويشيرون إلى أن هذا غير ذاك الذي سمع.
قال أبو سعد السمعاني: كان شيخًا صالحًا سديد السيرة حدث بالصحيح وببعض جامع أبي عيسى عن أحمد بن محمد بن سراج الطحان وعمر وصار شيخ عصره تكلم بعضهم في سماعه وليس بشيء أنا رأيت سماعه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه والدي.
قال الأمير ابن ماكولا: سألت أبا الخير، فقال لي: كان لي وقت ما سمعت الصحيح عشر سنين. قال: وسمع في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.
مات في رمضان سنة إحدى وسبعين وأربع مائة، عن نيف وتسعين سنة.
4280 - أبو علي الشافعي
(2)
:
الشيخ، العالم الثقة أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي الشافعي الحناط آخر من حدث عن أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي وعبيد الله بن أحمد السقطي، وغيرهما.
(1)
ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 52"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1177"، ولسان الميزان "5/ 401".
(2)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 256"، والعبر "3/ 278"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 110"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 342".
حدث عنه: أبو المظفر منصور السمعاني ومحمد بن طاهر المقدسي وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، وأحمد بن محمد العباسي المكي، وعدة من وفد المغاربة، وغيرهم آخرهم موتًا العباسي.
وثقه أبو سعد السمعاني في كتاب "الأنساب".
وقال محمد بن محمد بن يوسف القاشاني: كنت أقرأ الحديث على هبة الله بن عبد الوارث الحافظ فقال: قرأت على أبي علي الشافعي:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً
…
بفخٍّ
(1)
...........
فقلتها بالجيم فقال: بفخ بالخاء وأخرجني إلى ظاهر مكة فأتى بي إلى موضع فقال: يا بني! هذا فخ.
قال السمع: اني: قال إسماعيل بن محمد الحافظ عن أبي علي الشافعي فقال: عدل ثقة كثير السماع.
مات أبو علي في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة. سمع: نا من طريقه نسخة إسماعيل بن جعفر.
(1)
تمام البيت: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ........... بفخ وعندي إذخر وجليل.
4281 - الزنجاني
(1)
:
الإمام العلامة الحافظ القدوة العابد شيخ الحرم أبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين الزنجاني، الصوفي.
ولد سنة ثمانين وثلاث مائة تقريبًا.
وسمع: أبا عبد الله بن نظيف والحسين بن ميمون الصدفي وعدةً بمصر وعلي بن سلامة بغزة ومحمد بن أبي عبيد بزنجان وعبد الرحمن ابن ياسر الجوبري وعبد الرحمن بن الطبيز الحلبي وطبقتهما بدمشق.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب -وهو أكبر منه- وأبو المظفر منصور بن عبد الجبار
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "4/ 229"، والأنساب للسمعاني "6/ 307"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 320"، والعبر "3/ 276"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1026"، وتبصير المنتبه "2/ 661"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 108"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 339".
السمعاني، ومكي الرميلي، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر الحافظ، وعبد المنعم بن القشيري، ومختار بن علي الأهوازي، وآخرون.
قال أبو سعد السمعاني: قال لي شيخ: كان جدك أبو المظفر عزم على المجاورة في صحبة سعد الإمام فرأى والدته كأنما كشفت رأسها تقول: يا بني بحقي عليك إلَّا ما رجعت إلي فإني لا أطيق فراقك. قال: فانتبهت مغمومًا، وقلت: أشاور الشيخ، فأتيت سعدًا، ولم أقدر من الزحام أن أكلمه، فلما قام تبعته، فالتفت إلي وقال: يا أبا المظفر العجوز تنتظرك. ودخل بيته، فعلمت أنه كاشفني، فرجعت تلك السنة.
وعن ثابت بن أحمد قال: رأيت أبا القاسم الزنجاني في النوم يقول لي مرةً بعد أخرى: إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتًا في الجنة.
قال أبو سعد: كان سعد حافظًا متقنًا ثقةً ورعًا كثير العبادة صاحب كرامات وآيات وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف، ويقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود.
وقال ابن طاهر: ما رأيت مثله وسمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن في الدنيا مثل سعد بن علي في الفضل كان يحضر معنا المجالس ويقرأ بين يديه الخطأ فلا يرد إلَّا أن يسأل فيجيب.
قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يوم لا أرى فيه سعدًا لا أعتد أني عملت خيرًا. وكان هياج يعتمر في اليوم ثلاث عمر.
قال ابن طاهر: لما عزم سعد على المجاورة عزم على نيف وعشرين عزيمة أن يلزمها نفسه من المجاهدات والعبادات فبقي به أربعين سنة لم يخل بعزيمة منها. وكان يملي بمكة في بيته يعني خوفًا من دولة العبيدية.
قال ابن طاهر: دخلت عليه وأنا ضيق الصدر من شيرازي فقال لي من غير أن أعلمه: لا تضيق صدرك في بلادنا يقال: بخل أهوازي وحماقة شيرازي وكثرة كلام رازي. وأتيته وقد عزمت على الخروج إلى العراق فقال:
أراحلون فنبكي أم مقيمونا?
فقلت: ما يأمر الشيخ؟ فقال: تدخل خراسان، وتفوتك مصر، فيبقى في قلبك منها. اخرج إلى مصر، ثم منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء. فكان في رأيه البركة.
وسمعته وجرى بين يديه صحيح أبي ذر فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب وليس من شرط "الصحيح".
قلت: لسعد قصيدة في قواعد أهل السنة، وهي:
تدبّر كلام اللّه واعتمد الخبر
…
ودع عنك رأيًا لا يلائمه أثر
ونهج الهدى فالزمه واقتد بالأُلى
…
هم شهدوا التّنزيل علّك تنجبر
وكن موقنًا أنّا وكلّ مكلّفٍ
…
أُمرنا بقفو الحقّ والأخذ بالحذر
وحكّم فيما بيننا قول مالكٍ
…
قديرٍ حليمٍ عالم الغيب مقتدر
سميعٍ بصيرٍ واحدٍ متكلّمٍ
…
مريدٍ لما يجري على الخلق من قدر
فمن خالف الوحي المبين بعقله
…
فذاك امرؤٌ قد خاب حقًّا وقد خسر
وفي ترك أمر المصطفى فتنةٌ فذر
…
خلاف الّذي قد قاله واتل واعتبر
قال أبو الحسن الكرجي الشافعي: سألت ابن طاهر عن أفضل من رأى فقال: سعد الزنجاني وعبد الله بن محمد الأنصاري. قلت: فأيهما كان أعرف بالحديث فقال: كان الأنصاري متفننًا وأما الزنجاني فكان أعرف بالحديث منه كنت أقرأ على الأنصاري فأترك شيئًا لأجربه ففي بعض يرد وفي بعض يسكت وكان الزنجاني إذا تركت اسم رجل يقول: أسقطت فلانًا.
قال السمعاني: كان سعد أعرف بحديثه لقلته، وكان عبد الله مكثرًا.
سئل إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ عن سعد الزنجاني فقال: إمام كبير عارف بالسنة.
توفي الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربع مائة وله تسعون عامًا ولو أنه سمع: في حداثته للحق إسنادًا عاليًا ولكنه سمع: في الكهولة.
أخبرنا أبو بكر بن عمر النحوي، أخبرنا الحسن بن أحمد الزاهد، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا مختار بن علي المقرئ سنة خمس مائة، أخبرنا سعد بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الحميد بن عبد القاهر الأرسوفي، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم القيسراني، حدثني عمي أحمد بن عبد الرحيم، حدثنا أحمد بن إسماعيل البزاز، حدثنا عبد الله بن هانئ، حدثنا أبي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء: عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح معافىً في بدنه آمنًا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا"
(1)
.
هذا حديث غريب ولا أعرف حال هانئ.
ومن قصيدة الزنجاني:
وما أجمعت فيه الصّحابة حجّةٌ
…
وتلك سبيل المؤمنين لمن سبر
ففي الأخذ بالإجماع فاعلم سعادةٌ
…
كما في شذوذ القول نوعٌ من الخطر
(1)
حسن لغيره: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""5/ 249" من طريق عبد الله بن هانيء، به.
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه علتان: الأولى عبد الله بن هانيء، وهو ابن عبد الرحمن بن أخي إبراهيم بن أبي عبلة، ترجمه ابن أبي حاتم في الجروح والتعديل" "5/ 194"، فقال: روي عن أبيه، وعن حمزة، روى عنه محمد بن عبد الله بن محمد بن مخلد الهروي، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي عبلة أحاديث بواطيل، سمعت أبي يقول ذلك، قدمت الرملة، فذكر لي أن في بعض القرى هذا الشيخ، وسألت عنه، فقيل: هو شيخ يكذب، فلم أخرج إليه ولم أسمع منه. وقال المصنف في "الميزان"، والمغنى": منهم بالكذب. ومع ذلك فقد ذكره ابن حبان في "الثقات""8/ 357" على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين.
أما العلة الثانية: فهي أبوه هانيء بن عبد الرحمن، فإنه مجهول، لم يوثقه إلا ابن حبان في "الثقات""7/ 583 - 584"، وقال: ربما أغرب، وهذا من تساهل ابن حبان في توثيق المجاهيل.
وله شاهد من حديث عبيد الله بن محصن: عند الترمذي "2346"، وابن ماجه "4141"، والخطيب في "تاريخ بغداد""3/ 463" من طريق سلمة بن عبيد الله بن محصن، عن أبيه عبيد الله بن محصن، به. وإسناده ضعيف، لجهالة سلمة بن عبيد الله.
وله شاهد من حديث عمر: عند الطبراني في "الأوسط"، كما ذكره الهيثمي في "المجمع""10/ 289"، وإسناده ضعيف، فيه أبو بكر الداهري، وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث ابن عمر: رواه الطبراني في "الأوسط" كما ذكر الهيثمي في "المجمع""10/ 289" وإسناده ضعيف، فيه أبو بكر الداهري، وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث ابن عمر: رواه الطبراني في "الأوسط" كما ذكر الهيثمي في "المجمع""10/ 289" وإسناده ضعيف، وآفته على بن عباس، وهو ضعيف.
والخلاصة فإن الحديث حسن بمجموع هذه الشواهد الضعيفة والله تعالى أعلى وأعلم.
4282 - ابن منظور
(1)
:
الإمام المحدث المتقن أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن منظور بن عبد الله بن منظور القيسي الإشبيلي.
حج وجاور وحمل الصحيح لأبي عبد الله البخاري عن أبي ذر الحافظ. وكان فاضلًا قدوةً ثقةً.
حدث عنه بسننه: أحمد بن منظور وأبو علي الغساني ويونس بن محمد بن مغيث وشريح بن محمد وعدة.
وقد لقي أيضًا أبا عمرو السفاقسي وأبا النجيب الأرموي.
وعاش سبعين سنة وهو من بيت حشمة وجلالة. سمع: الصحيح وحرره في سنة إحدى وثلاثين واعتمده الأندلسيون وحج مرتين.
قال الغساني: كان جيد الضبط من أفاضل الناس كريم النفس خيارًا.
وقال أبو جعفر بن عميرة: فقيه محدث عارف.
وقيل: كان مجاب الدعوة كثير البر.
توفي في شوال سنة تسع وستين وأربع مائة رحمه الله.
4283 - الملقاباذي:
الشيخ الإمام الفقيه المسند أبو بكر محمد بن حسان بن محمد النيسابوري الشافعي الملقاباذي.
حدث بمسند أبي عوانة كله عن أبي نعيم كله عن أبي نعيم الإسفراييني وكان من كبار الفقهاء.
حدث عنه: وجيه بن طاهر وعبيد الله بن جامع الفارسي وأحمد ابن سهل المطرزي وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنزباراني.
قال السمع: اني: هو أبو بكر محمد بن أبي الوليد حسان بن محمد بن القاسم فقيه ثقة عدل مشتغل بنفسه غير دخال في الأمور أدرك الأسانيد العالية وسمع: أبا نعيم وأبا الحسن العلوي وعبد الله بن يوسف وأبا طاهر بن محمش.
روى عنه: جدي أبو المظفر في الأحاديث الألف.
مولده في المحرم سنة أربع وتسعين وثلاث مائة.
ومات بنيسابور في ذي القعدة، سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في الصلة لابن بشكوال "2/ 548".
4284 - ابن جدا
(1)
:
شيخ الحنابلة أبو الحسن علي بن الحسين بن جدا العكبري، العابد، القانت، كان لسنًا مناظرًا مصنفًا.
سمع: أبا علي بن شاذان، والبرقاني، وعدة.
وعنه: قاضي المارستان، وأبو منصور القزاز.
قال ابن خيرون: كان صينًا ثقة، مستورًا. مات: في رمضان سنة ثمان وستين وأربع مائة فجأةً وهو يصلي.
4285 - العكبري
(2)
:
الشيخ العالم الأديب الأخباري النديم أبو منصور محمد ابن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبري الفارسي الأصل.
ولد سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة من أولاد المحدثين.
سمع: أباه أبا نصر البقال ومحمد بن عبد الله القاضي الجعفي بالكوفة، وابن رزقويه، وهلال بن محمد الحفار، وأبا الحسين بن بشران وأبا الطيب محمد بن أحمد بن خاقان العكبري صاحب ابن دريد وهو أقدم شيخ له وطائفة.
حدث عنه: أبو محمد سبط الخياط وأخوه الحسين بن علي ويحيى ابن الطراح وإسماعيل بن السمرقندي.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقًا.
وقال سبط الخياط: كان يتشيع.
وقال أبو الفضل بن خيرون: خلط في غير شيء وسمع لنفسه، ومات في رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة.
ثم قال أبو سعد السمعاني: قول ابن خيرون لا يقدح فيه، لأن عمدة قدحه فيه كونه استعار من ابن خيرون جزءًا، فنقل فيه سماعه، ورده، وما زال الطلبة يفعلون ذلك.
قلت: وقع لي "المجتبى" لابن دريد عاليًا من طريقه سمعناه من عمر بن القواس.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 299"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 331".
(2)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 239"، والأنساب للسمعاني "9/ 28"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 325"، والعبر "3/ 278"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 342".
4286 - هياج بن عبيد
(1)
:
الإمام الفقيه الزاهد شيخ الإسلام أبو محمد الشامي الحطيني الشافعي شيخ الحرم.
ولد بعد التسعين وثلاث مائة.
وسمع: من أبي الحسن علي بن السمسار وعبد الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز ومحمد بن عوف بدمشق وعبد العزيز بن علي الأزجي وعدة ببغداد ومن أبي ذر الحافظ بمكة ومن السكن بن جميع بصيدا ومن محمد بن أحمد بن سهل بقيسارية ومن علي بن حمصة الحراني بمصر.
وكان اعتناؤه جيدًا بالحديث وله بصر بالمذهب وقدم في التقوى وجلالة عجيبة.
حدث عنه: هبة الله الشيرازي في معجمه فقال: حدثنا هياج الزاهد الفقيه وما رأت عيناي مثله في الزهد والورع.
وحدث عنه: محمد بن طاهر وإبراهيم بن عثمان الرازقي والمحدث محمد بن أبي علي الهمذاني وثابت بن منصور وأبو نصر هبة الله السجزي وطائفة.
قال ابن طاهر: كان هياج قد بلغ من زهده أنه يصوم ثلاثة أيام ويواصل لكن يفطر على ماء زمزم فمن أتاه بعد ثلاث بشيء أكله وكان قد نيف على الثمانين وكان يعتمر كل يوم ثلاث عمر ويدرس عدة دروس ويزور ابن عباس بالطائف كل سنة مرة لا يأكل في الطريق شيئًا ويزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة مع أهل مكة فيخرج فمن أخذ بيده كان في مؤونته حتى يرجع وكان يمشي حافيًا من مكة إلى المدينة وسمعت من يشكو إليه أن نعليه سرقتا فقال: اتخذ نعلين لا يسرقهما أحد يعني الحفاء ورزق الشهادة في كائنة بين السنة والرافضة وذلك أن بعض الرافضة شكى إلى أمير مكة أن أهل السنة ينالون منا فأنفذ وطلب هياجًا وأبا الفضل بن قوام وابن الأنماطي وضربهم فمات هذان في الحال وحمل هياج فمات بعد أيام رضي الله عنهم.
قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن هياج فقال: كان فقيهًا زاهدًا. وأثنى عليه.
مات هياج سنة اثنتين وسبعين وأربع مائة.
وفيها مات محمد بن أبي مسعود الفارسي وأبو علي المكي الشافعي وأبو بكر محمد بن حسان الملقاباذي وأبو منصور محمد بن محمد العكبري النديم وأبو بكر محمد بن هبة الله اللالكائي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "4/ 170"، واللباب لابن الأثير "1/ 374"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 326"، والعبر "3/ 278"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 109"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 342".
4287 - الأنماطي
(1)
:
الشيخ المسند الأمين أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد ابن الحسين البغدادي الأنماطي العتابي من محلة العتابية وهو ابن بنت السكري.
حدث عن: أبي طاهر المخلص.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان سماعه صحيحًا.
حدث عنه: أبو بكر قاضي المارستان وأبو القاسم بن السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي وأحمد بن الطلاية الزاهد وآخرون.
قال عبد الوهاب: هو ثقة.
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة.
ومات في رجب سنة إحدى وسبعين وأربع مائة. وقع لنا من عواليه.
أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا المبارك بن أبي الجود أخبرنا أحمد ابن أبي غالب الزاهد أخبرنا عبد العزيز بن علي سنة ثمان وستين وأربع مائة أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي حدثنا عبد الله بن أبي داود حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك أخبرني ابن أبي ذئب عن شرحبيل عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يتصدق الرجل في حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمائة دينار عند موته"
(2)
.
ومات معه صاحب دمشق أتسز الخوارزمي، وأبو علي بن البناء، وأبو علي الوخشي، وسعد بن علي الزنجاني وعبد الباقي بن محمد ابن العطار الوكيل وشيخ النحو عبد القاهر الجرجاني وأبو عاصم الفضيلي وأبو الفضل محمد بن عثمان القومساني زاهد همذان وأبو الخير الصفار.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 469"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 321"، والعبر "3/ 276"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 340".
(2)
ضعيف: أخرجه أبو داود "2866" من طريق أحمد بن صالح، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته شرحبيل، وهو ابن سعد، فإنه ضعيف بالاتفاق.
4288 - الفضيلي
(1)
:
الشيخ الفقيه الإمام المسند أبو عاصم الفضيل بن يحيى بن الفضيل الفضيلي الهروي.
حدث عن: عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري وأبي علي منصور ابن عبد الله الخالدي وأبي الحسين بن بشران المعدل وطائفة.
حدث عنه: عبد السلام بكبرة ومحمد بن الحسين العلوي وأبو الوقت عبد الأول السجزي وجماعة سواهم لا يحضرني الآن أسماؤهم.
مولده في سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة.
قال أبو سعد السمع: اني: كان فقيهًا مزكيًا ثقة صدوقًا عمر وحمل عنه الكثير. مات في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وأربع مائة.
أخبرنا محمد بن علي بن الواسطي وأبو بكر ابن خطيب بيت الآبار وطائفة سمع: وا أبا المنجا عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا الفضيل بن يحيى أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن أبي رزين العقيلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا جزء من أربعين أو ستة وأربعين جزءًا من النبوة وهي على رجل طائر فإذا حدث بها وقعت وأحسبه قال: لا يحدث بها إلَّا حبيبًا أو لبيبًا"
(2)
.
رواه الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة فوقع لنا عاليًا بدرجتين.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 277"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1177"، وطبقات الشافعية للسبكي "5/ 309"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 341".
(2)
صحيح: أخرجه الطيالسي "1088"، وأحمد "4/ 10 و 11 و 12 و 13"، وأبو داود "5020"، والترمذي "2279"، وابن ماجه "3914"، وله شاهد من حديث أبي قلابة مرسلا: عند عبد الرزاق "20354"، ووصله الحاكم "4/ 391"، عن أنس، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وله شاهد آخر عن عائشة، عند الدارمي "2/ 131"، وإسناده حسن.
4289 - ابن المزكي
(1)
:
الشيخ المحدث العالم الصدوق، النبيل، أبو بكر محمد ابن المحدث أبي زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه المزكي، النيسابوري.
سمع أباه، وأبا عبد الله الحاكم وأبا طاهر بن محمش وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وأبا عبد الرحمن السلمي وعبد الرحمن بن محمد بن بالويه وأبا بكر الحيري وخلقًا كثيرًا.
حدث عنه: وجيه الشحامي وأبو نصر الغازي، وأبو الأسعد بن القشيري، وخلق سواهم.
يقع لنا حديثه بإجازة.
وقد حدث عنه: أبو بكر الخطيب في "تاريخه" فقال: أخبرنا محمد ابن يحيى، حدثنا ابن بالويه، حدثنا محمد بن الحسن القطان، حدثنا قطن فذكر، حديثًا وقع لي عاليًا في مجلس ابن بالويه.
قال الخطيب: كتبت عنه. وذكر أنه سمع: أباه وابن محمش وعبد الرحمن بن بالويه والسلمي ثم عاد إلي بعد سنين فحدث عن الحاكم ولم يكن حدث عنه فيما تقدم.
قلت: هذا لا يدل على شيء. قال: ولم نر له أصلًا إنما كان يروي من فروع.
وقال أبو سعد السمعاني: كان الخطيب متوقفًا فيه.
وقال عبد الغافر الفارسي: هو من أظرف المشايخ الذين لقيناهم وأكثرهم سماعًا. روى عن نحو خمسين من أصحاب الأصم وأكثر عن أبيه وعن السلمي. وأملى ببغداد فحضر مجلسه القاضي أبو الطيب الطبري وحضره أكثر من خمس مائة محبرة وأوصى لي بعد وفاته بالكتب والأجزاء.
بلغ عدد شيوخه خمس مائة شيخ.
وقال السمعاني: كان من أظرف المشايخ وأرغبهم في التجمل والنظافة وأحفظهم لأيام المشايخ. خرج إلى الحج وبقي بالعراق وغيرها نحوًا من عشرين سنة ثم رجع إلى نيسابور وأملى ورزق الرواية ومتع بما سمع: سمع: الحاكم ثم سرد شيوخه. مات في رجب سنة أربع وسبعين وأربع مائة وله ثمانون سنة.
قلت: أدرك الحاكم وهو ابن عشر. وهو من بيت رواية فلا ينكر لأبيه أن يسمع: هـ من الحاكم.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 435"، والعبر "3/ 281"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 346".
4290 - ابن العطار
(1)
:
الشيخ الجليل، المسند، أبو منصور، عبد الباقي بن محمد بن غالب البغدادي الأزجي، ابن العطار، وكيل الخليفتين القائم والمقتدي.
سمع: أبا طاهر المخلص، وأحمد بن الجندي.
روى عنه: يوسف بن أيوب الهمذاني وعبد المنعم بن الشيخ أبي القاسم القشيري وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعدة.
قال السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الأمر، صحيح السماع.
وقال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا قال لي: ولدت سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.
توفي أبو منصور في ربيع الآخر، سنة إحدى وسبعين وأربع مائة وسماعاته قليلة.
4291 - شاهفور
(2)
:
العلامة المفتي، أبو المظفر، طاهر بن محمد الإسفراييني، ثم الطوسي الشافعي صاحب "التفسير الكبير". كان أحد الأعلام.
حدث عن: ابن محمش، وأصحاب الأصم.
روى عنه: زاهر الشحامي، وغيره.
صاهر الأستاذ أبا منصور البغدادي.
توفي بطوس في سنة إحدى وسبعين وأربع مائة.
قرأت على ابن عباد عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا طاهر بن محمد، أخبرنا ابن محمش الزيادي، أخبرنا محمد بن الحسين، حدثنا أحمد ابن منصور، حدثنا النضر بن
شميل حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة"
(3)
.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 91"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 321"، والعبر "3/ 276"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1177"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 340".
(2)
ترجمته في طبقات الشافعية للسبكي "5/ 11".
(3)
صحيح: أخرجه الطبراني في "الأوسط" 2954"، والبغوي في "شرح السنة" وله شاهد من حديث الأغر المزني مرفوعا بلفظ: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة"، أخرجه أحمد "4/ 211 و 260"، ومسلم "2702"، وأبو داود "1515".
4292 - ابن البسري
(1)
:
الشيخ الجليل العالم الصدوق مسند العراق أبو القاسم؛ علي بن أحمد بن محمد بن علي بن البسري البغدادي، البندار.
سمع: من: أبي طاهر المخلص وأبي أحمد الفرضي وأبي الحسن ابن الصلت المجبر وإسماعيل بن الحسن الصرصري وأبي عمر بن مهدي وطائفة. أجاز له عبد الله بن بطة العكبري ونصر بن أحمد المرجي ومحمد ابن جعفر التميمي وغيرهم.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وأبو علي البرداني، وأبو الفضل ابن المهتدي بالله، وعلي بن طراد الزبير، وإسماعيل بن السمرقندي، ويوسف بن أيوب الهمذاني، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، ومحمد بن طاهر المقدسي، وعبد الوهاب الأنماطي، وموهوب بن الجواليقي، وأبو الحسن بن الزاغوني، وأخوه أبو بكر المجلد، وسعيد بن أحمد بن البناء ونصر بن نصر العكبري الواعظ والحافظ محمد بن ناصر وعدد كثير. وبالإجازة أبو المعالي محمد بن محمد بن اللحاس.
قال أبو سعد السمع: اني: كان شيخًا صالحًا عالمًا ثقةً عمر وحدث بالكثير وانتشرت عنه الرواية وكان متواضعًا حسن الأخلاق ذا هيئة ورواء.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقًا.
وقال إسماعيل الحافظ: شيخ ثقة. وأثنى عليه.
وسأله الخطيب عن مولده فقال: في صفر سنة ست وثمانين وثلاث مائة.
مات أبو القاسم في سادس رمضان سنة أربع وسبعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 335"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 486"، والأنساب للسمعاني "2/ 211" والمنتظم لابن الجوزي "8/ 333"، والعبر "3/ 281"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1183"، وتبصير المنتبه "1/ 153"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 346".
4293 - بيبى
(1)
:
الشيخة المعمرة المسندة أم الفضل وأم عزى بيبى بنت عبد الصمد بن علي بن محمد الهرثمية الهروية.
روت عن: عبد الرحمن بن أبي شريح جزءًا عاليًا اشتهر بها.
حدث عنها: محمد بن طاهر ووجيه الشحامي وأبو الفتح محمد بن عبد الله الشيرازي وعبد الجبار بن أبي سعد الدهان وأبو الوقت عبد الأول السجزي وخلق آخرهم موتًا عبد الجليل بن أبي سعد المعدل؛ الذي لحقه عبد القادر الرهاوي الحافظ. وقد روى أبو علي الحداد في معجمه عن ثابت بن طاهر عنها.
قال أبو سعد السمعاني: هي من قرية بخشة على بريد من هراة صالحة عفيفة عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفردت به سمع: هـ منها عالم لا يحصون. ولدت في حدود سنة ثمانين وثلاث مائة. ثم قال: وماتت في حدود سنة خمس وسبعين وأربع مائة.
قلت: عاشت إلى سنة سبع وسبعين وماتت في عشر المائة.
أخبرنا أحمد بن محمد بن الظاهري، وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا زكريا العلبي قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرتنا بيبى الهرثمية، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، أخبرنا عبد الله البغوي، حدثنا مصعب الزبيري، حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم
(2)
.
4294 - كركان
(3)
:
الشيخ القدوة، عالم الزهاد، أبو القاسم، عبد الله بن علي بن عبد الله الطوسي الطابراني، الكركاني، ويعرف: بكركان.
كان شيخ الصوفية والمشار إليه بالأحوال والمجاهدة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 287"، والوفي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "10/ 359"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 354".
(2)
صحيح: أخرجه مالك "2/ 832"، والبخاري "6795"، ومسلم "1686"، وأبو داود "4385"، والنسائي "8/ 76"، والبيهقي "8/ 256".
(3)
ترجمته في العبر "3/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 334".
سمع: حمزة بن عبد العزيز المهلبي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا بكر الحيري. وبمكة من: محمد بن أبي سعيد الإسفراييني.
ذكره السمعاني فعظمه وفخمه، وقال: حدثنا عنه ابن بنته عبد الواحد ابن الشيخ أبي علي الفارمذي، وعبد الجبار بن محمد الخواري.
توفي في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربع مائة، وله الأصحاب والدويرة، رحمه الله.
وفيها مات: أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي المعدل وأبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد الدمشقي وحاتم بن محمد القرطبي ابن الطرابلسي المحدث وأبو مروان حيان بن خلف بن حيان القرطبي النحوي مؤرخ الأندلس. وشيخ التعبير أبو المنجا حيدرة بن علي القحطاني الأنطاكي وكان يحفظ في فن التعبير أزيد من عشرة آلاف ورقة وأبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ الجوهري النحوي بمصر وأبو محمد بن هزارمرد الصريفيني الخطيب والحافظ عمر بن أحمد الجوري الزاهد بنيسابور وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور الإشبيلي راوي الصحيح عن أبي ذر وأبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين بن سكينة الأنماطي يروي عن عبيد الله بن أحمد الصيدلاني والمحدث نجاء بن أحمد بن عمرو الدمشقي العطار كهلًا وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد البحيري راوي "مسند أبي عوانة".
4295 - البستيغي
(1)
:
الشيخ المسند، أبو سعد، شبيب بن أحمد بن محمد بن خشنام النيسابوري، البستيغي، الحبار، الكرامي.
حدث عن: أبي نعيم الأزهري، وأبي الحسن العلوي وجماعة.
وعنه: محمد بن الفضل الفراوي، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه، وإسماعيل بن المؤذن وهبة الرحمن بن القشيري، وسعيد بن الحسين الجوهري، وعبد الغافر بن إسماعيل وقال: هو شيخ صالح، صحيح السماع، مشتغل بكسبه.
وقال ابن ناصر: ذكر لي زاهر الشحامي أنه سمع منه، وقال لي: لم يكن يعرف الحديث، وكان كراميًا متغاليًا.
وقال أبو سعد الحافظ السمعاني: كان صالحًا عفيفًا سديد السيرة روى عنه جدي في "أماليه" وتوفي في حدود السبعين وأربع مائة، وولد قبل التسعين وثلاث مائة.
والكرامي: نسبة إلى ابن كرام المبتدع.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 207"، واللباب لابن الأثير "1/ 151"، وتبصير المنتبه "2/ 26".
4296 - أبو مسلم الليثي
(1)
:
الشيخ الإمام المحدث المفيد الرحال الطواف أبو مسلم عمر بن علي بن أحمد بن الليث الليثي، البخاري.
سمع من: أبي سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي، وعلي بن أحمد بن خنباج، ومحمد بن محمد بن حاضر الهراس، والحافظ يوسف بن منصور السياري، وعبد الملك بن علي الإمام وعدة. وسمع: بسمرقند من المطهر بن محمد الخاقاني، ومحمد بن جعفر الطبسي. وبكش من عبد العزيز ابن أحمد الحلوائي الفقيه. وببلخ أبا عمر محمد بن أحمد المستملي، وبغزنة مظفر بن الحسين، وعلي بن محمد الدينوري اللبان وسعيدًا العيار، وبهراة عطاء بن أحمد وببوشنج منصور بن العباس التميمي، وبمرو أبا عمرو محمد ابن عبد العزيز القنطري، وأبا غانم الكراعي. وبنيسابور أبا حفص بن مسرور وعبد الغافر الفارسي، وبهمذان، وأصبهان. ثم قدم العراق، فسمع عبد الصمد بن المأمون وطبقته.
حدث عنه: أبو الحسين بن الطيوري، وهبة الله بن المجلي، وأبو غالب بن البناء وآخرون.
قال المؤتمن الساجي: كان حسن المعرفة شديد العناية بالصحيح.
وقال شجاع: كان يحفظ ويفهم، ويعرف شيئًا من علم الحديث، وكان قريب الأمر في الرواية.
وقال خميس الحوزي: قال أبو مسلم: كتبت وكتب لي عشر رواحل. وأثنى عليه ابن الخاضبة.
وقال أبو زكريا بن منده: هو أحد من يدعي الحفظ إلَّا أنه يدلس ويتعصب لأهل البدع أحول شره كلما هاجت ريح قام معها صنف "مسند الصحيحين".
قلت: آل منده لا يعبأ بقدحهم في خصومهم كما لا نلتفت إلى ذم خصومهم لم وأبو مسلم ثقة في نفسه.
قال أحمد بن سلامة فيما أجازه لي عن خليل بن بدر سمع: محمد بن عبد الواحد الدقاق يقول: الحفاظ الذين شاهدتهم: أبو مسلم الليثي قدم علينا أصبهان وكان أحفظ من رأيت للكتابين جمع بين "الصحيحين" في أربعين سنة.
وقال شيرويه الديلمي: قدم علينا ولم يقض لي السماع منه وكان يحفظ ويدلس حدثني عنه أبو القاسم بن البصري مات بخوزستان سنة ست وستين وأربع مائة.
وقال أبو الفضل بن خيرون: مات بالأهواز سنة ثمان وستين سمعت منه، وسمع مني. قال: وكان فيه تمايل عن أهل العلم، وعجب بنفسه، رحمه الله.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "4/ ترجمة 1050"، ولسان الميزان "4/ 319".
4297 - البياضي
(1)
:
الشاعر، المحسن، الشريف، أبو جعفر، مسعود بن عبد العزيز بن المحسن الهاشمي، العباسي. له "ديوان" صغير قل ما فيه من المديح، ونظمه في الذروة، وهو القائل:
كيف يذوي عشب أش
…
واقي ولي طرفٌ مطير
إن يكن في العشق حرٌّ
…
فأنا العبد الأسير
أو على الحسن زكاةٌ
…
فأنا ذاك الفقير
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربع مائة.
4298 - حيدرة بن علي
(2)
:
أبو المنجا القحطاني، الأنطاكي، إمام أهل التعبير.
روى عن: ابن أبي نصر وجماعة.
وعنه: ابن الأكفاني، وجمال الإسلام، وعلي بن قبيس وآخرون.
قال ابن الأكفاني: كان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير عشرة آلاف ورقة وثلاث مائة ورقة.
قال: وكان شيخه عبد العزيز الشهرزوري يحفظ في ذلك عشرة آلاف ورقة.
قلت: يكون ذلك أربعين مجلدًا.
توفي سنة تسع وستين وأربع مائة وفي النفس من هذه الكثرة.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 300"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 197"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 103"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 331".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "7/ 268"، والعبر "3/ 270"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 333"، وسعيد المؤلف ترجمته برقم ترجمة عام "4326" في هذا الجزء.
4299 - ابن مخلد
(1)
:
الشيخ الأمين أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي الواسطي البزاز.
سمع: من: أبي عبد الله العلوي؛ الذي يروي عن خليل بن أبي رافع الطحان صاحب تميم بن المنتصر. وسمع: من أحمد بن عبيد بن بيري وابن خزفة وأبي علي بن معاذ وطائفة. وعند أبي عبد الله الحسين بن محمد العلوي أيضًا مسند أحمد بن سنان القطان يرويه عن علي بن عبد الله بن مبشر عنه.
قال السلفي: سألت خميسًا الحافظ عن ابن مخلد فقال: سمع: بإفادة أبيه وكان ثقةً جيد الخط جيد الأصول توفي سنة ثمان وستين وأربع مائة.
قلت: روى عنه ولده أبو المفضل وأبو عبد الله الجلابي.
قرأت على محمد بن علي وأحمد بن عبد الحميد قالا: أخبرنا عمر بن جمعة سنة خمس وعشرين وست مائة أخبرنا الحسن بن مكي أخبرنا محمد ابن علي بن الجلابي أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد سنة (464) حدثنا أحمد بن عبيد الله بن الفضل بن سهل حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال: رأيت الأصلع يعني عمر يقبل الحجر ويقول: إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك
(2)
.
أخرج البخاري عن أحمد بن سنان نحوه لكن عن يزيد بن هارون عن ورقاء عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 278"، واللباب لابن الأثير "1/ 286"، وتبصير المنتبه "2/ 551".
(2)
صحيح: أخرجه البخاري "1610"، ومسلم "1270".
4300 - مكي بن جابار
(1)
:
الحافظ الفقيه أبو بكر الدينوري.
سمع من: عبد الغني بن سعيد وخلف بن محمد الواسطي وصدقة ابن الدلم وأبي محمد بن أبي نصر، وعدة.
وكتب شيئًا كثيرًا، وكان سفياني المذهب.
روى عنه: عبد العزيز الكتاني وأبو طاهر الحنائي وغيث بن علي الأرمنازي، وغيرهم.
قال الأمين بن الأكفاني: كانت له عناية جيدة بمعرفة الرجال حدث بشيء يسير وولي قضاء دميرة وامتنع بأخرة من إسماع الحديث وكان أبو بكر الخطيب قد طلب أن يسمع: منه فأبى عليه.
قلت: توفي في رجب سنة ثمان وستين وأربع مائة.
4301 - ابن حيوس
(2)
:
الأمير الكبير شاعر الشام مصطفى الدولة أبو الفتيان محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الغنوي الدمشقي صاحب "الديوان".
سمع: من: خاله أبي نصر بن الجندي.
روى عنه: الخطيب، وأبو محمد بن السمرقندي، والنسيب، والقاضي يحيى بن علي القرشي.
قال ابن ماكولا: لم أدرك بالشام أشعر منه.
قلت: ولد سنة أربع وتسعين وثلاث مائة. ومات: بحلب في شعبان سنة ثلاث وسبعين، وهو القائل:
طالما قلت للمسائل عنهم
…
واعتمادي هداية الضّلاّل
إن ترد علم حالهم عن يقينٍ
…
فالقهم في مكارمٍ أو نزال
تلق بيض الأعراض سود مثار النّ
…
قع خضر الأكناف حمر النّصال
فنظمه كما تسمع: فائق رائق.
(1)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 11"، وتبصير المنتبه "1/ 230"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 332".
(2)
ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 370"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 438"، والعبر "3/ 279"، وتبصير المنتبه "1/ 400"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 343".
4302 - ألب آرسلان
(1)
:
السلطان الكبير، الملك العادل، عضد الدولة، أبو شجاع ألب آرسلان محمد بن السلطان جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن تقاق ابن سلجوق التركماني الغزي. من عظماء ملوك الإسلام وأبطالهم.
ولما مات عمه طغرلبك، عهد بالملك إلى سليمان أخي ألب آرسلان، فحاربه ألب آرسلان وعمه قتلمش فتلاشى أمر سليمان وتسلطن ألب آرسلان. وقيل: نازعه في الملك أيضًا قتلمش وأقبل في تسعين ألفًا وكان ألب آرسلان في اثني عشر ألفًا فهزم قتلمش ووجد بعد الهزيمة ميتًا. قيل: رمته الدابة. وحمل فدفن بالري وكان حاكمًا على الدامغان وغيرها. وعظم أمر السلطان ألب آرسلان، وخطب له على منابر العراق والعجم وخراسان ودانت له الأمم وأحبته الرعايا ولا سيما لما هزم العدو فإن الطاغية عظيم الروم أرمانوس حشد وأقبل في جمع ما سمع: بمثله في نحو من مائةي ألف مقاتل من الروم والفرنج والكرج وغير ذلك وصل إلى منازكرد، وكان السلطان بخوي
(2)
قد رجع من الشام في خمسة عشر ألف فارس وباقي جيوشه في الأطراف فصمم على المصاف وقال: أنا ألتقيهم وحسبي الله فإن سلمت وإلا فابني ملكشاه ولي عهدي. وسار فالتقى يزكه
(3)
ويزك القوم فكسرهم يزكه وأسروا مقدمهم، فقطع السلطان أنفه. ولما التقى الجمعان، وتراءى الكفر
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 276"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "5/ 69"، والعبر "3/ 258"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 92"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 318".
(2)
خوي: بلد بأذربيجان.
(3)
اليزك: كلمة فارسية معناها مقدمة الجيش.
والإيمان واصطدم الجبلان طلب السلطان الهدنة قال أرمانوس: لا هدنة إلَّا ببذل الري فحمي السلطان وشاط فقال إمامه: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره ولعل هذا الفتح باسمك فالقهم وقت الزوال وكان يوم جمعة قال: فإنه يكون الخطباء على المنابر وإنهم يدعون للمجاهدين. فصلوا وبكى السلطان ودعا وأمنوا وسجد وعفر وجهه وقال: يا أمراء! من شاء فلينصرف فما ها هنا سلطان. وعقد ذنب حصانه بيده ولبس البياض وتحنط وحمل بجيشه حملةً صادقة فوقعوا في وسط العدو يقتلون كيف شاؤوا وثبت العسكر ونزل النصر وولت الروم واستحر بهم القتل وأسر طاغيتهم أرمانوس أسره مملوك لكوهرائين وهم بقتله فقال إفرنجي: لا لا فهذا الملك. وقرأت بخط القفطي أن ألب آرسلان بالغ في التضرع والتذلل وأخلص لله. وكيفية أسر الطاغية أن مملوكًا وجد فرسًا بلجام مجوهر وسرج مذهب مع رجل بين يديه مغفر من الذهب ودرع مذهب فهم الغلام فأتى به إلى بين يدي السلطان فقنعه بالمقرعة وقال: ويلك! ألم أبعث أطلب منك الهدنة؟ قال: دعني من التوبيخ. قال: ما كان عزمك لو ظفرت بي؟ قال: كل قبيح. قال: فما تؤمل وتظن بي؟ قال: القتل أو تشهرني في بلادك والثالثة بعيدة: العفو وقبول الفداء. قال: ما عزمت على غيرها. فاشترى نفسه بألف ألف دينار وخمس مائة ألف دينار وإطلاق كل أسير في بلاده فخلع عليه وبعث معه عدة وأعطاه نفقة توصله. وأما الروم فبادروا وملكوا آخر فلما قرب أرمانوس شعر بزوال ملكه فلبس الصوف وترهب ثم جمع ما وصلت يده إليه نحو ثلاث مائة ألف دينار وبعث بها واعتذر وقيل: إنه غلب على ثغور الأرمن. وكانت الملحمة في سنة ثلاث وستين.
وقد غزا بلاد الروم مرتين وافتتح قلاعًا وأرعب الملوك، ثم سار إلى أصبهان ومنها إلى كرمان وبها أخوه حاروت وذهب إلى شيراز ثم عاد إلى خراسان وكاد أن يتملك مصر.
ثم في سنة خمس عبر السلطان بجيوشه نهر جيحون وكانوا مائةي ألف فارس فأتي بعلج يقال له: يوسف الخوارزمي. كانت بيده قلعة فأمر أن يشبح في أربعة أوتاد فصاح: يا مخنث: مثلي يقتل هكذا؟ فاحتد السلطان وأخذ القوس وقال: دعوه. ورماه فأخطأه فطفر يوسف إلى السرير فقام السلطان فعثر على وجهه فبرك العلج على السلطان وضربه بسكين وتكاثر المماليك فهبروه ومات منها السلطان وذلك في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وأربع مائة، وله أربعون سنة.
قال مؤيد الدولة ابن منقذ: سمعت أبا جعفر النجار رسول ناصر الدولة ابن حمدان المتغلب على مصر إلى ألب آرسلان يستدعيه ويطلب عساكره ليتسلم ديار مصر لما وقع بينه وبين السودان وكانت المراسلة في سنة "463" فوردت عليه بخراسان فجهز جيشًا كثيرًا ووصل هو إلى ديار بكر ثم نازل الرها وحاصرها وسير رسوله إلى متولي حلب محمود بن نصر يستمده ويأمره أن يطأ بساطه أسوة غيره من الملوك فلم يفعل وخاف فأقبل هو فنازل حلب وانتشرت عساكره بالشام ثم خرج محمود إلى خدمته فأكرمه وصالحه ثم فتر السلطان عن مصر فحركه طاغية الروم أرمانوس ومات أبوه صاحب خراسان بسرخس في رجب في سنة إحدى وخمسين وأربع مائة وله سبعون سنة وكان في مقابلة أولاد محمود بن سبكتكين وكان ينطوي على بعض عدل ودين وينكر على أخيه طغرلبك ظلمه.
ومات معه في السنة آرسلان البساسيري الأمير صاحب الفتنة العظمى الذي أخذ بغداد وخطب بها لصاحب مصر المستنصر الرافضي. وهرب خليفة بغداد واستجار بالعرب.
4303 - ابن أبي الحديد
(1)
:
الشيخ العدل المرتضى الرئيس أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد ابن المحدث أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد السلمي الدمشقي.
سمع: أباه وجده وجده لأمه أبا نصر بن هارون.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب والكتاني وعمر الرواسي وأبو القاسم النسيب وهبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة وجمال الإسلام علي بن المسلم وطاهر بن سهل وإسماعيل بن السمرقندي وآخرون.
وكان ثقةً نبيلًا متفقدًا لأحوال الطلبة والغرباء عدلًا مأمونًا.
مات في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربع مائة عن بضع وثمانين سنة وكان صحيح السماع رحمه الله.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه ببعلبك أخبرنا عبد الواحد بن أحمد القاضي سنة ست وعشرين وست مائة حدثنا علي بن الحسن الحافظ إملاءً سنة (551) ببعلبك، أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد، أخبرنا جدي، أخبرنا محمد بن جعفر السامري، أنشدني محمد بن طاهر الرقي:
ليس في كل حالةٍ وأوان
…
تتهيا صنائع الإحسان
فإذا أمكنت فبادر إليها
…
حذرًا من تعذّر الإمكان
(1)
ترجمته في العبر "3/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 332".
4304 - أبو صالح المؤذن
(1)
:
الإمام، الحافظ، الزاهد، المسند، محدث خراسان، أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر النيسابوري، الصوفي، المؤذن.
أول سماعه كان في سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، فسمع: أبا نعيم الإسفراييني، وأبا الحسن العلوي وأبا طاهر بن محمش وأبا عبد الله الحاكم وحمزة بن عبد العزيز المهلبي وعبد الله بن يوسف الأصبهاني وأبا عبد الرحمن السلمي وأبا زكريا المزكي وطبقتهم. وسمع: من حمزة بن يوسف السهمي وعدة بجرجان ومن أبي القاسم بن بشران وطبقته ببغداد ومن أبي نعيم الحافظ ونحوه بأصبهان ومن المسدد الأملوكي وعبد الرحمن بن الطبيز الحلبي بدمشق ومن أبي ذر الهروي بمكة ومن الحسن بن الأشعث بمنبج وصحب الأستاذ أبا علي الدقاق وأحمد بن نصر الطالقاني. وجمع وصنف وعمل مسودة لتاريخ مرو".
قال زاهر الشحامي: خرج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له.
وقال أبو بكر الخطيب: قدم أبو صالح علينا في حياة ابن بشران وكتب عني وكتبت عنه وكان ثقة.
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة وأقدم شيخ له أبو نعيم الإسفراييني.
حدث عنه: ابنه إسماعيل بن أحمد وزاهر ووجيه ابنا الشحامي وعبد الكريم بن حسين البسطامي وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وعبد المنعم بن القشيري وابن أخيه أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد وعدة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 267"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 314"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 224"، وتذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1022"، والعبر "3/ 272"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 335".
قال عبد الغافر في السياق: أبو صالح المؤذن الأمين المتقن المحدث الصوفي نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته ما رأيت مثله في حفظ القرآن وجمع الأحاديث. سمع: الكثير وجمع الأبواب والشيوخ وأذن سنين حسبةً وكان يحثني على معرفة الحديث ولم أتمكن من جمع هذا الكتاب إلَّا من مسوداته ومجموعاته فهي المرجوع إليها فيما أحتاج إلى معرفته وتخريجه
…
إلى أن قال: ولو ذهبت أشرح ما رأيت منه؛ لسودت أوراقًا جمة وما انتهيت إلى استيفاء ذلك من كثرة ما هو بصدده من الاشتغال والقراءة عليه.
وقال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني: سمعت محمد بن أبي زكريا المزكي يقول: ما يقدر أحد أن يكذب في هذه البلدة وأبو صالح حي. وسمعت أبا المظفر منصورًا السمع: اني يقول: إذا دخلتم على أبي صالح فادخلوا بالحرمة فإنه نجم الزمان وشيخ وقته في هذا الأوان.
قال عبد الغافر: توفي في سابع رمضان سنة سبعين وأربع مائة.
قال أبو سعد السمع: اني: رآه بعض الصالحين ليلة وفاته وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بيده وقال له: جزاك الله عني خيرًا فنعم ما أقمت بحقي ونعم ما أديت من قولي ونشرت من سنتي.
أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أبو صالح المؤذن أخبرنا محمد بن محمد الزيادي أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى البزاز حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا بشر ابن السري حدثنا حنظلة بن أبي سفيان عن سالم عن أبيه: أنه طلق امرأته وهي حائض فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها
(1)
.
هذا حديث صحيح الإسناد.
قال أبو سعد السمع: اني: أبو صالح حافظ صوفي متقن نسيج وحده في الجمع والإفادة أذن مدةً احتسابًا ووعظ في الليل وسبح على المدرسة البيهقية وكان تحت يده أوقاف الكتب والأجزاء الحديثية فيتعهد حفظها ويأخذ صدقات التجار والأكابر فيوصلها إلى المستحقين.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "5251"، ومسلم "1471"، وأبو داود "2179"، و "2180"، و "2181"، "2183"، و "2184"، و "2185"، والترمذي "1175"، و "1176"، وابن ماجه "2019" والدارمي "2/ 160"، والدارقطني "7/ 323"، و 324"، و 325"، و 326 و 327"، والبيهقي "7/ 323"، وأحمد "2/ 6 و 43 و 51 و 54 و 61 و 63 و 64 و 79 و 80 و 81 و 102 و 104 و 145 و 146".
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد، أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ سنة (559)، أخبرنا إسماعيل بن أبي صالح أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين، أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم المزكي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا الحسين بن الوليد عن قيس عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال: قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأين الكبر"؟
(1)
. وقد مات في سنة سبعين هذه ابن النقور المذكور والشيخ أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حمدوه البغدادي المقرئ آخر من حدث عن ابن سمع: ون وخطيب دمشق أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب؛ صاحب ابن جميع وأبو القاسم عبد الله بن الحافظ الحسن بن محمد الخلال وشيخ الحنابلة الشريف أبو جعفر عبد الخالق بن أبي موسى الهاشمي عن تسع وخمسين سنة ونحوي العراق أبو الحسن محمد بن هبة الله بن الوراق الضرير ومحدث أصبهان عبد الرحمن بن مندة العبدي وآخرون.
(1)
ضعيف: فيه علتان: الأولى: أبو الزبير، مدلس، وقد عنعنه. والعلة الثانية: قيس، وهو ابن الربيع الأسدي الكوفي تغير حفظه لما كبر.
وأورد المصنف الحديث في "تذكرة الحفاظ""3/ 1165" وقال: غريب جدا لكن قد ورد عن رافع بن خديج وسهل بن حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن سهل: "كبر الكبر" أخرجه البخاري "6143"، ومسلم "1669".
4305 - السكري
(1)
:
الإمام المحدث الحافظ مفيد الجماعة أبو سعد علي بن موسى النيسابوري السكري الفقيه.
سمع: من: جده عبد الله بن عمر السكري والقاضي أبي بكر الحيري وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي ومحمد بن أبي إسحاق المزكي وعدة. وكان يفهم هذا الشأن وينتقي على الشيوخ.
روى عنه: يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد وإسماعيل بن أحمد المؤذن وآخرون.
توفي راجعًا من الحج في سنة خمس وستين وأربع مائة.
وآخر من روى عنه أبو الأسعد بن القشيري.
وذكرت في التذكرة له حديثًا
(2)
وسمع: منه لما حج: الحميدي وابن الخاضبة وشجاع الذهلي.
قال هبة الله السقطي: له تاريخ وتراجم ومسانيد ومعاجم. خرج على الصحيحين كتابًا. وقيل: ولد سنة تسع وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 1021"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 323".
(2)
أخرجه المصنف في "تذكرة الحفاظ""3/ ص 1162" بإسناد لنفسه قال رحمه الله: أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا إسماعيل بن عثمان، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، سمعت أبا سعد على بن موسى السكري، سمعت أبا الفضل عمر بن إبراهيم، سمعت أبا أحمد الغطريفي، سمعت أبا خليفة، سمعت عبد الرحمن بن بكر، سمعت الربيع بن مسلم، سمعت محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة، سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: أما يخشي الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار" أخرجه مسلم "427" عن عبد الرحمن، به.
4306 - ابن البسطامي
(1)
:
الشيخ أبو المعالي عمر بن القاضي أبي عمر محمد بن الحسين البسطامي ثم النيسابوري ويلقب بالمؤيد سبط الإمام أبي الطيب الصعلوكي.
سمع: أبا الحسين الخفاف وأبا الحسن العلوي. وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: سبطه هبة الله بن سهل السيدي وزاهر ووجيه ابنا الشحامي وآخرون.
توفي سنة خمس وستين وأربع مائة.
أخته:
4307 - بنت البسطامي:
عائشة بنت محمد بن الحسين.
روت أيضًا عن أبي الحسين الخفاف وغيره.
وعنها: إسماعيل بن المؤذن وزاهر الشحامي وأخوه وجيه ومحمد بن حمويه الجويني الزاهد.
توفيت قبل أخيها أو بعيده.
وكان أبوهما من كبار العلماء، توفي سنة ثمان وأربع مائة.
وأخوهما هو الموفق هبة الله من كبار العلماء.
وولده هو أبو سهل محمد بن الموفق، قديم الوفاة، كبير الشأن، رحمهم الله.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 215"، وطبقات الشافعية للسبكي "5/ 303".
4308 - ملك المغرب
(1)
:
أبو بكر بن عمر اللمتوني البربري.
ظهر بعد الأربعين وأربع مائة، فذكر علي بن أبي فنون قاضي مراكش أن جوهرًا رجلًا من المرابطين قدم من الصحراء إلى بلاد المغرب ليحج والصحراء برية واسعة جنوبي فاس وتلمسان متصلة بأرض السودان ويذكر لمتونة أنهم من حمير نزلوا في الجاهلية بهذه البراري وأول ما فشا فيهم الإسلام في حدود سنة أربع مائة ثم آمن سائرهم وسار إليهم من يذكر لهم جملًا من الشريعة فحسن إسلامهم ثم حج الفقيه المذكور وكان دينًا خيرًا فمر بفقيه يقرئ مذهب مالك ولعله أبو عمران الفاسي بالقيروان فجالسه وحج ورجع إليه ثم قال: يا فقيه! ما عندنا في الصحراء من العلم إلَّا الشهادتين والصلاة في بعضنا. قال: خذ معك من يعلمهم الدين. قال جوهر: نعم وعلي كرامته. فقال لابن أخيه: يا عمر! اذهب مع هذا. فامتنع فقال لعبد الله بن ياسين: اذهب معه. فأرسله. وكان عالمًا قوي النفس فأتيا لمتونة فأخذ جوهر بزمام جمل ابن ياسين تعظيمًا له فأقبلت المشيخة يهنئونه بالسلامة وقالوا: من ذا? قال: حامل السنة. فأكرموه وفيهم أبو بكر بن عمر فذكر لهم قواعد الإسلام وفهمهم فقالوا: أما الصلاة والزكاة فقريب وأما من قتل يقتل ومن سرق يقطع ومن زنى يجلد فلا نلتزمه فاذهب فأخذ جوهر بزمام راحلته ومضيا. وفي تلك الصحارى المتصلة بإقليم السودان قبائل ينسبون إلى حمير ويذكرون أن أجدادهم خرجوا من اليمن زمن الصديق فأتوا مصر ثم غزوا المغرب مع موسى بن نصير ثم أحبوا الصحراء وهم: لمتونة وجدالة ولمطة وإينيصر ومسوفة. قال: فانتهيا إلى جدالة قبيلة جوهر فاستجاب بعضهم فقال ابن ياسين للذين أطاعوه: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الجاحدين وقد تحزبوا لكم فانصبوا رايةً وأميرًا. قال جوهر: فأنت أميرنا. قال: لا أنا حامل أمانة الشرع بل أنت الأمير. قال: لو فعلت لتسلطت قبيلتي وعاثوا. قال: فهذا أبو بكر بن عمر رأس لمتونة فسر إليه واعرض عليه الأمر إلى أن قال: فبايعوا أبا بكر ولقبوه: أمير المسلمين وقام معه طائفة من قومه وطائفة من جدالة، وحرضهم ابن ياسين على
(1)
ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "7/ 113"، والأعلام للزركلي "2/ 68".
الجهاد وسماهم المرابطين فثارت عليهم القبائل فاستمالهم أبو بكر وكثر جمعه وبقي أشرار فتحيلوا عليهم حتى زربوهم في مكان وحصروهم فهلكوا جوعًا وضعفوا فقتلوهم واستفحل أمر أبي بكر بن عمر ودانت له الصحراء ونشأ حول ابن ياسين جماعة فقهاء وصلحاء وظهر الإسلام هناك.
وأما جوهر، فلزم الخير والتعبد، ورأى أنه لا وضع له، فتألم، وشرع في إفساد الكبار، فعقدوا له مجلسًا، ثم أوجبوا قتله بحكم أنه شق العصا فقال: وأنا أحب لقاء الله. فصلى ركعتين وقتل. وكثرت المرابطون وقتلوا ونهبوا وعاثوا وبلغت الأخبار إلى ذلك الفقيه بما فعل ابن ياسين فاسترجع وندم وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسبي فأجاب يعتذر بأن هؤلاء كانوا جاهليةً يزنون ويغير بعضهم على بعض، وما تجاوزت الشرع فيهم.
وفي سنة خمسين وأربع مائة قحطت بلادهم وماتت مواشيهم فأمر ابن ياسين ضعفاءهم بالمسير إلى السوس وأخذ الزكاة فقدم سجلماسة منهم سبع مائة وسألوا الزكاة فجمعوا لهم مالًا فرجعوا به ثم ضاقت الصحراء بهم وأرادوا إعلان الحق وأن يسيروا إلى الأندلس للغزو فأتوا السوس فحاربهم أهلها فقتل عبد الله بن ياسين وانهزم أبو بكر بن عمر ثم حشد وجمع وأقبل فالتقوه فانتصر وأخذ أسلابهم وقوي جأشه ثم نازل سجلماسة وطالب أهلها بالزكاة فبرز لحربهم مسعود الأمير وطالت بينهم الحرب مرات ثم قتلوا مسعودًا وملكوا سجلماسة فاستناب أبو بكر عليها يوسف بن تاشفين ابن عمه فأحسن السيرة وذلك في سنة ثلاث وخمسين وأربع مائة ورجع الملك أبو بكر إلى الصحراء ثم قدم سجلماسة وخطب لنفسه واستعمل عليها ابن أخيه وجهز جيشه مع ابن تاشفين فافتتح السوس وكان ابن تاشفين ذا هيئة شجاعًا، سائسًا.
توفي الملك أبو بكر اللمتوني بالصحراء في سنة اثنتين وستين وأربع مائة فتملك بعده ابن تاشفين، ودانت له الأمم.
فأول من كان فيهم الملك من البربر صنهاجة ثم كتامة ثم لمتونة ثم مصمودة ثم زناتة.
وقد ذكر ابن دريد أن كتامة ولمتونة وهوارة من حمير ومن سواهم فمن البربر وبربر من ولد قيذار بن إسماعيل.
ويقال: إن دار البربر كانت فلسطين وملكهم هو جالوت فلما قتله نبي الله داود؛ جلت البربر إلى المغرب وانتشروا إلى السوس الأقصى، فطول أراضيهم نحو من ألف
فرسخ. وغزا المسلمون فيهم في زمن بني أمية وأسلم خلق منهم وسبي من ذراريهم وكانت والدة المنصور بربريةً ووالدة عبد الرحمن الداخل بربرية فكان يقال: تملك ابنا بربريتين الدنيا. ثم كان الذين أسلموا خوارج وإباضية حاربوا مرات وراموا الملك إلى أن سار إليهم داعي المهدي فاستمالهم وأفسد عقائدهم وقاموا مع المهدي وتملك المغرب بهم ثم سار المعز من أولاده في جيش من البربر فأخذ الديار المصرية ثم في كل وقت يثور بعضهم على بعض وإلى اليوم وفيهم حدة وشجاعة وإقدام على الدماء وهم أمم لا يحصون وقد تملكوا الأندلس سنة إحدى وأربع مائة وفعلوا العظائم ثم ثاروا من الصحراء كما ذكرنا مع أبي بكر بن عمر وتملكوا نحوًا من ثمانين سنة حتى خرج من جبال درن ابن تومرت وفتاه عبد المؤمن وتملكوا المغرب ومحوا الدولة اللمتونية ودام ملكهم مائةً وثلاثين سنة حتى خرج عليهم بنو مرين فللملك في أيديهم إلى الآن سبعون سنة وعظمت دولة السلطان الفقيه أبي الحسن علي المريني ودانت له المغرب وقتل صاحب تلمسان وله جيش عظيم وهيبة قوية وفيه دين وعدل وعلم.
4309 - ابن الشبل
(1)
:
شاعر العصر، أبو علي، محمد بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن الشبل بن أسامة السامي، البغدادي، الحريمي.
له "ديوان" مشهور.
حدث عن: أبي الحسن بن البادي، وغيره.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وأبو الحسن بن عبد السلام، وأبو سعد بن الزوزني، وشجاع الذهلي، وآخرون.
ونظمه في الذروة.
كتب عنه الحافظ الخطيب، وطول ابن النجار ترجمته بمقطعات.
مات في المحرم سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة، وله اثنتان وسبعون سنة.
وقد سمع: غريب الحديث من ابن البادي.
(1)
ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 284"، واللباب لابن الأثير "2/ 183"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 328"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "10/ 23"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ 393"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 111".
4310 - أتسز
(1)
:
ابن أوق الخوارزمي، صاحب دمشق، من كبار ملوك الظلم.
قال هبة الله بن الأكفاني: غلت الأسعار في سنة حصار الملك أتسز دمشق وبلغت الغرارة أزيد من عشرين دينارًا ثم تملك البلد صلحًا ونزل في دار الإمارة داخل باب الفراديس وخطب للمقتدي بالله العباسي وقطعت دعوة المصريين وذلك في سنة ثمان وستين.
وقال ابن عساكر: ولي أتسز دمشق بعد حصاره إياها دفعات وأقام الدعوة العباسية وتغلب على أكثر الشام وقصد مصر ليأخذها فلم يتم ذلك ثم جهز المصريون إلى الشام عسكرًا ثقيلًا سنة إحدى وسبعين فعجز عنهم واستنجد بتاج الدولة تتش فقدم تتش دمشق وغلب عليها وقتل أتسز في ربيع الآخر وتم الأمر لتتش وكان أتسز قد أنزل جنده في دور الناس واعتقل من الرؤساء جماعةً وشمسهم بمرج راهط حتى افتدوا أنفسهم بمال كثير ونزح جماعة منهم إلى طرابلس. وقد قتل بالقدس خلقًا كثيرًا منهم قاضيها وفعل العظائم حتى قلعه الله تعالى. والعامة تسميه أقسيس.
4311 - الجرجاني
(2)
:
شيخ العربية أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني.
أخذ النحو بجرجان عن أبي الحسين محمد بن حسن بن أخت الأستاذ أبي علي الفارسي.
وصنف شرحًا حافلًا للإيضاح يكون ثلاثين مجلدًا، وله "إعجاز القرآن" ضخم، و"مختصر شرح الإيضاح" ثلاثة أسفار وكتاب "العوامل المائة" وكتاب المفتاح وفسر الفاتحة في مجلد وله "العمد في التصريف" و"الجمل" وغير ذلك.
وكان شافعيًا، عالمًا، أشعريًا، ذا نسك ودين.
قال السلفي: كان ورعًا قانعًا دخل عليه لص فأخذ ما وجد وهو ينظر وهو في الصلاة فما قطعها. وكان آية في النحو.
توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مائة وقيل: سنة أربع وسبعين، رحمه الله.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 252 و 266 و 269" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 87".
(2)
ترجمته في العبر "3/ 277"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي 2/ 369"، وطبقات الشافعية للسبكي "5/ 149"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 340".
4312 - ابن زيرك
(1)
:
العلامة شيخ همذان أبو الفضل محمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن علي بن مزدين القومساني ثم الهمذاني. عرف بابن زيرك.
ولد سنة تسع وتسعين وثلاث مائة.
وحدث عن: أبيه وعمه أبي منصور محمد وعلي بن أحمد بن عبدان ويوسف بن كج الفقيه والحسين بن فنجويه وعدة. وبالإجازة عن أبي الحسن بن رزقويه وأبي عبد الرحمن السلمي.
قال شيرويه: أكثرت عنه وكان ثقةً صدوقًا له شأن وحشمة ويد في التفسير فقيهًا أديبًا متعبدًا. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين. وقبره يزار ويتبرك به
(2)
. سمعته يقول: مرضت واشتد الأمر فكان أبي يقول: يا بني! أكثر ذكر الله. فأشهدته علي أنني على الإسلام والسنة فرأيت وأنا في تلك الحال كأن هيبةً دخلتني فإذا أنا برجل ذي هيبة وجمال كأنه يسبح في الهواء فقال لي: قل. فقلت: نعم. فكرر علي ثم قال لي: قل: الإيمان يزيد وينقص والقرآن غير مخلوق بجميع جهاته وإن الله يرى في الآخرة. قلت: لست أطيق أن أقول من الهيبة. فقال: قل معي. فأعاد الكلمات فقلتها معه فتبسم وقال: أنا أشهد لك عند العرش. فأردت أن أسأله: هل أنا ميت فبدر وقال: أنا لا أدري. فقلت في نفسي: هذا ملك وعوفيت. وسمعته يقول في قوله عليه السلام: متعني بسمع: ي وبصري واجعلهما الوارث مني"
(3)
عنى أبا بكر وعمر
(4)
، لأنه رآهما فقال:
"هما من الدين بمنزلة السمع والبصر"
(5)
. فورثا خلافة النبوة.
(1)
ترجمته في العبر "3/ 277"، وتذكرة الحفاظ "3/ ص 1177"، وشذرات الذهب "3/ 341".
(2)
التبرك بالقبور من البدع المنكرة التي انتشرت بين الجهلة من العوام، وهو ذريعة إلى الشرك لأنه يعتقد فيه جلب النفع، وذلك على عكس ما شرعت له زيارة القبور، من الاعتبار وتذكر الآخرة والدعاء للميت، وليس الدعاء عندها، والتبرك بأهلها وقد كانوا لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا في حياتهم، فكيف يملكونه لغيرهم بعد مماتهم؟!. فالتبرك بأهل هذه القبور بدعة منكرة وضلال في الدين، وذريعة إلى الشرك نسأل الله العافية.
(3)
صحيح: أخرجه الترمذي "3502"، والحاكم "1/ 528"، وصححه، ووافقه الذهبي، وابن السني في "اليوم والليلة""440" من حديث ابن عمر، به مرفوعا في دعاء طويل.
(4)
هذا التفسير غريب جدا، لم يتابعه عليه أحد من أهل العلم، قال البغوي في "شرح السنة" "5/ 175": قيل أراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر الاعتبار بما يرى، وقيل: يجوز أن يكون أراد بقاء السمع والبصر بعد الكبر وانحلال القوى، فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى، والباقين بعدها، ورد الهاء إلى الامتناع، فلذلك وحده، فقال:"واجعله الوارث منا".
(5)
حسن: ورد عن جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ: "أبو بكر وعمر من هذا الدين، كمنزلة السمع والبصر من الرأس". أخرجه الطبراني والخطيب في "تاريخ بغداد""8/ 459 - 460"، من طريق عبد الله بن محمد ابن عقيل، عن جابر بن عبد الله، به مرفوعًا.
قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات خلا ابن عقيل فإنه صدوق في حديثه لين، ويقال تغير بآخره.
وله شاهد من حديث عبد الله بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أبا بكر وعمر فقال: "هذان السمع والبصر" أخرجه الترمذي "3671"، والحاكم "3/ 69"، وإسناده ضعيف، لإرساله، فإن عبد الله بن حنطب لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
4313 - ابن موسى الخياط
(1)
:
الشيخ الإمام، مقرئ الوقت، أبو بكر، محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر البغدادي، الحنبلي، الخياط.
ولد سنة ست وسبعين وثلاث مائة.
تلا بالروايات على أبي أحمد الفرضي، وأبي الحسين السوسنجردي، وبكر بن شاذان، وعبيد الله المصاحفي، وأبي الحسن الحمامي.
وسمع من: الفرضي، وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وأبي عبد الله أحمد بن محمد بن دوست، وأبي عمر بن مهدي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري وعدة.
قرأ عليه: محمد بن الحسين المزرفي وهبة الله بن الطبر والحسين بن محمد البارع ورووا عنه.
حدث عنه: الخطيب في تاريخه وعبد الله بن أحمد اليوسفي ويحيى بن الطراح وعبد الخالق بن البدن وأبو منصور القزاز وآخرون.
قال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن أبي بكر الخياط فقال: كان شيخًا ثقةً في الحديث والقراءة، صالحًا، صابرًا على الفقر.
وقال ابن ياسر البرداني: كان أبو بكر من البكائين عند الذكر، قد أثرت الدموع في خديه.
قلت: كان من المقرئين العباد ذا قناعة وتعفف وفقر وممن تلا عليه محمد بن علي بن منصور شيخ أبي العلاء الهمذاني، وروى عنه بالإجازة أبو الكرم الشهرزوري.
قال أبو الفضل بن خيرون: توفي في جمادى الأولى، سنة سبع وستين وأربع مائة في رابعه.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 297"، والعبر "3/ 265"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 329".
4314 - ابن أسيد:
الجليل الصالح أبو بكر محمد بن أحمد بن أسيد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن المحدث أسيد بن عاصم الثقفي الأصبهاني المديني.
حدث عن: الحافظ أبي عبد الله بن مندة.
روى عنه: أبو نصر البار ويحيى بن منده والحسين بن عبد الملك الخلال.
وكان ذا علم ورئاسة وأصالة.
توفي في شعبان سنة ثمان وستين وأربع مائة.
4315 - الصفار
(1)
:
مفتي نيسابور، أبو بكر، محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس النيسابوري، الشافعي، الصفار.
سمع: أبا نعيم المهرجاني، وأبا الحسن العلوي، وأبا عبد الله الحاكم.
وعنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وغيرهما.
قال أبو سعد السمعاني: تفقه بأبي محمد الجويني، وخلفه في حلقته لما حج، وسمعت أبا عاصم العبادي يقول: ما رأيت أحسن فتيا من الصفار ولا أصوب.
قال السمعاني: توفي في ربيع الآخر، سنة ثمان وستين وأربع مائة. وقيل: في ربيع الأول.
(1)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 299"، والعبر "3/ 268"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 331".
4316 - صاحب الجبلي
(1)
:
الأديب شاعر بغداد أبو طاهر محمد بن علي بن أحمد بن صالح المؤدب.
يروي عن: أبي علي بن شاذان.
وعنه: أبو غالب القزاز وجماعة.
ونظمه بديع.
مات سنة تسع وستين وأربع مائة وله نيف وثمانون سنة.
4317 - ابن بابشاذ
(2)
:
إمام النحاة أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ المصري الجوهري صاحب التصانيف.
قدم بغداد تاجرًا في اللؤلؤ وأخذ عن علمائها ثم قرر له الذهب في ديوان الإنشاء ليحرر عربية الترسل.
أخذ عنه: أبو القاسم بن الفحام ومحمد بن بركات السعيدي. ثم تزهد وتعبد ولزم جامع مصر.
توفي سنة تسع وستين وأربع مائة سقط من المنارة فتلف.
4318 - أبو عمرو بن منده
(3)
:
الشيخ المحدث الثقة المسند الكبير أبو عمرو عبد الوهاب بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن الحافظ محمد بن يحيى ابن منده العبدي الأصبهاني أحد الإخوة وكان أصغر من أخويه الحافظ عبد الرحمن وعبيد الله.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 101"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 227"، والأنساب للسمعاني "3/ 183"، والمنتظم لابن الجوزي "8/ 135".
(2)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "8/ 309"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 17"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 515"، والعبر "3/ 271"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "5/ 105"، وشذرات الذهب لابن العماد "3/ 333".
(3)
ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "9/ 5"، والعبر "3/ 282"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 348".
سمع: أباه فأكثر وأبا إسحاق بن خرشيذ قوله وأبا عمر بن عبد الوهاب السلمي وأبا محمد الحسن بن يوه وجعفر بن محمد الفقيه ومحمد بن إبراهيم الجرجاني وأبا بكر بن مردويه وخلقًا بأصبهان وأبا سعيد محمد بن موسى الصيرفي وطبقته بنيسابور وسمع: بشيراز وهمذان ومكة والري.
وكان يسافر في التجارة وله فوائد في عدة أجزاء مروية.
حدث عنه: المؤتمن الساجي وابنه يحيى بن عبد الوهاب الحافظ ومحمد بن طاهر وإسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي وأبو نصر أحمد ابن عمر الغازي وأخوه خالد بن عمر وأبو سعد أحمد بن محمد بن البغدادي وأحمد بن محمد بن الفتح الملقب بالغيج والحسين بن عبد الملك الخلال والحسن بن العباس الرستمي ومسعود بن الحسن الثقفي وأبو الخير محمد بن أحمد الباغبان وخلق كثير.
وكان طويل الروح على الطلبة طيب الخلق محسنًا متواضعًا. كان يقال له: أبو الأرامل.
قال ولده يحيى: فضائله كثيرة. ولد سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة وكان رحيمًا للفقراء وله أولاد: محمد وإسحاق وعبد الملك وإبراهيم ويحيى وعائشة. وأمهم هي فاطمة بنت الشيباني. سمعت أبي أبا عمرو: كان أبي ربما أنامني إلى جنبه في الفراش وكان أسمر وكنت أبيض فكان يمازحني ويعانقني.
قال أبو سعد السمع: اني: رأيتهم بأصبهان مجتمعين على الثناء على أبي عمرو والمدح له وكان شيخنا إسماعيل الحافظ مكثرًا عنه وكان يثني عليه ويفضله على أخيه عبد الرحمن.
وقال المؤتمن الساجي: لم أر شيخًا أقعد ولا أثبت من عبد الوهاب في الحديث وقرأت عليه حتى فاضت نفسه وفجعت به.
قال يحيى: مات أبي في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وأربع مائة.
أخبرنا سليمان بن قدامة وفاطمة بنت سليمان عن محمود بن إبراهيم أخبرنا محمد بن أحمد المؤذن سنة ست وخمسين وخمس مائة أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق أخبرنا أبي أخبرنا محمد بن الحسين القطان حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا أزهر عن ابن عون عن ابن سيرين: أن أنس بن مالك كان إذا دخل الخلاء وضع له أشنان وماء.
هذا خبر صحيح موقوف.
ومات معه: أبو بكر محمد بن أحمد بن علي السمسار، وأبو الفضل المطهر بن عبد الواحد البزاني، وأبو أحمد جعفر بن عبد الله بن أحمد الطليطلي عن بضع وثمانين سنة، وسهل بن عبد الله بن علي الغازي، وفيها باختلاف الحافظ الأمير أبو نصر بن ماكولا.
4319 - كلار
(1)
:
الشيخ المسند الصالح بقية المشايخ أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد بن عفيف البوشنجي، الهروي، المعروف بكلار، وبكلاري.
سمع: عبد الرحمن بن أبي شريح، وكان هو وبيبى آخر أصحابه موتًا.
حدث عنه: ابن طاهر، ووجيه الشحامي، وزهير بن علي السرخسي، والحسن بن محمد بن محمد السنجبستي، وفضيل بن إسماعيل، وأبو الوقت السجزي، وعبد الجليل بن أبي سعد، ومحمد بن إسماعيل الفضيلي، ومنصور بن علي الحجري، وآخرون.
وقد وثق.
وقع لي جزء من طريقه.
توفي في رمضان سنة سبع وسبعين وأربع ببوشنج.
قرأت على أحمد بن عبد الرحمن العلوي، وأحمد بن محمد الحلبي في وقتين، أخبركما عبد الله بن عمر أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح أخبرنا أبو القاسم البغوي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر قال: سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش خمس مائة حديث. أو ذكر أكثر فأخبرني حمزة الزيات قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضتها عليه فما عرف منها إلَّا اليسير خمسةً أو ستة أحاديث فتركت الحديث عنه.
أخرجها مسلم في مقدمة "الصحيح" عن سويد، فوقع موافقةً عالية بدرجة.
(1)
ترجمته في تبصير المنتبه "3/ ص 1199".
4320 - الزينبي
(1)
:
الشيخ الصالح الزاهد الشريف مسند الوقت أبو نصر محمد ابن محمد بن علي بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن الإمام إبراهيم بن محمد بن علي بن البحر عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي الزينبي البغدادي.
ولد في صفر سنة سبع وثمانين وثلاث مائة. أرخه السمعاني.
وسمع: أبا طاهر المخلص وأبا بكر محمد بن عمر بن زنبور وأبا الحسن بن الحمامي وغيرهم. وكان آخر من حدث عن المخلص وابن زنبور في الدنيا.
روى عنه: الحميدي وابن الخاضبة والبرداني وابن طاهر ومؤتمن الساجي وأبو نصر الغازي وإسماعيل بن محمد التيمي وإسماعيل بن السمرقندي وعلي بن طراد وأخوه محمد ووجيه الشحامي ومحمد بن القاسم الشهرزوري الموصلي وقاضي سنجار مظفر بن أبي أحمد وأحمد بن محمد بن المؤيد بالله وأبو الفضل محمد ابن عمر الأرموي وأبو بكر بن الزاغوني وأبو محمد المادح وخلق كثير آخرهم موتًا هبة الله بن أحمد الشبلي وبقي بعده يروي عنه بالإجازة أبو الفتح بن البطي.
قال السمعاني: أبو نصر شريف زاهد صالح دين متعبد هجر الدنيا في حداثته ومال إلى التصوف وكان منقطعًا في رباط شيخ الشيوخ أبي سعد انتهى إليه إسناد البغوي ورحل إليه الطلبة. قال: وسمعت أبا الفضل ابن المهتدي بالله يقول: كان أبو نصر الزينبي إذا قرئ عليه اللحن رده لكثرة ما قرئت عليه تلك الأجزاء. قال: وسمعت إسماعيل الحافظ بأصبهان يقول: رحل أبو سعد البغدادي إلى أبي نصر الزينبي فدخل بغداد ولم يلحقه فحين أخبر بموته خرق ثوبه ولطم وجعل يقول: من أين لي علي بن الجعد عن شعبة؟ فسألت إسماعيل عن الزينبي فقال: زاهد صحيح السماع آخر من حدث عن المخلص.
قال السمعاني وغيره: مات في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وأربع مائة.
(1)
ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 238"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 202"، والأنساب للسمعاني "6/ 346"، والمنتظم لابن الجوزي "9/ 33"، والعبر"3/ 295"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "3/ 364".
أخبرنا علي بن أحمد المعدل، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا محمد ابن عبيد الله، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن بلال رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة
(1)
.
أخرجه مسلم، عن أبي الربيع.
تم الجزء الثالث عشر ويليه:
الجزء الرابع عشر، وأوله: النوقاني.
(1)
صحيح: أخرجه البخاري "504"، ومسلم "1329"، وأبو داود "2023"، و "2024"، و "2025"، والنسائي "5/ 217"، وابن ماجه "3063".