المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين   ‌ ‌بقية العشرة المبشرين بالجنة ‌ ‌6 - أبو - سير أعلام النبلاء - ط الحديث - جـ ٣

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

‌بقية العشرة المبشرين بالجنة

‌6 - أبو عبيدة بن الجراح

(1)

"م، ق":

عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشي الفهري المكي.

أحد السابقين الأولين، ومن عزم الصديق على توليته الخلافة، وأشار به يوم السقيفة

(2)

لكمال أهليته عند أبي بكر. يجتمع في النسب هو والنبي صلى الله عليه وسلم في فهر. شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وسماه أمين الأمة، ومناقبه شهيرة جمة.

روى أحاديث معدودة

(3)

، وغزا غزوات مشهودة.

حدث عنه العرباض بن سارية وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة الباهلي، وسمرة بن جندب، وأسلم مولى عمر، وعبد الرحمن بن غنم، وآخرون.

له في "صحيح مسلم" حديث واحد، وله في "جامع أبي عيسى" حديث، وفي "مسند بَقِيّ" له خمسة عشر حديثًا.

الرواية عنه: أخبرنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام التميمي، قراءةً عليه في سنة أربع وتسعين وستمائة، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد البزاز، أنبأنا تميم بن أبي سعيد أبو

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 409 - 415" و"7/ 384 - 385"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2942"، التاريخ الصغير "1/ 48"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1807" حلية الأولياء "1/ ترجمة 10" الإصابة "4400"، تاريخ الخميس "2/ 244" مسند أحمد "1/ 195 - 196"، الزهد لأحمد بن حنبل: 184، المستدرك "3/ 262 - 268" شذرات الذهب "1/ 29" تهذيب تاريخ دمشق "7/ 160 - 168".

(2)

حديث صحيح: أخرجه البخاري "6830" عن ابن عباس في حديث طويل: وقد خرجت حديث سقيفة بني ساعدة مرات عديدة في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] لابن تيمية رحمه الله. ط. دار الحديث.

(3)

أحاديثه في مسند أحمد بن حنبل "1/ 195 - 196"، وعددها اثنا عشر حديثا.

ص: 5

القاسم المعري، في رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة بهراة، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي، حدثنا عبد الله بن معاوية القرشي، حدثنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "إنه لم يكن نبي بعد نوح إلَّا وقد أنذر قومه الدجال وإني أنذركموه". فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "لعله سيدركه بعض من رآني أو سمع كلامي". قالوا: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم كيف قلوبنا يومئذ? أمثلها اليوم? قال: "أو خير"

(1)

.

أخرجه الترمذي، عن عبد الله الجمحي، فوافقناه بعلو، وقال: وفي الباب عن عبد الله بن بسر وغيره. وهذا حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة رضي الله عنه.

قال ابن سعد في "الطبقات" أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن مالك بن يخامر أنه وصف أبا عبيدة، فقال: كان رجلًا نحيفًا معروق الوجه خفيف اللحية طوالًا أحنى

(2)

، أثرم

(3)

الثنيتين

(4)

.

وأخبرنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن صالح، عن يزيد بن رومان قال: انطلق ابن مظعون وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم.

وقد شهد أبو عبيدة بدرًا فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاءً حسنًا ونزع يومئذ

(1)

ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة "15/ 135"، والبخاري في "التاريخ الكبير" تعليقا "5/ 97"، وأبو داود "4756"، والترمذي "2234"، وأبو يعلى "875" والحاكم "4/ 542 - 543"، وابن حبان "6778"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة""594" من طريق حماد بن سلمة، أخبرنا خالد الحذاء، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: جهالة عبد الله بن سراقة، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان والعجلي، وهما معروفان بتوثيق المجاهيل والمجروحين.

الثانية: الانقطاع بين عبد الله بن سراقة وأبي عبيدة بن الجراح، فإنه لا يعرف له سماع منه، كما قال البخاري. فالحديث بهاتين العلتين ضعيف، والله تعالى أعلم.

(2)

رجل أحنى الظهر: أي في ظهره انحناء، والمرأة حنياء وحنواء، أي: في ظهرها احديداب.

(3)

أثر: انكسار الثنية.

(4)

ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""3/ 414"، والحاكم "3/ 264" وآفته محمد بن عمر الواقدي، فإنه متروك.

ص: 6

الحلقتين اللتين دخلتا من المغفر في وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضربة أصابته فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما حتى قيل ما رؤي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة

(1)

.

وقال أبو بكر الصديق وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسقيفة بني ساعدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر، وأبا عبيدة.

قال الزبير بن بكار: قد انقرض نسل أبي عبيدة، وولد إخوته جميعًا، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة. قاله ابن إسحاق، والواقدي

(2)

قلت: إن كان هاجر إليها فإنه لم يطل بها اللبث.

وكان أبو عبيدة معدودًا فيمن جمع القرآن العظيم.

قال موسى بن عقبة في "مغازيه": غزوة عمرو بن العاص هي غزوة ذات السلاسل

(3)

من مشارف الشام، فخاف عمرو من جانبه ذلك، فاستمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتدب أبا بكر وعمر في سراة من المهاجرين فأمر نبي الله عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا على عمرو بن العاص قال: أنا أميركم، فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأميرنا أبو عبيدة، فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددت بكم. فلما رأى ذلك أبو عبيدة بن الجراح، وكان رجلًا حسن الخلق، لين الشيمة، متبعًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فسلم الإمارة لعمرو.

وثبت من وجوهٍ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن لكل أمة أمينًا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"

(4)

.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات""3/ 410"، وابن عبد البر في "الاستيعاب""2/ 792"، والحافظ ابن حجر في "الإصابة""4400"، والحاكم في "مستدركه""3/ 266"، وابن هشام "3/ 35"، وقد أخرج البخاري ومسلم نحوه من طريق أبي قلابة عن أنس. والبخاري نحوه من حديث حذيفة.

والهتم: انكسار الثنايا من أصولها خاصة.

(2)

أخرجه الحاكم "3/ 266"، وابن سعد في "الطبقات""3/ 410". وأورده ابن هشام في "السيرة""1/ 231".

(3)

هذه الغزوة ذكرها ابن حجر في "الإصابة""4400"، وابن جرير الطبري "3/ 21 - 32"، وابن هشام "4/ 481"، وابن كثير في "البداية""5/ 208"، وابن الأثير في "الكامل في التاريخ""2/ 232".

(4)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 133، 189، 245، 281"، وابن سعد "3/ 412"، والبخاري "3744"، و"4382"، ومسلم "2419""53"، والنسائي في "الفضائل""96"، وابن سعد "3/ 412"، وأبو يعلى "2808"، وأبو نعيم "7/ 157" من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك مرفوعا، وأخرجه أحمد "3/ 125، 146، 175، 213، 286" ومسلم "2419""54"، وابن سعد "3/ 411"، وأبو نعيم "7/ 157" من طريق ثابت عن أنس، به.

ص: 7

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه، وغيره إجازة قالوا: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، عن شريح بن عبيد، وراشد بن سعد وغيرهما قالوا: لما بلغ عمر بن الخطاب سرغ

(1)

، حدث أن بالشام وباءً شديدًا، فقال: إن أدركني أجلي، وأبو عبيدة حي، استخلفته، فإن سألني الله عز وجل: لم استخلفته على أمة محمد? قلت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لكل أمةٍ أمينًا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" قال: فأنكر القوم ذلك وقالوا: ما بال علياء قريش? يعنون بني فهر. ثم قال: وإن أدركني أجلي، وقد توفي أبو عبيدة، أستخلف معاذ بن جبل، فإن سألني ربي قلت: إني سمعت نبيك يقول: "إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء برتوةٍ"

(2)

.

(1)

سرغ: بالغين المعجمة، وبالعين المهملة لغة فيه، وهو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك. وقال مالك بن أنس: هي قرية بوادي تبوك، وهناك لقي عمر بن الخطاب من أخبره بطاعون عمواس، كما في "معجم البلدان""3/ 211".

(2)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 18" من طريق صفوان، عن شريح بن عبيد، وراشد بن سعد، وغيرهما، قالوا:"لما بلغ عمر بن الخطاب سرغ .... " فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات بيد أن شريح بن عبيد وراشد بن سعد، لم يدركا عمر.

وأخرجه أحمد في "الفضائل""1287"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة""3/ 886" من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب قال: قال عمر

قلت: وإسناده ضعيف مثل سابقه للانقطاع بين شهر بن حوشب وعمر، فإنه لم يدركه، وأخرجه بنحوه مختصرا ابن سعد "3/ 413"، وأحمد في "الفضائل""1285"، والحاكم "3/ 286" من طريق كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، قال: بلغني أن عمر بن الخطاب قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت فيه .... "

قلت: إسناده ضعيف أيضا للانقطاع بين ثابت بن الحجاج وعمر بن الخطاب.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""3/ 418"، وعمر بن شبة في "تاريخ المدنية""3/ 886" من طريق ضمرة بن ربيعة، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن العجفاء قال: قال عمر: فذكره، وله طرق أخرى عند ابن أبي شيبة "12/ 135"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""3/ 419" عن محمد بن عبد الله الثقفي مرفوعا.

وعند الطبراني في "الكبير""20/ 41"، وأبي نعيم في "الحلية""1/ 229" عن محمد بن كعب القرظي مرفوعا، وقوله:"برتوة": الرتوة كما في "النهاية":

رمية سهم، وقيل: ميل، وقيل: مدى البصر.

ص: 8

وروى حماد بن سلمة، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عمرو بن العاص قال: قيل يا رسول الله! أي الناس أحب إليك? قال: "عائشة" قيل من الرجال? قال: "أبو بكر" قيل: ثم من? قال: "ثم أبو عبيدة بن الجراح"

(1)

.

كذا يرويه حماد، وخالفه جماعة فرووه، عن الجريري، عن عبد الله قال: سألت عائشة أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه? قالت: أبو بكر ثم عمر ثم أبو عبيدة بن الجراح

(2)

.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أحمد بن محمد بن غالب بقراءته على أبي العباس بن حمدان حدثكم محمد بن أيوب، أنبأنا أبو الوليد، أنبأنا شعبة، عن أبي إسحاق سمعت صلة بن زفر، عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني أبعث إليكم رجلًا أمينًا" فاستشرف لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث أبا عبيدة بن الجراح.

اتفقا عليه من حديث شعبة.

واتفقا من حديث خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"

(3)

.

أخبرنا أحمد بن محمد المعلم، أنبأنا أبو القاسم بن رواحة، أنبأنا أبو طاهر الحافظ، أنبأنا

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3662"، 4358" من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، فقلت: من الرجال؟ قال: "أبوها".

قلت: ثم من؟ قال: "ثم عمر بن الخطاب"، فعد رجالا، وقد خرج الحديث عدة مرات في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقص كلام الشيعة والقدرية"، فراجعه ثم إن رمت زيادة.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "412" والبخاري "3745"، "4381"، "7254"، ومسلم "2420""55"، والنسائي في "الفضائل""95"، وابن ماجه "135"، وابن سعد "3/ 412"، والبغوي "3929"، وأبو نعيم "7/ 175 - 176" من طرق عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، به.

وأخرجه أحمد "5/ 385، 401"، وفي "الفضائل" له "1276"، وابن أبي شيبة "12/ 136"، والبخاري "4380"، ومسلم "2420" والترمذي "3796"، والنسائي "94"، وابن ماجه "135"، وابن سعد "3/ 412"، والحاكم "3/ 267" من طريق أبي إسحاق، به.

(3)

صحيح على شرط الشيخين: سبق تخريجنا له قبل صفحات بتعليق رقم "11" فراجعه ثم.

ص: 9

أحمد بن علي الصوفي، وأبو غالب الباقلاني، وجماعة قالوا، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو محمد الفاكهي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى الواسطي، أنبأنا يحيى بن أبي زكريا، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال كنت في الجيش الذين مع خالد الذين أمد بهم أبا عبيدة وهو محاصر دمشق فلما قدمنا عليهم قال لخالد تقدم فصل فأنت أحق بالإمامة لأنك جئت تمدني فقال خالد ما كنت لأتقدم رجلًا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"

(1)

.

أبو بكر بن أبي شيبة، أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أسقفا نجران العاقب والسيد فقالا ابعث معنا أمينًا حق أمين فقال: "لأبعثن معكم رجلًا أمينًا حق أمينٍ" فاستشرف لها الناس فقال: "قم يا أبا عبيدة" فأرسله معهم.

قال وحدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق نحوه

(2)

.

الترقفي

(3)

في جزئه حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو حدثنا أبو حسبة

(4)

مسلم بن أكيس مولى بن كريز، عن أبي عبيدة قال: ذكر لي من دخل عليه فوجده يبكي فقال: ما يبكيك يا أبا عبيدة? قال: يبكيني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يومًا ما يفتح الله على المسلمين حتى ذكر الشام فقال: "إن نسأ الله في أجلك فحسبك من الخدم

(1)

صحيح لغيره: وهذا الإسناد ضعيف، آفته يحيى بن أبي زكريا.

وأخرجه الخطيب في "تاريخه""7/ 281" من طريق سعيد بن أبي سليمان، عن أبي أمامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، به.

وأخرجه الخطيب في "تاريخه""14/ 165" من طريق شعبة، عن أيوب وخالد، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة، وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير""1/ 40" من طريق مقدم بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن ابن خثيم. به. ويشهد له الحديث السابق بتعليقنا رقم "11"، "15"، "16".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: سبق تخريجنا له في تعليقنا رقم "15".

(3)

هو عباس بن عبد الله بن أبي عيسى الواسطي، نزيل بغداد، المعروف بالترقفي بفتح المثناة، وسكون الراء وضم القاف بعدها فاء، نسبة إلى ترقف من أعمال واسط، وهو ثقة عابد، من الطبقة الحادية عشرة، وروى له ابن ماجه في "سننه".

(4)

هو مسلم بن أكيس، أو حسبة، شيخ لصفوان بن عمرو، قال الحافظ في "ميزان الاعتدال""8481". مجهول.

ص: 10

ثلاثة: خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم يخدم أهلك. وحسبك من الدواب ثلاثة: دابة لرحلك ودابة لثقلك ودابة لغلامك". ثم هأنذا أنظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقًا وإلى مربطي قد قد امتلأ خيلًا فكيف ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها? وقد أوصانا: "إن أحبكم إلي وأقربكم مني من لقيني على مثل الحال التي فارقتكم عليها"

(1)

.

حديث غريب رواه أيضًا: أحمد في مسنده، عن أبي المغيرة.

وكيع بن الجراح حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما منكم من أحد إلَّا لو شئت لأخذت عليه بعض خلقه إلَّا أبا عبيدة"

(2)

هذا مرسل.

وكان أبو عبيدة موصوفًا بحسن الخلق، وبالحلم الزائد، والتواضع.

قال محمد بن سعد: حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا بن عيينة، عن بن أبي نجيح قال عمر لجلسائه: تمنوا، فتمنوا، فقال عمر: لكني أتمنى بيتًا ممتلئًا رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجراح

(3)

.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 195 - 196" من طريق أبي المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، به.

قلت: إسناده ضعيف، مسلم بن أكيس، قال أبو حاتم: مجهول، وروايته عن أبي عبيدة مرسلة. وأبو المغيرة، هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.

(2)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 266" من طريق الهيثم بن جميل، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن مرفوعا، به،.

وقال الحاكم: هذا مرسل غريب ورواته ثقات. ووافقه الذهبي في "التلخيص" فقال: مرسل.

قلت: وهو كما قالا، فالإسناد ضعيف لإرساله.

(3)

حسن لغيره: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""3/ 413"، والحاكم "3/ 262" من طريق ابن أبي نجيح، قال: قال عمر: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين ابن أبي نجيح وعمر بن الخطاب، فإنه لم يدركه، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 102"، والبخاري في "التاريخ الصغير""1/ 54" في حديث طويل من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا حيوة، أخبرني أبو صخر: أن زيد بن أسلم، حدثه عن أبيه، عن عمر بن الخطاب أنه قال لأصحابه: تمنوا. فقال رجل: أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله، ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤة وزبرجدا وجوهرا أنفقه في سبيل الله وأتصدق. ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين. فقال عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، واللفظ لأبي نعيم، وحديث البخاري أطول وأتم منه.

قلت: إسناده حسن، حميد بن زياد، أبو صخر، ابن أبي المخارق الخراط، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 11

وقال ابن أبي شيبة: قال ابن علية، عن يونس، عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من أصحابي أحد إلَّا لو شئت أخذت عليه إلَّا أبا عبيدة"

(1)

.

وسفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال بن مسعود: أخلائي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة

(2)

.

خالفه غيره، ففي "الجعديات"، أنبأنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله فذكره

(3)

.

قال خليفة بن خياط: وقد كان أبو بكر ولى أبا عبيدة بيت المال

(4)

.

قلت يعني: أموال المسلمين، فلم يكن بعد عمل بيت مال، فأول من اتخذه عمر.

قال خليفة: ثم وجهه أبو بكر إلى الشام سنة ثلاث عشرة أميرًا، وفيها استخلف عمر، فعزل خالد بن الوليد، وولى أبا عبيدة

(5)

.

قال القاسم بن يزيد: حدثنا سفيان، عن زياد بن فياض، عن تميم بن سلمة أن عمر لقي أبا عبيدة فصافحه وقبل يده وتنحيا يبكيان

(6)

.

وقال بن المبارك في "الجهاد" له، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: بلغ عمر أن أبا عبيدة حصر بالشام، ونال منه العدو فكتب إليه عمر أما بعد فإنه ما نزل بعبد مؤمن شدة، إلَّا جعل الله بعدها فرجًا، وإنه لا يغلب عسر يسرين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: 200] الآية.

(1)

ضعيف: إسناده ضعيف لإرساله، فالحسن هو ابن يسار البصري.

(2)

ضعيف: أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، كما ذهب العلماء ونقله العلائي في "جامع التحصيل".

(3)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 262 - 263" من طريق سفيان، عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقول: كان أخلائي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة

" الأثر.

قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وأبيه، كما قال غير واحد من علماء الجرح.

(4)

ذكره خليفة بن خياط في "تاريخه""ص 123".

(5)

نقل الذهبي كلام خليفة بن خياط بالمعنى، وانظر "تاريخ خليفة""ص 119".

(6)

ضعيف: رجاله ثقات إلا أنه منقطع تميم بن سلمة الكوفي، من الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين، فبينه وبين عمر بن الخطاب مفاوز وقفارات تنقطع دونها أعناق المطي. فالإسناد ضعيف للانقطاع.

ص: 12

قال: فكتب إليه أبو عبيدة أما بعد فإن الله يقول {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْو} إلى قوله: {مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: 20]، قال فخرج عمر بكتابه فقرأه على المنبر فقال يا أهل المدينة! إنما يعرض بكم أبو عبيدة أو بي ارغبوا في الجهاد

(1)

.

ابن أبي فديك؛، عن هشام بن سعد، عن زيد، عن أبيه قال بلغني أن معاذًا سمع رجلًا يقول لو كان خالد بن الوليد ما كان بالناس دوك

(2)

، وذلك في حصر أبي عبيدة فقال معاذ فإلى أبي عبيدة تضطر المعجزة لا أبا لك! والله إنه لخير من بقي على الأرض.

رواه البخاري في "تاريخه" وابن سعد

(3)

.

وفي "الزهد" لابن المبارك: حدثنا معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال قدم عمر الشام فتلقاه الأمراء والعظماء فقال أين أخي أبو عبيدة? قالوا: يأتيك الآن، قال: فجاء على ناقة مخطومة بحبل فسلم عليه ثم قال للناس انصرفوا عنا فسار معه حتى أتى منزله فنزل فيه فلم ير في بيته إلَّا سيفه وترسه ورحله فقال له عمر: لو اتخذت متاعًا أو قال شيئًا فقال يا أمير المؤمنين! إن هذا سيبلغنا المقيل

(4)

.

ابن وهب، حدثني عبد الله بن عمر، عن نافع، عن بن عمر أن عمر حين قدم الشام قال لأبي عبيدة اذهب بنا إلى منزلك قال وما تصنع عندي? ما تريد إلَّا أن تعصر عينيك علي قال فدخل فلم ير شيئًا قال أين متاعك? لا أرى إلَّا لبدًا وصحفة وشنًا وأنت أمير أعندك طعام? فقام أبو عبيدة إلى جونة فأخذ منها كسيرات فبكى عمر فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك علي يا أمير المؤمنين يكفيك ما يبلغك المقيل قال عمر غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة

(5)

.

(1)

حسن: إسناده حسن، هشام بن سعد المدني، أبو عباد، أو أبو سعد، صدوق له أوهام.

(2)

الدوك، الاختلاط. وقع القوم في دَوكة ودُوكة وبُوح أي وقعوا في اختلاط من أمرهم وخصومة وشر وجمع الدوكة دوك وديك. وباتوا يدوكون دوكا إذا باتوا في اختلاط ودوران. وتداوك القوم أي تضايقوا في حرب أو شر. قاله ابن منظور في "اللسان".

(3)

أخرجه البخاري في "التاريخ الصغير""1/ 58" وابن سعد في "الطبقات""3/ 413 - 414".

(4)

ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "11/ 20628"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 101 - 102"، والزهد لأحمد بن حنبل "ص 184"، وابن حجر في "الإصابة""4400" من طريق معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه به.

قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه، حديث عروة بن الزبير، عن عمر مرسل كما قال أبو حاتم، وأبو زرعة.

(5)

ضعيف: آفته عبد الله بن عمر، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن العمري المدني، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 13

أخرجه أبو داود في "سننه" من طريق ابن الأعرابي.

وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرًا معدمًا.

معن بن عيسى، عن مالك أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف أو بأربع مئة دينار وقال للرسول انظر ما يصنع بها قال فقسمها أبو عبيدة ثم أرسل إلى معاذ بمثلها قال فقسمها إلَّا شيئًا قالت له امرأته نحتاج إليه فلما أخبر الرسول عمر قال الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا

(1)

.

الفسوي: حدثنا أبو اليمان، عن جرير بن عثمان، عن أبي الحسن عمران بن نمران أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر فيقول" إلَّا رب مبيض لثيابه مدنس لدينه! إلَّا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات

(2)

.

وقال ثابت البناني قال أبو عبيدة يا أيها الناس إني امرؤ من قريش وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى إلَّا وددت أني في مسلاخه

(3)

.

معمر، عن قتادة قال أبو عبيدة بن الجراح وددت أني كنت كبشًا فيذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحسون مرقي.

وقال عمران بن حصين: وددت أني رماد تسفيني الريح.

شعبة:، عن قيس بن مسلم، عن طارق أن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون إنه قد عرضت لي حاجة ولا غنى بي عنك فيها فعجل إلي فلما قرأ الكتاب قال: عرفت حاجة أمير المؤمنين إنه يريد أن يستبقي من ليس بباق فكتب إني قد عرفت حاجتك فحللني من عزيمتك فإني في جند من أجناد المسلمين لا أرغب بنفسي عنهم فلما قرأ عمر الكتاب بكى فقيل له مات أبو عبيدة? قال لا وكأن قد

(4)

.

(1)

ذكره ابن سعد في "الطبقات""3/ 413".

(2)

ذكره الفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 427 - 428"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 102"، والحافظ في "الإصابة""2/ 254"، وقال الحافظ ابن حجر: سنده مرسل.

(3)

أخرجه ابن سعد "3/ 412 - 413"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 101"، وابن حجر في "الإصابة""2/ ترجمة 4400".

(4)

صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 263" من طريق الحميدي، حدثنا سفيان، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، به بأطول مما ذكره المصنف هنا.

وقال الحاكم في إثره: رواة هذا الحديث كلهم ثقات وهو عجيب بمرة، وتعقبه الذهبي بقوله في "المختصر"، قلت: هو على شرط البخاري ومسلم.

ص: 14

قال: فتوفي أبو عبيدة وانكشف الطاعون.

قال أبو الموجه محمد بن عمرو المروزي: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستة وثلاثين ألفًا من الجند فلم يبق منهم إلَّا ستة آلاف رجل.

أخبرنا محمد بن عبد السلام، عن أبي روح، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا بن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل مولي أبي عيينة، عن بن أبي سيف المخزومي، عن الوليد بن عبد الرحمن شامي فقيه، عن عياض بن غطيف قال: دخلت على أبي عبيدة بن الجراح في مرضه وامرأته تحيفة جالسة عند رأسه وهو مقبل بوجهه على الجدار فقلت: كيف بات أبو عبيدة? قالت بات بأجر فقال: إني والله ما بتُّ! بأجر فكأن القوم ساءهم فقال إلَّا تسألوني عما قلت? قالوا: أنا لم يعجبنا ما قلت فكيف نسألك? قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فبسبع مائة ومن أنفق على عياله أو عاد مريضًا أو ما زاد أذى فالحسنة بعشر أمثالها والصوم جنة ما لم يخرقها ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة"

(1)

.

أنبأنا جماعة قالوا، أنبأنا ابن طبرزد، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثني جرير بن حازم، حدثني بشار بن أبي سيف، حدثني الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن غطيف قال:

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 195"، والدارمي "2763"، والبخاري في "التاريخ الكبير""7/ 21"، والنسائي "4/ 167"، وابن أبي عاصم في "الجهاد""73، 74"، وأبو يعلى "878"، والدولابي في "الأسماء والكنى""1/ 12"، والبيهقي في "السنن""9/ 171 - 172"، وفي "شعب الإيمان""4271" من طريق واصل مولى أبي عيينة، عن بشار بن أبي سيف الجرمي، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، به.

قلت: إسناده حسن، بشار بن أبي سيف الجرمي، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات.

قوله: ماز بالزاي: أي أماط وأزال.

وقوله: حطة: أي تحط عنه خطاياه وذنوبه، وهي فعلة من حط الشيء يحطه: إذا أنزله وألقاه، كذا قال ابن الأثير في "النهاية""1/ 402".

ص: 15

مرض أبو عبيدة، فدخلنا عليه نعوده، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الصيام جنة ما لم يخرقها"

(1)

.

وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره وكانوا ثلاث مئة فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له: العنبر، فقال أبو عبيدة ميتة، ثم قال: لا نحن رسل رسول الله وفي سبيل الله فكلوا

وذكر الحديث وهو في "الصحيحين"

(2)

.

ولما تفرغ الصديق من حرب أهل الردة، وحرب مسيلمة الكذاب، جهز أمراء الأجناد لفتح الشام فبعث أبا عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فتمت وقعة أجنادين

(3)

بقرب الرملة، ونصر الله المؤمنين، فجاءت البشرى، والصديق في مرض الموت، ثم كانت وقعة فحل

(4)

، ووقعة مرج الصفر

(5)

، وكان قد سير

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 196" من طريق يزيد بن هارون، أنبأنا هشام، عن واصل، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن غطيف قال: فذكره.

قلت: إسناده حسن، إن كان واصل مولى أبي عيينة سمعه من الوليد بن عبد الرحمن فإنه يروي هذا الحديث عن بشار بن أبي سيف، عن الوليد بن عبد الرحمن كما في الحديث السابق، وهو شاهد له.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 930"، ومن طريقه أخرجه البخاري "2483"، "4360"، ومسلم "1935""21"، والبيهقي "9/ 252"، والبغوي "2806" من طريقه عن أبي نعيم وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنه أنه قال:"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة وأنا فيهم، فخرجنا، حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ذلك كله، فكان مزودي تمر، فكان يقوتناه كل يوم قليلا قليلا حتى فني، فلم يكن يُصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: وما يُغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب: وما يغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتهما، فلم تصبهما".

وأخرجه عبد الرزاق "8666" والبخاري "2938"، ومسلم "1935""20"، والترمذي "2475"، والنسائي "7/ 207"، والبيهقي "9/ 252"، والبغوي "2805" من طريقين عن وهب بن كيسان به. وقال الترمذي: صحيح. والظرب: الجبل الصغير.

(3)

ذكرها ابن جرير الطبري "7/ 417 - 419" وابن الأثير في "الكامل""2/ 498 - 500"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق""1/ 478".

(4)

ذكرها الطبري في "تاريخه""3/ 433 - 443"، وابن الأثير في "الكامل في التاريخ""2/ 429"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق""1/ 478". وفحل هي بكسر الفاء وسكون الحاء كما في "معجم البلدان" لياقوت.

(5)

مرح الصفر: بضم الصاد وتشديد الفاء: موضع بغوطة دمشق، كان به وقعة للمسلمين مع الروم. راجع تاريخ الطبري "3/ 391 - 410"، والكامل في "التاريخ" لابن الأثير "2/ 427".

ص: 16

أبو بكر خالدًا لغزو العراق ثم بعث إليه لينجد من بالشام فقطع المفاوز على برية السماوة فأمره الصديق على الأمراء كلهم وحاصروا دمشق وتوفي أبو بكر فبادر عمر بعزل خالد واستعمل على الكل أبا عبيدة فجاءه التقليد فكتمه مدة وكل هذا من دينه ولينه وحلمه فكان فتح دمشق على يده فعند ذلك أظهر التقليد ليعقد الصلح للروم ففتحوا له باب الجابية صلحًا وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح.

فعن المغيرة أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك التي استأصل الله فيها جيوش الروم وقتل منهم خلق عظيم.

روى بن المبارك في الزهد له قال، أنبأنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب قال، حدثني عبد الرحمن بن غنم، عن حديث الحارث بن عميرة قال أخذ بيدي معاذ بن جبل فأرسله إلى أبي عبيدة فسأله كيف هو! وقد طُعِنَّا فأراه أبو عبيدة طعنة خرجت في كفه فتكاثر شأنها في نفس الحارث وفرق منها حين رآها فأقسم أبو عبيدة بالله ما يحب أن له مكانها حمر النعم

(1)

.

وعن الأسود، عن عروة أن وجع عمواس كان معافىً منه أبو عبيدة وأهله فقال اللهم نصيبك في آل أبي عبيدة! قال فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثرة فجعل ينظر

(1)

حسن لغيره: أخرجه ابن المبارك في "الزهد""883"، والحاكم "3/ 263"، والطبراني في "الكبير""364" من طريق عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه شهر بن حوشب، ليس بالقوي كما قال النسائي وابن عدي، وغيرهما. وقال الحافظ في "التقريب": كثير الإرسال والأوهام. وعبد الحميد بهرام، صدوق.

وله شاهد عند أحمد "5/ 241" من طريق أبي أحمد الزبيري، حدثنا مسرة بن معبد، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: قال معاذ بن جبل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ستهاجرون إلى الشام فيفتح لكم ويكون فيكم داء كالدمل أو كالحرة يأخذ بمراق الرجل يستشهد الله به أنفسهم ويزكي به أعمالهم. اللهم إن كنت تعلم أن معاد بن جبل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه" فأصابهم الطاعون فلم يبق منهم أحد فطعن في أصبعه السبابة فكان يقول: ما يسرني أن لي بها حمر النعم".

قلت: إسناده ضعيف، إسماعيل بن عبيد الله لم يدرك معاذا، فبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي، فهو من الطبقة الرابعة، وجل روايتهم عن كبار التابعين.

أما مسرة بن معبد اللخمي، فهو صدوق. وأبو أحمد الزبيري، هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو الأسدي الكوفي، ثقة ثبت.

ص: 17

إليها فقيل له إنها ليست بشيء. فقال: أرجو أن يبارك الله فيها فإنه إذا بارك في القليل، كان كثيرًا

(1)

.

الوليد بن مسلم: حدثني أبو بكر بن أبي مريم، عن صالح بن أبي المخارق قال انطلق أبو عبيدة من الجابية إلى بيت المقدس للصلاة فاستخلف على الناس معاذ بن جبل

(2)

.

قال الوليد فحدثني من سمع عروة بن رويم، قال: فأدركه أجله بفحل فتوفي بها بقرب بيسان

(3)

.

طاعون عمواس: منسوب إلى قرية عمواس وهي بين الرملة وبين بيت المقدس، وأما الأصمعي فقال هو من قولهم زمن الطاعون: عَمَّ، وآسى.

قال أبو حفص الفلاس: توفي أبو عبيدة في سنة ثمان عشرة، وله ثمان وخمسون سنة، وكان يخضب بالحناء، والكتم

(4)

وكان له عقيصتان وقال كذلك في وفاته جماعة وانفرد بن عائذ، عن أبي مسهر أنه قرأ في كتاب يزيد بن عبيدة أن أبا عبيدة توفي سنة سبع عشرة.

(1)

ضعيف: لانقطاعه، عروة بن الزبير لم يدرك أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح رضي الله عنه.

(2)

،

(3)

ذكر هذين الأثرين الحافظ في "الإصابة""2/ ترجمة رقم 4400" في آخرها.

(4)

الكتم: هو نبت يخلط مع الوسمة، ويصبغ به الشعر الأسود وقيل هو الوسمة. وهو دهن أحمر، يجعل فيه الزعفران، والحناء إذا خضب به مع الكتم جاء أسود. وقد صح النهي عن السواد.

ص: 18

‌7 - طلحة بن عبيد الله

(1)

: " ع"

بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي، التيمي، المكي، أبو محمد،

أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، له عدة أحاديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم وله في "مسند بقي بن مخلد" بالمكرر ثمانية وثلاثون حديثًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 214 - 225"، تاريخ خليفة "63"، "180 - 186"، وطبقات خليفة "18"، "189" ومصنف ابن أبي شيبة "13/ 15781"، ومسند أحمد "1/ 160"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ترجمة رقم 3069" وتاريخه الصغير "1/ 69، 75، 78، 83، 84، 88، 169"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 2072"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 4266"، والاستيعاب "2/ 764"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 2496" والعبر "2/ 105"، تهذيب الكمال "13/ ترجمة رقم 2975"، تهذيب التهذيب "5/ 20" تقريب التهذيب "1/ 379"، شذرات الذهب "1/ 42، 43، 56".

ص: 18

له حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديثين، ومسلم بثلاثة أحاديث.

حدث عنه بنوه: يحيى وموسى وعيسى والسائب بن يزيد ومالك بن أوس بن الحدثان وأبو عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم ومالك بن أبي عامر الأصبحي، والأحنف بن قيس التميمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وآخرون.

قال أبو عبد الله بن مندة: كان رجلًا آدم، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط، ولا بالسبط، حسن الوجه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره

(1)

.

وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد العزيز بن عمران، حدثني إسحاق بن يحيى، حدثني موسى بن طلحة قال كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة مربوعًا إلى القصر هو أقرب، رحب الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم القدمين إذا التفت التفت جميعًا

(2)

.

قلت: كان ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله ثم هاجر فاتفق أنه غاب، عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه، وأجره

(3)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 370"، والطبراني في "الكبير""191" واللفظ له من طريق عبد العزيز بن عمران، حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه موسى بن طلحة قال: كان طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أبيض يضرب إلى الحمرة مربوعا هو إلى القصر أقرب رحب الصدر عريض المنكبين إذا التفت التفت جميعا ضخم القدمين.

قال الزبير: وحدثني -يعني إبراهيم بن المنذر- عن الواقدي قال: "كان طلحة بن عبيد الله أدم كثير الشعر ليس بالجعد ولا السبط حسن الوجه دقيق العرنين إذا مشى أسرع كان لا يغير شيبه، قتل يوم الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين".

قلت: إسناده واه بمرة، آفته عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز الأعرج، المعروف بابن أبي ثابت، متروك كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

انظر السابق.

(3)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 368"، والطبراني في "الكبير""189" من طريق أبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني، حدثنا أبي، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود، عن عروة بن الزبير قال: طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة وكان بالشام فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سهمه فضرب له بسهمه فقال وأجري يا رسول الله قال وأجرك من يوم بدر".

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين عروة وطلحة. والثانية: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه.

ص: 19

قال أبو القاسم بن عساكر الحافظ في ترجمته: كان مع عمر لما قدم الجابية وجعله على المهاجرين وقال غيره: كانت يده شلاء مما وقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد

(1)

.

الصلت بن دينار:، عن أبي نضرة، عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله"

(2)

.

أخبرنيه الأبرقوهي، أنبأنا ابن أبي الجود، أنبأنا ابن الطلابة، أنبأنا عبد العزيز الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر المخلص حدثنا البغوي حدثنا داود بن رشيد حدثنا مكي حدثنا الصلت.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 161"، والبخاري "4063"، وابن ماجه "128"، والطبراني في "الكبير""192" من طريق وكيع، عن إسماعيل، عن قيس قال:"رأيت يد طلحة شلاء وقي بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد".

(2)

صحيح لغيره: أخرجه الطيالسي "1793"، والترمذي "3740"، وابن ماجه "125" من طريق الصلت بن دينار، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله".

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته الصلت بن دينار، فإنه متروك، وأخرجه الطبراني في "الكبير""215" من طريق سليمان بن أيوب، حدثني أبي، عن جدي، عن موسى، بن طلحة عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال: "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض ........... " الحديث.

قلت: إسناده ضعيف، فيه سليمان بن أيوب الطلحي الكوفي، صاحب مناكير، وقال أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يتابع عليها. وأبوه أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة، مجهول ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ 1/ 248" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وجده عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله لم أجد له ترجمة. وأخرجه ابن سعد "3/ 218"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 88" من طريق صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت:"إني لفي بيتي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالفناء، وبيني وبينهم الستر، أقبل طلحة بن عبيد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة".

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته صالح بن موسى، فإنه متروك، وأخرجه الحاكم "2/ 415 - 416" من طريق إسماعيل بن يحيى بن طلحة، عن عمه موسى بن طلحة قال: بينما عائشة بنت طلحة تقول لأمها أم كلثوم بنت أبي بكر: أبي خير من أبيك، فقالت عائشة أم المؤمنين: ألا أقضي بينكما إن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار. قالت: فمن يومئذ سمي عتيقا. ودخل طلحة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت يا طلحة ممن قضى نحبه". وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل إسحاق متروك، قاله أحمد".

قلت: وهو كذلك، فالإسناد ضعيف جدا، وله شاهد آخر مرسل صحيح عند ابن سعد "3/ 1/ 156" عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.

ص: 20

وفي "جامع أبي عيسى بإسناد حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: "أوجب طلحة"

(1)

.

قال بن أبي خالد: عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد شلاء أخرجه البخاري

(2)

.

وأخرج النسائي من حديث يحيى بن أيوب وآخر، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر قال لما كان يوم أحد وولى الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلًا منهم طلحة فأدركهم المشركون فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من للقوم? " قال طلحة أنا قال كما أنت فقال رجل أنا قال أنت فقاتل حتى قتل ثم التفت فإذا المشركون فقال من لهم قال طلحة أنا قال كما أنت فقال رجل من الأنصار أنا قال أنت فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة فقال من للقوم? قال طلحة أنا فقاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى قطعت أصابعه فقال حس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو قلت باسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون" ثم رد الله المشركين

(3)

. رواته ثقات.

أخبرنا أبو المعالي بن أبي عصرون الشافعي، أنبأنا عبد المعز بن محمد في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن علي

(1)

حسن: أخرجه ابن المبارك في "الجهاد""93"، وابن سعد "3/ 218"، وابن أبي شيبة "12/ 91"، وأحمد "1/ 165"، وفي الفضائل "1290"، والترمذي "1692"، "3738"، وفي "الشمائل""103"، وابن أبي عاصم "1397"، "1398"، والبزار "972"، وأبو يعلى "670"، والحاكم "3/ 373"، 374، 374" والبيهقي "6/ 370"، "9/ 46" والبغوي "3915" من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ: "أوجب طلحة"، حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع، يعني حين برك له طلحة، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره".

قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، وقد صرح بالتحديث فانتفت علة تدليسه.

(2)

صحيح: سبق تخريجنا له قبل قليل بتعليق رقم "54"، وهو عند أحمد "1/ 161"، والبخاري "4063"، وابن ماجه "128"، والطبراني في "الكبير""192" من حديث قيس. فراجعه ثَمَّ.

(3)

ضعيف: أخرجه النسائي "6/ 29 - 30" من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، به مرفوعا قلت: إسناده ضعيف آفته أبو الزبير المكي محمد بن مسلم بن تدرس المكي، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

ص: 21

التميمي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، وعبد الأعلى، قالا: حدثنا المعتمر سمعت أبي حدثنا أبو عثمان قال لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام التي كان يقاتل بها رسول الله غير طلحة وسعد، عن حديثهما.

أخرجه الشيخان، عن المقدمي

(1)

.

وبه إلى التميمي: حدثنا أبو كريب حدثنا يونس بن بكير، عن طلحة بن يحيى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاء يسأله عمن قضى نحبه من هو وكانوا لا يجترؤون على مسألته صلى الله عليه وسلم يوقرونه ويهابونه فسأله الأعرابي فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم إني اطلعت من باب المسجد - وعلي ثياب خضر - فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أين السائل عمن قضى نحبه"؟ قال الأعرابي أنا قال: "هذا ممن قضى نحبه"

(2)

.

وأخرجه الطيالسي في مسنده من حديث معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "طلحة ممن قضى نحبه"

(2)

.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله "اهدأ! فما عليك إلَّا نبي أو صديق أو شهيد"

(3)

.

سويد بن سعيد: حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة"

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3722"، "3723"، "4060"، "4061"، ومسلم "2414" من طرق عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان قال: فذكره.

(2)

صحيح لغيره: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "55"، وهو من حديث جابر، وليس من حديث معاوية. وهو عند الطيالسي "1793"، والحاكم "2/ 415 - 416"، وغيرهما فراجعه ثَمَّتَ

(3)

صحيح: أخرجه مسلم "2417"، والترمذي "3696" حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه به مرفوعا. وسبق لنا تخريج هذا الحديث مرارا في "منهاج السنة النبوية" لشيخ الإسلام ابن تيمية فراجعه ثَمَّ.

(4)

صحيح لغيره سبق تخريجنا له في تعليقنا رقم "55" من حديث جابر بن عبد الله، ومن حديث عائشة، وهو عند ابن سعد "3/ 218"، وأبي نعيم في "الحلية""1/ 88"، وغيرهما فراجعه ثَمَّ.

ص: 22

قال الترمذي: حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو عبد الرحمن نضر بن منصور حدثنا عقبة بن علقمة اليشكري سمعت عليًّا يوم الجمل يقول سمعت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "طلحة والزبير جاراي في الجنة"

(1)

.

وهكذا رواه: بن زيدان البجلي وأبو بكر الجارودي، عن الأشج وشذ أبو يعلى الموصلي فقال، عن نضر، عن أبيه، عن عقبة.

دحيم: حدثنا محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد، عن أبيه، عن سلمة بن الأكوع قال: ابتاع طلحة بئرًا بناحية الجبل ونحر جزورًا فأطعم الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت طلحة الفياض"

(2)

.

سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة: حدثني أبي، عن جدي، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: لما كان يوم أحد سماه النبي صلى الله عليه وسلم طلحة الخير. وفي غزوة ذي العشيرة طلحة الفياض ويوم خيبر طلحة الجود

(3)

.

إسناده لين.

(1)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3741"، والحاكم "3/ 364" من طريق أبي عبد الرحمن النضر بن منصور العنزي، عن عقبة بن علقمة اليشكري قال: سمعت علي بن أبي طالب قال: سمعتْ أذني من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قلت: أنى له الحسن، والإسناد ضعيف، آفته النضر بن منصور الذهلي، أبو عبد الرحمن الكوفي، كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

حسن لغيره: أخرجه الطبراني في "الكبير""7/ 6224" من طريق دحيم، حدثنا محمد بن طلحة التيمي. به. وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 148":"رواه الطبراني، وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم، وهو مجمع على ضعفه" وله شاهد عن موسى بن طلحة أن طلحة نحر جزورا وحفر بئرا يوم ذي قرد فأطعمهم وسقاهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا طلحة الفياض"، فسمي طلحة الفياض. رواه الطبراني في "الكبير""198"، وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد وثق على ضعفه كما قال الهيثمي "9/ 148".

قلت: إسناده ضعيف، إسحاق بن يحيى، ضعيف، كما قال الحافظ في "التقريب"، فالحديث يرتقي به إلى درجة الحسن.

(3)

ضعيف: أخرجه الحاكم " 3/ 374"، والطبراني في "الكبير""197"، "218" من طريق سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله حدثني أبي، به، وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 147 - 148"، وقال:"رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم، وسليمان بن أيوب الطلحي وثق وضعف".

قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل، الأولى: سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة، صاحب مناكير، وقال أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يُتابع عليها.

الثانية: أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة، مجهول، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ 1/ 248"، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

الثالثة: عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، لم أجد له ترجمة.

ص: 23

قال مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قال صحبت طلحة فما رأيت أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه

(1)

.

أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى، حدثني أبي، عن جدي، عن موسى، عن أبيه أنه أتاه مال من حضرموت سبع مائة ألف فبات ليلته يتململ فقالت له زوجته مالك? قال تفكرت منذ الليلة فقلت ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته? قالت فأين أنت، عن بعض أخلائك فإذا أصبحت فادع بجفان وقصاع فقسمه فقال لها رحمك الله إنك موفقة بنت موفق وهي أم كلثوم بنت الصديق فلما أصبح دعا بجفان فقسمها بين المهاجرين والأنصار فبعث إلى علي منها بجفنة فقالت له زوجته أبا محمد أما كان لنا في هذا المال من نصيب? قال فأين كنت منذ اليوم? فشأنك بما بقي قالت فكانت صرة فيها نحو ألف درهم

(2)

.

أخبرنا المسلم بن علان، وجماعة كتابة قالوا، أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا هبة الله بن الحصين، أنبأنا ابن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي حدثنا إبراهيم الحربي حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا محمد بن يعلى حدثنا الحسن بن دينار، عن علي بن زيد قال جاء أعرابي إلى طلحة يسأله فتقرب إليه برحم فقال إن هذه لرحم ما سألني بها أحد قبلك إن لي أرضًا قد أعطاني بها عثمان ثلاث مائة ألف فاقبضها وإن شئت بعتها من عثمان ودفعت إليك الثمن فقال الثمن فأعطاه.

الكديمي: حدثنا الأصمعي، حدثنا بن عمران قاضي المدينة أن طلحة فدى عشرة من أسارى بدر بماله وسئل مرة برحم فقال قد بعت لي حائطًا بسبع مئة ألف وأنا فيه بالخيار فإن شئت خذه وإن شئت ثمنه.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 221"، والطبراني في "الكبير""194"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 88" من طريق مجالد بن سعيد، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 147"، وقال: وإسناده حسن "! ".

قلت: أنى له الحسن، وإسناده، آفته مجالد بن سعيد، وهو ضعيف.

(2)

ضعيف: فيه الثلاث علل التي ذكرناها في التعليق قبل السابق رقم "65" سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى، صاحب مناكير، وأبوه أيوب بن سليمان مجهول، وعيسى بن موسى بن طلحة، لم أجد له ترجمة.

ص: 24

إسناده منقطع مع ضعف الكديمي

(1)

.

قال ابن سعد: أنبأنا سعيد بن منصور حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة وأم إسحاق بنتي طلحة قالتا: جرح أبونا يوم أحد أربعًا وعشرين جراحة وقع منها في رأسه شجة مربعة وقطع نساه- يعني العرق - وشلت أصبعه وكان سائر الجراح في جسده وغلبه الغشي ورسول الله صلى الله عليه وسلم مكسورة رباعيته مشجوج في وجهه قد علاه الغشي وطلحة محتمله يرجع به القهقرى كلما أدركه أحد من المشركين قاتل دونه حتى أسنده إلى الشعب

(2)

.

ابن عيينة، عن طلحة بن يحيى، حدثتني جدتي سعدى بنت عوف المرية، قالت: دخلت على طلحة يومًا وهو خاثر

(3)

فقلت: ما لك? لعل رابك من أهلك شيء? قال: لا والله ونعم حليلة المسلم أنت، ولكن مال عندي قد غمني. فقلت: ما يغمك? عليك بقومك. قال: يا غلام! ادع لي قومي فقسمه فيهم فسألت الخازن: كم أعطى? قال: أربعمائة ألف.

هشام وعوف، عن الحسن البصري أن طلحة بن عبد الله باع أرضًا له بسبع مائة ألف فبات أرقًا من مخافة ذلك المال حتى أصبح ففرقه.

محمد بن سعد حدثنا محمد بن عمر حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: كان طلحة يغل بالعراق أربع مئة ألف ويغل بالسراة

(4)

عشرة آلاف دينار، أو أقل أو أكثر، وبالأعراض

(5)

له غلات وكان لا يدع أحدًا من بني تيم عائلًا إلَّا كفاه، وقضى

(1)

الكديمي: هو محمد بن يونس بن موسى الكديمي البصري، أحد المتروكين.

قال ابن عدي: قد اتهم الكديمي بالوضع، وقال ابن حبان: لعله قد وضع أكثر من ألف حديث، وقال أبو عبيد الآجري: رأيت أبا داود يطلق في الكديمي الكذب، وسئل عنه الدارقطني فقال: يتهم بوضع الحديث.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 217 - 218" وفيه صالح بن موسى، وهو متروك.

(3)

خاثر: أي: ثقيل النفس غير طيب ولا نشيط.

(4)

السراة: سراة كل شيء: ظهره وأعلاه. ومنه الحديث: "ليس للنساء سروات الطرق" أي: لا يتوسطنها، ولكن يمشين في الجوانب.

(5)

الأعراض: أعراض المدينة هي قراها التي في أوديتها، وقال شمر: أعراض المدينة: بطون سوادها حيث الزروع والنخل، كما في "معجم البلدان" لياقوت.

ص: 25

دينه ولقد كان يرسل إلى عائشة إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف ولقد قضى، عن فلان التيمي ثلاثين ألفًا

(1)

.

قال الزبير بن بكار: حدثني عثمان بن عبد الرحمن أن طلحة بن عبيد الله قضى، عن عبيد الله بن معمر وعبد الله بن عامر بن كريز ثمانين ألف درهم.

قال الحميدي: حدثنا بن عيينة حدثنا عمرو بن دينار أخبرني مولى لطلحة قال كانت غلة طلحة كل يوم ألف وافٍ

(2)

.

قال الواقدي: حدثنا إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة أن معاوية سأله كم ترك أبو محمد من العين قال ترك ألفي ألف درهم ومائتي ألف درهم ومن الذهب مائتي ألف دينار فقال معاوية عاش حميدًا سخيًّا شريفًا وقتل فقيدًا رحمه الله

(3)

.

وأنشد الرياشي لرجل من قريش:

أيا سائلي، عن خيار العباد

صادفت ذا العلم والخبره

خيار العباد جميعًا قريش

وخير قريش ذوو الهجره

وخير ذوي الهجرة السابقون

ثمانية وحدهم نصره

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 221"، وفي إسناده محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم الواقدي المدني، قال البخاري وأبو حاتم: متروك، وقال أبو حاتم أيضا والنسائي: يضع الحديث.

وقال أحمد بن حنبل: هو كذاب يقلب الأحاديث، وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه. وقال ابن راهويه: هو عندي ممن يضع الحديث واستقر الإجماع على وهن الواقدي.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 220"، والطبراني في "الكبير""196"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 88" من طرق عن سفيان بن عيينة، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 148"، وقال:"رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل".

قلت: قد سمع عمرو بن دينار من كثير من موالي الصحابة الكبار، فما الذي يمنع سماعه من مولى طلحة، والإسناد متصل إلى عمرو بن دينار، وإخاله قد سمع من مولى طلحة، فالأثر صحيح إن شاء الله، والوافي: درهم وأربعة دوانيق، قال شمر: بلغني عن ابن عيينة أنه قال الوافي درهم ودانقان.

وقال غيره: هو الذي وفى مثقالا. وقيل: درهم واف وفى بزنته لا زيادة فيه ولا نقص.

(3)

ضعيف جدا في إسناده محمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي، متروك، والخبر عند ابن سعد "3/ 221" ووقع في الأصل:"وقتل فقيرا" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه وهو ما يقتضيه السياق.

ص: 26

علي وعثمان ثم الزبير

طلحة واثنان من زهره

وبران قد جاورا أحمدًا

وجاور قبرههما قبره

فمن كان بعدهم فاخرًا

فلا يذكرن بعدهم فخره

يحيى بن معين: حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن مصعب أخبرني موسى بن عقبة سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان عرجوا، عن منصرفهم بذات عرق فاستصغروا عروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما قال ورأيت طلحة وأحب المجالس إليه أخلاها وهو ضارب بلحيته على زوره فقلت يا أبا محمد! إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها إن كنت تكره هذا الأمر فدعه فقال يا علقمة! لا تلمني كنا أمس يدًا واحدة على من سوانا فأصبحنا اليوم جبلين من حديد يزحف أحدنا إلى صاحبه ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان مما لا أرى كفارته إلَّا سفك دمي وطلب دمه

(1)

.

قلت: الذي كان منه في حق عثمان تمغفل وتأليب فعله باجتهاد ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان فندم على ترك نصرته رضي الله عنهما وكان طلحة أول من بايع عليًّا أرهقه قتله عثمان وأحضروه حتى بايع.

قال البخاري: حدثنا موسى بن أعين حدثنا أبو عوانة، عن حصين في حديث عمرو بن جاوان قال التقى القوم يوم الجمل فقام كعب بن سور معه المصحف فنشره بين الفريقين وناشدهم الله والإسلام في دمائهم فما زال حتى قتل وكان طلحة من أول قتيل وذهب الزبير ليلحق ببنيه فقتل.

يحيى القطان، عن عوف، حدثني أبو رجاء قال رأيت طلحة على دابته وهو يقول: أيها الناس أنصتوا فجعلوا يركبونه ولا ينصتون فقال أف! فراش النار وذباب طمع.

قال بن سعد: أخبرني من سمع إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر قال: قال

(1)

حسن أخرجه الحاكم "3/ 371 - 372" من طريق يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف، به وسكت الحاكم عنه، وقال الذهبي في "التلخيص":"قلت: سنده جيد".

قلت: إسناده حسن، عبد الله بن مصعب هو ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "2/ 2/ 178" وقال: قال أبي: "هو شيخ بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد".

ص: 27

طلحة: إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى

(1)

.

وكيع: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في ركبته فما زال ينسح حتى مات

(2)

.

رواه جماعة عنه، ولفظ عبد الحميد بن صالح عنه هذا أعان على عثمان ولا أطلب بثأري بعد اليوم

(3)

.

قلت: قاتل طلحة في الوزر، بمنزلة قاتل علي.

قال خليفة بن خياط: حدثنا من سمع جويريه بن أسماء، عن يحيى بن سعيد، عن عمه أن مروان رمى طلحة بسهم فقتله ثم التفت إلى أبان فقال قد كفيناك بعض قتلة أبيك

(4)

.

هشيم، عن مجالد، عن الشعبي قال: رأى علي طلحة في واد ملقى، فنزل فمسح التراب، عن وجهه وقال عزيز عليَّ أبا محمد بأن أراك مجدلًا في الأودية تحت نجوم السماء إلى الله أشكو عجري وبجري قال الأصمعي معناه سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي

(5)

.

عبد الله بن إدريس: عن ليث، عن طلحة بن مصرف أن عليًّا انتهى إلى طلحة وقد مات،

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 222" وإسناده ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن سعد، وإسماعيل ابن أبي خالد.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 223"، والحاكم "3/ 370"، والطبراني في "الكبير""201" من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد به. وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 150"، وقال: رواه الطبراني، ورجاله "رجال الصحيح" وأخرجه يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم قال: فذكره. كما في "الإصابة" ترجمة رقم "2/ 4266".

(3)

صحيح: أورده خليفة بن خياط في "تاريخه""ص 181" من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الجارود، عن أبي سبرة قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل، فقال:"لا أطلب بثأري بعد اليوم، فرماه بسهم فقتله" وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود، به. كما ذكره الحافظ في "الإصابة""2/ ترجمة 4266".

(4)

ذكره خليفة بن خياط في "تاريخه""ص 181"، والحاكم "3/ 371" من طريق جويرية بن أسماء، به.

(5)

ضعيف: في إسناده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف.

ص: 28

فنزل، عن دابته وأجلسه ومسح الغبار، عن وجهه ولحيته وهو يترحم عليه وقال ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة. مرسل

(1)

.

وروى زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله من الأنصار، عن أبيه أن عليًا قال بشروا قاتل طلحة بالنار.

أخبرنا ابن أبي عصرون، عن أبي روح، أنبأنا تميم حدثنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى حدثنا عمرو الناقد حدثنا الخضر بن محمد الحراني حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن مالك بن أبي عامر قال جاء رجل إلى طلحة فقال أرأيتك هذا اليماني هو أعلم بحديث رسول الله منكم -يعني أبا هريرة- نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم قال أما أن قد سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع فلا أشك وسأخبرك أنا كنا أهل بيوت وكنا إنما نأتي رسول الله غدوة وعشية وكان مسكينًا لا مال له إنما هو على باب رسول الله فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع وهل تجد أحدًا فيه خير يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل؟

(2)

.

وروى مجالد، عن الشعبي، عن جابر أنه سمع عمر يقول لطلحة ما لي أراك شعثت واغبررت مذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم? لعله أن ما بك إمارة بن عمك -يعني أبا بكر- قال معاذ الله إني سمعته يقول:"إني لأعلم كلمة لا يقولها رجل يحضره الموت إلَّا وجد روحه لها روحًا حين تخرج من جسده وكانت له نورًا يوم القيامة" فلم أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ولم يخبرني بها فذاك الذي دخلني قال عمر فأنا أعلمها قال فلله الحمد فما هي?

قال: الكلمة التي قالها لعمه قال صدقت

(3)

.

(1)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 372 - 373" من طريق ليث، عن طلحة بن مصرف، به. قلت: إسناده ضعيف فيه ليث، وهو ابن أبي سليم، ضعيف، لسوء حفظه، وفيه الانقطاع بين طلحة بن مصرف، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه لم يدركه، وهو عند الحاكم "3/ 372"، والطبراني في "الكبير""202".

(2)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3837" من طريق محمد بن سلم الحراني، عن محمد بن إسحاق، به. وإسناده ضعيف، آفته محمد بن إسحاق، مدلس، وقد عنعنه.

(3)

صحيح لغيره: مجالد هو ابن سعيد، ضعيف، وقد صح الحديث فقد أخرجه أحمد "1/ 161"، وأبو يعلى "655"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""1099" والبيهقي في "الأسماء والصفات""ص 98" من طرق عن مطرف، عن عامر الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه قال: رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلا، فقال: مالك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك إمْرَة ابن عمك يا أبا فلان؟ قال: لا، إلا أني سمعت من=

ص: 29

أبو معاوية، وغيره: حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حبيبة، مولى لطلحة، قال: دخلت على علي مع عمران بن طلحة بعد وقعة الجمل فرحب به وأدناه ثم قال إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك ممن قال فيهم {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر 47] فقال رجلان جالسان أحدهما الحارث الأعور الله أعدل من ذلك أن يقبلهم ويكونوا إخواننا في الجنة قال قومًا أبعد أرض وأسحقها فمن هو إذا لم أكن أنا وطلحة! يابن أخي إذا كانت لك حاجة فائتنا.

وعن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد رأيتني يوم أحد وما قربي أحد غير جبريل، عن يميني وطلحة، عن يساري" فقيل في ذلك:

وطلحة يوم الشعب آسى محمدًا

لدى ساعة ضاقت عليه وسدت

وقاه بكفيه الرماح فقطعت

أصابعه تحت الرماح فشلت

وكان إمام الناس بعد محمد

أقر رحا الإسلام حتى استقرت

(1)

وعن طلحة قال: عقرت يوم أحد في جميع جسدي، حتى في ذكري.

قال ابن سعد حدثنا محمد بن عمر، حدثني إسحاق بن يحيى، عن جدته سعدى بنت عوف قالت قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف درهم ومائتا ألف درهم وقومت أصوله وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم

(2)

.

= رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول:"إني لأعلم كلمة، لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونفس الله عنه كربته". قال: فقال عمر: إني لأعلم ما هي. قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت، لا إله إلا الله؟ قال طلحة: صدقت، هي -والله- هي"، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" "1101"، وابن ماجه "3795"، وابن حبان "205" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سعدى المرية زوج طلحة بن عبيد الله، قالت: مر عمر بن الخطاب بطلحة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مالك مكتئبا، أساءتك إمرة ابن عمك؟

" فذكره.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 378" من طريق صالح بن موسى الطلحي، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، به مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته صالح بن موسى بن إسحاق بن طلحة التيمي، الكوفي متروك، كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

ضعيف جدا: هو في "الطبقات""3/ 222"، وآفته إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، قال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: يتكلمون في حفظه

ص: 30

أعجب ما مر بي قول ابن الجوزي في كلام له على حديث قال: وقد خلف طلحة ثلاث مائة حمل من الذهب.

وروى سعيد بن عامر الضبعي، عن المثنى بن سعيد قال: أتى رجل عائشة بنت طلحة فقال رأيت طلحة في المنام فقال قل لعائشة تحولني من هذا المكان! فإن النزَّ قد آذاني فركبت في حشمها فضربوا عليه بناء واستثاروه قال فلم يتغير منه إلَّا شعيرات في إحدى شقي لحيته أو قال رأسه وكان بينهما بضع وثلاثون سنة.

وحكى المسعودي أن عائشة بنته هي التي رأت المنام.

وكان قتله في سنة ست وثلاثين في جمادى الآخرة، وقيل: في رجب، وهو ابن اثنتين وستين سنة أو نحوها وقبره بظاهر البصرة

(1)

.

قال يحيى بن بكير، وخليفة بن خياط، وأبو نصر الكلاباذي: إن الذي قتل طلحة، مروان بن الحكم.

ولطلحة أولاد نجباء، أفضلهم محمد السجاد كان شابًا، خيرًا، عابدًا، قانتًا لله. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم الجمل أيضًا، فحزن عليه علي وقال: صرعه بره بأبيه.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير""199" من طريق الواقدي قال حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمه عيسى بن طلحة قال: كان طلحة يوم قتل ابن اثنين وستين سنة، قال الواقدي: وقتل يوم الجمل في جمادى سنة ست وثلاثين.

قال الواقدي: وحدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي قال: قتل طلحة وهو ابن أربع وستين، ودفن بالبصرة في ناحية ثقيف، وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 150": في إسنادهما الواقدي، وهو ضعيف.

قلت: آفته الواقدي، وهو متروك فالإسناد به ضعيف جدا.

ص: 31

‌8 - الزبير بن العوام

(2)

: " ع"

ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.

حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية بنت عد المطلب وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى وأول من سل سيفه في سبيل الله أبو عبد الله رضي الله عنه أسلم وهو حدث له ست عشرة سنة.

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 100"، والمصنف لابن أبي شيبة "13/ رقم 15781"، وطبقات خليفة بن خياط "13، 189، 291"، ومسند أحمد "1/ 164 - 167"، وفضائل الصحابة "2/ 732" وتاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة رقم 1359" وتاريخ الصغير "1/ 75"، والحلية لأبي نعيم "1/ 89 - 92"، والاستيعاب "2/ 510"، وصفوة الصفوة "1/ 132"، وتهذيب الأسماء واللغات "1/ 194 - 196"، وتهذيب الكمال "9/ ترجمة رقم 1971"، وتهذيب التهذيب "3/ ترجمة رقم: 592" والجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 2627"، وتجريد أسماء الصحابة "1/ 188"، وأسد الغابة "2/ 196"، والإصابة "1/ ترجمة رقم 2789".

ص: 31

وروى الليث، عن أبي الأسود، عن عروة قال أسلم الزبير ابن ثمان سنين ونفحت نفحة من الشيطان أن رسول الله أخذ بأعلى مكة فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة بيده السيف فمن رآه عجب وقال: الغلام معه السيف حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لك يا زبير"؟ فأخبره وقال أتيت أضرب بسيفي من أخذك

(1)

.

وقد ورد أن الزبير كان رجلًا طويلًا

(2)

إذا ركب خطت رجلاه الأرض وكان خفيف اللحية والعارضين

(2)

. روى أحاديث يسيرة.

حدث عنه بنوه: عبد الله ومصعب، وعروة، وجعفر، ومالك بن أوس بن الحدثان، والأحنف بن قيس وعبد الله بن عامر بن كريز ومسلم بن جندب وأبو حكيم مولاه وآخرون.

اتفقا له على حديثين وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث ومسلم بحديث

(3)

.

أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة -إذنًا- قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا

(1)

صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 360 - 361" من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، به. قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء حفظه.

وأخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 89" من طريق حماد بن أسامة، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: فذكره.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

(2)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""223" من طريق عبد الله بن محمد يحيى بن عروة بن الزبير قال: "كان الزبير بن العوام رضي الله عنه أبيض طويلا محففا خفيف العارضين".

قلت: إسناده واه بمرة، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث، وأخرج الطبراني في "الكبير""224" من طريق أبي غزية، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة، عن أبيه قال:"كان الزبير بن العوام رضي الله عنه طويلا يخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة أشعر، وربما أخذت بشعر كتفيه" وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 150"، وقال:"وفيه أبو غزية ضعفه الجمهور ووثقه الحاكم".

(3)

ذكر المؤلف هذه الأحاديث في أثناء ترجمته، وسيأتي تخريجنا لها.

ص: 32

ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي وأنبأنا محمد بن عبد السلام، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد الطبيب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى حدثنا زهير قالا حدثنا عبد الرحمن حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر ولفظ أبي يعلى سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال قلت لأبي مالك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه فلان وفلان قال ما فارقته منذ أسلمت ولكن سمعت منه كلمة سمعته يقول:"من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" لم يقل أبو يعلى متعمدًا

(1)

.

أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف، أنبأنا عبد الحق اليوسفي، أنبأنا علي بن محمد، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ حدثنا عبد الباقي بن قانع حدثنا أحمد بن علي بن مسلم حدثنا أبو الوليد وحدثنا بشر حدثنا عمرو بن حكام قالا حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه قال قلت لأبي ما لك لا تحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث بن مسعود? قال أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكن سمعته يقول:"من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".

رواه خالد بن عبد الله الطحان، عن بيان بن بشر، عن وبرة، عن عامر بن عبد الله نحوه أخرج طريق شعبة البخاري وأبو داود والنسائي والقزويني

(2)

.

قال إسحاق بن يحيى: عن موسى بن طلحة قال كان علي والزبير وطلحة وسعد عذار عام واحد يعني ولدوا في سنة.

وقال المدائني كان طلحة والزبير وعلي أترابًا.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: وهو حديث متواتر.

أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 760"، والطيالسي "191"، وأحمد "1/ 166 - 167" والبخاري "107"، والنسائي في الكبرى" "5912"، وابن ماجه "36" والبزار "970" من طريق عن شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: قلت لأبي "الزبير بن العوام" رضي الله عنه ما لك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما فارقته منذ أسلمت ولكني سمعت منه كلمة سمعته يقول: "من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار".

وأخرجه أبو داود "3651"، والبزار "971"، وأبو يعلى "674" من طريق وبرة بن عبد الرحمن، عن عامر بن عبد الله، به.

وأخرجه الدارمي "233" من طريق عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير، به.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: وهو حديث صحيح متواتر. وراجع تخريجنا السابق.

ص: 33

وقال يتيم عروة

(1)

هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة وكان عمه يعلقه ويدخن عليه وهو يقول لا أرجع إلى الكفر أبدًا

(2)

.

قال عروة: جاء الزبير بسيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ما لك"؟ قال أخبرت أنك أخذت قال:"فكنت صانعًا ماذا"؟ قال كنت أضرب به من أخذك فدعا له ولسيفه.

وروى: هشام، عن أبيه عروة أن الزبير كان طويلًا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة أشعر وكانت أمه صفية تضربه ضربًا شديدًا وهو يتيم فقيل لها قتلته أهلكته قالت:

إنما أضربه لكي يدب

ويجر الجيش ذا الجلب

(3)

قال: وكسر يد غلام ذات يوم فجيء بالغلام إلى صفية فقيل لها ذلك فقالت:

كيف وجدت زبرًا

(4)

أأقطًا

(5)

أم تمرًا

أم مشمعلًا

(6)

صقرا

قال ابن إسحاق وأسلم على ما بلغني على يد أبي بكر الزبير وعثمان وطلحة وعبد الرحمن وسعد.

وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال قاتل الزبير مع نبي الله وله سبع عشرة.

(1)

هو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل القرشي، أبو الأسود المدني، يتيم عروة، قدم مصر سنة ست وثلاثين ومائة فيما ذكر عبد الله بن لهيعة، وكان جده الأسود من مهاجرة الحبشة، وممن مات بها، وكان أبوه أوصى به إلى عروة بن الزبير فقيل له: يتيم عروة لذلك.

(2)

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير""239" من طريق عبد الله بن وهب، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود قال: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة، وكان عم الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار وهو يقول: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير لا أكفر أبدا.

قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي الأسود، والزبير بن العوام، لكن قد وصله الحاكم "3/ 360" فرواه عن بكير، حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين وهاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة ........... " فذكره.

قلت: ورجاله ثقات، والإسناد صحيح.

(3)

ورد الشطر الأول في "الإصابة" ترجمة الزبير بن العوام رقم "2789""ويهزم الجيش ويأتي بالسلب"،

(4)

وقع في "الإصابة"، وفي "لسان العرب" مادة "شمعل":"كيف رأيت زبرا" بالزاي وليس بالواو كما وقع بالأصل، "وبرا" فأثبتناه بالزاي كما في "الإصابة" واللسان.

(5)

الأقط: لبن مجفف يابس مستحجر يُطبخ به.

(6)

المشمعل: السريع يكون في الناس والإبل.

ص: 34

أسد بن موسى، حدثنا جامع أبو سلمة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن البهي قال كان يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسان الزبير على فرس على الميمنة والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة

(1)

.

وقال هشام بن عروة: عن أبيه قال كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزل جبريل على سيماء الزبير

(2)

.

الزبير بن بكار، عن عقبة بن مكرم حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر قال كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء فنزلت الملائكة كذلك

(3)

.

وفيه يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير:

جدي ابن عمة أحمد ووزيره

عند البلاء وفارس الشقراء

وغداة بدر كان أول فارس

شهد الوغى في اللامة الصفراء

نزلت بسيماه الملائك نصرةً

بالحوض يوم تألب الأعداء

وهو ممن هاجر إلى الحبشة فيما نقله موسى بن عقبة وابن إسحاق ولم يُطِل الإقامة بها.

(1)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""231" من طريق أسد بن موسى، به. وهو ضعيف لإرساله.

(2)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""230" من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، عن عروة، به، وهو ضعيف لإرساله.

(3)

صحيح: هذا إسناد ضعيف جدا، فيه علتان: سعد بن طريف الإسكاف الحنظلي الكوفي، متروك كما قال النسائي والدارقطني. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث. والعلة الثانية الإرسال، محمد بن علي بن الحسين، أبو جعفر الباقر، من الطبقة الرابعة لم يلق الزبير، فالإسناد منقطع، وأخرجه الطبراني في "الكبير""230" من طريق أسد بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، عن عروة قال:"نزل جبريل صلى الله عليه وسلم يوم بدر على سيماء الزبير بن العوام وهو معتجر بعمامة صفراء". وأورده الهيثمي في "المجمع""6/ 83"، وقال: وهو مرسل صحيح الإسناد، وأخرجه الحاكم "3/ 361" من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن هشام بن عروة، عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: فذكره.

قلت: وهو مرسل، فالإسناد ضعيف.

وأخرجه ابن سعد "3/ 102 - 103" من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن الزبير، به.

والإسناد واه بمرة، آفته موسى بن محمد بن إبراهيم، فإنه منكر الحديث، وأخرج ابن سعد من طريق وكيع، عن هشام بن عروة، عن رجل من ولد الزبير، وقال مرة: عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير.

وقال مرة: عن حمزة بن عبد الله قال: كان على الزبير. فالأثر صحيح بمجموع هذا المراسيل إن شاء الله.

ص: 35

أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه قالت عائشة يابن أختي كان أبواك -يعني الزبير وأبا بكر- من {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران 172].

لما انصرف المشركون من أحد وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ما أصابهم خاف أن يرجعوا فقال: "من ينتدب لهؤلاء في آثارهم حتى يعلموا أن بنا قوةً"؟ فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين فخرجوا في آثار المشركين فسمعوا بهم فانصرفوا قال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء} [آل عمران 174] لم يلقوا عدوًّا

(1)

.

وقال البخاري ومسلم: جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: "من يأتينا بخبر بني قريظة"؟ فقال الزبير: أنا فذهب على فرس فجاء بخبرهم ثم قال الثانية فقال الزبير أنا فذهب ثم الثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي حواري وحواري الزبير" رواه جماعة، عن ابن المنكدر عنه

(2)

.

وروى جماعة، عن هشام، عن أبيه، عن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي حواريًّا وإن حواري الزبير"

(3)

.

أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي"

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4077"، ومسلم "2418"، والحميدي "263" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنهما:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172]، قالت لعروة: يابن أختي: كان أبواك منهم، الزبير وأبو بكر. لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا، قال: من يذهب في إثراهم؟ فانتدب منهم سبعون رجلا قال: كان فيهم أبو بكر والزبير". واللفظ للبخاري، ووقع عند مسلم والحميدي مختصرا.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 314"، وابن أبي شيبة "12/ 92"، ومسلم "2415"، والنسائي في "الفضائل""107، 108" من طريق هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق فذكره، وأخرجه أحمد "3/ 307، 338، 365"، وفي "الفضائل""1264"، والبخاري "2846، 2847"، "2997"، "3719"، "7261"، ومسلم "2415"، والترمذي "3745"، والنسائي في "الفضائل""107" وابن ماجه "122"، وأبو عوانة "4/ 301" من طريق عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، به.

(3)

صحيح: راجع تخريجنا السابق.

(4)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 314"، وابن أبي شيبة "12/ 92"، والنسائي في "الكبرى""8212" من طريق أبي معاوية به.

ص: 36

يونس بن بكير، عن هشام، عن أبيه، عن الزبير قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال:"لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي"

(1)

.

وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة، عن عاصم، عن زر قال: استأذن بن جرموز على علي وأنا عنده فقال علي: بشر قاتل بن صفية بالنار سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لكل نبي حواري وحواري الزبير" تابعه شيبان وحماد بن سلمة

(2)

.

وروى جرير الضبي، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: استأذن قاتل الزبير فذكره.

وروى يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"وحواري من الرجال الزبير ومن النساء عائشة"

(3)

.

ابن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه سمع رجلًا يقول: يابن حواري رسول الله! فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير وإلا فلا

(4)

.

رواه ثقتان عنه والحواري: الناصر، وقال مصعب الزبيري: الحواري: الخالص من كل شيء وقال الكلبي الحواري الخليل.

هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزبير، عن أبيه قال: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه

(5)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 105"، والحاكم "3/ 362" من طريق يونس بن بكير، به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 105"، وأحمد "1/ 89، 102، 103"، وابن أبي شيبة "12/ 93"، وابن أبي عاصم "1389"، والطيالسي "163"، والبزار "556"، و"559"، والطبراني في الكبير" "228"، "243"، من طريق عاصم بن بهدلة. عن زر بن حبيش قال: فذكره.

قلت: إسناده حسن، عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النجود، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وابن صفية: هو الزبير بن العوام، أمة صفية بنت عبد المطلب عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(3)

ضعيف: لإرساله فقد أرسله مرثد بن عبد الله اليزني، أبو الخير المصري، فهو وإن كان ثقة إلا أنه من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين.

(4)

أخرجه الطبراني في "الكبير""225" من طريق سعيد بن أبي عروبة به،

وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 151" وقال: رواه البزار ورجاله ثقات ولم ينسبه إلى الطبراني.

(5)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 164"، ابن ماجه "123"، والنسائي في "اليوم والليلة""200" وأبو يعلى "672" من طريق أبي معاوية، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، به، قوله:"جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه"، أي قال له: فداك أبي وأمي.

ص: 37

أخبرنا ابن أبي عصرون، أنبأنا أبو روح، أنبأنا تميم المقرئ، أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن ابن الزبير قال له: يا أبة! قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق قال يا بني رأيتني? قال نعم قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ليجمع لأبيك أبويه يقول: "ارم فداك أبي وأمي"

(1)

.

أحمد في "مسنده": حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه نساء النبي صلى الله عليه وسلم أطم حسان فكان عمر يرفعني وأرفعه فإذا رفعني عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة فيقاتلهم

(2)

.

الرياشي حدثنا الأصمعي حدثنا بن أبي الزناد قال ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره فقطعه إلى القربوس

(3)

فقالوا ما أجود سيفك! فغضب الزبير يريد أن العمل ليده لا للسيف.

أبو خيثمة: حدثنا محمد بن الحسن المديني حدثتني أم عروة بنت جعفر، عن أختها عائشة، عن أبيها، عن جدها الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة فدخل الزبير مكة بلواءين

(4)

.

(1)

راجع تخريجنا لحديث التالي.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 164"، ومسلم "2416" من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، به.

وأخرجه ابن سعد "3/ 106"، ومسلم "2416"، والترمذي "3743"، والبزار "966"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""201" وأبو يعلى "673"، من طرق عن هشام بن عروة به. وتمام الحديث. " .... من يأتي بني قريظة فيقاتلهم؟ فقلت له حين رجع: يا أبة، إن كنت لأعرفك حين تمر ذاهبا إلى بني قريظة، فقال: يا بني. أما الله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجمع لي أبويه جميعا يتفداني بهما قول: "فداك أبي وأمي"، واللفظ لأحمد.

(3)

القربوس: مقدم ومؤخر السرج، والقربوس المقدم رجلا السرج، والقربوس الآخر فيه رجلا المؤخرة، وهما حنواه.

(4)

ضعيف جدا: آفته محمد بن الحسن المديني: وهو ابن زبالة المخزومي.

قال أبو داود: كذاب. وقال يحيى: ليس بثقة. وقال النسائي والأزدي: متروك.

وقال أبو حاتم: واهي الحديث. وقال الدارقطني وغيره: منكر الحديث. وأورده الهيثمي في "المجمع""6/ 169" وقال: "رواه أبو يعلى، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة، وهو ضعيف جدا".

ص: 38

وعن أسماء قالت: عندي للزبير ساعدان من ديباج، كان النبي صلى الله عليه وسلم، أعطاهما إياه، فقاتل فيهما. رواه أحمد في "مسند" من طريق ابن لهيعة

(1)

.

علي بن حرب: حدثنا بن وهب، عن ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير يلمق

(2)

حرير محشو بالقز يقاتل فيه.

وروى يحيى بن يحيى الغساني، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال قال الزبير ما تخلفت، عن غزوة غزاها المسلمون إلَّا أن أقبل فألقى ناسًا يعقبون.

وعن الثوري قال: هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة وعلي والزبير.

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد أخبرني من رأى الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي.

معمر، عن هشام، عن عروة قال كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف إحداهن في عاتقه إن كنت لأدخل أصابعي فيها ضرب اثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك.

قال عروة قال عبد الملك بن مروان حين قتل ابن الزبير يا عروة! هل تعرف سيف الزبير? قلت نعم قال فما فيه? قلت فلة فلها يوم بدر فاستله فرآها فيه فقال:

بهن فلول من قراع الكتائب

(3)

(1)

حسن: أخرجه أحمد "6/ 352" من طريق معمر، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد المصري، قال سمعت عبد الله مولى أسماء يحدث أنه سمع أسماء بنت أبي بكر تقول:"عندي للزبير ساعدان من ديباج كان النبي صلى الله عليه وسلم "أعطاهما إياه يقاتل فيهما".

قلت: إسناده، فيه عبد الله بن لهيعة، صدوق، وقد روى عنه عبد الله بن المبارك، وقد روى عنه قبل احتراق كتبه.

(2)

اليلمق: القباء المحشو، وجمعة يلامق، وهو فارسي معرب، وهو بالفارسية يلمه.

(3)

هذا شطر بيت للنابغة الذبياني من بايئته المشهورة وأول البيت:

"ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم"

وأول القصيدة:

كليني لهم يا أميمة ناصب

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

يقول فيها:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

بهن فلول من قراع الكتائب

وهو من المدح في معرض الذم؛ لأن الفل في السيف نقص حسي، لكنه لما كان دليلا على قوة ساعد صاحبه كان من جملة كماله.

ص: 39

ثم أغمده ورده عليّ فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف فأخذه بعضنا ولوددت أني كنت أخذته

(1)

.

يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء فتحرك فقال:"اسكن حراء! فما عليك إلَّا نبي أو صديق أو شهيد" وكان عليه أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير

(2)

. الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا وذكر منهم عليًّا.

وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة ومر في ترجمة طلحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طلحة والزبير جاراي في الجنة"

(3)

.

أبو جعفر الرازي، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر: إنهم يقولون استخلف علينا فإن حدث بي حدث فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ثم سماهم.

أحمد في مسنده حدثنا زكريا بن عدي حدثنا علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن مروان ولا إخاله متهمًا علينا قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف حتى تخلف، عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش فقال: استخلف قال: وقالوه? قال: نعم قال: من هو? فسكت قال: ثم دخل عليه رجل آخر فقال له مثل ذلك ورد عليه نحو ذلك. قال: فقال عثمان قالوا الزبير? قالوا: نعم قال: أما والذي نفسي بيده إن كان لأخيرهم ما علمت وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

رواه أبو مروان الغساني

(5)

، عن هشام نحوه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3973".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2417"، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، به.

(3)

ضعيف: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "63"، وهو عند الترمذي "3741"، والحاكم "3/ 364"، وآفته النضر بن منصور الذهلي، أبو عبد الرحمن الكوفي، فإنه ضعيف كما ذكرنا هناك.

(4)

صحيح أخرجه أحمد "1/ 64" وفي "فضائل الصحابة""1262" والبخاري "3717"، 3718"، من طريق هشام به.

(5)

هو: يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي يكنى أبا مروان من طبقة زيد بن هارون. قال أبو حاتم: شيخ، وقال أبو داود: ضعيف أخرج له البخاري حديثا واحدا متابعة.

ص: 40

وقال هشام، عن أبيه قال عمر: لو عهدت أو تركت تركةً كان أحبهم إلي الزبير إنه ركن من أركان الدين

(1)

.

ابن عيينة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة منهم عثمان وابن مسعود وعبد الرحمن فكان ينفق على الورثة من ماله ويحفظ أموالهم.

ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه أن الزبير خرج غازيًا نحو مصر فكتب إليه أمير مصر: إن الأرض قد وقع بها الطاعون فلا تدخلها فقال إنما خرجت للطعن والطاعون فدخلها فلقي طعنة في جبهته فأفرق

(2)

.

عوف: عن أبي رجاء العطاردي قال شهدت الزبير يومًا وأتاه رجل فقال: ما شأنكم أصحاب رسول الله? أراكم أخف الناس صلاةً؟ قال: نبادر الوسواس.

الأوزاعي: حدثني نهيك بن مريم، حدثنا مغيث بن سمي قال: كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فلا يدخل بيته من خراجهم شيئًا.

رواه: سعيد بن عبد العزيز نحوه وزاد بل يتصدق بها كلها.

وقال الزبير بن بكار: حدثني أبو غزية محمد بن موسى، حدثنا عبد الله بن مصعب، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: مر الزبير بمجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسان ينشدهم من شعره وهم غير نشاط لما يسمعون منه فجلس معهم الزبير ثم قال: ما لي أراكم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة! فلقد كان يعرض به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحسن استماعه ويجزل عليه ثوابه ولا يشتغل عنه فقال حسان يمدح الزبير:

(1)

ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكير""232" من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 151"، وقال:"وإسناده حسن""! ""! ".

قلت: أنى له الحسن، وفي الإسناد عبد الله بن محمد بن يحيى، وهو متروك، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات، فالإسناد ضعيف جدا.

(2)

أفرق: أي برأ. وفي الحديث "عدوا من أفرق من الحي". أي برأ من الطاعون. يقال أفرق المريض من مرضه إذا أفاق وقيل: إن ذلك لا يقال إلا في علة تصيب الإنسان مرة، كالجدري والحصبة.

ص: 41

أقام على عهد النبي وهديه

حواريه والقول بالفعل يعدل

أقام على منهاجه وطريقه

يوالي ولي الحق والحق أعدل

هو الفارس المشهور والبطل الذي

يصول إذا ما كان يوم محجل

إذا كشفت، عن ساقها الحرب حشها

بأبيض سباق إلى الموت يرقل

(1)

وإن امرأً كانت صفية أمه

ومن أسد في بيتها لمؤثل

له من رسول الله قربى قريبة

ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل

(2)

فكم كربة ذب الزبير بسيفه

عن المصطفى والله يعطي فيجزل

ثناؤك خير من فعال معاشر

وفعلك يابن الهاشمية أفضل

(3)

قال جويرية بن أسماء: باع الزبير دارًا له بست مائة ألف فقيل له يا أبا عبد الله غُبنت! قال: كلا هي في سبيل الله.

الليث، عن هشام بن عروة أن الزبير لما قتل عمر محا نفسه من الديوان وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان محا نفسه من الديوان.

أحمد في "المسند": حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف قلت للزبير ما جاء بكم? ضيعتم الخليفة حتى قتل ثم جئتم تطلبون بدمه? قال إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان:

(1)

الإرقال: ضرب من الخبب. وروى أبو عبيد عن أصحابه: الإرقال والإجذام والإجماز سرعة سير الإبل. وأرقلت الدابة والناقة إرقالا: أسرعت. وأرقل القوم إلى الحرب إرقالا: أسرعوا.

قال النابغة:

إذا استنزلوا عنهن للطعن أرقلوا

إلى الموت إرقال الجمال المصاعب

(2)

التأثيل: التأصيل: وتأثيل المجد: بناؤه. وفي حديث أبي قتادة: إنه لأول مال تأثلته، ومجد مؤثل: قديم، ومجد أثيل: أي مجد قديم.

(3)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 362 - 363، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 90" من طريق عبد الله بن مصعب بن ثابت، عن هشام بن عروة، به، وأورده الهيثمي في "المجمع" "8/ 125" وقال: "رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن مصعب الزبيري، وهو ضعيف".

قلت: هو كما قال فقد ضعفه ابن معين، والأبيات في "ديوان حسان" ط. دار صادر - بيروت "ص 199 - 200".

ص: 42

{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت

(1)

.

مبارك بن فضالة، عن الحسن أن رجلًا أتى الزبير وهو بالبصرة فقال: ألَّا أقتل عليًّا? قال: كيف تقتله ومعه الجنود? قال: ألحق به فأكون معك ثم أفتك به قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن"

(2)

هذا في "المسند" وفي "الجعديات".

الدولابي في "الذرية الطاهرة" حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد سمعت شريكًا، عن الأسود بن قيس، حدثني من رأى الزبير يقتفي آثار الخيل قعصًا بالرمح فناداه علي يا أبا عبد الله! فأقبل عليه حتى التقت أعناق دوابهما فقال: أنشدك بالله أتذكر يوم كنت أناجيك فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "تناجيه! فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم"؟ قال: فلم يعد أن سمع الحديث فضرب وجه دابته وذهب

(3)

.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 165"، والبزار "976" من طريق شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير، به.

قلت: إسناد حسن، شداد بن سعيد، أبو طلحة الراسبي، صدوق، ومطرف، هو ابن عبد الله بن الشخير.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 166" من طريق مبارك بن فضالة، به.

قلت: رجاله ثقات رجال الشيخين خلا المبارك فقد علق له البخاري. وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه. وهو مدلس مشهور بالتدليس، إلا أنه قد صرح بالتحديث فأمنا شر تدليه، وقد توبع المبارك بن فضالة، فقد أخرجه عبد الرزاق "9676" من طريق إسماعيل بن مسلم و"9677" من طريق قتادة، وابن أبي شيبة "15/ 123"، "279" من طريق عوف الأعرابي، ثلاثتهم عن الحسن، بهذا الإسناد، وللحديث شواهد من حديث معاوية عند أحمد "4/ 92"، ومن حديث أبي هريرة عند أبي داود "2769"، فالحديث صحيح، وقوله:"الفتك" هو أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله. وأما الغيلة: أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي.

(3)

حسن: آفة إسناده شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي، سيئ الحفظ، وفيه جهالة الرجل الذي أخبر بالقصة، وأخرجه الحاكم "3/ 366" من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي، عن جده عبد الملك، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، فذكره بنحوه، وقال الحاكم حديث صحيح، ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي. قال أبو حاتم: في حديثه نظر. وقال البخاري: فيه نظر. الثانية: عبد الملك بن مسلم الرقاشي، قال البخاري: لم يصح حديثه، والحديث يرتقي لدرجة الحسن بمجموع هذين الطريقين.

ص: 43

قال أبو شهاب الحناط وغيره، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل يابن صفية! هذه عائشة تملك الملك طلحة فأنت علام تقاتل قريبك عليًّا? زاد فيه غير أبي شهاب: فرجع الزبير فلقيه ابن جرموز فقتله.

قتيبة: حدثنا الليث، عن ابن أبي فروة أخي إسحاق قال: قال علي: حاربني خمسة: أطوع الناس في الناس: عائشة وأشجع الناس: الزبير وأمكر الناس: طلحة لم يدركه مكر قط وأعطى الناس: يعلى بن منية

(1)

وأعبد الناس: محمد بن طلحة كان محمودًا حتى استزله أبوه وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارًا والسلاح والفرس على أن يحاربني.

قال عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي، عن جده، عن أبي جرو المازني قال شهدت عليًّا والزبير حين تواقفا فقال علي يا زبير! أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنك تقاتلني وأنت لي ظالم? قال: نعم ولم أذكره إلَّا في موقفي هذا ثم انصرف.

رواه أبو يعلى في مسنده وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرًا منها في كتاب "فتح المطال".

قال يزيد بن أبي زياد: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: انصرف الزبير يوم الجمل، عن علي فلقيه ابنه عبد الله فقال جبنًا جبنًا! قال قد علم الناس أني لست بجبان ولكن ذكرني علي شيئًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلفت أن لا أقاتله ثم قال:

ترك الأمور التي أخشى عواقبها

في الله أحسن في الدنيا وفي الدين

(2)

(1)

هو يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة التميمي، أبو خلف، ومنية، هي أمه، ويقال جدته، وهي منية بنت غزوان أخت عتبة بن غزوان، ويقال: منية بنت جابر بن وهيب بن مسيب بن زيد. أسلم يوم فتح مكة، وشهد الطائف، وحنينا، وتبوك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 456"، وتاريخ خليفة "123/ 179"، ومسند أحمد "4/ 222"، وتاريخ البخاري الكبير "8/ ترجمة "3535"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1293"، والاستيعاب "4/ 1585"، وتهذيب الكمال "32/ ترجمة 7110"، وتهذيب التهذيب "11/ 399".

(2)

ضعيف أخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 91" من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته يزيد بن أبي زياد الكوفي، قال يحيى: ليس بالقوى، وقال أيضا: لا يحتج به. وقال ابن المبارك: ارم، به.

ص: 44

وقيل إنه أنشد:

ولقد علمت لو أن علمي نافعي

أن الحياة من الممات قريب

فلم ينشب أن قتله بن جرموز.

وروى حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن جاوان قال قتل طلحة وانهزموا فأتى الزبير سفوان فلقيه النعر المجاشعي فقال يا حواري رسول الله! أين تذهب? تعال فأنت في ذمتي فسار معه وجاء رجل إلى الأحنف فقال إن الزبير بسفوان فما تأمر إن كان جاء فحمل بين المسلمين حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف أراد أن يلحق ببنيه? قال فسمعها عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ورجل يقال له نفيع فانطلقوا حتى لقوه مقبلًا مع النعر وهم في طلبه فأتاه عمير من خلفه وطعنه طعنةً ضعيفة فحمل عليه الزبير فلما استلحمه وظن أنه قاتله قال: يا فضالة! يا نفيع! قال فحملوا على الزبير حتى قتلوه.

عبيد الله بن موسى، حدثنا فضيل بن مرزوق، حدثني شقيق بن عقبة، عن قرة بن الحارث، عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير يوم الجمل وكانوا يسلمون عليه بالإمارة إلى أن قال: فطعنه بن جرموز ثانيًا فأثبته فوقع ودفن بوادي السباع وجلس علي رضي الله عنه يبكي عليه هو وأصحابه.

قرة بن حبيب: حدثنا الفضل بن أبي الحكم، عن أبي نضرة قال جيء برأس الزبير إلى علي فقال علي تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار، حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قاتل الزبير في النار.

شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن: سمعت الشعبي يقول أدركت خمس مئة أو أكثر من الصحابة يقولون علي وعثمان وطلحة والزبير في الجنة.

قلت لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ومن البدريين ومن أهل بيعة الرضوان ومن السابقين الأولين الذين أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه ولأن الأربعة قتلوا ورزقوا الشهادة فنحن محبون لهم باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة.

أبو أسامة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير قال لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى إلَّا عيناه وكان يكنى أبا ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات فأخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطيت فكان الجهد أن نزعتها -يعني الحربة- فلقد انثنى طرفها.

ص: 45

قال عروة: فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياها فلما قبض أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه إياها فلما قبض أبو بكر سألها عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قبض وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل

(1)

.

غريب، تفرد به: البخاري.

ابن المبارك: أنبأنا هشام، عن أبيه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للزبير إلَّا تشد فنشد معك? قال إني إن شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلًا فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير قال وكان معه عبد الله بن الزبير وهو بن عشر سنين فحمله على فرس ووكل به رجلًا

(2)

.

قلت: هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله فإن عبد الله كان إذ ذاك بن عشر سنين.

أبو بكر بن عياش، حدثنا سليمان، عن الحسن قال لما ظفر علي بالجمل دخل الدار والناس معه فقال علي: إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة وأتباعه إلى النار فقال الأحنف من هو? قال الزبير.

في إسناده إرسال وفي لفظه نكارة فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار بل نفوض أمرهم إلى الله ونستغفر لهم بلى: الخوارج كلاب النار وشر قتلى تحت أديم السماء لأنهم مرقوا من الإسلام ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا ولا نحكم عليهم بخلود النار بل نقف.

ولبعضهم:

إن الرزية من تضمن قبره

وادي السباع لكل جنبٍ مصرع

لما أتى خبر الزبير تواضعت

سور المدينة والجبال الخشع

قال البخاري وغيره قتل في رجب سنة ست وثلاثين.

وادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3998".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3975".

ص: 46

قال الواقدي وابن نمير: قتل وله أربع وستون سنة وقال غيرهما قيل وله بضع وخمسون سنة وهو أشبه.

قال القحذمي: كانت تحته أسماء بنت أبي بكر وعاتكة أخت سعيد بن زيد وأم خالد بنت خالد بن سعيد وأم مصعب الكلبية.

قال بن المديني: سمعت سفيان يقول جاء بن جرموز إلى مصعب بن الزبير - يعني لما ولى إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال: أقدني بالزبير فكتب في ذلك يشاور بن الزبير فجاءه الخبر أنا أقتل بن جرموز بالزبير? ولا بشسع نعله.

قلت: أكل المعثر يديه ندمًا على قتله واستغفر لا كقاتل طلحة وقاتل عثمان وقاتل علي.

الزبير: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن مسالم بن عبد الله بن عروة، عن أبيه أن عمير بن جرموز أتى حتى وضع يده في يد مصعب فسجنه وكتب إلى أخيه في أمره فكتب إليه أن بئس ما صنعت أظننت أني قاتل أعرابيًّا بالزبير? خل سبيله فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه أزج ثم أمر إنسانًا أن يطرحه عليه فطرحه عليه فقتله وكان قد كره الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه.

قال ابن قتيبة: حدثنا محمد بن عتبة، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف درهم ومن العين خمسين ألف ألف درهم كذا هذه الرواية وقال ابن عيينة، عن هشام، عن أبيه قال اقتسم مال الزبير على أربعين ألف ألف.

أبو أسامة: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزبير قال لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلَّا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلَّا سأقتل اليوم مظلومًا وإن من أكبر همي لديني أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئًا? يا بني! بع ما لنا فاقض ديني فأوصي بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء فثلث لولدك.

قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد وله يومئذ تسع بنات قال عبد الله فجعل يوصيني بدينه ويقول يا بني! إن عجزت، عن شيء منه فاستعن بمولاي قال فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت يا أبة! من مولاك? قال الله عز وجل قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلَّا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه فيقضيه.

ص: 47

قال: وقتل الزبير، ولم يدع دينارًا ولا درهمًا إلَّا أرضين بالغابة ودارًا بالمدينة، ودارًا بالبصرة، ودارًا بالكوفة، ودارًا بمصر. قال: وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال فيستودعه فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارةً قط، ولا جبايةً ولا خراجًا ولا شيئًا إلَّا أن يكون في غزو مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان فحسبت دينه فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله فقال: يابن أخي! كم على أخي من الدين? فكتمه وقال: مائة ألف فقال حكيم: ما أرى أموالكم تتسع لهذه! فقال عبد الله أفرأيت إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم، عن شيء فاستعينوا بي وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف وقال من كان له على الزبير دين فليأتنا بالغابة فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربع مائة ألف فقال لابن الزبير: إن شئت تركتها لكم قال: لا قال: فاقطعوا لي قطعة قال: لك من ههنا إلى ههنا قال: فباعه بقضاء دينه قال: وبقي منها أربعة أسهم ونصف فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهمًا بمائة ألف وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهمًا بمائة ألف وقال ابن ربيعة: قد أخذت سهمًا بمائة ألف فقال معاوية: كم بقي? قال: سهم ونصف قال: قد أخذت بمائة وخمسين ألفًا قال: وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: أقسم بيننا ميراثنا قال: لا والله حتى أنادي بالموسم أربع سنين إلَّا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه فجعل كل سنة ينادي بالموسم فلما مضت أربع سنين قسم بينهم فكان للزبير أربع نسوة قال: فرفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف

(1)

.

للزبير في مسند بقي بن مخلد ثمانية وثلاثون حديثًا، منها في الصحيحين حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث.

قال هشام: عن أبيه، قال: بلغ حصة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم.

وقالت ترثيه:

(1)

صحيح: أخرجه البخاري بتمامه "3129"، وابن سعد "3/ 108 - 110"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 91".

ص: 48

غدر بن جرموز بفارس بهمةٍ

(1)

يوم اللقاء وكان غير معرد

(2)

يا عمرو لو نبهته لوجدته

لا طائشًا رعش البنان ولا اليد

ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله

فيما مضى مما تروح وتغتدي

كم غمرة

(3)

قد خاضها لم يثنه

عنها طرادك يابن فقع الفدفد

(4)

والله ربك إن قتلت لمسلمًا

حلت عليك عقوبة المتعمد

(5)

(1)

البهمة بالضم: الشجاع، وقيل: هو الفارس الذي لا يدرى من أين يُؤتى له من شدة بأسه. والجمع بهم، وفي التهذيب: لا يدرى مقاتله من أين يدخل عليه.

(2)

معرد: التعريد: الفرار، وقيل: التعريد سرعة الذهاب في الهزيمة. وعرد الرجل تعريدا أي: فر. وعرد الرجل: إذا هرب.

(3)

الغمرة الشدة. وغمرة الموت شدة همومة.

(4)

الفدفد: المكان المرتفع فيه صلابة، وقيل: الفدفد الأرض المستوية وابن فقع الفدفد، مثل يضرب للذليل.

(5)

قال الكرماني: أشارت بقولها: "عقوبة المتعمد" إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، وقال غيره: عقوبة المتعمد: أن يقتل قصاصا، والأبيات في طبقات ابن سعد "3/ 112"، وأوضح المسالك" 2/ 264"، وخزانة الأدب "4/ 348

ص: 49

‌9 - عبد الرحمن بن عوف

(1)

: " ع"

ابن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي أبو محمد.

أحد العشرة وأحد الستة أهل الشورى وأحد السابقين البدريين القرشي الزهري وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام. له عدة أحاديث.

روى عنه: ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وبنوه إبراهيم، وحميد، وأبو سلمة، وعمرو، ومصعب بنو عبد الرحمن، ومالك بن أوس وطائفة سواهم له في

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 340"، "3/ 124 - 137". وتاريخ خليفة "79، 98، 117"، 120، 123، 125، 129، 157، 166"، وعلل ابن المديني "80، 84" ومسند أحمد "1/ 190 - 195"، وفضائل الصحابة لأحمد "2/ 728"، وتاريخ البخاري الكبير "5/ ترجمة رقم 790"، وتاريخه الصغير "1/ 50، 51، 61، 90، 124، 206"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة رقم 1179"، والاستيعاب "2/ 844"، وأسد الغابة "3/ 313"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 5179"، وتهذيب الكمال "17/ ترجمة رقم 3923"، تهذيب التهذيب "6/ 244 - 246"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3744".

ص: 49

"الصحيحين" حديثان، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث ومجموع ما له في مسند بقي خمسة وستون حديثًا.

وكان اسمه في الجاهلية: عبد عمرو وقيل عبد الكعبة فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن.

وحدث عنه أيضًا من الصحابة: جبير بن مطعم وجابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة وعبد الله بن عامر بن ربيعة.

وقدم الجابية مع عمر فكان على الميمنة وكان في نوبة سرغ على الميسرة.

أخبرنا محمد بن حازم بن حامد ومحمد بن علي بن فضل قالا، أنبأنا أبو القاسم بن صَصْرى، أنبأنا أبو القاسم بن البن الأسدي وأنبأنا محمد بن علي السلمي وأحمد بن عبد الرحمن الصوري قالا، أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله التغلبي، أنبأنا أبو القاسم بن البن ونصر بن أحمد السوسي قالا، أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه، أنبأنا أبو منصور محمد وأبو عبد الله أحمد، أنبأنا الحسين بن سهل بن الصباح ببلد

(1)

في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربع مائة قالا، حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الإمام، حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار سمع بجالة يقول كنت كاتبًا لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم، عن الزمزمة فقتلنا ثلاث سواحر وجعلنا نفرق بين الرجل وحريمته في كتاب الله وصنع لهم طعامًا كثيرًا ودعا المجوس وعرض السيف على فخذه وألقى وقر بغل أو بغلين من ورق وأكلوا بغير زمزمة ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر

(2)

.

(1)

بلد: مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، بينهما سبع فراسخ. ويقال بلط. وإليها ينسب عدد كبير من العلماء، كما قال ياقوت في "معجم البلدان""1/ 481".

(2)

صحيح على شرط البخاري: "أخرجه أحمد "1/ 190 - 191"، والطيالسي "225"، والشافعي في "الرسالة" "1183"، وعبد الرزاق "9973"، "19391"، والحميدي "64"، وأبو عبيد في الأموال""77" وابن أبي شيبة "12/ 243"، والبخاري "3156"، "3157"، وأبو داود "3043"، والترمذي "1587"، والدارمي "2501"، والنسائي في "الكبري""8768"، وابن الجارود "1105"، وأبو يعلى "860"، والبيهقي "8/ 247 - 248"، "9/ 189"، والبغوي "2750" من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به.

وقوله: "وانهوهم عن الزمزمة": الزمزمة هي كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خف، وقوله:"حريمته في كتاب الله": أي المحرمة عليهم في كتاب الله تعالى، وهو القرآن، وقوله:"وقر بغل" أي حمل بغل.

ص: 50

هذا حديث غريب مخرج في صحيح البخاري وسنن أبي داود والنسائي والترمذي من طريق سفيان فوقع لنا بدلًا

(1)

. ورواه حجاج بن أرطاة، عن عمرو مختصرًا وروى منه أخذ الجزية من المجوس أبو داود، عن الثقة، عن يحيى بن حسان، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن قشير بن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس، عن ابن عوف.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي، أنبأنا محمد بن أحمد القطيعي، أنبأنا محمد بن عبيد الله المجلد وأنبأنا أحمد بن إسحاق الزاهد، أنبأنا أبو نصر عمر بن محمد التيمي، أنبأنا هبة الله بن أحمد الشبلي قالا، أنبأنا محمد بن محمد الهاشمي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله البغوي، حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا القاسم بن فضل الحداني، عن النضر بن شيبان قال قلت لأبي سلمة، حدثني بشيء سمعته من أبيك يحدث به، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال، حدثني أبي في شهر رمضان قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فرض الله عليكم شهر رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه"

(2)

.

هذا حديث حسن غريب أخرجه النسائي، عن ابن راهويه، عن النضر بن شميل وابن ماجه، عن يحيى بن حكيم، عن أبي داود الطيالسي جميعًا، عن الحداني قال النسائي: الصواب حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

(1)

البدل: صورته أن يروى المحدث حديثا موجودا في أحد الكتب بإسناد لنفسه، فيصل في إسناده إلى شيخ شيخ المؤلف.

(2)

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه أحمد "1/ 191"، والطيالسي "224"، وعبد بن حميد "158"، والنسائي "4/ 158"، وابن ماجه "1328"، والبزار "1048"، وأبو يعلى "863، 864"، من طريق القاسم بن الفضل حدثنا النضر بن شيبان به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته النضر بن شيبان، وهو الحراني البصري. قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وعلل البخاري والدارقطني حديثه، وقد صح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه"، وهو حديث صحيح أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 2"، وأحمد "2/ 232"، والبخاري "38"، والنسائي "4/ 157"، وابن ماجه "1641" من طرق عن محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.

ص: 51

أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروني، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أنبأنا تميم الجرجاني، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري، أنبأنا محمد بن أحمد الحيري، أنبأنا ابن علي الموصلي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن بن إسحاق، حدثني مكحول، عن كريب، عن ابن عباس قال جلسنا مع عمر فقال هل سمعت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أمر به المرء المسلم إذا سها في صلاته كيف يصنع? فقلت لا والله أو ما سمعت أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله في ذلك شيئًا? فقال لا والله فبينا نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف فقال فيم أنتما? فقال عمر سألته فأخبره فقال له عبد الرحمن لكني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر في ذلك فقال له عمر فأنت عندنا عدل فماذا سمعت? قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا سها أحدكم في صلاته حتى لا يدري أزاد أم نقص فإن كان شك في الواحدة والاثنتين فليجعلها واحدة وإذا شك في الاثنتين أو الثلاث فليجعلها اثنتين وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثًا حتى يكون الوهم في الزيادة ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم ثم يسلم"

(1)

.

هذا حديث حسن صححه الترمذي ورواه، عن بندار، عن محمد بن خالد بن عثمة، عن إبراهيم بن سعد فطريقنا أعلى بدرجة ورواه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة بن عوف وفيه فقال فحدثنا فأنت عندنا العدل الرضا فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانوا عدولًا فبعضهم أعدل من بعض وأثبت فهنا عمر قنع بخبر عبد الرحمن وفي قصة الاستئذان يقول: ائت بمن يشهد معك

(2)

وعلي

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 190"، والترمذي "398" من طريق محمد بن إسحاق، عن مكحول به.

قلت: إسناده حسن، فيه محمد بن إسحاق، صدوق الحديث، وإن كان مدلسا مشهورا بالتدريس، فقد صرح بالتحديث كما في إسناده أبي يعلى أحمد بن علي الموصلي.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 6"، والبخاري "6245"، ومسلم "2153"، "33"، وأبو داود "5180" من طريق يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: كنت جالسا بالمدينة في مجلس الأنصار، فأتانا أبو موسى فزعا أو مذعورا. قلنا: ما شأنك؟ قال: إن عمر أرسل إليَّ أن آتيه. فأتيت بابه فسلمت ثلاثا فلم يرد عليَّ فرجعت فقال: ما منعك أن تأتينا؟ فقلت: إني أتيتك فسلمت على بابك ثلاثا، فلم يردوا علي فرجعت، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له، فليرجع"، فقال عمر:"أقم عليه البينة وإلا أوجعتك. فقال أبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم. قال أبو سعيد: قلت: أنا أصغر القوم قال: فاذهب به". وهذا لفظ مسلم، وأخرجه الطيالسي "2164"، وعبد الرزاق "19423"، وأحمد "3/ 19"، "4/ 393 - 394، 403، 410، 418"، ومسلم "2153"، "35"، والترمذي "2690"، وابن ماجه "3706"، والدارمي "2/ 274"، والبغوي "3318" من طرق عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، به.

ص: 52

ابن أبي طالب يقول: كان إذا حدثني رجل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحلفته وحدثني أبو بكر

(1)

وصدق أبو بكر فلم يحتج علي أن يستحلف الصديق والله أعلم.

قال المدائني: ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنين.

وقال الزبير: ولد الحارث بن زهرة عبدًا وعبد الله وأمهما قيلة ومن ولد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد.

وكذا نسبه بن إسحاق، وابن سعد وأسقط البخاري والفسوي عبدًا من نسبه وقاله قبلهما عروة والزهري.

وقال الهيثم الشاشي، وأبو نصر الكلاباذي وغيرهما عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة.

وأم عبد الرحمن: هي الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة قاله جماعة وقال أبو أحمد الحاكم أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب ويقال الشفاء بنت عوف.

إبراهيم بن سعد: حدثني أبي، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف قال كان اسمي عبد عمرو فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن.

إبراهيم بن المنذر: حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، عن سعيد بن زياد، عن حسن بن عمر، عن سهلة بنت عاصم قالت كان عبد الرحمن بن عوف أبيض أعين أهدب الأشفار أقنى طويل النابين الأعليين ربما أدمى نابه شفته له جمة أسفل من أذنيه أعنق ضخم الكتفين.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 2"، وابن أبي شيبة "2/ 387"، والحميدي "4"، وابن ماجه "1395"، والبزار "9"، وأبو يعلى "12" من طرق عن وكيع قال: حدثنا مسعر وسفيان، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الوالي، عن أسماء بن الحكم الفزاري، عن علي رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني -وصدق أبو بكر- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء، قال مسعر: "ويصلي"، وقال سفيان: "ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له"، وأخرجه أحمد "1/ 10"، والحميدي "1"، وابن ماجه "1395"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "415"، والبزار "11" وأبو يعلى "1"، والطبراني في "الدعاء" "1842" من طريق عثمان بن المغيرة الثقفي، به.

ص: 53

وروى زياد البكائي، عن بن إسحاق قال كان ساقط الثنيتين أهتم أعسر أعرج كان أصيب يوم أحد فهتم وجرح عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج.

الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن يعقوب بن عتبة قال وكان عبد الرحمن رجلًا طوالًا حسن الوجه رقيق البشرة فيه جنأ أبيض مشربًا حمرة لا يغير شيبه.

وقال بن إسحاق: حدثنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال كنا نسير مع عثمان في طريق مكة إذ رأى عبد الرحمن بن عوف فقال عثمان ما يستطيع أحد أن يعتد على هذا الشيخ فضلًا في الهجرتين جميعًا.

روى نحوه: العقدي، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد وجماعة قالوا، أنبأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداوودي، أنبأنا أبو محمد بن حموية، أنبأنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، أنبأنا يحيى بن إسحاق، حدثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عثمان كذا هذا فقال: إن لي حائطين فاختر أيهما شئت قال بل دلني على السوق إلى أن قال: فكثر ماله حتى قدمت له سبع مئة راحلة تحمل البر والدقيق والطعام فلما دخلت سمع لأهل المدينة رجة فبلغ عائشة فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عبد الرحمن لا يدخل الجنة إلَّا حبوًا" فلما بلغه قال يا أمه! إني أشهدك أنها بأحمالها وأحلاسها في سبيل الله

(1)

.

أخرجه: أحمد في "مسنده"، عن عبد الصمد بن حسان، عن عمارة وقال: حديث منكر.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 115"، والطبراني في "الكبير""264" من طريق عمارة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه به.

وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات""2/ 13"، وقال الإمام أحمد: هذا الحديث كذب منكر.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عمارة بن زاذان البصري الصيدلاني، أبو سلمة. قال البخاري: ربما يضطرب في حديثه. وقال أحمد: له مناكير. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو داود: ليس بذاك، ورواه البزار من طريق أغلب بن تميم، والإسناد واه بمرة، فأغلب هذا. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء، وقد ذكر الحافظ في "القول المسدد" هذا الحديث "ص 32"، وقال "والذي أراه عدم التوسع في الكلام عليه فإنه يكفينا شهادة الإمام أحمد بأنه كذب". وكذا قال النسائي: الحديث موضوع.

والأحلاس: جمع حلس، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب -أي رحله.

ص: 54

قلت: وفي لفظ أحمد فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قد رأيت عبد الرحمن يدخل الجنة حبوًا" فقال: إن استطعت لأدخلنها قائمًا فجعلها بأقتابها

(1)

وأحمالها في سبيل الله.

أخبرنا جماعة -كتابة- عن أبي الفرج بن الجوزي وأجاز لنا ابن علان وغيره، أنبأنا الكندي قالا، أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا هذيل بن ميمون، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فسمعت خشفة فقلت: ما هذا? قيل: بلال إلى أن قال: فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف ثم جاء بعد الإياس فقلت عبد الرحمن? فقال: بأبي وأمي يا رسول الله! ما خلصت إليك حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدًا. قال: وما ذاك? قال: من كثرة مالي أحاسب وأمحص"

(2)

.

إسناده واه وأما الذي قبله فتفرد به: عمارة، وفيه لين قال أبو حاتم: يكتب حديثه وقال ابن معين: صالح، وقال ابن عدي: عندي لا بأس به قلت: لم يحتج به النسائي.

وبكل حال، فلو تأخر عبد الرحمن، عن رفاقه للحساب ودخل الجنة حبوًا على سبيل الاستعارة وضرب المثل فإن منزلته في الجنة ليست بدون منزلة علي والزبير رضي الله، عن الكل.

ومن مناقبه: أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة وأنه من أهل بدر الذين قيل لهم "اعملوا ما شئتم"

(3)

. ومن أهل هذه الآية {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه.

(1)

القتب: إكاف البعير -أي رحله- وقد يؤنث، والتذكير أعم.

(2)

ضعيف: اخرجه أحمد "5/ 259"، وفي إسناده علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف.

(3)

صحيح على شرط الشيخين: وهي قطعة من حديث طويل أخرجه أحمد "1/ 79 - 80"، والحميدي "49"، والبخاري "3007"، "4274"، "4890"، ومسلم "2494"، وأبو داود "2650"، والترمذي "3305"، والنسائي في "الكبري""11585" وأبو يعلى "394، 398"، والطبري "28/ 58"، وابن حبان "6499"، والبيهقي في "السنن""9/ 146"، وفي الدلائل" له "5/ 17" والواحدي في "أسباب النزول "ص 283"، والبغوي في "معالم التنزيل""4/ 328" من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، قال: أخبرني حسن بن محمد بن علي، أخبرني عبيد الله بن أبي رافع، وقال مرة: إن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع عليا يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال:"انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها" فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة. فإذا نحن بالظعينة .... " وذكر الحديث بطوله في قصة حاطب بن أبي بلتعة.

والحديث أخرجه أبو يعلى "397"، والطبري "28/ 59" من طريق أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن الحارث الأعور، عن على. والإسناد ضعيف آفته الحارث فإنه ضعيف.

ص: 55

أحمد في "المسند"، حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن محمد، عن عمرو بن، و هب الثقفي قال: كنا مع المغيرة بن شعبة فسئل هل أم النبي صلى الله عليه وسلم أحد من هذه الأمة غير أبي بكر? فقال: نعم فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه وعمامته وأنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف وأنا معه ركعة من الصبح وقضينا الركعة التي سبقنا

(1)

.

ولحميد الطويل نحوه، عن بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه

(2)

.

إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي بالناس فأراد عبد الرحمن أن يتأخر فأومأ إليه أن مكانك فصلى وصلى رسول الله بصلاة عبد الرحمن

(3)

.

وروى الإمام أحمد في "المسند"، عن الهيثم بن خارجة، عن رشدين، عن عبد الله بن الوليد سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه بنحوه

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 244"، ومسلم في "الطهارة""81"، وأبو داود "150" من طريق عن المغيرة بن شعبة، به.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 248"، وابن ماجه "1236" من طريق محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهينا إلى القوم، وقد صلى بهم عبد الرحمن بن عوف ركعة. فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر. فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم الصلاة قال:"وقد أحسنت كذلك فافعل".

(3)

ذكره ابن سعد في "الطبقات""3/ 128 - 129 و 129".

(4)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 191 - 192" من طريق هيثم بن خارجة، به.

قلت: وإسناده ضعيف، آفته رشدين بن سعد، ضعفه أحمد، وابن معين، والنسائي، وأبو داود، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وفي الإسناد الانقطاع بين أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبيه.

وأخرجه الطيالسي "223"، والبزار "1014" وأبو يعلى "853" من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن عوف:"انتهى إليه، وهو يصلي بالناس، فأراد أن يتأخر، فأومأ إليه: أن مكانك، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة عبد الرحمن بن عوف".

قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات، وهو على شرط الشيخين.

ص: 56

هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة بمثل هذا ورواه زرارة بن أوفى، عن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خلف عبد الرحمن بن عوف وجاء عن خليد بن دعلج، عن الحسن، عن المغيرة والحسن مدلس لم يسمع من المغيرة.

عيسى بن يونس، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الرحمن بن عوف في سرية وعقد له اللواء بيده

(1)

.

عثمان ضعيف لكن روى نحوه أبو ضمرة، عن نافع بن عبد الله، عن فروة بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر.

معمر، عن قتادة:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التوبة: 79]، قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله أربعة آلاف دينار فقال أناس من المنافقين: إن عبد الرحمن لعظيم الرياء.

وقال ابن المبارك، أنبأنا معمر، عن الزهري قال: تصدق ابن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف ثم تصدق بأربعين ألف دينار وحمل على خمس مائة فرس في سبيل الله ثم حمل على خمس مائة راحلة في سبيل الله وكان عامة ماله من التجارة

(2)

أخرجه في الزهد له.

سليمان بن بنت شرحبيل، أنبأنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يابن عوف! إنك من الأغنياء ولن تدخل الجنة إلَّا زحفًا فأقرض الله تعالى يطلق لك قدميك قال فما أقرض يا رسول الله? فأرسل إليه أتاني جبريل فقال مره فليضف الضيف وليعط في النائبة وليطعم المسكين"

(3)

.

(1)

ضعيف: آفته عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخرساني، ضعفه مسلم وابن معين والدارقطني، وغيرهم، كذا قال الحافظ في "التقريب": ضعيف.

(2)

ضعيف: لانقطاعه فيما بين الزهري، وعبد الرحمن بن عوف. وهو عند الطبراني في "الكبير""265"، وأبي نعيم في "الحلية""1/ 99".

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 131 - 132"، والطبراني، والحاكم "3/ 311"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 99"، "8/ 334" من طريق خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورده الحافظ الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: خالد ضعفه جماعة، وقال النسائي: ليس بثقة".

قلت: إسناده واه، خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، وهاه ابن معين. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بثقة.

ص: 57

خالد بن الحارث، وغيره قالا، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبيه قال رأيت الجنة وأني دخلتها حبوًا ورأيت أنه لا يدخلها إلَّا الفقراء.

قلت إسناده حسن

(1)

فهو وغيره منام، والمنام له تأويل وقد انتفع بن عوف رضي الله عنه بما رأى وبما بلغه حتى تصدق بأموال عظيمة أطلقت له - ولله الحمد - قدميه وصار من ورثة الفردوس، فلا ضير.

أنبأنا بن أبي عمر، أنبأنا حنبل، أنبأنا بن الحصين، حدثنا بن المذهب، حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن شقيق قال دخل عبد الرحمن على أم سلمة فقال يا أم المؤمنين! إني أخشى أن أكون قد هلكت إني من أكثر قريش مالًا بعت أرضًا لي بأربعين ألف دينار قالت يا بني! أنفق فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن من أصحابي من لن يراني بعد أن أفارقه" فأتيت عمر فأخبرته فأتاها فقال بالله أنا منهم? قالت اللهم لا ولن أبرئ أحدًا بعدك.

رواه أيضًا أحمد، عن أبي معاوية، عن الأعمش فقال، عن شقيق، عن أم سلمة

(2)

.

زائدة: عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوا لي أصحابي أو أصيحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبًا لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه"

(3)

.

(1)

ضعيف: آفته الانقطاع بين أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبيه.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 317" من طريق محمد بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش به. وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد "6/ 312" من طريق حجاج قال: حدثنا شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق قال: دخل عبد الرحمن على أم سلمة فقالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، وأخرجه أحمد "6/ 298" حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك به.

(3)

صحيح: أخرجه البزار "2768""كشف الأستار" من طريق زائدة، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع""10/ 15" وقال: "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، غير عاصم بن أبي النجود، وقد وثق".

قلت: إسناده حسن، عاصم بن أبي النجود، صدوق، وورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:"لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه". أخرجه مسلم "2540"، وابن ماجه "161" من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به مرفوعا.

ص: 58

وأما الأعمش فرواه، عن: أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري

(1)

وفي الباب حديث زهير بن معاوية، عن حميد، عن أنس

(2)

.

أبو إسماعيل المؤدب، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن ابن أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا خالد! لا تؤذ رجلًا من أهل بدر فلو أنفقت مثل أحد ذهبًا لم تدرك عمله قال يقعون في فأرد عليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذوا خالدًا فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار"

(3)

.

لم يروه، عن المؤدب سوى الربيع بن ثعلب

(4)

وقد روى نحوه جرير بن حازم، عن الحسن مرسلًا.

(1)

صحيح: أخرجه الطيالسي "2183"، وأحمد في "المسند""3/ 54، 55"، وفي "فضائل الصحابة" له "7"، والبخاري "2673"، ومسلم "2541"، والترمذي "3861"، والنسائي في "فضائل الصحابة""203"، وابن أبي عاصم في "السنة""989"، والبغوي في "شرح السنة""3859" من طريق شعبة، عن الأعمش، به.

(2)

أخرجه أحمد "3/ 266" حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا زهير، ثنا حميد الطويل، عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم"، وأورده الهيثمي في "المجمع""10/ 15"، وقال:"رجاله رجال الصحيح".

قلت: إسناده ضعيف، آفته حميد بن أبي حميد الطويل، صاحب أنس، وهو وإن كان ثقة إلا أنه مشهور بكثرة التدليس عنه، حتى قيل إن معظم حديثه عنه بواسطة ثابت وقتادة، وقد عنعنه فالإسناد ضعيف، لكن يشهد له حديث أبي سعيد الخدري أبي هريرة، فيصح الحديث.

(3)

صحيح: أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة""13"، والبزار "2592"، "2719" من طريق عبد الله بن عون الخرار، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن أبي أوفى به مرفوعا، ووقع عند البزار في الموضعين "إسماعيل بن إبراهيم بن سليمان"، وهو خطأ، والصواب "أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان"، وأخرجه عبد الله بن أحمد "13"، والطبراني في "الكبير""4/ 3801"، وفي "الصغير""580"، والحاكم "3/ 298"، والخطيب في "تاريخه""12/ 149 - 150" من طريق الربيع بن ثعلب، عن أبي إسماعيل المؤدب، به، وقال الحاكم: حديث صحيح، ورده الذهبي بقوله في "التلخيص":"قلت: رواه ابن إدريس عن ابن أبي خالد، عن الشعبي مرسلا، وهو أشبه".

قلت: وعلى فرض انقطاعه بين الشعبي وابن أبي أوفى، فللحديث شواهد ذكرتها في تعليقنا الآتي رقم "538".

(4)

الربيع بن ثعلب البغدادي: ترجمة ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ ق 2/ 456"، ووثقه.

ص: 59

شعبة: أنبأنا حصين سمعت هلال بن يساف يحدث، عن عبد الله بن ظالم المازني، عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف فقال:"اثبت حراء! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد"

(1)

.

وذكر سعيد أنه كان معهم. وكذا رواه جرير وهشيم وأبو الأحوص والأبار، عن حصين.

وأخرجه أرباب السنن الأربعة من طريق شعبة، وجماعة كذلك ورواه بن إدريس ووكيع، عن سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف قال أبو داود ورواه الأشجعي، عن سفيان، عن منصور فقال، عن هلال، عن ابن حيان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد تابعه قاسم الجرمي، عن سفيان وصححه الترمذي وجاء، عن سفيان، عن منصور وحصين، عن هلال، عن سعيد نفسه.

أبو قلابة الرقاشي: حدثنا عمر بن أيوب، حدثنا محمد بن معن الغفاري، حدثنا مجمع بن يعقوب، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مجمع أن عمر قال لأم كلثوم بنت

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 188"، والطيالسي "235"، وابن ماجه "134"، والنسائي في "الكبرى""8205" من طريق شعبة، به.

قلت: إسناده حسن فيه عبد الله بن ظالم، صدوق، وأخرجه أحمد "1/ 187"، والحاكم "3/ 316 - 317" من طريق سفيان، عن منصور عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم، وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة""84"، وابن أبي عاصم في "السنة""1425"، والنسائي في "الكبرى""8192"، "8206" من طريق سفيان عن منصور، عن هلال، عن فلان بن حيان، عن عبد الله بن ظالم، به، وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة""83"، والدارقطني في "العلل""4/ 412"، من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال، عن حبان بن غالب، عن سعيد بن زيد.

وأخرجه الدارقطني "4/ 413" من طريق مسدد، عن يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن هلال، عن رجل، عن سعيد، به، وأخرجه الطيالسي "235"، والحميدي "84"، وابن شيبة "12/ 14"، وأبو داود "4648"، والترمذي "3757"، وابن أبي عاصم في "السنة""1427"، وعبد الله في "زوائد الفضائل""81" والنسائي في "الكبرى""8190"، 8191، 8208"، وأبو يعلى "969"، والعقيلي في "الضعفاء" "2/ 268"، وابن حبان "6996"، والحاكم "3/ 450 - 451"، والبغوي "3927" من طرق، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم، به.

وللحديث طرق أخرى عن سعيد بن زيد، يضيق المقام عن ذكرها.

ص: 60

عقبة، امرأة عبد الرحمن بن عوف أقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف" قالت: نعم

(1)

.

علي بن المدني، حدثني سفيان، عن ابن أبي نجيح أن عمر سأل أم كلثوم بنحوه ويروى من وجهين، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أمه أم كلثوم نحوه.

معمر: عن الزهري، حدثني عبيد الله بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطًا فيهم عبد الرحمن بن عوف فلم يعطه فخرج يبكي فلقيه عمر فقال: ما يبكيك? فذكر له وقال: أخشى أن يكون منعه موجدة وجدها علي فأبلغ عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لكني وكلته إلى إيمانه"

(2)

.

قريش بن أنس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خياركم خياركم لنسائي" فأوصى لهن عبد الرحمن بحديقة قومت بأربع مائة ألف

(3)

.

قال عبد الله بن جعفر الزهري: حدثتنا أم بكر بنت المسور أن عبد الرحمن باع أرضًا له

(1)

حسن لغيره: إسناده ضعيف فيه أربع علل: الأولى: أبو قلابة، عبد الملك بن محمد الرقاشي. قال الدارقطني: كثير الوهم، لا يحتج به. وقال أيضا: صدوق كثير الخطأ. الثانية: عمر بن أيوب الغفاري، ذكر له الذهبي في ترجمته حديثا وقال: وهذا منكر كذب على مالك. الثالثة: جهالة يعقوب بن مجمع بن زيد بن جارية الأنصاري، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول. الرابعة: عبد الرحمن بن عبد الله بن مجمع، لم أجد من ترجم له.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير""1/ 90" من طريق إبراهيم بن حمزة: عن سليمان بن سالم، مولى عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بسرة بنت صفوان وقال:"من يخطب أم كلثوم؟ قالت: فلان، وفلان، وعبد الرحمن بن عوف قال: انكحوا عبد الرحمن من خيار المسلمين، فأرسلت إلى أخيها الوليد أنكحني عبد الرحمن الساعة" وإسناده ضعيف لإرساله، حميد بن عبد الرحمن بن عوف من الطبقة الثانية، لكن يشهد له الطريق الأول، ويرتقي لدرجة الحسن، والله تعالى أعلم وأعلم.

(2)

ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "20410"، وهو ضعيف لإرساله.

(3)

حسن: أخرجه أبو نعيم "في "أخبار أصبهان" "2/ 294"، والحاكم "3/ 311" من طريق قريش بن أنس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهلي من بعدي

" الحديث، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

قلت: بل إسناده حسن حسب، وليس بصحيح، محمد بن عمرو هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 61

من عثمان بأربعين ألف دينار فقسمه في فقراء بني زهرة وفي المهاجرين وأمهات المؤمنين.

قال المسور فأتيت عائشة بنصيبها فقالت: من أرسل بهذا? قلت عبد الرحمن قالت أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحنو عليكن بعدي إلَّا الصابرون" سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة.

أخرجه أحمد في "مسنده"

(1)

.

علي بن ثابت الجزري، عن الوازع، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه فقال: "سيحفظني فيكن الصابرون الصادقون"

(2)

.

ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى واختياره للأمة من أشار به أهل الحل والعقد فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع الأمة على عثمان ولو كان محابيًا فيها لأخذها لنفسه أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص.

ويروى، عن عبد الله بن نيار الأسلمي، عن أبيه قال: كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال يزيد بن هارون: حدثنا أبو المعلى الجزري، عن ميمون بن مهران، عن بن عمر: أن

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "6/ 103 - 104، 135"، والحاكم "3/ 310 - 311"، من طريق أم بكر بنت المسور، أن عبد الرحمن باع أرضا له بأربعين ألف دينار

" الحديث.

وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي بقول: "قلت: ليس بمتصل".

قلت: وأم بكر بنت المسور بن مخرمة، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب"، "مقبولة" لكن للحديث شاهدا ساقه الحاكم من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين بن عوف، عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: "إن الذي يحنو عليكن بعدي هو الصادق البار، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة".

وقال الحاكم في إثره: "فقد صح الحديث عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما"، وله شاهد آخر آخرجه الحاكم "3/ 312" من طريق بكر بن مضر، حدثنا صخر بن عبد الله بن حرملة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثه قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقالت لي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: "أمركن مما يهمني بعدي ولن يصبر عليكن إلا الصابرون"، ثم قالت: فسقى الله إياك من سلسبيل الجنة، وكان عبد الرحمن بن عوف قد وصلهن بمال فبيع بأربعين ألف".

(2)

ضعيف جدا: في إسناده الوازع بن نافع العقيلي الجزري، قال ابن معين وأحمد: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك.

ص: 62

عبد الرحمن قال لأهل الشورى هل لكم أن أختار لكم وأنفصل منها? قال علي: نعم أنا أول من رضي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك أمين في أهل السماء أمين في أهل الأرض"

(1)

.

أخرجه الشاشي

(2)

في "مسنده" وأبو المعلى ضعيف.

ذكر مجالد، عن الشعبي: أن عبد الرحمن بن عوف حج بالمسلمين في سنة ثلاث عشرة.

جويرية بن أسماء:، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد أن سعد بن أبي وقاص أرسل إلى عبد الرحمن رجلًا وهو قائم يخطب أن ارفع رأسك إلى أمر الناس أي ادع إلى نفسك فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك! إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلَّا لامه الناس.

تابعه أبو أويس عبد الله، عن الزهري.

بن سعد، أنبأنا عبد العزيز الأويسي، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن أبيها المسور قال لما ولي عبد الرحمن بن عوف الشورى كان أحب الناس إلي أن يليه فإن ترك فسعد فلحقني عمرو بن العاص فقال ما ظن خالك عبد الرحمن بالله إن ولى هذا الأمر أحدًا وهو يعلم أنه خير منه فأتيت عبد الرحمن فذكرت ذلك له فقال والله لأن تؤخذ مدية فتوضع في حلقي ثم ينفذ بها إلى الجانب الآخر أحب إلي من ذلك.

ابن وهب: حدثنا بن لهيعة، عن يحيى بن سعيد، عن أبي عبيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر، عن أبيه، عن جده أن عثمان اشتكى رعافًا فدعا حمران فقال اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي فكتب له وانطلق حمران إلى عبد الرحمن فقال البشرى! قال وما ذاك? قال إن عثمان قد كتب لك العهد من بعده فقام بين القبر والمنبر فدعا،

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 134"، والحاكم "3/ 310"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 98" من طريق أبي المعلى الجزري، به.

وصححه الحاكم ورده الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: أبو المعلى هو فرات بن السائب تركوه".

قلت: نعم، فالإسناد واه بمرة، آفته فرات بن السائب، قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني وغيره: متروك.

(2)

الشاشي، هو الإمام الحافظ الثقة الرجال، أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل الشاشي التركي، صاحب "المسند الكبير" أصله من مرو، وتوفي بسمرقند في سنة خمس وثلاثين وثلاث مائة. ترجمته في "الأنساب""7/ 246"، تذكرة الحفاظ "3/ 848 - 849"، العبر "2/ 242"، طبقات الحفاظ "351"، شذرات الذهب "2/ 342"، الرسالة المستطرفة "73".

ص: 63

فقال: اللهم إن كان من تولية عثمان إياي هذا الأمر فأمتني قبله، فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى قبضه الله.

يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، عن رجل، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: كان أهل المدينة عيالا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثا.

مبارك بن فضالة: عن على بن زيد، عن ابن المسيب قال: كان بين طلحة وابن عوف تباعد، فمرض طلحة، فجاء عبد الرحمن يعوده. فقال طلحة: أنت والله يا أخي خير مني قال: لا تفعل يا أخي! قال: بلى والله لأنك لو مرضت ما عدتك.

ضمرة بن ربيعة: ضمرة بن ربيعة، عن سعد بن الحسن قال كان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من بين عبيده.

شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن قال غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه حتى ظنوا أنه قد فاضت نفسه حتى قاموا من عنده وجللوه فأفاق يكبر فكبر أهل البيت ثم قال لهم غشي علي آنفًا? قالوا نعم قال صدقتم! انطلق بي في غشيتي رجلان أجد فيهما شدةً وفظاظة فقالا انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين فانطلقا بي حتى لقيا رجلًا قال أين تذهبان بهذا? قالا نحاكمه إلى العزيز الأمين فقال ارجعا فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة وهم في بطون أمهاتهم وإنه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله، فعاش بعد ذلك شهرًا.

رواه الزبيدي، وجماعة، عن الزهري. ورواه سعد بن إبراهيم، عن أبيه.

ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله فكان الرجل يعطى منها ألف دينار.

وعن الزهري: أن عبد الرحمن أوصى للبدريين فوجدوا مئةً فأعطى كل واحد منهم أربع مئة دينار فكان منهم عثمان فأخذها.

وبإسناد آخر، عن الزهري أن عبد الرحمن أوصى بألف فرس في سبيل الله.

قال إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده سمع عليًّا يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف اذهب يابن عوف! فقد أدركت صفوها وسبقت رنقها.

الرنق: الكدر.

ص: 64

قال سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيت سعدًا في جنازة عبد الرحمن بن عوف وهو بين يدي السرير وهو يقول: واجبلاه!

رواه جماعة، عن سعد.

معمر، عن ثابت، عن أنس قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف.

وروى هشام، عن ابن سيرين، قال: اقتسمن ثمنهن ثلاث مائة ألف وعشرين ألفًا.

وروى نحوه ليث بن أبي مسلم، عن مجاهد وقد استوفى صاحب تاريخ دمشق أخبار عبد الرحمن في أربعة كراريس.

ولما هاجر إلى المدينة كان فقيرًا لا شيء له فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع أحد النقباء فعرض عليه أن يشاطره نعمته وأن يطلق له أحسن زوجتيه فقال له: بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق فذهب فباع واشترى وربح، ثم لم ينشب أن صار معه دراهم فتزوج امرأة على زنة نواة من ذهب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وقد رأى عليه أثرًا من صفرة:"أولم ولو بشاة" ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2048"، "3780" من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده قال: قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجتها. قال: فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟

قال: سوق قينقاع. قال: فغدا إليه عبد الرحمن فأتى بأقط وسمن. قال: ثم تابع الغدو، فما لبث أن جاء عبد الرحمن عليه أثر صفرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تزوجت"؟ قال: نعم. قال: "ومن"؟ قال: امرأة من الأنصار. قال: "كم سقت"؟ قال: زنة نواةٍ من ذهب -أو نواةً من ذهب- فقال له النبي صلى الله عليه وسم: "أولم ولو بشاة".

وأخرجه مالك في "الموطأ""2/ 545"، والحميدي "1218"، وعبد الرزاق "10411"، وأحمد "3/ 90، 204 - 205، 271"، والبخاري "2049"، "3781"، "3937"، "5072"، "5153"، "5167"، "6082"، ومسلم "1427"، "81"، وأبو داود "2109"، والترمذي "1933"، والنسائي "6/ 119 - 120، 137"، وابن الجارود "726"، وأبو يعلى "3781، 3824"، والطبراني "728"، والبيهقي "7/ 236، 237"، والبغوي "2308، 2310"، من طريق حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري

" الحديث.

ص: 65

أرخ المدائني، والهيثم بن عدي، وجماعة وفاته في سنة اثنتين وثلاثين. وقال المدائني ودفن بالبقيع وقال يعقوب بن المغيرة عاش خمسًا وسبعين سنة.

قال أبو عمر بن عبد البر: كان مجدودًا في التجارة خلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومئة فرس وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا.

قلت: هذا هو الغني الشاكر وأويس فقير صابر وأبو ذر أو أبو عبيدة زاهد عفيف.

حسين الجعفي، عن جعفر بن برقان قال بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت.

ص: 66

‌10 - سعد بن أبي وقاص

(1)

: " ع"

واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي.

الأمير أبو إسحاق القرشي الزهري المكي أحد العشرة وأحد السابقين الأولين وأحد من شهد بدرًا والحديبية وأحد الستة أهل الشورى.

روى جملةً صالحة من الحديث، وله في "الصحيحين" خمسة عشر حديثًا وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث ومسلم بثمانية عشر حديثًا.

حدث عنه بن عمر وعائشة وابن عباس والسائب بن يزيد وبنوه عامر وعمر ومحمد ومصعب وإبراهيم وعائشة وقيس بن أبي حازم وسعيد بن المسيب وأبو عثمان النهدي وعمر بن ميمون والأحنف بن قيس وعلقمة بن قيس وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ومجاهد وشريح بن عبيد الحمصي وأيمن المكي وبشر بن سعيد وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو صالح ذكوان وعروة بن الزبير، وخلق سواهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 137 - 149"، "6/ 12 - 13"، والمصنف لابن أبي شيبة "13/ ترجمته "15757"، وتاريخ خليفة "223"، ومسند أحمد "1/ 168 - 187"، وفضائل الصحابة "2/ 748"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ترجمة 1908"، وتاريخه الصغير "1/ 26، 51، 69، 72، 83، 91، 100، 101، 104، 108، 114"، والكنى للدولابي "1/ 63"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 405"، وحلية الأولية "1/ ترجمة 72"، والاستيعاب "2/ 606"، وأسد الغابة "2/ 290"، والإصابة "2/ ترجمة 3194"، تهذيب الأسماء واللغات "1/ 213"، وتاريخ الإسلام "2/ 281"، والعبر "1/ 60"، والكاشف "1/ ترجمة 1863"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 9"، وتهذيب التهذيب "3/ 483"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2403".

ص: 66

أخبرنا محمد بن عبد السلام بن المطهر التميمي، أنبأنا عبد المعز بن محمد في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة، عن أبي عون سمعت جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: قد شكوك في كل شيء حتى في الصلاة قال أما أنا فإني أمد في الأولين وأحذف في الأخريين وما آلوا ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذاك الظن بك أو كذاك الظن بك

(1)

.

أبو عون الثقفي: هو محمد بن عبيد الله متفق عليه.

وبه إلى أبي يعلى، حدثنا زهير، حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي، عن أبيه قال مررت بعثمان في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ثم لم يرد علي السلام فأتيت عمر فقلت يا أمير المؤمنين! هل حدث في الإسلام شيء? قال وما ذاك? قلت إني مررت بعثمان آنفًا فسلمت فلم يرد علي فأرسل عمر إلى عثمان فأتاه فقال ما يمنعك أن تكون رددت على أخيك السلام? قال ما فعلت قلت بلى حتى حلف وحلفت ثم إنه ذكر فقال بلى فأستغفر الله وأتوب إليه إنك مررت بي آنفًا وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلَّا يغشى بصري وقلبي غشاوة فقال سعد فأنا أنبئك بها إن رسول الله ذكر لنا أول دعوة ثم جاءه أعرابي فشغله ثم قام رسول الله فاتبعته فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض فالتفت إلي فالتفت فقال:"أبو إسحاق"؟ قلت: نعم يا رسول الله قال: "فمه"؟ قلت: لا والله إلَّا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي فقال: "نعم دعوة ذي النون: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين} [الأنبياء: 87]، فإنها لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلَّا استجاب له".

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "216"، وأحمد "1/ 175"، والبخاري "770"، ومسلم "453، 159"، وأبو داود "803"، والنسائي "2/ 174"، والبزار "1063"، وأبو يعلى "692، 741، 742"، وأبو عوانة "2/ 150"، والبغوي في "الجعديات""612"، والبيهقي "2/ 65" من طرق عن شعبة، به.

ص: 67

أخرجه الترمذي من طريق الفريابي، عن يونس

(1)

.

بن وهب، حدثني أسامة بن زيد الليثي، حدثني بن شهاب أن عبد الرحمن بن المسور قال خرجت مع أبي وسعد وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث عام أذرح فوقع الوجع بالشام فأقمنا بسرغ خمسين ليلة ودخل علينا رمضان فصام المسور وعبد الرحمن وأفطر سعد وأبى أن يصوم فقلت له يا أبا إسحاق! أنت صاحب رسول الله صلى الله عيه وسلم وشهدت بدرًا وأنت تفطر وهما صائمان? قال: أنا أفقه منهما.

بن جريح، حدثني زكريا بن عمرو أن سعد بن أبي وقاص وفد على معاوية فأقام عنده شهرًا يقصر الصلاة وجاء شهر رمضان فأفطره منقطع.

شعبة وغيره، عن حبيب بن أبي ثابت سمعت عبد الرحمن بن المسور قال كنا في قرية من قرى الشام يقال لها عمان ويصلي سعد ركعتين فسألناه فقال أنا نحن أعلم.

بن عيينة، عن عمرو قال شهد سعد وابن عمر الحكمين.

بن عيينة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن سعد قلت يا رسول الله من أنا? قال سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة من قال غير هذا فعليه لعنة الله

(2)

.

قال ابن سعد وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.

قال ابن مندة أسلم سعد بن سبع عشرة سنة وكان قصيرًا دحداحًا شثن الأصابع غليظًا ذا هامة توفي بالعقيق في قصره على سبعة أميال من المدينة وحمل إليها سنة خمس وخمسين.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 170"، والترمذي مختصرا "3505"، والنسائي في "اليوم والليلة""656" وأبو يعلى "772"، والطبراني في "الدعاء""124"، والحاكم "1/ 505"، "2/ 382، 383"، والبزار "3150" كشف الأستار، والبيهقي في الشعب" "620" من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، به.

قلت: في إسناده إسماعيل بن عمر، أبو المنذر الواسطي، قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن معين: ليس به بأس.

(2)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""289"، والحاكم "3/ 495"، والفسوي "3/ 166"، وابن سعد "3/ 137" من طريق علي بن زيد بن جدعان، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، فإنه ضعيف.

ص: 68

الواقدي، عن بكير بن مسمار، عن عائشة بنت سعد قالت كان أبي رجلًا قصيرًا دحداحًا غليظًا ذا هامةٍ شثن الأصابع أشعر يخضب بالسواد.

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد قال كان سعد جعد الشعر أشعر الجسد آدم أفطس طويلًا

(1)

.

يعقوب بن محمد الزهري، أنبأنا إسحاق بن جعفر وعبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر بن المسور، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال رد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن أبي وقاص، عن بدر استصغره فبكى عمير فأجازه فعقدت عليه حمالة سيفه ولقد شهدت بدرًا وما في وجهي شعرة واحدة أمسحها بيدي

(2)

.

جماعة، عن هاشم بن هاشم، عن سعيد بن المسيب سمعت سعدًا يقول ما أسلم أحدًا في اليوم الذي أسلمت ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام

(3)

.

وقال يوسف بن الماجشون سمعت عائشة بنت سعد تقول مكث أبي يومًا إلى الليل وإنه لثلث الإسلام.

إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال قال سعد بن مالك ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد قبلي ولقد رأيته ليقول لي يا سعد ارم فذاك أبي وأمي! وإني لأول المسلمين رمى المشركين بسهم ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ما لنا طعام إلَّا ورق السمر حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ثم أصبحت بنو أسد تعزرني على الإسلام لقد خبت إذن وضل سعيي

(4)

.

متفق عليه رواه جماعة، عن إسماعيل.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير""293"، وفيه عبد العزيز بن عمران الزهري المدني، وهو عبد العزيز بن أبي ثابت، قال البخاري: لا يكتب حديثه، وقال النسائي وغيره: متروك. وقال يحيى بن معين: ليس بثقة.

(2)

ضعيف جدا: في إسناده عبد العزيز بن عمران، وهو عبد العزيز بن أبي ثابت، متروك كما ذكرنا في التعليق السابق.

(3)

صحيح أخرجه البخاري "3726"، "7727"، "3858".

(4)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "212"، وأحمد "1/ 174، 181، 186"، والحميدي "78"، ووكيع في "الزهد""123"، وهناد في "الزهد""771" والبخاري "3728"، "5412"، ومسلم "2966، وأبو يعلى "732"، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

قوله: "مالنا طعام إلا ورق السمر" هو ضرب من شجر الطلح الواحدة سمرة، وقوله:"أصبحت بنو أسد تعززني على الإسلام" أي توقفني عليه. وقيل: توبخني على التقصير فيه.

ص: 69

وروى المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن أول من رمى بسهم في سبيل الله سعد وإنه من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم.

حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع له أبويه قال كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين فقال رسول الله:"ارم فداك أبي وأمي" فنزعت بسهم ليس فيه نصل فأصبت جبهته فوقع وانكشفت عورته فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه

(1)

.

عبد الله بن مصعب: حدثنا موسى بن عقبة، عن بن شهاب قال قتل سعد يوم أحد بسهم رمي به فقتل فرد عليهم فرموا به فأخذه سعد فرمى به الثانية فقتل فرد عليهم فرمى به الثالثة فقتل فعجب الناس مما فعل. إسناده منقطع.

ابن إسحاق: حدثني صالح بن كيسان، عن بعض آل سعد، عن سعد أنه رمى يوم أحد قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولني النبل ويقول: "ارم فداك أبي وأمي" حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل فأرمي به.

قال ابن المسيب: كان جيد الرمي سمعته يقول: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد

(2)

.

أخرجه البخاري، وقد ساقه الحافظ ابن عساكر من بضعة عشر وجهًا. وساق حديث ابن أبي خالد، عن قيس من سبعة عشر طريقًا بألفاظها وبمثل هذا كبر تاريخه وساق حديث عبد الله بن شداد، عن علي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد غير سعد من ستة عشر وجهًا رواه: مسعر، وشعبة، وسفيان، عن سعد بن إبراهيم عنه.

ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن بن المسيب قال: قال علي: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يجمع أبويه لأحد غير سعد. تفرد به بن عيينة.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2412"، والطبراني في "الكبير""315".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: "أخرجه ابن سعد "3/ 141"، وابن أبي شيبة "12/ 87"، "14/ 390"، والطيالسي "220"، وأحمد "1/ 174، 180"، والبخاري "3725"، و"4057"، ومسلم "2412"، والترمذي "2830، 3754"، وابن ماجه "130"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1406"، والبزار "1067"، والنسائي في "الكبرى" "8216"، وفي "عمل اليوم والليلة" "195، "196"، وأبو يعلى "795"، والخطيب في تاريخه "13/ 320"، من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

ص: 70

وقد رواه: شعبة وزائدة وغيرهما، عن يحيى بن سعيد، عن سعد وهو أصح.

ابن زنجويه: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عائشة بنت سعد سمعتها تقول أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله يوم أحد بالأبوين.

الأعمش، عن إبراهيم قال عبد الله بن مسعود لقد رأيت سعدًا يقاتل يوم بدر قتال الفارس في الرجال رواه بعضهم، عن الأعمش فقال، عن إبراهيم، عن علقمة.

يونس بن بكير، عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، عن الزهري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها سعد بن أبي وقاص إلى جانب من الحجاز يدعى: رابغ، وهو من جانب الجحفة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الإسلام فقال سعد:

ألا هل أتى رسول الله أني

حميت صحابتي بصدور نبلي

فما يعتد رامٍ في عدوٍّ

بسهم يا رسول الله قبلي

وفي البخاري لمروان بن معاوية: أخبرني هاشم بن هاشم سمعت سعيد بن المسيب سمعت سعدًا يقول نثل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد وقال: "ارم! فداك أبي وأمي"

(1)

.

أنبأنا به أحمد بن سلامة، عن بن كليب، أنبأنا بن بيان، أنبأنا بن مخلد، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا مروان فذكره.

القعنبي، وخالد بن مخلد قالا: حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عائشة قالت أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال:"ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة" قالت: فسمعنا صوت السلاح فقال رسول الله من هذا? قال سعد بن أبي وقاص أنا يا رسول الله جئت أحرسك فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه

(2)

.

أبو بكر الحنفي عبد الكبير: حدثنا بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد أن أباه سعدًا كان في غنم له فجاء ابنه عمر فلما رآه قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب فلما انتهى إليه قال يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيًا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة فضرب

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4055".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2885"، "7231"، ومسلم "2410".

ص: 71

صدر عمر وقال: اسكت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل يحب العبد التقي، الغني، الخفي"

(1)

.

روح والأنصاري واللفظ له، أنبأنا ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود، عن عامر بن سعد قال: قال سعد: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك يوم الخندق حتى بدت نواجذه كان رجل معه ترس وكان سعد راميًا فجعل يقول كذا يحوي بالترس ويغطي جبهته فنزع له سعد بسهم فلما رفع رأسه رماه فلم يخط هذه منه يعني جبهته فانقلب وأشال برجله فضحك رسول الله من فعله حتى بدت نواجذه

(2)

.

يحيى القطان وجماعة، عن صدقة بن المثنى، حدثني جدي رياح بن الحارث أن المغيرة كان في المسجد الأكبر، وعنده أهل الكوفة، فجاء رجل من أهل الكوفة، فاستقبل المغيرة فسب وسب. فقال سعيد بن زيد: من يسب هذا يا مغيرة? قال يسب علي بن أبي طالب قال يا مغير بن شعيب يا مغير بن شعيب? إلَّا تسمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك ولا تنكر ولا تغير فأنا أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعت أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لم أكن أروي عنه كذبًا إنه قال: "أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعلي في الجنة وعثمان في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن في الجنة وسعد بن مالك في الجنة" وتاسع المؤمنين في الجنة ولو شئت أن أسميه لسميته فضج أهل المسجد يناشدونه يا صاحب رسول الله من التاسع? قال ناشدتموني بالله والله عظيم أنا هو والعاشر رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لمشهد شهده رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمل أحدكم ولو عمر ما عمر نوح

(3)

.

أخرجه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، من طريق صدقة.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 168" ومسلم "2965"، وأبو يعلى "737"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 24 - 25، 94"، والبيهقي في "الشعب""10370"، والبغوي "4228"، من طريق بكير بن مسمار، به.

قلت: إسناده حسن، بكير بن مسمار الزهري، صدوق، وقوله:"الغني" قال النووي في "شرح مسلم": المراد بالغنى غنى النفس، هذا هو الغنى المحبوب لقوله صلى الله عليه وسلم:"ولكن الغنى غنى النفس" وأشار القاضي إلى أن المراد: الغنى بالمال، وقوله:"الخفي" هو المعتزل عن الناس الذي يخفى عليهم مكانه.

(2)

صحيح: مر قريبا برقم "185".

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 187"، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الفضائل""90، 91" وابن أبي شيبة "12/ 12، 42"، وأبو داود "4650"، وابن ماجه "133"، وابن أبي عاصم "1434، 1435"، والنسائي في "الكبرى""8219" من طريق صدقة بن المثنى، به.

ص: 72

شعبة، عن الحر: سمعت رجلًا يقال له عبد الرحمن بن الأخنس قال: خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي فقام سعيد بن زيد فقال: ما تريد إلى هذا؟ أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "عشرة في الجنة رسول الله في الجنة وأبو بكر في الجنة

" الحديث

(1)

.

الحر: هو ابن الصياح.

عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عبيد الله، حدثنا الحر بنحوه.

بن أبي فديك: حدثنا موسى بن يعقوب، عن عمر بن سعيد بن سريج أن عبد الرحمن بن حميد حدثه، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن، حدثني سعيد بن زيد في نفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة

" وسمى فيهم أبا عبيدة

(2)

.

ابن عيينة، عن سعير بن الخمس، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر قال رسول الله: "عشرة من قريش في الجنة: أبو بكر

" ثم سمى العشرة

(3)

.

أخبرنا ابن أبي عمر وجماعة إذنًا قالوا، أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن

(1)

صحيح لغيره: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 88، 90، 92، 94"، وأحمد "1/ 188"، والطيالسي "236"، وأبو داود "4649"، وابن أبي عاصم في "السنة""1429، 1430، 1431"، من طريق شعبة، عن الحر بن الصباح، به، وأخرجه ابن أبي شيبة "12/ 15"، والنسائي في "الكبرى""8156، 8204"، من طريق الحر بن الصياح، به. وفي إسناده عبد الرحمن بن الأخنس، مستور، وللحديث طريق أخرى يرتقي به إلى درجة الصحة، وراجع تعليقنا القادم رقم "195".

(2)

صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "3748"، والنسائي في "الكبرى""8195"، وابن أبي عاصم في "السنة""1436"، والحاكم "3/ 440"، من طريق ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن عمر بن سعيد، به.

قلت: موسى بن يعقوب، وعمر بن سعيد بن سريج، كلاهما ضعيف. لكن يشهد للحديث ما ورد عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة". أخرجه أحمد "1/ 193"، والترمذي "3747"، والنسائي في "الكبرى""8194"، وأبو يعلى "835"، والبغوي "3925" من طريق قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، به.

(3)

صحيح لغيره: في إسناده حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه، لكن يصح بما قبله، وبما بعده.

ص: 73

جعفر، حدثنا شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم قال: خطب المغيرة فنال من علي فخرج سعيد بن زيد فقال: إلَّا تعجب من هذا يسب عليًّا أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا كنا على حراء أو أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثبت حراء أو أحد! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد" فسمى النبي وأبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وطلحة والزبير وسعدًا وعبد الرحمن وسمى سعيدًا نفسه رضوان الله عليهم

(1)

وله طرق.

ومنها: عاصم بن علي، حدثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن هلال بن يساف، عن سعيد نفسه وقال:"اسكن حراء".

أخبرنا ابن أبي الخير، أنبأنا عبد الغني الحافظ في كتابه إلينا، أنبأنا المبارك بن المبارك السمسار، أنبأنا النعالي، أنبأنا أبو القاسم بن المنذر، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا الدقيقي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الليث، عن يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن حزم قال: جاءت أروى بنت أويس إلى محمد بن عمرو بن حزم فقالت: إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرة في حقي فائته فكلمه فوالله لئن لم يفعل لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها لا تؤذي صاحب رسول الله! ما كان ليظلمك ما كان ليأخذ لك حقًّا. فخرجت فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن سلمة فقالت لهما ائتيا سعيد بن زيد فإنه قد ظلمني وبنى ضفيرة في حقي فوالله لئن لم ينزع لأصيحن به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق فقال لهما ما أتى بكما? قالا جاء بنا أروى زعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحببنا أن نأتيك ونذكرك بذلك. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخذ شبرًا من الأرض بغير حق طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" لتأتين فلتأخذ ما كان لها من حق اللهم إن كانت كذبت عليَّ فلا تمتها حتى تعمى بصرها وتجعل منيتها فيها. ارجعوا فأخبروها بذلك فجاءت فهدمت الضفيرة وبنت بيتًا فلم تمكث إلَّا قليلًا حتى عميت وكانت تقوم من الليل ومعها جارية تقودها فقامت ليلة ولم توقظ الجارية فسقطت في البئر فماتت

(2)

.

هذا يؤخر إلى ترجمة سعيد بن زيد.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 188، 189"، والطيالسي "235"، وابن ماجه "134"، والنسائي في "الكبرى""8205" من طريق شعبة، عن حصين به، وإسناده حسن، عبد الله بن ظالم، صدوق. لكن يشهد له ما قبله.

(2)

صحيح أخرجه مسلم "1610""139"، ورواه مختصرا البخاري "3198".

ص: 74

أحمد في مسنده، حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن سعد قال: رأيت رجلين، عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويساره يوم أحد عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد

(1)

.

الثوري: عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود قال: اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر فيما أصبنا من الغنيمة فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء.

شريك: عن أبي إسحاق قال أشد الصحابة أربعة عمر وعلي والزبير وسعد.

أبو يعلى في "مسنده": حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الله بن قيس الرقاشي، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة" فطلع سعد بن أبي وقاص.

رشدين بن سعد، عن الحجاج بن شداد، عن أبي صالح الغفاري، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة" فدخل سعد بن أبي وقاص.

ابن وهب: أخبرني حيوة، أخبرنا عقيل، عن ابن شهاب، حدثني من لا أتهم، عن أنس قال بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة" فاطلع سعد.

الثوري، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم} [الأنعام: 52]، قال نزلت في ستة: أنا وابن مسعود منهم

(2)

.

مسلمة بن علقمة: حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي عثمان أن سعدًا قال نزلت هذه الآية فيَّ {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت: 8]، قال كنت برًّا بأمي فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت? لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي فيقال: يا قاتل أمه قلت: لا تفعلي يا أمه إني لا أدع ديني هذا لشيء. فمكثت يومًا لا تأكل ولا تشرب وليلة، وأصبحت وقد

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 171"، والطيالسي "206"، والبخاري "4054"، ومسلم "2306"، "47"، والبيهقي "3/ 254"، من طريق إبراهيم بن سعد، به، وأخرجه أحمد "1/ 171" من طريق يعقوب وسعد قالا: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، به. وأخرجه "1/ 177" من طريق محمد بن عبيد، حدثنا مسعر، عن سعد بن إبراهيم، به.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2413"، وابن ماجه "4128" من طريق المقدام بن شريح، به.

ص: 75

جهدت فلما رأيت ذلك قلت يا أمه! تعلمين -والله- لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني إن شئت فكلي أو لا تأكلي.

فلما رأت ذلك أكلت

(1)

.

رواه أبو يعلى في مسنده.

مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل سعد بن مالك فقال رسول الله: "هذا خالي فليرني امرؤ خاله"

(2)

.

قلت لان أم النبي صلى الله عليه وسلم زهرية وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف ابنة عم أبي وقاص.

يحيى القطان، عن الجعد بن أوس حدثتني عائشة بنت سعد قالت: قال سعد: اشتكيت بمكة فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فمسح وجهي وصدري وبطني وقال: "اللهم اشف سعدًا" فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده صلى الله عليه وسلم على كبدي حتى الساعة

(3)

.

أخرجه البخاري والنسائي.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 181"، ومسلم مختصرا "1748""34"، والطيالسي "208"، وعبد بن حميد "132"، والطحاوي "3/ 279"، وأبو عوانة "4/ 103 - 104، 104"، والبيهقي في "السنن""6/ 291" من طريق شعبة، حدثني سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد قال:"أنزلت في أبي أربع آيات ........... " فذكره.

قلت: إسناده حسن، سماك بن حرب، صدوق.

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "3752" من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مجالد.

قلت: مجالد، هو ابن سعيد بن عمير، ضعيف، لكن قد تابعه إسماعيل بن أبي خالد عند الحاكم "3/ 498" فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن جابر، به، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا: وقد خرجت هذا الحديث في تخريجنا وتعليقنا على كتاب [منهاج السنة] لابن تيمية الجزء السادس بتعليق رقم "197" ط/ دار الحديث، فرجعه ثم إن شئت.

(3)

صحيح على شرط البخاري: أخرجه أحمد "1/ 171"، والبخاري "5659"، وفي "الأدب المفرد""499"، وأبو داود "3104"، والنسائي في "الكبرى""6318"، "7504"، والبيهقي "3/ 381" من طريق الجعد بن أوس، به.

ص: 76

أحمد في "مسنده"، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معان بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: جلسنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ورققنا فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء فقال: يا ليتني مت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سعد أتتمنى الموت عندي"? فردد ذلك ثلاث مرات ثم قال: "يا سعد! إن كنت خلقت للجنة فما طال عمرك أو حسن من عملك فهو خير لك"

(1)

.

محمد بن الوليد البسري: حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، عن قيس أخبرني سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم استجب لسعد إذا دعاك"

(2)

.

رواه جعفر بن عون، عن إسماعيل، عن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.

عبد الرحمن بن مغراء، عن سعيد بن المرزبان، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد:"اللهم استجب لسعد" ثلاث مرات

(3)

.

ابن وهب: حدثني أبو صخر، عن يزيد بن قسيط، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد إلَّا تأتي ندعو الله تعالى فخلوا في ناحية فدعا سعد فقال يا رب! إذا لقينا العدو غدًا، فلقني رجلًا شديدًا بأسه، شديدًا

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 266، 267"، وآفته علي بن يزيد الألهاني، فهو ضعيف.

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "3751"، والبزار "2579"، وابن حبان "2215"، موارد، والحاكم "3/ 499" من طرق عن جعفر بن عون، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعدا يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وأخرجه أحمد في "الفضائل""1308" عن يحيى القطان، عن إسماعيل بن أبي خالد، به، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 93"، من طريق موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، به، وأخرجه ابن أبي عاصم "في السنة""1408" حدثنا الحسن بن علي، حدثنا جعفر بن عون، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

قلت: وإسناده حسن: الحسن بن علي بن عفان الكوفي، وجعفر بن عون كلاهما صدوق، وأخرجه الحاكم "3/ 500" من طريق إبراهيم بن يحيى الشجري، عن أبيه حدثنى موسى بن عقبة، حدثني إسماعيل بن أبي خالد، به.

قلت: وإسناده ضعيف، آفته إبراهيم بن يحيى الشجري، وأبوه يحيى بن محمد بن عباد الشجري، كلاهما ضعيف، وقد خرجت الحديث في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] لابن تيمية ط/ دار الحديث، بتعليق رقم "120" في الجزء الثامن، فراجعه إن شئت.

(3)

ضعيف جدا: فيه عبد الرحمن بن مغراء، أبو زهير تركه ابن المديني، وقال ابن عدي: هو من جملة الضعفاء، وفي إسناده سعيد بن المرزبان، أبو سعد البقال، تركه الفلاس، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال البخاري: منكر.

ص: 77

حرده، أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله، وأخذ سلبه، فأمن عبد الله. ثم قال: اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، فأقاتله ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدا قلت لي: يا عبد الله! فبم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك. فتقول: صدقت.

قال سعد: كانت دعوته خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط.

أبو عوانة، وجماعة: حدثنا عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر، فقالوا: إنه لا يحسن أن يصلي. فقال سعد: أما أنا فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلاتي العشي، لا أخرم منها، أركد في الأوليين، وأحذف في الآخريين. فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق. فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجدا من مساجد الكوفة إلا قالوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عيسى، فقال رجل يقال له: أبو سعدة: أما إذ نشدتمونا بالله، فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوبة، ولا يسير بالسرية. فقال سعد: اللهم إن كان كاذبا فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن. قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد. متفق عليه

(1)

.

محمد بن جحادة: حدثنا الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد: أن سعدا خطبهم بالكوفة، فقال: يا أهل الكوفة! أي أمير كنت لكم؟ فقام رجل، فقال: اللهم إن كنت ما علمتك لا تعدل في الرعية، ولا تقسم بالسوية، ولا تغزو في السرية، فقال سعد:"اللهم إن كان كاذبا فأعم بصره"، وعجل فقره، وأطل عمره، وعرضه للفتن.

قال: فما مات حتى عمي، فكان يلتمس الجدرات، وافتقر حتى سأل، وأدرك فتنة المختار، فقتل فيها.

عمروبن مرزوق: حدثنا شعبة، عن سعيد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب، قال: خرجت جارية لسعد، عليها قميص جديد، فكشفتها الريح، فشد عمر عليها بالدرة، وجاء

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 175"، والطيالسي "216"، والبخاري "770"، ومسلم "453""159" وأبو داود "803" والنسائي "2/ 174"، وأبو يعلى "692" و"741"، وأبو عوانة "2/ 150"، والبغوي "في "الجعديات" "612" وابن حبان "1937"، "2140"، والبيهقي "2/ 65" من طريق شعبة أخبرني أبو عون، قال بهز: سمعت جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: شكاك الناس في كل شيء .... " فذكره.

ص: 78

سعد ليمنعه، فتناوله بالدرة، فذهب سعد يدعو على عمر، فناوله الدرة، وقال: اقتص. فعفا عن عمر.

أسد بن موسى: حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا إسماعيل، عن قيس، قال: كان لابن مسعود على سعد مال، قال له ابن مسعود: أد المال. قال: ويحك ما لي ولك؟ قال: أد المال الذي قبلك. فقال سعد: والله إني لأراك لاق مني شرا، هل أنت إلا ابن مسعود، وعبد بني هذيل. قال: أجل والله! وإنك لابن حمة. فقال لهما هاشم بن عتبة: إنكما صاحبا رسول اله صلى الله عليه وسلم ينظر إليكما الناس. فطرح سعد عودا كان في يده، ثم رفع يده، فقال: اللهم رب السماوات! فقال له عبد الله: قل قولا ولا تعلن. فسكت، ثم قال سعد: أما والله لولا اتقاء الله لدعوت عليك دعوة لا تخطئك.

رواه ابن المديني، عن سفيان، عن إسماعيل، وكان قد أقرضه شيئا من بيت المال.

ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يد سعد، وهو كان مقدم الجيوش يوم وقعة القادسية، ونصر الله دينه. ونزل سعد بالمدائن، ثم كان أمير الناس يوم جلولاء، فكان النصر على يده، واستأصل الله الأكاسرة.

فروى زياد البكائي، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر، قال: قال ابن عم لنا يوم القادسية:

ألم تر أن الله أنزل نصره

وسعد بباب القادسية معصم

فأبنا وقد أمت نساء كثيرة

وسنوه سعد ليس فيهم أيم

فلما بلغ سعدًا قال اللهم اقطع عني لسانه ويده فجاءت نشابة أصابت فاه فخرس ثم قطعت يده في القتال وكان في جسد سعد قروح فأخبر الناس بعذره، عن شهود القتال.

وروى نحوه سيف بن عمر، عن عبد الملك.

هشيم، عن أبي مسلم، عن مصعب بن سعد أن رجلًا نال من علي فنهاه سعد فلم ينته فدعا عليه فما برح حتى جاء بعير ناد فخبطه حتى مات.

ولهذه الواقعة طرق جمة، رواها ابن أبي الدنيا في "مجابي الدعوة". وروى نحوها الزبير بن بكار، عن إبراهيم بن حمزة، عن أبي أسامة، عن ابن عون، عن محمد بن محمد الزهري، عن عامر بن سعد وحدث بها أبو كريب، عن أبي أسامة ورواها ابن حميد، عن ابن المبارك، عن ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود.

ص: 79

وقرأتها على عمر بن القواس، عن الكندي، أنبأنا أبو بكر القاضي، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي حضورًا، أنبأنا ابن ماسي، أنبأنا أبو مسلم، حدثنا الأنصاري، حدثنا بن عون وحدث بها ابن علية، عن محمد بن محمد.

ورواها ابن جدعان، عن ابن المسيب: أن رجلًا كان يقع في علي وطلحة والزبير فجعل سعد ينهاه ويقول لا تقع في إخواني فأبى فقام سعد وصلى ركعتين ودعا فجاء بختي يشق الناس فأخذه بالبلاط فوضعه بين كركرته والبلاط حتى سحقه فأنا رأيت الناس يتبعون سعدًا يقولون هنيئًا لك يا أبا إسحاق! استجيبت دعوتك.

قلت: في هذا كرامة مشتركة بين الداعي والذين نيل منهم.

جرير الضبي، عن مغيرة، عن أمه قالت زرنا آل سعد فرأينا جارية كأن طولها شبر قلت من هذه? قالوا ما تعرفينها? هذه بنت سعد غمست يدها في طهوره فقال قطع الله قرنك فما شبت بعد.

وروى عبد الرزاق، عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف أن امرأة كانت تطلع على سعد فينهاها فلم تنته فاطلعت يومًا وهو يتوضأ فقال شاه وجهك فعاد وجهها في قفاها.

مينا: متروك

(1)

.

حاتم بن إسماعيل:، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن جده قال دعا سعد بن أبي وقاص فقال يا رب! بني صغار فأخر عني الموت حتى يبلغوا فأخر عنه الموت عشرين سنة.

قال خليفة بن خياط: وفي سنة خمس عشرة وقعة القادسية وعلى المسلمين سعد وفي سنة إحدى وعشرين شكا أهل الكوفة سعدًا أميرهم إلى عمر، فعزله.

وقال الليث بن سعد: كان فتح جلولاء سنة تسع عشرة افتتحها سعد بن أبي وقاص.

قلت: قتل المجوس يوم جلولاء قتلًا ذريعًا فيقال بلغت الغنيمة ثلاثين ألف ألف درهم.

وعن أبي وائل، قال: سميت جلولاء فتح الفتوح.

(1)

مينا بن أبي مينا، قال أبو حاتم: يكذب. وقال ابن معين والنسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك.

ص: 80

قال الزهري: لما استخلف عثمان عزل، عن الكوفة المغيرة وأمر عليها سعدًا.

وروى: حصين، عن عمرو بن ميمون، عن عمر أنه لما أصيب جعل الأمر شورى في الستة وقال من استخلفوه فهو الخليفة بعدي وإن أصابت سعدًا وإلا فليستعن به الخليفة بعدي فإنني لم أنزعه يعني، عن الكوفة من ضعف ولا خيانة.

ابن علية: حدثنا أيوب، عن محمد قال: نبئت أن سعدًا قال ما أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة جاهدت وأنا أعرف بالجهاد ولا أبخع نفسي إن كان رجلًا خيرًا مني لا أقاتل حتى يأتوني بسيف له عينان ولسان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر.

وتابعه معمر، عن أيوب.

أخبرنا أبو الغنائم القيسي وجماعة كتابة قالوا، أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا كثير بن زيد، عن المطلب، عن عمر بن سعد، عن أبيه أنه جاءه ابنه عامر فقال: أي بني! أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسًا؟ لا والله حتى أعطى سيفًا إن ضربت به مسلمًا نبا عنه وأن ضربت كافرًا قتله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب الغني الخفي التقي"

(1)

.

الزبير: حدثنا محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه قال قام علي على منبر الكوفة فقال حين اختلف الحكمان لقد كنت نهيتكم، عن هذه الحكومة فعصيتموني فقام إليه فتى آدم فقال: إنك والله ما نهيتنا بل أمرتنا وذمرتنا

(2)

، فلما كان منها ما تكره برأت نفسك ونحلتنا ذنبك فقال علي رضي الله عنه ما أنت وهذا الكلام قبحك الله! والله لقد كانت الجماعة فكنت فيها خاملًا فلما ظهرت الفتنة نجمت فيها نجوم قرن الماعز ثم التفت إلى الناس فقال: لله منزل نزله سعد بن مالك وعبد الله بن عمر والله لئن كان ذنبًا إنه لصغير مغفور ولئن كان حسنًا إنه لعظيم مشكور.

أبو نعيم: حدثنا أبو أحمد الحاكم، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحادة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن حسين بن خارجة الأشجعي قال: لما قتل عثمان أشكلت علي الفتنة فقلت: "اللهم أرني من الحق

(1)

حسن: سبق تخريجنا له قريبا برقم تعليق "189" فراجعه ثمت.

(2)

ذمرتنا: أي حثثتنا.

ص: 81

أمرًا أتمسك به. فرأيت في النوم الدنيا والآخرة بينهما حائط فهبطت الحائط فإذا بنفر فقالوا نحن الملائكة قلت فأين الشهداء? قالوا اصعد الدرجات فصعدت درجةً ثم أخرى فإذا محمد وإبراهيم صلى الله عليهما وإذا محمد يقول لإبراهيم: استغفر لأمتي قال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم اهراقوا دماءهم وقتلوا إمامهم إلَّا فعلوا كما فعل خليلي سعد?

قال: قلت: لقد رأيت رؤيا فأتيت سعدًا فقصصتها عليه فما أكثر فرحًا وقال: قد خاب من لم يكن إبراهيم عليه السلام خليله قلت: مع أي الطائفتين أنت? قال: ما أنا مع واحد منهما قلت: فما تأمرني? قال: هل لك من غنم? قلت: لا قال: فاشتر غنمًا فكن فيها حتى تنجلي.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبأنا هبة الله بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن علي الدقاق، أخبرنا علي بن محمد، أنبأنا محمد بن عمرو، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال:"مرضت عام الفتح مرضًا أشفيت منه فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فقلت يا رسول الله! إن لي مالًا كثيرًا وليس يرثني إلَّا ابنة أفأوصي بمالي كله? قال: "لا" قلت: فالشطر قال: "لا" قلت: فالثلث قال: "والثلث كثير إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس لعلك تؤخر على جميع أصحابك وأنك لن تنفق نفقةً تريد بها وجه الله إلَّا أجرت فيها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك" قلت: يا رسول الله إني أرهب أن أموت بأرض هاجرت منها قال: "لعلك أن تبقى حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة" يرثي له أنه مات بمكة

(1)

.

متفق عليه من طرق، عن الزهري.

(1)

صحيح: أخرجه الطيالسي "195، 197"، وعبد الرزاق "16357"، والحميدي "66"، وابن سعد "3/ 144"، وأحمد "1/ 176، 179"، والبخاري "3936"، "5668"، "6373"، و"6733"، ومسلم "1628"، "5"، والترمذي "2116"، والنسائي "6/ 241 - 242"، وابن ماجه "2708"، وأبو يعلى "747"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 379"، وابن الجارود "947"، والبيهقي "6/ 268 - 269"، من طرق عن الزهري، عن عامر بن سعد بن مالك، به.

وقد خرجت الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، بتعليقنا رقم "230" ط/ دار الحديث - الجزء الخامس، فراجعه ثم إن شئت.

ص: 82

وعن علي بن زيد، عن الحسن قال لما كان الهيج في الناس جعل رجل يسأل، عن أفاضل الصحابة فكان لا يسأل أحدًا إلَّا دله على سعد بن مالك.

وروى: عمر بن الحكم، عن عوانة قال دخل سعد على معاوية فلم يسلم عليه بالإمرة فقال معاوية لو شئت أن تقول غيرها لقلت قال فنحن المؤمنون ولم نؤمرك فإنك معجب بما أنت فيه والله ما يسرني أني على الذي أنت عليه وأني هرقت محجمة دم.

قلت: اعتزل سعد الفتنة فلا حضر الجمل ولا صفين ولا التحكيم ولقد كان أهلًا للإمامة كبير الشأن رضي الله عنه.

روى نعيم بن حماد، حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين: أن سعد بن أبي وقاص طاف على تسع جوار في ليلة، ثم استيقظت العاشرة لما أيقظها، فنام هو، فاستحيت أن توقظه.

حماد بن سلمة، عن سماك، عن مصعب بن سعد أنه قال: كان رأس أبي في حجري وهو يقضي فبكيت فرفع رأسه إلي فقال: أي بني ما يبكيك? قلت: لمكانك وما أرى بك قال: لا تبك فإن الله لا يعذبني أبدًا وأني من أهل الجنة.

قلت: صدق والله فهنيئًا له.

الليث: عن عقيل، عن الزهري: أن سعد بن أبي وقاص لما احتضر، دعا بخلق جبة صوف فقال: كفنوني فيها فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر وإنما خبأتها لهذا اليوم.

ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا فروة بن زييد، عن عائشة بنت سعد قالت: أرسل أبي إلى مروان بزكاته خمسة آلاف، وترك يوم مات مائتي ألف وخمسين ألفًا.

قال الزبير بن بكار: كان سعد قد اعتزل في آخر عمره في قصر بناه بطرف حمراء الأسد.

وعن أم سلمة أنها قالت: لما مات سعد، وجيء بسريره فأدخل عليها جعلت تبكي وتقول: بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

النعمان بن راشد: عن الزهري، عن عامر بن سعد قال: كان سعد آخر المهاجرين وفاة.

قال المدائني وأبو عبيدة وجماعة: توفي سنة خمس وخمسين.

وروى نوح بن يزيد، عن إبراهيم بن سعد: أن سعدًا مات وهو ابن اثنتين وثمانين سنة في سنة ست وخمسين وقيل: سنة سبع.

قال أبو نعيم الملائي: سنة ثمان وخمسين وتبعه قعنب بن المحرز والأول هو الصحيح.

وقع له في "مسند بقي بن مخلد": مئتان وسبعون حديثًا فمن ذاك في الصحيح ثمانية وثلاثون حديثًا.

ص: 83

‌11 - سعيد بن زيد

(1): " ع"

ابن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو الأعور، القرشي، العدوي.

أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن السابقين الأولين البدريين، ومن الذين رضي الله عنهم رضوا عنه.

شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد حصار دمشق، وفتحها فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة.

وله أحاديث يسيرة: فله حديثان في "الصحيحين" وانفرد البخاري له بحديث (2).

روى عنه: ابن عمر وأبو الطفيل وعمرو بن حريث وزر بن حبيش وأبو عثمان النهدي وعروة بن الزبير وعبد الله بن ظالم وأبو سلمة بن عبد الرحمن وطائفة.

قرأت على أحمد بن عبد الحميد، أخبركم الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وست مائة أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأنا ابن رزقويه، أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى الطائي سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عمرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل وماؤها شفاء للعين".

(1) ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 379 - 385"، "6/ 13"، تاريخ خليفة "218"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة 1509"، وتاريخه الصغير "1/ 101، 108، 112، 113"، والكني للدولابي "1/ 11"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 85"، وحلية الأولياء "1/ ترجمة 8"، والاستيعاب "2/ 614"، وأسد الغابة "2/ 306"، والإصابة "2/ ترجمة 3261"، وتهذيب التهذيب "4/ 34".

(2)

ستأتي هذه الأحاديث خلال ترجمته.

ص: 84

أخرجه البخاري

(1)

من طريق بن عيينة، فوقع لنا بدلًا عاليًا.

قرأت على علي بن عيسى التغلبي، أخبركم محمد بن إبراهيم الصوفي سنة عشرين وست مائة، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا عبد الله الثقفي، أنبأنا أحمد بن الحسن، أنبأنا حاجب بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم هو ابن منيب، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن طلحة، عن سعيد بن زيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ظلم من الأرض شبرًا طوقه من سبع أرضين ومن قتل دون ماله فهو شهيد"

(2)

.

هذا حديث صالح الإسناد، لكنه فيه انقطاع؛ لأن طلحة بن عبد الله بن عوف لم يسمعه من سعيد رواه مالك ويونس وجماعة، عن الزهري فأدخلوا بين طلحة وسعيد عبد الرحمن بن عمرو بن سهل الأنصاري أخرجه البخاري، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري.

كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم فرأى النصارى واليهود فكره دينهم وقال: اللهم إني على دين إبراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام كما ينبغي ولا رأى من يوقفه عليها، وهو من

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه ابن أبي شيبة "6/ 565"، "8/ 89"، وأحمد "1/ 187، 188"، والبخاري "4639"، و"5708"، ومسلم "2049""157، 158، 161، 162"، والترمذي "2067"، وابن ماجه "3454"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، "228"، والنسائي في "الكبرى""6667، 6668، 7564، 7565، 11188"، وأبو يعلى "961، 967"، وأبو عوانة "5/ 399، 400، 401، 402"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة""564" من طرق عن عبد الملك بن عمير به.

وقوله: "الكمأة" هي فطر من الفصيلة الكميئة، وهي أرضية، تنتفخ حاملات أبواغها فتنجني وتؤكل مطبوخة، وأما المن فهو الذي أنزله الله على بني إسرائيل، وهو الطل الذي يسقط على الشجر، فيجمع ويؤكل حلوا، فكأنه شبه به الكمأة بجامع ما بينهما من وجود كل منهما عفوا بغير علاج.

(2)

صحيح على شرط البخاري: أخرجه أحمد "1/ 187"، من طريق سفيان، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، به مرفوعا.

وأخرجه أحمد "1/ 188"، وعبد بن حميد "105"، والترمذي "1418"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""230"، وابن الجارود "1019"، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" 663" من طريق عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن عبد الرحمن بن سهل، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، به مرفوعا، وأخرجه أحمد "1/ 189"، والبخاري "2452" من طريق أبي اليمان: حدثنا شعيب، عن الزهري، حدثني طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل أخبره أن سعيد بن زيد قال: فذكره.

ص: 85

أهل النجاة فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه "يبعث أمة وحده"

(1)

. وهو ابن عم الإمام عمر بن الخطاب، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعش حتى بعث.

فنقل يونس بن بكير، وهو من أوعية العلم بالسير، عن محمد بن إسحاق قال قد كان نفر من قريش زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وعثمان بن الحارث بن أسد وعبيد الله بن جحش وأميمة ابنة عبد المطلب حضروا قريشًا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم فلما اجتمعوا خلا أولئك النفر بعضهم إلى بعض وقالوا: تصادقوا وتكاتموا فقال قائلهم تعلمن والله ما قومكم على شيء لقد أخطئوا دين إبراهيم وخالفوه فما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع فابتغوا لأنفسكم قال: فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية فأما ورقة فتنصر واستحكم في النصرانية وحصل الكتب وعلم علمًا كثيرًا ولم يكن فيهم أعدل شأنًا من زيد اعتزل الأوثان والملل إلَّا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه وكان الخطاب عمه قد آذاه فنزح عنه إلى أعلى مكة فنزل حراء فوكل به الخطاب شبابًا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة فكان لا يدخلها إلَّا سرًا وكان الخطاب أخاه أيضًا من أمه فكان يلومه على فراق دينه فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل، عن الدين.

أخبرنا يوسف بن أحمد بن أبي بكر الحجار، أنبأنا موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البنا، وأنبأنا أحمد بن المؤيد، أنبأنا الحسن بن إسحاق، أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني وقرأت على عمر بن عبد المنعم في سنة ثلاث وتسعين، عن أبي اليمن الكندي إجازة في سنة ثمان وست مائة، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله قالوا، أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عيسى بن حماد، أنبأنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائمًا مسندًا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش! والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري وكان يحيى المؤودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: مه! لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها.

هذا حديث صحيح غريب تفرد به الليث وإنما يرويه، عن هشام كتابة وقد علقه

(1)

يأتي في التعليق الآتي تخريجنا له.

ص: 86

البخاري في "صحيحه" فقال: وقال الليث: كتب إلي هشام فذكره وقد سمعه ابن إسحاق من هشام.

وعندي بالإسناد المذكور إلى الليث، عن هشام نسخة، فمن أنكر ما فيها، عن أبيه عروة أنه قال: مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول: أحد أحد فقال ورقة: أحد أحد يا بلال صبرًا يا بلال لم تعذبونه فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا يقول: لأتمسحن به هذا مرسل وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح.

يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني هشام، عن أبيه، عن أسماء أن ورقة كان يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ولكني لا أعلم ثم يسجد على راحته.

يونس بن بكير وعدة، عن المسعودي، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد بن عمرو على رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة فدعواه إلى سفرة لهما فقال: يابن أخي إني لا آكل مما ذبح على النصب فما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اليوم يأكل مما ذبح على النصب المسعودي ليس بحجة.

أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، عن يزيد، عن المسعودي، ثم زاد في آخره قال سعيد: فقلت: يا رسول الله إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له قال: "نعم فأستغفر له فإنه يبعث أمة وحده"

(1)

.

وقد رواه إبراهيم الحربي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا أبو قطن، عن المسعودي، عن نفيل، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد برسول الله صلى الله عليه وسلم وبابن حارثة وهما يأكلان في سفرة فدعواه فقال: إني لا آكل مما ذبح على النصب قال: وما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلًا مما ذبح على النصب

(2)

.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 189، 190"، والطيالسي "234"، والبيهقي في "دلائل النبوة""2/ 123 - 124"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة""568"، والطبراني "350" من طريق المسعودي، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله، فقد اختلط، وفيه نفيل بن هشام، وهشام بن سعيد بن زيد لم يوثقهما غير ابن حبان، وهو من المعروفين بالتساهل في توثيق المجاهيل والمجروحين.

(2)

ضعيف: آفته المسعودي، وقد بينا حاله في التعليق السابق.

ص: 87

فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله، وما زال المصطفى محفوظًا محروسًا قبل الوحي وبعده ولو احتمل جواز ذلك فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي وكان ذلك على الإباحة وإنما توصف ذبائحهم بالتحريم بعد نزول الآية كما أن الخمرة كانت على الإباحة إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد والذي لا ريب فيه أنه كان معصومًا قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعًا ومن الخيانة والغدر والكذب والسكر والسجود لوثن والاستقسام بالأزلام ومن الرذائل والسفه وبذاء اللسان وكشف العورة فلم يكن يطوف عريانًا ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة بل كان يقف بعرفة وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم تسليمًا.

أبو معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين".

غريب رواه الباغندي، عن الأشج عنه

(1)

.

عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء قالت: رأيت زيد بن عمرو شيخًا كبيرًا مسندًا ظهره إلى الكعبة وهو يقول: ويحكم يا معشر قريش إياكم والزنى فإنه يورث الفقر.

أبو الحسن المدائني، عن إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: قال زيد بن عمرو: شاممت النصرانية واليهودية فكرهتهما فكنت بالشام فأتيت راهبًا فقصصت عليه أمري فقال: أراك تريد دين إبراهيم عليه السلام يا أخا أهل مكة! إنك لتطلب دينًا ما يوجد اليوم فالحق ببلدك فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية وهو أكرم الخلق على الله

(2)

.

وبإسناد ضعيف، عن حجير بن أبي إهاب قال: رأيت زيد بن عمرو يراقب الشمس

(1)

حسن: رواه ابن عساكر "6/ 337/ 2" من طريق محمد بن محمد الباغندي، نا عبد الله بن سعيد الكندي الأشج، نا معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا. وسنده حسن.

والباغندي هو الإمام المحدث العالم الصادق، أبو بكر، محمد بن سليمان بن الحارث الواسطي، قيل إن أبا داود جلس بين يديه، وحمل عنه.

(2)

ضعيف: فيه مجالد، وهو ابن سعيد، ضعيف، وكذلك أبو الحسن المدائني الأخباري علي بن محمد، قال ابن عدي: ليس بالقوي في الحديث.

ص: 88

فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعة وسجد سجدتين وأنشد الضحاك بن عثمان الحزامي لزيد:

وأسلمت وجهي لمن أسلمت

له المزن تحمل عذبًا زلالا

إذا سقيت بلدة من بلاد

سيقت إليها فسحت سجالا

وأسلمت نفسي لمن أسلمت

له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا

دحاها فلما استوت شدها

سواءً وأرسى عليها الجبالا

وروى: هشام بن عروة، فيما نقله عنه بن أبي الزناد أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام، فلما بلغه خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يريده فقتله أهل ميفعة بالشام.

وروى الواقدي: أنه مات فدفن بأصل حراء، وقال ابن إسحاق: قتل ببلاد لخم.

عبد العزيز بن المختار: أنبأنا موسى بن عقبة، أخبرني سالم: سمع بن عمر يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لقي زيد بن عمرو أسفل بلدح قبل الوحي فقدم إلى زيد سفرةً فيها لحم فأبى أن يأكل وقال: لا آكل مما تذبحون على أنصابكم أنا لا آكل إلَّا مما ذكر اسم الله عليه.

أخرجه: البخاري، وزاد في آخره: وكان يعيب على قريش ويقول: الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله?

(1)

أبو أسامة وغيره قالا: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب فذبحنا له ضمير "له" راجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاةً ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وهو مردفي في أيام الحر حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقي زيد بن عمرو فحيى أحدهما الآخر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "ما لي أرى قومك قد شنفوا لك" أي: أبغضوك? قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة كانت مني إليهم ولكني أراهم على ضلالة فخرجت أبتغي الدين حتى قدمت على أحبار أيلة فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فدللت على شيخ بالجزيرة فقدمت عليه فأخبرته فقال: إن كل من رأيت في ضلالة إنك لتسأل، عن دين هو دين الله وملائكته وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج ارجع إليه واتبعه فرجعت فلم أحس شيئًا فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم البعير، ثم قدمنا إليه السفرة. فقال: ما هذه? قلنا: شاة

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3826"، "5499".

ص: 89

ذبحناها للنصب، كذا قال. فقال: أني لا آكل مما ذبح لغير الله ثم تفرقا ومات زيد قبل المبعث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يأتي أمةً وحده".

رواه إبراهيم الحربي في "الغريب"، عن شيخين له، عن أبي أسامة ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان إما أن زيدًا فعله، عن غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا أنه كان معه فنسب ذلك إليه لأن زيدًا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه وكيف يجوز ذلك وهو عليه السلام قد منع زيدًا أن يمس صنمًا وما مسه هو قبل نبوته فكيف يرضى أن يذبح للصنم هذا محال.

الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده.

قلت: هذا حسن فإنما الأعمال بالنية. أما زيد فأخذ بالظاهر وكان الباطن لله وربما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الإفصاح خوف الشر فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان نعلم أيضًا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرًا بذمها بين قريش ولا معلنًا بمقتها قبل المبعث والظاهر أن زيدًا رحمه الله توفي قبل المبعث فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات وهي:

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما

تجنبت تنورًا من النار حاميا

بدينك ربا ليس رب كمثله

وتركك أوثان الطواغي كما هيا

وإدراكك الدين الذي قد طلبته

ولم تك، عن توحيد ربك ساهيا

فأصبحت في دار كريم مقامها

تعلل فيها بالكرامة لاهيا

وقد تدرك الإنسان رحمة ربه

كان تحت الأرض سبعين واديًا

نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدرٍ فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له بسهمه وأجره وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق.

وامرأته: هي ابنة عمه فاطمة أخت عمر بن الخطاب. أسلم سعيد قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم.

وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم قال: قال سعيد بن زيد: لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام وأخته ولو أن أحدًا انقض بما صنعتم بعثمان لكان حقيقًا

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3862".

ص: 90

وقد ذكرنا في إسلام عمر فصلًا في المعنى.

وذكر بن سعد في "طبقاته"، عن الواقدي، عن رجاله قالوا: لما تحين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصول عير قريش من الشام بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر يتحسسان خبر العير، فبلغا الحوراء فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بهم العير فتساحلت فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما فندب أصحابه وخرج يطلب العير فتساحلت وساروا الليل والنهار ورجع طلحة وسعيد ليخبرا فوصلا المدينة يوم الوقعة فخرجا يؤمانه وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمهما وأجورهما وشهد سعيد أحدًا والخندق والحديبية والمشاهد.

وقد تقدمت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة وأنه من الشهداء.

قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي، عن الشهادة لأبي بكر وعمر أنهما في الجنة فقال: نعم أذهب إلى حديث سعيد بن زيد.

هشام بن عروة: عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئًا من أرضها فخاصمته إلى مروان فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعت من رسول الله سمعته يقول: "من أخذ شيئًا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين" قال مروان: لا أسألك بينةً بعد هذا فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبةً فأعم بصرها وقتلها في أرضها فما ماتت حتى عميت وبينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.

أخرجه مسلم

(1)

وروى عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن نحوه، عن أبيه. وروى المغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر نحوه.

وقال ابن أبي حازم في حديثه: سألت أروى سعيدًا أن يدعو لها، وقالت: قد ظلمتك. فقال: لا أرد على الله شيئًا أعطانيه.

قلت: لم يكن سعيدًا متأخرًا، عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة وإنما تركه عمر رضي الله عنه لئلا يبقى له فيه شائبة حظ لأنه ختنه وابن عمه ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي: حابى ابن عمه فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله.

(1)

صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا برقم تعليق "213".

ص: 91

خالد الطحان، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار قال: كتب معاوية إلى مروان والي المدينة ليبايع لابنه يزيد فقال رجل من جند الشام: ما يحبسك? قال: حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع فإنه سيد أهل البلد وإذا بايع بايع الناس قال: أفلا أذهب فآتيك به?

وذكر الحديث.

أنبئنا وأخبرنا، عن حنبل -سماعًا- أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله، حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا سفيان، عن حصين ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد -وقال حصين: عن ابن ظالم، عن سعيد بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسكن حراء فما عليك إلَّا نبي أو صديق أو شهيد" وعليه النبي وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن وسعيد بن زيد

(1)

.

ابن سعد: أنبأنا أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد أخبرني نافع، عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة، بعد ما ارتفع النهار، فأتاه بن عمر بالعقيق، وترك الجمعة. أخرجه البخاري

(2)

.

وقال إسماعيل بن أمية: عن نافع قال: مات سعيد بن زيد وكان يذرب

(3)

.

فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أتحنطه بالمسك? فقال: وأي طيب أطيب من المسك! فناولته مسكًا.

سليمان بن بلال: حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد قالت: مات سعيد بن زيد بالعقيق فغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه وخرج معه.

وروى غير واحد، عن مالك قال: مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقاص بالعقيق. قال الواقدي: توفي سعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وقبر بالمدينة نزل في قبره سعد وابن عمر وكذا قال أبو عبيد ويحيى بن بكير وشهاب قال الواقدي: كان سعيد رجلًا آدم طويلًا أشعر وقد شذ الهيثم بن عدي فقال: مات بالكوفة وقال عبيد الله بن سعد الزهري: مات سنة اثنتين وخمسين رضي الله عنه.

(1)

صحيح لغيره: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "195".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3990".

(3)

يذرب: الذرب داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها فلا تمسكه.

ص: 92

فهذا ما تيسر من سيرة العشرة وهم أفضل قريش وأفضل السابقين المهاجرين وأفضل البدريين وأفضل أصحاب الشجرة وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة فأبعد الله الرافضة ما أغواهم وأشد هواهم كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة فوالله ما جرى من ذلك شيء وأنهم زوروا الأمر عنه بزعمهم وخالفوا نبيهم وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب لا لرغبةٍ في أمواله ولا لرهبة من عشيرته ورجاله ويحك! أيفعل هذا من له مسكة عقل? ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة ولو جاز وقوعه من جماعة لاستحال وقوعه والحالة هذه من ألوفٍ من سادة المهاجرين والأنصار وفرسان الأمة وأبطال الإسلام لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن والهدى نور يقذفه الله في قلب من يشاء فلا قوة إلَّا بالله.

حديث مشترك، وهو منكر جدًّا. رواه الطبراني في "المعجم الكبير": حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا الحسن بن سفيان في "مسنده" قالا: حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، حدثنا يزيد بن معن، حدثني عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة فجعل يقول: "أين فلان أين فلان? " فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا فقال: "إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه إن الله اصطفى من خلقه خلقًا يدخلهم الجنة وإني مصطف منكم ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر! " فقام فقال: "إن لك عندي يدًا إن الله يجزيك بها فلو كنت متخذًا خليلًا لاتخذتك فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي ادن يا عمر! " فدنا فقال: "قد كنت شديد الشغب علينا فدعوت الله أن يعز بك الدين أو بأبي جهل ففعل الله بك ذلك وأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة" ثم آخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان فلم يزل يدنيه حتى ألصق ركبته بركبته ثم نظر إلى السماء فسبح ثلاثًا ثم قال: "إن لك شأنًا في أهل السماء أنت ممن يرد علي الحوض وأوداجه تشخب فأقول: من فعل بك هذا? فتقول فلان" ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: "ادن يا أمين الله والأمين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق أما إن لك عندي دعوةً قد أخرتها" قال: خر لي يا رسول الله! قال: "حملتني أمانة أكثر الله مالك" وآخى بينه وبين عثمان ثم دعا طلحة والزبير فدنوا منه فقال: "أنتما حواري كحواري عيسى" وآخى بينهما ثم دعا سعدًا وعمارًا فقال: "يا عمار! تقتلك الفئة الباغية" ثم آخى بينهما. ثم دعا أبا الدرداء وسلمان،

ص: 93

فقال: يا سلمان! أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر يا أبا الدرداء! إن تنقدهم ينقدوك وإن تتركهم يتركوك وإن تهرب منهم يدركوك فأقرضهم عرضك ليوم فقرك ثم آخى بينهما ثم نظر إلى ابن عمر فقال: الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي وانقطع ظهري حين تركتني قال ما أخرتك إلَّا لنفسي وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي قال: ما أرث منك? قال: كتاب الله وسنة نبيه وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة. وتلا {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].

زيد: لا يعرف إلَّا في هذا الحديث الموضوع. وقد رواه محمد بن جرير الطبري، عن حسين الدارع، عن عبد المؤمن فأسقط منه، عن رجل.

وقال محمد بن الجهم السمري: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، حدثنا شعيب بن يونس، حدثنا موسى بن صهيب، عن يحيى بن زكريا، عن عبد الله بن شرحبيل، عن رجل، عن زيد.

ورواه مطين مختصرًا، حدثنا ثابت بن يعقوب، حدثنا ثابت بن حماد النصري، عن موسى بن صهيب، عن عبادة بن نسي، عن عبد الله بن أبي أوفى.

وقال الحسن بن علي الحلواني، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا أبو عبد الله الباهلي يقال -اسمه جعفر بن مرزوق- عن غياث بن شقير، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعيد بن عامر الجمحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم:"يا أبا بكر! تعال ويا عمر! تعال" وذكر حديث المؤاخاة إلَّا أنه خالف في أسماء الإخوان وزاد ونقص منهم.

تفرد به شبابة، ولا يصح.

والمحفوظ أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، ليحصل بذلك مؤازرة ومعاونة لهؤلاء بهؤلاء.

لسعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثًا اتفقا له على حديثين، وانفرد البخاري بثالث.

ص: 94

‌السابقون الأولون:

هم: خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وزيد بن حارثة النبوي، ثم عثمان، والزبير وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، ثم أبو عبيدة بن الجراح وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله بن عمر المخزوميان وعثمان بن مظعون الجمحي وعبيدة بن الحارث بن المطلب المطلبي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي وأسماء بنت الصديق وخباب بن الأرت الخزاعي حليف بني زهرة وعمير بن أبي وقاص أخو سعد وعبد الله بن مسعود الهذلي من حلفاء بني زهرة ومسعود بن ربيعة القارئ من البدريين وسليط بن عمرو بن عبد شمس العامري وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية وخنيس بن حذافة السهمي وعامر بن ربيعة العنزي حليف آل الخطاب وعبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي حليف بني أمية وجعفر بن أبي طالب الهاشمي وامرأته أسماء بنت عميس وحاطب بن الحارث الجمحي وامرأته فاطمة بنت المجلل العامرية وأخوه خطاب وامرأته فُكيهة بنت يسار وأخوهما معمر بن الحارث والسائب ولد عثمان بن مظعون والمطلب بن أزهر بن عبد عوف الزهري وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية والنحام نعيم بن عبد الله العدوي وعامر بن فهيرة مولى الصديق وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية وحاطب بن عمرو العامري وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة العبشمي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف التميمي اليربوعي حليف بني عدي وخالد وعامر وعاقل وإياس بنو البكير بن عبد يا ليل الليثي حلفاء بني عدي وعمار بن ياسر بن عامر العنسي بنون حليف بني مخزوم، وصهيب بن سنان بن مالك النمري الرومي المنشأ وولاؤه لعبد الله بن جدعان، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وأبو نجيح عمرو بن عبسة السلمي البجلي لكنهما رجعا إلى بلادهما.

فهؤلاء الخمسون من السابقين الأولين. وبعدهم أسلم: أسد الله حمزة بن عبد المطلب، والفاروق عمر بن الخطاب عز الدين، رضي الله عنهم أجمعين.

ص: 95

‌12 - مصعب بن عمير

(1)

:

ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب.

السيد، الشهيد، السابق، البدري، القرشي، العبدري.

قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير فقلنا له ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقال هو مكانه وأصحابه على أثري ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر، الأعمى ........... وذكر الحديث

(2)

.

الأعمش:، عن أبي وائل، عن خباب قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبتغي وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لسبيله لم يأكل من أجره شيئًا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يترك إلَّا نمرة كنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غطوا رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر" ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها

(3)

.

شعبة، عن سعد بن إبراهيم سمع أباه يقول: أتي عبد الرحمن بن عوف بطعام فجعل يبكي فقال قتل حمزة فلم يوجد ما يكفن فيه إلَّا ثوبًا واحدًا وقتل مصعب بن عمير فلم يوجد ما يكفن فيه إلَّا ثوبًا واحدًا لقد خشيت أن يكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا وجعل يبكي

(4)

.

ابن إسحاق: حدثني يزيد بن زياد، عن القرظي، عمن سمع علي بن أبي طالب يقول:

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 17، 116، 122، 420"، تاريخ خليفة "69"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1400"، حلية الأولياء "1/ ترجمة 12"، العبر "1/ 5".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3924، 3925".

(3)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "6195"، والحميدي "155"، وأحمد "5/ 109 - 111 - 112"، "6/ 395"، والبخاري "1276، 3897، 3913، 3914، 4047، 4082، 6432، 6448"، ومسلم "940"، وأبو داود "3155" والترمذي "3853"، والنسائي "4/ 38 - 39"، وابن الجارود "522"، وابن حبان "7019"، والبيهقي "3/ 401"، والطبراني "3657 - 3664"، والبغوي "1479" من طرق عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، به.

قوله: "يهد بها": أي يجنيها يأكل منها. قوله: "نمرة": بردة من صوف تلبسها الأعراب.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "1274، 1275، 4045".

ص: 96

إنه استقى لحائط يهودي بملء كفه تمراً، قال فجئت المسجد فطلع علينا مصعب بن عمير في بردة له مرقوعة بفروة وكان أنعم غلام بمكة وأرفه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم ورأى حاله التي هو عليها فذرفت عيناه عليه ثم قال أنتم اليوم خير أم إذا غدي على أحدكم بجفنةٍ من خبز ولحم؟ فقلنا نحن يومئذ خير نكفى المؤنة ونتفرغ للعبادة فقال: بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ

(1)

.

ابن إسحاق حدثني صالح بن كيسان عن سعد بن مالك قال كنا قبل الهجرة يصيبنا ظلف العيش وشدته فلا نصبر عليه فما هو إلا أن هاجرنا فأصابنا الجوع والشدة فاستضلعنا بهما وقوينا عليهما فأما مصعب بن عمير فإنه كان أترف غلام بمكة بين أبويه فيما بيننا فلما أصابه ما أصابنا لم يقو على ذلك فلقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية ولقد رأيته ينقطع به فما يستطيع أن يمشي فنعرض له القسي ثم نحمله على عواتقنا ولقد رأيتني مرةً قمت أبول من الليل فسمعت تحت بولي شيئاً يجافيه فلمست بيدي فإذا قطعة من جلد بعير فأخذتها فغسلتها حتى أنعمتها ثم أحرقتها بالنار ثم رضضتها فشققت منها ثلاث شقات فاقتويت بها ثلاثاً.

قال بن إسحاق وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل قتله بن قمئة الليثي وهو يظنه رسول الله فرجع إلى قريش فقال قتلت محمداً فلما قتل مصعب أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب ورجالاً من المسلمين.

(1)

ضعيف: أخرجه الترمذي (2476) من طريق محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، به

وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

قلت: إسناده ضعيف، أفنه إبهام من حدَّث عنه القرظي، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 340) من طريق يونس بن بكير، حدثنا سنان بن سيسن الحنفي، حدثني الحسن، به مرسلاً.

قلت: إسناده ضعيف. فيه علتان:

الأولى: الإرسال، فالحسن. هو ابن بسار البصري.

الثانية: سنان، هو ابن أبي إسماعيل الحنفي البصري، مجهول، فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ ق 1/ 203)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

ص: 97

‌ومن شهداء يوم أحد:

حمزة، وعبد الله بن جحش الأسدي بن أخت حمزة فدفنا في قبر وعثمان بن عثمان المخزومي، لقبه شماس لملاحته.

ومن الأنصار: عمرو بن معاذ الأوسي، أخو سعد، وابن أخيه الحارث بن أوس، والحارث بن أنيس، وعمارة بن زياد بن السكن، ورفاعة بن وقش، وابنا أخيه عمرو وسلمة ابنا ثابت بن وقش وصيفي بن قيظي وأخوه جناب وعباد بن سهل وعبيد بن التيهان وحبيب بن زيد وإياس بن أوس الأشهليون واليمان والد حذيفة وزيد بن حاطب الظفري وأبو سفيان بن حارث بن قيس وغسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر ومالك بن أمية وعوف بن عمرو وأبو حية بن عمرو وعبد الله بن جبير بن النعمان وخيثمة والد سعد وحليفه عبد الله وسبيع بن حاطب وحليفه مالك وعمير بن عدي فهؤلاء من الأوس.

ومن الخزرج: عمرو بن قيس، وولده قيس، وثابت بن عمرو، وعامر بن مخلد، وأبو هبيرة بن الحارث وعمرو بن مطرف وإياس بن عدي وأوس بن ثابت والد شداد وأنس بن النضر وقيس بن مخلد النجاريون وكيسان مولى بني النجار وسليم بن الحارث ونعمان بن عبد عمرو.

ومن بني الحارث بن الخزرج خارجة بن زيد بن أبي زهير وأوس بن أرقم ومالك والد أبي سعيد الخدري وسعيد بن سويد وعتبه بن ربيع وثعلبة بن سعد وثقف بن فروة وعبد الله بن عمرو وضمرة الجهني وعمرو بن إياس ونوفل بن عبد الله وعبادة بن الحسحاس وعباس بن عبادة ونعمان بن مالك والمجذر بن زياد البلوي ورفاعة بن عمرو ومالك بن إياس وعبد الله والد جابر وعمرو بن الجموح وابنه خلاد ومولاه أسير وتسليم بن عمرو بن حديدة ومولاه عنترة وسهيل بن قيس وذكوان، وعبيد بن المعلى بن لوذان.

ص: 98

‌13 - أبو سلمة

(1)

: " ت، ق"

ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب.

السيد الكبير، أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وابن عمته برة بنت عبد المطلب وأحد السابقين الأولين هاجر إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا ومات بعدها بأشهر وله أولاد صحابة كعمر وزينب وغيرهما ولما انقضت عدة زوجته أم سلمة تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم وروت، عن زوجها أبي سلمة القول عند المصيبة وكانت تقول من خير من أبي سلمة وما ظنت أن الله يخلفها في مصابها به بنظيره فلما فتح عليها بسيد البشر اغتبطت أيما اغتباط.

مات كهلًا، في سنة ثلاث من الهجرة رضي الله عنه.

قال بن إسحاق هو أول من هاجر إلى الحبشة ثم قدم مع عثمان بن مظعون حين قدم من الحبشة فأجاره أبو طالب.

قلت: رجعوا حين سمعوا بإسلام أهل مكة عند نزول سورة والنجم.

قال مصعب بن عبد الله: ولدت له أم سلمة بالحبشة: سلمة وعمر ودرة وزينب.

قلت: هؤلاء ما ولدوا بالحبشة إلَّا قبل عام الهجرة.

الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حضرتم الميت فقولوا خيرًا فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون".

قالت: فلما مات أبو سلمة قلت يا رسول الله! كيف أقول? قال: "قولي اللهم اغفر له وأعقبنا منه عقبى صالحة"، فأعقبني الله خيرًا منه، رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 239 - 242"، وتاريخ البخاري الكبير "5/ ترجمة 8"، وتاريخه الصغير "1/ 2، 3، 4، 21، 22، 162"، والكنى للدولابي "1/ 33"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 493"، والاستيعاب "3/ 939"، "4/ 1682"، وأسد الغابة "3/ 195"، والإصابة "2/ ترجمة 4783"، وتهذيب التهذيب "5/ 287 - 288"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3603".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "6066"، وابن أبي شيبة "3/ 236"، وأحمد "6/ 291، 306، 322"، ومسلم "919"، وأبو داود "3115"، والنسائي "4/ 4 - 5"، وفي "عمل اليوم والليلة "1069"، والحاكم "4/ 16"، والبيهقي "3/ 383 - 384"، والطبراني "23/ 722، 723"، والبغوي "1641" من طرق عن الأعمش، به.

ص: 99

حماد بن سلمة، أنبأنا ثابت، عن عمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها وأبدلني خيرًا منها".

فلما احتضر أبو سلمة، قلت ذلك وأردت أن أقول وأبدلني خيرًا منها فقلت ومن خير من أبي سلمة? فلم أزل حتى قلتها فلما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته وخطبها عمر فردته فبعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت مرحبًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسوله وذكر الحديث

(1)

.

قال الواقدي: حدثنا عمر بن عثمان اليربوعي، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة وغيره قالوا: شهد أبو سلمة أحدًا وكان نازلًا بالعالية في بني أمية بن زيد فجرح بأحد وأقام شهرًا يداوي جرحه فلما هل المحرم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "اخرج في هذه السرية" وعقد له لواء وقال: "سر حتى تأتي أرض بني أسد فأغر عليهم" وكان معه خمسون ومئة فساروا حتى انتهوا إلى أدنى قطن من مياههم فأخذوا سرحًا لهم ثم رجع إلى المدينة بعد بضع عشرة ليلة.

قال عمر بن عثمان: فحدثني عبد الملك بن عبيد قال لما دخل أبو سلمة المدينة انتقض جرحه فمات لثلاث بقين من جمادى الآخرة يعني سنة أربع وقيل: مات أبو سلمة سنة ثلاث.

(1)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 236"، والطيالسي "809"، وأحمد "6/ 309"، ومسلم "918"، والحاكم "2/ 178 - 179"، والطبراني في "الكبير""23/ 550، 692، 957، 958، 1001"، وفي "الدعاء له""1231 - 1234"، من طرق عن أم سلمة، به.

ص: 100

‌14 - عثمان بن مظعون

(1)

:

بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب الجمحي أبو السائب.

من سادة المهاجرين، ومن أولياء الله المتقين الذين فازوا بوفاتهم في حياة نبيهم فصلى عليهم وكان أبو السائب رضي الله عنه أول من دفن بالبقيع.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 393 - 400، 409"، تاريخ خليفة "65"، تاريخ البخاري الكبير "6/ 210"، التاريخ الصغير، "1/ 20 - 21"، حلية الأولياء "1/ 102 - 106"، والإصابة "2/ ترجمة 5453".

ص: 100

روى كثير بن زيد المدني:، عن المطلب بن عبد الله قال: لما دفن النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون قال لرجل: "هلم تلك الصخرة فاجعلها عند قبر أخي أعرفه بها أدفن إليه من دفنت من أهلي" فقام الرجل فلم يُطقها فقال -يعني الذي حدثه: فلكأني أنظر إلى بياض ساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين احتملها حتى وضعها عند قبره

(1)

. هذا مرسل.

قال سعيد بن المسيب: سمعت سعدًا يقول رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا

(2)

.

قال أبو عمر النمري: أسلم أبو السائب بعد ثلاثة عشر رجلًا وهاجر الهجرتين وتوفي بعد بدر وكان عابدًا مجتهدًا وكان هو وعلي وأبو ذر هموا أن يختصوا.

وروى من مراسيل عبيد الله بن أبي رافع قال: أول من دفن ببقيع الغرقد عثمان بن مظعون فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسه حجرًا وقال: "هذا قبر فرطنا"

(3)

.

وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية.

ابن المبارك: عن عمر بن سعيد، عن ابن سابط: قال عثمان بن مظعون لا أشرب شرابا يُذهب عقلي ويُضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي فلما حُرِّمت الخمر قال: تبًا لها قد كان بصري فيها ثاقبًا.

هذا خبر منقطع لا يثبت وإنما حرمت الخمر بعد موته.

سفيان بن وكيع، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، حدثني أبو النضر، عن زياد،

(1)

حسن لغيره: أخرجه أبو داود "3206" من طريق كثير بن زيد المدني، عن المطلب -وهو ابن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي- قال:"لما مات عثمان بن مظعون .... " الحديث.

قلت: إسناده ضعيف؛ لأن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب تابعي، وقد أرسله، لكن له شاهد عند ابن ماجه "1561" بإسناد حسن عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم قبر عثمان بن مظعون بصخرة.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 175، 176، 183"، وابن أبي شيبة "4/ 126"، والطيالسي "219"، وابن سعد "3/ 394"، والبخاري "5073"، 5074"، ومسلم "1402"، والنسائي "6/ 58"، وابن ماجه "1848"، والبزار "1069"، وأبو يعلى "788"، وابن الجارود "674"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 92"، والبيهقي "7/ 79"، من طرق عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب، به.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 397"، والحاكم "3/ 190" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك. وقال الذهبي في "التلخيص":"قلت: سنده واه كما تراه".

ص: 101

عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون حين مات فأكب عليه فرفع رأسه فكأنهم رأوا أثر البكاء ثم جثا الثانية ثم رفع رأسه فرأوه يبكي ثم جثا الثالثة فرفع رأسه وله شهيق فعرفوا أنه يبكي فبكى القوم فقال: "مه هذا من الشيطان" ثم قال: "أستغفر الله أبا السائب! لقد خرجت منها ولم تَلَبَّس منها بشيء"

(1)

.

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال لما مات ابن مظعون قالت امرأته: هنيئًا لك الجنة فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر غضب وقال ما يدريك? قالت فارسك وصاحبك. قال: "إني رسول الله وما أدري ما يفعل بي ولا به" فأشفق الناس على عثمان بن مظعون فبكى النساء فجعل عمر يسكتهن فقال: مهلًا يا عمر! ثم قال: "إياكن ونعيق الشيطان مهما كان من العين فمن الله ومن الرحمة وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان"

(2)

.

يعلى بن عبيد، حدثنا الإفريقي، عن سعد بن مسعود أن عثمان بن مظعون قال: يا رسول الله! لا أحب أن ترى امرأتي عورتي. قال: ولِمَ? قال: أستحيي من ذلك. قال: "إن الله قد جعلها لك لباسًا وجعلك لباسًا لها"

(3)

. هذا منقطع.

ابن أبي ذئب، عن الزهري أن عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض.

(1)

موضوع: في إسناده سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد الرؤاسي الكوفي، قال البخاري: يتكلمون فيه لأشياء لقنوه إياها. وقال أبو زرعة: يتهم بالكذب، وأخرجه الطبراني في "الكبير""10/ 10826". حدثنا عمر بن عبد العزيز بن مقلاص المصري، حدثنا أبي، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث به.

قلت: في إسناده عمر بن عبد العزيز بن مقلاص المصري، وأبوه، لم أجد من ترجم لهما.

والمتن بالغ النكارة فقد جعل واضعه -عامله الله بما يستحق- البكاء من الشيطان وهو مخالف لما ثبت في الصحيحين أنه بكى على ابنه إبراهيم وقال: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون"، وفي الصحيحين أنه قال:"إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 398 - 399"، والحاكم "3/ 190" من طريق علي بن زيد، به. وفي إسناده علي بن زيد، وهو ضعيف.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 394"، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، مجمع على ضعفه. وثمة علة أخرى هي الانقطاع بين سعد بن مسعود وهو التجيبي الكندي، وعثمان بن مظعون، فإن سعد بن مسعود من التابعين، وقد مات عثمان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 102

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أليس لك فيَّ أسوة حسنة وليس من أمتي من اختصى أو خصى"

(1)

.

أبو إسحاق السبيعي، عن أبي بردة: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فرأينها سيئة الهيئة فقلن لها: مالك? فما في قريش أغنى من بعلك! قالت أما ليله فقائم وأما نهاره فصائم فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أما لك بي أسوة

" الحديث

(2)

.

قال: فأتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس.

حماد بن زيد، حدثنا معاوية بن عياش، عن أبي قلابة أن عثمان بن مظعون قعد يتعبد فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يا عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانية وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة"

(3)

.

عن عائشة بنت قدامة قالت: نزل عثمان وقدامة وعبد الله بنو مظعون ومعمر بن الحارث حين هاجروا على عبد الله بن سلمة العجلاني قال الواقدي: آل مظعون ممن أوعب في الخروج إلى الهجرة وغلقت بيوتهم بمكة

(4)

.

وعن عبيد الله بن عتبة قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم لآل مظعون موضع دارهم اليوم بالمدينة

(5)

. ومات في شعبان سنة ثلاث.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 394"، وهو معضل بين الزهري وعثمان بن مظعون. لكن قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل، وقد خرجناه بتعليق "رقم "235".

(2)

صحيح رجاله رجال الشيخين: أخرجه أحمد "6/ 226"، وابن سعد "3/ 395"، وعبد الرزاق "6/ 10375"، عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون أحسب اسمها خولة بنت حكيم على عائشة، وهي باذة الهيئة فسألتها ما شأنك، فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت عائشة ذلك له فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، فقال:"يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا أفمالك في أسوة فوالله إني أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده"، وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد سمع عروة من خالته عائشة، رضي الله عنه.

(3)

صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد في "طبقاته""3/ 395"، عن معاوية بن [أبي] عياش الجرمي، عن أبي قلابة به.

قلت: وهذا إسناد مرسل، لا بأس به في الشواهد، ورجاله ثقات رجال الشيخين خلا الجرمي، فقد ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""4/ 1/ 380"، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقد روى عنه ثلاثة من الثقات. لكن الحديث يشهد له ما قبله فصح، والله تعالى أعلى وأعلم.

(4)

،

(5)

أخرجه ابن سعد "3/ 396".

ص: 103

الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّل عثمان بن مظعون

(1)

وهو ميت ودموعه تسيل على خد عثمان بن مظعون. صححه الترمذي.

مالك، عن أبي النضر قال: لما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله "ذهبت ولم تلبس منها بشيء"

(2)

.

إبراهيم بن سعد:، عن بن شهاب، عن خارجة بن زيد، عن أم العلاء من المبايعات فذكرت أن عثمان بن مظعون اشتكى عندهم فمرَّضناه حتى توفي فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: شهادتي عليك أبا السائب لقد أكرمك الله! فقال رسول الله "وما يدريك? " قلت: لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمن? قال: "أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير وإني لرسول الله وما أدري ما يفعل بي". قالت: فوالله لا أزكِّي بعده أحدًا. قالت: فأحزنني ذلك فنمت فرأيت لعثمان عينًا تجري فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ذاك عمله"

(3)

.

حماد بن سلمة: حدثنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس بنحوه

(1)

ضعيف: أخرجه الطيالسي "1415"، وأحمد "6/ 43، 55، 206"، وأبو داود "3163"، والترمذي "989"، وابن ماجه "1456"، والحاكم "1/ 361" من طريق عاصم بن عبيد الله، به.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: "هذا حديث متداول بين الأئمة، إلا أن الشيخين لم يحتجا بعاصم بن عبيد الله"، وكذا قال الذهبي.

قلت: وهو كما قالا فالإسناد ضعيف.

وثمة شاهد له عند البزار "809" من طريق عاصم بن عبيد الله بن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون".

وأورده الهيثمي في "المجمع "3/ 20"، وقال: "رواه البزار وإسناده حسن".

قلت: أنى له الحسن، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 242"، ومن طريقه ابن سعد "3/ 397" عن أبي النضر، به.

قلت: أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية، مولى عمر بن عبيد الله التيمي المدني، تابعي من الخامسة، فالإسناد مرسل.

وقال الزرقاني: وصله ابن عبد البر من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن عائشة.

قلت: فالإسناد صحيح باتصاله ورجاله ثقات.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "3929، 7003، 7004، 7018".

ص: 104

وزاد: فلما ماتت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحقي بسلفنا الخيِّر عثمان بن مظعون"

(1)

.

الواقدي: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله أن عمر قال: لما توفي عثمان بن مظعون ولم يقتل هبط من نفسي حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ويك إن خيارنا يموتون ثم توفي أبو بكر قال فرجع عثمان في نفسي إلى المنزلة

(2)

.

وعن عائشة بنت قدامة قالت: كان بنو مظعون متقاربين في الشبه. كان عثمان شديد الأدمة كبير اللحية. رضي الله عنه

(3)

.

(1)

ضعيف: أخرجه "1/ 237"، وابن سعد "3/ 398 - 399"، والطيالسي "2694"، والحاكم "3/ 190"، والطبراني "8317، 12931"، وأبو نعيم "1/ 105"، من طرق عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، به.

قلت: إسناد ضعيف، فيه علتان: علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف، ويوسف بن مهران، قال أحمد: لا يعرف. وقال الحافظ في "التقريب": ليس هو يوسف بن ماهك، ذاك ثقة، وهذا لم يرو عنه إلا ابن جدعان، هو لين الحديث.

(2)

ضعيف جدا: آفته الواقدي، فقد أجمعوا على تركه، والخبر رواه ابن سعد "3/ 399".

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 400"، وفيه الواقدي، متروك.

ص: 105

‌15 - قدامة بن مظعون

(1)

:

أبو عمرو الجمحي.

من السابقين البدريين ولي إمرة البحرين لعمر وهو من أخوال أم المؤمنين حفصة وابن عمر وزوج عمتهما صفية بنت الخطاب، إحدى المهاجرات.

ولقدامة هجرة إلى الحبشة، وقد شرب مرة الخمرة متأوِّلًا مستدلًا بقوله تعالى {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الآية، فحدَّه عمر، وعزله من البحرين.

قال أيوب السختياني: لم يُحدَّ بدريٌ في الخمر سواه.

قلت: بلى، ونعيمان بن عمرو الأنصاري النجاري، صاحب المزاح.

قال بن سعد لقدامة من الولد: عمر وفاطمة وعائشة وهاجر الهجرة الثانية إلى الحبشة وشهد بدرًا وأحدًا.

وعن عائشة بنت قدامة: أن أباها توفي سنة ست وثلاثين وله ثمان وستون سنة وكان لا يغير شيبه وكان طويلًا أسمر رضي الله عنه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 401" وتاريخ البخاري الكبير "7/ ترجمة 794"، وتاريخه الصغير "1/ 43"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 723"، والإصابة "3/ ترجمة 7088".

ص: 105

‌16 - عبد الله بن مظعون الجمحي

(1)

:

أبو محمد من السابقين شهد بدرًا هو وإخوته: عثمان وقدامة والسائب ولد أخيه وهاجر عبد الله إلى الحبشة الهجرة الثانية.

قال بن سعد شهد بدرًا وأحدًا والخندق وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سهل بن عبيد بن المعلى الأنصاري قال: ومات في خلافة عثمان سنة ثلاثين وهو بن ستين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 400"، والإصابة "2/ ترجمة 4964".

ص: 106

‌17 - السائب بن عثمان

(1)

:

ابن مظعون الجمحي وأمه خولة بنت حكيم السلمية وأمها ضعيفة بنت العاص بن أمية بن عبد شمس.

هاجر إلى الحبشة وكان من الرماة المذكورين وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حارثة بن سراقة الأنصاري المقتول ببدر الذي أصاب الفردوس

(2)

.

قال ابن سعد: وشهد السائب بن عثمان بدرًا في رواية ابن إسحاق وأبي معشر والواقدي. ولم يذكره ابن عقبة وكان هشام بن الكلبي يقول: الذي شهدها هو السائب بن مظعون أخو عثمان لأبويه.

قال ابن سعد: هذا وهم إلى أن قال: وأصابه سهم يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة قال: ومات منه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 401" والجرح والتعديل "2/ 1/ 241"، الإصابة "2/ ترجمة 3068".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 260، 264، 272"، والبخاري "2809، 3982، 6560، 6567".

ص: 106

‌18 - أبو حذيفة

(1)

:

السيد الكبير الشهيد أبو حذيفة بن شيخ الجاهلية عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي العبشمي، البدري.

أحد السابقين واسمه مهشم فيما قيل: أسلم قبل دخولهم دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة مرتين. وولد له بها محمد بن أبي حذيفة ذاك الثائر على عثمان بن عفان ولدته له سهلة بنت سهيل بن عمرو وهي المستحاضة وقد تزوج بها عبد الرحمن بن عوف وهي التي أرضعت سالمًا وهو كبير لتظهر عليه وخُصَّا بذاك الحكم عند جمهور العلماء.

وعن أبي الزناد أن أبا حذيفة بن عتبة دعا يوم بدر أباه إلى البراز فقالت أخته أم معاوية هند بنت عتبة:

الأحول الأثعل المذموم طائره

أبو حذيفة شر الناس في الدين

أما شكرت أبَارباك من صِغَرٍ

حتى شببت شبابًا غير محجون

(2)

قال: وكان أبو حذيفة طويلًا، حسن الوجه، مرادف الأسنان، وهو الأثعل.

استشهد أبو حذيفة رضي الله عنه يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة هو ومولاه سالم.

وتأخر إسلام أخيه أبي هاشم بن عتبة فأسلم يوم الفتح وحسن إسلامه وجاهد وسكن الشام وكان صالحًا دينًا له رواية، عن النبي صلى الله عليه وسلم في "الترمذي""والنسائي""وابن ماجه". مات في خلافة عثمان وهو أخو الشهيد مصعب بن عمير لأمه وخال الخليفة معاوية.

روى منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، حدثنا سمرة بن سهم قال: قدمت على أبي هاشم بن عتبة وهو طعين فدخل عليه معاوية يعوده فبكى فقال: ما يبكيك يا خال? أوجعٌ أو حرصٌ على الدنيا? قال: كلا لا ولكن عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدًا لم آخذ به. قال لي: "يا أبا هاشم لعلك أن تدرك أموالًا تقسم بين أقوام وإنما يكفيك من جمع الدنيا خادم ومركب في سبيل الله" وقد وجدت وجمعت

(3)

.

وفي رواية مرسلة: "فيا ليتها بَعرًا محيلًا".

قيل عاش أبو حذيفة ثلاثًا وخمسين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 84 - 85"، الإصابة "4/ 264".

(2)

المحجن: العصى المعوجة معقفة الرأس.

(3)

حسن: أخرجه ابن ماجه "2327"، والنسائي "8/ 218 - 219" من طريق منصور، عن أبي وائل، عن سمرة بن سهم، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته سمرة بن سهم الأسدي، مجهول كما قال الحافظ في "التقريب"، وأخرجه الترمذي "2327"، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان عن منصور والأعمش، عن أبي وائل قال:"جاء معاوية إلى أبي هاشم بن عتبة، وهو مريض يعوده .... " الحديث.

قلت: والإسناد مرسل، لكن الحديث يرتقي لمرتبة الحسن بمجموع الطريقين، والله أعلم.

ص: 107

‌19 - سالم مولى أبي حذيفة

(1)

:

من السابقين الأولين، البدريين، المقربين، العالمين.

قال موسى بن عقبة: هو سالم بن معقل أصله من إصطخر. والى أبا حذيفة وإنما الذي أعتقه هي ثبيتة بنت يعار الأنصارية زوجة أبي حذيفة بن عتبة وتبناه أبو حذيفة كذا قال. بن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد أن سهلة بنت سهيل أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي امرأة أبي حذيفة فقالت: يا رسول الله إن سالمًا معي وقد أدرك ما يدرك الرجال فقال: "أرضعيه فإذا أرضعته فقد حرم عليك ما يحرم من ذي المحرم". قالت أم سلمة: أبى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحدٌ عليهن بهذا الرضاع وقلن: إنما هي رخصةٌ لسالم خاصة

(2)

.

وعن بن عمر قال: كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الذين قدموا من مكة حين قدم المدينة لأنه كان أقرأهم.

الواقدي: حدثنا أفلح بن سعيد، عن محمد بن كعب القرظي قال: كان سالم يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

حنظلة بن أبي سفيان: عن عبد الرحمن بن سابط، عن عائشة قالت: استبطأني رسول الله ذات ليلة فقال: "ما حبسك? " قلت إن في المسجد لأحسن من سمعت صوتًا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 85 - 88"، تاريخ البخاري الكبير "2/ 2/ 107"، حلية الأولياء "1/ 176 - 178".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1453"، "27"، من طريق ابن أبي مليكة به.

(3)

ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد "3/ 87"، وفيه الواقدي: متروك.

ص: 108

بالقرآن فأخذ رداءه وخرج يسمعه فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال: "الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك" إسناده جيد

(1)

.

عبد الله بن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن بن عمر أن المهاجرين نزلوا بالعصبة إلى جنب قباء فأمَّهم سالم مولى أبي حذيفة لأنه كان أكثرهم قرآنًا فيهم عمر وأبو سلمة بن عبد الأسد

(2)

.

ورواه أسامة بن حفص، عن عبيد الله ولفظه: لما قدم المهاجرين الأولون العصبة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سالم يؤمهم.

وروي، عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سالم مولى أبي حذيفة وبين أبي عبيدة بن الجراح. هذا منقطع.

وجاء من رواية الواقدي: أن محمد بن ثابت بن قيس قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفر لنفسه حفرة فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ ثم قاتل حتى قتل

(3)

.

وروى عبيد بن أبي الجعد، عن عبد الله بن الهاد أن سالمًا باع ميراثه عمر بن الخطاب فبلغ مائتي درهم فأعطاها أمه فقال: كليها.

وقيل: إن سالمًا وجد هو ومولاه أبو حذيفة رأس أحدهما عند رجلي الآخر صريعين رضي الله عنهما.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 165"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 371، والحاكم "3/ 225 - 226" من طريق حنظلة بن أبي سفيان، به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده صحيح، ولكنه على شرط مسلم حسب، وليس على شرط الشيخين عبد الرحمن بن سابط من رجال مسلم دون البخاري، وهذا من تساهل الحاكم والذهبي، وقد بينت كثيرا من تساهلهما في كتابنا [الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة]، وقد طبع المجلد الأول من المجلدات الثلاث في مكتبة الدعوة بالأزهر يسر الله طبع باقي مجلداته وأكثر النفع به وجعله في ميزان حسناتنا، وكل من ساعد على نشره، وترويجه بين الناس، آمين.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "692"، "7175".

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 88"، وفيه الواقدي، وهو متروك.

ص: 109

ومن مناقب سالم:

أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن محمد في كتابه وجماعة قالوا:، أخبرنا حنبل بن عبد الله، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب قال: من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو من مال الله. فقال سعيد بن زيد: أما إنك لو أشرت برجل من المسلمين لائتمنك الناس وقد فعل ذلك أبو بكر الصديق وائتمنه الناس فقال: قد رأيت من أصحابي حرصًا سيئًا وإني جاعل هذا الأمر إلى هؤلاء النفر الستة. ثم قال: لو أدركني أحد رجلين ثم جعلت إليه الأمر لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح

(1)

.

علي بن زيد ليِّن فإن صح هذا فهو دال على جلالة هذين في نفس عمر وذلك على أنه يجوز الإمامة في غير القرشي والله أعلم.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 342 - 343"، وأحمد "1/ 20" من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، وإسناده ضعيف، آفته علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف. وأبو رافع، هو نفيع بن رافع الصائغ.

ص: 110

‌شهداء بدر:

عبيدة بن الحارث المطلبي، وعمير بن أبي وقاص الزهري أخو سعد وصفوان بن بيضاء واسم أبيه وهب بن ربيعة الفهري وذو الشمالين عمير بن عبد عمرو الخزاعي وعمير بن الحمام بن الجموح الأنصاري الذي رمى التمرات وقاتل حتى قتل ومعاذ بن عمرو بن الجموح السلمي ومعاذ بن عفراء وأخوه عوف واسم أبيهما الحارث بن رفاعة من بني غنم بن عوف وحارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي الأنصاري جاءه سهم غرب وهو غلام حدث وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أم حارثة! إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" ويزيد بن الحارث بن قيس الخزرجي وأمه هي فُسحم ويقال له هو فسحم ورافع بن المعلى الزرقي وسعد بن خيثمة الأوسي ومبشر بن عبد المنذر أخو أبي لبابة وعاقل بن البكير بن عبد ياليل الكناني الليثي أحد الأخوة الأربعة البدريين فعدتهم أربعة عشر شهيدًا.

وقتل من المشركين: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وأخوه شيبة، ولهما مئة وأربعون سنة. وأبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، وأمية بن خلف الجمحي، وابنه علي. وعقبة بن أبي معيط ذبح صبرًا وأبو البختري العاص بن هشام الأسدي، والعاص أخو أبي جهل وحنظلة بن أبي سفيان أخو معاوية، وعبيد والعاص ابنا أبي أحيحة والحارث بن عامر النوفلي وطعيمة عم جبير بن مطعم وحارث بن زمعة بن الأسود وأبوه وعمه عقيل ونوفل بن خويلد الأسدي أخو خديجة والنضر بن الحارث قتل صبرًا وعمير بن عثمان عم طلحة بن عبيد الله ومسعود المخزومي أخو أم سلمة وأبو قيس أخو خالد بن الوليد وقيس بن العاد بن المغيرة المخزومي ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر السهمي وولدا منبه حارثة والعاص.

ص: 110

‌20 - حمزة بن عبد المطلب

(1)

:

ابن هاشم بن عبد مناف، ابن قصي بن كلاب

الإمام، البطل، الضرغام، أسد الله أبو عمارة، وأبو يعلى القرشي الهاشمي المكي ثم المدني البدري الشهيد عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة.

قال بن إسحاق: لما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا، عن بعض ما كانوا ينالون منه.

قال أبو إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ناد حمزة" فقلت من هو صاحب الجمل الأحمر? فقال حمزة هو عتبة بن ربيعة فبارز يومئذ حمزة عتبة فقتله.

وروى أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء الأنصار يبكين على هلكاهن، فقال:"لكن حمزة لا بواكي له" فجئن فبكين على حمزة عنده، إلى أن قال:"مروهن لا يبكين على هالكٍ بعد اليوم"

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 8 - 19 و 166"، تاريخ خليفة "68"، والجرح والتعديل "2/ 1/ 212"، الإصابة "1/ ترجمة 1826".

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 17"، وابن أبي شيبة "3/ 394"، 14/ 392 - 393"، وأحمد "2/ 40، 84، 92"، وابن ماجه "1591"، والطحاوي "4/ 293"، وأبو يعلى "3576، 3610"، والحاكم "3/ 194، 195، 197"، والطبراني "2944"، والبيهقي "4/ 70" من طرق عن أسامة بن زيد الليثي، به.

قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 111

وفي كتاب "المستدرك" للحاكم: عن جابر مرفوعًا: "سيد الشهداء: حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره، ونهاه، فقتله"

(1)

.

قلت: سنده ضعيف.

الدغولي

(2)

، حدثنا أحمد بن سيار، حدثنا رافع بن أشرس، حدثنا خليد الصفار، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب"

(3)

. هذا غريب.

أسامة بن زيد، عن نافع، عن بن عمر قال رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فسمع نساء بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهن فقال:"لكن حمزة لا بواكي له" فجئن نساء الأنصار فبكين على حمزة عنده فرقد فاستيقظ وهن يبكين فقال: "يا ويحهن! أهن ههنا حتى الآن مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم"

(4)

.

ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار في زمن معاوية غازيين فمررنا بحمص وكان وحشي بها فقال بن عدي هل لك أن نسأل وحشيًا كيف قتل حمزة. فخرجنا نريده فسألنا عنه، فقيل لنا: إنكما ستجدانه بفناء داره، على

(1)

حسن: أخرجه الحاكم "3/ 195" من طريق رافع بن أشرس، المروزي، حدثنا حفيد الصفار عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال الحاكم:"صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله: "قلت: الصفار لا يدري من هو؟! ".

قلت: ومثله رافع بن أشرس المروزي، فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ 2/ 482"، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال، وأخرجه الخطيب في "تاريخه""6/ 377"، "11/ 302"، من طريق عمار بن نصر، وأحمد بن شجاع المروزي، عن حكيم بن زيد الأشعري، عن إبراهيم الصائغ، به.

قلت: إسناده حسن، فيه حكيم بن زيد، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ 2/ 204 - 205"، وقال سألت أبي عنه، فقال:"صالح، هو شيخ".

(2)

الدغولي: بفتح الدال المهملة وضم الغين المعجمة، هو أبو العباس محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الدغولي، كان زعيم سرخس، وأحد أئمة المسلمين، وكان له بها مجلس إملاء، توفي بها سنة "365 هـ"، كما في ترجمته في "الأنساب" للسمعاني "5/ 359"، واللباب "1/ 503 - 504"،

(3)

حسن: انظر تعليقنا قبل السابق.

(4)

حسن: تقدم بتعليقنا رقم "267".

ص: 112

طنفسة له وهو رجل قد غلب عليه الخمر فإن تجداه صاحيًا تجدا رجلًا عربيًا فأتيناه فإذا نحن بشيخ كبير أسود مثل البغاث

(1)

على طنفسة له وهو صاح فسلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عديٍّ فقال: بن لعدي والله ابن الخيار أنت? قال: نعم

فقال: والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى وهي على بعيرها فلمعت لي قدماك قلنا إنا أتينا لتحدثنا كيف قتلت حمزة؟ قال سأحدثكما بما حدثت به رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت عبد جبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قتل يوم بدر فقال لي إن قتلت حمزة فأنت حر وكنت صاحب حربة أرمي قلما أخطئ بها فخرجت مع الناس فلما التقوا أخذت حربتي وخرجت أنظر حمزة حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق

(2)

يهد الناس بسيفه هدًا ما يليق شيئًا فوالله إني لأتهيأ له إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى الخزاعي فلما رآه حمزة قال هلم إلي يابن مقطعة البظور

(3)

ثم ضربه حمزة فوالله لكأن ما أخطأ رأسه ما رأيت شيئًا قط كان أسرع من سقوط رأسه فهززت حربتي حتى إذا رضيت عنها دفعتها عليه فوقعت في ثنته

(4)

حتى خرجت بين رجليه فوقع فذهب لينوء

(5)

فغلب فتركته وإياها حتى إذا مات قمت إليه فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي حاجة بغيره فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف فلما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت علي الأرض بما رحبت وقلت ألحق بالشام أو اليمن أو بعض البلاد فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال رجل والله إن يقتل محمد أحدًا دخل في دينه فخرجت حتى قدمت المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "وحشي"؟ قلت: نعم قال: "اجلس فحدثني كيف قتلت حمزة" فحدثته كما أحدثكما فقال: "ويحك! غيب عني وجهك فلا أرينك" فكنت أتنكب

(6)

رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان حتى قبض.

(1)

البغاثة: الضعيف من الطير، وجمعها بغاث. وقيل هي لئامها وشرارها.

(2)

الأورق: الأسمر.

(3)

البظر: بفتح الباء: الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان. والبظور: جمع بظر. وقد دعاه بذلك؛ لأن أمه كانت تختن النساء. والعرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذم، وإن لم تكن أم من يُقال له خاتنة.

(4)

الثنة: ما بين السرة والعانة من أسفل البطن.

(5)

لينوء: ينهض.

(6)

أتنكب: أتجنب، وأتنحى عنه.

ص: 113

فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة، خرجت معهم بحربتي التي قتلت بها حمزة فلما التقى الناس نظرت إلى مسيلمة وفي يده السيف فوالله ما أعرفه وإذا رجل من الأنصار يريده من ناحية أخرى فكلانا يتهيأ له حتى إذا أمكنني دفعت عليه حربتي فوقعت فيه وشد الأنصاري عليه فضربه بالسيف فربك أعلم أينا قتله فإن أنا قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلت شر الناس

(1)

.

وبه، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رجلًا يقول قتله العبد الأسود يعني مسيلمة

(2)

.

أسامة بن زيد، عن الزهري، عن أنس قال: لما كان يوم أحد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد جدع ومثل به فقال: "لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى يحشره الله من بطون السباع والطير". وكفن في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه وإذا خمرت رجلاه بدا رأسه ولم يصل على أحد من الشهداء وقال: "أنا شهيد عليكم" وكان يجمع الثلاثة في قبر والاثنين فيسأل أيهما أكثر قرآنًا فيقدمه في اللحد وكفن الرجلين والثلاثة في ثوب

(3)

.

ابن عون، عن عمير بن إسحاق، عن سعد بن أبي وقاص قال كان حمزة يقاتل يوم أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين ويقول أنا أسد الله

(4)

.

رواه يونس بن بكير، عن بن عون، عن عمير مرسلًا وزاد فعثر فصرع مستلقيًا وانكشفت الدرع، عن بطنه فزرقه

(5)

العبد الحبشي فبقره.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4072" من طريق جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري في نهاية حديث رقم "4027".

(3)

حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 14 - 15"، وابن أبي شيبة "14/ 260، 291، 292"، وعبد بن حميد "1164"، وأحمد "3/ 128"، وأبو داود "3136"، والترمذي "1016"، والطحاوي "1/ 502 - 503"، والدارقطني "4/ 116 - 117، 117"، والحاكم "3/ 196"، وأبو يعلى "3568"، من طرق عن أسامة بن زيد الليثي، به.

قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

(4)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 12"، والحاكم "3/ 194" من طريق ابن عون، عن عمير بن إسحاق مرسلا عن سعد بن أبي وقاص قال: فذكره.

(5)

زرقه: طعنه أو رماه قاله ابن منظور.

ص: 114

عبد العزيز بن الماجشون: عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو الضمري قال خرجت مع ابن الخيار إلى الشام فسألنا، عن وحشي فقيل هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت

(1)

فجئنا فسلمنا ووقفنا يسيرًا وكان ابن الخيار معتجرًا بعمامته ما يرى وحشي إلَّا عينيه ورجليه فقال يا وحشي! تعرفني? قال لا والله إلَّا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص فولدت غلامًا بمكة فاسترضعته فحملته مع أمه فناولتها إياه لكأني أنظر إلى قدميك قال فكشف عبيد الله، عن وجهه ثم قال إلَّا تخبرنا، عن قتل حمزة قال نعم إنه قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر فقال لي مولاي جبير إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر فلما خرج الناس، عن عينين - وعينون جبل تحت أحد بينه وبين أحد واد - قال سباع هل من مبارز? فقال حمزة يابن مقطعة البظور! تحاد الله ورسوله? ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب. فكمنت لحمزة تحت صخرة حتى مر علي فرميته في ثنته حتى خرجت الحربة من وركه.

إلى أن قال: فكنت بالطائف فبعثوا رسلًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل إنه لا يهيج الرسل. فخرجت معهم فلما رآني قال: "أنت وحشي"؟ قلت: نعم. قال: "الذي قتل حمزة"؟ قلت: نعم. قد كان الأمر الذي بلغك. قال: "ما تستطيع أن تغيب عني وجهك" قال فرجعت.

فلما توفي، وخرج مسيلمة قلت: لأخرجن إليه لعلي أقتله فأكافي به حمزة فخرجت مع الناس وكان من أمرهم ما كان فإذا رجل قائم في ثملة جدار كأنه جمل أورق ثائر رأسه فأرميه بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه ووثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.

قال سليمان بن يسار: فسمعت بن عمر يقول: قالت جارية على ظهر بيت: أمير المؤمنين قتله العبد الأسود

(2)

.

قال موسى بن عقبة: ثم انتشر المسلمون يبتغون قتلاهم فلم يجدوا قتيلًا إلَّا وقد مثلوا به إلَّا حنظلة بن أبي عامر وكان أبوه أبو عامر مع المشركين فترك لأجله وزعموا أن أباه وقف عليه قتيلًا فدفع صدره برجله ثم قال دينان قد أصبتهما قد تقدمت إليك في مصرعك هذا يا دنيس ولعمر الله إن كنت لواصلًا للرحم برًّا بالوالد.

ووجدوا حمزة قد بقر بطنه واحتمل وحشي كبده إلى هند في نذر نذرته حين قتل أباها

(1)

الحميت: هو النحي والزق الذي يكون فيه السمن ونحوه.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4072"، وقد مر تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "277، 278".

ص: 115

يوم بدر فدفن في نمرة كانت عليه إذا رفعت إلى رأسه بدت قدماه فغطوا قدميه بشيء من الشجر.

ابن إسحاق: حدثني بريدة، عن محمد بن كعب القرظي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم فلما رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما به من الجزع قالوا لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلةً لم يمثلها أحد من العرب بأحد فأنزل الله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِه} [النحل: 126]، إلى آخر السورة فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن بن عباس قال لما قتل حمزة أقبلت صفية أخته فلقيت عليًّا والزبير فأرياها أنهما لا يدريان فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"فإني أخاف على عقلها" فوضع يده على صدرها ودعا لها فاسترجعت وبكت ثم جاء فقام عليه وقد مثل به فقال: "لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع" ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم بسبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة ثم يجاء بسبعة فيكبر عليهم سبعًا حتى فرغ منهم

(2)

.

يزيد ليس بحجة وقول جابر لم يصل عليهم أصح.

(1)

ضعيف جدا: في إسناده علتان: الأولى: الإرسال.

الثانية: بريدة بن سفيان الأسلمي، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو داود: لم يكن بذلك، وكان يتكلم في عثمان. وقال الدارقطني: متروك. وقال أبو حاتم: هو ضعيف الحديث، كما أورده ابنه في الجراح والتعديل" "1/ 1/ 424"، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن بريدة بن سفيان كيف حديثه؟ قال له: بلية.

(2)

حسن: أخرجه ابن ماجه "1513"، مختصرا، وابن سعد "3/ 14"، والحاكم "1/ 197" عن أبي بكر بن عياش، به، وسكت عنه الحاكم. وقال الذهبي في "التلخيص":"سمعه أبو بكر بن عياش من يزيد وليسا بمعتمدين".

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: أبو بكر بن عياش، ضعيف، لسوء حفظه.

الثانية: يزيد بن أبي زياد الكوفي، سيئ الحفظ، قال ابن معين: ليس بالقوي، وقال أيضا: لا يحتج به، وقال ابن المبارك: ارم به. وقال أحمد: حديثه ليس بذاك، وأخرجه أحمد "3/ 128"، وأبو داود "3136، 3137"، والترمذي "1016"، والدارقطني "4/ 116، 117"، من طريق أسامة بن زيد عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، به.

قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد الليثي، صدوق.

ص: 116

وفي الصحيحين من حديث عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد صلاته على الميت فهذا كان قبل موته بأيام

(1)

.

ويروى من حديث بن عباس وأبي هريرة قوله عليه السلام: "لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين منهم" فنزلت {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] الآية

(2)

.

عبدان، أخبرنا عيسى بن عبيد الكندي، حدثني ربيع بن أنس، حدثني أبو العالية، عن أبي بن كعب أنه أصيب من الأنصار يوم أحد سبعون. قال فمثلوا بقتلاهم فقالت الأنصار لئن أصبنا منهم يومًا من الدهر لنربين عليهم فلما كان يوم فتح مكة نادى رجل لا يعرف لا قريش بعد اليوم! مرتين فأنزل الله على نبيه {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [النحل: 126] الآية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كفوا، عن القوم"

(3)

.

يونس بن بكير، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال جاءت صفية يوم أحد معها ثوبان لحمزة فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن ترى حمزة على حاله فبعث إليها الزبير يحبسها وأخذ الثوبين وكان إلى جنب حمزة قتيل من الأنصار فكرهوا أن يتخيروا لحمزة فقال:"أسهموا بينهما فأيهما طار له أجود الثوبين فهو له" فاسهموا بينهما فكفن حمزة في ثوب والأنصاري في ثوب

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 149، 153"، والبخاري "1344، 3596، 4042، 4085، 6426، 6590"، ومسلم "2296" وأبو داود "3223"، والنسائي "4/ 61، 62"، والطحاوي "1/ 504"، والبيهقي "4/ 14"، والطبراني في "الكبير""17/ 767"، والبغوي "3823"، من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد، ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء والأموات، فقال:"إني فرطكم على الحوض وإن عرضه كما بين أَيْلة إلى الجحفة إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي. ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها، وتقتتلوا، فتهلكوا، كما هلك من كان قبلكم". قال عقبة. "فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر". واللفظ لمسلم.

(2)

ضعيف جدا: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "284".

(3)

حسن: أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند""5/ 135"، والترمذي "1328"، والحاكم "2/ 358، 359" والبيهقي في "دلائل النبوة""3/ 289"، من طريق عيسى بن عبيد الكندي، به.

قلت: إسناده حسن، الربيع بن أنس، صدوق له أوهام كما قال الحافظ في "التقريب".

(4)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 165"، والبزار "980"، وأبو يعلى "686"، والبيهقي في "السنن" "3/ 401 - 402" من طريق سليمان بن داود الهاشمي: أخبرنا عبد الرحمن -يعني ابن أبي الزناد- عن هشام بن عروة، به.

قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبي الزناد، صدوق.

ص: 117

ابن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن بن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أننا أحياء في الجنة نرزق لئلا ينكلوا عند الحرب ولا يزهدوا في الجهاد قال الله: أنا أبلغهم عنكم". فأنزلت {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169]

(1)

.

ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر أصحاب أحد:"أما والله لوددت أني غودرت مع أصحاب فحص الجبل"

(2)

. يقول قتلت معهم.

وجاء بإسناد فيه ضعف، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى حمزة قتيلًا بكى فلما رأى ما مثل به شهق

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه أبو داود "2520"، والحاكم "2/ 88، 297" من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، به، وأخرجه أحمد "1/ 266"، وابن أبي شيبة "5/ 294 - 295"، وهناد في "الزهد""155"، وابن أبي عاصم في "الجهاد""194، 195"، من طريق محمد بن إسحاق، به. وأخرجه مسلم "1887" نحوه عن عبد الله بن مسعود.

(2)

حسن: أخرجه أحمد "3/ 375"، والحاكم "2/ 76"، "3/ 28"، والبيهقي في "الدلائل""3/ 304" من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، به، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وهو صدوق ووقع في "المسند""نحض الجبل"، والصواب [نحص الجبل]، وهو ما أثبتناه. وقد أثبته أيضا ابن الأثير في "النهاية""5/ 28"، وقال:"نحص الجبل": النحض بالضم: أصل الجبل وسفحه، تمنى أن يكون استشهد معهم يوم أحد.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 199" من طريق أبي حماد الحنفي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: فذكره، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. ووافقه البيهقي.

قلت: كل هذا من تساهلهما، فالإسناد ضعيف جدا، آفته أبو حماد مفضل بن صدقة الحنفي الكوفي قال النسائي: متروك. وقال يحيى: ليس بشيء. وقد ذكر الذهبي هذا في ترجمته في "الميزان" وذهل عنه هنا، فوافق الحاكم على تصحيح الإسناد ذهولا منه، وقد وقع له كثير من ذلك في كتابه [التلخيص] وبيَّنا نماذج كثيرة من تساهل الحاكم والذهبي في كتابنا [الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة]، وقد طبع المجلد الأول من هذا الكتاب بمكتبة الدعوة بالأزهر، يسر الله طبع بقية مجلداته، ويسر النفع به وجعله في ميزان حسناتنا وكل من يساعد على طبعه ونشره، آمين.

ص: 118

‌21 - عاقل بن البكير

(1)

:

وقيل: عاقل بن أبي البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكير بن عبد مناة بن كنانة الليثي.

نسبه محمد بن سعد، وقال: كان اسمه غافلًا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقلًا. وكان أبو البكير حالف نُفيل بن عبد العزى جد عمر وكان أبو معشر والواقدي يقولان: ابن أبي البكير قال: وكان موسى بن عقبة وابن إسحاق وابن الكلبي يقولون: ابن بكير.

أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن صالح، عن يزيد بن رومان قال: أسلم غافل وعامر وإياس وخالد بنو أبي البكير جميعًا وهم أول من بايع في دار الأرقم.

وأنبأنا محمد بن عمر، حدثنا عبد الجبار بن عمارة، عن عبد الله بن أبي بكر قال: خرج بنو أبي البكير مهاجرين فأوعبوا رجالهم ونساؤهم حتى غلقت أبوابهم فنزلوا على رفاعة بن عبد المنذر بالمدينة ثم قال: وقالوا وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عاقل وبين مبشر بن عبد المنذر فقتلا معًا ببدر وقيل: آخى بين عاقل وبين مجذر بن زياد.

استشهد عاقل يوم بدر شهيدًا وهو بن أربع وثلاثين سنة قتله مالك بن زهير الجشمي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 388، 456"، الإصابة "2/ ترجمة رقم 4361".

ص: 119

‌22 - أخوه خالد بن البكير

(1)

:

أو بن أبي البكير.

قال ابن سعد: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن الدثنة.

شهد خالد بدرًا، وأحدًا، وقتل يوم الرجيع في صفر سنة أربع وله أربع وثلاثون سنة.

أخوهما

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 389"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 2148".

ص: 119

‌23 - أخوهما إياس بن أبي البكير

(1)

:

قال ابن سعد: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الحارث بن خزمة وشهد بدرًا والمشاهد كلها وشهد فتح مصر توفي سنة أربع وثلاثين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 389"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 373".

ص: 119

‌24 - أخوهم الرابع عامر بن أبي البكير

(1)

:

قال ابن سعد: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين ثابت بن قيس بن شماس شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: ما شهد بدرًا إخوة أربعة سواهم واستشهد عامر يوم اليمامة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 389 - 390"، الإصابة "2/ ترجمة رقم "4368".

ص: 120

‌25 - مسطح بن أثاثة

(1)

:

ابن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي المهاجري البدري المذكور في قصة الإفك.

كان فقيرًا ينفق عليه أبو بكر

(2)

.

ذكره ابن سعد فقال: كان قصيرًا غائر العينين شثن الأصابع عاش ستًا وخمسين سنة.

قال: وتوفي سنة أربع وثلاثين رضي الله عنه.

إياك يا جري أن تنظر إلى هذا البدري شزرًا لهفوة بدت منه فإنها قد غفرت وهو من أهل الجنة وإياك يا رافضي أن تلوح بقذف أم المؤمنين بعد نزول النص في براءتها فتجب لك النار.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 7" و"3/ 53" و "8/ 228"، الجرح والتعديل "4/ 1/ 425"، الإصابة "3/ ترجمة 7935".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4750" من حديث عائشة الطويل الوارد في حادثة الإفك.

ص: 120

‌26 - أبو عبس

(1)

: " خ، ت، س"

ابن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث الأوسي واسمه عبد الرحمن.

بدري كبير، له ذرية بالمدينة وببغداد وكان يكتب بالعربية وكان هو وأبو بردة بن نيار يكسران أصنام بني حارثة.

آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين خنيس بن حذافة السهمي شهد بدرًا والمشاهد وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف

(2)

وكان عمر وعثمان يبعثانه مصدقًا

(3)

.

حدث عنه: ابنه زيد وحفيده أبو عبس بن محمد بن أبي عبس وعباية بن رفاعة مات بالمدينة سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان وعاش سبعين سنة وقبره بالبقيع.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 393" و"8/ 332" والإصابة "2/ ترجمة 5096".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4037"، ومسلم "1801" من طريق سفيان بن عمرو، عن جابر بن عبد الله.

(3)

المُصَدِّق: بتخفيف الصاد العامل الذي يأخذ الحقوق من الإبل والغنم.

ص: 120

‌27 - ابن التيهان

(1)

:

أبو الهيثم مالك بن التيهان بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة الأنصاري حليف بني عبد الأشهل. قاله جماعة.

وقال عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري: هو من الأوس، من أنفسهم.

ثم قال: هو ابن التيهان بن مالك بن عمرو بن زيد بن عمرو بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس. وأمه من بني جشم المذكور.

قال الواقدي: كان أبو الهيثم يكره الأصنام في الجاهلية ويؤفِّف بها ويقول بالتوحيد هو وأسعد بن زرارة وكانا من أول من أسلم من الأنصار بمكة ويجعل في الثمانية الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ويجعل في الستة وفي أهل العقبة الأولى الاثني عشر، وفي السبعين.

آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن مظعون شهد بدرًا والمشاهد وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر خارصًا

(2)

بعد ابن رواحة.

وعن محمد بن يحيى بن حبان: أن أبا الهيثم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارصًا ثم بعثه أبو بكر فأبى وقال إني كنت إذا خرصت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعت دعا لي.

وعن صالح بن كيسان، قال: توفي أبو الهيثم في خلافة عمر.

(1)

ترجمته في في طبقات ابن سعد "3/ 447 - 449"، الجرح والتعديل "4/ ق 1/ 207"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 7601".

(2)

الخرص: هو حزر ما على النخلة والكرمة من الرطب تمرا ومن العنب زبيبا، وهو من الخرض: الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير بظن، والاسم الخرص بالكسر. يقال: كم خرص أرضك؟ وفاعل ذلك الخارص.

ص: 121

وقال غيره: توفي سنة عشرين.

قال الواقدي: هذا أثبت عندنا ممن روى أنه قتل بصفين مع علي.

أخبرنا سنقر، أخبرنا عبد اللطيف، أنبأنا عبد الحق، أنبأنا أبو الحسن الحاجب، أنبأنا أبو الحسن الحمامي، أنبأنا بن قانع، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن جامع العطار، حدثنا عبد الحكيم بن منصور، حدثنا عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي الهيثم بن التيهان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المستشار مؤتمن"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 274"، وعبد بن حميد "235"، وابن ماجه "3746"، وابن حبان "1991"، موارد، والطبراني "638"، والبيهقي "10/ 112" من طرق عن الأسود بن عامر عن شريك، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف شريك وهو ابن عبد الله القاضي. وأبو عمرو الشيباني، هو سعد بن إياس، وأبو مسعود، هو عقبة بن عمرو الأنصاري، وله شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد""256"، وأبو داود "5128"، والترمذي في "السنن""2369، 2822"، وفي "الشمائل""134، والحاكم "4/ 131"، والبيهقي في "السنن" "10/ 112"، وفي شعب الإيمان "4604" من طريق شيبان، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه به في قصة، وله شاهد من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أخرجه الخطيب في "تاريخه" "13/ 285" من طريق داود بن الزبرقان، عن محمد بن عبيد الله، عن قرظة العجلي، عنه به.

ص: 122

‌28 - أبو جندل

(1)

:

بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس، بن عبد ود بن نصر بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر العامري القرشي واسمه العاص.

كان من خيار الصحابة، وقد أسلم وحبسه أبوه وقيده فلما كان يوم صلح الحديبية هرب يحجل في قيوده وأبوه حاضر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لكتاب الصلح فقال هذا أول من أقاضيك عليه يا محمد فقال هبه لي فأبى فرده وهو يصيح ويقول يا مسلمون! أرد إلى الكفر? ثم إنه هرب

(2)

. وله قصة مشهورة مذكورة في "الصحيح"، وفي المغازي ثم خلص وهاجر وجاهد ثم انتقل إلى جهاد الشام فتوفي شهيدًا في طاعون عمواس بالأردن سنة ثماني عشرة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 97" و"4/ 99" و"7/ 405"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 203"، شذرات الذهب "1/ 30".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2700"، "2731، 2732".

ص: 122

‌29 - وأخوه عبد الله بن سهيل

(1)

:

خرج مع أبيه إلى بدر يكتم إيمانه، فلما التقى الجمعان، تحول إلى المسلمين، وقاتل، وعد بدريا، رضي الله عنه.

وله غزوات ومواقف، واستشهد يوم اليمامة، وله ثمان وثمانون سنة.

وقيل: بل هو من السابقين الأولين، وإنه هاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى، رضي الله عنه.

وذكر الواقدي، قال: لما حج أبو بكر بالناس قيل حجة الوداع، لقيه سهيل بن عمرو رضي الله عنه فقال: بلغني يا أبا بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال: "يشفع الشهيد لسبعين من أهله"

(2)

. فأرجو أن يبدأ عبد الله بي.

فهذا لا يستقيم، لكن قاله -إن كان قاله- لما استشهد سنة اثنتي عشرة باليمامة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 347"، والجرح والتعديل "2/ ق 2/ 67"، والإصابة 2 ترجمة رقم "4736".

(2)

حسن لغيره: إسناده ضعيف جدا، فيه الواقدي، متروك.

وقد أخرجه أبو داود "2522" من طريق الوليد بن رباح الذماري، حدثني عمي نمران بن عتبة الذماري قال: دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، لجهالة نمران بن عتبة الذماري، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول -أي عند المتابعة- وللحديث شاهد عن المقدام بن معدي كرب: أخرجه الترمذي "1663" من طريق بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه".

وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.

قلت: بل إسناده ضعيف، آفته بقية بن الوليد، وهو مشهور بتدليس التسوية، وقد عنعنه، لكن الحديث يرتقي بمجموع الطريقين إلى درجة الحسن، والله تعالى أعلى وأعلم.

ص: 123

‌30 - وسهيل بن عمرو أبوهما

(1)

:

يكنى أبا يزيد. وكان خطيب قريش وفصيحهم ومن أشرافهم لما أقبل في شأن الصلح قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سهل أمركم"

(2)

.

تأخر إسلامه إلى يوم الفتح ثم حسن إسلامه وكان قد أسر يوم بدر وتخلص قام بمكة وحض على النفير وقال يا آل غالب! أتاركون أنتم محمدًا والصباة

(3)

يأخذون عيركم? من أراد مالًا فهذا مال ومن أراد قوةً فهذه قوة وكان سمحًا جوادًا مفوهًا وقد قام بمكة خطيبًا عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو من خطبة الصديق بالمدينة فسكنهم وعظم الإسلام.

قال الزبير بن بكار: كان سهيل بعد كثير الصلاة والصوم والصدقة خرج بجماعته إلى الشام مجاهدًا ويقال أنه صام وتهجد حتى شحب لونه وتغير وكان كثير البكاء إذا سمع القرآن وكان أميرًا على كردوس

(4)

يوم اليرموك.

قال المدائني وغيره: استشهد يوم اليرموك وقال الشافعي والواقدي مات في طاعون عمواس.

حدث عنه يزيد بن عميرة الزبيدي وغيره.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 405، 406" و"7/ 404 - 405" و"8/ 262"، والجرح والتعديل "2/ ق 1/ 245"، والتاريخ الكبير "2/ ق 2/ 103 - 104"، والإصابة "2/ ترجمة رقم "3573".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2731، 2732"، في جزء من حديث طويل من طريق أيوب، عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد سهل لكم من أمركم".

(3)

الصباة: بغير همز، كأنه جمع الصابي غير مهموز، كقاض وقضاة وغاز وغزاة. وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم، الصابئ؛ لأنه خرج من دين قريش إلى الإسلام، ويسمون من يدخل في دين الإسلام مصبوا؛ لأنهم كانوا لا يهمزون، فأبدلوا من الهمزة واوا، ويسمون المسلمين الصباة، بغير همز.

(4)

الكردوس: هي القطعة العظيمة من الخيل والجيش، والجمع كراديس، والكراديس، الفرق منهم.

ص: 124

‌31 - البراء بن مالك

(1)

:

ابن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري النجاري المدني.

البطل الكرار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخو خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك شهد أحدًا، وبايع تحت الشجرة.

قيل: كتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الجيش لا تستعملوا البراء على جيش فإنه مهلكة من المهالك يقدم بهم.

وبلغنا أن البراء يوم حرب مسيلمة الكذاب أمر أصحابه أن يحملوه على ترس على أسنة رماحهم ويلقوه في الحديقة فاقتحم إليهم وشد عليهم وقاتل حتى افتتح باب الحديقة. فجرح يومئذ بضعة وثمانين جرحًا ولذلك أقام خالد بن الوليد عليه شهرًا يداوي جراحه.

وقد اشتهر أن البراء قتل في حروبه مائة نفس من الشجعان مبارزة.

معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: قال الأشعري -يعني في حصار تستر

(2)

- للبراء بن مالك: إن قد دللنا على سرب يخرج إلى وسط المدينة فانظر نفرًا يدخلون معك فيه فقال البراء لمجزأة بن ثور انظر رجلًا من قومك طريفًا جلدًا فسمه لي. قال: ولم? قال: لحاجة. قال: فإني أنا ذلك الرجل.

قال: دللنا على سرب وأردنا أن ندخله قال: فأنا معك فدخل مجزأة أول من دخل فلما خرج من السرب شدخوه بصخرة ثم خرج الناس من السرب فخرج البراء فقاتلهم في جوف المدينة وقتل رضي الله عنه وفتح الله عليهم.

سلامة، عن عمه عقيل، عن الزهري، عن أنس مرفوعًا قال:"كم من ضعيفٍ متضعفٍ ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره" منهم البراء بن مالك وإن البراء لقي المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين فقالوا له يا براء! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنك لو أقسمت على الله لأبرك فأقسم على ربك" قال: أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم. وذكر الحديث

(3)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 16 - 17"، والتاريخ الكبير "1/ ق 2/ 117"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 399"، حلية الأولياء "1/ 350 - 351"، والإصابة "1/ ترجمة 620".

(2)

تستر: هي أعظم مدينة بخوزستان.

(3)

صحيح لغيره: أخرجه الحاكم "3/ 291 - 292" من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن عزيز قال: حدثنا سلامة، عن عقيل، عن ابن شهاب، به.

قلت: في إسناده ثلاث علل: الأولى محمد بن إسحاق، مدلس، وقد عنعنه.

الثانية: محمد بن عزيز الأيلي، فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة سماعة من عمه سلامة.

الثالثة: سلامة هو ابن روح، قيل لم يسمع من عمه عقيل بن خالد، ورواه الترمذي "3854" من طريق جعفر عن ثابت وعلي بن زيد، عن أنس، به. =

ص: 125

عبد السلام بن مطهر: حدثنا أبو سهل البصري، عن محمد بن سيرين، عن أنس أنه دخل على أخيه البراء وهو يتغنى فقال: تتغنى? قال: أتخشى علي أن أموت على فراشي وقد قتلت تسعة وتسعين نفسًا من المشركين مبارزة سوى ما شاركت فيه المسلمين?.

وفي رواية: يا أخي! تتغنى بالشعر وقد أبدلك الله به القرآن؟

وقال حماد بن سلمة: زعم ثابت، عن أنس قال: دخلت على البراء وهو يتغنى ويرنم قوسه فقلت: إلى متى هذا? قال: أتراني أموت على فراشي? والله لقد قتلت بضعًا وتسعين.

بن عون، عن محمد قال: بارز البراء مرزبان الزارة

(1)

فطعنه فصرعه وأخذ سلبه.

استشهد يوم فتح تستر سنة عشرين.

= وورد عن أنس بلفظ: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره"، وهو صحيح أخرجه البخاري "4500" عن عبد الله بن منير، عن عبد الله بن بكر السهمي، عن حميد الطويل، عنه، به. وله شاهد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:"رب أشعث ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس، لو أقسم على الله لأبره".

أخرجه الحاكم "4/ 328" من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب، عنه مرفوعا، والمطلب هذا مدلس وقد عنعنه: وأخرجه مسلم "2622، 2854"، والبغوي "4069" من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه، به.

والأشعث: هو المغبر الرأس، المنتف الشعر، الحاف الذي لم يدهن. والطمر: الثوب الخلق.

(1)

الزارة: قرية كبيرة بالبحرين.

ص: 126

‌32 - نوفل

(1)

:

ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عبد المطلب الهاشمي أبو الحارث أخو أبي سفيان بن الحارث.

كان نوفل أسن من عمه العباس. حضر بدرًا مع المشركين فأسر ففداه عمه العباس ثم أسلم وهاجر عام الخندق.

وقيل: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين العباس وقد كانا شريكين في الجاهلية متصافيين شهد نوفل بيعة الرضوان وأعان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بثلاثة آلاف رمح وثبت معه يومئذ وما علمت له روايةً ولا ذكرًا بأكثر مما أوردت.

قيل: مات سنة عشرين وقيل: مات سنة خمس عشرة وكان أسن بني هاشم في زمانه.

(1)

ترجمته في "الجرح والتعديل""4/ ق 1/ 487"، والإصابة "3/ ترجمة رقم 8826".

ص: 126

‌33 - وابنه الحارث بن نوفل

(1)

:

أسلم مع أبيه وولي مكة لعمر وعثمان وقد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض العمل وقيل إنه نزل البصرة وبنى بها دارًا.

مات في خلافة عثمان، عن نحو من سبعين سنة.

(1)

ترجمته في "الجرح والتعديل""1/ ق 2/ 91" والإصابة "1/ ترجمة 1500".

ص: 127

‌34 - وابنه عبد الله بن الحارث

(1)

: " ع"

ابن نوفل الهاشمي ولقبه ببَّة ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع أهل البصرة عند موت يزيد على تأميره عليهم.

قال الزبير بن بكار: هو ابن أخت معاوية بن أبي سفيان واسمها هند. هي كانت تنقزه وتقول:

يا ببَّة يا ببَّه

لأنكحن ببَّه

جاريةً خدبه

تسود أهل الكعبة

اصطلح أهل البصرة فأمروه عند هروب عبيد الله بن زياد وكتبوا إلى ابن الزبير بالبيعة له قال فأقره عليهم.

حدث، عن عمر وعثمان وأبي بن كعب وعلي والعباس وكعب الأحبار وطائفة وأرسل حديثًا. شهد الجابية مع عمر حدث عنه ابناه إسحاق وعبد الله وأبو التياح يزيد بن حميد وابن شهاب وعبد الملك بن عمير ومولاه يزيد بن أبي زياد وأبو إسحاق السبيعي وعمر بن عبد العزيز وآخرون.

قال ابن سعد: هو ثقة تابعي أتت به أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ دخل عليها فتفل في فيه ودعا له.

قال: وخرج هاربًا من البصرة إلى عمان خوفًا من الحجاج عند فتنة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فمات بعمان في سنة أربع وثمانين

وقال أبو عبيد: مات سنة ثلاث وثمانين

قلت: كان من أبناء الثمانين وحديثه في الكتب الستة وكان كثير الحديث يحدث أيضًا، عن صفوان بن أمية وأم هانئ بنت أبي طالب، وحكيم بن حزام.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 56 - 57" و"5/ 295 - 471" و"6/ 340"، والتاريخ الكبير "3/ ق 1/ 63"، والجرح والتعديل "2/ ق 2/ 30"، تهذيب التهذيب "5/ 180"، والإصابة "3/ ترجمة 6583".

ص: 127

‌35 - وابنه عبد الله بن عبد الله بن الحارث

(1)

: " خ، م"

ابن نوفل أبو يحيى الهاشمي، أخو إسحاق ومحمد.

حدث، عن أبيه، وابن عباس، وعبد الله بن خباب بن الأرت، وعبد الله بن شداد.

حدث عنه: أخوه عون والزهري وعاصم بن عبيد الله وعبد الحميد الخطابي وكان من صحابة سليمان الخليفة.

قال ابن سعد: ثقة قليل الحديث قتلته السموم بالأبواء في سنة سبع وتسعين وهو مع الخليفة سليمان فصلى عليه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ق 1/ 126"، وتهذيب التهذيب "5/ 284".

ص: 128

‌36 - سعيد بن الحارث

(1)

:

ابن عبد المطلب بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

له حديث واحد فيمن لقي الله مؤمنًا دخل الجنة

(2)

رواه عنه سلمان الأغر لكن في إسناده ابن لهيعة.

ذكره الحاكم في الصحابة من صحيحه وما رأيت من ذكره غيره.

(1)

ترجمته في "الإصابة""2/ ترجمة رقم "3250".

(2)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 247"، وفي إسناده ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه.

ص: 128

‌37 - أبو سفيان بن الحارث

(1)

:

هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي أخو نوفل وربيعة.

تلقى النبي صلى الله عليه وسلم في الطريق قبل أن يدخل مكة مسلمًا فانزعج النبي صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 49 - 54"، والإصابة "3/ ترجمة "8176".

ص: 128

لأنه بدت منه أمور في أذية النبي صلى الله عليه وسلم فتذلل للنبي صلى الله عليه وسلم حتى رق له ثم حسن إسلامه ولزم هو والعباس رسول الله يوم حنين إذ فر الناس وأخذ بلجام البغلة وثبت معه.

وقد روى عنه ولده عبد الملك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني هاشم! إياكم والصدقة".

وكان أخا النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أرضعتهما حليمة.

سماه هشام بن الكلبي والزبير مغيرة وقال طائفة اسمه كنيته وإنما المغيرة أخوهم.

وقيل كان الذين يشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم جعفر والحسن بن علي وقثم بن العباس وأبو سفيان بن الحارث.

وكان أبو سفيان من الشعراء وفيه يقول حسان:

ألا أبلغ أبا سفيان عني

مغلغلةً فقد برح الخفاء

هجوت محمداً فأجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

بن إسحاق عن عاصم بن عمر عمن حدثه قال: تراجع الناس يوم حنين. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أحب أبا سفيان هذا وشهد له بالجنة وقال: "أرجو أن يكون خلفاً من حمزة"

(1)

.

قيل: إن أبا سفيان حج فحلقه الحلاق فقطع ثؤلولاً في رأسه فمرض منه ومات بعد قدومه بالمدينة وصلى عليه عمر. ويقال: مات بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعة أشهر.

قال أبو إسحاق السبيعي: لما إحتضر أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قال: لا تبكوا علي فإني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت.

قال بن إسحاق: ولأبي سفيان يرثي النبي صلى الله عليه وسلم:

أرقت فبات ليلي لا يزول

وليل أخي المصيبة فيه طول

وأسعدني البكاء وذاك فيما

أصيب المسلمون به قليل

فقد عظمت مصيبتنا وجلت

عشية قيل قد قبض الرسول

فقدنا الوحي والتنزيل فينا

يروح به ويغدو جبرئيل

(1)

ضعيف أخرجه ابن سعد (4/ 52) وفيه مبهم، وأخرجه ابن سعد (4/ 53) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو سفيلن بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة، وإسناده لإرساله.

ص: 129

وذاك أحق ما سالت عليه

نفوس الخلق أو كادت تسيل

نبي كان يجلو الشك عنا

بما يوحى إليه وما يقول

ويهدينا فلا نخشى ضلالًا

علينا والرسول لنا دليل

فلم نر مثله في الناس حيًا

وليس له من الموتى عديل

أفاطم إن جزعت فذاك عذر

وإن لم تجزعي فهو السبيل

فعودي بالعزاء فإن فيه

ثواب الله والفضل الجزيل

وقولي في أبيك ولا تملي

وهل يجزي بفضل أبيك قيل

فقبر أبيك سيد كل قبر

وفيه سيد الناس الرسول

وقد أنقرض نسل أبي سفيان. قاله ابن سعد.

حماد بن سلمة:، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب أن أبا سفيان بن الحارث كان يصلي في الصيف نصف النهار حتى تُكره الصلاةُ ثم يصلي من الظهر إلى العصر.

حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبو سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة" فحج فحلقه الحلاق وفي رأسه ثؤلول فقطعه فمات. فيرونه شهيدًا

(1)

.

ويقال مات سنة عشرين بالمدينة.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 53". وهو ضعيف لإرساله.

ص: 130

‌38 - جعفر بن أبي سفيان

(1)

:

صحبة وثبت معه هو وأبوه يوم حنين وعاش إلى وسط خلافة معاوية. قاله ابن سعد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 55"، الجرح والتعديل "1/ ق 1/ 480".

ص: 130

‌39 - جعفر بن أبي طالب

(1)

:

السيد الشهيد الكبير الشأن علم المجاهدين أبو عبد الله ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي أخو علي بن أبي طالب وهو أسن من علي بعشر سنين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 34 - 41"، وتاريخ خليفة "86 - 87"، والتاريخ الكبير "1/ ق 2/ 185"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 482"، تهذيب التهذيب "2/ 98"، والإصابة "1/ ترجمة 1166".

ص: 130

هاجر الهجرتين وهاجر من الحبشة إلى المدينة فوافى المسلمين وهم على خيبر إثر أخذها فأقام بالمدينة أشهرًا ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش غزوة مؤتة بناحية الكرك فاستشهد. وقد سر رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا بقدومه وحزن والله لوفاته.

روى شيئًا يسيرًا وروى عنه ابن مسعود وعمرو بن العاص وأم سلمة وابنه عبد الله.

حديج بن معاوية:، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ثمانين رجلًا: أنا وجعفر وأبو موسى وعبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية. فقدما على النجاشي فلما دخلا سجدا له وابتدراه فقعد واحدًا، عن يمينه والآخر، عن شماله فقالا: إن نفرًا من قومنا نزلوا بأرضك فرغبوا، عن ملتنا. قال: وأين هم؟ قالوا: بأرضك فأرسل في طلبهم فقال جعفر: أنا خطيبكم فاتبعوه. فدخل فسلم فقالوا: مالك لا تسجد للملك? قال: إنا لا نسجد إلَّا لله. قالوا: ولم ذاك? قال: إن الله أرسل فينا رسولًا وأمرنا أن لا نسجد إلَّا لله وأمرنا بالصلاة والزكاة. فقال عمرو: إنهم يخالفونك في ابن مريم وأمه. قال: ما تقولون في ابن مريم وأمه? قال جعفر: نقول كما قال الله: روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر. قال: فرفع النجاشي عودًا من الأرض وقال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان ما تريدون ما يسوؤني هذا! أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته فأكون أنا الذي أحمل نعليه وأوضئه.

وقال: انزلوا حيث شئتم وأمر بهدية الآخرين فردت عليهما. قال: وتعجل ابن مسعود فشهد بدرًا

(1)

.

(1)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 461"، والطيالسي "346" والبيهقي في "الدلائل""2/ 298" من طريق حديج بن معاوية أخي زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان.

الأولى: حديج بن معاوية، أخو زهير بن معاوية ضعفه ابن معين والنسائي.

الثانية: أبو إسحاق السبيعي، مدلس، وقد عنعنه، وقد اختلط بأخرة، ولا يعلم روى عنه حديج قبل الاختلاط أم بعده؟. ولكن الحديث يرتقي لدرجة الحديث الحسن بما بعده.

ص: 131

وروى نحوًا منه: مجالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه

(1)

وروى نحوه بن عون، عن عمير بن إسحاق، عن عمرو بن العاص

(2)

.

محمد بن إسحاق:، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة قالت: لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء وأن رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم وكان هو في منعة من قومه وعمه لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بأرض الحبشة ملكًا لا يُظلم أحدًا عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا" فخرجنا إليه أرسالًا حتى إجتمعنا فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنَّا على ديننا

(3)

.

قال الشعبي: تزوج علي أسماء بنت عميس فتفاخر ابناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر. فقال كل منهما: أبي خير من أبيك. فقال علي: يا أسماء! إقضي بينهما. فقالت: ما رأيت شابًا كان خيرًا من جعفر ولا كهلًا خيرًا من أبي بكر. فقال علي: ما تركت لنا شيئًا ولو قلت غير هذا لمقتك. فقالت: والله إن ثلاثة أنت أخسُّهم لخيار.

مجالد:، عن الشعبي، عن عبد الله بن جعفر قال: ما سألت عليًا شيئًا بحق جعفر إلَّا أعطانيه.

(1)

حسن لغيره: أخرجها ابن عساكر من طريق أبي القاسم بن البغوي قال حدثنا أبو عبد الرحمن الجعفي، عن عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا أسد بن عمرو البجلي، عن مجالد بن سعيد، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه مجالد بن سعيد، ضعيف. والثانية: أسد بن عمرو البجلي، قال يزيد بن هارون: لا يحل الأخذ عنه.

وقال يحيى: كذوب ليس بشيء، وقال البخاري: ضعيف. لكن الحديث يحسن بما قبله، وبما بعده.

(2)

حسن لغيره: في إسناده عمير بن إسحاق، قال الحافظ في "التقريب": مقبول أي عند المتابعة، ولكن الحديث يرتقي بما قبله، لدرجة الحسن لغيره.

(3)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 201 - 203"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 115 - 116"، وفي "دلائل النبوة""194"، والطبراني مختصرا من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فذكرته.

قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، مشهور بالتدليس، ولكنه صرح بالتحديث، فانتفت علة تدليسه، فالحديث حسن، والله تعالى أعلى وأعلم.

ص: 132

ابن مهدي، حدثنا الأسود بن شيبان، عن خالد بن شمير قال: قدم علينا عبد الله بن رباح فاجتمع إليه ناس فقال: حدثنا أبو قتادة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال: "عليكم زيد فإن أصيب فجعفر فإن أصيب جعفر فابن رواحة" فوثب جعفر وقال: بأبي أنت وأمي! ما كنت أرهب أن تستعمل زيدًا علي. قال: "امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير" فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى: الصلاة جامعة. قال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم عن جيشكم إنهم لقوا العدو فأصيب زيد شهيدًا فاستغفروا له ثم أخذ اللواء جعفر فشد على الناس حتى قتل ثم أخذه بن رواحة فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدًا ثم أخذ اللواء خالد" ولم يكن من الأمراء هو أمر نفسه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه وقال: "اللهم هو سيف من سيوفك فانصره" - فيومئذ سمي سيف الله. ثم قال: "انفروا فامددوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد" فنفر الناس في حر شديد

(1)

.

بن إسحاق: حدثنا يحيى بن عباد، عن أبيه قال: حدثني أبي الذي أرضعني وكان من بني مرة بن عوف قال: لكأني أنظر إلى جعفر يوم مؤتة حين اقتحم، عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل حتى قتل

(2)

.

قال ابن إسحاق: وهو أول من عقر في الإسلام وقال:

يا حبذا الجنة واقترابها

طيبةٌ وباردٌ شرابها

والروم روم قد دنا عذابها

علي إن لاقيتها ضرابها

الواقدي: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه قال: ضربه رومي فقطعه بنصفين. فوجد في نصفه بضعة وثلاثون جرحًا.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "5/ 299، 300، 301" حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، به.

قلت: إسناده حسن، خالد بن شمير السدوسي البصري، صدوق يهم قليلا، كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

حسن: أخرجه أبو داود "2573" حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد، به.

قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات خلا محمد بن إسحاق، فإنه صدوق، ومدلس مشهور بالتدليس، لكنه قد صرح بالتحديث فأمنا شر تدليسه.

ص: 133

أبو أويس

(1)

:، عن عبد الله، عن نافع، عن بن عمر قال: فقدنا جعفرًا يوم مؤتة فوجدنا بين طعنة ورمية بضعًا وتسعين. وجدنا ذلك فيما أقبل من جسده

(2)

.

أسامة بن زيد الليثي، عن نافع أن بن عمر قال: جمعت جعفرًا على صدري يوم مؤتة فوجدت في مقدم جسده بضعًا وأربعين من بين ضربة وطعنة

(3)

. أبو أحمد الزبيري، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جعفر فقال رجل: رأيته حين طعنه رجل فمشى إليه في الرمح فضربه فماتا جميعًا

(4)

.

سعدان بن الوليد: عن عطاء، عن ابن عباس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة إذ قال:"يا أسماء! هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مرَّ فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلَّم فرُدِّي عليه السلام". وقال: "إنه لقي المشركين فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت ثم أخذ باليسرى فقطعت. قال: فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها"

(5)

.

وعن أسماء، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بني جعفر فرأيته شمَّهم، وذرفت

(1)

هو: أبو أويس المدني، عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، قريب مالك، وصهره، وهو صدوق يهم، من الطبقة السابعة، مات سنة "67 هـ"، روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4261"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 115 - 116" من طريق مغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سعيد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة". قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية.

(3)

صحيح: وهذا إسناد حسن، فيه أسامة بن زيد الليثي، صدوق، لكن أخرجه البخاري "4260" من طريق عمرو عن أبي هلال قال: وأخبرني نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره. يعني في ظهره.

(4)

ضعيف: فيه علتان الأولى: عمرو بن ثابت، وهو ابن أبي المقدام الكوفي ضعيف، رمي بالرفض الثانية: أبو المقدام ثابت بن هرمز الكوفي الحداد، بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي، فالإسناد معضل.

(5)

أخرجه الحاكم "3/ 210" من طريق سعدان بن الوليد، به.

قلت: في إسناده سعدان، لم أجد من ترجم له.

ص: 134

عيناه. فقلت: يا رسول الله أبلغك، عن جعفر شيء? قال:"نعم قتل اليوم" فقمنا نبكي ورجع فقال: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد شغلوا، عن أنفسهم"

(1)

.

وعن عائشة قالت: لما جاءت وفاة جعفر عرفنا في وجه النبي صلى الله عليه وسلم الحزن

(2)

.

أبو شيبة العبسي:، حدثنا الحكم، عن مقسم، عن بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رأيت جعفر بن أبي طالب ملكًا في الجنة مضرجة قوادمه بالدماء يطير في الجنة"

(3)

.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "6/ 370" عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أم عيسى الجزار، عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان:

الأولى: أم عيسى الجزار، ويقال لها أم عيسى الخزاعية لا يعرف حالها، كما قال الحافظ في "التقريب".

الثانية: أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب مجهولة أيضا، لذا قال الحافظ في "التقريب". "مقبولة" أي: عند المتابعة، وله شاهد عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر حين قتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اصنعوا الآل جعفر طعاما، فقد أتاهم أمر يشغلهم -أو أتاهم ما يشغلهم".

أخرجه الشافعي "1/ 216"، وعبد الرزاق "6665"، والحميدي "537"، وأحمد "1/ 205"، وأبو داود "3132"، والترمذي "998"، وابن ماجه "1610" وأبو يعلى "6801"، والحاكم "1/ 372"، والبيهقي "4/ 61"، والبغوي "1552" من طريق سفيان بن عيينة حدثنا جعفر بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، به.

قلت: إسناده حسن، خالد هو ابن سارة، ويقال خالد بن عبيد بن سارة المخزومي المكي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1299، 1305، 4263" من طريق عبد الوهاب قال: سمعت يحيى قال: أخبرتني عمرة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها قالت: لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يُعرف فيه الحزن، وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب ........... " وأخرجه الحاكم "3/ 209" من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لما أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن".

(3)

ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير""2/ 1467"، "11/ 12112" من طريق أبي شيبة، عن الحكم، به.

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته أبو شيبة العبسي الكوفي، إبراهيم بن عثمان كذبه شعبة. وقال ابن معين: ليس بثقة.

وقال البخاري: سكتوا عنه. وقال النسائي: متروك الحديث. وانظر التعليق الآتي.

ص: 135

عبد الله بن جعفر المدنيي: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا:"رأيت جعفرًا له جناحان في الجنة"

(1)

.

وجاء نحوه، عن بن عباس والبراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقال عاش بضعًا وثلاثين سنة رضي الله عنه.

عبد الله بن نمير:، عن الأجلح، عن الشعبي قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر تلقاه جعفر فالتزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه وقال: "ما أدري بأيهما أنا أفرح: بقدوم جعفر أم بفتح خيبر"

(2)

.

وفي رواية محمد بن ربيعة، عن أجلح: فقبل ما بين عينيه وضمه واعتنقه.

قال ابن إسحاق: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين جعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل فأنكر هذا الواقدي وقال: إنما كانت المؤاخاة قبل بدر فنزلت آية الميراث وانقطعت المؤخاة وجعفر يومئذ بالحبشة.

(1)

صحيح لغيره: إسناد ضعيف، فيه عبد الله بن جعفر بن نجيح، والد علي بن المديني متفق على ضعفة قال يحيى: ليس بشيء. وقال ابن المديني: أبي ضعيف، وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدا. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الجوزجاني: واه، وقد أخرجه الترمذي "3763"، والحاكم "3/ 209" من طريق عبد الله بن جعفر هذا عن العلاء، به. وقال الترمذي في إثره:"هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن جعفر، وقد ضعفه، يحيى بن معين وغيره، وعبد الله بن جعفر والد علي بن المديني". لكن للحديث شاهد عن الشعبي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سلم على ابن جعفر قال: "السلام عليك يابن ذي الجناحين"، أخرجه البخاري "3709" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به.

وقال أبو عبد الله -أي البخاري- الجناحان كل ناحيتين، وله شاهد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة، وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد". أخرجه الحاكم "3/ 212" من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الله بن المختار، عن محمد بن سيرين عنه، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وكذا قال الحافظ في "الفتح""7/ 76"، وقال الحافظ في "الفتح "7/ 76": ورواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعا: "دخلت البارحة الجنة فرأيت فيها جعفرا يطير مع الملائكة"، وفي طريق أخرى عنه "أن جعفرا يطير مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه"، وإسناده هذه جيد.

(2)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 211" الحسن بن الحسين العرني، حدثنا أجلح بن عبد الله، به. قلت: هو مرسل. وفيه أجلح بن عبد الله اختلفوا فيه، فقد وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال النسائي: ضعيف، له رأي سوء. وقال القطان: في نفسي منه شيء. وقال ابن عدي: شيعي صدوق. وكذا قال الحافظ في "التقريب" صدوق.

ص: 136

حفص بن غياث: عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال إذ أخذ علي بيدها فألقاها إلى فاطمة في هودجها فاختصم فيها هو وجعفر وزيد فقال علي: ابنة عمي وأنا أخرجتها وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي. فقضى بها لجعفر وقال: الخالة والدة. فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم دار عليه فقال: ما هذا? قال" شيء رأيت الحبشة يصنعونه بملوكهم

(1)

.

أمها سلمى بنت عميس وخالتها أسماء.

بن إسحاق، عن بن قسيط

(2)

، عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه: سمع النبي يقول لجعفر: "أشبه خَلقُكَ خَلْقي وأشبه خُلقكَ خُلُقي فأنت مني ومن شجرتي"

(3)

.

إسرائيل: عن أبي إسحاق، عن البراء وعن هبيرة بن مريم وهانئ بن هانئ، عن علي قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر: "أشبَهتَ خَلْقي وخُلُقي"

(4)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت وعوف، عن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لجعفر.

قال الشعبي: كان ابن عمر إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يابن ذي الجناحين

(5)

.

(1)

ضغيف: أخرجه ابن سعد "4/ 35" وهو مرسل بل معضل، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، من الطبقة الرابعة، فبينه وبين علي بن أبي طالب، وجعفر، وزيد مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي. لكن خبر اختصام علي وزيد وجعفر في ابنة حمزة، ورد عند البخاري "2669"، دون ذكر الحجل، والحجل: أن يرفع رجلا ويقفز على الأخرى من الفرح. وقد يكون بالرجلين إلا أنه قفز، وقيل الحجل: مشي المقيد.

وأخرجه أحمد "1/ 108"، وأبو يعلى "526"، و"554" من طريق يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، وهبيرة بن يريم بن علي، به.

(2)

ابن قسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قسيط بن أسامة بن عمير الليثي أبو عبد الله المدني الأعرج، روى له الجماعة. مات سنة اثنتين وعشرين ومائة بالمدينة. وذكر أبو حسان الزيادي أنه بلغ تسعين سنة.

(3)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 204"، وفي سنده محمد بن إسحاق، صدوق مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه. لكن فقرة:"أشبه خَلْقك خَلْقي وأشبه خُلقك خُلقي". وردت عند البخاري "2699" بلفظ: "وقال لجعفر "أشبهت خَلقي وخُلقي".

(4)

صحيح لغيره: إسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن إسحاق، فهو مدلس كما بينا في التعليق السابق، لكن الحديث ورد عند البخاري "2699".

(5)

صحيح: أخرجه البخاري "3709" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به. وقد سبق لنا ذكره في تعليقنا القريب رقم "342".

ص: 137

ابن إسحاق:، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة في شأن هجرتهم إلى بلاد النجاشي وقد مر بعض ذلك قالت: فلما رأت قريش ذلك اجتمعوا على أن يرسلوا إليه فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة فجمعوا هدايا له ولبطارقته فقدموا على الملك وقالوا: إن فتية منا سفهاء فارقوا ديننا ولم يدخلوا في دينك وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه ولجؤوا إلى بلادك فبعثنا إليك لتردهم فقالت بطارقته: صدقوا أيها الملك فغضب. ثم قال: لا لعمرُ الله لا أردهم إليهم حتى أكلمهم. قوم لجئوا إلى بلادي واختاروا جواري. فلم يكن شيء أبغض إلى عمرو وابن أبي ربيعة من أن يسمع الملك كلامهم فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم وكان الذي يكلمه جعفر بن أبي طالب فقال النجاشي: ما هذا الدين? قالوا: أيها الملك! كنا قومًا على الشرك نعبد الأوثان ونأكل الميتة ونسيء الجوار ونستحل المحارم والدماء فبعث الله إلينا نبيًا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته فدعانا إلى أن نعبد الله وحده ونصل الرحم ونحسن الجوار ونصلي ونصوم. قال: فهل معكم شيء مما جاء به? -وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله- فقال لهم جعفر: نعم فقرأ عليهم صدرًا من سورة {كهيعص} [مريم: 1]. فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أَخضلُوا مصاحفهم ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى انطلقوا راشدين لا والله لا أردهم عليكم ولا أنعمكم عينًا فخرجا من عنده فقال عمرو لآتينَّه غدًا بما أستأصل به خضراءهم فذكر له ما يقولون في عيسى

(1)

.

قال شباب: علي وجعفر وعقيل أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.

قال الواقدي: هاجر جعفر إلى الحبشة بزوجته أسماء بنت عميس فولدت هناك عبد الله وعونًا ومحمدًا.

وقال ابن إسحاق أسلم جعفر بعد أحد وثلاثين نفسًا.

إسماعيل بن أويس: حدثنا أبي، عن الحسن بن زيد أن عليًّا أول ذكر أسلم ثم أسلم زيد ثم جعفر وكان أبو بكر الرابع أو الخامس.

قال أبو جعفر الباقر: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر لجعفر بن أبي طالب بسهمه وأجره.

(1)

حسن: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "331"، وهو عند أحمد "1/ 201 - 203"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 115 - 116"، وفي "دلائل النبوة" له "194".

ص: 138

وروي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم جعفر قال: "لأنا بقدوم جعفر أَسَرُّ مني بفتح خيبر"

(1)

.

في رواية: تلقاه واعتنقه وقبله.

وفي الصحيح من حديث البراء وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر: "أشبهت خَلْقي وخُلُقي"

(2)

.

أحمد: حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا خالد، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب

(3)

- يعني في الجود والكرم.

رواه جماعة، عن خالد وله علة يرويه عبيد الله بن عمرو، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة.

ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: كنا نسمي جعفرًا أبا المساكين كان يذهب بنا إلى بيته فإذا لم يجد لنا شيئًا أخرج إلينا عكة أثرها عسل فنشقها ونلعقها

(4)

.

(1)

ضعيف: سبق تخريجنا له برقم تعليق "343" وهو عند الحاكم "3/ 211".

(2)

صحيح: سبق تخريجنا له في الصفحة السابقة بتعليق رقم "347".

(3)

صحيح على شرط البخاري: "أخرجه أحمد "2/ 413"، والترمذي "3764"، والنسائي في "الكبرى" "8157"، والحاكم "3/ 41، 209" والطبراني في "الأوسط" "7069" من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة به.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "3708".

ص: 139

‌40 - عقيل بن أبي طالب الهاشمي

(1)

:

هو أكبر إخوته وآخرهم موتًا وهو جد عبد الله بن محمد بن عقيل المحدث وله أولاد: مسلم ويزيد وبه كان يكنى وسعيد وجعفر وأبو سعيد الأحول ومحمد وعبد الرحمن وعبد الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 42 - 44"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ق 1/ 50/ 51" والجرح والتعديل "3/ 218" ومصنف ابن أبي شيبة "13/ 15782"، والاستيعاب "3/ 1078"، والإصابة "2/ 2628"، وتهذيب التهذيب "7/ 254"، وخلاصة الخزرجي "2/ 4918"، وتقريب التهذيب "2/ ترجمة 265".

ص: 139

شهد بدرًا مشركا، وأخرج إليها مكرهًا فأسر ولم يكن له مال ففداه عمه العباس.

وروي أن عقيلًا قال للنبي صلىالله عليه وسلم يوم أسر: من قتلت من أشرافهم? قال "قتل أبو جهل" قال: الآن صفا لك الوادي.

قال بن سعد: خرج عقيل: مهاجرًا في أول سنة ثمان وشهد مؤتة ثم رجع فتمرض مدة فلم يسمع له بذكر في فتح مكة ولا حنين ولا الطائف. وقد أطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر مئة وأربعين وسقًا كل سنة.

وعن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن جده أصاب يوم مؤتة خاتمًا فيه تماثيل فنفله أباه.

معمر:، عن زيد بن أسلم قال: جاء عقيل بمخيط فقال لأمرأته: خيطي بهذا ثيابك. فسمع المنادي إلَّا لا يَغُلَّنَّ

(1)

رجل إبرةً فما فوقها فقال عقيل لها: ما أرى إبرتك إلَّا قد فاتتك.

عيسى بن عبد الرحمن:، عن أبي إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعقيل:"يا أبا يزيد! إني أحبك حبين: لقرابتك ولحب عمي لك".

ابن جريح:، عن عطاء رأيت عقيل بن أبي طالب شيخًا كبيرًا يُقِلُ الغَرْبَ.

قالوا: توفي زمن معاوية وسيأتي من أخباره بعد.

(1)

قوله: "لا يغلن" من الغلول، وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسيمة. يقال: غل في المغنم يغل غلولا فهو غال. وكل من خان في شيء خفية فقد غل. وسميت غلولا لأن الأيدي فيها مغلولة: أي ممنوعة مجعول فيها غل، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه.

ص: 140

‌41 - زيد بن حارثة

(1)

:

بن شراحيل أو شرحبيل بن كعب بن عبد العُزَّى بن يزيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان.

الأمير الشهيد النبوي المسمى في سورة الأحزاب أبو أسامة الكلبي ثم المحمدي سيد الموالي وأسبقهم إلى الإسلام وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو حبِّه وما أحب صلى الله عليه وسلم إلا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 40 - 47"، تاريخ خليفة "77، 85، 87"، ومسند أحمد "4/ 116"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة 1275، 1300"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2530"، وأسد الغابة "2/ 224" والإصابة "1/ ترجمة 2890"، وتهذيب التهذيب "3/ 401"، تقريب التهذيب "2/ ترجمة 167".

ص: 140

إلَّا طيبًا ولم يسم الله تعالى في كتابه صحابيًا بإسمه إلَّا زيد بن حارثة وعيسى بن مريم عليه السلام الذي ينزل حكمًا مقسطًا ويلتحق بهذه الأمة المرحومة في صلاته وصيامه وحجه ونكاحه وأحكام الدين الحنيف جميعها فكما أن أبا القاسم سيد الأنبياء وأفضلهم وخاتمهم فكذلك عيسى بعد نزوله أفضل هذه الأمة مطلقًا ويكون ختامهم ولا يجيء بعده من فيه خير بل تطلع الشمس من مغربها ويأذن الله بدنو الساعة.

أخبرنا أبو الفضل بن عساكر، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا بندار، حدثنا

عبد الوهاب الثقفي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن، عن أسامة بن زيد، عن أبيه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا حارًّا من أيام مكة وهو مردفي إلى نُصُبٍ من الأنصاب وقد ذبحنا له شاة فأنضجناها. فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا زيد ما لي أرى قومك قد شَنِفوا لك"؟ قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة لي فيهم ولكني خرجت أبتغي هذا الدين حتى قدمت على أحبار فَدَكَ فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به. فقدمت على أحبار خيبر فوجدتهم كذلك فقدمت على أحبار الشام فوجدت كذلك فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي. فقال شيخ منهم: إنك لتسأل، عن دين ما نعلم أحدًا يعبد الله به إلَّا شيخ بالحيرة. فخرجت حتى أقدم عليه فلما رآني قال: ممن أنت? قلت من أهل بيت الله. قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك قد بعث نبي طلع نجمه وجميع من رأيتهم في ضلال. قال: فلم أحس بشيء. قال: فقرب إليه السفرة فقال: ما هذا يا محمد? قال: شاة ذبحناها لنصب. قال: فإني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه. وتفرقنا فأتى رسول الله البيت فطاف به وأنا معه وبالصفا والمروة وكان عندهما صنمان من نحاس: إساف ونائلة. وكان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما فقال النبي: "لا تمسحهما فإنهما رجس" فقلت في نفسي: لأمسنَّهما حتى أنظر ما يقول. فمسستهما فقال: "يا زيد ألم تُنْهَ".

قال ومات زيد بن عمرو وأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد: "إنه يبعث أمةً وحده".

في إسناده محمد لا يحتج به وفي بعضه نكارة بينة.

عن الحسن بن أسامة بن زيد، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من زيد بعشر سنين. قال: وكان قصيرًا شديد الأدمة أفطس.

رواه ابن سعد، عن الواقدي، حدثنا محمد بن الحسن بن أسامة، عن أبيه، ثم قال ابن

ص: 141

سعد: كذا صفته في هذه الرواية وجاءت من وجه آخر أنه كان شديد البياض. وكان أبنه أسامة أسود ولذلك أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول مجزز القائف حيث يقول: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض"

(1)

.

لوين: حدثنا حديج، عن أبي إسحاق قال: كان جبلة بن حارثة في الحي. فقالوا له: أنت أكبر أم زيد? قال: زيد أكبر مني وأنا ولدت قبله. وسأخبركم: إن أمنا كانت من طيئ فماتت فبقينا في حجر جدنا فقال عماي لجدنا: نحن أحق بابني أخينا. فقال: خذا جبلة ودعا زيدًا فأخذاني فانطلقا بي فجاءت خيل من تهامة فأخذت زيدا فوقع إلى خديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

عبد الملك بن أبي سليمان:، حدثنا أبو فزارة قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة غلامًا ذا ذؤابة قد أوقفه قومه بالبطحاء للبيع فأتى خديجة فقالت: كم ثمنه? قال: "سبع مائة" قالت: خذ سبع مائة. فاشتراه وجاء به إليها فقال: "أما إنه لو كان لي لأعتقته" قالت: فهو لك. فأعتقه.

وعن سليمان بن يسار وغيره قالوا: أول من أسلم زيد بن حارثة.

موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلَّا زيد بن محمد. فنزلت {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّه} [الأحزاب: 5]

(2)

.

إسماعيل بن أبي خالد:، عن أبي عمرو الشيباني قال أخبرني جبلة بن حارثة قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ابعث معي أخي زيدًا قال: "هو ذا فإن انطلق لم أمنعه" فقال زيد: لا والله لا أختار عليك أحدًا أبدًا. قال: فرأيت رأي أخي أفضل من رأيي. سمعه علي بن مسهر منه.

ذكره ابن إسحاق وغيره فيمن شهد بدرًا.

وقال سلمة بن الأكوع: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت مع زيد بن حارثة - كان يُؤمِّرُه علينا

(3)

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2555، 6770، 6771"، وأحمد "6/ 82، 226" من حديث عائشة.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4782"، ومسلم "2425".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "4272".

ص: 142

الواقدي: حدثنا محمد بن الحسن بن اسامة، عن أبي الحويرث قال: خرج زيد بن حارثة أميرًا سبع سرايا.

الواقدي، حدثنا ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك -تعني من سرية أم قرفة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فقرع زيد الباب فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه عريانًا ما رأيته عريانًا قبلها صلى الله عليه وسلم حتى اعتنقه وقبله ثم ساءله فأخبره بما ظفره الله

(1)

.

ابن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن أسامة، عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة:"يا زيد! أنت مولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي".

رواه أحمد في "المسند"

(2)

.

إسماعيل بن جعفر، وابن عيينة، عن عبد الله بن دينار سمع ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة على قوم فطعن الناس في إمارته فقال:"إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وايم الله إن كان لخليقًا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن ابنه هذا لأحبُّ الناس إلي بعده"

(3)

.

لفظ إسماعيل "وإن ابنه لمن أحبِّ".

إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه فذكر نحوه.

وفيه: "وإن كان أبوه لخليقًا للإمارة وإن كان لأحبَّ الناس كلهم إلي".

(1)

منكر: إسناده واه، الواقدي متروك، لكن قد أخرجه الترمذي "2732" حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد المدني، حدثني أبي يحيى بن محمد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث الزهري إلا من هذا الوجه.

قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد، ضعفه ابن أبي حاتم. وقال الأزدي: منكر الحديث. الثانية: يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري، أبو إبراهيم، ضعفه أبو حاتم الرازي. الثالثة: محمد بن إسحاق مدلس، مشهور بالتدليس، وقد ضعفه، وقد أورد الذهبي الحديث في ترجمة يحيى بن محمد بن عباد في ترجمته في "الميزان""4/ ترجمة 9618". وقال في إثره. هذا حديث منكر، تفرد به إبراهيم، عن أبيه.

(2)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 204"، وابن سعد "3/ 1/ 29 - 30". وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعنه، ولكن يشهد له ما بعده.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 20"، وابن سعد "4/ 65"، والبخاري "3730، 4469، 7187"، والترمذي "3816"، والبيهقي "3/ 128"، "8/ 154" من طرق عن عبد الله بن دينار، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 143

قال سالم: ما سمعت أبي يحدث بهذا الحديث قط إلَّا قال: والله ما حاشا فاطمة.

إبراهيم بن يحيى بن هانئ الشجري: حدثني أبي، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: أتانا زيد ابن حارثة فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فقبل وجهه وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبًا من ولدها وولد ولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلوه فأرسل إليهم زيدًا فقتلهم وقتلها وأرسل بدرعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنصبه بالمدينة بين رمحين

(1)

.

رواه المحامي، عن عبد الله بن شبيب عنه وروى منه الترمذي، عن البخاري، عن إبراهيم هذا وحسنه.

مجالد، عن الشعبي، عن عائشة قالت: لو أن زيدًا كان حيًّا لاستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وائل بن داود، عن البهي، عن عائشة ما بعث رسول الله زيدًا في جيش قط إلَّا أمره عليهم ولو بقي بعده استخلفه. أخرجه النسائي.

قال ابن عمر: فرض عمر لأسامة بن زيد أكثر مما فرض لي فكلمته في ذلك فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله منك وإن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك.

قال الواقدي: عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد على الناس في غزوة مؤتة وقدمه على الأمراء فلما التقى الجمعان كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم فأخذ زيد اللواء فقاتل وقاتل معه الناس حتى قتل طعنًا بالرماح رضي الله عنه.

قال: فصلى عليه رسول الله أي دعا له وقال: استغفروا لأخيكم قد دخل الجنة وهو يسعى.

وكانت مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان وهو ابن خمس وخمسين سنة.

جماعة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل زيد وجعفر وابن رواحة قام صلى الله عليه وسلم فذكر شأنهم فبدأ بزيد فقال:"اللهم اغفر لزيد اللهم اغفر لزيد ثلاثًا اللهم اغفر لجعفر وعبد الله بن رواحة"

(2)

.

حماد بن زيد، عن خالد بن سلمة المخزومي قال: لما جاء مصاب زيد وأصحابه، أتى

(1)

منكر: تقدم تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "360".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 46"، والإسناد ضعيف لإرساله، أبو ميسرة، هو عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفي، ثقة مخضرم. وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي. مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

ص: 144

رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله بعد ذلك فلقيته بنت زيد فأجهشت بالبكاء في وجهه فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى انتحب فقيل ما هذا يا رسول الله? قال: "شوق الحبيب إلى الحبيب"

(1)

رواه مسدد وسليمان بن حرب عنه.

حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة فقلت: لمن أنت? قالت: أنا لزيد بن حارثة" إسناد حسن.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 47"، وإسناده ضعيف لإرساله، خالد بن سلمة، هو ابن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي، الكوفي، من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين.

ووقع عند ابن سعد [خالد بن شمير]، وهو خطأ، إنما هو خالد بن سلمة المخزومي، فلم يرو حماد بن زيد. عن ابن شمير.

ص: 145

‌42 - عبد الله بن رواحة

(1)

:

ابن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة.

الأمير السعيد الشهيد أبو عمرو الأنصاري الخزرجي البدري النقيب الشاعر.

له، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بلال.

حدث عنه: أنس بن مالك والنعمان بن بشير وأرسل عنه قيس بن أبي حازم وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار وعكرمة وغيرهم.

شهد بدرًا والعقبة ويكنى أبا محمد وأبا رواحة وليس له عقب وهو خال النعمان بن بشير وكان من كتاب الأنصار استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة بدر الموعد وبعثه النبي عليه السلام سرية في ثلاثين راكبًا إلى أسير بن رزام اليهودي بخيبر فقتله.

قال الواقدي وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم خارصًا على خيبر.

قلت جرى ذلك مرة واحدة ويحتمل على بعد مرتين.

قال قتيبة: ابن رواحة وأبو الدرداء أخوان لأم.

أحمد في "مسنده"، حدثنا عبد الصمد، حدثنا عمارة، عن زياد النميري، عن أنس قال: كان ابن رواحة إذا لقي الرجل من أحابه يقول: تعال نؤمن ساعة فقاله يومًا لرجل،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 525 - 530 و 612 - 613"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 230، أسد الغابة "3/ 156"، الإصابة "2/ ترجمة 4676"، تهذيب التهذيب "5/ 212"، والتقريب "1/ 415".

ص: 145

فغضب فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إلَّا ترى ابن رواحة يرغب، عن إيمانك إلى إيمان ساعة فقال:"رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة"

(1)

.

حماد بن زيد، حدثنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عبد الله بن رواحة أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فسمعه وهو يقول:"اجلسوا" فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ من خطبته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله"

(2)

.

وروي بعضه، عن عروة، عن عائشة.

حماد بن سلمة، أنبأنا أبو عمران الجوني أن عبد الله بن رواحة أغمي عليه فأتاه النبي فقال:"اللهم إن كان حضر أجله فيسر عليه وإلا فاشفه" فوجد خفة فقال: يا رسول الله! أمي قالت: واجبلاه واظهراه! وملك رفع مرزبةً من حديد يقول أنت كذا فلو قلت: نعم لقمعني بها.

قال أبو الدرداء: إن كنا لنكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر في اليوم الحار ما في القوم أحد صائم إلَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة

(3)

.

رواه غير واحد، عن أم الدرداء عنه.

معمر، عن ثابت، عن ابن أبي ليلى قال: تزوج رجل امرأة ابن رواحة فقال لها: تدرين لم تزوجتك لتخبريني، عن صنيع عبد الله في بيته فذكرت له شيئًا لا أحفظه غير أنها قالت كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين وإذا دخل صلى ركعتين لا يدع ذلك أبدًا.

قال عروة لما نزلت {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] قال ابن رواحة: أنا منهم فأنزل الله {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات} [الشعراء: 227].

(1)

ضعيف: "أخرجه أحمد "3/ 265"، وإسناده ضعيف، فيه علتان، الأولى: عمارة هو ابن زاذان البصري الصيدلاني، أبو سلمة، أجمعوا على ضعفه.

الثانية: زياد بن عبد الله النميري، متفق على ضعفه.

(2)

ضعيف: لانقطاعه بين عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي توفي سنة ست وثمانين، وبين عبد الله بن رواحة، الذي استشهد بمؤتة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فابن أبي ليلى لم يدرك ابن رواحة.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "1945"، ومسلم "1122".

ص: 146

قال ابن سيرين: كان شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك.

قيل: لما جهز النبي صلى الله عليه وسلم إلى مؤتة الأمراء الثلاثة فقال: "الأمير زيد فإن أصيب فجعفر فإن أصيب فابن رواحة" فلما قتلا كره ابن رواحة الإقدام فقال:

أقسمت يا نفس لتنزلنه

طائعة أو لا لتكرهنه

فطالما قد كنت مطمئنه

ما لي أراك تكرهين الجنة

فقاتل حتى قتل.

قال مدرك بن عمارة: قال ابن رواحة: مررت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فقال: "كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول"؟ قلت: أنظر في ذاك ثم أقول قال: "فعليك بالمشركين" ولم أكن هيأت شيئًا ثم قلت:

فخبروني أثمان العباء متى

كنتم بطارق أو دانت لكم مضر

فرأيته قد كره هذا أن جعلت قومه أثمان العباء فقلت:

يا هاشم الخير إن الله فضلكم

على البرية فضلًا ما له غير

إني تفرست فيك الخير أعرفه

فراسة خالفتهم في الذي نظروا

ولو سألت إن استنصرت بعضهم

في حل أمرك ما آووا ولا نصروا

فثبت الله ما آتاك من حسنٍ

تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا

فأقبل صلى الله عليه وسلم بوجهه مستبشرًا وقال: "وإياك فثبت الله".

وقال ابن سيرين: كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إليه فلما أسلموا وفقهوا كان أشد عليهم.

ثابت، عن أنس قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

اليوم نضربكم على تنزيله

ضربًا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

فقال عمر: يابن رواحة! في حرم الله وبين يدي رسول الله له تقول الشعر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "خل يا عمر فهو أسرع فيهم من نضح النبل".

ص: 147

وفي لفظ "فوالذي نفسي بيده لكلامه عليهم أشد من وقع النبل"

(1)

.

ورواه معمر، عن الزهري، عن أنس.

قال الترمذي: وجاء في غير هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وكعب يقول ذلك.

قال: وهذا أصح عند بعض أهل العلم لأن ابن رواحة قتل يوم مؤتة وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.

قلت: كلا بل مؤتة بعدها بستة أشهر جزمًا.

قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لأحمد بن حنبل: فحديث أنس دخل النبي عليه السلام مكة وابن رواحة آخذ بغرزه فقال ليس له أصل.

وعن قيس بن أبي حازم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن رواحة: "انزل فحرك الركاب". قال يا رسول الله! لقد تركت قولي فقال له عمر اسمع وأطع فنزل وقال:

تالله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

وساق باقيها.

إسماعيل بن أبي خالد: عن قيس قال: بكى ابن رواحة وبكت امرأته فقال: ما لك? قالت: بكيت لبكائك فقال: إني قد علمت أني وارد النار وما أدري أناج منها أم لا.

الزهري، عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث ابن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود فجمعوا حليًا من نسائهم فقالوا: هذا لك وخفف عنا قال يا معشر يهود! والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم والرشوة سحت. فقالوا: بهذا قامت السماء والأرض.

وحماد بن سلمة، عن عبد الله -فيما نحسب- عن نافع، عن ابن عمر نحوه.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا محمد بن المسند بالمزة، أنبأنا عبدان بن رزين،

(1)

حسن: أخرجه الترمذي "2847"، وفي "الشمائل""245"، والنسائي "5/ 202، 211 - 212"، وأبو يعلى "3440"، وأبو نعيم في "الحلية""6/ 292"، والبيهقي "10/ 228"، والبغوي "3404" من طرق عن جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت، به.

قلت: إسناده حسن، جعفر بن سليمان، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 148

حدثنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أنبأنا عبد الوهاب بن الحسين، حدثنا الحسين بن محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن العباس الزيدي، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا محمد بن عياذ، حدثنا عبد العزيز بن أخي الماجشون بلغنا أنه كانت لعبد الله بن رواحة جارية يستسرها، عن أهله فبصرت به امرأته يومًا قد خلا بها فقالت: لقد اخترت أمتَك على حرتك? فجاحدها ذلك قالت: فإن كنت صادقًا فاقرأ آية من القرآن قال:

شهدت بأن وعد الله حق

وأن النار مثوى الكافرينا

قالت: فزدني آية فقال:

وأن العرش فوق الماء طافٍ

وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله ملائكة كرام

ملائكة الإله مقربينا

فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه فضحك ولم يغير عليه.

ابن وهب: حدثني أسامة بن زيد أن نافعًا حدثه قال: كانت لابن رواحة امرأة وكان يتقيها وكانت له جارية فوقع عليها فقالت له، فقال: سبحان الله! قالت: اقرأ علي إذًا فإنك جنب فقال:

شهدت بإذن الله أن محمدًا

رسول الذي فوق السموات من عل

وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما

له عمل من ربه متقبل

وقد رويا لحسان.

شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة كان يتمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشعر عبد الله بن رواحة وربما قال:

ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ابن إسحاق، حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة قال: ثم أخذ الراية -يعني بعد قتل صاحبه- قال: فالتوى بعض الالتواء ثم تقدم بها على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بها بعض التردد.

قال: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه قال عند ذلك:

ص: 149

أقسمت بالله لتنزلنه

طائعةً أو لا لتكرهنه

إن أجلب الناس وشدوا الرنه

مالي أراك تكرهين الجنة

قد طال ما قد كنت مطمئنه

هل أنت إلَّا نطفة في شنه

ثم نزل فقاتل حتى قتل.

وقال أيضًا:

يا نفس إن لا تقتلي تموتي

هذا حمام الموت قد لقيت

وما تمنيت فقد أعطيت

إن تفعلي فعلهما هديت

وإن تأخرت فقد شقيت

قال الوليد بن مسلم: فسمعت أنهم ساروا بناحية معان فأخبروا أن الروم قد جمعوا لهم جموعًا كثيرة فاستشار زيد أصحابه فقالوا: قد وطئت البلاد وأخفت أهلها فانصرف وابن رواحة ساكت فسأله فقال: أنا لم نسر لغنائم ولكنا خرجنا للقاء ولسنا نقاتلهم بعدد ولا عدة والرأي المسير إليهم.

قال عروة بن الزبير: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن أصيب ابن رواحة فليرتض المسلمون رجلًا" ثم ساروا حتى نزلوا بمعان فبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة فشجع الناس ابن رواحة وقال: يا قوم! والله إن الذي تكرهون للتي خرجتم لها الشهادة وكانوا ثلاثة آلاف.

ص: 150

‌فصل: شهداء يوم الرجيع

في سنة أربع بعث النبي صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينًا عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري. فأحاط بهم بقرب عسفان حي من هذيل هم نحو المائة. فقتلوا ثمانية وأسروا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فباعوهما بمكة.

ومن الثمانية: عبد الله بن طارق -حليف بني ظفر- وخالد بن البكير الليثي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي. وتحرير ذلك ذكرته في مغازي النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 150

‌شهداء بئر معونة:

بعث النبي صلى الله عليه وسلم أربعين رجلًا سنة أربع أمر عليهم المنذر بن عمرو الساعدي -أحد البدريين- ومنهم حرام بن ملحان النجاري والحارث بن الصمة وعروة بن أسماء، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعامر بن فهيرة مولى الصديق. فساروا حتى نزلوا بئر معونة فبعثوا حرامًا بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل. فلم ينظر في الكتاب حتى قتل الرجل. ثم استصرخ بني سليم وأحاط بالقوم فقاتلوا حتى استشهدوا كلهم ما نجا سوى كعب بن زيد النجاري ترك وبه رمق فعاش ثم استشهد يوم الخندق وأعتق [عامر بن] الطفيل عمرو بن أمية الضمري لانه أخبره أنه من مضر.

ص: 151

‌43 - كلثوم بن الهدم

(1)

:

ابن امرئ القيس بن الحارث بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري العوفي شيخ الأنصار ومن نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة بقباء. وكان قد شاخ.

قال صاحب "الطبقات": أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا مجمع بن يعقوب، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية، عن عمه مجمع "ح" وأنبأنا محمد بن عمر، حدثنا بن أبي سبرة، عن عثمان بن وثاب، عن أبي غطفان، عن ابن عباس قالا: كان كلثوم بن الهدم رجلًا شريفًا وكان مسنًا أسلم قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدنية فلما هاجر نزل عليه وكان يتحدث في منزل سعد بن خيثمة وكان يسمى منزل العزاب.

فلذلك قال الواقدي: قيل: نزل النبي صلى الله عليه وسلم على سعد بن خيثمة ونزل على كلثوم بن الهدم جماعة من المهاجرين ثم لم يلبث أن توفي رضي الله عنه وذلك قبل بدر. وكان رجلًا صالحًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 623 - 624"، الإصابة "3/ ترجمة 7444".

ص: 151

‌44 - أبو دجانة الأنصاري

(1)

:

سماك بن خرشة، بن لوذان بن عبد ود بن زيد الساعدي.

كان يوم أحد عليه عصابة حمراء. يقال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عتبة بن غزوان.

قال الواقدي: ثبت أبو دجانة يوم أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه على الموت وهو ممن شارك في قتل مسيلمة الكذاب ثم استشهد يومئذ.

قال محمد بن سعد: لأبي دجانة عقب بالمدينة وببغداد إلى اليوم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 556 - 557"، الإصابة "4/ ترجمة 373".

ص: 151

وقال زيد بن أسلم: دخل على أبي دجانة وهو مريض وكان وجهه يتهلل. فقيل له: ما لوجهك يتهلل? فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليمًا.

وعن أنس بن مالك قال: رمى أبو دجانة بنفسه يوم اليمامة إلى داخل الحديقة فانكسرت رجله فقاتل وهو مكسور الرجل حتى قتل رضي الله عنه.

وقيل: هو سماك بن أوس بن خرشة.

صالح بن موسى، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: لما وضعت الحرب أوزارها افتخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيامهم وطلحة ساكت لا ينطق وسماك بن خرشة أبو دجانة ساكت لا ينطق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى سكوتهما: "لقد رأيتني يوم أحد وما في الأرض قربي مخلوق غير جبريل، عن يميني وطلحة، عن يساري"

(1)

.

وكان سيف أبي دحانة غير ذميم. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض ذلك السيف حتى قال: "من يأخذ هذا السيف بحقه"؟ فأحجم الناس عنه. فقال أبو دجانة: وما حقه يا رسول الله قال: "تقاتل به في سبيل الله حتى يفتح الله عليك أو تقتل" فأخذه بذلك الشرط. فلما كان قبل الهزيمة يوم أحد خرج بسيفه مصلتًا وهو يتبختر ما عليه إلَّا قميص وعمامة حمراء قد عصب بها رأسه وأنه ليرتجز ويقول:

إني امرؤ عاهدني خليلي

إذ نحن بالسفح لدى النخيل

أن لا أقيم الدهر في الكبول

أضرب بسيف الله والرسول

قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها لمشية يبغضها الله ورسوله إلَّا في مثل هذا الموطن"

(2)

.

وحرز أبي دجانة شيء لم يصح ما أدري من وضعه.

(1)

ضعيف جدا: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "85".

(2)

ضعيف بهذا التمام: رواه ابن إسحاق كما في البداية والنهاية "4/ 17" من طريق جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بتمامه.

قلت: إسناده ضعيف، لجهالة جعفر بن عبد الله بن أسلم، ابن أخي زيد بن أسلم، مولى عمر، فقد قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.

وقال ابن كثير "4/ 18": وهذا حديث يروى عن شعبة، ورواه إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق عن هند بنت خالد أو غيره يرفعه. =

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: في إسناده ابن إسحاق، وهو مدلس، مشهور بتدليسه، وقد عنعنه، وفي الإسناد هند بنت خالد لم أجد من ترجم لها، ثم إنه مرسل. فالحديث لا يصح بهذا التمام. لكن صح عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد، فقال:"من يأخذ هذا السيف"؟ فأخذه قوم فجعلوا ينظرون إليه، فقال:"من يأخذه بحقه"؟ فأحجم القوم، فقال أبو دجانة سماك: أنا آخذه بحقه. فأخذه ففلق هام المشركين".

أخرجه ابن سعد "3/ 556"، وابن أبي شيبة "14/ 398"، وأحمد "3/ 123"، ومسلم "2470"، وابن أبي عاصم في "الجهاد""292"، والحاكم "3/ 230" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، به.

قوله: ففلق هام المشركين: أي شق رءوسهم. قوله: "في الكبول": أي في مؤخر الصفوف.

ص: 153

‌45 - خبيب بن عدي

(1)

:

ابن عامر بن مجدعة بن جِحْجَبا الأنصاري الشهيد.

ذكره بن سعد فقال: شهد أحدًا وكان فيمن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع بني لحيان فلما صاروا بالرجيع غدروا بهم واستصرخوا عليهم وقتلوا فيهم وأسروا خبيبًا وزيد بن الدثنة فباعوهما بمكة فقتلوهما بمن قتل النبي صلى الله عليه وسلم من قومهم وصلبوهما بالتنعيم

(2)

.

قال مسلمة بن جندب: عن الحارث بن البرصاء قال: أتي بخبيب فبيع بمكة فخرجوا به إلى الحل ليقتلوه فقال: دعوني أصلي ركعتين. ثم قال: لولا أن تظنوا أن ذلك جزع لزدت اللهم أحصهم عددًا. قال الحارث: وأنا حاضر فوالله ما كنت أظن أن سيبقى منا أحد.

ابن إسحاق: عن عاصم بن عمر قال: لما كان من غدر عضل والقارة بخبيب وأصحابه بالرجيع قدموا به ويزيد بن الدثنة فأما خبيب فابتاعه حجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث بن عامر وكان أخا حجير لأمه ليقتله بأبيه. فلما خرجوا به ليقتلوه وقد نصبوا خشبته

(1)

ترجمته في "حلية الأولياء""1/ ترجمة 16"، الإصابة "1/ ترجمة 2222".

(2)

صحيح: أخرجه الطيالسي "2597"، وابن سعد "2/ 55 - 56"، وأحمد "2/ 294"، والبخاري "3989"، وأبو داود "2660"، "3112"، والطبراني في "الكبير""2192"، "17/ 463"، والبيهقي في "السنن""9/ 145 - 146، 146"، وفي "دلائل النبوة""3/ 323 - 325"، من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، ويعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن شهاب، قال أبي: وهذا حديث سليمان الهاشمي عن عمرو بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة، وكان من أصحاب أبي هريرة أن أبا هريرة قال: فذكر قصة بعث النبي صلى الله عليه وسلم لخبيب مع عشرة رهط مع بني لحيان.

ص: 153

ليصلبوه فانتهى إلى التنعيم فقال: إن رأيتم أن تدعوني أركع ركعتين فقالوا: دونك. فصلى ثم قال: والله لولا أن تظنوا طولت جزعًا من القتل لاستكثرت من الصلاة. فكان أول من سن الصلاة عند القتل. ثم رفعوه على خشبته فقال: اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تغادر منهم أحدًا اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما أتى إلينا.

قال: وقال معاوية كنت فيمن حضره فلقد رأيت أبا سفيان يلقيني إلى الأرض فرقًا من دعوة خبيب وكانوا يقولون: إن الرجل إذا دُعي عليه فاضطجع زلَّت عنه الدعوة.

قال ابن إسحاق: فحدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عقبة بن الحارث قال: والله ما أنا قتلته لأنا كنت أصغر من ذلك ولكن أخذ بيدي أبو ميسرة العبدري فوضع الحربة على يدي ثم وضع يده على يدي فأخذها بها ثم قتله.

عبد الله بن إدريس: حدثني عمرو بن عثمان بن موهب مولى الحارث بن عامر قال: قال موهب: قال لي خبيب وكانوا جعلوه عندي: أطلب إليك ثلاثًا: أن تسقيني العذب وأن تجنبني ما ذبح على النصب وأن تؤذني إذا أرادوا قتلي.

ابن إسحاق: حدثنا بن أبي نجيح، عن ماوية مولاة حجير وكان خبيب حبس في بيتها فكانت تحدث بعد ما أسلمت قالت: والله إنه لمحبوس إذ اطلعت من صير الباب إليه وفي يده قطف عنب مثل رأس الرجل يأكل منه وما أعلم في الأرض حبة عنب ثم طلب منى موسى يستحدها.

ص: 154

‌46 - معاذ بن عمرو بن الجموح

(1)

:

ابن كعب الأنصاري الخزرجي السلمي المدني البدري العقبي قاتل أبي جهل.

قال جرير بن حازم: عن ابن إسحاق معاذ بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة شهد بدرًا.

روى عنه ابن عباس. وعاش إلى أواخر خلافة عمر.

وفي "الصحيحين" من طريق يوسف بن الماجشون، أنبأنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده قال: إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت فإذا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 566"، التاريخ الكبير "4/ ق 1/ 360"، الجرح والتعديل "4/ ق 1/ 245"، الإصابة "3/ ترجمة 8051".

ص: 154

أنا بين غلامين من الأنصار حديثةٌ أسنانهما فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما. فغمزني أحدهما فقال: يا عم! أتعرف أبا جهل? قلت: نعم. وما حاجتك? قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده إن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس. فقلت: ألا تريان? هذا صاحبكما. قال: فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى النبي فأخبراه فقال: "أيكما قتله"؟ فقال كل منهما: أنا قتلته فقال: "هل مسحتما سيفيكما"؟ قالا: لا. فنظر في السيفين فقال: "كلاكما قتله" وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو. والآخر هو معاذ بن عفراء

(1)

.

وعن معاذ بن عمرو قال: جعلت أبا جهل يوم بدر من شأني. فلما أمكنني حملت عليه فضربته فقطعت قدمه بنصف ساقه وضربني ابنه عكرمة بن أبي جهل على عاتقي فطرح يدي وبقيت معلقةً بجلدة بجنبي وأجهضني عنها القتال فقاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت قدمي عليها ثم تمطأت عليها حتى طرحتها

(2)

.

هذه والله الشجاعة لا كآخر من خدش بسهم ينقطع قلبه وتخور قواه.

نقل هذه القصة ابن إسحاق وقال: ثم عاش بعد ذلك إلى زمن عثمان.

قال: ومر بأبي جهل معوَّذ بن عفراء فضربه حتى أثبته وتركه وبه رمق. ثم قاتل معوَّذ حتى قتل وقتل أخوه عوف قبله وهما ابنا الحارث بن رفاعة الزرقي.

ثم مر ابن مسعود بأبي جهل فوبخه وبه رمق ثم احتز رأسه.

أخبرنا أحمد بن سلامة، عن ابن مسعود الجمال، أنبأنا أبو علي أنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد الأبَّار، حدثنا الهيثم بن خارجة، حدثنا رِشْدين بن سعد، عن عبد الله بن الوليد التجيبي، عن أبي منصور مولى الأنصار أنه سمع عمرو بن الجموح يقول:

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 193"، والبخاري "3141، 3964"، ومسلم "1752"، وأبو يعلى "866"، والطحاوي "3/ 227 - 228"، والحاكم "3/ 425"، والبيهقي "6/ 305 - 306، 306"، من طريق أبي سلمة يوسف بن يعقوب الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوف أنه قال: فذكره.

(2)

أخرجه ابن هشام "1/ 473 - 474"، من طريق ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر قالا، قال معاذ بن عمرو بن الجموح: فذكره.

قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات خلا ابن إسحاق، فإنه صدوق، وقد أمنا شر تدليسه، فقد صرح بالتحديث. وأخرجه البيهقي في "الدلائل""3/ 82 - 85".

ص: 155

إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم"

(1)

.

تفرد به رِشْدين وهو ضعيف. وليس هذا الحديث لصاحب الترجمة بل لأبيه وقد قالوا: إن عمرًا قتل يوم أحد فكيف يسمع منه أبو منصور?!

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 430" من طريق الهيثم، حدثنا رشدين بن سعد، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه رشدين بن سعد، وعبد الله بن الوليد التجيبي كلاهما ضعيف. وفيه الانقطاع بين أبي منصور، وعمرو بن الجموح، فلم يلقه.

ص: 156

‌47 - معوذ بن عمرو

(1)

:

ابن الجموح الأنصاري السلمي.

شهد مع أخويه معاذ وخلاد بدرًا لكن لم يذكره ابن إسحاق فالله أعلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 566"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 8163".

ص: 156

‌48 - أخوهما خلاد بن عمرو

(1)

:

شهد بدرًا واستشهد يوم أحد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 566"، والإصابة "1/ ترجمة 2279".

ص: 156

‌49 - وأبوهم عمرو بن الجموح

(1)

:

بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري السلمي الغنمي. والد معاذ ومُعَوًّذ وخلادٍ المذكورين وعبد الرحمن وهند.

روى ثابت البناني، عن عكرمة قال: قدم مصعب بن عمير المدينة يعلم الناس فبعث إليه عمرو بن الجموح: ما هذا الذي جئتمونا? قالوا: إن شئت جئناك فأسمعناك القرآن. قال: نعم. فقرأ صدرًا من سورة يوسف فقال عمرو: إن لنا مآمرة في قومنا وكان سيد بني سلمة فخرجوا ودخل على مناف فقال: يا مناف! تعلم والله ما يريد القوم غيرك فهل عندك من نكير? قال: فقلده السيف وخرج فقام أهله فأخذوا السيف فلما رجع قال: أين السيف يا مناف? ويحك! إن العنز لتمنع استها. والله ما أرى في أبي جعار غدا من خير. ثم قال لهم: إني ذاهب إلى مالي فاستوصوا بمناف خيرًا فذهب فأخذوه فكسروه

(1)

راجع ترجمته في الإصابة "2/ ترجمة رقم 5797".

ص: 156

وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر فلما جاء قال: كيف أنتم? قالوا: بخير يا سيدنا طهر الله بيوتنا من الرجس قال: والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف. قالوا: هو ذاك انظر إليه في ذلك البئر. فأشرف فرآه فبعث إلى قومه فجاؤوا فقال: ألستم على ما أنا عليه? قالوا: بلى أنت سيدنا. قال: فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد.

قال: فلما كان يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" فقام وهو أعرج فقال: والله لأقحزن

(1)

عليها في الجنة. فقاتل حتى قتل.

وعن عاصم بن عمر: أن إسلام عمرو بن الجموح تأخر وكان له صنمٌ يقال له: مناف وكان فتيان بني سلمة قد آمنوا فكانوا يمهلون حتى إذا ذهب الليل دخلوا بيت صنمه فيطرحونه في أنتن حفرة منكسًا فإذا أصبح عمرو غمه ذلك فيأخذه فيغسله ويطيبه. ثم يعودون لمثل فعلهم. فأبصر عمرو شأنه وأسلم وقال أبياتا منها:

والله لو كنت إلهًا لم تكن

أنت وكلبٌ وسط بئر في قرن

(2)

أفٍ لمثواك إلهًا مستدن

(3)

فالآن فتشناك عن شر الغبن

روى محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار "ح" وفطر بن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابت وبن عيينة، عن ابن المنكدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا بني سلمة! من سيدكم"؟ قالوا: الجد بن قيس وإنا لنبخِّلُه. قال: "وأي داء أدوى من البخل? بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح"

(4)

.

قال الواقدي: لم يشهد بدرًا. كان أعرج. ولما خرجوا يوم أحد منعه بنوه وقالوا:

(1)

لأقحزن: قحز الرجل، يقحز: إذا قلق واضطراب.

(2)

القرن: الحبل من اللحاء

(3)

مستدن: من السدانة، قال أبو عبيد سدانة الكعبة خدمتها وتولى أمرها وفتح بابها وإغلاقه. ورجل سادن من قوم سدنة وهم الخدم، وكان لكل صنم سدنة يخدمون البيت الذي يوضع فيه.

(4)

صحيح لغيره: إسناده ضعيف، لإرساله. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد""296"، من طريق الحجاج الصواف، قال: حدثني أبو الزبير، قال: حدثنا جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وإسناده صحيح.

ص: 157

عذرك الله. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوهم. فقال: "لا عليكم أن لا تمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة"

(1)

.

قالت إمرأته هند أخت عبد الله بن عمرو بن حرام: كأني انظر إليه قد أخذ درقته وهو يقول: اللهم لا تردني. فقتل هو وابنه خلاد.

إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى: أن عمرو بن الجموح قال لبنيه: أنتم منعتموني الجنة يوم بدر. والله لئن بقيت لأدخلن الجنة. فلما كان يوم أحد قال عمر: لم يكن لي هم غيره فطلبته فإذا هو في الرعيل الأول.

قال مالك: كفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام في كفن واحد.

مالك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وابن حرام كان السيل قد خرب قبرهما فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن كذلك. فأميطت يده، عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت. وكان بين يوم أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.

(1)

حسن: إسناده ضعيف جدا فيه الواقدي، وهو متروك. وله شاهد عند أحمد "5/ 299" من طريق حميد بن زياد أن يحيى بن النضر حدثه عن أبي قتادة أنه حضر ذلك، قال أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتاد أمشي برجلي هذه صحيحة الجنة، وكانت رجله عرجاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم" فقتلوا يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة"، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد.

قلت: إسناده حسن، حميد بن زيد، هو أبو صخر، ابن أبي المخارق الخراط صدوق يهم، كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 158

‌50 - عبيدة بن الحارث

(1)

:

ابن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي. وأمه من ثقيف.

وكان أحد السابقين الأولين: وهو أسنُّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين. هاجر هو وأخوه الطفيل وحصين. وكان ربعةً من الرجال مليحًا كبير المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي بارز رأس المشركين يوم بدر فاختلفا ضربتين فأثبت كل منهما الآخر. وشد علي وحمزة على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة وبه رمق ثم توفي بالصفراء في العشر الأخير من رمضان سنة اثنتين رضي الله عنه.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أمره على ستين راكبًا من المهاجرين وعقد له لواء. فكان أول لواء عقد في الإسلام. فالتقى قريشًا وعليهم أبو سفيان عند ثنية المرة وكان ذاك أول قتال جرى في الإسلام. قاله ابن إسحاق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 7 و 17 و 23" و"3/ 17 و 51، 52 و 101 و 565" و"8/ 115" والإصابة "2/ ترجمته 5375".

ص: 158

‌أعيان البدريين:

أبو بكر، وعمر، وعلي، وسعد، والزبير، وأبو عبيدة، وعبد الرحمن بن عوف، وزيد بن حارثة، ومسطح بن أثاثة، ومصعب بن عمير، وابن مسعود، والمقداد، وصهيب، وعمار، وأبو سلمة، وزيد بن الخطاب، وسعد بن معاذ، وعباد بن بشر، وأبو الهيثم بن التيهان، وقتادة بن النعمان، ورفاعة، ومبشر ابنا عبد المنذر ولم يحضرها أخوهما أبو لبابة لأنه استخلف على المدينة وأبو أيوب وأبي بن كعب وبنو عفراء وأبو طلحة وبلال وعبادة ومعاذ وعتبان بن مالك وعكاشة بن محصن وعاصم بن ثابت وأبو اليسر رضي الله عنهم.

‌51 - ربيعة بن الحارث

(1)

:

ابن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي. أبو أروى.

وله من الولد: محمد وعبد الله والحارث والعباس وأمية وعبد شمس وعبد المطلب وأروى الكبرى وهند وأروى وآدم. وآدم: هو المسترضع له في هُذيل فقتله بنو ليث بن بكر في حرب كانت بينهم. وكان صغيرًا يحبو أمام البيوت فأصابه حجر قتله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بن الحارث"

(2)

ويروى أن قال فيه: "آدم" رأى في الكتاب دم ابن ربيعة فزاد ألفًا والظاهر أنه لصغره ما حفظ اسمه وقيل: كان اسمه تمام بن ربيعة.

قالوا: وكان ربيعة أسنَّ من عمه العباس بسنتين. ونوبة بدرٍ كان ربيعة غائبًا بالشام.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 47 - 48"، والتاريخ الكبير "2/ ق 1/ 283"، والإصابة "1/ ترجمة 2592"، وتهذيب التهذيب "3/ 253".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1218".

ص: 159

قال ابن سعد: فلما خرج العباس ونوفل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين أيام الخندق شيعهما ربيعة إلى الأبواء ثم أراد الرجوع فقالا له: أين ترجع? إلى دار الشرك تقاتلون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكذبونه وقد عز وكثف أصحابه ارجع فسار معهما حتى قدموا جميعًا مسلمين. وأطعم رسول الله صلى الله عيه وسلم ربيعة بخيبر مئة وسق كل سنة وشهد معه الفتح وحنينًا وابتنى دارًا بالمدينة وتوفي في خلافة عمر.

ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "نعم العبد ربيعة بن الحارث لو قصر من شعره وشمر من ثوبه".

وكان ربيعة شريكًا لعثمان في التجارة وقد جاء في حديث جابر الذي في المناسك "وإن أول دم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث" أراد الذي يستحق ربيعة به الدية من أجل ولده. وقيل إنه توفي سنة ثلاث عشرة.

وأمه: هي غزية بنت قيس بن طريف.

ص: 160

‌52 - عبد الله بن الحارث

(1)

:

بن عبد المطلب الهاشمي. أخو ربيعة ونوفل. وكان اسمه عبد شمس فغُيِّر. فرووا أنه هاجر قبيل الفتح فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله. وخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فمات بالصفراء فكفنه في قميصه - يعني قميص النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد قيل: إنه قال فيه: "هو سعيد أدركته السعادة". كذا أورد ابن سعد هذا بلا إسناد. ولا نسل لهذا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 48 - 49"، و"الإصابة "2/ ترجمة 4602".

ص: 160

‌53 - خالد بن سعيد

(1)

:

ابن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.

السيد الكبير أبو سعيد القرشي الأموي أحد السابقين الأولين.

روي، عن أم خالد بنت خالد قالت: كان أبي خامسًا في الإسلام وهاجر إلى أرض الحبشة وأقام بها بضع عشرة سنة وولدت أنا بها.

(1)

راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 94 - 100"، التاريخ الكبير "2/ ق 1/ 152"، الجرح والتعديل "1/ ق 2/ 334"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 2167".

ص: 160

وروى إبراهيم بن عقبة، عن أم خالد قالت: أبي أول من كتب: بسم الله الرحمن الرحيم.

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على صنعاء وأن أبا بكر أمره على بعض الجيش في غزو الشام.

قال موسى بن عقبة: أخبرنا اشياخنا أن خالدًا قتل مشركًا ثم لبس سلبه ديباجًا أو حريرًا فنظر الناس إليه وهو مع عمرو. فقال: ما لكم تنظرون? من شاء فليفعل مثل عمل خالد ثم يلبس لباسه.

ويروى أن خالدًا رضي الله عنه استشهد فقال الذي قتله بعد أن أسلم: من هذا الرجل? فإني رأيت نورًا له ساطعًا إلى السماء.

وقيل: كان خالد بن سعيد وسيمًا جميلًا قتل يوم أجنادين وهاجر مع جعفر بن أبي طالب إلى المدينة زمن خيبر. وبنته المذكورة عُمِّرَتْ! وتأخرت إلى قريب عام تسعين.

وكان أبوه أبو أحيحة من كبراء الجاهلية مات قبل غزوة بدر مشركًا. وله عدة أولاد منهم:

ص: 161

‌54 - أبان بن سعيد

(1)

:

أبو الوليد الأموي. تأخر إسلامه وكان تاجرًا موسرًا سافر إلى الشام. وهو الذي أجار ابن عمه عثمان بن عفان يوم الحديبية حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا إلى مكة فتلقاه أبان وهو يقول:

أقْبِلْ وأَنْسِلْ ولا تخف أحدًا

بنو سعيدٍ أعزَّةُ البلد

ثم أسلم يوم الفتح لا بل قبل الفتح وهاجر. وذلك أن أخويه خالدًا المذكور وعمرًا لما قدما من هجرة الحبشة إلى المدينة بعثا إليه يدعوانه إلى الله تعالى فبادر وقدم المدينة مسلمًا. وقد استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع على البحرين ثم إنه استشهد هو وأخوه خالد يوم أجنادين على الصحيح. وأبان هو ابن عمة أبي جهل.

(1)

ترجمته في "التاريخ الكبير""1/ ق 1/ 450"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 295"، والإصابة "1/ ترجمة رقم 2".

ص: 161

‌55 - وأخوهما عمرو بن سعيد الأموي

(1)

:

له هجرتان: إلى الحبشة ثم إلى المدينة. وله حديث في "مسند الإمام أحمد" استشهد يوم اليرموك ويقال: يوم أجنادين مع أخويه رضي الله عنهم.

وروى عمر بن سعيد الأشدق: أن أعمامه خالدًا وأبانًا وعمرًا رجعوا، عن أعمالهم حين بلغهم موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: ما أحدٌ أحقَّ بالعمل من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ارجعوا إلى أعمالكم فأبوا وخرجوا إلى الشام فقتلوا. رضي الله عنهم.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ 1/ 236"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ق 2/ 338"، والإصابة "3/ ترجمة رقم 6848"، وتهذيب التهذيب "8/ 27 - 29"، وتقريب التهذيب "2/ 70"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5299".

ص: 162

‌56 - العلاء بن الحضرمي

(1)

: " ع"

واسمه: العلاء بن عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعة بن مقنع بن حضرموت.

كان من حلفاء بني أمية ومن سادة المهاجرين. وأخوه ميمون بن الحضرمي هو المنسوب إليه بئر ميمون التي بأعلى مكة احتفرها قبل المبعث. وأخواهما: عمرو وعامر.

ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين ثم وليها لأبي بكر وعمر.

وقيل: إن عمر بعثه على إمرة البصرة فمات قبل أن يصل إليها.

وولي بعده البحرين لعمر: أبو هريرة.

له حديث: "مكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثًا"

(2)

. رواه عنه السائب بن يزيد وروى عنه أيضًا حيان الأعرج وزياد بن حدير.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 359"، والجرح والتعديل "3/ 1/ 357"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ق 2/ 3130"، والإصابة "2/ ترجمة 5642"، وتهذيب التهذيب "8/ 178 - 179"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5504".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الشافعي "1/ 368"، وأحمد "4/ 339"، "5/ 52، والحميدي "844"، والبخاري "3933"، ومسلم "1352" "442"، وأبو داود "2022"، والترمذي "949"، والنسائي "3/ 121 - 122"، وابن ماجه "1073"، والطبراني "18/ 169 - 173"، والبيهقي "3/ 147" من طريق السائب بن يزيد عن علاء بن الحضرمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا". واللفظ لمسلم.

ص: 162

روى منصور بن زاذان، عن محمد بن سيرين، عن ابن العلاء أن العلاء بن الحضرمي كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه

(1)

.

قال ابن إسحاق: كان والدهم الحضرمي حلف حرب بن أمية وهو من بلاد حضرموت واسمه عبد الله بن عباد بن الصدف.

ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال بعثه - يعني العلاء - أبو بكر الصديق في جيش قبل البحرين وكانوا قد ارتدوا فسار إليهم وبينه وبينهم البحر -يعني الرقراق- حتى مشوا فيه بأرجلهم فقطعوا كذلك مكانًا كانت تجري فيه السفن وهي اليوم تجري فيه أيضًا فقاتلهم وأظهره الله عليهم وبذلوا الزكاة.

توفي سنة إحدى وعشرين.

وروى، عن أبي هريرة: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرمي ووصاه بي فكنت أؤذِّنُ له

(2)

.

وقال المسور بن مخرمة: بعث النبي صلى الله عليه وسلم العلاء إلى البحرين ثم عزله بأبان بن سعيد.

قال محمد بن سعد: بعث أبو بكر العلاء بن الحضرمي فخرج من المدينة في ستة عشر راكبًا وكتب له كتابًا أن ينفر معه كل من مرَّ به من المسلمين إلى عدوهم. فسار العلاء فيمن تبعه حتى لحق بحصن جواثى فقاتلهم فلم يفلت منهم أحد ثم أتى القطيف وبها جمع فقاتلهم فانهزموا فانضمت الأعاجم إلى الزارة فأتاهم العلاء فنزل الخط على ساحل البحر فقاتلهم وحاصرهم إلى أن توفي الصديق فطلب أهل الزارة الصلح فصالحهم،

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 339"، وأبو داود "5135" من طريق هشيم حدثنا منصور، عن ابن سيرين، عن ابن العلاء بن الحضرمي قال أبي ثنا به هشيم مرتين مرة عن ابن العلاء، ومرة لم يصل أن أباه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه.

قلت: إسناده ضعيف لجهالة ابن العلاء بن الحضرمي، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "4/ 360" من طريق محمد بن عمر الواقدي، قال حدثني عبد الله بن يزيد، عن سالم مولى بن نصر قال: سمعت أبا هريرة يقول: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرمي، وأوصاه بي خيرا، فلما فصلنا قال لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوصاني بك خيرا فانظر ماذا تحب؟ قال: قلت: تجعلني أؤذن لك، ولا تسبقني بآمين. فأعطاه ذلك".

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته الواقدي، فإنه متروك كما ذكرنا ذلك من قبل.

ص: 163

ثم قاتل أهل دارين فقتل المقاتلة وحوى الذراري وبعث عرفجة إلى ساحل فارس فقطع السفن وافتتح جزيرة بأرض فارس واتخذ بها مسجدًا.

مجالد، عن الشعبي: أن عمر كتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن سر إلى عتبة بن غزوان فقد وليتك عمله وظننت أنك أغنى منه فاعرف له حقه فخرج العلاء في رهط منهم أبو هريرة وأبو بكرة فلما كانوا بنياس مات العلاء.

وكان أبو هريرة يقول: رأيت من العلاء ثلاثة أشياء لا أزال أحبه أبدًا: قطع البحر على فرسه يوم دارين وقدم يريد البحرين فدعا الله بالدهناء فنبع لهم ماء فارتووا ونسي رجل منهم بعض متاعه فرد فلقيه ولم يجد الماء. ومات ونحن على غير ماء فأبدى الله لنا سحابة فمطرنا فغسلناه وحفرنا له بسيوفنا ودفناه ولم نلحد له.

ص: 164

‌57 - سعد بن خيثمة

(1)

:

ابن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم أبو عبد الله الأنصاري الأوسي البدري النقيب أخو أبي ضياح النعمان بن ثابت لأمه.

انقرض عقبه سنة مائتين.

وكان ابن الكلبي يخالف في النحاط، ويجعله الحناط بن كعب.

آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي سلمة بن عبد الأسد.

قالوا: وكان أحد النقباء الاثني عشر.

ولما ندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين يوم بدر، فأسرعوا، قال خيثمة لابنه سعد آثرني بالخروج، وأقم مع نسائك. فأبى، وقال: لو كان غير الجنة آثرتك به فاقترعا فخرج سهم، سعد فخرج، واستشهد ببدر، واستشهد أبوه خيثمة يوم أحد.

(1)

راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 481 - 482"، تاريخ البخاري الكبير "2/ ق 2/ 49"، الجرح والتعديل "2/ ق 1/ 82"، الإصابة 2/ ترجمة 3148".

ص: 164

‌58 - البراء بن معرور

(1)

:

ابن صخر بن خنساء بن سنان.

السيد النقيب، أبو بشر الأنصاري الخزرجي أحد النقباء ليلة العقبة وهو ابن عمة سعد بن معاذ وكان نقيب قومه بني سلمة وكان أول من بايع ليلة العقبة الأولى وكان فاضلًا تقيًّا فقيه النفس مات في صفر قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر.

محمد بن إسحاق: حدثني معبد بن كعب، عن أخيه عبد الله، عن أبيه قال: خرجنا من المدينة نريد النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وخرج معنا حجاج قومنا من أهل الشرك حتى إذا كنا بذي الحليفة قال لنا البراء بن معرور -وكان سيدنا وذا سننا: تعلمن -والله- لقد رأيت أن لا أجعل هذه البينة مني بظهر وأن أصلي إليها فقلنا والله لا نفعل ما بلغنا أن نبينا يصلي إلَّا إلى الشام فما كنا لنخالف قبلته. فلقد رأيته إذا حضرت الصلاة يصلي إلى الكعبة قال: فعبنا عليه وأبى إلَّا الإقامة عليه حتى قدمنا مكة فقال لي: يابن أخي لقد صنعت في سفري شيئًا ما أدري ما هو فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسأله عما صنعت وكنا لا نعرف رسول الله فخرجنا نسأل عنه فلقينا بالأبطح رجلًا فسألناه عنه فقال: هل تعرفانه? قلنا: لا قال: فهل تعرفان العباس? قلنا: نعم. فكان العباس يختلف إلينا بالتجارة فعرفناه، فقال: هو الرجل الجالس معه الآن في المسجد فأتيناهما فسلمنا وجلسنا فسألنا العباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذان يا عم"؟ قال هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشاعر"؟ فقال البراء يا رسول الله! والله لقد صنعت كذا وكذا فقال: "قد كنت على قبلة لو صبرت عليها" فرجع إلى قبلته ثم واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأوسط وذكر القصة بطولها.

وروى يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أمه، عن أبيه أن البراء بن معرور أوصى بثلثه للنبي صلى الله عليه وسلم وكان أوصى بثلث في سبيل الله وأوصى بثلث لولده فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم فرده على الورثة فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقد مات فسأل، عن قبره فأتاه فصف عليه وكبر وقال:"اللهم اغفر له وارحمه وأدخله الجنة وقد فعلت"

(2)

.

وكان البراء ليلة العقبة هو أجل السبعين وهو أولهم مبايعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابنه:

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 618 - 620"، الجرح والتعديل "1/ ق 1/ 399"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 622".

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 619، 620"، وفيه الواقدي وهو متروك.

ص: 165

‌59 - بشر بن البراء

(1)

:

من أشراف قومه وقد روي من حديث أبي هريرة وجابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سيدكم يا بني سلمة". قالوا الجد بن قيس على أن فيه بخلًا فقال: "وأي داء أدوى من البخل? بل سيدكم الأبيض الجعد بشر بن البراء"

(2)

.

قلت هو الذي أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم من الشاة المسمومة يوم خيبر فأصيب وهو من كبار البدريين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 570 - 571"، والإصابة "1/ ترجمة 654".

(2)

ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "3/ 219" من طريق سهل بن عمار العتكي، حدثنا محمد بن يعلي، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به مرفوعا، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده واه بمرة، آفته محمد بن يعلى السلمي، زنبور، قال البخاري: ذاهب الحديث وقال حاتم: متروك. وقد أورد الذهبي في ترجمته في "الميزان" مناكير له من رواياته، وذهل عن هذه الترجمة فصحح الحديث موافقة للحاكم المتساهل، وقد ذكرنا كثيرا من تساهلهما في كتابنا [الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة]، وقد طبع المجلد الأول من المجلدات الثلاث في مكتبة الدعوة بالأزهر الشريف، ويحوي كل مجلد على أربعمائة حديث ضعيف أو موضوع مشهور على ألسنة الدعاة والخطباء والمتكلمين في إذاعة القرآن الكريم يسر الله طبع بقية المجلدات وجعله في ميزان حسناتنا، وجزى الله خيرا كل من ساهم في طبعه ونشره، آمين.

ص: 166

‌60 - سعد بن عبادة

(1)

:

ابن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج.

السيد الكبير، الشريف، أبو قيس الأنصاري، الخزرجي، الساعدي المدني النقيب سيد الخزرج.

له أحاديث يسيرة، وهي عشرون بالمكرر.

(1)

راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 613 - 617"، التاريخ الكبير للبخاري "2/ ق 2/ 44"، الجرح والتعديل "2/ ق 1/ 88"، تهذيب التهذيب "3/ 475"، الإصابة "2/ ترجمة 3173"، تهذيب التهذيب "3/ 475"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2388".

ص: 166

مات قبل أوان الرواية. روى عنه: سعيد بن المسيب والحسن البصري مرسل له عند أبي داود والنسائي حديثان.

قال أبو الأسود: عن عروة إنه شهد بدرًا وقال جماعة ما شهدها.

قال ابن سعد: كان يتهيأ للخروج إلى بدر ويأتي دور الأنصار يحضهم على الخروج فنهش فأقام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن كان سعد ما شهد بدرًا لقد كان حريصًا عليها".

قال وكان عقبيًا نقيبًا سيدًا جوادًا.

ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان يبعث إليه كل يوم جفنةً من ثريد اللحم أو ثريد بلبن أو غيره فكانت جفنة سعد تدور مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه.

وقال البخاري في "تاريخه" إنه شهد بدرًا وتبعه ابن منده.

وممن روى عنه أولاده قيس وسعيد وإسحاق وابن عباس وسكن دمشق فيما نقل ابن عساكر قال: ومات بحوران وقيل قبره بالمنيحة.

روى ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت وعليها نذر فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أقضيه عنها

(1)

.

والأكثر جعلوه من "مسند ابن عباس"

(2)

.

أحمد في مسنده: حدثنا يونس، حدثنا حماد، حدثنا عبد الرحمن بن أبي شميلة، عن رجل رده إلى سعيد الصراف، عن إسحاق بن سعد بن عبادة، عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا الحي من الأنصار مجنة حبهم إيمان وبغضهم نفاق"

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 7"، ومسلم "1638"، والنسائي "6/ 253"، "7/ 21"، وأبو يعلى "2683"، والحاكم "3/ 254" من طرق عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: جاء سعد بن عبادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر فلم تقضه، قال:"اقضه عنها".

(2)

صحيح على شرطهما: أخرجه مالك "2/ 472"، وأحمد "1/ 219، 329، 370"، والحميدي "532"، والطيالسي "2717"، والبخاري " 2761، 6698" ومسلم "1683"، وأبو داود "3307". والنسائي "6/ 253 - 254"، "7/ 20 - 21"، وأبو يعلى "2383"، والبيهقي "4/ 256"، 10/ 85"، والبغوي "2449" من طرق عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر، قال: "اقضه عنها".

(3)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 285" حدثنا يونس، حدثنا حماد -يعني ابن زيد، به. =

ص: 167

قال موسى بن عقبة، والجماعة: إنه أحد النقباء، ليلة العقبة.

وعن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، قال: جاء سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو يمتاران لأهل العقبة، وقد خرج القوم، فنذر بهما أهل مكة، فأخذ سعد وأفلت المنذر قال سعد: فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر -يحمر النصب من دم الذبائح عليه- قال: فخلا رجل كأنه رحمني فقال: ويحك! أما لك بمكة من تستجير به? قلت: لا إلَّا أن العاص بن وائل قد كان يقدم علينا بالمدينة فنكرمه فقال رجل من القوم ذكر ابن عمي والله لا يصل إليه أحد منكم فكفوا عني وإذا هو عدي بن قيس السهمي.

حجاج بن أرطاة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة.

رواه أبو غسان النهدي، عن إبراهيم بن الزبرقان، عنه.

معمر، عن عثمان الجزري، عن مقسم لا أعلمه إلَّا، عن ابن عباس إن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تكون مع علي وراية الأنصار مع سعد بن عبادة.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم إقفال أبي سفيان قال: "أشيروا علي" فقام أبو بكر فقال: "اجلس" فقام سعد بن عبادة فقال: لو أمرتنا يا رسول الله أن نخيضها البحرلأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا

(1)

.

أبو حذيفة: حدثنا سفيان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال رسول

= قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل:

الأولى: جهالة عبد الرحمن بن أبي شميلة، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.

الثانية: سعيد الصواف مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مدني مستور. الثالث: جهالة إسحاق بن سعد، وهو ابن عبادة الأنصاري الخزرجي، قال الحافظ في "التقريب": مستور مقل" وللحديث شاهد صحيح على شرط البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار".

أخرجه البخاري "3784"، ومسلم "74" في "الإيمان" من طريق شعبة، عن عبد الله بن جبر، عن ابن مالك مرفوعا، وقد خرجنا هذا الحديث في "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية"، الجزء الرابع بتعليق "151"، وفي المجلد الخامس برقم تعليق "45".

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 220"، ومسلم "1779".

ص: 168

الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "من جاء بأسير فله سلبه" فجاء أبو اليسر بأسيرين فقال سعد بن عبادة: يا رسول! الله حرسناك مخافةً عليك فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1]

(1)

.

ورواه عبد الرزاق، عن سفيان.

علي بن بحر، حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل، حدثنا أبي، عن جدي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب المرأة ويصدقها ويشرط لها صحفة سعد تدور معي إذا درت إليك. فكان يرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحفةٍ كل ليلة

(2)

.

محمد بن إسحاق بن يسار، عن أبيه مرسلًا نحوه.

الأوزاعي: عن يحيى بن أبي كثير كان للنبي صلى الله عليه وسلم من سعد كل يوم جفنة تدور معه حيث دار وكان سعد يقول: اللهم ارزقني مالًا فلا تصلح الفعال إلَّا بالمال

(3)

.

أحمد، حدثنا يزيد، حدثنا عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات} [النور: 14]، قال سعد سيد الأنصار: هكذا أنزلت يا رسول الله? فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار إلَّا تسمعون إلى ما يقول سيدكم"؟ قالوا: لا تلمه! فإنه غيور والله ما تزوج امرأة قط إلَّا بكرًا ولا طلق امرأة قط فاجترأ أحد يتزوجها فقال سعد: يا رسول الله! والله لاعلم أنها حق وأنها من الله ولكني قد تعجبت أن لو وجدت لكاع قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء فلا آتي بهم حتى يقضي حاجته .... الحديث

(4)

.

وفي حديث الإفك: قالت عائشة: فقام سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان قبل

(1)

ضعيف جدا: في إسناده الكلبي، وهو محمد بن السائب الكلبي، متروك أجمعوا على تركه.

(2)

ضعيف: فيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ليس بالقوي.

(3)

ضعيف: لإرساله، يحيى بن أبي كثير، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، وهو من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين.

(4)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 238"، والطيالسي "2667"، وأبو يعلى "2740، 2741"، والبيهقي "7/ 349" من طرق عن عباد بن منصور، به.

قلت: إسناده حسن، عباد بن منصور الناجي، صدوق، وكان يدلس، وقد صرح بالسماع عند الطيالسي، والبيهقي، فأمنا شر تدليسه.

ص: 169

ذلك رجلًا صالحًا ولكن احتملته الحمية فقال كلا والله لا تقتله ولا تقدر على ذلك

(1)

.

يعني: يرد على سعد بن معاذ سيد الأوس. وهذا مشكل فإن بن معاذ كان قد مات.

جرير بن حازم، عن ابن سيرين: كان سعد بن عبادة يرجع كل ليلة إلى أهله بثمانين من أهل الصفة يعشيهم.

قال عروة: كان سعد بن عبادة يقول: اللهم هب لي حمدًا ومجدًا اللهم لا يصلحني القليل، ولا أصلح عليه.

قلت: كان ملكًا شريفًا، مطاعًا، وقد التفت عليه الأنصار يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبايعوه وكان موعوكًا، حتى أقبل أبو بكر والجماعة فردوهم، عن رأيهم فما طاب لسعد.

الواقدي: حدثنا محمد بن صالح، عن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدي أن الصديق بعث إلى سعد بن عبادة: أقبل فبايع فقد بايع الناس فقال: لا والله! لا أبايعكم حتى أقاتلكم بمن معي فقال بشير بن سعد: يا خليفة رسول الله! إنه قد أبى ولج فليس يبايعكم حتى يقتل ولن يقتل حتى يقتل معه ولده وعشيرته فلا تحركوه ما استقام لكم الأمر وإنما هو رجل وحده ما ترك فتركه أبو بكر فلما ولي عمر لقيه فقال: إيه يا سعد! فقال: إيه يا عمر! فقال عمر: أنت صاحب ما أنت صاحبه? قال: نعم وقد أفضى إليك هذا الأمر وكان صاحبك والله أحب إلينا منك وقد أصبحت كارهًا لجوارك قال: من كره ذلك تحول عنه فلم يلبث إلَّا قليلًا حتى انتقل إلى الشام فمات بحوران.

إسنادها كما ترى

(2)

.

ابن عون، عن ابن سيرين: أن سعدًا بال قائمًا فمات فسمع قائل يقول:

قد قتلنا سيد الخز

رج سعد بن عباده

ورميناه بسهميـ

ـن فلم نخط فؤاده

وقال سعد بن عبد العزيز: أول ما فتحت بصرى، وفيها مات سعد بن عبادة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4141، 4750"، وقد خرجت الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث.

(2)

ضعيف جدا: فيه الواقدي: وهو متروك كما ذكرنا مرارا.

ص: 170

وقال أبو عبيد: مات سنة أربع عشرة بحوران.

وروى ابن أبي عروبة، عن ابن سيرين: أن سعد به عبادة بال قائمًا فمات وقال إني أجد دبيبًا.

الأصمعي: حدثنا سلمة بن بلال، عن أبي رجاء قال: قتل سعد بن عبادة بالشام رمته الجن بحوران.

الواقدي: حدثنا يحيى بن عبد العزيز من ولد سعد، عن أبيه قال: توفي سعد بحوران لسنتين ونصف من خلافة عمر فما علم بموته بالمدينة حتى سمع غلمان قائلًا من بئر يقول:

قد قتلنا سيد الخز

رج سعد بن عباده

ورميناه بسهميـ

ـن فلم نخط فؤاده

فذعر الغلمان، فحفظ ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه.

وإنما جلس يبول في نفق فمات من ساعته ووجدوه قد اخضر جلده.

وقال يحيى بن بكير، وابن عائشة، وغيرهما: مات بحوران سنة ست عشرة.

وروى المدائني، عن يحيى بن عبد العزيز، عن أبيه قال: مات في خلافة أبي بكر.

قال ابن سعد: كان سعد يكتب في الجاهلية ويحسن العوم والرمي، وكان من أحسن ذلك سمي الكامل وكان سعد وعده آباء له قبله ينادى على أطمهم من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بن حارثة.

ص: 171

‌61 - سعد بن معاذ

(1)

:

ابن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.

السيد الكبير، الشهيد، أبو عمرو الأنصاري، الأوسي، الأشهلي، البدري الذي اهتز العرش لموته. ومناقبه مشهورة في الصحاح وفي السيرة وغير ذلك وقد أوردت جملة من ذلك في "تاريخ الإسلام" في سنة وفاته.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 420 - 436"، التاريخ الكبير "2/ ق 2/ 65"، الجرح والتعديل "2/ ق 1/ 93"، وتهذيب التهذيب 3/ 481"، والإصابة "2/ ترجمة 3204".

ص: 171

نقل ابن الكلبي، عن عبد الحميد بن أبي عيسى بن جبر، عن أبيه أن قريشًا سمعت هاتفًا على أبي قبيس يقول:

فإن يسلم السعدان يصبح محمد

بمكة لا يخشى خلاف المخالف

فقال أبو سفيان: من السعدان? سعد بكر سعد تميم? فسمعوا في الليل الهاتف يقول:

أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرًا

ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا

على الله في الفردوس منية عارف

فإن ثواب الله للطالب الهدى

جنان من الفردوس ذات رفارف

فقال أبو سفيان: هو -والله- سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.

أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير فقال ابن إسحاق: لما أسلم وقف على قومه فقال: يا بني عبد الأشهل! كيف تعلمون أمري فيكم? قالوا: سيدنا فضلًا وأيمننا نقيبةً قال: فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله. قال فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلَّا وأسلموا.

أبو إسحاق: عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود قال: انطلق سعد بن معاذ معتمرًا فنزل على أمية بن خلف وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يمر بالمدينة فينزل عليه فقال أمية له: انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت. فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل فقال: من الذي يطوف آمنًا? قال: أنا سعد. فقال: أتطوف آمنا وقد آويتم محمدًا وأصحابه? قال: نعم. فتلاحيا. فقال أمية: لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي. فقال سعد: والله لو منعتني لقطعت عليك متجرك بالشام. قال: فجعل أمية يقول: لا ترفع صوتك. فغضب وقال: دعنا منك فإني سمعت محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول: يزعم أنه قاتِلُك. قال: إيَّاي? قال: نعم. قال: والله ما يكذب محمد فكاد يُحدِث فرجع إلى امرأته فقال: أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي? زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي. قالت: والله ما يكذب محمد فلما خرجوا لبدر قالت امرأته: ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي? فأراد أن لا يخرج. فقال له أبو جهل: إنك من أشراف أهل الوادي فسر معنا يومًا أو يومين. فسار معهم فقتله الله

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 400"، والبخاري "3632، 3950"، والبيهقي في "الدلائل""3/ 25، 26" من طريق أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، به.

ص: 172

قال ابن شهاب: وشهد بدرًا سعد بن معاذ. ورمي يوم الخندق فعاش شهرًا ثم انتُقِضَ جرحه فمات.

بن إسحاق: حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها فعبر سعد عليه درع مقلَّصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول:

لبث قليلًا يشهد الهيجا حمل

لا بأس بالموت إذا حان الأجل

يعني: حمل بن بدر. فقالت له أمه: أي بني! قد أخرت. فقلت لها: يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي. فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل رماه ابن العرقة فلما أصابه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة فقال: عرق الله وجهك في النار. اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني لها فإنه لا قوم أحبُّ إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولا تُمتني حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة.

هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: رمى سعدًا رجل من قريش يقال له: حِبّان بن العرقة. فرماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب. قالت: ثم إن كَلْمه تحجَّر للبرء. قالت: فدعا سعد فقال في ذلك: وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها. فانفجر من لبّته فلم يرعهم إلَّا والدم يسيل. فقالوا: يا أهل الخيمة! ما هذا? فإذا جرحه يغذو. فمات منها.

متفق عليه بأطول من هذا.

الليث، عن أبي الزبير، عن جابر قال: رمي سعد يوم الأحزاب فقطعوا أكحله فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت يده فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تخرج نفسي حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطرت منه قطرة. حتى نزلوا على حكم سعد. فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم قال: وكانوا أربع مائة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه.

يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: جلس النبي صلى الله عليه وسلم على قبر سعد وهو يدفن فقال: "سبحان الله" مرتين فسبح القوم. ثم قال: "الله أكبر، الله

ص: 173

أكبر" فكبروا فقال: "عجبت لهذا العبد الصالح شُدِّدَ عليه في قبره حتى كان هذا حين فرج له".

ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم، عن الحسن البصري قال: كان سعد بادنًا فلما حملوه وجدوا له خفة. فقال رجال من المنافقين: والله إن كان لبادنا وما حملنا أَخفَّ منه. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "إن له حملة غيركم. والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش".

يزيد بن هارون: أنبأنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس فسمعت وئيد الأرض ورائي فإذا سعدٌ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مِجَنَّة. فجلست فمر سعد وعليه درع قد خرجت منه أطرافه. وكان من أطول الناس وأعظمهم فاقتحمت حديقة فإذا فيها نفر فيهم عُمَرٌ فقال: ما جاء بك? والله إنك لجريئة! ما يؤمنك أن يكون بلاء? فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض اشتقت ساعتئذ فدخلت فيها وإذا رجل عليه مِغفر فيرفعه، عن وجهه فإذا هو طلحة. فقال: ويحك! قد أكثرت وأين التحوز والفِرار إلَّا إلى الله؟.

محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، حدثني علقمة بن وقاص، عن عائشة قالت: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار. فسألهم أسيد فنعوا له امرأته فتقنع يبكي قلت له: غفر الله لك أتبكي على أمرأة وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم? فقال: ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ. وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما يقول قال: قلت: وما سمعت? قال: قال: "لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ"

(1)

.

إسماعيل بن مسلم العبدي: حدثنا أبو المتوكل أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحُمَّى فقال: "من كانت به فهو حظه من النار" فسألها سعد بن معاذ ربه فلزمته فلم تفارقه حتى مات

(2)

.

(1)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "4/ 352"، وابن أبي شيبة "12/ 142"، وابن سعد "3/ 434"، والطبراني "553" من طريق محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن عائشة به.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 421"، وهو مرسل.

ص: 174

أبو الزبير: عن جابر قال: رُمي سعد بن معاذ يوم الاحزاب فقطعوا أَكحلَه فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار. فانتفخت يده فنزفه فحسمه أخرى

(1)

.

أبو إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل قال: لما انفجر جرح سعد عجل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسنده إلى صدره والدماء تسيل عليه. فجاء أبو بكر فقال: وانكسار ظهراه على سعد! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلًا أبا بكر" فجاء عمر فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون

(2)

. رواه شعبة عنه.

محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن عائشة قالت: حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر سعد بن معاذ وهو يموت في القبة التي ضربها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. قالت: والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وإني لفي حجرتي فكانا كما قال الله: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 39] قال علقمة: فقلت: أي أمه! كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع? قالت: كان لا تدمع عينه على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته

(3)

.

يزيد بن هارون: أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد، عن رجل من الأنصار قال: لما قضي سعد في بني قريظة ثم رجع انفجر جرحه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فوضع رأسه في حجره وسجي بثوب أبيض وكان رجلًا أبيض جسيمًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إن سعدًا قد جاهد في سبيلك وصدق رسولك وقضى الذي عليه فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحًا" فلما سمع سعد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح عينيه ثم قال: السلام عليك يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل البيت: "استأذن الله من ملائكته عددكم في البيت ليشهدوا وفاة سعد". قال: وأمه تبكي وتقول:

ويل أمِّك سعدا

حزامةً وجِدّا

فقيل لها: أتقولين الشعر على سعد? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها فغيرها من الشعراء أكذب" هذا مرسل.

والواقدي: أنبأنا معاذ بن محمد، عن عطاء بن أبي مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 312، 386"، ومسلم "2208".

(2)

ضعيف: فيه علتان: "الإرسال" وتدليس ابن إسحاق، وقد عنعنه.

(3)

حسن: أخرجه أحمد "6/ 141 - 142".

ص: 175

قال: لما انفجرت يد سعد بالدم قام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقه والدم ينفح من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته حتى قضى

(1)

.

عاصم بن عمر: عن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أَكحلُ سعدٍ فثقل حولوه عند امرأة يقال لها: رفيدة تداوي الجرحى. فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر به يقول: "كيف أمسيت وكيف أصبحت"؟ فيخبره حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها وثقل فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم وجاء رسول الله فقيل: انطلقوا به. فخرج وخرجنا معه واسرع حتى تقطعت شسوع نعالنا وسقطت أرديتنا فشكا ذلك إليه أصحابه فقال: "إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة" فانتهى إلى البيت وهو يغسل وأمه تبكيه وتقول:

ويل أم سعدٍ سعدا

حزامةً وجِدّا

فقال: "كل باكية تكذب إلَّا أم سعد" ثم خرج به. قال: يقول له القوم: ما حملنا يا رسول الله ميتًا أخف علينا منه. قال: "ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم قد حملوه معكم"

(2)

.

شعبة:، عن سماك سمع عبد الله بن شداد يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد وهو يكيد نفسه فقال: "جزاك الله خيرًا من سيد قومٍ فقد أنجزت ما وعدته وليُنْجِزَنَّكَ الله ما وعدك"

(3)

.

حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن عبد الرحمن بن سعد به معاذ أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى سعد فجيء به محمولًا على حمار وهو مضنى من جرحه فقال له:"أشر علي في هؤلاء" قال: إني أعلم أن الله قد أمرك فيهم بأمر أنت

(1)

ضعيف جدا: في إسناده الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا مرارا.

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 428"، من طريق الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، به.

قلت: إسناده حسن، فيه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري، المعروف بابن الغسيل، صدوق، فيه لين. ومحمود بن لبيد هو ابن عقبة بن رافع الأوسي الأشهلي، أبو نعيم المدني، صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة.

(3)

ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات""3/ 429"، وهو ضعيف لإرساله.

ص: 176

فاعله. قال: "أجل ولكن أشر" قال: لو وليت أمرهم لقتلت مقاتِلتَهم وسبيت ذراريهم. فقال: "والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به"

(1)

.

محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما حكم سعد في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه المواسي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات"

(2)

.

إسرائيل:، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة قال: لم يرق دم سعد حتى أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بساعده فارتفع الدم إلى عضده. فكان سعد يقول: اللهم لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة

(3)

.

الواقدي: حدثني سعيد بن محمد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، عن جده قال: كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع فكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا حتى انتهينا إلى اللحد

(4)

.

ثم قال ربيح: وأخبرني محمد بن المنكدر، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر فإذا هي مسك ورواها محمد بن عمرو بن علقمة، عن ابن المنكدر.

الواقدي: أنبأنا عبيد بن جبيرة، عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 425" من طريق حماد بن سلمة، به.

وله شاهد أخرجه أحمد "3/ 22"، والبخاري "3043، 3804، 4121، 6262"، ومسلم "1768"، من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد هو ابن معاذ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قريبا منه فجاء على حمار، فلما دنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قوموا إلى سيدكم"، فجاء فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:"إن هؤلاء نزلوا على حكمك". قال: فإني أحكم أن تُقتل المقاتلة، وأن تُسبى الذرية. قال:"لقد حكمت فيهم بحكم الملك".

(2)

صحيح: راجع تخريجنا السابق.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 424"، وفي الإسناد علتان: أبو إسحاق هو السبعي، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

الثانية: الانقطاع بين أبي ميسرة -وهو عمرو بن شراحبيل الهمداني- وسعد بن أبي وقاص.

(4)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 431"، وفيه الواقدي، وهو متروك، وقد نبهنا على ذلك مرارا.

ص: 177

قال: كان سعد بن معاذ رجلًا أبيض طوالًا جميلًا حسن الوجه أعين حسن اللحية فرمي يوم الخندق سنة خمس من الهجرة فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة. فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن بالبقيع

(1)

.

ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن الحصين، عن داود بن الحصين، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه قال: لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة: الحارث بن أوس وأسيد بن الحضير وأبو نائلة سلكان وسلمة بن سلامة بن وقش ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف. فلما وضع في قبره تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبح ثلاثًا فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع ثم كبر ثلاثًا وكبر المسلمون فسئل، عن ذلك فقال:"تضايق على صاحبكم القبر وضُمَّ ضمةً لو نجا منها أحدٌ لنجا هو ثم فرَّج الله عنه".

قلت: هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا وكما يجد من ألم مرضه وألم خروج نفسه وألم سؤاله في قبره وامتحانه وألم تأثره ببكاء أهله عليه وألم قيامه من قبره وألم الموقف وهوله وألم الورود على النار ونحو ذلك. فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر ولا من عذاب جهنم قط ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه. قال الله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39] وقال: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر: 18] فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي. ومع هذه الهزات فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة وأنه من أرفع الشهداء رضي الله عنه. كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين ولا روع ولا ألم ولا خوف. سل ربك العافية وأن يحشرنا في زمرة سعد.

شعبة: حدثنا سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيًا منها نجا منها سعد بن معاذ"

(2)

. إسناده قوي.

عقبة بن مكرم: حدثنا بن أبي عدي، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن

(1)

ضعيف جدا: فيه الواقدي، وهو متروك.

(2)

حسن: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار""1/ 107" من طريق شعبة، به.

قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين نافع، وعائشة رضي الله عنها وقد وصله الطحاوي في "مشكل الآثار""1/ 107" فرواه من طريق عبد الرحمن بن زياد، حدثنا شعبة، عن سعد، قال: سمعت نافعا، يحدث عن امرأة ابن عمر، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن زياد، هو الرصاصي، أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""2/ ق 2/ 235"، وقال: سألت أبي عنه فقال: صدوق: وقال أبو زرعة: لا بأس به، وأما امرأة ابن عمر فاسمها صفية بنت أبي عبيد الثقفية، قيل لها إداراك، وأنكر الدارقطني، وقال ابن حبان والعجلي: ثقة، فهي من الطبقة الثانية، ورواه أحمد "6/ 55، 98" من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن إنسان، عن عائشة، به.

ص: 178

صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا منها سعد"

(1)

.

يزيد بن هارون: أنبأنا محمد بن عمرو، عن واقد بن عمرو بن سعد قال: دخلت على أنس بن مالك -وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم- فقال لي: من أنت? قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: إنك بسعد لشبيهٌ ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال: يرحم الله سعدًا كان من أعظم الناس وأطولهم. بعث رسول الله جيشا إلى أكيدر دُومة فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب. فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يمسحونها وينظرون إليها فقال: "أتعجبون من هذه الجبة"؟ قالوا: يا رسول الله! مارأينا ثوبًا قط أحسن منه قال: "فوالله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون"

(2)

.

قيل: كان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابني خالة.

وقال ابن إسحاق: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجراح وقيل آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص.

(1)

انظر السابق.

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 435 - 436"، وأحمد في الفضائل "1495"، وابن أبي شيبة "12/ 144"، والترمذي "1723"، والنسائي "8/ 199" من طرق عن محمد بن عمرو، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، صدوق له أوهام كما قال الحافظ في "التقريب" وأكيدر دومة: هو أكيدر بن عبد الملك الكندي -من كندة- صاحب دومة الجندل مدينة بين الشام والحجاز قرب تبوك ذكره ابن منده وأبو نعيم في الصحابة وقال: كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل إليه سرية مع خالد بن الوليد ثم أسلم وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فوهبها لعمر، وتعقب ذلك ابن الأثير فقال: إنما أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصالحه ولم يسلم وهذا لا خلاف فيه بين أهل السير، ومن قال إنه أسلم فقد أخطأ خطا ظاهرا بل كان نصرانيا، ولما صالحه النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى حصنه وبقي فيه ثم إن خالد بن الوليد أسره في أيام أبي بكر فقتله كافرا. وقد ذكر البلاذري أن أكيدر دومة لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مع خالد أسلم، وعاد إلى دومة، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتد ومنع ما قبله، فلما سار خالد بن الوليد من العراق إلى الشام قتله، قال ابن الأثير، فعلى كل حال لا ينبغي أن يذكر في الصحابة.

ص: 179

وقد تواتر

(1)

قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العرش اهتز لموت سعدٍ فرحًا به"

(2)

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حلة تعجبوا من حسنها: "لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه"

(3)

.

وقال النضر بن شميل: حدثنا عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اهتز العرش لموت سعد بن معاذ"

(4)

.

ثم قال النضر -وهو إمام أهل اللغة: اهتز: فرح.

الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعًا:"اهتز عرش الرحمن لموت سعد"

(5)

.

يوسف بن الماجشون، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جدته رميثة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول -ولو أشاء أن أقبل الخاتم الذي بين كتفيه من قربي منه لفعلت- وهو يقول: "اهتز عرش الرحمن له" أي لسعد بن معاذ

(6)

. إسناد صالح.

(1)

ورد هذا الحديث عن جمع من الصحابة منهم: جابر بن عبد الله، وأنس، وابن عمر، وأسيد بن حضير، وأبي سعيد، وحذيفة رضي الله عنهم.

(2)

صحيح: ورد عن جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ: "اهتز العرش لموت سعد بن معاذ". أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 142"، وأحمد "3/ 316"، وابن سعد "3/ 433 - 434"، والبخاري "3803"، ومسلم "2466""124"، والطبراني "5335"، والبغوي "3980" من طرق عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، به، ووقع عند بعضهم [أبي صالح مع أبي سفيان عن جابر]، وورد عن أنس بن مالك. أخرجه عبد الرزاق "20414"، وأحمد "3/ 234"، ومسلم "2467"، والترمذي "3849" وابن أبي عاصم في "السنة""561" من طريق قتادة، عن أنس، به.

(3)

حسن: راجع تخريجنا رقم "432".

(4)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 142"، "14/ 416"، وابن سعد "3/ 434"، وأحمد "3/ 23 - 24"، والنسائي في "الفضائل""121"، والحاكم "3/ 206" من طريق عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.

(5)

صحيح: مر تخريجنا له بتعليق رقم "434".

(6)

حسن: أخرجه ابن سعد "3/ 435"، وأحمد في "المسند""6/ 329"، وفي "الفضائل""1505"، والترمذي في "الشمائل""17"، والطبراني في "الكبير""24/ 703" من طرق عن يوسف بن الماجشون به.

قلت: إسناده حسن، يوسف، هو ابن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، أبو سلمة المدني، ثقة كما قال الحافظ في "التقريب"، وأما ابنه فهو: يعقوب بن أبي سلمة الماجشون التيمي، مولاهم، أبو يوسف المدني، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 180

وخرج النسائي من طريق معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات? فتحت له أبواب السماء وتحرك له العرش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سعد قال: فجلس على قبره

الحديث

(1)

.

إسماعيل بن أبي خالد، عن إسحاق بن راشد، عن أسماء بنت يزيد قالت: لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك? فإن ابنك أول من ضحك الله إليه واهتز له العرش"

(2)

.

هذا مرسل.

ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وجنازة سعد بين أيديهم:"اهتز لها عرش الرحمن"

(3)

.

ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنازة سعد موضوعة:"اهتز لها عرش الرحمن"

(4)

.

جماعة، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر يرفعه:"اهتز العرش لحب لقاء الله سعدًا"

(5)

.

(1)

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير""5346" من طريق محمد بن إسحاق، حدثنا معاذ بن رفاعة، عن محمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر، به.

ورواه مختصرا النسائي في "الفضائل""120"، والحاكم "3/ 206" من طريق الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر بن عبد الله، به، ورواه أحمد في "فضائل الصحابة""1496، 1497"، والطبراني في "الكبير""5340" من طريق محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن يزيد بن عبد الله به.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 434"، وابن أبي شيبة "12/ 143"، "14/ 415"، وأحمد "6/ 456"، وابن خزيمة في "التوحيد""342"، وابن أبي عاصم في "السنة""559" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن إسحاق بن راشد، عن امرأة من الأنصار يقال لها أسماء بنت يزيد بن السكن، به، وقال ابن خزيمة في إثر الحديث:"ولست أعرف إسحاق بن راشد هذا، ولا أظنه الجزري أخو النعمان بن راشد".

وذكر ابن حبان إسحاق هذا في ثقاته على عادته في توثيق المجاهيل. وليس إسحاق هذا هو الجزري فإنه أقدم طبقة من الجزري، كما قال ابن حجر في تهذيبه "1/ ترجمة رقم 429".

(3)

صحيح: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "434".

(4)

صحيح: سبق تخريجنا له في تعليق رقم "434".

(5)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 142 - 143"، "14/ 414"، وابن سعد "3/ 433"، والبزار "2697"، والحاكم "3/ 206" من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، به. =

ص: 181

يونس، عن ابن إسحاق، عن معاذ بن رفاعة قال: حدثني من شئت من رجال قومي أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد معتجرًا بعمامة من إستبرقٍ فقال يا محمد! من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش? فقام سريعًا يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات

(1)

.

قال ابن إسحاق، عن أمية بن عبد الله، عن بعض آل سعد أن رجلًا قال:

وما اهتز عرش الله من موت هالك

سمعنا به إلَّا لسعد أبي عمرو

عبد الله بن إدريس: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ومنهم من أرسله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش وفتحت أبواب السماء وشهده سبعون ألفًا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك لقد ضم ضمة ثم أفرج عنه" يعني سعدًا

(2)

.

رواه محمد بن سعد، عن إسماعيل بن مسعود عنه.

أبو معشر، عن سعيد المقبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد ولقد ضم ضمةً اختلفت منها أضلاعه من أثر البول"

(3)

. هذا منقطع.

ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد خطوات ولم يصح.

= قلت: إسناده ضعيف، فقد روى محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب بعد اختلاط عطاء.

ورواه ابن سعد "3/ 430" من طريق إسماعيل بن أبي مسعود، والنسائي "4/ 100 - 101"، والطبراني "5333" من طريق عمرو بن محمد العنقزي قالا: أخبرنا عبد الله بن إدريس "أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفا من الملائكة، ولقد ضم ضمة ثم أفرج عنه" أي سعد بن معاذ.

قلت: إسناده صحيح، إسماعيل بن أبي مسعود ذكره ابن حبان في ثقاته.

وقال يغرب: وقد تابعه عمرو بن محمد العنقزي، وهو ثقة من رجال مسلم.

ورواه البيهقي في "دلائل النبوة""4/ 28" من طريق إسحاق بن راهويه عن عمرو بن محمد العنقزي، به.

(1)

ضعيف: لإرساله، وعنعنه ابن إسحاق، فإنه مدلس مشهور بالتدليس، لكن يرتقي للصحة بالحديث الذي ذكرناه آنفا بتعليق رقم "439".

(2)

صحيح: أخرجه النسائي "4/ 100 - 101"، وابن سعد "3/ 430".

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 430" وهو مرسل، كما أن أبا معشر وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، ضعيف: وقد اختلط كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 182

الواقدي: حدثني سعيد بن محمد، عن ربيح بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده أبي سعيد قال: كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا

(1)

.

قال ربيح: فأخبرني محمد بن المنكدر، عن رجل قال: أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد فإذا هي مسك.

وروى نحوه محمد بن عمرو بن علقمة، عن ابن المنكدر، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة.

محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن عائشة قالت: ما كان أحد أشد فقدًا على المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ.

الواقدي: أنبأنا عبيد بن جبيرة، عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: كان سعد أبيض طوالًا جميلًا حسن الوجه أعين حسن اللحية عاش سبعًا وثلاثين سنة.

أبو إسحاق السبيعي، عن رجل، عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اهتز العرش لروح سعد بن معاذ".

وروى سليمان التيمى، عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اهتز عرش الرحمن لوفاة سعد".

ابن سعد، أنبأنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: اهتز العرش لحب لقاء الله سعدًا. قال: إنما يعني السرير. وقرأ {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف: 100]، قال: إنما تفسحت أعواده.

قال: ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره فاحتبس فلما خرج قيل: يا رسول الله! ما حبسك? قال: "ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه"

(2)

.

قلت: تفسيره بالسرير ما أدري أهو من قول ابن عمر أو من قول مجاهد؟ وهذا تأويل لا يفيد فقد جاء ثابتًا عرش الرحمن وعرش الله والعرش خلق لله مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله وجعل فيه شعورًا لحب سعد كما جعل تعالى شعورًا في جبل أحد بحبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10]، وقال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 431"، وفيه الواقدي، وهو متروك.

(2)

صحيح: وقد تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "443".

ص: 183

وَالْأَرْضُ} [الإسراء: 44]، ثم عمم فقال:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44]. وهذا حق. وفي صحيح البخاري قول ابن مسعود: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل

(1)

وهذا باب واسع سبيله الإيمان.

أبو نعيم، حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، عن أبي المتوكل أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحمى فقال:"من كانت به فهي حظه من النار" فسألها سعد بن معاذ ربه فلزمته حتى فارق الدنيا

(2)

.

كان لسعد من الولد عبد الله وعمرو فكان لعمرو تسعة أولاد.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3579".

(2)

ضعيف: وقد تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "419".

ص: 184

‌62 - زيد بن الخطاب

(1)

:

ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح.

السيد الشهيد المجاهد التقي أبو عبد الرحمن القرشي العدوي أخو أمير المؤمنين عمر وكان أسن من عمر وأسلم قبله وكان أسمر طويلًا جدًّا شهد بدرًا والمشاهد وكان قد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين معن بن عدي العجلاني ولقد قال له عمر يوم بدر: البس درعي. قال: إني أريد من الشهادة ما تريد قال: فتركاها جميعًا وكانت راية المسلمين معه يوم اليمامة فلم يزل يقدم بها في نحر العدو ثم قاتل حتى قتل فوقعت الراية فأخذها سالم مولى أبي حذيفة وحزن عليه عمر وكان يقول: أسلم قبلي واستشهد قبلي وكان يقول: ما هبت الصبا إلَّا وأنا أجد ريح زيد.

حدث عنه ابن أخيه عبد الله بن عمر خبر النهي، عن قتل عوامر البيوت

(2)

وروى عنه ولده عبد الرحمن بن زيد حديثين.

استشهد في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة.

(1)

راجع ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 376"، تاريخ خليفة "108، 112"، تاريخ البخاري الكبير "3/ ترجمة 1274"، وتاريخ البخاري الصغير "1/ 34"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2539"، حلية الأولياء "1/ 367"، والإصابة "1/ ترجمة 2897"، تهذيب التهذيب "3/ 411".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 452"، والبخاري "3299"، ومسلم "2233"، وأبو داود "5252"، والترمذي "1483" من طريق الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يستسقطان الحبل، ويلتمسان البصر"، قال: فكان ابن عمر يقتل كل حية وجدها، فأبصره، أبو لبابة بن عبد المنذر أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حية، فقال: إنه قد نهى عن ذوات البيوت.

ص: 184

‌من شهداء اليمامة:

واستشهد يومئذ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم نحو من ست مائة منهم أبو حذيفة بن عتبة العبشمي ومولاه سالم أحد القراء وأبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي وثابت بن قيس بن شماس وعبد الله بن سهيل بن عمرو القرشي العامري وعباد بن بشر الأشهلي الذي أضائت له عصاه

(1)

ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان الأنصاري أخو عاصم وأبو النعمان بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي وأبو دجانة سماك بن خرشة الساعدي الأنصاري وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول الأنصاري وعشرتهم بدريون ويقال: إن أبا دجانة هو الذي قتل يومئذ مسيلمة الكذاب.

‌63 - أسعد بن زرارة

(2)

:

ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.

السيد نقيب بني النجار أبو أمامة الأنصاري الخزرجي من كبراء الصحابة.

توفي شهيدًا بالذبحة فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم بعده نقيبًا على بني النجار وقال: "أنا نقيبكم" فكانوا يفخرون بذلك.

قال ابن إسحاق: توفي والنبي صلى الله عليه وسلم يبني مسجده قبل بدر.

قال أبو العباس الدغولي: قيل: إنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل العقبة الأولى بسنة مع خمسة نفر من الخزرج فآمنوا به فلما قدموا المدينة تكلموا بالإسلام في قومهم فلما كان العام المقبل خرج مهم اثنا عشر رجلًا فهي العقبة الأولى فانصرفوا معهم وبعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير يقرئهم ويفقههم.

قال ابن إسحاق: حدثنا محمد بن أبي أمامة بن سهل، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كنت قائد أبي حين عمي فإذا خرجت به إلى الجمعة، فسمع الأذان، صلى على أبي أمامة، واستغفر له، فقلت: يا أبة! أرأيت استغفارك لأبي أمامة كلما سمعت أذان

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3805"، ووصله أحمد "3/ 138، 190".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 608 - 612"، تاريخ خليفة "56"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1305"، والإصابة "1/ ترجمة 112".

ص: 185

الجمعة ما هو? قال: أي بني! كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم

(1)

النبيت

(2)

من حرة بني بياضة يقال له: نقيع الخضمات

(3)

قلت: فكم كنتم يومئذ? قال أربعون رجلًا. فكان أسعد مقدم النقباء الاثني عشر فهو نقيب بني النجار وأسيد بن الحضير نقيب بني عبد الأشهل وأبو الهيثم بن التيهان البلوي من حلفاء بني عبد الأشهل، وسعد بن خيثمة الأوسي أحد بني غنم بن سلم وسعد بن الربيع الخزرجي الحارثي قتل يوم أحد وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الحارثي قتل يوم مؤتة وعبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر السلمي نقيب بني سلمة وسعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الساعدي رئيس نقيب والمنذر بن عمرو الساعدي النقيب قتل يوم بئر معونة والبراء بن معرور الخزرجي السلمي وعبادة بن الصامت الخزرجي من القواقلة

(4)

ورافع بن مالك الخزرجى الزرقي رضي الله عنهم.

وروى شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن: أن جده أسعد بن زرارة أصابه وجع الذبح في حلقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأبلغن أو لأبلين في أبي أمامة عذرًا" فكواه بيده فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ميتة سوء لليهود. يقولون هلا دفع عن صاحبه ولا أملك له ولا لنفسي من الله شيئًا"

(5)

.

وقيل: إنه مات في السنة الأولى من الهجرة رضي الله عنه وقد مات فيها ثلاثة أنفس من كبراء الجاهلية ومشيخة قريش العاص بن وائل والسهمي والد عمرو والوليد بن المغيرة المخزومي والد خالد وأبو أحيحة سعيد بن العاص الأموي.

الواقدي، حدثني معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل قال: هم اثنا عشر نقيبًا، رأسهم أسعد بن زرارة

(6)

.

(1)

الهزم: ما اطمأن من الأرض، وفي الحديث:"إذا عرَّستم فاجتنبوا هزم الأرض فإنها مأوى الهوام"، هو ما تهزم منها أي تشقق.

(2)

النبيت: بطن من الأنصار.

(3)

نقيع الخضمات: منخفض من الأرض، وهو موضع بنواحي المدينة.

(4)

هم: بنو غنم بن عوف وبنو سالم بن عوف الذين يقال لهم القواقلة.

(5)

صحيح: أخرجه ابن ماجه "3492" من طريق محمد بن جعفر غندر، والنضر بن شميل حدثنا شعبة، به.

(6)

ضعيف جدا: فيه الواقدي، وهو متروك.

ص: 186

وعن عمر، عن عائشة قالت: نقب النبي صلى الله عليه وسلم أسعد على النقباء.

وعن خبيب بن عبد الرحمن، قال: خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة إلى عتبة بن ربيعة فسمعا برسول الله فأتياه فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن فأسلما فكانا أول من قدم المدينة بالإسلام.

وعن أم خارجة: أخبرتني النوار أم زيد بن ثابت أنها رأت أسعد بن زرارة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس الصلوات الخمس يجمع بهم في مسجد بناه قالت: فأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه سلم لما قدم صلى في ذلك المسجد وبناه فهو مسجده اليوم.

إسرائيل، عن منصور، عن محمد بن عبد الرحمن قال أخذت أسعد بن زرارة الذبحة فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"اكتو فإني لا ألوم نفسي عليك".

زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن بعض الصحابة قال: كوى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد مرتين في حلقة من الذبحة وقال: "لا أدع في نفسي منه حرجًا".

الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: كواه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكحله مرتين.

وقيل: كواه فحجر به حلقه يعني بالكي.

وقيل: أوصى أسعد ببناته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكن ثلاثًا فكن في عيال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرن معه في بيوت نسائه وهن فريعة وكبشة وحبيبة فقدم عليه حلي فيه ذهب ولؤلؤ فحلاهن منه.

وعن ابن أبي الرجال قال: جاءت بنو النجار فقالوا: مات نقيبنا أسعد فنقب علينا يا رسول الله قال: "أنا نقيبكم".

قال الواقدي: الأنصار يقولون: أول مدفون في البقيع أسعد والمهاجرون يقولون: أول من دفن به عثمان بن مظعون.

وعن أبي أمامة بن سهل: أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد أسعد وأخذته الشوكة فأمر به فطوق عنقه بالكي طوقًا فلم يلبث إلَّا يسيرًا حتى توفي رضي الله عنه

(1)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 611"، وفيه الواقدي، وهو متروك.

ص: 187

‌64 - عتبة بن غزوان

(1)

:

ابن جابر بن وهيب.

السيد، الأمير، المجاهد أبو غزوان المازني حليف بني عبد شمس.

أسلم سابع سبعة في الإسلام وهاجر إلى الحبشة ثم شهد بدرًا والمشاهد وكان أحد الرماة المذكورين ومن أمراء الغزاة وهو الذي اختط البصرة وأنشأها.

حدث عنه: خالد بن عمير العدوي وقبيصة بن جابر وهارون بن رئاب والحسن البصري ولم يلقاه وغنيم بن قيس المازني.

وقيل: كنيته أبو عبد الله.

ابن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا جبير بن عبد الله وإبراهيم بن عبد الله من ولد عتبة بن غزوان.

قالا: استعمل عمر عتبة بن غزوان على البصرة فهو الذي مصر البصرة واختطها وكانت قبلها الأُبُلَّة وبنى المسجد بقصب ولم يبن بها دارًا.

وقيل: كانت البصرة قبل تسمى أرض الهند فأول ما نزلها عتبة كان في ثمان مئة وسميت البصرة بحجارة سود كانت هناك فلما كثروا بنوا سبع دساكر من لبن اثنتين منها في الخريبة فكان أهلها يغزون جبال فارس.

قال ابن سعد: كان سعد يكتب إلى عتبة وهو عامله فوجد من ذلك واستأذن عمر أن يقدم عليه فأذن له فاستخلف على البصرة المغيرة فشكا إلى عمر تسلط سعد عليه فسكت عمر فأعاد عليه عتبة وأكثر قال: وما عليك يا عتبة أن تقر بالأمر لرجل من قريش? قال: أولست من قريش? قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حليف القوم منهم"

(2)

ولي صحبة قديمة قال: لا ننكر ذلك من فضلك قال: أما إذ صار الأمر إلى هذا فوالله لا أرجع إلى البصرة أبدًا. فأبى عمر ورده فمات بالطريق أصابه البطن وقدم سويد غلامه

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 98"، "7/ 5"، تاريخ البخاري الكبير "6/ ترجمة 3184"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 2060"، وتهذيب التهذيب "7/ 100"، والإصابة "2/ ترجمة 5411".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6761" من حديث أنس بلفظ: "مولى القوم من أنفسهم". وأخرجه أحمد "4/ 340" من طريق إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه، عن جده مرفوعا بلفظ:"مولى القوم منهم وابن أختهم منهم وحليفهم منهم".

ص: 188

بتركته على عمر وذلك سنة سبع عشرة رضي الله عنه توفي بطريق البصرة وافدًا إلى المدينة سنة سبع عشرة وقيل مات سنة خمس عشرة وعاش سبعًا وخمسين سنة رضي الله عنه. له حديث في "صحيح مسلم".

أبو نعامة السعدي: عن خالد بن عمير وشويس قالا: خطبنا عتبة بن غزوان فقال: إلَّا إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلَّا صبابة كصبابة الإناء وإنكم في دار تنتقلون عنها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ............ ، وذكر الحديث

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2967".

وقوله "آذنت": أي أعلمت: وقوله "بصرم": الصرم، الانقطاع والذهاب.

وقوله "حذاء": مسرعة الانقطاع، وقوله "صبابة": البقية اليسيرة من الشراب تبقى أسفل الإناء.

ص: 189

‌65 - عكاشة بن محصن

(1)

:

السعيد الشهيد، أبو محصن الأسدي، حليف قريش من السابقين الأولين البدريين أهل الجنة استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على سرية الغمر فلم يلقوا كيدًا.

وروي عن أم قيس بنت محصن قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعكاشة بن أربع وأربعين سنة قال: وقتل بعد ذلك بسنة ببزاخة في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة وكان من أجمل الرجال رضي الله عنه.

كذا هذا القول والصحيح أن مقتله كان في سنة إحدى عشرة قتله طليحة الأسدي الذي ارتد ثم أسلم بعد وحسن إسلامه.

وقد أبلى عكاشة يوم بدر بلاء حسنًا وانكسر سيفه في يده فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عرجونًا من نخل أو عودًا فعاد بإذن الله في يده سيفًا فقاتل به وشهد به المشاهد.

حدث عنه أبو هريرة وابن عباس وغيرهما.

وكان خالد بن الوليد قد جهزه مع ثابت بن أقرم الأنصاري العجلاني طليعةً له على فرسين فظفر بهما طليحة فقتلهما وكان ثابت بدريًا كبير القدر ولم يرو شيئًا.

وقيل: إن ابن رواحة الأمير يوم مؤتة لما أصيب دفع الراية إلى ثابت بن أقرم فلم يطق فدفعها إلى خالد وقال: أنت أعلم بالحرب مني.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 92 - 93"، التاريخ الكبير "4/ ق 1/ 86"، والجرح والتعديل "3/ ق 2/ 39"، وحلية الأولياء. "2/ 12"، والإصابة "2/ ترجمة 5632".

ص: 189

‌66 - ثابت بن قيس

(1)

:

ابن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج أبو محمد وقيل: أبو عبد الرحمن.

خطيب الأنصار كان من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولم يشهد بدرًا شهد أحدًا وبيعة الرضوان.

وأمه: هند الطائية وقيل: بل كبشة بنت واقد بن الإطنابة وإخوته لأمه عبد الله بن رواحة وعمرة بنت رواحة وكان زوج جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول فولدت له محمدًا.

قال ابن إسحاق: قيل: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمار وقيل: بل المؤاخاة بين عمار وحذيفة وكان جهير الصوت خطيبًا بليغًا.

الأنصاري: حدثني حميد، عن أنس قال: خطب ثابت بن قيس مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا? قال: "الجنة". قالوا: رضينا.

مالك وغيره: عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس أن ثابت بن قيس قال: يا رسول الله! إني أخشى أن أكون قد هلكت ينهانا الله أن نحب أن نحمد بما لا نفعل وأجدني أحب الحمد. وينهانا الله، عن الخيلاء وإني امرؤ أحب الجمال وينهانا الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا رجل رفيع الصوت فقال:"يا ثابت! أما ترضى أن تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا وتدخل الجنة".

أيوب، عن عكرمة قال: لما نزلت: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِي} [الحجرات: 2] الآية، قال ثابت بن قيس: أنا كنت أرفع صوتي فوق صوته فأنا من أهل النار فقعد في بيته فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ما أقعده فقال: "بل هو من أهل الجنة" فلما كان يوم اليمامة انهزم الناس فقال ثابت: أفٍ لهؤلاء ولما يعبدون! وأفٍّ لهؤلاء ولما يصنعون! يا معشر الأنصار! خلوا سنني لعلي أصلي بحرها ساعة ورجل قائم على ثلمة فقتله وقتل.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 360 و 361"، وتاريخ البخاري الكبير "2/ ق 1، 167"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 456"، والإصابة "1/ ترجمة رقم "989"، وتهذيب التهذيب "2/ 12"، وتقريب التهذيب "1/ 116".

ص: 190

أيوب، عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس قال: أتيت على ثابت بن قيس يوم اليمامة وهو يتحنط فقلت: أي عم! إلَّا ترى ما لقي الناس? فقال: الآن يابن أخي.

ابن عون، حدثنا موسى بن أنس، عن أنس قال: جئته وهو يتحنط فقلت: إلَّا ترى? فقال: الآن يابن أخي ثم أقبل فقال هكذا، عن وجوهنا نقارع القوم بئس ما عودتم أقرانكم ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى قتل.

حماد بن سلمة: أنبأنا ثابت، عن أنس أن ثابت بن قيس جاء يوم اليمامة وقد تحنط ولبس ثوبين أبيضين فكفن فيهما وقد انهزم القوم فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر من صنيع هؤلاء بئس ما عودتم أقرانكم خلوا بيننا وبينهم ساعة فحمل فقاتل حتى قتل وكانت درعه قد سرقت فرآه رجل في النوم فقال له: إنها في قدر تحت إكاف بمكان كذا وكذا وأوصاه بوصايا فنظروا فوجدوا الدرع كما قال وأنفذوا وصاياه.

سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس".

وعن الزهري أن وفد تميم قدموا وافتخر خطيبهم بأمور فقال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: "قم فأجب خطيبهم" فقام فحمد الله وأبلغ وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بمقامه.

وهو الذي أتت زوجته جميلة تشكوه وتقول: يا رسول الله لا أنا ولا ثابت بن قيس قال: "أتردين عليه حديقته"؟ قالت نعم. فاختلعت منه.

وقيل: ولدت محمدًا بعد فجعلته في لفيف وأرسلت به إلى ثابت فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنكه وسماه محمدًا فاتخذ له مرضعًا.

قال الحاكم: كان ثابت على الأنصار يوم اليمامة ثم روى في ترجمته أحاديث منها لعبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني عطاء الخراساني قال: قدمت المدينة فأتيت ابنة ثابت بن قصة فذكرت قصة أبيها قالت: لما نزلت {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] جلس أبي يبكي، ........... فذكرت الحديث.

وفيه: فلما استشهد رآه رجل فقال: إني لما قتلت انتزع درعي رجل من المسلمين وخبأه فأكب عليه برمةً وجعل عليها رحلًا فأتت الأمير فأخبره وإياك أن تقول: هذا.

ص: 191

حلم فتضيعه وإذا أتيت المدينة فقل لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن علي من الدين كذا وكذا وغلامي فلان عتيق وإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه فأتاه فأخبره الخبر فنفذ وصيته فلا نعلم أحدًا بعد ما مات أنفذت وصيته غير ثابت بن قيس رضي الله عنه.

وقد قتل محمد ويحيى وعبد الله بنو ثابت بن قيس يوم الحرة.

ومن الاتفاق أن بني ثابت بن قيس بن الخطيم الأوسي الظفري وهم عمر ومحمد ويزيد قتلوا أيضًا يوم الحرة وله أيضًا صحبة ورواية في "السنن" وأبوه من فحول شعراء الأوس مات قبل فشوا الإسلام بالمدينة ومن ذريته عدي بن ثابت محدث الكوفة وإنما هو عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم بن عمرو بن يزيد بن سواد بن ظفر الظفري نسب إلى جده.

ص: 192

‌شهداء أجنادين واليرموك:

وقعة أجنادين كانت بين الرملة وبيت جبرين في جمادى سنة ثلاث عشرة فاستشهد:

نعيم بن النحام القرشي العدوي من المهاجرين.

وأبان بن سعيد بن العاص الأموي وقيل: قتل يوم اليرموك وهو الذي أجار عثمان لما نفذه النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا إلى قريش يوم الحديبية.

وهشام بن العاص بن وائل السهمي أخو عمرو يكنى أبا مطيع اللذان قال فيهما النبي صلى الله عليه وسلم: "ابنا العاص مؤمنان" وقيل: قتل يوم اليرموك.

وكان أسلم وهاجر إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة سنة خمس وكان بطلًا شجاعًا يتمنى الشهادة فرزقها.

وضرار بن الأزور الأسدي أحد الأبطال له صحبة وحديث واحد وكان على ميسرة خالد يوم بصرى وله مواقف مشهودة وقيل: مات بالجزيرة بعد.

وطليب بن عمير بن وهب بن كثير بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري أخو مصعب وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم أروى بدري من السابقين هاجر أيضًا إلى الحبشة الهجرة الثانية قال الزبير بن بكار: قيل: كان أبو جهل يشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ طليب لحي جمل فشجه به قال غير الزبير: فأوثقوه فخلصه أبو لهب خاله.

ص: 192

وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم برز بطريق فضربه عبد الله بعد منازلة طويلة على عاتقه فأثبته وقطع الدرع وأشرع في منكبه ولما التحم الحرب وجد مقتولًا رضي الله عنه قيل: عاش ثلاثين سنة ويقال: ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين.

وهبار بن الأسود القرشي الأسدي له صحبة روى عنه ابناه عبد الملك وأبو عبد الله وعروة وسليمان بن يسار واستشهد بأجنادين، من الطلقاء.

وهبار بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي، من مهاجرة الحبشة قتل يومئذ وقيل: يوم اليرموك.

وخالد بن سعيد بن العاص الأموي، من مهاجرة الحبشة كبير القدر يقال: أصيب يوم أجنادين.

وسلمة بن هشام، هو أخو أبي جهل من السابقين هاجر إلى الحبشة ثم رجع إلى مكة فحبسه أخوه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ولعياش بن أبي ربيعة في القنوت ثم هرب مهاجرًا بعد الخندق.

وعكرمة بن أبي جهل استشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة.

وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عياش المخزومي المدعو له في القنوت وروى عنه ابنه عبد الله وكان أخا أبي جهل لأمه.

وعبد الرحمن بن العوام بن خويلد الأسدي، أخو الزبير حضر بدرًا على الشرك ثم أسلم وجاهد وحسن إسلامه.

وعامر بن أبي وقاص مالك بن أهيب، أخو سعد بن أبي وقاص الزهري أحد السابقين ومن مهاجرة الحبشة قدم دمشق وهم محاصروها بولاية أبي عبيدة استشهد باليرموك وقيل: بأجنادين.

ونضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة العبدري من مسلمة الفتح كان أحد الحلماء وهو ممن تألفه النبي صلى الله عليه وسلم بمئة بعير، قتل يومئذ.

ص: 193

‌67 - طليحة بن خويلد

(1)

:

ابن نوفل الأسدي.

البطل الكرار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يضرب بشجاعته المثل أسلم سنة تسع ثم ارتد وظلم نفسه وتنبأ بنجد وتمت له حروب مع المسلمين ثم انهزم وخذل ولحق بآل جفنة الغسانيين بالشام ثم ارعوى وأسلم وحسن إسلامه لما توفي الصديق وأحرم بالحج فلما رآه عمر قال: يا طليحة! لا أحبك بعد قتلك عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم وكانا طليعة لخالد يوم بزاخة فقتلهما طليحة وأخوه ثم شهد القادسية ونهاوند وكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص أن شاور طليحة في أمر الحرب ولا توله شيئًا.

قال محمد بن سعد: كان طليحة يعد بألف فارس لشجاعته وشدته.

قلت: أبلى يوم نهاوند ثم استشهد رضي الله عنه وسامحه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 92، 467"، والإصابة "2/ ترجمة 4290".

ص: 194

‌68 - سعد بن الربيع

(1)

:

ابن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.

الأنصاري الخزرجي الحارثي البدري النقيب الشهيد الذي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الرحمن بن عوف فعزم على أن يعطي عبد الرحمن شطر ماله ويطلق إحدى زوجتيه ليتزوج بها فامتنع عبد الرحمن من ذلك ودعا له وكان أحد النقباء ليلة العقبة.

بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع"؟ فقال رجل من الأنصار أنا فخرج يطوف في القتلى حتى وجد سعدًا جريحًا مثبتًا بآخر رمق.

فقال يا سعد! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات قال فإني في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام وقل إن سعدًا يقول جزاك الله عني خير ما جزى نبيًا، عن أمته وأبلغ قومك مني السلام.

وقل لهم إن سعدًا يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف".

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ق 1/ 82 - 83"، والإصابة "2/ ترجمة 3153".

ص: 194

عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله! هاتان بنتا سعد قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا ولا تنكحان إلَّا ولهما مال قال: "يقضي الله في ذلك" فأنزلت آية المواريث فبعث إلى عمهما فقال: "أعط بنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك".

عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي: "إن رأيته فأقره مني السلام وقل له: يقول لك رسول الله كيف تجدك"؟ فطفت بين القتلى فأصبته وهو في آخر رمق وبه سبعون ضربة فأخبرته فقال على رسول الله السلام وعليك قل له يا رسول الله! أجد ريح الجنة وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شفر يطرف قال: وفاضت نفسه رضي الله عنه.

أخرجه البيهقي، ثم ساقه بنحوه من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة نحو ما مر.

ونقل ابن عبد البر، عن مالك بن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من يأتينا بخبر سعد"؟ فقال رجل: أنا فذهب يطوف بين القتلى فوجده وبه رمق فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لآتيه بخبرك قال فاذهب فأقره مني السلام وأخبره أنني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة وقد أنفذت مقاتلي.

ص: 195

‌69 - معن بن عدي

(1)

:

بن الجد بن العجلان الأنصاري العجلاني العقبي البدري من حلفاء بني مالك بن عوف من سادة الأنصار كان يكتب العربية قبل الإسلام.

قال ابن سعد وله عقب اليوم.

وروى الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أن معن بن عدي أحد الرجلين اللذين لقيا أبا بكر وعمر وهما يريدان سقيفة بني ساعدة فقالا لأبي بكر وعمر لا عليكم أن لا تقربوهم واقضوا أمركم.

(1)

انظر ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ق 1/ 276"، والإصابة "3/ ترجمة 8158".

ص: 195

قال عروة: بلغنا أن الناس بكوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا ليتنا متنا قبله نخشى أن نفتن بعده فقال معن: لكني والله ما أحب أني مت قبله حتى أصدقه ميتًا كما صدقته حيًّا

(1)

.

قال ابن الأثير: معن بن عدي بن العجلان البلوي حليف بني عمرو بن عوف عقبي بدري مشهور.

قلت: هو أخو عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي حليف بني عمرو بن عوف وكان عاصم سيد بني العجلان وهو والد أبي البداح بن عاصم شهد عاصم بدرًا أيضًا وحديثه في السنن الأربعة وكان معن ممن استشهد يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6830".

ص: 196

‌70 - عبد الله بن عبد الله بن أّبَي

(1)

:

ابن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم - وسالم هو الذي يقال له الحبلى لعظم بطنه - بن غنم بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي المعروف والده بابن سلول المنافق المشهور وسلول الخزاعية هي والدة أبي المذكور وقد كان عبد الله بن عبد الله من سادة الصحابة وأخيارهم وكان اسمه الحباب وبه كان أبوه يكنى فغيره النبي صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله.

شهد بدرًا وما بعدها. وذكر أبو عبد الله بن منده أن أنفه أصيب يوم أحد فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفًا من ذهب.

والأشبه في ذلك ما روي، عن عائشة، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أنه قال ندرت ثنيتي فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ ثنية من ذهب.

استشهد عبد الله يوم اليمامة وقد مات أبوه سنة تسع فألبسه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وصلى عليه واستغفر له إكرامًا لولده حتى نزلت: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} الآية [التوبة: 89].

وقد كان رئيسًا مطاعًا، عزم أهل المدينة قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم على أن يملكوه عليهم فانحل أمره ولا حصل دنيا ولا آخرة- نسأل الله العافية.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ق 2/ 89 - 90"، والإصابة "2/ ترجمة 4784".

ص: 196

‌71 - عكرمة بن أبي جهل

(1)

" ع":

عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي الشريف الرئيس الشهيد أبو عثمان القرشي المخزومي المكي.

لما قتل أبوه، تحولت رئاسة بني مخزوم إلى عكرمة ثم أنه أسلم وحسن إسلامه بالمرة.

قال ابن أبي مليكة: كان عكرمة إذا اجتهد في اليمين قال: لا والذي نجاني يوم بدر.

ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم هرب منها عكرمة وصفوان بن أمية بن خلف فبعث النبي صلى الله عليه وسلم يؤمنهما وصفح عنهما فأقبلا إليه.

استوعب أخباره أبو القاسم بن عساكر.

أخرجه الترمذي من طريق مصعب بن سعد، عن عكرمة ولم يدركه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"مرحبًا بالراكب المهاجر" قال فقلت يا رسول الله! والله لا أدع نفقة أنفقها عليك إلَّا أنفقت مثلها في سبيل الله.

ولم يعقب عكرمة.

قال الشافعي: كان محمود البلاء في الإسلام رضي الله عنه.

قال أبو إسحاق السبيعي: نزل عكرمة يوم اليرموك فقاتل قتالًا شديدًا ثم استشهد فوجدوا به بضعًا وسبعين من طعنة ورمية وضربة.

وقال عروة، وابن سعد وطائفة: قتل يوم أجنادين.

(1)

ترجمته في تاريخ البخاري الكبير "7/ ترجمة 217"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 31"، وتهذيب التهذيب "7/ 257 - 258"، والإصابة "2/ ترجمة "5638".

ص: 197

‌72 - عبد الله بن عمرو بن حرام

(1)

:

ابن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري السلمي أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة شهد بدرًا واستشهد يوم أحد.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة "530"، والحلية "2/ 4"، والإصابة "2/ ترجمة 4838".

ص: 197

شعبة، عن ابن المنكدر، عن جابر لما قتل أبي يوم أحد جعلت أكشف، عن وجهه وأبكي وجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني وهو لا ينهاني وجعلت عمتي تبكيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"تبكيه أو لا تبكيه ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه"

(1)

.

شريك، عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر قال: أصيب أبي وخالي يوم أحد فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة فأقبلت بهما إلى المدينة فنادى مناد ادفنوا القتلى في مصارعهم فردا حتى دفنا في مصارعهما.

قال مالك: كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد.

وقال الأوزاعي: عن الزهري، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج لدفن شهداء أحد قال:"زملوهم بجراحهم فأنا شهيد عليهم" وكفن أبي في نمرة.

قال ابن سعد: قالوا: وكان عبد الله أول من قتل يوم أحد وكان أحمر أصلع ليس بالطويل وكان عمرو بن الجموح طويلًا فدفنا معًا عند السيل فحفر السيل عنهما وعليهما نمرة وقد أصاب عبد الله جرح في وجهه فيده على جرحه فأميطت يده فانبعث الدم فردت فسكن الدم.

قال جابر: فرأيت أبي في حفرته كأنه نائم وما تغير من حاله شيء وبين ذلك ست وأربعون سنة فحولا إلى مكان آخر وأخرجوا رطابًا يتثنون.

أبو الزبير: عن جابر قال صرخ بنا إلى قتلانا حين أجرى معاوية العين فأخرجناهم لينة أجسادهم تتثنى أطرافهم.

بن أبي نجيح، عن عطاء، عن جابر قال: دفن رجل مع أبي فلم تطب نفسي حتى أخرجته ودفنته وحده.

سعيد بن يزيد أبو مسلمة، عن أبي نضرة، عن جابر قال أبي: أرجو أن أكون في أول من يصاب غدًا فأوصيك ببناتي خيرًا فأصيب فدفنته مع آخر فلم تدعني نفسي حتى استخرجته ودفنته وحده بعد ستة أشهر فإذا الأرض لم تأكل منه شيئًا إلَّا بعض شحمة أذنه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1244، 4080"، ومسلم "2471""130" من حديث جابر بن عبد الله.

ص: 198

الشعبي، حدثني جابر، أن أباه توفي وعليه دين قال: فأتيت رسول الله فقلت: إن أبي ترك عليه دينًا وليس عندنا إلَّا ما يخرج من نخله فانطلق معي لئلا يفحش علي الغرماء قال: فمشى حول بيدر من بيادر التمر ودعا ثم جلس عليه فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم.

وفي الصحيح أحاديث في ذلك.

وقال ابن المديني: حدثنا موسى بن إبراهيم، حدثنا طلحة بن خراش سمع جابرًا يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحًا فقال: يا عبدي! سلني أعطك قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيًا فقال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال: يا رب! فأبلغ من ورائي فأنزل الله {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] ".

وروي نحوه من حديث عائشة.

ابن إسحاق: حدثنا عاصم بن عمر، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر أصحاب أحد:"والله لوددت أني غودرت مع أصحاب فحص الجبل".

يقول: قتلت معهم صلى الله عليه وسلم.

ص: 199

‌73 - يزيد بن أبي سفيان

(1)

" ق":

ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي.

أخو معاوية من أبيه ويقال له يزيد الخير وأمه هي زينب بنت نوفل الكنانية وهو أخو أم المؤمنين أم حبيبة.

كان من العقلاء الألباء، والشجعان المذكورين أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه وشهد حنينًا فقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية فضة وهو أحد الأمراء الأربعة الذين ندبهم أبو بكر لغزو الروم عقد له أبو بكر ومشى معه

(1)

تاريخ البخاري الكبير "8/ ترجمة "3156"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1143"، وتهذيب التهذيب "11/ 332"، وتقريب التهذيب "2/ 356"، والإصابة "3/ ترجمة 9265".

ص: 199

تحت ركابه يسايره، ويودعه، ويوصيه، وما ذاك إلَّا لشرفه وكمال دينه ولما فتحت دمشق أمره عمر عليها.

له حديث في الوضوء رواه ابن ماجه وله، عن أبي بكر.

حدث عنه أبو عبد الله الأشعري وجنادة بن أبي أمية.

وله ترجمة طويلة في "تاريخ الحافظ أبي القاسم".

وعلى يده كان فتح قيسارية التي بالشام.

روى عوف الأعرابي، عن مهاجر أبي مخلد قال: حدثني أبو العالية قال: غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل فاغتصبها يزيد فأتاه أبو ذر فقال: رد على الرجل جاريته فتلكأ فقال: لئن فعلت ذلك لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له: يزيد". فقال: نشدتك الله أنا منهم? قال لا فرد على الرجل جاريته. أخرجه الروياني في "مسنده".

قال إبراهيم بن سعد: كان يزيد بن أبي سفيان على ربع وأبو عبيدة على ربع وعمرو بن العاص على ربع وشرحبيل بن حسنة على ربع يعني يوم اليرموك ولم يكن يومئذ عليهم أمير.

توفي يزيد في الطاعون، سنة ثماني عشرة، ولما احتضر استعمل أخاه معاوية على عمله فأقره عمر على ذلك احترامًا ليزيد وتنفيذًا لتوليته.

ومات هذه السنة في الطاعون: أبو عبيدة أمين الأمة ومعاذ بن جبل سيد العلماء والأمير المجاهد شرحبيل بن حسنة حليف بني زهرة وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن العباس وله بضع وعشرون سنة والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أبو عبد الرحمن من الصحابة الأشراف وهو أخو أبي جهل وأبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري رضي الله عنهم.

ص: 200

‌74 - أبو العاص بن الربيع

(1)

:

ابن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي العبشمي.

صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج بنته زينب وهو والد أمامة التي كان يحملها النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته

(2)

.

واسمه: لقيط وقيل: اسم أبيه ربيعة وهو ابن أخت أم المؤمنين خديجة أمه هي هالة بنت خويلد وكان أبو العاص يدعى جرو البطحاء.

أسلم قبل الحديبية بخمسة أشهر.

قال المسور بن مخرمة: أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص في مصاهرته خيرًا وقال: "حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي"

(3)

وكان قد وعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى مكة بعد وقعة بدر فيبعث إليه بزينب ابنته فوفى بوعده وفارقها مع شدة حبه لها وكان من تجار قريش وأمنائهم وما علمت له رواية.

ولما هاجر، رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم زوجته زينب بعد ستة أعوام على النكاح الأول وجاء في رواية أنه ردها إليه بعقد جديد وقد كانت زوجته لما أسر نوبة بدر بعثت قلادتها لتفتكه بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن رأيتم أن تطلقوا لهذه أسيرها". فبادر الصحابة إلى ذلك

(4)

.

ومن السيرة: أنها بعثت في فدائه قلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها وقال: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها" قالوا: نعم وأطلقوه فأخذ عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلي سبيل زينب وكانت من المستضعفين من النساء واستكتمه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبعث زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار فقال: "كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحبانها". وذلك بعد بدر بشهر فلما قدم أبو العاص

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 30 - 33 و 39 و 165"، والإصابة "4/ ترجمة 692".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "516"، ومسلم "543" من طريق عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة الأنصاري قال:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "3729"، ومسلم "2449"، "95" من طريق الزهري، قال: حدثني علي بن حسين، عن المسور بن مخرمة في حديث طويل، وجاء في آخره:" .... حدثني فصدقني، ووعدني فأوفى لي، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا".

وقد خرجت هذا الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث في عدة مواضع، فراجعه إذا رُمت زيادة.

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 276"، وأبو داود "2692" من حديث عائشة.

ص: 201

مكة، أمرها باللحوق بأبيها، فتجهزت. فقدم أخو زوجها كنانة -قلت: وهو ابن خالتها- بعيرًا فركبت وأخذ قوسه وكنانته نهارًا فخرجوا في طلبها فبرك كنانة ونثر كنانته بذي طوى فروعها هبار بن الأسود بالرمح فقال كنانة: والله لا يدنو أحد إلَّا وضعت فيه سهمًا فقال أبو سفيان: كف أيها الرجل عنا نبلك حتى نكلمك فكف فوقف عليه فقال: إنك لم تصب خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظن الناس أن ذلك، عن ذل أصابنا ولعمري ما بنا بحبسها، عن أبيها من حاجة ارجع بها حتى إذا هدت الأصوات وتحدث الناس أنا رددناها فسلها سرًّا وألحقها بأبيها. قال: ففعل وخرج بها بعد ليال فسلمها إلى زيد وصاحبه فقدما بها فلما كان قبل الفتح خرج أبو العاص تاجرًا إلى الشام بماله ومال كثير لقريش فلما رجع لقيته سرية فأصابوا ما معه وأعجزهم هربًا فقدموا بما أصابوا وأقبل هو في الليل حتى دخل على زينب فاستجار بها فأجارته فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم والناس في صلاة الصبح صرخت زينب من صفة النساء أيها الناس قد أجرت أبا العاص بن الربيع وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى السرية الذين أصابوا ماله فقال: "إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالًا فإن تحسنوا وتردوه فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله فأنتم أحق به" قالوا: بل نرده فردوه كله ثم ذهب به إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال ماله ثم قال: يا معشر قريش! هل بقي لأحد منكم عندي شيء? قالوا: لا فجزاك الله خيرًا قال: فإني أشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله والله ما منعني من الإسلام عنده إلَّا خوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم.

ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس قال: رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئًا

(1)

.

(1)

حسن: أخرجه عبد الرزاق "12644"، وأحمد "1/ 217"، وأبو داود "2240"، والترمذي "1143"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""3/ 256"، والحاكم "3/ 237، 638 - 639"، والطبراني "11575" والبيهقي "7/ 187" من طرق عن محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، ومدلس مشهور بالتدليس، لكنه قد صرح بالتحديث عند الترمذي والحاكم فأمنا شر تدليسه.

ص: 202

‌75 - زينب

(1)

:

زينب هذه كانت رضي الله عنها أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفيت سنة ثمان من الهجرة وغسلتها أم عطية فأعطاهن حقوه وقال: "أشعرنها إياه"

(2)

.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويثني عليها رضي الله عنها عاشت نحو ثلاثين سنة ومات أبو العاص في شهر ذي الحجة سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 30 - 36"، والإصابة "4/ ترجمة "466"، والعبر "1/ 10".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1254" من طريق أيوب، عن محمد، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا، فإذا فرغتن فآذنني"، فلما فرغنا أذناه فألقى إلينا حقوه، قال:"أشعرنها إياه".

فقال أيوب: وحدثتني حفصة بمثل حديث محمد، وكان في حديث حفصة "اغسلنها وترا" وكان فيه "ثلاثا أو خمسا أو سبعا"، وكان فيه أنه قال:"ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"، وكان فيه "أن أم عطية قالت:"ومشطناها ثلاثة قرون".

ص: 203

‌76 - أمامة بنت أبي العاص

(1)

: م

التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها في صلاته

(2)

هي بنت بنته تزوج بها علي بن أبي طالب في خلافة عمر وبقيت عنده مدة وجاءته الأولاد منها وعاشت بعده حتى تزوج بها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي فتوفيت عنده بعد أن ولدت له يحيى بن المغيرة ماتت في دولة معاوية بن أبي سفيان ولم ترو شيئًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 31"، والإصابة "4/ ترجمة 70".

(2)

صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "477".

ص: 203

‌77 - أبو زيد

(1)

:

هو من كبار الصحابة وممن حفظ القرآن كله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن سعد: هو ثابت بن زيد بن قيس بن زيد بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.

حدثنا أبو زيد النحوي سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد الأنصاري ثابت بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 27"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 451"، والإصابة "1/ ترجمة رقم "885".

ص: 203

زيد، قال النحوي: هو جدي. شهد أحدًا وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن نزل البصرة واختط بها ثم قدم المدينة فمات بها فوقف عمر على قبره فقال: رحمك الله أبا زيد! لقد دفن اليوم أعظم أهل الأرض أمانةً. وقتل ابنه بشير يوم الحرة

(1)

.

العقدي: حدثنا علي بن المبارك، عن الحسن أبي محمد قال: دخلنا على أبي زيد وكانت رجله أصيبت يوم أحد فأذن، وأقام قاعدًا.

وقيل: اسم أبي زيد أوس.

وقيل: معاذ والأول أصح.

(1)

الحرة: هي الأرض ذات الحجارة السود، وتجمع على حر، وحرار، وحرات، وحرين، واحرين، وهي من الجموع النادرة كثبين وقلين، في جمع ثبة وقلة، وزيادة الهمزة في أوله بمنزلة الحركة في أرضين، وتغيير أول سنين وقيل: إن واحدا إحرين: إحرة.

والمقصود وقعة الحرة المشهورة في أيام يزيد بن معاوية سنة "63 هـ"، وسببها أن أهل المدينة اجتمعوا على خلع يزيد بن معاوية، وإخراج عامله من المدينة، وذلك لما بلغهم أن يزيد بن معاوية يشرب الخمر، ويترك الصلوات، ومعتكف على القينات فسير لأهل المدينة جيشا قيل: اثنا عشر ألفا وخمسة عشر ألف رجل، وجعل عليهم مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة -قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله- فقتل بقايا المهاجرين والأنصار، فقتل عبد الله بن مطيع، وعبد الله بن حنظلة الغسيل، وأخوه لأمه محمد بن ثابت بن شماس، ومحمد بن عمرو بن حزم، ولم تصل الجماعة يومها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد لا جزاه الله خيرا، وقتل خلفا من أشرافها وقرائها، وانتهب أموالا كثيرة منها، ووقع شر عظيم وفساد عريض على ما ذكره غير واحد.

راجع "البداية والنهاية" لابن كثير في وقائع سنة "63 هـ"، "8/ 206 - 212" ط/ دار الحديث.

ص: 204

‌78 - عباد بن بشر

(1)

:

ابن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل.

الإمام أبو الربيع الأنصاري الأشهلي أحد البدريين كان من سادة الأوس عاش خمسًا وأربعين سنة وهو الذي أضاءت له عصاته ليلة انقلب إلى منزله من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم

(2)

على يد مصعب بن عمير وكان أحد من قتل كعب بن الأشرف اليهودي

(3)

واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 440 - 441"، والجرح والتعديل "3/ ق 1/ 77"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 4455".

(2)

صحيح: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "453".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "4037" من حديث جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما.

ص: 204

مزينة، وبني سليم وجعله على حرسه في غزوة تبوك وكان كبير القدر رضي الله عنه أبلى يوم اليمامة بلاءً حسنًا وكان أحد الشجعان الموصوفين.

ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله، عن أبيه قال: قالت عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلًا كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ وعباد بن بشر وأسيد بن حضير.

آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة.

وروى بإسناد ضعيف، عن أبي سعيد الخدري سمع عباد بن بشر يقول: رأيت الليلة كأن السماء فرجت لي ثم أطبقت علي فهي إن شاء الله الشهادة.

نظر يوم اليمامة وهو يصيح احطموا جفون السيوف وقاتل حتى قتل بضربات في وجهه رضي الله عنه.

ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت: تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فسمع صوت عباد بن بشر فقال: "يا عائشة! هذا صوت عباد بن بشر" قلت: نعم. قال: "اللهم اغفر له"

(1)

.

حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن حصين بن عبد الرحمن الخطمي، عن عبد الرحمن بن ثابت الأنصاري، عن عباد بن بشر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يا معشر الأنصار! أنتم الشعار والناس الدثار"

(2)

.

قال علي بن المديني: لا أحفظ لعباد سواه.

عباد بن بشر بن قيظي الأشهلي! قال ابن الأثير: وقع تخبيط في اسم جده قال: وإنما هو عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن الأوس الأوسي. استشهد رضي الله عنه يوم اليمامة.

(1)

أخرجه البخاري "2655" معلقا بقوله: "وزاد عباد بن عبد الله" أي ابن الزبير عن أبيه، عن عائشة.

قال الحافظ في "الفتح""2/ 265": وصله أبو يعلى من طريق محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة: "تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي

" الحديث.

قلت: إسناد أبي يعلى ضعيف، آفته محمد بن إسحاق، فهو مدلس، مشهور بتدليس، وقد عنعنه.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4330"، ومسلم "1061" من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن مرفوعا في قصة.

ص: 205

أما عباد بن بشر بن قيظي فهو أنصاري من بني حارثة أمَّ قومه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم له حديث في الاستدارة في الصلاة إلى الكعبة والله أعلم.

قال عباد بن عبد الله بن الزبير: ما سماني أبي عبادًا إلَّا به يعني بالأشهلي ومن شعره:

صرخت له فلم يعرض لصوتي

ووافى طالعًا من رأس جذر

فعدت له فقال من المنادي

فقلت أخوك عباد بن بشر

وهذي درعنا رهنًا فخذها

لشهر إن وفى أو نصف شهر

فقال معاشر سغبوا وجاعوا

وما عدموا الغنى من غير فقر

فأقبل نحونا يهوي سريعًا

وقال لنا لقد جئتم لأمر

وفي أيماننا بيض حداد

مجربة بها الكفار نفري

فعانقه ابن مسلمة المردي

به الكفار كالليث الهزبر

وشد بسيفه صلتًا عليه

فقطره أبو عبس بن جبر

وكان الله سادسنا فأبنا

بأنعم نعمة وأعز نصر

لعباد حديث واحد مر وهو لابن إسحاق، عن حصين بن عبد الرحمن الأنصاري، عن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت، عن عباد بن بشر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا معشر الأنصار! أنتم الشعار والناس الدثار فلا أوتين من قبلكم"

(1)

.

(1)

صحيح: سبق تخريجنا له في التعليق السابق برقم "490".

ص: 206

‌79 - أسيد بن الحضير

(1)

:

ابن سماك بن عتيك بن نافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.

الإمام أبو يحيى -وقيل: أبو عتيك- الأنصاري الأوسي الأشهلي.

أحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة أسلم قديمًا وقال: ما شهد بدرًا وكان أبوه شريفًا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 603 - 607"، وتاريخ البخاري الكبير "1/ ق 2/ 47"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 310"، وتهذيب التهذيب "1/ 347"، والإصابة "1/ ترجمة 185".

ص: 206

مطاعًا، يدعى: حضير الكتائب، وكان رئيس الأوس يوم بعاث

(1)

فقتل يومئذ قبل عام الهجرة بست سنين وكان أسيد يعد من عقلاء الأشراف وذوي الرأي.

قال محمد بن سعد: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة وله رواية أحاديث روت عنه عائشة وكعب بن مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولم يلقه.

وذكر الواقدي: أنه قدم الجابية مع عمر وكان مقدمًا على ربع الأنصار وأنه ممن أسلم على يد مصعب بن عمير هو وسعد بن معاذ.

قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر نعم الرجل أسيد بن حضير" أخرجه الترمذي وإسناده جيد.

وروي: أن أسيدًا كان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن.

ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله، عن عائشة قالت: ثلاثة من الأنصار من بني عبد الأشهل لم يكن أحد يعتد عليهم فضلًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهم.

قال ابن إسحاق: أسيد بن حضير نقيب لم يشهد بدرًا يكنى أبا يحيى ويقال: كان في أسيد مزاح وطيب أخلاق.

روى حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير وكان فيه مزاح أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم بعود كان معه فقال: أصبرني فقال: "اصطبر" قال: إن عليك قميصًا وليس علي قميص قال: فكشف النبي صلى الله عليه وسلم قميصه قال: فجعل يقبل كشحه ويقول: إنما أردت هذا يا رسول الله.

أبو صالح كاتب الليث: حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم، عن نافع، عن ابن عمر قال: لما هلك أسيد بن الحضير وقام غرماؤه بمالهم سأل عمر في كم يؤدى ثمرها ليوفى ما عليه من الدين؟ فقيل له: في أربع سنين فقال لغرمائه: ما عليكم أن لا تباع، قالوا: احتكم وإنما نقتص في أربع سنين فرضوا بذلك فأقر المال لهم قال: ولم يكن باع نخل أسيد أربع سنين من عبد الرحمن بن عوف ولكنه وضعه على يدي عبد الرحمن للغرماء

(2)

.

(1)

بُعاث: بضم الياء، يوم مشهور كان فيه حرب بين الأوس والخزرج، وبُعاث اسم حصن للأوس.

(2)

ضعيف: أبو صالح كاتب الليث، وهو عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، ضعيف؛ لسوء حفظه.

ص: 207

عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: هلك أسيد وترك عليه أربعة آلاف وكانت أرضه تغل في العام ألفًا فأرادوا بيعها فبعث عمر إلى غرمائه هل لكم أن تقبضوا كل عام ألفًا? قالوا: نعم

(1)

.

قال يحيى بن بكير: مات أسيد سنة عشرين وحمله عمر بين العمودين عمودي السرير حتى وضعه بالبقيع

(2)

ثم صلى عليه وفيها أرخ موته الواقدي وأبو عبيد وجماعة.

وندم على تخلفه، عن بدر وقال: ظننت أنها العير ولو ظننت أنه غزو ما تخلفت

(3)

وقد جرح يوم أحد سبع جراحات.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 606" والبخاري في "التاريخ الصغير""1/ 46"، وفي إسناده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، أبو عبد الرحمن العمري، ضعيف.

(2)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""548" حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري، حدثنا يحيى بن بكير قال: فذكره، وأورده الهيثمي في "المجمع""9/ 310 - 311"، وقال:"رواه الطبراني وروى عن الواقدي بعضه وإسنادهما منقطع".

قلت: إسناده ضعيف، لإعضاله، فيحيى بن عبد الله بن بكير من كبار الطبقة العاشرة، وبينه وبين الصحابة مفاوز شاسعة تنقطع دونها أعناق المطي، وأخرجه ابن سعد "3/ 2/ 137"، وإسناده ضعيف جدا، فيه الواقدي، وهو متروك.

(3)

ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد "3/ 605" وفيه الواقدي، وقد علمت أنه متروك.

ص: 208

‌80 - الطفيل بن عمرو الدوسي

(1)

:

صاحب النبي صلى الله عليه وسلم كان سيدًا مطاعًا من أشراف العرب ودوس بطن من الأزد وكان الطفيل يلقب ذا النور أسلم قبل الهجرة بمكة.

قال هشام بن الكلبي: سمي الطفيل بن عمرو بن طريف ذا النور؛ لأنه قال: يا رسول الله إن دوسًا قد غلب عليهم الزنى فادع الله عليهم قال: "اللهم اهد دوسًا" ثم قال: يا رسول الله ابعث بي إليهم واجعل لي آية فقال: "اللهم نور له"

(2)

وذكر الحديث.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 237 - 240"، والجرح والتعديل "2/ ق 1/ 489"، وأسد الغابة "3/ 78"، والإصابة "2/ ترجمة رقم 4254".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه البخاري "4392"، ومسلم "2524"، وأحمد "2/ 243، 448" من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: جاء الطفيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا قد هلكت، عصت وأبت، فادع الله عليهم. فقال:"اللهم اهد دوسا وائت بهما".

ص: 208

وفي "مغازي يحيى بن سعيد الأموي": حدثنا الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن الطفيل الدوسي

(1)

.

وذكره ابن إسحاق، عن عثمان بن الحويرث، عن صالح بن كيسان أن الطفيل بن عمرو قال: كنت رجلًا شاعرًا سيدًا في قومي فقدمت مكة فمشيت إلى رجالات قريش فقالوا: إنك امرؤ شاعر سيد وإنا قد خشينا أن يلقاك هذا الرجل فيصيبك ببعض حديثه فإنما حديثه كالسحر فاحذره أن يدخل عليك وعلى قومك ما أدخل علينا فإنه فرق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وابنه فوالله ما زالوا يحدثوني شأنه وينهوني أن أسمع منه حتى قلت: والله لا أدخل المسجد إلَّا وأنا ساد أذني قال: فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفًا ثم غدوت إلى المسجد فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا في المسجد فقمت قريبًا منه وأبى الله إلَّا أن يسمعني بعض قوله فقلت في نفسي: والله إن هذا للعجز وإني امرؤ ثبت ما تخفى علي الأمور حسنها وقبيحها والله لأتسمعن منه فإن كان أمره رشدًا أخذت منه وإلا اجتنبته فنزعت الكرسفة فلم أسمع قط كلامًا أحسن من كلام يتكلم به فقلت: يا سبحان الله! ما سمعت كاليوم لفظًا أحسن ولا أجمل منه فلما انصرف تبعته فدخلت معه بيته فقلت: يا محمد! إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا فأخبرته بما قالوا وقد أبى الله إلَّا أن أسمعني منك ما تقول وقد وقع في نفسي أنه حق فاعرض علي دينك، فعرض علي الإسلام فأسلمت ثم قلت: إني أرجع إلى دوس وأنا فيهم مطاع وأدعوهم إلى الإسلام لعل الله أن يهديهم فادع الله أن يجعل لي آية. قال: "اللهم اجعل له آية تعينه" فخرجت حتى أشرفت على ثنية قومي وأبي هناك شيخ كبير وامرأتي وولدي فلما علوت الثنية وضع الله بين عيني نورًا كالشهاب يتراءاه الحاضر في ظلمة الليل وأنا منهبط من الثنية فقلت: اللهم في غير وجهي فإني أخشى أن يظنوا أنها مثلة لفراق دينهم فتحول فوقع في رأس سوطي فلقد رأيتني أسير على بعيري إليهم وأنه على رأس سوطي كأنه قنديل معلق قال: فأتاني أبي فقلت إليك عني فلست منك ولست مني قال: وما ذاك? قلت: إني أسلمت واتبعت دين محمد فقال: أي بني! ديني دينك وكذلك أمي فأسلما ثم دعوت دوسًا إلى الإسلام فأبت علي وتعاصت ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: غلب على دوس الزنى والربا فادع عليهم فقال: "اللهم اهد دوسًا" ثم رجعت إليهم، وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمت بين ظهرانيهم أدعوهم إلى الإسلام، حتى

(1)

ضعيف جدا: في إسناده محمد بن السائب الكلبي، متروك. وفيه أبو صالح باذام، مولى أم هانئ ضعيف مدلس، وقد عنعنه.

ص: 209

استجاب منهم من استجاب وسبقتني بدر وأحد والخندق ثم قدمت بثمانين أو تسعين أهل بيت من دوس فكنت مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى فتح مكة فقلت: يا رسول! الله ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه قال: "أجل فاخرج إليه" فأتيت فجعلت أوقد عليه النار ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمت معه حتى قبض ثم خرجت إلى بعث مسيلمة ومعي ابني عمرو حتى إذا كنت ببعض الطريق رأيت رؤيًا رأيت كأن رأسي حلق وخرج من فمي طائر وكأن امرأة أدخلتني في فرجها وكأن ابني يطلبني طلبًا حثيثًا فحيل بيني وبينه فحدثت بها قومي فقالوا خيرًا فقلت: أما أنا فقد أولتها أما حلق رأسي فقطعه وأما الطائر فروحي والمرأة الأرض أدفن فيها فقد روعت أن أقتل شهيدًا وأما طلب ابني إياي فما أراه إلَّا سيعذر في طلب الشهادة ولا أراه يلحق في سفره هذا. قال: فقتل الطفيل يوم اليمامة وجرح ابنه ثم قتل يوم اليرموك بعد.

قلت: وقد عد ولده عمرو في الصحابة وكذا أبوه ينبغي أن يعد في الصحابة فقد أسلم فيما ذكرنا لكن ما بلغنا أنه هاجر ولا رأى النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 210

‌81 - بلال بن رباح

(1)

" ع":

مولى أبي بكر الصديق. وأمه: حمامة. وهو مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين الذين عذبوا في الله شهد بدرًا وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم على التعيين بالجنة وحديثه في الكتب.

حدث عنه: ابن عمر وأبو عثمان النهدي والأسود وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجماعة ومناقبه جمة استوفاها الحافظ ابن عساكر وعاش بضعًا وستين سنة يقال: إنه حبشي وقيل: من مولدي الحجاز.

وفي وفاته أقوال: أحدها بداريًا في سنة عشرين.

عاصم، عن زر، عن عبد الله أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار وأمه سمية وبلال وصهيب والمقداد. فأما النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فمنعهما الله بقومهما وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 232 - 239" و"7/ 385 - 386"، وتاريخ البخاري الكبير "1/ ق 2/ 106"، وتاريخه الصغير "30"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 395"، وحلية الأولياء "1/ 147 - 151"، وتهذيب التهذيب "1/ 502 - 503"، والإصابة "1/ ترجمة 736".

ص: 210

الشمس، فما منهم أحد إلَّا وأتاهم على ما أرادوا إلَّا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد

(1)

. وله إسناد آخر صحيح.

أبو حيان التيمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الصبح:"حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة" قال: ما عملت عملًا أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًّا في ساعة من ليل ولا نهار إلَّا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي

(2)

.

حسين بن واقد، حدثنا ابن بريدة سمعت أبي يقول: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالًا فقال: "بم سبقتني إلى الجنة? ما دخلت الجنة قط إلَّا سمعت خشخشتك أمامي إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خشخشتك أمامي وأتيت على قصر من ذهب فقلت لمن هذا? قالوا: لعمر" فقال بلال ما أذنت قط إلَّا صليت ركعتين وما أصابني حدث إلَّا توضأت ورأيت أن لله علي ركعتين أركعهما، فقال:"بها"

(3)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا:"دخلت الجنة فسمعت خشفة فقلت ما هذه? قيل: بلال"

(4)

.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 404"، وابن أبي شيبة "12/ 149"، "14/ 313"، وابن ماجه "150"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 149، 172"، وابن عبد البر في "الاستيعاب""1/ 141" من طريق يحيى بن بكير، حدثنا زائدة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، به.

قلت: إسناده حسن، عاصم بن أبي النجود، قال الحافظ في "التقريب" صدوق. وزر هو ابن حبيش. وعبد الله هو ابن مسعود.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1149"، ومسلم "2458"، والنسائي في "الفضائل""132"، والبغوي "1011" من طرق عن أبي أسامة، عن أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: "يا بلال حدثني بأرجي عمل عملته في الإسلام

" الحديث.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 354، 360"، وفي "الفضائل""713"، والترمذي "3689"، والبغوي "1012" من طريق الحسين بن واقد حدثني ابن بريدة، عن أبيه مرفوعا.

(4)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 372، 389 - 390"، والبخاري "3679"، ومسلم "3457"، والنسائي في "الفضائل""131"، والبغوي "3950" من طرق عن عبد العزيز بن أبي سلمة، حدثنا محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ص: 211

عمارة بن زاذان: عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السباق أربعة: أنا سابق العرب وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبشة وصهيب سابق الروم"

(1)

.

المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أول من أذن بلال

(2)

بن المنكدر، عن جبر قال عمر: أبو بكر سيدنا أعتق بلالًا سيدنا

(3)

.

عمر بن حمزة، عن سالم أن شاعرًا مدح بلال بن عبد الله بن عمر فقال:

وبلال عبد الله خير بلال

فقال ابن عمر: كذبت بل وبلال رسول الله خير بلال.

وفي حديث عمرو بن عبسة، فقلت: من اتبعك قال: "حر وعبد" فإذا معه أبو بكر وبلال

(4)

.

وفي كنية بلال ثلاثة أقوال: أبو عبد الكريم وأبو عبد الله وأبو عمرو نقلها الحافظ أبو القاسم.

وقال: حدث عنه أبو بكر وعمر وأسامة بن زيد وابن عمر وكعب بن عجرة والصنابحي والأسود وأبو إدريس الخولاني وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى والحكم بن مينا وأبو عثمان النهدي.

قال أيوب بن سيار أحد التلفى: عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن أبي بكر، عن بلال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصبحوا بالصبح، فإنه أعظم للأجر"

(5)

.

(1)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 285"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 149، 185" من طريق أبي حذيفة حدثنا عمار بن زاذان، به، وقال الحاكم: تفرد به عمارة بن زاذان عن ثابت. ولم يتعرض له الذهبي.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عمارة بن زاذان، قال البخاري: ربما يضطرب في حديثه: "وقال أحمد: له مناكير. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو داود: ليس بذلك.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 234". وفي إسناده المسعودي، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي المسعودي، اختلط قبل موته. وهو مرسل.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "3754" من طريق محمد بن المنكدر، به.

(4)

صحيح: أخرجه مسلم "832" من حديث عمرو بن عبسة في جزء من حديث طويل.

(5)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 321"، وأحمد "4/ 142"، والنسائي "1/ 272"، والطبراني "4285، 4289، 4291"، من طرق عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج مرفوعا. =

ص: 212

وقال محمد بن سعد: بلال بن عبد الله من مولدي السراة كانت أمه حمامة لبني جمح.

وقال البخاري: بلال أخو خالد وغفرة مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مات بالشام وذكر الكنى الثلاثة.

قال عطاء الخراساني: كنت عند ابن المسيب فذكر بلالًا فقال: كان شحيحًا على دينه وكان يعذب في الله فلقي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لو كان عندنا شيء ابتعنا بلالًا" فلقي أبو بكر العباس فقال اشتر لي بلالًا فاشتراه العباس وبعث به إلى أبي بكر فأعتقه.

محمد بن خالد الطحان: أنبأنا أبي، عن داود، عن الشعبي قال: كان موالي بلال يضجعونه على بطنه ويعصرونه ويقولون: دينك اللات والعزى فيقول: ربي الله أحد أحد ولو أعلم كلمة أحفظ لكم منها لقلتها! فمر أبو بكر بهم فقالوا: اشتر أخاك في دينك فاشتراه بأربعين أوقية فأعتقه فقالوا: لو أبى إلَّا أوقية لبعناه فقال: وأقسم بالله لو أبيتم إلَّا بكذا وكذا -لشيء كثير- لاشتريته.

وفي السيرة: أن أبا بكر اشتراه بعبد أسود مشرك من أمية بن خلف.

هشام بن عروة، عن أبيه قال: مر ورقة بن نوفل ببلال وهو يعذب على الإسلام يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول: أحد أحد فقال: يا بلال صبرًا والذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا.

هذا مرسل ولم يعش ورقة إلى ذلك الوقت.

هشام، عن ابن سيرين أن بلالًا لما ظهر مواليه على إسلامه مطوه في الشمس وعذبوه وجعلوا يقولون: إلهك اللات والعزى وهو يقول: أحد أحد فبلغ أبا بكر فأتاهم فقال: علام تقتلونه? فإنه غير مطيعكم قالوا: اشتره فاشتراه بسبع أواق فأعتقه.

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "الشركة يا أبا بكر" قال: قد أعتقته.

= وأخرجه الطحاوي "1/ 179"، والطبراني "4292" من طريق شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، به، وأخرجه أحمد "4/ 143" عن أسباط بن محمد، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه الطحاوي "1/ 179" من طريق الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر، عن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به، وأخرجه أحمد "5/ 429" عن إسحاق بن عيسى، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.

ص: 213

ابن عيينة:، عن إسماعيل، عن قيس قال: اشترى أبو بكر بلالًا وهو مدفون في الحجارة بخمس أواق ذهبًا فقالوا: لو أبيت إلَّا أوقية لبعناكه قال: لو أبيتم إلَّا مئة أوقية لأخذته. إسناده قوي.

إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترؤون علينا وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران فأنزل الله {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم} [الأنعام: 52] الآية

(1)

.

ابن علية: عن يونس، عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بلال سابق الحبشة"

(2)

.

قالت عائشة: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال فكان أبو بكر إذا أخذته الحمَّى يقول:

كل امرئٍ مصبح في أهله

والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:

ألا ليت شعري هل أبيتَنَّ ليلةً

بوادٍ وحولي إذخِر وجليل

وهل أرِدَنْ يومًا مياهَ مَجَنة

وهل يبدون لي شامةٌ وطَفيلُ

اللهم العن عتبة وشيبة وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء

(3)

.

الحسن بن صالح: عن أبي ربيعة، عن الحسن، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشتاقت الجنة إلى ثلاثة علي وعمار وبلال"

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2413""46" من طريق إسرائيل، عن المقدام بن شريح، به.

(2)

ضعيف: سبق تخريجنا له منذ قريب بتعليقنا رقم "506".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "1889، 3926" من حديث عائشة.

(4)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3797"، والحاكم "3/ 137" من طريق أبي ربعية الإيادي، عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة: علي، وعمار، وسلمان" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح "الإسناد "! " ووافقه الذهبي في "التلخيص" "! ".

قلت: بل إسناده ضعيف جدا، فيه علتان: أبو ربيعة الإيادي، هو عمرو بن ربيعة. قال أبو حاتم: منكر الحديث. الثانية: الحسن هو ابن أبي الحسن البصري، مدلس، مشهور بتدليسه، وكثير الإرسال، وقد عنعنه. =

ص: 214

أبو ربيعة عمر بن ربيعة الإيادي ضعيف.

حسام بن مِصَك، عن قتادة، عن القاسم بن ربيعة، عن زيد بن أرقم يرفعه:"نِعْمَ المرءُ بلالٌ سيد المؤذنين يوم القيامة والمؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة"

(1)

.

وله طرق أخَرُ ضعيفة. ويروى بإسناد واهٍ من مراسيل كثير بن مرَّة: "يؤتى بلال بناقة من نوق الجنة فيركبها".

بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سادة السودان: لقمان والنجاشي وبلال ومهجع"

(2)

.

= وأخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 190" من طريق جعفر بن محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا إبراهيم بن المختار، حدثنا عمران بن وهب الطائي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اشتاقت الجنة إلى أربعة، علي، والمقداد، وعمار، وسلمان".

قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: جهالة جعفر بن محمد بن عيسى ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ ق 1/ 488" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الثانية: إبراهيم بن المختار، هو الرازي، أبو إسماعيل، قال ابن معين: ليس بذاك. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو غسان زنيج: تركته. الثالثة: عمران بن وهب الطائي. ضعفه أبو حاتم.

(1)

ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 147" والحاكم "3/ 285"، وابن عدي "2/ 434" من طريق حسام بن مصك، عن قتادة، عن القاسم بن ربيعة، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال الحاكم تفرد به حسام بن مصك، ولم يتعرض له الذهبي.

قلت: إسناده ضعيف. آفته حسام بن مصك، أبو سهل الأزدي البصري. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك. وقال النسائي: ضعيف.

لكن فقرة: "والمؤذنون أطل الناس أعناقا يوم القيامة" صحيحه أخرجها مسلم "387" من طريق عبدة، عن طلحة بن يحيى، عن عمه، قال: كنت عند معاوية بن أبي سفيان فجاءه المؤذن يدعوه إلى الصلاة.

فقال معاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وأخرجه مسلم "387" من طريق سفيان، عن طلحة بن يحيى، عن عيسى بن طلحة، قال: سمعت معاوية يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق""10/ 1/ 330" من طريق أحمد بن شبويه، أخبرنا سليمان بن صالح، حدثني عبد الله، يعني ابن المبارك، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان الأولى: أرسله عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

والثانية: جهالة أحمد بن شبويه، كما قال الحافظ في "اللسان".

وورد بلفظ: "خير السودان ثلاثة: لقمان، وبلال، ومهجع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أخرجه الحاكم "3/ 284" من طريق إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، حدثنا جدي، حدثنا الحاكم، عن الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، حدثني أبو عمار، عن واثلة بن الأسقع به مرفوعا.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورده الذهبي بقول: "كذا قال: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعرف ذا".

قلت: أنى له الصحة، وفيه مع جهالة مهجع، انقطاع بين اسماعيل بن محمد بن الفضل وجده الفضل.

كما أن الفضل الشعراني، أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""3/ 2/ 69"، وقال:"كتبت عنه بالري، وتكلموا فيه". وإسماعيل بن الفضل الشعراني لم يوثقه أحد أضف إلى ذلك نكارة متنه، والله تعالى أعلى وأعلم.

ص: 215

رواه معاوية بن صالح، عن الأوزاعي معضلًا

(1)

.

هشام بن عروة، عن أبيه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا وقت الفتح فأذن فوق الكعبة

(2)

.

وقال ابن سعد: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، حدثني ابن عمي عبد الله بن محمد وعمار بن حفص وأخوه عمر، عن آبائهم، عن أجدادهم أن النجاشي بعث بثلاث عنزات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطى عليًّا واحدة وعمر واحدة وأمسك واحدة فكان بلال يمشي بها بين يديه في العيدين حتى يأتي المصلى فيركزها بين يديه فيصلي إليها ثم كان يمشي بها بين يدي أبي بكر ثم كان سعد القرظ يمشي بها بين يدي عمر وعثمان.

قالوا: ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يريد الجهاد إلى أبي بكر الصديق فقال له: يا خليفة رسول الله! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله" فقال أبو بكر: فما تشاء يا بلال? قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن عساكر "10/ 1/ 330 - 331" من طريق أبي صالح، عن معاوية، عن الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير السودان أربعة: لقمان، والنجاشي، وبلال، ومهجع".

قلت: إسناده ضعيف، لإعضاله، فالأوزاعي، واسمه عبد الرحمن بن عمرو من أتباع التابعين، فبينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنين أو ثلاثة.

ومن المعروف أن الحديث المعضل: هو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي بخلاف المنقطع، فإن الإسناد المنقطع ما سقط من إسناده راوٍ فأكثر ليس على التوالي في موضع واحد في السند، أو في عدة مواضع.

وفي إسناد الحديث أيضا أبو صالح، وهو عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، أبو صالح المصري، كاتب الليث، فإنه ضعيف، لسوء حفظه، فهذه علة أخرى في الحديث مع إعضاله.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 234" من طريق عارم بن الفضل، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة وغيره. وهو مرسل.

ص: 216

قال أبو بكر: أنشدك بالله يا بلال! وحرمتي وحقي فقد كبرت وضعفت واقترب أجلي فأقام معه حتى توفي ثم أتى عمر فرد عليه فأبى بلال فقال: إلى من ترى أن أجعل النداء? قال: إلى سعد فقد أذَّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله عمر إلى سعد وعَقِبِه

(1)

.

حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر لما قعد على المنبر يوم الجمعة قال له بلال: أعتقتني لله أو لنفسك? قال: لله قال: فائذن لي في الغزو. فأَذِنَ له فذهب إلى الشام فمات ثَمَّ

(2)

.

محمد بن نصر المروزي: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن القرشي، حدثنا الوليد بن مسلم أخبرني سعيد بن عبد العزيز وابن جابر وغيرهما أن بلالًا لم يؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد الجهاد فأراد أبو بكر منعه فقال: إن كنت أعتقتني لله فخل سبيلي. قال: فكان بالشام حتى قدم عمر الجابية فسأل المسلمون عمر أن يسأل لهم بلالًا يؤذن لهم فسأله فأَذَّن يومًا فلم ير يومًا كان أكثر باكيًا من يومئذٍ ذِكرًا منهم للنبي صلى الله عليه وسلم. قال الوليد: فنحن نرى أن أذان أهل الشام، عن أذانه يومئذ.

هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قدمنا الشام مع عمر فأذن بلال فذكر الناس النبي صلى الله عليه وسلم فلم أر يومًا أكثر باكيًا منه.

أبو أحمد الحاكم

(3)

: أنبأنا محمد بن الفيض بدمشق، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن

(1)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""1013، 1076" من طريق عبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، به.

وأورده الهيثمي في "المجمع""5/ 274"، وقال:"وفيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار، وهو ضعيف".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 237"، وفي الإسناد علتان: الانقطاع بين سعيد بن المسيب وأبي بكر رضي الله عنه فإنه لم يدركه. وعلي بن زيد هو ابن جدعان، ضعيف.

(3)

أبو أحمد الحاكم، وهو الإمام الحافظ العلامة الثبت، محدث خراسان، محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي، الحاكم الكبير، مؤلف كتاب "الكني" في عدة مجلدات. كان من بحور العلم. ذكره تلميذه الحاكم ابن البيع -صاحب المستدرك- فقال: هو إمام عصره في هذه الصنعة، كثير التصنيف، مقدم في معرفة شروط الصحيح والأسامي والكنى. طلب الحديث وهو ابن نيف وعشرين سنة.

وقال الحاكم أيضا: كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على سنن السلف، ومن المصنفين فيما نعتقده في أهل البيت والصحابة. قلد القضاء في أماكن، وصنف على كتابي الشيخين، وعلى جامع أبي عيسى. له ترجمة حافلة بالمآثر السامقة في المنتظم "7/ 146"، وتذكرة الحفاظ "3/ 976 - 979"، والعبر "3/ 9 - 10"، ومرآة الجنان "2/ 408"، والنجوم الزاهرة "4/ 154"، وشذرات الذهب "3/ 93".

ص: 217

محمد بن سليمان بن أبي الدرداء، حدثني أبي، عن جدي سليمان، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: لما دخل عمر الشام سأل بلال أن يُقِرَّه به ففعل قال: وأخي أبو رويحة الذي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينه فنزل بداريَّا في خولان فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقالوا: أنا قد أتيناكم خاطبين وقد كنا كافرين فهدانا الله ومملوكين فأعتقنا الله وفقيرين فأغنانا الله فإن تزوجونا فالحمد لله وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلَّا بالله فزوجوهما.

ثم إن بلالًا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يقول: "ما هذه الجفوة يا بلال? أما آن لك أن تزورني"؟ فانتبه حزينًا وركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويُمرِّغ وجهه عليه فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما فقالا له: يا بلال! نشتهي أن نسمع أذانك. ففعل وعلا السطح ووقف فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلَّا الله ازداد رجَّتُها فلما قال: أشهد أن محمدًا رسول الله خرجت العواتق من خدورهن وقالوا: بُعِثَ رسول الله فما رؤي يومٌ أكثر باكيًا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم.

إسناده لين وهو منكر.

قتيبة: حدثنا الليث، عن يحيى بن سعيد قال: ذكر عمر فضل أبي بكر فجعل يصف مناقبه ثم قال: وهذا سيدنا بلال حسنةٌ من حسناته.

أبو هشام الرفاعي: حدثنا ابن فضيل، حدثنا إسماعيل، عن قيس قال: بلغ بلالًا أن ناسًا يفضلونه على أبي بكر فقال: كيف يفضلوني عليه وإنما أنا حسنة من حسناته.

الواقدي: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول قال: حدثني من رأى بلالًا رجلًا آدم شديد الأدمة نحيفًا طُوالًا أجنأ له شعر كثير وخفيف العارضين به شمط كثير وكان لا يغير

(1)

.

وقيل: كان بلال تِرْبَ أبي بكر.

قال سعيد بن عبد العزيز: لما احتضر بلال قال:

غدًا نلقي الأحبة

محمدًا وحزبه

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 238 - 239"، وفي إسناده علتان: الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا آنفا. الثانية: جهالة من روى عنهم مكحول.

وقوله "أجنأ": أي أحد الظهر.

ص: 218

قال: تقول امرأته: واويلاه! فقال: وافرحاه!.

قال محمد بن إبراهيم التيمي، وبن إسحاق وأبو عمر الضرير وجماعة: توفي بلال سنة عشرين بدمشق.

قال الواقدي: ودفن بباب الصغير وهو ابن بضع وستين سنة.

وقال علي بن عبد الله التميمي: دفن بباب كيسان.

وقال ابن زيد: حمل من داريا فدفن بباب كيسان وقيل مات سنة إحدى وعشرين.

وقال مروان بن محمد الطاطري: مات بلال في داريا وحُمِلَ فقبر في باب الصغير.

وقال عبد الجبار بن محمد في "تاريخ داريا": سمعت جماعة من خولان يقولون: إن قبره بداريا بمقبرة خولان.

وأما عثمان بن خرزاذ

(1)

فقال: حدثنا محمد بن أبي أسامة الحلبي، حدثنا أبو سعد الأنصاري، عن علي بن عبد الرحمن: قال: مات بلال بحلب ودفن بباب الأربعين.

جاء عنه أربعة وأربعون حديثًا منها في "الصحيحين" أربعة المتفق عليها واحد.

وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بحديث موقوف.

(1)

هو: عثمان بن عبد الله بن محمد بن خرزاذ، بضم المعجمة وتشديد الراء، بعدها زاي، ثقة، من صغار الحادية عشرة مات سنة "281 هـ" وقيل في أول التي بعدها. روى عنه النسائي.

ص: 219

‌82 - ابن أم مكتوم

(1)

:

مختلف في اسمه فأهل المدينة يقولون: عبد الله بن قيس بن زائدة بن الأصم بن رواحة القرشي العامري.

وأما أهل العراق فسموه عمرًا وأمه أم مكتوم: هي عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم بن يقظة المخزومية. من السابقين المهاجرين.

وكان ضريرًا، مؤذنًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بلال وسعد القرظ، وأبي محذورة مؤذن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 205 - 212" حلية الأولياء "2/ 4"، والإصابة "2/ ترجمة 4897" في عبد الله بن قيس بن زائدة بن أم مكتوم، وفي الإصابة "3/ ترجمة 5935" في "عمرو بن قيس بن زائدة ........... ".

ص: 219

مكة. هاجر بعد وقعة بدر بيسير قاله ابن سعد وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحترمه ويستخلفه على المدينة فيصلي ببقايا الناس.

قال الشعبي: استخلف النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم يؤم الناس وكان ضريرًا وذلك في غزوة تبوك. كذا قال والمحفوظ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما استعمل على المدينة عامئذ علي بن أبي طالب.

وقال قتادة: استخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم مرتين على المدينة وكان أعمى.

وروى: مجالد عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة في غزوة بدر فهذا يبطل ما تقدم ويبطله أيضًا حديث أبي إسحاق، عن البراء قال: أول من قدم علينا مصعب بن عمير ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم فقالوا له: ما فعل من وراءك? قال: هم أولاء على أثري.

شعبة: عن أبي إسحاق سمع البراء يقول: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يُقرئان الناس القرآن.

حماد بن سلمة: حدثنا أبو ظلال قال كنت عند أنس فقال: متى ذهبت عينك? قلت: وأنا صغير. فقال: إن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ابن أم مكتوم فقال: "متى ذهب بصرك"؟ قال: وأنا غلام فقال: "قال الله تعالى: "إذا أخذت كريمة عبدي لم أجد له جزاءً إلَّا الجنة"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 206"، والترمذي "2402" وفي إسناده أبو ظلال، واسمه هلال بن أبي هلال، وهو ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

وقد ورد الحديث عن ابن عباس، وأبي هريرة، وأنس، وأبي أمامة، والعرباض بن سارية وأبي سعيد الخدري، وعائشة بنت قدامة، رضي الله عنهم أجمعين.

وسوف أجتزئ بذكر بعضهم، فقد ورد الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الطبراني في "الكبير""12/ 12452" من طريق علي بن سعيد الرازي، حدثنا يعقوب بن ماهان، حدثنا هشيم، عن أبي بشر أخبرني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عز وجل: إذا أخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب

" الحديث.

وورد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "يقول الله عز وجل: من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة". أخرجه أحمد "2/ 265"، والترمذي "2401"، والدارمي "2/ 323" من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به مرفوعا.

وورد من حديث أنس: عند البخاري "5653"، والترمذي "2400"، والبيهقي "3/ 375"، وورد عن أبي أمامة: عند أحمد "5/ 285"، وورد عن العرباض بن سارية: عند البزار "771"، وورد عن عائشة بنت قدامة: عند أحمد "6/ 365".

ص: 220

قالت عائشة: كان ابن أم مكتوم مؤذنًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى.

وروى حجاج بن أرطاة، عن شيخ، عن بعض مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان بلال يؤذن ويقيم ابن أم مكتوم وربما أَذَّنَ ابن أم مكتوم وأقام بلال. إسناده واه.

وقال ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" وكان أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت

(1)

.

قال عروة: كان النبي صلى الله عليه وسلم مع رجال من قريش منهم عتبة بن ربيعة فجاء ابن أم مكتوم يسأل، عن شيء فأعرض عنه فأنزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس: 1، 2]

(2)

.

الواقدي: حدثني عبيد الله بن نوح، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة قال: استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة فكان يجمع بهم ويخطب إلى جنب المنبر يجعله على يساره

(3)

.

يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عبد الله بن معقل قال: نزل ابن أم مكتوم على يهودية بالمدينة كانت ترفقه وتؤذيه في النبي صلى الله عليه وسلم فتناولها فضربها فقتلها فرفع ذلك إلى

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الشافعي "2/ 275"، والطيالسي "1819"، وابن أبي شيبة "3/ 9"، وأحمد "2/ 62"، والبخاري "617، 2656"، ومسلم "1092""37"، وابن خزيمة "401"، والطحاوي "1/ 137، 138"، والطبراني "12/ 13106"، والبغوي "433" من طرق عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه مرفوعا.

وأخرجه أحمد "2/ 57"، وابن أبي شيبة "3/ 9"، والبخاري "622، 1918"، والدارمي "1/ 270"، وابن خزيمة "1931"، والطبراني "13379"، والبيهقي "1/ 382، "4/ 218" من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به مرفوعا.

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 208". وإسناده ضعيف لإرساله.

ووصل الحديث الترمذي "3331" عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: فذكره.

وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

قلت: الإسناد حسن بعد وصله.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "4/ 209" فيه الواقدي، وهو متروك.

ص: 221

النبي صلى الله عليه وسلم فقال هو: أما والله إن كانت لتَرْفُقُني ولكن آذتني في الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبعدها الله قد أَبْطَلْتُ دمها"

(1)

.

أبو إسحاق:، عن البراء قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُون} دعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدًا وأمره فجاء بكتفٍ وكتبها فجاء بن أم مكتوم فشكا ضرارته فنزلت {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]

(2)

.

ثابت البناني:، عن بن أبي ليلى أن بن أم مكتوم قال: أي ربِّ! أنزل عذري. فأنزلت "غير أولي الضرر" فكان بعد يغزو ويقول: ادفعو إلي اللواء فإني أعمى لا أستطيع أن أفر وأقيموني بين الصفين

(3)

.

عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه قال: كنت إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذه على فخذي فما وجدت شيئًا أثقل منها ثم سُرِّي عنه فقال لي: "اكتب" فكتبت في كتف "لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون". فقام عمرو بن أم مكتوم فقال: فكيف بمن لا يستطيع فما انقضى كلامه حتى غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة ثم سري عنه فقال: "اكتب {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ".

قال زيد: أنزلها الله وحدها، فكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع الكتف

(4)

.

(1)

حسن لغيره: أخرجه ابن سعد "4/ 210"، وفي إسناده أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلس، وقد عنعنه. كما أنه مرسل، عبد الله بن معقل من الثالثة، وأخرجه أبو داود "4362" حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن الجراح، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن علي رضي الله عنه "أن يهودية كان تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها".

قلت: إسناده ضعيف، المغيرة هو ابن مقسم الضبي، مدلس، وقد عنعنه، لكن الحديث يرتقي للحسن بمجموع الطريقين، والله تعالى وأعلم.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4593"، ومسلم "1898" من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء، به، وأخرجه البخاري "4594" من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 210"، وهو ضعيف لانقطاعه بين عبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن أم مكتوم.

(4)

صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 211" من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، به.

وأخرجه البخاري "4592" من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، قال: حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه

" الحديث.

ص: 222

ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس أن عبد الله بن أم مكتوم يوم القادسية كانت معه راية سوداء عليه درع له.

أبو هلال: عن قتادة، عن أنس: أن عبد الله بن زائدة وهو ابن أم مكتوم كان يقاتل يوم القادسية وعليه درع له حصينة سابغة.

قال الواقدي: شهد القادسية معه الراية ثم رجع إلى المدينة فمات بها ولم نسمع له بذكر بعد عمر.

قلت: ويقال: استشهد يوم القادسية.

حدث عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسل وأبو رزين الأسدي وغيرهما.

والقادسية: ملحمة كبرى تمت بالعراق وعلى المسلمين سعد بن أبي وقاص وعلى المشركين رستم وذو الحاجب والجالينوس.

قال أبو وائل: كان المسلمون أزيد من سبعة آلاف وكان العدو أربعين وقيل: ستين ألفًا معهم سبعون فيلًا.

قال المدائني: اقتتلوا ثلاثة أيام في آخر شوال سنة خمس عشرة فقُتِلَ رستم وانهزموا.

ص: 223

‌83 - خالد بن الوليد

(1)

" خ، م، د، س، ق":

ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب: سيف الله تعالى وفارس الإسلام وليث المشاهد السيد الإمام الأمير الكبير قائد المجاهدين أبو سليمان القرشي المخزومي المكي وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث.

هاجر مسلمًا في صفر، سنة ثمان، ثم سار غازيًا، فشهد غزوة مؤتة واستشهد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة: مولاه زيد وابن عمه جعفر ذو الجناحين وابن رواحة وبقي الجيش بلا أمير فتأمر عليهم في الحال خالد وأخذ الراية وحمل على العدو فكان النصر وسماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله فقال: "إن خالدًا سيف سله الله على المشركين". وشهد الفتح،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 252 - 253"، "7/ 394 - 398"، والجرح والتعديل "1/ ق 2/ 356"، والإصابة "1/ ترجمة رقم 2201"، وتهذيب التهذيب "3/ 142".

ص: 223

وحنينًا وتأمر في أيام النبي صلى الله عليه وسلم واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل الله وحارب أهل الردة ومسيلمة وغزا العراق واستظهر ثم اخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حدِّ العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه وشهد حروب الشام ولم يبق في جسده قيد شبر إلَّا وعليه طابعُ الشهداء.

ومناقبه غزيرة، أمره الصديق على سائر أمراء الاجناد وحاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة.

عاش ستين سنة، وقتل جماعة من الأبطال، ومات على فراشه، فلا قرت أعين الجبناء.

توفي بحمص سنة إحدى وعشرين ومشهده على باب حمص، عليه جلالة.

حدث عنه: ابن خالته عبد الله بن عباس وقيس بن أبي حازم والمقدام بن معدي كرب وجبير بن نفير وشقيق بن سلمة وآخرون: له أحاديث قليلة.

مسلم: من طريق ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل أن ابن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي كان يقال له: سيف الله أخبره أنه دخل على خالته ميمونة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عندها ضبًا محنوذًا قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد فقدمته لرسول الله- صلى الله عليه وسلم فرفع يده فقال خالد: أحرام هو يا رسول الله? قال: "لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ولم ينه

(1)

.

هشام بن حسان: عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية: أن خالد بن الوليد قال: يا رسول الله إن كائدًا من الجن يكيدني قال: "قل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ في الأرض وما يخرج منها ومن شر ما يعرج في السماء وما ينزل منها ومن شر كل طارق إلَّا طارقًا يطرق بخير يا رحمن" ففعلت فأذهبه الله عني.

وعن حيان بن أبي جبلة، عن عمرو بن العاص قال: ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد أحدًا في حربه منذ أسلمنا.

يونس بن أبي إسحاق: عن العيزار بن حريث أن خالد بن الوليد أتى على اللات والعزَّى فقال:

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه البخاري "5537"، ومسلم "1946"، وأبو داود "3794"، والطبراني "3816"، والبيهقي "9/ 323" من طرق عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن ابن عباس، عن خالد بن الوليد، به.

ص: 224

يا عُزُّ كُفرانَكِ لا سبحانك

إني رأيت الله قد أهانك

وروى زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السلمي أن خالدًا قال مثله.

قال قتادة: مشى خالد إلى العُزَّى فكسر أنفها بالفأس.

وروى سفيان بن حسين، عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالدًا إلى العُزَّى وكانت لهوازن وسدنتها بنو سليم فقال:"انطلق فإنه يخرج عليك امرأة شديدة السواد لويلة الشعر عظيمة الثديين قصيرة". فقالوا يحرضونها:

يا عُزَّ شُدِّي شدةً لا سِواكِها

على خالد ألقي الخِمارَ وشمِّري

فإنك إن لا تقتلي المرء خالدًا

تبُوئي بذنب عاجل وتُقصِّري

فشد عليها خالد فقتلها وقال: ذهبت العُزَّى فلا عُزى بعد اليوم.

الزهري: عن عبد الرحمن بن أزهر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين يتخلل الناس يسأل عن رحل خالد فدل عليه فنظر إلى جرحه وحسبت أنه نفث فيه

(1)

.

وقال ابن عمر: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالدًا إلى بني جذيمة فقتل وأسر فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"

(2)

مرتين.

الواقدي، عن رجل، عن إياس بن سلمة، عن أبيه قال: لما قدم خالد بعد صنيعه ببني جذيمة عاب عليه ابن عوف ما صنع وقال: أخذت بأمر الجاهلية قتلتهم بعمِّك الفاكه قاتلك الله.

قال: وأعابه عمر فقال خالد: أخذتهم بقتل أبيك فقال عبد الرحمن: كذبت لقد قتلت قاتل أبي بيدي ولو لم أقتله لكنت تقتل قومًا مسلمين بأبي في الجاهلية قال: ومن أخبرك أنهم أسلموا? فقال: أهل السرية كلهم. قال: جائني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 88، 350 - 351" من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "2/ 150 - 151"، والبخاري "4339، 7189"، والنسائي "8/ 236 - 237، 237"، والبيهقي "9/ 115" من طرق عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعا، به في قصة.

وقد خرجت الحديث في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث. الجزء الرابع بتعليقنا رقم "271"، وفي عدة مواضع من هذا الكتاب، فراجعه ثَمَّ إن شئت.

ص: 225

عليهم فأغرت قال: كذبت على رسول الله وأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وغضب وقال: "يا خالد ذروا لي أصحابي متى يُنكأ إلفُ المرء يُنكأ المرء"

(1)

.

الوقدي: حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أهله، عن أبي قتادة قال: لما نادى خالد في السَّحَر: من كان معه أسير فليُدافَّه أرسلت أسيري وقلت لخالد: اتق الله فإنك ميت وإن هؤلاء قوم مسلمون قال: إنه لا علم لك بهؤلاء.

إسناده فيه الواقدي ولخالد اجتهاده ولذلك ما طالبه النبي صلى الله عليه وسلم بدياتهم.

الواقدي: حدثنا يوسف بن يعقوب بن عتبة، عن عثمان الاخنسي، عن عبد الملك بن أبي بكر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالدًا إلى الحارث بن كعب أميرًا وداعيًا وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلما حلق رأسه أعطاه ناصيته فعملت في مقدمة قلنسوة خالد فكان لا يلقى عدوًا إلَّا هزمه.

وأخبرني من غسله بحمص، ونظر إلى ما تحت ثيابه قال: ما فيه مُصحّ ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم.

الوليد بن مسلم: حدثنا وحشي بن حرب، عن أبيه، عن جده وحشي: أن أبا بكر عقد لخالد على قتال أهل الردة وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين"

(2)

.

رواه أحمد في "مسنده".

(1)

ضعيف جدا: في إسناده الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا آنفا. وفيه جهالة الرجل الذي روى عن إياس بن سلمة.

(2)

صحيح بشواهده: أخرجه أحمد "1/ 8"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""696"، والحاكم "3/ 298"، والطبراني "3798" من طريق الوليد بن مسلم به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته جهالة حرب بن وحشي بن حرب الحبشي الحمصي، لذا قال الحافظ في "التقريب""مقبول"، أي عند المتابعة.

وللحديث شواهد: فقد ورد من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: "شكا عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا خالد لِمَ تؤذي رجلا من أهل بدر؟ لو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله"، فقال: يا رسول الله يقعون فيَّ فأرد عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذوا خالدا، فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار". =

ص: 226

هشام بن عروة: عن أبيه قال: كان في بني سليم ردَّة فبعث أبو بكر إليهم خالد بن الوليد فجمع رجالًا منهم في الحظائر ثم أحرقهم فقال عمر لأبي بكر: أتدع رجلًا يعذِّب بعذاب الله? قال: والله لا أشيم

(1)

سيفًا سلَّه الله على عدوه ثم أمره فمضى إلى مسيلمة

(2)

.

ضمرة بن ربيعة: أخبرني السيباني

(3)

، عن أبي العجماء -وإنما هو أبو العجفاء- السلمي قال: قيل لعمر: لو عهدت يا أمير المؤمنين قال: لو أدركت أبا عبيدة ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال لي: لم استخلفته? لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: "لكل أمة أمين وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة" ولو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته فقدمت على

= 1 أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة""13"، والبزار "2595"، 2719"، والطبراني في "الكبير" "3801"، وفي "الصغير" "580"، والحاكم "3/ 298"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "12/ 149 - 150" من طريق أبي إسماعيل المؤدب، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن أبي أوفى، به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الذهبي في "التلخيص" بقوله:"قلت: رواه ابن إدريس، عن ابن أبي خالد عن الشعبي مرسلا وهو أشبه".

قلت: فعلى فرض انقطاعه بين الشعبي، وابن أبي أوفى، فللحديث شواهد أخرى، فقد ورد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال:"أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب -وعيناه تذرفان- حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم".

أخرجه البخاري "4262" من طريق أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس، به، وله شاهد عن أبي هريرة عند أحمد "2/ 260"، وعن أبي عبيدة بن الجراح عند أحمد "4/ 90"، وعن عمر عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""697". وعن أبي قتادة عند ابن سعد "7/ 395".

(1)

أشيم: أي أغمد، والشيم من الأضداد، يكون سلا وإغمادا.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 396" من طريق أبي معاوية الضرير، عن هشام بن عروة به. قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين عروة وأبي بكر، رضي الله عنه.

(3)

هو يحيى بن أبي عمرو السيباني، بفتح المهملة -وليست معجمة- وسكون التحتانية بعدها موحدة، أبو زرعة الحمصي، ثقة، من الطبقة السادسة، ولم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، فروايته عن الصحابة مرسلة، مات سنة ثمان وأربعين ومائة. روى له البخاري في "الأدب المفرد". وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

ص: 227

ربي، لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: "خالد سيف من سيوف الله سلَّه الله على المشركين"

(1)

. ورواه الشاشي

(2)

في مسنده.

أحمد في "المسند": حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن عبد الملك بن عمير قال: استعمل عمر أبا عبيدة على الشام وعزل خالدًا فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خالد سيف من سيوف الله نعم فتى العشيرة"

(3)

.

حميد بن هلال، عن أنس: نعى النبي صلى الله عليه وسلم أمراء يوم مؤتة فقال: "أصيبوا جميعًا ثم أخذ الراية بعد سيفٌ من سيوف الله خالد" وجعل يحدث الناس وعيناه تذرفان

(4)

.

إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما خالد سيف من سيوف الله صبه على الكفار"

(5)

.

أبو إسماعيل المؤدب: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن ابن أبي أوفى مرفوعًا بمعناه

(6)

. وجاء من طرق، عن أبي هريرة نحوه.

أبو المسكين الطائي: حدثنا عمران بن زحر، حدثني حميد بن منيب قال: جدي أوس لم يكن أحد أعدى للعرب من هرمز فلما فرغنا من مسيلمة أتينا ناحية البصرة فلقينا هرمز

(1)

صحيح بشواهده: في إسناده أبو العجفاء السلمي البصري، قيل اسمه بن نسيب، وقيل بالعكس وقيل بالصاد بدل السين المهملتين، قال أبو أحمد الحاكم: ليس حديثه بالقائم. وقال البخاري: في حديثه نظر. وقال ابن معين: ثقة. والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""697"، وهو صحيح بشواهده التي ذكرناها في تعليقنا السابق رقم "538".

(2)

الشاشي: هو الإمام الحافظ الثقة الرحال، أبو سعيد الهيثم بن كليب بن سريج بن معقل الشاشي التركي، صاحب "المسند الكبير" سبق التعريف به في تعليقنا رقم "175".

(3)

صحيح بشواهد: أخرجه أحمد "4/ 90"، وفي إسناده الانقطاع بين عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي -وهو من الطبقة الثالثة- وبين أبي عبيدة بن الجراح فإنه لم يدركه، قال أبو زرعة:"في حديثه عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه هو مرسل" كما أن عبد الملك بن عمير، مدلس، مشهور بالتدليس، ولم يصرح بالسماع فضلا عن انقطاعه. لكن الحديث يصح مما ذكرناه من شواهد في تعليقنا السابق رقم "538".

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "3757، 4262"، وراجع تعليقنا رقم "538".

(5)

صحيح بشواهده: إسناده ضعيف لإرساله، وقد أخرجه ابن سعد "7/ 395"، لكن الحديث يصح بشواهده التي ذكرناها في تعليقنا "538".

(6)

صحيح بشواهده: خرجته في تعليقنا رقم "538" فراجعه ثمة.

ص: 228

بكاظمة فبارزه خالد فقتله فنفله الصِّديق سَلَبَه فبلغت قلنسوته مئة ألف درهم وكانت الفرس من عَظُمَ فيهم جعلت قلنسوته بمئة ألف.

قال أبو وائل: كتب خالد إلى الفرس: إن معي جندًا يحبون القتل كما تُحِبُّ فارس الخمر.

هشيم: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه أن خالد بن الوليد فقد قلنسوةً له يوم اليرموك فقال: اطلبوها. فلم يجدوها. ثم وجدت فإذا هي قلنسوة خلقة. فقال خالد: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالًا وهي معي إلَّا رزقت النصر.

ابن وهب، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث: أخبرني الثقة أن الناس يوم حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدروا شعره فبدرهم خالد إلى ناصيته فجعلها في قلنسوته.

ابن أبي خالد، عن قيس سمعت خالدًا يقول: لقد رأيتني يوم مؤتة اندق في يدي تسعة أسياف فصبرت في يدي صفيحةٌ يمانية.

ابن عيينة، عن ابن أبي خالد، عن مولى لآل خالد بن الوليد أن خالدًا قال: ما من ليلة يُهدى إليَّ فيها عروس أنا لها محبٌّ أحبّ إلي من ليلة شديدة البرد كثيرة الجليد في سرية أصبح فيها العدو.

يونس بن أبي إسحاق: عن العيزار بن حُريث قال: قال خالد: ما أدري من أَيِّ يوميَّ أَفِرُّ: يوم أراد الله أن يهدي لي فيه شهادةً أو يوم أراد الله أن يُهدي لي فيه كرامة.

قال قيس بن أبي حازم: سمعت خالدًا يقول منعني الجهاد كثيرًا من القراءة ورأيته أُتي بِسُمٍ فقالوا: ما هذا? قالوا: سُمٌّ قال: باسم الله وشربه. قلت: هذه والله الكرامة وهذه الشجاعة.

يونس بن أبي إسحاق: عن أبي السفر قال: نزل خالد بن الوليد الحيرة على أم بني المرازبة فقالوا: احذر السُّم لا تسقك الأعاجم فقال: ائتوني به فأتي به فاقتحمه وقال: باسم الله فلم يَضُرَّه.

أبو بكر بن عياش: عن الأعمش، عن خيثمة قال أُتي خالد بن الوليد برجل معه زقُّ خمر فقال: اللهم اجعله عسلًا فصار عسلًا.

ص: 229

رواه يحيى بن آدم، عن أبي بكر وقال: خلا بدل العسل وهذا أشبه ويرويه عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار مرسلًا.

ابن أبي خالد: عن قيس قال: طلَّق خالد بن الوليد امرأة فكلموه فقال: لم يُصبها عندي مصيبة ولا بلاء ولا مرض فرابني ذلك منها.

المدائني: عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: قدم أبو قتادة على أبي بكر فأخبره بقتل مالك بن نويرة وأصحابه فجزع وكتب إلى خالد فقدم عليه فقال أبو بكر: هل تزيدون على أن يكون تأوَّل فأخطأ? ثم رده وودى مالكًا وردَّ السبي والمال.

وعن ابن إسحاق قال: دخل خالد على أبي بكر فأخبره واعتذر فعذره.

قال سيف في "الردة": عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: شهد قوم من السرية أنهم أَذَّنوا وأقاموا وصلوا ففعلوا مثل ذلك وشهد آخرون بنفي ذلك فقتلوا. وقدم أخوه مُتَّمم بن نويرة ينشد الصديق دمه ويطلب السبي فكتب إليه برد السبي وألح عليه عمر في أن يعزل خالدًا وقال: إن في سيفه رهقًا فقال: لا يا عمر لم أكن لأشيم سيفًا سلَّه الله على الكافرين.

سيف، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير وغيره أن خالدًا بث السرايا فأُتي بمالك. فاختلف قول الناس فيهم وفي إسلامهم وجاءت أم تميم كاشفة وجهها فأكبت على مالك وكانت أجمل الناس فقال لها: إليك عني فقد والله قتلتني. فأمر بهم خالد فضُرِبَتْ أعناقهم. فقام أبو قتادة فناشده فيهم فلم يلتفت إليه فركب أبو قتادة فرسه ولحق بأبي بكر وحلف: لا أسير في جيش وهو تحت لواء خالد. وقال: ترك قولي وأخذ بشهادة الاعراب الذين فتنتهم الغنائم.

ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثني عتبة بن جبيرة، عن عاصم بن عمر بن قتادة. قال: وحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، وحدثنا أسامة بن زيد، عن الزهري، عن حنظلة بن علي الأسلمي في حديث الردة: فأوقع بهم خالد وقتل مالكًا ثم أوقع بأهل بزاخة وحرقهم لكونه بلغه عنهم مقالة سيئة شتموا النبي صلى الله عليه وسلم ومضى إلى اليمامة فقتل مسيلمة إلى أن قال: وقدم خالد المدينة بالسبي ومعه سبعة عشر من وفد بني حنيفة فدخل المسجد وعليه قباء عليه صدأ الحديد متقلدًا السيف في عمامته أسهم. فمر بعمر فلم يكلمه ودخل على أبي بكر فرأى منه كل ما يحب وعلم عمر فأمسك. وإنما وجد عمر عليه لقتله مالك بن نويرة وتزوج بامرأته.

ص: 230

جويرية بنت أسماء: قال: كان خالد بن الوليد من أمدّ الناس بصرًا فرأى راكبًا وإذا هو قد قدم بموت الصديق وبعزل خالد.

قال ابن عون: ولي عمر فقال: لأنزعنَّ خالدًا حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه يعني بغير خالد.

وقال هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما استخلف عمر كتب إلى أبي عبيدة إني قد استعملتك وعزلت خالدًا.

وقال خليفة: ولَّى عمر أبا عبيدة على الشام فاستعمل يزيد على فلسطين وشُرحبيل بن حسنة على الاردن وخالد بن الوليد على دمشق وحبيب بن مسلمة على حمص.

الزبير بن بكار: حدثني محمد بن مسلمة، عن مالك قال: قال عمر لأبي بكر: اكتب إلى خالد: إلَّا يعطي شاةً ولا بعيرًا إلَّا بأمرك فكتب أبو بكر بذلك قال: فكتب إليه خالد إما أن تدعني وعملي وإلا فشأنك بعملك فأشار عمر بعزله فقال: ومن يُجزئ عنه? قال عمر: أنا، قال: فأنت.

قال مالك: قال زيد بن أسلم: فتجهز عمر حتى أُنيخت الظَّهرُ في الدار. وحضر الخروج فمشى جماعة إلى أبي بكر فقالوا: ما شأنك تُخرِجُ عمر من المدينة وأنت إليه محتاج وعزلت خالدًا وقد كفاك? قال: فما أصنعُ قالوا: تَعزِمُ على عمر ليجلس وتكتب إلى خالد فيقيم على عمله ففعل.

هشام بن سعد: عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال عمر لأبي بكر: تدع خالدًا بالشام ينفق مال الله? قال: فلما توفي أبو بكر قال أسلم: سمعت عمر يقول: كذبتُ الله إن كنت أمرت أبا بكر بشيء لا أفعله فكتب إلى خالد فكتب خالد إليه: لا حاجة لي بعملك. فولى أبا عبيدة.

الحارث بن يزيد: عن علي بن رباح، عن ناشرة اليزني: سمعت عمر بالجابية واعتذر من عزل خالد قال: وأمرت أبا عبيدة فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: والله ما أعذرت نزعت عاملًا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعت لواءً رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنك قريبُ القرابةِ حديث السن مغضبٌ في ابن عمك.

ومن كتاب سيف، عن رجاله قال: كان عمر لا يخفى عليه شيء من عمله وإن خالدًا أجاز الأشعث بعشرة آلاف فدعا البريد وكتب إلى أبي عبيدة أن تقيم خالدًا وتعقله

ص: 231

بعمامته وتنزع قلنسوته حتى يُعلِمَكم من أين أجاز الأشعث? أَمِنْ مال الله أم من ماله? فإن زعم أنه من إصابة أصابها فقد أقر بخيانة وإن زعم أنها من ماله فقد أسرف واعزله على كل حال واضمم إليك عمله. ففعل ذلك فقدم خالد على عمر فشكاه وقال: لقد شكوتك إلى المسلمين وبالله يا عمر إنك في أمري غير مُجمل فقال عمر: من أين هذا الثراء? قال: من الانفال والسُّهمان ما زاد على الستين ألفًا فلك تقوِّم عروضه قال: فخرجت عليه عشرون ألفًا فأدخلها بيت المال. ثم قال: يا خالد والله إنك لكريم عليَّ وإنك لحبيب إليَّ ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء.

وعن زيد بن أسلم، عن أبيه: عزل عمر خالدًا فلم يعلمه أبو عبيدة حتى علم من الغير. فقال: يرحمك الله ما دعاك إلى أن لا تعلمني? قال: كرهت أن أروعك.

جويرية بن أسماء: عن نافع قال: قدم خالد من الشام وفي عمامته أسهمٌ ملطخةٌ بالدم فنهاه عمر.

الأصمعي: عن ابن عون، عن ابن سيرين أن خالد بن الوليد دخل وعليه قميص حرير فقال عمر: ما هذا? قال: وما بأسه! قد لبسه ابن عوف.

قال: وأنت مثله?! عزمت على من في البيت إلَّا أخذ كل واحد منه قطعة فمزقوه.

روى عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل أظن قال: لما حضرت خالدًا الوفاة قال: لقد طلبت القتل مظانَّه فلم يقدر لي إلَّا أن أموت على فراشي. وما من عملي شيء أرجى عندي بعد التوحيد من ليلة بتُّها وأنا متترس والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نُغير على الكفار. ثم قال: إذا متُّ فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله. فلما توفي خرج عمر على جنازته فذكر قوله: ما على آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعًا أو لقلقةً.

النقع: التراب على الرءوس واللقلقة: الصراخ.

ويروى بإسناد ساقط أن عمر خرج في جنازة خالد بالمدينة وإذا امه تندبه وتقول:

أنت خير من ألفَ ألفٍ من القو

م إذا ما كُبَّتْ وجوه الرجال

فقال عمر: صدقت إن كان لكذلك.

الواقدي: حدثنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة سمعت محمد بن عبد الله الديباج يقول: لم يزل خالد مع أبي عبيدة حتى توفي أبو عبيدة واستخلف عياض بن غنم. فلم يزل خالد

ص: 232

مع عياض حتى مات. فانعزل خالد إلى حمص فكان ثمَّ وحبَّس خيلًا وسلاحًا فلم يزل مرابطًا بحمص حتى نزل به فعاده أبو الدرداء فذكر له أن خيله التي حُبست بالثغر تُعلف من مالي وداري بالمدينة صدقة وقد كنتُ أشهدتُ عليها عمر. والله يا أبا الدرداء لئن مات عمر لترين أمورًا تنكرها.

وروى إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمِّه موسى قال: خرجت مع أبي طلحة إلى مكة مع عمر فبينا نحن نحطُّ، عن رواحلنا إذ أتى الخبرُ بوفاة خالد فصاح عمر: يا أبا محمد يا طلحة هلك أبو سليمان هلك خالد بن الوليد. فقال طلحة:

لا أعرفنَّكَ بعد الموت تندبني

وفي حياتى ما زودتني زادا

وعن أبي الزناد: أن خالد بن الوليد لما احتضر بكى وقال: لقيت كذا وكذا زحفًا وما في جسدي شبر إلَّا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعينُ الجبناء.

قال مصعب بن عبد الله: لم يزل خالد بالشام حتى عزله عمر. وهلك بالشام وولي عمر وصيته.

وقال ابن أبي الزناد: مات بحمص سنة إحدى وعشرين وكان قدم قبل ذلك معتمرًا ورجع.

الواقدي: حدثنا عمر بن عبد الله بن رياح، عن خالد بن رياح سمع ثعلبة بن أبي مالك يقول: رأيت عمر بقباء وإذا حجاج من الشام قال: من القوم قالوا: من اليمن ممن نزل حمص ويوم رحلنا منها مات خالد بن الوليد فاسترجع عمر مرارًا ونكس وأكثر الترحم عليه وقال: كان والله سدادًا لنحر العدو ميمون النقيبة. فقال له علي: فلم عزلته قال: عزلته لبذله المال لأهل الشرف وذوي اللسان قال: فكنت عزلته، عن المال وتتركه على الجند قال: لم يكن ليرضى قال: فهلَّا بلوته.

وروى جويرية:، عن نافع قال: لما مات خالد لم يدع إلَّا فرسه وسلاحه وغلامه فقال عمر: رحم الله أبا سليمان كان على ما ظنناه به.

الأعمش، عن أبي وائل قال: اجتمع نسوة بني المغيرة في دار خالد يبكينه فقال عمر: ما عليهن أن يرقن من دموعهن ما لم يكن نقعًا أو لقلقة.

قال محمد بن عبد الله بن نمير وإبراهيم بن المنذر وأبو عبيد:

مات خالد بحمص سنة إحدى وعشرين.

وقال دُحَيْم: مات بالمدينة.

قلت: الصحيح موته بحمص وله مشهد يزار. وله في الصحيحين حديثان وفي مسند بقي واحد وسبعون.

ص: 233

‌84 - صفوان ابن بيضاء

(1)

:

وهي أمه اسمها دعد بنت جحدم الفهرية وأبوه هو وهب بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك.

أبو عمرو القرشي من المهاجرين شهد بدرًا.

فروى الواقدي، عن محرز بن جعفر، عن جعفر بن عمرو قال: قتل صفوان بن بيضاء طعيمة بن عدي ثم قال الواقدي: هذه رواية وقد روي لنا أن صفوان بن بيضاء لم يقتل يوم بدر وأنه شهد المشاهد وتوفي في رمضان سنة ثمان وثلاثين ولم يعقب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 416"، والجرح والتعديل "2/ ق 1/ 421"، والإصابة "2/ ترجمة 4075".

ص: 234

‌85 - أخوه سهيل ابن بيضاء الفهري

(1)

:

من المهاجرين يكنى: أبا موسى هاجر الهجرتين إلى الحبشة في رواية ابن إسحاق والواقدي.

وعن عاصم بن عمر بن قتادة، قال: لما هاجر سهيل وصفوان ابنا بيضاء من مكة نزلا على كلثوم بن الهدم.

قال ابن سعد: قالوا وشهد سهيل بدرًا وهو ابن أربع وثلاثين سنة وشهد أحدًا إلى أن قال ومات بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك بالمدينة سنة تسع ولم يعقب.

قلت: وهو الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ولهما أخ اسمه سهل بن بيضاء الفهري، وشهد بدرًا، وشهد أحدًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 415 - 416"، والجرح والتعديل "2/ ق 1/ 245"، والإصابة "2/ ترجمة 3516".

ص: 234

‌86 - المقداد بن عمرو

(1)

:

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السابقين الأولين. وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة القضاعي الكندي البهراني.

ويقال له: المقداد بن الأسود؛ لأنه ربي في حجر الأسود بن عبد يغوث الزهري فتبناه وقيل بل كان عبدًا له أسود اللون فتبناه ويقال: بل أصاب دمًا في كندة فهرب إلى مكة وحالف الأسود.

شهد بدرًا والمشاهد، وثبت أنه كان يوم بدر فارسًا واختلف يومئذ في الزبير.

له جماعة أحاديث.

حدث عنه: علي، وابن مسعود وابن عباس وجبير بن نفير وابن أبي ليلى وهمام بن الحارث وعبيد الله بن عدي بن الخيار وجماعة.

وقيل: كان آدم طوالًا ذا بطن أشعر الرأس أعين مقرون الحاجبين مهيبًا عاش نحوًا من سبعين سنة مات في سنة ثلاث وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان وقبره بالبقيع رضي الله عنه.

حديثه في "الستة" له حديث في الصحيحين وانفرد له مسلم بأربعة أحاديث.

أخبرنا إسحاق الأسدي، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا أحمد بن المسندي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا عباس بن الوليد، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا بن عون، عن عمير بن إسحاق، عن المقداد بن الأسود قال استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمل فلما رجعت قال:"كيف وجدت الإمارة"؟ قلت: يا رسول الله! ما ظننت إلَّا أن الناس كلهم خول لي والله لا ألي على عمل ما دمت حيًّا.

بقية: حدثنا حريز بن عثمان، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة، حدثني أبو راشد الحبراني قال: وافيت المقداد فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص على تابوت من توابيت الصيارفة قد أفضل عليها من عظمه يريد الغزو فقلت له: قد أعذر الله إليك. فقال: أبت علينا سورة البحوث {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41].

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 161 - 163"، تاريخ البخاري الكبير "4/ ق 2/ 54"، والجرح والتعديل "4/ ق 1/ 426"، وحلية الأولياء "1/ 172 - 176"، والعبر "1/ 34"، وتهذيب التهذيب "10/ 285 - 287"، والإصابة "3/ ترجمة 8183".

ص: 235

يحيى الحماني: حدثنا ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه قال: جلسنا إلى المقداد يومًا فمر به رجل فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا أنا رأينا ما رأيت فاستمعت فجعلت أعجب ما قال إلَّا خيرًا ثم أقبل عليه فقال: ما يحمل أحدكم على أن يتمنى محضرًا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام كبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أولا تحمدون الله لا تعرفون إلَّا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم وقد كفيتم البلاء بغيركم? والله لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليه نبي في فترة وجاهلية ما يرون دينًا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان حتى إن الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرًا وقد فتح الله قفل قبله للإيمان ليعلم أنه قد هلك من دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حميمه في النار وأنها للتي قال الله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن} [الفرقان: 74].

وفي "مسند أحمد" لبريدة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بحب أربعةٍ: علي وأبي ذر وسلمان والمقداد".

وعن كريمة بنت المقداد أن المقداد أوصى للحسن والحسين بستة وثلاثين ألفًا ولأمهات المؤمنين لكل واحدة بسبعة آلاف درهم وقيل: إنه شرب دهن الخروع فمات.

ص: 236

‌87 - أُبُّي بن كعب

(1)

: " ع"

ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار.

سيد القراء أبو منذر الأنصاري النجاري المدني المقرئ البدري ويكنى أيضًا أبا الطفيل.

شهد العقبة وبدرًا وجمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعرض على النبي عليه السلام وحفظ عنه علمًا مباركًا وكان رأسًا في العلم والعمل رضي الله عنه.

حدث عنه: بنوه محمد، والطفيل، وعبد الله، وأنس بن مالك، وابن عباس، وسويد بن غفلة، وزر بن حبيش، وأبو العالية الرياحي، وأبو عثمان النهدي، وسليمان بن صرد،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 498 - 502"، التاريخ الكبير "1/ ق 2/ 39 - 40"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 290"، وحلية الأولياء "1/ 250 - 256"، والإصابة "1/ ترجمة 32"، تهذيب التهذيب "1/ 187".

ص: 236

وسهل بن سعد، وأبو إدريس الخولاني وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعبد الرحمن بن أبزى وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبيد بن عمير وعتي السعدي وابن الحوتكية وسعيد بن المسيب وكأنه مرسل وآخرون.

فعن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، قال: كان أبي رجلًا دحداحًا يعني ربعةً ليس بالطويل ولا بالقصير.

وعن بن عباس بن سهل، قال: كان أبي أبيض الرأس واللحية وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن" وفي لفظ: "أمرني أن أقرئك القرآن". قال: الله سماني لك? قال: "نعم". قال وذكرت عند رب العالمين? قال: "نعم" فذرفت عيناه

(1)

.

ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أُبيًّا عن: "أي آية في القرآن أعظم"؟ فقال أبي: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: "ليهنك العلم أبا المنذر"

(2)

.

قال أنس بن مالك: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد أحد عمومتي

(3)

.

وقال ابن عباس: قال أبي لعمر بن الخطاب: إني تلقيت القرآن ممن تلقاه من جبريل عليه السلام وهو رطب.

وقال ابن عباس: قال عمر: أقضانا علي وأقرأنا أُبي وإنا لندع من قراءة أُبي وهو يقول: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]

(4)

.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 130، 185، 218، 233، 273، 284"، والبخاري "3809، 4959، 4960، 4961"، ومسلم "799، 245، 246"، والترمذي "3792"، والنسائي في "فضائل الصحابة""134"، وأبو يعلى "2843، 2995، 3246"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 251" من طرق عن قتادة، عن أنس، به.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "810" من حديث أبي بن كعب، به.

وقوله: "ليهنك العلم": أي ليكن العلم هنيئا لك.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "5003"، ومسلم "2465".

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "4481".

ص: 237

وروى أبو قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقرأ أمتي أُبي".

وعن أبي سعيد قال: قال أُبي: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جزاء الحمى? قال: "تجري الحسنات على صاحبها". فقال: اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجًا في سبيلك فلم يمس أبي قط إلَّا وبه الحمى.

قلت: ملازمة الحمى له حرفت خلقه يسيرًا ومن ثم يقول زر بن حبيش كان أُبي فيه شراسة.

قال أبو نضرة العبدي: قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر: طلبت حاجة إلى عمر وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر فقال: إن الدنيا فيها بلاغنا وزادنا إلى الآخرة وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين? قال: هذا سيد المسلمين أُبي بن كعب.

قال مغيرة بن مسلم: عن الربيع، عن أنس، عن أبي العالية قال: قال رجل لأبي بن كعب: أوصني قال: اتخذ كتاب الله إمامًا وارض به قاضيًا وحكمًا فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم شفيع مطاع وشاهد لا يتهم فيه ذكركم وذكر من قبلكم وحكم ما بينكم وخبركم وخبر ما بعدكم.

الثوري: وأبو جعفر الرازي واللفظ له، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] قال: هن أربع كلهن عذاب وكلهن واقع لا محالة فمضت اثنتان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعًا وذاق بعضهم بأس بعض وبقي اثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم.

أخبرنا إسحاق الأسدي، أنبأنا يوسف الحافظ، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعدان، حدثنا بكر بن بكار، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثني أبي، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: كنت واقفًا مع أُبي بن كعب في ظل أطم حسان والسوق سوق الفاكهة اليوم فقال أُبي: إلَّا ترى الناس مختلفةً أعناقهم في طلب الدنيا? قلت: بلى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوشك أن يحسر الفرات، عن جبل من ذهب، فإذا سمع به

ص: 238

الناس ساروا إليه فيقول من عنده لئن تركنا الناس يأخذون منه لا يدعون منه شيئًا فيقتل الناس من كل مئة تسعة وتسعون"

(1)

.

أخرجه مسلم من طريق عبد الحميد وله إسناد آخر وهو الزبيدي، عن الزهري، عن إسحاق مولى المغيرة، عن أُبي.

أبو صالح الكاتب: حدثنا موسى بن علي، عن أبيه أن عمر خطب بالجابية فقال: من أراد أن يسأل، عن القرآن فليأت أُبي بن كعب ومن أراد أن يسأل، عن الفرائض فليأت زيدًا ومن أراد أن يسأل، عن الفقه فليأت معاذًا ومن أراد أن يسأل، عن المال فليأتني فإن الله جعلني خازنًا وقاسمًا.

ورواه الواقدي، عن موسى أيضًا.

أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر قال: أتيت المدينة فأتيت أُبيًا فقلت: يرحمك الله اخفض لي جناحك -وكان امرأ فيه شراسة- فسألته، عن ليلة القدر فقال: ليلة سبع وعشرين.

سفيان الثوري: عن أسلم المنقري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال: قال أُبي بن كعب: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقرأ عليك القرآن" قلت: يا رسول الله! وسميت لك? قال: "نعم" قلت لأبي: فرحت بذلك? قال: وما يمنعني وهو تعالى يقول: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58].

تابعه: الأجلح، عن عبد الله، عن أبيه.

محمد بن عيسى بن الطباع: حدثنا معاذ بن محمد بن محمد بن أبي بن كعب، عن أبيه، عن جده، عن أبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا المنذر إني أمرت أن أعرض عليك القرآن" فقلت: بالله آمنت وعلى يدك أسلمت ومنك تعلمت فرد القول فقلت: يا رسول الله! وذكرت هناك? قال: "نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى" قلت: اقرأ إذن يا رسول الله.

وقد رواه أبو حاتم الرازي، عن بن الطباع فقال، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أُبي.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2895" من حديث أبي بن كعب، به.

ص: 239

سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا:"استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود وأبي ومعاذ وسالم مولى أبي حذيفة"

(1)

.

وأخرج أبو داود من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فلبس عليه فلما انصرف قال لأُبي: "أصليت معنا"؟ قال: نعم قال: "فما منعك"؟.

شعبة: عن أبي جمرة

(2)

، حدثنا إياس بن قتادة، عن قيس بن عباد قال: أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن فيهم رجل ألقاه أحب إلي من أبي فأقيمت الصلاة وخرج فقمت في الصف الأول فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري فنحاني وقام في مقامي فما عقلت صلاتي فلما صلى قال: يا بني! لا يسوءك الله فإني لم آت الذي أتيت بجهالة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "كونوا في الصف الذي يليني" وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك وإذا هو أُبي رضي الله عنه.

الدارمي: حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا عكرمة بن إبراهيم، أخبرنا يزيد بن شداد، حدثني معاوية بن قرة، حدثني عتبة بن عبد الله بن عمرو بن العاص، حدثني أبي، عن جدي قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فقال: "ادعوا لي سيد الأنصار" فدعوا أُبي بن كعب فقال: "يا أُبي! ائت بقيع المصلى فأمر بكنسه" الحديث.

الوليد بن مسلم: حدثنا عبد الله بن العلاء، عن عطية بن قيس، عن أبي إدريس الخولاني أن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق فقرؤوا يومًا على عمر {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّة} [الفتح: 26]، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فقال عمر: من أقرأكم هذا? قالوا: أُبي بن كعب فدعا به فلما أتى قال: اقرءوا فقرءوا كذلك فقال أبي: والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر ويغيبون وأدنى ويحجبون ويصنع بي ويصنع بي ووالله لئن أحببت لألزمن بيتي فلا أحدث شيئًا ولا أقرئ أحدًا حتى أموت. فقال عمر: اللهم غفرًا! إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علمًا فعلم الناس ما علمت.

ابن عيينة: عن عمرو، عن بجالة -أو غيره- قال: مر عمر بن الخطاب بغلام يقرأ في

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3758" من حديث عبد الله بن عمرو، به.

(2)

أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبَعي، بضم المعجم وفتح الموحدة بعدها مهملة، أبو جمرة البصري، نزيل خراسان، ثقة ثبت، من الطبقة الثالثة، روى له الجماعة.

ص: 240

المصحف {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم} [الأحزاب: 6]، "وهو أب لهم" فقال: يا غلام حكها، قال: هذا مصحف أُبي فذهب إليه فسأله فقال: إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق.

عوف: عن الحسن، حدثني عُتَى بن ضمرة قال: رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم فقلت: ما شأن هؤلاء? فقال بعضهم: ما أنت من أهل البلد? قلت: لا، قال: فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين أُبي بن كعب.

أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن أُبي قال: إنا لنقرؤه في ثمان ليال -يعني القرآن.

سلام بن مسكين، حدثنا عمران بن عبد الله قال أُبي بن كعب لعمر بن الخطاب: ما لك لا تستعملني? قال: أكره أن يدنس دينك.

الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال عمر: اخرجوا بنا إلى أرض قومنا فكنت في مؤخر الناس مع أُبي بن كعب فهاجت سحابة فقال: اللهم اصرف عنا أذاها، قال: فلحقناهم وقد ابتلت رحالهم فقال عمر: ما أصابكم الذي أصابنا؟ قلت: إن أبا المنذر قال: اللهم اصرف عنا أذاها، قال: فهلا دعوتم لنا معكم.

قال معمر: عامة علم ابن عباس من ثلاثة عمر، وعلي، وأُبي.

قال مسروق: سألت أُبيًّا، عن شيء فقال: أكان بعد? قلت: لا، قال: فاحمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا لك رأينا.

الجريري: عن أبي نضرة قال: قال رجل منا يقال له: جابر أو جويبر قال: أتيت عمر وقد أعطيت منطقًا فأخذت في الدنيا فصغرتها فتركتها لا تسوى شيئًا وإلى جنبه رجل أبيض الرأس واللحية والثياب فقال: كل قولك مقارب إلَّا وقوعك في الدنيا هل تدري ما الدنيا? فيها بلاغنا -أو قال زادنا- إلى الآخرة وفيها أعمالنا التي نجزى بها قلت: من هذا يا أمير المؤمنين? قال: هذا سيد المسلمين أُبي بن كعب.

أصرم بن حوشب

(1)

، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: كان أُبي صاحب عبادة فلما احتاج الناس إليه ترك العبادة وجلس للقوم.

(1)

هو: أصرم بن حوشب، أبو هشام، قاضي همذان، قال يحيى: كذاب خبيث. وقال البخاري ومسلم والنسائي: متروك. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات.

ص: 241

عوف، عن الحسن، عن عتي بن ضمرة قلت لأُبي بن كعب: ما شأنكم يا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نأتيكم من الغربة نرجو عندكم الخير فتهاونون بنا? قال: والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن قولًا لا أبالي استحييتموني أو قتلتموني فلما كان يوم الجمعة خرجت فإذا أهل المدينة يموجون في سككها فقلت: ما الخبر? قالوا: مات سيد المسلمين أُبي بن كعب.

قد ذكرت أخبار أُبي بن كعب في "طبقات القراء" وأن ابن عباس وأبا العالية وعبد الله بن السائب قرءوا عليه وأن عبد الله بن عياش المخزومي قرأ عليه أيضًا وكان عمر يجل أُبيًّا ويتأدب معه ويتحاكم إليه.

قال محمد بن عمر الواقدي: تدل أحاديث على وفاة أُبي بن كعب في خلافة عمر ورأيت أهله وغيرهم يقولون: مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة وأن عمر قال: اليوم مات سيد المسلمين.

قال: وقد سمعنا من يقول مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين، قال: وهو أثبت الأقاويل عندنا وذلك أن عثمان أمره أن يجمع القرآن.

وقال محمد بن سعد: حدثنا عارم، حدثنا حماد، عن أيوب، عن ابن سيرين أن عثمان جمع اثني عشر رجلًا من قريش والأنصار فيهم أُبي بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القرآن.

قلت: هذا إسناد قوي لكنه مرسل وما أحسب أن عثمان ندب للمصحف أُبيًّا ولو كان كذلك لاشتهر ولكان الذكر لأُبي لا لزيد والظاهر وفاة أُبي في زمن عمر حتى إن الهيثم بن عدي وغيره ذكرا موته سنة تسع عشرة.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير، وأبو عبيد، وأبو عمر الضرير مات سنة اثنتين وعشرين فالنفس إلى هذا أميل وأما خليفة بن خياط وأبو حفص الفلاس فقالا: مات في خلافة عثمان وقال خليفة مرة مات سنة اثنتين وثلاثين.

وفي "سنن أبي داود" يونس بن عبيد، عن الحسن أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أُبي بن كعب في قيام رمضان فكان يصلي بهم عشرين ركعة.

ص: 242

وقد كان أبي التقط صرةً فيها مئة دينار فعرفها حولًا وتملكها وذلك في "الصحيحين"

(1)

.

وروى عنه ابن عباس قصة موسى والخضر وذلك في "الصحيحين"

(2)

أيضًا.

ولأُبي في الكتب الستة نيف وستون حديثًا.

وأنبأني بنسبه الحافظ أبو محمد النوني، وقال: مالك بن النجار: هو أخو عدي، ودينار، ومازن، واسم النجار والدهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج. قال: وأُبي بن كعب هو ابن عمة أبي طلحة الأنصاري.

وكان أُبي نحيفًا، قصيرًا، أبيض الرأس واللحية.

قال والواقدي: رأيت أهله وغير واحد يقولون مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة وقد سمعت من يقول مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين وهو أثبت الأقاويل عندنا. قال لأن عثمان أمره أن يجمع القرآن.

روى حماد بن زيد، عن أيوب وهشام، عن ابن سيرين أن عثمان جمع اثني عشر رجلًا من قريش والأنصار فيهم أبي وزيد بن ثابت في جمع القرآن.

له عند بقي بن مخلد مئة وأربعة وستون حديثًا منها في البخاري ومسلم ثلاثة أحاديث وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بسبعة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2426"، ومسلم "1723" من حديث سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: أصبت صرة فيها مائة دينار، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"عرفها حولا"، فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال:"عرفها حولا"، فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا فقال:"احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها"، فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة فقال: لا أدرى ثلاثة أحوال أو حولا واحدا.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "122، 4725"، ومسلم "2380".

ص: 243

‌88 - النعمان بن مقرن

(1)

:

هو النعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن ميجا بن هجير بن نصر بن حبشية بن كعب بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 18"، وتاريخ خليفة "148، 149"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ ق 2/ 75"، والجرح والتعديل "4/ ق 1/ 444"، والعبر "1/ 25"، وتهذيب التهذيب "10/ 456"، وتقريب التهذيب "2/ 304"، والإصابة "3/ ترجمة 8759"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7535".

ص: 243

أبو عمرو المزني، الأمير. أول مشاهده الأحزاب وشهد بيعة الرضوان ونزل الكوفة ولي كسكر لعمر ثم صرفه وبعثه على المسلمين يوم وقعة نهاوند فكان يومئذ أول شهيد.

أخبرنا سنقر الحلبي بها، أنبأنا عبد اللطيف اللغوي، أنبأنا عبد الحق اليوسفي، أنبأنا علي بن محمد، أنبأنا أبو الحسن الحمامي، أنبأنا ابن قانع، حدثنا الحسن بن علي بن كامل، حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن أبي عمران الجوني، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار، عن النعمان بن مقرن أنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس صححه الترمذي وروي نحوه، عن زياد بن جبير، عن أبيه، عن النعمان.

شعبة: أخبرني إياس بن معاوية قال لي ابن المسيب: ممن أنت? قلت: من مزينة قال: إني لاذكر يوم نعى عمر النعمان بن مقرن على المنبر.

قال الواقدي: وكانت نهاوند في سنة إحدى وعشرين.

قلت: حفظ سعيد ذلك وله سبع سنين.

وللنعمان إخوة: سويد أبو عدي وسنان ممن شهد الخندق ومعقل والد عبد الله المحدث وعقيل أبو حكيم وعبد الرحمن.

وروي، عن مجاهد، قال: البكاءون بنو مقرن سبعة.

قال الواقدي: سمعت أنهم شهدوا الخندق.

وقيل: كنية النعمان أبو حكيم وكان إليه لواء مزينة يوم الفتح.

يروي عنه ولده معاوية ومسلم بن هيصم وجماعة.

قال ابن إسحاق: قتل وهو أمير الناس سنة إحدى وعشرين.

شعبة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، قال: أتيت عمر بنعي النعمان بن مقرن فوضع يده على وجهه يبكي.

أبو عمران الجوني، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار أن عمر شاور الهرمزان في أصفهان وفارس وأذربيجان فقال: أصبهان الرأس وفارس وأذربيجان الجناحان فإذا قطعت جناحًا فاء الرأس وجناح وإن قطعت الرأس وقع الجناحان فقال عمر للنعمان بن مقرن: إني مستعملك فقال: أما جابيًا فلا وأما غازيًا فنعم قال: فإنك غازٍ

ص: 244

فسرحه، وبعث إلى أهل الكوفة ليمدوه، وفيهم: حذيفة، والزبير، والمغيرة، والأشعث، وعمرو بن معدي كرب فذكر الحديث بطوله وهو في "مستدرك الحاكم"

(1)

وفيه: فقال: اللهم ارزق النعمان الشهادة بنصر المسلمين وافتح عليهم فأمنوا وهز لواءه ثلاثًا ثم حمل فكان أول صريع رضي الله عنه. ووقع ذو الحاجبين من بغلته الشهباء فانشق بطنه وفتح الله ثم أتيت النعمان وبه رمق فأتيته بماء فصببت على وجهه أغسل التراب فقال: من ذا? قلت: معقل قال: ما فعل الناس? قلت فتح الله. فقال: الحمد لله. اكتبوا إلى عمر بذلك وفاضت نفسه رضي الله عنه.

(1)

أخرجه الحاكم "3/ 293"، وهو عند البخاري "3159، 7530".

ص: 245

‌89 - عمار بن ياسر

(1)

" ع":

ابن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الوذيم وقيل: بين قيس والوذيم حصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس وعنس هو زيد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وبنو مالك بن أدد من مذحج.

قرأت هذا النسب على شيخنا الدمياطي ونقلته من خطه قال: قرأته على يحيى بن قميرة، عن شهدة، عن ابن طلحة، عن أبي عمر بن مهدي، عن محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حدثنا جدي فذكره وفيه قيس بن الحصين بن الوذيم ولم يشك وعنس نقطه بنون.

الإمام الكبير، أبو اليقظان العنسي المكي مولى بني مخزوم أحد السابقين الأولين والأعيان البدريين وأمه هي سمية مولاة بني مخزوم من كبار الصحابيات أيضًا.

له عدة أحاديث ففي "مسند بقي" له اثنان وستون حديثًا ومنها في "الصحيحين" خمسة.

روى عنه علي وابن عباس وأبو موسى الأشعري وأبو أمامة الباهلي وجابر بن عبد الله ومحمد بن الحنفية وعلقمة بن وزر وأبو وائل وهمام بن الحارث ونعيم بن حنظلة،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 246 - 264"، "6/ 14"، وتاريخ البخاري الكبير "7/ ترجمة 107"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 2165"، وتاريخ بغداد "1/ 150"، وتهذيب التهذيب "7/ 408 - 410"، وتقريب التهذيب "2/ 48"، والإصابة "2/ ترجمة 5704"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5093".

ص: 245

وعبد الرحمن بن أبزى وناجية بن كعب وأبو لاس الخزاعي وعبد الله بن سلمة المرادي وابن الحوتكية وثروان بن ملحان ويحيى بن جعدة والسائب والد عطاء وقيس بن عباد وصلة بن زفر ومخارق بن سليم وعامر بن سعد بن أبي وقاص وأبو البختري وعدة.

قال ابن سعد: قدم والد عمار ياسر بن عامر وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخًا لهم فرجع أخواه وأقام ياسر وحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فزوجه أمة له اسمها سمية بنت خباط فولدت له عمارًا فأعتقه أبو حذيفة ثم مات أبو حذيفة فلما جاء الله بالإسلام أسلم عمار وأبواه وأخوه عبد الله وتزوج بسمية بعد ياسر الأزرق الرومي غلام الحارث بن كلدة الثقفي وله صحبة وهو والد سلمة بن الأزرق.

ويقال: إن لعمار من الرواية بضعة وعشرين حديثًا.

ويروى، عن عمار، قال: كنت تربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لسنه.

وروى عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة قال: رأيت عمارًا يوم صفين شيخًا آدم طوالًا وإن الحربة في يده لترعد فقال: والذي نفسي بيده! لقد قاتلت بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وهذه الرابعة ولو قاتلونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أننا على الحق وأنهم على الباطل.

وعن الواقدي: عن عبد الله بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار أنها وصفت لهم عمارًا آدم طوالًا مضطربًا أشهل العين بعيد ما بين المنكبين لا يغير شيبه.

وعن كليب بن منفعة، عن أبيه قال: رأيت عمارًا بالكناسة أسود جعدًا وهو يقرأ.

رواه الحكم في المستدرك.

وقال عروة: عمار من حلفاء بني مخزوم.

وروى الواقدي، عن بعض بني عمار أن عمارًا وصهيبًا أسلما معًا بعد بضعة وثلاثين رجلًا وهذا منقطع.

زائدة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 246

فمنعه الله بعمه وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه وأما سائرهم فألبسهم المشركون أدراع الحديد وصفدوهم في الشمس وما فيهم أحد إلَّا وقد واتاهم على ما أرادوا إلَّا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأعطوه الولدان يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد

(1)

.

وروى منصور، عن مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة فذكرهم زاد فجاء أبو جهل يشتم سمية وجعل يطعن بحربته في قبلها حتى قتلها فكانت أول شهيدة في الإسلام.

وعن عمر بن الحكم، قال: كان عمار يعذب حتى لا يدري ما يقول وكذا صهيب، وفيهم نزلت {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [النحل: 41].

منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة".

قيل: لم يسلم أبوا أحد من السابقين المهاجرين سوى عمار وأبي بكر.

مسلم بن إبراهيم والتبوذكي، عن القاسم بن الفضل، حدثنا عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد قال: دعا عثمان نفرًا منهم عمار فقال عثمان: أما إني سأحدثكم حديثًا، عن عمار أقبلت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في البطحاء حتى أتينا على عمار وأمه وأبيه وهم يعذبون فقال ياسر للنبي صلى الله عليه وسلم: الدهر هكذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اصبر" ثم قال: "اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت".

هذا مرسل. ورواه: جعثم بن سليمان، عن القاسم الحداني، عن عمرو بن مرة فقال، عن أبي البختري بدل سالم، عن سلمان بدل عثمان وله إسناد آخر لين وآخر غريب.

وروى أبو بلج، عن عمرو بن ميمون قال: عذب المشركون عمارًا بالنار فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر به فيمر يده على رأسه ويقول: "يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية"

(2)

.

(1)

حسن: سبق لنا تخريجه بتعليق رقم "502"، وهو عند أحمد "1/ 404"، وابن أبي شيبة "12/ 149"، "14/ 313"، وابن ماجه "150" وأبي نعيم في "الحلية""1/ 149، 172"، وابن عبد البر في "الاستيعاب""1/ 141"، فراجعه ثمت.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2915""70"، وأحمد "5/ 306، 306 - 307" من حديث أبي سعيد الخدري، به بلفظ:"بؤس ابن سمية، تقتلك فئة باغية".

ص: 247

ابن عون، عن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي عمارًا وهو يبكي فجعل يمسح، عن عينيه ويقول:"أخذك الكفار فغطوك في النار فقلت كذا وكذا، فإن عادوا فقل لهم ذلك".

روى عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمارًا فلم يتركوه حتى نال من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما وراءك"؟ قال: شر يا رسول الله! والله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال: "فكيف تجد قلبك"؟ قال: مطمئن بالإيمان قال: "فإن عادوا فعد".

ورواه الجزري مرة، عن أبي عبيدة فقال، عن أبيه.

وعن قتادة {إِلَّا مَنْ أُكْرِه} [النحل: 106] نزلت في عمار.

المسعودي: عن القاسم بن عبد الرحمن أول من بنى مسجدًا يصلى فيه عمار.

أبو إسحاق: عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: اشتركت أنا وعمار وسعد يوم بدر فيما نأتي به فلم أجيئ أنا ولا عمار بشيء وجاء سعد برجلين.

جرير بن حازم: عن الحسن، عن عمار، قال: قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن والإنس قيل: وكيف? قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلًا فأخذت قربتي ودلوي لأستقي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه سيأتيك على الماء آت يمنعك منه". فلما كنت على رأس البئر إذا برجل أسود كأنه مرس فقال: والله لا تستقي اليوم منها فأخذني وأخذته فصرعته ثم أخذت حجرًا فكسرت وجهه وأنفه ثم ملأت قربتي وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل أتاك على الماء أحد"؟ قلت: نعم فقصصت عليه القصة فقال: "أتدري من هو"؟ قلت: لا، قال:"ذاك الشيطان".

فطر بن خليفة، عن كثير النواء سمعت عبد الله بن مليل سمعت عليًّا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يكن نبي قط إلَّا وقد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء وإني أعطيت

= وأخرجه أحمد "3/ 5"، والطيالسي "2168"، من طريق أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.

وأخرجه أحمد "3/ 28"، وابن سعد "3/ 252" من طريق هشام عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ:"ويح ابن سمية، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار".

وقد خرجت الحديث بإسهاب وبيان لطرقه في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث. بتعليقنا رقم "186" في الجزء الرابع، وتعليقنا "220، 221" في الجزء الرابع أيضا. وتعليقنا رقم "252" في الجزء السادس، فراجع تعليقاتنا ثمة تفد علما ثرا.

ص: 248

أربعة عشر: حمزة وأبو بكر وعمر وعلي وجعفر وحسن وحسين وابن مسعود وأبو ذر والمقداد وحذيفة وعمار وبلال وسلمان".

تابعه جعفر الأحمر، عن كثير.

الحسن بن صالح، عن أبي ربيعة، عن الحسن، عن أنس مرفوعًا قال:"ثلاثة تشتاق إليهم الجنة علي وسلمان وعمار"

(1)

.

أبو إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: استأذن عمار على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من هذا"؟ قال: عمار، قال:"مرحبًا بالطيب المطيب" أخرجه الترمذي

(2)

.

وروى عثام بن علي، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ قال: كنا جلوسًا عند علي فدخل عمار فقال: مرحبًا بالطيب المطيب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن عمارًا ملئ إيمانًا إلى مشاشه"

(3)

.

سفيان، عن الأعمش، عن أبي عمار الهمداني، عن عمرو بن شرحبيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"عمار ملئ إيمانًا إلى مشاشه"

(4)

.

(1)

ضعيف: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "514"، وهو عند الترمذي "3797"، والحاكم "3/ 137" فراجعه ثمت.

(2)

حسن: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 118"، وأحمد "1/ 125 - 126"، والبخاري في "الأدب المفرد""1031"، والترمذي "3798"، وابن ماجه "147"، والبزار "740، 741"، والحاكم "3/ 388"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 139، 140"، "7/ 135"، وأبو يعلى "492"، والخطيب في "تاريخ بغداد""1/ 151"، البغوي "3951" من طرق عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، به.

قلت: إسناده حسن، هانئ بن هانئ، قال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن المديني: مجهول. وقال الحافظ في "التقريب": مستور.

(3)

صحيح بشواهد: أخرجه ابن ماجه "147"، والبزار "740"، وأبو يعلى "404"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 139" من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، به.

قلت: إسناده حسن، هانئ بن هانئ، لا بأس به كما قال النسائي، والحديث يرتقي للصحة بشواهد له عن عائشة: عند البزار "2685" كشف الأستار، وعن رجل من الصحابة: عند النسائي "8/ 111"، والحاكم "3/ 392، 392 - 393".

والمشاش: رءوس العظام وأطرافها، كالمرفقين والكتفين والركبتين.

(4)

صحيح: أخرجه النسائي "8/ 111"، والحاكم "3/ 392، 392 - 393" من طريق سفيان، عن الأعمش، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

ص: 249

عمرو بن مرة، عن أبي البختري سئل علي، عن عمار فقال: نسي وإن ذكرته ذكر قد دخل الإيمان في سمعه وبصره وذكر ما شاء الله من جسده.

جماعة، عن الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعًا:"اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"

(1)

.

رواه طائفة، عن الثوري بإسقاط مولى ربعي وكذا رواه زائدة وغيره، عن عبد الملك وروي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي، عن حذيفة.

بن عون، عن الحسن قال عمرو بن العاص إني لأرجو أن لا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم مات يوم مات وهو يحب رجلًا فيدخله الله النار قالوا قد كنا نراه يحبك ويستعملك فقال الله أعلم أحبني أو تألفني ولكنا كنا نراه يحب رجلًا عمار بن ياسر قالوا: فذلك قتيلكم يوم صفين قال: قد -والله- قتلناه.

(1)

صحيح بطرقه: رُوي من حديث ابن مسعود، وحذيفة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم فأما حديث ابن مسعود، فيرويه أبو الزعراء عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

أخرجه الترمذي "3805" والحاكم "3/ 76" من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبي الزعراء، عنه، به.

وقال الحاكم: إسناده صحيح، ورده الحافظ الذهبي في "التلخيص" بقوله:"قلت: سنده واه" ويبينه قول الترمذي: "لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث".

قلت: هذا إسناده ضعيف جدا، يحيى بن سلمة بن كهيل، متروك كما قال الحافظ في "التقريب" وابنه إسماعيل، متروك أيضا، وابنه إبراهيم ضعيف كذا قال الحافظ.

وأما حديث حذيفة، فيرويه ربعي بن حراش عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

أخرجه الترمذي "3662"، وابن ماجه "97"، وأحمد "5/ 382، 385، 402"، والحميدي "449"، وابن أبي عاصم في "السنة "1148، 1149"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 109"، والخطيب في "تاريخه" "12/ 20"، والحاكم "3/ 75"، والبيهقي "5/ 212"، "8/ 153" كلهم من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي، به.

قلت: فالحديث صحيح بطرقه التي ذكرناها بإسهاب في تخريجنا لكتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" ط/ دار الجيل بيروت "لبنان" ص 122 - 123"، كما ذكرته نحوا من هذا التخريج في كتاب "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية ط/ دار الحديث، تعليق رقم "228" في الجزء الأول، فراجعه في المصدر الأول تفد علما جما، ولله الحمد على آلائه حمدا كثيرا طيبا.

ص: 250

العوام بن حوشب، عن سلمة بن كهيل، عن علقمة، عن خالد بن الوليد، قال: كان بيني وبين عمار كلام، فأغلظت له. فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"من عادى عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله". فخرجت. فما شيء أحب إلى من رضي عمار، فلقيته، فرضى

(1)

.

أخرجه أحمد، والنسائي.

شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن الأسود قال: كان بين خالد وعمار كلام فشكاه خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله: "من يعاد عمارًا يعاده الله ومن يبغض عمارًا يبغضه الله"

(2)

.

عطاء بن مسلم الخفاف، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أوس بن أوس قال: كنت عند علي فسمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "دم عمار ولحمه حرام على النار" هذا غريب

(3)

.

سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مجاهد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما لهم ومالعمار! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار وذلك دأب الأشقياء الفجار"

(4)

.

عمار بن رزيق، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إن الله قد أمننا من أن يظلمنا ولم يؤمنا من أن يفتننا أرأيت إن أدركت فتنة? قال: عليك بكتاب الله قال: أرأيت إن كان كلهم يدعو إلى كتاب الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق". إسناده منقطع.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 89"، والحاكم "3/ 390 - 391" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 90"، والحاكم "3/ 389" من طريق شعبة، عن سلمة بن كهيل، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

(3)

ضعيف: فيه عطاء بن مسلم الخفاف، أبو مخلد الكوفي، ضعيف، لسوء حفظه، وفيه أبو إسحاق السبيعي، فإنه مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

(4)

ضعيف: لإرساله.

ص: 251

قال عمار الدهني: عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن مسعود سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ما خُيَّر ابن سمية بين أمرين إلَّا اختار أيسرهما"

(1)

.

رواه الثوري وغيره عنه وبعضهم رواه، عن الدهني، عن سالم، عن علي بن علقمة، عن ابن مسعود.

عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن عائشة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"عمار ما عرض عليه أمران إلَّا اختار الأرشد منهما"

(2)

.

رواه عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه قال: قالت عائشة.

(1)

حسن لغيره: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 119"، وأحمد "1/ 389"، والحاكم "3/ 388" من طريق وكيع، والطبراني في "الكبير""10072" من طريق معاوية بن هشام كلاهما عن سفيان الثوري عن عمار بن معاوية الدهني، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين سالم بن أبي الجعد وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه.

الثانية: قد اختلف فيه على عمار الدهني كما يلي: فقد رواه الدارقطني في "العلل""5/ 234"، من طريق القاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان الثوري، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله، به.

فزاد في إسناده "عن أبيه" بين سالم بن أبي الجعد، وابن مسعود، وأخرجه الطبراني في الكبير" "10071" من طريق ضرار بن صرد، عن علي بن هاشم، عن عمار بن رزيق، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي بن علقمة، عن عبد الله، به.

فزاد في إسناده "علي بن علقمة" بين سالم بن أبي الجعد، وعبد الله بن مسعود، وللحديث طرق ذكرها الدارقطني في "العلل""5/ 233 - 234".

ولكن الحديث شاهد عن عائشة: أخرجه أحمد "6/ 113"، والترمذي "3799" من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أسدهما" وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

قلت: إسناده ضعيف، حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

وله شاهد آخر عن حذيفة: أخرجه الترمذي "3799" عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، به نحوه.

قلت: فجملة القول أن الحديث يرتقي لمنزلة الحسن بشاهديه عن عائشة وحذيفة، والله تعالى أعلى وأعلم.

(2)

حسن لغيره: في إسناده حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه، وهو عند الترمذي "3799"، وأحمد "6/ 113" كما ذكرنا في تخريجنا السابق.

ص: 252

وقد كان عمار ينكر على عثمان أمورًا لو كف عنها لأحسن فرضي الله عنهما.

أبو نعيم، حدثنا سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى أن حذيفة أتي وهو ثقيل بالموت فقيل له: قتل عثمان فما تأمرنا فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أبو اليقظان على الفطرة" ثلاث مرات "لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم"

(1)

.

البغوي، حدثنا ابن حميد، حدثنا هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عائشة قالت: انظروا عمارًا فإنه يموت على الفطرة إلَّا أن تدركه هفوة من كبر

(2)

.

فيه من تضعف ويروى، عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا نحوه.

قال علقمة: قال لي أبو الدرداء: أليس فيكم الذي أعاذه الله على لسان نبيه من الشيطان? -يعني عمارًا

الحديث

(3)

.

حماد بن سلمة، أنبأنا أبو جمرة، عن إبراهيم، عن خيثمة بن عبد الرحمن قلت لأبي هريرة: حدثني فقال: تسألني وفيكم علماء أصحاب محمد والمجار من الشيطان عمار بن ياسر?.

داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد فجعلنا ننقل لبنة لبنة وعمار ينقل لبنتين لبنتين فترب رأسه فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله أنه جعل ينفض رأسه ويقول: "ويحك يابن سمية! تقتلك الفئة الباغية".

خالد الحذاء، عن عكرمة سمع أبا سعيد بهذا ولفظه "ويح ابن سمية، تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" فجعل يقول: أعوذ بالله من الفتن

(4)

.

(1)

حسن: بلال بن يحيى هو العبسي الكوفي، صدوق. وسعد بن أوس هو العبسي، أبو محمد الكوفي، ثقة، لم يصب الأزدي في تضعيفه.

(2)

حسن: عمرو بن أبي قيس هو الرازي، الأزرق، كوفي، قال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "3742، 3743، 3761" من طريق المغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن أبي الدرادء، به في قصة.

(4)

صحيح: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "566". وقد خرجت الحديث بإسهاب في كتاب "منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية" ط/ دار الحديث، الجزء الرابع تعليق رقم "186".

ص: 253

ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن زياد مولى عمرو بن العاص، عن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"تقتل عمارًا الفئة الباغية"

(1)

.

رواه شعبة، عن عمرو فقال: عن رجل من أهل مصر، عن عمرو.

بن عون، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة مرفوعًا:"تقتل عمارًا الفئة الباغية"

(2)

.

معمر، عن ابن طاوس، عن أبي بكر بن حزم، عن أبيه قال: لما قتل عمار دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقتله الفئة الباغية" فدخل عمرو على معاوية فقال: قتل عمار فقال: قتل عمار فماذا? قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" قال دحضت في بولك أو نحن قتلناه? إنما قتله علي وأصحابه الذين ألقوه بين رماحنا أو قال: بين سيوفنا

(3)

.

شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار:"تقتلك الفئة الباغية"

(4)

.

أبو عوانة في مسنده وأبو يعلى من حديث أحمد بن محمد الباهلي، حدثنا يحيى بن

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "4/ 97" من طريق شعبة، أخبرنا عمرو بن دينار، به.

قلت: إسناده صحيح لولا جهالة الرجل من مصر، لكن الحديث يصح بما قبله، وراجع تخريجنا السابق رقم "566".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 300، 311"، ومسلم "2916" من طريق شعبة قال: سمعت خالدا يحدث عن سعيد بن أبي الحسن، عن أمه، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

وأخرجه الطبراني "23/ 857" من طريق محمد بن بشار، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة، به.

وقد خرجت الحديث في "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" الجزء الرابع ط/ دار الحديث - القاهرة - بتعليق رقم "221".

(3)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "11/ 20427"، ومن طريق أحمد 4/ 199" حدثنا معمر، عن ابن طاوس، به.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين خلا محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، له رؤية، وليس له سماع إلا من الصحابة، وقد روى له أبو داود في "المراسيل"، والنسائي.

(4)

صحيح: مر تخريجنا له بتعليق رقم "566" عن أبي سعيد، به.

ص: 254

عيسى، حدثنا الأعمش، حدثنا زيد بن وهب أن عمارًا قال لعثمان: حملت قريشًا على رقاب الناس عدوا عليَّ فضربوني فغضب عثمان ثم قال: ما لي ولقريش? عدوا على رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فضربوه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: "تقتلك الفئة الباغية وقاتله في النار"

(1)

.

وأخرج أبو عوانة أيضًا مثله من حديث القاسم الحداني، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن عثمان.

وأخرج أبو عوانة من طريق حماد بن سلمة، عن أبي التياح، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن عمار قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تقتلك الفئة الباغية"

(1)

.

وفي الباب، عن عدة من الصحابة فهو متواتر.

قال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل سئل، عن هذا فقال: فيه غير حديث صحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم وكره أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا.

الثوري: عن أبي إسحاق، عن أبي ليلى الكندي قال: جاء خباب إلى عمر فقال: ادن فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلَّا عمار.

الثوري، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال: قرئ علينا كتاب عمر أما بعد فإني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا وابن مسعود معلمًا ووزيرًا وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر فاسمعوا لهما وأطيعوا واقتدوا بهما وقد آثرتكم بابن أم عبد على نفسي رواه شريك فقال: آثرتكم بهما على نفسي.

ويروى: أن عمر جعل عطاء عمار ستة آلاف.

مغيرة، عن إبراهيم أن عمارًا كان يقرأ يوم الجمعة على المنبر بياسين.

وقال زر: رأيت عمارًا قرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق: 1] وهو على المنبر فنزل فسجد.

شعبة، عن قيس سمع طارق بن شهاب يقول: إن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم

(1)

صحيح: راجع تخريجنا السابق رقم "566". وقد خرجت الحديث عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" الجزء الرابع ط/ دار الحديث بتعليق رقم "198، 205، 215، 221، 214، 218، 276".

ص: 255

أهل الكوفة وعليهم عمار فظفروا فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة شيئًا فقال رجل تميمي: أيها الأجدع! تريد أن تشاركنا في غنائمنا? فقال عمار: خير أذني سببت فإنها أصيبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب في ذلك إلى عمر فكتب عمر إن الغنيمة لمن شهد الوقعة.

قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: رأيت عمارًا يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون? أنا عمار بن ياسر هلموا إلي وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت فهي تذبذب وهو يقاتل أشد القتال.

قال الشعبي: سئل عمار، عن مسألة فقال: هل كان هذا بعد? قالوا: لا، قال فدعونا حتى يكون فإذا كان تجشمناه لكم.

قال عبد الله بن أبي الهذيل: رأيت عمارًا اشترى قتًا بدرهم وحمله على ظهره وهو أمير الكوفة.

الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد أن رجلًا من الكوفة وشى بعمار إلى عمر فقال له عمار: إن كنت كاذبًا فأكثر الله مالك وولدك وجعلك موطأ العقبين.

ويقال: سعوا بعمار إلى عمر في أشياء كرهها له فعزله ولم يؤنبه.

وقيل: إن جريرًا سأله عمر، عن عمار فقال: هو غير كاف ولا عالم بالسياسة.

الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت قال: سألهم عمر، عن عمار فأثنوا عليه وقالوا: والله ما أنت أمرته علينا ولكن الله أمره فقال عمر: اتقوا الله وقولوا كما يقال فوالله لأنا أمرته عليكم فإن كان صوابًا فمن قبل الله وإن كان خطأ إنه من قبلي.

داود بن أبي هند، عن الشعبي قال عمر لعمار: أساءك عزلنا إياك? قال: لئن قلت ذاك لقد ساءني حين استعملتني وساءني حين عزلتني.

روى البهي، عن ابن عمر قال: ما أعلم أحدًا خرج في الفتنة يريد الله إلَّا عمارًا وما أدري ما صنع.

الأسود بن شيبان: حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب قال: كان عمار بن ياسر قليل الكلام طويل السكوت وكان عامة قوله عائذ بالرحمن من فتنة عائذ بالرحمن من فتنة فعرضت له فتنة عظيمة.

ص: 256

الأعمش، عن عبد الله بن زياد قال عمار: إن أمنا يعني عائشة قد مضت لسبيلها وإنها لزوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلانا بها ليعلم إياه نطيع أو إياها

(1)

.

وأخرج نحوه: البخاري من حديث أبي وائل.

قال أبو إسحاق السبيعي: قال عمار لعلي: ما تقول في أبناء من قتلنا? قال: لا سبيل عليهم قال: لو قلت غير ذا خالفناك.

الأعمش، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن حميد قال عمار لعلي يوم الجمل: ما تريد أن تصنع بهؤلاء? فقال له علي: حتى ننظر لمن تصير عائشة فقال عمار: ونقسم عائشة? قال: فكيف نقسم هؤلاء? قال: لو قلت غير ذا ما بايعناك.

الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: قال عمار يوم صفين: ائتوني بشربة لبن، قال: فشرب ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن" ثم تقدم فقتل

(2)

.

سعد بن إبراهيم الزهري، عن أبيه عمن حدثه سمع عمارًا بصفين يقول: أزفت الجنان وزوجت الحور العين اليوم نلقى حبيبنا محمدًا صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 265"، والبخاري "3772" من طريق شعبة، عن الحاكم سمعت أبا وائل قال:"لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم، خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها".

(2)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "4/ 319"، وابن سعد "3/ 588"، والحاكم "3/ 389" من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، به.

قلت: إسناده ضعيف، حبيب بن أبي ثابت، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.

لكن له شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف قال: "سمعت عمار بن ياسر بصفين في اليوم الذي قتل فيه وهو ينادي أزلفت الجنة وزوجت الحور العين، اليوم نلقى حبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم عهد إلي أن آخر زادك من الدنيا صيح من لبن".

أخرجه الحاكم "3/ 389" من طريق حرملة بن يحيى، حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده سمعت عمار بن ياسر بصفين ........... " فذكره.

قلت: إسناده حسن، حرملة بن يحيى، صدوق، وإبراهيم بن سعد، هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدني.

(3)

حسن: راجع تخريجنا السابق.

ص: 257

مسلم بن إبراهيم: حدثنا ربيعة بن كلثوم، حدثنا أبي قال: كنت بواسط فجاء أبو الغادية عليه مقطعات وهو طوال فلما قعد قال: كنا نعد عمارًا من خيارنا فإني لفي مسجد قباء إذ هو يقول -وذكر كلمة: لو وجدت عليه أعوانًا لوطئته فلما كان يوم صفين أقبل يمشي أول الكتيبة فطعنه رجل فانكشف المغفر عنه فأضربه فإذا رأس عمار قال يقول مولى لنا لم أر أبين ضلالة منه.

عفان، حدثنا حماد، حدثنا كلثوم بن جبر، عن أبي الغادية قال: سمعت عمارًا يقع في عثمان يشتمه فتوعدته بالقتل فلما كان يوم صفين جعل عمار يحمل على الناس فقيل هذا عمار فطعنته في ركبته فوقع فقتلته فقيل: قتل عمار وأخبر عمرو بن العاص فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن قاتله وسالبه في النار"

(1)

.

ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا "قاتل عمار وسالبه في النار"

(2)

.

قال ابن أبي خالد: عن قيس أو غيره قال عمار: ادفنوني في ثيابي فإني رجل مخاصم.

وعن عاصم بن ضمرة: أن عليًّا صلى على عمار، ولم يغسله.

قال أبو عاصم: عاش عمار ثلاثًا وتسعين سنة وكان لا يركب على سرج ويركب راحلته.

عبد الله بن طاووس، عن أبي بكر بن حزم قال: لما قتل عمار دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" فقام عمرو فزعًا إلى معاوية فقال: ما شأنك? قال: قتل عمار. قال: قتل عمار،

(1)

حسن: أخرجه أحمد "4/ 198"، وابن سعد "3/ 260 - 261" من طريق عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، به.

قلت: إسناده حسن، كلثوم بن جبر، هو البصري، صدوق يخطئ كما قال الحافظ في "التقريب". وأبو الغادية الجهني، ويقال المزني، له صحبة.

(2)

حسن: أورده الهيثمي في "المجمع""9/ 297" وقال: "رواه الطبراني، وقد صرح ليث بالتحديث، ورجاله من رجال الصحيح".

قلت: إذا كان ليث قد صرح بالتحديث كما قال الهيثمي، فإن التدليس ينتفي، ولم يصبح علة الإسناد، وليث صدوق كما ذكر الحافظ في "التقريب".

ص: 258

فكان ماذا? قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" قال: أنحن قتلناه? وإنما قتله علي وأصحابه جاؤوا به حتى ألقوه بين رماحنا أو قال: بين سيوفنا.

قلت: كانت صفين في صفر وبعض ربيع الأول سنة سبع وثلاثين.

قرأت على الحافظ عبد المؤمن بن خلف: أخبركم يحيى بن أبي السعود أخبرتنا شهدة، أنبأنا ابن طلحة، أخبرنا أبو عمر الفارسي، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدثنا جدي، حدثنا خلف بن سالم، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا جويرية، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عمه قال: لما كان اليوم الذي أصيب فيه عمار إذا رجل قد برز بين الصفين جسيم على فرس جسيم ضخم على ضخم ينادي يا عباد الله بصوت موجع روحوا إلى الجنة ثلاث مرار الجنة تحت ظلال الأسل فثار الناس فإذا هو عمار فلم يلبث أن قتل.

وبه، حدثنا جدي يعقوب، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي البختري الطائي قال: قاول عمار رجلًا فاستطال الرجل عليه فقال عمار: أنا إذًا كمن لا يغتسل يوم الجمعة فعاد الرجل فاستطال عليه فقال له عمار: إن كنت كاذبًا فأكثر الله مالك وولدك وجعلك يوطأ عقبك.

وبه، حدثنا جدي، حدثنا وهيب بن جرير، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار أنه قال: ثلاثة من كن فيه فقد استكمل الإيمان أو قال: من كمال الإيمان الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم

(1)

.

(1)

علقه البخاري في كتاب "الإيمان". باب إفشاء السلام من الإسلام.

وقد وصله غير واحد. قال الحافظ في "الفتح""1/ 82": قوله: "قال عمار" هو ابن ياسر، أحد السابقين الأولين، وأثره هذا أخرجه أحمد بن حنبل في كتاب "الإيمان" من طريق سفيان الثوري، ورواه يعقوب بن شيبة في "مسنده" من طريق شعبة وزهير بن معاوية وغيرهما كلهم عن أبي إسحاق السبيعي، عن صلة بن زفر، عن عمار، ولفظ شعبة:"ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان" وهو بالمعنى، وهكذا رويناه في جامع معمر عن أبي إسحاق، وكذا حدث به عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر"10/ 19439"، وحدث به عبد الرزاق بأخرة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كذا أخرجه البزار في مسنده، وابن أبي حاتم في "العلل" كلاهما عن الحسن بن عبد الله الكوفي، وكذا رواه البغوي في "شرح السنة" من طريق أحمد بن كعب الواسطي، وكذا أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" عن محمد بن الصباح الصنعاني ثلاثتهم عن عبد الرزاق مرفوعا. واستغربه البزار وقال أبو زرعة: هو خطأ. قلت: أي الحافظ في الفتح، وهو معلول من حيث صناعة الإسناد؛ لأن عبد الرزاق تغير بأخرة، وسماع هؤلاء منه في حال تغيره، إلا أن مثله لا يقال بالرأي فهو في حكم المرفوع. وقد رويناه مرفوعا من وجه آخر عن عمار، أخرجه الطبراني في "الكبير" وفي إسناده ضعف، وله شواهد أخرى بينتها في "تغليق التعليق".

ص: 259

قرأت على أحمد بن إسحاق، أنبأنا أحمد بن أبي الفتح والفتح بن عبد الله قالا: أنبأنا محمد بن عمر الأرموي، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا علي بن عمر السكري، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا إسماعيل بن مجالد، عن بيان، عن وبرة، عن همام قال: قال عمار: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلَّا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر

(1)

.

أخرجه البخاري، عن عبد الله شيخ له يقال: هو ابن حماد الآملي وقيل: عبد الله بن أبي الخوارزمي، عن يحيى بن معين وهو فرد غريب ما أعلم رواه، عن بيان بن بشر سوى إسماعيل ولم يخرجه سوى البخاري.

الأعمش، وغيره: عن أبي وائل قال: رأى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ذا الكلاع وعمارًا في قباب بيض بفناء الجنة فقال: ألم يقتل بعضكم بعضًا? قال: بلى ولكن وجدنا الله واسع المغفرة آخر الترجمة والحمد لله.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3660، 3857" من طريق إسماعيل بن أبي مجالد، عن بيان، عن وبرة، عن همام بن الحارث قال: قال عمار بن ياسر: فذكره.

ص: 260

‌90 - أخبار النجاشي

(1)

:

واسمه أصحمة ملك الحبشة معدود في الصحابة رضي الله عنهم وكان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر ولا له رؤية فهو تابعي من وجه صاحب من وجه وقد توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه بالناس صلاة الغائب

(2)

، ولم يثبت أنه صلى صلى الله عليه وسلم على غائب

(1)

صحيح: فقد ورد عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخا لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه"، يعني النجاشي أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 362"، وأحمد "4/ 431، 433، 439، 446"، ومسلم "953"، والنسائي "4/ 57"، وابن ماجه "1535"، والطبراني "18/ 460، 461"، والبيهقي "4/ 50" من طريق أبي المهلب، عن عمران بن حصين، به.

وورد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا"، قال:"فقمنا فصفنا صفين". أخرج أحمد "3/ 355"، ومسلم "952""66"، والنسائي "4/ 70" من طريق ايوب عن أبي الزبير، عن جابر، به.

وورد عند مسلم "952""65" عن جابر بن عبد الله مرفوعا بلفظ: "مات اليوم عبد الله صالح أصحمة"، فقام فأمنا وصلى عليه.

(2)

ترجمته في "الإصابة""1/ ترجمة 473"، أصحمة بن أبحر النجاشي، وفي الإصابة أيضا "3/ ترجمة 8852".

ص: 260

سواه وسبب ذلك: أنه مات بين قوم نصارى ولم يكن عنده من يصلي عليه لأن الصحابة الذين كانوا مهاجرين عنده خرجوا من عنده مهاجرين إلى المدينة عام خيبر.

ابن إسحاق، عن الزهري، قال: حدثت عروة بن الزبير بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة بقصة النجاشي وقوله لعمرو بن العاص: فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه فقال عروة: أتدري ما معناه? قلت: لا قال: إن عائشة حدثتني أن أباه كان ملك قومه ولم يكن له ولد إلَّا النجاشي وكان للنجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلًا وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة فقالت الحبشة بينها: لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام وإن لأخيه اثني عشرة ولدًا فتوارثوا ملكه من بعده فبقيت الحبشة بعده دهرًا. فعدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك ونشأ النجاشي مع عمه وكان لبيبًا حازمًا من الرجال فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت بينها: والله إنا لنتخوف أن يملكه ولئن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه فمشوا إلى عمه فقالوا له: إما أن تقتل هذا الفتى وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فإنا قد خفنا على أنفسنا منه قال: ويلكم! قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم بل أخرجوه من بلادكم فخرجوا به فباعوه من رجل تاجر بست مئة درهم ثم قذفه في سفينة فانطلق به حتى إذا المساء من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحاب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته.

ففزعت الحبشة إلى ولده فإذا هم حمقى ليس في ولده خير فمرج على الحبشة أمرهم فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض: تعلمون والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره الذي بعتموه غدوةً فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قال: فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فأخذوه من التاجر ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج وأقعدوه على سرير الملك وملكوه فجائهم التاجر فقال: إما أن تعطوني مالي وإما أن أكلمه في ذلك فقالوا لا نعطيك شيئًا قال: إذن والله لأكلمنه قالوا: فدونك فجاءه فجلس بين يديه فقال: أيها الملك ابتعت غلامًا من قوم بالسوق بست مائة درهم فأسلموه إلي وأخذوا دراهمي حتى إذا سرت بغلامي أدركوني فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي فقال لهم النجاشي: لتعطنه دراهمه أو ليسلمن غلامه في يديه فليذهبن به حيث يشاء قالوا: بل نعطيه دراهمه قالت: فلذلك يقول: ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه. وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه وعدله في حكمه ثم قالت: لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.

ص: 261

"المسند" لأحمد بن حنبل، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئًا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشًا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم فجمعوا له أدمًا كثيرًا ولم يتركوا من بطارقته بطريقًا إلَّا أهدوا إليه هديةً ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص السهمي وأمروهما أمرهم وقالوا لهما: ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا له هداياه ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم قالت: فخرجا فقدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار عند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلَّا دفعا إليه هديته وقالا له إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهم: نعم ثم إنهما قربا هدايا النجاشي فقبلها منهم ثم كلماه فقالا له: أيها الملك إنه ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليه فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فيه. قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله وعمرو من أن تسمع النجاشي كلامهم فقالت بطارقته حوله صدقوا أيها الملك فأسلمهم إليهما فغضب النجاشي ثم قال لا ها الله إذًا لا أسلمهم إليهما ولا أكاد

(1)

قومًا جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه? قالوا: نقول -والله- ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنًا في ذلك ما كان فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم?

(1)

لا أُكاد: أي لا يكيدني.

ص: 262

قالت: وكان الذي يكلمه جعفر بن أبي طالب، فقال له: أيها الملك! إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف، عن المحارم والدماء ونهانا، عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئًا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت: فعدد له أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا، عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان وأن نستحيل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.

قالت: فقال: هل معك مما جاء به، عن الله من شيء? قال نعم قال فاقرأه عليّ فقرأ عليه صدرًا من {كهيعص} ، فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم ثم قال النجاشي إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا ولا أكاد.

فلما خرجا قال عمرو: والله لأنبئنه غدًا عيبهم ثم أستأصل خضراءهم.

فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فإن لهم أرحامًا وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى عبد.

ثم غدا عليه فقال أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولًا عظيمًا فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه. فأرسل يسألهم.

قالت: ولم ينزل بنا مثلها، فاجتمع القوم ثم قالوا: نقول والله فيه ما قال الله تعالى كائنًا ما كان فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى? فقال له جعفر: نقول فيه الذي جاء به نبينا هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عودًا ثم قال: ما عدا عيسى ما قلت هذا العود فتناخرت بطارقته حوله فقال وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي -والسيوم: الآمنون- من سبكم غرم ثم من سبكم غرم ما أحب أن لي دبرى ذهبًا وأني آذيت رجلًا منكم - والدبر بلسانهم الجبل - ردوا عليهما هداياهما فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه. فخرجا

ص: 263

مقبوحين، مردودًا عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه فوالله ما علمنا حربًا قط كان أشد من حرب حربناه تخوفًا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه وسار النجاشي وبينهما عرض النيل. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر? فقال الزبير: أنا وكان من أحدث القوم سنًا. فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى مكان الملتقى وحضر فدعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده واستوسق له أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة

(1)

.

سليمان بن بنت شرحبيل، عن عبد الرحمن بن بشير وعبد الملك بن هشام، عن زياد البكالي وأحمد بن محمد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد جميعًا، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، عن جعفر بن أبي طالب أن النجاشي سأله ما دينكم? قال: بعث الله فينا رسولًا وذكر بعض ما تقدم.

تفرد بوصله ابن إسحاق وأما عقيل ويونس وغيرهما فأرسلوه.

ورواه ابن إدريس، عن ابن إسحاق فقال: عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن وعروة وعبيد الله، عن أم سلمة.

ويروى هذا الخبر، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه.

وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه.

ورواه ابن شابور، عن عثمان بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس بطوله.

أعلى بهم عينًا أبصر بهم لاها الله قسم وأهل العربية يقولون: لاها الله ذا. والهاء بدل من واو القسم أي لا والله لا يكون ذا وقيل: بل حذفت واو القسم وفصلت ها من هذا فتوسطت الجلالة ونصبت لأجل حذف واو القسم.

وتناخرت: فالنخير: صوت من الأنف. وقيل: النخير ضرب من الكلام وجاء في رواية من حزنٍ حزناه.

(1)

صحيح: أخرج أحمد "1/ 201 - 203" والبيهقي في "الدلائل""2/ 301 - 306".

ص: 264

وقولها: حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة: عنت نفسها وزوجها.

وكذا قدم الزبير، وابن مسعود، وطائفة من مهاجرة الحبشة مكة وملوا من سكنى الحبشة ثم قدم طائفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرفوا بأنه هاجر إلى المدينة ثم قدم جعفر بمن بقي ليالي خيبر.

قال أبو موسى الأصبهاني الحافظ اسم النجاشي أصحمة وقيل: أصحم بن بجرى كان له ولد يسمى أرمى فبعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات في الطريق.

وقيل: إن الذي كان رفيق عمرو بن العاص عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي.

فقال أبو كريب ومحمد بن آدم المصيصي، حدثنا أسد بن عمرو، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: بعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية من أبي سفيان إلى النجاشي فقالوا له ونحن عنده قد جاء إليك ناس من سفلتنا وسفهائنا فادفعهم إلينا قال: لا حتى أسمع كلامهم وذكر نحوه إلى أن قال: فأمر مناديًا فنادى من آذى أحدًا منهم فأغرموه أربعة دراهم ثم قال: يكفيكم? قلنا: لا فأضعفها فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وظهر بها قلنا له: إن صاحبنا قد خرج إلى المدينة وهاجر وقتل الذي كنا حدثناك عنهم وقد أردنا الرحيل إليه فزودنا قال: نعم فحملنا وزودنا وأعطانا ثم قال: أخبر صاحبك بما صنعت إليكم وهذا رسولي معك وأنا أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنه رسول الله فقل له يستغفر لي.

قال جعفر: فخرجنا حتى أتينا المدينة فتلقاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقني فقال: "ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أو بقدوم جعفر" ثم جلس فقام رسول النجاشي فقال: هو ذا جعفر فسله ما صنع به صاحبنا فقلت نعم يعني ذكرته له فقام رسول الله فتوضأ ثم دعا ثلاث مرات "اللهم اغفر للنجاشي" فقال المسلمون آمين فقلت للرسول انطلق فأخبر صاحبك ما رأيت

(1)

.

ابن أبي عدي ومعاذ، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق أن جعفرًا قال: يا رسول الله ائذن لي حتى أصير إلى أرض أعبد الله فيها. فأذن له، فأتى النجاشي. حدثنا عمرو بن العاص قال: لما رأيت جعفرًا آمنا بها هو وأصحابه حسدته فأتيت النجاشي فقلت: إن بأرضك رجلًا ابن عمه بأرضنا يزعم أنه ليس للناس إلَّا إله واحد وإنك إن لم تقتله وأصحابه

(1)

ضعيف: في إسناده مجالد، وهو ابن سعيد، ضعيف.

ص: 265

لا أقطع إليك هذه النطفة أبدًا ولا أحد من أصحابي قال: اذهب إليه فادعه قلت: إنه لا يجيء معي فأرسل معي رسولًا فأتيناه وهو بين ظهري أصحابه يحدثهم قال له: أجب فلما أتينا الباب ناديت ائذن لعمرو بن العاص ونادى جعفر ائذن لحزب الله فسمع صوته فأذن له قبلي

الحديث.

إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق مع جعفر إلى أرض النجاشي فبلغ ذلك قريشًا فبعثوا عمرًا وعمارة بن الوليد وجمعوا للنجاشي هدية فقدما عليه وأتياه بالهدية فقبلها وسجدا له ثم قال عمرو: إن ناسًا من أرضنا رغبوا، عن ديننا وهم في أرضك قال: في أرضي? قال: نعم.

فبعث إلينا فقال لنا جعفر: لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس عظيم وعمرو، عن يمينه وعمارة، عن يساره والقسيسون والرهبان جلوس سماطين وقد قال له عمرو إنهم لا يسجدون لك فلما انتهينا بدرنا من عنده أن اسجدوا قلنا: لا نسجد إلَّا لله عز وجل فلما انتهينا إلى النجاشي قال: ما منعك أن تسجد? قال: لا نسجد إلَّا لله. قال: وما ذاك? قال: إن الله بعث فينا رسولًا وهو الذي بشر به عيسى فقال: {يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6] فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئًا ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهانا، عن المنكر.

فأعجب النجاشي قوله. فلما رأى ذلك عمرو، قال: أصلح الله الملك إنهم يخالفونك في ابن مريم.

فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبكم في ابن مريم?

قال: يقول فيه قول الله: هو روح الله وكلمته أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر ولم يفرضها ولد.

فتناول عودًا، فرفعه فقال: يا معشر القسيسين والرهبان! ما يزيد على ما تقولون في ابن مريم ما تزن هذه. مرحبًا بكم وبمن جئتم من عنده فأنا أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى ولولا ما أنا فيه من الملك لاتيته حتى أقبل نعله امكثوا في أرضي ما شئتم وأمر لنا بطعام وكسوة وقال: ردوا على هذين هديتهما.

وكان عمرو رجلًا قصيرًا، وكان عمارة رجلًا جميلًا وكانا أقبلا في البحر إلى النجاشي فشرب مع عمرو وامرأته فلما شربوا من الخمر قال عمارة لعمرو: مر امرأتك فلتقبلني. قال: إلَّا تستحيي? فأخذ عمارة عمرًا يرمي به في البحر فجعل عمرو يناشده حتى

ص: 266

تركه. فحقد عليه عمرو، فقال للنجاشي: إنك إذا خرجت خلفك عمارة في أهلك. فدعا بعمارة، فنفخ في إحليله، فطار مع الوحش.

وعن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: مكر عمرو بعمارة فقال: يا عمارة إنك رجل جميل فاذهب إلى امرأة النجاشي فتحدث عندها إذا خرج زوجها فإن ذلك عون لنا في حاجتنا فراسلها عمارة حتى دخل عليها فانطلق عمرو إلى النجاشي فقال: إن صاحبي صاحب نساء وإنه يريد أهلك فبعث النجاشي إلى بيته فإذا هو عند أهله فأمر به فنفخ في إحليله سحره ثم ألقاه في جزيرة من جزائر البحر فجن واستوحش مع الوحش.

ابن إسحاق: عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت: لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.

فأما عمارة فإنه بقي إلى خلافة عمر مع الوحوش، فدل عليه أخوه فسار إليه وتحين وقت وروده الماء فلما رأى أخاه فر فوثب وأمسكه فبقي يصيح أرسلني يا أخي! فلم يرسله فخارت قوته من الخوف ومات في الحال فعداده في المجانين الذين يبعثون على ما كانوا عليه قبل ذهاب العقل فيبعث هذا المعثر على الكفر والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم نسأل الله المغفرة.

وحدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشي: فارقت ديننا وخرجوا عليه فأرسل إلى جعفر وأصحابه فهيأ لهم سفنًا وقال: اركبوا فإن هزمت فامضوا وإن ظفرت فاثبتوا ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه هو يشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ويشهد أن عيسى عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم ثم جعله في قبائه وخرج إلى الحبشة وصفوا له فقال: يا معشر الحبشة ألست أحق الناس بكم? قالوا: بلى قال: فكيف رأيتم سيرتي فيكم? قالوا: خير سيرة قال: فما بالكم? قالوا: فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد، قال: فما تقولون فيه قالوا: هو ابن الله فقال -ووضع يده على صدره على قبائه: هو يشهد أن عيسى لم يزد على هذا شيئًا وإنما عنى على ما كتب فرضوا وانصرفوا.

فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات النجاشي صلى عليه واستغفر له.

ومن محاسن النجاشي: أن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب الأموية أم المؤمنين أسلمت مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي قديمًا فهاجر بها زوجها فانملس بها إلى أرض الحبشة، فولدت له حبيبة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم ثم إنه أدركه الشقاء فأعجبه دين النصرانية،

ص: 267

فتنصر فلم ينشب أن مات بالحبشة فلما وفت العدة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها فأجابت فنهض في ذلك النجاشي وشهد زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها الصداق، عن النبي صلى الله عليه وسلم من عنده أربع مئة دينار فحصل لها شيء لم يحصل لغيرها من أمهات المؤمنين ثم جهزها النجاشي.

وكان الذي وفد على النجاشي بخطبتها: عمرو بن أمية الضمري فيما نقله الواقدي بإسناد مرسل ثم قال: وحدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة وحدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الله بن أبي بكر قالا: كان الذي زوجها وخطب إليه النجاشي خالد بن سعيد بن العاص الأموي وكان عمرها لما قدمت المدينة بضعًا وثلاثين سنة.

معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش وكان رحل إلى النجاشي وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها بالحبشة زوجه إياها النجاشي ومهرها أربعة آلاف درهم من عنده وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة وجهازها كله من عند النجاشي

(1)

.

وأما ابن لهيعة: فنقل عن أبي الأسود، عن عروة قال: أنكحه إياها بالحبشة عثمان رضي الله عنه وهذا خطأ فإن عثمان كان بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يغب عنه إلَّا يوم بدر أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم فيمرض زوجته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، أنبأنا عبد الله بن عمرو بن زهير، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: قالت أم حبيبة: رأيت في النوم كأن عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة وأشوهه ففزعت فإذا هو يقول حين أصبح: يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أر دينًا خيرًا من النصرانية وكنت قد دنت بها ثم دخلت في دين محمد فقد رجعت إليها فأخبرته بالرؤيا فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات فأرى في النوم كأن آتيًا يقول لي: يا أم المؤمنين! ففزعت فأولتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني فما هو إلَّا أن انقضت عدتي فما شعرت إلَّا ورسول النجاشي على بابي يستأذن! فإذا جارية له يقال لها: أبرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله كتب إلي أن أزوجكه فقلت: بشرك الله بخير، قالت: يقول الملك وكلي من يزوجك فأرسلت إلى خالد بن سعيد فوكلته وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخواتيم كانت في

(1)

صحيح: أخرجه أبو داود "2107".

ص: 268

أصابع رجليها، وخدمتين كانتا في رجليها فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا فخطب النجاشي فقال: الحمد لله الملك القدوس السلام أشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وأنه الذي بشر به عيسى صلى الله عليه وسلم ثم خطب خالد بن سعيد وزوجها وقبض أربع مائة دينار ثم دعا بطعام فأكلوا. قالت: فلما وصل إلي المال عزلت خمسين دينارًا لأبرهة فأبت وأخرجت حقًا فيه كل ما أعطيتها فردته، وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئًا وقد أسلمت لله وحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام ثم جاءتني من عند نساء الملك بعود وعنبر وزباد كثير

(1)

.

فقيل: بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ست وقال خليفة: دخل بها سنة سبع من الهجرة.

وأصحمة بالعربي: عطية ولما توفي قال النبي صلى الله عليه وسلم للناس: "إن أخًا لكم قد مات بأرض الحبشة" فخرج بهم إلى الصحراء وصفهم صفوفًا ثم صلى عليه

(2)

فنقل بعض العلماء أن ذلك كان في شهر رجب سنة تسع من الهجرة.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 97 - 98"، وآفته الواقدي، وهو متروك.

(2)

صحيح: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "595".

ص: 269

‌91 - معاذ بن جبل

(1)

:

ابن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج.

السيد الإمام، أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي المدني البدري شهد العقبة شابًّا أمرد وله عدة أحاديث.

روى عنه ابن عمر وابن عباس وجابر وأنس وأبو أمامة وأبو ثعلبة الخشني ومالك بن يخامر وأبو مسلم الخولاني وعبد الرحمن بن غنم وجنادة بن أبي أمية وأبو بحرية عبد الله بن قيس ويزيد بن عميرة وأبو الأسود الديلي وكثير بن مرة وأبو وائل،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 583 - 590"، "7/ 387 - 389"، وتاريخ البخاري الكبير "4/ 1/ 359 - 360"، والجرح والتعديل "4/ ق 1/ 244"، وحلية الأولياء "1/ 228"، وتهذيب التهذيب "10/ 186 - 188"، وتقريب التهذيب "2/ 55"، والإصابة "3/ ترجمة 8037"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7048".

ص: 269

وابن أبي ليلى وعمرو بن ميمون الأودي والأسود بن هلال ومسروق وأبو ظبية الكلاعي وآخرون.

روى أبو إسحاق السبعي، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ بن جبل قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له: عفير

(1)

.

قال شباب: أمه هي هند بنت سهل من بني رفاعة ثم من جهينة ولأمه ولد من الجد ابن قيس.

وروى الواقدي، عن رجاله أن معاذًا شهد بدرًا وله عشرون سنة أو إحدى وعشرون قال ابن سعد: شهد العقبة في روايتهم جميعًا مع السبعين.

وقال عبد الصمد بن سعيد: نزل حمص وكان طويلًا حسنًا جميلًا.

وقال الجماعة: كنيته أبو عبد الرحمن إلَّا أبا أحمد الحاكم فقال: كنيته أبو عبد الله.

قال علي بن محمد المدائني: معاذ لم يولد له قط طوال حسن الثغر عظيم العينين أبيض جعد قطط.

وأما ابن سعد فقال: له ابنان عبد الرحمن وآخر.

قال عطاء: أسلم معاذ وله ثمان عشرة سنة.

وقال ابن إسحاق: ومن السبعين من بني جشم بن الخزرج: معاذ بن جبل.

وروى قتادة، عن أنس قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب وزيد ومعاذ بن جبل وأبو زيد أحد عمومتي.

قال أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأُبي، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة"

(2)

.

تابعه إبراهيم النخعي، عن مسروق.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "2856".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 518"، وأحمد "2/ 163، 190، 191"، وفي "فضائل الصحابة""1549"، والبخاري "3760"، ومسلم "2464""117"، والترمذي "3810"، والطبراني في "الكبير""8410 - 8412" من طرق عن الأعمش، به.

ص: 270

الثوري، عن خالد وعاصم، عن أبي قلابة، عن أنس مرفوعًا "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر وأصدقها حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ وأفرضهم زيد ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة"

(1)

.

ورواه وهيب، عن خالد الحداء.

وفي "فوائد سمويه": حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا سلام بن سليمان، حدثنا زيد العمي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بن جبل أعلم الناس بحرام الله وحلاله"

(2)

إسناده واه.

روى ضمرة، عن يحيى السيباني، عن أبي العجفاء قال: قال عمر: لو أدركت معاذًا ثم وليته ثم لقيت ربي فقال: من استخلفت على أمة محمد? لقلت: سمعت نبيك وعبدك يقول: "يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء برتوة"

(3)

.

وروى ابن أبي عروبة، عن شهر بن حوشب قال: قال عمر: فذكر نحوه وذكر معه أبا عبيدة وسالمًا مولى أبي حذيفة.

وروى أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد الله الثقفي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجيء معاذ يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء"

(4)

. وله إسناد آخر ضعيف.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 184"، وابن ماجه "155"، وأبو نعيم في "الحلية""3/ 122"، والبيهقي "6/ 210"، والبغوي "3930" من طريق سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، به.

(2)

صحيح لغيره: في إسناده زيد بن الحواري العمي، أبو الحواري البصري.

قال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه. وقال النسائي: ضعيف. لكن الحديث يصح بما قبله.

(3)

حسن لغيره: أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""3/ 418" من طريق يعقوب بن كعب، عن ضمرة بن ربيعة، به.

والرتوة: رمية سهم. وقيل: ميل. وقيل: مدى البصر.

وأخرجه ابن أبي شيبة "12/ 135"، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""3/ 419"، من طريق أبي معاوية، عن الشيباني، عن محمد بن عبد الله الثقفي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بين يدي العلماء رتوة"، وأخرجه الطبراني في "الكبير""20/ 41"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 229" من طريق عمارة بن غزية، عن محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بن جبل إمام العلماء برتوة".

(4)

حسن: راجع تخريجنا السابق. وهو عند ابن أبي شيبة "12/ 135"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""3/ 419".

ص: 271

هشام: عن الحسن مرفوعًا معاذ له نبذه بين يدي العلماء يوم القيامة".

تابعه: ثابت، عن الحسن.

ابن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا إسحاق بن يحيى، عن مجاهد قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استخلف عليها عتاب بن أسيد يصلي بهم وخلف معاذًا يقرئهم ويفقههم

(1)

.

أبو أسامة: عن داود بن يزيد، عن المغيرة بن شبيل، عن قيس بن أبي حازم، عن معاذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فلما سرت أرسل في إثري فرددت فقال:"أتدري لم بعثت إليك? لا تصيبن شيئًا بغير علم فإنه غلول {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]، لقد أذعرت فامض لعملك"

(2)

. رواه الروياني في "مسنده".

شعبة، عن محمد بن عبيد الله، عن الحارث بن عمرو الثقفي قال: أخبرنا أصحابنا، عن معاذ قال: لما بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال لي: "كيف تقضي إن عرض قضاء? " قال: قلت: أقضي بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فإن لم يكن فيما قضى به الرسول" قال: أجتهد رأيي ولا آلو فضرب صدري وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله

(3)

.

(1)

ضعيف جدا: فيه محمد بن عمر الواقدي، متروك مع إرساله.

(2)

ضعيف: أخرجه الترمذي "1335" حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو أسامة، عن داود بن يزيد الأودي، به. وقال الترمذي: حديث غريب.

قلت: أي ضعيف، وهذا معروف في اصطلاح الترمذي، وقد نبهنا على ذلك كثيرا في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، وفي إسناد الحديث داود بن يزيد الأودي، الكوفي، ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة.

(3)

منكر: أخرجه ابن أبي شيبة "7/ 239"، "10/ 177"، وأحمد "5/ 236، 242"، وابن سعد "3/ 584"، والطيالسي "559"، وأبو داود "3592، 3593"، والترمذي "1327، 1328"، والدارمي "1/ 60"، والبيهقي "10/ 114"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه""1/ 154 - 155، 188، 189"، من طرق عن شعبة، عن محمد بن عبيد الله، أبي عون الثقفي، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان، الأولى: الحارث بن عمرو الثقفي، مجهول، كما قال الحافظ في "التقريب".

الثانية: الحديث مرسل وليس بمتصل، قال البخاري في "تاريخه" "1/ 1/ 275":"لا يصح، ولا يعرف إلا بهذا، مرسل"، أي أنه عن أصحاب معاذ بن جبل، ليس فيه "عن معاذ".

وللحديث طرق لا تخلو من كذاب أو متهم.

ص: 272

أبو اليمان: حدثنا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حميد السكوني أن معاذ بن جبل لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته فلما فرغ قال:"يا معاذ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري". فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله قال: "لا تبك يا معاذ أو إن البكاء من الشيطان"

(1)

.

قال سيف بن عمر: حدثنا سهل بن يوسف، عن أبيه، عن عبيد بن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم حين ودعه معاذ قال:"حفظك الله من بين يديك ومن خلفك ودرأ عنك شر الإنس والجن" فسار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبعث له رتوة فوق العلماء"

(2)

.

وقال سيف: حدثنا جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي بردة، عن أبي موسى بعثني النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة على أصناف اليمن أنا ومعاذ وخالد بن سعيد وطاهر بن أبي هالة وعكاشة بن ثور وأمرنا أن نيسر ولا نعسر

(3)

.

شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه ومعاذًا إلى اليمن قال لهما:"يسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تنفرا" فقال له أبو موسى: إن لنا بأرضنا شرابًا يصنع من العسل يقال له: البتع ومن الشعير يقال له: المزر قال: "كل مسكر حرام" فقال لي معاذ: كيف تقرأ القرآن قلت: أقره في صلاتي وعلى راحلتي وقائمًا وقاعدًا أتفوقه تفوقًا يعني شيئًا بعد شيء قال: فقال معاذ: لكني أنام ثم أقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي قال: وكأن معاذًا فضل عليه

(4)

.

سيف: حدثنا جابر الجعفي، عن أم جهيش خالته قالت: بينا نحن بدثينة بين الجند وعدن إذ قيل: هذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافينا القرية فإذا رجل متوكئ على رمحه متقلد السيف متعلق حجفةً متنكب قوسًا وجعبة فتكلم، وقال: إني رسول رسول

(1)

حسن: أخرجه أحمد "5/ 235"، عاصم بن حميد السكوني، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

ضعيف: فيه سيف بن عمر الضبي الأسيدي، قال يحيى: ضعيف. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: متروك. وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر.

(3)

ضعيف: فيه سيف بن عمر الضبي، وقد علمت حاله في التعليق السابق.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "4344، 4345"، ومسلم "1732".

ص: 273

الله صلى الله عليه وسلم إليكم اتقوا الله واعملوا فإنما هي الجنة والنار خلود فلا موت وإقامة فلا ظعن كل امرئ عمل به عامل فعليه ولا له إلَّا ما ابتغي به وجه الله وكل صاحب استصحبه أحد خاذله وخائنه إلَّا العمل الصالح انظروا لأنفسكم واصبروا لها بكل شيء فإذا رجل موفر الرأس أدعج أبيض براق وضاح

(1)

.

قال الواقدي: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعامله على الجند معاذ.

وروى سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل معاذ بن جبل"

(2)

.

وروى نحوه: ابن عيينة، عن ابن المنكدر مرسلًا.

حيوة بن شريح: عن عقبة بن مسلم، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن الصنابحي، عن معاذ قال: لقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معاذ! إني لأحبك في الله" قلت: وأنا والله يا رسول الله! أحبك في الله قال: "أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"

(3)

.

مروان بن معاوية، عن عطاء، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن معاذًا دخل المسجد ورسول الله ساجد فسجد معه فلما سلم قضى معاذ ما سبقه فقال له رجل: كيف صنعت? سجدت ولم تعتد بالركعة قال: لم أكن لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حال إلَّا أحببت أن أكون معه فيها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فسره وقال: "هذه سنة لكم"

(4)

.

(1)

ضعيف: في إسناده ثلاث علل: الأولى: سيف بن عمرالضبي، أجمعوا على ضعفه كما بينا في التعليقات السابقة. الثانية: جابر الجعفي، ضعيف. الثالثة: أم جهيش لم أجد من ترجم لها.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 419"، والترمذي "3795"، والحاكم "3/ 289، 425" من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل، به، وأخرجه النسائي في "فضائل الصحابة""126"، والحاكم "3/ 233"، 268" من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل، به.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 244 - 245، 247"، وأبو داود "1522"، والنسائي "3/ 53" وفي "عمل اليوم والليلة" له "109، 117"، والحاكم "3/ 273 - 274"، والطبراني في "الكبير""20/ 110" من طرق عن حيوة بن شريح، به.

(4)

موضوع: في إسناده عطاء، وهو ابن عجلان الحنفي البصري، قال ابن معين: ليس بشيء، كذاب وقال مرة: كان يوضع له الحديث فيحدث به. وقال الفلاس: كذاب. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك.

ص: 274

ابن عيينة، عن زكريا، عن الشعبي قال: قرأ عبد الله إن معاذًا كان أمة قانتًا لله حنيفًا فقال له فروة بن نوفل: إن إبراهيم فأعادها ثم قال: إن الأمة معلم الخير والقانت المطيع وإن معاذًا رضي الله عنه كان كذلك.

وروى: حيان، عن الشعبي نحوها فقيل له: يا أبا عبد الرحمن نسيتها قال: لا ولكنا كنا نشبهه بإبراهيم ورواه ابن علية، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الشعبي، حدثني فروة بن نوفل الأشجعي بنحوه ورواه فراس ومجالد وغيرهما، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله ورواه عبد الملك بن عمير، عن أبي الأحوص قال: بينما عبد الله يحدثهم إذ قال إن معاذًا كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين.

وعن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه قال: كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المهاجرين عمر وعثمان وعلي وثلاثة من الأنصار أُبي بن كعب ومعاذ وزيد.

وعن نيار الأسلمي أن عمر كان يستشير هؤلاء فذكر منهم معاذًا.

وروى موسى بن علي بن رباح، عن أبيه قال: خطب عمر الناس بالجابية فقال: من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل.

وروى الأعمش، عن أبي سفيان قال: حدثني أشياخ منا أن رجلًا غاب، عن امرأته سنتين فجاء وهي حبلى فأتى عمر فهم برجمها فقال له معاذ إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل فتركها فوضعت غلامًا بان أنه يشبه أباه قد خرجت ثنيتاه فقال الرجل: هذا ابني فقال عمر: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر.

الواقدي، حدثنا أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن جده قال: كان عمر يقول حين خرج معاذ إلى الشام لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه وفيما كان يفتيهم به ولقد كنت كلمت أبا بكر أن يحبسه لحاجة الناس إليه فأبى علي وقال: رجل أراد وجهًا يعني الشهادة فلا أحبسه.

قلت: إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه.

الأعمش: عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له.

ص: 275

جعفر بن برقان: حدثنا حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سلمة الخولاني قال: دخلت مسجد حمص فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلًا من الصحابة فإذا فيهم شاب أكحل العينين براق الثنايا ساكت فإذا امترى القوم أقبلوا عليه فسألوه فقلت: من هذا? قيل: معاذ بن جبل فوقعت محبته في قلبي.

معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب قال: كان معاذ شابًّا جميلًا سمحًا من خير شباب قومه لا يسأل شيئًا إلَّا أعطاه حتى كان عليه دين أغلق ماله كله فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلم له غرماءه ففعل فلم يضعوا له شيئًا فلو ترك أحد لكلام أحد لترك لمعاذ لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبرح حتى باع ماله وقسمه بينهم فقام معاذ ولا مال له ثم بعثه على اليمن ليجبره فكان أول من تجر في هذا المال فقدم على أبي بكر فقال له عمر: هل لك يا معاذ أن تطيعني? تدفع هذا المال إلى أبي بكر فإن أعطاكه فاقبله فقال: لا أدفعه إليه وإنما بعثني نبي الله ليجبرني فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال: خذ منه ودع له قال: ما كنت لأفعل وإنما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبره فلما أصبح معاذ انطلق إلى عمر فقال: ما أراني إلَّا فاعل الذي قلت لقد رأيتني البارحة أظنه قال أجر إلى النار وأنت آخذ بحجزتي فانطلق إلى أبي بكر بكل ما جاء به حتى جاءه بسوطه قال أبو بكر: هو لك لا آخذ منه شيئًا وفي لفظ قد وهبته لك، فقال عمر: هذا حين حل وطاب وخرج معاذ عند ذلك إلى الشام.

ورواه الذهلي، عن عبد الرزاق، عن معمر فقال بدل أجر إلى النار كأني في ماء قد خشيت الغرق فخلصتني.

الواقدي: حدثنا عيسى بن النعمان، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر بن عبد الله قال: كان معاذ من أحسن الناس وجهًا وأحسنه خلقًا وأسمحه كفًا فادان فلزمه غرماؤه حتى تغيب أيامًا

وذكر الحديث وقال فيه: فقدم بغلمان.

الأعمش، عن شقيق قدم معاذ من اليمن برقيق فلقي عمر بمكة فقال: ما هؤلاء? قال: أهدوا لي، قال: ادفعهم إلى أبي بكر فأبى فبات فرأى كأنه يجر إلى النار وأن عمر يجذبه فلما أصبح قال: يابن الخطاب ما أراني إلَّا مطيعك إلى أن قال: فدفعهم أبو بكر إليه ثم أصبح فرآهم يصلون، قال: لمن تصلون? قالوا: لله، قال: فأنتم لله.

ابن جريج: أنبأنا ابن أبي الأبيض، عن أبي حازم، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بعث معاذًا ساعيًا على بني كلاب أو غيرهم فقسم فيهم فيئهم حتى لم يدع شيئًا حتى جاء بحلسه

ص: 276

الذي خرج به على رقبته. وعن نافع قال كتب عمر إلى أبي عبيدة ومعاذ انظروا رجالًا صالحين فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم.

روى أيوب، عن أبي قلابة، وغيره: أن فلانًا مر به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصوني فجعلوا يوصونه وكان معاذ بن جبل في آخر القوم فقال: أوصني يرحمك الله قال: قد أوصوك فلم يألوا وإني سأجمع لك أمرك اعلم أنه لا غنى بك، عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك إلى الآخرة أفقر فأبدأ بنصيبك من الآخرة فإنه سيمر بك على نصيبك من الدنيا فينتظمه ثم يزول معك أينما زلت.

روى حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن معاذ قال: ما بزقت على يميني منذ أسلمت.

قال أيوب بن سيار: عن يعقوب بن زيد، عن أبي بحرية قال: دخلت مسجد حمص فإذا بفتى حوله الناس جعد قطط إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ فقلت: من هذا? قالوا: معاذ بن جبل.

حريز بن عثمان: عن المشيخة، عن أبي بحرية، عن معاذ قال: ما عمل آدمي عملًا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله قالوا: يا أبا عبد الرحمن ولا الجهاد في سبيل الله? قال: ولا إلَّا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع لأن الله تعالى يقول في كتابه: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر} [العنكبوت: 45].

نعيم بن حماد: حدثنا ابن المبارك، حدثنا محمد بن مطرف، حدثنا أبو حازم، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، عن مالك الدار أن عمر رضي الله عنه أخذ أربع مائة دينار فقال لغلام: أذهب بها إلى أبي عبيدة ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع قال: فذهب بها الغلام فقال: يقول لك أمير المؤمنين خذ هذه فقال: وصله الله ورحمه ثم قال: تعالي يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها فرجع الغلام إلى عمر وأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فأرسله بها إليه فقال معاذ: وصله الله يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا ولبيت فلان بكذا فاطلعت امرأة معاذ فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا ولم يبق في الخرقة إلَّا ديناران فدحا بهما إليها ورجع الغلام فأخبر عمر فسر بذلك وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.

قرأت على إسحاق بن أبي بكر، أخبرك يوسف الحافظ، أنبأنا أبو المكارم اللبان، أخبرنا

ص: 277

أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي، حدثنا ابن قتيبة وأنبأنا أبو المعالي الغرافي، أنبأنا الفتح بن عبد الله، أنبأنا الأرموي وابن الداية والطرائفي قالوا: أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن، حدثنا جعفر بن محمد قالا: حدثنا يزيد بن موهب، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب أن أبا إدريس الخولاني أخبره أن يزيد بن عميرة وكان من أصحاب معاذ بن جبل قال كان لا يجلس مجلسًا إلَّا قال: الله حكم قسط تبارك اسمه هلك المرتابون

فذكر الحديث وفيه فقلت لمعاذ: ما يدريني أن الحكيم يقول كلمة الضلالة? قال: بلى اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال: ما هذه ولا يثنيك ذلك عنه فإنه لعله يرجع ويتبع الحق إذا سمعه فإن على الحق نورًا.

اللفظ لابن قتيبة.

سليمان بن بلال: عن موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة أن أبا عبيدة لما أصيب استخلف معاذ بن جبل يعني في طاعون عمواس اشتد الوجع فصرخ الناس إلى معاذ ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز قال: إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم وشهادة يخص الله بها من يشاء منكم أيها الناس أربع خلال من استطاع أن لا تدركه قالوا: ما هي? قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويأتي زمان يقول الرجل: والله ما أدري ما أنا لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة.

أحمد بن حنبل في "مسنده"، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا مسرة بن معبد، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: قال معاذ بن جبل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ستهاجرون إلى الشام فيفتح لكم ويكون فيه داء كالدمل أو كالوخزة يأخذ بمراق الرجل فيشهد أو فيستشهد الله بكم أنفسكم ويزكي بها أعمالكم" اللهم إن كنت تعلم أن معاذًا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه فأصابهم الطاعون فلم يبق منهم أحد فطعن في أصبعه السبابة فكان يقول: ما يسرني أن لي بها حمر النعم.

همام، حدثنا قتادة ومطر، عن شهر، عن عبد الرحمن بن غنم قال: وقع الطاعون بالشام فخطب الناس عمرو بن العاص فقال: هذا الطاعون رجز ففروا منه في الأودية والشعاب فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فغضب وجاء يجر ثوبه ونعلاه في يده فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين قبلكم فبلغ ذلك معاذًا فقال: اللهم اجعل نصيب آل معاذ الأوفر فماتت ابنتاه فدفنهما في قبر واحد،

ص: 278

وطعن ابنه عبد الرحمن فقال يعني لابنه لما سأله كيف تجدك? قال: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِين} [آل عمران: 60]، قال:{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين} [الصافات: 102]، قال: وطعن معاذ في كفه فجعل يقلبها ويقول: هي أحب إلي من حمر النعم فإذا سري عنه قال: رب! غم غمك فإنك تعلم أني أحبك.

ورأى رجلًا يبكي قال: ما يبكيك? قال: ما أبكي على دنيا كنت أصبتها منك ولكن أبكي على العلم الذي كنت أصيبه منك قال ولا تبكه فإن إبراهيم صلوات الله عليه كان في الأرض وليس بها علم فآتاه الله علمًا فإن أنا مت فاطلب العلم عند أربعة عبد الله بن مسعود وسلمان الفارسي وعبد الله بن سلام وعويمر أبي الدرداء.

ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف معاذًا على مكة حين خرج إلى حنين وأمره أن يعلمهم القرآن والدين.

أبو قحذم النضر بن معبد، عن أبي قلابة وعن ابن عمر قال: مر عمر بمعاذ وهو يبكي فقال: ما يبكيك? قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أدنى الرياء شرك وأحب العبيد إلى الله الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا شهدوا لم يعرفوا أولئك مصابيح العلم وأئمة الهدى"

(1)

.

أخرجه الحاكم وصححه وخولف، فإن النسائي قال: أبو قحذم ليس بثقة.

يوسف بن مسلم: حدثنا عبيد بن تميم، حدثنا الأوزاعي، عن عبادة بن نسي، عن ابن غنم قال: سمعت أبا عبيدة وعبادة بن الصامت يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين وإن الله يباهي به الملائكة".

قد أخرجه الحاكم "في صحيحه" فأخطأ وعبيد لا يعرف فلعله افتعله.

الأعمش: عن شهر بن حوشب، عن الحارث بن عميرة قال: إني لجالس عند معاذ وهو يموت وهو يغمى عليه ويفيق فقال: اخنق خنقك فوعزتك إني لأحبك.

قال يحيى بن بكير: سمعت مالكًا يقول: هو أمام العلماء رتوة.

(1)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 270" من طريق أبي قحذم النضر بن معبد، عن أبي قلابة، به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد!! ورده الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: أبو قحذم، قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس بثقة".

قلت: هو كما قال، فالإسناد ضعيف.

ص: 279

هلك بن ثمان وعشرين وقيل: ابن اثنتين وثلاثين.

هشيم: أنبأنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قبض معاذ وهو بن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة.

المدائني، عن أبي سفيان الغداني، عن ثور، عن خالد بن معدان أن عبد الله بن قرط قال: حضرت وفاة معاذ بن جبل فقال: روحوني ألقى الله مثل سن عيسى بن مريم بن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة.

قلت: يعني عندما رفع عيسى إلى السماء قال ضمرة بن ربيعة: توفي معاذ بقصير خالد من الأردن قال: يزيد بن عبيدة توفي معاذ سنة سبع عشرة وقال المدائني وجماعة: سنة سبع أو ثمان عشرة وقال ابن إسحاق والفلاس: سنة ثمان عشرة وقال أبو عمر الضرير: وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وكذا قال الواقدي في سنه وقال: توفي سنة ثمان عشرة رضي الله عنه.

ص: 280

‌92 - عبد الله بن مسعود

(1)

"ع":

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار.

الإمام الحبر فقيه الأمة أبو عبد الرحمن الهذلي المكي المهاجري البدري حليف بني زهرة.

كان من السابقين الأولين ومن النجباء العالمين شهد بدرًا وهاجر الهجرتين وكان يوم اليرموك على النفل ومناقبه غزيرة روى علمًا كثيرًا.

حدث عنه أبو موسى، وأبو هريرة، وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين وجابر وأنس وأبو أمامة في طائفة من الصحابة وعلقمة والأسود ومسروق وعبيدة وأبو وائلة وقيس بن أبي حازم وزر بن حبيش والربيع بن خثيم وطارق بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 342 - 344""3/ 150 - 161"، "6/ 13 - 14"، وتاريخ البخاري الكبير "3/ ق 1/ 2"، وتاريخه الصغير "1/ 60، 72، 73"، والجرح والتعديل "2/ ق 2/ 149"، تاريخ بغداد "1/ 147 - 150"، والإصابة "2/ ترجمة 4954"، وتذكرة الحفاظ "1/ 13"، وتهذيب التهذيب "6/ 27 - 28"، والتقريب "1/ 450"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3814"، وشذرات الذهب "1/ 32 - 63".

ص: 280

شهاب وزيد بن وهب وولداه أبو عبيدة وعبد الرحمن وأبو الأحوص عوف بن مالك وأبو عمرو الشيباني وخلق كثير.

وروى عنه القراءة: أبو عبد الرحمن السلمي وعبيد بن نضيلة وطائفة.

اتفقا له في "الصحيحين" على أربعة وستين وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين حديثًا.

ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثًا وله عند بقي بالمكرر ثماني مئة وأربعون حديثًا.

قال قيس بن أبي حازم: رأيته آدم خفيف اللحم وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: كان عبد الله رجلًا نحيفًا قصيرًا شديد الأدمة وكان لا يغير شيبه.

وروى الأعمش، عن إبراهيم قال: كان عبد الله لطيفًا فطنًا.

قلت: كان معدودًا في أذكياء العلماء.

وعن ابن المسيب، قال: رأيت بن مسعود عظيم البطن أحمش الساقين.

قلت: رآه سعيد لما قدم المدينة عام توفي سنة اثنتين وثلاثين وكان يعرف أيضًا بأمه فيقال له: ابن أم عبد.

قال محمد بن سعد: أمه هي أم عبد بنت عبد ود بن سوي من بني زهرة.

وروى عن علقمة، عن عبد الله قال: كناني النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبد الرحمن قبل أن يولد لي.

وروى المسعودي

(1)

، عن سليمان بن مينا، عن نويفع مولى ابن مسعود قال: كان عبد الله من أجود الناس ثوبًا أبيض وأطيب الناس ريحًا.

يعقوب بن شيبة: حدثني بشر بن مهران، حدثنا شريك، عن عثمان بن المغيرة، عن زيد بن وهب قال: قال عبد الله: إن أول شيء علمته من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت مكة مع عمومة لي أو أناس من قومي نبتاع منها متاعًا وكان في بغيتنا شراء عطر فأرشدونا على العباس فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فجلسنا إليه فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة له وفره جعدة إلى أنصاف أذنيه أشم أقنى أذلف أدعج العينين براق الثنايا دقيق المسربة شثن الكفين والقدمين كث اللحية عليه ثوبان

(1)

ضعيف: لاختلاط المسعودي.

ص: 281

أبيضان، كأنه القمر ليلة البدر يمشي على يمينه غلام حسن الوجه، مراهق، أو محتلم، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها حتى قصد نحو الحجر فاستلم ثم استلم الغلام واستلمت المرأة ثم طاف بالبيت سبعًا وهما يطوفان معه ثم استقبل الركن فرفع يده وكبر وقام ثم ركع ثم سجد ثم قام فرأينا شيئًا أنكرناه لم نكن نعرفه بمكة فأقبلنا على العباس فقلنا: يا أبا الفضل إن هذا الدين حدث فيكم أو أمر لم نكن نعرفه قال: أجل والله ما تعرفون هذا هذا ابن أخي محمد بن عبد الله والغلام علي بن أبي طالب والمرأة خديجة بنت خويلد امرأته أما والله ما على وجه الأرض أحد نعلمه يعبد الله بهذا الدين إلَّا هؤلاء الثلاثة

(1)

.

قال ابن شيبة: لا نعلم روى هذا إلَّا بشر الخصاف وهو رجل صالح.

محمد بن أبي عبيدة بن معن المسعودي، عن أبيه، عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة وما على ظهر الأرض مسلم غيرنا.

وقال ابن إسحاق: أسلم بن مسعود بعد اثنين وعشرين نفسًا وعن يزيد بن رومان قال: أسلم عبد الله قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم

(2)

.

أخبرنا أحمد بن سلامة، وأحمد بن عبد السلام إجازة، عن عبد المنعم بن كليب، أنبأنا علي بن بيان، أنبأنا محمد بن محمد، أنبأنا إسماعيل بن محمد "ح" وقرأت على أحمد بن إسحاق وعبد الحافظ بن بدران أخبركما أبو البركات الحسن بن محمد، أنبأنا محمد بن الخليل بن فارس في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة وأنا في الخامسة "ح" وأنبأنا علي بن محمد وعمر بن عبد المنعم وعبد المنعم بن عساكر وأبو علي بن الجلال وابن مؤمن قالوا: أنبأنا محمد بن هبة الله القاضي، أنبأنا حمزة بن علي الثعلبي "ح" وأنبأنا أبو جعفر محمد بن علي وأحمد بن عبد الرحمن قالا: أنبأنا أبو القاسم بن صصرى، أنبأنا أبو القاسم الحسين بن الحسن الأسدي وأبو يعلى بن الحبوبي "ح" وأنبأنا إبراهيم بن أحمد

(1)

ضعيف: فيه شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، ضعيف لسوء حفظه.

(2)

ضعيف: يزيد بن رومان من الطبقة الخامسة، فالحديث معضل، سقط من إسناده راويان. راجع تدريب الراوي "ص 177"، ط/ دار الحديث بتحقيقنا.

وقد عرفه السيوطي: بأنه ما سقط من إسناده اثنان فأكثر بشرط التوالي، أما إذا لم يتوال فهو منقطع في موضعين. وهذا الحديث أخرجه ابن سعد "3/ 151".

ص: 282

الطائي، ومحمد بن الحسن الأرموي والحسن بن علي الدمشقي وإسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي وأحمد بن مؤمن وست الفخر بنت عبد الرحمن قالوا: أخبرتنا كريمة بنت عبد الوهاب القرشية، أنبأنا أبو يعلى حمزة بن الحبوبي قالوا: أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه، أنبأنا عبد الرحمن بن عثمان التميمي، أنبأنا إبراهيم بن أبي ثابت قالا: أنبأنا الحسن بن عرفة العبدي "ح"، وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد والمسلم بن محمد وعلي بن أحمد قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد الشيباني، حدثني أبي قالا: أنبأنا أبو بكر بن عياش، حدثني عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال: "يا غلام هل من لبن"؟ قلت: نعم ولكني مؤتمن قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل? فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلب في إناء فشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع: "اقلص" فقلص" زاد أحمد قال: ثم أتيته بعد هذا ثم اتفقا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القوم فمسح رأسي وقال: "يرحمك الله إنك غليم معلم"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد ورواه أبو عوانة، عن عاصم بن بهدلة وفيه زيادة منها فلقد أخذت من فيه صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ما نازعني فيها بشر ورواه إبراهيم بن الحجاج السامي، عن سلام أبي المنذر، عن عاصم وفيه قال: فأتيته بصخرة منقعرة فحلب فيها قال: فأسلمت وأتيته.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 379"، وأبو يعلى "5096"، والطبراني في "الكبير""9/ 4856، 8457"، والبيهقي في "دلائل النبوة""6/ 84" من طرق عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود به.

قلت: إسناده حسن، عاصم، هو ابن أبي النجود، صدوق، كما قال الحافظ في "التقريب"، وزر، هو ابن حبيش بن حباشة، بضم المهملة الأسدي الكوفي ثقة مخضرم.

قوله: "ينز عليها الفحل": النزو: الوثبان. وقال الفراء: الأنزاء حركات التيوس عند السفاد. ويقال للفحل: إنه لكثير النزاء، أي النزو.

وقال ابن سيده: النزاء الوثب، وقيل: هو النزوان في الوثب، وخص بعضهم به الوثب إلى فوق، نزا ينزو نزوا ونزاء ونزوا ونزوانا.

قوله: "اقلص، فقلص": أي اجتمع.

وقوله: "إنك غليم معلم": أي ملهم للصواب والخير، كقوله تعالى:{مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} [الدخان: 14]، أي له من يعلمه.

ص: 283

عبيد الله بن موسى وغيره: حدثنا إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ستة فقال المشركون اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل ورجلان نسيت اسمهما فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وحدث به نفسه فأنزل الله تعالى {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ} [الأنعام: 52]

(1)

.

رواه قبيصة، عن الثوري، عن المقدام.

بن إسحاق، حدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه قال: أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود.

أبو بكر، عن عاصم، عن زر قال: أول من قرأ آية، عن ظهر قلبه عبد الله بن مسعود.

قلت: هذا مؤول فقد صلى قبل عبد الله جماعة بالقرآن.

أبو داود في "سننه"، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير وابن مسعود

(2)

.

وروى مثله سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس رواه الحاكم في "مستدركه"

(3)

.

وفيه لمجاهد، عن عبد الله بن سخبرة قال: رأيت ابن مسعود آدم لطيف الجسم ضعيف اللحم.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2413""46" من طريق إسرائيل، به.

وقد تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "511".

(2)

صحيح: أبو سلمة، هو موسى بن إسماعيل المنقري، التبوذكي ثقة ثبت، من صغار الطبقة التاسعة، روى له الجماعة، والحديث ليس في سنن أبي داود. لكن أخرجه الحاكم "3/ 314" من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، حدثنا عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال:"آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود".

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي في "التلخيص".

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا سفيان بن حسين، فقد روى له البخاري تعليقا، وروى له مسلم وأصحاب السنن، وهو ثقة.

(3)

صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 314"، وقد خرجته في التعليق السابق.

ص: 284

قلت أكثر من آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم مهاجري وأنصاري.

قال موسى بن عقبة: وممن قدم من مهاجرة الحبشة الهجرة الأولى إلى مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود ثم هاجر إلى المدينة.

يحيى الحماني، حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن عكرمة قال ابن عباس: ما بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد إلَّا أربعة أحدهم ابن مسعود

(1)

.

شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص سمعت أبا مسعود وأبا موسى حين مات عبد الله بن مسعود وأحدهما يقول لصاحبه: أتراه ترك بعده مثله? قال: لئن قلت ذاك لقد كان يؤذن له إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا

(2)

.

يحيى، عن قطبة، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص بنحوه

(3)

.

وأخرج البخاري والنسائي من حديث أبي موسى قال: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينًا وما نحسب ابن مسعود وأمه إلَّا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة دخولهم وخروجهم عليه

(4)

.

الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي موسى قال: والله لقد رأيت عبد الله وما أراه إلَّا عبد آل محمد صلى الله عليه وسلم.

(1)

ضعيف جدا: في إسناده يحيى بن سلمة بن كهيل، قال أبو حاتم وغيره: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال يحيى: ليس بشيء، لا يكتب حديثه.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2461""112" من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة به.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم "2461""113" من طريق يحيى بن آدم، حدثنا قطبة "هو ابن عبد العزيز"، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص قال:"كنا في دار أبي موسى مع نفر مع أصحاب عبد الله، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم. فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن له إذا حجبنا".

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "4384"، ومسلم "2460""110" من طريق يحيى بن آدم، حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: فذكره.

وأخرجه البخاري "3763" من طريق إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، قال: حدثني أبي، عن أبي إسحاق به.

ص: 285

حدثنا السلفي، حدثنا الثقفي، أنبأنا ابن بشران، أنبأنا محمد بن عمرو، حدثنا محمد بن عبد الجبار، حدثنا حفص بن غياث، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله إذنك علي أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى أنهاك"

(1)

.

رواه الثوري، وزائدة، عن الحسن بن عبيد الله وفي لفظ "أن ترفع الستر وأن تستمع سوادي".

ورواه سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن رجل سماه، عن إبراهيم بن سويد، عن عبد الله وهذا منقطع وكذا رواه ابن مهدي، عن سفيان، عن الحسن والسواد السرار وقيل المحادثة.

وفي "مسند أحمد" من طريق ابن عون، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن قال: قال ابن مسعود: كنت لا أحبس، عن النجوى وعن كذا وعن كذا

(2)

.

وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: كان ابن مسعود صاحب سواد رسول الله -يعني سره- ووساده -يعني فراشه- وسواكه ونعليه وطهوره وهذا يكون في السفر

(3)

.

ابن سعد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: كان عبد الله يلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه ثم يمشي أمامه بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعه وأعطاه العصا وكان يدخل الحجرة أمامه بالعصا

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2169".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 385"، والحاكم "4/ 182" من طريق ابن عون، عن عمرو بن سعيد، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد: ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 153" من طريق الواقدي، عن عبد الرحمن بن محمد، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، به.

قلت: إسناده واه، آفته الواقدي، وهو متروك، كما قال الحافظ في "التقريب".

(4)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 153". قلت: إسناده ضعيف فيه علتان: الأولى: المسعودي، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي اختلط قبل موته.

الثانية: الإرسال، القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي، روى عن جده عبد الله بن مسعود مرسلا.

ص: 286

المسعودي، عن عياش العامري، عن عبد الله بن شداد قال: كان عبد الله صاحب الوساد والسواك والنعلين

(1)

.

الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} [المائدة: 93] الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قيل لي أنت منهم" رواه مسلم

(2)

.

منصور والأعمش، عن أبي وائل قال: كنت مع حذيفة فجاء ابن مسعود فقال حذيفة: إن أشبه الناس هديًا ودلًا وقضاءً وخطبة برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع لا أدري ما يصنع في أهله لعبد الله بن مسعود ولقد علم المتهجدون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله من أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة

(3)

.

لفظ منصور: كذا قال المتهجدون، ولعله المجتهدون.

الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كنا عند عبد الله فجاء خباب بن الأرت حتى قام علينا في يده خاتم من ذهب فقال: أكل هؤلاء يقرءون كما تقرأ? فقال عبد الله: إن شئت أمرت بعضهم يقرأ قال: أجل فقال: اقرأ يا علقمة فقال فلان: أتأمره أن يقرأ وليس بأقرئنا? قال عبد الله إن شئت حدثتك بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه وقومك قال علقمة: فقرأت خمسين آية من سورة مريم فقال عبد الله: ما قرأ إلَّا كما أقرأ ثم قال عبد الله: ألم يأن لهذا الخاتم أن يطرح? فنزعه ورمى به وقال: والله لا تراه علي أبدًا.

شيبان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص قال: أتيت أبا موسى وعنده عبد الله وأبو مسعود الأنصاري وهم ينظرون إلى مصحف فت، حدثنا ساعة، ثم

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 153"، وأبو نعيمة في "الحلية""1/ 126"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 550" من طريق المسعودي، به.

قلت: إسناده ضعيف، المسعودي اختلط، وهو آفة الإسناد.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2459"، والترمذي "3053" من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، به.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "6097" من طريق الأعمش، عن شقيق، به.

وأخرجه البخاري "3762"، والترمذي "3807" من طريق أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: فذكره بنحوه.

ص: 287

خرج عبد الله وذهب فقال أبو مسعود: والله ما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ترك أحدًا أعلم بكتاب الله من هذا القائم

(1)

.

الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال عبد الله: والذي لا إله غيره لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته

(2)

.

جامع بن شداد: حدثنا عبد الله بن مرداس كان عبد الله يخطبنا كل خمس على رجليه فنشتهي أن يزيد.

الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال ابن مسعود: لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي رجلان.

جابر بن نوح، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: ما نزلت آية من كتاب الله إلَّا وأنا أعلم أين نزلت وفيما نزلت الحديث.

الثوري، عن أبي إسحاق، عن خمير بن مالك قال: قال عبد الله: لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد له ذؤابة يلعب مع الغلمان

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2461""113" من طريق قطبة "هو ابن عبد العزيز" عن الأعمش، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5002"، ومسلم "2463" من طريق الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، به.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 389، 405، 414، 442"، وابن أبي شيبة "10/ 500"، وابن أبي داود في "المصاحف "ص 14"، والحاكم "3/ 228"، والطبراني في "الكبير" "9/ 8435، 8436" من طريق سفيان الثوري، به.

وأخرجه الطيالسي "405"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص 15"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 125" من طريق أبي إسحاق، به. نحوه.

قلت: إسناده ضعيف، آفته خمير بن مالك الكوفي، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ ق 2/ 391"، وقال: روى عنه أبو إسحاق الهمداني -حسب- ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""9/ 8439"، وأبو نعيم "في الحلية""1/ 125" من طريق عبدان بن أحمد، عن الحسين بن مدرك، عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن أبي سعيد الأزدي، عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين أبي بشر وهو جعفر بن أبي وحشية وسليمان بن قيس اليشكري، فإنه لم يسمع منه. =

ص: 288

عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن شقيق قال عبد الله:{وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَة} [آل عمران: 161]، على قراءة من تأمروني أن أقرأ? لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ولقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب الله ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني لرحلت إليه قال شقيق: فجلست في حلق من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدًا منهم يعيب عليه شيئًا مما قال ولا يرد عليه

(1)

.

شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله أنهم ذكروا قراءته فكأنهم عابوه فقال: لقد علم أصحاب رسول الله أني أقرؤهم لكتاب الله ثم كأنه ندم فقال: ولست بخيرهم

(2)

.

سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: لما أمر عثمان بتشقيق المصاحف قام عبد الله خطيبًا فقال: لقد علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله ثم قال: وما أنا بخيرهم

(3)

.

= وأخرجه الطبراني "9/ 8441"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص 16 - 17" من طريق محمد بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""9/ 8443" من طريق عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود به.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""9/ 8444، 8445" من طريق ثوبر بن أبي فاختة، عن أبيه، عن ابن مسعود، وأخرجه أحمد "1/ 411"، والبخاري "5000" ومسلم "2462""114"، والنسائي "8/ 134"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص 15، 16"، والطبراني في "الكبير""9/ 8448" من طرق عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: فذكره.

وأخرجه النسائي "8/ 134"، والطبراني في "الكبير""9/ 8437" من طريق عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن عبد الله، به.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2462" من طريق عبدة بن سليمان، حدثنا الأعمش، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5000" حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا شفيق بن سلمة، به نحوه.

(3)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، فيه سويد بن سعيد، أبو محمد الهروي الحدثاني الأنباري، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وروى الترمذي عن البخاري أنه ضعيف جدا. وقال مرة: ضعيف.

وقال صالح جزرة: سويد صدوق، إلا أنه كان عمي، فكان يلقن ما ليس من حديثه. لكن يشهد له ما قبله فيرتقي لدرجة الصحة.

ص: 289

زائدة وأبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بين أبي بكر وعمر وعبد الله قائم يصلي فافتتح سورة النساء يسجلها فقال صلى الله عليه وسلم:"من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد" فأخذ عبد الله في الدعاء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سل تعط" فكان فيما سأل اللهم إني أسألك إيمانًا لا يرتد ونعيمًا لا ينفد ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد فأتى عمر عبد الله يبشره فوجد أبا بكر خارجًا قد سبقه فقال: إنك لسباق بالخير

(1)

.

رواه يزيد بن هارون، عن عبيدة، عن أبي وائل، عن عبد الله.

أبو معاوية، وغيره، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة "ح" والأعمش، عن خيثمة، عن قيس بن مروان أنه أتى عمر فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركت بها رجلًا يملي المصاحف، عن ظهر قلب فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرجل فقال: ومن هو ويحك? فقال ابن مسعود فما زال يطفئ غضبه ويتسرى عنه حتى عاد إلى حاله ثم قال: ويحك! والله ما أعلم بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه وسأحدثك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في الأمر من أمر المسلمين وإنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه فإذا رجل قائم يصلي في المسجد فقام رسول الله يسمع قراءته فلما كدنا أن نعرفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" قال: ثم جلس يدعو فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: "سل تعطه" فقلت: والله لأغدون إليه فلأبشره قال: فغدوت فوجدت أبا بكر قد سبقني

(2)

.

رواه أحمد في "مسنده"، عن أبي معاوية وروى نحوه يحيى بن سعيد الأموي، عن مالك بن مغول، عن حبيب بن أبي ثابت، عن خيثمة

فذكر القصة.

محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن إسماعيل بن صخر الأيلي، عن أبي عبيدة بن محمد

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 445 - 446، 454" من طريق عاصم، عن زر، عن عبيد الله، به.

قلت: إسناده حسن، عاصم، هو ابن بهدلة، صدوق، وحديثه في "الصحيحين" مقرون.

(2)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "2/ 280"، "10/ 520"، وأحمد "1/ 25 - 26"، والنسائي "8256"، وأبو يعلى "194، 195"، وابن خزيمة "1156، 1341"، ومحمد بن نصر في "قيام الليل""50" من طريق أبي معاوية به. بالإسناد الأول، ورواه بالإسنادين جميعا البزار "327"، والنسائي في "الكبرى""8275"، والطبراني في الكبير" "8422" من طرق عن الأعمش، به.

ص: 290

بن عمار، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بابن مسعود وهو يقرأ حرفًا حرفًا فقال:"من سره أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليسمعه من ابن مسعود".

أحمد بن حنبل في "المسند"، حدثنا وكيع، عن عيسى بن دينار، عن أبيه، عن عمرو بن الحارث المصطلقي، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ما قبله وروى جرير بن أيوب البجلي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه

(1)

.

زهير بن معاوية، عن منصور، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو كنت مؤمرًا أحدًا، عن غير مشورة لأمرت عليهم ابن أم عبد"

(2)

.

رواه وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق

(3)

ورواه أبو سعيد مولى بني هاشم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق

(4)

وقد رواه القاسم بن معن، عن منصور فقال: عاصم بن ضمرة بدل الحارث

(5)

ولفظ وكيع: "لو كنت مستخلفًا من غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد".

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "2/ 446"، وأبو يعلى "6106" والبزار "2682"، وكشف الأستار، والعقيلي في "الضعفاء""1/ 197 - 198" من طريق جرير بن أيوب البجلي، به.

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته جرير بن أيوب البجلي الكوفي، قال يحيى: ليس بشيء، وقال أبو نعيم: كان يضع الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. لكن الحديث صحيح بما قبله.

(2)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 107، 108" والترمذي "3808"، والبزار "837"، والخطيب "تاريخه""1/ 148" من طرق عن زهير بن معاوية، به.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف الحارث، وهو ابن عبد الله الأعور الهمداني، صاحب علي رضي الله عنه فقد أجمعوا على ضعفه.

(3)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 95" من طريق وكيع، عن سفيان، به.

وفيه الحارث بن عبد الله الأعور، وهو ضعيف، كما بينا.

(4)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 76" من طريق أبي سعيد، عن إسرائيل، به.

وابن سعد في "الطبقات""3/ 154"، والبزار "852"، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ""2/ 534" من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، به.

قلت: وفي إسناده الحارث بن عبد الله الأعور، وهو ضعيف بالاتفاق.

(5)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 318" من طريق القاسم بن معن، عن منصور، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رفعه بلفظ:"لو كنت مستخلفا أحدا من غير مشورة لا ستخلفت عليهم ابن أم عبد".

وقال الحاكم: صحيح الإسناد: فرده الذهبي في "التلخيص" بقوله: "عاصم، ضعيف".

قلت: فالحديث هو حديث الحارث بن عبد الله الأعور، كما ورد عن زهير عن منصور، وغيره عن منصور.

ص: 291

ابن فضيل، حدثنا مغيرة، عن أم موسى سمعت عليًّا يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد شجرة يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله فضحكوا من حموشة ساقيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تضحكون? لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد"

(1)

.

ورواه جرير، عن مغيرة وروى حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله نحوه ورواه أبو عتاب الدلال، عن شعبة، عن معاوية بن قرة بن إياس المزني، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال

(1)

صحيح لغيره: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 114"، وابن سعد "3/ 155"، وأحمد "1/ 144"، والبخاري في "الأدب المفرد""237"، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ""2/ 546"، وأبو يعلى "539" من طريق محمد بن فضيل، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه أم موسى سرية علي، قيل اسمها فاختة، وقيل حبيبة، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبولة، أي عند المتابعة.

وأخرجه الطيالسي "355"، وأحمد "1/ 420 - 421"، وابن سعد "3/ 155"، والبزار "2678"، كشف الأستار، وأبو يعلى "5310، 5365"، والطبراني في "الكبير""8452"، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 127" من طرق عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود أنه كان يجتني سواكا من الأراك، وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مم تضحكون"؟ قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقيه، فقال:"والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أحد".

قلت: إسناده حسن، من أجل عاصم، وهو ابن أبي النجود، فهو صدوق.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير""8453" من طريق جعفر بن عون، عن المعلى بن عرفان، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، به مرفوعا.

وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير""8454" من طريق جعفر بن مسافر، عن ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن ابن أبي حرملة مولى حويطب، عن سارة بنت عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود، به.

وله شاهد من حديث قرة بن إياس، عند البزار "2677"، كشف الأستار والطبراني في "الكبير""19/ 59"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 546".

ص: 292

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"

(1)

.

رواه جماعة هكذا عنه ورواه أسباط، عن الثوري فأإسقط منه مولى ربعي ورواه مسعر، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي ورواه سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي، عن حذيفة وقال وكيع: عن سالم المرادي فقال: عن عمرو بن مرة والأول أشبه ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

فذكره.

وقال يحيى بن يعلى: حدثنا زائدة، عن منصور، عن زيد بن وهب، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد"

(2)

.

رواه الثوري وإسرائيل، عن منصور فقال: عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلًا وكذا قال ابن عيينة: عن أبي العميس، عن القاسم مرسلًا

(3)

.

وقال أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء: حدثنا جعفر بن عون، عن المسعودي، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد"

(4)

.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أحمد الفقيه، حدثنا هبة الله بن الحسن الدقاق، حدثنا أبو الفضل عبد الله بن علي سنة أربع وثمانين وأربع مائة، أنبأنا أبو

(1)

صحيح بطرقه: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "571"، وقد ورد من حديث ابن مسعود، وحذيفة، وأنس رضي الله عنهم كما خرجت الحديث في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" ط/ دار الجيل - بيروت لبنان "ص 122 - 123"، وخرجته في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية"، ط/ دار الحديث تعليق رقم "228" في الجزء الأول، فراجعه ثمت إن شئت.

(2)

صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 317" من طريق يحيى بن يعلى، به.

وقال الحاكم: إسناده صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "وله علة" من حديث سفيان الثوري. وبين الذهبي العلة في "التلخيص" فقال:"وعلته أن سفيان وإسرائيل روياه عن منصور، عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا".

قلت: إسناد الحاكم صحيح، رجاله رجال الشيخين.

(3)

صحيح بما قبله: أخرجه الحاكم "3/ 318"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 549".

(4)

صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 319" من طريق محمد بن عبد الوهاب العبدي، به.

ص: 293

الحسين بن بشران، أنبأنا محمد بن عمرو، حدثنا عباس بن محمد، حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال: صعد ابن مسعود شجرة فجعلوا يضحكون من دقة ساقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لهما في الميزان أثقل من أحد"

(1)

.

حاتم بن الليث، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن ابن أبي حرملة حدثتني سارة بنت عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده إن عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد"

(2)

.

علي بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ علي القرآن" قلت: يا رسول الله اقرأ عليك وعليك أنزل? قال: "إني أشتهي أن أسمعه من غيري" فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]، فغمزني برجله فإذا عيناه تذرفان"

(3)

.

رواه أبو الأحوص، عن الأعمش فقال: علقمة بدل عبيدة ورواه شعبة والثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله منقطعًا.

البزار صاحب "المسند"، حدثنا أحمد بن مالك، حدثنا مفضل بن محمد الكوفي، حدثنا الأعمش ومغيرة وابن مهاجر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال استقرأني النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم على المنبر سورة النساء فقرأت حتى بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ

(1)

صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 317"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 546". وراجع تخريجنا السابق "653".

(2)

صحيح لغيره: أخرجه الطبراني في "الكبير""8454" من طريق جعفر بن مسافر التنيسي، حدثنا ابن أبي فديك به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان الأولى: موسى بن يعقوب الزمعي، قال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن المديني: ضعيف منكر الحديث.

الثانية: سارة بنت عبد الله بن مسعود، لا تعرف. لكن الحديث يصح بالطرق التي ذكرناها في تخريجنا وتعليقنا السابق رقم "653".

(3)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 563"، وأحمد "1/ 380، 433"، والبخاري "4582، 5049، 5050، 5056"، ومسلم "800"، وأبو داود "3668"، والترمذي "3028"، وفي "الشمائل""316"، والبيهقي "10/ 231"، والبغوي في "شرح السنة""1220"، وأبو يعلى "5228"، والطبراني "8460، 8461" من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم به.

ص: 294

بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. فاغرورقت عينا النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "من سره أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد".

مفضل تركه أبو حاتم ومشاه غيره.

الحميدي في "مسنده"، حدثنا سفيان، حدثنا المسعودي، عن القاسم قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن مسعود:"اقرأ" فقال: أقرأ وعليك أنزل? ........... الحديث

(1)

.

أخبرنا سنقر القضائي، حدثنا عبد اللطيف بن يوسف وعبد اللطيف بن محمد القبيطي وجماعة قالوا: حدثنا محمد بن عبد الباقي، حدثنا مالك بن أحمد، حدثنا أحمد بن محمد بن الصلت، حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد، حدثنا عبيد بن أسباط، حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"

(2)

.

عفان: حدثنا الأسود بن شيبان، حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب قال: قال عمرو بن العاص في مرضه وقد جزع فقيل له: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك قال: والله ما أدري ما كان ذاك منه أحب أو كان يتألفني ولكن أشهد على رجلين أنه مات وهو يحبهما بن أم عبد وابن سمية

(3)

.

أبو نعيم: حدثنا فطر بن خليفة، عن كثير النواء سمعت عبد الله بن مليل سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لم يكن نبي إلَّا وقد أعطي سبعة نجباء رفقاء وزراء وإني أعطيت أربعة عشر حمزة وأبو بكر وعمر وعلي وجعفر وحسن وحسين وابن مسعود وأبو ذر والمقداد وحذيفة وعمار وسلمان"

(4)

.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه الحميدي "101"، وهو مرسل، لكن يشهد له ما قبله.

(2)

صحيح بطرقه: سبق تخريجنا له برقم تعليق "577".

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 199" من طريق عفان، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا الأسود بن شيبان السدوسي، البصري، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" ولم يرو له في "الصحيح" وروى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وهو ثقة.

(4)

ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 128" من طريق فطر بن خليفة، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته كثير النواء، ضعفه أبو حاتم، والنسائي، وقال ابن عدي: مفرط في التشيع. وأخرجه الترمذي "3785"، وفيه كثير النواء.

ص: 295

رواه علي بن هاشم بن البريد، عن كثير فوقفه على علي رضي الله عنه وهو أشبه.

أنبئت، عن الخشوعي وغيره أن مرشد بن يحيى أنبأهم قال: أنبأنا أبو الحسن الطفال، أنبأنا أبو الطاهر الذهلي، أنبأنا أبو أحمد محمد بن عبدوس، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا وكيع، عن أبيه وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: انتهيت إلى أبي جهل وهو صريع وهو يذب الناس بسيفه فقلت: الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله! قال: هل هو إلَّا رجل قتله قومه فجعلت أتناوله بسيف لي فأصبت يده فندر سيفه فأخذته فضربته به حتى برد ثم خرجت حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأنما أقل من الأرض فأخبرته فقال: "الله الذي لا إله إلَّا هو" قال: فقام معي حتى خرج يمشي معي حتى قام عليه فقال: "الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله هذا كان فرعون هذه الأمة"

(1)

.

قال وكيع: وزاد فيه أبي، عن أبي عبيدة قال عبد الله: فنفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه.

أحمد بن يونس: حدثنا أبو شهاب الحناط، عن محتسب البصري، عن محمد بن واسع، عن ابن خثيم، عن أبي الدرداء قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة خفيفة فلما فرغ من خطبته قال: "يا أبا بكر! قم فاخطب" فقام أبو بكر فخطب فقصر دون النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: "يا عمر قم فاخطب" فقام عمر فقصر دون أبي بكر ثم قال: "يا فلان قم فاخطب" فشقق القول فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسكت أو اجلس فإن التشقيق من الشيطان وإن البيان من السحر" وقال: "يابن أم عبد قم فاخطب" فقام فحمد الله واثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن الله عز وجل ربنا وإن الإسلام ديننا وإن القرآن إمامنا وإن البيت قبلتنا وإن هذا نبينا وأومأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم رضينا ما رضي الله لنا ورسوله وكرهنا ما كره الله لنا ورسوله والسلام عليكم.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 444"، وابن أبي شيبة "14/ 373" من طريق وكيع، به.

قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين أبي عبيدة، وهو ابن عبد الله بن مسعود وبين أبيه. وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وأبو إسحاق، هو عمرو بن عبد الله السبيعي.

وأخرجه ابن أبي شيبة "12/ 373"، وأبو داود "3722"، وأبو يعلى "5231"، من طريق وكيع، عن أبيه الجراح بن مليح، عن أبي إسحاق، به.

قوله: "صريع": أي مصروع.

وقوله: "هل هو إلا رجل قتله قومه". أي مثله لا يستعظم كما استعظمته.

فندر سيفه: أي سقط من يده.

قوله: "أقل من الأرض": بضم الهمزة على بناء المفعول: أي أرفع من الأرض من السرعة في المشي والفرحة بقتله.

ص: 296

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصاب ابن أم عبد وصدق رضيت بما رضي الله لأمتي وابن أم عبد وكرهت ما كره الله لأمتي وابن أم عبد"

(1)

.

إسناده منقطع رواه الطبراني في معجمه ونقلته من خط الحافظ عبد الغني هكذا ابن خثيم وإنما هو سعيد بن جبير، عن أبي الدرداء هكذا هو في تاريخ دمشق ورواه محمد بن جعفر الوركاني، عن أبي شهاب نحوه وسعيد لم يدرك أبا الدرداء ولا أدري من هو محتسب.

إسرائيل، عن أبي إسحاق سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال: قلنا لحذيفة: أخبرنا برجل قريب السمت والدل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نلزمه قال: ما أعلم أحدًا أقرب سمتًا ولا هديًا ولا دلًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يواريه جدار بيته من ابن أم عبد ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفة

(2)

.

قوله: ولقد علم

إلخ رواه غندر، عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: حدثني الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة.

نعيم: حدثنا ابن المبارك، عن الأعمش، عن أبي وائل أن عبد الله ذكر عثمان فقال: أهلكه الشح وبطانة السوء

(3)

.

الفسوي: حدثنا ابن نمير، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كان عبد الله يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته وكان علقمة يشبه بعبد الله

(4)

.

الثوري، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة إنني قد بعثت إليكم عمارًا أميرًا وابن مسعود معلمًا ووزيرًا وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر فاسمعوا لهما واقتدوا بهما وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي.

(1)

ضعيف: إسناده منقطع بين ابن خثيم، وهو عبد الله بن عثمان بن خثيم القاري المكي -من الطبقة الخامسة- وأبي الدرداء، رضي الله عنه.

(2)

صحيح: أخرجه بلفظه الترمذي "3708" من طريق إسرائيل، والبخاري "3762" من طريق شعبة كلاهما عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، به.

(3)

ضعيف: فيه نعيم، وهو ابن حماد الخزاعي، لين، وقد روى له البخاري مقرونا.

(4)

صحيح: أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 545".

ص: 297

الأعمش، عن خيثمة قال: كنت جالسًا عند عبد الله بن عمرو فذكر ابن مسعود فقال: لا أزال أحبه بعد إذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استقرءوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وأُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة"

(1)

.

أخرجه النسائي وقد رواه شعبة ووكيع وسفيان وأبو معاوية ويعلى، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو فلعله عند الأعمش بالإسنادين وقد رواه شعبة أيضًا، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن مسروق ورواه زيد بن أبي أنيسة، عن طلحة بن مصرف، عن مسروق.

أخبرنا ابن علان وغيره كتابة أن حنبل بن عبد الله أخبرهم قال: أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا الأسود بن عامر، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن خمير بن مالك قال: أمر بالمصاحف أن تغير فقال ابن مسعود: من استطاع منكم أن يغل مصحفه فليغله فإنه من غل شيئًا جاء به يوم القيامة ثم قال: لقد قرأت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم?!

(2)

.

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"، عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن خمير سمعت ابن مسعود إني غال مصحفي،

وذكر الحديث

(3)

.

الواقدي: أنبأنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن زيد بن وهب قال: قدم علينا عبد الله فدخلنا إليه فقلنا: اقرأ علينا سورة البقرة قال: لا أحفظها تفرد به الواقدي وهو متروك.

إبراهيم بن سعد، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن ابن مسعود كره

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3758" من حديث عبد الله بن عمرو.

وقد تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "557".

(2)

صحيح: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "642"، وهو عند أحمد "1/ 389، 405، 414، 442"، وابن أبي شيبة "10/ 100"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص 14"، والحاكم "3/ 228"، وغيرهم فراجعه ثمت.

(3)

صحيح: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "642"، وهو عند الطيالسي "405"، وابن أبي داود في "المصاحف""ص 15"، وأبي نعيم في "الحلية""1/ 125".

ص: 298

لزيد بن ثابت نسخ المصاحف وقال: يا معشر المسلمين أعزل، عن نسخ المصاحف ويولاها رجل والله لقد أسلمت وأنه لفي صلب أبيه كافر يريد زيد بن ثابت ولذاك يقول عبد الله: يا أهل الكوفة اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها فإن الله قال {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] فالقوا الله بالمصاحف.

قال الزهري: فبلغني أن ذلك كره من مقالة ابن مسعود كرهه رجال من الصحابة.

أبو يعلى الموصلي: حدثنا سعيد بن أشعث، حدثنا الهيصم بن شداخ سمعت الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن علقمة، عن عبد الله قال: عجب للناس وتركهم قراءتي وأخذهم قراءة زيد وقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صاحب ذؤابة يجيء ويذهب في المدينة

(1)

.

سعدويه: حدثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: خطب ابن مسعود على المنبر فقال: غلوا مصاحفكم كيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة وإن زيدًا ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان

(2)

.

قلت: إنما شق على ابن مسعود لكون عثمان ما قدمه على كتابة المصحف وقدم في ذلك من يصلح أن يكون ولده وإنما عدل عنه عثمان لغيبته عنه بالكوفة ولأن زيدًا كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إمام في الرسم وابن مسعود فإمام في الأداء ثم إن زيدًا هو الذي ندبه الصديق لكتابة المصحف وجمع القرآن فهلا عتب على أبي بكر? وقد ورد أن ابن مسعود رضي وتابع عثمان ولله الحمد وفي مصحف ابن مسعود أشياء أظنها نسخت وأما زيد فكان أحدث القوم بالعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم عام توفي على جبريل.

قال عبد السلام بن حرب: عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال: كنا نعد عبد الله حنانًا فما باله يواثب الأمراء? رواه ابن أبي داود في "المصاحف".

وبإسنادين في "مسند أحمد"، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن عابس قال: حدثنا رجل من همدان من أصحاب عبد الله قال: لما أراد عبد الله أن يأتي

(1)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، فيه الهيصم بن الشداخ، قال ابن حبان: يروي الطامات. لكن الحديث صحيح، قد خرجته بإسهاب في تعليقنا رقم "642" فليراجع ثمت.

(2)

صحيح: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "642".

ص: 299

المدينة جمع أصحابه فقال: والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والعلم بالقرآن والفقه إن هذا القرآن أنزل على حروف والله إن كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط فإذا قال القارئ: هذا أقرأني قال: أحسنت وإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: أعجل وحي هلا

(1)

.

أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال: لما بعث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالمجيء إلى المدينة اجتمع إليه الناس فقالوا: أقم فلا تخرج ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه فقال: إن له علي طاعة وإنها ستكون أمور وفتن لا أحب أن أكون أول من فتحها فرد الناس وخرج إليه.

محمد بن سنجر

(2)

في "مسنده"، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا عباد، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود قد مر مثل هذا من وجه آخر قوي

(3)

.

شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الله قال: كنا إذا تعلمنا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم نتعلم من العشر التي نزلت بعدها حتى نعلم ما فيها يعني من العلم

(4)

.

مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال سئل علي، عن ابن مسعود فقال: قرأ القرآن ثم وقف عنده وكفى به.

وروي نحوه من وجه آخر، عن علي وزاد وعلم السنة.

وأخرج مسلم من حديث الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص قال: أتينا أبا موسى فوجدت عنده عبد الله وأبا مسعود وهم ينظرون في مصحف فتحدثنا

(1)

ضعيف: لجهالة الرجل من همدان، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، والحديث عند أحمد "1/ 405، من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، به.

(2)

هو أبو عبد الله، محمد بن سنجر، الحافظ الكبير، قال ابن أبي حاتم: ثقة.

ترجمته في تذكرة الحفاظ "ص 578 - 579".

(3)

صحيح: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "627.

(4)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، لضعف شريك في حفظه ولاختلاط عطاء بن السائب، لكن ورد عند ابن جرير في "تفسيره" من طريق الأعمش، عن شفيق، عن ابن مسعود، قال:"كان الحاج منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" وإسناده صحيح.

ص: 300

ساعة ثم راح عبد الله فقال أبو مسعود: لا والله لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك أحدًا أعلم بكتاب الله من هذا القائم

(1)

.

الأعمش، عن زيد بن وهب قال: إني لجالس مع عمر بن الخطاب إذ جاء ابن مسعود فكاد الجلوس يوارونه من قصره فضحك عمر حين رآه فجعل عمر يكلمه ويتهلل وجهه ويضاحكه وهو قائم عليه ثم ولى فأتبعه عمر بصره حتى توارى فقال: كنيف ملئ علمًا

(2)

.

معن بن عيسى: حدثنا معاوية بن صالح، عن أسد بن وداعة أن عمر ذكر ابن مسعود فقال: كنيف ملئ علمًا آثرت به أهل القادسية.

عفان: حدثنا وهيب، عن داود، عن عامر أن مهاجر عبد الله كان بحمص فجلاه عمر إلى الكوفة وكتب إليهم: إني -والله الذي لا إله إلَّا هو- آثرتكم به على نفسي فخذوا منه.

عبيد الله بن موسى، عن مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال: سافر عبد الله سفرًا يذكرون أن العطش قتله وأصحابه فذكر ذلك لعمر فقال: لهو أن يفجر الله له عينًا يسقيه منها وأصحابه أظن عندي من أن يقتله عطشًا

(3)

.

هشيم: حدثنا سيار، عن أبي وائل أن ابن مسعود رأى رجلًا قد أسبل فقال: ارفع إزارك فقال: وأنت يابن مسعود فارفع إزارك قال: إن بساقي حموشة وأنا أؤم الناس فبلغ ذلك عمر فجعل يضرب الرجل ويقول: أترد على ابن مسعود?.

(1)

صحيح: أخرج مسلم "2461""113"، وقد تقدم تخريجنا له برقم "631" فراجعه ثم.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 156"، وأبو نعيم في "الحلية "1/ 129"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" "2/ 543" من طريق عبد الرزاق عن الثوري، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

قوله: "كنيف ملئ علما": أي أنه وعاء للعلم بمنزلة الوعاء الذي يضع الرجل فيه أداته، وتصغيره على جهة المدح له، وهو تصغير تعظيم للكنف كقول حباب بن المنذر. أنا جديلها المحكك وعذيقها المرجب، شبه عمر قلب ابن مسعود بكنف الراعي لأن فيه مبراته ومقصه وشفرته ففيه كل ما يريد، هكذا قلب ابن مسعود قد جمع فيه كل ما يحتاج إليه الناس من العلوم. وقيل الكنف وعاء يجعل فيه الصائغ أدواته، وقيل الكنف الوعاء الذي يكنف ما جعل فيه أي يحفظه.

(3)

ضعيف: أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 54"، وهو ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، لم يسمع من أبيه.

ص: 301

معمر، عن زيد بن رفيع، عن أبي عبيدة قال: أرسل عثمان إلى أبي عبد الله بن مسعود يسأله، عن رجل طلق امرأته ثم راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة فقال أبي: وكيف يفتي منافق? فقال عثمان: نعيذك بالله أن تكون هكذا قال: هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة.

قبيصة: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حبة بن جوين قال: لما قدم علي الكوفة أتاه نفر من أصحاب عبد الله فسألهم عنه حتى رأوا أنه يمتحنهم فقال: وأنا أقول فيه مثل الذي قالوا وأفضل قرأ القرآن وأحل حلاله وحرم حرامه فقيه في الدين عالم بالسنة.

وفي "مستدرك الحاكم" من رواية الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي وقيل له: أخبرنا، عن عبد الله فقال: علم الكتاب والسنة ثم انتهى.

وقال الأعمش: عن أبي عمرو الشيباني إن أبا موسى استفتي في شيء من الفرائض فغلط وخالفه ابن مسعود فقال أبو موسى لا تسألوني، عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم

(1)

.

وروى نحوه أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي عطية وروى غندر، عن شعبة، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل بنحو ذلك.

يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا موسى يقول مجلس كنت أجالسه ابن مسعود أوثق في نفسي من عمل سنة

(2)

.

الثوري، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن حريث بن ظهير قال: جاء نعي عبد الله إلى أبي الدرداء فقال: ما ترك بعده مثله

(3)

سمعها يحيى القطان من سفيان.

(1)

صحيح على شرط البخاري: "أخرجه أحمد "1/ 463 - 464"، والطيالسي "375"، والبخاري "6736"، والنسائي في "الكبرى" "6329" "6330"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 392" وسعيد بن منصور في "سننه" "28"، والطبراني في "الكبير" "10/ 9871"، والبيهقي في "السنن" "6/ 229"، والبغوي في "شرح السنة" "2218" من طرق عن شعبة، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، قال: سأل رجل أبا موسى الأشعري، عن امرأة تركت ابنتها، وابنة ابنها، وأختها؟ فذكره في حديث طويل.

(2)

ضعيف: أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/ 545" وفيه الانقطاع بين أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وأبي موسى، رضي الله عنه.

(3)

ضعيف: أخرجه البخاري في "التاريخ الصغير""1/ 60" من طريق يحيى القطان، عن سفيان حدثني الأعمش، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه حريث بن ظهير، لا يعرف كما قال الحافظ الذهبي في "الميزان"، وقال الحافظ في "التقريب""مجهول".

ص: 302

أبو حفص الأبار، عن منصور، عن مسلم، عن مسروق قال: شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة علي وعمر وعبد الله وزيد وأبي الدرداء وأبي ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلى علي وعبد الله.

وبعضهم يرويه، عن منصور فقال: عن الشعبي، عن مسروق وقيل غير ذلك وقال أبو وائل: ما أعدل بابن مسعود أحدًا.

عبد الله بن إدريس، عن مالك بن مغول قال: قال الشعبي: ما دخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علمًا ولا أفقه صاحبًا من عبد الله.

وبإسناد "مسند أحمد"، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق قال: حدثنا عبد الله يومًا فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرعد حتى رعدت ثيابه ثم قال نحو ذا أو شبيهًا بذا

(1)

.

رواه عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل فأبدل ابن وثاب بالشعبي.

وروى نحوه مسلم البطين وغيره، عن عمرو بن ميمون فقال القعنبي: حدثنا سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم، عن عمرو بن ميمون قال: صحبت عبد الله ثمانية عشر شهرًا فما سمعته يحدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا حديثًا وأحدًا فرأيته يفرق ثم غشيه بهر ثم قال نحوه أو شبهه.

مسعر، عن معن بن عبد الرحمن، عن عون بن عبد الله، عن أخيه عبيد الله قال كان عبد الله إذا هدأت العيون قام فسمعت له دويًا كدوي النحل.

ابن إسحاق قال: حدثني زياد مولى ابن عياش قال: كان ابن مسعود حسن الصوت بالقرآن.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 423"، والحاكم "1/ 110 - 111" من طريق إسرائيل، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو حصين -بفتح الحاء- هو عثمان بن عاصم بن حصين -بضم الحاء- الأسدي، ويحيى بن وثاب هو الأسدي الكوفي، ومسروق هو ابن الأجدع.

ص: 303

حميد بن الربيع، حدثنا أبو أسامة، حدثنا مسعر، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن وهب قال: رأيت بعيني عبد الله أثرين أسودين من البكاء

(1)

.

الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد قال: أكثروا على عبد الله يومًا فقال: والله الذي لا إله غيره لو تعلمون علمي لحثيتم التراب على رأسي. روي من غير وجه.

وفي "مستدرك الحاكم" للثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: قال عبد الله: لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان ولحثيتم التراب على رأسي ولوددت أن الله غفر لي ذنبًا من ذنوبي وأني دعيت عبد الله بن روثة.

قال علقمة: جلست إلى أبي الدرداء فقال: ممن أنت? قلت: من الكوفة فقال: أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة وفيكم صاحب السر وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه

(2)

.

عن القاسم بن عبد الرحمن: أن ابن مسعود كان يقول في دعائه: خائف مستجير تائب مستغفر راغب راهب.

الأعمش: عمن حدثه قال: قال عبد الله بن مسعود: لو سخرت من كلب لخشيت أن أكون كلبًا وإني لأكره أن أرى الرجل فارغًا ليس في عمل آخرة ولا دنيا.

وكيع: حدثنا المسعودي، عن علي بن بذيمة، عن قيس بن حبتر قال: قال عبد الله بن مسعود حبذا المكروهان الموت والفقر وايم الله ما هو إلَّا الغنى والفقر ما أبالي بأيهما ابتدئت إن كان الفقر إن فيه للصبر وإن كان الغنى إن فيه للعطف لأن حق الله في كل واحد منهما واجب.

الثوري، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، عن عبد الله قال: من أراد الآخرة أضر بالدنيا ومن أراد الدنيا أضر بالآخرة يا قوم فأضروا بالفاني للباقي.

(1)

ضعيف: في إسناده حميد بن الربيع، وهو ابن حميد بن مالك، أبو الحسن اللخمي، قال البرقاني: عامة شيوخنا يقولون: ذاهب الحديث. وقال النسائي: ليس بشيء، وقال ابن عدي: يسرق الحديث ويرفع الموقوف. وعده ابن معين من الكذابين. وأبو أسامة هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم، الكوفي مشهور بكنيته، ثقة ثبت، ربما دلس، ومسعر هو ابن كدام بن ظهير أبو سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل.

(2)

صحيح أخرجه البخاري "3742" من طريق إسرائيل، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، به في حديث طويل.

ص: 304

أبو عبد الرحمن المقرئ: حدثنا ابن أبي أيوب سعيد، حدثني عبد الله بن الوليد سمعت عبد الرحمن بن حجيرة يحدث، عن ابن مسعود أنه كان يقول إذا قعد: إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة من زرع خيرًا يوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شرًّا يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع مثل زرع لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له فمن أعطي خيرًا فالله أعطاه ومن وقي شرًا فالله وقاه المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة.

العلاء بن خالد، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس واجتنب المحارم تكن من أروع الناس وأد ما افترض عليك تكن من أعبد الناس.

علي بن الأقمر، عن عمرو بن جندب، عن ابن مسعود قال: جاهدوا المنافقين بأيديكم فإن لم تستطيعوا فبألسنتكم فإن لم تستطيعوا إلَّا أن تكفهروا في وجوههم فافعلوا.

سيف بن عمر، عن عطية، عن أبي سيف أن ابن مسعود ترك عطاءه حين مات عمر وفعل ذلك رجال من أهل الكوفة أغنياء واتخذ لنفسه ضيعة براذان فمات، عن تسعين ألف مثقال سوى رقيق وعروض وماشية رضي الله عنه.

وكيع، عن أبي عميس، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: أوصى ابن مسعود وكتب إن وصيتي إلى الله وإلى الزبير بن العوام وإلى ابنه عبد الله بن الزبير وإنهما في حل وبل مما قضيا في تركتي وأنه لا تزوج امرأة من نسائي إلَّا بإذنهما.

قلت: كان قد قدم على عثمان وشهد في طريقه بالربذة أبا ذر، وصلى عليه.

السري بن يحيى، عن أبي شجاع، عن أبي ظبية قال: مرض عبد الله فعاده عثمان وقال: ما تشتكي? قال: ذنوبي قال: فما تشتهي? قال: رحمة ربي قال: إلَّا آمر لك بطبيب? قال: الطبيب أمرضني قال: إلَّا آمر لك بعطاء? قال: لا حاجة لي فيه.

كذا رواه سعيد بن مريم، وعمرو بن الربيع. ورواه: ابن وهب فقال: عن شجاع ورواه عثمان بن يمان وحجاج بن نصير، عن السري، عن شجاع، عن أبي فاطمة.

الفسوي: حدثنا ابن نمير، حدثنا يزيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: دخل الزبير على عثمان رضي الله عنه بعد وفاة عبد الله فقال: أعطني عطاء عبد الله فعيال عبد الله أحق به من بيت المال فأعطاه خمسة عشر ألفًا.

ص: 305

حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: وكان عثمان حرمه عطاءه سنتين.

يحيى الحماني، عن شريك، عن أبي إسحاق أن ابن مسعود أوصى إلى الزبير أن يصلي عليه.

وعن عبيد الله بن عبد الله، قال: مات ابن مسعود بالمدينة ودفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين وكان نحيفًا قصير شديد الأدمة وكذا أرخه فيها جماعة.

وعن عون بن عبد الله وغيره: أنه عاش بضعًا وستين سنة وقال يحيى بن أبي عتبة: عاش ثلاثًا وستين سنة وقال هو ويحيى بن بكير مات سنة ثلاث وثلاثين قلت: لعله مات في أولها وقال بعضهم: مات قبل عثمان بثلاث سنين.

أنبأنا أحمد بن سلامة وجماعة، عن أبي جعفر الصيدلاني أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أنبأنا ابن ريذة، أنبأنا الطبراني، حدثنا علي بن عبد العزيز وبشر قالا: حدثنا أبو نعيم، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر فقال: إني جئتك من عند رجل يملي المصاحف، عن ظهر قلب ففزع عمر فقال: ويحك انظر ما تقول وغضب فقال: ما جئتك إلَّا بالحق قال من هو? قال: عبد الله بن مسعود فقال: ما أعلم أحدًا أحق بذلك منه وسأحدثك، عن عبد الله إنا سمرنا ليلة في بيت أبي بكر في بعض ما يكون من حاجة النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرجنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين أبي بكر فلما انتهينا إلى المسجد إذا رجل يقرأ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليه فقلت: يا رسول الله! أعتمت فغمزني بيده اسكت قال: فقرأ وركع وسجد وجلس يدعو ويستغفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سل تعطه" ثم قال: "من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد" فعلمت أنا وصاحبي أنه عبد الله.

فلما أصبحت غدوت إليه لأبشره فقال: سبقك بها أبو بكر وما سابقته إلى خير قط إلَّا سبقني إليه

(1)

.

وكذلك رواه زائدة وغيره، عن الأعمش، عن إبراهيم.

(1)

صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 124"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ""2/ 528"، وقد تقدم تخريجنا له برقم "647".

ص: 306

‌93 - عتبة بن مسعود الهذلي

(1)

:

هاجر إلى الحبشة قال ابنه عبد الله: لما مات أبي بكى بن مسعود وقال: أخي وصاحبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب الناس إلي إلَّا ما كان من عمر.

وقيل: لما توفي انتظر عمر أم عبد فجاءت فصلت عليه.

قال الزهري: ما ابن مسعود بأعلى عندنا من أخيه عتبة.

قلت: ولولده عبد الله بن عتبة إدراك وصحبة ورواية حديث وهو والد أحد الفقهاء السبعة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 126 - 127"، والتاريخ الكبير "3/ ق 2/ 522"، والجرح والتعديل "3/ ق 1/ 373"، والإصابة "2/ ترجمة 5414".

ص: 307

‌94 - خبيب بن يساف

(1)

:

ابن عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي.

وكان له أولاد: أبو كثير عبد الله وعبد الرحمن وأنيسة وكانت تحته جميلة ابنة عبد الله بن أبي بن سلول وقد انقرض عقبه.

ابن سعد: أنبأنا يزيد بن هارون، أنبأنا مستلم بن سعيد، حدثنا خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف، عن أبيه، عن جده قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوًا أنا ورجل من قومي لم نسلم فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده قال: "أسلمتما"؟ قلنا: لا قال: "أنا لا نستعين بالمشركين على المشركين" قال: فأسلمنا وشهدنا معه فقتلت رجلًا وضربني ضربة وتزوجت ابنته بعد ذلك فكانت تقول لي لا عدمت رجلًا وشحك هذا الوشاح فأقول لها: لا عدمت رجلًا عجل أباك إلى النار.

معن: حدثنا مالك، عن الفضيل بن أبي عبد الله، عن عبد الله بن نيار، عن عروة، عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرحوا به قالت: فقال: جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 534 - 535"، والتاريخ الكبير "2/ ق 1/ 209" وحلية الأولياء "1/ 364" والجرح والتعديل "1/ ق 2/ 387" والإصابة "1/ ترجمة 2219".

ص: 307

النبي صلى الله عليه وسلم: "أتؤمن بالله ورسوله"؟ قال: لا، قال:"فارجع فلن نستعين بمشرك" ثم أدركه بالشجرة فقال مثل مقالته ثم أدركه بالبيداء فقال: "أتؤمن بالله ورسوله"؟ قال: نعم، قال:"انطلق"

(1)

.

قال الواقدي: هو خبيب بن يساف تأخر إسلامه حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فلحقه فأسلم وشهد بدرًا وأحدًا قال: وتوفي في خلافة عثمان وقد انقرض ولده.

ويقال في أبيه: إساف بن عدي كذا سماه ابن أبي حاتم وقال شيخنا الدمياطي: هو الذي قتل أبا عقبة الحارث بن عامر كذا قال شيخنا وخطأ ما في صحيح البخاري في مصرع خبيب بن عدي الشهيد من أنه قتل الحارث يوم بدر فقتله آل الحارث لما أسروه به وهو خبيب بن عدي بن مالك من الأوس ولم أجده مذكورًا في البدريين رضي الله عنه.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 67 - 68 و 148 - 149"، ومسلم "1817"، وأبو داود "2732"، والترمذي "1558" من طرق عن مالك، به.

ص: 308

‌95 - عويم بن ساعدة

(1)

:

ابن عائش بن قيس بن النعمان بن زيد بن أمية أبو عبد الرحمن الأنصاري من بني عمرو بن عوف.

بدري كبير شهد العقبتين في قول الواقدي وشهد الثانية بلا نزاع وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمر بن الخطاب وقال ابن إسحاق: بل بينه وبين حاطب بن أبي بلتعة.

موسى بن يعقوب الزمعي، عن السري بن عبد الرحمن، عن عباد بن حمزة سمع جابرًا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"نعم العبد من عباد الله والرجل من أهل الجنة عويم بن ساعدة"

(2)

.

وقيل: كان أول من استنجى بالماء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 459 - 460"، والتاريخ الصغير "1/ 44 و 74"، وحلية الأولياء "2/ 11"، تهذيب التهذيب "8/ 174"، الإصابة "3/ ترجمة 6112"، والتقريب "2/ 90"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5655".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 459"، وفيه علتان: موسى بن يعقوب الزمعي المدني، قال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن المديني: ضعيف منكر الحديث.

الثانية: جهالة السري بن عبد الرحمن.

ص: 308

صالح بن كيسان، عن بن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس إن الرجلين الصالحين اللذين لقيا أبا بكر وعمر وهما يريدان سقيفة بني ساعدة فذكرا ما تمالأ عليه القوم وقالا: أين تريدان? قالا: نريد إخواننا من الأنصار فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم قال ابن شهاب: فأخبرني عروة أنهما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي

(1)

.

وقيل: عويم ممن نزلت فيه {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108].

قال ابن سعد: توفي عويم بن ساعدة في خلافة عمر وهو ابن خمس وستين سنة. قلت: وقيل: أصله بلوي.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 460".

ص: 309

‌96 - قصة سلمان الفارسي

(1)

" ع":

قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: هو سلمان ابن الإسلام أبو عبد الله الفارسي سابق الفرس إلى الإسلام صحب النبي صلى الله عليه وسلم وخدمه وحدث عنه.

وروى عنه ابن عباس وأنس بن مالك، وأبو الطفيل، وأبو عثمان النهدي، وشرحبيل بن السمط، وأبو قرة سلمة بن معاوية الكندي، وعبد الرحمن بن يزيد النخعي، وأبو عمر زاذان وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وقرثع الضبي الكوفيون.

له في "مسند بقي" ستون حديثًا وأخرج له البخاري أربعة أحاديث ومسلم ثلاثة أحاديث.

وكان لبيبًا حازمًا، من عقلاء الرجال، وعبادهم ونبلائهم.

قال يحيى بن حمزة القاضي: عن عروة بن رويم، عن القاسم أبي عبد الرحمن حدثه قال زارنا سلمان الفارسي فصلى الإمام الظهر ثم خرج وخرج الناس يتلقونه كما يتلقى الخليفة فلقيناه وقد صلى بأصحابه العصر وهو يمشي فوقفنا نسلم عليه فلم يبق فينا شريف إلَّا عرض عليه أن ينزل به فقال: جعلت على نفسي مرتي هذه أن أنزل على بشير بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 16 - 17"، و"7/ 318 - 319"، والتاريخ الكبير "2/ ق 2/ 135"، والتاريخ الصغير "1/ 71 - 74" والجرح والتعديل "2/ ق 1/ 296 - 297"، حلية الأولياء "1/ 185 - 208"، وتاريخ أصبهان "1/ 48 - 57" وتاريخ بغداد "1/ 163"، والإصابة "2/ ترجمة 3357"، وتهذيب التهذيب "4/ 137".

ص: 309

سعد. فلما قدم سأل، عن أبي الدرداء فقالوا: هو مرابط فقال: أين مرابطكم? قالوا: بيروت فتوجه قبله قال: فقال سلمان: يا أهل بيروت! إلَّا أحدثكم حديثًا يذهب الله به عنكم عرض الرباط سمعت رسول الله صلى الله عله وسلم يقول: "رباط يوم وليلة كصيام شهر وقيامه ومن مات مرابطًا أجير من فتنة القبر وجرى له صالح عمله إلى يوم القيامة"

(1)

.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أنبأنا عبد القوي بن عبد العزيز الأغلبي، أنبأنا عبد الله بن رفاعة، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا أبو محمد بن النحاس، أنبأنا أبو محمد بن الورد، أنبأنا أبو سعيد بن عبد الرحيم، أنبأنا عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الله، عن ابن إسحاق "ح" وأنبأنا أبو محمد بن قدامة وأبو الغنائم بن علان إجازة أن حنبل بن عبد الله أخبرهم، أنبأنا أبو القاسم الشيباني، أنبأنا أبو علي الواعظ، أنبأنا أبو بكر المالكي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي "ح"، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي ومحمد بن عبد الله بن نمير وغيره، عن يونس بن بكير "ح" وسهل بن عثمان، حدثنا يحيى بن أبي زائدة "ح" وعن يحيى بن آدم، عن عبد الله بن إدريس "ح" وحجاج بن قتيبة، حدثنا زفر بن قرة جميعهم، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي قال: كنت رجلًا فارسيًا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها: جي وكان أبي دهقانها وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل بي حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يومًا فقال لي: يا بني! إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم، عن ضيعتي فاذهب فاطلعها وأمرني ببعض ما يريد فخرجت ثم قال: لا تحتبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني، عن كل شيء من أمري فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس بحبس أبي إياي في بيته فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت إليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلواتهم ورغبت في أمرهم وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها فقلت لهم: أين

(1)

صحيح: ورد عن سلمان مرفوعا بلفظ: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات، جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان" أخرجه مسلم "1913"، والنسائي "6/ 39" والطحاوي في "مشكل الآثار""3/ 102"، والحاكم "2/ 80"، والبيهقي "9/ 38" من طرق عن ليث بن سعد، عن أيوب بن موسى، عن مكحول، عن شرحبيل بن السمط، عن سلمان، به.

ص: 310

أصل هذا الدين? قالوا: بالشام قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته، عن عمله كله فلما جئته قال: أي بني! أين كنت? ألم أكن عهدت إليك ما عهدت قلت: يا أبة! مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال: أي بني! ليس في ذلك الدين خير دينك ودين آبائك خير منه قلت: كلا والله إنه لخير من ديننا قال: فخافني فجعل في رجلي قيدًا ثم حبسني في بيته قال: وبعثت إلى النصارى فقلت: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم فقدم عليهم ركب من الشام قال: فأخبروني بهم فقلت إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة فأخبروني قال: ففعلوا. فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدين? قالوا: الأسقف في الكنيسة فجئته فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك قال: فادخل فدخلت معه فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها شيئًا اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق فأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيته يصنع.

ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتم بها كنزها لنفسه ولم يعط المساكين وأريتهم موضع كنزه سبع قلال مملوءة فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا.

فصلبوه ثم رموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل جعلوه مكانه فما رأيت رجلًا -يعني لا يصلي الخمس- أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلًا ونهارًا ما أعلمني أحببت شيئًا قط قبله حبه فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة فقلت: يا فلان! قد حضرك ما ترى من أمر الله وإني والله ما أحببت شيئًا قط حبك فماذا تأمرني وإلى من توصيني?

قال لي: يا بني والله ما أعلمه إلَّا رجلًا بالموصل فائته فإنك ستجده على مثل حالي.

فلما مات وغيب لحقت بالموصل فأتيت صاحبها فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهد فقلت له: إن فلانًا أوصاني إليك أن آتيك وأكون معك.

قال: فأقم أي بني فأقمت عنده على مثل أمر صاحبه حتى حضرته الوفاة فقلت له: إن فلانا أوصى بي إليك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي? وما تأمرني به? قال والله ما أعلم -أي بني- إلَّا رجلًا بنصيبين.

ص: 311

فلما دفناه، لحقت بالآخر، فأقمت عنده على مثل حالهم حتى حضره الموت فأوصى بي إلى رجل من أهل عمورية بالروم فأتيته فوجدته على مثل حالهم واكتسبت حتى كان لي غنيمة وبقيرات.

ثم احتضر، فكلمته إلى من يوصي بي? قال: أي بني والله ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه ولكن قد أظلك زمان نبي يبعث من الحرم مهاجره بين حرتين إلى أرض سبخة ذات نخل وإن فيه علامات لا تخفى بين كتفيه خاتم النبوة يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فإن استطعت أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل فإنه قد أظلك زمانه.

فلما واريناه، أقمت حتى مر بي رجال من تجار العرب من كلب فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم غنيمتي وبقراتي هذه? قالوا: نعم فأعطيتهم إياها وحملوني حتى إذا جاءوا بي وادي القرى ظلموني فباعوني عبدًا من رجل يهودي بوادي القرى فوالله لقد رأيت النخل وطمعت أن يكون البلد الذي نعت لي صاحبي.

وما حقت عندي حتى قدم رجل من بني قريظة وادي القرى فابتاعني من صاحبي فخرج بي حتى قدمنا المدينة فوالله ما هو إلَّا أن رأيتها فعرفت نعتها.

فأقمت في رقي وبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرق حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء وأنا أعمل لصاحبي في نخلة له فوالله إني لفيها إذ جاءه ابن عم له فقال: يا فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لفي قباء مجتمعون على رجل جاء من مكة يزعمون أنه نبي.

فوالله ما هو إلَّا أن سمعتها فأخذتني العرواء -يقول: الرعدة- حتى ظننت لأسقطن على صاحبي ونزلت أقول ما هذا الخبر?

فرفع مولاي يده فلكمني لكمة شديدة وقال: مالك ولهذا أقبل على عملك فقلت: لا شيء إنما سمعت خبرًا فأحببت أن أعلمه.

فلما أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فقلت له: بلغني أنك رجل صالح وأن معك أصحابًا لك غرباء وقد كان عندي شيء من الصدقة فرأيتكم أحق من بهذه البلاد فهاك هذا فكل منه.

قال: فأمسك، وقال لأصحابه:"كلوا" فقلت في نفسي: هذه خلة مما وصف لي صاحبي.

ص: 312

ثم رجعت وتحول رسول الله إلى المدينة فجمعت شيئًا كان عندي ثم جئته به فقلت: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل أصحابه فقلت: هذه خلتان.

ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتبع جنازة وعليَّ شملتان لي وهو في أصحابه فاستدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف.

فلما رآني استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه، عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي.

فقال لي: تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يابن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه.

ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كاتب يا سلمان" فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير وبأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أعينوا أخاكم" فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة حتى اجتمعت ثلاث مائة ودية فقال: "اذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت فائتني أكون أنا أضعها بيدي" ففقرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته وأخبرته فخرج معي إليها نقرب له الودي ويضعه بيده فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال: "ما فعل الفارسي المكاتب"؟ فدعيت له فقال: "خذها فأد بها ما عليك" قلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي? قال: "خذها فإن الله سيؤدي بها عنك" فأخذتها فوزنت لهم منها أربعين أوقية وأوفيتهم حقهم وعتقت فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق حرًا ثم لم يفتني معه مشهد.

زاد إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق فقال: عن يزيد بن أبي حبيب، عن رجل من عبد القيس، عن سلمان قال: لما قلت له: وأين تقع هذه من الذي علي? أخذها فقلبها على لسانه ثم قال: "خذها".

وفي رواية ابن إدريس: عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن رجل من عبد القيس أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: حدثني من حدثه سلمان أنه كان في حديثه حين ساقه

ص: 313

لرسول الله أن صاحب عمورية قال له: إذا رأيت رجلًا كذا وكذا من أرض الشام بين غيضتين يخرج من هذه الغيضة إلى هذه الغيضة في كل سنة مرة يتعرضه الناس ويداوي الأسقام يدعو لهم فيشفون فائته فسله، عن الدين الذي يلتمس فجئت حتى أقمت مع الناس بين تينك الغيضتين.

فلما كان الليلة التي يخرج فيها من الغيضة، خرج وغلبني الناس عليه حتى دخل الغيضة الأخرى وتوارى مني إلَّا منكبيه فتناولته فأخذت بمنكبيه فلم يلتفت إلي وقال: ما لك? قلت: أسأل، عن دين إبراهيم الحنيفية قال: إنك لتسأل، عن شيء ما يسأل الناس عنه اليوم وقد أظلك نبي يخرج من عند هذا البيت الذي بمكة يأتي بهذا الدين الذي تسأل عنه فالحق به ثم انصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لئن كنت صدقتني لقد لقيت وصي عيسى بن مريم".

تفرد به: ابن إسحاق.

وقاطن النار: ملازمها. وبنو قيلة: الأنصار. والفقير: الحفرة. والودي: النصبة.

وقال يونس: عن ابن إسحاق، حدثني عاصم، حدثني من سمع عمر بن عبد العزيز بنحو مما مر وفيه وقد أظلك نبي يخرج عند أهل هذا البيت ويبعث بسفك الدم فلما ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد رأيت حواري عيسى".

عبيد الله بن موسى وعمرو العنقزي قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي قرة الكندي، عن سلمان قال: كان أبي من الأساورة فأسلمني في الكتاب فكنت أختلف وكان معي غلامان فكانا إذا رجعا دخلا على قس أو راهب فأدخل معهما فقال لهما: ألم أنهكما أن تدخلا علي أحدًا أو تعلما بي أحدًا? فكنت أختلف حتى كنت أحب إليه منهما فقال لي: يا سلمان! إني أحب أن أخرج من هذه الأرض قلت: فأنا معك فأتى قرية فنزلها وكانت امرأة تختلف إليه فلما حضر قال: احفر عند رأسي فاستخرجت جرة من دراهم فقال: ضعها على صدري قال: فجعل يضرب بيده على صدره ويقول: ويل للقنائين قال: ومات فاجتمع القسيسون والرهبان وهممت أن أحتمل المال ثم إن الله عصمني فقلت لهم: إنه قد ترك مالًا فوثب شبان من أهل القرية فقالوا: هذا مال أبينا كانت سريته تختلف إليه.

فقلت: يا معشر القسيسين والرهبان دلوني على عالم أكون معه قالوا: ما نعلم أحدًا أعلم من راهب بحمص فأتيته فقصصت عليه فقال: ما جاء بك إلَّا طلب العلم? قلت:

ص: 314

نعم قال: فإني لا أعلم أحدًا في الأرض أعلم من رجل يأتي بيت المقدس كل سنة في هذا الشهر وإن انطلقت وجدت حمارة واقفًا فانطلقت فوجدت حماره واقفًا على باب بيت المقدس فجلست حتى خرج فقصصت عليه فقال: اجلس حتى أرجع إليك. فذهب فلم يرجع إلى العام المقبل فقلت: ما صنعت? قال: وإنك لها هنا بعد? قلت: نعم، قال: فإني لا أعلم أحد في الأرض أعلم من رجل يخرج بأرض تيماء وهو نبي وهذا زمانه وإن انطلقت الآن وافقته وفيه ثلاث: خاتم النبوة ولا يأكل الصدقة ويأكل الهدية خاتم النبوة عند غرضوف كتفه كأنها بيضة حمامة لونها لون جلده.

فانطلقت فأصابني قوم من الأعراب فاستعبدوني فباعوني حتى وقعت إلى المدينة فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم فسألت أهلي أن يهبوا لي يومًا ففعلوا فخرجت فاحتطبت فبعته بشيء يسير ثم جئت بطعام اشتريته فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا"؟ فقلت: صدقة فأبى أن يأكل وأمر أصحابه فأكلوا وكان العيش يومئذ عزيزًا فقلت: هذه واحدة ثم أمكث ما شاء الله أن أمكث ثم قلت لأهلي: هبوا لي يومًا فوهبوا لي يومًا فخرجت فاحتطبت فبعته بأفضل مما كنت بعت به يعني الأول فاشتريت به طعامًا ثم جئت فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا"؟ قلت: هدية قال: "كلوا" وأكل قلت: هذه أخرى ثم قمت خلفه فوضع رداءه فرأيت عند غرضوف كتفه خاتم النبوة فقلت: أشهد أنك رسول الله فقال: "ما هذا"؟ فحدثته وقلت: يا رسول الله هذا الراهب أفي الجنة هو وهو يزعم أنك نبي الله؟ قال: "إنه لن يدخل الجنة إلَّا نفس مسلمة". فقلت: إنه أخبرني أنك نبي فقال: "إنه لن يدخل الجنة إلَّا نفس مسلمة".

رواه الإمام أحمد في "مسنده"، عن أبي كامل ورواه أبو قلابة الرقاشي، عن عبد الله بن رجاء كلاهما، عن إسرائيل.

سعيد بن أبي مريم، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، حدثني السلم بن الصلت العبدي، عن أبي الطفيل البكري أن سلمان الخير حدثه قال: كنت رجلًا من أهل جي مدينة أصبهان فأتيت رجلًا يتحرج من كلام الناس فسألته: أي الدين أفضل? قال: ما أعلم أحدًا غير راهب بالموصل.

فذهبت إليه فكنت عنده إلى أن قال: فأتيت حجازيًّا فقلت: تحملني إلى المدينة وأنا لك عبد? فلما قدمت جعلني في نخله فكنت أستقي كما يستقي البعير حتى دبر ظهري ولا أجد من يفقه كلامي حتى جاءت عجوز فارسية

ص: 315

تستقي فكلمتها فقلت: أين هذا الذي خرج? قالت: سيمر عليك بكرة فجمعت تمرًا ثم جئته وقربت إليه التمر فقال: "أصدقة أم هدية"؟.

أبو إسماعيل الترمذي وإسحاق بن إبراهيم بن جميل وغيرهما قالوا: أنبأنا عبد الله بن أبي زياد القطواني، حدثنا سيار بن حاتم، حدثنا موسى بن سعيد الراسبي، حدثنا أبو معاذ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمان الفارسي قال: كنت ممن ولد برًا مهرمز وبها نشأت وأما أبي فمن أصبهان.

وكانت أمي لها غنى فأسلمتني إلى الكتاب وكنت أنطلق مع غلمان من أهل قريتنا إلى أن دنا مني فراغ من الكتابة ولم يكن في الغلمان أكبر مني ولا أطول وكان ثم جبل فيه كهف في طريقنا فمررت ذات يوم وحدي فإذا أنا فيه برجل عليه ثياب شعر ونعلاه شعر فأشار إلي فدنوت منه فقال: يا غلام أتعرف عيسى بن مريم? قلت: لا قال: هو رسول الله آمن بعيسى وبرسول يأتي من بعده اسمه أحمد أخرجه الله من غم الدنيا إلى روح الآخرة ونعيمها قلت ما نعيم الآخرة? قال: نعيم لا يفنى فرأيت الحلاوة والنور يخرج من شفتيه فعلقه فؤادي وفارقت أصحابي وجعلت لا أذهب ولا أجيء إلَّا وحدي وكانت أمي ترسلني إلى الكتاب فأنقطع دونه فعلمني شهادة أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأن عيسى رسول الله ومحمدًا بعده رسول الله والإيمان بالبعث وعلمني القيام في الصلاة وكان يقول لي: إذا قمت في الصلاة فاستقبلت القبلة فاحتوشتك النار فلا تلتفت وإن دعتك أمك وأبوك فلا تلتفت إلَّا أن يدعوك رسول من رسل الله وإن دعاك وأنت في فريضة فاقطعها فإنه لا يدعوك إلَّا بوحي وأمرني بطول القنوت وزعم أن عيسى عليه السلام قال: طول القنوت أمان على الصراط وطول السجود أمان من عذاب القبر وقال: لا تكذبن مازحًا ولا جادًا حتى يسلم عليك ملائكة الله ولا تعصين الله في طمع ولا غضب ولا تحجب، عن الجنة طرفة عين.

ثم قال لي: إن أدركت محمد بن عبد الله الذي يخرج من جبال تهامة فآمن به واقرأ عليه السلام مني فإنه بلغني أن عيسى بن مريم عليه السلام قال: من سلم على محمد رآه أو لم يره كان له محمد شافعًا ومصافحًا فدخل حلاوة الإنجيل في صدري.

قال: فأقام في مقامه حولًا ثم قال: أي بني إنك قد أحببتني وأحببتك وإنما قدمت بلادكم هذه إنه كان لي قريب فمات فأحببت أن أكون قريبًا من قبره أصلي عليه وأسلم عليه لما عظم الله علينا في الإنجيل من حق القرابة يقول الله: من وصل قرابته وصلني ومن قطع قرابته فقد قطعني وإنه قد بدا لي الشخوص من هذا المكان فإن كنت تريد

ص: 316

صحبتي فأنا طوع يديك قلت: عظمت حق القرابة وهنا أمي وقرابتي قال: إن كنت تريد أن تهاجر مهاجر إبراهيم عليه السلام فدع الوالدة والقرابة ثم قال: إن الله يصلح بينك وبينهم حتى لا تدعو عليك الوالدة.

فخرجت معه، فأتينا نصيبين فاستقبله اثنا عشر من الرهبان يبتدرونه ويبسطون له أرديتهم وقالوا: مرحبًا بسيدنا وواعي كتاب ربنا فحمد الله ودمعت عيناه وقال: إن كنتم تعظموني لتعظيم جلال الله فأبشروا بالنظر إلى الله ثم قال: إني أريد أن أتعبد في محرابكم هذا شهرًا فاستوصوا بهذا الغلام فإني رأيته رقيقًا سريع الإجابة فمكث شهرًا لا يلتفت إلي ويجتمع الرهبان خلفه يرجون أن ينصرف ولا ينصرف فقالوا: لو تعرضت له فقلت: أنتم أعظم عليه حقًّا مني قالوا: أنت ضعيف غريب بن سبيل وهو نازل علينا فلا نقطع عليه صلاته مخافة أن يرى أنا نستثقله فعرضت له فارتعد ثم جثا على ركبتيه ثم قال: ما لك يا بني? جائع أنت? عطشان أنت? مقرور أنت? اشتقت إلى أهلك? قلت: بل أطعت هؤلاء العلماء قال: أتدري ما يقول الإنجيل? قلت: لا قال: يقول من أطاع العلماء فاسدًا كان أو مصلحًا فمات فهو صديق وقد بدا لي أن أتوجه إلى بيت المقدس فجاء العلماء فقالوا: يا سيدنا امكث يومك تحدثنا وتكلمنا قال: إن الإنجيل، حدثني أنه من هم بخير فلا يؤخره.

فقام فجعل العلماء يقبلون كفيه وثيابه كل ذلك يقول: أوصيكم إلَّا تحتقروا معصية الله ولا تعجبوا بحسنة تعملونها فمشى ما بين نصيبين والأرض المقدسة شهرًا يمشي نهاره ويقوم ليله حتى دخل بيت المقدس فقام شهرًا يصلي الليل والنهار فاجتمع إليه علماء بيت المقدس فطلبوا إلي أن أتعرض له ففعلت فانصرف إلي فقال لي كما قال في المرة الأولى.

فلما تكلم اجتمع حوله علماء بيت المقدس فحالوا بيني وبينه يومهم وليلتهم حتى أصبحوا فملوا وتفرقوا فقال لي: أي بني إني أريد أن أضع رأسي قليلًا فإذا بلغت الشمس قدمي فأيقظني قال: وبينه وبين الشمس ذراعان فبلغته الشمس فرحمته لطول عنائه وتعبه في العبادة فلما بلغت الشمس سرته استيقظ بحرها.

فقال: ما لك لم توقظني? قلت: رحمتك لطول عنائك قال: إني لا أحب أن تأتي علي ساعة لا أذكر الله فيها ولا أعبده أفلا رحمتني من طول الموقف? أي بني إني أريد الشخوص إلى جبل فيه خمسون ومائة رجل أشرهم خير مني أتصحبني? قلت: نعم فقام فتعلق به أعمى على الباب فقال: يا أبا الفضل تخرج ولم أصب منك خيرًا؟ فمسح

ص: 317

يده على وجهه فصار بصيرًا فوثب مقعد إلى جنب الأعمى فتعلق به فقال: من علي من الله عليك بالجنة فمسح يده عليه فقام فمضى -يعني الراهب- فقمت أنظر يمينًا وشمالًا لا أرى أحدًا فدخلت بيت المقدس فإذا أنا برجل في زاوية عليه المسوح فجلست حتى انصرف فقلت: يا عبد الله ما اسمك? قال: فذكر اسمه فقلت: أتعرف أبا الفضل? قال: نعم وودت أني لا أموت حتى أراه أما إنه هو الذي منَّ علي بهذا الدين فأنا أنتظر نبي الرحمة الذي وصفه لي يخرج من جبال تهامة يقال له: محمد بن عبد الله يركب الجمل والحمار والفرس والبغلة ويكون الحر والمملوك عنده سواء وتكون الرحمة في قلبه وجوارحه لو قسمت بين الدنيا كلها لم يكن لها مكان بين كتفيه كبيضة الحمامة عليها مكتوب باطنها الله وحده لا شريك له محمد رسول الله وظاهرها توجه حيث شئت فإنك المنصور يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ليس بحقود ولا حسود ولا يظلم معاهدًا ولا مسلمًا فقمت من عنده فقلت لعلي أقدر على صاحبي فمشيت غير بعيد فالتفت يمينًا وشمالًا لا أرى شيئًا.

فمر بي أعراب من كلب، فاحتملوني حتى أتوا بي يثرب وسموني ميسرة فجعلت أناشدهم فلا يفقهون كلامي فاشترتني امرأة يقال لها خليسة بثلاث مائة درهم فقالت: ما تحسن? قلت: أصلي لربي وأعبده وأسف الخوص قالت: ومن ربك? قلت: رب محمد قالت: ويحك ذاك بمكة ولكن عليك بهذه النخلة وصل لربك لا أمنعك وسف الخوص واسع على بناتي فإن ربك يعني إن تناصحه في العبادة يعطك سؤلك.

فمكثت عندها ستة عشر شهرًا حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فبلغني ذلك وأنا في أقصى المدينة في زمن الخلال فانتقيت شيئًا من الخلال فجعلته في ثوبي وأقبلت أسأل عنه حتى دخلت عليه وهو في منزل أبي أيوب وقد وقع حب لهم فانكسر وانصب الماء فقام أبو أيوب وامرأته يلتقطان الماء بقطيفة لهما لا يكف على النبي صلى الله عليه وسلم.

فخرج رسول الله فقال: "ما تصنع يا أبا أيوب"؟ فأخبره، فقال:"لك ولزوجتك الجنة". فقلت: هذا والله محمد رسول الرحمة فسلمت عليه ثم أخذت الخلال فوضعته بين يديه فقال: "ما هذا يا بني"؟ قلت: صدقة، قال:"إنا لا نأكل الصدقة" فأخذته وتناولت إزاري وفيه شيء آخر فقلت هذه هدية فأكل وأطعم من حوله ثم نظر إلي فقال: "أحر أنت أم مملوك"؟ قلت: مملوك قال: "ولم وصلتني بهذه الهدية"؟.

قلت: كان لي صاحب من أمره كذا وصاحب من أمره كذا فأخبرته بأمرهما. قال:

ص: 318

"أما إن صاحبيك من الذين قال الله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ} "[القصص: 52، 53] الآية، ما رأيت في ما خبرك? قلت: نعم إلَّا شيئًا بين كتفيك فألقى ثوبه فإذا الخاتم فقبلته وقلت: أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنك رسول الله.

فقال: "يا بني أنت سلمان" ودعا عليًّا فقال: "اذهب إلى خليسة فقل لها يقول لك محمد إما أن تعتقي هذا وإما أن أعتقه فإن الحكمة تحرم عليك خدمته". قلت: يا رسول الله أشهد أنها لم تسلم قال: "يا سلمان أولا تدري ما حدث بعدك? دخل عليها ابن عمها فعرض عليها الإسلام فأسلمت" فانطلق علي واذا هي تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها علي فقالت: انطلق إلى أخي تعني النبي صلى الله عليه وسلم فقل له: إن شئت فأعتقه وإن شئت فهو لك قال: فكنت أغدو وأروح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعولني خليسة.

فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: "انطلق بنا نكافئ خليسة". فكنت معه خمسة عشرة يومًا في حائطها يعلمني وأعينه حتى غرسنا لها ثلاث مئة فسيلة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد عليه حر الشمس وضع على رأسه مظلة لي من صوف فعرق فيها مرارًا فما وضعتها بعد على رأسي إعظامًا له وإبقاء على ريحه وما زلت أخبأها وينجاب منها حتى بقي منها أربع أصابع فغزوت مرة فسقطت مني.

هذا الحديث شبه موضوع، وأبو معاذ مجهول، وموسى.

إسماعيل بن عيسى العطار: حدثنا إسحاق بن بشر، حدثني أبو عبيد الله التيمي، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل قال: قيل لسلمان: أخبرنا، عن إسلامك قال: كنت مجوسيًّا فرأيت كأن القيامة قد قامت وحشر الناس على صورهم وحشر المجوس على صور الكلاب ففزعت فرأيت من القابلة أيضًا أن الناس حشروا على صورهم وأن المجوس حشروا على صور الخنازير فتركت ديني وهربت وأتيت الشام فوجدت يهودًا فدخلت في دينهم وقرأت كتبهم ورضيت بدينهم وكنت عندهم حججًا فرأيت فيما يرى النائم أن الناس حشروا وأن اليهود أتي بهم فسلخوا ثم ألقوا في النار فشووا ثم أخرجوا فبدلت جلودهم ثم أعيدوا في النار فانتبهت وهربت من اليهودية فأتيت قومًا نصارى فدخلت في دينهم وكنت معهم في شركهم فكنت عندهم حججًا فرأيت كأن ملكًا أخذني فجاء بي على الصراط على النار فقال: اعبر هذا، فقال صاحب الصراط: انظروا فإن كان دينه النصرانية فألقوه في النار فانتبهت وفزعت ثم استعبرت راهبًا كان صديقًا لي فقال إن الذي أنت عليه دين الملك ولكن عليك باليعقوبية فرفضت ذلك ولحقت بالجزيرة فلزمت راهبًا بنصيبين يرى رأي اليعقوبية فكنت عندهم حججًا، فرأيت فيما يرى

ص: 319

النائم أن إبراهيم خليل الرحمن قائم عند العرش يميز من كان على ملته فيدخله الجنة ومن كان على غير ملته ذهبوا به إلى النار فهربت من ذلك الراهب وأتيت راهبًا له خمسون ومئة سنة وأخبرته بقصتي فقال: إن الذي تطلبه ليس هو اليوم على ظهر الأرض ذاك دين الحنفية وهو دين أهل الجنة وقد اقترب وأظلك زمانه نبي يثرب يدعو إلى هذا الدين قلت: ما اسم هذا الرجل? قال: له خمسة أسماء مكتوب في العرش محمد وفي الإنجيل أحمد ويوم القيامة محمود وعلى الصراط حماد وعلى باب الجنة حامد وهو من ولد إسماعيل وهو قرشي فسرد كثيرًا من صفته صلى الله عليه وسلم.

قال: فسرت في البرية فسبتني العرب واستخدمتني سنين فهربت منهم إلى أن قال: فلما أسلمت قبل علي رأسي وكساني أبو بكر ما كان عليه إلى أن قال: "يا سلمان أنت مولى الله ورسوله".

وهو منكر في إسناده كذاب وهو إسحاق مع إرساله ووهن ابن لهيعة والتيمي.

سمويه، حدثنا عمرو بن حماد القناد، حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مرة، عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} [البقرة: 62] الآية في أصحاب سلمان نزلت وكان من أهل جند سابور وكان من أشرافهم وكان ابن الملك صديقًا له ومواخيًا وكانا يركبان إلى الصيد فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيت من عباء فأتياه فإذا هما برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه ويبكي فسألاه: ما هذا? قال: الذي يريد أن يعلم هذا لا يقف موقفكما فانزلا فنزلا إليه فقال: هذا كتاب جاء من عند الله أمر فيه بطاعته ونهى عن معصيته فيه أن لا تزني ولا تسرق ولا تأخذ أموال الناس بالباطل فقص عليهما ما فيه وهو الإنجيل فتابعاه فأسلما وقال: إن ذبيحة قومكما عليكما حرام ولم يزل معهما يتعلمان منه حتى كان عيد للملك فجعل طعامًا ثم جمع الناس والأشراف وأرسل إلى ابن الملك فدعاه ليأكل فأبى وقال: إني عنك مشغول فلما أكثر عليه أخبر أنه لا يأكل من طعامهم فقال له الملك: من أخبرك بهذا? فذكر له الراهب فطلب الراهب وسأله فقال: صدق ابنك فقال: لولا أن الدم عظيم لقتلتك اخرج من أرضنا فأجله أجلًا فقمنا نبكي عليه فقال: إن كنتما صادقين فأنا في بيعة في الموصل مع ستين رجلًا نعبد الله فائتونا فخرج وبقي سلمان وابن الملك فجعل سلمان يقول لابن الملك: انطلق بنا وابن الملك يقول: نعم فجعل يبيع متاعه يريد الجهاز وأبطأ فخرج سلمان حتى أتاهم فنزل على صاحبه وهو رب البيعة.

ص: 320

فكان سلمان معه يجتهد في العبادة فقال له الشيخ: إنك غلام حدث وأنا خائف أن تفتر فارفق بنفسك قال: خل عني.

ثم إن صاحب البيعة دعاه فقال: تعلم أن هذه البيعة لي ولو شئت أن أخرج هؤلاء لفعلت ولكني رجل أضعف، عن عبادة هؤلاء وأنا أريد أن أتحول إلى بيعة أهلها أهون عبادة فإن شئت أن تقيم ها هنا فأقم.

فأقام بها يتعبد معهم ثم إن شيخه أراد أن يأتي بيت المقدس فدعا سلمان وأعلمه فانطلق معه فمروا بمقعد على الطريق فنادى يا سيد الرهبان ارحمني فلم يكلمه حتى أتى بيت المقدس فقال لسلمان: اخرج فاطلب العلم فإنه يحضر المسجد علماء أهل الأرض.

فخرج سلمان يسمع منهم فخرج يومًا حزينًا فقال له الشيخ: ما لك? قال: أرى الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء وأتباعهم.

قال: أجل لا تحزن فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعًا منه وهذا زمانه ولا أراني أدركه ولعلك تدركه وهو يخرج في أرض العرب فإن أدركته فآمن به قال: فأخبرني، عن علامته قال: مختوم في ظهره بخاتم النبوة يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة.

ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد، فناداهما: يا سيد الرهبان ارحمني يرحمك الله فعطف إليه حماره فأخذ بيده ثم رفعه فضرب به الأرض ودعا له فقال: قم بإذن الله فقام صحيحًا يشتد وسار الراهب فتغيب، عن سلمان وتطلبه سلمان فلقيه رجلان من كلب فقال: هل رأيتما الراهب? فأناخ أحدهما راحلته وقال: نعم راعي الصرمة

(1)

هذا فانطلق به إلى المدينة.

قال سلمان: فأصابني من الحزن شيء لم يصبني قط.

فاشترته امرأة من جهينة فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم وكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد صلى الله عليه وسلم.

فبينما هو يرعى إذ أتاه صاحبه فقال أشعرت أنه قدم المدينة رجل يزعم أنه نبي?

فقال: أقم في الغنم حتى آتي فهبط إلى المدينة فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورأى خاتم النبوة،

(1)

الصرمة: هي القطيع من الإبل والغنم قيل: هي من العشرين إلى الثلاثين والأربعين.

ص: 321

ثم انطلق فاشترى بدينار بنصفه شاة فشواها وبنصفه خبزًا وأتى به فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذا"؟ قال صدقة قال: "لا حاجة لي بها أخرجها يأكلها المسلمون".

ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزًا ولحمًا فأتى به فقال: هذا هدية فأكلا جميعًا وأخبره سلمان خبر أصحابه فقال كانوا يصومون ويصلون ويشهدون أنك ستبعث فقال: "يا سلمان هم من أهل النار" فاشتد ذلك على سلمان وقد كان قال لو أدركوك صدقوك واتبعوك.

فأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} [البقرة: 62] الآية.

الحسن بن يعقوب البخاري، والأصم قالا: حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن زيد بن صوحان أن رجلين من أهل الكوفة كانا له صديقين فأتياه ليكلم لهما سلمان ليحدثهما حديثه فأقبلا معه فلقوا سلمان بالمدائن أميرًا وإذا هو على كرسي وإذا خوص بين يديه وهو يرتقه قالا: فسلمنا عليه وقعدنا فقال له زيد: يا أبا عبد الله كيف كان بدء إسلامك? قال: كنت يتيمًا من رامهرمز وكان ابن دهقانها يختلف إلى معلم يعلمه فلزمته لأكون في كنفه وكان لي أخ أكبر مني وكان مستغنيًا بنفسه وكنت غلامًا وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظهم فإذا تفرقوا خرج فقنع رأسه بثوبه ثم صعد الجبل كان يفعل ذلك غير مرة متنكرًا فقلت له: إنك تفعل كذا وكذا فلم لا تذهب بي معك? قال: أنت غلام وأخاف أن يظهر منك شيء قلت: لا تخف قال: فإن في هذا الجبل قومًا في برطيل لهم عبادة وصلاح يزعمون أنا عبدة النيران وعبدة الأوثان وأنا على غير دينهم قلت: فاذهب بي معك إليهم قال: لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم أخاف أن يظهر منك شيء فيعلم أو فيقتل القوم فيكون هلاكهم على يدي قلت: لن يظهر مني ذلك فاستأمرهم فقال: غلام عندي يتيم أحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم قالوا: إن كنت تثق به قال: أرجو قال: فقال لي: ائتني في الساعة التي رأيتني أخرج فيها ولا يعلم بك أحد فلما كانت الساعة تبعته فصعد الجبل فانتهينا إليهم قال علي بن عاصم: أراه قال: وهم ستة أو سبعة قال: وكأن الروح قد خرج منهم من العبادة يصومون النهار ويقومون الليل ويأكلون عند السحر ما وجدوا فقعدنا إليهم فتكلموا فحمدوا الله وذكروا من مضى من الأنبياء والرسل حتى خلصوا إلى ذكر عيسى فقالوا: بعث الله عيسى رسولًا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى وخلق الطير وإبراء الأكمه والأبرص وكفر به قوم وتبعه قوم وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به خلقه وقالوا قبل ذلك: يا غلام إن لك لربًا وإن لك

ص: 322

لمعادًا وإن بين يديك جنة ونار إليها تصير وإن هؤلاء الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة ليسوا على دين.

فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام، انصرفت معه، ثم غدونا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن ولزمتهم فقالوا لي: يا سلمان إنك غلام وأنك لا تستطيع أن تصنع كما نصنع فصل ونم وكل واشرب فاطلع الملك على صنيع ابنه فركب في الخيل حتى أتاهم في برطيلهم فقال: يا هؤلاء قد جاورتموني فأحسنت جواركم ولم تروا مني سوءًا فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي قد أجلتكم ثلاثًا فإن قدرت بعدها عليكم أحرقت عليكم برطيلكم قالوا: نعم وكف ابنه، عن إتيانهم فقلت له: اتق الله فإنك تعرف أن هذا الدين دين الله وأن أباك على غير دين فلا تبع آخرتك بدنيا غيرك قال: هو كما تقول وإنما أتخلف، عن القوم بقيًا عليهم قال: فأتيتهم في اليوم الذي أرادوا أن يرتحلوا فقالوا: يا سلمان قد كنا نحذر ما رأيت فاتق الله واعلم أن الدين ما أوصيناك به فلا يخدعنك أحد، عن دينك قلت ما أنا بمفارقكم قالوا: فخذ شيئًا تأكله فإنك لا تستطيع ما نستطيع نحن ففعلت ولقيت أخي فعرضت عليه بأني أمشي معهم فرزق الله السلامة حتى قدمنا الموصل فأتينا بيعة فلما دخلوا أحفوا بهم وقالوا: أين كنتم? قالوا: كنا في بلاد لا يذكرون الله تعالى بها عبدة النيران فطردنا فقدمنا عليكم.

فلما كان بعد قالوا: يا سلمان إن ههنا قومًا في هذه الجبال هم أهل دين وإنا نريد لقائهم فكن أنت ههنا قلت: ما أنا بمفارقكم فخرجوا وأنا معهم فأصبحوا بين جبال وإذا ماء كثير وخبز كثير وإذا صخرة فقعدنا عندها فلما طلعت الشمس خرجوا من بين تلك الجبال يخرج رجل رجل من مكانه كأن الأرواح قد انتزعت منهم حتى كثروا فرحبوا بهم وحفوا وقالوا: أين كنتم? قالوا: كنا في بلاد فيها عبدة نيران فقالوا: ما هذا الغلام? وطفقوا يثنون علي وقالوا: صحبنا من تلك البلاد فوالله إنهم لكذلك إذ طلع عليهم رجل من كهف فجاء فسلم فحفوا به وعظمه أصحابي وقال: أين كنتم? فأخبروه فقال: ما هذا الغلام? فأثنوا علي فحمد الله وأثنى عليه وذكر رسله وذكر مولد عيسى بن مريم وأنه ولد بغير ذكر فبعثه الله رسولًا وأجرى على يديه إحياء الموتى وأنه يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله وأنزل عليه الإنجيل وعلمه التوارة وبعثه رسولًا إلى بني إسرائيل فكفر به قوم وآمن به قوم إلى أن قال: فالزموا ما جاء به عيسى ولا تخالفوا فيخالف بكم ثم قال: من أراد أن يأخذ من هذا شيئًا فليأخذ فجعل الرجل يقوم فيأخذ الجرة من الماء والطعام والشيء فقام إليه أصحابي الذين جئت معهم فسلموا عليه،

ص: 323

وعظموه، وقال لهم: الزموا هذا الدين وإياكم أن تفرقوا واستوصوا بهذا الغلام خيرًا، وقال لي: يا غلام هذا دين الله الذي تسمعني أقوله وما سواه الكفر، قلت: ما أنا بمفارقك. قال: إنك لا تستطيع أن تكون معي، إني ما أخرج من كهفي هذا إلَّا كل يوم أحد. قلت: ما أنا بمفارقك. قال له أصحابه: يا أبا فلان! إن هذا لغلام، ويخاف عليه. قال لي: أنت أعلم. قلت: فإني لا أفارقك. فبكى أصحابي لفراقي. فقال: يا غلام خذ من هذا الطعام ما يكفيك للأحد الآخر، وخذ من الماء ما تكتفي به. ففعلته، فما رأيته نائمًا ولا طاعمًا إلَّا راكعًا وساجدًا إلى الأحد الآخر. فلما أصبحنا قال: خذ جرتك هذه وانطلق فخرجت أتبعه حتى انتهينا إلى الصخرة وإذا هم قد خرجوا من تلك الجبال ينتظرون خروجه، فعدوا وعاد في حديثه، وقال: الزموا هذا الدين ولا تفرقوا واذكروا الله، واعلموا أن عيسى كان عبدًا لله أنعم عليه. فقالوا: كيف وجدت هذا الغلام? فأثنى علي وإذا خبز كثير وماء كثير، فأخذوا ما يكفيهم وفعلت، فتفرقوا في تلك الجبال، ورجعنا إلى الكهف فلبثنا ما شاء الله، يخرج كل أحد ويحفون به. فخرج يومًا فحمد الله تعالى ووعظهم، ثم قال: يا هؤلاء إنه قد كبر سني ورق عظمي واقترب أجلي وإنه لا عهد لي بهذا البيت مذ كذا وكذا ولا بد من إتيانه فاستوصوا بهذا الغلام خيرًا فإني رأيته لا بأس به.

فجزع القوم، وقالوا: أنت كبير وأنت وحدك فلا نأمن أن يصيبك الشيء ولسنا عندك، ما أحوج ما كنا إليك. قال: لا تراجعوني. فقلت: ما أنا بمفارقك. قال: يا سلمان قد رأيت حالي وما كنت عليه وليس هذا كذلك، أنا أمشي، أصوم النهار وأقوم الليل، ولا أستطيع أن أحمل معي زادًا ولا غيره وأنت لا تقدر على هذا. قلت: ما أنا بمفارقك. قال: أنت أعلم.

وبكوا، وودعوه، واتبعته يذكر الله، ولا يلتفت، ولا يقف على شيء حتى إذا أمسينا قال: صل أنت، ونم وقم، وكل واشرب، ثم قام يصلي حتى إذا انتهينا إلى بيت المقدس وكان لا يرفع طرفه إلى السماء، فإذا على باب المسجد مقعد، فقال: يا عبد الله قد ترى حالي فتصدق علي بشيء. فلم يلتفت إليه ودخل المسجد، فجعل يتبع أمكنة يصلي فيها. ثم قال: يا سلمان! لم أنم مذ كذا وكذا، فإن أنت جعلت أن توقظني إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا نمت، فإني أحب أن أنام في هذا المسجد، وإلا لم أنم. قلت: فإني أفعل. فنام فقلت في نفسي: هذا لم ينم منذ كذا وكذا لأدعنه ينام. وكان لما يمشي وأنا معه يقبل علي فيعظني ويخبرني أن لي ربًّا، وأن بين يدي جنة ونارًا وحسابًا، ويذكرني نحو ما كان يذكر

ص: 324

القوم يوم الأحد. حتى قال: يا سلمان إن الله سوف يبعث رسولًا اسمه أحمد يخرج بتهامة وكان رجلًا أعجميًّا لا يحسن أن يقول محمد علامته أنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب فأما أنا فإني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه فإن أنت أدركته فصدقه واتبعه قلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه؟ قال: نعم فإن رضى الرحمن فيما قال.

فلم يمض إلَّا يسير حتى استيقظ فزعًا يذكر الله تعالى فقال: يا سلمان مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر الله أين ما كنت جعلت على نفسك? قلت: لأنك لم تنم منذ كذا وكذا فأحببت أن تستوفي من النوم فحمد الله وقام.

وخرج فتبعته فمر بالمقعد، فقال: يا عبد الله دخلت وسألتك فلم تعطني وخرجت فسألتك فلم تعطني فقام ينظر هل يرى أحدًا فلم ير فدنا منه وقال له: ناولني يدك فناوله فقال: باسم الله فقام كأنه نشط من عقال صحيحًا لا عيب فيه فانطلق ذاهبًا فكان لا يلوي على أحد ولا يقوم عليه.

فقال لي المقعد: يا غلام احمل علي ثيابي حتى أنطلق وأبشر أهلي فحملت عليه ثيابه وانطلق لا يلوي علي فخرجت في أثره أطلبه فكلما سألت عنه قالوا: أمامك حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم فلما سمعوا لغتي أناخ رجل منهم بعيره فجعلني خلفه حتى أتوا بي بلادهم فباعوني واشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها.

وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت به فأخذت شيئًا من تمر حائطي وأتيته فوجدت عنده ناسًا وإذا أبو بكر أقرب الناس إليه فوضعته بين يديه فقال: "ما هذا"؟ قلت: صدقة فقال: "كلوا" ولم يأكل ثم لبثت ما شاء الله ثم أخذت مثل ذلك وأتيته به فوجدت عنده ناسًا فوضعته بين يديه فقال: "ما هذا"؟ قلت: هدية فقال: "باسم الله" وأكل وأكل القوم فقلت في نفسي هذه من آياته.

كان صاحبي رجلًا أعجميًّا، لم يحسن أن يقول تهامة فقال: تهمة.

قال: فدرت من خلفه ففطن لي فأرخى ثوبه فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر فتبينته ثم درت حتى جلست بين يديه فقلت أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنك رسول الله قال: "من أنت"؟ قلت: مملوك وحدثته حديثي وحديث الذي كنت معه وما أمرني به قال: "لمن أنت"؟ قلت: لامرأة من الأنصار جعلتني في حائط لها قال: "يا أبا بكر" قال: لبيك قال: "اشتره" فاشتراني أبو بكر فأعتقني فلبثت ما شاء الله ثم أتيته،

ص: 325

فسلمت عليه وقعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله ما تقول في دين النصارى? قال: "لا خير فيهم ولا في دينهم" فدخلني أمر عظيم وقلت في نفسي: الذي أقام المقعد لا خير في هؤلاء ولا في دينهم فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله وأنزل الله على نبيه {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُون} [المائدة: 82]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"علي بسلمان" فأتاني الرسول وأنا خائف فجئته فقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ} ثم قال: "يا سلمان إن الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى إنما كانوا مسلمين" فقلت: والذي بعثك بالحق لهو الذي أمرني باتباعك فقلت له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه? قال: نعم فاتركه فإنه الحق.

هذا حديث جيد الإسناد حكم الحاكم بصحته.

سعدويه الواسطي وأحمد بن حاتم الطويل وجماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس الرازي، حدثنا عبيد المكتب، حدثني أبو الطفيل عامر بن واثلة، حدثني سلمان الفارسي قال: كنت رجلًا من أهل جي وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق وكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء فقيل لي: إن الذي ترومه إنما هو بالمغرب فأتيت الموصل فسألت، عن أفضل رجل فيها فدللت على رجل في صومعة فأتيته فقلت له: إني رجل من أهل جي وإني جئت أطلب العلم فضمني إليك أخدمك وأصحبك وتعلمني مما علمك الله قال: نعم فأجرى علي مثل ما كان يجري عليه وكان يجري عليه الخل والزيت والحبوب فلم أزل معه حتى نزل به الموت فجلست عند رأسه أبكيه فقال: ما يبكيك? قلت: يبكيني أني خرجت من بلادي أطلب الخير فرزقني الله فصحبتك فعلمتني وأحسنت صحبتي فنزل بك الموت فلا أدري أين أذهب قال: لي أخ بالجزيرة مكان كذا وكذا فهو على الحق فائته فأقرئه مني السلام وأخبره أني أوصيت إليه وأوصيتك بصحبته فلما قبض أتيت الرجل الذي وصف لي فأخبرته فضمني إليه فصحبته ما شاء الله ثم نزل به الموت فأوصى بي إلى رجل بقرب الروم فلما قبض أتيته فضمني إليه فلما أحتضر بكيت فقال: ما بقي أحد على دين عيسى أعلمه ولكن هذا أوان يخرج نبي أو قد خرج بتهامة وأنت على الطريق لا يمر بك أحد إلَّا سألته عنه وإذا بلغك أنه قد خرج فائته فإنه النبي الذي بشر به عيسى وآية ذلك فذكر الخاتم والهدية والصدقة قال: فمات ومر بي ناس من أهل مكة فسألتهم فقالوا: نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي فقلت لبعضهم: هل لكم أن أكون لكم عبدًا على أن تحملوني عقبة وتطعموني من الكسر? فقال رجل: أنا فصرت له عبدًا حتى قدم بي مكة فجعلني في بستان له مع حبشان

ص: 326

كانوا فيه فخرجت وسألت فلقيت امرأة من أهل بلادي فسألتها فإذا أهل بيتها قد أسلموا فقالت لي: إن النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في الحجر هو وأصحابه إذا صاح عصفور مكة حتى إذا أضاء لهم الفجر تفرقوا فانطلقت إلى البستان وكنت أختلف ليلتي فقال لي الحبشان: ما لك? قلت: أشتكي بطني وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني فلما كانت الساعة التي أخبرتني خرجت أمشي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو محتب وأصحابه حوله فأتيته من ورائه فأرسل حبوته فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه فقلت: الله أكبر هذه واحدة ثم انصرفت فلما كانت الليلة المقبلة لقطت تمرًا جيدًا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه فقال: "ما هذا? " فقلت: صدقة إلى أن قال: "فاذهب فاشتر نفسك" فانطلقت إلى صاحبي فقلت: بعني نفسي قال: نعم على أن تنبت لي مئة نخلة فإذا أنبتت جئني بوزن نواة من ذهب فأتيت رسول الله فأخبرته فقال: "اشتر نفسك بذلك وائتني بدلو من ماء البئر الذي كنت تسقي منها ذلك النخل" فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ثم سقيتها فوالله لقد غرست مئة نخلة فما غادرت منها نخلة إلَّا نبتت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني قطعة من ذهب فانطلقت بها فوضعتها في كفة الميزان ووضع في الجانب الآخر نواة فوالله ما استقلت القطعة الذهب من الأرض وجئت رسول الله وأخبرته فأعتقني.

هذا حديث منكر، غير صحيح، وعبد الله بن عبد القدوس متروك وقد تابعه في بعض الحديث الثوري وشريك وأما هو فسمن الحديث فأفسده وذكر مكة والحجر وأن هناك بساتين وخبط في مواضع وروى منه أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن العلاء، عن أبي الطفيل.

ورواه المبارك أخو الثوري، عن أبيه، عن عبيد المكتب فقال: عن أبي البختري، عن سلمان وفي هذه الروايات كلها كنت من أهل جي وقال الفريابي وغيره: عن سفيان، عن عوف، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: كنت رجلًا من رامهرمز والفارسية سماها ابن منده: أمة الله.

الطبراني في "معجمه الكبير"، حدثنا أحمد بن داود المكي، حدثنا قيس بن حفص الدارمي، حدثنا مسلمة بن علقمة، حدثنا داود بن أبي هند، عن سماك بن حرب، عن سلامة العجلي قال: جاء ابن أخت لي من البادية يقال له: قدامة فقال: أحب أن ألقى سلمان فخرجنا إليه فسلمنا عليه وجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفًا ووجدناه على سرير ليف يسف خوصًا فقلت: يا أبا عبد الله هذا ابن أخت لي قدم فأحب أن يسلم عليك قال: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته قلت: يزعم أنه يحبك قال: أحبه الله.

ص: 327

فتحدثنا، وقلنا: إلَّا تحدثنا، عن أصلك? قال: أنا من أهل رامهرمز كنا قومًا مجوسًا فأتاني نصراني من الجزيرة كانت أمه منا فنزل فينا واتخذ ديرًا وكنت في مكتب الفارسية فكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروبًا يبكي فقلت له يومًا: ما يبكيك? قال: يضربني أبواي قلت: ولم? قال: آتي هذا الدير فإذا علما ذلك ضرباني وأنت لو أتيته سمعت منه حديثًا عجبًا قلت: فاذهب بي معك فأتيناه فحدثنا، عن بدء الخلق وعن الجنة والنار وكنت أختلف إليه معه ففطن لنا غلمان من الكتاب فجعلوا يجيئون معنا فلما رأى ذلك أهل القرية قالوا له: يا هناة! إنك قد جاورتنا فلم تر منا إلَّا الحسن وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك ونحن نخاف أن تفسدهم اخرج عنا قال: نعم فقال لذلك الغلام: اخرج معي قال: لا أستطيع قد علمت شدة أبوي علي قلت: أنا أخرج معك وكنت يتيمًا لا أب لي فخرجت فأخذنا جبل رامهرمز نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة فقدمنا نصيبين فقال: هنا قوم عباد أهل الأرض فجئنا إليهم يوم الأحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم فحيوه وبشوا به وقالوا: أين كانت غيبتك? قال: كنت في إخوان لي من قبل فارس ثم قال صاحبي: قم يا سلمان قال: قلت: لا دعني مع هؤلاء قال: إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء يصومون الأحد إلى الأحد ولا ينامون هذا الليل وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة فكنت فيهم حتى أمسينا فجعلوا يذهبون واحدًا واحدًا إلى غاره الذي يكون فيه فقال لي: يا سلمان هذا خبز وهذا أدم كل إذا غرثت وصم إذا نشطت وصل ما بدا لك ثم قام في صلاته فلم يكلمني ولم ينظر إلي فأخذني الغم تلك الأيام السبعة حتى كان يوم الأحد فذهبنا إلى مجمعهم إلى أن قال صاحبي: إني أريد الخروج إلى بيت المقدس ففرحت وقلت نسافر ونلقى الناس فخرجنا فكان يصوم من الأحد إلى الأحد ويصلي الليل كله ويمشي بالنهار فلم يزل ذاك دأبه حتى انتهينا إلى بيت المقدس وعلى بابه مقعد يسأل الناس فقال: أعطني قال: ما معي شيء فدخلنا بيت المقدس فبشوا به واستبشروا فقال لهم: غلامي هذا استوصوا به فأطعموني خبزًا ولحمًا ودخل في الصلاة فلم ينصرف حتى كان يوم الأحد فقال لي: يا سلمان إني أريد أن أنام فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني فنام فلم أوقظه ماويةً له مما دأب فاستيقظ مذعورًا فقال: ألم أكن قلت لك? ثم قال لي: أعلم أن أفضل الدين اليوم النصرانية قلت: ويكون بعد اليوم دين أفضل منه كلمة ألقيت على لساني? قال: نعم يوشك أن يبعث نبي ........... ، إلى أن قال: فطلقاني

ص: 328

رفقة من كلب فسبوني فاشتراني بالمدينة رجل من الأنصار فجعلني في نخل ومن ثم تعلمت عمل الخوص أشتري خوصًا بدرهم فأعمله فأبيعه بدرهمين فأرد درهما في الخوص وأستنفق درهمًا أحب أن كان من عمل يدي.

قال: فبلغنا أن رجلًا قد خرج بمكة يزعم أن الله أرسله قال: فهاجر إلينا إلى أن قال: فقلت: يا رسول الله أي قوم النصارى? قال: "لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم". قلت في نفسي: أنا والله أحبهم قال: وذاك حين بعث السرايا وجرد السيف فسرية تدخل وسرية تخرج والسيف يقطر قلت يحدث بي أني أحبهم فيبعث إلي فيضرب عنقي فقعدت في البيت فجاءني الرسول أجب رسول الله فخفت وقلت: اذهب حتى ألحقك قال: لا والله حتى تجيء فانطلقت فلما رآني تبسم وقال: "يا سلمان أبشر فقد فرج الله عنك" ثم تلا علي: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِه} [القصص: (52)، 53] إلى قوله: {لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِين} [القصص: 55] قلت: والذي بعثك بالحق لقد سمعته يقول -يعني صاحبه: لو أدركته فأمرني أن أقع في النار لوقعت فيها إنه نبي لا يقول إلَّا حقًا ولا يأمر إلَّا بحق.

غريب جدًا وسلامة لا يعرف.

قال بقي بن مخلد في "مسنده": حدثنا يحيى الحماني، حدثنا شريك، عن عبيد المكتب، عن أبي الطفيل، عن سلمان قال: خرجت في طلب العلم إلى الشام فقالوا لي: إن نبيًّا قد ظهر بتهامة فخرجت إلى المدينة فبعثت إليه بقباع من تمر فقال: "أهدية أم صدقة"؟ قلت: صدقة فقبض يده وأشار إلى أصحابه أن يأكلوا ثم أتبعته بقباع من تمر وقلت: هذا هدية فأكل وأكلوا فقمت على رأسه ففطن فقال بردائه، عن ظهره فإذا في ظهره خاتم النبوة فأكببت عليه وتشهدت. إسناده صالح.

أخرج البخاري من حديث سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي قال: تداولني بضعة عشر من رب إلى رب

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3946" من طريق سليمان التيمي، وأبو نعيم في "الحلية""1/ 195" من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، به.

ص: 329

يحيى الحماني، حدثنا شريك، عن عبيد المكتب، عن أبي الطفيل، عن سلمان قال كاتبت فأعانني النبي صلى الله عليه وسلم ببيضة من ذهب فلو وزنت بأحد كانت أثقل منه

(1)

.

حماد بن سلمة، أنبأنا علي بن زيد، عن أبي عثمان، عن سلمان قال كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مئة فسيلة فإذا علقت فأنا حر فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أردت أن تغرس فآذني" فآذنته فغرس بيده إلَّا واحدة غرستها فيعلق الجميع إلَّا الواحدة التي غرست

(2)

.

قيس بن الربيع، حدثنا أبو هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال قرأت في التوراة أن البركة تنزل في الوضوء قبل الطعام فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "تنزل قبل الطعام في الوضوء وفي الوضوء بعده"

(3)

.

أبو بدر السكوني، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن سلمان قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك" قلت بأبي وأمي كيف أبغضك وبك هداني الله قال: "تبغض العرب فتبغضني"

(4)

.

قابوس بن حسنة قال الترمذي يحيى بن عقبة بن أبي العيزار من الضعفاء، عن محمد

(1)

ضعيف: فيه شريك النخعي، ضعيف لسوء حفظه.

(2)

ضعيف: فيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف، وهو عند أحمد "5/ 440".

(3)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 441"، وأبو داود "3761"، والترمذي "1846" والحاكم "3/ 604" من طريق قيس بن الربيع، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته قيس بن الربيع، ضعيف لسوء حفظه. وأبو هاشم هو الرماني، بضم الراء وتشديد الميم، الواسطي، اسمه يحيى بن دينار، وقيل ابن الأسود، وقيل ابن نافع، ثقة، روى له الجماعة. وزاذان هو أبو عمر الكندي البزاز، صدوق يرسل، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في صحيحه، وأصحاب السنن.

(4)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 440"، والترمذي "3927"، والطبراني في "الكبير""6/ 6093" من طريق أبي بدر شجاع بن الوليد السكوني، عن قابوس بن أبي ظبيان، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: قابوس بن أبي ظبيان، ضعيف ضعفه أحمد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان. الثانية: الانقطاع بين أبي ظبيان حصين بن جندب الجنبي الكوفي -والد قابوس- وسلمان.

ص: 330

بن جحادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سابق ولد آدم وسلمان سابق الفرس"

(1)

.

ابن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سلمان سابق الفرس"

(2)

. هذا مرسل ومعناه صحيح.

ابن أبي فديك، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم خط الخندق عام الأحزاب فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي وكان رجلًا قويًا فقال المهاجرون: منا سلمان وقالت الأنصار: سلمان منا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سلمان منا أهل البيت"

(3)

.

كثير متروك.

(1)

ضعيف: وسبق تخريجنا له بتعليق رقم 506.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 318"، وهو مرسل.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه الطبراني في "الكبير""6/ 6040"، وابن سعد في "الطبقات""4/ 62" و"7/ 231"، وابن جرير في "تفسيره""21/ 85"، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين""6"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان""1/ 54" والحاكم "3/ 598"، والبيهقي "دلائل النبوة""3/ 418"، والبغوي في "تفسيره""5/ 439" كلهم من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط الخندق عام الأحزاب، حتى بلغ المذاحج، فقطع لكل عشرة أربعين ذراعا فاحتج المهاجرون والأنصار، فقال المهاجرون سلمان منا، وقالت الأنصار: سلمان منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلمان منا آل البيت".

قلت: إسناده واه برة، فيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال الدارقطني وغيره: متروك.

وقال ابن حبان: له عن أبيه، وعن جده نسخة موضوعة، وله شاهد من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: أخرجه أبو يعلى "12/ 6772"، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين""5" من طريق النضر بن حميد، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي به مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه علتان: الأولى: النضر بن حميد، قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث، الثانية سعد الإسكاف وهو سعد بن طريف الإسكاف. قال النسائي والدارقطني: متروك.

وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الفور، وقد خرجت هذا الحديث بإسهاب في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" المجلد الأول حديث رقم "58"، وهو مطبوع بمكتبة الدعوة بالأزهر يسر الله طبع بقية المجلدات الثلاث وجعله في ميزان حسناتي، وكل من ساهم في طبعه ونشره آمين.

ص: 331

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ بن عمرو أن أبا سفيان مر على سلمان وبلال وصهيب في نفر فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها فقال أبو بكر: تقولون هذا لشيخ قريش وسيدها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك" فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم? قالوا: لا يا أبا بكر يغفر الله لك

(1)

.

قال الواقدي: أول مغازي سلمان الفارسي الخندق.

أحمد في "مسنده"، حدثنا ابن نمير، حدثنا شريك، حدثنا أبو ربيعة، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعًا:"إن الله يحب من أصحابي أربعة وأمرني أن أحبهم علي وأبو ذر وسلمان والمقداد"

(2)

. تفرد به أبو ربيعة.

الحسن بن صالح بن حي، عن أبي ربيعة البصري، عن الحسن، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان"

(3)

.

يعلى بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: قيل لعلي: أخبرنا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: عن أيهم تسألون? قيل: عن عبد الله قال: علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى به علمًا قالوا: عمار? قال: مؤمن نسي فإن ذكرته ذكر قالوا: أبو ذر? قال: وعى علمًا عجز عنه قالوا: أبو موسى? قال: صبغ في العلم صبغة ثم خرج منه قالوا: حذيفة? قال: أعلم أصحاب محمد بالمنافقين قالوا: سلمان? قال: أدرك العلم الأول والعلم الآخر بحر لا يدرك قعره وهو منا أهل البيت قالوا: فأنت يا أمير المؤمنين? قال: كنت إذا سألت أعطيت وإذا سكت ابتديت.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 64"، ومسلم "2504" من طريق حماد بن سلمة به.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه أحمد "5/ 351"، والترمذي "3718"، وابن ماجه "149"، والحاكم "3/ 130" من طريق شريك، به.

قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه شريك النخعي، وضعيف لسوء حفظه. وفيه أبو ربيعة الإيادي، وهو عمرو ربيعة، قال أبو حاتم: منكر الحديث. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية""1/ 190" من طريق عباد بن يعقوب، حدثنا موسى بن عمير، حدثنا أبو ربيعة الإيادي، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه أبو ربيعة الإيادي، منكر الحديث. وفيه موسى بن عمير قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كذاب. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات.

(3)

ضعيف: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "514" و"567".

ص: 332

مسلم بن خالد الزنجي وغيره، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُم} [محمد: 38] قالوا: يا رسول الله من هؤلاء? قال: فضرب على فخذ سلمان الفارسي ثم قال: "هذا وقومه لو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس".

إسناده وسط.

وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قول سلمان لأبي الدرداء: إن لأهلك عليك حقًا فقال: "ثكلت سلمان أمه لقد اتسع من العلم"

(1)

.

شيبان، عن قتادة في قوله {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَاب} [الرعد: 43] قال سلمان وعبد الله بن سلام.

إسحاق الأزرق، عن ابن عون، عن ابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء:"يا عويمر سلمان أعلم منك لا تخص ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام"

(2)

.

مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي قال: سلمان تابع العلم الأول والعلم الآخر ولا يدرك ما عنده.

حبان بن علي: حدثنا ابن جريج، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه وعن رجل، عن زاذان قالا: كنا عند علي، قلنا: حدثنا عن سلمان قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت أدرك العلم الأول والعلم الآخر بحر لا ينزف.

معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذًا الموت قلنا: أوصنا قال: أجلسوني ثم قال: إن الإيمان والعلم مكانهما من ابتغاهما وجدهما -قالها ثلاثًا- فالتمسوا العلم عند أربعة أبي الدرداء وسلمان وابن مسعود وعبد الله بن سلام الذي كان يهوديًا فأسلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه عاشر عشرة في الجنة" رواه الليث وكاتبه عنه.

وعن المدائني: أن سلمان الفارسي، قال: لو حدثتهم بكل ما أعلم لقالوا: رحم الله قاتل سلمان.

(1)

ضعيف: لإرساله، أبو صالح، هو مولى أم هانئ، باذام من الطبقة الثالثة، ومع ذلك فهو ضعيف مدلس.

(2)

ضعيف: ابن سيرين، هو محمد بن سيرين الأنصاري، من الطبقة الثالثة، فالحديث مرسل.

ص: 333

معمر، عن قتادة كان بين سعد بن أبي وقاص وبين سلمان شيء فقال: انتسب يا سلمان قال: ما أعرف لي أبًا في الإسلام ولكني سلمان ابن الإسلام فنمي ذلك إلى عمر فلقي سعدًا فقال: انتسب يا سعد فقال: أنشدك بالله يا أمير المؤمنين قال: وكأنه عرف فأبى أن يدعه حتى انتسب ثم قال: لقد علمت قريش أن الخطاب كان أعزهم في الجاهلية وأنا عمر ابن الإسلام أخو سلمان ابن الإسلام أما والله لولا شيء لعاقبتك أو ما علمت أن رجلًا انتمى إلى تسعة آباء في الجاهلية فكان عاشرهم في النار?.

عفان: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت قال: كتب عمر إلى سلمان أن زرني فخرج سلمان إليه فلما بلغ عمر قدومه قال: انطلقوا بنا نتلقاه فلقيه عمر فالتزمه وساءله ورجعا ثم قال له عمر: يا أخي أبلغك عني شيء تكرهه? قال: بلغني أنك تجمع على مائدتك السمن واللحم وبلغني أن لك حلتين حلة تلبسها في أهلك وأخرى تخرج فيها قال: هل غير هذا? قال: لا قال: كفيت هذا.

الحسن بن سفيان في "مسنده": حدثنا محمد بن بكار الصيرفي، حدثنا حجاج بن فروخ، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قدم سلمان من غيبة له فتلقاه عمر فقال: أرضاك لله عبدًا قال: فزوجني فسكت عنه قال: ترضاني لله عبدًا ولا ترضاني لنفسك؟ فلما أصبح أتاه قوم عمر ليضرب، عن خطبة عمر فقال: والله ما حملني على هذا أمره ولا سلطانه ولكن قلت: رجل صالح عسى الله أن يخرج من بيننا نسمة صالحة. حجاج: واه.

سعيد بن سليمان الواسطي: حدثنا عقبة بن أبي الصهباء، حدثنا ابن سيرين، حدثنا عبيدة السلماني أن سلمان مر بحجر المدائن غازيًا وهو أمير الجيش وهو ردف رجل من كندة على بغل موكوف فقال أصحابه أعطنا اللواء أيها الأمير نحمله فيأبى حتى قضى غزاته ورجع وهو ردف الرجل.

أبو المليح الرقي، عن حبيب، عن هزيم -أو هذيم- قال: رأيت سلمان الفارسي على حمار عري وعليه قميص سنبلاني ضيق الأسفل وكان طويل الساقين يتبعه الصبيان فقلت لهم: تنحوا، عن الأمير فقال: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم.

حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة: أن سلمان كان إذا سجدت له العجم طأطأ رأسه وقال: خشعت لله خشعت لله.

ص: 334

أبو نعيم: حدثنا يزيد بن مردانبة، عن خليفة بن سعيد المرادي، عن عمه قال: رأيت سلمان في بعض طرق المدائن زحمته حملة قصب فأوجعته فأخذ بعضد صاحبها فحركه ثم قال: لا مت حتى تدرك إمارة الشباب.

جرير بن حازم: سمعت شيخًا من بني عبس يذكر، عن أبيه قال: أتيت السوق فاشتريت علفًا بدرهم فرأيت سلمان ولا أعرفه فسخرته فحملت عليه العلف فمر بقوم فقالوا: نحمل عنك يا أبا عبد الله فقلت: من ذا? قالوا: هذا سلمان صاحب رسول الله فقلت له: لم أعرفك ضعه فأبى حتى أتى المنزل.

وروى ثابت البناني نحوها وفيها فحسبته علجًا وفيها قال له: فلا تسخر بعدي أحدًا.

جعفر بن سليمان، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف وكان على ثلاثين ألفًا من الناس يخطب في عباءة يفرش نصفها ويلبس نصفها وكان إذا خرج عطاؤه أمضاه ويأكل من سفيف يده رضي الله عنه.

شعبة، عن سماك بن حرب سمع النعمان بن حميد يقول: دخلت مع خالي على سلمان بالمدائن وهو يعمل الخوص فسمعته يقول: أشتري خوصًا بدرهم فأعمله فأبيعه بثلاثة دراهم فأعيد درهما فيه وأنفق درهمًا على عيالي وأتصدق بدرهم ولو أن عمر نهاني عنه ما انتهيت.

وروى نحوها، عن سماك، عن عمه وفيها فقلت له: فلم تعمل? قال: إن عمر أكرهني فكتبت إليه فأبى علي مرتين وكتبت إليه فأوعدني.

معن، عن مالك: أن سلمان كان يستظل بالفيء حيث ما دار ولم يكن له بيت فقيل: إلَّا نبني لك بيتًا تستكن به? قال: نعم فلما أدبر القائل سأله سلمان كيف تبنيه? قال: إن قمت فيه أصاب رأسك وإن نمت أصاب رجلك.

زائدة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ظبيان، عن جرير بن عبد الله قال: نزلت بالصفاح في يوم شديد الحر فإذا رجل نائم في حر الشمس يستظل بشجرة معه شيء من الطعام ومزوده تحت رأسه ملتف بعباءة فأمرته أن يظلل عليه ونزلنا فانتبه فإذا هو سلمان فقلت له: ظللنا عليك وما عرفناك قال: يا جرير! تواضع في الدنيا فإنه من تواضع يرفعه الله يوم القيامة ومن يتعظم في الدنيا يضعه الله يوم القيامة لو حرصت على أن تجد عودًا يابسًا في الجنة لم تجده قلت: وكيف? قال: أصول الشجر ذهب وفضة

ص: 335

وأعلاها الثمار يا جرير تدري ما ظلمة النار? قلت: لا قال: ظلم الناس.

شعبة: حدثنا حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة أن سلمان كان يعمل بيده فإذا أصاب شيئًا اشترى به لحمًا أو سمكًا ثم يدعو المجذمين فيأكلون معه.

سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: أوخي بين سلمان وأبي الدرداء فسكن أبو الدرداء الشام وسكن سلمان الكوفة وكتب أبو الدرداء إليه سلام عليك أما بعد فإن الله رزقني بعدك مالًا وولدًا ونزلت الأرض المقدسة فكتب إليه سلمان اعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد ولكن الخير أن يعظم حلمك وأن ينفعك علمك وإن الأرض لا تعمل لأحد اعمل كأنك ترى واعدد نفسك من الموتى.

مالك في "الموطأ"، عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان هلم إلى الأرض المقدسة فكتب إليه إن الأرض لا تقدس أحدًا وإنما يقدس المرء عمله وقد بلغني أنك جعلت طبيبًا فإن كنت تبرئ فنعما لك وإن كنت متطببًا فاحذر أن تقتل إنسانًا فتدخل النار فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما وقال: متطبب والله ارجعا أعيدا علي قصتكما.

أبو عبيدة بن معن، عن الأعمش، عن أبي البختري قال: جاء الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله فدخلا على سلمان في خص فسلما وحيياه ثم قالا: أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: لا أدري فارتابا قال: إنما صاحبه من دخل معه الجنة قالا: جئنا من عند أبي الدرداء قال: فأين هديته? قالا: ما معنا هدية قال: اتقيا الله وأديا الأمانة ما أتاني أحد من عنده إلَّا بهدية قالا: لا ترفع علينا هذا إن لنا أموالًا فاحتكم قال: ما أريد إلَّا الهدية قالا: والله ما بعث معنا بشيء إلَّا أنه قال: إن فيكم رجلًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا به لم يبغ غيره فإذا أتيتماه فأقرئاه مني السلام قال: فأي هدية كنت أريد منكما غير هذه وأي هدية أفضل منها?

وكيع، عن الأعمش، عن سليمان بن ميسرة والمغيرة بن شبل، عن طارق بن شهاب، عن سلمان قال: إذا كان الليل كان الناس منه على ثلاث منازل فمنهم من له ولا عليه ومنهم من عليه ولا له ومنهم من لا عليه ولا له فقلت: وكيف ذاك? قال: أما من له ولا عليه فرجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل فتوضأ وصلى فذاك له ولا عليه ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل فمشى في معاصي الله فذاك عليه ولا له ورجل نام حتى أصبح فذاك لا له ولا عليه.

ص: 336

قال طارق: فقلت: لأصحبن هذا فضرب على الناس بعث فخرج فيهم فصحبته وكنت لا أفضله في عمل إن أنا عجنت خبز وإن خبزت طبخ فنزلنا منزلًا فبتنا فيه وكانت لطارق ساعة من الليل يقومها فكنت أتيقظ لها فأجده نائمًا فأقول: صاحب رسول الله خير مني نائم فأنام ثم أقوم فأجده نائمًا فأنام إلَّا أنه كان إذا تعار من الليل قال وهو مضطجع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلَّا الله والله أكبر لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير حتى إذا كان قبيل الصبح قام فتوضأ ثم ركع أربع ركعات فلما صلينا الفجر قلت: يا أبا عبد الله كانت لي ساعة من الليل أقومها وكنت أتيقظ لها فأجدك نائمًا قال: يابن أخي فإيش كنت تسمعني أقول? فأخبرته فقال: يابن أخي تلك الصلاة إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت المقتلة يابن أخي عليك بالقصد فإنه أبلغ.

شعبة: عن عمرو بن مرة سمعت أبا البختري يحدث أن سلمان دعا رجلًا إلى طعامه قال: فجاء مسكين فأخذ الرجل كسرة فناوله فقال سلمان ضعها فإنما دعوناك لتأكل فما رغبتك أن يكون الأجر لغيرك والوزر عليك.

سليمان بن قرم، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا، عن التكلف لتكلفت لكم فجاءنا بخبز وملح فقال صاحبي: لو كان في ملحنا صعتر فبعث سلمان بمطهرته فرهنها فجاء بصعتر فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا فقال سلمان: لو قنعت لم تكن مطهرتي مرهونة.

الأعمش، عن عبيد بن أبي الجعد، عن رجل أشجعي قال: سمعوا بالمدائن أن سلمان بالمسجد فأتوه يثوبون إليه حتى اجتمع نحو من ألف فقام فافتتح سورة يوسف فجعلوا يتصدعون ويذهبون حتى بقي نحو مائة فغضب وقال: الزخرف يريدون? آية من سورة كذا وآية من سورة كذا.

وروى حبيب بن أبي ثابت، عن نافع بن جبير أن سلمان التمس مكانًا يصلي فيه فقالت له علجة: التمس قلبًا طاهرًا وصل حيث شئت فقال: فقهت.

سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: كانت امرأة فرعون تعذب فإذا انصرفوا أظلتها الملائكة بأجنحتها وترى بيتها في الجنة وهي تعذب قال: وجوع لإبراهيم أسدان ثم أرسلا عليه فجعلا يلحسانه ويسجدان له.

ص: 337

معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي أن سلمان كان لا يفقه كلامه من شدة عجمته قال: وكان يسمي الخشب خشبان.

تفرد به الثقة يعقوب الدورقي عنه.

وأنكره أبو محمد بن قتيبة -أعني عجمته- ولم يصنع شيئًا فقال: له كلام يضارع كلام فصحاء العرب.

قلت: وجود الفصاحة لا ينافي وجود العجمة في النطق كما أن وجود فصاحة النطق من كثير العلماء غير محصل للإعراب.

قال: وأما خشبان: فجمع الجمع أو هو خشب زيد فيه الألف والنون كسود وسودان.

عبد الرزاق: عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: دخل سعد وابن مسعود على سلمان عند الموت فبكى فقيل له: ما يبكيك? قال: عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نحفظه قال: "ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب" وأما أنت يا سعد فاتق الله في حكمك إذا حكمت وفي قسمك إذا قسمت وعند همك إذا هممت.

قال ثابت: فبلغني أنه ما ترك إلَّا بضعة وعشرين درهمًا نفيقة كانت عنده.

شيبان، عن فراس، عن الشعبي، عن الحارث، عن بقيرة امرأة سلمان أنها قالت: لما حضره الموت دعاني وهو في علية له لها أربعة أبواب فقال: افتحي هذه الأبواب فإن لي اليوم زوارًا لا أدري من أي هذه الأبواب يدخلون علي? ثم دعا بمسك فقال: أديفيه في تور ثم انضحيه حول فراشي فاطلعت عليه فإذا هو قد أخذ روحه فكأنه نائم على فراشه.

بقي بن مخلد، حدثنا ابن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: يأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا نبي الله! أنت الذي فتح الله بك وختم بك وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وجئت في هذا اليوم آمنًا فقد ترى ما نحن فيه فقم فاشفع لنا إلى ربنا فيقول: "أنا صاحبكم" فيقوم فيخرج يحوش الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة فيأخذ بحلقة في الباب من ذهب فيقرع الباب فيقال: من هذا? فيقول: "محمد" فيفتح له فيجيء حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السجود فيؤذن له فينادى: يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع وادع تجب فيفتح الله له من الثناء عليه والتحميد والتمجيد ما لم يفتح لأحد من الخلائق فيقول: "رب أمتي أمتي" ثم يستأذن في السجود.

ص: 338

قال سلمان: فيشفع في كل ما كان في قلبه مثقال حنطة من إيمان أو قال: مثقال شعيرة أو قال: مثقال حبة من خردل من إيمان

(1)

.

أبو عوانة، عن عاصم، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان قال: فترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ست مائة سنة

(2)

.

قال الواقدي: مات سلمان في خلافة عثمان بالمدائن وكذا قال ابن زنجويه.

وقال أبو عبيدة: وشباب في رواية عنه وغيرهما توفي سنة ست وثلاثين بالمدائن وقال شباب في رواية أخرى سنة سبع وهو وهم فما أدرك سلمان الجمل ولا صفين.

قال العباس بن يزيد البحراني: يقول أهل العلم عاش سلمان ثلاث مائة وخمسين سنة فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه.

قال أبو نعيم الأصبهاني: يقال: اسم سلمان ماهويه وقيل: ماية وقيل: بهبود بن بذخشان بن آذر جشيش من ولد منوجهر الملك وقيل: من ولد آب الملك يقال: توفي سنة ثلاث وثلاثين بالمدائن.

قال: وتاريخ كتاب عتقه يوم الاثنين في جمادى الأولى مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه الذي باعه عثمان بن أشهل القرظي اليهودي وقيل: إنه عاد إلى أصبهان زمن عمر وقيل: كان له أخ اسمه بشير وبنت بأصبهان لها نسل وبنتان بمصر وقيل كان له ابن اسمه كثير فمن قول البحراني إلى هنا منقول من كتاب "الطوالات" لأبي موسى الحافظ.

وقد فتشت فما ظفرت في سنه بشيء سوى قول البحراني وذلك منقطع لا إسناد له.

ومجموع أمره وأحواله وغزوه وهمته وتصرفه وسفه للجريد وأشياء مما تقدم ينبئ بأنه ليس بمعمر ولا هرم فقد فارق وطنه وهو حدث ولعله قدم الحجاز وله أربعون

(1)

صحيح: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وعاصم هو ابن سليمان الأحول. وحديث الشفاعة قد خرجته بإسهاب في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" لابن تيمية" ط. دار الجيل بيروت لبنان "ص 45 - 47". وقد ورد من حديث أنس عند البخاري "4476" و"6565" و"7410"، ومسلم "322"، وغيرهم. وعن أبي هريرة عند البخاري "3340" و"3361"، ومسلم "327" وغيرهم فراجعه ثمت تفد علما حديثيا ثرا فلله لحمد على نعمة العلم التي حباني بها حمدا كثيرا طيبا.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3948" من طريق يحيى بن حماد، أخبرنا أبو عوانة، به.

ص: 339

سنة أو أقل فلم ينشب أن سمع بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم هاجر فلعله عاش بضعًا وسبعين سنة وما أراه بلغ المئة فمن كان عنده علم فليفدنا.

وقد نقل طول عمره: أبو الفرج بن الجوزي وغيره وما علمت في ذلك شيئًا يركن إليه.

روى جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني وذلك في "العلل" لابن أبي حاتم قال: لما مرض سلمان خرج سعد من الكوفة يعوده فقدم فوافقه وهو في الموت يبكي فسلم وجلس وقال: ما يبكيك يا أخي? إلَّا تذكر صحبة رسول الله? إلَّا تذكر المشاهد الصالحة?

قال: والله ما يبكيني واحدة من اثنتين ما أبكي حبًّا بالدنيا ولا كراهيةً للقاء الله قال سعد: فما يبكيك بعد ثمانين? قال: يبكيني أن خليلي عهد إلي عهدًا قال: "ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب" وإنا قد خشينا أنا قد تعدينا.

رواه بعضهم، عن ثابت فقال: عن أبي عثمان وإرساله أشبه قاله أبو حاتم وهذا يوضح لك أنه من أبناء الثمانين.

وقد ذكرت في تاريخي الكبير أنه عاش مائتين وخمسين سنة وأنا الساعة لا أرتضي ذلك ولا أصححه.

أبو صالح، حدثنا الليث، حدثني يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: التقى سلمان وعبد الله بن سلام فقال أحدهما لصاحبه: إن لقيت ربك قبلي فأخبرني ماذا لقيت منه? فتوفي أحدهما فلقي الحي في المنام فكأنه سأله فقال: توكل وأبشر فلم أر مثل التوكل قط.

قلت: سلمان مات قبل عبد الله بسنوات.

أخبرنا سنقر الزينبي، أنبأنا علي بن محمد الجزري ويعيش بن علي قالا: أنبأنا عبد الله بن أحمد الخطيب "ح" وقد أنبئت عن عبد المؤمن بن خلف الحافظ، أنبأنا الأعز بن فضائل أخبرتنا شهدة قالا: أنبأنا جعفر بن أحمد السراج، أنبأنا الحسن بن عيسى بن المقتدر، أنبأنا أحمد بن منصور اليشكري، حدثنا أبو عبد الله بن عرفة، حدثني محمد بن موسى السامي، أنبأنا روح بن أسلم، أنبأنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن سلمان قال: كان في بني إسرائيل امرأة ذات جمال وكانت عند رجل يعمل

ص: 340

بالمسحاة فكانت إذا جاء الليل قدمت له طعامه وفرشت له فراشه فبلغ خبرها ملك ذلك العصر فبعث إليها عجوزًا من بني إسرائيل.

فقالت لها: تصنعين بهذا الذي يعمل بالمسحاة! لو كنت عند الملك لكساك الحرير وفرش لك الديباج.

فلما وقع الكلام في مسامعها جاء زوجها بالليل فلم تقدم له طعامه ولم تفرش له فراشه فقال لها: ما هذا الخلق يا هنتاه? قالت: هو ما ترى أطلقك? قالت: نعم فطلقها فتزوجها ذلك الملك فلما زفت إليه نظر إليها فعمي ومد يده إليها فجفت فرفع نبي ذلك العصر خبرها إلى الله فأوحى الله إليه أعلمهما أني غير غافر لهما أما علما أن بعيني ما عملا بصاحب المسحاة

(1)

.

(1)

ضعيف: في إسناده علتان: الأولى: روح بن أسلم الباهلي قال عفان: كذاب. وقال البخاري: يتكلمون فيه. وقال النسائي: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بذاك.

الثانية: الانقطاع، أبو البختري، هو سعيد بن فيروز الطائي لم يدرك سلمان كما قال البخاري.

ص: 341

‌97 - عبادة بن الصامت

(1)

:

ابن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن "عمرو بن عوف" بن الخزرج الإمام القدوة أبو الوليد الأنصاري أحد النقباء ليلة العقبة ومن أعيان البدريين سكن بيت المقدس.

حدث عنه: أبو أمامة الباهلي وأنس بن مالك وأبو مسلم الخولاني الزاهد وجبير بن نفير وجنادة بن أبي أمية وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي ومحمود بن الربيع وأبو إدريس الخولاني وأبو الأشعث الصنعاني وابنه الوليد بن عبادة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وخالد بن معدان -ولم يلحقاه فهو مرسل- وابن زوجته أبو أبي وكثير بن مرة وحطان بن عبد الله الرقاشي وآخرون.

قال ابن إسحاق في تسمية من شهد العقبة الأولى: عبادة بن الصامت. شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 546 و 621" و"7/ 387"، وتاريخ خليفة "155 و 160 و 168"، والتاريخ الكبير "3/ ق 2/ 92"، والتاريخ الصغير "1/ 41 و 42 و 65 و 66"، والجرح والتعديل "3/ 1/ 95"، والإصابة "2/ ترجمة 4497"، وتهذيب التهذيب "5/ 111"، والتقريب "1/ 395"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3334".

ص: 341

محمد بن سابق، حدثنا حشرج بن نباتة، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي سمع أبا قلابة يقول: حدثني الصنابحي أن عبادة بن الصامت حدثه قال: خلوت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أي أصحابك أحب إليك حتى أحبه? قال: "اكتم علي حياتي أبو بكر الصديق ثم عمر ثم علي" ثم سكت فقلت: ثم من يا رسول الله? قال: "من عسى أن يكون إلَّا الزبير وطلحة وسعد وأبو عبيدة ومعاذ وأبو طلحة وأبو أيوب وأنت يا عبادة وأبي بن كعب وأبو الدرداء وابن مسعود وابن عوف وابن عفان ثم هؤلاء الرهط من الموالي: سلمان وصهيب وبلال وعمار"

(1)

.

قال محمد بن كعب القرظي: جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار: معاذ وعبادة وأبي وأبو أيوب وأبو الدرداء فلما كان عمر كتب يزيد بن أبي سفيان إليه: إن أهل الشام كثير وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم فقال: أعينوني بثلاثة فقالوا: هذا شيخ كبير لأبي أيوب وهذا سقيم لأبي فخرج الثلاثة إلى الشام فقال: ابدؤوا بحمص فإذا رضيتم منهم فليخرج واحد إلى دمشق وآخر إلى فلسطين

(2)

.

برد بن سنان، عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب، عن أبيه: أن عبادة أنكر على معاوية شيئًا فقال: لا أساكنك بأرض فرحل إلى المدينة قال له عمر: ما أقدمك فأخبره بفعل معاوية. فقال له: ارحل إلى مكانك فقبح الله أرضًا لست فيها وأمثالك فلا إمرة له عليك.

ابن أبي أويس، عن أبيه، عن الوليد بن داود بن محمد بن عبادة بن الصامت، عن ابن عمه عبادة بن الوليد قال: كان عبادة بن الصامت مع معاوية فأذن يومًا فقام خطيب يمدح معاوية ويثني عليه فقام عبادة بتراب في يده فحشاه في فم الخطيب فغضب معاوية.

(1)

ضعيف جدا: فيه موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال يحيى: ليس بشيء ولا يكتب حديثه. وقال البخاري: عنده مناكير. وقال النسائي: منكر الحديث وقال الدارقطني: متروك.

(2)

ضعيف بهذا التمام: محمد بن كعب القرظي، من الطبقة الثالثة، فالحديث مرسل. لكن قد ورد لبعضه شاهد صحيح عند البخاري "5003" رواه من طريق همام، حدثنا قتادة قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد.

وشاهد آخر رواه البخاري "5004" من طريق عبد الله بن المثنى، حدثني ثابت البناني وثمامة، عن أنس قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.

ص: 342

فقال له عبادة: إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ومكسلنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله وأن نقوم بالحق حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في أفواههم التراب"

(1)

.

يحيى القطان: حدثنا ثور بن يزيد، حدثنا مالك بن شرحبيل قال: قال عبادة بن الصامت: إلَّا تروني لا أقوم إلَّا رفدًا

(2)

ولا آكل إلَّا مالوق -يعني: لين وسخن- وقد مات صاحبي منذ زمان يعني ذكره وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي وإن لي ما تطلع عليه الشمس مخافة أن يأتي الشيطان فيحركه على أنه لا سمع له ولا بصر

(3)

.

إسماعيل بن عياش، عن ابن خثيم، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن رفاعة قال: كتب معاوية إلى عثمان: إن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله فإما أن تكفه إليك وإما أن أخلي بينه وبين الشام.

فكتب إليه: أن رحل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة.

قال: فدخل على عثمان فلم يفجأه إلَّا به وهو معه في الدار فالتفت إليه فقال: يا عبادة ما لنا ولك فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(1)

ضعيف بهذا التمام: فيه الوليد بن داود بن محمد، لم أجد من ترجم له والحديث لم يرد بهذا التمام في شيء من كتب السنة، لكن ورد نص على البيعة عن عبادة بن الصامت قال:"بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره" أخرجه أحمد "5/ 314"، والبخاري "7199" من طريق عبادة بن الوليد، أخبرني أبي، عن عبادة بن الصامت، به.

وورد النهي عن المدح عند مسلم "3002""69" من طريق همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، وكان رجلا ضخما، فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في وجوههم التراب".

وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: "احثوا في أفواء المداحين التراب" أخرجه أبو نعيم في "الحلية""6/ 127"، والخطيب في "تاريخه""8/ 338" من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر، به.

(2)

الرفد: هو الإعانة. يقال رفدته أرفدة، إذا أعنته.

(3)

ضعيف: آفة إسناده مالك بن شرحبيل، فإنه مجهول، لذا فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير""4/ 1/ 314"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""4/ 1/ 210" ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وقد وقع اختلاف في اسمه ففي "التاريخ الكبير" وقع "مالك بن شرحبيل بن مسلم"، وفي "الجرح والتعديل""مالك بن شرحبيل بن مشكم".

ص: 343

"سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى ولا تضلوا بربكم"

(1)

.

يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه: أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة

(2)

وهو بالشام تحمل الخمر فقال: ما هذه أزيت قيل: لا بل خمر يباع لفلان. فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلَّا بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام فأرسل فلان إلى أبي هريرة فقال: إلَّا تمسك عنا أخاك عبادة أما بالغدوات فيغدو إلى السوق يفسد على أهل الذمة متاجرهم وأما بالعشي فيقعد في المسجد ليس له عمل إلَّا شتم أعراضنا وعيبنا!

قال: فأتاه أبو هريرة فقال: يا عبادة مالك ولمعاوية? ذره وما حمل فقال: لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة والأمر بالمعروف والنهي، عن المنكر وألا يأخذنا في الله لومة لائم. فسكت أبو هريرة وكتب فلان إلى عثمان: إن عبادة قد أفسد علي الشام.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "5/ 325" من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به.

قلت: إسناده ضعيف: إسماعيل بن عياش، ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها "وأخرجه الحاكم "3/ 357" من طريق مسلم بن خالد، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" "5/ 329" من طريق يحيى بن مسلم كلاهما عن ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت قال سمعت أبا القاسم يقول: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، مسلم بن خالد، ضعيف، لسوء حفظه. ويحيى بن مسلم لم يتميز عندي. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء""2/ 314"، والحاكم "3/ 356" من طريق عبد الله بن واقد، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة بن الصامت مرفوعا، به.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الذهبي بقوله:"قلت: تفرد به عبد الله بن واقد، وهو ضعيف".

وللحديث شاهد عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ: "سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة، ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها". فقلت: يا رسول الله! إن أدركتهم كيف أفعل؟ قال: تسألني يابن أم عبد كيف تفعل؟ لا طاعة لمن عصى الله". أخرجه أحمد "1/ 399 - 400"، وابن ماجه "2865"، والطبراني في "الكبير" "10/ 1036" والبيهقي في "السنن" "3/ 124 و 127" وفي "دلائل النبوة" "6/ 396" من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، به مرفوعا.

قلت: إسناده حسن، القاسم بن عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن مسعود.

(2)

القطارة والقطار: أن تشد الإبل على نسق، واحدا خلف واحد.

ص: 344

الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة: أن عبادة بن الصامت مر بقرية دمر

(1)

فأمر غلامه أن يقطع له سواكًا من صفصاف على نهر بردى فمضى ليفعل. ثم قال له: ارجع فإنه إن لا يكن بثمن فإنه ييبس فيعود حطبًا بثمن.

وعن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد، عن عبادة بن الوليد بن عبادة، عن أبيه قال: كان عبادة رجلًا طوالًا جسيمًا جميلًا مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.

قال ابن سعد: وسمعت من يقول إنه بقي حتى توفي زمن معاوية في خلافته.

وقال يحيى بن بكير وجماعة: مات سنة أربع وثلاثين. وقال ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة قال: قبر عبادة ببيت المقدس وقال الهيثم بن عدي: مات سنة خمس وأربعين رضي الله عنه.

قلت: ساق له بقي في مسنده مئة وأحدًا وثمانين حديثًا وله في البخاري ومسلم ستة وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بحديثين.

(1)

قرية من غوطة دمشق الغربية تبعد عنها ستة أميال.

ص: 345

‌98 - عبد الله بن حذافة

(1)

" س":

ابن قيس بن عدي أبو حذافة السهمي أحد السابقين. هاجر إلى الحبشة ونفذه النبي صلى الله عليه وسلم رسولًا إلى كسرى

(2)

. وله رواية يسيرة.

خرج إلى الشام مجاهدًا فأسر على قيسارية وحملوه إلى طاغيتهم فراوده، عن دينه فلم يفتتن.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 189" وتاريخ خليفة "79 و 98 و 142" وتاريخ البخاري الكبير "3/ ق 1/ 8"، والجرح والتعديل "2/ ق 2/ 29"، والإصابة "2/ ترجمة 4622"، وتهذيب التهذيب "5/ 184".

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 189"، والبخاري "4424"، والنسائي في "الكبير""5859"، وأحمد "1/ 243" من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه، عن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه خرقه. قال ابن شهاب: فحسبت أن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.

ص: 345

حدث عنه سليمان بن يسار وأبو وائل ومسعود بن الحكم وأبو سلمة بن عبد الرحمن.

قال البخاري: حديثه مرسل وقال أبو بكر بن البرقي: الذي حفظ عنه ثلاثة أحاديث ليست بمتصلة.

وقال أبو سعيد بن يونس وابن مندة: شهد بدرًا.

يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة: أن عبد الله بن حذافة قام يصلي فجهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يابن حذافة لا تسمعني وسمع الله"

(1)

.

محمد بن عمرو، عن عمر بن الحكم بن ثوبان أن أبا سعيد قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليهم علقمة بن مجزز وأنا فيهم فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق استأذنه طائفة فأذن لهم وأمر عليهم عبد الله بن حذافة وكان من أهل بدر وكانت فيه دعابة فبينا نحن في الطريق فأوقد القوم نارًا يصطلون بها ويصنعون عليها صنيعًا لهم إذ قال أليس لي عليكم السمع والطاعة? قالوا: بلى قال فإني: أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلَّا تواثبتم في هذه النار فقام ناس فتحجزوا

(2)

حتى إذا ظن أنهم واقعون فيها قال: أمسكوا إنما كنت أضحك معكم. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له. فقال: "من أمركم بمعصية فلا تطيعوه"

(3)

.

أخرجه أبو يعلى في "مسنده".

ورواه ابن المنكدر، عن عمر بن الحكم فأرسله.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 190" من طريق يونس، به.

قلت: إسناده ضعيف، أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من عبد الله بن حذافة. ويونس هو ابن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

تحجزوا: أي شدوا أزرهم على أوساطهم تهيئا لاقتحامها.

(3)

حسن: أخرجه أحمد "3/ 67"، وابن أبي شيبة "12/ 534" و"14/ 341" وابن ماجه "2863" والحاكم "3/ 630 - 631" وأبو يعلى "1439" من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو هو ابن علقمة بن وقاص، الليثي المدني، صدوق له أوهام.

ص: 346

ثابت البناني، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سلوني". فقال رجل من أبي يا رسول الله قال: "أبوك حذافة"

(1)

.

عبد الله بن معاوية الجمحي: حدثنا عبد العزيز القسملي، حدثنا ضرار بن عمرو، عن أبي رافع قال: وجه عمر جيشًا إلى الروم فأسروا عبد الله بن حذافة فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد فقال: هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي? قال: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملك وجميع ملك العرب ما رجعت، عن دين محمد طرفة عين. قال: إذا أقتلك قال: أنت وذاك. فأمر به فصلب وقال للرماة: ارموه قريبًا من بدنه وهو يعرض عليه ويأبى فأنزله ودعا بقدر فصب فيها ماء حتى احترقت ودعا بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما فألقي فيها وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى. ثم بكى. فقيل للملك: إنه بكى. فظن أنه قد جزع فقال: ردوه. ما أبكاك? قال: قلت هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تلقى في النار في الله.

فقال له الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك?

فقال له عبد الله: وعن جميع الأسارى? قال: نعم فقبل رأسه.

وقدم بالأسارى على عمر، فأخبره خبره. فقال عمر: حق على كل مسلم أن يقبل رأس ابن حذافة وأنا أبدأ. فقبل رأسه.

الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عمرو، ومالك بن أنس: أن أهل قيسارية أسروا ابن حذافة فأمر به ملكهم فجرب بأشياء صبر عليها ثم جعلوا له في بيت معه الخمر ولحم

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "93" و"7294"، ومسلم "2359" من طريق أبي اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر، فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن بين يديها أمورا عظاما، ثم قال:"من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا". قال أنس فأكثر الناس البكاء، وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول:"سلوني" فقال أنس: فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال: "النار". فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: "أبوك حذافة". قال: ثم أكثر أن يقول: "سلوني سلوني"، فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى: "والذي نفسي بيده، لقد عرضت على الجنة والنار آنفا في عرض الحائط، وأنا أصلي، فلم أر كاليوم في الخير والشر".

ص: 347

الخنزير ثلاثًا لا يأكل فاطلعوا عليه فقالوا للملك: قد انثنى عنقه فإن أخرجته وإلا مات. فأخرجه وقال: ما منعك أن تأكل وتشرب?

قال: أما إن الضرورة كانت قد أحلتها لي ولكن كرهت أن أشمتك بالإسلام. قال: فقبل رأسي وأخلي لك مئة أسير. قال: أما هذا فنعم. فقبل رأسه فخلى له مئة وخلى سبيله.

وقد روى ابن عائذ قصة ابن حذافة فقال:، حدثنا الوليد بن محمد أن ابن حذافة أسر. فذكر القصة مطولة وفيها: أطلق له ثلاث مئة أسير وأجازه بثلاثين ألف دينار وثلاثين وصيفة وثلاثين وصيفًا.

ولعل هذا الملك قد أسلم سرًا. ويدل على ذلك مبالغته في إكرام ابن حذافة.

وكذا القول في هرقل إذ عرض على قومه الدخول في الدين فلما خافهم قال: إنما كنت اختبر شدتكم في دينكم.

فمن أسلم في باطنه هكذا فيرجى له الخلاص من خلود النار إذ قد حصل في باطنه إيمانًا ما وإنما يخاف أن يكون قد خضع للإسلام وللرسول واعتقد أنهما حق مع كون أنه على دين صحيح فتراه يعظم للدينين كما قد فعله كثير من المسلمانية الدواوين فهذا لا ينفعه الإسلام حتى يتبرأ من الشرك.

مات ابن حذافة: في خلافة عثمان رضي الله عنهم.

ص: 348

‌99 - أبو رافع

(1)

" ع":

مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. من قبط مصر يقال: اسمه إبراهيم وقيل: أسلم.

كان عبدًا للعباس فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم. فلما أن بشر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام العباس أعتقه. روى عدة أحاديث.

روى عنه: ولده، عبيد الله بن أبي رافع وحفيده الفضل بن عبيد الله وأبو سعيد المقبري وعمرو بن الشريد وجماعة كثيرة وروى عنه: علي بن الحسين وما كأنه شافهه.

شهد غزوة أحد والخندق وكان ذا علم وفضل.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 73 - 75"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة رقم 492"، أسد الغابة "1/ 52"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 391"، وتهذيب التهذيب "12/ 92 - 93".

ص: 348

توفي: في خلافة علي. وقيل: توفي بالكوفة سنة أربعين. رضي الله عنه.

وقيل: إنه أوصى إلى علي فكان علي يزكي أموال بني أبي رافع وهم أيتام. قال بكير بن الأشج: أخبرت أنه كان قبطيًا.

شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على الصدقة فقال لأبي رافع: انطلق معي فنصيب منها. قلت: حتى أستأذن رسول الله فاستأذنته فقال: "يا أبا رافع إن مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة"

(1)

.

قال سليمان بن يسار: قال أبو رافع: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكني جئت فنزلت فجاء فنزل

(2)

.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الطيالسي "972"، وابن أبي شيبة "3/ 214"، وأحمد "6/ 10"، والترمذي "675"، والنسائي "5/ 107"، وابن خزيمة "2344"، والحاكم "1/ 404"، والطحاوي "2/ 8"، والبيهقي "7/ 32"، والبغوي "1607" من طريق شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع:"اصحبني كيما تصيب منها" فقال: لا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال:"إن الصدقة لا تحل لنا وإن موالي القوم من أنفسهم".

وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم اسمه أسلم، وابن أبي رافع هو عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1313"، وأبو داود "2009" من طريق عن سفيان بن عيينة، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار قال: قال أبو رافع: فذكره. قوله: "الأبطح" يعني أبطح مكة، وهو مسيل واديها، ويجمع على البطاح والأباطح.

ص: 349

‌100 - صهيب بن سنان

(1)

" ع":

أبو يحيى النمري. من النمر بن قاسط. ويعرف بالرومي لأنه أقام في الروم مدة. وهو من أهل الجزيرة سبي من قرية نينوى من أعمال الموصل وقد كان أبوه أو عمه عاملًا لكسرى ثم إنه جلب إلى مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان القرشي التيمي. ويقال: بل هرب فأتى مكة وحالف ابن جدعان. كان من كبار السابقين البدريين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 226"، تاريخ البخاري الكبير "4/ ترجمة 2963" والجرح والتعديل "4/ ترجمة "1950"، والإصابة "2/ ترجمة 4104"، تهذيب التهذيب "4/ 438 - 439".

ص: 349

حدث عنه بنوه: حبيب وزياد وحمزة وسعيد بن المسيب وكعب الحبر وعبد الرحمن بن أبي ليلى وآخرون.

روى أحاديث معدودة. خرجوا له في الكتب وكان فاضلًا وافر الحرمة له عدة أولاد.

ولما طعن عمر استنابه على الصلاة بالمسلمين إلى أن يتفق أهل الشورى على إمام وكان موصوفًا بالكرم والسماحة رضي الله عنه.

مات بالمدينة في شوال سنة ثمان وثلاثين وكان ممن اعتزل الفتنة وأقبل على شأنه. رضي الله عنه. قال الحافظ ابن عساكر: صهيب بن سنان بن مالك بن عبد عمرو ابن عقيل بن عامر أبو يحيى ويقال: أبو غسان النمري الرومي البدري المهاجري.

روى عنه بنوه وابن عمر وجابر وابن المسيب وعبيد بن عمير وابن أبي ليلى وبنوه الثمانية: عثمان وصيفي وحمزة وسعد وعباد وحبيب وصالح ومحمد.

وذكره ابن سعد، فسرد نسبه إلى أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط من ربيعة. حليف عبد الله بن جدعان التيمي القرشي. وأمه: سلمى بنت قعيد. وكان رجلًا أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل.

وذكر شباب نسبه إلى النمر بزيادة آباء وحذف آخرين. وكذا فعل أحمد بن البرقي.

عن حمزة بن صهيب، عن أبيه قال: كناني النبي صلى الله عليه وسلم أبا يحيى.

عن صيفي بن صهيب، عن أبيه قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه.

وعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه: قال عمار لقيت صهيبًا على باب دار الأرقم وفيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلنا فعرض علينا الإسلام فأسلمنا ثم مكثنا يومًا على ذلك حتى أمسينا فخرجنا ونحن مستخفون

(1)

.

روى يونس، عن الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صهيب سابق الروم"

(2)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 227" وفيه الواقدي، وهو متروك.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 227" قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن الحسن مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف، لإرساله، الحسن، هو ابن أبي الحسن البصري.

ص: 350

وجاء هذا بإسناد جيد من حديث أبي أمامة وجاء من حديث أنس وأم هانئ.

قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب

مختصر.

قال أبو عمر بن عبد البر: كان أبو صهيب أو عمه: عاملًا لكسرى على الأبلة وكانت منازلهم بأرض الموصل فأغارت الروم عليهم فسبت صهيبًا وهو غلام فنشأ بالروم. ثم اشترته كلب وباعوه بمكة لعبد الله بن جدعان فأعتقه. وأما أهله فيزعمون أنه هرب من الروم وقدم مكة.

مصعب بن عبد الله، عن أبيه، عن ربيعة بن عثمان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: خرجت مع عمر حتى دخل حائطًا لصهيب فلما رآه صهيب قال: يا ناس يا أناس فقال عمر: ما له يدعو الناس قلت: بل هو غلام له يدعى يحنس. فقال له عمر: لولا ثلاث خصال فيك يا صهيب

الحديث.

الواقدي: حدثنا عثمان بن محمد، عن عبد الحكم بن صهيب، عن عمر بن الحكم قال: كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول في قوم من المسلمين حتى نزلت: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} [النحل: 110].

قال مجاهد: فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه وأما أبو بكر فمنعه قومه وأخذ الآخرون سمى منهم صهيبًا فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ فأعطوهم ما سألوا يعني التلفظ بالكفر فجاء كل رجل قومه بأنطاع فيها الماء فألقوهم فيها إلَّا بلالًا. الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} [البقرة: 207]. نزلت في صهيب ونفر من أصحابه أخذهم أهل مكة يعذبونهم ليردوهم إلى الشرك

(1)

.

أحمد في "مسنده": حدثنا أسباط، حدثنا أشعث، عن كردوس، عن ابن مسعود،

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "3/ 228"، وفيه علتان: الأولى الكلبي، وهو محمد بن السائب الكلبي، متهم بالكذب، الثانية: أبو صالح، باذام، مولى أم هانئ، ضعيف مدلس، وقد عنعنه.

ص: 351

قال: مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب وصهيب وبلال وعمار فقالوا: أرضيت بهؤلاء فنزل فيهم القرآن: {أَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ} إلى قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} [الأنعام 51 - 58]

(1)

.

عوف الأعرابي، عن أبي عثمان: أن صهيبًا حين أراد الهجرة قال له أهل مكة: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا فتغير حالك قال: أرأيتم إن تركت مالي أمخلون أنتم سبيلي قالوا: نعم فخلع لهم ماله فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ربح صهيب ربح صهيب"

(2)

.

يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا حصين بن حذيفة بن صيفي، حدثنا أبي وعمومتي، عن سعيد بن المسيب، عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرة فإما أن تكون هجر أو يثرب"

(3)

.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد "1/ 420"، والواحدي في "أسباب النزول""ص 213"، وابن جرير "13255" و"13256"، والطبراني في "الكبير""10/ 10520" من طرق عن أشعث، به.

قلت: إسناده ضعيف، أشعث، وهو ابن سوار الكندي، ضعيف. والعلة الثانية جهالة كردوس الثعلبي، واختلف في اسم أبيه، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.

وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص قال: نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم وكان المشركون قالوا له تدني هؤلاء؟! وفيه فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52]، أخرجه مسلم "2413""45" و"46" وابن ماجه "4128"، وعبد بن حميد "131" وابن جرير "13263" وله شاهد من حديث خباب: عند ابن ماجه "4127" وابن جرير "13258" و"13259".

(2)

صحيح لغيره: أخرجه أحمد في "الفضائل""1509"، وابن سعد "3/ 227 - 228" من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، به.

قلت: إسناده ضعيف، لإرسالة، أبو عثمان، هو عبد الرحمن بن مل النهدي، مخضرم من الثانية، لم يسمع من صهيب، وله شاهد من حديث أنس: أخرجه الحاكم "3/ 398"، وقال: صحيح على شرط مسلم. وهو كما قال.

وله شاهد من حديث عكرمة مرسلا: أخرجه الحاكم "3/ 398" أيضا، وإسناده صحيح إلى عكرمة.

وله شاهد من حديث صهيب نفسه: رواه الطبراني كما في "مجمع الزوائد""6/ 60" وعند البيهقي كما في "البداية والنهاية""3/ 216 - 217". فالحديث بهذه الشواهد صحيح. ولولا ضيق المقام لفصلنا فيه القول بما يشبع غليل علماء وطلاب علم الحديث.

(3)

صحيح لغيره: إسناده ضعيف، فيه حصين بن حذيفة، مجهول كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل""1/ ق 2/ 191". وأورده البخاري في "التاريخ الكبير""2/ ق 1/ 10" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

لكن له شاهد عن عائشة في حديث طويل: أخرجه البخاري "2297" و"3905"، والبيهقي في "الدلائل""2/ 471 - 474" من طريق الليث، عن عقبل قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة به في حديث طويل وفيه مرفوعا: "قد رأيت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين، وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة

".

ص: 352

قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقد كنت هممت بالخروج معه فصدني فتيان من قريش فجعلت ليلتي تلك أقوم لا أقعد فقالوا: قد شغله الله عنكم ببطنه ولم أكن شاكيًا فناموا فذهبت فلحقني ناس منهم على بريد. فقلت لهم: أعطيكم أواقي من ذهب وتخلوني? ففعلوا فقلت: احفروا تحت أسكفة

(1)

الباب تجدوها وخذوا من فلانة الحلتين. وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء فلما رآني قال: "يا أبا يحيى ربح البيع" ثلاثًا فقلت: ما أخبرك إلَّا جبريل.

حماد بن سلمة: حدثنا علي بن زيد، عن ابن المسيب قال: أقبل صهيب مهاجرًا واتبعه نفر فنزل، عن راحلته ونثل كنانته وقال: لقد علمتم أني من أرماكم وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم معي ثم أضربكم بسيفي فإن شئتم دللتكم على مالي وخليتم سبيلي? قالوا: نفعل. فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ربح البيع أبا يحيى" ونزلت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: 207]

(2)

.

وقال مصعب الزبيري: هرب صهيب من الروم بمال فنزل مكة فعاقد ابن جدعان. وإنما أخذته الروم من نينوى.

عبد الحكيم بن صهيب، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن صهيب قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء وقد رمدت في الطريق وجعت وبين يديه رطب فوقعت فيه فقال عمر: يا رسول الله: إلَّا ترى صهيبًا يأكل الرطب وهو أرمد? فقال النبي صلى الله عليه وسلم لي ذلك قلت: إنما آكل على شق عيني الصحيحة. فتبسم

(3)

.

(1)

الأسكفة والأسكوفة: عتبة الباب التي يوطأ عليها.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 228"، وفيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف بالاتفاق.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "3/ 228" من طريق الواقدي، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الحكيم بن صهيب، به.

قلت: وإسناده واه، الواقدي متروك، وأخرجه ابن ماجه "3443" حدثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا ابن المبارك، عن عبد الحميد بن صيفي "من ولد صهيب"، عن أبيه، =

ص: 353

ذكر عروة وموسى بن عقبة وغيرهما: صهيبًا فيمن شهد بدرًا.

أبو زرعة: حدثنا يوسف بن عدي، حدثنا يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي، عن أبيه، عن جده، عن أبي جده، عن صهيب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحب صهيبًا حب الوالدة لولدها"

(1)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائذ بن عمرو أن سلمان وصهيبًا وبلالًا كانوا قعودًا فمر بهم أبو سفيان فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها بعد. فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها? قال: فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك". فرجع إليهم فقال: أي إخواننا لعلكم غضبتم? قالوا: لا يا أبا بكر يغفر الله لك

(2)

.

عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب، عن أبيه قال: قال عمر لصهيب: أي رجل أنت لولا خصال ثلاث فيك قال: وما هن? قال: اكتنيت وليس لك ولدٌ وانتميت إلى العرب وأنت من الروم وفيك سرف في الطعام. قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا يحيى وأنا من النمر بن قاسط سبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبي وأما قولك في سرف الطعام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيركم من أطعم الطعام"

(3)

.

= عن جده صهيب قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ادن فكل" فأخذت آكل من التمر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تأكل تمرا وبك رمدا؟ " قال: فقلت: إني أمضغ من ناحية أخرى فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقال البوصيري في "زوائده" إسناده صحيح، رجاله ثقات"!

قلت: أنى له الصحة، وفي الإسناد عبد الحميد بن زياد، أو زيد بن صيفي بن صهيب الرومي، وربما نسبه إلى جده، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب فالإسناد ضعيف لا كما قال البوصيري الذي يتساهل غالبا فالله المستعان.

(1)

ضعيف: في إسناده يوسف بن محمد الصهيبي، وهو يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي، قال البخاري: فيه نظر وقد أورده الحافظ الذهبي الحديث في ترجمته في "ميزان الاعتدال" وعده في جملة منكراته.

وفي إسناده أيضا: محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب، قال البخاري: مختلف في حديثه.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2504" حدثنا محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة به.

(3)

ضعيف: في إسناده حمزة بن صهيب، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب":"مقبول" أي عند المتابعة. وفي الإسناد عبد الله بن محمد بن عقيل، صدوق، في حديث لين ويقال تغير بآخره.

ص: 354

وروى محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه: أن عمر قال لصهيب: لولا ثلاث فيك? وبعضهم يرويه بحذف "عن أبيه" وزاد: ولو انفلقت عني روثة لا نتسبت إليها.

وحماد بن سلمة، عن زيد بن أسلم: أن عمر قال لصهيب: لولا ثلاث خصال قال: وما هن فوالله ما تزال تعيب شيئًا. قال: اكتناؤك وليس لك ولد وادعاؤك إلى النمر بن قاسط وأنت رجل ألكن

(1)

وأنك لا تمسك المال .... الحديث وفيه: واسترضع لي بالأبلة

(2)

فهذه من ذاك. وأما المال فهل تزانى أنفق إلَّا في حق.

وروى سالم، عن أبيه أن عمر قال: إن حدث بي حدث فليصل بالناس صهيب ثلاثًا ثم أجمعوا أمركم في اليوم الثالث.

قال الواقدي: مات صهيب بالمدينة في شوال سنة ثمان وثلاثين، عن سبعين سنة وكذلك قال المدائني وغيره في وفاته. وقال المدائني: عاش ثلاثًا وسبعين سنة.

وقال الفسوي: عاش أربعًا وثمانين سنة رضي الله عنه. له نحو من ثلاثين حديثًا روى له مسلم منها ثلاثة أحاديث

(3)

.

(1)

قال ابن سيده: الألكن الذي لا يقيم العربية من عجمة في لسانه، لكن لكنا ولكنه ولكونه. ويقال: به لكنه شديدة ولكونه ولكنونة.

(2)

الأبلة: بلدة بالعراق بينها وبين البصرة أربعة فراسخ.

(3)

أول هذه الأحاديث الثلاثة: ما رواه مسلم "181" من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، مرفوعا: إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب. فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم، عز وجل.

وثانيها: ما رواه مسلم "2999" من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضا عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير. وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له. وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له".

وثالثها: ما رواه مسلم "3005" من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب في حديث طويل ذكر فيه قصة أصحاب الأخدود.

ص: 355

‌101 - أبو طلحة الأنصاري

(1)

" ع":

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بنى أخواله وأحد أعيان البدريين وأحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة.

واسمه: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك بن النجار الخزرجي النجاري. له أحاديث.

روى عنه ربيبه: أنس بن مالك وزيد بن خالد الجهني وابن عباس وابنه أبو إسحاق عبد الله بن أبي طلحة.

وكان قد سرد الصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وهو الذي كان لا يرى بابتلاع البرد للصائم بأسًا ويقول: ليس بطعام ولا شراب

(3)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 504 والتاريخ الكبير "الكنى ترجمة رقم "94"، والتاريخ الصغير "1/ 18 و 62"، والمعرفة والتاريخ "1/ 300" و"2/ 531" و"3/ 163"، والجرح والتعديل "1/ ق 2/ 564"، والإصابة "1/ ترجمة 2905" وتهذيب التهذيب "3/ 414 - 415".

(2)

صحيح: أخرجه الطبراني "4681" حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس أن أبا طلحة سرد الصوم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى مات.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم "3/ 353" من طريق حماد بن سلمة والطبراني في "الكبير" "5/ 4680" من طريق شعبة كلاهما عن ثابت: عن أنس قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره يفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 279" وابن عساكر "6/ 313/ 2" من طريق شعبة، عن قتادة وحميد، عن أنس قال:"مطرنا بردا وأبو طلحة صائم فجعل يأكل منه، قيل له: أتأكل وأنت صائم؟! فقال: إنما هذا بركة".

قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه الطحاوي من طريق خالد بن قيس، عن قتادة، ومن طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، كلاهما، عن أنس، به نحوه، ورواه البزار "1022" كشف الأستار حدثنا هلال بن يحيى، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس قال: رأيت أبا طلحة يأكل البرد وهو صائم ويقول: إنه ليس بطعام ولا شراب، فذكر ذلك لسعيد بن المسيب فكرهه وقال: إنه يقطع الظمأ.

وقال البزار: لا نعلم هذا الفعل إلا عن أبي طلحة.

ص: 356

وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة"

(1)

. ومناقبه كثيرة.

قيل: إنه غزا بحر الروم فتوفي في السفينة والأشهر أنه مات بالمدينة وصلى عليه عثمان في سنة أربع وثلاثين. رضي الله عنه.

ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: كان أبو طلحة ومعاذ وأبو عبيدة يشربون بالشام الطلاء: ما طبخ على الثلث وذهب ثلثاه. قلت: هو الدبس.

وذكر عروة وموسى بن عقبة، وابن إسحاق: أن أبا طلحة ممن شهد العقبة وبدرًا.

قال أبو زرعة الدمشقي: إن أبا طلحة عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة يسرد الصوم

(2)

.

قلت: بل عاش بعده نيفًا وعشرين سنة.

قال أحمد بن البرقي: أبو طلحة بدري نقيب صلى عليه عثمان جاء له نحو عشرين حديثًا.

حماد بن سلمة، عن ثابت وعلي بن زيد، عن أنس: أن أبا طلحة قال له بنوه: قد غزوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فنحن نغزو عنك. فأبى فغزا في البحر فمات.

جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: أما إني فيك لراغبة وما مثلك يرد ولكنك كافر فإن تسلم فذلك مهري لا أسألك غيره. فأسلم وتزوجها.

(1)

صحيح على شرط مسلم: "أخرجه أحمد "3/ 203"، وابن أبي شيبة "12/ 463"، وعبد بن حميد "1384" من طريق يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وأخرجه أبو يعلى "3991"، والحاكم "3/ 352" من طريق سفيان بن عينية، سمعت ابن جدعان، عن أنس مرفوعا، به. قلت: وإسناده ضعيف، لضعف علي بن زيد بن جدعان، وأخرجه ابن سعد "3/ 505"، والحاكم "3/ 352" من طريق سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر أو عن أنس بلفظ "خير من ألف رجل".

(2)

راجع تخريجنا السابق رقم "749"، وهو صحيح.

ص: 357

قال ثابت: فما سمعنا بمهر كان قط أكرم من مهر أم سليم: الإسلام.

الطيالسي: حدثنا سليمان بن المغيرة وحماد وجعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس. قال أبو داود: وحدثناه شيخ سمعه من النضر بن أنس قال مالك والد أنس لامرأته: أرى هذا الرجل يحرم الخمر. فانطلق حتى أتى الشام فهلك هناك. فجاء أبو طلحة يخطب أم سليم فقالت: ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر ولا أريد مهرًا إلَّا الإسلام قال فمن لي بذلك? قالت: النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق يريده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "جاءكم أبو طلحة وغرة الإسلام بين عينيه".

قال: فتزوجها على ذلك الحديث بطوله وكيف مات ابنه منها وكتمته وتصنعت له حتى أصابها ثم أخبرته وقالت: إن الله كان أعارك عارية فقبضها فاحتسب ابنك

(1)

.

قال أنس: قال أبو طلحة: لقد سقط السيف مني يوم بدر لما غشينا من النعاس

(2)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن أبا طلحة صام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة لا يفطر لا يوم فطر أو أضحى.

غريب على شرط مسلم

(3)

.

وبه: أن أبا طلحة قال: لا أتأمرن على اثنين ولا أذمهما.

ثابت، عن أنس: أن أبا طلحة وكان يرمي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكان رجلًا راميًا وكان رسول الله إذا رمى أبو طلحة رفع بصره ينظر أين يقع سهمه كان يدفع صدر رسول الله بيده ويقول: يا رسول الله هكذا لا يصيبك سهم

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه بتمامه الطيالسي "2056" قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، وحماد، وجعفر بن سليمان، به.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 29" من طريق يونس، حدثنا شيبان وحسين في تفسير شيبان، عن قتادة قال: وحدثنا أنس بن مالك أن أبا طلحة قال غشينا النعاس، ونحن في مصافنا يوم بدر قال: أبو طلحة فيمن غشيه النعاس يومئذ فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ويسقط وآخذه، وأخرجه البخاري "4562" والترمذي "3008" من طريق قتادة، عن أنس، به.

(3)

تقدم تخريجنا له قريبا.

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 286 - 287" من طريق عفان، عن ثابت، عن أنس، به.

ص: 358

عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: لما كان يوم أحد انهزم ناس، عن رسول الله وأبو طلحة بين يديه مجوبًا عليه بحجفة وكان راميًا شديد النزع كسر يومئذ قوسين أو ثلاثة وكان الرجل يمر معه الجعبة من النبل فيقول صلى الله عليه وسلم:"انثرها لأبي طلحة" ثم يشرف إلى القوم فيقول أبو طلحة: يا نبي الله بأبي أنت لا تشرف لا يصيبك سهم نحري دون نحرك.

قال: فلقد رأيت عائشة وأم سليم وإنهما لمشمرات أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما وتفرغانها في أفواه القوم وترجعان فتملآنها. فلقد وقع السيف من يد أبي طلحة مرتين أو ثلاثًا من النعاس

(1)

.

ابن عيينة: حدثنا علي بن زيد، عن أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة"

(2)

.

وكان إذا بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم جثا بين يديه وقال: نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله: "لصوت أبي طلحة أشد على المشركين من فئة". الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر أو أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل"

(3)

.

حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "من قتل قتيلًا فله سلبه". فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم

(4)

.

هشام، عن ابن سيرين، عن أنس: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق فناول الحلاق شقه

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4064" ومسلم "1811" حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز، به.

(2)

صحيح: تقدم تخريجنا له منذ صفحات بتعليق رقم "751".

(3)

صحيح: سبق تخريجنا له بإسهاب منذ صفحات بتعليق رقم "751".

(4)

صحيح: أخرجه أبو داود "2718"، والحاكم "3/ 353"، والبيهقي "6/ 306" من طريق حماد بن سلمة، به.

ص: 359

الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة فأعطاه إياه ثم ناوله شقه الأيسر وقال: "احلق" وأعطاه أبا طلحة فقسمه بين الناس

(1)

.

ورواه ابن عون، عن محمد فأرسله.

قال أنس: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا من نخل فقال: يا رسول الله إن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال: "بخ! ذلك مال رابح وإني أرى أن تجعلها في الأقربين"

(2)

.

حميد، عن أنس قال: كان أبو طلحة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يفطر إلَّا في سفر أو مرض

(3)

.

قتادة وحميد، عن أنس: كان أبو طلحة يأكل البرد وهو صائم ويقول ليس بطعام ولا بشراب وإنما هو بركة. تفرد به فيه علي بن جدعان، عن أنس فأخبرت رسول الله فقال:"خذ عن عمك"

(4)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت وعلي بن زيد، عن أنس: أن أبا طلحة قرأ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]. فقال استنفرنا الله وأمرنا شيوخنا وشبابنا جهزوني فقال بنوه: يرحمك الله! إنك قد غزوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ونحن نغزو عنك الآن.

قال: فغزا البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلَّا بعد سبعة أيام فلم يتغير

(5)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1305""326" من طريق سفيان سمعت هشام بن حسان عن ابن سيرين، به.

(2)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 595 - 596"، وأحمد "3/ 141"، والبخاري "1461" و"2318" و 2752" و"2769" و"4554" و"5611"، ومسلم "998"، والبيهقي "6/ 164 - 165 و 275"، والبغوي "1683" كلهم عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس، به.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 506" من طريق يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، به.

(4)

ضعيف: في إسناده علي بن زيد بن جدعان، لكن قد صح عن أبي طلحة ذلك وقد خرجته بإسهاب قريبا في ترجمة أبي طلحة رقم "750"

(5)

صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 507" من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به.

ص: 360

مات سنة أربع وثلاثين. وقال خليفة وحده: سنة اثنتين وثلاثين.

قال لنا الحافظ أبو محمد: حلق النبي صلى الله عليه وسلم شق رأسه فوزعه على الناس ثم حلق شقه الآخر فأعطاه أبا طلحة

(1)

.

قال: وكان جلدًا صيتًا آدم مربوعًا لا يغير شيبه.

صلى عليه عثمان وقيل: مات سنة إحدى وخمسين.

روى، عن النبي صلى الله عليه وسلم نيفًا وعشرين حديثًا منها في الصحيحين حديثان وتفرد البخاري بحديث ومسلم بحديث.

(1)

صحيح: سبق تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "1306""326" وقد مر تخريجنا له قريبا.

ص: 361

‌102 - أبو بردة بن نيار

(1)

" ع":

ابن عمرو بن عبيد بن عمرو بن كلاب بن دهمان البلوي القضاعي الأنصاري من حلفاء الأوس.

واسمه: هانيء وهو خال البراء بن عازب.

شهد العقبة وبدرًا والمشاهد النبوية وبقي إلى دولة معاوية. وحديثه في الكتب الستة.

حدث عنه: ابن أخته البراء وجابر بن عبد الله وبشير بن يسار غيرهم.

وكان أحد الرماة الموصوفين. وقيل: توفي سنة اثنتين وأربعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 451"، وتاريخ خليفة "205"، والتاريخ الكبير "4/ ق 2/ 227"، والجرح والتعديل "4/ ق 2/ 99 - 100"، وتهذيب التهذيب "12/ 19"، والإصابة "3 ترجمة 8926".

ص: 361

‌103 - جبر بن عتيك

(1)

:

ابن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصاري أبو عبد الله.

بدري كبير: وقيل: اسمه جابر.

وله أولاد عتيك وعبد الله وأم ثابت.

آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين خباب بن الآرت.

شهد بدرًا والمشاهد وكانت إليه راية بني معاوية بن مالك يوم الفتح.

قال الواقدي وابن سعد وخليفة وابن زبر وابن منده: توفي سنة إحدى وستين.

قيل: عاش إحدى وتسعين سنة. وفي الموطأ، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن جده لأمه عتيك بن الحارث قال: أخبرني جابر بن عتيك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فاسترجع وقال: غلبنا عليك

(2)

.

قلت: الصحيح أن جابر بن عتيك هو صاحب هذا الخبر. وصاحب تاريخ الوفاة وأن جبرًا قديم الوفاة وأن جابرًا من بني غنم بن سلمة والله أعلم.

وعمهما الحارث بن قيس بن هيشة الأوسي. بدري جليل عده الواقدي وعبد الله بن محمد بن عمارة. ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق ولا أبو معشر. بل قال ابن إسحاق وأبو معشر: جبر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة.

(1)

ترجمته: في طبقات ابن سعد "3/ 469"، والجرح والتعديل "1/ ق 1/ 532"، والإصابة "1/ ترجمة 1066"، وتهذيب التهذيب "2/ 59 - 60".

(2)

صحيح لغيره: أخرجه مالك "1/ 233 - 234"، وأحمد "5/ 446"، وأبو داود "3111"، والنسائي "4/ 13"، والحاكم "1/ 351 - 352"، والبيهقي "4/ 69 - 70"، والطبراني في "الكبير""1779"، والبغوي "1532" من طريق مالك، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك به.

قلت: إسناده ضعيف، لجهالة عتيك بن الحارث، قال الحافظ في "التقريب": مقبول وله شاهد عند عبد الرزاق "6695" من حديث أبي عبيدة بن الجراح، به.

ص: 362

‌104 - الأشعث بن قيس

(1)

" ع":

ابن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة.

واسم كندة: ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 22"، والإصابة "1/ ترجمة 205"، وتهذيب التهذيب "1/ 359".

ص: 362

ساقه ابن سعد، قال: وقيل له كندة لأنه كند أباه النعمة أي: كفره.

وكان اسم الأشعث: معديكرب وكان أبدًا أشعث الرأس فغلب عليه.

له صحبة ورواية.

حدث عنه الشعبي وقيس بن أبي حازم وأبو وائل. وأرسل عنه إبراهيم النخعي.

وأصيبت عينه يوم اليرموك وكان أكبر أمراء علي يوم صفين.

منصور والأعمش، عن أبي وائل قال لنا الأشعث: في نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]. خاصمت رجلًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألك بينة"؟ قلت: لا. قال: "فيحلف"؟ قلت: إذًا يحلف، فقال:"من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالًا لقي الله وهو عليه غضبان"

(1)

.

قال ابن الكلبي: وفد الأشعث في سبعين من كندة على النبي صلى الله عليه وسلم.

مجالد، عن الشعبي، عن الأشعث قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقال لي: هل لك من ولد قلت صغير ولد مخرجي إليك، .... الحديث

(2)

.

وعن إبراهيم النخعي قال: ارتد الأشعث في ناس من كندة فحوصر وأخذ بالأمان فأخذ الأمان لسبعين. ولم يأخذ لنفسه فأتى به الصديق فقال: إنا قاتلوك لا أمان لك فقال: تمن علي وأسلم? قال ففعل. وزوجه أخته.

زاد غيره: فقال لأبي بكر: زوجني أختك فزوجه فروة بنت أبي قحافة.

رواه أبو عبيد في الأموال فلعل أباها فوض النكاح إلى أبي بكر.

ابن أبي خالد، عن قيس قال: لما قدم بالأشعث بن قيس أسيرًا على أبي بكر: أطلق وثاقه وزوجه أخته. فاخترط سيفه ودخل سوق الإبل فجعل لا يرى ناقة ولا جملا إلَّا عرقبه. وصاح الناس كفر الأشعث ثم طرح سيفه وقال: والله ما كفرت ولكن هذا

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4549" و"4550"، ومسلم "138" من طريق الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، به.

وأخرجه أحمد "5/ 212 و 212 - 213"، وأبو داود "3244"، والطبراني "637" والبيهقي "10/ 180"، وابن الجارود "1005" من طريق عن الحارث بن سليمان، عن كردوس التغلبي، عن الأشعث بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

(2)

ضعيف: فيه مجالد، وهو ابن سعيد، وهو ضعيف.

ص: 363

الرجل زوجني أخته ولو كنا في بلادنا لكانت لنا وليمة غير هذه. يا أهل المدينة انحروا وكلوا! ويا أهل الإبل تعالوا خذوا شرواها.

رواه عبد المؤمن بن علي، عن عبد السلام بن حرب عنه.

إسماعيل، عن قيس قال: شهدت جنازة فيها الأشعث وجرير فقدم الأشعث جريرًا وقال: إن هذا لم يرتد وإني ارتددت. قال أبو عبيدة: كان على ميمنة علي يوم صفين الأشعث.

مسلمة بن محارب، عن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية قال: حصل معاوية في تسعين ألفًا فسبق فنزل الفرات وجاء علي فمنعهم معاوية الماء فبعث علي الأشعث في ألفين وعلى الماء لمعاوية أبو الأعور في خمسة آلاف فاقتتلوا قتالًا شديدًا وغلب الأشعث على الماء.

الأعمش، عن حيان أبي سعيد التيمي قال: حذر الأشعث من الفتن فقيل له خرجت مع علي! فقال: ومن لك إمام مثل علي.

وعن قيس بن أبي حازم قال: دخل الأشعث على علي في شيء فتهدده بالموت فقال علي: بالموت تهددني ما أباليه هاتوا لي جامعة وقيدًا ثم أومأ إلى أصحابه قال: فطلبوا إليه فيه فتركه.

أبو المغيرة الخولاني: حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني أبو الصلت الحضرمي قال: حلنا بين أهل العراق وبين الماء فأتانا فارس ثم حسر فإذا هو الأشعث بن قيس فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم! هبوا أنكم قتلتم أهل العراق فمن للبعوث والذراري? أم هبوا أنا قتلناكم فمن للبعوث والذراري? إن الله يقول: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]. قال معاوية: فما تريد? قال: خلوا بيننا وبين الماء. فقال لأبي الأعور: خل بين إخواننا وبين الماء.

روى الشيباني، عن قيس بن محمد بن الأشعث: أن الأشعث كان عاملًا لعثمان على أذربيجان فحلف مرة على شيء فكفر، عن يمينه بخمسة عشر ألفًا.

إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: كان الأشعث حلف على يمين ثم قال: قبحك الله من مال أما والله ما حلفت إلَّا على حق ولكنه رد على صاحبه وكان ثلاثين ألفًا.

ص: 364

شريك: حدثنا أبو إسحاق قال: صليت الفجر بمسجد الأشعث فلما سلم الإمام إذا بين يدي كيس ونعل فنظرت فإذا بين يدي كل رجل كيس ونعل. فقلت: ما هذا? قالوا: قدم الأشعث الليلة فقال: انظروا فكل من صلى الغداة في مسجدنا فاجعلوا بين يديه كيسًا وحذاء.

رواه أبو إسرائيل، عن أبي إسحاق إلَّا أنه قال: حلة ونعلين.

أحمد بن حنبل: حدثنا علي بن ثابت، حدثنا أبو المهاجر، عن ميمون بن مهران قال: أول من مشت معه الرجال وهو راكب: الأشعث بن قيس. روى نحوه أبو المليح، عن ميمون.

قال إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر قال: لما توفي الأشعث بن قيس أتاهم الحسن بن علي فأمرهم أن يوضئوه بالكافور وضوءًا. وكانت بنته تحت الحسن.

قالوا: توفي سنة أربعين وزاد بعضهم بعد علي رضي الله عنه بأربعين ليلة ودفن في داره. وقيل: عاش ثلاثًا وستين سنة.

وقال محمد بن سعد: مات بالكوفة والحسن بها حين صالح معاوية. وهو الذي صلى عليه.

قلت: وكان ابنه محمد بن الأشعث بعده من كبار الأمراء وأشرافهم وهو والد الأمير عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الذي خرج معه الناس وعمل مع الحجاج تلك الحروب المشهورة التي لم يسمع بمثلها. بحيث يقال: إنه عمل معه أحدًا وثمانين مصافًا معظمها على الحجاج. ثم في الآخر خذل ابن الأشعث وانهزم ثم ظفروا به وهلك.

ص: 365

‌105 - حاطب بن أبي بلتعة

(1)

:

عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي المكي حليف بني أسد بن عبد العزى بن قصي.

من مشاهير المهاجرين شهد بدرًا والمشاهد.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مصر.

وكان تاجرًا في الطعام له عبيد وكان من الرماة الموصوفين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "3/ 114"، وتاريخ خليفة "166"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1352"، وتهذيب التهذيب "3/ 168"، والإصابة "1/ ترجمة رقم 1538".

ص: 365

ذكره الحاكم في "مستدركه" فقال: كان حسن الجسم خفيف اللحية أجنى

(1)

إلى القصر ما هو شئن الأصابع

(2)

قاله الواقدي.

روى هارون بن يحيى الحاطبي قال، حدثني أبو ربيعة، عن عبد الحميد بن أبي أنس، عن صفوان بن سليم، عن أنس سمع حاطبًا يقول: إنه اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم بأحد قال: وفي يد علي الترس والنبي صلى الله عليه وسلم يغسل وجهه من الماء فقال حاطب: من فعل هذا? قال: عتبة بن أبي وقاص هشم وجهي ودق رباعيتي بحجر فقلت: إني سمعت صائحًا على الجبل قتل محمد فأتيت إليك وكأن قد ذهبت روحي فأين توجه عتبة فأشار إلى حيث توجه. فمضيت حتى ظفرت به فضربته بالسيف فطرحت رأسه فنزلت فأخذت رأسه وسلبه وفرسه وجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم ذلك إلي ودعا لي. فقال: رضي الله عنك مرتين. إسناد مظلم

(3)

.

الليث، عن أبي الزبير، عن جابر: أن عبدًا لحاطب شكا حاطبًا فقال: يا نبي الله ليدخلن النار! قال: كذبت لا يدخلها أبدًا وقد شهد بدرًا والحديبية صحيح

(4)

.

إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن حاطب: أن أباه كتب إلى كفار قريش كتابًا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا والزبير فقال: "انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب فائتياني به". فلقياها وطلبا الكتاب وأخبراها أنهما غير منصرفين حتى ينزعا كل ثوب عليها. قالت: ألستما مسلمين قالا: بلى ولكن رسول الله، حدثنا أن معك كتابًا. فحلته من رأسها قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبًا حتى قرئ عليه الكتاب فاعترف. فقال: "ما حملك"؟ قال: كان بمكة قرابتي وولدي وكنت غريبًا فيكم معشر قريش.

فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله في قتله. قال: "لا، إنه قد شهد بدرًا وإنك لا تدري لعل الله قد اطلع عل أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فإني غافر لكم".

(1)

رجل أجنى: إذا كان في كاهله انحناء على صدره.

(2)

شثن الأصابع: أي غليظها.

(3)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 300 - 301" وفي إسناده علتان: الأولى: هارون بن يحيى الحاطبي، قال العقيلي في "الضعفاء الكبير" "4/ 361": لا يتابع على حديثه. الثانية: جهالة أبي ربيعة الحراني.

(4)

صحيح على شرط مسلم: أخرجه أحمد "3/ 349"، وابن أبي شيبة "12/ 155" ومسلم "2195"، والترمذي "3864"، والنسائي في "فضائل الصحابة "191"، والحاكم. "3/ 301"، والطبراني في "الكبير" "3064" من طرق عن الليث، عن أبي الزبير، به والحديبية: بتخفيف الباء: اسم بئر سمي المكان بها، وهي قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم، وهي على تسعة أميال من مكة.

ص: 366

إسناده صالح وأصله في "الصحيحين"

(1)

.

وقد أتى بعض مواليه إلى عمر بن الخطاب يشكون منه من أجل النفقة عليهم فلامه في ذلك.

وعبد الرحمن ولده ممن ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وله رؤية.

يروي عنه ولده الفقيه يحيى وعروة بن الزبير وغيرهما توفي سنة ثمان وستين.

ومات حاطب سنة ثلاثين.

(1)

صحيح: أخرجه الحميدي "49"، وأحمد "1/ 79"، والبخاري "3007" و"4274" و"4980"، ومسلم "2494"، وأبو داود "2650"، والترمذي "3305"، وأبو يعلى "394" و"398"، وابن جرير في "جامع البيان""28/ 58"، والبيهقي في "السنن" "9/ 146" وفي "دلائل النبوة" "5/ 17" من طرق عن سفيان حدثنا عمرو بن دينار أخبرني حسن بن محمد قال: أخبرني عبيد الله بن أبي رافع عن علي، به مرفوعا.

ص: 367

‌106 - أبو ذر

(1)

" ع":

جندب بن جنادة الغفاري، وقيل: جندب بن سكن، وقيل: برير بن جنادة، وقيل: برير بن عبد الله.

ونبأني الدمياطي: أنه جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار أخي ثعلبة ابني مليل بن ضمرة أخي ليث والديل أولاد بكر أخي مرة والد مدلج بن مرة ابني عبد مناة بن كنانة.

قلت: أحد السابقين الأولين من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

قيل: كان خامس خمسة في الإسلام. ثم إنه رد إلى بلاد قومه فأقام بها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك فلما أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إليه أبو ذر رضي الله عنه ولازمه وجاهد معه. وكان يفتي في خلافة أبي بكر عمر وعثمان.

روى عنه: حذيفة بن أسيد الغفاري وابن عباس وأنس بن مالك وابن عمر وجبير بن نفير وأبو مسلم الخولاني وزيد بن وهب وأبو الأسود الدئلي وربعي بن حراش،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 219 - 237"، وتاريخ خليفة "166" والتاريخ الكبير "1/ ق 2/ 221" وحلية الأولياء "1/ 156 - 170"، والإصابة "1/ ترجمة 384".

ص: 367

والمعرور بن سويد وزر بن حبيش وأبو سالم الجيشاني سفيان بن هانيء وعبد الرحمن بن غنم والأحنف بن قيس وقيس بن عباد وعبد الله بن الصامت وأبو عثمان النهدي وسويد بن غفلة وأبو مراوح وأبو إدريس الخولاني وسعيد بن المسيب وخرشة بن الحر وزيد ين ظبيان وصعصعة بن معاوية وأبو السليل ضريب بن نفير وعبد الله بن شقيق وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبيد بن عمير وغضيف بن الحارث وعاصم بن سفيان وعبيد بن الخشخاش وأبو مسلم الجذمي وعطاء بن يسار وموسى بن طلحة وأبو الشعثاء المحاربي ومورق العجلي ويزيد بن شريك التيمي و أبو الأحوص المدني شيخ للزهري وأبو أسماء الرحبي وأبو بصرة الغفاري وأبو العالية الرياحي وابن الحوتكية وجسرة بنت دجاجة.

فاتته بدر، قاله: أبو داود.

وقيل: كان آدم ضخمًا جسيمًا كث اللحية.

وكان رأسًا في الزهد والصدق والعلم والعمل قوالًا بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم على حدة فيه.

وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر.

أخبرنا الخضر بن عبد الرحمن الأزدي

(1)

وأحمد بن هبة الله قالا: أخبرنا زين الأمناء حسن بن محمد، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، حدثنا علي بن إبراهيم الحسيني، أخبرنا محمد بن علي بن سلوان، أخبرنا الفضل بن جعفر التميمي، أخبرنا عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، حدثنا أبو مسهر، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي بن إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل، عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا يا عبادي إنكم الذين تخطؤون بالليل والنهار وأنا الذي أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي كلكم جائع إلَّا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عارٍ إلَّا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينقص ذلك من ملكي

(1)

ترجمته في "معجم الشيوخ" المعجم الكبير للحافظ الذهبي رقم "235" وهو الخضر بن عبد الرحمن بن الخضر، المعمر شمس الدين أبو القاسم الأزدي الدمشقي الكاتب. ولد في ربيع الأول سنة "617 هـ" ومات في ذي الحجة سنة "700 هـ".

ص: 368

شيئًا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم ما سأل لم ينقص ذلك من ملكي شيئًا إلَّا كما ينقص البحر أن يغمس المحيط غمسة واحدة. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلَّا نفسه".

قال سعيد: كان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. أخرجه مسلم

(1)

.

نقل الواقدي، عن خالد بن حيان قال: كان أبو ذر وأبو الدرداء في مظلتين من شعر بدمشق.

وقال أحمد بن البرقي: أبو ذر اسمه: يزيد بن جنادة. وقال سعيد بن عبد العزيز: اسمه برير.

قال أبو قلابة، عن رجل عامري قال: كنت أعزب، عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فوقع ذلك في نفسي فنعت لي أبو ذر فحججت فدخلت مسجد منى فعرفته فإذا شيخ معروق آدم عليه حلة قطري.

(1)

صحيح على شرط مسلم: أخرجه مسلم "2577"، والبخاري في "الأدب المفرد""490"، وأبو نعيم في "الحلية""5/ 125 - 126" والحاكم "4/ 241" من طرق عن أبي مسهر، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى. قال: فذكره.

وقد سبق لنا تخريج هذا الحديث في عدة مواضع من كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية. ط. دار الحديث في الجزء الأول بتعليق "116" و"120" و"200". وفي الجزء الخامس بتعليق رقم "73" فراجع تخريجنا ثم إن شئت. واحرض أخي المسلم -بارك الله فيك- على اقتناء نسخة من هذا الكتاب العظيم "منهاج النسة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لابن تيمية بتخريجنا وتعليقنا، فقد خرجت أحاديث هذا الكتاب تخريجا علميا دقيقا، وقد صدرت كل حديث أو أثر بالحكم عليه، ليفاد منه العلماء وطلاب العلم المتخصصين وغير المتخصصين في مجال علم الحديث نسأل الله عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتي، وفي ميزان من طبعه ونشره إنه سميع مجيب كريم جواد.

ص: 369

وقال حميد بن هلال:، حدثني الأحنف بن قيس قال: قدمت المدينة فدخلت مسجدها فبينما أنا أصلي إذ دخل رجل طوال آدم أبيض الرأس واللحية محلوق يشبه بعضه بعضًا. فاتبعته فقلت: من هذا قالوا: أبو ذر.

سليمان بن المغيرة وابن عون، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا فنزلنا على خال لنا فأكرمنا وأحسن. فحسدنا قومه فقالوا: إنك إذا خرجت، عن أهلك يخالفك إليهم أنيس فجاء خالنا فذكر لنا ما قيل له. فقلت أما ما مضى من معروفك فقد كدرته و لا جماع لك فيما بعد فقدمنا صرمتنا

(1)

فاحتملنا عليها وجعل خالنا يبكي فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة فنافر

(2)

أنيس، عن صرمتنا وعن مثلها فأتيا الكاهن فخير أنيسًا فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها.

قال: وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين. قلت: لمن قال: لله. قلت: أين توجه? قال: حيث وجهني الله أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس.

فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني. فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث علي

(3)

ثم جاء. فقلت: ما صنعت قال: لقيت رجلًا بمكة على دينك يزعم أنه مرسل. قلت: فما يقول الناس? قال: يقولون: شاعر كاهن ساحر. قال: وكان أنيس أحد الشعراء فقال: لقد سمعت قول الكهنة وما هو بقولهم ولقد وضعت قوله على أقوال الشعراء فما يلتئم على لسان أحد أنه شعر والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون! قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر.

فأتيت مكة فتضعفت رجلًا منهم فقلت: من هذا الذي تدعونه الصابئ? فأشار إلي فقال: الصابئ. قال: فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيًا علي فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب

(4)

أحمر فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها.

(1)

الصرمة: القطعة من الإبل.

(2)

نافر: حاكم، يقال تنافر الرجلان إذا حكما بينهما واحدا.

(3)

فراث عليَّ: أي أبطأ عليَّ.

(4)

النصب: بضم الصاد وسكونها: حجر كانوا ينصبونه في الجاهلية، ويتخذونه صنما فيعبدونه، والجمع: أنصاب، وقيل: هو حجر كانوا ينصبونه ويذبحون عليه فيحمر بالدم.

ص: 370

وقد لبثت يابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم ما لي طعام إلَّا ماء زمزم. فسمنت حتى تكسرت عكني وما وجدت على كبدي سخفة

(1)

جوع.

فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان

(2)

جاءت امرأتان تطوفان وتدعوان إسافًا ونائلة

(3)

فأتتا علي في طوافهما. فقلت: أنكحا أحدهما الأخر فما تناهتا، عن قولهما فأتتا علي. فقلت: هن

(4)

مثل الخشبة غير أني لا أكني. فانطلقتا تولولان تقولان: لو كان ههنا أحد من أنفارنا فاستقبلهما رسول الله وأبو بكر وهما هابطتان فقال: "ما لكما"؟ قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها. قال: "فما قال لكما"؟ قالتا: إنه قال كلمة تملأ الفم.

قال: وجاء رسول الله حتى استلم الحجر ثم طاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى. وكنت أول من حياه بتحية الإسلام. قال: "عليك ورحمة الله من أين أنت"؟ قلت: من غفار فأهوى بيده ووضع أصابعه على جبهته.

فقلت في نفسي: كره أني انتميت إلى غفار فذهبت آخذ بيده فدفعني صاحبه وكان أعلم به مني.

قال: ثم رفع رأسه فقال: "متى كنت ههنا"؟ قلت: منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم قال: "فمن كان يطعمك"؟ قلت: ما كان لي طعام إلَّا ماء زمزم فسمنت وما أجد على بطني سخفة جوع. قال: "إنها مباركة إنها طعام طعم"

(5)

.

فقال أبو بكر: يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة فانطلقنا ففتح أبو بكر بابًا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف. فكان أول طعام أكلته بها.

وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل لا أراها إلَّا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك لعل الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم"؟.

(1)

سخفة جوع: يعني رقته وهزاله. والسخف بالفتح: رقة العيش، وبالضم رقة العقل. وقيل هي الخفة التي تعتري الإنسان إذا جاع من السخف وهي الخفة في العقل وغيره.

(2)

في ليلة إضحيان: أي مضيئة مقمرة. يقال ليلة إضحيان واضحيانة والألف والنون زائدتان ..

(3)

إساف ونائلة: صنمان تزعم العرب أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا.

(4)

هن: اسم الذكر وقوله: غير أني لا أكني: أي أفصح باسمه ويصرح به.

(5)

طعام طعم: أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام.

ص: 371

قال: فانطلقت فلقيت أنيسًا فقال: ما صنعت قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت. قال: ما بي رغبة، عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت. فأسلمت أمنا فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفار فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إيماء بن رخصه وكان سيدهم. وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله المدينة أسلمنا. فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم نصفهم الباقي.

وجاءت أسلم فقالوا: يا رسول الله إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله".

أخرجه مسلم

(1)

.

قال أبو جمرة: قال لنا ابن عباس: إلَّا أخبركم بإسلام أبي ذر قلنا: بلى قال: قال أبو ذر: بلغني أن رجلًا بمكة قد خرج يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فقلت: انطلق إلى هذا الرجل فكلمه. فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت: ما عندك قال: والله لقد رأيت رجلًا يأمر بالخير وينهى، عن الشر. قلت: لم تشفني. فأخذت جرابًا وعصًا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد فمر علي بن أبي طالب فقال: هذا رجل غريب قلت: نعم. قال: انطلق إلى المنزل. فانطلقت معه لا أسأله، عن شيء ولا يخبرني!

فلما أصبح الغد جئت إلى المسجد لا أسأل عنه وليس أحد يخبرني عنه بشيء فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعود قلت: لا. قال: ما أمرك وما أقدمك قلت: إن كتمت علي أخبرتك قال: أفعل. قلت: قد بلغنا أنه قد خرج نبي. قال: أما قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني وادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت.

فمضى ومضيت معه فدخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله اعرض علي الإسلام. فعرض علي فأسلمت مكاني فقال لي: "يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل". فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم بتمام "2473" حدثنا هداب بن خالد الأزدي، حدثنا سليمان بن المغيرة، به.

ص: 372

فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال: يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمد عبده ورسوله. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت فأدركني العباس فأكب علي وقال: ويلكم تقتلون رجلًا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأطلقوا عني. فلما أصبحت رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي كذلك وأدركني العباس فأكب علي.

فهذا أول إسلام أبي ذر.

أخرجه: البخاري ومسلم من طريق المثنى بن سعيد، عن أبي جمرة

(1)

.

ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن أبي سبرة، عن يحيى بن شبل، عن خفاف بن إيماء قال: كان أبو ذر رجلًا يصيب وكان شجاعًا ينفرد وحده يقطع الطريق ويغير على الصرم في عماية الصبح على ظهر فرسه أو قدميه كأنه السبع فيطرق الحي ويأخذ ما أخذ ثم إن الله قذف في قلبه الإسلام وسمع مقالة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ يدعو مختفيًا فأقبل يسأل عنه

(2)

.

وعن أبي معشر السندي: كان أبو ذر يتأله في الجاهلية ويوحد ولا يعبد الأصنام

(3)

.

النضر بن محمد، أخبرنا عكرمة بن عمار: أخبرنا أبو زميل، عن مالك ابن مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر قال: كنت رابع الإسلام أسلم قبلي ثلاثة فأتيت نبي الله فقلت: سلام عليك يا نبي الله. وأسلمت فرأيت الاستبشار في وجهه فقال: "من أنت"؟ قلت: جندب رجل من غفار.

قال: فرأيتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان فيهم من يسرق الحاج.

وعن محفوظ بن علقمة، عن ابن عائذ، عن جبير بن نفير قال: كان أبو ذر وعمرو بن عبسة كل منهما يقول: أنا ربع الإسلام

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3861"، ومسلم "2474" من طريق عبد الرحمن بن مهدي حدثنا المثني بن سعيد، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، به.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "4/ 222" وفيه محمد بن عمر، وابن أبي سبرة متروكان.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "4/ 222" من طريق الواقدي: وهو متروك وفيه علية الإعضال. وقوله يتأله: أي يتنسك ويتعبد.

(4)

ضعيف: أخرجه الطبراني "1618"، والحاكم "3/ 341 - 342" من طريق صدقة بن عبد الله، عن نصر بن علقمة، عن محفوظ بن علقمة، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه صدقة بن عبد الله السمين أجمعوا على ضعفه.

ص: 373

قال الواقدي: كان حامل راية غفار يوم حنين أبو ذر.

وكان يقول: أبطأت في غزوة تبوك من عجف

(1)

بعيري.

ابن إسحاق: حدثني بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن مسعود قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل فيقولون: يا رسول الله تخلف فلان فيقول: "دعوه إن يكن فيه خير فسيلحقكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه". حتى قيل: يا رسول الله تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره.

قال: وتلوم

(2)

بعير أبي ذر فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره وخرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونظر ناظر فقال: إن هذا لرجل يمشي على الطريق فقال رسول الله: "كن أبا ذر". فلما تأمله القوم قالوا: هو والله أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده".

فضرب الدهر من ضربه وسير أبو ذر إلى الربذة. فلما حضرته الوفاة أوصى امرأته وغلامه فقال: إذا مت فاغسلاني وكفناني وضعاني على الطريق فأول ركب يمرون بكم فقولا: هذا أبو ذر.

فلما مات فعلا به ذلك. فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم توطأ السرير. فإذا عبد الله بن مسعود في رهط من أهل الكوفة فقال: ما هذا قيل: جنازة أبي ذر. فاستهل ابن مسعود يبكي وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده".

فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه

(3)

.

شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن كليب بن شهاب: سمعت أبا ذر يقول: ما تؤيسني رقة عظمي ولا بياض شعري أن ألقي عيسى ابن مريم.

وعن ابن سيرين: سألت ابن أخت لأبي ذر: ما ترك أبو ذر? قال: ترك أتانين وحمارًا وأعنزًا وركائب.

(1)

عجف: أي هزال.

(2)

تلوم: أي تمكث وتلبث. والتلوم: الانتظار والتلبث. وتلوم في الأمر. تمكث وانتظر.

(3)

ضعيف: بريدة بن سفيان، قال البخاري: فيه نظر. وقال الدارقطني: متروك.

ص: 374

يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرنا الحارث بن يزيد الحضرمي: أن أبا ذر سأل رسول الله الإمرة فقال: "إنك ضعيف وإنها خزي وندامة إلَّا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها"

(1)

.

أبو بكر بن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن غضيف بن الحارث، عن أبي الدرداء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدئ أبا ذر إذا حضر ويتفقده إذا غاب

(2)

.

فضيل بن مرزوق حدثنني جبلة بنت مصفح، عن حاطب: قال أبو ذر: ما ترك رسول الله شيئًا مما صبه جبريل وميكائيل في صدره إلَّا قد صبه في صدري ولا تركت شيئًا مما صبه في صدري إلَّا قد صببته في صدر مالك ابن ضمرة

(3)

. هذا منكر.

عبد الرحمن بن أبي الرجال:، أخبرنا عمر مولى غفرة، عن ابن كعب، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أوصاني بخمس: أرحم المساكين وأجالسهم وأنظر إلى من تحتي ولا أنظر إلى من فوقي وأن أصل الرحم وإن أدبرت وأن أقول الحق وإن كان مرًا وأن أقول لا حول ولا قوة إلَّا بالله"

(4)

.

(1)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف، أخرجه ابن سعد "4/ 231" من طريق سليمان بن بلال قال حدثني يحيى بن سعيد، به، وفي الإسناد انقطاع، الحارث بن يزيد الحضرمي لم يسمع من أبي ذر.

لكن الحديث رواه مسلم موصولا "1852" من طريق الليث بن سعد، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن بكر بن عمرو، عن الحارث بن يزيد الحضرمي، عن ابن حجيرة الأكبر، عن أبي ذر، به.

(2)

ضعيف: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

(3)

ضعيف: في إسناده جبلة بنت مصفح، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبولة" أي عند المتابعة. وقد أخرجه الطبراني "في "الكبير""2/ 1624" من طريق القاسم بن الحكم العرني، حدثنا فضيل بن مرزوق، به.

وقد أورده الحافظ الهيثمي في "المجمع""9/ 231" وقال: "وفيه من لم أعرفهم".

قلت: وكذا القاسم بن الحكم العرني، قال الحافظ في "التقريب" صدوق فيه لين فهذه علة أخرى في الإسناد.

(4)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، أخرجه أحمد "5/ 173" حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال المدني، به. وفيه عمر مولى غفرة، وهو عمر بن عبد الله المدني، ضعفه ابن معين والنسائي وابن حبان، وأخرجه أحمد "5/ 159"، والطبراني في "الصغير""ص 268" والبيهقي في "السنن""10/ 91" من طريق سلام أبي المنذر المقرئ البصري، عن محمد بن واسع، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، بنحوه. =

ص: 375

الأعمش، عن عثمان بن عمير، عن أبي حرب بن أبي الأسود: سمعت عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر"

(1)

.

= قلت: وهذا إسناد حسن، فيه سلام بن سليمان المزني، أبو المنذر القاري النحوي البصري، صدوق يهم. وأخرجه البيهقي "10/ 91" أيضا من طريق هشام بن حسان والحسن بن دينار عن محمد بن واسع به.

وأخرجه البزار "3309" والطبراني في "الكبير""1648" وأبو نعيم في "الحلية""1/ 159 - 160" من طريق محمد بن حرب النشائي الواسطي، عن يحيى بن أبي زكريا الغساني أبي مروان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن الصامت، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته يحيى بن أبي زكريا الغساني، أبو مروان الواسطي ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب" ولم يرو البخاري له إلا حديثا واحدا متابعة، وأخرجه ابن أبي شيبة "12/ 232"، والطبراني في "الكبير""1649" من طريق محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي -وربما قال إسماعيل بعض أصحابنا- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: فذكره.

وأورده الهيثمي في "المجمع""3/ 93": رجاله ثقات إلا أن الشعبي لم أجد له سماعا من أبي ذر".

قلت: فالإسناد ضعيف لهذا الانقطاع بين الشعبي وأبي ذر، لكن الحديث يرتقي بمجموع طرقه إلى الصحة والله -تعالى- أعلى وأعلم.

(1)

حديث صحيح بطرقه: أخرجه الترمذي "3802"، والحاكم "3/ 342" من طريق العباس بن عبد العظيم العنبري، حدثنا النضر بن محمد اليمامي، حدثنا عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف، مرثد بن عبد الله الزماني، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.

وورد من حديث عبد الله بن عمرو: أخرجه أحمد "2/ 163 و 175 و 223"، وابن سعد "4/ 228"، وابن أبي شيبة "12/ 124"، والترمذي "3801" وابن ماجه "156"، والحاكم "3/ 342" من طريق الأعمش، عن عثمان بن عمير، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي، عن ابن عمرو مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف، عثمان بن عمير، ويقال ابن قيس: ضعيف.

وورد من حديث أبي الدرداء: أخرجه أحمد "6/ 442" وابن سعد "4/ 228"، وابن أبي شيبة "12/ 125"، والبزار "2713" والحاكم "3/ 342" من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن بلال بن أبي الدرداء عن أبي الدرداء. وإسناده ضعيف، علي بن زيد، هو ابن جدعان، ضعيف.

وأخرجه أحمد "5/ 197" من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الله بن غنم، عن أبي الدرداء، وشهر بن حوشب، فيه ضعف.

وورد عن أبي هريرة: أخرجه ابن سعد "4/ 228" عن يزيد بن هارون، عن أبي أمية بن يعلى، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وأبو أمية. فيه ضعف.

وورد عن علي: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""4/ 172" من طريق بشر بن مهران عن شريك، عن الأعمش، عن زيد "وهو ابن وهب" قال: قال علي: فذكره مرفوعا.

قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه بشر بن مهران، ترك حديثه أبو حاتم. فالحديث بمجموع طرقه صحيح، وقد خرجت الحديث بنحو هذا في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية ط دار الحديث في الجزء الرابع بتعليقنا رقم "134" وفي الجزء السادس بتعليقنا رقم "275" فراجعه ثم إن شئت.

ص: 376

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. مثله: وجاء نحوه لجابر وأبي هريرة

(1)

.

أبو أمية بن يعلى وهو واه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر"

(2)

.

سلام بن مسكين:، أخبرنا مالك بن دينار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيكم يلقاني على الحال الذي أفارقه عليه". فقال أبو ذر: أنا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر من سره أن ينظر إلى زهد عيسى فلينظر إلى أبي ذر"

(3)

.

حجاج بن محمد، عن ابن جريج أخبرني أبو حرب بن أبي الأسود، عن أبيه. ثم قال ابن جريج ورجل، عن زاذان قالا: سئل علي، عن أبي ذر فقال: وعى علمًا عجز عنه وكان شحيحًا على دينه حريصًا على العلم يكثر السؤال وعجز، عن كشف ما عنده من العلم.

سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، أخبرنا عبد الله بن الصامت قال: دخلت مع أبي ذر في رهط من غفار على عثمان من باب لا يدخل عليه منه قال: وتخوفنا عثمان عليه فانتهى إليه فسلم ثم ما بدأه بشيء إلَّا أن قال: أحسبتني منهم يا أمير المؤمنين والله ما أنا منهم ولا أدركهم. ثم استأذنه إلى الربذة.

(1)

صحيح بطرقه: راجع تخريجنا السابق فقد أوردته عن أبي الدرداء، وعن أبي هريرة.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 228" أخبرنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا أبو أمية بن يعلى، عن أبي الزناد، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو أمية بن يعلى، ضعفه الدارقطني. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للخواص.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 228"، وهو مرسل، مالك بن دينار البصري، الزاهد، أبو يحيى، من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين فالحديث معضل.

ص: 377

يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي إدريس، عن المسيب بن نجبة، عن علي أنه قيل له: حدثنا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثنا عن أبي ذر قال: علم العلم ثم أوكى فربط عليه رباطًا شديدًا?

(1)

أبو إسحاق، عن هانئ بن هانئ، سمع عليًّا يقول: أبو ذر وعاء ملئ علما أوكى عليه فلم يخرج منه شيء حتى قبض.

عن أبي سلمة مرسلًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم اغفر لأبي ذر وتب عليه".

ويروى، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه لم يكن نبي إلَّا وقد أعطي سبعة رفقاء ووزراء وإني أعطيت أربعة عشر". فسمى فيهم أبا ذر

(2)

.

شريك، عن أبي ربيعة الإيادي، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت بحب أربعة وأخبرني الله تعالى أنه يحبهم". قلت: من هم يا رسول الله قال: "علي وأبو ذر وسلمان والمقداد بن الأسود"

(3)

.

قال شهر بن حوشب: حدثتني أسماء: أن أبا ذر كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فرغ من خدمته أوى إلى المسجد وكان هو بيته. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فوجده منجدلًا في المسجد. فنكته رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله حتى استوى جالسًا فقال: "ألا أراك نائمًا? " قال: فأين أنام هل لي من بيت غيره? فجلس إليه ثم قال: "كيف أنت إذا أخرجوك منه? " قال: ألحق بالشام فإن الشام أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء فأكون رجلًا من أهلها. قال له: "كيف أنت إذا أخرجوك من الشام? " قال: أرجع إليه فيكون بيتي ومنزلي. قال: "فكيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية? " قال: آخذ إذًا سيفي فأقاتل حتى أموت.

(1)

ضعيف جدا: في إسناده يحيى بن سلمة بن كهيل قال أبو حاتم وغيره: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك: وقال يحيى ليس بشيء لا يُكتب حديثه.

قوله: "ثم أوكى" أي شده بالوكاء، والمراد أنه حافظ على علمه بمدارسته وتعليمه فالعلم يزكو بالإنفاق.

(2)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير""6/ 6049" من طريق فطر بن خليفة عن كثير بياع النوى قال سمعت عبد الله بن مليل يقول سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأخرجه الترمذي "3785" من طريق سفيان، عن كثير النواء، عن أبي إدريس، عن المسيب بن نجية قال: قال علي بن أبي طالب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، آفته كثير بياع النوى، وهو كثير بن إسماعيل النواء أبو إسماعيل: ضعفه أبو حاتم، والنسائي. وقال ابن عدي مفرط في التشيع. وقال السعدي: زائغ.

(3)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 351"، وفي إسناده أبو ربيعة الإيادي عمر بن ربيعة ضعيف.

ص: 378

قال: فكشر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "أدلك على خير من ذلك? " قال: بلى بأبي وأمي يا رسول الله. قال: "تنقاد لهم حيث قادوك حتى تلقاني وأنت على ذلك".

أخرجه أحمد في "مسنده"

(1)

.

وفي المسند، أخبرنا أبو المغيرة، أخبرنا صفوان بن عمرو، عن أبي اليمان وأبي المثنى أن أبا ذر قال: بايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا وواثقني سبعًا وأشهد الله علي سبعًا إلَّا أخاف في الله لومة لائم.

أبو اليمان هو الهوزني.

الدغولي:، أخبرنا أبو جعفر الصائغ بمكة، أخبرنا المقري:، أخبرنا المسعودي، أخبرنا أبو عمر الشامي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فجلست إليه فقال: "أصليت? " قلت: لا قال: "قم فصل" فقمت فصليت ثم أتيته فقال: "يا أبا ذر استعذ بالله من شياطين الإنس والجن" قلت: وهل للإنس من شياطين قال: "نعم" ثم قال: "يا أبا ذر إلَّا أدلك على كنز من كنوز الجنة? قل: لا حول ولا قوة إلَّا بالله". قلت: فما الصلاة? قال: "خير موضوع فمن شاء أكثر ومن شاء أقل". قلت: فما الصيام قال: "فرض مجزئ" قلت: فما الصدقة قال: "أضعاف مضاعفة وعند الله مزيد". قلت: فأيها أفضل قال: "جهد من مقل أو سر إلى فقير" قلت: فأي ما أنزل الله عليك أعظم قال: "الله لا إله إلَّا هو الحي القيوم" قلت: فأي الأنبياء كان أول قال: "آدم: قلت نبيًا كان? قال: "نعم مكلم" قلت: فكم المرسلون يا رسول الله قال: ثلاث مائة وخمسة عشر جمًا غفيرًا"

(2)

.

هشام، عن ابن سيرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر:"إذا بلغ البناء سلعًا فاخرج منها -ونحا بيده نحو الشام- ولا أرى أمراءك يدعونك". قال: أولا أقاتل من يحول بيني وبين أمرك قال: "لا" قال: فما تأمرني قال: "اسمع وأطع ولو لعبد حبشي".

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 457" وفي إسناده شهر بن حوشب، وهو ضعيف.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه أحمد "5/ 179" وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي. ضعيف لاختلاطه.

والعلة الثانية: أبو عمر الدمشقي، متروك كما قال الدارقطني.

والعلة الثالثة: عبيد بن الخشخاش، لين.

ص: 379

فلما كان ذلك خرج إلى الشام فكتب معاوية إنه قد أفسد الشام. فطلبه عثمان ثم بعثوا أهله من بعده فوجدوا عندهم كيسًا أو شيئًا فظنوه دراهم فقالوا: ما شاء الله فإذا هي فلوس.

فقال عثمان: كن عندي قال: لا حاجة لي في دنياكم ائذن لي حتى أخرج إلى الربذة فأذن له فخرج إليها وعليها عبد حبشي لعثمان فتأخر وقت الصلاة لما رأى أبا ذر فقال أبو ذر: تقدم فصل

(1)

.

سفيان بن حسين، عن الحكم، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار وعليه برذعة أو قطيفة

(2)

.

عفان: أخبرنا سلام أبو المنذر، عن محمد بن واسع، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم وأمرني أن انظر إلى من هو دوني وأن لا أسأل أحدًا شيئًا وأن أصل الرحم وإن أدبرت وأن أقول الحق وإن كان مرًا وألا أخاف في الله لومة لائم وأن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلَّا بالله فإنهن من كنز تحت العرش

(3)

.

الأوزاعي: حدثني أبو كثير، عن أبيه قال: أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى وقد اجتمع الناس عليه يستفتونه فأتاه رجل فوقف عليه فقال: ألم ينهك أمير المؤمنين، عن الفتيا فرفع رأسه ثم قال: أرقيب أنت علي لو وضعتم الصمصامة على هذه

(1)

ضعيف: رواه بهذا السياق ابن سعد "4/ 226 - 227" قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به مرسلا.

قلت: وهو ضعيف لإرساله. ولكن لقوله: "اسمع وأطع، ولو لعبد حبشي" إسناد آخر عند أحمد "5/ 144"، وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف، وقد ورد عن أبي ذر قال:"إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدا مجدع الأطراف" أخرجه الطيالسي "452"، ومسلم "1873"، وابن ماجه "2862" والبيهقي "3/ 88" و"8/ 155" من طرق عن شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، به.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 227 - 228" قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان بن حسين عن الحكم بن عتيبة، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد وقع في "طبقات ابن سعد" الحكم بن عيينة، وهو تصحيف، والصواب الحكم بن عتيبة وهو ما أثبتناه.

(3)

صحيح: تقدم تخريجنا له بتعليق رقم "802".

ص: 380

وأشار بيده إلى قفاه ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها.

اسم أبي كثير: مرثد.

وعن ثعلبة بن الحكم، عن علي قال: لم يبق أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ولا نفسي. ثم ضرب بيده على صدره.

الجريري، عن يزيد بن الشخير، عن الأحنف قال: قدمت المدينة فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش إذ جاء رجل أخشن الثياب أخشن الجسد أخشن الوجه فقام عليهم فقال: بشر الكنازين برضف يحمى عليه في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتجلجل.

قال: فوضع القوم رءوسهم فما رأيت أحدًا منهم رجع إليه شيئًا.

فأدبر فتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت: ما رأيت هؤلاء إلَّا كرهوا ما قلت لهم. قال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئًا إن خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم دعاني فقال: يا أبا ذر فأجبته فقال: "ترى أحدًا"؟ فنظرت ما علي من الشمس وأنا أظنه يبعثني في حاجة فقلت: أراه فقال: "ما يسرني أن لي مثله ذهبًا أنفقه كله إلَّا ثلاثة دنانير". ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئًا.

فقلت: مالك ولإخوانك من قريش لا تعتريهم ولا تصيب منهم? قال: لا وربك ما أسألهم دنيا ولا أستفتيهم، عن دين حتى ألحق بالله ورسوله

(1)

.

الأسود بن شيبان، عن يزيد بن الشخير، عن أخيه مطرف، عن أبي ذر فذكر بعضه

(2)

.

موسى بن عبيدة: حدثنا عمران بن أبي أنس، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قدم أبو ذر من الشام فدخل المسجد وأنا جالس فسلم علينا وأتى سارية فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم قرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1]. واجتمع الناس عليه فقالوا: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها

(1)

و

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1407" و"1408"، ومسلم "992" من طريق الجريرى، عن أبي العلاء، عن الأحنف بن قيس، به.

ص: 381

وفي البر صدقته، من جمع دينارًا أو تبرًا أو فضة لا يعده لغريم ولا ينفقه في سبيل الله كوى به".

قلت: يا أبا ذر انظر ما تخبر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذه الأموال قد فشت. قال: من أنت ابن أخي فانتسبت له.

فقال: قد عرفت نسبك الأكبر ما تقرأ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 35].

موسى ضعف رواه عنه الثقات.

ابن لهيعة: حدثنا أبو قبيل: سمعت مالك بن عبد الله الزيادي يحدث، عن أبي ذر أنه جاء يستأذن على عثمان فأذن له وبيده عصا. فقال عثمان: يا كعب إن عبد الرحمن توفي وترك مالًا فما ترى قال: إن كان فضل فيه حق الله فلا بأس عليه. فرفع أبو ذر عصاه وضرب كعبًا وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أحب أن لي هذا الجبل ذهبًا أنفقه ويتقبل مني أذر خلفي منه ستة أواق". أنشدك الله يا عثمان: أسمعته قال مرارًا قال: نعم

(1)

.

قلت: هذا دال على فضل إنفاقة وكراهية جمعه لا يدل على تحريم.

حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت قال: دخلت مع أبي ذر على عثمان فلما دخل حسر، عن رأسه وقال: والله ما أنا منهم يا أمير المؤمنين يريد الخوارج. قال ابن شوذب: سيماهم الحلق قال له عثمان: صدقت يا أبا ذر إنما أرسلنا إليك لتجاورنا بالمدينة. قال: لا حاجة لي في ذلك ائذن لي إلى الربذة. قال: نعم ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة تغدو عليك وتروح قال لا حاجة لي في ذلك يكفي أبا ذر صريمته

(2)

.

فلما خرج قال: دونكم معاشر قريش دنياكم فاعذموها

(3)

ودعونا وربنا.

قال: ودخل عليه وهو يقسم وعبد الرحمن بن عوف بين يديه وعنده كعب فأقبل

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 63" حدثنا حسن بن موسى، حدثنا عبد الله بن لهيعة، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه عبد الله بن لهيعة، ضعيف. وفيه جهالة مالك بن عبد الله الزيادي.

(2)

الصريمة: تصغير الصرمة، وهي القطيع من الإبل والغنم.

(3)

قوله: "اعذموها" أي خذوها.

وأصل العذم: العض.

ص: 382

عثمان على كعب فقال: يا أبا إسحاق ما تقول فيمن جمع هذا المال فكان يتصدق منه ويصل الرحم قال كعب: إني لأرجو له. فغضب ورفع عليه العصا وقال وما تدري يا ابن اليهودية ليودن صاحب هذا المال لو كان عقارب في الدنيا تلسع السويداء من قلبه

(1)

.

السري بن يحيى: حدثنا غزوان أبو حاتم قال: بينا أبو ذر عند باب عثمان ليؤذن له إذ مر به رجل من قريش فقال: يا أبا ذر ما يجلسك ههنا قال: يأبى هؤلاء أن يأذنوا لنا فدخل الرجل فقال: يا أمير المؤمنين ما بال أبي ذر على الباب.

فأذن له فجاء حتى جلس ناحية وميراث عبد الرحمن يقسم فقال عثمان لكعب: أرأيت المال إذا أدى زكاته هل يخشى على صاحبه فيه تبعة قال: لا. فقام أبو ذر فضربه بعصا بين أذنيه ثم قال: يا ابن اليهودية تزعم أن ليس عليه حق في ماله إذا آتى زكاته والله يقول: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم} [الحشر: 9] الآية، ويقول:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّه} [الإنسان: 8].

فجعل يذكر نحو هذا من القرآن. فقال عثمان للقرشي: إنما نكره أن نأذن لأبي ذر من أجل ما ترى.

وروي، عن ابن عباس قال: كان أبو ذر يختلف من الربذة إلى المدينة مخافة الأعرابية فكان يحب الوحدة فدخل على عثمان وعنده كعب .... الحديث.

وفيه: فشج كعبًا فاستوهبه عثمان فوهبه له وقال: يا أبا ذر اتق الله واكفف يدك ولسانك.

موسى بن عبيدة: أخبرنا ابن نفيع، عن ابن عباس قال: استأذن أبو ذر على عثمان فتغافلوا عنه ساعة. فقلت: يا أمير المؤمنين هذا أبو ذر بالباب قال: ائذن له إن شئت أن تؤذينا وتبرح بنا. فأذنت له فجلس على سرير مرمول

(2)

فرجف به السرير وكان عظيمًا طويلًا فقال عثمان: أما إنك الزاعم أنك خير من أبي بكر وعمر قال: ما قلت. قال: إني أنزع عليك بالبينة قال: والله ما أدري ما بينتك وما تأتي به?! وقد علمت ما قلت. قال: فكيف إذا قلت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أحبكم إلي وأقربكم مني الذي

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 232" من طريق سليمان بن المغيرة، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 160" من طريق مطرف كلاهما عن حميد بن هلال قال: حدثنا عبد الله بن الصامت قال: فذكره.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات.

(2)

سرير مرمول: سرير نسج وجهه بالسعف.

ص: 383

يلحق بي على العهد الذي عاهدته عليه". وكلكم قد أصاب من الدنيا وأنا على ما عاهدته عليه وعلى الله تمام النعمة.

وسأله عن أشياء، فأخبره بالذي يعلمه فأمره أن يرتحل إلى الشام فيلحق بمعاوية. فكان يحدث بالشام فاستهوى قلوب الرجال. فكان معاوية ينكر بعض شأن رعيته وكان يقول: لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم ولا تبر ولا فضة إلَّا شيء ينفقه في سبيل الله أو يعده لغريم.

وإن معاوية بعث إليه بألف دينار في جنح الليل فأنفقها.

فلما صلى معاوية الصبح، دعا رسوله فقال: اذهب إلى أبي ذر فقل: أنقذ جسدي من عذاب معاوية فإني أخطأت قال: يا بني قل له: يقول لك أبو ذر والله ما أصبح عندنا منه دينار ولكن أنظرنا ثلاثًا حتى نجمع لك دنانيرك.

فلما رأى معاوية أن قوله صدق فعله كتب إلى عثمان أما بعد فإن كان لك بالشام حاجة أو بأهله فابعث إلى أبي ذر فإنه قد وغل صدور الناس.

فكتب إليه عثمان: اقدم علي فقدم

(1)

.

ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن يعلى بن شداد قال: قال شداد بن أوس: كان أبو ذر يسمع الحديث من رسول الله فيه الشدة ثم يخرج إلى قومه فيسلم عليهم ثم إن رسول الله يرخص فيه بعد فلم يسمعه أبو ذر فتعلق أبو ذر بالأمر الشديد

(2)

.

عاصم بن كليب، عن أبي الجويرية، عن زيد بن خالد الجهني قال: كنت عند عثمان إذ جاء أبو ذر فلما رآه عثمان قال: مرحبًا وأهلًا بأخي فقال أبو ذر: مرحبًا وأهلًا بأخي لقد أغلظت علينا في العزيمة والله لو عزمت علي أن أحبو لحبوت ما استطعت. إني خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو حائط بني فلان فقال لي: "ويحك بعدي" فبكيت فقلت: يا رسول الله وإني لباق بعدك قال: "نعم فإذا رأيت البناء على سلع فالحق بالمغرب أرض قضاعة".

قال عثمان: أحببت أن أجعلك مع أصحابك وخفت عليك جهال الناس.

وعن أبي ذر: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسمع وأطع لمن كان عليك".

(1)

ضعيف: فيه موسى بن عبيدة، وهو الربذي، ضعيف.

(2)

ضعيف: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف. وقد أخرجه أحمد "4/ 125".

ص: 384

جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد الله بن سيدان السلمي قال: تناجى أبو ذر وعثمان حتى ارتفعت أصواتهما ثم انصرف أبو ذر متبسمًا فقالوا: مالك ولأمير المؤمنين? قال: سامع مطيع ولو أمرني أن آتي صنعاء أو عدن ثم استطعت أن أفعل لفعلت وأمره أن يخرج إلى الربذة.

ميمون بن مهران، عن عبد الله بن سيدان، عن أبي ذر قال: لو أمرني عثمان أن أمشي على رأسي لمشيت.

وقال أبو عمران الجوني: عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر لعثمان: يا أمير المؤمنين افتح الباب لا تحسبني من قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

يزيد، أخبرنا العوام بن حوشب، حدثني رجل، عن شيخين من بني ثعلبة قالا: نزلنا الربذة فمر بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية فقالوا: هذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستأذناه بأن نغسل رأسه. فأذن لنا واستأنس بنا. فبينما نحن كذلك إذ أتاه نفر من أهل العراق حسبته قال: من أهل الكوفة فقالوا: يا أبا ذر فعل بك هذا الرجل وفعل فهل أنت ناصب لك راية فنكملك برجال ما شئت? فقال: يا أهل الإسلام لا تعرضوا علي ذاكم ولا تذلوا السلطان فإنه من أذل السلطان فلا توبة له والله لو صلبني على أطول خشبة أو حبل لسمعت وصبرت ورأيت أن ذلك خير لي

(1)

.

حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت قالت أم ذر: والله ما سير عثمان أبا ذر تعني إلى الربذة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بلغ البناء سلعًا فاخرج منها".

قال غالب القطان للحسن: يا أبا سعيد أكان عثمان أخرج أبا ذر? قال: معاذ الله.

محمد بن عمرو، عن عراك بن مالك قال أبو ذر: إني لأقربكم مجلسًا من رسول الله يوم القيامة إني سمعته يقول: "إن أقربكم مني مجلسًا من خرج من الدنيا كهيئته بما تركته عليه". وإنه -والله- ما منكم إلَّا من تشبث منها بشيء

(2)

.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 227" قال أخبرنا يزيد بن هارون، به. وإسناده ضعيف فيه علتان: الأولى: جهالة الرجل، والثانية: جهالة الشيخين من بني ثعلبة.

(2)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 165"، وابن سعد "4/ 228 - 229" والطبراني في "الكبير"2/ 1627" من طريق محمد بن عمرو، به، وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 327" وقال: "ورجاله ثقات إلا أن عراك بن مالك لم يسمع من أبي ذر أحسب".

قلت: إسناده ضعيف، لهذا الانقطاع، وقد خرجت نحو هذا الحديث بتعليقنا رقم "812" فراجعه ثم.

ص: 385

قال المعرور بن سويد: نزلنا الربذة، فإذا برجل عليه برد، وعلى غلامه مثله، فقلنا: لو عملتهما حلة لك، واشتريت لغلامك غيره! فقال: سأحدثكم: كان بيني وبين صاحب لي كلام، وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ساببت فلانا"؟ قلت: نعم. قال: "ذكرت أمه" قلت: من ساب الرجال ذكره أبوه وأمه. فقال: "إنك امرؤ فيه جاهلية"

، وذكر الحديث. إلى أن قال:"إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه من طعامه، وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ما يغلبه"

(1)

.

قتادة: عن أبي قلابة، عن أبي أسماء: أنه دخل على أبي ذر بالربذة، وعنده امرأة له سوداء مشعثة، ليس عليها أثر المجاسد والخلوق. فقال: ألا تنظرون ما تأمرني به؟ تأمرني أن آتى العراق، فإذا أتيتها مالوا على بدنياهم، وإن خليلي عهد إليَّ:"إن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ومزلة"، وإنا أن نأتي عليه وفي أحمالنا أقتدار أحرى أن ننجو، من أن نأتي عليه نحن مواقير

(2)

.

أبو هلال، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن أن أبا ذر كان عطاؤه أربعة آلاف فكان إذا أخذ عطاءه دعا خادمه فسأله عما يكفيه للسنة فاشتراه ثم اشترى فلوسًا بما بقي. وقال: إنه ليس من وعاء ذهب ولا فضة يوكى عليه إلَّا وهو يتلظى على صاحبه.

قال يحيى بن أبي كثير: كان لأبي ذر ثلاثون فرسًا يحمل عليها فكان يحمل على خمسة عشر منها يغزو عليها ويصلح آلة بقيتها فإذا رجعت أخذها فأصلح آلتها وحمل على الأخرى.

قال ثابت البناني: بنى أبو الدرداء مسكنًا فمر عليه أبو ذر فقال: ما هذا تعمر دارا أذن الله بخرابها لأن تكون رأيتك تتمرغ في عذره أحب إلي من أن أكون رأيتك فيما رأيتك فيه.

حسين المعلم، عن ابن بريدة قال: لما قدم أبو موسى لقي أبا ذر فجعل أبو موسى يكرمه وكان أبو موسى قصيرًا خفيف اللحم وكان أبو ذر رجلًا أسود كث الشعر فيقول

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "30" و"2545"، ومسلم "1661""40" من طريق شعبة، عن واصل الأحدب، عن المعرور، به.

وأخرجه البخاري "6050"، ومسلم "1661""38" من طريق الأعمش، عن المعرور بن سويد، به.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 236"، وأحمد "5/ 195" من طريق عفان بن مسلم، عن همام بن يحيى، عن قتادة، به.

ص: 386

أبو ذر: إليك عني ويقول أبو موسى: مرحبًا بأخي فيقول: لست بأخيك إنما كنت أخاك قبل أن تلي.

وعن أم طلق قالت: دخلت على أبي ذر فرأيته شعثًا شاحبًا بيده صوف قد جعل عودين وهو يغزل بهما فلم أر في بيته شيئًا فناولته شيئًا من دقيق وسويق فقال لي: أما ثوابك فعلى الله.

وقيل: إن أبا ذر خلف بنتًا له فضمها عثمان إلى عياله.

قال الفلاس والهيثم بن عدي وغيرهما: مات سنة اثنتين وثلاثين. ويقال مات في ذي الحجة.

ويقال: إن ابن مسعود الذي دفنه عاش بعده نحوًا من عشرة أيام رضي الله عنهما.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر مع قوة أبي ذر في بدنه وشجاعته: "يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم"

(1)

.

فهذا محمول على ضعف الرأي فإنه لو ولي مال يتيم لأنفقه كله في سبيل الخير ولترك اليتيم فقيرًا. فقد ذكرنا أنه كان لا يستجيز ادخار النقدين. والذي يتأمر على الناس يريد أن يكون فيه حلم ومداراة وأبو ذر رضي الله عنه كانت فيه حدة كما ذكرناه فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم.

وله مائتا حديث وأحد وثمانون حديثًا، اتفقا منها على اثني عشر حديثًا وانفرد البخاري بحديثين. ومسلم بتسعة عشر.

ابن سعد: أخبرنا عفان، أخبرنا وهيب، أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر أن أبا ذر حضره الموت بالربذة فبكت امرأته فقال: وما يبكيك قالت: أبكي أنه لا بد من تغييبك. وليس عندي ثوب يسعك كفنًا.

قال: لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر يقول: "ليموتن رجل منكم بفلاة تشهده عصابة من المؤمنين". فكلهم مات في جماعة وقرية فلم يبق

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1826"، وأحمد "5/ 180"، وابن سعد "4/ 231" من طريق عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن سالم بن أبي سالم الجيشاني، عن أبيه، عن أبي ذر، به مرفوعا.

ص: 387

غيري وقد أصبحت بالفلاة أموت فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول ما كذبت ولا كذبت. قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج؟!

قال: راقبي الطريق فبينا هي كذلك إذ هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم

(1)

فأقبلوا حتى وقفوا عليها قالوا: مالك قالت: رجل من المسلمين تكفنونه وتؤجرون فيه قالوا: ومن هو قالت: أبو ذر. ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في نحورها يبتدرونه.

فقال: أبشروا أنتم النفر الذين قال فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال. سمعته يقول: "ما من امرئين من المسلمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة فاحتسبا وصبرا فيريان النار أبدًا".

ثم قال: وقد أصبحت اليوم حيث ترون ولو أن ثوبًا من ثيابي يسعني لم أكفن إلَّا فيه. أنشدكم الله: أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرًا أو عريفًا أو بريدًا.

فكل القوم كان نال من ذلك شيئًا إلَّا فتى من الأنصار قال أنا صاحبك ثوبان في عيبتي

(2)

من غزل أمي وأحد ثوبي هذين اللذين علي.

قال: أنت صاحبي فكفني

(3)

.

ثم قال ابن سعد: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه أنه لما حضر أبا ذر الموت بكت امرأته فذكره وزاد فكفنه الأنصاري في النفر الذين شهدوه منهم: حجر بن الأدبر ومالك بن الأشتر.

ابن إسحاق: حدثنا بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن مسعود قال: لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة وأصابه بها قدره لم يكن معه إلَّا امرأته وغلامه فأوصاهما: أن اغسلاني وكفناني وضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم قولوا: هذا أبو ذر فأعينونا عليه.

فوضعاه وأقبل ابن مسعود في رهط من العراق عمارًا فلم

(1)

تخب: تسرع. والرخم، جمع رخمة. وهو نوع من الطيور، معروف، واحدته رخمة. وهو موصوف بالغدر والموق. وقيل بالقذر. وهو أبقع على شكل النسر خلقة إلا زنة مبقع بسواد وبياض يقال الأنوق.

(2)

العيبة: وعاء من أدم، يكون فيها المتاع والثياب والجمع عياب وعيب.

(3)

أخرجه ابن سعد "4/ 232"، وأحمد "5/ 166".

ص: 388

يرعهم إلَّا به قد كادت الإبل أن تطأه فقام الغلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فاستهل عبد الله يبكي ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك".

ثم نزلوا فواروه ثم حدثهم عبد الله حديثه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره وحده إلى تبوك

(1)

.

وعن عيسى بن عميلة: أخبرني من رأى أبا ذر يحلب غنيمة له فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه.

عاصم الأحول: عن أبي عصمان النهدي قال: رأيت أبا ذر يميد على راحلته وهو مستقبل مطلع الشمس فظننته نائمًا فدنوت وقلت: أنائم أنت يا أبا ذر? قال: لا بل كنت أصلي.

(1)

ضعيف: وتقدم كلامنا عليه بتعليق رقم "798".

ص: 389

‌107 - العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

" ع":

قيل: إنه أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه وخرج مع قومه إلى بدر فأسر يومئذ فادعى أنه مسلم. فالله أعلم.

وليس هو في عداد الطلقاء فإنه كان قد قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفتح إلَّا تراه أجار أبا سفيان بن حرب.

وله عدة أحاديث منها خمسة وثلاثون في مسند بقي وفي "البخاري ومسلم" حديث وفي "البخاري" حديث وفي "مسلم" ثلاثة أحاديث.

روى عنه ابناه: عبد الله وكثير والأحنف بن قيس وعبد الله بن الحارث بن نوفل وجابر بن عبد الله وأم كلثوم بنت العباس وعبد الله بن عميرة وعامر بن سعد وإسحاق بن عبد الله بن نوفل ومالك بن أوس بن الحدثان ونافع بن جبير بن مطعم وابنه عبيد الله بن العباس وآخرون.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 5 - 33"، وتاريخ خليفة "168"، والتاريخ الكبير "4/ ق 1/ 2"، والجرح والتعديل "3/ ق 1/ 210"، والإصابة "2/ ترجمة 4507".

ص: 389

وقدم الشام مع عمر.

فعن أسلم مولى عمر: أن عمر لما دنا من الشام تنحى ومعه غلامه فعمد إلى مركب غلامه فركبه وعليه فرو مقلوب وحول غلامه على رحل نفسه.

وإن العباس لبين يديه على فرس عتيق وكان رجلًا جميلًا فجعلت البطارقة يسلمون عليه فيشير لست به وإنه ذاك.

قال الكلبي: كان العباس شريفًا مهيبًا عاقلًا جميلًا أبيض بضًا له ضفيرتان معتدل القامة.

ولد قبل عام الفيل بثلاث سنين.

قلت: بل كان من أطول الرجال وأحسنهم صورة وأبهاهم وأجهرهم صوتًا مع الحلم الوافر والسؤدد.

روى مغيرة، عن أبي رزين قال: قيل للعباس: أنت أكبر أو النبي صلى الله عليه وسلم قال: هو أكبر وأنا ولدت قبله.

قال الزبير بن بكار: كان للعباس ثوب لعاري بني هاشم وجفنة لجائعهم ومنظرة

(1)

لجاهلهم. وكان يمنع الجار ويبذل المال ويعطي في النوائب.

ونديمه في الجاهلية أبو سفيان بن حرب.

ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان العباس قد أسلم قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

إسناده واه. عن عمارة بن عمار بن أبي اليسر السلمي، عن أبيه، عن جده قال: نظرت إلى العباس يوم بدر وهو واقف كأنه صنم وعيناه تذرفان.

فقلت: جزاك الله من ذي رحم شرًا أتقاتل ابن أخيك مع عدوه?

(1)

المنظرة: المرقبة كما قال الجوهري.

ص: 390

قال: ما فعل، أقتل؟ قلت: الله أعز له وأنصر من ذلك. قال: ما تريد إلي? قلت: الأسر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى، عن قتلك قال: ليست بأول صلته فأسرته ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثوري، عن أبي إسحاق، عن البراء أو غيره قال: جاء رجل من الأنصار بالعباس قد أسره فقال: ليس هذا أسرني فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد آزرك الله بملك كريم".

ابن إسحاق عمن سمع عكرمة، عن ابن عباس قال: أسر العباس أبو اليسر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كيف أسرته"؟ قال: لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد هيئته كذا. قال: "لقد أعانك عليه ملك كريم".

ثم قال للعباس: افد نفسك وابن أخيك عقيلًا ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن جحدم. فأبى وقال: إني كنت مسلمًا قبل ذلك وإنما استكرهوني. قال: "الله أعلم بشأنك إن يك ما تدعي حقًا فالله يجزيك بذلك وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فافد نفسك".

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرف أن العباس أخذ معه عشرين أوقية ذهبًا فقلت: يا رسول الله احسبها لي من فدائي. قال: "لا، ذاك شيء أعطانا الله منك" قال: فإنه ليس لي مال قال: "فأين المال الذي وضعته بمكة عند أم الفضل وليس معكما أحد غيركما فقلت: إن أصبت في سفري فللفضل كذا لقثم كذا ولعبد الله كذا".

قال: فوالذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد من الناس غيرها وإني لأعلم أنك رسول الله.

يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن العباس، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسراهم. ففدى كل قوم أسيرهم بما تراضوا. وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلمًا.

إلى أن قال: وأنزلت {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُم}

(1)

[الأنفال: 70].

(1)

الأساري هي قراءة أبي عمرو. وقد كان أهل الشام يقرءون بهذه القراءة في عصر الحافظ الذهبي رحمه الله مؤلف "السير".

ص: 391

قال: فأعطاني الله مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدًا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله تعالى.

قال ابن إسحاق: وكان أكثر الأسارى فداء يوم بدر العباس افتدى نفسه بمئة أوقية من ذهب.

وعن ابن عباس قال: أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأسارى في الوثاق فبات ساهرًا أول الليل فقيل: يا رسول الله مالك لا تنام قال: "سمعت أنين عمي في وثاقه". فأطلقوه فسكت فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: أسر العباس رجل ووعدوه أن يقتلوه فقال رسول الله: "إني لم أنم الليلة من أجل العباس زعمت الأنصار أنهم قاتلوه". فقال عمر: أآتيهم يا رسول الله? فأتى الأنصار فقال: أرسلوا العباس قالوا: إن كان لرسول الله رضا فخذه.

سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قيل: يا رسول الله بعد ما فرغ من بدر عليك بالعير ليس دونها شيء. فقال العباس وهو في وثاقه: لا يصلح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِمَ"؟ قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين فقد أعطاك ما وعدك.

هكذا رواه إسرائيل. ورواه عمرو بن ثابت، عن سماك، عن عكرمة مرسلًا.

إسماعيل بن قيس، عن أبي حازم، عن سهل قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من بدر استأذنه العباس أن يأذن له أن يرجع إلى مكة حتى يهاجر منها. فقال: "اطمئن يا عم فإنك خاتم المهاجرين كما أنا خاتم النبيين"

(1)

.

(1)

منكر: أخرجه الطبراني في "الكبير""6/ 5828"، وأبو يعلى "5/ 2646" وابن عدي في "الكامل""1/ 103"، وابن حبان في "المجروحين""1/ 128" من طريق إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، به، وقال ابن عدي في إثره:"وهذا الحديث في فضل العباس ليس يرويه عن أبي حازم غير إسماعيل بن قيس هذا"، وذكره الهيثمي في "المجمع" "9/ 268 - 269" وقال:"وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس، وهو متروك".

قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، قال فيه البخاري والدارقطني: منكر الحديث. وأبو حازم هو سلمة بن دينار الأعرج المدني، ثقة عابد، من الخامسة، روى له الجماعة، وقد ذكرت الحديث في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" ط. مكتبة الدعوة بالأزهر "حديث رقم 62" فراجعه ثم تفد خيرا وعلما جما ذلك من فضل الله علينا نتحدث به إلا من باب المفاخرة ولكن من باب التحدث بالنعم لشكرها كما قال تعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]، فالحمد لله على نعمة العلم التي من الله بها علينا حمدا كثيرا طيبا ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد.

ص: 392

إسناده واه رواه أبو يعلى والشاشي

(1)

في "مسنديهما". ويروى نحوه من مراسيل الزهري.

قال ابن سعد: الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرًا: فبدأ بالعباس قال: وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب. وسرد نسبها إلى ربيعة بن نزار بن معد.

وعن ابن عباس: ولد أبي قبل أصحاب الفيل بثلاث سنين.

وبنوه: الفضل وهو أكبرهم وعبد الله البحر وعبيد الله وقثم ولم يعقب وعبد الرحمن توفي بالشام ولم يعقب ومعبد استشهد بإفريقية وأم حبيب وأمهم أم الفضل لبابة الهلالية وفيها يقول ابن يزيد الهلالي:

ما ولدت نجيبة من فحل

بجبل نعلمه أو سهل

كستة من بطن أم الفضل

أكرم بها من كهلة وكهل

قال الكلبي: ما رأينا ولد أم قط أبعد قبورًا من بني العباس.

ومن أولاد العباس: كثير وكان فقيهًا وتمام وكان من أشد قريش وأميمة وأمهم أم ولد والحارث بن العباس وأمه حجيلة بنت جندب التميمية.

فعدتهم عشرة.

الواقدي: أخبرنا عبد الله بن يزيد الهذلي، عن أبي البداح بن عاصم، عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة، عن أبيه قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقيل هو في منزل العباس فدخلنا عليه فسلمنا وقلنا: متى نلتقي فقال العباس: إن معكم من قومكم من هو مخالف لكم فأخفوا أمركم حتى ينصدع هذا الحاج ونلتقي نحن وأنتم فنوضح لكم الأمر فتدخلون على أمر بين. فوعدهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة النفر الآخر بأسفل العقبة وأمرهم إلَّا ينبهوا نائمًا ولا ينتظروا غائبًا.

(1)

سبق تعريفنا به، وهو الهيثم بن كليب بن شريح الشاشي، مؤلف "المسند الكبير".

ص: 393

وعن معاذ بن رفاعة، قال: فخرجوا بعد هدأة يتسللون وقد سبقهم إلى ذلك المكان معه عمه العباس وحده.

قال: فأول من تكلم هو، فقال: يا معشر الخزرج قد دعوتم محمدًا إلى ما دعوتموه وهو من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن وقد أبى محمدًا الناس كلهم غيركم فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فإنها سترميكم، عن قوس واحدة فارتئوا رأيكم وائتمروا أمركم فإن أحسن الحديث أصدقه فأسكتوا. وتكلم عبد الله بن عمرو بن حرام فقال: نحن أهل الحرب ورثناها كابرًا، عن كابر. نرمي بالنبل حتى تفنى ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر ثم نمشي بالسيوف حتى يموت الأعجل منا.

قال: أنتم أصحاب حرب هل فيكم دروع قالوا: نعم شاملة.

وقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت إنا والله لو كان في أنفسنا غير ما نقول لقلنا ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل المهج دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فبايعهم النبي صلى الله عليه وسلم والعباس آخذ بيده يؤكد له البيعة.

زكريا، عن الشعبي قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بالعباس وكان العباس ذا رأي فقال العباس للسبعين: ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة فإن عليكم عينًا.

فقال أسعد بن زرارة: سل لربك ما شئت وسل لنفسك ولأصحابك ثم، أخبرنا بما لنا على الله وعليكم.

قال: "أسألكم لربي أن تعبدوه لا تشركوا به شيئًا وأسألكم لنفسي وأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما تمنعون منه أنفسكم".

قالوا: فمالنا إذا فعلنا ذلك قال: "الجنة". قال: فلك ذلك.

ابن إسحاق: حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة قال: قال أبو رافع: كنت غلامًا للعباس وكان الإسلام قد دخلنا فأسلم العباس وكان يهاب قومه فكان يكتم إسلامه فخرج إلى بدر وهو كذلك.

إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا أبي، عن ابن عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس أن جده عباسًا قدم هو وأبو هريرة فقسم لهما النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر.

ص: 394

قال ابن سعد: فقال لي محمد بن عمر: هذا وهم بل كان العباس بمكة إذ قدم الحجاج بن علاط فأخبر قريشًا، عن نبي الله بما أحبوا وساء العباس حتى أتاه الحجاج فأخبره بفتح خيبر ففرح. ثم خرج العباس بعد ذلك فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فأطعمه بخيبر مئتي وسق كل سنة ثم خرج معه إلى فتح مكة.

يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بال رجال يؤذونني في العباس وإن عم الرجل صنو أبيه من آذى العباس فقد آذاني"

(1)

.

ورواه خالد الطحان، عن يزيد فأسقط المطلب.

(1)

حسن: أخرجه الترمذي "3758" من طريق أبي عوانة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، حدثني المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا وأنا عنده فقال: ما أغضبك؟ قال: يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال: "والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله". ثم قال: "يا أيها الناس، من آذي عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه".

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه أحمد "4/ 165" من طريق يزيد يعني ابن عطاء، عن يزيد يعني ابن أبي زياد، به مرفوعا. وأخرجه أحمد "1/ 208"، والحاكم "3/ 333" من طريق جرير بن عبد الحميد أبي عبد الله، عن يزيد بن زياد، به مرفوعا. لكن هذا إسناد ضعيف لأجل يزيد بن أبي زياد هذا قال الحافظ في "التقريب" ضعيف كبر فتغير صار يتلقن.

وللحديث شاهد أخرجه ابن ماجه "140" في المقدمة من طريق محمد بن طريف، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس بن عبد المطلب قال: كنا نلقى النفر من قريش، وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما بال أقوم يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتي يحبهم لله ولقرابتهم مني".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن كعب القرظي روايته عن العباس بن عبد المطلب قيل إنها مرسلة، وعلى فرض أنه قد سمع منه، فإن في هذا الإسناد أبا سبرة النخعي قال الحافظ في "التقريب" مقبول -أي عند المتابعة- فالحديث حسن بهذا الشاهد وقد تكلمت على هذا الحديث بإسهاب في تخريجنا وتعليقنا على كتاب "مكان رأس الحسين" لشيخ الإسلام ابن تيمية ط. دار الجبل - بيروت "ص 21 - 22" فراجعه ثم إن شئت.

ص: 395

وثبت أن العباس كان يوم حنين وقت الهزيمة آخذًا بلجام بغلة النبي صلى الله عليه وسلم وثبت معه حتى نزل النصر

(1)

.

الأعمش، عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس قال: كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي"

(2)

.

إسناده منقطع.

إسرائيل، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رجلًا من الأنصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا: والله لنلطمنه كما لطمه فلبسوا السلاح.

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقال: "أيها الناس أي أهل الأرض أكرم على الله? قالوا: أنت. قال: "فإن العباس مني وأنا منه لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا".

فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله.

رواه أحمد في "مسنده"

(3)

.

ثور، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل على العباس وولده

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "9741"، وابن سعد "4/ 18 - 19"، وأحمد "1/ 207"، ومسلم "1775" والنسائي في "الكبرى""8647" و"8653"، والحاكم "3/ 327 - 328"، وأبو يعلى "6708"، وابن جرير "10/ 101 - 102"، والبيهقي في "دلائل النبوة""5/ 137 - 139" من طرق عن الزهري، أخبرني كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه العباس، به في حديث طويل.

(2)

حسن لغيره: أخرجه ابن ماجه "140" من طريق الأعمش به.

قلت: إسناده ضعيف للانقطاع بين محمد بن كعب القرظي والعباس بن عبد المطلب. وفيه أبو سبرة النخعي مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.

وقد خرجت الحديث بإسهاب في تعليقنا وتخريجنا قبل السابق فراجعه.

(3)

ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 300"، وابن سعد "4/ 23 - 24 و 24"، ويعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ""1/ 499 - 500"، والترمذي "3759"، والنسائي "8/ 33"، وفي "الكبرى""8173"، والحاكم "3/ 325 و 329" من طرق عن إسرائيل، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الأعلى، وهو ابن عامر الثعلبي، ضعيف بالاتفاق.

ص: 396

كساء ثم قال: "اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبًا اللهم اخلفه في ولده"

(1)

.

إسناده جيد. رواه أبو يعلى في مسنده.

إسماعيل بن قيس بن سعد، عن أبي حازم، عن سهل قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيظ فقام لبعض حاجته فقام العباس يستره بكساء من صوف فقال: "اللهم استر العباس وولده من النار". له طرق وإسماعيل ضعف

(2)

.

سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال ثمانين ألفًا من البحرين فنثرت على حصير فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فوقف وجاء الناس فما كان يومئذ عدد ولا وزن ما كان إلَّا قبضًا.

فجاء العباس بخميصة عليه فأخذ فذهب يقوم فلم يستطع فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ارفع علي فتبسم رسول الله حتى خرج ضاحكه أو نابه فقال: "أعد في المال طائفة وقم بما تطيق". ففعل.

قال: فجعل العباس يقول وهو منطلق أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزها يعني قوله: {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُم} [الأنفال: 70]. فهذا خير مما أخذ مني. ولا أدري ما يصنع في الآخرة.

(1)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3762" من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن ثور بن يزيد، به.

وقال الترمذي: في إثره: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

قلت: إسناده ضعيف، فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف البصري، مدلس يدلس عن ثور الحمص وأقوام مناكير، وقد عنعنه. وقد قال الحافظ في "التقريب" صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديث في فضل العباس يقال دلسه عن ثور. وقد أخطأ الشيخ الألباني رحمه الله في تجويد إسناده في "مشكاة المصابيح""3/ 6149" وفي العلة المذكورة، ونوه بها الحافظ في "التقريب".

وقد وقفت له على شاهد عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس أنا خاتم النبيين ثم رفع يديه وقال:

"اللهم اغفر للعباس وأبناء العباس وأبناء أبناء العباس".

وأورده الحافظ الهيثمي في "المجمع""9/ 269" وقال: رواه الطبراني عن شيخه عبد الرحمن بن حاتم المرادي، وهو متروك.

(2)

منكر: أخرجه الحاكم "3/ 326" من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، به.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد "! " ورده الحافظ الذهبي في "التلخيص" بقوله: "قلت: إسماعيل ضعفوه".

قلت: إسناده واه، إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، قال البخاري والدارقطني: منكر الحديث. وقال النسائي وغيره: ضعيف.

ص: 397

أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة ساعيًا فمنع ابن جميل وخالد والعباس. فقال رسول الله: "ما ينقم ابن جميل إلَّا أن كان فقيرًا فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا إنه قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس فهي علي ومثلها".

ثم قال: "أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه".

الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي قال: قلت لعمر: أما تذكر إذ شكوت العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه"

(1)

.

حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي أن رسول الله قال:"استوصوا بالعباس خيرًا فإنه عمي وصنو أبي". إسناده واه

(2)

.

محمد بن طلحة التيمي: عن أبي سهيل بن مالك، عن سعيد بن المسيب، عن سعد: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في نقيع الخيل

(3)

فأقبل العباس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفًّا وأوصلها". رواه عدة عنه.

وثبت من حديث أنس: أن عمر استسقى فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك توسلنا به وإنا نستسقي إليك بعم نبيك العباس

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1468" من طريق شعيب، ومسلم "983" من طريق ورقاء كلاهما عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به مرفوعا.

وقوله: "أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه" في مسلم دون البخاري.

وقوله: "صنو": أي مثل ونظير يعني أنهما من أصل واحد.

(2)

موضوع: فيه الحسين بن عبد الله بن ضميرة بن أبي ضميرة سعيد الحميري. كذبه مالك. وقال أبو حاتم: متروك الحديث كذاب. وقال أحمد: لا يساوي شيئا.

وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون. وقال البخاري: منكر الحديث ضعيف.

(3)

هو: على عشرين فرسخا من المدينة.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "1010" من طريق ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس، به.

ص: 398

الزبير بن بكار: حدثنا ساعدة بن عبيد الله، عن داود بن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر قال: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس فقال: اللهم هذا عم نبيك نتوجه إليك به فاسقنا. فما برحوا حتى سقاهم الله. فخطب عمر الناس فقال:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم.

وقع لنا عاليًا في "جزء البانياسي". وداود ضعيف.

ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجل أحد ما يجل العباس أو يكرم العباس. إسناده صالح.

ويروى عن عبد الله بن عمرو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا فمنزلي ومنزل إبراهيم يوم القيامة في الجنة تجاهين والعباس بيننا مؤمن بين خليلين".

أخرجه ابن ماجه وهو موضوع وفي إسناده: عبد الوهاب العرضي الكذاب.

ابن أبي فديك: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العامري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس: "فيكم النبوة والمملكة".

هذا في جزء ابن ديزيل وهو منكر.

ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الثقة قال: كان العباس إذا مر بعمر أو بعثمان وهما راكبان نزلا حتى يجاوزهما إجلالًا لعم رسول الله.

وروى ثمامة، عن أنس: قال عمر اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فاسقنا. صحيح

(1)

.

وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب:

بعمي سقى الله الحجاز وأهله

عشية يستسقي بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغبًا

إليه فما إن رام حتى أتى المطر

ومنا رسول الله فينا تراثه

فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر

(1)

صحيح: راجع تخريجنا السابق.

ص: 399

أبو معشر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه وعن عمر مولى غفرة وعن محمد بن نفيع. قالوا: لما استخلف عمر وفتح عليه الفتوح جاءه مال ففضل المهاجرين والأنصار ففرض لمن شهد بدرًا خمسة آلاف خمسة آلاف ولمن لم يشهدها وله سابقة أربعة آلاف أربعة آلاف وفرض للعباس اثني عشر ألفًا.

سفيان بن حبيب: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي صالح ذكوان، عن صهيب مولى العباس قال: رأيت عليًّا يقبل يد العباس ورجله ويقول: يا عم ارض عني.

إسناده حسن وصهيب لا أعرفه.

عبد الوهاب بن عطاء، عن ثور، عن مكحول، عن سعيد بن المسيب أنه قال: العباس خير هذه الأمة وارث النبي صلى الله عليه وسلم وعمه.

سمعه منه: يحيى بن أبي طالب. وهو قول منكر.

قال الضحاك بن عثمان الحزامي: كان يكون للعباس الحاجة إلى غلمانه وهم بالغابة فيقف على سلع وذلك في آخر الليل فيناديهم فيسمعهم. والغابة نحو من تسعة أميال.

قلت: كان تام الشكل جهوري الصوت جدًا وهو الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يهتف يوم حنين: يا أصحاب الشجرة.

قال القاضي أبو محمد بن زبر: حدثنا إسماعيل القاضي، أخبرنا نصر ابن علي:، أخبرنا الأصمعي قال: كان للعباس راع يرعى له على مسيرة ثلاثة أميال فإذا أراد منه شيئًا صاح به فأسمعه حاجته.

ليث: حدثني مجاهد، عن علي بن عبد الله قال: أعتق العباس عند موته سبعين مملوكًا.

علي بن زيد، عن الحسن قال: وبقي في بيت المال بقية فقال العباس لعمر وللناس: أرأيتم لو كان فيكم عم موسى أكنتم تكرمونه وتعرفون حقه قالوا: نعم. قال: فأنا عم نبيكم أحق أن تكرموني. فكلم عمر الناس فأعطوه.

قلت: لم يزل العباس مشفقًا على النبي صلى الله عليه وسلم محبًّا له صابرًا على الأذى ولما يسلم بعد بحيث أنه ليلة العقبة عرف وقام مع ابن أخيه في الليل وتوثق له من السبعين ثم خرج إلى بدر مع قومه مكرها فأسر فأبدى لهم أنه كان أسلم ثم رجع إلى مكة. فما أدري لماذا أقام بها؟!

ص: 400

ثم لا ذكر له يوم أحد ولا يوم الخندق ولا خرج مع أبي سفيان ولا قالت له قريش في ذلك شيئًا فيما علمت. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرًا قبيل فتح مكة فلم يتحرر لنا قدومه.

وقد كان عمر أراد أن يأخذ له دارا بالثمن ليدخلها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فامتنع حتى تحاكما إلى أبي بن كعب والقصة مشهورة ثم بذلها بلا ثمن.

وورد أن عمر عمد إلى ميزاب للعباس على ممر الناس فقلعه. فقال له: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي وضعه في مكانه. فأقسم عمر: لتصعدن على ظهري ولتضعنه موضعه.

ويروى في خبر منكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى الثريا ثم قال: "يا عم ليملكنَّ من ذريتك عدد نجومها".

وقد عمل الحافظ أبو القاسم بن عساكر ترجمة العباس في بضع وخمسين ورقة.

وقد عاش ثمانيًّا وثمانين سنة ومات سنة اثنتين وثلاثين فصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع. وعلى قبره اليوم قبة عظيمة من بناء خلفاء آل العباس.

وقال خليفة وغيره: بل مات سنة أربع وثلاثين وقال المدائني: سنة ثلاث وثلاثين.

أخبرنا المقداد بن أبي القاسم، أخبرنا عبد العزيز بن الأخضر، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي حضورًا، أخبرنا عبد الله بن ماسي، أخبرنا أبو مسلم الكجي، أخبرنا الأنصاري محمد بن عبد الله، أخبرنا أبي، عن ثمامة، عن أنس أن عمر خرج يستسقي وخرج العباس معه يستسقي ويقول: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبينا صلى الله عليه وسلم توسلنا إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك

(1)

.

قال الزبير بن بكار: سئل العباس أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو أكبر مني وأنا أسن منه مولده بعد عقلي أتي إلى أمي فقيل لها: ولدت آمنة غلامًا فخرجت بي حين أصبحت آخذةً بيدي حتى دخلنا عليها فكأني أنظر إليه يمصع برجليه في عرصته وجعل النساء يجبذنني عليه ويقلن: قبل أخاك. كذا ذكره بلا إسناد.

أنبأنا طائفة، أخبرنا ابن طبرزد، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن بشر بن مطر، حدثنا شيبان، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس سمعت العباس يقول: الذي أمر بذبحه إبراهيم: هو إسحاق.

(1)

صحيح: راجع تخريجنا السابق، وهو في البخاري "1010".

ص: 401

وقال الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أسلم العباس بمكة قبل بدر وأسلمت أم الفضل معه حينئذ وكان مقامه بمكة. إنه كان لا يغبى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خبر يكون إلَّا كتب به إليه. وكان من هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه وكان لهم عونًا على إسلامهم ولقد كان يطلب أن يقدم فكتب إليه رسول الله: إن مقامك مجاهد حسن فأقام بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

إسناده ضعيف. ولو جرى هذا لما طلب من العباس فداء يوم بدر والظاهر أن إسلامه كان بعد بدر.

قال إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل قال: استأذن العباس النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فكتب إليه: "يا عم أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة"

(2)

.

إسماعيل واه.

وروى عبد الأعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العباس مني وأنا منه" إسناده ليس بقوي

(3)

.

وقد اعتنى الحفاظ بجمع فضائل العباس رعاية للخلفاء.

وبكل حال لو كان نبينا صلى الله عليه وسلم ممن يورث لما ورثه أحد بعد بنته وزوجاته إلَّا العباس.

وقد صار الملك في ذرية العباس واستمر ذلك وتداوله تسعة وثلاثون خليفة إلى وقتنا هذا وذلك ست مئة عام أولهم السفاح وخليفة زماننا المستكفي له الاسم المنبري والعقد والحل بيد السلطان الملك الناصر أيدهما الله.

وإذا اقتصرنا من مناقب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه النبذة فلنذكر وفاته:

(1)

موضوع: إسناده ظلمات بعضها فوق بعض فيه ثلاث علل متتالية: الأولى: الواقدي، وهو متروك.

الثانية: ابن أبي سبرة، وهو أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سبرة رُمي بالوضع.

الثالثة: حسين بن عبد الله، ضعيف.

(2)

منكر: فيه إسماعيل بن قيس، وهو منكر الحديث كما قال البخاري والدارقطني وهذا الحديث من جملة منكراته وقد بينا ذلك قريبا، فقد مر الحديث بنحوه برقم "836".

(3)

ضعيف: مر تخريجنا له قريبا برقم "841" وفيه عبد الأعلى الثعلبي وهو ضعيف بالاتفاق.

ص: 402

كانت في سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة وله ست وثمانون سنة ولم يبلغ أحد هذه السن من أولاده ولا أولادهم ولا ذريته الخلفاء وله قبة عظيمة شاهقة على قبره بالبقيع.

وسنذكر ولده عبد الله بن العباس الفقيه مفردًا.

جنازة العباس:

عن نملة بن أبي نملة، عن أبيه قال:

لما مات العباس بعثت بنو هاشم من يؤذن أهل العوالي: رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب. فحشد الناس.

الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية قال: جاء مؤذن بموت العباس بقباء على حمار ثم جاءنا آخر على حمار فاستقبل قرى الأنصار حتى انتهى إلى السافلة فحشد الناس.

فلما أتي به إلى موضع الجنائز تضايق فقدموا به إلى البقيع. فما رأيت مثل ذلك الخروج قط وما يقدر أحد يدنو إلى سريره. وازدحموا عند اللحد فبعث عثمان الشرطة يضربون الناس، عن بني هاشم حتى خلص بنو هاشم فنزلوا في حفرته.

ورأيت على سريره برد حبرة قد تقطع من زحامهم.

الواقدي: حدثتني عبيدة بنت نابل، عن عائشة بنت سعد قالت: جاءنا رسول عثمان ونحن بقصرنا على عشرة أميال من المدينة أن العباس قد توفي فنزل أبي وسعيد بن زيد ونزل أبو هريرة من السمرة فجاءنا أبي بعد يوم فقال: ما قدرنا أن ندنو من سريره من كثرة الناس غلبنا عليه ولقد كنت أحب حمله.

وعن عباس بن عبد الله بن معبد قال: حضر غسله عثمان وغسله علي وابن عباس وأخواه: قثم وعبيد الله. وحدت نساء بني هاشم سنة.

زهير بن معاوية، عن ليث، عن مجاهد، عن علي بن عبد الله ابن عباس أن العباس أعتق سبعين مملوكًا عند موته.

وفي "مستدرك" الحاكم، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجل العباس إجلال الوالد.

ص: 403

ولعبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا:"العباس مني وأنا منه"

(1)

عبد الأعلى الثعلبي لين.

يحيى بن معين: حدثنا عبيد بن أبي قرة، حدثنا الليث، عن أبي قبيل، عن أبي ميسرة مولى العباس سمع العباس يقول: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: انظر في السماء فنظرت. فقال: "ما ترى"? قلت: الثريا. فقال: "أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك"

(2)

. رواه الحاكم. وعبيد غير ثقة.

وروى الحاكم: أن زحر بن حصن، عن جده: حميد بن منهب: سمع جده: خريم بن أوس يقول: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك فسمعت العباس يقول: يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك قال: "قل لا يفضض الله فاك" قال:

من قبلها طبت في الظلال وفي

مستودع حيث يخصف

(3)

الورق

ثم هبطت البلاد لا بشر

أنت ولا مضغة ولا علق

بل نطفة تركب السفين وقد

ألجم نسرًا وأهله الغرق

تنقل من صالب إلى رحم

إذا مضى عالم بدا طبق

حتى احتوى بيتك المهيمن من

خندف علياء تحتها النطق

وأنت لما ولدت أشرقت ال

أرض وضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضياء وفي

النور وسبل الرشاد نخترق

قال الحاكم: رواته أعراب ومثلهم لا يضعفون. قلت: ولكنهم لا يعرفون.

(1)

ضعيف: راجع تعليقنا السابق وتعليقنا رقم "841".

(2)

باطل: "أخرجه أحمد "1/ 209"، والخطيب في "تاريخ بغداد"، والحاكم "3/ 326"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "6/ 518"، وابن عدي في "الكامل" "5/ 350" من طريق عبيد بن أبي قرة، به.

قلت: إسناده واه، عبيد بن أبي قرة آفته، قال البخاري: لا يتابع في حديثه في قصة العباس. وذكر الحديث الحافظ الذهبي في ترجمته في "الميزان" وقال في إثره: رواه أحمد بن حنبل في "مسنده"، عنه. هذا باطل.

(3)

يخصف: يجمع ويضم.

ص: 404

‌108 - عمير بن سعد الأنصاري الأوسي الزاهد

(1)

:

نسيج وحده. له حديث واحد.

روى عنه: أبو طلحة الخولاني وراشد بن سعد وحبيب بن عبيد.

شهد فتح الشام وولي دمشق وحمص لعمر.

جماعة، عن حماد بن سلمة، عن أبي سنان، عن أبي طلحة قال: أتينا عمير بن سعد وكان يقال له: نسيج وحده فقعدنا في داره فقال: يا غلام أورد الخيل فأوردها فقال: أين الفلانة قال: جربة تقطر دمًا. قال: أوردها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة"

(2)

.

قال عبد الله بن محمد القداح: صحب عمير بن سعد بن شهيد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشهد شيئًا من المشاهد.

وهو الذي رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كلام الجلاس بن سويد وكان يتيمًا في حجره.

استعمله عمر على حمص وكان من الزهاد.

وقال عبد الصمد بن سعيد: كانت ولايته حمص بعد ابن حذيم.

ابن لهيعة، عن يونس، عن الزهري قال: توفي سعيد بن عامر وقام مكانه عمير بن سعد فكان على الشام هو ومعاوية حتى قتل عمر.

وعن ابن شهاب قال: ثم جمع عثمان الشام لمعاوية ونزع عميرًا.

وروى عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن عمير بن سعد: قال لي ابن عمر: ما كان من المسلمين رجل من الصحابة أفضل من أبيك

(3)

.

وروى هشام بن حسان، عن ابن سيرين قال: كان عمر من عجبه بعمير بن سعد يسميه نسيج وحده وبعثه مرة على جيش.

قال المفضل الغلابي: زهاد الأنصار ثلاثة: أبو الدرداء وشداد بن أوس وعمير بن سعد. استوفى ابن عساكر أخباره رضي الله عنه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 375 - 376"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة رقم 3225"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة رقم 2079"، والإصابة "3/ ترجمة 6036".

(2)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف، فيه أبو سنان، وهو عيسى بن سنان الحنفي القسملي، ضعيف بالاتفاق، لكن الحديث ورد عن سعد بن أبي وقاص: أخرجه أحمد "1/ 180"، وابن أبي عاصم في "السنة""266"، وأبو يعلى "798"، وابن جرير في "تهذيب الآثار" في مسند علي "17" و"48" و"49"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار "4/ 313" من طرق عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني الحضرمي بن لاحق، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، به مرفوعا.

(3)

ضعيف: في إسناده عبد الرحمن بن عمير بن سعد، مجهول، لذا فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح"

والتعديل" "5/ ترجمة 1290"، وأورده البخاري في "التاريخ الكبير" "3/ ق 1/ 328" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

ص: 405

‌109 - أبو سفيان

(1)

:

صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب. رأس قريش وقائدهم يوم أحد ويوم الخندق. وله هنات وأمور صعبة لكن تداركه الله بالإسلام يوم الفتح فأسلم شبه مكره خائف. ثم بعد أيام صلح إسلامه.

وكان من دهاة العرب ومن أهل الرأي والشرف فيهم فشهد حنينًا وأعطاه صهره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم مائة من الإبل وأربعين أوقية من الدراهم يتألفه بذلك ففرغ، عن عبادة هبل ومال إلى الإسلام.

وشهد قتال الطائف فقلعت عينه حينئذ ثم قلعت الأخرى يوم اليرموك. وكان يومئذ قد حسن إن شاء الله إيمانه فإنه كان يومئذ يحرض على الجهاد وكان تمت راية ولده يزيد فكان يصيح: يا نصر الله اقترب. وكان يقف على الكراديس

(2)

يذكر ويقول: الله الله إنكم أنصار الإسلام ودارة العرب وهؤلاء أنصار الشرك ودارة الروم اللهم هذا يوم من أيامك اللهم أنزل نصرك.

فإن صح هذا عنه فإنه يغبط بذلك. ولا ريب أن حديثه، عن هرقل

(3)

وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على إيمانه ولله الحمد.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2942"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1869"، والإصابة "2/ ترجمة 4046"، وتهذيب التهذيب "4/ 411"، وتقريب التهذيب "3658".

(2)

الكراديس: واحدها كردوس، وهي كتائب الخيل.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "7" حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش

" الحديث وهو طويل. وفيه أن أبا سفيان قال لأصحابه: "لقد أمرَ أمرُ ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام".

ص: 406

وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين وعاش بعده عشرين سنة.

وكان عمر يحترمه وذلك لأنه كان كبير بني أمية.

وكان حمو النبي صلى الله عليه وسلم. وما مات حتى رأى ولديه: يزيد ثم معاوية أميرين على دمشق. وكان يحب الرياسة والذكر وكان له سورة

(1)

كبيرة في خلافة ابن عمه عثمان.

توفي بالمدينة سنة إحدى وثلاثين. وقيل: سنة اثنتين وقيل: سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وله نحو التسعين.

(1)

السورة: المنزلة.

ص: 407

‌110 - الحكم بن أبي العاص

(1)

:

ابن أمية الأموي ابن عم أبي سفيان. يكنى أبا مروان. من مسلمة الفتح. وله أدنى نصيب من الصحبة. قيل: نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لكونه حكاه في مشيته وفي بعض حركاته فسبه وطرده. فنزل بوادي وج

(2)

. ونقم جماعة على أمير المؤمنين عثمان كونه عطف على عمه الحكم وآواه وأقدمه المدينة ووصله بمئة ألف.

ويروى في سبه أحاديث لم تصح.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما لي أريت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة".

رواه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. وفي الباب أحاديث.

قال الشعبي: سمعت ابن الزبير يقول: ورب هذه الكعبة إن الحكم ابن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وقد كان للحكم عشرون ابنا وثمانية بنات.

وقيل: كان يفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبعده لذلك.

مات سنة إحدى وثلاثين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 447 و 509"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2651" والجرح والتعديل "3/ ترجمة 555"، الإصابة "1/ ترجمة 1781".

(2)

هو: وادي الطائف.

ص: 407

‌111 - كسرى

(1)

:

آخر الأكاسرة مطلقًا. واسمه: يزدجرد بن شهريار بن برويز المجوسي الفارسي.

انهزم من جيش عمر فاستولوا على العراق وانهزم هو إلى مرو وولت أيامه ثم ثار عليه أمراء دولته وقتلوه سنة ثلاثين. وقيل بل بيته الترك وقتلوا خواصه وهرب هو واختفى في بيت فغدر به صاحب البيت فقتله ثم قتلوه به.

(1)

ترجمته في "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان الفسوي "3/ 301 - 304".

ص: 408

‌112 - خديجة أم المؤمنين

(1)

:

وسيدة نساء العالمين في زمانها. أم القاسم ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية الأسدية. أم أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد وثبتت جأشه ومضت به إلى ابن عمها ورقة

(2)

.

ومناقبها جمة. وهي ممن كمل من النساء. كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين ويبالغ في تعظيمها بحيث إن عائشة كانت تقول: ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها

(3)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 52"، والإصابة "4/ ترجمة 335".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3" عن عائشة أم المؤمنين، وفيه:"فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدم. وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي -ابن عم خديجة- وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية، ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة: يابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أومخرجي هم"؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "3816" و"3817" و"3818"، ومسلم "2435" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن".

ص: 408

ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنها لم يتزوج امرأة قبلها وجاءه منها عدة أولاد ولم يتزوج عليها قط ولا تسرى إلى أن قضت نحبها فوجد لفقدها فإنها كانت نعم القرين. وكانت تنفق عليه من مالها ويتجر هو صلى الله عليه وسلم لها.

وقد أمره الله أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب

(1)

.

الواقدي: حدثنا ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس وابن أبي الزناد، عن هشام وروي، عن جبير بن مطعم أن عم خديجة عمرو بن أسد زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن أباها مات قبل الفجار

(2)

. ثم قال الواقدي هذا المجتمع عليه عند أصحابنا ليس بينهم اختلاف. الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بنت ثمان وعشرين سنة

(3)

. قال الزبير بن بكار: كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية.

كانت خديجة أولًا تحت أبي هالة بن زرارة التميمي ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم بعده النبي صلى الله عليه وسلم فبنى بها وله خمس وعشرون سنة. وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3819"، ومسلم "2433" من طريق إسماعيل قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنه: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيت في الجنة؟ قال: نعم. بشرها ببيت في الجنة من قصب. لا صخب فيه ولا نصب.

قوله: "من قصب": قال جمهور العلماء: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف -وقيل قصر من ذهب منظوم بالجوهر. قال أهل اللغة: القصب من الجوهر ما استطال منه في تجويف. قالوا: ويقال لكل مجوف قصب. قوله "صخب": الصوت المختلط المرتفع.

قوله "نصب": النصب المشقة والتعب. ويقال فيه نُصب ونَصب لغتان حكاهما القاضي وغيره. كالحُزن والحَزن. والفتح أشهر وأفصح وبه جاء القرآن. وقد نصب الرجل ينصب، إذا أعيا.

(2)

الفجار: يوم حرب من أيامهم في الجاهلية كانت بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان والفجار بمعنى المفاجرة كالقتال والمقاتلة. سميت بذلك لأنها كانت في الأشهر الحرام. وقد وقعت بعد الفيل بعشرين سنة كما في "طبقات ابن سعد".

(3)

ضعيف جدا: الكلبي، وهو محمد بن السائب الكلبي، متروك. وأبو صالح باذام ضعيف. والصواب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة ولها أربعون سنة كما رواه ابن سعد. ونص عليه الزرقاني.

ص: 409

عن عائشة: أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة وقيل: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون

(1)

، عن خمس وستين سنة.

وقال مروان بن معاوية، عن وائل بن داود، عن عبد الله البهي قال: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها فذكرها يومًا فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن قال: فرأيته غضب غضبًا أسقطت في خلدي

(2)

وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت قال: "كيف قلت? والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس وآوتني إذ رفضني الناس ورزقت منها الولد وحرمتموه مني" قالت: فغدا وراح علي بها شهرًا

(3)

.

قال الواقدي: خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفي أبو طالب وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام. وقال الحاكم: ماتت بعد أبي طالب بثلاثة أيام.

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة مما كنت أسمع من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وما تزوجني إلَّا بعد موتها بثلاث سنين. ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب

(4)

.

(1)

الحجون: الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة. وقيل: هو موضوع بمكة فيه اعوجاج. والمشهور الأول. وهو بفتح الحاء.

(2)

الخلد، بالتحريك: البال والقلب والنفس، وجمعه أخلاد، يقال: وقع ذلك في خلدي أي في روعي وقلبي.

وقال أبو زيد من أسماء النفس الروع والخلد.

(3)

حسن: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله البهي لم يسمع من عائشة رضي الله عنها فقد سئل أحمد بن حنبل هل سمع من عائشة رضي الله عنها؟ قال: ما أرى في هذا شيئا، إنما يروى عن عروة.

وقد رواه أحمد "6/ 117 - 118" بنحوه من طريق علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله، قال أخبرنا مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، به نحوه.

قلت: إسناده ضعيف، آفته مجالد، وهو ابن سعيد، وهو ضعيف بالاتفاق، لكن الحديث يرتقي للحسن بمجموع الطريقين.

(4)

صحيح: تقدم تخريجنا له برقم "868"، وهو عند البخاري "3816" و"3817" و"3818" ومسلم "2435" عن عائشة، به.

ص: 410

أبو يعلى في "مسنده" سماعنا: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا سهل بن زياد ثقة:، حدثني الأزرق بن قيس، عن عبد الله بن نوفل أو ابن بريدة، عن خديجة بنت خويلد قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين أطفالي منك? قال: "في الجنة" قالت: فأين أطفالي من أزواجي من المشركين? قال: "في النار". فقلت: بغير عمل قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" فيه انقطاع.

محمد بن فضيل: عن عمارة، عن أبي زرعة سمع أبا هريرة يقول: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. متفق على صحته

(1)

.

عبد الله بن جعفر: سمعت عليًّا: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خير نسائها خديجة بنت خويلد وخير نسائها مريم بنت عمران"

(2)

.

أحمد: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو: حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن قالا: لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله إلَّا تزوج? قال: "ومن" قالت: سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك

، الحديث بطوله وهو مرسل.

قال ابن إسحاق: تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة. وكانت خديجة وزيرة صدق. وهي أقرب إلى قصي من النبي صلى الله عليه وسلم برجل. وكانت متمولة فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مالها إلى الشام فخرج مع مولاها ميسرة. فلما قدم باعت خديجة ما جاء به فأضعف فرغبت فيه فعرضت نفسها عليه فتزوجها وأصدقها عشرين بكرة.

فأولادها منه: القاسم والطيب والطاهر ماتوا رضعًا ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3820"، ومسلم "2432".

(2)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "12/ 134"، وعبد الرزاق "14006"، وأحمد "1/ 84 و 116 و 132 و 143"، والبخاري "3432" و"3815"، ومسلم "2430"، والترمذي "3877"، وأبو يعلى "522"، والبزار "467" و"468"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة""348"، والبغوي في "شرح السنة" 2954 من طرق عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، به.

ص: 411

قالت عائشة: أول ما بدى به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة ........... إلى أن قالت: فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] قالت: فرجع بها ترجف بوادره

(1)

، حتى دخل على خديجة فقال:"زملوني" .... فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: "ما لي يا خديجة"؟. وأخبرها الخبر وقال: "قد خشيت على نفسي". فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الخط العربي وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخًا قد عمي. فقالت: اسمع من ابن أخيك ما يقول. فقال: يابن أخي ما ترى فأخبره. فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى ........... الحديث

(2)

.

قال الشيخ عز الدين بن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم لإجماع المسلمين.

وقال الزهري، وقتادة وموسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي وسعيد ين يحيى: أول من آمن بالله ورسوله خديجة وأبو بكر وعلي رضي الله عنهم.

قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه، عن خديجة انها قالت: يابن

(1)

بوادره: جمع بادرة، وهي لحمة بين المنكب والعنق.

(2)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "9719"، والطيالسي "1467"، وأحمد "6/ 232 - 233" والبخاري "3" و"3392" و"3953" و"4955" و"4956" و"4957" و"6982"، ومسلم "160""253" و"254"، وابن جرير الطبري في "تفسيره""30/ 161 و 162"، وأبو عوانة "1/ 110 و 113" والبيهقي في "دلائل النبوة""2/ 135 - 136"، وأبو نعيم في "دلائل النبوة""1/ 275 - 277"، والآجرى في "الشريعة""ص 439 - 440"، والبغوي في "شرح السنة ""3735" من طرق عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، به وتمامه: "

فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أومخرجي هم" قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي".

وحقيق بالذكر أن بالحديث زيادة لا تصح؛ لأنها من بلاغات الزهري، ومعلوم أن بلاغات الزهري واهية، ونص هذه الزيادة:"وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا، غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه، تبدى له جبريل، فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي، غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل، تبدى له جبريل، فقال له مثل ذلك".

ص: 412

عم، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك فلما جاءه قال: يا خديجة هذا جبريل فقالت: اقعد على فخذي ففعل فقالت: هل تراه قال: نعم قالت: فتحول إلى الفخذ اليسرى ففعل: قالت: هل تراه قال: نعم فألقت خمارها وحسرت، عن صدرها. فقالت: هل تراه قال: لا قالت: أبشر فإنه والله ملك وليس بشيطان

(1)

.

قال ابن عبد البر: روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا خديجة جبريل يقرئك السلام" وفي بعضها: يا محمد اقرأ على خديجة من ربها السلام

(2)

.

عن حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم". في إسناده لين.

حماد بن سلمة، عن حميد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة

(3)

.

معمر، عن قتادة. وأبو جعفر الرازي، عن ثابت واللفظ لقتادة، عن أنس مرفوعًا:"حسبك من نساء العالمين أربع"

(4)

.

وقال ثابت، عن أنس:"خير نساء العالمين مريم وآسية وخديجة بنت خويلد وفاطمة"

(5)

.

(1)

ضعيف: إسماعيل بن أبي حكيم من الطبقة السادسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين، ولم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة الكرام، فالإسناد ضعيف لانقطاعه.

(2)

صحيح: سبق تخريجنا له قريبا برقم "868"، وهو عند البخاري "3816" و"3817" و"3818"، ومسلم "2435".

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 272"، وهو مرسل.

(4)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "11/ 20919"، ومن طريقه أحمد "3/ 135" وفي "فضائل الصحابة" له "1325" و"1327"، والترمذي "3878"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""2960"، وأبو يعلى "3039"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""147"، والطبراني في "الكبير""22/ 1003" و"23/ 3"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 344"، والحاكم "3/ 157"، والبغوي في "شرح السنة" "3955" كلهم من طريق عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"حسبك من نساء العالمين مريم بنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنة محمد، وآسية آمرأة فرعون".

(5)

صحيح: أخرجه ابن حبان "2222" موارد من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك، به.

ص: 413

الدراوردي، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة وامرأة فرعون آسية"

(1)

.

مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فتناولتها فقلت: عجوز كذا وكذا قد أبدلك الله بها خيرًا منها. قال: "ما أبدلني الله خيرًا منها لقد آمنت بي حين كفر الناس وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها". قلت: والله لا أعاتبك فيها بعد اليوم

(2)

.

وروى عروة، عن عائشة قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة.

قال الواقدي: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون.

وقال قتادة: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وكذا قال عروة.

(1)

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير""11/ 12179" من طريق إبراهيم بن عقبة عن كريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وأخرجه الطبراني في "الكبير""23/ 2" من طريق موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، به. وله شاهد عن عائشة قالت لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أبشرك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيدات نساء أهل الجنة أربع ........... " الحديث.

أخرجه الحاكم "3/ 185" وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

(2)

حسن: أخرجه أحمد "6/ 117 - 118" من طريق علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله قال أخبرنا مجالد، به. وإسناده ضعيف لأجل مجالد بن سعيد، فإنه ضعيف.

وله طريق آخر عن عائشة ضعيف ذكرته في تخريجنا السابق برقم "874" فيرتقي الحديث للحسن بمجموع الطريقين.

ص: 414

‌113 - فاطمة بنت أسد

(1)

:

ابن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمية والدة علي بن أبي طالب. هي حماة فاطمة.

كانت من المهاجرات الأول. وهي أول هاشمية ولدت هاشميًّا. قاله الزبير.

قال ابن عبد البر: روى سعدان بن الوليد السابري، عن عطاء، عن ابن عباس قال: لما ماتت فاطمة أم علي ألبسها النبي صلى الله عليه وسلم قميصه واضطجع معها في قبرها فقالوا: ما رأيناك يا رسول الله صنعت هذا فقال: "إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة واضطجعت معها ليهون عليها". هذا غريب.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 222"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 731".

ص: 414

‌114 - فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

" ع":

سيدة نساء العالمين في زمانها البضعة النبوية والجهة المصطفوية أم أبيها بنت سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية وأم الحسنين.

مولدها قبل المبعث بقليل وتزوجها الإمام علي بن أبي طالب في ذي القعدة أو قبيله من سنة اثنتين بعد وقعة بدر.

وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد وقعة أحد فولدت له الحسن والحسين ومحسنًا وأم كلثوم وزينب.

وروت عن أبيها.

وروى عنها ابنها الحسين وعائشة وأم سلمة وأنس بن مالك وغيرهم وروايتها في الكتب الستة.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويكرمها ويسر إليها. ومناقبها غزيرة. وكانت صابرة دينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله وقد غضب لها النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أبا الحسن هم بما رآه سائغًا من خطبة بنت أبي جهل فقال: "والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله وإنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها"

(2)

فترك علي الخطبة رعاية لها. فما تزوج عليها ولا تسرى. فلما توفيت تزوج وتسرى رضي الله عنهما.

ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم حزنت عليه وبكته وقالت: يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه! يا أبتاه أجاب ربا دعاه! يا أبتاه جنة الفردوس مأواه!

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 19 - 30" حلية الأولياء "2/ 39 - 43"، والإصابة "4/ ترجمة 830"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7899"، وتهذيب التهذيب "12/ 440 - 442".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3110"، ومسلم "2449""95"، وأبو داود "2069" من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن الوليد بن كثير، حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي، أن ابن شهاب حدثه، أن علي بن الحسين حدثه، عن المسور بن مخرمة، به مرفوعا.

ص: 415

وقالت بعد دفنه: يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

وقد قال لها في مرضه: إني مقبوض في مرضي هذا. فبكت. وأخبرها أنها أول أهله لحوقًا به وأنها سيدة نساء هذه الأمة فضحكت وكتمت ذلك فلما توفي صلى الله عليه وسلم سألتها عائشة. فحدثتها بما أسر إليها

(2)

.

قالت عائشة رضي الله عنها: جاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام إليها وقال: "مرحبًا يا بنتي".

ولما توفي أبوها تعلقت آمالها بميراثه وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق فحدثها أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا نورث ما تركنا صدقة"

(3)

. فوجدت عليه ثم تعللت

(4)

.

روى إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: لما مرضت فاطمة أتى أبو بكر،

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4462" من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه، فقالت فاطمة عليها السلام: واكرب أباه، فقال لها:"ليس على أبيك كرب بعد اليوم"، فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس أطابت نفوسكم أن تحثو على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟ "

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 77 و 240 و 282" وفي "الفضائل" له "1322"، والبخاري "3625" و"3626"، و"3715"، و"3716"، و"4433"، ومسلم "2450""97"، والنسائي في "الفضائل""262"، والطبراني "22/ 1037"، والبغوي "3959" من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة عليها السلام في شكواه الذي قبض فيه، فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت، فسألنا عن ذلك فقالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت".

(3)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "9772"، والحميدي "22"، وابن سعد "2/ 314"، وأحمد "1/ 25 و 48 و 162 و 164 و 179، 191"، والبخاري "4033" و 5357" و"5358" و"6728" و"7305"، ومسلم "1757" "50" وأبو داود "2963" و"2964"، والترمذي "1610" والبزار "255"، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" "1 و 2 و 3"، وابن جرير في "تفسيره" "28/ 38 - 39"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 5"، وأبو يعلى "2" و"3"، والبيهقي "6/ 297 و 298 و 298 - 299" والبغوي "2738" من طرق عن الزهري، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، به.

(4)

تعللت بالأمر واعتلت: تشاغلت.

ص: 416

فاستأذن فقال علي: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك. فقالت: أتحب أن آذن له. قال: نعم.

قلت: عملت السنة رضي الله عنها فلم تأذن في بيت زوجها إلَّا بأمره.

قال: فأذنت له فدخل عليها يترضاها وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلَّا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت. قال: ثم ترضاها حتى رضيت.

توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر أو نحوها. وعاشت أربعًا أو خمسًا وعشرين سنة. وأكثر ما قيل: إنها عاشت تسعًا وعشرين سنة. والأول أصح. وكانت أصغر من زينب زوجة أبي العاص بن الربيع ومن رقية زوجة عثمان بن عفان. وقد انقطع نسب النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا من قبل فاطمة لأن أمامة بنت زينب التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحملها في صلاته

(1)

تزوجت بعلي ابن أبي طالب ثم من بعده بالمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي وله رؤية فجاءها منه أولاد.

قال الزبير بن بكار: انقرض عقب زينب.

وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا"

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 170"، ومن طريق البخاري "516"، ومسلم "543""41" من طريق عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها".

وأخرجه البخاري "5996" من طريق الليث، حدثنا سعيد المقبري، حدثنا عمرو بن سليم، به.

(2)

ورد بهذا اللفظ، عن أم سلمة أخرجه الترمذي "3205" و"3787" حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، عن أمه في قصة.

قلت: إن كان يحيى بن عبيد هو المكي، مولى بني مخزوم، فهو ثقة، والإسناد حسن، وإلا فهو مجهول، ويضعف الإسناد به، وهذا الراوي لم يتبين للحافظ المزي، وللحافظ ابن حجر العسقلاني لم يتبين لهما من هو فقالا: يحتمل أن يكون يحيى بن عبيد المكي وإلا فهو مجهول. وإن كنت أرجح أن الحديث ضعيف بهذا اللفظ لجهالة الرجل لماذا؟ لأن الترمذي قال في إثر الحديث: هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة، يقول محمد أيمن الشبراوي: اصطلاح الترمذي هذا: "هذا حديث غريب"2=

ص: 417

أحمد بن حنبل: حدثنا تليد بن سليمان، حدثنا أبو الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: "أنا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم"

(1)

.

رواه الحاكم في المستدرك. وفيه من طريق أبان بن تغلب، عن أبي بشر، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبغضنا أهل البيت أحد إلَّا أدخله الله النار"

(2)

.

إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن حذيفة: قال:

= معروف عند الأكابر بله الأصاغر من طلاب علم الحديث أن الحديث ضعيف عنده، فيحيى بن عبيد ليس المكي، وإنما هو رجل مجهول والله -تعالى- أعلم.

لكن قد ورد الحديث عن عائشة قالت: خرج النبي صلى الله غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله. ثم جاء الحسين فأدخله معه. ثم جاءت فاطمة فأدخلها. ثم جاء علي فأدخله ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، أخرجه مسلم "2424" بإسناده عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، به.

وقد خرجت هذا الحديث بنحو هذا في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لابن تيمية ط. دار الحديث "الجزء الرابع تعليق رقم 1 و 4" ط. دار الحديث فراجعه ثم أنى شئت.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 442"، والحاكم "3/ 149"، والطبراني في "الكبير""2621"، وابن عدي في "الكامل""2/ 86 - 87"، والخطيب في "تاريخ بغداد""7/ 136 - 137"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية""431" من طرق عن تليد بن سليمان، قال حدثنا أبو الجحاف، به.

قلت: إسناده ضعيف جدا، من طرق عن تليد سليمان الكوفي الأعرج، قال أحمد: شيعي لم نر به بأسًا. وقال ابن معين: كذاب يشتم عثمان. وقال أبو داود: رافضي يشتم أبا بكر وعمر. وأبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي، ثقة، وأبو الجحاف، هو داود بن أبي عوف سويد التميمي، صدوق شيعي ربما أخطأ، وله شاهد عن زيد بن أرقم أخرجه الترمذي "3870"، وإسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: أسباط بن نصر الهمداني، ضعيف لسوء حفظه. والثانية: جهالة صبيح مولى أم سلمة، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.

(2)

حسن: أخرجه الحاكم "3/ 150" من طريق محمد بن بكير الحضرمي، حدثنا محمد بن فضيل الضبي، حدثنا أبان بن جعفر بن تغلب، عن جعفر بن إياس، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، به وقال الحاكم في إثره: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

قلت: كلا، فإن الحديث حسن، محمد بن بكير الحضرمي، ومحمد بن فضل الضبي، كلاهما صدوق وليس على شرط مسلم، أبان بن تغلب لم يرو له مسلم، ولكن روى له أصحاب السنن حسب.

ص: 418

النبي صلى الله عليه وسلم: "نزل ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" وروي من وجه آخر، عن المنهال رواهما الحاكم

(1)

.

يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب فقالت: هذه أهداها لي أبو حسن. فقال: "يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس: هذه فاطمة بنت محمد وفي يدها سلسلة من نار"! ثم خرج. فاشترت بالسلسلة غلامًا فأعتقته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار" رواه أبو داود

(2)

.

داود بن أبي الفرات، عن علباء، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا:"أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة"

(3)

.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه البخاري "3623" و"6285" و"6286" ومسلم "2450"، وابن ماجه "1621"، والبغوي "3960" من طرق عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، به.

فراس هو ابن يحيى الهمذاني الكوفي، صاحب الشعبي، وثقة أحمد، ويحيى بن معين، والنسائي، والعجلي، وابن عمار، وآخرون.

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود الطيالسي "990"، والنسائي "2/ 285"، والحاكم "3/ 152 و 153" من طريق هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: جاءت فاطمة بنت هبيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها فتخ من ذهب "خواتيم ضخام" فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يدها، فأتت فاطمة تشكو إليها، قال ثوبان: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب فقالت: هذا أهدى لي أبو حسن وفي يدها السلسلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين يحيى بن أبي كثير وأبي سلام واسمه ممطور الأسود الحبشي الثانية: يحيى بن أبي كثير، مدلس، وقد عنعنه: وقد رواه أحمد "5/ 278" من طريق همام، والنسائي "8/ 158" من طريق هشام الدستواني كلاهما عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني زيد، عن أبي سلام، عن أبي أسماء الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال: جاءت بنت هبيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحديث.

قلت: إسناده صحيح موصول، زيد هو ابن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي، ثقة. وأبو أسماء هو عمرو بن مرثد الرحبي الدمشقي، ثقة. وهشام هو ابن أبي عبد الله سنبر، أبو بكر الدستوائي، ثقة ثبت.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 293"، وعبد بن حميد "597"، والطحاوي في "مشكل الآثار""148"، وأبو يعلى "2722"، والحاكم "3/ 185"، والطبراني "11928" من طرق عن داود بن أبي الفرات، عن علياء، به.

علياء هو ابن أحمد اليشكري، بصري صدوق، من القراء، روى له مسلم، والترمذي، والنسائي وابن ماجه.

ص: 419

أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى بن أبي زائدة أخبرني أبي، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة قال: خطب علي بنت أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أعن حسبها تسألني"? قال علي: قد أعلم ما حسبها ولكن أتأمرني بها? فقال: "لا فاطمة مضغة مني ولا أحسب إلَّا أنها تحزن أو تجزع" قال: لا آتي شيئًا تكرهه

(1)

.

وقد روى الترمذي في جامعه من حديث عائشة أنها قيل لها أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فاطمة من قبل النساء ومن الرجال زوجها وإن كان ما علمت صوامًا قوامًا

(2)

.

قلت: ليس إسناده بذاك.

وفي الجامع لزيد بن أرقم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما ولا بينهما: "أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم"

(3)

.

(1)

ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 158" من طريق أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن أبي زائدة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ورد الذهبي في "التلخيص" بقوله "مرسل قوي".

قلت: لكن قد ورد عند أحمد "4/ 326" وفي "الفضائل" له "1335"، والبخاري "3110"، ومسلم "2449""95" وأبي داود "2069"، والنسائي في "الفضائل""267"، والطبراني "20/ 20" من طرق عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن الوليد بن كثير، حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة، أن ابن شهاب حدثه، أن علي بن الحسين حدثه، عن المسور بن مخرمة قال إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليها السلام فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ المحتلم فقال:"إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتتن في دينها"، ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه قال:"حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله أبدا".

(2)

منكر: أخرجه الترمذي "3874"، والحاكم "3/ 157" من طريق عبد السلام بن حرب على أبي الجحاف، عن جميع بن عمير التميمي قال: دخلت مع عمتي على عائشة فسئلت أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .... الحديث.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وأبو الجحاف اسمه داود بن أبي عوف".

قلت: إسناده واه بمرة، آفته جميع بن عمير، قال البخاري والدارقطني وغيرهما: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث.

(3)

ضعيف: سبق تخريجنا له بتعليقنا رقم "896" وهو عند أحمد "2/ 442"، والحاكم "3/ 149". وغيرهم.

ص: 420

وكان لها من البنات: أم كلثوم زوجة عمر بن الخطاب وزينب زوجة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أ بي البختري قال: قال علي لأمه: اكفي فاطمة الخدمة خارجًا وتكفيك هي العمل في البيت والعجن والخبز والطحن.

عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلَّا ما كان من مريم بنت عمران"

(1)

.

علي بن هاشم بن البريد، عن كثير النواء، عن عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد فاطمة وهي مريضة فقال لها: "كيف تجدينك" قالت: إني وجعة وإنه ليزيدني مالي طعام آكله. قال: "يا بنية أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين" قالت: فأين مريم قال: "تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك أما والله لقد زوجتك سيدًا في الدنيا والآخرة"

(2)

.

رواه أبو العباس السراج، عن محمد بن الصباح، عن علي. وكثير واه. وسقط من بينه وبين عمران.

علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم وآسية"

(3)

.

وروى أبو جعفر الرازي، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولفظه:"خير نساء العالمين أربع".

معمر، عن قتادة، عن أنس مرفوعًا:"حسبك من نساء العالمين أربع"

الحديث

(1)

صحيح على شرط الشيخين: سبق تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "898" وهو عند البخاري "3623" و"6285" و"6286"، ومسلم "2450" وغيرهما.

(2)

ضعيف: آفته كثير بن إسماعيل النواء، أبو إسماعيل، ضعفه أبو حاتم، والنسائي. وقال ابن عدي: مفرط في التشيع. وقال السعدي: زائغ.

(3)

صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا برقم تعليق "900".

وهو عند أحمد "1/ 293"، وعبد بن حميد "597" والطحاوي في "مشكل الآثار""148"، وأبو يعلى "2722"، والحاكم "3/ 185" وغيرهم.

ص: 421

وصحح الترمذي هذا وهو: "حسبك من نساء العالمين مريم وخديجة وأسية بنت مزاحم وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم"

(1)

.

أبو نعيم: حدثنا محمد بن مروان الذهلي، حدثنا أبو حازم، حدثني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن ملكًا استأذن الله في زيارتي فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"

(2)

.

غريب جدًّا والذهلي مقل ويروى نحو ذلك من حديث أبي هريرة أيضًا.

ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما رأيت أحدًا كان أشبه كلامًا وحديثًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها وكذلك كانت هي تصنع به

(3)

. ميسرة: صدوق.

الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ودفنت ليلًا.

قال الواقدي: هذا أثبت الأقاويل عندنا. قال: وصلى عليها العباس ونزل في حفرتها هو وعلي والفضل.

وقال سعيد بن عفير: ماتت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة. وهي بنت سبع وعشرين سنة أو نحوها ودفنت ليلًا.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: سبق تخريجنا له بتعليق رقم "883" من حديث أنس. وهو عند عبد الرزاق "11/ 20919"، وأحمد "3/ 135"، وفي "فضائل الصحابة" له "1325" و"137" وغيرهم.

(2)

حسن: وهذا إسناد ضعيف، آفته محمد بن مروان الذهلي، لا يكاد يعرف كما قال الذهبي في "الميزان".

وله شاهد من حديث حذيفة موفرعا بلفظ: "إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم عليَّ ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".

أخرجه الترمذي "3781" من طريق ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش عن حذيفة، به. وإسناده حسن، ميسره بن حبيب، والمنهال بن عمرو كلاهما صدوق.

(3)

حسن: أخرجه أبو داود "5217"، والترمذي "3872"، والحاكم "3/ 154" من طريق ميسرة بن حبيب، به.

قلت: إسناده حسن، ميسرة بن حبيب، والمنهال كلاهما صدوق.

ص: 422

وروى يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث قال: مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر وهي تذوب.

وقال أبو جعفر الباقر: ماتت بعد أبيها بثلاثة أشهر.

وعن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: كان بين فاطمة وبين أبيها شهران.

وعن أبي جعفر الباقر: أنها توفيت بنت ثمان وعشرين سنة. ولدت وقريش تبني الكعبة.

قال: وغسلها علي.

وذكر المسبحي: أن فاطمة تزوج بها علي بعد عرس عائشة بأربعة أشهر ونصف ولفاطمة يومئذ خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف.

قتيبة بن سعيد: حدثنا محمد بن موسى، عن عون بن محمد بن علي، عن أمه أم جعفر وعن عمارة بن مهاجر، عن أم جعفر: أن فاطمة قالت لأسماء بنت عميس: إني أستقبح ما يصنع بالنساء يطرح على المرأة الثوب فيصفها.

قالت: يا ابنة رسول الله إلَّا أريك شيئًا رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبًا.

فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد علي.

فلما توفيت جاءت عائشة لتدخل فقالت أسماء: لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر. فجاء فوقف على الباب فكلم أسماء. فقالت: هي أمرتني. قال: فاصنعي ما أمرتك ثم انصرف.

قال ابن عبد البر: هي أول من غطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة.

إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مرضت فاستأذن. فأذنت له. فاعتذر إليها وكلمها. فرضيت عنه.

روى إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن علي بن فلان بن أبي رافع، عن أبيه، عن سلمى قالت: مرضت فاطمة ........... إلى أن قالت: اضطجعت على فراشها واستقبلت القبلة ثم قالت: والله إني مقبوضة الساعة وقد اغتسلت فلا يكشفن لي أحد كنفًا فماتت وجاء علي فأخبرته فدفنها بغسلها ذلك.

هذا منكر.

ص: 423

أبو عوانة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق: حدثتني عائشة قالت: كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعنا عنده لم يغادر منهن واحدة. فجاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رآها رحب بها قال: "مرحبًا بابنتي" ثم اقعدها، عن يمينه أو، عن يساره. ثم سارها فبكت ثم سارها الثانية فضحكت. فلما قام قلت لها: خصك رسول الله بالسر وأنت تبكين عزمت عليك بمالي عليك من حق لما أخبرتني مم ضحكت ومم بكيت? قالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما توفي قلت لها: عزمت عليك بمالي عليك من حق لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم في المرة الأولى، حدثني "أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام في هذه السنة مرتين وأني لا أحسب ذلك إلَّا عند اقتراب أجلي فاتقي الله واصبري فنعم السلف لك أنا". فبكيت فلما رأى جزعي قال:"أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين أو سيدة نساء هذه الأمة". قالت: فضحكت أخرجه البخاري، عن أبي نعيم، عن زكريا، عن فراس

(1)

وهو فرد غريب.

محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة أنها قالت لفاطمة: أرأيت حين أكببت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ثم أكببت عليه فضحكت? قالت: أخبرني أنه ميت من وجعه فبكيت ثم أخبرني أنني أسرع أهله به لحوقًا وقال: "أنت سيدة نساء أهل الجنة إلَّا مريم بنت عمران". فضحكت.

ابن حميد: حدثنا سلمة، حدثنا ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما رأيت أحدًا كان أصدق لهجة من فاطمة إلَّا أن يكون الذي ولدها.

جعفر الأحمر، عن عبد الله بن عطاء، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال علي.

إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة فسارها فبكت ثم سارها فضحكت فقلت لها فقالت: أخبرني بموته فبكيت ثم أخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه البخاري "3623" و"6285" و"6286" ومسلم "2450"، وابن ماجه "1621"، والبغوي من طرق عن فراس، به.

وقد مر تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "898".

ص: 424

وروى كهمس، عن ابن بريدة قال: كمدت فاطمة على أبيها سبعين من يوم وليلة. فقالت لأسماء: إني لأستحيي أن أخرج غدًا على الرجال من خلاله جسمي. قالت: أولا نصنع لك شيئًا رأيته بالحبشة? فصنعت النعش. فقالت: سترك الله كما سترتني.

هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح} [النصر: 1] دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال لها: إنه قد نعيت إليه نفسه. فبكت. فقال: "لا تبكين فإنك أول أهلي لاحقًا بي". فضحكت.

إسماعيل القاضي: حدثنا إسحاق الفروي: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن جعفر بن محمد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها".

غريب: ورواه عبد العزيز الأويسي فخالف الفروي. وروى الحاكم في مستدركه ومحمد بن زهير النسوي هذا، عن أبي سهل بن زياد، عن إسماعيل القاضي.

شعيب، عن الزهري، عن علي بن الحسين أن المسور أخبره: أن عليًا رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل فلما سمعت فاطمة أتت فقالت: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك وهذا علي ناكح ابنة أبي جهل. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد فقال: "أما بعد: فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني فصدقني وإن فاطمة بضعة مني وأنا أكره أن يفتنوها وإنها والله لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله عند رجل واحد". فترك علي الخطبة.

ورواه الوليد بن كثير: حدثنا محمد بن عمرو بن حلحلة، عن الزهري بنحوه. وفيه:"وأنا أتخوف أن تفتن في دينها".

ابن إسحاق، عن ابن قسيط، عن محمد بن أسامة، عن أبيه: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك? قال: "فاطمة".

ويروى، عن أسامة بإسناد آخر ولفظه: أي أهل بيتك أحب إليك?

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة

ص: 425

ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول: "الصلاة يا أهل بيت محمد {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]

(1)

.

يونس بن أبي إسحاق ومنصور بن أبي الأسود وهذا لفظه: سمعت أبا داود سمعت أبا الحمراء يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} [الأحزاب: 33] الآية.

ومما ينسب إلى فاطمة ولا يصح:

ماذا على من شم تربة أحمد

ألا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو أنها

صبت على الأيام عدن لياليا

ولها في "مسند بقي" ثمانية عشر حديثًا منها حديث واحد متفق عليه.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 259". وآفته علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف.

ص: 426

‌115 - عائشة أم المؤمنين "

ع"

(1)

:

بنت الإمام الصديق الأكبر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشية التيمية المكية النبوية أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أفقه نساء الأمة على الإطلاق.

وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب ابن أذينة الكنانية.

هاجر بعائشة أبواها وتزوجها نبي الله قبل مهاجره بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا وقيل: بعامين ودخل بها في شوال سنة اثنتين منصرفه عليه الصلاة والسلام من غزوة بدر وهي ابنة تسع.

فروت عنه: علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. وعن أبيها وعن عمر وفاطمة وسعد وحمزة بن عمرو الأسلمي وجدامة بنت وهب.

حدث عنها: إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلًا وإبراهيم بن يزيد التيمي كذلك وإسحاق بن طلحة وإسحاق بن عمر والأسود بن يزيد وأيمن المكي وثمامة بن حزن وجبير بن

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 58 - 81"، حلية الأولياء "2/ 43"، الإصابة "4/ ترجمة 704"، وتهذيب الكمال "35/ ترجمة 7885"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2841".

ص: 426

نفير وجميع بن عمير. والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي والحارث بن نوفل والحسن وحمزة بن عبد الله بن عمر وخالد بن سعد وخالد بن معدان وقيل: لم يسمع منها وخباب صاحب المقصورة وخبيب بن عبد الله بن الزبير وخلاس الهجري وخيار بن سلمة وخيثمة بن عبد الرحمن وذكوان السمان ومولاها ذكوان وربيعة الجرشي وله صحبة وزاذان أبو عمر الكندي وزرارة بن أوفى وزر بن حبيش وزيد بن أسلم وسالم بن أبي الجعد ولم يسمعا منها وزيد بن خالد الجهني وسالم بن عبد الله وسالم سبلان والسائب بن يزيد وسعد بن هشام وسعيد المقبري وسعيد بن العاص وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وسليمان بن بريدة وشريح بن أرطاة وشريح بن هاني وشريق الهوزني وشقيق أبو وائل وشهر بن حوشب وصالح بن ربيعة بن الهدير وصعصعة عم الأحنف وطاوس وطلحة بن عبد الله التيمي وعابس بن ربيعة وعاصم بن حميد السكوني وعامر بن سعد والشعبي وعباد بن عبد الله بن الزبير وعبادة بن الوليد وعبد الله بن بريدة وأبو الوليد عبد الله بن الحارث البصري وابن الزبير ابن أختها وأخوه عروة وعبد الله بن شداد الليثي وعبد الله بن شقيق وعبد الله بن شهاب الخولاني وعبد الله بن عامر بن ربيعة وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن فروخ وعبد الله بن أبي مليكة وعبد الله بن عبيد ابن عمير وأبوه وعبد الله بن عكيم وعبد الله بن أبي قيس وابنا أخيها عبد الله والقاسم ابنا محمد وعبد الله بن أبي عتيق محمد ابن أخيها عبد الرحمن وعبد الله بن واقد العمري ورضيعها عبد الله بن يزيد وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن الأسود وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني وعبد الرحمن بن شماسة وعبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي وعبد العزيز والد ابن جريج وعبيد الله بن عبد الله وعبيد الله بن عياض وعراك ولم يلقها وعروة المزني وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار وعكرمة وعلقمة وعلقمة بن وقاص وعلي بن الحسين وعمرو بن سعيد الأشدق وعمرو بن شرحبيل وعمرو بن غالب وعمرو بن ميمون وعمران بن حطان وعوف بن الحارث رضيعها وعياض بن عروة وعيسى بن طلحة وغضيف بن الحارث وفروة بن نوفل والقعقاع بن حكيم وقيس بن أبي حازم وكثير بن عبيد الكوفي رضيعها وكريب ومالك بن أبي عامر ومجاهد ومحمد بن إبراهيم التيمي إن كان لقيها ومحمد بن الأشعث ومحمد بن زياد الجمحي وابن سيرين ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو جعفر الباقر ولم يلقها ومحمد بن قيس بن مخرمة ومحمد بن المنتشر ومحمد بن

ص: 427

المنكدر وكأنه مرسل ومروان العقيلي أبو لبابة ومسروق ومصدع أبو يحيى ومطرف بن الشخير ومقسم مولى ابن عباس والمطلب بن عبد الله بن حنطب ومكحول ولم يلحقها وموسى بن طلحة وميمون بن أبي شبيب وميمون بن مهران ونافع بن جبير ونافع بن عطاء ونافع العمري والنعمان بن بشير وهمام بن الحارث وهلال ابن يساف ويحيى بن الجزار ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ويحيى بن يعمر ويزيد بن بابنوس ويزيد بن الشخير ويعلى بن عقبة ويوسف بن ماهك وأبو أمامة بن سهل وأبو بردة بن أبي موسى وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبو الجوزاء الربعي وأبو حذيفة الأرحبي وأبو حفصة مولاها وأبو الزبير المكي وكأنه مرسل وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو الشعثاء المحاربي وأبو الصديق الناجي وأبو ظبيان الجنبي وأبو العالية رفيع الرياحي وأبو عبد الله الجدلي وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأبو عثمان النهدي وأبو عطية الوادعي وأبو قلابة الجرمي ولم يلقها وأبو المليح الهذلي وأبو موسى وأبو هريرة وأبو نوفل بن أبي عقرب وأبو يونس مولاها وبهية مولاة الصديق وجسرة بنت دجاجة وحفصة بنت أخيها عبد الرحمن وخيرة والدة الحسن البصري وذفرة بنت غالب وزينب بنت أبي سلمة وزينب بنت نصر وزينب السهمية وسمية البصرية وشميسة العتكية وصفية بنت شيبة وصفية بنت أبي عبيدة وعائشة بنت طلحة وعمرة بنت عبد الرحمن ومرجانة والدة علقمة بن أبي علقمة ومعاذة العدوية وأم كلثوم التيمية أختها وأم محمد امرأة والد علي بن زيد ين جدعان وطائفة سوى هؤلاء.

"مسند عائشة": يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث. اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثًا وانفرد البخاري بأربعة وخمسين وانفرد مسلم بتسعة وستين.

وعائشة ممن ولد في الإسلام وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين. وكانت تقول لم أعقل أبوي إلَّا وهما يدينان الدين.

وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخًا أعمى يستعطي.

وكانت امرأة بيضاء جميلة. ومن ثم يقال لها: الحميراء ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرًا غيرها ولا أحب امرأة حبها. ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا في النساء مطلقًا امرأة أعلم منها. وذهب بعض العلماء إلى إنها أفضل من أبيها. وهذا مردود وقد جعل الله لكل شيء قدرًا بل نشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فهل فوق ذلك مفخر وإن كان للصديقة خديجة شأو لا يلحق وأنا واقف في أيتهما أفضل. نعم جزمت بأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها.

ص: 428

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام ثلاث ليال جاء بك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشف، عن وجهك فإذا أنت فيه. فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه"

(1)

.

وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي، عن ابن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هذه زوجتك في الدنيا والآخرة"

(2)

.

حسنه الترمذي وقال: لا نعرفه إلَّا من حديث عبد الله ورواه عبد الرحمن بن مهدي عنه مرسلًا.

بشر بن الوليد القاضي: حدثنا عمر بن عبد الرحمن، عن سليمان الشيباني، عن علي بن زيد بن جدعان، عن جدته، عن عائشة أنها قالت: لقد أعطيت تسعًا ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران: لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني ولقد تزوجني بكرًا وما تزوج بكرًا غيري ولقد قبض ورأسه في حجري ولقد قبرته في بيتي ولقد حفت الملائكة ببيتي وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه وإني لابنة خليفته وصديقه ولقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريمًا

(3)

.

رواه أبو بكر الآجري، عن أحمد بن يحيى الحلواني عنه. وإسناده جيد وله طريق آخر سيأتي.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 41 و 128 و 161" والبخاري "3895" و"5078" و"5125" و"1011" ومسلم "2438" من طريق هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.

ووقع عند بعضهم "مرتين" بدل "ثلال ليال".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "3880" حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي، به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عمرو بن علقمة.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وابن أبي حسين، هو عمر بن سعيد بن أبي حسين الكوفي المكي، ثقة روى له البخاري، ومسلم. وابن أبي مليكة، هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، ثقة فقيه روى له الجماعة.

(3)

ضعيف: فيه علتان: علي بن زيد بن جدعان، ضعيف.

والثانية: جدة علي بن زيد مجهولة لا تعرف.

ص: 429

وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها أثر وفاة خديجة فتزوج بها وبسودة في وقت واحد ثم دخل بسودة فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر. فما تزوج بكرًا سواها وأحبها حبًا شديدًا كان يتظاهر به بحيث إن عمرو بن العاص وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك يا رسول الله: قال: "عائشة" قال: فمن الرجال؟ قال: "أبوها"

(1)

.

وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض وما كان عليه السلام ليحب إلَّا طيبًا. وقد قال: "لو كنت متخذًا خليلًا من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلًا ولكن أخوة الإسلام أفضل"

(2)

. فأحب أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضًا إلى الله ورسوله.

وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرًا مستفيضًا إلَّا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربًا إلى مرضاته.

قال حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة. قالت: فاجتمعن صواحبي إلى أم سلمة فقلن لها: إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فقولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان. فذكرت أم سلمة له ذلك. فسكت فلم يرد عليها. فعادت الثانية. فلم يرد عليها. فلما كانت الثالثة قال: "يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها"

(3)

. متفق على صحته.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 203"، والبخاري "3662"، والترمذي "3885"، والنسائي في "فضائل الصحابة""16"، والبغوي "3869" من طريق عبد العزيز بن المختار، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، حدثني عمرو بن العاص قال: قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة

" الحديث.

وأخرجه البخاري "4358"، ومسلم "2384"، والبيهقي "10/ 233" من طريق خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، عن خالد الحذاء، به.

وخالد الحذاء، هو خالد بن مهران الحذاء. وأبو عثمان النهدي، هو عبد الرحمن بن مل.

(2)

صحيح: تقدم تخريجنا له.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 293"، والحاكم "4/ 9"، والطبراني في "الكبير""23/ 850" من طريق عن هشام بن عروة، عن عوف بن الحارث بن الطفيل، عن رميثة أم عبد الله بن محمد بن أبي عتيق، عن أم سلمة، به.

وقد ورد الحديث عن عائشة: أخرجه البخاري "2580" و"2581" و"3775"، والترمذي "3879"، والنسائي "7/ 68" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عنها، به.

ص: 430

وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها.

إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا أخي أبو بكر، عن سليمان بن بلال، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواجه. وكانوا المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها حتى إذا كان في بيت عائشة بعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة. فتكلم حزب أم سلمة فقلن لها: كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول الله هدية فليهد إليه حيث كان من نسائه. فكلمته أم سلمة بما قلن. فلم يقل لها شيئًا. فسألنها. فقالت: ما قال لي شيئًا. فقلن: كلميه. قالت: فكلمته حين دار إليها. فلم يقل لها شيئًا. فسألنها. فقالت: ما قال لي شيئًا. فقلن لها: كلميه. فدار إليها فكلمته. فقال لها: "لا تؤذيني في عائشة. فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلَّا عائشة". فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله. ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر. فكلمته فقال: "يا بنية إلَّا تحبين ما أحب" قالت: بلى. فرجعت إليهن وأخبرتهن. فقلن: ارجعي إليه فأبت أن ترجع. فأرسلن زينب بنت جحش. فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في ابنة أبي قحافة. فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تتكلم. قال: فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها. فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال: "إنها ابنة أبي بكر"

(1)

.

فضيلة:

إسماعيل بن جعفر:، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن سمع أنسًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"

(2)

.

(1)

صحيح: راجع تخريجنا السابق.

(2)

، 3 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "3/ 156 و 264"، والبخاري "3770" و"5419" و"5428، ومسلم "2446"، والترمذي "3887"، وابن ماجه "3281"، وأبو يعلى "3670"=

ص: 431

متفق عليه من طرق، عن أبي طوالة.

شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلَّا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"

(1)

.

فضيلة أخرى:

روى الحاكم في مستدركه من طريق يوسف بن الماجشون قال:، حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله من من أزواجك في الجنة? قال: "أما إنك منهن" قالت: فخيل إلي أن ذاك لأنه لم يتزوج بكرًا غيري

(2)

.

موسى وهو الجهني، عن أبي بكر بن حفص، عن عائشة: أنها جاءت هي وأبواها فقالا: إنا نحب أن تدعو لعائشة بدعوة ونحن نسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر الصديق مغفرة واجبة ظاهرة باطنة". فعجب أبواها. فقال: "أتعجبان هذه دعوتي لمن شهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله"

(3)

.

= والطبراني في "الكبير""23/ 109 و 110 و 111 و 112"، وفي "الصغير""260" من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أنس، به.

وورد عن أبي موسى الأشعري: أخرجه أحمد "4/ 394 و 409"، وفي "فضائل الصحابة" له" "1632"، وابن أبي شيبة "12/ 128"، والبخاري "3411" و"3433" و"3769" و"5418" ومسلم "2431"، والطبراني "23/ 106"، والبغوي "3962" من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن أبي موسى الأشعري، به مرفوعا ولفظه:

"كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".

وابن أبي طوالة، هو عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، راوي الحديث عن أنس، رضي الله عنه.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد 3/ 156 و 264"، والبخاري "3770" و"5419" و"5428، ومسلم "2446"، والترمذي "3887"، وابن ماجه "3281"، وأبو يعلى "3670" والطبراني في "الكبير""23/ 109 و 110 و 111 و 112"، وفي "الصغير""260" من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أنس، به.

وورد عن أبي موسى الأشعري: أخرجه أحمد "4/ 394 و 409"، وفي "فضائل الصحابة" له" "1632"، وابن أبي شيبة "12/ 128"، والبخاري "3411" و"3433" و"3769" و"5418" ومسلم "2431"، والطبراني "23/ 106"، والبغوي "3962" من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن أبي موسى الأشعري، به مرفوعا ولفظه:

"كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".

وابن أبي طوالة، هو عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، راوي الحديث عن أنس. رضي الله عنه.

(2)

صحيح: أخرجه الحاكم "4/ 13" من طريق يوسف بن الماجشون، به.

(3)

منكر: أخرجه الحاكم "4/ 11 - 12" من طريق سفيان بن عيينة، عن موسى الجهني، به وقال الحافظ في "التلخيص": قلت: منكر على جودة إسناده.

وأبو بكر بن حفص، هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، ثقة، من الطبقة الخامسة وهي طبقة صغار التابعين، فأنى له لقيا عائشة رضي الله عنها فالإسناد منقطع.

ص: 432

أخرجه الحاكم في مستدركه من طريق سفيان بن عيينة، عن موسى وهو غريب جدًا.

فضيلة أخرى:

شعيب، عن الزهري:، حدثني أبو سلمة أن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائش هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام" قالت: وعليه السلام ورحمة الله ترى ما لا نرى يا رسول الله

(1)

.

زكريا بن أبي زائدة، عن عامر، عن أبي سلمة أن عائشة حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"إن جبريل يقرئك السلام". فقالت: وعليه السلام ورحمة الله

(2)

.

وأخرج النسائي من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة نحو الأول

(3)

.

وفي "مسند أحمد"، عن سفيان، عن مجالد، عن الشعبي، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: رأيتك يا رسول الله وأنت قائم تكلم دحية الكلبي. فقال: "وقد رأيته" قالت: نعم. قال: "فإنه جبريل وهو يقرئك السلام" قالت: وعليه السلام ورحمة الله جزاه الله من زائر ودخيل فنعم الصاحب ونعم الدخيل

(4)

.

قال: والدخيل: الضيف. مجالد ليس بقوي.

كثير بن هشام: حدثنا الحكم بن هشام، عن عبد الملك بن عمير قال: قالت عائشة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: فضلت عليكن بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه وكان أبي أحب رجاله إليه وابتكرني ولم يبتكر غيري وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع ونزل عذري من

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3768"، ومسلم "2447""91" من طريق الزهري، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، به.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2447""90"، وأبو داود "5232" من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي، به.

(3)

صحيح: أخرجه النسائي "7/ 69" من طريق عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، به.

(4)

ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 74 - 75 و 146"، وابن سعد "8/ 67 - 68" من طريق مجالد بن سعيد به.

قلت: إسناده ضعيف، مجالد بن سعيد، ضعيف.

ص: 433

السماء واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه فقال: "إنه ليشق علي الاختلاف بينكن فائذن لي أن أكون عند بعضكن". فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد تريد عائشة. قد أذنا لك وكان آخر زاده من الدنيا ريقي أتي بسواك فقال: "انكثيه يا عائشة" فنكثته وقبض بين حجري ونحري ودفن في بيتي.

هذا حديث صالح الإسناد ولكن فيه انقطاع.

فضيلة باهرة لها:

خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، عن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: يا رسول الله أي الناس أحب إليك? قال: "عائشة" قال: من الرجال قال: "أبوها"

(1)

.

قال الترمذي: هذا حديث حسن.

قلت: قد أخرجه البخاري ومسلم.

ابن المبارك، ويحيى بن سعيد الأموي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عمرو بن العاص أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك? قال: "عائشة" قال: من الرجال? قال: "أبوها"

(2)

.

هذا حديث صحيح أخرجه النسائي والترمذي وحسنه وغربه.

الترمذي: حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن حميد، عن أنس قال: قيل: يا رسول الله من أحب الناس إليك? قال: "عائشة" قيل من الرجال قال: "أبوها"

(3)

.

قال: هذا حديث حسن غريب.

تزويجها بالنبي صلى الله عليه وسلم:

روى هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة وأنا

(1)

صحيح: مر تخريجنا له قريبا بتعليق رقم "916".

(2)

صحيح: راجع تخريجنا السابق رقم "916".

(3)

انظر السابق.

ص: 434

ابنة ست وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة فهيأنني وصنعنني ثم أتين بي إليه صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال عروة: فمكثت عنده تسع سنين.

وأخرج البخاري من قول عروة: أن خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين فلبث صلى الله عليه وسلم سنتين أو قريبًا من ذلك ونكح عائشة وهي بنت ست سنين

(2)

.

ابن إدريس، عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قالت عائشة: لما ماتت خديجة جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله إلَّا تزوج? قال: "ومن"؟ قالت: إن شئت بكرًا وإن شئت ثيبًا? قال: "من البكر ومن الثيب"؟ قالت: أما البكر فعائشة ابنة أحب خلق الله إليك وأما الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك. قال: "اذكريهما علي". قالت: فأتيت أم رومان فقلت: يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة قالت: ماذا? قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر عائشة. قالت: انتظري فإن أبا بكر آت. فجاء أبو بكر فذكرت ذلك له. فقال: أو تصلح له وهي ابنة أخيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أخوه وهو أخي وابنته تصلح لي". فقام أبو بكر: فقالت لي أم رومان: إن المطعم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه ووالله ما أخلف وعدًا قط. قالت: فأتى أبو بكر المطعم. فقال: ما تقول في أمر هذه الجارية? قال: فأقبل على امرأته فقال: ما تقولين? فأقبلت على أبي بكر فقالت: لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تدخله في دينك فأقبل عليه أبو بكر فقال: ما تقول أنت? قال: إنها لتقول ما تسمع. فقام أبو بكر وليس في نفسه من الموعد شيء فقال لها: قولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليأت. فجاء فملكها. قالت: ثم انطلقت إلى سودة وأبوها شيخ كبير

وذكرت الحديث

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه الطيالسي "1454" وابن سعد "8/ 59"، والبخاري "3894" و"3896" و"5133" و"5134" و"5156" و"5158" و"5160" ومسلم "1422""70" و"71" وأبو داود "2121" و"4933" و"4934" و"4935" و"4936"، والنسائي "6/ 82"، وابن ماجه "1876"، وأبو يعلى "4600"، 4897"، والطبراني "23/ 41 و 44 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50"، والبيهقي "7/ 148 - 149" من طرق عن هشام بن عروة، به.

قوله: مجممة: أي جمة، وهو الشعر النازل إلى المنكبين. وإذا وصل الشعر إلى الأذنين، فهو وفرة.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3896" حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه قال: توفيت خديجة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين

الحديث.

(3)

حسن: فيه محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق. والحديث أورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 225" وقال:"رواه الطبراني، ورجاله رجال صحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث".

ص: 435

هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: أدخلت على نبي الله وأنا بنت تسع جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة فهيأنني وصنعنني ثم أتين بي إليه

(1)

.

هشام، عن أبيه عنها أنها قالت: كنت ألعب بالبنات تعني اللعب فيجيء صواحبي فينقمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج رسول الله فيدخلن على وكان يسربهن إلي فيلعبن معي.

وفي لفظ: فكن جوار يأتين يلعبن معي بها فإذا رأين رسول الله تقمعن فكان يسربهن إلي

(2)

.

وعن عائشة قالت: دخل علي رسول الله وأنا ألعب بالبنات فقال: "ما هذا يا عائشة"؟ قلت: خيل سليمان ولها أجنحة. فضحك

(3)

.

الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد وإنه ليسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف. فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو.

وفي لفظ معمر، عن الزهري: فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن التي تسمع اللهو.

(1)

صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا في الصفحة السابقة بتعليق رقم "931".

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه عبد الرزاق "19722"، والحميدي "260، وأحمد "6/ 166 و 233 و 234"، وابن سعد "8/ 58 - 59 و 61 و 65"، والبخاري "6130"، ومسلم "2440" وأبو داود "4931"، والنسائي "6/ 131"، وابن ماجه "1982"، والطبراني "23/ 275 و 277 و 278"، البيهقي "10/ 219" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

قوله: "ينقمعن" أي يتغيبن ويستترن.

قوله: "يسربهن" أي يرسلهن ويدفعهن إليَّ.

(3)

صحيح: أخرجه أبو داود "4932"، والبيهقي "10/ 219" من طريق سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، به.

ص: 436

ولفظ الأوزاعي، عن الزهري في هذا الحديث قالت: قدم وفد الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا يلعبون في المسجد فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التي أسام

(1)

.

وفي حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن عمر وجدهم يلعبون فزجرهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعهم فإنهم بنو أرفدة"

(2)

.

الواقدي قال:، حدثني موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن ريطة، عن عمرة، عن عائشة قالت: لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة خلفنا وخلف بناته فلما قدم المدينة بعث إلينا زيد بن حارثة وأبا رافع وأعطاهما بعيرين وخمس مئة درهم أخذها من أبي بكر يشتريان بها ما نحتاج إليه من الظهر. وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الليثي ببعيرين أو ثلاثة وكتب إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان وأنا وأختي أسماء. فخرجوا فلما انتهوا إلى قديد اشترى زيد بتلك الدراهم ثلاثة أبعرة ثم دخلوا مكة وصادفوا طلحة يريد الهجرة بآل أبي بكر. فخرجنا جميعًا وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة وأم أيمن وأسامة فاصطحبنا جميعًا حتى إذا كنا بالبيض

(3)

نفر بعيري وقدامي محفة فيها أمي فجعلت أمي تقول وابنتاه واعروساه حتى أدرك بعيرنا. فقدمنا والمسجد يبنى

وذكر الحديث

(4)

.

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19721"، والبخاري "454" و"5190" و"5229" ومسلم "892""18"، والنسائي "3/ 195 - 196"، والبيهقي "7/ 92" من طريق الزهري، به.

(2)

صحيح: أخرجه النسائي "3/ 196" من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث فأمنا شر تدليسه. وقد أخرجه البخاري "2901" ومسلم "893" دون قوله:"فإنهم بنو أرفدة".

قوله: "بنو أرفدة" بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح قيل هو لقب للحبشة وقيل هم اسم جنس لهم وقيل اسم جدهم الأكبر.

(3)

البيض: منزل من منازل بني كنانة بالحجاز.

(4)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 62"، وفيه الواقدي، وهو متروك. وفيه ريطة وهي بنت حريث، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب": لا تُعرف.

ص: 437

شأن الإفك:

كان في غزوة المريسيع

(1)

سنة خمس من الهجرة وعمرها رضي الله عنها يومئذ اثنتا عشرة سنة.

فروى حماد بن زيد، عن معمر والنعمان بن راشد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه. فأقرع بيننا في غزوة المريسيع. فخرج سهمي. فهلك في من هلك

(2)

.

وكذلك ذكر ابن إسحاق والواقدي وغير واحد: أن الإفك كان في غزوة المريسيع.

يونس، عن ابن شهاب: أخبرني عروة وابن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله، عن حديث عائشة حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله تعالى. وكل، حدثني بطائفة من حديثها وبعض حديثهم يصدق بعضًا وإن كان بعضهم أوعى له من بعض قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه. فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعدما نزل الحجاب وأنا أحمل في هودج وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل. فقمت حينئذ فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت حاجتي أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار

(3)

قد انقطع فالتمسته وحبسني التماسه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي

(4)

فرحلوه على بعيري وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافًا لم يثقلهن اللحم إنما يأكلن

(1)

غزوة المريسيع: هو ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع "موضع من ناحية المدينة" مسيرة يوم، وتسمى غزوة بني المصطلق، وهو لقب لجذيمة بن سعد بن عمرو بن بطن من بني خزاعة، وكانت هذه الغزوة في شعبان سنة خمس، وسببها: أنه لما بلغه صلى الله عليه وسلم أن الحارث بن أبي ضرار سيد بن المصطلق سار في قومه ومن قدر عليه من العرب، يريدون حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي يعلم له ذلك فأتاهم، ولقي الحارث بن أبي ضرار، وكلمه، ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرهم، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فأسرعوا في الخروج وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع، وهو مكان الماء، وكانت النصرة للمسلمين على المشركين.

(2)

صحيح: انظر تعليقنا السابق.

(3)

الجزع بالفتح: الخرز اليماني، الواحدة جزعة. وظفار: مدينة باليمن، وقيل جبل، وقيل سميت به المدينة وهي في أقصى اليمن إلى جهة الهند.

(4)

الهودج: بفتح الهاء والدال بينهما واو ساكنة وآخره جيم: محمل له قبه تستر بالثياب ونحوه. يوضع على ظهر البعير يركب عليه النساء ليكون أستر لهن.

ص: 438

العلقة

(1)

من الطعام. فلم يستنكروا خفة المحمل حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش. فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فأممت

(2)

منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينما أنا جالسة غلبتني عيني فنمت.

وكان صفوان بن المعطل السلمي، ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاسترجع فاستيقظت باسترجاعه حين عرفت فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه فأناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها. فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة

(3)

فهلك من هلك في وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول.

فقدمنا المدينة فاشتكيت شهرًا والناس يفيضون في قول أهل الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك ويريبني

(4)

في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل علي فيسلم ثم يقول: "كيف تيكم" ثم ينصرف فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع

(5)

وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلَّا ليلًا إلى ليل وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبًا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول من التبرز قبل الغائط وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم بن عبد مناف وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن المطلب. فأقبلت أنا وهي قبل بيتي قد فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح! فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلًا شهد بدرًا? قالت: أي هنتاه

(6)

أو لم تسمعي ما قال? قلت: وما ذاك فأخبرتني الخبر فازددت مرضًا على مرضي.

(1)

العلقة بضم العين: أي البلغة من الطعام.

(2)

أممت: قصدت.

(3)

موغرين في نحر الظهيرة: أي في وقت الهاجرة، وقت توسط الشمس السماء

(4)

يريبني: يسوءني ويزعجني.

(5)

المناصع: المواضع التي يتخلى فيها لقضاء الحاجة، واحدها: منصع؛ لأنه يبرز إليها ويظهر. قال الأزهري: آراها مواضع مخصوصة خارج المدينة.

(6)

يا هنتاه: يا بلهاء، كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم.

ص: 439

فلما رجعت إلى بيتي، ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال:"كيف تيكم"؟ فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي? وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلها فأذن لي. فجئت أبوي فقلت: يا أمتاه ما يتحدث الناس? قالت: يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلَّا كثرن عليها. فقلت: سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا?! فبكيت الليلة حتى لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. ثم أصبحت أبكي. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله. فأما أسامة فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلَّا خيرًا. وأما علي فقال: لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير واسأل الجارية تصدقك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: "أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك"؟ قالت: لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرًا أغمصة

(1)

عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام، عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله.

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول فقال وهو على المنبر: "يا معشر المسلمين من يعذرني

(2)

من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلَّا خيرًا ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلَّا خيرًا وما كان يدخل على أهلي إلَّا معي". فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا ولكن احتملته

(3)

الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل، عن المنافقين. فتثاور

(4)

الحيان: الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر: فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا وسكت.

(1)

أغمصه: أي أعيبه.

(2)

من يعذرني: أي من يقوم بعذري إن كافأته على سوء صنيعه فلا يلومني. ويعذرني أي ينصرني ويعينني. وأصل التعذير: المنع والرد، فكأن من نصرته قد رددت عنه أعداءه ومنعتهم من أذاه.

(3)

احتملته الحمية: أي أغضبته. ووقع في رواية معمر عند مسلم وكذا يحيى بن سعيد عند الطبراني "اجتهلته" بجيم ثم مثناه ثم هاء، أي حملته على الجهل.

(4)

فتثاور: بمثناة ثم مثلثة، أي نهض بعضهم إلى بعض من الغضب. ووقع في حديث ابن عمر "وقام سعد بن معاذ فسل سيفه".

ص: 440

قالت: فبكيت يومي ذلك وليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويومًا لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل ولقد لبث شهرًا لا يوحي إليه في شأني شيء. قالت: فتشهد ثم قال: "أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه". فلما قضى مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي: أجب رسول الله فيما قال قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا يومئذ حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن: إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم: إني بريئة والله يعلم أني برئية لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقني". والله ما أجد لي ولكم مثلًا إلَّا قول أبي يوسف: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا أعلم أني بريئة وأن الله تعالى يبرئني ببراءتي ولكن والله ما ظننت أن الله ينزل في شأني وحيًا يتلى ولشأني كان في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت: فوالله ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى نزل عليه الوحي فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه فلما سري عنه

(1)

وهو يضحك كان أول كلمة تكلم بها: "يا عائشة أما والله لقد براك الله". فقالت أمي: قومي إليه. فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلَّا الله. وأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11]. العشر الآيات كلها.

فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر -وكان ينفق على مسطح لقرابته وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة. فأنزلت: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ

(1)

فلما سرى: أي كشف.

ص: 441

أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22]. قال: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش، عن أمري. فقالت: أحمي سمعي وبصري ما علمت إلَّا خيرًا وهي التي كانت تساميني

(1)

من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع

(2)

وطفقت أختها حمنة تحارب لها

(3)

فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك

(4)

.

وهذا الحديث له طرق، عن الزهري ورواه هشام بن عروة، عن أبيه.

قال أبو معشر السندي

(5)

: حدثني أفلح بن عبد الله بن المغيرة، عن الزهري قال: كنت عند الوليد بن عبد الملك فذكر حديث الإفك بطوله وفيه: أن ذاك في غزوة بني المصطلق وأن سهمها وسهم أم سلمة خرج.

وروى معمر، عن الزهري قال: كنت عند الوليد فقال: الذي تولى كبره علي فقلت: لا، حدثني سعيد وعروة وعلقمة وعبيد الله كلهم سمع عائشة تقول: إن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي. فقال لي: فما كان جرمه قلت: سبحان الله، حدثني من قومك أبو سلمة وأبو بكر بن عبد الرحمن أنهما سمعا عائشة تقول: كان مسيئًا في أمري.

يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق:، حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن

(1)

وهي التي كانت تساميني: أي تعاليني من السمو وهو العلو والارتفاع. أي تطلب من العلو والرفعة والحظوة عند النبي صلى الله عليه وسلم ما أطلب، أو تعتقد أن الذي لها عنده مثل الذي لي عنده. وذهل بعض الشراح فقال إنه من سوم الخسف، وهو حمل الإنسان على ما يكرهه. والمعنى تغايظني. وهذا لا يصح، فإنه لا يقال في مثله سام ولكن ساوم.

(2)

فعصمها الله بالورع: أي حفظها ومنعها بالمحافظة على دينها ومجانبة ما تخشى سوء عاقبته.

(3)

تحارب لها: تجادل لها وتتعصب وتحكي ما قال أهل الإفك لتنخفض منزلة عائشة وتعلو مرتبة أختها زينب.

(4)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "6/ 194 - 197"، والبخاري "2661" و"4141" و"4750"، ومسلم "2770" وأبو يعلى "4927" و"4933" و"4935"، والطبراني "23/ 134 و 135 و 139 و 140 و 141 و 142 و 143 و 144 و 145 و 146 و 147 و 148" و البيهقي "7/ 302" من طرق عن الزهري، به.

(5)

أبو معشر السندي: هو نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني، وهو مولى بني هاشم ضعيف، أسن واختلط.

ص: 442

عمرة، عن عائشة قالت: لما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم القصة التي نزل بها عذري على الناس نزل فأمر برجلين وامرأة ممن كان تكلم بالفاحشة في عائشة فجلدوا الحد

(1)

.

قال: وكان رماها ابن أبي ومسطح وحسان وحمنة.

الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة يشبب بأبيات

(2)

له فيها فقال:

حصان رزان ما تزن بريبة

وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

(3)

قالت: لست كذاك. فقلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيم} [النور: 11]. قالت: وأي عذاب أشد من العمى. ثم قالت: كان يرد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

.

ابن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال: كان صفوان بن المعطل قد كثر عليه حسان في شأن عائشة وقال يعرض به:

أمسى الجلابيب

(5)

قد عزوا وقد كثروا

وابن الفريعة أمسى بيضة البلد

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "5/ 9749" من طريق ابن أبي يحيى. وأخرجه أبو داود "4474"، والترمذي "3181"، وابن ماجه "2576" من طريق ابن أبي عدي كلاهما عن محمد بن إسحاق به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث كما في رواية يونس بن بكير، فأمنا شر تدليسه. وابن أبي عدي، هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، أبو عمرو البصري، ثقة، روى له الجماعة.

وابن أبي يحيى، هو محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني، صدوق، روى له أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.

(2)

يشبب: يزهيه ويحسنه.

(3)

حصان: من الإحصان، وهو المنع. والمراد أنها محصنة بالإسلام، وبالعفاف، والحرية وبالتزويج. تزن: أي ترمي. وقوله: "غرثي": أي خميصة البطن والمراد أنها لا تغتاب أحدا. والغوافل: العفيفة الغافلة عن الإثم والشر.

(4)

صحيح على شرطهما: أخرجه البخاري "4146"، ومسلم "4146"، حدثنا بشر بن خالد، أخبرنا محمد بن جعفر، عن شبعة، عن سليمان، عن أبي الضحي عن مسروق به.

(5)

الجلابيب: المراد بهم هنا سفلة الناس. وابن الفريعة هو حسان بن ثابت. والفريعة هي أمه. وبيضة البلد مثل يضرب في العزة والذلة.

قال الأزهري في "تهذيب اللغة""2/ 85" معنى قول حسان: إن سفلة الناس عزوا بعد ذلتهم وكثروا بعد قلتهم، وابن الفريعة الذي كان ذا ثروة وثراء، فقد أخر عن كريم شرفه وسؤدده، واستبد بالأمر دونه، فهو بمنزلة بيضة البلد التي

تبيضها النعامة، ثم تتركها بالفلاة فلا تحضنها فتبقى تريكة الصلاة.

ص: 443

فاعترضه صفوان ليلة وهو آت من عند أخواله بني ساعدة، فضربه بالسيف على رأسه فاستعدوا عليه ثابت بن قيس فجمع يديه إلى عنقه بحبل وقاده إلى دار بني حارثة فلقيه ابن رواحة فقال: ما هذا? فقال: ما أعجبك إنه عدا على حسان بالسيف فوالله ما أراه إلَّا قد قتله فقال هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنعت به? فقال: لا. فقال: والله لقد اجترأت خل سبيله. فسنغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعلمه أمره فخلى سبيله فلما أصبحوا غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك. فقال: "أين ابن المعطل"؟ فقام إليه فقال: ها أناذا يا رسول الله فقال: "ما دعاك إلى ما صنعت"؟ قال: آذاني يا رسول الله وكثر علي ولم يرض حتى عرض بي في الهجاء فاحتملني الغضب وها أناذا فما كان علي من حق فخذني به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا لي حسان بن ثابت" فأتي به. فقال: "يا حسان أتشوهت على قومي أن هداهم الله للإسلام يقول: تنفست عليهم يا حسان أحسن فيما أصابك". قال: هي لك يا رسول الله. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سيرين القبطية. فولدت له عبد الرحمن وأعطاه أرضًا كانت لأبي طلحة تصدق بها أبو طلحة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن إسحاق وقال حسان في عائشة:

رأيتك وليغفر لك الله حرة

من المحصنات غير ذات غوائل

حصان رزان ما تزن بريبة

وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

وإن الذي قد قيل ليس بلائق

بك الدهر بل قيل امرئ متماحل

(1)

فإن كنت أهجوكم كما بلغوكم

فلا رفعت سوطي إلي أناملي

وكيف وودي ما حييت ونصرتي

لآل رسول الله زين المحافل

وإن لهم عزًا يرى الناس دونه

قصارًا وطال العز كل التطاول

عقيلة حي من لؤي بن غلب

كرام المساعي مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها

وطهرها من كل سوء وباطل

(1)

متماحل: متماكر، والمماحل: الماكر.

ص: 444

ابن أبي أويس:، حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت لو أنك نزلت واديًا فيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرة لم يؤكل منها فأيهما كنت ترتع بعيرك? قال: "الشجرة التي لم يؤكل منها" قالت: فأنا هي تعني. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرًا غيرها

(1)

.

سفيان بن عيينة، عن أبي سعد، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: قالت عائشة رضي الله عنها: ما تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتي وقال: هذه زوجتك. فتزوجني وإني لجارية علي حوف. ولما تزوجني وقع علي الحياء وإني لصغيرة

(2)

.

تفرد به أبو سعد وهو سعيد بن المرزبان البقال لين الحديث. والحوف: شيء يشد في وسط الصبي من سيور.

يحيى بن يمان، عن الثوري، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وأعرس بي في شوال. فأي نسائه كان أحظى عنده مني؟

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5077" حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني أخي، به.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه الحاكم "4/ 9" من طريق سفيان بن عيينة، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد "! " ووافقه الذهبي في "التخليص""! ""! ".

قلت: بل إسناده ضعيف جدا، آفته أبو سعد البقال الأعور، واسمه سعيد بن المرزبان، مولى حذيفة بن اليمان، تركه الفلاس. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: صدوق مدلس. وقال البخاري: منكر الحديث.

وذكر الذهبي رحمه الله أقوال هؤلاء العلماء في "ميزان الاعتدال"، وذهل عنه هنا فوافق الحاكم على تصحيح إسناده، وهو واه. وقد ذكرت كثيرا من الأمثلة على ذهوله هذا وتساهله وتساهل الحاكم في تصحيح أحاديث واهية أو ضعيفة في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، وقد طبع المجلد الاول منها في مكتبة الدعوة بالأزهر، يسر الله طبع بقية مجلداته الثلاثة، وجعله في ميزان حسناتي بكرمه ومنه إنه سميع مجيب.

(3)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف، آفته يحيى بن يمان، فإنه كان سيئ الحفظ كثير الخطأ لكن قد رواه مسلم في "صحيحه""1423" وابن ماجه "1990" من طريق وكيع، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة، به. وهذه متابعة تامة ليحيى بن اليمان من وكيع بن الجراح.

وأخرجه الدارمي "2/ 145" من طريق عبيد الله بن موسى، عن سفيان، به.

وقوله: "أحظى": أي أكثر حظا.

ص: 445

وكانت العرب تستحب لنسائها أن يدخلن على أزواجهن في شوال.

وقالت عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها

(1)

.

قلت: وهذا من أعجب شيء أن تغار رضي الله عنها من امرأة عجوز توفيت قبل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة بمديدة ثم يحميها الله من الغيرة من عدة نسوة يشاركنها في النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي صلى الله عليه وسلم لئلا يتكدر عيشهما. ولعله إنما خفف أمر الغيرة عليها حب النبي صلى الله عليه وسلم لها وميله إليها ف-رضي الله عنها وأرضاها.

معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: دخلت امرأة سوداء على النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليها. قالت: فقلت: يا رسول الله أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال فقال: "إنها كانت تدخل على خديجة وإن حسن العهد من الإيمان"

(2)

.

أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل، أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي سنة ست عشرة وست مائة، أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق، أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن علي بن زكري، حدثنا علي بن محمد المعدل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون، حدثنا القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من زعم أن

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3816"، ومسلم "2435""74" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

قوله: "ما غرت على امرأة ما غرت": الغيرة هي الحمية والأنفة. يقال رجل غيور وامرأة غيور، بلا هاء؛ لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى. وما الأولى نافية. والثانية مصدرية أو موصلة والمعنى: أي ما غرت مثل غيرتي أو مثل التي غرتها على خذيجة.

(2)

ضعيف: أخرجه الحاكم "1/ 15 - 16" من طريق صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية فقال: بل أنت حسانة المزنية كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله فلما خرجت قلت يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تأتينا زمن خديجة وإن حسن العهد من الإيمان. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين "! " ووافقه الذهبي في "التلخيص""! ".

قلت: بل إسناده ضعيف، آفته صالح بن رستم، فإنه ضعيف لسوء حفظه، فقد كان كثير الخطأ، وقد ضعفه أبو حاتم، وابن المديني.

ص: 446

محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله تعالى ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه سادًا ما بين الأفق

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد.

ولم يأتنا نص جلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى بعينيه. وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها فأما رؤية المنام فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة وأما رؤية الله عيانًا في الآخرة فأمر متيقن تواترت به النصوص. جمع أحاديثها الدار قطني والبيهقي وغيرهما.

وأبو الحسن المدائني، عن يزيد بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة وذلك قبل أن يضرب الحجاب فقال: من هذه الحميراء يا رسول الله? قال: "هذه عائشة بنت أبي بكر" قال: أفلا أنزل لك، عن أجمل النساء? قال:"لا" فلما خرج قالت عائشة: من هذا يا رسول الله قال: "هذا الأحمق المطاع في قومه".

هذا حديث مرسل ويزيد متروك وما أسلم عيينة إلَّا بعد نزول الحجاب.

وقد قيل: أن كل حديث فيه: يا حميراء لم يصح. وأوهى ذلك تشميس الماء وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها: "لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص". فإنه خبر موضوع

(2)

. والحمراء في خطاب أهل الحجاز: هي البيضاء بشقرة وهذا نادر فيهم ومنه في الحديث: " رجل أحمر كأنه من الموالي" يريد القائل أنه في لون الموالي الذين سبوا من نصارى الشام والروم والعجم.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3234" حدثنا محمد بن عبد الله بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون، به.

وأخرجه البخاري "4855"، ومسلم "177"، والترمذي "3278" من طرق عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة بنحوه.

(2)

موضوع: أخرجه الدارقطني "1/ 38"، والبيهقي "1/ 6" من طريق سعدان بن نضر حدثنا خالد بن إسماعيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أسخنت ماء في الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص، وقال الدارقطني في إثره:"غريب جدا، خالد بن إسماعيل متروك"، وقال البيهقي في إثره: وهذا لا يصح.

قلت: إسناده موضوع، آفته خالد بن إسماعيل المخزومي المدني، أبو الوليد، قال ابن عدي: كان يضع الحديث على الثقات. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.

ص: 447

ثم إن العرب إذا قالت: فلان أبيض فإنهم يريدون الحنطي اللون بحلية سوداء فإن كان في لون أهل الهند قالوا: أسمر وآدم وإن كان في سواد التكرور قالوا: أسود وكذا كل من غلب عليه السواد قالوا: أسود أو شديد الأدمة. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت إلى الأحمر والأسود"

(1)

.

فمعنى ذلك: أن بني آدم لا ينفكون، عن أحد الأمرين. وكل لون بهذا الاعتبار يدور بين السواد والبياض الذي هو الحمرة.

أحمد في "مسنده"، حدثنا عباد بن عباد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لها: "إني أعرف غضبك إذا غضبت ورضاك إذا رضيت" قالت: وكيف تعرف? قال: "إذا غضبت قلت: يا محمد وإذا رضيت قلت: يا رسول الله".

هذا حديث غريب والمحفوظ ما أخرجا في الصحيحين لأبي أسامة، عن هشام بلفظ:"إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى". قالت: وكيف يا رسول الله? قال: "إذا كنت عني راضية قلت: لا ورب محمد وإذا كنت علي غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". قلت: أجل والله ما أهجر إلَّا اسمك

(2)

.

تابعه علي بن مسهر وأخرج النسائي حديث علي.

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنها استعارت قلادة في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانسلت منها. وكان ذلك المكان يقال له: الصلصل. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فطلبوها حتى وجدوها وحضرت الصلاة ولم يكن معهم ماء فصلوا بغير وضوء. فأنزل الله آية التيمم. فقال لها أسيد ابن الحضير: جزاك الله خيرًا فوالله ما نزل بك أمر قط تكرهينه إلَّا جعل الله لك فيه خيرًا

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "521" من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي وجعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 61 و 313"، والبخاري "5228" و"6078"، ومسلم "2439"، والطبراني "23/ 119 و 120 و 121 و 122"، والبيهقي "10/ 27"، والبغوي "2338" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "334"، ومسلم "367" من طريق مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة.

ص: 448

رواه ابن نمير وعلي بن مسهر عنه

(1)

.

مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقدي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء. فأتى الناس أبا بكر رضي الله عنه. فقالوا: ما ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت: فعاتبني أبو بكر فقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرني فلا يمنعني من التحرك إلَّا مكان النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء. فأنزل الله آية التيمم فتيمموا. فقال أسيد بن حضير وهو أحد النقباء: ما هذا بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته. متفق عليه

(2)

.

وفي مسند أحمد من طريق محمد بن إسحاق:، حدثنا يحيى بن عباد ابن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة: قالت: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بتربان بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال وهو بلد لا ماء به وذلك من السحر انسلت قلادة من عنقي فوقعت فحبس علي رسول الله صلى الله عليه وسلم لالتماسها حتى طلع الفجر وليس مع القوم ماء. فلقيت من أبي ما الله به عليم من التعنيف والتأفيف. وقال في كل سفر للمسلمين منك عناء وبلاء. فأنزل الله الرخصة في التيمم فتيمم القوم وصلوا.

قالت: يقول أبي حين جاء من الله من الرخصة للمسلمين: والله ما علمت يا بنية إنك لمباركة ماذا جعل الله للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر

(3)

.

أبو نعيم: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عائشة ترفع صوتها عليه فقال: يا بنت فلانة ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها. ثم خرج أبو بكر فجعل

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "336" من طريق عبد الله بن نمير قال: حدثنا هشام بن عروة، به.

أما رواية علي بن مسهر في هذا الحديث عن هشام قال: "وكان ذلك المكان يقال له الصلصل" رواه جعفر الفريابي في كتاب الطهارة له وابن عبد البر من طريقه، والصلصل بمهملتين مضمومتين ولامين الأولى ساكنة بين الصادين قال البكري: هو جبل عند ذي الحليفة.

(2)

صحيح: انظر تعليقنا قبل السابق.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 272 - 273"، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث فأمنا شر تدليسه.

ص: 449

النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها وقال: "ألم تريني حلت بين الرجل وبينك". ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى فسمع تضاحكهما فقال: أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.

أخرجه أبو داود والنسائي

(1)

من طريق حجاج بن محمد، عن يونس نحوه. لكنه قال:، عن أبيه، عن أبي إسحاق

(2)

، عن العيزار، عن النعمان.

ورواه عمرو العنقزي

(3)

، عن يونس، عن أبيه فأسقط العيزار.

وروى نحوه أحمد في مسنده، عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان

(4)

.

موسى بن علي بن رباح: سمعت أبي يقول: أخبرني أبو قيس مولى عمرو قال: بعثني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة: سلها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم? فإن قالت: لا. فقل: إن عائشة تخبر الناس أنه كان يقبل وهو صائم. فقالت: لعله أنه لم يكن يتمالك عنها حبًا أما إياي فلا

(5)

.

أحمد في "مسنده"، حدثنا عثمان بن عمر: حدثنا يونس الأيلي:، حدثنا أبو شداد، عن مجاهد، عن أسماء بنت عميس قالت: كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة فما وجدنا عنده قرىً إلَّا قدحًا من لبن فشرب منه ثم ناوله عائشة. فاستحيت الجارية فقلنا: لا تردي يد رسول الله خذي منه. فأخذت منه على حياء فشربت. ثم قال: "ناولي صواحبك" فقلنا: لا نشتهيه. فقال: "لا تجمعن جوعًا

(1)

ضعيف: أخرجه أبو داود "4999"، وإسناده ضعيف فيه أبو إسحاق، وهو ضعيف.

(2)

وقع في الإسناد "يونس، عن أبيه، عن أبي إسحاق"، وهو خطأ والصواب كما في سنن أبي داود "يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه أبي إسحاق".

(3)

هو عمرو بن محمد العنقزي، بفتح المهملة والقاف بينهما نون ساكنة، وبالزاي أبو سعيد، الكوفي ثقة، من الطبقة التاسعة، وهي الطبقة الصغرى من أتباع التابعين. والعنقزي: ينسب إلى العنقز: وهو: المرزنجوشي، وقيل: الريحان، كان يبيعه أو يزرعة، كما في "اللباب". مات ست سنة تسع وتسعين ومائة استشهد به البخاري، وروى له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ثقة، وعن يحيى بن معين: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات""8/ 482".

(4)

ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 271 - 272" حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، به. وإسناده ضعيف، أبو إسحاق هو السبيعي، مدلس، وقد عنعنه.

(5)

حسن: أخرجه أحمد "6/ 296 و 317" من طريق موسى بن علي بن رباح، به.

قلت: إسناده حسن، موسى بن علي بن رباح، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 450

وكذبًا". فقلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا تشتهيه أيعد كذبًا قال: "إن الكذب يكتب حتى تكتب الكذيبة كذيبة".

هذا حديث منكر لا نعرفه إلَّا من طريق أبي شداد وليس بالمشهور. قد روى عنه ابن جريح أيضًا. ثم هو خطأ فإن أسماء كانت وقت عرس عائشة بالحبشة مع جعفر بن أبي طالب ولا نعلم لمجاهد سماعًا، عن أسماء أو لعلها أسماء بنت يزيد فإنها روت عجز هذا الحديث.

زكريا بن أبي زائدة، عن خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة قال: قالت عائشة: ما علمت حتى دخلت علي زينب بغير إذن وهي غضبى ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسبك إذا قلبت لك بنية أبي بكر ذريعتيها?

(1)

ثم أقبلت علي فأعرضت عنها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دونك فانتصري" فأقبلت عليها حتى رأيت قد يبس ريقها في فمها فما ترد علي شيئا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه.

أحمد بن عبيد الله النرسي: حدثنا يحيى الخواص، حدثنا محاضر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير يومي يطلب مني ضجعًا. فدق فسمعت الدق ثم خرجت ففتحت له. فقال: "ما كنت تسمعين الدق"؟!. قلت: بلى ولكنني أحببت أن يعلم النساء أنك أتيتني في غير يومي.

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته ما شاء حتى إذا رهقني اللحم سابقني فسبقني. فقال: "يا عائشة هذه بتلك"

(2)

.

ورواه أبو إسحاق الفزاري، عن هشام فقال:، عن أبيه وعن أبي سلمة عنها. أخرجه هكذا أبو داود.

أبو سعد البقال

(3)

: عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه: قالت عائشة: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتاه جبريل بصورتي وإني لجارية علي حوفٌ. فلما تزوجني ألقى الله علي حياء وأنا صغيرة.

(1)

ذريعتيها: تصغير ذراع والهاء فيها لأنها مؤنثة. والمقصود هنا ساعداها.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 39"، والحميدي "261"، وأبو داود "2578"، وابن ماجه "1979"، والطحاوي في "مشكل الآثار""2/ 360" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، به.

(3)

أبو سعد البقال، هو سعيد بن المرزبان الأعور، مولى حذيفة بن اليمان، كوفي مشهور، تركه الفلاس. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: صدوق مدلس. وقال البخاري: منكر الحديث. وقد تقدم كلامنا على أبي سعد هذا وتقدم كلامنا على الحديث.

ص: 451

الحوف: سيور في الوسط.

مسعر، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العظم فأتعرقه ثم يأخذه فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي.

رواه شعبة والناس، عن المقدام أخرجه مسلم

(1)

.

أخبرنا علي بن محمد ومحمد بن علي وعلي بن بقاء وأهله فاطمة الآمدية وأحمد بن إبراهيم الدباغ وعبد الدائم الوزان وعبد الصمد الزاهد ومحمد بن هاشم العباسي ونصر بن أبي الضوء وزينب بنت سليمان وعدة قالوا: أخبرنا الحسين بن المبارك، أخبرنا عبد الأول ابن عيسى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الواحد بن أيمن، حدثني ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقالت حفصة: إلَّا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر. فقالت: بلى. فركبت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة. فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول: يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئًا

(2)

.

أخرجه مسلم، عن إسحاق، عن أبي نعيم فوقع لنا بدلًا عاليًا.

زياد بن أيوب: حدثنا مصعب بن سلام: حدثنا محمد بن سوقة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه: قال: انتهينا إلى علي رضي الله عنه فذكر عائشة فقال: خليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا حديث حسن. ومصعب فصالح لا بأس به. وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما فرضي الله عنهما. ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ. فعن عمارة بن عمير عمن سمع عائشة: إذا قرأت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُن} [الأحزاب: 33]. بكت حتى تبل خمارها

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "300".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5211"، ومسلم "2445" من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الواحد بن أيمن، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، به.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 18" من طريق الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا مرارا.

ص: 452

قال أحمد في "مسنده": حدثنا يحيى القطان، عن إسماعيل: حدثنا قيس قال: لما أقبلت عائشة فلما بلغت مياه بني عامر ليلًا نبحت الكلاب فقالت: أي ماء هذا? قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلَّا أنني راجعة. قال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب"

(1)

.

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجوه.

عن صالح بن كيسان وغيره: أن عائشة جعلت تقول: إن عثمان قتل مظلومًا وأنا أدعوكم إلى الطلب بدمه وإعادة الأمر شورى.

هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل: هذه عائشة تملك الملك لقرابتها طلحة فأنت غلام تقاتل قريبك عليًا فرجع الزبير فلقيه ابن جرموز فقتله.

قلت: قد سقت وقعة الجمل ملخصة في مناقب علي وإن عليًا وقف على خباء عائشة يلومها على مسيرها. فقالت: يابن أبي طالب ملكت فأسجح

(2)

. فجهزها إلى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفًا ف-رضي الله عنه وعنها.

وفي صحيح البخاري من طريق أبي حصين، عن عبد الله بن زياد، عن عمار بن ياسر سمعه على المنبر يقول: إنها لزوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. يعني عائشة

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 52 و 97"، وابن حبان "1831" موارد، وابن عدي في "الكامل""4/ 320"، والحاكم "3/ 120" من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة

، فذكره.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقيس بن أبي حازم، ثقة، وثقه ابن معين وقد صحح الحديث ابن حبان، والحاكم، والحافظ ابن كثير فقال في "البداية" بعد أن عزاه كالذهبي لأحمد في "المسند": وهذا إسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال الحافظ في "الفتح" بعد أن عزاه لأحمد وأبي يعلى والبزار: وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح.

(2)

ملكت فأسجع: أي قدرت فسهل وأحسن العفو، وهو مثل سائر قاله ابن الأثير في "النهاية""2/ 242".

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "7100"، والترمذي "3889" من طريق أبي بكر بن عياش حدثنا أبو حصين، به.

ص: 453

وفي لفظ ثابت: أشهد بالله إنها لزوجته.

شعبة، عن الحكم، عن أبي وائل: سمع عمارًا يقول حين بعثه علي إلى الكوفة ليستنفر الناس: إنا لنعلم إنها لزوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم بها لتتبعوه أو إياها

(1)

.

أبو إسحاق السبيعي، عن عمرو بن غالب: أن رجلًا نال من عائشة عند عمار فقال: اغرب مقبوحًا اتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

(2)

.

صححه الترمذي في بعض النسخ وفي بعض النسخ: هذا حديث حسن.

وقال الترمذي: حدثنا حميد بن مسعدة: حدثنا زياد بن الربيع: حدثنا خالد بن سلمة المخزومي، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلَّا وجدنا عندها منه علمًا

(3)

.

هذا حديث حسن غريب.

عبد الرحمن بن المبارك: حدثنا زياد بن الربيع حدثنا خالد بن أبي سلمة المخزومي، عن أبي بردة، عن أبيه قال: ما أشكل علينا .... فذكره.

فأما زياد فثقة. وخالد صوابه: ابن سلمة احتج به مسلم.

بشر بن المفضل: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن ابن أبي مليكة أن ذكوان: أبا

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3772" حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن الحكم، به.

(2)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3888"، وابن سعد "8/ 65"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 44" من طريق أبي إسحاق السبيعي، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان الأولى: أبو إسحاق السبيعي، عمرو بن عبد الله الهمذاني مدلس، وقد عنعنه. الثانية: جهالة عمرو بن غالب الهمداني الكوفي، لذا فقد قال الحافظ في "التقريب":"مقبول" أي عند المتابعة، وليس ثم من تابعه.

(3)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3883" حدثنا حميد بن مسعدة، به.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قلت: بل إسناده ضعيف، ابن أبي بردة، هو سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري الكوفي، قال أبو حاتم: لم يسمع من جده شيئا. فالإسناد منقطع.

تنبيه: وقع في المطبوع: "عن أبي بردة، عن أبي موسى"، وهو خطأ، والصواب "عن ابن أبي بردة، عن أبي موسى"، كما في "سنن الترمذي"، وهو ما أثبتناه.

ص: 454

عمرو حدثه قال: جاء ابن عباس رضي الله عنهما يستأذن على عائشة وهي في الموت. قال: فجئت وعند رأسها عبد الله ابن أخيها عبد الرحمن فقلت: هذا ابن عباس يستأذن. قالت: دعني من ابن عباس لا حاجة لي به ولا بتزكيته. فقال عبد الله: يا أمه إن ابن عباس من صالحي بنيك يودعك ويسلم عليك.

قالت: فائذن له إن شئت. قال: فجاء ابن عباس فلما قعد قال: أبشري فوالله ما بينك وبين أن تفارقي كل نصب وتلقي محمدًا صلى الله عليه وسلم والأحبة إلَّا أن تفارق روحك جسدك.

قالت: إيهًا يابن عباس قال: كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني إليه ولم يكن يحب إلَّا طيبًا سقطت قلادتك ليلة الأبواء وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلقطها فأصبح الناس ليس معهم ماء فأنزل الله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 42]. فكان ذلك من سببك وما أنزل الله بهذه الأمة من الرخصة. ثم أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات فأصبح ليس مسجد من مساجد يذكر فيها الله إلَّا براءتك تتلى فيه آناء الليل والنهار. قالت: دعني عنك يابن عباس فوالله لوددت أني كنت نسيًا منسيًّا

(1)

.

يحيى القطان، عن عمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس استأذن على عائشة وهي مغلوبة فقالت: أخشى أن يثني علي. فقيل: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وجوه المسلمين. قالت: ائذنوا له. فقال: كيف تجدينك؟ فقالت: بخير إن اتقيت. قال: فأنت بخير إن شاء الله، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج بكرًا غيرك ونزل عذرك من السماء.

فلما جاء ابن الزبير قالت له: جاء ابن عباس وأثنى علي ووددت أني كنت نسيًا منسيًّا.

وقال القاسم بن محمد: اشتكت عائشة فجاء ابن عباس فقال: يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق، على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر رضي الله عنه

(2)

.

أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن علوان، أخبرنا ابن قدامة سنة إحدى عشرة وست مائة، أخبرنا محمد بن البطي، أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم بن بشران، أخبرنا أبو

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 276 و 349"، وفي "فضائل الصحابة" له "1636" وابن سعد "8/ 74" والحاكم "4/ 8 - 9" وأبو نعيم في "الحلية""2/ 45" من طريق عبد الله بن أبي مليكة، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3771" حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا ابن عون، عن القاسم بن محمد، به.

ص: 455

الفضل بن خزيمة: حدثنا محمد بن أبي العوام: حدثنا موسى بن داود: حدثنا أبو مسعود الجرار، عن علي بن الأقمر قال: كان مسروق إذا حدث، عن عائشة قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة من فوق سبع سماوات فلم أكذبها.

الأعمش: عن أبي الضحى، عن مسروق قال: قلنا له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض. قال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها، عن الفرائض.

أنبأنا ابن قدامة وابن علان قالا: أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية عبد الله بن معاوية الزبيري قدم علينا مكة قال: حدثنا هشام بن عروة قال كان عروة يقول لعائشة: يا أمتاه لا أعجب من فقهك أقول: زوجة نبي الله وابنة أبي بكر. ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس أقول: ابنة أبي بكر وكان أعلم الناس ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو أو ما هو؟!

قال: فضربت على منكبه وقالت: أي عرية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره أو في آخر عمره وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات وكنت أعالجها له فمن ثم

(1)

.

قرأت على محمد بن قايماز، أخبركم محمد بن قوام، أخبرنا أبو سعيد الراراني، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد الله بن جعفر، أخبرنا أحمد بن الفرات، أخبرنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: ما رأيت أحدًا أعلم بالطب من عائشة رضي الله عنها. فقلت: يا خالة ممن تعلمت الطب قالت: كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه.

سعيد بن سليمان، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه قال: لقد صحبت عائشة فما رأيت أحدًا قط كان أعلم بآية أنزلت ولا بفريضة ولا بسنة ولا بشعر ولا أروى له ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا طب منها. فقلت لها: يا خالة الطب من أين علمته? فقالت: كنت أمرض فينعت لي الشيء ويمرض المريض فينعت له وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه أحمد "6/ 67"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 50" من طريق أبي معاوية عبد الله بن معاوية الزبيري، به.

قلت: إسناده واه بمرة، آفته عبد الله بن معاوية هذا، قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وذكر له الذهبي في "الميزان" حديثا موضوعا.

ص: 456

قال عروة: فلقد ذهب عامة علمها لم أسأل عنه.

إبراهيم بن المنذر الحزامي: حدثنا عمر بن عثمان، عن ابن شهاب: حدثنا القاسم بن محمد: أن معاوية دخل على عائشة فكلمها. قال: فلما قام معاوية اتكأ على يد مولاها ذكوان فقال: والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عمر بن عثمان التيمي: ليس بالثبت.

الزهري من رواية معمر والأوزاعي عنه وهذا لفظ الأوزاعي عنه قال: أخبرني عوف بن الطفيل بن الحارث الأزدي وهو ابن أخي عائشة لأمها: أن عائشة بلغها أن عبد الله بن الزبير كان في دار لها باعتها فتسخط عبد الله بيع تلك الدار فقال: أما والله لتنتهين عائشة، عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها.

قالت عائشة: أو قال ذلك قالوا: قد كان ذلك. قالت: لله علي إلَّا أكلمه حتى يفرق بيني وبينه الموت.

فطالت هجرتها إياه فنقصه الله بذلك في أمره كله. فاستشفع بكل أحد يرى أنه يثقل عليها فأبت أن تكلمه.

فلما طال ذلك كلم المسور بن مخرمة عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أن يشملاه بأرديتهما ثم يستأذنا فإذا أذنت لهما قالا: كلنا حتى يدخلاه على عائشة ففعلا ذلك. فقالت: نعم كلكم فليدخل. ولا تشعر. فدخل معهما ابن الزبير فكشف الستر فاعتنقها وبكى وبكت عائشة بكاء كثيرًا وناشدها ابن الزبير الله والرحم ونشدها مسور وعبد الرحمن بالله والرحم وذكرا لها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". فلما أكثروا عليها كلمته بعدما خشي إلَّا تكلمه. ثم بعثت إلى اليمن بمال فابتيع لها أربعون رقبة فأعتقتها.

قال عوف: ثم سمعتها بعد تذكر نذرها ذلك فتبكي حتى تبل خمارها.

قال ابن المديني: كذا قال: والصواب عندي: عوف بن الحارث بن الطفيل بن سخبرة. وكذلك رواه صالح بن كيسان، عن الزهري وتابعه معمر.

قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة.

وقال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل.

قال حفص بن غياث: حدثنا إسماعيل، عن أبي إسحاق قال: قال مسروق: لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين -يعني عائشة.

ص: 457

وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: أما إنه لا يحزن عليها إلَّا من كانت أمه.

القاسم بن عبد الواحد بن أيمن: حدثنا عمر بن عبد الله بن عروة، عن جده عروة، عن عائشة قالت: فخرت بمال أبي في الجاهلية وكان ألف ألف أوقية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة كنت لك كأبي زرع لأم زرع"

(1)

.

هكذا في هذه الرواية: ألف ألف أوقية. وإسنادها فيه لين. وأعتقد لفظة: "ألف" الواحدة باطلة فإنه يكون: أربعين ألف درهم وفي ذلك مفخر لرجل تاجر وقد أنفق ماله في ذات الله.

ولما هاجر كان قد بقي معه ستة آلاف درهم فأخذها صحبته أما ألف ألف أوقية فلا تجتمع إلَّا لسلطان كبير.

قال الزهري: عن القاسم بن محمد إن معاوية لما حج قدم فدخل على عائشة فلم يشهد كلامها إلَّا ذكوان مولى عائشة. فقالت لمعاوية: أمنت أن أخبأ لك رجلًا يقتلك بأخي محمد قال: صدقت. وفي رواية أخرى: قال لها: ما كنت لتفعلي ثم إنها وعظته وحضته على الاتباع.

وقال سعيد بن عبد العزيز التنوخي: قضى معاوية، عن عائشة ثمانية عشر ألف دينار هذه رواية منقطعة. والصحيح رواية عروة بن الزبير: أن معاوية بعث مرة إلى عائشة بمئة ألف درهم فوالله ما أمست حتى فرقتها. فقالت لها مولاتها: لو اشتريت لنا منها بدرهم لحمًا? فقالت: إلَّا قلت لي.

يحيى بن أبي زائدة، عن حجاج، عن عطاء: أن معاوية بعث إلى عائشة بقلادة بمئة ألف فقسمتها بين أمهات المؤمنين.

الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة: أنها تصدقت بسبعين ألفًا وإنها لترقع جانب درعها رضي الله عنها.

(1)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف، آفته القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب""مقبول" -أي عند المتابعة.

وأخرجه البخاري "5189"، ومسلم "2448"، والترمذي في "الشمائل""251"، والبغوي "2340" وأبو يعلى "4701"، والطبراني "23/ 266" من طرق عن عيسى بن يونس، حدثنا هشام بن عروة، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة، به في حديث طويل.

ص: 458

أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر، عن أم ذرة قالت: بعث ابن الزبير إلى عائشة بمال في غرارتين يكون مائة ألف فدعت بطبق فجعلت تقسم في الناس فلما أمست قالت: هاتي يا جارية فطوري. فقالت أم ذرة: يا أم المؤمنين أما استطعت أم تشتري لنا لحمًا بدرهم? قالت: لا تعنفيني لو أذكرتيني لفعلت.

مطرف بن طريف: عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة ألاف عشرة ألاف وزاد عائشة ألفين وقال: إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. شعبة: أخبرنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن عائشة كانت تصوم الدهر.

ابن جريج، عن عطاء قال: كنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير في قبة لها تركية عليها غشاؤها وقد رأيت عليها وأنا صبي درعًا معصفرًا.

وروى سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو: سمع القاسم يقول: كانت عائشة تلبس الأحمرين الذهب والمعصفر وهي محرمة.

وقال ابن أبي مليكة: رأيت عليها درعًا مضرجًا.

وقال معلى بن أسد: حدثنا المعلى بن زياد قال: حدثتنا بكرة بنت عقبة أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة فسألتها، عن الحناء؟

فقالت: شجرة طيبة وماء طهور وسألتها، عن الحفاف فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقلتيك فتصنعينهما أحسن مما هما فافعلي.

المعليان ثقتان.

وعن معاذة العدوية قالت: رأيت على عائشة ملحفة صفراء.

الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه قال: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتًا وأكثر.

مسعر، عن حماد، عن إبراهيم النخعي قال: قالت عائشة: يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة.

ابن علية، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وليلتي وبين سحري ونحري. ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه حتى ظننت أنه يريده فأخذته فمضغته ونفضته وطيبته ثم

ص: 459

دفعته إليه فاستن به كأحسن ما رأيته مستنًا قط ثم ذهب يرفعه إلي فسقطت يده فأخذت أدعو له بدعاء كان يدعو به له جبريل وكان هو يدعو به إذا مرض فلم يدع به في مرضه ذاك فرفع بصره إلى السماء وقال: "الرفيق الأعلى" وفاضت نفسه. فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا

(1)

.

هذا حديث صحيح.

عمر بن سعيد بن أبي حسين: حدثنا ابن أبي مليكة: حدثني أبو عمرو ذكوان مولى عائشة قال: قدم درج من العراق فيه جوهر إلى عمر فقال لأصحابه: تدرون ما ثمنه? قالوا: لا. ولم يدروا كيف يقسمونه فقال: أتأذنون أن أرسل به إلى عائشة. لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها قالوا: نعم. فبعث به إليها. فقالت: ماذا فتح على ابن الخطاب بعد رسول الله? اللهم لا تبقني لعطيته لقابل

(2)

.

هذا مرسل.

وأخرج الحاكم في مستدركه من طريق يحيى بن سعيد الأموي: حدثنا أبو العنبس سعيد بن كثير، عن أبيه قال: حدثتنا عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فاطمة. قالت: فتكلمت أنا فقال: "أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة". قلت: بلى والله قال: "فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة"

(3)

.

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "6/ 48" والحاكم "4/ 7" من طريق ابن علية به.

وأخرجه ابن أبي شيبة "12/ 131 - 132"، والبخاري "3100" و"4451"، والحاكم "4/ 6"، والطبراني من طرق عن ابن أبي مليكة، به.

وأخرج أحمد "6/ 121 - 122 و 200" والبخاري "890" و"1389" و"3774" و"4450" و"5217" ومسلم "2443"، والطبراني "23/ 81" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به مطولا ومختصرا.

وأخرجه البخاري "4438" والطبراني "3/ 79" من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، به.

(2)

ضعيف: أخرجه الحاكم "4/ 8" من طريق زيد بن الحباب، أنبأنا عمر بن سعيد بن أبي حسين المكي، به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين إذا صح سماع ذكوان أبي عمرو. وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: فيه إرسال". قلت: وهو كذلك.

(3)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته كثير بن عبيد التيمي، رضيع عائشة، ووالد سعيد، فإنه مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة.

وأخرجه الترمذي "3880" من طريق عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمرو بن علقمة المكي، عن ابن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة".

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، ابن أبي حسين هو عمر بن سعيد بن أبي حسين الكوفي المكي، وهو ثقة روى له البخاري ومسلم وغيرهما.

ص: 460

إسماعيل بن أبي خالد:، أخبرنا عبد الرحمن بن الضحاك: أن عبد الله ابن صفوان أتى عائشة فقالت: لي خلال تسع لم تكن لأحد إلَّا ما آتى الله مريم عليها السلام. والله ما أقول هذا فخرًا على صواحباتي.

فقال ابن صفوان: وما هن? قالت: جاء الملك بصورتي إلى رسول الله فتزوجني وتزوجني بكرًا وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف وكنت من أحب الناس إليه ونزل في آيات كادت الأمة تهلك فيها ورأيت جبريل ولم يره أحد من نسائه غيري وقبض في بيتي لم يله أحد غير الملك إلَّا أنا. صححه الحاكم.

العوام بن حوشب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات} [النور: 23] الآية. قال: نزلت في عائشة خاصة.

علي بن عاصم وفيه لين: حدثنا خالد الحذاء، عن ابن سيرين، عن الأحنف قال: سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء بعدهم فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من في عائشة.

وقال موسى بن طلحة: ما رأيت أحدًا أفصح من عائشة.

وفي "المستدرك" بإسناد صالح، عن أم سلمة: أنها لما سمعت الصرخة على عائشة قالت: والله لقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا أباها.

قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي سبرة، عن عثمان بن أبي عتيق، عن أبيه قال: رأيت ليلة ماتت عائشة حمل معها جريد بالخرق والزيت وأوقد ورأيت النساء بالبقيع كأنه عيد.

قال محمد بن عمر: حدثنا ابن جريج، عن نافع قال: شهدت أبا هريرة صلى على عائشة بالبقيع وكان خليفة مروان على المدينة وقد اعتمر تلك الأيام.

قال عروة بن الزبير: دفنت عائشة ليلًا.

ص: 461

قال هشام بن عروة وأحمد بن حنبل وشباب وغيرهم: توفيت سنة سبع وخمسين.

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى والواقدي وغيرهما: سنة ثمان وخمسين.

قال الواقدي: حدثنا ابن أبي سبرة، عن موسى بن ميسرة، عن سالم سبلان: أنها ماتت في الليلة السابعة عشرة من شهر رمضان بعد الوتر. فأمرت أن تدفن من ليلتها فاجتمع الأنصار وحضروا فلم ير ليلة أكثر ناسًا منها. نزل أهل العوالي فدفنت بالبقيع.

إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثًا ادفنوني مع أزواجه فدفنت بالبقيع رضي الله عنها.

قلت: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل فإنها ندمت ندامة كلية وتابت من ذلك: على أنها ما فعلت ذلك إلَّا متأولة قاصدة للخير كما اجتهد طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله، عن الجميع.

روى إسماعيل بن علية، عن أبي سفيان بن العلاء المازني، عن ابن أبي عتيق قال: قالت عائشة: إذا مر ابن عمر فأرونيه. فلما مر بها قيل لها: هذا ابن عمر. فقالت: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني، عن مسيري? قال: رأيت رجلًا قد غلب عليك يعني ابن الزبير.

وقد قيل: إنها مدفونة بغربي جامع دمشق. وهذا غلط فاحش لم تقدم رضي الله عنها إلى دمشق أصلًا وإنما هي مدفونة بالبقيع.

ومدة عمرها: ثلاث وستون سنة وأشهر.

ذكر شيء من عالي حديثها:

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي غير مرة، أخبرنا محمد بن هبة الله بن أبي حامد الدينوري سنة عشرين وست مائة ببغداد، أخبرنا عمي أبو بكر محمد بن أبي حامد: سنة تسع وثلاثين وخمس مائة، أخبرنا عاصم بن الحسن العاصمي، أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1579"، ومسلم "1258"، وأبو داود "1868".

ص: 462

أخرجه الأئمة الستة سوى ابن ماجه، عن ابن مثنى: فوافقناهم بعلو ولله الحمد.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله في شعبان سنة اثنتين وتسعين وست مائة، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعد الجرجاني، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا أبو معشر، عن سعيد، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب جاءني ملك إن حجزته

(1)

لتساوي الكعبة فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت نبيًّا عبدًا وإن شئت نبيًّا ملكًا فنظرت إلى جبريل فأشار إلي: أن ضع نفسك. فقلت: نبيًّا عبدًا" فكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئًا يقول: "آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد".

هذا حديث حسن غريب. ولا يمكن أن يقع لنا حديث أم المؤمنين أقرب إسنادًا من هذا.

قرأت على ابن عساكر، عن أبي روح: أخبرنا تميم، حدثنا أبو سعد، أخبرنا ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، عن علي بن هاشم، عن هشام بن عروة، عن بكر بن وائل، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة قط ولا ضرب خادمًا له قط ولا ضرب بيده شيئًا إلَّا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء فانتقمه من صاحبه إلَّا أن تنتهك محارم الله فينتقم

(2)

.

أخرجه النسائي، عن أحمد بن علي القاضي، عن أبي معمر. فوقع لنا بدلًا عاليًا.

يحيى بن سعيد القطان: حدثنا أبو يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة رضي الله عنها: أنها قتلت جانًا فأتيت في منامها: والله لقد قتلت مسلمًا. قالت: لو كان مسلمًا لم يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

فقيل: أو كان يدخل عليك إلَّا وعليك ثيابك؟

(1)

الحجرة: معقد السراويل، وقيل حيث يثني طرف الإزار.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 31 و 32 و 229 و 81"، ومسلم "2327" و"2328"، والترمذي في "الشمائل""341"، والدارمي "2/ 147"، والبيهقي "10/ 192" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

وأخرجه مالك "3/ 95 و 96"، ومن طريقه أحمد "6/ 115 و 116 و 181 و 182 و 262"، والبخاري "3560" و"6126"، وفي "الأدب المفرد""274"، وأبو داود "4785"، والبيهقي في "السنن""7/ 41"، والبغوي في "شرح السنة""3703" عن الزهري، عن عروة، به.

ص: 463

فأصبحت فزعة، فأمرت باثني عشر ألف درهم فجعلتها في سبيل الله.

عفيف بن سالم: عن عبد الله بن المؤمل، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة بنت طلحة قالت: كان جان يطلع على عائشة فحرجت عليه مرة بعد مرة. فأبى إلَّا أن يظهر فعدت عليه بحديدة فقتلته. فأتيت في منامها فقيل لها: أقتلت فلانًا وقد شهد بدرًا وكان لا يطلع عليك لا حاسرًا ولا متجردة إلَّا أنه كان يسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذها ما تقدم وما تأخر فذكرت ذلك لأبيها فقال: تصدقي باثني عشر ألفًا ديته.

رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن عفيف وهو ثقة. وابن المؤمل فيه ضعف والإسناد الأول أصح. وما أعلم أحدًا اليوم يقول بوجوب دية في مثل هذا.

قال أبو إسحاق: عن مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين وقال: إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عن الشعبي: أن عائشة قالت: رويت للبيد نحوًا من ألف بيت وكان الشعبي يذكرها فيتعجب من فقهها وعلمها. ثم يقول ما ظنكم بأدب النبوة.

وعن الشعبي، قال: قيل لعائشة يا أم المؤمنين هذا القرآن تلقيته، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الحلال والحرام وهذا الشعر والنسب والأخبار سمعتها من أبيك وغيره فما بال الطب? قالت: كانت الوفود تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزال الرجل يشكو علة فيسأله، عن دوائها. فيخبره بذلك. فحفظت ما كان يصفه لهم، وفهمته.

هشام بن عروة، عن أبيه: أنها أنشدت بيت لبيد:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم

وبقيت في خلف كجلد الأجرب

فقالت: رحم الله لبيدًا، فكيف لو رأى زماننا هذا!

قال عروة: رحم الله أم المؤمنين فكيف لو أدركت زماننا هذا.

قال هشام: رحم الله أبي فكيف لو رأى زماننا هذا!

قال كاتبه: سمعناه مسلسلًا بهذا القول بإسناد مقارب.

محمد بن وضاح: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن عصام بن قدامة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعد ما كادت".

ص: 464

قال ابن عبد البر: هذا الحديث من أعلام النبوة وعصام ثقة.

وقال أبو حسان الزيادي، عن أبي عاصم العباداني، عن علي بن زيد قال: باعت عائشة دارًا لها بمئة ألف ثم قسمت الثمن فبلغ ذلك ابن الزبير? فقال: قسمت مئة ألف والله لتنتهين، عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها. فقالت: أهو يحجر علي? لله علي نذر إن كلمته أبدًا.

فضاقت به الدنيا حتى كلمته فأعتقت مائة رقبة

(1)

.

قلت: كانت أم المؤمنين من أكرم أهل زمانها ولها في السخاء أخبار وكان ابن الزبير بخلاف ذلك.

حماد بن سلمة: حدثنا هشام بن عروة، عن عوف بن الحارث، عن رميثة، عن أم سلمة قالت: كلمني صواحبي أن أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس فيهدون له حيث كان فإن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نحب الخير.

فقلت: يا رسول الله إن صواحبي كلمنني وذكرت له فسكت فلم يراجعني. فكلمته فيما بعد مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يسكت ثم قال: "لا تؤذيني في عائشة فإني والله ما نزل الوحي علي وأنا في ثوب امرأة من نسائي غير عائشة". قلت: أعوذ بالله أن أسوءك في عائشة.

أخرجه النسائي

(2)

.

يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبو العنبس سعيد بن كثير، عن أبيه قال: حدثتنا عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فاطمة. فتكلمت أنا: فقال: "أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة". قلت: بلى والله

(3)

.

وقال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين لكانت عائشة أوسعهم علمًا.

(1)

ضعيف: فيه أبو عاصم العباداني، وعلي بن زيد وهما ضعيفان.

(2)

ضعيف: أخرجه النسائي "7/ 68 - 69" من طريق عبدة، عن هشام، عن عوف بن الحارث، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عوف بن الحارث بن الطفيل، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول.

(3)

صحيح: أخرجه الحاكم "4/ 10" من طريق يحيى بن سعيد الأموي، به.

وقال الحاكم: صحيح. ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا.

ص: 465

ابن عيينة، عن موسى الجهني، عن أبي بكر بن حفص، عن عائشة: أن أبويها قالا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نحب أن تدعو لعائشة ونحن نسمع. فقال: "اللهم اغفر لعائشة مغفرة واجبة ظاهرة باطنة". فعجب أبواها لحسن دعائه لها فقال: "أتعجبان? هذه دعوتي لمن شهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله".

أخرجه الحاكم

(1)

.

الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق: قالت لي عائشة: رأيتني على تل وحولي بقر تنحر. قلت: لئن صدقت رؤياك لتكونن حولك ملحمة قالت: أعوذ بالله من شرك بئس ما قلت. فقلت لها: فلعله إن كان أمر. قالت: لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أفعل ذلك. فلما كان بعد ذكر عندها: أن عليًا رضي الله عنه قتل ذا الثدية. فقالت لي: إذا أنت قدمت الكوفة فاكتب لي ناسا ممن شهد ذلك. فقدمت فوجدت الناس أشياعًا فكتبت لها من كل شيعة عشرة فأتيتها بشهادتهم فقالت: لعن الله عمرًا فإنه زعم أنه قتله بمصر.

قال الحاكم: هذا على شرط البخاري ومسلم.

روى مغيرة بن زياد، عن عطاء قال: كانت عائشة أفقه الناس وأعلمهم وأحسن الناس رأيًا في العامة.

قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن حصين، عن أبي وائل، حدثني مسروق حدثتني أم رومان: قالت: بينما أنا قاعدة ولجت علي امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل.

فقالت أم رومان: وما ذاك? قالت: ابني فيمن حدث الحديث. قالت: وما ذاك قالت: كذا وكذا. قالت عائشة: سمع رسول الله? قالت: نعم. قالت: وأبو بكر? قالت: نعم فخرت مغشيًا عليها فما أفاقت إلَّا وعليها حمى بنافض فطرحت عليها ثيابها. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما شأن هذه"؟. قلت: يا رسول الله أخذتها الحمى بنافض. قال: "فلعل في حديث تحدث به"؟ قلت: نعم.

فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقوني ولئن قلت لا تعذروني مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه: والله المستعان على ما تصفون.

قالت: وانصرف ولم يقل شيئًا فأنزل الله عذرها. قالت: بحمد الله لا بحمد أحد ولا بحمدك

(2)

.

صحيح غريب.

(1)

منكر: أخرجه الحاكم "4/ 11 - 12" من طريق سفيان بن عيينة، عن موسى الجهني، به. وقال الذهبي في "التلخيص":"قلت: منكر على جودة إسناده".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4143" من طريق موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، به.

ص: 466

‌116 - أم سلمة أم المؤمنين

(1)

: " ع"

السيدة المحجبة الطاهرة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة المخزومية بنت عم خالد بن الوليد سيف الله وبنت عم أبي جهل بن هشام.

من المهاجرات الأول. كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أخيه من الرضاعة: أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح.

دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة أربع من الهجرة وكانت من أجمل النساء وأشرفهن نسبًا.

وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين. عمرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد فوجمت لذلك وغشي عليها وحزنت عليه كثيرًا لم تلبث بعده إلَّا يسيرًا وانتقلت إلى الله.

ولها أولاد صحابيون: عمر وسلمة وزينب ولها جملة أحاديث.

روى عنها: سعيد بن المسيب وشقيق بن سلمة والأسود بن يزيد والشعبي وأبو صالح السمان ومجاهد ونافع بن جبير بن مطعم ونافع مولاها ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح وشهر ابن حوشب وابن أبي مليكة وخلق كثير.

عاشت نحوًا من تسعين سنة.

وأبوها: هو زاد الراكب أحد الأجواد قيل اسمه حذيفة.

وقد وهم من سماها: رملة تلك أم حبيبة.

وكانت تعد من فقهاء الصحابيات.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 86 - 96"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 2375"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 1309"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7941"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2905".

ص: 467

الواقدي: حدثنا عمر بن عثمان، عن عبد الملك بن عبيد، عن سعيد بن يربوع، عن عمر بن أبي سلمة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي إلى أبي قطن في المحرم سنة أربع، فغاب تسعًا وعشرين ليلة، ثم رجع في صفر، وجرحه الذي أصابه يوم أحد منتقض، فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة، وحلت أمي في شوال وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إلى أن قال: وتوفيت سنة تسع وخمسين في ذي القعدة.

ابن سعد: أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي: حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم الأحول، عن زياد بن أبي مريم قالت أم سلمة لأبي سلمة: بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة ثم لم تزوج إلَّا جمع الله بينهما في الجنة. فتعال أعاهدك إلَّا تزوج بعدي ولا أتزوج بعدك. قال: أتطيعينني? قالت: نعم. قال: إذا مت تزوجي. اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلًا خيرًا مني، لا يحزنها ولا يؤذيها. فلما مات قلت: من خير من أبي سلمة فما لبثت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على الباب فذكر الخطبة إلى ابن أخيها أو ابنها. فقالت: أرد على رسول الله أو أتقدم عليه بعيالي. ثم جاء الغد فخطب

(1)

.

عفان: حدثنا حماد حدثنا ثابت، حدثني ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أن أم سلمة لما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته ثم عمر فردته فبعث إليها رسول الله فقالت: مرحبًا أخبر رسول الله أني غيرى، وأني مصبية، وليس أحد من أوليائي شاهدًا.

فبعث إليها: "أما قولك: إني مصبية

(2)

فإن الله سيكفيك صبيانك. وأما قولك: إني غيرى فسأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأما الأولياء فليس أحد منهم إلَّا سيرضى بي".

قالت: يا عمر قم فزوج رسول الله.

وقال رسول الله: "أما أني لا أنقصك مما أعطيت فلانة .... ". الحديث

(3)

.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 88" أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي، به.

قلت: إسناده ضعيف للانقطاع بين زياد بن أبي مريم الجزري وأم سلمة، زياد هذا من الطبقة السادسة، وهي طبقة عاصرت الخامسة، ولم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.

(2)

غيرى: أي: شديدة الغيرة. ومصبية: أي: ذات صبية وأولاد صغار.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 89" وأحمد "6/ 313 - 314"، والنسائي "6/ 81 - 82" من طريق حماد بن سلمة، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن عمر بن أبي سلمة، مجهول؛ لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.

ص: 468

عبد الله بن نمير: حدثنا أبو حيان التيمي، عن حبيب بن أبي ثابت قال: قالت أم سلمة: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني وبيننا حجاب فخطبني فقلت: وما تريد إلي? ما أقول هذا إلَّا رغبة لك، عن نفسي إني امرأة قد أدبر من سني وإني أم أيتام وأنا شديدة الغيرة وأنت يا رسول الله تجمع النساء.

قال: "أما الغيرة فيذهبها الله. وأما السن فأنا أكبر منك. وأما أيتامك فعلى الله وعلى رسوله". فأذنت فتزوجني

(1)

.

أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة. فقالت: في خصال ثلاث: كبيرة ومطفل وغيور

، الحديث

(2)

.

وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: دخلت أيم العرب على سيد المسلمين أول العشاء عروسًا وقامت آخر الليل تطحن يعني: أم سلمة

(3)

.

مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: لما بنى رسول الله بأم سلمة قال: "ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وسبعت عندهن -يعني نساءه- وإن شئت ثلاثًا ودرت"؟.

قالت: ثلاثًا

(4)

.

روح بن عبادة: حدثنا ابن جريج أخبرني حبيب بن أبي ثابت، أن عبد الحميد بن عبد الله والقاسم بن محمد حدثاه: أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن يخبر أن أم سلمة أخبرته: أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم: أنها بنت أبي أمية فكذبوها حتى أنشأ ناس منهم الحج فقالوا: أتكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا فصدقوها وازدادت عليهم كرامة.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 90"، وهو ضعيف لإرساله، أرسله حبيب بن أبي ثابت كثير الإرسال والتدليس.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 91"، وهو ضعيف لإرسالة.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد من طريق الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا مرارا، والمطلب بن عبد الله بن حنطب كثير التدليس والإرسال، وهذا من مراسيله.

(4)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 529" مرسلا. وأخرجه موصولا مسلم "1460"، وأبو داود "2122" من طريق يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن محمد بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن أم سلمة، به. فوصله بإثبات أم سلمة فصح الحديث.

ص: 469

قالت: فلما وضعت زينب جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبني فقلت: ما مثلي ينكح!

قال: فتزوجها فجعل يأتيها فيقول: "أين زناب" حتى جاء عمار فاختلجها

(1)

وقال: هذه تمنع رسول الله. وكانت ترضعها.

فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أين زناب" فقيل: أخذها عمار. فقال: "إني آتيكم الليلة".

قالت: فوضعت ثفالي

(2)

وأخرجت حبات من شعير كانت في جرتي وأخرجت شحمًا فعصدته له ثم بات ثم أصبح فقال: "إن بك على أهلك كرامة إن شئت سبعت لك? وإن أسبع لك أسبع لنسائي"

(3)

.

قال مصعب الزبيري: هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة فشهد أبو سلمة بدرًا وولدت له عمر وسلمة وزينب ودرة.

أبو أسامة، عن الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة قالت: لما توفي أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: كيف أقول? قال: "قولي اللهم اغفر لنا ذنوبنا وأعقبني منه عقبى صالحة". فقلتها فأعقبني الله محمدًا صلى الله عليه وسلم

(4)

.

وروى مسلم في "صحيحه"

(5)

. أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد.

وروى إسماعيل بن نشيط، عن شهر قال: أتيت أم سلمة أعزيها بالحسين.

ومن فضل أمهات المؤمنين قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُن} إلى قوله: {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ

(1)

اختلجها: اجتذبها وانتزعها.

(2)

الثقال: بالكسر جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق، ويسمى الحجر الأسفل ثقالا بها.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 93 - 94"، وأحمد "6/ 307" من طريق عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح، به.

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 291 و 306"، ومسلم "919"، وأبو داود "3115" والترمذي "977"، والنسائي "4/ 4 - 5"، وابن ماجه "1447" من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، به.

(5)

صحيح: أخرجه مسلم "2882".

ص: 470

الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 32 - 34].

فهذه آيات شريفة في زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم.

قال زيد بن الحباب: حدثنا حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْت} . قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال عكرمة: من شاء باهلته

(1)

إنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

إسحاق السلولي: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة: أنه قال لامرأته: إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة.

روى عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار: أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد أحد العشرة.

وهذا منقطع. وقد كان سعيد توفي قبلها بأعوام فلعلها أوصت في وقت ثم عوفيت وتقدمها وهو.

وروى أن أبا هريرة صلى عليها ولم يثبت وقد مات قبلها. ودفنت بالبقيع.

قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة حزنت حزنًا شديدًا لما ذكروا لنا من جمالها فتلطفت حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن فذكرت ذلك لحفصة وكانتا يدًا واحدة فقالت: لا والله إن هذه إلَّا الغيرة ما هي كما تقولين وإنها لجميلة فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة ولكني كنت غيرى

(2)

.

مسلم الزنجي، عن موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم قالت: لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

المباهلة الملاعنة، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا لعنة الله على الظالم منا. وهذا الحديث حسن، فيه زيد بن الحباب، وهو صدوق. ويزيد النحوي، هو يزيد بن أبي سعيد النحوي، وهو ثقة.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 94"، وفي إسناده محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا مرارا.

ص: 471

أم سلمة قال لها: "إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك وحلة وإني أراه قد مات ولا أرى الهدية إلَّا سترد فإن ردت فهي لك. قالت: فكان كما قال فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية وأعطى سائره أم سلمة والحلة"

(1)

.

القعنبي: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن هشام به عروة، عن أبيه: أن رسول الله أمر أم سلمة أن تصلي الصبح بمكة يوم النحر وكان يومها فأحب أن توافيه.

الواقدي، عن ابن جريج، عن نافع قال: صلى أبو هريرة على أم سلمة.

قلت: الواقدي ليس بمعتمد والله أعلم ولا سيما وقد خولف.

وفي صحيح مسلم: أن عبد الله بن صفوان دخل على أم سلمة في خلافة يزيد

(2)

.

وبعضهم أرخ موتها في سنة تسع وخمسين فوهم أيضًا والظاهر وفاتها في سنة إحدى وستين رضي الله عنها.

وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حين حلت في شوال سنة أربع.

ويبلغ مسندها ثلاث مائة وثمانية وسبعين حديثًا.

واتفق البخاري ومسلم لها على ثلاثة عشر. وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بثلاثة عشر.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""8/ 94"، وفي إسناده مسلم بن خالد المخزومي مولاهم، المكي، المعروف بالزنجي، كثير الأوهام سيئ الحفظ. وأم موسى ابن عقبة، وما إخالها أم موسى سرية علي بن أبي طالب، وإن كانت هي فهي مجهولة لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبولة أي عند المتابعة كما هو معروف معلوم عند عامة أهل الحديث.

(2)

صحيح: تقدم تخريجنا له قريبا برقم "1023"، وهو عند مسلم "2882".

ص: 472

‌117 - زينب أم المؤمنين بنت جحش

(1)

" ع":

بنت جحش بن رياب وابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أمها: أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم وهي أخت حمنة وأبي أحمد. من المهاجرات الأول.

وكانت عند زيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم. وهي التي يقول الله فيها: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].

فزوجها الله تعالى بنبيه بنص كتابه بلا ولي ولا شاهد. فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق عرشه.

وفي رواية البخاري: كانت تقول: إن الله انكحني في السماء

(2)

.

وكانت من سادة النساء دينًا وورعًا وجودًا ومعروفًا رضي الله عنها.

وحديثها في الكتب الستة.

روى عنها: ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش وأم المؤمنين أم حبيبة وزينب أبي سلمة وأرسل عنها القاسم بن محمد.

توفيت في سنة عشرين وصلى عليها عمر.

محمد بن عمرو: حدثنا يزيد بن خصيفة، عن عبد الله بن رافع، عن برزة بنت رافع قالت: أرسل عمر إلى زينب بعطائها فقالت: غفر الله لعمر غيري كان أقوى على قسم هذا. قالوا: كله لك. قالت: سبحان الله واستترت منه بثوب وقالت: صبوه واطرحوا عليه ثوبًا وأخذت تفرقه في رحمها وأيتامها وأعطتني ما بقي فوجدناه خمسة وثمانين درهمًا ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا.

أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: لما ماتت بنت جحش أمر عمر مناديًا إلَّا يخرج معها إلَّا ذو محرم. فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين إلَّا أريك شيئًا رأيت الحبشة تصنعه بنسائهم فجعلت نعشًا وغشته ثوبًا. فقال: ما أحسن هذا وأستره.

فأمر مناديًا فنادى: أن اخرجوا على أمكم.

رواه عارم: حدثنا حماد، حدثنا أيوب

(3)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 101 - 115"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7846" تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2801"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 470".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "7420".

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 111" من طريق عارم بن الفضل حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا أيوب به، وسقط من إسناده ابن عمر فليسجل إخواني العلماء وطلبة العلم "ابن عمر" في نسختهم لأنها سقطت من الطبقات.

ص: 473

وهي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا". وإنما عنى طول يدها بالمعروف.

قالت عائشة: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدًا. وكانت زينب تعمل وتتصدق والحديث مخرج في مسلم

(1)

.

وروي، عن عائشة قالت: كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت امرأة خيرًا في الدين من زينب أتقى لله وأصدق حديثًا وأوصل للرحم وأعظم صدقة رضي الله عنها

(2)

.

وعن عمر: أنه قسم لأمهات المؤمنين في العام اثني عشر ألف درهم لكل واحدة إلَّا جويرية وصفية فقرر لكل واحدة نصف ذلك. قاله الزهري.

ابن جريج، عن عطاء سمع عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلًا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت له ذلك. قال: بل شربت عسلًا عند زينب ولن أعود له. فنزل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} [التحريم: 1]. إلى قوله: {إِنْ تَتُوبَا} يعني: حفصة وعائشة {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِي} [التحريم: 1 - 4] قوله: بل شربت عسلًا

(3)

.

وعن الأعرج قال: أطعم رسول الله زينب بنت جحش بخيبر مائة وسق.

ويروى، عن عمرة، عن عائشة قالت: يرحم الله زينب لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف إن الله زوجها ونطق به القرآن وإن رسول الله قال لنا: "أسرعكن بي لحوقًا أطولكن باعًا". فبشرها بسرعة لحوقها به وهي زوجته في الجنة.

قلت: وأختها هي حمنة بنت جحش التي نالت من عائشة في قصة الإفك فطفقت تحامي، عن أختها زينب. وأما زينب فعصمها الله بورعها.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2452" من طريق عائشة بن طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" قالت فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا، قال: فكانت أطولنا يدا زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2442" في حديث طويل من طريق الزهري أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة، به.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "6691"، ومسلم "1474".

ص: 474

وكانت حمنة زوجة عبد الرحمن بن عوف ولها هجرة.

وقيل: بل كانت تحت مصعب بن عمير فقتل عنها فتزوجها طلحة فولدت له محمدًا وعمران.

وهي التي كانت تستحاض وكانت أختها أم حبيبة تستحاض أيضًا

(1)

.

وأمهن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميمة. قال السهيلي فيها: أم حبيب والأول أكثر وقال شيخنا الدمياطي أم حبيب واسمها حبيبة.

وأما ابن عساكر فعنده: أن أم حبيبة هي حمنة المستحاضة.

وقال ابن عبد البر: بنات جحش: زينب وحمنة وأم حبيبة كن يستحضن.

وقال السهيلي: كانت حمنة تحت مصعب وكانت أم حبيب تحت عبد الرحمن بن عوف. وفي الموطأ وهم وهو أن زينب كانت تحت عبد الرحمن فقيل: هما زينبان.

إسماعيل بن أبي أويس: حدثني أبي، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه: "يتبعني أطولكن يدًا" فكنا إذا اجتمعنا بعده نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعله حتى توفيت زينب وكانت امرأة قصيرة لم تكن رحمها الله أطولنا فعرفنا أنما أراد الصدقة.

وكانت صناع اليد فكانت تدبغ وتخرز وتصدق

(2)

.

الواقدي: أخبرنا عبد الله بن عمر، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم: قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة: إني قد أعددت كفني فإن بعث لي عمر بكفن فتصدقوا بأحدهما وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بحقوتي فافعلوا

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "334".

(2)

أخرجه "ابن سعد "8/ 108"، والحاكم "4/ 25"، من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

قلت: فيه إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، صدوق وأبوه لم أقف له على ترجمة، وعمرة هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، ثقة، روى لها الجماعة، والإسناد حسن إن كان عبد الله بن أبي أويس ثقة أو صدوق وإلا فالإسناد ضعيف والله تعالى أعلى وأعلم.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 109"، وفي إسناده الواقدي، وهو متروك، وقد ذكرنا ذلك مرارا.

ص: 475

وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بزينب في ذي القعدة سنة خمس وهي يومئذ بنت خمس وعشرين سنة. وكانت صالحة صوامة قوامة بارة ويقال لها: أم المساكين.

سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس: أن رسول الله قال لزيد: "اذكرها علي" قال: فانطلقت فقلت لها: يا زينب أبشري فإن رسول الله أرسل يذكرك. قالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامر ربي. فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن

(1)

.

عبد الحميد بن بهرام، عن شهر، عن عبد الله بن شداد أن رسول الله قال لعمر:"إن زينب بنت جحش أواهة". قيل: يا رسول الله ما الأواهة? قال: "الخاشعة المتضرعة". و {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}

(2)

[هود: 75].

ولزينب أحد عشر حديثًا اتفقا لها على حديثين.

وعن عثمان بن عبد الله الجحشي قال: باعوا منزل زينب بنت جحش من الوليد بخمسين ألف درهم حين هدم المسجد.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1428"، والنسائي "6/ 79"، وأحمد "3/ 195".

(2)

ضعيف: في إسناده شهر بن حوشب، وهو ضعيف. وعبد الله بن شداد هو ابن الهاد الليثي، أبو الوليد، من كبار التابعين. قال أحمد: لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا. فالحديث مرسل، فهي علة أخرى في إسناده تزيده وهنا على وهن.

ص: 476

‌118 - زينب أم المؤمنين بنت خزيمة

(1)

:

بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله الهلالية.

فتدعى أيضًا: أم المساكين لكثرة معروفها أيضًا.

قتل زوجها عبد الله بن جحش يوم أحد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لم تمكث عنده إلَّا شهرين أو أكثر وتوفيت رضي الله عنها.

وقيل: كانت أولًا عند الطفيل بن الحارث وما روت شيئًا.

وقال النسابة علي بن عبد العزيز الجرجاني: كانت عند الطفيل ثم خلف عليها أخوه الشهيد: عبيدة بن الحارث المطلبي.

وهي أخت أم المؤمنين ميمونة لأمها.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 115 - 116"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 479".

ص: 476

‌119 - أم حبيبة أم المؤمنين

(1)

" ع":

السيدة المحجبة: رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.

مسندها خمسة وستون حديثًا. واتفق لها البخاري ومسلم على حديثين وتفرد مسلم بحديثين.

وهي من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ليس في أزواجه من هي أقرب نسبًا إليه منها ولا في نسائه من هي أكثر صداقًا منها ولا من تزوج بها وهي نائبه الدار أبعد منها.

عقد له صلى الله عليه وسلم بالحبشة وأصدقها عنه صاحب الحبشة أربع مائة دينار وجهزها بأشياء.

روت عدة أحاديث.

حدث عنها أخواها: الخليفة معاوية وعنبسة وابن أخيها عبد الله ابن عتبة بن أبي سفيان وعروة بن الزبير وأبو صالح السمان وصفية بنت شيبة وزينب بنت أبي سلمة وشتير بن شكل وأبو المليح عامر الهذلي. وآخرون.

وقدمت دمشق زائرة أخاها.

ويقال: قبرها بدمشق وهذا لا شيء بل قبرها بالمدينة. وإنما التي بمقبرة باب الصغير: أم سلمة أسماء بنت يزيد الأنصارية.

قال ابن سعد: ولد أبو سفيان: حنظلة المقتول يوم بدر وأم حبيبة توفي عنها زوجها الذي هاجر بها إلى الحبشة: عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي مرتدًا متنصرًا.

عقد عليها للنبي صلى الله عليه وسلم بالحبشة سنة ست وكان الولي عثمان بن عفان. كذا قال.

وعن عثمان الأخنسي: أن أم حبيبة ولدت حبيبة بمكة قبل هجرة الحبشة

(2)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 96 - 100"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 2366" وتهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7841"، وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2794"، والإصابة "4 ترجمة رقم 434".

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 97" من طريق الواقدي، وهو متروك.

ص: 477

وعن أبي جعفر الباقر: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية إلى النجاشي يخطب عليه أم حبيبة فأصدقها من عنده أربع مائة دينار

(1)

.

وعن عبد الله بن أبي بكر بن حزم وآخر قالا: كان الذي زوجها وخطب إليه النجاشي: خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. فكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة

(2)

.

معمر، عن الزهري، عن عروة، عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله وأن رسول الله تزوجها بالحبشة زوجها إياه النجاشي ومهرها أربعة ألاف درهم وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة وجهازها كله من عند النجاشي

(3)

.

ابن لهيعة: عن الأسود، عن عروة قال: أنكحه إياها بالحبشة عثمان.

ابن سعد: أخبرنا الواقدي، أخبرنا عبد الله بن عمرو بن زهير، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد قال: قالت أم حبيبة: رأيت في النوم عبيد الله زوجي بأسوأ صورة وأشوهها ففزعت وقلت: تغيرت والله حاله فإذا هو يقول حيث أصبح: إني نظرت في الدين فلم أر دينًا خيرًا من النصرانية وكنت قد دنت بها ثم دخلت في دين محمد وقد رجعت فأخبرته بالرؤيا فلم يحفل بها وأكب على الخمر قالت: فأريت قائلًا يقول: يا أم المؤمنين ففزعت فأولتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني. وذكرت القصة بطولها وهي منكرة

(4)

.

حسين بن واقد: عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: 33]. قال: نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة

(5)

.

إسناده صالح وسياق الآيات دال عليه.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 98 - 99" والحاكم "4/ 22" من طريق الواقدي وهو متروك.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99" من طريق الواقدي، وهو متروك.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 427"، وأبو داود "2107"، والنسائي "6/ 119".

(4)

منكر: أخرجه ابن سعد "8/ 97"، والحاكم "4/ 20 - 22"، وفيه الواقدي، وهو متروك.

(5)

حسن: في إسناده زيد بن الحباب، وهو صدوق، ويزيد النحوي هو يزيد بن أبي سعيد النحوي، أبو الحسن، القرشي مولاهم، المروزي ثقة عابد. وقد مر تخريجنا له بتعليقنا رقم "1024".

ص: 478

وقيل: إن أم حبيبة لما جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد عقد الهدنة دخل عليها فمنعته أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان الشرك

(1)

.

وأما ما ورد من طلب أبي سفيان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بأم حبيبة فما صح. ولكن الحديث في مسلم

(2)

. وحمله الشارحون على التماس تجديد العقد.

وقيل: بل طلب منه أن يزوجه بابنته الأخرى واسمها عزة فوهم راوي الحديث وقال: أم حبيبة.

وقد كان لأم حبيبة حرمة وجلالة ولا سيما في دولة أخيها ولمكانه منها قيل له: خال المؤمنين.

قال الواقدي وأبو عبيد والفسوي: ماتت أم حبيبة سنة أربع وأربعين. وقال المفضل الغلابي: سنة اثنتين وأربعين.

وشذ أحمد بن زهير. فقال: توفيت قبل معاوية بسنة.

الواقدي: أخبرنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن أبي عون قال: لما بلغ أبا سفيان نكاح النبي صلى الله عليه وسلم ابنته قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه

(3)

.

الواقدي: حدثنا محمد بن عبد الله، عن الزهري قال: لما قدم أبو سفيان المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة فكلمه في أن يزيد في الهدنة. فلم يقبل عليه. فقام فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم طوته دونه. فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه? قالت: بل هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك. فقال: يا بنيه لقد أصابك بعدي شر

(4)

.

قال عطاء: أخبرني ابن شوال أن أم حبيبة أخبرته: أن رسول الله أمرها أن تنفر من جمع بليل

(5)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99 - 100" من طريق الواقدي، عن محمد بن عبد الله، عن الزهري، والواقدي، متروك.

(2)

أخرجه مسلم "2501".

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99"، وفيه الواقدي، وهو متروك.

(4)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 99 - 100" وفيه الواقدي، وهو متروك.

(5)

صحيح أخرجه مسلم "1292"، وابن سعد "8/ 100".

ص: 479

الواقدي: حدثني أبو بكر بن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عوف بن الحارث: سمعت عائشة تقول: دعتني أم حبيبة عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك فقالت: سررتني سرك الله وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك

(1)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 100" وفيه الواقدي، متروك.

ص: 480

‌120 - أم أيمن

(1)

" ق":

الحبشية مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته. ورثها من أبيه ثم أعتقها عندما تزوج بخديجة.

وكانت من المهاجرات الأول.

اسمها: بركة. وقد تزوجها عبيد بن الحارث الخزرجي فولدت له: أيمن ولأيمن هجرة وجهاد استشهد يوم حنين. ثم تزوجها زيد بن حارثة ليالي بعث النبي صلى الله عليه وسلم فولدت له أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

روي بإسناد واه مرسل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لأم أيمن: "يا أمه" ويقول: "هذه بقية أهل بيتي".

جرير بن حازم: حدثنا عثمان بن القاسم قال: لما هاجرت أم أيمن أمست بالمنصرف دون الروحاء فعطشت وليس معها ماء وهي صائمة وجهدت فدلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض فشربت وكانت تقول: ما أصابني بعد ذلك عطش ولقد تعرضت للعطش بالصوم في الهواجر فما عطشت.

قال فضيل بن مرزوق، عن سفيان بن عقبة قال: كانت أم أيمن تلطف النبي صلى الله عليه وسلم وتقوم عليه. فقال: "من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن"

(2)

.

قال: فتزوجها زيد.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 223 - 226"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2363" تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7950"، وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2914"، والإصابة "4/ ترجمة 1145".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 224"، وهو منقطع سفيان بن عقبة من الطبقة التاسعة، وهي طبقة أتباع التابعين الطبقة الصغرى منهم، فالحديث معضل وليس بمنقطع.

ص: 480

أبو نعيم: حدثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس: جاءت أم أيمن فقالت: يا رسول الله احملني قال: "أحملك على ولد الناقة". قالت: إنه لا يطيقني ولا أريده قال: "لا أحملك إلَّا عليه". يعني: يمازحها

(1)

.

الواقدي، عن عائذ بن يحيى، عن أبي الحويرث: أن أم أيمن قالت يوم حنين: سبت الله أقدامكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اسكتي فإنك عسراء اللسان"

(2)

.

وقال أبو جعفر الباقر: دخلت أم أيمن على النبي صلى الله عليه وسلم. فقالت: سلام لا عليكم. فرخص لها أن تقول: السلام.

معتمر بن سليمان، عن أبيه: حدثنا أنس: إن الرجل كان يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم من ماله النخلات حتى فتحت قريظة والنضير فجعل يرد. وإن أهلي أمرتني أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أهله أعطوه. أو بعضه وكان النبي أعطى ذاك أم أيمن فسألته فأعطانيهن. فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول: كلا والله لا يعطيكهن وقد أعطانيهن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لك كذا" وتقول: كلا والله

وذكر الحديث

(3)

.

الوليد: حدثنا عبد الرحمن بن نمر، عن الزهري، حدثني حرملة مولى أسامة بن زيد: أنه بينا هو جالس مع ابن عمر إذ دخل الحجاج بن أيمن فصلى صلاة لم يتم ركوعها ولا سجودها فدعاه ابن عمر وقال: أتحسب أنك قد صليت? إنك لم تصل فعد لصلاتك فلما ولى قال ابن عمر: من هذا فقلت: الحجاج بن أيمن بن أم أيمن. فقال: لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبه

(4)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن أم أيمن بكت حين مات النبي صلى الله عليه وسلم. قيل لها: أتبكين قالت: والله لقد علمت أنه سيموت ولكني إنما أبكي على الوحي إذ انقطع عنا من السماء

(5)

.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 224"، وفيه أبو معشر، وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، ضعيف، والعلة الثانية: الإرسال فبين محمد بن قيس، والرسول صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 225"، وفيه الواقدي، وهو متروك.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 225"، وأخرجه البخاري "4120" ومسلم "1771""71" من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس رضي الله عنه به.

(4)

حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 225"، حرملة، مولى أسامة بن زيد، صدوق.

(5)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 226"، وأخرج مسلم "2454"، وابن ماجه "1635"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 68" من طريق سليمان بن المغيرة بن ثابت، عن أنس، به.

ص: 481

وروى: قيس بن مسلم، عن طارق قال: لما قتل عمر بكت أم أيمن وقالت: اليوم وهى الإسلام. وبكت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال الواقدي: ماتت في خلافة عثمان.

ولها في "مسند بقي": خمسة أحاديث.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 226".

ص: 482

‌121 - حفصة أم المؤمنين

(1)

" ع":

الستر الرفيع بنت أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها من خنيس بن حذافة السهمي أحد المهاجرين في سنة ثلاث من الهجرة.

قالت عائشة: هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

وروي أن مولدها كان قبل المبعث بخمس سنين. فعلى هذا يكون دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها ولها نحو من عشرين سنة.

روت عنه عدة أحاديث.

روى عنها: أخوها ابن عمر وهي أسن منه بست سنين وحارثة بن وهب وشتير بن شكل

(2)

والمطلب بن أبي وداعة وعبد الله بن صفوان الجمحي وطائفة.

وكانت لما تأيمت عرضها أبوها على أبي بكر فلم يجبه بشيء وعرضها على عثمان فقال: بدا لي إلَّا أتزوج اليوم. فوجد عليهما وانكسر وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة". ثم خطبها فزوجه عمر

(3)

.

وزوج رسول الله عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 81 - 86"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7817"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2764"، الإصابة "4/ ترجمة 296.

(2)

هو شُتير، مصغرا، ابن شكل العبسي، الكوفي، يقال إنه أدرك الجاهلية ثقة من الطبقة الثالثة، روى له البخاري في "الأدب المفرد"، ومسلم، وأصحاب السنن.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 82"، وفيه الواقدي، وهو متروك. وأخرجه البخاري "5122"، والنسائي "6/ 83".

ص: 482

ولما أن زوجها عمر لقيه أبو بكر فاعتذر وقال: لا تجد علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سره ولو تركها لتزوجتها

(1)

.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام له بذلك وقال: "إنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة"

(2)

.

إسناده صالح. يرويه موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة ابن عامر الجهني.

وحفصة وعائشة هما اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ} [التحريم: 4] الآية

(3)

.

موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فبلغ ذلك عمر فحثا على رأسه التراب وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته فنزل جبريل من الغد وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر

(4)

رضي الله عنهما.

توفيت حفصة: سنة إحدى وأربعين عام الجماعة.

وقيل: توفيت سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها والي المدينة مروان. قاله الواقدي، عن معمر، عن الزهري، عن سالم.

ومسندها في كتاب بقي بن مخلد ستون حديثًا.

اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث وانفرد مسلم بستة أحاديث.

(1)

صحيح: راجع تخريجنا السابق، فهو جزء من الحديث السابق.

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود "2283"، وابن ماجه "2016" عن عمر. وأخرجه النسائي "6/ 213" من حديث ابن عمر. وإسناده صحيح وأخرجه الحاكم "4/ 15" عن قيس بن زيد مرسلا. وفي إسناده الحسن بن أبي جعفر الجفري البصري، ضعيف الحديث مع عبادته وفضله.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "4912"، ومسلم "1474""20" من طريق ابن جريج، أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلا. قالت: فتواطيت أنا وحفصة: أن أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير. أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت ذلك له: فقال: "بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له". فنزل: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {إِنْ تَتُوبَا} [التحريم: 1 - 4]، "لعائشة وحفصة". {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لقوله:"بل شربت عسلا"[التحريم: 3]، واللفظ المسلم.

(4)

راجع تخريجنا قبل السابق.

ص: 483

ويروى، عن عمر أن حفصة ولدت إذ قريش تبني البيت

(1)

.

وقيل: بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ثلاث.

قال الواقدي: حدثني علي بن مسلم، عن أبيه: رأيت مروان فيمن حمل سرير حفصة وحملها أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها

(2)

.

حماد بن سلمة: أخبرنا أبو عمران الجوني، عن قيس بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فدخل عليها خالاها: قدامة وعثمان فبكت وقالت: والله ما طلقني، عن شبع. وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"قال لي جبريل: راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة"

(3)

.

وروى نحوه من كلام جبريل الحسن بن أبي جعفر، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا

(4)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 81"، وفي الواقدي، متروك.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 86"، وفيه الواقدي، متروك.

(3)

صحيح بشواهده: أخرجه الحاكم "4/ 15"، وابن سعد "8/ 84" عن قيس بن زيد مرسلا. قيس بن زيد تابعي صغير، وهو مجهول، وقد ذكرنا تخريجه في تعليقنا السابق رقم "1065".

(4)

صحيح بشواهده: أخرجه الحاكم "4/ 15"، وفيه الحسن بن أبي جعفر الجفري، وهو ضعيف، وهو صحيح بشواهده، راجع تعليقنا السابق رقم "1065".

ص: 484

‌122 - صفية أم المؤمنين

(1)

" ع":

بنت حيي بن أخطب بن سعية من سبط اللاوي بن نبي الله إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. ثم من ذرية رسول الله هارون عليه السلام.

تزوجها قبل إسلامها: سلام بن أبي الحقيق ثم خلف عليها كنانة بن أبي الحقيق وكانا من شعراء اليهود فقتل كنانة يوم خيبر عنها وسبيت وصارت في سهم دحية الكلبي فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم عندها وأنها لا ينبغي أن تكون إلَّا لك فأخذها من دحية وعوضه عنها سبعة أرؤس

(2)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 120 - 129"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7873" وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2829"، والإصابة "4/ ترجمة 650".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 23 و 246"، ومسلم "1365""87" وأبو داود "2997" من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، به.

ص: 484

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما طهرت تزوجها وجعل عتقها صداقها

(1)

.

حدث عنها: علي بن الحسين وإسحاق بن عبد الله بن الحارث وكنانة مولاها وآخرون.

وكانت شريفة عاقلة ذات حسب وجمال ودين رضي الله عنها.

قال أبو عمر بن عبد البر: روينا أن جارية لصفية أتت عمر بن الخطاب فقالت: إن صفية تحب السبت وتصل اليهود. فبعث عمر يسألها. فقالت: أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة وأما اليهود فإن لي فيهم رحمًا فأنا أصلها ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت? قالت: الشيطان قالت: فاذهبي فأنت حرة.

وقد مر في المغازي: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بها وصنعتها له أم سليم وركبها وراءه على البعير وحجبها وأولم عليها وأن البعير تعس بهما فوقعا وسلمهما الله تعالى

(2)

.

وفي "جامع أبي عيسى": من طريق هاشم بن سعيد الكوفي: حدثنا كنانة: حدثتنا صفية بنت حيي قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغني، عن عائشة وحفصة كلام فذكرت له ذلك فقال:"ألا قلت: وكيف تكونان خيرًا مني وزوجي محمد وأبي هارون وعمي موسى". وكان بلغها أنهما قالتا: نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم منها نحن أزواجه وبنات عمه

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4201"، ومسلم "1365""85" من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس رضي الله عنه قال: سبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية فأعتقها وتزوجها، فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها فأعتقها. وأخرجه البخاري "5086"، ومسلم "1365""85" حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حماد "يعني ابن زيد" عن ثابت، وشعيب بن حبحاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 122 - 123"، ومسلم "1365""87" من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك به في حديث طويل ولفظ مسلم: "

فعثرت الناقة العضباء، وندر رسول الله صلى الله عليه وسلم وندرت فقام فسترها وقد أشرفت النساء فقلن: أبعد الله اليهودية".

(3)

صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "3892"، والحاكم "4/ 29" من طريق هاشم بن سعيد الكوفي، به.

قلت: إسناده ضعيف، هاشم بن سعيد الكوفي البصري، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب" لكن للحديث شاهد عند أحمد "3/ 135 - 136"، والترمذي "3894" من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال:"ما يبكيك"؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك"؟ ثم قال: "اتقي الله يا حفصة".

وقال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه.

قلت: إسناد صحيح، رجاله ثقات.

ص: 485

قال ثابت البناني: حدثتني سمية أو شميسة، عن صفية بنت حيي: أن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه فبرك بصفية جملها فبكت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه فجعل يمسح دموعها بيده وهي تبكي وهو ينهاها فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فلما كان عند الرواح قال لزينب بنت جحش: "أفقري أختك جملًا". وكانت من أكثرهن ظهرًا فقالت أنا أفقر يهوديتك!.

فغضب صلى الله عليه وسلم فلم يكلمها حتى رجع إلى المدينة ومحرم وصفر فلم يأتها ولم يقسم لها ويئست منه.

فلما كان ربيع الأول دخل عليها فلما رأته قالت: يا رسول الله ما أصنع قال: وكانت لها جارية تخبؤها من رسول الله فقالت: هي لك. قال: فمشى النبي صلى الله عليه وسلم إلى سريرها وكان قد رفع فوضعه بيده ورضي، عن أهله

(1)

.

الحسين بن الحسن: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مالك بن مالك، عن صفية بنت حيي قالت: قلت: يا رسول الله ليس من نسائك أحد إلَّا ولها عشيرة فإن حدث بك حدث فإلى من ألجأ? قال: "إلى علي"

(2)

رضي الله عنه.

هذا غريب.

قيل: توفيت سنة ست وثلاثين وقيل توفيت سنة خمسين.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 337 - 338"، وابن سعد "8/ 126 - 127" من طريق ثابت البناني، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته شُميسة بالتصغير، وهي بنت عزيز العتكية البصرية، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبولة -أي عند المتابعة- وليس ثم من تابعها.

(2)

منكر: في إسناده علتان: الأولى: الحسين بن الحسن الأشقر الكوفي، قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وقال أبو حاتم والنسائي والدارقطني: ليس بالقوي وقال أبو معمر الهذلي: كذاب. وذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين. العلة الثانية: مالك بن مالك، قال البخاري: لا يُتابع على حديثه.

ص: 486

وكانت صفية ذات حلم ووقار.

معن، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم: أن نبي الله في وجعه الذي توفي فيه قالت صفية بنت حيي: والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي فغمزها أزواجه فأبصرهن فقال: "مضمضن" قلن: من أي شيء? قال: "من تغامزكن بها والله إنها لصادقة"

(1)

.

سليمان بن المغيره، عن حميد بن هلال قال: قالت صفية رأيت كأني وهذا الذي يزعم أن الله أرسله وملك يسترنا بجناحيه. قال: فردوا عليها رؤياها وقالوا لها في ذلك قولًا شديدًا

(2)

.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم صفية من دحية بسبعة أرؤس ودفعها إلى أم سليم حتى تهيئها وتصنعها وتعتد عندها فكانت وليمته: السمن والأقط والتمر وفحصت الأرض أفاحيص فجعل فيها الأنطاع ثم جعل ذلك فيها

(3)

.

عبد العزيز بن المختار، عن يحيى بن أبي إسحاق قال لي أنس: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبو طلحة وصفية رديفته فعثرت الناقة فصرع وصرعت فاقتحم أبو طلحة، عن راحلته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله هل ضرك شيء? قال: "لا عليك بالمرأة". فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه وقصد نحوها فنبذ الثوب عليها فقامت فشدها على راحلته فركبت وركب النبي صلى الله عليه وسلم

(4)

.

ابن جريج، عن زياد بن إسماعيل، عن سليمان بن عتيق، عن جابر أن صفية لما أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فسطاطه حضرنا فقال:"قوموا، عن أمكم" فلما كان العشي

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 128". وهو ضعيف لإرساله زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عيد الله، ثقة عالم كان يرسل، وهو من الطبقة الثالثة، الطبقة الوسطى من التابعين.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 122" وهو ضعيف لإرساله، حميد بن هلال العدوي، أبو نصر البصري من الطبقة الثالثة الوسطى من التابعين.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 23 و 246"، ومسلم "1365""85"، وقد سبق تخريجنا له قريبا برقم "1073".

(4)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 124" أخبرنا المعلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن المختار به. وأخرجه مسلم "1365""88" في كتاب النكاح من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، به.

ص: 487

حضرنا ونحن نرى أن ثم قسمًا. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة فقال: "كلوا من وليمة أمكم"

(1)

.

زياد ضعيف.

أحمد بن محمد الأزرقي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن ابن عمر قال: لما اجتلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية رأى عائشة متنقبة في وسط النساء فعرفها فأدركها فأخذ بثوبها فقال: "يا شقيراء كيف رأيت"? قالت: رأيت يهودية بين يهوديات

(2)

.

وعن عطاء بن يسار قال: لما قدم رسول الله من خيبر ومعه صفية أنزلها. فسمع بجمالها نساء الأنصار فجئن ينظرن إليها وكانت عائشة متنقبة حتى دخلت فعرفها فلما خرجت خرج فقال: "كيف رأيت؟ " قالت: رأيت يهودية قال: "لا تقولي هذا فقد أسلمت"

(3)

.

مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن ابن المسيب قال: قدمت صفية وفي أذنيها خرصة من ذهب فوهبت لفاطمة منه ولنساء معها.

الحسن بن موسى الأشيب: حدثنا زهير، حدثنا كنانة قال: كنت أقود بصفية لترد، عن عثمان فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت فقالت: ذروني لا يفضحني هذا ثم وضعت خشبًا من منزلها إلى منزل عثمان تنقل عليه الماء والطعام.

الواقدي: حدثنا محمد بن موسى، عن عمارة بن المهاجر، عن آمنة بنت قيس الغفارية قالت: أنا إحدى النساء اللائي زففن صفية يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول: ما بلغت سبع عشرة سنة يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقبرها بالبقيع.

وقد أوصت بثلثها لأخ لها يهودي وكان ثلاثين ألفًا.

ورد لها من الحديث عشرة أحاديث منها واحد متفق عليه.

(1)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 124" وأحمد "3/ 333" وأبو يعلى "2251" من طريق ابن جريج، أخبرني زياد بن إسماعيل، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته زياد بن إسماعيل المخزومي، فإنه سيئ الحفظ كما قال الحافظ في "التقريب". وقد صرح ابن جريج بالتحديث عند أحمد فأمنا شر تدليسه، وتبقى علة زياد هذا ليظل الحديث يرزح تحت أسر الضعف ولا فكاك له.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 125 - 126"، وفي إسناده انقطاع بين عبد الرحمن بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة، وبين ابن عمر، فإن عبد الرحمن هذا من الطبقة الثامنة، وهي الطبقة الوسطى من كبار أتباع التابعين، فبينه وبين ابن عمر مفاوز وقفارات تنقطع دونها أعناق المطي.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 126" وفيه الواقدي، وهو متروك. وهو مرسل.

ص: 488

‌123 - ميمونة أم المؤمنين

(1)

" ع":

بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال ابن عامر بن صعصعة الهلالية.

زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأخت أم الفضل زوجة العباس وخالة خالد بن الوليد وخالة أن عباس.

تزوجها أولًا: مسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام ففارقها وتزوجها أبو رهم بن عبد العزى فمات. فتزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة. وبنى بها بسرف أظنه المكان المعروف بأبي عروة.

وكانت من سادات النساء. روت عدة أحاديث.

حدث عنها ابن عباس وابن أختها الآخر: عبد الله بن شداد بن الهاد وعبيد بن السباق وعبد الرحمن بن السائب الهلالي وابن أختها الرابع يزيد بن الأصم وكريب مولى ابن عباس ومولاها سليمان بن يسار وأخوه عطاء بن يسار وآخرون.

قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن محمد بن موسى، عن الفضيل بن أبي عبد الله، عن علي بن عبد الله بن عباس قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى مكة عام القضية بعث أوس بن خولي وأبا رافع إلى العباس فزوجه بميمونة فأضلا بعيريهما فأقاما أيامًا ببطن رابغ حتى أدركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقديد وقد ضما بعيريهما فسارا معه حتى قدم مكة. فأرسل إلى العباس فذكر ذلك له وجعلت ميمونة أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال. وصوابه: إلى العباس فخطبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه.

وروي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنها جعلت أمرها لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فزوجها.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 132 - 140"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7936" تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2899"، والإصابة "4/ ترجمة 1026".

ص: 489

مالك، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع ورجلًا من الأنصار فزوجاه ميمونة قبل أن يخرج من المدينة

(1)

.

قال عبد الكريم الجزري، عن ميمون بن مهران: دخلت على صفية بنت شيبة عجوز كبيرة فسألتها: أتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم قالت: لا والله لقد تزوجها وإنهما لحلالان.

أيوب، عن يزيد بن الأصم قال: خطبها وهو حلال وبنى بها وهو حلال

(2)

.

جرير بن حازم: حدثنا أبو فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن أبي رافع أن رسول الله تزوج ميمونة حلالًا وبنى بها حلالًا بسرف

(3)

.

حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالًا وكنت الرسول بينهما

(4)

.

الواقدي: حدثنا معمر، عن الزهري، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهو حلال.

هذا منكر. والواقدي متروك.

والثابت، عن ابن عباس خلافه.

(1)

ضعيف: أخرجه مالك "1/ 348"، وابن سعد "8/ 133"، وهو مرسل.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1411"، وابن ماجه "1964"، والبيهقي "5/ 66" من طريق يزيد بن الأصم، حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 133"، والحاكم "4/ 31" من طريق جرير بن حازم، قال سمعت أبا فزارة يحدث، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده صحيح. وأبو فزارة، هو راشد بن كيسان العبسي الكوفي، ثقة.

(4)

ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 392 - 393"، وابن سعد "8/ 134"، والترمذي "841" والدارمي "2/ 38"، وابن حبان "1272" موارد، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""2/ 270"، والبيهقي "5/ 66" و"7/ 211" والبغوي "1982" من طرق عن حماد بن زيد، به.

قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا مطر بن طهمان الوراق، أجمعوا على ضعفه. وقد أخرج له مسلم في المتابعات.

ص: 490

فقال ابن جريج، عن عطاء عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم

(1)

.

وقال أيوب وهشام، عن عكرمة عنه كذلك.

وقال عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير عنه مثله.

وعمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء عنه نحوه.

فهذا متواتر عنه.

والأنصاري، عن حبيب بن الشهيد سمع ميمون بن مهران عنه مثله.

وروى زكريا بن أبي زائدة وعبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم.

جرير، عن منصور، عن مجاهد -مرسلًا- مثله.

رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا مثله وفيه وكان ابن عباس لا يرى بذلك بأسًا

(2)

.

(1)

أخرجه البخاري "1873"، والنسائي "5/ 192"، والبيهقي "7/ 212"، والبغوي "1981" من طريق الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، به.

وأخرجه ابن سعد "8/ 135"، والطحاوي "2/ 369" من طريق رباح بن أبي معروف، عن عطاء، عن ابن عباس، به، وأخرجه ابن سعد "8/ 135" من طريق ليث وابن جريج عن ابن عباس، به.

وأخرجه أحمد "1/ 221 و 228"، والبخاري "5114"، ومسلم "1410""46" و"47" والترمذي "844"، والنسائي "5/ 191"، وابن ماجه "1965"، والدارمي "2/ 37"، والبيهقي "7/ 210"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""2/ 269"، وابن سعد "8/ 136" من طرق عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، به.

قال الحافظ في الفتح" "4/ 52": "قد اختلف في تزويج ميمونة، فالمشهور عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم، وصح نحوه عن عائشة وأبي هريرة، وجاء عن ميمونة نفسها أنه كان حلالا، وعن أبي رافع مثله وأنه كان الرسول إليها، واختلف العلماء في هذه المسألة، فالجمهور على المنع لحديث عثمان "لا ينكح المحرم ولا ينكح" أخرجه مسلم. وأجابوا عن حديث ميمونة بأنه اختلف في الواقعة كيف كانت ولا تقوم بها الحجة، ولأنها تحتمل الخصوصية، فكان الحديث في النهي عن ذلك أولى بأن يُؤخذ به. وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء، وتعقب بأنه قياس في معارضة السنة فلا يعتبر به. وأما تأويلهم حديث عثمان بأن المراد به الوطء فمتعقب بالتصريح فيه بقوله "ولا يُنكح" بضم أوله، وبقوله فيه "ولا يخطب".

(2)

انظر تخريجنا وتعليقنا السابق.

ص: 491

وبعض من رأى صحة خبر ابن عباس عد الجواز خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وجود هذا الباب ابن سعد ثم قال: أخبرنا أبو نعيم حدثنا جعفر بن برقان، عن ميمون قال: كنت جالسًا عند عطاء فجاءه رجل فقال: هل يتزوج المحرم قال: ما حرم الله النكاح منذ أحله. فقلت: إن عمر بن عبد العزيز كتب إلي وميمون يومئذ على الجزيرة: أن سل يزيد بن الأصم أكان تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج ميمونة حلالًا أو حرامًا.

فقال يزيد: تزوجها وهو حلال.

وكانت ميمونة خالة يزيد.

الواقدي: حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عكرمة أن ميمونة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال مجاهد: كان اسمها برة فسماها رسول الله ميمونة

(2)

.

وروى بكير بن الأشج، عن عبيد الله الخولاني: أنه رأى ميمونة تصلي في درع سابغ لا إزار عليها

(3)

.

حماد بن زيد، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم: أن ميمونة حلقت رأسها في إحرامها فماتت ورأسها محمم

(4)

.

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 137" وفيه الواقدي، وهو متروك.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 137" من طريق سفيان، عن منصور، عن مجاهد مرسلا.

قلت: رجاله ثقات لكنه ضعيف لإرساله، وأخرجه الحاكم "4/ 30" من طريق إسرائيل، عن محمد بن عبد الرحمن، عن كريب، عن ابن عباس قال: كان اسم خالتي ميمونة برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة، وقال الحاكم: صحيح. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وهو ثقة. ومحمد بن عبد الرحمن هو ابن عبيد القرشي، مولى آل طلحة بن عبيد الله، ثقة.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 138" من طريق ليث بن سعد، عن بكير الأشج، به.

(4)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 138" أخبرنا عارم بن الفضل، حدثنا حماد بن زيد، به.

وأخرجه أحمد "6/ 333"، والترمذي "845"، والطحاوي "2/ 270"، وابن سعد "8/ 133"، والدارقطني "3/ 261 - 262"، البيهقي "7/ 211" من طرق عن وهب بن جرير قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا فزارة، يحدث عن يزيد بن الأصم، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات وأبو فزارة: هو راشد بن كيسان العبسي الكوفي.

ص: 492

كثير بن هشام: حدثنا جعفر بن برقان، حدثنا يزيد بن الأصم قال: تلقيت عائشة وهي مقبلة من مكة أنا وابن أختها ولد لطلحة وقد كنا وقعنا في حائط بالمدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك فأقبلت على ابن أختها تلومه ثم وعظتني موعظة بليغة ثم قالت أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه ذهبت والله ميمونة ورمي بحبلك على غاربك أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم

(1)

!

وبه، أنبأنا يزيد: أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها فوجدت منه ريح شراب فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك لا تدخل علي أبدًا

(2)

.

إبراهيم بن عقبة، عن كريب: بعثني ابن عباس أقود بعير ميمونة فلم أزل أسمعها تهل حتى رمت الجمرة

(3)

.

أبو نعيم: حدثنا عقبة بن وهب، أخبرنا يزيد بن الأصم: رأيت ميمونة تحلق رأسها.

جرير بن حازم، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم قال: دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كانت حلقت في الحج. نزلت في قبرها أنا وابن عباس

(4)

.

وعن عطاء: توفيت ميمونة بسرف فخرجت مع ابن عباس إليها فقال: إذا رفعتم نعشها فلا تزلزلوها ولا تزعزعوها.

وقيل: توفيت بمكة فحملت على الأعناق بأمر ابن عباس إلى سرف وقال: ارفقوا بها فإنها أمكم.

قال الواقدي: ماتت في خلافة يزيد سنة إحدى وستين ولها ثمانون سنة.

قلت: لم تبق إلى هذا الوقت فقد ماتت قبل عائشة. وقد مر قول عائشة: ذهبت ميمونة

وقال خليفة: توفيت سنة إحدى وخمسين رضي الله عنها.

روى لها سبعة أحاديث في الصحيحين وانفرد لها البخاري بحديث ومسلم بخمسة. وجميع ما روت ثلاثة عشر حديثًا.

(1)

حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 138"، والحاكم "4/ 32". وفيه جعفر بن برقان صدوق.

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 139".

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 139".

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 333"، والترمذي "845" والطحاوي "2/ 270" وابن سعد "8/ 133 و 139 - 140"، والدارقطني "3/ 261 - 262"، والبيهقي "7/ 211" والحاكم "4/ 31" من طريق جرير بن حازم، به.

ص: 493

‌124 - زينب بنت رسول الله-صلى الله عليه وسلم

(1)

:

وأكبر أخواتها من المهاجرات السيدات.

تزوجها في حياة أمها ابن خالتها أبو العاص فولدت له أمامة التي تزوج بها علي بن أبي طالب بعد فاطمة وولدت له علي بن أبي العاص الذي يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه وراءه يوم الفتح وأظنه مات صبيًّا.

وذكر ابن سعد: أن أبا العاص تزوج بزينب قبل النبوة وهذا بعيد.

أسلمت زينب وهاجرت قبل إسلام زوجها بست سنين.

فروي عن عائشة بإسناد واه أن أبا العاص شهد بدرًا مشركًا فأسره عبد الله بن جبير الأنصاري فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم جاء في فداء أبي العاص أخوه عمرو وبعثت معه زينب بقلادة لها من جزع ظفار -أدخلتها بها خديجة- في فداء زوجها فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها ورق لها وقال: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فعلتم". قالوا: نعم فأخذ عليه العهد أن يخلي سبيلها إليه ففعل

(2)

.

وقيل: هاجرت مع أبيها ولم يصح.

البزار: حدثنا سهل بن بحر، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، أخبرنا بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية،

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 30 - 36"، والإصابة "4/ ترجمة 466".

(2)

حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 31" أخبرنا محمد بن عمر، حدثني المنذر بن سعد مولى لبني أسد بن عبد العزى، عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، به.

قلت: إسناده واه، آفته محمد بن عمر الواقدي، متروك. لكن أخرجه الحاكم "4/ 44 - 45" من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده حسن، يونس بن بكير، صدوق. ومحمد بن إسحاق صرح بالتحديث فأمنا شر تدليسه.

ص: 494

وكنت فيهم فقال: "إن لقيتم هبار بن الأسود ونافع بن عبد عمرو فأحرقوهما". وكانا نخسا بزينب بنت رسول الله حين خرجت فلم تزل ضبنة

(1)

حتى ماتت.

ثم قال: "إن لقيتموهما فاقتلوهما فإنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله"

(2)

.

ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الصبح فلما قام في الصلاة نادت زينب: إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما علمت بهذا وإنه يجير على الناس أدناهم".

قال الشعبي: أسلمت زينب وهاجرت ثم أسلم بعد ذلك وما فرق بينهما.

وكذا قال قتادة وقال: ثم أنزلت براءة بعد. فإذا أسلمت امرأة قبل زوجها فلا سبيل له عليها إلَّا بخطبة.

وروى حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بنكاح جديد ومهر جديد

(3)

.

وقال ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته إلى أبي العاص بعد سنين بنكاحها الأول ولم يحدث صداقًا

(4)

.

وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: خرج أبو العاص إلى الشام في عير لقريش فانتدب لها زيد في سبعين ومائة راكب فلقوا العير في سنة ست فأخذوها وأسروا أناسًا،

(1)

الضبنة: الزمانة. وهي المرض الدائم.

(2)

حسن: عبد الله بن لهيعة، صدوق، وقد حدث عنه ابن المبارك قبل احتراق كتبه.

(3)

منكر: أخرجه الترمذي "1142"، وابن ماجه "2010"، والبيهقي "7/ 188"، وابن سعد "8/ 32" من طريق حجاج بن أرطاة، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته الحجاج بن أرطاة، فإنه مدلس، وقد عنعنه، وقد خالف به الصحيح الثابت فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ردها بنكاحها الأول، وليس بنكاح جديد فهذا الحديث منكر لمخالفته ما ثبت، وانظر الحديث الآتي.

(4)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 217"، وعبد الرزاق "12644"، وأبو داود "2240" والترمذي "1143"، والحاكم "3/ 237 و 238 - 239"، والبيهقي "7/ 187"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""3/ 256"، والدارقطني "3/ 254"، والطبراني "11575" من طرق عن محمد بن إسحاق، به.

قلت: إسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند الترمذي والحاكم.

ص: 495

منهم أبو العاص فدخل على زينب سحرًا فأجارته ثم سألت أباها أن يرد عليه متاعه. ففعل وأمرها إلَّا يقربها ما دام مشركًا. فرجع إلى مكة فأدى إلى كل ذي حق حقه ثم رجع مسلمًا مهاجرًا في المحرم سنة سبع فرد عليه زينب بذاك النكاح الأول

(1)

.

الزهري، عن أنس: رأيت على زينب بنت رسول الله برد سيراء من حرير

(2)

.

توفيت في أول سنة ثمان.

عاصم الأحول، عن حفصة، عن أم عطية قالت: لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اغسلنها وترًا ثلاثًا أو خمسًا واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور فإذا غسلتنها فأعلمنني". فلما غسلناها أعطانا حقوه فقال: "أشعرنها إياه"

(3)

.

(1)

أخرجه ابن سعد "8/ 33" أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه، به.

قلت: إسناده ضعيف جدا، آفته محمد بن عمر الواقدي، متروك كما ذكرنا مرارا. وانظر الحديث السابق.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 33 - 34" من طريق عبد الله بن المبارك، والنسائي "8/ 197"، والحاكم "4/ 45 - 46" من طريق عيسى بن يونس كلاهما عن معمر، عن الزهري به.

وأخرجه الحاكم "4/ 45 - 46" من طريق الأوزاعي، عن الزهري به.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد رواه ثلاثة من الثقات عن الزهري بإثبات زينب في الحديث.

وسيرد الحديث في ترجمة "أم كلثوم" بإثبات "أم كلثوم" بدل "زينب" من طريق الزهري، عن أنس. ولا تعارض بينهما، فلا مانع من تكرر رؤية أنس لزينب وأم كلثوم وهما ترتديان برد سيراء. وكلاهما صحيح ثابت.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 34"، ومسلم "939""40" والطبراني "25/ 165" من طريق أبي معاوية الضرير الكوفي محمد بن خازم، حدثنا أبو عاصم الأحول، به.

وأخرجه أبو داود "314" و"3145"، وابن ماجه "1459"، والبيهقي "3/ 388 - 389" والطبراني "25/ 94 و 154 - 161 و 166" من طرق عن حفصة بن سيرين، عن أم عطية، به.

وأخرجه البخاري "1258" و"1259"، ومسلم "939""38"، وأبو داود "3142"، والنسائي "4/ 31" والبيهقي "3/ 389" والطبراني "25/ 90" من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أم عطية، به.

وأخرجه مالك "1/ 222"، ومن طريقه البخاري "1253"، ومسلم "939""36"، وأبو داود "3142"، والنسائي "4/ 28"، والطبراني "25/ 88 و 89"، والبيهقي "3/ 389" عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أم عطية، به.

قوله: "حقوه" بفتح الحاء وكسرها، لغتان: يعني إزاره. وأصل الحقو معقد الإزار. وجمعه أحق وحقي. وسمي به الإزار مجازا لأنه يشد فيه.

قوله: "أشعرنها إياه" أي اجعلنه شعارا لها. وهو الثوب الذي يلي الجسد، سُمي شعارا لأنه يلي شعر الجسد. والحكمة في إشعارها به تبريكها به.

وأما الدثار: فهو الثوب الذي يكون فوق الشعار. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأنصار رضي الله عنهم: "أنتم الشعار والناس الدثار".

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: كان إذا نزل عليه الوحي يقول: "دثروني دثروني" أي غطوني بما أدفأ به.

ص: 496

‌125 - رقية بنت رسول الله

(1)

:

صلى الله عليه وسلم

- وأمها خديجة.

قال ابن سعد: تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النبوة.

كذا قال وصوابه: قبل الهجرة.

فلما أنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] قال أبوه: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق بنته. ففارقها قبل الدخول.

وأسلمت مع أمها وأخواتها. ثم تزوجها عثمان.

قال ابن سعد: هاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين جميعًا.

قال عليه السلام: "إنهما لأول من هاجر إلى الله بعد لوط".

وولدت من عثمان عبد الله وبه كان يكنى وبلغ ست سنين فنقره ديك في وجهه فطمر وجهه فمات.

ثم هاجرت إلى المدينة بعد عثمان ومرضت قبيل بدر فخلف النبي صلى الله عليه وسلم عليها عثمان فتوفيت والمسلمون ببدر.

فأما رواية ابن سعد: أخبرنا عفان حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: لما ماتت رقية بنت رسول الله قال: "الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون" فبكت النساء عليها فجعل عمر يضربهن بسوطه. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال: "دعهن يبكين" ثم قال: "ابكين وإياكن ونعيق الشيطان فإنه مهما يكن من القلب العين فمن الله والرحمة ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان" فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تبكي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدمع، عن عينها بطرف ثوبه.

قلت: هذا منكر.

وقال ابن سعد: ذكرته لمحمد بن عمر فقال: الثبت عندنا من جميع الرواية: أن رقية توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر. فلعل هذا في غير رقية أو لعله أتى قبرها بعد بدر زائرًا.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 36 - 37"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 430".

ص: 497

‌126 - أم كلثوم بنت رسول الله

(1)

:

صلى الله عليه وسلم

- البضعة الرابعة النبوية.

يقال تزوجها عتيبة بن أبي لهب ثم فارقها.

وأسلمت وهاجرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فلما توفيت أختها رقية تزوج بها عثمان وهي بكر في ربيع الأول سنة ثلاث فلم تلد له.

وتوفيت في شعبان سنة تسع. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كن عشرًا لزوجتهن عثمان" حكاه ابن سعد

(2)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 37 - 39"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 1470".

(2)

ذكره ابن سعد في "الطبقات""8/ 38" بدون إسناد. لكن أخرج ابن أبي عاصم في "السنة""1291" حدثنا محمد بن عثمان بن خالد، حدثنا أبي، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته الثانية التي كانت عند عثمان فقال: ألا أبا أيم، ألا أخا أيم يُزوجها عثمان فلو كن عشرا. لزوجته، وما زوجته إلا بوحي من السماء.

قلت: إسناده واه بمرة، آفته عثمان بن خالد بن عمر الأموي متروك الحديث، كما قال الحافظ في "التقريب" وأبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان. والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز.

وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة""1301" حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه عن جده، عن محمد بن أبي بكر، عن عثمان بنحوه في قصة.

قلت: إسناده موضوع، آفته عبد الملك بن هارون بن عنترة، قال يحيى: كذاب. وقال أبو حاتم: متروك، ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: يضع الحديث، وقال السعدي: عبد الملك بن هارون دجال كذاب.

وقال الذهبي في "الميزان": اتهم بوضع حديث: "من صام يوما من أيام البيض عدل عشرة آلاف سنة". وأبوه هارون بن عنترة، وثقه يحيى بن معين وأحمد. لكن ابن حبان قال: لا يجوز أن يحتج به. وهو الذي يقال له: هارون بن أبي وكيع منكر الحديث جدا.

ص: 498

وروى صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أنس: أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء

(1)

.

الواقدي: حدثنا فليح، عن هلال بن أسامة، عن أنس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا على قبرها يعني أم كلثوم وعيناه تدمعان فقال: "فيكم أحد لم يقارف الليلة"؟. فقال أبو طلحة: أنا قال: "انزل"

(2)

.

زوجاته صلى الله عليه وسلم:

قال الزهري: تزوج نبي الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة عربية محصنات.

وعن قتادة قال: تزوج خمس عشرة امرأة: ست من قريش وواحدة من حلفاء قريش وسبعة من نساء العرب. وواحدة من بني إسرائيل.

قال أبو عبيد: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ثماني عشرة امرأة: سبع من قريش وواحدة من حلفائهم. وتسع من سائر العرب. وواحدة من نساء بني إسرائيل.

فأولهن: خديجة ثم سودة ثم عائشة ثم أم سلمة ثم حفصة ثم زينب بنت جحش ثم جويرية ثم أم حبيبة ثم صفية ثم ميمونة ثم فاطمة بنت شريح. ثم تزوج:

زينب بنت خزيمة، ثم هند بنت يزيد، ثم أسماء بنت النعمان، ثم قتيلة أخت الأشعث، ثم سنا بنت أسماء السلمية.

(1)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف أخرجه ابن سعد في "الطبقات""8/ 38" أخبرنا وكيع بن الجراح، عن صالح بن أبي الأخضر، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته صالح بن أبي الأخضر البصري، ضعفه يحيى بن معين، والنسائي، والبخاري، وأبو زرعة. وقال أبو حاتم: لين الحديث. وقال ابن حبان: لا يحتج به. وأخرجه البخاري "5842"، وأبو داود "2058"، والنسائي "8/ 197"، وابن ماجه "3598"، والحاكم "4/ 49"، وابن سعد "8/ 38" من طرق عن الزهري، عن أنس، به.

وقد مر بتخريجنا السابق رقم "1108" هذا الحديث ولكن بإثبات "زينب" بدل "أم كلثوم" من طريق الزهري عن أنس. ولا تعارض بينهما، فلا مانع من تكرار رؤية أنس لأم كلثوم ولزينب وهما ترتديان برد سيراء، وكلاهما صحيح ثابت راجع تخريجنا السابق رقم "1108" قوله:"حلة سيراء" حلة من حرير محض، وقد تكون غير محض.

(2)

حسن: أخرجه الطيالسي "2116"، وأحمد "3/ 126 و 228" والبخاري "1285" و"1342"، وابن سعد "8/ 38"، والترمذي في "الشمائل""327"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار "2514"، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 163"، والبيهقي "4/ 53" من طرق عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي بن أسامة، به.

قلت: إسناده حسن، فليح بن سليمان، صدوق.

ص: 499

‌127 - العالية

(1)

:

قال الزهري: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني بكر بن كلاب.

ولأبي معاوية، عن جميل بن زيد واه، عن زيد بن كعب بن عجرة، عن أبيه قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية من بني غفار فأدخلت فرأى بكشحها بياضًا فقال: "البسي ثيابك والحقي بأهلك" وأمر لها بالصداق

(2)

.

(1)

ترجمتها في "الإصابة""4/ ترجمة رقم 703".

(2)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 493"، والبيهقي "7/ 256 - 257" من طريق جميل بن زيد الطائي، عن زيد بن كعب بن عجرة قال: فذكره.

وأخرجه البخاري في "التاريخ""7/ 223" من طريق محمد بن فضيل، عن جميل بن زيد، عن عبد الله بن كعب قال: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، آفته جميل بن زيد الطائي، قال ابن معين، ليس بثقة. وقال ابن حبان: واهي الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال البخاري: لم يصح حديثه.

ص: 500

‌128 - أسماء

(1)

:

قيل: هي أسماء بنت كعب الجونية. كذا سماها ابن إسحاق وقال: لم يدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى طلقها.

وقال الزهري: تزوج أخت بني الجون الكندي فاستعاذت منه. فقال: "لقد عذت معاذًا الحقي بأهلك"

(2)

.

وقيل: بل هي أسماء بنت النعمان الغفارية.

وعن قتادة قال: وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل اليمن: أسماء بنت النعمان الغفارية فلما دخل بها دعاها. فقالت: تعال أنت فطلقها وتزوج أم شريك.

(1)

ترجمتها في الإصابة "4/ ترجمة رقم 57".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5254" من طريق الأوزاعي قال سألت الزهري أي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استعاذت منه قال: أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها:"لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك".

وأخرجه أحمد "3/ 498"، والبخاري "5257"، وابن الجارود "758"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""641"، والطبراني في "الكبير""19/ 583" من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، به.

وأخرجه ابن ماجه "2037" من طريق عبيد بن القاسم، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به نحوه.

قلت: إسناده موضوع، عبيد بن القاسم، قال فيه ابن معين: كان كذابا خبيثا. وقال صالح بن محمد: كذاب كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: ممن يروي الموضوعات.

ص: 500

‌129 - أم شريك

(1)

:

امرأة أنصارية، النجارية.

عن قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني أحب أن أتزوج في الأنصار ثم إني أكره غيرتهن". قال: فلم يدخل بها.

نعم وروى عروة بن الزبير، عن أم شريك: أنها كانت فيمن وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 154 - 157"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 2377"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7985"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2956". والإصابة "4/ ترجمة 1347".

ص: 501

‌130 - سناء

(1)

:

قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وزعم حفص بن النضر السلمي وعبد القاهر بن السري: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج سناء بنت أسماء بن الصلت السلمية فماتت قبل أن يدخل بها.

وقيل: سناء بنت سفيان الكلابية.

(1)

ترجمتها في الإصابة "4/ ترجمة رقم 587".

ص: 501

‌131 - الكلابية

(1)

:

قال الواقدي: قال بعضهم: هي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان.

وقيل: عمرة بنت زيد.

وقيل: هي العالية بنت ظبيان.

وقيل: سناء بنت سفيان.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 220 - 221"، الإصابة "4/ ترجمة 843".

ص: 501

وقال بعضهم: هي كلابية واحدة وإنما اختلف في اسمها.

وقال بعضهم: بل كن جماعة.

نقل ذلك الحاكم في أمهات المؤمنين من "مستدركه".

ابن أخي الزهري، عن عمه، عن عروة، عن عائشة قالت: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلابية فلما دخلت عليه ودنا منها قالت: إني أعوذ بالله منك. قال: "لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك"

(1)

.

وقال ابن إسحاق: تزوج عمرة بنت زيد الكلابية وما دخل بها.

وقال ابن شهاب: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان فنكحها ابن عم لها فولدت له.

وقيل: الكلابية: عمرة بنت حزن التي تعوذت.

(1)

صحيح: أخرجه الحاكم "4/ 35" من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، عن عروة، عن عائشة، به.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات.

ص: 502

‌132 - الكندية:

قال عبد الله بن محمد بن عقيل: نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من كندة، وهي الشقية التي سألته أن يفارقها، ويردها إلى قومها، ففعل.

رواه عنه: عبيد الله بن عمرو.

وروى الواقدي: حدثنا محمد بن يعقوب بن عتبة، عن عبد الواحد بن أبي عون: أن النعمان بن أبي الجون الكندي قدم مسلما، فقال: يا رسول الله، ألا أزوجك أجمل أيم في العرب، وقد رغبت فيك? فتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونش

(1)

. فقال: لا تقصر بها في المهر. قال: "ما أصدقت أحدًا فوق هذا"

(2)

.

فبعث معه أبا أسيد. فلما قدما عليها جلست وأذنت له فقال أبو أسيد: إن نساء رسول

(1)

الأوقية: أربعون درهما. والنش: نصف الأوقية، وهو عشرون درهما. وقيل: النش يطلق على النصف من كل شيء.

(2)

إسناده ضعيف جدا، آفته الواقدي، وهو متروك كما ذكرنا مرارا.

ص: 502

الله صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال فتحملت مع الظعينة

(1)

على جمل في محفة

(2)

فأقبلت بها حتى أنزلتها في بني ساعدة. فدخل عليها النساء فرحبن بها ثم خرجن فذكرن جمالها وشاع ذلك. فدخل عليها داخل من النساء فقيل لها: إنك ملكة فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي: أعوذ بالله منك فإنه يرغب فيك

(3)

.

وعن ابن أبي عون قال: فتزوج الكندية في سنة تسع من ربيع الأول.

الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن الوليد كتب إليه يسأله: هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أخت الأشعث? فقال: ما تزوجها قط ولا تزوج كندية إلَّا بنت الجون فملكها. فلما أتى بها نظر إليها فطلقها ولم يبن بها.

عن أبي أسيد الساعدي قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها. فقالت حفصة لعائشة: اخضبيها أنت وأنا أمشطها. ففعلتا ثم قالت لها إحداهما: إنه يعجبه أن تقول المرأة: أعوذ بالله منك فلما دخلت عليه وأرخى الستر مد يده إليها. فقالت: أعوذ بالله منك فقال بكمه على وجهه فاستتر. وقال: "عذت بمعاذ" وخرج فقال: "يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيين". يعني: كرباسين.

فكانت تقول: ادعوني الشقية.

إسناده واه. وقد ذكره الحاكم في "مستدركه"

(4)

.

(1)

الظعينة: أصل الظعينة: الراحلة التي يُرحل ويُظعن عليها: أي يسار وقيل للمرأة ظعينة؛ لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن، أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت. وقيل الظعينة: المرأة في الهودج، ثم قيل الهودج بلا امرأة، وللمرأة بلا هودج ظعينة. وجمع الظعينة. ظُعْن وظُعُن وظعائن وأظعان. وظعن يظعن وظعنا وظعنا بالتحريك إذا سار.

(2)

المحفة: رحل يحف بثوب ثم تركب فيه المرأة، وقيل: المحفة: مركب الهودج إلا أن الهودج يقبب والمحفة لا تقبب قال ابن دريد: سميت بها لأن الخشب يحف بالقاعد فيها أي يحيط به من جميع جوانبه، وقيل: المحفة مركب من مراكب النساء.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 143 - 144"، والحاكم "4/ 36" من طريق الواقدي، وهو متروك.

(4)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 145 - 146"، والحاكم "4/ 37" من طريق هشام بن محمد، عن ابن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، به.

وقال الحاكم: "قال ابن عمر: قال هشام بن محمد فحدثني زهير بن معاوية الجعفي أنها ماتت كمدا".

وقال الذهبي: "قلت: سنده واه ويروى عن زهير بن معاوية أنها ماتت كمدا".

قلت: آفة إسناده هشام بن محمد هو ابن السائب الكلبي، أبو المنذر الأخباري، متروك.

ص: 503

وعن زهير بن معاوية: قال فماتت كمدًا

(1)

.

وعن الكلبي قال: خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية فهم عمر أن يعاقبها. فقالت: والله ما ضرب علي حجابًا ولا سميت بأم المؤمنين فكف عنها

(2)

.

(1)

انظر تخريجنا السابق.

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 147"، والحاكم "4/ 37" من طريق هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: فذكره.

قلت: إسناده واه بمرة، فيه هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأبوه، وهما متروكان.

ص: 504

‌133 - قتيلة

(1)

:

يقال: هي أخت الأشعث بن قيس.

قال أبو عبيدة: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه وفد كندة سنة عشر فتوفي قبل أن يقدم عليه.

ويقال: إنها ارتدت

(2)

فالله أعلم.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "1478".

(2)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 147" من طريق هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، به.

قلت: إسناده واه بمرة، فيه هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وأبوه وهما متروكان.

ص: 504

‌134 - خولة

(1)

:

عمارة بن راشد: حدثنا علي بن زيد، عن ابن المسيب، عن خولة بنت حكيم.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها فأرجأها فيمن أرجأ من نسائه.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 158"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7829" تهذيب التهذيب "12/ 415"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 362".

ص: 504

‌135 - جويرية أم المؤمنين

(1)

" ع":

بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية.

سبيت يوم غزوة المريسيع في السنة الخامسة وكان اسمها: برة فغير

(2)

وكانت من أجمل النساء.

أتت النبي تطلب منه إعانة في فكاك نفسها فقال: "أوخير من ذلك? أتزوجك". فأسلمت وتزوج بها وأطلق لها الأسارى من قومها

(3)

.

وكان أبوها سيدًا مطاعًا.

حدث عنها: ابن عباس وعبيد بن السباق وكريب ومجاهد. وأبو أيوب يحيى بن مالك الأزدي وآخرون.

عن عائشة قالت: كانت جويرية امرأة حلوة

(4)

ملاحة لا يراها أحد إلَّا أخذت بنفسه الحديث بطوله

(5)

.

زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي قال: أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية واستنكحها،

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 116 - 120"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم "7808". تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2755"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 251".

(2)

أخرجه مسلم "2140" بإسناده عن ابن عباس قال: كانت جويرية اسمها برة. فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية. وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة.

(3)

صحيح: يأتي تخريجه قريبا في التعليق بعد الآتي.

(4)

ملاحه: أي شديدة الملاحة، وهو من أبنية المبالغة. وفي كتاب الزمخشري وكانت امرأة ملاحة أي ذات ملاحة، وفعال مبالغة في فعيل مثل كريم وكرام وكبير وكبار، وفعال مشددا أبلغ منه.

(5)

حسن: أخرجه أبو داود "3931" وأحمد "6/ 277"، وابن جرير الطبري في "تاريخ الملوك""1/ 111"، وابن هشام في "السيرة""2/ 497"، من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، قالت عائشة: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها صلى الله عليه وسلم ما رأيت، فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي، قال:"فهل لك في خير من ذلك"؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: "أقضي عنك كتابتك وأتزوجك"؟ قالت: نعم يا رسول الله، قال:"قد فعلت" قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية بنة الحارث عن أبي ضرار، فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرسلوا ما بأيديهم، قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.

قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق بن يسار، صدوق، وقد صرح بالتحديث فأمنا شر تدليسه.

ص: 505

وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق وكانت من ملك اليمين فأعتقها وتزوجها

(1)

.

قال ابن سعد وغيره: بنو المصطلق من خزاعة. وكان زوجها قبل أن يسلم ابن عمها مسافع بن صفوان ابن أبي الشفر.

وقد قدم أبوها الحارث على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.

وعن جويرية قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت عشرين سنة.

توفيت أم المؤمنين جويرية في سنة خمسين. وقيل توفيت سنة ست وخمسين رضي الله عنها.

جاء لها سبعة أحاديث: منها عند البخاري حديث وعند مسلم حديثان.

أيوب، عن أبي قلابة قال: أتى والد جويرية فقال: إن بنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إن خيرناها". فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا فقالت: فإني قد اخترته قال: قد والله فضحتنا

(2)

.

زكريا، عن الشعبي قال: أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم جويريه واستنكحها وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق

(3)

.

همام وغيره، عن قتادة، عن أبي أيوب الهجري، عن جويرية بنت الحارث: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم جمعة وهي صائمة فقال لها: "أصمت أمس" قالت: لا قال: "أتريدين أن تصومي غدًا". قالت: لا قال: "فأفطري"

(4)

.

(1)

منكر: أخرجه ابن سعد "8/ 117" من طريق الواقدي. وهو متروك كما أن الحديث مرسل. وهو يخالف الحديث السابق الثابت فليس صداقها عتق بني المصطلق.

(2)

ضعيف: أبو قلابة، هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري، ثقة فاضل، كثير الإرسال وهو من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من كبار التابعين، فأنى له لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينه، وبين سيد البشر صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي.

(3)

منكر: أخرجه عبد الرزاق "13118"، وابن سعد "8/ 118"، وهو مرسل وهو مخالف للثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم لها:"أقضي عنك كتابتك وأتزوجك؟ " قالت: نعم يا رسول الله، قال:"قد فعلت" ولم يكن صداقها عتق بني المصطلق، إنما أعتقهم الصحابة لما سمعوا أنهم أصهار سيد البشر صلى الله عليه وسلم.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "1986"، وأبو داود "2422"، وأحمد "6/ 430"، وابن سعد "8/ 119".

ص: 506

رواه شعبة وله علة غير مؤثرة رواه سعيد، عن قتادة، عن ابن المسيب، عن عبد الله بن عمرو.

شعبة وجماعة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة: سمعت كريبًا، عن ابن عباس، عن جويرية قالت: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة وأنا أسبح ثم انطلق لحاجته ثم رجع قريبا من نصف النهار فقال: "أما زلت قاعدة". قلت: نعم. قال: "ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن أو وزن بهن وزنتهن -يعني جميع ما سبحت- سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات سبحان الله رضا نفسه ثلاث مرات سبحان الله مداد كلماته -ثلاث مرات-"

(1)

.

يونس، عن ابن إسحاق: حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة قالت: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية في سهم رجل فكاتبته وكانت حلوة ملاحة لا يراها أحد إلَّا أخذت بنفسه. فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه فكرهتها يعني لحسنها. فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك وقد كاتبت فأعني.

فقال: "أوخير من ذلك: أؤدى عنك وأتزوجك". فقالت: نعم. ففعل فبلغ الناس فقالوا: أصهار رسول الله فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق فلقد أعتق بها مئة أهل بيت. فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2726"، وابن سعد "1/ 119"، وأحمد "6/ 324 و 327 و 429 و 430".

(2)

حسن: راجع تخريجنا السابق رقم "1138".

ص: 507

‌136 - سودة أم المؤمنين

(1)

" خ، د، س":

بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية.

وهي أول من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة وانفردت به نحوًا من ثلاث سنين أو أكثر حتى دخل بعائشة.

وكانت سيدة جليلة نبيلة ضخمة وكانت أولًا عند السكران بن عمرو أخي سهيل بن عمرو العامري.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 52 - 57" تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7864"، وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2820"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 606".

ص: 507

وهي التي وهبت يومها لعائشة رعاية لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت قد فركت رضي الله عنها.

لها أحاديث: وخرج لها البخاري.

حدث عنها: ابن عباس ويحيى بن عبد الله الأنصاري.

توفيت في آخر خلافة عمر بالمدينة.

هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة من امرأة فيها حدة فلما كبرت جعلت يومها من النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة

(1)

.

وروى الواقدي، عن ابن أخي الزهري، عن أبيه قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بسودة في رمضان سنة عشر من النبوة وهاجر بها وماتت بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين

(2)

.

وقال الواقدي: وهذا الثبت عندنا.

وروى عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال أن سودة رضي الله عنها توفيت زمن عمر.

قال ابن سعد: أسلمت سودة وزوجها فهاجرا إلى الحبشة.

وعن بكير بن الأشج: أن السكران قدم من الحبشة بسودة فتوفي عنها. فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أمري إليك قال: "مري رجلًا من قومك يزوجك" فأمرت حاطب بن عمرو العامري فزوجها وهو مهاجري بدري

(3)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5212" من طريق زهير، ومسلم "1436" من طريق جرير، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما رأيت أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امراة فيها حدة. قالت: فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة. قالت: يا رسول الله قد جعلت يومي منك لعائشة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سودة.

قوله: "مسلاخها" المسلاخ هو الجلد. ومعناه أنها تمنت أن تكون في مثل هديها وطريقتها.

(2)

ضعيف جدا: "أخرجه ابن سعد "8/ 53"، وفي إسناده الواقدي، وهو متروك وهو مرسل.

(3)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "8/ 53" من طريق الواقدي، وهو متروك.

ص: 508

هشام الدستوائي: حدثنا القاسم بن أبي بزة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى سودة بطلاقها. فجلست على طريقه فقالت: أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه لم طلقتني? ألموجدة? قال: "لا" قالت: فأنشدك الله لما راجعتني فلا حاجة لي في الرجال ولكني أحب أن أبعث في نسائك. فراجعها قالت: فإني قد جعلت يومي لعائشة

(1)

.

الأعمش، عن إبراهيم قالت سودة: يا رسول الله صليت خلفك البارحة فركعت بي حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم فضحك. وكانت تضحكه الأحيان بالشيء.

صالح مولى التوءمة، عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحصر".

قال صالح: فكانت سودة تقول: لا أحج بعدها.

وقالت عائشة: استأذنت سودة ليلة المزدلفة أن تدفع قبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة أي ثقيلة فأذن لها

(2)

.

حماد بن زيد، عن هشام، عن ابن سيرين: أن عمر بعث إلى سودة بغرارة دراهم. فقالت: ما هذه قالوا: دراهم قالت: في الغرارة مثل التمر يا جارية: بلغيني القنع ففرقتها

(3)

.

يروى لسودة خمسة أحاديث: منها في الصحيحين حديث واحد، عن البخاري.

الواقدي: حدثنا موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن ريطة، عن عمرة، عن عائشة قالت: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعث زيدًا وبعث معه أبا رافع مولاه وأعطاهما بعيرين وخمس مائة درهم فخرجنا جميعًا وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وبأم كلثوم وبسودة بنت زمعة وبأم أيمن وأسامة ابنه

(4)

.

(1)

القاسم بن أبي بزة، مولى بني مخزوم، القارئ ثقة من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين، فالحديث مرسل. وقد أخرجه ابن سعد "8/ 54".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1290". وحطمة الناس: أي زحمة الناس.

(3)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 56"، وإسناده منقطع بين ابن سيرين وعمر.

(4)

ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "1/ 237 - 238" وفيه الواقدي، متروك.

ص: 509

‌137 - صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

:

بنت عبد المطلب الهاشمية. وهي شقيقة حمزة. وأم حواري النبي صلى الله عليه وسلم الزبير. وأمها من بني زهرة.

تزوجها الحارث أخو أبي سفيان بن حرب فتوفي عنها.

وتزوجها العوام أخو سيدة النساء خديجة بنت خويلد فولدت له الزبير والسائب وعبد الكعبة.

والصحيح أنه ما أسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم سواها.

ولقد وجدت على مصرع أخيها حمزة وصبرت واحتسبت.

وهي من المهاجرات الأول وما أعلم هل أسلمت مع حمزة أخيها أو مع الزبير ولدها.

وقد كانت يوم الخندق في حصن حسان بن ثابت قالت وكان حسان معنا في الذرية. فمر بالحصن يهودي فجعل يطيف بالحصن والمسلمون في نحور عدوهم.

ثم ساقت الحديث وأنها نزلت وقتلت اليهودي بعمود.

فروى هشام، عن أبيه عنها قالت: أنا أول امرأة قتلت رجلًا: كان حسان معنا فمر بنا يهودي فجعل يطيف بالحصن فقلت لحسان: إن هذا لا آمنه أن يدل على عورتنا فقم فاقتله.

قال: يغفر الله لك لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. فاحتجزت وأخذت عمودًا ونزلت فضربته حتى قتلته.

توفيت صفية في سنة عشرين ودفنت بالبقيع. ولها بضع وسبعون سنة.

وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِين} [الشعراء: 214]. قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئًا سلوني من مالي ما شئتم"

(2)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 41"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 654".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "205".

ص: 510

ذكر أولاد صفية رضي الله عنها:

ولدت صفية: الزبير والسائب وعبد الكعبة بني العوام.

وهي القائلة تندب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عين جودي بدمعة وسهود

واندبي خير هالك مفقود

واندبي المصطفى بحزن شديد

خالط القلب فهو كالمعمود

كدت أقضي الحياة لما أتاه

قدر خط في كتاب مجيد

فلقد كان بالعباد رؤوفًا

ولهم رحمة وخير رشيد

رضي الله عنه حيًّا وميتًا

وجزاه الجنان يوم الخلود

فهذا مما أورد لصفية. فالله أعلم بصحته.

أختها:

ص: 511

‌138 - أروى عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

:

تزوجها عمير بن وهب فولدت له طليبًا ثم خلف عليها أرطاة فولدت له فاطمة. ثم أسلمت أروى وهاجرت. وأسلم ولدها طليب في دار الأرقم.

روى هذا ابن سعد. ولم يسمع لها بذكر بعد ولا وجدنا لها رواية.

وأختها:

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 42 - 43"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 33".

ص: 511

‌139 - عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

:

بنت عبد المطلب. أسلمت وهاجرت.

وهي صاحبة تلك الرؤيا في مهلك أهل بدر. وتلك الرؤيا ثبطت أخاها أبا لهب، عن شهود بدر.

ولم نسمع لها بذكر في غير الرؤيا.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 43 - 45"، والإصابة "4/ ترجمة رقم 198".

ص: 511

‌140 - البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

:

أم حكيم بنت عبد المطلب ما أظنها أدركت نبوة المصطفى.

تزوجها كريز بن ربيعة العبشمي فولدت له عامرًا والد الأمير عبد الله وأروى والدة الشهيد عثمان.

ثم خلف عليها: عقبة بن أبي معيط فولدت له الوليد وخالدًا وأم كلثوم وللثلاثة صحبة.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 45".

ص: 512

‌141 - برة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

:

بنت عبد المطلب، والدة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي البدري.

ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزى العامري فولدت له: أبا سبرة أحد البدريين.

لم تدرك المبعث وإنما ذكرتها استطرادًا.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 45".

ص: 512

‌142 - أميمة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

:

بنت عبد المطلب والدة عبد الله وأم المؤمنين زينب، وعبيد الله، وأبي أحمد عبد وحمنة أولاد جحش بن رياب الأسدي حليف قريش.

أسلمت وهاجرت.

قال ابن سعد: أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وسقا من تمر خيبر.

وقيل: إنها أميمة بنت ربيعة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عبد المطلب الهاشمية أعني التي أسلمت وأطعمت من تمر خيبر.

والظاهر أن أميمة الكبرى العمة ما هاجرت ولا أدركت الإسلام. فالله أعلم.

لم يهتم بذكر إسلامها إلَّا الواقدي وروى في ذلك قصة. فالله أعلم.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 45 - 46"، والإصابة "4/ ترجمة 106".

ص: 512

‌143 - ضباعة

(1)

" د، س، ق":

بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية.

من المهاجرات.

وكانت تحت المقداد بن الأسود فولدت له عبد الله وكريمة.

لها أحاديث يسيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

روى عنها: ابنتها كريمة وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عبد الرحمن الأعرج وأنس بن مالك.

وحدث عنها من القدماء: ابن عباس وجابر.

وقتل ولدها عبد الله بن المقداد يوم الجمل مع أم المؤمنين عائشة.

معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقالت: إني أريد الحج وأنا شاكية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني"

(2)

.

بقيت ضباعة إلى بعد عام أربعين فيما أرى رضي الله عنها.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 46"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7881"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2837"، الإصابة "4/ ترجمة 672".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 164"، ومسلم "1207" والنسائي "5/ 68" والدارقطني "2/ 234 - 235"، وابن الجارود "420"، والطبراني في "الكبير""24/ 833"، والبيهقي "5/ 221" من طرق عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به.

وأخرجه أحمد "6/ 202"، والبخاري "5089"، ومسلم "1207"، والنسائي "5/ 168"، والطبراني "24/ 834 و 835"، والبغوي "2000" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، به.

ص: 513

‌144 - درة

(1)

:

بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي لهب بن عبد المطلب الهاشمية.

من المهاجرات.

لها حديث واحد في "المسند" من رواية ابن ابن عمها الحارث بن نوفل.

وقيل: تزوج بها دحية الكلبي.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 50"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 397".

ص: 513

‌145 - أم كلثوم

(1)

" خ، م، د، ت، س":

بنت عقبة بن أبي معيط: أبان بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي.

من المهاجرات.

أسلمت بمكة وبايعت. ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة سبع. وكان خروجها زمن صلح الحديبية فخرج في إثرها أخواها: الوليد وعمارة. فما زالا حتى قدما المدينة فقالا: يا محمد فِ لنا بشرطنا. فقالت: أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنوني، عن ديني ولا صبر لي وحال النساء في الضعف ما قد علمت? فأنزل الله تعالى:{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} الآيتين [الممتحنة: 10].

فكان يقول: "الله ما أخرجكن إلَّا حب الله ورسوله والإسلام ما خرجتن لزوج ولا مال". فإذا قلن ذلك لم يرجعهن إلى الكفار.

ولم يكن لأم كلثوم بمكة زوج فتزوجها زيد بن حارثة ثم طلقها فتزوجها عبد الرحمن بن عوف فولدت له: إبراهيم وحميدًا فلما توفي عنها تزوجها عمرو بن العاص فتوفيت عنده.

روت عشرة أحاديث في مسند بقي بن مخلد.

لها في الصحيحين حديث واحد.

روى عنها ابناها: حميد وإبراهيم وبسرة بنت صفوان.

توفيت في خلافة علي رضي الله عنه.

روى لها الجماعة سوى ابن ماجة. وساق أخبارها ابن سعد وغيره.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 230 - 232"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 8004" تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 3980"، الإصابة "4/ ترجمة 1475".

ص: 514

‌146 - أم عمارة

(1)

" ع":

نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول.

الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية.

كان أخوها عبد الله بن كعب المازني من البدريين. وكان أخوها عبد الرحمن من البكائين.

شهدت أم عمارة ليلة العقبة وشهدت أحدًا والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة. وجاهدت وفعلت الأفاعيل.

روي لها أحاديث. وقطعت يدها في الجهاد.

وقال الواقدي: شهدت أحدًا مع زوجها غزية بن عمرو ومع ولديها.

خرجت تسقي ومعها شن وقاتلت وأبلت بلاء حسنًا وجرحت اثني عشر جرحًا.

وكان ضمرة بن سعيد المازني يحدث، عن جدته وكانت قد شهدت أحدًا قالت: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان".

وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال وإنها لحاجزة ثوبها علي وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحًا وكانت تقول: إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها. وكان أعظم جراحها فداوته سنة. ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلى حمراء الأسد

(2)

. فشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها ورحمها.

ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا عبد الجبار بن عمارة، عن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة: رأيتني انكشف الناس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلَّا في نفير ما يتمون عشرة وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه والناس يمرون به منهزمين ورآني ولا ترس معي فرأى رجلًا موليًا ومعه ترس فقال:"ألق ترسك إلى من يقاتل" فألقاه فأخذته فجعلت أترس به، عن رسول الله. وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 412 - 416"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7993"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2966"، الإصابة "4/ ترجمة 1426".

(2)

حمراء الأسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة.

ص: 515

فيقبل رجل على فرس فيضربني وترست له فلم يصنع شيئًا وولى فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: "يابن أم عمارة أمك أمك" قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب

(1)

.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي سبرة، عن عمرو بن يحيى، عن أمه، عن عبد الله بن زيد قال: جرحت يومئذ جرحًا وجعل الدم لا يرقأ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعصب جرحك".

فتقبل أمي إلي ومعها عصائب في حقوها

(2)

فربطت جرحي والنبي صلى الله عليه وسلم واقف فقال: "انهض بني فضارب القوم" وجعل يقول: "من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة"؟!.

فأقبل الذي ضرب ابني فقال رسول الله: "هذا ضارب ابنك". قالت: فأعترض له فأضرب ساقه فبرك.

فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم حتى رأيت نواجذه وقال: "استقدت

(3)

يا أم عمارة"!

ثم أقبلنا نعله

(4)

بالسلاح حتى أتينا على نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي ظفرك".

أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابن أبي سبرة، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن الحارث بن عبد الله: سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول: شهدت أحدًا فلما تفرقوا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دنوت منه أنا وأمي نذب عنه. فقال:"ابن أم عمارة"؟ قلت: نعم قال: "ارم" فرميت بين يديه رجلًا بحجر وهو على فرس فأصبت عين الفرس فاضطرب الفرس. فوقع هو وصاحبة وجعلت أعلوه بالحجارة والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم.

ونظر إلى جرح أمي على عاتقها فقال: "أمك أمك! اعصب جرحها! اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة".

(1)

شعوب: من أسماء المنيه غير مصروف، وسميت شعوب لأنها تفرق.

(2)

الحقو: معقد الإزار، وجمعه أحق وأحقاء، ثم سُمي به الإزار للمجاورة.

(3)

استقدت: اقتصصت من القود وهو القصاص.

(4)

نعله: نتابع ضربه.

ص: 516

قلت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا.

وعن موسى بن ضمرة بن سعيد، عن أبيه قال: أتي عمر بن الخطاب بمروط فيها مرط جيد فبعث به إلى أم عمارة.

شعبة، عن حبيب بن زيد الأنصاري، عن امرأة، عن أم عمارة قالت: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقربنا إليه طعامًا وكان بعض من عنده صائمًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل عند الصائم الطعام صلت عليه الملائكة".

وعن محمد بن يحيى بن حبان قال: جرحت أم عمارة بأحد اثني عشر جرحًا وقطعت يدها يوم اليمامة وجرحت يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحًا. فقدمت المدينة وبها الجراحة فلقد رئي أبي بكر رضي الله عنه وهو خليفة يأتيها يسأل عنها.

وابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطعه مسيلمة.

وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم الحرة

(1)

وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بسيفه.

انفرد أبو أحمد الحاكم وابن منده بأنه شهد بدرًا.

قال ابن عبد البر: بل شهد أحدًا.

قلت: نعم الصحيح أنه لم يشهد بدرًا. والله أعلم.

(1)

الحرة: كل أرض ذات حجارة سود.

ص: 517

‌147 - أسماء بنت عميس

(1)

" ع":

ابن معبد بن الحارث الخثعمية. أم عبد الله.

من المهاجرات الأول.

قيل: أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة فولدت له هناك: عبد الله ومحمدًا وعونًا.

فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع واستشهد يوم مؤتة تزوج بها أبو بكر الصديق فولدت له محمدًا وقت الإحرام فحجت حجة الوداع ثم توفي الصديق فغسلته.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 280 - 285" تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7783"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2726"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 51".

ص: 517

وتزوج بها علي بن أبي طالب.

سفيان بن عيينة، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: قدمت أسماء من الحبشة فقال لها عمر: يا حبشية سبقناكم بالهجرة.

فقالت: لعمري لقد صدقت كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم وكنا البعداء الطرداء. أما والله لأذكرن ذلك لرسول الله. فأتته. فقال: "للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان"

(1)

.

عبد الله بن نمير، عن الأجلح، عن عامر قال: قالت أسماء بنت عميس: يا رسول الله إن هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين. قال: "كذب من يقول ذلك لكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلي".

قال الشعبي: أول من أشار بنعش المرأة يعني المكبة أسماء رأت النصارى يصنعونه بالحبشة.

الحكم بن عتيبة، عن عبد الله بن شداد، عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر قال: تسلبي ثلاثًا ثم اصنعي ما شئت.

قال ابن المسيب: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بذي الحليفة وهم يريدون حجة الوداع فأمرها أبو بكر أن تغتسل ثم تهل بالحج

(2)

.

الثوري، عن عبد الكريم، عن سعيد بن المسيب قال: نفست بذي الحليفة فهم أبو بكر بردها فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مرها فلتغتسل ثم تهل بالحج".

وروى القاسم بن محمد، عن أسماء نحوًا منه.

ابن سعد: أخبرنا يزيد، أخبرنا ابن أبي خالد، عن قيس قال: دخلت مع أبي بكر رضي الله عنه وكان أبيض خفيف اللحم فرأيت يدي أسماء موشومة.

(1)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، أخرجه ابن سعد "8/ 281". وأخرجه البخاري "4230"، ومسلم "2502" و"2503" حدثنا محمد بن العلاء الهمداني قال: حدثنا أبو أسامة، حدثني بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، به في حديث طويل.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 282" من طريق سفيان الثوري، عن عبد الكريم، به. وأخرجه أحمد "6/ 369" ومسلم "1218" في حديث طويل، عن جابر بن عبد الله.

ص: 518

زاد خالد الطحان، عن إسماعيل، عن قيس: تذب عن أبي بكر.

قال سعد بن إبراهيم قاضي المدينة: أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء.

قال قتادة: فغسلته بنت عميس امرأته.

وقيل: عزم عليها لما أفطرت وقال: هو أقوى لك. فذكرت يمينه في آخر النهار فدعت بماء فشربت وقالت: والله لا أتبعه اليوم حنثًا.

مالك، عن عبد الله بن أبي بكر: أن أسماء غسلت أبا بكر فسألت من حضر من المهاجرين وقالت: إني صائمة وهذا يوم شديد البرد فهل علي من غسل? فقالوا: لا.

روى أبو إسحاق، عن مصعب بن سعد: أن عمر فرض الأعطية ففرض لأسماء بنت عميس ألف درهم.

قال الواقدي: ثم تزوجت عليًّا فولدت له يحيى وعونًا.

زكريا بن أبي زائدة: سمعت عامرًا يقول: تزوج علي أسماء بنت عميس فتفاخر ابناها: محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر فقال كل منهما: أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك.

قال: فقال لها علي: اقضي بينهما قالت: ما رأيت شابًا من العرب خيرًا من جعفر ولا رأيت كهلًا خيرًا من أبي بكر.

فقال علي: ما تركت لنا شيئًا ولو قلت غير الذي قلت لمقتك.

قالت: إن ثلاثة أنت أخسهم خيار.

ابن عيينة، عن إسماعيل، عن قيس قال: قال علي رضي الله عنه: كذبتكم من النساء الحارقة

(1)

فما ثبتت منهن امرأة إلَّا أسماء بنت عميس.

قلت: لأسماء حديث في "سنن الأربعة".

حدث عنها: ابنها عبد الله بن جعفر وابن أختها عبد الله بن شداد. وسعيد بن المسيب وعروة والشعبي والقاسم بن محمد. وآخرون.

عاشت بعد علي.

(1)

الحارقة والحاروق من النساء: الضيقة الفرج. قال ابن الأعرابي: وامرأة حارقة ضيقة الملاقي، وقيل: هي التي تغلبها الشهوة حتى تحرق أنيابها بعضها على بعض أي تحكها.

ص: 519

‌148 - أسماء بنت أبي بكر

(1)

" ع":

عبد الله بن أبي قحافة عثمان.

أم عبد الله القرشية، التيمية، المكية، ثم المدنية.

والدة الخليفة عبد الله بن الزبير، وأخت أم المؤمنين عائشة، وآخر المهاجرات وفاة.

روت عدة أحاديث. وعمرت دهرًا وتعرف بذات النطاقين.

وأمها: هي قتيلة بنت عبد العزى العامرية.

حدث عنها ابناها: عبد الله وعروة وحفيدها عبد الله بن عروة وحفيده عباد بن عبد الله وابن عباس وأبو واقد الليثي وصفية بنت شيبة ومحمد بن المنكدر ووهب بن كيسان وأبو نوفل معاوية بن أبي عقرب والمطلب بن عبد الله بن حنطب وفاطمة بنت المنذر بن الزبير ومولاها عبد الله بن كيسان وابن أبي مليكة ونافلتها

(2)

عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير وعدة.

وكانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة، هاجرت حاملًا بعبد الله، وقيل: لم يسقط لها سن، وشهدت اليرموك مع زوجها الزبير، وهي وأبوها وجدها وابنها ابن الزبير أربعتهم صحابيون، أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا المؤيد الطوسي، أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أخبرنا عبد الغافر الفارسي، أخبرنا ابن عمروية، أخبرنا إبراهيم بن سفيان، حدثنا مسلم، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: قالت أسماء بنت أبي بكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني على الحوض أنظر من يرد عليَّ منكم"

(3)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 249 - 255"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7780"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2721"، الإصابة "4 ترجمة 46".

(2)

النافلة: ولد الولد؛ لأن الأصل كان الولد فصار ولد الولد زيادة على الأصل، قال الله عز وجل في قضية إبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72]، كأنه قال وهبنا لإبراهيم إسحاق فكان كالفرض له، ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة ليعقوب خاصة لأنه ولد الولد أي وهبنا له زيادة على الفرض له، وذلك أن إسحاق وهب له بدعائه وزيد يعقوب تفضلا.

(3)

صحيح: أخرجه مسلم "2293" حدثنا داود بن عمرو الضبي، حدثنا نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة، به.

وأخرجه البخاري "6593" حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن نافع بن عمر، به.

ص: 520

شعبة، عن مسلم القري قال: دخلنا على أم ابن الزبير فإذا هي امرأة ضخمة عمياء نسألها، عن متعة الحج. فقالت: قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها

(1)

.

قال عبد الرحمن بن أبي الزناد: كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر.

هشام بن عروة، عن أبيه وفاطمة بنت المنذر، عن أسماء قالت: صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما فقلت لأبي: ما أجد إلَّا نطاقي قال: شقيه باثنين فاربطي بهما قال: فلذلك سميت ذات النطاقين

(2)

.

ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عن أسماء قالت: لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله خمسة آلاف أو ستة آلاف فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي فقال: إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه. فقلت: كلا قد ترك لنا خيرًا كثيرًا.

فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت وغطيت عليها بثوب ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت: هذا تركه لنا فقال: أما إذ ترك لكم هذا فنعم.

ابن إسحاق: حدثت، عن أسماء قالت: أتى أبو جهل في نفر فخرجت إليهم فقالوا: أين أبوك? قلت: لا أدري والله أين هو.

فرفع أبو جهل يده ولطم خدي لطمة خر منها قرطي. ثم انصرفوا. فمضت ثلاث لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من الجن يسمعون صوته بأعلى مكة يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه

رفيقين قالا خيمتي أم معبد

قال ابن أبي مليكة: كانت أسماء تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول: بذنبي وما يغفره الله أكثر.

وروى عروة عنها قالت: تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه فكنت أسوسه وأعلفه وأدق لناضجه النوى

(3)

وأستقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير

(1)

حسن: أخرجه أحمد "6/ 348" من طريق روح وهو ابن عبادة عن شعبة، به.

قلت: إسناده حسن، مسلم القرى، هو مسلم بن مخراق، العبد القري، أبو الأسود، صدوق.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3907"، وابن سعد "8/ 250" من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، حدثنا هشام بن عروة، به.

(3)

الناضح: هو البعير التي يُستقى عليها. والنوى: عجم التمر والزبيب وغيرهما.

ص: 521

التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ فجئت يومًا والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر فدعاني فقال: "إخ إخ" ليحملني خلفه فاستحييت وذكرت الزبير وغيرته.

قالت: فمضى.

فلما أتيت أخبرت الزبير فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت: حتى أرسل إلى أبو بكر بعد بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقني

(1)

.

وعن ابن الزبير قال: نزلت هذه الآية في أسماء وكانت أمها يقال لها: قتيلة جاءتها بهدايا فلم تقبلها حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 8].

وفي الصحيح: قالت أسماء: يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها? قال: "نعم، صلي أمك"

(2)

.

عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام أن عروة قال: ضرب الزبير أسماء فصاحت بعبد الله ابنها فأقبل. فلما رآه قال: أمك طالق إن دخلت. فقال: أتجعل أمي عرضة ليمينك فاقتحم وخلصها. قال: فبانت منه

(3)

.

حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة: أن الزبير طلق أسماء فأخذ عروة وهو يومئذ صغير

(4)

.

أسامة بن زيد، عن محمد بن المنكدر قال: كانت أسماء بنت أبي بكر سخية النفس.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2182".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5979" من طريق الليث، ومسلم "1003" من طريق عبد الله بن إدريس، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء، به.

(3)

موضوع: آفته عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير المدني، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث. وساق له ابن عدي له أحاديث، ثم قال: عامتها مما لا يتابعه عليه الثقات، والحديث ذكره الذهبي في ترجمته في "الميزان"، وعده من بلاياه.

(4)

ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 253" أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا هشام بن عروة، به.

قلت: إسناده ضعيف، إسناده منقطع بين هشام بن عروة، والزبير بن العوام.

ص: 522

هشام بن عروة، عن القاسم بن محمد: سمعت ابن الزبير يقول: ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه وأما أسماء فكانت لا تدخر شيئًا لغد.

قال مصعب بن سعد: فرض عمر للمهاجرات ألفًا ألفًا منهن أم عبد وأسماء.

هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر: أن أسماء كانت تمرض المرضة فتعتق كل مملوك لها.

قال الواقدي: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا أخذ ذلك، عن أسماء بنت أبي بكر وأخذت، عن أبيها.

معن بن عيسى: حدثنا شعيب بن طلحة، عن أبيه: قالت أسماء لابنها: يا بني عش كريمًا ومت كريمًا لا يأخذك القوم أسيرًا.

قال هشام بن عروة: كثر اللصوص بالمدينة فاتخذت أسماء خنجرًا زمن سعيد بن العاص: كانت تجعله تحت رأسها.

قال عروة: دخلت أنا وأخي قبل أن يقتل على أمنا بعشر ليال وهي وجعة فقال عبد الله: كيف تجدينك? قالت: وجعة. قال: إن في الموت لعافية. قالت: لعلك تشتهي موتي فلا تفعل وضحكت وقالت: والله ما أشتهي أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك: إما أن تقتل فأحتسبك وإما أن تظفر فتقر عيني. إياك أن تعرض على خطة فلا توافق فتقبلها كراهية الموت.

قال: وإنما عنى أخي أن يقتل فيحزنها ذلك.

وكانت بنت مائة سنة.

ابن عيينة: حدثنا أبو المحياة، عن أمه قال: لما قتل الحجاج ابن الزبير دخل على أسماء وقال لها: يا أمه إن أمير المؤمنين وصاني بك فهل لك من حاجة? قالت: لست لك بأم ولكني أم المصلوب على رأس الثنية وما لي من حاجة ولكن أحدثك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج في ثفيف كذاب ومبير". فأما الكذاب فقد رأيناه -تعني المختار- وأما المبير فأنت

(1)

.

(1)

حسن: أخرجه مسلم "2545" من حديث ابن عمر عن أسماء مرفوعا بلفظ: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا "أن في ثقيف كذابا ومبيرا" فأما الكذاب فرأيناه. وأما المبير لا إخالك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجعها -أي الحجاج بن يوسف- قوله: "مبيرا": أي مهلكا.

قوله "إخالك": بفتح الهمزة وكسرها، والكسر أشهر: أي أظنك.

ص: 523

فقال لها: مبير المنافقين.

أحمد بن يونس: حدثنا أبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي، عن أبيه قال: دخلت مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث وهو مصلوب فجاءت أمه عجوز طويلة عمياء فقالت للحجاج: أما آن للراكب أن ينزل فقال: المنافق? قالت: والله ما كان منافقًا كان صوامًا قوامًا برًّا قال: انصرفي يا عجوز فقد خرفت. قالت: لا والله ما خرفت منذ سمعت رسول الله يقول: "في ثقيف كذاب ومبير ........... " الحديث.

ابن عيينة، عن منصور بن صفية، عن أمه قالت: قيل لابن عمر: إن أسماء في ناحية المسجد وذلك حين صلب ابن الزبير فمال إليها فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء وإنما الأرواح عند الله فاتقي الله واصبري.

فقالت: وما يمنعني وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.

أيوب، عن ابن أبي مليكة قال: دخلت على أسماء بعد ما أصيب ابن الزبير فقالت: بلغني أن هذا صلب عبد الله اللهم لا تمتني حتى أوتى به فأحنطه وأكفنه.

فأتيت به بعد فجعلت تحنطه بيدها وتكفنه بعد ما ذهب بصرها.

ومن وجه آخر، عن ابن أبي مليكة: وصلت عليه وما أتت عليه جمعة إلَّا ماتت.

شريك، عن الركين بن الربيع قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر وقد كبرت وهي تصلي وامرأة تقول لها: قومي اقعدي افعلي من الكبر.

قال ابن سعد: ماتت بعد ابنها بليال. وكان قتله لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين.

قلت: كانت خاتمة المهاجرين والمهاجرات.

إسحاق الأزرق، عن عوف الأعرابي، عن أبي الصديق الناجي: أن الحجاج دخل على أسماء فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت وإن الله أذاقه من عذاب أليم. قالت: كذبت، كان برًّا بوالدته صوامًا قوامًا ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنه سيخرج من ثقيف كذابان: الآخر منهما شر من الأول وهو مبير"

(1)

.

مسندها: ثمانية وخمسون حديثًا.

اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثًا. وانفرد البخاري بخمسة أحاديث ومسلم بأربعة.

(1)

حسن: راجع تخريجنا السابق.

ص: 524

‌149 - أسماء بنت يزيد بن السكن

(1)

:

أم عامر وأم سلمة. الأنصارية الأشهلية، بنت عمة معاذ بن جبل.

من المبايعات المجاهدات.

روت عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة أحاديث.

وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم.

سكنت دمشق وقبر أم سلمة الذي بمقبرة الباب الصغير هو قبرها إن شاء الله.

حدث عنها: مولاها مهاجر وشهر بن حوشب ومجاهد وإسحاق ابن راشد وابن أختها محمود بن عمرو وآخرون.

قال عبد بن حميد: أسماء بنت يزيد هي أم سلمة الأنصارية.

قلت: وقيل: إنها حضرت بيعة الرضوان وبايعت يومئذ.

روى محمد بن مهاجر وأخوه عمرو، عن أبيهما، عن أسماء بنت يزيد بنت عم معاذ بن جبل كذا قال ولا يستقيم ذلك لأن أسماء من بني عبد الأشهل ومعاذًا من بني سلمة قالت: قتلت يوم اليرموك تسعة.

قلت: عاشت إلى دولة يزيد بن معاوية.

(1)

ترجمتها في تهذيب الكمال "35/ ترجمة 7785"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2727"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 58".

ص: 525

‌150 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة

(1)

" س":

لها حديث عند النسائي.

روى عنها: عبد الملك بن مروان وغيره.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 256 - 261"، وتهذيب الكمال "35/ ترجمة 7769"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2741"، الإصابة "4/ ترجمة 177".

ص: 525

قد تكلم على حديثها ابن خزيمة وغيره بفوائد جمة.

روى عبد الواحد بن أيمن، حدثنا أبي قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أم المؤمنين إني كنت لعتبة بن أبي لهب وإن بنيه وامرأته باعوني واشترطوا الولاء فمولى من أنا? فقالت: يا بني دخلت علي بريرة وهي مكاتبة فقالت: اشتريني قلت: نعم فقالت: إنهم لا يبيعونني حتى يشترطوا ولائي فقلت: لا حاجة لي فيك.

فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بلغه فقال: "ما بال بريرة"؟ فأخبرته. فقال: "اشتريها فأعتقيها ودعيهم فيشترطون ما شاءوا". فاشتريتها فأعتقتها فقال: "الولاء لمن أعتق ولو اشترطوا مائة مرة"

(2)

.

معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن بريرة حين أعتقها واشترط أهلها الولاء فقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة مرة فشرط الله أحق وأوثق"

(3)

.

وروى نحوه القاسم بن محمد والأسود بن يزيد وعمرة ومجاهد، عن عائشة

(4)

.

ويرويه نافع، عن ابن عمر

(5)

.

عروة، عن عائشة قالت: جاءتني بريرة تستعين في كتابتها ولم تكن قضت شيئًا. فقلت: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "2565"، وابن سعد "8/ 256 - 257" من طريق عبد الواحد بن أيمن، به.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 257".

(4)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 562"، ومن طريقه أخرجه البخاري "5097" و"5279" ومسلم "1075""173" و"1504""14"، والنسائي "6/ 162"، والبيهقي "6/ 161"، والبغوي "1611" عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسم، عن عائشة، به.

وأخرجه البخاري "6754"، والبيهقي "7/ 223" من طريق أبي عوانة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، به.

(5)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 781"، ومن طريق مالك رواه البخاري "2169" و"2562" و"2752" و"6757"، ومسلم "1504"، وأبو داود "2915"، والنسائي "7/ 300"، والبيهقي "10/ 337"، والبغوي "2113" عن نافع، عن ابن عمر، به.

ص: 526

فذكرت بريرة ذلك لهم. فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب فلتفعل فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق". ثم قام فقال: "ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله! من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مئة شرط شرط الله أحق وأوثق"

(1)

.

وفي لفظ في "الصحيح". قالت: كاتبت أهلي على تسع أواقٍ كل عام أوقية فأعينيني.

وفي لفظ: "قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه" وفيه: "قضاء الله أحق وشرط الله وأوثق وإنما الولاء لمن اعتق".

وفي لفظ: "ما بال أقوام يقول أحدهم: أعتق يا فلان ولي الولاء".

وفي رواية: دخلت وعليها خمس أواق في خمس سنين فقالت لها عائشة ونفست فيها: أرأيت إن عددت لهم عدة واحده أيبيعك أهلك فأعتقك? وفي لفظ انه قال لعائشة: "لا يمنعك ذلك" وفيه قال: "أما بعد".

وفي رواية: عتقت وهي عند مغيث بن جحش فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إن قربك فلا خيار لك".

وفي رواية: جعل عدتها عدة المطلقة الحرة.

وفي لفظ: جاءتني ورسول الله جالس فقالت لي ما رد أهلها. فقلت: لاها الله ورفعت صوتي. فقال: "خذيها واشترطي".

وفي لفظ: "إذا أعتقت فأنت أولى بأمرك ما لم يطأك وما أحب أن تفعلي" قالت: لا حاجة لي به.

وفي حديث القاسم، عن عائشة: كان في بريرة ثلاث سنن: عتقت فخيرت في زوجها وقال النبي صلى الله عليه وسلم والبرمة على النار تفور بلحم فقرب إليه من آدم البيت فقال: "ألم أر البرمة"؟ قالوا: بلى ذلك لحم تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة. قال: "هو عليها صدقة ولنا هدية".

(1)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 780"، ومن طريقه أخرجه الشافعي "2/ 70 و 70 - 71 و 71 - 72"، والبخاري "2168" و"2729"، ومسلم "1504"، وأبو يعلى "4335"، والبيهقي "10/ 336"، والبغوي "2214" عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

ص: 527

وفي رواية: وخيرت في زوجها وهو حر ثم قال: لا أدري

(1)

.

وفي لفظ: كانت تحت عبد. فقال: "أنت أملك لنفسك إن شئت أقمت معه".

حديث الأسود، عن عائشة: أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق: وفيه: فخيرها من زوجها. فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثبت عنده. فاختارت نفسها.

وفي لفظ الحكم: وكان حرًّا

(2)

.

فقال البخاري: قول الأسود منقطع

(3)

.

وفي رواية: بلحم بقر. قلنا: تصدق به على بريرة.

حديث عمرة، عن عائشة: إن بريرة جاءت تستعين فقالت لها: إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة فأعتقك

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1504""14" من طريق مالك بن أنس، عن ربيعة بن عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد عن عائشة، به.

(2)

أخرجه البخاري "6751" وأحمد "6/ 175"، والدارمي "2/ 169"، والنسائي "5/ 107 - 108" من طريق شعبة، عن الحكم عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به، ثم قال الحكم:"وكان زوجها حرا".

وقال البخاري في إثره: وقول الحكم مرسل، وقال ابن عباس: رأيته عبدا. قال الحافظ في "الفتح""12/ 40": وقول الحكم مرسل: أي ليس بمسند إلى عائشة رواية الخبر فيكون في حكم المتصل المرفوع. وقوله "وقال ابن عباس رأيته عبدا" زاد في الباب الذي يليه حديث رقم "6754": وقول الأسود منقطع أي لم يصله بذكر عائشة فيه وقول ابن عباس أصح لأنه ذكر أنه رآه، وقد صح أنه حضر القصة وشاهدها فيترجح قوله على قول من لم يشهدها، فإن الأسود لم يدخل المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الحكم فولد بعد ذلك بدهر طويل. ويستفاد من تعبير البخاري قول الأسود منقطع جواز إطلاق المنقطع في موضع المرسل خلافا لما اشتهر في الاستعمال من تخصيص المنقطع بما يسقط من أثناء السند واحد إلا في صورة سقوط الصحابي بين التابعي والنبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك يسمى عندهم المرسل، ومنهم من خصه بالتابعي الكبير فيستفاد من قول البخاري أيضا، وقول الحكم مرسل: أنه يستعمل في التابعي الصغير أيضا لأن الحكم من صغار التابعين، واستدل به لأحدى الروايتين عن أحمد أن من أعتق من غيره فالولاء للمعتق والأجر للمعتق عنه.

(3)

أخرجه البخاري "6754". وقال البخاري في إثره: قول الأسود منقطع وقول ابن عباس رأيته عبدا أصح. راجع تعليقنا السابق.

ص: 528

حديث نافع، عن ابن عمر: أن عائشة ساومت بريرة فخرج النبي إلى الصلاة فلما جاء قالت: إنهم لا يبيعونها إلَّا أن يشترطوا الولاء. قال: "إنما الولاء لمن أعتق"

(1)

.

همام: حدثنا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا أسود يسمى: مغيثًا فقضى النبي صلى الله عليه وسلم فيها أربع قضيات: أن مواليها اشترطوا الولاء فقضى أن الولاء لمن أعتق وخيرت فاختارت نفسها فأمر النبي أن تعتد. فكنت أراه يتبعها في سكك المدينة يعصر عينيه عليها.

قال: وتصدق عليها بصدقة فأهدت منها إلى عائشة فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هو عليها صدقة ولنا هدية"

(2)

.

روى نحوًا منه: ربيعة الرأي، عن القاسم، عن عائشة

(3)

.

داود بن أبي هند، عن الشعبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة: "قد أعتق بضعك معك فاختاري".

أيوب السختياني، عن ابن سيرين: أن رسول الله خير بريرة. فكلمها فيه. فقالت: يا رسول الله أشيء واجب? قال: "لا، إنما أشفع له".

شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: أتي رسول الله بلحم فقيل: تصدق به على بريرة قال: "هو لها صدقة وهو لنا هدية"

(4)

.

أيوب، عن عكرمة قال: ذكر زوج بريرة عند ابن عباس فقال: ذاك مغيث عبد بني فلان قد رأيته يبكي خلفها يتبعها في الطريق

(5)

.

(1)

سبق تخريجنا له قريبا برقم "1192".

(2)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "10/ 182"، وأحمد "1/ 281 و 361"، والطحاوي "3/ 82"، والطبراني "11826"، والبيهقي "7/ 221 - 222" من طريق همام، قال: أخبرنا قتادة، عن عكرمة به.

(3)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 562، ومن طريق مالك أخرجه البخاري "5097" و"5279"، ومسلم "1075" "173" و"1504" "14" والنسائي "6/ 162"، والبيهقي "6/ 161"، والبغوي "1611" عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم، عن عائشة، به.

(4)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 259 - 260" من طريق شعبة، به.

(5)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 260" أخبرنا الفضل بن دكين، عن ابن عيينة عن أيوب، عن عكرمة، به.

ص: 529

وروى حماد بن زيد، عن أيوب قال: لا أعلم أهل المدينة ومكة يختلفون أنه عبد.

ابن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان زوج بريرة يوم خيرت حرًا.

عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد: أن زوج بريرة كان عبدًا.

قلت: بريرة لما أعتقتها عائشة وقت باعوها وكان ذلك وابن عباس بالمدينة وإنما قدمها بعد عام الفتح.

فأما الجارية التي في حديث الإفك التي سئلت عما تعلم من عائشة فأخرى غير بريرة.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للعباس: "يا عم ألا تعجب من بغض بريرة مغيثًا وحبه لها".

ص: 530

‌151 - أم سليم الغميصاء

(1)

" خ، م، د، ت، س":

ويقال: الرميصاء. ويقال: سهلة، ويقال: أنيفة، ويقال: رميثة.

بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية الخزرجية.

أم خادم النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك.

فمات زوجها مالك بن النضر ثم تزوجها أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري فولدت له: أبا عمير وعبد الله.

شهدت: حنينًا وأحدًا من أفاضل النساء.

قال محمد بن سيرين: كانت أم سليم مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومعها خنجر.

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن أم سليم اتخذت خنجرًا يوم حنين فقال أبو طلحة: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر فقالت: يا رسول الله إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه

(2)

.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 424"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2376"، تهذيب الكمال "/ 35 ترجمة 7983"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2954"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 1321"،

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 425".

ص: 530

همام بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله، عن جدته أم سليم: أنها آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فجاء أبو أنس وكان غائبًا فقال: أصبوت فقالت: ما صبوت ولكني آمنت! وجعلت تلقن أنسًا: قل لا إله إلَّا الله قل: أشهد أن محمدًا رسول الله ففعل. فيقول لها أبوه: لا تفسدي علي ابني. فتقول: إني لا أفسده! فخرج مالك فلقيه عدو له فقتله: فقالت: لا جرم لا أفطم أنسًا حتى يدع الثدي ولا أتزوج حتى يأمرني أنس.

فخطبها أبو طلحة وهو يومئذ مشرك فأبت.

خالد بن مخلد: حدثنا محمد بن موسى، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: إني قد آمنت فإن تابعتني تزوجتك قال: فأنا على مثل ما أنت عليه. فتزوجته أم سليم وكان صداقها الإسلام.

سليمان بن المغيرة: حدثنا ثابت، عن أنس قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركًا أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان وأنكم لو أشعلتم فيها نارًا لاحترقت قال: فانصرف وفي قلبه ذلك ثم أتاها وقال: الذي عرضت علي قد قبلت. قال: فما كان لها مهر إلَّا الإسلام

(1)

.

مسلم بن إبراهيم:، أخبرنا ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي:، حدثني الجارود: حدثنا أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سليم فتتحفه بالشيء تصنعه له وأخ لي أصغر مني يكنى أبا عمير فزارنا يومًا فقال: "ما لي أرى أبا عمير خاثر النفس"؟ قالت: ماتت صعوة له كان يلعب بها فجعل النبي يمسح رأسه ويقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير"؟

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 426 - 427" أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا سليمان بن المغيرة، به.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 427" أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي، به.

قلت: وإسناده حسن، ربعي بن عبد الله، وجده الجارود كلاهما صدوق. وأخرجه أحمد "3/ 119 و 171 و 190 و 212"، والبخاري "6203"، ومسلم "659" و"2150"، والبيهقي "5/ 203" من طريق أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: "يا أبا عمير ما فعل النغير"؟ ونضح بساط لنا، فصلى عليه.

ص: 531

همام: حدثنا إسحاق بن عبد الله، عن أنس قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيتًا غير بيت أم سليم. فقيل له. فقال: "إني أرحمها قتل أخوها معي"

(1)

.

قلت: أخوها هو حرام بن ملحان الشهيد الذي قال يوم بئر معونة: فزت ورب الكعبة لما طعن من ورائه فطلعت الحربة من صدره. رضي الله عنه.

أيوب، عن ابن سيرين، عن أم سليم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيل في بيتي وكنت أبسط له نطعًا فيقيل عليه فيعرق فكنت آخذ سكًا فأعجنه بعرقه.

قال ابن سيرين: فاستوهبت من أم سليم من ذلك السك فوهبت لي منه.

قال أيوب: فاستوهبت من محمد من ذلك السك فوهب لي منه فإنه عندي الآن.

قال: ولما مات محمد حنط بذلك السك

(2)

.

رواه ابن سعد، عن عبد الله بن جعفر الرقي، عن عبيد الله بن عمرو عنه.

ابن سعد: أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله، عن عبد الكريم، عن البراء بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيت أم سليم على نطع فعرق فاستيقظ وهي تمسح العرق فقال: "ما تصنعين"؟ قالت: آخذ هذه البركة التي تخرج منك.

ابن جريج، عن عبد الكريم بن مالك: أخبرني البراء بن بنت أنس، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم وقربة معلقة فشرب منها قائمًا فقامت إلى في السقاء فقطعته.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 428"، والبخاري "2844"، ومسلم "2455" من طريق همام، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس، به.

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 428" أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، به.

وأخرجه البخاري "6281" من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة، عن أنس، عن أم سليم، به.

وأخرجه أحمد "3/ 136"، ومسلم "2331""83" من طريق سليمان التيمي، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال فذكره.

وأخرجه مسلم "2331""84" من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، به وأخرجه مسلم "2332" من طريق عفان بن مسلم، حدثنا وهب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن أم سليم، به.

ص: 532

رواه عبيد الله بن عمرو فزاد: وأمسكته عندها.

عفان: حدثنا حماد:، أخبرنا ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يحلق رأسه بمنى أخذ أبو طلحة شق شعره فجاء به إلى أم سليم فكانت تجعله في سكها.

قالت: وكان يقبل عندي على نطع وكان معراقًا صلى الله عليه وسلم فجعلت أسلت العرق في قارورة فاستيقظ فقال: "ما تجعلين"؟ فلت: أريد أن أدوف بعرقك طيبي

(1)

.

حميد الطويل، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم فأتته بسمن وتمر. فقال: "إني صائم" ثم قام فصلى ودعا لأم سليم ولأهل بيتها فقالت: إن لي خويصة قال: "ما هي"؟ قالت: خادمك أنس فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلَّا دعا لي به وبعثت معي بمكتل من رطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وروى ثابت، عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فإذا أنا بالغميصاء بنت ملحان"

(3)

.

وروى عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: ولدت أمي فبعثت بالولد معي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا أخي فأخذه فمضغ له تمرة فحنكه بها

(4)

.

قال حميد: قال أنس: ثقل ابن لأم سليم فخرج أبو طلحة إلى المسجد فتوفي الغلام. فهيأت أم سليم أمره وقالت: لا تخبروه فرجع وقد سيرت له عشاءه فتعشى ثم أصاب من أهله. فلما كان من آخر الليل قالت: يا أبا طلحة ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 428 - 429"، وأحمد "3/ 287".

(2)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 429" من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، حدثنا حميد، عن أنس، به.

وأخرجه أحمد "3/ 108" من طريق ابن أبي عدي، و"3/ 188" من طريق عبيدة بن حميد، والبخاري "1982" من طريق خالد بن الحارث ثلاثتهم عن حميد، عن أنس، به.

(3)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 430"، والبخاري "3679"، ومسلم "2456" و"2457" من طريق عبد العزيز بن الماجشون، حدثنا محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قوله خشفة: أي صوتا ليس بالشديد.

(4)

صحيح أخرجه ابن سعد "8/ 431"، ومسلم "2144".

ص: 533

عارية فمنعوها وطلبت منهم فشق عليهم. فقال: ما أنصفوا قالت: فإن ابنك كان عارية من الله فقبضه فاسترجع وحمد الله.

فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: "بارك الله لكما في ليلتكما".

فحملت بعبد الله بن أبي طلحة فولدت ليلًا فأرسلت به معي وأخذت تمرات عجوة فانتهيت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يهنأ أباعر له ويسمها فقلت: يا رسول الله ولدت أم سليم الليلة.

فمضغ بعض التمرات بريقه فأوجره إياه فتلمظ الصبي فقال: "حب الأنصار التمر" فقلت: سمه يا رسول الله. قال: "هو عبد الله"

(1)

سمعه الأنصاري وعبد الله بن بكر منه.

وروى سعيد بن مسروق الثوري، عن عباية بن رفاعة قال: كانت أم أنس تحت أبي طلحة

، فذكر نحوه. وفيه فقال رسول الله:"اللهم بارك لهما في ليلتهما"

(2)

.

قال عباية: فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن. رواه أبو الأحوص عنه.

روت: أربعة عشر حديثًا اتفقا لها على حديث وانفرد البخاري بحديث ومسلم بحديثين.

(1)

صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 431 - 432" أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن بكر السهمي قالا: حدثنا حميد قال: قال أنس: فذكره في حديث طويل.

وأخرجه البخاري "5470" حدثني مطر بن الفضل، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن عون عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، به في حديث طويل.

وأخرجه مسلم "2144" من طريق بهز، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، به.

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2144""32" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا ابن عون، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: كان ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم: هو أسكن مما كان. فقربته إليه العشاء فتعشى. ثم أصاب منها. فلما فرغ قالت: واروا الصبي. فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: "أعرستم الليلة"؟ قال: نعم. قال: "اللهم بارك لهما". فولدت غلاما فقال لي أبو طلحة: احمله حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أمعه شيء"؟ قالوا: نعم. تمرات فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في الصبي، ثم حنكه، وسماه عبد الله.

ص: 534

‌152 - أم هانئ

(1)

:

السيدة الفاضلة أم هانئ بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية المكية.

أخت: علي وجعفر.

اسمها: فاختة وقيل: هند تأخر إسلامها.

دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزلها يوم الفتح فصلى عندها ثمان ركعات ضحى

(2)

.

روت أحاديث.

حدث عنها: حفيدها جعدة ومولاها أبو صالح باذام وكريب مولى ابن عباس وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهد بن جبر وعطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير وآخرون.

كانت تحت هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي فهرب يوم الفتح إلى نجران. أولدها: عمرو بن هبيرة وجعدة وهانئًا ويوسف.

وأسلمت يوم الفتح.

قال ابن إسحاق: لما بلغ هبيرة إسلامها قال أبياتًا منها:

وعاذلة هبت بليل تلومني

وتعذلني بالليل ضل ضلالها

وتزعم أني إن أطعت عشيرتي

سأوذى وهل يؤذيني إلَّا زوالها

فإن كنت قد تابعت دين محمد

وقطعت الأرحام منك حبالها

فكوني على أعلى سحيق بهضبة

ململمة غبراء يبس بلالها

قلت: لم يذكر أحد أن هبيرة أسلم.

عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 47"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2383"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة 8017"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2995"، الإصابة "4/ ترجمة 1533".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1176"، ومسلم "336".

ص: 535

القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله: أن أبا مرة مولى أم هانئ أخبره: أنه سمع أم هانئ تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب فسلمت فقال: "من هذه"؟ قلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب. فقال: "مرحبًا بأم هانئ".

فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفًا في ثوب واحد. فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي تعني عليًا أنه قاتل رجلًا قد أجرته. فلان ابن هبيرة. فقال: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" وذلك ضحى

(1)

.

قال الدغولي: كان ابنها جعدة بن هبيرة قد ولاه علي بن أبي طالب خراسان وهو ابن أخته.

وقيل: إن أم هانئ لما بانت، عن هبيرة بإسلامها خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة مصبية. فسكت عنها.

بلغ مسندها: ستة وأربعين حديثًا لها من ذلك حديث واحد أخرجاه.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3171"، ومسلم "336".

ص: 536

‌153 - أم الفضل

(1)

" ع":

بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية الحرة الجليلة. زوجة العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وأم أولاده الرجال الستة النجباء.

اسمها: لبابة. وهي أخت أم المؤمنين ميمونة وخالة خالد بن الوليد وأخت أسماء بنت عميس لأمها.

قديمة الإسلام فكان ابنها عبد الله يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان. أخرجه البخاري.

فهذا يؤذن بأنهما أسلما قبل العباس وعجزا، عن الهجرة.

وكانت أم الفضل من علية النساء تحول بها العباس بعد الفتح إلى المدينة.

وروت أحاديث.

حدث عنها: ولداها عبد الله وتمام وأنس بن مالك وعبد الله ابن الحارث وغيرهم.

خرجوا لها في الكتب الستة.

أحسبها توفيت في خلافة عثمان.

ولها في "مسند بقي بن مخلد": ثلاثون حديثًا. أعني بالمكرر واتفق البخاري ومسلم لها على حديث واحد وآخر عند البخاري وثالث عند مسلم.

وقيل: لم يسلم من النساء أحد قبلها -يعني: بعد خديجة.

(1)

ترجمتها في تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7923"، "تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2886"، الإصابة "4/ ترجمة 1448".

ص: 536

‌154 - أم حرام

(1)

" خ، م، د، س، ق":

بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية النجارية المدنية.

أخت أم سليم. وخالة أنس بن مالك. وزوجة عبادة بن الصامت.

حديثها في جميع الدواوين سوى جامع أبي عيسى. كانت من علية النساء.

حدث عنها: أنس بن مالك وغيره.

سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو إلَّا أنا وأمي وخالتي أم حرام فقال: "قوموا فلأصل بكم". فصلى بنا في غير وقت الصلاة

(2)

.

يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أنس قال: حدثتني أم حرام بنت ملحان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيتها يومًا فاستيقظ وهو يضحك. فقلت: يا رسول الله: ما أضحكك? قال: "عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر كالملوك على الأسرة" قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت من الأولين".

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 434 - 436"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2367"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7962"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2928"، الإصابة "4/ ترجمة 1215".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6203" ومسلم "660".

ص: 537

فتزوجها عبادة بن الصامت فغزا بها في البحر فحملها معه. فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها فدقت عنقها فماتت رضي الله عنها

(1)

.

قلت: يقال هذه غزوة قبرس

(2)

في خلافة عثمان.

وحديثها له طرق في الصحيحين.

وبلغني أن قبرها تزوره الفرنج.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 361 و 423"، والبخاري "2799" و"2894"، ومسلم "1912""161"، وأبو داود "2490"، والنسائي "6/ 41"، وابن ماجه "2776"، والطبراني "25/ 321"، والبيهقي "9/ 166" من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أنس بن مالك، به.

(2)

هي الجزيرة المعروفة اليوم باسم "قبرص"، وكان أمير جيش المسلمين معاوية بن أبي سفيان.

ص: 538

‌155 - أم عطية الأنصارية

(1)

" ع":

اسمها: نسيبة بنت الحارث وقيل: نسيبة بنت كعب.

من فقهاء الصحابة لها عدة أحاديث.

وهي التي غسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم زينب

(2)

.

حدث عنها: محمد بن سيرين وأخته حفصة بنت سيرين وأم شراحيل وعلي بن الأقمر وعبد الملك بن عمير وإسماعيل بن عبد الرحمن وعدة. عاشت إلى حدود سنة سبعين.

وهي القائلة: نهينا، عن اتباع الجنازة ولم يعزم علينا

(3)

.

حديثها مخرج في الكتب الستة.

(1)

ترجمتها في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2379"، تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7940"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2904"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 1415".

(2)

صحيح: تقدم تخريجنا له برقم تعليق "1109"، وهو عند ابن سعد "8/ 34" ومسلم "939""40". وهو أيضا عند البخاري "1258" و"1259"، ومسلم "939""38" فراجع تخريجنا له ثمت.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "1278"، ومسلم "938".

ص: 538

‌156 - فاطمة بنت قيس الفهرية

(1)

" ع":

إحدى المهاجرات، وأخت الضحاك.

كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي فطلقها فخطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم فنصحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشار عليها بأسامة بن زيد فتزوجت به

(2)

.

وهي التي روت حديث السكنى والنفقة للمطلقة بتة

(3)

.

وهي التى روت قصة الجساسة

(4)

.

حدث عنها: الشعبي وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وآخرون.

توفيت في خلافة معاوية. وحديثها في الدواوين كلها.

تم الجزء الثالث ويليه: الجزء الرابع

وأوله: فصل: في بقية كبراء الصحابة

(1)

صحيح: ترجمتها في تهذيب الكمال "35/ ترجمة رقم 7904"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة رقم 2866"، الإصابة "4/ ترجمة 851".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1480"، وأبو داود "2284"، والترمذي "1135".

(3)

صحيح: راجع تخريجنا السابق.

(4)

صحيح: أخرجه مسلم "2942".

ص: 539