المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم   ‌ ‌376 - يزيد بن معاوية (1) : ابن أبي - سير أعلام النبلاء - ط الحديث - جـ ٥

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌376 - يزيد بن معاوية

(1)

:

ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد القرشي، الأموي الدمشقي. قد ترجمه ابن عساكر، وهو في "تاريخي الكبير"

(2)

له على هناته حسنة وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش، وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري.

عقد له أبوه بولاية العهد من بعده، فتسلم الملك عند موت أبيه في رجب، سنة ستين، وله ثلاث وثلاثون سنة فكانت دولته أقل من أربع سنين ولم يمهله الله على فعله بأهل المدينة لما خلعوه فقام بعده ولده نحوًا من أربعين يومًا، ومات وهو أبو ليلى معاوية عاش: عشرين سنة وكان خيرًا من أبيه، وبويع ابن الزبير بالحجاز، والعراق والمشرق.

ويزيد ممن لا نسبه ولا نحبه، وله نظراء من خلفاء الدولتين، وكذلك في ملوك النواحي، بل فيهم من هو شر منه وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بتسع وأربعين سنة والعهد قريب والصحابة موجودون كابن عمر الذي كان أولى بالأمر منه ومن أبيه وجده.

قيل: إن معاوية تزوج ميسون بنت بحدل الكلبية، فطلقها وهي حامل بيزيد فرأت كأن قمرًا خرج منها فقيل تلدين خليفة.

وكان يزيد لما هلك أبوه بناحية حمص فتلقوه إلى الثنية

(3)

، وهو بين أخواله على بختي

(4)

ليس عليه عمامة ولا سيف وكان ضخمًا كثير الشعر شديد الأدمة بوجهه أثر جدري فقال الناس هذا الأعرابي الذي ولي أمر الأمة فدخل على باب توما وسار إلى باب الصغير فنزل إلى قبر معاوية، فوقف عليه، وصفنا خلفه، وكبر أربعًا، ثم أتي ببغلة،

(1)

ترجمته في البداية والنهاية "8/ 226"، تهذيب التهذيب "11/ 360"، ميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9754"، لسان الميزان "6/ ترجمة 1050"، شذرات الذهب "1/ 71".

(2)

في تاريخ الإسلام: "3/ 91".

(3)

هي ثنية العقاب بالضم: مشرفة على غوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق إلى حمص كما في معجم البلدان لياقوت. "وتعرف اليوم بطلوع الثنايا".

(4)

البختي: جمل طويل العنق.

ص: 5

فأتى الخضراء، وأتى الناس لصلاة الظهر، فخرج، وقد تغسل، ولبس ثيابًا نقية، فصلى، وجلس على المنبر، وخطب، وقال: إن أبي كان يغزيكم البحر، ولست حاملكم في البحر، وإنه كان يشتيكم بأرض الروم، فلست أشتي المسلمين في أرض العدو، وكان يخرج العطاء أثلاثًا، وإني أجمعه لكم. فافترقوا، يثنون عليه.

وعن عمرو بن قيس: سمع يزيد يقول على المنبر: إن الله لا يؤاخذ عامة بخاصة، إلَّا أن يظهر منكر فلا يغير، فيؤاخذ الكل. وقيل قام إليه ابن همام، فقال: أجرك الله يا أمير المؤمنين على الرزية، وبارك لك في العطية، وأعانك على الرعية، فقد رزئت عظيما وأعطيت جزيلًا فاصبر، واشكر فقد أصبحت ترعى الأمة، والله يرعاك.

وعن زياد الحارثي، قال: سقاني يزيد شرابًا ما ذقت مثله، فقلت: يا أمير المؤمنين، لم أسلسل مثل هذا قال هذا رمان حلوان بعسل أصبهان، بسكر الأهواز، بزبيب الطائف، بماء بردى.

وعن محمد بن أحمد بن مسمع، قال: سكر يزيد، فقام يرقص، فسقط على رأسه، فانشق وبدا دماغه.

قلت كان قويًا، شجاعًا، ذا رأي، وحزم، وفطنة، وفصاحة، وله شعر جيد، وكان ناصبيًا

(1)

فظًا غليظًا،

جلفًا، يتناول المسكر، ويفعل المنكر. افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة فمقته الناس ولم يبارك في عمره. وخرج عليه غير واحد بعد الحسين: كأهل المدينة قاموا لله وكمرداس بن

أدية الحنظلي البصري، ونافع بن الأزرق، وطواف بن معلي السدوسي، وابن الزبير بمكة.

ابن عون، عن ابن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو: أنه ذكر أبا بكر [الصديق] فقال: أصبتم اسمه. ثم قال: عمر الفاروق قرن من حديد، أصبتم اسمه، ابن عفان ذو النورين قتل مظلومًا، معاوية وابنه ملكًا الأرض المقدسة، والسفاح، وسلام، ومنصور وجابر والمهدي، والأمين وأمير العصب: كلهم من بني كعب بن لؤي، كلهم صالح، لا يوجد مثله. تابعه: هشام بن حسان.

وروى يعلى بن عطاء، عن عمه، قال: كنت مع عبد الله بن عمرو حين بعثه يزيد إلى ابن الزبير فسمعته يقول له: إني أجد في الكتب: إنك ستعنى ونعنى، وتدعي الخلافة ولست بخليفة، وإني أجد الخليفة يزيد.

(1)

الناصبية: هم الذين يعادون عليًّا رضي الله عنه وقد سموا بذلك لأنهم نصبوا له وعادوه.

ص: 6

وعن الحسن: أن المغيرة بن شعبة أشار على معاوية ببيعة ابنه، ففعل فقيل له: ما وراءك؟ قال: وضعت رجل معاوية في غرز غي لا يزال فيه إلى يوم القيامة قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء أولادهم، ولولا ذلك لكانت شورى.

وروي أن معاوية كان يعطي عبد الله بن جعفر في العام ألف ألف. فلما وفد على يزيد أعطاه ألفي ألف وقال: والله لا أجمعهما لغيرك.

روى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، عن مكحول عن أبي عبيدة، مرفوعًا "لا يزال أمر أمتي قائمًا حتى يثلمه رجل من بني أمية، يقال له: يزيد"1.

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" ويرويه: صدقة السمين -وليس بحجة- عن هشام، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة، مرفوعًا 2.

وعن صخر بن جويرية، عن نافع، قال: مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى ابن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد، فأبى. فقال ابن مطيع: إنه يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب. قال: ما رأيت منه ما تذكر، وقد أقمت عنده فرأيته مواظبًا للصلاة متحريًا للخير، يسأل عن الفقه قال: ذاك تصنع ورياء.

وروى محمد بن أبي السري العسقلاني، حدثنا يحيى بن عبد الملك ابن أبي غنية، عن نوفل بن أبي الفرات قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز، فقال رجل: قال أمير المؤمنين يزيد. فأمر به، فضرب عشرين سوطًا.

توفي يزيد في نصف ربيع الأول، سنة أربع وستين.

"1، 2" ضعيف: في إسناده الوليد بن مسلم، مدلس مشهور بتدليس التسوية، وقد عنعنه. أما إسناد أبي يعلى ففيه صدقة بن عبد الله السمين، وهو ضعيف. والانقطاع بين أبي ثعلبة الخشني وأبي عبيدة علة أخرى.

ص: 7

‌377 - عبيدة بن عمرو

(1)

:

السلماني الفقيه المرادي الكوفي أحد الأعلام وسلمان جدهم، هو ابن ناجية بن مراد.

أسلم عبيدة في عام فتح مكة، بأرض اليمن، ولا صحبة له. وأخذ عن: علي، وابن مسعود وغيرهما وبرع في الفقه، وكان ثبتًا في الحديث.

روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، ومحمد بن سيرين، وعبد الله بن سلمة المرادي، وأبو إسحاق ومسلم أبو حسان الأعرج، وآخرون.

قال الشعبي: وكان عبيدة يوازي شريحًا في القضاء.

قال ابن سيرين: ما رأيت رجلًا كان أشد توقيًا من عبيدة. وكان محمد بن سيرين مكثرًا عنه.

قال أحمد العجلي: كان عبيدة أحد أصحاب عبد الله بن مسعود الذين يقرئون ويفتون، وكان أعور.

قرأت على أحمد بن إبراهيم الخطيب عام سبع مائة: أنبأنا أبو الحسن السخاوي، أنبأنا أبو طاهر السلفي أنبأنا المبارك بن عبد الجبار، أنبأنا محمد ابن محمد السواق، أنبانا عيسى بن حامد الرخجي، حدثنا الهيثم بن خلف، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا معاذ بن معاذ، عن هشام عن ابن سيرين عن عبيدة قال: صليت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، ولم أراه.

قال أبو عمرو بن الصلاح: روينا عن عمر بن علي الفلاس، أنه قال: أصح الأسانيد: ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي.

قلت: لا تفوق لهذا الإسناد مع قوته على: إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، ولا على: الزهري عن سالم، عن أبيه. ثم إن هذين الإسنادين روي بهما أحاديث جمة في الصحاح، وليس كذلك الأول فما في "الصحيحين" لعبيدة عن علي سوى حديث واحد.

وعند البخاري حديث آخر، موقوف بهذا الإسناد، وانفرد مسلم بحديث آخر، سأرويه بعد.

قال أبو أحمد الحاكم: كنية عبيدة: أبو مسلم، وأبو عمرو.

وروى هشام بن حسان، عن محمد، عن عبيدة، قال: اختلف الناس في الأشربة، فما لي شراب منذ ثلاثين سنة إلَّا العسل واللبن والماء. قال محمد: وقلت لعبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من قبل أنس بن مالك. فقال: لأن يكون عندي منه شعرة، أحب إلي من كل صفراء وبيضاء على ظهر الأرض.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 93"، التاريخ الكبير "3/ ق 2/ 82"، الجرح والتعديل "3/ ق 1/ 91"، تاريخ بغداد "11/ 117" أسد الغابة "3/ 356"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، الإصابة "3 ترجمة 6405"، تهذيب التهذيب "7/ 84".

ص: 8

قلت: هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب، وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس. ومثل هذا يقوله هذا الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت أو شسع نعل كان له أو قلامة ظفر أو شقفة من إناء شرب فيه فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده أكنت تعده مبذرًا أو سفيهًا كلا فابذل ما لك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده والسلام عليه عند حجرته في بلده والتذ بالنظر إلى أحده وأحبه فقد كان نبيك صلى الله عليه وسلم يحبه وتملأ بالحلول في روضته ومقعده، فلن تكون مؤمنًا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم. وقبل حجرًا مكرمًا نزل من الجنة، وضع فمك لاثمًا مكانًا قبله سيد البشر بيقين فهنأك الله بما أعطاك فما فوق ذلك مفخر ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحجر ثم قبل محجنه لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.

وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده، فقبلها، ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول نحن إذ فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا صلى الله عليه وسلم لاثمًا له. فإذا فاتك الحج، وتلقيت، الوفد فالتزم الحاج، وقبل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرًا قبله خليلي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن سيرين: قال علي: يا أهل الكوفة، أتعجزون أن تكونوا مثل السلماني والهمداني؟ - يعني الحارث بن الأزمع وليس بالأعور- إنما هما شطرا رجل.

قال حماد بن زيد: وكان عبيدة أعور.

قال ابن سيرين كان أصحاب عبد الله منهم من يقدم عبيدة، ومنهم من يقدم علقمة، ولا يختلفون أن شريحًا آخرهم.

قال الثوري عن النعمان بن قيس، قال: دعا عبيدة بكتبه عند موته، فمحاها، وقال: أخشى أن تضعوها على غير موضعها.

قال عاصم: عن ابن سيرين: جاء قوم إلى عبيدة ليصلح بينهم، فقال: لا أقول حتى تؤمروني.

عبد الواحد بن زياد: حدثنا النعمان بن قيس، حدثني أبي: قلت لعبيدة: بلغني أنك تموت، ثم ترجع قبل يوم القيامة، تحمل راية، فيفتح لك فتح. قال: لئن أحياني الله اثنتين، وأماتني اثنتين قبل يوم القيامة، ما أراد بي خيرًا.

قال أبو حصين: أوصى عبيدة أن يصلي عليه الأسود بن يزيد. فقال الأسود: عجلوا به قبل أن يجيء الكذاب يعني المختار

(1)

.

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا القواريري، حدثنا حماد عن أيوب، عن محمد، عن عبيدة قال ذكر علي رضي الله عنه أهل النهروان، فقال: فيهم رجل مودن اليد، أو مثدن اليد، أو مخدج اليد، لولا أن تبطروا، لأنبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قلت: أنت سمعته منه؟ قال: إي ورب الكعبة.

هذا حديث صحيح. رواه: ابن علية أيضًا، عن أيوب السختياني. ورواه: ابن أبي عدي، عن ابن عون،

عن ابن سيرين. أخرجه: مسلم، وأبو داود

(2)

.

وفي وفاة عبيدة أقول، أصحها في سنة اثنتين وسبعين.

(1)

هو: المختار بن أبي عبيد الثقفي.

(2)

أخرجه مسلم "1066""155"، وأبو داود "4763"، وابن ماجه "167"، وأحمد "1/ 83 و 95 و 113 و 121 و 122 و 144 و 155".

ص: 9

‌378 - عبد الرحمن بن غنم

(1)

: " م، (4) "

الأشعري، الفقيه، الإمام شيخ أهل فلسطين.

حدث عن: معاذ بن جبل -وتفقه به- وعمر بن الخطاب، وأبي ذر الغفاري، وأبي مالك الأشعري، وأبي

الدرداء، وغيرهم.

حدث عنه: ولده؛ محمد، وأبو سلام ممطور، ورجاء بن حيوة، وأبو إدريس الخولاني مع تقدمه وشهر بن حوشب، ومكحول، وعبادة بن نسي، وصفوان بن سليم، وإسماعيل بن عبيد الله.

قال ابن سعد: ثقة -إن شاء الله-. بعثه عمر إلى الشام يفقه الناس، وكان أبوه صحابيًا هاجر مع أبي موسى.

قال أبو القاسم البغوي: ولد عبد الرحمن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلف في صحبته.

قلت: روى له أحمد بن حنبل في "مسنده" أحاديث، لكنها مرسلة، ويحتمل أن يكون له صحبة فقد ذكر يحيى بن بكير، عن الليث وابن لهيعة أن عبد الرحمن صحابي وقال الترمذي: له رؤية.

وأما أبو مسهر فقال: عبد الرحمن بن غنم هو رأس التابعين كان بفلسطين وقيل: تفقه به عامة التابعين بالشام، وكان صادقًا فاضلًا كبير القدر مات هو وجابر بن عبد الله في وقت.

قال الهيثم بن عدي وشباب توفي سنة ثمان وسبعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 441"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 808"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1300"، الاستيعاب "2/ 850"، أسد الغابة "3/ 318"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، الكاشف "2/ ترجمة 3332"، تجريد أسماء الصحابة "1/ 3750"، تهذيب التهذيب "6/ 250 - 251"، الإصابة "2/ ترجمة 5181"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4216".

ص: 10

‌379 - كثير بن مرة

(1)

: " م، (4) "

الإمام، الحجة، أبو شجرة الحضرمي، الرهاوي، الشامي، الحمصي، الأعرج. ويكنى: أبا القاسم.

أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عن: معاذ بن جبل، وعمر بن الخطاب، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعوف بن مالك، وأبي الدرداء، ونعيم بن همار، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وأبي فاطمة الأزدي، وشرحبيل بن السمط، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وعدة.

وعنه: أبو الزاهرية حدير بن كريب، وخالد بن معدان، وصالح بن أبي عريب، ومكحول، وشريح بن عبيد وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، ولقمان بن عامر، ونصر بن علقمة وعبد الرحمن بن عائذ وآخرون.

وروى عنه: زيد بن واقد، مرسلًا. وثقه: ابن سعد، وأحمد العجلي، وغيرهما. وقال ابن خراش: صدوق وقال النسائي: لا بأس به.

أبو صالح، عن الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب: أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى كثير بن مرة وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريًا. قال الليث: وكان يسمى الجند المقدم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 907"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 872"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 31"، والكاشف "3/ ترجمة 4715"، تهذيب التهذيب "8/ 428 - 429"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5949".

ص: 11

قال: فكتب إليه أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديثهم إلَّا حديث أبي هريرة فإنه عندنا.

معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، قال: دخلت المسجد يوم الجمعة، فمررت بعوف بن مالك الأشجعي وهو باسط رجليه، فضمهما، ثم قال: يا كثير، أتدري لم بسطت رجلي؟ بسطتهما رجاء أن يجيء رجل صالح فأجلسه وإني لأرجو أن تكون رجلًا صالحًا.

هذه مسألة حسنة عن صحابي جليل.

قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: فمن يكون مع جبير بن نفير، وأبي إدريس الخولاني في طبقتهما؟ قال: كثير بن مرة. فذاكرته سنة، ومناظرة أبي الدرداء إياه في القراءة خلف الإمام وقول عوف فيه: إني لأرجو أن تكون صالحًا، فرآه معهما في طبقة.

قال أبو مسهر: بقي كثير إلى خلافة عبد الملك.

قلت: عداده في المخضرمين، ومات مع أبي أمامة الباهلي أو قبله، رحمه الله.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا أكمل بن أبي الأزهر أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء أنبأنا أبو نصر الزينبي أنبأنا محمد بن عمر الوراق حدثنا عبد الله بن أبي داود حدثنا الحسن بن عرفه حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد الكلاعي عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلَّا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا"

(1)

أخرجه الترمذي عن الحسن فوافقناه بعلو وإسناده: صحيح متصل.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "1177"، وابن ماجه "2014"، وأحمد "5/ 242".

ص: 12

‌380 - هرم بن حيان

(1)

:

العبدي ويقال: الأزدي، البصري، أحد العابدين.

حدث عن: عمر. روى عنه: الحسن البصري، وغيره.

ولي بعض الحروب في أيام عمر، وعثمان ببلاد فارس.

قال ابن سعد: كان عاملًا لعمر، وكان ثقة، له فضل وعبادة. وقيل سمي هرمًا؛ لأنه بقي حملًا سنتين حتى طلعت أسنانه.

قال أبو القاسم ابن عساكر: قدم هرم دمشق في طلب أويس القرني.

سعدوية، عن يوسف بن عطية، حدثنا المعلي بن زياد، قال: كان هرم يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف نام طالبها؟! وعجبت من النار كيف نام هاربها؟! ثم يقول: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا} [الأعراف: 97].

سليمان بن المغيرة: حدثنا حميد بن هلال: قيل لهرم بن حيان العبدي: أوص. قال: قد صدقتني نفسي، وما لي ما أوصى [به]، ولكن أوصيكم بخواتيم سورة النحل.

هشام، عن الحسن، عن هرم: أنه قيل له: أوصينا. فقال: أوصيكم بخواتيم سورة البقرة.

حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني: أن هرم بن حيان أشرف في ليلة قمراء، وإذا صاحب حرسه يلعب وكان عاملًا لعمر.

جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، قال: أوقد هرم نارًا، فجاء قومه، فسلموا من بعيد. قال: ادنوا. قالوا: ما نقدر من النار. قال: فتريدون أن تلقوني في نار أعظم منها.

أبو عمران الجوني، عن هرم بن حيان، قال: إياكم والعالم الفاسق. فبلغ عمر، فكتب إليه وأشفق منها: ما العالم الفاسق فكتب: ما أردت إلَّا الخير، ويكون إمام يتكلم بالعلم، ويعمل بالفسق، ويشبه على الناس، فيضلوا.

الوليد بن هشام القحذمي، عن أبيه، عن جده: أن عثمان بن أبي العاص وجه هرم بن حيان إلى قلعة فافتتحها عنوة.

وقال الحسن البصري: خرج هرم وعبد الله بن عامر بن كريز، فبينما رواحلهما ترعى، إذ قال هرم: أيسرك أنك كنت هذه الشجرة.؟ قال: لا والله، لقد رزقني الله الإسلام، وإني لأرجو. قال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة، فأكلتني هذه الناقة، ثم بعرتني، فاتخذت جلة

(2)

ولم أكابد الحساب، يا ابن أبي عامر، ويحك! إني أخاف الداهية الكبرى.

قال قتادة: كان هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله، إلَّا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه ودهم.

وعن هشام، عن الحسن، قال: مات هرم بن حيان في يوم حار، فلما نفضوا أيديهم عن قبره، جاءت سحابة حتى قامت على القبر، فلم تكن أطول منه، ولا أقصر منه، ورشته حتى روته، ثم انصرفت. رواها: اثنان، عن هشام.

ضمرة، عن السري بن يحيى، عن قتادة، قال: أمطر قبر هرم من يومه، وأنبت العشب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 131"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2869"، الجرح والتعديل 9/ ترجمة 463".

(2)

الجلة: البعر الذي لم ينكسر ويتخذ وقودًا.

ص: 13

‌381 - الأسود بن يزيد

(1)

: " ع"

ابن قيس، الإمام القدوة، أبو عمرو النخعي، الكوفي وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن وهو أخو عبد الرحمن بن يزيد، ووالد عبد الرحمن بن الأسود، وابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم النخعي. فهؤلاء أهل بيت من رؤوس العلم والعمل.

وكان الأسود مخضرمًا، أدرك الجاهلية والإسلام.

وحدث عن: معاذ بن جبل، وبلال، وابن مسعود، وعائشة، وحذيفة بن اليمان، وطائفة سواهم.

حدث عنه: ابنه؛ عبد الرحمن، وأخوه، وإبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير وأبو إسحق السبيعي والشعبي، وآخرون.

وهو نظير مسروق في الجلالة والعلم والثقة والسن، يضرب بعبادتهما المثل.

قال ابن سعد: كان يذكر أنه ذهب بمهر أم علقمة إليها من قيس جده وروى عن: الصديق أنه جرد معه الحج. وروى عن: عمر، وعلي، وسمع باليمن من معاذ.

قال عبد الرحمن بن الأسود: كان أبي يسجد في برنس طيالسة ويداه فيه، أو في ثيابه. وقال ابن أبي خالد: رأيت الأسود وعليه عمامة سوداء، وقد أرسلها من خلفه، ورأيته أصفر الرأس واللحية.

قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: حج الأسود ثمانين، من بين حجة وعمره.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 70"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1437"، الجرح والتعديل "1/ ترجمة 1061"، الحلية "2/ 102"، أسد الغابة "1/ 88"، تاريخ الإسلام "3/ 137" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 29"، الإصابة "1/ ترجمة 460".

ص: 14

وبه إلى عبد الله بن أحمد، حدثنا عبد الله بن صندل، حدثنا فضيل بن عياض، عن ميمون، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين وكان ينام بين المغرب والعشاء وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال.

قال ابن عون: سئل الشعبي، عن الأسود بن يزيد، فقال: كان صوامًا قوامًا حجاجًا قال إبراهيم: ربما أحرم الأسود من جنابة عرزم

(1)

.

وقال جابر الجعفي، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: ما سمعت الأسود إذا أهل يسمي حجًا ولا عمرة قط، يقول: إن الله يعلم نيتي. قال أبو إسحاق: كان الأسود يقول في تلبيته: لبيك غفار الذنوب.

ومن مناكير موسى بن عمير، تفرد به عن: الحكم عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وأعدوا للبلاء الدعاء"

(2)

.

قرأ الأسود على عبد الله بن مسعود. تلا عليه يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي.

وروى يحيى بن سعيد العطار في زهد الثمانية، عن يزيد بن عطاء، عن علقمة بن مرثد، قال: كان الأسود يجتهد في العبادة ويصوم حتى يخضر ويصفر فلما احتضر بكى فقيل له: ما هذا الجزع؟ فقال: مالي لا أجزع والله لو رأيت بالمغفرة من الله لأهمني الحياء منه مما قد صنعت إن الرجل ليكون بينه وبين آخر الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحيًا منه.

وروى شعبة، عن الحكم: أن الأسود كان يصوم الدهر -هذا صحيح عنه- وكأنه لم يبلغه النهي عن ذلك

(3)

، أو تأول.

وروى حماد، عن إبراهيم: كان الأسود يصوم حتى يسود لسانه من الحر.

وروى منصور، عن إبراهيم: أن الأسود كان يحرم من بيته. وقال أشعث بن أبي الشعثاء: رأيت الأسود عمرو بن ميمون أهلًا من الكوفة. قال ابن أبي خالد: رأيت الأسود وعليه عمامة سوداء وقال الحسن بن عبيد الله: رأيت الأسود يسجد في برنس طيالسة.

قد نقل العلماء في وفاة الأسود أقوالًا أرجحها: سنة خمس وسبعين والله يرحمه.

قال إبراهيم النخعي: كان الأسود إذا حضرت الصلاة أناخ بعيره ولو على حجر.

(1)

عزرم: محلة بالكوفة. ويستحب لكل مسلم. الإحرام من المواقيت.

(2)

ضعيف جدًا: في إسناده موسى بن عمير القرشي، أبوها رون الجعدي الكوفي قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كذاب. وقال ابن عدي: عامه ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات. وذكر الذهبي في "الميزان" الحديث في ترجمته وعده من بلاياه.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "1979"، ومسلم "1159" "187" من طريق شعبة عن حبيب سمع أبا العباس سمع عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمرو إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل وإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونهكت -أي ضعفت- لا صام من صام الأبد صوم ثلاثة أيام من الشهر صوم الشهر كله" قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال: "فصم صوم داود، كان يصوم يومًا ويفطر ولا يفر إذا لاقى".

ص: 15

‌382 - علقمة

(1)

: " ع"

فقيه الكوفة، وعالمها، ومقرئها، الإمام الحافظ المجود المجتهد الكبير أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان ابن كهل وقيل: ابن كهيل بن بكر بن عوف ويقال: ابن المنتشر بن النخع النخعي الكوفي الفقيه عم الأسود بن يزيد وأخيه عبد الرحمن وخال فقيه العراق إبراهيم النخعي.

ولد في أيام الرسالة المحمدية، وعداده في المخضرمين، وهاجر في طلب العلم والجهاد، ونزل الكوفة ولازم ابن مسعود حتى رأس في العلم والعمل وتفقه به العلماء وبعد صيته.

حدث عن: عمر، وعثمان، وعلي، وسليمان، وأبي الدرداء، وخالد بن الوليد، وحذيفة، وخباب وعائشة، وسعد، وعمار، وأبي مسعود البدري، وأبي موسى، ومعقل بن سنان، وسلمة بن يزيد الجعفي، وشريح بن أرطاة، وقيس بن مروان، وطائفة سواهم.

وجود القرآن على ابن مسعود. تلا عليه يحيى بن وثاب وعبيد بن نضيلة، وأبو إسحاق السبيعي.

وتفقه به أئمة كإبراهيم، والشعبي وتصدى للإمامة والفتيا بعد علي وابن مسعود وكان يشبه بابن مسعود في هديه ودله وسمته وكان طلبته يسألونه ويتفقهون به والصحابة متوافرون.

حدث عنه: أبو وائل والشعبي وعبيد بن نضيلة وإبراهيم النخعي ومحمد بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 86"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 177"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2258"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4224"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 3930"، تهذيب التهذيب "7/ 276 - 278"، الإصابة "2/ ترجمة 6454"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4936".

ص: 16

سيرين، وأبو الضحى مسلم بن صبيح، وإبراهيم بن سويد النخعي، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي، وأبو معمر عبد الله بن سخبرة، وسلمة بن كهيل، وابن أخيه؛ عبد الرحمن بن يزيد، وأبو إسحاق السبيعي، وعمارة بن عمير، وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي، وعبد الرحمن بن عوسجة، والقاسم بن مخيمرة، وقيس بن رومي، ومرة الطيب، وهني بن نويرة، ويحيى بن وثاب، ويزيد بن أويس، ويزيد بن معاوية النخعي لا الأموي، وأبو الرقاد النخعي، والمسيب بن رافع.

وأرسل عنه أبو الزناد، وغيره.

وروى مغيرة، عن إبراهيم، قال: كنى عبد الله بن مسعود علقمة أبا شبل، وكان علقمة عقيمًا، لا يولد له.

الأعمش، عن إبراهيم، قال علقمة: ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس أو رقعة.

قال أحمد بن حنبل: علقمة ثقة، من أهل الخير، وكذا وثقه يحيى بن معين، وسئل عنه وعن عبيدة في عبد الله فلم يخير.

وقال عثمان بن سعيد: علقمة أعلم بعبد الله. قال ابن المديني: لم يكن أحد من الصحابة له أصحاب حفظوا عنه، وقاموا بقوله في الفقه إلَّا ثلاثة: زيد بن ثابت، وابن مسعود، وابن عباس، وأعلم الناس بابن مسعود: علقمة، والأسود، وعبيدة، والحارث.

وروى زائدة، عن أبي حمزة، قال: قلت لرباح أبي المثنى: أليس قد رأيت عبد الله؟ قال: بلى، وحججت مع عمر ثلاث حجات وأنا رجل. قال: وكان عبد الله وعلقمة يصفان الناس صفين عند أبواب كندة فيقرئ عبد الله رجلًا ويقرئ علقمة رجلًا فإذا فرغا تذاكرا أبواب المناسك وأبواب الحلال والحرام فإذا رأيت علقمة فلا يضرك أن لا ترى عبد الله أشبه الناس به سمتًا وهديًا وإذا رأيت إبراهيم النخعي فلا يضرك أن لا ترى علقمة أشبه الناس به سمتًا وهديًا.

الأعمش، عن عمارة بن عمير، قال: قال لنا أبو معمر: قوموا بنا إلى أشبه الناس بعبد الله هديًا ودلًا وسمتًا. فقمنا معه حتى جلسنا إلى علقمة.

وروى سفيان بن عيينة، عن داود بن أبي هند، قال: قلت للشعبي: أخبرني عن أصحاب عبد الله حتى كأني أنظر إليهم. قال: كان علقمة أبطن القوم به، وكان مسروق قد خلط منه

ص: 17

ومن غيره، وكان الربيع بن خثيم أشد القوم اجتهادًا، وكان عبيدة يوازي شريحًا في العلم والقضاء.

روى إبراهيم، عن علقمة: أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق فقال اللهم ارزقني جليسًا صالحًا. فجاء فجلس إلى أبي الدرداء، فقال له: ممن أنت؟ قال: من أهل الكوفة. قال: كيف سمعت ابن أم عبد يقرأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]، الحديث

(1)

.

وقال الأسود: إني لأذكر ليلة عرس أم علقمة.

وقال شباب شهد علقمة صفين مع علي.

وروى الهيثم بن عدي عن مجالد عن الشعبي قال: كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوفة في أصحاب عبد الله: علقمة، وعبيدة، وشريح، ومسروق.

وروى حفص بن غياث، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: أدركت القوم وهم يقدمون خمسة: من بدأ بالحارث الأعور، ثنى بعبيدة، ومن بدأ بعبيدة، ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث، لا شك فيه ثم مسروق، ثم شريح، وإن قومًا أخسهم شريح، لقوم لهم شأن.

وروى ابن عون، عن محمد، قال: كان أصحاب عبد الله خمسة، كلهم فيه عيب: وعبيدة أعور ومسروق أحدب، وعلقمة أعرج، وشريح كوسج

(2)

، والحارث أعور.

وروى منصور، عن إبراهيم، قال: كان أصحاب عبد الله الذين يقرئون الناس القرآن، ويعلمونهم السنة، ويصدر الناس عن رأيهم، ستة: علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وأبو ميسرة، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس.

وروى إسرائيل، عن غالب أبي الهذيل: قلت لإبراهيم: أعلقمة كان أفضل أو الأسود؟ قال: علقمة، وقد شهد صفين. وقال ابن عون: سألت الشعبي عن علقمة، والأسود، فقال: كان الأسود صوامًا قوامًا كثير الحج، وكان علقمة مع البطيء، ويدرك السريع. وقال مرة الهمداني: كان علقمة من الربانيين، وكان علقمة عقيمًا؛ لا يولد له.

وروى عنه: إبراهيم، قال: صليت خلف عمر سنتين. وروى: مغيرة، عن إبراهيم: أن علقمة والأسود كانا يسافران مع أبي بكر وعمر. قال الشعبي: كان علقمة أبطن القوم بابن مسعود.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4944"، ومسلم "828".

(2)

الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه

ص: 18

الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: أتي عبد الله بشراب، فقال أعط علقمة، أعط مسروقًا فكلهم قال: إني صائم فقال: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]. وقال إبراهيم: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس. وقال علقمة: أطيلوا كر الحديث لا يدرس.

الأعمش، عن شقيق قال: كان ابن زياد يراني مع مسروق، فقال: إذا قدمت، فالقني. فأتيت علقمة فقال: إنك لم تصب من دنياهم شيئًاإلَّا أصابوا من دينك ما هو أفضل منه، ما أحب أن لي مع ألفي ألفين وإني أكرم الجند عليه.

وقال إبراهيم: كتب أبو بردة علقمة في الوفد إلى معاوية فقال له علقمة: امحني امحني.

وقال علقمة: ما حفظت وأنا شاب، فكأني أنظر إليه في قرطاس.

قال إبراهيم، عن علقمة: إنه كان له برذون يراهن عليه.

الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، قلنا لعلقمة: لو صليت في المسجد وجلسنا معك فتسأل قال: أكره أن يقال: هذا علقمة. قالوا: لو دخلت على الأمراء. قال: أخاف أن ينتقصوا مني أكثر مما أنتقص منهم.

وروى إبراهيم، عن علقمة، قال: كنت رجلًا قد أعطاني الله حسن الصوت بالقرآن وكان ابن مسعود يرسل إلي فأقرأ عليه، فإذا فرغت من قراءتي، قال: زدنا -فداك أبي وأمي- فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن حسن الصوت زينة القرآن"

(1)

.

أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال عبد الله: ما أقرأ شيئًا ولا أعلمه إلَّا علقمة

(1)

منكر: أخرجه ابن سعد "6/ 90" أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا سعيد بن زربي، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه سعيد بن زربي، أجمعوا على ضعفه، وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وعده من مناكيره ولكن ورد مرفوعًا "زينوا القرآن بأصواتكم" أخرجه عبد الرزاق "4175" و "4176"، والطيالسي "738"، وابن أبي شيبة "2/ 521" و "10/ 462" وأحمد "4/ 283 و 285 و 304"، وأبو داود "1468"، والنسائي "2/ 179 - 180" وابن ماجه "1342"، والحاكم "1/ 572 - 575"، وأبو نعيم في "الحلية""5/ 27"، والبيهقي في "السنن""2/ 53" من طرق عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، به مرفوعًا. وإسناده صحيح.

ص: 19

يقرؤه أو يعلمه. قال زياد بن حدير: يا أبا عبد الرحمن، والله ما علقمة بأقرئنا قال: بلى والله وإن شئت لأخبرنك بما قيل في قومك وقومه.

وروى الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس والأسود في ست وعبد الرحمن بن يزيد في سبع.

جرير بن عبد الحميد، عن قابوس بن أبي ظبيان، قال: قلت لأبي: لأي شيء كنت تأتي علقمة وتدع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟! - قال: أدركت ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسألون علقمة ويستفتونه.

شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قيل لابن مسعود: ما علقمة بأقرئنا. قال: بلى -والله- إنه لأقرؤكم.

أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا ابن نمير، حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع قال: قيل لعلقمة: لو جلست فأقرأت الناس وحدثتهم. قال: أكره أن يوطأ عقبي

(1)

، وأن يقال: هذا علقمة فكان يكون في بيته يعلف غنمه ويقت

(2)

لهم وكان معه شيء يفرع بينهن إذا تناطحن.

ابن عيينة، عن عمر بن سعد، قال: كان الربيع بن خثيم يأتي علقمة، فيقول: ما أزور أحدًا غيرك أو ما أزور أحدًا ما أزورك.

قال إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: إن كان أهل بيت خلقوا للجنة، فهم أهل هذا البيت؛ علقمة والأسود. وقال أبو قيس الأودي: رأيت إبراهيم آخذًا بالركاب لعلقمة.

الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قيل لعلقمة إلَّا تغشى الأمراء، فيعرفون من نسبك؟ قال: ما يسرني أن لي مع ألفي ألفين، وإني أكرم الجند عليه. فقيل له: إلَّا تغشى المسجد فتجلس وتفتي الناس؟ قال: تريدون أن يطأ الناس عقبي، ويقولون: هذا علقمة!.

(1)

موطأ العقب: أي كثير الأتباع. وفي حديث عمار: أن رجلًا وشى إلى عمر فقال: "اللهم إن كان هذا فاجعله موطأ العقب"، أي: كثير الأتباع. دعا عليه بأن يكون سلطانًا أو مقدمًا أو ذا مال فيتبعه الناس ويمشون وراءه.

(2)

القتُّ: الفصفصة وهي الرطبة، من علف الدواب.

ص: 20

حصين، عن إبراهيم عن علقمة: أنه أوصى، قال: إذا أنا حضرت، فأجلسوا عندي من يلقنني لا إله إلَّا الله، وأسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تنعوني إلى الناس، فإني أخاف أن يكون ذلك نعيًا كنعي الجاهلية

(1)

.

قال بعض الحفاظ، وأحسن: أصح الأسانيد: منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود فعلى هذا، أصح ذلك: شعبة، وسفيان، عن منصور، وعنهما يحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وعنهما علي بن المديني، وعنه أبو عبد الله البخاري رحمهم الله.

قال الهيثم بن عدي: مات علقمة في خلافة يزيد. وقال أبو نعيم، وقعنب بن محرر: سنة إحدى وستين. وقال المدائني، ويحيى بن بكير، وأبو عبيد، وابن معين، وابن سعد، وعدة مات سنة اثنتين وستين. ويقال: توفي سنة خمس وستين. ويقال: سنة ثلاث، ولم يصح. وشذ: أبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي، فقال: مات سنة اثنتين وسبعين سنة وكذا نقل عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير. وقيل غير ذلك. وقال أبو نعيم النخعي: عاش تسعين سنة.

ومن طبقته:

(1)

النعي لغة: وهو الإخبار بموت الميت، والإعلان موت الميت على رؤوس المنائر ونحوها من النعي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن حذيفة أنه "كان إذا مات له الميت قال: لا تؤذنوا به أحدًا، إني أخاف أن يكون نعيًا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي" أخرجه أحمد "5/ 406"، والترمذي "986"، وابن ماجه "1476"، والبيهقي "4/ 74" من حديث حذيفة بن اليمان وإسناده حسن.

لكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار، وقيد بها مطلق النهي، وقالوا إن المراد بالنعي الإعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من صياح على أبواب البيت والأسواق فيجوز إعلان الوفاة إذا لم يقترن به، ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك؛ فعن أبي هريرة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعًا".

أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. وعن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له" أخرجه البخاري وترجم له البخاري وللحديث الذي قبله بقوله: "باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه" وقال الحافظ في "الفتح": وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعًا كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق

".

ص: 21

‌383 - علقمة بن وقاص

(1)

: " ع"

ابن محصن بن كلدة الليثي، العتواري، المدني، أحد العلماء.

حدث عن: عمر، وعائشة، وبلال بن الحارث المزني، وعمرو بن العاص، وابن عمر، وطائفة له. أحاديث ليست بالكثيرة. وثقه: ابن سعد، والنسائي.

حدث عنه: ولداه عمرو وعبد الله، والزهري، وابن أبي ملكية، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وعمرو بن يحيى المازني. وله دار بالمدينة، وعقب.

مات في دولة عبد الملك بن مروان. حديثه في الكتب الستة.

قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا معمر بن عبد الله حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب أن تقبل رخصه، كما يحب أن تؤتي عزائمه"

(2)

قال أبو نعيم: تفرد برفعه معمر هذا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 60"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 176"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2259"، الاستيعاب "3/ 1088"، أسد الغابة "4/ 15"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 35"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4228"، الكاشف "2/ ترجمة 3934"، تهذيب التهذيب "7/ 280 - 281"، الإصابة "2/ ترجمة 5680" و "3/ ترجمة 6258" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4940"

(2)

صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 101" والطبراني بهذا اللفظ حدثنا فاروق الخطابي، به.

قلت: وقد وهم الحافظ الذهبي رحمه الله حيث ظن أن علقمة هو علقمة بن وقاص، وليس كذلك إنما هو علقمة بن قيس النخعي كما أورد الحافظ أبو نعيم الحديث في ترجمته وكلاهما ثقة ثبت.

وقد صح الحديث عن ابن عباس، وعن ابن عمر، وعن عائشة، وعن ابن مسعود كما تقدم، وأنس: فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه الطبراني في "الكبير""11880"، وأبو نعيم في "الحلية""8/ 276" من طريق الحسين بن محمد الذارع، قال: حدثنا أبو محصن حصين بن نمير قال: حدثنا هشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس، به مرفوعًا. وإسناده صحيح.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أخرجه أحمد "2/ 108"، والبزوار "988" و "989"، والقضاعي في "مسند الشهاب""1078" من طرق عن عبد العزيز الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن حرب بن قيس عن نافع، عن ابن عمر، به. وإسناده حسن، وعن عائشة رضي الله عنها: عند ابن حبان في "الثقات""2/ 200"، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: عند الطبراني، وأبي نعيم: عند الطبراني، وأبي نعيم "2/ 101" وقد تقدم في صدر الكلام، وعن أنس رضي الله عنه: عند الدولابي في "الكنى""2/ 42".

ص: 22

‌384 - جنادة

(1)

: " غ"

ابن أبي أمية الأزدي، الدوسي، من كبراء التابعين.

حدث عن: معاذ بن جبل، وعمر، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وبسر بن أبي أرطاة.

روى عنه: ولده؛ سليمان، وبسر بن سعيد، ومجاهد بن جبر، ورجاء بن حيوة، وعبد الرحمن الصنابحي مع تقدمه، وأبو الخير مرثد اليزني، وعلي بن رباح، وعمير بن هانئ، وعبادة بن نسي، وآخرون.

ولأبيه أبي أمية صحبة ما، واسمه: كبير بموحدة.

ولي جنادة غزو البحر لمعاوية، وشهد فتح مصر، وقد أدرك الجاهلية والإسلام. وقد قال إبراهيم بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين، وسئل: أجنادة بن أبي أمية الذي روى عنه مجاهد له صحب؟ قال: نعم. قلت: أهو الذي يروي عن عبادة بن الصامت؟ قال: هو هو.

وأما ابن سعد والعجلي وطائفة فقالوا: تابعي، شامي. وهو الصواب. وصح له حديث فيكون مرسلًا.

قال ابن يونس: توفي سنة ثمانين وقال المدائني: توفي سنة خمس وسبعين وكذا قال ابن معين وقال الهيثم بن عدي وتوفي سنة سبع وسبعين وقيل غير ذلك. والله أعلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 439"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2297"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2129" أسد الغابة "1/ 297 - 298" تهذيب التهذيب "2/ 115 - 116"، الإصابة "1/ ترجمة 1201"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1071".

ص: 23

‌385 - مسروق

(1)

: " ع"

ابن الأجدع، الإمام، القدوة، العلم، أبو عائشة الوادعي الهمداني، الكوفي. وهو: مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية بن عبد الله بن مر بن سلمان بن معمر، ويقال: سلامان بن معمر بن الحارث بن سعد بن عبد الله ابن وادعة بن عمر بن عامر بن ناشح بن دافع بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان.

قال أبو بكر الخطيب: يقال إنه سرق وهو صغير ثم وجد، فسمي مسروقًا. وأسلم أبوه الأجدع.

حدث هو عن: أبي بن كعب، وعمر، وعن أبي بكر الصديق -إن صح- وعن أم رومان، ومعاذ بن جبل، وخباب، وعائشة، وابن مسعود، وعثمان، وعلي، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر وسبيعة، ومعقل بن سنان، والمغيرة بن شعبة، وزيد حتى إنه روى عن عبيد بن عمير بن عمير قاص مكة.

وعنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب، وعبد الله بن مرة، وأبو وائل ويحيى بن الجزار وأبو الضحى، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وعبيد بن نضيلة، ومكحول الشامي، وما أراه لقيه، وأبو إسحاق، ومحمد بن المنتشر، ومحمد بن نشر الهمداني، وأبو الأحوص الجشمي، وأيوب بن هانئ، وعمارة بن عمير، وحبال بن رفيدة، وأنس بن سيرين، وأبو الشعثاء المحاربي، وآخرون.

وعداده في كبار التابعين، وفي المخضرمين الذين أسلموا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو داود: كان الأجدع أفرس فارس باليمن قال أبو داود أيضًا ومسروق هو ابن أخت عمرو بن معد يكرب.

مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: لقيت عمر فقال: ما اسمك؟ فقلت: مسروق بن الأجدع قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الأجدع شيطان"

(2)

، أنت مسروق بن عبد الرحمن. فرأيته في الديوان

(3)

، مسروق بن عبد الرحمن.

وقال مالك بن مغول: سمعت أبا السفر، عن مرة، قال: ما ولدت همدانية مثل مسروق. وقال أيوب الطائي: عن الشعبي، قال: ما علمت أن أحدًا كان أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق. وقال منصور: عن إبراهيم، قال: كان أصحاب عبد الله الذين

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 76"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2065"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1820"، حلية الأولياء "2/ 95"، تاريخ الخطيب "13/ 232"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 26" الكاشف "3/ ترجمة 5484"، تهذيب التهذيب "10/ 109 - 111"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6942".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 665". وأحمد "1/ 31"، وأبو داود "4957"، والبزار "319" من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عقيل، حدثنا مجالد بن سعيد، به.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف مجالد بن سعيد، وأبو عقيل: هو عبد الله بن عقيل الثقفي، والشعبي، هو عامر بن شراحيل الشعبي.

(3)

الديوان: مجتمع الصحف؛ قال أبو عبيدة: هو فارسي معرب

ص: 24

يقرئون الناس، ويعلمونهم السنة: علقمة، والأسود، وعبيدة، ومسروقًا، والحارث بن قيس، وعمرو بن شرحبيل.

وروى عبد الملك بن أبجر، عن الشعبي: كان مسروق أعلم بالفتوى من شريح، وكان شريح أعلم بالقضاء من مسروق، وكان شريح يستشير مسروقًا، وكان مسروق لا يستشير شريحًا.

وروى شعبة، عن أبي إسحاق: حج مسروق، فلم ينم إلَّا ساجدًا على وجهه حتى رجع. وروى أنس بن سيرين، عن امرأة مسروق، قالت: كان مسروق يصلي حتى تورم قدماه، فربما جلست أبكي مما أراه يصنع بنفسه.

المثنى القصير، عن محمد بن المنتشر، عن مسروق، قال: كنت مع أبي موسى أيام الحكمين، فسطاطي إلى جانبه، فأصبح الناس ذات يوم قد لحقوا بمعاوية، فرفع أبو موسى رفرف فسطاطه وقال: يا مسروق! قلت: لبيك. قال: إن الإمارة ما أئتمر فيها، وإن الملك ما غلب عليه بالسيف.

مجالد، عن الشعبي، عن مسروق: قالت عائشة: يا مسروق، إنك من ولدي، وإنك لمن أحبهم إلي فهل لك علم بالمخدج

(1)

.

قال أبو السفر: ما ولدت همدانية مثل مسروق.

وقال الشعبي: لما قدم عبيد الله بن زياد الكوفة، قال: من أفضل الناس؟ قالوا له: مسروق. وقال ابن المديني أنا ما أقدم على مسروق أحدًا صلى خلف أبي بكر.

مجالد، عن الشعبي، قال مسروق: لأن أفتي يومًا بعدل وحق، أحب إلي من أن أغزو سنة.

قال إبراهيم بن محمد بن المنتشر: أهدى خالد بن عبد الله بن أسيد عامل البصرة إلى عمي مسروق ثلاثين ألفًا، وهو يومئذ محتاج، فلم يقبلها. وقال أبو إسحاق السبيعي: زوج مسروق بنته بالسائب بن الأقرع على عشرة آلاف لنفسه، يجعلها في المجاهدين والمساكين.

الأعمش، عن أبي الضحى، قال: غاب مسروق عاملًا على السلسلة سنتين ثم قدم فنظر أهله في خرجه، فأصابوا فأسًا، فقالوا: غبت ثم جئتنا بفأس، بلا عود. قال: إنا لله، استعرناها، نسينا نردها.

(1)

ضعيف: فيه مجالد، وهو ابن سعيد، وهو ضعيف.

ص: 25

قال سعيد بن جبير: قال لي مسروق: ما بقي شيء يرغب فيه، إلَّا أن نعفر وجوهنا في التراب، وما آسى على شيء إلَّا السجود لله -تعالى.

وقال الكلبي: شلت يد مسروق يوم القادسية، وأصابته آمة

(1)

.

قال وكيع: تخلف عن علي: مسروق، والأسود، والربيع بن خيثم، وأبو عبد الرحمن السلمي ويقال: شهد صفين، فوعظ، وخوف ولم يقاتل وقيل: شهد قتال الحرورية مع علي، واستغفر الله من تأخره عن علي وقيل: إن قبره بالسلسلة بواسط.

قال أحمد بن حنبل: قال ابن عيينة: بقي مسروق بعد علقمة لا يفضل عليه أحد.

وقال يحيى بن معين: مسروق ثقة، لا يسأل عن مثله، وسأل عثمان بن سعيد يحيى عن مسروق وعروة في عائشة فلم يخير.

وقال علي بن المديني: ما أقدم على مسروق أحدًا من أصحاب عبد الله، صلى خلف أبي بكر، ولقي عمرًا وعليًا، ولم يرو عن عثمان شيئًا.

وقال العجلي: تابعي، ثقة، كان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون ويفتون. وكان يصلي حتى ترم قدماه.

وقال ابن سعد: كان ثقة، له أحاديث صالحة.

روى سعيد بن عثمان التنوخي الحمصي، حدثنا علي بن الحسن السامي، حدثنا الثوري، عن فطر بن خليفة عن الشعبي قال: غشي على مسروق في يوم صائف، وكانت عائشة قد تبنته، فسمى بنته عائشة، وكان لا يعصي ابنته شيئًا. قال: فنزلت إليه، فقالت: يا أبتاه، أفطر واشرب. قال: ما أردت بي يا بنية؟ قالت: الرفق. قال: يا بنية، إنما طلبت الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.

قال أبو نعيم: مات سنة اثنتين وستين. وقال يحيى بن بكير، وابن سعد، وابن نمير: مات سنة ثلاث وستين.

قال علي بن الجعد: حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه أن مسروقًا كان لا يأخذ على القضاء أجرًا، ويتأول هذه الآية:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} الآية [التوبة: 111].

(1)

الأمة: الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. يقال رجل أميم ومأموم.

ص: 26

الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: كفى بالمرء علمًا أن يخشى الله تعالى وكفى بالمرء جهلًا أن يعجب بعمله.

منصور، عن هلال بن يساف، قال: قال مسروق: من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين، وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة.

قلت: هذا قاله مسروق على المبالغة، لعظم ما في السورة من جمل أمور الدارين. ومعنى قوله: فليقرأ سورة الواقعة أي: يقرأها بتدبير وتفكير وحضور، ولا يكن كمثل الحمار يحمل أسفارًا.

عمرو بن مرة، عن الشعبي، قال: كان مسروق إذا قيل له أبطأت عن علي وعن مشاهده، فيقول: أرأيتم لو أنه حين صف بعضكم لبعض، فنزل بينكم ملك فقال:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، أكان ذلك حاجزًا لكم؟ قالوا: نعم. قال: فوالله لقد نزل بها ملك كريم على لسان نبيكم وإنها لمحكمة ما نسخها شيء.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق بمصر: أخبركم الفتح بن عبد الله الكاتب، أنبأنا محمد بن عمر القاضي، وأبو غالب محمد بن علي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، قالوا: أنبأنا محمد بن أحمد بن مسلمة، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا الأعمش قال الفريابي: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من كن فيه كان منافقًا" زاد عثمان خالصًا ثم اتفقا "ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر" أخرجه: مسلم

(1)

، عن أبي بكر به.

قال مجالد، عن الشعبي: إن مسروقًا قال: لأن أقضي بقضية وفق الحق، أحب إلي من رباط سنة في سبيل الله أو قال من غزو سنة.

قال أبو الضحى: سئل مسروق عن بيت شعر، فقال: أكره أن أجد في صحيفتي شعرًا. حماد بن أبي سليمان، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: صليت خلف أبي بكر.

(1)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 593 - 594"، وأحمد "2/ 189 و 198"، والبخاري "34" و "2459"، ومسلم "58"، وأبو داود "4688"، والترمذي "2632"، والنسائي "8/ 116" ووكيع في "الزهد""473"، وأبو عوانة في "مسنده""1/ 20"، وابن منده "522" و "523""524" و "526"، والبيهقي في "السنن""9/ 230" و "10/ 74"، والبغوي "37" من طرق عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو، به.

ص: 27

‌386 - سويد بن غفلة

(1)

: " ع"

ابن عوسجة بن عامر، الإمام، القدوة، أبو أمية الجعفي الكوفي.

قيل: له صحبة، ولم يصح، بل أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسمع كتابه إليهم وشهد اليرموك.

وحدث عن: أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وبلال، وأبي ذر، وابن مسعود، وطائفة.

روى عنه: أبو ليلى الكندي، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وسلمة بن كهيل، وعبدة بن أبي لبابة وعبد العزيز بن رفيع، وميسرة أبو صالح، وجماعة سواهم.

وقيل: إنه من أقران رسول الله صلى الله عليه وسلم في السن. فقال نعيم بن ميسرة: حدثني بعضهم عن سويد بن غفلة: أنا لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدت عام الفيل.

زياد بن خيثمة، عن عامر الشعبي، قال: قال سويد بن غفلة: أنا أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين.

أحمد: حدثنا هشيم، أنبأنا هلال بن خباب، حدثنا ميسرة أبو صالح، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق

(2)

النبي صلى الله عليه وسلم فجلست إليه، وسمعت عهده.

سفيان بن وكيع، عن يونس بن بكير، عن عمرو بن شمر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أهدب الشعر مقرون الحاجبين، واضح الثنايا أحسن شعر وضعه الله على رأس إنسان. أخرجه: ابن منده في "معرفة الصحابة"

(3)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 68"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2255"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1001"، حلية الأولياء "4/ 174"، والاستيعاب "2/ 679" أسد الغابة "2/ 379"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 36"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2624"، الكاشف "1/ ترجمة 2218"، تهذيب التهذيب "4/ 278"، الإصابة "2/ ترجمة 3606"، 3720"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2832".

(2)

المصدق: هو عامل الزكاة الذي يجتبيها من أصحابها.

(3)

ضعيف جدًا: فيه سفيان بن وكيع، ضعيف. وفيه عمرو بن شمر، قال يحيى: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: زائغ كذاب. وقال ابن حبان: رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات، وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي والدارقطني وغيرهما: متروك الحديث.

ص: 28

مبشر بن إسماعيل، عن سليمان بن عبد الله بن الزبرقان، عن أسامة بن أبي عطاء، قال: كنت عند النعمان بن بشير، فدخل عليه سويد بن غفلة، فقال له النعمان بن بشير ألم يبلغني أنك صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة قال: لا بل مرارًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي بالأذان كأنه لا يعرف أحدًا من الناس.

هذا حديث ضعيف الإسناد

(1)

كالذي قبله.

وقد قال زهير بن معاوية: حدثنا الحارث بن مسلم بن الرحيل الجعفي، قال: قدم الرحيل وسويد بن غفلة حين فرغوا من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

محمد بن طلحة بن مصرف، عن عمران بن مسلم، قال: مر رجل من صحابة الحجاج على مؤذن قبيلة جعفي وهو يؤذن، فأتى الحجاج فقال: إلَّا تعجب من أني سمعت مؤذن الجعفيين يؤذن بالهجير؟ قال: فأرسل فجيء به فقال: ما هذا؟ قال: ليس لي أمر إنما سويد بن غفلة الذي أمرني بهذا قال فأرسل إلى سويد فجيء به فقال: ما هذه الصلاة؟ قال: صليتها مع أبي بكر وعمر وعثمان فلما ذكر عثمان جلس وكان مضجعًا فقال أصليتها مع عثمان؟ قال نعم قال لا تؤمن قومك وإذا رجعت إليهم فسب فلانًا قال: نعم سمع وطاعة فلما أدبر قال الحجاج: لقد عهد الشيخ الناس وهم يصلون الصلاة هكذا.

الخريبي: حدثنا علي بن صالح، قال: بلغ سويد بن غفلة عشرين ومائة سنة، لم ير محتبيًا قط، ولا متساندًا، وأصاب بكرًا، يعني: في العام الذي توفي فيه.

وقال عاصم بن كليب: تزوج سويد بن غفلة بكرًا وهو ابن مائة وست وعشرة سنة.

وعن عمران بن مسلم، قال: كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أعطي فلان وولي فلان، قال: حسبي كسرتي وملحي.

عن علي بن المديني، قال: دخلت منزل أحمد بن حنبل: فما شبهته إلَّا بما وصف من بيت سويد بن غفلة من زهده وتواضعه، رحمه الله.

عن ميسره، عن سويد بن غفلة، قال: صليت مع مصدق النبي صلى الله عليه وسلم لما أتانا. وروى:

(1)

ضعيف: قال الحافظ الذهبي في "الميزان" أسامة بن عطاء، عن سويد بن غفلة لا يصح ولكن الراوي عنه، واهٍ"، وفيه سليمان بن عبد الله بن الزبرقان ويقال ابن عبد الرحمن بن فيروز، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 29

الوليد بن علي، عن أبيه قال: كان سويد بن غفلة يؤمنا في شهر رمضان في القيام، وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة.

قال أبو عبيد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وهارون بن حاتم: مات سويد سنة إحدى وثمانين. وقال أبو حفص الفلاس: مات سنة اثنتين وثمانين وقد ذكره صاحب "الحلية" مختصرًا.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران بنابلس، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة خمس عشرة وست مائة، أنبأنا أبو شجاع محمد بن الحسين المادرائي بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد، أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد النرسي حدثنا محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع، عن سويد بن غفلة، عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة" قلت يا رسول الله وإن زنى وإن سرق قال: "وإن زنى وإن سرق"، ثلاث مرات.

هذا حديث عال، متصل الإسناد. وهو في "الصحيحين"

(1)

من طريق زيد بن وهب وأبي الأسود الدؤلي عن أبي ذر وإنما المحفوظ رواية شعبة وجرير الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن زيد بن وهب والله أعلم.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6443"، ومسلم "94""153" و "154"، والترمذي "2646".

ص: 30

‌387 - أبو تميم الجيشاني

(1)

: " م، ت، س، ق"

من أئمة التابعين بمصر. واسمه عبد الله بن مالك بن أبي الأسحم، وهو أخو سيف ولدا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقدما المدينة زمن عمر.

حدث عن عمر وعلي وأبي ذر ومعاذ بن جبل وقرأ القرآن على معاذ.

روى عنه عبد الله بن هبيرة وكعب بن علقمة ومرثد بن عبد الله اليزني وبكر بن سوادة وغيرهم.

قال يزيد بن أبي حبيب: كان من أعبد أهل مصر.

المقرئ: حدثنا ابن لهيعة، حدثني ابن هبيرة، سمعت أبا تميم الجيشاني يقول: أقرأني معاذ القرآن حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن.

وروى الأعمش، عن إبراهيم، قال قال ابن مسعود، جاء معاذ فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم "أقرئه" فأقرأته ما كان معي، ثم كنت أنا وهو إلى رسول الله يقرئنا.

قال سعيد بن عفير: توفي أبو تميم سنة سبع وسبعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 510"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 642"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 791"، الكاشف "2/ ترجمة 2974"، تهذيب التهذيب "5/ 379 - 380"، أسد الغابة "5/ 152" الإصابة "4/ ترجمة 161"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3761".

ص: 30

‌388 - أبو سالم الجيشاني

(1)

: " م، د، س"

سفيان بن هانئ المصري.

[روى] عن: أبي ذر، وعلي، وزيد بن خالد.

وعنه: ابنه سالم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وحفيده سعيد بن سالم شهد فتح مصر.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2061"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 954"، أسد الغابة "2/ 322"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2376"، الكاشف "1/ ترجمة 2024"، الإصابة "2/ ترجمة 3689"، تهذيب التهذيب "4/ 123"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2594".

ص: 31

‌389 - مرة الطيب

(1)

: " ع"

ويقال له أيضًا: مرة الخير؛ لعبادته، وخيره، وعلمه. وهو: مرة بن شراحيل الهمداني، الكوفي، مخضرم. كبير الشأن.

حدث عن: أبي بكر الصديق، وعمر، وأبي ذر، وابن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وجماعة. حدث عنه: أسلم الكوفي، وزبيد اليامي، وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون.

وثقه يحيى بن معين. وبلغنا عنه: أنه سجد لله حتى أكل التراب جبهته.

سفيان بن عيينة: سمعت عطاء بن السائب يقول: رأيت مصلى مرة الهمداني مثل مبرك البعير. ونقل عطاء -أو غيره- أن مرة كان يصلي في اليوم والليلة ست مائة.

قلت ما كان هذا الولي يكاد يتفرغ لنشر العلم، ولهذا لم تكثر روايته، وهل يراد من العلم إلَّا ثمرته مات: سنة نيف وثمانين رحمه الله بالكوفة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 116"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1934"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1668"، حلية الأولياء "4/ 161"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 60"، الكاشف "3/ ترجمة 5457"، تاريخ الإسلام "3/ 203"، تهذيب التهذيب "10/ 88 - 89" خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6917".

ص: 31

‌390 - الحارث بن قيس

(1)

: " س"

الجعفي الكوفي العابد، الفقيه، قديم الوفاة. صحب عليًا، وابن مسعود، وقلما روى.

روى عنه: خيثمة بن عبد الرحمن قوله: إذا كنت في الصلاة، فقال لك الشيطان: إنك ترائي فزدها طولًا.

وحكى عنه: يحيى بن هانئ، وأبو داود الأعمى، وكان كبير القدر، ذا عبادة وتأله. يذكر مع علقمة، والأسود.

توفي زمن معاوية، وصلى عليه أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2461"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 396"، حلية الأولياء "4/ 132"، تاريخ بغداد "8/ 206 - 207"، تاريخ الإسلام "2/ 215"، الكاشف "1/ ترجمة 879"، الوافي بالوفيات "11/ 241"، تهذيب التهذيب "2/ 154 - 155"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1156".

ص: 32

‌391 - جبير بن نفير

(1)

: " م، (4) ":

ابن مالك بن عامر الإمام الكبير، أبو عبد الرحمن الخضرمي، الحمصي.

أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عن: أبي بكر -فيحتمل أنه لقيه- وعن عمر، والمقداد، وأبي ذر، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وعائشة، وأبي هريرة، وعدة.

روى عنه: ولده؛ عبد الرحمن، ومكحول، وخالد بن معدان، وأبو الزاهرية حدير بن كريب وربيعة بن يزيد، وشرحبيل بن مسلم، وسليم بن عامر، وآخرون.

روى سليم بن عامر، عنه، قال: استقبلت الإسلام من أوله فلم أزل أرى في الناس صالحًا وطالحًا وكان جبير من علماء أهل الشام.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 440"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2275"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2116"، الحلية "5/ 133"، أسد الغابة "1/ 273"، تاريخ الإسلام "3/ 145" تهذيب التهذيب "2/ 64 - 65"، الإصابة "1/ ترجمة 1274".

ص: 32

سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثني بشير بن كريب الأملوكي، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، قال: دخلت على أبي الدرداء، وبين يديه جفنة من لحم، فقال: اجلس فكل، فإن كنيسة في ناحيتنا أهدى لنا أهلها مما ذبحوا لها فأكلت معه.

فيه: أن ما ذبح لمعبد مباح وإنما يحرم علينا ما ذبح على نصب.

بقية: حدثنا علي بن زبيد الخولاني عن مرثد بن سمي، عن جبير بن نفير: أن يزيد بن معاوية كتب إلى أبيه: أن جبير بن نفير قد نشر في مصري حديثا، فقد تركوا القرآن قال: فبعث إلى جبير فجاء فقرأ عليه كتاب يزيد فعرف بعضه وأنكر بعضه فقال معاوية: لأضربنك ضربًا أدعك لمن بعدك نكالًا. قال: يا معاوية، لا تطغ في، إن الدنيا قد انكسرت عمادها، وانخسفت أوتادها، وأحبها أصاحبها. قال: فجاء أبو الدرداء فأخذ بيد جبير، وقال: لئن كان تكلم به جبير، لقد تكلم به أبو الدرداء، ولو شاء جبير أن يخبر أنما سمعه مني، لفعل، ولو ضربتموه، لضربكم الله بقارعة تترك دياركم بلاقع.

هذا خبر منكر، لم يكن لجبير ذكر بعد في زمن أبي الدرداء، بل كان شابًا يتطلب العلم، وأيضًا فكان يزيد في آخر مدة أبي الدرداء طفلًا عمره خمس سنين ولعل قد جرى شيء من ذلك.

وممن روى جبير عنهم: مالك بن يخامر السكسكي، وأبو مسلم الخولاني، وأم الدرداء، وكان هو كثير بن مرة من أئمة التابعين بحمص وبدمشق قال بتوثيقهما غير واحد.

قال أبو عبيد وأبو حسان الزيادي: مات جبير بن نفير في سنة خمس وسبعين. وأما ابن سعد، وشباب وعلي بن عبد الله التميمي، فقالوا: توفي سنة ثمانين.

ص: 33

‌392 - عبد الرحمن بن يزيد

(1)

: " ع"

ابن قيس، الإمام الفقيه، أبو بكر النخعي، أخو الأسود بن يزيد. حدث عن: عثمان، وابن مسعود، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وجماعة.

روى عنه: إبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي وعمارة بن عمير وجامع بن شداد ومنصور بن المعتمر وابنه محمد بن عبد الرحمن وآخرون.

وثقه: يحيى بن معين، وغيره. مات: بعد ثمانين، وقد شاخ.

وقال ابن سعد: روى عن: عمر، وعبد الله. قال إسماعيل بن أبي خالد، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه رأيت عمر مسح على خفيه وقال أبو صخرة: رأيت على عبد الرحمن بن يزيد عمامة سوداء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 121"، التاريخ الكبيرة "5/ ترجمة 1152"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1416"، الكاشف "2/ ترجمة 3390"، تهذيب التهذيب "6/ 299" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4286".

ص: 33

‌393 - ابنه محمد بن عبد الرحمن

(1)

: " (4) "

النخعي، يروي عن: أبيه، وعن عمه، الأسود وعن عم أبيه علقمة وعنه زبيد اليامي، والحكم ومنصور، والأعمش، والحسن بن عمرو الفقيمي.

وثقه: ابن معين، وغيره. وقال أبو زرعة: رفيع القدر من الجلة وقال حسين الجعفي: كان يقول له الكيس لتلطفه في العبادة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 298"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 456"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1737"، الكاشف "3/ ترجمة 5083"، تاريخ الإسلام "4/ 51"، تهذيب التهذيب "9/ 508"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6445".

ص: 34

‌394 - عمرو بن الأسود

(1)

: " خ، م"

العنسي، ويقال له: عمير بن الأسود، أبو عياض -ويقال: أبو عبد الرحمن -الحمصي، نزيل داريا أدرك الجاهلية والإسلام، وكان من سادة التابعين دينًا وورعًا.

حدث عن: عمر، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأم حرام بنت ملحان الشهيدة، والعرباض بن سارية، وغيرهم.

حدث عنه: مجاهد وخالد بن معدان وأبو راشد الحبراني ويونس ابن سيف.

قال أبو زرعة الدمشقي وأبو الحسن بن سميع: عمرو بن الأسود هو عمير، يكنى: أبا عياض.

قلت: حديثه في الجهاد من "صحيح البخاري" عمير بن الأسود، وجعلهما ابن سعد اثنين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد: "7/ 442"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2504"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1222"، الكاشف "2/ ترجمة 4189"، تهذيب التهذيب "8/ 4 - 6"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5253".

ص: 34

بقية، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الحمن بن جبير، قال: حج عمرو بن الأسود، فلما انتهى إلى المدينة، نظر إليه ابن عمر وهو يصلي، فسأل عنه. فقيل: شامي، يقال له: عمرو بن الأسود. فقال ما رأيت أحدًا أشبه صلاة ولا هديًا ولا خشوعًا ولا لبسة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل.

عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا بقية، عن أرطاة، بن المنذر، حدثني رزيق أبو عبد الله الألهاني: أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي، فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هذا ثم بعث إليه بقرى وعلف ونفقة فقبل ذلك ورد النفقة.

أحمد في "مسنده": حدثنا أبو اليمان، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، وحكيم بن عمير، قالا: قال عمر بن الخطاب: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هدي عمرو بن الأسود.

إسماعيل بن عياش، ومحمد بن حرب: عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة وحده، عن عمرو بن الأسود: أنه مر على عمر.

إسماعيل بن عياش: حدثني شرحبيل بن مسلم، عن عمرو بن الأسود العنسي: أنه كان يدع كثيرًا من الشبع مخافة الأشر.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق: أنبأنا الفتح بن عبد السلام، أنبأنا أبو غالب محمد بن علي وأبو الفضل الأرموي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، قالوا: أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا إبراهيم بن العلاء الحمصي حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي: أنه كان إذا خرج من المسجد، قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك، فقال: مخافة أن تنافق يدي.

قلت يمسكها خوفًا من أن يخطر بيده في مشيته، فإن ذلك من الخيلاء.

توفي: في خلافة عبد الملك بن مروان.

ص: 35

‌395 - أما: عمير بن هانئ العنسي

(1)

:

الداراني، فتابعي صغير جليل. ولي الخراج بدمشق لعمر بن عبد العزيز، وقد سار رسولًا إلى الحجاج وهو يحاصر ابن الزبير. وروى عن: ابن عمر. وله ترجمة مطولة في "تاريخ دمشق" قتل، وأتي برأسه إلى مروان الحمار في سنة سبع وعشرين ومائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3236"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2097" الكاشف "2/ ترجمة 4358"، تاريخ الإسلام "5/ 119"، تهذيب التهذيب "8/ 149 - 150"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5462".

ص: 36

‌396 - أبو الأسود

(1)

: " ع"

الدؤلي، ويقال: الديلي: العلامة، الفاضل، قاضي البصرة. واسمه: ظالم بن عمرو على الأشهر. ولد: في أيام النبوة.

وحدث عن: عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي ذر، وعبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام وطائفة.

وقال أبو عمرو الداني: قرأ القرآن على عثمان وعلي قرأ عليه: ولده أبو حرب ونصر بن عاصم الليثي، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر.

قلت: الصحيح أن حمران هذا إنما قرأ على أبي حرب بن أبي الأسود، نعم.

وحدث عنه: ابنه، ويحيى بن يعمر، وابن بريدة، وعمر مولى غفرة، وآخرون.

قال أحمد العجلي: ثقة، كان أول من تكلم في النحو.

وقال الواقدي: أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقال غيره: قاتل أبو الأسود يوم الجمل مع علي بن أبي طالب، وكان من وجوه الشيعة ومن أكملهم عقلًا ورأيًا وقد أمره علي رضي الله عنه بوضع شيء في النحو لما سمع اللحن. قال: فأراه أبو الأسود وما وضع. فقال علي: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت! فمن ثم سمي النحو نحوًا.

وقيل: إن أبا الأسود أدب عبيد الله ابن الأمير زياد ابن أبيه.

(1)

ترجمة في طبقات ابن سعد "7/ 99"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2563"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2214"، أسد الغابة "3/ 69"، تاريخ الإسلام "3/ 94"، الإصابة "2/ ترجمة 4329 و 4333" و "4/ ترجمة 89 و 99"، تهذيب التهذيب "12/ 10".

ص: 36

ونقل ابن داب: أن أبا الأسود وفد على معاوية بعد مقتل علي، فأدنى مجلسه، وأعظم جائزته.

قال محمد بن سلام الجمحي: أبو الأسود هو أول من وضع باب الفاعل، والمفعول، والمضاف وحرف الرفع والنصب والجر والجزم، فأخذ ذلك عنه يحيى بن يعمر.

قال أبو عبيدة: أخذ أبو الأسود عن علي العربية، فسمع قارئًا يقرأ:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه} بكسر اللام بدلا عن ضمها-[التوبة: 3]، فقال: ما ظننت أن أمر الناس قد صار إلى هذا. فقال لزياد الأمير: ابغني كاتبًا لقنًا

(1)

فأتى به، فقال له أبو الأسود: إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف، فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي، فانقط نقطه بين يدي الحرف وإن كسرت، فانقط نقطة تحت الحرف فإذا أتبعت شيئًا من ذلك غنة فاجعل مكان النقطة نقطتين، فهذا نقط أبي الأسود.

وقال المبرد: حدثنا المازني، قال: السبب الذي وضعت له أبواب النحو: أن بنت أبي الأسود قالت له ما أشد الحر! فقال: الحصباء بالرمضاء. قالت: إنما تعجبت من شدته. فقال أوقد لحن الناس فأخبر بذلك عليًا رضي الله عنه فأعطاه أصولًا بنى منها، وعمل بعده عليها. وهو أول من نقط المصاحف، وأخذ عنه النحو: عنبسة الفيل، وأخذ عن عنبسة: ميمون الأقرن، ثم أخذه عن ميمون: عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وأخذه عنه: عيسى بن عمر وأخذه عنه الخليل بن أحمد وأخذه عنه سيبويه وأخذه عنه سعيد الأخفش

(2)

.

ويعقوب الحضرمي: حدثنا سعيد بن سلم الباهلي، حدثنا أبي، عن جدي، عن أبي الأسود، قال دخلت على علي، فرأيته مطوقًا، فقلت: فيم تتفكر يا أمير المؤمنين؟ قال: سمعت ببلدكم لحنًا فأردت أن أضع كتابًا في أصول العربية. فقلت: إن فعلت هذا، أحييتنا. فأتيته بعد أيام فألقى إلي صحيفة فيها:

الكلام كله اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمى، والفعل: ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف: وما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل. ثم قال لي: زده وتتبعه فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه.

(1)

اللقن: سريع الفهم.

(2)

هو: الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي المتوفى 215 هـ.

ص: 37

عمر بن شبة: حدثنا حيان بن بشر، حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر، عن عاصم، قال جاء أبو الأسود إلى زياد فقال: أرى العرب قد خالطت العجم، فتغيرت ألسنتهم أفتأذن لي أن أضع للعرب كلامًا يقيمون به كلامهم قال: لا قال فجاء رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير توفي أبانا وترك بنون فقال: ادع لي أبا الأسود فدعي فقال: ضع للناس الذي نهيتك عنه.

قال الجاحظ أبو الأسود مقدم في طبقات الناس، كان معدودًا في الفقهاء والشعراء والمحدثين والأشراف، والفرسان والأمراء، والدهاة والنحاة والحاضري الجواب والشيعة والبخلاء والصلع الأشراف.

ومن "تاريخ دمشق" أبو الأسود ظالم بن عمرو بن ظالم. وقيل: جده سفيان. ويقال: هو عثمان بن عمرو ويقال: عمرو بن ظالم، وأنه ولي قضاء البصرة زمن علي.

قال الحازمي: أبو الأسود الدولي منسوب إلى دول بن حنيفة بن لجيم. وقال أبو اليقظان: الدول بضم الدال وسكون الواو- من بكر بن وائل. عددهم كثير، منهم فروة بن نفاثة؛ صاحب بعض الشام في الجاهلية. وزعم يونس أن الدول امرأة من كنانة، وهم رهط أبي الأسود وأما بنو عدي بن الدول فلهم عدد كثير بالحجاز منهم عمرو بن جندل والد أبي الأسود ظالم وأمه من بني عبد الدار بن قصي.

وقال ابن حبيب: في عنزة: الدول بن سعد مناة. وفي ضبة: الدول بن جل. قال أبو محمد بن قتيبة: الدول في بني حنيفة، والديل في بني عبد القيس والدئل بالهمز في كنانة، منهم: أبو الأسود الدئلي.

وقال أبو علي الغساني: أبو الأسود الدؤلي على زنة العمري هكذا يقول البصريون منسوب إلى دؤل حي بن كنانة.

وقال عيسى بن عمر: بالكسر على الأصل، وكان جماعة يقولون: الديلي.

وقال ابن فارس: الدؤلي بضم الدال وفتح الهمزة: قبيلة من كنانة. قال: والدئل -يعني بكسر الهمزة: في عبد القيس. وقال أبو عبد الله البخاري: الديل من بني حنيفة، والدول من كنانة، وقال محمد بن سلام الجمحي: أبو الأسود الدئلي بضم الدال وكسر الهمزة. وقال المبرد: بضم الدال وفتح الهمزة، من الدئل بالكسر، هي دابة، امتنعوا من الكسر لئلا يوالوا بين الكسرات كما قالوا في النمر: النمري.

قال ابن حبيب: في تغلب الديل، وفي عبد القيس، وفي إياد، وفي الأزد. انتهى ما نقله الحازمي.

فيجيء في أبي الأسود: الدولي، والديلي، والدؤلي، والدئلي.

وقال ابن السيد: الدئل بكسر الهمزة، لا أعلم فيه خلافًا.

وقد قال غير واحد: إن ابن ماكولا والحازمي وهما في أن فروة بن نفاثة من الدول، بل هو جذامي. وجذام والدول لا يجتمعانإلَّا في سبأ بن يشجب.

قال يحيى بن معين: مات أبو الأسود في طاعون الجارف، سنة تسع وستين وهذا هو الصحيح وقيل: مات قبيل ذلك وعاش خمسًا وثمانين سنة وأخطأ من قال: توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز.

ص: 38

‌397 - الأحنف بن قيس

(1)

: " ع"

ابن معاوية بن حصين، الأمير الكبير، العالم النبيل، أبو بحر التميمي، أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل. اسمه ضحاك وقيل: صخر وشهر بالأحنف لحنف رجليه وهو العوج والميل. كان سيد تميم أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ووفد على عمر.

حدث عن: عمر، وعلي وأبي ذر والعباس، وابن مسعود، وعثمان بن عفان، وعدة.

وعنه: عمرو بن جاوان، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وطلق بن حبيب، وعبد الله بن عميرة ويزيد بن الشخير، وخليد العصري، وآخرون. وهو قليل الرواية.

كان من قواد جيش علي يوم صفين.

قال ابن سعد: كان ثقة، مأمونًا، قليل الحديث، وكان صديقًا لمصعب بن الزبير، فوفد عليه إلى الكوفة، فمات عنده بالكوفة.

قال سليمان بن أبي شيخ: كان أحنف الرجلين جميعًا، ولم يكن له إلَّا بيضة واحدة، واسمه: صخر بن قيس، أحد بني سعد. وأمه باهلية، فكانت ترقصه، وتقول:

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 93"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1649"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1226"، أسد الغابة "1/ 55"، تاريخ الإسلام "3/ 129"، تهذيب التهذيب "1/ 191" الإصابة "1/ ترجمة 429".

ص: 39

والله لولا حنف برجله

وقلة أخافها من نسله

ما كان في فتيانكم من مثله

قال أبو أحمد الحاكم: هو افتتح مرو الروذ. وكان الحسن وابن سيرين في جيشه ذاك. قلت: هذا فيه نظر، هما يصغران عن ذلك.

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، قال: بينا أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان، إذ لقيني رجل من بني ليث فأخذ بيدي فقال: إلَّا أبشرك؟ قلت: بلى. قال: أما تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الإسلام، فجعلت أخبرهم، وأعرض عليهم، فقلت: إنه يدعو إلى خير، وما أسمع إلَّا حسنًا؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"اللهم اغفر للأحنف" فكان الأحنف يقول: فما شيء أرجى عندي من ذلك رواه: أحمد في "مسنده"

(1)

.

العلاء بن الفضل المنقري: حدثنا العلاء بن جرير حدثني عمر بن مصعب بن الزبير عن عمه عروة حدثني الأحنف أنه قدم على عمر بفتح تستر فقال: قد فتح الله عليكم تستر، وهي من أرض البصرة. فقال رجل من المهاجرين: يا أمير المؤمنين، إن هذا -يعني الأحنف- الذي كف عنا بني مرة حين بعثنا رسول الله في صدقاتهم، وقد كانوا هموا بنا. قال الأحنف: فحبسني عمر عنده سنة، يأتيني في كل يوم وليلة، فلا يأتيه عني إلَّا ما يحب. ثم دعاني فقال: يا أحنف هل تدري لم حبستك عندي قلت: لا يا أمير المؤمنين قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا كل منافق عليم

(2)

فخشيت أن تكون منهم فاحمد الله يا أحنف.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 372"، والحاكم "3/ 614"، طريق حماد بن سلمة، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف. وفيه عنعنه الحسن، وهو البصري، فقد كان مدلسًا.

(2)

صحيح بشاهده: أخرجه عبد بن حمد "11"، وأحمد "1/ 22 و 44" والبزار "168" والبيهقي في "شعب الإيمان""1777" من طرق عن ديلم بن غزوان عبدي، حدثنا ميمون الكردي، حدثنا أبو عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان".

قلت: إسناده حسن، ميمون الكردي، وثقة أبو داود. وقال ابن معين: لا بأس به وقال الأزدي: ضعيف، وله شاهد عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخوف ما أخاف عليكم جدال المنافق عليم اللسان"، أخرجه ابن حبان "80"، والطبراني في "الكبير" "18/ 593" من طريق حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، به.

وأخرجه البزار "170" كشف الأستار من طريق خالد بن الحارث، حدثنا حسين المعلم، به. بلفظ: حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منافق عليم اللسان.

وقال البزار في إثره: لا نحفظه إلا عن عمر وإسناد عمر صالح فأخرجناه عنه وأعدناه عن عمران الحسن إسناد عمران.

ص: 40

حماد، عن ابن جدعان، عن الحسن، عن الأحنف، قال: احتبسني عمر عنده حولًا، وقال: قد بلوتك وخبرتك، فرأيت علانتيك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدث إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم.

قال العجلي: الأحنف بصري، ثقة، كان سيد قومه، وكان أعور، أحنف دميمًا، قصيرًا كوسجًا

(1)

له بيضة واحدة، حبسه عمر سنة يختبره فقال هذا والله السيد.

معمر، عن قتادة، قال: قدم الأحنف فخطب، فأعجب عمر منطقه. قال: كنت أخشى أن تكون منافقًا عالمًا، فانحدر إلى مصرك، فإني أرجو أن تكون مؤمنًا.

وعن الأحنف، قال: كذبت مرة واحدة؛ سألني عمر عن ثوب: بكم أخذته؟ فأسقطت ثلثي الثمن.

يونس بن بكير: حدثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، قال: وفد أبو موسى وفدًا من البصرة إلى عمر منهم الأحنف بن قيس، فتكلم كل رجل في خاصة نفسه، وكان الأحنف في آخر القوم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين فإن أهل مصر نزلوا منازل فرعون وأصحابه وإن أهل الشام نزلوا منازل قيصر وأصحابه، وإن أهل الكوفة نزلوا منازل كسرى ومصانعه في الأنهار والجنان، وفي مثل عين البعير وكالحوار في السلى

(2)

، تأتيهم ثمارهم قبل أن تبلغ، وإن أهل البصرة نزلوا في أرض سبخة زعقة

(3)

، نشاشة

(4)

، لا يجف ترابها، ولا ينبت مرعاها، طرفها في بحر أجاج، وطرف في فلاة، لا يأتينا شيء إلَّا في مثل مريء النعامة

(5)

فارفع خسيستنا وانعش وكيستنا، وزد في عيالنا عيالًا، وفي رجالنا رجالًا، وصغر درهمنا، وكبر قفيزنا، ومر لنا بنهر نستعذب منه. فقال عمر: عجزتم أن

(1)

الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه.

(2)

الحوار: ولد الناقة ساعة وضعه. والسلى: الجلد الرقيق الذي يخرج منه الولد من بطن أمه ملفوفًا فيه.

(3)

سبخة: ذات نز وملح. زعقة: ماؤها مرًا غليظًا.

(4)

نشاشة: الأرض السبخة النشاشة: هو ما يظهر من ماء السباخ فينش فيها حتى يعود ملحًا. وقيل النشاشة التي لا يجف تربها ولا ينبت مرعاها.

(5)

خص مرئ النعام لضيق عنقه. والمرئ هو مجرى الطعام.

ص: 41

تكونوا مثل هذا، هذا -والله- السيد قال: فما زلت أسمعها بعد. وفي رواية: في مثل حلقوم النعامة.

قال خليفة: توجه ابن عامر

(1)

إلى خراسان وعلى مقدمته الأحنف فلقي أهل هراة، فهزمهم، فافتتح ابن عامر أبرشهر صلحًا ويقال: عنوة -وبعث الأحنف في أربعة آلاف، فتجمعوا له مع طوقان شاه فاقتتلوا قتالًا شديدًا فهزم الله المشركين.

قال ابن سيرين: كان الأحنف يحمل ويقول:

إن على كل رئيس حقًا

أن يخضب القناة أو تندقا

وقيل: سار الأحنف إلى بلخ فصالحوه على أربع مائة ألف، ثم أتى خوارزم، فلم يطقها، فرجع. وعن ابن إسحاق: أن ابن عامر خرج من خرسان معتمرًا، قد أحرم منها، وخلف على خراسان الأحنف وجمع أهل خراسان جمعًا كبيرًا، وتجمعوا بمرو، فالتقاهم الأحنف، فهزمهم، وكان ذلك الجمع لم يسمع بمثله.

ابن علية عن أيوب عن محمد قال: نبئت أن عمر ذكر بني تميم فذمهم فقام الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي قال: تكلم قال: إنك ذكرت بني تميم فعممتهم بالذم وإنما هم من الناس فيهم الصالح والطالح فقال: صدقت فقام الحتات وكان يناوئه فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي فأتكلم قال: اجلس، فقد كفاكم سيدكم الأحنف.

روى ابن جدعان، عن الحسن: أن عمر كتب إلى أبي موسى: ائذن للأحنف بن قيس وشاوره، واسمع منه.

قتادة: عن الحسن، قال: ما رأيت شريف قوم كان أفضل من الأحنف.

(1)

هو: عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، أبو عبد الرحمن القرشي العبشمى الذي افتتح إقليم خراسان، وهو ابن خال عثمان بن عفان، وأبوه عامر هو ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء بنت عبد المطلب. ولي البصرة لعثمان ثم وفد على معاوية، فزوجه بابنته هند، استعمله عثمان على البصرة، وعزل أبا موسى فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى من قريش، كريم الأمهات والعمات والخالات، يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا. هو الذي افتتح خراسان، وقتل كسرى في ولايته، وأحرم من نيسابور شكرًا لله. وعمل السقايات بعرفة وكان سخيًا كريمًا. تقدم ترجمة المؤلف له في الجزء السابق برقم ترجمة "228".

ص: 42

قال ابن المبارك: قيل للأحنف: بم سودوك؟ قال: لو عاب الناس الماء لم أشربه.

وقيل: عاشت بنو تميم بحلم الأحنف أربعين سنة وفيه قال الشاعر:

إذا الأبصار أبصرت ابن قيس

ظللن مهابة منه خشوعا

وقال خالد بن صفوان: كان الأحنف يفر من الشرف، والشرف يتبعه.

وقيل للأحنف: إنك كبير، والصوم يضعفك. قال: إني أعده لسفر طويل. وقيل: كانت عامة صلاة الأحنف بالليل، وكان يضع أصبعه على المصباح، ثم يقول: حس

(1)

. ويقول: ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا.

مسلم بن إبراهيم: حدثنا أبو كعب صاحب الحرير، حدثنا أبو الأصفر: أن الأحنف استعمل على خراسان، فأجنب في ليلة باردة، فلم يوقظ غلمانه، وكسر ثلجًا واغتسل.

وقال عبد الله بن بكر المزني، عن مروان الأصفر، سمع الأحنف يقول: اللهم إن تغفر لي فأنت أهل ذاك، وإن تعذبني فأنا أهل ذاك.

قال مغيرة: ذهبت عين الأحنف، فقال: ذهبت من أربعين سنة، ما شكوتها إلى أحد.

ابن عون، عن الحسن، قال: ذكروا عن معاوية شيئًا، فتكلموا والأحنف ساكت، فقال: يا أبا بحر، مالك لا تتكلم؟ قال: أخشى الله إن كذبت وأخشاكم إن صدقت.

وعن الأحنف: عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر قال سليمان التيمي: قال الأحنف: ثلاث في ما أذكرهن إلَّا لمعتبر: ما أتيت باب سلطانإلَّا أن أدعى، ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما، وما أذكر أحدًا بعد أن يقوم من عندي إلَّا بخير.

وعنه: ما نازعني أحد إلَّا أخذت أمري بأمور، إن كان فوقي عرفت له، وإن كان دوني رفعت قدري عنه، وإن كان مثلي تفضلت عليه.

وعنه، قال: لست بحليم، ولكني أتحالم.

وقيل: إن رجلًا خاصم الأحنف، وقال: لئن قلت واحدة، لتسمعن عشرًا. فقال: لكنك إن قلت عشرًا لم تسمع واحدة.

وقيل: إن رجلًا قال للأحنف: بم سدت؟ -وأراد أن يعيبه- قال الأحنف: بتركي ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك.

(1)

كلمة تقال عند الألم.

ص: 43

الأصمعي، عن معتمر بن حيان، عن هشام بن عقبة أخي ذي الرمة، قال: شهدت الأحنف بن قيس وقد جاء إلى قوم في دم، فتكلم فيه، وقال: احتكموا قالوا: نحتكم ديتين. قال: ذاك لكم. فلما سكتوا، قال: أنا أعطيكم ما سألتم، فاسمعوا: إن الله قضى بدية واحدة، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية واحدة، وإن العرب تعاطى بينها دية واحدة، وأنتم اليوم تطالبون وأخشى أن تكونوا غدًا مطلوبين فلا ترضى الناس منكم إلَّا بمثل ما سننتم. قالوا: ردها إلى دية.

عن الأحنف: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من دنيء، وبر من فاجر، وحليم من أحمق.

وقال: من أسرع إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه ما لا يعلمون. وعنه، سئل: ما المروءة؟ قال كتمان السر والبعد من الشر.

وعنه: الكامل من عدت سقطاته.

وعنه: قال رأس الأدب آلة المنطق، لا خير في قول بلا فعل، ولا في منظر بلا مخبر، ولا في مال بلا جود، ولا في صديق بلا وفاء، ولا في فقه بلا ورع، ولا في صدقة إلَّا بنية، ولا في حياة إلَّا بصحة وأمن.

وعنه: العتاب مفتاح الثقالى، والعتاب خير من الحقد.

هشام، عن الحسن، قال: رأى الأحنف في يد رجل درهمًا، فقال: لمن هذا؟ قال: لي قال: ليس هو لك حتى تخرجه في أجر أو اكتساب شكر وتمثل:

أنت للمال إذا أمسكته

وإذا أنفقته فالمال لك

وقيل: كان الأحنف إذا أتاه رجل واسع له فإن لم يكن له سعة أراه كأنه يوسع له.

وعنه قال: جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام، إني أبغض الرجل يكون وصافًا لفرجه وبطنه.

وقيل: إنه كلم مصعبا في محبوسين، وقال: أصلح الله الأمير، إن كانوا حبسوا في باطل، فالعدل يسعهم وإن كانوا حبسوا في الحق، فالعفو يسعهم.

وعنه، قال: لا ينبغي للأمير الغضب، لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة.

الأصمعي، قال: عبد الملك بن عمير، قال: قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب، فما رأيت صفة تذم إلَّا رأيتها فيه، كان ضئيلًا، صعل الرأس، متراكب الأسنان، مائل الذقن،

ص: 44

ناتئ الوجنة باخق العين، خفيف العارضين، أحنف الرجلين، فكان إذا تكلم، جلا عن نفسه.

الصعل: صغر الرأس، والبخق: وانخساف العين، والحنف: أن تفتل كل رجل على صاحبتها.

وقيل كان ملتصق الألية فشق له. وقال ابن الأعرابي: الأحنف: الذي يمشي على ظهر قدمه.

علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين عن الأحنف قال: سمعت خطبة أبي بكر، وعمر والخلفاء، فما سمعت الكلام من مخلوق أفخم ولا أحسن من أم المؤمنين عائشة.

وعنه: لا يتم أمر السلطان إلَّا بالوزراء والأعوان، ولا ينفع الوزراء والأعوانإلَّا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودة والنصيحة إلَّا بالرأي والعفة.

قيل: كان زياد معظمًا للأحنف، فلما ولي بعده ابنه عبيد الله، تغير أمر الأحنف، وقدم عليه من هو دونه، ثم وفد على معاوية في الأشراف، فقال لعبيد الله: أدخلهم علي على قدر مراتبهم. فأخر الأحنف، فلما رآه معاوية، أكرمه لمكان سيادته، وقال: إلي يا أبا بحر. وأجلسه معه، وأعرض عنهم، فأخذوا في شكر عبيد الله بن زياد، وسكت الأحنف. فقال له: لم لا تتكلم؟ قال: إن تكلمت خالفتهم. قال: اشهدوا أني قد عزلت عبيد الله. فلما خرجوا، كان فيهم من يروم الإمارة ثم أتوا معاوية بعد ثلاث وذكر كل واحد شخصًا وتنازعوا فقال معاوية: ما تقول يا أبا بحر؟ قال: إن وليت أحدًا من أهل بيتك لم تجد مثل عبيد الله فقال: قد أعدته قال: فخلا معاوية بعبيد الله، وقال: كيف ضيعت مثل هذا الرجل الذي عزلك وأعادك وهو ساكت؟ فلما رجع عبيد الله جعل الأحنف صاحب سره.

عبد الرحمن بن القاسم المصري الفقيه، عن أبي شريح المعافري، عن عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة قال: حضرت جنازة الأحنف بالكوفة فكنت فيمن نزل قبره فلما سويته رأيته قد فسح له مد بصري فأخبرت بذلك أصحابي فلم يروا ما رأيت.

قال أبو عمرو بن العلاء: توفي الأحنف في دار عبيد الله بن أبي غضنفر، فلما دلي في حفرته أقبلت بنت لأوس والسعدي وهي على راحلتها عجوز، فوقفت عليه، وقالت: من الموافى به حفرته لوقت حمامه؟ قيل لها: الأحنف بن قيس. قالت: والله لئن كنتم سبقتمونا إلى الاستمتاع به في حياته، لا تسبقونا إلى الثناء عليه بعد وفاته. ثم قالت: لله درك من مجن

ص: 45

في جنن، ومدرج في كفن، وإنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل من ابتلانا بموتك، وفجعنا بفقدك: أن يوسع لك في قبرك، وأن يغفر لك يوم حشرك. أيها الناس: إن أولياء الله في بلاده هم شهوده على عباده وإنا لقائلون حقًا ومثنون صدقًا وهو أهل لحسن الثناء أما والذي كنت من أجله في عدة ومن الحياة في مدة ومن المضمار إلى غاية ومن الآثار إلى نهاية الذي رفع عملك عند انقضاء أجلك لقد عشت مودودًا حميدًا، ومت سعيدًا فقيدًا، ولقد كنت عظيم الحلم، فاضل السلم، رفيع العماد، واري الزناد، منير الحريم، سليم الأديم، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.

قال قرة بن خالد: حدثنا أبو الضحاك: أنه أبصر مصعبًا يمشي في جنازة الأحنف بغير رداء.

قال الفسوي: مات الأحنف سنة سبع وستين. وقال غيره: توفي سنة إحدى وسبعين وقال جماعة مات في إمرة مصعب بن الزبير على العراق، رحمه الله.

قلت: قد استقصى الحافظ بن عساكر ترجمة الأحنف في كراريس، وطولتها -أنا- في "تاريخ الإسلام" رحمه الله تعالى.

ص: 46

‌398 - عاصم بن عمر بن الخطاب

(1)

: " خ، م، د، ت، س"

الفقيه، الشريف، أبو عمرو القرشي، العدوي. ولد: في أيام النبوة. وحدث عن: أبيه

وأمه هي جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصارية.

وكان طويلًا، جسيمًا، حتى قيل: كان ذراعه ذراعًا ونحوًا من شبر. وكان من نبلاء الرجال، دينًا وخيرًا صالحًا، وكان بليغًا فصيحًا شاعرًا وهو جد الخليفة عمر بن عبد العزيز لأمه.

حدث عنه: ولداه، حفص وعبيد الله، وعروة بن الزبير.

قال أبو حاتم: لا يروى عنه سوى حديث واحد.

مات سنة سبعين، فرثاه ابن عمر أخوه، حيث يقول:

فليت المنايا كن خلفن عاصمًا

فعشنا جميعًا أو ذهبن بنا معا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 15"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3038"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1912"، الاستيعاب "2/ 782"، أسد الغابة "3/ 76"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2978"، الكاشف "2/ ترجمة 2534"، تهذيب التهذيب "5/ 52"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3238".

ص: 46

‌399 - أسلم

(1)

: " ع"

الفقيه، الإمام، أبو زيد، -ويقال: أبو خالد- القرشي، العدوي، العمري، مولى عمر بن الخطاب

قيل: هو من سبي عين التمر. وقيل: هو يماني. وقيل حبشي اشتراه عمر بمكة إذ حج بالناس في العام الذي يلي حجة الوداع زمن الصديق.

قال الواقدي: سمعت أسامة بن زيد بن أسلم يقول نحن قوم من الأشعريين ولكنا لا ننكر منة عمر رضي الله عنه.

حدث عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، ومعاذ، وأبي عبيدة بن الجراح، وكعب الأحبار، وابن عمر وطائفة.

حدث عنه: ابنه؛ زيد، والقاسم بن محمد، ونافع

مولى ابن عمر، ومسلم بن جندب، وآخرون.

قال القاسم بن محمد، عن أسلم، قال: قدمنا الجابية مع عمر، فأتينا بالطلاء، وهو مثل عقيد الرب.

قلت: هو الدبس المرمل.

حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم: عن أبيه، قال: اشتراني عمر سنة اثنتي عشرة وهي السنة التي قدم فيها بالأشعث بن قيس أسيرًا وأنا أنظر إليه في الحديد يكلم أبا بكر وهو يقول له: فعلت وفعلت. حتى كان آخر ذلك أسمع الأشعث يقول: يا خليفة رسول الله استبقني لحربك وزوجني أختك فمن عليه الصديق وزوجه أخته أم فروة فولدت له محمد بن الأشعث.

قال جويرية بن أسماء، عن نافع، قال: حدثني أسلم مولى عمر الحبشي الأسود -والله ما أريد عيبه: بلغني أن بنيه يقولون: إنهم عرب.

(1)

ترجمة في طبقات ابن سعد "5/ 10"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1565"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1142"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 34"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 501".

ص: 47

وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال ابن عمر: يا أبا خالد، إني أرى أمير المؤمنين يلزمك لزومًا لا يلزمه أحدًا من أصحابك، لا يخرج سفرًا إلَّا وأنت معه، فأخبرني عنه. قال: لم يكن أولى القوم بالظل، وكان يرحل رواحلنا، ويرحل رحله وحده ولقد فرغنا ذات ليلة وقد رحل رحالنا وهو يرحل رحله ويرتجز:

لا يأخذ الليل عليك بالهم

وإلبسن له القميص واعتم

وكن شريك نافع وأسلم

وإخدم الأقوام حتى تخدم

رواه القعنبي، عن يعقوب بن حماد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه.

زيد بن أسلم، عن أبيه: كان عمر إذا بعثني إلى بعض ولده، قال: لا تعلمه لما أبعث إليه مخافة أن يلقنه الشيطان كذبة فجاءت امرأة لعبيد الله بن عمر ذات يوم فقالت: إن أبا عيسى لا ينفق علي ولا يكسوني. فقال: ويحك، ومن أبو عيسى؟ قالت: ابنك. قال: وهل لعيسى من أب؟ فبعثني إليه وقال: لا تخبره فأتيته وعنده ديك ودجاجة هنديان، قلت أجب أباك. قال: وما يريد؟ قلت: نهاني أن أخبرك. قال: فإني أعطيك الديك والدجاجة. قال: فاشترطت عليه أن لا يخبر عمر وأخبرته فأعطانيهما فلما جئت إلى عمر قال أخبرته؟ فوالله ما استطعت أن أقول لا فقلت: نعم. فقال: أرشاك؟ قلت: نعم وأخبرته فقبض على يدي بيساره وجعل يمصعني بالدرة وأنا أنزو فقال إنك لجليد ثم قال أتكتني بأبي عيسى، وهل لعيسى من أب؟.

قال أبو عبيد: توفي أسلم سنة ثمانين.

وقال ابن سعد: مات في خلافة عبد الملك. وقال أبو زرعة: مدني، ثقة. ويقال: عاش مائة وأربع عشرة سنة، ولم يصح ذلك.

ص: 48

‌400 - شريح القاضي

(1)

: " س"

هو الفقيه، أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي قاضي الكوفة. ويقال: شريح بن شراحيل أو ابن شرحبيل. ويقال: وهو من أولاده الفرس الذين كانوا

باليمن يقال: له صحبه ولم يصح، بل هو ممن أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقل من اليمن زمن الصديق.

حدث عن: عمر وعلي، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وهو نزر الحديث.

حدث عنه: قيس بن أبي حازم ومرة الطيب وتميم بن سلمة والشعبي وإبراهيم النخعي وابن سيرين وغيرهم وثقه: يحيى بن معين.

قال أبو إسحاق الشيباني، عن الشعبي، قال: كتب عمر إلى شريح: إذا أتاك أمر في كتاب الله فاقض به فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به فإن لم يكن فيهما فاقض بما قضى به أئمة الهدى فإن لم يكن فأنت بالخيار إن شئت تجتهد رأيك وإن شئت تؤامرني، ولا أرى مؤامرتك إياي إلَّا أسلم لك.

صح أن عمر ولاه قضاء الكوفة، فقيل: أقام على قضائها ستين سنة. وقد قضى بالبصرة سنة. وفد زمن معاوية إلى دمشق. وكان يقال له: قاضي المصرين.

قال أحمد بن علي الأبار: حدثنا علي بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة بن شريح القاضي، حدثنا أبي عن أبيه معاوية عن شريح أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وقال يا رسول الله أن لي أهل بيت ذوي عدد باليمن قال:"جئ بهم" فجاء بهم والنبي صلى الله عليه وسلم قد قبض.

روى عباس عن يحيى قال: شريح القاضي هو ابن شرحبيل، ثقة.

أبو معشر البراء، عن هشام، عن محمد: قلت لشريح: ممن أنت؟ قال: ممن أنعم الله عليه بالإسلام وعدادي في كندة.

وقيل: إنه إنما خرج من اليمن، لأن أمه تزوجت بعد أبيه، فاستحيا من ذلك، فخرج وكان شاعرًا، قائفًا.

قال أبو نعيم: حدثتنا أم داود الوابشية، قالت: خاصمت إلى شريح وكان ليس له لحية.

روى أشعث، عن ابن سيرين، قال: أدركت الكوفة، وبها أربعة ممن يعد بالفقه، فمن بدأ بالحارث ثنى بعبيدة ومن بدأ بعبيدة ثنى بالحارث ثم علقمة ثم شريح. وإن أربعة أخسهم شريح لخيار.

وقال الشعبي: كان شريح أعلمهم بالقضاء، وكان عبيدة يوازيه في علم القضاء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 131"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2611"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1458"، حلية الأولياء "4/ 132"، الإستيعاب "2/ 701"، أسد الغابة "2/ 394" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 44"، الكاشف "2/ ترجمة 2287"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2696"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 564"، الإصابة "2/ 3880"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2937 و 2945".

ص: 49

قال أبو وائل: كان شريح يقل غشيان ابن مسعود للاستغناء عنه.

وقال الشعبي: بعث عمر ابن سور على قضاء البصرة، وبعث شريحا على قضاء الكوفة.

مجالد، عن الشعبي، أن عمر رزق شريحًا مائة درهم على القضاء.

الثوري، عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم: أن عليًا جمع الناس في الرحبة، وقال: إني مفارقكم فاجتمعوا في الرحبة فجعلوا يسألونه حتى نفد ما عندهم ولم يبقإلَّا شريح فجثا على ركبتيه وجعل يسأله فقال له علي: اذهب فأنت أقضى العرب.

قال إبراهيم النخعي: كان شريح يقضي بقضاء عبد الله.

أخبرنا عمر بن محمد، وجماعة سمعوا ابن اللتي، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا الداودي، أنبأنا ابن حموية أنبأنا عيسى بن عمر حدثنا أبو محمد الدارمي، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا إسماعيل عن عامر قال: جاءت امرأة إلى علي رضي الله عنه تخاصم زوجها طلقها، فقالت: قد حضت في شهرين ثلاث حيض فقال علي لشريح: اقض بينهما. قال: يا أمير المؤمنين، وأنت ها هنا؟! قال: اقض بينهما. قال: إن جاءت من بطانة أهلها من يرضى دينه وأمانته يزعم أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلا فلا قال علي: قالون. وقالون: بلسان الروم: أحسنت.

جرير، عن مغيرة، قال: عزل ابن الزبير شريحًا عن القضاء، فلما ولي الحجاج رده.

الثوري، عن أبي هاشم: أن فقيهًا جاء إلى شريح، فقال: ما الذي أحدثت في القضاء؟ قال: إن الناس أحدثوا فأحدثت.

قال سفيان، عن أبي حصين قال: قال خصم لشريح: قد علمت من أين أتيت. فقال شريح: لعن الله الراشي والمرتشي والكاذب.

وقال ابن سيرين: كان شريح يقول للشاهدين إنما يقضي على هذا الرجل أنتما، وإني لمتق بكما فاتقيا.

واختصم إليه غزالون، فقال بعضهم: إنه سنة بيننا. قال: بلى سنتكم بينكم

زهير بن معاوية: حدثنا عطاء بن السائب قال: مر علينا شريح فقلت: رجل جعل داره حبسًا على قرابته قال: فأمر حبيبًا، فقال: أسمع الرجل: لا حبس عن فرائض الله.

قال الحسن بن حي، عن ابن أبي ليلى: بلغنا أن عليًا رزق شريحًا خمس مائة. قال واصل مولى أبي عيينة: كان نقش خاتم شريح: الخاتم خير من الظن.

ص: 50

قال ابن أبي خالد: رأيت شريحًا يقضي وعليه مطرف خز وبرنس ورأيته معتمًا قد أرسلها من خلفه.

وروى الأعمش، عن شريح، قال: زعموا، كنية الكذب

(1)

وقال منصور: كان شريح إذا أحرم كأنه حية صماء.

تميم بن عطية: سمعت مكحولًا يقول: اختلفت إلى شريح أشهرًا لم أسأله عن شيء اكتفي بما أسمعه يقضي به.

حجاج بن أبي عثمان، عن ابن سيرين: كان إذا قيل لشريح كيف أصبحت؟ قال أصبحت وشطر الناس علي غضاب.

(1)

ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بئس مطية الرجل زعموا" أخرجه ابن المبارك في "الزهد" 377"، والبخاري في "الأدب المفرد" "762"، وأبو داود "4972"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "1/ 68" من طرق عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي مسعود، به.

وبعضهم قال: "عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في "زعموا"؟ قال: فذكره.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو قلابة قد صرح بالتحديث في رواية الوليد بن مسلم قال نا الأوزاعي، نا يحيى بن أبي كثير، نا أبو قلابة، نا أبو عبد الله مرفوعًا به.

وفي الحديث ذم استعمال هذه الكلمة "زعموا" وإن كانت في اللغة قد تأتي بمعنى قال، كما هو معلوم، ولذلك لم تأت في القرآن إلا في الإخبار عن المذموميين بأشياء مذمومة كانت منهم مثل قوله -تعالى:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} ثم أتبع ذلك بقوله: {بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} [التغابن: 7]، ونحو ذلك من الآيات. قال الطحاوي رحمه الله بعد أن ساق بعضها:"وكل هذه الأشياء فإخبار من الله بها عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة. وبأقوال كانت منهم، كانوا فيها كاذبين، فكان مكروهًا لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم، الكاذبين في أقوالهم، وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودة والأقوال الصادقة التي حمدهم الله -تعالى- عليها رضوان الله عليهم ورحمته" وقال البغوي في "شرح السنة""3/ 413"ط. المكتب الإسلامي: "إنما ذم هذه اللفظة، لأنها تستعمل غالبًا في حديث لا سند له، ولا ثبت فيه، إنما هو شيء يحكي على الألسن، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما يقدمه الرجل أمام كلامه ليتوصل به إلى حاجته من قولهم: زعموا، بالمطية التي يتوصل بها الرجل إلى مقصده الذي يؤمه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتثبت فيما يحكيه والاحتياط فيما يرويه، فلا يروي حديثًا حتى يكون مرويًا عن ثقة، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" وقال، عليه السلام: "من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".

ص: 51

حماد بن سلمة: حدثنا شعيب بن الحبحاب، عن إبراهيم: قال شريح: ما شددت لهواتي على خصم ولا لقنت خصمًا حجة قط.

ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: اختصم إلى شريح في ولد هرة، فقالت امرأة: هو ولد هرتي. وقالت الأخرى: بل هو ولد هرتي. فقال شريح: ألقها مع هذه، فإن هي قرت ودرت واسبطرت فهي لها، وإن هي هرت وفرت واقشعرت، فليس لها.

وفي رواية: وازبأرت، أي: انتفشت. وقوله: اسبطرت، أي: امتدت للرضاع.

ابن عون، عن إبراهيم، قال: أقر رجل عن شريح، ثم ذهب ينكر، فقال: قد شهد عليك ابن أخت خالتك.

قال أبو إسحاق السبيعي: خرجت قرحة بإبهام شريح فقيل: إلَّا أريتها طبيبًا؟ قال: هو الذي أخرجها.

وعن الشعبي، قال شريح: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات، أحمد إذ لم يكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب وأحمد إذ لم يجعلها في ديني.

قال مغيرة: كان لشريح بيت يخلو فيه يوم الجمعة، لا يدري الناس ما يصنع فيه.

وقال ميمون بن مهران: لبث شريح في الفتنة يعني: فتنة ابن الزبير تسع سنين لا يخبر فقيل له: قد سلمت قال: كيف بالهوى؟.

وقيل: كان شريح قائفا، عائفًا أي: يزجر الطير ويصيب الحدس. وروي لشريح:

رأيت رجالًا يضربون نساءهم

فشلت يميني حين أضرب زينبا

وزينب شمس والنساء كواكب

إذا طلعت لم تبق منهن كوكبا

وعن أشعث: أن شريحًا عاش مائة وعشر سنين.

وقال أبو نعيم: عاش مائة وثماني سنين. وقال هو، والمدائني، والهيثم: توفي سنة ثمان وسبعين.

وقال خليفة، وابن نمير: مات سنة ثمانين.

وقيل: إنه استغنى من القضاء قبل موته بسنة، رحمه الله تعالى.

ص: 52

‌401 - شريح بن هانئ

(1)

: " م، (4) "

أبو المقدام الحارثي، المذحجي، الكوفي، الفقيه، الرجل الصالح، صاحب علي رضي الله عنه.

حدث عن: أبيه، وعلي، وعمر، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة.

وعنه: ابناه؛ محمد والمقدام، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابت، ويونس بن أبي إسحاق.

قال أبو المقدام "م": سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت ائت عليًا فإنه أعلم بذلك

، وذكر الحديث

(2)

.

وقد شهد تحكيم الحكمين، ووفد على معاوية شافعًا في كثير بن شهاب فأطلقه له.

فعن مجالد، عن الشعبي عن زياد بن النضر: أن عليًا بعث أبا موسى في أربع مائة، عليهم شريح بن هانئ، ومعهم ابن عباس يصلي بهم إلى دومة الجندل

(3)

.

قال سليمان بن أبي شيخ: كان شريح بن هانئ جاهليًا إسلاميًا، وهو القائل في إمرة الحجاج:

أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا

قد عشت بين المشركين أعصرا

ثمت أدركت النبي المنذرا

وبعده صديقه وعمرا

والجمع في صفينهم والنهرا

ويوم مهران ويوم تسترا

ويا جميراوات والمشقرا

هيهات ما أطول هذا عمرا

قال القاسم بن مخيمرة: ما رأيت حارثيًا أفضل من شريح بن هانئ. وقال يحيى بن معين، وغيره: ثقة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 128"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2610"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1459"، أسد الغابة "2/ 395"، الاستيعاب "2/ 702"، الكاشف "2/ ترجمة 2291"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2705"، الإصابة "2/ ترجمة 3972"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 568"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2941".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "276". وتمام الحديث: فأتيته فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر. ويومًا وليلة للمقيم.

(3)

- دومة الجندل: حصن على سبع مراحل من دمشق قرب جبلي طيء.

ص: 53

قال أبو حاتم السجستاني: عاش شريح بن هانئ مئة وعشرين سنة.

قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده هانئ: أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا الحكم فقال: "لم يكنيك هؤلاء أبا الحكم" قال يا رسول الله إني أحكم بين قومي في الشيء فيرضى هؤلاء وهؤلاء قال: "هل لك من ولد" قال نعم قال: "فما اسم أكبرهم"؟ قال: شريح. قال: "فأنت أبو شريح"

(1)

تابعه بشار بن موسى الخفاف عن يزيد بن المقدام عن أبيه عن جده نحوه.

قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله بن حنبل: شريح بن هانئ، صحيح الحديث قال نعم هذا متقدم جدًا. قال خليفة بن خياط وفي سنة ثمان وتسعين ولى الحجاج عبيد الله بن أبي بكرة سجستان فوجه عبيد الله ابنه أبا برذعة فأخذ عليه بالمضيق وقتل شريح بن هانئ وأصاب المسلمين ضيق وجوع شديد فهلك عامة ذلك الجيش.

(1)

حسن: أخرجه أبو داود "4955" حدثنا الربيع بن نافع، عن يزيد -يعني ابن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده شريح، عن أيه هانئ، به.

قلت: إسناده حسن، يزيد بن المقدام بن شريح، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 54

‌402 - خرشة بن الحر

(1)

: " ع"

نزل الكوفة، ولأخيه سلامة صحبة، وكان يتيمًا في حجر عمر.

حدث عن، عمر، وأبي ذر الغفاري وعبد الله بن سلام.

روى عنه: ربعي بن حراش وأبو زرعه البجلي والمسيب بن رافع وسليمان بن مسهر وآخرون.

ثقة باتفاق توفي سنة أربع وسبعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 147"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 726"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1785"، الإستيعاب "2/ 445"، أسد الغابة "2/ 109"، الكاشف "1/ ترجمة 1392"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 264"، الإصابة "1/ ترجمة 2239".

ص: 54

‌403 - مالك السرايا

(1)

:

الأمير: أبو حكيم مالك بن عبد الله الخثعمي، الفلسطيني. يقال: له صحبة، ولم يصح. كان من أبطال الإسلام، قاد جيوش الصوائف أربعين سنة. ولما توفي، كسر على قبره -فيما قيل- أربعون لواء. وكان ذا حظ من صيام، وقيام، وجهاد توفي: في حدود سنة ستين أو بعدها.

(1)

ترجمته في أسد الغابة: 4/ 283"، الإصابة "3/ ترجمة 7645".

ص: 55

‌بقية الطبقة الأولى من كبراء التابعين:

‌404 - ابن الحنفية وابناه

(1)

: "ع"

السيد، الإمام أبو القاسم، وأبو عبد الله محمد بن الإمام علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب شيبة بن هاشم عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، الهاشمي، المدني، أخو الحسن والحسين.

وأمه: من سبي اليمامة زمن أبي بكر الصديق، وهي خولة بنت جعفر الحنفية.

فروى الواقدي، حدثني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء، قالت: رأيت الحنفية وهي سوداء مشرطة حسنة الشعر اشتراها علي بذي المجاز مقدمة من اليمن فوهبها لفاطمة فباعتها فاشتراها مكمل الغفاري فولدت له عونة.

وقيل: بل تزوج بها مكمل، فولدت له عونة وقيل: إن أبا بكر وهبها عليًا.

ولد في العام الذي مات فيه أبو بكر.

ورأى عمر، وروى عنه، وعن: أبيه، وأبي هريرة، وعثمان، وعمار بن ياسر، ومعاوية، وغيرهم.

حدث عنه: بنوه عبد الله، والحسن، وإبراهيم، وعون، وسالم بن أبي الجعد، ومنذر الثوري، وأبو جعفر الباقر وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعمرو بن دينار، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وآخرون.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 91"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 561"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 116"، حلية الأولياء "3/ 174"، الكاشف "3/ ترجمة 5145"، تهذيب التهذيب "9/ 354 - 355". خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6521".

ص: 55

ووفد على معاوية، وعبد الملك بن مروان. وكانت الشيعة في زمانه تتغالى فيه، وتدعي إمامته، ولقبوه: بالمهدي، ويزعمون أنه لم يمت.

قال أبو عاصم النبيل: صرع محمد بن علي مروان يوم الجمل، وجلس على صدره. قال فلما وفد على عبد الملك قال له أتذكر يوم جلست على صدر مروان قال عفوًا يا أمير المؤمنين قال: أم

(1)

والله ما ذكرته لك وأنا أريد أن أكافئك لكن أردت أن تعلم أني قد علمت.

الواقدي: حدثنا معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال: لما صار محمد بن علي إلى المدينة، وبنى داره بالبقيع، كتب إلى عبد الملك يستأذنه في الوفود عليه، فأذن له، فوفد عليه في سنة ثمان وسبعين إلى دمشق، فأنزله بقربه. وكان يدخل على عبد الملك في إذن العامة، فيسلم مرة ويجلس، ومرة ينصرف. فلما مضى شهر، كلم عبد الملك خاليًا، فذكر قرابته ورحمه وذكر دينًا فوعده بقضائه ثم قضاه وقضى جميع حوائجه.

قلت: كان مائلًا لعبد الملك، لإحسانه إليه، ولإساءة ابن الزبير إليه.

قال الزبير بن كبار: سمته الشيعة المهدي. فأخبرني عمي مصعب، قال: قال كثير عزة:

هو المهدي أخبرناه كعب

أخو الأحبار في الحقب الخوالي

فقيل له: ألقيت كعبًا? قال قلته بالتوهم. وقال أيضًا:

ألا إن الأئمة من قريش

ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه

هما الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبر

وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا تراه العين حتى

يقود الخيل يقدمها لواء

تغيب لا يرى عنهم زمانًا

برضوى عنده عسل وماء

وقد رواها: عمر بن عبيدة لكثير بن كثير السهمي.

قال الزبير: كانت شيعة ابن الحنفية يزعمون أنه لم يمت.

وفيه يقول السيد الحميري:

ألا قل للوصي: فدتك نفسي

أطلت بذلك الجبل المقاما

(1)

أم: تقال للتقبيح.

ص: 56

أضر بمعشر والوك منا

وسموك الخليفة والإماما

وعادوا فيك أهل الأرض طرًا

مقامك عنهم ستين عاما

وعادوا فيك أهل الأرض طرا

ولا وارت له أرض عظاما

لقد أمسى بمورق شعب رضوى

تراجعه الملائكة الكلاما

وإن له به لمقيل صدق

وأندية تحدثه كراما

هدانا الله إذ خزتم لأمر

به وعليه نلتمس التماما

تمام المهدي حتى

تروا راياتنا تترى نظاما

وللسيد الحميري:

يا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى

وبنا إليه من الصبابة أولق

حتى متى؟ وإلى متى؟ وكم المدى؟

يا بن الوصي وأنت حي ترزق

قال محمد بن سعد: مولده في خلافة أبي بكر.

الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت رأيت محمد بن الحنفية سندية سوداء كانت أمة لبني حنيفة لم تكن منهم وإنما صالحهم خالد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم.

وكناه عمر الضرير، والبخاري: أبا القاسم.

قال فطر بن خليفة، عن منذر، سمع ابن الحنفية يقول: كانت رخصة لعلي، قال: يا رسول الله إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال:"نعم".

وقال يزيد بن هارون أنبأنا أبو مالك الأشجعي، حدثنا سالم بن أبي الجعد: أنه كان مع محمد بن الحنفية في الشعب فقلت له "ذات يوم": يا أبا عبد الله وكناه بها.

النسائي، وأبو أحمد، وروى ابن حميد: حدثنا سلمة الأبرش، حدثنا زهير عن يحيى بن سعيد: قلت لابن المسيب: ابن كم كنت في خلافة عمر؟ قال: ولدت لسنتين بقيتا من خلافته فذكرت ذلك لمحمد بن الحنفية فقال: ذاك مولدي.

روى الربيع بن منذر الثوري عن أبيه قال: وقع بين علي وطلحة كلام، فقال طلحة: لجرأتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم سميت باسمه وكنيت بكنيته، وقد نهى أن يجمعهما أحد.

ص: 57

قال: إن الجريء من اجترأ على الله ورسوله، أذهب يا فلان، فادع لي فلانًا وفلانًا -لنفر من قريش- فجاؤوا فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيولد لك بعدي غلام فقد نحلته اسمي وكنيتي، ولا تحل لأحد من أمتي بعده" رواه: ثقتان عن الربيع وهو مرسل.

زيد بن الحباب: حدثنا الربيع بن منذر، حدثنا أبي، سمعت ابن الحنفية يقول: دخل عمر، وأنا عند أختي أم كلثوم فضمني، وقال: ألطفيه بالحلواء.

سالم بن أبي حفصة، عن منذر عن أبي الحنفية قال: حسن وحسين خير مني ولقد علما أنه كان يستخليني دونهما وإني صاحب البغلة الشهباء.

قال إبراهيم بن الجنيد: لا نعلم أحد أسند عن علي أكثر ولا أصح مما أسند ابن الحنفية.

إسرائيل، عن عبد الأعلى: أن محمد بن علي كان يكني: أبا القاسم، وكان ورعًا، كثير العلم.

وقال خليفة: قال أبو اليقظان: كانت راية علي رضي الله عنه لما سار من ذي قار، مع ابنه محمد.

ابن سعد: حدثنا أبو نعيم، حدثنا فطر، عن منذر الثوري، قال: كنت عند محمد بن الحنفية، فقال: ما أشهد على أحد بالنجاة ولا أنه من أهل الجنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على أبي فنظر إليه القوم فقال من كان في الناس مثل علي سبق له كذا.

سبق له كذا.

أبو شهاب الحناط، عن ليث عن محمد الأزدي عن ابن الحنفية قال أهل بيتين من العرب يتخذهما الناس أندادًا من دون الله نحن وبنو عمنا هؤلاء يريد بني أمية.

أبو نعيم: حدثنا عبثر أبو زبيد عن سالم بن أبي حفصة عن منذر أبي يعلى عن محمد قال نحن أهل بيتين من قريش نتخذ من دون الله أندادًا نحن وبنو أمية.

أبو نعيم: حدثنا إسماعيل بن مسلم الطائي عن أبيه قال كتب عبد الملك من عبد الملك أمير المؤمنين إلى محمد بن علي فلما نظر محمد إلى عنوان الكتاب قال إنا لله الطلقاء ولعناء رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنابر والذي نفسي بيده إنها لأمور لم يقر قرارها.

قلت: كتب إليه يستميله فلما قتل ابن الزبير واتسق الأمر لعبد الملك بايع محمد.

الواقدي حدثنا عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال ابن الحنفية وفدت على عبد الملك فقضى حوائجي وودعته فلما كدت أن أتوارى ناداني: يا أبا

ص: 58

القاسم، يا أبا القاسم. فرجعت، فقال: أما إن الله يعلم أنك يوم تصنع بالشيخ ما تصنع ظالم له- يعني: لما أخذ يوم الدار مروان، فدغته

(1)

بردائه- قال عبد الملك: وأنا أنظر يومئذ ولي ذؤابة.

إبراهيم بن بشار: حدثنا ابن عيينة، سمع الزهري يقول: قال رجل لابن الحنفية: ما بال أبيك كان يرمي بك في مرام لا يرمي فيها الحسن والحسين؟ قال؟ لأنهما كانا خديه، وكنت يده، فكان يتوقى بيديه عن خديه.

أنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن كليب أنبأنا ابن بيان، أنبأنا ابن مخلد، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا ابن عرفة، حدثنا ابن مبارك، عن الحسن بن عمرو، عن منذر الثوري، عن ابن الحنفية، قال: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدًا حتى يجعل الله من أمره فرجًا أو قال: مخرجًا.

وعن ابن الحنفية، قال: من كرمت عليه نفسه لم يكن للدنيا عنده قدر وعنه: أن الله جعل الجنة ثمنًا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها.

وروى الواقدي بإسناده، قال: لما جاء نعي معاوية إلى المدينة، كان بها الحسين، وابن الحنفية، وابن الزبير، وكان ابن عباس بمكة، فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكة، وأقام ابن الحنفية، فلما سمع بدنو جيش مسرف زمن الحرة، رحل إلى مكة، وأقام مع ابن عباس. فلما مات يزيد، بويع ابن الزبير، فدعاهما إلى بيعته، فقالا: لا، حتى تجتمع لك البلاد فكان مرة يكاشرهما ومرة يلين لهما، ثم غلظ عليهما، ووقع بينهم حتى خافاه، ومعهما النساء والذرية فأساء جوارهم، وحصرهم وقصد محمدًا، فأظهر شتمه وعيبه، وأمرهم وبني هاشم أن يلزموا شعبهم، وجعل عليهم الرقباء، وقال فيما يقول: والله لتبايعن، أو لأحرقنكم، فخافوا.

قال سليم أبو عامر: فرأيت ابن الحنفية محبوسًا في زمزم، والناس يمنعون من الدخول عليه فقلت: والله لأدخلن عليه. فقلت: ما بالك وهذا الرجل؟ قال: دعاني إلى البيعة، فقلت: إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك، فأنا كأحدهم، فلم يرض بهذا مني، فاذهب إلى ابن عباس فسلم عليه وقل: ما ترى؟ قال: فدخلت على ابن عباس، وهو ذاهب البصر، فقال: من أنت؟ قلت: أنصاري قال: رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا. قلت: لا تخف أنا ممن لك كله. قال: هات فأخبرته فقال: قل له لا تطعه ولا نعمة عين

(1)

دغته: أي خنقه.

ص: 59

إلَّا ما قلت، ولا تزده عليه. فأبلغته، فهم ابن الحنفية أن يسير إلى الكوفة، وبلغ ذلك المختار، فثقل عليه قدومه، فقال: إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا، فيضربه رجل في السوق بالسيف لا يضره ولا يحيك فيه.

فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأقام، فقيل له: لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة، فأعلمتهم ما أنت فيه. فبعث أبا الطفيل إلى شيعتهم، فقال لهم: إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاء. وأخبرهم بما هم فيه من الخوف، فقطع المختار بعثًا إلى مكة، فانتدب معه أربعة آلاف، فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم، وقال له: سر، فإن وجدت بني هاشم في حياة، فكن لهم عضدًا، و "انفذ" لما أمروك به وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم، فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير، ثم لا تدع لآل الزبير شعرًا ولا ظفرًا، وقال: يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير، ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر وساروا حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث: عجلوا فما أراكم تدركونهم. فانتدب منهم ثمان مائة رأسهم عطية بن سعد العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فهرب إلى دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة- وقال أنا عائذ الله. قال عطية: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب، فأحيط بهم حتى ساوى الجدر، لو أن نارًا تقع فيه ما رئي منهم أحد فأخرناه عن الأبواب، وعجل علي بن عبد الله بن عباس، وهو يومئذ رجل، فأسرع في الحطب ليخرج، فأدماه. وأقبل أصحاب ابن الزبير، فكنا صفين، نحن وهم في المسجد نهارنا لا ننصرف إلى صلاة حتى أصبحنا وقدم الجدلي في الجيش فقلنا لابن عباس وابن الحنفية: ذرونا نرح الناس من ابن الزبير فقالا: هذا بلد حرمه الله، ما أحله لأحد إلَّا لنبيه ساعة فامنعونا وأجيرونا قال: فتحملوا وإن مناديًا لينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية إن السرية تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم فأنزلوهم منى فأقاموا مدة ثم خرجوا إلى الطائف وبها توفي ابن عباس وصلى عليه محمد فبقينا معه فلما كان الحج وافى محمد بأصحابه فوقف ووقف نجدة بن عامر الحنفي في الخوارج ناحية وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة.

وعن محمد بن جبير: أن الذي أقام الحج ابن الزبير. وحج ابن الحنفية في الخشبية أربعة آلاف، نزلوا في الشعب الأيسر من منى، فخفت الفتنة، فجئت ابن الحنفية، فقلت: يا أبا القاسم اتق الله فإنا في مشعر حرام في بلد حرام والناس وفد الله فلا تفسد عليهم حجهم فقال: والله ما أريد ذلك ولكني أدفع عن نفسي، وما أطلب هذا الأمرإلَّا أن لا يختلف علي فيه اثنان، فائت ابن الزبير وكلمه عليك، بنجدة، فكلمه. فجئت ابن الزبير،

ص: 60

فقال: أنا أرجع! قد اجتمع علي وبايعني الناس، وهؤلاء أهل خلاف. قلت: إن خيرًا لك الكف. قال أفعل. ثم جئت نجدة الحروري، فأجده في أصحابه، وعكرمة عنده، فقلت: استأذن لي عليه قال فدخل فلم ينشب أن أذن لي فدخلت، فعظمت عليه، وكلمته فقال: أما أن أبتدئ أحدًا بقتال، فلا قلت: إني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم فقالوا: لا نقاتل فلم أر في تلك الألوية أسكن من أصحاب ابن الحنفية. ووقفت تلك العشية إلى جنبه فلما غابت الشمس التفت إلي فقال يا أبا سعيد ادفع فدفعت معه فكان أول من دفع.

قال خليفة: في سنة خمس وستين دعا ابن الزبير ابن الحنفية إلى بيعته، فأبى، فحصره في شعب بني هاشم، وتوعدهم حتى بعث المختار أبا عبد الله الجدلي إلى ابن الحنفية في أربعة آلاف سنة ست فأقاموا معه حتى قتل المختار في رمضان سنة سبع وستين.

الواقدي: حدثني جعفر بن محمد الزبيري، عن عثمان بن عروة، عن أبيه. وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة، وغيره، قالوا: كان المختار أشد شيء على ابن الزبير، وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لابن الحنفية ثم ظلمه وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعوا إليه فيبايعونه سرًا فشك قوم وقالوا أعطينا هذا عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية وهو بمكة ليس منا ببعيد فشخص إليه قوم فأعلموه أمر المختار فقال نحن قوم حيث ترون محبوسون وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن ولوددت أن الله انتصر لنا بمن يشاء فاحذروا الكذابين قال وكتب المختار كتابًا على لسان ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر وجاءه يستأذن وقيل المختار أمين آل محمد ورسولهم فأذن له ورحب به فتكلم المختار وكان مفوهًا ثم قال إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت وقد كتب إليك المهدي كتابًا وهؤلاء الشهود عليه فقالوا نشهد أن هذا كتابه ورأيناه حين دفعه إليه فقرأه إبراهيم ثم قال أنا أول من يجيب قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك ثم كان يركب إليه في كل يوم فزرع ذلك في الصدور وبلغ ذلك ابن الزبير فتنكر لابن الحنفية وجعل أمر المختار يغلظ وتتبع قتله الحسين فقتلهم وجهز ابن الأشتر في عشرين ألفًا إلى عبيد الله بن زياد، فظفر به ابن الأشتر، وبعث برأسه إلى المختار، فبعث به إلى ابن الحنفية وعلي بن الحسين، فدعت بنو هاشم للمختار وكان ابن الحنفية لا يحب كثيرًا مما يأتي به وكتب المختار، إليه لمحمد المهدي من المختار الطالب بثأر آل محمد.

أبو غسان النهدي: حدثنا عمر بن زياد عن الأسود بن قيس قال لقيت رجلًا من

ص: 61

عنزة فقال: انتهيت إلى ابن الحنفية، فقلت: السلام عليك يا مهدي. قال: وعليك السلام. قلت: إن لي حاجة. فلما قام، دخلت معه، فقلت: ما زال بنا الشين في حبكم حتى ضربت عليه الأعناق، وشردنا في البلاد، وأوذينا ولقد كانت تبلغنا عند أحاديث من وراء وراء، فأحببت أن أشافهك. فقال: إياكم وهذه الأحاديث، وعليكم بكتاب الله، فإنه به هدي أولكم وبه يهدى آخركم ولئن أوذيتم، لقد أوذي من كان خيرًا منكم ولأمر آل محمد أبين من طلوع الشمس.

ابن عيينة حدثنا أبو الجحاف -شيعي- عن رجل من "أهل البصرة" قال: أتيت ابن الحنفية حين خرج المختار، فقلت إن هذا خرج عندنا يدعو إليكم، فإن كان أمركم، اتبعناه. قال سآمرك بما أمرت به ابني هذا، إنا -أهل بيت- لا نبتز هذه الأمة أمرها، ولا نأتيها من غير وجهها وإن عليًا كان يرى أنه له ولكن لم يقاتل حتى جرت له بيعة.

ابن عيينة، عن ليث، عن منذر الثوري، عن محمد بن علي: سمعت أبا هريرة يقول: لا حرج إلَّا في دم امرئ مسلم فقلت: يطعن على أبيك قال: لا بايعه أولو الأمر، فنكث ناكث فقاتله وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني، ود أني ألحد في الحرم كما ألحد.

الثوري، عن الحارث الأزدي، قال: قال ابن الحنفية: رحم الله امرأ أغنى نفسه، وكف يده وأمسك لسانه وجلس في بيته، له ما احتسب، وهو مع من أحب إلَّا إن أعمال بني أمية أسرع فيهم من سيوف المسلمين إلَّا إن لأهل الحق دولة يأتي بها الله إذا شاء فمن أدرك ذلك كان عندنا في السهم الأعلى، ومن يمت فما عند الله خير وأبقى.

أبو عوانة: حدثنا أبو حمزة قال: كانوا يقولون لابن الحنفية: سلام عليك يا مهدي. فقال: أجل أنا مهدي، أهدي إلى الرشد والخير، اسمي محمد. فقولوا: سلام عليك يا محمد، أو يا أبا القاسم.

روى الربيع بن منذر الثوري، عن أبيه، قال: قال محمد بن الحنفية: لوددت أني فديت شيعتنا هؤلاء ببعض دمي ثم قال: بحديثهم الكذب، وإذاعتهم السر، حتى لو كانت أم أحدهم لأغرى بها حتى تقتل.

قال ابن سعد: قتل المختار في سنة ثمان وستين وفي سنة تسع بعث ابن الزبير أخاه عروة إلى محمد بن الحنفية يقول: إني غير تاركك أبدًا حتى تبايعني، أو أعيدك في الحبس، وقد قتل الله الكذاب الذي كنت تدعي نصرته، وأجمع أهل العراق علي، فبايع. فقال: يا عروة ما أسرع أخاك إلى قطع الرحم، والاستخفاف بالحق وما أغفله عن تعجيل عقوبة الله! ما

ص: 62

يشك أخوك في الخلود، ووالله ما بعث المختار داعيًا ولا ناصرًا، ولهو -كان- أشد إليه انقطاعًا منه إلينا، فإن كان كذابًا، فطالما قربه على كذبه، وإن كان غير ذلك، فهو أعلم به، وما عندي خلاف ما أقمت، في جواره ولو كان، لخرجت إلى من يدعوني، ولكن ها هنا لأخيك قرن وكلاهما يقاتلان على الدنيا عبد الملك فلكأنك بجيوشه قد أحاطت برقبة أخيك وإني لأحسب "أن" جواره خير من جواركم، ولقد كتب إلي يعرض علي ما قبله ويدعوني إليه قال عروة: فما يمنعك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلي من صاحبك فقال بعض أصحاب ابن الحنفية: والله لو أطعتنا لضربنا عنقه. فقال: وعلى ماذا؟ رجل جاء برسالة من أخيه، وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي سوى إنسان لما قاتلته. فانصرف عروة، وأخبر أخاه، وقال: ما أرى لك أن تعرض له، دعه فليخرج عنك، فعبد الملك أمامه، لا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه، وهو فلا يبايعه أبدًا حتى يجمع عليه الناس.

أبو عوانة، عن أبي جمرة، قال: سرنا مع ابن الحنفية من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عباس، وكان عبد الملك قد كتب له على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه، حتى يتفق الناس على رجل واحد، فإذا اصطلحوا على رجل بعهد الله وميثاقه

-في كلام طويل- فلما قدم محمد الشام كتب إليه عبد الملك إما أن تبايعني وإما أن تخرج من أرضي ونحن يومئذ سبعة آلاف فبعث إليه على أن تؤمن أصحابي ففعل فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: الله ولي الأمور كلها وحاكمها، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن والذي نفس محمد بيده، ليعودن فيه الأمر كما بدأ، الحمد الله الذي حقن دماءكم وأحرز دينكم من أحب منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنًا محفوظًا، فليفعل، كل ما هو آت قريب عجلتم بالأمر قبل نزوله، والذي نفسي بيده، إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمد، ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد أمر آل محمد مستأخر. قال: فبقي في تسع مائة، فأحرم بعمرة وقلد هديًا فلما أردنا أن ندخل الحرم تلقتنا خيل ابن الزبير، فمنعتنا أن ندخل فأرسل إليه محمد لقد خرجت وما أريد قتالًا ورجعت كذلك دعنا ندخل فلنقض نسكنا، ثم لنخرج عنك، فأبى قال: ومعنا البدن مقلدة، فرجعنا إلى المدينة، فكنا بها حتى قدم الحجاج، وقتل ابن الزبير، ثم سار إلى العراق، فلما سار، مضينا، فقضينا نسكنا، وقد رأيت القمل يتناثر من ابن الحنفية. قال: ثم رجعنا إلى المدينة، فمكث ثلاثة أشهر ثم توفي إسنادها ثابت.

الواقدي: حدثنا موسى بن عبيدة، عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: وفدت مع أبان على عبد الملك وعنده ابن الحنيفة فدعا عبد الملك بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 63

ودعا بصيقل

(1)

، فنظر، فقال: ما رأيت حديدة قط أجود منها. قال عبد الملك: ولا والله ما رأى الناس مثل صاحبها! يا محمد هب لي هذا السيف قال [محمد]: أينا أحق به، فليأخذه قال "عبد الملك": إن كان لك قرابة، فلكل قرابة فأعطاه محمد إياه ثم قال: يا أمير المؤمنين [إن] هذا -وأشار إلى الحجاج- قد استخف بي، وآذاني، ولو كانت خمسة دراهم أرسل إلي فيها. قال لا إمرة له عليك. فلما ولى محمد، قال عبد الملك للحجاج: أدركه فسل سخيمته فأدركه فقال: إن أمير المؤمنين قد أرسلني إليك لأسل سخيمتك، ولا مرحبًا بشيء ساءك. قال ويحك يا حجاج! اتق الله، واحذره، ما من صباح إلَّا ولله في كل عبد من عبادة ثلاث مائة وستون لحظة، إن أخذ أخذ بمقدرة وأن عفا عفا بحلم، فاحذر الله. فقال: لا تسألني شيئًا إلَّا أعطيتكه قال: وتفعل قال: نعم قال صرم الدهر.

الثوري، عن مغيرة، عن أبيه: أن الحجاج أراد يضع رجله على المقام فزجره ابن الحنفية ونهاه.

إسرائيل: حدثنا ثوير، قال: رأيت ابن الحنفية يخضب بالحناء والكتم

(2)

.

وعن أبي مالك: أنه رأى ابن الحنفية يرمي الجمار على برذون أشهب.

وروي الثوري، عن الشيباني: رأيت على ابن الحنفية مطرف خز أصفر بعرفة.

وعن رشدين بن كريب: رأيت ابن الحنفية يعتم بعمامة سوداء، ويريخها شبرًا أو دونه.

وقال عبد الواحد بن أيمن: رأيت على ابن الحنيفة عمامة سوداء.

وقيل لابن الحنفية: لم تخضب؟ قال: أتشبب به للنساء.

أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد بن الحنفية فإذا هو مكحل مصبوغ اللحية بحمرة فرجعت فقلت لأبي بعثتني إلى شيخ؟! مخنث؟! قال: يا ابن اللخناء ذاك محمد بن علي.

(1)

الصيقل: شحاذ السيوف وجلاؤها، والجمع صياقل وصياقلة، دخلت فيه الهاء لغير علة من العلل الأربع التي توجب دخولها الهاء في هذا الضرب من الجمع، ولكن على حد دخولها في الملائكة والقشاعمة.

(2)

- الكتم: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه وأصله. وإذا طبخ بالماء كان منه مداد الكتابة.

ص: 64

قال ابن سعد: أنبأنا محمد بن الصلت، حدثنا ربيع بن منذر، عن أبيه قال: كنا مع ابن الحنفية فأراد أن يتوضأ فنزع خفيه ومسح على قدميه.

قلت: هذا قد يتعلق به الإمامية، وبظاهر الآية، لكن غسل الرجلين شرع لازم، بينه لنا الرسول -اللهم صل عليه- وقال:"ويل للأعقاب من النار"

(1)

، وعليه عمل الأمة، ولا اعتبار بمن شذ قال رافضي: فأنتم ترون مسح موضع ثلاث شعرات، بل شعرة من الرأس يجزئ، والنص فلا يحتمل هذا ولا يسمى من اقتصر عليه ماسحًا لرأسه عرفًا ولا رأينا النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه اجتزأ بذلك، ولا جوزه. فالجواب: أن الباء للتبعيض في قوله "برؤوسكم" وليس الموضع يحتمل تقريره هذه المسألة.

قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن صالح بن كيسان، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، قال: لم يبايع أبي الحجاج، لما قتل ابن الزبير بعث الحجاج إليه: أن قد قتل عدو الله فقال: إذا بايع الناس بايعت قال: والله لأقتلنك قال: إن لله في كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة، في كل لحظة ثلاث مائة وستون قضية، فلعله أن يكفيناك في قضية من قضاياه وكتب الحجاج فيه إلى عبد الملك بذلك، فأعجب عبد الملك قوله، وكتب بمثلها إلى طاغية الروم، وذلك أن صاحب الروم كتب إلى عبد الملك يتهدده بأنه قد جمع له جموعًا كثيرة. وكتب إلى الحجاج: قد عرفنا أن محمدًا ليس عنده خلاف، فارفق به، فسيبايعك. فلما اجتمع الناس على عبد الملك وبايع له ابن عمر قال ابن عمر لمحمد: ما بقي شيء، فبايع. فكتب بالبيعة إلى عبد الملك، وهي أما بعد فإني لما رأيت الأمة قد اختلفت اعتزلتهم فلما أفضى الأمر إليك وبايعك الناس كنت كرجل منهم فقد بايعتك وبايعت الحجاج لك، ونحن نحب أن تؤمننا وتعطينا ميثاقًا على الوفاء فإن الغدر لا خير فيه.

فكتب إليه عبد الملك: إنك عندنا محمود، أنت أحب إلينا، وأقرب بنا رحمًا من ابن الزبير، فلك ذمة الله ورسوله أن لا تهاج ولا أحد من أصحابك بشيء.

قال أبو نعيم الملائي: مات ابن الحنفية سنة ثمانين.

وقال الواقدي: أنبأنا زيد بن السائب، قال: سألت عبد الله بن الحنفية: أين دفن أبوك؟ قال بالبقيع سنة إحدى وثمانين، في المحرم، وله خمس وستون سنة، فجاء أبان بن عثمان وإلي المدينة ليصلي عليه، فقال أخي: ما ترى؟ فقال أبان: أنتم أولى بجنازتكم. فقلنا: تقدم، فصل، فتقدم.

الواقدي: حدثنا علي بن عمر بن علي بن الحسين، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، سمعت ابن الحنفية سنة إحدى وثمانين يقول: لي خمس وستون سنة جاوزت سن أبي فمات تلك السنة.

وفيها أرخه أبو عبيد وأبو حفص الفلاس. وانفرد المدائني، فقال: مات سنة ثلاث وثمانين.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 211 و 226"، والبخاري"60" و "96" و "163"، ومسلم "241""27"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 39"، والبيهقي "1/ 68"، والبغوي "220" من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، به.

ص: 65

‌405 - ابناه

(1)

: " ع"

عبد الله بن محمد بن الحنفية، الإمام، أبو هاشم الهاشمي، العلوي، المدني.

روى عن أبيه حديث تحريم المتعة.

روى عن الزهري، وعمرو بن دينار وسالم بن أبي الجعد.

قال مصعب بن عبد الله: كان أبو هاشم صاحب الشيعة فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفع إليه كتبه، ومات عنده، وانقرض عقبه، وأمه أم ولد.

قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث، وكانت الشيعة تنتحله. ولما احتضر، أوصى إلى محمد بن علي، وقال: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك. وصرف الشيعة إليه، وأعطاه كتبه. مات: في خلافة سليمان.

قال البخاري، قال علي: حدثنا ابن عيينة، حدثنا الزهري، قال: كان الحسن أوثقهما، وكان عبد الله يتبع السبائية

(2)

.

رواه الحميدي، عن سفيان، ولفظه: كان يجمع أحاديث السبائية.

وقال العجلي: هما ثقتان. وحدثنا أبو أسامة: أن أحدهما شيعي والآخر مرجئ. وعن جويرية بن أسماء: أن سليمان بن عبد الملك دس من سقى أبا هاشم سمًا، وذلك في سنة ثمان وتسعين.

قلت: مات كهلًا. وقيل إن عبد الله أول من ألف شيئًا في الإرجاء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 327" التاريخ الكبير "5/ ترجمة 582"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 711"، الكاشف "2/ ترجمة 3000"، تاريخ الإسلام "4/ 20"، تهذيب التهذيب "6/ 16"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3792".

(2)

السبأية: أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليًا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا.

ص: 66

‌406 - الحسن

(1)

: " ع"

ابن محمد بن الحنفية، الإمام، أبو محمد الهاشمي. كان أجل الأخوين، وأفضلهما.

حدث عن: أبيه، وابن عباس، وجابر، وسلمة بن الأكوع، وأبي سعيد الخدري، وعدة.

روى عنه: الزهري، وعمر بن دينار، وموسى بن عبيدة، وعدة.

وكان من علماء أهل البيت، وناهيك أن عمرو بن دينار يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بما اختلف فيه الناس من الحسن بن محمد ما كان زهريكم إلَّا غلامًا من غلمانه.

قال خليفة بن خياط: مات سنة مائة، أو في التي قبلها.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبأنا علي بن عبد الرحمن الطوسي، وأنبأنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن أبي القاسم الخطيب، بحران وجماعة، وأنبأنا سنقر بن عبد الله بحلب، أنبأنا الموفق عبد اللطيف، وأنجب بن أبي السعادات وجماعة قالوا: أنبأنا محمد بن عبد الباقي، وأنبأنا عبد الكريم بن محمد بن محمد وأحمد بن عبد الرحمن ومحمد بن علي وبيبرس العديمي ومحمد بن يعقوب القاضي، وآخرون قالوا: أنبأنا إبراهيم بن عثمان، أنبأنا محمد بن عبد الباقي وعلي بن عبد الرحمن بن تاج القراء قالا: أنبأنا مالك بن أحمد الفراء، أنبأنا أحمد بن محمد بن موسى حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد أملانا أبو مصعب الزهري عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية

(2)

.

أخرجه البخاري ومسلم من الحديث مالك ومن طريق يونس ومعمر وعبيد الله بن عمر جميعًا عن الزهري.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 328"، "2/ ترجمة 2560"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 144"، تاريخ الإسلام "3/ 357"، الكاشف "1/ ترجمة 1072"، تهذيب التهذيب "2/ 320"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1384".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5115"، مسلم "1407".

ص: 67

‌407 - سليم بن عتر

(1)

:

الإمام، الفقيه، قاضي مصر، وواعظها، وقاصها، وعابدها، أبو سلمة التجيبي، المصري وكان يدعى: الناسك لشدة تألهه. حضر خطبة عمر بالجابية، وحدث عنه، وعن علي وأبي الدرداء وحفصة.

وعنه: علي بن رباح ومشرح بن هاعان، وأبو قبيل وعقبة بن مسلم والحسن بن ثوبان وابن عمه الهيثم بن خالد.

قال الدار قطني: كان سليم بن عتر يقص وهو قائم. قال: وروي عنه: أنه كان يختم كل ليلة ثلاث ختمات ويأتي امرأته ويغتسل ثلاث مرات وأنها قالت بعد موته رحمك الله لقد كنت ترضي ربك، وترضي أهلك.

وعن ابن حجيرة، قال: اختصم إلى سليم بن عتر في ميراث، فقضى بين الورثة، ثم تناكروا فعادوا إليه فقضى بينهم، وكتب كتابًا بقضائه، وأشهد فيه شيخ الجند فكان أول من سجل بقضائه.

ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد: أن سليم بن عتر كان يقرأ القرآن كل ليلة ثلاث مرات

(2)

.

ضمام بن إسماعيل، عن الحسن بن ثوبان عن سليم بن عتر قال: لما قفلت من البحر تعبدت في غار بالإسكندرية سبعة أيام لا أكلت ولا شربت.

توفي سليم سنة خمس وسبعين.

قال أحمد العجلي: ثقة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 911"، تاريخ الإسلام "3/ 156"، العبر "1/ 86"، حسن المحاضرة "1/ 255 و 295"، شذرات الذهب "1/ 83".

(2)

كذب ومين: فإن ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا لكن يخالف هدى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عند البخاري"1978" بإسناده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صم من الشهر ثلاثة أيام" قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال:"صم يومًا وأفطر يومًا"، فقال:"أقرأ القرآن في كل شهر". قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال:"في ثلاث".

ص: 68

‌408 - أبو معمر

(1)

: " ع"

عبد الله بن سخبرة الأزدي الكوفي.

حدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي مسعود، وخباب، والمقداد بن الأسود، وعلقمة، وطائفة.

وروي عن: أبي معمر، أنه سمع أبا بكر يقول: كفر بالله ادعاء نسب لا يعرف.

حدث عنه: إبراهيم النخعي، ومجاهد، وعمارة بن عمير التيمي، وآخرون وثقه يحيى بن معين وروى الأعمش عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر أنه كان يحدث بالحديث فيلحن فيه اقتداء بالذي سمع.

قيل: ولد أبو معمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن سعد: كان ثقة، له أحاديث.

قال أصحابنا: توفي بالكوفة، في ولاية عبيد الله بن زياد.

قلت: وذلك في دولة يزيد، سنة نيف وستين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 103"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 280" و "9/ ترجمة رقم 847"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 321"، الكاشف "2/ ترجمة 2770"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 230"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3519".

ص: 69

‌409 - عمر بن علي

(1)

:

ابن أبي طالب الهاشمي. يروي عن: أبيه. وعنه: ابنه؛ محمد.

بقي حتى وفد على الوليد صدقة أبيه. ومولده: في أيام عمر. فعمر سماه باسمه، ونحله غلامًا اسمه مورق قال العجلي: تابعي ثقة.

قال مصعب الزبيري: فلم يعطه الوليد صدقة علي، وقال: لا أدخل على بني فاطمة غيرهم وكانت الصدقة بيد الحسن بن الحسن بن علي قال: فذهب غضبان، ولم يقبل من الوليد صلة ويقال: قتل عمر مع مصعب بن الزبير. ولا يصح، بل ذاك أخوه عبيد الله ابن علي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 117"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2096"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 676"، الكاشف "2/ ترجمة 4163"، تهذيب التهذيب "7/ 485"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5214".

ص: 69

‌410 - أبو ميسرة

(1)

: " خ، م، د، س"

عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة الهمداني الكوفي.

حدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وغيرهم. وكان إمام مسجد بني وادعة، من العباد الأولياء.

حدث عنه: أبو وائل، والشعبي، والقاسم، بن مخيمرة، وأبو إسحاق، ومحمد بن المنتشر.

قال إسرائيل بن يونس: كان أبو ميسرة إذا أخذ عطاءه، تصدق منه، فإذا جاء أهله فعدوه، وجدوه سواء، فقال لبني أخيه: " ألَّا تفعلون مثل هذا؟ فقالوا: لو علمنا أنه لا ينقص، لفعلنا. قال: إني لست أشترط على ربي.

أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال: ما رأيت همدانيًا قط أحب إلي أن أكون في مسلاخه من عمرو بن شرحبيل، رحمه الله.

وروى عاصم، عن أبي وائل، قال: ما اشتملت همدانية على مثل أبي ميسرة. قيل: ولا مسروق؟! قال: ولا مسروق.

قال أبو إسحاق: رأيت لأبي ميسرة وأصحابه طيالسة، لها أزرار طوال من ديباج. قال: وأوصى أبو ميسرة أن يجعل على لحده طن قصب أو حرادي

(2)

. وقال: يطيب نفسي أني لا أترك علي دينار ولا أترك ولدًا.

وقال أبو وائل: قال عمرو بن شرحبيل: ولا تطيلوا جدثي

(3)

فإن المهاجرين كانوا يكرهون ذلك.

قال أبو إسحاق: رأيت أبا جحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذًا بقائمة السرير، وهو يقول: غفر الله لك يا أبا ميسرة.

قال ابن سعد: قالوا: مات في ولاية عبيد الله بن زياد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 106"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2576"، الجرح والتعديل "6/ ترجمته 1320"، الكاشف "2/ ترجمة 4237"، تهذيب التهذيب "8/ 47"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5313"، ووقع في المطبوع [عمر]، والصواب: ما أثبتناه.

(2)

الحردي والحردية: حياصة الحظيرة اللتي تشد على حائط القصب عرضًا.

(3)

جدثى: أي قبري.

ص: 70

‌411 - الجرشي

(1)

:

يزيد بن الأسود الجرشي من سادة التابعين بالشام، يسكن بالغوطة، بقرية زبدين. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وله دار بداخل باب شرقي.

قال يونس بن ميسرة، قلت له: يا أبا الأسود! كم أتى عليك؟ قال: أدركت العزى تعبد في قرية قومي.

قيل إنه قال: قلت لقومي: اكتبوني في الغزو. قالوا: قد كبرت. قال: سبحان الله! اكتبوني، فأين سوادي في المسلمين؟ قالوا: أما إذا فعلت، فأفطر، وتقو على العدو قال: ما كنت أراني أبقى حتى أعاتب في نفسي والله لا أشبعها من الطعام ولا أوطئها من منام حتى تلحق الله.

وروى صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، قال: خرج معاوية يستسقي، فلما قعد على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطاهم، فأمره معاوية، فصعد المنبر. قال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود، يا يزيد، ارفع يديك إلى الله فرفع يديه ورفع الناس، فما كان بأوشك من أن ثارت سحابة كالترس وهبت ريح فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم سمعها: أبو اليمان من صفوان.

وقال سعيد بن عبد العزيز، وغيره: استسقى الضحاك بن قيس بيزيد بن الأسود، فما برحوا حتى سقوا.

وروى الحسن بن محمد بن بكار، عن أبي بكر عبد الله بن يزيد، قال: حدثني بعض المشيخة: أن يزيد بن الأسود الجرشي كان يسير في أرض الروم هو ورجل، فسمع هاتفًا يقول: يا يزيد إنك لمن المقربين وإن صاحبك لمن العابدين وما نحن بكاذبين.

قال سعيد بن عبد العزيز: إن عبد الملك لما سار إلى مصعب، رحل معه يزيد بن الأسود، فلما التقوا، قال: اللهم احجز بين هذين الجبلين وول أحبهما إليك فظفر عبد الملك.

قال ابن عساكر: بلغني أنه كان يصلي العشاء الآخرة بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إبهامه اليمنى، فلا يزال يمشي في ضوئها إلى القرية. وشهده وقت الموت واثلة بن الأسقع.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 444"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3158"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1047"، أسد الغابة "5/ 103"، الإصابة "3/ ترجمة 9393".

ص: 71

‌412 - عبيد الله بن أبي بكرة

(1)

:

الثقفي الأمير، من أبناء الصحابة، ولي سجستان. مولده: في سنة أربع عشرة. وكان جوادًا، ممدحًا، شجاعًا، كبير القدر.

وروى عن: أبيه، وعلي، وعنه: سعيد بن جمهان، ومحمد بن سيرين، وغيرهما. وقد ولي قضاء البصرة، وولي إمرة "سجستان" سنة خمسين، ثم عزل بعد ثلاث سنين، ثم وليها الحجاج.

وقيل: كان ينفق على أهل مائة وستين دارًا من جيران داره، ويعتق في كل عيد مائة مملوك. وقيل إن المهلب طلب منه لبن بقر، فبعث إليه بسبع مائة بقرة ورعاتها، ووصل ابن مفرغ الشاعر بخمسين ألفًا وله أخبار في الكرم وكان أسود اللون.

قال أبو جمرة الضبعي: مات بسجستان، سنة تسع وسبعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 190"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1192"، تاريخ الإسلام "3/ 189".

ص: 72

‌413 - عياض بن عمرو

(1)

: " م، ق"

الأشعري: حدث عن أبي عبيدة، وخالد بن الوليد، وعياض بن غنم الأشعري، وطائفة.

وعنه: الشعبي، وسماك ابن حرب، وحصين بن عبد الرحمن. سكن الكوفة.

قال الشعبي: مر عياض بن عمرو في يوم عيد، فقال مالي لا أراهم يقلسون فإنه من السنة

(2)

.

قال هشيم: التقليس، الضرب بالدف.

وقال سماك: سمعته يقول: شهدت اليرموك، فقتلناهم أربع فراسخ، ورأيت أبا عبيدة سابق بفرس عربي.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 87"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2276"، أسد الغابة "4/ 164"، الإصابة "3/ ترجمة 6139"، تهذيب التهذيب "8/ 202".

(2)

ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1302" حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا شريك، عن مغيرة، عن عامر؛ قال: شهد عياض الأشعري عيدًا بالأنبار، فقال ما لي لا أراكم تقلسون كما كان يقلس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم".

قلت: إسناده ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، سيء الحفظ.

ص: 72

‌414 - معاوية بن يزيد

(1)

:

ابن معاوية بن أبي سفيان، أبو ليلى الخليفة. بويع بعهد من أبيه، وكان شابًا، دينًا، خيرًا من أبيه. وأمه: هي بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة.

فولي أربعين يومًا. وقيل: ثلاث أشهر. وقيل بل ولي عشرين يومًا. ومات وله ثلاث وعشرون سنة. وقيل: إحدى وعشرون سنة. وقيل: بل سبع عشرة سنة.

وصلى عليه مروان، ودفن إلى جنب قبر أبيه، ولم يعقب. وامتنع أن يعهد بالخلافة إلى أحد، رحمة الله.

‌415 - حسان بن النعمان

(2)

:

ابن المنذر الغساني، من ملوك العرب. ولي المغرب، فهذبه، وعمره.

وكان بطلًا، شجاعًا، مجاهدًا، لبيبًا، ميمون النقيبة، كبير القدر، وجهه معاوية في سنة سبع وخمسين، فصالح البربر، ورتب عليهم الخراج، وانعمرت البلاد.

وله غزوات مشهودة بعد قتل الكاهنة. فلما استخلف الوليد، عزله، وبعث نوابًا عوضه، وحرضهم على الغزو. فقدم حسان على الوليد بأموال عظيمة وتحف، وقال: يا أمير المؤمنين إنما ذهبت مجاهدًا وما مثلي من يخون. قال: إني رادك إلى عملك. فحلف أنه لا يلي شيئًا أبدًا وكان يدعى الشيخ الأمين.

وقال أبو سعيد بن يونس: توفي سنة ثمانين، فلعل الذي عزله عبد الملك.

‌416 - مصعب بن الزبير

(3)

:

ابن العوام القرشي الأسدي أمير العراقين، أبو عيسى وأبو عبد الله. لا رواية له

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 83"، العبر "1/ 69"، النجوم الزاهرة "1/ 163".

(2)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 244"، العبر "1/ 92"، النجوم الزاهرة "1/ 200"، شذرات الذهب "1/ 88".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 182"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1510"، تاريخ بغداد "13/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 208"، العبر "1/ 80 - 81"، النجوم الزاهرة "1/ 187".

ص: 73

كان فارسًا، شجاعًا، جميلًا، وسيمًا، حارب المختار وقتله وكان سفاكًا للدماء. سار لحربه عبد الملك بن مروان. وأمه: هي الرباب بنت أنيف الكلبية. وكان يسمى من سخائه: آنية النحل. وفيه يقول عبيد الله بن قيس الرقيات:

إنما مصعب شهاب من الله

تجلت عن وجهه الظلماء

ملكه ملك عزة ليس فيها

جبروت منه ولا كبرياء

يتقي الله في الأمور وقد أف

لح من كان همه الاتقاء

قال إسماعيل بن أبي خالد: ما رأيت أميرًا قط أحسن من مصعب.

وروى عمر بن أبي زائدة: أن الشعبي قال: ما رأيت أميرا قط على منبر أحسن من مصعب.

قال المدائني: كان يحسد على الجمال.

وروى ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر: عبد الله، ومصعب، وعروة -بنو الزبير -وابن عمر، فقال: تمنوا. فقال ابن الزبير: أتمنى الخلافة. وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم. وقال مصعب: أتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة، وسكنية بنت الحسين. فقال ابن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. فنالوا ما تمنوا ولعل ابن عمر قد غفر له.

وكان عبد الملك ودودًا لمصعب، وصديقًا.

قال علي بن زيد بن جدعان: بلغ مصعبًا شيء عن عريف الأنصار، فهم به، فأتاه أنس فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "استوصوا بالأنصار خيرًا اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" فألقى مصعب نفسه عن السرير، وألزق خده بالبساط، وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على العين والرأس؛ وتركه. أخرجه: أحمد

(1)

.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 240 - 241"، وابن سعد "2/ 253" من طرق عن حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته على بن زيد بن جدعان، ضعيف.

لكن صح عن أنس بن مالك مرفوعًا بلفظ: "إن الأنصار عيبتى التي أويت إليها، فأقبلوا محسنهم، واعفوا عن مسيئهم، فإنهم قد أدوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم". أخرجه البخاري "3799"، والنسائي في "الكبرى""8346"، والبيهقي "6/ 371" من طريق شعبة عن هشام بن زيد، عن أنس، به.

وأخرجه أحمد "3/ 176 و 272"، والبخاري "3801"، ومسلم "2510"، والترمذي "3907"، والنسائي في "فضائل الصحابة""230"، وأبو يعلى "2994"، والبغوي "3972" من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

ص: 74

قال مصعب الزبيري: أهديت لمصعب نخله من ذهب، عثاكلها من صنوف الجوهر، قومت بألفي ألف دينار وكانت للفرس، فدفعها إلى عبد الله بن أبي فروة.

قال أبو عاصم النبيل: كان ابن الزبير إذا كتب لأحد بجائزة ألف درهم، جعلها مصعب مائة ألف.

وقد سئل سالم: أي ابني الزبير أشجع؟ قال: كلاهما، جاء الموت وهو ينظر إليه.

وقيل: تذاكروا الشجعان، فقال عبد الملك: أشجع العرب من ولي العراقين خمس سنين، فأصاب ثلاثة آلاف ألف، وتزوج بنت الحسين، وبنت طلحة، وبنت عبد الله بن عامر وأمه رباب بنت أنيف الكلبي، سيد ضاحية العرب، وأعطي الأمان، فأبى، ومشى بسيفه حتى قتل.

قال عبد الملك بن عمير: رأيت بقصر الكوفة رأس الحسين الشهيد، ثم رأس ابن زياد، ثم رأس المختار ثم رأس مصعب بين يدي عبد الملك.

قتل مصعب يوم نصف جمادى الأولى، سنة اثنتين وسبعين، وله أربعون سنة. وكان مصعب قد سار ليأخذ الشام. فقصده عبد الملك، فوقع بينهما ملحمة كبرى بدير الجاثليق، بقرب أوانا

(1)

، وكان قد كاتب عبد الملك جماعة من الوجوه، يمينهم ويعدهم إمرة العراق وإمرة العجم، فأجابوه، إلَّا إبراهيم بن الأشتر، فأتى مصعبًا بكتابه، وفيه: إن بايعتني، وليتك العراق. وقال: قد كتب إلى أصحابك فأطعني، واضرب أعناقهم. قال: إذًا تغضب عشائرهم. قال: فاسجنهم. قال: فإني لفي شغل عن ذلك يرحم الله الأحنف إن كان ليحذر غدر العراقيين. وقيل: قال لهم قيس بن الهيثم: ويحكم! لا تدخلوا أهل الشام عليكم منازلكم. وأشار ابن الأشتر بقتل زياد بن عمرو، ومالك بن مسمع. فلما التقى الجمعان، لحقوا بعبد الملك، وهرب عتاب بن ورقاء، وخذلوا مصعبًا. فقال ابن قيس الرقيات:

إن الرزية يوم مسك

ن والمصيبة والفجيعة

(1)

دير الجاثليق، دير قديم رحب الفناء من ناحية مسكن قرب بغداد في غربي دجلة، وهو رأس الحدبين السواد وأرض تكريت، وأوانا: بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة من نواحي دجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت، وكثيرًا ما يذكرها الخلعاء في أشعارهم. قاله ياقوت في معجم البلدان.

ص: 75

بابن الحواري الذي

لم يعده يوم الوقيعه

غدرت به مضر العراق

وأمكنت منه ربيعه

فأصبت وترك يا ربي

ع وكنت سامعة مطيعة

يالهف لو كانت له

بالدير يوم الدير شيعه

أو لم يخونوا عهده

أهل العراق بنو اللكيعه

لوجدتموه حين يج

در لا يعرس بالمضيعه

وجعل مصعب كما قال لمقدم من جيشه: تقدم لا يطيعه.

فقيل: أخبر عبد الله بن خازم السلمي أمير خراسان بمسير مصعب إلى عبد الملك، فقال: أمعه عمر بن عبيد الله التيمي؟ قيل: لا، ذاك استعمله على فارس. قال: أفمعه المهلب بن أبي صفرة؟ قيل: لا، ولاه الموصل قال: أمعه عباد بن حصين؟ قيل: استعمله على البصرة فقال: وأنا هنا ثم تمثل:

خذيني وجربني ضباع وأبشري

بلحم امرئ لم يشهد يوم ناصره

قال الطبري: فقال مصعب لابنه عيسى: اركب بمن معك إلى عمك أمير المؤمنين، فأخبره بما صنع أهل العراق ودعني فإني مقتول قال: لا أخبر قريشًا عنك أبدًا، ولكن سر إلى البصرة فهم على الطاعة أو الحق بأمير المؤمنين قال: لا تتحدث قريش أنني فررت لخذلان ربيعة وما السيف بعار وما الفرار لي بعادة، ولا خلق ولكن إن أردت أن ترجع فارجع فقاتل فرجع فقاتل حتى قتل وبعث إليه عبد الملك مع أخيه محمد إني يا ابن العم أمنتك قال: مثلي لا ينصرف عن هذا المقام إلَّا غالبًا أو مغلوبًا فقيل: أثخنوه بالسهام، ثم طعنه زائدة الثقفي -وكان من جنده- وقال: يا لثارات المختار. وقاتل قتلة ابن الأشتر حتى قتل واستولى عبد الملك على المشرق.

ص: 76

‌417 - بشر بن مروان

(1)

:

ابن الحكم الأموي أحد الأجواد. ولي العراقين لأخيه عند مقتل مصعب. وداره بدمشق عند عقبة الكتان.

روى ابن جدعان، عن الحسن قال: قدم علينا بشر البصرة، وهو أبيض، أخو خليفة وابن خليفة. فأتيته فقال الحاجب: من أنت؟ قال: حسن البصري، قال: ادخل، وإياك أن تطل ولا تمله فأدخل فإذا هو على سرير، عليه فرش قد كاد أن يغوص فيها، ورجل بالسيف واقف على رأسه فقال: من أنت قلت: الحسن "البصري الفقيه" فأجلسني ثم قال: ما تقول في زكاة أموالنا؟ ندفعها إلى السلطان أم إلى الفقراء؟ قلت: أيهما فعلت أجزأ عنك.

فتبسم وقال: لشيء ما يسود من يسود. ثم عدت إليه من العشي وإذا هو انحدر من سريره يتململ وحوله الأطباء. ثم عدت من الغد والناعية تنعاه ودوابه قد جزت نواصيها ووقف الفرزدق على قبره ورثاه بأبيات فما بقي أحد إلَّا بكى.

قال خليفة: مات بالبصرة سنة خمس وسبعين وله نيف وأربعون سنة.

وقيل: إنه كتب إلى أخيه: إنك شغلت إحدى بالعراق، وبقيت الأخرى فارغة. فكتب إليه بولاية الحرمين اليمن. فما جاءه الكتاب إلَّا وقد وقعت القرحة في يمينه. فقيل: اقطعها من المفصل فجزع فبلغت المرفق ثم أصبح وقد بلغت الكتف ومات فجزع عليه عبد الملك وأمر الشعراء فرثوه.

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 141"، العبر "1/ 86" النجوم الزاهرة "1/ 191"، شذرات الذهب "1/ 83".

ص: 76

‌418 - شبيب بن يزيد

(1)

:

ابن أبي نعيم الشيباني، رأس الخوارج بالجزيرة، وفارس زمانه. بعث لحربه الحجاج خمسة قواد، فقتلهم واحدًا بعد واحد، ثم سار إلى الكوفة، وحاصر الحجاج، وكانت زوجته غزالة عديمة النظير في الشجاعة فعير الحجاج شاعر فقال:

أسد علي وفي الحروب نعامة

فتخاء تنفر من صفير الصافر

هلا برزت إلى غزالة في الوغى

بل كان قلبك في جناحي طائر

وكانت أم شبيب جهيزة تشهد الحرب.

قال رجل: رأيت شبيبًا دخل المسجد فبقي المسجد يرتج له، وعليه جبة طيالسة. وهو طويل، أشمط، جعد آدم.

غرق شبيب، في القتال بدجيل. سنة سبع وسبعين، وله إحدى وخمسون سنة. قيل: حضر عتبان الحروري عند عبد الملك بن مروان، فقال: أنت القائل:

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 160" النجوم الزاهرة "1/ 196".

ص: 77

فإن يك منكم كان مروان وابنه

وعمرو ومنكم هاشم وحبيب

فمنا حصين والبطين وقعنب

ومنا أمير المؤمنين شبيب؟

فقال: إنما قلت: "ومنا أمير المؤمنين شبيب" على النداء، فأعجبه، وأطلقه.

ولما غرق، قيل لأمه، فقالت: لما ولدته، رأيت كأنه خرج مني شهاب نار، فعلمت أنه لا يطفئه إلَّا الماء.

وكان قد خرج صالح بن مسرح العابد التميمي بدارًا، وله أصحاب يفقههم، ويقص عليهم، ويذم عثمان وعليًا، وكأدب الخوارج، ويقول: تأهبوا لجهاد الظلمة، ولا تجزعوا من القتل في الله، فالقتل أسهل من الموت، والموت لا بد منه. فأتاه كتاب شبيب يقول: إنك شيخ المسلمين، ولن نعدل بك أحدًا، وقد استجبت لك، والآجال غادية ورائحة، ولا آمن أن تخترمني المنية، ولم أجاهد الظالمين، فيا له غبنًا، ويا له فضلًا متروكًا، جعلنا الله ممن يريد الله بعمله. ثم أقبل هو وأخوه مصاد، والمحلل بن وائل، وإبراهيم بن حجر، والفضل بن عامر الذهلي، إلى صالح فصاروا مائة وعشرة أنفس، ثم شدوا على خيل لمحمد بن مروان، فأخذوها وقويت شوكتهم. فسار لحربهم عدي بن عدي بن عميرة الكندي، فالتقوا فانهزم عدي وبعده مديدة توفي صالح من جراحات سنة ست وتسعين وعهد إلى شبيب فهزم العساكر وعظم الخطب وهجم على الكوفة وقتل جماعة أعيان فندب الحجاج لحربه زائدة بن قدامة الثقفي فالتقوا فقتل زائدة ودخلت غزالة جامع الكوفة وصلت وردها وصعدت المنبر ووفت نذرها وهزم شبيب جيوش الحجاج مرات، وقتل عدة من الأشراف وتزلزل له عبد الملك، وتحير الحجاج في أمره وقال: أعياني هذا وجمع له جيشًا كثيفًا نحو خمسين ألفًا.

وعرض شبيب جنده، فكانوا ألفًا، وقال: يا قوم، إن الله نصركم وأنتم مائة فأنتم اليوم مئون ثم ثبت معه ست مئة فحمل في مئتين على الميسرة هزمها ثم قتل مقدم العساكر عتاب بن ورقاء التميمي. فلما رآه شبيب صريعًا، توجع له فقال خارجي له: يا أمير المؤمنين، تتوجع لكافر؟! ثم نادى شبيب برفع السيف ودعا إلى طاعته فبايعوه ثم هربوا في الليل.

ثم جاء المدد من الشام فالتقاه الحجاج بنفسه فجرى مصاف لم يعهد مثله، وثبت الفريقان وقتل مصاد أخو شبيب وزوجته غزالة ودخل الليل وتقهقر شبيب وهو يخفق رأسه، والطلب في أثره ثم فتر الطلب عنهم وساروا إلى الأهواز، فبرز متوليها محمد بن موسى بن طلحة، فبارز شبيبًا، فقتله شبيب، ومضى إلى كرمان، فأقام شهرين، ورجع، فالتقاه سفيان بن أبرد الكلبي وحبيب الحكمي على جسر دجيل فاقتتلوا حتى دخل الليل فعبر شبيب على الجسر فقطع به فغرق وقيل: بل نفر به فرسه فألقاه في الماء سنة سبع وسبعين وعليه الحديد فقال: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم} [يس: 38]، وألقاه دجيل إلى الساحل ميتًا، وحمل إلى الحجاج، فشق جوفه، وأخرج قلبه فإذا داخله قلب آخر.

ص: 78

‌419 - شبث بن ربعي

(1)

:

التميمي اليربوعي، أحد الأشراف والفرسان، وكان ممن خرج على علي، وأنكر عليه التحكيم، ثم تاب وأناب.

وحدث عن: علي، وحذيفة. وعنه: محمد بن كعب القرظي، وسليمان التيمي له حديث واحد في "سنن أبي داود".

قال الأعمش: شهدت جنازة شبث، فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة، والجمال على حدة

، وذكر الأصناف. قال: ورأيتهم ينوحون، عليه ويلتدمون

(2)

.

قلت: كان سيد تميم هو والأحنف.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 216"، التاريخ "4/ ترجمة 2755"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1695"، الكاشف "2/ ترجمة 2252"، والعبر "1/ 44"، تهذيب التهذيب "4/ 303"، الإصابة "2/ ترجمة 3955"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2994".

(2)

يلتدمون: يضربن صدورهن ووجوهن.

ص: 79

‌420 - عبد الله بن صفوان

(1)

: " م، س، ق"

ابن أمية بن خلف، أبو صفوان الجمحي، المكي. من أشراف قريش، لا صحبة له. يقال: ولد أيام النبوة.

وروى عن: أبيه، وعمر، وأبي الرداء، وحفصة.

وعنه: حفيده؛ أمية بن صفوان، وابن أبي ملكية، وعمرو بن دينار، والزهري وسالم بن أبي الجعد وله دار بدمشق.

قيل: حج معاوية، فتلقاه ابن صفوان على بعير، فساير معاوية، فقال الشاميون: من هذا الأعرابي؟ فقدم لمعاوية ألفي شاة.

وكان سيد أهل مكة في زمانه لحلمه وسخائه وعقله.

قتل مع ابن الزبير وهو متعلق بالأستار.

قال يحيى بن سعيد الأنصاري: جاؤوا إلى المدينة برأس ابن صفوان، ورأس ابن الزبير، ورأس عبد الله بن مطيع.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 465"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 353"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 389"، الاستيعاب "3/ 927"، أسد الغابة "3/ 185"، الكاشف "2/ ترجمة 2817" تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3360"، تاريخ الإسلام "3/ 176"، الإصابة "2/ ترجمة 6177"، تهذيب التهذيب "5/ 265"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3574".

ص: 79

‌421 - قطري بن الفجاءة

(1)

:

الأمير، أبو نعامة التميمي، المازني، البطل المشهور، رأس الخوارج. خرج زمن ابن الزبير وهزم الجيوش واستفحل بلاؤه.

جهز إليه الحجاج جيشًا بعد جيش، فيكسرهم، وغلب على بلاد فارس، وله وقائع مشهودة، وشجاعة ولم يسمع بمثلها، وشعر فصيح سائر. فله:

أقول لها وقد طارت شعاعًا

من الأبطال: ويحك لن تراعي

فإنك لو سألت بقاء يوم

على الأجل الذي لك لم تطاعي

فصبرًا في مجال الموت صبرًا

فما نيل الخلود بمستطاع

ولا ثوب الحياة بثوب عز

فيطوي عن أخي الخنع اليراع

سبيل الموت غاية كل حي

وداعيه لأهل الأرض داعي

ومن لم يعتبط يهرم ويسأم

وتسلمه المنون إلى انقطاع

وما للمرء خير في حياة

إذا ما عد من سقط المتاع

واسم الفجاءة: جعونة بن مازن. بقي قطري يحارب نيف عشرة سنة، ويسلم عليه بالخلافة. استوفى المبرد في "كامله" أخباره إلى أن سار لحربه سفيان بن الأبرد الكلبي، فانتصر عليه، وقتله. وقيل: عثر به الفرس، فانكسرت فخذه بطبرستان، فظفروا به، وحمل رأسه سنة تسع وسبعين إلى الحجاج. وكان خطيبًا بليغًا كبير المحل من أفراد زمانه.

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 203"، النجوم الزاهرة "1/ 197"، شذرات الذهب "1/ 86".

ص: 80

‌422 - الحارث الأعور

(1)

: " (4) "

هو العلامة، الإمام، أبو زهير الحارث بن عبد الله بن كعب بن أسد الهمداني، الكوفي، صاحب علي وابن مسعود. كان فقيهًا، كثير العلم، على لين في حديثه.

حدث عنه: الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم.

وقد جاء أن أبا إسحاق سمع من الحارث أحاديث، وباقي ذلك مرسل.

قال أبو بكر بن أبي داود: كان الحارث أفقه الناس، وأحسب الناس، تعلم الفرائض من علي، رضي الله عنه.

قال محمد بن سيرين: أدركت أهل الكوفة وهم يقدمون خمسة: من بدأ بالحارث الأعور، ثنى بعبيدة السلماني ومن بدأ بعبيدة، ثنى بالحارث، ثم علقمة، ثم مسروق، ثم شريح.

قلت: قد كان الحارث من أوعية العلم، ومن الشيعة الأول. وكان يقول: تعلمت القرآن في سنتين والوحي في ثلاث سنين.

فأما قول الشعبي الحارث كذاب، فمحمول على أنه عنى بالكذب الخطأ لا التعمد وإلا فلماذا يروي عنه ويعتقده بتعمد الكذب في الدين؟! وكذا قال علي بن المديني، وأبو خيثمة: هو كذاب وأما يحيى بن معين، فقال: هو ثقة وقال مرة: ليس به بأس. وكذا قال الإمام النسائي: ليس به بأس، وقال أيضًا: ليس بالقوي وقال أبو حاتم: لا يحتج به. ثم إن النسائي وأرباب السنن احتجوا بالحارث وهو ممن عندي وقفة في الاحتجاج به.

قال علباء بن أحمر: خطب علي الناس، فقال: يا أهل الكوفة، غلبكم نصف رجل.

قال شعبة: لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلَّا أربعة أحاديث.

وروى منصور، عن إبراهيم، قال: الحارث اتهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 168"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2437"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 363"، المجروحين لابن حبان "1/ 222"، ميزان الاعتدال "1/ 435"، تهذيب التهذيب "2/ 145"، خلاصة الخزرجي ترجمة "1142".

ص: 81

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: ما سمع من الحارث -يعني: أبا إسحاق- إلَّا أربعة أحاديث، وسائر ذلك الكتاب أخذه.

وروى أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، قال: لم يكن الحارث يصدق عن علي في الحديث. وقال جرير بن عبد الحميد: كان زيفًا. وقال ابن معين أيضًا في رواية ثالثة عنه: ضعيف. وكذا قال: الدارقطني. وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.

وروى يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، ترجيح حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث فقال: كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الحارث.

قال عثمان الدارمي: لا يتابع يحيى بن معين على قوله في الحارث: إنه ثقة.

قال حصين، عن الشعبي: ما كذب على أحد من هذه الأمة ما كذب على علي.

وروى مفضل بن مهلهل، عن مغيرة، سمع الشعبي يقول: حدثني الحارث الأعور وأشهد أنه أحد الكذابين.

قال بندار: أخذ يحيى بن سعيد وابن مهدي القلم من يدي فضربا على نحو من أربعين حديثًا: من حديث الحارث، عن علي.

وقال أبو حاتم بن حبان: كان الحارث غاليًا في التشيع، واهيًا في الحديث، هو الراوي عن علي: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تفتحن على الإمام في الصلاة" رواه: الفريابي، عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عنه

(1)

وإنما ذا قول علي.

وخرج البخاري في كتاب "الضعفاء" لمحمد بن يعقوب بن عباد عن محمد بن داود عن إسماعيل عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

ضعيف: أخرجه أبو داود "908" حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، لا تفتح على الإمام في الصلاة".

وقال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها".

قلت: والعلة الثانية: هي ضعف الحارث بن عبد الله الأعور، وقد رماه الشعبي وابن المديني بالكذب. قال أيوب: كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروي عن علي باطل.

وقال ابن حبان: كان الحارث غالبًا في التشيع، واهيًا في الحديث، وهو الذي روى عن علي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث فذكره، وإنما هو قول علي.

ص: 82

"أنين المريض تسبيحه، وصياحه تهليله: ونومه عبادة، ونفسه صدقة، وتقلبه قتال لعدوه" الحديث.

فهذا حديث منكر جدًا، ما أظن أن إسرائيل حدث بذا. وقد استوفيت ترجمة الحارث في "ميزان الاعتدال"، وأنا متحير فيه. وتوفي: سنة خمس وستين، بالكوفة.

أخبرنا محمد بن عبد السلام الشافعي، عن عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أنبأنا أحمد بن علي، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي، قال:"لعن محمد صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، والواشمة، والمستوشمة، والحال، والمحلل له، ومانع الصدقة ونهى عن النوح"

(1)

مجالد أيضًا لين.

(1)

ضعيف بهذا التمام: لكن جاءت معظم فقرات الحديث بألفاظ صحيحة؛ فقد ورد عند مسلم "1598" عن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء".

وورد عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله" أخرجه أحمد "1/ 433 - 434 و 443"، والحميدي "97"، والبخاري "4886" و "4887" و "5943" و "5948"، ومسلم "2125"، والنسائي "8/ 146"، وابن ماجه "1989" والدارمي "2/ 279"، والبغوي "3191" من طرق عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به.

وورد عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب". أخرجه مسلم "934"، والحاكم "1/ 383"، والطبراني في "الكبير""3425" و "3426"، والبيهقي "4/ 63"، وأحمد "5/ 342 و 343 و 344"، والبغوي "1533" من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري، به، وأخرجه عبد الرزاق "3/ 6686"، ومن طريقه ابن ماجه مختصرًا "1581" عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأعشري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ص: 83

‌423 - الحارث بن سويد

(1)

: " ع"

التيمي الكوفي، إمام، ثقة، رفيع المحل.

حدث عن: عمر، وابن مسعود، وعلي ويكنى: أبا عائشة.

روى عنه: إبراهيم التيمي، وأشعث بن أبي الشعثاء، وعمارة بن عمير، وجماعة. وهو قليل الحديث، قديم الموت، قد ذكره أحمد بن حنبل، فعظم شأنه، ورفع من قدره وقال ابن معين: ثقة. وقال ابن سعد: مات في آخر خلافة ابن الزبير.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2446"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 350"، الحلية لأبي نعيم "4/ 126"، الكاشف "1/ ترجمة 865" تجريد أسماء الصحابة "ترجمة 951"، تهذيب التهذيب "2/ 143"، الإصابة "1/ ترجمة 1921"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1137".

ص: 83

‌424 - عبيد بن عمير

(1)

: " ع"

ابن قتادة الليثي الجندعي المكي، الواعظ، المفسر. ولد: في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحدث عن: أبيه، وعن عمر بن الخطاب، وعلي، وأبي ذر، وعائشة وأبي موسى الأشعري وابن عباس وطائفة.

حدث عنه: ابنه؛ عبد الله بن عبيد، وعطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، وعمرو بن دينار، وعبد العزيز بن رفيع، وأبو الزبير، وجماعة.

وكان من ثقات التابعين وأئمتهم بمكة. وكان يذكر الناس، فيحضر ابن عمر رضي الله عنهما مجلسه.

روى حماد بن سلمة، عن ثابت، قال: أول من قص عبيد بن عمير على عهد عمر بن الخطاب.

أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: دخلت أنا وعبيد ابن عمير على عائشة، فقالت له: خفف، فإن الذكر ثقيل، تعني: إذا وعظت.

وقال عبد الواحد بن أيمن: رأيت عبيد بن عمير، وله جمة إلى قفاه، ولحيته صفراء. قلت: هو من خضاب السنة.

توفي قبل ابن عمر بأيام يسيرة. وقيل: توفي في سنة أربع وسبعين.

وكان ابنه عبد الله من علماء المكيين. وكان حفيده محمد بن عبد الله المعروف بالمحرم ضعيفًا حدث عن عطاء وجماعة لحقه داود بن عمرو الضبي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 463"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1479"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1896"، حلية الأولياء "3/ 266 - 279"، الإسيتعاب "3/ 1018"، أسد الغابة "3/ 353" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، تهذيب التهذيب "7/ 71"، الإصابة "3/ ترجمة 6242"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4647".

ص: 84

‌425 - فابنه

(1)

: " م، (4) "

عبد الله بن عبيد، يكنى أبا هاشم. ما روى له البخاري شيئًا.

يروي عن: عائشة أيضًا، وابن عباس، وابن عمر.

وعنه: ابن جريج، وجرير بن حازم، والأوزاعي، وثقه: أبو حاتم. توفي: سنة ثلاث عشرة ومائة، بمكة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 474"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 430"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة رقم 467"، حلية الأولياء "3/ 354"، تهذيب التهذيب "5/ 308"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3640".

ص: 85

‌426 - عمرو بن ميمون

(1)

: " ع"

الأودي المذحجي الكوفي، الإمام، الحجة، أبو عبد الله. أدرك الجاهلية، وأسلم في الأيام النبوية، وقدم الشام مع معاذ بن جبل، ثم سكن الكوفة.

حدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، ومعاذ، وأبي هريرة، وأبي أيوب الأنصاري، وطائفة.

روى عنه: الشعبي، وأبو إسحاق، وحصين بن عبد الرحمن، وعبدة بن أبي لبابة، ومحمد بن سوقه وسعيد بن جبير، وآخرون.

أبو إسحاق: عن عمرو بن ميمون، عن معاذ، قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له: عفير.

أحمد في "المسند": حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، حدثني عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون بن الأودي، قال: قدم علينا معاذ اليمن، رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشحر، رافعًا صوته بالتكبير، أجش الصوت، فألقيت محبتي عليه، فما فارقته حتى حثوت عليه من التراب. ثم نظرت في أفقه الناس بعده، فأتيت ابن مسعود. رواه: أبو خيثمة عن الوليد ابن مسلم، وقال: فألقيت علي محبته

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 117"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2659"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1422"، حلية الأولياء "4/ 148"، الاستيعاب "3/ 1205"، أسد الغابة "4/ 134"، الكاشف "2/ ترجمة 4304"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4521"، تهذيب التهذيب "8/ 109"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 5394".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 231"، وأبو داود "432" وتمام الحديث: "

فألقيت عليه محبتي

فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتًا، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات فقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بكم إذا أنت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير مياقتها؟ قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة".

ص: 85

"خ" نعيم بن حماد: حدثنا هشيم، عن أبي بلج، وحصين، عن عمرو بن ميمون قال: رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة، فرجموها فرجمتها معهم

(1)

.

شبابة: حدثنا عبد الملك بن مسلم، حدثنا عيسى بن حطان، قال: حدثنا عمرو بن ميمون قال: كنت في حرث، فرأيت قرودًا كثيرة قد اجتمعن، فرأيت قردًا وقردة قد اضطجعا، ثم أدخلت القردة، يدها تحت عنق القرد، واعتنقها وناما. فجاء قرد، فغمزها، فنظرت إليه، وانسلت يدها من تحت رأس القرد ثم انطلقت معه غير بعيد فنكحها وأنا أنظر ثم رجعت إلى مضجعها فذهبت تدخل يدها تحت عنق القرد فانتبه فقام إليها فشم دبرها. قال: فاجتمعت القردة، فجعل يشير إليها فتفرقت القردة، فلم ألبث أن جيء بذلك القرد بعينه -أعرفه- فانطلقوا بها وبه إلى موضع كثير الرمل فحفروا لهما حفيرة، فجعلوهما فيها، ثم رجموهما حتى قتلوهما

(2)

.

رواه عبد الله بن أبي جعفر الرازي، عن عبد الملك، نحوه.

عمرو، وثقه يحيى بن معين، وأحمد العجلي.

قال أبو إسحاق: حج عمرو بن ميمون ستين مرة، من بين حجة وعمرة. وفي رواية: مائة مرة.

منصور، عن إبراهيم، قال: لما كبر عمرو بن ميمون، أوتد له في الحائط، فكان إذا سئم من القيام، أمسك به، أو يتعلق بحبل.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3849" حدثنا نعيم بن حماد، به.

(2)

أورد ابن حجر الحديث في "الفتح""7/ 160" ثم قال في إثره: قال ابن التين: لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مسخوا فبقي فيهم ذلك الحكم. ثم قال إن الممسوخ لا ينسل. قلت: وهذا هو المعتمد لما ثبت في صحيح مسلم: أن الممسوخ لا نسل له" وعنده من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "إن الله لم يهلك قومًا فيجعل لهم نسلًا" ثم قال الحافظ في "الفتح" "7/ 160": "وقد استنكر ابن عبد البر قصة عمرو بن ميمون هذه وقال: فيها إضافة الزنى إلى غير مكلف وإقامة الحد على البهائم وهذا منكر عند أهل العلم.

يقول محمد أيمن الشبراوي: هذا الحديث منكر، فالقصة بطولها مدارها على عبد الملك بن مسلم الرقاشي، عن عيسى بن حطان، وكلاهما لا يحتج بهما كما قال الذهبي عنهما في ترجمتيهما في "الميزان".

ص: 86

يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه: كان عمرو بن ميمون إذا رئي، ذكر الله.

عباد بن العوام: حدثنا عاصم بن كليب، قال: رأيت عمرو بن ميمون، وسويد بن غفلة التقيا، فاعتنقا.

أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: شهدت عمر غداة طعن، فكنت في الصف الثاني.

هشيم، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون: أنه كان لا يتمنى الموت، يقول: إني أصلي في اليوم كذا، وكذا، حتى أرسل إليه يزيد بن أبي مسلم، فتعنته ولقي منه شدة فكان يقول: اللهم ألحقني بالأخيار، ولا تخلفني مع الأشرار، واسقني من عذب الأنهار.

قال الفلاس، وغيره: مات سنة خمس وسبعين. وقيل سنة ست.

وقال أبو نعيم، وغيره: مات سنة أربع وسبعين.

ص: 87

‌427 - شقيق بن سلمة

(1)

: " ع"

الإمام الكبير، شيخ الكوفة، أبو وائل الأسدي؛ أسد خزيمة، الكوفي. مخضرم، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وما رآه.

وحدث عن: عمر، وعثمان، وعلي، وعمار، ومعاذ، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وأبي موسى، وحذيفة، وعائشة، وخباب، وأسامة بن زيد، والأشعث بن قيس، وسلمان بن ربيعة، وسهل بن حنيف، وشيبة بن عثمان، وعمرو بن الحارث المصطلقى، وقيس بن أبي غرزة، وأبي هريرة، وأبي الهياج الأسدي، وخلق سواهم.

ويروى عن أقرانه: كمسورق، وعلقمة وحمران بن أبان. وكان من أئمة الدين.

وقيل: إنه روى عن أبي بكر الصديق.

حدث عنه: عمرو بن مرة، وحبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتبة، وواصل الأحدب، وحماد الفقيه، وعبدة بن أبي لبابة، وعاصم بن بهدلة، وأبو حصين، وأبو إسحاق، ونعيم بن

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 96 و 180"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2681"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1613"، حلية الأولياء "4/ 101"، تاريخ بغداد "9/ 268"، الاستيعاب "2/ 710" و "4/ 177"، أسد الغابة "3/ 3"، تذكرة الحفاظ "1/ 60"، الكاشف "2/ ترجمة 2322" تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2731"، تهذيب التهذيب "4/ 361"، الإصابة "2/ ترجمة 3982"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2974".

ص: 87

أبي هند، ومنصور، والأعمش، ومغيرة، وعطاء بن السائب، وزبيد اليامي، وسيار أبو الحكم، ومحمد بن سوقة، والعلاء بن خالد، وأبو هاشم الرماني، وأبو بشر، وخلق كثير.

روى الزبرقان السراج، عن أبي وائل، قال: إني أذكر وأنا ابن عشر في الجاهلية أرعى غنمًا أو قال إبلًا لأهلي حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، قال: أدركت سبع سنين من سني الجاهلية.

وكيع، عن أبي العنبس: قلت لأبي وائل: هل أدركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وأنا غلام أمرد، ولم أره.

وروى مغيرة، عن أبي وائل، قال: أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته بكبش، فقلت: خذ صدقة هذا. قال: ليس في هذا صدقة.

وقال الأعمش: قال لي شقيق بن سلمة: يا سليمان، لو رأيتنا ونحن هراب من خالد بن الوليد يوم بُزَاخة، فوقعت عن البعير، فكادت تندق عنقي، فلو مت يومئذ، كانت النار. قال: وكنت يومئذ ابن إحدى عشرة سنة. وفي نسخة: ابن إحدى وعشرين سنة وهو أشبه.

قلت: كونه جاء بالكبش ثم هرب من خالد، يؤذن بارتداده، ثم مَنَّ الله عليه بالإسلام؛ ألَّا تراه يقول: لو مت يومئذ كانت النار؟ فكانت الله به عناية.

وروى يزيد بن أبي زياد، عن أبي وائل: أنا أكبر من مسروق.

محمد بن فضيل: عن أبيه، عن أبي وائل: أنه تعلم القرآن في شهرين.

وقال عمرو بن مرة: من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود؟ قال: أبو وائل.

قال الأعمش: قال لي إبراهيم النخعي: عليك بشقيق، فإني أدركت الناس وهم متوافرون وإنهم ليعدونه من خيارهم.

وروى مغيرة، عن إبراهيم -وذكر عنده أبو وائل- فقال: إني لأحسبه ممن يدفع عنا به. وعنه، قال: أما إنه خير مني.

قال عاصم بن أبي النجود: ما سمعت أبا وائل سب إنسان قط، ولا بهيمة.

قال الثوري، عن أبيه، سمع أبا وائل سئل: أنت أكبر أو الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سنًا وهو أكبر مني عقلًا.

ص: 88

وقال عاصم: كان عبد الله إذا رأى أبا وائل، قال: التائب. قال: كان أبو وائل يحب عثمان.

روى حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، قال: قيل لأبي وائل: أيهما أحب إليك علي أو عثمان؟، قال: كان علي أحب إلي ثم صار عثمان أحب إلي من علي.

وقال إسحاق بن منصور، عن ابن معين: أبو وائل ثقة، لا يسأل عن مثله. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.

أبو معاوية، عن الأعمش، قال لي أبو وائل: يا سليمان، ما في أمرئنا هؤلاء واحدة من اثنتين: ما فيهم تقوى أهل الإسلام، ولا عقول أهل الجاهلية.

عمرو بن عبد الغفار، عن الأعمش: قال لي شقيق: نعم الرب ربنا، لو أطعناه ما عصانا.

أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا معرف بن واصل، قال: كنا عند أبي وائل فذكروا قرب الله من خلقه فقال نعم يقول الله تعالى: "ابن آدم ادن مني شبرًا أدن منك ذراعًا ادن من ذراعًا أدن منك باعًا أمش إلي أهرول إليك"

(1)

.

وبه إلى أبي نعيم، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أبو يحيى الرازي، حدثنا هناد حدثنا عبدة عن الزبرقان قال: كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج، وأذكر مساوئه، فقال: لا تسبه وما يدريك لعله قال: اللهم اغفر لي، فغفر له.

وبه حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني يوسف بن يعقوب الصفار، حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم، قال: كان أبو وائل إذا صلى في بيته ينشج نشيجًا ولو رجعت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه ما فعله.

(1)

هو في معنى الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ، ذكرته في ملإ خير منه، وإن اقترب إلي شبرًا، تقريب إليه ذراعًا، وإن اقترب إلي ذراعًا، اقتربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". أخرجه أحمد "2/ 251 و 413"، والبخاري "7405"، ومسلم "2675""21" واللفظ له، والترمذي "3603"، وابن ماجه "3822"، ابن خزيمة في "التوحيد""ص 7"، والبغوي "1251" من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.

ص: 89

قال مغيرة: كان إبراهيم التيمي يذكر في منزل أبي وائل، وكان أبو وائل ينتفض انتفاض الطير.

قال عاصم بن بهدلة: كان أبو وائل يقول لجارته: إذا جاء يحيى -يعني ابنه- بشيء، فلا تقبليه، وإذا جاء أصحابي بشيء فخذيه. وكان ابنه قاضيًا على الكناسة

(1)

قال: وكان لأبي وائل رحمه الله خص من قصب، يكون فيه هو وفرسه، فإذا غزا نقضه، وتصدق به، فإذا رجع أنشأ بناءه.

قلت: قد كان هذا السيد رأسًا في العلم والعمل.

قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: مات في زمن الحجاج، بعد الجماجم. وقال خليفة: مات بعد الجماجم، سنة اثنتين وثمانين. وأما قول الواقدي: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، فوهم. مات: في عشر المائة.

قال عاصم بن أبي النجود: قلت لأبي وائل: شهدت صفين؟ قال: نعم، وبئست الصفون كانت. فقيل له: أيهما أحب إليك علي أو عثمان؟ قال: علي ثم صار عثمان أحب إلي.

عامر بن شقيق، عن أبي وائل: استعملني ابن زياد على بيت المال، فأتاني رجل بصك: أن أعط صاحب المطبخ ثمان مائة درهم. فأتيت ابن زياد، فكلمته في الإسراف، فقال: ضع المفاتيح واذهب.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، وإسماعيل بن عبد الرحمن، قالا: أنبأنا عبد الله بن قدامة أنبانا أبو بكر بن النقور، أنبأنا علي بن محمد العلاف، أنبأنا أبو الحسن الحمامي، حدثنا عثمان بن أحمد، حدثنا بن عبيد الله ابن أبي داود، حدثنا أبو بدر، حدثنا سليمان بن مهران عن شقيق بن سلمة قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك"

(2)

.

(1)

الكناسة: محلة بالكوفة.

(2)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 387 و 442"، والبخاري "6488" والبغوي "4174" من طريق الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله مرفوعًا.

ص: 90

‌428 - زر بن حبيش

(1)

: " ع"

ابن حباشة بن أوس، الإمام، القدوة، مقرئ الكوفة مع السلمي، أبو مريم الأسدي، الكوفي، ويكنى أيضًا: أبا مطرف أدرك أيام الجاهلية.

وحدث عن: عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وعثمان، وعلي، وعبد الله، وعمار، والعباس، وعبد الرحمن بن عوف، وحذيفة بن اليمان، وصفوان بن عسال، وقرأ على: ابن مسعود وعلي.

وتصدر للإقراء، فقرأ عليه: يحيى بن وثاب وعاصم بن بهدلة، وأبو إسحاق، والأعمش، وغيرهم.

وحدثوا عنه: همن والمنهال، بن عمرو، وعبدة بن أبي لبابة، وعدي بن ثابت، وأبو إسحاق الشيباني، وأبو بردة بن أبي موسى، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون.

قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.

وقال عاصم: كان زر من أعرب الناس، كان ابن مسعود يسأله عن العربية.

وقال همام: حدثنا عاصم، عن زر قال: وفدت إلى المدينة في خلافة عثمان، وإنما حملني على ذلك الحرص على لقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت صفوان ابن عسال، فقلت له: هل رأيت رسول الله؟ قال: نعم، وغزوت معه ثنتي عشرة غزوة.

شيبان النحوي، عن عاصم، عن زر، قال: خرجت في وفد من أهل الكوفة، وايم الله إن حرضني على الوفادة إلَّا لقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدمت المدينة أتيت أبي بن كعب وعبد الرحمن بن عوف فكانا جليسي وصاحبي فقال: أبي يا زر، ما تريد أن تدع من القرآن آية إلَّا سألتني عنها؟

شعبة، عن عاصم، عن زر، قال: كنت بالمدينة في يوم عيد، فإذا عمر رضي الله عنه ضخم أصلع، كأنه على دابة مشرف.

حماد بن زيد، عن عاصم، عن زر، قال: لزمت عبد الرحمن بن عوف، وأبيًا. ثم قال

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 104"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1495"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2817"، حلية الأولياء ""4/ 181"، الاستيعاب "2/ 563"، أسد الغابة "2/ 300"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 40"، العير "1/ 95"، الكاشف "1/ ترجمة 1643"، تجريد اسماء الصحابة "1/ 189"، تهذيب التهذيب "3/ 321"، الإصابة "1/ ترجمة 2971"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2304".

ص: 91

عاصم: أدركت أقوامًا كانوا يتخذون هذا الليل جملًا، يلبسون المعصفر، ويشربون نبيذ الجر، لا يرون به بأسًا، منهم زر وأبو وائل.

قال أبو بكر بن عياش، عن عاصم: كان أبو وائل عثمانيًا، وكان زر بن حبيش علويًا، وما رأيت واحدًا منهما قط. تكلم في صحابه حتى ماتا وكان زر أكبر من أبي وائل فكانا إذا جلسا جميعًا لم يحدث أبو وائل مع زر يعني يتأدب معه لسنه.

قال إسماعيل بن أبي خالد: رأيت زر بن حبيش وإن لحييه ليضطربان من الكبر، وقد أتى عليه عشرون ومئة سنة.

وعن عاصم، قال: ما رأيت أحدًا أقرأ من زر.

قال أبو عبيد: مات زر سنة إحدى وثمانين. قال خليفة، والفلاس: مات سنة اثنتين وثمانين.

قال إسحاق الكوسج، عن يحيى بن معين: زر ثقة.

وقال لنا الحافظ أبو الحجاج في "تهذيبه": زر بن حبيش بن حباشة ابن أوس بن بلال -وقيل: هلال بدل بلال- ابن سعد بن حبال بن نصر بن غاضرة بن مالك بن ثعلبة بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، مخضرم، أدرك الجاهلية.

وروى عن: فسمى المذكورين، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي ذر، وعائشة، وعن: أبي وائل وهو من أقرانه.

روى عنه: بسرد المذكورين، وإبراهيم النخعي، وحبيب بن أبي ثابت، وزبيد اليامي وطلحة بن مصرف، وشمر بن عطية، والشعبي، وعبد الرحمن، ابن مرزوق الدمشقي، وعثمان بن الجهم وعلقمة بن مرثد وعيسى بن عاصم الأسدي وعيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو رزين مسعود بن مالك.

شيبان، عن عاصم، عن زر: قلت لأبي: يا أبا المنذر، اخفض لي جناحك، فإنما أتمتع منك تمتعًا.

محمد بن طلحة، عن الأعمش، قال: أدركت أشياخنا؛ زرًا، وأبا وائل، فمنهم: من عثمان أحب إليه من علي، ومنهم: من علي أحب إليه من عثمان، وكانوا أشد شيء تحابًا وتوادًا.

قيس بن الربيع، عن عاصم، قال: مر رجل على زر وهو يؤذن، فقال: يا أبا مريم، قد كنت أكرمك عن ذا. قال: إذا لا أكلمك حتى تلحق بالله.

ابن عيينة، عن إسماعيل: قلت لزر: كم أتى عليك؟ قال: أنا ابن مائة وعشرين سنة. وقال هشيم: بلغ زر مائة واثنتين وعشرين سنة. وقال الهيثم: مات قبل الجماجم. وقال أبو نعيم: مات سبع وعشرين ومائة.

وروى زكريا بن حكيم الحبطي، عن الشعبي: أن زرًا كتب إلى عبد الملك بن مروان كتابًا يعظه.

ص: 92

‌429 - عبد الله بن أبي الهذيل

(1)

: " م، ت، س"

القدوة، العابد، الإمام، أبو المغيرة العنزي، الكوفي.

روى عن: أبي بكر، وعمر مرسلًا. وعن: علي، وعمار، وأبي، وابن مسعود، وخباب، وأبي وهريرة، وعدة.

وعنه: واصل الأحدب، وأبو التياح الضبعي، وإسماعيل بن رجاء، وأجلح الكندي، وسلم بن عطية، وعطاء بن السائب، والعوام بن حوشب.

قال النسائي: ثقة.

وقال أبو التياح: ما رأيته إلَّا وكأنه مذعور. وقال العوام: قال ابن أبي الهذيل: إني لأتكلم حتى أخشى الله وأسكت حتى أخشى الله.

وروى الثوري، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، قال: أدركنا أقوامًا وإن أحدهم يستحيي من الله في سواد الليل قال الثوري: يعني التكشف.

أنبأنا ابن سلامة، عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا ابن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا عبيد الله بن عائشة، حدثنا حماد، عن أبي التياح، عن عبد الله بن أبي الهذيل عن عمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تقتلك الفئة الباغية"

(2)

تابعه عبد الوارث، عن أبي التياح.

يعلى بن عبيد: حدثنا الأجلح، عن ابن أبي الهذيل، قال: كنت عند عمر، فجيء، بشيخ نشوان في رمضان، قال: ويلك وصبياننا صيام فضربه ثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 115"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 727"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 908"، حلية الأولياء "4/ 358"، الكاشف "2/ ترجمة 3072"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 62"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3880".

(2)

حديث صحيح: سبق تخريجنا له مرارًا.

ص: 93

‌430 - مالك بن أوس

(1)

: " ع"

ابن الحدثان بن الحارث بن عوف، الفقيه، الإمام، الحجة، أبو سعد -ويقال: أبو سعيد- النصري، الحجازي، المدني، أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

وحدث عن: عمر، وعلي، وعثمانن وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن ابن عوف، والعباس، وسعد بن أبي وقاص، وطائفة،

حدث عنه: الزهري، ومحمد بن المنكدر، وعكرمة بن خالد، وأبو الزبير، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، ومحمد بن عمر بن عطاء، وسلمة بن وردان، وآخرون.

وشهد الجابية، وفتح بيت المقدس مع عمر.

قال الزهري: أخبرني مالك بن أوس: أن عمر دعاه. قال: فدخلت عليه، فإذا هو جالس على رمال سرير له، ليس بينه وبين الرمال فراش، فقال: يا مالك إنه قد قدم من قومك أهل أبيات حضروا المدينة، وقد أمرت لهم برضخ، فاقسمه بينهم. قلت: لو أمرت بذلك غيري قال: اقسمه أيها المرء.

قال البخاري: مالك بن أوس، قال بعضهم: له صحبة، ولا يصح قال: وقد ركب الخيل في الجاهلية قاله: الواقدي.

وروى ابن إسحاق، عن محمد بن عمر بن عطاء، عن مالك بن أوس، قال: كنت عريفًا في زمن عمر.

وقال ابن خراش، وغيره: ثقة.

قلت: كان مذكورًا بالبلاغة والفصاحة، وهو قليل الحديث.

قال أبو حفص الفلاس، وغير واحد: مات سنة اثنتين وتسعين.

قلت: لعله عاش مائة سنة. ذكره أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه".

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 56"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1296"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 896"، الاستيعاب "3/ 1346"، أسد الغابة "4/ 372"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 61"، الكاشف "3/ ترجمة 5334"، العبر "1/ 106"، تاريخ الإسلام "4/ 69"، تهذيب التهذيب "10/ 10"، الإصابة "3/ ترجة 7595"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6797".

ص: 94

‌431 - عمر بن عبيد الله

(1)

:

ابن معمر، الأمير، أبو حفص التيمي، من أشراف قريش. كان جوادًا، ممدحًا، شجاعًا، كبير الشأن، له فتوحات مشهودة، ولي البصرة لابن الزبير.

وحدث عن: ابن عمر، وجابر، وعنه: عطاء بن أبي رباح، وابن عون.

وولي إمرة فارس، ثم وفد على عبد الملك، وتوفي بدمشق. وكان مراهقًا عند مقتل عثمان. وكان يقال له: أحمر قريش يضرب بشجاعته المثل. وقد بعث مرة بألف دينار إلى ابن عمر، فقبلها، وقال: وصلته رحم. وقيل: إنه اشترى مرة جارية بمائة ألف فتوجعت لفراق سيدها، فقال له: خذها وثمنها.

قال المدائني: توفي سنة اثنتين وثمانين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2081"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 646"، تاريخ الإسلام "3/ 287".

ص: 95

‌432 - أبو عمرو الشيباني

(1)

: " ع"

اسمه سعد بن إياس الكوفي، من بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة. أدرك الجاهلية، وكاد أن يكون صحابيًا.

حدث عن: علي، وابن مسعود، وحذيفة، وطائفة.

روى عنه: منصور، والأعمش، وسليمان التيمي، والوليد بن العيزار، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبو معاوية عمرو بن عبد الله النخعي، وآخرون.

وعاش مائة عام وعشرين عامًا. فعنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى إبلًا بكاظمة. قال: وكنت يوم القادسية ابن أربعين سنة.

قال عاصم بن أبي النجود: كان أبو عمرو الشيباني يقرئ القرآن في المسجد الأعظم، فقرأت عليه، ثم سألته عن آية، فاتهمني بهوى.

وقال يحيى بن معين: كوفي، ثقة.

قلت: هو من رجال الكتب الستة. ومات: في خلافة الوليد بن عبد الملك -فيما أحسب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 104"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1920"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 340"، الاستيعاب "2/ 583"، أسد الغابة "2/ 270"، تاريخ الإسلام "4/ 83"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 62"، الكاشف "1/ ترجمة 1842"، تهذيب التهذيب "3/ 468" الإصابة "2/ ترجمة 3669"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2378".

ص: 95

‌433 - المعرور بن سويد

(1)

: " ع"

الإمام، المعمر، أبو أمية الأسدي، الكوفي.

حدث عن: ابن مسعود، وأبي ذر، جماعة. وعنه: واصل الأحدب، وسالم بن أبي الجعد، وعاصم بن بهدلة، ومغيرة اليشكري، وسليمان الأعمش.

وثقه يحيى بن معين. قال أبو حاتم: قال الأعمش: رأيته وهو ابن مائة وعشرين سنة، أسود الرأس واللحية.

قلت: توفي سنة بضع وثمانين.

‌434 - طلحة بن عبد الله

(2)

: " خ، (4) "

ابن عوف الزهري، قاضي المدينة زمن يزيد.

حدث عن: عمه؛ عبد الرحمن بن عوف، وعثمان، وسعيد بن زيد، وابن عباس، وعنه: سعد بن إبراهيم، والزهري، وأبو الزناد، وجماعة.

وكان شريفًا، جوادًا، حجة، إمامًا. يقال له: طلحة الندى.

مات سنة تسع وتسعين.

‌435 - أبو عثمان النهدي

(3)

: " ع"

الإمام، الحجة، شيخ الوقت، عبد الرحمن بن مل -وقيل: ابن ملي- ابن عمرو بن عدي البصري. مخضرم، معمرن أدرك الجاهلية والإسلام وغزا في خلافة عمر وبعدها غزوات.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 118"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2073"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1895"، الكاشف "3/ ترجمة 5649"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 59"، تاريخ الإسلام " 3/ 306 "تهذيب التهذيب" 10/ 230"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7423".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 160"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3074"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2078"، الكاشف "2/ ترجمة 2497"، تاريخ الإسلام "4/ 16"، تهذيب التهذيب "5/ 19"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3192".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 97"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 816"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1350"، تاريخ بغداد "10/ 202 - 205"، الاستيعاب "2/ 853"، و "4/ 1712"، أسد الغابة "3/ 324"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 56"، العبر "1/ 119"، الكاشف "2/ ترجمة 3367"، تاريخ الإسلام "4/ 82"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 546"/ الإصابة "3/ ترجمة 6379"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4258".

ص: 96

وحدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وبلال، وسعد ابن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأسامة بن زيد، وسعيد بن زيد، بن عمرو بن نفيل، وأبي هريرة، وابن عباس، وطائفة سواهم.

حدث عنه: قتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وسليمان التيمي، وأيوب السختياني، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وعمران بن حدير، وعلي بن جدعان، وحجاج بن أبي زينب، وخلق.

وشهد وقعة اليرموك. وثقه: علي بن المديني، وأبو زرعة، وجماعة، وقيل: أصله كوفي، وتحول إلى البصرة. وكانت هجرته من أرض قومه وقت استخلاف عمر وكان من سادة العلماء العاملين.

روى حميد الطويل، عنه قال: بلغت مائة وثلاثين سنة.

قلت: فعلى هذا، هو أكبر من أنس بن مالك، ومن سهل بن سعد الساعدي، نعم، ومن ابن عباس، وعائشة.

قال الحافظ أبو نصر الكلاباذي: أسلم أبو عثمان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، ولكنه أدى إلى عماله الزكاة.

قال يزيد بن هارون: حدثنا حجاج بن أبي زينب، سمعت أبا عثمان يقول: كنا في الجاهلية نعبد حجرًا، فسمعنا منادي ينادي: يا أهل الرحال، إن ربكم قد هلك، فالتمسوا ربًا. فخرجنا على كل صعب وذلول، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا منادي ينادي: إنا قد وجدنا ربكم أو شبهه فجئنا فإذا حجر فنحرنا عليه الجزر.

وروى عاصم الأحول، عن أبي عثمان، قال: رأيت يغوث صنمًا من رصاص، يحمل على جمل أجرد، فإذا بلغ واديًا، برك فيه، وقالوا: قد رضي لكم ربكم هذا الوادي.

أبو قتيبة: حدثنا أبو حبيب المروزي: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: حججت في الجاهلية حجتين.

ص: 97

عبد الرحيم بن سليمان، عن عاصم الأحول، قال: سئل أبو عثمان النهدي -وأنا أسمع: هل أدركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وأديت إليه ثلاث صدقات، ولم ألقه وغزوت على عهد عمر، وشهدت: اليرموك، والقادسية وجلولاء وتستر ونهاوند وأذربيجان، ومهران، ورستم.

عبد القاهر بن السري، عن أبيه، عن جده، قال: كان أبو عثمان من قضاعة، وسكن الكوفة، فلما قتل الحسين، تحول إلى البصرة، وقال: لا أسكن بلدًا قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وحج ستين مرة، ما بين حجة وعمرة وقال أتت علي ثلاثون ومائة سنة وما شيء إلَّا وقد أنكرته خلا أملي فإنه كما هو.

زهير بن محمد بن عاصم، عن أبي عثمان، قال: صحبت سلمان الفارسي ثنتي عشر سنة.

حماد، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، قال: أتيت عمر رضي الله عنه بالبشارة يوم نهاوند.

معتمرن، عن أبيه، قال: كان أبو عثمان النهدي يصلي حتى يغشى عليه.

وقال معاذ بن معاذ: كانوا يرون أن عبادة سليمان التيمي، من أبي عثمان النهدي أخذها.

أبو عمر الضرير: حدثنا معتمر، عن أبيه، قال: إني لأحسب أبا عثمان كان لا يصيب دنيا كان ليلة قائمًا ونهاره صائمًا وإن كان ليصلي حتى يغشى عليه.

عن عاصم الأحول، قال: بلغني أن أبا عثمان النهدي كان يصلي ما بين المغرب والعشاء مئة ركعة.

قال أبو حاتم: كان ثقة. وكان عريف قومه.

أبو نعيم: حدثنا أبو طالوت عبد السلام: رأيت أبا عثمان النهدي شرطيًا. قال المدائني، وخليفة بن خياط، وابن معين: ومات سنة مائة. وشذ أبو حفص الفلاس فقال مات سنة خمس وتسعين وقيل غير ذلك.

يقع حديثه عاليًا في: "جزء الأنصاري" وفي "الغيلانيات" وغير ذلك والله أعلم.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن الفقيه، وجماعة إذنًا قالوا: أنبأنا عمر ابن محمد، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبانا ابن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا موسى بن سهل، حدثنا علي بن عاصم، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان عن حذيفة بن اليمان قال خرج فتيه يتحدثون، فإذا هم بإبل معطلة، فقال بعضهم: كأن أرباب هذه ليسوا معها فأجابه بعير منها، فقال: إن أربابها حشروا ضحى.

وبه، قال أبو بكر الشافعي: حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا يزيد، أنبأنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وقفت على باب الجنة فإذا أكثر من يدخلها الفقراء وإن أهل الجد محبوسون"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6547"، ومسلم "2736"، ومسلم "2736" من طرق عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن أسامة بن زيد، به مرفوعًا.

ص: 98

‌436 - أبو الشعثاء

(1)

: " ع"

هو سليم بن أسود المحاربي، الفقيه، الكوفي، صاحب علي.

روى عن: علي، وشهد معه مشاهده. وعن: حذيفة وأبي ذر الغفاري، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وعائشة، وابن عمر وطائفة.

حدث عنه: ابنه؛ أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو صخرة، جامع بن شداد، وإبراهيم بن مجاهر، وحبيب بن أبي ثابت، وغيرهم.

متفق على توثيقه. وسئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال: لا يسأل عن مثله.

قيل: إن أبا الشعثاء المحاربي قتل يوم الزاوية مع ابن الأشعث سنة اثنتين وثمانين.

أما أبو الشعثاء "ع" عالم البصرة: فأصغر من هذا، وسيأتي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 195"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2176"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 910"، تاريخ الإسلام "3/ 252 و 318"، الكاشف "1/ ترجمة 2082"، العبر "1/ 95" تهذيب التهذيب "4/ 165"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2661".

ص: 99

‌437 - عباس بن ربيعة

(1)

: " ع"

النخعي. كوفي مخضرم، حجة.

حدث عن: علي، وعمر، وعائشة.

حدث عنه: ابناه؛ إبراهيم وعبد الرحمن، وإبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون. له أحاديث يسيره.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 122"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 367"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة رقم 191"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2961"، تهذيب التهذيب "5/ 37"، الإصابة "2/ ترجمة 4336".

ص: 99

‌438 - سعيد بن وهب

(1)

: " م، ن"

الهمداني الخيواني الكوفي. من كبراء شيعة علي.

حدث عن: علي، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وخباب.

أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولزم عليًا رضي الله عنه حتى كان يقال له: القراد؛ للزومه إياه.

وروى عن: سلمان، وابن عمر، والقاضي شريح.

روى عنه: أبو إسحاق، وولده؛ يونس بن أبي إسحاق، وطائفة.

وكان يخضب بالصفرة، وكان عريف قومه.

وحدث عنه أيضًا: ابنه؛ عبد الرحمن. له أحاديث. وثقه: يحيى بن معين.

مات في سنة ست وسبعين. كذا قلت في "تاريخ الإسلام". وقال ابن سعد: مات بالكوفة، في خلافة عبد الملك، سنة ست وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 170"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1731"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 294"، أسد الغابة "2/ 316"، تاريخ الإسلام "3/ 156" و "4/ 7"، الكاشف "1/ ترجمة 1990"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2346"، تهذيب التهذيب "4/ 95"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2530".

ص: 100

‌439 - جميل بن عبد الله

(1)

:

ابن معمر، أبو عمرو العذري الشاعر البليغ، صاحب بثينة، وما أحلى استهلاله حيث يقول:

ألا أيها النوام ويحكم هبوا

أسألكم هل يقتل الرجل الحب

ويحكى عنه: تصون، ودين، وعفة.

يقال: مات سنة اثنتين وثمانين. وقيل: بل عاش حتى وفد على عمر بن عبد العزيز. ونظمه في الذروة، يذكر مع كثير: عزة، والفرزدق.

(1)

طبقات فحول الشعراء "ص 543"، الأغاني "7/ 77"، وفيات الأعيان "1/ 366"، تاريخ الإسلام "3/ 347"، حسن المحاضرة "1/ 558"، خزانة الأدب "1/ 397".

ص: 100

‌440 - القباع

(1)

:

لأمير، متولي البصرة لابن الزبير، الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، المكي. لقب بالقباع باسم مكيال وضعه لهم.

حدث عن: عمر، وعن: عائشة، وأم سلمة، ومعاوية.

وعنه: الزهري، وعبد الله بن عمير، والوليد بن عطاء، وابن سابط.

روى حاتم بن أبي صغير، عن أبي قزعة: أن عبد الملك قال في الطواف: قاتل الله ابن الزبير يكذب على عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه الحجر". فقال له الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعتها تقوله. فقال: لو كنت سمعته قبيل أن أهدمه، لتركته على بناء ابن الزبير

(2)

.

وقال الشعبي: كانت أمه نصرانية، فشيعها أصحاب رسول الله. وقيل: إنه خرج عليهم، فقال: إن لنا أهل دين غيركم. فقال معاوية: لقد ساد هذا. وقيل: كانت حبشية، فكان هو أسود. وكان خطيبًا بليغًا دينًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 28 و 464"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2436"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 362"، الأغاني لأبي الفرج "1/ 66 "، أسد الغابة "1/ 328 و 337" تاريخ الإسلام "3/ 244" الوافي بالوفيات "11/ 254 - 255"، تهذيب التهذيب "2/ 144" الإصابة "1/ 2043"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1141".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1333""404".

ص: 101

‌441 - حمران بن أبان

(1)

: " ع"

الفارسي الفقيه، مولى أمير المؤمنين عثمان. كان من سبي عين التمر ابتاعه عثمان من المسيب بن نجبة.

حدث عن: عثمان، ومعاوية، وهو قليل الحديث. روى عنه: عطاء بن يزيد الليثي، وعروة، زيد بن أسلم، وبيان بن بشر، وبكير بن الأشج، ومعاذ بن عبد الرحمن، وآخرون.

قال صالح بن كيسان: كان ممن سباه خالد من عين التمر.

وقال مصعب الزبيري: إنما هو حمران بن أبا. فقال بنوه: ابن أبان.

وقال ابن سعد: نزل البصرة، وادعى ولده أنه من النمر بن قاسط.

قال قتادة: كان حمران يصلي خلف عثمان، فإذا أخطأ، فتح عليه وعن الزهري: أن حمران كان يأذن على عثمان وقيل كان كاتب عثمان وكان وافر الحرمة عند عبد الملك.

طال عمره، وتوفي سنة نيف وثمانين.

وسيأتي أبان ولد عثمان، وأخوه عمر بن عثمان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 283" و "7/ 148"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 287" الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1182"، تاريخ الإسلام "3/ 152 و 245"، العبر "1/ 206"، تهذيب التهذيب "3/ 24"، الإصابة "1/ ترجمة 1998"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1615".

ص: 101

‌442 - ابن الأشعث

(1)

الأمير، متولي سجستان، عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي.

بعثه الحجاج على سجستان، فثار هناك، وأقبل في جمع كبير، وقام معه علماء وصلحاء لله تعالى لما انتهك الحجاج من إماتة وقت الصلاة، ولجوره وجبروته. فقاتله الحجاج، وجرى بينهما عدة مصافات، وينتصر ابن الأشعث. ودام الحرب أشهرًا، وقتل خلق من الفريقين وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث وفر هو إلى الملك رتبيل ملتجئًا إليه. فقال له علقمة بن عمرو: أخاف عليك، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه، فإذا هو قد بعث بك أو قتلك ولكن ها هنا خمس مائة مقاتل قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها، ونقاتل حتى نعطى أمانًا، أو نموت كرامًا فأبى عليه، وأقام الخمس مائة حتى قدم عمارة بن تميم، فقاتلوه، حتى أمنهم، ووفى لهم ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل بطلب ابن الأشعث، فبعث به إليه على أن ترك له الحمل سبعة أعوام وقيل: أن ابن الأشعث أصابه السل، فمات فقطع رأسه، ونفذ إلى الحجاج وقيل: أن الحجاج كتب إلى رتبيل: إني قد بعثت إليك عمارة في ثلاثين ألفًا يطلبون ابن الأشعث. فأبى أن يسلمه، وكان مع ابن الأشعث عبيد بن أبي سبيع، فأرسله إلى رتبيل، فخف عن رتبيل، واختص به. قال لابن الأشعث أخوه القاسم: لا آمن غدر رتبيل، فاقتله يعني: عبيدًا -فهم به. ففهم ذلك، وخاف، فوشى به إلى رتبيل، وخوفه من غائلة الحجاج، وهرب سرًا إلى عمارة، فاستعجل في ابن الأشعث ألف ألف درهم. فكتب بذلك عمارة إلى الحجاج، فكتب: أن أعط عبيدة ورتبيل ما طلبا فاشترط أمورًا، فأعطيها، وأرسل إلى ابن الأشعث وإلى ثلاثين من أهل بيته، وقد هيأ لهم القيود والأغلال، فقيدهم، وبعث بهم إلى عمارة، وسار بهم فلما قرب ابن الأشعث من العراق، ألقى نفسه من قصر خراب أنزلوه فوقه فهلك فقيل ألقى نفسه والحر معه الذي هو مقيد معه، والقيد في رجلي الاثنين، فهلكا وذلك في سنة أربع وثمانين.

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 273"، العبر "1/ 90 و 97"، النجوم الزاهرة "1/ 202"، شذرات الذهب "1/ 94".

ص: 102

‌443 - أعشى همدان

(1)

:

اعر، مفوه، شهير، كوفي، وهو: أبو المصبح عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث الهمداني كان متعبدًا فاضلًا، ثم عبث بالشعر، وامتدح النعمان بن بشير، فاعتنى به، وجمع له من جيش حمص أربعين ألف دينار. ثم إن الأعشى خرج مع القراء مع ابن الأشعث، وكان زوج أخت الشعبي، وكان الشعبي زوج أخته.

قتله الحجاج سنة نيف وثمانين.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج "5/ 146"، تاريخ الإسلام "3/ 242".

ص: 103

‌444 - معبد بن عبد الله

(1)

: " ق"

ابن عويمر -وقيل: ابن عبد الله ابن عكيم الجهني، نزيل البصرة، وأول من تكلم بالقدر في زمن الصحابة.

حدث عن: عمران بن حصين، ومعاوية، وابن عباس، وابن عمر، وحمران بن أبان، وطائفة.

وكان من علماء الوقت على بدعته.

حدث عنه: معاوية بن قرة، وزيد بن رفيع، وقتادة، ومالك بن دينار، وعوف الأعرابي، وسعد بن إبراهيم، وآخرون.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1745"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1282"، تاريخ الإسلام "3/ 304"، العبر "1/ 92"، تهذيب التهذيب "10/ 225".

ص: 103

وقد وثقه يحيى بن معين. وقال أبو حاتم: صدوق في الحديث. وقيل: هو ولد صاحب حديث: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب"

(1)

. وقيل: وهو معبد بن خالد.

وعن عبد الملك بن عمير: أن القراء اجتمعوا على معبد الجهني، وكان أحد من شهد الحكمين، وقالوا له: قد طال أمر هذين: علي ومعاوية، فلو كلمتهما. قال: لا تعرضوني لأمر أنا له كاره، والله ما رأيت كقريش، كأن قلوبهم أقفلت بأقفال الحديد، وأنا صائر إلى ما سألتم. قال معبد: فلقيت أبا موسى، فقلت: انظر ما أنت صانع قال: يا معبد، غدًا ندعو الناس إلى رجل لا يختلف فيه اثنان فقلت لنفسي: أما هذا، فقد عزل صاحبه. ثم لقيت عمرًا، وقلت: قد وليت أمر الأمة، فأنظر ما أنت صانع. فنزع عنانه من يدي ثم قال: إيهًا تيس جهينة ما أنت وهذا لست من أهل السر ولا العلانية والله ما ينفعك الحق ولا يضرك الباطل.

قال الجوزجاني: كان قوم يتكلمون في القدر، احتمل الناس حديثهم لما عرفوا من اجتهادهم في الدين والصدق والأمانة، ولم يتوهم عليهم الكذب، وإن بلوا بسوء رأيهم، منهم معبد الجهني وقتادة ومعبد رأسهم.

قال محمد بن شعيب: سمعت الأوزاعي يقول: أول من نطق في القدر سوسن بالعراق كان نصرانيًا فأسلم ثم تنصر فأخذ عنه معبد وأخذ غيلان القدري عن معبد.

وقال محمد بن حمير: حدثنا محمد بن زياد الألهاني، قال: كنا في المسجد، إذ مر بمعبد الجهني إلى عبد الملك، فقال الناس هذا هو البلاء فقال خالد بن معدان: إن البلاء كل البلاء إذا كانت الأئمة منهم.

قال مرحرم العطار: حدثنا أبي، وعمي، سمعا الحسن يقول: إياكم ومعبدًا الجهني، فإنه ضال مضل. قال يونس: أدركت الحسن يعيب قول معبد، ثم تلطف له معبد، فألقى من نفسه ما

ألقى قال طاووس: احذروا قول معبد، فإنه كان قدريًا.

وقال مالك بن دينار: لقيت معبدًا بمكة بعد فتنة ابن الأشعث وهو جريح، قد قاتل الحجاج في المواطن كلها.

وروى ضمرة، عن صدقة بن يزيد، قال: كان الحجاج يعذب معبدًا الجهني بأصناف العذاب ولا يجزع، ثم قتله.

قال خليفة: مات قبل التسعين. وقال سعيد بن عفير: في سنة ثمانين صلب عبد الملك معبدًا الجهني بدمشق.

قلت يكون صلبه ثم أطلقه.

(1)

صحيح: تقدم تخريجنا له في الجزء السابق برقم "863 و 864".

ص: 104

‌445 - مطرف بن عبد الله

(1)

: " ع"

ابن الشخير، الإمام، القدوة، الحجة، أبو عبد الله الحرشي، العامري، البصري، أخو يزيد بن عبد الله.

حدث عن: أبيه رضي الله عنه وعلي، وعمار، وأبي ذر، وعثمان، وعائشة، وعثمان، بن أبي العاص، ومعاوية، وعمران بن حصين، وعبد الله بن مغفل، المزني وغيرهم وعن أبي مسلم الجذمي وحكيم بن قيس بن عاصم المنقري وأرسل عن: أبي بن كعب.

حدث عنه: الحسن البصري، وأخوه؛ يزيد بن عبد الله، وأبو التياح يزيد ابن حميد، وثابت

البناني، وسعيد بن أبي هند، وقتادة، وغيلان بن جرير، ومحمد بن واسع، وأبو نضرة العبدي، ويزيد الرشك، وحميد بن هلال، وسعيد الجريري، وابن أخيه، عبد الله بن هانئ بن عبد الله بن الشخير، وعبد الكريم بن رشيد وأبو نعامة السعدي، وخلق سواهم.

أنبأنا ابن أبي الخير، عن اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيمن حدثنا يوسف النجيرمي، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت عن مطرف، بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء

(2)

.

ذكره ابن سعد، فقال: روى عن أبي بن كعب. وكان ثقة، له فضل، وورع، وعقل، وأدب.

وقال العجلي: كان ثقة، لم ينج بالبصرة من فتنة ابن الأشعث إلَّا هو وابن سيرين ولم ينج منها بالكوفة إلَّا خيثمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 141"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1730"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1446"، حلية الأولياء "2/ 198"، تذكر الحفاظ "1/ ترجمة 54"، الكاشف "3/ ترجمة رقم 5576"، العبر "1/ 113"، تهذيب التهذيب "10/ 173"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7035".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 25 و 26"، بو داود "904"، والترمذي في "الشمائل""315" والنسائي "3/ 13"، وابن خزيمة "900"، والحاكم "1/ 264"، والبيهقي "2/ 251"، والبغوي "729" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، به.

ص: 105

قال مهدي بن ميمون: حدثنا غيلان بن جرير: أنه كان بينه وبين رجل كلام، فكذب عليه، فقال: اللهم إن كان كذابًا فأمته. فخر ميتًا مكانه. قال: فرفع ذلك إلى زياد، فقال: قتلت الرجل. قال: لا، ولكنها دعوة وافقت أجلًا.

وعن غيلان: أن مطرفًا كان يلبس المطارف والبرانس، ويركب الخيل، ويغشى السلطان، ولكنه إذا أفضيت إليه، أفضيت إلى قرة عين.

وكان يقول عقول الناس على قدر زمانهم.

وروى قتادة، عن مطرف بن عبد الله، قال: فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير دينكم الورع.

قال يزيد بن عبد الله بن الشخير: مطرف أكبر مني بعشر سنين، وأنا أكبر من الحسن البصري بعشر سنين.

قلت: على هذا يقتضي أن مولد مطرف كان عام بدر، أو عام أحد ويمكن أن يكون سمع من عمر، وأبي.

قال ابن سعد: توفي المطرف في أول ولاية الحجاج.

قلت: بل بقي إلى أن خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بعد الثمانين. وأما عمرو بن علي، والترمذي: فأرخا موته في سنة خمس وتسعين، وهذا أشبه.

وفي "الحلية": روى أبو الأشهب، عن رجل، قال مطرف بن عبد الله: لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا، أحب إلي من أن أبيت قائمًا وأصبح معجبًا.

قلت: لا أفلح والله من زكى نفسه، أو أعجبته.

وعن ثابت البناني، عن مطرف، قال: لأن يسألني الله -تعالى- يوم القيامة، فيقول؛ يا مطرف، إلَّا فعلت، أحب إلي من أن يقول: لم فعلت؟.

جرير بن حازم: حدثنا حميد بن هلال، قال: قال مطرف بن عبد الله: إنما وجدت العبد ملقى بين ربه وبين الشيطان، فإن استشلاه ربه واستنفذه، نجا، وإن تركه والشيطان ذهب به.

جعفر بن سليمان: حدثنا ثابت، قال: مطرف: لو أخرج قلبي فجعل في يساري وجيء بالخير فجعل في يميني ما استطعت أن أولج قلبي منه شيئًا حتى يكون الله يضعه.

ص: 106

أبو جعفر الرازي، عن قتادة، عن مطرف، قال: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيمًا لا موت فيه.

حماد بن يزيد، عن داود بن أبي هند، عن مطرف بن عبد الله، قال: ليس لأحد أن يصعد فليقي نفسه من شاهق، ويقول: قدر لي ربي، ولكن يحذر، ويجتهد، ويتقي، فإن أصابه شيء، علم أنه لن يصيبهإلَّا ما كتب الله له.

غيلان بن جرير، عن مطرف، قال: لا تقل: فإن الله يقول، ولكن قل: قال الله تعالى، وقال: إن الرجل ليكذب مرتين يقال له: ما هذا؟ فيقول: لا شيء إلَّا بشيء ليس بشيء.

أبو عقيل بشير بن عقبة، قال: قلت ليزيد بن الشخير: ما كان مطرف يصنع إذا هاج الناس؟ قال: يلزم قعر بيته، ولا يقرب لهم جمعة ولا جماعة حتى تنجلي.

وقال أيوب: قال مطرف: لأن آخذ بالثقة في القعود أحب إلي من أن ألتمس فضل الجهاد بالتغرير.

قال غيلان بن جرير: كان مطرف يلبس البرانس والمطارف، ويركب الخيل، ويغشى السلطان، لكن إذا أفضيت إليه، أفضيت إلى قرة عين.

قال مسلمة بن إبراهيم: حدثنا أبو طلحة بشر بن كثير، قال: حدثتني امرأة مطرف أنه تزوجها عن ثلاثين ألفًا وبغلة وقطيفة وماشطة. وروى: مهدي بن ميمون، أن غيلان قال: تزوج مطرف امرأة على عشرين ألفًا.

قلت: كان مطرف له مال، وثروة، وبزة جميلة، ووقع في النفوس وروى أبو خلدة: أن مطرفًا كان يخضب بالصفرة.

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم اللبان، أنبانا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا همام، سمعت قتادة يقول: حدثنا مطرف، قال: كنا نأتي زيد بن صوحان، فكان يقول: يا عباد الله أكرموا وأجملوا، فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين: الخوف والطمع فأتيته ذات يوم، وقد كتبوا كتابًا، فنسقوا كلامًا من هذا النحو: إن الله ربنا، ومحمد نبينا، والقرآن إمامنا، ومن كان معنا كنا وكنا، ومن خالفنا كانت يدنا عليه، وكنا وكنا. قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلًا، رجلًا فيقولون: أقررت يا فلان؟ حتى انتهوا

ص: 107

إلي، فقالوا: أقررت يا غلام؟ قلت: لا. قال -يعني زيدًا: لا تعجلوا على الغلام، ما تقول يا غلام؟ قلت: إن الله قد أخذ علي عهدًا في كتابه، فلن أحدث عهدًا سوى العهد الذي أخذه علي. فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر منهم أحد وكانوا زهاء ثلاثين نفسًا.

قال قتادة: فكان مطرف إذا كانت الفتنة، نهى عنها، وهرب. وكان الحسن ينهى عنها، ولا يبرح قال مطرف: ما أشبه الحسن إلَّا برجل يحذر الناس السيل، ويقوم بسننه.

وبه، قال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، أنبأنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، قال: كان مطرف بن عبد الله وصاحب له سريا في ليلة مظلمة: فإذا طرف سوط أحدهما عند ضوء فقال أما إنه لو حدثنا الناس بهذا كذبونا فقال مطرف المكذب أكذب الناس.

وبه، حدثنا أبو حامد بن جبلة، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الحسين بن منصور، حدثنا

حجاج، عن مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، قال: أقبل مطرف مع ابن أخ له من البادية -وكان يبدو- فبينا هو يسير، سمع في طرف سوطه كالتسبيح، فقال له ابن أخيه: لو حدثنا الناس بهذا، كذبونا. فقال: المكذب أكذب الناس.

وبه، حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن عبيد بن حساب، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا أبو التياح، قال: كان مطرف بن عبد الله يبدو، فإذا كان ليلة الجمعة، أدلج على فرسه، فربما نور له سوطه، فأدلج ليلة، حتى إذا كان عند القبور، هوم

(1)

على فرسه. قال: فرأيت أهل القبور صاحب كل قبر جالسًا على قبره، فلما رأوني، قالوا:

هذا مطرف يأتي الجمعة. قلت: أتعلمون عندكم يوم الجمعة؟ قالوا: نعم نعلم ما تقول الطير فيه. قلت: وما تقول الطير؟ قالوا: تقول: سلام سلام من يوم صالح إسنادها صحيح.

عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا الحسن بن عمرو الفزاري، عن ثابت البناني، ورجل آخر: أنهما دخلا على مطرف وهو مغمى عليه، قال: فسطعت معه ثلاثة أنوار نور من رأسه، ونور من وسطه، ونور من رجليه، فهالنا ذلك، فأفاق، فقلنا: كيف أنت يا أبا عبد الله؟ قال: صالح. فقيل: لقد رأينا شيئًا هالنا. قال: وما هو؟ قلنا: أنوار سطعت منك. قال: وقد رأيتم ذلك؟ قالوا: نعم. قال: تلك تنزيل السجدة، وهي تسع وعشرون آية، سطع

(1)

هوم: هز رأسه من النعاس.

ص: 108

أولها ومن رأسي، ووسطها من وسطي، وآخرها من قدمي، وقد صورت تشفع لي، فهذه ثوابية تحرسني.

وعن محمد بن واسع، قال: كان مطرف يقول: اللهم أرض عنا، فإن لم ترض عنا، فاعف عنا، فإنا المولى قد يعفو عن عبده، وهو عنه غير راض.

وعن مطرف: أنه قال لبعض إخوانه: يا أبا فلان، إذا كانت لك حاجة، فلا تكلمني، واكتبها في رقعة، فإني أكره أن أرى في وجهك ذل السؤال.

روى أبو التياح، عن يزيد بن عبد الله: أن أخاه أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحدًا. وكان يزيد أخو مطرف من ثقات التابعين، عاش بعد أخيه أعوامًا.

ابن أبي عروبة: عن قتادة، عن مطرف، قال: لقيت عليًا رضي الله عنه فقال لي: يا أبا عبد الله، ما بطأ بك؟ أحب عثمان؟ ثم قال: لئن قلت ذاك، لقد كان أوصلنا للرحم وأتقانًا للرب.

وقال مهدي بن ميمون: قال مطرف: لقد كاد خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة.

وقال ابن عيينة: قال مطرف بن عبد الله: ما يسرني أني كذبت كذبة وأن لي الدنيا وما فيها.

وقال أبو نعيم: حدثنا عمارة بن زاذان، قال: رأيت على مطرف بن الشخير مطرف خز أخذه بأربعة آلاف درهم.

وقال حميد بن هلال: أتت الحرورية مطرف بن عبد الله يدعونه إلى رأيهم، فقال: يا هؤلاء، لو كان لي نفسان، بايعتكم بإحداهما، وأمسكت الأخرى، فإن كان الذي تقولون هدى، أتبعتها الأخرى، وإن كان ضلالة، هلكت نفس وبقيت لي نفس، ولكن هي نفس واحدة لا أغرر بها.

قال قتادة: قال مطرف: لأن أعافى فأشكر، أحب إلي من أن أبتلى فأصبر.

قال سليمان بن المغيرة: كان مطرف إذا دخل بيته، سبحت معه آنية بيته.

وقال سليمان بن حرب: كان مطرف مجاب الدعوة، قال لرجل: إن كنت كذبت فأرنا به فمات مكانه.

وقال مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، قال: حبس السلطان ابن أخي مطرف، فلبس مطرف خلقان ثيابه، وأخذ عكازًا، وقال: أستكين لربي، لعله أن يشفعني في ابن أخي.

قال خليفة بن خياط: مات مطرف سنة ست وثمانين. وقيل في وفاته غير ذلك كما مضى.

ص: 109

‌446 - زيد بن وهب

(1)

: " ع"

الإمام، الحجة، أبو سليمان الجهني، الكوفي، مخضرم قديم. ارتحل إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته، فقبض صلى الله عليه وسلم وزيد في الطريق على ما بلغنا.

سمع عمر، وعليًا، وابن مسعود، وأبا ذر الغفاري، وحذيفة بن اليمان، وطائفة. وقرأ القرآن على ابن مسعود.

حدث عنه: حبيب بن أبي ثابت، وعبد العزيز بن رفيع، وحصين بن عبد الرحمن وسليمان الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وآخرون.

توفي بعد وقعة الجماجم

(2)

، في حدود سنة ثلاث وثمانين.

قال ابن سعد: شهد مع علي مشاهده. وغزا في أيام عمر أذربيجان. وقال الأعمش: رأيته يصفر لحيته. وثقه: ابن سعد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 102"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1352" الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2600"، حلية الأولياء "4/ 171"، الاستيعاب "2/ 559"، أسد الغابة "2/ 243"، الكاشف "1/ ترجمة 1775"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 58"، تهذيب التهذيب "3/ 427"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 3001"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2282".

(2)

دير الجماجم: بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة. وكانت الوقعة عند هذا الموضع بين الحجاج وابن الأشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القراء.

ص: 110

‌447 - حفص بن عاصم

(1)

: " ع"

ابن عمر بن الخطاب، القرشي العمري، المدني، الفقيه.

حدث عن: أبيه، وعمه؛ عبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن بحينة، وأبي سعيد بن المعلى، وغيرهم.

روى عنه: بنوه؛ عمر، وعيسى، ورباح، وابن عمه؛ سالم بن عبد الله، وقرابته؛ عمر بن محمد بن زيد، وسعد بن إبراهيم وابن شهاب الزهريان، وخبيب بن عبد الرحمن، وجماعة. وكان من سروات. الرجال. متفق على الاحتجاج. به توفي في حدود سنة تسعين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 2747"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 796"، تاريخ الإسلام "3/ 359"، تهذيب التهذيب "2/ 402"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1506".

ص: 110

‌448 - أيوب القرية

(1)

:

هو أيوب بن يزيد بن قيس بن زرارة النمري، الهلالي، الأعرابي.

صحب الحجاج، ووفد على الخليفة عبد الملك. وكان رأسًا في البلاغة، والبيان، واللغة. ثم إنه خرج على الحجاج مع ابن الأشعث؛ لأن الحجاج نفذه إلى ابن الأشعث إلى سجستان رسولًا. فأمره ابن الأشعث أن يقوم ويسب الحجاج، ويخلعه، أو ليقتلنه، ففعل مكرهًا. ثم أسر أيوب، ولما ضرب الحجاج عنقه، ندم، وذلك في سنة أربع وثمانين. وله كلام بليغ متداول.

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 242"، العبر "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 207". شذرات الذهب "1/ 93".

ص: 111

‌449 - قيس بن أبي حازم

(1)

: " ع"

العالم، الثقة، الحافظ، أبو عبد الله البجلي، الأحمسي، الكوفي، واسم أبيه: حصين بن عوف. وقيل: عوف بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش بن هلال. وفي نسبه اختلاف. وبجيلة: هم بنو أنمار.

أسلم وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقبض نبي الله وقيس في الطريق، ولأبيه أبي حازم صحبة. وقيل: أن لقيس صحبة. ولم يثبت ذلك. وكان من علماء زمانه.

روى عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمار، وابن مسعود، وخالد، والزبير، وخباب، وحذيفة، ومعاذ، وطلحة، وسعد، وسعيد بن زيد، وعائشة، وأبي موسى، وعمرو، ومعاوية، والمغيرة، وبلال، وجرير، وعدي بن عميرة، وعقبة بن عامر، وأبي مسعود، عقبة بن عمرو، وخلق.

وعنه: أبو إسحاق السبيعي، والمغيرة بن شبيل، وبيان بن بشر، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان الأعمش، ومجالد بن سعيد، وعمر بن أبي زائدة، والحكم بن عتيبة، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان -إن صح- وعيسى بن المسيب البجلي، والمسيب بن رافع وآخرون.

قال علي بن المديني: روى عن بلال، ولم يلقه. ولم يسمع من أبي الدرداء، ولا سلمان.

وقال سفيان بن عيينة: ما كان بالكوفة أحد أروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيس بن أبي حازم.

وقال أبو داود: أجود التابعين إسنادًا قيس. وقد روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف.

وقال يعقوب بن شيبة: أدرك قيس أبا بكر الصديق، وهو رجل كامل، إلى أن قال: وهو متقن الرواية؛ وقد تكلم أصحابنا فيه، فمنهم: من رفع قدره، وعظمه، وجعل الأحاديث عنه من أصح الأسانيد.

ومنهم من حمل عليه، وقال: له أحاديث مناكير. والذين أطروه حملوا عنه هذه الأحاديث على أنها عندهم غير مناكير، وقالوا: هي غرائب.

ومنهم من لم يحمل عليه في شيء من الحديث، وحمل عليه في مذهبه، وقالوا: كان يحمل على علي. والمشهور: أنه كان يقدم عثمان، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه.

ومنهم من قال: إنه مع شهرته لم يرو عنه كبير أحد، وليس الأمر عندنا كما قال هؤلاء، وأرواهم عنه: إسماعيل بن أبي خالد، وكان ثقة، وثبتًا. وبيان بن بشر، وكان ثقة، ثبتًا، وذكر جماعة.

وقال عبد الرحمن بن خراش: هو كوفي جليل، ليس في التابعين أحد روى عن العشرةإلَّا قيس بن أبي حازم.

وروى معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين، قال: قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري، ومن السائب بن يزيد.

وروى أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة، وكذا وثقه وغير واحد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 67"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 648"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 579"، تاريخ بغداد "12/ 452"، الاستيعاب "3/ 1285"، أسد الغابة "4/ 211"، تاريخ الإسلام "4/ 64"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 49"، الكاشف "2/ ترجمة 4666"، تهذيب التهذيب "8/ 386"، الإصابة "3/ ترجمة 7274"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5869".

ص: 112

وروى علي بن المديني، أن يحيى بن سعيد قال له: قيس بن أبي حازم منكر الحديث. قال: ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير، منها: حديث "كلاب الحوأب"

(1)

.

وقال أبو سعيد الأشج: سمعت أبا خالد الأحمر يقول لابن نمير: يا أبا هشام، أما تذكر إسماعيل بن أبي خالد وهو يقول: حدثنا قيس بن أبي حازم، هذه الأسطوانة يعني: أنه في الثقة مثل هذه الأسطوانة.

وقال يحيى بن أبي غنية: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: كبر قيس حتى جاز المائة بسنين كثيرة، حتى خرف، وذهب عقله. قال: فاشتروا له جارية سوداء أعجمية. قال: وجعل في عنقها قلائد من عهن وودع وأجراس من نحاس، فجعلت معه في منزله، وأغلق عليه باب. قال: وكنا نطلع إليه من وراء الباب وهو معها. قال: فيأخذ تلك القلائد بيده، فيحركها، ويعجب منها، ويضحك في وجهها. رواها: يحيى بن سليمان الجعفي، عن يحيى.

روى أحمد بن زهير، عن ابن معين، قال: مات سنة سبع، أو ثمان وتسعين. وقال خليفة، وأبو عبيد: مات سنة ثمان وتسعين. وقال الهيثم بن عدي: مات في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك. وشذ والفلاس، فقال: مات سنة أربع وثمانين.

ولا عبرة بما رواه: حفص بن سلم السمرقندي -فقد أتهم- عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس، قال: دخلت المسجد مع أبي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وأنا ابن سبع أو ثمان سنين. فهذا لو صح، لكان قيس هذا هو قيس بن عائذ صحابي صغير، فإن قيس بن أبي حازم، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه، فجئت وقد قبض. رواه: السري بن إسماعيل، عنه.

وقيل: كان قيس في جيش خالد بن الوليد، إذ قدم الشام على برية السماوة.

وروى الحكم بن عتيبة، عن قيس، قال: أمنا خالد باليرموك في ثوب واحد.

وروى مجالد، عن قيس، قال: دخلت على أبي بكر في مرضه، وأسماء بنت عميس تروحه، فكأني أنظر إلى وشم في ذراعها، فقال لأبي: يا أبا حازم، قد أجزت لك فرسك.

(1)

الحوأب: موضع بئر بين مكة والبصرة، نبحت كلابه على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عند مقبلها إلى البصرة في وقعة الجمل. وحديث كلاب الجوأب أخرجه أحمد "6/ 52 و 97" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلًا نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الجوأب؛ قالت: ما أظنني إلا أنني راجعة، وقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: "كيف بإحداكن" تنبح عليها كلاب الحوأب" وإسناده صحيح. وقد خرجته في كتاب [منهاج السنة] لابن تيمية بأوسع من هذا فراجعه ثم إن شئت.

ص: 113

‌450 - العلاء بن زياد

(1)

: " ق"

ابن مطر بن شريح، القدوة، العابد، أبو نصر العدوي، البصري. أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وحدث عن: عمران بن حصين، وعياض بن حمار، وأبي هريرة، ومطرف بن الشخير، وغيرهم.

روى عنه: الحسن، وأسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، وقتادة، ومطر الوراق، وأوفى بن دلهم، وإسحاق بن سويد، وآخرون.

وكان ربانيًا، تقيًا، قانتًا لله، بكاء من خشية الله.

قال قتادة: كان العلاء بن زياد قد بكى حتى غشي بصره، وكان إذا أراد أن يقرأ أو يتكلم جهشه البكاء، وكان أبوه قد بكى حتى عمي.

وقال هشام ابن حسان: كان قوت العلاء بن زياد رغيفًا كل يوم. وقال أوفى بن دلهم: وكان للعلاء بن زياد مال ورقيق، فأعتق بعضهم، وباع بعضهم، وتعبد، وبالغ، فكلم في ذلك، فقال: إنما أتذلل لله، لعله يرحمني.

وعن عبد الواحد بن زيد، قال: أتى رجل العلاء بن زياد فقال: أتاني آت في منامي فقال: ائت العلاء بن زياد، فقل له: لم تبكي؟ قد غفر لك. قال فبكى، وقال: الآن حين لا أهدأ.

وقال سلمة بن سعيد: رؤي العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة، فمكث ثلاث لا ترقأ له دمعه ولا يكتحل بنوم، ولا يذوق طعامًا. فأتاه الحسن، فقال: أي أخي، أتقتل نفسك إن بشرت بالجنة! فازداد بكاء فلم يفارقه حتى أمسى، وكان صائمًا، فطعم شيئًا. رواها: عبيد الله العنسي، عن سلمة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 217"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3133"، الجرح والتعديل، "ترجمة 1961"، حلية الولياء "2/ 243"، تاريخ الإسلام "4/ 41"، الكاشف "2/ ترجمة 4399" تهذيب التهذيب "8/ 181"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5511".

ص: 114

جعفر بن سليمان: سمعت مالك بن دينار، وسأل هشام بن زياد العدوي، فقال: تجهز رجل من أهل الشام للحج، فأتاه آت في منامه: ائت البصرة، فائت العلاء بن زياد، فإنه رجل ربعة، أقصم الثنية، بسام، فبشره بالجنة. فقال: رؤيا ليست بشيء. فأتاه في الليلة الثانية، ثم في الثالثة، وجاءه بوعيد، فأصبح، وتجهز إلى العراق، فلما خرج من البيوت، إذا الذي أتاه في منامة يسير بين يديه، فإذا نزل فقده. قال: فجاء، فوقف على باب العلاء، فخرجت إليه، فقال: أنت العلاء؟ قلت: لا، انزل -رحمك الله- فضع رحلك. قال: لا، أين العلاء؟ قلت: في المسجد. فجاء العلاء، فلما رأى الرجل تبسم فبدت ثنيته، فقال: هذا والله هو فقال العلاء: هلا حططت رحل الرجل إلَّا أنزلته قال: قلت له: فأبى قال العلاء: انزل رحمك الله قال: أخلني فدخل العلاء منزله وقال: يا أسماء تحولي فدخل الرجل فبشره برؤياه ثم خرج فركب وأغلق العلاء بابه وبكى ثلاثة أيام أو قال: سبعة لا يذوق فيها طعامًا ولا شرابًا فسمعته يقول في خلال بكائه: أنا أنا وكنا نهابه أن نفتح بابه وخشيت أن يموت فأتيت الحسن فذكرت له ذلك فجاء فدق عليه ففتح وبه من الضر شيء الله به علم ثم كلم الحسن فقال ومن أهل الجنة إن شاء الله أفقاتل نفسك أنت قال هشام فحدثنا العلاء لي وللحسن بالرؤيا وقال: لا تحدثوا بها ما كنت حيًا.

قتادة، عن العلاء بن زياد، قال: ما يضرك شهدت على مسلم بكفر، أو قتلته.

وقال هشام بن حسان: كان العلاء يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس والحسن، فقالا: إن الله لم يأمرك بهذا كله.

قال أحمد بن حنبل: أخبرت عن مبارك بن فضالة، عن حميد بن هلال، قال: دخلت مع الحسن على العلاء بن زياد، وقد أسله الحزن، وكانت له أخت تندف عليه القطن غدوة وعشية، فقال: كيف أنت يا علاء؟ قال: واحزناه على الحزن.

حميد بن هلال، عن العلاء بن زياد، قال: رأيت الناس في النوم، يتبعون شيئًا، فتبعته، فإذا عجوز كبيرة هتماء عوراء، عليها من كل حلية وزينة، فقلت: ما أنت؟ قالت: أنا الدنيا. قلت: أسأل الله أن يبغضك إلي. قالت: نعم، إن أبغضت الدراهم.

روى الحارث بن نبهان، عن هارون بن رئاب، عن العلاء، بنحوه.

جعفر بن سليمان الضبعي: حدثنا هشام بن زياد أخو العلاء: أن العلاء كان يحيى ليلة

ص: 115

الجمعة، فنام ليلة جمعة، فأتاه من أخذ بناصيته، فقال: قم يا ابن زياد، فاذكر الله يذكرك. فقام، فما زالت تلك الشعرات التي أخذها منه قائمة حتى مات.

قال البخاري في تفسير "حم، المؤمن" في: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه} [الزمر: 53]، روى حميد بن هلال، عن العلاء بن زياد، قال: رأيت في النوم دنيا عجوزًا شوهاء هتماء، عليها من كل زينة وحلية، والناس يتبعونها، قلت ما أنت؟ قالت: الدنيا وذكر الحكاية

(1)

.

ذكر أبو حاتم بن حبان: أن العلاء بن زياد توفي في أخرة ولاية الحجاج، سنة أربع وتسعين.

قرأت على إسحاق الأسدي: أخبركم يوسف بن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا فاروق وحبيب بن الحسن في جماعة، قالوا: أنبأنا أبو مسلم الكشي، حدثنا عمرو بن مرزوق، أنبانا عمران القطان، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة" رواه مطر الوراق، عن العلاء، مثله إسناده قوي

(2)

.

فأما "العلاء بن زياد": فشيخ آخر، بصري، يروي عن: الحسين، روى عنه: حماد بن زيد، روى له: النسائي. وقد جعل شيخنا أبو الحجاج الحافظ الترجمتين واحدة، ولا يستقيم ذلك.

(1)

ليس في صحيح البخاري، إنما أورد البخاري "8/ 553" في ترجمة الباب "40 سورة المؤمن" عن العلاء بن زياد قال: كان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس؟ والله عز وجل يقول: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]،، ويقول:{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 43]، ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بمشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرًا بالنار لمن عصاه".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 362"، والبزار "3509"، والطبراني في "الأوسط""2553"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 248"، وفي "صفة الجنة" له "137" من طريق عمران القطان، عن قتادة، عن العلاء بن زياد العدوي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بناء الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة".

ص: 116

‌451 - عبد الله بن معقل

(1)

: " خ، م، د، س"

ابن مقرن، الإمام، أبو الوليد المزني، الكوفي. لأبيه صحبة.

حدث عن: أبيه. وعن: علي، وابن مسعود، وكعب بن عجرة، وجماعة.

وعنه: أبو إسحاق السبيعي، وعبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وأبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني، وآخرون.

ذكره أحمد بن عبد الله العجلي، فقال: ثقة، من خيار التابعين.

توفي سنة ثمان وثمانين.

‌452 - عبد الله بن معبد

(2)

: " م، (4) "

الزماني، بصري، ثقة، جليل.

روى عن: ابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي قتادة.

حدث عنه: ثابت البناني، وقتادة، وغيلان بن جرير، وآخرون. مات: قبل المائة.

‌453 - أبو العالية

(3)

: " ع"

رفيع بن مهران، الإمام، المقرئ، الحافظ، المفسر، أبو العالية الرياحي، البصري، أحد الأعلام. كان مولى لامرأة بني رياح بن يربوع، ثم من بني تميم.

أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق، ودخل عليه.

وسمع من عمر، وعلي، وأبي، وأبي ذر، وابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وأبي أيوب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعدة.

وحفظ القرآن، وقرأه على: أبي بن كعب، وتصدر لإفادة العلم، وبعد صيته. قرأ عليه: أبو عمرو بن العلاء -فيما قيل- وما ذاك ببعيد فإنه تميمي، وكان معه ببلدة، وأدرك من حياة أبي العالية نيفًا وعشرين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 175"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 615"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 780"، الكاشف "2/ ترجمة 3037"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 40"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3837".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 622"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 805"، الكاشف "2/ ترجمة 3036"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 40"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم "3836".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 112"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1103"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2312"، الحلية لأبي نعيم "2/ 217"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، تاريخ الإسلام "3/ 319" و "4/ 79"، العبر "1/ 109"، الإصابة "1/ ترجمة 2740"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2100".

ص: 117

قال أبو عمرو الداني: أخذ أبو العالية القراءة عرضًا عن: أبي، وزيد، وابن عباس. ويقال: قرأ على عمر.

روى عنه القراءة عرضًا شعيب بن الحبحاب، وآخرون.

قال قتادة: قال أبو العالية: قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعشر سنين.

وروى معتمر بن سليمان، وغيره، عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أبو العالية: قرأت القرآن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرار.

وعن أبي خلدة، عن أبي العالية، قال: كان ابن عباس يرفعني على السرير، وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش فقال ابن عباس: هكذا العلم يزيد الشريف شرفًا، ويجلس المملوك على الأسرة.

قلت: هذا كان سرير دار الإمرة، لما كان ابن عباس متوليها لعلي، رضي الله عنهما.

قال أبو بكر بن أبي داود: وليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية، وبعده: سعيد بن جبير. وقد وثق أبا العالية: الحافظان؛ أبو زرعة، وأبو حاتم.

قال خالد أبو المهاجر: عن أبي العالية: كنت بالشام مع أبي ذر.

وقال أبو خلدة خالد بن دينار: سمعت أبو العالية يقول: كنا عبيدًا مملوكين، منا من يؤدي الضرائب، ومنا من يخدم أهله، فكنا نختم كل ليلة، فشق علينا، حتى شكا بعضنا إلى بعض، فلقينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمونا أن نختم كل جمعة، فصلينا، ونمنا، ولم يشق علينا.

قال أبو خلدة ذكر الحسن البصري لأبي العالية، فقال: رجل مسلم، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وأدركنا الخير، وتعلمنا قبل أن يولد. وكنت آتي ابن عباس، وهو أمير البصرة، فيجلسني على السرير، وقريش أسفل.

وروى جرير، عن مغيرة، قال: كان أشبه أهل البصرة علمًا بإبراهيم النخعي أبو العالية.

وقال أبو جعفر الرازي: عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأتفقد صلاته، فإن وجدته يحسنها، أقمت عليه، وإن أجده يضيعها، رحلت ولم أسمع منه، وقلت: هو لما سواها أضيع.

قال شعيب بن الحباب: حابيت أبا العالية في ثوب، فأبى أن يشتري مني الثوب.

قال أبو خلدة: قال أبو العالية: لما كان زمان علي ومعاوية، وإني لشاب، القتال أحب إلي من الطعام الطيب، فتجهزت بجهاز حسن حتى أتيتهم، فإذا صفان ما يرى طرفهما، إذا

ص: 118

كبر هؤلاء، كبر هؤلاء، وإذا هلل هؤلاء، هلل هؤلاء، فراجعت نفسي، فقلت: أي الفريقين أنزله كافرًا؟ ومن أكرهني على هذا؟ قال: فما أمسيت حتى رجعت، وتركتهم.

قال عاصم الأحول: كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام، فتركهم.

معمر، عن عاصم، عن أبي العالية، قال: أنتم أكثر صلاة وصيامًا ممن كان قبلكم، ولكن الكذب قد جرى على ألسنتكم.

زيد بن الحباب: حدثنا خالد بن دينار، عن أبي العالية، قال: تعلمت الكتابة والقرآن، فما شعر بي أهلي، ولا رئي في ثوبي مداد قط.

ابن عيينة: سمعت عاصمًا الأحول، يحدث عن أبي العالية، قال: تعلموا القرآن، فإذا تعلمتموه، فلا ترغبوا عنه، وإياكم وهذه الأهواء، فإنها توقع العداوة والبغضاء بينكم، فإنا قد قرأنا القرآن قبل أن يقتل يعني: عثمان بخمس عشرة سنة. قال: فحدثت به الحسن، فقال: قد نصحك والله وصدقك.

أبو نعيم: حدثنا أبو خلدة، عن أبي العالية، قال: ما مسست ذكري بيميني منذ ستين، أو سبعين سنة.

حماد بن سلمة، عن ثابت، أن أبا العالية قال: إني لأرجو أن لا يهلك عبد بين نعمتين: نعمة يحمد الله عليها، وذنب يستغفر الله منه.

وقال أبو خلدة: سمعت أبا العالية يقول: تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإنه أحفظ عليكم، وجبريل كان ينزل به خمس آيات، خمس آيات.

قتيبة: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: أول من أذن بما وراء النهر: أبو العالية الرياحي.

أبو خلدة، قال: كان أبو العالية إذا دخل عليه أصحاب، يرحب بهم، ويقرأ:{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُم} [الأنعام: 54].

محمد بن مصعب، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: إن الله قضى على نفسه أن: من آمن به هداه، وتصديق ذلك في كتاب الله:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]. ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]. ومن أقرضه جازاه، وتصديق ذلك في كتاب الله {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245]. ومن استجار من عذابه أجاره، وتصديق ذلك في كتاب الله {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103]،

ص: 119

والاعتصام: الثقة بالله. ومن دعاه أجابه، وتصديق ذلك في كتاب الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان} [البقرة: 186].

ومن مراسيل أبي العالية الذي صح إسناده إليه: الأمر بإعادة الوضوء، والصلاة على من ضحك في الصلاة. وبه يقول أبو حنيفة، وغيره من أئمة العلم.

وقال أبو حاتم: حدثنا حرملة، سمعت الشافعي يقول: حديث أبي العالية الرياحي قال أبو حاتم يعني: ما يروى في الضحك في الصلاة.

وروى حماد بن زيد، عن شعيب بن الحجباب، قال: قال أبو العالية: اشترتني امرأة، فأرادت أن تعتقني، فقال بنو عمها: تعتقينه، فيذهب إلى الكوفة، فينقطع؟! فأتت لي مكانًا في المسجد، فقالت: أنت سائبة -تريد: لا ولاء لأحد عليك- قال: فأوصى أبو العالية بماله كله.

وقال أبو خلدة: عن أبي العالية، قال: ما تركت من مال، فثلثه في سبيل الله، وثلثه في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وثلثه في الفقراء. قلت له: فأين مواليك؟ قال السائبة يضع نفسه حيث شاء.

همام بن يحيى: حدثنا قتادة، عن أبي العالية، قال: قرأت المحكم بعد وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعشر سنين فقد أنعم الله علي بنعمتين لا أدري أيهما أفضل أن هداني للإسلام ولم يجعلني حروريًا

(1)

.

قال أبو خلدة: سمعت أبا العالية يقول: زارني عبد الكريم أبو أمية، وعليه ثياب صوف فقلت له: هذا زي الرهبان، إن المسلمين إذا تزاوروا، تجملوا.

وروى حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول: أن أبا العالية أوصى مورقًا العجلي أن يجعل في قبره جريدتين.

وقال مورق: وأوصى بريدة الأسلمي رضي الله عنه أن يوضع في قبره جريدتان

(2)

.

قرأت على إسحاق الأسدي: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن ثابت، عن أبي العالية، قال: ما ترك عيسى ابن مريم عليه السلام حين رفع إلى مدرعة صوف، وخفي راع، وقذافة يقذف بها الطير.

قال أبو خلدة: مات أبو العالية في شوال سنة تسعين.

وقال البخاري، وغيره: مات سنة ثلاث وتسعين.

وشد المدائني، فوهم، وقال: مات سنة ست ومائة.

(1)

الحرورية نسبة إلى حروراء: قرية من قرى الكوفة، تجمع فيها المحكمة الأولى الذين خرجوا على علي بن أبي طالب بعد تحكيم المحكمين، فاجتمعوا فيها، وكان رأسهم عبد الله بن الكواء، وحر قوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية، وعدة فكفروا عليًا وتبرؤوا منه فحاربهم بالنهروان فقتلهم وقتل ذا الثدية راجع الملل والنحل للشهرستاني "1/ 115".

(2)

أخرجه البخاري معلقًا "3/ 222" باب الجريدة على القبر، ووصله ابن سعد في "الطبقات""7/ 8" من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول قال: قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان. فكمان مات بأدتى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار".

ص: 120

‌454 - عمران بن حطان

(1)

: " خ، د، ت".

ابن ظبيان، السدوسي البصري. من أعيان العلماء، لكنه من رؤوس الخوارج.

حدث عن: عائشة، وأبي موسى الأشعري، وابن عباس.

روى عنه: ابن سيرين، وقتاده، ويحيى بن أبي كثير.

قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثًا من الخوارج. ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا إحسان الأعرج.

قال الفرزدق: عمران بن حطان من أشعر الناس؛ لأنه لو أراد أن يقول مثلنا، لقال، ولسنا نقدر أن نقول مثل قوله.

حدث سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين، قال: تزوج عمران خارجية، وقال: سأردها. قال: فصرفته إلى مذهبها. فذكر المدائني: أنها كانت ذات جمال، وكان دميمًا، فأعجبته يومًا، فقالت: أنا وأنت في الجنة، لأنك أعطيت، فشكرت، وابتليت، فصبرت.

قال الأصمعي: بلغنا أن عمران بن حطان كان ضيفًا لروح بن زنباع، فذكره لعبد الملك، فقال: اعرض عليه أن يأتينا. فهرب، وكتب:

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 155"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2822"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1643"، الكاشف "2/ ترجمة 4330"، تاريخ الإسلام "3/ 284"، "العبر "1/ 98"، تهذيب التهذيب "8/ 127"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5425"، شذرات الذهب "1/ 95"، خزانة الأدب "350".

ص: 121

يا روح كم من كريم قد نزلت به

قد ظن من لخم وغسان؟

حتى إذا خفته زايلت منزله

من بعد ما قيل عمران بن حطان

قد كنت ضيفك حولًا ما تروعني

فيه طوارق من إنس ولا جان

حتى أردت بي العظمى فأوحشني

ما يوحش الناس من خوف ابن مروان

لو كنت مستغفرًا يومًا لطاغية

كنت المقدم في سر وإعلان

لكن أبت لي آيات مفصلة

عقد الولاية في "طه" و"عمران"

ومن شعره في مصرع علي رضي الله عنه:

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانًا

إني لأذكره حينًا فأحسبه

أو فى البرية عند الله ميزانًا

أكرم بقوم بطون الطير قبرهم

لم يخلطوا دينهم بغيًا وعدوانًا

فبلغ شعره عبد الملك بن مروان، فأدركته حمية لقرابته من علي رضي الله عنه فنذر دمه ووضع عليه العيون. فلم تحمله أرض فاستجار بروح بن زنباع، فأقام في ضيافته، فقال: ممن أنت؟ قال: من الأزد. فبقي عنده سنة فأعجبه، إعجابًا شديدًا فسمر روح ليلة عند أمير المؤمنين فتذاكرا شعر عمران هذا. فلما انصرف روح، تحدث مع عمران بما جرى، فأنشده بقية القصيد فلما عاد إلى عبد الملك قال: إن في ضيافتي رجلًا ما سمعت منه حديثًا قط إلَّا وحدثني به وبأحسن منه، ولقد أنشدني تلك القصيدة كلها. قال: صفه لي فوصفه له قال: إنك لتصف عمران بن حطان، اعرض عليه أن يلقاني قال: فهرب إلى الجزيرة ثم لحق بعمان فأكرموه.

وعن قتادة قال: لقيني عمران بن حطان، فقال: يا أعمى احفظ عني هذه الأبيات:

حتى متى تسقى النفوس بكأسها

ريب المنون وأنت لاه ترتع؟

أفقد رضيت بأن تعلل بالمنى

وإلى المنية كل يوم تدفع؟

أحلام نوم أو كظل زائل

إن اللبيب بمثلها لا يخدع

فتزودن ليوم فقرك دائبًا

واجمع لنفسك لا لغيرك تجمع

وبلغنا أن الثوري كان كثيرًا ما يتمثل بأبيات عمران هذه

أرى أشقياء الناس لا يسأمونها

على أنهم فيها عراة وجوع

أراها وإن كانت تحب فإنها

سحابة صيف عن قليل تقشع

كركب قضوا حاجاتهم وترحلوا

طريقهم بادي العلامة مهيع

قال عبد الباقي بن قانع الحافظ: توفي عمران بن حطان سنة أربع وثمانين.

ص: 122

‌455 - عباد بن عبد الله

(1)

: " ع"

ابن الزبير بن العوام، الإمام الكبير، القاضي، أبو يحيى القرشي، الأسدي، كان عظيم المنزلة عند والده أمير المؤمنين، فاستعمله على القضاء، وغير ذلك. وكانوا يظنون أن أباه تعهد إليه بالخلافة.

حدث عن: أبيه، وجدته؛ أسماء، وخالة أبيه؛ عائشة.

حدث عنه: ابنه؛ يحيى، وابن عمه؛ هشام بن عروة، وابن أبي مليكة، وابن أخيه؛ عبد الواحد بن حمزة، وابن عمه؛ بن محمد بن جعفر بن الزبير، وآخرون.

وله ترجمة حسنة في "النسب"

(2)

، ولم أظفر له بوفاة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1592"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 419"، تهذيب التهذيب "5/ 98"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3312".

(2)

أي ترجمته في "نسب قريش" للزبير بن بكار "1/ 70" تحقيق الأستاذ محمود شاكر.

ص: 123

‌456 - سعيد بن المسيب

(1)

: " ع"

ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم بن يقظة، الإمام، العلم، أبو محمد القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة، وسيد التابعين في زمانه، ولد: لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه. وقيل: لأربع مضين منها، بالمدينة.

رأى عمر، وسمع عثمان، وعليًا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى، وسعدًا، وعائشة، وأبا هريرة، وابن عباس، ومحمد بن سلمة، وأم سلمة، وخلقًا سواهم، وقيل: أنه سمع من عمر.

وروى عن أبي بن كعب مرسلًا وبلال كذلك وسعد بن عبادة كذلك، وأبي ذرة، وأبي

الدرداء كذلك وروايته عن: علي، وسعد، وعثمان، وأبي موسى، وعائشة، وأم شريك، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وحكيم بن حزام، وعبد الله بن عمرو، وأبيه المسيب، وأبي سعيد، في" الصحيحين" وعن حسان بن ثابت، وصفوان بن أمية، ومعمر بن عبد الله، ومعاوية، وأم سلمة، في "صحيح مسلم" وروايته عن: جبير، بن مطعم، وجابر، وغيرهما. في "البخاري" وروايته عن عمر، في "السنن الأربعة" وروى أيضًا: عن زيد بن ثابت، وسراقة بن مالك، وصهيب، والضحاك بن سفيان، وعبد الرحمن بن عثمان التيمي، وروايته عن: عتاب، بن أسيد، في "السنن الأربعة"، وهو مرسل. وأرسل عن: النبي صلى الله عليه وسلم وعن: أبي بكر الصديق. وكان زوج بنت أبي هريرة وأعلم الناس بحديثه.

روى عن خلق، منهم: إدريس بن صبيح، وأسامة بن زيد الليثي، وإسماعيل بن أمية، وبشير، وعبد الرحمن بن حرملة، وعبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، وعبد الكريم الجزري، وعبد المجيد بن سهيل، وعبيد الله بن سليمان العبدي، وعثمان بن حكيم، وعطاء الخراساني، وعقبة بن حريث، وعلي بن جدعان، وعلي بن نفيل الحراني، وعمارة بن عبد الله بن طعمة، وعمرو بن شعيب، وعمرو بن دينار، وعمرو بن مرة، وعمرو بن مسلم الليثي، وغيلان بن جرير، والقاسم بن عاصم، وابنه محمد بن سعيد، وقتادة، ومحمد بن صفوان، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، وأبو جعفر محمد بن علي، ومحمد بن عمرو بن عطاء، والزهري، وابن المنكدر، ومعبد بن هرمز، ومعمر بن أبي حبيبة، وموسى بن وردان، وميسرة الأشجعي، وميمون بن مهران، وأبو سهيل نافع بن مالك، وأبو معشر نجيح السندي، -وهو عند الترمذي- وهاشم بن هاشم الوقاصي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن قسيط، ويزيد بن نعيم بن هزال، ويعقوب بن عبد الله بن الأشج، ويونس بن سيف، وأبو جعفر الخطمي، وأبو قرة الأسدي، من "التهذيب".

وعنه: الزهري، وقتادة، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وبكير بن الأشج، وداود بن أبي هند، وسعد بن إبراهيم، وعلي بن زيد بن جدعان، وشريك بن أبي نمر، وعبد الرحمن بن حرملة، وبشر كثير.

وكان ممن برز في العلم والعمل وقع لنا جملة من عالي حديثه.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق القرافي، أنبأنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أنبأنا محمد بن عمر الشافعي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد ابن علي بن الداية، قالوا: أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد، بن المسلمة، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، سنة ثمانين

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 379" و "5/ 119"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1698"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 262"، الكنى للدولابي "2/ 96"، حلية الأولياء "2/ 161"، تاريخ الإسلام "4/ 4 و 118" الكاشف "1/ ترجمة 1979"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 38"، العبر "1/ 110"، تهذيب التهذيب "4/ 84"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2542"، النجوم الزاهرة "1/ 228"، شذرات الذهب "1/ 102".

ص: 124

وثلاث مائة، أنبأنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، حدثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم من: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".

هذا صحيح، عال، فيه دليل على أن هذه الخصال من كبار الذنوب أخرجه: مسلم عن أبي نصر التمار، عن حماد بن سلمة، فوقع لنا بدلًا عاليًا مع علوه في نفسه لمسلم ولنا فإن أعلى أنواع الإبدال أن يكون الحديث من أعلى حديث صاحب ذلك الكتاب ويقع لك بإسناد آخر أعلى بدرجة أو أكثر والله أعلم.

أخبرنا إسحاق الأسدي، أنبأنا يوسف الآدمي "ح"، وأنبأنا أحمد بن سلامة، قالا: أنبانا أبو المكارم الأصبهاني، قال يوسف سماعا، وقال الآخر إجازة: أنبأنا أبو علي الحداد، أنبانا، أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن داود المكي، حدثنا حبيب كاتب مالك، حدثنا ابن أخي الزهري عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال لي جبريل ليبك الإسلام على موت عمر"

(1)

.

هذا حديث منكر. وحبيب: ليس بثقة، مع أن سعيدًا عن أبي: منقطع.

عبد العزيز بن المختار، عن علي بن زيد، حدثني سعيد بن المسيب بن حزن: أن جده حزنًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما اسمك؟ " قال: حزن. قال: "بل أنت سهل". قال: يا رسول الله اسم سماني به أبواي، وعرفت به في الناس. فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال سعيد: فما زلنا تعرف الحزونة فينا أهل البيت.

هذا حديث مرسل، ومراسيل سعيد محتج بها. لكن علي بن زيد: ليس بالحجة. وأما الحديث فمروي بإسناد صحيح متصل، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ما اسمك؟ ". قال: حزن. قال: "أنت سهل" فقال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي قال سعيد: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد

(2)

.

(1)

ضعيف جدًا: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""2/ 175"، وفي إسناده حبيب بن أبي حبيب المصري كاتب مالك، متروك، كذبه أبو داود وجماعة، وفيه الانقطاع بين سعيد وأبي.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "6190" من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبيه، به.

ص: 125

العطاف بن خالد، عن أبي حرملة، عن ابن المسيب، قال: ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة.

سفيان الثوري، عن عثمان بن حكيم، سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة، إلَّا وأنا في المسجد. إسناده ثابت.

حماد بن زيد: حدثنا يزيد بن حازم: أن سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم.

مسعر، عن سعيد بن إبراهيم، سمع ابن المسيب يقول: ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر مني.

أسامة بن زيد، عن نافع: أن ابن عمر ذكر سعيد بن المسيب، فقال: هو -والله- أحد المفتين.

قال أحمد بن حنبل، وغير واحد: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح.

وقال قتادة، ومكحول، والزهري، وآخرون -واللفظ لقتادة: ما رأيت أعلم من سعيد بن المسيب.

قال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أحدًا أوسع علمًا من ابن المسيب، هو عندي أجل التابعين.

عبد الرحمن بن حرملة: سمعت ابن المسيب يقول: حججت أربعين حجة.

قال يحيى بن سعيد الأنصاري: كان سعيد يكثر أن يقول في مجلسه: اللهم سلم سلم.

معن: سمعت مالكًا يقول: قال ابن المسيب: إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.

ابن عيينة، عن إبراهيم بن طريف، عن حميد بن يعقوب، سمع سعيد بن المسيب، يقول: سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد سمعها غيري.

أبو إسحاق الشيباني، عن بكير بن الأخنس، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت عمر على المنبر، وهو يقول: لا أجد أحدًا جامع فلم يغتسل، أنزل أو لم ينزل إلَّا عاقبته.

ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، قال: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر. وكانت خلافته عشر سنين وأربعة أشهر.

الواقدي: حدثني هشام بن سعد سمعت الزهري وسئل عمن أخذ سعيد بن المسيب

ص: 126

علمه؟ فقال: عن زيد بن ثابت. وجالس: سعدًا، وابن عباس، وابن عمر، ودخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة، وأم سلمة. وسمع من: عثمان، وعلي، وصهيب، ومحمد بن مسلمة، وجل روايته المسندة عن أبي هريرة، كان زوج ابنته وسمع من: أصحاب عمر وعثمان. وكان يقال: ليس أحد أعلم بكل ما قضى به عمر وعثمان منه.

وعن قدامة بن موسى، قال: كان ابن المسيب يفتي والصحابة أحياء.

وعن محمد بن يحيى بن حبان، قال: كان المقدم في الفتوى في دهره سعيد بن المسيب، ويقال له: فقيه الفقهاء.

الواقدي: حدثنا ثور بن زيد، عن مكحول، قال: سعيد بن المسيب عالم العلماء.

وعن علي بن الحسين، قال: ابن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، وأفقههم في رأيه.

جعفر بن برقان: أخبرني ميمون بن مهران، قال: أتيت المدينة، فسألت عن أفقه أهلها، فدفعت إلى سعيد بن المسيب.

قلت: هذا يقوله ميمون مع لقية لأبي هريرة وابن عباس.

عمر بن الوليد الشني، عن شهاب بن عباد العصري: حججت، فأتينا المدينة، فسألنا عن أعلم أهلها، فقالوا: سعيد.

قلت: عمر ليس بالقوي. قاله: النسائي.

معن بن عيسى، عن مالك، قال: كان عمر بن عبد العزيز لا يقضي بقضية يعني: وهو أمير المدينة حتى يسأل سعيد بن المسيب، فأرسل إليه إنسانًا يسأله، فدعاه، فجاء. فقال عمر له: أخطأ الرسول، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك. وكان عمر يقول: ما كان بالمدينة عالم إلَّا يأتيني بعلمه، وكنت أوتى بما عند سعيد بن المسيب.

سلام بن مسكين: حدثني عمران بن عبد الله الخزاعي، قال: سألني سعيد بن المسيب، فانتسبت له، فقال: لقد جلس أبوك إلي في خلافة معاوية، وسألني. قال سلام: يقول عمران: والله ما أراه مر على أذنه قط إلَّا وعاه قلبه يعني: ابن المسيب وإني أرى أن نفس سعيد كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب.

جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران بلغني أن سعيد بن المسيب بقي أربعين سنة لم يأت المسجد فيجد أهله قد استقبلوه خارجين من الصلاة.

ص: 127

عفان: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد: قلت لسعيد بن المسيب: يزعم قومك أن ما منعك من الحجإلَّا أنك جعلت الله عليك إذا رأيت الكعبة أن تدعو على ابن مروان قال: ما فعلت وما أصلي صلاة إلَّا دعوت الله عليهم وإني قد حججت واعتمرت بضعًا وعشرين مرة، وإنما كتبت علي حجة واحدة وعمرة، وإني أرى ناسًا من قومك يستدينون ويحجون ويعتمرون ثم يموتون ولا يقضى عنهم، ولجمعة أحب إلي من حجة أو عمرة تطوعًا فأخبرت بذلك الحسن، فقال: ما قال شيئًا، لو كان كما قال، ما حج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اعتمروا.

فصل: في عزة نفسه وصدعه بالحق

سلام بن مسكين: حدثنا عمران بن عبد الله، قال: كان لسعيد بن المسيب في بيت المال بضعة وثلاثون ألفًا، عطاؤه. وكان يدعى إليها، فيأبى، ويقول: لا حاجة لي فيها حتى يحكم الله بيني وبين بني مروان.

حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد: أنه قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك، ولا يحركك، ولا يؤذيك؟ قال والله ما أدري إلَّا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد فصلى صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفًا من حصى فحصبته بها زعم أن الحجاج قال: ما زلت بعد أحسن الصلاة.

في "الطبقات" لابن سعد: أنبأنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان، حدثنا ميمون، وأنبأنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبو المليح عن ميمون ابن مهران، قال: قدم عبد الملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلة، واستيقظ، فقال لحاجبه: انظر، هل في المسجد أحد من حداثنا؟ فخرج، فإذا سعيد بن المسيب في حلقته، فقام حيث ينظر إليه، ثم غمزه، وأشار إليه بأصبعه، ثم ولى فلم يتحرك سعيد فقال لا أراه فطن فجاء ودنا منه ثم غمزه وقال: ألم ترني أشير إليك؟ قال وما حاجتك؟ قال أجب أمير المؤمنين. فقال: إلي أرسلك؟ قال: لا، ولكن قال: انظر بعض حداثنا فلم أرى أحدًا أهيأ منك قال: اذهب فأعلمه أني لست من حداثه. فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إلَّا مجنونًا وذهب، فأخبر عبد الملك، فقال: ذاك سعيد بن المسيب فدعه.

سليمان بن حرب، وعمرو بن عاصم: حدثنا سلام بن مسكين، عن عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي، قال: حج عبد الملك بن مروان فلما قدم المدينة، ووقف على باب

ص: 128

المسجد، أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلًا يدعوه ولا يحركه. فأتاه الرسول، وقال: أجب أمير المؤمنين، واقف بالباب يريد أن يكلمك فقال: ما لأمير المؤمنين إلي حاجة، ومالي إليه حاجة وإن حاجته لي غير مقضية فرجع الرسول، فأخبره، فقال: ارجع، فقل له: إنما أريد أن أكلمك، ولا تحركه فرجع إليه فقال له: أجب أمير المؤمنين فرد عليه مثل ما قال أولًا. فقال: لولا أن تقدم إلي فيك، ما ذهبت إليه إلَّا برأسك يرسل إليك أمير المؤمنين يكلمك تقول: مثل هذا فقال: إن كان يريد أن يصنع بي خيرًا فهو لك، وإن كان يريد غير ذلك فلا أرحل حبوتي حتى يقضي ما هو قاض فأتاه فأخبره فقال: رحم الله أبا محمد أبى إلَّا صلابة.

زاد عمرو بن عاصم في حديثه بهذا الإسناد: فلما استخلف الوليد، قدم المدينة، فدخل المسجد، فرأى شيخًا قد اجتمع عليه الناس فقال: من هذا؟ قالوا: سعيد بن المسيب فلما جلس أرسل إليه، فأتاه الرسول فقال: أجب أمير المؤمنين. فقال: لعلك أخطأت باسمي، أو لعله أرسلك إلى غيري. فرد الرسول، فأخبره، فغضب، وهم به. قال: وفي الناس يومئذ تقية فأقبلوا عليه فقالوا: يا أمير المؤمنين فقيه المدينة، وشيخ قريش، وصديق أبيك، لم يطمع ملك قبلك أن يأتيه. فما زالوا به حتى أضرب عنه.

عمران بن عبد الله -من أصحاب سعيد بن المسيب: ما علمت فيه لينًا. قلت: كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم، وكان لا يقبل عطاءهم.

قال معن بن عيسى: حدثنا مالك، عن ابن شهاب: قلت لسعيد بن المسيب: لو تبديت وذكرت له البادية وعيشها والغنم. فقال كيف بشهود العتمة.

ابن سعد: أنبأنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكي، أنبأنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم سمعت سعيد بن المسيب يقول: لقد رأيتني ليالي الحرة، وما في المسجد أحد غيري. وإن أهل الشام ليدخلون زمرًا يقولون: انظروا إلى هذا المجنون. وما يأتي وقت صلاة إلَّا وسمعت أذانًا في القبر، ثم تقدمت فأقمت، وصليت، وما في المسجد أحد غيري.

عبد الحميد هذا: ضعيف.

الواقدي: حدثنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: كان سعيد أيام الحرة في المسجد لم يخرج، وكان يصلي معهم الجمعة، ويخرج في الليل. قال: فكنت إذا حانت الصلاة أسمع أذانًا يخرج من قبل القبر حتى أمن الناس.

ص: 129

ذكر محنته:

الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، وغيره من أصحابنا، قالوا: استعمل ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة، فدعا الناس إلى البيعة لابن الزبير. فقال سعيد بن المسيب: لا، حتى يجتمع الناس فضربه ستين سوطًا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إلى جابر يلومه، ويقول: مالنا ولسعيد دعه.

وعن عبد الواحد بن أبي عون، قال: كان جابر بن الأسود -عامل ابن الزبير على المدينة- قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، فلما ضرب سعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه: والله ما ربعت على كتاب الله، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة وما هي إلَّا ليال، فاصنع ما بدا لك، فسوف يأتيك ما تكره. فما مكث إلَّا يسيرًا حتى قتل ابن الزبير.

الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، وغيره: أن عبد العزيز بن مروان توفي بمصر سنة أربع وثمانين، فعقد عبد الملك لابنيه: الوليد وسليمان بالعهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان وعامله يومئذ على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي. فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوا وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما، وقال: حتى أنظر فضربه هشام ستين سوطًا، وطاف به في تبان من شعر، حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به، قال: أين تكرون بي؟ قالوا: إلى السجن. فقال: والله لولا أني ظننته الصلب ما لبست هذا التبان أبدًا. فردوه إلى السجن، فحبسه، وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه. فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ويقول: سعيد كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده خلاف.

وحدثني أبو بكر بن أبي سبرة، عن المسور بن رفاعة، قال: دخل قبيصة بن ذؤيب على عبد الملك بكتاب هشام بن إسماعيل يذكر أنه ضرب سعيدًا وطاف به قال قبيصة: يا أمير المؤمنين، يفتات عليك هشام بمثل هذا، والله لا يكون سعيدًا أبدًا أمحل ولا ألج منه حين يضرب لو لم يبايع سعيد ما كان يكون منه، وما هو ممن يخاف فتقه، يا أمير المؤمنين اكتب إليه فقال عبد الملك: اكتب أنت إليه عني تخبره برأيي فيه وما خالفني من ضرب هشام إياه فكتب قبيصة بذلك إلى سعيد، فقال سعيد حين قرأ الكتاب: الله بيني وبين من ظلمني.

حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي، قال: دخلت على سعيد بن المسيب السجن، فإذا هو قد ذبحت له شاة فجعل الإهاب على ظهره، ثم جعلوا له بعد ذلك قضبًا رطبًا. وكان كلما نظر إلى عضديه قال اللهم انصرني من هشام.

ص: 130

شيبان بن فروخ: حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي، قال: دعى سعيد بن المسيب للوليد وسليمان بعد أبيهما، فقال لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار. فقيل: ادخل واخرج من الباب الآخر. قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس. قال: فجلده مائة، وألبسه المسوح.

ضمرة بن ربيعة: حدثنا رجاء بن جميل، قال: قال عبد الرحمن بن عبد القاري لسعيد بن المسيب حين قامت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة: إني مشير عليك بخصال. قال: ما هن؟ قال: تعتزل مقامك فإنك تقوم حيث يراك هشام بن إسماعيل قال: ما كنت لأغير مقامًا قمته منذ أربعين سنة قال تخرج معتمرًا. قال ما كنت لأنفق مالي وأجهد بدني في شيء ليس لي فيه نية. قال فما الثالثة؟ قال: تبايع قال أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي؟ قال -وكان أعمى- قال رجاء: فدعاه هشام بن إسماعيل إلى البيعة فأبى فكتب فيه إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك مالك ولسعيد وما كان علينا منه شيء نكرهه، فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطًا، وألبسه تبان شعر، وأوقفه للناس، لئلا يقتدي به الناس، فدعاه هشام، فأبى وقال: لا أبايع لاثنين. فألبسه تبان شعر وضربه ثلاثين سوطًا، وأوقفه للناس. فحدثني الأيليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة، قالوا: علمنا أنه لا يلبس التبان طائعًا، قلنا له: يا أبا محمد، إنه القتل، فاستر عورتك. قال: فلبسه فلما ضرب تبين له أنا خدعناه. قال يا معجلة أهل أيلة لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته.

وقال هشام بن زيد: رأيت ابن المسيب حين ضرب في تبان شعر.

يحيى بن غيلان: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، قال: أتيت سعيد بن المسيب، وقد ألبس تبان شعر، وأقيم في الشمس، فقلت لقائدي: أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفًا من أن يفوتني، وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون.

قال أبو المليح: الرقي حدثني غير واحد: أن عبد الملك ضرب سعيد بن المسيب خمسين سوطًا، وأقامه بالحرة وألبسه تبان شعر فقال سعيد: لو علمت أنهم لا يزيدوني على الضرب ما لبسته، إنما تخوفت من أن يقتلوني، فقلت: تبان أستر من غيره.

قبيصة: حدثنا سفيان عن رجل من آل عمر قال: قلت لسعيد بن المسيب: ادع على بني أمية. قال اللهم: أعز دينك، وأظهر أولياءك، واخز أعداءك، في عافية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.

أبو عاصم النبيل، عن أبي يونس القوي، قال: دخلت مسجد المدينة، فإذا سعيد بن المسيب جالس وحده، فقلت: ما شأنه؟ قيل: نهي أن يجالسه أحد.

ص: 131

همام، عن قتادة: أن ابن المسيب كان إذا أراد أحدا أن يجالسه، قال: إنهم قد جلدوني، ومنعوا الناس أن يجالسوني.

عن أبي عيسى الخراساني، عن ابن المسيب، قال: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلَّا بإنكار من قلوبكم لكيلا تحبط أعمالكم.

تزويجه ابنته:

أنبئت عن أبي المكارم الشروطي، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا الحسن بن عبد العزيز، قال: كتب إلى ضمرة بن ربيعة، عن إبراهيم بن عبد الله الكناني: أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين.

سعيد بن منصور: حدثنا مسلم الزنجي عن يسار بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب: أنه زوج ابنة له على درهمين من ابن أخيه.

وقال أبو بكر بن أبي داود: كانت بنت سعيد قد خطبها عبد الملك لابنه الوليد، فأبى عليه، فلم يزل يحتال عبد الملك عليه حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف ثم قال: حدثني أحمد ابن أخي عبد الرحمن بن وهب، حدثنا عمر بن وهب، عن عطاف بن خالد، عن ابن حرملة، عن ابن أبي وداعة -يعني: كثيرًا- قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب، ففقدني أيامًا فلما جئته، قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي، فاشتغلت بها. فقال: ألَّا أخبرتنا فشهدناها. ثم قال: هل استحدثت امرأة؟ فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلَّا درهمين أو ثلاثة؟ قال: أنا. فقلت: وتفعل؟ قال: نعم ثم تحمد، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين أو قال: ثلاثة فقمت، وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين. فصليت المغرب، ورجعت إلى منزلي، وكنت وحدي صائمًا فقدمت عشائي أفطر، وكان خبزًا وزيتًا فإذا بابي يقرع. فقلت: من هذا؟ فقال: سعيد فأفكرت في كل من اسمه سعيد إلَّا ابن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلَّا بين بيته والمسجد، فخرجت، فإذا سعيد، فظننت أنه قد بدا له. فقلت: يا أبا محمد، إلَّا أرسلت إلي فآتيك؟ قال: لا أنت أحق أن تؤتى، إنك كنت رجلًا عزبًا فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذه امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذ بيدها، فدفعها في الباب ورد الباب. فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت السطح فرميت الجيران فجاؤوني فقالوا ما شأنك فأخبرتهم ونزلوا إليها وبلغ أمي

ص: 132

فجاءت، وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام. فأقمت ثلاثًا، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم بحق زوج. فمكثت شهرًا لا آتي سعيد بن المسيب، ثم أتيته وهو في حلقته، فسلمت فرد علي السلام، ولم يكلمني حتى تقوض المجلس. فلما لم يبقى غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان؟ قلت: خير يا أبا محمد على ما يحب الصديق، ويكره العدو. قال: إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم.

قال أبو بكر بن أبي داود: ابن أبي وداعة هو كثير بن المطلب بن أبي وداعة.

قلت: هو سهمي، مكي، روى عن: أبيه المطلب، أحد مسلمة الفتح. وعنه: ولده، جعفر بن كثير وابن حرملة.

تفرد بالحكاية: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. وعلى ضعفه قد احتج به مسلم.

قال عمرو بن عاصم: حدثنا سلام بن مسكين، حدثنا عمران بن عبد الله، قال: زوج سعيد بن المسيب بنتًا له من شاب من قريش، فلما أمست، قال لها: شدي عليك ثيابك، واتبعيني ففعلت، ثم قال: صلي ركعتين. فصلت: ثم أرسل إلى زوجها، فوضع يدها في يده وقال انطلق بها فذهب بها فلما رأتها أمه، قالت: من هذه قال: امرأتي. قالت: وجهي من وجهك حرام إن أفضيت إليها حتى أصنع بها صالح ما يصنع بنساء قريش فأصلحتها ثم بنى بها.

ومن معرفته بالتعبير:

قال الواقدي: كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر الصديق وأخذته أسماء عن أبيها ثم ساق الواقدي عدة منامات منها:

حدثنا موسى بن يعقوب، عن الوليد بن عمرو بن مسافع، عن عمر بن حبيب بن قليع، قال: كنت جالسًا عند سعيد بن المسيب يومًا، وقد ضاقت بي الأشياء، ورهقني دين فجاءه رجل فقال رأيت كأني أخذت عبد الملك ابن مروان، فأضجعته إلى الأرض وبطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد قال: ما أنت رأيتها. قال: بلى قال لا أخبرك أو تخبرني. قال: ابن الزبير رآها، وهو بعثني إليك. قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك، وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة. قال: فرحلت إلى عبد الملك بالشام فأخبرته فسر، وسألني عن سعيد وعن حاله، فأخبرته، وأمر بقضاء ديني وأصبت منه خيرًا.

ص: 133

قال: وحدثني الحكم بن القاسم، عن إسماعيل بن أبي حكيم، قال: قال رجل: رأيت كأن عبد الملك بن مروان يبول قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرار فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: إن صدقت رؤياك قام فيه من صلبه أربعة خلفاء.

وأخبرنا عبد السلام بن حفص، عن شريك بن أبي نمر: قلت لسعيد ابن المسيب: رأيت كأن أسناني سقطت في يدي ثم دفنتها. فقال إن صدقت رؤياك دفنت أسنانك من أهل بيتك.

وحدثنا ابن أبي ذئب، عن مسلم الحناط: قال رجل لابن مسيب رأيت أني أبول في يدي فقال: اتق الله، فإن تحتك ذات محرم فنظر فإذا امرأة بينهما رضاع.

وبه، وجاءه آخر، فقال: أراني كأني أبول في أصل زيتونة. فقال إن تحتك ذات رحم فنظر فوجد كذلك.

وقال له رجل: إني رأيت كأن حمامة وقعت على المنارة. فقال يتزوج الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر.

وبه، عن ابن المسيب، قال: الكبل في النوم ثبات في الدين. وقيل له: يا أبا محمد رأيت كأني في الظل، فقمت إلى الشمس. فقال: إن صدقت رؤياك، لتخرجن من الإسلام. قال يا أبا محمد إني أراني أخرجت حتى أدخلت في الشمس فجلست. قال: تكره على الكفر. قال: فأسر، وأكره على الكفر، ثم رجع فكان يخبر بهذا بالمدينة.

وحدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب: قال رجل لابن المسيب: إنه رأى كأنه يخوض النار. قال: لا تموت حتى تركب البحر، وتموت قتيلًا فركب البحر وأشفى على الهلكة، وقتل يوم قديد.

وحدثنا الصالح بن خوات، عن ابن المسيب، قال آخر الرؤيا أربعون سنة يعني تأويلها.

روى هذا الفصل: ابن سحد في "الطبقات"، عن الواقدي.

سلام بن مسكين، عن عمران، بن عبد الله، قال: رأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} ، فاستبشر به، وأهل بيته. فقصوها على سعيد بن المسيب فقال: إن صدقت رؤياه فقلما بقي من أجله فمات بعد أيام.

ص: 134

ومن كلامه:

سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ما أيس الشيطان من شيء إلَّا أتاه من قبل النساء ثم قال لنا سعيد -وهو ابن أربع وثمانين سنة، وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى-: ما شيء أخوف عندي من النساء.

وقال: ما أصلي صلاة، إلَّا دعوت الله على بني مروان.

قتيبة: حدثنا عطاف بن خالد، عن ابن حرملة قال: ما سمعت سعيد بن المسيب سب أحد من الأئمة، إلَّا أني سمعته يقول: قاتل الله فلانًا، كان أول من غير قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال:"الولد للفراش"

(1)

.

سلام بن مسكين، عن عمران بن عبد الله، قال: كان ابن المسيب لا يقبل من أحد شيئًا.

العطاف، عن ابن حرملة، قال قال سعيد: لا تقولوا مصيحف ولا مسيجد ما كان لله فهو عظيم حسن جميل.

عبد الرحمن بن زياد بن أنعم: حدثني يحيى بن سعيد، سمع ابن المسيب يقول: لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله، يعطي منه حقه، ويكف به وجهه عن الناس.

الثوري، عن يحيى بن سعيد: أن ابن المسيب خلف مئة دينار. وعن عباد بن يحيى بن سعيد: أن ابن المسيب خلف ألفين أو ثلاثة آلاف. وعن ابن المسيب، قال: ما تركتها إلَّا لأصون بها ديني وعنه قال من استغنى بالله، افتقر الناس إليه.

داود بن عبد الرحمن العطار، عن بشر بن عاصم، قال: قلت لسعيد بن المسيب: يا عم ألَّا تخرج، فتأكل اليوم مع قومك؟ قال: معاذ الله يا ابن أخي أدع خمسًا وعشرين صلاة خمس صلوات قد سمعت كعبًا

(2)

يقول وددت أن هذا اللبن عاد قطرانًا تتبع قريش أذناب الإبل في هذه الشعاب إن الشيطان مع الشاذ وهو من الاثنين أبعد.

(1)

صحيح: أخرجه النسائي "6/ 181"، والخطيب في "تاريخ بغداد""11/ 116" من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه أحمد "2/ 239 و 280 و 386 و 409 و 492"، والبخاري "6750" و "6818"، ومسلم "1458"، والترمذي "1157"، والنسائي "6/ 180"، وابن ماجه "2006" من حديث أبي هريرة، به وأخرجه أحمد "1/ 65" من حديث عثمان بن عفان.

وأخرجه أحمد "1/ 59 و 65 و 104"، وأبو داود "2275" من حديث علي، به.

ورد عن عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "2274".

(2)

هو: كعب بن مانع الحميري، يقال له: كعب الأحبار.

ص: 135

العطاف بن خالد، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب: أنه اشتكى عينه، فقالوا: لو خرجت إلى العقيق، فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة قال فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح.

العطاف، عن ابن حرملة: قلت لبرد مولى ابن المسيب: ما صلاة ابن المسيب في بيته؟

قال: ما أدري، إنه ليصلي صلاة كثيرة، إلَّا أنه يقرأ بـ {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْر} [ص: 1].

وقال عمرو بن عاصم: حدثنا عاصم بن العباس الأسدي، قال: كان سعيد بن المسيب يذكر، ويخوف، وسمعته يقرأ في الليل على راحلته فيكثر، وسمعته يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يحب أن يسمع الشعر، وكان لا ينشده، ورأيته يمشي حافيًا وعليه بت، ورأيته يخفي شاربه شبيهًا بالحلق، ورأيته يصافح كل من لقيه، وكان يكره كثرة الضحك.

سفيان الثوري، عن داود بن أبي هند، عن سعيد: أنه كان يستحب أن يسمي ولده بأسماء الأنبياء.

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد: أنه كان يصلي التطوع في رحله، وكان يلبس ملاء شرقية.

سلام بن مسكين: حدثني عمران بن عبد الله، قال: ما أحصي ما رأيت على سعيد بن المسيب من عدة قمص الهروي، وكان يلبس هذه البرود الغالية البيض.

أبان بن يزيد: حدثنا قتادة: سألت سعيدًا عن الصلاة على الطنفسة، فقال: محدث.

موسى بن إسماعيل: حدثنا عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب، حدثني غنيمة جارية سعيد: أنه كان لا يأذن لبنته في لعب العاج، ويرخص لها في الكبر تعني: الطبل.

إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا محمد بن هلال، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: ما تجارة أعجب إلي من البز ما لم يقع فيه أيمان!.

مطرف بن عبد الله: حدثنا مالك، قال: قال برد مولى ابن المسيب لسعيد بن المسيب: ما رأيت أحسن ما يصنع هؤلاء! قال سعيد: وما يصنعون؟ قال: يصلي أحدهم الظهر، ثم لا يزال صافًا رجليه حتى يصلي العصر فقال: ويحك يا برد! أما -والله- ما هي بالعبادة، إنما العبادة التفكر في أمر الله والكف عن محارم الله.

ص: 136

سلام بن مسكين: حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي، قال: قال سعيد بن المسيب ما خفت على نفسي شيئًا مخافة النساء. قالوا يا أبا محمد إن مثلك لا يريد النساء، ولا تريده النساء. فقال: هو ما أقول لكم، وكان شيخًا كبيرًا أعمش.

الواقدي: أنبأنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه: قال سعيد بن المسيب: قلة العيال أحد اليسرين.

حماد بن زيد: حدثنا علي بن زيد، قال: قال لي سعيد بن المسيب: قل لقائدك يقوم، فينظر إلى وجه هذا الرجل وإلى جسده. فقام، وجاء فقال: رأيت وجه زنجي، وجسد أبيض. فقال سعيد: إن هذا سب هؤلاء: طلحة والزبير وعليًا رضي الله عنهم فنيهته، فأبى فدعوت الله عليه قلت: إن كنت كاذبًا، فسود الله وجهك. فخرجت بوجهه قرحة، فاسود وجهه.

مالك، عن يحيى بن سعيد، قال: سئل سعيد بن المسيب عن آية: فقال سعيد: لا أقول في القرآن شيئًا.

قلت: ولهذا قل ما نقل عنه في التفسير.

ذكر لباسه:

قال ابن سعد في "الطبقات": أخبرنا قبيصة، عن عبيد بن نسطاس، قال: رأيت سعيد بن المسيب يعتم بعمامة سوداء، ثم يرسلها خلفه، ورأيت عليه إزارًا وطيلسانًا وخفين.

أخبرنا معن، حدثنا محمد بن هلال: أنه رأى سعيد بن المسيب يعتم وعليه قلنسوة لطيفة بعمامة بيضاء لها علم أحمر يرخيها وراءه شبرًا.

أخبرنا القعنبي، حدثنا عثيم: رأيت ابن المسيب يلبس في الفطر والأضحى عمامة سوداء، ويلبس عليها برنسًا أحمر أرجوانيًا.

أخبرنا عارم، حدثنا حماد، عن شعيب بن الحبحاب: رأيت على سعيد بن المسيب برنس أرجوان.

أخبرنا أبو نعيم، حدثنا خالد بن إلياس: رأيت على سعيد قميصًا إلى نصف ساقه، وكماه إلى أطراف أصابعه ورداء فوق القميص، خمسة أذرع وشبر.

أخبرنا روح، أخبرنا سعيد، عن قتادة عن إسماعيل بن عمران قال: كان سعيد بن المسيب يلبس طيلسانًا أزراره ديباج.

ص: 137

أخبرنا معن، حدثنا محمد بن هلال، قال: لم أرى سعيدًا لبس غير البياض.

وعن ابن المسيب: أنه كان يلبس سراويل.

أخبرنا محمد بن عمر، حدثنا أبو معشر، قال: رأيت على سعيد بن المسيب الخز.

أخبرنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو، قال: كان ابن المسيب لا يخضب.

أخبرنا خالد بن مخلد، حدثنا محمد بن هلال: رأيت سعيد بن المسيب يصفر لحيته.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أويس، حدثنا أبو الغصن: أنه رأى سعيد بن المسيب أبيض الرأس واللحية.

وعن يحيى بن سعيد: أن ابن المسيب كان إذا مر بالمكتب، قال للصبيان: هؤلاء الناس بعدنا.

ذكر مرضه ووفاته:

قال ابن سعد: حدثنا خالد بن مخلد، حدثني سليمان بن بلال، حدثني عبد الرحمن بن حرملة، قال: دخلت على سعيد بن المسيب وهو شديد المرض، وهو يصلي الظهر، وهو مستلق يومئ إيماء، فسمعته يقرأ: بـ "الشمس وضحاها".

الثوري، عن ابن حرملة، قال: كنت مع ابن المسيب في جنازة، فقال رجل: استغفروا لها. فقال: ما يقول راجزهم! قد حرجت على أهلي أن يرجز معي راجز، وأن يقولوا: مات سعيد بن المسيب، حسبي من يقلبني إلى ربي، وأن يمشوا معي بمجمر، فإن أكن طيبًا، فما عند الله أطيب من طيبهم.

معاوية بن صالح، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: أوصيت أهلي بثلاث: أن لا يتبعني راجز ولا نار، وأن يعجلوا بي، فإن يكن لي عند الله خير، فهو خير مما عندكم.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس، حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، قال: اشتد وجع سعيد بن المسيب، فدخل عليه نافع بن جبير يعوده، فأغمي عليه،

فقال نافع: وجهوه. ففعلوا، فأفاق، فقال: من أمركم أن تحلوا فراشي إلى القبلة، أنافع؟ قال: نعم. قال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة والله لا ينفعني توجيهكم فراشي.

ص: 138

ابن أبي ذئب، عن أخيه المغيرة: أنه دخل مع أبيه على سعيد، وقد أغمي عليه، فوجه إلى القبلة، فلما أفاق، قال: من صنع بي هذا، ألست امرءًا مسلمًا؟ وجهي إلى الله حيث ما كنت.

أخبرنا محمد بن عمر، حدثني محمد بن القيس الزيات، عن زرعة بن عبد الرحمن: قال سعيد بن المسيب: يا زرعة، إني أشهدك على ابني محمد لا يؤذنن بي أحدًا، حسبي أربعة يحملوني إلى ربي.

وعن يحيى بن سعيد، قال: لما احتضر سعيد بن المسيب، ترك دنانير، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركهاإلَّا لأصون بها حسبي وديني.

أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة: شهدت سعيد بن المسيب يوم مات سنة أربع وتسعين، فرأيت قبره قد رش عليه الماء، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها.

وقال الهيثم بن عدي: مات في سنة أربع وتسعين عدة فقهاء، منهم سعيد بن المسيب. وفيها أرخ وفاة ابن المسيب: سعيد بن عفير، وابن نمير، والواقدي. وما ذكر ابن سعد سواه.

وقال أبو نعيم، وعلي بن المديني: توفي سنة ثلاث وتسعين.

وقال أحمد بن حنبل: حدثنا حماد بن خالد الخياط: أن سعيد بن المسيب توفي سنة خمس وتسعين، والأول أصح.

وأما ما قال المدائني، وغيره من أنه توفي سنة خمس ومائة، فغلط. وتبعه عليه بعضهم، وهي رواية عن ابن معين. ومال إليه: أبو عبد الله الحاكم، والله أعلم.

آخر الترجمة، والحمد الله.

ص: 139

‌457 - عبد الملك بن مروان

(1)

:

ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الخليفة، الفقيه، أبو الوليد الأموي. ولد: سنة ست

وعشرين.

سمع عثمان، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وأم سلمة، ومعاوية، وابن عمر، وبريرة، وغيرهم.

ذكرته لغزارة علمه.

حدث عنه: عروة، وخالد بن معدان، ورجاء بن حيوة، وإسماعيل بن عبيد الله، والزهري، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، وآخرون.

تملك بعد أبيه الشام ومصر، ثم حارب ابن الزبير الخليفة، وقتل أخاه مصعبًا في وقعة مسكن، واستولى على العراق وجهز الحجاج لحرب بن الزبير، فقتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين، واستوسقت الممالك لعبد الملك.

قال ابن سعد: كان قبل الخلافة عابدًا ناسكًا بالمدينة. شهد مقتل عثمان وهو ابن عشر، واستعمله معاوية على المدينة -كذا قال- وإنما استعمل أباه.

وكان أبيض، طويلًا، مقرون الحاجبين، أعين، مشرف الأنف، رقيق الوجه، ليس بالبادن، أبيض الرأس واللحية.

عبد الله بن العلاء بن زبر: عن يونس بن ميسرة، عن عبد الملك، أنه قال على المنبر: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم لا يغزو، أو يجهز غازيًا أو يخلفه بخير إلَّا أصابه الله بقارعة قبل الموت"

(2)

.

قال عبادة بن نسي: قال ابن عمر: إن لمروان ابنًا فقيهًا، فسلوه.

وقيل: إن أبا هريرة نظر إلى عبد الملك وهو غلام فقال هذا يملك العرب.

جرير بن حازم، عن نافع قال: لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرًا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك.

وقال أبو الزناد: فقهاء المدينة: سعيد بن المسيب، وعبد الملك، وعروة، وقبيصة بن ذؤيب.

وعن ابن عمر: ولد الناس أبناء وولد مروان أبًا.

وعن يحيى بن سعيد الأنصاري: أول من صلى بين الظهر والعصر عبد الملك بن مروان، وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 223"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1397"، تاريخ الخطيب "10/ 388 - 391"، تهذيب التهذيب "6/ 422 - 423"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4460"، شذرات الذهب "1/ 82 و 97"، تاريخ الإسلام "3/ 276".

(2)

حسن: أخرجه أبو داود "2503"، وابن ماجه "2762"، والدارمي "2/ 209" من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة، به.

ص: 140

إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: ما جالست أحدًا إلَّا وجدت لي عليه الفضل إلَّا عبد الملك وقيل: إنه تأوه من تنفيذ يزيد جيشه إلى حرب ابن الزبير فلما ولي الأمر جهز إليه الحجاج الفاسق.

قال ابن عائشة أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف بين يديه، فأطبقه، وقال: هذا آخر العهد بك.

قلت: اللهم لا تمكر بنا.

قال الأصمعي: قيل لعبد الملك: عجل بك الشيب. قال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة.

قال مالك: أول من ضرب الدنانير عبد الملك، وكتب عليها القرآن.

وقال يوسف بن الماجشون: كان عبد الملك إذا جلس للحكم، قيم على رأسه بالسيوف.

وعن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كان عبد الملك كثيرًا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر مسجد دمشق. فقالت: بلغني أنك شربت الطلاء

(1)

بعد النسك والعبادة! فقال: إي والله والدماء.

وقيل: كان أبخر.

قال الشعبي: خطب عبد الملك فقال: اللهم إن ذنوبي عظام، وهي صغار في جنب عفوك يا كريم فاغفرها لي.

قلت: كان من رجال الدهر ودهاة الرجال وكان الحجاج من ذنوبه.

توفي في شوال سنة ست وثمانين، عن نيف وستين سنة.

(1)

الطلاء: ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه.

ص: 141

‌458 - عبد العزيز بن مروان

(1)

: " د"

ابن الحكم، أمير مصر، أبو الأصبغ المدني ولي العهد بعد عبد الملك، عقد له بذلك أبوه، واستقل بملك مصر عشرين سنة وزيادة.

يروي عن أبيه، وأبي هريرة وعقبة بن عامر وابن الزبير. وله بدمشق دار إلى جانب الجامع، هي السميساطية.

روى عنه: ابنه؛ عمر بن عبد العزيز، والزهري، وكثير بن مرة، وعلي بن رباح، وابن أبي ملكية، وبحير بن ذاخر.

وثقه ابن سعد، والنسائي. وله في "سنن أبي داود" حديث.

قال سويد بن قيس: بعثني عبد العزيز بن مروان بألف دينار إلى ابن عمر، فجئته بها ففرقها.

قال ابن أبي مليكة: شهدت عبد العزيز عند الموت يقول: يا ليتني لم أكن شيئًا، يا ليتني كهذا الماء الجاري. وقيل: قال: هاتوا كفني، أف لك، ما أقصر طويلك وأقل كثيرك.

وعن حماد بن موسى، قال: لما احتضر عبد العزيز، أتاه البشير يبشره بماله الواصل في العام، فقال: مالك؟ قال: هذه ثلاث مائة مدي من ذهب. قال: مالي وله لوددت، أنه كان بعرًا حائلًا بنجد.

قلت: هذا قول كل ملك كثير الأموال، فهلا يبادر ببذله.

قال ابن سعد، وسعيد بن عفير، والزيادي، وغيرهم: مات سنة خمس ثمانين. وقال ابن يونس: قال الليث: مات في جمادى الآخرة، سنة ست وثمانين.

قلت: الأول أصح، وقد كان مات قبله ابنه أصبغ بستة عشر يومًا، فحزن عليه ومرض ومات بحلوان؛ مدينة صغيرة أنشأها على بريد فوق مصر وعاش أخوه عبد الملك بعده فلما جاءه نعيه عقد بولاية العهد لابنيه: الوليد ثم سليمان.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 236"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1514"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1827"، الكاشف "2/ ترجمة 3456"، تاريخ الإسلام "3/ 274"، تهذيب التهذيب "6/ 356"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4373".

ص: 142

‌459 - روح بن زنباع

(1)

:

ابن روح بن سلامة، الأمير الشريف، أبو زرعة الجذامي، الفلسطيني، سيد قومه. وكان شبه الوزير للخليفة عبد الملك.

روى عن: أبيه -وله صحبة- وعن تميم الداري، وعبادة بن الصامت.

وعنه: ابنه؛ روح بن روح، وشرحبيل بن مسلم، وعبادة بن نسي، وآخرون.

وله دار بدمشق في البزوريين

(2)

ولي جند فلسطين ليزيد. وكان يوم مرج راهط

(3)

مع مروان. وقد وهم مسلم، وقال: له صحبة، وإنما الصحبة لأبيه.

روى ضمرة، عن شيخ له، قال: كان روح بن زنباع إذا خرج من الحمام، أعتق رقبة. قال ابن زبر: توفي سنة أربع وثمانين.

قلت: هو صدوق، وما وقع له شيء في الكتب الستة وحديثه قليل.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1042"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2242"، أسد الغابة "2/ 189"، تاريخ الإسلام "3/ 248"، العبر "1/ 98"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 2713"، النجوم الزاهرة "1/ 205"، شذرات الذهب "1/ 95".

(2)

البزوريين: من أسواق دمشق القديمة. ويعرف اليوم بسوق البزورية.

(3)

مرج راهط: الموضع الذي وقعت فيه الموقعة المشهورة بين مروان بن الحكم وأنصار عبد الله بن الزبير.

ص: 142

‌460 - ابن أم بُرثن

(1)

: " م، د"

الأمير عبد الرحمن بن آدم البصري، صاحب السقاية، هو عبد الرحمن ابن أم برثن. لعله ابن ملاعنة. وآدم هنا، هو أبونا عليه السلام وقيل: عبد الرحمن بن برثم، وابن برثن وقيل: عبد الرحمن مولى أم برثن من جلة التابعين.

روى عن: أبي هريرة، وجابر، وعبد الله بن عمرو.

وعنه: أبو العالية الرياحي -وهو من طبقته- وقتادة، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي.

قال المدائني: استعمل عبيد الله بن زياد ابن أم برثن، ثم غضب عليه، وغرمه مائة ألف، فخرج إلى يزيد. قال: فنزلت على مرحلة من دمشق، وضرب لي خباء وحجرة، فإذا كلب دخل في عنقه طوق من ذهب فأخذته وطلع فارس فهبته، وأنزلته فلم ألبث أن توافت الخيل، فإذا هو يزيد بن معاوية. فقال لي بعدما صلى: من أنت؟ فأخبرته، فقال: إن شئت كتبت لك هنا، وإن شئت دخلت. قلت: بل تكتب لي من مكاني. قال: وأمر بأن ترد علي المائة ألف، فرجعت. قال: وأعتق هناك ثلاثين مملوكًا وكان يتأله.

وقال المدائني: رمى عبدًا له بفسود، فأخطأه، وأصاب ولده فنتر دماغه. فخاف الغلام، فقال: اذهب فأنت حر، فلو قتلتك لكنت هلكت، لأني كنت متعمدًا وأصبت

ابني خطأ. ثم عمي عبد الرحمن بعد، ومرض وقيل: كانت أمه تعمل الطيب، وتخالط نساء ابن زياد، فالتقطت هذا وربته.

مات في خلافة عبد الملك بن مروان. وهو ثقة.

(1)

تراجمته في التاريخ الكبير "5/ 818"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 989"، الكاشف "2/ ترجمة 3175"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 134"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4019".

ص: 143

‌461 - أبو رجاء العُطاردي

(1)

: " ع"

الإمام الكبير، شيخ الإسلام، عمران بن ملحان التميمي، البصري. من كبار المخضرمين، أدرك الجاهلية وأسلم بعد فتح مكة ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم أورده: أبو عمر بن عبد البر في كتاب "الاستيعاب" وقيل: إنه رأى أبا بكر الصديق.

حدث عن: عمر، وعلي، وعمران بن حصين، وعبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب، وأبي موسى الأشعري، وتلقن عليه القرآن، ثم عرضه على ابن عباس، وهو أسن من ابن عباس.

وكان خيرًا، تلاء لكتاب الله.

قرأ عليه: أبو الأشهب العطاردي، وغيره.

وحدث عنه: أيوب، وابن عون، وعوف الأعرابي، وسعيد بن أبي عروبة، وسلم بن زرير، وصخر بن جويرية، ومهدي بن ميمون، وخلق كثير.

قال جرير بن حازم: سمعته يقول: هربنا من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: ما طعم الدم؟ قال: حلو.

قال الأصمعي: حدثنا أبو عمرو بن العلاء: قلت لأبي رجاء: ما تذكر؟ قال: أذكر قتل بسطام، ثم أنشد:

وخر على الألاءة لم يوسد

وكأن جبينه سيف صقيل

ثم قال الأصمعي: قتل بسطام قبل الإسلام بقليل.

أبو سلمة المنقري: حدثنا أبو الحارث الكرماني [وكان] ثقة قال: سمعت أبا رجاء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 138"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2811"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1687"، حلية الأولياء "2/ 304"، الاستيعاب "3/ ترجخمة 1971"، أسد الغابة "4/ 136"، الكاشف "2/ ترجمة 4343"، تاريخ الإسلام "4/ 178"، تهذيب التهذيب "8/ 140"، الإصابة "3/ ترجمة 6523"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5443"، شذرات الذهب "1/ 130".

ص: 144

يقول: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا شاب أمرد، ولم أر ناسًا كانوا أضل من العرب، كانوا يجيئون بالشاة البيضاء، فيعبدونها فيختلسها الذئب، فيأخذون أخرى مكانها يعبدونها، وإذا رأوا صخرة حسنة، جاؤوا بها وصلوا إليها فإذا رأوا أحسن منها رموها. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى الإبل على أهلي. فلما سمعنا بخروجه لحقنا بمسيلمة.

وقيل: إن اسم أبي رجاء العطاردي عمران بن تيم، وبنو عطارد: بطن من تميم، وكان أبو رجاء -فيما قيل- يخضب رأسه دون لحيته.

قال ابن الأعرابي: كان أبو رجاء عابدًا، كثير الصلاة وتلاوة القرآن، كان يقول: ما آسى على شيء من الدنياإلَّا أن أعفر في التراب وجهي كل يوم خمس مرات.

قال ابن عبد البر: كان رجلًا فيه غفلة، وله عبادة عمر عمرًا طويلًا أزيد من مائة وعشرين سنة.

ذكر الهيثم بن عدي، عن أبي بكر بن عياش، قال: اجتمع في جنازة أبي رجاء الحسن البصري، والفرزدق فقال: الفرزدق: يا أبا سعيد، يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم فقال الحسن: لست بخير الناس، ولست بشرهم، لكن ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس؟ قال: شهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمد رسول الله وعبده ورسوله. ثم انصرف، وقال:

ألم تر أن الناس مات كبيرهم

وقد كان قبل البعث بعث محمد

ولم يغن عنه عيش سبعين حجة

وستين لما بات غير موسد

إلى حفرة غبراء يكره وردها

سوى أنها مثوى وضيع وسيد

ولو كان طول العمر يخلد واحدًا

ويدفع عنه عيب عمر عمرد

لكان الذي راحوا به يحملونه

مقيمًا ولكن ليس حي بمخلد

نروح ونغدو والحتوف أمامنا

يضعن بنا حتف الردى كل مرصد

أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، أنبانا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا المفضل بن غسان، حدثنا وهب بن جرير عن أبيه سمعت أبا رجاء يقول: بلغنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونحن على ماء لنا، يقال له: سند فانطلقنا نحو الشجرة هاربين بعيالنا فبينا أنا أسوق القوم، إذ وجدت كراع ظبي فأخذته فأتيت المرأة فقلت: هل عندك شعير؟ فقالت قد كان في

ص: 145

وعاء لنا عام أول شيء من الشعير، فما أدري بقي منه شيء أم لا. فأخذته، فنفضته، فاستخرجت منه ملء كف من شعير، ورضخته بين حجرين، وألقيته والكراع في برمة لنا، ثم قمت إلى بعير ففصدته إناء من دم، وأوقدت تحته ثم أخذ عوادًا، فلبكته به لبكًا شديدًا حتى أنضجته، ثم أكلنا. فقال له رجل: وكيف طعم الدم؟ قال: حلو.

محرز بن عون: حدثنا يوسف بن عطية، عن أبيه: دخلت على أبي رجاء، فقال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وكان لنا صنم مدور، فحملناه على قتب، وتحولنا، ففقدنا الحجر، انسل فوقع في رمل فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غب فيه فاستخرجته، فكان ذلك أول إسلامي. فقلت: إن إلهًا لم يمتنع من تراب يغيب فيه لإله سوء، وإن العنز لتمنع حياها بذنبها. فكان ذلك أول إسلامي. فرجعت إلى المدينة، وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم.

قال عمارة المعولي: سمعت أبا رجاء يقول: كنا نعمد إلى الرمل، فنجمعه، ونحلب عليه، فنعبده وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض، فنعبده.

قال أبو الأشهب: كان أبو رجاء العطاردي يختم بنا في قيام لكل عشرة أيام.

قال ابن عبد البر، وغيره: مات أبو رجاء سنة خمس ومائة، وله أزيد من مائة وعشرين سنة وقال غير واحد من المؤرخين: مات سنة سبع ومائة. وقيل: سنة وثمان.

ص: 146

‌462 - الأسود بن هلال

(1)

: " خ، م، د، س"

أبو سلام المحاربي الكوفي، من كبراء التابعين، أدرك أيام الجاهلية.

وقد حدث عن: عمر، ومعاذ، وابن مسعود، وأبي هريرة، وما هو بالمكثر.

حدث عنه: أشعث بن أبي الشعثاء، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو حصين عثمان بن عاصم، وجماعة.

وثقه يحيى بن معين.

توفي سنة أربع وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 119"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1436"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1068"، تاريخ الإسلام "3/ 242"، الإصابة "1/ ترجمة 459"، تهذيب التهذيب "1/ 342".

ص: 146

‌463 - الربيع بن خُثَيْم

(1)

: " خ، م"

ابن عائذ، الإمام، القدوة، العابد، أبو يزيد الثوري، الكوفي، أحد الأعلام. أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل عنه.

وروى عن: عبد الله بن مسعود، وأبي أيوب الأنصاري، وعمرو بن ميمون. وهو قليل الرواية إلَّا أنه كبير الشأن.

حدث عنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، وهلال بن يساف، ومنذر الثوري، وهبيرة بن خزيمة، وآخرون.

وكان يعد من عقلاء الرجال.

روى عن: أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على ابن مسعود لم يكن له إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه فقال له ابن مسعود: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك، وما رأيتك إلَّا ذكرت المخبتين.

فهذه منقبة عظيمة للربيع، أخبرني بها إسحاق الأسدي، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي المقرئ، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا الطبراني، حدثنا عبدان بن أحمد، أزهر بن مروان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم، حدثنا أبو عبيدة.

أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن منذر الثوري، قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله، قال: اتق الله فيما علمت وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيركم اليوم بخير، ولكنه خير من آخر شر منه، وما تتبعون الخير حق اتباعه وما تفرون من الشر حق فراره، ولا كل ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم أدركتم، ولا كل ما تقرؤون تدرون ما هو ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن -والله- بواد التمسوا دواءهن، وما دواؤهن إلا أن يتوب، ثم لا يعود.

روى منصور، عن إبراهيم، قال: قال فلان: ما أرى الربيع بن خثيم تكلم بكلام منذ عشرين سنة، إلَّا بكلمة تصعد. وعن بعضهم، قال: صحبت الربيع عشرين عامًا ما سمعت منه كلمة تعاب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 182"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 917"، الجرح والتعديل "3/ 2068"، الحلية لأبي نعيم "2/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 15 و 247 و 365"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 41"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 467"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2021".

ص: 147

وروى الثوري، عن رجل، عن أبيه، قال: جالست الربيع بن خثيم سنين، فما سألني عن شيء مما فيه الناس، إلَّا أنه قال لي مرة: أمك حية؟.

وروى الثوري، عن أبيه، قال: كان الربيع بن خثيم إذا قيل له: كيف أصبحتم؟ قال: ضعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.

وعنه، قال: كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل.

وروى الأعمش، عن منذر الثوري: أن الربيع أخذ يطعم مصابًا خبيصًا، فقيل له: ما يدريه ما أكل؟ قال: لكن الله يدري.

الثوري، عن سرية للربيع: أنه كان يدخل عليه الداخل، وفي حجره المصحف، فيغطيه.

وعن ابنة للربيع قالت: كنت أقول: يا أبتاه، ألَّا تنام؟! فيقول: كيف ينام من يخاف البيات.

الثوري، عن أبي حيان، عن أبيه، قال: كان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج. فقيل له: قد رخص لك. قال: إني أسمع "حي على الصلاة"، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبوًا وقيل: إنه قال: ما يسرني أن هذا الذي بي بأعتى الديلم على الله.

قال سفيان الثوري: وقيل له لو تداويت. قال: ذكرت عادًا وثمودًا وأصحاب الرس، وقرونًا بين ذلك كثيرًا، كانت فيهم أوجاع، وكانت لهم أطباء، فما بقي المداوي ولا المداوى إلَّا وقد فني.

قال الشعبي: ما جلس ربيع في مجلس منذ اترز بإزار، يقول: أخاف أن أرى أمرًا أخاف أن لا أرد السلام أخاف أن لا أغمض بصري.

قال نسير بن ذعلوق: ما تطوع الربيع بن خثيم في مسجد الحي إلَّا مرة.

قال الشعبي: حدثنا الربيع وكان من معادن الصدق.

وعن منذر: أن الربيع كان إذا أخذ عطاءه، فرقه، وترك قدر ما يكفيه.

وعن ياسين الزيات، قال: جاء ابن الكواء إلى الربيع بن خثيم، فقال: دلني على من هو خير منك قال: نعم، من كان منطقه ذكرًا، وصمته تفكرًا، ومسيره تدبرًا، فهو خير مني.

وعن الشعبي، قال: كان الربيع أورع أصحاب عبد الله.

ص: 148

أخبرنا أحمد بن أبي الخير في كتابه، عن أحمد بن محمد التيمي، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا زائدة، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن امرأة من الأنصار، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أيعجز أحدكم أن يقرأ ليلة بثلث القرآن"؟ فأشفقنا أن يأمرنا بأمر نعجز عنه قال فسكتنا قالها ثلاث مرات: "أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن؟ فإنه من قرأ: الله الواحد الصمد فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن"

(1)

.

ورواه الشعبي، عن الربيع بن خثيم. قد تجمع في إسناده خمسة تابعيون. أخرجه: الترمذي، والنسائي، من طريق زائدة، وحسنه: الترمذي، وقد رواه: غندر، عن شعبة، عن منصور، عن هلال، عن ربيع، فقال: عن عمرو، عن امرأة من الأنصار، فحذف منه: ابن أبي ليلى ورواه جرير عن منصور فحذف منه: ابن أبي ليلى والمرأة.

قال سفيان الثوري، عن العلاء بن المسيب، عن أبي يعلى الثوري، قال: كان في بني ثور ثلاثون رجلًا، ما منهم رجل دون الربيع بن خثيم.

قال ابن عيينة: سمعت مالكًا يقول: قال الشعبي: ما رأيت قومًا قط أكثر علمًا، ولا أعظم حلمًا، ولا أكف عن الدنيا من أصحاب عبد الله، ولولا ما سبقهم به الصحابة، ما قدمنا عليهم أحدًا.

حماد بن يزيد: عمن ذكره، عن ابن سيرين، قال: ما رأيت قومًا سود الرؤوس أفقه من أهل الكوفة من قوم فيهم جرة

(2)

.

قيل: توفي الربيع بن خثيم سنة خمس وستين.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 418 - 419"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 117" من طريق منصور، عن هلال بن يساف، به. وورد عن ابن مسعود أخرجه النسائي في "علم اليوم والليلة""675"، والبزار "2298"، والطبراني في "الكبير""10484" و "10485" من طريق الربيع بن خثيم، عن ابن مسعود، به وفي الباب عن أبي سعيد الخدري: أخرجه البخاري "5015"، وأحمد "3/ 8".

وعن أبي الدرداء: عند مسلم "811"، والدارمي "2/ 460"، وأحمد "6/ 442 و 447".

(2)

الجرة: لغة في "الجراء" وهي الشجاعة.

ص: 149

‌464 - عبد الرحمن بن أبي ليلى

(1)

: " ع"

الإمام، العلامة، الحافظ، أبو عيسى الأنصاري، الكوفي، الفقيه. ويقال: أبو محمد، من أبناء الأنصار. ولد في خلافة الصديق، أو قبل ذلك.

وحدث عن: عمر، وعلي، وأبي ذر، وابن مسعود، وبلال، وأبي بن كعب، وصهيب، وقيس بن سعد، والمقداد، وأبي أيوب، ووالده، ومعاذ بن جبل، وما إخاله لقيه، مع كون ذلك في "السنن الأربعة" وقيل: بل ولد في وسط خلافة عمر، ورآه يتوضأ، ويمسح على الخفين.

حدث عنه: عمرو بن مرة، والحكم بن عتيبة، وحصين بن عبد الرحمن، وعبد الملك بن عمير، والأعمش، وطائف سواهم.

وقيل: أنه قرأ القرآن على علي.

قال محمد بن سيرين، جلست إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأصحابه يعظمونه، كأنه أمير.

وقال ثابت البناني: كنا إذا قعدنا إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال لرجل: اقرأ القرآن فإنه يدلني على ما تريدون نزلت هذه الآية في كذا وهذه الآية في كذا.

وروى عطاء بن السائب، عن ابن أبي ليلى، قال: أدركت عشرين ومئة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، إذا سئل أحدهم عن شيء، ود أن أخاه كفاه.

وعن عبد الله بن الحارث: أنه اجتمع بابن أبي ليلى، فقال: ما شعرت أن النساء ولدن مثل هذا.

شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: صحبت عليًا رضي الله عنه في الحضر والسفر، وأكثر ما يتحدثون عنه باطل.

قال الأعمش: رأيت ابن أبي ليلى، وقد ضربه الحجاج، وكأن ظهره مسح، وهو متكئ على ابنه، وهم يقولون: العن الكذابين، فيقول: لعن الله الكذابين يقول: الله الله علي

(1)

ترجمة في طبقات ابن سعد "6/ 109"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1164"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1424"، تاريخ "10/ 199"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 42"، العبر "1/ 96 و 195"، الكاشف "2/ ترجمة 3344"، تاريخ الإسلام "3/ 272"، تهذيب التهذيب "6/ 220 - 262"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4231"، شذرات الذهب "1/ 92".

ص: 150

بن أبي طالب، عبد الله بن الزبير، المختار بن أبي عبيد قال: وأهل الشام كأنهم حمير لا يدرون ما يقصد، وهو يخرجهم من اللعن.

قلت: ثم كان عبد الرحمن من كبار من خرج مع عبد الرحمن الله بن الأشعث من العلماء والصلحاء، وكان له وفادة على معاوية. ذكرها: ولده القاضي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

أخبرنا إسحاق الصفار، حدثنا ابن خليل، حدثنا اللبان، حدثنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان عن الأعمش، قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي فإذا دخل الداخل نام على فراشه.

وبه، قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن مهران حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: رأيت عبد الرحمن محلوقًا على المصطبة، وهم يقولون له: العن الكاذبين. وكان رجلًا ضخمًا، به ربو، فقال: اللهم العن الكاذبين، آه- ثم يسكت- علي، وعبد الله بن الزبير، والمختار.

اسم والده أبي ليلى: يسار. وقيل: بلال. وقيل: داود بن أبي أحيحة ابن الجلاح بن الحريش بن جحجبي بن كلفة.

ابن عيينة: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كان لعبد الرحمن ابن أبي ليلى بيت فيه مصاحف، يجتمع إليه فيه القراء، فلما تفرقوا إلَّا عن طعام. فأتيته ومعي تبر، فقال: أتحلي به سيفًا؟ قلت: لا. قال: فتحلي به مصحفًا؟ قلت: لا. قال: فلعلك تجعلها أخراصًا، فإنها تكره.

قال ثابت: كان ابن أبي ليلى إذا صلى الصبح، نشر المصحف وقرأ حتى تطلع الشمس.

شريك، عن مغيرة، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان رجل من بني إسرائيل يعمل بمسحاة له، فأصاب أباه فشجه فقال: لا يصحبني من فعل بأبي ما فعل فقطع يده، فبلغ ذلك بني إسرائيل ثم إن ابنة الملك أرادت أن تصلي في بيت المقدس، فقال من نبعث بها؟ قالوا: فلان. فبعث إليه، فقال: أعفني. قال: لا. قال: فأجلني إذًا أيامًا. قال: فذهب فقطع

مذاكيره في حق، ثم جاء به خاتمه عليه، فقال: هذه وديعتي عندك، فاحفظها. قال: ونزلها الملك منزلًا منزلًا انزل يوم كذا وكذا وكذا وكذا ويوم كذا وكذا

ص: 151

كذا وكذا، فوقت له وقتًا. فلما سار، جعلت ابنة الملك لا ترتقع به

(1)

، فتنزل حيث شاءت، وترتحل متى شاءت، وجعل إنما هو يحرسها، وينام عندها. فلما قدم عليه، قالوا له: إنما كان ينام عندها فقال له الملك: خالفت، وأراد قتله فقال: اردد علي وديعتي. فلما ردها، فتح الحق، وتكشف عن مثل الراحة ففشا ذلك في بني إسرائيل. قال: فمات قاض لهم، فقالوا: من نجعل مكانه؟ قالوا: فلان. فأبى، فلم يزالوا به حتى قال: دعوني حتى أنظر في أمري فكحل عينيه بشيء حتى ذهب بصره. قال: ثم جلس على القضاء فقام ليلة فدعا الله فقال: اللهم إن كان هذا الذي صنعت لك رضى، فاردد علي خلقي أصح ما كان فأصبح، وقد رد الله عليه بصره ومقلتيه أحسن ما كانتا، ويده ومذاكيره.

أنبأنا بها: أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد، يعني: العسال في كتابه -حدثنا موسى بن إسحاق حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك فذكرها.

وبه إلى أبي نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو غسان، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن عبد الرحمن، بن أبي ليلى، قال: كنت جالسًا عند عمر، فأتاه راكب فزعم أنه رأى الهلال هلال شوال، فقال: أيها الناس أفطروا ثم قام إلى عس

(2)

من ماء فتوضأ ومسح على موقين له ثم صلى المغرب فقال له الراكب: ما جئتك إلَّا لأسألك عن هذا أشيئًا رأيت غيرك يفعله؟ قال: نعم رأيت خيرًا مني وخير الأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.

تفرد به إسرائيل.

روي عن أبي حصين: أن الحجاج استعمل عبد الرحمن بن أبي ليلى على القضاء، ثم عزله،

ثم ضربه ليسب أبا تراب رضي الله عنه وكان قد شهد النهروان مع علي.

وقال شعبة بن الحجاج: قدم عبد الله بن شداد بن الهاد، وابن أبي ليلى، فاقتحم بهما فرسهما، الفرات فذهبا- يعني: غرقًا.

وأما نعيم الملائي، فقال: قتل ابن أبي ليلى بوقعة الجماجم، يعني: سنة اثنتين وثمانين. وقيل: سنة ثلاث.

(1)

لا ترتقع به: أي لا تأبه ولا تبالي به.

(2)

العس: القدح الضخم.

ص: 152

‌465 - أبو عبد الرحمن السُّلمي

(1)

: " ع"

مقرئ الكوفة، الإمام، العلم، عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي. من أولاد الصحابة، مولده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

قرأ القرآن، وجوده، ومهر فيه، وعرض على عثمان -فيما بلغنا- وعلى علي، وابن مسعود.

وحدث عن: عمر، وعثمان، وطائفة.

قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضًا عن عثمان، وعلي، وزيد، وأبي، وابن مسعود.

أخذ عنه القرآن: عاصم بن أبي النجود، ويحيى بن وثاب، وعطاء بن السائب، وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن، بن أبي ليلى، ومحمد بن أبي أيوب، والشعبي، وإسماعيل، بن أبي خالد، وعرض عليه الحسن، والحسين رضي الله عنهما.

وحدث عنه: عاصم، وأبو إسحاق، وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب، وعدد كثير.

روى حسين الجعفي، عن محمد بن أبان، عن علقمة بن مرثد: أن أبا عبد الرحمن السلمي تعلم القرآن من عثمان وعرض على علي.

محمد ليس بحجة.

قال أبو إسحاق: كان أبو عبد الرحمن السلمي يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة.

وقال سعد بن عبيدة: أقرأ أبو عبد الرحمن في خلافة عثمان، وإلى أن توفي في زمن الحجاج.

قال شعبة: لم يسمع من عثمان كذا قال شعبة، ولم يتابع.

وروى أبان العطار، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي عبد الرحمن، قال: أخذت القراءة عن علي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 172"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 188"، و "9/ ترجمة 835"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 164"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 43"، الكاشف "2/ ترجمة 2708"، تاريخ الإسلام "3/ 222"، تهذيب التهذيب "5/ 183" خلاخصة الخزرجي "2/ ترجمة 3446".

ص: 153

وروى منصور، عن تميم بن سلمة: أن أبا عبد الرحمن كان إمام المسجد، وكان يحمل في اليوم المطير.

حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب أن أبا عبد الرحمن قال: أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم.

عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء، عن أبيه عن أبي عبد الرحمن السلمي: أنه جاء وفي الدار جلال وجزر فقالوا: بعث بها عمر بن حريث؛ لأنك علمت ابنه القرآن. فقال: رد إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرًا.

وروى أبو إسحاق السبيعي، عن أبي عبد الرحمن، قال: والدي علمني القرآن، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غزا معه.

وروى سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان بن عفان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"

(1)

.

قال أبو عبد الرحمن: فذلك الذي أقعدني هذا المقعد.

قال إسماعيل بن أبي خالد: كان أبو عبد الرحمن السلمي يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات.

قال أبو حصين عثمان بن عاصم: كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه، وكان أعمى.

أبو بكر بن عياش: عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن: أنه قرأ على علي.

وعن أبي عبد الرحمن، قال: خرج علينا علي رضي الله عنه وأنا أقرئ.

وروى أبو جناب الكلبي، قال: حدثنا أبو عون الثقفي، قال: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن، وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يقرأ عليه.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 58"، والبخاري "5027"، وأبو داود "1452"، والترمذي "2907"، والدارمي "2/ 437" من طرق عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمى، عن عثمان بن عفان، به.

وأخرجه عبد الرزاق "5995"، وأحمد "1/ 57"، والبخاري "5028"، والترمذي "2908"، وابن ماجه "212" من طرق عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، به.

ص: 154

قال عبد الواحد بن أبي هاشم: حدثنا محمد بن عبيد الله المقرئ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا أبي، حدثنا حفص أبو عمر، عن عاصم بن بهدلة، وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب، وعبد الله بن عيسى: أنهم قرؤوا على أبي عبد الرحمن السلمي، وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان عامة القرآن، وكان يسأله عن القرآن، فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس، فعليك بزيد بن ثابت، فإنه يجلس للناس، ويتفرغ لهم، ولست أخالفه في شيء من القرآن. وكنت ألقى عليًا فأسأله فيخبرني ويقول: عليك بزيد. فأقبلت على زيد فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة مرة.

قلت: ليس إسنادها بالقائم.

وروي عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثني الذين كانوا يقرئوننا: عثمان، وابن مسعود، وأبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم العشر

، فذكر الحديث.

أحمد بن أبي خيثمة: حدثنا يحيى بن السري، حدثنا وكيع عن عطاء ابن السائب، قال: كان رجل يقرأ على أبي عبد الرحمن، فأهدى له قوسًا، فردها، وقالإلَّا كان هذا قبل القراءة.

كذا عندي: وكيع عن عطاء ولم يلحقه.

وعن عطاء بن السائب، قال: دخلنا على أبي عبد الرحمن نعوده، فذهب بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربي، وقد صمت له ثمانين رمضانًا.

قلت: ما أعتقد صام ذلك كله وقد كان ثبتًا في القراءة، وفي الحديث. حديثه مخرج في الكتب الستة.

يقال: توفي سنة أربع وسبعين. وقيل: مات في إمرة بشر بن مروان على العراق. وقيل: مات سنة ثلاث وسبعين. وقيل: مات قبل سنة ثمانين. وقيل: مات في أوائل ولاية الحجاج على العراق وغلط ابن قانع حيث قال في وفاته إنها سنة خمس ومائة.

ص: 155

‌466 - أمية بن عبد الله

(1)

: " س، ق"

ابن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس القرشي، الأموي، أحد الأشراف، ولي إمرة خراسان لعبد الملك بن مروان.

وحدث عن: ابن عمر. روى عنه: عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن المخزومي، والمهلب الأمير، وأبو إسحاق السبيعي.

توفي سنة سبع وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 478"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1515"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1112"، تاريخ الإسلام "3/ 242 "، الإصابة "1/ ترجمة 550 "، تهذيب التهذيب "1/ 371".

ص: 155

‌467 - أبو إدريس الخَولاني

(1)

: " ع"

عائذ الله بن عبد الله، ويقال فيه: عيذ الله بن إدريس بن عائذ بن عبد الله بن عتبة، قاضي دمشق، وعالمها، وواعظها، ولد: عام الفتح.

وحدث عن: أبي ذر، وأبي الدرداء، وحذيفة، وأبي موسى، وشداد بن أوس، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وعوف بن مالك الأشجعي، وعقبة بن عامر الجهني، والمغيرة بن شعبة، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن حوالة، وأبي مسلم الخولاني، وعدة.

قال أبو عمر بن عبد البر: سماعه من معاذ بن جبل صحيح.

وقال أبو داود: سمع أبو إدريس من أبي الدرداء، وعبادة.

قلت: حدث عنه: أبو سلام الأسود، ومكحول، وابن شهاب، وعبد الله بن عامر اليحصبي، ويحيى بن يحيى الغساني، وعطاء بن أبي مسلم، وأبو قلابة الجرمي، ومحمد بن يزيد الرحبي، ويونس بن ميسرة بن حلبس، ويزيد بن أبي مريم، وربيعة القصير، وآخرون.

وليس هو بالمكثر، لكن له جلالة عجيبة، سئل دحيم عنه وعن جبير: أيهما أعلم؟ قال: أبو إدريس هو المقدم، ورفع أيضًا من شأن جبير بن نفير لإسناده وأحاديثه.

قلت: هما كانا مع كثير بن مرة، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الله بن محيريز الجمحي، وأم الدرداء علماء الشام في عصرهم في دولة عبد الملك ابن مروان، وقبل ذلك.

قال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو إدريس قد سمع من أبي ذر.

يونس، عن ابن شهاب، حدثني أبو إدريس الخولاني، وكان من فقهاء أهل الشام.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 375"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 200"، الاستيعاب "4/ 1594"، أسد الغابة "5/ 134"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 39"، تاريخ الإسلام "3/ 215"، العبر "1/ 91"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 2578"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3070"، تهذيب التهذيب "5/ 85"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3290"، شذرات الذهب "1/ 88"، النجوم الزاهرة "1/ 201".

ص: 156

وروى عبد العزيز بن الوليد بن أبي السائب، عن أبيه، عن مكحول، قال: ما رأيت مثل أبي إدريس الخولاني.

وكذلك روى: أبو مسهر، عن سعيد، عن مكحول.

وعن سعيد بن عبد العزيز، أنه قال: كان أبو إدريس عالم الشام بعد أبي الدرداء.

ابن جوصاء الحافظ: حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا محمد بن حمير، حدثني سعيد بن عبد العزيز، سمعت مكحولًا، يقول: كانت خلقة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يدرسون جميعًا فإذا بلغوا سجدة، بعثوا إلى أبي إدريس الخولاني فيقرؤها ثم يسجد فيسجد أهل المدارس.

محمد بن شعيب بن شابور: أخبرني يزيد بن عبيدة: أنه رأى أبا إدريس في زمن عبد الملك بن مروان، وأن حلق المسجد بدمشق يقرؤون القرآن، يدرسون جميعًا وأبو إدريس جالس إلى بعض العمد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة، بعثوا إليه يقرأ بها وأنصتوا له سجد بهم جميعًا وربما سجد بهم ثنتي عشرة سجدة، حتى إذا فرغوا من قراءتهم، قال أبو إدريس يقص: ثم قال يزيد بن عبيدة: ثم إنه قدم القصص بعد ذلك.

الوليد بن مسلم: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، قال: كنا نجلس إلى أبي إدريس الخولاني، فيحدثنا، فحدث يومًا عن بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوعب الغزاة فقال له رجل من ناحية المجلس: أحضرت هذه الغزوة؟ فقال: لا. فقال الرجل: قد حضرتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنت أحفظ لها مني.

أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز: أن عبد الملك بن مروان عزل بلالًا عن القضاء -يعني: وولى أبا إدريس.

وروى الوليد بن مسلم، عن ابن جابر: أن عبد الملك عزل أبا إدريس عن القصص، وأقره على القضاء فقال أبو إدريس: عزلتموني عن رغبتي، وتركتموني في رهبتي.

قلت: قد كان القاص في الزمن الأول يكون له صورة عظيمة في العلم والعمل.

قال ابن عيينة: سمعت الزهري يقول: أخبرني أبو إدريس، أنه سمع عبادة بن الصامت:

ص: 157

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بايعوني"

(1)

.

قال ابن عيينة: حفظنا من الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، أخبره، قال: أدركت أبا الدرداء -ووعيت عنه- وعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس -ووعيت عنهما- وفاتني معاذ بن جبل.

قال النسائي، وغير واحد: أبو إدريس ثقة.

وقال خليفة بن خياط، وابن معين: مات أبو إدريس الخولاني سنة ثمانين.

قلت: فعلى مولده عام حنين يكون عمره اثنتين وسبعين سنه، رحمه الله.

ولأبيه صحبة.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق: أنبأنا أبو المحاسن محمد بن هبه الله الدينوري، أنبأنا عمي أبو بكر محمد بن عبد العزيز سنة تسع وثلاثين وخمس مائة، وأنبأنا إسماعيل بن الفراء، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبأنا هبة الله بن هلال، قالا: أنبأنا أبو الحسين عاصم بن الحسن "ح" وأنبانا أبو المعالي، أنبانا القاضي أبو صالح نصر بن عبد الرزق "ح" وأنبأنا أحمد بن الحميد سنة اثنتين وتسعين وست مائة، ومحمد بن بطيخ، وعبد الحميد بن أحمد، وأحمد بن عبد الرحمن، قالوا: أنبأنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ، وأنبأنا عبد الخالق بن عبد السلام، وست الأهل بنت الناصح، وخديجة بنت الرضى، قالوا: أنبأنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم، قالوا: أخبرتنا فخر النساء، شهدة بنت أبي نصر"ح"، وأنبأنا أبو المعالي الزاهد، أنبأنا أبو الحسن، واثلة بن كراز ببغداد، أنبأنا أبو علي أحمد بن محمد الرحبي، قال هو وشهدة: أنبأنا الحسين بن أحمد، النعالي قالا: أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء، حدثنا أحمد بن إسماعيل، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر".

هذا حديث صحيح، عال أخرجاه في "الصحيحين" من طرق عن الزهري.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "18"، ومسلم "1709" من طريق الزهري، عن أبي إدريس عن عباد بن الصامت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله، إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه" واللفظ المسلم.

ص: 158

‌468 - أم الدرداء

(1)

: " ع"

السيدة، العالمة، الفقيهة، هجيمة. وقيل: جهيمة، الأوصابية، الحميرية، الدمشقية، وهي أم الدرداء الصغرى.

روت علمًا جمًا عن زوجها؛ أبي الدرداء. وعن: سلمان الفارسي، وكعب بن عاصم الأشعري، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة.

وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء، وطال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد.

حدث عنها: جبير بن نفير، وأبو قلابة الجرمي، وسالم بن أبي الجعد، ورجاء بن حيوة، ويونس بن ميسرة، ومكحول، وعطاء الكيخاراني، وإسماعيل، بين عبيد الله بن أبي المهاجر، وزيد بن سالم، وأبو حازم الأعرج، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعثمان بن حيان المري.

قال أبو مسهر الغساني: أم الدرداء هي هجيمة بنت حيي الوصابية

(2)

، وأم الدرداء الكبرى هي خيرة بنت أبي حدرد لها صحبة.

قال محمد بن سليمان بن أبي الدرداء، اسم أم الدرداء الفقيهة التي مات عنها أبو الدرداء، وخطبها معاوية: هجيمة بنت حي الأوصابية.

وقال ابن جابر، وعثمان بن أبي العاتكة: كانت أم الدرداء يتيمة في حجر أبي الدرداء، تختلف معه في برنس، تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حلق القراء، تعلم القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء يومًا: الحقي بصفوف النساء.

عبد الله بن صالح: حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أم الدرداء، أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت: إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا، فأنكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة قال: فلا تنكحين بعدي فخطبها معاوية فأخبرته بالذي كان فقال: عليك بالصيام.

ورويت من وجه عن لقمان بن عامر، وزاد: وكان لها جمال وحسن.

(1)

ترجمتهما في "المعرفة والتاريخ""2/ 327"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 2372"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 37"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2943".

(2)

الوصابية: بطن من حمير.

ص: 159

وروى ميمون بن مهران عنها، قالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي أحدًا شيئًا. فقلت: إن احتجت؟ قال: تتبعي الحصادين، فانظري ما يسقط منهم، فخذيه، فاخبطيه، ثم اطحنيه، وكليه.

قال مكحول: كانت أم الدرداء فقيهة.

وعن عون بن عبد الله، قال: كنا نأتي أم الدرداء، فنذكر الله عندها.

وقال يونس بن ميسرة: كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء، فإذا ضعفن عن القيام تعلقن بالحبال.

وقال عثمان بن حيان: سمعت أم الدرداء تقول: إن أحدهم يقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن الله لا يمطر عليه ذهبًا ولا دراهم، وإنما يرزق بعضهم من بعض، فمن أعطي شيئًا، فليقبل، فإن كان غنيًا، فليضعه في ذي الحاجة وإن كان فقيرًا فليستعن به.

قال إسماعيل بن عبيد الله: كان عبد الملك بن مروان جالسًا في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسة، حتى إذا نودي للمغرب، قام، وقامت تتوكأ على عبد الملك حتى يدخل بها المسجد، فتجلس مع النساء، ويمضي عبد الملك إلى المقام يصلي بالناس.

وعن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كان عبد الملك بن مروان كثيرًا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق.

وعن عبد ربه بن سليمان، قال: حجت أم الدرداء في سنة إحدى وثمانين.

ص: 160

‌469 - أبو البَخْتري

(1)

: " ع"

الطائي، مولاهم، الكوفي، الفقيه، أحد العباد. اسمه: سعيد بن فيروز.

حدث عن: أبي برزة الأسلمي، وابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وطائفة. وأرسل عن: علي، وابن مسعود.

وروى عنه: عمرو بن مرة، وعطاء بن السائب، ويونس بن خباب، ويزيد بن أبي زياد، وحبيب بن أبي ثابت.

وثقه يحيى بن معين، وكان مقدم الصالحين القراء الذين قاموا على الحجاج في فتنة ابن الأشعث، فقتل أبو البختري في وقعة الجماجم، سنة اثنين وثمانين.

قال حبيب بن أبي ثابت: اجتمعت أنا، وسعيد بن جبير، وأبو البختري، فكان أبو البختري أعلمنا وأفقهنا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 292"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1684"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 241"، حليلة الأولياء "4/ 379"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، الكاشف "1/ ترجمة 1965"، العبر "1/ 96"، تهذيب التهذيب "4/ 72"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2525".

ص: 160

‌470 - زاذان

(1)

: " م، (4) "

أبو عمر الكندي، مولاهم، الكوفي، البزاز، الضرير، أحد العلماء الكبار. ولد: في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وشهد خطبة عمر بالجابية.

روى عن عمر، وعلي، وسلمان، وابن مسعود، وعائشة، وحذيفة، وجرير البجلي، وابن عمر، والبراء بن عازب، وغيرهم.

حدث عنه: أبو صالح السمان، وعمرو بن مرة، وحبيب بن أبي ثابت، والمنهال بن عمرو، وعطاء بن السائب، ومحمد بن جحادة، وآخرون.

وكان ثقة، صادقًا، روى جماعة أحاديث.

قال النسائي: ليس به بأس.

وروى إبراهيم بن الجنيد، عن يحيى بن معين: ثقة.

وقال شعبة: سألت سهل بن كهيل عنه، فقال: أبو البختري أحب إلي منه.

وقال ابن عدي: أحاديثه لا بأس بها.

وقال شعبة: قلت للحكم: لم لم تحمل عنه -يعني: زاذان-؟ قال: كان كثير الكلام.

وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. كذا قال: أبو أحمد.

وقال ابن عدي: تاب على يد ابن مسعود. وعن أبي هاشم الرماني. قال: قال زاذان: كنت غلامًا حسن الصوت، جيد الضرب بالطنبور، فكنت مع صاحب لي، وعندنا نبيذ وأنا أغنيهم، فمر ابن مسعود، فدخل، فضرب الباطية، بددها وكسر الطنبور ثم قال: لو كان ما يسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن، كنت أنت أنت. ثم مضى، فقلت لأصحابي: من هذا؟ قالوا: هذا ابن مسعود. فألقى في نفسي التوبة، فسعيت أبكي، وأخذت بثوبه، فأقبل علي، فاعتنقني، وبكى، وقال: مرحبًا بمن أحبه الله، اجلس. ثم دخل وأخرج لي تمرًا.

قال زبيد: رأيت زاذان يصلي كأنه جذع.

روي أن زاذان قال يومًا: إني جائع. فسقط عليه رغيف مثل الرحا.

وقيل: كان إذا باع ثوبًا لم يسم فيه.

مات سنة اثنتين وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 178"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1455"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2781"، حليلة الأولياء "4/ 199"، تاريخ بغداد "8/ 487"، تاريخ الإسلام "3/ 248"، العبر "1/ 94"، تهذيب التهذيب "3/ 302"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2298"، شذرات الذهب "1/ 90".

ص: 161

‌471 - قبيصة بن ذؤيب

(1)

: " ع"

الإمام الكبير، الفقيه، أبو سعيد الخزاعي، المدني، ثم الدمشقي، الوزير. مولده: عام الفتح سنة ثمان ومات أبوه ذؤيب بن حلحلة صاحب بدن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أيام النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بقبيصة بعد موت أبيه -فيما قيل- فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ولم يع هو ذلك.

وروى عن أبي بكر -إن صح- وعن: عمر، وأبي الدرداء، وبلال، وعبد الرحمن بن عوف، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعدة.

حدث عنه: ابنه، إسحاق، ومكحول، ورجاء بن حيوة، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وأبو

قلابة، والزهري، وإسماعيل بن عبيد الله، وهارون بن رئاب، وآخرون.

وكان على الختم والبريد للخليفة عبد الملك، وقد أصيبت عينه يوم الحرة، وله دار معتبرة بباب البريد.

وقد كناه محمد بن سعد أبا إسحاق، وقال: شهد أبوه الفتح، وكان ينزل بقديد، وكان يقرأ الكتب إذا وردت على الخليفة. قال: وكان ثقة، مأمونًا، كثير الحديث. توفي: سنة ست، أو سبع وثمانين.

قال البخاري: سمع قبيصة: أبا الدرداء، وزيد بن ثابت.

قال أبو الزناد: كان عبد الملك بن مروان رابع أربعة في الفقه والنسك: هو، وسعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير.

قال محمد مجالد بن راشد المكحولي: حدثنا حفص بن عمر بن نبيه الخزاعي، عن أبيه: أن قبيصة بن ذؤيب كان معلم كتاب. قلت: يعني في مبدأ أمره.

وعن مجالد بن سعيد، قال: كان قبيصة كاتب عبد الملك بن مروان.

وعن مكحول، قال: ما رأيت أحدًا أعلم من قبيصة.

وعن الشعبي، قال: كان قبيصة أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت.

ابن لهيعة، عن ابن شهاب، قال: كان قبيصة بن ذؤيب من علماء هذه الأمة.

قال علي بن المديني، وجماعة: توفي سنة ست وثمانين. وقيل: سنة سبع وقيل سنة ثمان وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 176" و "7/ 447"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 784"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 713"، الاستيعاب "3/ 1272"، أسد الغابة "4/ 191"/ الكاشف "2/ ترجمة 4615"، تاريخ الإسلام "3/ 290"، تهذيب التهذيب "8/ 346"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5827"، شذرات الذهب "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 214".

ص: 162

‌472 - همام بن الحارث

(1)

: " ع"

النخعي الكوفي الفقيه.

حدث عن: عمر، وعمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود، وحذيفة بن اليمان، وجماعة.

وعنه: إبراهيم النخعي وسليمان بن يسار، ووبرة بن عبد الرحمن. وثقه يحيى بن معين.

قال ابن سعد: توفي زمن الحجاج.

قال ابن الجوزي: كان الناس يتعلمون من هديه وسمته، وكان طويل السهر، رحمه الله.

حصين، عن إبراهيم: أن همام بن الحارث كان يدعو: اللهم اشفني من النوم باليسير، وارزقني سهرًا في طاعتك. قال: فكان لا ينام إلَّا هنيهة، وهو قاعد.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 118"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2848"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 452"، حلية الأولياء "4/ 178"، الكاشف "3/ ترجمة 6089"، تاريخ الإسلام "3/ 212"، تهذيب التهذيب "11/ 66"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7697"، حلية الأولياء "4/ 178".

ص: 163

‌473 - مرثد بن عبد الله

(1)

: " ع"

الإمام، أبو الخير اليزني، المصري، عالم الديار المصرية، ومفتيها. ويزن: بطن من حمير.

حدث عن: أبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وأبي بصرة الغفاري، وعقبة بن عامر، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله بن عمرو، وجماعة. ولزم عقبة مدة، وتفقه به.

حدث عنه: جعفر بن ربيعة، وعبد الرحمن بن شماسة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وعياش بن عباس القتباني، وجماعة.

قال أبو سعيد بن يونس: كان مفتي أهل مصر في أيامه، وكان عبد العزيز بن مروان يعني: متولي مصر -يحضره مجلسه للفتيا. قال: وقال ابن عون: توفي أبو الخير سنة تسعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 511"، التاريخ الكبير "7/ ترجة 1826"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 380"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 68"، الكاشف "3/ ترجمة 5446"، العبر "1/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 303"، تهذيب التهذيب "10/ 82"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6909".

ص: 164

‌474 - بلال بن أبي الدرداء

(1)

: " د"

الأنصاري، حدث عن: أبيه، وأم الدرداء.

روى عنه: خالد بن محمد الثقفي، وحميد بن مسلم، وإبراهيم بن أبي عبلة، وحريز بن عثمان، وأبو بكر بن أبي مريم.

قال أبو مسهر: كان أسن من أم الدرداء الصغرى.

قال البخاري: بلال أمير الشام.

وقال سعيد بن عبد العزيز: ولي القضاء بعد النعمان بن بشير، فلما استخلف عبد الملك عزله بأبي إدريس الخولاني.

وقال أبو عبيد: مات سنة ثلاث وتسعين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1853"، المعرفة والتاريخ "2/ 328"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1551"، تهذيب التهذيب "1/ 502".

ص: 164

‌475 - صفوان بن محرز

(1)

: " خ، م"

المازني البصري، العابد، أحد الأعلام.

حدث عن: أبي موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام، وابن عمر.

روى عنه: جامع بن شداد، وبكر المزني، وقتادة، وثابت، ومحمد بن واسع، وعاصم الأحول، وعلي بن زيد بن جدعان، وآخرون.

قال ابن سعد: ثقة، له فضل وورع.

وقال غيره: كان واعظًا، قانتًا لله، قد اتخذ لنفسه سربًا

(2)

يبكي فيه.

عثمان بن مطر، عن هشام، عن الحسن، قال: لقيت أقوامًا كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم، وصحبت أقوامًا كان أحدهم يأكل على الأرض، وينام على الأرض منهم: صفوان بن محرز كان يقول: إذا أويت إلى أهلي وأصبت رغيفًا فجزى الله الدنيا عن أهلها شرًا والله ما زاد على رغيف حتى مات، كان يظل صائمًا ويفطر على رغيف، ويصلي حتى يصبح ثم يأخذ المصحف فيتلو حتى يرتفع النهار ثم يصلي ثم ينام إلى الظهر، فكانت تلك نومته حتى فارق الدنيا، ويصلي من الظهر إلى العصر ويتلوا في المصحف إلى أن تصفر الشمس.

تفرد بها: عثمان هذا وليس بقوي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 147"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2926"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1853"، حلية الأولياء "2/ 213"، الكاشف "2/ ترجمة 2428"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 48"، تاريخ الإسلام "4/ 14"، تهذيب التهذيب "4/ 430"، الإصابة "2/ ترجمة 4150"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3106".

(2)

السرب: حفير أو بيت تحت الأرض.

ص: 165

‌الطبقة الثانية من التابعين:

‌476 - أبو سلمة بن عبد الرحمن

(1)

: " ع"

ابن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب القرشي، الزهري الحافظ، أحد الأعلام بالمدينة. قيل: اسمه عبد الله. و قيل: إسماعيل. ولد: سنة بضع وعشرين.

وحدث عن: أبيه بشيء قليل؛ لكونه توفي وهذا صبي. وعن: أسامة بن زيد، وعبد الله بن سلام، وأبي أيوب، وعائشة، وأم سلمة، وبنتها زينب، وأم سليم، وأبي هريرة، وأبي أسيد الساعدي، ومعيقيب الدوسي، والمغيرة بن شعبة، وأبي الدرداء، ولم يدركه -وعثمان بن عفان، وحسان بن ثابت، وثوبان، وحمزة بن عمرو الأسلمي، وعبادة بن الصامت- مرسل وطلحة بن عبيد الله، كذلك وربيعة بن كعب، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس وابن عمر، وجابر، وزيد بن خالد الجهني، ونافع بن عبد الحارث، وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم عن بسر بن سعيد، وجعفر بن عمرو بن أمية، وعروة، وعطاء بن يسار، وغيرهم ونزل إلى أن روى عن: عمر بن عبد العزيز. كان طلابة للعلم فقيهًا مجتهدًا كبير القدر حجة.

حدث عنه: ابنه؛ عمر بن أبي سلمة، وابن أخيه؛ سعد بن إبراهيم، وابن أخيه؛ عبد المجيد بن سهيل وابن أخيه زرارة بن مصعب، وعروة، وعراك بن مالك، والشعبي، وسعيد المقبري، وعمرو بن دينارن وعمرو بن عبد العزيز، ونافع العمري، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وسلمة بن كهيل، وبكير بن الأشج، وسالم أبو النضر، وأبو الزناد، وأبو طوالة وصفوان، بن سليم، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وعبد الله بن أبي لبيد وشريك بن أبي نمر وأبو حازم الأعرج وصالح بن محمد بن زائدة وعبد الله بن محمد بن عقيل، وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد، وأخوه عبد ربه بن سعيد وعثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ومحمد بن أبي حرملة، ومحمد بن عمرو بن علقمة ونوح بن أبي بلال، وخلق كثير.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 155"، تاريخ الإسلام "4/ 76"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 52"، العبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "12/ 115".

ص: 166

قال ابن سعد في الطبقة الثانية من المدنيين: كان ثقة فقيهًا، كثير الحديث، وأمه تماضر بنت الأصبغ بن عمرو، من أهل دومة الجندل، أدركت حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أول كلبية نكحها قرشي.

وأرضعته؛ أم كلثوم، فعائشة خالته من الرضاعة.

وروى الزهري، عن أبي سلمة، قال: لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علمًا كثيرًا.

قال سعد بن إبراهيم: كان أبو سلمة يخضب بالسواد.

شعبة، عن أبي إسحاق، قال: أبو سلمة في زمانه خير من ابن عمر في زمانه.

وقال أبو زرعة: ثقة إمام.

وقال مالك: كان عندنا من رجال أهل العلم، اسم أحدهم كنيته؛ منهم: أبو سلمة.

وقال محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي: قدم علينا البصرة أبو سلمة في إمارة بشر بن مروان، وكان رجلًا صبيحًا، كأن وجهه دينار هرقلي.

قال الزهري: أربعة من قريش وجدتهم بحورًا: عروة، وابن المسيب، وأبو سلمة، وعبيد الله بن عبد الله، قال: وكان أبو سلمة كثيرًا ما يخالف ابن عباس، فحرم لذلك منه علمًا كثيرًا. قاله: الزهري.

عقيل، عن ابن شهاب: قدمت مصر على عبد العزيز يعني: متوليها وأنا أحدث عن سعيد بن المسيب، فقال لي إبراهيم بن قارظ: ما أسمعك تحدث إلَّا عن سعيد فقلت: أجل فقال: لقد تركت رجلين من قومك لا أعلم أكثر حديثًا منهما: عروة وأبو سلمة قال: فلما رجعت إلى المدينة وجدت عروة بحرًا لا تكدره الدلاء.

قلت: لم يكثر عن أبي سلمة، وهو من عشيرته؛ ربما كان بينهما شيء، وإلا فما أبو سلمة بدون عروة في سعة العلم.

قال ابن سعد: توفي أبو سلمة بالمدينة، سنة أربع وتسعين، في خلافة الوليد وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.

وقال الواقدي: في وفاته وسنه ما لا يتابع عليه، فقال: مات سنة أربع ومائة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.

ص: 167

وقال الهيثم بن عدي في وفاته كالأول.

قال إسماعيل بن أبي خالد: قدم علينا أبو سلمة زمن بشر بن مروان، وكان زوج بنته بمد تمر.

وقال عمرو بن دينار: قال أبو سلمة: أنا أفقه من بال. فقال ابن عباس: في المبارك. رواها: ابن عيينة، عنه.

ابن لهيعة، عن أبي الأسود، قال: كان أبو سلمة مع قوم، فرأوا قطيعًا من غنم، فقال أبو سلمة: اللهم إن كان في سابق علمك أن أكون خليفة فاسقنا من لبنها فانتهى إليها، فإذا هي تيوس كلها.

قال عمرو بن دينار، عن عائشة: أنها قالت لأبي سلمة وهو حدث: إنما مثلك مثل الفروج، يسمع الديكة تصيح، فيصيح.

وروي عن الشعبي، قال: قدم أبو سلمة الكوفة، فكان يمشي بيني وبين رجل، فسئل عن أعلم من بقي فتمنع ساعة، ثم قال: رجل بينكما.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وجماعة كتابة، أن عمر بن طبرزذ أخبرهم، قال: أنبأنا هبة الله بن الحصين، أنبأنا محمد بن محمد بن غيلان، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله، أنبأنا أحمد بن عبيد الله، حدثنا يزيد ابن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشدوا الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد مسجدي، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى"

(1)

.

أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام الشافعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا أحمد بن عبد الغني، أنبأنا نصر بن البطر، أنبأنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا حفص الربالي، حدثنا يحيى القطان، عن يحيى بن سعيد، سمعت أبا سلمة بن عبد

الرحمن، سمعت أبا قتادة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه، فليبزق عن شماله ثلاث مرات، وليستعذ بالله من شرها، فإنها لن تضره"

(2)

.

قال خليفة بن خياط: عزل مروان عن المدينة في سنة ثمان وأربعين، ووليها سعيد بن العاص، فاستقضى أبا سلمة بن عبد الرحمن، فلم يزل قاضيًا حتى عزل سعيد سنة أربع وخمسين.

سلمة الأبرش: حدثنا ابن إسحاق، قال: رأيت أبا سلمة يأتي المكتب، فينطلق بالغلام إلى بيته فيملي عليه الحديث.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1189"، ومسلم "1397"، وأبو داود "2033"، والنسائي "2/ 37"، وأحمد "2/ 234 و 238"، وابن الجارود في "المنتقى""512"، والبيهقي "5/ 244" و "10/ 82" من طريق الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

وأخرجه البخاري "1197" و "1995"، ومسلم "827"، والترمذي "326"، وأحمد "3/ 7 و 43"، والبيهقي "10/ 82" من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري، به مرفوعًا، وقد خرجت الحديث في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" بتخريجنا وتعليقنا ط. دار الجيل بيروت "ص 33" بنحو هذا فراجعه ثم إن شئت.

(2)

صحيح: أخرجه مالك "2/ 957"، وأحمد "5/ 310"، وابن أبي شيبة "11/ 70"، والبخاري "3392" و "5747" و "6984"، ومسلم "2261""1" و "2"، وأبو داود "5021"، والترمذي "2277"، والنسائي في "اليوم والليلة""897" و "900" و "901"، وابن ماجه "3909" من طرق عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا قتادة يقول: فذكره.

ص: 168

‌477 - إبراهيم بن عبد الرحمن

(1)

: " خ، م"

ابن عوف، الإمام، الفقيه، أبو إسحاق الزهري، العوفي، المدني، وقيل: كنيته أبو محمد، أخو أبي سلمة الفقيه، وحميد.

حدث عن: أبيه. وعن: عمر، وعثمان، وعلي، وسعد، وعمار بن ياسر، وجبير بن مطعم، وطائفة.

روى عنه ابناه: سعد بن إبراهيم قاضي المدينة، وصالح بن إبراهيم، وعطاء بن أبي رباح، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغيرهم.

وأمه هي المهاجرة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.

وقيل: إنه شهد حصار الدار مع عثمان، رضي الله عنه.

وثقه النسائي، وغيره.

توفي سنة ست وتسعين، عن سن عالية. ويحتمل أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 55"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 947"، المعرفة والتاريخ "1/ 367"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 328"، أسد الغابة "1/ 42"، تاريخ الإسلام "3/ 335"، العبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "1/ 139"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 404".

ص: 169

‌478 - وحميد بن عبد الرحمن

(1)

: " ع"

الزهري أخوه وشقيقه، وخالهما عثمان؛ لأنه أخو أم كلثوم من الأم.

حدث عن: أبويه. وعن: خاله؛ عثمان، وسعيد بن زيد، وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس، وجماعة.

روى عنه سعد بن إبراهيم القاضي، وابن أبي ملكية، والزهري، وصفوان بن سليم، وقتادة، وآخرون.

وقيل: إنه لحق عمر، ولم يصح ذلك بل ولد في أيامه.

وكان فقيهًا، نبيلًا، شريفًا. وثقه: أبو زرعة الرازي.

مات في سنة خمس وتسعين. ومن قال: إنه مات في سنة خمس ومائة، فقد وهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 153"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2696"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 989"، تاريخ الإسلام "3/ 360"، تهذيب التهذيب "3/ 45"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1652"، شذرات الذهب "1/ 111".

ص: 170

‌479 - حميد بن عبد الرحمن

(1)

: " ع"

الحميري، شيخ، بصري، ثقة، عالم.

يروي عن أبي هريرة، وأبي بكر الثقفي، وابن عمر. موته قريب من موت سميه: حميد بن عبد الرحمن الزهري. ويروى أيضًا عن: سعد بن هشام وأولاد سعد بن أبي وقاص.

حدث عنه: عبد الله بن بريدة، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن المنتشر، وقتادة بن دعامة، وأبو بشر جعفر بن إياس، وداود بن عبد الله الأودي، وجماعة.

قال العجلي: تابعي، ثقة. ثم قال: كان ابن سيرين يقول: هو أفقه أهل البصرة رواه منصور بن زاذان، عن محمد.

وروى هشام، عن ابن سيرين، قال: كان حميد بن عبد الرحمن أعلم أهل المصرين يعني: الكوفة والبصرة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد: "7/ 147"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2697"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 990"، تاريخ الإسلام "3/ 246 و 360"، تهذيب التهذيب "3/ 46"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1654".

ص: 170

‌480 - حسان أمير المغرب

(1)

:

وأمير العرب فقيل: إنه حسان بن النعمان بن المنذر الغساني. حكى عنه: أبو قبيل المعافري، وكان بطلًا، شجاعًا، غزاء، افتتح في المغرب بلادًا، وكانت له في دمشق دار كبيرة، وقد جهز معاوية، فصالح البربر، وقرر عليهم الخراج، وحكم على المغرب نيفًا وعشرين سنة، وهذب الإقليم، إلى أن عزله الوليد بن عبد الملك، فقدم بأموال وتحف وجواهر عظيمة، ثم قال: يا أمير المؤمنين، إنما خرجت مجاهدًا لله، وليس مثلي من يخون. وأحضر خزائن المال، فقال: ارجع إلى ولايتك. فأبى، وحلف: إنه لا يلي لبني أمية أبدًا.

وكان يدعى الشيخ الأمين؛ لثقته، وجلالته.

وأما أبو سعيد بن يونس، فأرخ موت حسان سنة ثمانين، رحمه الله.

(1)

تقدم ترجمتنا له برقم تعليق "94" من هذا الجزء فراجعه ثمت إن شئت.

ص: 171

‌481 - الشعبي

(1)

: " ع"

عامر بن شراحبيل بن عبد بن ذي كبار وذو كبار: قيل من أقيال اليمن، الإمام، علامة العصر، أبو عمرو الهمداني، ثم الشعبي. ويقال: هو عامر بن عبد الله، وكانت أمه من سبي جلولاء.

مولده في إمرة عمر بن الخطاب، لست سنين خلت منها، فهذه رواية. وقيل: ولد سنة إحدى وعشرين، قاله شباب.

وكانت جلولاء في سنة سبع عشرة.

وروى ابن عيينة، عن السري بن إسماعيل، عن الشعبي، قال: ولدت عام جلولاء.

فهذه رواية منكرة، وليس السري بمعتمد، قد اتهم.

وعن أحمد بن يونس: ولد الشعبي سنة ثمان وعشرين.

ويقاربها: رواية حجاج الأعور عن شعبة: قال لي أبو إسحاق: الشعبي أكبر مني بسنة أو سنتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 246 - 265"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2503" و "6/ ترجمة 2961"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1802"، الكاشف "2/ ترجمة 2556" تذكرة الحفاظ "1/ 76"، تهذيب التهذيب "5/ 65"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 3263"، شذرات الذهب "1/ 126"، النجوم الزاهرة "1/ 253"، تاريخ بغداد "12/ 227" الحلية "4/ 310".

ص: 171

قلت: وإنما ولد أبو إسحاق بعد سنة اثنتين وثلاثين.

وقال محمد بن سعد: هو من حمير وعداده في همدان.

قلت: رأى عليًا رضي الله عنه وصلى خلفه وسمع من: عدة من كبراء الصحابة.

وحدث عن: سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبي موسى الأشعري، وعدي بن حاتم، وأسامة بن زيد، وأبي مسعود البدري، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وعائشة، وجابر بن سمرة، وابن عمر، وعمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عمرو، وجرير بن عبد الله، وابن عباس، وكعب بن عجرة، وعبد الرحمن بن سمرة، وسمرة بن جندب، والنعمان بن بشير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وبريدة بن الحصيب، والحسن بن علي، وحبشي بن جنادة، والأشعث بن قيس الكندي، ووهب بن خنبش الطائي، وعروة بن مضرس، وجابر بن عبد الله، وعمرو بن حريث، وأبي سريحة الغفاري، وميمونة، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت قيس، وأم هانئ، وأبي جحيفة السوائي، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن يزيد الأنصاري، وعبد الرحمن بن أبزي، وعبد الله بن الزبير، والمقدام بن معد يكرب، وعامر بن شهر، وعروة بن الجعد البارقي، وعوف بن مالك الأشجعي، وعبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي، وأنس بن مالك، ومحمد بن صيفي، وغير هؤلاء الخمسين، من الصحابة.

وحدث عن: علقمة، والأسود، والحارث الأعور، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والقاضي شريح، وعدة.

روى عنه الحكم، وحماد، وأبو إسحاق، وداود بن أبي هند، وابن عون، وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصم الأحول، ومكحول الشامي، ومنصور بن عبد الرحمن الغداني، وعطاء بن السائب، ومغيرة بن مقسم، ومحمد بن سوقة، ومجالد، ويونس بن أبي إسحاق، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وعيسى بن أبي عيسى الحناط، وعبد الله بن عياش المنتوف، وأبو بكر الهذلي، وأمم سواهم.

وقبيلته من كان منهم بالكوفة، قيل: شعبي ومن كان بمصر، قيل الأشعوبي ومن كان باليمن، قيل: لهم آل ذي شعبين، ومن كان بالشام قيل الشعباني وأرى قبيلة شعبان نزلت بمرج كفر بطنا فعرف بهم وهم جميعًا ولد حسان بن عمرو بن شعبين.

قال الحاكم أبو عبد الله فبنو علي بن حسان بن عمرو رهط عامر الشعبي دخلوا في

ص: 172

جمهور همدان، وكان الشعبي توءمًا ضئيلًا، فكان يقول: إني زوحمت في الرحم. قال: وأقام في المدينة ثمانية أشهر هاربًا من المختار، فسمع من ابن عمر، وتعلم الحساب من الحارث الأعور، وكان حافظًا، وما كتب شيئًا قط.

قال ابن سعد: أنبأنا عبد الله بن محمد بن مرة الشعباني، حدثني أشياخ من شعبان؛ منهم: محمد بن أبي أمية -وكان عالمًا: أن مطرًا أصاب اليمن، فجحف السيل موضعًا، فأبدى عن أزج عليه باب من حجارة، فكسر الغلق، ودخل، فإذا بهو عظيم، فيه سرير من ذهب، فإذا عليه رجل، شبرناه فإذا طوله اثنا عشر شبرًا، وإذا عليه جباب من وشي منسوجة بالذهب، وإلى جنبه محجن من ذهب، على رأسه ياقوتة حمراء، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية، له ضفران، وإلى جنبه لوح مكتوب فيه بالحميرية: باسمك اللهم رب حمير، أنا حسان بن عمرو القيل، إذ لا قيل إلَّا الله، عشت بأمل، ومت بأجل؛ أيام وخزهيد، وما وخزهيد؟ هلك فيه اثنا عشر ألف قيل، كنت آخرهم قيلًا فأتيت جبل ذي شعبين ليجيرني من الموت، فأخفرني. وإلى جنبه سيف مكتوب فيه: أنا قيل بي يدرك الثأر.

شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الشعبي، قال: أدركت خمس مائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الشعبي.

هشيم: أنبأنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي، قال: ما مات ذو قرابة لي وعليه دين إلَّا وقضيت عنه، ولا ضربت مملوكًا لي قط، ولا حللت حبوتي إلى شيء مما ينظر الناس.

أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، قال: ما رأيت أحدًا قط كان أفقه من الشعبي. قلت: ولا شريح؟ فغضب، وقال: إن شريحًا لم أنظر أمره.

زائدة، عن مجالد، قال: كنت مع إبراهيم في أصحاب الملا، فأقبل الشعبي، فقام إليه إبراهيم، فقال له: يا أعور، لو أن أصحابي أبصروك ثم جاء فجلس في موضع إبراهيم.

سليمان التيمي، عن أبي مجلز، قال: ما رأيت أحدًا أفقه من الشعبي، لا سعيد بن المسيب، ولا طاووس، ولا عطاء، ولا الحسن، ولا ابن سيرين، فقد رأيت كلهم.

عبد الله بن رجاء: حدثنا جرير بن أيوب، قال: سأل رجل الشعبي عن ولد الزنى شر الثلاثة هو؟ فقال: لو كان كذلك لرجمت أمه وهو في بطنها، ولم تؤخر حتى تلد.

ص: 173

ابن حميد: حدثنا حر، عن مغيرة: قال رجل من الكيسانية

(1)

عند الشعبي: كانت عائشة من أبغض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إليه. قال: خالفت سنة نبيك.

علي بن القاسم، عن أبي بكر الهذلي: قال لي ابن سيرين: الزم الشعبي، فلقد رأيته يستفتى وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون.

قال أبو الحسن المدائني في كتاب "الحكمة": قيل للشعبي: من أين لك كل هذا العلم؟ قال: بنفي الاغتمام، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمام، وبكور كبكور الغراب.

قال ابن عيينة: علماء الناس ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه.

قال ابن سعد: كان الشعبي ضئيلًا، نحيفًا، ولد هو وأخ له توءمًا.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: سمع الشعبي من ثمانية وأربعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ولا يكاد يرسل إلَّا صحيحًا.

روى عقيل بن يحيى، حدثنا أبو داود، عن شعبة، عن منصور الغداني، عن الشعبي، قال: أدركت خمس مائة صحابي، أو أكثر، يقولون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي.

وأما عمرو بن مرزوق، فرواه عن شعبة، وفيه يقولون: علي، وطلحةن والزبير، في الجنة.

ابن فضيل، عن ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلَّا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي.

هذا سماعنا في "مسند الدارمي".

أنبأنا مالك بن إسماعيل، أنبأنا ابن فضيل: فكأن الشعبي يخاطبك به، وهذا يدل على أنه أمي، لا كتب ولا قرأ.

(1)

الكيسانية: هم أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي قام بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب، وقتل أكثر الذين قتلوا حسينًا بكربلاء، وكان المختار يقال له: كيسان؛ وقيل: إنه أخذ مقالته على مولى لعلي رضي الله عنه كان اسمه: كيسان.

واقترفت الكيسانية فرقًا يجمعها شيئان: -أحدهما: قولهم بإمامة محمد ابن الحنفية وإليه كان يدعو المختار بن أبي عبيد. والثاني: قولهم بجواز البداء على الله عز وجل ولهذه البدعة قال بتكفيرهم كل من لا يجيز البداء على الله سبحانه.

ص: 174

الفسوي في "تاريخه": حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا ابن شبرمة، سمعت الشعبي يقول: ما سمعت منذ عشرين سنة رجلًا يحدث بحديث إلَّا أنا أعلم به منه، ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجل لكان به عالمًا.

نوح بن قيس، عن يونس بن مسلم، عن وادع الراسبي، عن الشعبي، قال: ما أروي شيئًا أقل من الشعر، ولو شئت، لأنشدتكم شهرًا لا أعيد.

ورويت عن نوح مرة، فقال: عن يونس ووادع.

محمود بن غيلان: سمعت أبا أسامة يقول: كان عمر في زمانه رأس الناس وهو جامع، وكان بعده ابن عباس في زمانه، وكان بعده الشعبي في زمانه، وكان بعده الثوري في زمانه، ثم كان بعده يحي بن آدم.

شريك، عن عبد الملك بن عمير، قال: مر ابن عمر بالشعبي وهو يقرأ المغازي، فقال: كأن هذا كان شاهدًا معنا، ولهو أحفظ لها مني وأعلم.

أشعب بن سوار، عن ابن سيرين، قال: قدمت الكوفة، وللشعبي حلقة عظيمة، والصحابة يومئذ كثير.

ابن عيينة، عن داود بن أبي هند، قال: ما جالست أحدًا أعلم من الشعبي.

وقال عاصم بن سليمان: ما رأيت أحدًا أعلم بحديث أهل الكوفة والبصرة والحجاز والآفاق من الشعبي.

أبو معاوية: سمعت الأعمش يقول: قال الشعبي: ألَّا تعجبون من هذا الأعور؟! يأتيني بالليل، فيسألني، ويفتي بالنهار يعني: إبراهيم.

أبو شهاب، عن الصلت بن بهرام، قال: ما بلغ أحد مبلغ الشعبي أكثر منه يقول: لا أدري.

أبو عاصم، عن ابن عون، قال: كان الشعبي إذا جاءه شيء اتقاه، وكان إبراهيم يقول ويقول.

جعفر بن عون، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان إبراهيم صاحب قياس، والشعبي صاحب آثار.

ابن المبارك، عن ابن عون: كان الشعبي منبسطًا، وكان إبراهيم منقبضًا، فإذا وقعت الفتوى، انقبض الشعبي، وانبسط إبراهيم.

ص: 175

وقال سلمة بن كهيل: ما اجتمع الشعبي وإبراهيم، إلَّا سكت إبراهيم.

أبو نعيم: حدثنا أبو الجابية الفراء، قال: قال الشعبي: إنا لسنا بالفقهاء، ولكنا سمعنا الحديث فرويناه، ولكن الفقهاء من إذا علم، عمل.

مالك بن مغول: سمعت الشعبي يقول: ليتني لم أكن علمت من ذا العلم شيئًا.

قلت: لأنه حجة على العالم، فينبغي أن يعمل به، و ينبه الجاهل، فيأمره وينهاه، ولأنه مظنة أن لا يخلص فيه، وأن يفتخر به، و يماري به، لينال رئاسة، ودنيا فانية.

الحميدي: حدثنا سفيان، عن ابن شبرمة: سئل الشعبي عن شيء، فلم يجب فيه، فقال رجل عنده: أبو عمرو و يقول فيه كذا وكذا. فقال الشعبي: هذا في المحيا، فأنت في الممات علي أكذب.

قال ابن عائشة: وجه عبد الملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم -يعني: رسولًا- فلما انصرف من عنده، قال: يا شعبي، أتدري ما كتب به إلي ملك الروم؟ قال: وما كتب به يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت أتعجب لأهل ديانتك، كيف لم يستخلفوا عليهم رسولك؟! قلت: يا أمير المؤمنين، لأنه رآني ولم يرك. أوردها: الأصمعي؛ وفيها قال: يا شعبي، إنما أراد أن يغريني بقتلك. فبلغ ذلك ملك الروم، فقال: لله أبوه! والله ما أردت إلَّا ذاك.

يوسف بن بهلول الحافظ: حدثنا جابر بن نوح، حدثني مجالد، عن الشعبي، قال: لما قدم الحجاج سألني عن أشياء من العلم، فوجدني بها عارفًا، فجعلني عريفًا على قومي الشعبيين، ومنكبًا على جميع همدان، وفرض لي، فلم أزل عنده بأحسن منزلة حتى كان شأن عبد الرحمن بن الأشعث، فأتاني قراء أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا عمرو إنك زعيم القراء. فلم يزالوا حتى خرجت معهم، فقمت بين الصفين أذكر الحجاج، وأعيبه بأشياء، فبلغني أنه قال: ألَّا تعجبون من هذا الخبيث؟! أما لئن أمكنني الله منه، لأجعلن الدنيا عليه أضيق من مسك جمل قال: فما لبثنا أن هزمنا فجئت إلى بيتي، وأغلقت علي، فمكثت تسعة أشهر، فندب الناس لخراسان، فقام قتيبة بن مسلم، فقال: أنا لها. فعقد له على خراسان فنادى مناديه: من لحق بعسكر قتيبة، فهو آمن. فاشترى مولى لي حمارًا، وزودني، ثم خرجت، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة. فجلس ذات يوم وقد برق، فنظرت إليه، فقلت: أيها الأمير، عندي علم ما تريد. فقال: ومن أنت؟ قلت: أعيذك ألَّا تسأل عن ذاك فعرف أني ممن يخفي نفسه فدعا بكتاب فقال: اكتب نسخة قلت: لا تحتاج إلى ذلك فجعلت أمل عليه وهو ينظر حتى فرغ من كتاب الفتح قال: فحملني على بغلة وأرسل

ص: 176

إلي بسرق من حرير، وكنت عنده في أحسن منزلة، فإني ليلة أتعشى معه، إذا أنا برسول الحجاج بكتاب فيه: إذا نظرت في كتابي هذا، فإن صاحب كتابك عامر الشعبي، فإن فاتك، قطعت يدك على رجلك، وعزلتك. قال: فالتفت إلي، وقال: ما عرفتك قبل الساعة، فاذهب حيث شئت من الأرض، فوالله لأحلفن له بكل يمين فقلت: أيها الأمير، إن مثلي لا يخفي. فقال: أنت أعلم. قال: فبعثني إليه، وقال: إذا وصلتم إلى خضراء واسط فقيدوه، ثم أدخلوه على الحجاج.

فلما دنوت من واسط، استقبلني ابن أبي مسلم، فقال: يا أبا عمرو، إني لأضن بك عن القتل، إذا دخلت على الأمير، فقل كذا، وقل كذا. فلما أدخلت عليه، ورآني، قال: لا مرحبًا ولا أهلًا جئتني ولست في الشرف من قومك ولا عريفًا، ففعلت وفعلت، ثم خرجت علي وأنا ساكت، فقال: تكلم. فقلت: أصلح الله الأمير، كل ما قلته حق ولكنا قد اكتحلنا بعدك السهر، وتحلسنا الخوف ولم نكن مع ذلك بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء، فهذا أوان حقنت لي دمي، واستقبلت بي التوبة. قال: قد فعلت ذلك.

وقال الأصمعي: لما أدخل الشعبي على الحجاج، قال: هيه يا شعبي! فقال: أحزن بنا المنزل، واستحلسنا الخوف، فلم نكن فيما فعلنا بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء فقال: لله درك.

قال ابن سعد: قال أصحابنا: كان الشعبي فيمن خرج مع القراء على الحجاج، ثم اختفى زمانًا وكان يكتب إلى يزيد بن أبي مسلم أن يكلم فيه الحجاج.

قلت: خرج القراء وهم أهل القرآن والصلاح بالعراق على الحجاج؛ لظلمه وتأخيره والصلاة والجمع في الحضر، وكان ذلك مذهبًا واهيًا لبني أمية، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "يكون عليكم أمراء يميتون الصلاة". فخرج على الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي، وكان شريفًا مطاعًا وجدته أخت الصديقن فالتف على مائة ألف أو يزيدون، وضاقت على الحجاج الدنيا، وكاد أن يزول ملكه، وهزموه مرات، وعاين التلف، وهو ثابت مقدام، إلى أن انتصر وتمزق جمع ابن الأشعث، وقتل خلق كثير من الفريقين، فكان من ظفر به الحجاج منهم قتله، إلَّا من باء منهم بالكفر على نفسه، فيدعه.

سعد بن عامر، عن حميد بن الأسود، عن عيسى الحناط، قال: قال الشعبي: إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان: العقل والنسك، فإن كان عاقلًا، ولم يكن ناسكًا، قال هذا أمر لا ينالهإلَّا النساك، فلن أطلبه. وإن كان ناسكًا، ولم يكن عاقلًا، قال:

ص: 177

هذا أمر لا يناله إلَّا العقلاء، فلن أطلبه. يقول الشعبي: فلقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما، لا عقل ولا نسك.

قلت: أظنه أراد بالعقل الفهم والذكاء.

قال مجالد: قال الشعبي: إسماعيل بن أبي خالد يزدرد العلم ازدرادًا.

وقلما روى الأعمش عن الشعبي، فروى: حفص، عن الأعمش، عن الشعبي، قال: لا بأس بذبيحة الليطة. فقلت للأعمش: يا أبا محمد، ما منعك من إتيان الشعبي؟ قال: ويحك! كيف كنت آتيه وهو إذا رآني سخر بي، ويقول: هذه هيئة عالم! ما هيئتك إلَّا هيئة حائك. وكنت إذا أتيت إبراهيم أكرمني وأدناني.

قال عاصم الأحول: حدثني الشعبي بحديث، فقلت: إن هذا يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دونه أحب إلينا، إن كان فيه زيادة أو نقصان.

خالد الحذاء، عن حصين، عن عامر، قال: ما كذب على أحد في هذه الأمة ما كذب على علي.

ابن عيينة، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: ما جلست مع قوم مذ كذا وكذا، فخاضوا حديث إلَّا كنت أعلمهم به.

عبيد الله بن موسى: حدثنا داود بن يزيد، سمعت الشعبي يقول: والله لو أصبت تسعًا وتسعين مرة وأخطأت مرة، لأعدوا علي تلك الواحدة.

وعن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، قال: كأني بهذا العلم تحول إلى خراسان.

عبد الله بن إدريس، عن عمرو بن خليفة، عن أبي عمرو، عن الشعبي، قال: أصبحت الأمة على أربع فرق: محب لعلي مبغض لعثمان، ومحب لعثمان مبغض لعلي، ومحب لهما ومبغض لهما، قلت: من أيهما أنت قال مبغض لباغضهما.

عبد الله بن إدريس: حدثنا عمي، قال لي الشعبي: أحدثك عن القوم كأنك شهدتهم كان شريح أعلمهم بالقضاء، وكان عبيدة يوازي شريحًا في علم القضاء، وأما علقمة فانتهى إلى علم عبد الله، لم يجاوزه، وأما مسروق فأخذ عن كل، وكان الربيع بن خثيم أعلمهم علمًا وأورعهم ورعًا.

قال زكريا بن أبي زائدة: كان الشعبي يمر بأبي صالح، فيأخذ بأذنه، ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!.

ص: 178

عبد الوهاب بن نجدة: حدثنا بقية، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، حدثني ربيعة بن يزيد، قال: جلست إلى الشعبي بدمشق في خلافة الملك، فحدث رجل من الصحابة: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اعبدوا ربكم، ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطيعوا الأمراء، فإن كان خيرًا لكم، وإن كان شرًا فعليهم، وأنتم منه براء" فقال له الشعبي: كذبت.

هكذا رواه الحاكم، فقال: حدثنا إبراهيم بن مضارب العمري، حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن مهران، حدثنا عبد الوهاب، فكأنه أراد بها: أخطأت.

قراد: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن طارق بن عبد الرحمن، قال: كنت جالسًا على باب الشعبي، إذ جاء جرير بن يزيد بن جرير البجلي، فدعا الشعبي له بوسادة. فقلنا له: حولك أشياخ، وجاء هذا الغلام فدعوت له بوسادة؟! قال: نعم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقى لجده وسادة وقال:"إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"

(1)

.

(1)

صحيح: ورد من حديث عبد الله بن عمر، وجرير بن عبد الله البجلي، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، وعدي بن حاتم، وأبي راشد عبد الرحمن بن عبد، وأنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين.

أما حديث ابن عمر: فأخرجه ابن ماجه "3712"، والقضاعي في "الشهاب""761".

وأما حديث جرير بن عبد الله: فأخرجه الطبراني في "2266" وابن عدي، والبيهقي "8/ 168" والخطيب في "التاريخ""1/ 188"، والقضاعي "762" من طريق حصين بن عمر الأحمسي، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عنه قال:"لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته، فقال يا جرير لأي شيء جئت؟ قال: جئت لأسلم على يديك يا رسول الله، قال: فألقى إلى كساءه، ثم أقبل على أصحابه وقال: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه".

قلت: إسناده واه، آفته حصين بن عمر، متروك كما قال الحافظ في "التقريب"، ولكنه لم ينفرد به فأخرجه الخطيب في "تاريخه" "7/ 94" من طريق أبي أمية بن فرقد قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا إسماعيل، به. وقال الدارقطني:"لم يروه عن يحيى القطان غير أبي أمية هذا، ولم يكن بالقوى، وهذا إنما يعرف من رواية حصين بن عمر الأحمسي، عن إسماعيل، ورواه كادح عن إسماعيل".

قلت: كادح كذاب. وله طريق آخر عن جرير بن عبد الله: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""5/ 205 - 206". وأما حديث جابر عبد الله: فأخرجه الحاكم "4/ 291 - 292". وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي، وفيه ابن لهيعة سيء الحفظ، ومن فوقه ثقات وله طريق آخر عند البزار في "كشف الأستار". وأما حديث ابن عباس: فأخرجه الطبراني في "الكبير"، والعقيلي في "الضعفاء الكبير".

وأما حديث عدي بن حاتم: فأخرجه القضاعي "760"، والعقيلي في "الضعفاء".

ص: 179

شبابة: حدثنا يزيد بن عياض، عن مجالد، قال: كنت أمشي مع قيس الأرقب، فمررنا بالشعبي، فقال لي الشعبي: اتق الله لا يشعلك بناره. فقال قيس: أما -والله- قد كنت في هذه الدار كذا قال، ولعله في هذا الرأي ثم قال له: وما تركته إلَّا لحب الدنيا. قال: فقلت: إن كنت كاذبًا، فلعنك الله، قال: فهل تعرف أصحاب علي؟ قال الشعبي: ما كنت أعرف فقهاء الكوفة إلَّا أصحاب عبد الله قبل أن يقدم علينا علي، ولقد كان أصحاب عبد الله يسمون قناديل المسجد أو سرج المصر. قال قيس: أفلا تعرف أصحاب علي قال: نعم. قال: فهل تعرف الحارث الأعور؟ قال: نعم لقد تعلمت منه حساب الفرائض، فخشيت على نفسي منه

الوسواس، فلا أدري ممن تعلمه. قال: فهل تعرف ابن صبور؟ قال: نعم، ولم يكن بفقيه، ولم يكن فيه خير. قال: فهل تعرف صعصعة بن صوحان؟ قال: كان رجلًا خطيبًا ولم يكن بفقيه قال فهل تعرف رشيد الهجري؟ قال الشعبي: نعم، بينما أنا واقف في الهجريين إذ قال لي رجل: هل لك في رجل علينا، يحب أمير المؤمنين؟ قلت: نعم فأدخلني على رشيد، فقال: خرجت حاجًا فلما قضيت نسكي، قلت: لو أحدثت عهدًا بأمير المؤمنين فممرت بالمدينة، فأتيت باب علي رضي الله عنه فقلت لإنسان: استأذن لي على سيد المسلمين فقال: هو نائم، وهو يحسب أني أعني الحسن، قلت: لست أعني الحسن، إنما أعني أمير المؤمنين، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، قال: أو ليس قد مات فبكى؟ فقلت: أما -والله- إنه ليتنفس الآن بنفس حي، ويعترق من الدثار الثقيل، فقال: أما إذ عرفت سر آل محمد فادخل عليه فسلم عليه فدخلت على أمير المؤمنين، فسلمت عليه وأنبأني بأشياء تكون، قال الشعبي فقلت: لرشيد إن كنت كاذبًا، فلعنك الله ثم خرجت، وبلغ الحديث زيادًا، فقطع لسانه وصلبه.

قال شبابة: وحدثنيه غير واحد عن مجالد عن الشعبي.

إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن علقمة، قال: أفرط ناس في حب علي، كما أفرطت النصارى في حب المسيح.

وروى خالد بن سلمة، عن الشعبي، قال: حب أبي بكر، وعمر، ومعرفة فضلهما من السنة.

مالك بن مغول، عن الشعبي: ما بكيت من زمان، إلَّا بكيت عليه.

روى مجالد، وغيره: أن رجلًا مغفلًا لقي الشعبي، ومعه امرأة تمشي، فقال: أيكما الشعبي؟ قال: هذه.

ص: 180

وعن عامر بن يساف، قال: قال لي الشعبي: امض بنا، نفر من أصحاب الحديث. فخرجنا، قال: فمر بنا شيخ، فقال له الشعبي: ما صنعتك؟ قال: رفاء قال: عندنا دن مكسور، ترفوه لنا؟ قال إن هيأت لي سلوكًا من رمل، رفوته. فضحك الشعبي حتى استلقى.

روى عطاء بن السائب، عن الشعبي، قال: ما اختلفت أمة بعد نبيها، إلَّا ظهر أهل باطلها على أهل حقها.

عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عبد الرحمن، قال: رأيت الشعبي سلم على نصراني، فقال السلام: عليك ورحمة الله. فقيل له في ذلك، فقال: أوليس في رحمة الله، لولا ذلك، لهلك.

روى مجالد، عن الشعبي، قال: لعن الله أرأيت.

قال أبو بكر الهذلي: قال الشعبي: أرأيتم لو قتل الأحنف، وقتل معه صغير، أكانت ديتهما سواء، أم يفضل الأحنف لعقله وحلمه؟ قلت بل سواء، قال: فليس القياس بشيء.

مجالد عن الشعبي: نعم الشيء الغوغاء، يسدون السيل، ويطفئون الحريق، ويشغبون على ولاة السوء.

وبلغنا عن الشعبي، أنه قال: يا ليتني أنفلت من علمي كفافًا لا علي ولا لي.

إسحاق الأزرق عن الأعمش، قال: أتى رجل الشعبي، فقال: ما اسم امرأة إبليس؟ قال: ذاك عرس ما شهدته.

ابن عيينة عن ابن شبرمة، قال: سئل الشعبي عمن نذر أن يطلق امرأته، قال: ليس بشيء. قال: فنهيت الشعبي أنا، فقال: ردوا علي الرجل، نذرك في عنقك إلى يوم القيامة.

عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: رأيت الشعبي ينشد الشعر في المسجد، ورأيت عليه ملحفة حمراء وإزارًا أصفر.

قال ابن شبرمة: استعمل ابن هبيرة الشعبي على القضاء، وكلفة أن يسامره، فقال: لا أستطيع، فأفردني بأحدهما.

قال عاصم الأحول: كان الشعبي أكثر حديثًا من الحسن، وأسن منه بسنتين.

الهيثم بن عدي: حدثنا مجالد، عن الشعبي، قال: كره الصالحون الأولون الإكثار من الحديث، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما حدثت إلَّا بما أجمع عليه أهل الحديث.

ص: 181

قال: الهيثم واه.

وروي عن: الشعبي، قال: رزق صبيان هذا الزمان من العقل ما نقص من أعمارهم في هذا الزمان.

قال ابن شبرمة: مر الشعبي وأنا معه بإنسان وهو يقول:

فتن الشعبي لما

رفع الطرف إليها

فلما رأى الشعبي كأنه ولم يتم البيت، فقال الشعبي: نظر الطرف إليها.

قلت: هذه أبيات مشهورة، عملها رجل تحاكم هو وزوجته إلى الشعبي أيام قضائه يقول فيها:

فتنته ببنان

وبخطي مقلتيها

قال للجلواز: قدمها

وأحضر شاهديها

فقضى جوار على الخصم

ولم يقض عليها

قال ابن شبرمة: [عن الشعبي]: إذا عظمت الحلقة، فإنما هو نجاء أو نداء.

قرأت على إسحاق بن طارق: أخبركم ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، وحدثنا محمد بن علي بن محارب، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا يعقوب بن كعب "ح" قال أبو نعيم: وحدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا ابن زنجوية، أنبأنا إسماعيل بن عبد الله الرقي "ح"، وحدثنا الطبراني، حدثنا أحمد بن المعلي، حدثنا هشام، قالوا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عباد بن موسى، عن الشعبي، قال: أتى بي الحجاج موثقًا، فلما انتهيت إلى باب القصر، لقيني يزيد بن أبي مسلم، فقال: إنا لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم، وليس بيوم شفاعة، بؤ للأمير بالشرك والنفاق على نفسك فبالحري، أن تنجو ثم لقيني محمد بن الحجاج، فقال لي مثل مقالة يزيد فلما دخلت عليه قال وأنت يا شعبي فيمن خرج علينا وكثر؟

قلت: أصلح الله الأمير، أحزن بنا المنزل وأجدب الجناب، وضاق المسلك، واكتحلنا السهر واستحلسنا الخوف، ووقعنا في خزية لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء قال: صدق والله ما بروا في خروجهم علينا، ولا قووا علينا حيث فجروا، فأطلقوا عني. قال: فاحتاج إلى فريضة فقال: ما تقول في أخت وأم وجد؟ قلت: اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عثمان، وزيد، وابن مسعود، وعلي، وابن عباس، قال: فما قال

ص: 182

فيها ابن عباس؟ إن كان لمنقبًا. قلت: جعل الجد أبًا، وأعطى الأم الثلث، ولم يعطي الأخت شيئًا. قال: فما قال فيها أمير المؤمنين؟ يعني: عثمان. قلت: جعلها أثلاثًا. قال: فما قال فيها زيد؟ قلت: جعلها من تسعة، فأعطى الأم ثلاثًا، وأعطى الجد أربعًا وأعطى الأخت سهمين. قال: فما قال فيها ابن مسعود؟ قلت: جعلها من ستة أعطى الأخت ثلاثًا، وأعطى الأم سهمًا وأعطى الجد سهمين قال: فما قال فيها أبو تراب؟ قلت: جعلها من ستة، فأعطى الأخت ثلاثًا والأم سهمين، والجد سهمًا قال: مر القاضي، فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين عثمان، إذ دخل عليه الحاجب فقال: إن بالباب رسلًا. قال: إئذن لهم. فدخلوا عمائمهم على أوساطهم، وسيوفهم على عواتقهم وكتبهم في أيمانهم، فدخل رجل من بني سليم يقال له: سيابة بن عاصم، قال: من أين أنت؟ قال: من الشام قال: كيف أمير المؤمنين؟ كيف حشمه؟ قال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، أصابني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب. قال: فانعت لي. قال: أصابتني سحابة بحوران فوقع قطر صغار وقطر كبار فكان الكبار لحمة للصغار، فوقع سبط متدارك، وهو السح الذي سمعت به فؤاد سائل، وواد نازح وأرض مقبلة، وأرض مدبرة، فأصابتني سحابة بسواء -أو قال: بالقريتين- شك عيسى، فلبدت الدماث، وأسالت العزاز، وأدحضت التلاع، فصدعت عن الكمأة أماكنها وأصابتني أيضًا سحابة فقاءت العيون بعد الري، وامتلأت الإخاذ وأفعمت الأودية، وجئتك في مثل وجار الضبع.

ثم قال: ائذن فدخل رجل من بني أسد، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: لا، كثر الإعصار، واغبر البلاد، وأكل ما أشرف من الجنبة، فاستقينا أنه عام سنة فقال: بئس المخبر أنت.

ثم قال: ائذن. فدخل رجل من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: تقنعت الرواد تدعو إلى زيادتها وسمعت قائلًا يقول: هلم أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، وتشكي فيها النساء، وتنافس فيها المعزي. قال الشعبي: فلم يدر الحجاج ما قال. فقال: ويحك! إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم فقال: نعم، أصلح الله الأمير، أخصب الناس، فكان التمر، والسمن، والزبد، واللبن، فلا توقد نار ليختبز بها، وأما تشكي النساء، فإن المرأة تظل بربق

(1)

بهمها تمخض لبنها، فتبيت ولها أنين من عضديها، كأنها ليستا معها، وأما تنافس المعزي، فإنها ترعى من أنواع الشجر، وألوان الثمر، ونور النبات ما تشبع

(1)

الربق والربقة: الحبل والحلقة تشد بها الغنم الصغار لئلا ترضع.

ص: 183

بطونها، ولا تشبع عيونها، فتبيت وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظة جرة

(1)

فتبقى، الجرة حتى تستنزل بها الدرة.

ثم قال: ائذن فدخل رجل من الموالي، كان يقال إنه من أنشد الناس في ذلك الزمان، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، ولكني لا أحسن أقول كما قال هؤلاء. قال: قل كما تحسن. قال: أصابتني سحابة بحلوان

(2)

فلم أزل أطأ في إثرها حتى دخلت على الأمير. فقال الحجاج: لئن كنت أقصرهم في المطر خطبة، إنك أطولهم بالسيف خطوة.

وبه، إلى أبي نعيم، حدثنا أبو حامد بن جبلة حدثنا أبو العباس السراجن حدثنا محمد بن عباد بن موسى العكلي، حدثنا أبي أخبرني أبو بكر الهذلي، قال: قال لي الشعبي: إلَّا أحدثك حديثًا تحفظه في مجلس واحد إن كنت حافظًا كما حفظت: إنه لما أتي بي الحجاج وأنا مقيد، فخرج إلى يزيد بن أبي مسلم، فقال: إنا لله

، فذكر نحوه.

علي بن الجعد: أنبأنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، ومجالد، عن الشعبي، قال: شهدت عليًا جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، فكأنهم أنكروا أو رأى أنهم أنكروا، فقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رواه جماعة، عن الشعبي، وزاد بعضهم إنها اعترفت بالزنى.

قال إسماعيل بن مجالد، وخليفة، وطائفة: مات الشعبي سنة أربع ومائة. زاد ابن مجالد: وقد بلغ ثنتين وثمانين سنة.

وقال الواقدي: مات سنة خمس ومائة، عن سبع وسبعين سنة.

وفيهما أرخه: محمد بن عبد الله بن نمير. وقال الفلاس: في أول سنة ست ومائة. وقال يحيى: سنة ثلاث ومائة. والأول أشهر.

ومن كلامه: ابن عيينة، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: إنما سمي هوى لأنه يهوي بأصحابه.

أبو عوانه عن مغيرة، عن الشعبي، قال: لا أدري، نصف العلم.

أخبرنا عمر بن محمد الفارسي، وجماعة قالوا: أنبأنا ابن اللتي، أنبأنا أبو الوقت،

أنبأنا الداودي، أنبأنا ابن حموية أنبأنا عيسى بن عمر، حدثنا أبو محمد الدارمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا مالك -هو ابن مغول- قال: قال الشعبي: ما حدثوك هؤلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فخذه، وما قالوه برأيهم، فألقه في الحش.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد إجازة، أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو طالب بن غيلان أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن الجهم السمري حدثنا يعلى ويزيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر: أنه سئل عن رجل نذر، أن يمشي إلى الكعبة، فمشى نصف الطريق، ثم ركب؟ قال ابن عباس: إذا كان عامًا قابلًا، فليركب ما مشى، وليمشي ما ركب، وينحر بدنه.

(1)

الكظة: البطنة، والجرة: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه.

(2)

حلوان: مدينة عامرة في آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان كما قال ياقوت في معجم البلدان.

ص: 184

‌482 - عبد الرحمن

(1)

: " ع"

ابن أبي بكرة الثقفي، أخو عبيد الله المذكور. يكنى: أبا بحر. وقيل: أبا حاتم.

سمع أباه، وعليًا.

وعن: ابن سيرين، وأبو بشر

(2)

، وخالد الحذاء، وآخرون.

ولد زمن عمر، وكان ثقة، كبير القدر، مقرئًا، عالمًا.

قال شعبة: كان أقرأ أهل البصرة. وقيل: كان يقول: أنا أنعم الناس، أنا أبو أربعين، وعم أربعين، وخال أربعين، وعمي زياد الأمير، وكنت أول مولود بالبصرة.

كان جوادًا، ممدحًا، أعطى إنسانًا تسع مائة جاموسة. وقيل ذاك أخوه.

قال المدائني توفي سنة ست وتسعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 190"، التاريخ الكبير"5/ ترجمة 738"، الكاشف "2/ ترجمة 3195"، العبر "1/ 123"، تاريخ الإسلام "4/ 23"، تهذيب التهذيب "6/ 148 - 149" الإصابة "3/ ترجمة 6678"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4042"، شذرات الذهب "1/ 122".

(2)

هو جعفر بن إياس، أبو بشر بن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، روى له الجماعة.

ص: 185

‌483 - خيثمة بن عبد الرحمن

(1)

: " ع"

ابن أبي سبرة يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذؤيب بن سلمة بن عمرو بن ذهل بن مران بن جعفي المذحجي، ثم الجعفي الكوفي، الفقيه، ولأبيه ولجده صحبة.

حدث عن: أبيه. وعن: عائشة، وعبد الله بن عمرو، وعدي بن حاتم، وابن عباس، وابن عمرو، وعن سويد بن غفلة، وطائفة ولم يلق ابن مسعود.

حدث عنه: عمرو بن مرة، وطلحة بن مصرف، ومنصور بن المعتمر، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش.

وكان من العلماء العباد، ما نجا من فتنة ابن الأشعث إلَّا هو وإبراهيم النخعي -فيما قيل- وحديثه في دواوين الإسلام. وكان سخيًا، جواد، يركب الخيل، ويغزو.

قال شعبة، عن أبي إسحاق، عن خيثمة، قال: لما ولد أبي سماه جدي عزيزًا، ثم ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"سمه عبد الرحمن".

وقيل: ولد للمسيب بالكوفة ابن، فاشترى خيثمة له ظئرًا، فبعث بها إليه.

وقال طلحة بن مصرف: كان خيثمة وإبراهيم أعجب أهل الكوفة إلي.

قال شعبة، عن نعيم بن أبي هند، قال: رأيت أبًا وائل في جنازة خيثمة، وهو على حمار، وهو يقول: واحزناه أو كلمة نحوها.

وروي عن خيثمة: أنه أدرك ثلاثة عشر صحابيًا، ما منهم من غير شيبه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 286"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 732"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1808"، الحلية "4/ 113"، تاريخ الإسلام "3/ 247"، تهذيب التهذيب "3/ 178"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1889"، والمعرفة والتاريخ "3/ 141".

ص: 186

‌484 - سعيد بن جبير

(1)

: " ع"

ابن هشام، الإمام، الحافظ، المقرئ، المفسر، الشهيد، أبو محمد -ويقال: أبو عبد الله الأسدي، الوالبي مولاهم الكوفي، أحد الأعلام.

روى عن: ابن عباس -فأكثر وجود- وعن: عبد الله بن مغفل، وعائشة، وعدي بن حاتم، وأبي موسى الأشعري في "سنن النسائي"، وأبي هريرة، وأبي مسعود البدري -وهو مرسل- وعن: ابن عمر وابن الزبير، والضحاك بن قيس، وأنس، وأبي سعيد الخدري.

وروى عن التابعين؛ مثل: أبي عبد الرحمن السلمي، وكان من كبار العلماء.

قرأ القرآن على ابن عباس. قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء، وطائفة.

وحدث عنه: أبو صالح السمان، وآدم بن سليمان والد يحيى، وأشعث بن أبي الشعثاء، وأيوب السختياني، وبكير بن شهاب، وثابت بن عجلان، وأبو المقدام ثابت بن هرمز، وجعفر بن أبي المغيرة، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وحبيب بن أبي ثابت، وحبيب بن أبي عمرة، وحسان بن أبي الأشرس، وحصين، والحكم، وحماد، وخصيف الجزري، وذر الهمداني، وزيد العمي، وسالم الأفطس، وسلمة بن كهيل، وسليمان بن أبي المغيرة، وسليمان الأحول، وسليمان الأعمش، وسماك بن حرب، وأبو سنان ضرار بن مرة، وطارق بن عبد الرحمن، وطلحة بن مصرف، وأبو سنان طلحة بن نافع، وأبو حريز، عبد الله بن حسين، وابنه؛ عبد الله بن سعيد، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وعبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعبد الكريم الجزري، وعبد الكريم أبو أمية البصري، وابنه عبد الملك بن سعيدن، وعبد الملك بن أبي سليمان، وعبد الملك بن ميسرة، وعثمان بن حكيم، وعثمان بن أبي سليمان، وعثمان بن قيس، وعدي بن ثابت، وعزرة بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وعكرمة بن خالد، وعلي بن بذيمة، وعمار الدهني وعمرو بن دينار، وعمرو بن سعيد البصري، وعمرو بن عمرو المدني، وعمرو بن مرة، وعمرو بن هرم، وفرقد السبخي، وفضيل بن عمرو الفقيمي، والقاسم بن أبي أيوب، والقاسم بن أبي بزة، وكثير بن كثير بن المطلب، وكلثوم بن جبر، ومالك بن دينار، ومجاهد -رفيقه- ومحمد بن سوقة، ومحمد بن أبي محمد، والزهري، ومحمد بن واسع، ومسعود بن مالك، ومسلم البطين، والمغيرة بن النعمان، ومنصور بن حيان، ومنصور بن المعتمر، والمنهال بن عمرو، وموسى بن أبي عائشة، وأبو شهاب الحناط، الأكبر موسى بن نافع، وميمون بن مهران، وهشام بن حسان، وهلال بن خباب، ووبرة بن عبد الرحمن، ووهب بن مأنوس، وأبو هبيرة يحيى بن عباد، ويحيى بن ميمون أبو المعلى العطار، ويعلي بن الحكيم، ويعلى بن مسلم وأبو إسحاق السبيعي، وأبو حصين الأسدي، وأبو الزبير المكي، وأبو الصهباء الكوفي، وأبو عون الثقفي، وأبو هاشم الرماني، وخلق كثير.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 256"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1533"، الكنى للدولابي "2/ 56"، المعرفة والتاريخ "1/ 712"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 29" حلية الأولياء "4/ 272"، وفي أخبار أصبهان "1/ 324"، وفيات الأعيان "2/ 261"، تاريخ الإسلام "4/ 2"، الكاشف "1/ ترجمة 1879" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 73"، والعبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "4/ 11"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2425"، شذرات الذهب "1/ 108"، النجوم الزاهرة "1/ 228".

ص: 187

روى ضمرة بن ربيعة، عن أصبغ بن زيد قال: كان لسعيد بن جبير ديك، كان يقوم من الليل بصياحة، فلم يصح ليلة من الليالي حتى أصبح، فلم يصل سعيد تلك الليلة، فشق عليه فقال: ما له قطع الله صوته؟! فما سمع له صوت بعد. فقالت له أمه: يا بني لا تدع على شيء بعدها.

قال أبو الشيخ: قدم سعيد أصهبان زمن الحجاج، وأخذوا عنه.

وعن عمر بن حبيب، قال: كان سعيد بن جبير بأصبهان لا يحدث، ثم رجع إلى الكوفة فجعل يحدث. فقلنا له في ذلك فقال: انشر بزك حيث تعرف.

قال عطاء بن السائب: كان سعيد بن جبير بفارس، وكان يتحزن، يقول: ليس أحد يسألني عن شيء. وكان يبكينا، ثم عسى أن لا يقوم حتى نضحك.

شعبة، عن القاسم بن أبي أيوب: كان سعيد بن جبير بأصبهان، وكان غلام مجوسي يخدمه، وكان يأتيه بالمصحف في غلافه.

قال القاسم بن أبي أيوب: سمعت سعيدًا يردد هذه الآية في الصلاة بضعًا وعشرين مرة: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه} [البقرة: 281].

أنبأنا أحمد بن أبي الخير، عن اللبان أنبأنا الحداد، وأنبأنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا سعيد بن أبي الربيع السمان، حدثنا أبو عوانة، عن إسحاق، مولى عبد الله بن عمر، عن هلال بن يساف، قال: دخل سعيد بن جبير الكعبة، فقرأ القرآن في ركعة.

الحسن بن صالح، عن وقاء بن إياس، قال: كان سعيد بن جبير يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء في شهر رمضان وكانوا يؤخرون العشاء

(1)

.

قلت: هذا خلاف السنة، وقد صح النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث.

يزيد: أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير: أنه كان يختم القرآن في كل ليلتين.

يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ -يعني: سعيد بن جبير.

(1)

ضعيف: في إسناده وقاء بن إياس الأسدي، أبو يزيد الكوفي، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 188

قال ابن مهدي، عن سفيان، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: لقد مات سعيد بن جبير، وما على ظهر الأرض أحد إلَّا وهو محتاج إلى علمه.

وقال ضرار بن مرة، عن سعيد بن جبير، قال: التوكل على الله جماع الإيمان وكان يدعو: اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك.

أبو عوانة عن هلال بن خباب، قال: خرجت مع سعيد بن جبير في رجب، فأحرم من الكوفة بعمرة، ثم رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة، وكان يحرم في كل سنة مرتين؛ مرة للحج ومرة للعمرة.

ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: إنه الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فلتلك الخشية، والذكر طاعة الله، فمن أطاع الله، فقد ذكره، ومن لم يطعه، فليس بذاكر، وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن.

وروي عن حبيب بن أبي ثابت: قال لي سعيد بن جبير: لأن أنشر علمي، أحب إلي من أن أذهب به إلى قبري.

قال هلال بن خباب: قلت لسعيد بن جبير: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم.

وقال عمرو بن ذر: كتب سعيد بن جبير إلى أبي كتابًا أوصاه بتقوى الله، وقال: إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة

، فذكر الفرائض والصلوات وما يرزقه الله من ذكره.

أحمد: حدثنا معتمر، عن الفضيل بن ميسرة عن أبي حريز: أن سعيد بن جبير قال: لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر -تعجبه العبادة- ويقول: أيقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة.

عباد بن العوام: أنبأنا هلال بن خباب: خرجنا مع سعيد بن جبير في جنازة، فكان يحدثنا

في الطريق، ويذكرنا حتى بلغ، فلما جلس، لم يزل يحدثنا حتى قمنا فرجعنا وكان كثير الذكر لله.

وعن سعيد، قال: وددت الناس أخذوا ما عندي، فإنه مما يهمني.

أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين قال: أتيت سعيد بن جبير بمكة، فقلت: إن هذا الرجل -قادم- يعني: خالد بن عبد الله- ولا آمنه عليك، فأطعني، واخرج. فقال: والله لقد

ص: 189

فررت حتى استحيت من الله. قلت: إني لأراك كما سمتك أمك سعيدًا. فقدم خالد مكة فأرسل إليه، فأخذه.

أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنا أمية بن شبل عن عثمان بن بوذوية، قال: كنت مع وهب وسعيد بن جبير يوم عرفة بنخيل بن عامر، فقال له وهب: يا أبا عبد الله، كم لك منذ خفت من الحجاج؟ قال: خرجت عن امرأتي وهي حامل، فجاءني الذي في بطنها، وخرج وجهه. فقال وهب: إن من قبلكم كان إذا أصاب أحدهم بلاء عده رخاء، وإذا أصابه رخاء عده بلاء.

قال سالم بن أبي حفصة: لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير، قال: أنا سعيد بن جبير. قال: أنت شقي بن كسير، لأقتلنك. قال: فإذا أنا كما سمتني أمي. ثم قال: دعوني أصل ركعتين، قال: وجهوه إلى قبلة النصارى. قال {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] وقال: أني أستعيذ منك بما عاذت به مريم. قال: وما عاذت به؟ قال: قالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18].

رواها ابن عيينة، عن سالم. ثم قال ابن عيينة: لم يقتل بعد سعيد إلَّا رجلًا واحدًا.

وعن عتبة مولى الحجاج، قال: حضرت سعيدًا حين أتى به الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول: ألم أفعل بك؟! ألم أفعل بك؟! فيقول: بلى. قال: فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا؟ قال: بيعة كانت علي يعني: لابن الأشعث- فغضب الحجاج، وصفق بيديه، وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى. وأمر به، فضربت عنقه.

وقيل: لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا، لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لاطفه في الاعتذار.

حامد بن يحيى البلخي: حدثنا حفص أبو مقاتل السمرقندي، حدثنا عون بن أبي شداد: بلغني أن الحجاج لما ذكر له سعيد بن جبير، أرسل إليه قائدًا يسمى المتلمس بن أحوص في عشرين من أهل الشام، فبينما هم يطلبونه، إذا هم براهب في صومعته، فسألوه عنه؟ فقال: صفوه لي. فوصفوه فدلهم عليه، فانطلقوا فوجدوه ساجدًا يناجي بأعلى صوته، فدنوا وسلموا فرفع رأسه فأتم بقية صلاته، ثم رد عليهم السلام، فقالوا: إنا رسل الحجاج إليك، فأجبه. قال: ولا بد من الإجابة؟ قالوا: لابد. فحمد الله، وأثنى عليه، وقام معهم، حتى انتهى إلى دير الراهب، فقال الراهب: يا معشر الفرسان أصبتم صاحبكم قالوا: نعم

ص: 190

فقال: اصعدوا، فإن اللبوة والأسد يأويان حول الدير. ففعلوا وأبى سعيد أن يدخل، فقالوا: ما نراك إلَّا وأنت تريد الهرب منا. قال: لا، ولكن لا أدخل منزل مشرك أبدًا. قالوا: فإنا لا ندعك، فإن السباع تقتلك. قال لا ضير، إن معي ربي يصرفها عني، ويجعلها حرسًا تحرسني. قالوا: فأنت من لأنبياء؟ قال: ما أنا من الأنبياء، ولكن عبد من عبيد الله مذنب. قال الراهب: فليعطني ما أثق به على طمأنينة. فعرضوا على سعيد أن يعطي الراهب ما يريد قال: إني أعطي العظيم الذي لا شريك له، لا أبرح مكاني حتى أصبح -إن شاء الله- فرضي الراهب بذلك، فقال لهم: اصعدوا، وأوتروا القسي، لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح، فإنه كره الدخول في الصومعة لمكانكم. فلما صعدوا، وأوتروا القسي، إذا هم بلبوة قد أقبلت، فلما دنت من سعيد، تحككت به، وتمسحت به ثم ربضت قريبًا منه وأقبل الأسد يصنع كذلك. فلما رأى الراهب ذلك، وأصبحوا، نزل إليه، فسأله عن شرائع دينه، وسنن رسوله، ففسر له سعيد ذلك كله، فأسلم، وأقبل القوم على سعيد يعتذرون إليه، ويقبلون يديه ورجليه، ويأخذون التراب الذي وطئه، فيقولون: يا سعيد حلفنا الحجاج بالطلاق، والعتاق، إن نحن رأيناك لا ندعك حتى نشخصك إليه، فمرنا بما شئت. قال: امضوا لأمركم، فإني لائذ بخالقي، ولا راد لقضائه. فسارو حتى بلغوا واسط، فقال سعيد: قد تحرمت بكم وصحبتكم، ولست أشك أن أجلي قد حضر، فدعوني الليلة آخذ أهبة الموت، واستعد لمنكر ونكير، وأذكر عذاب القبر، فإذا أصبحتم، فالميعاد بيننا المكان الذي تريدون. فقال بعضهم: لا تريدون أثرًا بعد عين. وقال بعضهم: قد بلغتم أمنكم، واستوجبتم جوائز الأمير، فلا تعجزوا عنه. وقال بعضهم: يعطيكم، ما أعطى الراهب، ويلكم!

أما لكم عبرة بالأسد، ونظروا إلى سعيد قد دمعت عيناه، وشعث رأسه، واغبر لونه، ولم يأكل، ولم يشرب، ولم يضحك، منذ يوم لقوه وصحبوه فقالوا: يا خير أهل الأرض ليتنا لم نعرفك، ولم نسرح إليك، الويل لنا ويلًا طويلًا، كيف ابتلينا بك اعذرنا عند خالقنا يوم الحشر الأكبر، فإنه القاضي الأكبر، والعدل الذي لا يجور. قال: ما أعذرني لكم وأرضاني لما سبق من علم الله في. فلما فرغوا من البكاء والمجاوبة قال كفيله: أسألك بالله لما زودتنا من دعائك وكلامك فإنا لن نلقى مثلك أبدًا ففعل ذلك فخلوا سبيله فغسل رأسه ومدرعته وكساءه، وهم محتفون الليل كله، ينادون بالويل واللهف. فلما انشق عمود الصبح، جاءهم سعيد فقرع الباب، فنزلوا وبكوا معه وذهبوا به إلى الحجاج، وآخر معه، فدخلا، فقال الحجاج: أتيتموني بسعيد بن جبير؟ قالوا: نعم، وعاينا منا العجب. فصرف بوجهه عنهم، فقال: أدخلوه علي. فخرج المتلمس، فقال لسعيد: أستودعك الله وأقرأ عليك السلام فأدخل عليه فقال: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير. قال: أنت شقي بن كسير. قال: بل

ص: 191

أمي كانت أعلم باسمي منك. قال: شقيت أنت، وشقيت أمك. قال: الغيب يعلمه غيرك. قال: لأبدلنك بالدنيا نارًا تلظى قال: لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا. قال: فما قولك في محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: نبي الرحمة، إمام الهدى قال: فما قولك في علي في الجنة هو أم في النار قال: لو دخلتها فرأيت أهلها، عرفت. قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل قال: فأيهم أعجب إليك قال: أرضاهم لخالقي. قال: فأيهم أرضى للخالق؟ قال: علم ذلك عنده. قال: أبيت أن تصدقني. قال: إني لم أحب أن أكذبك. قال: فما بالك لم تضحك؟ قال: لم تستو القلوب.

قال: ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والياقوت والزبرجد، فجمعه بين يدي سعيد، فقال: إن كنت جمعته لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح، وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ولا خير في شيء جمع للدنيا إلَّا ما طاب وزكا. ثم دعا الحجاج بالعود والناي، فلما ضرب بالعود ونفخ في الناي، بكى، فقال الحجاج: ما يبكيك؟ هو اللهو. قال: بل هو الحزن، أما النفخ فذكرني يوم نفخ الصور، وأما العود فشجرة قطعت من غير حق، وأما الأوتار فأمعاء شاة يبعث بها معك يوم القيامة فقال الحجاج: ويلك يا سعيد! قال: الويل لمن زحزح عن الجنة، وأدخل النار. قال: اختر أي قتلة تريد أن أقتلك؟ قال: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتله، إلَّا قتلتك قتلة في الآخرة. قال: فتريد أن أعفوا عنك؟ قال: إن كان العفو، فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر. قال: اذهبوا به، فاقتلوه. فلما خرج من الباب، ضحك، فأخبر الحجاج بذلك، فأمر برده، فقال: ما أضحكك؟ قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلمه عنك! فأمر بالنطع، فبسط، فقال: اقتلوه. فقال: {إِنّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} [الأنعام: 79]. قال: شدوا به لغير القبلة. قال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]. قال: كبوه لوجهه قال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55]. قال: اذبحوه قال: إني أشهد وأحاج أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة. ثم دعا الله سعيد، وقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي. فذبح على النطع.

وبلغنا: أن الحجاج عاش بعده خمس عشر ليلة، وقعت في بطنه الأكلة

(1)

، فدعا بالطبيب لينظر إليه فنظر إليه ثم دعا بلحم منتن، فعلقه في خيط، ثم أرسله في حلقه، فتركه ساعة ثم استخرجه وقد لزق به من الدم فعلم أنه ليس بناج.

(1)

الأكلة: داء يقع في البطن.

ص: 192

هذه حكاية منكرة، غير صحيحة. رواها أبو نعيم في "الحلية" فقال: حدثنا أبي، حدثنا خالي أحمد بن محمد بن يوسف، أخبرني أبو أمية محمد بن إبراهيم كتابة، حدثنا حامد بن يحيى.

هارون الحمال: حدثنا محمد بن مسلمة المخزومي، حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن كاتب الحجاج قال مالك -هو أخ لأبي سلمة الذي كان على بيت المال- قال: كنت أكتب للحجاج وأنا يومئذ غلام يستخفني ويستحسن كتابتي، وأدخل عليه بغير إذن، فدخلت عليه يومًا بعدما قتل سعيد بن جبير وهو في قبة له، لها أربع أبواب، فدخلت عليه مما يلي ظهره، فسمعته يقول: مالي ولسعيد بن جبير فخرجت رويدًا وعلمت أنه إن علم بي قتلني فلم ينشب قليلًا حتى مات.

أبو حذيفة النهدي: حدثنا سفيان عن عمر، بن سعيد بن أبي حسين، قال: دعا سعيد بن جبير حين دعي للقتل، فجعل ابنه يبكي، فقال: ما يبكيك؟! ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة.

ابن حميد: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد، قال: قحط الناس في زمان ملك من ملوك بني إسرائيل ثلاث سنين، فقال الملك: ليرسلن علينا السماء أو لنؤذينه. قالوا: كيف تقدر على أن تؤذيه وهو في السماء وأنت في الأرض؟! قال: أقتل أوليائه من أهل الأرض، فيكون ذلك أذى له. قال فأرسل الله عليهم السماء.

وروى أصبغ بن زيد، عن القاسم الأعرج، قال: كان سعيد بن جبير يبكي بالليل حتى عمش.

وروى عن ابن شهاب، قال: كان سعيد بن جبير يؤمنا، يرجع صوته بالقرآن.

وروى الثوري، عن حماد، قال: قال سعيد: قرأت القرآن في ركعتين في الكعبة.

جرير الضبي، عن أشعث بن إسحاق، قال: كان يقال سعيد بن جبير جهبذ العلماء

(1)

.

ابن عيينة عن أبي سنان عن سعيد بن جبير قال: لدغتني عقرب، فأقسمت علي أمي أن أسترقي، فأعطيت الراقي يدي التي لم تلدغ، وكرهت أن أحنثها.

(1)

الجهبذ: الناقد البصير.

ص: 193

جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، قال: قال سعيد بن جبير: ما رأيت أرعى لحرمة هذا البيت ولا أحرص عليه من أهل البصرة لقد رأيت جارية ذات ليلة تعلقت بأستار الكعبة تدعو وتضرع وتبكي حتى ماتت.

إسنادها صحيح.

محمد بن حميد الرازي: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض، كان فيها نسر وحوت لم يكن غيرهما فلما رأى النسر آدم وكان يأوي إلى الحوت يبيت عنده فقال: يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيديه قال لئن كنت صادقًا مالي في البحر منه منجى ولا لك في البر.

وروي عن سعيد بن جبير، قال: لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد علي قلبي.

وعنه، قال: إنما الدنيا جمع من جمع الآخرة.

رواه ضمرة بن ربيعة، عن هشام، عنه.

قال ابن فضيل، عن بكير بن عتيق، قال: سقيت سعيد بن جبير شربة من عسل في قدح، فشربها، ثم قال: والله لأسألن عنه. قلت: لم؟ قال: شربته، وأنا أستلذه.

وعن خلف بن خليفة، عن أبيه، قال: شهدت مقتل سعيد، فلما بان رأسه، قال لا إله إلَّا الله لا إله إلَّا الله ولم يتم الثلاثة.

همام بن يحيى، عن محمد بن جحادة، عن أبي معشر، عن سعيد بن جبير، قال: رآني أبو مسعود البدري في يوم عيد لي ذؤابة، فقال: يا غلام! إنه لا صلاة في مثل هذا اليوم قبل صلاة الإمام، فإذا صلى الإمام، فصل بعدها ركعتين، وأطل القراءة.

شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: ابن عباس لسعيد بن جبير: حدث قال: أحدث وأنت ها هنا؟! قال: أوليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد، فإن أصبت فذاك وإن أخطأت علمتك.

يعقوب القمي، عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال: ربما أتيت ابن عباس فكتبت في صحيفتي حتى أملأها، وكتبت في نعلي حتى أملأها، وكتبت في كفي.

قال جعفر بن أبي المغيرة: كان ابن عباس بعدما عمي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه يقول: تسألوني وفيكم ابن أم دهماء! يعني: سعيد بن جبير.

ص: 194

وقال أيوب السختياني، عن سعيد بن جبير، قال: كنت أسأل ابن عمر في صحيفة، ولو علم بها، كانت الفيصل بيني وبينه.

الثوري، عن أسلم المنقري، عن سعيد بن جبير، قال: سأل رجل ابن عمر عن فريضة فقال: ائت سعيد بن جبير، فإنه أعلم بالحساب مني، وهو يفرض فيها ما أفرض.

عبد الواحد بن زياد: حدثنا أبو شهاب، قال: كان يقص لنا سعيد بن جبير كل يوم مرتين، بعد الفجر وبعد العصر.

قيس بن الربيع، عن الصعب بن عثمان، قال: قال سعيد بن جبير: ما مضت علي ليلتان منذ قتل الحسين إلَّا أقرأ فيها القرآن، إلَّا مريضًا أو مسافرًا.

إسرائيل، عن أبي الجحاف، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير: أنه كان لا يدع أحدًا يغتاب عنده.

أبو نعيم: حدثنا إسماعيل بن عبد الملك، قال رأيت سعيد بن جبير يصلي في الطاق، ولا يقنت في الصبح ويعتم، ويرخي لها طرفًا من ورائه شبرًا.

قلت: الطاق، هو المحراب.

قال هلال بن خباب: رأيت سعيد بن جبير أهل من الكوفة.

قال محمد بن سعد: كان الذي قبض على سعيد بن جبير: والي مكة خالد بن عبد الله القسري فبعث به إلى الحجاج، فأخبرنا يزيد، عن عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سمع خالد بن عبد الله صوت القيود، فقال: ما هذا؟ قيل: سعيد بن جبير، وطلق بن حبيب، وأصحابهما يطوفون بالبيت. فقال اقطعوا عليهم الطواف.

وأنبأنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا الربيع بن أبي صالح، قال: دخلت على سعيد بن جبير حين جيء به إلى الحجاج فبكى رجل فقال سعيد: ما يبكيك قال: لما أصابك. قال: فلا تبك كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22].

حماد بن زيد، عن أيوب: سئل سعيد بن جبير عن الخضاب بالوسمة، فكرهه، وقال: يكسو الله العبد النور في وجهه ثم يطفئه بالسواد.

الحسين بن حميد بن الربيع: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن

ص: 195

أبي حصين، قال: رأيت سعيدًا بمكة، فقلت: إن هذا قادم -يعني: خالد بن عبد الله- ولست آمنه عليك. قال: والله لقد فررت حتى استحييت من الله.

قلت: طال اختفاؤه، فإن قيام القراء على الحجاج كان في سنة اثنتين وثمانين، وما ظفروا بسعيد إلى سنة خمس وتسعين؛ السنة التي قلع الله فيها الحجاج.

قال أبو بكر بن عياش: فأخبرني يزيد بن أبي زياد، قال: أتينا سعيدًا، فإذا هو طيب النفس، وبنته في حجره، فبكت وشيعناه إلى الجسر، فقال الحرس له: أعطنا كفيلًا، فإنا نخاف أن تغرق نفسك قال: فكنت فيمن كفل به. قال أبو بكر: فبلغني أن الحجاج قال: ائتوني بسيف عريض.

قال سليمان التيمي: كان الشعبي يرى التقية، وكان ابن جبير لا يرى التقية، وكان الحجاج إذا أتي بالرجل -يعني ممن قام عليه- قال له: أكفرت بخروجك علي، فإن قال: نعم خلى سبيله فقال لسعيد أكفرت؟ قال: لا. قال: اختر أي قتلة أقتلك؟ قال: اختر أنت، فإن القصاص أمامك.

أبو نعيم: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، قال: قلت لسعيد بن جبير: ما تقول للحجاج؟ قال: لا أشهد على نفسي بالكفر.

ابن حميد: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر: عن سعيد بن جبير، قال:"إن في النار لرجلًا ينادي قدر ألف عام: يا حنان يا منان فيقول: يا جبريل أخرج عبدي من النار قال فيأتيها فيجدها مطبقة فيرجع فيقول يا رب: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 8]، فيقول: يا جبريل ارجع ففكها، فأخرج عبدي من النار فيفكها، فيخرج مثل الخيال فيطرحه على ساحل الجنة حتى ينبت الله له شعرًا ولحمًا".

إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان نبي الله سليمان إذا قام في مصلاه رأى شجرة نابتة بين يديه، فقال لها: ما اسمك قالت: الخرنوب. قال: لأي شيء أنت؟ فقالت: لخراب هذا البيت. فقال: اللهم عم عليهم موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا تعلم الغيب. قال: فنحتها عصًا يتوكأ عليها، فأكلتها الأرضة، فسقطت، فخر، فحزروا أكلها الأرضة، فوجدوا حولًا، فتبينت الإنس أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين -وكان ابن عباس يقرؤها هكذا- فشكرت الجن الأرضة، فكانت تأتيها بالماء حيث كانت.

قرأته على إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد التيمي،

ص: 196

أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا إبراهيم بن طهمان.

إسناده حسن.

أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي، ومحمد بن حسين الفوي، قالا: أنبأنا محمد بن عماد، أنبأنا عبد الله بن رفاعة، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا شعيب بن عبد المنهال، حدثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق الرازي، حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة".

هذا حديث حسن غريب، أخرجه: أبو داود والنسائي، من طريق عبد الله الرقي.

قال خلف بن خليفة، عمن حدثه: إن سعيد بن جبير لما ندر رأسه، هلل ثلاث مرات يفصح بها.

يحيى بن حسان التنيسي: حدثنا صالح بن عمر، عن داود بن أبي هند، قال: لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال: ما أراني إلَّا مقتولًا وسأخبركم: إني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة، فكلا صاحبي رزقها، وأنا أنتظرها. قال: فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء.

قلت: ولما علم من فضل الشهادة، ثبت للقتل، ولم يكترث، ولا عامل عدوه بالتقية المباحة له رحمه الله تعالى.

أحمد بن داود الحراني: حدثنا عيسى بن يونس، سمعت الأعمش يقول: لما جيء بسعيد بن جبير، وطلق بن حبيب، وأصحابهما دخلت عليهم السجن، فقلت: جاء بكم شرطي أو جليويز من مكة إلى القتل، أفلا كتفتموه وألقيتموه في البرية؟! فقال سعيد: فمن كان يسقيه الماء إذا عطش.

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: حدثنا أبي سمعت مالكًا يقول: حدثني ربيعة، عن سعيد بن جبير: وكان سعيد من العباد العلماء، قتله الحجاج، وجده في الكعبة وناسًا فيهم طلق بن حبيب، فسار بهم إلى العراق فقتلهم عن غير شيء تعلق عليهم بهإلَّا العبادة، فلما قتل سعيد بن جبير، خرج منه دم كثير حتى راع الحجاج، فدعا طبيبًا، قال له: ما بال دم هذا كثير؟ قال: إن أمنتني أخبرتك فأمنه، قال: قتلته ونفسه معه.

ص: 197

عبد السلام بن حرب، عن خصيف، قال: كان أعلمهم بالقرآن: مجاهد وأعلمهم بالحج: عطاء وأعلمهم بالحلال والحرام: طاوس وأعلمهم بالطلاق: سعيد بن المسيب وأجمعهم لهذه العلوم: سعيد بن جبير.

أبو أسامة، عن الأعمش، حدثني مسعود بن الحكم، قال: قال: لي علي بن الحسين: أتجالس سعيد بن جبير؟ قلت: نعم قال لأحب مجالسته وحديثه ثم أشار نحو الكوفة، وقال: إن هؤلاء يشيرون إلينا بما ليس عندنا.

جرير، عن أشعث بن إسحاق، قال: كان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء.

الأصبغ بن زيد، قال: كنت إذا سألت سعيد بن جبير عن حديث فلم يرد أن يحدثني قال: كيف تباع الحنطة?

محمد بن أحمد بن البراء: حدثنا علي بن المديني، قال: ليس في أصحاب ابن عباس مثل سعيد بن جبير. قيل: ولا طاووس؟ قال: ولا طاووس، ولا أحد.

وكان قتله في شعبان، سنة خمس وتسعين، ومن زعم أنه عاش تسعًا وأربعين سنة لم يصنع شيئًا، وقد مر قوله لابنه: ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين فعلى هذا يكون مولده في خلافة أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أخبرنا يوسف بن أحمد، وعبد الحافظ بن بدران، قالا: أنبأنا موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد، أنبأنا علي بن أحمد بن البسري، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرم: "استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك".

وبه إلى المخلص، حدثنا عبد الله البغوي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا يعقوب القمي، حدثنا جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: سلونا، فإنكم لن تسألونا عن شيء إلَّا وقد سألنا عنه. فقال رجل: أفي الجنة غناء؟ قال: فيها أكمات من مسك عليهن جوار يحمدن الله عز وجل بأصوات لم تسمع الآذان بمثلها قط.

أخبرنا المسلم بن محمد، وابن أبي عمر كتابة، أن عمر بن محمد أخبرهم، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا محمد بن محمد، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن شداد حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن حبيب عن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم: "أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفًا، وأني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفًا وسبعين ألفًا".

هذا حديث نظيف الإسناد، منكر اللفظ. وعبد الله: وثقه ابن معين، وخرج له مسلم.

ص: 198

‌485 - الحجاج

(1)

:

أهلكه الله: في رمضان، سنة خمس وتسعين، كهلًا. وكان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا، سفاكاللدماء، وكان ذا شجاعة، وإقدام، ومكر، ودهاء، وفصاحة، وبلاغة، وتعظيم للقرآن قد سقت من سوء سيرته في "تاريخي الكبير" وحصاره لابن الزبير بالكعبة، ورميه إياها بالمنجنيق، وإذلاله لأهل الحرمين، ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة، وحروب ابن الأشعث له، وتأخيره للصلوات إلى أن استأصله الله، فنسبه ولا نحبه، بل نبغضه في الله، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.

وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء.

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 349"، والعبر "1/ 112"، البداية والنهاية "9/ 117"، النجوم الزاهرة "1/ 230"، شذرات الذهب "1/ 106".

ص: 199

‌486 - أبو بردة

(1)

: " ع"

ابن أبي موسى الأشعري، الإمام، الفقيه، الثبت، حارث- ويقال: عامر، ويقال: اسمه كنيته -ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن قيس بن حضار الكوفي، الفقيه، وكان قاضي الكوفة للحجاج، ثم عزله بأخيه أبي بكر.

حدث عن: أبيه، وعلي، وعائشة، وأسماء بنت عميس، وعبد الله بن سلام، وحذيفة، ومحمد بن مسلمة، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، والبراء، ومعاوية، والأغر المزني وعدة.

وينزل إلى عروة بن الزبير، والربيع بن خثيم، وزر بن حبيش، وطائفة.

حدث عنه: بنوه؛ سعيد، ويوسف، والأمير، بلال، وحفيده، بريد بن عبد الله بن أبي

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 268" التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2949"، وفيات الأعيان "3"، ترجمة 316"، تاريخ الإسلام "4/ 216"، تذكرة الحفاظ "1/ 86"، العبر "1/ 128" النجوم الزاهرة "1/ 252"، شذرات الذهب "1/ 126".

ص: 199

بردة، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وأبو مجلز، وأبو إسحاق السبيعي، ومكحول الشامي، وقتادة، وعمرو بن مرة وطلحة بن مصرف، وعبد الملك بن عمير، وعدي بن ثابت، وعون بن عبد الله، والنضير بن أنس، وأبو إسحاق الشيباني، وأبو صخرة جامع بن شداد، وثابت البناني، وأشعث ابن أبي الشعثاء، وحكيم بن الديلم، وحميد بن هلال، وطلحة بن يحيى بن طلحة، وأبو حصين، وفرات بن السائب، وليث بن أبي سليم، وبكير بن عبد الله بن الأشج، ويونس بن أبي إسحاق، وخلق كثير. وكان من أئمة الاجتهاد.

قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. وقال العجلي: كوفي، تابعي، ثقة.

أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: حدثنا عمي، حدثني عبد الله بن عياش، عن أبيه: أن يزيد بن المهلب لما ولي خراسان، قال: دلوني على رجل كامل لخصال الخير فدل على أبي بردة الأشعري فلما جاء رآه رجلًا فائقًا، فلما كلمه، رأى من مخبرته أفضل من مرآته، فقال: إني وليتك كذا وكذا من عملي. فاستعفاه، فأبى أن يعفيه، فقال: أيها الأمير، ألَّا أخبرك بشيء حدثنيه أبي إنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هاته قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تولى عملًا وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل بأهل فليتبوأ مقعده من النار" وأنا أشهد أيها الأمير أني لست بأهل لما دعوتني إليه. فقال: ما زدت على أن حرضتنا على نفسك، ورغبتنا فيك، فاخرج إلى عهدك، فإني غير معفيك. فخرج، ثم أقام فيهم ما شاء الله أن يقيم، فاستأذن في القدوم عليه، فأذن له فقال: أيها الأمير ألَّا أحدثك بشيء حدثنيه أبي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال: "ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرًا"

(1)

وأنا سائلك بوجه الله إلَّا ما أعفيتني أيها الأمير من عملك فأعفاه.

(1)

منكر: في إسناده عبد الله بن عياش بن عباس القتباني المصري. قال أبو حاتم: صدوق، ليس بالمتين. وقال أبو داود، والنسائي ضعيف. وأخرج له مسلم في الشواهد وفي إسناده أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال ابن حبان: إنه أتى بمناكير في آخر عمره، فروى عن عمه، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وذكر له حديثًا موضوعًا عليه.

ومتن الحديث يمجه كل من ملك عليه حب السنة الصحيحة شغاف قلبه: إذا كيف يكون من سأل بوجه الله ملعونًا وقد قال الله -تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1]، فئقد أجازه وأباحه المولى سبحانه، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- ينشدون بعضهم بعضًا بالله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعهم ويقرهم، ولعل في حصار عثمان بن عفان ومناشدته الصحابة بالله وتقريره لهم على ما فعل من مآثر خيل دليل على نكارة بل وبطلان متن الحديث وبالله -تعالى-وحده التوفيق.

ص: 200

رواه الروياني في "مسنده"، عن أحمد.

قال ابن عيينة: سأل عمر بن عبد العزيز أبا بردة بن أبي موسى: كم أتى عليك؟ قال: أشدان يعني: أربعين وأربعين.

ذكر الاختلاف في وفاة أبي بردة:

روى الهيثم بن عدي، عن ابن عياش المنتوف: أنه مات سنة ثلاث ومائة.

وقال أبو عبيد، وخليفة وطائفة: مات سنة أربع ومائة.

وقيل: إنه مات وله بضع وثمانون سنة.

ووهم من قال: مات سنة سبع ومائة.

ص: 201

‌487 - أيوب بن القرية

(1)

:

وهي أمه. واسم أبيه يزيد بن قيس بن زرارة النمري، الهلالي، أعرابي، أمي، فصيح، مفوه، يضرب ببلاغته المثل. وفد على عبد الملك وعلى الحجاج، فأعجب بفصاحته، ثم بعثه رسولًا إلى ابن الأشعث إلى سجستان، فأمره أن يخلع الحجاج، ويقوم بذلك ويشتمه. فقال: إنما أنا رسول فقال: لتفعلن، أو لأضربن عنقك. ففعل، فلما انتصر الحجاج، جيء بابن القرية، فقال: أخبرني عن أهل العراق؟ قال: أعلم الناس بحق وبباطل. قال: فأهل الحجاز؟ قال: أسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم عنها قال: فأهل الشام؟ قال: أطوع شيء لأمرائهم. قال: فأهل مصر؟ قال: عبيد من علمت. قال: فأهل الجزيرة؟ قال: أشجع فرسان، وأقتل للأقران. قال: فأهل اليمن؟ قال: أهل سمع وطاعة. ثم سأله عن قبائل العرب وعن البلدان، وهو يجيب، ثم ضرب عنقه، وندم عليه وذلك في سنة أربع وثمانين.

طول أخباره ابن عساكر.

(1)

سبق ترجمتنا له في هذا الجزء بتعليقنا رقم "145" فراجعه ثمت إن شئت.

ص: 201

‌488 - الوليد

(1)

:

الخليفة، أبو العباس الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، الدمشقي، الذي أنشأ جامع بني أمية.

بويع بعهد من أبيه، وكان مترفا، دميما، سائل الأنف، طويلا، أسمر، بوجهه أثر جدري في عنفقته

(2)

شيب يتبختر في مشيه، وكان قليل العلم، نهمته في البناء أنشأ أيضًا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزخرفه، ورزق في دولته سعادة.

ففتح بوابة الأندلس، وبلاد الترك، وكان لحنة، وحرص على النحو أشهرًا، فما نفع، وغزا الروم مرات في دولة أبيه، وحج.

وقيل: كان يختم في كل ثلاث، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة. وكان يقول: لولا أن الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحدًا يفعل ذلك.

قال ابن أبي عبلة: رحم الله الوليد، وأين مثل الوليد افتتح الهند والأندلس، وكان يعطي قصاع الفضة أقسمها على القراء.

وقيل: إنه قرأ على المنبر "يا ليتها" بالضم، وكان فيه عسف، وجبروت، وقيام بأمر الخلافة، وقد فرض للفقهاء، والأيتام، والزمنى، والضعفاء، وضبط الأمور -فالله يسامحه- وقد ساق ابن عساكر أخباره.

مات في جمادى الآخرة، سنة ست وتسعين، وله إحدى وخمسون سنة. وكان في الخلافة عشر سنين سوى أربعة أشهر، وقبره بباب الصغير.

وقام بعد: أخوه سليمان بعهد له من أبيهما عبد الملك.

وقد كان عزم على خلع سليمان من ولاية العهد لولده عبد العزيز، فامتنع عليه عمر بن عبد العزيز وقال: لسليمان بيعة في أعناقنا. فأخذه الوليد، وطين عليه، ثم فتح عليه بعد ثلاث وقد مالت عنقه. وقيل خنقه بالمنديل حتى صاحت أخته أم البنين، فشكر سليمان لعمر ذلك، وعهد إليه بالخلافة. وله ترجمة طويلة في "تاريخ دمشق" وغير ذلك.

(1)

ترجمته في تاريخ الإسلام "4/ 65"، العبر "1/ 114"، النجوم الزاهرة "1/ 220 و 234"، شذرات الذهب "1/ 111".

(2)

العنفقة: هي الشعيرات التي بين الشقة السفلى والذقن.

ص: 202

‌489 - محمد بن سعد

(1)

: " خ، م، ت، س، ق"

ابن أبي وقاص مالك الإمام، الثقة أبو القاسم القرشي الزهري، المدني أخو: عمر بن سعد الأمير وعامر بن سعد، وعائشة بنت سعد.

حدث عن: أبيه وعن: عثمان بن عفان، وأبي الدرداء، وطائفة.

حدث عنه: ابناه؛ إبراهيم وإسماعيل، وأبو إسحاق السبيعي، ويونس بن جبير، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة.

روى جملة صالحة من العلم، ثم كان ممن قام على الحجاج مع ابن الأشعث، فأسر يوم دير الجماجم، فقتله الحجاج.

روى له الشيخان، والترمذي، والنسائي، والقزويني.

قيل: إنه انهزم إلى المدائن، فتجمع إليه ناس كثير، ثم لحق بالبصرة. وكان مصرعه في سنة اثنتين وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 167" و "6/ 221"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة رقم 246"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1427"، الكاشف "3/ ترجمة 4944"، العبر "1/ 95"، تاريخ الإسلام "3/ 294"، تهذيب التهذيب "9/ 183"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6247" شذرات الذهب "1/ 91".

ص: 203

‌490 - أخوه: عامر

(1)

: " ع"

ابن سعد بن أبي وقاص، إمام، ثقة، مدني.

سمع أباه، وأسامة بن زيد، وعائشة وأبا هريرة، وجابر بن سمرة.

وعنه: ابنه؛ داود بن عامر وابنا إخوته، وعمرو بن دينار، والزهري، وموسى بن عقبة، وآخرون.

مات سنة أربع ومائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 167"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2956" الجرح والتعديل" "6/ ترجمة 1794"، الكاشف "2/ ترجمة 2553"، تهذيب التهذيب "5/ 63"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3259"، شذرات الذهب "1/ 126".

ص: 203

‌491 - وأخوهما عمر

(1)

: " س"

ابن سعد، أمير السرية الذين قاتلوا الحسين رضي الله عنه ثم قتله المختار، وكان ذا شجاعة وإقدام.

روى له النسائي. قتل هو وولداه صبرًا.

‌492 - وأخوهم عمرو

(2)

ابن سعد. قتل يوم الحرة

‌493 - وأخوهم مصعب

(3)

: " ع"

ابن سعد بقي بالكوفة إلى سنة ثلاث ومائة.

خرجوا له في الكتب الستة.

‌494 - وأخوهم إبراهيم

(4)

: " خ، م"

ابن سعد، والد قاضي المدينة سعد بن إبراهيم.

حديثه في "الصحيحين".

‌495 - وأخوهم عمير

(5)

:

قتل أيضًا يوم الحرة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 168"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2016"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 592"، تاريخ الإسلام "3/ 52"، الكاشف "2/ ترجمة 4121"، تهذيب التهذيب "7/ 450" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5165"، الإصابة "3/ ترجمة 6827".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 168"، شذرات الذهب "1/ 74".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد: "5/ 169" و "6/ 222"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1514" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1403"، العبر "1/ 125"، الكاشف "3/ ترجمة 5559"، تهذيب التهذيب "10/ 160"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7020"، شذرات الذهب "1/ 125".

(4)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 169"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 927"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 282"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 217".

(5)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 169".

ص: 204

‌496 - وإخوتهم إسماعيل

(1)

:

‌497 - ويحيى

(2)

:

‌498 - وعبد الرحمن

(3)

:

لهم ذكر.

‌499 - بشير بن كعب

(4)

: (خ، 4)

ابن أبي، الفقيه، أبو أيوب الحميري، العدوي، البصري، العابد، أحد المخضرمين. قيل: إن أبا عبيدة بن الجراح استعمله على بعض الأمور.

حدث عن: أبي ذر، وأبي الدرداء، وأبي هريرة.

حدث عنه: عبد الله بن بريدة، وقتادة، وطلق بن حبيب، والعلاء بن زياد وثابت البناني وجماعة. وثقه النسائي، وغيره. وكان أحد القراء والزهاد، رحمه الله.

‌500 - أما بشير بن كعب

(5)

:

العلوي بفتح الموحدة، فهو شاعر، له ذكر. كان في دولة معاوية.

‌501 - أبان بن عثمان

(6)

: (م، 4)

ابن عفان، الإمام، الفقيه، الأمير، أبو سعد بن أمير المؤمنين أبي عمرو الأموي، المدني.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2978"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 631".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170".

(4)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 223"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1944"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1541"، أسد الغابة "1/ 200"، تاريخ الإسلام "3/ 243"، تهذيب التهذيب "1/ 447"، الإصابة "1/ ترجمة 822".

(5)

ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 243".

(6)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 151"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1440"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1084"، تاريخ الإسلام "3/ 241"، العبر "1/ 129"، تهذيب التهذيب "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 253"، شذرات الذهب "1/ 131".

ص: 205

سمع أباه، وزيد بن ثابت.

حدث عنه: عمرو بن دينار، والزهري، وأبو الزناد، وجماعة.

له أحاديث قليلة، ووفادة على عبد الملك.

قال ابن أبي الزناد، عن أبيه عن أبان سمعت عثمان يقول: من قال في أول يومه وليلته: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ولم يضره ذلك اليوم شيء، أو تلك الليلة. فلما أصاب أبان الفالج، قال: إني -والله- نسيت هذا الدعاء هذه الليلة ليمضي في أمر الله.

حديث صحيح. ورواه عن أبان: منذر بن عبد الله الحزامي، ومحمد بن كعب القرظي. أخرجه: الترمذي.

قال ابن سعد: ثقة له أحاديث عن أبيه. وكان به صمم، ووضح كثير، أصابه الفالج في أواخر عمره.

قال خليفة: هو أخو عمرو، وأمهما: أم عمرو بنت جندب.

قال الواقدي: كان ولاية أبان على المدينة سبع سنين.

وعن أبي الزناد، قال: مات أبان قبل عبد الملك بن مروان.

قال يحيى القطان: فقهاء المدينة عشرة: أبان بن عثمان، وسعيد بن المسيب

، وذكر سائرهم.

قال مالك: حدثني عبد الله بن أبي بكر: أن والده أبا بكر بن حزم كان يتعلم من أبان القضاء.

وعن عمرو بن شعيب، قال: ما رأيت أحدًا أعلم بحديث ولا فقه من أبان بن عثمان.

وقال خليفة: إن أبانًا توفي سنة خمس ومائة.

ص: 206

‌502 - أخوه عمرو

(1)

: " ع"

ابن عثمان، قديم الموت.

يروي عن: أبيه، وأسامة بن زيد.

وعنه: سعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وأبو الزناد، وآخرون. ثقة، ليس بالمكثر.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 150"، تاريخ الإسلام "3/ 197 و 290"، تهذيب التهذيب "8/ 78".

ص: 206

‌503 - مورق

(1)

:

العجلي، الإمام، أبو المعتمر البصري.

يروي عن: عمر وأبي ذر وأبي الدرداء، وطائفة ممن لم يلحق السماع منهم، فذلك مرسل. وروى عن: ابن عمر، وجندب بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، وعدة.

حدث عنه: توبة العنبري، وقتادة بن دعامة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة.

قال ابن سعد: كان ثقة، عابدًا، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق.

يوسف بن عطية: حدثنا معلى بن زياد، قال: قال مورق العجلي: ما من أمر يبلغني أحب إلي من موت أحب أهلي إلي. وقال: تعلمت الصمت في عشر سنين، وما قلت شيئًا قط إذا غضبت أندم عليه إذا زال غضبي.

روى حماد بن زيد، عن جميل بن مرة، قال: كان مورق رحمه الله يجيئنا، فيقول: أمسكوا لنا هذه الصرة، فإن احتجتم فأنفقوها. فيكون آخر عهده بها.

قال جعفر بن سليمان: حدثنا بعض أصحابنا، قال: كان مورق يتجر، فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعة وعنده منه شيء، وكان يأتي الأخ، فيعطيه الأربع مائة والخمس مائة، ويقول: ضعها لنا عندك ثم يلقاه بعد فيقول: شأنك بها لا حاجة لي فيها.

محمد بن سعد: حدثنا يحيى بن خليف حدثنا هشام بن حسان، عن مورق: قال: ما امتلأت غضبًا قط، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة، فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء.

أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا فاروق، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا داود بن شبيب حدثنا همام، عن قتادة، عن مورق عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده: خمسة وعشرون درجة"

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 213"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2117"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1851"، حلية الأولياء "2/ 234"، تاريخ الإسلام "4/ 206"، العبر "1/ 122"، تهذيب التهذيب "10/ 321".

(2)

حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 437"، وأبو نعيم في "الحلية""2/ 237". وأخرجه البخاري "648" و "4717"، ومسلم "649""246" من طريق الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا:"تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمسًا وعشرين درجة" واللفظ لمسلم.

ص: 207

‌504 - أبو سلام

(1)

: " م، (4) "

ممطور الحبشي، ثم الدمشقي الأسود الأعرج. وقيل: إنما قيل له الحبشي نسبة إلى حي من حمير -فالله أعلم- من جلة العلماء بالشام.

حدث عن: حذيفة، وثوبان وعلي، وأبي ذر، وعمرو بن عبسة، وكثير من ذلك مراسيل، كعادة الشاميين يرسلون عن الكبار. وروى أيضًا عن: أبي أمامة الباهلي، وعبد الرحمن بن غنم، وأبي أسماء الرحبي، وأبي مالك الأشعري، والنعمان بن بشير، وطائفة.

وقد ذكر أبو مسهر: أن أبا سلام سمع من عبادة بن الصامت ببيت المقدس.

حدث عنه: حفيداه؛ يزيد ومعاوية ابنا سلام، ومكحول، وعبد الرحمن ابن يزيد، وعبد الله بن العلاء بن زبر، والأوزاعي، وطائفة. وعمر دهرًا.

وثقه أحمد العجلي، وغيره. وقد كان كتب إلى يحيى بن أبي كثير بأحاديث من مروياته واستقدمه عمر بن عبد العزيز في -خلافته- إليه على البريد، ليشافهه بما سمع من ثوبان في حوض النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: شققت علي. فاعتذر إليه عمر، وأكرمه.

توفي سنة نيف ومائة. فإن كان الأوزاعي شافهه، فهو أكبر شيخ له.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 554"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2133"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1972"، العبر "1/ 123 و 262"، الكاشف "3/ ترجمة 5723"، تاريخ الإسلام "4/ 205"، تهذيب التهذيب "10/ 296"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7433" شذرات الذهب "1/ 123 - 124".

ص: 208

‌505 - مالك بن أسماء

(1)

:

ابن خارجة الفزاري، من فحول الشعراء، له وفادة على عبد الملك بن مروان، وكان عاملًا على الحيرة للحجاج. وكان جميلًا، وسيمًا. ومن شعره:

ربما قد لقيت أمس كئيبًا

أقطع الليل عبرة ونحيبا

أيها المشفق الملح حذارًا

إن الموت طالبا رقيبا

(1)

ترجمته في الأغاني "16/ 41"، تاريخ الإسلام "4/ 188".

ص: 209

‌506 - أبو الأشعث

(1)

: " م، (4) "

الصنعاني، من كبار علماء دمشق وفي اسمه أقوال، أقواها: شراحيل ابن آدة.

حدث عن: عبادة بن الصامت، وثوبان، وشداد بن أوس، وأبي هريرة، وأبي ثعلبة الخشني، وأوس بن أوس، وطائفة.

حدث عنه: أبو قلابة الجرمي، وحسان بن عطية ويحيى الذماري، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وجماعة.

وثقه أحمد بن عبد الله، وغيره.

قال محمد بن سعد: هو يماني، نزل دمشق.

وقال الحافظ ابن عساكر: لعله من صنعاء اليمن، فنزل صنعاء دمشق.

قلت: توفي بعد المائة، ولم يخرج له البخاري، ولا لأبي سلام؛ لأنهما لا يكادان يصرحان باللقاء، وهو لا يقنع بالمعاصرة.

وفي "صحيح مسلم" عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار فجاء أبو الأشعث فقالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث. فجلس فقالوا له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت قال: نعم، غزونا غزاة، وعلى الناس معاوية، فغنمنا، فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلًا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك. فقام عبادة بن الصامت فقال:"إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب"

(2)

الحديث.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 536"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2717"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1627"، الكاشف "2/ ترجمة 2275"، تاريخ الإسلام "3/ 254" و "4/ 71"، تهذيب التهذيب "4/ 319"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2923"، شذرات الذهب "1/ 123".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "1857".

ص: 209

‌507 - ربعي بن حراش

(1)

: " ع"

ابن جحش بن عمرو، الإمام، القدوة، الولي، الحافظ، الحجة، أبو مريم الغطفاني، ثم العبسي الكوفي، المعمر أخو العبد الصالح مسعود؛ الذي تكلم بعد الموت.

سمع من عمر بن الخطاب يوم الجابية، وعلي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري، وأبي مسعود البدري، وحذيفة بن اليمان، وأبي بكرة الثقفي، وعدة.

حدث عنه: أبو مالك الأشجعي، ومنصور بن المعتمر، وعبد الملك بن عمير، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون.

عمران بن عيينة: عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، قال: خطبنا عمر بالجابية.

وعن الكلبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى حراش بن جحش، فخرق كتابه.

قال محمد بن علي السلمي: رأيت ربعي بن حراش مر بعشار، ومعه مال، فوضعه على قربوس سرجه، ثم غطاه ومر.

قال الأصمعي: أتى رجل الحجاج، فقال: إن ربعي بن حراش زعموا لا يكذب، وقد قدم ولداه عاصيين. قال: فبعث إليه الحجاج، فقال: ما فعل ابناك؟ قال: هما في البيت -والله المستعان- فقال له الحجاج بن يوسف: هما لك وأعجبه صدقه.

ورواها الثوري، عن منصور، وزاد: قالوا: من ذكرت يا أبا سفيان؟ قال: ذكرت ربيعًا وتدرون من ربعي؟ كان ربعي من أشجع، زعم قومه أنه لم يكذب قط.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: ربعي ثقة. وقال ابن خراش: صدوق.

البرجلاني: حدثنا محمد بن جعفر بن عون أنبأنا بكر بن محمد العابد، عن الحارث الغنوي، قال: آلى ربعي بن حراش أن لا تفتر أسنانه ضاحكًا حتى يعلم أين مصيره؟ قال الحارث: فأخبر الذي غسله أنه لم يزل متبسمًا على سريره، ونحن نغسله، حتى فرغنا منه، رحمة الله عليه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 127"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1106"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2307"، الحلية لأبي نعيم "4/ 367"، تاريخ بغداد "8/ 433"، أسد الغابة "2/ 162"، تاريخ الإسلام "4/ 111"، تذكرة الحفاظ "1/ 65"، العبر "1/ 121"، تهذيب التهذيب "3/ 336"، الإصابة "1/ ترجمة 2721"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 2013"، شذرات الذهب "1/ 121".

ص: 210

قال علي بن المديني: بنو حراش ثلاثة: ربعي، وربيع، ومسعود.

قال منصور بن المعتمر: سعي إلى الحجاج بأنك ضربت البعث على ابني ربعي، فعصيا. فبعث إليه، فإذا هو شيخ منحن، فقال: ما فعل ابناك؟ قال: هما في البيت. قال: فحمله وكساه، وأوصى به خيرًا.

أخبرنا إسحاق الصفار، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد الغساني، حدثنا علي بن العباس البجلي، حدثنا جعفر بن محمد بن رياح الأشجعي، حدثنا أبي، عن عبيدة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، قال: كنا أربعة إخوة، فكان الربيع أكثرنا صلاة وصيامًا في الهواجر، وإنه توفي، فبينا نحن حوله قد بعثنا من يبتاع له كفنًا، إذا كشف الثوب عن وجهه، فقال: السلام عليكم. فقال القوم: عليكم السلام يا أخا عيسى أبعد الموت؟ قال: نعم، إني لقيت ربي بعدكم فلقيت ربًا غير غضبان واستقبلني بروح وريحان وإستبرق ألَّا وإن أبا القاسم ينتظر الصلاة علي، فجعلوني ثم كان بمنزلة حصاة رمي بها في طست. فنمي الحديث إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يتكلم رجل من أمتي بعد الموت".

قال أبو نعيم: ورواه عن عبد الملك: زيد بن أبي أنيسة، وإسماعيل ابن أبي خالد، والثوري، وابن عيينة. وما رفعه سوى عبيدة.

وبه، قال أبو نعيم: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا المسعودي، عن عبد الملك بن عمير عن ربعي قال: مات أخ لنا فسجيناه فذهبت في التماس كفنه، فرجعت وقد كشف الثوب، وهو يقول .. ، فذكر نحوه وفيه: وعدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يذهب حتى أدركه. قال: فما شبهت خروج نفسه إلَّا كحصاة ألقيت في ماء، فرسبت. فذكر ذلك لعائشة، فقالت: قد كنا نتحدث أن رجلًا من هذه الأمة يتكلم بعد الموت.

قال هارون بن حاتم: حدثونا أن ربعيا توفي سنة إحدى وثمانين. وقال خليفة: بعد الجماجم سنة اثنتين وثمانين. وقال أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن المديني، وغيرهما: مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. وقال ابن نمير: توفي سنة إحدى ومائة. وقال أبو عبيد: سنة مائة. وقال المدائني، وابن معين: سنة أربع ومائة.

ص: 211

‌508 - أبو ظبيان

(1)

: " ع"

الجنبي الكوفي، واسمه: حصين بن جندب بن عمرو، من علماء الكوفة.

يروي عن: عمر، وعلي، وحذيفة والظاهر أن ذلك ليس بمتصل وروى عن: جرير بن عبد الله، وأسامة بن زيد، وابن عباس، وطائفة.

حدث عنه: ابنه؛ قابوس، وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وسليمان الأعمش، وجماعة.

وثقه غير واحد، وهو مجمع على صدقه، وحديثه في الكتب كلها.

وكان ممن غزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية سنة خمسين.

توفي سنة تسع وثمانين. وقيل: سنة تسعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 224"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 6"، و "9/ ترجمة 850"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 824"، تهذيب التهذيب "2/ 379"، الإصابة "1/ ترجمة 1730"، شذرات الذهب "1/ 99".

ص: 212

‌509 - أبو عبيدة

(1)

: " ع"

ابن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي، أخو عبد الرحمن. يقال اسمه: عامر، ولكن لا يرد إلَّا بالكنية.

روى عن أبيه شيئًا، وأرسل عنه أشياء. وروى عن: أبي موسى الأشعري، وعائشة، وكعب بن عجرة، وجماعة، وعن: مسروق، وعلقمة.

حدث عنه: إبراهيم النخعي، وسالم الأفطس، وسعد بن إبراهيم، وخصيف الجزري، وأبو إسحاق الجزري، وأبو إسحاق السبيعي، وآخرون، وثقوه.

توفي سنة إحدى وثمانين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 210"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 447"، حلية الأولياء "4/ 204" تاريخ الإسلام "3/ 230"، تهذيب التهذيب "5/ 75"، شذرات الذهب "1/ 90".

ص: 212

‌510 - طويس

(1)

:

المدني، أحد من يضرب به المثل في صناعة الغناء. اسمه أبو عبد المنعم، عيسى بن عبد الله. وكان أحول، طوالًا. وكان يقال: أشأم من طويس؛ قيل: لأنه ولد يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفطم يوم موت أبي بكر، وبلغ يوم مقتل عمر، وتزوج يوم مقتل عثمان، وولد له يوم مقتل علي، رضي الله عنهم.

مات سنة اثنتين وتسعين.

(1)

ترجمته في الأغاني "2/ 170"، وفيات الأعيان "3/ ترجمة 519"، تاريخ الإسلام "4/ 16"، النجوم الزاهرة "1/ 225"، شذرات الذهب "1/ 100".

ص: 213

‌511 - موسى بن طلحة

(1)

: " ع"

ابن عبيد الله، الإمام، القدوة، أبو عيسى القرشي، التيمي، المدني، نزيل الكوفة.

روى عن أبيه. وعن: عثمان، وعلي، وأبي ذر، وأبي أيوب، وعائشة، وأبي هريرة، وغيرهم.

حدث عنه: ولده؛ عمران، وحفيده؛ سليمان بن عيسى، وأولاد إخوته؛ معاوية وموسى ابنا إسحاق بن طلحة، وطلحة، وإسحاق ابنا يحيى بن طلحة، وسماك بن حرب، وبيان بن بشر، وعبد الملك بن عمير، وعثمان بن عبد الله ابن موهب، وابناه؛ محمد وعمرو ابنا عثمان، وآخرون.

قال أبو حاتم الرازي: هو أفضل ولد طلحة بعد محمد

قلت: كان محمد هذا أكبر أولاد أبيه، قتل معه يوم الجمل، وكان عابدًا، نبيلًا، ثم أفضلهم موسى صاحب الترجمة، ثم عيسى بن طلحة، ثم يحيى بن طلحة، ثم يعقوب بن طلحة أحد الأجواد قتل يوم الحرة، ثم زكريا بن طلحة سبط أبي بكر الصديق، ثم إسحاق بن طلحة، ثم عمران بن طلحة، ولهم أولاد وعقب.

قيل: كان موسى يسمى المهدي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 161" و "6/ 211"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1221" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 667"، حليلة الأولياء "4/ 371" العبر "1/ 126"، تاريخ الإسلام "4/ 206"، الكاشف "3/ ترجمة 5805"، تهذيب التهذيب "10/ 350"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة رقم 7280"، شذرات الذهب "1/ 125".

ص: 213

وثقه أحمد العجلي، وغيره.

وروى الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، قال: لما ظهر المختار الكذاب بالكوفة، هرب منه ناس، فقدموا علينا البصرة، فكان منهم موسى بن طلحة، وكان في زمانه يرون أنه المهدي، فغشيناه، فإذا هو رجل طويل السكوت، شديد الكآبة والحزن، إلى أن رفع رأسه يومًا، فقال: والله لأن أعلم أنها فتنة لها انقضاء، أحب إلي من كذا وكذا، وأعظم الخطر. فقال رجل: يا أبا محمد، وما الذي ترهب أن يكون أعظم من الفتنة؟ قال: الهرج قالوا: وما الهرج. قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثونا القتل القتل حتى تقوم الساعة وهم على ذلك.

وعن موسى بن طلحة، قال: صحبت عثمان رضي الله عنه ثنتي عشرة سنة.

قال ابن موهب: رأيت موسى بن طلحة يخضب بالسواد.

وقال عيسى بن عبد الرحمن: رأيت على موسى بن طلحة برنس خز.

روى صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن أبي النجود، قال: فصحاء الناس ثلاثة: موسى بن طلحة التيمي، وقبيصة بن جابر الأسدي، ويحيى بن يعمر.

وورد مثل هذا القول عن: عبد الملك بن عمير.

مات موسى في آخر سنة ثلاث ومائة.

أخبرنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن محمد التيمي إجازة، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أبو مالك الأشجعي، عن موسى بن طلحة، عن أبي أيوب الأنصاري: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أسلم، وغفار، وجهينة، وأشجع، ومن كان من بني كعب موالي دون الناس والله رسوله مولاهم"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه أبو نعيم "في الحلية""4/ 374"، والحاكم "4/ 82"، من طريق يزيد بن هارون، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في "التلخيص".

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وأبو مالك الأشجعي، هو سعد بن طارق، ثقة.

ص: 214

‌512 - عيسى بن طلحة

(1)

: " ع"

ابن عبيد الله، أبو محمد القرشي التيمي، المدني، أحد الإخوة.

حدث عن: أبيه، [و] معاوية، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وطائفة.

حدث عنه: محمد بن إبراهيم، وطلحة بن يحيى بن طلحة، والزهري، وآخرون.

وكان من الحلماء الأشراف، والعلماء الثقات، وفد على معاوية، وعاش إلى حدود سنة مائة.

وروى أيوب بن عباية، عن سليمان بن مرباع، قال: دخل رجل إلى عيسى بن طلحة، فأنشد عيسى:

يقولون لو عذبت قلبك لارعوى؟

فقلت وهل للعاشقين قلوب؟

عدمت فؤادي كيف عذبه الهوى؟!

وما لفؤادي من هواه طبيب

فقام الرجل، فأسبل إزاره، ومضى إلى باب الحجرة يتبختر، ثم يرجع حتى عاد إلى مجلسه طربًا، وقال: أحسنت. فضحك عيسى وجلساؤه لطرب الرجل.

‌513 - محمد بن طلحة

(2)

:

الملقب بالسجاد لعبادته وتألهه. ولد: في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قتل شابًا يوم الجمل، لم يزل به أبوه حتى سار معه. وأمه: هي حمنة بنت جحش، وسيأتي ابنه إبراهيم.

‌514 - إسحاق بن طلحة

(3)

:

حدث عن: أبيه وعائشة. وعنه: ابنه، معاوية، وابن أخيه؛ إسحاق بن يحيى وهو ابن خالة معاوية بن أبي سفيان، وجده: هو عتبة بن ربيعة. ولاه معاوية خراج خراسان، فمات هناك في سنة ست وخمسين أرخه: المدائني.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 164"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2719"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1550"، الكاشف "2/ ترجمة 4446"، تاريخ الإسلام "4/ 43"، تهذيب التهذيب "8/ 215"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5572"، شذرات الذهب "1/ 119".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 52"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1577"، أسد الغابة "4/ 322"، الإصابة "3/ ترجمة 7781 "، شذرات الذهب "1/ 43".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 166"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1293"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 784"، تاريخ الإسلام "2/ 273"، تهذيب التهذيب "1/ 238".

ص: 215

‌515 - عائشة بنت طلحة

(1)

: " ع"

ابن عبيد الله التيمية، بنت أخت أم المؤمنين عائشة؛ أم كلثوم؛ بنتي الصديق. تزوجها ابن خالها؛ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، ثم بعده: أمير العراق مصعب، فأصدقها مصعب مائة ألف دينار قيل: وكانت أجمل نساء زمانها وأرأسهن وحديثها مخرج في الصحاح. ولما قتل مصعب بن الزبير تزوجها عمر بن عبيد الله التيمي، فأصدقها ألف ألف درهم، وفي ذلك يقول الشاعر:

بضع الفتاة

(2)

بألف ألف كامل

وتبيت سادات الجيوش جياعا

روت عن خالتها عائشة. وعنها: حبيب بن أبي عمرة، وابن أخيها؛ طلحة بن يحيى وابن أخيها الآخر معاوية بن إسحاق، وابن ابن أخيها موسى؛ عبيد الله بن إسحاق، وفضيل الفقيمي، وآخرون.

وفدت على هشام بن عبد الملك، فاحترمها ووصلها بجملة كبيرة.

وثقها يحيى بن معين.

هشيم: أنبأنا مغيرة، عن إبراهيم: أن عائشة بنت طلحة قالت: إن تزوجت مصعبًا فهو عليها كظهر أمها فتزوجته فسألت عن ذلك، فأمرت أن تكفر فأعتقت غلامًا لها ثمن ألفين. رواه: سعيد في "سننه".

بقيت إلى قريب من سنة عشر ومائة بالمدينة.

(1)

ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 467"/ الأغاني "11/ 176"، تاريخ الإسلام "4/ 135"، العبر "1/ 123"، تهذيب التهذيب "12/ 436"، النجوم الزاهرة "1/ 290"، شذرات الذهب "1/ 122".

(2)

بضع القناة: مهرة الفتاة.

ص: 216

‌516 - عمران بن طلحة

(1)

: " د، ت، ق"

ابن عبيد الله، قديم الوفاة.

حدث عن أبيه: وأمه؛ حمنة، وعلي.

وعنه: ابنا أخيه؛ إبراهيم بن محمد، ومعاوية بن إسحاق، وسعد بن طريف.

قال أحمد العجلي تابعي، ثقة. وقيل: انقرض عقبه. ويقال: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 166"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2833"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1661"، الكاشف "2/ ترجمة 4335"، تاريخ الإسلام "3/ 286"، تهذيب التهذيب "8/ 133"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5431"، الإصابة "3/ ترجمة 6271".

ص: 217

‌517 - عكرمة

(1)

: " خ، م"

ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، سيد بني مخزوم في زمانه. أبو عبد الله، وأخو الفقيه أبي بكر.

سمع أباه، وابن عمرو السهمي، وأم سلمة.

حدث عنه: ابناه؛ عبد الله ومحمد، والزهري، ويحيى بن محمد بن صيفي.

قال ابن سعد: هو قليل الحديث، ثقة.

قلت: توفي بعد المائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 209"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 225"، المعرفة والتاريخ "1/ 372"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 37"، تاريخ الإسلام "4/ 156"، الكاشف "2/ ترجمة 3922"، تهذيب التهذيب "7/ 260"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4926".

ص: 217

‌518 - أبو الجوزاء

(1)

: " ع"

أوس بن عبد الله الربعي البصري، من كبار العلماء.

حدث عن: عائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص.

روى عنه: أبو الأشهب العطاردي، وعمرو بن مالك النكري، وبديل بن ميسرة، وجماعة.

وكان أحد العباد الذين قاموا على الحجاج. فقيل: إنه قتل يوم الجماجم.

روى حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك، سمع أبا الجوزاء يقول: ما لعنت شيئًا قط، ولا أكلت شيئًا ملعونًا قط، ولا آذيت أحدًا قط.

قلت: انظر إلى هذا السيد، واقتد به.

وعنه، أنه قال: ما ماريت أحدًا قط.

وروى عنه: عمرو بن مالك، قال: لأن أجالس الخنازير، أحب إلي من أن أجالس أحدًا من أهل الأهواء.

وكان أبو الجوزاء قويًا بالمرة. روى نوح بن قيس، عن سليمان الربعي، قال: كان أبو الجوزاء يواصل أسبوعًا، ويقبض على ذراع الشاب، فيكاد يحطمها.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 223"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1540"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1133"، حلية الأولياء، "3/ 78"، العبر "1/ 96"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، تهذيب التهذيب "1/ 383"، شذرات الذهب "1/ 93".

ص: 217

‌519 - شهر بن حوشب

(1)

: " (4)، م مقرونًا"

أبو سعيد الأشعري الشامي، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية، كان من كبار علماء التابعين.

حدث عن: مولاته؛ أسماء، وعن: أبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأم سلمة وأبي سعيد الخدري، وعدة.

وقرأ القرآن على ابن عباس. ويرسل عن: بلال، وأبي ذر وسلمان، وطائفة.

حدث عنه: قتادة، ومعاوية بن قرة، والحكم بن عتيبة، وأبو بشر جعفر ابن أبي وحشية، ومقاتل بن حيان، وداود بن أبي هند، وأشعث بن عبد الله الحداني، وأبو بكر الهذلي، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وعبيد الله بن زياد المكي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وعبد الحميد بن بهرام، وخلق سواهم.

أبان بن صمعة قال: قلت لشهر: يا أبا سعيد

، وبها كناه: مسلم، والنسائي.

وعن حنظلة، عن شهر، قال: عرضت القرآن على ابن عباس سبع مرات.

وعن ابن أبي نهيك، قال: قرأت القرآن على: ابن عباس، وابن عمر، وجماعة، فما رأيت أحدًا أقرأ من شهر بن حوشب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 449"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2730"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1668" حلية الأولياء "6/ 59" أخبار أصبهان "1/ 343"، الكاشف "2/ ترجمة 2336"، تاريخ الإسلام "4/ 12"، العبر "1/ 119"، تهذيب التهذيب "4/ 369" شذرات الذهب "1/ 119"، النجوم الزاهرة "1/ 271".

ص: 218

رواه البخاري في ترجمة شهر، ثم قال: سمع من: أبي هريرة، وأبي سعيد، وأم سلمة وجندب بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو.

علي بن عياش: حدثنا عبد الحميد بن بهرام، قال: أتى على شهر بن حوشب ثمانون سنة، ورأيته يعتم بعمامة سوداء، طرفها بين كتفيه، وعمامة أخرى قد أوثق بها وسطه سوداء، ورأيته مخضوبًا خضابة سوداء في حمرة، ووفد على بلال بن مرداس الفزاري بحولايا، فأجازه بأربعة آلاف درهم، فأخذها.

إسماعيل بن عياش: حدثنا عثمان بن نويرة: دعي شهر بن حوشب إلى وليمة، وأنا معه فدخلنا، فأصبنا من طعامهم، فلما سمع شهر المزمار، وضع أصبعيه في أذنيه وخرج.

روى حرب الكرماني، عن أحمد بن حنبل: شهر ثقة، ما أحسن حديثه!

وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: شهر ليس به بأس.

وقال الترمذي: قال محمد يعني: البخاري: شهر حسن الحديث. وقوى أمره، وقال: إنما تكلم فيه ابن عون، ثم إنه روى عن رجل، عنه.

وقال أحمد العجلي: ثقة. وروى عباس، عن يحيى بن معين: شهر ثبت.

وقال أبو زرعة، وغيره: لا بأس به. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: لا يحتج به ولا يتدين بحديثه وقال أبو حاتم الرازي: ليس هو بدون أبي الزبير المكي، ولا يحتج به.

وروى معاوية بن صالح، وأحمد بن زهير، عن يحيى بن معين: ثقة.

وروى النضر بن شميل، عن عبد الله بن عون، قال: إن شهرًا تركوه.

وقال صالح بن محمد جزرة: قدم شهر على الحجاج، فحدث بالعراق، ولم يوقف منه على كذب وكان رجلًا يتنسك. وقال: قال أبو حفص الفلاس: كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عن شهر، وكان عبد الرحمن يحدث عنه.

قلت: يعني الاحتجاج وعدمه.

وروى يحيى بن أبي بكير الكرماني، عن أبيه قال: كان شهر بن حوشب على بيت المال فأخذ خريطة فيها دراهم، فقيل فيه:

لقد باع شهر دينه بخريطة

فمن يأمن القراء بعدك يا شهر?

أخذت بها شيئًا طفيفًا وبعته

من ابن جرير إن هذا هو الغدر

ص: 219

قلت: إسنادها منقطع ولعلها وقعت وتاب منها، أو أخذها متأولًا أن له في بيت مال المسلمين حقًا؛ نسأل الله الصفح.

فأما رواية يحيى القطان، عن عباد بن منصور، قال: حججت مع شهر بن حوشب، فسرق عيبتي فما أدري ما أقول!

ومن مليح قول شهر: من ركب مشهورًا من الدواب ولبس مشهورًا من الثياب، أعرض الله عنه، وإن كان كريمًا.

قلت: من فعله ليعز الدين، ويرغم المنافقين، ويتواضع مع ذلك للمؤمنين، ويحمد رب العالمين، فحسن ومن فعله بذخًا وتيهًا وفخرًا، أذله الله وأعرض عنه فإن عوتب ووعظ، فكابر وادعى أنه ليس بمختال ولا تياه، فأعرض عنه، فإنه أحمق مغرور بنفسه.

قال أبو بشر الدولابي: شهر لا يشبه حديثه حديث الناس، كأنه مولع بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله: أبو إسحاق السعدي.

الطيالسي: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر: قال شعبة: فلقيت عبد الله بن عطاء، فسألته، فقال: حدثني زياد ابن مخراق، فقدمت على زياد، فسألته، فقال: حدثني رجل من بني ليث، عن مجاهد، عن شهر، عن حديث عقبة، عن عمر في الوضوء.

وقال معاذ بن معاذ: سألت ابن عون عن حديث هلال بن أبي زينب، عن شهر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجتاه" فقال ابن عون: ما يصنع بشهر إن شعبة قد ترك شهرًا.

وقال علي بن حفص المدائني: سألت شعبة عن عبد الحميد بن بهرام، فقال: صدوق إلَّا أنه يحدث عن شهر.

وقال أحمد بن حنبل: عبد الحميد بن بهرام حديثه مقارب من حديث شهر، وكان يحفظها كأنه يقرأ سورة، وهي سبعون حديثًا.

قال سيار بن حاتم: حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، قال: لما قتل ابن آدم أخاه، مكث آدم مائة سنة لا يضحك ثم أنشأ يقول:

تغيرت البلاد ومن عليها

فوجه الأرض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون وطعم

وقل بشاشة الوجه المليح

ص: 220

إسحاق بن المنذر: شيخ صدوق قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر، عن ابن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي حرم وحرمي المدينة".

ثابت البناني عن شهر بن حوشب عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح} [هود: 46].

الحكم بن عتيبة عن شهر، عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر.

ثابت البناني عن شهر، عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ولا يبالي [الزمر: 53].

فهذا ما استنكر من حديث شهر في سعة روايته، وما ذاك بالمنكر جدا.

يعقوب بن شيبة: شهر ثقة، طعن فيه بعضهم.

وقال يعقوب بن سفيان: شهر وإن تكلم فيه ابن عون، فهو ثقة

قلت: الرجل غير مدفوع عن صدق وعلم، والاحتجاج به مترجح.

ذكر الاختلاف في تاريخ موته:

قال صاحبه عبد الحميد بن بهرام: توفي سنة مائة وتبعه على ذلك: المدائني، والهيثم بن عدي وخليفة، وآخرون.

ويروى أنه توفي سنة ثمان وتسعين، ولم يصح.

وأما يحيى بن بكير، فقال: مات سنة إحدى عشرة ومائة. فالله أعلم.

وقال الواقدي، وكاتبه: سنة اثنتي عشرة ويعضده: أن شعبة يقول: أدركت شهر بن حوشب، وتركته عمدًا لم آخذ عنه.

قلت: ومولده في خلافة عثمان رضي الله عنه وطلب العلم بعد الخمسين، في أيام معاوية.

ص: 221

‌520 - عمر بن عبد الله

(256)

ابن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة شاعر قريش في وقته أبو الخطاب المخزومي وكان يتغزل بالثريا العبشمية.

مولده ليلة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وشعره سائر مدون غزا البحر فأحرق العدو سفينته فاحترق في حدود سنة ثلاث وتسعين وما بين رحمه الله.

‌521 - يحيى بن وثاب

(257)

الإمام القدوة المقرئ الفقيه شيخ القراء الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي أحد الأئمة الأعلام قد ذكرته في طبقات القراء.

قال أبو نعيم الحافظ اسم أبيه وثاب بزدويه بن ماهويه سباه مجاشع ابن مسعود السلمي من قاشان إذ افتتحها وكان وثاب من أبناء أشرافها ثم وقع في سهم ابن عباس فسماه وثاباً وتزوج فولد له يحيى ثم استأذن ابن عباس في الرجوع إلى قاشان فأذن له فدخل هو وابنه يحيى الكوفة فقال يحيى يا أبت إني آثرت العلم على المال فأذن له في المقام فأقبل على القرآن وتلا على أصحاب علي وابن مسعود حتى صار أقرأ أهل زمانه فأورث وثاب عقبه فحازوا رئاسة الدارين لأن يحيى فاق نظراءه في القرآن والآثار وفاق خالد بن وثاب وولداه أزهر ومخلد في رئاسة الدنيا والولايات واتصلت رئاسة عقبه إلى أيامنا بأصبهان ولهم الصيت والذكر في الثروة والتناية

(258)

والحظ الجسيم من الجلالة والنباهة.

قلت حدث عن ابن عباس وابن عمر وروى مرسلاً عن عائشة وأبي هريرة وابن مسعود وروى أيضاً عن ابن الزبير ومسروق وعلقمة وزر والأسود بن يزيد وعبيدة السلماني وأبي عمرو الشيباني.

(256)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج (1/ 30)، وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ترجمة 490)، تاريخ الإسلام (4/ 161)، شذرات الذهب (1/ 101)، خزانة الأدب للبغدادي (2/ 32) النجوم الزاهرة لابن تفرى بردى (1/ 247).

(257)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 299)، التاريخ الكبير (8/ترجمة 3121)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 806)، أخبار أصبهان (2/ 333 و 356)، العبر (1/ 126)، تاريخ الإسلام (4/ 209) تهذيب التهذيب (11/ 294)، شذرات الذهب (1/ 125)، النجوم الزاهرة (1/ 252).

(258)

التَّناية: الزراعة والفلاحة.

ص: 222

وقال أبو عمرو الداني أخذ يحيى بن وثاب القراءة عرضاً عن علقمة ومسروق والأسود والشيباني والسلمي.

قلت الثبت أنه قرأ القرآن كله على عبيد بن نضيلة صاحب علقمة فتحفظ عليه كل يوم آية قال أبو بكر بن عياش عن عاصم قال تعلم يحيى بن وثاب من عبيد آية آية وكان والله قارئاً.

قلت قرأ عليه الأعمش وطلحة بن مصرف وأبو حصين وحمران ابن أعين وطائفة وحدث عنه عاصم وأبو العميس عتبة المسعودي وأبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني وقتادة وحبيب بن أبي ثابت والأعمش وعدة.

قال عطاء بن مسلم كان الأعمش يقول حدثني يحيى بن وثاب وكنت إذا رأيته قد جثا قلت هذا وقف للحساب فيقول أي رب أذنبت كذا فعفوت عني فلا أعود وأذنبت كذا فعفوت عني فلا أعود.

يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش قال كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة ربما اشتهيت أن أقبل رأسه من حسن قراءته وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة كأن ليس في المسجد أحد.

حميد بن عبد الرحمن حدثنا أبي عن الأعمش كان يحيى إذا قضى صلاته مكث ملياً تعرف فيه كآبة الصلاة. قال أحمد العجلي هو تابعي ثقة مقرئ يؤم قومه وقد أمر الحجاج أن لا يؤم بالكوفة إلا عربي واستثنى يحيى بن وثاب فصلى بهم يوماً ثم ترك.

قال عبيد الله بن موسى كان الأعمش يقول يحيى بن وثاب أقرأ من بال على تراب. قال يحيى بن آدم سمعت الحسن بن صالح يقول قرأ يحيى على علقمة وقرأ علقمة على ابن مسعود فأي قراءة أفضل من هذه.

قال مخلد بن خداش سمعت الأعمش يقول ما رأيت أحداً بال في التراب أقرأ من يحيى بن وثاب. قال الهيثم بن عدي وغيره مات يحيى بن وثاب سنة ثلاث ومئة.

ص: 223

روى جماعة عن أبي إسحاق عن يحيى عن ابن عمر حديث من راح إلى الجمعة فليغتسل

(259)

. هذا حسن نظيف الإسناد.

‌522 - خالد ابن خليفة يزيد

(260)

ابن معاوية بن أبي سفيان الإمام البارع أبو هاشم القرشي الأموي الدمشقي أخو الخليفة معاوية والفقيه عبد الرحمن روى عن أبيه وعن دحية ولم يلقه.

وعنه رجاء بن حيوة وعلي بن رباح والزهري وأبو الأعيس الخولاني قال الزبير بن بكار كان موصوفاً بالعلم وقول الشعر وقيل دار الحجارة كانت داره وقد صارت اليوم قيسارية للذهب الممدود.

قال أبو زرعة الدمشقي وهو وأخواه من صالحي القوم. وروى الزهري أن خالداً كان يصوم الأعياد الجمعة والسبت والأحد قلت أجاز شاعراً بمئة ألف لقوله فيه:

سألت الندى والجود حران أنتما

فقالا جميعاً إننا لعبيد

فقلت فمن مولاكما فتطاولا

علي وقالا خالد بن يزيد

وقد ذكر خالد للخلافة عند موت أخيه معاوية فلم يتم ذلك وغلب على الأمر مروان بشرط أن خالداً ولي عهده

(259)

صحيح: أخرجه الحميدي (610)، وابن أبي شيبة (2/ 93 و 95 و 96)، وأحمد (2/ 3 و 41 و 42 و 48 و 55 و 75 و 77 و 78 و 101 و 105 و 141 و 245)، والبخاري (877)، ومسلم (844)، والنسائي (3/ 93)، وابن ماجه (1088)، والدارمي (1/ 361)، والطحاوي في شرح معانى الآثار (1/ 115)، والبيهقي في "السنن"(1/ 293 و 297) من طرق عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جاء أحدُكم الجمعة فليغتسل".

(260)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ترجمة 613)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 1615)، أسد الغابة (2/ 97)، وفيات الأعيان (2/ ترجمة 212)، تاريخ الإسلام (3/ 246)، العبر (1/ 105)، تهذيب التهذيب (3/ 128)، الإصابة (1/ترجمة 2362)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1815)، شذرات الذهب (1/ 96 - 99)، النجوم الزاهرة (1/ 221).

ص: 224

قيل تهدد عبد الملك بن مروان خالداً وسطا عليه فقال أتهددني ويد الله فوقك مانعة وعطاؤه دونك مبذول قال الأصمعي قيل لخالد بن يزيد ما أقرب شيء قال الأجل قيل فما أبعد شيء قال الأمل قيل فما أرجى شيء قال العمل.

وعنه قال إذا كان الرجل لجوجاً ممارياً معجباً برأيه فقد تمت خسارته قال ابن خلكان كان خالد يعرف الكيمياء وصنف فيها ثلاث رسائل. وهذا لم يصح قيل توفي سنة أربع أو خمس وثمانين وقيل سنة تسعين.

‌523 - المهلب

(261)

الأمير البطل قائد الكتائب أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة ظالم ابن سراق بن صبح بن كندي بن عمرو الأزدي العتكي البصري.

ولد عام الفتح وقيل بل ذلك أبوه حدث المهلب عن عبد الله بن عمرو بن العاص وسمرة بن جندب وابن عمر والبراء بن عازب.

روى عنه سماك بن حرب وأبو إسحاق وعمر بن سيف قال ابن سعد ارتد قوم المهلب فقاتلهم عكرمة بن أبي جهل وظفر به وبعث بذراريهم إلى الصديق فيهم أبو صفرة مراهقاً ثم نزل البصرة وقال خليفة سنة أربع وأربعين غزا المهلب الهند وولي الجزيرة لابن الزبير وحارب الخوارج ثم ولي خراسان.

وقال غير واحد إن الحجاج بالغ في احترام المهلب لما دوخ الأزارقة ولقد قتل منهم في ملحمة أربعة آلاف وثمان مئة.

(261)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 129)، التاريخ الكبير (8/ترجمة 2024)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 1687)، وفيات الأعيان (5/ 350)، الكاشف (3/ترجمة 5770)، تاريخ الإسلام (7/ 307)، تهذيب التهذيب (10/ 329)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7241)، شذرات الذهب (1/ 54 و 73 و 90)، النجوم الزاهرة (1/ 206).

ص: 225

وروى الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق قال ما رأيت أميراً قط أفضل ولا أسخى ولا أشجع من المهلب ولا أبعد مما يكره ولا أقرب مما يحب.

قال محمد بن سلام الجمحي كان بالبصرة أربعة ليس مثلهم الأحنف في حلمه وعفافه ومنزلته من علي والحسن في زهده وفصاحته وسخائه ومحله من القلوب والمهلب بن أبي صفرة فذكر أمره وسوار القاضي في عفافه وتحريه للحق.

وعن المهلب قال يعجبني في الرجل أن أرى عقله زائداً على لسانه.

وروى روح بن قبيصة عن أبيه قال المهلب ما شيء أبقى للملك من العفو خير مناقب الملك العفو.

قلت ينبغي أن يكون العفو من الملك عن القتل إلا في الحدود وأن لا يعفو عن وال ظالم ولا عن قاض مرتش بل يعجل بالعزل ويعاقب المتهم بالسجن فحلم الملوك محمود إذا ما اتقوا الله وعملوا بطاعته.

قيل توفي المهلب غازياً بمرو الروذ في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وقيل في سنة ثلاث وولي خراسان بعده ابنه يزيد ابن المهلب.

‌524 - جميل بن عبد الله

(262)

ابن معمر أبو عمرو العذري الشاعر الشهير صاحب بثينة له شعر في الذروة لطافة ورقة وبلاغة.

بقي إلى حدود سنة مئة وكان معه في زمانه الأخطل شاعر عبد الملك بن مروان واسمه غياث بن غوث التغلبي النصراني مقدم الشعراء وشاعر وقته جرير ابن الخطفى وشاعر العصر الفرزدق المجاشعي وشاعر قريش عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وكثير عزة ولد عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي المدني وشاعر المدينة عبد الله بن قيس الرقيات الذي يتغزل في كثيرة والأحوص المدني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح وزياد الأعجم أحد البلغاء وعدي بن زيد يعرف بابن الرقاع الأبرص أما عدي بن زيد الحماد العبادي فقديم نصراني شاعر مفلق.

(262)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج (7/ 77)، وفيات الأعيان (1/ترجمة 142)، تاريخ الإسلام (3/ 347) شذرات الذهب (1/ 91)، خزانة الأدب للبغدادي (1/ 397).

ص: 226

‌525 - علي ابن الحسين

(263)

ابن الأمام بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف السيد الإمام زين العابدين الهاشمي العلوي المدني يكنى أبا الحسين ويقال أبو الحسن ويقال أبو محمد ويقال أبو عبد الله وأمه أم ولد اسمها سلامة سلافة بنت ملك الفرس يزدجرد وقيل غزالة ولد في سنة ثمان وثلاثين ظناً.

وحدث عن أبيه الحسين الشهيد وكان معه يوم كائنة كربلاء وله ثلاث وعشرون سنة وكان يومئذ موعوكاً فلم يقاتل ولا تعرضوا له بل أحضروه مع آله إلى دمشق فأكرمه يزيد ورده مع آله إلى المدينة وحدث أيضاً عن جده مرسلاً وعن صفية أم المؤمنين وذلك في الصحيحين وعن أبي هريرة وعائشة وروايته عنها في مسلم وعن أبي رافع وعمه الحسن وعبد الله بن عباس وأم سلمة والمسور بن مخرمة وزينب بنت أبي سلمة وطائفة وعن مروان بن الحكم وعبيد الله بن أبي رافع وسعيد بن المسيب وسعيد بن مرجانة وذكوان مولى عائشة وعمرو بن عثمان بن عفان وليس بالمكثر من الرواية.

حدث عنه أولاده أبو جعفر محمد وعمر وزيد المقتول وعبد الله والزهري وعمرو بن دينار والحكم بن عتيبة وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد وأبو الزناد وعلي بن جدعان ومسلم البطين وحبيب بن أبي ثابت وعاصم بن عبيد الله وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان وأبوه عمر والقعقاع بن حكيم وأبو الأسود يتيم عروة وهشام بن عروة وأبو الزبير المكي وأبو حازم الأعرج وعبد الله بن مسلم بن هرمز ومحمد بن الفرات التميمي والمنهال بن عمرو وخلق سواهم. وقد حدث عنه أبو سلمة وطاووس وهما من طبقته.

قال ابن سعد هو علي الأصغر وأما أخوه علي الأكبر فقتل مع أبيه بكربلاء وكان علي بن الحسين ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً رفيعاً ورعاً.

(263)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 211)، التاريخ الكبير (6/ترجمة 2364)، الجرح التعديل (6/ ترجمة 977)، حلية الأولياء (3/ 133)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 71)، الكاشف (2/ترجمة 3958)، تاريخ الإسلام (4/ 34)، تهذيب التهذيب (7/ 304)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4966)، شذرات الذهب (1/ 104)، النجوم الزاهرة (1/ 229).

ص: 227

روى ابن عيينة عن الزهري قال ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين. وقيل إن عمر بن سعد قال يوم كربلاء لا تعرضوا لهذا المريض يعني علياً.

ابن وهب عن مالك قال كان عبيد الله بن عبد الله من العلماء وكان إذا دخل في صلاته فقعد إليه إنسان لم يقبل عليه حتى يفرغ وإن علي بن الحسين كان من أهل الفضل وكان يأتيه فيجلس إليه فيطول عبيد الله في صلاته ولا يلتفت إليه فقيل له علي وهو ممن هو منه فقال لابد لمن طلب هذا الأمر أن يعنى به.

وقال قال نافع بن جبير لعلي بن الحسين إنك تجالس أقواماً دوناً قال آتي من أنتفع بمجالسته في ديني قال وكان نافع يجد في نفسه وكان علي بن الحسين رجلاً له فضل في الدين.

ابن سعد عن علي بن محمد عن علي بن مجاهد عن هشام بن عروة قال كان علي بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع لا يقرعها وكان يجالس أسلم مولى عمر فقيل له تدع قريشاً وتجالس عبد بني عدي فقال إنما يجلس الرجل حيث ينتفع.

وعن عبد الرحمن بن أردك يقال هو أخو علي ابن الحسين لأمه قال كان علي بن الحسين يدخل المسجد فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد ابن أسلم وقال له نافع بن جبير غفر الله لك أنت سيد الناس تأتي تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد فقال علي بن الحسين العلم يبتغى ويؤتى ويطلب من حيث كان.

الأعمش عن مسعود بن مالك قال لي علي بن الحسين تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير قلت ما حاجتك إليه قال أشياء أريد أن أسأله عنها إن الناس يأتوننا بما ليس عندنا.

ابن عيينة عن الزهري قال ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين وما رأيت أحداً كان أفقه منه ولكنه كان قليل الحديث. وروى شعيب عن الزهري قال كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة وأحبهم إلى مروان وإلى عبد الملك. معمر عن الزهري لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين. وروى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين.

ص: 228

ابن وهب عن مالك قال لم يكن في أهل البيت مثله وهو ابن أمة. حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد سمعت علي بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته يقول يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً.

أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن علي يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام ولا تحبونا حب الأصنام فما زال بنا حبكم حتى صار علينا شيناً.

قال الأصمعي لم يكن له عقب يعني الحسين إلا من ابنه علي ولم يكن لعلي بن الحسين ولد إلا من أم عبد الله بنت الحسن وهي ابنة عمه فقال له مروان أرى نسل أبيك قد انقطع فلو اتخذت السراري لعل الله أن يرزقك منهن قال ما عندي ما أشتري قال فأنا أقرضك فأقرضه مئة ألف فاتخذ السراري وولد له جماعة من الولد ثم أوصى مروان لما احتضر أن لا يؤخذ منه ذلك المال. إسنادها منقطع ومروان ما احتضر فإن امرأته غمته تحت وسادة هي وجواريها.

قال أبو بكر بن البرقي نسل الحسين كله من قبل ابنه علي الأصغر وكان أفضل أهل زمانه ويقال أن قريشاً رغبت في أمهات الأولاد بعد الزهد فيهن حين نشأ علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله قال العجلي علي بن الحسين مدني تابعي ثقة.

وقال أبو داود لم يسمع علي بن الحسين من عائشة وسمعت أحمد بن صالح يقول سنه وسن الزهري واحد. قلت وهم ابن صالح بل علي أسن بكثير من الزهري.

وروي عن أبي بكر بن أبي شيبة قال أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي.

عبد الله بن عمر العمري عن الزهري قال حدثت علي بن الحسين بحديث فلما فرغت قال أحسنت هكذا حدثناه قلت ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني قال لا تقل ذاك فليس ما لا يعرف من العلم إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن.

وقيل إن رجلاً قال لابن المسيب ما رأيت أورع من فلان قال هل رأيت علي بن الحسين قال لا قال ما رأيت أورع منه.

ص: 229

وقال جويرية بن أسماء ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهماً قط. ابن سعد عن علي بن محمد عن سعيد بن خالد عن المقبري قال بعث المختار إلى علي بن الحسين بمئة ألف فكره أن يقبلها وخاف أن يردها فاحتبسها عنده فلما قتل المختار بعث يخبر بها عبد الملك وقال ابعث من يقبضها فأرسل إليه عبد الملك يا ابن العم خذها قد طيبتها لك فقبلها.

محمد بن أبي معشر السندي عن أبي نوح الأنصاري قال وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون يا ابن رسول الله النار فما رفع رأسه حتى طفئت فقيل له في ذلك فقال ألهتني عنها النار الأخرى.

ابن سعد عن علي بن محمد عن عبد الله بن أبي سليمان قال كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذيه ولا يخطر بها وإذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة فقيل له فقال تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي وعنه أنه كان إذا توضأ اصفر.

إبراهيم بن محمد الشافعي عن سفيان حج علي بن الحسين فلما أحرم اصفر وانتفض ولم يستطيع أن يلبي فقيل ألا تلبي قال أخشى أن أقول لبيك فيقول لي لا لبيك فلما لبى غشي عليه وسقط من راحلته فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه إسنادها مرسل.

وروى مصعب بن عبد الله عن مالك أحرم علي بن الحسين فلما أراد أن يلبي قالها فأغمي عليه وسقط من ناقته فهشم ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات وكان يسمى زين العابدين لعبادته.

ويروى عن جابر الجعفي عن أبي جعفر كان أبي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فلما احتضر بكى فقلت يا أبت ما يبكيك قال يا بني إنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا كان لله فيه المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء غفر له إسنادها تالف.

عن طاووس سمعت علي بن الحسين وهو ساجد في الحجر يقول عبيدك بفنائك مسكينك بفنائك سائلك بفنائك فقيرك بفنائك قال فوالله ما دعوت به في كرب قط إلا كشف عني.

ص: 230

حجاج بن أرطاة عن أبي جعفر أن أباه قاسم الله تعالى ماله مرتين وقال إن الله يحب المذنب التواب.

ابن عيينة عن أبي حمزة الثمالي أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة ويقول إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب.

يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل.

جرير بن عبد الحميد عن عمرو بن ثابت لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل.

وقال شيبة بن نعامة لما مات علي وجدوه يعول مئة أهل بيت. قلت لهذا كان يبخل فإنه ينفق سراً ويظن أهله أنه يجمع الدراهم وقال بعضهم ما فقدنا صدقة السر حتى توفي علي.

وروى واقد بن محمد العمري عن سعيد بن مرجانة أنه لما حدث علي بن الحسين بحديث أبي هريرة من أعتق نسمة مؤمنة أعتق الله كل عضو منه بعضو منه من النار حتى فرجه بفرجه

(264)

فأعتق علي غلاماً له أعطاه فيه عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم.

وروى حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار قال دخل علي بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد في مرضه فجعل محمد يبكي فقال ما شأنك قال علي دين قال وكم هو قال بضعة عشر ألف دينار قال فهي علي.

علي بن موسى الرضا حدثنا أبي عن أبيه عن جده قال علي بن الحسين إني لأستحيي من الله أن أرى الأخ من إخواني فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا فإذا كان غداً قيل لي لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل.

قال أبو حازم المدني ما رأيت هاشمياً أفقه من علي بن الحسين سمعته وقد سأل

(264)

صحيح: أخرجه أحمد (2/ 420 و 422 و 429 و 430 - 431 و 525)، والبخاري (2517) و (6715)، ومسلم (1509)(23) والترمذي (1541)، وابن الجارود (968)، والبيهقي (10/ 217 و 272) من طرق عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعتق رقبة مؤمنة، أعتق اللَّه بكل عُضو منه، عضوًا من النار، حتى يُعتق فَرْجَهُ بفرجه" واللفظ لمسلم.

ص: 231

كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار بيده إلى القبر ثم قال لمنزلتهما منه الساعة. رواها ابن أبي حازم عن أبيه.

يحيى بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه قال جاء رجل إلى أبي فقال أخبرني عن أبي بكر قال عن الصديق تسأل قال وتسميه الصديق قال ثكلتك أمك قد سماه صديقاً من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار فمن لم يسمه صديقاً فلا صدق الله قوله اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما فما كان من أمر ففي عنقي.

وعنه أنه أتاه قوم فأثنوا عليه فقال حسبنا أن نكون من صالحي قومنا. الزبير في النسب حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحي عن أبيه عن جده عن محمد بن علي عن أبيه قال قدم قوم من العراق فجلسوا إلي فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ثم ابتركوا في عثمان ابتراكاً فشتمتهم.

قال ابن عيينة قال علي بن الحسين ما يسرني بنصيبي من الذل حمر النعم. أخبرنا إسحاق بن طارق أنبأنا يوسف بن خليل أنبأنا أحمد بن محمد أنبأنا أبو علي الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبو معمر حدثنا جرير عن فضيل بن غزوان قال قال علي بن الحسين من ضحك ضحكة مج مجة من علم.

وبه قال أبو نعيم حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا أحمد بن علي بن الجارود حدثنا أبو سعيد الكندي حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن أبي جعفر عن علي بن الحسن قال إن الجسد إذا لم يمرض أشر ولا خير في جسد يأشر.

وعن علي بن الحسين قال فقد الأحبة غربة وكان يقول اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح العيون علانيتي وتقبح في خفيات العيون سريرتي اللهم كما أسأت وأحسنت إلي فإذا عدت فعد علي. قال زيد بن أسلم كان من دعاء علي بن الحسين اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها ولا تكلني إلى المخلوقين فيضيعوني.

قال ابن أبي ذئب عن الزهري سألت علي بن الحسين عن القرآن فقال كتاب الله وكلامه.

ص: 232

أبو عبيدة عن ابن إسحاق الشيباني عن القاسم بن عوف قال قال علي بن الحسين جاءني رجل فقال جئتك في حاجة وما جئت حاجاً ولا معتمراً قلت وما هي قال جئت لأسألك متى يبعث علي فقلت يبعث والله يوم القيامة ثم تهمه نفسه.

أحمد بن عبد الأعلى الشيباني حدثني أبو يعقوب المدني قال كان بين حسن بن حسن وبين ابن عمه علي بن الحسين شيء فما ترك حسن شيئاً إلا قاله وعلي ساكت فذهب حسن فلما كان في الليل أتاه علي فخرج فقال علي يا ابن عمي إن كنت صادقاً فغفر الله لي وإن كنت كاذباً فغفر الله لك السلام عليك قال فالتزمه حسن وبكى حتى رثى له.

قال أبو نعيم حدثنا عيسى بن دينار ثقة قال سألت أبا جعفر عن المختار فقال قام أبي على باب الكعبة فلعن المختار فقيل له تلعنه وإنما ذبح فيكم قال إنه كان يكذب على الله وعلى رسوله. وعن الحكم عن أبي جعفر قال إنا لنصلي خلفهم يعني الأموية من غير تقية وأشهد على أبي أنه كان يصلي خلفهم من غير تقية رواه أبو إسرائيل الملائي عنه وروى عمر بن حبيب عن يحيى بن سعيد قال قال علي بن الحسين والله ما قتل عثمان رحمه الله على وجه الحق نقل غير واحد أن علي بن الحسين كان يخضب بالحناء والكتم وقيل كان له كساء أصفر يلبسه يوم الجمعة. وقال عثمان بن حكيم رأيت على علي بن الحسين كساء خز وجبة خز.

وروى حسين بن زيد بن علي عن عمه أن علي بن الحسين كان يشتري كساء الخز بخمسين ديناراً يشتو فيه ثم يبيعه ويتصدق بثمنه.

وقال محمد بن هلال رأيت علي بن الحسين يعتم ويرخي منها خلف ظهره وقيل كان يلبس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر ويتلو: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" الأعراف 31،.

وقيل كان علي بن الحسين إذا سار في المدينة على بغلته لم يقل لأحد الطريق ويقول هو مشترك ليس لي أن أنحي عنه أحداً.

ص: 233

وكان له جلالة عجيبة وحق له والله ذلك فقد كان أهلاً للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله قد اشتهرت قصيدة الفرزدق وهي سماعنا أن هشام بن عبد الملك حج قبيل ولايته الخلافة فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه وإذا دنا علي بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه إجلالاً له فوجم لها هشام وقال من هذا فما أعرفه فأنشأ الفرزدق يقول:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء ويغضى من مهابته

فما يكلم إلا حين يبتسم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا

وهي قصيدة طويلة قال فأمر هشام بحبس الفرزدق فحبس بعسفان وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم وقال اعذر أبا فراس فردها وقال ما قلت ذلك إلا غضباً لله ولرسوله فردها إليه وقال بحقي عليك لما قبلتها فقد علم الله نيتك ورأى مكانك فقبلها وقال في هشام:

أيحبسني بين المدينة والتي

إليها قلوب الناس يهوي منيبها

يقلب رأساً لم يكن رأس سيد

وعينين حولاوين باد عيوبها

وكانت أم علي من بنات ملوك الأكاسرة تزوج بها بعد الحسين رضي الله عنه مولاه زييد فولدت له عبد الله بن زييد بياءين قاله ابن سعد وقيل هي عمة أم الخليفة يزيد بن الوليد بن عبد الملك.

قال الواقدي وأبو عبيد والبخاري والفلاس مات سنة أربع وتسعين وروي ذلك عن جعفر الصادق وقال يحيى أخو محمد بن عبد الله بن حسن مات في رابع عشر ربيع الأول ليلة الثلاثاء سنة أربع وقال أبو نعيم وشباب وتوفي سنة اثنتين وتسعين

ص: 234

وقال معن بن عيسى سنة ثلاث وقال يحيى بن بكير سنة خمس وتسعين والأول الصحيح قال أبو جعفر الباقر عاش أبي ثمانياً وخمسين سنة قلت قبره بالبقيع ولا بقية للحسين إلا من قبل ابنه زين العابدين.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أنبأنا محمد بن هبة الله الدينوري ببغداد أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز سنة تسع وثلاثين وخمس مئة أنبأنا عاصم بن الحسن وأنبأنا أحمد بن عبد الحميد ومحمد بن بطيخ وأحمد ابن مؤمن وعبد الحميد بن خولان قالوا أنبأنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ وأخبرتنا خديجة بنت عبد الرحمن أنبأنا البهاء عبد الرحمن قالا أخبرتنا شهدة الكاتبة أنبأنا الحسين بن طلحة قالا أنبأنا أبو عمر بن مهدي حدثنا أبو عبد الله المحاملي أنبأنا أحمد بن إسماعيل المدني حدثنا مالك عن بن شهاب عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر"

(265)

.

كذا يقول مالك بن أنس عمر بن عثمان وخالفه عشرة ثقات فرووه عن ابن شهاب فكلهم قال عن عمرو بن عثمان وكذلك هو في الصحيحين عمرو.

‌526 - ابنه أبو جعفر الباقر

(266)

هو السيد الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي العلوي الفاطمي المدني ولد زين العابدين ولد سنة ست وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة أرخ ذلك أحمد بن البرقي.

(265)

صحيح: أخرجه الشافعي (2/ 190)، وسعيد بن منصور (135)، وعبد الرزاق (9852)، والطيالسي (631)، وأحمد (5/ 200 و 208 و 209)، والبخاري (6764)، ومسلم (1614)، وأبو داود (2909)، والترمذي (2107)، والدارمي (2/ 370 و 371)، والدارقطني (4/ 69)، وابن الجارود (954)، والطبراني في "الكبير"(391)، والبيهقي (6/ 217 و 218)، والبغوي (231) من طرق عن الزهري، عن على بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد مرفوعًا بلفظ:"لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم".

(266)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 320)، التاريخ الكبير (1/ ترجمة 564)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 117)، حلية الأولياء (3/ 180)، تاريخ الخطيب (3/ 54)، الكاشف (3/ترجمة 5142)، تاريخ الإسلام (4/ 299)، تهذيب التهذيب (9/ 350)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6517)، شذرات الذهب (1/ 149).

ص: 235

روى عن جديه النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه مرسلاً وعن جديه الحسن والحسين مرسلاً أيضاً وعن ابن عباس وأم سلمة وعائشة مرسلاً وعن ابن عمر وجابر أبي سعيد وعبد الله بن جعفر وسعيد بن المسيب وأبيه زين العابدين ومحمد بن الحنفية وطائفة وعن أبي هريرة وسمرة بن جندب مرسلاً أيضاً وليس هو بالمكثر هو في الرواية كأبيه وابنه جعفر ثلاثتهم لا يبلغ حديث كل واحد منهم جزءاً ضخماً ولكن لهم مسائل وفتاو.

حدث عنه ابنه وعطاء بن أبي رباح والأعرج مع تقدمهما وعمرو ابن دينار وأبو إسحاق السبيعي والزهري ويحيى بن أبي كثير وربيعة الرأي وليث بن أبي سليم وابن جريج وقرة بن خالد وحجاج بن أرطاة والأعمش ومخول بن راشد وحرب بن سريج والقاسم بن الفضل الحداني والأوزاعي وآخرون.

وروايته عن الحسن وعائشة في السنن النسائي وذلك منقطع. وروايته عن سمرة في سنن أبي داود وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد والشرف والثقة والرزانة وكان أهلاً للخلافة وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تبجلهم الشيعة الإمامية وتقول بعصمتهم وبمعرفتهم بجميع الدين فلا عصمة إلا للملائكة والنبيين وكل أحد يصيب ويخطئ ويؤخذ من قوله ويترك سوى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم مؤيد بالوحي.

وشهر أبو جعفر بالباقر من بقر العلم أي شقه فعرف أصله وخفيه ولقد كان أبو جعفر إماماً مجتهداً تالياً لكتاب الله كبير الشأن ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه ولا في الفقه درجة أبي الزناد وربيعة ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب فلا نحابيه ولا نحيف عليه ونحبه في الله لما تجمع فيه من صفات الكمال.

قال ابن فضيل عن سالم بن أبي حفصة سألت أبا جعفر وابنه جعفراً عن أبي بكر وعمر فقالا لي يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هدى.

كان سالم فيه تشيع ظاهر ومع هذا فيبث هذا القول الحق وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل وكذلك ناقلها ابن فضيل شيعي ثقة فعثر الله شيعة زماننا ما أغرقهم في الجهل والكذب فينالون من الشيخين وزيري المصطفى صلى الله عليه وسلم ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التقية.

وروى إسحاق الأزرق عن بسام الصيرفي قال سألت أبا جعفر عن أبي بكر

ص: 236

وعمر فقال والله إني لأتولهما واستغفر لهما وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما.

وعن عبد الله بن محمد بن عقيل قال كنت أنا أبو جعفر نختلف إلى جابر نكتب عنه في ألواح وبلغنا أن أبا جعفر كان يصلي في اليوم والليلة مئة وخمسين ركعة.

وقد عده النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة واتفق الحفاظ على الاحتجاج بأبي جعفر.

قال القطيعي في فوائده حدثنا أبو مسلم الكجي حدثنا أبو عاصم عن جعفر بن محمد حدثني أبي قال قال عمر ما أدري ما أصنع بالمجوس فقام عبد الرحمن بن عوف فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"

(267)

. هذا مرسل.

قال الزبير بن بكار كان يقال لمحمد بن علي باقر العلم وأمه هي أم عبد الله بنت الحسن بن علي وفيه يقول القرظي:

يا باقر العلم لأهل التقى

وخير من لبى على الأجبل

وقال فيه مالك بن أعين:

إذا طلب الناس علم القرآ

ن كانت قريش عليه عيالا

وإن قيل ابن ابن بنت الرسو

ل نلت بذلك فرعاً طوالا

تحوم تهلل للمدلجين

جبال تورث علماً جبالا

ابن عقدة حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي نجيح حدثنا علي بن حسان القرشي عن عمه عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد قال قال أبي أجلسني جدي الحسين في حجرة وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام.

عن أبان بن تغلب عن محمد بن علي قال أتاني جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب فقال لي اكشف عن بطنك فكشفت فألصق بطنه ببطني ثم قال أمرني رسول الله أن أقرئك منه السلام.

(267)

ضعيف: لانقطاعه بين محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب، وبين عمر بن الخطاب بل هو معضل.

ص: 237

قال ابن عدي لا أعلم رواه عن أبان غير المفضل بن صالح أبي جميلة النخاس.

لوين حدثنا أبو يعقوب عبد الله بن يحيى قال رأيت على أبي جعفر إزاراً أصفر وكان يصلي كل يوم وليلة خمسين ركعة بالمكتوبة.

وعن سلمة بن كهيل في قوله: "لآيات للمتوسمين" الحجر 75، قال كان أبو جعفر منهم.

الزبير في النسب حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال حج الخليفة هشام فدخل الحرم متكئاً على يد سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين جالس فقال يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي فقال المفتون به أهل العراق قال نعم قال اذهب إليه فقل له يقول لك أمير المؤمنين ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة فقال له محمد يحشر الناس على مثل قرصة النقي فيها الأنهار مفجرة فرأى هشام أنه قد ظفر فقال الله أكبر اذهب إليه فقل له ما أشغلهم عن الأكل والشرب يومئذ ففعل فقال قل له هم في النار أشغل ولم يشغلوا أن قالوا: "أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله" الأعراف 49،.

قال المطلب بن زياد حدثنا ليث بن أبي سليم قال دخلت على أبي جعفر محمد بن علي وهو يذكر ذنوبه وما يقول الناس فيه فبكى.

وعن أبي جعفر قال من دخل قلبه ما في خالص دين الله شغله عما سواه ما الدنيا وما عسى أن تكون هل هو إلا مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها.

أبو نعيم حدثنا أبو جعفر الرازي عن المنهال بن عمرو عن محمد ابن علي قال اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكرون منه شيئاً إلا وهي أعظم منه واذكروا من النار ما شئتم ولا تذكروا منها شيئاً إلا وهي أشد منه واذكروا من الجنة ما شئتم ولا تذكروا منها شيئاً إلا وهي أفضل.

وعن جابر الجعفي عن محمد بن علي قال أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول.

قلت أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق هي صاحبة أبي جعفر الباقر وأم ولده جعفر الصادق.

محمد بن طلحة بن مصرف عن خلف بن حوشب عن سالم بن أبي حفصة وكان

ص: 238

يترفض قال دخلت على أبي جعفر وهو مريض فقال وأظن قال ذلك من أجلي اللهم إني أتولى وأحب أبا بكر وعمر اللهم إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد يوم القيامة صلى الله عليه وسلم.

عيسى بن يونس عن عبد الملك بن أبي سليمان قلت لمحمد بن علي: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" المائدة 58، قال هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قلت إنهم يقولون هو علي قال علي منهم.

شبابة أنبأنا بسام سمعت أبا جعفر يقول كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يتبادران الصف وكان الحسين يسب مروان وهو على المنبر حتى ينزل أفتقية هذه.

أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي جعفر محمد بن علي قال يزعمون أني المهدي وإني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون.

قال سفيان الثوري اشتكى بعض أولاد محمد بن علي فجزع عليه ثم أخبر بموته فسري عنه فقيل له في ذلك فقال ندعو الله فيما نحب فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما أحب.

قال ابن عيينة حدثنا جعفر بن محمد سمعت أبي يقول لعمته فاطمة بنت الحسين هذه توفي لي ثمانياً وخمسين سنة فمات فيها.

قال عفان حدثني معاوية بن عبد الكريم قال رأيت على أبي جعفر محمد بن علي جبة خز ومطرف خز.

وقال عبيد الله بن موسى حدثنا إسماعيل بن عبد الملك قال رأيت على أبي جعفر ثوباً معلماً فقلت له فقال لا بأس بالأصبعين من العلم بالإبريسم في الثوب.

وقال عمر بن موهب رأيت على أبي جعفر ملحفة حمراء. وروى إسرائيل عن عبد الأعلى أنه رأى محمد بن علي يرسل عمامته خلفه وسألته عن الوسمة فقال هو خضابنا أهل البيت.

أخبرنا إسحاق الصفار أنبأنا ابن خليل أنبأنا أبو المكارم التيمي أنبأنا أبو علي المقرئ حدثنا أبو نعيم الحافظ حدثنا علي بن أحمد المصيصي حدثنا أحمد بن خليد حدثنا أبو نعيم نبأنا بسام الصيرفي قال سألت أبا جعفر محمد بن علي عن القرآن فقال كلام الله غير مخلوق.

ص: 239

وبه حدثنا أبو نعيم حدثنا محمد بن علي بن حبيش حدثنا إبراهيم ابن شريك حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا يونس بن بكير عن أبي عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله قال سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف فقال لا بأس به قد حلى أبو بكر الصديق سيفه قلت وتقول الصديق فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال نعم الصديق نعم الصديق فمن لم يقل الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا والآخرة.

عن عمر مولى غفرة عن محمد بن علي قال ما دخلت قلب امرئ من الكبر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك. وعن أبي جعفر قال الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن ولا تصيب الذاكر. وعنه قال سلاح اللئام قبح الكلام.

مات أبو جعفر سنة أربع عشرة ومئة بالمدينة أرخه أبو نعيم وسعيد بن عفير ومصعب الزبيري وقيل توفي سنة سبع عشرة.

ومن عالي روايته أنبأنا علي بن أحمد وطائفة قالوا أنبأنا عمر بن محمد أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي أنبأنا أبو محمد بن هزارمرد أنبأنا ابن حبابة أنبأنا أبو القاسم البغوي حدثنا علي بن الجعد حدثنا القاسم ابن الفضل عن محمد بن علي قال كانت أم سلمة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج جهاد كل ضعيف"

(268)

.

(268)

حسن لغيره: أخرجه أحمد (6/ 294 و 303 و 314)، وابن ماجه (2902) والقضاعي (80) من طريق القاسم بن الفضل، عن أبي جعفر محمد بن على، عن أم سلمة، به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف لانقطاعه بل لإعضاله بين محمد بن على وأم سلمة فبينهما مفاوز تنقطع دونها أعناق المطى.

لكن للحديث شاهد عن على رضي الله عنه: أخرجه القضاعي (81) في "مسند الشهاب" من طريق موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عن على، به مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف، لضعف ابن لهيعة، فإنه سيئ الحفظ، لكن الحديث يرتقى بهذا الشاهد إلى درجة الحسن والله -تعالى- أعلى وأعلم.

ص: 240

‌527 - قرة بن شريك

(269)

القيسي القنسريني نائب ديار مصر للوليد ظالم جبار عات فاسق مات بمصر بعد أن وليها سبعة أعوام أنشأ جامع الفسطاط وكان إذا انصرف منه الصناع دخله ودعا بالخمور والمطربين ويقول لنا الليل ولهم النهار وكان جائراً عسوفاً همت الخوارج باغتياله فعلم وقتلهم.

وفيه يقول عمر بن عبد العزيز الوليد بالشام والحجاج بالعراق وعثمان المري بالحجاز وقرة بمصر امتلأت الدنيا والله جوراً. وقيل وصل نعي الحجاج وقرة في وقت على الوليد ولم يصح فإن قرة مات في أثناء سنة ست وتسعين.

‌528 - قتيبة بن مسلم

(270)

ابن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي الأمير أبو حفص أحد الأبطال والشجعان ومن ذوي الحزم والدهاء والرأي والغناء وهو الذي فتح خوارزم وبخارى وسمرقند وكانوا قد نقضوا وارتدوا ثم إنه افتتح فرغانة وبلاد الترك في سنة خمس وتسعين.

ولي خراسان عشر سنين وله رواية عن عمران بن حصين وأبي سعيد الخدري. ولما بلغه موت الوليد نزع الطاعة فاختلف عليه جيشه وقام عليه رئيس تميم وكيع بن حسان وألب عليه ثم شد عليه في عشرة من فرسان تميم فقتلوه في ذي الحجة سنة ست وتسعين وعاش ثمانياً وأربعين سنة. وقد قتل أبوه الأمير أبو صالح مع مصعب.

وباهلة قبيلة منحطة بين العرب قال الشاعر:

ولو قيل للكلب يا باهلي

عوى الكلب من لؤم هذا النسب

(269)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 46)، العبر (1/ 113)، النجوم الزاهرة (1/ 217)، شذرات الذهب (1/ 111).

(270)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان (4/ ترجمة 542)، والعبر (1/ 114)، وتاريخ الإسلام (4/ 45) النجوم الزاهرة (1/ 233)، شذرات الذهب (1/ 112).

ص: 241

وقال آخر:

وما ينفع الأصل من هاشم

إذا كانت النفس من باهله

قيل إن قتيبة قال لهبيرة أي رجل أنت لولا أن أخوالك من سلول فلو بادلت بهم قال أيها الأمير بادل بهم من شئت وجنبني باهلة.

وقيل لأعرابي أيسرك أنك باهلي وتدخل الجنة قال أي والله بشرط أن لا يعلم أهل الجنة أني باهلي. ولقي أعرابي آخر فقال ممن أنت قال من باهلة فرثى له فقال أريدك إني لست من أنفسهم بل من مواليهم فأخذ الأعرابي يقبل يديه ويقول ما ابتلاك الله بهذه الرزية إلا وأنت من أهل الجنة.

قلت لم ينل قتيبة أعلى الرتب بالنسب بل بالكمال الحزم والعزم والإقدام والسعد وكثرة الفتوحات ووفور الهيبة ومن أحفاده الأمير سعيد ابن مسلم بن قتيبة الذي ولي إرمينية والموصل والسند وسجستان وكان فارساً جواداً له أخبار ومناقب مات زمن المأمون سنة سبع عشرة ومئتين.

‌529 - عبد الرحمن بن أبي بكرة

(271)

نفيع بن الحارث ويقال اسم أبيه مسروح الثقفي أبو بحر وقيل أبو حاتم ولد في خلافة عمر فكان أول من ولد بالبصرة.

سمع علي بن أبي طالب وأباه وعبد الله بن عمرو روى عنه محمد بن سيرين وعبد الملك بن عمير وأبو بشر وعلي ابن زيد بن جدعان وخالد الحذاء وقتادة وابن عون وآخرون وله وفادة على معاوية مع أبيه ثم قدم نوبة أخرى قال خليفة وغيره مولده سنة أربع عشرة قلت وكانت البصرة حينئذ صغيرة جداً لم يكمل بناؤها قال ابن سعد نحروا له جزوراً وهم بالخريبة وأطعم أهل البصرة وكفتهم وكانوا ثلاث مئة قال وكان ثقة له أحاديث.

(271)

تقدمت ترجمتنا له بتعليقنا رقم (208) في هذا الجزء.

ص: 242

قال عبد الواحد بن صفوان سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي يقول أنا أنعم الناس أنا أبو أربعين وعم أربعين وخال أربعين أبي أبو بكرة وعمي زياد وأنا أول مولود ولد بالبصرة فنحرت علي جزور. رواه هدبة بن خالد عنه.

روى هشام عن ابن سيرين قال اشتكى رجل فوصف له لبن الجواميس فبعث إلى عبد الرحمن بن أبي بكرة أن ابعث إلينا بجاموسة فبعث إليه بتسع مئة جاموسة فقال إنما أردت واحدة فبعث إليه أن أقبضها كلها ورويت هذه الحكاية لأخيه الأمير عبيد الله وذلك أشبه.

قال أحمد العجلي عبد الرحمن ثقة وقال المدائني ويحيى بن معين توفي سنة ست وتسعين وقيل غير ذلك.

‌530 - تبيع بن عامر

(272)

الحميري الحبر ابن امرأة كعب الأحبار قرأ الكتب وأسلم في أيام أبي بكر أو عمر وروى عن كعب فأكثر وعن أبي الدرداء وعرض القرآن على مجاهد وكان رفيقه في الغزو.

روى عنه مجاهد وأبو قبيل المعافري وعطاء بن أبي رباح وحكيم ابن عمير وحيان أبو النضر وآخرون وله سبع كنى ذكرها الحافظ ابن عساكر وهي أبو عبيدة وأبو عبيد وأبو عتبة وأبو أيمن وأبو حمير وأبو غطيف وأبو عامر والأولى أشهرها وقال قرأ القرآن بأرواد جزيرة قريبة من قسطنطينية ونهى عمراً الأشدق عن خروجه على عبد الملك.

وقال عبد الغني المصري هو تبيع صاحب الملاحم. وعن حسين بن شفي قال كنا عند عبد الله بن عمرو فأقبل تبيع فقال أتاكم أعرف

(272)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 452)، التاريخ الكبير (1/ق 2/ 159)، الجرح والتعديل (1/ق 1/ 447) تاريخ الإسلام (4/ 95)، الإصابة (1/ ترجمة 860)، تهذيب التهذيب (1/ 508).

ص: 243

من عليها ثم قال له يا تبيع أخبرنا عن الخيرات الثلاث قال اللسان الصدوق وقلب تقي وامرأة صالحة.

الليث عن رشيد بن كيسان قال كنا برودس وأميرنا جنادة بن أبي أمية فكتب إلينا معاوية إنه الشتاء فتأهبوا فقال تبيع بن امرأة كعب تقفلون إلى كذا وكذا فأنكروا حتى قال له صاحبه ما يسمونك إلا الكذاب قال فإنه يأتيهم الإذن يوم كذا ويأتي ريح يومئذ تقلع هذه البنية فانتشر قوله وأصبحوا ينتظرون ذلك فأقبلت ريح أحاطت بالبنية فقلعتها وتصايح الناس فإذا قارب في البحر فيه الخبر بموت معاوية وبيعة يزيد وأذن لهم في القفول فأثنوا على تبيع. توفي تبيع عن عمر طويل سنة إحدى ومئة بالإسكندرية.

خرج له النسائي وما علمت به بأساً وحديثه عزيز.

‌531 - أبو رافع

(273)

الصائغ المدني ثم البصري من أئمة التابعين وهو مولى آل عمر اسمه نفيع ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. حدث عن عمر وأبي بن كعب وأبي موسى وأبي هريرة وكعب الأحبار وجماعة سواهم.

روى عنه الحسن البصري وبكر بن عبد الله المزني وثابت وقتادة وعلي بن زيد بن جدعان وعطاء بن أبي ميمونة وخلق سواهم.

وثقه أحمد العجلي وغيره وقال أبو حاتم ليس به بأس.

وقال ثابت البناني لما أعتق أبو رافع بكى وقال كان لي أجران فذهب أحدهما.

قلت كان من أئمة التابعين الأولين ومن نظراء أبي العالية وبابته توفي سنة نيف وتسعين.

(273)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 122)، الجرح والتعديل (4/ق 2/ 371)، أسد الغابة (5/ 191)، تاريخ الإسلام (4/ 74)، الإصابة (4/ترجمة 432).

ص: 244

‌532 - خالد بن مهاجر

(274)

ابن سيف الله خالد بن الوليد المخزومي حدث عن ابن عباس وابن عمر وعبد الرحمن بن أبي عمرة روى عنه الزهري ومحمد بن أبي يحيى الأسلمي وإسماعيل بن رافع وثور بن يزيد وكان فاضلاً شاعراً وافر الحرمة.

قال الزبير بن بكار اتهمه معاوية أنه دس على عمه عبد الرحمن بن خالد طبيباً سمه فقتل معاوية الطبيب وقيل بل قتل الطبيب واسمه ابن أثال خالد ولد المسموم فنابذ خالد بن مهاجر بني أمية وانضم إلى ابن الزبير خرج له مسلم.

‌533 - أبو بكر بن عبد الرحمن

(275)

ابن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم الإمام أحد الفقهاء السبعة بالمدينة النبوية أبو عبد الرحمن والصحيح أن اسمه كنيته وهو من سادة بني مخزوم وهو والد عبد الله وسلمة وعبد الملك وعمر وأخو عبد الله وعبد الملك وعكرمة ومحمد ومغيرة ويحيى وعائشة وأم الحارث وكان ضريراً.

حدث عن أبيه وعمار بن ياسر وأبي مسعود الأنصاري وعائشة وأم سلمة وأبي هريرة ونوفل بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الرحمن بن مطيع وأبي رافع النبوي وأسماء بنت عميس وطائفة.

وعنه ابناه عبد الله وعبد الملك ومجاهد وعمر بن عبد العزيز والشعبي وعراك بن مالك وعمر بن دينار والزهري وعبد ربه بن سعيد وعكرمة بن خالد وسمي مولاه وإبراهيم بن مهاجر وعبد الله بن كعب الحميري وعبد الواحد بن أيمن وابن أخته القاسم بن محمد بن عبد الرحمن وخلق كثير.

(274)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ترجمة 579)، الكنى للدولابي (2/ 134)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 1585)، الأغانى لأبي الفرج (16/ 194)، تاريخ الإسلام (3/ 362)، تهذيب التهذب (3/ 120)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1803)، خزانة الأدب للبغدادي (2/ 234).

(275)

طبقات ابن سعد (5/ 207)، التاريخ الكبير (9/ترجمة 51)، حلية الأولياء (2/ 187) تاريخ الإسلام (4/ 72)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 53)؛ العبر (1/ 111)، تهذيب التهذيب (12/ 30) شذرات الذهب (1/ 104).

ص: 245

قال الواقدي اسمه كنيته وقد أضر وقد استصغر يوم الجمل فرد هو وعروة وكان ثقة فقيهاً عالماً سخياً كثير الحديث.

قال ابن سعد ولد في خلافة عمر وكان يقال له راهب قريش لكثرة صلاته وكان مكفوفاً.

وقال العجلي وغيره تابعي ثقة.

وقال ابن خراش هو أحد أئمة المسلمين هو وإخوته يضرب بهم المثل.

قال أبو داود كان إذا سجد يضع يده في طشت ماء من علة كان يجدها.

وقال الزبير بن بكار هو أحد فقهاء المدينة السبعة وكان يسمى الراهب وكان من سادات قريش.

قال إبراهيم بن المنذر حدثنا معن عن ابن أبي الزناد أن الفقهاء السبعة الذين كان أبو الزناد يذكرهم سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وخارجة بن زيد بن ثابت وسليمان بن يسار.

وروى الشعبي عن عمر بن عبد الرحمن أن أخاه أبا بكر كان يصوم ولا يفطر .. في حديث ذكره. قلت كان أبو بكر بن عبد الرحمن ممن جمع العلم والعمل والشرف وكان ممن خلف أباه في الجلالة.

قال الهيثم بن عدي وعلي بن عبد الله التميمي وابن نمير وابن معين وأبو عمر الضرير والفلاس وأبو عبيد مات سنة أربع وتسعين.

وروى الواقدي عن عبد الله بن جعفر المخرمي قال صلى أبو بكر ابن عبد الرحمن العصر فدخل مغتسله فسقط فجعل يقول والله ما أحدثت في صدر نهاري هذا شيئاً فما علمت أن الشمس غربت حتى مات وذلك في سنة أربع وتسعين بالمدينة.

قال الواقدي يقال لها سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم وقيل مات سنة خمس وتسعين. أخبرنا محمد بن الحسين القرشي أنبأنا محمد بن عماد أنبأنا عبد الله ابن رفاعة أنبأنا أبو الحسن الخلعي أنبأنا أبو محمد بن النحاس أنبأنا أبو الطاهر المديني حدثنا يونس بن عبد

ص: 246

الأعلى حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن".

وبه إلى يونس حدثنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي بكر أن أبا مسعود عقبة بن عمرو حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث هن سحت ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن".

وأخرجه أصحاب الأمهات الستة من حديث ابن عيينة ومالك والليث عن الزهري.

وكان والده عبد الرحمن بن الحارث من كبار التابعين وأشراف قومه يوصف بالعقل والفضل ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وما علمت له صحبة له رواية في صحيح البخاري.

‌534 - وأخوه عكرمة

(276)

ابن عبد الرحمن ثقة جليل القدر سمع أباه وأم سلمة وعبد الله بن عمرو وعنه ابناه عبد الله ومحمد ويحيى بن محمد بن صيفي وابن شهاب الزهري وثقه ابن سعد قيل توفي سنة ثلاث ومئة رحمة الله.

(275 م) صحيح على شرطهما: أخرجه مالك (2/ 656) وأحمد (4/ 118 - 119 و 120)، وابن أبي شيبة (6/ 243)، والشافعي (2/ 139)، والبخاري (2237) و (2282) و (5346) و (5761)، ومسلم (1567)، وأبو داود (3481)، والترمذي (1133) و (1276) و (2071)، والنسائي (7/ 309)، وابن ماجه (2159)، والدارمي (2/ 255)، وابن الجارود (581)، والطحاوي (4/ 51 و 52)، والطبراني (17/ 726 و 727 و 728 و 729 و 730 و 731 و 732) والبيهقي (6/ 5 - 6)، والبغوي (2037) من طرق عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي مسعود الأنصاري، به.

(276)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 209)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 225)، المعرفة والتاريخ (1/ 372)، الجرح والتعديل (7/ترجمة 37)، الكاشف (2/ترجمة 3922)، تاريخ الإسلام (4/ 156)، تهذيب التهذيب (7/ 260)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4926).

ص: 247

‌535 - فأما جده الحارث بن هشام

(277)

أخو أبي جهل فأسلم يوم الفتح وحسن إسلامه وكان خيراً شريفاً كبير القدر وهو الذي أجارته أم هانئ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وقد أجرنا من أجرت"

(278)

.

له رواية في سنن ابن ماجه أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مئة من الإبل. استشهد بالشام وتزوج عمر بعده بامرأته فاطمة وقال ابن سعد تزوج عمر بابنته أم حكيم مات في طاعون عمواس

(279)

سنة ثماني عشرة.

ابن مبارك أنبأنا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال خرج الحارث بن هشام فجزع أهل مكة وخرجوا يشيعونه فوقف ووقفوا حوله يبكون فقال والله ما خرجت رغبة بنفسي عنكم ولا اختيار بلد على بلدكم ولكن هذا الأمر كان فخرجت فيه رجال من قريش ما كانوا من ذوي أسنانها ولا في بيوتها وأصبحنا والله لو أن جبال مكة ذهباً فأنفقناها في سبيل الله ما أدركنا يوماً من أيامهم فنلتمس أن نشاركهم في الآخرة فاتقى الله امرؤ.

فتوجه غازياً إلى الشام واتبعه ثقله فأصيب شهيداً رضي الله عنه.

(277)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 444) و (7/ 404)، التاريخ الكبير (2/ ترجمة 2385)، الجرح والتعديل (3/ترجمة 429)، الاستيعاب (1/ 301)، أسد الغابة (1/ 420)، تاريخ الإسلام (2/ 86)، العبر (1/ 22)، تهذيب التهذيب (2/ 161)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1169) شذرات الذهب (1/ 30).

(278)

صحيح: أخرجه مالك (1/ 152)، ومن طريقه أخرجه أحمد (6/ 343 و 423 و 425) والبخاري (357) و (3171) و (6158)، ومسلم في صلاة المسافرين (1/ 498)(336)(82)، والدارمي (1/ 339)، والطبراني (24/ 1017) عن أبي النضر، عن أبي مُرَّة مولى أم هانئ بنت أبي طالب عن أم هانئ بنت أبي طالب، به.

(279)

عمْوَاس: كورة من فلسطين، بالقرب من بيت المقدس، وقيل: هى ضيعة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس، وفيها كان ابتداء الطاعون في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم فشا في أرض الشام، فمات فيه خلق كثير من الصحابة وغيرهم، وقيل: مات فيه خمسة وعشرون ألفًا من المسلمين. كما قال ياقوت في "معجم البلدان".

ص: 248

‌536 - عروة

(280)

ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الإمام عالم المدينة أبو عبد الله القرشي الأسدي المدني الفقيه أحد الفقهاء السبعة.

حدث عن أبيه بشيء يسير لصغره وعن أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق وعن خالته أم المؤمنين عائشة ولازمها وتفقه بها وعن سعيد بن زيد وعلي بن أبي طالب وسهل بن أبي حثمة وسفيان بن عبد الله الثقفي وجابر والحسن والحسين ومحمد بن مسلمة وأبي حميد وأبي هريرة وابن عباس وزيد بن ثابت وأبي أيوب الأنصاري والمغيرة بن شعبة وأسامة بن زيد ومعاوية وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو وأم هانئ بنت أبي طالب وقيس بن سعد بن عبادة وحكيم بن حزام وابن عمر وخلق سواهم.

وعنه بنوه يحيى وعثمان وهشام ومحمد وسليمان بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن وابن شهاب وصفوان بن سليم وبكر بن سوادة ويزيد بن أبي حبيب وأبو الزناد ومحمد بن المنكدر وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن وهو يتيم عروة وصالح بن كيسان وحفيده عمر بن عبد الله بن عروة وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير وخلق سواهم.

قال خليفة ولد عروة سنة ثلاث وعشرين فهذا قول قوي وقيل مولده بعد ذلك. قال مصعب بن عبد الله ولد لست سنين خلت من خلافة عثمان.

وقال مرة ولد سنة تسع وعشرين ويشهد لهذا ما رواه هشام بن عروة عن أبيه قال أذكر أن أبي الزبير كان ينقزني ويقول:

مبارك من ولد الصديق

أبيض من آل أبي عتيق

ألذه كما ألذ ريقي

(280)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 178)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 138)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 2207)، وفيات الأعيان (3/ترجمة 416)، تاريخ الإسلام (4/ 31)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 51)، العبر (1/ 110)، الكاشف (2/ترجمة 3830)، تهذيب التهذيب (7/ 180) خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4826)، شذرات الذهب (1/ 62)، النجوم الزاهرة (1/ 228).

ص: 249

قال الزبير بن بكار حدثنا محمد بن الضحاك قال قال عروة وقفت وأنا غلام أنظر إلى الذين قد حصروا عثمان رضي الله عنه وقد مشى أحدهم على الخشبة ليدخل إلى عثمان فلقيه عليها أخي عبد الله بن الزبير فضربه ضربة طاح قتيلاً على البلاط فقلت لصبيان معي قتله أخي فوثب علي الذين حصروا عثمان فكشفوني فوجدوني لم أنبت فخلوني.

هذه حكاية منقطعة. أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال رددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن يوم الجمل استصغرنا. قال يحيى بن معين كان عمره يومئذ ثلاث عشرة سنة فكل هذا مطابق لأنه ولد في سنة ثلاث وعشرين.

وقال الزبير حدثني علي بن صالح حدثني عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قدم البصرة على ابن عباس وهو عامل عليها فيقال أنشده:

أمت بأرحام إليك قريبة

ولا قرب بالأرحام ما لم تقرب

فقال لعروة من قال هذا قال أبو أحمد بن جحش قال ابن عباس فهل تدري ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قال قال له صدقت ثم قال لي ما أقدمك البصرة قلت اشتدت الحال وأبى عبد الله أن يقسم سبع حجج وتألى حتى يقضي دين الزبير قال فأجازني وأعطاني ثم لحق عروة بمصر فأقام بها بعد.

ابن أبي الزناد عن هشام عن أبيه قال كنت أتعلق بشعر في ظهر أبي. ويروى عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال كنا في خلافة معاوية وإلى آخرها نجتمع في حلقة بالمسجد بالليل أنا ومصعب وعروة ابنا الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبد الملك بن مروان وعبد الرحمن المسور وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وكنا نتفرق بالنهار فكنت أنا أجالس زيد بن ثابت وهو مترئس بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض في عهد عمر وعثمان وعلي ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن نجالس أبا هريرة وكان عروة يغلبنا بدخوله على عائشة.

قال هشام عن أبيه ما ماتت عائشة حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين.

ص: 250

مبارك بن فضالة عن هشام عن أبيه أنه كان يقول لنا ونحن شباب مالكم لا تعلمون إن تكونوا صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار قوم وما خير الشيخ أن يكون شيخاً وهو جاهل لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج وأنا أقول لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته ولقد كان يبلغني عن الصحابي الحديث فآتيه فأجده قد قال فأجلس على بابه ثم أسأله عنه.

عثمان بن عبد الحميد اللاحقي حدثنا أبي قال قال عمر بن عبد العزيز ما أجد أعلم من عروة بن الزبير وما أعلمه يعلم شيئاً أجهله.

قال أبو الزناد فقهاء المدينة أربعة سعيد وعروة وقبيصة وعبد الملك بن مروان.

ابن المديني عن سفيان عن الزهري قال رأيت عروة بحراً لا تكدره الدلاء.

يحيى بن أيوب عن هشام قال والله ما تعلمنا جزءاً من ألفي جزء أو ألف جزء من حديث أبي.

الأصمعي عن مالك عن الزهري قال سألت ابن صعير عن شيء من الفقه فقال عليك بهذا وأشار إلى ابن المسيب فجالسته سبع سنين لا أرى أن عالماً غيره ثم تحولت إلى عروة ففجرت به ثبج بحر.

ابن أبي الزناد حدثني عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن قال دخلت مع أبي المسجد فرأيت الناس قد اجتمعوا على رجل فقال أبي انظر من هذا فنظرت فإذا هو عروة فأخبرته وتعجبت فقال يا بني لا تعجب لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه.

ابن عيينة عن الزهري قال كان عروة يتألف الناس على حديثه.

وقال ابن نمير عن هشام عن أبيه قال كان يقال أزهد الناس في عالم أهله. معمر عن هشام عن أبيه أنه أحرق كتباً له فيها فقه ثم قال لوددت أني كنت فديتها بأهلي ومالي.

ابن أبي الزناد عن أبيه قال ما رأيت أحداً أروى للشعر من عروة فقيل له ما أرواك للشعر فقال ما روايتي ما في رواية عائشة ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت في شعراً.

ضمرة عن ابن شذوب قال كان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظراً

ص: 251

ويقوم به الليل فما تركه إلا ليلة قطعت رجله وكان وقع فيها الآكلة فنشرت وكان إذا كان أيام الرطب يثلم حائط ثم يأذن للناس فيه فيدخلون يأكلون ويحملون.

الزبير في النسب حدثنا يحيى بن عبد الملك الهديري عن المغيرة ابن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله المخزومي عن أبيه عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال العلم لواحد من ثلاثة لذي حسب يزينه به أو ذي دين يسوس به دينه أو مختبط سلطاناً يتحفه بعلمه ولا أعلم أحداً أشرط لهذه الخلال من عروة وعمر بن عبد العزيز.

أنس بن عياض عن هشام بن عروة قال لما اتخذ عروة قصره بالعقيق

(281)

قال له الناس جفوت مسجد رسول الله قال رأيت مساجدهم لاهية وأسواقهم لاغية والفاحشة في فجاجهم عالية فكان فيما هنالك عما هم فيه عافية.

مصعب الزبيري عن جده عن هشام بن عروة عن أبيه قال بعث إلي معاوية مقدمة المدينة فكشفني وسألني واستنشدني ثم قال لي أتروي قول جدتك صفية بنت عبد المطلب:

خالجت آباد الدهور عليهم

وأسماء لم تشعر بذلك أيم

فلو كان زبر مشركاً لعذرته

ولكنه قد يزعم الناس مسلم

قلت نعم وأروي قولها:

ألا أبلغ بني عمي رسولاً

ففيم الكيد فينا والإمار

وسائل في جموع بني علي

إذا كثر التناشد والفخار

بأنا لا نقر الضيم فينا

ونحن لمن توسمنا نضار

متى نقرع بمروتكم نسؤكم

وتظعن من أمثالكم ديار

ويظعن أهل مكة وهي سكن

هم الأخيار إن ذكر الخيار

مجازيل العطاء إذا وهبنا

وأيسار إذا حب القتار

ونحن الغافرون إذا قدرنا

وفينا عند عدوتنا انتصار

وأنا والسوابح يوم جمع

بأيديها وقد سطع الغبار

(281)

العقيق: موضع بناحية المدينة.

ص: 252

قال وإنما قال ذلك في قتل أبي أزيهر تعير به أبا سفيان بن حرب وكان صهره قتله هشام بن الوليد وذكر القصة فقال معاوية حسبك يا ابن أخي هذه بتلك ولعروة في قصره بالعقيق:

بنيناه فأحسنا بناه

بحمد الله في خير العقيق

تراهم ينظرون إليه شزراً

يلوح لهم على وضح الطريق

فساء الكاشحين وكان غيظاً

لأعدائي وسر به صديقي

يراه كل مختلف وسار

ومعتمد إلى بيت العتيق

وقيل لما فرغ من بنائه وبئاره ودعا جماعة فطعم الناس وجعلوا يبركون وينصرفون. الزبير حدثني محمد بن حسن عن محمد بن يعقوب بن عتبة عن عبد الله بن عكرمة عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يكون في آخر أمتي مسخ وخسف وقذف وذلك عند ظهور شيء من عمل قوم لوط" قال عروة فبلغني أنه قد ظهر شيء منه فتنحيت عنها وخشيت أن يقع وأنا بها وبلغني أنه لا يصيب إلا أهل القصبة

(282)

.

قال الزبير وأخبرني إبراهيم بن حمزة مثله بمثل إسناده. وبئر عروة مشهور بالعقيق طيب الماء وفيه يقول الشاعر:

لو يعلم الشيخ غدوي بالسحر

قصداً إلى البئر التي كان حفر

في فتية الدنانير غرر

وقاهم الله النفاق والضجر

بين أبي بكر وزيد وعمر

ثم الحواري لهم جد أغر

قد شمخ المجد هناك وازمخر

فهم عليها بالعشي والبكر

يسقون من جاء ولا يؤذى بشر

لزاد في الشكر وإن كان شكر

قال الزبير حدثنا عمي مصعب بن عبد الله قال كان عبد الله بن الزبير قد باع ماله بالغابة الذي يعرف بالسقاية من معاوية بمئة ألف دينار ثم قسمها في بني أسد وتيم فاشترى مجاح لعروة من ذلك بألوف دنانير.

الزبير حدثنا مصعب بن عثمان عن عامر بن صالح عن هشام بن عروة قال قدم عروة على عبد الملك بن مروان فأجلسه معه على السرير فجاء قوم فوقعوا في عبد الله بن

(282)

ضعيف: لإرساله، وفيه محمد بن يعقوب بن عتبة، مجهول.

ص: 253

الزبير فخرج عروة وقال للآذان إن عبد الله أخي فإذا أردتم أن تفعلوا فيه فلا تأذنوا لي عليكم فذكروا ذلك لعبد الملك فقال له عبد الملك حدثوني بما قلت وإن أخاك لم نقتله لعداوة ولكنه طلب أمراً وطلبناه فقتلناه وإن أهل الشام من أخلاقهم أن لا يقتلوا رجلاً إلا شتموه فإذا أذنا لأحد قبلك فقد جاء من يشتمه فانصرف ثم إن عروة قدم على الوليد حين شئفت

(283)

رجله فقيل اقطعها قال أكره أن أقطع مني طائفاً فارتفعت إلى الركبة فقيل له إنها إن وقعت في ركبتك قتلتك فقطعها فلم يقبض وجهه وقيل له قبل أن يقطعها نسقيك دواء لا تجد لها ألماً فقال ما يسرني أن هذا الحائط وقاني أذاها.

معمر عن الزهري قال وقعت الآكلة في رجل عروة فصعدت في ساقه فبعث إليه الوليد فحمل إليه ودعا الأطباء فقالوا ليس له دواء إلا القطع فقطعت فما تضور وجهه.

عمر بن عبد الغفار حدثنا هشام أن أباه وقعت في رجله الآكلة فقيل ألا ندعو لك طبيبا قال إن شئتم فقالوا نسقيك شراباً يزول فيه عقلك فقال امض لشأنك ما كنت أظن أن خلقاً يشرب ما يزيل عقله حتى لا يعرف به فوضع المنشار على ركبته اليسرى فما سمعنا له حساً فلما قطعها جعل يقول لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لقد عافيت وما ترك جزءه بالقرآن تلك الليلة.

يعقوب الدورقي حدثنا عامر بن صالح عن هشام بن عروة أن أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك حتى إذا كان بوادي القرى وجد في رجله شيئاً فظهرت به قرحة ثم ترقى به الوجع وقدم على الوليد وهو في محمل فقال يا أبا عبد الله اقطعها قال دونك فدعا له الطبيب وقال اشرب المرقد

(284)

فلم يفعل فقطعها من نصف الساق فما زاد أن يقول حس حس

(285)

فقال الوليد ما رأيت شيخاً قط أصبر من هذا وأصيب عروة بابنه محمد في ذلك السفر ركضته بغلة في إصطبل فلم يسمع منه في ذلك كلمة فلما كان بوادي القرى قال: "لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا" الكهف 63، اللهم كان لي بنون سبعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ستة وكان لي أطراف أربعة فأخذت طرفاً وأبقيت ثلاثة ولئن ابتليت لقد عافيت ولئن أخذت لقد أبقيت.

(283)

شئفت رجله: إذا خرجت بها الشأفة، وهي قرحة تخرج في القدم.

(284)

المُرْقد: شئ يُشرب ليُنوِّم من يشربه فيرقد.

(285)

حسِّ: كلمة تقال عند الألم.

ص: 254

وعن عبد الله بن عروة قال نظر أبي إلى رجله في الطست فقال إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم. حماد بن زيد عن هشام بن عروة أن أباه كان يسرد الصوم وأنه قال يا بني سلوني فلقد تركت حتى كدت أنسى وإني لأسأل عن الحديث فيفتح لي حديث يومين. قال الزهري كان عروة يتألف الناس على حديثه.

أبو أسامة عن هشام أن أباه مات وهو صائم وجعلوا يقولون له أفطر فلم يفطر. سليمان بن معبد حدثنا الأصمعي عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال اجتمع في الحجر مصعب وعبد الله وعروة بنو الزبير وابن عمر فقالوا تمنوا فقال عبد الله أما أنا فأتمنى الخلافة وقال عروة أتمنى أن يؤخذ عني العلم وقال مصعب أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين وأما ابن عمر فقال أتمنى المغفرة فنالوا ما تمنوا ولعل ابن عمر قد غفر له.

معمر عن الزهري قال كنت آتي عروة فأجلس ببابه ملياً ولو شئت أن أدخل دخلت فأرجع وما أدخل إعظاماً له.

وعن أبي الأسود عن عروة قال خطبت إلى ابن عمر بنته سودة ونحن في الطواف فلم يجبني بشيء فلما دخلت المدينة بعده مضيت إليه فقال أكنت ذكرت سودة قلت نعم قال إنك ذكرتها ونحن في الطواف يتخايل الله بين أعيننا أفلك فيها حاجة قلت أحرص ما كنت قال يا غلام ادع عبد الله بن عبد الله ونافعاً مولى عبد الله قال قلت له وبعض آل الزبير قال لا قلت فمولى خبيب قال ذاك أبعد ثم قال لهما هذا عروة بن أبي عبد الله وقد علمتما حاله وقد خطب إلي سودة وقد زوجته إياها بما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وعلى أن يستحلها بما يستحل به مثلها أقبلت يا عروة قلت نعم قال بارك الله لك. قال هشام بن عروة أقام ابن الزبير بمكة تسع سنين وعروة معه.

وقال ابن عيينة لما قتل ابن الزبير خرج عروة إلى المدينة بالأموال فاستودعها وسار إلى عبد الملك فقدم عليه قبل البريد بالخبر فلما انتهى إلى الباب قال للبواب قل لأمير المؤمنين أبو عبد الله بالباب فقال من أبو عبد الله قال قل له كذا فدخل فقال ها هنا رجل عليه أثر السفر قال كيت وكيت فقال ذاك عروة فائذن له فلما رآه زال له عن موضعه وجعل يسأله كيف أبو بكر يعني عبد الله بن الزبير فقال قتل رحمه الله

ص: 255

فنزل عبد الملك عن السرير فسجد فكتب إليه الحجاج إن عروة قد خرج والأموال عنده قال فقال عبد الملك في ذلك فقال ما تدعون الرجل حتى يأخذ سيفه فيموت كريماً فلما رأى ذلك كتب إلى الحجاج أن أعرض عن ذلك.

قال ابن خلكان هو الذي حفر بئر عروة بالمدينة وما بالمدينة أعذب من مائها. جرير عن هشام بن عروة قال ما سمعت أحداً من أهل الأهواء يذكر أبي بسوء.

قال أحمد بن عبد الله العجلي عروة بن الزبير تابعي ثقة رجل صالح لم يدخل في شيء من الفتن. وقال ابن خراش ثقة. قال معاوية بن إسحاق عن عروة قال ما بر والده من شد الطرف إليه.

عامر بن صالح عن هشام بن عروة قال سقط أخي محمد وأمه بنت الحكم بن أبي العاص من أعلى سطح في إصطبل الوليد فضربته الدواب بقوائمها فقتلته فأتى عروة رجل يعزيه فقال إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها قال بل أعزيك بمحمد ابنك قال وما له فأخبره فقال اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء وأخذت ابنا وتركت أبناء فلما قدم المدينة أتاه ابن المنكدر فقال كيف كنت قال: "لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا" الكهف 63،.

قال الزبير بن بكار حدثني غير واحد أن عيسى بن طلحة جاء إلى عروة حين قدم فقال عروة لبعض بنيه اكشف لعمك رجلي ففعل فقال عيسى إنا والله يا أبا عبد الله ما أعددناك للصراع ولا للسباق ولقد أبقى الله منك لنا ما كنا نحتاج إليه رأيك وعلمك فقال ما عزاني أحد مثلك.

قال ابن خلكان كان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة فقال والله ما بك حاجة إلى المشي ولا أرب في السعي وقد تقدمك عضو من أعضاءك وابن من أبنائك إلى الجنة والكل تبع للبعض إن شاء الله وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء من علمك ورأيك والله ولي ثوابك والضمين بحسابك.

قال الزبير توفي عروة وهو ابن سبع وستين سنة. قال ابن المديني وأبو نعيم وشباب مات عروة سنة ثلاث وتسعين.

وقال الهيثم والواقدي وأبو عبيد ويحيى بن معين والفلاس سنة أربع وتسعين.

ص: 256

وقال يحيى بن بكير سنة خمس وقيل غير ذلك ويقال سنة إحدى ومئة وليس هذا بشيء.

ذكر شيخنا أبو الحجاج في تهذيبه من شيوخ عروة أمه أسماء وخالته أسماء بنت عميس وأم حبيبة وأم سلمة وأم هانئ وأم شريك فاطمة بنت قيس وضباعة بنت الزبير وبسرة بنت صفوان وزينب بنت أبي سليمة وعمرة الأنصارية.

ومن الرواة عنه بكر بن سوادة وتميم بن سلمة وجعفر الصادق وجعفر بن مصعب وحبيب بن أبي ثابت وحبيب مولى عروة وخالد ابن أبي عمران قاضي إفريقية وداود بن مدرك والزبرقان بن عمرو بن أمية وزميل مولى عروة وسعد بن إبراهيم وسعيد بن خالد الأموي وسليمان بن عبد الله بن عويمر وسليمان بن يسار وشيبة الخضري وصالح بن حسان وصالح بن كسيان وصفوان بن سليم وعاصم بن عمر وعبد الله بن إنسان الطائفي وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وأبو الزناد وعبد الله بن الماجشون وابن أبي ملكية وابنه عبد الله بن عروة وعبد الله بن نيار وعبد الله البهي وعبد الرحمن بن حميد الزهري وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وابنه عثمان وعثمان بن الوليد وعراك بن مالك وعطاء بن أبي رباح وعلي بن جدعان وحفيده عمر بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار وعمران ابن أبي أنس ومجاهد بن وردان ومحمد بن إبراهيم التيمي وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير وأبو الأسود يتيم عروة وابنه محمد ابن عروة والزهري وابن المنكدر ومخلد بن خفاف ومسافع بن شيبة ومسلم بن قرط ومعاوية بن إسحاق ومنذر بن المغيرة وموسى بن عتبة وهشام ابنه وهلال الوزان والوليد بن أبي الوليد ووهب بن كيسان ويحيى بن أبي كثير وقيل لم يسمع منه ويزيد بن رومان ويزيد بن خصيفة ويزيد بن عبد الله بن قسيط ويزيد بن أبي يزيد وأبو بردة بن أبي موسى وأبو سلمة بن عبد الرحمن وهما من أقرانه وأبو بكر بن حفص الزهري وقد روى رفيقه أبو سلمة أيضاً عن عمر بن عبد العزيز عن عروة.

قال ابن سعد كان عروة ثقة ثبتاً مأموناً كثير الحديث فقيهاً عالماً. وقال أحمد العجلي مدني ثقة رجل صالح لم يدخل في شيء من الفتن. وروى يوسف بن الماجشون عن ابن شهاب قال كان إذا حدثني عروة ثم حدثتني عمرة صدق عندي حديث عمرة حديث عروة فلما تبحرتهما إذا عروة بحر لا ينزف.

ص: 257

الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال قال عروة كنا نقول لا نتخذ كتاباً مع كتاب الله فمحوت كتبي فوالله لوددت أن كتبي عندي إن كتاب الله قد استمرت مريرته.

علي بن المبارك الهنائي عن هشام بن عروة أن أباه كان يصوم الدهر إلا يوم الفطر ويوم النحر ومات وهو صائم.

وقال هشام قال أبي رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزاً طويلاً. وقال ما حدثت أحداً بشيء من العلم قط لا يبلغه عقله إلا كان ضلالة عليه.

قال غير واحد ولد عروة في آخر خلافة عمر وكان أصغر من أخيه عبد الله بعشرين سنة وقيل غير ذلك.

يعقوب الفسوي عن عيسى بن هلال عن شريح بن يزيد عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عروة قال كنت غلاماً لي ذؤابتان فقمت أركع ركعتين بعد العصر فبصر بي عمر ومعه الدرة فلما رأيته فررت منه فلحقني فأخذ بذؤابتي قال فنهاني قلت لا أعود.

الأشبه أن هذا جرى لأخيه عبد الله أو جرى له مع عثمان.

‌537 - خارجة بن زيد

(286)

ابن ثابت الفقيه الإمام ابن الإمام وأحد الفقهاء السبعة الأعلام أبو زيد الأنصاري النجاري المدني وأجل إخوته وهم إسماعيل وسليمان ويحيى وسعد وجده لأمه هو سعد بن الربيع الأنصاري أحد النقباء السادة.

حدث عن أبيه وعمه يزيد وأسامة بن زيد وأمه أم سعد بنت سعد وأم العلاء الأنصارية وعبد الرحمن بن أبي عمرة ولم يكن بالمكثر من الحديث. روى عنه ابنه سليمان وابن أخيه سعيد بن سليمان وسالم أبو النضر وأبو الزناد وهو تلميذه في الفقه وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وعبد الله

(286)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 262)، التاريخ الكبير (3/ ترجمة 969)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 1707)، الحلية لأبي نعيم (2/ 189)، وفيات الأعيان (2/ ترجمة 211)، تاريخ الإسلام (3/ 262)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 82)، العبر (1/ 119)، الكاشف (1/ ترجمة 1309)، تهذيب التهذيب (3/ 74)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1732)، شذرات الذهب (1/ 118). النجوم الزاهرة (1/ 242).

ص: 258

بن عمرو بن عثمان وعثمان بن حكيم الأنصاري ومجالد بن عوف ومحمد بن عبد الله الديباج وابن شهاب ويزيد بن عبد الله بن قسيط وأبو بكر بن حزم وآخرون.

وروايته عن عمه مرسلة قال موسى بن عقبة لأن عمه قتل زمن الصديق. وروى الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال كان الفقهاء السبعة الذين يسألون بالمدينة وينتهي إلى قولهم سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وعروة والقاسم وعبيد الله بن عبد الله وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار.

وروى الدراوردي عن عبيد الله بن عمر قال كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وعروة والقاسم بن محمد وقبيصة بن ذؤيب وعبد الملك بن مروان وسليمان بن يسار مولى ميمونة.

وقال مصعب بن الزبير كان خارجة بن زيد وطلحة بن عبد الله بن عوف في زمانهما يستفتيان وينتهي الناس إلى قولهما ويقسمان المواريث بين أهلها من الدور والنخيل والأموال ويكتبان الوثائق للناس.

وروى معن القزاز عن زيد بن السائب قال أجاز سليمان بن عبد الملك خارجة بن زيد بمال فقسمه.

الواقدي حدثنا موسى بن نجيح عن إبراهيم بن يحيى هو ابن زيد ابن ثابت أن عمر بن عبد العزيز كتب أن يعطى خارجة بن زيد ما قطع عنه من الديوان فمشى خارجة إلى أبي بكر بن حزم فقال إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة ولي نظراء فإن عمهم أمير المؤمنين بهذا فعلت وإن هو خصني به فإني أكره ذلك له فكتب عمر لا يسع المال لذلك ولو وسعه لفعلت.

قال أحمد بن عبد الله العجلي خارجه بن زيد مدني تابعي ثقة. ابن إسحاق حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري سمعت خارجة بن زيد يقول رأيتني ونحن غلمان شباب زمن عثمان وإن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه.

الواقدي حدثني إسماعيل بن مصعب عن إبراهيم بن يحيى بن زيد ابن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت قال رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة فلما فرغت منها تهورت وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها فمات عنها.

ص: 259

الواقدي حدثنا محمد بن بشر بن حميد عن أبيه قال قال رجاء بن حيوة يا أمير المؤمنين قدم قادم الساعة فأخبرنا أن خارجة بن زيد مات فاسترجع عمر وصفق بإحدى يديه على الأخرى وقال ثلمة والله في الإسلام.

قال الفلاس وابن نمير مات خارجة سنة تسع وتسعين. وقال الهيثم بن عدي ويحيى بن بكير وخليفة ابن المديني وعدة مات سنة مئة.

وقال أبو عبيد صلى عليه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي أنبأنا محمد بن خلف وأنبأنا ابن علون أنبأنا البهاء عبد الرحمن قالا أخبرتنا شهدة الكاتبة أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام أنبأنا أحمد بن محمد البرقاني قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب أخبركم محمد بن عبد الرحمن الشامي حدثنا خلف بن هشام حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم فإذا كتبوا إليه قرأت كتابهم له.

أخرجه البخاري

(287)

تعليقاً فقال وقال خارجة عن أبيه. ما عبد الرحمن بن الزناد من شرط البخاري وهو وسط. ابن وهب أنبأنا ابن أبي الزناد عن أبيه حدثني خارجة بن زيد قال قتل رجل من الأنصار وهو سكران أنصارياً في عهد معاوية ولم يكن على ذلك شهادة إلا لطخ وشبهة فاجتمع رأي الناس على أن يحلف ولاة المقتول ثم يسلم إليهم فيقتلوه فركبنا إلى معاوية فقصصنا عليه القصة فكتب إلى سعيد بن العاص إن كان ما ذكرناه له حقاً أن يحلفنا على القاتل ثم يسلمه إلينا فجئنا بكتاب معاوية إلى سعيد فقال أنا منفذ كتاب أمير المؤمنين فاغدوا على بركة الله فغدونا عليه فأسلمه إلينا بعد أن حلفنا خمسين يميناً.

(287)

صحيح: أخرجه البخاري (7195) تعليقًا، وقد وصله أبو داود (3645)، والترمذي (2716)، وأحمد (5/ 186) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة يعنى ابن زيد بن ثابت قال: قال زيد بن ثابت: أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلمت له كتاب يهود وقال: إنى والله ما آمن يهود على كتابى" فتعلمته، فلم يمر بى إلَّا نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب له إذا كتب وأقرأ له إذا كُتب إليه". وإسناده حسن، وأخرجه أحمد (5/ 183)، والحاكم (3/ 422) من طريق جرير، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد قال: قال زيد بن ثابت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحسن السريانية؟ إنها تأتيني كتب فقلت: لا. قال: فتعلمها، فتعلمتُها في سبعة عشر يومًا" وإسناده صحيح.

ص: 260

‌538 - يحيى بن يعمر

(288)

الفقيه العلامة المقرئ أبو سليمان العدواني البصري قاضي مرو ويكنى أبا عدي. حدث عن أبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر مرسلاً وعن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وعدة.

وقرأ القرآن على أبي الأسود الدئلي. حدث عنه عبد الله بن بريدة وهو من طبقته وقتادة وعطاء الخراساني وسليمان التيمي ويحيى بن عقيل وإسحاق بن سويد وآخرون.

وكان من أوعية العلم وحملة الحجة. قال أبو داود لم يسمع من عائشة.

وقيل إنه كان أول من نقط المصاحف وذلك قبل أن يوجد تشكيل الكتابة بمدة طويلة وكان ذا لسن وفصاحة أخذ ذلك عن أبي الأسود.

وكان الحجاج قد نفاه فأقبل عليه الأمير قتيبة بن مسلم وولاه قضاء خراسان فكان إذا انتقل من بلد إلى بلد استخلف على القضاء بها ثم إن قتيبة عزله لما قيل عنه إنه يشرب المنصف.

قال أبو عمرو الداني روى القراءة عنه عرضاً عبد الله بن أبي إسحاق وأبو عمرو بن العلاء. عمران القطان عن قتادة عن نصر بن عاصم عن عبد الله بن فطيمة عن يحيى بن يعمر قال قال عثمان رضي الله عنه في القرآن لحن ستقيمه العرب بألسنتها.

قال خليفة بن خياط توفي يحيى بن يعمر قبل التسعين.

(288)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 368)، التاريخ الكبير (8/ ترجمة 3140)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 817)، وفيات الأعيان (6/ ترجمة 797)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 72)، الكاشف (3/ ترجمة 6385)، تاريخ الإسلام (4/ 68)، تهذيب التهذيب (11/ 305)، شذرات الذهب (1/ 175)، النجوم الزاهرة (1/ 217).

ص: 261

‌539 - عمير بن سعيد

(289)

النخعي الكوفي شيخ ثقة فقيه معمر من البقايا. حدث عن ابن مسعود وعلي وعمار بن ياسر وأبي مسعود وسعد ابن أبي وقاص وطائفة.

روى عنه أبو حصين عثمان بن عاصم والأعمش وأشعث بن سوار وحجاج بن أرطاة وفطر بن خليفة ومسعر بن كدام وآخرون.

وثقه يحيى بن معين. قال ابن سعد توفي سنة خمس عشرة ومئة. قلت لعله جاوز المئة.

‌540 - يزيد بن أبي كبشة

(290)

البتلهي من كبار الأمراء واسم أبيه جبريل بن يسار عد في التابعين.

وروى عن أبيه أبي كبشة السكسكي ومروان بن الحكم.

روى عنه معاوية بن قرة والحكم وأبو بشر وإبراهيم السكسكي.

وكان مقدم السكاسك وصاحب شرطة عبد الملك وولي على الغزاة ثم ولي إمرة العراقين للوليد فلما استخلف سليمان ولاه خراج السند ونزلت رتبته قليلاً فأدركه الأجل بالسند قبل سنة مئة.

ووقع لنا روايته في السهو في نسخة يحيى بن معين وورد أنه كان يصوم في السفر وولي العراقين بعد الحجاج وكان كبير الشأن رحمه الله وقلما روى له ذكر في الصوم في البخاري.

(289)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 170)، التاريخ الكبير (6/ ترجمة 3228)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 2080)، الكاشف (2/ ترجمة 4353)، تاريخ الإسلام (4/ 287)، تهذيب التهذيب (8/ 146)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5455).

(290)

ترجمته في التاريخ الكبير (8/ ترجمة 3312)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1212)، الكاشف (3/ ترجمة 6462)، تهذيب التهذيب (11/ 354).

ص: 262

‌541 - سليمان بن يسار

(291)

الفقيه الإمام عالم المدينة ومفتيها أبو أيوب وقيل أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله المدني مولى أم المؤمنين ميمونة الهلالية وأخو عطاء ابن يسار وعبد الملك وعبد الله وقيل كان سليمان مكاتباً لأم سلمة ولد في خلافة عثمان.

وحدث عن زيد بن ثابت وابن عباس وأبي هريرة وحسان بن ثابت وجابر بن عبد الله ورافع بن خديج وابن عمر وعائشة وأم سلمة وميمونة وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم وحمزة بن عمر الأسلمي والمقداد بن الأسود وذلك في أبي داود والنسائي وابن ماجه وما أراه لقيه وسلمة بن صخر البياضي مرسل وعبد الله بن حذافة السهمي مرسل والفضل بن العباس مرسل وأبي سعيد الخدري والربيع بن معوذ وعدد من الصحابة.

ويروي أيضاً عن عروة وكريب وعراك بن مالك وأبي مراوح وعمرة ومسلم بن السائب وغيرهم. وكان من أوعية العلم بحيث إن بعضهم فضله على سعيد بن المسيب.

حدث عنه أخوه عطاء والزهري وبكير بن الأشج وعمر بن دينار وعمرو بن ميمون بن مهران وسالم أبو النضر وربيعة الرأي وأبو الأسود يتيم عروة ويعلى بن حكيم ويعقوب بن عتبة وأبو الزناد وصالح بن كيسان ومحمد بن عمرو بن عطاء ومحمد بن يوسف الكندي ويحيى بن سعيد الأنصاري يونس بن يوسف وعبد الله بن الفضل الهاشمي وعمرو ابن شعيب ومحمد بن أبي حرملة وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وخثيم ابن عراك وخلق سواهم.

قال الزهري كان من العلماء.

وقال أبو الزناد كان ممن أدركت من فقهاء المدينة وعلمائهم ممن يرضى وينتهى إلى قولهم سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وأبو بكر ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد

(291)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 174)، التاريخ الكبير (4/ ترجمة 1901)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 643)، حلية الأولياء (2/ 190)، وفيات الأعيان (2/ ترجمة 270)، تاريخ الإسلام (4/ 120)، الكاشف (1/ ترجمة 2157)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 81)، تهذيب التهذيب (4/ 228)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2752)، شذرات الذهب (1/ 134)، النجوم الزاهرة (1/ 252).

ص: 263

وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان ابن يسار في مشيخة أجلة سواهم من نظرائهم أهل فقه وصلاح وفضل.

قال الحسن بن محمد بن الحنفية سليمان بن يسار عندنا أفهم من سعيد بن المسيب.

الواقدي عن عبد الله بن يزيد الهذلي سمعت سليمان بن يسار يقول سعيد بن المسيب بقية الناس وسمعت السائل يأتي سعيد بن المسيب فيقول اذهب إلى سليمان بن يسار فإنه أعلم من بقي اليوم.

وقال مالك كان سليمان بن يسار من علماء الناس بعد سعيد بن المسيب وكان كثيراً ما يوافق سعيداً وكان سعيد لا يجترأ عليه.

قال مصعب الزبيري عن مصعب بن عثمان كان سليمان بن يسار أحسن الناس وجهاً فدخلت عليه امرأة فسامته نفسه فامتنع عليها فقالت إذاً أفضحك فخرج إلى خارج وتركها في منزله وهرب منها قال سليمان فرأيت يوسف عليه السلام وكأني أقول له أنت يوسف قال نعم أنا يوسف الذي هممت وأنت سليمان الذي لم تهم.

إسنادها منقطع.

قال ابن معين سليمان ثقة وقال أبو زرعة مأمون فاضل عابد وقال النسائي أحد الأئمة. وقال ابن سعد كان ثقةً عالماً رفيعاً فقيهاً كثير الحديث مات سنة سبع ومئة.

وكذا أرخه مصعب بن عبد الله وابن معين والفلاس وعلي بن عبد الله التميمي والبخاري وطائفة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.

قلت فيكون مولده في أواخر أيام عثمان في سنة أربع وثلاثين.

وقال يحيى بن بكير توفي سنة تسع وهذا وهم لعله تصحف. وقال خليفة مات سنة أربع وقال الهيثم بن عدي سنة مئة وهذا شاذ وأشذ منه رواية البخاري عن هارون بن محمد عن رجل أنه مات هو وابن المسيب وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبد الرحمن سنة الفقهاء سنة أربع وتسعين.

أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة عن أبي المكارم التيمي أنبأنا أبو علي الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا ابن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا ابن جريج أخبرني يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار قال تفرق الناس عن أبي

ص: 264

هريرة فقال له ناتل أخو أهل الشام يا أبا هريرة حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها قال قاتلت في سبيلك حتى استشهدت فقال كذبت إنما أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها قال تعلمت العلم وقرأت القرآن وعلمته فيك قال كذبت إنما أردت أن يقال فلان عالم وفلان قارئ فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه إلى النار ورجل آتاه الله من أنواع المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال ما عملت فيها قال ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك فقال كذبت إنما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. هذا حديث صحيح

(292)

.

قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قدم علينا سليمان بن يسار دمشق فدعاه أبي إلى الحمام وصنع له طعاماً وكان أبوه يسار فارسياً. وقال الواقدي ولي سليمان سوق المدينة لأميرها عمر بن عبد العزيز. قال ابن المديني والبخاري ومسلم يكنى أبا أيوب.

وعن قتادة قال قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها بالطلاق فقيل سليمان بن يسار. وعن أبي الزناد قال كان سليمان بن يسار يصوم الدهر وكان أخوه عطاء يصوم يوماً ويفطر يوماً.

‌542 - عطاء بن يسار

(293)

وكان أخوه إماماً فقيهاً واعظاً مذكراً ثبتاً حجةً كبير القدر

(292)

صحيح: أخرجه مسلم (1905) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

(293)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 173)، التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2992)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1867)، الكاشف (2/ ترجمة 3865)، تاريخ الإسلام (4/ 34 و 155)، العبر (1/ 125)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 80)، تهذيب التهذيب (7/ 217)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4866)، شذرات الذهب (1/ 125)، النجوم الزاهرة (1/ 229).

ص: 265

حدث عن أبي أيوب وزيد وعائشة وأبي هريرة وأسامة بن زيد وعدة.

روى عنه زيد بن أسلم وصفوان بن سليم وعمرو بن دينار وهلال ابن علي وشريك بن أبي نمر.

روى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن أبا حازم قال ما رأيت رجلاً كان ألزم لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عطاء بن يسار. قال أبو داود سمع عطاء من ابن مسعود.

ويقال مات سنة ثلاث ومئة وقيل مات قبل المئة فالله أعلم.

‌543 - مجاهد بن جبر

(294)

الإمام شيخ القراء والمفسرين أبو الحجاج المكي الأسود مولى السائب بن أبي السائب المخزومي ويقال مولى عبد الله بن السائب القارئ ويقال مولى قيس بن الحارث المخزومي روى عن ابن عباس فأكثر وأطاب وعنه أخذ القرآن والتفسير والفقه وعن أبي هريرة وعائشة وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمرو وابن عمر ورافع ابن خديج وأم كرز وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأم هانئ وأسيد بن ظهير وعدة.

تلا عليه جماعة منهم ابن كثير الداري وأبو عمرو بن العلاء وابن محيصن.

وحدث عنه عكرمة وطاووس وعطاء وهم من أقرانه وعمرو بن دينار وأبو الزبير والحكم بن عتيبة وابن أبي نجيح ومنصور بن المعتمر وسليمان الأعمش وأيوب السختياني وابن عون وعمر بن ذر ومعروف ابن مشكان وقتادة بن دعامة والفضل بن ميمون وإبراهيم بن مهاجر وحميد الأعرج وبكير بن الأخنس والحسن الفقيمي وخصيف وسليمان الأحول وسيف بن سليمان وعبد الكريم الجزري وأبو حصين والعوام ابن حوشب وفطر بن خليفة والنضر بن عربي وخلق كثير.

قال الأنصاري حدثنا الفضل بن ميمون سمعت مجاهداً يقول عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.

(294)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 466)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1805)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 1469)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 83)، الكاشف (3/ ترجمة 5387)، تاريخ الإسلام (4/ 190)، تهذيب التهذيب (10/ 42)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة رقم 6854)، شذرات الذهب (1/ 125).

ص: 266

وروى ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت.

قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا الشافعي حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين قال قرأت على شبل بن عباد وقرأ على ابن كثير وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد وقرأ مجاهد على ابن عباس.

قال سفيان الثوري خذوا التفسير من أربعة مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والضحاك. وقال خصيف كان مجاهد أعلمهم بالتفسير. وقال قتادة أعلم من بقي بالتفسير مجاهد.

قال أبو بكر بن عياش قلت للأعمش ما بالهم يتقون تفسير مجاهد قال كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب. قال ابن المديني سمع مجاهد من عائشة وقال يحيى القطان لم يسمع منها.

قلت بلى قد سمع منها شيئاً يسيراً.

قال ابن جريج لأن أكون سمعت من مجاهد فأقول سمعت مجاهداً أحب إلي من أهلي ومالي. قلت مع أنه قلما سمع من مجاهد حرفين. وقال يحيى بن معين وطائفة مجاهد ثقة.

ويقال سكن الكوفة بأخرة وكان كثير الأسفار والتنقل. قال سلمة بن كهيل ما رأيت أحداً يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة عطاء ومجاهد وطاووس. بقية عن حبيب بن صالح سمع مجاهداً يقول استفرغ علمي القرآن. شعبة عن رجل سمعت مجاهداً يقول صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه فكان يخدمني.

إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال ربما أخذ ابن عمر لي بالركاب.

ص: 267

قال الأعمش كنت إذا رأيت مجاهداً ازدريته متبذلاً كأنه خربندج ضل حماره وهو مغتم.

روى الأجلح عن مجاهد قال طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نية ثم رزق الله النية بعد.

وقال منصور عن مجاهد قال لا تنوهوا بي في الخلق. حصين عن مجاهد بينا أنا أصلي إذ قام مثل الغلام ذات ليلة فشددت عليه لآخذه فوثب فوقع خلف الحائط حتى سمعت وجبته ثم قال إنهم يهابونكم كما تهابونهم من أجل ملك سليمان. وروي عن الأعمش قال كان مجاهد كأنه حمال فإذا نطق خرج من فيه اللؤلؤ.

وقال حميد الأعرج كان مجاهد رحمه الله يكبر من سورة والضحى. قال أبو القاسم ابن عساكر قدم مجاهد على سليمان بن عبد الملك ثم على عمر بن عبد العزيز وشهد وفاته.

فروى مروان بن معاوية عن معروف بن مشكان عن مجاهد قال قال لي عمر بن عبد العزيز يا مجاهد ما يقول الناس فيّ قلت يقولون مسحور قال ما أنا بمسحور ثم دعا غلاماً له فقال ويحك ما حملك على أن سقيتني السم قال ألف دينار أعطيتها وأن أعتق قال هاتها فجاء بها فألقاها في بيت المال وقال اذهب حيث لا يراك أحد.

قال محمد بن عبيد عن الثوري قال مجاهد مولى لبني زهرة. وقال أحمد بن حنبل مجاهد مولى عبد الله بن السائب. قال الحميدي وغيره مولى قيس بن السائب.

وقال ابن المديني كان ابن إسحاق يقول في أحاديث مجاهد كلها مجاهد بن جبير وهو مولى قيس بن السائب بن أبي السائب وكان السائب شريك النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن سعد مولى قيس وقال البخاري ومسلم كقول أحمد.

قال الحافظ عبد الغني المصري للمصريين مجاهد بن جبر آخر ذكره ابن يونس.

قال الأعمش قال مجاهد لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن مما سألت رواه ابن عيينة عنه.

ص: 268

مطر الوراق عن قتادة قال أعلم من بقي بالحلال والحرام الزهري وأعلم من بقي بالقرآن مجاهد.

قال ابن سعد مجاهد ثقة فقيه عالم كثير الحديث. قال ابن خراش أحاديث مجاهد عن علي وعائشة مراسيل.

الثوري عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال ربما أخذ لي ابن عمر بالركاب هداني للإسلام أو عافاني من هذه الأهواء.

قلت مثل الرفض والقدر والتجهم. يحيى بن سليم حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد قال كنت عند أبي فجاء ولده يعقوب فقال يا أبتاه إن لنا أصحابا يزعمون أن إيمان أهل السماء وربما أدخل ابن عباس أصابعه في إبطي.

يعلى بن عبيد عن الأعمش عن مجاهد قال ما أدري أي النعمتين أعظم أن وأهل الأرض واحد فقال يا بني ما هؤلاء بأصحابي لا يجعل الله من هو منغمس في الخطايا كمن لا ذنب له.

وبإسناد حسن عن مجاهد قال كنت في جنازة رجل فسمعت رجلاً يقول لامرأة الميت لا تسبقيني بنفسك قالت قد سبقت.

قلت ولمجاهد أقوال وغرائب في العلم والتفسير تستنكر وبلغنا أنه ذهب إلى بابل وطلب من متوليها أن يوقفه على هاروت وماروت قال فبعث معي يهودياً حتى أتينا تنوراً في الأرض فكشف لنا عنهما فإذا بهما معلقان منكسان فقلت آمنت بالذي خلقكما فاضطربا فغشي علي وعلى اليهودي ثم أفقنا بعد حين فلامني اليهودي وقال كدت أن تهلكنا.

قال أبو عمر الضرير مات مجاهد سنة مئة.

قلت هذا قول شاذ فإن مجاهداً رأى عمر بن عبد العزيز يموت. وقال أبو نعيم مات مجاهد وهو ساجد سنة ثنتين ومئة وكذا أرخه الهيثم بن عدي والمدائني وجماعة.

وقال حماد الخياط وأبو عبيد وجماعة مات سنة ثلاث ومئة وقال ابن المديني وغيره سنة أربع ومئة وجاء ابن المديني سنة ثمان ومئة رواه عنه ابنه عبد الله وعنه سنة سبع ومئة.

ص: 269

وروى محمد بن عمر الواقدي عن ابن جريج قال بلغ مجاهد ثلاثاً وثمانين سنة وقال يحيى القطان وغيره مات سنة أربع ومئة.

محمد بن حميد الرازي الحافظ أنبأنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش قال كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها ذهب إلى بئر برهوت بحضرموت وذهب إلى بابل عليها وال فقال له مجاهد تعرض علي هاروت وماروت قال فدعا رجلاً من السحرة فقال اذهب به فقال اليهودي بشرط أن لا تدعو الله عندهما قال فذهب بي إلى قلعة فقطع منها حجراً ثم قال خذ برجلي فهوى به حتى انتهى إلى جوبة فإذا هما معلقان منكسان كالجبلين فلما رأيتهما قلت سبحان الله خالقكما فاضطربا فكأن الجبال تدكدكت فغشي علي وعلى اليهودي ثم أفاق قبلي فقال أهلكت نفسك وأهلكتني.

أخبرنا إسحاق الأسدي أنبأنا ابن خليل أنبأنا أبو المكارم أنبأنا أبو علي أنبأنا أبو نعيم حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد حدثنا عبد الله بن شيرويه حدثنا ابن راهويه حدثنا محمد بن سلمة والمحاربي قالا حدثنا ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت.

وبه إلى أبي نعيم حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا يوسف القاضي حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد قال الرعد ملك يزجر السحاب بصوته.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أنبأنا محمد بن هبة الله أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري أنبأنا عاصم بن الحسن أنبأنا أبو عمر بن مهدي نبأنا الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا مروان بن شجاع عن خصيف عن مجاهد عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين على المنبر يقول: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة وزناً بوزن"

(295)

.

(295)

صحيح: أخرجه مالك (2/ 632 - 633)، ومن طريقه الشافعي في "مسنده"(2/ 157)، والبخاري (2177)، ومسلم (1584)، والنسائي (7/ 278 - 279)، وابن الجارود (649)، والبغوي (2061) عن نافع، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلَّا مثلًا بمثل ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلَّا مثلًا بمثل، ولا تُشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز" وقوله: "ولا تُشفّوا بعضها على بعض" أي لا تفضلوا، والشِّف: الزيادة ويطلق أيضًا على النقصان، فهو من الأضداد يقال: شف الدرهم بشِف: إذا زاد وإذا نقص. =

ص: 270

‌544 - سالم بن عبد الله

(296)

ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الإمام الزاهد الحافظ مفتي المدينة أبو عمر وأبو عبد الله القرشي العدوي المدني وأمه أم ولد مولده في خلافة عثمان.

أخبرنا أحمد بن هبة الله سنة اثنتين وتسعين وست مئة أنبأنا أبو روح الهروي أنبأنا تميم الجرجاني أنبأنا أبو سعد الأديب أنبأنا أبو عمرو بن حمدان أنبأنا أبو يعلى الموصلي حدثنا حوثرة بن أشرس حدثنا عقبة بن أبي الصهباء وسألت يحيى بن معين عنه فوثقه عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح ثم استقبل مطلع الشمس فقال: "ألا إن الفتن من ها هنا ثلاث مرات ومن ثم يطلع قرن الشيطان".

إسناده حسن عال ولا يقع لنا حديث سالم أعلى من هذا.

حدث عن أبيه فجود وأكثر وعن عائشة وذلك في سنن النسائي وأبي هريرة وذلك في البخاري ومسلم وعن زيد بن الخطاب العدوي وأبي لبابة ابن عبد المنذر وذلك مرسل وعن رافع بن خديج وسفينة وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم وسعيد بن المسيب وامرأة أبيه صفية.

وعنه ابنه أبو بكر وسالم بن أبي الجعد وعمرو بن دينار وعمرو بن دينار القهرمان ومحمد بن واسع ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي وأبو بكر بن حزم والزهري ومحمد بن أبي حرملة وكثير بن زيد وفضيل بن غزوان وحنظلة بن أبي سفيان وصالح بن كيسان وصالح بن محمد بن زائدة أبو واقد وعاصم بن عبد الله وعبد العزيز بن أبي رواد وعبيد الله بن عمر وعكرمة بن عمار وابن أخيه عمر بن حمزة وابن

= وورد عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبُّر بالبُّر، والشعير بالشعير، والتَّمرُ بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فاذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد".

أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 103 - 104)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1587)(81)، وأبو داود (3350)، والبيهقي (5/ 278) قال: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت، به مرفوعًا.

(296)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 195)، التاريخ الكبير (4/ ترجمة 2155)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 797)، الحلية لأبي نعيم (2/ 193)، تاريخ الإسلام (4/ 115)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 77)، العبر (1/ 130)، الكاشف (1/ ترجمة 1791)، تهذيب التهذيب (3/ 436)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2322)، شذرات الذهب (1/ 133)، النجوم الزاهرة (1/ 256).

ص: 271

ابن أخيه عمر بن محمد بن زيد وابن ابن أخيه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله وابن أخيه القاسم بن عبيد الله وخلق سواهم.

روى علي بن زيد عن ابن المسيب قال قال لي ابن عمر أتدري لم سميت ابني سالماً قلت لا قال باسم سالم مولى أبي حذيفة يعني أحد السابقين. يحيى بن سعيد عن ابن المسيب قال كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به وكان سالم أشبه ولد عبد الله به.

روى سلمة الأبرش عن ابن إسحاق قال رأيت سالم بن عبد الله يلبس الصوف وكان علج الخلق يعالج بيديه ويعمل. قال يحيى بن بكير قدم جماعة من المصريين المدينة فأتوا باب سالم ابن عبد الله فسمعوا رغاء بعير فبينا وهم كذلك خرج عليهم رجل شديد الأدمة متزر بكساء صوف إلى ثندوته فقالوا له مولاك داخل قال من تريدون قالوا سالم قال فلما كلمهم جاء شيء غير المنظر قال من أدرتم قالوا سالم قال ها أناذا فما جاء بكم قالوا أردنا أن نسائلك قال سلوا عما شئتم وجلس ويده ملطخة بالدم والقيح الذي أصابه من البعير فسألوه.

قال أشهب عن مالك قال لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه كان يلبس الثوب بدرهمين ويشتري الشمال ليحملها قال فقال سليمان بن عبد الملك لسالم ورآه حسن السحنة أي شيء تأكل قال الخبز والزيت وإذا وجدت اللحم أكلته فقال له عمر أو تشتهيه قال إذا لم أشتهه تركته حتى اشتهيته وروى أبو المليح الرقي عن ميمون بن مهران قال دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته فما وجدته يسوى مئة درهم ثم دخلت مرة أخرى فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حال أبيه.

روى زيد بن محمد بن زيد عن نافع قال كان ابن عمر يقبل سالماً ويقول شيخ يقبل شيخاً. ابن سعد عن محمد بن حرب المكي سمع خالد بن أبي بكر يقول بلغني أن ابن عمر كان يلام في حب سالم فكان يقول:

يلومونني في سالم وألومهم

وجلدة بين العين والأنف سالم

ص: 272

قال ابن أبي الزناد كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم الغر السادة علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله ففاقوا أهل المدينة علماً وتقىً وعبادةً وورعاً فرغب الناس حينئذ في السراري.

قال ابن المبارك كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة ابن المسيب وسليمان بن يسار وسالم والقاسم وعروة وعبيد الله بن عبد الله وخارجة بن زيد وكانوا إذا جاءتهم مسألة دخلوا فيها جميعاً فنظروا فيها ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون.

ابن وهب حدثنا مالك عن يزيد بن رومان عن سالم بن عبد الله أنه كان يخرج إلى السوق في حوائج نفسه واشترى شملة فانتهى بها إلى المسجد فرمى بها إلى عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز فحبسها عنده ساعة ثم قال ألا تبعث من يحملها لك فقال بل أنا أحملها وحدثني مالك قال كان ابن عمر يخرج إلى السوق فيشتري وكان سالم دهره يشتري في الأسواق وكان من أفضل أهل زمانه.

وروى أبو سعيد الحارثي عن العتبي عن أبيه قال دخل سالم على سليمان بن عبد الملك وعلى سالم ثياب غليظة رثة فلم يزل سليمان يرحب به ويرفعه حتى أقعده معه على سريره وعمر بن عبد العزيز في المجلس فقال له رجل من أخريات الناس ما استطاع خالك أن يلبس ثياباً فاخرةً أحسن من هذه يدخل فيها على أمير المؤمنين قال وعلى المتكلم ثياب سرية لها قيمة فقال له عمر ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك.

قال أحمد بن عبد الله العجلي سالم بن عبد الله تابعي ثقة. وقال أحمد وابن راهويه أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه. وروى عباس عن يحيى بن نعيم حدثني سالم والقاسم حديثهما قريب من السواء وسعيد بن المسيب أيضاً قريب منهما وإبراهيم أعجب إلي مرسلات منهم قال عباس قلت ليحيى فسالم أعلم بابن عمر أو نافع قال يقولون إن نافعاً لم يحدث حتى مات سالم.

وقال البخاري لم يسمع سالم من عائشة. وقال النسائي في حديث الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً فيما سقت السماء

ص: 273

العشر ..

(297)

الحديث ورواه نافع عن ابن عمر قوله قال واختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث هذا أحدها.

والثاني من باع عبداً له مال

(298)

فقال سالم عن أبيه مرفوعاً وقال نافع عن ابن عمر قوله.

وقال سالم عن أبيه مرفوعاً: يخرج نار من قبل اليمن

(299)

ورواه نافع عن ابن عمر عن كعب قوله قال وسالم أجل من نافع وأحاديث نافع أولى بالصواب.

وقال ابن سعد كان سالم ثقة كثير الحديث عالياً من الرجال ورعاً.

قال أبو ضمرة الليثي حج هشام بن عبد الملك في سالم بن عبد الله فأعجبته سحنته فقال أي شيء تأكل فقال الخبز والزيت قال فإذا لم تشتهه قال أخمره حتى اشتهيه فعانه

(300)

هشام فمرض ومات فشهده هشام وأجفل الناس في جنازته

(301)

فرآهم هشام فقال إن أهل المدينة لكثير فضرب عليهم بعثاً أخرج فيه جماعة منهم فلم يرجع منهم أحد.

فتشاءم به أهل المدينة فقالوا عان فقيهنا وعان أهل بلدنا.

قال جويرية بن أسماء حدثني أشعب الطمع قال قال لي سالم لا تسأل أحداً غير الله تعالى. وقال فطر بن خليفة رأيت سالم بن عبد الله أبيض الرأس واللحية.

وقال معن بن عيسى حدثني خالد بن أبي بكر قال رأيت على سالم قلنسوة بيضاء وعمامة بيضاء يسدل منها خلفه أكثر من شبر.

قال أيوب السختياني أتينا سالم بن عبد الله وهو في قميص وجبة قد أتزر فوقها. قال نافع كان سالم يركب في عهد ابن عمر بالقطيفة الأرجوان.

(297)

صحيح: أخرجه البخاري (1483)، وأبو داود (1596)، والنسائي (5/ 41)، وابن ماجه (1817) عن ابن عمر. ورواه مسلم (981)، والنسائي (5/ 41 - 42) من حديث جابر.

(298)

صحيح: أخرجه البخاري (2379)، ومسلم (1543)(80).

(299)

صحيح: أخرجه الترمذي (2217).

(300)

عانه: أصابه بعينه.

(301)

أجفل الناس: أي ذهبوا مسرعين.

ص: 274

قال ابن سعد أخبرت عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن ابن المسيب قال أشبه ولد ابن عمر به سالم.

وقيل كان سالم يركب حماراً عتيقاً زرياً فعمد أولاده فقطعوا ذنبه حتى لا يعود يركبه سالم فركب وهو أقطش الذنب فعمدوا فقطعوا أذنه فركبه ولم يغيره ذلك ثم جدعوا أذنه الأخرى وهو مع ذلك يركبه تواضعاً واطراحاً للتكلف.

الأصمعي عن أشعب قال دخلت على سالم بن عبد الله فقال حمل إلينا هريسة وأنا صائم فاقعد كل قال فأمعنت فقال ارفق فما بقي يحمل معه قال فرجعت فقالت المرأة يا مشؤوم بعث عبد الله بن عمرو ابن عثمان يطلبك وقلت إنك مريض قال أحسنت فدخل حماماً وتمرج بدهن وصفرة قال وعصبت رأسي وأخذت قصبة أتوكأ عليها وأتيته فقال أشعب قلت نعم جعلت فداك ما قمت منذ شهرين قال وعنده سالم ولم أشعر فقال ويحك يا أشعب غضب وخرج فقال عبد الله ما غضب خالي سالم إلا من شيء فاعترفت له فضحك هو وجلساؤه ووهب لي فخرجت فإذا أشعب قد لقي سالماً فقال ويحك ألم تأكل عندي الهريسة قلت بلى فقال والله لقد شككتني.

وحكى الأصمعي أن أشعب مر في طريق فبعث به الصبيان فقال ويحكم سالم يقسم جوزاً أو تمراً فمروا يعدون فغدا أشعب معهم وقال ما يدريني لعله حق.

مات سالم في سنة ست ومئة قال ابن شوذب وعطاف بن خالد وضمرة وأبو نعيم وعدة زاد بعضهم في ذي القعدة وقال بعضهم في ذي الحجة فصلى عليه هشام بن عبد الملك بعد انصرافه من الحج. وقال خليفة وأبو أمية بن يعلى سنة سبع ومئة.

وقال الهيثم بن عدي وأبو عمر الضرير سنة ثمان والأول أصح.

قال الحافظ ابن عساكر قدم سالم الشام وافداً على عبد الملك ببيعة والده له ثم قدم على الوليد ثم على عمر بن عبد العزيز.

قال يحيى بن سعيد قلت لسالم في الحديث أسمعته من ابن عمر فقال مرة واحدة أكثر من مئة مرة.

قال همام عن عطاء بن السائب دفع الحجاج رجلاً إلى سالم بن عبد الله ليقتله فقال للرجل أمسلم أنت قال نعم قال فصليت اليوم الصبح قال نعم فرد إلى الحجاج

ص: 275

فرمى بالسيف فقال ذكر أنه مسلم وأنه صلى الصبح وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من صلى الصبح فهو في ذمة الله

(302)

فقال لسنا نقتله على صلاة ولكنه ممن أعان على قتل عثمان فقال ها هنا من هو أولى بعثمان مني فبلغ ذلك ابن عمر فقال مكيس مكيس.

قال ابن عيينة دخل هشام الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال سلني حاجة قال إني أستحيي من الله أن أسأل في بيته غيره فلما خرجا قال الآن فسلني حاجة فقال له سالم من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة فقال من حوائج الدنيا قال والله ما سألت الدنيا من يملكها فكيف أسألها من لا يملكها.

وكان سالم حسن الخلق فروي عن إبراهيم بن عقبة قال كان سالم إذا خلا حدثنا حديث الفتيان. وعن أبي سعد قال كان سالم غليظاً كأنه حمال وقيل كان على سمت أبيه في عدم الرفاهية.

حماد بن عيسى الجهني حدثنا حنظلة عن سالم عن أبيه عن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يرسلهما حتى يمسح بهما وجهه

(303)

.

تفرد به حماد وفيه لين.

(302)

صحيح: أخرجه مسلم (657) من حديث جندُب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى الصبح فهو في ذمَّة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمَّته بشئ فيُدْركهُ فيكُبَّه في نار جهنم".

(303)

ضعيف: أخرجه الترمذي (3386) من طرق عن حماد بن عيسى الجُهنى، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه حماد بن عيسى الجُهنى، ضعفه أبو داود، وأبو حاتم، والدارقطني وقال الحافظ في "بلوغ المرام" (1663):"له شواهد منها حديث ابن عباس عند أبي داود، ومجموعها يقضى بأنه حديث حسن". اهـ.

قلت: الشاهد الذي أشار إليه الحافظ عند أبي داود (1485) حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد الملك ابن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي حدثنى عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تستروا الجُدُر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار، سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم". وقال أبو داود في إثره: رُوىَ هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضًا. =

ص: 276

‌545 - أبو الطفيل

(304)

عامر بن واثلة الكناني قد ذكر وكان يقول ولدت عام أحد وقال سيف بن وهب دخلت بمكة على أبي الطفيل فقال لي أنا ابن تسعين سنة ونصف سنة.

وقال جرير بن حازم رأيت جنازة أبي الطفيل بمكة سنة عشر ومئة قلت هو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وفاة.

‌546 - أبو قلابة

(305)

عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر بن ناتل بن مالك الإمام شيخ الإسلام أبو قلابة الجرمي البصري وجرم بطن من الحاف بن قضاعة قدم الشام وانقطع بداريا ما علمت متى ولد.

حدث عن ثابت بن الضحاك في الكتب كلها عن أنس كذلك ومالك بن الحويرث

= قلت: نعم إسناده ضعيف. فيه ثلاث علل: الأولى: عبد الملك بن محمد بن أيمن، مجهول كما قال الحافظ في التقريب، والثانية: جهالة عبد الله بن يعقوب بن إسحاق المدني، قال الحافظ في التقريب: مجهول الحال. والعلة الثالثة: جهالة بلْ إبهام من حدَّث عنهم عبد الله بن يعقوب بن إسحاق.

وله شاهد آخر عند أحمد (4/ 221): حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه.

قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل أيضًا: الأولى: مخالفة قتيبة في إسناده هذا الحديث، قال عبد لله ابن الإمام أحمد بن حنبل: وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث وأبى حَسبَ قتيبة وهم فيه؛ يقولون عن خلاد بن السائب، عن أبيه. العلة الثانية: ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه. والعلة الثالثة: جهالة حفص بن هاشم بن عتبة.

(304)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 457) و (6/ 64)، التاريخ الكبير (6/ترجمة 2947) الجرح والتعديل (6/ترجمة 1829)، تاريخ الخطيب (1/ 198)، الاستيعاب (2/ 798)، و (4/ 1696)، تجريد أسماء الصحابة (1/ترجمة 3056)، الكاشف (2/ترجمة 2570)، العبر (1/ 118)، تاريخ الإسلام (4/ 78)، تهذيب التهذيب (5/ 82)، الإصابة (2/ترجمة 4436)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3285)، شذرات الذهب (1/ 118)، النجوم الزاهرة (1/ 243).

(305)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 183)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 255) و (9/ ترجمة 846) الجرح والتعديل (5/ترجمة 268)، حلية الأولياء (2/ 282)، الكاشف (2/ترجمة 2759)، العبر (1/ 127) تاريخ الإسلام (4/ 221)، تذكرة الحفاظ (1/ 88)، تهذيب التهذيب (5/ 224)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3511)، شذرات الذهب (1/ 126)، النجوم الزاهرة (1/ 254).

ص: 277

كذلك وعن حذيفة في سنن أبي داود ولم يلحقه وسمرة بن جندب في سنن النسائي وعبد الله بن عباس في سنن الترمذي وعنبسة بن سعيد بن العاص بن البخاري ومسلم وعن زهدم بن مضرب وعمه أبي المهلب الجرمي وأبي الأشعث الصنعاني وأبي هريرة في سنن النسائي ومعاذة العدوية وزينب بنت أم سلمة وعائشة الكبرى في مسلم والترمذي والنسائي ومعاوية في أبي داود والنسائي وعمرو بن سلمة الجرمي في البخاري وسنن النسائي والنعمان بن بشير في أبي داود والنسائي وابن ماجه وقبيصة بن مخارق في أبي داود والنسائي وعن خلق سواهم وهو يدلس وكان من أئمة الهدى.

حدث عنه مولاه أبو رجاء سلمان ويحيى بن أبي كثير وثابت البناني وقتادة وعمران بن حدير والمثنى بن سعيد وغيلان بن جرير وميمون القناد وأيوب السختياني وخالد الحذاء وعاصم الأحول وداود بن أبي هند وحسان بن عطية وأبو عامر الخزار وعمرو بن ميمون بن مهران وخلق سواهم.

قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وكان ديوانه بالشام. وقال علي بن أبي حملة قدم علينا مسلم بن يسار دمشق فقلنا له يا أبا عبد الله لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك لجاءنا به فقال كيف لو رأيتم عبد الله بن زيد أبا قلابة الجرمي قال فما ذهبت الأيام والليالي حتى قدم علينا أبو قلابة.

قال القاضي عبد الجبار بن محمد الخولاني في تاريخ داريا مولد أبي قلابة بالبصرة وقدم الشام فنزل داريا وسكن بها عند ابن عمه بيهس بن صهيب بن عامل بن ناتل.

روى أشهب عن مالك قال مات ابن المسيب والقاسم ولم يتركوا كتباً ومات أبو قلابة فبلغني أنه ترك حمل بغل كتباً. وروى أيوب عن مسلم بن يسار قال لو كان أبو قلابة من العجم لكان موبذ موبذان يعني قاضي القضاة.

وروى حماد بن زيد عن أبي خشينة صاحب الزيادي قال ذكر أبو قلابة عن ابن سيرين فقال ذاك أخي حقاً.

وقال ابن عون ذكر أيوب لمحمد حديث أبي قلابة فقال أبو قلابة إن شاء الله ثقة رجل صالح ولكن عمن ذكره أبو قلابة.

قال حماد سمعت أيوب ذكر أبا قلابة فقال كان والله من الفقهاء ذوي الألباب

ص: 278

إني وجدت أعلم الناس بالقضاء أشدهم منه فراراً وأشدهم منه فرقاً وما أدركت بهذا المصر أعلم بالقضاء من أبي قلابة لا أدري ما محمد.

ابن علية عن أيوب قال لما مات عبد الرحمن بن أذينة يعني قاضي البصرة زمن شريح ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى أتى اليمامة قال فلقيته بعد ذلك فقلت له في ذلك فقال ما وجدت مثل القاضي العالم إلا مثل رجل وقع في بحر فما عسى أن يسبح حتى يغرق.

وقال خالد الحذاء كان أبو قلابة إذا حدثنا بثلاثة أحاديث قال قد أكثرت وقال أحمد بن عبد الله بصري تابعي ثقة كان يحمل على علي ولم يرو عنه شيئاً ولم يسمع من ثوبان شيئاً.

وقال عمرو بن علي لم يسمع قتادة من أبي قلابة. وقال علي بن المديني أبو قلابة عربي من جرم مات بالشام وأدرك خلافة عمر بن عبد العزيز ثم توفي سنة أربع ومئة.

أبو رجاء عن مولاه أبي قلابة قال كنت جالساً عند عمر بن عبد العزيز فذكروا القسامة فحدثته عن أنس بقصة العرنيين قال فقال عمر لن تزالوا بخير ما دام فيكم هذا أو مثل هذا.

قال ابن المديني روى أبو قلابة عن سمرة وسمع منه وروى عن هشام بن عامر ولم يسمع منه. قلت قد روى عن عمر بن الخطاب ولم يدركه فكان يرسل كثيراً.

قال أيوب السختياني رآني أبو قلابة وقد اشتريت تمراً رديئاً فقال أما علمت أن الله قد نزع من كل رديء بركته.

وقال أبو قلابة ليس شيء أطيب من الروح ما انتزع من شيء إلا أنتن.

أخبرنا إسحاق بن طارق أنبأنا ابن خليل حدثنا اللبان أنبأنا الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا بشر بن موسى حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال قال أبو قلابة لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم فإني لا آمن أن يغمروكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.

وعن أيوب عن أبي قلابة قال إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا وهات كتاب الله فاعلم أنه ضال.

ص: 279

قلت أنا وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات العقل فاعلم أنه أبو جهل وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول دعنا من النقل ومن العقل وهات الذوق والوجد فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر أو قد حل فيه فإن جبنت منه فاهرب وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أنبأنا الفتح بن عبد السلام أنبأنا محمد بن عمر القاضي أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن أنبأنا جعفر الفريابي حدثنا عبيد الله القواريري حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال دخل عمر بن عبد العزيز على أبي قلابة يعوده فقال له يا أبا قلابة تشدد لا يشمت بنا المنافقون.

روى الوليد بن مسلم حدثنا ابن جابر قال قيل لعبد الملك بن مروان هذا أبو قلابة قال ما أقدمه قالوا متعوذاً من الحجاج أراده على القضاء فكتب إلى الحجاج بالوصاة به فقال أبو قلابة لن أخرج من الشام.

قال أبو حاتم لا يعرف لأبي قلابة تدليس. قلت معنى هذا أنه إذا روى شيئاً عن عمر أو أبي هريرة مثلاً مرسلاً لا يدري من الذي حدثه به بخلاف تدليس الحسن البصري فإنه كان يأخذ عن كل ضرب ثم يسقطهم كعلي بن زيد تلميذه.

ويروى أن أبا قلابة عطش وهو صائم فأكرمه الله لما دعا بأن أظلته سحابة وأمطرت على جسده فذهب عطشه.

قال سلمة بن واصل مات أبو قلابة رحمه الله بالشام فأوصى بكتبه لأيوب السختياني فحملت إليه وقال أيوب فلما جاءتني الكتب أخبرت ابن سيرين وقلت له أحدث منها قال نعم ثم قال لا آمرك ولا أنهاك.

وقيل إن أيوب وزن كراء حملها بضعة عشر درهماً فقال حماد بن زيد جيء بها في عدل راحلة. وقد أخبرني عبد المؤمن شيخنا أن أبا قلابة ممن ابتلي في بدنه ودينه أريد على القضاء فهرب إلى الشام فمات بعريش مصر سنة أربع وقد ذهبت يداه ورجلاه وبصره وهو مع ذلك حامد شاكر.

وكذا أرخ موته شباب وأبو عبيد وقال الواقدي سنة أربع أو خمس ومئة. وقال يحيى بن معين مات سنة ست أو سبع ومئة وقال الهيثم بن عدي مات سنة سبع.

ص: 280

أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه أنبأنا عبد القادر الحافظ أنبأنا نصر بن سيار أنبأنا محمود الأزدي أنبأنا عبد الجبار الجراحي أنبأنا أبو العباس المحبوبي حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أميناً ألا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. هذا حديث حسن صحيح (306).

وبه في سنن الترمذي حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن داود العطار عن معمر عن قتادة عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح (307).

هذا حديث غريب قلت سفيان ليس بحجة.

‌547 - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة

(308)

الإمام الفقيه مفتي المدينة وعالمها وأحد الفقهاء السبعة أبو عبد الله الهذلي المدني الأعمى وهو أخو المحدث عون وجدهما عتبة هو أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ولد في خلافة عمر أو بعيدها.

وحدث عن عائشة وأبي هريرة وفاطمة بنت قيس وأبي واقد الليثي وزيد بن خالد

(306 و 307) صحيح: أخرجه الترمذي (3790) حدثنا سفيان بن وكيع، به. وإسناده ضعيف، فيه سفيان بن وكيع بن الجراح، قال البخاري: يتكلمون فيه لأشياء لقنوه إياها. وقال أبو زرعة: يتهم بالكذب.

وأخرجه أحمد (3/ 184 و 281)، والطيالسي (2096)، والنسائي في "فضائل الصحابة"(128) و (138)، وابن ماجه (155)، والحاكم (3/ 422)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1/ 350 - 351 و 351)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 122)، والبيهقي (6/ 210)، والبغوي (3930) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، به مرفوعًا.

(308)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 250)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 1239)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1517)، وفيات الأعيان (3/ 356)، تذكرة الحفاظ (1/ 75)، الكاشف (2/ترجمة 3611)، تاريخ الإسلام (4/ 30)، تهذيب التهذيب (7/ 23 - 24)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4564) شذرات الذهب (1/ 114).

ص: 281

الجهني وابن عباس ولازمه طويلاً وابن عمر وأبي سعيد والنعمان بن بشير وميمونة وأم سلمة وأم قيس بنت محصن ووالده وطائفة وعن عمر وعمار بن ياسر وعثمان بن حنيف وغيرهم مرسلاً.

وعنه أخوه والزهري وضمرة بن سعيد المازني وعراك بن مالك وموسى بن أبي عائشة وأبو الزناد وصالح بن كيسان وخصيف الجزري وسعد بن إبراهيم وسالم أبو النضر وطلحة بن يحيى بن طلحة وعبد المجيد بن سهيل وأبو بكر بن أبي الجهم العدوي وآخرون.

قال الواقدي كان ثقةً عالماً فقيهاً كثير الحديث والعلم بالشعر وقد ذهب بصره.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي كان أعمش وكان أحد فقهاء المدينة ثقةً رجلاً صالحاً جامعاً للعلم وهو معلم عمر بن عبد العزيز.

وقال أبو زرعة الرازي ثقة مأمون إمام. يونس بن محمد المؤدب عن عمارة بن زيد عن معمر عن الزهري قال كان أبو سلمة يسأل ابن عباس وكان يخزن عنه وكان عبيد الله يلطفه فكان يعزه عزاً.

عبد الله بن شبيب عن يعقوب بن محمد عن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن الزهري قال ما جالست أحداً من العلماء إلا وأرى أني قد أتيت على ما عنده وقد كنت أختلف إلى عروة بن الزبير حتى ما كنت أسمع منه إلا معاداً ما خلا عبيد الله فإنه لم آته إلا وجدت عنده علماً طريفاً.

وروى يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن أبيه قال كنت أسمع عبيد الله بن عبد الله يقول ما سمعت حديثاً قط فأشاء أن أعيه إلا وعيته.

وروى يعقوب هذا عن الزهري قال كان عبيد الله بن عبد الله لا أشاء أن أقع منه على ما لا أجده إلا عنده إلا وقعت عليه.

محمد بن الحسن وهو واه عن مالك عن ابن شهاب قال كنت أخدم عبيد الله بن عبد الله حتى أن كنت أستقي له الماء المالح وكان يقول لجاريته من بالباب فتقول غلامك الأعمش.

أخبرنا إسحاق الصفار أنبأنا يوسف بن خليل أنبأنا أبو المكارم التيمي أنبأنا أبو علي الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا سليمان الطبراني حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي حدثنا

ص: 282

إبراهيم بن المنذر حدثنا عبد الرحمن ابن المغيرة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال كتب عبيد الله بن عبد الله بن عتبة إلى عمر بن عبد العزيز:

بسم الذي أنزلت من عنده السور

والحمد لله أما بعد يا عمر

إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر

فكن على حذر قد ينفع الحذر

واصبر على القدر المحتوم وارض به

وإن أتاك بما لا تشتهي القدر

فما صفا لامرئ عيش يسر به

إلا سيتبع يوماً صفوه كدر

قال الزهري كان عبيد الله بن عبد الله بحراً من بحور العلم. وقال محمد بن الضحاك الحزامي قال مالك كان ابن شهاب يأتي عبيد الله بن عبد الله وكان من العلماء فكان يحدثه ويستسقي هو له الماء من البئر وكان عبيد الله يطول الصلاة ولا يعجل عنها لأحد قال فبلغني أن علي بن الحسين جاءه وهو يصلي فجلس ينتظره وطول عليه فعوتب عبيد الله في ذلك وقيل يأتيك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحبسه هذا الحبس فقال اللهم غفراً لا بد لمن طلب هذا الشأن أن يعنى.

أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أنبأنا يوسف بن عبد المعطي أنبأنا أبو طاهر السلفي أنبأنا نصر بن أحمد قال أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد البزار أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب حدثني علي بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري حدثه عبيد الله ابن عبد الله سمع ابن عباس يقول جئت أنا والفضل على أتان يوم عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس فمررنا على بعض الصف فنزلنا عنها وتركناها ترتع ولم يقل لنا النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.

وبه عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بات وفي يده غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه"

(309)

.

هذا مرسل قوي الإسناد فيه الحض على غسل اليد من الزفر.

قال الواقدي ومحمد بن عبد الله بن نمير والترمذي مات عبيد الله سنة ثمان وتسعين.

وقال الهيثم بن عدي وعلي بن المديني مات سنة تسع وتسعين وقيل غير ذلك.

(309)

صحيح: أخرجه أحمد (2/ 263 و 537)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1220)، وأبو داود (3852)، وابن ماجه (3297)، والدارمي (2/ 104)، والبيهقي (7/ 26)، والبغوي (2878) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ص: 283

‌548 - صالح

(310)

أبو الخليل الضبعي مولاهم البصري وهو صالح بن أبي مريم روى عن سفينة وأبي سعيد وعبد الله بن الحارث بن نوفل وأبي علقمة وعنه مجاهد وعطاء وقتادة وأيوب وأبو الزبير ومنصور بن المعتمر وثقه ابن معين والنسائي.

وروى عن أبي قتادة الأنصاري وأبي موسى مرسلاً. بقي إلى حدود المئة.

‌549 - كريب

(311)

ابن أبي مسلم الإمام الحجة أبو رشدين الهاشمي العباسي الحجازي والد رشدين ومحمد أدرك عثمان وأرسل عن الفضل بن عباس وحدث عن مولاه ابن عباس وأم الفضل أمه وأختها ميمونة وأسامة ابن زيد وأم سلمة وأم هانئ وزيد بن ثابت وابن عمر والمسور وطائفة.

وعنه أبو سلمة بن عبد الرحمن مع تقدمه ومكحول وسليمان بن يسار وسلمة بن كهيل وحبيب بن أبي ثابت وسالم بن أبي الجعد ومنصور بن المعتمر والزهري وموسى بن عقبة وبكير بن الأشج وأخوه يعقوب بن عبد الله وشريك بن أبي نمر وأبو صخر حميد بن زياد ومحمد ابن عبد الرحمن مولى آل طلحة ومحمد بن أبي حرملة وخلق سواهم. قال ابن سعد كان ثقة حسن الحديث وقال يحيى بن معين والنسائي ثقة.

قال زهير بن معاوية عن موسى بن عقبة قال وضع عندنا كريب حمل بعير أو عدل بعير من كتب ابن عباس فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه ابعث إلي بصحيفة كذا وكذا فينسخها ويبعث إليه إحداهما.

(310)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 237)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 2855)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 1826)، الكاشف (2/ترجمة 2383)، تهذيب التهذيب (4/ 402)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 3055).

(311)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 293)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 994)، الكنى للدولابي (1/ 178)، الجرح والتعديل (7/ترجمة 956)، الكاشف (3/ترجمة 4724)، تاريخ الإسلام (4/ 48)، تهذيب التهذيب (8/ 433)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5995)، شذرات الذهب (1/ 114).

ص: 284

قال الواقدي والمدائني وخليفة وجماعة مات سنة ثمان وتسعين وروى عنه ولداه محمد ورشدين.

‌550 - بشير

(312)

‌ابن نهيك العالم الثقة‌

‌ أبو الشعثاء

البصري عن بشير بن الخصاصية وأبي هريرة وعنه الوليد بن بركة وأبو مجلز لاحق والنضر بن أنس وخالد بن سمير ويحيى بن سعيد الأنصاري حديثه في الكتب الستة شذ أبو حاتم فقال لا يحتج به.

551 -

سعيد

(313)

ابن عبد الرحمن بن أبزى من علماء الكوفة وثقاتهم يروي عن أبيه روى عنه ذر الهمداني والحكم وقتادة وزبيد اليامي وعطاء بن السائب وهو مقل.

552 -

أبو الشعثاء

(314)

جابر بن زيد الأزدي اليحمدي مولاهم البصري الخوفي بخاء معجمة والخوف ناحية من عمان كان عالم أهل البصرة في زمانه يعد مع الحسن وابن سيرين وهو من كبار تلامذة ابن عباس.

(312)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 223)، التاريخ الكبير (2/ ترجمة 1848)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1477)، تاريخ الإسلام (3/ 345)، تهذيب التهذيب (1/ 470).

(313)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ ترجمة 1649)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 171)، تاريخ الإسلام (4/ 4)، الكاشف (1/ ترجمة 1935)، تهذيب التهذيب (4/ 54)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2490).

(314)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 179)، التاريخ الكبير (2/ترجمة 2202)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 2032)، الحلية لأبي نعيم (3/ 85)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 67)، العبر (1/ 108)، تاريخ الإسلام (4/ 77) و (4/ 95)، تهذيب التهذيب (2/ 38)، شذرات الذهب (1/ 101) النجوم الزاهرة (1/ 252).

ص: 285

حدث عنه عمرو بن دينار وأيوب السختياني وقتادة وآخرون.

روى عطاء عن ابن عباس قال لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر ابن زيد لأوسعهم علماً عما في كتاب الله.

وروي عن ابن عباس أنه قال تسألوني وفيكم جابر بن زيد وعن عمرو بن دينار قال ما رأيت أحداً أعلم من أبي الشعثاء.

‌قال ابن الأعرابي كانت لأبي الشعثاء حلقة بجامع البصرة يفتي فيها قبل الحسن

وكان من المجتهدين في العبادة وقد كانوا يفضلون الحسن عليه حتى خف الحسن في شأن ابن الأشعث.

قلت لم يخف بل خرج مكرهاً.

قال أيوب رأيت أبا الشعثاء وكان لبيباً. وقال قتادة يوم موت أبي الشعثاء اليوم دفن علم أهل البصرة أو قال عالم العراق. وعن إياس بن معاوية قال أدركت أهل البصرة ومفتيهم جابر بن زيد.

وعن أبي الشعثاء قال لو ابتليت بالقضاء لركبت راحلتي وهربت. قال أحمد والفلاس والبخاري وغيرهم توفي أبو الشعثاء سنة ثلاث وتسعين.

وشذ من قال إنه توفي سنة ثلاث ومئة حديثه في الدواوين المعروفة.

553 -

الحسن

(315)

ابن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم السيد أبي محمد الحسن ابن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي المدني الإمام أبو محمد.

حدث عن أبيه وعبد الله بن جعفر وهو قليل الرواية والفتيا مع صدقه وجلالته.

حدث عنه ولده عبد الله وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية وسهيل بن أبي صالح والوليد بن كثير وفضيل بن مرزوق وإسحاق بن يسار والد محمد وغيرهم.

(315)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 319)، التاريخ الكبير (2/ترجمة 2502)، الجرح التعديل (3/ ترجمة 17)، تاريخ بغداد (7/ 293)، تاريخ الإسلام (3/ 356)، الوافى بالوفيات (11/ 416)، تهذيب التهذيب (2/ 263).

ص: 286

ابن عجلان عن سهيل وسعيد مولى المهري عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلاً وقف على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ويصلي عليه فقال للرجل لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا بيتي عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني"

(316)

.

هذا مرسل وما استدل حسن في فتواه بطائل من الدلالة فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلاً مسلماً مصلياً على نبيه فيا طوبى له فقد أحسن الزيارة وأجمل في التذلل والحب وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشراً ولكن من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة أو سجد للقبر أو فعل ما لا يشرع فهذا فعل حسناً وسيئاً فيعلم برفق والله غفور رحيم فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم والصياح وتقبيل الجدران وكثرة البكاء إلا وهو محب لله ولرسوله فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار فزيارة قبره من أفضل القرب وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"

(317)

فشد الرحال إلى نبينا صلى الله عليه وسلم مستلزم لشد الرحل إلى مسجده وذلك مشروع بلا نزاع إذ لا وصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده فليبدأ بتحية المسجد ثم بتحية صاحب المسجد رزقنا الله وإياكم ذلك آمين.

قال الزبير بن بكار أم حسن بن حسن هذا هي خولة بنت فلان الفزارية وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد قال وكان الحسن ولي صدقة علي رضي الله عنه قال له الحجاج يوماً وهو يسايره في موكبه بالمدينة أدخل

(316)

حسن: أخرجه أبو يعلى في "مسنده" عن الحسن بن على بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا، ولا تتخذوا بيتى عيدًا، وصلوا علىَّ وسلموا فإن صلاتكم تبلغنى أينما كنتم". قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 247): "رواه أبو يعلى وفيه عبد الله بن نافع، وهو ضعيف". قلت: عبد الله بن نافع هو ابن أبي نافع الصائغ. قال الحافظ في "التقريب": ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين. وقال النسائي: ليس به بأس، وأخرجه أحمد (2/ 367)، وأبو داود (2042) من طريقه عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا ولفظه:"لا تتخذوا قبرى عيدًا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا، وحيثما كنتم فصلوا علىَّ فإن صلاتكم تبلغنى" وإسناده حسن، رجاله ثقات خلا عبد الله ابن نافع، فإنه ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين كما قال الحافظ.

(317)

صحيح: تقدم تخريجنا له في هذا الجزء بتعليق رقم (196)، وهو عند البخاري (1189)، ومسلم (1397)، وغيرهما فراجعه ثمَّت.

ص: 287

عمك عمر بن علي معك في صدقة علي فإنه عمك وبقية أهلك فقال لا أغير شرط علي قال إذاً أدخله معك قال فسار الحسن إلى عبد الملك بن مروان فرحب به ووصله وكتب له كتاباً إلى الحجاج لا يجاوزه.

زائدة عن عبد الملك بن عمير قال حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى هشام بن إسماعيل متولي المدينة بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فاستحضره قال فجيء به فقال له علي بن الحسين يا ابن عم قل كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم قال فخلي عنه

(318)

.

ورويت من وجه آخر عن عبد الملك بن عمير لكن قال كتب الوليد إلى عثمان المري انظر الحسن بن الحسن فاجلده مئة ووقفه للناس يوماً ولا أراني إلا قاتله قال فعلمه علي كلمات الكرب. فضيل بن مرزوق سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة إن قتلك قربة إلى الله فقال إنك تمزح فقال والله ما هو مني بمزاح.

قال مصعب الزبيري كان فضيل بن مرزوق يقول سمعت الحسن ابن الحسن يقول لرجل من الرافضة أحبونا فإن عصينا الله فأبغضونا فلو كان الله نافعاً أحداً بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طاعة لنفع أباه وأمه.

وروى فضيل بن مرزوق قال سمعت الحسن يقول دخل علي المغيرة بن سعيد يعني الذي أحرق في الزندقة فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لعن أبا بكر وعمر فقلت يا عدو الله أعندي ثم خنقته والله حتى دلع لسانه.

توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين وقيل في سبع وتسعين. وقيل كانت شيعة العراق يمنون الحسن الإمارة مع أنه كان يبغضهم ديانة.

وله أخبار طويلة في تاريخ ابن عساكر وكان يصلح للخلافة.

(318)

ورد دعاء الكرب عند مسلم (2730) بإسناده عن ابن عباس أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله ربُّ السماوات وربُّ الأرض وربُّ العرش الكريم".

ص: 288

‌554 - أخوه زيد

(319)

والد أمير المدينة الحسن بن زيد روى عن أبيه وابن عباس وعنه ابنه ويزيد بن عياض بن جعدبة وأبو معشر نجيح وعبد الرحمن بن أبي الموال ذكره ابن حبان في الثقات.

وقد كتب عمر بن عبد العزيز إن زيد بن الحسن شريف بني هاشم فأدوا إليه صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل كان يتعجب الناس من عظم خلقته وكان جواداً ممدحاً كبير القدر عاش سبعين سنة وللشعراء فيه مدائح مات بعد المئة.

‌555 - عبد الرحمن بن عائذ

(320)

الأزدي الثمالي الحمصي من كبار علماء التابعين وبعضهم يظن أن له صحبة ولا يصح ذلك وكان ثقة طلابة للعلم. حدث عن عمر وعلي ومعاذ وأبي ذر وعمرو بن عبسة وجماعة. حدث عنه محفوظ بن علقمة وراشد بن سعد وإسماعيل بن أبي خالد وثور بن يزيد وصفوان بن عمرو وسليم بن عامر ويحيى بن جابر وآخرون.

قال محمد بن أبي حاتم وغيره أحاديثه مراسيل يعني أنه يرسل عمن لم يلقه كعوائد الشاميين وإنما اعتنوا بالإسناد لما سكن فيهم الزهري ونحوه.

(319)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 318)، التاريخ الكبير (3/ترجمة 1305)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 2532)، تاريخ الإسلام (4/ 113)، تهذيب التهذيب (3/ 406)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2252).

(320)

ترجمته في التاريخ الكبير (5/ترجمة 1029 و 1165)، المعرفة والتاريخ (2/ 318 و 382 - 383)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1278)، تجريد أسماء الصحابة (1/ ترجمة 3710)، الكاشف (2/ ترجمة 3274)، تاريخ الإسلام (4/ 26)، تهذيب التهذيب (6/ 203)، الإصابة (2/ترجمة 1547) و (3/ ترجمة 6371 و 6694)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4142).

ص: 289

قيل إن ابن عائذ كان فيمن خرج مع القراء على الحجاج فأسر يوم الجماجم فعفا عنه الحجاج لجلالته.

وثقه النسائي ولما توفي خلف صحفاً وكتباً. قال بقية حدثني ثور قال كان أهل حمص يأخذون كتب ابن عائذ فما وجدوا فيها من الأحكام عمدوا بها على باب المسجد قناعة بها ورضى بحديثه. قال بقية وحدثني أرطاة بن المنذر قال اقتسم رجال من الجند كتب ابن عائذ بينهم بالميزان لقناعته فيهم.

هارون الحمال حدثنا الوليد بن القاسم حدثنا الأحوص بن حكيم حدثني أبي عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير لحيته بماء السدر وكان يأمرنا بالتغيير مخالفة للعجم

(321)

.

قيل إن الحجاج لما أتي بعبد الرحمن بن عائذ قال له الحجاج كيف أصبحت قال لا كما يريد الله ولا كما يريد الشيطان ولا كما أريد قال ويحك ما تقول قال نعم يريد الله أن أكون عبداً زاهداً وما أنا كذلك ويريد الشيطان أن أكون فاسقاً مارقاً وما أنا بذاك وأريد أن أكون مخلى في بيتي آمناً في أهلي وما أنا بذاك فقال الحجاج أدب عراقي ومولد شامي وجيراننا إذ كنا بالطائف خلوا عنه.

‌556 - علي بن ربيعة

(322)

أبو المغيرة الوالبي الكوفي من العلماء الأثبات. حدث عن علي وأسماء بن الحكم والمغيرة بن شعبة وابن عمر. وعنه سعد بن عبيد الطائي وسلمة بن كهيل وأبو إسحاق وعاصم ابن أبي النجود وإسماعيل بن أبي الصفيرا وآخرون. وثقه يحيى بن معين.

(321)

ضعيف: فيه الأحوص بن حكيم، قال الحافظ في "التقريب": ضعيف الحفظ. كما أنه مرسل.

(322)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 226)، التاريخ الكبير (6/ترجمة 2385 و 2386) المعرفة والتاريخ (1/ 537)، الجرح والتعديل (6/ترجمة 1017)، الكاشف (2/ترجمة 3973)، تاريخ الإسلام (4/ 39)، تهذيب التهذيب (7/ 320)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4983).

ص: 290

‌557 - راشد بن سعد

(323)

الحبراني ويقال المقرائي الفقيه محدث حمص يروي عن سعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان وثوبان وعتبة ابن عبد السلمي وأبي أمامة وأنس وطائفة.

حدث عنه ثور بن يزيد ومحمد بن الوليد الزبيدي وحريز بن عثمان وصفوان بن عمرو وأبو بكر بن أبي مريم ومعاوية بن صالح وأهل حمص وثقه غير واحد منهم ابن معين وأبو حاتم وابن سعد وقال أحمد بن حنبل لا بأس به.

وقال ابن حزم وحده هو ضعيف فهذا من أقواله المردودة وقد قال الدارقطني لا بأس به يعتبر به وقيل إنه يروي أيضاً عن عوف بن مالك الأشجعي وإنه شهد صفين مع معاوية فإن صح هذا وهو ممكن فقد عاش نحو التسعين.

قال يحيى بن سعيد هو أحب إلي من مكحول. قال ابن سعد وخليفة وأبو عبيد توفي سنة ثلاث عشرة ومئة وقيل مات سنة ثمان ومئة.

ثور في سنن أبي داود عن راشد عن ثوبان قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين.

إسناده قوي وخرجه الحاكم فقال على شرط مسلم فأخطأ فإن الشيخين ما احتجا براشد ولا ثور من شرط مسلم.

(323)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 456)، التاريخ الكبير (3/ترجمة 994)، المعرفة والتاريخ (1/ 308 و 328) و (2/ 313 و 332 و 356) و (3/ 387)، والجرح والتعديل (3/ترجمة رقم 2187)، تاريخ الإسلام (4/ 248)، تهذيب التهذيب (3/ 225)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1987)، حلية الأولياء (6/ 117).

ص: 291

‌558 - خلاس

(324)

ابن عمرو الهجري بصري ثقة خرجوا له في الصحاح حدث عن علي وعمار وعائشة وأبي هريرة وعنه قتادة وعوف وداود بن أبي هند وآخرون.

وثقه أحمد وغيره وإنما روايته عن علي كتاب وقع به وقال أحمد لم يسمع من أبي هريرة.

‌559 - أبو أسماء الرحبي

(325)

الدمشقي والرحبة قرية عامرة بظاهر دمشق قال الحافظ أبو سليمان بن زبر رحبة دمشق رأيتها عامرة بينها وبين البلد ميل. حدث عن شداد بن أوس وثوبان وأبي هريرة وأوس بن أوس وأبي ثعلبة الخشني ومعاوية وعن أبي ذر الغفاري وروايته عن أبي ذر في مسلم.

حدث عنه أبو سلام ممطور وأبو الأشعث الصنعاني وأبو قلابة الجرمي وشداد أبو عمار وربيعة بن يزيد القصير ويحيى بن الحارث الذماري وراشد الصنعاني.

وكان من كبار علماء الشام وثقه أحمد العجلي وغيره ولم يخرج له البخاري. وفي اسم أبي أسماء اختلاف فقيل عمرو بن مرثد وقال أبو الحسن ابن سميع وأبو زرعة النصري اسمه عمرو بن أسماء.

لم أقع له بوفاة وهو من كبار التابعين أرى أنه مات في خلافة الوليد ابن عبد الملك.

(324)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 149)، تاريخ الإسلام (3/ 364)، تهذيب التهذيب (3/ 176).

(325)

هو أبو أسحاق الرجي، عمرو بن مرثد الشامي الدمشقي، ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2687)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (2/ 143)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 1429)، والأنساب للسمعاني (6/ 91)، والكاشف (2/ ترجمة 4292)، وتهذيب التهذيب (8/ 99)، وتقريب التهذيب (2/ 78)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5379).

ص: 292

‌560 - حنش

(325 م)

ابن عبد الله بن عمرو بن حنظلة أبو رشدين النسائي الصنعاني حدث عن فضالة بن عبيد وأبي هريرة وابن عباس ورويفع ابن ثابت وأبي سعيد وعنه ابنه الحارث وقيس بن الحجاج وعبد الله بن هبيرة وخالد بن أبي عمران وربيعة بن سليم وعدة.

نزل إفريقية مرابطاً وتوفي سنة مئة وثقه العجلي وأما ابن يونس فقال كان مع علي وقدم بعد مقتله مصر ثم ثار مع ابن الزبير فظفر به ابن مروان فعفى عنه.

قلت وهم ابن يونس وابن عساكر في أنه صاحب علي لأن ذاك حنش بن ربيعة

(326)

أو ابن المعتمر الكناني الكوفي يروي عنه الحكم وإسماعيل بن أبي خالد وأهل الكوفة وفيه لين مات قبل التسعين.

‌561 - يزيد بن عبد الله بن الشخير

(327)

أبو العلاء العامري البصري أحد الأئمة حدث عن أبيه وأخيه مطرف بن عبد الله وعمران بن حصين وعائشة أم المؤمنين وعثمان بن أبي العاص وأبي هريرة وعياض بن حمار وعدة حدث عنه قتادة وسعيد الجريري وخالد الحذاء وسليمان التيمي وقرة بن خالد وآخرون. وكان يقول أنا أكبر من الحسن البصري بعشر سنين.

قلت على هذا يكون مولده في خلافة الصديق وكان ثقةً فاضلاً كبير القدر بلغنا أنه كان يقرأ في المصحف فربما غشي عليه

(325 م) وقع في المطبوع أبو رشدين [النَّسائي]، وهو خطأ والصواب [السَّبائى] كما في تقريب التهذيب، وتهذيب ابن حجر، وتهذيب الكمال. ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 536) التاريخ الكبير (3/ ترجمة 343)، الجرح والتعديل (3/ترجمة 1298)، تاريخ الإسلام (3/ 246 و 360)، تهذيب التهذيب (3/ 57)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1675)، شذرات الذهب (1/ 119).

(326)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 225)، التاريخ الكبير (3/ترجمة 343)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 1297)، تاريخ الإسلام (3/ 246)، الإصابة (1/ترجمة 2114)، تهذيب التهذيب (3/ 58).

(327)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 155)، التاريخ الكبير (8/ترجمة 3264)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1154)، تاريخ الإسلام (4/ 212) العبر (1/ 133)، تهذيب التهذيب (11/ 341)، شذرات الذهب (1/ 135)، النجوم الزاهرة (1/ 270)، الإصابة (3/ترجمة 9445).

ص: 293

قرأت على إسحاق الأسدي أنبأنا ابن خليد أنبأنا أبو المكارم التيمي أنبأنا أبو علي المقرئ أنبأنا أبو نعيم الحافظ بإسناد له عن ثابت البناني قال كان الحسن في مجلس فقيل لأبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير تكلم فقال أوهناك أنا ثم ذكر الكلام ومؤنته.

قلت ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد فإن أعجبه كلامه فليصمت فإن أعجبه الصمت فلينطق ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء.

توفي يزيد في سنة ثمان ومئة وقيل إنه توفي في سنة إحدى عشرة ومئة قال أبو خلدة رأيت أبا العلاء بن الشخير يصفر لحيته.

562 -

عبد الله بن محيريز

(328)

ابن جنادة بن وهب الإمام الفقيه القدوة الرباني أبو محيريز القرشي الجمحي المكي. حدث عن عبادة بن الصامت وأبي محذورة المؤذن زوج أمه ومعاوية ابن أبي سفيان وأبي سعيد الخدري والصنابحي وطائفة.

واسم زوج أمه سمرة ولا أعلم أحداً ذكر محيريزاً في الصحابة والظاهر أنه من الطلقاء. حدث عن ابن محيريز خالد بن معدان ومكحول وحسان بن عطية والزهري وأبو زرعة يحيى السيباني وإسماعيل بن عبيد الله وإبراهيم بن أبي عبلة وآخرون.

وكان من العلماء العاملين ومن سادة التابعين. قال الأوزاعي كان ابن أبي زكريا يقدم فلسطين فيلقى ابن محيريز فتتقاصر إليه نفسه لما يرى من فضل ابن محيريز.

قال عمرو بن عبد الرحمن بن محيريز كان جدي يختم في كل جمعة وربما فرشنا له فلم ينم عليه.

(328)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 447)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 613)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 776)، الاستيعاب (3/ 983)، الكاشف (2/ ترجمة 3010)، تجريد أسماء الصحابة (1/ ترجمة 3529)، العبر (1/ 117)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 63)، تاريخ الإسلام (4/ 21)، الإصابة (3/ ترجمة 6633)، تهذيب التهذيب (6/ 32)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3805) شذرات الذهب (1/ 166).

ص: 294

وقال رجاء بن حيوة إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر فإنا نفخر عليهم بعابدنا ابن محيريز قال وكان ابن محيريز صموتاً معتزلاً في بيته.

وقيل كان ابن محيريز من أحرص شيء أن يكتم من نفسه أحسن ما عنده.

وقيل إنه رأى على خالد بن يزيد بن معاوية جبة خز فقال أتلبس الخز قال إنما ألبس لهؤلاء وأشار إلى الخليفة فغضب وقال ما ينبغي أن يعدل خوفك من الله بأحد من خلقه.

وعن الأوزاعي قال من كان مقتدياً فليقتد بمثل ابن محيريز إن الله لم يكن ليضل أمة فيها ابن محيريز.

قال يحيى السيباني قال لنا ابن محيريز إني أحدثكم فلا تقولوا حدثنا ابن محيريز إني أخشى أن يصرعني ذلك القول مصرعاً يسوؤني.

وقال عبد الواحد بن موسى سمعت ابن محيريز يقول اللهم إني أسألك ذكراً خاملاً. وعن رجاء بن حيوة قال بقاء ابن محيريز أمان للناس مات في دولة الوليد.

‌563 - موسى بن نصير

(329)

الأمير الكبير أبو عبد الرحمن اللخمي متولي إقليم المغرب وفاتح الأندلس قيل كان مولى امرأة من لخم وقيل ولاؤه لبني أمية وكان أعرج مهيباً ذا رأي وحزم.

يروي عن تميم الداري. حدث عنه ولده عبد العزيز ويزيد بن مسروق.

ولي غزو البحر لمعاوية فغزا قبرس وبنى هناك حصوناً وقد استعمل على أقصى المغرب مولاه طارقاً فبادر وافتتح الأندلس ولحقه موسى فتمم فتحها وجرت له عجائب هائلة وعمل مع الروم مصافاً مشهوداً ولما هم المسلمون بالهزيمة كشف موسى سرادقه عن بناته وحرمه وبرز ورفع يديه بالدعاء والتضرع والبكاء فكسرت بين يديه جفون السيوف وصدقوا اللقاء ونزل النصر وغنموا ما لا يعبر عنه من ذلك مائدة

(329)

ترجمته في وفيات الأعيان (5/ترجمة 748)، تاريخ الإسلام (4/ 58)، العبر (1/ 116)، شذرات الذهب (1/ 112).

ص: 295

سليمان عليه السلام من ذهب وجواهر وقيل ظفر بستة عشر قمقماً عليها ختم سليمان ففتح أربعة ونقب منها واحداً فإذا شيطان يقول يا نبي الله لا أعود أفسد في الأرض ثم نظر فقال والله ما أرى سليمان ولا ملكه وذهب فطمرت البواقي.

وقال الليث بعث موسى ابنه مروان على الجيش فأصاب من السبي مئة ألف وبعث ابن أخيه فسبى أيضاً مئة ألف من البربر ودله رجل على كنز بالأندلس فنزعوا بابه فسال عليهم من الياقوت والزبرجد ما بهرهم قال الليث إن كانت الطنفسة لتوجد منسوجة بالذهب واللؤلؤ والياقوت لا يستطيع اثنان حملها فيقسمانها بالفأس.

وقيل لما دخل موسى إفريقية وجد غالب مدائنها خالية لاختلاف أيدي البربر وكان القحط فأمر الناس بالصلاة والصوم والصلاح وبرز بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات ففرق بينها وبين أولادها فوقع البكاء والضجيج وبقي إلى الظهر ثم صلى وخطب فما ذكر الوليد فقيل له ألا تدعو لأمير المؤمنين فقال هذا مقام لا يدعى فيه إلا لله فسقوا وأغيثوا.

ولما تمادى في سيره في الأندلس أتى أرضاً تميد بأهلها فقال عسكره إلى أين تريد أن تذهب بنا حسبنا ما بأيدينا فقال لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية ثم رجع إلى المغرب وهو راكب على بغله كوكب وهو يجر الدنيا بين يديه أمر بالعجل تجر أوقار الذهب والحرير واستخلف ابنه بإفريقية وأخذ معه مئة من كبراء البربر ومئة وعشرين من الملوك وأولادهم فقدم مصر في هيئة ما سمع بمثلها فوصل العلماء والأشراف وسار إلى الشام فبلغه مرض الوليد وكتب إليه سليمان يأمره بالتوقف فما سمع منه فآلى سليمان إن ظفر به ليصلبنه وقدم قبل موت الوليد فأخذ ما لا يحد من النفائس ووضع باقيه في بيت المال وقومت المائدة بمئة ألف دينار.

وولي سليمان فأهانه ووقف في الحر وكان سميناً حتى غشي عليه وبقي عمر بن عبد العزيز يتألم له فقال سليمان يا أبا حفص ما أظن إلا أنني خرجت من يميني.

وضمه يزيد بن المهلب إليه ثم فدى نفسه ببذل ألف ألف دينار وقيل له أنت في خلق من مواليك وجندك أفلا أقمت في مقر عزك وبعثت بالتقادم قال لو أردت لصار ولكن آثرت الله ولم أر الخروج فقال له يزيد وكلنا ذاك الرجل أراد بهذا قدومه على الحجاج.

وقال له سليمان يوماً ما كنت تفزع إليه عند الحرب قال الدعاء والصبر قال فأي الخيل رأيت أصبر قال الشقر قال فأي الأمم أشد قتالاً قال هم أكثر من أن أصف

ص: 296

قال فأخبرني عن الروم قال أسد في حصونهم عقبان على خيولهم نساء في مراكبهم إن رأوا فرصة انتهزوها وإن رأوا غلبة فأوعال تذهب في الجبال لا يرون الهزيمة عاراً قال فالبربر قال هم أشبه العجم بالعرب لقاءً ونجدةً وصبراً وفروسيةً غير أنهم أغدر الناس قال فأهل الأندلس قال ملوك مترفون وفرسان لا يجبنون قال فالفرنج قال هناك العدد والجلد والشدة والبأس قال فكيف كانت الحرب بينك وبينهم قال أما هذا فوالله ما هزمت لي راية قط ولا بدد لي جمع ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين ولقد بعثت إلى الوليد بتور زبرجد كان يجعل فيه اللبن حتى ترى فيه الشعرة البيضاء ثم أخذ يعدد ما أصاب من الجوهر والزبرجد حتى تحير سليمان.

وقيل إن مروان لما قرر ولده عبد العزيز على مصر جعل عنده موسى ابن نصير ثم كان موسى مع بشر بن مروان وزيراً بالعراق.

قال الفسوي كان ذا حزم وتدبير افتتح بلاداً كثيرة وولي إفريقية سنة تسع وسبعين.

وقيل إنه قال مرة والله لو انقاد الناس لي لقدتهم حتى أوقفهم على رومية ثم ليفتحنها الله على يدي.

وقيل جلس الوليد على منبره يوم الجمعة فأتى موسى وقد ألبس ثلاثين من الملوك التيجان والثياب الفاخرة ودخل بهم المسجد وأوقفهم تحت المنبر فحمد الوليد الله وشكره.

وقد حج موسى مع سليمان فمات بالمدينة. وقال مرة يا أمير المؤمنين لقد كانت الألف شاة تباع بمئة درهم وتباع الناقة بعشرة دراهم وتمر الناس بالبقر فلا يلتفتون إليها ولقد رأيت العلج الشاطر وزوجته وأولاده يباعون بخمسين درهم.

وكان فتح إقليم الأندلس في رمضان سنة اثنتين وتسعين على يد.

‌564 - طارق

(330)

مولى موسى بن نصير وكان أميراً على طنجة بأقصى المغرب فبلغه اختلاف الفرنج واقتتالهم وكاتبه صاحب الجزيرة الخضراء ليمده على عدوه فبادر طارق وعدى في جنده وهزم الفرنج وافتتح قرطبة وقتل صاحبها لذريق وكتب بالنصر إلى مولاه فحسده على

(330)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 15).

ص: 297

الانفراد بهذا الفتح العظيم وتوعده وأمره أن لا يتجاوز مكانه وأسرع موسى بجيوشه فتلقاه طارق وقال إنما أنا مولاك وهذا الفتح لك فأقام موسى بن نصير بالأندلس سنتين يغزو ويغنم وقبض على طارق وأساء إليه ثم استخلف على الأندلس ولده عبد العزيز بن موسى وكان جنده عامتهم من البربر فيهم شجاعة مفرطة وإقدام.

وله فتوحات عظيمة جداً بالمغرب كما كان لقتيبة بن مسلم بالمشرق في هذا الوقت فتوحات لم يسمع بمثلها. وفي هذه المدة وبعدها كانت غزوة القسطنطينية في البر والبحر ودام الحصار نحواً من سنة وكان علم الجهاد في أطراف البلاد منشوراً والدين منصوراً والدولة عظيمةً والكلمة واحدةً.

قال سعيد بن عبد العزيز أخبرني رجل أن سليمان هم بالإقامة ببيت المقدس وقدم عليه موسى بن نصير وأخوه مسلمة فجاءه الخبر أن الروم طلعوا من ساحل حمص وسبوا جماعة فيهم امرأة لها ذكر فغضب سليمان وقال ما هو إلا هذا نغزوهم ويغزونا والله لأغزونهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية أو أموت ثم التفت إلى مسلمة وإلى موسى بن نصير فقال أشيرا عليه فقال موسى يا أمير المؤمنين إن أردت ذلك فسر سيرة الصحابة فيما فتحوه كلما فتحوا مدينة اتخذوها داراً وحازوها للإسلام فابدأ بالدروب وافتح حصونها حتى تبلغ القسطنطينية فإنهم سيعطون بأيديهم فقال لمسلمة ما تقول أنت قال هذا الرأي إن طال عمر إليه أو كان الذي يأتي على رأيك وبريد ذلك خمس عشرة سنة ولكني أرى أن تغزي المسلمين براً وبحراً القسطنطينية فيحاصرونها فإنهم ما دام عليهم البلاء أعطوا الجزية أو أخذت عنوة فمتى وقع ذلك كان ما دونها من الحصون بيدك قال هذا الرأي فأغزى أهل الشام والجزيرة في البر في نحو من عشرين ومئة ألف وأغزى أهل مصر والمغرب في البحر في ألف مركب عليهم عمر بن هبيرة وعلى الكل مسلمة بن عبد الملك.

قال الوليد بن مسلم فأخبرني غير واحد أن سليمان أخرج لهم العطاء وبين لهم غزوتهم وطولها ثم قدم دمشق وصلى الجمعة ثم عاد إلى المنبر وأخبرهم بيمينه من حصاره القسطنطينية فانفروا على بركة الله وعليكم بتقوى الله ثم الصبر الصبر وسار حتى نزل بدابق وسار مسلمة وأخذ معه أليون الرومي المرعشي ليدله على الطريق والعوار وأخذ ميثاقه على المناصحة إلى أن عبروا الخليج وحاصروا قسطنطينية إلى أن برح بهم

ص: 298

الحصار وعرض أهلها الفدية فأبى مسلمة إلا أن يفتحها عنوة قالوا فابعث إلينا أليون فإنه منا ويفهم كلامنا فبعثه فغدر وقال إن ملكتموني أمنتم فملكوه فخرج وقال قد أجابوني أن يفتحوها لكن لا يفتحونها حتى تتنحى عنهم قال أخشى غدرك فحلف له أن يدفع إليه كل ما فيها من سبي ومال فانتقل مسلمة ودخل أليون لعنه الله فلبس التاج وأمر بنقل العلوفات من خارج فملأوا الأهراء وجاء الصريخ إلى مسلمة فكبر بالجيش فأدرك شيئاً من العلوفات فغلقوا الأبواب دونه فبعث إلى أليون يناشده عهده فأرسل إليه أليون يقول ملك الروم لا يباع بالوفاء.

ونزل مسلمة بفنائها ثلاثين شهراً حتى أكل الناس في المعسكر الميتة والعذرة من الجوع هذا وفي وسط المعسكر عرمة حنطة مثل الجبل يغبطون بها الروم.

قال محمد بن زياد الألهاني غزونا القسطنطينية فجعنا حتى هلك ناس كثير فإن كان الرجل يخرج إلى قضاء الحاجة والآخر ينظر إليه فإذا قام أقبل ذاك على رجيعه فأكله وإن كان الرجل ليذهب إلى الحاجة فيؤخذ ويذبح ويؤكل وإن الأهراء من الطعام كالتلال لا نصل إليها نكايد بها أهل القسطنطينية.

فلما استخلف عمر بن عبد العزيز أذن لهم في الترحل عنها.

‌565 - يزيد بن المهلب

(331)

ابن أبي صفرة الأمير أبو خالد الأزدي ولي المشرق بعد أبيه ثم ولي البصرة لسليمان بن عبد الملك ثم عزله عمر بن عبد العزيز بعدي بن أرطاة وطلبه عمر وسجنه.

روى عنه ابنه عبد الرحمن وأبو إسحاق السبيعي مولده زمن معاوية سنة ثلاث وخمسين وكان الحجاج قد عزله وعذبه فسأله أن يخفف عنه الضرب على أن يعطيه كل يوم مئة ألف درهم فقصده الأخطل ومدحه فأعطاه مئة ألف فعجب الحجاج من جوده في تلك الحال وعفا عنه واعتقله ثم هرب من حبسه.

وله أخبار في السخاء والشجاعة وكان الحجاج مزوجاً بأخته وكان يدعو اللهم إن كان آل المهلب براء فلا تسلطني عليهم ونجهم.

(331)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 215)، العبر (1/ 124)، شذرات الذهب (1/ 124).

ص: 299

وقيل هرب يزيد من الحبس وقصد عبد الملك فمر بعريب في البرية فقال لغلامه استسقنا منهم لبناً فسقوه فقال أعطهم ألفاً قال إن هؤلاء لا يعرفونك قال لكني أعرف نفسي.

وقيل أغرم سليمان بن عبد الملك عمر بن هبيرة الأمير ألف ألف درهم فمشى في جماعة إلى يزيد بن المهلب فأداها عنه وكان سليمان قد ولاه العراق وخراسان قال فودعني عمر بن عبد العزيز وقال يا يزيد اتق الله فإني وضعت الوليد في لحده فإذا هو يرتكض في أكفانه.

قال خليفة فسار يزيد إلى خراسان ثم رد منها سنة تسع وتسعين فعزله عمر بعدي بن أرطاة فدخل ليسلم على عدي فقبض عليه وجهزه إلى عمر فسجنه حتى مات عمر.

وحكى المدائني أن يزيد بن المهلب كان يصل نديماً له كل يوم بمئة دينار فلما عزم على السفر أعطاه ثلاثة آلاف دينار. قلت ملوك دهرنا أكرم فأولئك كانوا للفاضل والشاعر وهؤلاء يعطون من لا يفهم شيئاً ولا فيه نجدة أكثر من عطاء المتقدمين.

قيل أمر يزيد بن المهلب بإنفاذ مئة ألف إلى رجل وكتب إليه لم أذكرها تمنناً ولم أدع ذكرها تجبراً. وعنه قال من عرف بالصدق جاز كذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه.

قال الكلبي أنشد زياد الأعجم يزيد بن المهلب:

وما مات المهلب مذ رأينا

على أعواد منبره يزيدا

له كفان كف ندى وجود

وأخرى تمطر العلق الحديدا

فأمر له بألف دينار. وقيل إنه حج فلما حلق رأسه الحلاق أعطاه ألف درهم فدهش بها وقال أمضي أبشر أمي قال أعطوه ألفاً أخرى فقال امرأتي طالق إن حلقت رأس أحد بعدك قال أعطوه ألفين آخرين.

قيل دخل حمزة بن بيض على يزيد في حبسه فأنشده:

أصبح في قيدك السماح مع ال

حلم وفن الآداب والخطب

لا بطر إن تتابعت نعم

وصابر في البلاء محتسب

ص: 300

فقال يزيد مالنا ولك يا هذا قال وجدتك رخيصاً فأحببت أن أسلفك فقال لخادمه كم معك من النفقة قال نحو عشرة آلاف درهم قال ادفعها إليه.

غزا يزيد طبرستان وهزم الإصبهبذ ثم صالحهم على سبع مئة ألف وعلى أربع مئة حمل زعفران ثم نكث أهل جرجان فحاصرهم مدة وافتتحها عنوة فصلب منهم مسافة فرسخين وأسر اثني عشر ألفاً ثم ضرب أعناقهم على نهر جرجان حتى دارت الطاحون بدمائهم.

وكان ذا تيه وكبر رآه مطرف بن الشخير يسحب حلته فقال له إن هذه مشية يبغضها الله قال أوما تعرفني قال بلى أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت بين ذلك تحمل العذرة.

وعنه قال الحياة أحب إلي من الموت وحسن الثناء أحب إلي من الحياة. وقيل له ألا تنشئ لك داراً قال لا إن كنت متولياً فدار الإمارة وإن كنت معزولاً فالسجن.

قلت هكذا هو وإن كان غازياً فالسرج وإن كان حاجاً فالكور وإن كان ميتاً فالقبر فهل من عامر لدار مقره.

ثم إن يزيد بن المهلب لما استخلف يزيد بن عبد الملك غلب على البصرة وتسمى بالقحطاني فسار لحربه مسلمة بن عبد الملك فالتقوا فقتل يزيد في صفر سنة اثنتين ومئة.

وقد استوعب ابن عساكر وابن خلكان أخبار يزيد بن المهلب بطولها.

قال شعبة بن الحجاج سمعت الحسن البصري يقول في فتنة يزيد بن المهلب هذا عدو الله يزيد بن المهلب كلما نعق بهم ناعق اتبعوه.

وعن أبي بكر الهذلي أن يزيد قال أدعوكم إلى سنة عمر بن عبد العزيز فخطب الحسن وقال اللهم اصرع يزيد بن المهلب صرعة تجعله نكالاً يا عجباً لفاسق غير برهة من دهره ينتهك المحارم يأكل معهم ما أكلوا ويقتل من قتلوا حتى إذا منع شيئاً قال إني غضبان فاغضبوا فنصب قصباً عليها خرق فاتبعه رجرجة ورعاع يقول أطلب بسنة عمر إن من سنة عمر أن توضع رجلاه في القيد ثم يوضع حيث وضعه عمر.

قلت قتل عن تسع وأربعين سنة ولقد قاتل قتالاً عظيماً وتفللت جموعه فما زال

ص: 301

يحمل بنفسه في الألوف لا لجهاد بل شجاعة وحمية حتى ذاق حمامه نعوذ بالله من هذه القتلة الجاهلية.

‌566 - حفصة بنت سيرين

(332)

أم الهذيل الفقيهة الأنصارية روت عن أم عطية وأم الرائح ومولاها أنس بن مالك وأبي العالية روى عنها أخوها محمد وقتادة وأيوب وخالد الحذاء وابن عون وهشام بن حسان.

روي عن إياس بن معاوية قال ما أدركت أحداً أفضله عليها وقال قرأت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة وعاشت سبعين سنة فذكروا له الحسن وابن سيرين فقال أما أنا فما أفضل عليها أحداً.

وقال مهدي بن ميمون مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة أو قضاء حاجة. قلت توفيت بعد المئة.

‌567 - عمرة

(333)

بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة بن عدس الأنصارية النجارية المدنية الفقيهة تريبة عائشة وتلميذتها قيل لأبيها صحبة وجدها سعد من قدماء الصحابة وهو أخو النقيب الكبير أسعد بن زرارة.

حدثت عن عائشة وأم سلمة ورافع بن خديج وأختها أم هشام بنت حارثة حدث عنها ولدها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن وابناه حارثة ومالك وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم وابناه عبد الله ومحمد والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون.

(332)

ترجمتها في طبقات ابن سعد (8/ 484)، تاريخ الإسلام (4/ 107)، العبر (123) تهذيب التهذيب (12/ 409)، شذرات الذهب (1/ 122).

(333)

ترجمتها في طبقات ابن سعد (8/ 480)، تاريخ الإسلام (4/ 40)، العبر (1/ 117)، تهذيب التهذيب (12/ 438)، شذرات الذهب (1/ 114).

ص: 302

وكانت عالمةً فقيهةً حجةً كثيرة العلم. روى أيوب بن سويد عن يونس عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد أنه قال لي يا غلام أراك تحرص على طلب العلم أفلا أدلك على وعائه قلت بلى قال عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة قال فأتيتها فوجدتها بحراً لا ينزف.

قلت اختلفوا في وفاتها فقيل توفيت سنة ثمان وتسعين وقيل توفيت في سنة ست ومئة.

وحديثها كثير في دواوين الإسلام.

‌568 - معاذة

(334)

بنت عبد الله السيدة العالمة أم الصهباء العدوية البصرية العابدة زوجة السيد القدوة صلة بن أشيم روت عن علي بن أبي طالب وعائشة وهشام بن عامر حدث عنها أبو قلابة الجرمي ويزيد الرشك وعاصم الأحول وعمر بن ذر وإسحاق بن سويد وأيوب السختياني وآخرون.

وحديثها محتج به في الصحاح وثقها يحيى بن معين.

بلغنا أنها كانت تحيي الليل عبادة وتقول عجبت لعين تنام وقد علمت طول الرقاد في ظلم القبور.

ولما استشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب اجتمع النساء عندها فقالت مرحباً بكن إن كنتن جئتن للهناء وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن.

وكانت تقول والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة.

أرخ أبو الفرج بن الجوزي وفاتها في سنة ثلاث وثمانين فأما زوجها:

(334)

ترجمته في طبقات ابن سعد (8/ 483)، تاريخ الإسلام (3/ 304)، تهذيب التهذيب (12/ 452)، شذرات الذهب (1/ 122).

ص: 303

‌569 - صلة بن أشيم

(335)

فسيد كبير لكنه ما روى سوى حديث واحد عن ابن عباس ومات شهيداً قبل ابن عباس كما قدمنا.

‌570 - ربيعة بن لقيط

(336)

التجيبي المصري روى عن معاوية وعمرو بن العاص وابن حوالة وعنه ابنه إسحاق ويزيد بن أبي حبيب وثقه العجلي.

قال يزيد أخبرني ربيعة بن لقيط أنه كان مع عمرو بن العاص عام الجماعة فمطروا دماً عبيطاً فلقد رأيتني أنصب الإناء فيمتلئ وظن الناس أنها الساعة وماجوا فقام عمرو فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أيها الناس أصلحوا ما بينكم ولا يضركم لو اصطدم هذان الجبلان.

ورواه عمرو بن الحارث عن يزيد عنه أنهم كانوا حين قفلوا من العراق فأمطرت السماء بدجلة دماً عبيطاً فقالوا القيامة وذكر نحوه.

571 -

مسلم بن يسار

(337)

القدوة الفقيه الزاهد أبو عبد الله البصري مولى بني أمية وقيل مولى بني تيم من موالي طلحة رضي الله عنه

(335)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 134)، التاريخ الكبير (4/ ترجمة 2987)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 1965)، أسد الغابة (3/ 29)، تاريخ الإسلام (3/ 19)، الإصابة (2/ترجمة 4132)، النجوم الزاهرة (1/ 194).

(336)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ترجمة 971)، الجرح والتعديل (3/ترجمة 2133)، أسد الغابة (2/ 172)، تاريخ الإسلام (3/ 218 و 365)، الإصابة (1/ترجمة 2756).

(337)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 186)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 1167)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 868)، الحلية (2/ 290)، تاريخ الإسلام (4/ 54 و 203)، العبر (1/ 120)، تهذيب التهذيب (10/ 140)، شذرات الذهب (1/ 119).

ص: 304

روى عن عبادة بن الصامت ولم يلقه وعن ابن عباس وابن عمر وأبيه يسار فقيل لأبيه صحبة وعن أبي الأشعث الصنعاني وغيرهم.

حدث عنه محمد بن سيرين وهو من طبقته وقتادة وثابت البناني وأيوب السختياني ومحمد بن واسع وآخرون. قال ابن عون كان لا يفضل عليه أحد في زمانه وقال ابن سعد كان ثقةً فاضلاً عابداً ورعاً.

وقال علي بن أبي حملة قدم علينا مسلم بن يسار دمشق فقالوا له يا أبا عبد الله لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك لأتانا به فقال كيف لو رأيتم أبا قلابة.

روى هشام عن قتادة قال مسلم بن يسار خامس خمسة من فقهاء البصرة.

وروى هشام بن حسان عن العلاء بن زياد أنه كان يقول لو كنت متمنياً لتمنيت فقه الحسن وورع ابن سيرين وصواب مطرف وصلاة مسلم بن يسار. روى حميد بن الأسود عن ابن عون قال أدركت هذا المسجد وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة مسلم بن يسار.

قال ابن عون عن عبد الله بن مسلم بن يسار إن أباه كان إذا صلى كأنه ود لا يميل لا هكذا ولا هكذا. وقال غيلان بن جرير كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى.

وقال ابن شوذب كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في الصلاة تحدثوا فلست أسمع حديثكم. وروي أنه وقع حريق في داره وأطفئ فلما ذكر ذلك له قال ما شعرت. رواها سعيد بن عامر الضبعي عن معدي بن سليمان.

وقال هشام بن عمار وغيره حدثنا أيوب بن سويد حدثنا السري بن يحيى حدثني أبو عوانة عن معاوية بن قرة قال كان مسلم بن يسار يحج كل سنة ويحجج معه رجالاً من إخوانه تعودوا ذلك فأبطأ عاماً حتى فاتت أيام الحج فقال لأصحابه اخرجوا فقالوا كيف قال لابد أن تخرجوا ففعلوا استحياء منه فأصابهم حين جن عليهم الليل إعصار شديد حتى كاد لا يرى بعضهم بعضاً فأصبحوا وهم ينظرون إلى جبال تهامة فحمدوا الله فقال ما تعجبون من هذا في قدرة الله تعالى.

ص: 305

‌قال قتادة قال مسلم بن يسار

في كلام في القدر هما واديان عميقان يسلك فيهما الناس لن يدرك غورهما فاعمل عمل رجل تعلم أنه لن ينجيك إلا عملك وتوكل توكل رجل تعلم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك.

قال ابن عون لما وقعت الفتنة زمن ابن الأشعث خف مسلم فيها وأبطأ الحسن فارتفع الحسن واتضع مسلم. قلت إنما يعتبر ذلك في الآخرة فقد يرتفعان معاً.

قال أيوب السختياني قيل لابن الأشعث إن أردت أن يقتلوا حولك كما قتلوا يوم الجمل حول جمل عائشة فأخرج معك مسلم بن يسار فأخرجه مكرهاً.

قال أيوب عن أبي قلابة قال لي مسلم بن يسار أحمد الله إليك أني لم أرم بسهم ولم أضرب فيها بسيف قلت له فكيف بمن رآك بين الصفين فقال هذا مسلم بن يسار لن يقاتل إلا على حق فقاتل حتى قتل فبكى والله حتى وددت أن الأرض انشقت فدخلت فيها.

قال أيوب السختياني وفي القراء الذين خرجوا مع ابن الأشعث لا أعلم أحداً منهم قتل إلا رغب له عن مصرعه أو نجا إلا ندم على ما كان منه.

قال سفيان بن عيينة إن الحسن البصري لما مات مسلم بن يسار قال وامعلماه.

قلت لمسلم رحمه الله عليه ترجمة حافلة في تاريخ الحافظ ابن عساكر. قال خليفة بن خياط والفلاس مات سنة مئة وقال الهيثم بن عدي توفي سنة إحدى ومئة أما:

572 -

مسلم بن يسار

(338)

أبو عثمان المصري الطنبذي وطنبذ قرية من قرى مصر فكان رضيع الخليفة عبد الملك

(338)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 303)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 1167)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 872)، الكاشف (3/ترجمة 5531)، تاريخ الإسلام (4/ 55 و 203)، تهذيب التهذيب (10/ 141)، خلاصة الخزرجي (3/ترجمة 6992).

ص: 306

حدث عن أبي هريرة وابن عمر حدث عنه بكر بن عمرو والمعافري وأبو هانئ حميد بن هانئ وعبد الرحمن بن زياد الإفريقي وجماعة وهو قليل الحديث صدوق قال الدارقطني يعتبر به.

‌573 - ومسلم بن يسار

(339)

الجهني تابعي روى شيئاً عن عمر وقيل عن نعيم عن عمر روى عنه عبد الحميد بن عبد الرحمن الخطابي.

574 -

ومسلم بن يسار

(340)

الدوسي له شيء عن مولاه لأم سلمة.

‌575 - زياد بن جبير

(341)

ابن حية الثقفي البصري عن أبيه وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة وابن عمر وعنه ابنا أخيه سعيد ومغيرة ابنا عبيد الله ويونس بن عبيد وابن عون ومبارك بن فضالة وعدة وثقه النسائي.

‌576 - عياض بن عبد الله

(342)

ابن سعد بن أبي سرح القرشي العامري المصري ابن أمير مصر

(339)

ترجمته في التاريخ الكبير (7/ترجمة 1169)، الكاشف (3/ترجمة 5533)، تهذيب التهذيب (10/ 142)، خلاصة الخزرجي (3/ترجمة 6993).

(340)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 871)، ميزان الاعتدال (4/ترجمة 8511).

(341)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ترجمة 1175)، الجرح والتعديل (3/ترجمة 2379)، تاريخ الإسلام (4/ 113)، تهذيب التهذيب (3/ 357)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 2182).

(342)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 242)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 94)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 2284)، تهذيب التهذيب (8/ 200)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5548). تاريخ الإسلام (4/ 178)، الكاشف (2/ترجمة 4425).

ص: 307

حدث عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر وعنه بكير بن الأشج وزيد بن أسلم وسعيد المقبري وداود بن قيس وعبيد الله بن عمر ومحمد بن عجلان وحديثه في دواوين الإسلام.

‌577 - زرارة بن أوفى

(343)

الإمام الكبير قاضي البصرة أبو حاجب العامري البصري أحد الأعلام. سمع عمران بن حصين وأبا هريرة وابن عباس روى عنه أيوب السختياني وقتادة وبهز بن حكيم وعوف الأعرابي وآخرون. وثقه النسائي وغيره.

صح أنه قرأ في صلاة الفجر فلما قرأ: "فإذا نقر في الناقور" المدثر 8، خر ميتاً وكان ذلك في سنة ثلاث وتسعين.

أخبرنا إسحاق بن طارق أنبأنا ابن خليل أنبأنا أبو المكارم اللبان أنبأنا أبو علي المقرئ أنبأنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا معاذ ابن المثني حدثنا إبراهيم بن أبي سويد الذراع حدثنا صالح المري عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ابن عباس قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله فقال الحال المرتحل قال يا رسول الله وما الحال المرتحل قال: "صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره وفي آخره حتى يبلغ أوله"

(344)

.

وكذا رواه يعقوب الحضرمي وزيد بن الحباب عن صالح وهو لين.

عتاب بن المثنى القشيري حدثنا بهز بن حكيم قال صلى بنا زرارة في مسجد بني قشير فقرأ: "فإذا نقر في الناقور" المدثر 8، فخر ميتاً فكنت فيمن حمله إلى داره وقدم الحجاج البصرة وهو يقص في داره.

(343)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 150)، التاريخ الكبير (3/ترجمة 1461)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 2727)، الحلية لأبي نعيم (2/ 258)، تاريخ الإسلام (3/ 368)، العبر (1/ 109)، تهذيب التهذيب (3/ 322)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2131)، شذرات الذهب (1/ 102).

(344)

ضعيف: في إسناده صالح بن بشير المُرِّى، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 308

‌578 - صلة بن زفر

(345)

العبسي الكوفي تابعي كبير ثقة فاضل مخرج له في الكتب كلها يروي عن علي وابن مسعود وعمار حدث عنه شتير بن شكل وأبو إسحاق وأيوب السختياني وما أظنه شافهه لأنه يقال توفي في زمن مصعب وولايته على العراق.

‌579 - يزيد بن الأصم

(346)

من جلة التابعين بالرقة ولأبيه صحبة وهو عمرو ويقال عبد عمرو ويقال عدس بن معاوية والإمام الحافظ أبو عوف العامري البكائي حدث عن خالته أم المؤمنين ميمونة وابن خالته ابن عباس وعلي ابن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وعائشة ومعاوية وعوف بن مالك وغيرهم.

ولم تصح روايته عن علي وقد أدركه وكان بالكوفة في خلافته حدث عنه ابن أخيه عبد الله بن الأصم وميمون بن مهران وابن أخيه عبيد الله بن عبد الله وراشد بن كسيان وأبو إسحاق الشيباني وابن شهاب وأجلح الكندي وعلي بن بذيمة ويزيد بن يزيد ابن جابر على خلاف فيه وجعفر بن برقان وليث بن أبي سليم وأبو جناب الكلبي وعبد الملك بن عطاء وآخرون.

وأمه برزة الهلالية أخت أم المؤمنين وأم الفضل لبابة الكبرى وعصمة والدة خالد بن الوليد. وكان كثير الحديث قال ابن سعد وثقه العجلي وأبو زرعة والنسائي وغيرهم.

(345)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 195)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 2986)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 1964)، الكاشف (2/ترجمة 2437)، تهذيب التهذيب (4/ 437)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 3132).

(346)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 479)، التاريخ الكبير (8/ترجمة 3157)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1055)، حلية الأولياء (4/ 97)، أسد الغابة (5/ 104)، الكاشف (3/ترجمة 6392)، العبر (1/ 126)، تجريد أسماء الصحابة (2/ترجمة 1534)، تاريخ الإسلام (4/ 210)، تهذيب التهذيب (11/ 313)، الإصابة (3/ ترجمة 9381)، شذرات الذهب (1/ 125).

ص: 309

قال هشام بن الكلبي سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصم عبد الرحمن وكتب له بمائه الذي أسلم عليه ذي القصة قال وكان من أصحاب الظلة يعني أصحاب الصفة.

وقال ابن عمار الموصلي هو ابن أخت ميمونة وهي رتبه. قال ابن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني قال دخلت مع الشعبي المسجد فقال هل ترى أحداً من أصحابنا نجلس إليه ثم نظر فرأى يزيد بن الأصم فقال هل لك أن نجلس إليه فإن خالته ميمونة فجلسنا إليه.

قال شيخنا في تهذيبه يقال إن له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم. قال بعض ولد يزيد بن الأصم إنه مات سنة إحدى ومئة. وقال أبو عبيد وأبو عروبة الحراني مات سنة ثلاث ومئة. وروى الواقدي عن سليمان بن عبد الله بن الأصم أن يزيد بن الأصم مات سنة ثلاث وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.

جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن ميمونة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه

(347)

.

‌580 - يزيد بن الحكم

(348)

ابن أبي العاص الثقفي البصري من فصحاء الشعراء حدث عن عمه عثمان بن أبي العاص روى عنه معاوية بن قرة وعبد الرحمن بن إسحاق وله وفادة على سليمان بن عبد الملك فوصله بمال جسيم وكان قد عين لإمرة فارس ومن شعره:

شريت الصبا والجهل بالحلم والتقى

وراجعت عقلي والحليم يراجع

أبي الشيب والإسلام أن أتبع الهوى

وفي الشيب والإسلام للمرء وازع

(347)

صحيح: أخرجه مسلم (497)(232)، وأبو داود (898)، والنسائي (2/ 213).

(348)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ ترجمة 1080)، تاريخ الإسلام (4/ 211).

ص: 310

‌581 - إبراهيم النخعي

(349)

الإمام الحافظ فقيه العراق أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس ابن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع النخعي اليماني ثم الكوفي أحد الأعلام وهو ابن ملكية أخت الأسود بن يزيد.

روى عن خاله ومسروق وعلقمة بن قيس وعبيدة السلماني وأبي زرعة البجلي وخيثمة بن عبد الرحمن والربيع بن خثيم وأبي الشعثاء المحاربي وسالم بن منجاب وسويد بن غفلة والقاضي شريح وشريح ابن أرطاة وأبي معمر عبد الله بن سخبرة وعبيد بن نضيلة وعمارة بن عمير وأبي عبيدة بن عبد الله وأبي عبد الرحمن السلمي وخاله عبد الرحمن بن يزيد وهمام بن الحارث وخلق سواهم من كبار التابعين.

ولم نجد له سماعاً من الصحابة المتأخرين الذين كانوا معه بالكوفة كالبراء وأبي جحيفة وعمرو بن حريث وقد دخل على أم المؤمنين عائشة وهو صبي ولم يلبث له منها سماع على أن روايته عنها في كتب أبي داود والنسائي والقزويني فأهل الصنعة يعدون ذلك غير متصل مع عدهم كلهم لإبراهيم في التابعين ولكنه ليس من كبارهم وكان بصيراً بعلم ابن مسعود واسع الرواية فقيه النفس كبير الشأن كثير المحاسن رحمه الله تعالى.

روى عنه الحكم بن عتيبة وعمرو بن مرة وحماد بن أبي سليمان تلميذه وسماك بن حرب ومغيرة بن مقسم تلميذه وأبو معشر بن زياد بن كليب وأبو حصين عثمان بن عاصم ومنصور بن المعتمر وعبيدة بن معتب وإبراهيم بن مهاجر والحارث العكلي وسليمان الأعمش وابن عون وشباك الضبي وشعيب بن الحبحاب وعبيدة بن متعب وعطاء ابن السائب وعبد الرحمن بن أبي الشعثاء المحاربي وعبد الله بن شبرمة وعلي بن مدرك وفضيل بن عمرو الفقيمي وهشام بن عائذ الأسدي وواصل بن حيان الأحدب وزبيد اليامي ومحمد بن خالد الضبي ومحمد ابن سوقة ويزيد بن أبي زياد وأبو حمزة الأعور ميمون وخلق سواهم.

قال أحمد بن عبد الله العجلي لم يحدث عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد أدرك منهم جماعة ورأى عائشة.

(349)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 270)، التاريخ الكبير (1/ترجمة 1052)، المعرفة والتاريخ (2/ 100 و 604)، الجرح والتعديل (2/ترجمة 473)، الحلية (4/ 219)، وفيات الأعيان (1/ترجمة 1)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 70)، العبر (1/ 113)، تاريخ الإسلام (3/ 335)، تهذيب التهذيب (1/ 177)، شذرات الذهب (1/ 111).

ص: 311

وكان مفتي أهل الكوفة هو الشعبي في زمانهما وكان رجلاً صالحاً فقيهاً متوقياً قليل التكلف وهو مختف من الحجاج.

روى أبو أسامة عن الأعمش قال كان إبراهيم صيرفي الحديث. وروى جرير عن إسماعيل بن أبي خالد قال كان الشعبي وإبراهيم وأبو الضحى يجتمعون في المسجد يتذاكرون الحديث فإذا جاءهم شيء ليس فيه عندهم رواية رموا إبراهيم بأبصارهم.

قال يحيى بن معين مراسيل إبراهيم أحب إلي من مراسيل الشعبي قاله عباس عنه.

قال ابن عون وصفت إبراهيم لابن سيرين قال لعله ذاك الفتى الأعور الذي كان يجالسنا عند علقمة كان في القوم وكأنه ليس فيهم.

شعبة عن منصور عن إبراهيم قال ما كتبت شيئاً قط. قال مغيرة كنا نهاب إبراهيم هيبة الأمير. وقال طلحة بن مصرف ما بالكوفة أعجب إلي من إبراهيم وخيثمة.

قال فضيل الفقيمي قال لي إبراهيم ما كتب إنسان كتاباً إلا اتكل عليه.

قال أبو قطن حدثنا شعبة عن الأعمش قلت لإبراهيم إذا حدثتني عن عبد الله فأسند قال إذا قلت قال عبد الله فقد سمعته من غير واحد من الصحابة وإذا قلت حدثني فلان فحدثني فلان.

وقال مغيرة كره إبراهيم أن يستند إلى سارية.

حماد بن زيد عن ابن عون جلست إلى إبراهيم فقال في المرجئة قولاً غيره أحسن منه وجاء ذم الإرجاء من وجوه عنه.

وقال سعيد بن جبير أتستفتوني وفيكم إبراهيم. قال الحاكم كان إبراهيم النخعي يحج مع عمه وخاله علقمة والأسود وكان يبغض المرجئة ويقول لأنا على هذه الأمة من المرجئة أخوف عليهم من عدتهم من الأزارقة.

توفي وله تسعة وأربعون سنة.

ص: 312

حماد بن زيد حدثنا شعيب بن الحبحاب حدثتني هنيدة امرأة إبراهيم أن إبراهيم كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

قال سعيد بن صالح الأشج عن حكيم بن جبير عن إبراهيم قال ما بها عريف إلا كافر.

عفان حدثنا يعقوب بن إسحاق حدثنا ابن عون قال كان إبراهيم يأتي السلطان فيسألهم الجوائز. وقال محمد بن ربيعة الكلابي عن العلاء بن زهير قال قدم إبراهيم على أبي وهو على حلوان فحمله على برذون وكساه أثواباً وأعطاه ألف درهم فقبله.

قال الأعمش ربما رأيت إبراهيم يصلي ثم يأتينا فيمكث ساعة كأنه مريض. قال أبو حنيفة عن حماد قال بشرت إبراهيم بموت الحجاج فسجد ورأيته يبكي من الفرح. وقال سلمة بن كهيل ما رأيت إبراهيم في صيف قط إلا وعليه ملحفة حمراء وإزار أصفر.

وقال مغيرة رأيت إبراهيم يرخي عمامته من ورائه.

وقال يحيى القطان مات وهو ابن نيف وخمسين بعد الحجاج بأربعة أشهر أو خمسة. قال محمد بن سعد دخل إبراهيم على أم المؤمنين عائشة وسمع زيد ابن أرقم والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك.

روى عنه الشعبي ومنصور والمغيرة بن مقسم والأعمش وغيرهم من التابعين.

عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن طلحة بن مصرف قال قلت لإبراهيم النخعي يا أبا عمران من أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دخلت على أم المؤمنين عائشة.

سليمان بن داود المباركي حدثنا أبو شهاب عن الحسن بن عمرو عن أبيه أنه دخل على إبراهيم فقال يا أبا عمران.

وقال ضمرة بن ربيعة سمعت رجلاً يذكر أن حماد بن أبي سليمان قدم عليهم البصرة فجاءه فرقد السبخي وعليه ثوب صوف فقال له ضع عنك نصرانيتك هذه فقلد رأيتني ننتظر إبراهيم فيخرج عليه معصفرة ونحن نرى أن الميتة قد حلت له.

ص: 313

شعبة بن أبي معشر عن النخعي أنه كان يدخل على عائشة فيرى عليها ثياباً حبراً وقال أيوب وكيف كان يدخل عليها قال كان يخرج مع عمه وخاله حاجاً وهو غلام قبل أن يحتلم وكان بينهم ود وإخاء وكان بينهما وبين عائشة ود وإخاء.

شريك عن سليمان بن يسير عن إبراهيم أدخلني خالي الأسود على عائشة وعلي أوضاح. جرير عن مغيرة قال كان إبراهيم يدخل على عائشة مع الأسود وعلقمة ومات وله سبع وخمسون سنة أو نحوه.

وقال سليم بن أخضر حدثنا ابن عون قال مات إبراهيم وهو ما بين الخمسين إلى الستين. علي بن عاصم حدثنا المغيرة قال قيل لإبراهيم قتل الحجاج سعيد ابن جبير قال يرحمه الله ما ترك بعده خلف قال فسمع بذلك الشعبي فقال هو بالأمس يعيبه بخروجه على الحجاج ويقول اليوم هذا فلما مات إبراهيم قال الشعبي ما ترك بعده خلف.

نعيم بن حماد حدثنا جرير عن عاصم قال تبعت الشعبي فمررنا بإبراهيم فقام له إبراهيم عن مجلسه فقال له الشعبي أما إني أفقه منك حياً وأنت أفقه مني ميتاً وذاك أن لك أصحاب يلزمونك فيحيون علمك.

محمد بن طلحة بن مصرف حدثني ميمون أبو حمزة الأعور قال قال لي إبراهيم تكلمت ولو وجدت بداً لم أتكلم وإن زماناً أكون فيه فقيهاً لزمان سوء.

قال أبو حمزة الثمالي كنت عند إبراهيم النخعي فجاء رجل فقال يا أبا عمران إن الحسن البصري يقول إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فقال رجل هذا من قاتل على الدنيا فأما قتال من بغى فلا بأس به فقال إبراهيم هكذا قال أصحابنا عن ابن مسعود فقالوا له أين كنت يوم الزاوية قال في بيتي قالوا فأين كنت يوم الجماجم

(350)

قال في بيتي قالوا فإن علقمة شهد صفين مع علي فقال بخ بخ من لنا مثل علي بن أبي طالب ورجاله.

(350)

يوم الجماجم كانت بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن الأشعث سنة 82 أو 83 هـ، وكانت على سبعة فراسخ من الكوفة.

ص: 314

عن شعيب بن الحبحاب قال كنت فيمن دفن إبراهيم النخعي ليلاً سابع سبعة أو تاسع تسعة فقال الشعبي أدفنتم صاحبكم قلت نعم قال أما إنه ما ترك أحداً أعلم منه أو أفقه منه قلت ولا الحسن ولا ابن سيرين قال نعم ولا من أهل البصرة ولا من أهل الكوفة ولا من أهل الحجاز وفي رواية ولا من أهل الشام.

روى الترمذي من طريق شعبة عن الأعمش قال قلت لإبراهيم النخعي أسند لي عن ابن مسعود فقال إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله ابن مسعود فهو الذي سمعت وإذا قلت قال عبد الله فهو عن غير واحد عن عبد الله.

في سن إبراهيم قولان أحدهما عاش تسعاً وأربعين سنة الثاني أنه عاش ثمانياً وخمسين سنة. مات سنة ست وتسعين.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد وعبد الولي بن عبد الرحمن وأحمد بن هبة الله وعيسى بن بركة وجماعة قالوا أنبأنا عبد الله بن عمر أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء حضوراً في سنة تسع وأربعين وخمس مئة أنبأنا محمد بن محمد الزينبي أنبأنا محمد بن عمر بن زنبور حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال قال عبد الله لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب كانت تقرأ القرآن فأتته فقالت ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله قال ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله فقالت والله لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته

(351)

.

قال أبو عبيد الآجري حدثنا أبو داود حدثونا عن الأشجعي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال كانوا يرون أن كثيراً من حديث أبي هريرة منسوخ. قلت وكان كثير من حديثه ناسخاً لأن إسلامه ليالي فتح خيبر والناسخ والمنسوخ في جنب ما حمل من العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم نزر قليل وكان من أئمة الاجتهاد ومن أهل الفتوى رضي الله عنه فالسنن الثابتة لا ترد بالدعاوى.

(351)

صحيح: أخرجه البخاري (5939)، ومسلم (2125)(120).

ص: 315

قال أبو داود حدثنا ابن أبي السري حدثنا يونس بن بكير عن الأعمش قال ما رأيت أحداً أرد لحديث لم يسمعه من إبراهيم. وقيل إن إبراهيم لما احتضر جزع جزعاً شديداً فقيل له في ذلك فقال وأي خطر أعظم مما أنا فيه أتوقع رسولاً يرد علي من ربي إما بالجنة وإما بالنار والله لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة.

روى ابن عيينة عن الأعمش قال جهدنا أن نجلس إبراهيم النخعي إلى سارية وأردناه على ذلك فأبى وكان يأتي المسجد وعليه قباء وريطة معصفرة قال وكان يجلس مع الشرط. قال أحمد بن حنبل كان إبراهيم ذكياً حافظاً صاحب سنة.

قال مغيرة كان إبراهيم إذا طلبه إنسان لا يحب لقاءه خرجت الجارية فقالت اطلبوه في المسجد.

روى قيس عن الأعمش عن إبراهيم قال أتى رجل فقال إني ذكرت رجلاً بشيء فبلغه عني فكيف أعتذر إليه قال تقول والله إن الله ليعلم ما قلت من ذلك من شيء. قال أبو عمرو الداني أخذ إبراهيم القراءة عرضاً عن علقمة والأسود قرأ عليه الأعمش وطلحة بن مصرف. وروى وكيع عن شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بدعة

(352)

.

(352)

أخرجه أحمد (4/ 85)، والترمذي (244)، والنسائي (2/ 135) عن ابن عبد الله بن مُغفل قال: سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" فقال لي: أي بُنىَّ مُحْدَث إياك والحَدَث، قال: ولم أر أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبغض إليه الحدث في الإسلام، يعنى: منْهُ، قال: وقد صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر ومع عثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقولها، فلا تقُلها، إذا أنت صليت فقل:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة: 2].

وقال أبو عيسى في إثره: حديث عبد الله بن مُغفَّل حديث حسن.

ووقع عند أحمد التصريح باسم ابن عبد الله بن مغفل، وهو يزيد بن عبد الله بن مغفل.

ص: 316

‌582 - أبو نضرة

(353)

المنذر بن مالك بن قطعة الإمام المحدث الثقة أبو نضرة العبدي ثم العوقي البصري والعوقة بطن من عبد القيس حدث عن علي وأبي هريرة وعمران بن حصين وابن عباس وابن عمر وجابر بن سمرة وأبي سعيد الخدري وجابر وابن الزبير وطائفة من الصحابة وأرسل عن أبي ذر.

وحدث أيضاً عن صهيب مولى ابن عباس وسمير بن نهار وسعد ابن الأطول وعبد الله بن مولة وقيس بن عبادة وأبي فراس النهدي وعدة وكان من كبار العلماء بالبصرة.

حدث عنه قتادة ويحيى بن كثير وسليمان التيمي وعاصم الأحول وأبو بشر وعلي بن زيد بن جدعان وسعيد الجريري وحميد الطويل وداود بن أبي هند والصلت بن دينار وعبد العزيز بن صهيب وعوف الأعرابي وكهمس بن الحسن وأبو الأشهب العطاردي والمستمر بن الريان وأبو عقيل الدورقي والقاسم بن الفضل الحداني وابنه عبد الملك ابن أبي نضرة والعوام بن حمزة وسعيد بن أبي عروبة وسويد بن حجير وعبد الله بن شوذب وخلق سواهم. قال أحمد بن حنبل ما علمت إلا خيراً.

وروى إسحاق الكوسج عن يحيى ثقة وقال أبو زرعة والنسائي ثقة وقال ابن سعد ثقة كثير الحديث وليس كل أحد يحتج به. سالم بن نوح أنبأنا الجريري عن أبي نضرة قال خرج علينا طلحة عبيد الله في ثوبين ممصرين.

وقال ابن حبان في الثقات كان ممن يخطئ وكان من فصحاء الناس فلج في آخر عمره. مات سنة ثمان ومئة أو سنة سبع وأوصى أن يصلي عليه الحسن فصلى عليه وذلك في إمارة عمر بن هبيرة على العراق.

(353)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 208)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1535)، الجرح والتعديل (8 / ترجمة 1088)، حلية الأولياء (3/ 97)، الكاشف (3/ ترجمة 5726)، تاريخ الإسلام (4/ 225)، الكاشف (3/ ترجمة 5726)، تهذيب التهذيب (10/ 302)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7197)، شذرات الذهب (1/ 135).

ص: 317

قلت استشهد به البخاري ولم يرو له وقد أورده العقيلي وابن عدي في كتابيهما فما ذكرا له شيئاً يدل على لين فيه بلى قال ابن عدي كان عريفاً لقومه.

قلت هو ممن اشتهر بالكنية وقع لي حديثه بعلو أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروني أنبأنا عبد المعز بن محمد البزاز أنبأنا تميم بن أبي سعيد أنبأنا أبو سعيد الكنجروذي أنبأنا أبو عمرو الحيري أنبأنا أبو يعلى الموصلي حدثنا شيبان حدثنا أبو الأشهب نبأنا أبو نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلته فجعل يضرب يميناً وشمالاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل

(354)

.

وبه حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله

(355)

. أخرجهما مسلم من طريق أبي الأشهب.

‌583 - بكر بن عبد الله

(356)

ابن عمرو الإمام القدوة الواعظ الحجة أبو عبد الله المزني البصري أحد الأعلام يذكر مع الحسن وابن سيرين. حدث عن المغيرة بن شعبة وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وأبي رافع الصائغ وعدة. حدث عنه ثابت البناني وعاصم الأحول وسليمان التيمي وحبيب العجمي وحميد الطويل وقتادة وغالب القطان وأبو عامر صالح الخزاز ومبارك بن فضالة وصالح المري وابنه عبد الله بن بكر وآخرون.

(354)

صحيح: أخرجه مسلم (1728)، وأبو داود (1663).

(355)

صحيح: أخرجه مسلم (438)(130).

(356)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 209)، التاريخ الكبير (2/ ترجمة 1795)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1507)، تاريخ الإسلام (4/ 93 - 94)، العبر (1/ 133) تهذيب التهذيب (1/ 484).

ص: 318

قال محمد بن سعد الكاتب كان بكر المزني ثقةً ثبتاً كثير الحديث حجةً فقيهاً.

قال سليمان التيمي الحسن شيخ البصرة وبكر المزني فتاها.

وقال عبد الله بن بكر أخبرتني أختي قالت كان أبوك قد جعل على نفسه أن لا يسمع رجلين يتنازعان في القدر إلا قام فصلى ركعتين.

قلت هذا يدل على أن البصرة كانت تغلي في ذلك الوقت بالقدر وإلا فلو جعل الفقيه اليوم على نفسه ذلك لأوشك أن يبقى السنة والسنتين لا يسمع متنازعين في القدر ولله الحمد ولا يتظاهر أحد بالشام ومصر بإنكار القدر.

عن بكر المزني وهو في الزهد لأحمد قال كان الرجل في بني إسرائيل إذا بلغ المبلغ فمشى في الناس تظله غمامة.

قلت شاهده أن الله قال: "وظللنا عليكم الغمام" البقرة 57، الأعراف 159، ففعل بهم تعالى ذلك عاماً وكان فيهم الطائع والعاصي فنبينا صلوات الله عليه أكرم الخلق على ربه وما كانت له غمامة تظله ولا صح ذلك بل ثبت أنه لما رمى الجمر كان بلال يظله بثوبه من حر الشمس ولكن كان في بني إسرائيل الأعاجيب والآيات ولما كانت هذه الأمة خير الأمم وإيمانهم أثبت لم يحتاجوا إلى برهان ولا إلى خوارق فافهم هذا وكلما ازداد المؤمن علماً ويقيناً لم يحتج إلى الخوارق وإنما الخوارق للضعفاء ويكثر ذلك في اقتراب الساعة.

عبد الملك بن مروان الحذاء حدثنا يزيد بن زريع عن حميد الطويل قال قومت كسوة بكر بن عبد الله أربعة آلاف. وساقها أبو نعيم بإسناد آخر عن حميد.

عبد الله بن بكر سمعت إنساناً يحدث عن أبي أنه كان واقفاً بعرفة فرق فقال لولا أني فيهم لقلت قد غفر لهم. قلت كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.

أبو هلال عن غالب القطان عن بكر أنه لما ذهب به للقضاء قال إني سأخبرك عني إني لا علم لي والله بالقضاء فإن كنت صادقاً فما ينبغي لك أن تستعملني وإن كنت كاذباً فلا تول كاذباً.

ص: 319

روى حميد الطويل عن بكر قال إني لأرجو أن أعيش عيش الأغنياء وأموت موت الفقراء فكان رحمه الله كذلك يلبس كسوته ثم يجيء إلى المساكين فيجلس معهم يحدثهم ويقول لعلهم يفرحون بذلك.

قال سليمان التيمي كانت قيمة كسوة بكر أربعة آلاف كانت أمه ذات ميسرة وكان له زوج كثير المال.

وروى عبيد الله بن عمرو الرقي عن كلثوم بن جوشن قال اشترى بكر بن عبد الله طيلساناً بأربع مئة درهم فأراد الخياط أن يقطعه فذهب ليذر عليه تراباً فقال له بكر كما أنت فأمر بكافور فسحق ثم ذره عليه.

عمرو بن عاصم الكلابي حدثنا عتبة بن عبد الله العنبري سمعت بكراً المزني يقول في دعائه أصبحت لا أملك ما أرجو ولا أدفع عن نفسي ما أكره أمري بيد غيري ولا فقير أفقر مني.

قال أبو الأشهب سمعت بكراً يقول اللهم أرزقنا رزقاً يزيدنا لك شكراً وإليك فاقة وفقراً وبك عمن سواك غنى.

قال حميد الطويل كان بكر بن عبد الله مجاب الدعوة. قال مبارك بن فضالة حضر الحسن جنازة بكر بن عبد الله على حمار فرأى الناس يزدحمون فقال ما يوزرون أكثر مما يؤجرون كانوا ينظرون فإن قدروا على حمل الجنازة أعقبوا إخوانهم.

قال غالب القطان قال بكر إياك من الكلام ما إن أصبت فيه لم تؤجر وإن أخطأت توزر وذلك سوء الظن بأخيك. قال أبو الوليد الطيالسي حدثنا زياد بن أبي مسلم قال رأيت بن عبد الله يخضب بالسواد.

قال مؤمل بن إسماعيل مات بكر بن عبد الله سنة ست ومئة وقال غير واحد وهو أصح إنه مات سنة ثمان ومئة.

قال قتيبة حدثنا معاوية بن عبد الكريم الثقفي سمعت بكر بن عبد الله يقول يوم الجمعة لو قيل لي خذ بيد خير أهل المسجد لقلت دلوني على أنصحهم لعامتهم فإذا قيل هذا أخذت بيده ولو قيل لي خذ بيد شرهم لقلت دلوني على أغشهم لعامتهم

ص: 320

ولو أن منادياً نادى من السماء إنه لا يدخل الجنة منكم إلا رجل واحد فكان ينبغي لكل إنسان أن يلتمس أن يكون هو ولو أن منادياً نادى إنه لا يدخل النار منكم إلا رجل واحد لكان ينبغي لكل إنسان أن يفرق أن يكون ذلك الواحد.

قرأت على إسحاق بن طارق أخبركم ابن خليل أنبأنا أحمد بن محمد أنبأنا أبو علي أنبأنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد حدثنا يحيى بن مطرف حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عبيد الرحمن بن فضالة أخو مبارك حدثنا بكر بن عبد الله عن أنس أن امرأة دخلت على عائشة ومعها صبيان لها فأعطتها ثلاث تمرات فأعطت كل صبي تمرة فأكلا تمرتيهما ثم نظرا إلى أمهما فأخذت التمرة فشقتها نصفين فأعطت ذا نصفاً وذا نصفاً فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة فقال "ما أعجبك من ذلك فإن الله قد رحمها برحمتها صبييها"

(357)

.

غريب تفرد به عبيد الرحمن وهو صدوق مقل روى عنه ابن المبارك وابن مهدي ولا شيء له في الكتب الستة قال أبو نعيم الحافظ تفرد به عنه مسلم بن إبراهيم.

‌584 - خالد بن معدان

(358)

ابن أبي كرب الإمام شيخ أهل الشام أبو عبد الله الكلاعي الحمصي حدث عن خلق من الصحابة وأكثر ذلك مرسل روى عن ثوبان وأبي أمامة الباهلي ومعاوية وأبي هريرة والمقدام بن معدي كرب وابن عمر وعتبة بن عبد وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن بسر المازني وذي مخبر ابن أخي النجاشي وجبير بن نفير وحجر بن حجر وربيعة بن الغاز وخيار بن سلمة وعبد الله بن أبي هلال وعمرو بن الأسود وهو عمير وكثير بن مرة ومالك بن يخامر وأبي بحرية وأبي رهم السماعي وطائفة.

(357)

صحيح: أخرجه مسلم (2629) من حِديث عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتنى امرأة، ومعها ابنتان لها، فسألتنى فلم تجد عندى شيئًا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئًا، ثم قامت فخرجت وابنتاها فدخل علىَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فحدَّثتُهُ حديثًا فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"من ابتُلى من البنات بشيءٍ، فأحسن إليهنَّ كنَّ له سترًا من النار".

(358)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 455)، التاريخ الكبير (3/ ترجمة 60)، الكنى للدولابي (2/ 55)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 1584)، الحلية لأبي نعيم (5/ 210)، تاريخ الإسلام (4/ 109)، تذكرة الحفاظ (1/ 84)، العبر (1/ 126 و 219)، تهذيب التهذيب (3/ 118)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1802)، شذرات الذهب (1/ 126).

ص: 321

وأرسل عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وعائشة وعبادة بن الصامت وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم.

روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي وحسان بن عطية وعامر بن جشيب وفضيل بن فضالة وثور بن يزيد والأحوص بن حكيم وبحير بن سعد وصفوان بن عمرو ومحمد بن عبد الله الشعيثي ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وإبراهيم بن أبي عبلة وعبدة بنت خالد ابنته وقوم آخرهم وفاة حريز بن عثمان الرحبي.

وهو معدود في أئمة الفقه وثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن شيبة وابن خراش والنسائي. روى إسماعيل بن عياش حدثتنا عبدة بنت خالد وأم الضحاك بنت راشد مولاة خالد بن معدان أن خالد بن معدان قال أدركت سبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

بقية عن بحير بن سعد قال ما رأيت أحداً ألزم للعلم من خالد بن معدان وكان علمه في مصحف له أزرار وعرى. وقال أيضاً كتب الوليد إلى خالد بن معدان في مسألة فأجابه فيها خالد فحمل القضاة على قومه.

وروى بقية عن عمر بن جعثم قال كان خالد بن معدان إذا قعد لم يقدر أحد منهم يذكر الدنيا عنده هيبة له. بقية عن حبيب بن صالح قال ما خفنا أحداً من الناس ما خفنا خالد ابن معدان.

وقال بقية كان الأوزاعي يعظم خالد بن معدان فقال لنا له عقب فقلنا له ابنة قال فائتوها فسلوها عن هدي أبيها قال فكان سبب إتياننا عنده بسبب الأوزاعي. وقال صفوان بن عمرو كان خالد بن معدان إذا أمر الناس بالغزو كان فسطاطه أول فسطاط بدابق.

وقال أبو أسامة كان الثوري إذا جلسنا معه إنما يسمع الموت الموت فحدثنا عن ثور عن خالد بن معدان قال لو كان الموت علماً يستبق إليه ما سبقني إليه أحد إلا أن يسبقني رجل بفضل قوة قال فما زال الثوري يحب خالد بن معدان مذ بلغه هذا عنه.

الوليد بن مسلم عن عبدة بنت خالد قالت قلما كان خالد يأوي إلى فراشه إلا وهو يذكر شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار ثم يسميهم ويقول

ص: 322

هم أصلي وفصلي وإليهم يحن قلبي طال شوقي إليهم فعجل رب قبضي إليك حتى يغلبه النوم وهو في بعض ذلك.

ابن المبارك عن ثور عن خالد بن معدان قال لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أحقر حاقر.

وقال شجاع بن الوليد عن عمرو الأيامي عن خالد بن معدان قال ما من آدمي إلا وله أربع أعين عينان في رأسه يبصر بهما أمر الدنيا وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة فإذا أراد الله بعبد خيراً فتح عينيه اللتين في قلبه فأبصر بهما ما وعد بالغيب فأمن الغيب بالغيب.

بقية عن بحير عن خالد بن معدان قال كان إبراهيم خليل الله إذا أتي بقطف من العنب أكل حبة حبة وذكر الله عند كل حبة.

الأوزاعي بلغني عن خالد بن معدان أنه كان يقول أكل وحمد خير من أكل وصمت.

حريز بن عثمان عن خالد بن معدان قال إذا فتح أحدكم باب خير فليسرع إليه فإنه لا يدري متى يغلق عنه. وقال أيضاً العين مال والنفس مال وخير مال العبد ما انتفع به وابتذله وشر أموالك ما لا تراه ولا يراك وحسابه عليك ونفعه لغيرك.

روى عطية بن بقية عن أبيه عن بحير بن سعد سمعت خالد بن معدان يقول من التمس المحامد في مخالفة الحق رد الله تلك المحامد عليه ذماً ومن اجترأ على الملاوم في موافقة الحق رد الله تلك الملاوم عليه حمداً.

قال يزيد بن هارون مات خالد بن معدان وهو صائم. وروى إبراهيم بن جعفر الأشعري عن سلمة بن شبيب قال كان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن فلما مات فوضع على سريره ليغسل جعل بإصبعه كذا يحركها يعني بالتسبيح هذا إسناد منقطع.

قال الهيثم والمدائني وابن معين والفلاس وعدة مات خالد بن معدان سنة ثلاث ومئة. وقال ابن سعد أجمعوا على أنه مات سنة ثلاث ومئة وقال عفير بن معدان ويزيد بن عبد ربه ودحيم وطائفة مات سنة أربع ومئة وروى يحيى بن صالح عن إسماعيل بن عياش مات سنة خمس ومئة وقال خليفة وأبو عبيد مات سنة ثمان ومئة.

ص: 323

‌585 - نافع بن جبير

(359)

ابن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي الفقيه الإمام الحجة أبو محمد وقيل أبو عبد الله القرشي النوفلي المدني أخو محمد ابن جبير.

روايته عن العباس والزبير عند البخاري وروى أيضاً عن أبيه وعائشة وجرير وعلي والمغيرة وأبي هريرة ورافع بن خديج وابن عباس وعثمان بن أبي العاص وأبي شريح الخزاعي وأم سلمة ومسعود ابن الحكم وعدة.

وعنه رفيقه عروة وعمرو بن دينار والزهري وأبو الزبير وعبيد الله ابن أبي يزيد ومحمد بن سوقة وصالح بن كيسان وصفوان بن سليم وعبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي حسين وعبد الله بن الفضل الهاشمي وعمر بن عطاء بن أبي الخوار وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وسعد بن إبراهيم وأبو الغصن ثابت بن قيس وخلق كثير.

وثقه العجلي وأبو زرعة وجماعة. وقال علي بن المديني أصحاب زيد الذين كانوا يأخذون عنه ويفتون بفتواه منهم من لقيه ومنهم من لم يلقه وهم اثنا عشر رجلاً فذكر منهم نافع بن جبير.

وقال ابن حبان كان من خيار الناس كان يحج ماشياً وناقته تقاد وكان يخضب بالوسمة. وقال ابن المبارك كان نافع ابن جبير يعد من فصحاء قريش هو وعمر ابن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك. وعن نافع بن جبير قال من شهد جنازة ليراه أهلها فلا يشهدها.

(359)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 205)، التاريخ الكبير (8/ ترجمة 2257)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 2069)، الكاشف (3/ ترجمة 5880)، تاريخ الإسلام (4/ 62)، تهذيب التهذيب (10/ 404) خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7453)، شذرات الذهب (1/ 116).

ص: 324

وقيل قدم نافع بن جبير على الحجاج فقال الحجاج قتلت ابن الزبير وعبد الله بن صفوان وابن مطيع ووددت أني كنت قتلت ابن عمر فقال له ما أراد الله بك خير مما أردت لنفسك قال صدقت فلما خرج قال له عنبسة بن سعيد لا خير لك في المقام عند هذا قال جئت للغزو ثم ودع الحجاج وسار نحو الديلم.

مالك بن يزيد بن رومان قال كنت أصلي إلى جنب نافع بن جبير فيغمزني فأفتح عليه ونحن نصلي. محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو أن نافع بن جبير كان يحج ماشياً وراحلته تقاد معه.

يعلى بن عبيد حدثنا عثمان بن حكيم عن نافع بن جبير قال ما صخبت بمكة قط ولا آجرت أرضاً لي قط من استقرضها أقرضته قال وكان يقضي مناسكه على رجليه. ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن نافع بن جبير أنه قيل له إن الناس يقولون كأنه يعني التيه فقال والله لقد ركبت الحمار ولبست الشملة وحلبت الشاة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فيمن فعل ذلك من الكبر شيء".

هذا مرسل جيد قال الواقدي وكاتبه وخليفة والزبير بن بكار مات نافع في خلافة سليمان بن عبد الملك وسليمان استخلف سنة ست وتسعين ومات سنة تسع وروى الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أنه توفي سنة تسع وتسعين قلت مات في عشر التسعين فيما أرى وأخوه:

‌586 - محمد بن جبير

(360)

إمام فقيه ثبت يكنى أبا سعيد روى عن أبيه وعمر وابن عباس ووفد على معاوية

(360)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 205)، التاريخ الكبير (1/ ترجمة 109)، الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1212)، الكاشف (3/ ترجمة 4836)، تاريخ الإسلام (4/ 50)، تهذيب التهذيب (9/ 91 - 92)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6107).

ص: 325

روى عنه أولاده جبير وعمر وسعيد وإبراهيم وعمرو بن دينار والزهري وسعد بن إبراهيم وآخرون من المدنيين.

وكان أحد العلماء الأشراف صاحب كتب وعناية بالعلم. وقال ابن سعد ثقة قليل الحديث. قلت مات بعد أخيه نافع بقليل بالمدينة فقيل مات في خلافة عمر ابن عبد العزيز.

‌587 - وهب بن منبه

(361)

ابن كامل بن سيج بن ذي كبار وهو الأسوار الإمام العلامة الأخباري القصصي أبو عبد الله الأبناوي اليماني الذماري الصنعاني أخو همام بن منبه ومعقل بن منبه وغيلان بن منبه مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين ورحل وحج.

وأخذ عن ابن عباس وأبي هريرة إن صح وأبي سعيد والنعمان بشير وجابر وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس حتى أنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار وأخيه همام وعمرو بن شعيب وفنج اليماني ولا يدري من فنج.

حدث عنه ولداه عبد الله وعبد الرحمن وعمرو بن دينار وسماك بن الفضل وعوف الأعرابي وعاصم بن رجاء بن حيوة ويزيد بن يزيد بن جابر وعبد الله بن عثمان بن خثيم وإسرائيل أبو موسى وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق والمغيرة بن حكيم والمنذر بن النعمان وابن أخيه عقيل بن معقل وابن أخيه عبد الصمد بن معقل وسبطه إدريس بن سنان وصالح ابن عبيد وعبد الكريم بن حوران وعبد الملك بن خلج وداود بن قيس وعمران بن هربذ أبو الهذيل وعمران بن خالد الصنعانيون وخلق سواهم.

وروايته للمسند قليلة وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات ومن صحائف أهل الكتاب.

(361)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 543)، التاريخ الكبير (8/ ترجمة 2565)، الكنى للدولابي (2/ 62)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 110)، حلية الأولياء (4/ 23)، وفيات الأعيان (6/ ترجمة 237)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 93)، الكاشف (3/ ترجمة 6225)، تاريخ الإسلام (5/ 14)، تهذيب التهذيب (11/ 166)، شذرات الذهب (1/ 150).

ص: 326

قال أحمد كان من أبناء فارس له شرف قال وكل من كان من أهل اليمن له ذي هو شريف يقال فلان له ذي وفلان لا ذي له.

قال العجلي تابعي ثقة كان على قضاء صنعاء وقال أبو زرعة والنسائي ثقة.

قال أحمد بن محمد بن الأزهر سمعت مسلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه أن هماماً ووهباً وعبد الله ومعقلاً ومسلمة بنو منبه أصلهم من خراسان من هراة فمنبه من أهل هراة خرج أيام كسرى وكسرى أخرجه من هراة ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه ومسكنهم باليمن وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة ويتفقد أمر هراة.

حسان بن إبراهيم حدثنا يحيى بن زبان أنبأنا عبد الله بن راشد عن مولى سعيد بن عبد الملك سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في أمتي رجلان أحدهما يقال له وهب يؤتيه الله الحكم والآخر يقال له غيلان هو أشد على أمتي من إبليس".

سئل ابن معين عن ابن زبان وشيخة فقال لا أعرفهما. الوليد بن مسلم عن مروان بن سالم واه عن أحوص بن حكيم عن خالد عن عبادة مرفوعاً نحوه وقال أضر على أمتي. وعن عبد الرزاق عن أبيه عن وهب قال يقولون عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه وإن كعباً أعلم أهل زمانه أفرأيت من جمع علمهما أهو أعلم أم هما إسنادها مظلم.

وعن كثير أنه سار مع وهب فباتوا بصعدة عن رجل فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحاً فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافاً قدميه في ضياء كأنه بياض الشمس فقال الرجل رأيتك الليلة في هيئة وأخبره فقال اكتم ما رأيت.

مسلم الزنجي حدثني المثنى بن الصباح قال لبث وهب بن منبه أربعين سنة لم يسب شيئاً فيه الروح ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءاً قال وقال وهب لقد قرأت ثلاثين كتاباً نزلت على ثلاثين نبياً.

جعفر بن سليمان عن عبد الصمد بن معقل قال صحبت عمي وهباً أشهراً يصلي الغداة بوضوء العشاء.

ص: 327

وقال سلم بن ميمون الخواص عن مسلم الزنجي قال لبث وهب ابن منبه أربعين سنة لا يرقد على فراش وعشرين سنة لم يجعل بين العتمة والصبح وضوءاً.

وروى عبد الرزاق بن همام عن أبيه قال رأيت وهباً إذا قام في الوتر قال لك الحمد السرمد حمداً لا يحصيه العدد ولا يقطعه الأبد كما ينبغي لك أن تحمد وكما أنت له أهل وكما هو لك علينا حق. وروى عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال كان وهب يحفظ كلامه كل يوم فإن سلم أفطر وإلا طوى.

قال عبد الصمد بن معقل قال الجعد بن درهم ما كلمت عالماً قط إلا غضب وحل حبوته غير وهب. معمر عن سماك بن الفضل قال كنا عند عروة بن محمد الأمير وإلى جنبه وهب فجاء قوم فشكوا عاملهم وذكروا منه شيئاً قبيحاً فتناول وهب عصاً كانت يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى سال الدم فضحك عروة واستلقى وقال يعيب علينا وهب الغضب وهو يغضب قال ومالي لا أغضب وقد غضب الذي خلق الأحلام يقول تعالى: "فلما آسفونا انتقمنا منهم" الزخرف 55،.

وروى إسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد بن معقل قيل لوهب إنك يا أبا عبد الله كنت ترى الرؤيا فتحدثنا بها فتكون حقاً قال هيهات ذهب ذلك عني منذ وليت القضاء.

وعن وهب الدراهم خواتيم الله في الأرض فمن ذهب بخاتم الله قضيت حاجته.

ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال دخلت على وهب داره بصنعاء فأطعمني من جوزه في داره فقلت له وددت أنك لم تكن تكتب في القدر كتاباً فقال وأنا والله. أحمد عن عبد الرزاق سمعت أبي يقول حج عامة الفقهاء سنة مئة فحج وهب فلما صلوا العشاء أتاه نفر فيهم عطاء والحسن وهم يريدون أن يذاكروه القدر قال فافتن في باب من الحمد فما زال فيه حتى طلع الفجر فافترقوا ولم يسألوه عن شيء.

قال أحمد اتهم بشيء منه ورجع وقال العجلي رجع. حماد بن سلمة عن أبي سنان عيسى بن سنان سمعت وهباً يقول كنت أقول بالقدر

ص: 328

حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلها من جعل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر فتركت قولي.

أبو أسامة عن أبي سنان سمعت وهباً يقول لعطاء الخراساني كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم فكانوا لا يلتفتون إليها وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم في علمهم فأصبح أهل العلم يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم.

وعنه قال احفظوا عني ثلاثاً إياكم وهوىً متعباً وقرين سوء وإعجاب المرء بنفسه. وعنه دع المراء والجدل فإنه لن يعجز أحد رجلين رجل هو أعلم منك فكيف تعادي وتجادل من هو أعلم منك ورجل أنت أعلم منه فكيف تعادي وتجادل من أنت أعلم منه ولا يطيعك.

أبو عاصم النبيل حدثني أبو سلام عن وهب بن منبه قال العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والعمل قيمة والصبر أمير جنوده والرفق أبوه واللين وأخوه. عن وهب المؤمن ينظر ليعلم ويتكلم ليفهم ويسكت ليسلم ويخلو ليغنم.

الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء وماله الفقه. ثلاث من كن فيه أصاب البر السخاء والصبر على الأذى وطيب الكلام. أبو اليمان عن عباس بن يزيد قال قال وهب بن منبه استكثر من الإخوان ما استطعت فإن استغنيت عنهم لم يضروك وإن احتجت إليهم نفعوك. وعن وهب إذا سمعت من يمدحك بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك.

ابن المبارك عن وهيب بن الورد قال جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس قال لا تفعل إنه لا بد لك من الناس ولا بد لهم منك ولهم إليك حوائج ولك نحوها لكن كن فيهم أصم سميعاً أعمى بصيراً سكوتاً نطوقاً.

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر أنبأنا ابن خليل أنبأنا أحمد بن محمد أنبأنا أبو علي الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا ابن حيان حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته حدثنا بشر بن هلال حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي سنان قال اجتمع وهب وعطاء الخراساني فقال له عطاء يا أبا عبد الله ما هذا الذي فشا عنك في القدر فقال ما تكلمت في القدر

ص: 329

بشيء ولا أعرف هذا قرأت نيفاً وتسعين كتاباً من كتب الله منها سبعون ظاهرة في الكنائس ومنها عشرون لا يعلمها إلا قليل فوجدت فيها كلها أن من وكل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر.

وبه إلى أبي نعيم حدثنا أبو حامد حدثنا السراج حدثنا إسحاق ابن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرني أبي سمعت وهباً يقول ربما صليت الصبح بوضوء العتمة.

وعن وهب قال كان نوح عليه السلام من أجمل أهل زمانه وكان يلبس البرقع فأصابتهم مجاعة في السفينة فكان نوح إذا تجلى لهم بوجهه شبعوا.

وعن وهب أن عيسى عليه السلام قال للحواريين أشدكم جزعاً على المصيبة أشدكم حباً للدنيا. وعن وهب قال المؤمن يخالط ليعلم ويسكت ليسلم ويتكلم ليفهم ويخلو ليغنم.

وعنه قرأت في بعض الكتب ابن آدم لا خير لك في أن تعلم ما لم تعلم ولم تعمل بما علمت فإن مثل ذلك كرجل احتطب حطباً فحزم حزمة فذهب يحملها فعجز عنها فضم إليها أخرى.

أنبأنا أحمد بن سلامة عن أبي المكارم اللبان أنبأنا أبو علي الحداد أنبأنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان عن أبي موسى اليماني عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن"

(362)

أبو موسى مجهول.

مبارك بن سعيد الثوري عن سيفان عن جعفر بن برقان قال وهب طوبى لمن شغله عيبه عن عيب أخيه طوبى لمن تواضع لله من غير مسكنة طوبى لمن تصدق من مال جمعه من غير معصية طوبى لأهل الضر وأهل المسكنة طوبى لمن جالس أهل العلم والحلم طوبى لمن اقتدى بأهل العلم والحلم والخشية طوبى لمن وسعته السنة فلم يعدها.

(362)

حسن لغيره: أخرجه أحمد (1/ 357)، وابن أبي شيبة (12/ 336)، وأبو داود (2859)، الترمذي (2256)، والنسائي (7/ 195 - 196) من طرق عن سفيان الثوري، عن أبي موسى، عن وهب بن مُنَبَّه، عن ابن عباس، به مرفوعًا.

وله شاهد حسن من حديث أبي هريرة عند أحمد (2/ 371).

ص: 330

عن وهب الأحمق إذا تكلم فضحه حمقه وإذا سكت فضحه عيه وإذا عمل أفسد وإذا ترك أضاع لا علمه يعينه ولا علم غيره ينفعه تود أمه أنها ثكلته وامرأته لو عدمته ويتمنى جاره منه الوحدة ويجد جليسه منه الوحشة.

علي بن المديني حدثنا هشام بن يوسف أخبرني داود بن قيس قال كان لي صديق يقال له أبو شمر ذو خولان فخرجت من صنعاء أريد قريته فلما دنوت منها وجدت كتاباً مختوماً إلى أبي شمر فجئته فوجدته مهموماً حزيناً فسألته عن ذلك فقال قدم رسول من صنعاء فذكر أن أصدقاء لي كتبوا لي كتاباً فضيعه الرسول قلت فهذا الكتاب فقال الحمد لله ففضه فقرأه فقلت أقرئنيه فقال أني لأستحدث سنك قلت فما فيه قال ضرب الرقاب قلت لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك قال من أين تعرفهم قلت إني وأصحاباً لي نجالس وهب بن منبه فيقول لنا احذروا أيها الأحداث الأغمار هؤلاء الحروراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف فإنهم عرة لهذه الأمة فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه سلام عليك فإنا نحمد إليك الله ونوصيك بتقواه فإن دين الله رشد وهدى وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه فإذا جاءك كتابنا فانظر أن تؤدي إن شاء الله ما افترض الله عليك من حقه تستحق بذلك ولاية الله وولاية أوليائه والسلام.

قلت له فإني أنهاك عنهم فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك قلت فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله قال نعم فنزلنا إلى صنعاء فأدخلته على وهب ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد فوجدنا عند وهب نفراً فقال لي بعض النفر من هذا الشيخ قلت له حاجة فقام القوم فقال وهب ما حاجتك يا ذا خولان فهرج وجبن فقال لي وهب عبر عنه قلت إنه من أهل القرآن والصلاح والله أعلم بسريرته فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل حروراء فقالوا له زكاتك التي تؤديها إلى الأمراء لا تجزئ عنك لأنهم لا يضعونها في مواضعها فأدها إلينا ورأيت يا أبا عبد الله أن كلامك أشفى له من كلامي فقال يا ذا خولان أتريد أن تكون بعد الكبر حرورياً تشهد على من هو خير منك بالضلالة فماذا أنت قائل لله غداً حين يقفك الله ومن شهدت عليه فالله يشهد له بالإيمان وأنت تشهد عليه بالكفر والله يشهد له بالهدى وأنت تشهد عليه بالضلالة فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله وشهادتك شهادة الله أخبرني يا ذا خولان ماذا يقولون لك فتكلم عند ذلك وقال لوهب إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ولا أستغفر إلا له فقال صدقت هذه محنتهم الكاذبة

ص: 331

فأما قولهم في الصدقة فإنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها

(363)

أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع أو هرة والله يقول: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" الإنسان 8، الآيات.

وأما قولهم لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم أهم خير أم الملائكة والله يقول: "ويستغفرون لمن في الأرض" الشورى 5، فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به:"لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" الأنبياء 27، وجاء ميسراً "ويستغفرون للذين آمنوا" غافر 7،.

يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الإسلام فوالله ما كانت الخوارج جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الأرض وقطعت السنبل والحج ولعاد أمر الإسلام جاهلية وإذاً لقام جماعة كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف يقاتل بعضهم بعضاً ويشهد بعضهم على بعض بالكفر حتى يصبح المؤمن خائفاً على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله لا يدري مع من يكون قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" البقرة 251، وقال:"إن لننصر رسلنا والذين آمنوا" غافر 51، فلو كانوا مؤمنين لنصروا وقال:"وإن جندنا لهم الغالبون" الصافات 173، ألا يسعك يا ذا خولان من أهل القبلة ما وسع نوحاً من عبدة الأصنام إذ قال له قومه:"أنؤمن لك واتبعك الأرذلون" الشعراء 111، إلى أن قال فقال ذو خولان فما تأمرني قال أنظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة وجمعهم عليه فإن الملك من الله وحده وبيده يأتيه من يشاء فإذا أديتها إلى والي الأمر برئت منها وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف فقال أشهد أني نزلت عن رأي الحرورية.

وفي العقل لابن المحبر ذكر صفات حميدة للعاقل نحو من ستين سطراً فيها مئة خصلة.

(363)

صحيح: أخرجه أحمد (2/ 269)، ومسلم (2619)، وابن ماجه من طريق عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت امرأة النار من جرَّاء هِرَّة لها أو هِرٍّ ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هى أرسلتها تُرمرم من خشاش الأرض حتى ماتت هَزْلًا".

ص: 332

وعن وهب قال احتمال الذل خير من انتصار يزيد صاحبه قمأة. وقد امتحن وهب وحبس وضرب فروى حبان بن زهير العدوي قال: حدثني أبو الصيداء صالح بن طريف قال لما قدم يوسف بن عمر العراق بكيت وقلت هذا الذي ضرب وهب بن منبه حتى قتله.

يعني لما ولي إمرة اليمن ثم نقله الخليفة هشام إلى إمرة العراق وكان جباراً عنيداً مهيباً كان سماطه بالعراق فيما حكى المدائني كل يوم خمس مئة مائدة أبعد الموائد وأقربها سواء في الجودة ثم إنه عزل عن العراق عند مقتل الوليد الفاسق ثم ضربت عنقه ولله الحمد في سنة سبع وعشرين ومئة.

قلت لا شيء في الصحيحين لوهب بن منبه سوى حديث واحد أنبأناه ابن قدامة أنبأنا حنبل أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا ابن مالك حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن عمرو عن ابن منبه عن أخيه سمعت أبا هريرة يقول ليس أحد أكثر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب.

قال الواقدي وكاتبه وشباب وأبو عبيد وعبد المنعم بن إدريس مات سنة عشر ومئة. وقال والد عبد الرزاق وعبد الصمد بن معقل ومعاوية بن صالح مات سنة أربع عشرة ومئة زاد عبد الصمد بن محرم. وقيل مات في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة.

‌588 - رجاء بن حيوة

(364)

ابن جرول وقيل ابن جزل وقيل ابن جندل الإمام القدوة الوزير العادل أبو نصر الكندي الأزدي ويقال الفلسطيني الفقيه من جلة التابعين ولجده جرول بن الأحنف صحبة فيما قيل.

(364)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 454)، التاريخ الكبير (3/ ترجمة 1062)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 2266)، الحلية لأبي نعيم (5/ 170)، وفيات الأعيان (2/ ترجمة 237)، تاريخ الإسلام (4/ 249)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 103)، العبر (1/ 138)، تهذيب التهذيب (3/ 265)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2053)، شذرات الذهب (1/ 145).

ص: 333

حدث رجاء عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وطائفة أرسل عن هؤلاء وعن غيرهم. وروى أيضاً عن عبد الله بن عمرو ومعاوية وأبي سعيد الخدري وجابر وأبي أمامة الباهلي ومحمود بن الربيع وأم الدرداء وعبد الملك ابن مروان وأبيه حيوة وأبي إدريس وخلق كثير.

حدث عنه مكحول والزهري وقتادة وعبد الملك بن عمير وإبراهيم ابن أبي عبلة وابن عون وحميد الطويل وأشعث بن أبي الشعثاء ومحمد ابن عجلان ومحمد بن جحادة وعروة بن رويم ورجاء بن أبي سلمة وثور ابن يزيد وآخرون.

قال ابن سعد كان ثقةً عالماً فاضلاً كثير العلم. وقال النسائي وغيره ثقة قال مكحول ما زلت مضطلعاً على من ناوأني حتى عاونهم علي رجاء بن حيوة وذلك أنه كان سيد أهل الشام في أنفسهم.

قلت كان ما بينهما فاسداً وما زال الأقران ينال بعضهم من بعض ومكحول ورجاء إمامان فلا يلتفت إلى قول أحد منهما في الآخر. قال يعقوب الفسوي كان رجاء قدم الكوفة مع بشر بن مروان فسمع منه أبو إسحاق وقتادة.

ابن شوذب عن مطر الوراق قال ما رأيت شامياً أفضل من رجاء ابن حيوة. وقال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة ما من رجل من أهل الشام أحب إلي أن اقتدي به من رجاء بن حيوة.

ويروى عن رجاء بن حيوة قال من لم يؤاخ إلا من لا عيب فيه قل صديقه ومن لم يرض من صديقه إلا بالإخلاص له دام سخطه ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه.

قال ربيعة بن يزيد القصير وقف عبد الملك بن مروان في قراءته فقال لرجاء بن حيوة ألا فتحت علي. وكان عبد الله بن عون إذا ذكر من يعجبه ذكر رجاء بن حيوة.

ص: 334

قال الأصمعي سمعت ابن عون يقول رأيت ثلاثة ما رأيت مثلهم محمد بن سيرين بالعراق والقاسم بن محمد بالحجاز ورجاء بن حيوة بالشام.

الأنصاري عن ابن عون قال كان إبراهيم والشعبي والحسن يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم وابن سيرين ورجاء يعيدون الحديث على حروفه. ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال كان يزيد بن عبد الملك يجري على رجاء بن حيوة ثلاثين ديناراً في كل شهر فلما ولي هشام الخلافة قال ما هذا برأي فقطعها فرأى هشام أباه في النوم فعاتبه في ذلك فأجراها.

قلت كان في نفس هشام منه شيء لكونه عمل على تأخيره وقت وفاة أخيه سليمان وعقد الخلافة لابن عمه عمر بن عبد العزيز. قال رجاء بن أبي سلمة نظر الرجاء بن حيوة إلى رجل ينعس بعد الصبح فقال انتبه لا يظنون أن ذا عن سهر.

عبد الله بن بكر السهمي حدثنا محمد بن ذكوان عن رجاء بن حيوة قال كنت واقفاً على باب سليمان إذا أتاني آت لم أره قبل ولا بعد فقال يا رجاء إنك قد ابتليت بهذا وابتلي بك وفي قربه الوتغ فعليك بالمعروف وعون الضعيف يا رجاء من كانت له منزلة من سلطان فرفع حاجة ضعيف لا يستطيع رفعها لقي الله وقد شد قدميه للحساب بين يديه.

قلت كان رجاء كبير المنزلة عند سليمان بن عبد الملك وعند عمر بن عبد العزيز وأجرى الله على يديه الخيرات ثم إنه بعد ذلك أخر فأقبل على شأنه. فعن ابن عون قال قيل لرجاء إنك كنت تأتي السلطان فتركتهم فقال يكفيني الذي أدعهم له.

وروى ضمرة عن إبراهيم بن أبي عبلة قال كنا نجلس إلى عطاء الخراساني فكان يدعو بعد الصبح بدعوات فغاب فتكلم رجل من المؤذنين فأنكر رجاء بن حيوة صوته فقال من هذا قال أنا يا أبا المقدام قال اسكت فإنا نكره أن نسمع الخير إلا من أهله.

قال صفوان بن صالح حدثنا عبد الله بن كثير الدمشقي القارئ حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال كنا مع رجاء بن حيوة فتذاكرنا شكر النعم فقال ما أحد يقوم بشكر نعمة وخلفنا رجل على رأسه كساء فقال ولا أمير المؤمنين فقلنا وما ذكر أمير المؤمنين

ص: 335

هنا وإنما هو رجل من الناس قال فغفلنا عنه فالتفت رجاء فلم يره فقال أتيتم من صاحب الكساء فإن دعيتم فاستحلفتم فاحلفوا قال فما عملنا إلا بحرسي قد أقبل عليه قال هيه يا رجاء يذكر أمير المؤمنين فلا تحتج له قال فقلت وما ذاك يا أمير المؤمنين قال ذكرتم شكر النعم فقلتم ما أحد يقوم بشكر نعمة قيل لكم ولا أمير المؤمنين فقلت أمير المؤمنين رجل من الناس فقلت لم يكن ذلك قال آلله قلت آلله قال فأمر بذلك الرجل الساعي فضرب سبعين سوطاً فخرجت وهو متلوث بدمه فقال هذا وأنت رجاء بن حيوة قلت سبعين سوطاً في ظهرك خير من دم مؤمن قال ابن جابر فكان رجاء بن حيوة بعد ذلك إذا جلس في مجلس يقول ويتلفت احذروا صاحب الكساء.

قال مسلمة بن عبد الملك أمير السرايا برجاء بن حيوة وبأمثاله ننصر. قال يحيى بن معين أدرك رجاء بن حيوة معاوية ومات في أول إمرة هشام.

وقال أبو عبيد وخليفة بن خياط مات سنة اثنتي عشرة ومئة.

‌589 - عمر بن هبيرة

(365)

ابن معاوية بن سكين الأمير أبو المثنى الفزاري الشامي أمير العراقين ووالد أميرها يزيد كان ينوب ليزيد بن عبد الملك فعزله هشام وقد ولي غزو البحر سنة سبع نوبة قسطنطينية وجمعت له العراق في سنة ثلاث ومئة ثم عزل بخالد القسري فقيده وألبسه عباءة وسجنه فتحيل غلمانه ونقبوا سرباً أخرجوه منه فهرب واستجار بالأمير مسلمة بن عبد الملك فأجاره ثم لم يلبث أن مات سنة سبع ومئة تقريباً.

‌590 - إبراهيم بن محمد

(366)

ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله التيمي استشهد أبوه مع جده يوم الجمل وروى عن سعيد بن زيد وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو وعدة.

(365)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 176)، خزانة الأدب للبغدادي (3/ 144).

(366)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 52)، التاريخ الكبير (/ترجمة 993)، الجرح والتعديل (2/ترجمة 385)، تاريخ الإسلام (4/ 90)، العبر (1/ 135)، تهذيب التهذيب (1/ 153)، شذرات الذهب (1/ 136).

ص: 336

وعنه سعد بن إبراهيم وعبد الله بن محمد بن عقيل ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ومحمد بن زيد بن المهاجر وعبد الله بن حسن وطلحة بن يحيى وآخرون.

وكان من رجال الكمال ولي خراج العراق لإبن الزبير ووفد على عبد الملك فوعظه وكان يقال له أسد قريش قوالاً بالحق فصيحاً صارماً وكان أعرج موثقاً.

الزبير بن بكار حدثنا محمد بن يحيى حدثني عمران بن عبد العزيز الزهري قال ولي الحجاج الحرمين فبالغ في إجلال إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ثم أخذه معه إلى عبد الملك وقال يا أمير المؤمنين قدمت عليك برجل الحجاز لم أدع له نظيراً فأذن له وأجلسه على فرشه وقال إن الحجاج أذكرنا فضلك قال فنصحه وذكر عسف الحجاج فتنمر له وأقامه ثم بعد ساعة خرج الحجاج فاعتنق إبراهيم ودعا له قال فقلت يهزأ بي ثم أدخلت فقال عبد الملك لعل يا ابن طلحة شاركك في نصيحتك أحد قلت لا والله ولو كنت محابياً أحداً لحابيت الحجاج لإثارة عندي ولكن آثرت الله ورسوله فقال قد علمت ذلك وأزلته عن الحرمين وأعلمته أنك استنزلتني عنهما استصغاراً لهما ووليته العراقين لما هناك من الأمور فأخرج معه.

توفي إبراهيم سنة عشر ومئة عن نحو ثمانين سنة وثقه أحمد العجلي وغيره وكان موته بمنى زمن الحج.

‌591 - الحسن البصري

(367)

هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي قاله عبد السلام ابن مطهر عن غاضرة بنت قرهد العوفي ثم قال وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية ويقال كان مولى جميل بن قطبة ويسار أبوه من سبي ميسان سكن المدينة وأعتق وتزوج بها في خلافة عمر فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه خيرة ثم نشأ الحسن بوادي القرى وحضر الجمعة مع عثمان وسمعه يخطب وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة.

(367)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 156)، التاريخ الكبير (2/ترجمة 2503)، الجرح والتعديل (3/ ترجمة 177)، حلية الأولياء (2/ 131)، أخبار أصبهان (1/ 254)، وفيات الأعيان (2/ 156)، تاريخ الإسلام (4/ 98)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 66)، العبر (1/ 135)، تهذيب التهذيب (2/ 263)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1330)، شذرات الذهب (1/ 136).

ص: 337

قال الحجاج بن نصير سبيت أم الحسن البصري من ميسان وهي حامل به وولدته بالمدينة.

وقال سويد بن سعيد حدثني أبو كرب قال كان الحسن وابن سيرين موليين لعبد الله بن رواحة وقدما البصرة مع أنس. قلت القولان شاذان.

قال محمد بن سلام حدثنا أبو عمرو والشعاب بإسناد له قال كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة فيبكي وهو طفل فتسكته أم سلمة بثديها وتخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير وكانت أمه منقطعة إليها فكانوا يدعون له فأخرجته إلى عمر فدعا له وقال اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس قلت إسنادها مرسل.

يونس عن الحسن عن أمه أنها كانت ترضع لأم سلمة قال المدائني قال الحسن كان أبي وأمي لرجل من بني النجار فتزوج امرأة من بني سلمة فساق أبي وأمي في مهرها فأعتقتنا السلمية يونس عن الحسن قال لي الحجاج ما أمدك يا حسن قلت سنتان من خلافة عمر.

وكان سيد أهل زمانه علماً وعملاً قال معتمر بن سليمان كان أبي يقول الحسن شيخ أهل البصرة وروى أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة رأى عثمان وطلحة والكبار.

وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب وأبي بكرة الثقفي والنعمان بن بشير وجابر وجندب البجلي وابن عباس وعمرو بن تغلب ومعقل بن يسار والأسود ابن سريع وأنس وخلق من الصحابة.

وقرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشي وروى عن خلق من التابعين. وعنه أيوب وشيبان النحوي ويونس بن عبيد وابن عون وحميد الطويل وثابت البناني ومالك بن دينار وهشام بن حسان وجرير بن حازم والربيع بن صبيح ويزيد بن إبراهيم التستري ومبارك بن فضالة وأبان بن يزيد العطار وقرة بن خالد وحزم القطعي

ص: 338

وسلام بن مسكين وشميط بن عجلان وصالح أبو عامر الخزاز وعباد بن راشد وأبو حريز عبد الله بن الحسين قاضي سجستان ومعاوية بن عبد الكريم الضال وواصل أبو حرة الرقاشي وهشام بن زياد وشبيب بن شيبة وأشعث بن براز وأشعث بن جابر الحداني وأشعث بن عبد الملك الحمراني وأشعث بن سوار وأبو الأشهب وأمم سواهم.

وقد روى بالإرسال عن طائفة كعلي وأم سلمة ولم يسمع منهما ولا من أبي موسى ولا من ابن سريع ولا من عبد الله بن عمرو ولا من عمرو بن تغلب ولا من عمران ولا من أبي برزة ولا من أسامة بن زيد ولا من ابن عباس ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة ولا من أبي بكرة ولا من أبي هريرة ولا من جابر ولا من أبي سعيد قاله يحيى بن معين.

وقال البخاري لم يعرف للحسن سماع من دغفل. وقال غيره لم يسمع من سلمة بن المحبق ولا من العباس ولا من أبي.

قال يعقوب بن شيبة قلت لابن المديني يقال عن الحسن أخذت بحجزة سبعين بدرياً وقال هذا باطل أحصيت أهل بدر الذين يروى عنهم فلم يبلغوا خمسين منهم من المهاجرين أربعة وعشرون.

وقال شعيب بن الحبحاب عنه رأيت عثمان يصب عليه من إبريق. وقال يحيى القطان أحاديثه عن سمرة سمعنا أنها كتاب.

قلت قد صح سماعه في حديث العقيقة وفي حديث النهي عنه المثلة من سمرة.

وقال قتادة ما شافه الحسن بدرياً بالحديث. قال يحيى القطان في أحاديث سمرة رواية الحسن سمعنا أنها من كتاب معن القزاز. حدثنا محمد بن عمرو سمعت الحسن يقول سمعت أبا هريرة يقول الوضوء مما غيرت النار فقال الحسن لا أدعه أبداً.

مسلم حدثنا أبو هلال سمعت الحسن يقول كان موسى نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل إلا مستتراً فقال له ابن بريدة ممن سمعت هذا قال من أبي هريرة. قال يونس وعلي بن جدعان لم يسمع الحسن من أبي هريرة.

همام عن قتادة عن الحسن سمعت عثمان رضي الله عنه يقول في خطبته أراه قال اقتلوا الكلاب والحمام.

ص: 339

شعيب بن الحبحاب عن الحسن شهدت عثمان جمعاً تباعاً يأمر بذبح الحمام وقتل الكلاب عفان حدثنا مبارك بن فضالة واخر عن الحسن بمثله.

بهز بن أسد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس عن الحسن قال رأيت عثمان نائماً في المسجد حتى جاءه المؤذن فقام فرأيت أثر الحصى على جنبه.

حماد بن زيد عن أيوب سمعت الحسن يقول خرج علينا عثمان فكان بينهم تخليط فتراموا بالحصباء.

وعن أبي موسى عن الحسن قال شهدت عثمان يوم الجمعة قام يخطب فقام إليه رجل فقال أنشدك كتاب الله فقال عثمان أجلس أما لكتاب الله منشد غيرك قال فجلس ثم قام أو قام رجل غيره فقال مثل مقالته فقال له اجلس أما لكتاب الله منشد غيرك فأبى أن يجلس فبعث إليه الشرط ليجلسوه فقام الناس فحالوا بينهم وبينه ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل ما أكاد أرى السماء من البطحاء فنزل عن منبره ودخل داره ولم يصل الجمعة يومئذ.

مسلم حدثنا أبو عقيل حدثنا الحسن قال خرج عثمان فقام يخطب فذكر بعض حديث أبي موسى. سليم بن أخضر عن ابن عون أنبأنا الحسن قال كان عثمان يوماً يخطب فقام رجل فقال إنا نسألك كتاب الله ثم ذكر نحوه فحصبوه فحصبوا الذين حصبوه ثم تحاصب القوم والله فأنزل الشيخ يهادى بين رجلين ما كاد أن يقيم عنقه حتى أدخل الدار فقال لو جئتم بأم المؤمنين عسى أن يكفوا عنه قالوا فجاؤوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة فلما جاؤوا بها إلى الدار صرفوا وجه البغلة حتى ردوها.

حريث بن السائب حدثنا الحسن قال كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي وأنا غلام محتلم يومئذ. ضمرة عن ابن شوذب قال قال الحسن كنت يوم قتل عثمان ابن أربع عشرة سنة ثم قال الحسن لولا النسيان كان العلم كثيراً.

حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن قال دخلت على عثمان بن أبي العاص.

ص: 340

جرير بن حازم حدثنا الحسن حدثنا عمرو بن تغلب مرفوعاً تقاتلون قوما ينتعلون الشعر

(368)

.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ويوسف بن أحمد قالا أنبأنا موسى بن عبد القادر أنبأنا سعيد بن البناء أنبأنا أبو القاسم بن البسري أنبأنا أبو طاهر المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا مبارك بن فضالة حدثنا الحسن عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة يسند ظهره إليها فلما كثر الناس قال ابنوا لي منبراً له عتبتان فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنا في المسجد فسمعت الخشبة تحن حنين الواله فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكنت.

وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.

هذا حديث حسن غريب ما وقع لي من رواية الحسن أعلى منه سوى حديث آخر سأسوقه.

أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمداني أنبأنا الفتح بن عبد الله بن محمد الكاتب أنبأنا الأرموي ومحمد الطرائفي وأبو غالب بن الداية قالوا أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري أنبأنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا مبارك بن فضالة حدثنا الحسن في هذه الآية: "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" الجاثية 23، قال هو المنافق لا يهوى شيئاً إلا ركبه.

أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن الحباب الكاتب أنبأنا علي بن مختار أنبأنا أبو طاهر السلفي أنبأنا القاسم بن الفضل وأنبأنا إسماعيل بن الفراء أنبأنا أبو محمد بن قدامة أخبرتنا شهدة الإبرية وتجني الوهبانية قالتا أخبرنا طراد الزينبي قال حدثنا هلال بن محمد الحفار أنبأنا الحسين بن يحيى القطان حدثنا أبو الأشعث حدثنا حزم القطعي سمعت الحسن يقول بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحم الله عبداً تكلم فغنم أو سكت فسلم.

وبه حدثنا حزم قال رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى فجاء عطاء وطاووس ومجاهد وعمرو بن شعيب فجلسوا إليه.

(368)

صحيح: أخرجه أحمد (5/ 69 - 70).

ص: 341

هذا أعلى ما يقع لنا عن الحسن البصري رحمه الله. قال أحمد بن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول لم يسمع الحسن من أبي هريرة قيل له ففي بعض الحديث حدثنا أبو هريرة قال ليس بشيء.

موسى بن إسماعيل حدثنا ربيعة بن كلثوم عن الحسن قال نبأنا أبو هريرة قال عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً الغسل يوم الجمعة والوتر قبل أن أنام وصيام ثلاثة من كل شهر ربيعة صدوق خرج له مسلم.

الوليد بن مسلم عن سالم الخياط سمعت الحسن وابن سيرين يقولان سمعنا أبا هريرة فذكر حديثاً. سالم واه والحسن مع جلالته فهو مدلس ومراسيله ليست بذاك ولم يطلب الحديث في صباه وكان كثير الجهاد وصار كاتباً لأمير خراسان الربيع ابن زياد.

وقال سليمان التيمي كان الحسن يغزو وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء ثم جاء الحسن فكان يفتي. قال محمد بن سعد كان الحسن رحمه الله جامعاً عالماً رفيعاً فقيهاً ثقةً حجةً مأموناً عابداً ناسكاً كثير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً وما أرسله فليس بحجة.

الأصمعي عن أبيه قال ما رأيت زنداً أعرض من زند الحسن البصري كان عرضه شبراً. قلت كان رجلاً تام الشكل مليح الصورة بهياً وكان من الشجعان الموصوفين. ضمرة بن ربيعة عن الأصمغ بن زيد سمع العوام بن حوشب قال ما أشبه الحسن إلا بنبي.

وعن أبي بردة قال ما رأيت أحداً أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه. حميد بن هلال قال لنا أبو قتادة الزموا هذا الشيخ فما رأيت أحداً أشبه رأياً بعمر منه يعني الحسن. وعن أنس بن مالك قال سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا.

وقال مطر الوراق لما ظهر الحسن جاء كأنما في الآخرة فهو يخبر عما عاين. مجالد عن الشعبي قال ما رأيت الذي كان أسود من الحسن.

ص: 342

عن أمة الحكم قالت كان الحسن يجيء إلى حطان الرقاشي فما رأيت شاباً قط كان أحسن وجهاً منه. وعن جرثومة قال رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة أبو هلال رأيت الحسن يغير بالصفرة.

وقال عارم حدثنا حماد بن سلمة قال رأيت الحسن يصفر لحيته. وقال قتادة ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلاً عليه غير أنه إذا أشكل عليه شيء كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله وما جالست فقيهاً قط إلا رأيت فضل الحسن.

قال أيوب السختياني كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له. وقال معاذ بن معاذ قلت للأشعث قد لقيت عطاء وعندك مسائل أفلا سألته قال ما لقيت أحداً بعد الحسن إلا صغر في عيني.

وقال أبو هلال كنت عند قتادة فجاء خبر بموت الحسن فقلت لقد كان غمس في العلم غمسة قال قتادة بل نبت فيه وتحقبه وتشربه والله لا يبغضه إلا حروري.

محمد بن سلام الجمحي عن همام عن قتادة قال يقال ما خلت الأرض قط من سبعة رهط بهم يسقون وبهم يدفع عنهم وإني لأرجو أن يكون الحسن أحد السبعة.

قال قتادة وما كان أحد أكمل مروءة من الحسن. وقال حميد ويونس ما رأينا أحداً أكمل مروءة من الحسن. وعن علي بن يزيد قال سمعت من ابن المسيب وعروة والقاسم وغيرهم ما رأيت مثل الحسن ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه.

حماد بن زيد عن حجاج بن أرطاة: سألت عطاء عن القراءة على الجنازة قال ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها قلت إن الحسن يقول يقرأ عليها قال عطاء عليك بذاك ذاك إمام ضخم يقتدى به.

وقال يونس ابن عبيد أما أنا فإني لم أر أحداً أقرب قولاً من فعل من الحسن. أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال اختلفت إلى الحسن عشر سنين أو ما شاء الله فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك.

ص: 343

مسلم بن إبراهيم حدثنا سلام بن مسكين رأيت على الحسن قباء مثل الذهب يتألق. وقال ابن علية عن يونس كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة وطيلساناً كردياً وعمامةً سوداء وفي الصيف إزار كتان وقميصاً وبرداً حبرة.

وروى حوشب عن الحسن قال المؤمن يداري دينه بالثياب. يونس عن الحسن أنه كان من رؤوس العلماء في الفتن والدماء والفروج. وقال عوف ما رأيت رجلاً أعلم بطريق الجنة من الحسن.

حماد بن زيد عن يزيد بن حازم قال قام الحسن من الجامع فاتبعه ناس فالتفت إليهم وقال إن خفق النعال حول الرجال قلما يلبث الحمقى. وروى حوشب عن الحسن قال يا ابن آدم الله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك وليشتدن في الدنيا خوفك وليكثرن في الدنيا بكاؤك.

وقال إبراهيم بن عيسى اليشكري ما رأيت أحداً أطول حزناً من الحسن ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة.

الثوري عن عمران القصير قال سألت الحسن عن شيء فقلت إن الفقهاء يقولون كذا وكذا فقال وهل رأيت فقيهاً بعينك إنما الفقيه الزاهد في الدنيا البصير بدينه المداوم على عبادة ربه.

عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا محمد بن ذكوان حدثنا خالد بن صفوان قال لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال يا خالد أخبرني عن حسن أهل البصرة قلت أصلحك الله أخبرك عنه بعلم أنا جاره إلى جنبه وجليسه في مجلسه وأعلم من قلبي به أشبه الناس سريرة بعلانية وأشبهه قولاً بفعل إن قعد على أمر قام به وإن قام على أمر قعد عليه وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له رأيته مستغنياً عن الناس ورأيت الناس محتاجين إليه قال حسبك كيف يضل قوم هذا فيهم.

هشام بن حسان سمعت الحسن يحلف بالله ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله. وقال حزم بن أبي حزم سمعت الحسن يقول بأس الرفيقان الدينار والدرهم لا ينفعانك حتى يفارقاك. وقال أبو زرعة الرازي كل شيء قال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلاً ثابتاً ما خلا أربعة أحاديث.

ص: 344

روح بن عبادة حدثنا حجاج الأسود قال تمنى رجل فقال ليتني بزهد الحسن وورع ابن سيرين وعبادة عامر بن عبد قيس وفقه سعيد بن المسيب وذكر مطرف بن الشخير بشيء قال فنظروا في ذلك فوجدوه كله كاملاً في الحسن.

عيسى بن يونس عن الفضيل أبي محمد سمعت الحسن يقول أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة جمعت القرآن أنظر إلى طلحة بن عبيد الله الفضيل لا يعرف. يعقوب الفسوي سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة.

وقال حماد بن سلمة أنبأنا علي بن زيد قال رأيت سعيد بن المسيب وعروة والقاسم في آخرين ما رأيت مثل الحسن.

وقال جرير بن حازم عن حميد بن هلال قال لنا أبو قتادة ما رأيت أحداً أشبه رأياً بعمر بن الخطاب منه يعني الحسن. ابن المبارك عن معمر عن قتادة قال دخلنا على الحسن وهو نائم وعند رأسه سلة فجذبناها فإذا خبز وفاكهه وجعلنا نأكل فانتبه فرآنا فسره فتبسم وهو يقرأ: "أو صديقكم" لا جناح عليكم.

حماد بن زيد سمعت أيوب يقول كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء. وقال السري بن يحيى كان الحسن يصوم البيض والأشهر الحرم والاثنين والخميس.

يونس بن عبيد عن الحسن قال كنا نعاري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني قال من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن. وقال قتادة كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.

روى أبو عبيد الآجري عن أبي داود قال لم يحج الحسن إلا حجتين وكان يكون بخراسان وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة والمهلب ابن أبي صفرة وكان من الشجعان. قال هشام بن حسان كان الحسن أشجع أهل زمانه.

وقال أبو عمرو بن العلاء ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج.

ص: 345

فضيل بن عياض عن رجل عن الحسن قال ما حليت الجنة لأمة ما حليت لهذه الأمة ثم لا ترى لها عاشقاً.

أبو عبيدة الناجي عن الحسن قال ابن آدم ترك الخطيئة أهون عليك من معالجة التوبة ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة فأنت في غير معمل.

سلام بن مسكين عن الحسن قال أهينوا الدنيا فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها. وقال جعفر بن سليمان كان الحسن من أشد الناس وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه.

وقال أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ويسمعون كلامه ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له وكان له مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن فإن سأله إنسان غيرها تبرم به وقال إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب وكان منهم من يصحبه للحديث وكان منهم من يصحبه للقرآن والبيان ومنهم من يصحبه للبلاغة ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص كعمرو بن عبيد وأبي جهير وعبد الواحد بن زيد وصالح المري وشميط وأبي عبيدة الناجي وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال يعني في العبادة.

حماد بن زيد عن أيوب قال كذب على الحسن ضربان من الناس قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن وأنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوفته بالسلطان فقال لا أعود فيه بعد اليوم فلا أعلم أحد يستطيع أن يعيب الحسن إلا به وقد أدركت الحسن والله وما يقوله.

قال الحمادان عن يونس قال ما استخف الحسن شيء ما استخفه القدر. حماد بن زيد أن أيوب وحميداً خوفاً الحسن بالسلطان فقال لهما ولا تريان ذاك قالا لا قال لا أعود.

قال حماد لا أعلم أحداً يستطيع أن يعيب الحسن إلا به.

وروى أبو معشر عن إبراهيم أن الحسن تكلم في القدر رواه مغيرة ابن مقسم عنه.

ص: 346

وقال سليمان التيمي رجع الحسن عن قوله في القدر.

حماد بن سلمة عن حميد سمعت الحسن يقول خلق الله الشيطان وخلق الخير وخلق الشر فقال رجل قاتلهم الله يكذبون على هذا الشيخ.

أبو الأشهب سمعت الحسن يقول في قوله: "وحيل بينهم وبين ما يشتهون" سبأ 54، قال حيل بينهم وبين الإيمان. وقال حماد عن حميد قال قرأت القرآن كله على الحسن ففسره لي أجمع على الإثبات فسألته عن قوله:"كذلك سلكناه في قلوب المجرمين" الشعراء 200، قال الشرك سلكه الله في قلوبهم.

حماد بن زيد عن خالد الحذاء قال سأل الرجل الحسن فقال: "ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك" هود 118، 119، قال أهل رحمته لا يختلفون ولذلك خلقهم خلق هؤلاء لجنته وخلق هؤلاء لناره فقلت يا أبا سعيد آدم خلق للسماء أم للأرض قال للأرض خلق قلت أرأيت لو أعتصم فلم يأكل من الشجرة قال لم يكن بد من أن يأكل منها لأنه خلق للأرض فقلت:"وما أنتم عليه بفاتنين، إلا من هو صال الجحيم" الصافات 162، 163، قال نعم الشياطين لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلى الجحيم.

أبو هلال محمد بن سليم دخلت على الحسن يوم الجمعة ولم يكن جمع فقلت يا أبا سعيد أما جمعت قال أردت ذلك ولكن منعني قضاء الله. منصور بن زاذان سألنا الحسن عن القرآن ففسره كله على الإثبات.

ضمرة بن ربيعة عن رجاء عن ابن عون عن الحسن قال من كذب بالقدر فقد كفر. حماد بن زيد عن ابن عون قال لما ولي الحسن القضاء كلمني رجل أن أكلمه في مال يتيم يدفع إليه ويضمه فكلمته فقال أتعرف الرجل قلت نعم قال فدفعه إليه.

رجاء بن سلمة عن ابن عون عن ابن سيرين وقيل له في الحسن وما كان ينحل إليه أهل القدر قال كانوا يأتون الشيخ بكلام مجمل لو فسروه لهم لساءهم. ابن أبي عروبة كلمت مطراً الوراق في بيع المصاحف فقال قد كان حبرا الأمة أو فقيها الأمة لا يريان به بأساً الحسن والشعبي.

ص: 347

ابن شوذب عن مطر قال دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه. عبد الرزاق بن همام عن أبيه قال ولي وهب القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه فحدثت به معمراً فتبسم وقال ولي الحسن القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه.

وقال أبو سعيد بن الأعرابي كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء فيتكلم في الخصوص حتى نسبته القدرية إلى الجبر وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس عنده وتفاوتهم في الأخذ عنه وهو بريء من القدر ومن كل بدعة.

قلت وقد مر إثبات الحسن للأقدار من غير وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد. كما نقل أحمد الأبار في تاريخه حدثنا مؤمل بن إهاب حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن قال الخير بقدر والشر ليس بقدر.

قلت قد رمي قتادة بالقدر.

قال غندر عن شعبة رأيت على الحسن عمامة سوداء وقال سلام بن مسكين رأيت على الحسن طيلساناً كأنما يجري فيه الماء وخميصة كأنها خز. وقال ابن عون كان الحسن يروي بالمعنى.

أيوب قيل لابن الأشعث إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة فأخرج الحسن فأرسل إليه فأكرهه.

قال سليم بن أخضر حدثنا ابن عون قالوا لابن الأشعث أخرج الحسن قال ابن عون فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء فغفلوا عنه فألقى نفسه في نهر حتى نجا منهم وكاد يهلك يومئذ.

وقال القاسم الحداني رأيت الحسن قاعداً في أصل منبر ابن الأشعث.

هشام عن الحسن قال كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره.

ص: 348

حماد سمعت ثابتاً يقول لولا أن تصنعوا بي ما صنعتم بالحسن حدثتكم أحاديث مونقة ثم قال منعوه القائلة منعوه النوم.

حميد الطويل كان الحسن يقول اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم فإنهم سيصحبونك بمثله. قال أيوب ما وجدت ريح مرقة طبخت أطيب من ريح قدر الحسن.

وقال أبو هلال قلما دخلنا على الحسن إلا وقد رأينا قدراً يفوح منها ريح طيبة.

مسلم بن إبراهيم حدثنا إياس بن أبي تميمة شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة والفرزدق إلى جنبه على بعير فقال له الفرزدق قد استشرفنا الناس يقولون خير الناس وشر الناس قال يا أبا فراس كم من أشعث أغبر ذي طمرين خير مني وكم من شيخ مشرك أنت خير منه ما أعددت للموت قال شهادة أن لا إله إلا الله قال إن معها شروطاً فإياك وقذف المحصنة قال هل من توبة قال نعم.

ضمرة عن أصبغ بن زيد قال مات الحسن وترك كتباً فيها علم.

موسى بن إسماعيل حدثنا سهل بن الحصين الباهلي قال بعثت إلى عبد الله بن الحسن البصري ابعث إلي بكتب أبيك فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي اجمعها لي فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها فأتيت بها فقال للخادم اسجري التنور ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث بها إلي وأخبرني أنه كان يقول ارو ما في هذه الصحيفة ثم لقيته بعد فأخبرني به مشافهة بمثل ما أدى الرسول.

وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين قال وأما الحسن فما رأينا أحداً أطول حزناً منه ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة ثم قال نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا وقال لا أقبل منكم شيئاً ويحك يا ابن آدم هل لك بمحاربة الله يعني قوة والله لقد رأيت أقواماً كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ولقد رأيت أقواماً يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتاً فيقول لا أجعل هذا كله في بطني فيتصدق ببعضه ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه.

قال أيوب السختياني لو رأيت الحسن لقلت إنك لم تجالس فقيهاً قط. وعن الأعمش قال ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها وكان إذا ذكر الحسن عند أبي جعفر الباقر قال ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء.

ص: 349

صالح المري عن الحسن قال ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك. مبارك بن فضالة سمعت الحسن يقول فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لب فرحاً.

وروى ثابت عنه قال ضحك المؤمن غفلة من قلبه.

أبو نعيم في الحلية حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد حدثنا أحمد بن زياد حدثنا عصمة بن سليمان الخزاز حدثنا فضيل بن جعفر قال خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال ما يجلسكم ها هنا تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم قد فرطحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيكم أبعد الله من أبعد.

وعن الحسن قال ابن آدم السكين تحد والكبش يعلف والتنور يسجر.

ابن المبارك حدثنا طلحة بن صبيح عن الحسن قال المؤمن من علم أن ما قال الله كما قال والمؤمن أحسن الناس عملاً وأشد الناس وجلاً فلو انفق جبلاً من مال ما أمن دون أن يعاين لا يزداد صلاحاً وبراً إلا ازداد فرقاً والمنافق يقول سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي فيسيء العمل ويتمنى على الله.

الطيالسي في المسند الذي سمعناه حدثنا جسر أبو جعفر عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ يس في ليلة التماس وجه الله غفر له. رواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن.

خالد بن خداش حدثنا صالح المري عن يونس قال لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع فقام إليه ابنه فقال يا أبت قد غممتنا فهل رأيت شيئاً قال هي نفسي لم أصب بمثلها.

قال هشام بن حسان كنا عند محمد عشية يوم الخميس فدخل عليه رجل بعد العصر فقال مات الحسن فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام فما تكلم حتى غربت الشمس وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه.

قلت وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم.

ص: 350

قال ابن علية مات الحسن في رجب سنة عشر ومئة.

وقال عبد الله بن الحسن إن أباه عاش نحواً من ثمان وثمانين سنة.

قلت مات في أول رجب وكانت جنازته مشهودة صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة فشيعه الخلق وازدحموا عليه حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع.

ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم. قلت اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن عن سمرة وهي نحو من خمسين حديثاً فقد ثبت سماعه من سمرة فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة.

وقال عفان حدثنا همام عن قتادة حدثني الحسن عن هياج بن عمران البرجمي أن غلاماً له أبق فجعل عليه إن قدر عليه أن يقطع يده فلما قدر عليه بعثني إلى عمران فسألته فقال أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه.

قال وبعثني إلى سمرة فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة ليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه.

قال قائل إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن عن فلان وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلان المعين لأن الحسن معروف بالتدليس ويدلس عن الضعفاء فيبقى في النفس من ذلك فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة والله أعلم.

‌592 - سعيد

(369)

ابن أبي الحسن يسار البصري أخو الحسن البصري من ثقات التابعين. حدث عن أمه خيرة وأبي هريرة وأبي بكرة الثقفي وابن عباس.

روى عنه قتادة وسليمان التيمي وخالد الحذاء وعوف الأعرابي وعلي بن علي الرفاعي وآخرون.

(369)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 178)، التاريخ الكبير (3/ ترجمة 1538)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 306)، تاريخ الإسلام (4/ 7)، تهذيب التهذيب (4/ 16)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2431).

ص: 351

وثقه النسائي وغيره ولما توفي حزن عليه أخوه وبكى قيل مات قبله بعام والصحيح أنه مات سنة مئة وكان يسمى راهباً لدينه رحمه الله حديثه في الدواوين كلها والله أعلم.

‌593 - الأخطل

(370)

شاعر زمانه واسمه غياث بن غوث التغلبي النصراني. قيل للفرزدق من أشعر الناس قال كفاك بي إذا افتخرت وبجرير إذا هجا وبابن النصرانية إذا امتدح.

وكان عبد الملك بن مروان يجزل عطاء الأخطل ويفضله في الشعر على غيره وللأخيطل:

والناس همهم الحياة ولا أرى

طول الحياة يزيد غير خبال

وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد

ذخراً يكون كصالح الأعمال

‌وقيل إن الأخطل قيده الأسقف وأهانه فليم في صبره له فقال إنه الدين إنه الدين. وقد حصل أموالاً جزيلة من بني أمية ومات قبل الفرزدق

بسنوات.

594 -

الفرزدق

(371)

شاعر عصره أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي البصري. أرسل عن علي ويروي عن أبي هريرة والحسين وابن عمر وأبي سعيد وطائفة.

وعنه الكميت ومروان الأصفر وخالد الحذاء وأشعث الحمراني والصعق بن ثابت وابنه لبطة وحفيده أعين بن لبطة.

وفد على الوليد وعلى سليمان ومدحهما ونظمه في الذروة كان وجهه كالفرزدق وهي الطلمة الكبيرة فقيل إنه سمع من علي فكان أشعر أهل زمانه مع جرير والأخطل

(370)

ترجمته في تاريخ الإسلام (3/ 337)، الأغانى لأبي الفرج (7/ 169)، خزانة الأدب للبغدادي (1/ 459).

(371)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج (8/ 186)، وفيات الأعيان (6/ ترجمة 784)، تاريخ الإسلام (178/ 4)، النجوم الزاهرة (1/ 268)، شذرات الذهب (1/ 141)، خزانة الأدب (1/ 217).

ص: 352

النصراني ومات معه في سنة عشر ومئة من الأعيان مع الحسن البصري أبو بكر محمد بن سيرين وأبو الطفيل عامر ابن واثلة في قول وجرير بن الخطفي التميمي الشاعر ونعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التميمي.

‌595 - جرير

(372)

شاعر زمانه أبو حزرة جرير بن عطية بن الخطفي التميمي البصري.

مدح يزيد بن معاوية وخلفاء بني أمية وشعره مدون.

عن عثمان التيمي قال رأيت جريراً وما تضم شفتاه من التسبيح قلت هذا حالك وتقذف المحصنات فقال: "إن الحسنات يذهبن السيئات" وعد من الله حق.

وعن بشار الأعمى قال أهل الشام أجمعوا على جرير والفرزدق والأخطل النصراني.

قلت فضل جريراً على الفرزدق جماعة. وروى يونس بن حبيب أن الفرزدق قال لامرأته نوار أنا أشعر أم ابن المراغة قالت غلبك على حلوه وشركك في مره. وقال مروان بن أبي حفصة

ذهب الفرزدق بالفخار وإنما

حلو القريض ومره جرير

وقيل كان جرير عفيفاً منيباً توفي سنة عشر بعد الفرزدق بشهر وترجمته في تاريخ دمشق في كراسين.

‌596 - بشير بن يسار

(373)

مدني إمام ثقة من موالي الأنصار وما هو بأخي عطاء بن يسار ولا سليمان بن يسار. وثقه ابن معين وقال ابن سعد كان فقيهاً أدرك عامة الصحابة.

(372)

ترجمته في الأغانى (7/ 38)، وفيات الأعيان (1/ترجمة 130)، تاريخ الإسلام (4/ 95)، النجوم الزاهرة (1/ 269)، شذرات الذهب (1/ 140)، خزانة الأدب (1/ 36).

(373)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 303)، التاريخ الكبير (2/ترجمة 1945)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1540)، تاريخ الإسلام (4/ 93)، العبر (1/ 123)، تهذيب التهذيب (1/ 472).

ص: 353

قلت روى عن سويد بن النعمان ومحيصة بن مسعود وسهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج. له أحاديث روى عنه يحيى بن سعيد وربيعة الرأي والوليد بن كثير وابن إسحاق وجماعة.

توفي سنة بضع ومئة والله أعلم.

‌597 - بسر بن عبيد الله الحضرمي

(374)

الفقيه شامي جليل ثقة. يروي عن واثلة بن الأسقع ورويفع وطائفة. وعنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وثور بن يزيد وزيد بن واقد وابن زبر.

قال أبو مسهر هو أحفظ أصحاب أبي إدريس الخولاني. قلت عاش إلى حدود سنة عشر ومئة وكان من علماء دمشق توفي في خلافة هشام بن عبد الملك.

‌598 - الأحوص الشاعر

(375)

أبو عاصم عبد الله بن محمد بن عبيد الله ابن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عاصم ابن ثابت ابن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري الذي نفاه عمر بن عبد العزيز إلى جزيرة دهلك لكثرة هجوه وقيل نفاه سليمان الخليفة لكونه شبب بعاتكة بنت يزيد بقوله:

يا بيت عاتكة الذي أتعزل

حذر العدى وبه الفؤاد موكل

أني لأمنحك الصدود وإنني

قسماً إليك مع الصدود لأميل

(374)

ترجمته في التاريخ الكبير (2/ترجمة 1916)، الجرح والتعديل (2/ترجمة 1681)، تاريخ الإسلام (4/ 93)، تهذيب التهذيب (1/ 438).

(375)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج (4/ 40) و (6/ 53)، تاريخ الإسلام (4/ 91)، خزانة الأدب للبغدادي (2/ 16).

ص: 354

‌599 - يزيد بن أبي مسلم

(376)

أمير المغرب أبو العلاء بن دينار الثقفي مولى الحجاج وكاتبه ومشيره استخلفه الحجاج عند موته على أموال الخراج فضبط ذلك وأقره الوليد حتى لقد قال مثلي ومثل الحجاج وأبي العلاء كمن ضاع منه درهم فوجد ديناراً.

ثم ولي الخلافة سليمان فطلب أبو العلاء في غل وكان قصيراً دميماً كبير البطن مشوهاً فنظر إليه سليمان فقال لعن الله من ولاك قال لا تفعل يا أمير المؤمنين فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني فلو رأيتني في الإقبال لاستعظمت ما استحقرت فقال قاتله الله ما أسد عقله ثم قال أترى الحجاج يهوي بعد في جهنم أو بلغ قعرها قال لا تقل ذاك فإنه يحشر مع من ولاه فقال مثل هذا فليصطنع ثم إنه كشف عليه فلم يجده خان في درهم وهم باستكتابه ثم أمره على إفريقية يزيد بن عبد الملك فثارت عليه الخوارج ففتكوا به لظلمه سنة اثنتين ومئة.

‌600 - أبو بحرية

(377)

عبد الله بن قيس الكندي التراغمي الحمصي من كبار التابعين شهد خطبة عمر بالجابية. وحدث عن عمر ومعاذ وأبي الدرداء وأبي هريرة وطائفة.

روى عنه خالد بن معدان ويزيد بن قطيب وضمرة بن حبيب ويونس بن ميسرة وابنه بحرية بن عبد الله وأبو ظبية الكلاعي وأبو بكر بن أبي مريم وغيرهم. وكان عالماً فاضلاً ناسكاً مجاهداً.

عن الواقدي أن عثمان كتب إلى معاوية أن أغز الصائفة رجلاً مأموناً على المسلمين رفيقاً بسياستهم فعقد لأبي بحرية عبد الله بن قيس وكان فقيهاً ناسكاً يحمل عنه الحديث حتى مات في خلافة الوليد.

(376)

ترجمته في وفيات الأعيان (6/ ترجمة 817)، تاريخ الإسلام (4/ 215)، النجوم الزاهرة (1/ 245)، شذرات الذهب (1/ 124).

(377)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 442)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 543)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 645)، الكاشف (2/ترجمة 2956)، تاريخ الإسلام (3/ 216) و (4/ 72)، تهذيب التهذيب (5/ 364)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3741).

ص: 355

وقد كان معاوية وخلفاء بني أمية يعظمونه.

‌601 - بسر بن سعيد

(378)

الإمام القدوة المدني مولى بني الحضرمي حدث عن عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وأبي هريرة وطائفة.

حدث عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم التيمي وسالم أبو النضر وبكير بن عبد الله بن الأشج وأخوه يعقوب وزيد بن أسلم وآخرون. وثقه يحيى بن معين والنسائي.

قال محمد بن سعد كان من العباد المنقطعين والزهاد كثير الحديث. وروي أن الوليد سأل عمر بن عبد العزيز من أفضل أهل زمانه بالمدينة فقال مولى لبني الحضرمي يقال له بسر.

ويقال إن رجلاً وشى على بسر عند الوليد بن عبد الملك بأنه يعيبكم قال فأحضره وسأله فقال لم أقله اللهم إن كنت صادقاً فأرني به آية فاضطرب الرجل حتى مات.

قال مالك توفي بسر رحمه الله فما خلف كفناً. قلت توفي سنة مئة ولم يذكره أبو نعيم في الحلية كأنه نسيه.

‌602 - سبلان

(379)

سالم بن عبد الله مولى النصريين وهو سالم مولى المهري وهو سالم الدوسي وهو سالم مولى أوس بن الحدثان النصري وهو سالم مولى شداد بن الهاد.

كان من علماء المدينة. روى عن سعد بن أبي وقاص وعائشة وأبي هريرة وجماعة.

(378)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 281)، التاريخ الكبير (2/ترجمة 1914)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1680)، تاريخ الإسلام (3/ 345)، العبر (1/ 119)، تهذيب التهذيب (1/ 437).

(379)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 301)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 2136)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 798)، تاريخ الإسلام (4/ 117)، تهذيب التهذيب (3/ 438).

ص: 356

وعنه سعيد المقبري وأبو الأسود اليتيم وابن إسحاق ومحمد بن عمرو وآخرون.

وثق واحتج به مسلم.

‌603 - سليمان بن قتة التيمي

(380)

مولاهم البصري المقرئ من فحول الشعراء. عرض ختمة على ابن عباس وسمع من معاوية وعمرو بن العاص وقرأ عليه عاصم الجحدري.

وحدث عنه موسى ابن أبي عائشة وحميد الطويل وأبان بن أبي عياش. وثقه ابن معين وقتة هي أمه.

‌604 - زياد الأعجم

(381)

من فحول الشعراء وهو أبو أمامة زياد بن سليم العبدي مولاهم وكان في لسانه عجمة. روى عن أبي موسى الأشعري وشهد معه فتح إصطخر وعن عبد الله بن عمرو.

وحديثه في السنن.

روى عنه طاووس وهشام بن قحذم وأخوه المحبر بن قحذم. امتدح عبد الله بن جعفر ورثى المهلب وله وفادة على هشام بن عبد الملك. خرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة والله أعلم.

‌605 - الراعي

(382)

من كبار الشعراء أبو جندل عبيد بن حصين النميري الذي يقول فيه جرير:

(380)

ترجمته في التاريخ الكبير (4/ترجمة 1870)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 595)، تاريخ الإسلام (4/ 120).

(381)

ترجمته في الأغانى (14/ 102)، تاريخ الإسلام (4/ 113)، العبر (1/ 123)، خزانة الأدب (4/ 193)، شذرات الذهب (1/ 123) تهذيب التهذيب (3/ 370).

(382)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج (20/ 168)، تاريخ الإسلام (4/ 111)، خزانة الأدب (1/ 504).

ص: 357

فغض الطرف إنك من نمير

فلا كعباً بلغت ولا كلاباً

وإنما لقب بالراعي لكثرة ما يصف الإبل في شعره.

امتدح عبد الملك بن مروان وله في ابن الرقاع العاملي

لو كنت من أحد يهجي جوتكم

يا ابن الرقاع ولكن لست من أحد

تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسباً

وابنا نزار فأنتم بيضة البلد

وهو القائل:

إن الزمان الذي نرجو هواديه

يأتي على الحجر القاسي فينفلق

ما الدهر للناس إلا مثل واردة

إذا مضى عنق منها بدا عنق

‌606 - الضحاك بن مزاحم

(383)

الهلالي أبو محمد وقيل أبو القاسم صاحب التفسير كان من أوعية العلم وليس بالمجود لحديثه وهو صدوق في نفسه وكان له أخوان محمد ومسلم وكان يكون ببلخ وبسمرقند.

حدث عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن عمر وأنس بن مالك وعن الأسود وسعيد بن جبير وعطاء وطاووس وطائفة.

وبعضهم يقول لم يلق ابن عباس فالله أعلم. حدث عنه عمارة بن أبي حفصة وأبو سعد البقال وجويبر بن سعيد ومقاتل وعلي بن الحكم وأبو روق عطية وأبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية ونهشل بن سعيد وعمر بن الرماح وعبد العزيز بن أبي رواد وقرة بن خالد وآخرون.

وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما وحديثه في السنن لا في الصحيحين.

(383)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 300) و (7/ 369)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 3020)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 2024)، الكاشف (2/ترجمة 2460)، العبر (1/ 124) تاريخ الإسلام (4/ 125)، تهذيب التهذيب (4/ 453)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3146)، شذرات الذهب (1/ 124).

ص: 358

وقد ضعفه يحيى بن سعيد وقيل كان يدلس وقيل كان فقيه مكتب كبير إلى الغاية فيه ثلاثة آلاف صبي فكان يركب حماراً ويدور على الصبيان وله باع كبير في التفسير والقصص.

قال سفيان الثوري كان الضحاك يعلم ولا يأخذ أجراً.

وروى شعبة عن مشاش قال سألت الضحاك هل لقيت ابن عباس فقال لا.

وروى شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال لم يلق الضحاك ابن عباس إنما لقي سعيد بن جبير بالري فأخذ عنه التفسير.

قال يحيى القطان كان شعبة ينكر أن يكون الضحاك لقي ابن عباس قط ثم قال القطان والضحاك عندنا ضعيف.

وأما أبو جناب الكلبي فروى عن الضحاك قال جاورت ابن عباس سبع سنين. قلت أبو جناب ليس بقوي والأول أصح. وروى قبيصة عن قيس بن مسلم قال كان الضحاك إذا أمسى بكى فيقال له فيقول لا أدري ما صعد اليوم من عملي.

سفيان الثوري عن أبي السوداء عن الضحاك قال أدركتهم وما يتعلمون إلا الورع.

قال قرة كان هجيري الضحاك إذا سكت لا حول ولا قوة إلا بالله.

وروى ميمون أبو عبد الله عن الضحاك قال حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيهاً وتلا قول الله "كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب" آل عمران 79،.

زهير بن معاوية عن بشير أبي إسماعيل عن الضحاك قال كنت ابن ثمانين سنة جلداً غزاء. نقل غير واحد وفاة الضحاك في سنة اثنتين ومئة. وقال أبو نعيم الملائي توفي سنة خمس ومئة. وقال الحسين بن الوليد والنيسابوري توفي سنة ست ومئة.

ص: 359

‌607 - طلق بن حبيب العنزي

(384)

بصري زاهد كبير من العلماء العاملين. حدث عن ابن عباس وابن الزبير وجندب بن سفيان وجابر بن عبد الله والأحنف بن قيس وأنس بن مالك وعدة.

روى عنه منصور والأعمش وسليمان التيمي وعوف الأعرابي ومصعب بن شيبة وجماعة. وكان طيب الصوت بالقرآن براً بوالديه.

روي عن طاووس قال ما رأيت أحداً أحسن صوتاً منه وكان ممن يخشى الله تعالى.

عاصم الأحول عن بكر المزني قال لما كانت فتنة ابن الأشعث قال طلق بن حبيب اتقوها بالتقوى فقيل له صف لنا التقوى فقال العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله.

قلت أبدع وأوجز فلا تقوى إلا بعمل ولا عمل إلا بترو من العلم والاتباع ولا ينفع ذلك إلا بالإخلاص لله لا ليقال فلان تارك للمعاصي بنور الفقه إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها ويكون الترك خوفاً من الله لا ليمدح بتركها فمن داوم على هذه الوصية فقد فاز.

وروى سعد بن إبراهيم الزهري عن طلق بن حبيب قال إن حقوق الله أعظم من أي يقوم بها العباد وإن نعم الله أكثر من أن تحصى ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين.

قال ابن الأعرابي كان يقال فقه الحسن وورع ابن سيرين وحلم مسلم بن يسار وعبادة طلق وكان طلق يتكلم على الناس ويعظ.

قال حماد بن زيد عن أيوب قال ما رأيت أحداً أعبد من طلق بن حبيب.

وقيل إن الحجاج قاتله الله قتل طلقاً مع سعيد بن جبير ولم يصح. قال أبو حاتم طلق صدوق يرى الإرجاء.

(384)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 227)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 3138)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 2157)، حلية الأولياء (3/ 63)، الكاشف (2/ترجمة 2509)، تاريخ الإسلام (4/ 129)، تهذيب التهذيب (5/ 31)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3208).

ص: 360

قال ابن عيينة سمعت عبد الكريم يقول كان طلق لا يركع إذا افتتح سورة البقرة حتى يبلغ العنكبوت وكان يقول أشتهي أن أقوم حتى يشتكي صلبي.

غندر حدثنا عوف عن طلق بن حبيب أنه كان يقول في دعائه اللهم إني أسألك علم الخائفين منك وخوف العالمين بك ويقين المتوكلين عليك وتوكل الموقنين بك وإنابة المخبتين إليك وإخبات المنيبين إليك وشكر الصابرين لك وصبر الشاكرين لك ولحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك.

قال أبو زرعة طلق سمع من ابن عباس وهو ثقة مرجئ. قال ابن عيينة عن ابن أبي نجيح قال لم يكن ببلدنا أحد أحسن مداراة لصلاته من طلق بن حبيب.

وعن كلثوم بن جبر قال كان المتمني بالبصرة يقول عبادة طلق ابن حبيب وحلم مسلم بن يسار. مات طلق قبل المئة.

‌608 - الضحاك بن عبد الرحمن

(385)

ابن عرزب وقيل ابن عرزم الأمير نائب دمشق لعمر بن عبد العزيز أبو عبد الرحمن الأشعري الطبراني الأردني.

روى عن أبي هريرة وأبي موسى الأشعري وعبد الرحمن بن غنم وابنه.

وعنه مكحول ومحمد بن زياد الألهاني وأبو طلحة الخولاني وعبد الله ابن العلاء بن زبر والأوزاعي وحريز بن عثمان.

وثقه العجلي وقال أبو مسهر كان من خير الولاة. قال ابن زبر سمعته يخطب على منبر دمشق. قلت هكذا كان من تولى إمرة دمشق أو نحوها هو الذي يخطب بالناس.

(385)

ترجمته في التاريخ الكبير (4 /ترجمة 3021)، الجرح والتعديل (4/ترجمة 2027)، الكاشف (2/ ترجمة 2455)، تاريخ الإسلام (4/ 124)، تهذيب التهذيب (4/ 446).

ص: 361

‌609 - الضحاك المشرقي

(386)

عن أبي سعيد الخدري حديثه في البخاري ومسلم.

‌610 - عبد الله بن حنين

(387)

المدني مولى العباس أبو علي يروي عن علي وأبي أيوب وابن عباس. وعنه ابنه إبراهيم وابن المنكدر وشريك بن أبي نمر وأسامة بن زيد وآخرون. ثقة كبير. وابنه

‌611 - إبراهيم بن عبد الله

(388)

أبو إسحاق أرسل عن علي وحدث عن أبي هريرة. وعنه زيد بن أسلم وابن عجلان وابن إسحاق ومحمد بن عمرو وعدة.

وهو ثقة أيضاً مات بعد أبيه بيسير بعد المئة حديثهما في الكتب الستة وهو قليل.

(386)

هو الضحاك بن شراحيل، ويُقال ابن شُرحبيل الهمداني المشرقي، أبو سعيد الكوفي، ومِشْرق، بكسر الميم وفتح الراء. قبيلُ همدان.

ترجمته في التاريخ الكبير (4/ترجمة 3033)، الجرح والتعديل (4/ترجمة 2032)، الكاشف (2/ ترجمة 2452) تاريخ الإسلام (4/ 126)، تهذيب التهذيب (4/ 444)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3137).

(387)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 286)، التاريخ الكبير (5 / ترجمة 173)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 177)، تاريخ الإسلام (4/ 136)، تهذيب التهذيب (5/ 193)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3463).

(388)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ترجمة 953)، الجرح والتعديل (2/ترجمة 312)، تهذيب التهذيب (1/ 133)، شذرات الذهب (1/ 122).

ص: 362

‌612 - عبيد بن حنين

(389)

مولى آل زيد بن الخطاب مدني ثقة روى عن زيد بن ثابت وأبي موسى وأبي هريرة وابن عباس. وعنه سالم أبو النضر وأبو طوالة وأبو الزناد ويحيى بن سعيد الأنصاري وعدة.

توفي سنة خمس ومئة وله أخوان محمد وعبد الله.

‌613 - زياد بن جبير

(390)

ابن حية الثقفي بصري حجة. روى عن أبيه وسعد والمغيرة بن شعبة وابن عمر. وعنه ابن عون ويونس بن عبيد ومبارك بن فضالة. وثقه النسائي توفي سنة أربع ومئة.

‌614 - محمد بن سيرين

(391)

الإمام شيخ الإسلام أبو بكر الأنصاري الأنسي البصري مولى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبوه من سبي جرجراياً تملكه أنس ثم كاتبه على ألوف من المال فوفاه وعجل له مال الكتابة قبل حلوله فتمنع أنس من أخذه لما رأى سيرين قد كثر ماله من التجارة وأمل أن يرثه فحاكمه إلى عمر رضي الله عنه فألزمه تعجيل المؤجل.

قال أنس بن سيرين ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر وولدت بعده بسنة قابلة.

(389)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 285)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 1451)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1872)، تاريخ الإسلام (4/ 149)، تهذيب التهذيب (7/ 63).

(390)

سبق ترجمتنا له بتعليق رقم (341) في هذا المجلد فراجعه ثمَّت.

(391)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 193)، التاريخ الكبير (1/ترجمة 251)، الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1518)، تاريخ الخطيب (5/ 331)، الكاشف (3/ترجمة 4975)، تاريخ الإسلام (4/ 192)، تهذيب التهذيب (9/ 214)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6293).

ص: 363

سمع أبا هريرة وعمران بن حصين وابن عباس وعدي بن حاتم وابن عمر وعبيدة السلماني وشريحاً القاضي وأنس بن مالك وخلقاً سواهم.

روى عنه قتادة وأيوب ويونس بن عبيد وابن عون وخالد الحذاء وهشام بن حسان وعوف الأعرابي وقرة بن خالد ومهدي ابن ميمون وجرير بن حازم وأبو هلال محمد بن سليم ويزيد بن إبراهيم التستري وعقبة بن عبد الله الأصم وسعيد بن أبي عروبة وأبو بكر سلمى الهذلي وحيان بن حصين وشبيب بن شيبة وسليمان بن المغيرة وخليد بن دعلج.

قال خالد بن خداش حدثنا حماد عن أنس بن سيرين ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر. قال الحاكم هكذا وجدت في كتابي عمر وقال غيره عثمان.

قلت الثاني أشبه ولو كان أولاهما الأول لكان ابن سيرين في سن الحسن ومعلوم أن محمداً كان أصغر بسنوات لكن يشهد للأول قول عارم عن حماد بن زيد عاش ابن سيرين نيفاً وثمانين سنة ويشهد للثاني قول ميسرة عن معلي بن هلال حدثنا يونس ابن عبيد قال مات محمد بن سيرين وهو ابن ثمان وسبعين سنة.

حماد بن زيد عن هشام عن ابن سيرين قال حج بنا أبو الوليد فمر بنا على المدينة فأدخلنا على زيد بن ثابت ونحن سبعة ولد سيرين فقال له هؤلاء بنو سيرين فقال زيد هذان لأم وهذان لأم وهذان لأم وهذا من أم قال فما أخطأ وكان يحيى أخا محمد من أمه وقيل بل معبد كان أخا محمد لأمه.

قال هشام بن حسان أدرك محمد ثلاثين صحابياً. عمر بن شبة حدثنا يوسف بن عطية رأيت ابن سيرين قصيراً عظيم البطن له وفرة يفرق شعره كثير المزاح والضحك يخضب بالحناء. قال ابن عون كان محمد يأتي بالحديث على حروفه وكان الحسن صاحب معنى.

عون بن عمارة حدثنا هشام حدثني أصدق من أدركت محمد بن سيرين. قال حبيب بن الشهيد كنت عند عمرو بن دينار وقال والله ما رأيت مثل طاووس فقال أيوب السختياني وكان جالساً والله لو رأى محمد بن سيرين لم يقله.

معاذ بن معاذ سمعت ابن عون يقول ما رأيت مثل محمد بن سيرين

ص: 364

وعن خليف بن عقبة قال كان ابن سيرين نسيج وحده وقال حماد بن زيد عن عثمان البتي قال لم يكن بالبصرة أحد أعلم بالقضاء من ابن سيرين.

وعن شعيب بن الحبحاب قال كان الشعبي يقول لنا عليكم بذلك الأصم يعني ابن سيرين. وقال ابن يونس كان ابن سيرين أفطن من الحسن في أشياء.

وقال عوف الأعرابي كان ابن سيرين حسن العلم بالفرائض والقضاء والحساب.

حماد بن زيد عن عاصم سمعت مورقاً العجلي يقول ما رأيت أحداً أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين وقال عاصم وذكر محمد عند أبي قلابة فقال اصرفوه كيف شئتم فلتجدنه أشدكم ورعاً وأملككم لنفسه.

حماد حدثنا أيوب عن أبي قلابة قال ومن يستطيع ما يطيق محمد يركب مثل حد السنان. النضر بن شميل عن ابن عون قال ثلاثة لم تر عيناي مثلهم ابن سيرين بالعراق والقاسم بن محمد بالحجاز ورجاء بن حيوة بالشام كأنهم التقوا فتواصوا.

وقد وقف على ابن سيرين دين كثير من أجل زيت كثير أراقه لكونه وجد في بعض الضروف فأرة.

حماد بن سلمة عن ثابت قال لي محمد يا أبا محمد لم يكن يمنعني من مجالستكم إلا مخافة الشهرة فلم يزل بي البلاء حتى قمت على المصطبة فقيل هذا ابن سيرين أكل أموال الناس وكان عليه دين كثير.

وقال أبو عوانة رأيت محمد بن سيرين في السوق فما رآه أحداً إلا ذكر الله. محمد بن عمر الباهلي سمعت سفيان يقول لم يكن كوفي ولا بصري له مثل ورع محمد بن سيرين. وعن زهير الأقطع كان محمد بن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه على حدة.

وقال ابن عون كان محمد يرى أن أهل الأهواء أسرع الناس رده وأن هذه نزلت فيهم "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره". الأنعام 68،.

ص: 365

وما رأيت أحداً أسخى نفساً من ابن عون. مسلم بن إبراهيم عن قرة قال أكلت عند ابن سيرين فقال إن الطعام أهون من أن يقسم عليه.

وعن ثابت البناني قال كان الحسن متوارياً من الحجاج فماتت بنت له فبادرت إليه رجاء أن يقول لي صل عليها فبكى حتى ارتفع نحيبه ثم قال لي اذهب إلى محمد بن سيرين فقل له ليصل عليها فعرف حين جاء الحقائق أنه لا يعدل بابن سيرين أحداً.

الأنصاري حدثنا ابن عون قال كان إبراهيم بن الحسن والشعبي يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم وابن سيرين ورجاء بن حيوة يقيدون الحديث على حروفه. خارجة بن مصعب عن ابن عون عن محمد قال ما رأيت سود الرؤوس أفقه من أهل الكوفة إلا أن فيهم حدة.

قال محمد بن جرير الطبري كان ابن سيرين فقيهاً عالماً ورعاً أديباً كثير الحديث صدوقاً شهد له أهل العلم والفضل بذلك وهو حجة.

حماد بن زيد عن أيوب قال محمد إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

الفضل بن محمد الشعراني حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم حدثنا منصور بن زاذان عن ابن سيرين قال نزل بنا أبو قتادة فبينا هو على سطح لنا قال ونحن عشرة من ولد سيرين فانقض كوكب من السماء فأتبعناه أبصارنا فنهانا أبو قتادة عن ذلك.

وعن شعيب بن الحبحاب قلت لابن سيرين مال ترى في السماع من أهل الأهواء قال لا نسمع منهم ولا كرامة.

الحاكم حدثني عمر بن جعفر البصري حدثنا الحسن بن صالح الأهوازي بالبصرة حدثنا سليمان الشاذكوني حدثنا ابن علية عن ابن عون عن محمد بن سيرين أنه كان يحدثه الرجل فلا يقبل عليه ويقول ما أتهمك ولا الذي يحدثك ولكن من بينكما أتهمه.

قال سليمان إنما يقع الكذب بالذي وضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قرة بن خالد سمعت محمد يقول ذهب العلم وبقيت منه شذرات في أوعية شتى.

ص: 366

خالد بن خداش حدثنا مهدي بن ميمون قال رأيت محمد بن سيرين يحدث بأحاديث الناس وينشد الشعر ويضحك حتى يميل فإذا جاء بالحديث من المسند كلح وتقبض.

أشهل بن حاتم عن ابن عون عن محمد قال قال عمر لابن مسعود أو لأبي مسعود إنك تفتي الناس ولست بأمير ول حارها من تولى قارها.

قال وقال حذيفة إنما يفتي الناس أحد ثلاثة من يعلم ما نسخ من القرآن قالوا ومن يعلم ما نسخ من القرآن قال عمر أو أمير لا يجد بداً أو أحمق متكلف ثم قال ابن سيرين ولست بواحد من هذين ولا أحب أن أكون الثالث.

يزيد بن طهمان عن محمد بن سيرين قال كان معاوية لا يتهم في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الحارث ابن أبي أسامة حدثني محمد بن سعد قال سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس به فقال كان باع من أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص جارية فرجعت إلى محمد فشكت أنها تعذبها فأخذها محمد وكان قد أنفق ثمنها وهي التي حبسته وهي التي تزوجها سلم ابن زياد وأخرجها إلى خراسان وكان أبوها يلقب كركرة.

وقال المدائني كان سبب حبسه أن أخذ زيتاً بأربعين ألف درهم فوجد في زق منه فأره فظن أنها وقعت في المعصرة وصب الزيت كله. وكان يقول إني ابتليت بذنب أذنبته منذ ثلاثين سنة قال فكانوا يظنون أنه عير رجلاً بفقر.

إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال لقد أتى على الناس زمان وما يسأل عن إسناد الحديث فلما وقعت الفتنة سئل عن إسناد الحديث فينظر من كان من أهل البدع ترك حديثه.

قال أشعث كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام تغير لونه حتى تقول كأنه ليس بالذي كان. وقال يونس كان ابن سيرين صاحب ضحك ومزاح. هشيم عن منصور كان محمد يضحك حتى تدمع عيناه وكان الحسن يحدثنا ويبكي.

سليمان بن حرب حدثنا عمارة بن مهران قال كنا في جنازة حفصة بنت سيرين

ص: 367

فوضعت الجنازة ودخل محمد بن سيرين صهريجاً يتوضأ فقال الحسن أين هو قالوا يتوضأ صباً صباً دلكاً دلكاً عذاب على نفسه وعلى أهله.

حماد عن ابن عون سمع ابن سيرين ينهى عن الجدال إلا رجاء إن كلمته أن يرجع. قال محمد بن عمرو سمعت محمد بن سيرين يقول كاتب أنس بن مالك أبي أبا عمرة على أربعين ألف درهم فأداها محمد بن سيرين.

قال عبيد الله بن أبي بكر بن أنس هذه مكاتبة سيرين عندنا وكان قيناً. قال ابن شبرمة دخلت على محمد بن سيرين بواسط فلم أر أجبن من فتوى منه ولا أجرأ على رؤيا منه.

قال يونس بن عبيد لم يكن يعرض لمحمد أمران في ذمته إلا أخذ بأوثقهما.

قال بكر بن عبد الله المزني من أراد أن ينظر إلى أورع من أدركنا فلينظر إلى محمد بن سيرين. وقال هشام بن حسان كان محمد يتجر فإذا ارتاب في شيء تركه.

وقال ابن عون كان محمد من أشد الناس إزارء على نفسه.

وقال غالب القطان خذوا بحلم ابن سيرين ولا تأخذوا بغضب الحسن.

حماد بن سلمة عن أيوب قال كان محمد يصوم يوماً ويفطر يوماً. وقال ابن عون كان محمد يصوم عاشوراء يومين. ثم يفطر بعد ذلك يومين.

قال جرير بن حازم كنت عند محمد فذكر رجلاً فقال ذاك الأسود ثم قال إن لله إني اغتبته. معاذ بن معاذ عن ابن عون أن عمر بن عبد العزيز بعث إلى الحسن فقبل وبعث إلى ابن سيرين فلم يقبل.

ضمرة بن ربيعة عن رجاء قال كان الحسن يجيء إلى السلطان ويعيبهم وكان ابن سيرين لا يجيء إليهم ولا يعيبهم. قال هشام ما رأيت أحداً عند السلطان أصلب من ابن سيرين.

حماد بن زيد عن أيوب رأيت الحسن في النوم مقيداً ورأيت ابن سيرين في النوم مقيداً.

ص: 368

أبو شهاب الحناط عن هشام بن حسان أن ابن سيرين اشترى بيعاً من منونيا فأشرف فيه على ربح ثمانين ألفاً فعرض في قلبه شيء فتركه قال هشام ما هو والله بربا.

محمد بن سعد سألت الأنصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد ابن سيرين حتى حبس قال اشترى طعاماً بأربعين ألفاً فأخبر عن أصل الطعام بشيء فكرهه فتركه أو تصدق به فحبس على المال حبسته امرأة وكان الذي حبسه مالك بن المنذر.

وقال هشام ترك محمد أربعين ألفاً في شيء ما يرون به اليوم بأساً. وعنه قال قلت مرة لرجل يا مفلس فعوقبت. قال أبو سليمان الداراني وبلغه هذا فقال قلت ذنوب القوم فعرفوا من أين أتوا وكثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى.

قريش بن أنس حدثنا عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار أن السجان قال لابن سيرين إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك فإذا أصبحت فتعال قال لا والله لا أكون لك عوناً على خيانة السلطان.

قال معمر جاء رجل إلى ابن سيرين فقال رأيت كأن حمامة التقمت لؤلؤة فخرجت منها أعظم ما كانت ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت أصغر مما دخلت ورأيت أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت كما دخلت فقال ابن سيرين أما الأولى فذاك الحسن يسمع الحديث فيجوده بمنطقه ويصل فيه من مواعظه وأما التي صغرت فأنا أسمع الحديث فأسقط منه وأما التي خرجت كما دخل فقتادة فهو أحفظ الناس.

ابن المبارك عن عبد الله بن مسلم المروزي قال كنت أجالس ابن سيرين فتركته وجالست الإباضية فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صلى الله عليه وسلم فأتيت ابن سيرين فذكرته له فقال مالك جالست أقواماً يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن هشام بن حسان قال قص رجل على ابن سيرين فقال رأيت كأن بيدي قدحاً من زجاج فيه ماء فانكسر القدح وبقي الماء فقال له اتق الله فإنك لم تر شيئاً فقال سبحان الله قال ابن سيرين فمن كذب فما علي ستلد امرأتك وتموت ويبقى ولدها فلما خرج الرجل قال والله ما رأيت شيئاً فما لبث أن ولد له وماتت امرأته.

قال ودخل آخر فقال رأيت كأني وجارية سوداء نأكل في قصعة سمكة قال أتهيئ لي طعاماً وتدعوني قال نعم ففعل فلما وضعت المائدة إذا جارية سوداء فقال له ابن

ص: 369

سيرين هل أصبت هذه قال لا قال فادخل بها المخدع فدخل وصاح يا أبا بكر رجل والله فقال هذا الذي شاركك في أهلك.

أبو بكر بن عياش عن مغيرة بن حفص قال سئل ابن سيرين فقال رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا قال هذا الحسن يموت قبلي ثم أتبعه وهو أرفع مني. قد جاء عن ابن سيرين في التعبير عجائب يطول الكتاب بذكرها وكان له في ذلك تأييد إلهي.

حماد بن زيد حدثنا أنس بن سيرين قال كان لمحمد سبعة أوراد فإذا فاته شيء من الليل قرأه بالنهار. حماد عن ابن عون أن محمداً كان يغتسل كل يوم. قلت كان مشهوراً بالوسواس قال مهدي بن ميمون رأيته إذا توضأ فغسل رجليه بلغ عضلة ساقيه.

قال قرة بن خالد كان نقش خاتم محمد بن سيرين كنيته أبو بكر ورأيته يتختم في الشمال. قال محمد بن عمرو سمعت ابن سيرين يقول عققت عن نفسي بختية. وقال مهدي بن ميمون رأيت ابن سيرين يلبس طيلساناً ويلبس كساء أبيض في الشتاء وعمامة بيضاء وفروة.

وقال سليمان بن المغيرة رأيت ابن سيرين يلبس الثياب الثمينة والطيالس والعمائم. يحيى بن خليف حدثنا أبو خلدة قال رأيت ابن سيرين يتعمم بعمامة بيضاء لاطية وقد أرخى ذوائبها من خلفه ورأيته يخضب بالصفرة.

قال أبو الأشهب رأيت عليه ثياب كتان. معن بن عيسى حدثنا محمد بن عمرو رأيت ابن سيرين يخضب بحناء وكتم ورأيته لا يحفي شاربه. قال حميد الطويل أمر ابن سيرين سويداً أن يجعل له حلة حبرة يكفن فيها.

وقال هشام بن حسان حدثتني حفصة بنت سيرين قالت كانت والدة محمد

ص: 370

حجازية وكان يعجبها الصبغ وكان محمد وكان محمد إذا اشترى لها ثوباً اشترى ألين ما يجد فإذا كان عيد صبغ لها ثياباً وما رأيته رافعاً صوته عليها كان إذا كلمها كالمصغي إليها.

بكار بن محمد عن ابن عون أن محمداً كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل لا يعرفه ظن أن به مرضاً من خفض كلامه عندها.

أزهر عن ابن عون قال كانوا إذا ذكروا عند محمد رجلاً بسيئة ذكره هو بأحسن ما يعلم وجاءه ناس فقالوا إنا نلنا منك فاجعلنا في حل قال لا أحل لكم شيئاً حرمه الله.

جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال قدمت الكوفة وأنا أريد أن أشتري البز فأتيت ابن سيرين بالكوفة فساومته فجعل إذا باعني صنفاً من أصناف البز قال هل رضيت فأقول نعم فيعيد ذلك علي ثلاث مرات ثم يدعو رجلين فيشهدهما وكان لا يشتري ولا يبيع بهذه الدراهم الحجاجية فلما رأيت ورعه ما تركت شيئاً من حاجتي أجده عنده إلا اشتريته حتى لفائف البز.

أبو كدينة عن ابن عون قال كان ابن سيرين إذا وقع عنده درهم زيف أو ستوق لم يشتر به فمات يوم مات وعنده خمس مئة زيوفاً وستوقة.

عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا ابن عون قال كانت وصية محمد بن سيرين ذكر ما أوصى به محمد بن أبي عمرة أهله وبنيه أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به "إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" البقرة 132 وأوصاهم أن لا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين فإن العفاف والصدق خير وأبقى وأكرم من الزنى والكذب وأوصى فيما ترك إن حدث بي حدث قبل أن أغير وصيتي فذكر الوصية.

محمد بن سعد أنبأنا بكار بن محمد السيريني حدثني أبي عن أبيه عبد الله بن محمد بن سيرين قال لما ضمنت على أبي دينه قال لي بالوفاء قلت بالوفاء فدعى لي بخير فقضى عبد الله عنه ثلاثين ألف درهم فما مات عبد الله حتى قومنا ماله ثلاث مئة ألف درهم أو نحوها.

قال أيوب السختياني أنا زررت على محمد القميص يعني لما كفنه. وروى أيوب عن محمد أنه كان يأمر أن يجعل لقميص الميت أزرار ويكف.

ص: 371

قال غير واحد مات محمد بعد الحسن البصري بمئة يوم سنة عشر ومئة.

خالد بن خداش حدثنا حماد بن زيد قال مات ابن سيرين لتسع مضين من شوال سنة عشر ومئة. أبو صالح كاتب الليث حدثني يحيى بن أيوب أن رجلين تآخيا فتعاهدا إن مات أحدهما قبل الآخر أن يخبره بما وجد فمات أحدهما فرآه الآخر في النوم فسأله عن الحسن البصري قال ذاك ملك في الجنة لا يعصي قال فابن سيرين قال ذاك فيما شاء واشتهى شتان ما بينهما قال فبأي شيء أدرك الحسن قال بشدة الخوف والحزن.

جماعة سمعوا المحاربي حدثنا حجاج بن دينار قال كان الحكم ابن الجحل صديقاً لابن سيرين فحزن على ابن سيرين حتى كان يعاد ثم قال رأيته في منام فيحال كذا وكذا فسألته لما سرني ما فعل الحسن قال رفع فوقي سبعين درجة قلت بم فقد كنا نرى أنك فوقه قال بطول الحزن.

وقد كان الأوزاعي أشار عليه يحيى بن أبي كثير أن يرتحل إلى البصرة للقي محمد بن سيرين فأتى فوجده في مرض الموت فعاده ولم يسمع منه رحمه الله تعالى وبلغني أن اسم أمه صفية مولاة لأبي بكر الصديق.

‌615 - أنس بن سيرين

(392)

كان آخرهم موتاً أدخل على زيد بن ثابت. وحدث عن جندب البجلي وابن عمر وابن عباس ومسروق. وعنه ابن عون وخالد وشعبة والحمادان وهمام وأبان العطار وخلق.

وثقه يحيى بن معين وغيره.

مات سنة عشرين ومئة ويقال سنة ثمان عشرة ومئة والله أعلم.

(392)

ترجمة في طبقات ابن سعد (7/ 207)، الجرح والتعديل (2/ترجمة 1046)، تاريخ الإسلام (4/ 233)، العبر (1/ 151)، تهذيب التهذيب (1/ 374)، شذرات الذهب (1/ 157).

ص: 372

‌616 - أبو بردة

(393)

ابن أبي موسى عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري الفقيه العلامة قاضي الكوفة.

حدث عن أبيه وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن سلام وأبي هريرة وآخرين.

حدث عنه حفيده أبو بردة يزيد بن عبد الله بن أبي بردة وابنه بلال بن أبي بردة الأمير وثابت البناني وقتادة وبكير بن الأشج وأبو إسحاق الشيباني وابنه سعيد بن أبي بردة وطلحة بن يحيى وحكيم بن الديلم وحميد بن هلال وأبو حصين وعبد الأعلى بن أبي المساور وخلق سواهم.

وكان من أوعية العلم حجة باتفاق اسمه عامر فيما قيل وولي قضاء الكوفة بعد شريح مدة ثم عزله الحجاج وولى أخاه أبا بكر بن أبي موسى.

عبد الله بن وهب حدثنا ابن عياش القتباني عن أبيه أن يزيد بن المهلب ولي خراسان فقال دلوني على رجل كامل بخصال الخير فدل على أبي بردة فلما رآه رأى رجلاً قانعاً فلما كلمه رأى من مخبره أفضل من مرآه فقال له: إني وليتك كذا وكذا من عملي فاستعفاه فأبى وقال: حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تولى عملاً وهو يعلم أنه ليس له بأهل فليتبوأ مقعده من النار". أخرجه الروياني في مسنده عن أحمد ابن أخي ابن وهب عنه.

وروى سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال بعثني أبي أبو موسى إلى عبد الله بن سلام لأتعلم منه.

قال أبو نعيم: مات أبو بردة سنة أربع ومئة وقال الواقدي مات سنة ثلاث ومئة.

فأما أخوه أبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي المذكور فهو كوفي عثماني عالم ثقة حدث عن أبيه وعن أبي هريرة وابن عباس وجابر بن سمرة.

حدث عنه أبو عمران الجوني وأبو جمرة الضبعي وحجاج بن أرطاة ويونس بن أبي إسحاق وآخرون.

(393)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 268)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1809)، وفيات الأعيان (3/ ترجمة 316)، تذكرة الحفاظ (1 / ترجمة 86)، تاريخ الإسلام (4/ 216)، العبر (1/ 128)، تهذيب التهذيب (12/ 18)، النجوم (1/ 199 و 252).

ص: 373

ولاه الحجاج قضاء الكوفة وعاش بعد أخيه أبي بردة قليلاً حديثهما في الكتب.

وأما الأمير بلال بن أبي بردة فولي أيضاً على البصرة وكان جليلاً كريماً مدحه ذو الرمة وكان قد أصابه جذام فكان ينتفع في السمن الكثير ولما ولي يوسف بن عمر العراق أخذ بلالا وعذبه حتى مات سنة نيف وعشرين ومئة.

وقيل إن أبا بردة افتخر يوماً بأبيه وبصحبته فقال الفرزدق: لو لم يكن لأبي موسى منقبة إلا أنه حجم النبي صلى الله عليه وسلم فامتعض لها أبو بردة وقال: أما إنه ما حجم أحداً غيره فقال الفرزدق: كان أبو موسى أورع من أن يجرب الحجامة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت أبو بردة على حنق.

‌617 - أبو حازم

(394)

الأشجعي صاحب أبي هريرة محدث ثقة واسمه سلمان الكوفي مولى عزة.

حدث عن أبي هريرة فأكثر وعن ابن عمر والحسين بن علي.

روى عنه منصور والأعمش ومحمد بن جحادة وفرات القزاز وجماعة.

وثقه أحمد بن حنبل وابن معين.

روى عنه أيضاً نعيم بن أبي حميد ويزيد بن كيسان وفضيل بن غزوان مات في خلافة عمر بن عبد العزيز قريبا من سنة مئة يقال: إنه جالس أبا هريرة خمس سنين.

‌618 - أبو زرعة

(395)

ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي من ثقات التابعين وعلمائهم اسمه كنيته على الأشهر وقيل اسمه هرم وقيل اسمه عمر كأبيه وذلك لأن أباه مات في حياة جده فسمي أبو زرعة باسمه.

قيل إنه رأى علياً وحدث عن جده وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وخرشة بن الحر وطائفة.

(394)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 294)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 224) الجرح والتعديل (4/ترجمة 1293)، تاريخ الإسلام (4/ 73)، تهذيب التهذيب (4/ 140).

(395)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 297)، الجرح والتعديل (9/ترجمة 1731). تاريخ الإسلام (4/ 74)، تهذيب التهذيب (12/ 99).

ص: 374

حدث عنه عمه إبراهيم وحفيداه جرير ويحيى ابنا أيوب بن أبي زرعة والحارث بن عبد الله العكلي وعبد الله بن شبرمة وعمارة بن القعقاع وموسى الجهني وعلي بن مدرك ويحيى بن سعيد التيمي وآخرون.

وكان ثقة نبيلاً شريفاً كثير العلم وفد مع جده جرير على معاوية.

‌619 - أبو المتوكل

(396)

الناجي البصري محدث إمام اسمه علي بن داود وقيل: إن داود حدث عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وأبي سعيد وجابر.

وعنه قتادة وحميد الطويل وخالد الحذاء وعلي بن علي الرفاعي وأبو عقيل بشير بن عقبة وعدة.

متفق على ثقته توفي سنة اثنتين ومئة.

‌620 - سعد بن عبيد

(397)

الإمام الثقة أبو حمزة السلمي الكوفي من علماء الكوفة وكان زوج ابنة أبي عبد الرحمن السلمي.

حدث عن ابن عمر والبراء بن عازب والمستورد بن الأحنف.

وعنه زبيد اليامي وإسماعيل السدي ومنصور والأعمش وفطر بن خليفة.

مات بعد المئة وثقه النسائي وغيره مات في الكهولة في حدود سنة بضع ومئة ولولا قدم موته لأخرته إلى الطبقة الآتيه والله أعلم.

‌621 - سعيد بن أبي هند

(398)

حجازي جليل من موالي سمرة بن جندب.

(396)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 225)، التاريخ الكبير (6/ترجمة 2384)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1014)، تاريخ الإسلام (4/ 223)، تهذيب التهذيب (12/ 99).

(397)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 298)، الجرح والتعديل (4/ترجمة 386)، تاريخ الإسلام (4/ 118)، تهذيب التهذيب (4/ 478).

(398)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ ترجمة 1735)، الجرح والتعديل (4/ترجمة 302)، تاريخ الإسلام (4/ 119)، العبر (1/ 123)، تهذيب التهذيب (4/ 93)، شذرات الذهب (1/ 123).

ص: 375

حدث عن أبي موسى الأشعري وابن عباس وأبي هريرة وعن عبيدة السلماني ومطرف بن عبد الله.

حدث عنه ابنه عبد الله ويزيد بن أبي حبيب وابن إسحاق ونافع بن عمر الجمحي وطائفة.

قال ابن سعد: توفي في خلافة هشام في أولها. قلت: لعله توفي في حدود سنة عشر ومئة.

اتفقوا على الاحتجاج به ومات ابنه عبد الله بن سعيد بن أبي هند سنة سبع وأربعين ومئة روى البخاري عن رجل عنه فذلك من عوالي صحيحه.

‌622 - عبد الرحمن

(399)

ابن أبان بن عثمان بن عفان

ابن أبان بن عثمان بن عفان القرشي الأموي أحد من يصلح للخلافة.

روى عن أبيه يسيراً.

وعنه عمر بن سليمان وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي.

قال موسى التيمي ما رأيت أحداً أجمع للدين والمملكة والشرف منه وقيل: كان يشتري أهل البيت فيكسوهم ويعتقهم ويقول أستعين بهم على غمرات الموت فمات وهو نائم في مسجده وقيل كان كثير العبادة.

والتأله رآه علي بن عبد الله بن عباس فأعجبه نسكه وهديه فاقتدى به في الخير.

‌623 - عبد الرحمن بن الأسود

(400)

ابن يزيد بن قيس أبو حفص النخعي الكوفي الفقيه الإمام ابن الإمام.

(399)

ترجمته في التاريخ الكبير (5/ترجمة 820)، الجرح والتعديل (5/ترجمة 991)، الكاشف (2/ ترجمة 3171)، تاريخ الإسلام (4/ 140)، تهذيب التهذيب (6/ 130)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4015).

(400)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 289)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 815)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 986)، الكاشف (2/ترجمة 3182)، العبر (1/ 116)، تاريخ الإسلام (4/ 24)، تهذيب التهذيب (6/ 140)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4028).

ص: 376

حدث عن أبيه وعمه علقمة بن قيس وعائشة وابن الزبير وغيرهم وأدرك أيام عمر.

حدث عنه الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد ومحمد بن إسحاق وحجاج بن أرطاة ومالك بن مغول وزبيد اليامي وأبو إسرائيل الملائي وأبو بكر النهشلي وعبد الرحمن المسعودي وآخرون.

قال الصقعب بن زهير عن عبد الرحمن بن الأسود قال كان أبي يبعثني إلى أم المؤمنين عائشة فلما احتلمت أتيتها فناديت من وراء الحجاب يا أم المؤمنين ما يوجب الغسل فقالت أفعلتها يا لكع؟ إذا التقت المواسي.

قال ابن أبي خالد: قلت: لعبد الرحمن بن الأسود وما منعك أن تسأل كما سأل إبراهيم؟ قال إنه كان يقال جردوا القرآن قلت: كان من المتهجدين العباد.

وروى مالك بن مغول عن رجل أنه عد على ابن الأسود يوم جمعة قبل الصلاة ستاً وخمسين ركعة.

وروى حفص بن غياث عن ابن إسحاق قال: قدم علينا عبد الرحمن ابن الأسود حاجاً فاعتلت رجله فصلى على قدم حتى أصبح.

وقال هلال بن خباب: كان عبد الرحمن بن الأسود وعقبة مولى أديم وسعد أبو هشام يحرمون من الكوفة ويصومون يوما ويفطرون يوماً حتى يرجعوا.

وعن الحكم أن عبد الرحمن بن الأسود لما احتضر بكى فقيل له؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم ولم يزل يتلو حتى مات.

قال الشعبي: أهل بيت خلقوا للجنة علقمة والأسود وعبد الرحمن.

وروي أن عبد الرحمن صام حتى أحرق الصوم لسانه.

قال خليفة: مات سنة ثمان أو تسع وتسعين وذكر ابن عساكر أنه وفد على عمر بن عبد العزيز.

ص: 377

‌624 - عكرمة

(401)

خم مقروناً

العلامة الحافظ المفسر أبو عبد الله القرشي مولاهم المدني البربري الأصل.

قيل: كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس.

حدث عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعلي بن أبي طالب وذلك في النسائي وأظنه مرسلاً وصفوان بن أمية والحجاج بن عمرو الأنصاري وجابر بن عبد الله وحمنة بنت جحش وأبي سعيد الخدري وأم عمارة الأنصارية وعدة وعن يحيى بن يعمر وعبد الله بن رافع.

قال ابن المديني: سمع من عائشة وأبي هريرة وأبي قتادة وعبد الله بن عمرو وابن عمر.

حدث عنه إبراهيم النخعي والشعبي وماتا قبله وعمرو بن دينار وأبو الشعثاء جابر بن زيد وحبيب بن أبي ثابت وحصين بن عبد الرحمن والحكم بن عتيبة وعبد الله بن كثير الداري وعبد الكريم الجزري وعبد الكريم أبو أمية البصري وعلي بن الأقمر وقتادة ومطر الوراق وموسى بن عقبة وأبو إسحاق الهمداني وأبو إسحاق الشيباني وأبو صالح مولى أم هانئ مع تقدمه وأبو الزبير المكي وخلق كثير من جلة التابعين وأيوب السختياني وأشعث بن سوار وثور بن زيد الديلي وثور بن يزيد الحمصي وجابر الجعفي وأبو بشر جعفر وحجاج بن أرطاة والحسن بن زيد والد الست نفيسة وحسين بن عبد الله العباسي وحسين بن قيس الرحبي وحسين بن واقد المروزي والحكم بن أبان وحميد الطويل وخالد الحذاء وداود بن الحصين وأبو الجحاف داود بن أبي عوف وداود ابن أبي هند والزبير بن الحريث وزيد أبو أسامة الحجام وزيد مولى قيس الحذاء وسعيد بن مسروق وسفيان بن دينار التمار وسفيان بن زياد العصفري والأعمش وسلمة بن وهرام وسماك بن حرب وصالح بن رستم الخزاز وصفوان بن عمرو الحمصي وعاصم بن بهدلة وعاصم الأحول وعباد بن منصور وعبد الله بن حسن بن حسن وأبو حريز عبد الله ابن الحسين وابن طاووس وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن كيسان وعبد الرحمن بن الأصبهاني

(401)

ترجمته في طبقات ابن سعد (2/ 385) و (5/ 287)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 218)، الكنى للدولابي (2/ 58)، الجرح والتعديل (7/ترجمة 32)، تاريخ أصبهان (1/ 25)، الكاشف (2/ترجمة 3920)، تاريخ الإسلام (4/ 156)، تهذيب التهذيب (7/ 263)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4928)، شذرات الذهب (1/ 130).

ص: 378

وعبد الرحمن بن الغسيل وعبد العزيز بن أبي رواد وابن جريج مرسل وعبد الملك بن أبي بشير وعبد الواحد بن صفوان وعثمان بن سعد الكاتب وعثمان الشحام وعثمان بن غياث وعطاء بن السائب وعقيل الأيلي وعلباء بن أحمر وعلي بن بذيمة وعمارة بن أبي حفصة وعمر بن عطاء بن وراز وعمر بن فروخ العبدي وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب وعمرو بن مسلم الجندي وعمرو بن هرم والفضل ابن ميمون وفضل بن غزوان وفطر بن خليفة وقباث بن رزين اللخمي وليث بن أبي سليم وأبو الأسود يتيم عروة وابن شهاب ومغيرة بن مقسم ومقاتل بن حيان ومنصور بن النعمان اليشكري ومهدي بن حرب وموسى ابن أيوب الغافقي وموسى بن مسلم الطحان ونزار بن حيان والنضر أبو عمر الخزاز ونوح بن ربيعة وهشام بن حسان ويزيد بن أبي سعيد النحوي وأبو الأشهب العطاردي وأمم سواهم.

روى حرمي بن عمارة عن عبد الرحمن بن حسان: سمعت عكرمة يقول: طلبت العلم أربعين سنة وكنت أفتي بالباب وابن عباس في الدار.

وروى الزبير بن الخريت عن عكرمة قال: كان ابن عباس يضع في رجلي الكبل على تعليم القرآن والسنن.

وروى يزيد النحوي عن عكرمة أن ابن عباس قال: انطلق فأفت الناس وأنا لك عون قلت: لو أن هذا الناس مثلهم مرتين لأفتيتهم.

قال انطلق فأفتهم فمن جاءك يسألك عما يعنيه فأفته ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته فإنك تطرح عنك ثلثي مؤنة الناس.

قال عبد الحميد بن بهرام: رأيت عكرمة أبيض اللحية عليه عمامة بيضاء طرفها بين كتفيه قد أدارها تحت لحيته وقميصه إلى الكعبين وكان رداؤه أبيض وقدم على بلال بن مرداس وكان على المدائن فأجازه بثلاثة ألاف فقبضها منه.

قال أبو سعيد بن يونس: عكرمة من سكان المدينة وقد كان سكن مكة قدم مصر قلت: كان كثير الأسفار قال: ونزل على عبد الرحمن بن الحساس الغافقي وصار إلى إفريقية.

قال العباس بن مصعب المروزي: كان أعلم شاكردي (*) ابن عباس بالتفسير وكان يدور البلدان يتعرض وقدم مرو على مخلد بن يزيد بن المهلب وكان يجلس في السراجين في دكان أبي سلمة السراج مغيرة بن مسلم فحمله على بغلة خضراء.

(*) التلميذ والخادم وهي كلمة فارسية.

ص: 379

وقال أبو تميلة عن ضماد بن عامر القسملي عن الفرزدق بن جواس الحماني قال: كنا مع شهر بن حوشب بجرجان فقدم علينا عكرمة فقلنا لشهر: ألا نأتيه؟ قال ائتوه فإنه لم تكن أمة إلا كان لها حبر وإن مولى ابن عباس حبر هذه الأمة.

قال عبد الصمد بن معقل: لما قدم عكرمة الجند أهدى له طاووس نجبا بسيتن ديناراً فقيل لطاووس: ما يصنع هذا العبد بنجب بستين دينارا قال أتروني لا أشتري علم ابن عباس بستين ديناراً لعبد الله بن طاووس.

قال يحيى بن معين: مات ابن عباس وعكرمة عبد لم يعتق فباعه علي بن عبد الله فقيل له: تبيع علم أبيك؟ فاسترده.

روى الواقدي عن أبي بكر بن أبي سبرة قال: باع علي بن عبد الله بن عباس عكرمة من خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار فقال له عكرمة ما خير لك بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار؟ فاستقاله فأقاله وأعتقه.

داود بن أبي هند عن عكرمة قال: قرأ ابن عباس هذه الآية "لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً" الأعراف. قال ابن عباس: لم أدر أنجا القوم أم هلكوا؟ قال: فما زلت أبين له أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا قال: فكساني حلة.

ابن فضيل عن عثمان بن حكيم قال: كنت جالساً مع أبي أمامة بن سهل إذ جاء عكرمة فقال: يا أبا أمامة أذكرك الله: هل سمعت ابن عباس يقول ما حدثكم عني عكرمة فصدقوه فإنه لم يكذب علي فقال أبو أمامة: نعم.

قال أيوب عن عمرو بن دينار دفع إلي جابر بن زيد مسائل أسأل عكرمة وجعل يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس هذا البحر فسلوه.

ابن عيينة عن عمرو سمع أبا الشعثاء يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس هذا أعلم الناس قال سفيان: الوجه الذي عليه فيه عكرمة المغازي إذا تكلم فسمعه إنسان قال: كأنه مشرف عليهم يراهم.

مغيرة: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحداً اعلم منك قال نعم عكرمة.

قال مصعب بن عبد الله: تزوج عكرمة أم سعيد بن جبير فلما قتل سعيد قال إبراهيم ما خلف بعده مثله.

وقال إسماعيل بن أبي خالد: سمعت الشعبي يقول: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة.

ص: 380

وقال قتادة: أعلم الناس بالحلال والحرام الحسن وأعلمهم بالمناسك عطاء وأعلمهم بالتفسير عكرمة.

وروى سعيد عن قتادة قال: كان أعلم التابعين أربعة كان عطاء أعلمهم بالمناسك وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير وكان عكرمة أعلمهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام.

روى حاتم بن وردان عن أيوب قال: اجتمع حفاظ ابن عباس منهم سعيد بن جبير وعطاء وطاووس على عكرمة فأقعدوه فجعلوا يسألونه عن حديث ابن عباس فكلما حدثهم حديثاً قال سعيد: هكذا يعقد ثلاثين حتى سئل عن الحوت فقال عكرمة كان يسايرهما في ضحضاح من الماء فقال سعيد: أشهد على ابن عباس أنه قال كانا يحملانه في مكتل فقال أيوب: أراه كان يقول القولين جميعاً.

قال أبو بكر الهذلي: قلت: للزهري: إن عكرمة وسعيد بن جبير اختلفا في رجل من المستهزئين فقال سعيد: الحارث بن غيطلة وقال عكرمة الحارث بن قيس فقال: صدقا جميعا كانت أمه تدعى غيطلة وكان أبوه يدعى قيساً.

أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت قال: اجتمع عندي خمسة لايجتمع مثلهم أبداً عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة فأقبل مجاهد وسعيد يلقيان على عكرمة التفسير فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما فلما نفد ما عندهما جعل يقول أنزلت آية كذا في كذا وآية كذا في كذا قال ثم دخلوا الحمام ليلاً.

قال يحيى القطان: أصحاب ابن عباس ستة: مجاهد وطاووس وعطاء وسعيد وعكرمة وجابر بن زيد.

ابن عيينة سمعت أيوب يقول: لو قلت: لك: إن الحسن ترك كثيراً من التفسير حين دخل علينا عكرمة البصرة حتى خرج منها لصدقت.

قال الثوري: خذوا التفسير عن أربعة: عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك قال أيوب: قال عكرمة إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم.

قال يحيى بن أيوب: قال لي ابن جريج: قدم عليكم عكرمة؟ قلت: بلى قال: فكتبتم عنه؟ قلت: لا قال فاتكم ثلثا العلم وقال أبو مسلمة سعيد بن يزيد: سمعت عكرمة يقول: ما لكم لا تسألوني أفلستم؟.

ص: 381

أمية بن شبل عن معمر عن أيوب قال: قدم علينا عكرمة فاجتمع الناس عليه حتى صعد فوق ظهر بيت.

معمر عن أيوب قال: كنت أريد أن أرحل إلى عكرمة إلى أفق من الآفاق فإني لفي سوق البصرة إذا رجل على حمار فقيل لي: عكرمة فاجتمع الناس إليه فقمت إليه فما قدرت على شيء أسأله ذهبت مني المسائل فقمت إلى جنب حماره فجعل الناس يسألونه وأنا أحفظ.

وعن أيوب وسئل عن عكرمة فقال: لو لم يكن عندي ثقة لم أكتب عنه وقال حماد بن زيد: قيل لأيوب: أكنتم تتهمون عكرمة؟ قال أما أنا فلم أكن أتهمه.

الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت قال: مر عكرمة بعطاء وسعيد بن جبير يحدثهم فلما قام قلت: لهم: ما تنكران مما حدث شيئاً؟ قالا: لا.

شيبان عن أبي إسحاق: سمعت سعيد بن جبير يقول: إنكم لتحدثون عن عكرمة بأحاديث لو كنت عنده ما حدث بها. قال: فجاء عكرمة فحدث بتلك الأحاديث كلها والقوم سكوت فما تكلم سعيد ثم قام عكرمة فقالوا: يا أبا عبد الله ما شأنك؟ قال فعقد ثلاثين وقال: أصاب الحديث.

قال أيوب: قال عكرمة: أرأيت هؤلاء الذين يكذبوني من خلفي أفلا يكذبوني في وجهي؟! حجاج الصواف عن أرطاة بن أبي أرطاة أنه سمع عكرمة يحدث القوم وفيهم سعيد بن جبير وغيره فقال: إن للعلم ثمنا فأعطوه ثمنه قالوا: وما ثمنه يا أبا عبد الله؟ قال أن تضعه عند من يحسن حفظه ولا يضيعه.

وقال سليمان الأحول: لقيت عكرمة ومعه ابن له قلت: أيحفظ هذا من حديثك شيئاً؟ قال: إنه يقال: أزهد الناس في عالم أهله.

قال حماد عن أيوب: سمعت رجلاً قال لعكرمة: فلان قذفني في النوم قال: اضرب ظله ثمانين.

عن عكرمة أنه كان إذا رأى السؤال يوم الجمعة سبهم ويقول: كان ابن عباس يسبهم ويقول: لا تشهدون جمعة ولا عيداً إلا للمسألة والأذى وإذا كانت رغبة الناس إلى الله كانت رغبتهم إلى الناس قلت: فكيف إذا انضاف إلى ذلك غنى ما عن السؤال وقوة على التكسب.

ص: 382

وقد نقموا على هذا العالم أخلاقا وآراء وروى حميد الطويل عن عكرمة أنه ذكر عنده كراهة الحجامة للصائم قال أفلا تكره له الخراءة.

ابن لهيعة عن أبي الأسود: أنا أول من هيج عكرمة على المسير إلى إفريقية قلت: له: أنا أعرف قوماً لو أتيتهم قال فلقيني جليس له فقال: هو ذا عكرمة يتجهز إلى إفريقية فلما قدم عليهم اتهموه. قال: وكان قليل العقل خفيفا كان قد سمع الحديث من رجلين وكان إذا سئل حدث به عن واحد ثم يسأل عنه بعد فيحدث به عن الآخر فكانوا يقولون: ما أكذبه فشكوا ذلك إلى إسماعيل بن عبيد الأنصاري وكان له فضل وورع فقال: لا بأس أنا أشفيكم منه فبعث إليه فقال له: كيف سمعت ابن عباس يقول في كذا وكذا؟ قال كذا وكذا فقال إسماعيل: صدقت سألت عنها ابن عباس فقال هكذا قال ابن لهيعة: وكان يحدث برأي نجدة الحروري وأتاه فأقام عنده ستة أشهر ثم أتى ابن عباس فسلم فقال ابن عباس: قد جاء الخبيث.

سعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: كنت أول من سبب لعكرمة الخروج إلى المغرب وذلك إني قدمت من مصر إلى المدينة فلقيني عكرمة وسألني عن أهل المغرب فأخبرته بغفلتهم قال: فخرج إليهم وكان أول ما أحدث فيهم رأي الصفرية.

قال يحيى بن بكير قدم عكرمة مصر ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.

قال علي بن المديني: كان عكرمة يرى رأي نجدة الحروري.

وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: إنما لم يذكر مالك عكرمة يعني في الموطأ قال لأن عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

وروى عمر بن قيس المكي عن عطاء قال: كان عكرمة إباضياً

(402)

وعن أبي مريم قال: كان عكرمة بيهسياً.

(402)

الإباضية: هم أتباع عبد الله بن إباض، وقد خرج في دولة بنى أمية، وهو من رءوس الخوارج، هم يقولون بأن كفار الأمة -يعنون بذلك مخالفيهم من هذه الأمة- بُرآء من الشرك والإيمان، وأنهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين، ولكنهم كفار، وأجازوا شهادتهم، وحرَّموا دماءَهم في السر، واستحلُّوها في العلانية، وصَحَّحوا مناكحتهم والتوارُث منهم، وزعموا أنهم في ذلك محاربون لله ولرسوله، لا يدينون دين الحق، وقالوا باستحلال بعض أموالهم دون بعض، والذي استحلوه الخيل والسلاح، فأما الذهب والفضة فإنهم يردونهما على أصحابهما عند الغنيمة.

ص: 383

وقال إبراهيم الجوزجاني: سألت أحمد بن حنبل عن عكرمة أكان يرى رأي الإباضية؟ فقال: يقال: إنه كان صفريا

(403)

قلت: أتى البربر؟ قال: نعم وأتى خراسان يطوف على الأمراء يأخذ منهم.

وقال علي بن المديني: حكي عن يعقوب الحضرمي عن جده قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلا كافر. قال: وكان يرى رأي الإباضية.

وروى خلاد بن سليمان الحضرمي عن خالد بن أبي عمران قال: دخل علينا عكرمة مولى ابن عباس بإفريقية في وقت الموسم فقال: وددت أني اليوم بالموسم بيدي حربة أضرب بها يميناً وشمالاً وفي رواية: فاعترض بها من شهد الموسم قال خالد: فمن يومئذ رفضه أهل إفريقية.

قال مصعب بن عبد الله: كان عكرمة يرى رأي الخوارج وادعى على ابن عباس أنه كان يرى رأي الخوارج هذه حكاية بلا إسناد.

قال أبو خلف عبد الله بن عيسى الخزاز عن يحيى البكاء سمعت ابن عمر يقول لنافع: اتق الله ويحك لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس كما أحل الصرف وأسلم ابنه صيرفياً البكاء واه

(404)

.

إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول لغلام له: يا برد لا تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس.

= وافترقت الإباضية فيما بينهم أربع فرق، وهي: الحفصية، والحارثية، واليزيدية، وأصحاب طاعة لا يُراد الله بها. والحفصية أتباع حفص بن أبي المقدام، والحارثية أتباع حارث بن يزيد الإباضي واليزيدية منهم غلاة لقولهم بنسخ شريعة الإسلام في آخر الزمان.

(403)

الصُّفْرية: هم أتباع زياد بن الأصْفر، وهم يقولون بأن أصحاب الذنوب مشركون ولا يرون قتل أطفال مخالفيهم ونسائهم، بينما الأزارقة يرون ذلك، وقد زعمت فرقة من الصُّفرية أن ما كان من الأعمال عليه حد واقع لا يُسمَّى صاحبُهُ إلَّا بالاسم الموضوع له، كزان وسارق، وقاذف، وقاتل عمد، وليس صاحبه كافرًا ولا مشركًا، وكل ذنب ليس فيه حد كترك الصلّاة والصوّم فهو كفّر وصاحبه كافر، وإن المؤمن المذنب يفقد اسم الإيمان في الوجهين جميعًا.

والصفرية انقسمت إلى ثلاث فرق: فرقة: تزعم أن صاحب كل ذنب مشرك، كما قالت الأزارقة، والثانية: تزعم أن اسم الكفر واقع على صاحب ذنب ليس فيه حد، والمحدود في ذنبه خارج عن الإيمان وغير داخل في الكفر، والثالثة: تزعم أن اسم الكفر يقع على صاحب الذنب إذا حدَّه الوالى على ذنبه.

(404)

في إسناده يحيى بن مسلم البكَّاء، ويُقال يحيى بن سُلَيم البكاء، قال أبو زُرعة: ليس بقوى. وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف.

ص: 384

قال إسحاق بن الطباع: سألت مالكاً أبلغك أن ابن عمر قال لنافع: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على عبد الله؟ قال لا ولكني بلغني أن سعيد ابن المسيب قال ذلك لبرد مولاه.

قلت: هذا أشبه ولم يكن لعكرمة ذكر في أيام ابن عمر ولا كان تصدى للرواية.

جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد على باب الحش قال: قلت: ما لهذا كذا قال إنه يكذب على أبي

(405)

.

هشام بن سعد عن عطاء الخراساني قال: قلت: لسعيد بن المسيب: إن عكرمة يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم

(406)

(405)

في إسناده يزيد بن أبي زياد، هو الشامي، قال البخاري: منكر الحديث، وقال الترمذي وغيره: ضعيف. وقال النسائي: متروك الحديث.

وقوله "على باب الحُشُ": أي على باب البُستان.

(406)

هذا ظلم لعكرمة رضي الله عنه فقد رُوى هذا من طرق كثيرة عن إبن عباس أنه كان يقول: "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوَّج ميمونة وهو محرم"، وقد ورد من طرق عن عكرمة عن ابن عباس، به.

أخرجه أحمد (1/ 245)، والبخاري (4258) و (4259)، وأبو داود (1844)، والترمذي (842) و (843)، والنسائي (5/ 191)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار"(2/ 269)، وغيرهم.

وله طرق أخرى عن ابن عباس عند ابن سعد (8/ 135 و 136)، وأحمد (1/ 252)، والطحاوي (2/ 269). قال أبو حاتم: قول ابن عباس: تزوَّج النبيُّ صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو مُحرم أراد به داخل الحرم، لا أنه كان مُحرمًا في ذلك الوقت، كما تستعمل العرب ذلك في لغتها فتقول لمن دخل النَّجد: أنْجد، ولمن دخل الظُّلمة: أظْلَم، ولمن دخل تهامة: أتْهَم. أراد أنه كان داخل الحرم، لا أنه كان مُحرمًا بنفسه في ذلك الوقت، والدليل على صحَّة هذا التأويل الأخبار التالية:

فقد ورد من طرق عن حماد بن زيد، قال: حدثنا مطر الوراق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّج ميمونة حلالًا، وبنى بها حلالًا، وكنتُ الرسول بينهما". أخرجه أحمد (6/ 392 - 393)، والترمذي (841)، والدارمي (2/ 38)، وابن سعد (8/ 134) والبيهقي (5/ 66) و (7/ 211)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار" (2/ 270)، والطبراني (915)، والبغوي (1982) من طرق عن حماد بن زيد، به.

قلت: وإسناده ضعيف، آفته مطر الوراق، فقد كان سيئ الحفظ، وقد خرَّج له مسلم في المتابعات لا في الأصول، وأخرج مسلم (1411)، وابن ماجه (1964)، والطبراني (23/ 1059)، والبيهقي (5/ 66) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا جرير بن حازم، أبو فزارة، عن يزيد بن الأصم حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال قال: وكانت خالتى وخالة ابن عباس، وأخرج أحمد (6/ 333)، والترمذي (845)، والطحاوي (2/ 270)، وابن سعد (8/ 133) =

ص: 385

فقال كذب مخبثان

(407)

اذهب إليه فسبه سأحدثكم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم فلما حل تزوجها.

وقال شعبة عن عمرو بن مرة: سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية، فقال: لا تسألني عن القرآن وسل عنه من يزعم أنه لا يخفى عنه منه شيء يعني عكرمة وقال مطر: قلت: لعطاء: إن عكرمة قال: قال ابن عباس: سبق الكتاب المسح على الخفين فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس يقول: امسح على الخفين وإن خرجت من الخلاء

(408)

.

مسلم الزنجي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم أنه كان جالسا مع سعيد بن جبير فمر به عكرمة ومعه ناس فقال لنا سعيد قوموا إليه واسألوه واحفظوا ما تسألون عنه وما يجيبكم فقمنا وسألناه فأجابنا ثم أتينا سعيدا فأخبرناه فقال: كذب

(409)

.

بشر بن المفضل عن عبد الله بن عثمان بن خثيم سألت عكرمة أنا وعبد الله بن سعيد عن قوله "والنخل باسقات" ق قال: بسوقها كبسوق النساء عند ولادتها فرحت إلى سعيد فأخبرته فقال: كذب بسوقها: طولها.

= والدارقطني (3/ 261 - 262)، والبيهقي (7/ 211) من طرق عن وهب بن جرير، عن جرير بن حازم، به ولفظه عن ميمونة بنت الحارث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجها حلالًا، وبنى بها حلالًا. وماتت بسرف، فدَفنَّاها في الظُّلَّة التى بنى به فيها، فنزلتُ في قبرها أنا وابن عباس، فلما وضعناها في اللحد، مال رأسُها، وأخذتُ ردائى، فوضعتُهُ تحت رأسها، فاجتذبه ابن عباس، فألقاهُ وكانت حلقت في الحج رأسها، فكان رأسُها مُحَمَّمًا" - أي اسوَّدَّ رأسها بعد الحلق بنبات الشعر.

(407)

مَخْبثان: هو الخبيثُ، ويُقال للرجل والمرأة جميعًا. ويدل على المبالغة في الخُبْث.

(408)

أخرجه البيهقي في "السنن"(1/ 273)، وإسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الجبار بن محمد العطاردي، أبو عمر الكوفي، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب"، وقال البيهقي في إثره:"ويحتمل أن يكون ابن عباس قال ما روى عنه عكرمة ثم لما جاءهُ التثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح بعد نزول المائدة قال ما قال عطاء".

قلت: والمسح على الخفين ثابت، وهو صحيح متواتر كما صرح الحفاظ.

تنبيه: وقع في المطبوع [مطر] والصواب [فطر] كما في إسناد البيهقي، لذا فقد وضعناه بين معكوفين تنبيهًا.

(409)

في إسناده مسلم بن خالد الزَّنْجي الفقيه، قال أبو حاتم: لا يُحتج به. وضعفه أبو داود. وقال البخاري: منكر الحديث.

ص: 386

إسرائيل عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة أنه كره كراء الأرض فذكرت ذلك لسعيد فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس يقول: "إن أمثل ما أنتم صانعون استئجار الأرض البيضاء سنة بسنة".

وقال مسلم بن إبراهيم عن الصلت بن دينار: سألت ابن سيرين عن عكرمة فقال: ما يسوؤني أن يكون من أهل الجنة ولكنه كذاب.

وروى عارم عن الصلت بن دينار قلت: لابن سيرين: إن عكرمة يؤذينا ويسمعنا ما نكره فقال كلاماً فيه لين أسأل الله أن يميته ويريحنا منه.

وهيب بن خالد سمعت يحيى بن سعيد وأيوب ذكرا عكرمة فقال يحيى: كان كذابا وقال أيوب: لم يكن بكذاب.

هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي سمعت ابن أبي ذئب يقول: رأيت عكرمة وكان غير ثقة هكذا رواه عمران بن موسى بن مجاشع عن إبراهيم بن المنذر عنه ورواه العقيلي عن محمد بن زريق بن جامع عن إبراهيم فقال كان ثقة فالله أعلم والرواية الأولى أشبه.

قال رجاء بن أبي سلمة: سمعت ابن عون يقول: ما تركوا أيوب حتى استخرجوا منه ما لم يكن يريد يعني الرواية عن عكرمة وقال ضمرة: قيل لداود بن أبي هند: هل تروي عن عكرمة؟ قال هذا عمل أيوب قال عكرمة فقلنا عكرمة.

وقال معن وغيره: كان مالك لا يرى عكرمة ثقة ويأمر أن لا يؤخذ عنه قال يحيى بن معين: كان مالك يكره عكرمة قيل: فقد روى عن رجل عنه قال: شيء يسير.

وقال ابن المديني: لم يسم مالك عكرمة في شيء من كتبه إلا في حديث ثور عن عكرمة عن ابن عباس في الذي يصيب أهله وهو محرم قال يصوم ويهدي وكأنه ذهب إلى أنه يرى رأي الخوارج وكان يقول في كتبه: رجل.

وروى الربيع عن الشافعي قال: ومالك سيئ الرأي في عكرمة قال: لا أرى لأحد أن يقبل حديثه.

قال أحمد بن حنبل: عكرمة بن خالد أوثق من عكرمة مولى ابن عباس عكرمة مضطرب الحديث يختلف عنه وما أدري.

ص: 387

وقال قتادة: ما حفظت عن عكرمة إلا بيت شعر رواه عنه أيوب فعلى هذا روايته عنه تدليس.

وفي صحيح البخاري لقتادة عن عكرمة أربعة أحاديث: في تكبيرات الصلاة والخنصر والإبهام سواء والمتشبهين بالنساء وفي زوج بريرة وفي السنن أحاديث.

قال أحمد بن أبي خيثمة: رأيت في كتاب علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثوني والله عن أيوب أنه ذكر له: عكرمة لا يحسن الصلاة قال أيوب وكان يصلي؟ ? الفضل بن موسى عن رشدين بن كريب قال: رأيت عكرمة قد أقيم قائما في لعب النرد.

وقال يزيد بن هارون: قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس فبينا هو يحدثهم إذ سمع صوت غناء فقال: أمسكوا ثم قال: قاتله الله لقد أجاد فأما سليمان ويونس فما عادا إليه وعاد إليه أيوب فأحسن أيوب.

قال ابن علية: ذكر أيوب عكرمة فقال: كان قليل العقل أتيناه يوما فقال والله لأحدثنكم فمكث فجعل يحدثنا ثم قال: أيحسن حسنكم مثل هذا؟ وبينا أنا عنده إذ رأى أعرابيا فقال: هاه ألم أرك بأرض الجزيرة أو غيرها فأقبل عليه وتركنا.

وروى شبابة عن المغيرة بن مسلم قال: لما قدم عكرمة خراسان قال أبو مجلز: سلوه ما جلاجل الحاج؟ فسئل فقال: وأنى هذا بهذه الأرض؟ ? جلاجل الحاج: الإفاضة فقيل لأبي مجلز فقال: صدق.

قال عبد العزيز بن أبي رواد: قلت: لعكرمة: تركت الحرمين وجئت إلى خراسان؟! قال أسعى على بناتي.

شبابة أخبرنا أبو الطيب موسى بن يسار قال: رأيت عكرمة جائياً من سمرقند على حمار تحته جوالقان

(410)

فيهما حرير أجازه بذلك عامل سمرقند ومعه غلام وقيل له: ما جاء بك إلى هذه البلاد؟ قال: الحاجة.

وقال عمران بن حدير: تناول عكرمة عمامة له خلقاً فقال رجل: ما تريد إلى هذه؟ عندنا عمائم نرسل إليك بواحدة قال: لا آخذ من الناس شيئاً إنما آخذ من الأمراء.

(410)

جوالقان مثنى، والمفرد جُوالق، وهو عدل كبير منسوج من صوف أو شعر، وهو فارسي معرب.

ص: 388

الأعمش عن إبراهيم قال: لقيت عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى قال يوم القيامة فقلت: إن عبد الله كان يقول: يوم بدر فأخبرني من سأله بعد ذلك فقال: يوم بدر. قلت: القولان مشهوران.

عباس بن حماد عن عثمان بن مرة قال قلت: للقاسم: إن عكرمة قال حدثنا ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزفت والنقير والدباء والحنتم والجرار"

(411)

قال: يا ابن أخي إن عكرمة كذاب يحدث غدوة حديثاً بخالفه عشية وروى روح بن عبادة عن عثمان نحوه.

القاسم بن معن حدثني أبي عن عبد الرحمن قال حدث عكرمة بحديث فقال سمعت ابن عباس يقول كذا وكذا فقلت يا غلام هات الدواة والقرطاس فقال: أعجبك؟ قلت: نعم قال إنما قلته برأيي.

أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: قال خالد بن يزيد بن معاوية في عكرمة نعم صاحب رجل عالم وبئس صاحب رجل جاهل أما العالم فيأخذ ما يعرف وأما الجاهل فيأخذ كل ما سمع ثم قال سعيد وكان عكرمة يحدث الحديث ثم يقول في نفسه: إن كان كذلك.

النضر بن شميل: حدثنا سالم أبو عتاب بصري قال: كنت أطوف أنا وبكر بن عبد الله المزني فضحك بكر فقيل له: ما يضحكك؟ قال: العجب من أهل البصرة أن عكرمة حدثهم يعني عن ابن عباس في تحليل الصرف فإن كان عكرمة حدثهم أنه أحله فأنا أشهد أنه صدق ولكني أقيم خمسين من أشياخ المهاجرين والأنصار يشهدون أنه انتفى منه.

(411)

صحيح: أخرجه الطيالسي (2747)، وأحمد (1/ 228 و 274)، وابن أبي شيبة (11/ 6) و (12/ 202)، والبخاري (53) و (87) و (7266)، ومسلم (17)(24)، والنسائي (8/ 322)، وابن خزيمة (307)، والطبراني في "الكبير"(12949)، وابن منده في "الإيمان"(21)، والبيهقي في "السنن"(6/ 294)، وفي "الدلائل"(5/ 323 - 324)، والبغوي (20) من طرق عن شعبة، حدثنى أبو جمرة، قال: سمعت ابن عباس فذكره في حديث طويل، وقوله:"المُزَفَّت": هو الوعاء المطلى بالزفت. والنقير: هو جذع ينقر وسطه. والدُّبَّاء: هو القرع اليابس، والمقصود الوعاء منه والحنتم: هي الجرار الخُضر. والجرار: جمع جرة وهو من الخزف، والنهى عن الشراب في هذه الأوعية منسوخ بحديث بريدة: عند أحمد (5/ 355)، ومسلم (977) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ونهَيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أيِّ وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرًا". ووقع في رواية مسلم (ص 1585)، وعلى بن الجعد (2075):"كنت نهيتكم عن الأشربة إلَّا في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرًا".

ص: 389

معتمر بن سليمان عن أبيه قيل لطاووس: إن عكرمة يقول: لا يدافعن أحدكم الغائط والبول في الصلاة أو كلاما هذا معناه فقال طاووس: المسكين لو اقتصر على ما سمع كان قد سمع علماً.

قلت أصاب هنا عكرمة فقد صح الحديث في ذلك أعني قبل الإحرام بالصلاة فإن عرض له ذلك في الصلاة وأمكنه الصبر فصلاته صحيحة وإن أجهده ذلك فلينصرف.

وروى إبراهيم بن ميسرة عن طاووس: لو أن مولى ابن عباس اتقى الله وكف من حديثه لشدت إليه المطايا.

وروى أحمد بن منصور المروزي عن أحمد بن زهير قال: عكرمة أثبت الناس فيما روى ولم يحدث عن أقرانه أكثر حديثه عن الصحابة.

وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: قال خالد الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين نبئت عن ابن عباس فإنما رواه عن عكرمة قيل ما شأنه؟ قال: كان يرى رأي الخوارج رأي الصفرية ولم يدع موضعا إلا خرج إليه خراسان والشام واليمن ومصر وإفريقية قال أحمد: وإنما أخذ أهل إفريقية رأي الصفرية من عكرمة لما قدم عليهم وكان يأتي الأمراء يطلب جوائزهم.

واختلف أهل المدينة في المرأة تموت ولم يلاعنها زوجها: يرثها؟ فقال أبان بن عثمان: ادعوا مولى ابن عباس فدعي فأخبرهم فعجبوا منه وكانوا يعرفونه بالعلم.

ومات هو وكثير عزة في يوم واحد فقالوا: مات أعلم الناس وأشعر الناس.

قال أبو بكرالمروذي قلت: لأحمد: يحتج بحديث عكرمة؟ قال: نعم يحتج به.

وقال عثمان بن سعيد قلت: لابن معين فعكرمة أحب إليك في ابن عباس أو عبيد الله قال كلاهما ولم يختر قلت: فعكرمة أو سعيد بن جبير فقال ثقة وثقة.

وروى جعفر بن أبي عثمان الطياليسي عن يحيى بن معين قال: إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة وفي حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام.

قلت: هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعديلهما على الإنصاف فقد أصاب نعم إنما قال يحيى هذا في معرض رواية حديث خاص في رؤية الله تعالى في المنام وهو حديث يستنكر وقد جمع ابن مندة فيه جزءا سماه صحة حديث عكرمة.

ص: 390

وقال يعقوب بن شيبة: سمعت عليا يقول: لم يكن في موالي ابن عباس أغزر من عكرمة.

كان عكرمة من أهل العلم قد روى عنه الشعبي وإبراهيم وجابر أبو الشعثاء وعطاء ومجاهد.

وقال أحمد العجلي: مكي تابعي ثقة بريء مما يرميه به الناس من الحرورية يعني من رأيهم.

وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة.

وقال النسائي: ثقة.

وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال: ثقة قلت: يحتج بحديثه قال نعم إذا روى عنه الثقات والذي أنكر عليه يحيى بن سعيد ومالك فلسبب رأيه قيل لأبي فموالي ابن عباس؟ قال كريب وسميع وشعبة وعكرمة وهو أعلاهم.

وسئل أبي عن عكرمة وسعيد بن جبير أيهما أعلم بالتفسير؟ فقال أصحاب ابن عباس عيال على عكرمة.

قال الحافظ ابن عدي في كامله وعكرمة لم أخرج هنا من حديثه شيئاً لأن الثقات إذا رووا عنه فهو مستقيم الحديث إلا أن يروي عنه ضعيف فيكون قد أتي من قبل الضعيف لا من قبله ولم يمتنع الأئمة من الرواية عنه وأصحاب الصحاح أدخلوا أحاديثه إذا روى عنه ثقة في صحاحهم وهو أشهر من أن أحتاج أن أخرج له شيئاً من حديثه وهو لا بأس به.

وقال أبو أحمد الحاكم احتج بحديثه الأئمة القدماء لكن بعض المتأخرين أخرج حديثه من حيز الصحاح.

قلت: ما علمت مسلماً أخرج له سوى حديث واحد لكنه مقرون بآخر فروى لابن جريج عن أبي الزبير عن عكرمة وطاووس عن ابن عباس في حج ضباعة.

قال الخصيب بن ناصح: حدثنا خالد بن خداش قال: شهدت حماد بن زيد في آخر يوم مات فيه فقال: أحدثكم بحديث لم أحدث به قط إني أكره أن ألقى الله ولم أحدث به سمعت أيوب يحدث عن عكرمة قال: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به.

قلت: هذه عبارة رديئة بل إنما أنزله الله تعالى ليهدي به المؤمنين وما يضل به إلا الفاسقين كما أخبرنا عز وجل في سورة البقرة.

ص: 391

قال ابن سعد: كان عكرمة كثير العلم والحديث بحراً من البحور وليس يحتج بحديثه ويتكلم الناس فيه.

قال مصعب بن عبد الله الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج فطلبه متولي المدينة فتغيب عند داود بن الحصين حتى مات عنده.

قلت ولهذا ينفرد عنه داود بأشياء تستغرب وكثير من الحفاظ عدوا تلك الإفرادات مناكير ولا سيما إذا انفرد بها مثل ابن إسحاق ونحوه.

روى إسماعيل بن أبي أويس عن مالك بن أنس عن أبيه قال: أتي بجنازة عكرمة مولى ابن عباس وكثير عزة بعد الظهر فما علمت أن أحداً من أهل المسجد حل حبوته إليهما.

وروى أبو داود السنجي عن الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال مات كثير وعكرمة مولى ابن عباس في يوم واحد فأخبرني غير الأصمعي قال فشهد الناس جنازة كثير وتركوا جنازة عكرمة.

قلت ما تركوا عكرمة مع علمه وشيعوا كثيراً إلا عن بلية كبيرة في نفوسهم له رضي الله عنه.

وروى يحيى بن بكير عن الدراوردي قال مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد فما شهدهما إلا سودان المدينة.

وقال نوح بن حبيب: ماتا في يوم فقال الناس: مات فقيه الناس وشاعر الناس.

البخاري وغيره عن علي بن المديني قال مات عكرمة بالمدينة سنة أربع ومئة رواها يعقوب الفسوي عن علي فزاد قال فما حمله أحد اكتروا له أربعة.

وقال علي بن عبد الله التميمي ومصعب بن عبد الله وابن نمير والفلاس وأبو عبيد وشباب وابن يونس مات سنة خمس ومئة وكذا نقل أبو الحسن بن البراء عن ابن المديني قال التميمي وابن يونس وهو ابن ثمانين سنة.

وقال الواقدي حدثتني بنته أم داود أنه توفي سنة خمس ومئة.

وقال الهيثم بن عدي وأبو عمر الضرير مات سنة ست ومئة والأصح سنة خمس.

وقال أبو معشر السندي وأبو نعيم وابن أبي شيبة وأخوه عثمان وهارون بن حاتم وقعنب بن المحرر مات سنة سبع ومئة وقيل غير ذلك.

ص: 392

خرج له مسلم مقرونا بطاووس في الحج فالذين أهدروه كبار والذين احتجوا به كبار والله أعلم بالصواب.

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وجماعة إجازة قالوا أخبرنا عمر بن محمد أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا موسى بن سهل الوشاء حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير يوم يحتجم فيه يوم سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين وما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا قالوا عليك بالحجامة يا محمد" تفرد به عباد وفيه ضعف أخرجه أحمد في مسنده عن يزيد

(412)

.

وروى ابن المبارك عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" المعارج قال من أول الدنيا إلى آخرها خمسون ألف سنة لا يعلم أحد كم مضى وكم بقي إلا الله عز وجل.

قال سنيد بن داود في تفسيره حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن عاصم الأحول عن عكرمة في رجل قال لغلامه إن لم أجلدك مئة سوط فامرأته طالق قال لا يجلد غلامه ولا يطلق امرأته هذا من خطوات الشيطان.

قلت هذا واضح في أن عكرمة كان يرى أن اليمين بالطلاق في الغضب من نزغات الشيطان فلا يقع بذلك طلاق والله أعلم.

وقيل إن عكرمة هي الحمامة الأنثى.

‌625 - أبو صالح السمان

(413)

القدوة الحافظ الحجة ذكوان بن عبد الله مولى أم المؤمنين جويرية الغطفانية كان من كبار العلماء بالمدينة وكان يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة ولد في خلافة عمر

(412)

ضعيف: أخرجه أحمد (1/ 354) والطيالسي (2666) وعبد بن حميد (574)، والترمذي (2053)، والحاكم (4/ 209)، والبيهقي (9/ 430)، وفي إسناده عباد بن منصور - وهو الناجى، أجمعوا على ضعفه.

(413)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 301)، (6/ 226)، التاريخ الكبير (3/ترجمة 895) الجرح والتعديل (3/ترجمة 2039)، تاريخ الإسلام (4/ 219)، العبر (1/ 121)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 78)، تهذيب التهذيب (3/ 219)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1973).

ص: 393

وشهد فيما بلغنا يوم الدار وحصر عثمان وسمع من سعد بن أبي وقاص وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وأبي سعيد وعبد الله بن عمر ومعاوية وطائفة سواهم ولازم أبا هريرة مدة.

حدث عنه ابنه سهيل بن أبي صالح والأعمش وسمي وزيد بن أسلم وبكير بن الأشج وعبد الله بن دينار والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وخلق سواهم.

ذكره الإمام أحمد فقال ثقة ثقة من أجل الناس وأوثقهم وقيل كان عظيم اللحية.

وروى أبو خالد الأحمر عن الأعمش قال سمعت من أبي صالح السمان ألف حديث.

قال أبو الحسن الميموني سمعت أبا عبد الله يقول كانت لأبي صالح لحية طويلة فإذا ذكر عثمان رضي الله عنه بكى فارتجت لحيته وقال هاه هاه وذكر أبو عبد الله من فضله.

حفص بن غياث عن الأعمش قال كان أبو صالح مؤذنا فأبطأ الإمام فأمنا فكان لا يكاد يجيزها من الرقة والبكاء رحمه الله.

وقال أبو حاتم ثقة صالح الحديث يحتج بحديثه وقيل إن أبا هريرة كان إذا رأى أبا صالح قال ما على هذا أن يكون من بني عبد مناف.

قلت توفي سنة إحدى ومئة.

‌626 - أبو صالح باذام

(414)

ويقال باذان.

حدث عن مولاته أم هانئ وأخيها علي وأبي هريرة وابن عباس.

حدث عنه أبو قلابة والأعمش والسدي ومحمد بن السائب الكلبي ومحمد بن سوقة ومالك بن مغول وسفيان الثوري وعمار بن محمد وهو آخر من روى عنه.

قال يحيى بن معين ليس به بأس وإذا حدث عنه الكلبي فليس بشيء،.

(414)

ترجمته في طبقات بن سعد (5/ 302)، التاريخ الكبير (2/ ترجمة 1988)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1716)، تاريخ الإسلام (4/ 233)، ميزان الاعتدال (1/ 296)، تهذيب التهذيب (1/ 416).

ص: 394

وقال يحيى القطان لم أر أحداً من أصحابنا تركه.

وقال ابن عدي عامة ما يرويه تفسير قل ما له من المسند.

وقال النسائي ليس بثقة كذا عندي وصوابه بقوي فكأنها تصفحت فإن النسائي لا يقول ليس بثقة في رجل مخرج في كتابه وهذا الرجل من طبقة السمان لكنه عاش بعده نحوا من عشرين سنة.

‌627 - أبو صالح الحنفي

م د س

(415)

الكوفي يقال عبد الرحمن بن قيس.

له عن علي وابن مسعود وأبي هريرة.

وعنه بيان بن بشر وابن أبي خالد وسعيد والد الثوري وطائفة وثقه ابن معين وما هو بالمكثر.

‌628 - طاووس

(416)

ابن كيسان الفقيه القدوة عالم اليمن أبو عبد الرحمن الفارسي ثم اليمني الجندي الحافظ.

كان من أبناء الفرس الذين جهزهم كسرى لأخذ اليمن له فقيل هو مولى بحير بن ريسان الحميري وقيل بل ولاؤه لهمدان أراه ولد في دولة عثمان رضي الله عنه أو قبل ذلك.

سمع من زيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة وزيد بن أرقم وابن عباس ولازم ابن عباس مدة وهو معدود في كبراء أصحابه.

(415)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 227)، التاريخ الكبير (5/ ترجمة 1081)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1314)، الكاشف (2/ترجمة 3339)، تاريخ الإسلام (3/ 319) و (4/ 78). تهذيب التهذيب (6/ 256)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4225).

(416)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 537)، التاريخ الكبير (4/ ترجمة 3165)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 2203)، حلية الأولياء (4/ 4 - 23)، الكاشف (2/ترجمة 2484)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 79)، العبر (1/ 195 و 215 و 223 و 232)، تاريخ الإسلام (4/ 126)، تهذيب التهذيب (5/ 8 - 10)، خلاصة الخزرجي (1/ 133)، شذرات الذهب (1/ 133).

ص: 395

وروى أيضاً عن جابر وسراقة بن مالك وصفوان بن أمية وابن عمر وعبد الله بن عمرو وعن زياد الأعجم وحجر المدري وطائفة وروى عن معاذ مرسلاً.

روى عنه عطاء ومجاهد وجماعة من أقرانه وابنه عبد الله والحسن بن مسلم وابن شهاب وإبراهيم بن ميسرة وأبو الزبير المكي وسليمان التيمي وسليمان بن موسى الدمشقي وقيس بن سعد المكي وعكرمة بن عمار وأسامة بن زيد الليثي وعبد الملك بن ميسرة وعمرو بن دينار وعبد الله بن أبي نجيح وحنظلة بن أبي سفيان وخلق سواهم وحديثه في دواوين الإسلام وهو حجة باتفاق.

فروى عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال إني لأظن طاووسا من أهل الجنة.

وقال قيس بن سعد هو فينا مثل ابن سيرين في أهل البصرة.

سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال: قال مجاهد لطاووس رأيتك يا أبا عبد الرحمن تصلي في الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم على بابها يقول لك اكشف قناعك وبين قراءتك قال طاووس اسكت لا يسمع هذا منك أحد قال ثم خيل إلي أنه انبسط في الكلام يعني فرحا بالمنام.

عبد الرزاق عن داود بن إبراهيم أن الأسد حبس ليلة الناس في طريق الحج فدق الناس بعضهم بعضا فلما كان السحر ذهب عنهم فنزلوا وناموا وقام طاووس يصلي فقال له رجل ألا تنام فقال وهل ينام أحد السحر.

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر أخبرنا يوسف بن خليل أبو المكارم اللبان أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا محمد بن بدر حدثنا حماد بن مدرك حدثنا عثمان بن طالوت حدثنا عبد السلام بن هاشم عن الحر بن أبي الحصين العنبري قال مر طاووس برواس قد أخرج رأسا فغشي عليه.

وروى عبد الله بن بشر الرقي قال كان طاووس إذا رأى تلك الرؤوس المشوية لم يتعش تلك الليلة سمعه منه معمر بن سليمان.

وبه إلى أبي نعيم حدثنا الطبراني حدثنا إسحاق حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس أو غيره أن رجلا كان يسير مع طاووس فسمع غرابا ينعب فقال خير فقال طاووس أي خير عند هذا أو شر لا تصحبني أو قال لا تمش معي.

وبه إلى عبد الرزاق سمعت النعمان بن الزبير الصنعاني يحدث أن محمد بن

ص: 396

يوسف أو أيوب بن يحيى بعث إلى طاووس بسبع مئة دينار أو خمس مئة وقيل للرسول إن أخذها الشيخ منك فإن الأمير سيحسن إليك ويكسوك فقدم بها على طاووس الجند فأراده على أخذها فأبى فغفل طاووس فرمى بها الرجل في كوة البيت ثم ذهب وقال لهم قد أخذها ثم بلغهم عن طاووس شيء يكرهونه فقال ابعثوا إليه فليبعث إلينا بمالنا فجاءه الرسول فقال المال الذي بعث به الأمير إليك قال ما قبضت منه شيئاً فرجع الرسول وعرفوا أنه صادق فبعثوا إليه الرجل الأول فقال المال الذي جئتك به يا أبا عبد الرحمن قال هل قبضت منك شيئاً قال لا ثم نظر حيث وضعه فمد يده فإذا بالصرة قد بنى العنكبوت عليها فذهب بها إليهم.

وبه قال أبو نعيم حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبو معمر عن ابن عيينة قال قال عمر بن عبد العزيز لطاووس ارفع حاجتك إلى أمير المؤمنين يعني سليمان بن عبد الملك قال ما لي إليه حاجة فكأن عمر عجب من ذلك قال سفيان وحلف لنا إبراهيم بن ميسرة وهو مستقبل الكعبة ورب هذه البنية ما رأيت أحداً الشريف والوضيع عنده بمنزلة إلا طاووساً.

وبه حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاووس قال كنت لا أزال أقول لأبي إنه ينبغي أن يخرج على هذا السلطان وأن يفعل به قال فخرجنا حجاجا فنزلنا في بعض القرى وفيها عامل يعني لأمير اليمن يقال له ابن نجيح وكان من أخبث عمالهم فشهدنا صلاة الصبح في المسجد فجاء ابن نجيح فقعد بين يدي طاووس فسلم عليه فلم يجبه ثم كلمه فأعرض عنه ثم عدل إلى الشق الآخر فأعرض عنه فلما رأيت ما به قمت إليه فمددت بيده وجعلت أسائله وقلت له إن عبد الرحمن لم يعرفك فقال العامل بلى معرفته بي فعلت ما رأيت قال فمضى وهو ساكت لا يقول لي شيئاً فلما دخلت المنزل قال أي لكع بينما أنت زعمت تريد أن تخرج عليهم بسيفك لم تستطع أن تحبس عنه لسانك.

محمد بن المثنى العنزي حدثنا مطهر بن الهيثم الطائي عن أبيه قال حج سليمان بن عبد الملك فخرج حاجبه فقال إن أمير المؤمنين قال ابغوا إلي فقيهاً أسأله عن بعض المناسك قال فمر طاووس فقالوا هذا طاووس اليماني فأخذه الحاجب فقال أجب أمير المؤمنين قال أعفني فأبى ثم أدخله عليه قال طاووس فلما وقفت بين يديه قلت: إن هذا لمجلس يسألني الله عنه فقلت يا أمير المؤمنين إن صخرة كانت على شفير جب في

ص: 397

جهنم هوت فيها سبعين خريفا حتى استقرت قرارها أتدري لمن أعدها الله؟ قال لا ويلك لمن أعدها؟ قال لمن أشركه الله في حكمه فجار قال فكبا بها.

قال أبو عاصم النبيل زعم لي سفيان قال: جاء ابن لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاووس فلم يلتفت إليه فقيل له جلس إليك ابن أمير المؤمنين فلم تلتفت إليه قال أردت أن يعلم أن لله عبادا يزهدون فيما في يديه.

روى أبو أمية عن داود بن شابور قال قال رجل لطاووس ادع الله لنا قال ما أجد لقلبي خشية فأدعو لك.

ويروى أن طاووسا جاء في السحر يطلب رجلا فقالوا هو نائم قال ما كنت أرى أن أحداً ينام في السحر.

ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن طاووسا قال له يا أبا نجيح من قال واتقى الله خير ممن صمت واتقى الله.

ابن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس قال لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج وروى سفيان الثوري عن سعيد بن محمد قال كان من دعاء طاووس اللهم احرمني كثرة المال والولد وارزقني الإيمان والعمل.

قال ابن شهاب لو رأيت طاووسا علمت أنه لا يكذب.

الأعمش عن عبد الملك بن ميسرة عن طاووس قال أدركت خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن حبيب بن أبي ثابت قال اجتمع عندي خمسة لا يجتمع مثلهم عند أحد عطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة.

معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال لقي عيسى عليه السلام إبليس فقال أما علمت أنه لا يصيبك إلا ما قدر لك قال نعم قال فارق ذروة هذا الجبل فترد منه فانظر أتعيش أم لا قال عيسى إن الله يقول لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت.

ورواه معمر عن الزهري وفيه فقال إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده قال فخصمه.

حفص بن غياث عن ليث قال كان طاووس إذا شدد الناس في شيء رخص هو فيه وإذا ترخص الناس في شيء شدد فيه قال ليث وذلك للعلم.

ص: 398

عنبسة عبد الواحد عن حنظلة بن أبي سفيان قال ما رأيت عالما قط يقول لا أدري أكثر من طاووس وقال سفيان الثوري كان طاووس يتشيع.

وقال معمر احتبس طاووس على رفيق له حتى فاته الحج.

قلت قد حج مرات كثيرة.

وقال جرير بن حازم رأيت طاووسا يخضب بحناء شديد الحمرة.

وقال فطر بن خليفة كان طاووس يتقنع ويصبغ بالحناء.

قال عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي رأيت طاووسا وبين عينيه أثر السجود.

سفيان الثوري عن رجل قال كان من دعاء طاووس اللهم احرمني كثرة المال والولد.

قال معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال عجبت لإخوتنا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنا قلت: يشير إلى المرجئة منهم الذين يقولون هو مؤمن كامل الإيمان مع عسفه وسفكه الدماء وسبه الصحابة.

ابن جريج حدثنا إبراهيم بن ميسرة أن محمد بن يوسف الثقفي استعمل طاووسا على بعض الصدقة فسألت طاووسا كيف صنعت قال كنا نقول للرجل تزكي رحمك الله مما أعطاك الله؟ فإن أعطانا أخذنا وإن تولى لم نقل تعال.

وبلغنا أن ابن عباس كان يجل طاووسا ويأذن له مع الخواص ولما قدم عكرمة اليمن أنزله طاووس عنده وأعطاه نجيبا

(417)

.

روى إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال لو أن مولى ابن عباس اتقى الله وكف من حديثه لشدت إليه المطايا.

توفي طاووس بمكة أيام المواسم ومن زعم أن قبر طاووس ببعلبك فهو لا يدري ما يقول بل ذاك شخص اسمه طاووس إن صح كما أن قبر أبي بشرقي دمشق وليس بأبي بن كعب البتة.

وطاووس هو الذي ينقل عنه ولده أنه كان لا يرى الحلف بالطلاق شيئاً وما ذاك إلا أن الحجاج وذويه كانوا يحلفون الناس على البيعة للإمام بالله وبالعتاق والطلاق والحج وغير ذلك فالذي يظهر لي أن أخا الحجاج وهو محمد بن يوسف أمير اليمن حلف

(417)

النَّجيب من الإبل: القوى والسريع.

ص: 399

الناس بذلك فاستفتي طاووس في ذلك فلم يعده شيئاً وما ذاك إلا لكونهم أكرهوا على الحلف فالله أعلم.

ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب قال شهدت جنازة طاووس بمكة سنة خمس ومئة فجعلوا يقولون رحم الله أبا عبد الرحمن حج أربعين حجة.

وروى عبد الرزاق عن أبيه قال: مات طاووس بمكة فلم يصلوا عليه حتى بعث ابن هشام بن عبد الملك بالحرس قال فلقد رأيت عبد الله بن الحسن بن الحسن واضعا السرير على كاهله فسقطت قلنسوة كانت عليه ومزق رداؤه من خلفه فما زايله إلى القبر توفي بمزدلفة أو بمنى.

قلت إن كان فيه تشيع فهو يسير لا يضر إن شاء الله.

وقال محمد بن عمر الواقدي ويحيى القطان والهيثم وغيرهم: مات طاووس سنة ست ومئة ويقال كانت وفاته يوم التروية من ذي الحجة وصلى عليه الخليفة هشام بن عبد الملك اتفق له ذلك ثم بعد أيام اتفق له الصلاة بالمدينة على سالم بن عبد الله.

قال شيخنا في تهذيب الكمال حدث عنه إبراهيم بن أبي بكر الأخنسي وإبراهيم بن ميسرة وإبراهيم بن يزيد الخوزي وأسامة بن زيد الليثي وحبيب بن أبي ثابت والحسن بن مسلم بن يناق والحكم وحنظلة بن أبي سفيان وسعيد بن حسان وسعيد بن سنان أبو سنان الشيباني وسليمان التيمي وسليمان الأحول وسليمان بن موسى الدمشقي وأبو شعيب الطيالسي وصدقة بن يسار والضحاك بن مزاحم وعامر بن مصعب وابنه عبد الله بن طاووس وعبد الله بن أبي نجيح وعبد الكريم الجزري وعبد الكريم أبو أمية البصري وابن جريج مسألة وعبد الملك بن ميسرة وعبيد الله بن الوليد الوصافي وعطاء بن السائب وعكرمة بن عمار وعمرو بن دينار وعمرو بن شعيب وعمرو بن قتادة وعمرو بن مسلم الجندي وقيس بن سعد وليث بن أبي سليم ومجاهد وأبو الزبير والزهري والمغيرة بن حكيم الصنعاني ومكحول والنعمان بن أبي شيبة وهانئ بن أيوب وهشام بن حجير ووهب بن منبه وأبو عبد الله الشامي.

روى جعفر بن برقان عن عمرو بن دينار قال حدثنا طاووس ولا تحسبن فينا أحداً أصدق لهجة من طاووس.

وروى حبيب بن الشهيد عن عمرو بن دينار قال ما رأيت قط مثل طاووس.

ص: 400

وقال ابن عيينة قلت: لعبيد الله بن أبي يزيد مع من كنت تدخل على ابن عباس؟ قال مع عطاء وأصحابه قلت: وطاووس؟ قال أيهان ذاك كان يدخل مع الخواص.

ليث بن أبي سليم قال: كان طاووس يعد الحديث حرفاً حرفاً وقال تعلم لنفسك فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة.

قال حبيب بن أبي ثابت قال لي طاووس إذا حدثتك الحديث فأثبته لك فلا تسألن عنه أحداً.

قال ابن معين وأبو زرعة طاووس ثقة.

قال ابن حبان كان من عباد اهل اليمن ومن سادات التابعين مستجاب الدعوة حج أربعين حجة.

وكيع عن أبي عبد الله الشامي وقيل وكيع عن أبيه عن أبي عبد الله الشامي قال أستأذنت على طاووس لأسأله عن مسألة فخرج علي شيخ كبير فظننته هو فقال لا أنا ابنه قلت: إن كنت ابنه فقد خرف أبوك قال تقول ذاك إن العالم لا يخرف قال فدخلت فقال لي طاووس سل وأوجز وإن شئت علمتك في مجلسك هذا القرآن والتوراة والإنجيل قلت: إن علمتنيهم لا أسألك عن شيء قال خف الله مخافة لا يكون شيء عندك أخوف منه وارجه رجاء هو أشد من خوفك إياه وأحب للناس ما تحب لنفسك.

وروى عبد الرزاق عن أبيه قال كان طاووس يصلي في غداة باردة مغيمة فمر به محمد بن يوسف أخو الحجاج أو أيوب بن يحيى في موكبه وهو ساجد فأمر بساج أو طيلسان مرتفع فطرح عليه فلم يرفع رأسه حتى فرغ من حاجته فلما سلم نظر فإذا الساج عليه فانتقض ولم ينظر إليه ومضى إلى منزله.

ليث عن طاووس قال ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه.

هشام بن حجير عن طاووس قال لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج.

إبراهيم بن ميسرة قال قال لي طاووس تزوج أو لأقولن لك ما قال عمر بن الخطاب لأبي الزوائد ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.

ابن طاووس عن أبيه قال البخل أن يبخل الرجل بما في يديه والشح أن يحب أن يكون له ما في أيدي الناس.

ص: 401

معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال كان رجل من بني إسرائيل ربما يداوي المجانين وكانت امرأة جميلة فجنت فجيء بها إليه فتركت عنده فأعجبته فوقع عليها فحملت منه فجاءه الشيطان فقال إن علم بها افتضحت فاقتلها وادفنها في بيتك فقتلها ودفنها فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه عنها فقال ماتت فلم يتهموه لصلاحه فجاءهم الشيطان فقال إنها لم تمت ولكن وقع عليها فحملت منه فقتلها ودفنها في بيته فجاء أهلها فقالوا ما نتهمك ولكن أين دفنتها؟ أخبرنا ومن كان معك؟ فنبشوا بيته فوجدوها فأخذ فسجن فجاءه الشيطان فقال إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فاكفر بالله فأطاعه فكفر فقتل فتبرأ منه الشيطان حينئذ قال طاووس فلا أعلم إلا أن هذه الآية نزلت فيه "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر" الآية الحشر أو بمثله.

عن ابن أبي رواد قال رأيت طاووسا وأصحابه إذا صلوا العصر استقبلوا القبلة ولم يكلموا أحداً وابتهلوا بالدعاء.

لا ريب في وفاة طاووس في عام ستة ومئة فأما قول الهيثم مات سنة بضع عشرة ومئة فشاذ والله أعلم.

‌أخبرنا عبد الرحمن

بن محمد ويحيى بن أبي منصور وطائفة إذنا سمعوا عمر بن محمد أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن سليمان حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أخبره أن طاووسا حدثه أن حجر بن قيس المدري حدثه أن زيد بن ثابت حدثه أو أخبره زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرى ميراث"

(418)

.

629 -

عبد الرحمن س ق

(419)

ابن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي أخو خالد كان من الأتقياء العباد.

حدث عن ثوبان.

(418)

صحيح: أخرجه مسلم (1625)(31) عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "العُمرى ميراثٌ لأهلها".

(419)

ترجمته في التاريخ الكبير (5/ترجمة 1154)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1419)، الكاشف (2/ ترجمة 3391)، تاريخ الإسلام (4/ 145)، تهذيب التهذيب (6/ 300)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4287).

ص: 402

وعنه أبو طوالة عبد الله وأبو حازم الأعرج ومحمد بن قيس وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

قال الوليد بن هشام كان عمر بن عبد العزيز يرق له لما هو عليه من النسك فرفع دينا عليه أربعة آلاف دينار فوعده أن يوفيه وقال وكل أخاك الوليد فوكله فقال له عمر إني أكره أن أقضي عن واحد هذا المال وإن كان أنفقها في حق قال يا أمير المؤمنين إن من أخلاق المؤمن أن ينجز ما وعد قال ويحك وضعتني هذا الموضع فلم يقض عنه.

قال المفضل الغلابي عباد الرحمن من قريش كلهم عابد عبد الرحمن بن زياد بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن أبان بن عثمان وعبد الرحمن بن يزيد بن معاوية.

وقيل اجتهد عبد الرحمن بن يزيد في العبادة حتى صار كالشن البالي رحمه الله.

‌630 - عبد الله بن بريدة

(420)

ابن الحصيب الحافظ الإمام شيخ مرو وقاضيها أبو سهل الأسلمي المروزي أخو سليمان بن بريدة وكانا توأمين ولدا سنة خمس عشرة.

حدث عن أبيه فأكثر وعمران بن الحصين وعبد الله بن مغفل المزني وأبي موسى وعائشة وأم سلمة وذلك في السنن وفي الترمذي أيضاً عن أمه عن أم سلمة وعن عبد الله بن عمرو السهمي وابن عمر وسمرة بن جندب وأبي هريرة وابن عباس والمغيرة بن شعبة ومعاوية وعبد الله بن مسعود مرسلاً وعدة وعن أبي الأسود الديلي وبشير بن كعب وحميد بن عبد الرحمن الحميري ويحيى بن يعمر وحنظلة بن علي وطائفة وكان من أوعية العلم.

حدث عنه ابناه صخر وسهل ومطر الوراق ومحارب بن دثار والشعبي وقتادة وسعد بن عبيدة والمغيرة بن سبيع والوليد بن ثعلبة الطائي وأبو ربيعة الإيادي وأبو هاشم الرماني وأجلح بن عبد الله وبشير بن المهاجر وثواب بن عبتة وحسين المعلم وحسين

(420)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 221)، التاريخ الكبير (5/ ترجمة 110)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 61)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 95)، تاريخ الإسلام (4/ 263)، ميزان الاعتدال (2/ ترجمة رقم 2223)، تهذيب التهذيب (5/ 157)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3401)، شذرات الذهب (1/ 151).

ص: 403

بن واقد وداود بن أبي الفرات وسعيد الجريري وصالح بن حيان القرشي وعبد المؤمن بن خالد الحنفي وعثمان بن غياث وعطاء الخراساني وعطاء بن السائب وعيسى بن عبيد الكندي وفائد أبو العوام وكهمس بن الحسن ومالك بن مغول ومقاتل بن حيان ومفاتل بن سليمان المفسر وأبو هلال محمد بن سليم ومعاوية بن عبد الكريم الثقفي وخلق سواهم.

قال أبو بكر الأثرم قلت: لأبي عبد الله ابنا بريدة؟ قال أما سليمان فليس في نفسي منه شيء وأما عبد الله ثم سكت ثم قال كان وكيع يقول كانوا لسليمان بن بريدة أحمد منهم لعبد الله أو ما هذا معناه.

وروى عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: عبد الله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقدة ما أنكرها وأبو المنيب أيضاً قال يقول كأنها من قبل هؤلاء.

وروى إسحاق الكوسج عن يحيى بن معين: ثقة وكذا قال أبو حاتم والعجلي.

أبو تميلة عن رميح بن هلال الطائي عن عبد الله بن بريدة قال: ولدت لثلاث خلون من خلافة عمر رضي الله عنه فجاء عبد لنا فبشر أبي وهو عند عمر فقال أنت حر وولد أخي سليمان بعدي وكانا توأما فجاء غلام آخر لنا إلى أبي وهو عند عمر فقال ولد لك غلام قال سبقك فلان قال إنه آخر قال فقال عمر وهذا أيضاً أي أعتقه.

قال ابن حبان ولد ابنا بريدة في السنة الثالثة من خلافة عمر سنة خمس عشرة ومات سليمان بن بريدة بمرو وهو على القضاء بها سنة خمس ومئة وولي أخوه بعده القضاء بها فكان على القضاء إلى أن مات سنة خمس عشرة ومئة فيكون عمر عبد الله مئة عام وأخطأ من زعم أنهما ماتا في يوم واحد.

قال أبو تميلة حدثنا عبد المؤمن بن خالد عن ابن بريدة قال ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثة أشياء لا يدعها المشي فإن احتاجه وجده وأن لا يدع الأكل فإن أمعاءه تضيق وأن لا يدع الجماع فإن البئر إذا لم تنزع ذهب ماءها قلت: يفعل هذه الأشياء باقتصاد ولا سيما الجماع إذا شاخ فتركه أولى.

أحمد في مسنده حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين حدثني ابن بريدة قال دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفراش ثم أكلنا ثم شرب معاوية فناول أبي ثم قال ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال معاوية كنت أجمل شباب قريش

ص: 404

وأجوده ثغرا وما شيء كنت أجد له لذة وأنا شاب أجده غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثني.

‌631 - أخوه سليمان بن بريدة

(421)

قد كان ابن عيينة يفضله على عبد الله بن بريدة.

روى عن أبيه وعائشة وعمران بن حصين.

وعنه علقمة بن مرثد ومحارب بن دثار ومحمد بن جحاده وجماعة ثقة مات سنة خمس ومئة وله تسعون عاماً.

‌632 - عدي بن أرطاة

(422)

الفزاري الدمشقي أمير البصرة لعمر بن عبد العزيز.

حدث عن عمرو بن عبسة وأبي أمامة.

وعنه أبو سلام ممطور وبكر المزني ويزيد بن أبي مريم وطائفة.

قال عباد بن منصور خطبنا عدي على منبر المدائن حتى بكى وأبكانا.

قال معمر كتب عمر إلى عدي بن أرطاة إنك غررتني بعمامتك السوداء ومجالستك القراء وقد أظهرنا الله على كثير مما تكتمون أما تمشون بين القبور؟! قال شباب قدم عدي على البصرة فقيد يزيد بن المهلب ونفذه إلى عمر بن عبد العزيز فلما مات عمر انفلت ودعا إلى نفسه وتسمى بالقحطاني ونصب رايات سودا وقال أدعوا إلى سيرة عمر بن الخطاب فحاربه مسلمة بن عبد الملك وقتله ثم وثب ولده معاوية فقتل عديا وجماعة صبرا سنة اثنتين ومئة.

(421)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 221)، التاريخ الكبير (4/ترجمة 1761)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 458) تاريخ الإسلام (4/ 119)، الكاشف (1/ ترجمة 2092)، العبر (1/ 129)، تهذيب التهذيب (4/ 174)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 2672)، شذرات الذهب (1/ 131).

(422)

ترجمته في التاريخ الكبير (7/ ترجمة 194)، الجرح والتعديل (7/ ترجمة 8)، تاريخ بغداد (2/ 306)، تاريخ الإسلام (4/ 150)، العبر (1/ 124)، تهذيب التهذيب (7/ 164)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4808).

ص: 405

‌633 - القاسم بن محمد

(423)

ع

ابن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة الإمام القدوة الحافظ الحجة عالم وقته بالمدينة مع سالم وعكرمة أبو محمد وأبو عبد الرحمن القرشي التيمي البكري المدني.

ولد في خلافة الإمام علي فروايته عن أبيه عن جده انقطاع على انقطاع فكل منهما لم يحق أباه وربي القاسم في حجر عمته أم المؤمنين عائشة وتفقه منها وأكثر عنها.

وروى عن ابن مسعود مرسلا وعن زينب بنت جحش مرسلاً وعن فاطمة بنت قيس وابن عباس وابن عمر وأسماء بنت عميس جدته وأبي هريرة ورافع بن خديج وعبد الله بن خباب وعبد الله بن عمرو ومعاوية وطائفة وعن صالح بن خوات وعبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية.

حدث عنه ابنه عبد الرحمن والشعبي ونافع العمري وسالم بن عبد الله وأبو بكر بن حزم والزهري وابن أبي مليكة وسعد بن إبراهيم وحميد الطويل وأيوب وربيعة الرأي وعبيد الله بن عمر وابن عون وربيعة بن عطاء وثابت بن عبيد وجعفر بن محمد ويحيى بن سعيد الأنصاري وأخوه سعد بن سعيد وشيبة بن نصاح وطلحة بن عبد الملك وعاصم بن عبيد الله وأبو الزناد وعبيد الله بن أبي الزناد القداح وعمر بن عبد الله بن عروة وعيسى بن ميمون الواسطي وموسى بن سرجس وأفلح بن حميد وحنظلة ابن أبي سفيان وأسامة بن زيد الليثي وعبد الله بن العلاء بن زبر وصالح بن كيسان وأيمن بن نابل وعباد بن منصور وخلق كثير.

قال ابن المديني له مئتا حديث.

وقال ابن سعد أمه أم ولد يقال لها سودة وكان ثقة عالما رفيعا فقيهاً إماما ورعا كثير الحديث.

موسى بن عقبة عن محمد بن خالد بن الزبير قال كنت عند عبد الله بن الزبير فاستأذن القاسم بن محمد فقال ابن الزبير ائذن له فلما دخل عليه قال له مهيم قال

(423)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 187)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 705)، الجرح والتعديل (7/ ترجمة 675)، حلية الأولياء (2/ 183)، الكاشف (2/ترجمة 4598)، تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 88)، تاريخ الإسلام (4/ 182)، تهذيب التهذيب (8/ 333)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5803)، شذرات الذهب (1/ 62).

ص: 406

مات فلان فذكر قصته قال فولى فنظر إليه ابن الزبير وقال ما رأيت أبا بكر ولد ولدا أشبه به من هذا الفتى.

وعن القاسم قال كانت عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وإلى أن ماتت وكنت ملازما لها مع ترهاتي

(424)

وكنت أجالس البحر ابن عباس وقد جلست مع أبي هريرة وابن عمر فأكثرت فكان هناك يعني ابن عمر ورع وعلم جم ووقوف عما لا علم له به.

ابن شوذب عن يحيى بن سعيد قال ما أدركنا بالمدينة أحداً نفضله على القاسم.

وهيب عن أيوب وذكر القاسم فقال رأيت رجلا أفضل منه ولقد ترك مئة ألف وهي له حلال.

البخاري حدثنا علي حدثنا سفيان حدثنا عبد الرحمن بن القاسم وكان أفضل أهل زمانه أنه سمع أباه وكان أفضل أهل زمانه يقول سمعت عائشة تقول طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم .... الحديث.

وروى عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال ما رأيت أحداً أعلم بالسنة من القاسم بن محمد وما كان الرجل يعد رجلا حتى يعرف السنة وما رأيت أحد ذهنا من القاسم إن كان ليضحك من أصحاب الشبه كما يضحك الفتى.

وروى خالد بن نزار عن ابن عيينة قال أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة القاسم وعروة وعمرة.

وقال جعفر بن أبي عثمان سمعت يحيى بن معين يقول عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة ترجمة مشبكة بالذهب.

وقال ابن عون كان القاسم وابن سيرين ورجاء بن حيوة يحدثون بالحديث على حروفه وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني.

يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال رأيت القاسم بن محمد يصلي فجاء أعرابي فقال أيما أعلم أنت أم سالم؟ فقال سبحان الله كل سيخبرك بما علم فقال أيكما أعلم؟ قال سبحان الله فأعاد فقال ذاك سالم انطلق فسله فقام عنه قال ابن

(424)

التُّرهات: الأباطيل.

ص: 407

إسحاق كره أن يقول أنا أعلم فيكون تزكية وكره أن يقول سالم أعلم مني فيكذب وكان القاسم أعلمهما.

قال ابن وهب ذكر مالك القاسم بن محمد فقال كان من فقهاء هذه الأمة ثم حدثني مالك أن ابن سيرين كان قد ثقل وتخلف عن الحج فكان يأمر من يحج أن ينظر إلى هدي القاسم ولبوسه وناحيته فيبلغونه ذلك فيقتدي بالقاسم.

قال مصعب الزبيري القاسم من خيار التابعين وقال العجلي كان من خيار التابعين وفقهائهم وقال مدني تابعي ثقة نزه رجل صالح.

قال يحيى بن سعيد سمعت القاسم بن محمد يقول لأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعرف حق الله عليه خير له من أن يقول ما لا يعلم.

وقال هشام بن عمار عن مالك قال أتى القاسم أمير من أمراء المدينة فسأله عن شيء فقال إن من إكرام المرء نفسه أن لا يقول إلا ما أحاط به علمه.

وعن أبي الزناد قال ما كان القاسم يجيب إلا في الشيء الظاهر.

ابن وهب عن مالك أن عمر بن عبد العزيز قال لو كان إلي من هذا الأمر شيء ما عصبته إلا بالقاسم بن محمد.

قال مالك: وكان يزيد بن عبد الملك قد ولي العهد قبل ذلك قال وكان القاسم قليل الحديث قليل الفتيا وكان يكون بينه وبين الرجل المداراة في الشيء فيقول له القاسم هذا الذي تريد أن تخاصمني فيه هو لك فإن كان حقا فهو لك فخذه ولا تحمدني فيه وإن كان لي فأنت منه في حل وهو لك.

وروى محمد بن عبد الله البكري عن أبيه قال القاسم بن محمد قد جعل الله في الصديق البار المقبل عوضا من ذي الرحم العاق المدبر.

روى حماد بن خالد الخياط عن عبد الله بن عمر العمري قال مات القاسم وسالم أحدهما سنة خمس ومئة والآخر سنة ست وقال خليفة بن خياط مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع.

وقال الهيثم بن عدي ويحيى بن بكير مات سنة سبع زاد يحيى بقديد.

وقال يحيى بن معين وعلي بن المديني والواقدي وأبو عبيد والفلاس سنة ثمان ومئة زاد الواقدي وهو ابن سبعين أو اثنتين وسبعين سنة وقد عمي وشذ ابن سعد

ص: 408

فقال توفي سنة اثنتي عشرة ومئة ولم يبق إلى هذا الوقت أصلا وكذا نقل أبو الحسن بن البراء عن علي وقيل غير ذلك.

أخبرنا إسحاق بن طارق أخبرنا يوسف بن خليل أخبرنا أحمد بن محمد أخبرنا الحسن بن أحمد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا أبو بكر بن خلاد حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن ابن سخبرة عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة"

(425)

أخرجه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن علية عن يزيد بن هارون.

قال يحيى القطان فقهاء المدينة عشرة فذكر منهم القاسم.

وقال مالك ما حدث القاسم مئة حديث.

وروى محمد بن الضحاك الحزامي عن أبيه قال قال عمر بن عبد العزيز لو كان إلي أن أعهد ما عدوت صاحب الأعوص يعني إسماعيل بن أمية أو أعيمش بني تيم يعني القاسم فروى الواقدي عن أفلح بن حميد أنها بلغت القاسم فقال إني لأضعف عن أهلي فكيف بأمر الأمة.

قال ابن عون كان القاسم ممن يأتي بالحديث بحروفه.

قال يحيى بن سعيد كان القاسم لا يكاد يعيب على أحد فتكلم ربيعة يوما فأكثر فلما قام القاسم قال وهو متكئ علي لا أبا لغيرك أتراهم كانوا غافلين عما يقول صاحبنا يعني عما يقول ربيعة برأيه.

حميد الطويل عن سليمان بن قتة قال أرسلني عمر بن عبيد الله التيمي إلى القاسم بخمس مئة دينار فأبى أن يقبلها.

(425)

ضعيف: أخرجه البيهقي (7/ 235) من طريق يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنى عمرو ابن الطفيل بن سخبرة المازني، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلتُ: إسنادُهُ ضعيف، آفته عمرو بن الطفيل بن سخبرة، أورده الذهبي في "الميزان" وقال: يُقال: هو عيسى بن ميمون، وقال الذهبي: ابن سَخْبرة، عن القاسم، وعنه حماد بن سلمة لا يُعرف.

لكن أخرجه (6/ 77 و 91)، وابن حبان (1256)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 163) و (8/ 180) والبيهقي (7/ 235) من طرق عن أسامة بن زيد، عن صفوان بن سُلَيم، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها".

قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد، وهو الليثي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 409

وقال عبيد الله بن عمر كان القاسم لا يفسر القرآن.

وقال عكرمة بن عمار سمعت القاسم وسالما يلعنان القدرية.

قال زيد بن يحيى حدثنا عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم أن يملي علي أحاديث فمنعني وقال إن الأحاديث كثرت على عهد عمر فناشد الناس أن يأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال مثناة كمثناة أهل الكتاب.

روى أفلح بن حميد عن القاسم قال اختلاف الصحابة رحمة.

أبو نعيم حدثنا خالد بن إلياس قال رأيت على القاسم جبة خز وكساء خز وعمامة خز وقال أفلح بن حميد كان القاسم يلبس جبة خز وقال عطاف بن خالد رأيت القاسم وعليه جبة خز صفراء ورداء مثني.

وقال معاذ بن العلاء: رأيت القاسم وعلى رحله قطيفة من خز غبراء وعليه رداء ممصر وقال ابن زبر دخلت على القاسم وهو في قبة معصفرة وتحته فراش معصفر.

وقال خالد بن أبي بكر رأيت على القاسم عمامة بيضاء قد سدل خلفه منها أكثر من شبر وقيل كان يخضب رأسه ولحيته بالحناء وكان قد ضعف جداً وقيل كان يصفر لحيته وقيل إنه مات بقديد فقال كفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها قميصي وردائي هكذا كفن أبو بكر وأوصى أن لا يبنى على قبره.

‌634 - إبراهيم بن يزيد

(426)

ع

التيمي تيم الرباب الإمام القدوة الفقيه عابد الكوفة أبو أسماء.

حدث عن أبيه يزيد بن شريك التيمي وكان أبوه يزيد من أئمة الكوفة أيضاً يروي عن عمر وأبي ذر والكبار أخذ عنه أيضاً الحكم وإبراهيم النخعي وحديثه في الدواوين الستة نعم وحدث إبراهيم عن الحارث بن سويد وأنس بن مالك وعمرو بن ميمون الأودي وجماعة وأرسل عن عائشة.

(426)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 285)، التاريخ الكبير (1/ ترجمة 1053)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 474)، تاريخ الإسلام (3/ 337)، العبر (1/ 106)، تهذيب التهذيب (1/ 176) النجوم الزاهرة (1/ 225).

ص: 410

حدث عنه الأعمش ومسلم البطين وبيان بن بشر ويونس بن عبيد وجماعة.

وكان شابا صالحا قانتا لله عالما فقيهاً كبير القدر واعظا.

المحاربي حدثنا الأعمش قال لي إبراهيم التيمي ما أكلت منذ أربعين ليلة إلا حبة عنب.

أبو أسامة سمعت الأعمش يقول قال إبراهيم التيمي ربما أتى علي شهر لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا لا يسمعن هذا منك أحد.

وقال الأعمش كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.

يقال قتله الحجاج وقيل بل مات في حبسه سنة اثنتين وتسعين وقيل سنة أربع وتسعين لم يبلغ إبراهيم أربعين سنة.

روى الثوري قال إبراهيم التيمي كم بينكم وبين القوم أقبلت عليهم الدنيا فهربوا وأدبرت عنكم فاتبعتموها.

روى أبو حيان عن إبراهيم قال ما عرضت قولي على عملي إلا خفت أن أكون مكذبا.

قال العوام بن حوشب ما رأيت إبراهيم التيمي رافعا بصره إلى السماء قط.

وعن إبراهيم قال إن الرجل ليظلمني فأرحمه.

وروى عنه منصور قال إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه.

قال ابن سعد أخبرنا علي بن محمد قال طلب الحجاج إبراهيم النخعي فجاء الرسول فقال أريد إبراهيم فقال إبراهيم التيمي أنا إبراهيم ولم يستحل أن يدله على النخعي فأمر بحبسه في الديماس ولم يكن لهم ظل من الشمس ولا كن من البرد وكان كل اثنين في سلسلة فتغير إبراهيم فعادته أمه فلم تعرفه حتى كلمها فمات فرأى الحجاج في نومه قائلا يقول مات في البلد الليلة رجل من أهل الجنة فسأل فقالوا مات في السجن إبراهيم التيمي فقال حلم نزغة من نزغات الشيطان وأمر به فألقي على الكناسة.

ص: 411

‌635 - عبد الرحمن بن أبي نعم

(427)

ع

الإمام الحجة القدوة الرباني أبو الحكم البجلي الكوفي.

حدث عن المغيرة بن شعبة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وليس بالمكثر.

روى عنه ابنه الحكم وعمارة بن القعقاع وفضيل بن غزوان وسعيد ابن مسروق ويزيد بن مردانبة وفضيل بن مرزوق وطائفة.

قال بكير بن عامر كان لو قيل له قد توجه إليك ملك الموت ما كان عنده زيادة عمل وكان يمكث جمعتين لا يأكل.

وروى محمد بن فضيل عن أبيه قال كان عبد الرحمن بن أبي نعم يحرم من السنة إلى السنة ويقول لبيك لو كان رياء لاضمحل وروي أنه أنكر على الحجاج كثرة القتل فهم به فقال له من في بطنها أكثر ممن على ظهرها رواها أبو بكر بن عياش عن مغيرة فذكرها.

وقال حفص بن غياث عن عبد الملك بن أبي سليمان كنا نجمع مع عبد الرحمن بن أبي نعم وهو يلبي بصوت حزين ثم يأتي خراسان وأطراف الأرض ثم يوافي مكة وهو محرم قال وكان يفطر في الشهر مرتين.

قلت مات بعد المئة.

قرأت على إسحاق الأسدي أخبركم ابن خليل أخبرنا أبو المكارم التيمي أخبرنا أبو علي الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا يزيد بن مردانبة والحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"

(428)

.

(427)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 298)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 1130)، المعرفة والتاريخ (2/ 644)، الجرح والتعديل (5/ترجمة 1400)، حلية الأولياء (5/ 69)، الكاشف (2/ترجمة 3375)، تاريخ الإسلام (4/ 144)، تهذيب التهذيب (6/ 286)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4269).

(428)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 96)، وأحمد (3/ 3 و 62 و 64 و 82)، وفي "فضائل الصحابة"(1360) و (1368)، والترمذي (3768)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2/ 393)، والخطيب في "تاريخه"(4/ 207)، وأبو نعيم في "الحلية"(5/ 71) والطبراني (2612) و (2613) من طريق عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن أبي سعيد الخدري، به.

ص: 412

‌636 - عراك بن مالك

(429)

ع

الغفاري المدني أحد العلماء العاملين.

روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر وزينب بنت أبي سلمة وعن عائشة فقيل لم يسمع منها.

حدث عنه ولده خثيم ويزيد بن أبي حبيب وبكير بن الأشج ويحيى بن سعيد الأنصاري وجعفر بن ربيعة وعدة.

وثقه أبو حاتم وغيره.

وكان يسرد الصوم وقال عمر بن عبد العزيز ما أعلم أحداً أكثر صلاة من عراك بن مالك قيل وكان عراك يحرض عمر بن عبد العزيز على انتزاع ما بأيدي بني أمية من الأموال والفيء فلما استخلف يزيد بن عبد الملك نفى عراكا إلى جزيرة دهلك من غربي اليمن فمات هناك رحمه الله في إمرة يزيد المذكور حديثه في الكتب كلها وليس هو بالكثير الرواية لعله توفي في سنة أربع ومئة أو قبلها.

‌637 - عبد الرحمن

(430)

ق

ابن حسان بن ثابت الأنصاري المدني الشاعر بن الشاعر وأمه هي سيرين خالة إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم.

حدث عن أبويه وزيد بن ثابت.

وعنه ابنه سعيد وعبد الرحمن بن بهمان وهو نزر الحديث قيل ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعاش نيفا وتسعين سنة وهو القائل في بنت معاوية:

(429)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 253)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 395)، المعرفة والتاريخ (1/ 399 و 471 و 561 و 619)، الجرح والتعديل (7/ ترجمة 204)، الكاشف (2/ ترجمة 3820)، تاريخ الإسلام (4/ 153)، العبر (1/ 122)، تهذيب التهذيب (7/ 172)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4818)، شذرات الذهب (1/ 122).

(430)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 266)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 871)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1048)، تجريد أسماء الصحابة (1/ ترجمة 3658)، الكاشف (2/ترجمة 3218)، تاريخ الإسلام (4/ 141)، تهذيب التهذيب (6/ 162)، الإصابة (2/ترجمة 6203)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4070).

ص: 413

هي زهراء مثل لؤلؤة الغوا

ص ميزت من جوهر مكنون

فإذا ما نسبتها لم تجدها

في سنا من المكارم دون

فقال معاوية صدق قيل فإنه يقول:

ثم خاصرتها إلى القبة الخضرا

ء تمشي في مرمر مسنون

فقال معاوية كذب قيل توفي سنة أربع ومئة.

‌638 - القرظي

(431)

ع

محمد بن كعب بن سليم وقال ابن سعد محمد بن كعب بن حيان بن سليم الإمام العلامة الصادق أبو حمزة وقيل أبو عبد الله القرظي المدني من حلفاء الأوس وكان أبوه كعب من سبي بني قريظة سكن الكوفة ثم المدينة قيل ولد محمد بن كعب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح ذلك.

قال زهير بن عباد الرؤاسي عن أبي كبير البصري قالت أم محمد بن كعب القرظي له يا بني لولا أني أعرفك طيبا صغيرا وكبيرا لقلت إنك أذنبت ذنبا موبقا لما أراك تصنع بنفسك قال يا أماه وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع علي وأنا في بعض ذنوبي فمقتني وقال اذهب لا أغفر لك مع أن عجائب القرآن ترد بي على أمور حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي.

وروى يعقوب الفسوي عن محمد بن فضيل البزاز قال كان لمحمد ابن كعب جلساء من أعلم الناس بالتفسير وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة فأصابتهم زلزلة فسقط عليهم المسجد فماتوا جميعا تحته.

قال أبو معشر وجماعة توفي سنة ثمان ومئة وقال الواقدي وخليفة والفلاس وجماعة مات سنة سبع عشرة قال الواقدي وجماعة وهو ابن ثمان وسبعين سنة وقال محمد بن عبد الله بن نمير سنة تسع عشرة وقال ابن المديني وابن معين وابن سعد سنة عشرين ومئة وأخطأ من قال سنة تسع وعشرين.

(431)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ ترجمة 679)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 303)، حلية الأولياء (3/ 212)، الاستيعاب (3/ 1377)، الكاشف (3/ترجمة 5210)، العبر (1/ 258)، تاريخ الإسلام (4/ 301)، تجريد أسماء الصحابة (2/ترجمة 670)، تهذيب التهذيب (9/ 420)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6615)، شذرات الذهب (1/ 136).

ص: 414

وحدث عن أبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة ومعاوية وزيد بن أرقم وابن عباس وعبد الله بن يزيد الخطمي وفضالة بن عبيد والبراء بن عازب وعبد الله بن جعفر وكعب بن عجرة وجابر وأبي صرمة الأنصاري البدري وأنس وابن عمر وعن محمد بن خثيم وعبيد الله بن عبد الرحمن ابن رافع وأبان بن عثمان وعبد الله بن شداد بن الهاد وطائفة.

وهو يرسل كثيراً ويروي عمن لم يلقهم فروى عن أبي ذر وأبي الدرداء وعلي والعباس وابن مسعود وسلمان وعمرو بن العاص ويروي عن رجل عن أبي هريرة وكان من أوعية العلم.

روى عنه أخوه عثمان ويزيد بن الهاد وأبو جعفر الخطمي وأبو سبرة النخعي والحكم بن عتيبة وعاصم بن كليب وأيوب بن موسى وأسامة بن زيد الليثي وزيادة بن محمد وصالح بن حسان وعاصم بن محمد العمري وابن عجلان وأبو المقدام هشام بن زياد والوليد بن كثير وأبو معشر نجيح ومحمد بن رفاعة القرظي وخلق كثير.

قال ابن سعد كان ثقة عالما كثير الحديث ورعاً.

وقال ابن المديني وأبو زرعة والعجلي ثقة وزاد العجلي مدني تابعي رجل صالح عالم بالقرآن.

قلت كان من أئمة التفسير وقال البخاري كان أبوه ممن لم ينبت يوم قريظة فترك.

ثم قال حدثني ابن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى سمعت محمد بن كعب القرظي سمعت عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة"

(432)

قال البخاري لاأدري أحفظه أم لا وقال أبو داود سمع من علي وابن مسعود.

وقال قتيبة بلغني أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم سمعه الترمذي منه.

وقال أبو داود سمعت قتيبة يقول بلغني أن محمد بن كعب رأى النبي صلى الله عليه وسلم قلت: هذا قول منقطع شاذ.

(432)

صحيح: أخرجه الترمذي (2910) حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو بكر الحنفي، به. وأخرجه أحمد في "الزهد"(1818) عن ابن مسعود موقوفًا.

ص: 415

وقال يعقوب بن شيبة ولد محمد بن كعب في آخر خلافة علي سنة أربعين ولم يسمع من العباس.

وروى ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي صخر عن عبد الله ابن مغيث ابن أبي بردة الظفري عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يخرج من أحد الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون من بعده"

(433)

.

قال نافع بن يزيد قال ربيعة فكنا نقول هو محمد بن كعب.

يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن أبيه سمعت عون بن عبد الله يقول ما رأيت أحداً أعلم بتأويل القرآن من القرظي وقيل كان له أملاك بالمدينة وحصل مالا مرة فقيل له ادخر لولدك قال لا ولكن أدخره لنفسي عند ربي وأدخر ربي لولدي وقيل إنه كان مجاب الدعوة كبير القدر.

‌639 - يوسف بن ماهك

ع

(434)

الفارسي من موالي أهل مكة.

حدث عن حكيم بن حزام وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عباس وعبد الله بن صفوان بن أمية وعبيد بن عمير.

وعنه أبو بشر وعطاء وأيوب السختياني وحميد الطويل وابن جريج وآخرون.

وثقه يحيى بن معين.

قال الهيثم بن عدي مات سنة عشر ومئة وقيل سنة أربع عشرة. وقال الواقدي ويحيى بن بكير والفلاس توفي سنة ثلاث عشرة ومئة رحمه الله.

(433)

ضعيف: أخرجه أحمد (6/ 11)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 563 - 564) من طريق عبد الله بن معتب أو مغيث بن أبي بردة، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه عبد الله بن مغيث أو معتب، وأبوه مجهولان. وذكر ابن حبان عبد الله هذا في كتابه "الثقات" على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين.

(434)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 470)، التاريخ الكبير (8/ترجمة 3379)، الجرح والتعديل (9/ ترجمة 961)، الكاشف (3/ترجمة 6562)، تاريخ الإسلام (5/ 21)، تهذيب التهذيب (11/ 421)، شذرات الذهب (1/ 147).

ص: 416

‌640 - الأعرج

(435)

ع

الإمام الحافظ الحجة المقرئ أبو داود عبد الرحمن بن هرمز المدني الأعرج مولى محمد بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.

سمع أبا هريرة وأبا سعيد وعبد الله بن مالك بن بحينة وطائفة.

وجود القرآن وأقرأه وكان يكتب المصاحف وسمع أيضاً من أبي سلمة بن عبد الرحمن وعمير مولى ابن عباس وعدة.

حدث عنه الزهري وأبو الزناد وصالح بن كيسان ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الله بن لهيعة وآخرون وتلا عليه نافع بن أبي نعيم وقيل بل ولاؤه لبني مخزوم.

أخذ القراءة عرضا عن أبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة قال إبراهيم بن سعد كان الأعرج يكتب المصاحف.

مالك عن داود بن الحصين سمع عبد الرحمن بن هرمز الأعرج يقول ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قام بها في ثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف.

ابن لهيعة عن أبي النضر قال كان عبد الرحمن بن هرمز أول من وضع العربية وكان أعلم الناس بأنساب قريش وقيل إنه أخذ العربية عن أبي الأسود الديلي.

اتفق أن الأعرج سافر في آخر عمره إلى مصر ومات مرابطا بالإسكندرية أرخ وفاته مصعب الزبيرى وطائفة في سنة سبع عشرة ومئة وأظنه جاوز الثمانين.

‌641 - أبو السفر

(436)

ع

هو سعيد بن يحمد الهمداني الكوفي الفقيه.

(435)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 283 - 284)، التاريخ الكبير (5/ ترجمة 1144)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 242 و 501 و 633 و 636) و (2/ 215 و 737) الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1408)، والأنساب للسمعاني (1/ 312)، الكاشف (2/ترجمة رقم 3381)، تاريخ الإسلام (4/ 275)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 89)، تهذيب التهذيب (6/ 290) خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 3275)، شذرات الذهب (1/ 153)، النجوم الزاهرة (1/ 276). بغية الوعاة (2/ 91).

(436)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 299)، التاريخ الكبير (3/ ترجمة 1737)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 307)، تاريخ الإسلام (4/ 252)، الكاشف (1/ ترجمة 1991)، تهذيب التهذيب (4/ 96)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2556).

ص: 417

حدث عن ابن عباس والبراء بن عازب وعبد الله بن عمرو وابن عمر وناجية بن كعب.

وعنه الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد ويونس بن أبي إسحاق ومالك بن مغول وآخرون.

وثقه يحيى بن معين وغيره توفي سنة ثلاث عشرة ومئة.

‌642 - أبو الضحى

(437)

ع

مسلم بن صبيح القرشي الكوفي مولى آل سعيد بن العاص.

سمع ابن عباس وابن عمر والنعمان بن بشير ومسروقا وغيرهم.

حدث عنه مغيرة ومنصور والأعمش وفطر بن خليفة وآخرون.

وتفقه بعلقمة وغيره وكان من أئمة الفقه والتفسير ثقة حجة وكان عطارا مات نحو سنة مئة في خلافة عمر بن عبد العزيز.

‌643 - ميمون بن مهران

(438)

م ع

الإمام الحجة عالم الجزيرة ومفتيها أبو أيوب الجزري الرقي أعتقته امرأة من بني نصر بن معاوية بالكوفة فنشأ بها ثم سكن الرقة.

وحدث عن أبي هريرة وعائشة وابن عباس وابن عمر والضحاك ابن قيس الفهري الأمير وصفية بنت شيبة العبدرية وعمرو بن عثمان وأم الدرداء وعمر بن عبد العزيز ونافع ويزيد بن الأصم ومقسم وعدة وأرسل عن عمر والزبير.

روى عنه ابنه عمرو وأبو بشر جعفر بن إياس وحميد الطويل وسليمان الأعمش

(437)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 288)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1116)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 815)، الكاشف (3/ ترجمة 5515)، تاريخ الإسلام (4/ 78)، تهذيب التهذيب (10/ 132)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 6972).

(438)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 477)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1455)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 1053)، حلية الأولياء (4/ 82)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 91)، الكاشف (3/ ترجمة 5866)، العبر (1/ 222 و 247 و 279)، تاريخ الإسلام (5/ 8)، تهذيب التهذيب (10/ 390)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7354)، شذرات الذهب (1/ 154).

ص: 418

وحجاج بن أرطاة وخصيف وسالم بن أبي المهاجر وجعفر بن برقان وفرات بن السائب وزيد بن أبي أنيسة وحبيب بن الشهيد والأوزاعي وعلي بن الحكم والنضر بن عربي والجريري ومعقل بن عبيد الله وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي وخلق سواهم.

قيل: إن مولده عام موت علي رضي الله عنه سنة أربعين وثقه جماعة وقال أحمد بن حنبل هو أوثق من عكرمة.

وروى سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى قال هؤلاء الأربعة علماء الناس في زمن هشام بن عبد الملك مكحول والحسن والزهري وميمون بن مهران.

وروى إسماعيل بن عبيد الله عن ميمون بن مهران قال كنت أفضل عليا على عثمان فقال لي عمر بن عبد العزيز أيهما أحب إليك رجل أسرع في الدماء أو رجل أسرع في المال فرجعت وقلت لا أعود وقال كنت عند عمر بن عبد العزيز فلما قمت قال إذا ذهب هذا وضرباؤه صار الناس بعده رجراجة.

قال أبو المليح ما رأيت رجلاً أفضل من ميمون بن مهران.

روى عمرو بن ميمون بن مهران قال إني وددت أن أصبعي قطعت من ها هنا وإني لم أل لعمر بن عبد العزيز ولا لغيره.

أبو المليح الرقي عن حبيب بن أبي مرزوق قال ميمون وددت أن إحدى عيني ذهبت وأني لم أل عملا قط لا خير في العمل لعمر بن عبد العزيز ولا لغيره قلت: كان ولي خراج الجزيرة وقضاءها وكان من العابدين.

روى أبو المليح الرقي عن ميمون بن مهران قال لا تجالسوا أهل القدر ولا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولا تعلموا النجوم.

بقية بن الوليد أخبرنا عبد الملك بن أبي النعمان الجزري عن ميمون ابن مهران قال خاصمه رجل في الإرجاء فبينما هما على ذلك إذ سمعا امرأة تغني فقال ميمون أين إيمان هذه من إيمان مريم بنت عمران فانصرف الرجل ولم يرد عليه.

أبو المليح عن فرات بن السائب قال كنت في مسجد ملطية فتذاكرنا هذه الأهواء فانصرفت فنمت فسمعت هاتفا يهتف الطريق مع ميمون بن مهران.

عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبد الله بن عمرو عن عبد الملك بن زائدة قال

ص: 419

ضرب على أهل الرقة بعث فجهز فيه ميمون بن مهران بنبال فقال مسملة لقد أصبح أبو أيوب في طاعتنا شمريا

(439)

.

يعلى بن عبيد حدثنا هارون البربري قال كتب ميمون بن مهران إلى عمر بن عبد العزيز إني شيخ كبير رقيق كلفتني أن أقضي بين الناس وكان على الخراج والقضاء بالجزيرة فكتب إليه إني لم أكلفك ما يعنيك اجب الطيب من الخراج واقض بما استبان لك فإذا لبس عليك شيء فارفعه إلي فإن الناس لو كان إذا كبر عليهم أمر تركوه لم يقم دين ولا دنيا.

جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال لا يكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه وحتى يعلم من أين ملبسه ومطعمه ومشربه.

أحمد بن حنبل حدثنا عبد الله بن ميمون عن الحسن بن حبيب قال رأيت على ميمون جبة صوف تحت ثيابه فقلت له ما هذا؟ قال نعم فلا تخبر به أحداً.

وقال جامع بن أبي راشد سمعت ميمون بن مهران يقول ثلاثة تؤدى إلى البر والفاجر الأمانة والعهد وصلة الرحم.

قال أبو المليح جاء رجل إلى ميمون بن مهران يخطب بنته فقال لا أرضاها لك قال ولم؟ قال لأنها تحب الحلي والحلل قال فعندي من هذا ما تريد قال الآن لا أرضاك لها.

قال الإمام أبو الحسن الميموني قال لي أحمد بن حنبل إني لأشبه ورع جدك بورع ابن سيرين.

قال أبو المليح قال رجل لميمون يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم قال أقبل على شأنك ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم.

ابن علية حدثنا يونس بن عبيد قال كتبت إلى ميمون بن مهران بعد طاعون كان ببلادهم أسأله عن أهله فكتب إلي بلغني كتابك وإنه مات من أهلي وخاصتي سبعة عشر إنسانا وإني أكره البلاء إذا أقبل فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن.

(439)

شِمْريَا: مجربًا للأمور ماضٍ فيها.

ص: 420

روى أبو المليح عن ميمون من أساء سرا فليتب سرا ومن أساء علانية فليتب علانية فإن الناس يعيرون ولا يغفرون والله يغفر ولا يعير.

خالد بن حيان الرقي عن جعفر بن برقان قال لي ميمون بن مهران يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

عبد الله بن جعفر عن أبي المليح قال قال ميمون إذا أتى رجل باب سلطان فاحتجب عنه فليأت بيوت الرحمن فإنها مفتحة فليصل ركعتين وليسأل حاجته.

وقال ميمون قال محمد بن مروان بن الحكم ما يمنعك أن تكتب في الديوان فيكون لك سهم في الإسلام قلت: إني لأرجو أن يكون لي سهام في الإسلام قال من أين ولست في الديوان فقلت شهادة أن لا إله إلا الله سهم والصلاة سهم والزكاة سهم وصيام رمضان سهم والحج سهم قال ما كنت أظن أن لأحد في الإسلام سهما إلا من كان في الديوان قلت: هذا ابن عمك حكيم بن حزام لم يأخذ ديوانا قط وذلك أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة فقال: "استعف يا حكيم خير لك قال ومنك يا رسول الله قال ومني" قال لا جرم لا أسألك ولا غيرك شيئاً أبداً ولكن ادع الله لي أن يبارك لي في صفقتي يعني التجارة فدعا له رواها عبد الله بن جعفر عن أبي المليح عنه.

قال فرات سمعت ميمونا يقول لو نشر فيكم رجل من السلف ما عرف إلا قبلتكم.

أبو المليح سمعت ميمون بن مهران وأتاه رجل فقال: إن زوجة هشام ماتت وأعتقت كل مملوك لها فقال يعصون الله مرتين يبخلون به وقد أمروا أن ينفقوه فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه.

قال أحمد العجلي والنسائي ميمون ثقة زاد أحمد كان يحمل على علي رضي الله عنه قلت: لم يثبت عنه حمل إنما كان يفضل عثمان عليه وهذا حق.

عبد الله بن جابرالطرسوسي عن جعفر بن محمد بن نوح عن إبراهيم بن محمد السمري أن ميمون بن مهران صلى في سبعة عشر يوما سبعة عشر ألف ركعة فلما كان في اليوم الثامن عشر انقطع في جوفه شيء فمات.

عبد الله بن جعفر حدثنا أبو المليح عن ميمون قال أدركت من لم يكن يملأ عينيه من السماء فرقا من ربه عز وجل وعنه قال أدركت من كنت أستحيي أن أتكلم عنده.

ص: 421

قال ابن سعد ميمون يكنى أبا أيوب ثقة كثير الحديث.

وقال أبو عروبة نزل الرقة وبها عقبه.

معمر بن سليمان عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران قال ثلاث لا تبلون نفسك بهن لا تدخل على السلطان وإن قلت: آمره بطاعة الله ولا تصغين بسمعك إلى هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه ولا تدخل على امرأة ولو قلت: أعلمها كتاب الله.

وروى حبيب بن أبي مرزوق عن ميمون وددت أن عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها وأني لم أل عملا قط قلت: له ولا لعمر بن عبد العزيز قال لا لعمر ولا لغيره.

أبو المليح عن ميمون قال لا تضرب المملوك في كل ذنب ولكن احفظ له فإذا عصى الله فعاقبه على المعصية وذكره الذنوب التي بينك وبينه.

أبو المليح سمعت ميمونا يقول لأن أوتمن على بيت مال أحب إلي من أن أوتمن على امرأة.

عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني يحيى بن عثمان الحربي حدثنا أبو المليح عن ميمون قال ما نال رجل من جسيم الخير نبي ولا غيره إلا بالصبر.

الحارث بن أبي أسامة حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر بن برقان حدثنا يزيد بن الأصم قال لقيت عائشة رضي الله عنها مقبلة من مكة أنا وابن لطلحة وهو ابن أختها وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك فأقبلت على ابن أختها تلومه ثم وعظتني ثم قالت أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت نبيه ذهبت والله ميمونة ورمي برسنك على غاربك أما إنها كانت من أتقانا لله عز وجل وأوصلنا للرحم.

جرى القلم بكتابة هذا هنا ويزيد بن الأصم من فضلاء التابعين بالرقة.

وقد خرج أرباب الكتب لميمون بن مهران سوى البخاري فما أدري لم تركه؟.

قال ابن سعد وأبو عروبة وغيرهما توفي سنة سبع عشرة ومئة وقال شباب سنة ست عشرة رحمه الله له حديث سيأتي.

ص: 422

‌644 - عطاء بن أبي رباح

(440)

ع

أسلم الإمام شيخ الإسلام مفتي الحرم أبو محمد القرشي مولاهم المكي يقال ولاؤه لبني جمح كان من مولدي الجند ونشأ بمكة ولد في أثناء خلافة عثمان.

حدث عن عائشة وأم سلمة وأم هانئ وأبي هريرة وابن عباس وحكيم بن حزام ورافع بن خديج وزيد بن أرقم وزيد بن خالد الجهني وصفوان بن أمية وابن الزبير وعبد الله بن عمرو وابن عمر وجابر ومعاوية وأبي سعيد وعدة من الصحابة وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعتاب بن أسيد وعثمان بن عفان والفضل بن عباس وطائفة.

وحدث أيضاً عن عبيد بن عمير ويوسف بن ماهك وسالم بن شوال وصفوان بن يعلى بن أمية ومجاهد وعروة وابن الحنفية وعدة حتى إنه ينزل إلى أبي الزبير المكي وابن أبي مليكة وعبد الكريم أبي أمية البصري وكان من أوعية العلم.

حدث عنه مجاهد بن جبر وأبو إسحاق السبيعي وأبو الزبير وعمرو ابن دينار والقدماء والزهري وقتادة وعمرو بن شعيب ومالك بن دينار والحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل والأعمش وأيوب السختياني ومطر الوراق ومنصور بن زاذان ومنصور بن المعتمر ويحيى بن أبي كثير وخلق من صغار التابعين وأبو حنيفة وجرير بن حازم ويونس بن عبيد وأسامة بن زيد الليثي وإسماعيل بن مسلم المكي والأسود بن شيبان وأيوب بن موسى الفقيه وأيوب بن عتبة اليمامي وبديل بن ميسرة وبرد بن سنان.

وجعفر بن برقان وجعفر الصادق وحبيب بن الشهيد وحجاج بن أرطاة وحسين المعلم وخصيف الجزري ورباح بن أبي معروف المكي ورقبة ابن مصقلة والزبير بن خريق وزيد بن أبي أنيسة وطلحة بن عمرو المكي وعباد بن منصور الناجي وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين وعبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن المؤمل المخزومي والأوزاعي وعبد الملك بن أبي سليمان وابن جريج وعبد الواحد بن سليم البصري وعبد الوهاب بن بخت وعبيد الله بن عمر وعثمان بن الأسود وعسل بن سفيان وعطاء الخراساني

(440)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 467)، التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2999)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1839)، الكاشف (2/ترجمة 3852)، تاريخ الإسلام (4/ 278)، العبر (1/ 213 و 214 و 237 و 247) تذكرة الحفاظ (1/ترجمة 90)، تهذيب التهذيب (7/ 199) خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4852)، شذرات الذهب (1/ 147)، النجوم الزاهرة (1/ 273)، وفيات الأعيان (3/ ترجمة 419).

ص: 423

وعفير بن معدان وعقبة بن عبد الله الأصم وعكرمة بن عمار وعلي بن الحكم وعمارة بن ثوبان وعمارة بن ميمون وعمر بن سعيد بن أبي حسين وعمر بن قيس سندل وفطر بن خليفة وقيس بن سعد وكثير ابن شنظير والليث بن سعد ومبارك بن حسان وابن إسحاق ومحمد بن جحادة ومحمد بن سعيد الطائفي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ومحمد بن عبيد الله العرزمي ومسلم البطين ومعقل بن عبيد الله الجزري ومغيرة بن زياد الموصلي وموسى بن نافع أبو شهاب الكوفي وهمام بن يحيى وعبد الله بن لهيعة ويزيد بن إبراهيم التستري وأبو عمرو بن العلاء وأبو المليح الرقي وأمم سواهم.

قال علي بن المديني اسم أبي رباح أسلم مولى حبيبة بنت ميسرة بن أبي خثيم وقال ابن سعد هو مولى لبني فهر أو بني جمح انتهت فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد وأكثر ذلك إلى عطاء سمعت بعض أهل العلم يقول كان عطاء أسود أعور أفطس أشل أعرج ثم عمي وكان ثقة فقيهاً عالما كثير الحديث.

قال أبو داود ابوه نوبي وكان يعمل المكاتل وكان عطاء أعور أشل أفطس أعرج أسود قال وقطعت يده مع ابن الزبير.

قال أبو عمرو بن العلاء قلت: لعطاء إنك يومئذ لخنشليل

(441)

بالسيف قال إنهم دخلوا علينا.

وقال جرير بن حازم رأيت يد عطاء شلاء ضربت أيام ابن الزبير.

وقال أبو المليح الرقي رأيت عطاء أسود يخضب بالحناء.

وروى عباس عن ابن معين قال كان عطاء معلم كتاب.

وعن خالد بن أبي نوف عن عطاء قال أدركت مئتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثوري عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن أمه أنها أرسلت إلى ابن عباس تسأله عن شيء فقال يا أهل مكة تجتمعون علي وعندكم عطاء وقال قبيصة عن سفيان بهذه ولكن جعله عن ابن عمر.

وقال بشر بن السري عن عمر بن سعيد عن أمه أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم في منامها فقال لها سيد المسلمين عطاء بن أبي رباح.

(441)

الخَنْشَليل: القوى الضرب بالسيف، وهو مُسِنٌّ.

ص: 424

وقال أبو عاصم الثقفي سمعت أبا جعفر الباقر يقول للناس وقد اجتمعوا عليكم بعطاء هو والله خير لكم مني.

وعن أبي جعفر قال خذوا من عطاء ما استطعتم.

وروى أسلم المنقري عن أبي جعفر قال ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بمناسك الحج من عطاء.

عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه قال ما أدركت أحداً أعلم بالحج من عطاء بن أبي رباح.

أبو حفص الأبار عن ابن أبي ليلى قال دخلت على عطاء فجعل يسألني فكأن أصحابه أنكروا ذلك وقالوا تسأله؟ قال ما تنكرون؟ هو أعلم مني قال ابن أبي ليلى وكان عالما بالحج زيادة على سبعين حجة قال وكان يوم مات ابن نحو مئة سنة رأيته يشرب الماء في رمضان ويقول قال ابن عباس "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له" البقرة إني أطعم أكثر من مسكين.

ابن وهب عن مالك قال عمرو بن دينار ومجاهد وغيرهما من أهل مكة لم يزالوا متناظرين حتى خرج عطاء بن أبي رباح إلى المدينة فلما رجع إلينا استبان فضله علينا.

وروى إبراهيم بن عمر بن كيسان قال أذكرهم في زمان بني أمية يأمرون في الحج مناديا يصيح لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح فإن لم يكن عطاء فعبد الله بن أبي نجيح.

قال أبو حازم الأعرج فاق عطاء أهل مكة في الفتوى.

وروى همام عن قتادة قال قال لي سليمان بن هشام هل بالبلد يعني مكة أحد؟ قلت: نعم أقدم رجل في جزيرة العرب علما فقال من؟ قلت: عطاء بن أبي رباح.

ابن أبي عروبة عن قتادة فيما يظن الراوي قال إذا اجتمع لي أربعة لم ألتفت إلى غيرهم ولم أبال من خالفهم الحسن وابن المسيب وإبراهيم وعطاء هؤلاء أئمة الأمصار.

ضمرة عن عثمان بن عطاء قال كان عطاء أسود شديد السواد ليس في رأسه شعر إلا شعرات فصيح إذا تكلم فما قال بالحجاز قبل منه.

ص: 425

وقال ابن عيينة عن إسماعيل بن أمية قال كان عطاء يطيل الصمت فإذا تكلم يخيل لنا أنه يؤيد.

وقال أسلم المنقري جاء أعرابي يسأل فأرشد إلى سعيد بن جبير فجعل الأعرابي يقول أين أبو محمد؟ فقال سعيد ما لنا ها هنا مع عطاء شيء.

وروى عبد الحميد الحماني عن أبي حنيفة قال ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبي رباح ولا لقيت أكذب من جابر الجعفي ما أتيته قط بشيء إلا جاءني فيه بحديث وزعم أن عنده كذا وكذا ألف حديث من رأيي عن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بها.

وقال محمد بن عبد الله الديباج ما رأيت مفتيا خيراً من عطاء إنما كان مجلسه ذكر الله لا يفتر وهم يخوضون فإن تكلم أو سئل عن شيء أحسن الجواب.

وروى أيوب بن سويد عن الأوزاعي قال مات عطاء بن أبي رباح يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس وما كان يشهد مجلسه إلا تسعة أو ثمانية.

وقال الثوري عن سلمة بن كهيل ما رأيت أحداً يريد بهذا العلم وجه الله غير هؤلاء الثلاثة عطاء وطاووس ومجاهد.

قال ابن جريج كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة وكان من أحسن الناس صلاة.

وقال إسماعيل بن عياش قلت: لعبد الله بن عثمان بن خثيم ما كان معاش عطاء قال صلة الإخوان ونيل السلطان.

قال الأصمعي دخل عطاء بن أبي رباح على عبد الملك وهو جالس على السرير وحوله الأشراف وذلك بمكة في وقت حجه في خلافته فلما بصر به عبد الملك قام إليه فسلم عليه وأجلسه معه على السرير وقعد بين يديه وقال يا أبا محمد حاجتك؟ قال يا أمير المؤمنين اتق الله في حرم الله وحرم رسوله فتعاهده بالعمارة واتق في أولاد المهاجرين والأنصار فإنك بهم جلست هذا المجلس واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسؤول عنهم واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم ولا تغلق دونهم بابك فقال له أفعل ثم نهض وقام فقبض عليه عبد الملك وقال يا أبا محمد إنما سألتنا حوائج غيرك وقد قضيناها فما حاجتك؟ قال ما لي إلى مخلوق حاجة ثم خرج فقال عبد الملك هذا وأبيك الشرف هذا وأبيك السؤدد.

ص: 426

محمد بن حميد حدثنا أبو تميلة حدثنا مصعب بن حيان أخو مقاتل قال كنت عند عطاء بن أبي رباح فسئل عن شيء فقال لا أدري نصف العلم ويقال نصف الجهل.

الوليد الموقري

(442)

عن الزهري قال لي عبد الملك بن مروان من أين قدمت قلت: من مكة قال فمن خلفت يسودها قلت: عطاء قال أمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي قال فيم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية قال إن أهل الديانة والرواية ينبغي أن يسودوا فمن يسود أهل اليمن؟ قلت: طاووس قال فمن العرب أو الموالي؟ قلت: من الموالي قال فمن يسود أهل الشام؟ قلت: مكحول قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل قال فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران وهو من الموالي قال فمن يسود أهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم من الموالي قال فمن يسود أهل البصرة؟ قلت: الحسن من الموالي قال فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النخعي قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من العرب قال ويلك فرجت عني والله ليسودن الموالي على العرب في هذا البلد حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها قلت: يا أمير المؤمنين إنما هو دين من حفظه ساد ومن ضيعه سقط.

الحكاية منكرة والوليد بن محمد واه فلعلها تمت للزهري مع أحد أولاد عبد الملك وأيضا ففيها من يسود أهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب وهو من الموالي فيزيد كان ذاك الوقت شابا لا يعرف بعد والضحاك فلا يدري الزهري من هو في العالم وكذا مكحول يصغر عن ذاك.

قال عبد العزيز بن رفيع: سئل عطاء عن شيء فقال لا أدري قيل ألا تقول برأيك؟ قال إني أستحيي من الله أن يدان في الأرض برأيي.

يعلى بن عبيد قال دخلنا على ابن سوقة فقال يا ابن أخي أحدثكم بحديث لعله ينفعكم فقد نفعني قال لنا عطاء بن أبي رباح إن من قبلكم كانو يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك

(442)

الوليد بن محمد المُوقرى، صاحب الزهري، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث.

وقال ابن المديني: لا يُكتب حديثه. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به وكذَّبه يحيى بن معين.

وقال النسائي: متروك الحديث. وكذا قال الحافظ في "التقريب": متروك.

ص: 427

منها أتنكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفته التي أملى صدره نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته.

قال ابن جريج عن عطاء إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد.

روى علي عن يحيى بن سعيد القطان قال مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ عن كل ضرب.

الفضل بن زياد عن أحمد بن حنبل قال ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح كانا يأخذان عن كل أحد ومرسلات ابن المسيب أصح المرسلات ومرسلات ابرهيم النخعي لا بأس بها.

وروى محمد بن عبد الرحيم عن علي بن المديني قال كان عطاء اختلط بأخرة تركه ابن جريج وقيس بن سعد قلت: لم يعن علي بقوله تركه هاذان الترك العرفي ولكنه كبر وضعفت حواسه وكانا قد تكفيا منه وتفقها وأكثرا عنه فبطلا فهذا مراده بقوله تركاه.

ولم يكن يحسن العربية روى العلاء بن عمرو الحنفي عن عبد القدوس عن حجاج قال عطاء وددت أني أحسن العربية قال وهو يومئذ ابن تسعين سنة.

وعن عطاء قال أعقل مقتل عثمان.

وقال عمر بن قيس: سألت عطاء متى ولدت؟ قال لعامين خلوا من خلافة عثمان.

وعن ابن جريج قال: لزمت عطاء ثماني عشرة سنة وكان بعد ما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لايزول منه شيء ولا يتحرك.

قال عمر بن ذر ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح وما رأيت عليه قميصا قط ولا رأيت عليه ثوبا يساوي خمسة دراهم.

وقال ابن جريج سمعت عطاء يقول إذا تناهقت الحمير بالليل فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

وعن عطاء قال لو ائتمنت على بيت مال لكنت أمينا ولا آمن نفسي على أمة

ص: 428

شوهاء قلت: صدق رحمه الله ففي الحديث: "ألا لايخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان"

(443)

.

روى عفان عن حماد بن سلمة قال قدمت مكة وعطاء حي فقلت إذا أفطرت دخلت عليه قال فمات في رمضان وكان ابن أبي ليلى يدخل عليه فقال لي عمارة بن ميمون إلزم قيس بن سعد فإنه أفقه من عطاء.

قال الهيثم وأبو المليح الرقي وأحمد وأبو عمر الضرير وغيرهم مات عطاء سنة أربع عشرة ومئة وقال يحيى القطان سنة أربع أو خمس عشرة وقال ابن جريج وابن عيينة والواقدي وأبو نعيم والفلاس سنة خمس عشرة ومئة وقال الواقدي عاش ثمانيا وثمانين سنة وقال شباب مات سنة سبع عشرة فهذا خطأ وابن جريج وابن عيينة أعلم بذلك.

وقد كان بمكة مع عطاء من أئمة التابعين مجاهد وطاووس وعبيد بن عمير الليثي وابن أبي مليكة وعمرو بن دينار وأبو الزبير المكي وآخرون.

‌645 - ابن أبي مليكة

(444)

ع

عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي الإمام الحجة الحافظ أبو بكر وأبو محمد القرشي التيمي المكي القاضي الأحول المؤذن ولد في خلافة علي أو قبلها.

وحدث عن عائشة أم المؤمنين وأختها أسماء وأبي محذورة وابن عباس وعبد الله بن عمرو السهمي وابن عمر وابن الزبير وعقبة بن الحارث والمسور بن مخرمة وأم سلمة وعبد الله بن جعفر وعن عثمان بن عفان وهو مرسل وعن جده أبي مليكة

(443)

صحيح: أخرجه أحمد (1/ 18)، والترمذي (2165)، والحاكم (1/ 114) من طرق عن محمد بن سُوقة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن أبيه، به.

وأخرجه الحميدي (32) من طريق سليمان بن يسار، عن أبيه، عن عمر، به.

وأخرجه الحاكم (1/ 114 - 115) من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن عمر، به.

(444)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 472)، التاريخ الكبير (5/ترجمة 412)، الجرح والتعديل (5/ ترجمة 278 و 461)، تاريخ الإسلام (4/ 267)، الكاشف (2/ترجمة 2870)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 94)، تهذيب التهذيب (5/ 306 - 307)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3639) شذرات الذهب (1/ 153)، النجوم الزاهرة (1/ 276).

ص: 429

وحميد بن عبد الرحمن الزهري وذكوان مولى عائشة وعباد بن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب وعبد الله بن مولة وعبيد بن أبي مريم وعلقمة بن وقاص والقاسم بن محمد ويعلى بن مملك ويحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية وطائفة.

وكان عالماً مفتيا صاحب حديث وإتقان معدود في طبقة عطاء وقد ولي القضاء لابن الزبير والأذان أيضاً.

حدث عنه رفيقه عطاء بن أبي رباح وذلك في صحيح مسلم وعمرو ابن دينار وعبد العزيز بن رفيع وأيوب السختياني وحميد الطويل وحبيب بن الشهيد وابن جريج وأبو العميس عتبة بن عبد الله وعمر بن سعيد بن أبي حسين وعثمان بن الأسود وعبد الواحد بن أيمن وحاتم بن أبي صغيرة وعبد الجبار بن الورد وزنفل العرفي وأبو هلال محمد بن سليم ونافع بن عمر الجمحي والليث وابن لهيعة ويزيد بن إبراهيم التستري وأبو عامر الخزاز وعبد الله بن المؤمل وعبد الله بن يحيى التوأم وابن أخيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وعدة.

وثقه أبو زرعة وأبو حاتم.

قال البخاري وجماعة مات سنة سبع عشرة ومئة.

قلت كان من أبناء الثمانين.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن تاج الأمناء وأبو عبد الله بن محمد بن أبي عصرون عن عبد المعز بن محمد البزاز أخبرنا محمد بن إسماعيل الفضيلي أخبرنا سعيد بن أبي سعيد العباد حدثنا عبيد الله بن محمد الفامي حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول "إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما هي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها"

(445)

أخرجه الجماعة سوى ابن ماجه عن قتيبة.

(445)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد (4/ 328)، وفي "فضائل الصحابة"(1328) والبخاري (5230)، ومسلم (2449)(93)، وأبو داود (2071)، والترمذي (3867)، والنسائي في "فضائل الصحابة"(265)، وابن ماجه (1998)، والطبراني (22/ 1010)، والبيهقي (7/ 307) و (10/ 288 - 289)، والبغوي (3958) من طرق عن ليث بن سعد، به.

ص: 430

‌646 - بلال بن سعد

(446)

ابن تميم السكوني الإمام الرباني الواعظ أبو عمرو الدمشقي شيخ أهل دمشق كان لأبيه سعد صحبة.

حدث عن أبيه وعن معاوية وجابر بن عبد الله وهو قليل الحديث.

روى عنه الأوزاعي وعبد الله بن العلاء بن زبر وعبد الرحمن بن يزيد ابن جابر وسعيد بن عبد العزيز.

وكان بليغ الموعظة حسن القصص نفاعا للعامة.

قال الأوزاعي كان من العبادة على شيء لم نسمع أحداً قوي عليه كان له كل يوم وليلة ألف ركعة وثقه أحمد العجلي وبعضهم يشبهه بالحسن البصري.

قال أبو زرعة النصري كان لأهل الشام كالحسن البصري بالعراق وكان قارئ أهل الشام جهير الصوت.

قال عبد الملك بن محمد حدثنا الأوزعي قال لم أسمع واعظا قط أبلغ من بلال بن سعد.

وقال عبد الرحمن بن يزيد بن تميم سمعته يقول يا أهل التقى إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما تنقلون من دار إلى دار كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام ومن الأرحام إلى الدنيا ومن الدنيا إلى القبور ومن القبور إلى الموقف ومن الموقف إلى الخلود في جنة أو نار.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا هبة الله بن الحسين أخبرنا ابن النقور حدثنا عيسى بن الجراح أخبرنا أبو بكر بن نيروز حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الوليد بن مسلم سمعت الأوزاعي يقول سمعت بلال بن سعد يقول لاتنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر من عصيت.

قال أبو القاسم ابن عساكر كان بلال بن سعد إمام جامع دمشق فقال الوليد بن مسلم كان إمام الجامع وإذا كبر سمع صوته من الأوزاع

(447)

وتبين قراءته من العقبة التي فيها دار الصيارفة لم يكن هذا العمران.

(446)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 461)، التاريخ الكبير (2/ ترجمة 1857)، الجرح والتعديل (2/ ترجمة 1560)، حلية الأولياء (5/ 221)، تاريخ الإسلام (4/ 234)، تهذيب التهذيب (1/ 503).

(447)

الأوزاع: من قرى دمشق القريبة منها شمال الجامع الأموى.

ص: 431

قال الضحاك بن عثمان رأيته يعظ في المصلى إلى جانب المنبر حتى يخرج الخليفة.

وقال الأوزاعي سمعته يقول والله لكفى به ذنبا أن الله يزهدنا في الدنيا ونحن نرغب فيها.

وقال الأوزاعي خرجوا يستسقون بدمشق وفيهم بلال بن سعد فقام فقال يا معشر من حضر ألستم مقرين بالإساءة؟ قلنا نعم قال اللهم إنك قلت: "ما على المحسنين من سبيل" التوبة وقد أقررنا بالإساءة فاعف عنا واسقنا قال فسقينا يومئذ.

توفي بلال سنة نيف وعشرة ومئة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغرافي بالثغر أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني أخبرنا أبو نصر الزينبي أخبرنا أبو طاهر الذهبي حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن أبي سمينة حدثنا صالح بن بيان حدثنا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس "خذوا زينتكم عند كل مسجد" الأعراف قال الصلاة في النعلين وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه قال فخلعهما فخلع الناس فلما قضى الصلاة قال لم خلعتم نعالكم؟ قالوا رأيناك خلعت فخلعنا قال: "إن جبريل عليه السلام أتاني فقال إن فيهما دم حيضة" إسناده واه

(448)

لضعف صالح وشيخه.

‌647 - أبو الحباب سعيد بن يسار

(449)

المدني مولى أم المؤمنين ميمونة وقيل بل مولى الحسن بن علي.

حدث عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني وابن عباس وعبد الله ابن عمر.

روى عنه ابن أخته معاوية بن أبي مزرد وسعيد المقبري وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن ويحيى بن سعيد وابن عجلان ومحمد بن إسحاق وآخرون.

(448)

ضعيف جدًا: فيه صالح بن بيان، متروك. وشيخه فرات بن السائب، منكر الحديث كما قال البخاري. وقال الدارقطني وغيره: متروك.

(449)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 284)، التاريخ الكبير (3/ترجمة 1738)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 305)، تاريخ الإسلام (4/ 253)، الكاشف (1/ترجمة 2001)، تهذيب التهذيب (4/ 102)، خلاصة الخزرجي (1/ترجمة 2556)، شذرات الذهب (1/ 153).

ص: 432

وكان من العلماء الأثبات توفي سنة ست عشرة ومئة وقيل توفي سنة سبع عشرة ومئة بالمدينة.

‌648 - أبو المليح

(450)

ابن أسامة بن عمير بن عامر بن أقيشر الهذلي الكوفي ثم البصري أحد الأثبات قيل اسمه عامر وقيل زيد.

حدث عن أبيه وعن عائشة وعوف بن مالك الأشجعي وبريدة بن الحصيب وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس وجماعة.

روى عنه قتادة وأيوب وأبو بشر جعفر بن إياس وخالد الحذاء وحجاج بن أرطاة وأبو بكر الهذلي وآخرون.

وكان متوليا على الأبلة

(451)

أرخ وفاته أبو بكر بن أبي عاصم وابن سعد سنة اثنتي عشرة ومئة.

‌649 - نافع

(452)

الإمام المفتي الثبت عالم المدينة أبو عبد الله القرشي ثم العدوي العمري مولى ابن عمر وراويته.

روى عن ابن عمر وعائشة وأبي هريرة ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وأبي لبابة بن عبد المنذر وصفية بنت أبي عبيد زوجة مولاه وسالم وعبد الله وعبيد الله وزيد أولاد مولاه وطائفة.

وعنه الزهري وأيوب السختياني وعبيد الله بن عمر وأخوه عبد الله وزيد بن واقد وحميد الطويل وأسامة بن زيد وابن جريج وعقيل وبكير بن عبد الله بن الأشج وابن عون ويزيد بن عبد الله بن الهاد ويونس بن عبيد ويونس بن يزيد وإسماعيل بن

(450)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 219)، التاريخ الكبير (6/ترجمة 2955)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1381)، تاريخ الإسلام (5/ 25)، تهذيب التهذيب (12/ 246).

(451)

الأُبلَة: بضم الهمزة والباء واللام المشددة مدينة بالعراق بينها وبين البصرة أربعة فراسخ.

(452)

ترجمته في التاريخ الكبير (8/ ترجمة 2270)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 2070)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 92)، الكاشف (3/ ترجمة 5893)، تاريخ الإسلام (5/ 10)، تهذيب التهذيب (10/ 412)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7469)، شذرات الذهب (1/ 154).

ص: 433

أمية وابن عمه أيوب بن موسى ورقبة بن مصقلة وحنظلة بن أبي سفيان وحفص بن عنان اليمامي وخالد بن زياد الترمذي متأخر وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وعبد الله بن سليمان الطويل وعبد الحميد بن جعفر وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وعبد العزيز بن أبي رواد وعمر وأبو بكر ولدا نافع ومحمد بن إسحاق وابن أبي ذئب وابن أبي ليلى ومحمد بن عجلان والزبيدي وشعيب بن أبي حمزة وأبو معشر نجيح وهشام بن الغاز وهمام بن يحيى وهشام بن سعد وحميد بن زياد وحجاج بن أرطاة والأوزاعي والضحاك بن عثمان ومالك بن مغول وزيد وعاصم وواقد وأبو بكر وعمر بنو محمد بن زيد العمري وجرير بن حازم وجويرية بن أسماء وفليح بن سليمان ومالك والليث ونافع بن أبي نعيم وخلق سواهم.

أخبرنا علي بن أحمد العلوي أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي أخبرنا محمد بن عبيد الله الكتبي أخبرنا محمد بن محمد الزينبي أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا خلف بن هشام البزار سنة ست وعشرين ومئتين حدثنا القطاف بن خالد المخزومي حدثنا نافع أنه أقبل مع ابن عمر من مكة حتى إذا كان ببعض الطريق لقيه خبر من امرأته أنها بالموت وكان إذا نودي للمغرب نزل مكانه فصلى فلما كانت تلك العشية نودي بالمغرب فسار حتى أمسى وظننا أنه نسي فقلنا الصلاة فسار حتى إذا كاد الشفق يغيب نزل فصلى المغرب وغاب الشفق فصلى العتمة ثم أقبل علينا فقال هكذا كنا نصنع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير أخرجه النسائي عن قتيبة عن العطاف فوقع بدلا عاليا.

قال النسائي أول طبقة من أصحاب نافع أيوب وعبيد الله ومالك.

الطبقة الثانية صالح بن كيسان وابن عون وابن جريج ويحيى بن سعيد.

الثالثة موسى بن عقبة وإسماعيل بن أمية وأيوب بن موسى.

الرابعة يونس بن يزيد وجويرية بن أسماء والليث.

الخامسة ابن عجلان وابن أبي ذئب والضحاك بن عثمان.

السادسة سليمان بن موسى وبرد بن سنان وابن أبي رواد.

السابعة عبد الرحمن السراج وعبيد الله بن الأخنس.

الثامنة ابن إسحاق وأسامة بن زيد وعمر بن محمد وصخر بن جويرية وهمام بن يحيى وهشام بن سعد.

ص: 434

التاسعة ليث بن أبي سليم وحجاج بن أرطاة وأشعث بن سوار وعبد الله بن عمر.

العاشرة إسحاق بن أبي فروة وأبو معشر وعبد الله بن نافع وعثمان البري وطائفة.

قال البخاري أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر.

قال عبيد الله بن عمر بعث عمر بن عبد العزيز نافعا مولى ابن عمر إلى أهل مصر يعلمهم السنن.

الأصمعي حدثنا العمري عن نافع قال دخلت مع مولاي على عبد الله بن جعفر فأعطاه في اثني عشر ألفاً فأبى وأعتقني أعتقه الله.

وروى زيد بن أبي أنيسة عن نافع قال سافرت مع ابن عمر بضعا وثلاثين حجة وعمرة قال أحمد بن حنبل إذا اختلف سالم ونافع ما أقدم عليهما.

قال ابن وهب قال مالك كنت آتي نافعا وأنا حدث السن ومعي غلام لي فيقعد ويحدثني وكان صغير النفس وكان في حياة سالم لا يفتي شيئاً.

مطرف بن عبد الله عن مالك قال كان في نافع حدة ثم حكى مالك أنه كان يلاطفه ويداريه ويقال كان في نافع لكنة وعجمة.

قال إسماعيل بن أمية كنا نرد على نافع اللحن فيأبى.

وروى محمد بن عمر الواقدي عن جماعة قالوا كان كتاب نافع الذي سمعه من ابن عمر صحيفة فكنا نقرؤها.

قال يونس بن يزيد قال نافع من يعذرني من زهريكم يأتيني فأحدثه عن ابن عمر ثم يذهب إلى سالم فيقول هل سمعت هذا من أبيك؟ فيقول نعم فيحدث به عن سالم ويدعني والسياق من عندي.

ابن وهب عن مالك كنت آتي نافعا وأنا غلام حديث السن فينزل ويحدثني وكان يجلس بعد الصبح في المسجد لا يكاد يأتيه أحد فإذا طلعت الشمس خرج وكان يلبس كساء وربما وضعه على فمه لايكلم أحداً وكنت أراه بعد صلاة الصبح يلتف بكساء له أسود.

إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه كنا نختلف إلى نافع وكان سيئ الخلق فقلت ما أصنع بهذا العبد فتركته ولزمه غيري فانتفع به.

ص: 435

معمر كان أيوب السختياني يحدثنا عن نافع ونافع حي وقال مالك إذا قال نافع شيئاً فاختم عليه.

وقال عبد الرحمن بن خراش نافع ثقة نبيل.

وروى أيوب أن عمر بن عبد العزيز ولى نافعا صدقات اليمن.

ابن سعد أخبرنا محمد بن عمر حدثني نافع بن أبي نعيم وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وابن أبي فروة قالوا كان كتاب نافع الذي سمعه من ابن عمر في صحيفة فكنا نقرؤها عليه فيقول يا أبا عبد الله أتقول حدثنا نافع؟ فيقول نعم.

الأصمعي عن نافع بن أبي نعيم عن نافع أنه قيل له قد كتبوا علمك قال كتبوا؟ قيل نعم قال فليأتوا به حتى أقومه.

عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع أنه لما احتضر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال ذكرت سعدا وضغطة القبر.

قال حماد بن زيد وجماعة: توفي نافع سنة سبع عشرة ومئة وشذ الهيثم بن عدي وأبو عمر الضرير فقالا مات سنة عشرين ومئة.

قال إسماعيل بن أمية: كنا نرد نافعا عن اللحن فيأبى ويقول لا إلا الذي سمعته.

وقد اختلف في محتد نافع على أقوال فقيل هو بربري وقيل نيسابوري وقيل ديلمي وقيل طالقاني وقيل كابلي والأرجح أنه فارسي المحتد في الجملة.

قال النسائي أثبت أصحاب نافع مالك ثم أيوب ثم عبيد الله ثم يحيى بن سعيد ثم ابن عون ثم صالح بن كيسان ثم موسى بن عقبة ثم ابن جريج ثم كثير بن فرقد ثم الليث بن سعد.

وقد اختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث وسالم أجل منه لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب وبلغنا أنهم تذاكروا حديث إتيان الدبر الذي تفرد به نافع عن مولاه فقال ميمون بن مهران إنما قال هذا نافع بعد ما كبر وذهب عقله وروي أن سالما قالوا له هذا عن نافع فقال كذب العبد أو أخطأ العبد إنما كان عمر يقول يأتيها مقبلة ومدبرة في الفرج.

وعن أبي إبراهيم المنذر الحزامي قال ما سمعت من هشام بن عروة رفثا قط إلا يوما واحداً أتاه رجل فقال يا أبا المنذر نافع مولى ابن عمر يفضل أباك عروة على أخيه عبد

ص: 436

الله بن الزبير فقال كذب عدو الله وما يدري نافع عاض بظر أمه عبد الله خير والله وأفضل من عروة.

قلت وقد جاءت رواية أخرى عنه بتحريم أدبار النساء وما جاء عنه بالرخصة فلو صح لما كان صريحا بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك.

قد ذكرنا أن الأصح وفاة نافع سنة سبع عشرة ومئة وقال ابن عيينة وأحمد بن حنبل سنة تسع عشرة ومئة.

وقول ميمون بن مهران كبر وذهب عقله قول شاذ بل اتفقت الأمة على أنه حجة مطلقا.

قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث.

وقال العجلي والنسائي مدني ثقة.

وقال ابن خراش ثقة نبيل.

‌650 - علي بن رباح

(453)

ابن قصير بن قشيب بن يينع الإمام الثقة أبو موسى اللخمي المصري.

سمع من عمرو بن العاص وعقبة بن عامر وأبي قتادة الأنصاري وأبي هريرة وفضالة بن عبيد وعبد الله بن عمرو وطائفة من الصحابة وعمر دهراً طويلاً.

حدث عنه ابنه موسى بن علي فأكثر ويزيد بن أبي حبيب وحميد بن هانئ ومعروف بن سويد وعدة.

وكان من كبار علماء التابعين وله وفادة على معاوية وقد قال كنت خلف مؤدبي فسمعته يبكي فقلت مالك؟ قال قتل أمير المؤمنين عثمان وكنت بالشام.

قال ابن يونس قيل إنه ولد عام اليرموك قال وذهبت عينه يوم غزوة ذات الصواري

(453)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 512)، التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2387)، المعرفة والتاريخ (1/ 323 و 463 و 481) و (2/ 49)، الجرح والتعديل (6/ترجمة 1020)، أنساب السمعاني (10/ 152)، تاريخ الإسلام (4/ 282)، العبر (1/ 193)، الكاشف (2/ترجمة رقم 3972)، تهذيب التهذيب (7/ 318)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4982)، شذرات الذهب (1/ 149).

ص: 437

في البحر مع الأمير عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة أربع وثلاثين وكانت له منزلة من الأمير عبد العزيز بن مروان وهو الذي زف بنته أم البنين إلى الشام حتى عمل عرسها على الوليد بن عبد الملك ثم إن عبد العزيز تغير عليه فأغزاه إلى إفريقية فلم يزل مرابطا بها إلى أن مات.

سئل عنه أحمد بن حنبل فقال ما علمت إلا خيراً.

قال أبو عبد الرحمن المقرئ كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه فبلغ ذلك رباحا فغير اسم ابنه.

قيل توفي علي سنة أربع عشرة ومئة وقال الحسن بن علي العداس توفي سنة سبع عشرة ومئة وعلى أن يكون ولد عام اليرموك فقد تعدى المئة رحمه الله وقيل إن حديثه من خمس مئة حديث إلى ست مئة.

‌651 - المسيب

(454)

ابن رافع الفقيه الكبير أبو العلاء الأسدي الكاهلي كوفي ثبت.

حدث عن جابر بن سمرة وأبي سعيد الخدري والبراء بن عازب وطائفة.

روى عنه ابنه العلاء والأعمش ومنصور وأبو إسحاق وآخرون.

قال ابن معين لم يسمع من صحابي إلا من البراء وعامر بن عبدة.

وقيل إن عمر بن هبيرة الأمير أراد أن يولي المسيب القضاء فقال ما يسرني وإن سواري مسجدكم لي ذهباً.

قيل توفي سنة خمس ومئة.

(454)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 293)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1787)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 1348)، الكاشف (3/ترجمة 5549)، تاريخ الإسلام (4/ 203)، تهذيب التهذيب (10/ 153)، خلاصة الخزرجي (3/ترجمة 7015)، شذرات الذهب (1/ 131).

ص: 438

‌652 - عون بن عبد الله

(455)

ابن عتبة بن مسعود الإمام القدوة العابد أبو عبد الله الهذلي الكوفي أخو فقيه المدينة عبيد الله.

حدث عن أبيه وأخيه وابن المسيب وابن عباس وعبد الله بن عمرو وطائفة وحدث عن عائشة وأبي هريرة لكن قيل روايته عنهما مرسلة وأرسل أيضاً عن عم أبيه عبد الله بن مسعود.

حدث عنه إسحاق بن يزيد الهذلي وحنظلة بن أبي سفيان ومالك بن مغول ومحمد بن عجلان وأبو حنيفة ومسعر وصالح بن صالح بن حي والمسعودي وجماعة.

وثقه أحمد وغيره وقال علي بن المديني صلى عون خلف أبي هريرة.

وقال ابن سعد لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة جاءه راحلاً إليه عون بن عبد الله وموسى بن أبي كثير وعمر بن ذر فكلموه في الإرجاء وناظروه فزعموا أنه لم يخالفهم في شيء منه قال وكان عون ثقة يرسل وقال البخاري عون سمع أبا هريرة.

وقال الأصمعي كان من آدب أهل المدينة وأفقههم كان مرجئا ثم تركه وقيل خرج مع ابن الأشعث وفر فأمنه محمد بن مروان بالجزيرة وتعلم منه ولده مروان فبلغنا أن أباه قال كيف رأيت ابن أخيك قال ألزمتني أيها الأمير رجلا إن قعدت عنه عتب وإن جئته حجب وإن عاتبته صخب وإن صاخبته غضب فتركه ولزم عمر بن عبد العزيز فكانت له منه مكانة وقد كان طال مقام جرير بباب عمر بن عبد العزيز فكتب إلى عون بهذه الأبيات:

يا أيها القارئ المرخي عمامته

هذا زمانك إني قد مضى زمني

أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه

أني لدى الباب كالمصفود في قرن

روى جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال كان عون بن عبد الله يقص فإذا فرغ أمر جارية له أن تعظ وتطرب فأردت أن أرسل إليه إنك من أهل بيت صدق وإن الله لم يبعث نبيه بالحمق وصنيعك هذا حمق.

(455)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 313)، التاريخ الكبير (7/ ترجمة 60)، الجرح والتعديل (6/ ترجمة 2138)، حلية الأولياء (4/ 240 - 272)، الكاشف (2/ ترجمة 4386) تاريخ الإسلام (4/ 287)، تهذيب التهذيب (8/ 171 - 173)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5495)، شذرات الذهب (1/ 140).

ص: 439

زيد بن عوف حدثنا سعيد بن زربى عن ثابت البناني قال كان لعون جارية يقال لها بشرة تقرأ بألحان فقال لها يوما اقرئي على إخواني فكانت تقرأ بصوت وجيع حزين فرأيتهم يلقون العمائم ويبكون فقال لها يوما يا بشرة قد أعطيت بك ألف دينار لحسن صوتك اذهبي فأنت حرة لوجه الله.

توفي سنة بضع عشرة ومئة.

‌653 - عون

(456)

ع

ابن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي الكوفي.

روى عن أبيه والمنذر بن جرير بن عبد الله وعبد الرحمن بن سمير.

حدث عنه مالك بن مغول وحجاج بن أرطاة وعمر بن أبي زائدة وشعبة وسفيان الثوري وقيس بن الربيع.

وثقه يحيى بن معين مات قبل سنة عشرين ومئة.

‌654 - محمد بن زيد

(457)

ع

ابن عبد الله بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أبو عاصم العدوي العمري المدني.

حدث عن جده ابن عمر وسعيد بن زيد وابن عباس.

حدث عنه أولاده الخمسة عاصم وواقد وزيد وعمر وأبو بكر والأعمش وآخرون.

وثقه أبو حاتم وهو قليل الحديث قيل إنه وفد على هشام بن عبد الملك فتباخل عليه وما وصله بشيء.

(456)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 319)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 63)، الكنى للدولابي (1/ 153) الجرح والتعديل (6/ترجمة 2139)، الكاشف (2/ترجمة 4382)، تاريخ الإسلام (4/ 288)، تهذيب التهذيب (8/ 170)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5491).

(457)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ترجمة 230)، الجرح والتعديل (7/ترجمة 1402)، الكاشف (3/ ترجمة 4932)، تاريخ الإسلام (4/ 192)، تهذيب التهذيب (9/ 172)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6232).

ص: 440

‌655 - محمد بن عباد

(458)

ع

ابن جعفر القرشي المخزومي المكي.

يروي عن جده لأمه عبد الله بن السائب المخزومي وأبي هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله وعدة وهو من العلماء الأثبات.

حدث عنه زياد بن سعد وابن جريج والأوزاعي وآخرون.

‌656 - موسى بن يسار

(459)

م د س ق

المخرمي مولاهم المدني عم صاحب المغازي.

سمع أبا هريرة.

وعنه ابن أخيه محمد بن إسحاق وداود بن قيس الفراء وعبد الرحمن بن الغسيل.

وثقه يحيى بن معين.

‌657 - عبادة

(460)

خ م

ابن الوليد بن عبادة بن الصامت الفقيه أبو الصامت الأنصاري مدني حجة وهو أخو يحيى.

يروي عن جده وأبي أيوب وعائشة وجماعة.

وعنه أبو حزرة يعقوب بن مجاهد ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر وابن إسحاق.

وثقه أبو زرعة.

(458)

ترجمته في طبقات ابن سعد (5/ 475)، التاريخ الكبير (1/ ترجمة 528)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 56)، الكاشف (3/ ترجمة 5009)، تهذيب التهذيب (9/ 243)، خلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6337).

(459)

ترجمته في التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1273)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 740)، الكاشف (3/ ترجمة 5844)، تاريخ الإسلام (5/ 8)، تهذيب التهذيب (10/ 377)، خلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7324).

(460)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ترجمة 1812)، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 316) الجرح والتعديل (6/ ترجمة 496)، الكاشف (2/ ترجمة 2613)، تاريخ الإسلام (4/ 135)، تهذيب التهذيب (5/ 114)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3338).

ص: 441

‌658 - موسى بن وردان

(461)

د، ت، ق

الإمام الواعظ أبو عمر العامري مولاهم المصري القاص مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح.

روى عن أبي هريرة وكعب بن عجرة وأبي سعيد الخدري وجابر وأنس بن مالك وعن سعيد بن المسيب وغيرهم وأرسل عن أبي الدرداء وجماعة.

حدث عنه الحسن بن ثوبان ومحمد بن أبي حميد وعياش بن عباس القتباني والليث بن سعد وابن لهيعة وطائفة آخرهم ضمام بن إسماعيل وكان صاحب ثروة وتجارة.

قال أبو داود ثقة وقال أبو حاتم ليس به بأس وقال ابن معين ضعيف وروى عباس عن ابن معين صالح وروى عثمان الدارمي عنه ليس بالقوي.

قال ابن يونس توفي سنة سبع عشرة ومئة.

‌659 - سالم بن أبي الجعد

(462)

ع

الأشجعي الغطفاني مولاهم الكوفي الفقيه أحد الثقات.

روى عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجابر وابن عباس والنعمان ابن بشير وعبد الله بن عمرو وابن عمر وأنس بن مالك وأبيه أبي الجعد رافع وجماعة ويروي عن عمر وعن علي وذلك منقطع على أن ذلك في سنن النسائي فهو صاحب تدليس.

حدث عنه الحكم وقتادة ومنصور والأعمش وحصين بن عبد الرحمن وآخرون.

وكان من نبلاء الموالي وعلمائهم مات سنة مئة ويقال قبل المئة. وقيل مات سنة إحدى ومئة وحديثه مخرج في الكتب الستة وكان طلابة للعلم كان يكتب قال

(461)

ترجمته في التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1268)، الجرح والتعديل (8/ ترجمة 733)، المجروحين لابن حبان (2/ 239)، الكاشف (3/ترجمة 5842)، تاريخ الإسلام (5/ 7)، تهذيب التهذيب (10/ 376) خلاصة الخزرجي (3/ترجمة 7323)، شذرات الذهب (1/ 154).

(462)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 291)، التاريخ الكبير (4/ ترجمة 2132)، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 490) و (2/ 102 و 141)، الجرح والتعديل (4/ترجمة 785)، تاريخ الإسلام (3/ 369) الكاشف (1/ترجمة 1784)، العبر (1/ 119)، تهذيب التهذيب (3/ 432)، خلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2314)، شذرات الذهب (1/ 118).

ص: 442

منصور كان سالم إذا حدث حدث فأكثر وكان إبراهيم إذا حدث جزم فقلت لإبراهيم فقال إن سالما كان يكتب.

قيس بن الربيع عن عطاء بن السائب أن علقمة والأسود وابن نضيلة رخصوا لسالم بن أبي الجعد أن يبيع ولاء مولى له من عمرو بن حريث بعشرين ألفاً يستعين بها على عبادته.

قال ابن سعد قالوا توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز وقال أبو نعيم بل مات في خلافة سليمان وكان ثقة كثير الحديث ثم قال وقالوا كان لأبي الجعد ستة بنين فاثنان شيعيان واثنان مرجئان واثنان خارجيان فكان أبوهم يقول قد خالف الله بينكم قلت: وهم عبيد وعمران وزياد ومسلم وعبد الله.

قال ابن المديني لم يلق سالم عائشة ولقي ابن عباس وعبد الله بن عمرو والمغيرة بن شعبة وابن عمر وطائفة.

‌660 - عدي بن الرقاع

(463)

العاملي الشاعر مدح الوليد بن عبد الملك وهاجى جرير بن الخطفى وقيل كان أبرص آية في الشعر.

أما:

‌661 - عدي بن زيد

(464)

ابن الحمار العبادي التميمي النصراني فجاهلي من فحول الشعراء ذكرته للتمييز وهو أحد الفحول الأربعة الذين هم هو وطرفة بن العبد وعبيد بن الأبرص وعلقمة بن عبدة.

وأما صاحب الأغاني فقيد جده الخمار بمعجمة مضمومة وهو القائل:

أين أهل الديار من قوم نوح

ثم عاد من بعدهم وثمود

أين آباؤنا وأين بنوهم

أين آباؤهم وأين الجدود

سلكوا منهج المنايا فبادوا

وأرانا قد حان منا ورود

(463)

ترجمته في الأغانى (8/ 172)، تاريخ الإسلام (4/ 150)، خزانة الأدب للبغدادي (4/ 470).

(464)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج (2/ 97)، تاريخ الإسلام (4/ 151)، خزانة الأدب (1/ 183).

ص: 443

بينما هم على الأسرة والأنما

ط أفضت إلى التراب الخدود

ثم لم ينقض الحديث ولكن

بعد ذاك الوعيد والموعود

وأطباء بعدهم لحقوهم

ضل عنهم صعوطهم واللدود

وصحيح أضحى يعود مريضا

هو أدنى للموت ممن يعود

وهذه الكلمة السائرة له أيضاً:

أيها الشامت المعير بالده

ر أأنت المبرأ الموفور

فذكر القصيدة وأظنه مات في الفترة والله أعلم.

‌662 - سليمان بن عبد الملك

(465)

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الخليفة أبو أيوب القرشي الأموي بويع بعد اخيه الوليد سنة ست وتسعين وكان له دار كبيرة مكان طهارة جيرون وأخرى أنشأها للخلافة بدرب محرز وعمل لها قبة شاهقة صفراء.

وكان دينا فصيحا مفوها عادلا محبا للغزو يقال نشأ بالبادية مات بذات الجنب ونقش خاتمه أومن بالله مخلصا وأمه وأم الوليد هي ولادة بنت العباس بن حزن العبسية.

ولسليمان من البنين يزيد وقاسم وسعيد ويحيى وعبيد الله وعبد الواحد والحارث وغيرهم.

جهز جيوشه مع أخيه مسلمة برا وبحرا لمنازلة القسطنطينية فحاصرها مدة حتى صالحوا على بناء مسجدها.

وكان أبيض كبير الوجه مقرون الحاجب جميلا له شعر يضرب منكبيه عاش تسعا وثلاثين سنة قسم أموالاً عظيمة ونظر في أمر الرعية وكان لا بأس به وكان يستعين في أمر الرعية بعمر بن عبد العزيز وعزل عمال الحجاج وكتب إن الصلاة كانت قد أميتت فأحيوها بوقتها وهم بالإقامة ببيت المقدس ثم نزل قنسرين للرباط وحج في خلافته.

وقيل رأى بالموسم الخلق فقال لعمر بن عبد العزيز أما ترى هذا الخلق الذين

(465)

ترجمته في التاريخ الكبير (4/ترجمة 1847)، المعرفة والتاريخ (1/ 223)، الجرح والتعديل (4/ ترجمة 568)، وفيات الأعيان (2/ ترجمة 279)، تاريخ الإسلام (4/ 8)، العبر (1/ 115)، شذرات الذهب لابن العماد (1/ 116).

ص: 444

لا يحصيهم إلا الله ولا يسع رزقهم غيره قال يا أمير المؤمنين هؤلاء اليوم رعيتك وهم غدا خصماؤك فبكى وقال بالله أستعين.

وعن ابن سيرين قال يرحم الله سليمان افتتح خلافته بإحياء الصلاة واختتمها باستخلافه عمر.

وكان سليمان ينهى الناس عن الغناء.

وكان من الأكلة حتى قيل إنه أكل مرة أربعين دجاجة وقيل أكل مرة خروفا وست دجاجات وسبعين رمانة ثم أتي بمكوك زبيب طائفي فأكله ولما مرض بدابق قال لرجاء بن حيوة الكندي من لهذا الأمر؟ قال ابنك غائب قال فالآخر؟ قال صغير قال فمن ترى؟ قال عمر بن عبد العزيز قال أتخوف إخوتي قال ول عمر ثم من بعده يزيد بن عبد الملك وتكتب كتابا وتختمه وتدعوهم إلى بيعة من فيه قال لقد رأيت وكتب العهد وجمع الشرط وقال من أبى البيعة فاقتلوه وفعل ذلك وتم ثم كفن سليمان في عاشر صفر سنة تسع وتسعين وصلى عليه عمر بن عبد العزيز وقيل عاش أربعين سنة وخلافته سنتان وتسعة أشهر وعشرون يوما عفا الله عنه في آل مروان نصب ظاهر سوى عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

أخوه عبد الله بن عبد الملك الأمير ولي الديار المصرية بعد عبد العزيز ابن مروان إلى أن صرف بقرة بن شريك سنة تسعين وولي غزو الروم فأنشأ مدينة المصيصة وله دار بدمشق قيل مات بسر بن سعيد الفقيه فما ترك كفنا ومات سنة مئة عبد الله هذا فخلف ثمانين مد ذهب.

‌663 - عمر بن عبد العزيز

(466)

ع

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد أمير المؤمنين حقا أبو حفص القرشي الأموي المدني ثم المصري الخليفة الزاهد الراشد أشج بني أمية.

(466)

ترجمته في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم، وطبقات ابن سعد (5/ 330)، التاريخ الكبير (6/ترجمة 2079)، الجرح والتعديل (6/ترجمة 663)، حلية الأولياء (5/ 253)، العبر (1/ 102 و 114 و 116 و 118 و 120)، تاريخ الإسلام (4/ 164)، تذكرة الحفاظ (1/ ترجمة 104) الكاشف (2/ترجمة 4153)، تهذيب التهذيب (7/ 475)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5202)، شذرات الذهب (1/ 97)، النجوم الزاهرة (1/ 246).

ص: 445

حدث عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والسائب بن يزيد وسهل ابن سعد واستوهب منه قدحا شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم وأم بأنس بن مالك فقال ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى.

وحدث أيضاً عن سعيد بن المسيب وعروة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن عبد الرحمن وعبد الله بن إبراهيم بن قارظ وعامر بن سعد ويوسف بن عبد الله بن سلام وطائفة وأرسل عن عقبة بن عامر وخولة بنت حكيم وغيرهم.

وكان من أئمة الاجتهاد ومن الخلفاء الراشدين رحمة الله عليه.

حدث عنه أبو سلمة أحد شيوخه وأبو بكر بن حزم ورجاء بن حيوة وابن المنكدر والزهري وعنبسة بن سعيد وأيوب السختياني وإبراهيم بن عبلة وتوبة العنبري وحميد الطويل وصالح بن محمد بن زائدة الليثي وابنه عبد العزيز بن عمر وأخوه زبان وصخر بن عبد الله بن حرملة وابنه عبد الله بن عمر وعثمان بن داود الخولاني وأخوه سليمان بن داود وعمر ابن عبد الملك وعمر بن عامر البجلي وعمرو بن مهاجر وعمير بن هانئ العنسي وعيسى بن أبي عطاء الكاتب وغيلان بن أنس وكاتبه ليث بن أبي رقية وأبو هاشم مالك بن زياد ومحمد بن أبي سويد الثقفي ومحمد بن قيس القاص ومروان بن جناح ومسلمة بن عبد الملك الأمير والنضر بن عربي وكاتبه نعيم بن عبد الله القيني ومولاه هلال أبو طعمة والوليد بن هشام المعيطي ويحيى بن سعيد الأنصاري ويعقوب بن عتبة بن المغيرة وخلق سواهم.

قال ابن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل المدينة فقال أمه هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب قالوا ولد سنة ثلاث وستين قال وكان ثقة مأمونا له فقه وعلم وورع وروى حديثاً كثيراً وكان إمام عدل رحمه الله ورضي عنه.

وقال الزبير بن بكار وإخوته من أبويه عاصم وأبو بكر ومحمد.

وقال الفلاس سمعت الخريبي يقول الأعمش وهشام بن عروة وعمر بن عبد العزيز وطلحة بن يحيى ولدوا سنة مقتل الحسين يعني سنة إحدى وستين وكذلك قال خليفة بن خياط وغير واحد في مولده.

وذكر صفته سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد وخطه الشيب.

ص: 446

وقال إسماعيل الخطبي رأيت صفته في بعض الكتب أبيض رقيق الوجه جميلا نحيف الجسم حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية وقد وخطه الشيب.

قال ضمرة بن ربيعة دخل عمر بن عبد العزيز إلى إصطبل أبيه وهو غلام فضربه فرس فشجه فجعل أبوه يمسح عنه الدم ويقول إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد.

وروى ضمام بن إسماعيل عن أبي قبيل أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير فأرسلت إليه أمه وقالت ما يبكيك؟ قال ذكرت الموت قال وكان يومئذ قد جمع القرآن فبكت أمه حين بلغها ذلك.

أبو خيثمة حدثنا المفضل بن عبد الله عن داود بن أبي هند قال دخل علينا عمر بن عبد العزيز من هذا الباب يعني بابا من أبواب المسجد بالمدينة فقال رجل من القوم بعث إلينا هذا الفاسق بابنه هذا يتعلم الفرائض والسنن وزعم أنه يكون خليفة بعده ويسير بسيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فقال لنا داود فوالله ما مات حتى رأينا ذلك فيه.

قيل إن عمر بن الخطاب قال إن من ولدي رجلاً بوجهه شتر يملأ الأرض عدلاً.

مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمرو عن نافع قال قال ابن عمر يا ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر يملؤها عدلا كما ملئت ظلماً وجوراً.

سعيد بن عفير حدثنا يعقوب عن أبيه أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده وكان يلزمه الصلوات فأبطأ يوما عن الصلاة فقال ما حبسك؟ قال كانت مرجلتي تسكن شعري فقال بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة وكتب بذلك إلى والده فبعث عبد العزيز رسولا إليه فما كلمه حتى حلق شعره.

وكان عمر بن عبد العزيز يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله يسمع منه العلم فبلغ عبيد الله أن عمر ينتقص عليا فأقبل عليه فقال متى بلغك أن الله تعالى سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم قال فعرف ما أراد فقال معذرة إلى الله وإليك لا أعود فما سمع عمر بعدها ذاكرا عليا رضي الله عنه إلا بخير.

نقل الزبير بن بكار عن العتبي أن أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز أن أباه ولي مصر وهو حديث السن يشك في بلوغه فأراد إخراجه فقال يا أبت أو غير ذلك؟ لعله

ص: 447

أن يكون أنفع لي ولك ترحلني إلى المدينة فأقعد إلى فقهاء أهلها وأتأدب بآدابهم فوجهه إلى المدينة فاشتهر بها بالعلم والعقل مع حداثة سنه قال ثم بعث إليه عبد الملك بن مروان عند وفاة أبيه وخلطه بولده وقدمه على كثير منهم وزوجه بابنته فاطمة التي قيل فيها:

بنت الخليفة والخليفة جدها

أخت الخلائف والخليفة زوجها

وكان الذين يعيبون عمر ممن يحسده بإفراطه في النعمة واختياله في المشية.

وقال أبو مسهر ولي عمر المدينة في إمرة الوليد من سنة ست وثمانين إلى سنة ثلاث وتسعين.

قلت ليس له آثار سنة ثنتين وسبعين بالمدينة ولا سماع من جابر بن عبد الله ولو كان بها وهو حدث لأخذ عن جابر.

وقال أبو بكر بن عياش حج بالناس عمر بن عبد العزيز غير مرة أولها سنة تسع وثمانين.

ابن سعد أخبرنا محمد بن عمر حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه قال لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة واليا فصلى الظهر دعا بعشرة عروة وعبيد الله وسليمان بن يسار والقاسم وسالما وخارجة وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة وعبد الله بن عامر بن ربيعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه ونكون فيه أعوانا على الحق ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم فإن رأيتم أحداً يتعدى أو بلغكم عن عامل ظلامة فأحرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني فجزوه خيراً وافترقوا.

الليث بن سعد حدثني قادم البربري أنه ذاكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيئاً من قضاء عمر بن عبد العزيز إذ كان بالمدينة فقال ربيعة كأنك تقول أخطأ والذي نفسي بيده ما أخطأ قط.

قال أبو زرعة عبد الأحد بن أبي زرارة القتباني سمعت مالكاً يقول أتى فتيان إلى عمر بن عبد العزيز وقالوا إن أبانا توفي وترك مالا عند عمنا حميد الأمجي فأحضره عمر فلما دخل قال أنت القائل:

حميد الذي أمج داره

أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع

أتاه المشيب على شربها

وكان كريما فلم ينزع

ص: 448

قال نعم قال ما أراني إلا سوف أحدك إنك أقررت بشرب الخمر وأنك لم تنزع عنها قال أيهات أين يذهب بك ألم تسمع الله يقول: "والشعراء يتبعهم الغاوون" إلى قوله: "وأنهم يقولون ما لا يفعلون". الشعراء.

فقال أولى لك يا حميد ما أراك إلا قد أفلت ويحك يا حميد كان أبوك رجلاً صالحا وأنت رجل سوء قال أصلحك الله وأينا يشبه أباه كان أبوك رجل سوء وأنت رجل صالح قال إن هؤلاء زعموا أن أباهم توفي وترك مالا عندك قال صدقوا وأحضره بختم أبيهم وقال أنفقت عليهم من مالي وهذا مالهم قال ما أحد أحق أن يكون هذا عنده منك فقال أيعود إلي وقد خرج مني؟!.

العطاف بن خالد حدثنا زيد بن أسلم قال لنا أنس: ما صليت وراء إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله من إمامكم هذا يعني عمر بن عبد العزيز قال زيد فكان عمر يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود.

قال سهيل بن أبي صالح: كنت مع أبي غداة عرفة فوقفنا لننظر لعمر ابن عبد العزيز وهو أمير الحاج فقلت يا أبتاه والله إني لأرى الله يحب عمر قال لم؟ قلت: لما أراه دخل له في قلوب الناس من المودة وأنت سمعت ابا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إن الله قد أحب فلانا فأحبوه". الحديث

(467)

.

وعن أبي جعفر الباقر قال لكل قوم نجيبة وإن نجيبة بني أمية عمر بن عبد العزيز إنه يبعث أمة وحده.

روى الثوري عن عمرو بن ميمون قال كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة.

معمر عن أخي الزهري قال كتب الوليد إلى عمر وهو على المدينة أن يضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير فضربه أسواطاً وأقامه في البرد فمات قلت: كان عمر إذا أثنوا عليه قال فمن لي بخبيب رحمهما الله.

قلت قد كان هذا الرجل حسن الخلق والخلق كامل العقل حسن السمت جيد

(467)

صحيح: أخرجه مالك (2/ 953)، والطيالسي (2436)، وعبد الرزاق (19673) وأحمد (2/ 267 و 341 و 413)، والبخاري (7485)، ومسلم (2637)، والترمذي (3161)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 258) و (7/ 141) و (10/ 306) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، به. وأخرجه أحمد (2/ 514)، والبخاري (3209) و (6040) من طرق عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن أبي هريرة، به.

ص: 449

السياسة حريصا على العدل بكل ممكن وافر العلم فقيه النفس ظاهر الذكاء والفهم أواهاً منيباً قانتاً لله حنيفاً زاهداً مع الخلافة ناطقا بالحق مع قلة المعين وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا محاققته لهم ونقصه أعطياتهم وأخذه كثيراً مما في أيديهم مما أخذوه بغير حق فما زالوا به حتى سقوه السم فحصلت له الشهادة والسعادة وعد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين والعلماء العاملين.

مبشر بن إسماعيل عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال أتينا عمر بن عبد العزيز ونحن نرى أنه يحتاج إلينا فما كنا معه إلا تلامذة وكذلك جاء عن مجاهد وغيره وفي الموطأ بلغني أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال يا مزاحم أتخشى أن نكون ممن نفته المدينة.

ابن إسحاق عن إسماعيل بن أبي حكيم سمعت عمر بن عبد العزيز يقول خرجت من المدينة وما من رجل أعلم مني فلما قدمت الشام نسيت.

معمر عن الزهري قال سمرت مع عمر بن عبد العزيز ليلة فحدثته فقال كل ما حدثته الليلة فقد سمعته ولكنك حفظت ونسينا.

عقيل عن ابن شهاب ان عمر بن عبد العزيز أخبره أن الوليد أرسل إليه بالظهيرة فوجده قاطباً بين عينيه قال فجلست وليس عنده إلا ابن الريان قائم بسيفه فقال ما تقول فيمن يسب الخلفاء أترى أن يقتل فسكت فانتهرني وقال مالك؟ فسكت فعاد لمثلها فقلت أقتل يا أمير المؤمنين قال لا ولكنه سب الخلفاء قلت: فإني أرى أن ينكل فرفع رأسه إلى ابن الريان فقال إنه فيهم لنابه.

عن عبد العزيز بن يزيد الأيلي قال حج سليمان ومعه عمر بن عبد العزيز فأصابهم برق ورعد حتى كادت تنخلع قلوبهم فقال سليمان يا أبا حفص هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها؟ قال يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمة الله فكيف لو سمعت صوت عذاب الله.

وروى ابن عيينة عن رجل قال عمر بن عبد العزيز ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله.

عبد العزيز بن الماجشون حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال عمر إنا كنا نتحدث وفي لفظ يزعم الناس أن الدنيا لا تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل

ص: 450

عمل عمر قال فكان بلال ولد عبد الله بن عمر بوجهه شامة وكانوا يرون أنه هو حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز أمه هي ابنة عاصم بن عمر رواه جماعة عنه.

جويرية عن نافع بلغنا أن عمر قال إن من ولدي رجلا بوجهه شين يلي فيملأ الأرض عدلا قال نافع فلا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز.

وروى عبيد الله بن عمر عن نافع قال كان ابن عمر يقول ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة يملأ الأرض عدلاً.

تفرد به مبارك بن فضالة عنه وهو صدوق.

ضمرة بن ربيعة عن السري بن يحيى عن رياح بن عبيدة قال خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة وشيخ متوكئ على يده فقلت في نفسي هذا شيخ جاف فلما صلى ودخل لحقته فقلت أصلح الله الأمير من الشيخ الذي كان يتكئ على يدك فقال يا رياح رأيته؟ قلت: نعم قال ما أحسبك إلا رجلاً صالحاً ذاك أخي الخضر أتاني فأعلمني أني سألي أمر الأمة وإني سأعدل فيها.

المدائني عن جرير بن حازم عن هزان بن سعيد حدثني رجاء بن حيوة قال لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر بن عبد العزيز في الدار أخرج وأدخل وأتردد فقال يا رجاء أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين أو تشير بي فوالله ما أقوى على هذا الأمر فانتهرته وقلت إنك لحريص على الخلافة فاستحيى ودخلت فقال لي سليمان من ترى لهذا الأمر فقلت اتق الله فإنك قادم على الله تعالى وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه قال فمن ترى؟ قلت: عمر بن عبد العزيز قال كيف أصنع بعهد عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي قلت: تجعله من بعده قال أصبت جئني بصحيفة فأتيته بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد ابن عبد الملك من بعد ثم دعوت رجالاً فدخلوا فقال عهدي في هذه الصحيفة مع رجاء اشهدوا واختموا الصحيفة قال فلم يلبث أن مات فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فقالوا كيف أمير المؤمنين؟ قلت: لم يكن منذ اشتكى أسكن منه الساعة قالوا لله الحمد.

قال ابن عيينة: حدثني من شهد دابق وكان مجتمع غزو الناس فمات سليمان بدابق ورجاء بن حيوة صاحب أمره ومشورته خرج إلى الناس فأعلمهم بموته وصعد المنبر فقال إن أمير المؤمنين كتب كتابا وعهد عهدا وأعلمهم بموته أفسامعون أنتم مطيعون؟ قالوا نعم وقال هشام نسمع ونطيع إن كان فيه استخلاف رجل من بني عبد الملك قال

ص: 451

ويجذبه الناس حتى سقط إلى الأرض وقالوا سمعنا وأطعنا فقال رجاء قم يا عمر وهو على المنبر فقال عمر والله إن هذا لأمر ما سألته الله قط.

الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن حسان الكناني قال لما مرض سليمان بدابق قال يا رجاء أستخلف ابني؟ قال ابنك غائب قال فالآخر؟ قال هو صغير قال فمن ترى؟ قال عمر بن عبد العزيز قال أتخوف بني عبد الملك أن لا يرضوا قال فوله ومن بعده يزيد بن عبد الملك وتكتب كتابا وتختمه وتدعوهم إلى بيعة مختوم عليها قال فكتب العهد وختمه فخرج رجاء وقال إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب قالوا ومن فيه؟ قال مختوم ولا تخبرون بمن فيه حتى يموت فامتنعوا فقال سليمان انطلق إلى أصحاب الشرط وناد الصلاة جامعة ومرهم بالبيعة فمن أبى فاضرب عنقه ففعل فبايعوا قال رجاء فلما خرجوا أتاني هشام في موكبه فقال قد علمت موقفك منا وأنا أتخوف أن يكون أمير المؤمنين أزالها عني فأعلمني ما دام في الأمر نفس قلت: سبحان الله يستكتمني أمير المؤمنين وأطلعك لا يكون ذاك أبداً فأدارني وألاصني فأبيت عليه فانصرف فبينا أنا أسير إذ سمعت جلبة خلفي فإذا عمر بن عبد العزيز فقال يا رجاء قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل أتخوف أن يكون جعلها إلي ولست أقوم بهذا الشأن فأعلمني ما دام في الأمر نفس لعلي أتخلص قلت: سبحان الله يستكتمني امرا أطلعك عليه!! روى نحوها الواقدي.

حدثنا داود بن خالد عن سهيل بن أبي سهيل سمع رجاء بن حيوة يقول وزاد فصلى على سليمان عمر بن عبد العزيز فلما فرغ من دفنه أتي بمراكب الخلافة فقال دابتي أرفق لي فركب بغلته ثم قيل تنزل منزل الخلافة قال فيه عيال أبي أيوب وفي فسطاطي كفاية فلما كان مساء تلك الليلة قال يا رجاء ادع لي كاتبا فدعوته فأملى عليه كتابا أحسن إملاء وأوجزه وأمر به فنسخ إلى كل بلد.

وقد كان سليمان بن عبد الملك من أمثل الخلفاء نشر علم الجهاد وجهز مئة ألف برا وبحرا فنازلوا القسطنطينية واشتد القتال والحصار عليها أكثر من سنة.

قال سعيد بن عبد العزيز ولي سليمان فقال لعمر بن عبد العزيز يا أبا حفص إنا ولينا ما قد ترى ولم يكن لنا بتدبيره علم فما رأيت من مصلحة العامة فمر به فكان من ذلك عزل عمال الحجاج وأقيمت الصلوات في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها مع

ص: 452

أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها فقيل إن سليمان حج فرأى الخلائق بالموقف فقال لعمر أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصي عددهم إلا الله؟ قال هؤلاء اليوم رعيتك وهم غدا خصماؤك فبكى بكاء شديداً.

قلت كان عمر له وزير صدق ومرض بدابق أسبوعا وتوفي وكان ابنه داود غائبا في غزو القسطنطينية.

وعن رجاء بن حيوة قال ثقل سليمان ولما مات أجلسته وسندته وهيأته ثم خرجت إلى الناس فقالوا كيف أصبح أمير المؤمنين؟ قلت: أصبح ساكنا فادخلوا سلموا عليه وبايعوا بين يديه على ما في العهد فدخلوا وقمت عنده وقلت إنه يأمركم بالوقوف ثم أخذت الكتاب من جيبه وقلت إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب فبايعوا وبسطوا أيديهم فلما فرغوا قلت: آجركم الله في أمير المؤمنين قالوا فمن؟ ففتحت الكتاب فإذا فيه عمر بن عبد العزيز فتغيرت وجوه بني عبد الملك فلما سمعوا وبعده يزيد تراجعوا وطلب عمر فإذا هو في المسجد فأتوه وسلموا عليه بالخلافة فعقر

(468)

فلم يستطع النهوض حتى أخذوا ضبعيه فأصعدوه المنبر فجلس طويلا لا يتكلم فقال رجاء ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه فنهضوا إليه ومد يده إليهم فلما مد هشام بن عبد الملك يده إليه قال إنا لله وإنا إليه راجعون فقال عمر نعم إنا لله حين صار يلي هذه الأمة أنا وأنت ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس إني لست بفارض ولكني منفذ ولست بمبتدع ولكني متبع وإن من حولكم من الأمصار إن أطاعوا كما أطعتم فأنا واليكم وإن هم أبوا فلست لكم بوال ثم نزل فأتاه صاحب المراكب فقال لا ائتوني بدابتي ثم كتب إلى عمال الأمصار قال رجاء كنت أظن أنه سيضعف فلما رأيت صنعه في الكتاب علمت أنه سيقوى.

قال عمرو بن مهاجر صلى عمر المغرب ثم صلى على سليمان قال ابن إسحاق مات سليمان يوم الجمعة عاشر صفر سنة تسع وتسعين.

قال خالد بن مرداس حدثنا الحكم بن عمر شهدت عمر بن عبد العزيز حين جاءه أصحاب مراكب الخلافة يسألونه العلوفة ورزق خدمها قال ابعث بها إلى أمصار الشام يبيعونها واجعل أثمانها في مال الله تكفيني بغلتي هذه الشهباء.

(468)

عقر: فاجأهُ الدهشة والرَّوْع.

ص: 453

وعن الضحاك بن عثمان قال لما انصرف عمر بن عبد العزيز عن قبر سليمان قدموا له مراكب سليمان فقال:

فلولا التقى ثم النهى خشية الردى

لعاصيت في حب الصبى كل زاجر

قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى

له صبوة أخرى الليالي الغوابر

لا قوة إلا بالله.

سفيان بن وكيع حدثنا ابن عيينة عن عمر بن ذر أن مولى لعمر بن عبد العزيز قال له بعد جنازة سليمان مالي أراك مغتما؟ قال لمثل ما أنا فيه فليغتم ليس أحد من الأمة إلا وأنا أريد أن أوصل إليه حقه غير كاتب إلي فيه ولا طالبه مني.

قال عبيد الله بن عمر خطبهم عمر فقال لست بخير أحد منكم ولكني أثقلكم حملاً.

أيوب بن سويد حدثنا يونس عن الزهري قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم ليكتب إليه بسيرة عمر في الصدقات فكتب إليه بذلك وكتب إليه إنك إن عملت بمثل عمل عمر في زمانه ورجاله في مثل زمانك ورجالك كنت عند الله خيراً من عمر.

قلت هذا كلام عجيب أنى يكون خيراً من عمر؟ حاشى وكلا ولكن هذا القول محمول على المبالغة وأين عز الدين بإسلام عمر؟ وأين شهوده بدراً؟ وأين فرق الشيطان من عمر؟ وأين فتوحات عمر شرقاً وغرباً؟ وقد جعل الله لكل شيء قدراً.

حماد بن زيد عن أبي هاشم أن رجلاً جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وأبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله فإذا رجلان يختصمان وأنت بين يديه فقال لك يا عمر إذا عملت فاعمل بعمل هذين فاستحلفه بالله لرأيت؟ فحلف له فبكى.

قال ميمون بن مهران إن الله كان يتعاهد الناس بنبي بعد نبي وإن الله تعاهد الناس بعمر بن عبد العزيز.

قال حماد بن أبي سليمان لما ولي عمر بن عبد العزيز بكى فقال له رجل كيف حبك للدنيا والدرهم قال لا أحبه قال لا تخف فإن الله سيعينك.

يعقوب الفسوي حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى حدثني أبي عن جدي قال كنت أنا وابن أبي زكريا بباب عمر بن عبد العزيز فسمعنا بكاء فقيل خير أمير المؤمنين

ص: 454

امرأته بين أن تقيم في منزلها وعلى حالها وأعلمها أنه قد شغل بما في عنقه عن النساء وبين أن تلحق بمنزل أبيها فبكت فبكت جواريها.

جرير عن مغيرة قال كان لعمر بن عبد العزيز سمار يستشيرهم فكان علامة ما بينهم إذا أحب أن يقوموا قال إذا شئتم.

وعنه أنه خطب وقال والله إن عبدا ليس بينه وبين آدم أب إلا قد مات لمعرق له في الموت.

جرير عن مغيرة قال جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم ويزوج منها أيمهم وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى فكانت كذلك حياة أبي بكر وعمر عملا فيها عمله ثم أقطعها مروان ثم صارت لي فرأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته ليس لي بحق وإني اشهدكم أني قد رددتها على ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الليث بدأ عمر بن عبد العزيز بأهل بيته فأخذ ما بأيديهم وسمى أموالهم مظالم ففزعت بنو أمية إلى عمته فاطمة بنت مروان فأرسلت إليه إني قد عناني أمر فأتته ليلا فأنزلها عن دابتها فلما أخذت مجلسها قال يا عمة أنت أولى بالكلام قالت تكلم يا أمير المؤمنين قال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة ولم يبعثه عذابا واختار له ما عنده فترك لهم نهرا شربهم سواء ثم قام أبو بكر فترك النهر على حاله ثم عمر فعمل عمل صاحبه ثم لم يزل النهر يشتق منه يزيد ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان حتى أفضى الأمر إلي وقد يبس النهر الأعظم ولن يروي أهله حتى يعود إلى ما كان عليه فقالت حسبك فلست بذاكرة لك شيئاً ورجعت فأبلغتهم كلامه.

وعن ميمون بن مهران سمعت عمر بن عبد العزيز يقول لو أقمت فيكم خمسين عاماً ما استكملت فيكم العدل إني لأريد الأمر من أمر العامة فأخاف ألا تحمله قلوبهم فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا.

ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قلت: لطاووس هو المهدي يعني عمر بن عبد العزيز قال هو المهدي وليس به إنه لم يستكمل العدل كله.

قال ابن عون كان ابن سيرين إذا سئل عن الطلاء قال نهى عنه إمام هدى يعني عمر بن عبد العزيز.

ص: 455

قال حرملة سمعت الشافعي يقول الخلفاء خمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز وفي رواية الخلفاء الراشدون وورد عن أبي بكر بن عياش نحوه وروى عباد بن السماك عن الثوري مثله.

أبو المليح عن خصيف قال رأيت في المنام رجلاً وعن يمينه وشماله رجلان إذ أقبل عمر بن عبد العزيز فأراد أن يجلس بين الذي عن يمينه وبينه فلصق صاحبه فجذبه الأوسط فأقعده في حجره فقلت من هذا قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وهذا عمر.

عبد الرحمن بن زيد عن عمر بن أسيد قال والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون فما يبرح يرجع بماله كله قد أغنى عمر الناس.

قال جويرية بن أسماء دخلنا على فاطمة بنت الإمام علي فأثنت على عمر بن عبد العزيز وقالت فلو كان بقي لنا ما احتجنا بعد إلى أحد.

وعن ضمرة قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله أما بعد فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم فاذكر قدرة الله تعالى عليك ونفاد ما تأتي إليهم وبقاء ما يأتون إليك.

عمر بن ذر حدثني عطاء بن أبي رباح قال حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه يده على خده سائلة دموعه فقلت يا أمير المؤمنين ألشيء حدث؟ قال يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب المأسور والكبير وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم وأن خصمهم دونهم محمد صلى الله عليه وسلم فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت.

وروى حماد بن النضر عن محمد بن المنكدر عن عطاء عنها نحوه وقال حدثتني بعد وفاة عمر.

قال الفريابي حدثنا الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته وعنده أشراف بني أمية فقال أتحبون أن أولي كل رجل منكم جندا من هذه الأجناد فقال له رجل منهم لم تعرض علينا ما لا تفعله؟ قال ترون بساطي هذا إني لأعلم أنه يصير إلى بلى وإني أكره

ص: 456

أن تدنسوه علي بأرجلكم فكيف أوليكم ديني؟ وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم؟ هيهات هيهات قالوا لم أما لنا قرابة أما لنا حق؟ قال ما أنتم وأقصى رجل من المسلمين عندي في هذا الأمر إلا سواء إلا رجل حبسه عني طول شقة

(469)

.

يحيى بن أبي غنية عن حفص بن عمر بن أبي الزبير قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم أن أدق قلمك وقارب بين أسطرك فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به.

قال ميمون بن مهران أقمت عند عمر بن عبد العزيز ستة أشهر ما رأيته غير رداءه كان يغسل من الجمعة إلى الجمعة ويبين بشيء من زعفران.

الثوري عن عمر بن سعيد بن أبي حسين قال كان مؤذن لعمر بن عبد العزيز إذا أذن رعد فبعث إليه أذن أذانا سمحا ولا تغنه وإلا فاجلس في بيتك.

وروى عمر بن ميمون عن أبيه ما زلت ألطف في أمر الأمة أنا وعمر بن عبد العزيز حتى قلت: له ما شأن هذه الطوامير

(470)

التي تكتب فيها بالقلم الجليل وهي من بيت المال فكتب إلى الآفاق بتركه فكانت كتبه نحو شبر.

قال حميد الطويل أمل علي الحسن رسالة إلى عمر بن عبد العزيز فأبلغ ثم شكى الحاجة والعيال فقلت يا أبا سعيد لا تهجن الكتاب بالمسألة اكتب هذا في غير ذا قال دعنا منك فأمر بعطائه قال قلت: يا أبا سعيد اكتب إليه في المشورة فإن أبا قلابة قال كان جبريل ينزل بالوحي فما منعه عليه السلام ذلك أن أمره الله بالمشورة فقال نعم فكتب بالمشورة فأبلغ رواه حماد بن سلمة عنه.

خلف بن تميم حدثنا عبد الله بن محمد عن الأوزاعي قال كتب إلينا عمر بن عبد العزيز رسالة لم يحفظها غيري وغير مكحول أما بعد فإنه من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه والسلام.

وقال الأوزاعي كان عمر بن عبد العزيز إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثا ثم عاقبه كراهية أن يعجل في أول غضبه.

معاوية بن صالح حدثنا سعيد بن سويد أن عمر بن عبد العزيز صلى بهم الجمعة ثم

(469)

الشُّقة: السفر الطويل البعيد.

(470)

الطَّامور والطُّومار: الصَّحيفة.

ص: 457

جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه فقال له رجل يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك فلو لبست فقال أفضل القصد عند الجدة وأفضل العفو عند المقدرة.

قال جويرية بن أسماء قال عمر بن عبد العزيز إن نفسي تواقة وإنها لم تعط من الدنيا شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا تاقت إلى ما هو أفضل منه يعني الجنة.

قال حماد بن واقد سمعت مالك بن دينار يقول الناس يقولون عني زاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.

الفسوي حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى حدثني أبي عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال دعاني المنصور فقال كم كانت غلة عمر ابن عبد العزيز حين استخلف قلت: خمسون ألف دينار قال كم كانت يوم موته؟ قلت: مئتا دينار.

وعن مسلمة بن عبد الملك قال دخلت على عمر وقميصه وسخ فقلت لامرأته وهي أخت مسلمة اغسلوه قالت نفعل ثم عدت فإذا القميص على حاله فقلت لها فقالت والله ماله قميص غيره.

وروى إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين.

وروى سعيد بن عامر الضبعي عن عون بن المعتمر أن عمر بن عبد العزيز قال لإمرأته عندك درهم أشتري به عنبا؟ قالت لا قال فعندك فلوس؟ قالت لا أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم قال هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم.

مروان بن معاوية عن رجل قال كان سراج بيت عمر بن عبد العزيز على ثلاث قصبات فوقهن طين.

عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أزهر صاحب له قال رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب بخناصرة وقميصه مرقوع.

قال مروان بن محمد حدثنا محمد بن مهاجر حدثني أخي عمرو أن عمر بن عبد العزيز كان يلبس برد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ قضيبه في يده يوم العيد.

وقال معرف بن واصل رأيت عمر بن عبد العزيز قدم مكة وعليه ثوبان أخضران.

ص: 458

وقال الوليد بن أبي السائب كان لعمر بن عبد العزيز جبة خز غبراء وجبة خز صفراء وكساء خز ثم ترك ذلك.

قال الواقدي حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عمرو بن مهاجر رأيت عمر بن عبد العزيز يخطب الأولى جالسا وبيده عصا قد عرضها على فخذه يزعمون أنها عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فرغ من خطبته سكت ثم قام فخطب الثانية متوكئا عليها فإذا مل لم يتوكأ وحملها حملا فإذا دخل في الصلاة وضعها إلى جنبه.

وفي الزهد لابن المبارك أخبرنا إبراهيم بن نشيط حدثنا سليمان بن حميد عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع أنه دخل على فاطمة بنت عبد الملك فقال ألا تخبريني عن عمر؟ قالت ما أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا احتلام منذ استخلف.

قال يحيى بن حمزة حدثنا عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبد العزيز كان تسرج عليه الشمعة ما كان في حوائج المسلمين فإذا فرغ أطفأها وأسرج عليه سراجه.

وقال مالك أتي عمر بن عبد العزيز بعنبرة فأمسك على أنفه مخافة أن يجد ريحها وعنه أنه سد أنفه وقد أحضر مسك من الخزائن.

خالد بن مرداس حدثنا الحكم بن عمر قال كان لعمر ثلاث مئة حرسي وثلاث مئة شرطي فشهدته يقول لحرسه إن لي عنكم بالقدر حاجزاً وبالأجل حارسا من أقام منكم فله عشرة دنانير ومن شاء فليلحق بأهله.

عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا خالد بن يزيد عن جعونة قال دخل رجل على عمر بن عبد العزيز فقال يا أمير المؤمنين إن من قبلك كانت الخلافة لهم زينا وأنت زين الخلافة فأعرض عنه.

وعن عبد العزيز بن عمر: قال لي رجاء بن حيوة ما أكمل مروءة أبيك سمرت عنده فغشي السراج وإلى جانبه وصيف نام قلت: ألا أنبهه؟ قال لا دعه قلت: أنا أقوم قال لا ليس من مروءة الرجل استخدامه ضيفه فقام إلى بطة الزيت وأصلح السراج ثم رجع وقال قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز.

وكان رحمه الله فصيحا مفوها فروى حماد بن سلمة عن رجاء الرملي عن نعيم بن عبد الله كاتب عمر بن عبد العزيز أن عمر قال إنه ليمنعني من كثير من الكلام مخافة المباهاة.

ص: 459

جرير بن حازم عن مغيرة بن حكيم قالت فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز حدثنا مغيرة أنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياما من عمر بن عبد العزيز وما رأيت أحداً أشد فرقاً من ربه منه كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ثم يرفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه ثم يتنبه فلا يزال يدعو رافعا يديه يبكي حتى تغلبه عينه يفعل ذلك ليله أجمع.

ابن المبارك عن هشام بن الغاز عن مكحول لو حلفت لصدقت ما رأيت أزهد ولا أخوف لله من عمر بن عبد العزيز.

قال النفيلي حدثنا النضر بن عربي قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فكان ينتفض أبداً كأن عليه حزن الخلق.

الفسوي حدثنا إبراهيم بن هشام الغساني حدثنا أبي عن جدي عن ميمون بن مهران قال لي عمر بن عبد العزيز حدثني فحدثته فبكى بكاء شديدا فقلت لو علمت لحدثتك ألين منه فقال إنا نأكل العدس وهي ما علمت مرقة للقلب مغزرة للدمعة مذلة للجسد.

حكام بن سلم عن أبي حاتم قال لما مرض عمر بن عبد العزيز جيء بطبيب فقال به داء ليس له دواء غلب الخوف على قلبه.

وعن عطاء قال كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون.

وقيل كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل إنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بغض إليك كل فان وحبب إليك كل باق والسلام.

ومن شعره:

من كان حين تصيب الشمس جبهته

أو الغبار يخاف الشين والشعثا

ويألف الظل كي تبقى بشاشته

فسوف يسكن يوماً راغماً جدثا

في قعر مظلمة غبراء موحشة

يطيل في قعرها تحت الثرى اللبثا

تجهزي بجهاز تبلغين به

يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

قال سعيد ين أبي عروبة كان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله.

ومما روي له:

ص: 460

ولا خير في عيش امرئ لم يكن له

من الله في دار القرار نصيب

فإن تعجب الدنيا أناسا فإنها

متاع قليل والزوال قريب

ومما روي له:

أيقظان أنت اليوم أم أنت نائم؟

وكيف يطيق النوم حيران هائم

فلو كنت يقظان الغداة لخرقت

مدامع عينيك الدموع السواجم

تسر بما يبلى وتفرح بالمنى

كما اغتر باللذات في اليوم حالم

نهارك يا مغرور سهو وغفلة

وليلك نوم والردى لك لازم

وسعيك فيما سوف تكره غبه

كذلك في الدنيا تعيش البهائم

وعن وهيب بن الورد قال كان عمر بن عبد العزيز يتمثل كثيراً بهذه:

يرى مستكينا وهو للهو ماقت

به عن حديث القوم ما هو شاغله

وأزعجه علم عن الجهل كله

وما عالم شيئاً كمن هو جاهله

عبوس عن الجهال حين يراهم

فليس له منهم خدين يهازله

تذكر ما يبقى من العيش آجلاً

فأشغله عن عاجل العيش آجله

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر سمع عمير بن هانئ يقول دخلت على عمر بن عيد العزيز فقال لي كيف تقول في رجل رأى سلسلة دليت من السماء فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلق بها فصعد ثم جاء أبو بكر فتعلق بها فصعد ثم جاء عمر فتعلق بها فصعد ثم جاء عثمان فتعلق بها فانقطعت فلم يزل حتى وصل ثم صعد ثم جاء الذي رأى هذه الرؤيا فتعلق بها فصعد فكان خامسهم قال عمير فقلت في نفسي هو هو ولكنه كنى عن نفسه قلت: يحتمل أن يكون الرجل عليا وما أمكن الرأي يفصح به لظهور النصب إذ ذاك.

قال معاوية بن يحيى: حدثنا أرطاة قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: لو جعلت على طعامك أمينا لا تغتال وحرسيا إذا صليت وتنح عن الطاعون قال اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يوما دون يوم القيامة فلا تؤمن خوفي.

قال علي بن أبي حملة عن الوليد بن هشام قال لقيني يهودي فقال إن عمر بن عبد العزيز سيلي ثم لقيني آخر ولاية عمر فقال إن صاحبك قد سقي فمره فليتدارك نفسه فأعلمت عمر فقال قاتله الله ما أعلمه لقد علمت الساعة التي سقيت فيها ولو كان

ص: 461

شفائي أن أمسح شحمة أذني ما فعلت وقد رواها أبو عمير بن النحاس عن ضمرة عنه فقال عن عمرو بن مهاجر بدل الوليد.

مروان بن معاوية عن معروف بن مشكان عن مجاهد قال لي عمر بن عبد العزيز ما يقول في الناس؟ قلت: يقولون مسحور قال ما أنا بمسحور ثم دعا غلاما له فقال ويحك ما حملك على أن سقيتني السم؟ قال ألف دينار أعطيتها وعلى أن أعتق قال هاتها فجاء بها فألقاها في بيت المال وقال اذهب حيث لا يراك أحد.

إسماعيل بن عياش عن عمرو بن مهاجر قال اشتهى عمر بن عبد العزيز تفاحا فأهدى له رجل من أهل بيته تفاحاً فقال ما أطيب ريحه وأحسنه وقال ارفعه يا غلام للذي أتى به وأقر مولاك السلام وقل له إن هديتك وقعت عندنا بحيث تحب فقلت يا أمير المؤمنين ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية قال ويحك إن الهدية كانت له هدية وهي اليوم لنا رشوة.

قال ابن عيينة قلت: لعبد العزيز بن عمر ما آخر ما تكلم به أبوك؟ فقال كان له من الولد أنا وعبد الله وعاصم وإبراهيم وكنا أغيلمة فجئنا كالمسلمين عليه والمودعين له فقيل له تركت ولدك ليس له مال ولم تؤوهم إلى أحد فقال ما كنت لأعطيهم ما ليس لهم وما كنت لآخذ منهم حقا هو لهم وإن وليي الله فيهم الذي يتولى الصالحين إنما هم أحد رجلين صالح أو فاسق وقيل إن الذي كلمه فيهم خالهم مسلمة.

وروى حماد بن زيد عن أيوب قال قيل لعمر بن عبد العزيز يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينة فإن قضى الله موتا دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأن يعذبني الله بغير النار أحب إلي من أن يعلم من قلبي أني أراني لذلك أهلاً".

وروى ابن شوذب عن مطر مثله.

وعن ليث بن أبي رقية أن عمر بن عبد العزيز قال أجلسوني فأجلسوه فقال أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني فعصيت ثلاثا ولكن لا إله إلا الله ثم أحد النظر وقال إني لأرى خضرة ما هم بإنس ولا جن ثم قبض وروى نحوها أبو يعقوب الخطابي عن السري بن عبيد الله.

وقال المغيرة بن حكيم قلت: لفاطمة بنت عبد الملك كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه يقول اللهم أخف عليهم أمري ولو ساعة قالت قلت: له ألا أخرج عنك فإنك لم تنم فخرجت فجعلت أسمعه يقول: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في

ص: 462

الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين". القصص مرارا ثم أطرق فلبثت طويلا لا يسمع له حس فقلت لوصيف ويحك انظر فلما دخل صاح فدخلت فوجدته ميتا قد أقبل بوجهه على القبلة ووضع إحدى يديه على فيه والأخرى على عينيه سمعها جرير بن حازم منه.

عن عبيد بن حسان قال لما احتضر عمر بن عبد العزيز قال اخرجوا عني فقعد مسلمة وفاطمة على الباب فسمعوه يقول مرحبا بهذه الوجوه ليست بوجوه إنس ولا جان ثم تلا: "تلك الدار الآخرة نجعلها". الآية ثم هدأ الصوت فقال مسلمة لفاطمة قد قبض صاحبك فدخلوا فوجدوه قد قبض.

هشام بن حسان عن خالد الربعي قال إنا نجد في التوراة أن السماوات والأرض تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين صباحاً.

وقال هشام لما جاء نعيه إلى الحسن قال مات خير الناس.

قال أبو إسحاق الجوزجاني حدثنا محمد بن سعيد القرشي حدثنا محمد بن مروان العقيلي حدثنا يزيد أن الوفد الذين بعثهم عمر بن عبد العزيز إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام قال فلما بلغه قدومنا تهيأ لنا وأقام البطارقة على رأسه والنسطورية واليعقوبية

(471)

إلى أن قال فأتاني رسوله أن أجب فركبت ومضيت فإذا أولئك قد تفرقوا عنه وإذا البطارقة قد ذهبوا ووضع التاج ونزل عن السرير فقال أتدري لم بعثت إليك قلت: لا قال إن صاحب مسلحتي كتب إلي أن الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز مات قال فبكيت واشتد بكائي وارتفع صوتي فقال لي ما يبكيك؟ ألنفسك تبكي أم له أم لأهل دينك؟ قلت: لكل أبكي قال فابك لنفسك ولأهل دينك فأما عمر فلا تبك له فإن الله لم يكن ليجمع عليه خوف الدنيا وخوف الآخرة ثم قال ما عجبت لهذا الراهب الذي تعبد في صومعته وترك الدنيا ولكن عجبت لمن أتته الدنيا منقادة حتى صارت في يده ثم خلى عنها.

ابن وهب عن مالك أن صالح بن علي الأمير سأل عن قبر عمر بن عبد العزيز فلم

(471)

النسطورية: هم أصحاب نسطور الحكيم، الذي ظهر في زمان المأمون، وتصرف في الأناجيل برأيه.

واليعقوبية: هم أصحاب رجل يدعى يعقوب، يقولون بالأقاليم الثلاثة إلَّا أنهم قالوا: انقلبت الكلمة لحمًا ودمًا فصار الإله هو المسيح، وهو الظاهر بجسده، بل هو هو. قاله الشهرستاني في "الملل والنحل"(1/ 224 - 228).

ص: 463

يجد من يخبره حتى دل على راهب فسأله فقال قبر الصديق تريدون؟ هو في تلك المزرعة.

ابن سعد أخبرنا محمد بن عمر حدثنا محمد بن مسلم بن جماز عن عبد الرحمن بن محمد قال أوصى عمر بن عبد العزيز عند الموت فدعا بشعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وأظفار من أظفاره فقال اجعلوه في كفني.

وعن رجاء بن حيوة قال لي عمر بن عبد العزيز كن فيمن يغسلني وتدخل قبري فإذا وضعتموني في لحدي فحل العقد ثم انظر إلى وجهي فإني قد دفنت ثلاثة من الخلفاء كلهم إذا أنا وضعته في لحده حللت العقد ثم نظرت إليه فإذا وجهه مسود إلى غير القبلة قال رجاء فدخلت القبر وحللت العقد فإذا وجهه كالقراطيس في القبلة إسنادها مظلم وهي في طبقات ابن سعد.

وروى ابن سعد وإسحاق بن سيار عن عباد بن عمر الواشحي المؤذن حدثنا مخلد بن يزيد وكان فاضلاً خيراً عن يوسف بن ماهك قال بينا نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز إذاسقط علينا كتاب رق من السماء فيه بسم الله الرحمن الرحيم أمان من الله لعمر بن عبد العزيز من النار.

قلت مثل هذه الآية لو تمت لنقلها أهل ذاك الجمع ولما انفرد بنقلها مجهول مع أن قلبي منشرح للشهادة لعمر أنه من أهل الجنة.

قال ابن المبارك أخبرني ابن لهيعة قال وجدوا في بعض الكتب تقتله خشية الله يعني عمر بن عبد العزيز.

محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة أن عمر بن عبد العزيز اشترى موضع قبره قبل أن يموت بعشرة دنانير.

ولكثير عزة يرثيه:

عمت صنائعه فعم هلاكه

فالناس فيه كلهم مأجور

والناس مأتمهم عليه واحد

في كل دار رنة وزفير

يثني عليك لسان من لم توله

خيراً لأنك بالثناء جدير

ردت صنائعه عليه حياته

فكأنه من نشرها منشور

روى خليفة بن خياط وغيره أن عمر بن عبد العزيز مات يوم الجمعة لخمس بقين من

ص: 464

رجب سنة إحدى ومئة بدير سمعان من أرض حمص قال وإنما هو من أرض المعرة ولكن المعرة كانت من أعمال حمص هي وحماة وعاش تسعا وثلاثين سنة ونصفاً.

وقال جعفر الصادق عن سفيان بن عاصم إنه مات لخمس مضين من رجب يوم الخميس ودفن بدير سمعان وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك.

قال وكان أسمر دقيق الوجه حسنه نحيف الجسم حسن اللحية بجبهته شجة.

وقال أبو عمر الضرير مات بدير سمعان من أرض حمص يوم الجمعة لعشر بقين من رجب وله تسع وثلاثون سنة ونصف.

وقال طائفة في رجب لم يذكروا اليوم وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأياماً.

قال سليمان بن عمير الرقي حدثنا أبو أمية الخصي غلام عمر بن عبد العزيز قال بعثني عمر بدينارين إلى أهل الدير فقال إن بعتموني موضع قبري وإلا تحولت عنكم.

قال هشام بن الغاز نزلنا منزلا مرجعنا من دابق فلما ارتحلنا مضى مكحول ولم نعلم أين يذهب فسرنا كثيراً حتى جاء فقلنا أين ذهبت قال أتيت قبر عمر بن عبد العزيز وهو على خمسة أميال من المنزل فدعوت له ثم قال لو حلفت ما استثنيت ما كان في زمانه أحد أخوف لله ولا أزهد في الدنيا منه.

قال الحكم بن عمر الرعيني رأيت عمر بن عبد العزيز يصلي في نعلين وسراويل وكان لايحفي شاربه ورأيته يبدأ بالخطبة قبل العيدين ثم ينزل فيصلي وشهدت عمر بن عبد العزيز كتب إلى أصحاب الطرز لا تجعلوا سدى الخز إلا من قطن ولا تجعلوا فيه إبريسم وصليت معه فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة يقرؤها وصليت خلفه الفجر فقنت قبل الركوع ورأيته يأتي العيدين ماشيا ويرجع ماشيا ورأيت خاتمه من فضة وفصه من فضة مربع فهذه الفوائد من نسخة خالد بن مرداس سمعها من الحكم.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن المؤيد الطوسي أخبرنا محمد بن المفضل أخبرنا عبد الغافر الفارسي أخبرنا محمد بن عمرويه أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا مسلم بن الحجاج حدثني عمرو الناقد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن سهيل بن أبي صالح قال كنا بعرفة فمر عمر بن عبد العزيز وهو على الموسم فقام الناس ينظرون إليه فقلت لأبي يا أبة إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز قال وما ذاك؟ قلت: لما له من الحب في قلوب الناس قال سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث جرير عن سهيل وهو: "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني

ص: 465

أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض"

(472)

.

سعيد بن بن منصور حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه ان حيان بن شريح عامل مصر كتب إلى عمر بن عبد العزيز ان أهل الذمة قد أشرعوا في الإسلام وكسروا الجزية فكتب إليه إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم داعيا ولم يبعثه جابيا فإذا أتاك كتابي فإن كان أهل الذمة أشرعوا في الإسلام وكسروا الجزية فاطو كتابك وأقبل.

ابن وهب حدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز ذكر بعض ما مضى من العدل والجور فقال هشام بن عبد الملك إنا والله لا نعيب أبانا ولا نضع شرفنا فقال عمر أي عيب أعيب ممن عابه القرآن.

قال ابن عيينة قال رجل لعمر بن عبد العزيز جزاك الله عن الإسلام خيراً قال بل جزى الله الإسلام عني خيراً.

ابن سعد أخبرنا علي بن محمد عن لوط بن يحيى قال كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلا رضي الله عنه فلما ولي هو أمسك عن ذلك فقال كثير عزة الخزاعي:

وليت فلم تشتم عليا ولم تخف

بريا ولم تتبع مقالة مجرم

تكلمت بالحق المبين وإنما

تبين آيات الهدى بالتكلم

فصدقت معروف الذي قلت: بالذي

فعلت فأضحى راضياً كل مسلم

لجرير:

لو كنت أملك والأقدار غالبة

تأتي رواحا وتبيانا وتبتكر

رددت عن عمر الخيرات مصرعه

بدير سمعان لكن يغلب القدر

ولعمر بن عبد العزيز من الولد ابنه عبد الملك الذي توفي قبله وعبد الله الذي ولي العراق وعبد العزيز الذي ولي الحرمين وعاصم وحفص وإسماعيل وعبيد الله وإسحاق ويعقوب ويزيد وإصبغ والوليد وزبان وآدم وإبراهيم فأم إبراهيم كلبية وسائرهم لعلات

(473)

.

ومات معه في سنة إحدى ومئة

(472)

صحيح: تقدَّم تخريجنا له قريبًا منذ صفحات بتعليقنا رقم (467) فراجعه ثمَّت.

(473)

أولاد العَلَّات: أبوهم واحد، وإن كانت أمهاتهم شتَّى، يريد أن أصل دين الأنبياء واحد، وإن كانت شرائعهم مختلفة. وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد عَلَّات ليس بينى وبينه نبى". =

ص: 466

عمه الأمير:

‌664 - محمد بن مروان ابن الحكم الأموي أمير الجزيرة

(474)

حدث عن أبيه روى عنه ابنه مروان الحمار والزهري وكان مفرط القوى شديد البأس موصوفاً بالشجاعة كان أخوه عبد الملك يغبطه على ذلك ويحسده وربما قابله بما يكره فغضب وتجهز للرحيل إلى أرمينية وأتى يودع أخاه الخليفة فقال أقسمت عليك إلا ما أقمت فلن ترى بعدها ما تكره وله حروب ومصافات

(475)

مشهودة مع نصارى الروم وأمه أم ولد.

‌665 - عبد العزيز

(476)

ابن الخليفة الوليد بن عبد الملك أبو الأصبغ الأموي وهو ابن أخت عمر بن عبد العزيز ولي نيابة دمشق وعزم أبوه على خلع أخيه سليمان من ولاية العهد ليولي ابنه هذا وأراد على ذلك آله فامتنع عمر بن عبد العزيز وقال لسليمان في أعناقنا بيعة فغضب الوليد وطين على عمر ثم فتح عليه بعد ثلاث وقد ذبل ومالت عنقه وقيل خنق بمنديل حتى صاحت أم البنين أخت الوليد فلذلك شكر سليمان لعمر وأعطاه الخلافة من بعده.

وقد حج عبد العزيز بالناس وغزا الروم وكان لبيباً عاقلاً دعا إلى نفسه بالخلافة فلما سمع باستخلاف خاله سكن ودخل في الطاعة.

‌666 - عبد الحميد

(477)

ع

ابن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب الإمام الثقة الأمير العادل أبو عمر العدوي الخطابي المدني الأعرج وله أخوان أسيد وعبد العزيز ولي إمرة الكوفة لعمر بن عبد العزيز.

= أخرجه أحمد (2/ 473، 482)، والبخاري (3443) واللفظ له عن أبي هريرة مرفوعًا، وأخرجه أحمد (2/ 319)، ومسلم (2365)(145)، والبغوي (3619) من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن همام ابن مُنبِّه، عن أبي هريرة، به.

(474)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 86)، العبر (1/ 121)، ميزان الاعتدال (4/ 33)، لسان الميزان (5/ 375)، شذرات الذهب (1/ 121).

(475)

مصافات: جمع مصاف وهى مواضع الحروب التى يُصَفُّ فيها الصفوف.

(476)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 146).

(477)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 1650)، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 375) و (2/ 584)، الجرح والتعديل (6/ 77)، الكاشف (2/ترجمة 3153)، تاريخ الإسلام (4/ 271)، تهذيب التهذيب (6/ 119)، خلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3986).

ص: 467

وروى عن ابن عباس ومحمد بن سعد ومسلم بن يسار ومقسم.

حدث عنه ابناه عمر وزيد والزهري وزيد بن أبي أنيسة وطائفة آخرهم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

وثقه ابن خراش وغيره روى المدائني عن يعقوب بن زيد أن عمر بن عبد العزيز أجاز عامله على الكوفة عبد الحميد بعشرة آلاف.

قلت اتفق موت عبد الحميد الخطابي بحران في سنة نيف عشرة ومئة وهو قليل الرواية كبير القدر.

‌667 - عمر بن عبد الله

(478)

ابن أبي ربيعة المخزومي شاعر قريش واسم جده عمر بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وفد على عبد الملك فامتدحه فأجازه بمال جزيل لشرفه وحسن نظمه.

وله رواية عن سعيد بن المسيب روى عنه مصعب بن شيبة وعطاف ابن خالد قيل إنه غزا البحر فاحترقت سفينتهم واحترق ونظمه فائق سائر فمنه:

ولهن بالبيت العتيق لبانة

والبيت يعرفهن لو يتكلم

لو كان حيى مثلهن ظعائنا

حيى الحطيم وجوههن وزمزم

‌668 - يزيد بن عبد الملك

(479)

الخليفة أبو خالد القرشي الأموي الدمشقي استخلف بعهد عقده له أخوه سليمان بعد عمر بن عبد العزيز وأمه هي عاتكة بنت يزيد بن معاوية ولد سنة إحدى وسبعين وكان أبيض جسيما جميلا مدور الوجه لم يتكهل.

(478)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ترجمة 641)، الأغانى لأبى الفرج (1/ 60 و 248) وفيات الأعيان (3/ ترجمة 490)، تاريخ الإسلام (4/ 161)، شذرات الذهب لابن العماد (1/ 101)، خزانة الأدب للبغدادي (1/ 240).

(479)

ترجمته في تاريخ الإسلام (4/ 212)، العبر (1/ 128)، فوات الوفيات للصفدي (4/ 322)، شذرات الذهب لابن العماد (1/ 128).

ص: 468

قال ابن جابر أقبل يزيد بن عبد الملك إلى مجلس مكحول فهممنا أن نوسع له فقال دعوه يتعلم التواضع.

ابن وهب حدثنا عبد الرحمن بن يزيد قال لما توفي عمر بن عبد العزيز قال يزيد سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز فأتى بأربعين شيخا شهدوا أن الخلفاء ما عليهم حساب ولا عذاب.

وقال ابن الماجشون وآخر إن يزيد قال والله ما عمر بن عبد العزيز بأحوج إلى الله مني فأقام أربعين يوما يسير بسيرته فتلطفت حبابة وغنته أبياتا فقال للخادم ويحك قل لصاحب الشرط يصلي بالناس وهي التي أحب يوما الخلوة معها فحذفها بعنبة وهي تضحك فوقعت في فيها فشرقت فماتت وبقيت عنده حتى أروحت واغتم لها ثم زار قبرها وقال:

فإن تسل عنك النفس أو تدع الصبى

فباليأس تسلو عنك لا بالتجلد

وكل خليل زارني فهو قائل:

من اجلك هذا هامة اليوم أو غد

ثم رجع فما خرج إلا على النعش وقيل عاش بعدها خمسة عشر يوما وكانت بديعة الحسن مجيدة للغناء لامه أخوه مسلمة من شغفه بها وتركه مصالح المسلمين فما أفاد.

وكان لا يصلح للإمامة مصروف الهمة إلى اللهو والغواني.

قيل مشى مع جارية في قصوره بعد موت حبابة فقالت جاريته:

كفى حزنا بالواله الصب أن يرى

منازل من يهوى معطلة قفرا

فصاح وخر مغشيا عليه ومات بعد أيام قيل مات بسواد الأردن ومرض بنوع من السل وقال أبو مسهر مات بإربد وقالوا مات لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومئة فكانت دولته أربعة أعوام وشهراً وعهد بالخلافة إلى أخيه هشام ثم من بعده لولده الوليد بن يزيد ذاك الفويسق وخلف أحد عشر ابنا.

ص: 469

‌669 - كثير عزة

(480)

من فحول الشعراء وهو أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي المدني امتدح عبد الملك والكبار وقال الزبير بن بكار كان شيعيا يقول بتناسخ الأرواح وكان خشبيا يؤمن بالرجعة

(481)

وكان قد تتيم بعزة وشبب بها وبعضهم يقدمه على الفرزدق والكبار ومات هو وعكرمة في يوم سنة سبع ومئة.

(480)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج (8/ 25)، وفيات الأعيان (4/ ترجمة 546)، تاريخ الإسلام (4/ 186)، شذرات الذهب (1/ 131)، خزانة الأدب للبغدادي (2/ 381).

(481)

أي يُؤمن برجعة علىٍّ إلى الدنيا.

ص: 470

‌الطبقة الثالثة من التابعين:

‌670 - معاوية بن قرة

(482)

: " ع"

ابن إياس بن هلال بن رئاب الإمام، العالم، الثبت، أبو إياس المزني، البصري، والد القاضي إياس.

حدث عن: والده. وعن: عبد الله بن مغفل، وعلي بن أبي طالب -إن صح إسناده- وابن عمر، ومعقل بن يسار، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي هريرة، وابن عباس، وعائد بن عمرو المزني، والحسن بن علي، وأنس بن مالك، وغيرهم. وعن: عبيد بن عمير الليثي، وكهمس صاحب عمر، وطائفة.

حدث عنه: ابنه؛ إياس، ومنصور بن زاذان، وقتادة، ومطر الوراق، وثابت البناني، وزيد العمي، وعروة بن عبد الله بن قشير، ومعلى بن زياد، وخالد بن ميسرة، وخالد بن أبي كريمة، وبسطام بن مسلم، وخالد الحذاء، وقرة بن خالد، وشعبة، والقاسم الحداني، ومالك بن مغول، وحماد بن يحيى الأبح، وأبو عوانة، وحفيده؛ المستنير بن أخضر بن معاوية، وخلق كثير، حتى إن شهر بن حوشب روى عنه.

وثقه ابن معين، والعجلي، وأبو حاتم، وابن سعد، والنسائي.

(482)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 221)، التاريخ الكبير (7/ترجمة 1413)، الكنى للدولابي (1/ 115)، الجرح والتعديل (8/ترجمة 1734)، العبر (1/ 234)، الكاشف (3/ترجمة 5632)، تاريخ الإسلام (4/ 304)، تهذيب التهذيب (10/ 216)، خلاصة الخزرجي (3/ترجمة 7089)، شذرات الذهب (1/ 147).

ص: 470

روى مطر الأعنق، عن معاوية بن قرة، قال: لقيت كثيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم من مزينة: خمسة وعشرون رجلا.

وروى أبو طلحة شداد بن سعيد الراسبي، عن معاوية: أدركت ثلاثين من الصحابة، ليس فيهم إلَّا من طعن أو طعن، أو ضَرب أو ضُرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال تمام بن نجيح، عن معاوية بن قرة، قال: أدركت سبعين من الصحابة لو خرجوا فيكم اليوم، ما عرفوا شيئا مما أنتم فيه إلَّا الأذان.

حماد بن سلمة: حدثنا حجاج الأسود: أن معاوية بن قرة قال: من يدلني على رجل بكاء بالليل، بسام بالنهار.

وروى عون بن موسى، عن معاوية بن قرة، قال: بكاء العمل أحب إلي من بكاء العين.

وروى علي بن المبارك، عن معاوية بن قرة، قال: لا تجالس بعلمك السفهاء، ولا تجالس بسفهك العلماء.

أسد بن موسى، عن عون بن موسى: سمعت معاوية بن قرة يقول: لأن لا يكون في نفاق أحب إلي من الدنيا وما فيها، كان عمر يخشاه وآمنه أنا?!.

قيل: مولد معاوية يوم الجمل.

وقال خليفة بن خياط: مات سنة ثلاث عشرة ومائة. وقال يحيى بن معين: مات هو ابن ست وسبعين سنة.

ابنه:

ص: 471

‌671 - إياس بن معاوية

(1)

:

قاضي البصرة، العلامة، أبو واثلة.

يروي عن: أبيه وأنس، وابن المسيب، وسعيد بن جبير.

وعنه: خالد الحذاء وشعبة، وحماد بن سلمة ومعاوية بن عبد الكريم الضائع، وغيرهم، وكان يضرب به المثل في الذكاء، والدهاء والسؤدد، والعقل قلما رُوي عنه

وقد وثقه: ابن معين. له شيء في مقدمة "صحيح مسلم". واستوعب شيخنا المزي أخباره في "تهذيبه" وابن عساكر قبله. توفي: سنة إحدى وعشرين ومائة، كهلا.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "3/ 123"، وفيات الأعيان "1/ ترجمة 105"، ميزان الاعتدال "1/ 283"، شذرات الذهب "1/ 160".

ص: 471

‌672 - مكحول

(1)

: " م، (4) "

عالم أهل الشام: يكنى: أبا عبد الله. وقيل: أبو أيوب. وقيل: أبو مسلم الدمشقي، الفقيه، وداره بطرف سوق الأحد.

أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث. وأرسل عن عدة من الصحابة؛ لم يدركهم؛ كأبي بن كعب، وثوبان، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وأبي ثعلبة الخشني، وأبي جندل بن سهيل، وأبي هند الداري وأم أيمن وعائشة وجماعة.

وروى أيضًا عن طائفة من قدماء التابعين، ما أحسبه لقيهم؛ كأبي مسلم الخولاني ومسروق، ومالك بن يخامر، وحدث عن واثلة بن الأسقع، وأبي أمامة الباهلي، وأنس بن مالك، ومحمود بن الربيع، وشرحبيل بن السمط، وسعيد بن المسيب، وعبد الله بن محيريز وجبير بن نفير، وأم الدرداء وطاوس، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وكثير بن مرة، وأبي إدريس الخولاني وأبي أسماء، الرحبي ووقاص بن ربيعة وكريب وغضيف بن الحارث وعنبسة بن أبي سفيان، ويبعد أنه لقيه وأبي سلام الأسود، وأبي الشمال بن ضباب، وأبي مرة الطائفي، وقبيصة بن ذؤيب، وقزعة بن يحيى، وعبد الرحمن بن غنم وينزل إلى أن يروي عن عمرو بن شعيب ونحوه.

حدث عنه: الزهري، وربيعة، الرأي وزيد بن واقد وسليمان بن موسى وأيوب بن موسى، وعامر الأحول، وقيس بن سعد، وابن عون، وابن عجلان، وإسماعيل بن أمية، وبحير بن سعيد، وثابت بن ثوبان، وبرد بن سنان، وتميم بن عطية، وثور بن يزيد، وصفوان بن عمرو، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ويزيد بن يزيد بن جابر، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطاة، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وسعيد بن عبد العزيز، وأبو معيد حفص بن غيلان، وأبو عمرو الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد، بن جابر وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وعبد القدوس، بن حبيب، وعكرمة بن عمار، وعلي بن أبي حملة ومحمد بن راشد

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 453"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2008"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1867"، تذكرة الحفاظ "1/ 107"، تاريخ الإسلام "5/ 3"، تهذيب التهذيب "10/ 289"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7187"، شذرات الذهب "1/ 146"، النجوم الزاهرة "1/ 272"، حسن المحاضرة "1/ 119".

ص: 472

المكحولي، ومحمد بن عبد الله الشعيثي، ومعاوية بن يحيى الصدفي، وهشام بن الغاز، وخلق سواهم، ذكرهم صاحب "التهذيب" شيخنا، وذكر فيهم: الهيثم بن حميد، فوهم وإنما روى عن أصحاب مكحول، وكان يفتي بقوله ويدريه.

واختلف في ولاء "مكحول: فقيل: مولى امرأة هذلية، وهو أصح وقيل: مولى امرأة أموية. وقيل: كان لسعيد بن العاص، فوهبه للهذلية فأعتقته وكان نوبيا. وقيل: من سبي كابل. وقيل: من الأبناء

(1)

ولم يملك وليس هذا بشيء وقيل: أصله من هراة، وهو: مكحول بن أبي مسلم شهراب بن شاذل بن سند بن شروان بن يزدك بن يغوث بن كسرى، وأن مكحولا سبي من كابل.

عداده في أوساط التابعين، من أقران الزهري. قال أبو مسهر: لم يسمع من عنبسة. وسئل أبو مسهر: هل سمع من الصحابة? قال: سمع من أنس. قال أبو حاتم: فقلت لأبي مسهر: هل سمع من أبي هند الداري يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ فكأنه لم يلتفت إلى ذلك، فقلت له: فواثلة بن الأسقع؟ قال: من? فقلت: حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة فكأنه أومأ برأسه.

قال ابن وهب، عن معاوية عن العلاء، عن مكحول، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع. وقال أبو عيسى الترمذي: سمع من: واثلة وأنس وأبي هند. يقال: لم يسمع من أحد من الصحابة سوى هؤلاء الثلاثة.

يونس بن بكير، عن ابن إسحاق سمعت مكحولا يقول: طفت الأرض كلها في طلب العلم.

قلت: هذا القول منه على سبيل المبالغة، لا على حقيقته.

أبو وهب الكلاعي: اسمه عبد الله بن عبيد فيما رواه: يحيى بن حمزة القاضي، عنه، عن مكحول، قال: عتقت بمصر فلم أدع بها علماإلَّا احتويت عليه فيما أرى، ثم أتيت العراق، فلم أدع بها علماإلَّا احتويت عليه فيما أرى، ثم أتيت المدينة، فلم أدع بها علما إلَّا احتويت عليه، ثم أتيت الشام فغربلتها، كل ذلك أسأل عن النفل، فلم أجد أحدًا يخبرني عنه، حتى مررت بشيخ من بني تميم يقال له: زياد بن جارية جالسا على كرسي، فسألته

(1)

الأبناء: تطلق على كل من ولد باليمن من أبناء الفرس الذين وجههم كسرى مع سيف ذي يزن.

ص: 473

فقال: حدثني حبيب بن مسلمة، قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث

(1)

.

إبراهيم بن عبد الله بن العلاء، عن أبيه عن الزهري، قال: العلماء أربعة سعيد بن المسيب بالمدينة والشعبي بالكوفة، والحسن بالبصرة، ومكحول بالشام.

وقال سعيد بن عبد العزيز: كان سليمان بن موسى يقول: إذا جاءنا العلم من الحجاز عن الزهري، قبلناه وإذا جاءنا من الشام عن مكحول، قبلناه، وإذا جاءنا من الجزيرة عن ميمون بن مهران قبلناه وإذا جاءنا من العراق عن الحسن، قبلناه، هؤلاء الأربعة علماء الناس في خلافة هشام.

وروى مروان بن محمد، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كان مكحول أفقه من الزهري مكحول أفقه أهل الشام.

وقال عثمان بن عطاء: كان مكحول رجلا أعجميا لا يستطيع أن يقول: قل، يقول: كل، فكل ما قال بالشام قبل منه.

وروى أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: لم يكن في زمن مكحول أبصر بالفتيا منه.

وقال محمد بن عبد الله بن عمار: مكحول إمام أهل الشام. وقال العِجلي: تابعي ثقة وقال ابن خراش: صدوق يرى القدر.

وروى مروان بن محمد، عن الأوزاعي، قال: لم يبلغنا أن أحدا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن، ومكحول، فكشفنا عن ذلك، فإذا هو باطل. قلت: يعني: رجعا عن ذلك.

قال أبو حاتم: ما بالشام أحد أفقه من مكحول. قال ابن يونس: ذكر أن مكحولا من أهل مصر ويقال: كان لرجل من هذيل مصري، فأعتقه فسكن الشام. ويقال: إنه من الفرس من السبي الذين سبوا من فارس، ويكنى: أبا مسلم وكان فقيها عالما ورأى: أبا أمامة، وأنسا، وسمع: واثلة بن الأسقع.

وفاته مختلف فيها: فقال أبو نعيم، ودحيم، وجماعة: سنة اثنتي عشرة ومائة. وقال أبو مسهر: مات سنة ثلاث عشرة. وقال: مرة بعد سنة اثنتي عشرة. وقال مرة: أو سنة أربع عشرة. وقال سليمان ابن بنت شرحبيل، وأبو عبيد: مات سنة ثلاث عشرة. وقال محمد بن سعد: مات سنة ست عشرة ومائة وقال ابن يونس، وآخر سنة ثماني عشرة ومائة وهذا بعيد.

أما:

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "9331" و "9333"، وأحمد "4/ 159 و 159 - 160 و 160"، وأبو اود "2748" و "2749" و "2750"، وابن ماجه "2851" وابن الجارود "1078" و "1079"، والطحاوي "3/ 240"، والطبراني "3518 - 3527 و 3531"، والحاكم "2/ 133"، والبيهقي "6/ 313 و 314"، من طرق عن مكحول، عن زياد بن جارية اللخمي، عن حبيببن مسلمة الفهري مرفوعًا.

ص: 474

‌673 - مكحول الأزدي البصري

(1)

:

أبو عبد الله، فروى عن ابن عمر، وأنس. وعنه: عُمارة بن زاذان والربيع بن صبيح وهارون بن موسى النحوي، وثقه يحيى بن معين وقال أبو حاتم لا بأس به. قلت: له في "الأدب" للبخاري أنه قال: كنت إلى جنب ابن عمر، فعطس رجل من ناحية المسجد، فقال ابن عمر: يرحمك الله إن كنت حمدت الله.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله سنة اثنتين وتسعين وست مائة، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم الجرجاني أخبرنا أبو سعد الكنْجُروذي، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن ابن عمر: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر"

(2)

. هذا حديث عال، صالح الإسناد. أخرجه: الترمذي، والقزويني من حديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه. وحسنه: الترمذي، وعند القزويني عن عبد الله بن عمرو، فلم يصنع شيئا، صوابه ابن عمر.

قال عباس: سمعت ابن معين يقول: مكحول رأى أبا هند الداري، وواثلة، وسمع أيضا من: واثلة وفضالة بن عبيد وأنسا وخطأ من روى: أنه دخل على أبي أمامة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2099"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1866"، تاريخ الإسلام "5/ 6"، تهذيب التهذيب "10/ 293"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7188".

(2)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 132 و 153"، والترمذي "3537"، وابن ماجه "4253"، والحاكم "4/ 257"، وأبو نعيم في "الحلية""5/ 190"، والبغوي "1306"، من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، به.

قلت: إسناده حسن، عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 475

وقال يعقوب بن شيبة: روى مكحول عن: سعد بن أبي وقاص، وجماعة من الصحابة لم يسمع عنهم.

قال إسماعيل بن أمية: قال لي مكحول: عامة ما أحدثك فعن: سعيد بن المسيب، والشعبي. وقال تميم بن عطية: سمعت مكحولا يقول: اختلفتُ إلى شُريح ستة أشهر أسمع ما يقضي به. قال سعيد بن عبد العزيز: قال مكحول: ما استودعت صدري شيئا سمعته إلَّا وجدته حين أريد. ثم قال شعبة: كان مكحول أفقه أهل الشام.

قال سعيد: كان إذا سئل عن شيء، لا يجيب حتى يقول: لا حول ولا قوة إلَّا بالله، هذا رأي والرأي يخطئ ويصيب. قال تميم بن عطية العبسي: كثيرا ما كان مكحول يسأل، فيقول: ندانم يعني: لا أدري.

قال سعيد بن عبد العزيز: لم يكن عندنا أحد أحسن سمتا في العبادة من مكحول، وربيعة بن يزيد.

قلت: هذا هو ربيعة بن يزيد الدمشقي، القصير، أحد الأئمة الثقات، تابعي صغير. يروي عن: أنس، وعدة.

قال الأوزاعي، وغيره: عن مكحول: لأن أقدم فتضرب عنقي، أحب إلي من أن ألي القضاء، ولأن ألي القضاء، أحب إلي من أن ألي بيت المال.

وروى الأوزاعي، وسعيد، عنه، قال: إن يكن في مخالطة الناس خير فالعزلة أسلم.

أبو المليح الرقي، عن أبي هريرة الشامي، قال: جلست إلى مكحول، فقال: بأي وجه تلقون ربكم وقد زهدكم في أمر، فرغبتم فيه، ورغبكم في أمر، فزهدتم فيه?

الوليد بن مسلم، عن سعيد: أن مكحولا أعطي مرة عشرة ألاف دينار، فكان يعطي الرجل من أصحابه خمسين دينارا ثمن الفرس.

الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، قال: أقبل يزيد بن عبد الملك إلى مكحول في أصحابه، فلما رأيناه هممنا بالتوسعة له، فقال مكحول: دعوه يجلس حيث أدرك، يتعلم التواضع.

وقال سعيد بن عبد العزيز: كانوا يؤخرون الصلاة زمن الوليد، ويستحلفون الناس: أنهم ما صلوا فأتى عبد الله بن أبي زكريا، فاستحلف: ما صلى، فحلف. وأتى مكحول، فقال: فلم جئنا إذا؟ قال: فَتُرِكَ.

ص: 476

قال أبو حازم المديني: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الشام: أن انظروا الأحاديث التي رواها مكحول في الديات، فأحرقوها. فأحرقت.

قال الأوزاعي: كان الزهري، ومكحول، يقولان: أمروا هذه الأحاديث كما جاءت.

وقال ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، عن أبي عبيد مولى سليمان، قال: ما سمعت رجاء بن حيوة يلعن أحدا إلا رجلين: يزيد بن المهلب، ومكحولا. قلت: أظنه لأجل القدر.

ضمرة، عن علي بن حملة، قال: كنا على ساقية بأرض الروم، والناس يمرون وذلك في الغلس، ورجل يقص، فدعا، فقال: اللهم ارزقنا رزقا طيبا، واستعملنا صالحا. فقال مكحول، وهو في القوم: إن الله لا يرزق إلَّا طيبا. ورجاء بن حيوة، وعدي بن عدي ناحية، فقال أحدهما لصاحبه أسمعت? قال: نعم فقيل لمكحول إن رجاء وعديا سمعاك. فشق عليه، فقال له عبد الله بن زيد: أنا أكفيك رجاء فلما نزلوا، جاء ابن زيد، فأجرى ذكر مكحول. فقال رجاء: دعه عنك، أليس هو صاحب الكلمة؟ فقال: ما تقول -رحمك الله- في رجل قتل يهوديا، فأخذ منه ألف دينار، فكان يأكل منها حتى مات: أرزق رزقه الله إياه؟ فقال رجاء: كل من عند الله.

وقال ابن أبي حملة لمكحول: يجالسك غيلان؟ فقال: إنما لنا مجلس، فلا أستطيع أن أقول لهذا: قم، ولهذا: اجلس.

وقال رجاء بن أبي سلمة، عن عاصم بن رجاء، قال: جاء مكحول إلي أبي، فقال: يا أبا المقدام، إنهم يريدون دمي. قال: قد حذرتك القرشيين، ومجالستهم، ولكنهم أدنوك، وقربوك، فحدثتهم بأحاديث، فلما أفشوها عنك، كرهتها. فراح، فجاء الذين يعيبونه، فذكروه. فقال أبي: دعوه فقد كنتم حديثا وأنتم تحسنون ذكره.

قال رجاء: قال مكحول: ما زلت مستقلا بمن بغاني حتى أعانهم علي رجاء، وذلك أنه رجل أهل الشام في أنفسهم.

قال عبد الرزاق: كان مكحول يقوله -يعني: القدر وبلغنا أن مكحولا تنصل من القدر، فرضي عنه الدولة، وكان سعيد بن عبد العزيز يبرئه من القدر.

ص: 477

‌674 - قيس بن مسلم

(1)

: " ع"

الإمام، المحدث، أبو عمرو الجدلي، الكوفي.

روى عن: طارق بن شهاب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ومجاهد بن جبر.

حدث عنه: أيوب بن عائذ، وأبو حنيفة، ومسعر، وشعبة، وأبو العميس، وسفيان الثوري وآخرون.

وثقه أحمد، وغيره. قال: أبو داود: كان مرجئا.

أحمد بن حنبل: عن ابن عيينة، قال: كانوا يقولون: ما رفع قيس بن مسلم رأسه إلى السماء منذ كذا وكذا؛ تعظيما لله.

قلت: توفي سنة عشرين ومائة.

ورفع الرأس إلى السماء يلزم المسلم ليعرف مواقيت الصلاة، والنجوم التى يهتدى بها والله أعلم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 317"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 691"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 588"، الكاشف "2/ ترجمة 4687"، تاريخ الإسلام "4/ 297"، تهذيب التهذيب 8/ 403"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5895"، شذرات الذهب "1/ 157".

ص: 478

‌675 - سعيد بن الحارث

(1)

: " ع"

ابن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري الفقيه، قاضي المدينة. حدث عن أبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله وغيرهم.

حدث عنه: زيد بن أبي أنيسة، وعمارة بن غزية، وعمرو بن الحارث، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وفليح بن سليمان، وآخرون.

مجمع على الاحتجاج به. مات: في حدود سنة عشرين ومائة، وقد شاخ.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1542"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 40"، تاريخ الإسلام "5/ 78"، الكاشف "1/ ترجمة 1881"، تهذيب التهذيب "4/ 15"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2427".

ص: 478

‌676 - عمرو بن شعيب

(1)

: " (4) "

ابن محمد بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل. الإمام، المحدث أبو إبراهيم وأبو عبد الله القرشي، السهمي، الحجازي، فقيه أهل الطائف، ومحدثهم وكان يتردد كثيرا إلى مكة، وينشر العلم، وله مال بالطائف. وأمه حبيبة بنت مرة الجمحية.

حدث عن: أبيه -فأكثر- وعن: سعيد بن المسيب، وطاووس وسليمان ابن يسار، وعمرو بن الشريد بن سويد وعروة بن الزبير، ومجاهد وعطاء وسعيد المقبري، وعاصم بن سفيان والزهري.

وينزل إلى عبد الله بن أبي نجيح، وطائفة. وقد حدث عن: الربيع بنت معوذ، وزينب بنت أبي سلمة -ولهما صحبة- وعن: عمته؛ زينب السهمية وأرسل عن: أم كرز الخزاعية.

حدث عنه: الزهري وقتادة وعطاء بن أبي رباح -شيخه- وعمرو بن دينار، ومكحول ومطر الوراق ووهب بن منبه، وحسان بن عطية، وأيوب السختياني وابن طاووس وعاصم الأحول، وعطاء الخراساني ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن أبي كثير ويزيد بن أبي حبيب ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وهشام بن عروة وعبد العزيز بن رفيع، وعبد الكريم الجزري، وثابت البناني وبكير بن الأشج وموسى بن أبي عائشة وداود بن أبي هند وحسين المعلم وحبيب المعلم وأسامة بن زيد الليثي، وسليمان بن موسى وعامر الأحول وابن عون وعبيد الله بن عمر، والعلاء بن الحارث والضحاك بن حمزة، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، وعبد الرحمن بن حرملة وعبد الله بن عامر الأسلمي وثور بن يزيد، وداود بن شابور، وداود بن قيس الفراء، ورجاء بن أبي سلمة وابن إسحاق، والأوزاعي، وحجاج بن أرطاة، وعمرو بن الحارث، وابن عجلان، والمثنى بن الصباح وابن لهيعة، وهشام بن سعد وهشام بن الغاز، وخلق سواهم.

روى صدقة بن الفضل، عن يحيى القطان، قال: إذا روى عن عمرو بن شعيب الثقات، فهو ثقة، محتج به. هكذا نقل صدقة.

وقال علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد، قال: حديثه عندنا واه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ 2578"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1323"، العبر "1/ 210"، الكاشف "2/ ترجمة 4231"، تاريخ الإسلام "4/ 285"، تهذيب التهذيب "8/ 48"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5315"، شذرات الذهب "1/ 155".

ص: 479

وروى علي، عن ابن عيينة، قال: كان إنما يحدث عن أبيه، عن جده وكان حديثه عند الناس فيه شيء.

وروى أحمد بن سليمان، عن معتمر بن سليمان: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: كان لا يعاب على قتادة وعمرو بن شعيب، إلَّا أنهما كانا لا يسمعان شيئا إلَّا حدثا به.

وقال أبو الحسن الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: له أشياء مناكير، وإنما نكتب حديثه نعتبر به فأما أن يكون حجة، فلا.

وقال محمد بن علي الجوزجاني الوراق: قلت لأحمد: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئا? قال: يقول: حدثني أبي. قلت: فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو؟ قال نعم أراه قد سمع منه.

وقال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن عمرو بن شعيب، فقال: ربما احتججنا به وربما وجس في القلب منه شيء، ومالك يروي عن رجل عنه.

وقال الترمذي، عن البخاري: رأيت أحمد وعليا، وإسحاق وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين، فمن الناس بعدهم?.

قلت: أستبعد صدور هذه الألفاظ من البخاري، أخاف أن يكون أبو عيسى وهم. وإلا فالبخاري لا يعرج على عمرو، أفتراه يقول فمن الناس بعدهم، ثم لا يحتج به أصلا ولا متابعة؟.

بلى، احتج به، أرباب السنن الأربعة وابن خزيمة وابن حبان في بعض الصور، والحاكم وروى أبو داود، عن أحمد قال: أصحاب الحديث إذا شاؤوا، احتجوا بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده وإذا شاؤوا تركوه.

قلت: هذا مكحول على أنهم يترددون في الاحتجاج به، لا أنهم يفعلون ذلك على سبيل التشهي.

وروى الكوسج، عن يحيى، قال: يكتب حديثه. وروى عباس عنه قال إذا حدث عن أبيه عن جده فهو كتاب ويقول أبي عن جدي، فمن هنا جاء ضعفه، أو نحو هذا القول فإذا حدث عن ابن المسيب، أو سليمان بن يسار، أو عروة، فهو ثقة عنهم أو قريب من هذا.

ص: 480

وروى عباس أيضا، ومعاوية بن صالح عن يحيى: ثقة. وقال أبو حاتم: سألت يحيى عنه فغضب، وقال: ما أقول؟ روى عنه الأئمة. وروى: أحمد بن زهير، عن يحيى ليس بذاك فهذا إمام الصنعة أبو زكريا قد تلجلج قوله في عمرو، فدل على أنه ليس حجة عنده مطلقا، وأن غيره أقوى منه.

وقال أبو زرعة: إنما أنكروا عليه لكثرة روايته، عن أبيه، عن جده. وقالوا: إنما سمع أحاديث يسيرة وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها، وما أقل ما تصيب عنه مما روى عن غير أبيه من المنكر، وعامة هذه المناكير التي تروى عنه، إنما هي عن المثنى بن الصباح وابن لهيعة، والضعفاء، وهو ثقة في نفسه.

قلت: ويأتي الثقات عنه أيضا بما ينكر.

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي أيما أحب إليك هو، أو بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده؟ فقال: عمرو أحب إلي.

وقال أبو عبيد الآجري: قيل لأبي داود: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عندك حجة؟ قال: لا، ولا نصف حجة ورجح بهز بن حكيم عليه.

وروى جرير، عن مغيرة: أنه كان لا يعبأ بصحيفة عبد الله بن عمرو.

قال معمر: كان أيوب السختياني إذا قعد إلى عمرو بن شعيب، غطى رأسه -يعني: حياء من الناس- وقال ابن أبي شيبة: سألت علي بن المديني، عن عمرو بن شعيب، فقال: ما روى عنه

أيوب وابن جريج، فذاك كله صحيح، وما روى عمرو، عن أبيه، عن جده، فإنما هو كتاب وجده، فهو ضعيف.

قلت: هذا الكلام قاعد قائم.

قال جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة: كان لا يعبأ بحديث سالم بن أبي الجعد، وخلاس بن عمرو، وأبي الطفيل، وبصحيفة عبد الله بن عمرو، ثم قال مغيرة: ما يسرني أن صحيفة عبد الله بن عمرو عندي بتمرتين، أو بفلسين. قال الحافظ أيضا: اعتبرت حديثه، فوجدت أن بعض الرواة يسمي عبد الله وبعضهم يروي ذلك الحديث بعينه فلا يسميه ورأيت في بعضها قد روى عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده محمد، عن عبد الله وفي بعضها عمرو، عن جده محمد قلت: جاء هذا في حديث واحد مختلف، وعمرو لم يلحق جده محمدا أبدا.

ص: 481

ومن الأحاديث التي جاء فيها عن جده عبد الله: حرملة: أنبأنا ابن وهب، حدثني عمرو بن الحارث، أن عمرو بن شعيب حدثه، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرو: أن مزنيا قال: يا رسول الله، كيف ترى في حريسة الجبل؟ قال:"هي ومثلها والنكال" قال: فإذا جمعها المراح? قال: "قطع اليد إذا بلغ ثمن المجن"

(1)

.

ابن عجلان عن عمرو، عن أبيه، عن جده عبد الله بحديث في اللقطة

(2)

.

أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا محمد -هو ابن راشد- عن سليمان بن موسى، عن عمرو، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في كل أصبع عشر من الإبل"

(3)

.

حسين المعلم عن عمرو، عن أبيه، عن جده عبد الله، مرفوعًا "في المواضح خمس"

(4)

.

أحمد: حدثنا يزيد أنبأنا ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده عبد

(1)

حسن: أخرجه النسائي "8/ 85 - 86" من طريق ابن وهب، به.

قلت: إسناده حسن، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، وكذا أبوه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

وقوله: "حريسة الجبل": تقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها حريسة.

و "النكال": العقوبة. و "المراح" بضم الميم: الموضع الذي تورح إليه الماشية أو تأوى إليه ليلا.

(2)

حسن: أخرجه أبو داود "1710" حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به في حديث طويل وفي آخره: وسئل عن اللقطة فقال: "ما كان منها في طريق الميتاء -أي الطريق المسلوكة بكسر الميم- أو القرية الجامعة فعرفعها سنة، فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك، وما كان في الخراب يعني ففيها وفي الركاز الخمس".

قلت: إسناده حسن، محمد بن عجلان، وعمرو بن شعيب، وأبوه شعيب بن محمد كل منهم صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

(3)

حسن لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته سليمان بن داود وهو سليمان بن أرقم المتفق على ضعفه. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه""17702"، لكن له شاهد عن أبي موسى عند أبي داود "4557". والنسائي "8/ 56"، وابن ماجه "2654".

(4)

حسن: أخرجه أبو داود "4566" من طريق خالد بن الحارث أخبرنا حسين المعلم، به.

قلت: إسناده حسن، عمرو بن شعيب، وأبوه صدوقان كما قال الحافظ في "التقريب". وقوله "المواضح": جمع الموضحة: وهي التي تبدى وضح العظم أي بياضه. وقد فرض فيها خمس من الإبل وتكون في الرأس والوجه فأما الموضحة في غيرهما ففيها الحكومة.

ص: 482

الله، قال:"لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح، قام في الناس خطيبا، وقال: "لا حلف في الإسلام"

(1)

. الحديث.

جرير بن عبد الحميد، عن ابن إسحاق عن عمرو عن أبيه، عن جده، عن عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بكلمات من الفزع:"أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون".

كذا هذا، عن جده، عن عبد الله، رواه الحاكم في "الدعوات": حدثنا محمد بن أحمد بن بالويه، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا جرير، فذكره

(2)

ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد، متصل في موضع الخلاف. قال الحافظ

(1)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 180"، وابن جرير "9297" و "9298"، وابن الجارود "1052"، وابن خزيمة "2280"، والبيهقي "6/ 335 - 336" و "8/ 29"، والبغوي "2542" من طرق عن محمد بن إسحاق، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، قد صرَّح بالتحديث في رواية البيهقي، وهو صدوق وكذا عمرو بن شعيب، صدوق، وأبوه شعيب بن محمد صدوق أيضا، وتمام الحديث عند البيهقي: والمسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم يرد عليهم أقصاهم ترد سراياهم على قعدتهم"، والحديث رواه أيضا الترمذي "1585"، وابن جرير "9294" من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، به.

(2)

حسن: أخرجه الحاكم "1/ 548"، من طرق جرير بن عبد الحميد، به.

وقال الحاكم في إثره: حديث صحيح الإسناد متصل في موضع الخلاف -يعني الاختلاف في سماع شعيب، عن جده، وسقطت هذه الرواية من تلخيص الذهبي، وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 39 و 63"، وأحمد "2/ 181"، وأبو داود "3893"، والترمذي "3528"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""766"، والبخاري في "خلق أفعال العباد""ص 89"، والطبراني في "الدعاء""1086"، وابن السني "753"، والدارمي في "الرد على الجهمية""ص 150"، والبيهقي في "الآداب""993" من طرق عن محمد بن إسحاق به.

ووقع عند النسائي أن خالد بن الوليد كان يفزع في منامه، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات، وعند البخاري أنه الوليد بن الوليد، ووقع عند ابن السني أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وله شاهد من حديث الوليد بن الوليد أخي خالد بن الوليد: عند ابن أبي شيبة "8/ 60"، والبيهقي في "الأسماء والصفات""ص 185" من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان أن الوليد بن الوليد

" الحديث.

قلت: رجال إسناده ثقات، غير أ، فيه انقطاعًا بين محمد بن يحيى بن حبان، وبين الوليد بن الوليد وأخرجه ابن السني "755" من حديث خالد بن الوليد، رواه من طريق مسدد، عن سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن خالد بن الوليد" الحديث. =

ص: 483

الضياء: أظن "عن" فيه زائدة، وإلا فيكون من رواية محمد، عن أبيه: قلت: رواه أحمد في "مسنده"

(1)

، عن يزيد عن ابن إسحاق، فلم يزد على قوله: عن جده.

الدارقطني في "سننه": حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني عمي، حدثنا مخرمة بن بكير، عن أبيه: سمعت عمرو بن شعيب يقول: سمعت شعيبا يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم "في البيعين بالخيار"

(2)

.

أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا ابن جريج، قال: قال عمرو بن شعيب، عن أبيه عن

= قلت: إسناده منقطع أيضًا بين محمد بن يحيى بن حبان، وبين خالد بن الوليد، وأخرجه مالك "2/ 950" عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن خالد بن الوليد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أروع في منامي

".

قلت: إسناده ضعيف، لإعضاله، وأخرجه ابن السني "747" عن محمد بن عبد الله بن غيلان، عن أبي هشام الرفاعي، عن وكيع بن الجراح، عن سفيان عن محمد بن المنكدر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه أهاويل يراها في المنام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، أبو هشام الرفاعي، هو محمد بن يزيد بن محمد بن كثير بن رفاعة، مختلف فيه. قال ابن معين وغيره: لا بأس به. وقال البرقاني: ثقة. وضعفه البخاري وأبو حاتم والحاكم أبو أحمد والنسائي. قوله: همزات الشياطين: وساوسها. وقوله: "أن يحضرون": أن يصيبوني بسوء.

(1)

حسن: راجع تخريجنا السابق.

(2)

حسن: أخرجه الدارقطني "3/ 50". وأخرجه أبو داود "3456"، والنسائي "7/ 251 - 252"، والترمذي "1247" من طريق ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به. ولفظه "المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله"، وورد الحديث بإسناد صحيح عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما" أخرجه الشافعي "2/ 154 - 155"، وابن أبي شيبة "7/ 124"، وأحمد "3/ 402 و 403 و 434"، والطيالسي "1316"، والبخاري "2079" و "2082" و "2108" و "2110" و "2114"، ومسلم "1532"، وأبو داود "3459"، والنسائي "7/ 244 - 245"، والطبراني "3115 - 3119"، والبيهقي "5/ 269" والبغوي "2051" من طريق قتادة، عن أبي الخليل -صالح بن أبي مريم الضبعي، عن عبد الله بن الحارث الهاشمي، عن حكيم بن حزام، به.

ورواه مختصرا ابن عمر مرفوعا: عند الحميدي "654"، وعبد الرزاق "14262" و "14263"، وابن أبي شيبة "7/ 126"، والشافعي "2/ 154"، وأحمد "2/ 4 و 73"، والبخاري "2107"، و "2109"، ومسلم "1531"، وأبو داود "3455"، والنسائي "7/ 248 و 249"، والطحاوي "4/ 12"، والبغوي "2048" من طريق عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم تفرقا".

ص: 484

عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت على صداق أو عدة أو حباء قبل عصمة النكاح، فهو لها"

(1)

.

حرملة: حدثنا ابن وهب، أخبرني أسامة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء"

(2)

.

وعندي عدة أحاديث سوى ما مر يقول، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، فالمطلق محمول على المقيد المفسر بعبد الله، والله أعلم.

قال ابن عدي: هو في نفسه ثقة، إلَّا إذا روى عن أبيه، عن جده، يكون مرسلا، لأن جده عنده محمد بن عبد الله بن عمرو، ولا صحبة له قلت: الرجل لا يعني بجده إلَّا جده الأعلى عبد الله رضي الله عنه وقد جاء كذلك مصرحا به في غير حديث، يقول: عن جده عبد الله، فهذا ليس بمرسل. وقد ثبت سماع شعيب والده من: جده؛ عبد الله بن عمرو، ومن معاوية، وابن عباس، وابن عمر وغيرهم وما علمنا بشعيب بأسا، ربي يتيما في حجر جده عبد الله، وسمع منه وسافر معه ولعله ولد في خلافة علي، أو قبل ذلك ثم لم نجد صريحا لعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده محمد بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ورد نحو من عشرة أحاديث هيئتها: عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو وبعضها: عن عمرو عن أبيه عن جده عبد الله، وما أدري؛ هل حفظ شعيب شيئًا من أبيه أم لا؟ وأنا عارف بأنه لازم جده وسمع منه.

(1)

حسن: أخرجه عبد الرزاق "10740"، وأحمد "2/ 182"، وأبو داود "2129"، والنسائي "6/ 120"، وابن ماجه "1955"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار""4471"، والبيهقي "7/ 248" من طرق عن ابن جريج، به.

قلت: إسناده حسن، ابن جريج، هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وقد صرح بالتحديث عند النسائي، والطحاوي، وله شاهد من حديث عائشة: عند عبد الرزاق "10740"، والبيهقي "7/ 248" قوله:"الحباء": أي العطية، وهي ما يعطيه الزوج سوى الصداق بطريق الهبة.

(2)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 175"، وأبو داود "3540"، والبيهقي "6/ 181"، من طريق أسامة بن زيد به.

قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد، هو الليثي، صدوق، وعمرو بن شعيب، وأبوه كلاهما صدوق. وأخرجه البيهقي "6/ 179"، من طريق مطر الوراق، وعامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، به.

وأخرجه أحمد "2/ 208"، من طريق الحجاج عن عمرو بن شعيب، به ولفظه:"الراجع في هبته كالكلب يرجع في قيئه".

ص: 485

وأما تعليل بعضهم بأنها صحيفة، وروايتها وجادة بلا سماع، فمن جهة أن الصحف يدخل في روايتها التصحيف لا سيما في ذلك العصر، إذ لا شكل بعد في الصحف ولا نقط، بخلاف الأخذ من أفواه الرجال.

قال يحيى بن معين: هو ثقة، بُلي بكتاب أبيه عن جده.

وممن تردد وتحير في عمرو أبو حاتم بن حبان، فقال في كتاب "الضعفاء" إذا روى عن طاوس، وابن المسيب، وغيرهما من الثقات غير أبيه، فهو ثقة يجوز الاحتجاج به، وإذا روى عن أبيه عن جده ففيه مناكير كثيرة، فلا يجوز عندي الاحتجج بذلك.

قال: وإذا روى عن أبيه عن جده، فإن شعيبا لم يلق عبد الله، فيكون الخبر منقطعا، وإذا أراد به جده الأدنى فهو محمد ولا صحبة له فيكون مرسلا.

قلت: قد أجبنا عن هذا، وأعلمنا بأن شعيبا صحب جده، وحمل عنه.

وأخبرنا ابن أبي عمر في كتابه عن الصيدلاني، أخبرتنا فاطمة الجوزدانية، أنبأنا ابن ريذة أنبأنا الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز، والكجي، قالا: حدثنا حجاج قال الطبراني، وحدثنا جعفر بن محمد بن حرب، حدثنا سليمان بن حرب، قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله، بن عمرو قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: ما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا ولا يطأ عقبه رجلان. فهذا شعيب يخبر أنه سمع من عبد الله.

ثم إن أبا حاتم بن حبان تحرج من تليين عمرو بن شعيب، وأداه اجتهاده إلى توثيقه، فقال: والصواب في عمرو بن شعيب أن يحول من هنا إلى تاريخ الثقات؛ لأن عدالته قد تقدمت.

فأما المناكير في حديثه إذا كانت في روايته، عن أبيه، عن جده فحكمه حكم الثقات إذا رووا المقاطيع والمراسيل بأن يترك من حديثهم المرسل والمقطوع، ويحتج بالخبر الصحيح.

فهذا يوضح لك أن الآخر من الأمرين عند ابن حبان: أن عمرا ثقة في نفسه، وأن روايته، عن أبيه عن جده إما منقطعة أو مرسلة، ولا ريب أن بعضها، من قبيل المسند المتصل، وبعضها يجوز أن تكون روايته وجادة أو سماعا، فهذا محل نظر واحتمال. ولسنا ممن نعد نسخة عمرو، عن أبيه، عن جده من أقسام الصحيح الذي لا نزاع فيه من أجل الوجادة، ومن أجل أن فيها مناكير فينبغي أن يتأمل حديثه، ويتحايد ما جاء منه منكرا ويروى ما عدا ذلك في السنن والأحكام محسنين لإسناده، فقد احتج به أئمة كبار، ووثقوه في الجملة، وتوقف فيه آخرون قليلا وما علمت أن أحدًا تركه.

ص: 486

شريك عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: ما يُرغبني في الحياة إلا خصلتان: الصادقة والوهطة، فأما الصادقة: فصحيفة كتبتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الوهطة: فأرض تصدق بها عمرو بن العاص، كان يقوم عليها.

أيوب بن سويد، عن الأوزاعي، قال: ما رأيت قرشيا أفضل -وفي لفظ: ما أدركت قرشيا أكمل- من عمرو بن شعيب.

قال علي بن المديني: سمع شعيب من: عبد الله بن عمرو، وسمع منه: ابنه عمرو بن شعيب.

وروى الحسن بن سفيان، عن ابن راهويه، قال: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ثقة، فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر.

وقال العجلي، والنسائي: ثقة. وقال النسائي مرة: ليس به بأس.

وقال أحمد بن عبد الله: عمرو بن شعيب: ثقة. روى عنه الذين نظروا في الرجال مثل أيوب، والزهري، والحكم، واحتج أصحابنا بحديثه، وسمع أبوه من عبد الله بن عمرو، وابن عمر، وابن عباس.

وقال أبو بكر بن زياد [النيسابوري]: صح سماع عمرو بن شعيب، وصح سماع شعيب من جده عبد الله.

وقال الدارقطني: لعمرو بن شعيب ثلاثة أجداد: الأدنى منهم: محمد، والأوسط: عبد الله، والأعلى: عمرو، وقد سمع شعيب من الأدنى محمد، ومحمد تابعي، وسمع جده عبد الله، فإذا بينه وكشف، فهو صحيح حينئذ. قال: ولم يترك حديثه أحد من الأئمة ولم يسمع من جده عمرو بن العاص.

وقال الدارقطني أيضا: سمعت أبا بكر النقاش يقول: عمرو بن شعيب: ليس من التابعين، وقد روى عنه: عشرون من التابعين.

قلت: فسكت الدارقطني، بل عمرو تابعي، قد سمع من ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب، ومن الربيع، ولهما صحبة.

قال الحافظ ابن عدي: روى عنه أئمة الناس وثقاتهم، وجماعة من الضعفاء، إلا أن أحاديثه، عن أبيه عن جده مع احتمالهم إياه، لم يدخلوها في صحاح ما خرجوا، وقالوا: هي صحيفة.

ص: 487

قال يحيى بن بكير، وشباب: مات عمرو بن شعيب سنة ثماني عشرة ومائة. زاد ابن بكير: بالطائف.

قلت: الضعفاء الراوون عنه مثل: المثنى بن الصباح، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وحجاج بن أرطاة، وابن لهيعة، وإسحاق بن أبي فروة، والضحاك بن حمزة، ونحوهم فإذا انفرد هذا الضرب عنه بشيء، ضعف نخاعه، ولم يحتج به، بل وإذا روى عنه رجل مختلف فيه كأسامة بن زيد، وهشام بن سعد، وابن إسحاق ففي النفس منه، والأولى ان لا يحتج به بخلاف رواية حسين المعلم، وسليمان بن موسى الفقيه وأيوب السختياني، فالأولى أن يحتج بذلك إن لم يكن اللفظ شاذا ولا منكرا فقد قال أحمد بن حنبل إمام الجماعة: له أشياء مناكير.

قتيبة: حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب: أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فحدثته: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حبيب المعلم، عن عمرو، عن أبيه عن جده؛ عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يحضر الجمعة ثلاثة واع داع أو لاغ أو منصت"

(1)

.

قال الأوزاعي: حدثني عمرو بن شعيب، ومكحول جالس.

قال نعيم بن حماد: حدثنا عبد الرزاق عن معمر، سمع أيوب يقول لليث بن أبي سليم: شد يدك بما سمعت من طاوس ومجاهد، وإياك وجواليق وهب بن منبه، وعمرو بن شعيب، فإنهما صاحبا كتب يعني: يرويان عن الصحف.

وقال ابن حبان: حدثنا أبو يعلى، حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده بنسخة طويلة، وابن لهيعة نبرأ من عهدته. قال:

فمنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله زادكم صلاة، فحافظوا عليها، وهي الوتر"

(2)

.

(1)

حسن: أخرجه أبو داود "1113" من طريق يزيد، عن حبيب المعلم، به. بلفظ:"يحضر الجمعة ثلاثة نفر: رجل حضرها بلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو، فهو رجل دعا الله عز وجل: إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها" وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز وجل يقول:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160].

(2)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "2/ 180" من طريق حجاج، عن عمرو بن شعيب، به. قلت إسناده ضعيف، آفته حجاج، وهو ابن أرطأة، ضعيف لسوء حفظه، وأخرجه الدارقطني "2/ 31" من طريق محمد بن عبيد الله العزرمي، عن عمرو بن شعيب، به.

قلت: إسناده واه، العرزمي هذا متروك، وأخرجه ابن حبان في "المجروحين""2/ 73" من طريق ابن لهيعة حدثنا عمرو بن شعيب، به.

وفي الباب عن معاد بن جبل: عند أحمد "5/ 242"، وفي إسناده عبيد الله بن زحر، وهو ضعيف وعن بريدة بن الحصيب: عند أحمد "5/ 357" بلفظ: "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا" وفي إسناده أبو المنيب عبيد الله العتكي، ضعيف، أجمعوا على ضعفه، وعن أبي بصرة الغفاري: عند أحمد "6/ 7" وإسناده صحيح.

ص: 488

ومنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استودع وديعة، فلا ضمان عليه"

(1)

.

ومنها: أن امرأتين أتتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال:"أتحبان أن يسوركما الله بسوارين من نار"؟ قالتا: لا. قال: "فأديا زكاته"

(2)

.

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى مكتوبة فليقرأ بأم القرآن وقرآن معها"

(3)

.

(1)

حسن لغيره: أخرجه ابن ماجه "2401"، من طريق أيوب بن سويد، عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به مرفوعا ولفظه:"من أودع وديعة، فلا ضمان عليه".

قلت: إسناده ضعيف، آفته المثنى بن الصباح، والراوي عنه ضعيفان، وأخرجه الدارقطني "3/ 41"، والبيهقي "6/ 289" من طريق يزيد بن عبد الملك، عن محمد بن عبد الرحمن الجمحي، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، به مرفوعا بلفظه:"لا ضمان على مؤتمن".

قلت: إسناده ضعيف، يزيد بن عبد الملك، ضعيف، ومحمد بن عبد الرحمن الجمحي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة وأخرجه الدارقطني "3/ 41" من طريق عمرو بن عبد الجبار، عن عبيد بن حسان، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده مرفوعا بلفظ:"ليس على مؤتمن ضمان".

قلت: إسناده ضعيف، عمرو بن عبد الجبار، وعبيدة ضعيفان.

(2)

حسن: أخرجه عبد الرزاق "7065"، من طريق المثنى بن الصباح، وأبو داود "1563"، والنسائي "5/ 38" من طريق حسين المعلم، والترمذي "637"، من طريق ابن لهيعة ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.

(3)

ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "2/ 2787" عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته المثنى بن الصباح فإنه ضعيف. لكن قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب". =

ص: 489

ومنها: أنه عليه السلام قال: "من أعهر بحرة أو أمة قوم، فولدت، فالولد ولد زنى لا يرث ولايورث"

(1)

.

ومنها: "لا تمشوا في المساجد وعليكم بالقميص وتحته الإزار"

(2)

.

ومنها: "العرافة: أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها عذاب يوم القيامة"

(3)

.

ومن أفراد عمرو: حديث حماد بن سلمة، عن حبيب وداود، عن عمرو بن شعيب عن أبيه: عن جده، مرفوعا:"لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها"

(4)

.

= أخرجه الشافعي في "مسنده""1/ 75"، والحميدي "386"، وأحمد "5/ 314"، والبخاري "756" ومسلم "394"، وأبو داود "822"، والنسائي، "2/ 137"، وابن ماجه "837"، والدارقطني "1/ 321"، وابن الجارود "185"، وأبو عوانة "2/ 124"، والبيهقي في "السنن""2/ 38 و 164" والبغوي في "شرح السنة""576" من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، به مرفوعا.

(1)

حسن لغيره: أخرجه الترمذي "2113" من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.

قلت: إسناده ضعيف، ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه، وأخرجه أبو داود "2265"، والبيهقي "6/ 260"، من طريق سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، به. نحوه. وإسناده ضعيف، سليمان بن موسى، لين كما قال الحافظ في "التقريب".

(2)

ضعيف: أخرجه الطبراني في "الأوسط""7380"، وفيه مجاهيل.

(3)

ضعيف: أخرجه الطيالسي "2526" ومن طريقه البيهقي "10/ 97" حدثنا هشام، حدثنا عباد بن أبي علي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: العرافة أولها ملامة .. " فذكره موقوفًا عليه.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عباد بن أبي على البصري، مجهول.

لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.

والعرافة: هي الإمارة.

لكن قد صح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي. ثم قال: "يا أبا ذر إنك ضعيف. وإنها أمانة. وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" أخرجه مسلم "1825"، وأحمد "5/ 173" من حديث أبي ذر به.

(4)

حسن: أخرجه أبو داود "3546" حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن داود بن أبي هند وحبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، به.

ص: 490

وحديث: "من زوج فتاته، فلا يُنظرن إلى ما بين السرة والركبة". رواه: سوار أبو حمزة، عنه، عن أبيه، عن جده مرفوعا

(1)

.

فأما:

(1)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 187"، والدارقطني "1/ 230 - 231"، والبيهقي "2/ 229"، والخطيب في "تاريخ بغداد""2/ 278" من طريق عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا سوار أبو حمزة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع، وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته".

قلت: إسناده حسن، سوار أبو حمزة، هو سوار بن داود الصيرفي، وثقه ابن معين، وقال أحمد في "الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1176": لا بأس به.

وقال ابن أبي حاتم: وهم وكيع في اسمه فقال: داود بن سوار، وأخرجه أبو داود "496"، وأبو نعيم في "الحلية""10/ 26"، والبغوي "500" من طريق وكيع والدارقطني "1/ 230"، ومن طريقه البيهقي في "السنن""2/ 229" من طريق النضر بن شميل، كلاهما عن سوار أبي حمزة، به.

ص: 491

‌677 - شعيب

(1)

: " (4) "

فما علمت به بأسا. وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عن: جده، وأبيه محمد، ومعاوية.

قلت: مع أن روايته عن أبيه محمد في "سنن أبي داود" و "النسائي" و "الترمذي" والمتن هو "لا يحل سلف وبيع"

(2)

.

حدث عنه: ابناه؛ عمرو وعمر، وثابت البناني، فنسبه إلى جده، فقال: شعيب بن عبد الله بن عمرو. وممن روى عنه أيضا: عثمان بن حكيم، وعطاء الخراساني. وقد ذكر البخاري، وأبو داود، وغير واحد: أنه سمع من جده، ومن ابن عباس، وابن عمر. ولم نعلم متى توفي، فلعله مات بعد الثمانين، في دولة عبد الملك.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 243"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2562"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1539"، الكاشف "2/ ترجمة 2316"، تاريخ الإسلام "39/ 255"، تهذيب التهذيب "4/ 356"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2967".

(2)

حسن: أخرجه الطيالسي "2257"، والنسائي "7/ 295"، والحاكم "2/ 16 - 17" والدارقطني "3/ 74 - 75"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 46" من طرق عن أيوب عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع".

قلت: إسناده حسن، عن عمرو بن شعيب محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبوه شعيب كلاهما صدوق، وأيوب، هو ابن أبي تميمة السختياني، ثقة ثبت، من كبار الفقهاء العباد، من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، وأخرجه أحمد "2/ 178 - 179"، وأبو داود "3504"، والترمذي "1234"، والنسائي "7/ 288 و 295"، وابن الجارود "601" من طرق عن إسماعيل بن علية، حدثنا أيوب، حدثنا عمرو بن شعيب، قال: حدثني أبي، عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمر، فذكره.

قلت: ادخلوا محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، بين شعيب بن محمد، وعبد الله بن عمرو بن العاص.

ص: 491

وأما أبو شعيب

‌678 - محمد بن عبد الله بن عمرو

(1)

: " د، ت، س"

السهمي، فذكره ابن يونس في "تاريخه"، وقال: روى عن: أبيه، روى عنه: ابنه شعيب، وحكم بن الحارث. وقال الزبير بن بكار: أمه هي بنت محمية بن جزء الزبيدي.

وقال أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي: حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد، عن ابن جريج، والمثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، قال: طاف محمد بن عبد الله بن عمرو مع أبيه فلما كان في السابع، أخذ بيده إلى دبر الكعبة

، الحديث.

ومحمد نزر الرواية، قد ذكرنا له حديث:"لا يحل سلف وبيع"

(2)

.

وقال النسائي: حدثنا عثمان بن عبد الله بن خرزاذ، حدثنا سهيل بن بكار، عن وهيب عن ابن طاووس، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن أبيه محمد بن عبد الله -قال مرة: عن أبيه، وقال مرة: عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة"

(3)

.

هكذا يرويه أبو علي الأسيوطي، عن النسائي ووقع في رواية ابن حيويه، عن النسائي عمرو بن شعيب عن أبيه؛ محمد بن عبد الله بن عمرو، وهو وهم. وأما أبو داود فرواه عن: سهل بن بكار بإسناده، فقال: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده كباقي أحاديثه.

(1)

ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 5037"، ميزان الاعتدال "3/ 593"، تهذيب التهذيب "9/ 226"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6384".

(2)

حسن: راجع تخريجنا قبل السابق بتعليق رقم "513".

(3)

حسن: أخرجه النسائي "7/ 239 - 240"، وأبو داود "3811".

ص: 492

فهذا كل ما يمكن أن يتعلق به من أن لمحمد رواية. والظاهر موته في حياة أبيه -والله أعلم.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد، أنبأنا الفتح بن عبد السلام، أنبأنا هبة الله بن أبي شريك، أنبأنا أحمد بن محمد بن النقور، حدثنا عيسى بن الجراح سنة تسع وثمانين وثلاث مائة، قرئ على أبي القاسم البغوي -وأنا أسمع- قيل له: حدثكم عمرو بن محمد الناقد، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو ابن دينار، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم"

(1)

.

هذا حديث صالح الإسناد، محفوظ المتن. وقد جمع الحافظ الضياء في كتاب "المختارة" له نسخة لعمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده.

وآل عمرو بن شعيب -إلى اليوم- لهم بقية بالطائف، يتوارثون الوهط؛ وهو بستان كبير إلى الغاية لجماعة كبيرة هو معاشهم.

والطائف: واد طيب كثير الفواكه، والأعناب، والمياه الباردة، ويتجلد فيه الماء في البرد أخبرني صدوق عاين الجليد بها، ولهم جامع كبير، وهو مسيرة أرجح من يوم عن مكة، وخيرات الطائف تجلب إلى مكة وغيرها.

(1)

صحيح: هذا إسناد حسن، وأخرجه مسلم "735"، وأبو داود "950"، والنسائي "3/ 223"، من طريق منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة" قال فأتيته فوجدته يصلي جالسًا، فوضعت يدي على رأسه. فقال: مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حدثت يا رسول الله إنك قلت: "صلاة الرجل قاعدًا على نصف الصلاة" وأنت تصلي قاعدًا. قال: "أجل ولكني لست كأحد منكم".

ص: 493

‌679 - المنهال

(1)

: " خ، (4) "

ابن عمرو، أبو عمرو الأسدي مولاهم الكوفي. يروي عن: أنس بن مالك، وزر بن حبيش، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي عمر زاذان وسعيد بن جبير.

روى عنه: حجاج بن أرطاة، وزيد بن أبي أنيسة، ومنصور، وشعبة، والمسعودي،

وسوار بن مصعب، وطائفة كبيرة. وقيل: إن سوارا إنما روى عن الأعمش، عنه، ثم إن شعبة ترك الرواية عنه لكونه سمع آلة الطرب من بيته.

وثقه يحيى بن معين، وغيره. وقال الدارقطني: صدوق. وقال ابن حزم: ليس بالقوي.

قلت: حديثه في شأن القبر بطوله فيه نكارة وغرابة، يرويه عن زاذان، عن البراء.

وقد تلا على: سعيد بن جبير. قرأ عليه: ابن أبي ليلى، وغيره. توفي: سنة بضع عشرة ومائة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1963"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى "1/ 527 و 535" و "2/ 657 و 680"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1634"، الكاشف ""3/ ترجمة رقم 5752"، تاريخ الإسلام "5/ 7"، ميزان الاعتدال "4/ 192"، تهذيب التهذيب "10/ 319"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7223".

ص: 493

‌680 - سليم بن عامر

(1)

: " م، (4) "

الكلاعي الخبائري الحمصي.

حدث عن: أبي الدرداء، وتميم الداري، والمقداد بن الأسود، وعوف بن مالك، وأبي هريرة، وعمرو بن عبسة، وطائفة. ويجوز أن روايته عن المقداد ونحوه مرسلة، وأنه ما شافههم.

حدث عنه: محمد بن الوليد الزبيدي، وحريز بن عثمان، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعفير بن معدان ومعاوية بن صالح، وآخرون وعمر دهرا. وكان يقول: استقبلت الإسلام من أوله؛ فهذا يدل على أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

وثقه أحمد بن عبد الله العجلي. وقال أبو حاتم: لا بأس به.

روى شعبة، عن يزيد بن خمير، قال: سمعت سليم بن عامر وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال يحيى بن معين: سليم بن عامر الكلاعي زعم أنه قرأ عليهم كتاب عمر، رضي الله عنه.

وقال أبو القاسم بن عساكر: شهد فتح القادسية.

قال أحمد بن محمد بن عيسى الحمصي: عاش سليم بعد سنة اثنتي عشرة ومائة، قلت: جاوز المائة بسنتين، فأما قول محمد بن سعد، وخليفة بن خياط: إنه مات سنة ثلاثين ومائة فهو بعيد، ما أعتقد أنه بقي إلى هذا الوقت، ولو عاش إلى هذا الوقت، لسمع منه إسماعيل بن عياش وأقرانه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 464"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2190"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 909"، أسد الغابة "2/ 348"، تاريخ الإسلام "4/ 255"، الكاشف "1/ ترجمة 2094"، تهذيب التهذيب "4/ 166"، الإصابة "2/ ترجمة 3795"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2665"، شذرات الذهب "1/ 140".

ص: 494

‌681 - محمد بن يحيى

(1)

: " ع"

ابن حبان بن منقذ بن عمرو، الإمام الفقيه الحجة، أبو عبد الله الأنصاري، النجاري، المازني، المدني حفيد الصحابي الذي كان يُخدع في البيوع، ويقول:"لا خلابة"

(2)

. مولده: في سنة سبع وأربعين.

وحدث عن: ابن عمر، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، وعبد الله بن محيريز، وعمرو بن سليم الزرقي، وعبد الرحمن الأعرج، وعمه واسع بن حبان.

حدث عنه: ربيعة الرأي وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن عجلان، وعمرو بن يحيى المازني، ومالك وابن إسحاق، والليث، وخلق سواهم.

وهو إمام مجمع على ثقته. قال الواقدي: كانت له حلقة للفتوى، وكان ثقة، كثير الحديث، عاش أربعا وسبعين سنة.

قلت: أرخ جماعة موته في سنة إحدى وعشرين ومائة، وهو من أعيان مشيخة مالك رحمه الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ 848"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 263 و 389" و "2/ 362" و "3/ 6"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 549"، الكاشف "3/ ترجمة 5293"، تاريخ الإسلام "5/ 162"، تهذيب التهذيب "9/ 507"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6735".

(2)

الخلابة: الخداع. وقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع في البيوع، فقال:"إذا بايعت فقل لا خلابة" أخرجه مالك "2/ 685". والبخاري "2117" و "4964"، وأبو داود "3500"، والنسائي "7/ 252"، والبغوي "2052" كلهم من طريق مالك عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، به.

ص: 495

‌682 - ابن موهب

(1)

: " خ، م، ت، س، ق"

الإمام، أبو عبد الله عثمان بن عبد الله بن موهب التيمي، المدني، الأعرج.

سكن العراق. وحدث عن: أبي هريرة، وأم سلمة، وجابر بن سمرة، وابن عمر، وعبد الله بن أبي قتادة.

روى عنه: أبو حنيفة، وشعبة، وسفيان، وإسرائيل، وشيبان، وأبو عوانة، وآخرون.

وثقه: ابن معين، وغيره.

توفي: بعد سنة عشرين ومائة. وقد وهم ابن سعد، فقال: ما لا يسوغ وهو: مات في خلافة المهدي، سنة ستين ومائة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2256"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 89". و 160"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 854"، الكاشف "2/ ترجمة 3769"،/ تاريخ الإسلام "6/ 248"، تهذيب التهذيب "7/ 132"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4758".

ص: 495

‌683 - عدي بن ثابت

(1)

: " ع"

الإمام، الحافظ، الواعظ الأنصاري، الكوفي، سبط عبد الله بن يزيد الخطمي.

روى عن: أبيه، وعن: البراء بن عازب، وسليمان بن صرد، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وزر بن حبيش وزيد بن وهب، وسعيد بن جبير، وأبي حازم الأشجعي، ويزيد بن البراء، وجماعة.

وعنه: علي بن زيد بن جدعان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبان ابن تغلب، وأبو إسحاق الشيباني، وأبو إسحاق السبيعي، وسليمان الأعمش، وأشعث بن سوار، وحجاج بن أرطاة، وأبو اليقظان عثمان بن عمير، وفضيل ابن مرزوق، ومسعر وزيد بن أبي أنيسة وشعبة والعلاء بن صالح وخلق.

قال أحمد بن حنبل، والعجلي، ثقة، وتبعهما النسائي. وقال أبو حاتم: صدوق، كان إمام مسجد الشيعة، وقاصهم. قال أبو عمر بن عبد البر: عبيد بن عازب أخو البراء هو جد عدي بن ثابت، روى في الوضوء والحيض، شهد عبيد والبراء مع علي مشاهده كلها.

وقال غيره: هو عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم الأنصاري، الظفري، وثابت صحابي كبير.

وقال ابن حبان: مات عدي في ولاية خالد القسري على العراق. وقال ابن قانع: سنة (116) هـ، وأما يحيى بن معين، فقال: هو عدي بن ثابت بن دينار.

أخبرنا عبد المحسن بن محمد، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا مسعود بن أبي منصور، وأحمد بن محمد "ح" وأنبئت عنهما، قالا: أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا محمد بن يونس السامي، حدثنا عبد الله بن داود الخريبي، حدثنا الأعمش عن عدي بن ثابت، عن زر سمعت عليا رضي الله عنه يقول:"والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، وتردى بالعظمة، إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلي: "أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" رواه مسلم

(2)

من طريق أبي معاوية، ووكيع عن الأعمش.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 308"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 196"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 5"، الكاشف "2/ ترجمة 3813"، ميزان الاعتدال "3/ 61"، تاريخ الإسلام "4/ 277"، تهذيب التهذيب "7/ 165"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4809".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 84 و 95 و 128"، وفي "فضائل الصحابة""948" و "961" والحميدي "58"، مسلم "78"، والترمذي "3736"، والنسائي "8/ 115 - 116"، وفي "فضائل الصحابة""50"، وفي "خصائص علي""100" و "101" و "102"، وابن ماجه "114"، وأبو يعلى "391"، وابن منده في "الإيمان""261"، والبغوي "3908" و "3909" من طرق عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حُبيش، عن علي بن أبي طالب، به.

ص: 496

‌684 - الجراح

(1)

:

مقدم الجيوش، فارس الكتائب، أبو عقبة الجراح بن عبد الله الحكمي. ولي البصرة من جهة الحجاج، ثم ولي خراسان وسجستان لعمر بن عبد العزيز. وكان بطلا، شجاعا، مهيبا طوالا، عابدا، قارئا، كبير القدر.

روى عن: ابن سيرين. وعنه: صفوان بن عمرو، ويحيى بن عطية، وربيعة بن فضالة.

روى أبو مسهر، عن شيخ من حكم، قال: قال الجراح الحكمي: تركت الذنوب حياء أربعين سنة، ثم أدركني الورع.

قال شباب: هو دمشقي، نزل البصرة والكوفة، وكان من القراء. قال: الوليد بن مسلم: كان إذا مر في جامع دمشق، يميل رأسه عن القناديل من طوله.

وقال مجالد: ولي يزيد بن المهلب العراق، فلما سار إلى خراسان، استخلف الجراح على العراق. وعن الحسن الزُّرقي، قال: كان الجراح بن عبد الله على خراسان كلها؛ حربها وصلاتها، ومالها.

قال ابن جابر: وفي سنة اثنتي عشرة ومائة غزا الجراح بلاد الترك، ورجع فأدركته الترك، فقتل هو وأصحابه.

وقال أبو سفيان الحميري: كان الجراح على أرمينية، وكان رجلا صالحا، فقتلته الخزر، ففزع الناس لقتله في البلدان.

قال سليم بن عامر: دخلت على الجراح، فرفع يديه، فرفع الأمراء أيديهم، فمكث طويلا، ثم قال لي: يا أبا يحيى، هل تدري ما كنا فيه؟ قلت: لا، وجدتكم في رغبة، فرفعت يدي معكم. قال: سألنا الله الشهادة، فوالله بقى منهم أحد في تلك الغزاة حتى استشهد.

قال خليفة: زحف الجراح من برذعة سنة اثنتي عشرة إلى ابن خاقان، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل الجراح في رمضان، وغلبت الخزر على أذربيجان، وبلغوا إلى قريب من الموصل.

قال الواقدي: كان البلاء بمقتل الجراح على المسلمين عظيما، بكوا عليه في كل جند.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2173"، تاريخ الإسلام "4/ 237 - 238"، العبر "1/ 137"، شذرات الذهب "1/ 144".

ص: 497

‌685 - طلحة بن مصرف

(1)

: " ع"

ابن عمر بن كعب، الإمام، الحافظ، المقرئ، المجود، شيخ الإسلام، أبو محمد اليامي، الهمداني، الكوفي.

تلا على يحيى بن وثاب، وغيره. وحدث عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، ومرة الطيب، وزيد بن وهب، ومجاهد، وخيثمة بن عبد الرحمن، وذر الهمداني، وأبي صالح السمان، وطائفة.

حدث عنه: ابنه؛ محمد بن طلحة، ومنصور، والأعمش، ومالك بن مغول، وشعبة، وخلق كثير.

قال أبو خالد الأحمر: أخبرت أن طلحة بن مصرف شهر بالقراءة، فقرأ على الأعمش لينسلخ ذلك الاسم عنه، فسمعت الأعمش يقول: كان يأتي، فيجلس على الباب حتى أخرج، فيقرأ، فما ظنكم برجل لا يخطئ ولا يلحن.

وقال موسى الجهني: سمعت طلحة بن مصرف يقول: قد أكثرتم على في عثمان، ويأبى قلبي إلا أن يحبه.

وعن عبد الملك بن أبجر، قال: ما رأيت طلحة بن مصرف في ملأ إلا رأيت له الفضل عليهم.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 308"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3080"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2080 و 2082"، حلية الأولياء "5/ 14"، "الكاشف "2/ ترجمة 2500"، تاريخ الإسلام "4/ 260"، تهذيب التهذيب "5/ 25"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3202"، شذرات الذهب "1/ 145".

ص: 498

وقال الحسن بن عمرو: قال لي طلحة بن مصرف: لولا أني على وضوء، لأخبرتك بما تقول الرافضة.

قال فضيل بن غزوان: قيل لطلحة بن مصرف: لو ابتلت طعاما، ربحت فيه.

قال: إني أكره أن يعلم الله من قلبي غلا على المسلمين.

وقال فضيل بن عياض: بلغني عن طلحة أنه ضحك يوما، فوثب على نفسه، وقال: ولم تضحك؟ إنما يضحك من قطع الأهوال، وجاز الصراط. ثم قال: آليت أن لا أفتر ضاحكا حتى أعلم بم تقع الواقعة. فما رئى ضاحكا حتى صار إلى الله.

ابن عيينة، عن أبي جناب: سمعت طلحة بن مصرف يقول: شهدت الجماجم

(1)

، فما رميت، ولا طعنت، ولا ضربت، ولوددت أن هذه سقطت ها هنا ولم أكن شهدتها.

قال ليث بن أبي سليم: حدثت طلحة بن مصرف في مرضه: أن طاوسا كره الأنين، فما سمع طلحة يئن حتى مات.

وقال شعبة: كنا في جنازة طلحة بن مصرف، فأثنى عليه أبو معشر، وقال: ما خلَّف مثله.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان طلحة يحرم النبيذ. قلت: وكان يحب عثمان رضي الله عنه فهاتان خصلتان عزيزتان في الرجل الكوفي.

توفى طلحة في آخر سنة اثنتي عشرة ومائة.

(1)

أي موضع الواقعة التي كانت بين عبد الرحمن بن الأشعث والحجاج، وكانت الغلبة فيها للحجاج وكانت هذه الواقعة سنة 82 أو 83 هـ قرب الكوفة.

ص: 499

‌686 - أبو الزاهرية

(1)

: " م، د، س، ق"

حدير بن كريب الحمصي إمام مشهور، من علماء الشام. سمع: أبا أمامة الباهلي، وعبد الله بن بسر، وجبير بن نُفير، وطائفة. وأرسل عن: أبي الدرداء، وحذيفة بن اليمان، وجماعة.

روى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسعيد بن سنان، وأحوص بن حكيم، ومعاوية بن صالح، وآخرون.

قال أحمد بن محمد بن عيسى في "تاريخه": زعموا أنه أدرك أبا الدرداء، وكان أميا لا يكتب. وثقه: يحيى بن معين، وغيره.

قتيبة: حدثنا شهاب بن خراش، عن حميد بن أبي الزاهرية، عن أبيه، قال: أغفيت في صخرة بيت المقدس، فجاءت السدنة، فاغلقوا على الباب، فما انتبهت إلا بتسبيح الملائكة، فوثبت مذعورا، فإذا المكان صفوف، فدخلت معهم في الصف.

قال أبو عبيد، وغيره: مات أبو الزاهرية سنة مائة، وقال المدائني: في خلافة عمر بن عبد العزيز. وقال ابن سعد، وشباب: توفي سنة سبع عشرة ومائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 450"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 340"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 448" و "3/ 203"، الكنى للدولابي "1/ 183"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1313"، الحلية لأبي نعيم "6/ 100"، تاريخ الإسلام "5/ 193"، تهذيب التهذيب "2/ 218"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1709".

ص: 499

‌687 - القاسم

(1)

: " (4) "

ابن عبد الرحمن الإمام، محدث دمشق. أبو عبد الرحمن الدمشقي، مولى عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية الأموي، وهو القاسم بن أبي القاسم. يرسل كثيرا عن: قدماء الصحابة؛ كعلي، وتميم الداري، وابن مسعود. ويروى عن: أبي هريرة، وفضالة بن عبيد، ومعاوية، وأبي أمامة، وعدة.

حدث عنه: يحيى بن الحارث الذماري، وثور بن يزيد، وعبد الله بن العلاء بن زبر، ومعاوية بن صالح، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وخلق.

قال ابن سعد: هو مولى أم المؤمنين أم حبيبة. وقيل: مولى معاوية. له حديث كثير، وفي بعض حديث الشاميين: أن القاسم أدرك أربعين بدريا.

ذكر البخاري في "تاريخه": أنه سمع عليا، وابن مسعود، وهذا من وهم البخاري. وقال يحيى بن معين: ثقة.

وروى ابن شابور، عن يحيى الذماري: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يقول: لقيت مائة من الصحابة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 449 - 250"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 712"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 375"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 649"، المجروحين لابن حبان "2/ 211"، الكاشف "2/ ترجمة 4587"، ميزان الاعتدال "3/ 373"، تهذيب التهذيب "8/ 322"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5785"ن شذرات الذهب "1/ 145".

ص: 500

وروى يحيى بن حمزة، عن عروة بن رويُم، عن القاسم أبي عبد الرحمن، قال: قدم علينا سلمان الفارسي دمشق. قلت: أنكر أحمد بن حنبل هذا، وقال: كيف يكون له هذا اللقاء، وهو مولى لخالد بن يزيد.

عبد الله بن صالح: حدثنا معاوية بن صالح، عن سليمان أبي الربيع، عن القاسم، قال: رأيت الناس مجتمعين على شيخ، فقلت: من هذا؟ فقالوا: سهل ابن الحنظلية.

قال دحيم: كان القاسم مولى جويرية بنت أبي سفيان، فورثت.

قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ما رأيت أحدًا أفضل من القاسم أبي عبد الرحمن؟ كنا بالقسطنطينية، وكان الناس يرزقون رغيفين رغيفين، فكان يتصدق برغيف، ويصوم ويفطر على رغيف. وقال أحمد بن حنبل: في حديث القاسم مناكير مما ترويه الثقات. وقال ابن سعد: منهم من يضعفه.

وقال أحمد: حديث القاسم عن أبي أمامة: "الدباغ طهور" هذا منكر. وقال أحمد أيضًا: روى عنه علي بن يزيد أعاجيب، وما أراها إلا من قبل القاسم.

وقال ابن حبان: يروى عن الصحابة المعضلات، وكان يزعم أنه لقي أربعين بدريا.

وقال جماعة، عن ابن معين: ثقة. وقال أبو إسحاق الجوزجاني: كان خيارا، فاضلا، أدرك أربعين من المهاجرين والأنصار. وقال الترمذي: ثقة. قال ابن سعد، وغيره: مات سنة اثنتي عشرة ومائة.

ص: 501

‌688 - القاسم

(1)

: " ح، (4) "

ابن عبد الرحمن بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود الهذلي الإمام، المجتهد قاضي الكوفة، أبو عبد الرحمن الكوفي، عم القاسم بن معن الفقيه.

ولد في صدر خلافة معاوية. وحدث عن: أبيه، وعبد الله بن عمر، وجابر بن سمرة، ومسروق، وطائفة.

روى عنه: الأعمش، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، والمسعودي، ومسعر بن كدام، وآخرون.

وثقه يحيى بن معين، وغيره وقال ابن المديني: لم يلق ابن عمر قال الأعمش: كنت أجلس إليه وهو قاض. وقال محارب بن دثار: صحبناه إلى بيت المقدس، ففضلنا بكثرة الصلاة وطول الصمت والسخاء. قلت: وما كان يأخذ على القضاء رزقا، كان في كفاية.

قال ابن عيينة: قلت لمسعر: من أشد من رأيت توقيا للحديث? قال القاسم بن عبد الرحمن قال ابن قانع: توفي سنة ست عشرة ومائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 303"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 710"، الجرح والتعديل "7/ ترجمته 647"، الكاشف "2/ ترجمة 4586"، تاريخ الإسلام "6/ 269"، ميزان الاعتدال "3/ 374"، تهذيب التهذيب "8/ 321"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5784".

ص: 501

‌689 - عمرو بن مُرة

(1)

: " ع"

ابن عبد الله بن طارق بن الحارث بن سلمة بن كعب بن وائل بن جمل ابن كنانة بن ناجية بن مراد، الإمام، القدوة، الحافظ، أبو عبد الله المرادي ثم الجملي، الكوفي، أحد الأئمة الأعلام.

حدث عن: عبد الله بن أبي أوفى وأرسل عن: ابن عباس وغيره. وروى عن أبي وائل، وسعيد بن المسيب، وابن أبي ليلى، وعمرو بن ميمون الأودي، ومرة الطيب، وخيثمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن جبير، وهلال بن يساف، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ويوسف بن ماهك، وأبي البختري الطائي، وإبراهيم النخعي، وأبي عمر زاذان وسالم بن أبي الجعد، وعبد الله بن سلمة، وأبي الضحى، ومصعب بن سعد، وأبي بردة، وخلق كثير.

حدث عنه: أبو إسحاق السبيعي -وهو من طبقته- والأعمش، وإدريس بن يزيد، والعوام بن حوشب، ومنصور بن المعتمر، وأبو خالد الدالاني، وحصين بن عبد الرحمن وهو من أقرانه، وزيد بن أبي أنيسة وشعبة، والثوري، وقيس بن الربيع، ومسعر، وخلق سواهم.

قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث. وقال سعيد بن أبي سعيد الرازي: سئل أحمد بن حنبل عنه، فزكاه وروى الكوسج، عن ابن معين: ثقة وقال أبو حاتم ثقة يرى الإرجاء. قال الحسن بن محمد الطنافسي، عن حفص بن غياث، ما سمعت الأعمش يثني على أحد إلَّا على عمرو بن مرة، فإنه كان يقول: كان مأمونا على ما عنده قال بقية:

(1)

ترجمته ي طبقات ابن سعد "6/ 315"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2662"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1421"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 105"، الكاشف "2/ ترجمة 4297"، العبر "1/ 234" تاريخ الإسلام "4/ 286"، ميزان الاعتدال "3/ 228"، تهذيب التهذيب "8/ 102"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5382"، شذرات الذهب "1/ 152".

ص: 502

قلت لشعبة: عمرو بن مرة؟ قال: كان أكثرهم علما. وروى: معاذ بن معاذ، عن شعبة قال: ما رأيت أحدا من أصحاب الحديث إلَّا يدلس، إلا عمرو بن مرة، وابن عون.

أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، وأحمد بن عبد الرحمن، قالا: أنبأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت السجزي، أنبأنا عبد الرحمن بن عفيف سنة سبع وسبعين وأربع ومائة، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عبد الرحمن بن غزوان، أبو نوح قال: سمعت شعبة يقول: ما رأيت عمرو بن مرة في صلاة قط، إلَّا ظننت أنه لا ينفتل حتى يستجاب له.

وبه إلى البغوي: حدثنا الأشج، حدثنا عبد العزيز القرشي، عن مسعر، قال: لم يكن بالكوفة أحب إلي ولا أفضل من عمرو بن مرة.

وبه حدثني أحمد بن زهير، حدثني نصر بن المغيرة، قال سفيان بن عيينة: قلت لمسعر: من أفضل من أدركت؟ قال: ما كان أفضل من عمرو بن مرة.

وبه حدثني أحمد، حدثنا علي بن الجعد أنبأنا شعبة، قال: كنت مع عمرو بن مرة إلى المسجد، وكان ضريرا.

وبه حدثني أحمد، حدثنا ابن الأصبهاني، حدثنا عبد السلام، عن أبي خالد الدالاني، قال: قلت لعمرو بن مرة: تحدث فلانا وهو كذا وكذا. قال: إنما استودعنا شيئا فنحن نؤديه.

وبه حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير عن مغيرة قال: لم يزل في الناس بقية حتى دخل عمرو بن مرة في الإرجاء فتهافت الناس فيه.

وبه حدثني عبد الله بن سعيد الأشج، حدثنا أحمد بن بشير، حدثنا مسعر: سمعت عبد الملك بن ميسرة ونحن في جنازة عمرو بن مرة، وهو يقول: إني لأحسبه خير أهل الأرض.

وروى مسعر، عن عمر، قال: عليكم بما يجمع الله عليه المتفرقين، يريد -والله أعلم: الإجماع والمشهور.

روى عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن مسعر، قال: كان عمرو بن مرة من معادن الصدق.

أبو حاتم الرازي، عن حماد بن زاذان، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: حفاظ الكوفة أربعة: عمرو بن مرة، ومنصور، وسلمة بن كهيل، وأبو حصين.

ص: 503

أحمد بن سنان، عن عبد الرحمن قال: أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم فمن اختلف عليهم، فهو مخطئ منهم عمرو بن مرة.

قال أبو نعيم، وأحمد بن حنبل: مات عمرو سنة ست عشرة ومائة. وقيل: مات سنة ثماني عشرة.

ومن حديثه: أخبرنا ابن البخاري، وجماعة كتابة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا عبد الوهاب الحافظ، أنبأنا ابن هزارمرد، أنبأنا ابن حبابة أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة عن عمرو بن مرة، سمعت عبد الله بن أبي أوفى، وكان من أصحاب الشجرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة، قال:"اللهم صل عليهم". فأتاه أبي بصدقته فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفى"

(1)

.

وبه عن عمرو بن مرة، قال: صليت خلف سعيد بن جبير، فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ {وَلا الضَّالِّين} ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} وكان لا يتم التكبير ويسلم تسليمة واحدة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة، عن عمرو بن مرة: سمعت يحيى بن الجزار، عن ابن عباس قال جئت أنا وغلام من بني هاشم على حمار، فمررنا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فنزلنا عنه وتركناه يأكل من بقل الأرض -أو من نبات الأرض- فدخلنا معه في الصلاة، فقال رجل: أكان بين يديه عنزة؟ قال: لا

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق "6957"، وأحمد "4/ 353 و 355 و 381 و 388"، والطيالسي "819"، والبخاري "1497" و "4166" و "6332" و "6359"، ومسلم "1078"، وأبو داود "1590" والنسائي "5/ 31"، وأبو نعيم في "الحلية""5/ 96"، والبيهقي "2/ 152"، و "4/ 157"، من طرق عن شعبة بن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي أوفى يقول: فذكره.

(2)

صحيح: وقد تقدم تخريجنا له. وهو عند مالك "1/ 155 - 156"، والبخاري، ومسلم "504" عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس يمنى، فمررت بين يدي الصف، فنزلت، فأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحدٌ".

ص: 504

‌690 - سعيد بن عمرو

(1)

: " خ، م"

ابن سعيد بن العاص بن أبي أحيحة القرشي، الأموي، المدني، نزيل الكوفة. كان مع أبيه عمرو الاشدق، إذ تملك دمشق ثم أمنه عبد الملك، وغدر به فذبحه فسار سعيد بآله إلى المدينة.

حدث عن: أبي هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وأم خالد بنت خالد، ووالده.

روى عنه: بنوه؛ عمرو، وإسحاق، وخالد، وحفيده؛ عمرو بن يحيى، وشعبة، وآخرون.

وثقه النسائي، وغيره. وكان من سروات قومه، وعلمائهم. وفد على الوليد ابن يزيد في خلافته، سنة ست وعشرين ومائة، وقد أسن.

‌691 - يعلى بن عطاء

(2)

: (م، 4)

العامري شيخ، ثقة طائفي، سكن واسط. يروي عن: أبيه ووكيع بن عدس، وعمارة بن حديد، وعمرو بن الشريد، وجماعة كثيرة.

حدث عنه: شعبة، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة، وشريك، وهشيم.

وثقه أحمد بن حنبل. توفي سنة عشرين ومائة.

‌692 - القاسم بن مُخيمرة

(3)

: (خت، م، 4)

الإمام، القدوة، الحافظ، أبو عروة الهمداني، الكوفي، نزيل دمشق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 327"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1662"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 209"، تاريخ الإسلام "4/ 252" و "5/ 79"، الكاشف "1/ ترجمة 1957"، تهذيب التهذيب "4/ 68"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2515".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 520" و "7/ 310"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3538"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1302"، الكاشف "3/ ترجمة 6533"، تاريخ الإسلام "5/ 20"، تهذيب التهذيب "11/ 403".

(3)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 303"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 743"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 684"، حلية الأولياء "6/ 79 - 80"، الكاشف "2/ ترجمة 4602"، تاريخ الإسلام "4/ 294"، تهذيب التهذيب "8/ 337"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5809"، شذرات الذهب "1/ 144".

ص: 505

حدث عن: عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي. وعن: علقمة بن قيس، وعبد الله بن عكيم، وشريح بن هانئ، ووراد كاتب المغيرة، وأبي عمار الهمداني، وسليمان بن بريدة، وأبي بردة بن أبي موسى، وأبي مريم الأزدي، وطائفة. وليس هو بالمكثر.

حدث عنه: أبوه؛ إسحاق السبيعي، وسلمة بن كهيل، والحكم، وسماك بن حرب، وعلقمة بن مرثد، وهلال بن يساف مع تقدمه وأبو حصين، وابن أبي خالد، وحسان بن عطية ويزيد بن أبي زياد والحسن بن الحر ويزيد بن أبي مريم الشامي، والأوزاعي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ومحمد بن عبد الله الشعيثي، وسعيد بن عبد العزيز، وزيد بن واقد، والضحاك بن عبد الرحمن بن حوشب النصري، ويزيد بن يزيد، بن جابر، وخلق سواهم.

ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل الكوفة، قال: وكان ثقة، وله أحاديث. وروى: عباس عن يحيى بن معين، قال: هو كوفي، وذهب إلى الشام، ولم نسمع أنه سمع من أحد من الصحابة. وقال يحيى وأبو حاتم والعجلي: ثقة. وقال: أبو حاتم: ثقة، صدوق، كوفي، كان معلما بالكوفة، ثم سكن الشام.

وقال إسماعيل بن أبي خالد: كنا في كتاب القاسم بن مخيمرة، فكان يعلمنا ولا يأخذ منا.

وروى محمد بن كثير، عن الأوزاعي، قال: كان القاسم بن مخيمرة يقدم علينا ها هنا متطوعا فإذا أراد أن يرجع استأذن الوالي، فقيل له: أرأيت إن لم يأذن لك؟ قال: إذا أقيم ثم قرأ {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوه} . [النور: 62].

وروى أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، نحو ذلك. وزاد فيها: ويقول: من عصى من بعثه، لم تقبل له صلاة حتى يرجع.

وقال علي بن أبي حملة: ذكر الوليد بن هشام القاسم بن مخيمرة لعمر بن عبد العزيز، فأرسل إليه فدخل عليه فقال: سل حاجتك. قال: يا أمير المؤمنين قد علمت ما يقال في المسألة قال: ليس أنا ذاك، إنما أنا قاسم سل حاجتك. قال: تلحقني في العطاء قال: قد ألحقناك في خمسين فسل حاجتك. قال: تقضي عني ديني. قال: قد قضيناه فسل حاجتك قال: تحملني على دابة. قال: قد حملناك فسل. قال: تلحق بناتي في العيال قال: قد فعلنا فسل حاجتك قال: أي شيء بقي فقال: قد أمرنا لك بخادم فخذها من عند أخيك الوليد بن هشام.

ص: 506

وروى سعيد بن عبد العزيز، عن القاسم بن مخيمرة، قال: لم يجتمع على مائدتي لونان من طعام قط، وما أغلقت بابي قط ولي خلفه هم.

قال الأوزاعي: أتى القاسم بن مخيمرة عمر بن عبد العزيز، ففرض له وأمر له بغلام، فقال: الحمد لله الذي أغناني عن التجارة. وكان له شريك، كان إذا ربح قاسم شريكه ثم يقعد في بيته لا يخرج حتى يأكله.

وقال عمر بن أبي زائدة: كان القاسم بن مخيمرة إذا وقعت عنده الزيوف، كسرها، ولم يبعها.

وقال الأوزاعي: عن موسى بن سليمان بن موسى، عن القاسم بن مخيمرة، قال: من أصاب مالا من مأثم، فوصل به، أو تصدق به، أو أنفقه في سبيل الله، جمع ذلك كله في نار جهنم.

وقال محمد بن عبد الله الشعيثي: كان القاسم بن مخيمرة يدعو بالموت، فلما حضره الموت، قال لأم ولده: كنت أدعو بالموت، فلما نزل بي، كرهته قلت: هكذا يتم لغالب من يتمنى الموت والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يتمنى أحدنا الموت لضر نزل به، وقال:"ليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي"

(1)

.

قال المدائني، والهيثم، وشباب، وطائفة: مات القاسم بن مخيمرة في خلافة عمر بن عبد العزيز بدمشق. وقال الفلاس، والمفضل الغلابي: سنة مائة وقال: ابن معين: سنة مائة، أو إحدى ومائة.

أبو مسهر: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: قال القاسم بن مخيمرة: ما اجتمع على مائدتي لونان.

وقال ابن جابر: رأيت القاسم بن مخيمرة يجيب إذا دُعي، ولايأكل إلَّا من لون واحد.

قال الأوزاعي: كان القاسم يقدم علينا مرابطا، متطوعا، وسمعته يقول: لأن أطأ على سنان محمي ينفذ من قدمي، أحب إلي من أن أطأ على قبر مؤمن متعمدا

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 101 و 281"، والبخاري "6351"، ومسلم "2680""10"، وأبو داود "3108"، والترمذي "2971"، والنسائي "4/ 3"، وفي "عمل اليوم والليلة" "1057" من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي".

وأخرجه أحمد "3/ 163 و 195 و 208 و 247"، والبخاري "5671"، ومسلم "2680"، والنسائي "4/ 4 "، والبيهقي "3/ 377"، والبغوي "1444"، من طرق عن ثابت، عن أنس، به.

(2)

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر؛ ففي الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر" أخرجه أحمد "2/ 311 و 389 و 444 و 528"، ومسلم "971"، وأبو داود "3228"، والنسائي "4/ 95"، وابن ماجه "1566"، والبيهقي "4/ 79"، والبغوي "1519" من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

ص: 507

‌693 - ثُمَامة

(1)

: " ع"

ابن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري.

روى عن: جده، والبراء بن عازب.

وعنه: ابن عون، و معمر، وعزرة بن ثابت، ومعاوية بن عبد الكريم الضال، وأبو عوانة، وعدة.

وكان من العلماء الصادقين، ولي قضاء البصرة، وكان يقول: صحبت جدي ثلاثين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 239"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2119"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 504" و 2/ 244"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1893"، تاريخ الإسلام "4/ 237" تهذيب التهذيب "2/ 28".

ص: 508

‌694 - معبد

(1)

: " ع"

ابن خالد الجدلي الكوفي العابد، قاص الكوفة، وأحد الأثبات، أبو القاسم.

حدث عن: جابر بن سمرة، والمستورد بن شداد، وحارثة بن وهب، ومسروق، وعبد الله بن شداد، وجماعة.

روى عنه: مسعر، وحجاج بن أرطاة، وشعبة، والثوري، وغيرهم. وثقه: غير واحد.

مات سنة ثمان عشرة ومائة رحمه الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 318"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1744"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 89 و 226"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1284"، الكاشف "3/ ترجمة 5637"، تاريخ الإسلام "4/ 305"، تهذيب التهذيب "10/ 221"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة رقم 7095"، شذرات الذهب "1/ 156".

ص: 508

‌695 - جامع بن شداد

(1)

: " ع"

الإمام، الحجة، أبو صخرة المحاربي، أحد علماء الكوفة.

حدث عن: صفوان بن محرز، وحمران بن أبان، وأبي بردة بن أبي موسى، وجماعة.

حدث عنه: الأعمش، ومسعر، وشعبة، وسفيان، وشريك، وآخرون.

وثقه أبو حاتم، وغيره. وهو من أقران الأعمش، وإنما قدمته؛ لأنه قديم الموت. توفي: سنة ثمان عشرة ومائة.

‌696 - علقمة بن مَرْثَد

(2)

: " ع"

الإمام، الفقيه الحجة، أبو الحارث الحضرمي، الكوفي.

حدث عن: أبي عبد الرحمن السلمي، وطارق بن شهاب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعد بن عبيدة، وأمثالهم. عداده في صغار التابعين، ولكنه قديم الموت.

حدث عنه: غيلان بن جامع، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وشعبة، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام، والمسعودي، وآخرون.

قال الإمام أحمد: هو ثبت في الحديث.

قلت: توفي سنة عشرين ومائة.

‌697 - علي بن زيد

(3)

: "4، م مقرونًا"

ابن جدعان، الإمام العالم الكبير، أبو الحسن القرشي، التيمي، البصري، الأعمى.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 318"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2322"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2201"، تاريخ الإسلام "4/ 237"، تهذيب التهذيب "2/ 56".

(2)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 331"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 180"، الجرح والتعدليل "6/ ترجمة 2269"، تاريخ الإسلام "4/ 281"، العبر "1/ 271"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 3931"، تهذيب التهذيب "7/ 278"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4937"، شذرات الذهب "1/ 157".

(3)

أخرج له مسلم مقرونا بغيره. ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2389"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1021"، تاريخ الإسلام "5/ 111 و 283"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 133"، الكاشف "2/ ترجمة 3975"، ميزان الاعتدال "3/ 127"، تهذيب التهذيب "7/ 322"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4985"، شذرات الذهب "1/ 176".

ص: 509

ولد -أظن في دولة يزيد. وحدث عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وأبي عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وأبي قلابة، والحسن، والقاسم بن محمد، وعدة.

حدث عنه: شعبة، وسفيان، وحماد بن سلمة، وعبد الوارث وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وإسماعيل بن علية، وشريك، وعدة.

ولد أعمى كقتادة، وكان من أوعية العلم، على تشيع قليل فيه، وسوء حفظ يغضه من درجة الإتقان.

قال أبو زرعة، وأبو حاتم: ليس بقوي. وقال البخاري، وغيره: لا يحتج به. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. وقال الترمذي: صدوق، وكان ابن عيينة يلينه. وقال شعبة: حدثنا علي بن زيد، وكان رفاعا. وقال مرة: حدثنا قبل أن يختلط.

وقال حماد بن زيد: أنبأنا علي بن زيد وكان يقلب الأحاديث. وقال الفلاس: كان يحيى بن سعيد يتقيه. وقال أحمد بن حنبل: ضعيف. وروى: عباس، عن يحيى: ليس بشيء. ومرة قال: هو أحب إلي من ابن عقيل، وعاصم بن عبيد الله.

وروى عثمان الدارمي، عن يحيى: ليس بذاك القوي. وقال العجلي: كان يتشيع، ليس بالقوي.

وقال الفسوي: اختلط في كبره. وقال الدارقطني: لا يزال عندي فيه لين.

قلت: قد استوفيت أخباره في "الميزان" وغيره، وله عجائب ومناكير، لكنه واسع العلم. قال منصور بن زاذان: لما مات الحسن قلنا لعلي بن زيد: اجلس مكانه وقال الجريري: أصبح فقهاء البصرة عميانا: قتادة، وابن جدعان وأشعث الحداني.

مات علي سنة إحدى وثلاثين ومائة.

ص: 510

‌698 - الحكم بن عُتَيْبَة

(1)

: " ع"

الإمام الكبير، عالم أهل الكوفة، أبو محمد الكندي مولاهم، الكوفي ويقال أبو عمرو. ويقال: أبو عبد الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 331"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2654"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 567"، تاريخ الإسلام "4/ 242"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 102"، العبر "1/ 143"، تهذيب التهذيب "2/ 432"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1555"، شذرات الذهب "1/ 151".

ص: 510

حدث عن: أبي جحيفة السوائي، وشُريح القاضي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي وائل شقيق بن سلمة، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، ومصعب بن سعد، وطاوس، وعكرمة، ومجاهد، وأبي الضحى، وعلي بن الحسين، وأبي الشعثاء المحاربي، وعامر الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، والحسن بن مسلم، وعمرو بن ميمون الأودي، ومقسم وأبي عمر الصيني، وعراك بن مالك، ويحيى بن الجزار، وخيثمة بن عبد الرحمن، وسالم بن أبي الجعد، وقيس بن أبي حازم، وعمرو بن نافع، وأبي صالح السمان، وإبراهيم التيمي، وخلق سواهم.

وعنه: منصور، والأعمش، وزيد بن أبي أنيسة، وأبان بن تغلب، ومسعر ابن كدام، ومالك بن مغول، والأوزاعي، وحمزة بن حبيب الزيات، وشعبة، وقيس بن الربيع، وأبو عوانة، ومعقل بن عبيد الله، وآخرون.

قال أحمد بن حنبل: هو من أقران إبراهيم النخعي، ولدا في عام واحد. قلت: ما عيَّن السنة، وهي نحو سنة ست وأربعين.

كتب إلي من سمع أبا حفص المعلم: أنبأنا ابن المبارك، أنبأنا أبو محمد الخطيب، أنبأنا ابن حبابة، حدثنا البغوي، حدثنا محمد بن غيلان، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، قال: كان ابن شهاب في أصحابه بمنزلة الحكم في أصحابه.

قال الأوزاعي: حججت، فلقيت عبدة ابن أبي لبابة، فقال لي: هل لقيت الحكم؟ قلت: لا قال: فالقه، فما بين لابتيها أفقه منه.

قال أحمد بن حنبل: هو أثبت الناس في إبراهيم.

قال سفيان بن عيينة: ما كان بالكوفة مثل الحكم، وحماد بن أبي سليمان.

قال عباس الدوري: كان الحكم صاحب عبادة وفضل. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان الحكم ثقة، ثبتا فقيها، من كبار أصحاب إبراهيم، وكان صاحب سنة واتباع.

قال سليمان الشاذكوني: حدثنا يحيى بن سعيد، سمعت شعبة يقول: كان الحكم يفضل عليا على أبي بكر وعمر، قلت: الشاذكوني ليس بمتعمد، وما أظن أن الحكم يقع منه هذا.

وروى أبو إسرائيل الملائي، عن مجاهد بن رومي، قال: ما كنت أعرف فضل الحكم إلَّا إذا اجتمع علماء الناس في مسجد منى، نظرت إليهم، فإذا هم عيال عليه.

وبإسنادي إلى البغوي: حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا ابن نمير، حدثنا ابن إدريس،

ص: 511

عن أبيه، قال: رأيت الحكم وحمادًا في مجلس محارب، وهو على القضاء، أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، فينظر إلى هذا مرة، وإلى هذا مرة. قال شعبة: أحاديث الحكم عن مقسم كتاب سوى خمسة أحاديث. ثم قال يحيى القطان: هي حديث الوتر، وحديث القنوت وحديث عزيمة الطلاق، وجزاء الصيد، وإتيان الحائض.

ثم قال يحيى: والحجامة للصائم ليس بصحيح.

حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا بهز، وأبو داود، قالا: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي: صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم بالقاحة. لم يقل بهز بالقاحة

(1)

.

حدثناأحمد بن حنبل، قال: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم- يعني: حديث الحجامة.

حدثنا أبو خيثمة، حدثنا محمد بن خازم، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، قال: والله إن الذي يفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون. قال الأعمش: قال لي الحكم لو سمعت هذا منك قبل اليوم، ما كنت أفتي في كثير مما كنت أفتي.

حدثنا أحمد بن محمد القاضي، حدثنا مسلم، حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: خرجت على جنازة وأنا غلام، فصلى عليها زيد بن أرقم، فسمعت الناس يقولون: كبر عليها أربعا.

وقال معقل بن عبيد الله: قلت للحكم: يا أبا محمد.

قال علي بن المديني: قلت ليحيى: أي أصحاب إبراهيم أحب إليك? قال: الحكم ومنصور ما أقربهما! قال المدائني: الحكم بن عتيبة كندي. ويقال: أسدي مولى.

قال حجاج بن محمد: سمعت أبا إسرائيل يقول: إن أول يوم عرفت فيه الحكم يوم مات الشعبي، جاء إنسان يسأل عن مسألة، فقالوا عليك بالحكم بن عتيبة.

أحمد بن زهير: حدثنا ابن معين حدثنا جرير، عن مغيرة قال: كان الحكم إذا قدم المدينة فُرغت له سارية النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليها.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 244"، والطبراني في "الكبير""12053"، من طريق شعبة عن الحكم، به.

قوله: "القاحة" موضع يبعد عن المدينة حوالي خمسة وتسعين كيلوا متر تقريبًا في الجنوب الغربي منها.

ص: 512

حميد بن عبد الرحمن: سمعت ابن أبي ليلى يقول: كان الشعبي يقول: ما قالت الصعافقة

(1)

ما قال الناس -يعني: الحكم.

وقال ضمرة، عن الأوزاعي: لقيت الحكم بمنى، فإذا رجل حسن السمت مُتقنعا.

وقال أبو همام: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني الأوزاعي، قال: قال لي يحيى بن أبي كثير ونحن بمنى: لقيت الحكم بن عتيبة؟ قلت: نعم. قال: ما بين لابتيها أحد أفقه منه. قال: وبها عطاء وأصحابه.

وقال أبو نعيم: حدثنا الأعمش، عن الحكم، قال لرجل: أنت مثل الطير الذي يرى الكواكب في السماء يحسب أنها سمك.

وقال ابن إدريس: سألت شعبة: متى مات الحكم? قال: سنة خمس عشرة ومئة قال ابن إدريس: فيها ولدت وفيها أرخه: أبو نعيم، وغيره وقيل: سنة أربع عشرة وليس بشيء.

أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الخالق بن عبد السلام، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا أحمد بن عبد الغني، أنبأنا نصر بن أحمد أنبأنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا محمد -هو ابن جعفر- حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبي رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة، فقال: لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها. فقال: حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه سلم- فسأله فقال:"إن الصدقة لا تحل لنا وإن مولى القوم من أنفسهم".

هذا حديث صحيح، غريب، أخرجه: أبو داود، والترمذي، والنسائي

(2)

، من رواية شعبة، فوقع لنا عاليا. وابن أبي رافع: هو عبيد الله.

(1)

الصعافقة: الذين يحضرون السوق وليس معهم مال، والمقصود أنهم ليسوا ذوي علم.

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود "1650"، والترمذي "657"، والنسائي "5/ 107"، وأحمد "6/ 8 و 10".

ص: 513

‌699 - ابن أبي المهاجر

(3)

: " خ، م، د، س، ق"

إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر الإمام الكبير، أبو عبد الحميد الدمشقي، مولى بني مخزوم، ومفقه أولاد عبد الملك الخليفة، من الثقات العلماء.

حدث عن: السائب بن يزيد، وأنس بن مالك، وعبد الرحمن بن غنم، وأم الدرداء، وجماعة.

روى عنه: الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وطائفة.

وثقه أحمد العجلي، وغيره.

قال رجاء بن أبي سلمة، عن معن التنوخي: ما رأيت أحدًا أزهد منه، ومن عمر بن عبد العزيز، وقد كان ولاه عمر المغرب، فأقام بها سنتين، وولوا بعده يزيد بن أبي مسلم.

قال شباب: أسلم عامة البربر في ولاية إسماعيل، وكان حسن السيرة.

وقال أبو مسهر: أدرك إسماعيل بن عبيد الله معاوية وهو غلام. قيل: إن عبد الملك قال له: يا إسماعيل علم ولدي، ولست أعطيك على القرآن، إنما أعطيك على النحو.

مات في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، قبل دخول بني العباس دمشق بالسيف بثلاثة أشهر.

(3)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1158"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 621"، تاريخ الإسلام "5/ 226"، تهذيب التهذيب "1/ 317".

ص: 513

‌700 - أبو يعفور

(1)

: " ع"

العبدي الكوفي، من ثقات التابعين. اسمه: واقد وقيل: وقدان. وهو أبو يعفور الكبير.

حدث عن: ابن عمر، وأنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، ومصعب بن سعد.

روى عنه: شعبة، وإسرائيل، والثوري، وأبو الأحوص، وابنه يونس بن أبي يعفور، وسفيان بن عيينة، وآخرون.

وثقه غير واحد، لم أقع بوفاته.

(1)

ترجمته في ابن سعد "6/ 348"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 800"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 207"، تاريخ الإسلام "5/ 197"، تهذيب التهذيب "11/ 123".

ص: 514

‌701 - أبو قَبيل

(1)

: " ت، س"

المعافري المحدث، حي بن هانئ بن ناضر -بمعجمة- يماني، قدم واستوطن مصر. وروى عن: عقبة بن عامر، وعبد الله بن عمرو، وشُفي بن ماتع.

وعنه: يحيى بن أيوب، والليث بن سعد، وضمام بن إسماعيل، وبكر بن مضر، وجماعة.

وثقه أحمد. روى ضمام، عنه، قال: جاءنا باليمن مقتل عثمان، ففزعنا.

وقيل: اسمه حيي.

قال ابن يونس: مات سنة ثمان وعشرين ومائة.

قلت: لعله جاوز المائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 512"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 267"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "5/ 507"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1227"، تاريخ الإسلام "5/ 195"، ميزان الاعتدال "1/ 624"، تهذيب التهذيب "3/ 72"، شذرات الذهب "1/ 175".

ص: 514

‌702 - زياد بن عِلاقة

(1)

: " ع"

ابن مالك، أبو مالك الثعلبي الكوفي، من الثقات المعمرين.

يقال: إنه أدرك ابن مسعود.

وقد حدث عن: عمه قطبة بن مالك، وجرير بن عبد الله البجلي، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن شريك، وعمرو بن ميمون الأودي، وجماعة.

حدث عنه: شعبة، وسفيان الثوري، وشيبان النحوي، وزائدة، وزهير بن معاوية، وإسرائيل، وأبو عوانة، وأبو الأحوص، وسفيان بن عيينة، وطائفة. وهو أكبر شيخ لابن عيينة.

قال ليث بن أبي سليم: أدرك ابن مسعود. وقال النسائي، وغيره: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق.

قيل: مات سنة خمس وعشرين ومائة. وقيل: مات بعد ذلك بيسير. قلت: أحسبه جاوز المائة، وقع لي حديثه عاليا.

قرأت على علي بن عيسى المعدل، أخبركم محمد بن إبراهيم الفارسي، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو عبد الله الثقفي، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا سعدان، حدثنا ابن عيينة، عن زياد بن علاقة، سمع أسامة بن شريك يقول: شهدت الأعراب يسألون النبي صلى الله عليه وسلم هل علينا من جناح في كذا وكذا؟ فقال: "عباد الله وضع الله الحرج إلا امرأ اقترض من عرض أخيه شيئًا فذاك الذي حرج". قالوا: يا رسول الله، ما خير ما أعطي العبد قال:"خلق حسن"

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 316"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1234"، الكنى للدولابي "2/ 104"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2437"، تاريخ الإسلام "5/ 72"، العبر "1/ 236"، تهذيب التهذيب "3/ 380"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2215"، شذرات الذهب "1/ 166".

(2)

صحيح: أخرجه ابن ماجه "3436" من حديث سفيان، عن زياد بن علاقة، به.

ص: 515

‌703 - سعيد المَقْبُرِي

(1)

: " ع"

الإمام، المحدث، الثقة، أبو سعد سعيد بن أبي سعيد كيسان الليثي مولاهم، المدني، المقبري، كان يسكن بمقبرة البقيع.

حدث عن: أبيه وعن: عائشة وأبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وأم سلمة، وابن عمر وأبي شريح الخزاعي، وأبي سعيد الخدري، وعدة وكان من أوعية الحديث.

حدث عنه: أولاده؛ عبد الله وسعد وابن أبي ذئب، وإسماعيل بن أمية، وزيد بن أبي أنيسة، وعبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، وإبراهيم بن طهمان، والليث بن سعد، وخلق سواهم.

وحديثه مخرج في الصحاح. قال أبو حاتم: صدوق. وقال عبد الرحمن بن حراش: ثقة، جليل، وأثبت الناس فيه الليث. وقال: ابن سعد ثقة، لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين.

قلت: ما أحسبه روى شيئا في مدة اختلاطه، وكذلك لا يوجد له شيء منكر.

توفي: سنة خمس وعشرين ومائة. وقيل: توفي سنة ثلاث وعشرين. وقيل: سنة ست وعشرين، وكان من أبناء التسعين.

وقع لنا من عواليه: أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا أكمل بن أبي الأزهر، أنبأنا أبو القاسم بن البناء أنبأنا محمد بن محمد، أنبأنا أبو بكر بن زنبور، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عيسى بن حماد أنبأنا الليث، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة"

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1585"، الكنى للدولابي "1/ 186"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 251"، تاريخ الإسلام "5/ 80"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 101"، الكاشف "1/ ترجمة 1915" ميزان الاعتدال "2/ 139"، تهذيب التهذيب "4/ 38"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2467" شذرات الذهب "1/ 163".

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 452"، ومسلم "2826""6"، وابن جرير "27/ 183"، وأبو نعيم في "صفة الجنة""401"، من طريق الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، به. =

ص: 516

‌704 - مُحارِب بن دِثار

(1)

: " ع"

ابن كردوس بن قرواش السدوسي الكوفي، الفقيه، قاضي الكوفة، وليها لخالد بن عبد الله القسري.

حدث عن: ابن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد الخطمي، والأسود بن يزيد، وجماعة. وليس حديثه بالكثير.

حدث عنه: زُبيد اليامي، ومسعر، وشعبة، والثوري، وقيس بن الربيع، وعدد كثير.

وكان ثقة، حجة، قال سفيان: ما يخيل إلي أنني رأيت أحدا أفضله على محارب بن دثار.

قال ابن سعد: كان من المرجئة الأولى الذين يرجئون عليا وعثمان إلى أمر الله، ولا يشهدون عليهما بإيمان ولا بكفر.

وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.

قال ابن عيينة: رأيت محاربا يقضي في المسجد. وروى: عبد الله بن إدريس، عن أبيه، قال: رأيت الحكم وحماد بن أبي سليمان في مجلس حُكم محارب بن دثار، أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله.

قال سفيان الثوري: استعمل محارب على القضاء، فبكى أهله وعزل عن القضاء فبكى أهله.

وقال سعد بن الصلت: حدثنا هارون بن الجهم، حدثنا عبد الملك بن عمير، قال: كنت في مجلس قضاء محارب بن دثار، فادعى رجل على رجل، فأنكر، فقال: ألك بينة؟ قال: نعم، فلان فقال خصمه: إنا لله، لئن شهد علي، ليشهدن بزور، ولئن سألتني عنه، لأزكينه. فلما جاء الشاهد، قال محارب: حدثنا ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الطير لتضرب بمناقيرها، وتقذف ما في حواصلها من هول يوم القيامة، وإن شاهد الزور لا تقار قدماه على الأرض حتى يقذف به في النار" ثم قال: بم تشهد؟ قال: قد نسيت، أرجع فأتذكر

(2)

.

توفي محارب في سنة ست عشرة ومائة.

روى زهير بن معاوية، عن أبيه، عن محارب، قال: رأيت عمران بن حطان، فما سأل واحد منا صاحبه عن الهوى. كان عمران خارجيا، وكان محارب يتشيع.

= وأخرجه أحمد "2/ 418"، والحميدي "1131"، والبخاري "4881"، ومسلم "2826""7" وأبو نعيم في "صفة الجنة""403"، والبيهقي في "البعث""268" من طرق عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.

وأخرجه أحمد "2/ 482"، والبخاري "3252"، وأبي جرير "27/ 183"، وأبو نعيم في "صفة الجنة""403"، من طريق فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن عمرة، عن أبي هريرة، به.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 307"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2040"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1899"، الكاشف "3/ ترجمة 5398"، العبر "1/ 253"، تاريخ الإسلام "4/ 297"، ميزان الاعتدال "3/ 441"، تهذيب التهذيب "10/ 49"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7369"، شذرات الذهب "1/ 152".

(2)

منكر: ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال"(4/ ترجمة 9151) في ترجمة هارون بن الجهم بن ثوبر، وقال الذهبي: حدث عنه سعد بن الصلت بحديث منكر، عن عبد الملك بن عمير، به وذكر هذا الحديث.

ص: 517

‌705 - عامر

(1)

: " ع"

ابن عبد الله بن الزبير بن العوام، الإمام، الرباني أبو الحارث الأسدي، المدني، أحد العباد.

سمع أباه، وعمرو بن سليم وعنه: أبو صخرة جامع، وابن عجلان، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وابن جريج، ومالك، وآخرون.

قال أحمد بن حنبل: حدثنا سفيان: أن عامر بن عبد الله اشترى نفسه من الله ست مرات يعني: يتصدق كل مرة بديته.

قال الزبير بن بكار: كان أبوه لما يرى منه يقول: قد رأيت أبا بكر وعمر، لم يكونا هكذا قال مالك: كان عامر يواصل ثلاثا.

قال مصعب: سمع عامر المؤذن وهو يجود بنفسه، فقال: خذوا بيدي. فقيل: إنك عليل! قال أسمع داعي الله، فلا أجيبه. فأخذوا بيده، فدخل مع الإمام في المغرب، فركع ركعة، ثم مات.

القعنبي: سمعت مالكا يقول: كان عامر بن عبد الله يقف عند موضع الجنائز يدعو وعليه قطيفة، فتسقط وما يشعر.

معن، عن مالك، قال: ربما انصرف عامر من العتمة، فيعرض له الدعاء فلا يزال يدعو إلى الفجر.

قلت: مجمع على ثقته.

توفي سنة نيف وعشرين ومائة. وله عدة إخوة: خبيب، ومحمد، وأيوب، وهاشم، وحمزة، وعباد، وثابت.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2951"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1810"، الكاشف "2/ ترجمة 2560"، تاريخ التهذيب "5/ 91"، تهذيب التهذيب "5/ 74"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3270".

ص: 518

‌706 - ثابت بن أسلم

(1)

: " ع"

الإمام، القدوة، شيخ الإسلام، أبو محمد البناني مولاهم، البصري. وبنانة: هم بنو سعد بن لؤي بن غالب. ويقال: هم بنو سعد بن ضُبيعة بن نِزار.

ولد: في خلافة معاوية. وحدث عن: عبد الله بن عمر -وذلك في "مسلم"- وعبد الله بن مغفل المزني -وذلك في "سنن النسائي"- وعن: عبد الله بن الزبير -وذلك في "البخاري" وأبي برزة الأسلمي، وعمر بن أبي سلمة المخزومي ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في "الترمذي" و "النسائي" وأنس بن مالك، ومطرف بن عبد الله، وأبي رافع الصائغ، وأبي بردة الأشعري، وصفوان بن محرز، وأبي عثمان النهدي، والجارود بن أبي سبرة، وشعيب بن محمد وولده؛ عمرو بن شعيب وعبد الله بن رباح الأنصاري، وكنانة بن نعيم وأبي أيوب المراغي، وأبي ظبية الكلاعي، وأبي العالية وحبيب بن أبي ضبيعة الضبعي، وعبد الرحمن بن عباس القرشي، وواقع بن سحبان، ومعاوية بن قرة وشهر بن حوشب، وبكر بن عبد الله المزني، وخلق سواهم.

وكان من أئمة العلم والعمل، رحمة الله عليه.

حدث عنه: عطاء بن أبي رباح -مع تقدمه- وقتادة، وابن جدعان، ويونس بن عبيد، وحبيب بن الشهيد، وحميد الطويل، وسليمان التيمي، وسيار أبو الحكم، وعبد الله بن عبيد

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 232"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2052"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى "2/ 98"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1805"، حلية الأولياء "3/ 180"، تاريخ الإسلام "5/ 50"، تذكرة الحفاظ "1/ 125"، العبر "1/ 260 و 271"، تهذيب التهذيب "2/ 2"، شذرات الذهب "1/ 161"، النجوم الزاهرة "1/ 290".

ص: 519

ابن عمير الليثي، وعبد الله بن المثنى، وأشعث بن براز، وداود بن أبي هند، وعبيد الله بن عمر، ويزيد بن أبي زياد، وابن شوذب، ومعمر، وشعبة، وجرير بن حازم، وسليمان بن المغيرة، وسلام بن مسكين، وحاتم بن ميمون، والحكم بن عطية، وحماد بن سلمة، وحماد بن يحيى الأبح، وبكر بن خنيس، وبكر بن الحكم أبو البشر المزلق، وبحر بن كنيز، وحماد بن زيد، وديلم بن غزوان، وسعيد بن زربى، وسهيل بن أبي حزم، وأبو المنذر سلام بن سليمان القاري، والضحاك بن نبراس، وعبد الله بن الزبير الباهلي، وعبد العزيز بن المختار، ومبارك بن فضالة، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، وهارون بن موسى النحوي، وأبو عوانة الوضاح، وعمارة بن زاذان، وابنه محمد بن ثابت، وجعفر بن سليمان الضبعي، وخلق كثير.

قال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن ثابت، وقتادة، فقال: ثابت تثبت في الحديث، وكان يقص، وقتادة كان يقص، وكان أذكر، وكان مُحدثا من الثقات المأمونين، صحيح الحديث.

وقال أحمد العجلي: ثقة، رجل صالح. وقال النسائي: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: أثبت أصحاب انس بن مالك الزهري، ثم ثابت، ثم قتادة.

وقال ابن عدي: هو من تابعي أهل البصرة، وزهادهم، ومحدثيهم. كتب عنه الأئمة، وأروى الناس عنه حماد بن سلمة، وأحاديثه مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وما وقع في حديثه من النكرة إنما هو من الراوي عنه فقد روى عنه جماعة مجهولون ضعفاء.

قال علي بن المديني حدثني عبد الرحمن -أبو بهز- عن حماد بن سلمة، قال: كنت أسمع أن القصاص لا يحفظون الحديث، فكنت أقلب الأحاديث على ثابت أجعل أنسا لابن أبي ليلى وبالعكس، أشوشها عليه فيجيء بها على الاستواء.

حماد بن زيد: عن أبيه قال: قال أنس: إن للخير أهلا، وإن ثابتا هذا من مفاتيح الخير.

عفان عن حماد بن سلمة، قال: كان ثابت يقول: اللهم إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره فأعطني الصلاة في قبري. فيقال إن هذه الدعوة استجيبت له وإنه رئي بعد موته يصلي في قبره فيما قيل.

قال علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن ثابت: حدثني عبد الله بن مغفل في شأن الحديبية، وصحبت أنس بن مالك أربعين سنة ما رأيت أعبد منه!.

ص: 520

وقيل: بنانة هي والدة سعد بن لؤي بن غالب.

واختلفوا في وفاة ثابت: فعن جعفر بن سليمان، مما رواه البخاري في "تاريخه الأوسط"، عن محمد بن محبوب، عن شيخ له، عنه، قال: مات ثابت، ومالك بن دينار، ومحمد بن واسع سنة ثلاث وعشرين ومائة.

وقال سعيد بن عامر عن الثلاثة: ماتوا في سنة واحدة، قبل الطاعون، أراه بسنتين.

وقال البخاري: حدثنا احمد بن سليمان: سمعت ابن علية، قال: مات ثابت سنة سبع وعشرين ومائة ومات ابن جدعان بعده.

وعن محمد بن ثابت، قال: مات ثابت سنة سبع وعشرين ومائة، وهو ابن ست وثمانين سنة.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا الفتح بن عبد الله، أنبأنا هبة الله بن الحسين، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن الجراح، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد إملاء، حدثنا هدبة بن خالد حدثنا سهيل بن أبي حزم، عن ثابت، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة} [المدثر: 56] قال: "يقول ربكم عز وجل: "أنا أهل أن أتقى فلا يشرك بي غيري، وأنا أهل لمن اتقى ان يشرك بي أن أغفر له"

(1)

.

هذا حديث حسن، غريب أخرجه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه ثلاثتهم من طريق زيد بن الحباب، عن سهيل القطعي فوقع لنا بعلو درجتين.

أخبرنا إسحاق الأسدي، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم،

(1)

ضعيف: أخرجه الترمذي "3325" وابن ماجه "4299"، من طريق زيد بن الحباب بن سهيل بن أبي حزم القطعي، به.

وأخرجه النسائي من طريق المعافي بن عمران عن سهيل القطعي، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته سهيل بن أبي حزم مهران أبو عبد الله القطعي، ضعيف، كما قال الحافظ في "التقريب"، وقد ذكر الحافظ الذهبي سهيل القطيعي هذا في "الميزان" ونقل كلام علماء الجرح والتعديل على تضعيفه، وذهل عنه هنا فحكم عليه بالحسن تساهلًا منه، وتساهله في موافقته للحاكم في تلخيص المستدرك حتى عُرف بهذا التساهل بين علماء الحديث قاطبة يعرف ذلك أصاغر طلاب الحديث بله العلماء الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الحديث الشريف.

ص: 521

حدثنا ابن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد القواريري، حدثنا حماد بن زيد، أخبرني أبي، قال: قال أنس بن مالك يوما: إن للخير مفاتيح، وإن ثابتا من مفاتيح الخير.

وقال غالب القطان، عن بكر المزني: من أراد أن ينظر إلى أعبد أهل زمانه، فلينظر إلى ثابت البناني، فما أدركنا الذي هو أعبد منه، ومن أراد أن ينظر إلى أحفظ أهل زمانه فلينظر إلى قتادة.

وعن ابن أبي رزين، أن ثابتا قال: كابدت الصلاة عشرين سنة، وتنعمت بها عشرين سنة.

روح: حدثنا شعبة، قال: كان ثابت البُناني يقرأ القرآن في كل يوم وليلة، ويصوم الدهر

(1)

.

وقال حماد بن زيد: رأيت ثابتا يبكي حتى تختلف أضلاعه.

وقال جعفر بن سليمان: بكى ثابت حتى كادت عينه تذهب، فنهاه الكحال عن البكاء، فقال: فما خيرهم إذا لم يبكيا. وأبى أن يعالج

(2)

.

وقال حماد بن سلمة: قرأ ثابت: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف: 37]، وهو يصلي صلاة الليل ينتحب ويرددها.

وقال سليمان بن المغيرة: رأيت ثابتا يلبس الثياب الثمينة، والطيالس، والعمائم.

وقال مبارك بن فضالة: دخلت على ثابت، فقال: يا إخوتاه، لم أقدر ان أصلي البارحة كما كنت أصلي، ولم أقدر أن أصوم، ولا أنزل إلى أصحابي فأذكر معهم اللهم إذ حبستني عن ذلك فلا تدعني في الدنيا ساعة

(3)

.

(1)

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الأبد فقال في الحديث الصحيح: "لا صام من صام الأبد" أخرجه البخاري"1977"، ومسلم "1159""186"، من طريق ابن جريج قال: سمعت عطاء يزعم أن العباس أخبره أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: فذكره في حديث طويل.

(2)

هذا يخالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن أسامة بن شريك مرفوعا: "تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم".

أخرجه أحمد "4/ 278"، والطيالسي "1232"، والبخاري في "الأدب المفرد""291"، وأبو داود "3855"، والترمذي "2038"، والطبراني في "الصغير""559"، وفي "الكبير""463، 467 "، و "471 و 474" و "477 - 480"، والحاكم "4/ 399 - 400"، والبيهقي "9/ 343"، والبغوي "3226"، من طرق عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير، فسلمتُ ثم قعدت، فجاء الأعراب من ههنا وههنا، فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: "تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء" الحديث، وإسناده صحيح.

(3)

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت لوقوع الضر بالإنسان فروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد فاعلًا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" أخرجه أحمد "3/ 101 و 281"، والطيالسي "1/ 152"، والبخاري "6351"، ومسلم "2680""10"، وأبو داود "3108"، والترمذي "2971"، والنسائي "4/ 3"، وفي "عمل اليوم والليلة""1057"، وابن ماجه "4265" من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.

ص: 522

‌707 - محمد بن عمرو

(1)

: " ع

ابن عطاء الإمام، أبو عبد الله القرشي، العامري، المدني، أحد الثقات.

حدث عن: أبي حميد الساعدي في عشرة من الصحابة، في وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن: أبي هريرة، وأبي قتادة، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجماعة.

حدث عنه: محمد بن عمرو بن حلحلة، وعمرو بن يحيى المازني، والوليد بن كثير، وابن عجلان، ومحمد بن إسحاق، وعبد الحميد بن جعفر، وابن أبي ذئب، وآخرون.

قال ابن سعد: كانت له هيئة ومروءة، كانوا يتحدثون أنه تفضي إليه الخلافة؛ لهيئته، وعقله، وكماله، لقي ابن عباس، وغيره وكان ثقة له أحاديث. توفي: في آخر خلافة هشام بن عبد الملك.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 577"، والمعرفة والتاريخ "2/ 477"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 131"، الكاشف "3/ ترجمة 5168"، تاريخ الإسلام "4/ 300"، تهذيب التهذيب "9/ 373"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6551"، شذرات الذهب "1/ 144".

ص: 523

‌708 - وهب بن كيسان

(1)

: " ع"

الفقيه، أبو نعيم الأسدي، المدني، المؤدب، من موالي آل الزبير بن العوام.

رأى أبا هريرة. وحدث عن: ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وجابر، وابن الزبير، وعمر بن أبي سلمة.

روى عنه: عبيد الله بن عمر، وهشام بن عروة، وابن إسحاق، ومالك، وآخرون، وثقوه.

مات في سنة سبع وعشرين ومئة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8 ترجمة 2563"، المعرفة والتاريخ "3/ 300"، الكنى للدولابي "1/ 138"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 104"، الكاشف "3/ ترجمة 6223"، تاريخ الإسلام "5/ 179"، تهذيب التهذيب "11/ 166"، شذرات الذهب "1/ 173".

ص: 523

‌709 - نُعَيم بن عبد الله

(1)

: " ع"

المجمر المدني الفقيه، مولى آل عمر بن الخطاب، كان يُبَخِّر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

جالس أبا هريرة مدةً. وسمع أيضا من: ابن عمر، وجابر، وجماعة. وكان من بقايا العلماء.

وثقه أبو حاتم، وغيره.

حدث عنه: العلاء بن عبد الرحمن، وسعيد بن أبي هلال، ومالك بن أنس، وفليح بن سليمان، وهشام بن سعد، ومسلم بن خالد، وآخرون.

روى سعيد بن أبي مريم، عن مالك: سمع نعيما المجمر يقول: جالست أبا هريرة عشرين سنة.

قلت: عاش إلى قريب سنة عشرين ومائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 309"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2310"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 317 و 566" و "2/ 477"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2106"، الكاشف "3/ ترجمة 5965" تاريخ الإسلام "5/ 12"، تهذيب التهذيب "10/ 465"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7544".

ص: 524

‌710 - يزيد بن صهيب

(1)

: " خ، م، د، س، ق"

الفقير أبو عثمان الكوفي، ثقة، مقل.

حدث عن: ابن عمر، وجابر، وأبي سعيد الخدري.

وعنه: الحكم، وعبد الكريم الجزري، وجعفر بن برقان، ومسعر، وعدة. وله وفادة على عمر بن عبد العزيز.

وثقه ابن معين، وأبو زرعة. وقال أبو حاتم: صدوق.

قلت: لقب بالفقير؛ لأنه اشتكا فقار ظهره، وهو من كبار شيوخ أبي حنيفة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 305"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3251"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 209 و 659"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1144"، الكاشف "3/ ترجمة 6433"، تاريخ الإسلام "4/ 212"، تهذيب التهذيب "11/ 338".

ص: 524

‌711 - عبد العزيز بن رُفَيع

(1)

: " ع"

المحدث، الثقة، أبو عبد الله الأسدي، الطائفي، ثم الكوفي.

حدث عن: ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، والقاضي شُريح، وزيد بن وهب، وعبيد بن عمير، وعدة.

روى عنه: شعبة، وسفيان، وأبو الأحوص، وشريك، وجرير بن عبد الحميد، وأبو بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، وآخرون.

وثقه غير واحد. وحديثه: نحو من ستين حديثا.

روى عنه من شيوخه ورفاقه: عمرو بن دينار.

وقيل: إنه قلما تزوج امرأة إلَّا وطلبت الطلاق؛ لكثرة استمتاعه بها، وقد أسن ومات وهو في عشر المائة أو التسعين. توفي في سنة ثلاثين ومائة.

قال البخاري: رأى عائشة، رضي الله عنها.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا ابن قدامة، أنبأنا ابن البطي، أنبأنا الحسين بن طلحة، أنبأنا علي بن محمد المعدل، أنبأنا محمد بن عمرو حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن سويد بن غفلة، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة" قلت: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق قال؟: "وإن زنى وإن سرق"ثلاث مرات. حديث صحيح

(2)

عال.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 323"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1523"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1782"، الكاشف "2/ ترجمة 3434"، تاريخ الإسلام "5/ 102"، تهذيب التهذيب "6/ 337"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4347".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1237"، ومسلم "94"، من طريق واصل الأحدب، عن المعرور بن سُويد، عن أبي ذر، به.

ص: 525

‌712 - عَبْدَةُ بن أبي لُبابة

(1)

: " خ، م، ت، س، ق"

أبو القاسم الأسدي ثم الغاضري مولاهم، الكوفي، التاجر، أحد الأئمة، نزل دمشق.

وحدث عن: ابن عمر، وعلقمة، وسويد بن غفلة، وزِر، وأبي وائل.

روى عنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والأوزاعي، وشعبة، وسفيان بن عيينة، وآخرون، وكان شريكا للحسن بن الحُرِّ، فقدما مكة بتجارة فتصدقا برأس المال أربعين ألفًا قال أحمد بن حنبل: لقي عبدة بن عمر بالشام.

قال الأوزاعي: لم يقدم علينا من العراق أحد أفضل من عبدة وابن الحر.

وروى ابن ثوبان، عن عبدة، قال: كنت في سبعين من أصحاب ابن مسعود، وقرأت عليهم القرآن.

وروى الأوزاعي، عن عبدة، قال: إذا رأيت الرجل لجوجا، مماريا، معجبا، برأيه، فقد تمت خسارته.

قال حسين الجُعَفي: قدم ابن الحر وعبدة في تجارة مكة وبها فاقة، فتصدقا بعشرة آلاف، ففضل خلق من المساكين، فما تخلصوا منهم إلَّا بإنفاق أربعين ألفا، وخرجوا من مكة ليلا.

يروى عن عبدة، قال: ذقت ماء البحر ليلة سبعة وعشرين، فوجدته عذبا.

وروى الأوزاعي، عنه، قال: أقرب الناس إلى الرياء آمنهم منه. وقال رجاء بن أبي سلمة: سمعت عبدة يقول: لوددت أن حظي من أهل الزمان أنهم لا يسألوني عن شيء، ولا أسألهم، إنهم يتكاثرون بالمسائل كما يتكاثر أهل الدراهم بالدراهم مات: في حدود سنة سبع وعشرين ومائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 328"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1877"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 587" و "2/ 407 و 794" و "3/ 101"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 455"، الكاشف "2/ ترجمة 3575"، تاريخ الإسلام "5/ 106"، تهذيب التهذيب "6/ 461"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4523".

ص: 526

‌713 - يونس بن ميسرة

(1)

: " د، ت، ق"

ابن حلبس أبو عبيد، وأبو حلبس الجُبلاني، الأعمى، عالم دمشق، وأخو أيوب، ويزيد. طال عمره وحدث عن: معاوية، وعبد الله بن عمرو، وواثلة بن الأسقع، وابن عمر، وأبي مسلم الخولاني، والصنُّابحي، وعدة.

وعنه: عمرو بن واقد، ومروان بن جناح، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وآخرون.

قال أبو عبيد، وأبو حسان الزيادي: بلغ مائة وعشرين سنة، وكان يقرئ القرآن في الجامع، وله كلام نافع في الزهد والمعرفة.

وثقه العجلي، والدارقطني، وهو القائل: إذا تكلفت ما لا يعنيك، لقيت ما يُعنِّيك.

قال عمرو بن واقد: حدثنا يونس: سمعت معاوية على المنبر، فذكر حديثا.

وقال الهيثم بن عمران: كنت جالسا عند ابن حلبس، وكان يدعو عند المغيب: اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك. فأقول: من أين يرزقها وهو اعمى؟! فلما دخلت المسودة دمشق، قتل، فبلغني أن اللذين قتلاه بكيا لما أخبرا بصلاحه، وذلك في سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 466"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3487"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 118 و 129 و 235" و "2/ 300 و 523" و "3/ 357"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1036"، حلية الأولياء "5/ 250"، الكاشف "3/ ترجمة 6595"، تاريخ الإسلام "5/ 320"، تهذيب التهذيب "11/ 448".

ص: 527

‌714 - حماد بن أبي سليمان

(1)

: " (4)، قرنه م"

العلامة، الإمام، فقيه العراق، أبو إسماعيل بن مسلم الكوفي، مولى الأشعريين، أصله من أصبهان.

روى عن: انس بن مالك، وتفقه: بإبراهيم النخعي، وهو أنبل أصحابه وأفقههم، وأقيسهم، وأبصرهم بالمناظرة، والرأي، وحدث أيضا عن: أبي وائل، وزيد بن وهب، وسعيد بن المسيب، وعامر الشعبي، وجماعة. وليس هو بالمكثر من الرواية؛ لأنه مات قبل أوان الرواية وأكبر شيخ له: أنس بن مالك، فهو في عداد صغار التابعين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 332"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 75"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 642"، أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 288"، تاريخ الإسلام "5/ 243"، ميزان الاعتدال "1/ 595"، تهذيب التهذيب "3/ 16"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1603"، شذرات الذهب "1/ 156".

ص: 527

روى عنه: تلميذه؛ الإمام أبو حنيفة، وابنه؛ إسماعيل بن حماد، والحكم بن عتيبة -وهو أكبر منه- والأعمش، وزيد بن أبي أنيسة، ومغيرة، وهشام الدستوائي، ومحمد بن أبان الجعفي، وحمزة الزيات، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وأبو بكر النهشلي، وخلق.

وكان أحد العلماء الأذكياء، والكرام الأسخياء، له ثروة، وحشمة، وتجمل.

قال محمد بن عبد الله بن نمير: كان أبو سليمان، والد حماد مولى أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه.

قال الحُميدي: حدثنا سفيان، قال: رأيت حماد بن أبي سليمان جاء إلى أبي طلحة الكحال يستنعته من شيء بعينه وهو على فرس، فرأيته أشهب اللحية.

وقال ابن إدريس، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الملك بن إياس الشيباني، قال: قلت: لإبراهيم النخعي: من نسأل بعدك? قال: حماد. قال ابن إدريس: فما سمعت الشيباني ذكر حمادا إلَّا أثنى عليه.

قال ابن عون: رأيت حمادا وقد دخل على إبراهيم ومعه أطراف، فجعل يسأل إبراهيم عنها. فقال له إبراهيم: ما هذا? ألم أنه عن هذا? فقال إنما هي أطراف.

روى منصور، عن إبراهيم، قال: لا بأس بكتابة الأطراف. وروى: شريك، عن جامع أبي صخرة، قال: رأيت حمادا يكتب عند إبراهيم، ويقول: إنا لا نريد بذلك دنيا، وعليه كساء أنبجاني.

قال ابن عيينة: كان معمر يقول: لم أر من هؤلاء أفقه من: الزهري، وحماد، وقتادة.

قال ابن عيينة، وكان حماد أبصر بإبراهيم من الحكم.

ابن إدريس: سمعت أبي، عن ابن شُبرمة، قال: ما أحد أمن علي بعلم من حماد.

أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، قال: أتينا إبراهيم نعوده حين اختفى، فقال: عليكم بحماد، فإنه قد سألني عن جميع ما سألني عنه الناس.

يحيى بن معين: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: كنا نرى أن بعد إبراهيم الأعمش، حتى جاء حماد بما جاء به.

وقال شعبة: كان حماد، ومغيرة أحفظ من الحكم. وقال يحيى بن سعيد: حماد أحب إلي من مغيرة.

ص: 528

وقال معمر: كنا نأتي أبا إسحاق، فيقول: من أين جئتم? فنقول: من عند حماد فيقول: ما قال لكم أخو المرجئة? فكنا إذا دخلنا على حماد، قال: من أين جئتم? قلنا: من عند أبي إسحاق. قال: الزموا الشيخ، فإنه يوشك أن يطفى. قال: فمات حماد قبله.

قال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا، وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم، فصرت تابعا! قال: إني أن أكون تابعا في الحق، خير من أن أكون رأسا في الباطل.

قلت: يشير معمر إلى أنه تحول مرجئا إرجاء الفقهاء، وهو أنهم لا يعدون الصلاة والزكاة من الإيمان، ويقولون: الإيمان إقرار باللسان، ويقين في القلب، والنزاع على هذا لفظي -إن شاء الله- وإنما غلو الإرجاء من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض، نسأل الله العافية.

روى حماد بن زيد: أن حماد بن أبي سليمان، قال: من أمن أن يستثقل، ثَقُلَ.

قال شعبة: سألت حماد بن أبي سليمان عن عين الأضحية يكون فيها البياض؟ فلم يكرهها.

وسألته عن الرجل: يحلف على الشيء كاذبا وهو يرى أنه صادق؟ قال: لا يكفر.

وسألته عن التربع في الصلاة؟ فقال: لا بأس به.

وسألت حمادا عن الرجل يسرق من بيت المال؟ فقال: يقطع.

وسألته عن رجل قال: إن فارقت غريمي، فمالي عليه في المساكين؟ قال: ليس بشيء.

وسألته عن الصفر بالحديد نسيئة.

قال مغيرة بن مقسم: قلت لإبراهيم: إن حمادا قد جلس يفتي. قال: وما يمنعه وقد سألني عما لم تسألني عن عُشرِه?.

وقال شعبة: سمعت الحكم يقول: ومن فيهم مثل حماد؟ يعني: أهل الكوفة.

قال أبو إسحاق الشيباني: حماد بن أبي سليمان أفقه من الشعبي، ما رأيت أفقه من حماد! وقال شعبة: كان حماد صدوق اللسان، لا يحفظ الحديث. وقال النسائي: ثقة، مرجئ.

وقال أبو حاتم الرازي: هو مستقيم في الفقه، فإذا جاء الأثر شوَّش.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أفقه أصحاب إبراهيم، وكانت ربما تعتريه موتة وهو يحدث.

ص: 529

وبلغنا أن حمادا كان ذا دنيا متسعة، وأنه كان يُفَطِّر في شهر رمضان خمس مائة إنسان، وأنه كان يعطيهم بعد العيد لكل واحد مائة درهم.

وحديثه في كتب السنن، ما أخرج له البخاري، وخرج له مسلم حديثا واحدا مقرونا بغيره. ولا يلتفت إلى ما رواه أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: حدثني -حماد- وكان غير ثقة- عن إبراهيم. وفي لفظ: وما كنا نثق بحديثه. وقال أبو بكر، عن مغيرة: إنه ذكر له عن حماد شيئًا، فقال: كذب.

يوسف بن موسى: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: حج حماد بن أبي سليمان، فلما قدم أتيناه نسلم عليه فقال: أبشروا يا أهل الكوفة فإني قدمت على أهل الحجاز فرأيت عطاء، وطاوسا، ومجاهدا فصبيانكم بل صبيان صبيانكم أفقه منهم قال مغيرة فرأينا ذاك بغي منه.

خلف بن خليفة، عن أبي هاشم، قال: أتيت حماد بن أبي سليمان، فقلت: ما هذا الرأي الذي أحدثت؟ لم يكن على عهد إبراهيم النخعي! فقال: لو كان حيا، لتابعني عليه يعني: الإرجاء.

الفريابي، وعبيد الله، عن سفيان، قال: ما كنا نأتي حماد إلَّا خفيةً من أصحابنا.

عبد الرزاق عن معمر، قال: كان حماد بن أبي سليمان يُصرعُ وإذا أفاق، توضأ. قلت: نعم، لأنه نوع من الإغماء، وهو أخو النوم، فينقض الوضوء.

وروى جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، قال: كان حماد يصيبه المس، فإذا أصابه شيء من ذلك ثم ذهب عنه عاد إلى الموضع الذي كان فيه.

حجاج بن محمد: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: حدثنا حماد قبل أن يحدث ما أحدث.

قال العقيلي في ترجمة حماد الفقيه وطولها: حدثنا أحمد بن أصرم، حدثنا القواريري، حدثنا حماد بن زيد، قال: قدم علينا حماد بن أبي سليمان البصرة فخرج وعليه ملحفة حمراء فجعل صبيان البصرة يسخرون به فقال له رجل ما تقول في رجل وطئ دجاجة ميتة فخرجت من بطنها بيضة? وقال له آخر ما تقول في رجل طلق امرأته ملء سكرجة?.

وقال حدثنا أحمد الأبار حدثنا عبيد بن هشام حدثنا أبو المليح، قال: قدم علينا

ص: 530

حماد بن أبي سليمان الرقة، فخرجت لأسمع منه، فإذا عليه ملحفة معصفرة حمراء، وقد خضب لحيته بالسواد، فرجعت فلم أسمع منه.

حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مسلم حدثنا حماد بن سلمة، قال: كنت أسأل حماد بن أبي سليمان عن أحاديث "المسند"، والناس يسألونه عن رأيه، فكنت إذا جئت قال لا جاء الله بك.

قال أبو داود: سمعت أبا عبد الله أحمد يقول: حماد مقارب الحديث، ما روى عنه سفيان، وشعبة، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط فقلت لأحمد: أبو معشر أحب إليك أم حماد في إبراهيم؟ قال: ما أقربهما.

وقال الأثرم، عن أبي عبد الله: أما روايات القدماء عن حماد فمقاربة، كشعبة، وسفيان، وهشام وأما غيرهم، فقد جاؤوا عنه بأعاجيب. قلت له: حجاج، وحماد بن سلمة? فقال: حماد على ذاك لا بأس به. ثم قال أحمد: وقد سقط فيه غير واحد مثل محمد بن جابر وذاك. وأشار بيده، فظننا أنه عنى سلمة الأحمر أو عنى غيره.

قال كاتبه: إنما التخليط فيها من سوء حفظ الراوي عنه.

وقال ابن عدي: يقع في رواية حماد بن أبي سليمان أفراد وغرائب، وهو لا بأس به متماسك في الحديث.

مات حماد: سنة عشرين ومائة. أرخه: خليفة. وقيل: سنة تسع عشرة ومائة.

فأفقه أهل الكوفة علي، وابن مسعود، وأفقه أصحابهما: علقمة، وأفقه أصحابه: إبراهيم، وأفقه أصحاب إبراهيم: حماد، وأفقه أصحاب حماد: أبو حنيفة، وأفقه أصحابه أبو يوسف، وانتشر أصحاب أبي يوسف في الآفاق، وأفقههم: محمد، وأفقه أصحاب محمد: أبو عبد الله الشافعي رحمهم الله تعالى.

وقال أبو نعيم الكوفي: مات حماد سنة عشرين ومائة قلت: مات كهلا رحمه الله.

أخبرنا علي بن أحمد كتابة، أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك، أنبأنا عبد الله بن محمد، أنبأنا عبيد الله بن حبابة، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة، عن حماد، عن أبي وائل، عن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتشهد: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام

ص: 531

علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"

(1)

.

وبه إلى البغوي عبد الله، حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا عثمان بن عمر، أنبأنا شعبة، عن حماد، سمعت أنس بن مالك يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار"

(2)

.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، ومحمد بن علي، وأحمد بن مؤمن قالوا: أنبأنا أبو المحاسن محمد بن السيد الأنصاري بالمزة، أنبأنا أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس سنة أربع وثلاثين وخمس مائة قراءة عليهما قالا: أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه، أنبأنا عبد الرحمن بن عثمان، حدثنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف، حدثنا أبو بكر أحمد بن علي القاضي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة عن حماد، عن إبراهيم، عن أصحاب عبد الله، قالوا:"الميت يغسل وترا، ويكفن وترا، ويجمر وترا".

وبه عن حماد، سمعت سعيد بن جبير، ومجاهدا، وإبراهيم يقولون: إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر، والصوم أفضل يعنون: رمضان في السفر.

وبه عن حماد، سألت سعيد بن المسيب عن الجنب يقرأ القرآن؟ قال: أو ليس هو في جوفه.

قال محمد بن الحسين البُرْجُلاني، عن إسحاق السلولي، سمعت داود الطائي يقول: كان حماد بن أبي سليمان سخيا على الطعام، جوادا بالدنانير، والدراهم.

وقال أيضا عن: زكريا بن عدي، عن الصلت بن بسطام، عن أبيه، قال: كان حماد بن

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 422"، والطيالسي "275"، وأبو داود "970"، والدارمي "1/ 309"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 275"، والدارقطني "1/ 353"، والطبراني في "الكبير""9925"، من طريق زهير بن معاوية، حدثني الحسن بن الحر، عن القاسم بن مُخيمرة، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، به.

(2)

صحيح على شرطهما: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 763"، وأحمد "3/ 116 و 166 و 176 و 203 و 209 و 223"، وابنه عبد الله في "زوائد المسند""3/ 278 و 279"، ومسلم في "مقدمة صحيحه""2"، والدارمي "1/ 76 و 77" من حديث أنس بن مالك، به.

ص: 532

أبي سليمان يزورني، فيقيم عندي سائر نهاره، فإذا أراد أن ينصرف، قال: انظر الذي تحت الوسادة، فمرهم ينتفعون به فأجد الدراهم الكثيرة.

وعن الصلت بن بسطام، قال: وكان يُفَطّر كل يوم في رمضان خمسين إنسانا، فإذا كان ليلة الفطر، كساهم ثوبا ثوبا.

روى عثمان بن زفر التيمي: سمعت محمد بن صبيح يقول: لما قدم أبو الزناد الكوفة على الصدقات، كلم رجل حماد بن أبي سليمان فيمن يكلم أبا الزناد يستعين به في بعض أعماله. فقال حماد: كم يؤمل صاحبك من أبي الزناد أن يصيب معه؟ قال: ألف درهم. قال: قد أمرت له بخمسة آلاف درهم، ولا يبذل وجهي إليه. قال: جزاك الله خيرا.

قال البخاري في "صحيحه": قال حماد: إذا أقر مرةً عند الحاكم، رجم يعني: الزاني وروى له في كتاب "الأدب"، وأخرج له مسلم مقرونا بغيره والباقون.

ص: 533

‌715 - غيلان بن جرير

(1)

: " ع"

الإمام، أبو يزيد الأزدي، المعولي، بصري، ثقة.

حدث عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن معبد الزماني، وزياد بن رباح، وأبي بردة بن أبي موسى.

حدث عنه أيوب السختياني، وجرير بن حازم، وشعبة، وحماد بن زيد، ومهدي بن ميمون، وأبو هلال محمد بن سليم، وآخرون توفي: سنة تسع وعشرين ومائة رحمه الله.

وفيها توفي فراس بن يحيى الهمداني بالكوفة، ويحيى بن أبي كثير باليمامة، ومطر الوراق، وسالم أبو النضر المدني، وخالد بن أبي عمران قاضي أفريقية، وعلي بن زيد بن جدعان، وقيس بن حجاج السلفي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 240"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 455"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 297"، الكاشف "2/ ترجمة 4503"، تاريخ الإسلام "5/ 121"، تهذيب التهذيب "8/ "، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5681".

ص: 533

‌716 - ربيعة

(1)

: " ع"

ابن يزيد الإمام، القدوة، أبو شعيب الإيادي، الدمشقي، القصير.

حدث عن: واثلة بن الأسقع، وجبير بن نُفير، وأبي إدريس الخولاني، وجماعة. وكان من أبناء ثمانين سنة رحمه الله. وقيل: إنه سمع من معاوية.

حدث عنه: حيوة بن شريح المصري، والأوزاعي، ومعاوية بن صالح، وسعيد بن عبد العزيز، وفرج بن فضالة، وعدة.

قال فرج بن فضالة: كان ربيعة يفضل على مكحول، يعني في العبادة.

وقال سعيد بن عبد العزيز: لم يكن عندنا أحد أحسن سمتا في العبادة منه، ومن مكحول. وقيل: كانت دار ربيعة القصير بناحية باب الفراديس

(2)

.

قال أبو مسهر: حدثنا عبد الرحمن بن عامر، سمعت ربيعة بن يزيد يقول:

ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنةإلَّا وأنا في المسجد، إلَّا أن أكون مريضا أو مسافرا.

قال الدارقطني: ربيعة: يعرف بالقصير يعتبر به.

وقال مروان بن محمد الطاطري: خرج ربيعة القصير مع كلثوم بن عياض غازيا، فقتله البربر في سنة ثلاث وعشرين ومائة. وقال أبو مسهر الغساني: استشهد ربيعة رحمه الله بأفريقية.

تم الجزء الخامس ويليه:

الجزء السادس: وأوله: عاصم بن عمر

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 465"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 980"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2128"، تاريخ الإسلام "5/ 86"، الكاشف "1/ ترجمة 1571"، العبر "1/ 250"، تهذيب التهذيب "3/ 264"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2052"، شذرات الذهب "1/ 161".

(2)

باب الفراديس أحد أبواب دمشق السبعة، ويقع شمال شرق جامع بني أمية. والفراديس: هي البساتين.

ص: 534