المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم تابع الطبقة الثانية عشرة:   ‌ ‌1738 - الوكيعي (1) : الإمام - سير أعلام النبلاء - ط الحديث - جـ ٩

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

تابع الطبقة الثانية عشرة:

‌1738 - الوكيعي

(1)

:

الإمام الحافظ البارع، أبو عبد الرحمن أحمد بن جعفر الكوفي، الوكيعي، الضرير. حدث عن حفص بن غياث، وأبي معاوية الضرير، وأبي بكر بن عياش وعدة.

وكان أبو نعيم يقول: ما رأيت أحدًا أحفظ من الوكيعي.

حدث عنه: أحمد بن القاسم الأنماطي، وإبراهيم الحربي، وغيرهما، ومات قبل محل الرواية.

قال إبراهيم الحربي: كان يحفظ مائة ألف حديث، ما أحسبه سمع حديثًا قطإلَّا حفظه.

وقال الحربي: قال أحمد بن حنبل لأحمد بن جعفر الوكيعي: يا أبا عبد الرحمن: حدثنا يحيى، عن ثور، عن حبيب بن عبيد، عن المقدام، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه"

(2)

.

قال أبو داود: كان الوكيعي يحفظ العلم على الوجه.

وذكره الدارقطني، فقال: ثقة، وابنه محمد ثقة.

وقال إبراهيم الحربي: مات أبو عبد الرحمن الوكيعي سنة خمس عشرة ومئتين.

وسيأتي أحمد بن عمرالوكيعي المتوفى سنة " (235) ".

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 58"، واللباب لابن الأثير "3/ 371"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 210".

(2)

- صحيح: أخرجه أحمد "4/ 130"، والبخاري في "الأدب المفرد""542"، وأبو داود "5124"، والترمذي "2393"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة""206"، وابن السني في "اليوم والليلة""196"، والحاكم "4/ 171"، وأبو نعيم في "الحلية""6/ 99" من طريق يحيى القطان، به.

ص: 5

‌1739 - أحمد بن إشكاب

(1)

: " خ"

الحافظ أبو عبد الله الحضرمي الكوفي، الصفار، نزيل مصر. يقال أحمد بن معمر بن إشكاب. وقيل: ابن عبيد الله بن إشكاب.

روى عن: شريك، وعبد السلام بن حرب، وعلي بن عابس، والكوفيين.

وعنه: البخاري، و إسحاق بن حسن الطحان المصري، وعباس الدوري وبكر بن سهل، والفسوي، وأبو حاتم، وخلق.

قال أبو زرعة: صاحب حديث أدركته.

وقال أبو حاتم: ثقة مأمون.

وقال عباس: كتب عنه يحيى بن معين كثيرًا.

مات نحو سنة ثمان عشرة ومئتين.

(1)

- ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1494"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 165"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 256"، وتهذيب التهذيب "1/ 16"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 287".

ص: 6

‌1740 - خلف بن هشام

(1)

: " م، د"

ابن ثعلب، وقيل: طالب بن غراب، الإمام، الحافظ، الحجة، شيخ الإسلام، أبو محمد البغدادي البزار، المقرئ.

مولده سنة خمسين ومئة.

وسمع مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وأبا عوانة، وأبا شهاب الحناط عبد ربه، وشريكا القاضي، وحماد بن يحيى الأبح، وأبا الأحوص، وعدة.

وتلا على سليم، وعلى أبي يوسف الأعمشي، وغيرهما وحمل الحروف عن: يحيى بن آدم، وإسحاق المسيبي، وطائفة وتصدر للإقراء والرواية.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 348"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 666"، والكنى للدولابي "2/ 95"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة "1695"، وتاريخ بغداد "8/ 322"، واللباب لابن الأثير "1/ 146"، ووفيات الأعيان "2/ ترجمة 218"، والعبر "1/ 404"، والكاشف "1/ ترجمة 1415"، وتذهيب التهذيب "3/ 156"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1859"، وشذرات الذهب، لابن العماد "2/ 67".

ص: 6

روى عنه القراءة عرضًا: أحمد بن يزيد الحلواني، وسلمة بن عاصم، ومحمد بن الجهم السمري، وأحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن يحيى الكسائي، وأحمد بن إبراهيم الوراق، وإدريس الحداد، وآخرون.

وحدث عنه: مسلم في "صحيحه" وأبو داود في "سننه" وأبو زرعة، وأبو حاتم، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إبراهيم بن أبان السراج، وابنه؛ محمد بن خلف، وعدد كثير.

وله اختيار في الحروف صحيح ثابت ليس بشاذ أصلا، ولا يكاد يخرج فيه عن القراءات السبع، وأخذ عنه خلق لا يحصون.

قال حمدان بن هانئ المقرئ: سمعته يقول: أشكل علي باب من النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته.

قال أبو الحسن عبد الملك الميموني: قال رجل لأبي عبد الله: ذهبت إلى خلف البزار أعظه، بلغني أنه حدث بحديث عن الأحوص، عن عبد الله، قال: "ما خلق الله شيئًا أعظم

"، وذكر الحديث. فقال أبو عبد الله: ما كان ينبغي له أن يحدث بهذا في هذه الأيام -يريد زمن المحنة -والمتن: "ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي"

(1)

. وقد قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إن الخلق واقع ها هنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن.

قلت: كذا ينبغي للمحدث أن لا يشهر الأحاديث التي يتشبث بظاهرها أعداء السنن من الجهمية،

، وأهل الأهواء، والأحاديث التي فيها صفات لم تثبت، فإنك لن تحدث قوما بحديث لا تبلغه عقولهم، إلا كان فتنة لبعضهم فلا تكتم العلم الذي هو علم، ولا تبذله للجهلة الذين يشغبون عليك، أو الذين يفهموم منه ما يضرهم.

وخلف قال فيه يحيى بن معين، والنسائي، وغيرهما: ثقة.

وقال الدارقطني: كان عابدًا فاضلا.

وقال: أعدت الصلاة أربعين سنة، كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيين.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "2884".

ص: 7

قال الحسين بن فهم: ما رأيت أنبل من خلف بن هشام، كان يبدأ بأهل القران، ثم يأذن لأصحاب الحديث، وكان يقرأ علينا من حديث أبي عوانة خمسين حديثًا.

وقد روي عن خلف: أنه كان يسرد الصوم، ولعله ما بلغه النهي عن ذلك، أو تأول الحديث.

أنبأنا المؤمل بن محمد، وجماعة قالوا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا عثمان بن محمد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي، حدثنا أحمد بن إبراهيم، وراق خلف بن هشام: أنه سمع خلفًا يقول: قدمت الكوفة، فصرت إلى سليم بن عيسى فقال لي: ما أقدمك؟ قلت: أقرأ على أبي بكر بن عياش. فقال: لا تريده قلت: بلى فدعا ابنه، وكتب معه إلى أبي بكر، لم أدر ما كتب فأتينا منزل أبي بكر. قال ابن أبي حسان: وكان لخلف تسع عشرة سنة فلما قرأ الورقة، قال: أدخل الرجل، فدخلت، وسلمت، فصعد في النظر، ثم قال: أنت خلف؟ قلت: نعم. قال: أنت لم تخلف ببغداد أحدًا أقرأ منك؟ فسكت، فقال لي: اقعد هات اقرأ. قلت: أعليك؟ قال: نعم. قلت: لا والله، لا أقرأ على رجل يستصغر رجلا من حملة القرآن. ثم خرجت، فوجه إلى سليم يسأله أن يردني، فأبيت ثم إني ندمت واحتجت، فكتبت قراءة عاصم، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر.

قال النقاش: قال يحيى الفَحَّام: رأيت خلف بن هشام في النوم، فقلت: ما فعل الله بك قال غفر لي.

توفي خلف في سابع شهر جمادى الآخرة، سنة تسع وعشرين ومائتين، وقد شارف الثمانين.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن حسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى بن علي، حدثنا أبوالقاسم البغوي، حدثنا خلف بن هشام البزار، حدثنا أبو شهاب عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بستان فجاء أبو بكر وعمر وعثمان فقرعوا الباب فقال لي: "قم، فافتح لهم، وبشرهم بالجنة". غير أنه خص عثمان بشيء دون صاحبيه

(1)

.

ومات في العام معه أبو نعيم ضرار بن صرد، وحسين بن عبد الأول، ويزيد بن مهران الخباز الكوفي، وأبو ياسر عمار بن نصر، وعبيد بن يعيش الكوفي، ومليح بن وكيع بن الجراح، وعباد بن موسى الختلي، ومحمد بن معاوية النيسابوري بمكة، ونعيم بن حماد الخزاعي، وعمرو بن خالد الحراني بمصر، وثابت بن موسى الزاهد أبو يزيد، ومؤمل بن الفضل الحراني.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3674"، ومسلم "2403"، والترمذي "3710".

ص: 8

‌1741 - بشار بن موسى

(1)

:

المحدث الكبير، أبو عثمان العجلي -وقيل: الشيباني- البصري الخفاف، نزيل بغداد.

له عن: شريك، وأبي عوانة، ويزيد بن زريع، وعبيد الله بن عمرو، وطبقتهم.

وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه؛ عبد الله، وصالح جزرة، والحسن بن علويه، والبغوي، وآخرون.

اختلف في توثيقه. ضعفه أبو زرعة.

وقال أحمد: يُكتب حديثه، وكان حسن الرأي فيه.

وقال ابن معين، والنسائي: ليس بثقة.

وقال أبو داود: أنا لا أحدث عنه.

وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرًا، وأرجو أنه لا بأس به. قال: وبلغني أن ابن المديني كان حسن الرأي فيه.

وقال البخاري: تركته.

وقال ابن المديني: ما كان ببغداد أصلب في السنة منه.

وقال ابن الغلابي: قال ابن معين: دجال.

وعن بشار، قال: نعم الموعد غدا؛ نلتقي أنا وابن معين.

قيل: توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 352"، والتاريخ الكبير "2/ 1935"، والجرح والتعديل "2/ ترحمة 1650"، والكامل لابن عدي "2/ ترجمة 263"، وتاريخ بغداد "7/ 118"، وميزان الاعتدال "1/ 310"، وتهذيب التهذيب "1/ 441".

ص: 9

‌1742 - أبو بلالٍ الأشعري

(1)

:

الإمام، المحدث، أحد علماء الكوفة.

حدث عنه: مالك بن أنس، وأبي بكر النهشلي، والقاسم بن معن، وعاصم بن محمد العمري، وقيس بن الربيع، ويحيى بن العلاء، وشريك القاضي، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو حازم أحمد بن أبي غرزة، وبشر بن موسى، وأحمد بن يوسف التغلبي، ومحمد بن عبدك القزاز، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن حميد البغدادي، وأبو جعفر مطين، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وخلق كثير.

لينه الدارقطني.

وقال أبو حاتم: سألته عن اسمه، فقال: هو كنيتي.

وقال أبو أحمد الحاكم: أبو بلال اسمه مرداس بن محمد بن الحارث بن عبد الله بن أبي بردة ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي موسى الأشعري.

ويقال: اسمه: محمد بن محمد.

وقيل: اسمه: عبد الله، وقوله: هو أصح. وأظنه مات: قبل الثلاثين ومائتين، وكان من أبناء التسعين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1566"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 10040"، ولسان الميزان "6/ ترجمة 49" و"7/ ترجمة 207".

ص: 10

‌1743 - سعيد بن كثير بن عُفَير

(1)

: " خ، م، س"

ابن مسلم بن يزيد، الإمام الحافظ، العلامة الأخباري، الثقة، أبو عثمان المصري.

مولده سنة ست وأربعين ومائة.

وهو من موالي الأنصار.

سمع مالكًا، والليث، ويحيى بن أيوب وسليمان بن بلال، وعبد الله بن لهيعة، ويعقوب بن عبد الرحمن، وعدة.

حدث عنه: البخاري، وابن معين، وعبد الله بن حماد الآملي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن حماد زغبة، وأبو الزنباع روح بن الفرج، وأحمد بن محمد الرشديني، وآخرون.

وأخرج له مسلم، والنسائي بواسطة، وكان ثقة إماما، من بحور العلم.

وقال ابن عدي: هو عند الناس ثقة، ثم ساق قول أبي إسحاق السعدي الجوزجاني في سعيد بن عفير: فيه غير لون من البدع، وكان مخلطًا، غير ثقة. فهذا من مجازفات السعدي.

قال ابن عدي: هذا الذي قاله السعدي، لا معنى له، ولم أسمع أحدًا، ولا بلغني عن أحد كلام في سعيد بن عفير، وقد حدث عنه الأئمة، إلا أن يكون السعدي أراد به سعيد بن عفير آخر.

وقال أبو حاتم: كان يقرأ من كتب الناس، وهو صدوق.

وقال يحيى بن معين: رأيت بمصر ثلاث عجائب: النيل، والأهرام، وسعيد بن عفير.

قلت: حسبك أن يحيى إمام المحدثين انبهر لابن عفير.

وقال أبو سعيد بن يونس: كان سعيد من أعلم الناس بالأنساب، والأخبار الماضية، وأيام العرب، والتواريخ كان في ذلك كله شيئًا عجيبًا، وكان مع ذلك أديبًا فصيحًا، حسن البيان، حاضر الحجة، لا تمل مجالسته، ولا ينزف علمه قال: وكان شاعرًا مليح الشعر، وكان عبد الله بن طاهر الأمير لما قدم مصر رآه فأعجب به واستحسن ما يأتي به، وكان يلي نقابة الأنصار، والقسم عليهم وله أخبار مشهورة، ثم ذكر مولده، ثم قال: وحدثني محمد بن موسى الحضرمي، حدثنا علي بن عبد الرحمن، حدثنا سعيد بن كثير بن عفير، قال: كنا بقبة الهواء عند المأمون، فقال لنا: ما أعجب فرعون من مصر حيث يقول: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف: 51]! فقلت: يا أمير المؤمنين إن الذي ترى بقية ما دمر. قال تعالى: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137]. قال: صدقت، ثم أمسك.

وقال ابن يونس في مكان آخر من "تاريخه": هذا حديث أنكر على سعيد بن عفير، فما رواه عن ابن لهيعة غيره، قال: وكذا أنكر عليه حديث آخر، رواه عن ابن لهيعة.

قلت: من كان في سعة علم سعيد، فلا غرو أن ينفرد، ثم ابن لهيعة ضعيف الحديث، فالنكارة منه جاءت.

مات سعيد لسبع بقين من رمضان، سنة ست وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1639"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 274 و 316" و"2/ 493" و"3/ 326"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 584"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 248"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 839"، والأنساب للسمعاني "5/ 37"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 1966"، والعبر "1/ 396"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 435"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3257"، والمغني "1/ ترجمة 2444"، وتهذيب التهذيب "4/ 74"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 308"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2527"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 58".

ص: 11

‌1744 - سعيد بن منصور

(1)

: " ع"

ابن شعبة، الحافظ، الإمام، شيخ الحرم، أبو عثمان الخراساني المروزي -ويقال: الطالقاني- ثم البلخي، ثم المكي المجاور، مولف كتاب السنن.

سمع بخراسان، والحجاز، والعراق، ومصر، والشام، والجزيرة، وغير ذلك من: مالك بن أنس، والليث بن سعد، وفليح بن سليمان، وأبي معشر السندي، وعبيد الله بن إياد بن لقيط، وأبي عوانة الوضاح، والوليد بن أبي ثور، وفرج بن فضالة، وهشيم، وحماد بن زيد، وحزم بن أبي حزم، وأبي الأحوص، وخالد بن عبد الله، وإسماعيل بن عياش، وخلف بن خليفة، وفضيل بن عياض، ومهدي بن ميمون، وحديج بن معاوية، وعبد الله بن جعفر المديني، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى بن أبي زائدة، وأبي شهاب الحناط وشريك القاضي، وإسماعيل بن زكريا، وحماد بن يحيى الأبح، وعتاب بن بشير، وعبد العزيز بن محمد، وأبي معاوية، وداود العطار، وعبد العزيز بن أبي حازم، وخلق سواهم.

وكان ثقة صادقًا، من أوعية العلم.

روى عنه: أحمد بن حنبل، وأبو ثور الكلبي، وأبو محمد الدارمي، وسلمة بن شبيب، وأبو بكر الأثرم، وأبو داود ومسلم، وإسماعيل سمويه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وبشر بن موسى، ومحمد بن علي الصائغ، وأبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، وبهلول بن إسحاق الأنباري، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حاتم الرازي، وعثمان بن خرزاذ، وأبو الموجه

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 502"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1722"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 284"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 422"، والكاشف 1/ ترجمة 1981"، والعبر" 1/ 399"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3277"، تهذيب التهذيب "4/ 89"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2544"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 62".

ص: 12

محمد بن عمرو المروزي، والعباس الأسفاطي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، والحسين بن إسحاق التستري، وخلف بن عمرو العكبري، وسعيد بن مسعدة العطار، وعمير بن مرداس، وخلق سواهم.

قال سلمة بن شبيب: ذكرت سعيد بن منصور لأحمد بن حنبل، فأحسن الثناء عليه، وفخم أمره.

وقال أبو حاتم الرازي: هو ثقة، من المتقنين الأثبات، ممن جمع وصنف.

وقال حرب الكرماني: أملى علينا سعيد بن منصور نحوًا من عشرة الاف حديث من حفظه.

قلت: كان من أبناء ثمانين سنة أو أزيد. وتوفي: بمكة في شهر رمضان، سنة سبع وعشرين ومائتين. وقد كان محمد بن عبد الرحيم صاعقة الحافظ إذا حدث عن سعيد أثنى عليه وأطراه فكان يقول: حدثنا سعيد بن منصور، وكان ثبتًا.

أخبرنا شيخ الإسلام: شمس الدين عبد الرحمن بن محمد المقدسي في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد المعلم، أخبرنا هبة الله بن محمد الشيباني، أخبرنا أبو طالب بن غيلان، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله البزاز، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا سفيان عن ابن أبي خالد عن حكيم بن جابر، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يأكل طعامًا فيه دباء. فقلت: ما هذا يا رسول الله؟ قال: "نكثر به طعامنا".

أخرجه النسائي، والقزويني من غير وجه، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم، عن أبيه؛ جابر بن حكيم، أو ابن طارق الأحمسي، وإسناده صالح.

وأخبرنا المقرئ المجود محمد بن جوهر التلعفري، وعبد الله بن محمد الأديب، قالا: أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بقراءتي "ح". وأنبأني أحمد بن سلامة، عن أبي جعفر هذا، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الأنماطي بعسكر حدثنا أحمد بن سهل -هو ابن أيوب الأهوازي- حدثنا سعيد بن منصور، عن حفص بن ميسرة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول ابن آدم مالي مالي وإنما له ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فأمضى".

ص: 13

أخرجه مسلم

(1)

، عن سويد بن سعيد، عن حفص، فوقع بدلا عاليًّا -ولله الحمد.

وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا بهلول بن إسحاق الأنباري، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، وعبد العزيز، عن أبي حازم، عن عبيد الله بن مقسم، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يأخذ الله سماواته وأرضيه بيمينه ثم يقول: أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها، أنا الرحمن، أنا الملك" حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم

(2)

عن سعيد فوافقناه بعلو.

وقد روى كتاب السنن عن سعيد: محدث هراة؛ أحمد بن نجدة بن العريان.

وقال حنبل بن إسحاق: قال أبو عبد الله: كان سعيد من أهل الفضل والصدق.

قال أبو زرعة الدمشقي: أخبرني أحمد بن صالح، ودحيم: أنهما حضرا يحيى بن حسان مقدمًا لسعيد بن منصور يرى له حفطه. وكان حافظًا.

وقال أبو عبد الله الحاكم: سكن سعيد مكة مجاورًا، فنسب إليها، وهو راوية سفيان بن عيينة، وأحمد أئمة الحديث، له مصنفات كثيرة، متفق على أخرجه في "الصحيحين".

قلت: أما في "صحيح البخاري"، فروى عن: يحيى بن موسى خت البلخي، عنه.

وقال حرب بن إسماعيل: صنف الكتب، وكان موسعًا عليه.

وقال يعقوب الفسوي: كان إذا رأى في كتابه خطأ، لم يرجع عنه.

قلت: أين هذا من قرينة يحيى بن يحيى الخراساني الإمام؛ الذي كان إذا شك في حرف أو تردد، ترك الحديث كله، ولم يروه.

قال ابن سعد، وأبو داود، وحاتم بن الليث، وجماعة: مات بمكة، سنة سبع وعشرين. زاد أبو سعيد بن يونس، فقال: في رمضان. وقال أبو زرعة الدمشقي: سنة ست. والأول الصحيح. وصحف موسى بن هارون، فقال: في سنة تسع وعشرين ومائتين.

أنبئونا عن محمد بن أحمد الصيدلاني، وجماعة، قالوا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا الطبراني، حدثنا محمد بن علي الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق قال: قال عبد الله: من هاجر يبتغي شيئًا فهو له، قال: هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس، فكان يقول له: مهاجر أم قيس. إسناده صحيح.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2959".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2788""25". وورد عن عبد الله بن مسعود: عند البخاري "4811"، ومسلم "2786".

ص: 14

‌1745 - مُسَدَّد بن مُسَرْهَد

(1)

: " خ، د، ت، س"

ابن مُسَرْبَل، الإمام، الحافظ، الحجة، أبو الحسن الأسدي، البصري، أحد أعلام الحديث.

ولد: في حدود الخمسين ومائة.

وحدث عن: جويرية بن أسماء، ومهدي بن ميمون، وحماد بن زيد، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وأبي عوانة، وأبي الأحوص، والحارث بن عبيد، وخالد بن عبد الله، وهشيم، وعبد الوارث، وسلام بن أبي مطيع، وعبد العزيز بن المختار، ويزيد بن زريع، وملازم بن عمرو، ومحمد بن جابر السحيمي، ومعتمر، ومرحوم، وابن عيينة، وفضيل بن عياض، ويحيى القطان، وعيسى بن يونس، ووكيع، وأبيه الجراح، وعدد كثير، وكان من الأئمة الأثبات.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، ومحمد بن يحيى، وولده؛ يحيى، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ويعقوب الفسوي، ويعقوب السدوسي، ومعاذ بن المثنى، وأبو إسحاق الجوزجاني، وإسماعيل القاضي، وأخوه؛ حماد بن إسحاق، وابن عمه؛ يوسف القاضي، وأبو خليفة الجمحي، وخلق سواهم.

ووقع لي جزء من "مسنده".

روى يحيى بن معين، عن يحيى بن سعيد القطان، قال: لو أتيت مسددًا، فحدثته في بيته، لكان يستأهل.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2209"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 180"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1998"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 249"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 426"، والكاشف "3/ ترجمة 5485"، والعبر "1/ 404"، وتهذيب التهذيب "10/ 107"، وتقريب التهذيب "2/ 242"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7397"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 66".

ص: 15

قال أحمد بن حنبل: مسدد صدوق، فما كتبت عنه فلا تعد.

وقال أبو الحسن الميموني: سألت أبا عبد الله الكتاب لي إلى مسدد، فكتب لي إليه وقال: نعم الشيخ! عافاه الله.

وقال محمد بن هارون الفلاس: سألت يحيى بن معين عن مسدد، فقال: صدوق.

وقال جعفر بن أبي عثمان: قلت لابن معين: عمن أكتب بالبصرة؟ قال: اكتب عن مسدد فإنه ثقة ثقة. وقال النسائي: ثقة.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي: بصري، ثقة، كان يملي علي حتى أضجر، فيقول لي: يا أبا الحسن اكتب، هذا الحديث. فيملي علي بعد ضجري خمسين، ستين حديثا، فأتيته في رحلتي الثانية، فأصبت عليه زحامًا كثيرًا، فقلت قد أخذت بحظي منك. وكان أبو نعيم يسألني عن اسمه واسم أبيه، فأخبره، فيقول: يا أحمد، هذه رقية العقرب.

وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: كان ثقة.

وقال أبو عمرو بن حكيم: قال أبو حاتم الرازي في حديث مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كأنها الدنانير. ثم قال: كأنك تسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال البخاري: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مرعبل: مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. وكذا ورخه: ابن سعد، وجماعة، وما عينوا شهرًا.

روى له الجماعة، سوى مسلم وابن ماجه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم المالكي، أخبرنا علي بن مختار، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أحمد بن علي الصوفي، أخبرنا علي بن أحمد بن داود، حدثنا أبو بكر النجاد، حدثنا أبو داود قراءة عليه، حدثنا مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة، حدثنا قتادة، سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس -رفعه شعبة- قال:"يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب". قال أبو داود: ورواه: ابن أبي عروبة، وهمام، وهشام، عن قتادة، أوقفوه على ابن عباس.

قلت: أخرجه هكذا: أبو داود في "سننه" والنسائي، والقزويني، جميعًا من طريق يحيى القطان. ووقفه أشبه.

ص: 16

أخبرنا بلال المغيثي، أخبرنا ابن رواج، أخبرنا السلفي، أخبرنا ثابت بن بندار، أخبرنا الحسين بن جعفر السلماسي، أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر، أخبرنا منصور بن عبد الله الخالدي، حدثنا إبراهيم بن مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن غرندل بن ماسك بن المستورد الأسدي، حدثني أبي مسدد، حدثنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية، ويثيب عليها.

هذا سياق عجيب منكر في نسب مسدد، أظنه مفتعلا، ومنصور ليس بمعتمد.

ولمسدد "مسند" في مجلد، رواه عنه معاذ بن المثنى، و"مسند" آخر صغير، يرويه عنه أبو خليفة.

وما زاد البخاري في "تاريخه" على ذكر مرعبل بعد ذكر جده مسربل. وكذا مسلم في "الكنى"، لكن قال: مغربل بدل مرعبل.

وقال أبو نصر الكلاباذي في "الإرشاد" له: مسدد بن مسرهد ابن مغربل بن أرمك بن ماهك.

وقال جعفر المستغفري: مسدد بن مسرهد بن شريك.

وقال ابن ماكولا: قال الشريف النسابة: ابن مسرهد بن مسربل ابن ماسك بن جرو بن يزيد بن شبيب بن الصلت بن أسد.

قال مازح: لو كتب أمام نسبه "بسم الله الرحمن الرحيم" كان رقية للعقرب

ص: 17

‌1746 - نُعَيْم بن حَمَّاد بن معاوية

(1)

: " خ، د، ت، ق".

ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك، الإمام، العلامة، الحافظ، أبو عبد الله الخزاعي، المروزي، الفرضي، الأعور، صاحب التصانيف.

رأى الحسين بن واقد المروزي، وحدث عن: أبي حمزة السكري -وهو أكبر شيخ له-

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 519"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2327"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 1959"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2125"، وتاريخ بغداد "13/ 306"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 424"، والكاشف "3/ ترجمة 5959"، والمغني "2/ ترجمة 6658"، والعبر "1/ 405"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9102"، وتهذيب التهذيب "10/ 458"، وتقريب التهذيب "2/ 305"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7538".

ص: 17

وهشيم، وأبي بكر بن عياش، وإبراهيم بن طهمان -له عنه حديث واحد- وخارجة بن مصعب، وعبد الله بن المبارك، وعيسى بن عبيد الكندي -وهو من كبار مشيخته- وعبد المؤمن بن خالد الحنفي، ونوح بن أبي مريم، ويحيى بن حمزة القاضي، وعبد السلام بن حرب وعبد العزيز الدراوردي، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، وبقية بن الوليد، ومعتمر بن سليمان، وأبي معاوية، ورشدين بن سعد، وحفص بن غياث، وابن وهب، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، ووكيع، وابن إدريس، ونوح بن قيس، وعبد الرزاق، وأبي داود الطيالسي، وخلق كثير بخراسان والحرمين والعراق والشام واليمن ومصر. وفي قوة روايته نزاع.

روى عنه: البخاري -مقرونًا بآخر- وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه بواسطة، ويحيى بن معين، والحسن بن علي الحلواني، وأحمد بن يوسف السلمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عوف، والرمادي، وأبو محمد الدارمي، وسمويه، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب، وعبيد بن شريك البزار، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ويعقوب الفسوي، وأبو الأحوص العكبري، وبكر بن سهل الدمياطي، وخلق آخرهم موتا: شاب كاتب كان معه في السجن اتفاقًا، وهو حمزة بن محمد بن عيسى البغدادي.

قال المروذي: سمعت أبا عبد الله يقول: جاءنا نعيم بن حماد ونحن على باب هشيم نتذاكر المقطعات قال: جمعتم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فعنينا بها من يومئذ.

وروى: الميموني، عن أحمد، قال: أول من عرفناه يكتب المسند نعيم بن حماد.

قال أبو بكر الخطيب: يقال: إن أول من جمع المسند وصنفه: نعيم.

وقال أحمد: كان نعيم كاتبًا لأبي عصمة -يعني: نوحًا- وكان شديد الرد على الجهمية، وأهل الأهواء، ومنه تعلم نعيم.

قال صالح بن مسمار: سمعت نعيم بن حماد يقول: أنا كنت جهميا، فلذلك عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث، عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل.

يوسف بن عبد الله الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن حماد، فقال: لقد كان من الثقات.

ابن عدي: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا عبد العزيز بن سلام، حدثني أحمد بن ثابت

ص: 18

أبو يحيى، سمعت أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين يقولان: نعيم بن حماد معروف بالطلب. ثم ذمه يحيى، وقال: يروي عن غير الثقات.

إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين -وسئل عن نعيم- فقال: ثقة. فقلت: إن قومًا يزعمون أنه صحح كتبه من علي الخراساني العسقلاني. فقال يحيى: أنا سألته، فقلت: أخذت كتب علي الصيدلاني، فصححت منها؟ فأنكر، وقال: إنما كان قد رث. فنظرت، فما عرفت ووافق كتبي، غيرت.

علي بن الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده، قال أبو زكريا: نعيم: ثقة، صدوق، رجل صدق، أنا أعرف الناس به، كان رفيقي بالبصرة، كتب عن روح خمسين ألف حديث، فقلت له قبل خروجي من مصر: هذه الأحاديث التي أخذتها من العسقلاني أي شيء هذه؟ فقال: يا أبا زكريا، مثلك يستقبلني بهذا؟! فقلت: إنما قلت شفقة عليك. قال: إنما كانت معي نسخ أصابها الماء، فدرس بعض الكتاب، فكنت أنظر في كتاب هذا في الكلمة التي تشكل علي، فإذا كان مثل كتابي عرفته، فأما أن أكون كتبت منه شيئًا قط فلا والله الذي لا إله إلَّا هو. قال أبو زكريا: ثم قدم علينا ابن أخيه، وجاءه بأصول كتبه من خراسان إلا أنه كان يتوهم الشيء كذا يخطئ فيه، فأما هو، فكان من أهل الصدق.

وعن عباس بن محمد، عن ابن معين، قال: حضرنا نعيم بن حماد بمصر، فجعل يقرأ كتابًا من تصنيفه، فقرأ ساعة، ثم قال: حدثنا ابن المبارك، عن ابن عون بأحاديث. فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك. فغضب وقال ترد عليَّ؟! قلت: إي والله، أرد عليك، أريد زينك. فأبى أن يرجع فقلت: لا والله ما سمعت أنت هذا من ابن المبارك قط، ولا هو من ابن عون فغضب وغضب من كان عنده من أصحاب الحديث، وقام، فأخرج صحائف، فجعل يقول: أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس أمير المؤمنين في الحديث؟ نعم يا أبا زكريا غلطت، وكانت صحائف، فغلطت، فجعلت أكتب من حديث ابن المبارك، عن ابن عون، وإنما رواها عن ابن عون غير ابن المبارك.

هذه الحكاية أوردها شيخنا أبو الحجاج منقطعة، فقال: روى الحافظ أبو نصر اليونارتي بإسناده عن عباس.

قال أحمد العجلي: نعيم بن حماد: ثقة، مروزي.

ص: 19

وقال أبو زرعة الدمشقي: يصل أحاديث يوقفها الناس.

وقال أبو حاتم: محله الصدق.

العباس بن مصعب، قال: وضع نعيم بن حماد الفارضي كتبا في الرد على أبي حنيفة وناقض محمد بن الحسن ووضع ثلاثة عشر كتابًا في الرد على الجهمية، وكان من أعلم الناس بالفرائض.

فقال ابن المبارك: نعيم هذا قد جاء بأمر كبير، يريد أن يبطل نكاحًا قد عقد، ويبطل بيوعًا قد تقدمت، وقوم توالدوا على هذا، ثم خرج إلى مصر، فأقام بها نحو نيف وأربعين سنة، وكتبوا عنه بها، وحمل إلى العراق في امتحان:"القرآن مخلوق" مع البويطي مقيدين، فمات نعيم بالعسكر، سنة تسع وعشرين.

قلت: نعيم من كبار أوعية العلم، لكنه لا تركن النفس إلى رواياته.

قال أبو زرعة الدمشقي: قلت لدحيم: حدثنا نعيم بن حماد، عن عيسى بن يونس، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه عن عوف بن مالك: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال"

(1)

. فقال: هذا حديث صفوان بن عمرو حديث معاوية.

قال أبو زرعة: وقلت لابن معين في حديث نعيم هذا، فأنكره، قلت: من أين يؤتى، قال: شبه له.

وقال محمد بن علي بن حمزة: سألت يحيى بن معين عن هذا، فقال: ليس له أصل، ونعيم ثقة، قلت: كيف يحدث ثقة بباطل؟ قال: شبه له.

قال الخطيب: وافق نعيمًا عليه: عبد الله بن جعفر الرقي، وسويد بن سعيد، ويروى عن عمرو بن عيسى بن يونس، كلهم عن عيسى.

وقال ابن عدي في حديث سويد: إنما يعرف هذا بنعيم، وتكلم الناس فيه من أجله، ثم

(1)

موضوع: أخرجه الخطيب في "تاريخه""13/ 307 - 308"، وابن عدي في "الكامل" "7/ 17". وقال ابن عدي في إثره: هذا وضعه نعيم بن حماد.

ص: 20

رواه رجل خراساني، يقال له: الحكم بن المبارك أبو صالح الخواستي، ويقال: إنه لا بأس به، ثم سرقه قوم ضعفاء يعرفون بسرقة الحديث، منهم عبد الوهاب بن الضحاك، والنضر بن طاهر، وثالثهم: سويد.

قال الخطيب: وروي عن: ابن وهب، ومحمد بن سلام المنبجي، جميعًا عن ابن يونس، ثم ساقه من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن عمه، ومن حديث المنبجي.

ثم قال أبو بكر الخطيب: حدثني الصوري، قال: قال لي عبد الغني الحافظ: كان من حدث به عن عيسى -غير نعيم- فإنما أخذه من نعيم، وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من الحفاظ، إلا أن يحيى بن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب، فأما حديث ابن وهب، فبليته من ابن أخيه؛ لأن الله رفعه عن ادعاء مثل هذا؛ ولأن حمزة بن محمد حدثني عن عليك الرازي: أنه رأى هذا الحديث ملحقًا بخط طري في قُنْداق ابن وهب لما أخرجه إليه بحشل ابن أخي ابن وهب، وأما المنبجي، فليس بحجة.

قال ابن عدي: قال لنا جعفر الفريابي: لما أردت الخروج إلى سويد بن سعيد، قال لي أبو بكر الأعين: سل سويدًا عن هذا الحديث قال: فأملاه علي عن عيسى بن عيسى، ووقفته، فأبى. قال ابن عدي: ورواه ابن أخي ابن وهب، عن عمه، عن عيسى، لكن قال: عن صفوان بن عمرو، بدل حريز بن عثمان. ورواه: هلال بن العلاء، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عيسى، حدثنا حريز. وروي من وجه غريب عن عمرو، عن أبيه؛ عيسى بن يونس، وزعم ابن عدي، وغيره: أن هؤلاء سرقوه من نعيم.

قال عبد الخالق بن منصور: رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية، ويقول: ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا.

وقال أبو زرعة النصري: عرضت على دحيم ما حدثناه نعيم بن حماد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حيوة، عن النواس: "إذا تكلم الله بالوحي

"، الحديث، فقال: لا أصل له.

فأما خبر أم الطفيل، فرواه: محمد بن إسماعيل الترمذي، وغيره، حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال: أن مروان بن عثمان حدثه، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل؛ امرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه

ص: 21

رأى ربه في صورة كذا. فهذا خبر منكر جدا، أحسن النسائي حيث يقول: ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله?!

وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه: أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب. قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.

قلت: بلا ريب قد حدث به: ابن وهب، وشيخه، وابن أبي هلال، وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان؟ فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الأنصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري.

ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فهو أدرى بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره -عليه الصلاة السلام- ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث. وإنما هو رأى رئيَّه بياء مشددة. وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون. وقد صح: أن أبا هريرة كتم حديثًا كثيرًا مما لا يحتاجه المسلم في دينه وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم

(1)

. وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء، فإن العلم الواجب يجب بثه، ونشره، ويجب على الأمة حفظه، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله، ويتأكد نشره، وينبغي للأمة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه، ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.

والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره: علم الأوائل، وإلهيات الفلاسفة، وبعض رياضتهم بل أكثره وعلم السحر، والسيمياء، والكيمياء، والشعبذة، والحيل، ونشر الأحاديث الموضوعة، وكثير من القصص الباطلة أو المنكرة، وسيرة البطال المختلقة، وأمثال ذلك، ورسائل إخوان الصفا، وشعر يعرض فيه إلى الجناب النبوي، فالعلوم الباطلة كثيرة جدًّا، فلتحذر ومن ابتلي بالنظر فيها للفرحة والمعرفة من الأذكياء، فليقلل من ذلك وليطالعه وحده وليستغفر الله تعالى وليلتجئ إلى التوحيد والدعاء بالعافية في الدين، وكذلك أحاديث كثيرة مكذوبة وردت في الصفات لا يحل بثها إلا التحذير من اعتقادها، وإن أمكن إعدامها، فحسن اللهم، فاحفظ علينا إيماننا، ولا قوة إلا بالله.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "120".

ص: 22

حديث آخر أنكر على نعيم بن حماد، فقال: حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن محمد بن جبير، سمع عمرو بن العاص يقول:"لا تنقضي الدنيا حتى يملكها رجل من قحطان"

(1)

. فقال معاوية: ما هذا؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال هذا الأمر في قريش لا يناوئهم فيه أحد إلا أكبه الله على وجهه"

(2)

. ورواه شعبة عن الزهري، فقال: كان محمد بن جبير يحدث عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال صالح جزرة، والزهري: إذا قال: كان فلان يحدث، فليس هو بسماع. ثم قال: وقد رواه نعيم عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري قال: وليس لهذا الحديث أصل، ولا يعرف من حديث ابن المبارك. قال: ولا أدري من أين جاء به نعيم؟ وكان يحدث من حفظه، وعنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها، سمعت ابن معين سئل عنه، فقال: ليس في الحديث بشيء، ولكنه صاحب سنة.

قلت: خبر الأمراء غريب، منكر، والأمر اليوم ليس في قريش، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقًّا، فإن كان المراد بالحديث الأمر لا الخبر، فلعل، والحديث فله أصل من حديث الزهري، ولعل نعيمًا حفظه عن ابن المبارك.

وحدث نعيم بن حماد، عن ابن المبارك أيضًا، عن معمر، عن الزهري، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء شهر رمضان، قال: "قد جاءكم شهر مطهر

"

(3)

، الحديث. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في ترجمة نعيم -وجودها كعادته- هذا رواه أصحاب الزهري، عن الزهري، عن ابن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي هريرة.

قلت: فهذا غلط نعيم في إسناده.

وتفرد نعيم بذاك الخبر المنكر: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، مرفوعًا:"إنكم في زمان من ترك فيه عشر ما أمر به فقد هلك وسيأتي على أمتي زمان من عمل بعشر ما أمر به فقد نجا"

(4)

، فهذا ما أدري من أين أتى به نعيم! وقد

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "7117".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "7139".

(3)

يأتي بتمامه في آخر هذه الترجمة.

(4)

ضعيف: أخرجه الترمذي "2267"، وابن عدي في "الكامل""7/ 18"، ومن طريق نعيم بن حماد، حدثنا سفيان بن عيينة، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته نعيم بن حماد، لذا فقد قال الترمذي في إثره: هذا حديث غريب، وهذا اصطلاح معروف عنه يعرفه الأكابر بله الأصاغر من طلاب علم الحديث أن ذلك إشارة منه إلى ضعف الحديث.

ص: 23

قال نعيم: هذا حديث ينكرونه، وإنما كنت مع سفيان، فمر شيء، فأنكره

، ثم حدثني بهذا الحديث.

قلت: هو صادق في سماع لفظ الخبر من سفيان، والظاهر -والله أعلم- أن سفيان قاله من عنده بلا إسناد، وإنما الإسناد قاله لحديث كان يريد أن يرويه، فلما رأى المنكر، تعجب وقال ما قال عقيب ذلك الإسناد فاعتقد نعيم أن ذاك الإسناد لهذا القول. والله أعلم.

وقال نعيم بن حماد: حدثنا ابن المبارك، وعبدة بن سليمان، عن عبيد الله، عن نافع عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعًا في الركعة الأولى وخمس تكبيرات في الثانية كلهن قبل القراءة. وهذا صوابه موقوف

(1)

، ولم يرفعه أحد، سوى نعيم، فوهم.

حديثه عن معتمر، عن أبيه، عن أنس، عن أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في خمس من الإبل شاة". فذكر صدقة الإبل، وصوابه من قول الصديق

(2)

واختلف في رفعه أيضًا على نعيم.

(1)

صحيح بشواهده: أخرجه مالك "1/ 180"، عن نافع مولى عبد الله بن عمر؛ أنه قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخر خمس تكبيرات قبل القراءة. وله شاهد عن عائشة: عند أبي داود "1149"، و"1150"، وابن ماجه "1280"، والحاكم "1/ 298"، والطبراني في "الأوسط""3115"، والبيهقي "2/ 286"، وأحمد "6/ 70".

وشاهد آخر: عن عبد الله بن عمرو بن العاص: عند أبي داود "1151"، وابن ماجه "1280"، ولفظه عند أبي داود: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما". وهو حديث حسن.

وشاهد ثالث عن عمرو بن عوف: عند الترمذي "536"، وابن ماجه "1279"، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين: في الأولى سبعا في القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة. وهو حديث حسن وفي الباب شواهد عن غيرهم.

(2)

صحيح: أخرجه "أحمد "1/ 11 - 12"، والبخاري "1454"، وأبو داود "1567"، والبيهقي "4/ 86"، من طريق حماد بن سلمة قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك، به.

ص: 24

وحديثه عن رشدين بن سعد، عن عَقيلٍ، عن ابن شهاب عن أبيه، عن أبي هريرة، مرفوعًا:"لو كان ينبغي لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"

(1)

. وهذا لم يأت به عن رشدين سوى نعيم.

(1)

صحيح بشواهده: فقد ورد من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أبو هريرة، وقيس بن سعد، وعائشة بنت أبي بكر، وعبد الله بن أبي أوفى.

أما حديث أبي هريرة: فإنه يرويه أبو سلمة عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أخرجه الترمذي "1159"، وابن حبان "1291"، موارد، والبيهقي "7/ 291"، والبزار "2451" من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، به. وقال الترمذي: حسن

غريب، ولفظه عند ابن حبان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا من حوائط الأنصار فإذا فيه جملان يضربان ويرعدان فاقترب رسول الله منهما فوضعا جرانهما بالأرض فقال من معه يسجد لك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما عظم الله عليها من حقه". وزيادة: "لما عظم الله عليها من حقه" عند ابن حبان والبيهقي دون الترمذي.

قلت: وإسناده حسن، ورجاله ثقات خلا محمد بن عمرو، قال الحافظ: صدوق له أوهام، وأخرجه الحاكم "4/ 171 - 172" من طريق سلمان بن أبي سليمان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به نحوه دون قصة الجملين. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الحافظ في "التلخيص" بأن سلمان هو اليمان ضعفوه وأما حديث قيس بن سعد رضي الله عنه فيرويه الشعبي عنه قال:"أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فقلت: رسول الله أحق أن يسجد له، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك، قال: "أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له"؟. قال: قلت: لا. قال: "فلا تفعلوا، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل لهم عليهن من الحق". أخرجه أبو داود "2140"، والدارمي "1/ 341" مختصرًا، والحاكم "2/ 187"، والبيهقي "7/ 291" من طريق شريك، عن حصين، عن الشعبي، عنه، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده ضعيف، لأجل شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، قال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة.

وأما حديث عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما: فهو عند ابن ماجه "1852"، وأحمد "6/ 76" من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عنها مرفوعا.

قلت: وإسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، قال الحافظ: ضعيف.

وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى: فهو عند ابن ماجه "1853"، وابن حبان "1290" موارد، والبيهقي "7/ 292" من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن القاسم الشيباني، عنه، به مرفوعا.

قلت: وإسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا القاسم، وهو ابن عوف الشيباني، فإنه صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وقد خرجت هذا الحديث بأوسع من هذا في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" ط/ دار الجيل، "ص 43 - 44" فراجعه ثمت إن شئت.

ص: 25

وحديثه عن: بقية بن الوليد، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن واثلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المتعبد بلا فقه كالحمار في الطاحونة"

(1)

.

وبه، قال صلى الله عليه وسلم:"تغطية الرأس بالنهار رفعة وبالليل ريبة"

(2)

. قال ابن عدي: لا أعلم أتى به عن بقية غير نعيم. وحديثه عن الدراوردي عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تقل: أهريق الماء ولكن قل: أبول" رواه عنه أبو الأحوص العكبري، ثم قال أبو الأحوص: وضع نعيم هذا الحديث، فقلت له: لا ترفعه فإنما هو من قول أبي هريرة. فأوقفه، قال ابن عدي: وهذا رفعه منكر.

قلت: فقد رجع المسكين إلى وقفه. حديثه عن الفضل بن موسى، عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال: خير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه فاخترنه، ولم يكن ذلك طلاقًا. قال ابن عدي وهذا غير محفوظ حديثه عن بقية عن عبد الله مولى عثمان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس أنه ذكر عندهم قوم يقاتلون في العصبية. الحديث. ولنعيم غير ما ذكرت. وقال ابن حماد -يعني: الدولابي: نعيم ضعيف. قاله أحمد بن شعيب، ثم قال ابن حماد: وقال غيره: كان يضع الحديث في تقوية السنة، وحكايات عن العلماء في ثلب أبي فلان كذب.

ثم قال ابن عدي: ابن حماد متهم فيما يقول؛ لصلابته في أهل الرأي. وقال لي ابن حماد: وضع نعيم حديثًا عن عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان -يعني: في الرأي.

وقال أبو عبيد الآجري: عن أبي داود، عن نعيم بن حماد نحو عشرين حديثا، عن

(1)

موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل""7/ 19" من طريق محمد بن زرق الله الكلواذاني، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا بقية، به.

قلت: إسناده واه، فيه نعيم بن حماد، وقد علمت حاله من الترجمة، وفيه بقية بن الوليد، وهو مدلس يدلس تدليس التسوية. وقد توبع نعيم بن حماد من محمد بن إبراهيم أخرجه أبو نعيم في "الحلية""5/ 219" من طريق محمد بن إبراهيم، حدثنا بقية، عن ثور، به.

قلت: إسناده موضوع، آفته محمد بن إبراهيم، فقد كذبه الدارقطني. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث لا يحل الاحتجاج به.

(2)

موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل""7/ 19" من طريق نعيم بن حماد، حدثنا بقية، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن واثلة بن الأسقع، به. كان يضع الحديث في تقوية السنة.

قلت: والإسناد تالف فيه نعيم بن حماد، وهو ضعيف كان يضع الحديث في تقوية السنة، وبقية مدلس، وقد عنعنه، ومتن الحديث كذب واضح لا يصدر مثله من مشكاة النبوة المبرأة عن مثل هذا العبث.

ص: 26

النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل. وقال النسائي: ليس بثقة وقال مرة ضعيف.

قال الحافظ أبو علي النيسابوري: سمعت أبا عبد الله النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة والسنن، ثم قيل له: في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة فصار

في حد من لا يحتج به. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ، ووهم.

قلت: لا يجوز لأحد أن يحتج به وقد صنف كتاب الفتن فأتى فيه بعجائب ومناكير. وقد قال ابن عدي عقيب ما ساق له من المناكير: وقد كان أحد من يتصلب في السنة، ومات في محنة القرآن في الحبس، وعامة ما أنكر عليه هو ما ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيمًا.

قال أحمد بن محمد بن سهل الخالدي: سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول: أخذ نعيم بن حماد في أيام المحنة، سنة ثلاث، أو أربع وعشرين ومائتين وألقوه في السجن، ومات في سنة تسع وعشرين ومائتين وأوصى أن يدفن في قيوده، وقال: إني مخاصم.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل سنة ثلاث وتسعين وستمائة أخبرنا الإمام، أبو محمد بن قدامة، أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا أبو الفضل أحمد بن خيرون وأبو الحسن بن أيوب البزاز قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان أخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي سمعت نعيم بن

حماد يقول: من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر وليس في وصف الله به

نفسه ولا رسوله تشبيه.

قلت: هذا الكلام حق، نعوذ بالله من التشبيه، ومن إنكار أحاديث الصفات، فما ينكر الثابت منها من فقه، وإنما بعد الإيمان بها هنا مقامان مذمومان: تأويلها وصرفها عن موضوع الخطاب، فما أولها السلف ولا حرفوا ألفاظها عن مواضعها بل آمنوا بها وأمروها كما جاءت.

المقام الثاني: المبالغة في إثباتها، وتصورها من جنس صفات البشر، وتشكلها في الذهن، فهذا جهل وضلال، وإنما الصفة تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف عز وجل لم نره، ولا أخبرنا أحد أنه عاينه مع قوله لنا في تنزيله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، فكيف بقي لأذهاننا مجال في إثبات كيفية البارئ تعالى الله عن ذلك، فكذلك صفاته المقدسة نقر بها، ونعتقد أنها حق ولا نمثلها أصلا ولا نتشكلها.

قال محمد بن مخلد العطار: حدثنا الرمادي، سألت نعيم بن حماد عن قوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: 4].

قال: معناه: أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه، ألا ترى قوله:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]، الآية.

ص: 27

قال محمد بن سعد: طلب نعيم الحديث كثيرًا بالعراق والحجاز، ثم نزل مصر، فلم يزل بها حتى أشخص منها في خلافة أبي إسحاق -يعني: المعتصم- فسئل عن القرآن فأبى أن يجيب فيه بشيء مما أرادوه عليه، فحبس بسامراء فلم يزل محبوسا بها حتى مات في السجن سنة ثمان وعشرين ومائتين.

وكذاك أرخ: مطين وأبو سعيد بن يونس وابن حبان، وقال العباس بن مصعب: سنة تسع.

قال ابن يونس: حمل فامتنع أن يجيبهم فسجن فمات ببغداد غداة يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى، وكان يفهم الحديث، وروى مناكيرعن الثقات.

وقال أبو القاسم البغوي، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، وابن عدي: مات سنة تسع وعشرين. زاد نفطويه: وكان مقيدًا، محبوسًا؛ لامتناعه من القول بخلق القرآن، فجر بأقياده، فألقي في حفرة، ولم يكفن، ولم يصل عليه. فعل به ذلك صاحب ابن أبي دواد.

أنبأنا المسلم بن محمد القيسي، أخبرنا أبو اليمن الكندي، وأخبرنا عمر بن عبد المنعم عن الكندي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أخبرنا الحسن بن علي إملاء، أخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد، حدثنا حمزة بن محمد الكاتب، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء شهر رمضان قال للناس:"قد جاءكم مطهر؛ شهر رمضان، فيه تفتح أبواب الجنة وتغل فيه الشياطين يعد فيه المؤمن القوى للصوم والصلاة، وهو نقمة للفاجر، يغتنم فيه غفلات الناس، من حرم خيره فقد حرم"

(1)

.

(1)

موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل""7/ 18" حدثنا حمزة بن محمد الكاتب، حدثنا نعيم بن حماد، به.

قلت: إسناده تالف، فيه نعيم بن حماد، وقد كان يضع الحديث في تقوية السنة.

ص: 28

‌1747 - يحيى بن عبد الله بن بُكَيرٍ

(1)

: " خ، م، ق"

الإمام، المحدث، الحافظ، الصدوق، أبو زكريا القرشي المخزومي مولاهم، المصري.

ولد سنة خمس وخمسين ومائة.

وسمع من الإمام مالك "الموطأ" مرات، ومن الليث كثيرًا، وبكر بن مضر، وابن لهيعة، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وحماد بن زيد، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن أبي حازم، وهقل بن زياد، وابن وهب، وعدة.

وعنه: البخاري، وحرملة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ويحيى بن معين، ويونس بن عبد الأعلى، وسهل بن زنجلة، وأبو بكر الصاغاني، وأبو زرعة الرازي، وبقي بن مخلد، وروح بن الفرج، ويحيى بن أيوب العلاف، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأبو حاتم، وخير بن موفق، وأبو الأحوص العكبري، ومالك بن عبد الله بن سيف، وأبو خيثمة علي بن عمرو بن خالد الحراني، وابنه؛ عبد الملك بن يحيى، والحسن بن الفرج الغزي، وخلق سواهم.

احتج به الشيخان، وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأما أبو حاتم، فقال: لا يحتج به. قال: وكان يفهم هذا الشأن.

وقال النسائي: ضعيف.

وقال أبو سعيد بن يونس: ولد سنة أربع وخمسين ومائة، ومات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

قال ابن حبان: مات في نصف صفر.

قلت: كان غزير العلم، عارفا بالحديث، وأيام الناس، بصيرًا بالفتوى، صادقًا، دينًا، وما أدري ما لاح للنسائي منه حتى ضعفه، وقال مرة: ليس بثقة. وهذا جرح مردود فقد احتج به الشيخان، وما علمت له حديثا منكرًا حتى أورده.

وقد قال أسلم بن عبد العزيز: حدثنا بقي بن مخلد: أن يحيى بن بكير سمع "الموطأ" من مالك سبع عشرة مرة.

قلت: وقد روى البخاري عن محمد بن عبد الله، عن يحيى بن بكير -وسمع "الموطأ" من طريقه من شيخنا أبي الحسين الحافظ- أخبرنا مكرم، أخبرنا حمزة، أخبرنا الفقيه نصر، أخبرنا الميماسي، أخبرنا ابن وصيف الغزي، أخبرنا الحسن بن الفرج بغزة، حدثنا يحيى بن بكير عن مالك.

(1)

ترجمته في التاريخ "8/ ترجمة 3019"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 347"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 624"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 682"، والكاشف "3/ ترجمة 6303"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 425"، والمغني "2/ ترجمة 7005"، والعبر "1/ 410"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9564"، وتهذيب التهذيب "11/ 237"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 347"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 71".

ص: 29

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، وأحمد بن هبة الله، وزينب بنت كندي قراءة، عن المؤيد الطوسي، أن محمد بن الفضل الفراوي، وأخبرونا عن زينب الشعرية، عن إسماعيل القاري، وأخبرونا عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قالوا: أخبرنا عمر بن مسرور، أخبرنا إسماعيل بن نجيد، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثني الليث، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار"

(1)

.

هذا حديث صالح الإسناد من العوالي.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "4/ 190 - 191" من طريق هارون، عن عبد الله بن وهب، حدثني حيوة به. ولم يرفعه. وله شواهد منها حديث أبي هريرة مرفوعًا:"ويل للأعقاب من النار"، عند البخاري "165"، ومسلم "242".

وشاهد آخر عند عبد الله بن عمرو بن العاص: عند البخاري "60"، وسلم "241"، وأبي داود "97". وشاهد ثالث عند جابر: عند أحمد "3/ 316 و 369"، وابن ماجه "454"، والطبراني في "الأوسط""2830".

وشاهد راجع من حديث معيقيب: عنه أحمد "3/ 426". وشاهد خامس: من حديث عائشة: عند مسلم "240"، وابن ماجه "451" و"452"، وأحمد "6/ 99".

ص: 30

‌1748 - أبو اليَنْبَغِي

(1)

:

شاعر، محسن، ذو مزاح وهجو ومدح للخلفاء والقواد.

أفرد المرزباني أخباره، وكان يقول: خدمت المنصور ولي ثلاث عشرة سنة وعاش إلى دولة المعتصم وهو القائل في عرس بوران:

بارك الله للحسن

ولبوران في الختن

يا إمام الهدى ظفر

ت ولكن ببنت من

فلوح بالمدح والهجاء

(1)

لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من مصادر.

ص: 30

‌1749 - الحميدي

(1)

: " خ، د، ت، س"

عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة بن عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى. وقيل: جده هو: عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد، الإمام، الحافظ، الفقيه، شيخ الحرم، أبو بكر القرشي، الأسدي، الحميدي، المكي، صاحب "المسند".

حدث عن: إبراهيم بن سعد، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة -فأكثر عنه وجود- وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد العزيز بن أبي حازم، والوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية، ووكيع، والشافعي، وليس هو بالمكثر، ولكن له جلالة في الإسلام.

حدث عنه: البخاري والذهلي وهارون الحمال وأحمد بن الأزهر وسلمة بن شبيب ومحمد بن سنجر ويعقوب الفسوي وإسماعيل سمويه ومحمد بن عبد الله بن البرقي وأبو زرعة الرازي وبشر بن موسى وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وأبو بكر محمد بن إدريس المكي وراقه وخلق سواهم.

قال أحمد بن حنبل: الحميدي عندنا إمام.

وقال أبو حاتم: أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة وهو ثقة إمام.

قال الحميدي: جالست سفيان بن عيينة تسع عشرة سنة، أو نحوها.

وقال يعقوب الفسوي: حدثنا الحميدي، وما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي، قال: قدمت مكة سنة ثمان وتسعين، ومات في أولها سفيان بن عيينة قبل قدومنا بسبعة أشهر، فسألت عن أجل أصحاب ابن عيينة، فذكر لي الحميدي، فكتبت حديث ابن عيينة عنه.

وروى يعقوب الفسوي، عن الحميدي، قال: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر، ويجتمع إليه أهل خراسان وأهل العراق، فجلست إليهم، فذكروا شيخًا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 502"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 276"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 264"، والأنساب للسمعاني "4/ 231"، واللباب لابن الأثير "1/ 392"، وتذكرة الحفاظ "1/ 419"، والعبر "1/ 377"، والكاشف "2/ ترجمة 2749"، وتهذيب التهذيب "5/ 215"، وتقريب التهذيب "1/ 415"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3497"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 45".

ص: 31

لسفيان فقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كذا وكذا. فسبح سعيد بن منصور وأنكر ذلك وأنكر ابن ديسم، وكان إنكار ابن ديسم أشد علي، فأقبلت على سعيد فقلت: كم تحفظ عن سفيان عنه. فذكر: نحو النصف مما قلت، وأقبلت على ابن ديسم فقلت: كم تحفظ عن سفيان عنه. فذكر: زيادة على ما قال سعيد نحو الثلاثين مما قلت أنا، فقلت: لسعيد تحفظ ما كتبت عن سفيان عنه. فقال: نعم. قلت: فعد. وقلت لابن ديسم: فعد ما كتبت، قال: فإذا سعيد يغرب على ابن ديسم بأحاديث وابن ديسم يغرب على سعيد في أحاديث كثيرة فإذا قد ذهب عليهما أحاديث يسيرة فذكرت ما ذهب عليهما فرأيت الحياء والخجل في وجوههما.

قال ابن سعد الحميدي: من بني أسد بن عبد العزى بن قصي صاحب ابن عيينة وروايته ثقة كثير الحديث. مات بمكة سنة تسع عشرة، وكذا أرخ البخاري وقيل: سنة عشرين.

وله رواية في مقدمة صحيح مسلم.

وقال محمد بن سهل القهستاني: حدثنا الربيع بن سليمان، سمعت الشافعي يقول: ما رأيت صاحب بلغم، أحفظ من الحميدي، كان يحفظ لسفيان بن عيينة عشرة آلاف حديث.

وقال محمد بن إسحاق المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الأئمة في زماننا الشافعي والحميدي وأبو عبيد.

وقال علي بن خلف: سمعت الحميدي يقول: ما دمت بالحجاز، وأحمد بن حنبل بالعراق، وإسحاق بخراسان لا يغلبنا أحد.

وقال أبو العباس السراج: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: الحميدي إمام في الحديث.

قال الفربري: حدثنا محمد بن المهلب البخاري، حدثنا الحميدي، قال: والله لأن أغزو هؤلاء الذين يردون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أغزو عدتهم من الأتراك.

قلت: لما توفي الشافعي، أراد الحميدي أن يتصدر موضعه، فتنافس هو وابن عبد الحكم على ذلك، وغلبه ابن عبد الحكم على مجلس الإمام، ثم إن الحميدي رجع إلى مكة، وأقام بها ينشر العلم رحمه الله.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا

ص: 32

المكارم المبارك بن محمد، أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أخبرنا عثمان بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، أخبرنا سفيان عن الزهري أنه سمع أنس بن مالك يقول: آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف الستارة يوم الاثنين والناس صفوف خلف أبي بكر، فلما رأوه كأنهم تحركوا، فأشار إليهم رسول الله أن امضوا، فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف، وألقى السجف، وتوفي من آخر ذلك اليوم

(1)

.

متفق عليه. ورواه مسلم عن الحلواني وعبد عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح عن الزهري.

وقوله: وتوفي من آخر ذلك اليوم. غريب، إنما المحفوظ أنه توفي في أوائل النهار قبل الظهر يوم الاثنين.

ويقع حديث أبي بكر الحميدي عاليًا في "الغيلانيات".

أخبرنا يوسف بن أبي نصر، وعبد الله بن قوام، وعدة، قالوا: أخبرنا ابن الزبيدي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا ابن مطر، حدثنا البخاري، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرني محمد بن إبراهيم، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر رضي الله عنه يقول على المنبر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات

". وذكر الحديث

(2)

.

هذا أول شيء افتتح به البخاري "صحيحه" فصيره كالخطبة له. وعدل عن روايته افتتاحًا بحديث مالك الإمام إلى هذا الإسناد؛ لجلالة الحميدي وتقدمه؛ ولأن إسناده هذا عزيز المثل جدًّا ليس فيه عنعنة أبدًا، بل كل واحد منهم صرح بالسماع له.

(1)

صحيح: أخرجه الحميدي "1188"، وأخرجه البخاري "680"، ومسلم "419".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، وهو عند الحميدي "28".

ص: 33

‌1750 - يحيى بن أبي الخَصيب

(1)

:

زياد الرازي الحافظ، قاضي عكبرًا. كان أحد الأئمة.

روى عن: حماد بن زيد، ومعاوية الضال، ومرحوم بن عبد العزيز، وعلي بن مسهر، وعيسى بن يونس، ويحيى بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، وخلق. وله: رحلة، ومعرفة.

روى عنه: علي بن المديني، ومحمد بن عامر الأنطاكي، وإبراهيم بن موسى الفراء، وعلي بن ميسرة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كان ثقة، من أوعية العلم، ما أعلم كان في زمانه أكثر حديثًا منه قلت: ولا إبراهيم بن موسى، ولا أبو جعفر الجمال؟ قال: ولا هذان. وقال أبو زرعة: ثقة مشهور.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 619".

ص: 33

‌1751 - المقعد

(1)

: " ع"

عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، الإمام، الحافظ، المجود، أبو معمر المنقري مولاهم البصري، المقعد. واسم جده: ميسرة.

حدث عن: عبد الوارث بن سعيد -فأكثر وجوَّد- وأبي الأشهب العطاردي جعفر بن حيان، وملازم بن عمرو وعبثر بن القاسم وعبد الله بن جعفر المديني، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد الوهاب الثقفي، وطائفةٍ.

وليس هو بالمكثر لكنه متقن لعلمه وكان عدلا ضابطًا، إلا أنه قدري، من غلمان عبد الوارث في ذلك.

حدث عنه: البخاري وأبو داود وحجاج بن الشاعر والفضل بن سهل ومحمد بن يحيى ومحمد بن وارة وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي الحافظ وأحمد بن الحسن بن خراش والرمادي والبرتي وعباس الدوري وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو الأحوص العكبري وخلق.

قال أحمد بن زهير عن يحيى بن معين: هو ثقة ثبت.

وروى إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن يحيى: ثقة، نبيل، عاقل.

وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة، ثبتا، صحيح الكتاب، وكان يقول بالقدر، وكان غالبًا على عبد الوارث.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 475"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 125"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "10/ 24"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 509"، والكاشف "2/ ترجمة 2912"، وتهذيب التهذيب "5/ 335"، وتقريب التهذيب "1/ 436"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3687"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 54".

ص: 34

قال علي بن المديني: قد كتبت كتب عبد الوارث عن ولده عبد الصمد، وأنا أشتهي أن أكتبها عن أبي معمر.

قلت: يقول علي مثل هذا القول، مع أنه قد لقي أيضا عبد الوارث، وسمع منه جملة أحاديث.

وقال أبو داود: بلغني عن علي، أنه قال: أبو معمر في عبد الوارث أحب إليَّ من عبد الوارث في رجاله.

ثم قال أبو داود: سمعت أبا معمر يقول ليحيى بن معين: شيخ كتب عني كتاب الحروف، قال: وكان الأرزي لا يحدث عن أبي معمر للقدر، يخافه عليه.

قال أبو داود: كان لا يتكلم فيه، وهو أثبت من عبد الصمد مرارًا.

قلت: يريد بالحروف حرف أبي عمرو بن العلاء، كان عبد الوارث قد تلا علي أبي عمرو، وجود، فأخذ ذلك عنه أبو معمر المقعد.

قال أحمد العجلي: أبو معمر: ثقة يرى القدر.

وقال أبو حاتم: صدوق، متقن، قوي الحديث، غير أنه لم يكن يحفظ، وكان له قدر عند أهل العلم.

وقال أبو زرعة: ثقة حافظ -يعني: أنه كان متقنًا، محررًا لكتبه.

وقال ابن خراش: صدوق، قدري.

قال البخاري، وغيره: مات سنة أربع وعشرين ومائتين.

قلت: إنما قدمته لقدم وفاته، ولا يقع لنا حديثه فيما علمت عاليًا، وهو عندي في "صحيح البخاري"، و"مسند الدارمي"، وحديثه في الكتب مع بدعته -نسأل الله التوفيق.

أخبرنا عبد الحافظ: أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا ابن البطي، أخبرنا علي بن أيوب، أخبرنا بن شاذان، أخبرنا ابن زياد القطان، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أبو معمر ومسدد، قالا: حدثنا عبد الوارث عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المراء في القرآن كفر"

(1)

.

(1)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 286 و 424 و 475 و 503 و 528"، وأبو داود "4603"، والحاكم "2/ 223"، وأبو نعيم في "الحلية""8/ 212 - 213"، وفي "أخبار أصبهان""2/ 123"، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، به، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي.

قلت: بل إسناده حسن، محمد بن عمرو بن علقمة، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". فالإسناد به حسن.

ص: 35

‌1752 - سليمان بن داود

(1)

: " (4) "

ابن الأمير داود بن علي بن البحر عبد الله بن العباس الشريف، الإمام، البارع، الحافظ، السري، أبو أيوب الهاشمي، العباسي، من كبار الأئمة.

سمع إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن جعفر، وعبثر بن القاسم، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وسفيان بن عيينة، وهشيمًا، وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعباس الدوري وإبراهيم الحربي، والحارث بن أبي أسامة، وأبو مسلم الكجي، وآخرون.

قال الزعفراني: قال لي أبو عبد الله الشافعي: ما رأيت أعقل من هذين الرجلين: أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي.

وقال النسائي، وغيره: ثقة.

وعن ابن وارة: أنه سمع سليمان الهاشمي يقول: ربما أحدث بحديث واحد، ولي نية، فإذا أتيت على بعضه، تغيرت نيتي، فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات.

عندي حديث كتبته في غير هذا الموضع من رواية الإمام أحمد، عن سليمان بن داود الهاشمي، عن الشافعي.

قال ابن سعد، وأحمد بن زهير: مات سليمان سنة تسع عشرة ومائتين.

وروي عن أحمد بن حنبل، أنه قال: كان يصلح للخلافة، رحمه الله.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 343"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1789"، والكنى للدولابي "1/ 102"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 492"، وتاريخ بغداد "9/ 31"، والعبر "1/ 376"، والكاشف "1/ ترجمة 2104" وتهذيب التهذيب "4/ 187"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2686" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 45".

ص: 36

‌1753 - مُعَلَّى بن أسدٍ

(1)

: " خ، م، ت، س، ق".

الحافظ، الحجة، أبو الهيثم العَمِّي، البصري، أخو بهز بن أسد.

حدث عن: عبد العزيز بن المختار، وعبد الله بن المثنى الأنصاري، ووهيب بن خالد، ويزيد بن زريع، وحماد بن زيد، وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري. وروى مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه عن رجل عنه، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن يوسف السلمي، وسليمان بن معبد، وحفص بن عمر سنجة، وأبو محمد الدارمي، وعثمان الدارمي، وهلال بن العلاء، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وآخرون. وكان من الأئمة الأثبات.

قال أبو حاتم الرازي: ما أعلم أني عثرت له على خطأ سوى حديث واحد.

قال خليفة: مات سنة تسع عشرة ومائتين.

وقال ابن حبان: مات في رمضان، سنة ثمان عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1542"، وتهذيب التهذيب "10/ 236".

ص: 36

‌1754 - سُنَيد

(1)

: " ق"

الإمام، الحافظ، محدث الثغر، أبو علي حسين بن داود. ولقبه: سنيد المصيصي، المحتسب، صاحب "التفسير الكبير".

حدث عن: حماد بن زيد، وجعفر بن سليمان الضبعي، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن المبارك، وعيسى بن يونس، وعدد كثير.

حدث عنه: أبو بكر الأثرم، وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن زهير، وعبد الكريم الدَّيرعاقولي. وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو داود: لم يكن بذاك.

وقال النسائي: ليس بثقة.

قلت: مَشَّاه الناس، وحملوا عنه وما هو بذاك المتقن.

ومات في سنة ست وعشرين ومائتين. خَرَّج له ابن ماجه حديثًا واحدًا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1428"، وتاريخ بغداد "8/ 42"، والكاشف "1/ ترجمة 2181"، وتذكرة الحفاظ "2/ 468"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3567"، وتهذيب التهذيب "4/ 244"، وتقريب التهذيب "1/ 335"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2890"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".

ص: 37

‌1755 - محمد بن سلام

(1)

: " خ"

ابن الفرج، الإمام الحافظ، الناقد، أبو عبد الله السلمي مولاهم، البخاري، البيكندي.

رأى مالك بن أنس، ولم يتفق له السماع منه.

وروى عن: أبي الأحوص سلام بن سليم، وإسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، وأبي إسحاق الفزاري، وعيسى بن موسى غنجار، وزائدة بن أبي الرقاد، وأبي بكر بن عياش، وخلق كثير.

حدث عنه: البخاري، وأبو محمد الدارمي، وعبيد الله بن واصل، وأبو عمر محمد بن بجير، وأحمد بن الضوء، وحميد بن النضر، وطفيل بن زيد النسفي، وخلق من أهل ما وراء النهر.

وكان من أوعية العلم وأئمة الأثر.

قال أحمد بن الهيثم الشاشي: قال لي يحيى بن يحيى: بخراسان كنزان: كنز عند محمد بن سلام البيكندي، وكنز عند إسحاق بن راهويه.

وروى محمد بن يوسف السمرقندي، عن محمد بن مبشر الكرميني، قال: انكسر قلم محمد بن سلام البيكندي في مجلس شيخ، فأمر أن ينادى: قلم بدينار، فطارت إليه الأقلام.

قلت: كان محتشمًا، ذا أموال.

قال محمد بن يعقوب البيكندي: سمعت علي بن الحسين يقول: كان محمد بن سلام في منزله، فدق بابه، فخرج، فقال الشخص: يا أبا عبد الله، أنا جني، رسول ملك الجن إليك، يسلم عليك، ويقول: لا يكون لك مجلس إلا يكون منا في مجلسك أكثر من الإنس.

قال محمد بن يعقوب: هذه حكاية مستفيضة عندنا مشهورة.

وعن محمد بن سلام، قال: لم أجلس في سوق بيكند منذ أربعين سنة.

وقال سهل بن المتوكل: سمعت محمد بن سلام يقول: أنا محمد بن سلام -بالتخفيف.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 314"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1508"، والأنساب للسماعني "2/ 374"، والكاشف "3/ ترجمة 4974"، والعبر "1/ 395"، وتهذيب التهذيب "9/ 212"، وتقريب التهذيب "2/ 168"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6191"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 57".

ص: 38

قلت: بكل قالوا، فقد ذكر التثقيل، ولم يثبت.

وقد دخل محمد بن سلام خوارزم مع غنجار، وسمعا بها من: عبد الكريم بن الأسود البصري، ومغيرة بن موسى صاحب سعيد بن أبي عروبة.

قال عبيد الله بن واصل: سمعت محمد بن سلام يقول: كتبت عن أربعمائة شيخ.

وقال علي بن الحسين: سمعت محمد بن سلام يقول: أدركت مالكًا فإذا الناس يقرءون عليه فلم أسمع منه.

وقال سهل بن المتوكل: سمعت محمدًا يقول: أنفقت في طلب العلم أربعين ألفا وأنفقت في نشره أربعين ألفا وليت ما أنفقت في طلبه كان في نشره -أو كما قال.

قال عبيد الله بن شريح: سمعت محمد بن سلام يقول: أحفظ نحوًا من خمسة آلاف حديث.

وقال محمد بن أحمد الغنجار: كان لابن سلام مصنفات في كل باب من العلم، وكان بينه وبين أبي حفص أحمد بن حفص الفقيه مودة وأخوة مع تخالفهما في المذهب.

قال يحيى بن جعفر البيكدي: ولد محمد بن سلام في الليلة التي توفي فيها سفيان الثوري.

قال البخاري: مات في سابع صفر، سنة خمس وعشرين ومائتين.

ص: 39

‌1756 - علي بن مَعْبَد

(1)

:

ابن شداد، الإمام، الحافظ، الفقيه، أبو الحسن وأبو محمد العبدي الرقي، نزيل مصر من كبار الأئمة.

حدث عن: إسماعيل بن جعفر، والليث بن سعد، وعبيد الله بن عمرو الرقي، وموسى بن أعين، وإسماعيل بن عياش، وأبي الأحوص، وابن عيينة، وهشيم، والمعافى بن عمران، والمسيب بن شريك، وعتاب بن بشير، وابن وهب، وأبي بكر بن عياش، والشافعي، وخلق.

روى عن محمد بن الحسن: "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير".

روى عنه: يحيى بن معين، وأبو عبيد، وإسحاق الكوسج، وخشيش بن أصرم، وسلمة بن شبيب، وبحر بن نصر، وسمويه، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن حبيب الفقيه، وأبو حاتم، ومقدام بن داود الرعيني، ويعقوب الفسوي، وأبو يزيد القراطيسي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وخلق كثير.

قال يونس بن عبد الأعلى: سمعته يقول: انصرفت من عند المأمون وقد أبيت عليه الدخول فيما عرضه من القضاء بمصر، فرشت حصيرًا، وقعدت على بابي فمر رجلان يقول أحدهما للآخر: والله ما صح له إلى الأن شيء، وقد فتح بابه، وفرش حصيره، فدخلت، وجلست داخل بابي، وقلت: أقرب إلى من يجيئني. فمر رجلان، فسمعت أحدهما يقول: ما صح له شيء، وأغلق بابه، فكيف لو صح له شيء؟

وقال سليمان الكيساني: سمعت علي بن معبد يقول: كان بيني وبين المأمون أن قال: إن كان لك أخ صالح فاستعن به كما استعنت بأخي هذا. فقلت: يا أمير المؤمنين إن لي حرمة. قال: وما هي؟ قلت: سماعي معكم من أبي بكر بن عياش، وعيسى بن يونس، قال: وأين كنت تسمع؟ قلت: في دار الرشيد. قال: وكيف دخلت؟ قلت: بأبي. قال: من أبوك؟ قلت: معبد بن شداد. فأطرق، ثم قال: إنه كان من طاعتنا على غاية فلم لا تكون مثله?

قال أبو حاتم: ثقة.

وقال ابن يونس: كنيته: أبو محمد، مروزي الأصل، قدم مصر مع أبيه معبد، وكان يذهب في الفقه مذهب أبي حنيفة، وروى عن محمد بن الحسن "الجامع الكبير"، و"الصغير"، توفي بمصر، لعشر بقين من رمضان، سنة ثمان عشرة ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2458"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 463"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1124"، والكشاف "2/ ترجمة 4030"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5946"، وتهذيب التهذيب "7/ 384"، وتقريب التهذيب "2/ 44"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5052".

ص: 40

فأما

‌1757 - علي بن معبد بن نوح

(1)

:

الإمام، الحافظ، أبو الحسن البغدادي، ثم المصري الصغير.

فيروي عن: عبد الوهاب الخفاف، وزيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي، وروح بن عبادة، وعلي بن معبد بن شداد، وأبي النضر هاشم بن القاسم، ويعلى بن عبيد، ويزيد بن هارون، وأبي أحمد الزبيري، وأبي بدر السكوني، وطبقتهم، وله رحلة وبصر بهذا الشأن.

حدث عنه: موسى بن هارون، وأبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي، وعلي بن سراج المصري وعلي بن سعيد الرازي، وزكريا خياط السنة، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن إسماعيل المهندس، وأبو بشر الدولابي، وأبو بكر محمد بن سعيد الترخمي، وعمر بن محمد بن بجير، وأبو الحسن بن جوصا، وأبو جعفر الطحاوي، وخلق كثير.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة، صاحب سنة، سكن مصر، وكان أبوه واليا على طرابلس المغرب، قلت: وكان أخوه عثمان بن معبد من القراء، ولكن ما عرفت على من قرأ.

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتبنا شيئا من حديث علي بن معبد بن نوح بمكة، وكان حاجًّا فلم يقض لنا السماع منه، وذلك في سنة خمس وخمسين ومائتين وكان صدوقًا.

وقال أبو بكر بن الجعابي: نزل مصر، وعنده عجائب.

وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مستقيم الحديث.

قلت: قول أبي بكر: عنده عجائب: عبارة محتملة للتليين، فلا تقبل إلا مفسرة، والرجل فثقة صادق صاحب حديث، ولكنه يأتي بغرائب عن من يحتملها.

قال الطحاوي: مات في رجب سنة تسع وخمسين ومائتين، وكذا أرخه ابن يونس، وكان تاجرًا.

قال شيخنا المزي: قيل: إن النسائي روى عنه، ولم أقف على ذلك.

قلت: قد روى النسائي في "مسند مالك"، عن زكريا، عنه.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1125"، وتاريخ بغداد "12/ 109"، والكاشف "2/ ترجمة 4031"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5945"، وتهذيب التهذيب "7/ 385"، وتقريب التهذيب "2/ 44"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5052".

ص: 41

‌1758 - النفيلي

(1)

: " خ، (4) "

عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل بن زراع بن علي. وقيل: ابن عبد الله بن قيس بن عُصْم، الإمام، الحافظ، عالم الجزيرة، أبو جعفر القضاعي، ثم النفيلي، الحراني، أحد الأعلام.

حدث عن: مالك بن أنس، ومعقل بن عبيد الله، وعفير بن معدان، وزهير بن معاوية، وخليد بن دعلج، وأبي مهدي سعيد بن سنان الحمصي، وعكرمة بن إبراهيم الأزدي، ومحمد بن عمران الحجبي -آخر من حدث عن: صفية بنت شيبة- وهشيم بن بشير، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وزيد بن السائب الجزري، وأبي المليح الرقي، وعباد بن كثير الرملي، وعبد العزيز بن أبي حازم، والدراوردي، وابن المبارك، والنضر بن عربي، وموسى بن أعين، وسفيان بن عيينة، وخلق كثير.

وعنه: أبو داود -فأكثر- وأبو داود سليمان بن سيف، وعلي بن عثمان النفيلي، وأحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والذهلي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وإبراهيم بن ديزيل، والفضل بن محمد الشعراني، وأبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن القرقساني، وأحمد بن عبد الرحمن بن عقال، وجعفر الفريابي، وخلق كثير.

وروى البخاري، عن محمد -غير منسوب- عن النفيلي، فقيل: هو الذهلي، وقيل: البوشنجي.

قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله أثنى على النفيلي، وقال: كان يمر معي إلى مسكين بن بكير.

وقال أبو حاتم: سمعت ابن معين يثني على النفيلي.

وروى أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، قال: ما رأيت أحفظ من النفيلي. قلت: ولا عيسى بن شاذان؟ قال: ولا عيسى، وكان الشاذَكوني لا يقر لأحد في الحفظ إلا للنفيلي، وكان أحمد إذا ذكره، يعظمه. قال أبو داود: وما رأينا له كتابًا قط، وكل ما حدثنا، فمن حفظه.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 487"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 209"، والجرح والتعديل "5/ 735"، والكاشف "2/ ترجمة 3001"، والعبر "1/ 417"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 447"، وتهذيب التهذيب "6/ 16"، وتقريب التهذيب "1/ 448"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3793"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 80".

ص: 42

قال: وقلت لأحمد بن حنبل: أيما أثبت في زهير: أحمد بن يونس، أو النفيلي؟ فقال: أحمد بن يونس رجل صدوق، والنفيلي صاحب حديث.

قال: وسمعت أحمد بن حنبل يقول في عتاب بن بشير: تركه عبد الرحمن بأخرة، وكف أحمد عن حديثه، وذاك أن الخطابي حدثه عنه بحديث، فقال لي أحمد: أبو جعفر النفيلي يحدث عنه؟ قلت: نعم. قال: أبو جعفر أعلم به.

قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: أشهد على أني لم أر أحفظ من النفيلي.

وقال أبو حاتم: حدثنا ابن نفيل الثقة المأمون.

وقال الدارقطني: هو ثقة، مأمون، محتج به.

وقال أبو أحمد الحاكم: كتبوا عنه في أيام هشيم.

قال أبو الفضل يعقوب بن إسحاق الفقيه: سمعت أحمد بن سلمة النيسابوري يحكي عن محمد بن مسلم بن وارة، قال: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين.

وقال أبو حاتم البستي: كان النفيلي متقنا، يحفظ، سمعت مكحولا، سمعت جعفر بن أبان، سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو جعفر النفيلي أهل أن يقتدى به.

وعن ابن نمير، قال: وكيع وابن مهدي، وأبو نعيم، ورابعهم: النفيلي.

قال خليفة: توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين.

قيل: مات في أحد الربيعين وكان من أبناء التسعين.

ص: 43

‌1759 - الجرمي

(1)

: " خ، م"

الإمام، المحدث، الصدوق، أبو عبيد الله، سعيد بن محمد بن سعيد الجرمي، الكوفي.

حدث عن: شريك، وعمرو بن أبي المقدام، وحاتم بن إسماعيل، وعبد الملك بن عبد الرحمن بن أبجر، وعمرو بن عطية العوفي، ويعقوب بن أبي المتئد، والقاضي أبي يوسف، وعدة.

حدث عنه: البخاري، ومسلم. وروى: أبو داود وابن ماجه عن رجل عنه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة الرازي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، وآخرون.

سئل أحمد بن حنبل عنه، فقال: صدوق، كان يسمع معنا الحديث، ويطلب.

وقال أبو داود: هو ثقة.

وقال بعضهم: كان يتشيع.

قال إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي: كان إذا قدم بغداد نزل على أبي، وكان إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ربما سكت، وإذا جاء ذكر علي بن أبي طالب قال صلى الله عليه وسلم قلت: مات سنة ثلاثين ومائتين.

وفيها: مات علي بن الجعد، ومحمد بن سعد، وأحمد بن جميل، وأحمد بن جناب، وإبراهيم بن إسحاق الصيني، وإبراهيم بن حمزة، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وإسماعيل بن سعيد الشالنجي الفقيه، وإسماعيل بن عيسى العطار، ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، وسعيد بن عمرو الأشعثي، وأمير خراسان عبد الله بن طاهر الخزاعي، وعبد الحميد بن صالح البرجمي، وعبد العزيز بن يحيى المدني، وعلي بن محمد الطنافسي، وعون بن سلام الكوفي، وأبو غسان مالك المسمعي، ومحبوب بن موسى الأنطاكي، ومهدي بن جعفر الرملي، وعتيق بن يعقوب الزبيري، وإسحاق بن عمر بن سليط البصري، والحسن بن الحكم القطربلي

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1713"، والجرح التعديل "4/ ترجمة 216"، وتاريخ بغداد "9/ 87"، والكاشف "1/ ترجمة 1970"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3264"، والمغني "1/ ترجمة 2449"، وتهذيب التهذيب "4/ 76"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2532".

(2)

القُطربُلُي: نسبة إلى قُطْربُل، قرية من قرى بغداد.

ص: 44

‌1760 - عُمر بن حفص بن غِياث

(1)

: " خ، م، د، ت، س"

عن: أبيه؛ قاضي الكوفة، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس، وغيرهم.

يكنى: أبا حفص، وكان من العلماء الأثبات.

حدث عنه: الشيخان في "صحيحيهما". وروى أرباب السنن -سوى ابن ماجه- عن رجل، عنه. وممن روى عنه: أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأحمد بن يوسف السلمي، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن ملاعب، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم، ويعقوب الفسوي، وآخرون.

وثقه أبو حاتم.

وقال أبو داود: تبعته إلى منزله، ولم يتفق لي أن أسمع منه.

قال البخاري: توفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين.

قلت: لم يخرجوا له عن غير أبيه، وكان مكثرًا عنه مليًّا به.

مات عن بضع وخمسين سنة، بالكوفة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 413"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1994"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة رقم 544"، والعبر "1/ 385"، والكاشف "2/ ترجمة 4100"، وتهذيب التهذيب "7/ 435"، وتقريب التهذيب "2/ 53"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5140"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 50".

ص: 44

‌1761 - خالد بن خَلِيّ

(1)

:

القاضي، الإمام، الحافظ، أبو القاسم الكلاعي، الحمصي، قاضي بلده.

ولد في حدود سنة سبعين ومائة.

وسمع من: بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، وسلمة بن عبد الملك العوصي، ومحمد بن حمير، وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري في "صحيحه"، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن عوف الطائي، وولده؛ محمد بن خالد بن خلي، وآخرون.

قال النسائي: ليس به بأس.

قلت: كان من نبلاء العلماء.

قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: سمعت سليمان بن عبد الحميد البهراني يقول: لما وجه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه دمشق، وقع الاختيار على أربعة: يحيى بن صالح الوحاظي، وعلي بن عياش، وأبي اليمان، وخالد بن خلي. قال: فأول من دخل أبو اليمان.

فقال له يحيى بن أكثم: ما تقول في يحيى بن صالح؟ فقال: أورد علينا من هذه الأهواء شيئًا لا نعرفه. قال: فما تقول في علي بن عياش؟ فقال: رجل صالح لا يصلح للقضاء. قال: فخالد بن خلي؟ قال: أنا أقرأته القرآن. فأمر به، فأخرج.

ثم أدخل يحيى بن صالح، فقال: ما تقول في أبي اليمان؟ قال: شيخ من شيوخنا، مؤدب أولادنا. قال: فعلي بن عياش؟ قال: رجل صالح، لا يصلح. قال: فخالد بن خلي؟ قال: عني أخذ العلم، وكتب الفقه. فأخرج.

وأدخل علي بن عياش، فحادثه، وقال: ما تقول في أبي اليمان؟ فقال: شيخ صالح، يقرأ القرآن. قال: فيحيى؟ قال: أحد الفقهاء. قال: فخالد بن خلي؟ قال: رجل من أهل العلم. ثم أخذ يبكي.

ثم أدخل خالد، فقال له: ما تقول في أبي اليمان؟ قال: شيخنا، وعالمنا، ومن قرأنا عليه القرآن. قال: فيحيى؟ قال: أخذنا عنه العلم والفقه. قال: فابن عياش؟ قال: رجل من الأبدال، إذا نزلت بنا نازلة، سألناه، فدعا الله فكشفها، فإذا أصابنا القحط سألناه فدعا الله تعالى، فسقانا الغيث، قال: فعمد يحيى بن أكثم إلى ستر رقيق بينه وبين المأمون، فرفعه، فقال له المأمون: هذا يصلح للقضاء، فوله، فأمر بالخلع، فخلعت على خالد، وولاه القضاء.

قلت: لم أظفر له بوفاة، كأنه مات سنة نيف وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 498"، والكنى للدولابي "2/ 84"، والجرح والتعديل، "3/ ترجمة 1496"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 113"، والكاشف "1/ ترجمة 1321"، وتهذيب التهذيب "3/ 86"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1749".

"خلي": قيده أبو نصر بن ماكولا بتخفيف اللام.

ص: 45

‌1762 - ابنه محمد بن خالد بن خلي

(1)

: " س"

الإمام، العالم، الحجة، أبو الحسين الحمصي.

حدث عن: أبيه، وأحمد بن خالد الوهبي، وأبي اليمان، وبشر بن شعيب.

روى عنه: النسائي، وحاجب بن أركين، وابن جوصا، وأبو عوانة، وأبو العباس الأصم، وولده؛ أحمد بن محمد بن خالد بن خلي، وطائفة. وثقه النسائي.

وعاش إلى حدود سنة سبعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1343"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 113"، والكاشف "3/ ترجمة 4892"، وتهذيب التهذيب "9/ 140"، وتقريب التهذيب "2/ 157"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6178".

ص: 46

‌1763 - محمد بن المنهال

(1)

: " خ، م، د"

الضرير، الحافظ، المجود، الإمام، أبو جعفر -وقيل: أبو عبد الله- التميمي، البصري، صاحب يزيد بن زريع، وراويته.

وحدث أيضًا عن: أبي عوانة، وجعفر بن سليمان، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي، ومخشي بن معاوية الباهلي، وحبيبة بنت حماد المازنية، وجماعة يسيرة.

ولم يرحل، ولا كتب، بل كان يحفظ.

روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو محمد الدارمي، وأبو بكر الأثرم، وحرب الكرماني، وعبيد الله بن واصل البخاري، وعثمان بن خرزاذ، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومضر بن محمد الأسدي، ويعقوب الفسوي، ويعقوب بن شيبة، ويوسف القاضي، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان، وأبو مسلم الكجي، وخلق كثير.

قال العجلي: بصري، ثقة، لم يكن له كتاب، قلت له: لك كتاب؟ فقال: كتابي صدري.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كتب عنه علي بن المديني كتاب يزيد بن زريع، وهو حافظ، كيس، أحب إلي من أمية بن بسطام.

قال: وسمعت أبا زرعة يقول: سألت محمد بن المنهال أن يقرأ علي "تفسير أبي رجاء" ليزيد بن زريع، فأملى علي من حفظه نصفه، ثم أتيته يومًا آخر بعد كم، فأملى علي من حيث انتهى، فقال: خذ فتعجبت، وكان يحفظ حديث يزيد بن زريع.

وقال القاسم بن صفوان البرذعي عن عثمان بن خرزاذ: أحفظ من رأيت أربعة: محمد بن المنهال الضرير، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، وأبو زرعة، وأبو حاتم.

قال ابن عدي: سمعت أبا يعلى يذكر محمد بن منهال الضرير، ويفخم أمره، ويذكر أنه كان أحفظ من بالبصرة في وقته، وأثبتهم في يزيد بن زريع.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 786"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 371" و"2/ 257"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 396"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 454"، والكاشف "3/ ترجمة 5257"، والعبر "1/ 410"، وتهذيب التهذيب "9/ 475"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6679"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 71".

ص: 47

وروى ابن حبان، عن أبي يعلى، قال: مات بالبصرة ليلة الأحد لسبع عشرة خلون من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

وقال موسى بن هارون: مات في آخر شعبان. والأول أصح.

أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد القيسي فيما حدث به وأجازه لي، قال: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري في سنة أربع وعشرين وخمسمائة، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا علي بن محمد بن كيسان، أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن المنهال، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، وشعبة عن قتادة عن ابن المسيب عن عامر بن أبي أمية عن أم سلمة -أخته- قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فينا جنبًا من غير احتلام ثم يصبح صائمًا"

(1)

.

هذا حديث صحيح، غريب. وعامر: من الطلقاء. تفرد بإخراجه النسائي من طريق يزيد بن زريع عن سعيد فقط.

ومن غريب الاتفاق: وفاة سميه وشريكه في اللقاء معه في عام، وهو:

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1925"، ومسلم "1109"، وأبو داود "2388".

ص: 48

‌1764 - محمد بن المنهال البصري

(1)

:

العطار، أخو الحافظ الثقة حجاج بن منهال الأنماطي.

يروي عن: يزيد بن زُريع، وجعفر بن سليمان، وعبد الواحد بن زياد وفياض بن ثابت.

حدث عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، ومطين، وجماعة.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا وعن الضرير، فقال: جميعا ثقتان، والضرير أحفظ، وأكيس.

وذكره ابن حبان في "الثقات".

قال شيخنا أبو الحجاج: وقيل: إنه مات أيضًا في سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

وفيها مات محمد بن سعيد البصري الأثرم، وعبادة بن زياد الكوفي، وخالد بن مرداس ببغداد، وأبو يعقوب البويطي الفقيه، ومحرز بن عون، وأحمد بن نصر الخزاعي الشهيد، وعلي بن حكيم الأودي، وخلف بن سالم الحافظ، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، وهارون بن معروف، وعبد الله بن محمد بن أسماء، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وأخوه محمد، وأمية بن بسطام، وكامل بن طلحة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 395"، وتهذيب التهذيب "9/ 476"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6680"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".

ص: 48

‌1765 - ابن سَماعة

(1)

:

قاضي بغداد، العلامة، أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال التيمي، الكوفي، صاحب أبي يوسف ومحمد.

حدث عن: الليث، والمسيب بن شريك.

روى عنه: محمد بن عمران الضبي، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء.

وصنف التصانيف.

قال ابن معين: لو أن المحدثين يصدقون في الحديث كما يصدق ابن سماعة في الفقه، لكانوا فيه على نهاية.

وقال أحمد بن عطية: كان ورده في اليوم مائتي ركعة.

وقال محمد بن عمران: سمعته يقول: مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى، إلا يوم ماتت أمي، فصليت خمسًا وعشرين صلاة، أريد التضعيف.

قلت: ولي القضاء للرشيد بعد يوسف بن أبي يوسف، ودام إلى أن ضعف بصره، فصرفه المعتصم بإسماعيل بن حماد.

عمر مائة سنة وثلاث سنين.

وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 341"، وتهذيب التهذيب "9/ 204"، وتقريب التهذيب "2/ 167" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6277".

ص: 49

‌1766 - يحيى بن بشر

(1)

: " م"

ابن كثير، المحدث، الإمام، الثقة، أبو زكريا الأسدي، الكوفي، الحريري، التاجر.

قدم دمشق، فسمع من: معاوية بن سلام الحبشي، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد بن بشر، ومعروف الخياط، وبالكوفة من: جعفر الأحمر، والفضل بن صدقة.

حدث عنه: مسلم، وأبو محمد الدارمي، وبشر بن موسى، وعثمان بن خرزاذ، ومطين وموسى بن إسحاق، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسين بن عمر الثقفي.

قال صالح جزرة: صدوق.

وقال الدارقطني: ثقة.

قال ابن سعد: قدم دمشق تاجرًا، وتوفي بالكوفة، في جمادى الأولى، سنة تسع وعشرين ومائتين. وفيها ورخه: البغوي. وقال مطين وحده: سنة سبع. كذا في النسخة وما أكثر ما يتصحف تسع بسبع!

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 411"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 554"، وتذكرة الحفاظ "2/ 442"، والكاشف "3/ ترجمة 6249"، والعبر "1/ 400"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9467"، وتهذيب التهذيب "11/ 189"، وتقريب التهذيب "2/ 343".

ص: 50

‌1767 - ابن أبي الأسود

(1)

: " خ، د، ت"

الإمام، الحافظ، الثبت، أبو بكر عبد الله بن محمد بن حميد بن الأسود البصري. تخرج بخاله؛ عبد الرحمن بن مهدي.

سمع من مالك بن أنس، وجعفر بن سليمان، وأبي عوانة، وعبد الواحد بن زياد، وزيد بن زريع، وحاتم بن إسماعيل، ومعتمر بن سليمان، وجده؛ أبي الأسود، وحميد بن الأسود، وطائفة.

وتوسع في العلم، وولي قضاء همدان.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود. وروى: الترمذي، عن رجل، عنه. ومن الراوين

عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، وإبراهيم الحربي، ويعقوب الفسوي، وعثمان بن عبد الله بن خرزاذ، وسمع وهو حدث باعتناء خاله.

روى عبد الخالق بن منصور، عن يحيى بن معين، قال: لا بأس به، ولكنه سمع وهو صغير من أبي عوانة وقد كان يطلب الحديث.

وقال الخطيب: كان حافظا، متقنا، سكن بغداد.

قال أبو حسان الزيادي وغيره: مات في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وله ستون سنة.

قلت: فعلى هذا يكون مولده ظنًّا في سنة ثلاث وستين ومائة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 594"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 733"، وتاريخ بغداد "10/ 62"، والكاشف "2/ ترجمة 2987"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4559"، وتهذيب التهذيب "6/ 6"، وتقريب التهذيب "1/ 446"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3776".

ص: 50

‌1768 - الفَرْوي

(1)

: " خ، ت، ق"

الإمام، المحدث، العالم، أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة الأموي مولاهم، الفروي، المدني.

سمع عبد الله بن جعفر المخرمي، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، ومالك بن أنس، وسليمان بن بلال، وعبيدة بن نائل، ونافع بن أبي نعيم، وابن أبي حازم، وعدة.

حدث عنه: البخاري، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل القاضي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وخلق سواهم.

قال أبو حاتم: صدوق، ولكن ذهب بصره، فربما لقن، وكتبه صحيحة.

وذكره ابن حبان في "الثقات".

ووهاه: أبو داود، ونقم عليه روايته؛ لحديث الإفك عن مالك.

وقال الدارقطني: ضعيف، وقد روى عنه البخاري، ويوبخونه على هذا.

قلت: القول ما قاله فيه أبو حاتم، أما عم أبيه؛ إسحاق بن عبد الله، فذاك واه.

قال البخاري: مات الفروي سنة ست وعشرين ومائتين.

قلت: خرج له أيضًا: الترمذي، والقزويني، ووقع لنا في "جزء ابن ديزيل" حديث الإفك، رواه عن الفروي، عن مالك.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1281"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 820"، والأنساب للسمعاني "9/ 288"، واللباب لابن الأثير "2/ 426"، وميزان الاعتدال "1/ 198"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 422"، وتهذيب التهذيب "1/ 428"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 58".

ص: 51

‌1769 - عبد الرحمن بن سلام

(1)

: " م"

ابن عبيد الله الجمحي مولاهم البصري، الإمام، الثقة، أبو حرب، أخو محمد بن سلام الجمحي الأخباري.

حدث عن: إبراهيم بن طهمان، وأبي المقدام هشام بن زياد، وحماد بن سلمة، ومبارك بن فضالة، والربيع بن مسلم وجماعة.

حدث عنه: مسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، ومعاذ بن المثنى، وموسى بن هارون، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وأبو خليفة الجمحي، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

قال موسى بن هارون: مات بالبصرة، سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

قلت: كان من أبناء التسعين.

وكذلك أخوه:

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1154"، والكاشف "2/ ترجمة 3257"، وتهذيب التهذيب "6/ 192"، وتقريب التهذيب "1/ 483"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4120".

ص: 52

‌1770 - محمد بن سَلامٍ

(1)

:

العَلامة، أبو عبد الله الجمحي، وولاؤهم لقدامة بن مظعونٍ.

كان عالمًا، أخباريًّا، أديبًا، بارعًا.

حدث عن: مبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وأبي عوانة، وطبقتهم.

حدث عنه: أحمد بن زهير، وثعلب، وأحمد بن علي الأبار، وعبد الله بن أحمد وأبو خليفة، وعدد كثير.

قال صالح جزرة: صدوق.

قلت: صنف كتاب "طبقات الشعراء".

قال الحسين بن فهم: قدم علينا محمد بن سلام بغداد، سنة اثنتين وعشرين، فاعتل علة شديدة، فأهدى إليه الرؤساء أطباءهم، وكان منهم ابن ماسويه الطبيب، فلما رآه، قال: ما أرى من العلة كما أرى من الجزع. قال: والله ما ذاك لحرص على الدنيا مع اثنتين وثمانين سنة ولكن الإنسان في غفلة حتى يوقظ بعلمه. فقال: لا تجزع فقد رأيت في عرقك من الحرارة الغريزية وقوتها ما إن سلمك الله من العوارض، بلغك عشر سنين أخرى، قال ابن فهم: فوافق كلامه قدرًا، فعاش كذلك، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين.

وقال أبو خليفة: ابيضت لحية محمد بن سلام ورأسه، وله سبع وعشرون سنة.

وقال غيره: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وكان يقول: أفنيت ثلاثة أهلين ماتوا، وها أنا في الرابعة ولي أولاد.

قلت: عاش نيفًا وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1510"، وتاريخ بغداد "5/ 327"، والأنساب للسمعاني "3/ 299"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 204"، وميزان الاعتدال "3/ 567"، والعبر "1/ 409"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 114 - 115"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 260"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 115"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".

ص: 52

‌1771 - أحمد بن شبيب

(1)

" خ، س"

ابن سعيد، الحَبَطي الإمام، أبو عبد الله البصري، المجاور بمكة.

حدث عن: أبيه، ويزيد بن زريع، ومروان بن معاوية.

وعنه: البخاري، وابن المديني، والفلاس، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وأبو زرعة، والفسوي، وخلق.

قال أبو حاتم: ثقة صدوق.

وقال ابن أبي عاصم: مات سنة تسع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1495" والجرح والتعديل "2/ ترجمة 70"، والأنساب للسمعاني "4/ 49"، وميزان الاعتدال "1/ 103"، والكاشف "1/ ترجمة 38"، وتهذيب التهذيب "1/ 36".

ص: 53

‌1772 - أبو توبة الحلبي

(1)

: " خ، م، د"

الإمام، الثقة، الحافظ، بقية المشايخ، أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي، نزيل طرسوس التي هي اليوم من بلاد الأرمن.

مولده: في حدود الخمسين ومائة.

سمع من: معاوية بن سلام، ومحمد بن مهاجر، والهيثم بن حميد، ويحيى بن حمزة القاضي، وشريك القاضي، وإسماعيل بن عياش، والحكم بن ظهير، ويزيد بن المقدام، وابن المبارك، وأبي المليح الرقي، وعبيد الله بن عمر، وإبراهيم بن سعد، وأبي الأحوص، وطبقتهم.

ووعى علمًا جمًّا، وعمر دهرًا، وارتحلوا إليه.

حدث عنه: أبو محمد الدارمي، وأبو حاتم، وأبو داود في "سننه"، ويزيد بن جهور الطرسوسي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وزهير بن محمد بن قمير، وأحمد بن خليد الحلبي، ويعقوب الفسوي، ومن أقرانه أحمد بن حنبل، وغيره.

وحدث: البخاري، ومسلم، والنسائي، والقزويني في كتبهم، عن رجل عنه.

قال أبو حاتم: ثقة، حجة.

وقال أبو داود: قدم أبو توبة الكوفة، ولم يرحل إلى البصرة، وكان يحفظ الطوال يجيء بها، ورأيته يمشي حافيا وعلى رأسه الطويلة. قال: وكان يقال: إنه من الأبدال رحمه الله.

قلت: هو آخر من حدث عن معاوية بن سلام.

قال النسائي: لم يكن به بأس.

وقال الفسوي: كان لا بأس به، توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين.

قلت: كان من أبناء التسعين، وإنما قدمت ترجمته لقدمه ونبله، ولذلك ما أزال مترددًا في الكهل القديم الموت، وفي المعمر الذي تأخر.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 956"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 201 و 212" و"2/ 340"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2105"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 485"، والكاشف "1/ ترجمة 1554"، وتهذيب التهذيب "3/ 251"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2034"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 99".

ص: 54

‌1773 - الخُوْشِي

(1)

:

الإمام، الحافظ، البارع، شيخ خراسان أبو عبد الله محمد بن أسد الإسفراييني، الخوشي -بواو- ويقال: الخُشِّي.

سمع: الفضيل بن عياض، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، وإسماعيل ابن علية، والوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية الفزاري، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو حاتم الرازي، وإبراهيم الحربي، وأبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وأبو محمد الدارمي، ويحيى بن الذهلي، وأبو لبيد محمد بن إدريس السرخسي، وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي بمكة في سنة ست عشرة ومائتين، وسئل عنه، فقال: صدوق.

وقال أبو أحمد الحاكم: كان أحد أركان الحديث، ولما بلغ إسحاق بن راهويه موته دخل علي بن طاهر الأمير، فقال: آجرك الله في نصف خراسان.

وقال الخطيب، وغيره: كان ثقة.

وقال أبو عبد الله بن البَيِّع: خوش: قرية من قرى إسفرايين.

وقال أبو عوانة الحافظ: كتبوا عنه ببغداد، وله خمس وعشرون سنة.

قلت: مات بعيد سنة ثلاثين ومائتين، أو فيها، وأثبته هنا لقدم وفاته.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1155"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 265"، وتاريخ بغداد "3/ 81 - 82"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 469".

ص: 55

‌1774 - أصْبَغ بن الفَرَج

(1)

: " خ، ت"س"

ابن سعيد بن نافع، الشيخ، الإمام الكبير، مفتي الديار المصرية، وعالمها، أبو عبد الله الأموي مولاهم، المصري، المالكي.

مولده بعد الخمسين ومائة.

وطلب العلم وهو شاب كبير، ففاته مالك والليث.

فروى عن: عبد العزيز الدراوردي، وأسامة بن زيد بن أسلم، وأخيه؛ عبد الرحمن بن زيد، وحاتم بن إسماعيل، وعيسى بن يونس السبيعي، وعبد الله بن وهب، وابن القاسم، وبهما تفقه، وحوى علمًا جمًّا.

حدث عنه: البخاري، وأحمد بن الحسن الترمذي، ويحيى بن معين، وأحمد بن الفرات، والربيع بن سليمان الجيزي، وإسماعيل سمويه، ومحمد بن إسماعيل السلمي، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب المروزي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وبكر بن سهل الدمياطي، وأبو يزيد يوسف القراطيسي، وخلق كثير.

ذكره ابن معين، فقال: كان من أعلم خلق الله برأي مالك يعرفها مسألة مسألة، متى قالها مالك ومن خالفه فيها.

وقال أحمد بن عبد الله: أصبغ: ثقة، صاحب سنة.

وقال أبو حاتم: كان أجل أصحاب ابن وهب.

وقال أبو سعيد بن يونس: كان يحيى بن عثمان بن صالح يقول: هو من أولاد عبيد المسجد، كان بنو أمية يشترون للمسجد عبيدًا يخدمونه، فأصبغ من أولاد أولئك، وكان مضطلعًا بالفقه والنظر. ثم قال: توفي لأربع بقين من شوال، سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان ذكر للقضاء في مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، فسبقه سعيد بن عفير.

قال: وحدثني علي بن الحسن بن قديد، عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن أبي يعقوب البويطي: أنه كان حاضرًا في مجلس ابن طاهر حين أمر بإحضار شيوخ مصر. قال: فقال لنا: إني جمعتكم لترتادوا لأنفسكم قاضيًا. فكان أول من تكلم يحيى بن بكير، ثم تكلم ابن ضمرة الزهري، فقال: أصلح الله الأمير، أصبغ بن الفرج الفقيه العالم الورع، وذكر باقي الحكاية.

قال بعض العلماء: ما أخرجت مصر مثل أصبغ.

وقال أبو نصر الفقيه: سمعت المزني، والربيع، يقولان: كنا نأتي أصبغ قبل قدوم الشافعي، فنقول له: علمنا مما علمك الله، تعالى.

قال مطرف بن عبد الله: أصبغ أفقه من عبد الله بن عبد الحكم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1600"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1219"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 466"، والعبر "1/ 393"، والكاشف "1/ ترجمة 455"، وتهذيب التهذيب "1/ 361"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".

ص: 56

وذكر علي بن قديد، عمن حدثه، قال: كان بين أصبغ وابن عبد الحكم مباعدة، وكان أحدهما يرمي الآخر بالبهتان.

وقال ابن وزير: كان أصبغ خبيث اللسان كان صاعقة.

قال ابن قديد: كتب المعتصم في أصبغ ليحمل إليه في المحنة، فهرب رحمه الله واختفى بحلوان وفي ذلك يقول الجمل الشاعر:

وطويت أصبغ حقبة في بيته

فسترنه جدر البيوت الستر

أبدلته برجاله وجموعه

خرقًا مقاعدة النساء الخدر

فإذا أراد مع الظلام لحاجة

أخذ النقاب وفضل مرط المعجر

ص: 57

‌1775 - المُسْنَدي

(1)

: " خ"

الإمام، الحافظ، المجود، شيخ ما وراء النهر مع محمد بن سلام، أبو جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن يمان الجعفي مولاهم، البخاري، المعروف: بالمسندي؛ لكثرة اعتنائه بالأحاديث المسندة.

رحل، وطوَّف، وسمع من: سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية، وإسحاق الأزرق، وفضيل بن عياض، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق، وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري في "صحيحه"، والذهلي، وأبو زرعة الرازي، وعبيد الله بن واصل، والفقيه محمد بن نصر، وخلق من أهل تلك الديار.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال الحاكم: هو إمام الحديث في عصره بما وراء النهر بلا مدافعة وهو أستاذ البخاري.

قلت وقد أسلم جد البخاري على يدي يمان؛ جد المسندي.

روى غُنْجَار في "تاريخه" بإسناده: قال البخاري: قال لي الحسن ابن شجاع: من أين يفوتك حديث، وأنت وقعت على كنز؟! يعني: المسندي.

توفي المسندي في ذي القعدة، سنة تسع وعشرين ومائتين، وكان من أبناء التسعين.

قال أحمد بن سيار: غاب أبو جعفر عن بلده، وأقام في طلب الحديث في الآفاق، وكان يلقب: بالمسندي، وهو من المعروفين من أهل العدالة والصدق، صاحب سنة وجماعة وإتقان، رأيته بواسط، كان حسن القامة، أبيض الرأس واللحية، ورجع إلى بخارى ومات بها.

وروي عن: خلف بن عامر، عن أبي عبد الله البخاري، قال: قال لي الحسن بن شجاع: أنت من أين يفوتك الحديث، وقد وقعت على هذا الكنز؟! يعني: المسندي.

وعن أبي جعفر المسندي، قال: ودعت الفضيل بن عياض، فقلت: أوصني. قال: كن ذنبا ولا تكن رأسًا.

قال البخاري: مات المسندي لست بقين من ذي القعدة سنة تسع.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 597"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 745"، وتاريخ بغداد "10/ 64"، والكاشف "2/ ترجمة 2994"، والعبر "1/ 405"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 507"، وتهذيب التهذيب "6/ 9"، وتقريب التهذيب "1/ 447"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3784".

ص: 57

‌1776 - المُقَدَّمي

(1)

: " خ، م، س"

الإمام، المحدث، الحافظ، الثقة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم الثقفي مولاهم، البصري، والد المحدث أحمد بن محمد.

حدث عن: عمه؛ عمر بن علي المقدمي، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، ويزيد بن زريع، ويوسف بن الماجشون، وعباد بن عباد المهلبي، وفضيل بن سليمان، وعثام بن علي، وطبقتهم، فأكثر، وأتقن.

حدث عنه: البخاري، ومسلم في كتابيهما. وروى: النسائي، عن رجل عنه، وإسماعيل القاضي، وأبو حاتم، ويوسف القاضي، وعبد الله بن أحمد، وأحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى التميمي، والحسن بن سفيان، وجعفر الفريابي، وخلق.

وثقة يحيى بن معين، وأبو زرعة.

ومات في أول سنة أربع وثلاثين ومائتين، وقد قارب الثمانين، رحمه الله.

يقع لي من عواليه في "صفة المنافق"، وفي "مسند أبي يعلى".

وكان ابنه أحمد بن محمد صاحب حديث أيضًا.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 97"، والكنى للدولابي "2/ 60"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1178"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 479"، والعبر "1/ 419"، والكاشف "3/ ترجمة 4830"، وتهذيب التهذيب "9/ 79"، وتقريب التهذيب "2/ 148"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6086".

ص: 58

‌1777 - أحمد بن أبي شعيبٍ

(1)

: " خ، د، ت، س"

هو: المحدث، الإمام أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم الأموي، الحراني، مولى عمر بن عبد العزيز.

روى عن: زهير بن معاوية، وعيسى بن يونس، وموسى بن أعين، والحارث بن عمير، وعدة.

وعنه: أبو داود، وأحمد بن فيل، وصالح بن علي النوفلي، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن جبلة، وحفيده؛ أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، وآخرون. وروى: البخاري، والترمذي، والنسائي، عن رجل، عنه. وثقة أبو حاتم.

مات سنة ثلاث وثلاثين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1491"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 80"، والأنساب للسمعاني "4/ 98"، والكاشف "1/ ترجمة 47"، وتهذيب التهذيب "1/ 47".

ص: 59

‌1778 - أحمد بن عبد الملك

(1)

: " خ، س، ق"

ابن واقدٍ، الإمام، الحافظ، المتقن، أبو يحيى الأسدي مولاهم، الحراني.

ولد في حدود سنة خمسين ومائة.

وسمع: من حماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، وأبي المليح الحسن بن عمر الرقي، وزهير بن معاوية، وأبي عوانة، وعبيد الله بن عمرو، وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري، وأحمد بن جنبل، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وأبو شعيب الحراني، وخلق سواهم.

قال أحمد بن حنبل: رأيته حافظًا لحديثه، صاحب سنة، فقيل له: أهل حران يسيئون الثناء عليه! فقال: أهل حران قل ما يرضون عن إنسان، هو يغشى السلطان بسبب ضيعة له.

وقال أبو حاتم: كان نظير النفيلي في الصدق والإتقان.

قلت: خَرَّجَ له: النسائي، وابن ماجه.

قال أبو عَروبة: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين.

قرأت على عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن قدامة الفقيه سنة خمس عشرة، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو سهل بن زياد، حدثنا أبو جعفر محمد بن غالب، حدثنا أحمد بن عبد الملك الحراني، حدثنا أبو المليح عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها"

(2)

.

وقد بقي من هذه الطبقة طائفة سيأتون في الطبقة الآتية ممن تتجاذبهم الطبقات.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1490"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 98"، وتذكرة الحفاظ "2/ 463"، والكاشف "1/ ترجمة 57"، وتهذيب التهذيب "1/ 57".

(2)

حسن: أخرجه أبو داود "4284"، وابن ماجه "4086"، والحاكم "4/ 557"، من طريق أبي المليح الرقي، عن زياد بن بيان، به.

قلت: إسناده حسن، زياد بن بيان، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 59

‌الطبقة الثانية عشرة

‌1779 - محمد بن سعد

(1)

:

ابن منيعٍ، الحافظ، العلامة، الحجة، أبو عبد الله البغدادي، كاتب الواقدي، ومصنف "الطبقات الكبير" في بضعة عشر مجلدًا، و"الطبقات الصغير"، وغير ذلك.

ولد بعد الستين ومائة. فقيل: مولده في سنة ثمان وستين.

وطلب العلم في صباه، ولحق الكبار.

سمع من: هشيم بن بشير، وابن عيينة، وأبي معاوية، وابن أبي فديك، ووكيع، وأنس بن عياض الليثي، وعبد الله بن نمير، والوليد بن مسلم، وزيد بن يحيى بن عبيد، وإسماعيل ابن علية، ومحمد بن مصعب القرقساني، ومحمد بن عمر الواقدي، وعمر بن سعيد الدمشقي، وأبي مسهر، وعفان، وخلق حتى إنه ينزل إلى ابن المديني، وأبي خيثمة، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وإسماعيل بن عبد الله السكري.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 364"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 300"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1433"، وتاريخ بغداد "5/ 321"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 431"، والكاشف "3/ ترجمة 4943"، والعبر "1/ 277"، وتهذيب التهذيب "9/ 182"، وتقريب التهذيب "2/ 163"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6246"، وشذرات الذهب "2/ 69".

ص: 60

وكان من أوعية العلم، ومن نظر في "الطبقات"، خضع لعلمه.

حدث عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والحارث بن أبي أسامة، والحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم، وأحمد بن يحيى البلاذري، وأبو القاسم البغوي.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن ابن سعد، فقال: صدوق، رأيته جاء إلى القواريري، وسأله عن أحاديث، فحدثه.

قال ابن سعد في ذكر البدريين: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن أيوب عن محمد قال: لما احتضر أبو طالب دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي إذا أنا مت فائت أخوالك من بني النجار فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم.

سليمان بن إسحاق بن الخليل: سمعت إبراهيم الحربي يقول: كان أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة بحنبل إلى ابن سعد يأخذ منه جزأين من حديث الواقدي ينظر فيهما قال: إبراهيم ولو ذهب سمعهما كان خيرًا له.

الحسين بن فهم: كنت عند مصعب الزبيري فمر بنا ابن معين، فقال: مصعب يا أبا زكريا، حدثنا محمد بن سعد الكاتب بكذا وكذا وذكر حديثا. فقال له يحيى: كذب. رواها الخطيب، ثم قال: محمد بن سعد عندنا من أهل العدالة، وحديثه يدل على صدقه، فإنه يتحرى في كثير من رواياته، ولعل مصعبًا ذكر ليحيى عنه حديثا من المناكير التي يرويها الواقدي، فنسبه إلى الكذب.

قال ابن فهم: محمد بن سعد صاحب الواقدي، هو مولى الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، توفي ببغداد في يوم الأحد، لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاثين ومائتين، وهو ابن اثنتين وستين سنة. قال: وكان كثير العلم، كثير الحديث والرواية، كثير الكتب، كتب الحديث والفقه والغريب.

أخبرنا أبو جعفر بن الموازيني، أخبرنا أبو سليمان عبد الرحمن بن عبد الغني المقدسي سنة اثنتين وعشرين، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، أخبرنا أبو طالب اليوسفي، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو عمر بن حيوية، أخبرنا سليمان بن إسحاق الجلاب، حدثنا الحارث بن محمد التميمي، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن يحيى بن سعيد -أو عن شريك بن أبي نمر- عن أنس بن مالك، قال: ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى -يعني: عمر بن عبد العزيز- قال الضحاك: فكنت أصلي وراءه فيطيل الأوليين من الظهر، ويخف الأخريين، ويخف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في العشاء بوسط المفصل، ويقرأ في الصبح بطوال المفصل.

ص: 61

‌1780 - يزيد بن عبد ربه

(1)

: " د، م، س، ق"

الجرجسي، الحاج، الإمام، الحافظ، الثبت أبو الفضل الزبيدي، الحمصي، المؤذن، وكان سكن عند كنيسة جرجس بحمص، فغلبت عليه النسبة إليها.

ولد سنة ثمان وستين ومائة.

وسمع بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، والوليد بن مسلم، ومحمد بن حمير، وأبا المغيرة، وطبقتهم.

وكان محدث حمص في وقته.

حدث عنه: أبو داود. وحدث: مسلم، والنسائي، وابن ماجه، عن رجل، عنه. وحدث عنه: أحمد بن حنبل -وهو أسن منه- وإسحاق الكوسج، وأبو زرعة النصري، ومحمد بن عوف الطائي، وعبد الكريم الديرعاقولي، وآخرون.

أثنى عليه الإمام أحمد، وقال: ما كان أثبته!

قلت: عاش ستًّا وخمسين سنة. توفي: في سنة أربعٍ وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 475"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3281"، والكنى للدولابي "2/ 80"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1175"، وتذكرة الحفاظ "2/ 423"، والكاشف "3/ ترجمة 6445"، وتهذيب التهذيب "11/ 344"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".

ص: 62

‌1781 - حَوْثَرة بن أشرس

(1)

:

ابن عَون بن مُجَشَّر بن حُجَين، المحدث، الصدوق، أبو عامر العدوي، البصري.

سمع: جعفر بن كيسان أبا معروف، ومبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وعقبة بن عبد الله الرفاعي، وعدة.

وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد، والفريابي، وأبو يعلى، والحسن بن سفيان، وآخرون.

توفي في آخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ما أعلم به بأسًا.

وقع لي من عواليه في مسند أبي يعلى.

وجعفر بن كيسان: شيخ مستور، يروي عن عمرة العدوية -تابعية، لقيت عائشة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1262"، وتعجيل المنفعة "ترجمة 243".

ص: 62

‌1782 - حَيْوة بن شُرَيح

(1)

: " خ، د، ت، ق"

ابن يزيد، الإمام، المتقن، المحدث، الثبت، أبو العباس الحضرمي، الشامي، الحمصي.

حدث عن: أبيه. وعن: إسماعيل بن عياش، وابن حمير، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، ومحمد بن حرب الأبرش وطبقتهم.

روى عنه: البخاري، وأبو داود، وأحمد بن حنبل، وأبو محمد عبد الله الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حميد أحمد بن محمد بن المغيرة العوهي، وآخرون، وكان من أوعية العلم.

وثقه الإمام يحيى بن معين، وغيره.

توفي سنة أربع وعشرين ومائتين -رحمه الله تعالى.

يقع لنا من حديثه في "الصحيح".

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 405"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 120 و 133" و"2/ 343 و 346"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1376"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 432"، والعبر "1/ 390"، والكاشف "1/ ترجمة 1301"، وتهذيب التهذيب "3/ 70 - 71"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1697"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 53".

ص: 63

‌1783 - محمد بن وهب

(1)

: " خ، ق".

ابن عطية، الإمام، المفتي، أبو عبد الله السلمي، الدمشقي.

حدث عنه: بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، والوليد، وعراك بن خالد.

وعنه: الذهلي، وأبو حاتم، والرمادي، وعبيد بن شريك، وعلي بن محمد الجكاني.

وثقة الدارقطني.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث.

وقال ابن عدي: له غير حديث منكر، وقد تكلموا فيمن هو خير منه، ثم قال: حدثنا عيسى بن أحمد الصدفي، حدثنا الربيع الجيزي، حدثنا محمد بن وهب، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون ثم خلق العقل فقال: ما خلقت خلقًا أعجب إليَّ منك". هذا باطل

(2)

.

قلت: صدق ابن عدي، لكن محمد هو آخر قرشي، نزل مصر، ويكنى: أبا عمرو وذكره ابن منده، فوهم في نسبه، ثم ذكر أنه مولى قريش، وأنه منكر الحديث.

قلت: ذكر الاثنين ابن عساكر.

وابن القرشي: محمد بن وهب بن مسلم.

روى عن: سعيد بن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، والوليد بن مسلم.

روى عنه: الجيزي، ويحيى العلاف، ويحيى بن عثمان المصريون.

قلت: ليس بثقة، والأول ثقة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 508"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1753"، والكاشف "3/ ترجمة 5290"، وتهذيب التهذيب "9/ 505"، وتقريب التهذيب "2/ 216"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6732".

(2)

كذب ومبين: وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال""4/ 61" بعد أن ذكر الحديث قال: فصدق ابن عدي في أن الحديث باطل. وهو عند ابن عدي في "الكامل""6/ 269"، من طريق الربيع بن سليمان الجيزي، حدثنا محمد بن وهب الدمشقي، به.

وقال ابن عدي: وهذا بهذا الإسناد باطل منكر.

ص: 64

‌1784 - محمد بن الصبَّاح الدُّولابي

(1)

: " خ، م، د"

الإمام، الحافظ، الحجة، أبو جعفر المزني مولاهم، البغدادي، البزاز، التاجر، مصنف السنن، الذي نرويه في مُجيليد.

ولد سنة إحدى وخمسين ومائة.

وسمع شريك بن عبد الله، وإسماعيل بن زكريا، وهشيم بن بشير، وابن أبي الزناد، وخالدًا الطحان، وأبا معاوية، وابن المبارك، وإسماعيل بن جعفر، وجرير بن عبد المجيد، وسفيان بن عيينة، وإسماعيل ابن علية، وحفص بن غياث، وطائفة.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وابنه؛ عبد الله، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وإبراهيم الحربي، وتمتام، وأبو حاتم، وأبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي، وخلق.

وثقه أحمد بن حنبل.

وقال أبو حاتم: ثقة، حجة.

وقال تمتام: حدثنا الثقة، المأمون، محمد بن الصباح الدولابي.

وقال ابن حبان: ولد بقرية دولاب؛ من الري.

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، صاحب حديث، عالم بهشيم.

وقيل: كان أحمد بن حنبل يجله، ويعظمه.

قال: محمد بن سعد: مات بالكرخ، في المحرم، سنة سبع وعشرين ومائتين.

وقال ولده أحمد بن محمد: عاش والدي سبعًا وسبعين سنة غير شهر أو شهرين.

قلت: مات معه في العام: المعتصم الخليفة، وبشر الحافي، وأحمد بن يونس اليربوعي، وسعيد بن منصور، والهيثم بن خارجة، وإسماعيل بن عمرو البجلي الأصبهاني، وسهل بن بكار البصري، وأبو النضر الفراديسي، وعدة من العلماء.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 347"، والكنى للدولابي "1/ 134"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1569"، وتاريخ بغداد "5/ 365"، والكاشف "3/ ترجمة رقم 4988"، والعبر "1/ 399"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7695"، وتهذيب التهذيب "9/ 229"، وتقريب التهذيب "2/ 171"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6313"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 62".

ص: 65

‌1785 - فأما محمد بن الصبَّاح

(1)

: " د، ق"

ابن سفيان الجَرْجرائي فهو: الإمام، المحدث، أبو جعفر، مولى عمر بن عبد العزيز. وجَرْجرايا: قرية بين واسط وبغداد.

حدث عن: عبد العزيز الدراوردي، وابن أبي حازم وهشيم، وابن عيينة.

روى عنه: أبو داود، وابن ماجه، والفريابي والسراج، والقاسم المطرز.

وثقه أبو زرعة.

مات سنة أربعين ومائتين، بجرجرايا.

أخبرنا سنقر الزيني بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، أخبرنا أبو بكر بن النقور، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا محمد بن محمد السواق، أخبرنا مخلد بن جعفر، حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا محمد بن الصباح البزاز، حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الشيباني عن عامر عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعد ما دفن بليلتين

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 134"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 382"، والكنى للدولابي "1/ 134"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1570"، وتاريخ بغداد "5/ 367"، والكاشف "3/ ترجمة 4987"، والمغني "2/ ترجمة 5632"، وتهذيب التهذيب "9/ 360"، وتقريب التهذيب "2/ 171"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6312".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1340"، ومسلم "954"، وأبو داود "3196"، والنسائي "4/ 85"، والترمذي "1037"، وابن ماجه "1530"، والبيهقي "3/ 45 - 46".

ص: 65

‌1786 - بشر بن الوليد

(1)

:

ابن خالد، الإمام، العلامة، المحدث، الصادق، قاضي العراق، أبو الوليد الكندي، الحنفي.

ولد في حدود الخمسين ومائة.

وسمع من: عبد الرحمن بن الغَسيل -وهو أكبر شيخ له- ومن: مالك بن أنس، وحماد بن زيد، وحشرج بن نباتة، وصالح المري، والقاضي أبي يوسف -وبه تفقه وتميز.

حدث عنه: الحسن بن علويه، وحامد بن شعيب البلخي، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس الثقفي، وخلق.

وكان حسن المذهب، وله هفوة لا تزيل صدقه وخيره، إن شاء الله.

ولي القضاء بعسكر المهدي، في سنة ثمان ومائتين ثم ولي قضاء مدينة المنصور واستمر إلى سنة " (213) "، وبلغنا أنه كان إمامًا واسع الفقه كثير العلم صاحب حديث وديانة وتعبد، قيل: كان ورده في اليوم مائتي ركعة وكان يحافظ عليها بعد ما فلج واندك، رحمه الله.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 80"، وميزان الاعتدال "1/ 326"، والعبر"1/ 427"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 292"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 89".

ص: 66

قال محمد بن سعد العوفي: روى بشر بن الوليد الكندي، عن أبي يوسف كتبه، وولي قضاء بغداد في الجانبين، فسعى به رجل إلى الدولة، وقال: إنه لا يقول بخلق القرآن، فأمر به المعتصم أن يحبس في داره ووكل ببابه، فلما استخلف المتوكل أمر بإطلاقه، وعاش وطال عمره، ثم إنه قال: كما أني قلت: القران كلام الله، ولم أقل إنه مخلوق، فكذلك لا أقول إنه غير مخلوق بل أقف. ولزم الوقف في المسألة فنفر منه أصحاب الحديث للوقف وتركوا الأخذ عنه وحمل عنه آخرون.

قال صالح بن محمد جزرة: بشر بن الوليد صدوق، لكنه لا يعقل، كان قد خرف.

وقال: أبو عبد الرحمن السلمي، سألت أبا الحسن الدارقطني عن بشر بن الوليد، فقال: ثقة.

وقال: غيره كان بشر خشنًا في أحكامه، صالحًا، وكان يجري في مجلس سفيان بن عيينة مسائل، فيقول: سلوا بشر بن الوليد.

مات بشر في ذي القعدة، سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا أبو طاهر الذهبي، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا بشر بن الوليد، حدثنا محمد بن طلحة عن ابن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك". قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك".

أخرجه مسلم، واتفقا عليه

(1)

من طريق عُمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة.

وفي سنة ثمان: موت إسحاق بن راهويه، وعبيد الله بن معاذ، ومحمد بن بكار بن الريان، وأحمد بن جواس، والعباس بن الوليد النرسي، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعمرو بن زرارة، والهيثم بن أيوب الطالقاني، وطالوت بن عباد، ومحمد بن أبي السري العسقلاني، وخلق.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "5971"، ومسلم "2548".

ص: 67

‌1787 - الزهراني

(1)

: " خ، م"

الإمام، الحافظ، المقرئ، المحدث الكبير، أبو الربيع سليمان بن داود الأزدي، العتكي، الزهراني، البصري، أحد الثقات.

ولد سنة نيف وأربعين ومائة.

وسمع من جرير بن حازم، ومالك بن أنس، وفليح بن سليمان، ونافع بن أبي نعيم القارئ، وحماد بن زيد، وأبي شهاب الحناط، وشريك القاضي، وطائفة كبيرة.

وطال عمره، وتفرد في وقته، وقد ذكره أبو عمرو الداني في "طبقات القراء"، وقال: له كتاب جامع في القراءات، سمع عن نافع حرفين. ومن: حفص الغاضري، وعبد الوارث التنوري، وذكر جماعة من شيوخه، وما ذكر أحدًا تلا عليه.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وابن راهويه، والذهلي، وأبو زرعة، وإدريس بن عبد الكريم، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، ويوسف القاضي، وزكريا الساجي، وعمران بن موسى بن مجاشع السختياني، وخلق كثير.

وثقة يحيى بن معين، وأبو زرعة الرازي، والنسائي، وغيرهم.

فأما قول عبد الرحمن بن خراش فيه، فلا يساوي السماع، فإنه قال: تكلم الناس فيه وهو صدوق.

قلت: بل أجمعوا على الاحتجاج به.

وقد توفي في شهر رمضان، سنة أربع وثلاثين ومائتين.

وقع لنا من موافقاته العالية.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1791"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 170" و"3/ 235"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 493"، وتاريخ بغداد "9/ 38"، والأنساب للسمعاني "6/ 327"، والكاشف "1/ ترجمة 2108"، والعبر"1/ 417"، وتهذيب التهذيب "4/ 190"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2690".

ص: 68

فصل:

وقد كان في هذا العصر -سليمان بن داود- جماعة: هو أجلهم.

والشاذكوني: وهو أحفظهم.

والختلي أبو الربيع: شيخ لمسلم، ثقة، مشهور.

وأبو الربيع المهري صاحب ابن وهب: حدث عنه: أبو داود، والنسائي.

والحافظ أبو داود اليمامي: من شيوخ أبي زرعة، وأبي حاتم، ليس بمشهور.

وأبو أحمد الرازي القزاز: روى عنه ابن أبي حاتم، ووثقه، وقال: سمع ابن عيينة، ومعن بن عيسى.

وأبو داود النيسابوري الخفاف: من شيوخ ابن خزيمة، يروي عن عبد الله بن رجاء.

وشيخ مسلم أبو داود المباركي: اشتهر أنه سليمان بن داود، وليس بصواب، بل هو سليمان بن محمد، كما حرره ابن نقطة، وغيره.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرنا الإمام شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردي، أخبرنا هبة الله بن محمد الشبلي "ح". وأخبرنا علي بن أحمد الحسيني، أخبرنا محمد بن أحمد المؤرخ، أخبرنا محمد بن عبيد الله، قالا: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن بلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة.

أخرجه مسلم

(1)

عن الزهراني.

وبه، حدثنا أبو الربيع، حدثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن بلال، قال: صلى رسول الله في البيت.

وقال ابن عباس: لم يصل فيه، إنما كبر في نواحيه

(2)

.

قلت: هذا ظن من ابن عباس لا يقاوم رؤية بلال، والمثبت معه زيادة علم.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1329""389"، وأخرجه البخاري "1598"، وأبو داود "2023".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1601"، ومسلم "1331".

ص: 69

‌1788 - الشاذَكوني

(1)

:

العالم، الحافظ، البارع، أبو أيوب سليمان بن داود بن بشر المنقري، البصري، الشاذكوني، أحد الهلكى.

روى عن: حماد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان، وعبد الوارث، ومعتمر بن سليمان، وطبقتهم، فأكثر إلى الغاية.

حدث عنه: أبو قلابة الرقاشي، وأسيد بن عاصم، والكديمي، وأبو مسلم الكجي، وإبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهاني، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وكانا يدلسانه، ويقولان: حدثنا أبو أيوب المنقري.

وروى عنه أيضًا: محمد بن علي الفرقدي، وغيره من الأصبهانيين.

قال عمرو الناقد: قدم سليمان الشاذكوني بغداد، فقال لي أحمد بن حنبل: اذهب بنا إليه، نتعلم منه نقد الرجال.

قلت: كفى بها مصيبة أن يكون رأسًا في نقد الرجال، ولا ينقد نفسه.

قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كان أعلمنا بالرجال: يحيى بن معين وأحفظنا للأبواب: سليمان الشاذكوني، وكان علي بن المديني أحفظنا للطوال.

وقال عباس العنبري -وسئل: أيهما كان أعلم بالحديث، ابن المديني، أو الشاذكوني؟ قال: ابن الشاذكوني بصغير الحديث، وعلي بجليله.

قال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربعة -يعني: علم الحديث: إلى أحمد بن حنبل، وعلي بن عبد الله، ويحيى بن معين، وأبي بكر بن أبي شيبة، فأحمد أفقههم به، وعلي أعلمهم به، وابن معين أجمعهم له، وأبو بكر أحفظهم له، قال الحافظ زكريا الساجي: وهم أبو عبيد، أحفظهم له الشاذكوني.

قال أبو بكر بن أبي الأسود: كنا عند يحيى القطان، وعنده بلبل المحدث -وكان أسود- فنازعه الشاذكوني، وقال: لأقتلنك. فقال يحيى: سبحان الله، تقتله؟! قال: نعم، أنت

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 610"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 498"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 765"، وتاريخ بغداد "9/ 40"، والأنساب للسمعاني "7/ 238"، واللباب لابن الأثير "2/ 172"، والعبر "1/ 416"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 503"، وميزان الاعتدال "2/ 250"، ولسان الميزان "3/ 84"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 80".

ص: 70

حدثتني عن عوف، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا أن الكلاب أمة، لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم"

(1)

. وهذا أسود.

قال ابن عدي: سألت عبدان عن الشاذكوني، فقال: معاذ الله أن يتهم، إنما كان قد ذهبت كتبه، فكان يحدث حفظًا.

وقيل: إنه لما احتضر، قال: اللهم إني أعتذر إليك غير أني ما قذفت محصنة ولا دلست حديثًا.

قال زكريا الساجي: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا ابن عرعرة، قال: كنت عند يحيى بن سعيد وعنده بلبل وابن المديني وابن أبي خدويه، فقال علي ليحيى: ما تقول في طارق وابن مهاجر؟ فقال: يجريان مجرى واحدًا. فقال الشاذكوني: نسألك عما لا تدري، وتكلف لنا ما لا تحسن، حديث إبراهيم بن مهاجر خمسمائة، عندك عنه مائة، وحديث طارق مائة، عندك منها عشرة. فأقبل بعضنا على بعض وقلنا: هذا ذل. فقال يحيى: دعوه، فإن كلمتموه، لم آمن أن يقرفنا بأعظم من هذا.

قال إبراهيم بن أورمة: كان الطيالسي بأصبهان، فلما أراد الرجوع، بكى، فقالوا له: إن الرجل إذا رجع إلى أهله، فرح! قال: لا تدرون إلى من أرجع، أرجع إلى شياطين الإنس؛ ابن المديني، الشاذكوني، والفلاس.

سئل صالح جزرة عن الشاذكوني، فقال: ما رأيت أحفظ منه! قيل: بم كان يتهم؟ قال: كان يكذب في الحديث.

وسئل عنه أحمد بن حنبل، فقال: جالس حماد بن زيد، ويزيد بن زريع، وبشر بن المفضل، فما نفعه الله بواحد منهم.

وقال ابن معين: جربت على الشاذكوني الكذب.

قال الحاكم: حدثنا موسى بن سعيد الحنظلي، سمعت سليمان بن داود الرازي، سمعت أبا زرعة يقول: وضع الشاذكوني سبعة أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقلها.

وقال النسائي: ليس بثقة.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 54 و 56"، والدارمي "2/ 90" من طريق عوف بن أبي جميلة، به. وأخرجه أحمد "5/ 56 - 57"، وأبو داود "2845"، والترمذي "1486"، وابن ماجه "3205"، والنسائي "7/ 185"، من طرق عن يونس بن عبيد، عن الحسن، به.

ص: 71

وقال عباس العنبري: انسلخ من العلم انسلاخ الحية من قشرها.

قال ابن المديني: كنا عند عبد الرحمن، فجاءوا بالشاذكوني سكران.

وعن البخاري، قال: هو أضعف عندي من كل ضعيف.

قال يحيى بن معين: قال لنا الشاذكوني: هاتوا حرفًا من رأي الحسن لا أحفظه.

حكى عبد الباقي بن قانع، أنه سمع إسماعيل بن الفضل يقول: رأيت ابن الشاذكوني في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ قال: كنت في طريق أصبهان فأخذني المطر ومعي كتب ولم أكن تحت سقف، فانكببت على كتبي حتى أصبحت، فغفر لي بذلك.

قلت: كان أبوه يتجر، ويبيع المضربات الكبار التي تسمى باليمن شاذكونة، فنسب إليها.

قال ابن أبي عاصم، ومطين، وابن قانع: مات سليمان في سنة أربع وثلاثين ومائتين.

وقال أبو الشيخ: قدم إلى أصبهان مرات، وتوفي سنة ست وثلاثين.

قلت: مع ضعفه لم يكد يوجد له حديث ساقط بخلاف ابن حميد، فإنه ذو مناكير.

أخبرنا شرف الدين أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عليه، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد، قالا: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا سليمان الشاذكوني، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة

(1)

.

هذا حديث غريب.

وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة

(2)

.

وجاء النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة في السنن بإسناد لا بأس به

(3)

.

وقال عليه الصلاة والسلام: "ليس من البر أن تصوموا في السفر"

(4)

. والأفضل للمسافر إفطار صوم الفرض، فالنافلة أولى، فمن صام يوم عرفه بها مع علمه بالنهي، وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صامه بها، ولا أحد من أصحابه -فيما نعلم- لم يصب والله أعلم. ولا نقطع على الله بأن الله لا يأجره، ولكن لم يكن صومه له مكفرًا؛ لسنتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك في حق المقيم، لا المسافر

(5)

.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "750"، من طريق أحمد بن منيع، عن إسماعيل ابن علية، عن أيوب عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة وأرسلت إليه أم الفضل بلبن فشرب.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1661"، ومسلم "1123"، وأبو داود "2441".

(3)

ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 304 و 446"، وأبو داود "2440"، وابن ماجه "1733"، وفي إسناده مهدي بن حرب الهجري، قال أبو حاتم: لا أعرفه.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "1946"، ومسلم "1115"، وأبو داود "2407"، والنسائي "4/ 176"، من حديث جابر بن عبد الله، به. وورد من حديث ابن عمر عند ابن ماجه "1665".

(5)

ورد في جزاء صوم يوم عرفة عن أبي قتادة مرفوعًا بلفظ: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده". وهو عند مسلم "1162"، في جزء من حديث طويل.

ص: 72

‌1789 - عبد الله بن طاهر

(1)

:

ابن الحسين بن مصعب؛ الأمير العادل، أبو العباس حاكم خراسان، وما وراء النهر.

تأدب، وتفقه، وسمع من: وكيع، ويحيى بن الضريس، والمأمون.

روى عنه: ابن راهويه، ونصر بن زياد، والفضل بن محمد الشعراني، وعدة.

وله يد في النظم والنثر.

قلده المأمون مصر وإفريقية، ثم خراسان، وكان ملكًا مطاعًا، سائسًا، مهيبًا، جوادًا، ممدحًا، من رجال الكمال.

وقيل: إنه وقع مرة على رقاع بصلات، فبلغت ألفي ألف وسبعمائة ألف.

وقد ارتحل إلى بابه أبو تمام، وامتدحه.

وكان يقول: سمن الكيس، ونبل الذكر لا يجتمعان. وبعد هذا، فخلف أربعين ألف ألف درهم!

ولما مرض، تاب، وكسر الملاهي، وافتكَّ الأسرى.

ومات بالخانوق، سنة ثلاثين ومائتين، وله ثمان وأربعون سنة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 483"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 343"، والعبر "1/ 357 و 366"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 258".

ص: 73

‌1790 - عبد الله بن محمد بن أسماء

(1)

: " خ، م، د، س"

ابن عبيد بن مخارق -أو ابن مخراق- الإمام، الحافظ، القدوة، الرباني، أبو عبد الرحمن الضبعي، البصري.

ولد سنة بضع وأربعين ومائة.

وسمع من: عمه؛ جويرية بن أسماء، ومهدي بن ميمون، وجعفر بن سليمان الضبعي، وعبد الله بن المبارك، وليس هو بالمكثر.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عبد الله البوشنجي، وموسى بن هارون، ويوسف القاضي، وأبو خليفة الجمحي، وأبو يعلى الموصلي، وآخرون. وروى النسائي، عن رجل، عنه.

وثقه أبو حاتم، وغيره.

قال ابن وارة: حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء، وقيل: هو أفضل أهل البصرة فذكرته لعلي بن المديني، فعظم شأنه.

وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: لم أر بالبصرة أفضل منه.

قلت: في "مسند أبي يعلى" عنه عدة أحاديث.

توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وله نسخه مشهورة سمعناها.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد، قالا: أخبرنا أبو سعد الأديب، أخبرنا أبو عمرو بن أبي جعفر، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من حمل علينا السلاح فليس منا"

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 596"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 734"، والكاشف "2/ ترجمة 2986"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 504"، والعبر "1/ 409"، وتهذيب التهذيب "6/ 5"، وتقريب التهذيب "1/ 446"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3775"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 70".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "7070"، ومسلم "98"، والنسائي "7/ 117" من طريق نافع، عن ابن عمر، به.

ص: 74

‌1791 - ابن الأعرابي

(1)

:

إمام اللغة، أبو عبد الله محمد بن زياد بن الأعرابي الهاشمي مولاهم، الأحول، النسابة.

يروي عن: أبي معاوية الضرير، والقاسم بن معن، وأبي الحسن الكسائي.

وعنه: إبراهيم الحربي، وعثمان الدارمي، وثعلب، وأبو شعيب الحراني، وشمر بن حمدويه، وآخرون.

ولد بالكوفة سنة خمسين ومائة.

ولم يكن في الكوفيين أشبه برواية البصريين منه، وكان يزعم أن أبا عبيدة والأصمعي لا يعرفان شيئًا.

قال مرة في لفظة رواها الأصمعي: سمعتها من ألف أعرابي بخلاف هذا.

قال ثعلب: لزمت ابن الأعرابي تسع عشرة سنة، وكان يحضر مجلسه زهاء مائة إنسان، وما رأيت بيده كتابًا قط، انتهى إليه علم اللغة والحفظ.

قال الأزهري: ابن الأعرابي: صالح، زاهد، ورع، صدوق، حفظ ما لم يحفظه غيره، وسمع من بني أسد، وبني عقيل، فاستكثر، وصحب الكسائي في النحو.

وأبوه عبد سندي.

قلت: له مصنفات كثيرة أدبية، و"تاريخ القبائل"، وكان صاحب سنة واتباع، مات بسامرًا في سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

قيل: كان ربيب المفضل بن محمد الضبي؛ صاحب "المفضليات"، فأخذ عنه.

وكان يقول: جائز في كلام العرب أن يعاقبوا بين الضاد والظاء.

يقال: مات في ثالث عشر شعبان.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 282"، والأنساب "1/ 310"، واللباب لابن الأثير "1/ 74"، ووفيات الأعيان "4/ ترجمة 633"، والوافي بالوفيات "3/ 79"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 264"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 70".

ص: 75

‌1792 - إبراهيم بن المنذر

(1)

: " خ، س، ق"

ابن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسد الإمام، الحافظ، الثقة، أبو إسحاق القرشي، الأسدي، الحزامي، المدني.

سمع من: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، ومعن بن عيسى، ومحمد بن فليح، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وابن أبي فديك، وخلق كثير، وأكبر شيوخه: سفيان.

حدث عنه: البخاري، وابن ماجه. وأخرج له: الترمذي، والنسائي بواسطة، وبقي بن مخلد، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وثعلب، وأحمد بن إبراهيم البسري، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وأبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، ومسعدة بن سعد العطار، والحسن بن سفيان، وخلق كثير.

قال صالح جزرة: صدوق.

وروى عنه: أبو حاتم أيضًا، وقال: صدوق.

قال عثمان بن سعيد الدارمي: رأيت يحيى بن معين كتب عن إبراهيم بن المنذر أحاديث ابن وهب، أظنها المغازي.

وقال عبدان بن أحمد الهمذاني: سمعت أبا حاتم يقول: إبراهيم بن المنذر أعرف بالحديث من إبراهيم بن حمزة الزبيري إلا أنه خلط في القرآن، جاء إلى أحمد بن حنبل فاستأذن، فلم يأذن له أحمد، وجلس حتى خرج، فسلم على أحمد، فلم يرد عليه السلام.

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: أي شيء يبلغني عن الحزامي لقد جاءني بعد قدومي من العسكر فلما رأيته أخذتني -أخبرك- الحمية، فقلت: ما جاء بك إلي؟ -قالها أبو عبد الله بانتهار- قال: فخرج فلقي أبا يوسف -يعني: عم أبي عبد الله- فجعل يعتذر.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1043"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 210"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 450"، وتاريخ بغداد "6/ 179"، والأنساب للسمعاني "4/ 129"، واللباب لابن الأثير "1/ 362"، وميزان الاعتدال "1/ 67"، والعبر "1/ 422"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 150"، وتهذيب التهذيب "1/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 86".

ص: 76

قال الفسوي: مات الحزامي في المحرم، سنة ست وثلاثين ومائتين.

وقيل: إن الحزامي حفظ من مالك مسألة واحدة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله -فيما قرأت عليه- عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا أبو إسحاق عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، عن عمر بن حفص بن ذكوان، عن مولى الحُرَقَة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله -تعالى- قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألف عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمة ينزل هذا عليهم وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسن تكلم بهذا"

(1)

.

هذا حديث منكر، فابن مهاجر وشيخه: ضعيفان.

أخبرنا محمد بن عبد الغني الذهبي، ومحمد بن يوسف الشبلي، وسنقر الزيني، وعمر بن محمد الوراق، وعيسى بن أبي محمد، والحسن بن علي، وآخرون، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا أبو محمد بن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ، أخبرنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري، حدثني إسماعيل بن إبراهيم، عن عمه؛ موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه

(2)

.

أخرجه الترمذي في "الشمائل"، عن عبد الله.

(1)

موضوع: أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير""1/ 66"، وابن حبان في "المجروحين" "1/ 108". وفيه علتان: الأولى: إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، قال البخاري: منكر الحديث. والثانية: عمر بن حفص متروك كما قال أحمد والنسائي.

(2)

ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي في "الشمائل""15"، والبيهقي في "الدلائل""1/ 215"، وآفته عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري، وهو عبد العزيز بن عمران الزهري، قال البخاري: لا يكتب حديث. وقال النسائي وغيره: متروك.

ص: 77

‌1793 - سهل بن زَنْجَلة

(1)

: " ق"

وهو سهل بن أبي سهل، الحافظ، الإمام الكبير، أبو عمرو الرازي، الخياط، الأشتر.

مولده سنة بضع وستين ومائة.

وارتحل في الحديث، وكتبه سنة نيف وثمانين ومائة.

فحدث عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة وأبي معاوية الضرير، والوليد بن مسلم، وحفص بن غياث، ووكيع، وابن نمير، وطبقتهم.

حدث عنه: ابن ماجه كثيرًا وأبو حاتم الرازي وأبو زرعة، وابن الجنيد، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وأبو يعلى الموصلي، ويوسف بن عاصم الرازي، وخلق سواهم.

وحدث ببغداد بعد الثلاثين ومائتين، وجمع، وصنف، وذاكر الحفاظ، وعمل المسند الكبير.

قال أبو خاتم: صدوق.

قال سهل بن زنجلة: حدثنا أبو علي السمتي، حدثنا غالب القطان، قال: كنا ندعو في الزمن الأول، نقول: اللهم ارزقنا علم الحسن، وورع ابن سيرين، وحفظ قتادة، وعقل بكر بن عبد الله المزني، وعبادةَ ثابت البناني، وزهدَ مالك بن دينار، رحمة الله عليهم.

قال أبو يعلى الخليلي: سهل: ثقة، حجة، ارتحل مرتين، وله تصانيف، ولا يقدم عليه أحد في الإتقان والديانة من أقرانه في وقته. قال: وابنه محمد بن سهل يروي عن عمرو بن خالد، وأبي جعفر النفيلي.

قلت: قيل: إنه توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين في عشر الثمانين رحمه الله تعالى.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2106" والجرح والتعديل "4/ ترجمة 852 و 857"، والكاشف "1/ ترجمة 2191"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 459"، والعبر "1/ 409"، وتهذيب التهذيب "4/ 251"، وتقريب التهذيب "1/ 336"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2794".

ص: 78

‌1794 - ابن أبي سمينة

(1)

: " خ، د"

الإمام، العابد، القدوة، المجاهد، الحافظ، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة الهاشمي مولاهم، البصري؛ المحدث.

حدث عن: معتمر بن سليمان، وأبي خالد الأحمر، وجرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن زريع، وأبي بكر بن عياش، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود في "سننه"، والبخاري في "الصحيح"، عن رجل عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن أيوب بن الضريس، والبخاري في "تاريخه"، وموسى بن هارون، وأبو يعلى، والبغوي، ومحمد بن المجدر، وآخرون.

قال أبو حاتم: كان ثقة، غزاء.

وقال أبو داود: كان من شجعان الناس.

قال موسى بن هارون: كان لا يخضب ومات وهو متوجه إلى طرسوس في شهر ربيع الأول، سنة ثلاثين ومائتين.

وقرأت على علي بن أحمد العلوي، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا محمد بن عبيد الله المجلد، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن أبي سمينة، حدثنا ابن علية، عن سعيد بن يزيد، قال: قلت لأنس رضي الله عنه: هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه؟ قال: نعم

(2)

.

هذا حديث صالح الإسناد، عال.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 56"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1077"، وتاريخ الخطيب "2/ 3"، والعبر"1/ 407"، والكاشف "3/ ترجمة 4795"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة رقم 7229"، وتهذيب التهذيب "9/ 59"، وتقريب التهذيب "2/ 145"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6058"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 69".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "400"، من طريق علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُليَّه، به.

وأخرجه البخاري "386"، ومسلم "555"، عن سعيد بن يزيد، به.

ص: 79

‌1795 - الحكم بن موسى

(1)

: " م، س، ق"

الإمام، المحدث، القدوة، الحجة، أبو صالح البغدادي، القنطري، الزاهد.

سمع العطاف بن خالد، وإسماعيل بن عياش، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن حمزة، وطبقتهم.

حدث عنه: مسلم، وبواسطة النسائي، وبن ماجه، وأحمد بن حنبل، وأبو محمد الدارمي، والحارث بن أبي أسامة، وأبو يعلى الموصلي، وعثمان بن سعيد، وأبو القاسم البغوي، وخلق سواهم.

وثقه يحيى بن معين.

قال الحسين بن فهم: كان رجلا صالحًا، ثبتًا في الحديث.

وقال علي بن محمد الحبيبي: سألت صالحًا جزرة، عن سريج بن يونس، والحكم بن موسى، ويحيى بن أيوب، فوثقهم جدًّا، وقال: هؤلاء الثلاثة تقطعوا من العبادة.

قال عثمان بن سعيد الدارمي: قدم علي بن المديني بغداد، فحدثه الحكم بن موسى بحديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته"

(2)

. فقال ابن المديني: لو غيرك حدث به، ما صنع به.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 346"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2692"، والكنى للدولابي "2/ 9"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 584"، وتاريخ بغداد "8/ 226"، والأنساب للسمعاني "10/ 245"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 487"، والعبر "1/ 411"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2204"، والكاشف "1/ 247"، وتهذيب التهذيب "2/ 439"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 265"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1200"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 75".

(2)

صحيح بشواهده: أخرجه الدارمي "1/ 304"، والبيهقي "2/ 285 - 286"، من طريق الحكم بن موسى، وأحمد "5/ 310"، من طريق أبي جعفر السويدي كلاهما عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته" قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" أو قال: "لا يقيم صلبه في الركوع والسجود".

قلت: إسناده ضعيف، فيه الوليد بن مسلم، مدلس يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه.

وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري: عند أحمد "3/ 56"، والبزار "536"، وإسناده ضعيف، فيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.

وشاهد آخر من حديث عبد الله بن مغفل: عند الطبراني في "الصغير""335"، وفي "الكبير"، وشاهد ثالث عن أبي هريرة عند الحاكم "1/ 229"، والبيهقي في "السنن""2/ 386"، من طريق هشام بن عمار =

ص: 80

قلت: رواه الناس عنه، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، فذكره.

قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن حديث الحكم بن موسى في الصدقات، فقال: لا أحدث به.

قلت: ساقه أبو داود في كتاب "المراسيل"، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود -كذا قال- وصوابه: سليمان بن أرقم، كما قد بسطناه في كتاب "الميزان".

مات الحكم في شوال، سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ليومين بقيا من الشهر.

وفيها توفي إبراهيم بن الحجاج النيلي، وحوثرة بن أشرس، وعبد الله بن عون الخراز، وعبد الوهاب بن نجدة، وعمرو الناقد، والواثق، ويوسف بن عدي، وعيسى بن سالم الشاشي، وكثير بن يحيى -صاحب البصري- وإبراهيم بن دينار ببغداد، وأحمد بن أبي شعيب الحراني.

= قال: حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، به. وإسناده حسن، عبد الحميد بن أبي العشرين، هو عبد الحميد بن حبيب، وهو كاتب الأوزاعي، ولم يرو عن غيره،، وهو صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

فالحديث صحيح بمجموع هذه الشواهد.

ص: 81

‌1796 - ابن شَبُّويَة

(1)

: " د"

الإمام، القدوة، المحدث، شيخ الإسلام، أبو الحسن أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، المروزي، الحافظ، بن شبوية.

سمع عبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، والفضل بن موسى، وأبا أسامة، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود، وأبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن أبي خيثمة، وجماعة.

وحدث عنه من أقرانه: يحيى بن معين، وغيره.

وثقه النسائي، وغيره.

قال عبد الله بن أحمد بن شبوية: سمعت أبي يقول: من أراد علم القبر، فعليه بالأثر، ومن أراد علم الخبز، فعليه بالرأي.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني ثابت بن أحمد بن شبوية، قال: كان يخيل إليّ أن لأبي فضيلة على أحمد بن حنبل لجهاده، وفكاك الأسرى، فسألت أخي عبد الله، فقال: أحمد بن حنبل أرجح. فلم أقنع فأريت شيخًا حوله الناس، يسألونه، ويسمعون منه فسألته عنهما، فقال: سبحان الله! إن أحمد بن حنبل ابتلي فصبر، وإن بن شبوية عوفي، المبتلى الصابر كالمعافى?! هيهات.

قال البخاري، وأبو حاتم: توفي سنة ثلاثين ومائتين. زاد البخاري: وهو بن ستين سنة.

وقال بن ماكولا: مات بطرسوس، سنة (239).

وقد روى البخاري في "صحيحه" في الوضوء والأضاحي والجهاد

(2)

، عن أحمد بن محمد، عن بن المبارك، فقال الدارقطني: هو بن شبوية. وقال: الكلاباذي وطائفة: بل هو:

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ 5"، والجرح والتعديل "2/ 55"، والأنساب للسمعاني "7/ 285"، واللباب لابن الأثير "3/ 77"، وتذكرة الحفاظ "2/ 464"، وتهذيب التهذيب "1/ 71"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 254".

(2)

ورد في البخاري "237" و"2862" و"5566".

ص: 81

‌1797 - أحمد بن محمد بن موسى

(1)

: " خ، ت، س"

السِّمسار المروزي مردويه الحافظ. وربما نسب إلى جده، فقيل: أحمد بن موسى.

روى عن: بن المبارك، وجرير، وإسحاق الأزرق، وطائفة.

وعنه: البخاري، والترمذي، والنسائي، ومحمد بن عمر الذهلي وعبد الله بن محمود المروزي، وجماعة.

وسمع من النضر بن محمد المروزي؛ شيخ يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري.

قال الشيرازي في "الألقاب": توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

قلت: وكان مكثرًا عن بن المبارك، ثقة.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 13"، وتهذيب التهذيب "1/ 77".

ص: 82

‌1798 - أمَيَّةُ بن بِسْطام

(1)

: " خ، م"

ابن المنتشر الحافظ، الثقة، أبو بكر العيشي، البصري.

حدث عن: ابن عمه؛ يزيد بن زريع الحافظ، وأبي عقيل يحيى المتوكل، وبشر بن المفضل، ومعتمر بن سليمان، وطبقتهم.

حدث عنه: الشيخان في "صحيحيهما"، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو بكر بن أبي عاصم، والحسن بن سفيان، وجعفر الفريابي، ومحمد بن حبان الباهلي، وأبو يعلى الموصلي، وخلق سواهم.

وثقه بن حبان، وغيره.

قال بن حبان: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

أخبرنا محمد بن عبد السلام سنة ثلاث وتسعين، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم المؤدب، وزاهر المستملي، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن أحمد الحيري، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا معدي بن سليمان، أخبرنا بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من انصرف عن جنازة، فله قيراط، ومن شيعها، فله قيراط، ومن صلى عليها، فله قيراط، ومن قعد حتى تدفن، فله قيراط"

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ 11"، والجرح والتعديل "2/ 303"، والعبر "1/ 409"، وتهذيب التهذيب "1/ 370"، وشذرات الذهب "2/ 70".

(2)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف أخرجه البزار "823" من طريق معدي بن سليمان، عن ابن عجلان، عن أبيه، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته معدي بن سليمان، صاحب الطعام، فإنه ضعيف، لكن حديث أبي هريرة صحيح ثابت، فقد ورد عنه مرفوعا بلفظ:"من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معه حتى يُصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط". أخرجه أحمد "2/ 430 و 493"، والبخاري "47"، والنسائي "4/ 77" من طرق عن عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، به، وأخرجه مسلم "945" من طرق عن أبي هريرة، به.

ص: 83

‌1799 - حبان بن موسى

(1)

:

"خ، م، ت، س"

ابن سوار الحافظ، الإمام، الحجة، أبو محمد السلمي، المروزي، الكشميهني.

حدث عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السكري، وداود بن عبد الرحمن العطار، ونوح بن أبي مريم، وعبد الله بن المبارك، وكان مليًّا به.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وبواسطة الترمذي، والنسائي، ويوسف بن عدي -وهو أكبر من حبان من حيث قدم الموت- وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن مسلم بن وارة، وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن محمود المروزي، وآخرون.

قال يحيى بن معين: لا بأس به. وقال البخاري: مات في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 313"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1211"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 309"، والعبر "1/ 413"، والكاشف "1/ ترجمة 908"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 284"، وتهذيب التهذيب "2/ 147"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 273"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1911"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 77".

ص: 84

‌1800 - أما سميه حبان بن موسى بن حبان

(1)

:

ابن موسى بن عبيد الله الكلاعي

(2)

، الدمشقي؛ الذي يروي عن زكريا السجزي خياط السنة

(3)

، فتوفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.

أخبرنا محمد بن عبد السلام، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم، وزاهر، قالا: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو الحيري، أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، عن ابن المبارك، حدثنا أفلح، أخبرنا القاسم، عن عائشة قالت:"نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تنفر قبله وقبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة -والثبطة الثقيلة- فأذن لها، فدفعت قبله، وحبسنا حتى دفعنا بدفع النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح"

(4)

.

(1)

ترجمته في تهذيب الكمال "5/ ترجمة 1073"، وتهذيب التهذيب "2/ ترجمة 316"، وتقريب التهذيب "1/ 100".

(2)

وقع في تهذيب الكمال "الكلابي"، وليس "الكلاعي"، ولعله تصحيف.

(3)

سمي بخياط السنة؛ لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة.

(4)

صحيح: أخرجه البخاري "1681"، ومسلم "1290"، من طريق أفلح بن حميد، به.

ص: 84

‌1801 - عليُّ بن بحر

(1)

: " د، ت"

ابن بري، الإمام، الحافظ، المتقن، أبو الحسن الفارسي، ثم البغدادي، القطان.

حدث عن: عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحاتم بن إسماعيل، ومعتمر بن سليمان، وبقية بن الوليد، وعبد المهيمن بن عباس الساعدي، وجرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق، وخلق كثير من الشاميين، واليمانيين، والعراقيين، والحجازيين.

حدث عنه: أبو داود، وبواسطة الترمذي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وحنبل بن إسحاق، وهلال بن العلاء، وإبراهيم الحربي، وخلق سواهم، وكان قد سكن ببابسير.

وثقه يحيى بن معين.

توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. وبابسير: بليدة من ناحية الأهواز.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 309"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2354"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 209"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 965"، وتاريخ بغداد "11/ 352"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 482"، والعبر "1/ 417"، والكاشف "2/ ترجمة 3939"، وتهذيب التهذيب "7/ 584"، وتقريب التهذيب "2/ 32"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4946".

ص: 85

‌1802 - ابن الرَّمَّاح

(1)

:

قاضي نيسابور، العلامة، أبو محمد عبد الله بن عمر بن الرماح البلخي، ثم النيسابوري واسم جده: ميمون.

سمع مالكًا، وحماد بن زيد ومعتمر بن سليمان، وجماعة.

حدث عنه: إسحاق بن راهويه، والذهلي، وإبراهيم بن أبي طالب، وجعفر بن محمد بن سوار، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وآخرون.

وكان صاحب سنة، وصدع بالحق. وثقه الذهلي.

وامتنع من القول بخلق القرآن، وكفر الجهمية.

مات في ذي القعدة، سنة أربع وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 507".

ص: 85

‌1803 - قتيبة

(1)

: " ع"

هو شيخ الإسلام، المحدث، الإمام، الثقة، الجوال، راوية الإسلام، أبو رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي مولاهم، البلخي، البغلاني، من أهل قرية "بغلان" من موالي الحجاج بن يوسف الأمير الظالم، وهو بن أخي وشيم بن جميل الثقفي.

وقد كنت عملت له ترجمة معها نحو من ثمانين حديثًا من العوالي، وحدثت بذلك، وأحببت الآن عملها على أنموذج نظرائه.

مولده في سنة تسع وأربعين ومائة.

قال الحافظ أبو أحمد بن عدي: اسمه يحيى بن سعيد، وقتيبة لقب. وقال الحافظ بن مندة: اسمه علي بن سعيد. وقيل: كان له أخ اسمه: قُديد بن سعيد.

قال الأصمعي: قتيبة مشتق من القتب، وهو المعي، يقال: طعنته، فاندلقت أقتاب بطنه أي: خرجت.

نعم، وارتحل قتيبة في طلب العلم، وكتب ما لا يوصف كثرة. وذلك في سنة ثنتين وسبعين ومائة، فحمل الكثير عن مالك، والليث، وشريك، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، وبن لهيعة، وبكر بن مضر، وكثير بن سليم صاحب أنس بن مالك، وعبثر بن القاسم، وعبد الواحد بن زياد، وأبي الأحوص سلام بن سليم، ومفضل بن فضالة، وإبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن جعفر، وجعفر بن سليمان، وحرب بن أبي العالية، وحماد بن يحيى الأبح، وخلف بن خليفة، وداود العطار، وشهاب بن خراش، وعبد الله بن جعفر المديني، ورشدين بن سعد، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وبن المبارك، وعبد الوارث، والعطاف بن خالد، وفضيل بن عياض، وفرج بن فضالة، وأبي هاشم كثير بن عبد الله الأيلي، والمنكدر بن محمد بن المنكدر، وهشيم بن بشير، ويزيد بن زريع، ويزيد بن المقدام بن شريح، ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وجرير بن عبد الحميد، ومحمد بن موسى الفطري، ومعاوية بن عمار الدهني، وخلق كثير. وينزل إلى

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 379"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 870"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 212"، و"2/ 493"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 784"، وتاريخ بغداد "12/ 464"، والعبر "1/ 433"، والكاشف "2/ ترجمة 4625"، وتهذيب التهذيب "8/ 361"، وتقريب التهذيب "2/ 123"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5908"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 49".

ص: 86

غُنْدَر، ووكيع، والوليد بن مسلم، وبن وهب، وطبقتهم ثم إلى حجاج الأعور، وابن أبي فُدَيك.

حدث عنه: الحميدي، ونعيم بن حماد، ويحيى بن عبد الحميد الحراني، وأحمد بن حنبل -فأكثر- ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو بكر بن أبي شيبة، وطائفة ماتوا قبله.

وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي في كتبهم، فأكثروا، وروى بن ماجه عن محمد بن يحيى الذهلي عنه، وعن بن أبي شيبة عنه. وروى الترمذي أيضًا عن رجل، عنه. وروى النسائي، عن زكريا الخياط، عنه. وروى عنه: يعقوب بن شيبة، والحسن بن عرفة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن سيار، وعباس العنبري، والحسن بن محمد الزعفراني، وموسى بن هارون، وجعفر الفريابي، والحارث بن أبي أسامة، والحسن بن سفيان، وجعفر بن محمد بن سوار، وإسحاق بن أبي عمران الإسفراييني الفقيه، وأحمد بن عبد الرحمن بن بشار النسائي، وإسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل البستي القاضي، وإسحاق بن إبراهيم بن نصر البشتي -بمعجمة- النيسابوري، والحسن بن الطيب البلخي، وولده عبد الله بن قتيبة، وعبدان بن محمد المروزي، وعلي بن طيفور النسوي، ومحمد بن أيوب الرازي، ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدويري -ودوير: بفتح أوله؛ قرية بخراسان- ومحمد بن علي الحكيم الترمذي، وأبو العباس السراج، وخلق آخرهم موتًا الواعظ أبو عبد الله محمد بن الفضل بن العباس البلخي الزاهد المتوفى سنة سبع عشرة، وثلاثمائة؛ الذي روى عنه: أبو بكر بن المقرئ في "معجمه" بالإجازة الذي قيل: إنه وعظ مرة، فمات في المجلس من تذكيره أربعة أنفس.

قال أبو بكر الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل ذكر قتيبة، فأثنى عليه.

وقال يحيى بن معين، من طريق أحمد بن زهير: قتيبة ثقة. وكذا قال النسائي، وزاد: صدوق.

وقال أبو حاتم الرازي: ثقة. وقال ابن خِراش: صدوق.

قال أبو داود: قدم قتيبة بغداد في سنة ست عشرة ومائتين، فجاءه أحمد ويحيى.

وقال فيه أبو حاتم الرازي أيضًا: حضرته ببغداد، وقد جاءه أحمد، فسأله عن أحاديث، فحدثه بها. وجاء أبو بكر بن أبي شيبة، وبن نمير بالكوفة إليه ليلة، وحضرت معهما، فلم يزالا ينتخبان عليه، وأنتخب معهما إلى الصبح.

ص: 87

قال أحمد بن محمد بن زياد الكرميني: قال لي قتيبة بن سعيد: ما رأيت في كتابي من علامة الحمرة، فهو علامة أحمد بن حنبل، وما رأيت من الخضرة، فهو علامة يحيى بن معين.

وقال محمد بن حميد بن فروة: سمعت قتيبة يقول: انحدرت إلى العراق أول مرة سنة اثنتين وسبعين، وكنت يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة.

وقال عبد الله بن أحمد بن شبوية: سمعت قتيبة يقول: كنت في حداثتي أطلب الرأي، فرأيت -فيما يرى النائم- إن مزادة دليت من السماء، فرأيت الناس يتناولونها فلا ينالونها، فجئت أنا، فتناولتها، فاطلعت فيها، فرأيت ما بين المشرق والمغرب، فلما أصبحت جئت إلى مخضع البزاز -وكان بصيرًا بعبارة الرؤيا- فقصصت عليه رؤياي فقال: يا بني عليك بالأثر فإن الرأي لا يبلغ المشرق والمغرب، إنما يبلغ الأثر. فتركت الرأي، وأقبلت على الأثر.

وروى أحمد بن جرير اللال، عن قتيبة، قال لي أبي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، في يده صحيفة، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الصحيفة? قال: فيه أسامي العلماء. قلت: ناولني أنظر فيه اسم ابني فنظرت، فإذا فيه اسم ابني.

قال عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني: قتيبة: صدوق ليس أحد من الكبار إلا وقد حمل عنه بالعراق. وحدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وعباس العنبري، والحميدي بمكة.

وسمعت عمرو بن علي يقول: مررت بمنى على قتيبة، وعباس العنبري يكتب عنه، فجزت ولم أحمل عنه، فندمت.

أحمد بن سيار المروزي: أبو رجاء قتيبة مولى الحجاج بن يوسف، فكان قتيبة يتولى ثقيف، ويذكر كرامة جده على الحجاج، وأن الحجاج كان إذا جلس على سريره، جلس جدي على كرسي عن يمينه. قال: وكان أبو رجاء رجلا ربعة، أصلع، حلو الوجه، حسن اللحية، واسع الرحل، غنيًّا من ألوان الأموال: من الدواب، والإبل، والبقر، والغنم، وكان كثير الحديث. لقد قال لي: أقم عندي هذه الشتوة، حتى أخرج لك مائة ألف حديث عن خمسة أناسي. فقلت: لعل أحدهم عمر بن هارون? قال: لا كنت كتبت عن عمر بن هارون وحده أكثر من ثلاثين ألفًا، ولكن وكيع بن الجراح، وعبد الوهاب الثقفي، وجرير، ومحمد بن بكر البرساني، ونسيت الخامس. قال: وكان ثبتًا فيما روى صاحب سنة وجماعة. سمعته يقول: ولدت سنة خمسين ومائة.

ص: 88

قال: ومات لليلتين خلتا من شعبان، سنة أربعين ومائتين، وهو في تسعين سنة، وكان كتب الحديث عن ثلاث طبقات: الليث وبن لهيعة، إلى إن قال: ثم كتب عن إدريس ووكيع، والعنقزي، ونحوهم، ثم كتب عن: إسماعيل بن أبي أويس، وسعيد بن سليمان.

وأما موسى بن هارون فقال: ولد سنة ثمان وأربعين ومائة، سنة موت الأعمش، وسمعته يقول: حضرت موت بن لهيعة، وشهدت جنازته سنة أربع وسبعين ومائة.

قلت: حدث عنه: الحميدي ومحمد بن الفضل الواعظ، وبينهما في الموت ثمانية وتسعون عامًا.

وأما الخطيب، فقال في كتاب "السابق واللاحق": حدث عنه: نعيم بن حماد، وأبو العباس السراج، وبين وفاتيهما أربع وثمانون سنة.

قال بن المقرئ في "معجمه": حدثنا محمد بن عبد الله النيسابوري، سمعت الحسن بن سفيان يقول: كنا على باب قتيبة، فمرض رجل كان معنا، يقول: لا أخرج حتى أكبر على قتيبة. قال: فمات، فأخبروا به قتيبة، فخرج يصلي عليه، وكتب على قبره: هذا قبر قاتل قتيبة.

وقد روى: أبو نصر، عن قتيبة، قال: ولدت سنة ثمان وأربعين ومائة، فالله أعلم.

وروى غير واحد، عن أبي العباس السراج، قال: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: هذا قول الأئمة في الإسلام، وأهل السنة والجماعة: نعرف ربنا عز وجل في السماء السابعة على عرشه كما قال: تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5].

ومما بلغنا من شعر قتيبة بن سعيد قوله:

لولا القضاء الذي لا بد مدركه

والرزق يأكله الإنسان بالقدر

ما كان مثلي في بغلان مسكنه

ولا يمر بها إلا على سفر

وكانت رحلة النسائي إلى قتيبة في سنة ثلاثين ومائتين، فأقام عنده سنة كاملة، وكتب عنه شيئًا كثيرًا، لكنه امتنع وتحرج من رواية "كتاب ابن لهيعة"؛ لضعفه عنده.

وقيل: كان سبب نزوح قتيبة من مدينة بلخ، وانقطاعه بقرية بغلان؛ أنه حضر عنده مالك، وجاءه إبراهيم بن يوسف البَلْخي للسماع، فبرز قتيبة، وقال: هذا من المرجئة. فأخرجه مالك من مجلسه -وكان لإبراهيم سَوْرةٌ كبيرة ببلده- فعادى قتيبة، وأخرجه.

ص: 89

وما علمتهم نقموا على قتيبة سوى ذلك الحديث المعروف في الجمع في السفر.

قال أحمد بن سلمة: عمل أبي طعامًا ودعا إسحاق ثم قال: إن ابني هذا قد ألح علي في الخروج إلى قتيبة، فما ترى? فنظر إلي، وقال: هذا قد أكثر عني وهو يجلس بالقرب مني، وأبو رجاء عنده ما ليس عندنا، فأرى أن تأذن له عسى أن ينتفع.

أخبرنا الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد، وجماعة إجازة، قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو إسحاق المزكي، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعًا، وإذا ارتحل قبل المغرب أخرها حتى يصليها مع العشاء، فإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب"

(1)

.

ما رواه أحد عن الليث سوى قتيبة. وقد أخرجه عنه أبو داود، والترمذي، وأما النسائي، فامتنع من إخراجه؛ لنكارته.

أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، أخبرنا أبو اليُمن الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي، حدثني محمد بن محمد بن يحيى الإسفراييني الفقيه، حدثنا محمد بن عبدك بن مهدي الإسفراييني، حدثنا إسحاق بن أبي عمران الشافعي، حدثنا أبو محمد المروزي -وراق محمود بن غيلان- حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري، حدثنا علي بن المديني، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك، فكان يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر، فيجمع بينهما"

(2)

. مختصر.

أخرجه أحمد في "مسنده"، فوقع لنا موافقة نازلة بست درج.

(1)

،

(2)

أخرجه أحمد "5/ 241 - 242"، وأبو داود "1220"، والترمذي "553"، والدارقطني "1/ 392 - 393"، والبيهقي "3/ 163"، من طرق عن قتيبة بن سعيد، به.

وقال الترمذي: والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ أنه صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. ورواه قرة بن خالد، وسفيان الثوري، ومالك، وغير واحد عن أبي الزبير المكي.

ورواية مالك في الموطأ "1/ 160 - 161"، ومسند أحمد "5/ 237"، ورواية قرة بن خالد في "المسند""5/ 228 - 229"، ورواية سفيان فيه "5/ 230 و 336".

ص: 90

ومن أعجب الأمور: أن أبا عيسى الترمذي حدث به عن قتيبة ورواه نازلا كما هو موجود في نسخ عدة فقال: حدثنا عبد الصمد بن سليمان البلخي عن زكريا بن يحيى اللؤلؤي، عن أبي بكر الأعين، عن علي بن المديني، عن أحمد عن قتيبة، فهذا من طرق النوازل.

قال أبو عبد الله الحاكم: رواته أئمة، ثقات، وهو شاذ الإسناد والمتن، ثم لا نعرف له علة نعلله بها، فلو كان الحديث عند الليث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل لعللنا به الحديث، ولو كان عند يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا به، فلما لم نجد له علة خرج عن أن يكون معلولا، ثم نظرنا فلم نجد ليزيد عن أبي الطفيل رواية، ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل، ولا عند أحد ممن يرويه عن معاذ بن جبل غير أبي الطفيل، فقلنا هو شاذ، وأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجبًا من إسناده ومتنه، ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه ذكر له علة.

قلت: بل رووه في كتبهم، واستغربه بعضهم.

قال الحاكم: وقد قرأ علينا أبو علي الحافظ هذا، وحدثنا به عن النسائي، وهو إمام عصره عن قتيبة. ولم يذكر أبو عبد الرحمن، ولا أبو علي للحديث علة، فنظرنا فإذا هو موضوع. وقتيبة: ثقة، مأمون. فحدثني علي بن محمد بن عمران الفقيه، حدثنا بن خزيمة، سمعت صالح بن حفصويه -نيسابوري، صاحب حديث- يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: قلت لقتيبة: مع من كتبت عن الليث حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل؟ قال: مع خالد المدائني. قال البخاري: وكان خالد هذا يدخل على الشيوخ الأحاديث. وقد قال أبو داود عقيبه: لا يرويه إلا قتيبة وحده. وقال الترمذي: حسن غريب تفرد به قتيبة والمعروف حديث مالك وسفيان يعني عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فكان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء يعني: وليس فيه جمع التقديم.

قال أبو سعيد: لم يحدث به إلا قتيبة، ويقال: إنه غلط، وإن موضع يزيد بن أبي حبيب أبو الزبير.

قلت: فيكون قد غلط في الإسناد، وأتى بلفظ منكر جدًّا. يرون: أن خالدًا المدائني أدخله على الليث، وسمعه قتيبة معه، فالله أعلم.

قلت: هذا التقرير يؤدي إلى أن الليث كان يقبل التلقين، ويروي ما لم يسمع، وما كان

ص: 91

كذلك، بل كان حجة متثبتًا، وإنما الغفلة وقعت فيه من قتيبة، وكان شيخ صدق، قد روى نحوًا من مائة ألف، فيغتفر له الخطأ في حديث واحد.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا محمد بن عمر القاضي، أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن، حدثنا جعفر بن محمد، حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز الدراوردي وإسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا"

(1)

.

رواه مسلم، عن قتيبة، عن إسماعيل، والترمذي: عنه، عن الدراوردي.

ومات مع قتيبة سنة أربعين خلق، منهم: سويد بن سعيد الحدثاني، وسويد بن نصر المروزي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي الفقيه، وأبو بكر محمد بن أبي عتاب الأعين، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، ومحمد بن الصباح الجرجرائي

(2)

، وعبد الواحد بن غياث البصري، ومحمد بن خالد بن عبد الله الطحان.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "2195"، من طريق قتيبة بن سعيد، به، وأخرجه أحمد "2/ 304 و 372 و 523"، ومسلم "118"، والبغوي "4223"، من طرق عن العلاء، به.

(2)

الجَرْجَائي: نسبة إلى جَرْجرايا، وهي بلدة بين بغداد وواسط قريبة من دجلة.

ص: 92

‌1804 - أحمد بن جَناب

(1)

: " م، د"

ابن المغيرة، الإمام، الثقة، أبو الوليد المصيصي.

عن: عيسى بن يونس، والحكم بن ظهير، وجماعة.

وعنه: مسلم، وأبو داود، وأحمد الأبار، وأبو يعلى، وعبد الله بن أحمد، وأحمد بن الحسن الصوفي، ومن القدماء: أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن سعيد الجوهري.

وكان ثبتًا في عيسى بن يونس.

قال صالح جزرة: صدوق.

وقال بن أبي عاصم: توفي سنة ثلاثين ومائتين.

يقال: إنه بغدادي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 27"، وتاريخ بغداد "4/ 77 - 78"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 294"، وتهذيب التهذيب "1/ 21 - 22"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 258".

ص: 92

‌1805 - طالوت بن عَبَّاد

(1)

:

الشيخ، المحدث، المعمر، الثقة، أبو عثمان البصري، الصيرفي.

حدث عن: فضال بن جبير

(2)

، صاحب أبي أمامة الباهلي، وعن الربيع بن مسلم، وحماد بن سلمة، وأبي هلال محمد بن سليم، واليمان أبي حذيفة وسعيد بن إبراهيم، وجماعة، وله: نسخة مشهورة، عالية.

روى عنه: أبو حاتم الرازي، وعبدان الأهوازي، ويحيى بن محمد الحنائي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وأبو القاسم البغوي، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

فأما قول أبي الفرج بن الجوزي: ضعفه علماء النقل، فهفوة من كيس أبي الفرج. فإلى الساعة، ما وجدت أحدًا ضعفه. وحسبك بقول المتعنت في النقد أبي حاتم فيه.

توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن البسري، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا سعيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي بكرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار"

(3)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3157"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 2178"، والعبر "1/ 427"، وميزان الاعتدال "2/ 334"، ولسان الميزان "3/ 205 - 206"، وشذرات الذهب "2/ 90".

(2)

ترجمته في "ميزان الاعتدال""3/ ترجمة 6705"، وقال: قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة، وهي نحو عشرة أحاديث. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل لها. وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث.

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "5/ 43 و 51"، والبخاري"31" و"6875" و"7083"، ومسلم "2888""15"، وأبو داود "4268"، والبيهقي "8/ 190"، والبغوي "2549" من طرق عن حماد بن زيد، عن أيوب ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، به مرفوعًا.

ص: 93

‌1806 - العباس بن الوليد

(1)

: " خ، م، س"

ابن نصر الحافظ الإمام الحجة، أبو الفضل الباهلي، النَّرْسي البصري بن عم المحدث عبد الأعلى بن حماد. ونرس هو جدهما نصر، كان بعض العجم يدعوه: يا نصر، فينطق بها: يا نرس لعجمة لسانه.

سمع حماد بن سلمة وعبد الله بن جعفر المديني وأبا عوانة وحماد بن زيد وعبد الواحد بن زياد ويزيد بن زريع وعدة وكان متقنًا صاحب حديث.

حدث عنه: البخاري ومسلم، وبواسطة النسائي، وأحمد بن علي الأبار وأبو بكر أحمد بن علي القاضي المروزي وأبو يعلى الموصلي وعبد الله بن أحمد والحسن بن سفيان والبغوي، وآخرون.

وثقه يحيى بن معين ورجحوه على بن عمه عبد الأعلى.

مات: سنة سبع وثلاثين ومائتين، وقيل: سنة ثمان.

أخبرنا يوسف بن أحمد وعبد الحافظ بن بدران، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سرق العبد فبعه ولو بنش"

(2)

.

ومات سنة سبع حاتم الأصم الزاهد، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وسعيد بن حفص النفيلي، وعبد الأعلى بن حماد، وعبيد الله بن معاذ، وأبو كامل الجحدري، ومحمد بن قدامة الجوهري، ووثيمة بن موسى الأخباري، وعبد الله بن مطيع.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 27"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1177"، والكاشف "2/ ترجمة 2638"، والمغني "1/ ترجمة 3087"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4184"، وتهذيب التهذيب "5/ 133"، وتقريب التهذيب "1/ 400"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3366".

(2)

ضعيف: أخرجه الطيالسي "2343"، وأحمد "2/ 337 و 356 و 387"، والبخاري في الأدب المفرد" "165"، وأبو داود "4412"، والنسائي "8/ 91"، وابن ماجه "2589"، وأبو يعلى "5906"، وابن عدي في "الكامل" "5/ 40"، من طرق عن أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

ص: 94

‌1807 - عبد الأعلى بن حماد

(1)

: " خ، م، د، س"

ابن نصر الحافظ المحدث، أبو يحيى الباهلي مولاهم، النَّرسي البصري.

حدث عن: حماد بن سلمة، وعبد الجبار بن الورد ووهيب بن خالد ومالك بن أنس وسلام بن أبي مطيع ويزيد بن زريع وحماد بن زيد وعبد الوارث وخلق.

حدث عنه: البخاري ومسلم وأبو داود، وبواسطة النسائي، وأبو حاتم وأبو زرعة ومحمد بن عبد بن حميد وعبد الله بن ناجية وبقي بن مخلد وأحمد بن يحيى البلاذري وأبو بكر بن أبي عاصم وأحمد بن علي المروزي والفضل بن أحمد بن منصور الزبيدي وهارون بن محمد بن سعدان ومحمد بن هارون بن المجدر والعباس بن البرتي وأبو يعلى الموصلي وجعفر الفريابي وأبو القاسم البغوي وعدد كثير.

وثقه أبو حاتم وغيره. وقع لي من عواليه.

مات في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائتين. ومن قال: سنة ست، فقد أخطأ.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا خالد بن عبد الله عن سهيل عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام بضع وستون" -أو قال: "وسبعون بابًا أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1752"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 211 و 525"، والكنى للدولابي "2/ 165"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 154"، وتاريخ بغداد "11/ 75"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 374"، والعبر "1/ 424"، والكاشف "2/ ترجمة 3116"، وتذكرة الحفاظ "2/ 467"، وتهذيب التهذيب "6/ 93 - 94"، وتقريب التهذيب "1/ 464"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3948"، وشذرات الذهب "2/ 88".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "35""58"، من طريق جرير، عن سهيل، به، ولفظه:"الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شبعة من الإيمان". وأخرجه البخاري "9"، ومسلم "35"، "57"، من طريق أبي عامر العقدي، حدثنا سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان".

قوله: "وبضع وسبعون" البِضْعُ في العدد بالكسر، وقد يفُتح، ما بين الثلاث إلى التسع.

ص: 95

‌1808 - مُصْعَب

(1)

: " ق"

ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وبن عمته الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد العلامة الصدوق الإمام أبو عبد الله ابن أمير اليمن القرشي الأسدي الزبيري المدني، نزيل بغداد.

سمع أباه، ومالك بن أنس، والضحاك بن عثمان، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز الدراوردي، وهشام بن عبد الله المخزومي، وسفيان بن عيينة، وطائفة.

حدث عنه: ابن ماجه بحديث النجش

(2)

، وبواسطة النسائي، والزبير بن بكار القاضي ابن أخيه، وأبو يعلى الموصلي، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البغوي، وأبو العباس السراج، وعدد كثير.

وثقه الدارقطني وغيره. ومنهم من تكلم فيه لأجل وقفه في مسألة القرآن.

قال أبو بكر المروزي: كان من الواقفة، فقلت له: قد كان وكيع وأبو بكر بن عياش يقولان: القرآن غير مخلوق، قال: أخطأ وكيع وأبو بكر. قلت: فعندنا عن مالك أنه قال: غير مخلوق. قال: أنا لم أسمعه، قلت: يحكيه إسماعيل بن أبي أويس.

قال الحسين بن قهم: كان مصعب إذا سئل عن القرآن، يقف ويعيب من لا يقف.

قلت: قد كان علامة نسابة أخباريًّا فصيحًا من نبلاء الرجال وأفرادهم.

قد روى عنه: مسلم وأبو داود في غير كتابيهما.

قال الزبير: كان عمي وجه قريش مروءة وعلمًا وشرفًا وبيانًا وقدرًا وجاهًا وكان نسابة قريش عاش ثمانين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 344"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1532"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1429"، وتاريخ بغداد "13/ 112"، والكاشف "3/ ترجمة 5564"، والمغني "2/ ترجمة 6265"، والعبر "1/ 423"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8564"، وتهذيب التهذيب "10/ 162"، وتقريب التهذيب "2/ 252"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7024"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 86".

(2)

صحيح: أخرجه ابن ماجه "2173"، وقال: قرأت على مصعب بن عبد الله الزبيري، عن مالك "ح" وحدثنا أبو حذافة حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النَّجْش".

النَّجْش: هو أن يمدح السلعة ليروجها، أو يزيد في الثمن ولا يريد شراءها ليضر بذلك غيره.

ص: 96

قال بن أبي خيثمة: سمعت مصعبًا يقول: حضرت حبيبًا

(1)

يقرأ على مالك، أنا عن يمينه وأخي عن يساره، فيقرأ عليه في كل يوم ورقتين ونصف، والناس ناحية. فإذا قضى، جاء الناس فعارضوا كتبنا بكتبهم، وكان حبيب يأخذ على كل عرضة دينارين من كل إنسان. فقلت: لمصعب إنهم كانوا لا يعرضون عرض حبيب، فأنكر هذا إذ مر بنا يحيى بن معين، فسأله مصعب عن حبيب، فقال: كان يتصفح الورقة والورقتين. ومضى بن معين، فسكت مصعب.

وقال صالح بن محمد جزرة: حدثنا محمد بن عباد، حدثنا سفيان بن عيينة عن مصعب بن عبد الله، فذكر شيئًا.

وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: مصعب مستثبت.

قلت: وكان أبوه أميرًا على اليمن.

قال الزبير: حدثنا عبد الله بن عمرو المزني، قال: لما كان جدك على اليمن، قال لي ابنه مصعب: امض معنا، فتأخرت، ثم قدمت عليهم صنعاء فنزلت في دار الإمارة فأكرمني وأجرى علي في الشهر خمسين دينارًا فلما انصرفت وصلني بخمسمائة دينار.

ولهذا المزني فيه مدائح.

تفرد مصعب الزبيري بحديث: "التمسوا الرزق في خبايا الأرض".

فرواه عن هشام بن عبد الله المخزومي

(2)

عن هشام بن عروة، عن أبيه.

وقع لنا في جزء بيبى الهرثمية

(3)

عاليًا.

توفي مصعب في شوال سنة ست وثلاثين ومائتين، رحمه الله.

(1)

هو: حبيب بن أبي حبيب، واسم أبيه زُرَيق. وقيل: مرزوق، أبو محمد البصري، وقيل: المدني كاتب مالك. قال أحمد: ليس بثقة. وقال ابن معين: كان يقرأ على مالك ويتصفح ورقتين ثلاثة فسألوني عنه بمصر، فقلت: ليس بشيء.

وقال ابن داود: كان من أكذب الناس. وقال أبو حاتم: روى عن ابن أخي الزهري أحاديث موضوعة. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها موضوعة.

(2)

ضعيف: أخرجه ابن حبان في "المجروحين""3/ 91" من طريق هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومي، عن هشام بن عروة به.

وقال ابن حبان: هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي، يروي عن هشام بن عروة ما لا أصل له من حديثه كأنه هشام آخر، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد. وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وعقب عليه بكلام ابن حبان هذا.

(3)

هي: الشيخة المُعَمِّرة، المُسْندة، أم الفضل وأم عزى، بيبي بنت عبد الصمد بن علي بن محمد الهرثمية، الهروية، روت عن عبد الرحمن بن أبي شريح جزءا عاليا اشتهر بها. قال أبو سعد السمعاني: هي من قرية بخشة على بريد من هراة، صالحة، عفيفة، عندها جزء من حديث ابن أبي شريح، تفردت به، سمعه منها عالم لا يحصون، ولدت في حدود سنة ثمانية وثلاثمائة ثم قال: وماتت في حدود سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

تأتي ترجمتها في كتابنا هذا "سير أعلام النبلاء" رقم "4293" فر الجزء الحادي عشر من طبعتنا هذه ط. دار الحديث أكثر الله النفع بها وجعلها في ميزان حسناتنا بكرمه ومنه وسعة فضله.

ص: 97

‌1809 - أحمد بن حرب

(1)

:

ابن فيروز الإمام القدوة، شيخ نيسابور، أبو عبد الله النيسابوري الزاهد. كان من كبار الفقهاء والعباد.

ارتحل وسمع من: سفيان بن عيينة وبن أبي فديك وعبد الوهاب بن عطاء وحفص بن عبد الرحمن وأبي أسامة وأبي داود الطيالسي وأبي عامر العقدي ومحمد بن عبيد الطنافسي وعبد الله بن الوليد العدني وعامر بن خداش، وطبقتهم، وجمع، وصنف.

حدث عنه: أحمد بن الأزهر وسهل بن عمار والعباس بن حمزة ومحمد بن شادل وإبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه وأحمد بن نصر الخفاف وإسماعيل بن قتيبة وزكريا بن دلويه، وعدد سواهم.

قال زكريا بن دلويه: كان أحمد بن حرب إذا جلس بين يدي الحجام ليحفي شاربه يسبح، فيقول له الحجام: اسكت ساعة. فيقول: اعمل أنت عملك وربما قطع من شفته، وهو لا يعلم.

قال الحاكم: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الصوفي، حدثني أبو عمرو محمد بن يحيى قال: مر أحمد بن حرب بصبيان يلعبون، فقال أحدهم: أمسكوا فإن هذا أحمد بن حرب الذي لا ينام الليل. فقبض على لحيته، وقال: الصبيان يهابونك، وأنت تنام? فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 118"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 329"، ولسان الميزان "1/ ترجمة 479"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 80".

ص: 98

قال زكريا بن حرب: ابتدأ أخي بالصوم، وهو في الكتاب، فلما راهق حج مع أخيه الحسين بن حرب فأقاما بالكوفة للطلب، وبالبصرة وبغداد. ثم أقبل على العبادة لا يفتر. وأخذ في المواعظ والتذكير وحث على العبادة، وأقبلوا على مجلسه.

وصنف: كتاب "الأربعين"، وكتاب "عيال الله"، وكتاب "الزهد"، وكتاب "الدعاء"، وكتاب "الحكمة"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "التكسب".

رغب الناس في سماع كتبه، ثم إن أمه ماتت سنة عشرين ومائتين، فحج، وعاود الغزو، وخرج إلى بلاد الترك وافتتح فتحًا عظيمًا غبط به فسعى به الأعداء إلى ابن طاهر فأحضره، ولم يأذن له في الجلوس، وقال: أتخرج وتجمع إلى نفسك هذا الجمع، وتخالف أعوان السلطان? ثم إن ابن طاهر عرف صدقه فتركه فسار وجاور بمكة. وكان تنتحله الكرامية

(1)

، وتعظمه؛ لأنه أستاذ محمد بن كرام، ولكنه سليم الاعتقاد بحمد الله.

وعن يحيى بن يحيى التميمي قال: إن لم يكن أحمد بن حرب من الأبدال، فلا أدري من هم?!

وقال محمد بن علي المروزي: يروي أشياء لا أصل لها.

قال نصر بن محمود البلخي: قال أحمد بن حرب: عبدت الله خمسين سنة فما وجدت حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة أشياء: تركت رضى الناس حتى قدرت أن أتكلم بالحق، وتركت صحبة الفاسقين حتى وجدت صحبة الصالحين، وتركت حلاوة الدنيا حتى وجدت حلاوة الآخرة.

وقيل: إنه استسقى لهم ببخارى فما انصرفوا إلا يخوضون في المطر، رحمة الله عليه.

مات سنة أربع وثلاثين ومائتين وقد قارب الستين.

(1)

الكرامية: هي الفرقة الثانية عشرة من المرجئة، وهم أصحاب "محمد بن كرام" يزعمون أن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب، وأنكروا أن يكون معرفة القلب أو شيء غير التصديق باللسان إيمانًا، وزعموا أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنين على الحقيقة، وزعموا أن الكفر بالله هو الجحود والإنكار له باللسان.

ص: 99

أحمد بن حرب الطائي

(1)

:

فهو من أقرانه ولكنه عُمِّر، وتأخر وسيأتي مع أخيه علي.

(1)

ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 23"، وتقريب التهذيب "1/ 13".

ص: 100

‌1810 - أحمد بن إبراهيم

(1)

: " د"

ابن خالد الإمام الثقة، أبو علي الموصلي، نزيل بغداد.

عن: إبراهيم بن سعد، وحماد بن زيد وأبي الأحوص وشريك وأبي عوانة ومحمد بن ثابت وطائفة.

حدث عنه: أبو داود بحديث واحد وأبو بكر بن أبي الدنيا وأحمد بن الحسن الصوفي وأبو يعلى الموصلي ومطين وأبو القاسم البغوي وموسى بن هارون، وآخرون.

وثقه يحيى بن معين. وقال عبد الله بن أحمد، عن ابن معين: ليس به بأس.

وقال يزيد بن محمد في "تاريخ الموصل": ظاهر الصلاح والفضل، كثير الحديث.

قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال للمدينة: يثرب فليستغفر الله"

(2)

. تفرد به صالح.

قال موسى بن هارون: مات في ثامن ربيع الأول سنة ست وثلاثين ومائتين.

وفيها توفي: إبراهيم بن المنذر الحزامي ومصعب بن عبد الله الزبيري وهدبة بن خالد وأبو معمر إسماعيل بن إبراهيم القطيعي والحارث بن سريج النقال وإبراهيم بن أبي معاوية الضرير وأبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الترجماني والحسن بن سهل الوزير وخالد بن عمرو السلفي ومحمد بن إسحاق المسيبي، وآخرون.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة رقم 1"، وتاريخ بغداد "4/ 5 - 6"، وتهذيب التهذيب "1/ 9".

(2)

ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 285"، وابن عدي في "الكامل""7/ 276"، من طريق صالح بن عمر به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته يزيد بن أبي زياد، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 100

‌1811 - أحمد بن عمر

(1)

: " م"

ابن حفص بن جهم بن واقد، الإمام، الحافظ الكبير، الثبت، أبو جعفر الكندي الكوفي الجلاب الضرير المشهور: بالوكيعي، نزيل بغداد، وهو والد المحدث إبراهيم بن أحمد.

حدث عن: حفص بن غياث وأبي معاوية وأبي بكر بن عياش وحسين الجعفي وابن فضيل وعبد الحميد الحماني، وعدة.

وعنه: مسلم وإبراهيم الحربي وأبو داود في كتاب "المسائل"، والقاضي أحمد بن علي المروزي، وأحمد بن علي الأبار، وأحمد بن علي الموصلي أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد، ونصر بن علي الفرائضي، وآخرون.

وثقه يحيى بن معين، وغيره.

قال العباس بن مصعب: سمعت أحمد بن يحيى الكشميهني، سمعت أحمد بن عمر الوكيعي يقول: وليت المظالم بمرو مدة اثنتي عشرة سنة، فلم يرد علي حكم إلا وأنا أحفظ فيه حديثًا؛ فلم أحتج إلى الرأي، ولا إلى أهله.

قلت: روى حروف عاصم عن يحيى بن آدم.

ومات في صفر، سنة خمس وثلاثين ومائتين. ومات أحمد بن جعفر الوكيعي قبله بسنين.

وفيها توفي: شيبان بن فروخ وعدة قد ذكروا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 102"، وتاريخ بغداد "4/ 284 - 285"، وتهذيب التهذيب "1/ 63".

ص: 101

‌1812 - أحمد بن جَوَّاس

(1)

: " م، د"

أبو عاصم الحنفي الكوفي، الثقة.

عن أبي الأحوص، وابن المبارك، والأشجعي، وابن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، وطبقتهم.

وعنه: مسلم وأبو داود والأثرم والحسن بن سفيان ومحمد بن صالح بن ذريح ومطين. وروى عنه ابن وارة

(2)

وأحسن الثناء عليه.

وقال مطين: ثقة.

وتوفي في المحرم، سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 24"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 294"، وتهذيب التهذيب "1/ 22"، وتقريب التهذيب "1/ 13".

(2)

هو: محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله الرازي، المعروف بابن وارة، بفتح الراء المخففة، قال الحافظ في "التقريب": ثقة حافظ.

ص: 101

‌1813 - الزَّمِّي

(1)

: " خ، ق"

الإمام، الحافظ، الحجة، أبو زكريا يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزمي.

حدث ببغداد عن شريك وضمام بن إسماعيل وأبي الأحوص وأبي المليح الرقي، وطبقتهم، فأكثر.

حدث عنه: البخاري والقاضي أحمد بن محمد البرتي وعثمان بن خرزاذ وعلي بن أحمد بن النضر وأبو بكر بن أبي الدنيا وأحمد بن الحسن الصوفي، وآخرون.

وروى له: ابن ماجه أيضا. وكان من كبار المحدثين الرحالة.

وثقه أبو زرعة.

قال حاتم بن الليث: مات سنة تسع وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 348"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 832"، وتاريخ بغداد "14/ 166"، والكاشف "3/ ترجمة 6387"، وتهذيب التهذيب "11/ 307"، وتقريب التهذيب "2/ 361".

ص: 102

‌1814 - المُرِّي

(1)

:

جنادة بن محمد بن أبي يحيى المري، الدمشقي، مفتي دمشق.

حدث عن: يحيى بن حمزة وجرول بن خنفل وعبد الحميد بن أبي العشرين وسفيان بن عيينة وعيسى بن يونس وبقية وعدة.

وعنه: البخاري -في بعض تواليفه- وهشام بن عمار وأبو حاتم والفسوي وعثمان بن خرزاذ ويزيد بن عبد الصمد، وآخرون.

كناه البخاري: أبا عبد الله. وذكره: أبو زرعة الدمشقي في المفتين بدمشق.

قال ابن ماكولا: له غرائب.

قلت: مات سنة ست وعشرين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2301"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 2135"، وتهذيب التهذيب "2/ 117".

ص: 102

‌1815 - إبراهيم بن الحجاج

(1)

: " س"

ابن زيد المحدث، الحافظ، أبو إسحاق السامي، الناجي، البصري.

حدث عن: أبان بن يزيد العطار وحماد بن سلمة ومراجم بن العوام بن مراجم وعبد العزيز بن المختار ووهيب بن خالد، وطبقتهم.

حدث عنه: القاضي أبو بكر أحمد بن علي المروزي وأبو بكر بن أبي عاصم وعثمان بن خرزاذ وموسى بن هارون والقاضي محمد بن محمد الجذوعي والحسن بن سفيان وجعفر الفريابي ومحمد بن عبدة بن حرب وأبو يعلى الموصلي وإبراهيم بن هاشم البغوي، وخلق سواهم.

وثقه ابن حبان، وخرج له النسائي، وقال: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

وقال موسى بن هارون: سألته عن مولده، فقال: في سنة ست وأربعين ومائة. قال: ومات في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

سميه: المحدث الصدوق أبو إسحاق

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 248"، والعبر "1/ 413"، وتهذيب التهذيب "1/ 113"، ولسان الميزان "1/ 45"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 265".

ص: 103

‌1816 - إبراهيم بن الحجاج

(1)

:

النيلي البصري، والنيل: بليدة بين واسط والكوفة.

حدث عن: حماد بن زيد، وأبي عوانة، وسلام بن أبي مطيع، وطائفة.

وعنه: أحمد بن علي المروزي، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى. وأخرج النسائي أيضًا له. وقد وُثِّق.

مات بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وثقه ابن حبان. ذكرته تمييزًا.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 342"، وتهذيب التهذيب "2/ 114".

ص: 103

‌1817 - علي بن المديني

(1)

: " خ، د، م، س"

الشيخ الإمام الحجة أمير المؤمنين في الحديث، أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد السعدي مولاهم البصري، المعروف: بابن المديني، مولى عروة بن عطية السعدي.

كان أبوه محدثًا، مشهورًا، لين الحديث.

مات سنة ثمان وسبعين ومائة.

يروي عن: عبد الله بن دينار، وطبقته من علماء المدينة.

وقد روى والده؛ جعفر بن نجيح يسيرًا عن عبد الرحمن بن القاسم التيمي.

سمع عليٌّ: أباه، وحماد بن زيد، وجعفر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وعبد الوارث، وهشيم بن بشير، وعبد العزيز الدراوردي، ومعتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، والوليد بن مسلم، وبشر بن المفضل، وغندرًا، ويحيى بن سعيد، وخالد بن الحارث، ومعاذ بن معاذ، وحاتم بن وردان، وابن وهب، وعبد الأعلى السامي، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز العمي، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي، وفضيل بن سليمان النميري، ومحمد بن طلحة التيمي، ومرحوم بن عبد العزيز، ومعاوية بن عبد الكريم، ويوسف بن الماجشون، وعبد الوهاب الثقفي، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق، وخلقًا كثيرًا.

وبرع في هذا الشأن وصنف وجمع وساد الحفاظ في معرفة العلل. ويقال: إن تصانيفه بلغت مائتي مصنف.

حدث عنه: أحمد بن حنبل، وأبو يحيى صاعقة، والزعفراني، وأبو بكر الصاغاني، وأبو عبد الله البخاري، وأبو حاتم، وحنبل بن إسحاق، ومحمد بن يحيى، وعلي بن أحمد

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2414"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 210"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1237"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1064"، وتاريخ بغداد "11/ 458"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 436"، والكاشف "2/ ترجمة 3996"، والعبر "1/ 62، 127، 196، 209"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5874"، وتهذيب التهذيب "7/ 349"، وتقريب التهذيب "2/ 39"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5008"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 81".

ص: 104

ابن النضر، ومحمد بن أحمد بن البراء، والحسن بن شبيب المعمري، وولده؛ عبد الله بن علي، والبخاري -فأكثر- وأبو داود، وحميد بن زنجويه وصالح بن محمد جزرة، وعبيد الله بن عثمان العثماني، وهلال بن العلاء، والحسن البزار، وأبو داود الحراني، وإسماعيل القاضي، وأبو مسلم الكجي، وعلي بن غالب البتلهي، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، ومحمد بن جعفر بن الإمام بدمياط، وأبو يعلى الموصلي، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البغوي، وعبد الله بن محمد بن أيوب الكاتب، خاتمة من روى عنه.

وقد روى عنه من شيوخه: جماعة، منهم: سفيان بن عيينة، وعاش هذا الكاتب بعد سفيان مائة وثمانيًا وعشرين سنة.

مولد علي في سنة إحدى وستين ومائة. قاله علي بن أحمد بن النضر. ولد بالبصرة.

قال أبو حاتم الرازي: كان ابن المديني علمًا في الناس في معرفة الحديث والعلل. وكان أحمد بن حنبل لا يسميه إنما يكنيه تبجيلا له ما سمعت أحمد سماه قط.

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي، عن زينب بنت أبي القاسم، وأخبرنا ابن عساكر عن زينب وعبد المعز البزاز قالا: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الأديب، أخبرنا محمد بن محمد الحافظ، حدثنا عبيد الله بن عثمان العثماني ببغداد، حدثنا علي بن عبد الله المديني، حدثنا محمد بن طلحة التيمي، حدثني أبو سهيل نافع بن مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفًّا وأوصلها"

(1)

.

أخرجه النسائي عن حميد بن زنجويه النسائي عن علي بن المديني فوقع بدلًا عاليًا بدرجتين.

أنبأنا المسلم بن علان، والمؤمل بن محمد قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا ابن ناجية، وعلي بن أحمد بن مروان، ومحمد بن خالد البردعي، قالوا: أخبرنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد العدوي، حدثنا إبراهيم بن بشار، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثني علي بن

(1)

حسن: أخرجه أحمد "1/ 185"، والبزار "1077"، وأبو يعلي "820"، والطبراني في "الأوسط""1947"، والحاكم "3/ 328 و 328 - 329" من طرق عن محمد بن طلحة التيمي، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن عبد الله، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 105

المديني، عن أبي عاصم، عن ابن جريج عن عمرو بن دينار، فذكر حديثًا، ثم قال سفيان: تلومني على حب علي، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.

وروى الحسين بن محمد بن عفير، حدثنا أحمد بن سنان قال: كان ابن عيينة يقول: لعلي بن المديني ويسميه حية الوادي: إذا استثبت سفيان، أو سئل عن شيء يقول: لو كان حية الوادي.

وقال العباس العنبري: كان سفيان يسمي علي بن المديني حية الوادي.

وعن ابن عيينة قال: إني لأرغب عن مجالستكم ولولا علي بن المديني ما جلست.

وقال خلف بن الوليد الجوهري: خرج علينا ابن عيينة يومًا ومعنا علي بن المديني فقال: لولا علي لم أخرج إليكم.

وروى علي بن سعيد الرازي، عن سهل بن زنجلة قال: كنا عند ابن عيينة وعنده رؤساء أصحاب الحديث، فقال: الرجل الذي روينا عنه أربعة أحاديث؛ الذي يحدث عن الصحابة? فقال ابن المديني: زياد بن علاقة? فقال: نعم.

قال الساجي: سمعت العباس بن عبد العظيم يقول: سمعت روح بن عبد المؤمن سمعت ابن مهدي يقول: علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة بحديث ابن عيينة.

وقال ابن عدي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي قرصافة، حدثنا محمد بن علي ابن أخت غزال سمعت القواريري سمعت يحيى بن سعيد يقول: الناس يلومونني في قعودي مع علي وأنا أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني. روى نحوها صالح جزرة عن القواريري.

وقال عباس العنبري: كان يحيى القطان ربما قال: لا أحدث شهرًا ولا أحدث كذا فحدثت أنه حدث ابن المديني قبل انقضاء الشهر. قال: فكلمت يحيى في ذلك، فقال: إني أستثني عليًّا ونحن نستفيد منه أكثر مما يستفيد منا.

وقال يحيى بن معين: علي من أروى الناس عن يحيى القطان أرى عنده أكثر من عشرة آلاف عنده عنه أكثر من مسدد. كان يحيى يدني عليًا وكان صديقه.

قال أبو قدامة السرخسي: سمعت عليًّا يقول: رأيت كأن الثريا تدلت حتى تناولتها.

قال أبو قدامة: صدق الله رؤياه، بلغ في الحديث مبلغًا لم يبلغه أحد.

ص: 106

قال يعقوب الفسوي: سمعت عبد الرحمن بن أبي عباد القلزمي -وكان من أصحاب علي- قال: جاءنا علي بن المديني يومًا، فقال: رأيت في هذه الليلة كأني مددت يدي فتناولت أنجمًا. فمضينا معه إلى معبر، فقال: ستنال علمًا فانظر كيف تكون. فقال: له بعض أصحابنا لو نظرت في الفقه -كأنه يريد الرأي- فقال: إن اشتغلت بذاك انسلخت مما أنا فيه.

أنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن بوش عن أبي سعد الصيرفي عن محمد بن علي الصوري سمعت عبد الغني بن سعيد سمعت وليد بن القاسم سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول: كأن الله خلق علي بن المديني لهذا الشأن.

قال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.

قال عباس العنبري: بلغ علي ما لو قضى أن يتم على ذلك، لعله كان يقدم على الحسن البصري، كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ولباسه، وكل شيء يقوم أو يفعل أو نحو هذا.

يعقوب الفسوي، قال علي بن المديني: صنفت "المسند" مستقصى، وخلفته في المنزل، وغبت في الرحلة فخالطته الأرضة، فلم أنشط بعد لجمعه.

قال أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم: كان علي إذا قدم بغداد، تصدر في الحلقة، وجاء ابن معين وأحمد بن حنبل والمعيطي والناس يتناظرون. فإذا اختلفوا في شيء تكلم فيه علي.

قال أحمد بن أبي خيثمة سمعت ابن معين، يقول: كان علي بن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع.

قلت: كان إظهاره لمناقب الإمام علي بالبصرة، لمكان أنهم عثمانية فيهم انحراف على علي.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا المبارك الطيوري، أخبرنا الفالي، أخبرنا أحمد بن خربان، حدثنا أبو محمد الرامهرمزي، حدثنا زنجويه بن محمد النيسابوري بمكة، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري سمعت علي بن المديني يقول: التفقه في معاني الحديث: نصف العلم، ومعرفة الرجال: نصف العلم.

قال أبو العباس السراج: سمعت محمد بن يونس سمعت علي بن المديني يقول: تركت من حديثي مائة ألف حديث منها ثلاثون ألفًا لعباد بن صهيب.

ص: 107

وعن البخاري: وقيل له: ما تشتهي؟ قال: إن أقدم العراق، وعلي بن المديني حي فأجالسه. سمعها أبو العباس السراج من البخاري.

قال أبو عبيد الآجري: قيل لأبي داود: أحمد بن حنبل أعلم أم علي? فقال: علي أعلم باختلاف الحديث من أحمد.

قال عبد المؤمن النسفي: سألت صالح بن محمد: هل كان يحيى بن معين يحفظ? فقال: لا إنما كان عنده معرفة قلت: فعلي? قال: كان يحفظ ويعرف.

قال أبو داود: علي بن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني.

قال عبد الله بن أبي زياد القطواني: سمعت أبا عبيد يقول: انتهى العلم إلى أربعة أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له وأحمد بن حنبل أفقههم فيه وعلي بن المديني أعلمهم به ويحيى بن معين أكتبهم له.

قال الفَرْهَياني وغيره من الحفاظ: أعلم أهل زمانه بعلل الحديث: علي.

يعقوب الفسوي في "تاريخه": حدثني بكر بن خلف قال: قدمت مكة وبها شاب حافظ كان يذاكرني المسند بطرقها، فقلت له: من أين لك هذا? قال: أخبرك، طلبت إلى علي أيام سفيان أن يحدثني بالمسند فقال: قد عرفت إنما تريد بذلك المذاكرة. فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني فعلت. قال: فضمنت له واختلفت إليه فجعل يحدثني بذا الذي أذاكرك به حفظًا.

قال الفسوي: فذكرت هذا لبعض من كان يلزم عليًّا فقال: سمعت عليًّا يقول: غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن -أظنه ذكر ثلاث سنين- وأمي حية. فلما قدمت قالت: يا بني فلان لك صديق وفلان لك عدو. قلت: من أين علمت يا أمه? قالت: كان فلان وفلان فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيئون مسلمين فيعزوني ويقولون: اصبري فلو قدم عليك، سرك الله بما ترين. فعلمت أن هؤلاء أصدقاء وفلان وفلان إذا جاءوا يقولون لي: اكتبي إليه، وضيقي عليه ليقدم.

فأخبرني العباس بن عبد العظيم -أو غيره- قال: قال علي: كنت صنفت "المسند" على الطرق مستقصى كتبته في قراطيس وصيرته في قمطر كبير وخلفته في المنزل وغبت هذه الغيبة. قال: فجئت فحركت القمطر فإذا هو ثقيل بخلاف ما كانت ففتحتها فإذا الأرضة قد خالطت الكتب فصارت طينًا.

ص: 108

قال أحمد بن يوسف البجيري: سمعت الأعين يقول: رأيت علي بن المديني مستلقيًا وأحمد عن يمينه وابن معين عن يساره وهو يملي عليهما.

قال أبو أمية الطرسوسي: سمعت عليًّا يقول: ربما أذكر الحديث في الليل فآمر الجارية تسرج السراج فأنظر فيه.

البخاري: سمعت أحمد بن سعيد الرباطي قال: قال علي: ما نظرت في كتاب شيخ فاحتجت إلى السؤال به عن غيري.

وعن العباس بن سورة، قال: سئل يحيى بن معين عن علي بن المديني والحميدي فقال: ينبغي للحميدي أن يكتب عن آخر عن علي بن المديني.

قال محمد بن طالب بن علي النسفي: سمعت صالح بن محمد يقول: أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني وأفقههم في الحديث: أحمد، وأمهرهم بالحديث: سليمان الشاذكوني.

وقال عبد المؤمن بن خلف: سمعت صالح بن محمد سمعت إبراهيم بن محمد بن عرعرة سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول لابن المديني: ويحك يا علي إني أراك تتبع الحديث تتبعًا لا أحسبك تموت حتى تبتلى.

الفسوي: سمعت عليًّا وقوم يختلفون إليه يقرأ عليهم أبواب السجدة كان يذكر له طرف حديث فيمر على الصفحة والورقة فإذا تعايى في شيء، لقنوه الحرف والشيء منه ثم يمر ويقول: الله المستعان هذه الأبواب أيام نطلب، كنا نتلاقى به المشايخ ونذاكرهم بها ونستفيد ما يذهب علينا منها وكنا نحفظها. وقد احتجنا اليوم إلى إن نلقن في بعضها.

قال أزهر بن جميل: كنا عند يحيى بن سعيد أنا وعبد الرحمن وسفيان الرؤاسي وعلي بن المديني وغيرهم إذ جاء عبد الرحمن بن مهدي منتقع اللون أشعث فسلم. فقال له يحيى ما حالك أبا سعيد? قال: خير. رأيت البارحة في المنام كأن قومًا من أصحابنا قد نكسوا. قال علي بن المديني: يا أبا سعيد هو خير. قال الله -تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68]. قال: اسكت، فوالله إنك لفي القوم.

قال الأثرم اللغوي: سمعت الأصمعي يقول لعلي بن المديني: والله يا علي، لتتركن الإسلام وراء ظهرك.

أحمد بن كامل القاضي: حدثنا أبو عبد الله غلام خليل، عن العباس بن عبد العظيم،

ص: 109

قال: دخلت على علي بن المديني يومًا فرأيته واجمًا مغمومًا فقلت: ما شأنك? قال: رؤيا رأيت كأني أخطب على منبر داود عليه السلام فقلت: خيرًا رأيت، تخطب على منبر نبي. فقال: لو رأيت أني أخطب على منبر أيوب كان خيرًا لي؛ لأنه بلي في دينه وداود فتن في دينه قال: فكان منه ما كان يعني إجابته في محنة القرآن.

قلت: غلام خليل غير ثقة.

الحسين بن فهم: حدثني أبي، قال: قال ابن أبي داود للمعتصم: يا أمير المؤمنين هذا يزعم -يعني: أحمد بن حنبل- أن الله يرى في الآخرة والعين لا تقع إلا على محدود والله لا يحد فقال: ما عندك? قال: يا أمير المؤمنين عندي ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما هو? قال: حدثني غندر، حدثنا شعبة عن إسماعيل عن قيس عن جرير قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة أربع عشرة فنظر إلى البدر فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر لا تضامون في رؤيته"

(1)

.

فقال لابن أبي داود: ما تقول? قال: أنظر في إسناد هذا الحديث، ثم انصرف. فوجه إلى علي بن المديني وعلي ببغداد مملق ما يقدر على درهم فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم، وقال: هذه وصلك بها أمير المؤمنين وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه. وكان له رزق سنتين. ثم قال له: يا أبا الحسن! حديث جرير بن عبد الله في الرؤية ما هو? قال: صحيح. قال: فهل عندك عنه شيء? قال: يعفيني القاضي من هذا. قال: هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه. ولم يزل حتى قال

(1)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الحميدي "799"، وأحمد "4/ 360 و 365 - 366"، والبخاري "554" و"4851" و"7434" و"7435"، ومسلم "633"، وأبو داود "4729"، والترمذي "2551"، وابن ماجه "177"، وابن أبي عاصم في "السنة""446 - 449 و 461"، وعبد الله بن أحمد في "السنة""219" و"221" و"225 - 227"، وابن خزيمة في "التوحيد""ص 167 - 168"، والآجري في "التصديق بالنظر""23 - 25"، والطبراني "2224 - 2227 و 2229 - 2237"، وابن منده "791"، و"793" و"795 - 800"، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد""825" و"826" و"828" و"829"، والبيهقي في "الاعتقاد""ص 128 و 129"، والبغوي "378" و"379"، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

وقوله: "لا تضامون": من الضم أي لا ينضم بعضكم إلى بعض، ولا يقول: أرنيه بل كل ينفرد برؤيته.

ورُوي بتخفيف الميم من الضيم، وهو الظلم، يعني لا ينالكم ظلم بأن يرى بعضكم دون بعض، بل تستوون كلكم في رؤيته تعالى.

ص: 110

له: في هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بن أبي حازم، إنما كان أعرابيًّا بوالا على عقبيه. فقبل ابن أبي دواد عليًّا واعتنقه. فلما كان الغد وحضروا قال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين يحتج في الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس، وهو أعرابي بوال على عقبيه? قال: فقال أحمد بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا، علمت أنه من عمل علي بن المديني، فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه.

رواها المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى -يعني: الصولي- حدثنا الحسين.

ثم قال الخطيب: أما ما حكي عن علي في هذا الخبر من أنه لا يعمل على ما يرويه قيس فهو باطل. قد نزه الله عليًّا عن قول ذلك لأن أهل الأثر وفيهم علي مجمعون على الاحتجاج برواية قيس وتصحيحها إذ كان من كبراء تابعي أهل الكوفة. وليس في التابعين من أدرك العشرة وروى عنهم، غير قيس مع روايته عن خلق من الصحابة. إلى أن قال: فإن كان هذا محفوظًا عن ابن فهم فأحسب أن ابن أبي دواد تكلم في قيس بما ذكر في الحديث وعزا ذلك إلى ابن المديني. والله أعلم.

قلت: إن صحت الحكاية، فلعل عليًّا قال: في قيس ما عنده عن يحيى القطان أنه قال: هو منكر الحديث ثم سمى له أحاديث استنكرها فلم يصنع شيئًا بل هي ثابتة فلا ينكر له التفرد في سعة ما روى من ذلك حديث كلاب الحوأب

(1)

، وقد كاد قيس أن يكون صحابيًّا أسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هاجر إليه فما أدركه بل قدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بليال. وقد قال يحيى بن معين فيما نقله عنه معاوية بن صالح: كان قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري.

نعم، ورؤية الله -تعالى- في الآخرة منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم نقل تواتر فنعوذ بالله من الهوى ورد النص بالرأي.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 52 و 97"، وابن أبي شيبة "15/ 259 - 260"، وأبو يعلى "4868"، وابن حبان "1831"، موارد، والحاكم "3/ 120"، والبيهقي في "الدلائل""6/ 410"، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا أني راجعة. فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم. قالت: إن رسول الله قال لها ذات يوم: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب".

والحوأب: من مياه العرب على طريق البصرة. قال ياقوت في "معجم البلدان": ماء قريب من البصرة على طريق مكة إليها، سمي بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية.

ص: 111

قال أبو داود: أجود التابعين إسنادًا: قيس بن أبي حازم قد روى عن تسعة من العشرة لم يرو عن عبد الرحمن بن عوف.

قال الخطيب: ولم يحك أحد ممن ساق المحنة أن أحمد نوظر في حديث الرؤية. قال: والذي يحكي عن علي أنه روى لابن أبي دواد حديثًا عن الوليد بن مسلم في القرآن كان الوليد أخطأ في لفظة منه فكان أحمد ينكر على علي روايته لذلك الحديث. فقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: إن علي بن المديني حدث عن الوليد حديث عمر: كلوه إلى عالمه، فقال: إلى خالقه. فقال: هذا كذب. ثم قال: هذا قد كتبناه عن الوليد، إنما هو "فكلوه إلى عالمه"

(1)

، وهذه اللفظة قد روي عن ابن المديني غيرها.

قال محمد بن طاهر بن أبي الدميك: حدثنا بن المديني، حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي، حدثنا الزهري حدثني أنس بن مالك قال: بينما عمر جالس في أصحابه إذ تلا هذه الآية: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31]، ثم قال: هذا كله قد عرفناه، فما الأب? قال: وفي يده عصية يضرب بها الأرض، فقال: هذا -لعمر الله- التكلف. فخذوا أيها الناس بما بين لكم، فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه.

قال الخطيب: أخبرنيه أبو طالب بن بكير، أخبرنا مخلد بن جعفر الدقاق، حدثنا ابن أبي الدميك.

وقال أحمد بن محمد الصيدلاني: حدثنا المروذي، قلت لأبي عبد الله أن عليًّا يحدث عن الوليد

، فذكر الحديث، وقال: فكلوه إلى خالقه. فقال أبو عبد الله: كذب. حدثنا الوليد بن مسلم مرتين إنما هو "كلوه إلى عالمه".

وقال عباس العنبري: قلت لابن المديني: إنهم قد أنكروه عليك فقال: حدثتكم به

(1)

حسن: أخرجه أحمد "2/ 181" حدثنا أنس بن عياض، حدثنا أبو حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسا ما أحب أن لي به حمر النعم أقبلت أنا وأخي، وإذا مشخية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حجرة، إذا ذكروا آية من القرآن، فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا قد احمر وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول:"مهلا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، بل يصدق بعضه بعضا، فما عرفتم منه، فاعملوا به، وما جهلتم منه، فردوه إلى عالمه".

قلت: إسناده حسن، عمرو بن شعيب، صدوق، وكذلك أبوه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 112

بالبصرة

، وذكر أن الوليد أخطأ فيه. فغضب أبو عبد الله وقال: فنعم، قد علم أن الوليد أخطأ فيه، فلم حدثهم به? أيعطيهم الخطأ!

قال المروذي: سمعت رجلا من أهل العسكر يقول لأبي عبد الله: ابن المديني يقرئك السلام فسكت. فقلت لأبي عبد الله، قال لي عباس العنبري: قال علي بن المديني: وذكر رجلا، فتكلم فيه، فقلت له: إنهم لا يقبلون منك إنما يقبلون من أحمد بن حنبل. قال: قوي أحمد على السوط، وأنا لا أقوى.

أبو بكر الجرجاني: حدثنا أبو العيناء، قال: دخل ابن المديني إلى بن أبي داود بعد ما تم من محنة أحمد ما جرى فناوله رقعة، قال: هذه طرحت في داري فإذا فيها:

يا ابن المديني الذي شرعت له

دنيا فجاد بدينه لينالها

ماذا دعاك إلى اعتقاد مقالة

قد كان عندك كافرًا من قالها

أمر بدا لك رشده فقبلته

أم زهرة الدنيا أردت نوالها

فلقد عهدتك لا أبا لك مرة

صعب المقادة للتي تدعى لها

إن الحريب

(1)

لمن يصاب بدينه

لا من يرزى ناقة وفصالها

فقال له أحمد: هذا بعض شراد هذا الوثن -يعني: ابن الزيات- وقد هُجي خيار الناس وما هدم الهجاء حقًّا ولا بنى باطلا. وقد قمت وقمنا من حق الله بما يصغر قدر الدنيا عند كثير ثوابه. ثم دعا له بخمسة آلاف درهم، فقال: اصرفها في نفقاتك وصدقاتك.

قال زكريا الساجي: قدم ابن المديني البصرة فصار إليه بندار فجعل علي يقول: قال أبو عبد الله، قال أبو عبد الله. فقال بندار على رءوس الملأ: من أبو عبد الله، أأحمد بن حنبل? قال: لا، أحمد بن أبي داود. فقال بندار: عند الله أحتسب خطاي، شبه علي هذا. وغضب وقام.

قال أبو بكر الشافعي: كان عند إبراهيم الحربي قمطر من حديث ابن المديني وما كان يحدث به. فقيل له: لم لا تحدث عنه? قال: لقيته يومًا وبيده نعله، وثيابه في فمه فقلت: إلى أين? فقال: ألحق الصلاة خلف أبي عبد الله. فظننت أنه يعني أحمد بن حنبل، فقلت: من أبو عبد الله? قال: ابن أبي دواد. فقلت: والله لا حدثت عنك بحرف.

(1)

الحريب: الذي سلب كل ماله.

ص: 113

وقال سليمان بن إسحاق الجلاب، وآخر: قيل لإبراهيم الحربي: أكان ابن المديني يتهم? قال: لا، إنما كان إذا حدث بحديث فزاد في خبره كلمة ليرضي بها ابن أبي دواد. فقيل له: أكان يتكلم في أحمد بن حنبل? قال: لا، إنما كان إذا رأى في كتاب حديثًا عن أحمد قال: اضرب على ذا؛ ليرضي به ابن أبي دواد. وكان قد سمع من أحمد وكان في كتابه سمعت أحمد وقال أحمد وحدثنا أحمد. وكان ابن أبي دواد إذا رأى في كتابه حديثًا عن الأصمعي قال: اضرب على ذا؛ ليرضي نفسه بذلك.

قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين، وذكر عنده علي بن المديني فحملوا عليه. فقلت: ما هو عند الناس إلا مرتد، فقال: ما هو بمرتد، هو على إسلامه رجل خاف، فقال.

قال ابن عمار الموصلي في "تاريخه" قال لي علي بن المديني: ما يمنعك أن تكفر الجهمية، وكنت أنا أولا لا أكفرهم? فلما أجاب علي إلى المحنة، كتبت إليه أذكره ما قال لي وأذكره الله. فأخبرني رجل عنه: أنه بكى حين قرأ كتابي. ثم رأيته بعد فقال لي: ما في قلبي مما قلت وأجبت إلى شيء ولكني خفت إن أقتل، وتعلم ضعفي أني لو ضربت سوطًا واحدًا لمت أو نحو هذا.

قال ابن عمار: ودفع عني علي امتحان ابن أبي دواد إياي شفع في ودفع عن غير واحد من أهل الموصل من أجلي فما أجاب ديانة إلا خوفًا.

وعن علي بن سلمة النيسابوري: سمعت علي بن الحسين بن الوليد يقول: ودعت علي بن عبد الله فقال: بلغ أصحابنا عني أن القوم كفار ضلال ولم أجد بدًا من متابعتهم لأني جلست في بيت مظلم ثمانية أشهر وفي رجلي قيد ثمانية أمناء

(1)

، حتى خفت على بصري. فإن قالوا: يأخذ منهم، فقد سبقت إلى ذلك قد أخذ من هو خير مني.

إسنادها منقطع.

رواها الحاكم، فقال: أخبرت عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن زهير سمعت علي بن سلمة.

قال ابن عدي: سمعت مسدد بن أبي يوسف القلوسي: سمعت أبي يقول: قلت لابن المديني: مثلك يجيب إلى ما أجبت إليه?! فقال: يا أبا يوسف، ما أهون عليك السيف.

(1)

أمناء: جمع منا، أي الكيل أو الميزان.

ص: 114

قال الحاكم: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ يذكر فضل ابن المديني وتقدمه فقيل له قد تكلم فيه عمرو بن علي فقال: والله لو وجدت قوة لخرجت إلى البصرة فبلت على قبر عمرو.

أجاز لنا ابن علان وغيره، قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا الشيباني، أخبرنا الخطيب، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا موسى بن إبراهيم بن النضر العطار، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة سمعت عليًّا على المنبر يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر ومن زعم أن الله لا يُرى فهو كافر ومن زعم أن الله لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر.

ابن مخلد العطار: حدثنا محمد بن عثمان سمعت علي بن المديني يقول قبل أن يموت بشهرين القرآن كلام الله غير مخلوق. ومن قال: مخلوق فهو كافر.

وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سمعت علي بن المديني يقول: هو كفر -يعني: من قال: القرآن مخلوق.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان أبو زرعة ترك الرواية عن علي من أجل ما بدا منه في المحنة. وكان والدي يروي عنه؛ لنزوعه عما كان منه. قال أبي: كان علي علمًا في الناس في معرفة الحديث والعلل.

قلت: ويُروى عن عبد الله بن أحمد أن أباه أمسك عن الرواية عن ابن المديني ولم أر ذلك بل في مسنده عنه أحاديث وفي "صحيح البخاري" عنه جملة وافرة.

قال الإمام أبو زكريا صاحب "الروضة": ولابن المديني في الحديث نحو من مائتي مصنف.

قال حنبل بن إسحاق: أقدم المتوكل عليًّا إلى ههنا ورجع إلى البصرة فمات.

قلت: إنما مات بسامراء. قاله: البغوي وغيره.

قال الحارث بن محمد: مات بسامراء في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين.

وقال البخاري: مات ليومين بقيا من ذي القعدة سنة أربع.

ووهم الفسوي فقال: مات سنة خمس رحمه الله وغفر له.

وفي سنة أربع مات أبو جعفر النفيلي، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة وابن نمير والشاذكوني وعثمان بن طالوت وعبد الله بن براد الأشعري وعلي بن بحر القطان

ص: 115

ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وأخوه؛ محمد، وعقبة بن مكرم الكوفي، وأبو الربيع الزهراني، ومحمد بن عائذ، والمعافى بن سليمان الجزري، وشجاع بن مخلد، ويحيى بن يحيى الليثي.

قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت قاضي القضاة محمد بن صالح الهاشمي يقول: هذه أسامي مصنفات علي بن المديني "الأسماء والكنى" ثماينة أجزاء "الضعفاء" عشرة أجزاء "المدلسون" خمسة أجزاء "أول من فحص عن الرجال" جزء، "الطبقات" عشرة أجزاء، "من روى عمن لم يره" جزء، "علل المسند" ثلاثون جزءًا، "العلل من رواية إسماعيل القاضي" أربعة عشر جزءًا، "علل حديث ابن عيينة" ثلاثة عشر جزءًا "من لا يحتج به ولا يسقط" جزآن، "من نزل من الصحابة النواحي" خمسة أجزاء "التاريخ" عشرة أجزاء "العرض على المحدث" جزآن، "من حدث ورجع عنه" جزآن، "سؤال يحيى وابن مهدي عن الرجال" خمسة أجزاء، "سؤالات يحيى القطان" أيضًا جزآن، "الأسانيد الشاذة" جزآن، "الثقات" عشرة أجزاء "اختلاف الحديث" خمسة أجزاء، "الأشربة" ثلاثة أجزاء، "الغريب" خمسة أجزاء "الإخوة والأخوات" ثلاثة أجزاء، "من عرف بغير اسم أبيه" جزآن، "من عرف بلقبه"، "العلل المتفرقة" ثلاثون جزءًا "مذاهب المحدثين" جزآن. ثم قال عقيب هذا أبو بكر الخطيب: فجميع هذه الكتب انقرضت رأينا منها أربعة كتب أو خمسة.

ص: 116

‌1818 - إبراهيم بن حمزة

(1)

: " خ، د"

ابن محمد بن حمزة بن مصعب ابن أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي الزبيري المدني أحد الأئمة.

حدث عن: إبراهيم بن سعد ويوسف بن الماجشون وعبد العزيز بن أبي حازم وحاتم بن إسماعيل والدراوردي وطبقتهم ولم يلحق الأخذ عن مالك. يكنى أبا إسحاق من كبار الأئمة الأثبات بالمدينة.

حدث عنه: البخاري وأبو داود وإسماعيل القاضي ومحمد بن نصر الصائغ والعباس بن الفضل الأسفاطي وحماد بن إسحاق القاضي، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال محمد بن سعد: ثقة، صدوق في الحديث، يأتي الربذة كثيرًا للتجارة، ويقيم بها، ويشهد العيدين بالمدينة.

وقال البخاري: مات سنة ثلاثين ومائتين. رحمه الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير"1/ ترجمة 912"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 259"، والعبر "1/ 405"، وتهذيب التهذيب "1/ 116"، وشذرات الذهب "2/ 68".

ص: 116

‌1819 - حاجب بن الوليد

(1)

: " م"

ابن ميمون، المحدث، الإمام، أبو أحمد البغدادي الأعور، المؤدب.

سمع حفص بن ميسرة بعسقلان، وبقية بن الوليد بحمص، والوليد بن محمد بالبلقاء، ومحمد بن سلمة بحران.

وعنه: الذهلي، ويعقوب السدوسي، وموسى بن هارون، وإسحاق الختلي، وأبو القاسم البغوي، وآخرون.

وثقه الخطيب. وقال ابن معين: أحاديثه صحيحة، ولا أعرفه.

توفي في رمضان، سنة ثمان وعشرين ومائتين. وقع لي من "عواليه".

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 359"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 286"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1272"، ومروج الذهب للمسعودي "2/ 254"، وتاريخ بغداد "8/ 270 - 271"، وتهذيب التهذيب "2/ ترجمة 224".

ص: 117

‌1820 - إبراهيم بن يوسف

(1)

: " س"

ابن ميمون بن قدامة، وقيل: رزين بدل قدامة، عالم بلخ، أبو إسحاق الباهلي، البلخي، الفقيه، المعروف: بالماكياني، وماكيان قرية من قرى بلخ، وهو أخو عصام، ومحمد.

حدث عن: مالك، وحماد بن زيد، وشريك، وخالد بن عبد الله، وهشيم، وإسماعيل بن جعفر، وطبقتهم.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 488"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 461"، وميزان الاعتدال "1/ 76"، والعبر "1/ 429"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 172"، وتهذيب التهذيب "1/ 184".

ص: 117

حدث عنه: النسائي، ومحمد بن كرام شيخ الكرامية، وحامد بن سهل البخاري، وجعفر بن محمد بن سوار، ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدويري، ومحمد بن المنذر الهروي شكر، وأحمد بن قدامة البلخي، وزكريا بن يحيى خياط السنة، ومحمد بن محمد بن صديق، وخلق كثير.

وثقه النسائي وابن حبان.

قال ابن حبان: ظاهر مذهبه الإرجاء ويبطن السنة. فسمعت أحمد بن محمد: سمعت محمد داود الفوعي يقول: حلفت أن لا أكتب إلا عمن يقول: الإيمان قول وعمل. فأتيت إبراهيم بن يوسف فأخبرته فقال: اكتب عني فإني أقول الإيمان قول وعمل.

قلت: كان من أئمة الحنفية.

قال محمد بن محمد بن الصديق: سمعته يقول: القرآن كلام الله من قال: مخلوق فهو كافر. ومن وقف فهو جهمي.

قال أبو يعلى الخليلي

(1)

: روى إبراهيم بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر، قال:"كل مسكر خمر"

(2)

، ولم يسمع منه غيره. وذلك أنه حضر وقتيبة حاضر. فقال لمالك: هذا مرجئ فأقيم من المجلس فوقع له بهذا عداوة مع قتيبة وأخرجه من بلخ فنزل قرية بغلان.

قلت: مات إبراهيم بن يوسف مفتي بلخ في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين ومائتين. وكان من أبناء التسعين رحمه الله.

(1)

أبو يعلي الخليلي، هو القاضي الحافظ أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني مصنف كتاب "الإرشاد في معرفة المحدثين". توفي سنة "446 هـ".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2003".

ص: 118

‌1821 - أبو تَمَّام

(1)

:

شاعر العصر، أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس الطائي من حوران من قرية جاسم.

أسلم، وكان نصرانيًّا. مدح الخلفاء والكبراء. وشعره في الذروة.

وكان أسمر، طوالا فصيحًا، عذب العبارة مع تمتمة قليلة.

ولد في أيام الرشيد. وكان أولا حدثًا يسقي الماء بمصر ثم جالس الأدباء وأخذ عنهم وكان يتوقد ذكاء. وسحت قريحته بالنظم البديع، فسمع به المعتصم فطلبه وقدمه على الشعراء وله فيه قصائد. وكان يوصف بطيب الأخلاق والظرف والسماحة.

وقيل: قدم في زي الأعراب فجلس إلى حلقة من الشعراء وطلب منهم أن يسمعوا من نظمه فشاع وذاع وخضعوا له، وصار من أمره ما صار. فمن شعره:

فحواك عين على نجواك يا مذل

حتام لا يتقضى قولك الخطل

المذل: الخدر الفاتر.

فإن أسمح من يشكو إليه هوى

من كان أحسن شيء عنده العذل

ما أقبلت أوجه اللذات سافرة

مذ أدبرت باللوى أيامنا الأول

إن شئت أن لا ترى صبرًا لمصطبر

فانظر على أي حال أصبح الطلل

كأنما جاد مغناه فغيره

دموعنا يوم بانوا فهي تنهمل

ومر فيها، إلى أن قال: وهي في المعتصم:

تغاير الشعر فيه إذ سهرت له

حتى ظننت قوافيه ستقتتل

وقد كان البحتري يرفع من أبي تمام، ويقدمه على نفسه ويقول: ما أكلت الخبز إلا به وإني تابع له. ومن شعره:

غدت تستجير الدمع خوف نوى الغد

وعاد قتادًا عندها كل مرقد

وأنقذها من غمرة الموت أنه

صدود فراق لا صدود تعمد

فأجرى لها الإشفاق دمعًا موردا

من الدم يجري فوق خد مورد

هي البدر يغنيها تورد وجهها

إلى كل من لاقت وإن لم تودد

ولكنني لم أحو وفرًا مجمعا

ففزت به إلا لشمل مبدد

وطول مقام المرء بالحي مخلق

لديباجتيه فاغترب تتجدد

فإني رأيت الشمس زيدت محبة

إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي فرج الأصبهاني "16/ 383"، وتاريخ بغداد "8/ 248"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 11"، والعبر "1/ 411"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 261"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 72".

ص: 119

وهو القائل:

ولو كانت الأرزاق تجرى على الحجى

هلكن إذًا من جهلهن البهائم

ولم يجتمع شرق وغرب لقاصد

ولا المجد في كف امرئ والدراهم

وله:

ألم ترني خليت نفسي وشأنها

فلم أحفل الدنيا ولا حدثانها

لقد خوفتني الحادثات صروفها

ولو أمنتني ما قبلت أمانها

يقولون هل يبكي الفتى لخريدة

متى ما أراد اعتاض عشرًا مكانها

وهل يستعيض المرء من خمس كفه

ولو صاغ من حر اللجين بنانها

وديوان أبي تمام كبير سائر ولما مات رثاه محمد بن عبد الملك الوزير، فقال:

نبأ ألم مقلقل الأحشاء

لما أتى من أعظم الأنباء

قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم

ناشدتكم لا تجعلوه الطائي

وللحسن بن وهب الوزير:

فجع القريض بخاتم الشعراء

وغدير روضتها حبيب الطائي

ماتا معًا فتجاورا في حفرة

وكذاك كانا قبل في الأحياء

وكان بن وهب قد اعتنى بأبي تمام، وولاه بريد الموصل، فأقام بها أكثر من سنة. ومات: في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

وقال مخلد الموصلي: مات في المحرم، سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.

وأما نفطويه، وغيره فورخوا موته بسامراء في سنة ثمان وعشرين ومائتين.

ويقال: عاش نيفًا وأربعين سنة. عفا الله عنه ورحمه.

قال الصولي: كان واحد عصره في ديباجة لفظه، وفصاحة شعره وحسن أسلوبه. ألف "الحماسة" فدلت على غزارة معرفته بحسن اختياره وله كتاب فحول الشعراء، وقيل: كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب.

وقيل: أجازه أبو دلف بخمسين ألف درهم، واعتذر.

ص: 120

وله في المعتصم -أو ابنه:

إقدام عمرو في سماحة حاتم

في حلم أحنف في ذكاء إياس

فقال الوزير: شبهت أمير المؤمنين بأجلاف العرب. فأطرق، ثم زادها:

لا تنكروا ضربي له من دونه

مثلا شرودًا في الندى والباس

فالله قد ضرب الأقل لنوره

مثلا من المشكاة والنبراس

فقال الوزير: أعطه ما شاء فإنه لا يعيش أكثر من أربعين يومًا؛ لأنه قد ظهر في عينيه الدم من شدة فكره. وصاحب هذا لا يعيش إلا هذا القدر، فقال له الخليفة: ما تشتهي? قال: الموصل فأعطاه إياها فتوجه إليها ومات بعد هذه المدة.

هذه حكاية غير صحيحة. وأما البيت فلن يحتاج إلى اعتذار أصلا ولا ولي الموصل. بلى، ولي بريدها، كما مر.

ص: 121

‌1822 - أبو معمر الهُذَلي

(1)

: " خ، م، د".

الإمام، الحافظ الكبير، الثبت، أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهذلي، الهروي، ثم البغدادي، القطيعي. كان ينزل القطيعة.

ولد سنة نيف وخمسين ومائة.

وأخذ عن: شريك القاضي، وإسماعيل بن جعفر، وخلف بن خليفة، وعلي بن هاشم بن البريد، وهشيم، وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة، ومروان بن شجاع، وإسماعيل بن عياش، وخلق.

حدث عنه: البخاري ومسلم وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم وبقي بن مخلد وصالح بن محمد جزرة وأبو بكر أحمد بن علي المروزي ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة وأبو يعلى الموصلي وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وخلق سواهم.

وحدث البخاري أيضًا، والنسائي، عن رجل، عنه.

ذكره محمد بن سعد في "طبقاته"، فقال: ثقة، ثبت، صاحب سنة وفضل.

قال عبيد بن شريك البزار: كان أبو معمر القطيعي من شدة إدلاله بالسنة يقول: لو

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 359".

ص: 121

تكلمت بغلتي، لقالت: إنها سنية. قال: فأخذ في محنة القرآن، فأجاب، فلما خرج، قال: كفرنا وخرجنا.

وروى سعيد بن عمرو البرذعي، عن أبي زرعة، قال: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا أبي معمر، ولا يحيى بن معين، ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب.

قال أبو يعلى: حدث أبو معمر بالموصل بنحو ألفي حديث حفظًا فلما رجع إلى بغداد كتب إلى أهل الموصل بالصحيح من أحاديث كان أخطأ فيها نحو ثلاثين أو أربعين حديثًا.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: من زعم أن الله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يرضى ولا يغضب، فهو كافر إن رأيتموه واقفًا على بئر، فألقوه فيها. بهذا أدين الله عز وجل.

وعن أبي معمر القطيعي قال: آخر كلام الجهمية أنه ليس في السماء إله.

قلت: بل قولهم: إنه عز وجل في السماء وفي الأرض، لا امتياز للسماء. وقول عموم أمة محمد صلى الله عليه وسلم: إن الله في السماء، يطلقون ذلك وفق ما جاءت النصوص بإطلاقه ولا يخوضون في تأويلات المتكلمين مع جزم الكل بأنه -تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

مات أبو معمر في منتصف جمادى الأولى سنة ست وثلاثين ومائتين. وكان من أبناء الثمانين.

أخبرنا أحمد بن هبة الله فيما قرأت عليه، عن أبي روح الهَرَوي، أن تميم بن أبي سعيد أخبرهم، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم عن علي بن هاشم عن هشام بن عروة عن بكر بن وائل عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:"ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء فانتقم من صاحبه إلا إن تنتهك محارم الله فينتقم"

(1)

.

أخرجه النسائي عن أحمد بن علي عن أبي معمر.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2382"، من طريق أبي أسامة، عن هشام، عنه، عن أبيه، عن عائشة قالت:"ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل".

ص: 122

‌1823 - يحيى بن معين

(1)

: " خ، م، د"

هو الإمام الحافظ الجهبذ، شيخ المحدثين، أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام. وقيل: اسم جده: غياث بن زياد بن عون بن بسطام الغطفاني، ثم المري مولاهم البغدادي أحد الأعلام.

ولد سنة ثمان وخمسين ومائة.

وسمع من: ابن المبارك، وهشيم، وإسماعيل بن عياش، وعباد بن عباد، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومعتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وغندر، وأبي معاوية، وحاتم بن إسماعيل، وحفص بن غياث، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الرزاق، ومروان بن معاوية، وهشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، ووكيع، ومعن، وأبي حفص الأبار، وعمر بن عبيد، وعلي بن هاشم، ويحيى القطان، وابن مهدي، وعفان، وخلق كثير بالعراق، والحجاز، والجزيرة، والشام، ومصر.

روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سعد، وأبو خيثمة، وهناد بن السري، وعدة من أقرانه، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وعباس الدوري، وأبو بكر الصاغاني، وعبد الخالق بن منصور، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإسحاق الكوسج، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، ومعاوية بن صالح الأشعري، وحنبل بن إسحاق، وصالح بن محمد جزرة، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو معين الحسين بن الحسن الرازي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومطين، ومضر بن محمد الأسدي، والمفضل بن غسان الغلابي، وأبو زرعة النصري، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن صالح كيلجة، وعلي بن الحسن ماغمة، وعبيد العجل، وحسين بن محمد، ومحمد بن وضاح، وجعفر الفريابي، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وخلائق.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الزاهد، أخبرنا أحمد بن يوسف الدقاق، والفتح بن عبد السلام ببغداد "ح". وأخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي قالوا: أخبرنا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 354"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3116"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 800"، وتاريخ بغداد "14/ 177"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 313"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 791"، والعبر "1/ 415"، والكاشف "3/ ترجمة 6362"، وتذكرة الحفاظ "2 ترجمة 427"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9639"، وتهذيب التهذيب "11/ 280"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 79".

ص: 123

أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وقرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور، حدثنا علي بن عمر السكري، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين سنة سبع وعشرين ومائتين، حدثنا إسماعيل بن مجالد عن بيان عن وبرة عن همام قال: قال عمار بن ياسر: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر رضي الله عنهم"

(1)

. أخرجه البخاري عن عبد الله عن ابن معين.

وبالإسناد إلى يحيى بن معين قال، حدثنا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري سمعت طلحة بن خراش يحدث عن جابر بن عبد الله أن رجلا قام فركع ركعتي الفجر فقرأ في الركعة الأولى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، حتى انقضت السورة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا عبد عرف ربه". وقرأ في الآخرة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، حتى انقضت السورة. فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا عبد آمن بربه". قال طلحة: فأنا أستحب أن أقرأهما في هاتين الركعتين

(2)

.

وبالإسناد إلى ابن معين، قال: حدثنا ابن عيينة عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح ونهى عن بيع السنين".

أخرجه أبو داود

(3)

، عن يحيى فوافقناه.

وبالإسناد: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أقال مسلمًا عثرته أقاله الله يوم القيامة".

أخرجه أبو داود

(4)

، عن يحيى. وقد رواه: عبد الله بن أحمد في زيادات "المسند"، عن يحيى، وهو معدود في أفراده.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3857"، حدثنا عبد الله بن حماد الآملي حدثني يحيى بن معين، به.

(2)

حسن: أخرجه ابن حبان "2460"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""1/ 298"، من طريق يحيى ابن معين، به.

قلت: إسناده حسن، يحيى بن عبد الله بن يزيد بن أنيس الأنصاري، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

(3)

صحيح: أخرجه أبو داود "3374"، من طريق يحيى بن معين، به.

(4)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 252"، وأبو داود "3460"، والحاكم "2/ 45" من طريق يحيى بن معين، حدثنا حفص بن غياث، به.

ص: 124

وروينا في "البخاري": حدثنا عبد الله بن محمد، حدثني يحيى بن معين، حدثنا حجاج قال: ابن جريج قال: ابن أبي مليكة وكان بينهما شيء فغدوت على ابن عباس فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتحل ما حرم الله? قال: معاذ الله. وذكر باقي الأثر، وهو في تفسير براءة

(1)

. فعبد الله أظنه المسندي

(2)

.

قرأت على أبي الفضل أحمد بن هبة الله، عن أبي روح الهروي، أخبرنا تميم بن أبي سعيد في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن النحوي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا غندر عن شعبة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات: 1]، قال: الملائكة

(3)

.

قال ابن عدي: سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت حسين بن حميد بن الربيع سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يتكلم في يحيى بن معين يقول: من أين له حديث حفص بن غياث عن الأعمش يعني: "من أقال مسلمًا"?

(4)

، وقال: هو ذا كتب حفص بن غياث عندنا وهو ذا كتب ابنه عمر عندنا، وليس فيها شيء من هذا.

قال ابن عدي: قد روى الحديث مالك بن سعير عن الأعمش وقد رواه أبو عوف البزوري عن زكريا بن عدي، عن حفص بن غياث.

قال ابن عدي: الحسين بن حميد لا يعتمد على روايته هو متهم في هذه الحكاية ويحيى أوثق وأجل من أن ينسب إليه شيء من ذلك وبه يسبر أحوال الضعفاء.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4663".

(2)

قال الحافظ في "الفتح""8/ 326": "عبد الله بن محمد هو الجعفي، أبو جعفر البخاري المعروف بالمسندي، بفتح النون، وهو المذكور في جميع أحاديث الباب إلا الطريق الأخير، وفي شيوخه عبد الله بن محمد جماعة منهم أبو بكر بن أبي شيبة، ولكن حيث يطلق ذلك فالمراد به الجعفي لاختصاصه به وإكثاره عنه".

(3)

صحيح: قال ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وسعيد بن جبير، وأبو صالح وأبو الضحى، والسدي {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [النازعات: 2].

(4)

صحيح: راجع تخريجنا رقم "160".

ص: 125

قلت: فحاصل الأمر: أن يحيى بن معين مع إمامته لم ينفرد بالحديث. ولله الحمد.

قال أحمد بن زهير: ولد يحيى في سنة ثمان وخمسين ومائة. قلت: وكتب العلم وهو ابن عشرين سنة.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن يحيى، فقال: إمام.

وقال النسائي: أبو زكريا أحد الأئمة في الحديث ثقة مأمون.

قال الكلاباذي: روى عنه البخاري، ثم روى عن عبد الله بن محمد، عن يحيى في تفسير براءة، وروى عن عبد الله غير منسوب عنه في ذكر أيام الجاهلية.

قال ابن المرزبان: حدثنا أبو العباس المروزي، سمعت داود بن رشيد يذكر: أن والد ابن معين كان مشعبذًا من قرية نحو الأنبار، يقال لها: نقيا، ويقال: إن فرعون كان من أهل نقيا.

قال العجلي: كان أبوه معين كاتبًا لعبد الله بن مالك.

وقال ابن عدي: حدثني شيخ كاتب ذكر أنه قرابة يحيى بن معين، قال: كان معين على خراج الري، فمات فخلف ليحيى ابنه ألف ألف درهم فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه.

أخبرنا أبو الغنائم القيسي إجازة، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو بكر الحرشي وأبو سعيد الصيرفي، قالا: أخبرنا أبو العباس الأصم سمعت العباس بن محمد سمعت يحيى بن معين وسأله عباس: العنبري يا أبا زكريا من أي العرب أنت? قال: أنا مولى للعرب.

قيل: أصل ابن معين من الأنبار ونشأ ببغداد وهو أسن الجماعة الكبار الذين هم علي بن المديني وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة فكانوا يتأدبون معه، ويعترفون له، وكان له هيبة وجلالة يركب البغلة، ويتجمل في لباسه رحمه الله تعالى.

وقال أحمد بن زهير: سمعت يحيى يقول: أنا مولى للجنيد.

ابن عبد الرحمن المري: قال أحمد بن يحيى الجارود: قال ابن المديني انتهى العلم بالبصرة إلى يحيى بن أبي كثير وقتادة، وعلم الكوفة إلى أبي إسحاق والأعمش، وعلم الحجاز إلى ابن شهاب وعمرو بن دينار، وصار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر رجلا: ابن أبي عروبة ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة والسفيانين ومالك والأوزاعي وابن

ص: 126

إسحاق وهشيم وأبي عوانة ويحيى بن سعيد ويحيى بن أبي زائدة إلى أن ذكر ابن المبارك وابن مهدي ويحيى بن آدم. فصار علم هؤلاء جميعهم إلى يحيى بن معين.

قلت: نعم، وإلى أحمد بن حنبل وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي وعدة.

ثم من بعد هؤلاء إلى: أبي عبد الله البخاري وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود وطائفة.

ثم إلى أبي عبد الرحمن النسائي، ومحمد بن نصر المروزي وابن خزيمة وابن جرير.

ثم شرع العلم ينقص قليلا قليلا. فلا قوة إلا بالله.

وبإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف سمعت صالح بن محمد، أخبرنا علي يقول: سمعت علي بن المديني يقول: انتهى علم الحجاز إلى الزهري وعمرو إلى أن قال: فانتهى علم هؤلاء إلى ابن معين.

علي بن أحمد بن النضر: قال ابن المديني: انتهى العلم إلى يحيى بن آدم وبعده إلى يحيى بن معين رحمه الله.

عبد الخالق بن منصور قلت: لابن الرومي سمعت أبا سعيد الحداد يقول: لولا يحيى بن معين ما كتبت الحديث. قال: وما تعجب!! فوالله لقد نفعنا الله به ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته "ما لم نكن نحدث به أنفسنا". ولقد كنت عند أحمد فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله انظر في هذه الأحاديث، فإن فيها خطأ. قال: عليك بأبي زكريا فإنه يعرف الخطأ.

قال عبد الخالق: فقلت لابن الرومي حدثني أبو عمرو أنه سمع أحمد بن حنبل يقول: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور.

علي بن سهل: سمعت أحمد في دهليز عفان يقول لعبد الله بن الرومي: ليت أن أبا زكريا قدم. فقال: ما تصنع به? قال أحمد: اسكت هو يعرف خطأ الحديث.

وبه، إلى الخطيب: أخبرنا الصيرفي، حدثنا الأصم سمعت الدوري يقول: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح سنة خمس ومائتين، فيسأل يحيى بن معين عن أشياء، يقول: يا أبا زكريا، ما تقول في حديث كذا? وكيف حديث كذا? فيستثبته في أحاديث قد سمعوها. فما قال يحيى: كتبه أحمد. وقلما سمعته يسمي يحيى باسمه بل يكنيه.

ص: 127

وبه: أخبرنا أبو سعد الماليني كتابة، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الإدريسي حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البخاري سمعت الحسين بن إسماعيل الفارسي سمعت أبا مقاتل سليمان بن عبد الله سمعت أحمد بن حنبل يقول: ههنا رجل خلقه الله لهذا الشأن يظهر كذب الكذابين يعني: ابن معين.

وبه: حدثنا التنوخي، ومحمد بن طلحة النعالي، قالا: حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن إبراهيم البخاري، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حريث سمعت أحمد بن سلمة سمعت محمد بن رافع سمعت أحمد بن حنبل يقول: كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين فليس هو بحديث.

ابن عدي: حدثنا يحيى بن زكريا بن حيويه، حدثنا العباس بن إسحاق سمعت هارون بن معروف يقول: قدم علينا شيخ فبكرت عليه، فسألناه أن يملي علينا، فأخذ الكتاب، وإذا الباب يدق، فقال: الشيخ من هذا? قال: أحمد بن حنبل. فأذن له والشيخ على حالته لم يتحرك. فإذا آخر يدق الباب فقال: من ذا? قال: أحمد الدورقي. فأذن له ولم يتحرك ثم ابن الرومي فكذلك، ثم أبو خيثمة فكذلك، ثم دق الباب، فقال: من ذا? قال: يحيى بن معين. فرأيت الشيخ ارتعدت يده، وسقط منه الكتاب.

جعفر الطيالسي: سمعت ابن معين يقول: لما قدم عبد الوهاب بن عطاء، أتيته فكتبت عنه فبينا أنا عنده إذ أتاه كتاب من أهله فقرأه وأجابهم فرأيته وقد كتب على ظهره: قدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين، والحمد لله رب العالمين.

قال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود أيما أعلم بالرجال يحيى أو علي? قال: يحيى وليس عندي من خبر أهل الشام شيء.

قال عبد المؤمن النسفي: سألت أبا علي صالح بن محمد: من أعلم بالحديث يحيى بن معين أو أحمد بن حنبل? فقال: أحمد أعلم بالفقه والاختلاف وأما يحيى فأعلم بالرجال والكنى.

محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت علي بن المديني يقول: كنت إذا قدمت إلى بغداد منذ أربعين سنة كان الذي يذاكرني أحمد فربما اختلفنا في الشيء، فنسأل أبا زكريا، فيقوم فيخرجه، ما كان أعرفه بموضع حديثه!

وقال أبو الحسن بن البراء: سمعت ابن المديني يقول: ما رأيت يحيى استفهم حديثًا قط، ولا رده.

ص: 128

بكر بن سهل: حدثنا عبد الخالق بن منصور، قلت لابن الرومي: سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى، ويقول: حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه. فقال: وما تعجب? سمعت علي بن المديني يقول: ما رأيت في الناس مثله.

وعن ابن المديني، قال: ما أعلم أحدًا كتب ما كتب يحيى بن معين.

وقال أبو الحسن بن البراء: سمعت عليًّا يقول: لا نعلم أحدًا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى.

قال أحمد بن عقبة: سألت يحيى بن معين: كم كتبت من الحديث? قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث. قلت: يعني بالمكرر.

قال صالح بن أحمد الحافظ: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله سمعت أبي يقول: خلف يحيى من الكتب مائة قمطر، وأربعة عشرًا قمطرًا، وأربعة حباب شرابية مملوءة كتبا.

وقال عبد المؤمن: سمعت صالحًا جزرة يقول: ذكر لي أن يحيى بن معين خلف من الكتب ثلاثين قمطرًا وعشرين حبًّا، فطلب يحيى بن أكثم كتبه بمائتي دينار فلم يدع أبو خيثمة أن تباع.

وبإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا موسى بن القاسم بن الأشيب عن بعض شيوخه قال: كان أحمد ويحيى وعلي عند عفان أو عند سليمان بن حرب، فأتى بصك فشهدوا فيه، وكتب يحيى فيه. فقال عفان: أما أنت يا أحمد فضعيف في إبراهيم بن سعد وأما أنت يا علي فضعيف في حماد بن زيد، وأما أنت يا يحيى فضعيف في ابن المبارك. فقال يحيى: وأنت يا عفان فضعيف في شعبة. ثم قال الخطيب لم يكن واحد منهم ضعيفًا وإنما هذا مزاح.

قلت: كل منهم صغير في شيخه ذلك، ومقل عنه.

عبد الخالق بن منصور: سمعت ابن الرومي يقول: ما رأيت أحدًا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى، وغيره كان يتحامل بالقول.

قلت: هذا القول من عبد الله بن الرومي غير مقبول وإنما قاله باجتهاده ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صوابًا وأندرهم خطأ وأشدهم إنصافًا وأبعدهم عن التحامل. وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح فتمسك به واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه، فتندم، ومن شذ منهم، فلا عبرة به. فخل عنك العناء وأعط

ص: 129

القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فنعوذ بالله من الخذلان.

ومن نادر ما شذ به ابن معين رحمه الله كلامه في أحمد بن صالح؛ حافظ مصر، فإنه تكلم فيه باجتهاده، وشاهد منه ما يلينه باعتبار عدالته لا باعتبار إتقانه، فإنه متقن ثبت، ولكن عليه مأخذ في تيه وبأوٍ كان يتعاطاه، والله لا يحب كل مختال فخور، ولعله اطلع منه على حال في أيام شبيبة ابن صالح، فتاب منه، أو من بعضه، ثم شاخ، ولزم الخير، فلقيه البخاري والكبار واحتجوا به. وأما كلام النسائي فيه، فكلام موتور؛ لأنه آذى النسائي وطرده من مجلسه، فقال فيه: ليس بثقة.

قال الحسن بن عليل: حدثنا يحيى بن معين قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثًا ما أعلمت بها أحدًا؛ وأعلمته سرًّا، ولقد طلب إلي خلف بن سالم أن أخبره بها فما عرفته وكان يحب أن يجد عليه.

قال يحيى: ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلا تركته.

وقال ابن الغلابي: قال يحيى: إني لأحدث بالحديث فأسهر له مخافة أن أكون قد أخطأت فيه.

وبإسنادي إلى الخطيب: حدثنا علي بن طلحة، أخبرنا صالح بن أحمد الهمذاني، حدثنا عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان قال: قال لي أبو حاتم الرازي إذا رأيت البغدادي يحب أحمد بن حنبل، فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيته يبغض يحيى بن معين، فاعلم أنه كذاب.

وقال محمد بن هارون الفلاس: إذا رأيت الرجل يقع في يحيى بن معين، فاعلم أنه كذاب يضع الحديث، وإنما يبغضه لما يبين من أمر الكذابين.

قال الأبار في "تاريخه": قال ابن معين: كتبنا عن الكذابين، وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزًا نضيجًا.

قال أبو داود: سمعت يحيى يقول: أكلت عجينة خبز، وأنا ناقه من علة.

قال الدوري: سئل يحيى بن معين عن الرءوس، فقال: ثلاثة بين اثنين صالح.

قال علي بن الحسين بن حبان: حدثني يحيى الأحول، قال: تلقينا يحيى بن معين مقدمه

ص: 130

من مكة، فسألناه عن الحسين بن حبان، فقال: أحدثكم أنه لما كان بآخر رمق، قال لي: يا أبا زكريا: أترى ما مكتوب على الخيمة? قلت: ما أرى شيئا. قال: بلى أرى مكتوبًا: يحيى بن معين يقضي أو يفصل بين الظالمين. قال: ثم خرجت نفسه.

الخطيب: أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو الشيخ، حدثنا إسحاق بن بنان سمعت حبيش بن مبشر يقول: كان يحيى بن معين يحج فيذهب إلى مكة على المدينة، ويرجع عليها. فلما كان آخر حجة حجها رجع على المدينة، فأقام بها يومين أو ثلاثة، ثم خرج حتى نزل المنزل مع رفقائه فباتوا، فرأى في النوم هاتفًا يهتف به: يا أبا زكريا أترغب عن جواري? فلما أصبح قال لرفقائه: امضوا فإني راجع إلى المدينة، فمضوا ورجع فأقام بها ثلاثًا ثم مات. قال: فحمل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم وصلى عليه الناس، وجعلوا يقولون: هذا الذاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب.

قال الخطيب: الصحيح موته في ذهابه قبل أن يحج.

قال عباس الدوري: سمعت يحيى يقول: لو لم نكتب الحديث خمسين مرة، ما عرفناه.

وفي "تاريخ دمشق" من طريق محمد بن نصر سمع يحيى بن معين يقول: كتبت بيدي ألف ألف حديث. قلت: يعني بالمكرر، ألا تراه يقول: لو لم نكتب الحديث خمسين مرة، ما عرفناه.

أنبئت عن أبي المكارم اللبان وغيره، عن عبد الغفار بن محمد، أخبرنا محمد بن إبراهيم الكرماني سمعت محمد بن أحمد غنجار سمعت عبد الله بن موسى السلامي سمعت الفضل بن شاكر ببلد الديلم سمعت يزيد بن مجالد سمعت يحيى بن معين يقول: إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش. وسمعته يقول: سيندم المنتخب في الحديث حيث لا تنفعه الندامة.

الأصم: حدثنا عباس سمعت يحيى بن معين يقول: كنا بقرية من قرى مصر ولم يكن معنا شيء، ولا ثم شيء نشتريه فلما أصبحنا إذا نحن بزنبيل ملئ بسمك مشوي وليس عند أحد، فسألوني، فقلت: اقتسموه، وكلوه، فإني أظن أنه رزق رزقكم الله تعالى. وسمعت يحيى مرارًا يقول: القرآن كلام الله وليس بمخلوق والإيمان قول وعمل يزيد وينقص.

وروى عبد الله بن أبي زياد القَطَواني، عن أبي عبيد، قال: انتهى الحديث إلى أربعة أحمد بن حنبل؛ وهو أفقههم فيه، وإلى يحيى بن معين؛ وهو أكتبهم له، وإلى علي بن المديني؛ وهو أعلمهم به، وإلى أبي بكر بن أبي شيبة؛ وهو أحفظهم له.

ص: 131

وفي رواية عن أبي عبيد: وإلى بن معين؛ وهو أعلمهم بصحيحه وسقيمه.

قال عبيد الله القواريري: قال لي يحيى القطان: ما قدم علينا البصرة مثل أحمد ويحيى بن معين.

قال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: كان أعلمنا بالرجال يحيى بن معين وأحفظنا للأبواب سليمان الشاذكوني وأحفظنا للطوال علي.

أبو عبد الله الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الواحد الحافظ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البكري، سمعت جعفر الطيالسي يقول: صلى أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقام قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله، خلق الله من كل كلمة منها طيرًا، منقاره من ذهب وريشه من مرجان"

(1)

. وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة. فجعل أحمد ينظر إلى يحيى، ويحيى ينظر إليه، وهما يقولان: ما سمعنا بهذا إلا الساعة، فسكتا حتى فرغ من قصصه، وأخذ قطاعه، ثم قعد ينتظر بقبتها، فأشار إليه يحيى، فجاء متوهمًا لنوال يجيزه، فقال: من حدثك بهذا الحديث? فقال: أحمد وابن معين. فقال: أنا يحيى وهذا أحمد، ما سمعنا بهذا قط. فإن كان ولا بد من الكذب فعلى غيرنا. فقال: أنت يحيى بن معين? قال: نعم. قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق وما علمت إلا الساعة كأنه ليس في الدينا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما!! كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. قال: فوضع أحمد كمه على وجهه، وقال: دعه يقوم. فقام كالمستهزئ بهما.

هذه حكاية عجيبة، وراويها البكري لا أعرفه، فأخاف أن يكون وضعها.

عن أحمد بن عقبة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: من لم يكن سمحًا في الحديث كان كذابًا. قيل: كيف يكون سمحًا? قال: إذا شك في حديثه، تركه.

وقال جعفر بن أبي عثمان: كنا عند يحيى بن معين، فجاءه رجل مستعجل، فقال: يا أبا زكريا حدثني بشيء أذكرك به، فقال يحيى: اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل.

الحسين بن فهم: سمعت يحيى بن معين يقول: كنت بمصر، فرأيت جارية بيعت بألف

(1)

منكر: أورده الذهبي في ترجمة إبراهيم بن عبد الواحد البكري، وقال عنه: لا أدري من هو ذا أتى بحكاية منكرة أخاف ألا تكون من وضعه. وساق هذا الحديث.

ص: 132

دينار، ما رأيت أحسن منها، صلى الله عليها! فقلت: يا أبا زكريا مثلك يقول هذا? قال: نعم صلى الله عليها وعلى كل مليح.

هذه الحكاية محمولة على الدُّعابة من أبي زكريا. وتروى عنه بإسناد آخر.

قال سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت الحافظ أبا زرعة الرازي، يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن معين، ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب.

قلت: هذا أمر ضيق، ولا حرج على من أجاب في المحنة، بل ولا على من أكره على صريح الكفر عملا بالآية. وهذا هو الحق. وكان يحيى رحمه الله من أئمة السنة فخاف من سطوة الدولة وأجاب تقية.

عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: كنت إذا دخلت منزلي بالليل قرأت آية الكرسي على داري وعيالي خمس مرات، فبينا أنا أقرأ إذا شيء يكلمني كم تقرأ هذا? كأن ليس إنسان يحسن يقرأ غيرك? فقلت: أرى هذا يسوءك? والله لأزيدنك. فصرت أقرؤها في الليلة خمسين، ستين مرة.

وقال عباس: قلت ليحيى: ما تقول في الرجل يقوم للرجل حديثه? يعني ينزع منه اللحن. فقال: لا بأس به. وسمعته يقول: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما عقلناه.

قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: ما الدنيا إلا كحلم والله ما ضر رجلا اتقى الله على ما أصبح وأمسى، لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة خرجت راجلا من بغداد إلى مكة هذا من خمسين سنة كأنما كان أمس. فقلت ليحيى: ترى أن ينظر الرجل في رأي الشافعي وأبي حنيفة? قال: ما أرى لأحد أن ينظر في رأي الشافعي، ينظر في رأي أبي حنيفة أحب إلي.

قلت: قد كان أبو زكريا رحمه الله حنفيًّا في الفروع، فلهذا قال هذا، وفيه انحراف يسير عن الشافعي.

قال ابن الجنيد: وسمعت يحيى يقول: تحريم النبيذ صحيح، ولكن أقف ولا أحرمه قد شربه قوم صالحون بأحاديث صحاح وحرمه قوم صالحون بأحاديث صحاح.

وسمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: حديث الطلاء وحديث عتبة بن فرقد جميعًا صحيحان.

قال عباس الدوري: حدثنا يحيى بن معين، قال: حضرت نعيم بن حماد بمصر، فجعل

ص: 133

يقرأ كتابًا صنفه، فقال: حدثنا ابن المبارك عن ابن عون، وذكر أحاديث فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك، فغضب، وقال: ترد علي? قلت: إي والله، أريد زينك. فأبى أن يرجع فلما رأيته لا يرجع، قلت: لا والله ما سمعت هذه من ابن المبارك، ولا سمعها هو من ابن عون قط. فغضب وغضب من كان عنده، وقام، فدخل، فأخرج صحائف، فجعل يقول: وهي بيده أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث? نعم، يا أبا زكريا غلطت، وإنما روى هذه الأحاديث غير ابن المبارك عن ابن عون.

قال الحسين بن حبان: قال ابن معين: دفع إلي ابن وهب كتابًا عن معاوية بن صالح "فيه" خمسمائة حديث أو أكثر فانتقيت منها شرارها لم يكن لي يومئذ معرفة. قلت: أسمعتها من أحد قبل ابن وهب? قال: لا. قلت: كذا كل من يكون مبتدئًا لا يحسن الانتخاب. فعلنا نحو هذا وندمنا بعد.

قال محمد بن جرير الطبري: خرج ابن معين حاجًّا وكان أكولا، فحدثني أبو العباس أحمد بن شاه: أنه كان في رفقته، فلما قدموا فيد، أهدي إلى يحيى فالوذج لم ينضج، فقلنا له: يا أبا زكريا لا تأكله، فإنا نخاف عليك. فلم يعبأ بكلامنا وأكله فما استقر في معدته حتى شكا وجع بطنه وانسهل إلى أن وصلنا إلى المدينة ولا نهوض به. فتفاوضنا في أمره ولم يكن لنا سبيل إلى المقام عليه لأجل الحج ولم ندر ما نعمل في أمره. فعزم بعضنا على القيام عليه وترك الحج. وبتنا فلم يصبح حتى وصى ومات فغسلناه ودفناه.

قال أبو زرعة الرازي: لم ينتفع بيحيى؛ لأنه كان يتكلم في الناس. وقد رأيت حكاية شاذة قالها أبو عبد الرحمن السلمي عن الدارقطني أن يحيى بن معين مات قبل أبيه بعشرة أشهر.

قال مهيب بن سليم البخاري: حدثنا محمد بن يوسف البخاري الحافظ قال: كنا في الحج مع يحيى بن معين، فدخلنا المدينة ليلة الجمعة، ومات من ليلته، فلما أصبحنا تسامع الناس بقدومه وبموته، فاجتمع العامة، وجاءت بنو هاشم، فقالوا نخرج له الأعواد التي غسل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره العامة ذلك، وكثر الكلام، فقالت بنو هاشم نحن أولى بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أهل أن يغسل عليها، فغسل عليها، ودفن يوم الجمعة في ذي القعدة. قال مهيب: فيها ولدت يعني سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

قال عباس الدوري مات قبل أن يحج عامئذ، وصلى عليه والي المدينة، وكلم الحزامي الوالي، فأخرجوا له سرير النبي صلى الله عليه وسلم فحمل عليه.

ص: 134

أحمد بن أبي خيثمة، قال: مات يحيى لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وقد استوفى خمسًا وسبعين سنة ودخل في الست ودفن بالبقيع.

قال حبيش بن مبشر الفقيه -وهو ثقة: رأيت يحيى بن معين في النوم، فقلت: ما فعل الله بك? قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء، ومهد لي بين البابين -أو قال: بين الناس. سمعها جعفر بن أبي عثمان من حبيش.

ورواها الحسين بن الخصيب عن حبيش قال: رأيت يحيى بن معين في النوم فقلت: ما فعل الله بك? قال: أدخلني عليه في داره وزوجني ثلاثمائة حوراء. ثم قال للملائكة انظروا إلى عبدي كيف تطرى وحسن!

قال أحمد بن يحيى بن الجارود: قال ابن المديني: ما أعلم أحدًا كتب ما كتب يحيى بن معين.

وقال ابن البراء: سمعت عليًّا يقول: لا نعلم أحدًا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب ابن معين.

محمد بن علي بن راشد الطبري: عن محمد بن نصر الطبري قال: دخلت على يحيى بن معين فوجدت عنده كذا وكذا سفطًا دفاتر، وسمعته يقول: كتبت بيدي ألف ألف حديث، وكل حديث لا يوجد ههنا وأشار بيده إلى الأسفاط فهو كذب.

وعن مجاهد بن موسى، قال: كان يحيى بن معين يكتب الحديث نيفًا وخمسين مرة.

وقال محمد بن علي بن داود: سمعت ابن معين يقول: أشتهي أن أقع على شيخ ثقة عنده بيت مليء بكتب، أكتب عنه وحدي.

قال محمد بن سعد: يحيى بن معين أكثر من كتابة الحديث، وعرف به، وكان لا يكاد يحدث.

محمد بن أحمد بن أبي مهزول: عن محمد بن حفص سمع عمرًا الناقد يقول: ما كان في أصحابنا أحفظ للأبواب من أحمد، ولا أسرد للحديث من ابن الشاذكوني، ولا أعلم بالإسناد من يحيى ما قدر أحد يقلب عليه إسنادًا قط.

القواريري: قال لي يحيى بن سعيد: ما قدم علينا مثل هذين: أحمد، وابن معين.

قال هارون بن بشير الرازي: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعًا يديه، يقول: اللهم إن كنت تكلمت في رجل، وليس هو عندي كذابا، فلا تغفر لي. هذه حكاية تستنكر.

ص: 135

الحسن بن عليل العنزي: حدثنا يحيى بن معين قال: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثًا ما أعلمت بها أحدًا أعلمته سرًّا وطلب إلي خلف بن سالم فقال: قل لي أي شيء هي? فما قلت له كان يحب أن يجد عليه.

قال بشر بن موسى: سمعت ابن معين، يقول: ويل للمحدث إذا استضعفه أصحاب الحديث. قلت: يعملون به ماذا? قال: إن كان كودنًا سرقوا كتبه، وأفسدوا حديثه، وحبسوه -وهو حاقن- حتى يأخذه الحصر فقتلوه شر قتلة. وإن كان فحلا استضعفهم وكانوا بين أمره ونهيه. قلت: وكيف يكون ذكرًا? قال: يعرف ما يخرج من رأسه.

قال عباس: سمعت يحيى يقول في قوله: "لا تمنعه نفسها ولو كانت على قتب"

(1)

، قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا أرادت أن تلد تقعد على قتب ليكون أسرع لولادتها.

وقال: لست أعجب ممن يحدث فيخطئ بل ممن يصيب.

وسمعته يقول لحبى المدنية: أي الرجال أعجب إلى النساء? قالت الذي يشبه خده خدها.

وقال يحيى في زكاة الفطر: لا بأس أن تعطى فضة.

وقال يحيى فيمن صلى خلف الصف وحده، قال: يعيد.

وقال في من صلى بقوم على غير وضوء، قال: لا يعيدون، ويعيد.

وقال لي: أنا أوتر بثلاث ولا أقنت إلا في النصف الأخير من رمضان، وأرفع يدي إذا قنت، ولا أرى المسح على العمامة ولا أرى الصلاة على رجل يموت بغير البلد -كان يحيى يوهن هذا الحديث- ولا أرى أن يهب الرجل بنته بلا مهر ولا أن يزوجها على سورة. رأيت يحيى يوهن هذه الأحاديث.

(1)

حسن: ورد من حديث عبد الله بن أبي أوفى، يرويه القاسم الشيباني عنه قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما هذا يا معاذ"؟. قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق زوجها ولو سألها نفسها وهو على قتب لم تمنعه". أخرجه ابن ماجه "1853"، وابن حبان "1290"، موارد، والبيهقي "7/ 292"، من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن القاسم الشيباني، عنه، به.

قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا القاسم، وهو ابن عوف الشيباني، قال الحافظ في "التقريب":"صدوق يُغرب" وروى له مسلم حديثا واحدًا في صلاة الأوابين.

ص: 136

أنبأنا علي بن أحمد: أخبرنا عمر بن طبرزد، أخبرنا هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبو الحسن بن الزاغوني قالا: أخبرنا عبد الصمد بن المأمون، أخبرنا علي بن عمر الحربي، حدثنا عيسى بن سليمان القرشي أنشدني داود بن رشيد أنشدني يحيى بن معين:

المال يذهب حله وحرامه

يومًا وتبقى في غد آثامه

ليس التقي بمتق لإلهه

حتى يطيب شرابه وطعامه

ويطيب ما يحوي وتكسب كفه

ويكون في حسن الحديث كلامه

نطق النبي لنا به عن ربه

فعلى النبي صلاته وسلامه

قال أبو بكر المقرئ: سمعت محمد بن عقيل البغدادي يقول: قال إبراهيم بن هانئ: رأيت أبا داود يقع في يحيى بن معين فقلت: له تقع في مثل يحيى? فقال: من جر ذيول الناس جروا ذيله.

قال أبو الربيع محمد بن الفضل البلخي: سمعت أبا بكر محمد بن مهرويه، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد، سمعت يحيى بن معين يقول: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من أكثر من مائتي سنة. قال ابن مهرويه: فدخلت على ابن أبي حاتم وهو يقرأ على الناس كتاب الجرح والتعديل، فحدثته بهذه الحكاية، فبكى وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده، وجعل يبكي، ويستعيدني الحكاية -أو كما قال.

قال الحسين بن فهم: سمعت يحيى بن معين يقول: ولدت في خلافة أبي جعفر سنة ثمان وخمسين ومائة في آخرها.

قلت: وقد ارتحل وهو بن ست وخمسين سنة إلى مصر والشام، ولقي أبا مسهر وسعيد بن أبي مريم وكاتب الليث، وسمعوا إذ ذاك بهذه البلاد.

قال عباس الدوري: مات فحمل على أعواد النبي صلى الله عليه وسلم ونودي بين يديه: هذا الذي كان ينفي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال جعفر بن محمد بن كزال: كنت مع ابن معين بالمدينة فمرض وتوفي بها فحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل ينادي بين يديه هذا الذي كان ينفي الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الخطيب: حدث عن ابن معين محمد بن سعد وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار وبين وفاتيهما خمس وتسعون سنة أو أكثر.

قلت: هذا التمار هو آخر من زعم أنه لقي يحيى وعاش إلى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

ومات مع ابن معين في العام أبو طالب عبد الجبار بن عاصم ببغداد، وعلي بن قرين -وما هو بثقة- وإبراهيم بن الحجاج السامي وإبراهيم بن إسحاق الصيني الضرير ويحيى بن أيوب العابد وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي وحامد بن عمر البكراوي قاضي كرمان ويزيد بن موهب الرملي وروح بن صلاح المصري وجمعة بن عبد الله البلخي أخو خاقان وحبان بن موسى المروزي.

ص: 137

‌1824 - العُتْبِيُّ

(1)

:

العلامة، الأخباري، الشاعر، المجود، أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب الأموي، ثم العتبي البصري.

روى عن: ابن عيينة وأبي مخنف ووالده.

وعنه: أبو حاتم السجستاني وإسحاق بن محمد النخعي.

وكان يشرب. وله تصانيف أدبيات وشهرة.

مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.

أما العتبي المالكي فآخر، في الطبقة الآتية.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 324"، والأنساب للسمعاني "8/ 380"، واللباب لابن الأثير "2/ 320"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 663"، والعبر "1/ 403"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 65".

ص: 138

‌1825 - هُدْبة بن خالد

(1)

: " خ، م، د، س"

ابن أسود هدبة، الحافظ، الصادق، مسند وقته، أبو خالد القيسي، الثوباني، البصري.

ويقال له: هَدَّاب. وهو أخو الحافظ أمية بن خالد.

ولد بعد الأربعين ومائة بقليل. وصلى على: شعبة.

وحدث عن: جرير بن حازم، وحماد بن سلمة، وأبان بن يزيد، وسليمان بن المغيرة، وهمام بن يحيى، ومبارك بن فضالة، وأبي جناب القصاب عون بن ذكوان، وأبي هلال محمد بن سليم، وأغلب بن تميم، وديلم بن غزوان، وسلام بن مسكين، وشباك بن عائذ، وحماد بن الجعد، ورجاء أبي يحيى الحرشي، وصدقة بن موسى، وهارون بن موسى النحوي، وخلق، ولم يرحل، وكان من العلماء العاملين.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وحرب الكرماني، ومحمد بن أيوب البجلي، وابن أبي عاصم، وبقي بن مخلد، وزكريا الخياط، وعبد الله بن أحمد، وعمران بن موسى بن مجاشع، وتميم بن محمد الطوسي، والحسن بن سفيان، وجعفر الفريابي، وأبو معشر الحسن بن سليمان الدارمي، والحسن بن الطيب البلخي، والحسن بن علي المعمري، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، وعلي بن أحمد بن بسطام الزعفراني، ومطين، وموسى بن زكريا التستري، ويحيى بن محمد الحنائي، ومحمد بن بشر بن مطر، وعمران بن عبد الرحيم، ومحمد بن يعقوب الكرابيسي، ويوسف القاضي، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو القاسم البغوي، وأبو بكر أحمد بن عمرو البزار، والحسن بن علي المعمري، وخلق كثير.

ومنهم: أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأُبُلي العطار، وأسد بن عمار التميمي، والحسين بن معاذ بن حرب الأخفش، وأبو الحسن سعيد بن الأشعث أخو أبي داود السجستاني، وسليمان بن الحسن بن أخي حجاج بن منهال، وسيار بن نصر، والفضل بن محمد الطبري، وقاسم بن العباس المعشري، ومحمد بن علي بن روح، ومحمد بن الفضل بن موسى القسطاني، ومحمد بن معدان القطفي، ومحمد بن ناصح السراج، ومحمد بن يحيى العمي، ومحمد بن يعقوب الكرابيسي، ومسبح بن حاتم، والهيثم بن بشر، ذكرت هؤلاء للفائدة، وليسوا بمشهورين من بعد المعمري.

روى علي بن الجنيد، عن يحيى بن معين: ثقة.

وقال أبو حاتم: صدوق.

واحتج به: الشيخان.

وما أدري مستند قول النسائي: هو ضعيف.

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 663"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 484"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2052"، والكاشف "3/ ترجمة 6046"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 476"، والمغني "2/ ترجمة 6736"، والعبر "1/ 423"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9212"، وتهذيب التهذيب "11/ 24"، وتقريب التهذيب "2/ 315"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7757"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 86".

ص: 139

وتبارد ابن عدي في ذكره في "الكامل"، ثم اعتذر وقال: استغنيت أن أخرج له حديثًا لأني لا أعرف له حديثًا منكرًا فيما يرويه، وهو كثير الحديث، وقد وثقه الناس، وهو صدوق لا بأس به، وذكره بن حبان في "الثقات".

قال عبدان: سمعت عباس بن عبد العظيم يقول: هي كتب أمية بن خالد -يعني: الذي يحدث بها هدبة.

قلت: رافق أخاه في الطلب، وتشاركا في ضبط الكتب، فساغ له أن يروي من كتب أخيه، فكيف بالماضين لو رأونا اليوم نسمع من أي صحيفة مصحفة على أجهل شيخ له إجازة، ونروي من نسخة أخرى بينهما من الاختلاف والغلط ألوان، ففاضلنا يصحح ما تيسر من حفظه، وطالبنا يتشاغل بكتابة أسماء الأطفال، وعالمنا ينسخ، وشيخنا ينام، وطائفة من الشبيبة في واد آخر من المشاكلة والمحادثة. لقد اشتفى بنا كل مبتدع، ومجنا كل مؤمن. أفهؤلاء الغثاء هم الذين يحفظون على الأمة دينها? كلا والله فرحم الله هدبة وأين مثل هدبة?! نعم، ما هو في الحفظ كشعبة.

وعن الفضل بن الحباب، قال: مررنا بهدبة في أيام أبي الوليد الطيالسي وهو قاعد على الطريق، فقلنا: لو سألناه أن يحدثنا فسألناه فقال: الكتب كتب أمية -يريد أخاه.

قال الحسن بن سفيان: سمعت هدبة بن خالد يقول: صليت على شعبة فقيل له: رأيته? فغضب، وقال: رأيت من هو خير منه؛ حماد بن سلمة، وكان سنيًّا، وكان شعبة رأيه رأي الإرجاء.

قلت: كلا لم يكن شعبة مرجئًا، ولعله شيء يسير لا يضره.

وقال ابن عدي: سمعت أبا يعلى، وسئل عن هدبة وشيبان: أيهما أفضل? فقال: هدبة أفضلهما وأوثقهما وأكثرهما حديثًا، كان حديث حماد بن سلمة عنده نسختين واحدة على الشيوخ، وأخرى على التصنيف.

قال عبدان الأهوازي: كنا لا نصلي خلف هدبة من طول صلاته، يسبح في الركوع والسجود نيفًا وثلاثين تسبيحة، قال: وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار لحيته ووجهه وكل شيء منه، حتى صلاته.

قلت: اختلفوا في تاريخ موته فروى أبو داود عن محمد بن عبد الملك أنه مات في سنة خمس وثلاثين ومائتين وقال ابن حبان: مات سنة ست أو سبع وثلاثين، وقال غيره: سنة ثمان.

ص: 140

وقع من عالي روايته:

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا سهيل بن أبي حزم عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية:{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56]: "يقول ربكم عز وجل: أنا أهل أن أُتقى فلا يشرك بي غيري، وأنا أهل لمن اتقى أن يشرك بي غيري أن أغفر له"

(1)

.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح، أخبرنا الطرائفي وابن الداية والقاضي الأرموي قالوا: أخبرنا ابن المسلمة، أخبرنا عبيد الله الزهري، أخبرنا جعفر الفريابي، أخبرنا هدبة، حدثنا همام، حدثنا قتادة عن أنس عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة"

(2)

. وذكر الحديث.

(1)

ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 142 و 143"، والترمذي "3328"، وابن ماجه "4299"، والدارمي "2/ 302 - 303"، من طرق عن سهيل بن أبي حزم، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته سهيل بن أبي حزم، قال أبو حاتم: ليس بالقوي: وكذا قال البخاري والنسائي، وقال ابن معين: ضعيف.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5020"، ومسلم "797"، وأبو داود "4830"، والترمذي "2869"، والنسائي "8/ 124 - 125".

ص: 141

‌1826 - شيبان بن فَرُّوخ

(1)

: " م، د"

وهو: شيبان بن أبي شيبة المحدث الحافظ الصدوق، أبو محمد الحبطي مولاهم الأُبُلي البصري، مسند عصره.

ولد سنة أربعين ومائة.

وسمع حماد بن سلمة، وجرير بن حازم ومبارك بن فضالة وأبان بن يزيد العطار ومحمد بن راشد المكحولي وأبا الأشهب العطاردي وسلام بن مسكين وطبقتهم وكان من أوعية العلم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2711"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 211"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1562"، والكنى للدولابي "2/ 97"، والكاشف "2/ ترجمة 2336"، والمغني"1/ ترجمة 2805"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 449"، والعبر "1/ 421" و"2/ 79 و 99 و 153"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3759"، وتهذيب التهذيب "4/ 374"، وتقريب التهذيب "1/ 356"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2986"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 85".

ص: 141

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، وجعفر الفريابي، ومحمد بن عبد الله مطين، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، ومحمد بن محمد الباغندي أبو القاسم البغوي، ومحمد بن شادل، وابن أبي عاصم، ومحمد بن جابر المروزي وأحمد بن النصر النيسابوري، وزكريا بن يحيى خياط السنة ومحمد بن نصر المروزي الفقيه، ويوسف بن يعقوب القاضي، والحسن بن علي بن شبيب المعمري، وخلق كثير.

وما علمت به بأسًا ولا استنكروا شيئًا من أمره، ولكنه ليس في الذروة.

قال عبدان: كان عنده خمسون ألف حديث، وكان أثبت عندهم من هدبة بن خالد.

وذكره أبو زرعة، فقال: صدوق.

وأما أبو حاتم، فقال: كان يرى القدر، واضطر الناس إليه بأخرة -يعني: أنه تفرد بالأسانيد العالية.

قال موسى بن هارون: سألته عن مولده، فقال: سنة أربعين ومائة، ثم شك شيئًا في أن مولده قبلها بسنة أو سنتين.

ومات سنة ست وثلاثين ومائتين -على الصحيح. وقيل: مات سنة خمس وهو في عشر المائة.

قرأت على عبد الحافظ بن بدران بنابلس، وسمعت على يوسف بن أحمد الحجار بدمشق قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، حدثنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أخبرنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا شيبان، حدثنا جرير بن حازم، حدثنا عبد الملك بن عمير، عن سالم بن منقذ، عن عمرو بن أوس الثقفي، قال: دخلت على عنبسة بن أبي سفيان، وهو ينزع، فقال: ما أحب أنك وراءك، إني محدثك حديثًا حدثتنيه أم حبيبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى اثنتي عشرة ركعة مع صلاة النهار بنى الله له بيتًا في الجنة"

(1)

.

وفي سنة ست توفي أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الترجماني في المحرم، والحارث بن سريج النقال، وهدبة بن خالد القيسي في أولها، ومحمد بن مقاتل العباداني، وأحمد بن إبراهيم الموصلي ببغداد، ومحمد بن إسحاق بن محمد المسيبي، وأبو معمر إسماعيل بن

إبراهيم القطيعي، وأبو علي الفضل بن غانم، والنعمان بن شبل الباهلي بالبصرة، وعبد الله بن عمر الخطابي بالبصرة، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف ببغداد، ومحمد بن الفرج أبو جعفر، وسعيد بن عبد الجبار الكرابيسي، ومعلى بن مهدي بالموصل، وصالح بن حاتم بن وردان البصري، وإبراهيم بن المنذر في أول العام، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو جعفر محمد بشير الدعاء.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "728"، وأبو داود "1250"، والترمذي "415"، والنسائي "3/ 262"، وابن ماجه "1141".

ص: 142

‌1827 - ابن أبي الشوارب

(1)

: " م، س، ت، ق"

الإمام الثقة المحدث الفقيه الشريف، أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب محمد بن عبد الله بن أبي عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي، الأموي، البصري.

ولد بعد الخمسين ومائة.

وحدث عن: كثير بن سليم، وكثير بن عبد الله الأبلي؛ صاحبي أنس بن مالك. وعن: عبد العزيز بن المختار، وأبي عوانة، وحماد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، ويوسف بن الماجشون، وخلق سواهم.

حدث عنه: مسلم، والنسائي، والترمذي، والقزويني في كتبهم، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو حاتم، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البغوي وإبراهيم بن محمد بن متويه، ومحمد بن جرير الطبري، وآخرون.

وكان من جِلة العلماء. قال النسائي: لا بأس به.

قال الصولي: نهى المتوكل عن الكلام في القرآن، وأشخص الفقهاء، والمحدثين إلى سامراء، منهم بن أبي الشوارب، وأمرهم أن يحدثوا، وأجزل لهم الصلات.

قلت: لما ولي ولده الحسن بن أبي الشوارب القضاء تخوف عليه، وقال: يا حسن أعيذ وجهك الحسن من النار.

وولي القضاء عدة من ذريته، منهم: ولده الحسن قاضي قضاة المعتمد على الله، وكان جوادًا ممدحًا نبيلا مات كهلا سنة إحدى وستين ومائتين.

فأما صاحب الترجمة، فقال ابن عساكر: قال النسائي: ثقة. وقال في موضع آخر: لا بأس به. وروى أيضًا، عن رجل، عنه.

مات في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين ومائتين.

قلت: قدمته سهوًا، فينبغي إن يحول إلى عند أبي مصعب.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل: "8/ ترجمة 18"، وتاريخ بغداد "2/ 344"، والعبر "1/ 443"، وتهذيب التهذيب "9/ 316"، وشذرات الذهب "2/ 105".

ص: 143

‌1828 - محمد بن عائذ

(1)

: " د، س"

الإمام، المؤرخ، الصادق، صاحب المغازي، أبو عبد الله القرشي، الدمشقي، الكاتب، متولي ديوان الخراج بالشام زمن المأمون.

اسم جده: عبد الرحمن. وقيل: أحمد. وقيل: سعيد من الموالي.

ولد سنة خمسين ومائة. قاله أبو داود.

سمع من: إسماعيل بن عياش، والهيثم بن حميد، ويحيى بن حمزة، والعطاف بن خالد، والوليد بن مسلم، والوليد بن محمد الموقري، وسويد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن مغراء، ومحمد بن عمر الواقدي، وخلق سواهم.

روى عنه: أحمد بن أبي الحواري، ومحمود بن خالد، ويعقوب الفسوي، وأبو زرعة النصري، ومحمود بن سميع، ويزيد بن عبد الصمد، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأبو الأحوص العكبري، وأبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري، وجعفر الفريابي، وآخرون.

قال إبراهيم بن الجنيد: سألت يحيى بن معين عن محمد بن عائذ، فقال: الكاتب ثقة.

وقال أبو زرعة: سألت دحيمًا عنه، فقال: صدوق.

وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت يحيى بن معين عنه: تراه موضعًا للأخذ? قال: نعم. قلت: وهو يعمل على الخراج? قال: نعم. وذكره أبو زرعة الدمشقي في أهل الفتوى بدمشق.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 648"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 237"، والكاشف "3/ ترجمة 5006"، والعبر "1/ 414"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7724"، وتهذيب التهذيب "9/ 241"، وتقريب التهذيب "2/ 173"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6334"، وشذرات الذهب "2/ 78".

ص: 144

وقال صالح بن محمد جزرة: ثقة إلا أنه قدري.

قال أبو داود: محمد بن عائذ كما شاء الله، قال لي يومًا: أيش تكتب عني?! أنا أتعلم منك؟

وقال النسائي في "الكنى": أبو أحمد محمد بن عائذ ليس به بأس، وكناه في موضع آخر: أبا عبد الله، وهو المحفوظ.

قال محمد بن الفيض الغساني: مات محمد بن عائذ القرشي في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وحضرت جنازته.

وقال الحسن بن محمد بن بكار: مات سنة ثلاث. وقال أبو زرعة: مات سنة أربع وثلاثين ومولده سنة خمسين ومائة.

قلت: جمع كتاب "المغازي"، سمعت معظمه، وكتاب "الفتوح والصوائف" وكان على خراج غوطة دمشق.

وقع لي حديثًا عاليًا جدًّا:

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر القاضي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد بن علي بن الداية، قالوا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد المعدل، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا جعفر بن محمد، حدثنا محمد بن عائذ الدمشقي، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مزيد، قال: ذكر الدجال في مجلس فيه أبو الدرداء، فقال نوف البكالي: لغير الدجال أخوف مني من الدجال. فقال أبو الدرداء: ما هو? قال: أخاف أن أسلب إيماني، ولا أشعر. فقال أبو الدرداء: ثكلتك أمك يا ابن الكندية، وهل في الأرض خمسون يتخوفون ما تتخوف? ثم قال: وثلاثين، ثم قال: عشرين، ثم قال: عشرة، ثم قال: خمسة، ثم قال: ثلاثة، والذي نفسي بيده ما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه أو انتزع منه فيفقده، والذي نفسي بيده ما الإيمان إلا كالقميص يتقمصه مرة، ويضعه أخرى.

ص: 145

‌1829 - كامل بن طلحة

(1)

:

الإمام، الحافظ، الصدوق، شيخ البصرة في وقته أبو يحيى الجحدري البصري نزيل بغداد وعم المحدث أبي كامل فضيل بن الحسين الجحدري.

ولد سنة خمس وأربعين ومائة، وارتحل في الحديث.

وحدث عن: حماد بن سلمة، ومبارك بن فضالة، وأبي هلال محمد بن سليم، وفضال بن جبير صاحب أبي أمامة، ومهدي بن ميمون، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، وعبد الله بن عمر العمري، وابن لهيعة، وأبي عوانة، وبهلول بن راشد الإفريقي، وأبي الأشهب جعفر العطاردي، وعباد بن عبد الصمد أحد التلفى، وأبي مودود عبد العزيز بن أبي سليمان المدني، وأبي سهل محمد بن عمرو الأنصاري، وأبي هشام القناد.

حدث عنه: أبو خيثمة، وإبراهيم الحربي، وأبو داود في كتاب المسائل، وابن أبي الدنيا، وأبو حاتم، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومطين، وحنبل، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن حبان الباهلي، وأحمد بن علي القاضي المروزي، وأحمد بن علي أبو يعلى الموصلي، وأحمد بن علي الأبار، وموسى بن زكريا التستري، وموسى بن هارون، والبغوي، وخلق كثير.

قال أبو الحسن الميموني: سألت أبا عبد الله عن كامل بن طلحة، فقال: هو عندي ثقة أعرفه في سنة مائتين بالبصرة كان له في مسجد الجامع حلقة عظيمة يحدث عن الليث وبن لهيعة ومالك.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي -وسئل عن كاهل بن طلحة وأحمد بن محمد بن أيوب- فقال: ما أعلم أحدًا يدفعهما بحجة.

وقال أحمد بن أصرم: سمعت أحمد بن حنبل يقول في كامل بن طلحة: مقارب الحديث.

وقال أبو داود: سمعت أحمد -وقيل له: كامل بن طلحة- قال: قد رأيته بالبصرة وله حلقة وكان يذهب إلى عبادان يحدثهم، حديثه حديث مقارب.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 363"، وتاريخ الخطيب "12/ 485"، والأنساب للسمعاني "3/ 193"، والمغني "2/ ترجمة 5074"، والعبر "1/ 240 و 409"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6928"، وتهذيب التهذيب "8/ 408"، وتقريب التهذيب "2/ 131"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5920"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 70".

ص: 146

وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن كامل، فقال: رميت بكتبه وسمعت أحمد يثني عليه وكتب عنه أزهر السمان حديثين.

قال إبراهيم الحربي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: قلت: لعبد الله اذهب اكتب في المسجد عن هؤلاء الشيوخ حتى تخف يدك فكتب عن كامل بن طلحة فأول حديث حدث به عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى المصلى يمضي في طريق ويرجع في أخرى فقال أحمد: لم أسمع بهذا قط. قال: فقلت: حديث مثل هذا مسند فيه حكيم لم أسمعه، فأتيت هارون بن معروف، فقلت: عندك عن ابن وهب عن عبد الله بن عمر هذا الحديث? قال: نعم. فكتبته عنه فقيل لإبراهيم الحربي: لِمَ لَمْ يكتبه عن كامل? قال: لم يكن كامل عنده بمنزلة ابن وهب.

قلت: لا ريب أن الإمام أحمد لما وجد الحديث عند ابن وهب، نبل كامل عنده.

وأما عباس، فروى عن يحيى بن معين ليس بشيء.

وقال ابن أبي حاتم: روى عنه أبي، وسألته عنه، فقال: لا بأس به ما كان له عيب إلا أن يحدث في المسجد الجامع.

وقال الدارقطني: ثقة، وكذا ذكره ابن حبان في "الثقات".

قلت: هو صدوق -إن شاء الله- وما أدري وجه قول أبي داود: رميت بكتبه ولا ريب أن له عن ابن لهيعة ما ينكر ولا يتابع عليه، فلعله حفظه.

قال سعيد بن عمرو البرذعي: سمعت أبا زرعة ذكر كامل بن طلحة فقال: كان يحيى بن أكثم ضربه وأقامه للناس في شهادة، فاتضعت أسبابه، وكان لا يدفع عن سماع.

قلت: وقع لي من عالي روايته، أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي بالثغر، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله المجلد، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر الذهبي، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن ابن أبي الجدعاء قال: قلت: يا رسول الله متى كنت نبيًّا? قال: "إذ آدم بين الروح والجسد".

أخبرنا أحمد بن إسحاق المقرئ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عيسى بن علي إملاء، حدثنا أبو القاسم

ص: 147

البغوي، حدثنا عبد الأعلى بن حماد وعلي بن الجعد وأبو نصر التمار وكامل بن طلحة وعبيد الله العبسي قالوا: أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي العشراء عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا من اللبة? قال: "لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك"

(1)

.

هذا حديث صالح الإسناد، غريبه، أخرجوه في السنن الأربعة من طريق حماد.

توفي كامل: في سنة إحدى وثلاثين ومائتين. ضبطه موسى بن هارون، قال: وكان يخضب.

(1)

ضعيف: أخرجه أبو داود "2825"، والنسائي "2/ 207"، والترمذي "1480"، وابن ماجه "3184"، وأحمد "4/ 434"، وابن الجارود "901"، والبيهقي "9/ 246"، وأبو نعيم "6/ 257" و 341"، من طريق حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، به.

وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العشراء، عن أبيه غير هذا الحديث.

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو العشراء، قال الحافظ في "التقريب": مجهول. وقال الحافظ في "الميزان": "قلت: ولا يدري من هو، ولا من أبوه، افنرد عنه حماد بن سلمة".

ص: 148

‌1830 - ابن أخيه أبو كامل الفُضَيل

(1)

: " خت، م، د، س"

ابن الحسين بن طلحة الجحدري البصري الحافظ.

سمع حماد بن سلمة، وسليم بن أخضر، وحماد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وخالد بن عبد الله، وعدة.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والبخاري تعليقًا، والنسائي بواسطة، وأبو بكر بن أبي عاصم، وعبدان الأهوازي، وأبو القاسم البغوي، وآخرون.

مات سنة سبع وثلاثين ومائتين.

وفيها موت عبد الأعلى بن حماد النرسي، ومحمد بن بكار الصيرفي بالبصرة، ومحمد بن أبان بن عمران الواسطي -في قول- وإبراهيم بن محمد بن العباس الشافعي ومحفوظ بن أبي توبة البغدادي ورجاء بن سندي بإسفرايين، وصفوان بن صالح الدمشقي المؤذن، وسعيد بن حفص النفيلي، ويحيى بن سليمان الجعفي بمصر، ويحيى بن سليمان الحفري الإفريقي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 409"، والعبر "1/ 425"، وتهذيب التهذيب "8/ 290"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 88".

ص: 148

‌1831 - البَرْجُلاني

(1)

:

الإمام، أبو جعفر محمد بن الحسين بن شيخ البرجلاني، صاحب التواليف في الرقائق.

روى عن: حسين الجعفي، ومالك بن ضيغم، وزيد بن الحباب، وأزهر السمان، وسعيد الضبعي، وعدة.

وعنه: ابن أبي الدنيا كثيرًا، وإبراهيم بن الجنيد، وأبو العباس بن مسروق، وأبو يعلى، ومحمد بن يحيى الواسطي.

قال أبو حاتم: قيل: إن رجلا سأل أحمد بن حنبل عن شيء من أخبار الزهد، فقال: عليك بمحمد بن الحسين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1261"، وتاريخ بغداد "2/ 222"، والأنساب للسمعاني "2/ 139"، واللباب لابن الأثير "1/ 134"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7414"، والعبر "1/ 428"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 90".

ص: 149

‌1832 - محمد بن بكار

(1)

: " م، د"

ابن الريان، المحدث، الحافظ الصدوق أبو عبد الله البغدادي الرصافي، مولى بني هاشم.

حدث عن: عبد الحميد بن بهرام، وأبي معشر نجيح، وفليح بن سليمان، وقيس بن الربيع، ومحمد بن طلحة بن مصرف، والوليد بن أبي ثور، وسوار بن مصعب، وإسماعيل بن زكريا، وإسماعيل بن جعفر، وعباد بن عباد، وهشيم، وخلق.

وعنه: مسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن أبي الدينا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والمعمري، وحامد بن شعيب، وأحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأبو يعلى الموصلي، وعمران بن موسى السختياني، ومحمد بن الحسين بن مكرم، ومحمد بن إسحاق السراج، وموسى بن هارون، وموسى بن إسحاق، والهيثم بن خلف الدوري، وأبو القاسم البغوي، وخلق سواهم.

قال عبد الله بن أحمد: كان أبي لا يرى بالكتابة عنه بأسًا.

وروى عثمان بن سعيد، عن يحيى بن معين: شيخ، لا بأس به.

وروى عبد الخالق بن منصور، عن يحيى: ثقة، وكذا قال الدارقطني.

وقال صالح جزرة: بغدادي، صدوق، يروي عن الضعفاء.

وقال ابن أبي خيثمة: سمعته يقول في سنة اثنتين وثلاثين ومائتين: أنا اليوم ابن سبع وثمانين سنة.

وقال البخاري وجماعة: مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين، زاد البغوي: في ربيع الآخر.

قلت: عاش ثلاثًا وتسعين سنة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 83"، والكنى للدولابي "2/ 59"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1174"، وتاريخ بغداد "2/ 100"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 111"، والعبر "1/ 428"، والكاشف "3/ ترجمة 4819"، وتهذيب التهذيب "9/ 82"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6082"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 90".

ص: 149

‌1833 - فأما محمد بن بَكَّار بن بلال

(1)

:

العاملي، فمفتي دمشق، وقاضيها، الإمام، المحدث، أبو عبد الله الدمشقي، والد المحدثين: هارون والحسن، فهو سمي الذي قبله، ومن جيله.

ولد سنة اثنتين وأربعين ومائة، قاله ولده حسن.

وحدث عن: موسى بن علي بن رباح، ومحمد بن راشد المكحولي، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد بن بشير، والليث بن سعد، ويحيى بن حمزة القاضي، وطائفة.

وعنه: ابناه، وحفيده الحسن بن أحمد، وأحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعث الدمشقي، وعلي بن إشكاب، وخلق.

ذكره: أبو زرعة في أهل الفتوى بدمشق.

وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بمكة، سنة خمس عشرة، وسئل عنه، فقال: صدوق.

وقال أبو زرعة الدمشقي: شهدت جنازته في منصرفه من الحج في استقبال سنة ست وعشرة ومائتين. وفيها أرخه ابنه الحسن، وقال: وهو ابن أربع وسبعين سنة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 82"، والكنى للدولابي "2/ 59"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1173"، والكاشف "3/ ترجمة 4815"، وتهذيب التهذيب "9/ 74"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6081"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 38".

ص: 150

‌1834 - و محمد بن بكار بن الزبير

(1)

: " م، د"

العيشي الإمام، المحدث، من مشايخ البصرة.

روى عن: يزيد بن زريع، ومعتمر، وابن عيينة، وطبقتهم.

وعنه: مسلم، وأبو داود، والحسن بن سفيان، وبقي بن مخلد، وعبدان، وأبو يعلى الموصلي.

توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 4817"، وتهذيب التهذيب "9/ 76"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6083".

ص: 151

‌1835 - محمد بن أبان

(1)

: " خ، (4) "

ابن وزير الحافظ، الإمام، الثقة، أبو بكر البلخي، المستملي يعرف بحمدويه مستملي وكيع مدة طويلة نحو بضع عشرة سنة.

حدث عن: إسماعيل بن علية وابن وهب وغندر وسفيان بن عيينة وعبدة بن سليمان وابن إدريس ويحيى القطان ووكيع ويزيد وعبد الرزاق ومروان بن معاوية وأبي خالد الأحمر وخلق كثير وكتب العالي والنازل وتغرب مدة في الطلب.

روى عنه: الجماعة سوى مسلم، ومسلم في غير "الصحيح"، وأبو حاتم، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن سلمة، وإبراهيم بن أبي طالب، والمعمري، وعبد الله بن أحمد ومحمد بن المجدر، والبغوي، وابن خزيمة، وأبو العباس السراج وعبد الله بن محمد بن حيان بن مقير، وآخرون.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1124"، وتاريخ بغداد "2/ 78"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 514"، والعبر "1/ 443"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7132"، وتهذيب التهذيب "9/ 3 - 4"، وتقريب التهذيب "2/ 140"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6010"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 105".

ص: 151

روى البغوي عن أحمد، قال: كان محمد بن أبان يستملي لنا عند وكيع، وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: فأبو بكر مستملي وكيع? قال: قد كان معنا يكتب الحديث كتب لي كتابًا بخطه، قلت: إنه حدث بحديث أنكروه، ما أقل من يرويه عن عبد الرزاق، وهو عندك وعند خلف بن سالم! قال: قد كان معنا تلك السنة.

وقال عبد الله بن أحمد: قدم علينا رجل من بلخ، يقال له: محمد بن أبان، فسألت أبي عنه فعرفه، وذكر أنه كان معهم عند عبد الرزاق، فكتبنا عنه.

وقال أحمد بن قتيبة: سمعت عمرو بن حماد بن فرافصة، قال: قدمت الكوفة فسألني أبو بكر بن أبي شيبة عن محمد بن أبان، فقلت: خلفته على أنه يقدم، فإنه كان أزمع على الخروج، قال: ليته قدم حتى ينتفع به.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال: النسائي ثقة.

وقال ابن حبان: حسن المذاكرة، جمع وصنف وكان مستملي وكيع.

وقال موسى بن هارون، وغيره: مات ببلخ في المحرم، سنة أربع وأربعين ومائتين، وفيها أرخه البغوي، وعلي بن محمد السمسار، وضبط اليوم. وروى القباني، عن البخاري قال: مات سنة خمس وأربعين.

ص: 152

‌1836 - محمد بن أبان بن عمران

(1)

:

ابن زياد أبو الحسن، وأبو عبد الله السلمي -ويقال: القرشي- الواسطي، الطحان الحافظ أحد بقايا المسندين الثقات.

فروى عن: أبيه، وجرير بن حازم، وفليح بن سليمان، وأبان بن يزيد، وحماد بن سلمة، وأبي شيبة العبسي، والحكم بن فَصيل الواسطي، والربيع بن مسلم، وعمارة بن زاذان، وقزعة بن سويد الباهلي، وأبي هلال الراسبي، ومهدي بن ميمون، وأبي عوانة، وسلام بن مسكين، وخلق سواهم.

حدث عنه: أبو زرعة الرازي، وبقي بن مخلد، وأحمد بن يحيى البلاذري، وأسلم بن سهل بحشل، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وعبد الله بن أحمد، ومطين، ومحمود بن محمد بن متويه الواسطي، وأبو عوانة، والحسن بن سفيان، ومحمد بن محمد بن الباغندي، وأبو يعلى الموصلي، ويوسف بن محمد بن أبي زياد الواسطي المخضوب أحد الحفاظ، وخلق سواهم.

قال ابنه أحمد بن محمد: سمعت أبي يقول: ولدت سنة سبع وأربعين ومائة. وقواه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، ومات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. وقال: بحشل مات سنة تسع. قال: وكان فقيهًا وكان يخضب.

وفي الصلاة من "البخاري": حدثنا محمد بن أبان، حدثنا غندر في مكانين.

قال ابن عدي: هو الواسطي.

وقال الكلاباذي، وغيره: هو البلخي، وقد ذكر البخاري في "تاريخه" الواسطي، وما ذكر البلخي لصغره، فإنه لا يستوعب صغار شيوخه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 48"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1121"، والمغني "2/ ترجمة 5227"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7127"، وتهذيب التهذيب "9/ 2 - 3"، وتقريب التهذيب "2/ 140"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6009".

ص: 152

‌1837 - إسحاق النَّدِيم

(1)

:

الإمام العلامة الحافظ ذو الفنون، أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن ميمون التميمي، الموصلي، الأخباري، صاحب الموسيقى والشعر الرائق والتصانيف الأدبية مع الفقه واللغة وأيام الناس والبصر بالحديث وعلو المرتبة.

ولد سنة بضع وخمسين ومائة.

وسمع من مالك بن أنس، وهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، وأبي معاوية الضرير، والأصمعي، وعدد كثير.

حدث عنه: ولده حماد الراوية، وشيخه؛ الأصمعي، والزبير بن بكار، وأبو العيناء، ويزيد بن محمد المهلبي، وآخرون.

ولم يكثر عنه الحفاظ؛ لاشتغاله عنهم بالدولة. وقيل: ولد سنة خمسين ومائة.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "5/ 268"، وتاريخ بغداد "6/ 338"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 87"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 388"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 260 و 280"، ولسان الميزان "1/ 350"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 82".

ص: 153

قال إبراهيم الحربي: كان ثقة، عالمًا. وقال الخطيب: كان حلو النادرة حسن المعرفة، جيد الشعر مذكورًا بالسخاء. صنف كتاب "الأغاني"؛ الذي يرويه عنه ابنه.

وعن إسحاق الموصلي قال: بقيت دهرًا من عمري أغلس كل يوم إلى هشيم أو غيره من المحدثين ثم أصير إلى الكسائي أو الفراء أو ابن غزالة فأقرأ عليه جزءًا من القرآن ثم إلى أبي منصور زلزل فيضاربني طرقين أو ثلاثة، ثم آتي عاتكة بنت شهدة فآخذ منها صوتًا أو صوتين، ثم آتي الأصمعي وأبا عبيدة فأستفيد منهما، وآتي مجلس الرشيد بالعشي.

كان ابن الأعرابي يصف إسحاق بالعلم والصدق والحفظ. ويقول: هل سمعتم بأحسن من ابتدائه:

هل إلى أن تنام عيني سبيل

إن عهدي بالنوم عهد طويل

قال إسحاق: لما خرجنا مع الرشيد إلى الرقة، قال لي الأصمعي: كم حملت معك من كتبك? قلت: ستة عشر صندوقًا.

وعن إسحاق: أنه كان يكره أن ينسب إلى الغناء، ويقول: لأن أضرب على رأسي بالمقارع أحب إليَّ من أن يقال عني: مغنٍّ.

وقال المأمون: لولا شهرة إسحاق بالغناء لوليته القضاء.

الصولي: أخبرنا أبو العيناء، حدثنا إسحاق الموصلي، قال: كنت قد جئت أبا معاوية الضرير بمائة حديث فوجدت ضريرًا يحجبه لينفعه، فوهبته مائة درهم، فاستأذن لي فقرأت المائة حديث، فقال لي أبو معاوية: هذا معيد ضعيف، وما وعدته فيأخذه من أذناب الناس وأنت أنت. قلت: قد جعلتها مائة دينار. قال: أحسن الله جزاءك.

وقد أنشد إسحاق الرشيد أبياتا يقول فيها:

عطائي عطاء المكثرين تكرما

ومالي كما قد تعلمين قليل

وكيف أخاف الفقراء أو أحرم الغنى

ورأي أمير المؤمنين جليل

فأمر له بمائة ألف درهم.

مات سنة خمس وثلاثين ومائتين.

ص: 154

‌1838 - المعافى بن سليمان

(1)

: " س"

الرسعني، الحافظ، الصدوق.

حدث عن: فليح بن سليمان، والقاسم بن معن، وزهير بن معاوية، وعدة.

حدث عنه: هلال بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان، والقاسم بن الليث العتابي الرسعني، وجعفر الفريابي، وخلق كثير.

وقد روى النسائي، عن رجل عنه.

مات في سنة أربع وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1837"، والكاشف "3/ ترجمة 5610"، والعبر "1/ 419"، و"2/ 128"، وتهذيب التهذيب "10/ 198"، وتقريب التهذيب "2/ 257"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7066"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 81".

ص: 155

‌1839 - ابن أبي شيبة

(1)

: " خ، م، د، س، ق".

عبد الله بن محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواستى، الإمام، العلم، سيد الحفاظ، وصاحب الكتب الكبار:"المسند" و"المصنف" و"التفسير"، أبو بكر العبسي مولاهم، الكوفي.

أخو الحافظ عثمان بن أبي شيبة، والقاسم بن أبي شيبة الضعيف. فالحافظ إبراهيم بن أبي بكر هو ولده، والحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان هو ابن أخيه، فهم بيت علم، وأبو بكر: أجلهم.

وهو من أقران: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني في السن والمولد والحفظ. ويحيى بن معين أسن منهم بسنوات.

طلب أبو بكر العلم وهو صبي، وأكبر شيخ له هو شريك بن عبد الله القاضي.

سمع منه، ومن أبي الأحوص سلام بن سليم، وعبد السلام بن حرب، وعبد الله بن المبارك، وجرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وسفيان بن عيينة، وعلي بن مسهر،

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 413"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 210"، وتاريخ بغداد "10/ 66"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 439"، وميزان الاعتدال "2/ 490"، والعبر "1/ 421"، وتهذيب التهذيب "6/ 2"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 85".

ص: 155

وعباد بن العوام، وعبد الله بن إدريس، وخلف بن خليفة -الذي يقال: إنه تابعي- وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعلي بن هاشم بن البريد، وعمر بن عبيد الطنافسي، وأخويه محمد ويعلى، وهشيم بن بشير، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ووكيع بن الجراح، ويحيى القطان، وإسماعيل بن عياش، وعبد الرحيم بن سليمان، وأبي معاوية، ويزيد بن المقدام، ومرحوم العطار، وإسماعيل ابن علية، وخلق كثير بالعراق والحجاز، وغير ذلك. وكان بحرًا من بحور العلم وبه يضرب المثل في قوة الحفظ.

حدث عنه: الشيخان، وأبو داود، وابن ماجه، وروى النسائي عن أصحابه، ولا شيء له في "جامع أبي عيسى".

وروى عنه أيضًا: محمد بن سعد الكاتب، ومحمد بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي عاصم، وبقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح؛ محدثا الأندلس، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي، وجعفر الفريابي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وحامد بن شعيب، وصالح جزرة، والهيثم بن خلف الدوري، وعبيد بن غنام، ومحمد بن عبدوس السراج، والباغندي، ويوسف بن يعقوب النيسابوري، وعبدان، وأبو القاسم البغوي، وأمم سواهم.

قال يحيى بن عبد الحميد الحماني: أولاد بن أبي شيبة من أهل العلم كانوا يزاحموننا عند كل محدث.

وقال أحمد بن حنبل: أبو بكر صدوق هو أحب إلي من أخيه عثمان.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أبو بكر ثقة حافظًا للحديث.

وقال عمرو بن علي الفلاس: ما رأيت أحدًا أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة قدم علينا مع علي بن المديني فسرد للشيباني أربعمائة حديث حفظًا وقام.

وقال الإمام أبو عبيد: انتهى الحديث إلى أربعة فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له وأحمد بن حنبل أفقههم فيه ويحيى بن معين أجمعهم له وعلي بن المديني أعلمهم به.

قال محمد بن عمر بن العلاء الجرجاني: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة وأنا معه في جبانة كندة فقلت: له يا أبا بكر سمعت من شريك وأنت ابن كم? قال: وأنا ابن أربع عشرة سنة وأنا يومئذ أحفظ للحديث مني اليوم.

قلت: صدق والله وأين حفظ المراهق من حفظ من هو في عشر الثمانين?

ص: 156

قال الجرجاني: فسألت يحيى بن معين عن سماع أبي بكر بن أبي شيبة من شريك فقال: أبو بكر عندنا صدوق وما يحمله أن يقول: وجدت في كتاب أبي بخطه. وقال: وحدثت عن روح بن عبادة بحديث الدجال وكنا نظنه سمعه من أبي هشام الرفاعي.

قال عبدان الأهوازي: كان أبو بكر يقعد عند الأسطوانة وأخوه ومشكدانة وعبد الله بن البراد وغيرهم كلهم سكوت إلا أبا بكر فإنه يهدر.

قال ابن عدي: هي الأسطوانة التي يجلس إليها ابن عقدة. فقال لي ابن عقدة هذه هي أسطوانة عبد الله بن مسعود جلس إليها بعده علقمة وبعده إبراهيم وبعده منصور وبعده سفيان الثوري وبعده وكيع وبعده أبو بكر بن أبي شيبة وبعده مطين.

وقال صالح بن محمد الحافظ جزرة: أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى بن معين وأحفظهم عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة.

قال الحافظ أبو العباس بن عقدة: سمعت عبد الرحمن بن خراش يقول: سمعت أبا زرعة يقول: ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة فقلت: يا أبا زرعة فأصحابنا البغداديون? قال: دع أصحابك فإنهم أصحاب مخاريق ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة.

قال الخطيب: كان أبو بكر متقنًا حافظًا صنف المسند والأحكام والتفسير وحدث ببغداد هو وأخواه القاسم وعثمان.

قال إبراهيم نفطويه: في سنة أربع وثلاثين ومائتين أشخص المتوكل الفقهاء والمحدثين، فكان فيهم مصعب بن عبد الله الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وأبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة، وكانا من الحفاظ. فقسمت بينهم الجوائز وأمرهم المتوكل أن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية قال: فجلس عثمان في مدينة المنصور واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفًا وجلس أبو بكر في مسجد الرصافة، وكان أشد تقدمًا من أخيه اجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفًا.

قلت: وكان أبو بكر قوي النفس بحيث إنه استنكر حديثًا تفرد به يحيى بن معين عن حفص بن غياث فقال: من أين له هذا? فهذه كتب حفص ما فيها هذا الحديث.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد الدمشقي قراءة عليه غير مرة، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أخبرنا زاهر بن طاهر سنة سبع وعشرين وخمسمائة بهراة، أخبرنا محمد بن محمد بن حمدون السلمي وأخبرنا أحمد بن عبد المعز، أخبرنا زاهر وتميم بن

ص: 157

أبي سعيد، قالا: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر عن عبيد الله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الهلال، فقال:"إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين"

(1)

.

هذا حديث صحيح، غريب. تفرد به: أبو الزناد عن الأعرج ولم يروه عنه سوى عبيد الله بن عمر ولا عن عبيد الله سوى محمد بن بشر العبدي، فيما علمت.

أخرجه مسلم عن أبي بكر عنه، فوقع موافقة عالية ولم يروه أحد من السنن سوى النسائي فرواه عن أبي بكر أحمد بن علي المروزي عن ابن أبي شيبة، فوقع لنا بدلا بعلو درجتين.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، حدثنا سعيد بن أحمد، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت على أمتي بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"

(2)

.

وبه، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه سمعت أسامة بن زيد وسئل كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دفع من عرفات? قال: كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص. قال: هشام والنص أرفع من العنق. أخرجهما مسلم

(3)

، عن أبي بكر فوافقناه.

أنبأنا ابن علان، حدثنا الكندي، أخبرنا القزاز

(4)

، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا

أحمد بن علي المحتسب، عن محمد بن عمران الكاتب، حدثني عمر بن علي، حدثنا أحمد بن محمد بن المربع، سمعت أبا عبيد يقول: ربانيو الحديث أربعة: فأعلمهم بالحلال والحرام: أحمد بن حنبل، وأحسنهم سياقة للحديث وأداء: علي بن المديني وأحسنهم وضعًا لكتاب: أبو بكر بن أبي شيبة، وأعلمهم بصحيح الحديث وسقيمه: يحيى بن معين.

قال البخاري، ومطين: مات أبو بكر في المحرم سنة خمس وثلاثين ومائتين.

قلت: آخر من روى عنه: أبو عمرو يوسف بن يعقوب النيسابوري، وبقي إلى سنة بضع وعشرين وثلاثمائة.

وقد خلف أبا بكر ولده الحافظ الثبت:

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1081""20" من طريق ابن أبي شيبة، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5096"، ومسلم "2741"، والترمذي "2780"، وابن ماجه "3998" من طريق سليمان التيمي، به.

(3)

صحيح: أخرجه البخاري "1666"، ومسلم "1286""283" و"284"، وأبو داود "1923"، والنسائي "5/ 259".

(4)

هو: المسند أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني البغدادي، ويعرف بابن زريق القزاز.

ص: 158

‌1840 - إبراهيم بن عبد الله

(1)

: " س، ق"

أبو شيبة العبسي، الكوفي. ولد في أيام سفيان بن عيينة.

وسمع من: جعفر بن عون -وهو أكبر شيخ له- وعبيد الله بن موسى وأبي نعيم وقبيصة وأبيه وأعمامه وخلق كثير.

حدث عنه: ابن ماجه وأبو عوانة في "صحيحه"، والنسائي في "اليوم والليلة" وأبو العباس بن عقدة ومحمد بن جرير الطبري وعبد الرحمن بن أبي حاتم وطائفة.

وكان من تلامذة الإمام أحمد في الفقه له عنه مسائل.

قال أبو حاتم: صدوق.

قلت: توفي في سنة خمس وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 322"، وتهذيب التهذيب "1/ 136".

ص: 159

‌1841 - الحِزَامي

(1)

: " خ، س"

المحدث، العالم، أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي مولاهم المدني.

عن: محمد بن طلحة التيمي، وموسى بن إبراهيم الأنصاري، وابن أبي فديك، والوليد

ابن مسلم، وأبي نباتة يونس بن يحيى، وعبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وصدقة بن بشير، وخلق.

وعنه: البخاري في "الصحيح" وعبد الله بن شبيب والربيع المرادي والفضل بن محمد الشعراني وأبو زرعة وآخرون.

قال أبو حاتم: رآه أبو زرعة فذاكره بغرائب لم تكن عند أبي زرعة فسأله أن يحدثه فصار إليه ونظر في كتبه.

وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما خالف.

وقال ابن أبي داود: ضعيف.

وقال أبو زرعة: لم يكن بين تحديثه وموته كثير شيء اختلفت إليه عشرين ليلة أنظر في كتبه.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1007"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1223"، والكاشف "2/ ترجمة 3289"، والمغني "2/ ترجمة 3589"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4914"، وتهذيب التهذيب "6/ 221"، وتقريب التهذيب "1/ 489"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4174".

ص: 160

‌1842 - هارون بن معروف

(1)

: " خ، م، د"

الإمام، القدوة، الثقة، أبو علي المروزي، ثم البغدادي الخزاز، ثم الضرير.

حدث عن: هشيم، ويحيى بن أبي زائدة، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز الدراوردي، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن وهب، والوليد بن مسلم، ومروان بن شجاع، وطبقتهم من أهل الحجاز والشام ومصر والجزيرة والعراق. وعني بهذا الشأن وجمع وصنف.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، وبواسطة البخاري، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى، وصالح بن محمد جزرة، وأحمد بن زهير، وعبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى، وآخرون.

وثقة أبو حاتم وغيره.

قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي ببغداد في سنة خمس عشرة بعدما عمي من حفظه.

قال أبو داود: سمعت الثقة يقول: قال هارون بن معروف: رأيت في المنام يقال لي: من آثر الحديث على القرآن عذب. قال: فظننت إن ذهاب بصري من ذلك.

وقال هارون الحمال: سمعت هارون بن معروف يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فكأنما عبد اللات والعزى.

وروى عبد الله بن أحمد عنه: من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام.

مات في آخر شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وعاش أربعًا وسبعين سنة.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 355"، والتاريخ الكبير"8/ ترجمة 2811"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 17 و 257" و"3/ 116"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 387"، وتاريخ بغداد "14/ 14"، والعبر "1/ 410"، والكاشف "3/ ترجمة 6023"، وتهذيب التهذيب "11/ 11 - 12"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7634"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".

ص: 160

‌1843 - داود بن عمرو

(1)

: " م، س"

ابن زهير بن عمرو بن جميل بن الأعرج بن عاصم الشيخ الحافظ الثقة أبو سليمان الضبي البغدادي، ابن عم محدث أصبهان أحمد بن يونس بن المسيب بن زهير الضبي.

ولد داود: قبل الخمسين ومائة تقريبًا.

وروى عن: جويرية بن أسماء، ونافع بن عمر الجمحي، وأبي معشر نجيح السندي، وحماد بن زيد، وشريك القاضي، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن مسلم الطائفي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، وخلق سواهم.

حدث عنه: أحمد بن حنبل ومسلم في "صحيحه" وإبراهيم الحربي وأبو حاتم وأحمد بن الحسن الصوفي وابن أبي الدنيا وأبو القاسم البغوي، وآخرون.

قال أبو الحسن بن العطار: رأيت أحمد بن حنبل يأخذ داود بن عمرو بالركاب.

وقال البغوي: حدثنا داود بن عمرو الثقة المأمون.

وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.

وقد كان البغوي مكثرًا عنه فكان مُجَّان الطلبة يقولون: في دار أبي القاسم بن بنت منيع شجرة تحمل داود بن عمرو الضبي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 349"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 801"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 1918"، وتاريخ بغداد "8/ 363"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 465"، والعبر "1/ 402"، والكاشف "1/ ترجمة 1468"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2636"، والمغني "1/ ترجمة 2016"، وتهذيب التهذيب "3/ 195"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1935"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 64".

ص: 161

قال الخطيب، وغيره: توفي داود في شهر ربيع الأول سنة ثمان وعشرين ومائتين. وقيل: بل مات في صفر.

وقد روى النسائي له في "سننه".

أخبرنا عبد الحافظ، والغسولي، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، حدثنا سعيد بن البناء، أخبرنا علي بن البسري، أخبرنا أبو طاهر الذهبي، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن عمرو المسيبي، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون، وهو ميت، فكشف عن وجهه، وبكى، ثم قبل ما بين عينيه. حديث غريب.

قال البخاري: محمد بن عبد الله بن عبيد ليس بذلك القوي.

وبه: حدثنا عبد الله، حدثنا محمد بن عبد الواهب الحارثي، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير. فذكر نحوه وزاد فيه: بكى بكاء طويلا. فلما رفع على السرير قال: "طوباك يا عثمان، لم تلبسك الدنيا، ولم تلبسها".

وبه: حدثنا عبد الله البغوي، حدثنا داود بن عمرو المسيبي سنة سبع وعشرين ومائتين، حدثنا يعقوب بن محمد بن طحلاء عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بيت لا تمر فيه جياع أهله"

(1)

.

وبه، حدثنا عبد الله، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا أبو شهاب الحناط عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن عائشة، قالت: بال ابن الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم فأخذته أخذًا عنيفًا فقال: "دعيه، فإنه لم يطعم الطعام، ولا يضر بوله".

حجاج: فيه لين. وقوله: المسيبي: نسبه إلى عمه الأمير المسيب بن زهير.

حدثنا الأبرقوهي، حدثنا الفتح، حدثنا هبة الله الحاسب، حدثنا ابن النقور، حدثنا عيسى بن الوزير، حدثنا البغوي، حدثنا داود بن عمرو الضبي، حدثنا محمد بن مسلم عن عمرو عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحرب خَدْعة"

(2)

.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2046"، وأبو داود "3831"، والترمذي "1816"، وابن ماجه "3327".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3030"، ومسلم "1739"، وأبو داود "2636"، والترمذي "1675".

ص: 162

‌1844 - داود بن رُشَيد

(1)

: " خ، م، د، س".

الإمام، الحافظ، الثقة أبو الفضل الخوارزمي، ثم البغدادي مولى بني هاشم رحال جوال صاحب حديث.

سمع أبا المليح الحسن بن عمر الرقي، وإسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن عياش، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، وإسماعيل ابن علية، وبقية بن الوليد، وأبا إسماعيل المؤدب، ومروان بن معاوية، وشعيب بن إسحاق، وسويد بن عبد العزيز، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، ومكي بن إبراهيم، وعدة.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، ومحمد بن المجدر، وأبو القاسم البغوي، وأبو العباس السراج، وعدد كثير.

وثقه: يحيى بن معين وغيره.

وقال الدارقطني: ثقة، نبيل.

قلت: وقد روى البخاري في صحيحه والنسائي، عن رجل، عنه.

أحمد بن مروان في "المجالسة": حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا داود بن رشيد قال: قمت ليلة أصلي فأخذني البرد لما أنا فيه من العري فأخذني النوم فرأيت كأن قائلا يقول: يا داود أنمناهم وأقمناك، فتبكي علينا? قال الحربي: فأظن داود ما نام بعدها، يعني: ما ترك تهجد الليل.

قال وسمعت داود يقول: قالت حكماء الهند: لا ظفر مع بغي، ولا صحة مع نهم، ولا ثناء مع كبر، ولا صداقة مع خب

(2)

، ولا شرف مع سوء أدب، ولا بر مع شح، ولا محبة مع هزء، ولا قضاء مع عدم فقه، ولا عذر مع إصرار، ولا سلم قلب مع غيبة، ولا راحة مع حسد، ولا سؤدد مع انتقام، ولا رئاسة مع عزة نفس وعجب، ولا صواب مع ترك مشاورة، ولا ثبات ملك مع تهاون.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 349"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 838"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1884"، والحلية لأبي نعيم "8/ 335"، وتاريخ بغداد "8/ 367"، والأنساب للسمعاني "5/ 194"، والعبر"1/ 429"، والكاشف "1/ ترجمة 1450"، وتهذيب التهذيب "3/ 184"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1915"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 91".

(2)

الخِب: الخداع، والغش.

ص: 163

توفي في سابع شعبان، سنة تسع وثلاثين ومائتين وهو من أبناء الثمانين ولعل بعض أمراء الزمان يحوي هذه الخلال الردية.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرك المبارك بن أبي الجود، حدثنا أحمد بن أبي غالب الزاهد، حدثنا عبد العزيز بن علي، حدثنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله البغوي، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: قلت: يا رسول الله علمني ما أدخل به الجنة ولا تكثر عليَّ، قال:"لا تغضب"

(1)

.

قرأت على أحمد بن محمد الحافظ، وجماعة قالوا: أخبرنا أبو المنجى بن اللتي، وقرأت على الأبرقوهي، أخبرنا زكريا العلبي، قالا: حدثنا أبو الوقت السجزي، أخبرتنا بيبي الهرثمية، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا داود بن رشيد، أخبرنا عمر بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن نافع عن سليمان الأحول عن طاوس عن عبد الله بن عمرو قال: رأى عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين، فقال:"أمك أمرتك بهذا"؟. قلت: أغسلهما? قال: "أحرقهما". أخرجه مسلم

(2)

، عن داود.

والإحراق هنا تعزير، ولعل صبغهما كان لا يزول بالغسل كما ينبغي، والمعصفر يرخص للمرأة.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "6116"، والترمذي "2020".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2077""28"، ووقع عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها". وذلك في رواية له "2077""27".

ص: 164

‌1845 - سليمان ابن بنت شُرَحْبيل

(1)

: " خ، (4) "

هو الإمام، العالم الحافظ محدث دمشق، أبو أيوب بن عبد الرحمن بن عيسى بن ميمون بن عبد الله التميمي، الدمشقي، وجده هو شرحبيل بن مسلم الخولاني المحدث التابعي الحمصي شيخ إسماعيل بن عياش وسفيان بن عيينة، كان من فرسان الحديث.

حدث عن: إسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وحاتم بن إسماعيل، وبقية بن الوليد، وعيسى بن يونس، ومسلمة بن علي، ويحيى بن حمزة، والوليد بن مسلم، وبشر بن عوف، وخالد بن يزيد بن أبي مالك، وسعدان بن يحيى، وسويد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، وعمر بن عبد الواحد النصري، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن أبي مالك، ومحمد بن حمير، ومعروف الخياط مولى واثلة بن الأسقع، وخلق كثير، وينزل إلى أن يروي عن: الحافظ معاوية بن صالح الأشعري، وهو تلميذه.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ومحمود بن خالد، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو إسحاق الجوزجاني، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي، وإسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي، وأحمد بن الحسن الترمذي، وأحمد بن محمد بن أخي هشام بن عمار، وأحمد بن المعلى القاضي، وأبو قصي إسماعيل بن محمد العذري، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وبدر بن الهيثم الدمشقي، وجعفر الفريابي، وعبد الله بن أبي الخوارزمي القاضي، وأبو زرعة، وعثمان بن خرزاذ، وعمرو بن أبي زرعة الدمشقي، ومحمد بن إسحاق بن الحريص، ومحمد بن إبراهيم بن سميع، وخلق كثير.

قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وهشام بن عمار أكيس منه. رواه أبو حاتم عنه. ثم قال أبو حاتم: سليمان صدوق مستقيم الحديث، ولكنه أروى الناس عن الضعفاء، والمجهولين، وكان عندي في حد لو أن رجلا، وضع له حديثًا لم يفهم، وكان لا يميز.

أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، سمعت يحيى بن معين يقول: هشام بن عمار كيس. ثم قال أبو داود: وأبو أيوب -يعني سليمان بن بنت شرحبيل- خير من هشام، حدث هشام بأرجح من أربعمائة حديث ليس لها أصل مسندة كلها كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر، وغيره، يلقنها هشامًا، ويقول هشام: حدثني، قد روي، فلا أبالي من حمل الخطأ.

وقال أبو داود أيضًا: سليمان: ثقة يخطئ كما يخطئ الناس. قيل له أحجة هو? قال: الحجة أحمد بن حنبل.

وقال معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين: ثقة إذا روى عن المعروفين.

وقال يعقوب الفسوي: كان صحيح الكتاب إلا أنه كان يحول، فإن وقع فيه شيء، فمن النقل، وسليمان ثقة.

وقال صالح جزرة: لا بأس به، ولكنه يحدث عن الضَّعفى.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1838"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 209 و 279" و"2/ 102 و 203" و"3/ 198 و 360"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 618"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 559"، والكاشف "1/ ترجمة 2132"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 444"، والعبر "1/ 413"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3487"، وتهذيب التهذيب "4/ 207"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2720"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 78".

ص: 165

وقال النسائي: صدوق.

وقال ابن حبان: يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات، فإذا روى عن المجاهيل، ففيها مناكير.

قال الحاكم: قلت للدارقطني: سليمان بن عبد الرحمن? قال: ثقة. قلت: أليس عنده مناكير? قال: حدث بها عن ضعفاء، فأما هو، فثقة.

وذكره أبو زرعة النصري في أهل الفتوى بدمشق. وقال أيضا: سليمان بن عبد الرحمن فقيه أهل دمشق.

قال الحافظ أحمد بن جوصا: سمعت إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني يقول: كنا عند سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، فلم يأذن للناس ثلاثة أيام فلما دخلنا عليه واستزدناه قال: بلغني ورود هذا الغلام الرازي -يعني أبا زرعة- فدرستُ للالتقاء به ثلاثمائة ألف حديث.

قلت: هو في نفسه صدوق لكنه لهج برواية الغرائب عن المجاهيل والضعفاء.

وله في كتاب أبي عيسى الترمذي حديث الدعاء لحفظ القرآن، يرويه عن الوليد بن مسلم، قال: حدثنا بن جريح، والحديث شبه موضوع. وقد روى: البخاري أيضًا، عن عبد الله عنه. وعبد الله هذا: هو عندي عبد الله بن أبي الخوارزمي القاضي، فإن البخاري نزل عنده مدة، ونظر في كتبه، وعلق عنه أماكن في كتاب "الضعفاء" الكبير له.

وقد وقع لي من عالي حديث سليمان بن عبد الرحمن.

قال أبو زرعة الدمشقي، وجماعة: مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. زاد بن دحيم فقال: في يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر.

قال أبو زرعة: وشهدته، وصلى عليه مالك بن طوق -يعني: الأمير الذي بنى مدينة الرحبة- وقال: أبو سليمان بن زَبْر: مات وهو بن ثمانين سنة.

ص: 166

‌1846 - أما سليمان بن عبد الرحمن

(1)

:

ابن حماد بن عمران بن موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي الطلحي الكوفي التمار، فيروي عن أبيه. يكنى أبا داود. وحدث عنه: أبو داود وأبو زرعة وابن أبي عاصم. توفي سنة (252).

أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن بن الفراء، حدثنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الحسن بن أيوب البزاز، أخبرنا أبو علي بن شاذان، حدثنا أبو سهل بن زياد، أخبرنا محمد بن إسماعيل السلمي، أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح، سمعت أبا سعيد الخدري يقول: يا أيها الناس اتقوا الله ولا تحملنكم العسرة على أن تطلبوا الرزق من غير حله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اللهم احشرني في زمرة المساكين ولا تحشرني في زمرة الأغنياء. فإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة".

غريب جدًّا. وخالد دمشقي، ضعفه: يحيى بن معين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 560"، والكاشف "1/ ترجمة 2131"، وتهذيب التهذيب "4/ 206"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2719".

ص: 167

‌1847 - إبراهيم بن موسى الفَرَّاء

(1)

: " خ، م، د".

الحافظ الكبير، المجود، أبو إسحاق التميمي الرازي.

حدث عن: أبي الأحوص سلام بن سليم، وعبد الوارث بن سعيد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، وسفيان بن عيينة، ووكيع، وطبقتهم، ورحل إلى الأقطار، وصنف، وجمع.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن إبراهيم الطيالسي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، ومحمد بن أيوب بن الضريس البجلي، ومحمد بن يحيى بن بيتان، وعبد الله بن حاضر شيخ لأبي بكر الشافعي، وخلق سواهم.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1028"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 436"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 456"، والعبر "1/ 407"، وتهذيب التهذيب "1/ 170"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 69".

ص: 167

قال أبو زرعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة وأصح حديثًا وأحفظ من صفوان بن صالح المؤذن.

وقال صالح بن محمد جزرة: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن إبراهيم بن موسى مائة ألف حديث، وعن ابن أبي شيبة كذلك.

وقال أبو حاتم: هو من الثقات، هو أتقن من محمد بن مهران الجمال.

وقال النسائي: ثقة.

قلت: مات في حدود سنة ثلاثين.

قرأت على محمد بن حسين القرشي: أخبركم محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الهروي الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أخبرني أبو يحيى محمد بن يحيى بن بيتان، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، حدثنا عيسى هو ابن يونس عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني، قال: قال لي زيد بن أرقم: إن كنا لنتكلم في الصلاة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه بحاجته حتى نزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فأمرنا بالسكوت.

أخرجه الجماعة

(1)

، سوى القزويني من طرق، عن إسماعيل، نحوه.

أنبأنا يحيى بن أبي منصور وابن علان وطائفة قالوا، أخبرنا عمر بن محمد، حدثنا هبة الله بن الحصين، حدثنا بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا عبد الله بن حاضر، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، حدثنا عباد بن العوام عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن الأحنف عن العباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى اشتباك النجوم".

أخرجه ابن ماجه

(2)

، عن محمد بن يحيى، عن الفداء.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1200"، ومسلم "539"، وأبو داود "949"، والترمذي "405"، والنسائي "3/ 18".

(2)

جيد: أخرجه ابن ماجه "689"، والدارمي "1/ 275"، وإسناده ضعيف، فيه عمر بن إبراهيم في حديثه عن قتادة ضعف كما قال الحافظ في "التقريب" لكن للحديث شاهد من حديث أبي أيوب وعقبة ابن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أمتي بخير"، أو قال "على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم". أخرجه أحمد "4/ 147" و"5/ 417 و 422"، من طريق ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي أيوب وعقبة بن عامر، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق بن يسار، صدوق مدلس، مشهور بالتدليس، لكنه قد صرَّح بالتحديث فأمنا شر تدليسه، فالحديث به جيد، والله -تعالى- أعلى وأعلم.

ص: 168

وقال الإمام أحمد: هذا حديث منكر. قلت: عمر تالف.

قرأت على ابن عساكر

(1)

، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو يعلى الصابوني، أخبرنا عبد الله بن محمد الرازي، أخبرنا محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، أخبرنا عيسى بن يونس، حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليوم الموعود يوم القيامة والشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة".

الحديث أخرجه الترمذي

(2)

.

(1)

هو: مسند الشام شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة بن أحمد بن عساكر توفي سنة تسع وتسعين وستمائة عن خمس وثمانين سنة.

(2)

ضعيف، أخرجه الترمذي "3339"، وإسناده ضعيف آفته موسى بن عبيدة الربذي فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 169

‌1848 - محمد بن مهران الجَمَّال

(1)

: " خ، م، د"

الحافظ، الثقة، الجوال، النقال، أبو جعفر الرازي.

حدث عن: فضيل بن عياض، ومرحوم بن عبد العزيز، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وسفيان بن عيينة، وحاتم بن إسماعيل، وجرير بن عبد الحميد، وعتاب بن بشير، وعيسى بن يونس، وملازم بن عمرو، ومسكين بن بكير، وعطاء بن مسلم، والوليد بن مسلم، وعبد الرزاق، ويحيى القطان، وخلق كثير من نظرائهم، ودونهم.

وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن علي الأبار، وموسى بن هارون، وأحمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن أبي بكر الرازي، والحسن بن العباس الرازي، ومحمد بن إبراهيم الطيالسي، وجعفر بن أحمد بن فارس، وعبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي، ومحمد بن إسحاق السراج، ومحمد بن الحسين الطبركي، ومحمد بن صالح بن بكر الكيلاني -وراق أبي زرعة- وآخرون.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 777"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 402"، وتذكرة الحفاظ "2/ 445"، والعبر "1/ 430"، والكاشف "3/ ترجمة 5259"، وتهذيب التهذيب "9/ 478"، وتقريب التهذيب "2/ 211"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6684"، وشذرات الذهب "2/ 92".

ص: 169

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي جعفر الجمال وإبراهيم بن موسى فقال: كان أبو جعفر أوسع حديثًا وكان إبراهيم أتقن وأبو جعفر صدوق.

قال أبو بكر الأعين: مشايخ خرسان ثلاثة: أولهم: قتيبة والثاني: محمد بن مهران والثالث: علي بن حجر.

قال البخاري: مات محمد بن مهران في أول سنة تسع وثلاثين ومائتين أو قريبًا منه.

قرأت على أحمد بن هبة الله، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم القصار، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن سنة تسع وأربعين وأربعمائة، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسين الطبركي بالري، حدثنا أبو جعفر الجمال، حدثنا عيسى بن يونس عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يترك عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا، وأضلوا"

(1)

.

هذا غريب من طريق عيسى. قال أبو أحمد: ما كتبناه إلا من هذا الطريق.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "2/ 203"، والبخاري "100"، ومسلم "2673"، والترمذي "2652"، وابن ماجه "52".

ص: 170

‌1849 - الخازن

(1)

:

الإمام محدث همذان، أبو الحسن الحارث بن عبد الله بن إسماعيل بن عقيل الهمذاني، المعروف: بالخازن. قيل: كان خازنًا لبعض الخلفاء.

روى عن: أبي معشر نجيح، وقيس بن الربيع، وإسماعيل بن جعفر، وإبراهيم بن سعد، وهشيم.

وعنه: إبراهيم بن أحمد بن يعيش، ومحمد بن عبد الجبار سندول، وموسى بن هارون، والحسن بن سفيان، ومحمد بن إسحاق المسوحي، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، وخلق.

قال أبو زرعة: لم يبلغني أنه أخطأ إلا في حديث واحد كأنه دخل له حديث في حديث. ولينه: ابن عدي.

توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين وكان أبوه من خزان الخلافة.

(1)

ترجمته في المجروحين لابن حبان "1/ 222"، والكامل لابن عدي "2/ ترجمة 370"، وميزان الاعتدال "1/ 437".

ص: 170

‌1850 - سُرَيْجُ بن يونس

(1)

: " خ، م، س"

ابن إبراهيم، الإمام، القدوة، الحافظ، أبو الحارث المروزي، ثم البغدادي.

حدث عن: إسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وعباد بن عباد، ويوسف بن الماجشون، وإسماعيل بن مجالد، وأبي إسماعيل المؤدب، ويحيى بن أبي زائدة، ومروان بن شجاع، وطبقتهم، فأكثر.

حدث عنه: مسلم، وبواسطة البخاري، والنسائي، وبقي بن مخلد، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم صاعقة، وأبو زرعة، وموسى بن هارون، وأبو جعفر الحضرمي، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعدد كثير.

سئل أحمد بن حنبل عنه، فقال: صاحب خير.

وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.

وقال صالح جزرة: ثقة جدًّا عابد.

وقال أبو حاتم: صدوق.

قال عبد الله بن أحمد: سمعت سُرَيْج بن يونس، يقول: رأيت رب العزة في المنام، فقال: سل حاجتك. فقلت: رحمان سربسر -يعني: رأسا برأس.

قلت: كان سريج من الأئمة العابدين، له أحوال، وكان رأسا في السنة.

قال البخاري: مات في شهر ربيع الأول، سنة خمس وثلاثين ومائتين.

أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن العلوي، وأحمد بن محمد الحافظ قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا ابن عفيف، أخبرنا بن أبي شريح، أخبرنا عبد الله البغوي، حدثنا عمرو الناقد، وسريج بن يونس، وابن عباد، وابن المقرئ، قالوا: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار، أخبرني عمرو بن أوس قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أردف عائشة، فأعمرها من التنعيم.

أخرجه البخاري

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 257"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 2508"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 64"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1328"، وتاريخ بغداد "9/ 219"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 272"، والعبر "1/ 421"، والكاشف "1/ ترجمة 1828"، وتهذيب التهذيب "3/ 457"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2364"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 84".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "1784".

ص: 171

‌1851 - عَمرو الناقد

(1)

: " خ، م، د"

هو: الإمام، الحافظ، الحجة، أبو عثمان عمرو بن محمد بن بكير بن سابور، البغدادي، الناقد، نزيل الرقة.

حدث عن: هشيم، وأبي خالد الأحمر، وسفيان بن عيينة، وحفص بن غياث، ومعتمر بن سليمان، وأبي معاوية الضرير، وعبد الرزاق بن همام، وطبقتهم. وكان من أوعية العلم.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن إبراهيم السراج، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وجعفر الفريابي، وخلق سواهم.

قال أحمد بن حنبل: كان عمرو الناقد يتحرى الصدق.

وقال أبو حاتم: ثقة، أمين.

وقال الحسين بن فهم: كان ثقة، صاحب حديث، فقيهًا، من الحفاظ المعدودين.

مات لأربع خلون من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ببغداد. وكذا أرخه في الشهر غير واحد.

قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة الله بن الحسين، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي إملاء، قال: قرئ على أبي القاسم البغوي، وأنا أسمع: حدثكم عمرو الناقد، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم"

(2)

.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 358"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2682"، والكنى للدولابي، "2/ 26"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1451"، وتاريخ بغداد "12/ 205"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 328"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 452"، والكاشف "2/ ترجمة 4292"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 6442"، وتهذيب التهذيب "8/ 96"، وتقريب التهذيب "2/ 78"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 5376"، وشذرات الذهب "2/ 75".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "735"، وأبو داود "950"، والنسائي "3/ 223"، وابن ماجه "1229"، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، به.

ص: 172

‌1852 - خلف بن سالم

(1)

: " س"

الإمام، الحافظ، المجود، أبو محمد السندي، المهلبي، البغدادي، مولى آل المهلب، من كبار الحفاظ.

ولد بعد الستين ومائة.

وحدث عن: هشيم، وأبي بكر بن عياش، وأبي معاوية، وطبقتهم، وارتحل إلى عبد الرزاق.

حدث عنه: أحمد بن أبي خثيمة، والحسن بن علي المعمري، ويعقوب بن شيبة، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعدة.

وأخرج له النسائي حديثًا في "سننه"، وكان موصوفًا بالحفظ، ومعرفة الرجال.

ومن مشايخه: إسماعيل ابن علية، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن جعفر غندر، ويحيى بن سعيد القطان. وكان صديقًا لأحمد بن حنبل.

مات في سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وكان لسعة حفظه يتبع الغرائب.

قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد الله عنه فقال: ما أعرفه يكذب نقموا عليه بتتبعه هذه الأحاديث.

وقال فيه يحيى بن معين: صدوق.

قال يعقوب بن شيبة: كان ثقة، ثبتًا، كان أثبت من مسدد والحميدي.

قال الصوفي: توفي لسبع بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين.

أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ، أخبرنا يحيى بن أبي السعود اليربوعي، قال: أخبرتنا فخر النساء شهدة

(2)

، أخبرنا أبو عبد الله النعالي، أخبرنا أبو عمر الفارسي، أخبرنا

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 354"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 665"، والكنى للدولابي "2/ 95"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1690"، وتاريخ بغداد "8/ 328"، واللباب لابن الأثير "3/ 178"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 495"، والكاشف "1/ ترجمة 1411"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2540"، وتهذيب التهذيب "3/ 152"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1854".

(2)

هي: شهدة بنت المحدث أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري، ثم البغدادي الإتبري الجهة المعمرة، والكاتبة، مسندة العراق، فخر النساء. ولدت بعد الأربعين وأربعمائة، قال ابن الجوزي: قرأت عليها، وكان خط حسن، وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير، وعمرت حتى قاربت المائة، توفيت في رابع عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء، ترجمتها في "السير" هذا "5145"، في الجزء الثالث عشر من كتابنا هذا. وفي "العبر""4/ 220"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 248".

ص: 173

محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة حدثنا جدي حدثنا خلف بن سالم حدثنا وهب بن جرير حدثنا جويرية حدثنا يحيى بن سعيد عن عمه قال لما كان اليوم الذي أصيب فيه عمار إذا رجل قد برز بين الصفين جسيم على فرس جسيم ضخم ينادي بصوت موجع روحوا إلى الجنة يا عباد الله ثلاث مرات. الجنة تحت ظلال السيوف فثار الناس فإذا هو عمار بن ياسر فلم يلبث إن قتل.

‌1853 - جبارة بن المغلس

(217)

الشيخ المعمر المحدث أبو الحماني الكوفي.

حدث عن شبيب بن شيبة وأبي بكر النهشلي وقيس بن الربيع وعبد الأعلى بن أبي المساور وأبي شيبة العبسي إبراهيم بن عثمان وأبي عوانة والكبار.

حدث عنه بن ماجة في سننه وأحمد بن الصلت الحماني بن أخيه وبقي بن مخلد وعبد الله بن أحمد ومطين والحسن بن سفيان وأبو يعلى الموصلي والحسين بن إدريس والحسن بن بحر البيروذي بذال معجمة وعبدان الأهوازي وعدة.

قال عبد الله بن أحمد عرضت على أبي أحاديث سمعتها من جبارة فأنكر بعضها وقال هذه موضوعة.

وقال البخاري مضطرب الحديث.

وعن بن معين هو كذاب.

وقال بن نمير كان يوضع له فيحدث.

قال موسى بن هارون توفي سنة إحدى وأربعين ومئتين وقد قارب المئة.

(217)

ترجمة ابن سعد (6/ 415)، والجرح والتعديل (2/ ترجمة 2284)، والمجروحين لابن حبان (1/ 221)، والكامل لابن عدى (2/ ترجمة 369)، والأنساب للسمعاني (4/ 237)، والعبر (1/ 435)، وميزان الاعتدال (1/ 387)، زتهذيب التهذيب (2/ 57)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 98).

ص: 174

‌1854 - عثمان بن أبي شيبة

(218)

هو الإمام الحافظ الكبير المفسر أبو الحسن عثمان بن محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواستى العبسي مولاهم الكوفي صاحب التصانيف واخو الحافظ أبي بكر.

ولد بعيد الستين ومئة.

وحدث عن شريك وأبي الأحوص وجرير بن عبد الحميد وهشيم بن بشير وسفيان بن عيينة وحميد بن عبد الرحمن وطلحة بن يحيى الزرقي وعبد الله بن المبارك وعلي بن مسهر وعبدة بن سليمان وإسماعيل بن علية وأبي معاوية ووكيع وبن فضيل ويحيى بن آدم وعفان وأبي نعيم ويزيد بن هارون وخلق كثير.

حدث عنه البخاري ومسلم واحتجا به في كتابيهما وأبو داود وبن ماجة في سننهما وأبو حاتم والفسوي وإبراهيم الحربي وإبراهيم بن أبي طالب وبقي بن مخلد وعبد الله بن أحمد وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وزكريا خياط السنة وأبو يعلى والفريابي والبغوي وأحمد بن الحسن الصوفي وولده الحافظ محمد بن عثمان ومطين وعدد كثير.

سئل عنه أحمد بن حنبل فأثنى عليه وقال ما علمت إلا خيراً.

وقال يحيى بن معين ثقة مأمون.

قلت لا ريب أنه كان حافظاً متقناً وقد تفرد في سعة علمه بخبرين منكرين عن جرير الضبي ذكرتهما في كتاب ميزان الاعتدال. غضب أحمد بن حنبل منه لكونه حدث بهما. وهو مع ثقته صاحب دعابة حتى فيما يتصحف من القرآن العظيم سامحه الله.

قال إبراهيم بن أبي طالب جئته فقال لي إلى متى لا يموت إسحاق بن راهويه؟ فقلت له شيخ مثلك يتمنى هذا؟! قال دعني فلو مات لصفا لي جرير بن عبد الحميد. قلت فما عاش بعد إسحاق سوى خمسة أشهر.

(218)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2308)، والضعفاء الكبير للعقيلي (2/ ترجمة 1223)، والجرح والتعديل (6/ترجمة 913)، وتاريخ بغداد (11/ 283)، والكاشف (2/ ترجمة 3789)، والمغني (2/ترجمة 4027)، وميزان الاعتدال (3/ترجمة 5518)، والعبر (1/ 430) و (2/ 148)، وتذكرة الحفاظ (2/ 450)، وتهذيب التهذيب (7/ 149)، وتقريب التهذيب (2/ 13)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة رقم 4782)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 92).

ص: 175

الدارقطني أخبرنا أحمد بن كامل حدثني الحسن بن الحباب إن عثمان بن أبي شيبة قرأ عليهم في التفسير "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل" الفيل: 1، فقالها ألف لام ميم.

قلت هو إما سبق لسان أو انبساط محرم.

وقال القاضي علي بن محمد بن كاس حدثنا إبراهيم الخصاف قال قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير "فلما جهزهم بجهازهم جعل" السفينة فنادوا "السقاية" يوسف: 70، فقال أنا وأخي لا نقرأ لعاصم.

وقد أكثر عنه البخاري في صحيحه.

قلت وكان شيخاً لا يخضب وأخوه أحفظ منه.

قال مطين مات عثمان في ثالث المحرم سنة تسع وثلاثين ومئتين.

وفيها مات عبد الله بن عمر بن أبان بالكوفة وحكيم بن سيف بالرقة والحسن بن حماد الوراق الصيني ومحمد بن العباس صاحب الشامة ومحمد بن مهران الرازي الجمالي ووهب بن بقية والصلت بن مسعود الجحدري قاضي سامراء وداود بن رشيد ومحمود بن غيلان ومحمد بن النضر بن مساور وابراهي بن يوسف البلخي.

أخبرنا عبد الحافظ ويوسف الحجار قالا أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن البناء أخبرنا علي بن أحمد أخبرنا محمد بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا بن إدريس وجرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى فيها خيراً إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة"

(219)

.

أخرجه مسلم عن عثمان.

(219)

صحيح: أخرجه مسلم (757)(166).

ص: 176

‌1855 - الزيادي

(220)

الإمام الحافظ الثقة الجليل محمد بن زياد بن عبيد الله بن الربيع بن زياد بن أبيه الزيادي البصري من أولاد أمير العراق زياد الذي استلحقه معاوية.

ولد في حدود سنة ستين ومئة.

وسمع من حماد بن زيد ويزيد بن زريع وعبد الوارث التنوري وإبراهيم بن أبي يحيى المدني ومسلم بن خالد الزنجي ومعتمر بن سليمان وفضيل بن عياض وفضيل بن سليمان وطبقتهم. وكان يقال له اليؤيؤ.

حدث عنه البخاري وبن ماجة وبن خزيمة وبن صاعد وعبد الله بن إسحاق المدائني وأبو عروبة الحراني ومحمد بن حصن الآلوسي ومحمد بن هارون الروياني ومحمد بن أحمد بن سليمان الهروي وعبد الله بن عروة الهروي وعدد كثير.

وكان أسند من بقي بالبصرة مع أبي الأشعث.

ذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ.

وأخرج عنه البخاري حديثاً واحداً كالمقرون بغيره عن غندر.

وأظنه بلغ التسعين وبقي إلى حدود الخمسين ومئتين.

أخبرنا عبد الحافظ بنابلس ويوسف بن أحمد بدمشق قالا أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن البناء أخبرنا علي بن البسري أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا يحيى بن محمد حدثنا محمد بن زياد الزيادي حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر عن صفوان بن عسال المرادي قال كنا إذا كنا في سفر أو كنا مسافرين لم نخلع خفافنا ثلاثاً إلا من جنابة يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن من غائط أو بول

(221)

.

(220)

ترجمته في الكاشف (3/ ترجمة 4928)، والمغنى (2/ترجمة 5516)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7545)، وتهذيب التهذيب (9/ 169) وتقريب التهذيب (2/ 161)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6226).

(221)

حسن: أخرجه الترمذي (96)، والنسائي (1/ 83 - 84)، وابن ماجه (478).

ص: 177

‌1856 - مشكدانة

(222)

المحدث الإمام الثقة أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح بن عمير القرشي الأموي مولى عثمان رضي الله عنه.

سمع عبد العزيز الدراوردي وعلي بن هاشم وبن المبارك وعبيد الله الأشجعي ويحيى بن أبي زائدة ومحمد بن فضيل وعدة من جلة الكوفيين.

حدث عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة وأبو بكر بن علي المروزي والبغوي والسراج أبو العباس ومحمد بن إبراهيم السراج ومحمد بن عبدوس بن كامل السراج.

قال أبو حاتم صدوق.

وقال أبو العباس الثقفي رأى مشكدانة على كتاب رجل مشكدانة فغضب. وقال لقبني بها أبو نعيم كنت إذا أتيته تلبست وتطيبت فإذا راني قال جاء مشكدانة.

وقيل هو وعاء المسك. ومشك مسك.

وقيل كان مشكدانة شيعياً.

وضبط بن الصلاح مشكدانة بضم أوله وفتح ثالثه. وقال شيخنا المزي في الكاف الضم أيضاً وذلك جائز.

قال بن عساكر مات في المحرم سنة تسع وثلاثين ومئتين رحمه الله.

‌1857 - يحيى بن حبيب بن عربي

(223)

الإمام الحافظ الثبت أبو زكريا البصري.

(222)

ترجمته في التاريخ الكبير (5/ترجمة 442)، والضعفاء الكبير (2/ترجمة 845)، والجرح والتعديل (5/ترجمة 505)، والأنساب للسمعاني (3/ 269)، والكاشف (2/ترجمة 2907)، والمغنى (1/ ترجمة 2380)، وميزان الاعتدال (2/ ترجمة 4473) والعبر (1/ 430)، وتهذيب التهذيب (5/ 132)، وتقريب التهذيب (1/ 435)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3681)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (3/ 92).

(223)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ترجمة 581)، والإكمال لابن ماكولا (6/ 177)، والأنساب للسمعاني (8/ 425)، واللباب لابن الأثير (2/ 333)، والكاشف (3/ترجمة 6259)، وتهذيب التهذيب (11/ 195)، وتقريب التهذيب (2/ 345).

ص: 178

حدث عن حماد بن زيد ويزيد بن زريع ومرحوم بن عبد العزيز العطار ومعتمر بن سليمان وجماعة.

حدث عنه الجماعة سوى البخاري وعبدان الأهوازي وزكريا الساجي وإمام الأئمة بن خزيمة وآخرون.

قال النسائي ثقة مأمون قل شيخ رأيت مثله بالبصرة.

قلت هو أكبر شيخ لقيه عمر بن محمد بن بجير الحافظ. وقد وثقه غير واحد.

ومات في عشر التسعين في سنة ثمان وأربعين ومئتين.

‌1858 - سندول

(224)

محمد بن عبد الجبار القرشي الهمذاني محدث همذان.

روى عن سفيان بن عيينة ويزيد بن هارون وأبي نعيم وطائفة.

وعنه إبراهيم بن أحمد بن يعيش البغدادي وإبراهيم بن مسعود وأبو داود في المراسيل ومطين الحضرمي وأبو ميسرة محمد بن حسين والليث بن إدريس ومحمد بن إبراهيم بن زياد وآخرون.

قال صالح بن أحمد الحافظ صنف كتباً كثيرة وهو أحد الثقات والصالحين.

وقال غيره كان كثير الغزو والحج والعبادة كبير القدر.

يقال إن يحيى بن معين أخذ له بركابه ويقال حج أربعين حجة رحمة الله عليه.

‌1859 - بن كاسب

(225)

الحافظ المحدث الكبير أبو الفضل يعقوب بن حميد بن كاسب المدني نزيل مكة.

حدث عن إبراهيم بن سعد وعبد العزيز بن أبي حازم عبد الله بن وهب والدراوردي وبن عيينة وخلق كثير.

(224)

ترجمته في تهذيب التهذيب (9/ 289)، وتقريب التهذيب (2/ 182)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6417).

(225)

ترجمته في التاريخ الكبير (8/ترجمة 3481)، والضعفاء الكبير للعقيلي (4/ترجمة 2075)، والجرح والتعديل (9/ترجمة 861)، الكامل لابن عدى (7/ ترجمة 2061)، والكاشف (3/ترجمة 6501) والمغنى (2/ترجمة 7187)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 477)، والعبر (1/ 436)، وميزان الاعتدال (4/ 450) وتهذيب التهذيب (1/ 383)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 99).

ص: 179

حدث عنه بن ماجة وإسماعيل القاضي وأبو بكر بن أبي عاصم والبخاري خارج الصحيح وفي الصحيح فيما يغلب على ظني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وخلق سواهم. وكان من أئمة الأثر على كثرة مناكير له.

قال البخاري لم نر إلا خيراً.

وقال أبو حاتم ضعيف الحديث.

وقال النسائي ليس بشيء.

وروى مضر بن محمد عن يحيى بن معين ثقة كذا قال مضر.

وروى عباس الدوري عن يحيى ليس بثقة.

وسئل أبو زرعة عنه فحرك رأسه.

وقال القاسم بن عبد الله بن مهدي قلت لأبي مصعب عمن أكتب بمكة؟ قال عليك بشيخنا أبي يوسف يعقوب بن حميد.

وقال بن عدي لا بأس به وبرواياته هو كثير الحديث كثير الغرائب كتبت مسنده عن القاسم بن عبد الله عنه صنفه على الأبواب. وفيه من الغرائب والنسخ والأحاديث العزيزة وشيوخ أهل المدينة ممن لا يروي عنهم غيره.

قال زكريا بن يحيى الحلواني رأيت أبا داود السجستاني قد جعل حديث يعقوب بن كاسب وقايات على ظهور كتبه فسألته عنه فقال رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها فطالبناه بالأصول فدافعنا ثم أخرجها بعد فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيرة بخط طري كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها. سمع العقيلي هذا من زكريا.

العقيلي حدثنا الفريابي حدثنا يعقوب بن حميد حدثنا حاتم بن إسماعيل عن النعمان بن ثابت عن يعلى بن عطاء عن عمارة بن حديد عن صخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم بارك لأمتي في بكورها"

(226)

.

تفرد به يعقوب وقد رواه شعبة وهشيم عن يعلى.

(226)

صحيح: أخرجه أبو داود (2606)، والترمذي (1212)، وابن ماجه (2236) وأحمد (3/ 416 - 417 و 432) و (4/ 384 و 390 - 391).

وقال الترمذي في إثره: حديث حسن، ولا نعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.

وللحديث شواهد: عن ابن عمر: عند ابن ماجه (2238)، والطبراني في "الأوسط"(3312). =

ص: 180

قال البخاري في صحيحه في موضعين من الصلح وفيمن شهد بدراً حدثنا يعقوب حدثنا إبراهيم بن سعد فالراجح أنه بن كاسب. وقال قائل هو يعقوب الدورقي وهو بعيد. وما أجزم بأن الدورقي سمع إبراهيم بن سعد ويحتمل. فأما من قال هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد فقد أخطأ فإن البخاري لم يدركه. ومنهم من جوز إن يكون يعقوب بن محمد الزهري المدني أحد الضعفاء.

مات بن كاسب في آخر سنة إحدى وأربعين ومئتين.

‌1860 - محمد بن أبي السري

(227)

الحافظ العالم الصادق أبو عبد الله بن متوكل العسقلاني.

سمع فضيلاً ومعتمر بن سليمان ورشدين بن سعد وبن عيينة وبن وهب وزيد بن أبي الزرقاء وعبد الرزاق وعدة.

حدث عنه أبو داود وبكر بن سهل والحسن بن سفيان وعلي بن محمد الحكاني ومحمد بن الحسن بن قتيبة وجعفر الفريابي وخلق.

وكان محدث فلسطين. وثقة يحيى بن معين.

وقال بن حبان كان من الحفاظ.

وقال بن عدي كان كثير الغلط.

وقال أبو حاتم لين الحديث.

قلت كان من أوعية الحديث.

توفي سنة ثمان وثلاثين. وهو أخو الحسين بن أبي السري.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا محمد بن أحمد ومحمد بن عمر ومحمد بن علي قالوا حدثنا أبو جعفر بن المسلمة أخبرنا عبيد الله بن عبد

= وعن أبي هريرة: عند ابن ماجه (2237)، وعن جابر: عند الطبراني في الأوسط (996)، وعن أبي بكرة: عند الطبراني في الأوسط (2975).

فالحديث بمجموع هذه الشواهد صحيح والله -تعالى- أعلى وأعلم.

(227)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ ترجمة 757)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (3/ 330)، والجرح والتعديل (8/ ترجمة 452)، والكاشف (3/ ترجمة 5218)، والمغني (2/ ترجمة 5938) وميزان الاعتدال (4/ترجمة 8114)، وتهذيب التهذيب (9/ 424)، وتقريب التهذيب (2/ 204)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6621).

ص: 181

الرحمن حدثنا جعفر الفريابي أخبرنا محمد بن أبي السري حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن سفيان قال خلاف ما بيننا وبين المرجئة ثلاث يقولون الإيمان قول ولا عمل ونقول قول وعمل. ونقول إنه يزيد وينقص وهم يقولون لا يزيد ولا ينقص ونحن نقول النفاق وهم يقولون لا نفاق.

‌1861 - سالم بن حامد

نائب دمشق للمتوكل كان ظلوماً عسوفاً شد عليه طائفة من أشراف العرب فقتلوه بباب دار الإمارة يوم جمعة سنة بضع وثلاثين ومئتين. فبلغ المتوكل فتنمر وقال من للشام في صولة الحجاج؟ فندب أفريدون التركي فسار في سبعة آلاف فارس. ورخص له المتوكل في بذل السيف ضحوتين وفي نهب البلد. فنزل ببيت لهيا. فلما أصبح قال يا دمشق أيش يحل بك اليوم مني. فقدمت له بغلة دهماء ليركبها فضربته بالزوج على فؤاده فقتلته. فقبره كان معروفاً ببيت لهيا ورد عسكره إلى العراق. ثم جاء بعد المتوكل إلى دمشق وأنشأ قصراً بداريا وصلح الحال.

‌1862 - عبد الحكم

(228)

بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين الفقيه الأوحد أبو عثمان المصري أخو محمد مفتي مصر وعبد الرحمان صاحب التاريخ.

سمع أباه وبن وهب. وكان ذا علم وعمل.

عذب ودخن عليه حتى مات مظلوماً سنة سبع وثلاثين ومئتين كهلاً اتهم بودائع لعلي بن الجروي.

قال بن أبي دليم لم يكن في إخوته أفقه منه.

وألزم بنو عبد الحكم في كائنة بن الجروي بأكثر من ألف ألف دينار ونهبت دورهم. وبعد مدة جاء كتاب المتوكل بإطلاقهم ورد بعض أموالهم عليهم. وأخذ القاضي الأصم وحلقت لحيته وضرب بالسياط وطيف به على حمار. وكان جهمياً ظلوماً.

قال أبو الطاهر بن أبي عبيد الله المديني لم يكن في أصحاب بن وهب أتقن ولا أجود خطأً من عبد الحكم.

(228)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ترجمة 194)، ولسان الميزان (3/ترجمة 293).

ص: 182

وقال يحيى بن عثمان بن صالح أحضر بنو عبد الحكم شهوداً بأن بن الجروي أبرأهم فأحضر وكيل بن الجروي من شهد بخلاف ذلك حتى كاد إن تجري فتنة كبيرة. وبعث المتوكل مستخرجاً للمال فحكم على آل عبد الحكم بألف ألف دينار وأربع مئة ألف دينار وأربعة آلاف دينار.

‌1863 - ديك الجن

(229)

كبير الشعراء أبو محمد عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب الكلبي الحمصي السلماني الشيعي.

طريف ماجن خمير خليع بطال. وله مراث في الحسين.

مر به أبو نواس بحمص فأضافه وقال فتنت الناس بقولك

موردة من كف ظبي كأنما

تناولها من خده فأدارها

وكان له مملوك مليح وسرية فوجدهما في لحاف فقتلهما ثم تأسف عليهما ورثاهما. وكان يصبغ لحيته بزنجار.

مات سنة خمس أو ست وثلاثين ومئتين.

‌1864 - بن عمار

(230)

الوزير الكامل أبو العباس أحمد بن عمار بن شاذي البصري وزير المعتصم وقور رزين مهيب ذو عفة وصدق وخير. وكان جده طحاناً.

ولى المعتصم أحمد العرض فعرض الكتب عليه أشهراً فورد كتاب بليغ من الأمير عبد الله بن طاهر. فقال المعتصم أجبه عنه سراً لا تعلم به أحدًا. فعجز واحتاج إلى كاتب. وعرف بذلك المعتصم فصرفه واستكتب بن الزيات وكان أحد البلغاء.

الصولي أخبرنا الباقطاني أخبرنا أبي قال كان بن عمار يتصدق في كل يوم بمئة دينار فكلم في كثرة ذلك فقال هو من فضل غلتي ومن رزقي.

وجاء كتاب من الجبل بالإقبال وكثرة الغلال والكلأ. فقال له المعتصم ما الكلأ؟ فما عرف فسأل بن الزيات فقال ما رطب من الحشيش.

(229)

ترجمته في الأغانى لأبي الفرج الأصبهاني (14/ 51)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (3/ترجمة 384).

(230)

ترجمته في الوافى بالوفيات لصلاح الدين الصَّفدى (7/ 255).

ص: 183

وقيل كان بن عمار يختم القرآن في كل ثلاث ثم إنه حج وجاور.

توفي سنة ثمان وثلاثين ومئتين بالبصرة في الكهولة في آخرها.

‌1865 - إبراهيم بن محمد

(231)

بن العباس بن عثمان بن شافع الإمام المحدث أبو إسحاق القرشي المطلبي المكي بن عم الإمام الشافعي.

حدث عن الحارث بن عمير وحماد بن زيد وجده لأمه محمد بن علي بن شافع والمنكدر بن محمد وسفيان بن عيينة وداود العطار وجماعة.

روى عنه بن ماجة وأحمد بن سيار وبقي بن مخلد ومطين وبن أبي عاصم ومحمد بن محمد بن رجاء وآخرون ومسلم في غير صحيحه وروى النسائي عن رجل عنه.

قال النسائي والدارقطني ثقة.

وقال أبو حاتم صدوق.

مات سنة ثمان وثلاثين ومئتين. وقيل سنة سبع.

‌1866 - الخزاعي

(232)

الإمام الكبير الشهيد أبو عبد الله أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي المروزي ثم البغدادي. كان جده أحد نقباء الدولة العباسية وكان أحمد أماراً بالمعروف قوالاً بالحق.

سمع من مالك وحماد بن زيد وهشيم وبن عيينة. وروى قليلاً.

حدث عنه عبد الله بن الدورقي ومحمد بن يوسف بن الطباع ومعاوية بن صالح الأشعري وآخرون.

(231)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 407)، والعبر (1/ 425)، وتهذيب التهذيب (1/ 154) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 88).

(232)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ترجمة 173)، وتاريخ بغداد (5/ 173)، والأنساب للسمعاني (5/ 116)، والعبر (1/ 408)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 211) وتهذيب التهذيب (1/ 78)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 69).

ص: 184

قال بن الجنيد سمعت يحيى بن معين يترحم عليه وقال ختم الله له بالشهادة قد كتبت عنه وكان عنده مصنفات هشيم كلها وعن مالك أحاديث وكان يقول عن الخليفة ما دخل عليه من يصدقه. ثم قال يحيى ما كان يحدث ويقول لست هناك.

قال الصولي كان هو وسهل بن سلامة حين كان المأمون بخرسان بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قدم المأمون فبايعه سهل ولزم بن نصر بيته ثم تحرك في آخر أيام الواثق واجتمع إليه خلق يأمرون بالمعروف. قال إلى إن ملكوا بغداد وتعدى رجلان موسران من أصحابه فبذلا مالاً وعزما على الوثوب في سنة إحدى وثلاثين فنم الخبر إلى نائب بغداد إسحاق بن إبراهيم فأخذ أحمد وصاحبيه وجماعة ووجد في منزل أحدهما أعلاماً وضرب خادماً لأحمد فأقر بأن هؤلاء كانوا يأتون أحمد ليلاً ويخبرونه بما عملوا. فحملوا إلى سامراء مقيدين فجلس الواثق لهم وقال لأحمد دع ما أخذت له ما تقول في القرآن؟ قال كلام الله. قال أفمخلوق هو؟ قال كلام الله. قال فترى ربك في القيامة؟ قال كذا جاءت الرواية. قال ويحك يرى كما يرى المحدود المتجسم ويحويه مكان ويحصره ناظر؟ أنا كفرت بمن هذه صفته ما تقولون فيه؟ فقال قاضي الجانب الغربي هو حلال الدم ووأفقه فقهاء فأظهر أحمد بن أبي دواد أنه كاره لقتله. وقال شيخ مختل تغير عقله يؤخر. قال الواثق ما أراه إلا مؤدياً لكفره قائماً بما يعتقده ودعا بالصمصامة وقام وقال أحتسب خطاي إلى هذا الكافر. فضرب عنقه بعد إن مدوا له رأسه بحبل وهو مقيد ونصب رأسه بالجانب الشرقي وتتبع أصحابه فسجنوا.

قال الحسن بن محمد الحربي سمعت جعفر بن محمد الصائغ يقول رأيت أحمد بن نصر حين قتل قال رأسه لا اله إلا الله.

قال المروذي سمعت أحمد ذكر أحمد بن نصر فقال رحمه الله لقد جاد بنفسه.

وعلق في أذن أحمد بن نصر ورقه فيها هذا رأس أحمد بن نصر دعاه الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه فأبى إلا المعاندة فعجله الله إلى ناره. وكتب محمد بن عبد الملك.

وقيل حنق عليه الواثق لأنه ذكر للواثق حديثاً فقال تكذب. فقال بل أنت تكذب. وقيل إنه قال له يا صبي ويقول في خلوته عن الواثق فعل هذا الخنزير. ثم إن الواثق خاف من خروجه فقتله في شعبان سنة إحدى وثلاثين وكان أبيض الرأس واللحية.

ص: 185

ونقل عن الموكل بالرأس أنه سمعه في الليل يقرأ "يس" وصح أنهم أقعدوا رجلاً بقصبة فكانت الريح تدير الرأس إلى القبلة فيديره الرجل.

قال السراج سمعت خلف بن سالم يقول بعدما قتل بن نصر وقيل له ألا تسمع ما الناس فيه يقولون إن رأس أحمد بن نصر يقرأ؟!! فقال كان رأس يحيى يقرأ. وقيل رئي في النوم فقيل ما فعل الله بك؟ قال ما كانت إلا غفوة حتى لقيت الله فضحك إلي. وقيل إنه قال غضبت له فأباحني النظر إلى وجهه.

بقي الرأس منصوباً ببغداد والبدن مصلوباً بسامراء سنين إلى إن أنزل وجمع في سنة سبع وثلاثين فدفن رحمه الله عليه.

‌1867 - أحمد بن أبي دواد

(233)

القاضي الكبير أبو عبد الله أحمد بن فرج بن حريز الإيادي البصري ثم البغدادي الجهمي عدو أحمد بن حنبل. كان داعية إلى خلق القرآن له كرم وسخاء وأدب وافر ومكارم.

قال الصولي أكرم الدولة البرامكة ثم بن أبي دواد لولا ما وضع به نفسه من محبة المحنة.

ولد سنة ستين ومئة بالبصرة ولم يضف إلى كرمه كرم.

قال حريز بن أحمد بن أبي دواد كان أبي إذا صلى رفع يده إلى السماء وخاطب ربه ويقول

ما أنت بالسبب الضعيف وإنما

نجح الأمور بقوة الأسباب

فاليوم حاجتنا إليك وإنما

يدعى الطبيب لساعة الأوصاب

وقال أبو العيناء كان بن أبي دواد شاعراً مجيداً فصيحاً بليغاً ما رأيت رئيساً أفصح منه.

(233)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 141)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (1/ترجمة 32)، وميزان الاعتدال (1/ 97)، والعبر (1/ 431)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (7/ 281)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 302)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 93).

ص: 186

قال عون بن محمد الكندي لعهدي بالكرخ ولو إن رجلاً قال بن أبي دواد مسلم لقتل. ثم وقع الحريق في الكرخ فلم يكن مثله قط. فكلم بن أبي دواد المعتصم في الناس ورققه إلى إن أطلق له خمسة آلاف ألف درهم فقسمها على الناس وغرم من ماله جملة. فلعهدي بالكرخ ولو إن إنساناً قال زر أحمد بن أبي دواد وسخ لقتل.

ولما مات رثته الشعراء فمن ذلك

وليس نسيم المسك ريح حنوطه

ولكنه ذاك الثناء المخلف

وليس صرير النعش ما تسمعونه

ولكنه أصلاب قوم تقصف

وقد كان بن أبي دواد يوم المحنة إلباً علىالإمام أحمد يقول يا أمير المؤمنين اقتله هو ضال مضل.

قال عبد الله بن أحمد سمعت أبي سمعت بشر بن الوليد يقول استتبت أحمد بن أبي دواد من قوله القرآن مخلوق في ليلة ثلاث مرات ثم يرجع.

قال الخلال حدثنا محمد بن أبي هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ قال حضرت العيد مع أحمد بن حنبل فإذا بقاص يقول على بن أبي دواد اللعنة وحشا الله قبره ناراً. فقال أبو عبد الله ما أنفعهم للعامة.

وقال كان بن أبي دواد محسناً إلى علي بن المديني بالمال لأنه بلديه ولشيء آخر وقد شاخ ورمي بالفالج وعاده عبد العزيز الكناني وقال لم آتك عائداً بل لأحمد الله على إن سجنك في جلدك.

قال المغيرة بن محمد المهلبي مات هو وولده محمد منكوبين الولد أولاً ثم مات الأب في المحرم سنة أربعين ومئتين ودفن بداره ببغداد.

قلت صادره المتوكل وأخذ منه ستة عشر ألف ألف درهم وافتقر وولى القضاء يحيى بن أكثم ثم عزله بعد عامين وأخذ منه مئة ألف دينار وأربعة آلاف جريب كانت له بالبصرة. فالدنيا محن.

ص: 187

‌1868 - إسحاق بن إبراهيم

(234)

ابن مصعب الخزاعي أمير بغداد وليها نحواً من ثلاثين سنة وعلى يده امتحن العلماء بأمر المأمون في خلق القرآن.

وكان سائساً صارماً جواداً ممدحاً له فضيلة ومعرفة ودهاء.

مات سنة خمس وثلاثين ومئتين.

وولي بعده بغداد ابنه محمد.

‌1869 - الحسن بن سهل

(235)

الوزير الكامل أبو محمد حمو المأمون وأخو الوزير ذي الرئاستين الفضل بن سهل من بيت حشمة من المجوس فأسلم سهل زمن البرامكة فكان قهرماناً ليحيى البرمكي. ونشأ الفضل مع المأمون فغلب عليه وتمكن جداً إلى إن قتل. فاستوزر المأمون بعده أخاه ولم يزل في توقل إلى إن تزوج المأمون ببنته بوران سنة عشر ومئتين فلا يوصف ما غرم الحسن على عرسها. ويقال نابه على مجرد الوليمة والنثار أربعة آلاف ألف دينار.

وعاش بعد المأمون في أوفر عز وحرمة وكان يدعى بالأمير.

شكى إليه الحسن بن وهب الكاتب إضاقة فوصله بمئة ألف. ووصل محمد بن عبد الملك الزيات مرة بعشرين ألف ومرة بخمسة آلاف دينار.

وكان فرداً في الجود أراد إن يكتب لسقاء مرة ألف درهم فسبقته يده فكتب ألف ألف درهم فروجع في ذلك فقال والله لا أرجع عن شيء كتبته يدي فصولح السقاء على جملة.

مات بسرخس في ذي القعدة سنة ست وثلاثين ومئتين. وعاشت بوران إلى حدود السبعين ومئتين.

(234)

ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 84)، والعبر (1/ 420)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 396).

(235)

ترجمته في تاريخ بغداد (7/ 319)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (2/ترجمة 177)، والعبر (1/ 423)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 287)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 86).

ص: 188

‌1870 - بن الزيات

(236)

الوزير الأديب العلامة أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن أبان بن الزيات. كان والده زياتاً سوقياً فساد هذا بالأدب وفنونه وبراعة النظم والنثر ووزر للمعتصم وللواثق وكان معادياً لابن أبي دواد فأغرى بن أبي دواد المتوكل حتى صادر بن الزيات وعذبه.

وكان يقول بخلق القرآن ويقول ما رحمت أحداً قط الرحمة خور في الطبع. فسجن في قفص حرج جهاته بمسامير كالمسال فكان يصيح ارحموني فيقولون الرحمة خور في الطبيعة.

مات في سنة ثلاث وثلاثين ومئتين. وله ترسل بديع وبلاغة مشهورة وأخبار في وفيات الأعيان.

‌1871 - العلاف

(237)

شيخ الكلام ورأس الاعتزال أبو الهذيل محمد بن الهذيل بن عبيد الله البصري العلاف صاحب التصانيف والذكاء البارع. يقال قارب مئة سنة وخرف وعمي.

مات سنة ست وعشرين ويقال سنة خمس وثلاثين ومئتين.

ومولده سنة خمس وثلاثين ومئة.

لم يلق عمرو بن عبيد بل لازم تلميذه عثمان بن خالد الطويل وقيل ولاؤه لعبد القيس.

مات لصالح بن عبد القدوس المتكلم ولد فأتاه العلاف يعزيه فرآه جزعاً فقال ما هذا الجزع وعندك إن المرء كالزرع؟ قال يا أبا الهذيل جزعت عليه لكونه ما قرأ كتاب الشكوك لي. فمن قرأه يشك فيما كان حتى يتوهم أنه لم يكن وفيما لم يكن حتى يظن أنه كان. قال فشك أنت في موت ابنك وظن أنه لم يمت وشك أنه قد قرأ كتاب الشكوك.

(236)

ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 342)، والأنساب للسمعاني (6/ 356)، ووفيات الأعيان (5/ترجمة 696)، والعبر (1/ 414)، والوافى بالوفيات لصلاح لدين الصفدي (4/ 32) والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 271)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 78).

(237)

ترجمته في مروج الذهب للمسعودي (2/ 298)، والفهرست لابن النديم (203)، وتاريخ بغداد (3/ 366)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (4 /ترجمة 606)، والعبر (1/ 422)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 85).

ص: 189

ولأبي الهذيل كتاب في الرد على المجوس ورد على اليهود ورد على المشبهة ورد على الملحدين ورد على السوفسطائية وتصانيفه كثيرة ولكنها لا توجد.

‌1872 - ابن كلاب

(238)

رأس المتكلمين بالبصرة في زمانه أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان البصري صاحب التصانيف في الرد على المعتزلة وربما وأفقهم.

أخذ عنه الكلام داود الظاهري قاله أبو الطاهر الذهلي.

وقيل إن الحارث المحاسبي أخذ علم النظر والجدل عنه أيضاً.

وكان يلقب كلاباً لأنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبلاغته. وأصحابه هم الكلابية لحق بعضهم أبو الحسن الأشعري وكان يرد على الجهمية.

وقال بعض من لا يعلم إنه ابتدع ما ابتدعه ليدس دين النصارى في ملتنا وإنه أرضى أخته بذلك وهذا باطل والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة بل هو في مناظريهم. وكان يقول بأن القرآن قائم بالذات بلا قدرة ولا مشيئة. وهذا ما سبق إليه أبداً قاله في معارضة من يقول بخلق القرآن.

وصنف في التوحيد وإثبات الصفات وأن علو الباري على خلقه معلوم بالفطرة والعقل على وفق النص وكذلك قال المحاسبي في كتاب فهم القرآن. ولم أقع بوفاة بن كلاب. وقد كان باقياً قبل الأربعين ومئتين.

وذكر له بن النجار ترجمة فلم يحررها وذكر أنه كان في أيام الجنيد وسمع شيئاً من عبارات الصوفية وتعجب منه وهابه.

قال محمد بن إسحاق النديم وبن كلاب من نابته الحشوية له مع عباد بن سلمان مناظرات فيقول كلام الله هو الله فيقول عباد هو نصراني بهذا القول.

وقال أبو العباس البغوي قال لي فيثون النصراني رحم الله عبد الله كان يجيئني إلى البيعة وأخذ عني ولو عاش لنصرنا المسلمين. فقيل لفيثون ما تقول في المسيح؟ قال ما يقوله أهل سنتكم في القرآن.

ولابن كلاب كتاب الصفات وكتاب خلق الأفعال وكتاب الرد على المعتزلة.

(238)

ترجمته في الفهرست لابن النديم (230)، ولسان الميزان (3/ 290).

ص: 190

‌1873 - بن بنت السدي

(239)

الشيخ الإمام محدث الكوفة أبو محمد وقيل أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الفزاري الكوفي سبط إسماعيل السدي.

سمع عمر بن شاكر الراوي عن أنس وشريك بن عبد الله ومالك بن أنس وعبد الرحمن بن أبي الزناد وطبقتهم.

حدث عنه أبو داود والترمذي وبن ماجة وبن خزيمة وأبو عروبة وخلق.

قال أبو حاتم صدوق. سمعته يقول سمتني أمي باسم إسماعيل السدي فسألته عن قرابته من السدي فأنكر إن يكون بن بنته وإذا قرابته منه بعيدة. فهذه رواية ثابتة تدفع أنه بن ابنة السدي لكنه شيء غلب عليه.

وكان من شيعة الكوفة. وقيل كان غالياً.

قال عبدان الأهوازي أنكر علينا أبو بكر بن أبي شيبة أو هناد مضينا إلى إسماعيل بن موسى وقال أيش عملتم عند ذاك الفاسق الذي يشتم السلف. رواها بن عدي. ثم قال أوصل عن مالك حديثين وتفرد عن شريك بأحاديث وإنما أنكروا غلوه في التشيع.

وقال علي بن جعفر أخبرنا إسماعيل بن بنت السدي قال كنت في مجلس مالك فسئل عن فريضة فأجاب بقول زيد فقلت ما قال فيها علي وبن مسعود رضي الله عنهما فأومأ إلى الحجبة فلما هموا بي عدوت وأعجزتهم فقالوا ما نصنع بكتبه ومحبرته؟ فقال اطلبوه برفق فجاؤوا إلي فجئت معهم. فقال مالك من أين أنت؟ قلت من الكوفة قال فأين خلفت الأدب؟ فقلت إنما ذاكرتك لأستفيد. فقال إن علياً وعبد الله لا ينكر فضلهما وأهل بلدنا على قول زيد بن ثابت وإذا كنت بين قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكره.

توفي إسماعيل الفزاري في سنة خمس وأربعين ومئتين. وكان من أبناء التسعين سامحه الله.

(239)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ ترجمة 1028)، والجرح والتعديل (2/ترجمة 666) والأنساب للسمعاني (7/ 63)، واللباب لابن الأثير (1/ 444)، وميزان الاعتدال (1/ 251)، وتهذيب التهذيب (1/ 335)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 107).

ص: 191

ومات معه أحمد بن عبدة الضبي وهشام بن عمار وأبو الحسن أحمد بن محمد النبال مقرئ مكة وإسحاق بن أبي إسرائيل وأحمد بن نصر النيسابوري وذو النون المصري الواعظ وسوار بن عبد الله العنبري وعبد الله بن عمران العابدي ودحيم ومحمد بن رافع وأبو تراب النخشبي الزاهد.

‌1874 - أحمد بن حنبل

(240)

هو الإمام حقاً وشيخ الإسلام صدقاً أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر وائل الذهلي الشيباني المروزي ثم البغدادي أحد الأئمة الأعلام. هكذا ساق نسبه ولده عبد الله واعتمده أبو بكر الخطيب في تاريخه وغيره.

وقال الحافظ أبو محمد بن أبي حاتم في كتاب مناقب أحمد حدثنا صالح بن أحمد قال وجدت في كتاب أبي نسبه فساقه إلى مازن كما مر ثم قال بن هذيل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة كذا قال هذيل وهو وهم وزاد بعد وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن نبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليه.

وقال أبو القاسم البغوي حدثنا صالح بن أحمد فذكر النسب فقال فيه ذهل على الصواب. وهكذا نقل إسحاق الغسيلي عن صالح.

وأما قول عباس الدوري وأبي بكر بن أبي داود إن الإمام أحمد من بني ذهل بن شيبان فوهم غلطهما الخطيب وقال إنما هو من بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة ثم قال وذهل بن ثعلبة هم عم ذهل بن شيبان بن ثعلبة. فينبغي إن يقال فيه أحمد بن حنبل الذهلي على الإطلاق. وقد نسبه أبو عبد الله البخاري إليهما معاً.

(240)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 354)، والتاريخ الكبير (2/ ترجمة 1505)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 212)، والجرح والتعديل (1/ 292 - 313) و (2/ترجمة 126)، وحلية الأولياء (9/ ترجمة 445)، وتاريخ بغداد (4/ 412)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (1/ ترجمة 20) وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 438)، والعبر (1/ 435)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 304)، وتهذيب التهذيب (1/ ترجمة 126)، وتقريب التهذيب (1/ ترجمة 110)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 96).

ص: 192

وأما بن ماكولا فمع بصره بهذا الشأن وهم أيضاً. وقال في نسبه مازن بن ذهل بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة وما تابعه على هذا أحد.

وكان محمد والد أبي عبد الله من أجناد مرو مات شاباً له نحو من ثلاثين سنة. وربي أحمد يتيماً وقيل إن أمه تحولت من مرو وهي حامل به.

فقال صالح قال لي أبي ولدت في ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة. قال صالح جيء بأبي حمل من مرو فمات أبوه شاباً فوليته أمه.

وقال عبد الله بن أحمد وأحمد بن أبي خيثمة ولد في ربيع الآخر.

قال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول طلبت الحديث سنة تسع وسبعين فسمعت بموت حماد بن زيد وأنا في مجلس هشيم.

قال صالح قال أبي ثقبت أمي أذني فكانت تصير فيهما لؤلؤئتين فلما ترعرعت نزعتهما فكانت عندها ثم دفعتهما إلي فبعتهما بنحو من ثلاثين درهماً.

قال أبو داود سمعت يعقوب الدورقي سمعت أحمد يقول ولدت في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة.

شيوخه طلب العلم وهو بن خمس عشرة سنة في العام الذي مات فيه مالك وحماد بن زيد.

فسمع من إبراهيم بن سعد قليلاً ومن هشيم بن بشير فأكثر وجود ومن عباد بن عباد المهلبي ومعتمر بن سليمان التيمي وسفيان بن عيينة الهلالي وأيوب بن النجار ويحيى بن أبي زائد وعلي بن هاشم بن البريد وقران بن تمام وعمار بن محمد الثوري والقاضي أبي يوسف وجابر بن نوح الحماني وعلي بن غراب القاضي وعمر بن عبيد الطنافسي وأخويه يعلى ومحمد والمطلب بن زياد ويوسف بن الماجشون وجرير بن عبد الحميد وخالد بن الحارث وبشر بن المفضل وعباد بن العوام وأبي بكر بن عياش ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وعبدة بن سليمان ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية والنصر بن إسماعيل البجلي وأبي خالد الأحمر وعلي بن ثابت الجزري وأبي عبيدة الحداد وعبيدة بن حميد الحذاء ومحمد بن سلمة الحراني وأبي معاوية الضرير وعبد الله بن إدريس ومروان بن معاوية وغندر وبن علية ومخلد بن يزيد الحراني وحفص بن غياث وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن فضيل وعبد

ص: 193

الرحمن بن محمد المحاربي والوليد بن مسلم ويحيى بن سليم حديثاً واحداً ومحمد بن يزيد الواسطي ومحمد بن الحسن المزني الواسطي ويزيد بن هارون وعلي بن عاصم وشعيب بن حرب ووكيع فأكثر ويحيى القطان فبالغ ومسكين بن بكير وأنس بن عياض الليثي وإسحاق الأزرق ومعاذ بن معاذ ومعاذ بن هشام وعبد الأعلى السامي ومحمد بن أبي عدي وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن نمير ومحمد بن بشر وزيد بن الحباب وعبد الله بن بكر ومحمد بن إدريس الشافعي وأبي عاصم وعبد الرزاق وأبي نعيم وعفان وحسين بن علي الجعفي وأبي النضر ويحيى بن آدم وأبي عبد الرحمن المقرئ وحجاج بن محمد وأبي عامر العقدي وعبد الصمد بن عبد الوارث وروح بن عبادة وأسود بن عامر ووهب بن جرير ويونس بن محمد وسليمان بن حرب ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وخلائق إلى إن ينزل في الرواية عن قتيبة بن سعيد وعلي بن المديني وأبي بكر بن أبي شيبة وهارون بن معروف وجماعة من أقرانه.

فعدة شيوخه الذين روى عنهم في المسند مئتان وثمانون ونيف.

قال عبد الله حدثني أبي قال حدثنا علي بن عبد الله وذلك قبل المحنة. قال عبد الله ولم يحدث أبي عنه بعد المحنة بشيء.

قلت يريد عبد الله بهذا القول إن أباه لم يحمل عنه بعد المحنة شيئاً وإلا فسماع عبد الله بن أحمد لسائر كتاب المسند من أبيه كان بعد المحنة بسنوات في حدود سنة سبع وثمان وعشرين ومئتين وما سمع عبد الله شيئاً من أبيه ولا من غيره إلا بعد المحنة فإنه كان أيام المحنة صبياً مميزاً ما كان حله يسمع بعد والله أعلم.

حدث عنه البخاري حديثاً وعن أحمد بن الحسن عنه حديثاً آخر في المغازي. وحدث عنه مسلم وأبو داود بجملة وافرة وروى أبو داود والنسائي والترمذي وبن ماجة عن رجل عنه وحدث عنه أيضاً ولداه صالح وعبد الله وبن عمه حنبل بن إسحاق وشيوخه عبد الرزاق والحسن بن موسى الأشيب وأبو عبد الله الشافعي لكن الشافعي لم يسمه بل قال حدثني الثقة. وحدث عنه علي بن المديني ويحيى بن معين ودحيم وأحمد بن صالح وأحمد بن أبي الحواري ومحمد بن يحيى الذهلي وأحمد بن إبراهيم الدورقي وأحمد بن الفرات والحسن بن الصباح البزار والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني وحجاج بن الشاعر ورجاء بن مرجى وسلمة بن شبيب وأبو قلابة الرقاشي والفضل بن سهل الأعرج ومحمد بن منصور الطوسي وزياد بن أيوب وعباس الدوري

ص: 194

وأبو زرعة وأبو حاتم وحرب بن إسماعيل الكرماني وإسحاق الكوسج وأبو بكر الأثرم وإبراهيم الحربي وأبو بكر المروذي وأبو زرعة الدمشقي وبقي بن مخلد وأحمد بن أصرم المغفلي وأحمد بن منصور الرمادي وأحمد بن ملاعب وأحمد بن أبي خيثمة وموسى بن هارون وأحمد بن علي الأبار ومحمد بن عبد الله مطين وأبو طالب أحمد بن حميد وإبراهيم بن هانئ النيسابوري وولده إسحاق بن إبراهيم وبدر المغازلي وزكريا بن يحيى الناقد ويوسف بن موسى الحربي وأبو محمد فوران وعبدوس بن مالك العطار ويعقوب بن بختان ومهنى بن يحيى الشامي وحمدان بن علي الوراق وأحمد بن محمد القاضي البرتي والحسين بن إسحاق التستري وإبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهاني وأحمد بن يحيى ثعلب وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وإدريس بن عبد الكريم الحداد وعمر بن حفص السدوسي وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي ومحمد بن عبد الرحمن السامي وعبد الله بن محمد البغوي وأمم سواهم.

وقد جمع أبو محمد الخلال جزءاً في تسمية الرواة عن أحمد سمعناه من الحسن بن علي عن جعفر عن السلفي عن جعفر السراج عنه فعد فيهم وكيع بن الجراح ويحيى بن آدم.

قال الخطيب في كتاب السابق أخبرنا أبو سعيد الصيرفي حدثنا الأصم حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة من أصحابنا عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق إن عمر قال إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة

(241)

.

قال بن أبي حاتم أخبرنا أبو زرعة إن أحمد أصله بصري وخطته بمرو وحدثنا صالح سمعت أبي يقول مات هشيم فخرجت إلى الكوفة سنة ثلاث وثمانين وأول رحلاتي إلى البصرة سنة ست. وخرجت إلى سفيان سنة سبع فقدمنا وقد مات الفضيل بن عياض. وحججت خمس حجج منها ثلاث راجلاً أنفقت في أحداها ثلاثين درهماً. وقدم بن المبارك في سنة تسع وسبعين وفيها أول سماعي من هشيم فذهبت إلى مجلس بن المبارك فقالوا قد خرج إلى طرسوس وكتبت عن هشيم أكثر من ثلاثة آلاف ولو كان عندي خمسون درهماً لخرجت إلى جرير إلى الري. - قلت قد سمع منه أحاديث - قال وسمعت أبي يقول كتبت عن إبراهيم بن سعد في ألواح وصليت خلفه غير مرة فكان يسلم واحدة. وقد روى عن أحمد من شيوخه بن مهدي.

(241)

صحيح: أخرجه عبد الرزاق (9689)، وإسناده صحيح.

ص: 195

فقرأت على إسماعيل بن الفراء أخبرنا بن قدامة أخبرنا المبارك بن خضير أخبرنا أبو طالب اليوسفي أخبرنا إبراهيم بن عمر أخبرنا علي بن عبد العزيز حدثنا بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول كان أحمد بن حنبل عندي فقال نظرنا فيما كان يخالفكم فيه وكيع أو فيما يخالف وكيع الناس فإذا هي نيف وستون حديثاً.

روى صالح بن أحمد عن أبيه قال مات هشيم وأنا بن عشرين سنة وأنا أحفظ ما سمعت منه.

ومن صفته قال بن ذريح العكبري طلبت أحمد بن حنبل فسلمت عليه وكان شيخاً مخضوباً طوالاً أسمر شديد السمرة. قال أحمد سمعت من علي بن هاشم سنة تسع وسبعين فأتيته المجلس الآخر وقد مات. وهي السنة التي مات فيها مالك وأقمت بمكة سنة سبع وتسعين وأقمت عند عبد الرزاق سنة تسع وتسعين. ورأيت بن وهب بمكة ولم أكتب عنه.

قال محمد بن حاتم ولي حنبل جد الإمام سرخس وكان من أبناء الدعوة فحدثت أنه ضربه المسيب بن زهير ببخاري لكونه شغب الجند.

وعن محمد بن عباس النحوي قال رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه ربعة يخضب بالحناء خضاباً ليس بالقاني في لحيته شعرات سود ورأيت ثيابه غلاظاً بيضاً ورأيته معتماً وعليه إزار.

وقال المروذي رأيت أبا عبد الله إذا كان في البيت عامة جلوسه متربعاً خاشعاً. فإذا كان برا لم يتبين منه شدة خشوع وكنت أدخل والجزء في يده يقرأ.

رحلته وحفظه قال صالح سمعت أبي يقول خرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة فحججت فرجعت إلى أمي ولم أكن استأذنتها.

وقال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول تزوجت وأنا بن أربعين سنة فرزق الله خيراً كثيراً.

ص: 196

قال أبو بكر الخلال في كتاب أخلاق أحمد وهو مجلد أملى علي زهير بن صالح بن أحمد قال تزوج جدي عباسة بنت الفضل من العرب فلم يولد له منها غير أبي. وتوفيت فتزوج بعدها ريحانة فولدت عبد الله عمي ثم توفيت فاشترى حسن فولدت أم علي زينب وولدت الحسن والحسين توأما وماتا بقرب ولادتهما ثم ولدت الحسن ومحمداً فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو من أربعين سنة ثم ولدت سعيداً.

قيل كانت والدة عبد الله عوراء وأقامت معه سنين.

قال المروذي قال لي أبو عبد الله اختلفت إلى الكتاب ثم اختلفت إلى الديوان وأنا بن أربع عشرة سنة.

وذكر الخلال حكايات في عقل أحمد وحياته في المكتب وورعه في الصغر.

حدثنا المروذي سمعت أبا عبد الله يقول مات هشيم ولي عشرون سنة فخرجت أنا والأعرابي رفيق كان لأبي عبد الله قال فخرجنا مشاة فوصلنا الكوفة يعني في سنة ثلاث وثمانين فأتينا أبا معاوية وعنده الخلق فأعطى الأعرابي حجة بستين درهماً فخرج وتركني في بيت وحدي فاستوحشت وليس معي إلا جراب فيه كتبي كنت أضعه فوق لبنة وأضع رأسي عليه. وكنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري وذكر مرة شيئاً فقال هذا عند هشيم؟ فقلت لا. وكان ربما ذكر العشر أحاديث فأحفظها فإذا قام قالوا لي فأمليها عليهم.

وحدثنا عبد الله بن أحمد قال لي أبي خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع من المصنف فإن شئت إن تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك أنا بالكلام.

وحدثنا عبد الله بن أحمد سمعت سفيان بن وكيع يقول أحفظ عن أبيك مسألة من نحو أربعين سنة. سئل عن الطلاق قبل النكاح فقال يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن علي وبن عباس ونيف وعشرين من التابعين لم يروا به بأساً فسألت أبي عن ذلك فقال صدق كذا قلت.

قال وحفظت إني سمعت أبا بكر بن حماد يقول سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول لا يقال لأحمد بن حنبل من أين قلت؟ وسمعت أبا إسماعيل الترمذي يذكر عن بن نمير قال كنت عند وكيع فجاءه

ص: 197

رجل أو قال جماعة من أصحاب أبي حنيفة فقالوا له ها هنا رجل بغدادي يتكلم في بعض الكوفيين فلم يعرفه وكيع. فبينا نحن إذ طلع أحمد بن حنبل فقالوا هذا هو فقال وكيع ها هنا يا أبا عبد الله فأفرجوا له فجعلوا يذكرون عن أبي عبد الله الذي ينكرون. وجعل أبو عبد الله يحتج بالأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقالوا لوكيع هذا بحضرتك ترى ما يقول؟ فقال رجل يقول قال رسول الله أيش أقول له؟ ثم قال ليس القول إلا كما قلت يا أبا عبد الله فقال القوم لوكيع خدعك والله البغدادي.

قال عارم وضع أحمد عندي نفقته فقلت له يوماً يا أبا عبد الله بلغني أنك من العرب. فقال يا أبا النعمان نحن قوم مساكين. فلم يزل يدافعني حتى خرج ولم يقل لي شيئاً.

قال الخلال أخبرنا المروذي إن أبا عبد الله قال ما تزوجت إلا بعد الأربعين.

وعن أحمد الدورقي عن أبي عبد الله قال نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة لم نضبطه فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد؟! قال عبد الله بن أحمد قال لي أبو زرعة أبوك يحفظ ألف ألف حديث فقيل له وما يدريك؟ قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.

فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله وكانوا يعدون في ذلك المكرر والأثر وفتوى التابعي وما فسر ونحو ذلك. وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك.

قال بن أبي حاتم قال سعيد بن عمرو يا أبا زرعة أأنت أحفظ أم أحمد؟ قال بل أحمد. قلت كيف علمت؟ قال وجدت كتبه ليس في أوائل الأجزاء أسماء الذين حدثوه. فكان يحفظ كل جزء ممن سمعه وأنا لا اقدر على هذا.

وعن أبي زرعة قال حزرت كتب أحمد يوم مات فبلغت اثني عشر حملاً وعدلاً. ما كان على ظهر كتاب منها حديث فلان ولا في بطنه حدثنا فلان كل ذلك كان يحفظه.

وقال حسن بن منبه سمعت أبا زرعة يقول أخرج إلي أبو عبد الله أجزاء كلها سفيان سفيان ليس على حديث منها حدثنا فلان فظننتها عن رجل واحد فانتخبت منها. فلما قرأ ذلك علي جعل يقول حدثنا وكيع ويحيى وحدثنا فلان فعجبت ولم أقدر أنا على هذا.

قال إبراهيم الحربي رأيت أبا عبد الله كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين.

ص: 198

وعن رجل قال ما رأيت أحداً أعلم بفقه الحديث ومعانيه من أحمد.

أحمد بن سلمة سمعت بن راهويه يقول كنت أجالس أحمد وبن معين ونتذاكر فأقول ما فقهه؟ ما تفسيره؟ فيسكتون إلا أحمد.

قال أبو بكر الخلال كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها.

قال إبراهيم بن شماس سألنا وكيعاً عن خارجة بن مصعب فقال نهاني أحمد إن أحدث عنه.

قال العباس بن محمد الخلال حدثنا إبراهيم بن شماس سمعت وكيعاً وحفص بن غياث يقولان ما قدم الكوفة مثل ذاك الفتى يعنيان أحمد بن حنبل.

وقيل إن أحمد أتى حسيناً الجعفي بكتاب كبير يشفع في أحمد فقال حسين يا أبا عبد الله لا تجعل بيني وبينك منعماً فليس تحمل علي بأحد إلا وأنت أكبر منه.

الخلال حدثنا المروذي أخبرنا خضر المروذي بطرسوس سمعت بن راهويه سمعت يحيى بن آدم يقول أحمد بن حنبل إمامنا.

الخلال حدثنا محمد بن علي حدثنا الأثرم حدثني بعض من كان مع أبي عبد الله أنهم كانوا يجتمعون عند يحيى بن آدم فيتشاغلون عن الحديث بمناظرة أحمد يحيى بن آدم ويرتفع الصوت بينهما وكان يحيى بن آدم واحد أهل زمانه في الفقه.

الخلال أخبرنا المروذي سمعت محمد بن يحيى القطان يقول رأيت أبي مكرماً لأحمد بن حنبل لقد بذل له كتبه أو قال حديثه.

وقال القواريري قال يحيى القطان ما قدم علينا مثل هذين أحمد ويحيى بن معين. وما قدم علي من بغداد أحب إلي من أحمد بن حنبل.

وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول شق على يحيى بن سعيد يوم خرجت من البصرة.

عمرو بن العباس سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر أصحاب الحديث فقال أعلمهم بحديث الثوري أحمد بن حنبل قال فأقبل أحمد فقال بن مهدي من أراد إن ينظر إلى ما بين كتفي الثوري فلينظر إلى هذا.

قال المروذي قال أحمد عنيت بحديث سفيان حتى كتبته عن رجلين حتى كلمنا يحيى بن آدم فكلم لنا الأشجعي فكان يخرج إلينا الكتب فنكتب من غير إن نسمع.

ص: 199

وعن بن مهدي قال ما نظرت إلى أحمد إلا ذكرت به سفيان.

قال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول خالف وكيع بن مهدي في نحو من ستين حديثاً من حديث سفيان فذكر ذلك لابن مهدي وكان يحكيه عني.

عباس الدوري سمعت أبا عاصم يقول لرجل بغدادي من تعدون عندكم اليوم من أصحاب الحديث؟ قال عندنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة والمعيطي والسويدي حتى عد له جماعة بالكوفة أيضاً وبالبصرة. فقال أبو عاصم قد رأيت جميع من ذكرت وجاءوا إلي لم أر مثل ذاك الفتى يعني أحمد بن حنبل.

قال شجاع بن مخلد سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول ما بالمصرين رجل أكرم علي من أحمد بن حنبل.

وعن سليمان بن حرب أنه قال لرجل سل أحمد بن حنبل وما يقول في مسألة كذا؟ فإنه عندنا إمام.

الخلال حدثنا علي بن سهل قال رأيت يحيى بن معين عند عفان ومعه أحمد بن حنبل فقال ليس هنا اليوم حديث. فقال يحيى ترد أحمد بن حنبل وقد جاءك؟ فقال الباب مقفل والجارية ليست هنا. قال يحيى أنا افتح فتكلم على القفل بشيء ففتحه. فقال عفان أفشاش أيضًا! وحدثهم.

قال وحدثنا المروذي قلت لأحمد أكان أغمي عليك أو غشي عليك عند بن عيينة؟ قال نعم في دهليزه زحمني الناس فأغمي علي.

وروي إن سفيان قال يومئذ كيف أحدث وقد مات خير الناس؟ وقال مهنى بن يحيى قد رأيت بن عيينة ووكيعاً وبقية وعبد الرزاق وضمرة والناس ما رأيت رجلاً أجمع من أحمد في علمه وزهده وورعه. وذكر أشياء.

وقال نوح بن حبيب القومسي سلمت على أحمد بن حنبل في سنة ثمان وتسعين ومئة بمسجد الخيف وهو يفتي فتيا واسعة.

وعن شيخ أنه كان عنده كتاب بخط أحمد بن حنبل فقال كنا عند بن عيينة سنة ففقدت أحمد بن حنبل أياماً فدللت على موضعه فجئت فإذا هو في شبيه بكهف في جياد. فقلت سلام عليكم أدخل؟ فقال لا. ثم قال ادخل فدخلت وإذا عليه قطعة

ص: 200

لبد خلق فقلت لم حجبتني؟ فقال حتى استترت. فقلت ما شأنك؟ قال سرقت ثيابي. قال فبادرت إلى منزلي فجئته بمئة درهم فعرضتها عليه فامتنع فقلت قرضاً فأبى حتى بلغت عشرين درهماً ويأبى. فقمت وقلت ما يحل لك إن تقتل نفسك. قال ارجع فرجعت فقال أليس قد سمعت معي من بن عيينة؟ قلت بلى. قال تحب إن أنسخه لك؟ قلت نعم. قال اشتر لي ورقاً. قال فكتب بدراهم اكتسى منها ثوبين.

الحاكم سمعت بكران بن أحمد الحنظلي الزاهد ببغداد سمعت عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول قدمت صنعاء أنا ويحيى بن معين فمضيت إلى عبد الرزاق في قريته وتخلف يحيى فلما ذهبت أدق الباب قال لي بقال تجاه داره مه لا تدق فإن الشيخ يهاب. فجلست حتى إذا كان قبل المغرب خرج فوثبت إليه وفي يدي أحاديث انتقيتها فسلمت وقلت حدثيني بهذه رحمك الله فإني رجل غريب. قال ومن أنت؟ وزبرني. قلت أنا أحمد بن حنبل قال فتقاصر؟ وضمني إليه وقال بالله أنت أبو عبد الله؟ ثم أخذ الأحاديث وجعل يقرؤها حتى أظلم فقال للبقال هلم المصباح حتى خرج وقت المغرب وكان عبد الرزاق يؤخر صلاة المغرب.

الخلال حدثنا الرمادي سمعت عبد الرزاق وذكر أحمد بن حنبل فدمعت عيناه فقال بلغني إن نفقته نفدت فأخذت بيده فأقمته خلف الباب وما معنا أحد فقلت له إنه لا تجتمع عندنا الدنانير إذا بعنا الغلة أشغلناها في شيء. وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير فخذها وأرجو إن لا تنفقها حتى يتهيأ شيء. فقال لي يا أبا بكر لو قبلت من أحد شيئاً قبلت منك.

وقال عبد الله قلت لأبي بلغني إن عبد الرزاق عرض عليك دنانير؟ قال نعم. وأعطاني يزيد بن هارون خمس مئة درهم - أظن - فلم أقبل وأعطى يحيى بن معين وأبا مسلم فأخذا منه.

وقال محمد بن سهل بن عسكر سمعت عبد الرزاق يقول إن يعش هذا الرجل يكون خلفاً من العلماء.

المروذي حدثني أبو محمد النسائي سمعت إسحاق بن راهويه قال كنا عند عبد الرزاق أنا وأحمد بن حنبل فمضينا معه إلى المصلى يوم عيد فلم يكبر هو ولا أنا ولا أحمد فقال لنا رأيت معمراً والثوري في هذا اليوم كبرا وإني رأيتكما لم تكبرا فلم أكبر فلم لم تكبرا؟ قلنا نحن نرى التكبير ولكن شغلنا بأي شيء نبتدئ من الكتب.

ص: 201

أبو إسحاق الجوزجاني قال كان أحمد بن حنبل يصلي بعبد الرزاق فسها فسال عنه عبد الرزاق فأخبر أنه لم يأكل منذ ثلاثة أيام شيئاً.

رواها الخلال قال سمعت أبا زرعة القاضي الدمشقي عن الجوزجاني.

قال الخلال حدثنا أبو القاسم بن الجبلي عن أبي إسماعيل الترمذي عن إسحاق بن راهويه قال كنت مع أحمد بن حنبل عند عبد الرزاق وكانت معي جارية وسكنا فوق وأحمد أسفل في البيت. فقال لي يا أبا يعقوب هو ذا يعجبني ما أسمع من حركتكم. قال وكنت أطلع فأراه يعمل التكك ويبيعها ويتقوت بها هذا أو نحوه.

قال المروذي سمعت أبا عبد الله يقول كنت في إزري من اليمن إلى مكة. قلت اكتريت نفسك من الجمالين؟ قال قد اكتريت لكتبي ولم يقل لا.

وعن إسماعيل بن علية أنه أقيمت الصلاة فقال ها هنا أحمد بن حنبل قولوا له يتقدم يصلي بنا.

وقال الأثرم أخبرني عبد الله بن المبارك شيخ سمع قديماً قال كنا عند بن علية فضحك بعضنا وثم أحمد. قال فأتينا إسماعيل بعد فوجدناه غضبان فقال تضحكون وعندي أحمد بن حنبل! قال المروذي قال لي أبو عبد الله كنا عند يزيد بن هارون فوهم في شيء فكلمته فأخرج كتابه فوجده كما قلت فغيره فكان إذا جلس يقول يا بن حنبل ادن يا بن حنبل ادن ها هنا. ومرضت فعادني فنطحه الباب.

المروذي سمعت جعفر بن ميمون بن الأصبغ سمعت أبي يقول كنا عند يزيد بن هارون وكان عنده المعيطي وأبو خيثمة وأحمد وكانت في يزيد رحمه الله مداعبة فذاكره المعيطي بشيء. فقال له يزيد فقدتك فتنحنح أحمد فالتفت إليه فقال من ذا؟ قالوا أحمد بن حنبل فقال ألا أعلمتموني أنه ها هنا.

قال المروذي فسمعت بعض الواسطيين يقول ما رأيت يزيد بن هارون ترك المزاح لأحد إلا لأحمد بن حنبل.

قال أحمد بن سنان القطان ما رأيت يزيد لأحد أشد تعظيماً منه لأحمد بن حنبل ولا أكرم أحداً مثله كان يقعده إلى جنبه ويوقره ولا يمازحه.

وقال عبد الرزاق ما رأيت أحداً أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل.

ص: 202

قلت قال هذا وقد رأى مثل الثوري ومالك وبن جريح.

وقال حفص بن غياث ما قدم الكوفة مثل أحمد.

وقال أبو اليمان كنت أشبه أحمد بأرطأة بن المنذر.

وقال الهيثم بن جميل الحافظ إن عاش أحمد سيكون حجة على أهل زمانه.

وقال قتيبة خير أهل زماننا بن المبارك ثم هذا الشاب يعني أحمد بن حنبل وإذا رأيت رجلاً يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة. ولو أدرك عصر الثوري والأوزاعي والليث لكان هو المقدم عليهم. فقيل لقتيبة يضم أحمد إلى التابعين؟ قال إلى كبار التابعين.

وقال قتيبة لولا الثوري لمات الورع ولولا أحمد لأحدثوا في الدين أحمد إمام الدنيا.

قلت قد روى أحمد في مسنده عن قتيبة كثيراً.

وقيل لأبي مسهر الغساني تعرف من يحفظ على الأمة أمر دينها؟ قال شاب في ناحية المشرق يعني أحمد.

قال المزني قال لي الشافعي رأيت ببغداد شاباً إذا قال حدثنا قال الناس كلهم صدق. قلت ومن هو؟ قال أحمد بن حنبل.

وقال حرملة سمعت الشافعي يقول خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل.

وقال الزعفراني قال لي الشافعي ما رأيت أعقل من أحمد وسليمان بن داود الهاشمي.

قال محمد بن إسحاق بن راهويه حدثني أبي قال قال لي أحمد بن حنبل تعال حتى أريك من لم ير مثله فذهب بي إلى الشافعي قال أبي وما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل. ولولا أحمد وبذل نفسه لذهب الإسلام - يريد المنحة.

وروي عن إسحاق بن راهويه قال أحمد حجة بين الله وبين خلقه.

وقال محمد بن عبدويه سمعت علي بن المديني يقول أحمد أفضل عندي من سعيد بن جبير في زمانه لأن سعيداً كان له نظراء.

ص: 203

وعن بن المديني قال أعز الله الدين بالصديق يوم الردة وبأحمد يوم المحنة.

وقال أبو عبيد انتهى العلم إلى أربعة أحمد بن حنبل وهو أفقههم وذكر الحكاية.

وقال أبو عبيد إني لأتدين بذكر أحمد. ما رأيت رجلاً أعلم بالسنة منه.

وقال الحسن بن الربيع ما شبهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سمته وهيئته.

الطبراني حدثنا محمد بن الحسين الأنماطي قال كنا في مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل فقال رجل فبعض هذا فقال يحيى وكثرة الثناء على أحمد تستنكر! لو جلسنا مجالسنا بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها.

وروى عباس عن بن معين قال ما رأيت مثل أحمد.

وقال النفيلي كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين.

وقال المروذي حضرت أبا ثور سئل عن مسألة فقال قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامنا فيها كذا وكذا.

وقال بن معين ما رأيت من يحدث لله إلا ثلاثة يعلى بن عبيد والقعنبي وأحمد بن حنبل.

وقال بن معين أرادوا إن أكون مثل أحمد والله لا أكون مثله أبداً.

وقال أبو خيثمة ما رأيت مثل أحمد ولا أشد منه قلباً.

وقال علي بن خشرم سمعت بشر بن الحارث يقول أنا أسأل عن أحمد بن حنبل؟! إن أحمد أدخل الكير فخرج ذهباً أحمر.

وقال عبد الله بن أحمد قال أصحاب بشر الحافي له حين ضرب أبي لو أنك خرجت فقلت إني على قول أحمد فقال أتريدون إن أقوم مقام الأنبياء؟!.

القاسم بن محمد الصائغ سمعت المروذي يقول دخلت على ذي النون السجن ونحن بالعسكر فقال أي شيء حال سيدنا؟ يعني أحمد بن حنبل.

وقال محمد بن حماد الطهراني سمعت أبا ثور الفقيه يقول أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثوري.

وقال نصر بن علي الجهضمي أحمد أفضل أهل زمانه.

ص: 204

قال صالح بن علي الحلبي سمعت أبا همام السكوني يقول ما رأيت مثل أحمد بن حنبل ولا رأى هو مثله.

وعن حجاج بن الشاعر قال ما رأيت أفضل من أحمد وما كنت أحب إن أقتل في سبيل الله ولم أصل على أحمد بلغ والله في الإمامة أكبر من مبلغ سفيان ومالك.

وقال عمرو الناقد إذا وافقني أحمد بن حنبل على حديث لا أبالي من خالفني.

قال بن أبي حاتم سألت أبي عن علي بن المديني وأحمد بن حنبل أيهما أحفظ؟ فقال كانا في الحفظ متقاربين وكان أحمد أفقه إذا رأيت من يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة.

وقال أبو زرعة أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأفقه ما رأيت أحداً أكمل من أحمد.

وقال محمد بن يحيى الذهلي جعلت أحمد إماما فيما بيني وبين الله.

وقال محمد بن مهران الجمال ما بقي غير أحمد.

قال إمام الأئمة بن خزيمة سمعت محمد بن سحتويه سمعت أبا عمير بن النحاس الرملي وذكر أحمد بن حنبل فقال رحمه الله عن الدنيا ما كان أصبره وبالماضين ما كان أشبهه وبالصالحين ما كان ألحقه عرضت له الدنيا فأباها والبدع فنفاها.

قال أبو حاتم كان أبو عمير من عباد المسلمين. قال لي أمل علي شيئاً عن أحمد بن حنبل.

وروى عن أبي عبد الله البوشنجي قال ما رأيت أجمع في كل شيء من أحمد بن حنبل ولا أعقل منه.

وقال بن وارة كان أحمد صاحب فقه صاحب حفظ صاحب معرفة.

وقال النسائي جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث والفقه والورع والزهد والصبر.

وعن عبد الوهاب الوراق قال لما قال النبي صلى الله عليه وسلم "فردوه إلى عالمه"

(242)

رددناه إلى أحمد بن حنبل وكان أعلم أهل زمانه.

وقال أبو داود كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا ما رأيته ذكر الدنيا قط.

قال صالح بن محمد جزرة أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل.

(242)

حسن: مر تخريجنا له بتعليق رقم (145).

ص: 205

قال علي بن خلف سمعت الحميدي يقول ما دمت بالحجاز وأحمد بالعراق وبن راهويه بخراسان لا يغلبنا أحد.

الخلال حدثنا محمد بن ياسين البلدي سمعت بن أبي أويس وقيل له ذهب أصحاب الحديث فقال ما أبقى الله أحمد بن حنبل فلم يذهب أصحاب الحديث.

وعن بن المديني قال أمرني سيدي أحمد بن حنبل إن لا أحدث إلا من كتاب.

الحسين بن الحسن أبو معين الرازي سمعت بن المديني يقول ليس في أصحابنا أحفظ من أحمد وبلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب ولنا فيه أسوة. وعنه قال أحمد اليوم حجة الله على خلقه.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم عن أبي اليمن الكندي أخبرنا عبد الملك بن أبي القاسم أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري أخبرنا أبو يعقوب القراب أخبرنا محمد بن عبد الله الجوزقي سمعت أبا حامد الشرقي سمعت أحمد بن سلمة سمعت أحمد بن عاصم سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول انتهى العلم إلى أربعة أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه وإلى بن أبي شيبة وهو أحفظهم له وإلى علي بن المديني وهو أعلمهم به وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له.

إسحاق المنجنيقي حدثنا القاسم بن محمد المؤدب عن محمد بن أبي بشر قال أتيت أحمد بن حنبل في مسألة فقال ائت أبا عبيد فإن له بياناً لا تسمعه من غيره فأتيته فشفاني جوابه. فأخبرته بقول أحمد فقال ذاك رجل من عمال الله نشر الله رداء عمله وذخر له عنده الزلفى أما تراه محبباً مألوفاً. ما رأيت عيني بالعراق رجلاً اجتمعت فيه خصال هي فيه فبارك الله له فيما أعطاه من الحلم والعلم والفهم فإنه لكما قيل

يزينك إما غاب عنك فإن دنا

رأيت له وجهاً يسرك مقبلا

يعلم هذا الخلق ما شذ عنهم

من الأدب المجهول كهفاً ومعقلا

ويحسن في ذات الإله إذا رأى

مضيماً لأهل الحق لا يسأم البلا

وإخوانه الأدنون كل موفق

بصير بأمر الله يسمو على العلا

وبإسنادي إلى أبي إسماعيل الأنصاري أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا نصر بن أبي نصر الطوسي سمعت علي بن أحمد بن خشيش سمعت أبا الحديد الصوفي بمصر عن أبيه عن المزني يقول أحمد بن حنبل يوم المحنة أبو بكر يوم الردة وعمر يوم السقيفة وعثمان يوم الدار وعلي يوم صفين.

ص: 206

قال أحمد بن محمد الرشديني سمعت أحمد بن صالح المصري يقول ما رأيت بالعراق مثل هذين أحمد بن حنبل ومحمد بن عبد الله بن نمير رجلين جامعين لم أر مثلهما بالعراق.

وروى أحمد بن سلمة النيسابوري عن بن وارة قال أحمد بن حنبل ببغداد وأحمد بن صالح بمصر وأبو جعفر النفيلي بحران وبن نمير بالكوفة هؤلاء أركان الدين.

وقال علي بن الجنيد الرازي سمعت أبا جعفر النفيلي يقول كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين.

وعن محمد بن مصعب العابد قال لسوط ضربه أحمد بن حنبل في الله أكبر من أيام بشر بن الحارث.

قلت بشر عظيم القدر كأحمد ولا ندري وزن الأعمال إنما الله يعلم ذلك.

قال أبو عبد الرحمن النهاوندي سمعت يعقوب الفسوي يقول كتبت عن ألف شيخ حجتي فيما بيني وبين الله رجلان أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح.

وبالإسناد إلى الأنصاري شيخ الإسلام أخبرنا أبو يعقوب أخبرنا منصور عبد الله الذهلي حدثنا محمد بن الحسن بن علي البخاري سمعت محمد بن إبراهيم البوشنجي وذكر أحمد بن حنبل فقال هو عندي أفضل وأفقه من سفيان الثوري وذلك إن سفيان لم يمتحن بمثل ما امتحن به أحمد ولا علم سفيان ومن يقدم من فقهاء الأمصار كعلم أحمد بن حنبل لأنه كان أجمع لها وأبصر بأغاليطهم وصدوقهم وكذوبهم. قال ولقد بلغني عن بشر بن الحارث أنه قال قام أحمد مقام الأنبياء وأحمد عندنا امتحن بالسراء والضراء فكان فيهما معتصماً بالله.

قال أبو يحيى الناقد كنا عند إبراهيم بن عرعرة فذكروا يعلى بن عاصم فقال رجل أحمد بن حنبل يضعفه. فقال رجل وما يضره إذا كان ثقة؟ فقال بن عرعرة والله لو تكلم أحمد في علقمة والأسود لضرهما.

وقال الحنيني سمعت إسماعيل بن الخليل يقول لو كان أحمد بن حنبل في بني إسرائيل لكان آية.

وعن علي بن شعيب قال عندنا المثل الكائن في بني إسرائيل من إن أحدهم كان يوضع المنشار على مفرق رأسه ما يصرفه ذلك عن دينه ولولا إن أحمد قام بهذا الشأن لكان عاراً علينا إن قوماً سبكوا فلم يخرج منهم أحد.

ص: 207

قال بن سلم سمعت محمد بن نصر المروزي يقول صرت إلى دار أحمد بن حنبل مراراً وسألته عن مسائل فقيل له أكان أكثر حديثاً أم إسحاق؟ قال بل أحمد أكثر حديثاً وأورع. أحمد فاق أهل زمانه.

قلت كان أحمد عظيم الشأن رأساً في الحديث وفي الفقه وفي التأله. أثنى عليه خلق من خصومه فما الظن بإخوانه وأقرانه؟!! وكان مهيباً في ذات الله حتى لقال أبو عبيد ما هبت أحداً في مسألة ما هبت أحمد بن حنبل.

وقال إبراهيم الحربي عالم وقته سعيد بن المسيب في زمانه وسفيان الثوري في زمانه وأحمد بن حنبل في زمانه.

قرأت على إسحاق الأسدي أخبركم بن خليل أخبرنا اللبان عن أبي علي الحداد أخبرنا بن نعيم أخبرنا أبو بكر بن مالك حدثنا محمد بن يونس حدثني سليمان الشاذكوني قال يشبه علي بن المديني بأحمد بن حنبل؟ أيهات!! ما أشبه السك باللك

(243)

، لقد حضرت من ورعه شيئاً بمكة أنه أرهن سطلاً عند فامي

(244)

فأخذ منه شيئاً ليقوته. فجاء فأعطاه فكاكه فأخرج إليه سطلين فقال انظر أيهما سطلك؟ فقال لا أدري أنت في حل منه وما أعطيتك ولم يأخذه. قال الفامي والله إنه لسطله وإنما أردت إن أمتحنه فيه.

وبه إلى أبي نعيم حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا الأبار سمعت محمد بن يحيى النيسابوري حين بلغه وفاة أحمد يقول ينبغي لكل أهل دار ببغداد إن يقيموا عليه النياحة في دورهم.

قلت تكلم الذهلي بمقتضى الحزن لا بمقتضى الشرع.

قال أحمد بن القاسم المقرئ سمعت الحسين الكرابيسي يقول مثل الذين يذكرون أحمد بن حنبل مثل قوم يجيؤون إلى أبي قبيس يريدون إن يهدموه بنعالهم.

الطبراني حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرئ قال رأيت علماءنا مثل الهيثم بن خارجة ومصعب الزبيري ويحيى بن معين وأبي بكر بن أبي شيبة وأخيه وعبد الأعلى

(243)

السُّكَ: طيب معروف يُضاف إلى غيره من الطيب ويُستعمل. واللكُّ: صبغ أحمرُ يُصبغُ به.

(244)

الفامى: هو بائع الفُوم، وهو الحمَّص لغة شامية وبائعُهُ فامِىّ مُغيَّر عن فومِىّ، لأنهم قد يغيّرون في النسب كما قالوا في السَّهل والدَّهر سِّهْليٌّ ودُهْرى.

ص: 208

بن حماد وبن أبي الشوارب وعلي بن المديني والقواريري وأبي خيثمة وأبي معمر والوركاني وأحمد بن محمد بن أيوب ومحمد بن بكار وعمرو الناقد ويحيى بن أيوب المقابري وسريج بن يونس وخلف بن هشام وأبي الربيع الزهراني فيمن لا أحصيهم يعظمون أحمد ويجلونه ويوقرونه ويبجلونه ويقصدونه للسلام عليه.

قال أبو علي بن شاذان قال لي محمد بن عبد الله الشافعي لما مات سعيد بن أحمد بن حنبل جاء إبراهيم الحربي إلى عبد الله بن أحمد فقام إليه عبد الله فقال تقوم إلي؟ قال والله لو رآك أبي لقام إليك فقال إبراهيم والله لو رأى بن عيينة أباك لقام إليه.

قال محمد بن أيوب العكبري سمعت إبراهيم الحربي يقول التابعون كلهم وآخرهم أحمد بن حنبل وهو - عندي أجلهم - يقولون من حلف بالطلاق إن لا يفعل شيئاً ثم فعله ناسياً كلهم يلزمونه الطلاق.

وعن الأثرم قال ناظرت رجلاً فقال من قال بهذه المسألة؟ قلت من ليس في شرق ولا غرب مثله قال من؟ قلت أحمد بن حنبل.

وقد أثنى على أبي عبد الله جماعة من أولياء الله وتبركوا به. روى ذلك أبو الفرج بن الجوزي وشيخ الإسلام ولم يصح سند بعض ذلك.

أخبرنا إسماعيل بن عميرة أخبرنا بن قدامة أخبرنا أبو طالب بن خضير أخبرنا أبو طالب اليوسفي أخبرنا أبو إسحاق البرمكي أخبرنا علي بن عبد العزيز أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة وقيل له اختيار أحمد وإسحاق أحب إليك أم قول الشافعي؟ قال بل اختيار أحمد فإسحاق. ما أعلم في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد بن حنبل وما رأيت أحداً أجمع منه.

في فضله وتألهه وشمائله:

وبه قال بن أبي حاتم حدثنا صالح بن أحمد قال دخلت على أبي يوماً أيام الواثق - والله يعلم على أي حال نحن - وقد خرج لصلاة العصر وكان له لبد يجلس عليه قد أتى عليه سنون كثيرة حتى بلي وإذا تحته كتاب كاغد

(245)

فيه بلغني يا أبا عبد الله ما أنت فيه من الضيق وما عليك من الدين وقد وجهت إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان وما هي من صدقة ولا زكاة وإنما هو شيء ورثته من أبي. فقرأت الكتاب ووضعته. فلما

(245)

الكاغَد: قرطاس، وهو فارسي مُعرَّب.

ص: 209

دخل قلت يا أبة ما هذا الكتاب؟ فاحمر وجهه وقال رفعته منك ثم قال تذهب لجوابه؟ فكتب إلى الرجل وصل كتابك إلي ونحن في عافية. فأما الدين فإنه لرجل لا يرهقنا وأما عيالنا ففي نعمة الله. فذهبت بالكتاب إلى الرجل الذي كان أوصل كتاب الرجل فلما كان بعد حين ورد كتاب الرجل مثل ذلك فرد عليه بمثل ما رد. فلما مضت سنة أو نحوها ذكرناها فقال لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت.

وشهدت بن الجروي وقد جاء بعد المغرب فقال لأبي أنا رجل مشهور وقد أتيتك في هذا الوقت وعندي شيء قد اعتددته لك وهو ميراث فأحب إن تقبله. فلم يزل به. فلما أكثر عليه قام ودخل. قال صالح فأخبرت عن بن الجروي أنه قال قلت له يا أبا عبد الله هي ثلاثة آلاف دينار. فقام وتركني.

قال صالح ووجه رجل من الصين بكاغد صيني إلى جماعة من المحدثين ووجه بقمطر إلى أبي فرده وولد لي مولود فأهدى صديق لي شيئًا. ثم أتى على ذلك أشهر وأراد الخروج إلى البصرة فقال لي تكلم أبا عبد الله يكتب لي إلى المشايخ بالبصرة فكلمته فقال لولا أنه أهدى إليك كنت أكتب له.

وبه قال بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان قال بلغني إن أحمد بن حنبل رهن نعله عند خباز باليمن وأكرى نفسه من جمالين عند خروجه وعرض عليه عبد الرزاق دراهم صالحة فلم يقبلها.

وبعث بن طاهر حين مات أحمد بأكفان وحنوط فأبى صالح إن يقبله وقال إن أبي قد أعد كفنه وحنوطه ورده فراجعه فقال إن أمير المؤمنين أعفى أبا عبد الله مما يكره وهذا مما يكره فلست أقبله.

وبه حدثنا صالح قال قال أبي جاءني يحيى بن يحيى - قال أبي وما أخرجت خراسان بعد بن المبارك رجلاً يشبه يحيى بن يحيى - فجاءني ابنه فقال إن أبي أوصى بمبطنة له لك وقال يذكرني بها. فقلت جئ بها. فجاء برزمة ثياب فقلت له اذهب رحمك الله يعني ولم يقبلها.

قلت وقيل إنه أخذ منها ثوباً واحداً.

وبه قال حدثنا صالح قال قلت لأبي إن أحمد الدورقي أعطي ألف دينار. فقال يا بني "ورزق ربك خير وأبقى" طه: 131.

ص: 210

وبه حدثنا أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثني عبيد القاري قال دخل على أحمد عمه فقال يا بن أخي أيش هذا الغم؟ وأيش هذا الحزن؟ فرفع رأسه وقال يا عم طوبي لمن أخمل الله ذكره.

وبه سمعت أبي يقول كان أحمد إذا رأيته تعلم أنه لا يظهر النسك رأيت عليه نعلاً لا يشبه نعال القراء له رأس كبير معقد وشراكه مسبل ورأيت عليه إزاراً وجبة برد مخططة. أي لم يكن بزي القراء.

وبه حدثنا صالح قال لي أبي جاءني أمس رجل كنت أحب إن تراه بينا أنا قاعد في نحر الظهيرة إذا برجل سلم بالباب فكأن قلبي ارتاح ففتحت فإذا أنا برجل عليه فروة وعلى رأسه خرقة ما تحت فروه قميص ولا معه ركوة ولا جراب ولا عكاز قد لوحته الشمس. فقلت ادخل فدخل الدهليز فقلت من أين أقبلت؟ قال من ناحية المشرق أريد الساحل ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد نويت السلام عليك. قلت على هذه الحال؟ قال نعم. ما الزهد في الدنيا؟ قلت قصر الأمل قال فجعلت أعجب منه فقلت في نفسي. ما عندي ذهب ولا فضة. فدخلت البيت فأخذت أربعة أرغفة فخرجت إليه فقال أو يسرك إن أقبل ذلك يا أبا عبد الله؟ قلت نعم. فأخذها فوضعها تحت حضنه وقال أرجو إن تكفيني إلى الرقة. أستودعك الله. فكان يذكره كثيراً.

وبه كتب إلي عبد الله بن أحمد سمعت أبي وذكر الدنيا فقال قليلها يجزئ وكثيرها لا يجزئ وقال أبي وقد ذكر عنده الفقر - فقال الفقر مع الخير.

وبه حدثنا صالح قال أمسك أبي عن مكاتبة بن راهويه لما أدخل كتابه إلى عبد الله بن طاهر وقرأه.

وبه قال ذكر عبد الله بن أبي عمر البكري سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال ما أعلم إني رأيت أحداً أنظف بدناً ولا أشد تعاهداً لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ولا أنقى ثوباً بشدة بياض من أحمد بن حنبل رضي الله عنه. كان ثيابه بين الثوبين تسوى ملحفته خمسة عشر درهماً وكان ثوب قميصه يؤخذ بالدينار ونحوه لم يكن له دقة تنكر ولا غلط ينكر ولا غلط ينكر وكان ملحفته مهذبة.

وبه حدثنا صالح قال ربما رأيت أبي يأخذ الكسر ينفض الغبار عنها ويصيرها في قصعة ويصب عليها ماء ثم يأكلها بالملح. وما رأيته اشترى رماناً ولا سفرجلاً ولا شيئاً من الفاكهة إلا إن تكون بطيخة فيأكلها بخبز وعنباً وتمراً.

ص: 211

وقال لي كانت والدتك في الظلام تغزل غزلاً دقيقاً فتبيع الأستار بدرهمين أقل أو أكثر فكان ذلك قوتنا وكنا إذا اشترينا الشيء نستره عنه كيلا يراه فيوبخنا وكان ربما خبز له فيجعل في فخارة عدساً وشحماً وتمرات شهريز

(246)

فيجيء الصبيان فيصوت ببعضهم فيدفعه إليهم فيضحكون ولا يأكلون. وكان يأتدم بالخل كثيراً.

قال وقال أبي إذا لم يكن عندي قطعة أفرح.

وكان إذا توضأ لا يدع من يستقي له وربما اعتللت فيأخذ قدحاً فيه ماء فيقرأ فيه ثم يقول اشرب منه واغسل وجهك ويديك.

وكانت له قلنسوة خاطها بيده فيها قطن فإذا قام بالليل لبسها.

وكان ربما أخذ القدوم وخرج إلى دار السكان يعمل الشيء بيده. واعتل فتعالج.

وكان ربما خرج إلى البقال فيشتري الجرزة الحطب والشيء فيحمله بيده.

وكان يتنور في البيت. فقال لي في يوم شتوي أريد أدخل الحمام بعد المغرب فقل لصاحب الحمام. ثم بعث إلي إني قد أضربت عن الدخول. وتنور في البيت.

وكنت أسمعه كثيراً يقول اللهم سلم سلم.

وبه حدثنا أحمد بن سنان قال بعث إلى أحمد بن حنبل حيث كان عندنا أيام يزيد جوز ونبق كثير فقبل وقال لي كل هذا.

قال عبد الله بن أحمد حدثنا أبي وذكر عنده الشافعي رحمه الله فقال ما استفاد منا أكثر مما استفدنا منه. ثم قال عبد الله. كل شيء في كتاب الشافعي حدثنا الثقة فهو عن أبي.

الخلال حدثنا المروذي قال قدم رجل من الزهاد فأدخلته على أحمد وعليه فرو خلق وخريقة على رأسه وهو حاف في برد شديد فسلم وقال يا أبا عبد الله قد جئت من موضع بعيد وما أردت إلا السلام عليك وأريد عبادان وأريد إن أنا رجعت أسلم عليك. فقال إن قدر. فقام الرجل وسلم وأبو عبد الله قاعد فما رأيت أحداً قام من عند أبي عبد الله حتى يقوم هو إلا هذا الرجل. فقال لي أبو عبد الله ما ترى ما أشبهه بالأبدال

(246)

الشِّهريز والشُّهْريز: ضرب من التمر معرب.

ص: 212

أو قال إني لأذكر به الأبدال. وأخرج إليه أبو عبد الله أربعة أرغفة مشطورة بكامخ

(247)

، وقال لو كان عندنا شيء لواسيناك.

وأخبرنا المروذي قلت لأبي عبد الله ما أكثر الداعي لك! قال أخاف إن يكون هذا استدراجاً بأي شيء هذا؟ وقلت له قدم رجل من طرسوس فقال كنا في بلاد الروم في الغزو إذا هدأ الليل رفعوا أصواتهم بالدعاء ادعوا لأبي عبد الله وكنا نمد المنجنيق ونرمي عن أبي عبد الله. ولقد رمي عنه بحجر والعلج على الحصن متترس بدرقة فذهب برأسه وبالدرقة. قال فتغير وجه أبي عبد الله وقال ليته لا يكون استدراجاً. قلت كلا.

وعن رجل قال عندنا بخراسان يظنون إن أحمد لا يشبه البشر يظنون أنه من الملائكة.

وقال آخر نظرة عندنا من أحمد تعدل عبادة سنة.

قلت هذا غلو لا ينبغي لكن الباعث له حب ولي الله في الله.

قال المروذي رأيت طبيباً نصرانياً خرج من عند أحمد ومعه راهب فقال إنه سألني إن يجيء معي ليرى أبا عبد الله.

وأدخلت نصرانياً على أبي عبد الله فقال له إني لأشتهي إن أراك منذ سنين. ما بقاؤك صلاح للإسلام وحدهم بل للخلق جميعاً وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك. فقلت لأبي عبد الله إني لأرجو إن يكون يدعى لك في جميع الأمصار. فقال يا أبا بكر إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس.

قال عبد الله بن أحمد خرج أبي إلى طرسوس ماشياً وحج حجتين أو ثلاثاً ماشياً وكان أصبر الناس على الوحدة وبشر لم يكن يصبر على الوحدة. كان يخرج إلى ذا وإلى ذا.

وقال عباس الدوري حدثنا علي بن أبي فزارة جارنا قال كانت أمي مقعدة من نحو عشرين سنة. فقالت لي يوماً اذهب إلى أحمد بن حنبل فسله إن يدعو لي فأتيت فدققت عليه وهو دهليزه فقال من هذا؟ قلت رجل سألتني أمي وهي مقعدة إن أسألك الدعاء. فسمعت كلامه كلام رجل مغضب. فقال نحن أحوج إن تدعو الله لنا

(247)

الكامَخُ: نوع الأدْم مُعرَّب.

ص: 213

فوليت منصرفاً. فخرجت عجوز فقالت قد تركته يدعو لها فجئت إلى بيتنا ودققت الباب فخرجت أمي على رجليها تمشي.

هذه الواقعة نقلها ثقتان عن عباس.

قال عبد الله بن أحمد كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاث مئة ركعة. فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي كل يوم وليلة مئة وخمسين ركعة.

وعن أبي إسماعيل الترمذي قال جاء رجل بعشرة آلاف من ربح تجارته إلى أحمد فردها. وقيل إن صيرفياً بذل لأحمد خمس مئة دينار فلم يقبل.

ومن آدابه قال عبد الله بن أحمد رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيه يقبلها. وأحسب إني رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به.

ورأيته أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في حب الماء ثم شرب فيها ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه.

قلت أين المتنطع المنكر على أحمد وقد ثبت إن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويمس الحجرة النبوية فقال لا أرى بذلك بأساً. أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع.

قال أحمد بن سعيد الدارمي كتب إلي أحمد بن حنبل لأبي جعفر أكرمه الله من أحمد بن حنبل.

قال عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري حدثنا أبي قال مضى عمي أحمد بن سعد إلى أحمد بن حنبل فسلم عليه فلما رآه وثب قائماً وأكرمه.

وقال المروذي قال لي أحمد ما كتبت حديثاً إلا وقد عملت به حتى مر بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً

(248)

، فأعطيت الحجام ديناراً حين احتجمت.

وعن المروذي كان أبو عبد الله لا يدخل الحمام ويتنور في البيت وأصلحت غير مرة النورة واشتريت له جلداً ليده يدخل يده فيه ويتنور.

(248)

لم يرد بهذا اللفظ، ولكن ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حجم أبو طَيْبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يُخفِّفوا من خراجه". أخرجه مالك (2/ 974) والبخاري (2102)، ومسلم (1577) عن حميد الطويل. عن أنس بن مالك، به.

ص: 214

وقال حنبل رأيت أبا عبد الله إذا أراد القيام قال لجلسائه إذا شئتم.

وقال المروذي رأيت أبا عبد الله قد ألقى لختان درهمين في الطست.

وقال عبد الله ما رأيت أبي حدث من غير كتاب إلا بأقل من مئة حديث. وسمعت أبي يقول قال الشافعي يا أبا عبد الله إذا صح عندكم الحديث فأخبرونا حتى نرجع إليه أنتم أعلم بالأخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلمني حتى أذهب إليه كوفياً كان أو بصرياً أو شامياً.

قلت لم يحتج إلى إن يقول حجازياً فإنه كان بصيراً بحديث الحجاز ولا قال مصرياً فإن غيرهما كان أقعد بحديث مصر منهما.

الطبراني حدثنا موسى بن هارون سمعت بن راهويه يقول لما خرج أحمد إلى عبد الرزاق انقطعت به النفقة فأكرى نفسه من بعض الجمالين إلى إن وافى صنعاء وعرض عليه أصحابه المواساة فلم يأخذ.

قال عبد الله بن أحمد حدثني إسماعيل بن أبي الحارث قال مر بنا أحمد فقلنا لإنسان اتبعه وانظر أين يذهب. فقال جاء إلى حنك المروزي فما كان إلا ساعة حتى خرج. فقلت لحنك بعد جاءك أبو عبد الله؟ قال هو صديق لي واستقرض مني مئتي درهم فجاءني بها فقلت ما نويت أخذها فقال وأنا ما نويت إلا إن أردها إليك.

أبو نعيم حدثنا الطبراني حدثنا محمد بن موسى البربري قال حمل إلى الحسن الجروي ميراثه من مصر مئة ألف دينار فأتى أحمد بثلاثة آلاف دينار فما قبلها.

أبو نعيم حدثنا الحسين بن محمد حدثنا شاكر بن جعفر سمعت أحمد بن محمد التستري يقول ذكروا إن أحمد بن حنبل أتى عليه ثلاثة أيام ما طعم فيها فبعث إلى صديق له فاقترض منه دقيقاً فجهزوه بسرعة فقال كيف ذا؟ قالوا تنور صالح مسجر فخبرنا فيه فقال ارفعوا وأمر بسد باب وبين صالح.

قلت لكونه أخذ جائزة المتوكل.

قال يحيى بن معين ما رأيت مثل أحمد صحبناه خمسين سنة ما افتخر علينا بشيء مما كان فيه من الخير.

قال عبد الله بن أحمد كان أبي يقرأ كل يوم سبعاً وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو.

ص: 215

وقال صالح كان أبي إذا دعا له رجل قال ليس يحرز الرجل المؤمن إلا حفرته الأعمال بخواتيمها. وقال أبي في مرضه أخرج كتاب عبد الله بن إدريس فقال اقرأ علي حديث ليث إن طاووساً كان يكره الأنين في المرض. فما سمعت لأبي أنيناً حتى مات. وسمعه ابنه عبد الله يقول تمنيت الموت وهذا أمر أشد علي من ذلك ذاك فتنة الضرب والحبس كنت أحمله وهذه فتنة الدنيا.

قال أحمد الدورقي لما قدم أحمد بن حنبل من عند عبد الرزاق رأيت به شحوباً بمكة. وقد تبين عليه النصب والتعب فكلمته فقال هين فيما استفدنا من عبد الرزاق.

قال عبد الله قال أبي ما كتبنا عن عبد الرزاق من حفظه إلا المجلس الأول وذلك أنا دخلنا بالليل فأملى علينا سبعين حديثاً. وقد جالس معمراً تسع سنين. وكان يكتب عنه كل ما يقول.

قال عبد الله من سمع من عبد الرزاق بعد المئتين فسماعه ضعيف.

قال موسى بن هارون سئل أحمد أين نطلب البدلاء؟ فسكت ثم قال إن لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري.

قال المروذي كان أبو عبد الله إذا ذكر الموت خنقته العبرة. وكان يقول الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب وإذا ذكرت الموت هان علي كل أمر الدنيا. إنما هو طعام دون طعام ولباس دون لباس. وإنها أيام قلائل. ما أعدل بالفقر شيئاً. ولو وجدت السبيل لخرجت حتى لا يكون لي ذكر.

وقال أريد إن أكون في شعب بمكة حتى لا أعرف قد بليت بالشهرة إني أتمنى الموت صباحاً ومساء.

قال المروذي وذكر لأحمد إن رجلاً يريد لقاءه فقال أليس قد كره بعضهم اللقاء يتزين لي وأتزين له. وقال لقد استرحت ما جاءني الفرج إلا منذ حلفت إن لا أحدث وليتنا نترك الطريق ما كان عليه بشر بن الحارث. فقلت له إن فلاناً قال لم يزهد أبو عبد الله في الدراهم وحدها قال زهد في الناس. فقال ومن أنا حتى أزهد في الناس؟ الناس يريدون إن يزهدوا في.

وسمعته يكره للرجل النوم بعد العصر يخاف على عقله.

وقال لا يفلح من تعاطى الكلام ولا يخلو من إن يتجهم.

ص: 216

وسئل عن القراءة بالألحان فقال هذه بدعة لا تسمع.

ومن سيرته قال الخلال قلت لزهير بن صالح هل رأيت جدك؟ قال نعم. مات وأنا في عشر سنين كنا ندخل إليه في كل يوم جمعة أنا وأخواتي وكان بيننا وبينه باب وكان يكتب لكل واحد منا حبتين حبتين من فضة في رقعة إلى فامي يعامله وربما مررت به وهو قاعد في الشمس وظهره مكشوف فيه أثر الضرب بين وكان لي أخ أصغر مني اسمه علي فأراد أبي إن يختنه فاتخذ له طعاماً كثيراً ودعا قوماً فوجه إليه جدي بلغني ما أحدثته لهذا وإنك أسرفت فابدأ بالفقراء والضعفاء فلما إن كان من الغد حضر الحجام وحضر أهلنا جاء جدي حتى جلس عند الصبي وأخرج صريرة فدفعها إلى الحجام وقام فنظر الحجام في الصريرة فإذا درهم واحد وكنا قد رفعنا كثيراً من الفرش وكان الصبي على مصطبة مرتفعة من الثياب الملونة فلم ينكر ذلك.

وقدم علينا من خراسان بن خالة جدي فنزل علي أبي فدخلت معه إلى جدي فجاءت الجارية بطبق خلاف وعليه خبز وبقل وملح وبغضارة فوضعتها بين أيدينا فيها مصلية فيها لحم وصلق كثير فأكل معنا وسأل بن خالته عمن بقي من أهله بخراسان في خلال الأكل فربما ستعجم عليه فيكلمه جدي بالفارسية ويضع اللحم بين يديه وبين يدي ثم أخذ طبقاً إلى جنبه فوضع فيه تمر وجوز وجعل يأكل ويناول الرجل.

قال الميموني كثيراً ما كنت أسأل أبا عبد الله عن الشيء فيقول لبيك لبيك.

وعن المروذي قال لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أحمد كان مائلاً إليهم مقصراً عن أهل الدنيا وكان فيه حلم ولم يكن بالعجول وكان كثير التواضع تعلوه السكينة والوقار وإذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر.

قال عبد الله رأيت أبي حرج على النمل إن يخرجوا من داره فرأيت النمل قد خرجن بعد نملاً سوداً فلم أرهم بعد ذلك.

ومن كرمه الخلال حدثنا عبد الله بن أحمد قال قال أبو سعيد بن أبي حنيفة المؤدب كنت آتي أباك فيدفع إلي الثلاثة دراهم وأقل وأكثر ويقعد معي فيتحدث وربما أعطاني الشيء

ص: 217

ويقول أعطيتك نصف ما عندنا فجئت يوماً فأطلت القعود أنا وهو. قال ثم خرج ومعه تحت كسائه أربعة أرغفة فقال هذا نصف ما عندنا فقلت هي أحب إلي من أربعة آلاف من غيرك.

قال المروذي رأيت أبا عبد الله وجاءه بعض قربته فأعطاه درهمين وأتاه رجل فبعث إلى البقال فأعطاه نصف درهم.

وعن يحيى بن هلال قال جئت أحمد فأعطاني أربعة دراهم.

وقال هارون المستملي لقيت أحمد بن حنبل فقلت ما عندنا شيء فأعطاني خمسة دراهم وقال ما عندنا غيرها.

قال المروذي رأيت أبا عبد الله قد وهب لرجل قميصه وقال ربما واسى من قوته وكان إذا جاءه أمر يهمه من أمر الدنيا لم يفطر وواصل.

وجاءه أبو سعيد الضرير وكان قال قصيدة في بن أبي داود فشكى إلى أبي عبد الله فقال يا أبا سعيد ما عندنا إلا هذا الجذع فجيء بحمال قال فبعته بتسعة دراهم ودانقين وكان أبو عبد الله شديد الحياء كريم الأخلاق يعجبه السخاء.

قال المروذي سمعت أبا الفوارس ساكن أبي عبد الله يقول قال لي أبو عبد الله يا محمد ألقى الصبي المقراض في البئر فنزلت فأخرجته فكتب لي إلى البقال أعطه نصف درهم قلت هذا لا يسوى قيراط والله لا أخذته قال فلما كان بعد دعاني فقال كم عليك من الكراء؟ فقلت ثلاثة أشهر قال أنت في حل ثم قال أبو بكر الخلال فاعتبروا يا أولي الألباب والعلم هل تجدون أحداً بلغكم عنه هذه الأخلاق؟!! حدثنا علي بن سهل بن المغيرة قال كنا عند عفان مع أحمد بن حنبل وأصحابهم وصنع لهم عفان حملاً وفالوذج فجعل أحمد يأكل من كل شيء قدموا إلا الفالوذج فسألته فقال كان يقال هو أرفع الطعام فلا يأكله وفي حكاية أخرى فأكل لقمة فالوذج.

وعن بن صبح قال حضرت أبا عبد الله على طعام فجاؤوا بأرز فقال أبو عبد الله نعم الطعام إن أكل في أول الطعام أشبع وإن أكل في آخره هضم ونقل عن أبي عبد الله إجابة غير دعوة.

قال حمدان بن علي لم يكن لباس أحمد بذاك إلا أنه قطن نظيف.

وقال الفضل بن زياد رأيت على أبي عبد الله في الشتاء قميصين وجبة ملونة بينهما

ص: 218

وربما قميصاً وفرواً ثقيلاً ورأيته عليه عمامة فوق القلنسوة وكساء ثقيلاً فسمعت أبا عمران الوركاني يقول له يوماً يا أبا عبد الله هذا اللباس كله؟ فضحك ثم قال أنا رقيق في البرد وربما لبس القلنسوة بغير عمامة.

قال الفضل بن زياد رأيت على أبي عبد الله في الصيف قميصاً وسراويل ورداء وكان كثيراً ما يتشح فوق القميص.

الخلال أخبرنا الميموني ما رأيت أبا عبد الله طيلسان قط ولا رداء إنما هو إزار صغير.

وقال أبو داود كنت أرى أزرار أبي عبد الله محلولة ورأيت عليه من النعال ومن الخفاف غير زوج فما رأيت فيه مخضراً ولا شيئاً له قبالان.

وقال أبو داود رأيت على أبي عبد الله نعلين حمراوين لهما قبال واحد.

الخلال حدثنا محمد بن الحسين إن أبا بكر المروذي حدثهم في آداب أبي عبد الله قال كان أبو عبد الله لا يجهل وإن جهل عليه حلم واحتمل ويقول يكفي الله ولم يكن بالحقود ولا العجول كثير التواضع حسن الخلق دائم البشر لين الجانب ليس بفظ وكان يحب في الله ويبغض في الله وإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه وكان يحتمل الأذى من الجيران.

قال حنبل صليت بأبي عبد الله العصر فصلى معنا رجل يقال له محمد بن سعيد الختلي وكان يعرفه بالسنة فقعد أبو عبد الله بعد الصلاة وبقيت أنا وهو والختلي في المسجد ما معنا رابع فقال لأبي عبد الله نهيت عن زيد بن خلف إن لا يكلم؟ قال كتب إلي أهل الثغر يسألوني عن أمره فكتبت إليهم فأخبرتهم بمذهبه وما أحدث وأمرتهم إن لا يجالسوه فاندفع الختلي على أبي عبد الله فقال والله لأردنك إلى محبسك ولأدقن أضلاعك في كلام كثير فقال لي أبو عبد الله لا تكلمه ولا تجبه وأخذ أبو عبد الله نعليه وقام فدخل وقال مر السكان إن لا يكلموه ولا يردوا عليه فما زال يصيح ثم خرج فلما كان بعد ذلك ذهب هذا الختلي إلى شعيب وكان قد ولي على قضاء بغداد وكانت له في يديه وصية فسأله عنها ثم قال له شعيب يا عدو الله وثبت على أحمد بالأمس ثم جئت تطلب الوصية إنما أردت إن تتقرب إلي بذا فزبره ثم أقامه فخرج بعد إلى حسبة العسكر.

وسرد الخلال حكايات فيمن أهدى شيئاً إلى أحمد فأثابه بأكثر من هديته.

ص: 219

قال الخلال حدثنا إبراهيم بن جعفر بن حاتم حدثني محمد بن الحسن بن الجنيد عن هارون بن سفيان المستملي قال جئت إلى أحمد بن حنبل حين أراد إن يفرق الدراهم التي جاءته من المتوكل فأعطاني مئتي درهم فقلت لا تكفيني قال ليس هنا غيرها ولكن هو ذا أعمل بك شيئاً أعطيك ثلاث مئة تفرقها قال فلما أخذتها قلت ليس والله أعطي أحداً منها شيئاً فتبسم.

قال عبد الله ما رأيت أبي دخل الحمام قط.

الخلال حدثنا عبد الله بن حنبل حدثني أبي قال قيل لأبي عبد الله لما ضرب وبرئ وكانت يده وجعة مما علق وكانت تضرب عليه فذكروا له الحمام وألحوا عليه فقال لأبي يا أبا يوسف كلم صاحب الحمام يخليه لي ففعل ثم امتنع وقال ما أريد إن أدخل الحمام.

زهير بن صالح حدثنا أبي قال سمعت أبي كثيراً يتلو سورة الكهف وكثيراً ما كنت أسمعه يقول اللهم سلم سلم.

وحدثنا عن يونس بن محمد عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه كان يقول اللهم سلم سلم.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن أحمد أخبرنا علي بن أحمد أخبرنا المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي سمعت أحمد بن حنبل يقول في سنة ثمان وعشرين ومئتين وقد حدث بحديث معونة في البلاء اللهم رضينا اللهم رضينا.

وقال المروذي رأيت أبا عبد الله يقوم لورده قريباً من نصف الليل حتى يقارب السحر ورأيته يركع فيما بين المغرب والعشاء.

وقال عبد الله ربما سمعت أبي في السحر يدعو لأقوام بأسمائهم وكان يكثر الدعاء ويخفيه ويصلي بين العشاءين فإذا صلى عشاء الآخرة ركع ركعات صالحة ثم يوتر وينام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي وكانت قراءته لينة ربما لم أفهم بعضها وكان يصوم ويدمن ثم يفطر ما شاء الله ولا يترك صوم الاثنين والخميس وأيام البيض فلما رجع من العسكر أدمن الصوم إلى إن مات.

قال المروذي سمعت أبا عبد الله يقول حججت على قدمي حجتين وكفاني إلى مكة أربعة عشر درهماً.

ص: 220

تركه للجهات جملة عن محمد بن يحيى خادم المزني عنه قال قال الشافعي لما دخلت على الرشيد قال اليمن يحتاج إلى حاكم فانظر رجلاً نوليه. فلما رجع الشافعي إلى مجلسه ورأى أحمد بن حنبل من أمثلهم كلمه في ذلك وقال تهيأ حتى أدخلك على أمير المؤمنين فقال إنما جئت لأقتبس منك العلم وتأمرني إن أدخل في القضاء ووبخه فاستحيا الشافعي.

قلت إسناده مظلم.

قال بن الجوزي قيل كان هذا في زمان الأمين.

وأخبرنا بن ناصر أخبرنا عبد القادر بن محمد أنبأنا البرمكي أخبرنا أبو بكر عبد العزيز أخبرنا الخلال أخبرنا محمد بن أبي هارون حدثنا الأثرم قال أخبرت إن الشافعي قال لأبي عبد الله إن أمير المؤمنين يعني محمداً سألني إن ألتمس له قاضياً لليمن وأنت تحب الخروج إلى عبد الرزاق فقد نلت حاجتك وتقضي بالحق فقال للشافعي يا أبا عبد الله إن سمعت هذا منك ثانية لم ترني عندك فظننت أنه كان لأبي عبد الله ثلاثين سنة أو سبعاً وعشرين.

الصندلي حدثنا أبو جعفر الترمذي أخبرنا عبد الله بن محمد البلخي إن الشافعي كان كثيراً عند محمد بن زبيدة يعني الأمين فذكر له محمد يوماً اغتمامه برجل يصلح للقضاء صاحب سنة قال قد وجدت قال ومن هو؟ فذكر أحمد بن حنبل قال فلقيه أحمد فقال أخمل هذا واعفني وإلا خرجت من البلد.

قال صالح بن أحمد كتب إلي إسحاق بن راهويه إن الأمير عبد الله بن طاهر وجه إلي فدخلت إليه وفي يدي كتاب أبي عبد الله فقال ما هذا؟ قلت كتاب أحمد بن حنبل فأخذه وقرأه وقال إني أحبه وأحب حمزة بن الهيصم البوشنجي لأنهما لم يختلطا بأمر السلطان قال فأمسك أبي عن مكاتبة إسحاق.

قال إبراهيم بن أبي طالب سمعت أحمد بن سعيد الرباطي يقول قدمت على أحمد بن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي فقلت يا أبا عبد الله إنه يكتب عني بخراسان وإن عاملتني هذه المعاملة رموا حديثي قال يا أحمد هل بد يوم القيامة من إن يقال أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟ فانظر أين تكون منه.

ص: 221

قال عبد الله بن بشر الطالقاني سمعت محمد بن طارق البغدادي يقول قلت لأحمد بن حنبل أستمد من محبرتك فنظر إلي وقال لم يبلغ ورعي ورعك هذا وتبسم.

قال المروذي قلت لأبي عبد الله الرجل يقال في وجهه أحببت السنة قال هذا فساد لقلبه.

الخلال أخبرني محمد بن موسى قال رأيت أبا عبد الله وقد قال له خراساني الحمد لله الذي رأيتك قال اقعد أي شيء ذا؟ من أنا؟ وعن رجل قال رأيت أثر الغم في وجه أبي عبد الله وقد أثنى عليه شخص وقيل له جزاك الله عن الإسلام خيراً قال بل جزى الله الإسلام عني خيراً من أنا؟ وما أنا؟! الخلال أخبرنا علي بن عبد الصمد الطيالسي قال مسحت يدي على أحمد بن حنبل وهو ينظر فغضب وجعل ينفض يده ويقول عمن أخذتم هذا.

وقال خطاب بن بشر سألت أحمد بن حنبل عن شيء من الورع فتبين الاغتمام عليه إزراء على نفسه.

وقال المروذي سمعت أبا عبد الله ذكر أخلاق الورعين فقال أسال الله إن لا يمقتنا أين نحن من هؤلاء؟!!.

قال الأبار سمعت رجلاً سأل أحمد بن حنبل قال حلفت بيمين لا أدري أيش هي؟ فقال ليتك إذا دريت دريت أنا.

قال إبراهيم الحربي كان أحمد يجيب في العرس والختان ويأكل وذكر غيره إن أحمد ربما استعفى من الإجابة وكان إن رأى إناء فضة أو منكراً خرج وكان يحب الخمول والانزواء عن الناس ويعود المريض وكان يكره المشي في الأسواق ويؤثر الوحدة.

قال أبو العباس السراج سمعت فتح بن نوح سمعت أحمد بن حنبل يقول أشتهي مالا يكون أشتهي مكاناً لا يكون فيه أحد من الناس.

وقال الميموني قال أحمد رأيت الخلوة أروح لقلبي.

قال المروذي قال لي أحمد قل لعبد الوهاب أخمل ذكرك فإني أنا قد بليت بالشهرة.

وقال محمد بن الحسن بن هارون رأيت أبا عبد الله إذا مشى في الطريق يكره إن يتبعه أحد.

ص: 222

قلت إيثار الخمول والتواضع وكثرة الوجل من علامات التقوى والفلاح.

قال صالح بن أحمد كان أبي إذا دعا له رجل يقول الأعمال بخواتيمها.

وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول وددت إني نجوت من هذا الأمر كفافاً لا علي ولا لي.

وعن المروذي قال أدخلت إبراهيم الحصري على أبي عبد الله وكان رجلاً صالحاً فقال إن أمي رأت لك مناماً هو كذا وكذا وذكرت الجنة فقال يا أخي إن سهل بن سلامة كان الناس يخبرونه بمثل هذا وخرج إلى سفك الدماء وقال الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره.

قال المروذي بال أبو عبد الله في مرض الموت دماً عبيطاً فأريته الطبيب فقال هذا رجل قد فتت الغم أو الخوف جوفه.

وروي عن المروذي قال قلت لأحمد كيف أصبحت قال كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرائض ونبيه يطالبه بأداء السنة والملكان يطلبانه بتصحيح العمل ونفسه تطالبه بهواها وإبليس يطالبه بالفحشاء وملك الموت يراقب قبض روحه وعياله يطالبونه بالنفقة؟! الخلال أخبرنا المروذي قال مررت وأبو عبد الله متوكئ على يدي فاستقبلتنا امرأة بيدها طنبور فأخذته فكسرته وجعلت أدوسه وأبو عبد الله واقف منكس الرأس فلم يقل شيئاً وانتشر أمر الطنبور فقال أبو عبد الله ما علمت أنك كسرت طنبوراً إلى الساعة.

قال الميموني قال لي القاضي محمد بن محمد بن إدريس الشافعي قال لي أحمد أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم سحرا.

وعن إبراهيم بن هانئ النيسابوري قال كان أبو عبد الله حيث توارى من السلطان عندي وذكر من اجتهاده في العبادة أمراً عجباً قال وكنت لا أقوى معه على العبادة وأفطر يوماً واحداً وأحتجم.

قال الخلال حدثنا محمد بن علي حدثنا العباس بن أبي طالب سمعت إبراهيم بن شماس قال كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو غلام وهو يحيي الليل.

قال عمر بن محمد بن رجاء حدثنا عبد الله بن أحمد قال لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي فكان كثير المذاكرة له فسمعت أبي يوماً يقول ما صليت اليوم غير الفريضة استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي.

ص: 223

وعن عبد الله بن أحمد قال كان في دهليزنا دكان إذا جاء من يريد أبي إن يخلو معه أجلسه ثم وإذا لم يرد أخذ بعضادتي الباب وكلمه فلما كان ذات يوم جاء إنسان فقال لي قل أبو إبراهيم السائح قال فقال أبي سلم عليه فإنه من خيار المسلمين فسلمت عليه فقال له أبي حدثني يا أبا إبراهيم قال خرجت إلى موضع فأصابتني علة فقلت لو تقربت إلى الدير لعل من فيه من الرهبان يداويني فإذا بسبع عظيم يقصدني فاحتملني على ظهره حتى ألقاني عند الدير فشاهد الرهبان ذلك فأسلموا كلهم وهم أربع مئة ثم قال لأبي حدثني يا أبا عبد الله فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أحمد حج فانتبهت وجعلت في المزود فتيتاً وقصدت نحو الكوفة فلما تقضى بعض النهار إذا أنا بالكوفة فدخلت الجامع فإذا أنا بشاب حسن الوجه طيب الريح فسلمت وكبرت فلما فرغت من صلاتي قلت هل بقي من يخرج إلى الحج؟ فقال انتظر حتى يجيء أخ من إخواننا فإذا أنا برجل في مثل حالي فلم نزل نسير فقال له الذي معي رحمك الله ارفق بنا فقال الشاب إن كان معنا أحمد بن حنبل فسوف يرفق بنا فوقع في نفسي أنه الخضر فقلت للذي معي هل لك في الطعام؟ فقال كل مما تعرف وآكل مما أعرف فلما أكلنا غاب الشاب ثم كان يرجع بعد فراغنا فلما كان بعد ثلاث إذا نحن بمكة.

هذه حكاية منكرة.

قال القاضي أبو يعلى نقلت من خط أبي إسحاق بن شاقلا أخبرني عمر بن علي حدثنا جعفر الرزاز جارنا سمعت أبا جعفر محمد بن المولى سمعت عبد الله فذكرها فلعلها من وضع الرزاز.

أنبؤونا عن بن الجوزي أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك أخبرنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي حدثنا أبو جعفر محمد بن يعقوب الصفار قال كنا عند أحمد بن حنبل فقلت ادع الله لنا فقال اللهم إنك تعلم أنك لنا على أكثر مما نحب فاجعلنا لك على ما تحب اللهم إنا نسألك بالقدرة التي قلت للسموات والارض "ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين" فصلت: 11. فصلت اللهم وفقنا لمرضاتك اللهم إنا نعوذ بك من الفقر إلا إليك ومن الذل إلا لك.

رواتها أئمة إلى الصفار ولا أعرفه وهي منكرة.

أخبرنا عمر بن القواس عن الكندي أخبرنا الكروخي أخبرنا شيخ الإسلام

ص: 224

الأنصاري أخبرنا أبو يعقوب أخبرنا زاهر بن أحمد حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر سمعت الرمادي سمعت عبد الرزاق وذكر أحمد فدمعت عينه وقال قدم وبلغني إن نفقته نفذت فأخذت عشرة دنانير وعرضتها عليه فتبسم وقال يا أبا بكر لو قبلت شيئاً من الناس قبلت منك ولم يقبل مني شيئاً.

الخلال أخبرني أبو غالب علي بن أحمد حدثني صالح بن أحمد قال جاءتني حسن فقالت قد جاء رجل بتليسة

(249)

فيها فاكهة يابسة وبكتاب فقمت فقرأت الكتاب فإذا فيه يا أبا عبد الله أبضعت لك بضاعة إلى سمرقند فربحت فبعثت بذلك إليك أربعة آلاف وفاكهة أنا لقطتها من بستاني ورثته من أبي قال فجمعت الصبيان ودخلنا فبكيت وقلت يا أبة ما ترق لي من أكل الزكاة؟ ثم كشف عن رأس الصبية وبكيت فقال من أين علمت؟ دع حتى أستخير الله الليلة قال فلما كان من الغد قال استخرت الله فعزم لي إن لا آخذها وفتح التليسة ففرقها على الصبيان وكان عنده ثوب عشاري فبعث به إلى الرجل ورد المال.

عبد الله بن أحمد سمعت فوران يقول مرض أبو عبد الله فعاده الناس يعني قبل المئتين وعاده علي بن الجعد فترك عند رأسه صرة فقلت له عنها فقال ما رأيت اذهب فردها إليه.

أبو بكر بن شاذان حدثنا أبو عيسى أحمد بن يعقوب حدثتني فاطمة بنت أحمد بن حنبل قالت وقع الحريق في بيت أخي صالح وكان قد تزوج بفتية فحملوا إليه جهازاً شبيهاً بأربعة آلاف دينار فأكلته النار فجعل صالح يقول ما غمني ما ذهب إلا ثوب لأبي كان يصلي فيه أتبرك به وأصلي فيه قالت فطفئ الحريق ودخلوا فوجدوا الثوب على سرير قد أكلت النار ما حوله وسلم.

قال بن الجوزي وبلغني عن قاضي القضاة علي بن الحسين الزينبي أنه حكى إن الحريق وقع في دارهم فأحرق ما فيها إلا كتاباً كان فيه شيء بخط الإمام أحمد قال ولما وقع الغرق ببغداد في سنة 554 وغرقت كتبي سلم لي مجلد فيه ورقتان بخط الإمام.

قلت وكذا استفاض وثبت إن الغرق الكائن بعد العشرين وسبع مئة ببغداد عام على مقابر مقبرة أحمد وأن الماء دخل في الدهليز علو ذراع ووقف بقدرة الله وبقيت الحصر حول قبر الإمام بغبارها وكان ذلك آية.

(249)

هو: وعاء من خوص.

ص: 225

أبو طالب حدثنا المروذي سمعت مجاهد بن موسى يقول رأيت أحمد وهو حدث وما في وجهة طاقة وهو يذكر.

وروى حرمي بن يونس عن أبيه رأيت أحمد أيام هشيم وله قدر.

قال أحمد بن سعيد الرباطي سمعت أحمد بن حنبل يقول أخذنا هذا العلم بالذل فلا ندفعه إلا بالذل.

محمد بن صالح بن هانئ حدثنا أحمد بن شهاب الإسفراييني سمعت أحمد بن حنبل وسئل عمن نكتب في طريقنا فقال عليكم بهناد وبسفيان بن وكيع وبمكة بن أبي عمر وإياكم إن تكتبوا يعني عن أحد من أصحاب الأهواء قليلاً ولا كثيراً عليكم بأصحاب الآثار والسنن.

عبد الله بن أحمد كتب إلي الفتح بن شخرف أنه سمع موسى بن حزام الترمذي يقول كنت أختلف إلى أبي سليمان الجوزجاني في كتب محمد فاستقبلي أحمد بن حنبل فقال إلى أين قلت إلى أبي سليمان فقال العجب منكم تركتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يزيد عن حميد عن أنس وأقبلتم على ثلاثة إلى أبي حنيفة رحمه الله أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عنه! قال فانحدرت إلى يزيد بن هارون.

ابن عدي أخبرنا عبد الملك بن محمد حدثنا صالح بن أحمد سمعت أبي يقول والله لقد أعطيت المجهود من نفسي ولوددت إني أنجو كفافاً.

الحاكم حدثنا أبو علي الحافظ سمعت محمد بن المسيب سمعت زكريا بن يحيى الضرير يقول قلت لأحمد بن حنبل كم يكفي الرجل من الحديث حتى يكون مفتياً؟ يكفيه مئة ألف؟ فقال لا إلى إن قال فيكفيه خمس مئة ألف حديث؟ قال أرجو.

المحنة قال عمرو بن حكام حدثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن أبي عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يمنعن أحدكم مخافة الناس إن يتكلم بحق علمه"

(250)

تفرد به عمرو وليس بحجة.

وقال سليمان بن بنت شرجبيل حدثنا عيسى بن يونس عن سليمان التيمي عن أبي

(250)

انظر: تخريجنا الآتى.

ص: 226

نضرة عن أبي سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يمنعن أحدكم هيبة الناس إن يقول بالحق إذا رآه أو سمعه"

(251)

غريب فرد.

وقال حماد بن سلمة ومعلى بن زياد - وهذا لفظه - عن أبي غالب عن أبي أمامة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أحب الجهاد إلى الله كلمة حق تقال لإمام جائر"

(252)

.

إسحاق بن موسى الخطمي حدثنا أبو بكر بن عبد الرحمن حدثنا يعقوب بن محمد بن عبد الرحمن القاري عن أبيه عن جده إن عمر كتب إلى معاوية أما بعد فالزم الحق ينزلك الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق.

وبإسناد واه عن أبي ذر أبى الحق إن يترك له صديقاً.

الصدع بالحق عظيم يحتاج إلى قوة وإخلاص فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به والقوي بلا إخلاص يخذل فمن قام بهما كاملاً فهو صديق ومن ضعف فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب ليس وراء ذلك إيمان فلا قوة إلا بالله.

سفيان الثوري عن الحسن بن عمرو عن محمد بن مسلم مولى حكيم بن حزام عن عبد الله بن عمرو قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم إن تقول له إنك ظالم فقد تودع منهم"

(253)

هكذا رواه جماعة عن سفيان.

(251)

صحيح: أخرجه أحمد (3/ 5 و 53) من طريق سليمان بن طرخان التيمي، به.

وهذا إسناد صحيح. وأخرجه أحمد (3/ 19 و 71)، والترمذي (2191)، وابن ماجه (4007)، من طريق حماد، عن على بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.

(252)

صحيح: أخرجه أحمد (5/ 251 و 256)، وابن ماجه (4012).

وله شاهد عن أبي سعيد الخدري: عند أبي داود (4344)، والترمذي (275)، وابن ماجه (4011)، وإسناده ضعيف، وله شاهد آخر من حديث طارق بن شهاب: عند أحمد (4/ 314 و 315)، والنسائي (7/ 161) وهو صحيح.

(253)

ضعيف: أخرجه أحمد (2/ 163 و 190)، والحاكم (4/ 96) والبيهقي في "شعب الإيمان"(7546) من طريق الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به.

قلت: إسناده ضعيف آفته الانقطاع بين محمد بن مسلم أبو الزبير المكي وعبد الله بن عمرو كما قال أبو حاتم في المراسيل (ص 154).

وقال البيهقي في "الشعب"(6/ 81): والمعنى في هذا أنهم إذا خافوا على أنفسهم من هذا القول فتركوه، كانوا مما هو أشد منه وأعظم من القول والعمل أخوف، وكانوا إلى أن يدعوا جهاد المشركين خوفًا على أنفسهم وأموالهم أقرب، وإذا صاروا كذلك، فقد تُودع منهم، واستوى وجودهم وعدمهم.

ص: 227

ورواه النضربن إسماعيل عن الحسن فقال عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً ورواه سيف بن هارون عن الحسن فقال عن أبي الزبير سمعت عبد الله بن عمرو مرفوعاً.

سفيان الثوري عن زبيد عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحقرن أحدكم نفسه إن يرى أمراً لله فيه مقال فلا يقول فيه فيقال له ما منعك؟ فيقول مخافة الناس فيقول فإياي كنت أحق إن تخاف"

(254)

رواه الفريابي وأبو نعيم وخلاد عنه.

حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون وإذا وضع السيف عليهم لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله"

(255)

.

الحسين بن موسى حدثنا الحسين بن الفضل البجلي حدثنا عبد العزيز بن يحيى المكي حدثنا سليم بن مسلم

(256)

عن بن جريج

(257)

عن عطاء عن بن عباس قال قال

(254)

صحيح: أخرجه ابن ماجه (4008) حدثنا أبو كُريْب، حدثنا عبد اللَّه بن نُمير وأبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي البَخْترى، عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. لا يحقر أحدُكم نفسه قالوا: يا رسول اللَّه كيف يحقرُ أحدُنا نَفسَهُ؟ قال: يرى أمرًا للَّه عليه فيه مقال ثم لا يقولُ فيه. فيقول اللَّه عز وجل له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقولُ: خشية الناس، فيقول: فإيَّاىَ كُنتَ أحقَّ أن تخشى". وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو البختري، اسمه سعيد بن فيروز الطائي".

قلت: وهو صحيح كما قال.

(255)

صحيح: أخرجه أحمد (5/ 278 و 283 - 284)، وأبو داود (4252)، وابن ماجه (3952) من طريق أبي قلابة، به.

(256)

أورده الحافظ في "اللسان"(3/ 113)، وقال: قال ابن معين: جهمي خبيث. وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال أحمد: لا يُساوى حديثه شيئًا.

وقال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف الحديث.

(257)

ابن جريج، هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريْج الأموى، مولاهم، المكي، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، وقد عنعنه هنا.

ص: 228

رسول الله صلى الله عليه وسلم "لله عند إحداث كل بدعة تكيد الإسلام ولي يذب عن دينه" الحديث

(258)

هذا موضوع ما رواه بن جريج.

كان الناس أمة واحدة ودينهم قائماً في خلافة أبي بكر وعمر فلما استشهد قفل باب الفتنة عمر رضي الله عنه وانكسر الباب قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان حتى ذبح صبراً وتفرقت الكلمة وتمت وقعة الجمل ثم وقعة صفين فظهرت الخوارج وكفرت سادة الصحابة ثم ظهرت الروافض والنواصب.

وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة والجهمية والمجسمة بخراسان في أثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها إلى بعد المئتين فظهر المأمون الخليفة - وكان ذكياً متكلماً له نظر في المعقول - فاستجلب كتب الأوائل وعرب حكمة اليونان وقام في ذلك وقعد وخب ووضع ورفعت الجهمية والمعتزلة رؤوسها بل والشيعة فإنه كان كذلك وآل به الحال إن حمل الأمة على القول بخلق القرآن وامتحن العلماء فلم يمهل وهلك لعامه وخلى بعده شراً وبلاء في الدين فإن الأمة ما زالت على إن القرآن العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله لا يعرفون غير ذلك حتى نبغ لهم القول بأنه كلام الله مخلوق مجعول وأنه إنما يضاف إلى الله تعالى إضافة تشريف كبيت الله وناقة الله فأنكر ذلك العلماء ولم تكن الجمهية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين فلما ولي المأمون كان منهم وأظهر المقالة.

(258)

موضوع: آفته سليم بن مسلم، وهو منكر الحديث كما قد علمت من التعليق قبل السابق وفيه ابن جريج، وقد عنعنه. والحديث أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 100)، وأبو نعيم في "الحلية"(10/ 400) من طريق محمد بن أيوب، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا عباد بن العوام، قال: حدثنا عبد الغفار المديني، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للَّه عند كلِّ بدعة كِيدّ بها الإسلام وأهله ولىٌّ يذُبُّ عنه، ويتكلم بعلاماته، فاغتنموا تلك المجالس بالذب عن الضعفاء، وتوكلوا على اللَّه وكفى بالله وكيلًا".

وقال أبو نعيم في إثره: تفرد به عبد الغفار عن سعيد، وعنه عباد.

وقال العقيلي: عبد الغفار مجهول بالنقل، حديثه هذا غير محفوظ ولا يعرف إلَّا به" وقال الذهبي:"لا يعرف، وكأنه أبو مريم فإن خبره موضوع".

قلت: يشير إلى هذا الحديث، وأبو مريم اسمه عبد الغفار بن القاسم الأنصاري صرح غير واحد من الأئمة بأنه كان يضع الحديث. قال ابن حبان في ترجمته في "المجروحين" (2/ 143): - "كان ممن يروى المثالب في عثمان بن عفان وشرب الخمر حتى يسكر، ومع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، تركه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين". والحديث أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 322)، والهروى في "ذم الكلام"(4/ 80/ 2) من طريق عبد السلام بن صالح، حدثنا عباد بن العوام، به.

ص: 229

روى أحمد بن إبراهيم الدورقي عن محمد بن نوح إن الرشيد قال بلغني إن بشر بن غياث المريسي يقول القرآن مخلوق فلله علي إن أظفرني به لأقتلنه قال الدورقي وكان متوارياً أيام الرشيد فلما مات الرشيد ظهر ودعا إلى الضلالة.

قلت ثم إن المأمون نظر في الكلام وناظر وبقي متوقفاً في الدعاء إلى بدعته.

قال أبو الفرج بن الجوزي خالطه قوم من المعتزلة فحسنوا له القول بخلق القرآن وكان يتردد ويراقب بقايا الشيوخ ثم قوي عزمه وامتحن الناس.

أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا أبو منصور الشيباني أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو بكر الحيري أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا يحيى بن أبي طالب أخبرني الحسن بن شاذان الواسطي حدثني بن عرعرة حدثني بن أكثم قال قال لنا المأمون لولا مكان يزيد بن هارون لأظهرت إن القرآن مخلوق فقال بعض جلسائه يا أمير المؤمنين ومن يزيد حتى يتقى؟ فقال ويحك! إني أخاف إن أظهرته فيرد علي يختلف الناس وتكون فتنة وأنا أكره الفتنة فقال الرجل فأنا أخبر ذلك منه قال له نعم فخرج إلى واسط فجاء إلى يزيد وقال يا أبا خالد إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك إني أريد إن أظهر خلق القرآن فقال كذبت على أمير المؤمنين أمير المؤمنين لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه فإن كنت صادقاً فاقعد فإذا اجتمع الناس في المجلس فقل قال فلما إن كان الغد اجتمعوا فقام فقال كمقالته فقال يزيد كذبت على أمير المؤمنين إنه لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه وما لم يقل به أحد قال فقدم وقال يا أمير المؤمنين كنت أعلم وقص عليه قال ويحك يلعب بك!! قال صالح بن أحمد سمعت أبي يقول لما دخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة قرأ علينا كتاب الذي صار إلى طرسوس يعني المأمون فكان فيما قرئ علينا "ليس كمثله شيء" الشورى: 11، و"هو خالق كل شيء" الأنعام: 102، فقلت "وهو السميع البصير" قال صالح ثم امتحن القوم ووجه بمن امتنع إلى الحبس فأجاب القوم جميعاً غير أربعة أبي ومحمد بن نوح والقواريري والحسن بن حماد سجادة ثم أجاب هذان وبقي أبي ومحمد في الحبس أياماً ثم جاء كتاب من طرسوس بحملهما مقيدين زميلين.

الطبراني حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبو معمر القطيعي قال لما أحضرنا إلى دار

ص: 230

السلطان أيام المحنة وكان أحمد بن حنبل قد أحضر فلما رأى الناس يجيبون وكان رجلاً ليناً فانتفخت أوداجه واحمرت عيناه وذهب ذلك اللين فقلت إنه قد غضب لله فقلت أبشر حدثنا بن فضيل عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي سلمة قال كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إذا أريد على شيء من أمر دينه رأيت حماليق عينيه في رأسه تدور كأنه مجنون.

أخبرنا عمر بن القواس عن الكندي أخبرنا الكرخي أخبرنا شيخ الإسلام أخبرنا أبو يعقوب حدثنا الحسين بن محمد الخفاف سمعت بن أبي أسامة يقول حكي لنا إن أحمد قيل له أيام المحنة ياأبا عبد الله أولا ترى الحق كيف ظهر عليه الباطل؟ قال كلا إن ظهور الباطل على الحق إن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة وقلوبنا بعد لازمة للحق.

الأصم حدثنا عباس الدوري سمعت أبا جعفر الأنباري يقول لما حمل أحمد إلى المأمون أخبرت فعبرت الفرات فإذا هو جالس في الخان فسلمت عليه فقال يا أبا جعفر تعنيت فقلت يا هذا أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك فو الله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبن خلق وإن أنت لم تجب ليمتنعن خلق من الناس كثير ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت لابد من الموت فاتق الله ولا تجب فجعل أحمد يبكي ويقول ما شاء الله ثم قال يا أبا جعفر أعد علي فأعدت عليه وهو يقول ما شاء الله.

قال أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي حدثنا الفضل بن زياد سمعت أحمد بن حنبل يقول أول يوم امتحنه إسحاق لما خرج من عنده وذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة ومئتين فقعد في مسجده فقال له جماعة أخبرنا بمن أجاب فكأنه ثقل عليه فكلموه أيضاً قال فلم يجب أحد من أصحابنا والحمد لله ثم ذكر من أجاب ومن واتاهم على أكثر ما أرادوا فقال هو مجعول محدث وامتحنهم مرة مرة وامتحنني مرتين مرتين فقال لي ما تقول في القرآن قلت كلام الله غير مخلوق فأقامني وأجلسني في ناحية ثم سألهم ثم ردني ثانية فسألني وأخذني في التشبيه فقلت "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" الشورى: 11، فقال لي وما السميع البصير؟ فقلت هكذا قال تعالى.

قال محمد بن إبراهيم البوشنجي جعلوا يذاكرون أبا عبد الله بالرقة في التقية وما روي فيها فقال كيف تصنعون بحديث خباب "إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار

ص: 231

لا يصده ذلك عن دينه"

(259)

فأيسنا منه.

وقال لست أبالي بالحبس ما هو ومنزلي إلا واحد ولا قتلاً بالسيف إنما أخاف فتنة السوط فسمعه بعض أهل الحبس فقال لا عليك يا أبا عبد الله فما هو إلا سوطان ثم لا تدري أين يقع الباقي فكانه سري عنه.

قال وحدثني من أثق به عن محمد بن إبراهيم بن مصعب وهو يومئذ صاحب شرطة المعتصم خلافة لأخيه إسحاق بن إبراهيم قال ما رأيت أحداً لم يداخل السلطان ولا خالط الملوك كان أثبت قلباً من أحمد يومئذ ما نحن في عينه إلا كأمثال الذباب.

وحدثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الرحمن الشافعي أو هو حدثني أنهم أنفذوه إلى أحمد في محبسه ليكلمه في معنى التقية فلعله يجيب قال فصرت إليه أكلمه حتى إذا أكثرت وهو لا يجيبني ثم قال لي ما قولك اليوم في سجدتي السهو؟ وإنما أرسلوه إلى أحمد للإلف الذي كان بينه وبين أحمد أيام لزومهم الشافعي فإن أبا عبد الرحمن كان يومئذ ممن يتقشف ويلبس الصوف وكان أحفظ أصحاب الشافعي للحديث من قبل إن يتبطن بمذاهبه المذمومة ثم لم يحدث أبو عبد الله بعد ما أنبأتك أنه حدثني في أول خلافة الواثق ثم قطعه إلى إن مات إلا ما كان في زمن المتوكل.

قال صالح بن أحمد حمل أبي ومحمد بن نوح من بغداد مقيدين فصرنا معهما إلى الأنبار فسأل أبو بكر الأحول أبي يا أبا عبد الله إن عرضت على السيف تجيب؟ قال لا ثم سيرا فسمعت أبي يقول صرنا إلى الرحبة ورحلنا منها في جوف الليل فعرض لنا رجل فقال أيكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له هذا فقال للجمال على رسلك ثم قال يا هذا ما عليك إن تقتل ها هنا وتدخل الجنة؟ ثم قال أستودعك الله ومضى فسألت عنه فقيل لي هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشعر في البادية يقال له جابر بن عامر يذكر بخير.

أحمد بن أبي الحواري حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال قال أحمد بن حنبل ما

(259)

صحيح: أخرجه أحمد (5/ 109 و 110)، والبخاري (3852)، وأبو داود (2649) من طريق قيس ابن أبي حازم عن خباب بن الأرت قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتوسِّدٌ بُردَةٌ في ظلُ الكعبة. فشكونا إليه فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ فجلس محْمَرًا وَجْهُهُ فقال:"قد كان من قبلكم يُؤخذُ الرجل فيُحفرُ له في الأرض ثم يُؤتى بالمنشار فيجعل على رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويُمْشَطُ بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعَصَب ما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليُتمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء وحَضْرمَوتَ ما يخاف إلَّا الله -تعالى- والذئب على غنمه، ولكنكم تَعْجَلُونَ".

ص: 232

سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في رحبة طوق قال يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيداً وإن عشت عشت حميداً فقوى قلبي.

قال صالح بن أحمد قال أبي فلما صرنا إلى أذنة

(260)

ورحلنا منها في جوف الليل وفتح لنا بابها إذا رجل قد دخل فقال البشرى! قد مات الرجل يعني المأمون قال أبي وكنت أدعو الله إن لا أراه.

محمد بن إبراهيم البوشنجي سمعت أحمد بن حنبل يقول تبينت الإجابة في دعوتين دعوت الله إن لا يجمع بيني وبين المأمون ودعوته إن لا أرى المتوكل فلم أر المأمون مات بالبذندون

(261)

قلت وهو نهر الروم وبقي أحمد محبوساً بالرقة حتى بويع المعتصم إثر موت أخيه فرد أحمد إلى بغداد وأما المتوكل فإنه نوه بذكر الإمام أحمد والتمس الاجتماع به فلما إن حضر أحمد دار الخلافة بسامراء ليحدث ولد المتوكل ويبرك عليه جلس له المتوكل في طاقة حتى نظر هو وأمه منها إلى أحمد ولم يره أحمد.

قال صالح لما صدر أبي ومحمد بن نوح إلى طرطوس ردا في أقيادهما فلما صار إلى الرقة حملا في سفينة فلما وصلا إلى عانة

(262)

توفي محمد وفك قيده وصلى عليه أبي.

وقال حنبل قال أبو عبد الله ما رأيت أحداً على حداثة سنه وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح إني لأرجو إن يكون قد ختم له بخير قال لي ذات يوم يا أبا عبد الله الله الله إنك لست مثلي أنت رجل يقتدى بك قد مد الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك فاتق الله واثبت لأمر الله أو نحو هذا فمات وصليت عليه ودفنته أظن قال بعانة.

قال صالح وصار أبي إلى بغداد مقيداً فمكث بالياسرية

(263)

أياماً ثم حبس في دار اكتريث عند دار عمارة ثم حول إلى حبس العامة في درب الموصلية فقال كنت أصلي بأهل السجن وأنا مقيد فلما كان في رمضان سنة تسع عشر - قلت وذلك بعد موت المأمون بأربعة عشر شهراً - حولت إلى دار إسحاق بن إبراهيم يعني نائب بغداد وأما

(260)

هي: بلد قرب المِصِّيصَة.

(261)

البذندون: بفتحتين وسكون النون ودال مهملة وواو ساكنة ونون: قريبة بينها وبين طرسوس يوم من بلاد الثغر، مات بها المأمون فنقل إلى طرسوس، ودفن بها. ولطرسوس باب يقال له: باب بَذنْدون، عنده في وسط السور قبر أمير المؤمنين المأمون عبد الله بن هارون كان خرج غازيًا فأدركته وفاته هناك، وذلك سنة (218 هـ) قاله ياقوت الحموى في "معجم البلدان"(1/ 361 - 362).

(262)

بلد بين الرقة وهيت، يعد في أعمال الجزيرة، وهى مشرفة على الفرات، وبها قلعة حصينة.

(263)

قرية كبيرة على ضفة نهر عيسى، بينها وبين بغداد ميلان.

ص: 233

حنبل فقال حبس أبو عبد الله في دار عمارة ببغداد في إصطبل الأمير محمد بن إبراهيم أخي إسحاق بن إبراهيم وكان في حبس ضيق ومرض في رمضان ثم حول بعد قليل إلى سجن العامة فمكث في السجن نحواً من ثلاثين شهراً وكنا ناتيه فقرأ علي كتاب الإرجاء وغيره في الحبس ورأيته يصلي بهم في القيد فكان يخرج رجله من حلقه القيد وقت الصلاة والنوم.

قال صالح بن أحمد قال أبي كان يوجه إلي يوم برجلين أحدهما يقال له أحمد بن أحمد بن رباح والآخر أبو شعيب الحجام فلا يزالان يناظراني حتى إذا قاما دعي بقيد فزيد في قيودي فصار في رجلي أربعة أقياد فلما كان في اليوم الثالث دخل علي فناظرني فقلت له ما تقول في علم الله؟ قال مخلوق قلت كفرت بالله فقال الرسول الذي كان يحضر من قبل إسحاق بن إبراهيم إن هذا رسول أمير المؤمنين فقلت إن هذا قد كفر فلما كان في الليلة الرابعة وجه يعني المعتصم ببغا الكبير إلى إسحاق فأمره بحملي إليه فأدخلت على إسحاق فقال يا أحمد إنها والله نفسك إنه لا يقتلك بالسيف إنه قد آلى إن لم تجبه إن يضربك ضرباً بعد ضرب وأن يقتلك في موضع لا يرى فيه شمس ولا قمر أليس قد قال الله تعالى "إنا جعلناه قرآناً عربياً" الزخرف: 3، أفيكون مجعولاً إلا مخلوقاً فقلت فقد قال تعالى "فجعلهم كعصف مأكول" الفيل: 5، أفخلقهم؟ قال فسكت فلما صرنا إلى الموضع المعروف بباب البستان أخرجت وجيء بدابة فأركبت وعلي الأقياد ما معي من يمسكني فكدت غير مرة إن أخر على وجهي لثقل القيود فجيء بي إلى دار المعتصم فأدخلت حجرة ثم أدخلت بيتاً وأقفل الباب علي في جوف الليل ولا سراج فأردت الوضوء فمددت يدي فإذا أنا بإناء فيه ماء وطست موضوع فتوضأت وصليت.

فلما كان من الغد أخرجت تكتي وشددت بها الأقياد أحملها وعطفت سراويلي فجاء رسول المعتصم فقال أجب فأخذ بيدي وأدخلني عليه والتكة في يدي أحمل بها الأقياد وإذا هو جالس وأحمد بن أبي داود حاضر وقد جمع خلقاً كثيراً من أصحابه فقال لي المعتصم ادنه ادنه فلم يزل يدنيني حتى قربت منه ثم قال اجلس فجلست وقد أثقلتني الأقياد فمكثت قليلاً ثم قلت أتاذن في الكلام؟ قال تكلم فقلت إلى ما دعا الله ورسوله؟ فسكت هنية ثم قال إلى شهادة إن لا إله إلا الله فقلت فأنا أشهد إن لا إله إلا الله ثم قلت إن جدك بن عباس يقول لما قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الإيمان فقال: أتدرون ما الإيمان؟ " قالوا الله ورسوله أعلم قال "شهادة

ص: 234

إن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تعطوا الخمس من المغنم"

(264)

قال أبي فقال يعني المعتصم لولا إني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك.

ثم قال يا عبد الرحمن بن إسحاق ألم آمرك برفع المحنة؟ فقلت الله أكبر إن في هذا لفرجاً للمسلمين ثم قال لهم ناظروه وكلموه يا عبد الرحمن كلمه فقال ما تقول في القرآن قلت ما تقول أنت في علم الله؟ فسكت فقال لي بعضهم أليس قال الله تعالى "الله خالق كل شيء" الرعد: 16، والقرآن أليس؟ شيئاً فقلت قال الله "تدمر كل شيء" الأحقاف: 25، فدمرت إلا ما أراد الله فقال بعضهم "ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث" الأنبياء: 2، أفيكون محدث إلا مخلوقاً فقلت قال الله "ص والقرآن" ص: 1، فالذكر هو القرآن وتلك ليس فيها ألف ولام وذكر بعضهم حديث عمران بن حصين "إن الله خلق الذكر"

(265)

فقلت هذا خطأ حدثنا غير واحد "إن الله كتب الذكر" واحتجوا بحديث بن مسعود "ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي"(265 م) فقلت إنما وقع الخلق على الجنة والنار والسماء والأرض ولم يقع على القرآن فقال بعضهم حديث خباب "يا هنتاه تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه"

(266)

، فقلت هكذا هو.

(264)

صحيح: أخرجه البخاري (53)، ومسلم (17).

(265)

أخرجه البخاري (3191) حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا جامع ابن شداد، عن صفوان بن مُحرز أنه حدثه عن عمران بن حُصين رضي الله عنهما قال: دخلتُ على النبى صلى الله عليه وسلم وعَقَلْتُ نأتى بالباب، فأتاه ناسٌ من بنى تميم قالوا: قد بشرتنا فأعطنا (مرتين) ثم دخل عليه ناسٌ من أهل اليمن فقال: اقبلوا البشرى يا بنى تميم إن لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قد قبلنا يا رسول الله. قالوا: جئنا نسألك عن هذا الأمر. قال: كان الله ولم يكن شئ غيره. وكان عرشُهُ على الماء. وكتب في الذكر كلَّ شئ. وخلق السماوات والأرض، فنادى مُناد: ذهبت ناقتُكَ يا ابن الحصين. فانطلقت فإذا هى يقطع دونها السراب. فوالله لوددت أنى كنتُ تركتها".

(265 م) أخرجه الترمذي (2884) حدثنا محمد بن إسماعيل، قال حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبد الله بن مسعود قال: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسى، قال سفيان: لأن آية الكرسى هو كلام الله، وكلام الله أعظم من خلق السماوات والأرض.

(266)

صحيح، أخرجه الحاكم (2/ 441)، من طريق جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن فروة ابن نوفل الأشجعي قال: كنتُ جار الخباب بن الأرت فخرجنا مرة من المسجد فأخذ بيدى فقال: يا هناه =

ص: 235

قال صالح وجعل بن أبي داود ينظر إلى أبي كالمغضب قال أبي وكان يتكلم هذا فأرد عليه ويتكلم هذا فأرد عليه فإذا انقطع الرجل منهم اعترض بن أبي داود فيقول يا أمير المؤمنين هو والله ضال مضل مبتدع! فيقول كلموه ناظروه فيكلمني هذا فأرد عليه ويكلمني هذا فأرد عليه فإذا انقطعوا يقول المعتصم ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول يا أمير المؤمنين أعطوني شيئاً من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقول به فيقول أحمد بن أبي داود أنت لا تقول إلا ما في الكتاب أو السنة؟ فقلت له تأولت تأويلاً فأنت أعلم وما تأولت ما يحبس عليه ولا يقيد عليه.

قال حنبل قال أبو عبد الله لقد احتجوا علي بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني إن أحكيه أنكروا الآثار وما ظننتهم على هذا حتى سمعته وجعلوا يرغون يقول الخصم كذا وكذا فاحتججت عليهم بالقرآن بقوله "يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر" مريم: 42، أفهذا منكر عندكم؟ فقالوا شبه يا أمير المؤمنين شبه.

قال محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثني بعض أصحابنا إن أحمد بن أبي داود أقبل على أحمد يكلمه فلم يلتفت إليه حتى قال المعتصم يا أحمد ألا تكلم أبا عبد الله فقلت لست أعرفه من أهل العلم فأكلمه!! قال صالح وجعل بن أبي داود يقول يا أمير المؤمنين والله لئن أجابك لهو أحب إلي من ألف دينار ومئة ألف دينار فيعد من ذلك ما شاء الله إن يعد فقال لئن أجابني لأطلقكن عنه بيدي ولأركبن إليه بجندي ولأطأن عقبه.

ثم قال يا أحمد والله إني عليك لشفيق وإني لأشفق عليك كشفقتي على ابني هارون ما تقول؟ فأقول أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله.

فلما طال المجلس ضجر وقال قوموا وحسبني يعني عنده وعبد الرحمن بن إسحاق يكلمني وقال ويحك! أجبني وقال ويحك! ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرحمن يا أمير المؤمنين أعرفه منذ ثلاثين سنة يرى طاعتك والحج والجهاد معك فيقول والله إنه لعالم وإنه لفقيه وما يسوءني إن يكون معي يرد عني أهل الملل ثم قال ما كنت تعرف صالحاً الرشيدي؟ قلت قد سمعت به قال كان مؤدبي وكان في ذلك الموضع

= تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تقرب إليه بشئ أحب إليه من كلامه"، وقال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا.

ص: 236

جالساً وأشار إلى ناحية من الدار فسألني عن القرآن فخالفني فأمرت به فوطئ وسحب يا أحمد أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي قلت أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله فطال المجلس وقام ورددت إلى الموضع.

فلما كان بعد المغرب وجه إلي رجلين من أصحاب بن أبي داود يبيتان عندي ويناظراني ويقيمان معي حتى إذا كان وقت الإفطار جيء بالطعام ويجتهدان بي إن أفطر فلا أفعل - قلت وكانت ليالي رمضان - قال ووجه المعتصم إلي بن أبي داود في الليل فقال يقول لك أمير المؤمنين ما تقول؟ فأرد عليه نحواً مما كنت أرد فقال بن أبي داود والله لقد كتب اسمك في السبعة يحيى بن معين وغيره فمحوته ولقد ساءني أخذهم إياك ثم يقول إن أمير المؤمنين قد حلف إن يضربك ضرباً بعد ضرب وأن يلقيك في موضع لا ترى فيه الشمس ويقول إن أجابني جئت إليه حتى أطلق عنه بيدي ثم انصرف.

فلما أصبحنا جاء رسوله فأخذ بيدي حتى ذهب بي إليه فقال لهم ناظروه وكلموه فجعلوا يناظروني فأرد عليهم فإذا جاؤوا بشيء من الكلام مما ليس في الكتاب والسنة قلت ما أدري ما هذا قال فيقولون يا أمير المؤمنين إذا توجهت له الحجة علينا ثبت وإذا كلمناه بشيء يقول لا أدري ما هذا؟ فقال ناظروه فقال رجل يا أحمد أراك تذكر الحديث وتنتحله فقلت ما تقول في قوله "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" النساء: 11، قال خص الله بها المؤمنين قلت ما تقول إن كان قاتلاً أو عبداً؟ فسكت وإنما احتججت عليهم بهذا لأنهم كانوا يحتجون بظاهر القرآن فحيث قال لي أراك تنتحل الحديث احتججت بالقرآن يعني وإن السنة خصصت القاتل والعبد فأخرجتهما من العموم قال فلم يزالوا كذلك إلى قرب الزوال فلما ضجر قال قوموا ثم خلابي وبعبد الرحمن بن إسحاق فلم يزل يكلمني ثم قام ودخل ورددت إلى الموضع.

قال فلما كانت الليلة الثالثة قلت خليق إن يحدث غداً من أمري شيء فقلت للموكل بي أريد خيطاً فجاءني بخيط فشددت به الأقياد ورددت التكة إلى سراويلي مخافة إن يحدث من أمري شيء فأتعرى فلما كان من الغد أدخلت إلى الدار فإذا هي غاصة فجعلت أدخل من موضع إلى موضع وقوم معهم السيوف وقوم معهم السياط وغير ذلك ولم يكن في اليومين الماضيين كبير أحد من هؤلاء فلما انتهيت إليه قال اقعد ثم قال ناظروه كلموه فجعلوا يناظروني يتكلم هذا فأرد عليه ويتكلم هذا

ص: 237

فأرد عليه وجعل صوتي يعلو أصواتهم فجعل بعض من هو قائم على رأسي يومئ إلي بيده فلما طال المجلس نحاني ثم خلا بهم ثم نحاهم وردني إلى عنده وقال ويحك يا أحمد! أجبني حتى أطلق عنك بيدي فرددت عليه نحو ردي فقال عليك وذكر اللعن خذوه اسحبوه خلعوه فسحبت وخلعت.

قال وقد كان صار إلي شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم في كم قميصي فوجه إلي إسحاق بن إبراهيم يقول ما هذا المصرور؟ قلت شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعى بعضهم ليخرق القميص عني فقال المعتصم لا تخرقوه فنزع فظننت أنه إنما درئ عن القميص الخرق بالشعر قال وجلس المعتصم على كرسي ثم قال العقابين والسياط فجيء بالعقابين فمدت يداي فقال بعض من حضر خلفي خذ ناتئ الخشبتين بيديك وشد عليهما فلم أفهم ما قال فتخلعت يداي.

قال محمد بن إبراهيم البوشنجي ذكروا إن المعتصم ألان في أمر أحمد لما علق في العقابين ورأى ثباته وتصميمه وصلابته حتى أغراه أحمد بن أبي دواد وقال يا أمير المؤمنين إن تركته قيل قد ترك مذهب المأمون وسخط قوله فهاجه ذلك على ضربه.

وقال صالح قال أبي ولما جيء بالسياط نظر إليها المعتصم فقال ائتوني بغيرها ثم قال للجلادين تقدموا فجعل يتقدم إلي الرجل منهم فيضربني سوطين فيقول له شد قطع الله يدك! ثم يتنحى ويتقدم آخر فيضربني سوطين وهو يقول في كل ذلك شد قطع الله يدك! فلما ضربت سبعة عشر سوطاً قام إلي يعني المعتصم فقال يا أحمد علام تقتل نفسك؟ إني والله عليك لشفيق وجعل عجيف ينخسني بقائمة سيفه وقال أتريد إن تغلب هؤلاء كلهم؟ وجعل بعضهم يقول ويلك! إمامك على رأسك قائم وقال بعضهم يا أمير المؤمنين دمه في عنقي اقتله وجعلوا يقولون يا أمير المؤمنين أنت صائم وأنت في الشمس قائم! فقال لي ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول أعطوني شيئاً من كتاب الله أو سنة رسول الله أقول به فرجع وجلس وقال للجلاد تقدم وأوجع قطع الله يدك ثم قام الثانية وجعل يقول ويحك يا أحمد أجبني فجعلوا يقبلون علي ويقولون يا أحمد إمامك على رأسك قائم وجعل عبد الرحمن يقول من صنع من أصحابك في هذا الأمر ما تصنع والمعتصم يقول أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي ثم رجع وقال للجلاد تقدم فجعل يضربني سوطين ويتنحى وهو في خلال ذلك يقول شد قطع الله يدك فذهب عقلي ثم أفقت بعد فإذا الأقياد قد أطلقت عني فقال لي رجل ممن حضر كببناك على وجهك وطرحنا على ظهرك بارية

ص: 238

ودسناك! قال أبي فما شعرت بذلك وأتوني بسويق وقالوا اشرب وتقيأ فقلت لا أفطر ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم فحضرت الظهر فتقدم بن سماعة فصلى فلما انفتل من صلاته وقال لي صليت والدم يسيل في ثوبك؟ قلت قد صلى عمر وجرحه يثعب دماً.

قال صالح ثم خلي عنه فصار إلى منزله وكان مكثه في السجن منذ أخذ إلى إن ضرب وخلي عنه ثمانية وعشرين شهراً ولقد حدثني أحد الرجلين اللذين كانا معه قال يا بن أخي رحمة الله على أبي عبد الله والله ما رأيت أحداً يشبهه ولقد جعلت أقول له في وقت ما يوجه إلينا بالطعام يا أبا عبد الله أنت صائم وأنت في موضع تفئة ولقد عطش فقال لصاحب الشراب ناولني فناوله قدحاً فيه ماء وثلج فأخذه ونظر فيه ثم رده ولم يشرب فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وهو فيما هو فيه من الهول! قال صالح فكنت ألتمس وأحتال إن أوصل إليه طعاماً أو رغيفاً في تلك الأيام فلم أقدر وأخبرني رجل حضره أنه تفقده في الأيام الثلاثة وهم يناظرونه فما لحن في كلمة قال وما ظننت إن أحداً يكون في مثل شجاعته وشدة قلبه.

قال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول ذهب عقلي مراراً فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إلي نفسي وإذا استرخيت وسقطت رفع الضرب أصابني ذلك مراراً ورأيته يعني المعتصم قاعداً في الشمس بغير مظلة فسمعته وقد أفقت يقول لابن أبي داود لقد ارتكبت إثماً في أمر هذا الرجل فقال يا أمير المؤمنين إنه - والله - كافر مشرك قد أشرك من غير وجه فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد وقد كان أراد تخليتي بلا ضرب فلم يدعه ولا إسحاق بن إبراهيم.

قال حنبل وبلغني إن المعتصم قال لابن أبي داود بعدما ضرب أبو عبد الله كم ضرب؟ قال أربعة أو نيفاً وثلاثين سوطاً.

قال أبو الفضل عبيد الله الزهري قال المروذي قلت وأبو عبد الله بين الهنبازين يا أستاذ قال الله تعالى "لا تقتلوا أنفسكم" النساء: 29. قال يا مروذي اخرج وانظر فخرجت إلى رحبة دار الخلافة فرأيت خلقاً لا يحصيهم إلا الله والصحف في أيديهم والأقلام والمحابر فقال لهم المروذي ماذا تعملون؟ قالوا ننظر ما يقول أحمد فنكتبه فدخل فأخبره فقال يا مروذي! أضل هؤلاء كلهم؟! فهذه حكاية منقطعة.

ص: 239

قال بن أبي حاتم حدثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي قال لما حمل أحمد ليضرب جاؤوا إلى بشر بن الحارث وقالوا قد وجب عليك إن تتكلم فقال أتريدون مني أقوم مقام الأنبياء ليس ذا عندي حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه.

الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي حدثنا داود بن عرفة حدثنا ميمون بن أصبغ قال كنت ببغداد وامتحن أحمد فأخذت مالاً له خطر فذهبت به إلى من يدخلني إلى المجلس فأدخلت فإذا السيوف قد جردت وبالرماح قد ركزت وبالتراس

(267)

قد صففت وبالسياط قد وضعت وألبست قباء أسود ومنطقة وسيفاً ووقفت حيث أسمع الكلام فأتى أمير المؤمنين على كرسي وأتي بأحمد فقال له وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربنك بالسياط أو تقول كما أقول ثم التفت إلى جلاد فقال خذه إليك فأخذه فلما ضرب سوطاً قال باسم الله فلما ضرب الثاني قال لا حول ولا قوة إلا بالله فلما ضرب الثالث قال القرآن كلام الله غير مخلوق فلما ضرب الرابع قال "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" التوبة: 51، فضرب تسعة وعشرين سوطاً وكانت تكته حاشية ثوب فانقطعت فنزل السراويل إلى عانته فقلت الساعة ينهتك فرمى بطرفه إلى السماء وحرك شفتيه فما كان بأسرع من إن بقي السراويل لم ينزل فدخلت عليه بعد سبعة أيام فقلت يا أبا عبد الله رأيتك وقد انحل سراويلك فرفعت طرفك نحو السماء فما قلت؟ قال قلت اللهم أسالك باسمك الذي ملأت به العرش إن كنت تعلم إني على الصواب فلا تهتك لي ستراً.

هذه حكاية منكرة أخاف إن يكون داود وضعها.

قال جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني حدثنا أحمد بن أبي عبيد الله قال قال أحمد بن الفرج حضرت أحمد بن حنبل لما ضرب فتقدم أبو الدن فضربه بضعة عشر سوطاً فأقبل الدم من أكتافه وكان عليه سراويل فانقطع خيطه فنزل فلحظته وقد حرك شفتيه فعاد السراويل كما كان فسألته قال قلت إلهي وسيدي وقفتني هذا الموقف فتهتكني على رؤوس الخلائق.

وهذه الحكاية لا تصح وقد ساق صاحب الحلية من الخرافات السمجة هنا ما يستحيا من ذكره.

(267)

التِّراس: جمع تُرس، وهو الذي يُتوقى به من السلاح.

ص: 240

فمن ذلك قال حدثنا الحسين بن محمد حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القاضي حدثني أبو عبد الله الجوهري حدثنا يوسف بن يعقوب سمعت علي بن محمد القرشي قال لما جرد أحمد ليضرب وبقي في سراويله فبينما هو يضرب انحل سراويله فحرك شفتيه فرأيت يدين خرجتا من تحته فشدتا السراويل فلما فرغوا من الضرب سألناه قال فقلت يا من لا يعلم العرش منه أين هو إلا هو إن كنت على حق فلا تبد عورتي.

أوردها البيهقي في مناقب أحمد وما جسر على توهيتها بل روى عن أبي مسعود البجلي عن بن جهضم ذاك الكذاب حدثنا أبو بكر النجاد حدثنا بن أبي العوام الرياحي نحواً منها وفيها إن مئزره اضطرب فحرك شفتيه فرأيت كفاً من ذهب خرج من تحت مئزره بقدرة الله فصاحت العامة.

أخبرني بن الفراء حدثنا بن قدامة حدثنا بن خضير حدثنا بن يوسف حدثنا البرمكي حدثنا علي بن مردك حدثنا بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان أنه بلغه إن المعتصم نظر عند ضربه إياه إلى شيء مصرور في كمه فقال أي شيء هذا؟ قال شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم قال هاته وأخذها منه ثم قال أحمد بن سنان كان ينبغي إن يرحمه عندما رأى شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم معه في تلك الحال.

وبه قال بن أبي حاتم قال أبو الفضل صالح خلي عنه فصار إلى المنزل ووجه إلى المطبق فجيء برجل ممن يبصر الضرب والعلاج فنظر إلى ضربه فقال قد رأيت من ضرب ألف سوط ما رأيت ضرباً مثل هذا لقد جر عليه من خلفه ومن قدامه ثم أخذ ميلاً فأدخله في بعض تلك الجراحات فنظر إليه فقال لم ينقب؟ وجعل يأتيه ويعالجه وكان قد أصاب وجهه غير ضربة ومكث منكباً على وجهه كم شاء الله ثم قال له إن هاهنا شيئاً أريد إن أقطعه فجاء بحديدة فجعل يعلق اللحم بها فيقطعه بسكين معه وهو صابر لذلك يجهر بحمد الله في ذلك فبرأ منه ولم يزل يتوجع من مواضع منه وكان أثر الضرب بيناً في ظهره إلى إن توفي.

ودخلت يوماً فقلت له بلغني إن رجلاً جاء إليك فقال اجعلني في حل إذ لم أقم بنصرتك فقلت لا أجعل أحداً في حل فتبسم أبي وسكت وسمعت أبي يقول لقد جعلت الميت في حل من ضربه إياي ثم قال مررت بهذه الآية "فمن عفا وأصلح فأجره على الله" الشورى: 40، فنظرت في تفسيرها فإذا هو ما أخبرنا

ص: 241

هاشم بن القاسم أخبرنا المبارك بن فضالة قال أخبرني من سمع الحسن يقول إذا كان يوم القيامة جثت الأمم كلها بين يدي الله رب العالمين ثم نودي إن لا يقوم إلا من أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا قال فجعلت الميت في حل قال وما على رجل إن لا يعذب الله بسببه أحداً.

وبه قال بن أبي حاتم حدثني أحمد بن سنان قال بلغني إن أحمد بن حنبل جعل المعتصم في حل يوم فتح عاصمة بابك

(268)

وظفر به أو في فتح عمورية فقال هو في حل من ضربي.

وسمعت أبي أبا حاتم يقول أتيت أبا عبد الله بعدما ضرب بثلاث سنين أو نحوها فجرى ذكر الضرب فقلت له ذهب عنك ألم الضرب؟ فأخرج يديه وقبض كوعيه اليمين واليسار وقال هذا كأنه يقول خلع وإنه يجد منهما ألم ذلك.

وبه قال بن أبي حاتم حدثنا محمد بن المثنى صاحب بشر قال قال أحمد بن حنبل قيل لي اكتب ثلاث كلمات ويخلى سبيلك فقلت هاتوا قالوا اكتب الله قديم لم يزل قال فكتبت فقالوا اكتب كل شيء دون الله مخلوق وقالوا اكتب الله رب القرآن قلت أما هذه فلا ورميت بالقلم فقال بشر بن الحارث لو كتبها لأعطاهم ما يريدون.

وبه قال وقال إبراهيم بن الحارث العبادي - وكان رافقنا في بلاد الروم - قال حضر أحمد بن حنبل أبو محمد الطفاوي فذكر له حديث فقال أبو عبد الله أخبرك بنظير هذا لما أخرج بنا جعلت أفكر فيما نحن فيه حتى إذا صرنا إلى الرحبة أنزلنا بظاهرها فمددت بصري فإذا بشيء لم أستثبته فلم يزل يدنو وإذا أعرابي جعل يتخطى تلك المحامل حتى صار إلي فوقف علي فسلم ثم قال أنت أحمد بن حنبل؟ فسكت تعجباً!! ثم أعاد فسكت فبرك على ركبتيه فقال أنت أبو عبد الله أحمد بن حنبل؟ فقلت نعم فقال أبشر واصبر فإنما هي ضربة هاهنا وتدخل الجنة هاهنا ثم مضى.

(268)

هو: بابك الخُرَّمى، صاحب البابكية، وهم أتباع بابك الخُرَّمى، الذي ظهر في جبل البدين بناحية أذربيجان، وكثر بها أتباعه، واستباحوا المحرَّمات، وقتلوا الكثير من المسلمين، وجهَّز إليه خلفاء بنى العباس جيوشًا كثيرة مع أفشين الحاجب، ومحمد بن يوسف الثَّغْرى، وأبى دُلَّفَ العجْلي، وأقرانهم، وبقيت العساكر في وجهه مقدار عشرين سنة، إلى أن أخذ بابك وأخوه إسحاق بن إبراهيم وصُلبا بـ: سُرَّ من رأى [أي سامراء] في أيام المعتصم واتُّهم أفْشين الحاجب بمَالأة بابك في حربه، وقتل لأجل ذلك. راجع تاريخ البابكية في الفرق بين الفرق للبغدادي [239 - 240]، ومروج الذهب للمسعودي (2/ 350 - 351).

ص: 242

فقال الطفاوي يا أبا عبد الله إنك محمود عند العامة فقال أحمد الله على ديني إنما هذا دين لو قلت لهم كفرت فقال الطفاوي أخبرني بما صنعوا بك؟ قال لما ضربت بالسياط جعلت أذكر كلام الأعرابي ثم جاء ذاك الطويل اللحية يعني عجيفاً - فضربني بقائم السيف ثم جاء ذاك فقلت قد جاء الفرج يضرب عنقي فأستريح فقال له بن سماعة يا أمير المؤمنين اضرب عنقه ودمه في رقبتي فقال بن أبي داود لا يا أمير المؤمنين لا تفعل فإنه إن قتل أو مات في دارك قال الناس صبر حتى قتل فاتخذه الناس إماماً وثبتوا على ما هم عليه ولكن أطلقه الساعة فإن مات خارجاً من منزلك شك الناس في أمره وقال بعضهم أجاب وقال بعضهم لم يجب فقال الطفاوي وما عليك لو قلت؟ قال أبو عبد الله لو قلت لكفرت.

وبه قال بن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول دعا المعتصم بعم أحمد ثم قال للناس تعرفونه؟ قالوا نعم هو أحمد بن حنبل قال فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن؟ قالوا نعم ولولا أنه فعل ذلك لكنت أخاف إن يقع شيء لا يقام له قال ولما قال قد سلمته إليكم صحيح البدن هدأ الناس وسكنوا.

قلت ما قال هذا مع تمكنه في الخلافة وشجاعته إلا عن أمر كبير كأنه خاف إن يموت من الضرب فتخرج عليه العامة ولو خرج عليه عامة بغداد لربما عجز عنهم.

وقال حنبل لما أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله خلع عليه مبطنة وقميصاً وطيلساناً وقلنسوة وخفاً فبينا نحن على باب الدار والناس في الميدان والدروب وغيرها وغلقت الأسواق إذ خرج أبو عبد الله على دابة من دار المعتصم في تلك الثياب وأحمد بن أبي داود عن يمينه وإسحاق بن إبراهيم - يعني نائب بغداد - عن يساره فلما صار في الدهليز قبل إن يخرج قال لهم بن أبي داود اكشفوا رأسه فكشفوه يعني من الطيلسان وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبس فقال لهم إسحاق خذوا به ها هنا يريد دجلة فذهب به إلى الزورق وحمل إلى دار إسحاق بن إبراهيم فأقام عنده إلى إن صليت الظهر وبعث إلى والدي وإلى جيراننا ومشايخ المحال فجمعوا وأدخلوا عليه فقال لهم هذا أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يعرفه وإلا فليعرفه.

وقال بن سماعة - حين دخل الجماعة - لهم هذا أحمد بن حنبل وإن أمير المؤمنين ناظره في أمره وقد خلى سبيله وها هو ذا فأخرج على فرس لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشمس فصار إلى منزله ومعه السلطان والناس وهو منحن فلما ذهب لينزل

ص: 243

احتضنته ولم أعلم فوقعت يدي على موضع الضرب فصاح فنحيت يدي فنزل متوكئاً علي وأغلق الباب ودخلنا معه ورمى بنفسه على وجهه لا يقدر إن يتحرك إلا بجهد ونزع ما كان خلع عليه فأمر به فبيع وتصدق بثمنه.

وكان المعتصم أمر إسحاق بن إبراهيم إن لا يقطع عنه خبره وذلك أنه ترك فيما حكي لنا عند الإياس منه.

وبلغنا إن المعتصم ندم وأسقط في يده حتى صلح فكان صاحب خبر إسحاق بن إبراهيم يأتينا كل يوم يتعرف خبره حتى صح وبقيت إبهاماه منخلعتين يضربان عليه في البرد فيسخن له الماء ولما أردنا علاجه خفنا إن يدس أحمد بن أبي دواد سماً إلى المعالج فعملنا الدواء والمرهم في منزلنا.

وسمعته يقول كل من ذكرني ففي حل إلا مبتدعاً وقد جعلت أبا إسحاق يعني - المعتصم - في حل ورأيت الله يقول "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون إن يغفر الله لكم" النور: 22، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قصة مسطح

(269)

قال أبو عبد الله وما ينفعك إن يعذب الله أخاك المسلم في سببك؟!! قال حنبل قال أبو عبد الله قال برغوث - يعني يوم المحنة - يا أمير المؤمنين هو كافر حلال الدم اضرب عنقه ودمه في عنقي وقال شعيب كذلك أيضاً تقلد دمي فلم يلتفت أبو إسحاق إليهما وقال أبو عبد الله لم يكن في القوم أشد تكفيراً لي منهما وأما بن سماعة فقال يا أمير المؤمنين إنه من أهل بيت شرف لهم قدم ولعله يصير إلى الذي عليه أمير المؤمنين فكأنه رق عندها وكان إذا كلمني بن أبي دواد لم ألتفت إلى كلامه وإذا كلمني أبو إسحاق ألنت له القول قال فقال في اليوم الثالث أجبني يا أحمد فإنه بلغني أنك تحب الرئاسة وذلك لما أوغروا قلبه علي وجعل برغوث يقول قال الجبري كذا وكذا

(269)

هو: مسْطَّح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصى المطلبي، كان اسمه عوفًا وأما مسْطَح، فهو لقبه، وأمُّهُ بنت خالة أبي بكر أسلمت وأسلم أبوها قديمًا، وكان أبو بكر يمونه لقرابته منه، فلما خاض مع أهل الإفك في أمر عائشة حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه فنزلت:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} الآية؛ فعاد أبو بكر إلى الإنفاق عليه ثبت ذلك في الصحيحين في حديث عائشة الطويل في الإفك. وفي الخبر الآخر الذي أخرجه أبو داود من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد الذين قذفوا عائشة وعدَّة منهم. ومات مسطح سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان. ويُقال عاش إلى خلافة على وشهد معه صفين ومات في تلك السنة سنة سبع وثلاثين.

ص: 244

كلام هو الكفر بالله فجعلت أقول ما أدري ما هذا إلا إني أعلم أنه أحد صمد لا شبه له ولا عدل وهو كما وصف نفسه فسكت.

وقال لي أبو إسحاق يا أحمد إني لأشفق عليك كشفقتي على ابني هارون فأجبني والله لوددت إني لم أكن عرفتك يا أحمد الله الله في دمك.

فلما كان في آخر ذلك قال لعنك الله لقد طمعت إن تجيبني ثم قال خذوه واسحبوه فأخذت ثم خلعت وجيء بعقابين وأسياط وكان معي شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ثم صيرت بين العقابين فقلت يا أمير المؤمنين الله الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل دم امرئ يشهد إن لا إله إلا الله وإني رسول الله إلا بإحدى ثلاث"

(270)

يا أمير المؤمنين فيم تستحل دمي؟ الله الله لا تلق الله وبيني وبينك مطالبة اذكر يا أمير المؤمنين وقوفك بين يدي الله تعالى كوقوفي بيت يديك وراقب الله فكأنه أمسك فخاف بن أبي دواد إن يكون منه عطف أو رأفة فقال إنه كافر بالله ضال مضل.

قال حنبل لما أردنا علاجه خفنا إن يدس بن أبي دواد إلى المعالج فيلقي في دوائه سماً فعملنا الدواء والمرهم عندنا فكان في برنية

(271)

فإذا داواه رفعناها قال وكان إذا أصابه البرد ضرب عليه وقال لقد ظننت إني أعطيت المجهود من نفس.

محنة الواثق: قال حنبل لم يزل أبو عبد الله بعد إن برئ من الضرب يحضر الجمعة والجماعة ويحدث ويفتي حتى مات المعتصم وولي ابنه الواثق فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى أحمد بن أبي دواد وأصحابه فلما اشتد الأمر على أهل بغداد وأظهرت القضاة المحنة بخلق القرآن وفرق بين فضل الأنماطي وبين امرأته وبين أبي صالح وبين امرأته كان أبو عبد الله يشهد الجمعة ويعيد الصلاة إذا رجع ويقول تؤتى الجمعة لفضلها والصلاة تعاد خلف من قال بهذه المقالة.

(270)

صحيح: ورد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحلُّ دمُ مسلم إلَّا بإحدى ثلاث: النَّفُسُ بالنَّفس، والثَّيِّبُ الزَّانى، والتاركُ لدينه المُفارقُ للجماعة" أخرجه أحمد (6/ 181)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1676)(26)، وأخرجه النسائي (7/ 90 - 91)، والدارقطني (3/ 82 و 82 - 83)، والبيهقي (8/ 194 - 195) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا سفيان، عن الأعمش عن عبد الله بن مُرَة، عن مسروق، عن عبد الله؛ به.

(271)

هو: طبق من خزف.

ص: 245

وجاء نفر إلى أبي عبد الله وقالوا هذا الأمر قد فشا وتفاقم ونحن نخافه على أكثر من هذا وذكروا بن أبي دواد وأنه على إن يأمر المعلمين بتعليم الصبيان في المكاتب القرآن كذا وكذا فنحن لا نرضى بإمارته فمنعهم من ذلك وناظرهم.

وحكى أحمد قصده في مناظرتهم وأمرهم بالصبر قال فبينا نحن في أيام الواثق إذ جاء يعقوب ليلاً برسالة الأمير إسحاق بن إبراهيم إلى أبي عبد الله يقول لك الأمير إن أمير المؤمنين قد ذكرك فلا يجتمعن إليك أحد ولا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها فاذهب حيث شئت من أرض الله قال فاختفى أبو عبد الله بقية حياة الواثق وكانت تلك الفتنة وقتل أحمد بن نصر الخزاعي ولم يزل أبو عبد الله مختفياً في البيت لا يخرج إلى صلاة ولا إلى غيرها حتى هلك الواثق.

وعن إبراهيم بن هانئ قال اختفى أبو عبد الله عندي ثلاثاً ثم قال اطلب لي موضعاً قلت لا آمن عليك قال افعل فإذا فعلت أفدتك فطلبت له موضعاً فلما خرج قال اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحول.

العجب من أبي القاسم علي بن الحسن الحافظ كيف ذكر ترجمة أحمد مطولة كعوائده ولكن ما أورد من أمر المحنة كلمة مع صحة أسانيدها فإن حنبلاً ألفها في جزءين وكذلك صالح بن أحمد وجماعة.

قال أبو الحسين بن المنادي حدثني جدي أبو جعفر قال لقيت أبا عبد الله فرأيت في يديه مجمرة يسخن خرقة ثم يجعلها على جنبه من الضرب فقال يا أبا جعفر ما كان في القوم أرأف بي من المعتصم.

وعن أبي عبد الله البوشنجي قال حدث أحمد ببغداد جهرة حين مات المعتصم فرجعت من الكوفة فأدركته في رجب سنة سبع وعشرين وهو يحدث ثم قطع الحديث لثلاث بقين من شعبان بلا منع بل كتب الحسن بن علي بن الجعد قاضي بغداد إلى بن أبي داود إن أحمد قد انبسط في الحديث فبلغ ذلك أحمد فقطع الحديث وإلى إن توفي.

فصل في حال الإمام في دولة المتوكل: قال حنبل ولي المتوكل جعفر فأظهر الله السنة وفرج عن الناس وكان أبو عبد الله يحدثنا ويحدث أصحابه في أيام المتوكل وسمعته يقول ما كان الناس إلى الحديث والعلم أحوج منهم إليه في زماننا.

ص: 246

قال حنبل ثم إن المتوكل ذكره وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إخراجه إليه فجاء رسول إسحاق إلى أبي عبد الله يأمره بالحضور فمضى أبو عبد الله ثم رجع فسأله أبي عما دعي له؟ فقال قرأ علي كتاب جعفر يأمرني بالخروج إلى العسكر يعني سر من رأى قال وقال لي إسحاق بن إبراهيم ما تقول في القرآن فقلت إن أمير المؤمنين قد نهى عن هذا قال وخرج إسحاق إلى العسكر وقدم ابنه محمداً ينوب عنه ببغداد.

قال أبو عبد الله وقال لي إسحاق بن إبراهيم لا تعلم أحداً إني سألتك عن القرآن فقلت له مسألة مسترشد أو مسألة متعنت؟ قال بل مسترشد قلت القرآن كلام الله ليس بمخلوق.

قال صالح بن أحمد قال أبي قال لي إسحاق بن إبراهيم اجعلني في حل من حضوري ضربك فقلت قد جعلت كل من حضرني في حل وقال لي من أين قلت إنه غير مخلوق؟ فقلت قال الله "ألا له الخلق والأمر" الأعراف: 54، ففرق بين الخلق والأمر فقال إسحاق الأمر مخلوق فقال يا سبحان الله أمخلوق يخلق خلقاً؟!! قلت يعني إنما خلق الكائنات بأمره وهو قوله "كن" الأنعام: 73، قال ثم قال لي عمن تحكي أنه ليس بمخلوق؟ قلت عن جعفر بن محمد قال ليس بخالق ولا مخلوق.

قال حنبل ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتحمل به أو ينفقه وكانت عندي مئة درهم فأتيت بها أبي فذهب بها إليه فأصلح بها ما احتاج إليه واكترى وخرج ولم يمض إلى محمد بن إسحاق بن إبراهيم ولا سلم عليه فكتب بذلك محمد إلى أبيه فحقدها إسحاق عليه وقال يا أمير المؤمنين إن أحمد خرج من بغداد ولم يأت مولاك محمداً فقال المتوكل يرد ولو وطئ بساطي - وكان أحمد قد بلغ بصرى

(272)

- فرد فرجع وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا وربما قرأ علينا في منزلنا.

ثم إن رافعاً رفع إلى المتوكل إن أحمد ربص علوياً في منزله يريد إن يخرجه ويبايع عليه قال ولم يكن عندنا علم فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصيف سمعنا الجلبة ورأينا النيران في دار أبي عبد الله فأسرعنا وإذا به قاعد في إزار ومظفر بن الكلبي صاحب الخبر وجماعة معهم فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل ورد على أمير المؤمنين إن عندكم علوياً ربصته لتبايع له وتظهره في كلام طويل ثم قال له مظفر ما تقول؟ قال ما أعرف من

(272)

بُصرى المشهورة بالشام، وهذه بُصْرى أخرى من قرى بغداد كما ذكره ياقوت الحموي في "معجم البلدان".

ص: 247

هذا شيئاً وإني لأرى له السمع والطاعة في عسري ويسري ومنشطي ومكرهي وأثرة علي وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار في كلام كثير فقال مظفر قد أمرني أمير المؤمنين إن أحلفك قال فأحلفه بالطلاق ثلاثاً إن ما عنده طلبة أمير المؤمنين ثم فتشوا منزل أبي عبد الله والسرب والغرف والسطوح وفتشوا تابوت الكتب وفتشوا النساء والمنازل فلم يروا شيئاً ولم يحسوا بشي ورد الله الذين كفروا بغيظهم وكتب بذلك إلى المتوكل فوقع منه موقعاً حسناً وعلم إن أبا عبد الله مكذوب عليه وكان الذي دس عليه رجل من أهل البدع ولم يمت حتى بين الله أمره للمسلمين وهو بن الثلجي

(273)

.

فلما كان بعد أيام بينا نحن جلوس بباب الدار إذا يعقوب أحد حجاب المتوكل قد جاء فاستأذن على عبد الله فدخل ودخل أبي وأنا ومع بعض غلمانه بدرة

(274)

على بغل ومعه كتاب المتوكل فقرأه على أبي عبد الله إنه صح عند أمير المؤمنين براءة ساحتك وقد وجه إليك بهذا المال تستعين به فأبى إن يقبله وقال مالي إليه حاجة فقال يا أبا عبد الله اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به فإنه خير لك عنده فإنك إن رددته خفت إن يظن بك سوءاً فحينئذ قبلها فلما خرج قال يا أبا علي قلت لبيك قال ارفع هذه الإنجانة وضعها يعني البدرة تحتها ففعلت وخرجنا فلما كان من الليل إذا أم ولد أبي عبد الله تدق علينا الحائط فقالت مولاي يدعو عمه فأعلمت أبي وخرجنا فدخلنا على أبي عبد الله وذلك في جوف الليل فقال يا عم ما أخذني النوم قال ولم؟ قال لهذا المال وجعل يتوجع لأخذه وأبي يسكنه ويسهل عليه وقال حتى تصبح وترى فيه رأيك فإن هذا ليل والناس في المنازل فأمسك وخرجنا فلما كان من السحر وجه إلى عبدوس بن مالك وإلى الحسن بن البزار فحضرا وحضر جماعة منهم هارون الحمال وأحمد بن منيع وبن الدورقي وأبي وأنا وصالح وعبد الله وجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة فوجه منها إلى أبي كريب وللأشج وإلى من يعلمون حاجته ففرقها كلها ما بين الخمسين إلى المئة وإلى المئتين فما بقي في الكيس درهم.

فلما كان بعد ذلك مات الأمير إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد ثم ولي بغداد عبد الله

(273)

هو: العلامة محمد بن شجاع ابن الثلجي البغدادي، صاحب التصانيف، مات في آخر سنة ست وستين ومائتين.

(274)

البَدْرَةُ: كيسٌ فيه ألف أو عشرة آلاف، سُمِّيت بِبَدْرة السَّخْلَة، والجمع البُدُور.

ص: 248

بن إسحاق فجاء رسول إلى أبي عبد الله فذهب إليه فقرأ عليه كتاب المتوكل وقال له يأمرك بالخروج يعني إلى سامراء. فقال أنا شيخ ضعيف عليل فكتب عبد الله بما رد عليه فورد جواب الكتاب إن أمير المؤمنين يأمره بالخروج فوجه عبد الله أجناداً فباتوا على بابنا أياماً حتى تهيأ أبو عبد الله للخروج فخرج ومعه صالح وعبد الله وأبي زميلة.

وقال صالح كان حمل أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ثم إلى إن مات أبي قل يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه.

وقال صالح وجه إسحاق إلى أبي الزم بيتك ولا تخرج إلى جماعة ولا جمعة والا نزل بك أيام أبي إسحاق.

وقال بن الكلبي أريد إن أفتش منزلك ومنزل ابنك فقام مظفر وبن الكلبي وامرأتان معهما ففتشوا ودلوا شمعة في البئر ونظروا ثم خرجوا فلما كان بعد يومين ورد كتاب علي بن الجهم إن أمير المؤمنين قد صح عنده براءتك وذكر نحواً من رواية حنبل.

قال حنبل فأخبرني أبي قال دخلنا إلى العسكر فإذا نحن بموكب عظيم مقبل فلما حاذى بنا قالوا هذا وصيف وإذا بفارس قد أقبل فقال لأبي عبد الله الأمير وصيف يقرئك السلام ويقول لك إن الله قد أمكنك من عدوك يعني بن أبي داود وأمير المؤمنين يقبل منك فلا تدع شيئاً إلا تكلمت به فما رد عليه أبو عبد الله شيئاً وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين ودعوت لوصيف ومضينا فأنزلنا في دار إيتاخ ولم يعرف أبو عبد الله فسأل بعد لمن هذه الدار؟ قالوا هذه دار إيتاخ قال حولوني اكتروا لي داراً قالوا هذه دار أنزلكها أمير المؤمنين قال لا أبيت ها هنا ولم يزل حتى اكترينا له داراً وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكل والثلج والفاكهة وغير ذلك فما ذاق منها أبو عبد الله شيئاً ولا نظر إليها وكان نفقة المائدة في اليوم مئة وعشرين درهماً.

وكان يحيى بن خاقان وابنه عبيد الله وعلي بن الجهم يختلفون إلى أبي عبد الله برسالة المتوكل ودامت العلة بأبي عبد الله وضعف شديداً وكان يواصل ومكث ثمانية أيام لا يأكل ولا يشرب ففي الثامن دخلت عليه وقد كاد إن يطفأ فقلت يا أبا عبد الله بن الزبير كان يواصل سبعة وهذا لك اليوم ثمانية أيام قال إني مطيق قلت بحقي عليك قال فإني أفعل فأتيته بسويق فشرب ووجه إليه المتوكل بمال عظيم فرده فقال له عبيد الله بن يحيى فإن أمير المؤمنين يأمرك إن تدفعها إلى ولدك وأهلك قال هم مستغنون فردها عليه فأخذها عبيد الله فقسمها على ولده ثم أجرى المتوكل على أهله وولده في

ص: 249

كل شهر أربعة آلاف فبعث إليه أبو عبد الله إنهم في كفاية وليست بهم حاجة فبعث إليه المتوكل إنما هذا لولدك فما لك ولهذا؟ فأمسك أبو عبد الله فلم يزل يجري علينا حتى مات المتوكل.

وجرى بين أبي عبد الله وبين أبي كلام كثير وقال يا عم ما بقي من أعمارنا كأنك بالأمر قد نزل فالله الله فإن أولادنا إنما يريدون إن ياكلوا بنا وإنما هي أيام قلائل وإنما هذه فتنة قال أبي فقلت أرجو إن يؤمنك الله مما تحذر فقال كيف وأنتم لا تتركون طعامهم ولا جوائزهم؟ لو تركتموها لتركوكم ماذا ننتظر؟ إنما هو الموت فإما إلى جنة وإما إلى نار فطوبى لمن قدم على خير قال فقلت أليس قد أمرت ما جاءك من هذا المال من غير إشراف نفس ولا مسألة إن تأخذه؟ قال قد أخذت مرة بلا إشراف نفس فالثانية والثالثة؟ ألم تستشرف نفسك؟ قلت أفلم يأخذ بن عمر وبن عباس؟ فقال ما هذا وذاك! وقال لو أعلم إن هذا المال يؤخذ من وجهه ولا يكون فيه ظلم ولا حيف لم أبال.

قال حنبل ولما طالت علة أبي عبد الله كان المتوكل يبعث بابن ماسويه المتطبب فيصف له الأدوية فلا يتعالج ويدخل بن ماسويه فقال يا أمير المؤمنين ليست بأحمد علة إنما هو من قلة الطعام والصيام والعبادة فسكت المتوكل.

وبلغ أم المتوكل خبر أبي عبد الله فقالت لابنها أشتهي إن أرى هذا الرجل فوجه المتوكل إلى أبي عبد الله يسأله إن يدخل على ابنه المعتز ويدعو له ويسلم عليه ويجعله في حجره فامتنع ثم أجاب رجاء إن يطلق وينحدر إلى بغداد فوجه إليه المتوكل خلعة وأتوه بدابة يركبها إلى المعتز فامتنع وكانت عليه ميثرة نمور فقدم إليه بغل لتاجر فركبه وجلس المتوكل مع أمه في مجلس من المكان وعلى المجلس ستر رقيق فدخل أبو عبد الله على المعتز ونطر إليه المتوكل وأمه فلما رأته قالت يا بني الله الله في هذا الرجل فليس هذا ممن يريد ما عندكم ولا المصلحة إن تحبسه عن منزله فائذن له ليذهب فدخل أبو عبد الله على المعتز فقال السلام عليكم وجلس ولم يسلم عليه بالإمرة فسمعت أبا عبد الله بعد يقول لما دخلت عليه وجلست قال مؤدبه أصلح الله الأمير هذا هو الذي أمره أمير المؤمنين يؤدبك ويعلمك؟ فقال الصبي إن علمني شيئاً تعلمته قال أبو عبد الله فعجبت من ذكائه وجوابه على صغره وكان صغيراً.

ودامت علة أبي عبد الله وبلغ المتوكل ما هو فيه وكلمه يحيى بن خاقان أيضاً وأخبره أنه رجل لا يريد الدنيا فأذن له في الانصراف فجاء عبيد الله بن يحيى وقت العصر فقال

ص: 250

إن أمير المؤمنين قد أذن لك وأمر إن يفرش لك حراقة

(275)

تنحدر فيها فقال أبو عبد الله اطلبوا لي زورقاً أنحدر الساعة فطلبوا له زورقاً فانحدر لوقته.

قال حنبل فما علمنا بقدومه حتى قيل إنه قد وافى فاستقبلته بناحية القطيعة وقد خرج من الزورق فمشيت معه فقال لي تقدم لا يراك الناس فيعرفوني فتقدمته قال فلما وصل ألقى نفسه على قفاه من التعب والعياء.

وكان ربما استعار الشيء من منزلنا ومنزل ولده فلما صار إلينا من مال السلطان ما صار امتنع من ذلك حتى لقد وصف له في علته قرعة تشوى فشويت في تنور صالح قعلم فلم يستعملها ومثل هذا كثير.

وقد ذكر صالح قصة خروج أبيه إلى العسكر ورجوعه وتفتيش بيوتهم على العلوي وورود يعقوب بالبدرة وأن بعضها كان مئتي دينار وأنه بكى وقال سلمت منهم حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم عزمت عليك إن تفرقها غداً فلما أصبح جاءه حسن بن البزار فقال جئني يا صالح بميزان وجهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار وإلى فلان حتى فرق الجميع ونحن في حالة الله بها عليم فجاءني بن لي فطلب درهماً فأخرجت قطعة فأعطيته فكتب صاحب البريد إنه تصدق بالكل ليومه حتى بالكيس.

قال علي بن الجهم فقلت يا أمير المؤمنين قد تصدق بها وعلم الناس أنه قد قبل منك وما يصنع أحمد بالمال وإنما قوته رغيف قال صدقت.

قال صالح ثم أخرج أبي ليلاً ومعنا حراس فلما أصبح قال أمعك دراهم؟ قلت نعم قال أعطهم وجعل يعقوب يسير معه فقال له يا أبا عبد الله بن الثلجي بلغني أنه كان يذكرك قال يا أبا يوسف سل الله العافية قال يا أبا عبد الله تريد إن نؤدي عنك رسالة إلى أمير المؤمنين فسكت فقال إن عبد الله بن إسحاق أخبرني إن الوابصي

(276)

قال له إني أشهد عليه أنه قال إن أحمد يعبد ماني!

(277)

فقال يا أبا يوسف يكفي الله

(275)

الحَرَّاقة: سفينة فيها مرامى نيران.

(276)

هو: عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر بن عبد الرحمن بن وابصة بن معبد، أبو الفضل الوابصى قاضى الرَّقَّة ثم بغداد، مجهول. لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول - أي حينما يُتابع.

(277)

مانى: أحد "نبهاء الفرس"، ظهر في القرن الثالث في إيران، وانتقل للَّهند للتبشير بمذهبه، إلا أن ملك الهند سابور الثاني قام بإعدامه، ومذهبه مزيج من معتقدات الزرداشتية والنصرانية والبوذية، كالإيمان بالصرع بين إلهين: إله الخير والنور، وإله الظلمة والشر، وإباحة نكاح الأخوات والبنات. وانتشرت المانوية في فارس والهند والتبت والصين وتركستان، وبقيت حتى القرن الحادى عشر الميلادي.

ص: 251

فغضب يعقوب والتفت إلي فقال ما رأيت أعجب مما نحن فيه اسأله إن يطلق لي كلمة أخبر بها أمير المؤمنين فلا يفعل!! قال ووجه يعقوب إلى المتوكل بما عمل ودخلنا العسكر وأبي منكس الرأس ورأسه مغطى فقال له يعقوب اكشف رأسك فكشفه ثم جاء وصيف يريد الدار ووجه إلى أبي بيحيى بن هرثمة فقال يقرئك أمير المؤمنين السلام ويقول الحمد لله الذي لم يشمت بك أهل البدع قد علمت حال بن أبي داود فينبغي إن تتكلم فيه بما يجب لله ومضى يحيى وأنزل أبي في دار إيتاخ فجاء علي بن الجهم وقال قد أمر لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان التي فرقها وأن لا يعلم شيخكم بذلك فيغتم ثم جاءه محمد بن معاوية فقال إن أمير المؤمنين يكثر ذكرك ويقول تقيم هنا تحدث فقال أنا ضعيف.

وصار إليه يحيى بن خاقان فقال يا أبا عبد الله قد أمر أمير المؤمنين إن آتيك لتركب إلى ابنه المعتز وقال لي أمرني أمير المؤمنين يجري عليه وعلى قرابتكم أربعة آلاف ثم عاد يحيى من الغد فقال يا أبا عبد الله تركب؟ قال ذاك إليكم ولبس إزاره وخفه وكان للخف عنده خمسة عشر عاماً قد رقع برقاع عدة فأشار يحيى إن يلبس قلنسوة قلت ماله قلنسوة

إلى إن قال فدخل دار المعتز وكان قاعداً على مصطبة في الدار فصعد وقعد فقال له يحيى يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين جاء بك ليسر بقربك ويصير ابنه عبد الله في حجرك فأخبرني بعض الخدام إن المتوكل كان قاعداً وراء ستر فقال لأمه يا أمه قد أنارت الدار ثم جاء خادم بمنديل فأخذ يحيى المنديل وذكر قصة في إلباس أبي عبد الله القميص والقلنسوة والطيلسان وهو لا يحرك يده ثم انصرف.

وقد كانوا تحدثوا أنه يخلع عليه سواداً فلما جاء نزع الثياب وجعل يبكي وقال سلمت من هؤلاء منذ ستين سنة حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم ما أحسبني سلمت من دخولي على هذا الغلام فكيف بمن يجب علي نصحه؟! يا صالح وجه بهذه الثياب إلى بغداد تباع ويتصدق بثمنها ولا يشتري أحد منكم منها شيئاً فوجهت بها إلى يعقوب بن بختان فباعها وفرق ثمنها وبقيت عندي القلنسوة.

قال ومكث خمسة عشر يوماً يفطر كل ثلاث على ثمن سويق ثم جعل بعد ذلك يفطر ليلة على رغيف وليلة لا يفطر وإذا جاؤوا بالمائدة توضع في الدهليز لئلا يراها وكان إذا أجهده الحر بل خرقة فيضعها على صدره وفي كل يوم يوجه إليه بابن ماسويه فينظر إليه فقال يا أبا عبد الله أنا أميل إليك وإلى أصحابك وما بك علة سوى الضعف وقلة الرز.

ص: 252

قال وجعل يعقوب وغياث يصيران إليه ويقولان له يقول لك أمير المؤمنين ما تقول في بن أبي داود وفي ماله فلا يجيب بشيء وجعل يعقوب ويحيى يخبرانه بما يحدث في أمر بن داود ثم بعث إلى بغداد بعد ما أشهد عليه ببيع ضياعه وكان ربما جاء يحيى بن خاقان وأبو عبد الله يصلي فيجلس في الدهليز حتى يفرغ من الصلاة.

وأمر المتوكل إن تشترى لنا دار فقال يا صالح قلت لبيك قال لئن أقررت لهم بشراء دار لتكونن القطيعة بيني وبينكم إنما يريدون إن يصيروا هذا البلد لي مأوى فلم يزل يدافع بشراء الدار حتى اندفع.

وجعلت رسل المتوكل تأتيه يسألونه عن خبره ويرجعون فيقولون هو ضعيف وفي خلال ذلك يقولون يا أبا عبد الله لا بد من إن يراك وجاءه يعقوب فقال أمير المؤمنين مشتاق إليك ويقول انظر يوماً تصير فيه أي يوم حتى أعرفه فقال ذاك إليكم فقال يوم الأربعاء وخرج فلما كان من الغد جاء فقال البشرى يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول قد أعفيتك من لبس السواد والركوب إلى ولاة العهود وإلى الدار فالبس ما شئت فجعل يحمد الله على ذلك.

ثم قال يعقوب إن لي ابناً به معجب وإن له في قلبي موقعاً فأحب إن تحدثه بأحاديث فسكت فلما خرج قال أتراه لا يرى ما أنا فيه؟!! وكان يختم القرآن من جمعة إلى جمعة وإذا ختم دعا ونحن نؤمن فلما كان غداة الجمعة وجه إلي وإلى أخي فلما ختم جعل يدعو ونحن نؤمن فلما فرغ جعل يقول أستخير الله مرات فجعلت أقول ما يريد؟ ثم قال إني أعطي الله عهداً إن عهده كان مسؤولاً وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" المائدة: 1، إني لا أحدث بحديث تمام أبداً حتى ألقى الله ولا أستثني منكم أحداً فخرجنا وجاء علي بن الجهم فأخبرناه فقال إنا لله وإنا إليه راجعون وأخبر المتوكل بذلك وقال إنما يريدون أحدث ويكون هذا البلد حبسي وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلد لما أعطوا فقبلوا وأمروا فحدثوا والله لقد تمنيت الموت في الأمر الذي كان وإني لأتمنى الموت في هذا وذاك إن هذا فتنة الدنيا وذاك كان فتنة الدين ثم جعل يضم أصابعه ويقول لو كان نفسي في يدي لأرسلتها ثم يفتح أصابعه.

وكان المتوكل يكثر السؤال عنه وفي خلال ذلك يأمر لنا بالمال ويقول لا يعلم شيخهم فيغتم ما يريد منهم إن كان هو لا يريد الدنيا فلم يمنعهم؟!

ص: 253

وقالوا للمتوكل إنه لا يأكل من طعامك ولا يجلس على فراشك ويحرم الذي تشرب فقال لو نشر لي المعتصم وقال فيه شيئاً لم أقبل منه.

قال صالح ثم انحدرت إلى بغداد وخلفت عبد الله عنده فإذا عبد الله قد قدم فقلت مالك؟ قال أمرني إن أنحدر وقال قل لصالح لا تخرج فأنتم كنتم آفتي والله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أخرجت واحداً منكم معي لولاكم لمن توضع هذة المائدة وتفرش الفرش وتجرى الأجراء؟ فكتبت إليه أعلمه بما قال لي عبد الله فكتب إلي بخطه أحسن الله عاقبتك ودفع عنك كل مكروه ومحذور الذي حملني على الكتاب إليك الذي قلت لعبد الله لا يأتيني منكم أحد رجاء إن ينقطع ذكري ويخمل وإذا كنتم ها هنا فشا ذكري وكان يجتمع إليكم قوم ينقلون أخبارنا ولم يكن إلا خير فإن أقمت فلم يأتني أنت ولا أخوك فهو رضائي ولا تجعل في نفسك إلا خيراً والسلام عليك.

قال ولما سافرنا رفعت المائدة والفرش وكل ما أقيم لنا.

قال صالح وبعث المتوكل إلى أبي بألف دينار ليقسمها فجاءه علي بن الجهم في جوف الليل فأخبره بأنه يهيئ له حراقة ثم جاء عبيد الله بألف دينار فقال إن أمير المؤمنين قد أذن لك وأمر لك بهذا فقال قد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره فردها وقال أنا رقيق على البرد والظهر أرفق بي فكتب له جواز وكتب إلى محمد بن عبد الله في بره وتعاهده فقدم علينا ثم قال يا صالح قلت لبيك قال أحب إن تدع هذا الرزق فإنما تأخذونه بسببي فسكت فقال مالك؟ قلت أكره إن أعطيك بلساني وأخالف إلى غيره وليس في القوم أكثر عيالاً مني ولا أعذر وقد كنت أشكو إليك وتقول أمرك منعقد بأمري ولعل الله إن يحل عني هذه العقدة وقد كنت تدعو لي فأرجو إن يكون الله استجاب لك فقال والله لا تفعل فقلت لا فقال لم فعل الله بك وفعل!! وذكر قصة في دخول عبد الله أخيه عليه وقوله وجوابه له ثم دخول عمه عليه وإنكاره للأخذ قال فهجرنا أبي وسد الأبواب بيننا وبينه وتحامى منازلنا ثم أخبر بأخذ عمه فقال نافقتني وكذبتني!! ثم هجره وترك الصلاة في المسجد وخرج إلى مسجد آخر يصلي فيه.

ثم ذكر قصة في دعاءه صالحاً ومعاتبته له ثم كتابته إلى يحيى بن حاقان ليترك معونة أولاده وأن الخبر بلغ المتوكل فأمر بحمل ما اجتمع لهم من عشرة أشهر إليهم فكان أربعين ألف درهم وأن أبا عبد الله أخبر بذلك فسكت قليلاً وأطرق ثم قال ما حيلتي إن أردت أمراً وأراد الله أمراً؟!

ص: 254

قال صالح وكان رسول المتوكل يأتي أبي يبلغه السلام ويسأله عن حاله قال فتأخذه قشعريرة حتى ندثره ثم يقول والله لو إن نفسي في يدي لأرسلتها.

وجاء رسول المتوكل إليه يقول لو سلم أحد من الناس سلمت أنت رفع رجل إلينا إن علوياً قدم من خراسان وأنك وجهت إليه من يلقاه وقد حبست الرجل وأردت ضربه فكرهت إن تغتم فمر فيه قال هذا باطل يخلى سبيله.

ثم ذكر صالح قصة في قدوم المتوكل بغداد وإشارة أبي عبد الله على صالح بأن لا يذهب إليهم ومجيء يحيى بن خاقان من عند المتوكل وقوله قد أعفاني أمير المؤمنين من كل ما أكره وفي توجيه أمير بغداد محمد بن عبد الله بن طاهر إلى أحمد ليحضر إليه وامتناع أحمد وقوله أنا رجل لم أخالط السلطان وقد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره وهذا مما أكره.

قال وكان قد أدمن الصوم لما قدم من سامراء وجعل لا يأكل الدسم وكان قبل ذلك يشترى له الشحم بدرهم فيأكل منه شهراً.

الخلال حدثني محمد بن الحسين إن المروذي حدثهم قال كان أبو عبد الله بالعسكر يقول انظر هل تجد ماء باقلى؟ فكنت ربما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح ومنذ دخلنا العسكر إلى إن خرجنا ما ذاق طبيخاً ولا دسماً.

وعن المروذي قال أنبهني أبو عبد الله ليلة وكان قد واصل فقال هوذا يدار بي من الجوع فأطعمني شيئاً فجئته بأقل من رغيف فأكله وقال لولا إني أخاف العون على نفسي ما أكلت وكان يقوم إلى المخرج فيقعد يستريح من الجوع حتى إن كنت لأبل الخرقة فيلقيها على وجهه لترجع نفسه إليه حتى إنه أوصى من الضعف من غير مرض فسمعته يقول - ونحن بالعسكر - هذا ما أوصى به أحمد بن محمد أوصى أنه يشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.

وقال عبد الله بن أحمد أوصى أبي هذه هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل أوصى أنه يشهد إن لا إله إلا الله إلى إن قال وأوصى إن علي لفوران نحواً من خمسين ديناراً وهو مصدق فيما قال فيقضي من غلة الدار فإذا استوفى أعطي ولد عبد الله وصالح كل ذكر وأنثى عشرة دارهم شهد أبو يوسف وعبد الله وصالح ابنا أحمد.

أنبؤونا عمن سمع أبا علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا عبد

ص: 255

الله بن أحمد قال كتب عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى أبي يخبره إن أمير المؤمنين أمرني إن أكتب إليك أسألك عن القرآن لا مسألة امتحان لكن مسألة معرفة وتبصرة فأملى علي أبي إلى عبيد الله بن يحيى بسم الله الرحمن الرحيم أحسن الله عاقبتك أبا الحسن في الأمور كلها ودفع عنك المكاره برحمته قد كتبت إليك رضي الله عنك بالذي سأل عنه أمير المؤمنين بأمر القرآن بما حضرني وإني أسأل الله إن يديم توفيق أمير المؤمنين فقد كان الناس في خوض من الباطل واختلاف شديد ينغمسون فيه حتى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين فنفى الله به كل بدعة وانجلى عن الناس ما كانوا فيه من الذل وضيق المحابس فصرف الله ذلك كله وذهب به بأمير المؤمنين ووقع ذلك من المسلمين موقعاً عظيماً ودعوا الله لأمير المؤمنين وأسأل الله إن يستجيب في أمير المؤمنين صالح الدعاء وأن يتم ذلك لأمير المؤمنين وأن يزيد في نيته وأن يعينه على ما هو عليه فقد ذكر عن بن عباس أنه قال لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فإنه يوقع الشك في قلوبكم.

وذكر عن عبد الله بن عمرو إن نفراً كانوا جلوساً بباب النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم ألم يقل الله كذا وقال بعضهم ألم يقل الله كذا؟ فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج كأنما فقئ في وجهه حب الرمان فقال "أبهذا أمرتم إن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟ إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا إنكم لستم مما ها هنا في شيء انظروا الذي أمرتم به فاعملوا به وانظروا الذي نهيتم عنه فانتهوا عنه

(278)

".

وروي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "مراء في القرآن كفر"

(279)

.

(278)

حسن: أخرجه أحمد (2/ 195 و 196)، وابن ماجه (85).

(279)

حسن: أخرجه أحمد (2/ 286 و 424 و 475 و 503 و 528)، وأبو داود (4603) وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 212 - 213)، وفي "أخبار أصبهان"(2/ 123)، من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". قال البغوي في "شرح السنة" (1/ 261): واختلفوا في تأويله، فقيل: معنى المراء: الشك، كقوله سبحانه - وتعالى:{فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ} [السجدة:23]: أي في شك، وقيل: المراء: هو الجدال المشكِّك، وذلك أنه إذا جادل فيه، أدَّاهُ إلى أن يرتاب في الآى المتشابهة منه، فيُؤدِّيه ذلك إلى الجحود، فسمَّاه كفرًا باسم ما يُخشى من عاقبته إلَّا من عصمه الله، وتأوَّله بعضهم على المراء في قراءته، وهو أن ينكر بعض القراءات المروية، وقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف، فتوعدَّهم بالكفر لينتهوا عن المراء فيها، والتكذيب بها، إذْ كلُّها قرآن مُنزل يجب الإيمان به.

ص: 256

وروي عن أبي جهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تماروا في القرآن فإن مراء فيه كفر"

(280)

.

وقال بن عباس قدم رجل على عمر فجعل عمر يسأله عن الناس فقال يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا فقال بن عباس فقلت والله ما أحب إن يتسارعوا يومهم في القرآن هذه المسارعة فزبرني عمر وقال مه فانطلقت إلى منزلي كئيباً حزيناً فينا أنا كذلك إذ أتاني رجل فقال أجب أمير المؤمنين فخرجت فإذا هو بالباب ينتظرني فأخذ بيدي فخلا بي وقال ما الذي كرهت؟ قلت يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى ما يحتقوا يختصموا ومتى ما يختصموا يختلفوا ومتى ما يختلفوا يقتتلوا قال لله أبوك والله إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها.

وروي عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول "هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشاً قد منعوني إن أبلغ كلام ربي"

(281)

.

وروي عن جبير بن نفير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن"

(282)

.

وروي عن بن مسعود قال جردوا القرآن لا تكتبوا فيه شيئاً إلا كلام الله.

وروي عن عمر أنه قال هذا القرآن كلام الله فضعوه مواضعه.

(280)

صحيح: أخرجه أحمد (4/ 169 - 170) حدثنا أبو سلمة الخزاعي، حدثنا سليمان بن بلال، حدثنى يزيد بن خصيفة أخبرنى بسر بن سعيد قال: حدثنى أبو جهيم أن رجلين اختلفا في آية من القرآن فقال: هذا تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسالا النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"القرآن يقرأ على سبعة أحرف فلا تماروا في القرآن فان مراء في القرآن كفر". قلت: إسناده صحيح رجال ثقات، وأبو سلمة الخزاعي، وهو منصور بن سلمة بن عبد العزيز، البغدادي، ثقة ثبت، حافظ، من كبار العاشرة، روى له البخاري، ومسلم وأبو داود في المراسيل والنسائي.

(281)

صحيح: أخرجه أبو داود (4734)، والترمذي (2926)، وابن ماجه (201) من طريق إسرائيل، حدثنا عثمان بن المغيرة. عن سالم، عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.

قلت: إسناده صحيح، رجال ثقات، وسالم هو ابن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة. وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمدانى أبو يوسف الكوفي ثقة.

(282)

ضعيف: أخرجه الترمذي (2912) من طريق إسحاق بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، عن معاوية، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطأة، عن جبير بن نُفير قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره

قلت إسناده ضعيف، العلاء بن الحارث بن عبد الوارث الحضرمي، أبو وهب الدمشقي، قد اختلط كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 257

وقال رجل للحسن يا أبا سعيد إني إذا قرأت كتاب الله وتدبرته كدت إن آيس

(283)

وينقطع رجائي فقال إن القرآن كلام الله وأعمال بن آدم إلى الضغف والتقصير فاعمل وأبشر.

وقال فروة بن نوفل الأشجعي كنت جاراً لخباب فخرجت يوماً معه إلى المسجد وهو آخذ بيدي فقال يا هناه تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه

(284)

.

وقال رجل للحكم ما حمل أهل الأهواء على هذا؟ قال الخصومات.

وقال معاوية بن قرة إياكم وهذه الخصومات فإنها تحبط الأعمال.

وقال أبو قلابة لا تجالسوا أهل الأهواء أو قال أصحاب الخصومات فإني لا آمن إن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.

ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين فقالا يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال لا قالا فنقرأ عليك آية؟ قال لا لتقومان عني أو لأقومنه فقاما فقال بعض القوم يا أبا بكر وما عليك إن يقرأ عليك آيةً؟ قال

وقال خشيت إن يقرأ آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي.

وقال رجل من أهل البدع لأيوب يا أبا بكر أسالك عن كلمة؟ فولى وهو يقول بيده لا ولا نصف كلمة.

وقال بن طاووس لابن له يكلمه رجل من أهل البدع يا بني أدخل أصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع ما يقول ثم قال اشدد اشدد.

وقال عمر بن عبد العزيز من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل.

وقال إبراهيم النخعي إن القوم لم يدخر عنهم شيء خبئ لكم لفضل عندكم.

وكان الحسن يقول شر داء خالط قلباً يعني الأهواء.

(283)

آيس: قال الجوهري: أيسْتُ منه أيَس يأسًا لغة في يَئِسْتُ منه أيْأسُ يَأسًا، ومصدرهما واحد. وآيَسَنى منه فلانٌ مثل أيْأسَنى، وكذلك التَّأييسُ. قال ابنُ سيده: أيِسْتُ من الشئ مقلوب عن يَئسْتُ، وليس بلغة فيه. ذكره ابن منظور في "لسان العرب".

(284)

صحيح: تقدّم تخريجنا له قريبًا بتعليقنا رقم (266)، وهو عند الحاكم (2/ 441) من حديث خباب بن الأرت مرفوعًا. فراجعه ثمَّت.

ص: 258

وقال حذيفة اتقوا الله وخذوا طريق من كان قبلكم والله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقاً بعيداً ولئن تركتموه يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً أو قال مبيناً.

قال أبي وإنما تركت الأسانيد لما تقدم من اليمين التي حلفت بها مما قد علمه أمير المؤمنين ولولا ذاك ذكرتها باسانيدها وقد قال الله تعالى: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله" التوبة: 6، وقال "ألا له الخلق والأمر" الأعراف: 54، فأخبر إن الأمر غير الخلق وقال "الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان" الرحمن: 1 - 4، فأخبر إن القرآن من علمه وقال تعالى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير" البقرة: 120، وقال "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك" البقرة: 145، وإلى قوله "ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين" البقرة: 145، فالقرآن من علم الله وفي الآيات دليل على إن الذي جاءه هو القرآن وقد روى عن السلف أنهم كانوا يقولون القرآن كلام الله غير مخلوق وهو الذي أذهب إليه لست بصاحب كلام ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان عن كتاب الله أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أو عن التابعين فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود.

فهذه الرسالة إسنادها كالشمس فانظر إلى هذا النفس النوراني لا كرسالة الإصطخري ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبد الله فإن الرجل كان تقياً ورعاً لا يتفوه بمثل ذلك ولعله قاله وكذلك رسالة المسيء في الصلاة باطلة وما ثبت عنه اصلاً وفرعاً ففيه كفاية.

ومما ثبت عنه مسألة الإيمان وقد صنف فيها.

قال أبو داود سمعت أحمد بن حنبل يقول الإيمان قول وعمل يزيد وينقص البر كله من الإيمان والمعاصي تنقص الإيمان.

وقال إسحاق بن إبراهيم البغوي سمعت أحمد يقول من قال القرآن مخلوق فهو كافر وسمع سلمة بن شبيب أحمد يقول ذلك وهذا متواتر عنه.

وقال أبو إسماعيل الترمذي سمعت أحمد بن حنبل يقول من قال القرآن محدث فهو كافر.

ص: 259

وقال إسماعيل بن الحسن السراج سألت أحمد عمن يقول القرآن مخلوق قال كافر وعمن يقول لفظي بالقرآن مخلوق فقال جهمي.

وقال صالح بن أحمد تناهى إلى أبي إن أبا طالب يحكي أنه يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق فأخبرت بذلك أبي فقال من حدثك؟ قلت فلان قال ابعث إلى أبي طالب فوجهت إليه فجاء وجاء فوران فقال له أبي أنا قلت لك لفظي بالقرآن غير مخلوق؟! وغضب وجعل يرعد فقال قرأت عليك "قل هو الله أحد" الإخلاص: 1، فقلت لي ليس هذا بمخلوق قال فلم حكيت عني إني قلت لفظي بالقرآن غير مخلوق وبلغني أنك كتبت بذلك إلى قوم فامحه واكتب إليهم إني لم أقله لك فجعل فوران يعتذر إليه فعاد أبو طالب وذكر إنه حكى ذلك وكتب إلى القوم يقول وهمت على أبي عبد الله.

قلت الذي استقر الحال عليه إن أبا عبد الله كان يقول من قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع وأنه من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي فكان رحمه الله لا يقول هذا ولا هذا وربما أوضح ذلك فقال من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي.

قال أحمد بن زنجويه سمعت أحمد يقول اللفظية شر من الجهمية.

وقال صالح سمعت أبي يقول الجهمية ثلاث فرق فرقة قالت القرآن مخلوق وفرقة قالوا كلام الله وسكتوا وفرقة قالوا لفظنا به مخلوق ثم قال أبي لا يصلي خلف واقفي ولا لفظي.

وقال المروذي أخبرت أبا عبد الله إن أبا شعيب السوسي الرقي فرق بين بنته وزوجها لما وقف في القرآن فقال أحسن عافاه الله وجعل يدعو له.

قال المروذي ولما أظهر يعقوب بن شيبة الوقف حذر عنه أبو عبد الله وأمر بهجرانه لأبي عبد الله في مسألة اللفظ نقول عدة فأول من أظهر مسألة اللفظ حسين بن علي الكرابيسي وكان من أوعية العلم ووضع كتاباً في المدلسين يحط على جماعة فيه أن بن الزبير من الخوارج وفيه أحاديث يقوي به الرافضة فأعلم أحمد فحذر منه فبلغ الكرابيسي فتنمر وقال لأقولن مقالةً حتى يقول بن حنبل بخلافها فيكفر فقال لفظي بالقرآن مخلوق فقال المروذي في كتاب القصص فذكرت ذلك لأبي عبد الله إن الكرابيسي قال لفظي بالقرآن مخلوق وأنه قال أقول إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات إلا أن لفظي به مخلوق ومن لم يقل لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر فقال

ص: 260

أبو عبد الله بل هو الكافر قاتله الله وأي شيء قالت الجمهية إلا هذا وما ينفعه وقد نقض كلامه الأخير كلامه الأول ثم قال أيش خبر أبي ثور أوافقه على هذا؟ قلت قد هجره قال أحسن لن يفلح أصحاب الكلام.

قال عبد الله بن أحمد سئل أبي وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة فقال من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي.

الحكم بن معبد حدثني أحمد الدورقي قلت لأحمد بن حنبل ما تقول في هؤلاء الذين يقولون لفظي بالقرآن مخلوق؟ فرأيته استوى واجتمع وقال هذا شر من قول الجهمية من زعم هذا فقد زعم أن جبريل تكلم بمخلوق وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمخلوق.

فقد كان هذا الإمام لا يرى الخوض في هذا البحث خوفاً من أن يتذرع به إلى القول بخلق القرآن والكف عن هذا أولى آمنا بالله تعالى وبملائكته وبكتبه ورسله وأقداره والبعث والعرض على الله يوم الدين ولو بسط هذا السطر وحرر فيها بأدلته لجاء في خمس مجلدات بل ذلك موجود مشروح لمن رامه والقرن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين ومعلوم ان التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ والقراءة غير الشيء المقروء والتلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلو وصوت القارئ من كسبه فهو يحدث التلفظ والصوت والحركة والنطق وغخراج الكلمات من ادواته المخلوقة ولم يحدث كلمات القرآن ولا ترتيبه ولا تأليفه ولا معانيه.

فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطرفين إذ كل واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهم ولم يات به كتاب ولا سنة بل الذي لا نرتاب فيه إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق والله أعلم.

الحاكم حدثنا الأصم سمعت محمد بن إسحاق الصغاني سمعت فوران صاحب أحمد يقول سألني الأثرم وأبو عبد الله المعيطي أن أطلب من أبي عبد الله خلوةً فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرقون بين اللفظ والمحكي فسألته فقال القرآن كيف تصرف في اقواله وافعاله فغير مخلوق فأما افعالنا فمخلوقة قلت فاللفظية تعدهم يا أبا عبد الله في جملة الجهمية فقال لا الجهمية الذين قالوا القرآن مخلوق.

وبه قال وسمعت فوران يقول جاءني بن شداد برقعة فيها مسائل وفيها إن لفظي بالقرآن غير مخلوق فضرب أحمد بن حنبل على هذه وكتب القرآن حيث تصرف غير مخلوق.

ص: 261

قال صالح بن أحمد سمعت أبي يقول من زعم ان أسماء الله مخلوقة فقد كفر وقال المروذي سمعت أبا عبد الله يقول من تعاطى الكلام لا يفلح من تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم.

وقال حنبل سمعت أبا عبد الله يقول من أحب الكلام لم يفلح لأنه يؤول أمرهم إلى حيرة عليكم بالسنة والحديث وإياكم والخوض في الجدال والمراء أدركنا الناس وما يعرفون هذا الكلام عاقبة الكلام لا تؤول إلى خير.

وللإمام أحمد كلام كثير في التحذير من البدع وأهلها وأقوال في السنة ومن نظر في كتاب السنة لأبي بكر الخلال رأى فيه علماً غزيراً ونقلاً كثيراً وقد أوردت من ذلك جملة في ترجمة أبي عبد الله في تاريخ الإسلام وفي كتاب العزة للعلي العظيم فترني عن إعادته هنا عدم النية فنسأل الله الهدى وحسن القصد وإلى الإمام أحمد المنتهى في معرفة السنة علماً وعملاً وفي معرفة الحديث وفنونه ومعرفة الفقه وفروعه وكان رأساً في الزهد والورع والعبادة والصدق.

قال صالح بن أحمد قدم المتوكل فنزل الشماسية

(285)

يريد المدائن فقال لي أبي أحب أن لا تذهب إليهم تنبه علي فلما كان بعد يوم أنا قاعد وكان يوماً مطيراً فإذا بيحيى بن خاقان قد جاء في موكب عظيم والمطر عليه فقال لي سبحان الله لم تصر إلينا حتى تبلغ أمير المؤمنين السلام عن شيخك حتى وجه بي ثم نزل خارج الزقاق فجهدت به أن يدخل على الدابة فلم يفعل فجعل يخوض المطر فلما وصل نزع جرموقه

(286)

ودخل وأبي في الزاوية عليه كساء فسلم عليه وقبل جبهته وساءله عن حاله وقال أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول كيف أنت في نفسك وكيف حالك؟ وقد أنست بقربك ويسالك أن تدعو له فقال ما يأتي علي يوم إلا وأنا أدعو الله له ثم قال قد وجه معي ألف دينار تفرقها على أهل الحاجة فقال يا أبا زكريا أنا في بيت منقطع وقد أعفاني من كل ما أكره وهذا مما أكره فقال يا أبا عبد الله الخلفاء لا يحتملون هذا فقال يا أبا زكريا تلطف في ذلك فدعا له ثم قام فلما صار إلى الدار رجع وقال هكذا لو وجه إليك بعض إخوانك كنت تفعل قال نعم فلما صرنا إلى الدهليز قال أمرني أمير المؤمنين أدفعها إليك تفرقها فقلت تكون عندك إلى أن تمضي هذه الأيام.

(285)

الشَّمَّاسيَّة: مجاورة لدار الروم التى في أعلى مدينة بغداد، وهى أعلى من الرصافة ومحلة أبي حنيفة. ذكره ياقوت الحموى في "معجم البلدان".

(286)

الجُرموق: هو ما يلبس فوق الخُفّ.

ص: 262

أحمد بن محمد بن الحسين بن معاوية الرازي حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب سمعت المسعري محمد بن وهب قال كنت مؤدباً للمتوكل فلما استخلف أدناني وكان يسألني وأجيبه على مذهب الحديث والعلم وأنه جلس للخاصة يوماً ثم قام حتى دخل بيتاً له من قوارير سقفه وحيطانه وأرضه وقد أجري له الماء فيه يتقلب فيه فمن دخله فكأنه في جوف الماء جالس وجلس عن يمينه الفتح بن خاقان وعبيد الله بن يحيى بن خاقان وعن يساره بغا الكبير ووصف وأنا واقف إذ ضحك فأرم القوم فقال ألا تسألوني من ما ضحكت إني ذات يوم واقف على رأس الواثق وقد قعد للخاصة ثم دخل هنا ورمت الدخول فمنعت ووقعت حيث ذاك الخادم واقف وعنده بن أبي دواد وبن الزيات وإسحاق بن إبراهيم فقال الواثق لقد فكرت فيما دعوت إليه الناس من أن القرآن مخلوق وسرعة إجابة من أجابنا وشدة خلاف من خالفنا مع الضرب والسيف فوجدت من أجابنا رغب فيما في أيدينا ووجدت من خالفنا منعه دين وورع فدخل قلبي من ذلك أمر وشك حتى هممت بترك ذلك فقال بن أبي دواد الله الله يا أمير المؤمنين إن تميت سنة قد أحييتها وإن تبطل ديناً قد أقمته ثم أطرقوا وخاف بن أبي دواد فقال والله يا أمير المؤمنين إن هذا القول الذي تدعو الناس إليه لهو الدين الذي ارتضاه الله لأنبيائه ورسله وبعث به نبيه ولكن الناس عموا عن قبوله قال الواثق فباهلوني

(287)

على ذلك فقال أحمد ضربه الله بالفالج إن لم يكن ما يقول حقاً وقال بن الزيات وهو فسمر الله بدنه بمسامير في الدنيا قبل الآخرة إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقاً بأن القرآن مخلوق وقال إسحاق بن إبراهيم وهو فأنتن الله ريحه في الدنيا إن لم يكن ما يقول حقاً وقال نجاح وهو فقتله الله في أضيق محبس وقال إيتاخ وهو فغرقه الله فقال الواثق وهو فأحرق الله بدنه بالنار إن لم يكن ما يقول حقاً من أن القرآن مخلوق فأضحك أنه لم يدع أحد منهم يومئذ إلا استجيب فيه أما بن أبي دواد فقد ضربه الله بالفالج وأما بن الزيات فأنا أقعدته في تنور من حديد وسمرت بدنه بمسامير وأما إسحاق فأقبل يعرق في مرضه عرقاً منتناً حتى هرب منه الحميم والقريب وأما نجاح فأنا بنيت عليه بيتاً ذراعاً في ذراعين حتى مات وأما إيتاخ فكتبت إلى إسحاق بن إبراهيم وقد رجع من الحج فقيده وغرقه واما الواثق فكان يحب الجماع فقال يا مخائيل أبغني دواء للباه فقال يا أمير المؤمنين بدنك فلا تهده لا سيما إذا تكلف الرجل الجماع فقال لا بد منه وإذا بين فخذيه مع ذلك وصيفة فقال من يصبر عن مثل هذه؟ قال فعليك بلحم السبع يؤخذ

(287)

المُباهلة: المُلاعنة، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شئ فيقولون: لعنة الله على الظالم منَّا.

ص: 263

رطل فيغلي سبع غليات بخل خمر عتيق فإذا جلست على شربك فخذ منه زنة ثلاثة دارهم فإنك تجد بغيتك فلها أياماً وقال علي بلحم سبع ساعة فأخرج له سبع فذبح واستعمله قال فسقي بطنه فجمع له الأطباء فأجمعوا على أنه لا دواء له إلا أن يسجر له تنور بحطب الزيتون حتى يمتلئ جمراً ثم يكسح ما فيه ويحشى بالرطبة ويقعد فيه ثلاث ساعات فإن طلب ماء لم يسق ثم يخرج فإنه يجد وجعاً شديداً ولا يعاد إلى التنور إلى بعد ساعتين فإنه يجري ذلك الماء ويخرج من مخارج البول وإن هو شقي أو رد إلى التنور تلف قال فسجر له تنور ثم أخرج الجمر وجعل على ظهر التنور ثم حشي بالرطبة فعري الواثق وأجلس فيه فصاح وقال أحرقتموني اسقوني ماء فمنع فتنفط بدنه كله وصار نفاخات كالبطيخ ثم أخرج وقد كاد أن يحترق فأجلسه الأطباء فلما شم الهواء اشتد به الألم فأقبل يصيح ويخور كالثور ويقول ردوني إلى التنور واجتمع نساؤه وخواصه وردوه إلى التنور ورجعوا الفرج فلما حمي سكن صياحه وتفطرت تلك النفاخات وأخرج وقد احترق واسود وقضى بعد ساعة.

قلت راويها لا أعرفه.

وعن جرير بن أحمد بن أبي داود قال قال أبي ما رأيت أحداً أشد قلباً من هذا يعني أحمد جعلنا نكلمه جعل الخليفة يكلمه يسميه مرة ويكنيه مرة وهو يقول يا أمير المؤمنين اوجدني شيئاً من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أجيبك إليه.

أبو يعقوب القراب أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل أخبرنا محمد بن إبراهيم الصرام حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي قال دخلت أنا والحارث بن مسكين على أحمد حدثان ضربه فقال لنا ضربت فسقطت وسمعت ذاك - يعني بن أبي داود - يقول يا أمير المؤمنين هو والله ضال مضل فقال له الحارث أخبرني يوسف بن عمر عن مالك أن الزهري سعي به حتى ضرب بالسياط وفيل علقت كتبه في عنقه ثم قال مالك وقد ضرب سعيد بن المسيب وحلق رأسه ولحيته وضرب أبو الزناد وضرب محمد بن المنكدر وأصحاب له في حمام بالسياط وما ذكر مالك نفسه فأعجب أحمد بقول الحارث قال مكي بن عبدان ضرب جعفر بن سليمان مالكاً تسعين سوطاً سنة 147.

وروي عن محمد بن أبي سمينة عن شاباً من التائب قال لقد ضرب أحمد بن حنبل ثمانين سوطاً لو ضربته على فيل لهدته.

ص: 264

البيهقي أخبرنا الحكم حدثنا حسان بن محمد الفقيه سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة غير مرة وذاكرته رجاء أن أخذ عنه حديثاً إلى أن قلت يا أبا عبد الله حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار"

(288)

فقال قيل عن الزهري؟ عن أبي سلمة فقلت من عن الزهري قال أبو الجهم فقلت من رواه عن أبي الجهم؟ فسكت فلما عاودته فيه قال اللهم سلم.

قال الميموني قال لي أحمد يا أبا الحسن إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام.

الخلال حدثنا المروذي قال لي أبو عبد الله ما كتبت حديثاً إلا وقد عملت به حتى مر بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً

(289)

فاحتجمت وأعطيت الحجام ديناراً.

أخبرنا جماعة إجازة عن بن الجوزي أخبرنا بن ناصر أنبأنا أبو الحسين بن عبد الجبار أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط وحدثنا بن أبي الفوارس حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق حدثنا المروذي قلت لأبي عبد الله من مات على الإسلام والسنة مات على خير فقال اسكت بل مات على الخير كله.

قال موسى بن هارون البزاز سئل أحمد أين نطلب البدلاء؟ فسكت ثم قال إن لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري.

قال أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي أخبرنا الفضل بن زياد سمعت أحمد بن حنبل يقول من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة.

(288)

ضعيف جدًا: أخرجه أحمد (2/ 228)، وابن حبان في "المجروحين"(3/ 150)، وابن عدى في "الكامل"(4/ 85)، والبزار (2091) كشف الأستار، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث"(ص 101 - 102) وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 138) من طريق هشيم، أخبرنا أبو الجهم الواسطى عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

قلت: إسناده ضعيف جدًا، آفته أبو الجهم الواسطي، قال أبو زُرعة: واهٍ، وقال أحمد: مجهول. وقال ابن حبان: يروى عن الزهري ما ليس من حديثه.

(289)

لم يرد بهذ اللفظ، ولكن ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حجم أبو طَيْبَة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخفِّفوا من خراجه" أخرجه مالك (2/ 974)، والبخاري (2102)، ومسلم (1577) عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، به. وقد تقدَّم تخريجنا له قريبًا بتعليقنا رقم (248).

ص: 265

قال أبو مزاحم الخاقاني قال لي عمي عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان أمر المتوكل بمسألة أحمد عمن يقلد القضاء فسألت عمي أن يخرج إلي جوابه فوجه إلي نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم نسخة الرقعة التي عرضتها على أحمد بن محمد بن حنبل بعد أن سألته فأجابني بما قد كتبته سألته عن أحمد بن رباح فقال فيه جهمي معروف وأنه إن قلد شيئاً من أمور المسلمين كان فيه ضرر عليهم وسألته عن الخلنجي فقال فيه كذلك وسألته عن شعيب بن سهل فقال جهمي معروف بذلك وسألته عن عبيد الله بن أحمد فقال كذلك وسألته عن المعروف بأبي شعيب فقال كذلك وسألته عن محمد بن منصور قاضي الأهواز فقال كان مع بن أبي دواد وفي ناحيته وأعماله إلا أنه كان من أمثلهم وسألته عن علي بن الجعد فقال كان معروفاً بالتجهم ثم بلغني انه رجع وسألته عن الفتح بن سهل فقال جهمي من أصحاب المريسي وسألته عن الثلجي فقال مبتدع صاحب هوى وسألته عن إبراهيم بن عتاب فقال لا أعرفه إلا أنه كان من أصحاب بشر المريسي وفي الجملة إن أهل البدع والأهواء لا ينبغي أن يستعان بهم في شيء من أمور المسلمين مع ما عليه رأي أمير المؤمنين أطال الله بقاءه من التمسك بالسنة والمخالفة لأهل البدع يقول أحمد بن محمد بن حنبل قد سألني عبد الرحمن بن يحيى عن جميع من في هذا الكتاب وأجبته بما كتب وكنت عليل العين ضعيفاً في بدني فلم اقدر أن أكتب بخطي فوقع هذا التوقيع في أسفل القرطاس عبد الله ابني بأمري وبين يدي.

ومن سيرته: قال عبد الملك الميموني ما رأيت عمامة أبي عبد الله قط إلا تحت ذقنه ورأيته يكره غير ذلك.

أبو مسلم محمد بن إسماعيل حدثنا صالح بن أحمد قال مضيت مع أبي يوم جمعة إلى الجامع فوافقنا الناس قد انصرفوا فدخل إلى المسجد وكان معنا إبراهيم بن هانئ فتقدم أبي فصلى بنا الظهر أربعاً وقال قد فعله بن مسعود بعلقمة والأسود وكان أبي إذا دخل مقبرة خلع نعليه وأمسكهما بيده.

قال يحيى بن مندة في مناقب أحمد أخبرنا البيهقي أخبرنا الحاكم سمعت يحيى بن منصور سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول كنت عند أحمد بن حنبل فدخل محمد بن يحيى فقام إليه أحمد وتعجب منه الناس ثم قال لبنيه وأصحابه اذهبوا إلى أبي عبد الله فاكتبوا عنه.

ص: 266

إبراهيم بن محمد بن سفيان سمعت عاصم بن عصام البيهقي يقول بت ليلة عند أحمد بن حنبل فجاء بماء فوضعه فلما أصبح نظر إلى الماء بحاله فقال سبحان الله رجل يطلب العلم لا يكون له ورد في بالليل.

قال محمد بن إسماعيل الترمذي كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أحمد بن حنبل فقال له أحمد يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال أصحاب الحديث قوم سوء فقام أبو عبد الله ينفض ثوبه ويقول زنديق زنديق ودخل البيت.

الطبراني أنشدتا محمد بن موسى بن حماد لمحمد بن عبد الله بن طاهر:

أضحى بن حنبل محنةً مرضيةً

وبحب أحمد يعرف المتنسك

وإذا رأيت لأحمد متنقصاً

فاعلم بأن ستوره ستهتك

قال عثمان بن سعيد الدرامي رأيت أحمد بن حنبل يذهب إلى كراهية الاكتناء بأبي القاسم.

أحمد بن مروان الدينوري حدثنا إدريس الحداد قال كان أحمد بن حنبل إذا ضاق به الأمر آجر نفسه من الحاكة فسوى لهم فلما كان أيام المحنة وصرف إلى بيته حمل إليه مال فرده وهو محتاج إلى رغيف فجعل عمه إسحاق يحسب ما يرد فإذا هو نحو خمس مئة ألف قال فقال يا عم لو طلبناه لم يأتنا وإنما أتانا لما تركناه.

البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البلدي سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة فقام قاص فقال حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتاده عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال لا اله إلا الله خلق الله من كل كلمة طيراً منقاره من ذهب وريشه من مرجان" وأخذ في قصة نحواً من عشرين ورقه

(290)

وجعل أحمد ينظر إلى يحيى ويحيى ينظر إلى أحمد فقال أنت حدثته بهذا؟ فيقول والله ما سمعت به إلا الساعة فسكتا حتى فرغ وأخذ قطاعه فقال له يحيى بيده أن تعال فجاء متوهماً لنوال فقال من حدثك بهذا؟

(290)

منكر: مرَّ تخريجنا له بتعليقنا رقم (165)، وقد حكم عليه الذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة إبراهيم بن عبد الواحد البكرى، حكم عليه بالنكارة، وساق هذا الحديث.

ص: 267

فقال أحمد وبن معين فقال أنا يحيى وهذا أحمد ما سمعنا بهذا قط فإن كان ولا بد والكذب فعلى غيرنا فقال أنت يحيى بن معين؟ قال نعم قال لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما علمت إلا الساعة كان ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما كتبت عن سبعة عشرة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين غيركما فوضع أحمد كمه على وجهه وقال دعه يقوم فقام كالمستهزئ بهما.

هذه الحكاية اشتهرت على ألسنة الجماعة وهي باطلة أظن البلدي وضعها ويعرف بالمعصوب رواها عنه أيضاً أبو حاتم بن حبان فارتفعت عنه الجهالة.

ذكر المروذي عن أحمد أنه بقي بسامراء ثمانية أيام لم يشرب إلا أقل من ربع سويق.

أحمد بن بندار الشعار حدثنا أبو يحيى بن الرازي سمعت علي بن سعيد الرازي قال صرنا مع أحمد بن حنبل إلى باب المتوكل فلما أدخلوه من باب الخاصة قال انصرفوا عافاكم الله فما مرض منا أحد بعد ذلك اليوم.

الكديمي حدثنا علي بن المديني قال لي أحمد بن حنبل إني لأشتهي أن أصحبك إلى مكة وما يمنعني إلا خوف أن أملك أو تملني.

فلما ودعته قلت أوصني قال اجعل التقوى زادك وانصب الآخرة أمامك.

قال أبو حاتم أول ما لقيت أحمد سنة ثلاث عشرة ومئتين فإذا قد أخرج معه إلى الصلاة كتاب الأشربة وكتاب الإيمان فصلى ولم يسأله أحد فرده إلى بيته وأتيته يوماً آخر فإذا قد أخرج الكتابين فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك لأن كتاب الإيمان أصل الدين وكتاب الأشربة صرف الناس عن الشر فإن كل الشر من السكر.

وقال صالح أهدى إلى أبي رجل ولد له مولود خوان فالوذج فكافاه بسكر بدراهم صالحة.

وقال بن وارة أتيت أحمد فأخرج إلي قدحاً فيه سويق وقال اشربه.

أنبؤونا عن محمد بن إسماعيل عن يحيى بن مندة الحافظ أخبرنا أبو الوليد الدربندي سنة أربعين وأربع مئة أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الأسود بدمشق أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر النهاوندي حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوران لفظاً حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري قال قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل هذا مذاهب أهل العلم والاثر فمن خالف شيئاً من ذلك أو عاب قائلها فهو مبتدع وكان قولهم إن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة والإيمان يزيد وينقص ومن زعم إن الإيمان قول والأعمال

ص: 268

شرائع فهو جهمي ومن لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ والزنى والسرقة وقتل النفس والشرك كلها بقضاء وقدر من غير أن يكون لأحد على الله حجة إلى أن قال والجنة والنار خلقتا ثم خلق الخلق لهما لا تفنيان ولا يفني ما فيهما أبداً إلى أن قال والله تعالى على العرش والكرسي موضع قدميه إلى أن قال وللعرش حملة ومن زعم إن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي ومن لم يكفره فهو مثله وكلم الله موسى تكليماً من فيه إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر والأشياء التي والله ما قالها الإمام فقاتل الله واضعها ومن أسمج ما فيها قوله ومن زعم أنه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه أحداً فهذا قول فاسق عدو لله فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ويسكتون عنها.

الدارقطني حدثنا جعفر الخلدي أخبرنا العباس بن يوسف حدثني عمي محمد بن إسماعيل بن العلاء حدثني أبي قال دعاني رزق الله بن الكلوذاني فقدم إلينا طعاماً كثيراً وفينا أحمد وبن معين وأبو خيثمة فقدمت لوزينج أنفق عليها ثمانين درهماً فقال أبو خيثمة هذا إسراف فقال أحمد بن حنبل لو ان الدنيا في مقدار لقمة ثم أخذها مسلم فوضعها في فم أخيه لما كان مسرفاً فقال له يحيى صدقت وهذه حكاية منكرة.

قال حنبل بن إسحاق سالت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله ينزل إلى سماء الدنيا"

(291)

فقال نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئاً منها إذا كانت أسانيد صحاحاً ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ونعلم إن ما جاء به حق.

الخلال حدثنا عبد الله بن أحمد قال رأيت كثيراً من العلماء والفقهاء والمحدثين وبني هاشم وقريش والأنصار يقبلون أبي بعضهم يده وبعضهم رأسه ويعظمونه تعظيماً لم أرهم يفعلون ذلك بأحد من الفقهاء غيره ولم أره يشتهي ذلك ورأيت الهيثم بن خارجة والقواريري وأبا معمر وعلي بن المديني وبشاراً الخفاف وعبد الله بن عون الخراز وبن أبي الشوارب وإبراهيم الهروي ومحمد بن بكار ويحيى بن أيوب وسريج بن يونس وأبا خيثمة ويحيى بن معين وبن أبي شيبة وعبد الأعلى النرسي وخلف بن هشام وجماعة لا أحصيهم يعظمونه ويوقرونه.

(291)

صحيح: أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758)، وأبو داود (1315) من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وأبى عبد الله الأغَرِّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدُّنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعونى فأستجيب له، من يَسألنى فَأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له".

ص: 269

الخلال أخبرنا المروذي سمعت عبد الوهاب الوراق يقول أبو عبد الله إمامنا وهو من الراسخين في العلم إذا وقفت غداً بين يدي الله فسألني بمن اقتديت؟ أي شيء أقول وأي شيء ذهب على أبي عبد الله من أمر الإسلام؟! وعن أبي جعفر محمد بن عبد الرحمن الصيرفي قال نظرت فرأيت أن أحمد أفضل من سفيان ثم قال أحمد لم يخلف شيئاً وكان يقدم عثمان وكان لا يشرب.

قال صالح بن علي الحلبي سمعت أبا همام يقول ما رأى أحمد مثل نفسه.

قال الخلال بلينا بقوم جهال يظنون أنهم علماء فإذا ذكرنا فضائل أبي عبد الله يخرجهم الحسد إلى أن قال بعضهم فيما أخبرني ثقة عنه أحمد بن حنبل نبيهم.

قال الخلال حدثنا سليمان بن الأشعث قال رأيت في المنام سنة ثمان وعشرين ومئتين كاني في مسجد الجامع فأقبل رجل شبه الخصي من ناحية المقصورة وهو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقتدوا باللذين من بعدي أحمد بن حنبل وفلان"

(292)

.

(292)

الذي ورد عن ابن مسعود قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدو باللذين من بعدى أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود" أخرجه الترمذي (3805)، والحاكم (3/ 76) من طريق إبراهيم ابن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبي الزعراء، عنه به. وقال الحاكم: إسناده صحيح، وردَّه الذهبي في "التلخيص" بقوله: - "قلت: سنده واهٍ".

ويبينه قول الترمذي: لا نعرفه إلَّا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث".

قلت: هذا إسناد ضعيف جدًا، يحيي بن سلمة بن كهيل، متروك كما قال الحافظ في "التقريب"، وابنه إسماعيل متروك أيضًا. وابنه إبراهيم ضعيف كذا قال الحافظ في "التقريب".

لكن الحديث قد روى من حديث حذيفة، يرويه عنه ربعى بن حراش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.: - "اقتدوا باللذين من بعدى أبي بكر وعمر. واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"، أخرجه الترمذي (3662) وابن ماجه (97) وأحمد (5/ 382 و 385 و 402)، والحميدي (449)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1148) و (1149) وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 109)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(20/ 12)، والحاكم (3/ 75) والبيهقي (5/ 212) و (8/ 153) كلهم من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعى بن حراش عن ربعى بن حراش، عن حذيفة، به.

قلت: الحديث صحيح ورد من طريق ابن مسعود السالف، وحذيفة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم وقد خرجت الحديث بإسهاب في تخريجنا لكتاب [الجواب الباهر في زوار المقابر] ط. دار الجيل - بيروت - لبنان (ص 122 - 123) فراجعه ثمَّت تُفد منه علمًا جمًا ولله الحمد والمنَّة على ما وَهبنى من علم حمدًا كثيرًا طيبًا.

ص: 270

قال أبو داود لا أحفظ اسمه فجعلت أقول في نفسي هذا حديث غريب ففسرته على رجل فقال الخصي في المنام ملك.

قال الخلال أخبرنا المروذي سمعت أبا عبد الله يقول الخوف منعني أكل الطعام والشراب فما أشتهيته وما أبالي أن لا يراني أحد ولا أراه وإني لأشتهي أن أرى عبد الوهاب قل لعبد الوهاب أخمل ذكرك فإني قد بليت بالشهرة.

الخلال أخبرنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق سمعت أحمد بن حنبل يقول ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط.

قال إسحاق بن هانئ مات أبو عبد الله وما خلف إلا ست قطع في خرقة قدر دانقين.

قال المروذي قال أحمد كنت أبكر في الحديث لم يكن لي فيه تلك النية في بعض ما كنت فيه.

وقال عبد الله سمعت أبي يقول ربما أردت البكور في الحديث فتأخذ أمي بثوبي وتقول حتى يؤذن المؤذن وكنت ربما بكرت إلى مجلس أبي بكر بن عياش.

وقال عباس الدوري سمعت أحمد يقول أول ما طلبت اختلفت إلى أبي يوسف القاضي.

قال عبد الله كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد الكتب وكان يحفظها فقال لي مهنى كنت أسأله ليس ذا في كتبهم فأرجع إليهم فيقولون صاحبك أعلم منا بالكتب.

المروزي سمعت أبا عبد الله يقول ما خرجت إلى الشام إلا بعد ما ولد لي صالح أظن كان بن ست سنين حين خرجت قلت ما أظن خرجت بعدها؟ قال لا قلت فكم أقمت باليمن؟ قال ذهابي ومجيئي عشرة أشهر خرجنا من مكة في صفر ووافينا الموسم قلت كتبت عن هشام بن يوسف؟ قال لا مات قبلنا.

عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا يزيد بن مسلم الهمداني أنه بن خمس وثلاثين ومئة سنة قدم محمد بن يوسف أخو الحجاج وأنا بن خمس سنين في سنة ثلاث وسبعين.

قال المروذي قال أبو عبد الله فأتينا شيخاً خارجاً من صنعاء كان عنده عن وهب بن منبه كان يقال له أربعون ومئة سنة.

قال عبد الله سمعت أبي يقول رأيت موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن وكان رجلاً صالحاً.

ص: 271

وسمعت أبي يقول حدثنا يوسف بن يعقوب بن الماجشون وما لقيت في المحدثين أسن منه.

وعن أبي عبد الله قال أتيت يوسف بن الماجشون وكان عنده قريب من مئتي حديث ولم أر معنا القزاز.

المروذي سمعت أبا عبد الله يقول ما كتبت عن أحد أكثر من وكيع وسمعت من عبد السلام بن حرب ثلاثين حديثاً.

قال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن أبي صيفي يحدث عن مجاهد قال قد كتبنا عنه عن مجاهد وعن المقبري وعن الحكم ليس بشيء ولم أسمع من عيسى بن يونس ورأيت سليمان المقرئ بالكوفة وغلام يقرأ عليه بالتحقيق والهمز.

وعن أبي عبد الله قال كان إسماعيل بن مجالد هنا أدركته ولم أسمع منه ورأيت الأشجعي.

وأتيت خلف بن خليفة فتكلم فلم أفهم عنه كان يرعد من الكبر.

وكتبت عن أبي نعيم في سنة خمس وثمانين.

وكتبت عن بن مهدي نحو عشرة آلاف.

وكتبنا حديث غندر على الوجه وأعطانا الكتب فكنا ننسخ منها.

قال عبد الله سمعت أبي يقول سمعت من عباد بن عباد سنة ثمانين ومئة ومن الطفاوي سنة إحدى.

وعن أحمد قال كتبت عن مبشر الحلبي خمسة أحاديث بمسجد حلب كنا خرجنا إلى طرسوس على أرجلنا.

عن عمر بن هارون ولا أروي عنه شيئاً عبد الله بن أحمد حدثنا أبي سمعت إسحاق بن راهويه يذكر عن عيسى بن يونس.

الخلال أخبرنا عصمة حدثنا حنبل سمعت أحمد يقول سمعت من إبراهيم بن سعد سنة اثنتين وثمانين.

وقال عبد الله بن أحمد قال أبي شهدت إبراهيم بن سعد وجاءه رجل من مدينة أبي جعفر فقال يا أبا إسحاق حدثني فقال كيف أحدثك وهذا هاهنا؟ - يعنيني - فاستحييت فقمت.

ص: 272

وسمعت أبي يقول حدثتنا أم عمر ابنة حسان عن أبيها قال دخلت المسجد فإذا علي بن أبي طالب على المنبر وهو يقول إنما مثلي ومثل عثمان كما قال الله "ونزعنا ما في صدورهم من غل" الأعراف: 43 والحجر: 47.

الخلال أخبرنا أبو بكر بن صدقة سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي قال أتيت أحمد بن حنبل أنا وعبد الله بن سعيد الجمال وذاك في آخر سنة مئتين فقال أبو عبد الله للجمال يا أبا محمد إن أقواماً يسألوني أن أحدث فهل ترى ذاك؟ فسكت فقلت أنا أجيبك قال تكلم قلت أرى لك إن كنت تشتهي أن تحدث فلا تحدث وإن كنت تشتهي أن لا تحدث فحدث فكأنه استحسنه.

عبد الله بن أحمد سمعت نوح بن حبيب القومسي يقول رأيت أحمد بن حنبل في مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين وبن عيينة حي وهو يفتي فتوى واسعة فسلمت عليه.

قال عبد الله سمعت أبي سنة 237 يقول قد استخرت الله أن لا أحدث حديثاً على تمامه أبداً ثم قال إن الله يقول "يا أيها الذين آمنوا اوفوا بالعقود" المائدة: 1 وإني أعاهد الله أن لا أحدث بحديث على تمامه أبداً ثم قال ولا لك وإن كنت تشتهي؟ فقلت له بعد ذلك بأشهر أليس يروي عن شريك عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن بن عباس قال العهد يمين

(293)

قال نعم ثم سكت فظننت أنه سيكفر فلما كان بعد أيام قلت له في ذلك فلم ينشط للكفارة ثم لم أسمعه يحدث بحديث على تمامه.

قال المروذي سمعت أبا عبد الله في العسكر يقول لولده قال الله تعالى "أوفوا بالعقود" المائدة: 1 أتدرون ما العقود؟ إنما هو العهود وإني أعاهد الله جل وعز ثم قال والله والله والله وعلي عهد الله وميثاقه أن لا حدثت بحديث لقريب ولا لبعيد حديثاً تاماً حتى ألقى الله ثم التفت إلى ولده وقال وإن كان هذا يشتهي منه ما يشتهي ثم بلغه عن رجل من الدولة وهو بن أكثم أنه قال قد أردت أن يأمره الخليفة أن يكفر عن يمينه ويحدث فسمعت أبا عبد الله يقول لرجل من قبل صاحب الكلام لو ضربت ظهري بالسياط ما حدثت

(293)

ضعيف: فيه شريك، وابن عبد الله النَّخعي، القاضي، ضعيف لسوء حفظه، وكذا يزيد بن أبي زياد الهاشمي، ضعيف أيضًا.

ص: 273

‌من تواضعه:

الخلال حدثنا محمد بن المنذر حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال رأيت أبا عبد الله يشتري الخبز من السوق ويحمله في الزنبيل ورأيته يشتري الباقلاء غير مرة ويجعله في خرقة فيحمله آخذاً بيد عبد الله ابنه.

الخلال أخبرنا المروذي سمعت أبا عبد الله يقول أراد ذاك الذي بخراسان ومات بالثغر إن يحدث هاهنا بشي وكان يزيد بن هارون حياً فكتب إليه إن يزيد حي وإن قال لا فهو لا إلى يوم القيامة فلم يظهر شيئاً حتى مات يزيد.

الميموني قال لي أبو عبيد يا أبا الحسن قد جالست أبا يوسف ومحمداً وأحسبه ذكر يحيى بن سعيد ما هبت أحداً ما هبت أحمد بن حنبل.

‌من جهاده:

قال عبد الله بن محمود بن الفرج سمعت عبد الله بن أحمد يقول خرج أبي إلى طرسوس ورابط بها وغزا ثم قال أبي رأيت العلم بها يموت.

وعن أحمد أنه قال لرجل عليك بالثغر عليك بقزوين وكانت ثغراً.

‌باب

ابن عدي: حدثنا عبد المؤمن بن أحمد الجرجاني سمعت عمار بن رجاء سمعت أحمد بن حنبل يقول طلب إسناد العلو من السنة.

الخلال حدثنا المروذي قلت لأبي عبد الله قال لي رجل من هنا إلى بلاد الترك يدعون لك فكيف تؤدي شكر ما أنعم الله عليك وما بث لك في الناس؟ فقال أسال الله أن لا يجعلنا مرائين.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ويوسف بن أحمد قالا أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن البناء أخبرنا علي بن البسري أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا عبد الله البغوي قال سمعت أحمد بن حنبل في سنة ثمان وعشرين ومئتين في أولها وقد حدث حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

"إنه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة"

(294)

فأعدوا للبلاء صبراً فجعل يقول اللهم رضنا اللهم رضنا.

(294)

ضعيف: أخرجه أحمد (4/ 94) من طريق ابن المبارك، وابن ماجه (4035) من طريق الوليد بن =

ص: 274

أخبرنا مسلم بن علان وغيره كتابة أن أبا اليمن الكندي أخبرهم أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أبو بكر الخطيب حدثنا محمد بن فرج البزاز حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن ماسي حدثنا جعفر بن شعيب الشاشي حدثني إبراهيم بن أمية سمعت طاهر بن خلف سمعت المهتدي بالله محمد بن الواثق محمد بن يوسف الشاشي حدثني إبراهيم بن أمية سمعت طاهر بن خلف سمعت المهتدي بالله محمد بن الواثق يقول:

كان أبي إذا أراد أن يقتل أحداً أحضرنا فأتي بشيخ مخضوب مقيد فقال أبي ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه - يعني بن أبي داود - قال فأدخل الشيخ فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال لا سلم الله عليك فقال يا أمير المؤمنين بئس ما أدبك مؤدبك قال الله تعالى "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" النساء 86 فقال بن أبي داود الرجل متكلم قال له كلمه فقال يا شيخ ما تقول في القرآن؟ قال لم ينصفني ولي السؤال قال سل قال ما تقول في القرآن؟ قال مخلوق قال الشيخ هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ قال شيء لم يعلموه فقال سبحان الله شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم علمته أنت فخجل فقال أقلني قال المسألة بحالها قال نعم علموه فقال علموه ولم يدعوا الناس إليه قال نعم قال أفلا وسعك ما وسعهم قال فقام أبي فدخل مجلساً واستلقى وهو يقول شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت سبحان الله شيء علموه ولم يدعوا الناس إليه أفلا وسعك ما وسعهم ثم أمر برفع قيوده وأن يعطى أربع مئة دينار ويؤذن له في الرجوع وسقط من عينه بن أبي داود ولم يمتحن بعدها أحداً.

هذه قصة مليحة وإن كان في طريقها من يجهل ولها شاهد.

وبإسنادنا إلى الخطيب أخبرنا بن رزقويه أخبرنا أحمد بن سندي الحداد أخبرنا أحمد بن الممتنع أخبرنا صالح بن علي الهاشمي قال حضرت المهتدي بالله وجلس لينظر في أمور المظلومين فنظرت في القصص تقرأ عليه من أولها إلى آخرها فيأمر بالتوقيع فيها

= مسلم كلاهما عن ابن جابر (واسمه عبد الرحمن بن يزيد) قال: سمعت أبا عبد ربه قال سمعت معاوية يقول على هذا المنبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ما بقى من الدنيا بلاء وفتنة، وإنما مثل عمل أحدكم كمثل الوعاء، إذا طاب أعلاه، طاب أسفله، وإذا خبث أعلاه، خبث أسفله".

قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو عبد ربه الدمشقي الزاهد، قيل اسمه عبد الجبار، وقيل عبد الرحمن، وقيل قسطنطين، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة- وليس ثمَّ من تابعه. أمَّا الوليد بن مسلم فقد صرَّح بالتحديث في إسناد ابن ماجه، فأمنَّا شرَّ تدليسه وتبقى العلة التي ذكرناها وهي علة جهالة أبي عبد ربه التي يضعف بها الحديث.

ص: 275

وتحرر وتدفع إلى صاحبها فيسرني ذلك فجعلت أنظر إليه ففطن ونظر إلي فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مراراً فقال يا صالح قلت لبيك يا أمير المؤمنين ووثبت فقال في نفسك شيء تريد أن تقوله؟! قلت نعم فقال عد إلى موضعك فلما قام خلا بي وقال يا صالح تقول لي ما دار في نفسك أو أقول أنا؟ قلت يا أمير المؤمنين ما تأمر قال أقول أنه دار في نفسك أنك استحسنت ما رأيت منا فقلت أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول القرآن مخلوق فورد علي أمر عظيم ثم قلت يا نفس هل تموتين قبل أجلك فقلت ما دار في نفسي إلا ما قلت يا نفس هل تموتين قبل أجلك فقلت ما دار في نفسي إلا ما قلت فأطرق ملياً ثم قال ويحك أسمع فوالله لتسمعن الحق فسري عني فقلت يا سيدي ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رب العالمين قال ما زلت أقول إن القرآن مخلوق صدراً من أيام الواثق قلت كان صغيراً أيام الواثق والحكاية فمنكرة ثم قال حتى أقدم أحمد بن أبي دواد علينا شيخا من أذنه فأدخل على الواثق مقيدا فرأيته استحيا منه ورق له وقربه فسلم ودعا فقال يا شيخ ناظر بن أبي دواد فقال يا أمير المؤمنين نصبوا بن أبي دواد ويضعف عن المناظرة فغضب الواثق وقال أيضعف عن مناظرتك أنت؟ فقال يا أمير المؤمنين هون عليك فائذن لي في مناظرته فإن رأيت أن تحفظ علي وعليه قال أفعل فقال الشيخ يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة داخلة في عقد الدين فلا يكون الدين كاملاً حتى تقال فيه قال نعم قال فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث هل ستر شيئاً مما أمره الله به من أمر دينهم؟ قال لا قال فدعا الأمة إلى مقالتك هذه فسكت فالتفت الشيخ إلى الواثق وقال يا أمير المؤمنين واحدة قال نعم فقال الشيخ فأخبرني عن الله حين قال "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" المائدة 3 هل كان الصادق في إكمال دينه أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال بمقالتك هذه؟ فسكت فقال أجب فلم يجب فقال يا أمير المؤمنين اثنتان ثم قال يا أحمد أخبرني عن مقالتك أعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ قال علمها قال فدعا الناس إليها فسكت فقال يا أمير المؤمنين ثلاث ثم قال يا أحمد فاتسع لرسول الله إن يعلمها وأمسك عنها كما زعمت ولم يطالب أمته بها قال نعم واتسع ذلك لأبي بكر وعمر؟ قال نعم فأعرض الشيخ وقال يا أمير المؤمنين قد قدمت أنه يضعف عن المناظرة إن لم يتسع لنا الإمساك عنها فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع لهم.

فقال الواثق نعم اقطعوا قيد الشيخ فلما قطع ضرب بيده إلى القيد ليأخذه فجاذبه الحداد عليه فقال الواثق لم أخذته؟ قال لأني نويت أن أوصي أن يجعل في كفني حتى

ص: 276

أخاصم به هذا الظالم غداً وبكى فبكى الواثق وبكينا ثم سأله الواثق أن يجعله في حل فقال لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكونك من أهله فقال له أقم قبلنا فننتفع بك وتنتفع بنا قال إن ردك إياي إلى موضعي أنفع لك أصير إلى أهلي وولدي فأكف دعاءهم عليك فقد خلفتهم على ذلك قال فتقبل منا صلة؟ قال لا تحل لي أنا عنها غني.

قال المهتدي فرجعت عن هذه المقالة وأظن أن أبي رجع عنها منذ ذلك الوقت.

قال أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ هذا الأذني هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي.

قال إبراهيم نفطويه حدثني حامد بن العباس عن رجل عن المهتدي أن الواثق مات وقد تاب عن القول بخلق القرآن.

فصل: عن الحسين بن إسماعيل عن أبيه قال كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون نحو خمس مئة يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت.

ابن بطة سمع النجاد يقول سمعت أبا بكر بن المطوعي يقول اختلفت إلى أبي عبد الله ثنتي عشرة سنة وهو يقرأ المسند على أولاده فما كتبت عنه حديثاً واحداً إنما كنت أنظر إلى هديه وأخلاقه.

قال حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي يقال لم يكن أحد من الصحابة أشبه هدياً وسمتاً ودلاً من بن مسعود بالنبي صلىالله علية وسلم وكان أشبه الناس به علقمة وكان أشبه الناس بعلقمة إبراهيم وكان أشبههم بإبراهيم منصور بن المعتمر وأشبه الناس به سفيان الثوري وأشبه الناس به وكيع وأشبه الناس بوكيع فيما قاله محمد بن يونس الجمال أحمد بن حنبل.

عبد الله بن محمد الوراق كنت في مجلس أحمد بن حنبل فقال من أين أقبلتم؟ قلنا من مجلس أبي كريب فقال اكتبوا عنه فإنه شيخ صالح فقلنا إنه يطعن عليك قال فأي شيء حيلتي شيخ صالح قد بلي بي.

قال عبد الله بن أحمد سمعت أبي سئل لم لم تسمع من إبراهيم بن سعد كثيراً وقد نزل في جوارك بدار عمارة؟ فقال حضرنا مجلسه مرة فحدثنا فلما كان المجلس الثاني رأى شباباً تقدموا بين يدي الشيوخ فغضب وقال والله لا حدثت سنة فمات ولم يحدث.

ص: 277

الخلال أخبرني محمد بن الحسين أخبرنا المروذي قال قال جارنا فلان دخلت على إسحاق بن إبراهيم الأمير وفلان وفلان ذكر سلاطين ما رأيت أهيب من أحمد بن حنبل صرت إليه أكلمه في شيء فوقعت علي الرعدة من هيبته ثم قال المروذي ولقد طرقه الكلبي - صاحب خبر السر - ليلاً فمن هيبته لم يقرعوا ودقوا باب عمه.

وعن الميموني قال ما رأيت أنقى ثوباً ولا أشد بياضاً من أحمد.

ابن المنادي عن جده أبي جعفر قال كان أحمد من أحيى الناس وأكرمهم وأحسنهم عشرة وأدبا كثير الإطراق لا يسمع منه إلا المذاكرة للحديث وذكر الصالحين في وقار وسكون ولفظ حسن وإذا لقيه إنسان بش به وأقبل عليه وكان يتواضع للشيوخ شديداً وكانوا يعظمونه وكان يفعل بيحيى بن معين ما لم أره يعمل بغيره من التواضع والتكريم والتبجيل كان يحيى أكبر منه بسبع سنين.

الخطبي حدثنا عبد الله بن أحمد قال كان أبي إذا أتى البيت من المسجد ضرب برجله حتى يسمعوا صوت نعله وربما تنحنح ليعلموا به.

الخلال حدثنا محمد بن علي حدثنا مهنى قال رأيت أبا عبد الله مرات يقبل وجهه ورأسه ولا يقول شيئاً ولا يمتنع ورأيت سليمان بن داود الهاشمي يقبل رأسه وجبهته لا يمتنع من ذلك ولا يكرهه.

وقال عبدوس العطار وجهت بابني مع الجارية يسلم على أبي عبد الله فرحب به وأجلسه في حجره وساءله واتخذ له خبيصاً وقال للجارية كلي معه وجعل يبسطه.

وقال الميموني كان أبو عبد الله حسن الخلق دائم البشر ويحتمل الأذى من الجار.

علوان بن الحسين سمعت عبد الله بن أحمد قال سئل أبي لم لا تصحب الناس؟ قال لوحشة الفراق.

ابن بطة حدثنا محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم الحربي سمعت أحمد بن حنبل يقول لأحمد الوكيعي يا أبا عبد الرحمن إني لأحبك حدثنا يحيى عن ثور عن حبيب بن عبيد عن المقدام قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه"

(295)

.

(295)

صحيح: أخرجه أحمد (4/ 130)، والبخاري في "الأدب المفرد"(542)، وأبو داود (5124)، والترمذي (2393)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(206)، وابن السنى (196)، والحاكم (4/ 171)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 99) من طرق عن يحيى القطان، حدثنا ثور بن يزيد، به.

ص: 278

ابن بطة حدثنا جعفر بن محمد القافلاني حدثنا إسحاق بن هانئ قال كنا عند أحمد بن حنبل في منزله ومعه المروذي ومهنى فدق داق الباب وقال آلمروذي ها هنا؟ فكأن المروذي كره أن يعلم موضعه فوضع مهنى أصبعه في راحته وقال ليس المروذي ها هنا وما يصنع المروذي ها هنا؟ فضحك أحمد ولم ينكر.

في معيشته: قال بن الجوزي خلف له أبوه طرزاً وداراً يسكنها فكان يكري تلك الطرز ويتعفف بها.

قال بن المنادي حدثنا جدي قال لي أحمد بن حنبل أنا أذرع هذه الدار وأخرج الزكاة عنها في كل سنة أذهب إلى قول عمر في أرض السواد.

قال المروذي سمعت أبا عبد الله يقول الغلة ما يكون قوتنا وإنما أذهب فيه إلى أن لنا فيه شيئاً فقلت له قال رجل لو ترك أبو عبد الله الغلة وكان يصنع له صديق له كان أعجب إلي فقال هذه طعمة سوء ومن تعود هذا لم يصبر عنه ثم قال هذا أعجب إلي من غيره يعني الغلة وأنت تعلم أنها لا تقيمنا وإنما أخذها على الاضطرار.

قال بن الجوزي ربما احتاج أحمد فخرج إلى اللقاط.

قال الخلال حدثني محمد بن الحسين حدثنا المروذي قال حدثني أبو جعفر الطرسوسي قال حدثني الذي نزل عليه أبو عبد الله قال لما نزل علي خرج إلى اللقاط فجاء وقد لقط شيئاً يسيراً فقلت له قد أكلت أكثر مما لقطت فقال رأيت أمراً استحييت منه رأيتهم يلتقطون فيقوم الرجل على أربع وكنت أزحف.

أحمد بن محمد بن عبد الخالق حدثنا المروذي قال أبو عبد الله خرجت إلى الثغر على قدمي فالتقطت لو قد رأيت قوماً يفسدون مزارع الناس قال وكنا نخرج إلى اللقاط.

قلت وربما نسخ بأجرة وربما عمل التكك وأجر نفسه لجمال رحمة الله عليه.

فصل: قال إبراهيم الحربي سئل أحمد عن المسلم يقول للنصراني أكرمك الله قال نعم ينوي بها الإسلام.

ص: 279

وقيل سئل أحمد عن رجل نذر أن يطوف على أربع فقال يطوف طوافين ولا يطف على أربع.

قال بن عقيل من عجيب ما سمعته عن هؤلاء الأحداث الجهال أنهم يقولون أحمد ليس بفقيه لكنه محدث قال وهذا غاية الجهل لأن له اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم وربما زاد على كبارهم.

قلت أحسبهم يظنونه كان محدثاً وبس

(296)

بل يتخيلونه من بابة محدثي زماننا ووالله لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث ومالك والشافعي وأبي يوسف وفي الزهد والورع رتبة الفضل وإبراهيم بن أدهم وفي الحفظ رتبة شعبة ويحيى القطان وبن المديني ولكن الجاهل لا يعلم رتبة نفسه فكيف يعرف رتبة غيره؟!!

*حكاية موضوعة:

لم يستحي بن الجوزي من إيرادها فقال أخبرنا بن ناصر أخبرنا بن الطيوري أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسين أخبرنا القاضي همام بن محمد الأُبُلي حدثنا أحمد بن علي بن حسين الخطيب حدثنا الحسين بن بكر الوراق أخبرنا أبو الطيب محمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد قال لما أطلق أبي من المحنة خشي أن يجيء إليه إسحاق بن راهويه فرحل ليه فلما بلغ الري دخل مسجداً فجاء مطر كأفواه القرب فقالوا له اخرج من المسجد لنغلقه فأبى فقالوا اخرج أو تجر برجلك فقلت سلاماً فخرجت والمطر والرعد ولا أدري أين أضع رجلي فإذا رجل قد خرج من داره فقال يا هذا أين تمر؟ فقلت لا أدري قال فأدخلني إلى بيت فيه كانون فحم ولبود ومائدة فأكلت فقال من أنت؟ قلت من بغداد قال تعرف أحمد بن حنبل؟ فقلت أنا هو فقال وأنا إسحاق بن راهويه.

سعيد بن عمرو البرذعي سمعت أبا زرعة يقول كان أحمد لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار ولا يحيى بن معين ولا أحد ممن امتحن فأجاب.

أبو عوانة سمعت الميموني يقول صح عندي أن أحمد لم يحضر أبا نصر التمار لما مات فحسبت أن ذلك لإجابته في المحنة.

(296)

بَسْ: أي كفى وحَسب. وهي فارسية كما قال ابن منظور في "لسان العرب".

ص: 280

وعن حجاج بن الشاعر سمع أحمد يقول لو حدثت عن أحد ممن أجاب لحدثت عن أبي معمر وأبي كريب.

قلت لأن أبا معمر الهذلي ندم ومقت نفسه والآخر أجروا له دينارين بعد الإجابة فردهما مع فقره.

الصولي حدثنا الحسين بن قهم حدثنا أبي قال بن أبي داود للمعتصم يا أمير المؤمنين هذا يزعم - يعني أحمد أن الله يرى في الآخرة والعين لا تقع إلا على محدود فقال ما عندك في هذا؟ قال عندي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى حديث جرير "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر"

(297)

فقال لأحمد بن أبي داود ما عندك؟ فقال أنظر في إسناده وانصرف ووجه إلى بن المديني وهو ببغداد مملق فأحضره ووصله بعشرة آلاف درهم وقال يا أبا الحسن حديث جرير في الرؤية وذكر قصة.

أحمد بن علي الأبار حدثنا يحيى بن عثمان الحربي سمعت بشر بن الحارث يقول وددت أن رؤوسهم خضبت بدمائهم وأنهم لم يجيبوا.

نقل أبو علي بن البناء عن شيخ عن آخر أن هذه الأبيات لأحمد في علي:

يا بن المديني الذي عرضت له

دنيا فجاد بدينه لينالها

ماذا دعاك إلى انتحال مقالة

قد كنت تزعم كافراً من قالها

أمر بدا لك رشده فتبعته

أم زهرة الدنيا أردت نوالها

ولقد عهدتك مرة متشدداً

صعب المقالة للتي تدعى لها

إن المرزى من يصاب بدينه

لا من يرزى ناقة وفصالها

ابن مخلد العطار حدثنا عمر بن سليمان المؤدب قال صليت مع أحمد بن حنبل التراويح وكان يصلي بدار عمه فلما أوتر رفع يديه إلى ثدييه وما سمعنا من دعائه شيئاً وكان في المسجد سراج على الدرجة لم يكن فيه قناديل ولا حصير ولا خلوق.

قال صالح بن أحمد قلت لأبي بلغني إن أحمد الدورقي أعطي ألف دينار فقال يا بني "ورزق ربك خير وأبقى" طه: 131، وذكرت له بن أبي شيبة وعبد الأعلى النرسي ومن قدم به إلى. المعسكر من المحدثين فقال إنما كان أياماً قلائل ثم تلاحقوا وما تحلوا منها بكبير شيء

(297)

صحيح: تقدَّم تخريجنا له.

ص: 281

قال صالح قال لي أبي كانت أمك في الغلاء تغزل غزلاً دقيقاً فتبيع الأستار بدرهمين أو نحوه فكان ذلك قوتنا.

قال صالح كنا ربما اشترينا الشيء فنستره منه لئلا يوبخنا عليه.

الخلال أخبرنا المروذي قال رأيت أحمد بن عيسى المصري ومعه قوم من المحدثين دخلوا على أبي عبد الله بالعسكر فقال له أحمد يا أبا عبد الله ما هذا الغم؟ الإسلام حنيفية سمحة وبيت واسع فنظر إليهم وكان مضطجعاً فلما خرجوا قال ما أريد أن يدخل علي هؤلاء.

الخلال أخبرنا محمد بن علي السمسار حدثني إسحاق بن هانئ قال لي أبو عبد الله بكر حتى نعارض بشيء من الزهد فبكرت إليه وقلت لأم ولده أعطيني حصيراً ومخدة وبسطت في الدهليز فخرج أبو عبد الله ومعه الكتب والمحبرة فقال ما هذا؟ فقلت لنجلس عليه فقال ارفعه الزهد لا يحسن إلا بالزهد فرفعته وجلس على التراب.

قال وأخبرني يوسف بن الضحاك حدثني بن جبلة قال كنت على باب أحمد بن حنبل والباب مجاف وأم ولده تكلمه وتقول أنا معك في ضيق وأهل صالح يأكلون ويفعلون وهو يقول قولي خيراً وخرج الصبي معه فبكى فقال ما تريد؟ قال زبيب قال اذهب خذ من البقال بحبة.

وقال الميموني كان منزل أبي عبد الله ضيقاً صغيراً وينام في الحر في أسفله.

وقال لي عمه ربما قلت له فلا يفعل ينام فوق وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة وبرذعة قد غلب عليها الوسخ.

الخلال أخبرني حامد بن أحمد سمعت الحسن بن محمد بن الحارث يقول دخلت دار أحمد فرأيت في بهوه حصيراً خلقاً ومخدة وكتبه مطروحة حواليه وحب خزف وقيل كان على بابه مسح من شعر.

الخلال أخبرنا المروذي عن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري قال لي الأمير إذا حل إفطار أبي عبد الله فأرنيه قال فجاؤوا برغيفين خبز وخبازة فأريته الأمير فقال هذا لا يجيبنا إذا كان هذا يعفه.

قال المروذي قال أبو عبد الله في أيام عيد اشتروا لنا أمس باقلى فأي شيء كان به من الجودة وسمعته يقول وجدت البرد في أطرافي ما أراه إلا من إدامي الملح والخل.

ص: 282

قال أحمد بن محمد بن مسروق قال لي عبد الله بن أحمد دخل علي أبي يعودني في مرضي فقلت يا أبة عندنا شيء مما كان يبرنا به المتوكل أفأحج منه؟ قال نعم قلت فإذا كان هذا عندك هكذا فلم لا تأخذ منه؟ قال نعم ليس هو عندي حرام ولكن تنزهت عنه رواه الخلدي عنه.

أنبأنا بن علان أخبرنا أبو اليمن أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا الضبي سمعت أحمد بن إسحاق الضبعي سمعت إبراهيم بن إسحاق السراج يقول قال أحمد بن حنبل يوماً يبلغني أن الحارث هذا - يعني المحاسبي - يكثر الكون عندك فلو أحضرته وأجلستني من حيث لا يراني فأسمع كلامه قلت السمع والطاعة وسرني هذا الابتداء من أبي عبد الله فقصدت الحارث وسألته أن يحضر وقلت تسأل أصحابك أن يحضروا فقال يا إسماعيل فيهم كثرة فلا تزدهم على الكسب والتمر وأكثر منهما ما استطعت ففعلت ما أمرني وأعلمت أبا عبد الله فحضر بعد المغرب وصعد غرفة واجتهد في ورده وحضر الحارث وأصحابه فأكلوا ثم قاموا إلى الصلاة ولم يصلوا بعدها وقعدوا بين يدي الحارث وهم سكوت إلى قريب من نصف الليل وابتدأ واحد منهم وسأل عن مسألة فأخذ الحارث في الكلام وهم يسمعون وكأن على رؤوسهم الطير فمنهم من يبكي ومنهم من يزعق فصعدت لأتعرف حال أبي عبد الله وهو متغير الحال فقلت كيف رأيت؟ قال ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا وعلى ما وصفت فلا أرى لك صحبتهم ثم قام وخرج.

قال السلمي سمعت أبا القاسم النصراباذي يقول بلغني أن الحارث تكلم في شيء من الكلام فهجره أحمد فاختفى في دار مات فيها ولم يصل عليه إلا أربعة أنفس.

فصل: قال بن الجوزي كان الإمام لا يرى وضع الكتب وينهي عن كتبة كلامه ومسائله ولو رأى ذلك لكانت له تصانيف كثيرة وصنف المسند وهو ثلاثون ألف حديث وكان يقول لابنه عبد الله احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً والتفسير وهو مئة وعشرون ألفاً والناسخ والمنسوخ والتاريخ وحديث شعبة والمقدم والمؤخر في القرآن وجوابات القرآن والمناسك الكبير والصغير وأشياء أخر.

قلت وكتاب الإيمان وكتاب الأشربة ورأيت له ورقة من كتاب الفرائض

ص: 283

فتفسيره المذكور شيء لا وجود له ولو وجد لاجتهد الفضلاء في تحصيله ولاشتهر ثم لو ألف تفسيراً لما كان يكون أزيد من عشرة آلاف أثر ولاقتضى أن يكون في خمس مجلدات فهذا تفسير بن جرير الذي جمع فيه فأوعى لا يبلغ عشرين ألفاً وما ذكر تفسير أحمد أحد سوى أبي الحسين بن المنادي فقال في تاريخه لم يكن أحد أروى في الدنيا عن أبيه من عبد الله بن أحمد لأنه سمع منه المسند وهو ثلاثون ألفاً والتفسير وهو مئة وعشرون ألفاً سمع ثلثيه والباقي وجادة.

ابن السماك حدثنا حنبل قال جمعنا أحمد بن حنبل أنا وصالح وعبد الله وقرأ علينا المسند ما سمعه غيرنا وقال هذا الكتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبع مئة ألف وخمسين ألفاً فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة.

قلت في الصحيحين أحاديث قليلة ليست في المسند لكن قد يقال لا ترد على قوله فإن المسلمين ما اختلفوا فيها ثم ما يلزم من هذا القول أن ما وجد فيه أن يكون حجة ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها ولا يجب الاحتجاج بها وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ولكنها قطرة في بحر وفي غضون المسند زيادات جمة لعبد الله بن أحمد.

قال بن الجوزي وله - يعني أبا عبد الله - من المصنفات كتاب نفي التشبيه مجلدة وكتاب الإمامة مجلدة صغيرة وكتاب الرد على الزنادقة ثلاثة أجزاء وكتاب الزهد مجلدة كبير وكتاب الرسالة في الصلاة - قلت هو موضوع على الإمام - قال وكتاب فضائل الصحابة مجلدة.

قلت فيه زيادات لعبد الله ابنه ولأبي بكر القطيعي صاحبه.

وقد دون عنه كبار تلامذته مسائل وافرة في عدة مجلدات كالمروذي والأثرم وحرب وبن هانئ والكوسج وأبي طالب وفوران وبدر المغازلي وأبي يحيى الناقد ويوسف بن موسى الحربي وعبدوس العطار ومحمد بن موسى بن مشيش ويعقوب بن بختان ومهنى الشامي وصالح بن أحمد وأخيه وبن عمهما حنبل وأبي الحارث أحمد بن محمد الصائغ والفضل بن زياد وأبي الحسن الميموني والحسن بن ثواب وأبي السجستاني وهارون الحمال والقاضي أحمد بن محمد البرتي وأيوب بن إسحاق بن سافري وهارون المستملي وبشر بن موسى وأحمد بن القاسم صاحب أبي عبيد ويعقوب

ص: 284

بن العباس الهاشمي وحبيش بن سندي وأبي الصقر يحيى بن يزداد الوراق وأبي جعفر محمد بن يحيى الكحال ومحمد بن حبيب البزاز ومحمد بن موسى النهرتيري ومحمد بن أحمد بن واصل المقرئ وأحمد بن أصرم المزني وعبدوس الحربي قديم عنده عن أحمد نحو من عشرة آلاف مسألة لم يحدث بها وإبراهيم الحربي وأبي جعفر محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا وجعفر بن محمد بن الهذيل الكوفي وكان يشبهونه في الجلالة بمحمد بن عبد الله بن نمير وأبي شيبة إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله مطين وجعفر بن أحمد الواسطي والحسن بن علي الإسكافي والحسن بن علي بن بحر بن بري القطان والحسين بن إسحاق التستري والحسن بن محمد بن الحارث السجستاني - قال الخلال يقرب من أبي داود في المعرفة وبصر الحديث والتفقه - وإسماعيل بن عمر السجزي الحافظ وأحمد بن الفرات الرازي الحافظ وخلق سوى هؤلاء سماهم الخلال في أصحاب أبي عبد الله نقلوا المسائل الكثيرة والقليلة.

وجمع أبو بكر الخلال سائر ما عند هؤلاء من أقوال أحمد وفتاويه وكلامه في العلل والرجال والسنة والفروع حتى حصل عنده من ذلك مالا يوصف كثرة ورحل إلى النواحي في تحصيله وكتب عن نحو من مئة نفس من أصحاب الإمام ثم كتب كثيراً من ذلك عن أصحاب أصحابه وبعضه عن رجل عن آخر عن الإمام أحمد ثم أخذ في ترتيب ذلك وتهذيبه وتبويبه وعمل كتاب العلم وكتاب العلل وكتاب السنة كل واحد من الثلاثة في ثلاث مجلدات.

ويروي في غضون ذلك من الأحاديث العالية عنده عن أقران أحمد من أصحاب بن عيينة ووكيع وبقية ما يشهد له بالإمامة والتقدم وألف كتاب الجامع في بضعة عشر مجلدة أو أكثر وقد قال في كتاب أخلاق أحمد بن حنبل لم يكن أحد علمت عني بمسائل أبي عبد الله قط ما عنيت بها أنا وكذلك كان أبو بكر المروذي رحمه الله يقول لي إنه لم يعن أحد بمسائل أبي عبد الله ما عنيت بها أنت إلا رجل بمهدان يقال له متويه واسمه محمد بن أبي عبد الله جمع سبعين جزءاً كباراً ومولد الخلال كان في حياة الإمام أحمد يمكن أن يكون رآه وهو صبي.

زوجاته وآله: قال زهير بن صالح تزوج جدي بأم أبي عباسة فلم يولد له منها سوى أبي ثم توفيت ثم تزوج بعدها ريحانة امرأة من العرب فما ولدت له سوى عمي عبد الله.

ص: 285

قال الخلال سمعت المروذي سمعت أبا عبد الله ذكر أهله فترحم عليها وقال مكثنا عشرين سنة ما اختلفنا في كلمة وما علمنا أحمد تزوج ثالثة.

قال يعقوب بن بختان أمرنا أبو عبد الله أن نشتري له جارية فمضيت أنا وفوران فتبعني أبو عبد الله وقال يا أبا يوسف يكون لها لحم.

وقال زهير لما توفيت أم عبد الله اشترى جدي حسن فولدت له أم علي زينب والحسن والحسين توأماً وماتا بالقرب من ولادتهما ثم ولدت الحسن ومحمداً فعاشا نحو الأربعين ثم ولدت بعدهما سعيداً.

قال الخلال حدثنا محمد بن علي بن بحر قال سمعت حسن أم ولد أبي عبد الله تقول قلت لمولاي اصرف فرد خلخالي قال وتطيب نفسك؟ قلت نعم فبيع بثمانية دنانير ونصف وفرقها وقت حملي فلما ولدت حسناً أعطى مولاتي كرامة درهماً فقال اشتري بهذا رأساً فجاءت به فأكلنا فقال يا حسن ما أملك غير هذا الدرهم قالت وكان إذا لم يكن عنده شيء فرح يومه.

وقال يوماً أريد احتجم وما معه شيء فبعت نصيفاً من غزل بأربعة دراهم فاشتريت لحماً بنصف وأعطى الحجام درهماً قالت واشتريت طيباً بدرهم.

ولما خرج إلى سر من رأى كنت قد غزلت غزلاً ليناً وعملت ثوباً حسناً فلما قدم أخرجته إليه وكنت قد أعطيت كراءه خمسة عشر درهماً من الغلة فلما نظر إليه قال ما أريده قلت يا مولاي عندي غير هذا فدفعت الثوب إلى فوران فباعه باثنين وأربعين درهماً وغزلت ثوباً كبيراً فقال لا تقطعيه دعيه فكان كفنه.

وكان أسن بني أحمد بن حنبل صالح فولي قضاء أصبهان ومات بها سنة خمس وستين ومئتين عن نيف وستين سنة.

يروي عن أبي وليد الطيالسي والكبار.

وخلف ابنين أحدهما زهير بن صالح محدث ثقة مات سنة ثلاث وثلاث مئة والآخر أحمد بن صالح لا أعلم متى توفي يروي عنه ولده محمد بن أحمد بن صالح فمات محمد هذا سنة ثلاثين وثلاث مئة كهلاً.

وأما الولد الثاني فهو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد راوية أبيه من كبار الأئمة مات سنة تسعين ومئتين عن سبع وسبعين سنة وله ترجمة أفردتها.

ص: 286

والولد الثالث سعيد بن أحمد فهذا ولد لأحمد قبل موته بخمسين يوماً فكبر وتفقه ومات قبل أخيه عبد الله.

وأما حسن ومحمد وزينب فلم يبلغنا شيء من أحوالهم وانقطع عقب أبي عبد الله فيما نعلم.

وصية أحمد: عن أبي بكر المروذي قال نبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل فإذا هو قاعد فقال هو ذا يدار بي من الجوع فأطعمني شيئاً فجئته بأقل من رغيف فأكله وكان يقوم إلى الحاجة فيستريح ويقعد من ضعفه حتى إن كنت لأبل الخرقة فيلقيها على وجهه لترجع إليه نفسه بحيث إنه أوصى فسمعته يقول عند وصيته ونحن بالعسكر وأشهد على وصيته: هذا ما أوصى به أحمد بن محمد أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.

وقال عبد الله بن أحمد مكث أبي بالعسكر ستة عشر يوماً ورأيت مآقيه دخلتا في حدقتيه.

وقال صالح فأوصى أبي هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل فذكر الوصية وقد مرت.

مرضه: قال عبد الله سمعت أبي يقول استكملت سبعاً وسبعين سنة ودخلت في ثمان فحم من ليلته ومات اليوم العاشر.

وقال صالح لما كان أول ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومئتين حم أبي ليلة الأربعاء وبات وهو محموم يتنفس تنفساً شديداً وكنت قد عرفت علته وكنت أمرضه إذا اعتل فقلت له يا أبة على ما أفطرت البارحة؟ قال على ماء باقلى ثم أراد القيام فقال خذ بيدي فأخذت بيده فلما صار إلى الخلاء ضعف وتوكأ علي وكان يختلف إليه غير متطبب كلهم مسلمون فوصف له متطبب قرعة تشوى ويسقى ماءها - وهذا كان يوم الثلاثاء فمات يوم الجمعة - فقال يا صالح قلت لبيك قال لا تشوى في منزلك ولا في منزل أخيك وصار الفتح بن سهل إلى الباب ليعوده فحجبته وأتى بن علي بن الجعد فحبسته وكثر الناس فقال فما ترى؟ قلت تأذن لهم فيدعون لك.

ص: 287

قال أستخير الله فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً حتى تمتلئ الدار فيسألونه ويدعون له ويخرجون ويدخل فوج وكثر الناس وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق.

وجاء جار لنا قد خضب فقال أبي إني لأرى الرجل يحيي شيئاً من السنة فأفرح به.

فقال لي وجه فاشتر تمراً وكفر عني كفارة يمين قال فبقي في خريقته نحو ثلاثة دراهم فأخبرته فقال الحمد لله وقال اقرأ علي الوصية فقرأتها فأقرها.

وكنت أنام إلى جنبه فإذا أراد حاجة حركني فأناوله وجعل يحرك لسانه ولم يئن إلا في الليلة التي توفي فيها ولم يزل يصلي قائماً أمسكه فيركع ويسجد وأرفعه في ركوعه.

قال واجتمعت عليه أوجاع الحصر وغير ذلك ولم يزل عقله ثابتاً فلما كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول لساعتين من النهار توفي.

وقال المروذي مرض أحمد تسعة أيام وكان ربما أذن للناس فيدخلون عليه أفواجاً يسلمون ويرد بيده وتسامع الناس وكثروا.

وسمع السلطان بكثرة الناس فوكل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطة وأصحاب الأخبار ثم أغلق باب الزقاق فكان الناس في الشوارع والمساجد حتى تعطل بعض الباعة وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه ربما دخل من بعض الدور وطرز الحاكة وربما تسلق وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب.

وجاءه حاجب بن طاهر فقال إن الأمير يقرئك السلام وهو يشتهي أن يراك فقال هذا مما أكره وأمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره.

قال وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العسكر والبرد تختلف كل يوم وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه وجاء قوم من القضاة وغيرهم فلم يؤذن لهم ودخل عليه شيخ فقال اذكر وقوفك بين يدي الله فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه.

فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين قال ادعوا لي الصبيان بلسان ثقيل قال فجعلوا ينضمون إليه وجعل يشمهم ويمسح رؤوسهم وعينه تدمع وأدخلت تحته الطست فرأيت بوله دماً عبيطاً فقلت للطبيب فقال هذا رجل قد فتت الحزن والغم جوفه.

واشتدت علته يوم الخميس ووضأته فقال خلل الأصابع فلما كانت ليلة الجمعة ثقل وقبض صدر النهار فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت وامتلأت السكك والشوارع.

ص: 288

الخلال أخبرني عصمة بن عصام حدثنا حنبل قال أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث شعرات فقال هذه من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فأوصى أبو عبد الله عند موته أن يجعل على كل عين شعرة وشعرة على لسانه ففعل ذلك به عند موته.

وقال عبد الله بن أحمد ومطين وغيرهما مات لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول يوم الجمعة وقال ذلك البخاري وعباس الدوري فقد غلط بن قانع حيث يقول ربيع الآخر.

الخلال حدثنا المروذي قال أخرجت الجنازة بعد منصرف الناس من الجمعة.

أحمد في مسنده حدثنا أبو عامر حدثنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر"

(298)

.

(298)

حسن لغيره: أخرجه أحمد (2/ 169)، والترمذي (1074) من طريق هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو، به.

قلت: إسناده ضعيف، ربيعة بن سيف لم يسمع من عبد الله بن عمرو، كما أن ربيعة بن سعد، وهشام بن سعد ضعيفان.

وأخرجه أحمد (2/ 176 و 220) من طريقة بقية، عن معاوية بن سعيد التجيبي سمعت أبا قبيل المصري يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: إسناده حسن، فقد صرَّح بقية بالتحديث في الموضع الثاني، ومعاوية بن سعيد بن شريح، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروي عنه جمع. وأبو قبيل: هو حيى بن هانئ، صدوق يهم.

وله شاهد من حديث أنس: أخرجه أبو يعلى (4113)، ومن طريقه ابن عدي في "الكامل"(7/ 93)، وإسناده ضعيف، فيه واقد بن سلامة، ويزيد الرقاشي، وهما ضعيفان.

وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(3/ 155)، وقال غريب من حديث جابر ومحمد بن المنكدر، تفرد به عمر بن موسى، وهو مدني، فيه لين.

قلت: قال أبو حاتم: ذاهب الحديث، كان يضع الحديث. وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال ابن عدي: هو ممن يضع الحديث سندًا ومتنًا.

وله شاهد ثالث ضعيف أيضًا من حديث الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم: عند عبد الرزاق (5595). وإسناده ضعيف لإعضاله، وفيه راو مبهم، وعلة ثالثة-: عنعنة ابن جريح، وهو مدلس. فتلك ثلاث علل في هذا الإسناد. لكن الحديث يرتقى لمرتبة الحسن على أقل الأحوال بمجموع طرقه والله -تعالى- أعلى وأعلم.

ص: 289

قال صالح بن أحمد وجه بن طاهر - يعني نائب بغداد - بحاجبه مظفر ومعه غلامان معهما مناديل فيها ثياب وطيب فقالوا الأمير يقرئك السلام ويقول قد فعلت ما لو كان أمير المؤمنين حاضره كان يفعله فقلت أقرئ الأمير السلام وقل له إن أمير المؤمنين قد أعفى أبا عبد الله في حياته مما يكره ولا أحب أن أتبعه بعد موته بما كان يكرهه فعاد وقال يكون شعاره فأعدت عليه مثل قولي وقد كان غزلت له الجارية ثوباً عشارياً قوم بثمانية وعشرين درهماً ليقطع منه قميصين فقطعنا له لفافتين وأخذنا من فوران لفافة أخرى فأدرجناه في ثلاث لفائف واشترينا له حنوطاً وفرغ من غسله وكفناه وحضر نحو مئة من بني هاشم ونحن نكفنه وجعلوا يقبلون جبهته حتى رفعناه على السرير.

قال عبد الله صلى علي أبي محمد بن عبد الله بن طاهر غلبنا على الصلاة عليه وقد كنا صلينا عليه نحن والهاشميون في الدار.

وقال صالح وجه بن طاهر إلي من يصلي على أبي عبد الله؟ قلت أنا فلما صرنا إلى الصحراء إذا بابن طاهر واقف فخطا إلينا خطوات وعزانا ووضع السرير فلما انتظرت هنية تقدمت وجعلنا نسوي الصفوف فجاءني بن طاهر فقبض هذا على يدي ومحمد بن نصر على يدي وقالوا الأمير فمانعتهم فنحياني وصلى هو ولم يعلم الناس بذلك فلما كان في الغد علموا فجعلوا يجيؤون ويصلون على القبر ومكث الناس ما شاء الله يأتون فيصلون على القبر.

قال عبيد الله بن يحيى بن خاقان سمعت المتوكل يقول لمحمد بن عبد الله طوبى لك يا محمد صليت على أحمد بن حنبل رحمة الله عليه.

قال الخلال سمعت عبد الوهاب الوراق يقول ما بلغنا أن جمعاً في الجاهلية ولا الإسلام مثله - يعني من شهد الجنازة - حتى بلغنا أن الموضع مسح وحزر على الصحيح فإذا هو نحو من ألف ألف وحزرنا على القبور نحواً من ستين ألف امرأة وفتح الناس أبواب المنازل في الشوارع والدروب ينادون من أراد الوضوء.

وروى عبد الله بن إسحاق الخراساني أخبرنا بنان بن أحمد القصباني أنه حضر جنازة أحمد فكانت الصفوف من الميدان إلى القنطرة باب القطعية وحزر من حضرها من الرجال بثمان مئة ألف ومن النساء بستين ألف امرأة ونظروا فيمن صلى العصر يومئذ في مسجد الرصافة فكانوا نيفاً وعشرين ألفاً.

قال موسى بن هارون الحافظ يقال إن أحمد لما مات مسحت الأمكنة المبسوطة التي

ص: 290

وقف الناس للصلاة عليها فحزر مقادير الناس بالمساحة على التقدير ست مئة ألف أو أكثر سوى ما كان في الأطرف والحوالي والسطوح والمواضع المتفرقة أكثر من ألف ألف.

قال جعفر بن محمد بن الحسين النيسابوري حدثني فتح بن الحجاج قال سمعت في دار بن طاهر الأمير أن الأمير بعث عشرين رجلاً فحزروا كم صلى على أحمد بن حنبل فحزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفاً سوى من كان في السفن رواها خشنام بن سعد فقال بلغوا ألف ألف وثلاث مئة ألف.

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول بلغني أن المتوكل أمر أن يمسح الموضع الذي وقف عليه الناس حيث صلي على أحمد فبلغ مقام ألفي ألف وخمسة مئة ألف.

وقال أبو بكر البيهقي بلغني عن أبي القاسم البغوي أن بن طاهر أمر أن يحزر الخلق الذين في جنازة أحمد فاتفقوا على سبع مئة ألف نفس.

قال أبو همام السكوني حضرت جنازة شريك وجنازة أبي بكر بن عياش ورأيت حضور الناس فما رأيت جمعاً قط مثل هذا يعني جنازة أبي عبد الله.

قال السلمي حضرت جنازة أبي الفتح القواس مع الدارقطني فلما نظر إلى الجمع قال سمعت أبا سهل بن زياد يقول سمعت عبد الله بن أحمد يقول سمعت أبي يقول قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز.

قال صالح ودخل على أبي مجاهد بن موسى فقال يا أبا عبد الله قد جاءتك البشرى هذا الخلق يشهدون لك ما تبالي لو وردت على الله الساعة وجعل يقبل يده ويبكي ويقول أوصني يا أبا عبد الله فأشار إلى لسانه ودخل سوار القاضي فجعل يبشره ويخبره بالرخص.

وذكر عن معتمر أن أباه قال له عند موته حدثني بالرخص.

وقال لي أبي جئني بالكتاب الذي فيه حديث بن إدريس عن أبيه عن طاووس أنه كان يكره الأنين فقرأته عليه فلم يئن إلا ليلة وفاته.

وقال عبد الله بن أحمد قال أبي أخرج حديث الأنين فقرأته عليه فما سمع له أنين حتى مات.

وفي جزء محمد بن عبد الله بن علم الدين سمعناه قال سمعت عبد الله بن أحمد

ص: 291

يقول لما حضرت أبي الوفاة جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بها لحييه فجعل يغرق ثم يفيق ثم يفتح عينيه ويقول بيده هكذا لا بعد لا بعد ثلاث مرات فلما كان في الثالثة قلت يا أبة أي شيء هذا الذي لهجت به في هذا الوقت فقال يا بني ما تدري قلت لا قال إبليس لعنه الله قائم بحذائي وهو عاض على أنامله يقول يا أحمد فتني وأنا أقول لا بعد حتى أموت.

فهذه حكاية غريبة تفرد بها بن علم فالله أعلم.

وقد أنبأنا الثقة عن أبي المكارم التيمي أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن محمد بن عمر قال سئل عبد الله بن أحمد هل عقل أبوك عند المعاينة؟ قال نعم كنا نوضئه فجعل يشير بيده فقال لي صالح أي شيء يقول؟ فقلت هو ذا يقول خللوا أصابعي فخللنا أصابعه ثم ترك الإشارة فمات من ساعته.

وقال صالح جعل أبي يحرك لسانه إلى أن توفي.

وعن أحمد بن داود الأحمسي قال رفعنا جنازة أحمد مع العصر ودفناه مع الغروب.

قال صالح لم يحضر أبي وقت غسله غريب فأردنا أن نكفنه فغلبنا عليه بنو هاشم وجعلوا يبكون عليه ويأتون بأولادهم فيكبونهم عليه ويقبلونه ووضعناه على السرير وشددنا بالعمائم.

قال الخلال سمعت بن أبي صالح القنطري يقول شهدت الموسم أربعين عاماً فما رأيت جمعاً قط مثل هذا - يعني مشهد أبي عبد الله.

الخلال سمعت عبد الوهاب الوراق يقول أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة والطعن على أهل البدع فسر الله المسلمين بذلك على ما عندهم من المصيبة لما رأوا من العز وعلوا الإسلام وكبت أهل الزيغ ولزم بعض الناس القبر وباتوا عنده وجعل النساء يأتين حتى منعن وسمعت المروذي يقول عن علي بن مهرويه عن خالته قالت ما صلوا ببغداد في مسجد العصر يوم وفاة أحمد وقيل إن الزحمة دامت على القبر أياماً.

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر أخبرنا بن خليل أخبرنا اللبان عن الحداد أخبرنا أبو نعيم سمعت ظفر بن أحمد حدثني الحسين بن علي حدثني أحمد بن الوراق حدثني عبد الرحمن بن محمد وأخبرنا بن الفراء أخبرنا بن قدامة أخبرنا بن خضير أخبرنا بن يوسف أخبرنا البرمكي أخبرنا بن مردك حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثني أبو بكر محمد بن عباس المكي سمعت الوركاني جار أحمد بن حنبل قال يوم مات أحمد بن

ص: 292

حنبل وقع المأتم والنوح في أربعة أصناف المسلمين واليهود والنصارى والمجوس وأسلم يوم مات عشرون ألفاً وفي رواية ظفر عشرة آلاف من اليهود والنصارى والمجوس.

هذه حكاية منكرة تفرد بنقلها هذا المكي عن هذا الوركاني ولا يعرف وماذا بالوركاني المشهور محمد بن جعفر الذي مات قبل أحمد بن حنبل بثلاث عشرة سنة وهو الذي قال فيه أبو زرعة كان جاراً لأحمد بن حنبل ثم العادة والعقل تحيل وقوع مثل هذا وهو إسلام ألوف من الناس لموت ولي لله ولا ينقل ذلك إلا مجهول لايعرف فلو وقع ذلك لاشتهر ولتواتر لتوفر الهمم والدواعي على نقل مثله بل لو أسلم لموته مئة نفس لقضي من ذلك العجب فما ظنك؟! قال صالح وبعد أيام جاء كتاب المتوكل على الله إلى بن طاهر يأمره بتعزيتنا ويأمر بحمل الكتب قال فحملتها وقلت إنها لنا سماع فتكون في أيدينا وتنسخ عندنا فقال أقول لأمير المؤمنين فلم يزل يدافع الأمير ولم تخرج عن أيدينا والحمد لله.

الخلال حدثنا محمد بن الحسين حدثنا المروذي حدثني أبو محمد اليماني بطرسوس قال كنت باليمن فقال لي رجل إن بنتي قد عرض لها عارض فمضيت معه إلى عزام باليمن فعزم عليها وأخذ علي الذي عزم عليه العهد أن لا يعود فمكث نحواً من ستة أشهر ثم جاءني أبوها فقال قد عاد إليها قلت فاذهب إلى العزام فذهب إليه فعزم عليها فكلمه الجني فقال ويلك أليس قد أخذت عليك العهد أن لا تقربها؟ قال ورد علينا موت أحمد بن حنبل فلم يبق أحد من صالحي الجن إلا حضره إلا المردة فإني تخلفت معهم.

ومن المنامات: وبالإسناد إلى بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة سمعت محمد بن مهران الجمال يقول رأيت أحمد بن حنبل في النوم كأن عليه برداً مخططاً أو مغيراً وكأنه بالري يريد المصير إلى الجامع قال فاستعبرت بعض أهل التعبير فقال هذا رجل يشتهر بالخير.

وبه إلى الجمال قال فما أتى عليه إلا قريب حتى ورد من خبره من أمر المحنة.

وبه قال بن أبي حاتم وسمعت أبي يقول رأيت أحمد في المنام فرأيته أضخم مما كان وأحسن وجهاً وسحناً

(299)

مما كان فجعلت أسأله الحديث وأذاكره.

(299)

السَّحْنة: هى بَشْرةُ الوجه وهيأتُهُ وحالُهُ، وهي مفتوحة السين وقد تُكسر. ويُقال فيها السَّحْناءُ أيضًا بالمد.

ص: 293

وبه قال وسمعت عبد الله بن الحسين بن موسى يقول رأيت رجلاً من أهل الحديث توفي فقلت ما فعل الله بك؟ قال غفر لي فقلت بالله؟! قال بالله إنه غفر لي فقلت بماذا غفر الله لك؟ قال بمحبتي أحمد بن حنبل.

وبه قال حدثنا محمد بن مسلم حدثني أبو عبد الله الطهراني عن الحسن بن عيسى عن أخي أبي عقيل قال رأيت شاباً توفي بقزوين فقلت ما فعل بك ربك؟ قال غفر لي ورأيته مستعجلاً فسألته فقال لأن أهل السموات قد اشتغلوا بعقد الألوية لاستقبال أحمد بن حنبل وأنا أريد استقباله وكان أحمد توفي تلك الأيام قال بن مسلم ثم لقيت أخا أبي عقيل فحدثني بالرؤيا.

وبه قال وحدثنا محمد بن مسلم حدثنا الهيثم بن خالويه قال رأيت السندي في النوم فقلت ما حالك؟ قال أنا بخير لكن اشتغلوا عني بمجيء أحمد بن حنبل.

أخبرنا علي بن عبد الدائم أخبرنا محمد بن يوسف بن مسافر أخبرنا عبد المغيث بن زهير وأبو منصور بن حمدية وأخوه محمد قالوا أخبرنا أبو غالب بن البناء أخبرنا أبي أبو علي أخبرنا عبيد الله بن أحمد الأزهري حدثنا محمد بن العباس أن بن مخلد أخبرهم أخبرنا يزيد بن خالد بن طهمان أخبرنا القواريري عبيد الله بن عمر قال جاءني شيخ فخلا بي فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قاعداً ومعه أحمد بن نصر فقال على فلان لعنة الله ثلاث مرات وعلى فلان وفلان فإنهما يكيدان الدين وأهله ويكيدان أحمد بن حنبل والقواريري وليس يصلان إلى شيء منهما إن شاء الله ثم قال اقرأ أحمد والقواريري السلام وقل لهما جزاكما الله عني خيراً وعن أمتي.

وبه قال أبو علي أخبرنا الحسين بن محمد الناقد حدثنا محمد بن العباس حدثنا بن أبي داود حدثني أبي قال رأيت في المنام أيام المحنة كأن رجلاً خرج من المقصورة وهو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقتدوا باللذين من بعدي أحمد بن حنبل وفلان"

(300)

وقال نسيت اسمه إلا أنه كان أيام قتل أحمد بن نصر يعني اقتدوا في وقتكم هذا.

وبه أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقرئ أخبرنا أبو بكر الآجري أخبرنا عبد الله

(300)

الذي ورد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدى أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود"، والحديث قد ورد من حديث حذيفة، ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنهما وصحيح بمجموع طرقه. وقد خرجت هذا الحديث في تعليقنا السابق رقم (292) فراجعه ثمَّت.

ص: 294

ابن العباس الطيالسي حدثنا بندار ومحمد بن المثنى قالا كنا نقرأ على شيخ ضرير فلما أحدثوا ببغداد القول بخلق القرآن قال الشيخ إن لم يكن القرآن مخلوقاً فمحى الله القرآن من صدري فلما سمعنا هذا تركناه فلما كان بعد مدة لقيناه فقلنا يا فلان ما فعل القرآن؟ قال ما بقي في صدري منه شيء قلنا ولا "قل هو الله أحد" قال ولا "قل هو الله أحد" إلا أن أسمعها من غيري يقرؤها.

أخبرنا أبو حفص بن القواس أنبأنا الكندي أخبرنا عبد الملك الكروخي أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري أخبرنا محمد بن عبد الجليل أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم وقال أبو محمد الخلال أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قالا أخبرنا أحمد بن محمد بن مقسم سمعت عبد العزيز بن أحمد النهاوندي سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول رأيت رب العزة في المنام فقلت يا رب ما أفضل ما تقرب به إليك المتقربون؟ قال بكلامي يا أحمد قلت يا رب بفهم أو بغير فهم؟ قال بفهم وبغير فهم.

وفي الحلية بإسناد إلى إبراهيم بن خرزاد قال رأى جار لنا كأن ملكاً نزل من السماء معه سبعة تيجان فأول من توج من الدنيا أحمد بن حنبل.

أبو عمر بن حيويه حدثنا علي بن إبراهيم الشافعي حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين حدثنا عزرة بن عبد الله وطالوت بن لقمان قالا سمعنا زكريا بن يحيى السمسار يقول رأيت أحمد بن حنبل في المنام على رأسه تاج مرصع بالجوهر في رجليه نعلان وهو يخطر بهما قلت ما فعل الله بك؟ قال غفر لي وأدناني وتوجني بيده بهذا التاج وقال لي هذا بقولك القرآن كلام الله غير مخلوق قلت ما هذة الخطرة التي لم أعرفها لك في دار الدنيا؟ قال هذة مشية الخدام في دار السلام.

أبو حاتم بن حبان حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي حدثنا محمد بن الحسن السلمي سمعت طالوت بن لقمان فذكرها.

مسبح بن حاتم العكلي حدثنا إبراهيم بن جعفر المروذي قال رأيت أحمد بن حنبل يمشي في النوم مشية يختال فيها قلت ما هذه المشية يا أبا عبد الله؟ قال هذة مشية الخدام في دار السلام.

عن المروذي قال رأيت أحمد في النوم وعليه حلتان خضراوان وعلى رأسه تاج من

ص: 295

النور وإذا هو يمشي مشية لم أكن أعرفها فقلت ما هذا؟ قال هذه مشية الخدام في دار السلام وذكر القصة في إسنادها المفيد.

وفي الحلية أخبرنا أبو نصر الحنبلي أخبرنا عبد الله بن أحمد النهرواني حدثنا أبو القاسم القرشي حدثنا المروذي بنحو منها.

أبو عبد الله بن خفيف الصوفي حدثنا أبو القاسم القصري سمعت بن خزيمة بالإسكندرية يقول رأيت أحمد بن حنبل في النوم لما مات يتبختر فقلت ما هذه المشية؟ قال مشية الخدام في دار السلام فقلت ما فعل الله بك؟ قال غفر لي وتوجني وألبسني نعلين من ذهب وقال يا أحمد هذا بقولك القرآن كلامي ثم قال لي يا أحمد لم كتبت عن حريز بن عثمان؟ وذكر حكاية طويلة منكرة ومن أين يلحق أحمد حريزاً؟! أنبأنا بن قدامة عن بن الجوزي أخبرنا المبارك بن علي أخبرنا سعد الله بن علي بن أيوب حدثنا هناد بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن عمر حدثنا أحمد بن الحسن التكريتي حدثنا أبو بكر التميمي حدثنا عبد الله بن بهرام رأيت أحمد بن حنبل في النوم وعليه نعلان من ذهب وهو يخطر الحكاية

ثم رواها بطولها بن الجوزي بإسناد آخر مظلم إلى علي بن محمد القصري عن عبد الله بن عبد الرحمن أنه رأى ذلك.

وقال شيخ الإسلام الأنصاري سمعت بعض أهل باخرز وهي من نواحي نيسابور يقول رأيت كأن القيامة قد قامت وإذا برجل على فرس به من الحسن ما الله به عليم ومناد ينادي ألا لا يتقدمنه اليوم أحد فقلت من هذا؟ قالوا أحمد بن حنبل.

قال أبو عمر السماك حدثنا محمد بن أحمد بن مهدي حدثنا أحمد بن محمد الكندي قال رأيت أحمد بن حنبل في المنام فقلت ما صنع الله بك؟ قال غفر لي وقال يا أحمد ضربت في؟ قلت نعم قال هذا وجهي فانظر إليه قد أبحتك النظر إليه.

وروى مثلها شيخ الإسلام بإسناد مظلم إلى عبد الله بن أحمد أنه رأى نحو ذلك.

وفي مناقب أحمد لشيخ الإسلام بإسناد مظلم إلى علي بن الموفق قال رأيت كأني دخلت الجنة فإذا بثلاثة رجل قاعد على مائدة قد وكل الله به ملكين فملك يطعمه وملك يسقيه وآخر واقف على باب الجنة ينظر في وجوه قوم فيدخلهم الجنة وآخر واقف في وسط الجنة شاخص ببصره إلى العرش ينظر إلى الرب تعالى فقلت لرضوان من

ص: 296

هؤلاء؟ قال الأول بشر الحافي خرج من الدنيا وهو جائع عطشان والواقف في الوسط هو معروف عبد الله شوقاً للنظر إليه فأعطيه والواقف في باب الجنة فأحمد بن حنبل أمر أن ينظر في وجوه أهل السنة فيدخلهم الجنة.

وذكر شيخ الإسلام بإسناد طويل عن محمد بن يحيى الرملي قاضي دمشق قال دخلت العراق والحجاز وكتبت فمن كثرة الاختلاف لم أدر بأيها آخذ فقلت اللهم اهدني فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد أسند ظهره إلى الكعبة وعن يمينه الشافعي وأحمد بن حنبل وهو يبتسم إليهما فقلت يا رسول الله بم آخذ فأومأ إلى الشافعي وأحمد وقال "أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة" الأنعام: 89، وذكر القصة.

أبو بكر بن أبي داود حدثنا علي بن إسماعيل السجستاني قال رأيت كأن القيامة قد قامت وكأن الناس جاؤوا إلى قنطرة ورجل يختم ويعطيهم فمن جاء بخاتم جاز فقلت من هذا الذي يعطي الناس الخواتيم قالوا أحمد بن حنبل.

الخلال حدثنا عبد الرحيم بن محمد المخرمي سمعت إسحاق بن إبراهيم لؤلؤاً يقول رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت يا أبا عبد الله أليس قد مت؟ قال بلى قلت ما فعل الله بك؟ قال غفر لي ولكل من صلى علي قلت فقد كان فيهم أصحاب بدع قال أولئك أخروا.

أبو بكر بن شاذان حدثنا يحيى بن عبد الوهاب بن أبي عصمة حدثنا علي بن الحسين حدثنا بندار قال رأيت أحمد بن حنبل في النوم كالمغضب فقلت مالي أراك مغضباً؟ قال وكيف لا أغضب وجاءني منكر ونكير يسألاني من ربك؟ فقلت ولمثلي يقال هذا؟ فقالا صدقت يا أبا عبد الله ولكن بهذا أمرنا.

الطبراني حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل حدثنا أبو جعفر محمد بن الفرج جار أحمد بن حنبل قال لما نزل بأحمد ما نزل دخل علي مصيبة فأتيت في منامي فقيل لي ألا ترضى أن يكون أحمد عند الله بمنزلة أبي السوار العدوي أو لست تروي خبره؟.

قال محمد بن الفرج حدثنا علي بن عاصم عن بسطام بن مسلم عن الحسن قال دعا بعض مترفي هذة الأمة أبا السوار العدوي فسأله عن شيء من أمر دينه فأجابه بما يعلم فلم يوافقه ذلك فقال وإلا أنت بريء من الإسلام قال إلى أي دين أفر؟ قال وإلا امرأته طالق قال فإلى من آوي بالليل؟ فضربه أربعين سوطاً قال فأتيت أبا عبد الله فأخبرته بذلك فسر به رواها عبد الله بن أحمد عن محمد بن الفرج مختصرة.

ص: 297

وأبو السوار هو حسان بن حريث يروي عن علي وغيره قال حماد بن زيد عن هشام قال كان أبو السوار يعرض له الرجل فيشتمه فيقول إن كنت كما قلت إني إذاً لرجل سوء.

أبو نعيم حدثنا محمد بن علي بن حبيش أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائني حدثني أبي قال رأيت في المنام كأن الحجر الأسود انصدع وخرج منه لواء فقلت ما هذا؟ فقيل أحمد بن حنبل قد بايع الله عز وجل.

جماعة سمعوا سلمة بن شبيب يقول كنا جلوساً مع أحمد بن حنبل إذ جاءه رجل فقال من منكم أحمد بن حنبل؟ فسكتنا فقال أنا أحمد ما حاجتك؟ قال صرت إليك من أربع مئة فرسخ برها وبحرها جاءني الخضر في منامي فقال تعرف أحمد بن حنبل؟ قلت لا قال ائت بغداد وسل عنه وقل له إن الخضر يقرئك السلام ويقول إن ساكن السماء الذي على عرشه راض عنك والملائكة راضون عنك بما صيرت نفسك لله فقال أحمد ما شاء الله لا قوة إلا بالله ألك حاجة غير هذه؟ قال ما جئتك إلا لهذا وانصرف.

رواها أبو نعيم عن أبي الشيخ حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر حدثنا سلمة بهذا.

ورواها عبد الله بن محمد الحامض عن محمد بن أحمد بن حسين المروزي سمع سلمة بنحوها.

ورواها شيخ الإسلام بإسناد له عن الحسن بن إدريس عن سلمة.

ورواها الخطيب عن بن أبي الفوارس عن أبي حيويه عن محمد بن حفص الخطيب أخبرنا محمد بن أحمد بن داود المؤدب عن سلمة.

وتروى بإسناد عن حنبل عن سلمة مختصرة وقال إن الله باهى بضربك الملائكة.

الطبراني حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثني حبيش بن أبي الورد قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال يا نبي الله ما بال أحمد بن حنبل؟ قال سيأتيك موسى عليه السلام فسله فإذا أنا بموسى فسألته فقال أحمد بن حنبل بلي في السراء والضراء فوجد صادقاً فألحق بالصديقين.

الخلال حدثنا أبو يحيى الناقد سمعت حجاج بن الشاعر يقول رأيت عماً لي

ص: 298

في المنام كان قد كتب عن هشيم فسألته عن أحمد بن حنبل فقال ذاك من أصحاب عمر بن الخطاب.

قال الخلال حدثنا عبد الله بن محمد حدثني عبد الله بن أبي قرة قال رأيت في النوم كأني دخلت الجنة فإذا قصر من فضة فانفتح بابه فخرج أحمد بن حنبل وعليه رداء من نور فقال لي قد جئت؟ قلت نعم فلم يزل يردد حتى انتهيت.

قال ورأيت في النوم جبال المسك والناس مجتمعون وهم يقولون قد جاء الغازي فدخل أحمد بن حنبل متقلداً السيف ومعه رمح فقال هذه الجنة.

ولقد جمع بن الجوزي فأوعى من المنامات في نحو من ثلاثين ورقة وأفرد بن البناء جزءاً في ذلك وليس أبو عبد الله ممن يحتاج تقرير ولايته إلى منامات ولكنها جند الله تسر المؤمن ولا سيما إذا تواترت.

قال الخلال حدثني أحمد بن محمد بن محمود قال كنت في البحر مقبلاً من ناحية السند في الليل فإذا هاتف يقول مات العبد الصالح فقلت لبعض من معنا من هذا؟ قال هذا من صالحي الجن ومات أحمد تلك الليلة.

قال الخلال وسمعت إبراهيم الحربي يقول قال علي بن الجهم لما قدمت من عمان أرسينا إلى جزيرة وقوم جاؤوا من العراق إنما نستعذب الماء قال فسمعت صيحة وتكبيراً وصياحاً قال قلت ما هذا؟ قال فقال قد مات خير البغداديين يعنون عالمهم أحمد بن حنبل.

الخلال حدثنا محمد بن العباس سمعت عبيد بن شريك يقول مات مخنث فرئي في النوم فقال قد غفر لي دفن عندنا أحمد بن حنبل فغفر لأهل القبور.

الخلال أخبرني علي بن إبراهيم بالرقة حدثنا نصر بن عبد الملك السنجاري حدثنا الأثرم سمعت أبا محمد فوران يقول رأى إنسان رؤيا قال رأيت أحمد بن حنبل فقلت إلى ما صرت؟ قال أنا مع العشرة قلت أنت عاشر القوم قال لا أنا حادي عشر.

الخلال حدثنا عبد الله بن إسماعيل حدثنا محمد بن يعقوب الوزان حدثنا الحسين بن علي الأذرمي حدثنا بندار بن بشار قال رأيت سفيان الثوري فقلت إلى ما صرت؟ قال إلى أكثر مما أملت فقلت ما هذا في كمك؟ قال در وياقوت قدمت علينا روح أحمد بن حنبل فأمر الله أن ينثر عليه ذلك فهذا نصيبي.

ص: 299

الخلال حدثنا محمد بن حصن قال بلغني أن أحمد بن حنبل لما مات فوصل الخبر إلى الشاش سعى بعضهم إلى بعض فقال قوموا حتى نصلي على أحمد بن حنبل كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي

(301)

فخرجوا إلى المصلى فصفوا فصلوا عليه.

الرواية عنه: قرأت على أبي العباس أحمد بن أحمد بن نعمة المقدسي مفتي دمشق وخطيبها عن الإمام أبي حفص عمر بن محمد السهروردي ثم قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق المقرئ قال أخبرنا عمر بن محمد في سنة عشرين وست مئة أخبرنا أبو المظفر هبة الله بن أحمد الشبلي وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الهاشمي بالإسكندرية أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر أخبرنا محمد بن عبيد الله المجلد قالا أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد أبو عبد الله الشيباني قال حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال أخبرني أبو جمزة قال سمعت بن عباس يقول قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالإيمان بالله عز وجل قال" تدرون ما الإيمان بالله؟ " قالوا الله ورسوله أعلم قال "شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا الخمس من المغنم"

(302)

متفق عليه وأخرجه أبو داود عن أحمد.

قرأت على الشيخ عماد الدين عبد الحافظ بن بدران بن شبل النابلسي بمسجده وقرأت بدمشق على يوسف بن أحمد بن عالية الحجار قالا أخبرنا أبو نصر موسى بن عبد القادر سنة ثماني عشرة وست مئة أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن أخبرنا علي بن أحمد البندار أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبيد الله القواريري قالا حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إني شيخ كبير يشق علي القيام فمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر فقال "عليك

(301)

صحيح: فقد ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى على النجاشي وكبَّر عليه أربعًا". أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 300 و 362 - 363)، وأحمد (2/ 479)، والبخاري (1318) و (1328) و (3881)، ومسلم (951)(63)، والترمذي (1022) من طرق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.

(302)

صحيح: أخرجه أحمد (1/ 228)، والبخاري (53)، ومسلم (17)، وأبو داود (3692).

ص: 300

بالسابعة"

(303)

لفظ أحمد بن حنبل قال عبد الله البغوي ولا أعلم روى هذا الحديث بهذا الإسناد غير معاذ.

أخبرنا الإمام محمد عبد الرحمن بن أبي عمر في كتابه أخبرنا حنبل بن عبد الله أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا الحسن بن علي الواعظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا بن نمير حدثنا سفيان عن سمي عن النعمان بن أبي عياش الزرقي عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفاً"

(304)

أخرجه النسائي عن عبد الله فوافقناه

(305)

بعلو درجتين.

من الطهارة للخلال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال رأيت أبي إذا بال له مواضع يمسح بها ذكره وينتره مراراً كثيرة ورأيته إذا بال استبرأ استبراء شديداً.

حدثني محمد بن أبي هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم رأيت أبا عبد الله إذا بال يشد على فرجه خرقة قبل أن يتوضأ.

حدثنا عبد الله بن أحمد قال أبي إذا كانت تعاهده الأبردة فإنه يسبغ الوضوء ثم ينتضح ولا يلتفت إلى شيء يظن أنه خرج منه فإنه يذهب عنه إن شاء الله.

حدثني جماعة قالوا أخبرنا حنبل قال رأيت أبا عبد الله إذا خرج من الخلاء تردد في الدار ويقعد قعدة قبل أن يتوضأ فظننت أنه يريد بذلك الاستبراء.

وقلت لأبي عبد الله إني أجد بلة بعد الوضوء فقال ضع يدك في سفلتك واسلت ما ثم حتى ينزل وتتردد قليلاً واله عنه ولا تجعل ذلك من همك فإن ذلك من الشيطان يوسوس.

(303)

صحيح: أخرجه أحمد (1/ 240)، ومن طريقة الطبراني (11836)، والبيهقي (4/ 312 - 313) عن معاذ بن هشام، به.

(304)

صحيح: أخرجه أحمد (3/ 26 و 59)، والنسائي (4/ 174). وأخرجه البخاري (2840)، ومسلم (1153) من طريق النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد، به.

(305)

الموافقة: هى الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريق صاحب التصنيف، وهى طريقة أصحاب المستخرجات على الصحيحين وغيرهما.

ص: 301

حدثني منصور بن الوليد قال أخبرنا جعفر بن محمد سمعت أبا عبد الله يقول - يعني الذي يبول إذا نتره ثلاث مرات أرجو أنه يجزئه.

قال وسألت إسحاق بن راهويه عن الاستبراء وهو قاعد فرأى أن الاستبراء كذلك وذهب إلى ثلاث مرات ولم يذهب إلى المشي.

‌1875 - إسحاق بن راهويه

(306)

هو الإمام الكبير شيخ المشرق سيد الحفاظ أبو يعقوب.

فأنبأني أبو الغنائم القيسي أخبرنا الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال حدثني أبو الخطاب العلاء بن أبي المغيرة بن أحمد بن حزم عن بن عمه أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم قال هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر بن عبيد الله بن غالب بن وارث بن عبيد الله بن عطية بن مرة بن كعب بن همام بن أسد بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي ثم الحنظلي المروزي نزيل نيسابور.

قلت مولده في سنة إحدى وستين ومئة.

وسمع من بن المبارك فما أقدم على الراوية عنه لكونه كان مبتدئاً لم يتقن الأخذ عنه وقد ارتحل في سنة أربع وثمانين ومئة ولقي الكبار وكتب عن خلق من أتباع التابعين وسمع الفضل بن موسى السيناني والفضيل بن عياض ومعتمر بن سليمان وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وأبا خالد الأحمر وجرير بن عبد الحميد وسفيان بن عيينة وعيسى بن يونس وأبا تميلة يحيى بن واضح وعتاب بن بشير الجزري وأبا معاوية الضرير ومرحوم بن عبد العزيز وعبد الله بن وهب ومخلد بن يزيد وحاتم بن إسماعيل وعمر بن هارون البلخي ومحمد بن جعفر غندراً والوليد بن مسلم وإسماعيل بن علية ووكيع بن الجراح وبقية بن الوليد وحفص بن

(306)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ترجمة 1209)، والجرح والتعديل (2/ترجمة 714)، وحلية الأولياء (9/ترجمة 446)، وتاريخ بغداد (6/ 345)، والأنساب للسمعاني (6/ 56)، ووفيات الأعيان (1/ ترجمة 85) وميزان الاعتدال (1/ 182)، وتذكرة الحفاظ (2/ 440)، والعبر (1/ 426)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 386)، وتهذيب التهذيب (1/ 216)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 290)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 89).

ص: 302

غياث وعبد الله بن إدريس والوليد بن مسلم وشعيب بن إسحاق وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي والنضر بن شميل ومحمد بن فضيل ويزيد بن هارون وأسباط بن محمد وعبد الوهاب الثقفي ويحيى بن سعيد القطان وأبا بكر بن عياش وعبيدة بن حميد وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وأمماً سواهم بخراسان والعراق والحجاز واليمن والشام.

حدث عنه بقية بن الوليد يحيى بن آدم وهما من شيوخه وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهما من أقرانه وإسحاق بن منصور ومحمد بن يحيى ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما وأبو داود والنسائي في سننهما ومحمد بن عيسى السلمي في جامعه وأحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب وموسى بن هارون ومحمد بن نصر المروزي وداود بن علي الظاهري وعبد الله بن محمد بن شيرويه وولده محمد بن إسحاق وجعفر الفريابي وإسحاق بن إبراهيم البشتي بشين معجمة والحسين بن محمد القباني ومحمد بن النضر الجارودي وأبو العباس الحسن بن سفيان وأبو العباس السراج خاتمة أصحابه وخلق سواهم.

وقد وقع لي حديثه عالياص.

فأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد الله الكاتب أخبرنا محمد بن عمر الأرموي ومحمد بن أحمد الطرائفي ومحمد بن علي قالوا أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا إسحاق بن راهويه أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأوزاعي عن هارون بن رئاب أن عبد الله بن عمرو لما حضرته الوفاة خطب إليه رجل ابنته فقال له إني قد قلت فيه قولاً شبيهاً بالعدة وإني أكره أن ألقى الله بثلث النفاق.

أخبرنا أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء عن عبد الرحيم بن عبد الكريم الشافعي في كتابه من مرو قال أخبرنا سعيد بن حسين الريوندي سنة أربع وأربعين وخمس ومئة أخبرنا الفضل بن المحب وأخبرنا أحمد عن عبد الرحيم أخبرنا هبة الرحمان بن عبد الواحد أخبرنا جدي أبو القاسم القشيري قالا أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد القنطري أخبرنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا المعتمر سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز عن أنس رضي الله عنه قال "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً بعد الركوع يدعو

ص: 303

على رعل وذكوان ويقول عصية عصت الله ورسوله" أخرجه مسلم

(307)

عن إسحاق فوافقناه بعلو درجة.

أخبرنا عبد الله بن يحيى المفيد في كتابه أخبرنا إبراهيم بن بركات أخبرنا علي بن الحسن الحافظ أخبرنا أبو القاسم النسيب أخبرنا أبو بكر الخطيب أخبرنا علي بن أحمد الرزاز أخبرنا جعفر بن محمد بن الحكم حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثنا الوليد بن شجاع حدثني بقية عن إسحاق بن راهويه أخبرنا المعتمر عن بن فضاء عن أبيه عن علقمة بن عبد الله قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم"

(308)

.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن زينب بنت عبد الرحمن أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي سنة ثمان وأربعين وأربع مئة أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً تحت نخلة فهاجت ريح فقام فزعاً فقيل له فقال "إني تخوفت الساعة"

(309)

إسناده ثقات لكن الأعمش مدلس مع أنه قد رأى أنس بن مالك وحكى عنه.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أخبرنا أبو الفرج بن عبد السلام أخبرنا أبو الفضل الأرموي وأبو غالب بن الداية وأبو عبد الله الطرائفي أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا عبيد الله الزهري أخبرنا جعفر الفريابي حدثنا إسحاق بن راهويه أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا أبو معشر عن سعيد هو المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ثلاث من كن فيه فهو منافق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان" قال

(307)

صحيح: أخرجه البخاري (4094)، ومسلم (677)(299)، وأبو داود (1444).

(308)

ضعيف: أخرجه أحمد (3/ 419)، وأبو داود (3449)، وابن ماجه (2263) من طريق المعتمر بن سليمان، عن محمد بن فضاء، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: محمد بن فضاء، ضعيف. والثانية: جهالة أبيه.

وأراد بالسِّكة: الدنانير والدراهم المضروبة، يُسمَّى كل واحد منهما سكَّة، لأنه طُبع بالحديدة واسمُها السِّكة والسك.

(309)

ضعيف: فيه الانقطاع بين الأعمش، وأنس.

ص: 304

رجل يا رسول الله ذهبت اثنتان وبقيت واحدة؟ قال "فإن عليه شعبة من نفاق ما بقي فيه منهن شيء

(310)

. هذا حديث حسن الإسناد وأبو معشر نجيح السندي صدوق في نفسه وما هو بالحجة وأما المتن فقد رواه جماعة عن أبي هريرة.

وفيه دليل على أن النفاق يتبعض ويتشعب كما أن الإيمان ذو شعب ويزيد وينقص فالكامل الإيمان من اتصف بفعل الخيرات وترك المنكرات وله قرب ماحية لذنوبه كما قال تعالى "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم" الأنفال: 2، إلى قوله "أؤلئك هم المؤمنون حقاً" الأنفال: 4، وقال "قد أفلح المؤمنون" المؤمنون: 1، إلى قوله "أؤلئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس" المؤمنون: 10 و 11، ودون هؤلاء خلق من المؤمنين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ودونهم عصاة المسلمين ففيهم إيمان ينجون به من خلود عذاب الله تعالى وبالشفاعة ألا تسمع إلى الحديث المتواتر "أنه يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من إيمان"

(311)

وكذلك شعب النفاق من الكذب والخيانة والفجور والغدر والرياء وطلب العلم ليقال وحب الرئاسة والمشيخة وموادة الفجار والنصارى فمن ارتكبها كلها وكان في قلبه غل النبي صلى الله عليه وسلم أو حرج من قضاياه أو يصوم رمضان غير محتسب أو يجوز أن دين النصارى أو اليهود دين مليح ويميل إليهم فهذا لا ترتب في أنه كامل النفاق وأنه في الدرك الأسفل من النار وصفاته الممقوتة عديدة في الكتاب والسنة من قيامه إلى الصلاة كسلان وأدائه الزكاة وهو كاره وإن عامل الناس فبالمكر والخديعة قد اتخذ إسلامه جنة نعوذ بالله من النفاق فقد خافه سادة الصحابة على نفوسهم.

فإن كان فيه شعبة من نفاق الأعمال فله قسط من المقت حتى يدعها ويتوب منها أما من كان في قلبه شك من الإيمان بالله ورسوله فهذا ليس بمسلم وهو من أصحاب النار كما أن من في قلبه جزم بالإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد وإن اقتحم الكبائر فإنه ليس بكافر قال تعالى "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" التغابن: 2،

(310)

هذا إسناد ضعيف فيه أبو معشر نجيح السِّندي، فإنه ضعيف لكن الحديث قد ورد عن أبي هريرة من طريق آخر: أخرجه البخاري (34)، ومسلم (59) من طريق إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني، عن نافع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

(311)

صحيح: أخرجه البخاري (44)، ومسلم (193)(325) من طريق قتادة، عن أنس، به.

ص: 305

وهذه مسألة كبير جليلة صنف قد فيها العلماء كتباً وجمع فيها الإمام أبو العباس شيخنا مجلداً حافلاً قد اختصرته نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا حتى نوافيه به.

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي سمعت إسحاق بن راهويه يحدث عن عيسى بن يونس قال لو أردت أبا بكر بن أبي مريم على أن يجمع لي فلاناً وفلاناً لفعل يعني يقول عن راشد بن سعد وحبيب بن عبيد وضمرة ثم قال عبد الله ما روى أبي عن إسحاق سوى هذا.

قال موسى بن هارون قلت لإسحاق من أكبر أنت أو أحمد بن حنبل قال هو أكبر مني في السن وغيره ثم قال موسى كان مولد إسحاق سنة ست وستين ومئة فيما يرى موسى.

قلت قد قدمنا أن مولده قبل هذا بمدة فموسى لم يحرر ذلك.

قال محمد بن رافع قال لي إسحاق كتب عني يحيى بن آدم ألفي حديث.

قال حاشد بن إسماعيل سمعت وهب بن جرير يقول جزى الله إسحاق بن راهويه وصدقة بن الفضل ويعمر عن الإسلام خيراً أحيوا السنة بالمشرق.

قلت يعمر هو بن بشر.

قال أبو حاتم البستي في مقدمة كتاب الضعفاء أخبرنا محمد بن عمر بن محمد الهمذاني حدثنا أبو يحيى المستملي حدثنا أبو جعفر الجوزجاني حدثني أبو عبد الله البصري قال أتيت إسحاق بن راهويه فسألته شيئاً فقال صنع الله لك قلت لم أسألك صنع الله إنما سألتك صدقة فقال لطف الله لك قلت لم أسألك لطف الله إنما سألتك صدقة فغضب وقال الصدقة لا تحل لك قلت ولم؟ قال لأن جريراً حدثنا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي"

(312)

.

فقلت ترفق يرحمك الله فمعي حديث في كراهية العمل قال إسحاق وما هو؟ قلت حدثني أبو عبد الله الصادق الناطق عن أفشين عن إيتاخ عن سيماء الصغير عن

(312)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 207)، وأحمد (2/ 377 و 389)، والنسائي (5/ 99)، وابن ماجه (1839)، وابن الجارود (364)، وأبو يعلى (6401)، والدارقطني (2/ 118). وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 308)، والبيهقي (7/ 14) من طرق عن أبي بكر بن عياش، أخبرنا أبو حصين، عن سالم ابن أبي الجعد عن أبي هريرة، به. =

ص: 306

عجيف بن عنبسة عن زغلمج بن أمير المؤمنين أنه قال العمل شؤم وتركه خير تقعد تمنى خير من أن تعمل تعنى فضحك إسحاق وذهب غضبه وقال زدنا فقلت وحدثنا الصادق الناطق بإسناده عن عجيف قال قعد زغلمج في جلسائه فقال أخبروني بأعقل الناس فأخبر كل واحد بما عنده فقال لم تصيبوا بل أعقل الناس الذي لا يعمل لأن من العمل يجيء التعب ومن التعب يجيء المرض ومن المرض يجيء الموت ومن عمل فقد أعان على نفسه والله يقول "ولا تقتلوا أنفسكم" النساء: 29، فقال زدنا من حديثك فقال وحدثني أبو عبد الله الصادق الناطق بإسناده عن زغلمج قال من أطعم أخاه شواء غفر الله له عدد النوى ومن أطعم أخاه هريسة غفر له مثل الكنيسة ومن أطعم أخاه جنب غفر الله له كل ذنب فضحك إسحاق وأمر له بدرهمين ورغيفين أوردها بن حبان ولم يضعفها.

قال أحمد بن سلمة سمعت إسحاق يقول قال لي الأمير عبد الله بن طاهر لم قيل لك بن راهويه؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يقال لك ذلك؟ قال اعلم أيها الأمير أن أبي ولد في طريق مكة فقالت المراوزة راهويه لأنه ولد في الطريق وكان أبي يكره هذا وأما أنا فلا أكرهه.

قال الحاكم أخبرني الحسن بن خالد بن محمد الصائغ حدثنا نصر بن زكريا سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول سألني يحيى بن معين عن حديث الفضل بن موسى حديث بن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في الصلاة ولا يلوي عنقه خلف ظهره"

(313)

.

= قلت: هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أن سالم بن أبي الجعد كثير الإرسال عن الصحابة، ولم يصرح بسماعه من أبي هريرة، لكنه قد توبع على هذا الحديث، وأبو حصين: هو عثمان بن عاصم ابن حصين الأسدي، وأخرجه أبو يعلى (6199)، وابن خزيمة (2387)، والحاكم (1/ 407)، والبيهقي (7/ 13 - 14) من طريق سفيان بن عيينة، عن منصور بن المعتمر، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، به وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7855)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(885) من طريق وهب بن بقية، عن خالد الطحان، عن حصين بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، به.

قلت: وهذا إسناد صحيح.

(313)

صحيح: أخرجه أحمد (1/ 275 و 306)، والترمذي (587)، والنسائي في "المجتبى"(3/ 9) وفي "الكبرى"(529)، وابن خزيمة (485) و (871)، وابن حبان (2288)، والدارقطني (2/ 83)، والبيهقي (2/ 13) من طرق عن الفضل بن موسى، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يلتفتُ يمينًا وشمالًا، لا يلوى عُنُقهُ خلف ظهره".

ص: 307

قال فحدثته به فقال له رجل يا أبا زكريا رواه وكيع بخلاف هذا فقال اسكت إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتشك فيه؟ وعن محمد بن يحيى الصفار قال لو كان الحسن البصري في الأحياء لاحتاج إلى إسحاق في أشياء كثيرة.

وقال الحاكم سمعت يحيى بن محمد العنبري سمعت محمد بن أحمد بن بالويه سمعت إسحاق يقول دخلت على بن طاهر وإذا عنده إبراهيم بن أبي صالح فقال له يا إبراهيم ما تقول في غسيل الثياب؟ قال فريضة قال من أين تقول؟ قال من قوله تعالى "وثيابك فطهر" المدثر: 4، فكأن عبد الله بن طاهر استحسنه فقلت أعز الله الأمير كذب هذا أخبرنا وكيع حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن بن عباس "وثيابك فطهر" قال قلبك فنقه.

وأخبرنا روح حدثنا بن أبي عروبة عن قتادة "وثيابك فطهر" المدثر: 4، قال عملك فأصلحه ثم ذكر إسحاق قول بن عباس "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار"

(314)

فقال بن طاهر يا إبراهيم إياك أن تنطق في القرآن بغير علم.

قال قائل ما دلت الآية على واحد من الأقوال المذكورة بل هي نص في غسل النجاسة من الثوب فنعوذ بالله من تحريف كتابه.

قال الحاكم حدثنا أبو زكريا العنبري حدثنا أحمد بن سلمة سمعت إسحاق يقول قال لي عبد الله بن طاهر بلغني أنك شربت البلاذر للحفظ؟ قلت ما هممت بذلك ولكن أخبرني معتمر بن سليمان قال أخبرنا عثمان بن ساج عن خصيف عن عكرمة عن بن

(314)

ضعيف: أخرجه ابن جرير الطبري (1/ 35) عن محمد بن حميد، عن جرير، عن ليث، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به موقوفًا.

قلت: إسناده ضعيف؛ محمد بن حميد، هو ابن حيَّان الرازي، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ورواه ابن عباس مرفوعًا: أخرجه الترمذي (2950)، والنسائي في "الكبرى"(8085)، وابن جرير الطبري (1/ 34)، والطبراني (12392)، والبغوي (118) من طرق عن سفيان الثوري، عن عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، ضعفه أحمد، وأبو زُرعة، وقال يحيى بن معين. ليس بذاك القوى.

ص: 308

عباس قال خذ مثقالاً من كندر ومثقالاً من سكر فدقهما ثم اقتحمهما على الريق فإنه جيد للنسيان والبول فدعا عبد الله بقرطاس فكتبه.

وسمعت العنبري سمعت أبي سمعت عبد الله بن محمد الفراء قال دخلت على يحيى بن يحيى فسألته عن إسحاق فقال ليوم من إسحاق أحب إلي من عمري.

وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء رحم الله إسحاق ما كان أفقهه وأعلمه.

قال داود بن الحسين البيهقي سمعت إسحاق الحنظلي وسئل عن الجماعة أفريضة هي؟ قال نعم.

عبد الله بن أبي الخوارزمي سمعت إسحاق الحنظلي يقول أخر جت خراسان ثلاثة لا نظير لهم في البدعة والكذب جهم وعمر بن صبيح ومقاتل.

محمد بن صالح بن هانئ سمعت إبراهيم بن محمد الصيدلاني يقول كنت في مجلس إسحاق فسأله سلمة بن شبيب عمن يحدث بالأجر؟ قال لا تكتب عنه.

أخبرنا حكام بن سلم عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال مكتوب في الكتب علم مجاناً كما علمت مجاناً.

بخط أبي عمرو المستملي سمعت أبا أحمد محمد بن عبد الوهاب سمعت إسحاق بن إبراهيم وسئل عن رجل ترك "بسم الله الرحمن الرحيم" فقال من ترك ب أو س أو م منها فصلاته فاسدة لأن الحمد سبع آيات.

وقال بن المبارك من تركها فقد ترك مئة وثلاث عشرة آية من كتاب الله تعالى.

قال الحاكم إسحاق بن راهويه إمام عصره في الحفظ والفتوى سكن نيسابور ومات بها وقيل إن أصله مروزي خرج إلى العراق في سنة أربع وثمانين وهو بن ثلاث وعشرين سنة.

قال محمد بن نعيم سمعت إسحاق الحنظلي يقول أدخل الحمام وأنا شيخ وأخرج وأنا شاب.

قال الحاكم أصحاب إسحاق عندنا على ثلاث طبقات فالأولى محمد بن يحيى وإبراهيم بن عبد الله السعدي ومحمد بن عبد الوهاب العبدي وأحمد بن يوسف السلمي وإسحاق بن إبراهيم العفصي وعلي بن الحسن الداربجردي وحامد بن أبي حامد المقرئ وخشنام بن الصديق وعبد الله بن محمد الفراء ويحيى بن الذهلي.

ص: 309

الطبقة الثانية مسلم بن الحجاج وسرد جماعة.

الطبقة الثالثة خاتمتهم أبو العباس السراج.

قال حرب الكرماني قلت لإسحاق "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم" المجادلة: 7، كيف تقول فيه؟ قال حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد وهو بائن من خلقه وأبين شيء في ذلك قوله "الرحمن على العرش استوى" طه:5.

وقال أبو بكر المروذي حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري حدثنا أبو داود سليمان بن داود الخفاف قال إسحاق بن راهويه إجماع أهل العلم أنه تعالى على العرش استوى ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة.

قال نعيم بن حماد إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه.

وقال أحمد بن حفص السعدي شيخ بن عدي سمعت أحمد بن حنبل يقول لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفنا في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً.

وقال محمد بن أسلم الطوسي حين مات إسحاق ما أعلم أحداً كان أخشى لله من إسحاق يقول الله تعالى "إنما يخشى الله من عباده العلماء" فاطر: 28. قال وكان أعلم الناس ولو كان سفيان الثوري في الحياة لاحتاج إلى إسحاق.

وقال أحمد بن سعيد الرباطي لو كان الثوري والحمادان في الحياة لاحتاجوا إلى إسحاق في أشياء كثيرة.

قال أبو محمد الدارمي ساد إسحاق أهل المشرق والمغرب بصدقه.

قال محمد بن إسحاق السراج أنشد رجل على قبر إسحاق فقال:

وكيف احتمالي للسحاب صنيعه

بإسقائه قبراً وفي لحده بحر

قال السراج أخبرنا عبد الله بن محمد سمعت أبا عبد الله البخاري يقول قال علي بن حجر لم يخلف إسحاق يوم فارق مثله بخراسان علماً وفقهاً.

بيض الله وجهه ووقاه

فزعاً يوم القمطرير وهوله

وأثاب الفردوس من قال آمي

ن وأعطاه يوم يلقاه سؤله

ص: 310

قال أبو نعيم الحافظ كان إسحاق قرين أحمد وكان للآثار مثيراً ولأهل الزيغ مبيراً

(315)

.

قال حنبل سمعت أبا عبد الله وسئل عن إسحاق بن راهويه فقال مثل إسحاق يسأل عنه؟! إسحاق عندنا إمام.

وعن الإمام أحمد أيضاً قال لا أعرف لإسحاق في الدنيا نظيراً.

قال النسائي بن راهويه أحد الأئمة ثقة مأمون سمعت سعيد بن ذؤيب يقول ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق.

وقال امام الأئمة بن خزيمة والله لو كان إسحاق في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه.

علي بن خشرم حدثنا بن فضل عن بن شبرمة عن الشعبي قال ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته قال علي فحدثت بهذا إسحاق بن راهويه فقال تعجب من هذاظ قلت نعم قال ما كنت أسمع شيئاً إلا حفظته وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث - أو قال أكثر - في كتبي.

قال أبو داود الخفاف سمعت إسحاق بن راهويه يقول لكأني أنظر إلى مئة ألف حديث في كتبي وثلاثين ألفاً أسردها قال وأملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه ثم قرأها علينا فما زاد حرفاً ولا نقص حرفاً هذه الحكاية رواها الحافظ بن عدي عن يحيى بن زكريا بن حيويه سمع أبا داود فذكرها فهذا والله الحفظ.

وعن إسحاق بن راهويه قال ما سمعت شيئاً إلا وحفظته ولا حفظت شيئاً قط فنسيته.

أبو يزيد محمد بن يحيى سمعت إسحاق يقول أحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي.

وقال أحمد بن سلمة سمعت أبا حاتم الرازي يقول ذكرت لأبي زرعة حفظ إسحاق بن راهويه فقال أبو زرعة ما رئي أحفظ من إسحاق ثم قال أبو حاتم والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ فقلت لأبي حاتم إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه

(315)

مُبِيرًا: أي مُهلكًا.

ص: 311

قال وهذا أعجب فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.

وقال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ فاتني عن إسحاق مجلس من مسنده وكان يمله حفظاً فترددت إليه مراراً ليعيده فتعذر فقصدته يوماً لأسأله إعادته وقد حملت إليه حنطة من الرستاق فقال لي تقوم عندي وتكتب وزن هذه الحنطة فإذا فرغت أعدت لك ففعلت ذلك فسألني عن أول حديث من المجلس ثم اتكأ على عضادة الباب فأعاد المجلس حفظاً وكان قد أملى المسند كله حفظاً.

قال البرقاني قرأنا على أبي بكر أحمد بن إبراهيم الخوارزمي بها حدثكم عبد الله بن أبي القاضي سمعت إسحاق بن راهويه يقول تاب رجل من الزندقة وكان يبكي ويقول كيف تقبل توبتي وقد زورت أربعة آلاف حديث تدور في أيدي الناس؟ قال أبو عبد الله بن الأخرم سمعت محمد بن إسحاق بن راهويه يقول دخلت على أحمد بن حنبل فقال أنت بن أبي يعقوب؟ قلت بلى قال أما إنك لو لزمته كان أكثر لفائدتك فإنك لم تر مثله.

قال قتيبة بن سعيد الحفاظ بخراسان إسحاق بن راهويه ثم عبد الله الدارمي ثم محمد بن إسماعيل.

وقال أحمد بن يوسف السلمي سمعت يحيى بن يحيى يقول قالت لي امرأتي كيف تقدم إسحاق بين يديك وأنت أكبر منه؟ قلت إسحاق أكثر علماً مني وأنا أسن منه.

قال عبد الله بن أحمد بن شبويه سمعت أحمد بن حنبل يقول إسحاق لم تلق مثله.

وعن فضل بن عبد الله الحميري قال سألت أحمد بن حنبل عن إسحاق فقال لم نر مثله والحسين بن عيسى البسطامي فقيه وأما إسماعيل بن سعيد الشالنجي ففقيه عالم وأما أبو عبد الله العطار فبصير بالعربية والنحو وأما محمد بن أسلم فلو أمكنني زيارته لزرته.

قال أحمد بن سلمة قلت لأبي حاتم أقبلت على قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه؟ فقال لا أعلم في دهر ولا عصر مثل هذين الرجلين.

قال داود بن الحسين البيهقي سمعت إسحاق الحنظلي يقول دخلت على عبد الله بن طاهر الأمير وفي كمي تمر آكله فنظر إلي وقال يا أبا يعقوب إن لم يكن تركك للرياء من الرياء فما في الدنيا أقل رياء منك.

ص: 312

وهذه أبيات لأحمد بن سعيد الرباطي:

قربي إلى الله دعاني إلى

حب أبي يعقوب إسحاق

لم يجعل القرآن خلقاً كما

قد قاله زنديق فساق

يا حجة الله على خلقه

في سنة الماضين للباقي

أبوك إبراهيم محض التقى

سباق مجد وبن سباق

قال أحمد بن كامل أخبرنا أبو يحيى الشعراني أن إسحاق توفي سنة ثمان وثلاثين وأنه رحمه الله كان يخضب بالحناء وقال ما رأيت بيده كتاباً قط وما كان يحدث إلا حفظاً وقال كنت إذا ذاكرت إسحاق العلم وجدته فيه بحراً فرداً فإذا جئت إلى أمر الدنيا رأيته لا رأي له.

قلت قد كان مع حفظه إماماً في التفسير رأساً في الفقه من أئمة الاجتهاد.

قال أحمد بن سلمة سمعت إسحاق الحنظلي رضي الله عنه يقول ليس بين أهل العلم اختلاف أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق وكيف يكون شيء خرج من الرب عز وجل مخلوقاً؟! قال أبو العباس السراج سمعت إسحاق الحنظلي يقول دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر وعنده منصور بن طلحة فقال لي منصور يا أبا يعقوب تقول إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت نؤمن به إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء رباً لا تحتاج أن تسألني عن هذا فقال له طاهر الأمير ألم أنهك عن هذا الشيخ؟ قال أبو داود السجستاني سمعت بن راهويه يقول من قال لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي.

وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين قال له كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء فقال آمنت برب يفعل ما يشاء.

قلت هذه الصفات من الاستواء والإتيان والنزول قد صحت بها النصوص ونقلها الخلف عن السلف ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل بل أنكروا على من تأولها مع إصفاقهم على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين وأن الله ليس كمثله شيء ولا تنبغي المناظرة ولا التنازع فيها فإن في ذلك مخولة للرد على الله ورسوله أو حوماً على التكييف أو التعطيل.

قال أبو عبد الله الحاكم إسحاق وبن المبارك ومحمد بن يحيى هؤلاء دفنوا كتبهم.

ص: 313

قلت هذه فعله عدة من الأئمة وهو دال أنهم لا يرون نقل العلم وجادة فإن الخط قد يتصحف على الناقل وقد يمكن أن يزاد في الخط حرف فيغير المعنى ونحو ذلك وأما اليوم فقد اتسع الخرق وقل تحصيل العلم من أفواه الرجال بل ومن الكتب غير المغلوطة وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجى.

قال الدولابي قال محمد بن إسحاق بن راهويه ولد أبي في سنة ثلاث وستين ومئة وتوفي ليلة نصف شعبان سنة ثمان وثلاثين ومئتين قال وفيه يقول الشاعر:

يا هدة ما هددنا ليلة الأحد

في نصف شعبان لا تنسى بد الأبد

وقال أبو عبد الله البخاري توفي ليلة نصف شعبان وله سبع وسبعون سنة ثم قال الخطيب عقيب هذا فهذا يدل على أن مولده في سنة إحدى وستين ومئة.

فائدة لا فائدة فيها نحكيها لنليشها قال أبو عبيد محمد بن علي الآجري صاحب كتاب مسائل أبي داود - وما علمت أحداً لينه - سمعت أبا داود السجستاني يقول إسحاق بن راهويه تغير قبل موته بخمسة أشهر وسمعت منه في تلك الأيام فرميت به.

قلت فهذه حكاية منكرة وفي الجملة فكل أحد يتعلل قبل موته غالباً ويمرض فيبقى أيام مرضه متغير القوة الحافظة ويموت إلى رحمة الله على تغيره ثم قبل موته بيسير يختلط ذهنه ويتلاشى علمه فإذا قضى زال بالموت حفظه فكان ماذا؟ أفبمثل هذا يلين عالم قط؟! كلا والله ولا سيما مثل هذا الجبل في حفظه وإتقانه.

نعم ما علمنا استغربوا من حديث بن راهويه على سعة علمه سوى حديث واحد وهو حديثه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن ميمونة في الفأرة التي وقعت في سمن فزاد إسحاق في المتن من دون سائر أصحاب سفيان هذه الكلمة "وإن كان ذائباً فلا تقربوه"

(316)

ولعل الخطأ فيه من بعض المتأخرين أو من راويه عن إسحاق.

نعم وحديث تفرد به جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا إسحاق حدثنا شبابة

(316)

ضعيف بهذا اللفظ: وتمامه عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فأرة وقعت في سمنٍ فماتت، فقال:"إن كان جامدًا". فخذوها وما حولها، وكُلُوا ما بقى، وإن كان مائعًا فلا تأكُلُوه". أخرجه أحمد (2/ 232 - 233 و 265 و 490)، وابن أبي شيبة (8/ 280)، وأبو داود (3842)، والدارقطني في "العلل" (7/ 287)، والبيهقي (9/ 353) من طرق عن معمر، أخبرنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به. وهو لفظ ضعيف لشذوذه. =

ص: 314

عن الليث عن عقيل عن بن شهاب عن أنس قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ارتحل" فهذا منكر والخطأ فيه من جعفر فقد رواه مسلم في صحيحه عن عمرو والناقد عن شبابة ولفظه "إذا كان في سفر وأراد الجمع أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما"

(317)

تابعه الحسن بن محمد الزعفراني عن شبابة وقد اتفقا عليه في الصحيحين من حديث عقيل عن بن شهاب عن أنس ولفظه "إذا عجل به السير أخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما"

(318)

.

ومع حال إسحاق وبراعته في الحفظ يمكن أنه لكونه كان لا يحدث إلا من حفظه جرى عليه الوهم في حديثين من سبعين ألف حديث فلو أخطأ منها في ثلاثين حديثاً لما حط ذلك رتبته عن الاحتجاج به أبداً بل كون إسحاق تتبع حديثه فلم يوجد خطأ قط سوى حديثين يدل على أنه أحفظ أهل زمانه.

قال الحافظ أبو عمرو المستملي أخبرني علي بن سلمة الكرابيسي - وهو من الصالحين - قال رأيت ليلة مات إسحاق الحنظلي كأن قمراً ارتفع من الأرض إلى السماء من سكة

= فقد أخطأ معمر في إسناده في روايته الحديث عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة كما أوردنا فقد خالف أصحاب الزهري فرووة عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة، وهو أصح كما قال البخاري، والترمذي، وأبو حاتم في "العلل" لابنه (2/ 12)، والدارقطنى في "العلل" (7/ 285 - 287). كما أنه أخطأ في متنه فزاد فيه زيادة غريبة وهى:"وإن كان مائعًا فلا تأكلوه".

فقد ورد عن جمع من أصحاب الزهري بهذا الإسناد الصحيح؛ فأخرجه أحمد (6/ 329)، والبخاري (5538)، وأبو داود (3841)، والترمذي (1798)، والنسائي (7/ 178) عن سفيان بن عيينة، وأخرجه أحمد (6/ 330) عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، وأخرجه أحمد (6/ 335)، والبخاري (5540)، والنسائي (7/ 178) عن مالك بن أنس ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة رضي الله عنهم قالت: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن فأرة سقطت في سمن فقال: "ألقوها وما حولها وكلوه" وهذه الرواية المحفوظة.

وأمَّا الرواية الأولى عن معمر، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فهى رواية شاذة خالف فيها معمر أصحاب الزهري كما بيَّنا.

(317)

صحيح: أخرجه مسلم (703)(47).

(318)

صحيح: أخرجه البخاري (1111) و (1112)، ومسلم (704) من طريق المفضل بن فضالة، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخرَّ الظُّهر إلى وقت العصر، ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب".

ص: 315

إسحاق ثم نزل فسقط في الموضع الذي دفن فيه إسحاق قال ولم أشعر بموته فلما غدوت إذا بحفار يحفر قبر إسحاق في الموضع الذي رأيت القمر وقع فيه.

قال الحاكم حدثنا يحيى بن محمد العنبري سمعت إبراهيم بن أبي طالب سألت أبا قدامة عن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد فقال أما أفقههم فالشافعي إلا أنه قليل الحديث وأما أورعهم فأحمد وأما أحفظهم فإسحاق وأما أعلمهم بلغات العرب فأبو عبيد.

قال أبو القاسم البغوي قال لي موسى بن هارون قلت لإسحاق بن راهويه من أكبر أنت أو أحمد؟ قال هو أكبر مني في السن وغيره وكان مولد إسحاق في سنة ست وستين فيما يرى موسى قد مرت هذه المقالة.

وقال عثمان بن جعفر اللبان حدثنا علي بن إسحاق بن راهويه قال ولد أبي من بطن أمه مثقوب الأذنين فمضى جدي راهويه إلى الفضل بن موسى فسأله فقال يكون ابنك رأساً إما في الخير وإما في الشر.

هذه الحكايه رواها الخطيب في تاريخه

(319)

عن الجوهري أخبرنا الخطيب أخبرنا محمد بن العباس الخزاز حدثنا عثمان فذكرها وهذا إسناد جيد وحكاية عجيبة.

أخبرنا المسلم بن علان إجازة أخبرنا الكندي أخبرنا الشيباني أخبرنا الخطيب أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو يعقوب الخراساني عن عبد الرزاق عن النعمان بن أبي شيبة عن بن طاووس عن أبيه قال "ليس في الأوقاص صدقة".

قال السراج فسألت أبا يعقوب إسحاق بن راهويه فحدثني به قلت الأوقاص الكسور.

وروى محمد بن يزيد المستملي عن نعيم بن حماد قال إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد فاتهمه في دينه وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق فاتهمه وإذا رأيت البصري يتكلم في وهب بن جرير فاتهمه في دينه.

وقال أبو بكر بن نعيم سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول وافقت إسحاق بن

(319)

في "تاريخ بغداد"(11/ 297).

ص: 316

إبراهيم صاحبنا سنة تسع وتسعين ببغداد اجتمعوا في الرصافة أعلام الحديث فيهم أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما فكان صدر المجلس لإسحاق وهو الخطيب.

قال عبد الرحمن بن إسماعيل العروضي حدثنا النسائي قال إسحاق بن راهويه أحد الأئمة.

وقال عبد الكريم بن النسائي أخبرني أبي قال إسحاق ثقة مأمون سمعت سعيد بن ذؤيب يقول ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق وقال أبو عمرو نصر بن زكريا حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال سألني أحمد بن حنبل عن حديث الفضل بن موسى حديث بن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته ولا يلوي عنقه خلف ظهره"

(320)

قال فحدثته فقال رجل يا أبا يعقوب رواه وكيع بخلاف هذا فقال أحمد اسكت إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فحسبك به رواها الحاكم عن الحسن بن حاتم المروذي عن نصر.

وقال محمد بن يحيى بن خالد سمعت إسحاق يقول أحفظ أربعة آلاف حديث مزورة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن عبد الرحيم بن أبي سعد أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم أخبرنا جدي وأخبرنا أحمد عن أبي روح أخبرنا زاهر أخبرنا أبو يعلى بن الصابوني قالا أخبرنا أبو الحسين الخفاف أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبدة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت "هلكت قلادة لي فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبها رجالاً فحضرت الصلاة فلم يجدوا ماء ولم يكونوا على وضوء فصلوا بغير وضوء فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم"

(321)

أخرجه البخاري عن إسحاق.

ومات معه في العام بشر بن الوليد الكندي والربيع بن ثعلب وفقيه قرطبة عبد الملك بن حبيب وأحمد بن جواس الحنفي وأحمد بن محمد مردويه المروزي والزاهد إبراهيم بن أيوب الحوراني وإبراهيم بن هشام الغساني وإسحاق بن إبراهيم بن زبريق

(320)

صحيح: تقدَّم تخريجنا له قريبًا بتعليقنا رقم (313)، وهو عند أحمد (1/ 275 و 306)، والترمذي (587)، والنسائي في "المجتبى"(3/ 9)، وفي "الكبرى"(529)، وغيرهم فراجعه ثمَّت.

(321)

صحيح: أخرجه البخاري (336)، ومسلم (367)(109) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

ص: 317

وبشر بن الحكم العبدي وزهير بن عباد الرؤاسي وحكيم بن سيف الرقي وطالوت بن عباد الصيرفي وعمرو بن زرارة النيسابوري ومحمد بن بكار بن الريان ومحمد بن الحسين البرجلاني ومحمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن أبي السري العسقلاني ويحيى بن سليمان الجعفي وصاحب الأندلس عبد الرحمن بن الحكم المرواني.

‌1876 - الحسين بن منصور

(322)

ابن جعفر بن عبد الله بن رزين الإمام الحافظ الكبير أبو علي السلمي النيسابوري.

حدث عن سفيان بن عيينة ووكيع وأبي معاوية الضرير وأسباط بن أحمد وأبي أسامة وأخوي جده مبشر وعمر ابني عبد الله بن رزين وعدة.

حدث عنه البخاري ومسلم وأحمد بن سلمة وأحمد بن أبي بكر وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ والحسن بن سفيان وأبو العباس السراج ومحمد بن شادل الهاشمي ومحمد بن شاذان وشيخه يحيى بن يحيى التميمي وآخرون.

وثقه النسائي قال الحاكم هو شيخ العدالة والتزكية في عصره وأخص الناس بيحيى بن يحيى وكان يحيى يلومه على اشتغاله بالشهادة وسمعت خلف بن محمد البخاري سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر رئيس نيسابور ببخارى يقول حدثنا الحسن بن منصور وقد عرض عليه قضاء نيسابور فاختفى ثلاثة أيام ودعا الله فمات في اليوم الثالث.

قال السراج مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين ومئتين ومن كلامه رب معتزل للدنيا ببدنه مخالطها بقلبه ورب مخالط لها ببدنه مفارقها بقلبه وهو أكيسهما.

‌1877 - عبيد الله بن معاذ

(323)

ابن معاذ بن نصر حسان الحافظ الأوحد الثقة أبو عمرو العنبري البصري.

(322)

ترجمته في التاريخ الكبير (2/ترجمة 2889)، والجرح والتعديل (3/ترجمة 297)، والكاشف (1/ ترجمة 1120)، والعبر (1/ 427)، وتهذيب التهذيب (2/ 370)، وخلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1455) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 90).

(323)

ترجمته في التاريخ الكبير (5/ترجمة 1294)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 142) والجرح والتعديل (5/ ترجمة 1584)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 505)، والكاشف (2/ ترجمة 3640)، وتهذيب التهذيب (7/ 48)، وتقريب التهذيب (1/ 539)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 2600) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 88).

ص: 318

حدث عن أبيه ومعتمر بن سليمان ويحيى بن سعيد القطان وخالد بن الحارث ووكيع بن الجراح وطبقتهم.

حدث عنه مسلم وأبو داود والبخاري والنسائي بواسطة وأبو زرعة وأبو حاتم وعثمان الدارمي وزكريا بن يحيى خياط السنة وجعفر الفريابي وأبو القاسم البغوي وخلق كثير.

قال أبو داود كان يحفظ نحواً من عشرة آلاف حديث أحاديث أشعث بمسائله المعقدة وأحاديث معتمر وأحاديث خالد ورأيته يدرس حديث سفيان الثوري على ابنه وكان فصيحاً.

وقال أبو حاتم الرازي ثقة.

وقال البخاري مات سنة سبع وثلاثين ومئتين.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا محمد بن عمر القاضي ومحمد بن أحمد الطرائفي ومحمد بن علي قالوا أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن حدثنا جعفر بن محمد حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا حسين المعلم عن بن بريدة عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان"

(324)

.

‌1878 - عمر وبن رافع

(325)

بن الفرات البجلي الحافظ الإمام الثبت أبو حجر القزويني.

حدث عن إسماعيل بن جعفر ويعقوب بن عبد الله القمي وبن المبارك وجرير الضبي وهشيم وبن عيينة وعباد بن العوام وعمار بن محمد ويحيى بن أبي زائدة ويعقوب بن الوليد وعدة وكان جيد المعرفة واسع الرحلة.

(324)

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 593) من طريق عبيد الله بن معاذ، به.

وأخرجه أحمد (1/ 12 و 44)، وعبد بن حميد (11)، والبزار (305)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1777) من طرق عن ديلم بن غزوان، حدثنا ميمون الكردى، حدثنى أبو عثمان النهدي، عن عمر بن الخطاب، به.

(325)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ترجمة 1286)، والكاشف (2/ترجمة 4222)، وتهذيب التهذيب (8/ 32) وتقريب التهذيب (2/ 69)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5292).

ص: 319

حدث عنه بن ماجة وأبو زرعة وأبو حاتم وأحمد بن جعفر الجمال وأبو يحيى جعفر بن محمد الزعفراني وعلي بن سعيد بن بشير ومحمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي ومحمد بن أيوب بن الضريس ومحمد بن مسعود الأسدي وخلق سواهم.

قال أبو حاتم سمعت إبراهيم بن موسى يقول ما بقي أحد ممن كان يطلب معنا العلم غير عمرو بن رافع.

وقال أبو حاتم قل من كتبنا عنه أصدق لهجة وأصح حديثاً من عمرو بن رافع.

وقال بن حبان مستقيم الحديث.

وقال أبو يعلى الخليلي توفي سنة سبع وثلاثين ومئتين.

‌1879 - يحيى بن أيوب

(326)

الإمام العالم القدوة الحافظ أبو زكريا البغدادي المقابري العابد.

حدث عن شريك القاضي وإسماعيل بن جعفر وعباد بن عباد ومصعب بن سلام وعبد الله بن وهب وهشيم بن بشير وخلف بن خليفة وأمثالهم.

حدث عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة وبن أبي الدنيا ومحمد بن وضاح القرطبي والحسين بن فهم وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وأبو يعلى الموصلي وأحمد بن الحسن الصوفي الكبير ومحمد بن إبراهيم السراج وحامد بن شعيب البلخي وأبو القاسم البغوي وخلق كثير.

قال أحمد بن حنبل هو رجل صالح صاحب سكون ودعة.

وقال علي بن المديني صدوق.

وقال أبو شعيب الحراني كان من خيار عباد الله سمعت منه.

قال محمد بن مخلد حدثنا العباس بن محمد الأشهلي حدثني أبي قال مررت بمقابر فسمعت همهمة فإذا يحيى بن أيوب في حفرة من تلك الحفر وإذا هو يدعو ويبكي ويقول يا قرة عين المنقطعين ويا قرة عين العاصين أنت سترت عليهم ولم لا

(326)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 209)، والجرح والتعديل (9/ ترجمة 543)، وتاريخ بغداد (14/ 188)، والكاشف (3/ ترجمة 6248)، وتهذيب التهذيب (11/ 188)، وتقريب التهذيب (2/ 343)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 79).

ص: 320

تكون قرة عين المطيعين وأنت مننت عليهم بالطاعة؟ قال ويعاود البكاء فغلبني البكاء ففطن بي فقال تعال لعل الله إنما بعث بك لخير.

قال الحسين بن فهم كان يحيى بن أيوب ثقة ورعاً مسلماً يقول بالسنة ويعيب من يقول بقول جهم أو بخلاف السنة قال وتوفي يوم الأحد لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة أربع وثلاثين ومئتين.

وقال موسى بن هارون مات ليلة الأحد لعشر مضين من ربيع الأول سنة أربع وأخبرني أنه ولد في سنة سبع وخمسين ومئة.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا تميم بن أبي سعيد أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا أبو يعلى الموصلي حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً"

(327)

حديث صحيح غريب أخرجه مسلم وأبو داود عن يحيى فوافقناهما بعلو.

أخبرنا عبد الحافظ وبن غالية قالا أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن أحمد أخبرنا علي بن أحمد أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا يحيى بن أيوب العابد حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن المرء أو الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل الجنة"

(328)

أخرجه البخاري من طريق أبي حازم بأطول من هذا.

(327)

صحيح: أخرجه أحمد (2/ 397)، ومسلم (2674)، وأبو داود (4609)، والترمذي (2674)، وابن ماجه (206)، والدارمى (1/ 130 - 131)، والبغوي (109) من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

(328)

صحيح: أخرجه البخاري (2898)، ومسلم (112)(179) حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القارى، عن أبي حازم، به.

ص: 321

‌1880 - حرملة

(329)

بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران الإمام الفقيه المحدث الصدوق أبو حفص التجيبي مولى بني زميلة المصري.

حدث عن بن وهب فأكثر جداً وعن الشافعي فلزمه وتفقه به وعن أيوب بن سويد وبشر بن بكر وسعيد بن أبي مريم وطائفة.

حدث عنه مسلم وبن ماجة وبواسطة النسائي وأبو عبد الرحمن أحمد بن عثمان النسائي وإسحاق بن موسى النيسابوري وأحمد بن الهيثم وحفيده أحمد بن طاهر بن حرملة وبقي بن مخلد والحسن بن سفيان ومحمد بن أحمد بن عثمان المديني ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وآخرون.

قال أبو حاتم لا يحتج به.

وروى عباس الدوري عن يحيى قال شيخ بمصر يقال له حرملة كان أعلم الناس بابن وهب.

وقال بن عدي سألت عبد الله بن محمد الفرهاذاني أن يحدثني عن حرملة فقال حرملة ضعيف وحدثني عنه بثلاثة أحاديث.

وقال أبو عمر الكندي كان حرملة فقيهاً لم يكن بمصر أحد أكتب عن بن وهب منه وذلك أن بن وهب أقام في منزلهم سنة وأشهراً مستخفياً من عباد إذ طلبه ليوليه القضاء بمصر أخبرني بذلك يحيى بن أبي معاوية.

وأخبرني أبو سلمة وأبو دجانة قالا سمعنا حرملة يقول عادني بن وهب من الرمد وقال يا أبا حفص لا يعاد من الرمد ولكنك من أهلي.

وعن أحمد بن صالح قال صنف بن وهب مئة وعشرين ألف حديث عند بعض الناس منها النصف عنى نفسه وعند بعض الناس الكل يعني حرملة.

(329)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ ترجمة 245)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 236 و 645)، و (2/ 217 - 218) و (3/ 138)، والجرح والتعديل (3/ترجمة 1224)، والعبر (1/ 440)، وتذكرة الحفاظ (2/ 486)، والكاشف (1/ترجمة 986)، وميزان الاعتدال (1/ 472)، والمغني (1/ترجمة 1351)، وتهذيب التهذيب (2/ 229)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1284)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 103).

ص: 322

قال محمد بن موسى حديث بن وهب كله عند حرملة إلا حديثين.

قال بن عدي قد تبحرت حديث حرملة وفتشته الكثير فلم أجد في حديثه ما يجب أن يضعف من أجله ورجل توارى بن وهب عندهم ويكون حديثه كله عنده فليس يبعد أن يغرب على غيره.

قال هارون بن سعيد سمعت أشهب ونظر إلى حرملة فقال هذا خير أهل المسجد.

وقال بن يونس في تاريخه كان حرملة أملى الناس بما حدث به بن وهب.

قلت لم يرحل حرملة ولا عنده عن الحجازيين شيء.

قال بن يونس ولد في سنة ست وستين ومئة ومات في شوال لتسع بقين منه سنة ثلاث وأربعين ومئتين رحمه الله.

أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا مكرم بن محمد أخبرنا حمزة بن أسد التميمي سنة 553 أخبرنا سهل بن بشر أخبرنا محمد بن الحسين الطفال أخبرنا الحسن بن رشيق حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن مهران حدثنا حرملة أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك فأين ملوك الأرض"

(330)

هذا حديث صحيح ثابت والقرآن جاء بمصداقه.

أخبرنا علي بن علي القرشي وأحمد بن سلطان قالا أخبرنا بن مسلمة حدثنا علي بن الحسن الحافظ أخبرنا عبد الواحد بن حمد أخبرنا أحمد بن محمود الثقفي أخبرنا محمد بن إبراهيم أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد ربه عن عبد الله بن كعب الحميري إن أبا بكر حدثه أن مروان أرسله إلى أم سلمة يسأل عن الرجل يصبح جنباً أيصوم؟ فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع لا حلم ثم يصوم ولا يقضي

(331)

أخرجه النسائي عن أحمد بن الهيثم عن حرملة.

(330)

صحيح: أخرجه البخاري (6519)، ومسلم (2787) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن بن شهاب عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، به.

(331)

صحيح: أخرجه مالك (1/ 291)، والبخاري (1925)، ومسلم (1109)(78) من طريق أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة وأم سلمة زَوْجَى النبي صلى الله عليه وسلم أنهما قالتا: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُصبِحُ جُنبًا من جِماع، غَير احتلام، في رمضان، ثم يصوم".

ص: 323

‌1881 - سجادة

(332)

هو الإمام القدوة المحدث الأثري أبو علي الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي البغدادي.

حدث عن أبي بكر بن عياش وحفص بن غياث وعبد الرحمن بن محمد المحاربي وعلي بن هاشم بن البريد وأبي خالد الأحمر ومحمد بن فضيل وجماعة.

حدث عنه أبو داود وبن ماجة وبواسطة النسائي وأبو يعلى الموصلي وأحمد بن الحسن الصوفي وعلي بن إسحاق بن زاطيا وأبو لبيد السامي وأبو القاسم البغوي ويحيى بن صاعد وخلق كثير.

قال الحسن بن الصباح قيل لأحمد بن حنبل إن سجادة سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثاً إن كلم زنديقاً فكلم رجلاً يقول القرآن مخلوق فقال سجادة طلقت امرأته فقال أحمد ما أبعد.

وقال علي بن فيروز سألت سجادة عن رجل حلف بالطلاق لا يكلم كافراً فكلم من يقول القرآن مخلوق قال طلقت امرأته.

وقال عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان سألت أحمد بن حنبل عن سجادة فقال صاحب سنة ما بلغني عنه إلا خير.

قلت كان من جلة العلماء وثقاتهم في زمانه.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد الله أخبرنا هبة الله بن حسين أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا عيسى بن الوزير قال قرئ على يحيى بن محمد وأنا أسمع قيل له حدثكم الحسن بن حماد سجادة وعبد الله بن الوضاح قالا حدثنا عمرو بن هاشم الجنبي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كانت امرأة تأتي قوماً فتستعير منهم الحلي ثم تمسكه فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "لتتب هذه المرأة إلى الله وإلى

(332)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 32)، وتاريخ بغداد (7/ 295)، والكاشف (1/ ترجمة 1031) والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (11/ 427)، وتهذيب التهذيب (2/ 272)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 306)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1334)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 99).

ص: 324

رسوله وترد على الناس متاعهم قم يا فلان فاقطع يدها" أخرجه النسائي

(333)

عن عثمان بن عبد الله عن سجادة فوقع بدلاً بعلو درجتين.

توفي سجادة في رجب سنة إحدى وأربعين ومئتين.

‌1882 - أبو كريب

(334)

محمد بن العلاء بن كريب الحافظ الثقة الإمام شيخ المحدثين أبو كريب الهمداني الكوفي.

ولد سنة إحدى وستين ومئة.

وحدث عن أبي بكر بن عياش وهشيم ويحيى بن أبي زائدة وبن المبارك وعبد الرحيم بن سليمان وعمر بن عبيد وأبي خالد الأحمر وأبي معاوية وبن علية وسفيان بن عيينة وحفص بن غياث وبن إدريس وعبدة بن سليمان وعبيد الله الأشجعي وعبد الله بن الأجلح وحكام بن سلم وشعيب بن إسحاق وزيد بن الحباب ومحمد بن أبي عبيدة بن معن ويحيى بن يمان ومعتمر بن سليمان وخلق كثير وينزل إلى طلق بن غنام وخالد بن مخلد القطواني وصنف وجمع وارتحل.

وعنه الجماعة الستة ومحمد بن يحيى الذهلي وأبو زرعة وأبو حاتم وبن أبي الدنيا وعثمان بن خرزاذ وموسى بن إسحاق وعبد الله بن أحمد وعبد الرحمن بن خراش وزكريا خياط السنة وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وقد أخرج النسائي أيضاً عن

(333)

ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه النسائي (8/ 71) من طريق الحسن بن حماد، قال: حدثنا عمرو بن هاشم الجُنبيُّ أبو مالك، به

قلت: إسناده ضعيف، آفته عمرو بن هاشم الجنبي، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب" لكن ورد بلفظ صحيح عن ابن عمر قال: كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها" أخرجه أحمد (2/ 151)، وأبو داود (4395)، والنسائي (8/ 70 - 71) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عنه، به.

وأخرجه مسلم (1688)(10) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.

(334)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 414)، والتاريخ الكبير (1/ترجمة 644)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (2/ 218)، والجرح والتعديل (8/ ترجمة 239)، والكاشف (3/ ترجمة 5179)، والعبر (1/ 453)، وتهذيب التهذيب (9/ 385)، وتقريب التهذيب (2/ 197)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6570)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 119).

ص: 325

هذين عنه ومطين وجعفر الفريابي وأبو يعلى وإبراهيم بن معقل وأحمد بن إسحاق بن بهلول وأحمد بن يحيى التستري وإسحاق بن إبراهيم البشتي وبدر بن الهيثم وجعفر بن أحمد بن سنان وحمدان بن غارم البخاري والحسن بن سفيان وأبو عروبة وعبد الله بن زيدان البجلي وبن ناجية والقاسم المطرز وبن خزيمة والسراج ومحمد بن هارون الروياني وعلي بن محمد بن هارون الحميري ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي وأمم سواهم.

قال حجاج بن الشاعر سمعت أحمد بن حنبل يقول لو حدثت عمن أجاب في المحنة لحدثت عن اثنين أبو معمر وأبو كريب أما أبو معمر فلم يزل بعدما أجاب يذم نفسه على إجابته وامتحانه ويحسن أمر من لم يجب وأما أبو كريب فأجري عليه ديناران وهو محتاج فتركهما لما علم أنه أجري عليه لذلك.

قال الحسن بن سفيان قال محمد بن عبد الله بن نمير ما بالعراق أكثر حديثاً من أبي كريب ولا أعرف بحديث بلدنا منه.

وثقه النسائي وغيره.

وقال أبو حاتم صدوق.

وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف ما رأيت من المشايخ بعد إسحاق أحفظ من أبي كريب.

وقال موسى بن إسحاق سمعت من أبي كريب مئة ألف حديث.

وقال إبراهيم بن أبي طالب قال لي محمد بن يحيى الذهلي من أحفظ من رأيت بالعراق؟ قلت لم أر بعد أحمد بن حنبل أحفظ من أبي كريب.

قال الحافظ أبو علي النيسابوري سمعت بن عقدة يقدم أبا كريب في الحفظ والكثرة على جميع مشايخهم ويقول ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاث مئة ألف حديث.

وقال محمد بن حامد بن إدريس البخاري عن صالح بن محمد جزرة غلبت اليبوسة مرةً على رأس أبي كريب فجيء بالطبيب فقال ينبغي أن يغلف رأسه بالفالوذج قال ففعلوا قال فتناوله من رأسه ووضعه في فيه وقال بطني أحوج إليه من رأسي.

قلت بلغ في رحلته إلى دمشق فعنه قال أتيت يحيى بن حمزة فوجدت عليه سواد القضاء فلم أسمع منه وكنت سافرت أريد إفريقية.

قال مطين أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت.

ص: 326

قلت فعل هذا بكتبه من الدفن والغسل والإحراق عدة من الحفاظ خوفاً من أن يظفر بها محدث قليل الدين فيغير فيها ويزيد فيها فينسب ذلك إلى الحافظ أو إن أصوله كان فيها مقاطيع وواهيات ما حدث بها أبداً وإنما انتخب من أصوله ما رواه وما بقي فرغب عنه وما وجدوا لذلك سوى الإعدام فلهذا ونحوه دفن رحمه الله كتبه.

قال البخاري وغيره مات أبو كريب في يوم الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين ومئتين.

وقال مطين مات لثلاث بقين من جمادى الأولى ومن قال مات سنة سبع فقد أخطأ وعاش سبعاً وثمانين سنة.

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا هبة الله بن أبي شريك أخبرنا أبو الحسين بن النقور أخبرنا عيسى بن علي قال قرئ على القاضي أبي القاسم بدر بن الهيثم وأنا أسمع قيل له حدثكم محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو معاوية حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن في الجنة سوقاً ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء فإذا اشتهى رجل صورة دخل فيها وإن فيها لمجمع الحور العين يرفعن أصواتاً لم تسمع الخلائق مثلها: نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن الناعمات فلا نبؤس فطوبى لمن كان لنا وكنا له"

(335)

.

قال لنا القاضي أبو القاسم هذا الحديث رفعه أبو معاوية ووقفه بن فضيل.

حدثنا القاضي أبو القاسم حدثنا علي بن المنذر حدثنا بن فضيل حدثنا عبد الرحمن عن النعمان بن سعد عن علي قال "إن في الجنة لسوقاً ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء من اشتهى صورة دخل فيها"

(336)

.

(335)

ضعيف: أخرجه الترمذي (2550) و (2564) من طريق أحمد بن منيع وهناد قالا حدثنا أبو معاوية، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، به.

وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الرحمن بن إسحاق، هو أبو شيبة الواسطى، أجمعوا على ضعفه. وقد أشار الترمذي إلى ضعف الحديث بقوله: هذا حديث غريب، واصطلاحه هذا معروف عند الأكابر بَلْه الأصاغر من طلاب علم الحديث.

(336)

ضعيف: فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي، وقد علمت ضعفه في الحديث السابق.

ص: 327

أخرجه الترمذي وحده عن الثقة عن أبي معاوية جعله حديثين.

قرأت على أحمد بن هبة الله بن أحمد عن عبد المعز بن محمد أخبرنا تميم الجرجاني أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو بن حمدان أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره قال "بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا" أخرجه مسلم

(337)

عن أبي كريب فوافقناه.

‌1883 - الحلواني

(338)

الإمام الحافظ الصدوق أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الهذلي الريحاني الخلال المجاور بمكة.

حدث عن أبي معاوية الضرير ومعاذ بن هشام ووكيع بن الجراح ويزيد بن هارون وأبي أسامة وزيد بن الحباب وعبد الرزاق وأزهر السمان وعبد الصمد بن عبد الوارث وخلق كثير ولم يلحق سفيان بن عيينة.

حدث عنه الجماعة سوى النسائي وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو جعفر مطين وعبد الله بن صالح البخاري وأبو العباس السراج ومحمد بن المجدر ويحيى بن الحسن النسابة وآخرون.

قال يعقوب بن شيبة كان ثقة ثبتاً متقناً.

وقال أبو داود كان عالماً بالرجال ولا يستعمل علمه.

قلت لاشتغاله - لعل - بالاستعداد للعبور.

قال إبراهيم بن أورمة الحافظ بقي اليوم في الدنيا ثلاثة محمد بن يحيى الذهلي بخراسان وأحمد بن الفرات بأصبهان والحسن بن علي الحلواني بمكة.

قلت مات الحلواني في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومئتين.

(337)

صحيح: أخرجه مسلم (1732).

(338)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ترجمة 86)، وتاريخ بغداد (7/ 365)، والكاشف (1/ترجمة 1056) والأنساب للسمعاني (4/ 214)، والعبر (1/ 437)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 539)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (12/ 166)، وتهذيب التهذيب (2/ 302)، وخلاصة الخزرجي (1/ترجمة 1363) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 100).

ص: 328

قرأت على زينب بنت عمر ببعلبك عن عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرة بن حمدان حدثنا محمد بن هارون بن حميد حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عمران بن أبان حدثنا مسلم عن إسماعيل بن أمية أخبرني أبو الزبير عن طاووس عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة وهي شاكية فقال "حجي واشترطي وقولي محلي حيث حبستني"

(339)

.

عمران بن أبان صويلح ومسلم الزنجي.

‌1884 - الحسين بن حريث

(340)

بن الحسن بن ثابت بن قطبة الإمام الحافظ الحجة أبو عمار الخزاعي المروزي مولى عمران بن حصين وقال بن حبان هو الحسين بن حريث مولى الحسن بن ثابت بن قطبة مولى عمران بن حصين.

سمع عبد الله بن المبارك وعبد العزيز بن أبي حازم وفضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن محمد وسفيان بن عيينة والفضل السيناني وطبقتهم.

حدث عنه الجماعة الستة سوى بن ماجة وأبو زرعة الرازي والحسن بن سفيان

(339)

صحيح: أخرجه أحمد (1/ 337)، ومسلم (1208)، وابن ماجه (2938)، والدارقطنى (3/ 235) والبيهقي (5/ 221) من طرق عن ابن جريج، أخبرنى أبو الزبير أن طاوسًا أخبره عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضُباعة وهي شاكية فقالت: إنى أريد الحج وأنا شاكية، فقال لها: حجى واشترطى

" الحديث.

وأخرجه أحمد (1/ 330 و 352)، ومسلم (1208)(106) و (107) وأبو داود (1776)، والترمذي (1941)، وابن الجارود (415)، والطبراني في "الكبير"(11/ 11909 و 11947) و (24/ 857 - 832)، والبيهقي (5/ 221 و 222) من طرق عن ابن عباس، به.

وورد عن عائشة: عند أحمد (6/ 130 و 161 و 162 و 200)، والبخاري (5928) و (5930)، ومسلم (1189) والنسائي (5/ 138)، والطحاوي (2/ 130)، وأبو يعلى (4391) والبيهقي (5/ 34) من طرق عن عروة بن الزبير، عنها، به.

(340)

ترجمته في التاريخ الكبير (2/ترجمة 2891)، والجرح والتعديل (3/ترجمة 225)، وتاريخ بغداد (8/ 36 - 37)، والعبر (1/ 442)، والكاشف (1/ترجمة 1090)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (12/ 350)، وتهذيب التهذيب (2/ 333)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 319)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 1416)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 105).

ص: 329

والبغوي ومحمد بن هارون الحضرمي وأبو بكر بن خزيمة وبن صاعد وإبراهيم بن محمد متويه وخلق كثير.

وثقه النسائي.

وقال إمام الأئمة بن خزيمة رأيت أبا عمار رحمه الله في المنام بعد وفاته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بيض وعمامة خضراء وهو يقرأ "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" الزخرف: 80، فأجابه مجيب من موضع القبر حقاً قلت يا زين أركان الجنان.

قلت مات أبو عمار بقرميسين

(341)

منصرفاً من الحج في سنة أربع وأربعين ومئتين.

‌1885 - عبد الجبار بن العلاء

(342)

بن عبد الجبار الإمام المحدث الثقة أبو بكر البصري ثم المكي المجاور مولى الأنصار.

سمع سفيان بن عيينة ويوسف بن عطية ومروان بن معاوية وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن جعفر غندراً وطبقتهم.

حدث عنه مسلم والترمذي والنسائي وأبو بكر بن أبي عاصم وإسحاق بن أحمد الخزاعي وعمر بن بجير وأبو قريش محمد بن جمعة ويحيى بن صاعد وإمام الأئمة بن خزيمة وأبو عروبة الحراني وخلق كثير.

وقد روى النسائي أيضاً عن خياط السنة عنه.

قال النسائي لا بأس به.

وقال أبو حاتم صالح الحديث.

قال بن خزيمة ما رأيت أحداً أسرع قراءة منه ومن بندار.

(341)

قَرميسين: هو تعريب كرمان شاهان، وهو بلد معروف، بينه وبين همذان ثلاثون فرسخًا، قرب الدِّينور، وهى بين همذان وحلوان.

(342)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 1868)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 172)، والكاشف (2/ ترجمة 3125)، والعبر (1/ 451) و (2/ 159)، وتهذيب التهذيب (6/ 104)، وتقريب التهذيب (1/ 466) وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3960)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 118).

ص: 330

قال السراج مات بمكة في أول شهر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين ومئتين.

قلت كان من أبناء الثمانين.

‌1886 - أبوه

(343)

أبو الحسن البصري العطار جاور بمكة وكان صاحب حديث.

ورى عن جرير بن حازم وحماد بن سلمة ومبارك بن فضالة ونافع بن عمر وجماعة.

وعنه البخاري وأحمد بن الفرات وأحمد بن سليمان الرهاوي وعبد الله بن شبيب وأبو يحيى بن أبي مسرة والكديمي وعلي بن أحمد بن النضر وخلق.

قال النسائي ليس به بأس.

قلت توفي سنة اثنتي ومئتين من أبناء السبعين.

‌1887 - المسيب بن واضح

(344)

بن سرحان الإمام المحدث العالم أبو محمد السلمي التلمنسي

(345)

نسبة إلى قرية من قرى حمص.

حدث عن عبد الله بن المبارك ومعتمر بن سليمان وإسماعيل بن عياش وحفص بن ميسرة وهو أقدم شيخ له وأبي إسحاق الفزاري ويوسف بن أسباط وخلق سواهم.

حدث عنه ذو النون المصري مع تقدمه وأبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن تمام البهراني وأبو عروبة الحراني والحسن بن سفيان وأبو بكر بن أبي داود وأحمد بن هشام بن الليث الفارسي وآخرون.

(343)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ترجمة 3173)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 1977)، والأنساب للسمعاني (8/ 474).

(344)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 1355)، وميزان الاعتدال (4/ترجمة 8548)، ولسان الميزان (6/ 40 - 41).

(345)

نسبة إلى: "تَلِّ مَنَّس" بفتح الميم، وتشديد النون المفتوحة، وسين مهملة، وهى حصن قرب معرة النعمان، وقال الحافظ أبو القاسم: تَلّ منَّس قرية من قرى حمص ينسب إليها المسيب بن واضح. قاله ياقوت الحموى في "معجم البلدان".

ص: 331

قال أبو حاتم صدوق يخطئ كثيراً فإذا قيل له لم يقبل وكان النسائي حسن الرأي فيه ويقول الناس يؤذوننا فيه.

وذكره بن عدي فأورد له عدة أحاديث مناكير ثم قال أرجو أن باقي حديثه مستقيم وهو ممن يكتب حديثه وسمعت أبا عروبة يقول كان المسيب لا يحدث إلا بشيء يعرفه ويقف عليه.

قال بن عدي وسمعت الحسين بن عبد الله القطان يقول سمعت المسيب بن واضح يقول خرجت من تلمنس أريد مصر للقاء بن لهيعة فأخبرت بموته.

قال السلمي سألت الدارقطني عن المسيب بن واضح فقال ضعيف.

وقال الدراقطني في مواضع من سننه فيه ضعف.

المسيب حدثنا بن المبارك عن سفيان عن فرات عن أبي حازم عن بن عمر مرفوعاً أنه كره شم الطعام وقال إنما يشم السباع

(346)

.

المسيب حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي عبيد عن أبيه مرفوعاً "من بنى فوق ما يكفيه كلف نقل البنيان إلى المحشر"

(347)

.

المسيب حدثنا حجاج عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح"

(348)

صوابه موقوف.

مات المسيب في آخر سنة ست وأربعين ومئتين بحمص.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضوراً أخبرنا علي بن المسلم أخبرنا الحسين بن طلاب أخبرنا محمد بن أحمد الغساني حدثنا أحمد بن هشام بصور حدثنا المسيب بن واضح حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن يحيى عن

(346)

منكر: أخرجه ابن عدى في "الكامل"(6/ 387)، وآفته المسيَّب بن واضح السلمى، فإنه ضعيف بالاتفاق. وساق الذهبي في ترجمته في "الميزان" هذا الحديث في جملة منكراته. أما الفرات فهو ابن أبي عبد الرحمن القزاز الكوفي، وهو ثقة. وأبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي، وهو ثقة.

(347)

منكر: أخرجه ابن عدى في "الكامل"(6/ 387)، وآفته المسيب بن واضح، وهو مجمع على ضعفه. وعدَّ الذهبي هذا الحديث أيضًا من جملة من منكراته في ترجمته في "الميزان".

(348)

منكر: أخرجه ابن عدى في "الكامل" وآفته المسيب هذا، والحديث عدَّه الذهبي، وابن عدى من جملة منكراته.

ص: 332

عثمان بن يحيى عن بن عباس قال "أول ما سمع بالفالوذج أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أمتك ستفتح لهم الأرض وما يكثر عليهم من الدنيا حتى إنهم ليأكلون الفالوذج قال وما الفالوذج؟ قال يخلطون العسل والسمن جميعاً فشهق النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك شهقة"

(349)

هذا حديث منكر أخرجه بن ماجة.

‌1888 - أبو قدامة السرخسي

(350)

الإمام العالم الحافظ شيخ الإسلام أبو قدامة عبيد الله بن سعيد بن يحيى بن برد اليشكري مولاهم السرخسي نزيل نيسابور.

سمع سفيان بن عيينة وحفص بن غياث ويحيى بن سعيد ومعاذ بن هشام وإسحاق الأزرق وعبد الرحمن بن مهدي ووهب بن جرير وطبقتهم.

وكان واسع الرحلة من أوعية العلم ومن دعاة السنة وفي النسخة بكتاب أفعال العباد للبخاري أخبرنا أبو قدامة عن حماد بن زيد هكذا وما أعتقد أنه لحق حماداً.

حدث عنه البخاري ومسلم والنسائي وأبو زرعة وإبراهيم بن أبي طالب والحسين بن محمد القباني وجعفر الفريابي وبن خزيمة وأبو العباس السراج وخلق كثير.

قال النسائي ثقة مأمون قل من كتبنا عنه مثله.

(349)

موضوع: هذا إسناد ضعيف، فيه المسيب بن واضح. وهو ضعيف. روى مناكير كما قد علمت في ما سبق والمتن موضوع وأخرجه ابن ماجه (3340)، وابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق عبد الوهاب ابن الضحاك السُّلَّمى، أبو الحارث، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا محمد بن طلحة عن عثمان بن يحيى، عن ابن عباس، به.

قلت: إسناده موضوع، فيه علتان: الأولى: عبد الوهاب بن الضحاك، كذبه أبو حاتم. وقال النسائي وغيره: متروك. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال ابن الجوزي: إنه موضوع باطل لا أصل له.

وجعله آفة الحديث. والعلة الثانية: إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين، فمحمد بن طلحة هو ابن مصرف اليامى، وهو كوفى.

أما عثمان بن يحيى فهو الحضرمي، قال الذهبي: صدوق إن شاء الله. وقال الأزدي: لا يُكتب حديثه.

(350)

ترجمته في التاريخ الكبير (5/ ترجمة 1227)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (2/ 377) والجرح والتعديل (5/ ترجمة 1507)، والكاشف (2/ ترجمة 3598)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 515)، وتهذيب التهذب (7/ 16 - 17)، وتقريب التهذيب (1/ 533)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4551) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 99).

ص: 333

وقال إبراهيم بن أبي طالب ما قدم علينا نيسابور أثبت منه ولا أتقن منه.

وقال أبو حاتم بن حبان هو الذي أظهر السنة بسرخس ودعا الناس إليها.

وقال يحيى بن محمد الذهلي كان أبو قدامة إماماً فاضلاً خيراً.

قال البخاري مات أبو قدامة سنة إحدى وأربعين ومئتين زاد غيره بفربر ويقع لي من عالي روايته في صفة المنافق.

‌1889 - عمرو بن زرارة

(351)

ابن واقد المحدث الإمام الثبت أبو محمد الكلابي النيسابوري المقرئ.

تلا على الكسائي وحدث عن هشيم ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعبد العزيز بن أبي حازم وسفيان بن عيينة وزياد بن عبد الله البكائي وبن علية وطبقتهم.

حدث عنه البخاري ومسلم والنسائي ومحمد بن يحيى الذهلي وأبو محمد الدارمي وإبراهيم بن أبي طالب والحسن بن سفيان وأبو العباس السراج ومسدد بن قطن وآخرون.

قال أحمد بن سيار كان رجلاً قصيراً إلى أدمة ما هو طويل اللحية ولا يخضب.

وقال النسائي ثقة.

وقال أحمد بن سلمة عن عمرو بن زرارة قال صحبت بن علية ثلاث عشرة سنة ما رأيته يتبسم فيها.

قال الحاكم سمع عمرو بن زرارة أبا عبيدة الحداد وهشيماً وسمى جماعة قال وقرأ على الكسائي وقد أدركت من أعقابه جماعة.

قال السراج كان فيه زعارة

(352)

.

وقال داود بن الحسين البيهقي كنا نختلف إلى عمرو بن زرارة فخرج علينا يوماً

(351)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2554)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 1293)، والكاشف (2/ ترجمة 4224)، والعبر (1/ 427)، وتهذيب التهذيب (8/ 35)، وتقريب التهذيب (2/ 70)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5296) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 90).

(352)

زعارَّة: أي شراسة وسوء خلق.

ص: 334

فضحك رجل فقال عمرو هب التحرج أليس التقى؟ هب التقى أليس الحياء؟ ثم قام ودخل.

قلت قد يقال للزعر الأخلاق هب حسن الخلق ذهب أليس الحلم وهب الحلم ذهب أليس العفو.

قال البخاري مات سنة ثمان وثلاثين ومئتين.

‌1890 - عمر بن زرارة

(353)

المحدث الصادق أبو حفص الحدثي هو غير صاحب الترجمة له نسخة مشهورة عالية عند الكندي.

حدث عن شريك القاضي وأبي المليح الرقي وجماعة.

حدث عنه صالح بن محمد جزرة وأبو القاسم البغوي.

وثقه الدارقطني.

وقال صالح جزرة شيخ مغفل.

سئل أبو أحمد الحاكم ما يقول الشيخ فيمن جعل عمر بن زرارة الحدثي عمرو بن زرارة الكلابي؟ فقال من هذا الطبل؟ فقالوا له هو أبو عبد الله بن البيع.

‌1891 - سويد بن نصر

(354)

الشاه الإمام المحدث أبو الفضل المروزي من أبناء التسعين.

حدث عن بن المبارك وأكثر عنه وسفيان بن عيينة ونوح بن أبي مريم وطائفة.

حدث عنه الترمذي والنسائي والحسين بن إدريس الهروي والحسن بن الطيب البلخي وآخرون.

وثقه النسائي.

(353)

ترجمته في تاريخ بغداد (11/ 202)، والعبر (1/ 434)، واللباب لابن الأثير (1/ 348)، ولسان الميزان (4/ 306).

(354)

ترجمته في التاريخ الكبير (4/ ترجمة 2280)، والجرح والتعديل (4/ ترجمة 1025) والإكمال لابن ماكولا (7/ 313)، والكاشف (1/ ترجمة 2222)، والعبر (1/ 432) و (2/ 94)، وتهذيب التهذيب (4/ 280)، وتقريب التهذيب (1/ 341)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2836)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 94).

ص: 335

توفي سنة أربعين ومئتين بمرو وفيها توفي سويد بن سعيد الهروي الحدثاني فالحدثاني أكبرهما وأشهرهما والشاه أوثقهما وأتقنهما.

‌1892 - الأنطاكي

(355)

الإمام القدوة واعظ دمشق أبو عبد الله أحمد بن عاصم الأنطاكي الزاهد.

يروي عن أبي معاوية الضرير ومخلد بن الحسين والهيثم بن جميل وإسحاق بن إبراهيم الحنيني.

حدث عنه أحمد بن أبي الحواري وأبو زرعة الدمشقي ومحمود بن خالد وعبد العزيز بن محمد الدمشقي وآخرون.

قال أبو حاتم الرازي أدركته بدمشق وكان صاحب مواعظ وزهد.

قال أبو عبد الرحمن السلمي أحمد بن عاصم يكنى أبا علي وقيل أبو عبد الله من أقران بشر الحافي وسري السقطي كان يقال هو جاسوس القلوب.

قال أحمد بن أبي الحواري سمعت أحمد بن عاصم يقول إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح هاه غنيمة باردة أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى ما أغبط إلا من عرف مولاه.

وعنه قال يسير اليقين يخرج كل الشك من القلب.

بن أبي حاتم قال لي علي بن عبد الرحمن قال لي أحمد بن عاصم قلة الخوف من قلة الحزن في القلب كما أن البيت إذا لم يسكن خرب.

قال أبو زرعة أملى علي أحمد بن عاصم الحكيم الناس ثلاث طبقات مطبوع غالب وهم المؤمنون فإذا غفلوا ذكروا ومطبوع مغلوب فإذا بصروا أبصروا ورجعوا بقوة العقل ومطبوع مغلوب غير ذي طباع ولا سبيل إلى رد هذا بالمواعظ.

قلت فما الظن إذا كان واعظ الناس من هذا الضرب عبد بطنه وشهوته وله قلب عري من الحزن والخوف فإن انضاف إلى ذلك فسق مكين أو انحلال من الدين فقد خاب وخسر ولا بد أن يفضحه الله تعالى.

(355)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 117)، وحلية الأولياء (9/ ترجمة 449).

ص: 336

وعنه الخير كله أن تزوى عنك الدنيا ويمن عليك بالقنوع وتصرف عنك وجوه الناس.

وله من هذا النحو مواعظ نافعة ووقع في النفوس رحمه الله.

‌1893 - سويد بن سعيد

(356)

بن سهل بن شهريار الإمام المحدث الصدوق شيخ المحدثين أبو محمد الهروي ثم الحدثاني الأنباري نزيل حديثة النورة بليدة تحت عانة وفوق الأنبار رحال جوال صاحب حديث وعناية بهذا الشأن.

لقي الكبار وحدث عن مالك بن أنس بالموطأ وحماد بن زيد وعمرو بن يحيى بن سعيد الأموي وعبد الرحمن بن أبي الرجال وشريك القاضي وعبد الحميد بن الحسن الهلالي وسوار بن مصعب وأبي الأحوص وحفص بن ميسرة الصنعاني وعبد ربه بن بارق ومسلم الزنجي وإبراهيم بن سعد وخالد بن يزيد بن أبي مالك وفضيل بن عياض وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وبقية بن الوليد وسفيان بن عيينة وعلي بن مسهر وعبد العزيز بن أبي حازم والدراوردي وعبد الرحمن بن أبي الزناد وفرج بن فضالة وخلق كثير بالحرمين والشام والعراق ومصر.

ورى عنه مسلم وبن ماجة وبقية شيخه وأبو عبد الرحمن المقرئ ومحمد بن سعد وأحمد بن الأزهر وأبو زرعة وبقي بن مخلد وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وإبراهيم بن هانئ وعبيد العجل والحسن المعمري وإسحاق المنجنيقي وجعفر الفريابي وأحمد بن محمد بن الجعد الوشاء راوي الموطأ عنه وسعيد بن عبد الله بن عجب الأنباري وعبد الله بن أحمد والقاسم المطرز وأبو القاسم البغوي وأبو بكر الباغندي وآخرون.

قال عبد الله بن أحمد عرضت على أبي أحاديث لسويد بن سعيد عن ضمام بن إسماعيل فقال لي اكتبها كلها أو قال تتبعها فإنه صالح أو قال ثقة.

(356)

ترجمته في الضعفاء والمتروكين للنسائي (ترجمة 260)، والجرح والتعديل (4/ ترجمة 1026)، والمجروحين لابن حبان (1/ 352)، وتاريخ بغداد (9/ 228)، والأنساب للسمعاني (4/ 80)، والكاشف (1/ ترجمة 2215)، والمغني (1/ ترجمة 2706)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 462)، والعبر (1/ 432)، وميزان الاعتدال (2/ ترجمة 3621)، وتهذيب التهذيب (4/ 272)، وتقريب التهذيب (1/ 340)، وخلاصة الخزرجي (1/ ترجمة 2827)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 94).

ص: 337

قال الحسن الميموني سأل رجل أبا عبد الله يعني أحمد عن سويد فقال ما علمت إلا خيراً فقال له إنسان جاءه بكتاب فضائل فجعل علياً رضي الله عنه أولها وأخر أبا بكر وعمر فعجب أبو عبد الله من هذا وقال لعله أتي من غيره قالوا له وثم تلك الأشياء؟ قال فلم تسمعونها أنتم لا تسمعوها ولم أره يقول فيه إلا خيراً.

وقال أبو القاسم البغوي كان سويد من الحفاظ وكان أحمد بن حنبل ينتقي عليه لولديه صالح وعبد الله يختلفان إليه فيسمعان منه.

وقال أبو داود سمعت يحيى بن معين يقول سويد مات منذ حين.

قلت عنى أنه مات ذكره للينه وإلا فقد بقي سويد بعد يحيى سبع سنين.

قال وسمعت يحيى يقول هو حلال الدم وسمعت أحمد يقول هو لا بأس به أرجو أن يكون صدوقاً.

وقال محمد بن يحيى السوسي الخزاز سألت يحيى بن معين عن سويد بن سعيد فقال ما حدثك فاكتب عنه وما حدث به تلقيناً فلا أي إنه كان يقبل التلقين.

وقال عبد الله بن علي المديني سئل أبي عن سويد الأنباري فحرك رأسه وقال ليس بشيء وقال هذا أحد رجلين إما يحدث من حفظه أو من كتابه ثم قال هو عندي لا شيء قيل له فأين حفظه ثلاث آلاف؟ قال هذا أيسر تكرر عليه.

وقال يعقوب السدوسي صدوق مضطرب الحفظ ولا سيما بعد ما عمي.

وقال أبو حاتم صدوق يدلس ويكثر ذلك.

وقال البخاري كان قد عمي فتلقن ما ليس من حديثه.

وقال النسائي ليس بثقة ولا مأمون.

أخبرني سليمان بن الأشعث سمعت يحيى بن معين يقول سويد بن سعيد حلال الدم.

وقال صالح جزرة صدوق عمي فكان يلقن أحاديث ليست من حديثه.

وقال الحاكم أبو أحمد عمي في آخر عمره فربما لقن ما ليس من حديثه فمن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه أحسن.

وقال أبو بكر الأعين هو شيخ هو سداد من عيش.

وقال سعيد بن عمرو البرذعي رأيت أبا زرعة يسيء القول في سويد بن سعيد وقال

ص: 338

رأيت منه شيئاً لم يعجبني قلت ما هو قال لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده فقلت إن عندي أحاديث لابن وهب عن ضمام وليست عندك فقال ذاكرني بها فأخرجت الكتب وأقبلت أذاكره فكلما كنت أذاكره كان يقول حدثنا به ضمام وكان يدلس حديث حريز بن عثمان وحديث نيار بن مكرم وحديث عبد الله بن عمرو "زر غباً"

(357)

فقلت أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة أحاديث من هؤلاء فغضب قال البرذعي فقلت لأبي زرعة فأيش حاله؟ قال أما كتبه فصحاح وكنت أتتبع أصوله فأكتب منها فأما إذا حدث من حفظه فلا وقلنا لابن معين إن سويداً يحدث عن بن أبي الرجال عن بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من قال في ديننا برأيه فاقتلوه"

(358)

فقال يحيى ينبغي أن يبدأ به فيقتل فقيل لأبي زرعة سويد يحدث بهذا عن إسحاق بن نجيح فقال هذا حديث إسحاق بن نجيح إلا أن سويداً أتى به عن بن أبي الرجال قلت فقد رواه لغيرك عن بن نجيح قال عسى قيل له فرجع.

ابن عدي سمعت جعفراً الفريابي يقول أفادني أبو بكر الأعين في قطيعة الربيع سنة إحدى وثلاثين بحضرة أبي زرعة وجمع من رؤساء أصحاب الحديث حين أردت أن أخرج إلى سويد فقال وقفه وتثبت منه هل سمعت هذا من عيسى بن يونس؟ فقدمت على سويد فسألته فقال حدثنا عيسى بن يونس عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "تفترق هذه الأمة

(357)

صحيح لغيره: ورد عن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط"(1754) و (5641)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2/ 115 و 217)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(2/ 138 و 225) و (4/ 192)، وابن عدى في "الكامل"(2/ 15) و (3/ 291) و (4/ 108)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(14/ 108).

وورد عن ابن عمرو: عند الطبراني في "الكبير"، وهو جزء مفقود، وقد عزاه له صاحب كنز العمال.

وورد عن ابن عمر: عند ابن عدى في "الكامل"(3/ 146).

وورد عن عائشة: عند الخطيب في "تاريخ بغداد"(10/ 182).

وورد عن أبي ذر: عند ابن عدى في "الكامل"(3/ 296 - 297) و (4/ 383).

وورد عن حبيب بن مسلمة: عند الطبراني في "الكبير"(3535)، وفي "الأوسط"(3052)، وفي "الصغير"(288)، وابن عدى في "الكامل"(3/ 262).

(358)

موضوع: أخرجه ابن عدى في "الكامل"(4/ 285)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(6/ 322) و (9/ 229)، وفيه إسحاق بن نجيح الملطى، قال أحمد: هو من أكذب الناس.

وقال يحيى: معروف بالكذب ووضع الحديث. وقال يعقوب الفسوي: لا يكتب حديثه.

وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال الفلاس: كان يضع الحديث صُراحًا.

وقد أورد الذهبي الحديث في ترجمته مع أحاديث أخر، وقال:"قال ابن عدى هذه كلها هو وضعها".

ص: 339

بضعاً وسبعين فرقة شرها قوم يقيسون الرأي يستحلون به الحرام ويحرمون به الحلال".

فوقفت سويداً عليه بعد أن حدثني به ودار بيني وبينه كلام كثير.

قال بن عدي فهذا إنما يعرف بنعيم بن حماد فتكلم الناس فيه من جراه ثم رواه رجل من أهل خراسان يقال له الحكم بن المبارك يكنى أبا صالح الخواستي ويقال إنه لا بأس به ثم سرقه قوم ضعفاء ممن يعرفون بسرقة الحديث منهم عبد الوهاب بن الضحاك والنضر بن طاهر وثالثهم سويد الأنباري ولسويد أحاديث كثيرة عن شيوخه روى عن مالك الموطأ ويقال إنه سمعه خلف حائط فضعف في مالك أيضاً وهو إلى الضعيف أقرب.

قال أبو بكر الإسماعيلي في القلب من سويد من جهة التدليس وما ذكر عنه في حديث عيسى بن يونس الذي يقال تفرد به نعيم.

قال حمزة السهمي سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد فقال تكلم فيه يحيى بن معين وقال حدث عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".

قال يحيى بن معين وهذا باطل عن أبي معاوية لم يروه غير سويد وجرح سويد لروايته لهذا الحديث.

قال الدارقطني فلم نزل نظن أن هذا كما قال يحيى وأن سويداً أتى أمراً عظيماً في رواية هذا حتى دخلت مصر فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب المنجنيقي - وكان ثقة - رواه عن أبي كريب عن أبي معاوية فتخلص سويد وصح الحديث عن أبي معاوية وقد حدث النسائي عن أبي يعقوب هذا.

قال البخاري حديث سويد منكر.

وقد روى بن الجوزي أن أحمد بن حنبل قال هو متروك الحديث فهذا النقل مردود لم يقله أحمد.

ومن مناكير سويد وهو مشهور عن يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس قال قيل يا رسول الله لو صليت على أم سعد فصلى عليها بعد شهر وكان غائباً وهذا لم يتابع سويد عليه.

ص: 340

سويد حدثنا بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعاً "المهدي من ولد فاطمة".

رواه إسحاق المنجنيقي عنه وإنما روى الناس عن بن عيينة بالإسناد "يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي".

أبو بكر الاسماعيلي حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي من كتابه الأصل قال حدثنا سويد عن مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر "أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى لأبي بكر".

قال الخطيب لم يتابع سويد عليه.

روى الحسين بن فهم عن يحيى بن معين - وذكر سويداً - فقال لا صلى الله عليه.

وقال أبو أحمد بن عدي في حديث "من قال في ديننا برأيه فاقتلوه" هذا الحديث الذي قال يحيى بن معين لو وجدت درقة وسيفاً لغزوت سويداً الأنباري.

وقال أبو عبد الله الحاكم أنكر على سويد حديث من "عشق وعف وكتم ومات مات شهيداً" ثم قال فقال إن يحيى لما ذكر له هذا قال لو كان لي فرس ورمح غزوت سويداً.

وقال إبراهيم بن أبي طالب قلت لمسلم كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح؟ قال فمن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة؟ قلت ما كان لمسلم أن يخرج له في الأصول وليته عضد أحاديث حفص بن ميسرة بأن رواها بنزول درجة أيضاً.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن زينب الشعرية أخبرتنا فاطمة بنت زعبل أخبرنا عبد الغافر الفارسي أخبرنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا سويد حدثنا شهاب بن خراش عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "ما بعث الله نبياً إلا كان فيهم المرجئة والقدرية يشوشون عليه أمر أمته وإن الله لعنهم على لسان سبعين نبياً" وهذا منكر.

ابن عدي حدثنا الباغندي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عبد الحميد بن الحسن عن بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل "معروف صدقة وما أنفق الرجل على أهله ونفسه فهو صدقة وما وقى به عرضه فهو صدقة وما أنفق من نفقة فعلى الله خلفها إلا ما كان في بنيان أو معصية" غريب جداً.

إبراهيم بن محمد بن عرفه نفطويه حدثنا محمد بن داود بن علي حدثنا أبي حدثنا

ص: 341

سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن بن عباس مرفوعاً قال "من عشق وكتم وعف وصبر غفر الله له وأدخله الجنة".

أخبرنا أحمد بن إسحاق القرافي أخبرنا المبارك بن أبي الجود أخبرنا أحمد بن أبي غالب الزاهد أخبرنا عبد العزيز بن علي أخبرنا أبو طاهر المخلص حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سويد بن سعيد حدثنا زياد بن الربيع عن صالح الدهان عن جابر بن زيد قال نظرت في أعمال البر فإذا الصلاة تجهد البدن ولا تجهد المال وكذلك الصيام قال والحج يجهد المال والبدن فرأيت أن الحج أفضل من ذلك كله.

فضل الأعمال بعضها على بعض إنما هو التوقيف وورد في ذلك أحاديث عدة لكن إذا قلنا مثلاً أفضل الأعمال الصلاة فينبغي أن يعرف المقدار الذي هو من الصلاة أفضل من الحج مرة وكذا إذا قلنا الصلاة أفضل من الصوم وأمثال ذلك بل المسلمان يصومان يوماً ويصليان ركعتين من النفل وبينهما من مضاعفة الثواب ما الله به عليم لما يقع في ذلك من الصفات.

قال البخاري مات سويد يوم الفطر سنة أربعين ومئتين بالحديثة.

قال البغوي بلغ مئة سنة.

‌1894 - هش ام بن عمار

(359)

بن نصير بن ميسرة بن أبان الإمام الحافظ العلامة المقرئ عالم أهل الشام أبو الوليد السلمي ويقال الظفري خطيب دمشق.

نقل عنه الباغندي قال ولدت سنة ثلاث وخمسين ومئة.

وسمع من مالك وتمت له معه قصة ومسلم الزنجي وعبد الرحمن بن أبي الرجال ومعاوية بن يحيى الأطرابلسي ومعروف أبي الخطاب صاحب واثلة بن الأسقع ويحيى بن حمزة وهقل بن زياد وعبد الرحمن بن سعد بن عمار القرظي وإسماعيل بن عياش ورديح بن عطية ورفدة بن قضاعة والجراح بن مليح البهراني والبختري بن عبيد

(359)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 473)، والتاريخ الكبير (8/ ترجمة 2701)، والجرح والتعديل (9/ ترجمة 255)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 458)، والكاشف (3/ ترجمة 6078)، والمغنى (2/ ترجمة 6755)، وميزان الاعتدال (4/ 302)، وتهذيب التهذيب (11/ 51)، وتقريب التهذيب (2/ 320)، وخلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 7686)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 109).

ص: 342

الطابخي وحاتم بن إسماعيل وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وحفص بن سليمان المقرئ والحسن بن يحيى الخشني والربيع بن بدر السعدي وسعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وسعدان بن يحيى وسويد بن عبد العزيز القاضي وصدقة بن خالد وشعيب بن إسحاق والوليد بن مسلم وعيسى بن يونس وبقية بن الوليد وإبراهيم بن أعين وأيوب بن تميم وأيوب بن سويد وحرملة بن عبد العزيز والحسن بن يحيى ومسلمة بن علي الخشنيين وحفص بن عمرو البزاز والحكم بن هشام التقفي وحماد بن عبد الرحمن الكلبي وحماد أبي الخطاب والخليل بن موسى وزكريا بن منظور وسبرة الجهني أخو حرملة المذكور وسعيد بن الفضل البصري وسفيان بن عيينة وسليم بن مطير وسليمان بن عتبة وسليمان بن موسى الزهري وسهل بن هاشم البيروتي وشهاب بن خراش وصدقة بن عمرو وضمرة بن ربيعة وعبد الله بن الحارث الجمحي وعبد الله بن رجاء المكي وعبد الله وعبد الحميد بن أبي العشرين وعبد ربه ميمون وعبد الرحمن بن أبي الجون وعبد العزيز بن أبي حازم والدراوردي وعبد العزيز بن الحصين وعبد الملك الصنعاني وعثمان بن حصن وعراك بن خالد وعطاء بن مسلم والعطاف بن خالد وأبي نوفل علي بن سليمان وأبيه عمار وعمر بن الدرفس وعمر بن عبد الواحد وعمر بن مغيرة وعمرو بن واقد وعيسى بن خالد اليمامي وغالب بن غزوان الثقفي والقاسم بن عبد الله بن عمر ومحمد بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن حرب وبن شابور

(360)

وبن سميع ومروان بن معاوية ومعن القزاز والهيثم بن حميد والهيثم بن عمران ووزير بن صبيح ويحيى بن سليم الطائفي ويوسف بن محمد بن صيفي وعدة سواهم مذكورين في تهذيب الكمال وفي تاريخ دمشق.

فلقد كان من أوعية العلم وكان ابتداء طلبه للعلم وهو حدث قبل السبعين ومئة وفيها وقرأ القرآن على أيوب بن تميم وعلى الوليد بن مسلم وجماعة سيأتي ذكرهم في أثناء ترجمته.

تلا على هشام طائفة منهم أحمد بن يزيد الحلواني وأبو عبيد ومات قبله وهارون الأخفش وإسماعيل بن الحويرس وأحمد بن محمد بن ماموية وطائفة.

وروى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام ومات قبله بنيف وعشرين سنة ومحمد بن

(360)

ابن شابور، هو محمد بن شعيب بن شابور، الأموى مولاهم، الدَّمشقي، نزيل بيروت، صدوق صحيح الكتاب. مات سنة مائتين. وهو من صغار أتباع التابعين. روى له أصحاب السنن.

ص: 343

سعد ومات قبله ببضع عشرة سنة ومؤمل بن الفضل الحراني كذلك ويحيى بن معين كذلك.

وحدث عنه من كبار شيوخه الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب بن شابور.

وحدث عنه من أصحاب الكتب البخاري وأبو داود والنسائي وبن ماجة وروى الترمذي عن رجل عنه ولم يلقه مسلم ولا ارتحل إلى الشام ووهم من زعم أنه دخل دمشق.

نعم وحدث عنه بشر كثير وجم غفير منهم ولده أحمد وأبو زرعة الدمشقي والرازي وأبو حاتم ودحيم ومحمد بن عوف والذهلي ونوح بن حبيب ويعقوب الفسوي ويزيد بن عبد الصمد وبقي بن مخلد وصالح بن محمد جزرة والحسن بن محمد بن بكار وبن أبي عاصم وأحمد بن يحيى البلاذري المؤرخ وإسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي وإسحاق بن إبراهيم البستي القاضي وإسحاق بن إبراهيم بن نصر النيسابوري البشتي بمعجمة وإسحاق بن أبي عمران الإسفراييني الشافعي وجعفر بن أحمد بن عاصم وجعفر الفريابي وجماهر بن أحمد الزملكاني والحسين بن عبد الله الرقي القطان والحسين بن الهيثم الرازي الكسائي وحمدان بن غارم البخاري وخالد بن روح الثقفي وزكريا خياط السنة وسعد البيروتي وسليمان بن حذلم وسلامة بن ناهض المقدسي والضحاك بن الحسين الإستراباذي وعبد الله بن عتاب الزفتي وعبد الله بن محمد بن سلم المقدسي وعبد الله بن محمد بن طويط الرملي وعبد الحميد بن محمود بن خالد السلمي وعبد الرحيم بن عمر المازني وأبو الأصبغ عبد العزيز بن محمد وعبدان الأهوازي وعثمان بن خرزاذ وعلي بن الحسين بن ثابت الرازي وعمرو بن أبي زرعة الدمشقي والفضل بن العباس الرازي فضلك وقسطنطين الرومي ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض الوراق ومحمد بن بشر بن يوسف الأرموي وبن قتيبة العسقلاني وأبو بكر محمد بن خريم العقيلي ومحمد بن شيبة الراهبي ومحمد بن صالح بن أبي عصمة ومحمد بن عبدوس بن جرير الصوري ومحمد بن عمير الرملي ومحمد بن عون الوحيدي ومحمد بن الفيض الغساني وأبو بكر الباغندي ومحمد بن وضاح القرطبي ومحمد بن يحيى بن رزين الحمصي ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد ومحمد بن يوسف بن بشير الهروي ومحمود بن سميع الحافظ وأبو عمران موسى بن سهل الجوني ونصر بن زكريا نزيل بخارى وهميم بن همام الإملي ووريزة محمد الغساني ويحيى بن محمد بن أبي صغير الحلبي وأمم سواهم.

ص: 344

وثقه يحيى بن معين فيما نقله معاوية بن صالح وبن الجنيد وروى أبو حاتم الرازي عن يحيى بن معين كيس كيس.

وقال أحمد العجلي ثقة وقال مرة صدوقز وقال النسائي لا بأس به.

وقال الدارقطني صدوق كبير المحل.

وقال أبو حاتم صدوق لما كبر تغير وكل ما دفع إليه قرأه وكل ما لقن تلقن وكان قديماً أصح كان يقرأ من كتابه.

وقال أبو داود سمعت يحيى بن معين يقول هشام بن عمار كيس.

ثم قال أبو داود سليمان بن بنت شرحبيل أبو أيوب خير منه هشام حدث بأرجح من أربع مئة حديث ليس لها أصل مسندة كلها كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره يلقنها هشاماً ويقول هشام حدثني قد روي فلا أبالي من حمل الخطأ.

وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود كان فضلك يدور بدمشق على أحاديث أبي مسهر والشيوخ يلقنها هشام بن عمار فيحدثه بها وكنت أخشى أن يفتق في الإسلام فتقاً.

أحمد بن خالد الخلال حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشام بن عمار وليس بالكذوب فذكر حديثاً.

وقال هاشم بن مرثد سمعت بن معين يقول هشام بن عمار أحب إلي من بن أبي مالك.

قال أبو القاسم بن الفرات أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني المقرئ لما توفي أيوب بن تميم يعني مقرئ دمشق رجعت الإمامة حينئذ إلى رجلين أحدهما مشتهر بالقراءة والضبط وهو بن ذكوان فائتم الناس به والآخر مشتهر بالنقل والفصاحة والرواية والعلم والدراية وهو هشام بن عمار وكان خطيباً بدمشق رزق كبر السن وصحة العقل والرأي فارتحل الناس إليه في نقل القراءة والحديث.

نقل القراءة عنه أبو عبيد قبل موت هشام بنحو من أربعين سنة وحدث عنه هو والوليد بن مسلم وبن شابور.

وكان بن ذكوان يفضله ويرى مكانه لكبر سنه ولد قبله بعشرين سنة فأخذ القراءة عن أيوب تلاوة كما أخذها بن ذكوان وزاد عليه بأخذه القراءة عن الوليد وسويد بن

ص: 345

عبد العزيز - وصدقة بن هشام كذا قال وأظنه أراد صدقة بن خالد - وعراك بن خالد وصدقة بن يحيى ومدرك بن أبي سعد وعمر بن عبد الواحد وكل هؤلاء أئمة قرؤوا على يحيى بن الحارث.

فلما توفي بن ذكوان سنة اثنين وأربعين اجتمع الناس على إمامة هشام بن عمار في القراءة والنقل وتوفي بعده بثلاث سنين.

قلت هشام عظيم القدر بعيد الصيت وغيره أتقن منه وأعدل رحمه الله تعالى.

قال أبو أحمد بن عدي في كامله سمعت قسطنطين بن عبد الله مولى المعتمد يقول حضرت مجلس هشام بن عمار فقال المستملي من ذكرت؟ فقال أخبرنا بعض مشايخنا ثم نعس ثم قال له من ذكرت؟ فنعس فقال المستملي لا تنتفعوا به فجمعوا له شيئاً فأعطوه فكان بعد ذلك يملي عليهم حتى يملوا.

وقال محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الأصبهاني سمعت بن وارة يقول عزمت زماناً أن أمسك عن حديث هشام بن عمار لأنه كان يبيع الحديث.

قلت العجب من هذا الإمام مع جلالته كيف فعل هذا ولم يكن محتاجاً وله اجتهاده.

قال صالح بن محمد جزرة كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث ولا يحدث ما لم يأخذ فدخلت عليه فقال يا أبا علي حدثني بحديث لعلي بن الجعد فقال حدثنا بن الجعد حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية قال علم مجاناً كما علمت مجاناً قال تعرضت بي يا أبي علي؟ فقلت ما تعرضت بل قصدتك.

وقال صالح أيضاً كنت شارطت هشاماً أن أقرأ عليه بانتخابي ورقة فكنت آخذ الكاغد الفرعوني وأكتب مقرمطاً فكان إذا جاء الليل أقرأ عليه إلى أن يصلي العتمة فإذا صلى العتمة يقعد وأقرأ عليه فيقول يا صالح ليس هذه ورقة هذه شقة.

الإسماعيلي أخبرنا عبد الله بن محمد بن سيار قال كان هشام بن عمار يلقن وكان يلقن كل شي ما كان من حديثه فكان يقول أنا قد أخرجت هذه الأحاديث صحاحاً وقال الله تعالى "فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه" البقرة: 181، قال وكان يأخذ على كل ورقتين درهماً ويشارط ويقول إن كان الخط دقيقاً فليس بيني وبين الدقيق عمل وكان يقول وذاك أني قلت له إن كنت تحفظ فحدث وإن كنت لا تحفظ فلا تلقن ما يلقن فاختلط من ذلك وقال أنا أعرف هذه الأحاديث ثم قال لي بعد ساعة

ص: 346

إن كنت تشتهي أن تعلم فأدخل إسناداً في شيء فتفقدت الأسانيد التي فيها قليل اضطراب فجعلت أسأله عنها فكان يمر فيها يعرفها.

قال أبو بكر المروذي ذكر أحمد بن حنبل هشام بن عمار فقال طياش خفيف.

خيثمة سمعت محمد بن عوف يقول أتينا هشام بن عمار في مزرعة له وهو قاعد على مورج له وقد انكشفت سوءته فقلنا يا شيخ غط عليك فقال رأيتموه؟! لن ترمد عينكم أبداً يعني يمزح.

قال الحافظ محمد بن أبي نصر الحميدي أخبرني بعض أصحاب الحديث ببغداد أن هشام بن عمار قال سألت الله تعالى سبع حوائج فقضى لي منها ستاً والواحدة ما أدري ما صنع فيها سألته أن يغفر لي ولوالدي فما أدري وسألته أن يرزقني الحج ففعل وسألته أن يعمرني مئة سنة ففعل قلت إنما عاش اثنتين وتسعين سنة ثم قال وسألته أن يجعلني مصدقاً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالاً ففعل قال فقيل له كل شيء قد عرفناه فألف دينار حلال من أين لك؟ فقال وجه المتوكل بعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا يعني لما سكن دمشق وبني له القصر بداريا قال ونحن نلبس الأزر ولا نلبس السراويلات فجلست فانكشف ذكري فرآه الغلام فقال استتر يا عم قلت رأيته؟ قال نعم قلت أما إنه لا ترمد عينك أبداً إن شاء الله قال فلما دخل على المتوكل ضحك قال فسأله فأخبره بما قلت له فقال فأل حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم احملوا إليه ألف دينار فحملت إلي فأتتني من غير مسألة ولا استشراف نفس.

فهذه حكاية منقطعة ولعلها جرت.

قال أبو بكر محمد بن سليمان الربعي حدثنا محمد بن الفيض الغساني سمعت هشام بن عمار يقول باع أبي بيتاً له بعشرين ديناراً وجهزني للحج فلما صرت إلى المدينة أتيت مجلس مالك ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام والناس يسألونه وهو يجيبهم فلما انقضى المجلس قال لي بعض أصحاب الحديث سل عن ما معك؟ فقلت له يا أبا عبد الله ما تقول في كذا وكذا؟ فقال حصلنا على الصبيان يا غلام احمله فحملني كما يحمل الصبي وأنا يومئذ غلام مدرك فضربني بدرة مثل درة المعلمين سبع عشرة درة فوقفت أبكي فقال لي ما يبكيك؟

ص: 347

أوجعتك هذه الدرة؟ قلت إن أبي باع منزله ووجه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني؟ فقال اكتب قال فحدثني سبعة عشر حديثاً وسألته عما كان معي من المسائل فأجابني.

قال يعقوب بن إسحاق الهروي عن صالح بن محمد الحافظ سمعت هشام بن عمار يقول دخلت على مالك فقلت له حدثني فقال اقرأ فقلت لا بل حدثني فقال اقرأ فلما أكثرت عليه قال يا غلام تعال اذهب بهذا فاضربه خمسة عشر فذهب بي فضربني خمس عشرة درة ثم جاء بي إليه فقال قد ضربته فقلت له لم ظلمتني؟ ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم لا أجعلك في حل فقال مالك فما كفارته قلت كفارته أن تحدثني بخمسة عشر حديثاً قال فحدثني بخمسة عشر حديثاً فقلت له زد من الضرب وزد في الحديث فضحك مالك وقال اذهب.

قال الخليلي سمعت علي بن أحمد بن صالح المقرئ حدثنا الحسن بن علي الطوسي سمعت محمد بن طرخان سمعت هشام بن عمار يقول قصدت باب مالك فهجمت عليه بلا إذن فأمر غلاماً له حتى ضربني سبعة عشر ضرب السلاطين وأخرجت فقعدت على بابه أبكي ولم أبك للضرب بل بكيت حسرة فحضر جماعة قال فقصصت عليهم فشفعوا في فأملى علي سبعة عشر حديثاً.

قال محمد بن خريم الخريمي سمعت هشام بن عمار يقول في خطبته قولوا الحق ينزلكم الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق.

معروف بن محمد بن معروف الواعظ عن أبي المستضيء معاوية بن أوس السكسكي من أهل بيت قوفا قال رأيت هشام بن عمار إذا مشى أطرق إلى الأرض لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله عز وجل.

قلت وكان هشام خطيباً بليغاً صاحب بديهة.

روى عنه عبدان الجواليقي قال ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة ثم قال عبدان ما كان في الدنيا مثله.

وقال أبو زرعة الرازي من فاته هشام بن عمار يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث.

قال أبو بكر أحمد بن المعلى القاضي رأيت هشام بن عمار في النوم والمشايخ متوافرون سليمان بن عبد الرحمن وغيره وهو يكنس المسجد فماتوا وبقي هو آخرهم.

ص: 348

قال بن حبان البستي كانت اذناه لاصقتين برأسه وكان يخضب بالحناء.

قلت لم يخرج له الترمذي سوى حديث سوق الجنة

(361)

رواه عن محمد بن إسماعيل البخاري عنه ورواه بن ماجة عالياً عنه ووقع لي عالياً في أمالي أبي الحسين بن سمعون رواه عن شيخ ليس بثقة يقال له أحمد بن سليمان بن زبان الكندي عن هشام وبن زبان هو آخر من زعم في الدنيا أنه سمع من هشام وبقي بعده إلى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة وله جزء مشهور.

قال الفسوي سمعت هشام بن عمار يقول سمعت من سعيد بن بشير مجلساً مع أصحابنا فلم أكتبه وسمعت الكثير من بكير بن معروف.

قال عبدان الأهوازي كنا لا نصلي خلف هدبة بن خالد من طول صلاته يسبح في الركوع والسجود نيفاً وثلاثين تسبيحة وكان من أشبه خلق الله بهشام بن عمار لحيته ووجهه وكل شيء حتى في صلاته.

قلت أما قول الإمام فيه طياش فلأنه بلغه عنه أنه قال في خطبته الحمد لله الذي تجلى لخلقه بخلقه فهذه الكلمة لا ينبغي إطلاقها وإن كان لها معنى صحيح لكن يحتج بها الحلولي والاتحادي وما بلغنا أنه سبحانه وتعالى تجلى لشيء إلا بجبل الطور فصيره دكاً وفي تجليه لنبينا صلى الله عليه وسلم اختلاف أنكرته عائشة وأثبته بن العباس.

وبكل حال كلام الأقران بعضهم في بعض يحتمل وطيه أولى من بثه إلا أن يتفق المتعاصرون على جرح شيخ فيعتمد قولهم والله أعلم.

وقد روى هشام غير حديث عن بن لهيعه في كتابه إليه وحسبك قول أحمد بن أبي الحواري مع جلالته إذا حدثت ببلد فيه مثل هشام بن عمار يجب للحيتي أن تحلق.

وقال أبو بكر المروذي في كتاب القصص ورد علينا كتاب من دمشق سل لنا أبا عبد الله فإن هشاماً قال لفظ جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن مخلوق فسألت أبا عبد

(361)

ضعيف: أخرجه الترمذي (2549)، وابن ماجه (4336) من طريق هشام بن عمار حدثنا عبد الحميد ابن حبيب بن أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث طويل.

وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه.

قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد الحميد بن حبيب، ضعفه دحيم. وقال النسائي: ليس بالقوى، وقد أشار الترمذي إلى ضعف الحديث بقوله: هذا هذا غريب، وهذا معروف في اصطلاحه.

ص: 349

الله فقال أعرفه طياشاً لم يجتر الكرابيسي أن يذكر جبريل ولا محمداً هذا قد تجهم في كلام غير هذا.

قلت كان الإمام أحمد يسد الكلام في هذا الباب ولا يجوزه وكذلك كان يبدع من يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق ويضلل من يقول لفظي بالقرآن قديم ويكفر من يقول القرآن مخلوق بل يقول القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وينهى عن الخوض في مسألة اللفظ ولا ريب أن تلفظنا بالقرآن من كسبنا والقرآن الملفوظ المتلو كلام الله تعالى غير مخلوق والتلاوة والتلفظ والكتابة والصوت به من أفعالنا وهي مخلوقة والله أعلم.

قال بن عدي في كامله حدثنا الحسين بن عبد الله القطان حدثنا هشام بن عمار قال كتب إلينا بن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ليعجب إلى الشاب ليست له صبوة"

(362)

.

قال محمد بن خريم العقيلي سمعت هشام بن عمار يخطب قولوا الحق ينزلكم الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق.

وقال محمد بن الفيض الغساني كان هشام بن عمار يربع بعلي رضي الله عنه.

قلت خالف أهل بلده وتابع أئمة الأثر.

وقال أبو حاتم لما كبر هشام تغير.

قال محمد بن الفيض سمعت هشاماً يقول في جوسية

(363)

رجل شرعبي

(364)

كان له بغل فكان يدلج على بغله من جوسية وهي من قرى حمص يوم الجمعة فيصلي الجمعة في مسجد دمشق ثم يروح فيبيت في أهله فكان الناس يعجبون منه ثم إن بغله مات فنظر إلى جنبيه فإذا ليس له أضلاع إنما له صفحتان عظم مصمت ثم قال محمد بن الفيض وسمعت جدي وبكار بن محمد يذكران حديث الشرعبي كما قال هشام بن عمار رواها تمام الرازي عن محمد بن سليمان الربعي عنه.

(362)

ضعيف: أخرجه أحمد (4/ 151)، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، لسوء حفظه. وأبو عشانة، هى حىّ بن يؤمن المصرى، وهو ثقة، من الطبقة الوسطى من التابعين.

(363)

جُوسية: قرية من قرى حمص. تقع إلى الجنوب بها، وتبعد عن حمص حوالى ستة فراسخ قاله ياقوت الحموى في "معجم البلدان".

(364)

الشَّرُعَب: هو الطويل خفيف الجسم. والشَّرْعبيُّ: الطويل، الحسن الجسم.

ص: 350

وقال محمد بن الفيض أيضاً جاء رجل من قرية الحرجلة

(365)

يطلب لعرس أخيه لعابين فوجد الوالي قد منعهم فجاء يطلب مغبرين يعني مزمزمين يغبرون بالقضيب قال فلقيه صوفي ماجن فأرشده إلى بن ذكوان وهو خلف المنبر فجاءه وقال إن السلطان قد منع المخنثين فقال أحسن والله فقال فنعمل العرس بالمغبرين وقد دللت عليك فقال لنا رفيق فإن جاء جئت وهو ذاك وأشار إلى هشام بن عمار فقال الرجل إليه وهو عند المحراب متكئ فقال الرجل لهشام أبو من أنت فرد عليه رداً ضعيفاً فقال أبو الوليد فقال يا أبا الوليد أنا من الحرجلة قال ما أبالي من أين كنت قال إن أخي يعمل عرسه فقال فماذا أصنع؟ قال قد أرسلني أطلب له المخنثين قال لا بارك الله فيهم ولا فيك قال وقد طلب المغبرين فأرشدت إليك قال ومن بعثك؟ قال هذاك الرجل فرفع هشام رجله ورفسه وقال قم وصاح بابن ذكوان أقد تفرغت لهذا؟! قال إي والله أنت رئيسنا لو مضيت مضينا.

قال بن الفيض رأى هشام عصاً لابن ذكوان فقال أنا أكبر من أبيه وما أحمل عصاً.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا محمد بن عمر القاضي ومحمد بن علي ومحمد بن أحمد الطرائفي قالوا أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن بن عمر أنه رأى الناس يدخلون المسجد فقال من أين جاء هؤلاء؟ قالوا من عند الأمير فقال إن رأوا منكراً أنكروه وإن رأوا معروفاً أمروا به؟ فقالوا لا قال فما يصنعون؟ قال يمدحونه ويسبونه إذا خرجوا من عنده فقال بن عمر إن كنا لنعد النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما دون هذا

(366)

.

رواته ثقات لكنه ليس بمتصل ما أظن أبا حازم سمعه من بن عمر.

(365)

الحُرْجُلَّة: من قرى دمشق.

(366)

صحيح: أخرجه أحمد (2/ 105)، والنسائي في "الكبرى"(8759)، وابن ماجه (3975)، وابن أبي الدنيا في "الصمت"(281) من (281) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي الشعثاء قال قيل لابن عمر: إنا ندخُلُ على أمرائنا، فنقولُ القولَ، فإذا خرجنا قلنا غيره؟ فقال: كنا نعدُّ هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم النفاق.

قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وإبراهيم هو النخعي. وأبو الشَّعثاء هو سُليم بن أسود بن حنظلة المحاربي الكوفي.

ص: 351

وبه حدثنا هشام بن عمار حدثنا أسد بن موسى حدثنا عوف بن موسى البصري سمعت معاوية بن قرة يقول أن لا نكون في نفاق أحب إلي من الدنيا وما فيها كان عمر يخشاه وآمنه أنا! قال البخاري وغيره توفي هشام بن عمار في آخر المحرم سنة خمس وأربعين ومئتين وكان ولده أحمد ممن قرأ عليه القرآن وعاش إلى سنة ست عشرة وثلاث مئة.

‌1895 - عبد الله بن معاوية

(367)

الإمام المحدث أبو جعفر الجمحي الصدوق مسند البصرة عاش مئة عام.

سمع من حماد بن سلمة والقاسم الحداني ومحمد بن راشد ومهدي بن ميمون وعدة تفرد عنهم.

روى عنه أبو داود والترمذي وبن ماجة وأحمد بن عمرو والبزار وأبو يعلى وبكر بن مقبل وعلي الغضائري ومحمد بن يحيى بن مندة وزكريا الساجي وخلق كثير وما علمت به بأساً حمل عنه أئمة.

توفي سنة ثلاث وأربعين ومئتين.

‌1896 - أبو مصعب

(368)

الإمام الثقة شيخ دار الهجرة أبو مصعب أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القريشي الزهري المدني الفقيه قاضي المدينة.

ولد سنة خمسين ومئة.

ولازم مالك بن أنس وتفقه به وسمع منه الموطأ وأتقنه عنه.

وسمع من العطاف بن خالد ويوسف بن الماجشون ومسلم بن خالد الزنجي وحسين بن زيد بن علي وبن أبي حازم ومحرز بن هارون وإبراهيم بن سعد ومحمد بن إبراهيم بن دينار وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وطبقتهم.

(367)

ترجمته فى الجرح والتعديل (5/ترجمة 835)، والكاشف (2/ترجمة 3033)، والعبر (1/ 400) و (2/ 119) وتهذيب التهذيب (6/ 38)، وتقريب التهذيب (1/ 452)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 3833)، وشذرات الذهب (2/ 104).

(368)

ترجمته فى تذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 497)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدى (6/ 269) وتهذيب التهذيب (1/ 20)، وتقريب التهذيب (1/ 12).

ص: 352

حدث عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وبن ماجة وروى النسائي عن رجل عنه وروى عنه إسماعيل القاضي وبقي بن مخلد ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة الرازي ومطين ومحمد بن المعافى الصيداوي وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي وخلق كثير.

قال الزبير بن بكار هو فقيه أهل المدينة غير مدافع.

وقال بن أبي حاتم حدثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي أتى قوم أبا مصعب الزهري فقالوا إن قبلنا ببغداد رجلاً يقول لفظه بالقرآن مخلوق فقال هذا كلام خبيث نبطي.

وقال الزبير بن بكار كان أبو مصعب على شرطة عبيد الله بن الحسن بن عبد الله الهاشمي عامل المأمون على المدينة وولي القضاء قال وقال أبو زرعة وأبو حاتم صدوق.

قلت احتج به أصحاب الصحاح.

وقال أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه خرجنا في سنة تسع عشرة ومئتين إلى مكة فقلت لأبي عمن أكتب؟ فقال لا تكتب عن أبي مصعب واكتب عمن شئت.

قلت أظنه نهاه عنه لدخوله في القضاء والمظالم وإلا فهو ثقة نادر الغلط كبير الشأن.

قال أبو محمد بن حزم آخر شيء روي عن مالك من الموطآت موطأ أبي مصعب وموطأ أحمد بن إسماعيل السهمي وفي هذين الموطأين نحو من مئة حديث زائدة وهما آخر ما روي عن مالك وفي ذلك دليل على أنه كان يزيد في الموطأ أحاديث كل وقت كان أغفلها ثم أثبتها وهكذا يكون العلماء رحمهم الله.

قال بن عبد البر مات أبو مصعب سنة إحدى وأربعين ومئتين كذا قال.

وقال الزبير بن بكار مات في شهر رمضان سنة اثنين وأربعين ومئتين وهو على القضاء وله اثنان وتسعون سنة.

قال أبو الحسن الدارقطني أبو مصعب ثقة في الموطأ وقدمه على يحيى بن بكير.

قال أبو إسحاق في طبقاته كان أبو مصعب من أعلم أهل المدينة روي أنه قال يا أهل المدينة لا تزالون ظاهرين على أهل العراق ما دمت لكم حياً.

ص: 353

قلت سمعت موطأه من أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة خمس وتسعين وست مئة سوى ذاك الفوت القديم وهو المساقاة والقراض بإجازته عن المؤيد الطوسي قال أخبرنا هبة الله بن سهل السيدي أخبرنا أبو عثمان البحيري أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الهاشمي أخبرنا أبو مصعب الزهري عن مالك.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المرداوي أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا محمد بن أبي القاسم المفسر ومحمد بن إبراهيم المغازلي وعمر بن بركة والأنجب بن أبي السعادات وسعيد بن ياسين وصفية بنت أبي طاهر وأخبرنا سنقر بن عبد الله الزيني بحلب أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف وعبد اللطيف بن محمد والأنجب بن أبي السعادات وعلي بن أبي الفخار ومحمد بن محمد بن السباك وغيرهم أخبرنا إسماعيل بن الفراء أيضاً وأحمد بن مؤمن ومحمد بن علي ومحمد بن يعقوب الأسدي وبن عمه أيوب بن أبي بكر وعبد الكريم بن محمد بن محمد وبيبرس المجدي قالوا أخبرنا إبراهيم بن عثمان الكاشغري قالوا كلهم أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي زاد الكاشغري فقال وأخبرنا علي بن عبد الرحمن الطوسي وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق أخبرنا محمد بن عمر الحربي عن محمد بن ناصر الحافظ وأخبرنا أبو المعالي أخبرنا أبو الوقت محاسن إجازة إن لم يكن سماعاً أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزعفراني قالوا أربعتهم أخبرنا مالك بن أحمد الفراء أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن المجبر حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد إملاء حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري عن مالك عن بن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعه النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية متفق عليه

(369)

.

أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.

ورواه البخاري أيضاً عن مسدد عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر ومسلم عن بن نمير عن أبيه عن عبيد الله وعن حرملة عن بن وهب عن يونس وعن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر جميعاً عن بن شهاب.

(369)

صحيح: أخرجه البخارى (4216)، ومسلم (1407)(29).

ص: 354

ورواه النسائي في تصنيفه لحديث مالك فقال حدثنا زكريا السجزي قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله وهو بن أبي شيبة عن سعيد بن محبوب عن عبثر بن القاسم عن سفيان الثوري عن الإمام مالك فكأن مشايخي سمعوه من النسائي وقد سمى أبو القاسم في النبل والد أبي مصعب زرارة والصحيح أن اسمه كنيته بدليل ما أخبرني أحمد بن عساكر عن عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر أنبأنا محمد أخبرنا أبو أحمد الحاكم أخبرنا محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري وسألناه عن اسم أبيه فقال لا يعرف له اسم.

‌1897 - العثماني

(370)

الإمام المحدث أبو مروان محمد بن عثمان بن خالد الأموي العثماني المدني.

حدث عن أبيه وعن إبراهيم بن سعد وعبد الرحمن بن أبي الزناد ومحمد بن ميمون وعبد العزيز بن أبي حازم وطائفة وما علمت له شيئاً يصح عن مالك.

وعنه بن ماجة وأحمد بن زيد القزاز وإسحاق الخزاعي وبقي بن مخلد وجعفر الفريابي وعمران بن مجاشع ومحمد بن يحيى بن مندة وآخرون.

قال صالح جزرة هو ثقة صدوق إلا أنه يروي عن أبيه المناكير.

وقال البخاري صدوق.

قال موسى بن هارون توفي سنة إحدى وأربعين ومئتين.

أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح أنبأنا الأموي وغيره قالوا أخبرنا بن المسلمة أخبرنا عبيد الله الزهري حدثنا جعفر بن محمد حدثنا أبو مروان حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا"

(371)

.

(370)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ ترجمة 558)، والجرح والتعديل (8/ ترجمة 111)، والكاشف (3/ ترجمة 5119)، والمغني (2/ترجمة 5808)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7928) وتهذيب التهذيب (5/ 336) وتقريب التهذيب (2/ 189)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6490).

(371)

صحيح: أخرجه مسلم (118) من طرق عن إسماعيل بن جعفر عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة به.

ص: 355

وفيها مات أحمد بن حنبل وجبارة بن المغلس وسجادة وأبو توبة الحلبي وأبو قدامة السرخسي ويعقوب بن كاسب وهدية بن عبد الوهاب وزيد بن الحريش وإسماعيل بن بهرام الخزاز.

‌1898 - القواريري

(372)

عبيد الله بن عمر بن ميسرة الإمام الحافظ محدث الإسلام أبو سعيد الجشمي مولاهم البصري القواريري الزجاج نزيل بغداد.

ولد سنة اثنتين وخمسين ومئة تقريباً.

وحدث عن حماد بن زيد وعبد الوارث وجعفر بن سليمان وعبد الواحد بن زياد ومعاوية بن عبد الكريم وعبد العزيز الدراوردي وفضيل بن سليمان وبشر بن المفضل وخالد بن الحارث وغندر وفضيل بن عياض وأبي عوانة ويزيد بن زريع وعبد الله بن جعفر المخرمي وسفيان بن عيينة ويوسف بن الماجشون وهشيم بن بشير ويحيى بن أبي زائدة وخلق كثير وجمع ودون.

حدث عنه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو زرعة وإبراهيم الحربي وأبو حاتم وعبد الله بن أحمد وبقي بن مخلد وجعفر الفريابي وأبو يعلى الموصلي وأبو أحمد بن علي المروزي وصالح بن محمد جزرة وخلق سواهم.

وكتب عنه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وبن سعد.

وثقه يحيى وصالح جزرة الحافظ والنسائي.

وقال بن سعد ثقة كثير الحديث.

وقال أبو حاتم صدوق.

قال أحمد بن سيار لم أر في جميع من رأيت مثل مسدد بالبصرة والقواريري ببغداد وصدقة بن الفضل بمرو.

(372)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 350)، والتاريخ الكبير (5/ترجمة 1275)، والجرح والتعديل (5/ ترجمة 1457)، وتاريخ بغداد (10/ 320)، والأنساب للسمعاني (10/ 255)، والعبر (1/ 422)، والكاشف (2/ترجمة 3628)، وتهذيب التهذيب (7/ 40)، وتقريب التهذيب (1/ 537)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 4582)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 85).

ص: 356

عبد المؤمن بن خلف سمعت صالح بن محمد يقول القواريري أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة ما رأيت أحداً أعلم بحديث البصرة منه ومن علي - يعني بن المديني - وإبراهيم بن عرعرة وقد سمعت القواريري يقول ما رأيت أبا الربيع عند حماد قط.

بن الأنباري سمعت ثعلباً يقول سمعت من عبيد الله القواريري مئة ألف حديث.

أنبأنا بن علان أخبرنا الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا بن رزقويه سمعت علي بن الحسن بن زكريا القطيعي الشاعر سمعت أبا القاسم البغوي سمعت عبيد الله القواريري يقول لم تكن تكاد تفوتني صلاة العتمة في جماعة فنزل بي ضيف فشغلت به فخرجت أطلب الصلاة في قبائل البصرة فإذا الناس قد صلوا فقلت في نفسي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "صلاة الجميع تفضل على صلاة الفذ إحدى وعشرين درجة" وروي "خمساً وعشرين درجة" وروي "سبعاً وعشرين"

(373)

فانقلبت إلى منزلي فصليت العتمة سبعاً وعشرين مرة ثم رقدت فرأيتني مع قوم راكبي أفراس وأنا راكب ونحن نتجارى وأفراسهم تسبق فرسي فجعلت أضربه لألحقهم فالتفت إلي آخرهم فقال لا تجهد فرسك فلست بلاحقنا قال فقلت ولم؟ قال لأنا صلينا العتمة في جماعة.

(373)

صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك (1/ 129)، ومن طريقه الشافعي في "مسنده"(1/ 121 - 122) وأحمد (2/ 65 و 112)، والبخاري (645)، ومسلم (650)، والنسائي (2/ 103) وأبو عوانة (2/ 30)، والطحاوى في "مشكل الآثار"(2/ 29)، والبيهقي (3/ 59)، والبغوي (784) و (785) كلهم من طريق مالك عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة".

وأخرجه البخاري (649)، ومسلم (649)(248)، وأبوعوانة (2/ 3)، والبيهقي (3/ 59) من طرق عن نافع، به وورد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في جماعة تعدل خمسًا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة".

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 479 - 480)، وأبو داود (560)، والحاكم (1/ 208)، والبغوي (788) من طريق أبى معاوية، حدثنا هلال بن ميمون، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري، به.

قلت: إسناده حسن، هلال بن ميمون، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

وأخرجه أحمد (3/ 55) والبخاري (646)، والبيهقي (3/ 60) من طريق يزيد بن بن عبد لله بن الهاد. عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس وعشرين درجة".

ص: 357

وبه قال الخطيب أخبرنا أبو الغنائم بن الغزاء ببيت المقدس حدثنا أحمد بن الحسين بن جعفر العطار بمصر حدثنا عبد الحميد بن أحمد الوراق حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد حدثنا إسماعيل بن أبي اليمان الحارثي سمعت حفص بن عمرو الربالي يقول رأيت عبيد الله القواريري في المنام فقلت ما صنع الله بك؟ فقال لي غفر لي وعاتبني وقال يا عبيد الله أخذت من هؤلاء القوم؟ فقلت يا رب أنت أحوجتني إليهم ولو لم تحوجني لم آخذ قال فقال لي إذا قدموا علينا كافأناهم عنك ثم قال لي أما ترضى أن كتبتك في أم الكتاب سعيداً؟! قلت وقع لنا من عوالي القواريري في المخلصيات وفي جزء صفة المنافق.

قال علي بن أحمد بن النضر الأزدي وعبد الله البغوي مات القواريري سنة خمس وثلاثين ومئتين زاد البغوي يوم الخميس لاثني عشر يوماً مضين من ذي الحجة.

وقال الحسين بن قهم توفي ببغداد يوم الجمعة وحضره خلق كثير.

وقد روى النسائي عن القاضي المروزي عنه حديثاً ولم يكتب القواريري الحديث إلا على كبر من السن ولو أنه بكر بالطلب لسمع من جرير بن حازم وأقرانه ولكن السماع واللقاء مقدر.

قرأت على أحمد بن إسحاق أخبركم الفتح بن عبد السلام أخبرنا محمد بن عمر القاضي ومحمد بن أحمد الطرائفي ومحمد بن الداية قالوا أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن أخبرنا جعفر الفريابي حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ومحمد بن أبي بكر المقدمي قالا حدثنا ديلم بن غزوان حدثنا ميمون الكردي عن أبي عثمان النهدي قال كنت عند عمر فسمعته يقول في خطبته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان"

(374)

.

هذا حديث مقارب الإسناد لم يخرجوه في الكتب الستة وميمون فيه لين وقد قال يحيى بن معين لا بأس به وديلم صدوق تابعه على الحديث الحسن بن أبي جعفر.

ومات مع القواريري محمد بن عباد المكي وأبو بكر بن أبي شيبة وسريج بن يونس

(374)

صحيح: تقدَّم تخريجنا له قريبًا بتعليقنا رقم (324)، وهو عند الطبراني في "الكبير"(18/ 593)، وأحمد (1/ 12 و 42)، وعبد بن حميد (11)، والبزار (305)، وغيرهم من طريق أبي عثمان النهدى عن عمر، به. فراجع تخريجنا له ثمَّت.

ص: 358

ومنصور بن أبي مزاحم والحارث بن عبد الله الخازن بهمذان ومحمد بن حاتم بن ميمون السمين وعبد الصمد بن يزيد مردويه الصائغ وعبد الرحمن بن صالح الأزدي رافضي وأحمد بن عمر الوكيعي العبد الصالح وزكريا بن يحيى زحمويه الواسطي والحسين بن الحسن الشيلماني ببغداد وشجاع بن مخلد في صفر وشيبان بن فروخ في قول وإبراهيم بن العلاء زبريق وعبد الله بن عمر بن الرماح النيسابوري وسليمان بن أيوب صاحب البصري ومحمد بن سفيان بن زياد المعافري صاحب الليث وسهل بن عثمان العسكري الحافظ وإبراهيم بن المنذر الحزامي وقيل سنة ست.

‌1899 - أبو الصلت

(375)

الشيخ العالم العابد شيخ الشيعة أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي ثم النيسابوري مولى قريش له فضل وجلالة فياليته ثقة.

روى عن مالك وحماد بن زيد وشريك وعبد الوارث وهشيم وعبد السلام بن حرب وبن عيينة وعلي بن موسى الرضى وعدة.

حدث عنه عباس الدوري وأبو بكر بن أبي الدنيا وأحمد بن أبي خيثمة ومحمد بن ضريس وعبد الله بن أحمد والحسين بن إسحاق التستري وخلق كثير.

وكان زاهداً متعبداً أعجب به المأمون لما رآه وأدناه وجعله من خاصته.

قال أحمد بن سيار قدم مرو غازياً ولما أراد المأمون أن يظهر التجهم وخلق القرآن جمع بين هذا وبين بشر بن غياث ليناظره قال وكان أبو الصلت يرد على أهل الأهواء من الجهمية والمرجئة والقدرية فكلم بشراً غير مرة بحضرة المأمون واستظهر ثم قال بن سيار ناظرته لأستخرجه فلم أره يغلو ورأيته يقدم أبا بكر ولا يذكر الصحابة إلا بالجميل وقال هذا مذهبي وديني إلا أن ثم أحاديث يرويها في المثالب.

قال بن محرز سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت فقال ليس ممن يكذب وقال

(375)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى (3/ 77)، والضعفاء الكبير للعقيلي (3/ترجمة 1036)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 257)، والمجروحين لابن حبان (2/ 151)، وتاريخ بغداد (11/ 46)، والكاشف (2/ ترجمة 3416)، والمغني (2/ترجمة 3694)، وميزان الاعتدال (2/ترجمة 5051)، وتهذيب التهذيب (6/ 319)، وتقريب التهذيب (1/ 506)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4321)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 287).

ص: 359

عباس سمعت بن معين يوثق أبا الصلت فذكر له حديث "أنا مدينة العلم"

(376)

فقال قد حدث به محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية.

قلت جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وكان هذا باراً بيحيى ونحن نسمع من يحيى دائماً ونحتج بقوله في الرجال ما لم يتبرهن لنا وهن رجل انفرد بتقويته أو قوة من وهاه.

وقد ضرب أبو زرعة على حديث أبي الصلت.

وقال أبو حاتم لم يكن عندي بصدوق.

وقال النسائي وغيره ليس بثقة.

وقال الدارقطني قيل عنه إنه قال كلب للعلوية خير من جميع بني أمية.

قال حاتم بن يونس الجرجاني الحافظ سألت بن معين عنه فقال صدوق أحمق.

وعن صالح بن محمد قال رأيت بن معين جاء إلى أبي الصلت فسلم عليه.

وعن أبي الصلت قال اختلفت إلى سفيان بن عيينة ثلاثين سنة أسأله وكنت آتيه وأنا صبي وحججت خمسين حجة.

وعن محمد بن عصم سمعت أبا الصلت يقول أخذت من هؤلاء - يعني الدولة - ألف ألف وثلاث مئة ألف وضعت منها سبع مئة ألف في أهل الحرمين.

قال أبو زيد الضرير حدثنا أبو الصلت حدثنا علي بن عبد الرحمن عن فلان عن أبيه قال إذا خرج المهدي نادى مناد من كان له جار مرجئ وعليه دين فليبعه ويقضي دينه فسمعت مشايخ ممن حضر يقولون لما حدث أبو الصلت بهذا قال أبو الوليد الحنفي ليس ذا بمهدي بل معتدي يأمر ببيع الأحرار وقاموا من عنده وتركوه.

(376)

موضوع. رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" عن ابن عباس مرفوعًا، وفي إسناده جعفر بن محمد البغدادي، وهو متهم. وأخرجه الطبراني، وابن عدى، والعقيلي، وابن حبان عن بن عباس أيضًا وفيه أبو الصلت الهروى، عبد السلام بن صالح. قيل: هو الذي وضعه.

وفي إسناد ابن عدى: أحمد بن سلمة الجرجاني، يحدث عن الثقات بالأباطيل.

وفي إسناد العقيلي: عمر بن إسماعيل بن مجالد، كذاب.

وفي إسناد حبان: إسماعيل بن محمد يوسف، ولا يحتج به، وقد ذكر ابن الجوزي الحديث في "الموضوعات" من عدة طرق، وجزم ببطلان الكل، وتابعه الذهبي وغيره.

ص: 360

مات أبو الصلت سنة ست وثلاثين ومئتين في شوالها.

وله عدة أحاديث منكرة خرج له بن ماجة.

‌1900 - اللؤلؤي

(377)

الإمام الحافظ البارع أبو عبد الله محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن حرب البلخي اللؤلؤي.

حدث عن مالك وخارجة بن مصعب ويحيى بن يمان وجماعة.

روى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا والحسين بن أبي الأحوص وآخرون.

قال أحمد بن يسار المروزي كان آية من الآيات في الحفظ كان لا يكلمه أحد إلا علاه في كل فن وزعموا أنه ذاكر سليمان الشاذكوني فانتصف منه.

ذكره الخطيب وأشار إلى تضعيفه.

يقع لي من روايته في تصانيف بن أبي الدنيا.

لعله مات بعد الثلاثين ومئتين.

‌1901 - منصور بن ال مهدي

(378)

محمد بن منصور أبي جعفر العباسي ولي الشام للأمين وولي البصرة لأخيه الرشيد وقد دعي للخلافة بعد المئتين لما ثاروا على المأمون فامتنع.

حدث عن الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز.

روى عنه أبو العيناء.

قال أبو الصقر محمد بن داود كان أبي على شرطة منصور بدمشق فدس منصور من سرق من الجامع قلة البلور فلما رأى الإمام مكانها ضرب بقلنسوته الأرض وصرخ سرقت قلتكم فقال الناس لا صلاة بعد القلة فصارت مثلاً وكانت أخذت للأمين ثم ردها المأمون إلى موضعها.

عاش الأمير منصور إلى سنة ست وثلاثين ومئتين.

(377)

ترجمته في تاريخ بغداد (1/ 234) وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 433)، وميزان الاعتدال (3/ترجمة 7199)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدى (2/ 189 - 190)

(378)

ترجمته في تاريخ بغداد (13/ 83 - 84)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 287)

ص: 361

‌1902 - السمين

(379)

الإمام الحافظ المجود المفسر أبو عبد الله بن حاتم بن ميمون المروزي ثم البغدادي السمين.

سمع سفيان بن عيينة وعبد الله بن إدريس وإسماعيل بن علية ويحيى القطان ووكيع بن الجراح وأمماً.

حدث عنه مسلم وأبو داود والحسن بن سفيان وأحمد بن الحسن الصوفي وآخرون.

وثقه بن عدي والدراقطني.

وقال بن سعد جمع كتاباً في تفسير القرآن كتبه الناس عنه ببغداد وكان ينزل قطعية الربيع.

وذكره أبو حفص الفلاس فقال ليس بشيء.

قلت هذا من كلام الأقران الذي لا يسمع فإن الرجل ثبت حجة.

مات في آخر سنة خمس وثلاثين ومئتين.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن المؤيد بن محمد أخبرنا محمد بن الفضل أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا بن عمرويه الجلودي حدثنا إبراهيم بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا زهير ومحمد بن حاتم وعبد بن حميد قال عبد حدثني وقال الآخران حدثنا يعقوب بن إبراهيم أخبرنا بن أخي بن شهاب عن عمه قال قال سالم سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه فيقول يا فلان يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه فيبيت يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه"

(380)

.

(379)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 359)، والتاريخ الكبير (1/ ترجمة 173)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 1303)، وتاريخ بغداد (2/ 266)، والكاشف (3/ترجمة 4849)، والمغني (2/ترجمة 5366)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7330)، وتهذيب التهذيب (9/ 101) وتقريب التهذيب (2/ 152)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6121)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 86).

(380)

صحيح: أخرجه البخاري (6069)، ومسلم (2990) من حديث أبي هريرة، به.

ص: 362

‌1903 - محمد بن حاتم المصيصي

(381)

العابد صدوق لقبه حبى يكنى أبا جعفر.

يروي عن بن المبارك وسفيان بن عيينة ومروان بن معاوية وعدة.

وعنه أبو داود ويعقوب بن شيبة وهلال بن العلاء الرقي وعبد الكريم الديرعاقولي وأبو إسماعيل الترمذي ويوسف القاضي وآخرون.

وروى أبو داود أيضاً والنسائي عن رجل عنه.

قال أبو حاتم صدوق.

قيل توفي سنة خمس وعشرين ومئتين.

‌1904 - محمد بن حاتم بن سليمان الزمي

(382)

المؤدب خراساني ثقة صاحب حديث نزل سامراء.

وحدث عن هشيم وعمار بن محمد وجرير بن عبد الحميد وطبقتهم.

وعنه الترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد وأبو حامد الحضرمي وآخرون.

وثقه الدارقطني.

توفي سنة ست وأربعين ومئتين.

ذكرت هذين للتمييز فالثلاثة متعاصرون كبار وفي أهل العلم جماعة محمد بن حاتم لكنهم أصغر من هذه الطبقة.

‌1905 - صاحب البصري

(383)

الإمام الحافظ المجود الثقة أبو أيوب سليمان بن أيوب صاحب البصري.

(381)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ترجمة 1305)، وتذكرة الحفاظ (2/ 456)، والكاشف (3/ترجمة 4850) وميزان الاعتدال (3/ترجمة 7334)، وتهذيب التهذيب (9/ 103)، وتقريب التهذيب (2/ 153)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6123).

(382)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1034)، وتاريخ بغداد (2/ 286)، والأنساب للسمعاني (6/ 321)، وتهذيب التهذيب (9/ 101)، وتقرب التهذيب (2/ 151).

(383)

ترجمته في تاريخ بغداد (9/ 48 - 49)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 471)، وتهذيب التهذيب (4/ 173).

ص: 363

حدث عن حماد بن زيد وهارون بن دينار وعبد الرحمن بن مهدي وطبقتهم.

حدث عنه إسماعيل القاضي وصالح جزرة وأحمد بن الحسن الصوفي وأبو القاسم البغوي.

قال يحيى بن معين ثقة حافظ.

وروى الحسين بن حبان قال قال بن معين سليمان صاحب البصري من الحفاظ الثقات كان يتحفظ عند يحيى بن سعيد يأنف أن يكتب عنده.

وقال علي بن الجنيد الرازي كان أبو أيوب من الحفاظ لم أر بالبصرة أنبل منه.

وقال مطين مات في سنة خمس وثلاثين ومئتين.

‌1906 - سهل بن عثمان

(384)

الإمام الحافظ المجود الثبت أبو مسعود العسكري.

سمع حماد بن زيد وشريكاً القاضي وأبا الأحوص وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر ويزيد بن زريع وعلي بن مسهر ويحيى بن أبي زائدة وزياد بن عبد الله وطبقتهم.

حدث عنه مسلم وعبيد بن محمد الغزال وعلي بن أحمد بن بسطام وجعفر بن أحمد بن فارس وعبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي وعبدان الأهوازي وعدد كثير.

وحدث عنه من أقرانه علي بن المديني.

قال أبو الشيخ خرج عن أصبهان إلى الري في سنة اثنتين وثلاثين ومئتين ثم رجع إلى العراق قال ومات بعسكر مكرم وكان كثير الفوائد والغرائب.

وقال أبو زرعة وأبو حاتم صدوق وذكره بن حبان في تاريخ الثقات.

وقال أبو بكر بن أبي عاصم مات سنة خمس وثلاثين ومئتين.

(384)

ترجمته في التاريخ الكبير (4/ترجمة 2108)، والجرح والتعديل (4/ترجمة 877)، والأنساب للسمعاني (8/ 453)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 460)، والكاشف (1/ ترجمة 2195)، والعبر (1/ 414) و (2/ 133)، وتهذيب التهذيب (4/ 255)، وتقريب التهذيب (1/ 337)، وخلاصة الخزرجي (1/ترجمة 2801)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (3/ 78).

ص: 364

قلت لعله بلغ الثمانين وكان من مشايخ الإسلام.

وفيها مات أحمد بن عمر الوكيعي وإبراهيم بن العلاء الحمصي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي النديم وسريج بن يونس ونائب بغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وشيبان بن فروخ وأبو بكر بن أبي شيبة وعبيد الله القواريري ومحمد بن حاتم السمين ومعلى بن مهدي ومنصور بن أبي مزاحم وشجاع بن مخلد.

‌1907 - بن نمير

(385)

محمد بن عبد الله بن نمير الحافظ الحجة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الهمداني ثم الخارفي مولاهم الكوفي.

ولد سنة نيف وستين ومئة فهو من أقران أحمد بن حنبل وعلي بن المديني.

حدث عن أبيه الحافظ عبد الله بن نمير والمطلب بن زياد وعمر بن عبيد الطنافسي وإخوته وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي وبن إدريس وأبي خالد الأحمر وأبي معاوية وبن فضيل ومروان بن معاوية وسفيان بن عيينة وبن علية ووكيع وحكام بن سلم ويزيد بن هارون والمحاربي ومحمد بن بشر وأبي عاصم وأبي أسامة وخلق كثير.

حدث عنه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود وبن ماجة وروى الباقون عن رجل عنه ومحمد بن يحيى الذهلي وأبو حاتم وأبو زرعة ويعقوب بن شيبة ويعقوب الفسوي وبقي بن مخلد وأحمد بن ملاعب ومطين وعبد الله بن أحمد بن حنبل وأبو يعلى الموصلي وخلق سواهم.

وكان رأساً في العلم والعمل.

قال أبو إسماعيل الترمذي كان أحمد بن حنبل يعظم محمد بن عبد الله بن نمير تعظيماً عجيباً ويقول أي فتى هو؟! وقال إبراهيم بن مسعود الهمذاني سمعت أحمد بن حنبل يقول محمد بن عبد الله بن نمير درة العراق.

(385)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 413)، والتاريخ الكبير (1/ترجمة 431)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 664)، والأنساب للسمعاني (5/ 10)، والكاشف (3/ترجمة 5053)، والعبر (1/ 417) و (2/ 8)، وتهذيب التهذيب (9/ 282)، وتقريب التهذيب (2/ 180) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6401)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 81).

ص: 365

قال علي بن الحسين بن الجنيد الحافظ كان أحمد وبن معين يقولان في شيوخ ما يقول بن نمير فيهم يعني يقتديان بقوله في أهل بلده.

قال بن الجنيد ما رأيت بالكوفة مثل محمد بن عبد الله بن نمير كان رجلاً قد جمع العلم والفهم والسنة والزهد وكان يلبس في الشتاء الشاتي لبادة وفي الصيف يدير وكان فقيراً.

وقال أحمد بن سنان القطان ما رأيت من الكوفيين من أحداثهم رجلاً أفضل عندي من بن نمير كان يصلي بنا الفرائض وأبوه يصلي خلفه قدم علينا أيام يزيد بن هارون يعني واسطاً.

قال أحمد بن عبد الله العجلي كوفي ثقة يعد من أصحاب الحديث.

وقال أبو حاتم ثقة يحتج بحديثه.

وقال أبو داود هو أثبت من أبيه.

وقال النسائي ثقة مأمون.

وقال أبو حاتم بن حبان كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين.

أخبرنا سليمان بن قدامة أخبرنا جعفر بن علي أخبرنا السلفي أخبرنا جعفر السراج أخبرنا أبو محمد الخلال حدثنا يحيى بن علي بن يحيى حدثنا عبيد الله بن المهتدي بالله حدثنا أحمد بن محمد بن رشدين سمعت أحمد بن صالح المصري الحافظ يقول ما رأيت بالعراق مثل أحمد بن حنبل ببغداد ومحمد بن عبد الله بن نمير بالكوفة جامعين لم أر مثلهما بالعراق.

قال البخاري مات في شعبان أو رمضان سنة أربع وثلاثين ومئتين وقال بن حبان في شعبان.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة عليه سنة اثنتين وتسعين وست مئة عن أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي أن تميم بن أبي سعيد أخبرهم أخبرنا محمد بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عمرو بن حمدان أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن بشر حدثنا عبيد الله عن أبي بكر بن سالم عن سالم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أريت في النوم أني أنزع بدلو على فليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين فنزع نزعاً ضعيفاً والله يغفر له ثم جاء عمر

ص: 366

فاستقى فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن"

(386)

.

هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه ولا يكاد يعرف أبو بكر إلا بهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن بن نمير فوقع موافقة عالية.

‌1908 - عبيد بن يعيش

(387)

الحافظ الحجة الأوحد أبو محمد الكوفي المحاملي العطار.

سمع أبا بكر بن عياش وعبد الرحمن المحاربي ومحمد بن فضيل ووكيعاً وبن نمير ويحيى بن آدم وعدة.

حدث عنه مسلم والنسائي بواسطة وأبو زرعة الرازي والبخاري في جزء رفع اليدين ومحمد بن أيوب البجلي وإبراهيم بن أبي داود البرلسي ومحمد بن عبد الله مطين ومحمد بن جعفر القتات وخلق كثير.

قال أبو داود ثقة ثقة.

وقال أبو حاتم صدوق.

قال عمار بن رجاء سمعت عبيد بن يعيش يقول أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل كانت أختي تلقمني وأنا أكتب.

قلت هو من الحفاظ الذين ما ارتحلوا من بلدهم.

قال الحافظ أبو بكر بن منجويه وغيره مات عبيد بن يعيش في رمضان سنة تسع وعشرين ومئتين.

‌1909 - المرادي

(388)

المحدث الصدوق أبو شريك يحيى بن يزيد بن ضماد المرادي المصري عمر وأسن.

(386)

صحيح: أخرجه البخاري (3682)، ومسلم (2393)(19) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، به.

(387)

ترجمته في طبقات ابن سعد (6/ 414)، والتاريخ الكبير (6/ترجمة 1513)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة رقم 23)، وتهذيب التهذيب (7/ 78)، وتقريب التهذيب (1/ 546) وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4666).

(388)

ترجمته في الجرح والتعديل (9/ ترجمة 828)، ولسان الميزان (6/ 282).

ص: 367

وحدث عن مالك بن أنس وحماد بن زيد وضمام بن إسماعيل ومفضل بن فضالة وغيرهم.

روى عنه أبو حاتم ويعقوب الفسوي ومحمد بن محمد بن الباغندي ومحمد بن داود بن عثمان الصدفي وآخرون.

توفي في شعبان سنة ست وأربعين ومئتين.

‌1910 - الطنافسي

(389)

الإمام الحافظ المتقن محدث قزوين أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن أبي شداد وقيل علي بن محمد بن نباتة وقيل بن شروى وقيل بن عبد الرحمن الكوفي الطنافسي.

حدث عن أخواله محمد بن عبيد ويعلى بن عبيد وأبي بكر بن عياش وسفيان بن عيينة وأبي معاوية وبن وهب وحفص بن غياث ومحمد بن فضيل وعبد الرحمن المحاربي ووكيع وطبقتهم.

حدث عنه بن ماجة فأكثر وزياد بن أيوب الطوسي مع تقدمه وأبو زرعة وأبو حاتم وبن وارة وعلي بن الحسين بن الجنيد ومحمد بن أيوب بن الضريس وعلي بن سعيد بن بشير الرازيون وابنه قاضي قزوين الحسين بن علي ويحيى بن عبدل وآخرون.

قال أبو حاتم كان ثقة صدوقاً هو أحب إلي من أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح وأبو بكر أكثر منه حديثاً وأفهم.

قال أبو يعلى الخليلي أقام علي بن محمد وأخوه بقزوين وارتحل إليهما الكبار قال ولهما محل عظيم ولم يكن إسنادهما في ذلك الوقت بعال سمعا سفيان بن عيينة ثم سمى جماعة.

قال وتوفي الحسن بن محمد في سنة 222 وتوفي أبو الحسن علي في سنة ثلاث وثلاثين ومئتين.

(389)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2451)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 1111)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 451)، والكاشف (2/ترجمة 4022)، والعبر (1/ 406)، وتهذيب التهذيب (7/ 378)، وتقريب التهذيب (2/ 43)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5042)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 68).

ص: 368

أخبرنا تاج الدين عبد الخالق أخبرنا الإمام أبو محمد بن قدامة وأخبرنا أبو سعيد الزيني أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف قالا أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد أخبرنا أبو منصور بن الحسن المقومي أخبرنا القاسم بن أبي المنذر الخطيب أخبرنا علي بن إبراهيم القطان حدثنا محمد بن يزيد الحافظ حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حامل الحسين على عاتقه ولعابه يسيل عليه".

هذا حديث غريب تفرد به بن ماجة

(390)

وهذا على شرط مسلم.

ومات معه يحيى بن معين ويحيى بن أيوب المقابري وسليمان بن بنت شرحبيل وحبان بن موسى المروزي وروح بن صلاح المصري وإبراهيم بن الحجاج السامي وأحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني وداهر بن نوح الأهوازي وسهل بن عثمان العسكري وعبد الجبار بن عاصم النسائي وعقبة بن مكرم الضبي والقاضي محمد بن سماعة الحنفي ومحمد بن عائذ الكاتب ومحمد بن الزيات الوزير ويزيد بن موهب بالرملة.

‌1911 - محمود الوراق

(391)

بن الحسن بغدادي خير شاعر مجود سائر النظم في المواعظ.

روى عنه بن أبي الدنيا وأبو العباس بن مسروق.

وقيل كانت له جارية أعطي فيها سبعة آلاف دينار فامتنع فلما مات اشتريت للمعتصم بسبعة مئة دينار ثم قال لها كيف رأيت؟ قالت إذا كان أمير المؤمنين ينتظر بشهواته المواريث فسبعون ديناراً في كثيرة.

(390)

صحيح: أخرجه ابن ماجه (658) من طريق على بن محمد، به، وأخرجه أحمد (2/ 279) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن زياد، به، وأخرجه أحمد (2/ 406 و 447 و 467) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، به.

(391)

ترجمته في تاريخ بغداد (13/ 87)، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبى (4/ 79).

ص: 369

‌1912 - وهب بن بقية

(392)

ابن عثمان بن سابور بن عبيد بن آدم المحدث الإمام الثقة أبو محمد الواسطي وهبان.

ولد سنة خمس وخمسين ومئة قاله بحشل في تاريخه.

روى عن حماد بن زيد حكاية وعن يزيد بن زريع وخالد بن عبد الله الطحان وجعفر بن سليمان ومرحوم بن عبد العزيز والحكم بن ظهير وعبد الوهاب الثقفي وبشر بن المفضل وهشيم ونوح بن قيس وأبي خالد الأحمر والمغيرة بن مطرف واسطي ومحمد بن هارون بن عبيد شيخ واسطي ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية وعدة.

وعنه مسلم وأبو داود وروى النسائي عن زكريا خياط السنة عنه وأبو زرعة وبقي وجعفر الفريابي وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وعبد الله بن أحمد وأبو يعلى والبغوي وعبدان وأبو العباس السراج وبن ناجية ومحمود بن محمد الواسطي وعلي بن إسحاق بن زاطيا وخلق سواهم.

روى هاشم بن مرثد عن يحيى بن معين قال وهبان ثقة ولكنه سمع وهو صغير.

قلت بل ما سمع حتى صار بن نيف وعشرين سنة ولو سمع في صغره للحق جرير بن حازم وأقرانه.

وقال أبو بكر الخطيب كان ثقة قدم بغداد وحدث بها.

وقال أحمد بن كامل كان وهب يخضب بالحناء ومات بواسط في سنة تسع وثلاثين ومئتين وفيها أرخه بحشل ومطين والبغوي.

ذكر شيء من عواليه: أخبرنا أحمد بن إسحاق أخبرنا الفتح بن عبد السلام أخبرنا أبو الفضل الأرموي وأبو غالب بن الداية ومحمد بن أحمد الطرائفي أخبرنا يحيى بن منصور الفقيه في كتابه أخبرنا عمر بن محمد ببغداد سنة سبع وست مئة وفيها توفي وأنبأنا علي بن أحمد

(392)

ترجمته في التاريخ الكبير (8/ ترجمة 2582)، والجرح والتعديل (9/ ترجمة 121)، وتاريخ بغداد (13/ 457)، والعبر (1/ 431)، والكاشف (3/ترجمة 6210)، وتهذيب التهذيب (11/ 159) وتقريب التهذيب (2/ 337)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 92).

ص: 370

أخبرنا عمر بن أحمد بدمشق سنة ثلاث وست مئة وأخبرنا محمد بن عبد الملك بن خيرون وزاد حدثنا بن الصيرفي الفقيه عنه فقال وأخبرنا يحيى بن علي وعبد الخالق بن عبد الصمد وأبو غالب بن البناء وأخبرنا الفخر بن البخاري أيضاً أخبرتنا نعمة بنت علي بن يحيى بن علي أخبرنا جدي وأخبرنا المسلم بن محمد القيسي وإبراهيم بن علي الفقيه قالا أخبرنا داود بن أحمد الوكيل وأخبرنا أبو المرهف المقداد بن أبي القاسم الصقلي أخبرنا سعيد بن محمد بن سعيد بن الرزاز قالا أخبرنا أبو الفضل الأرموي وأخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن الزين وإبراهيم بن علي قالا أخبرنا الفتح عن مشايخه الثلاثة قالوا سبعتهم أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي سنة ثمان وتسعين ومئتين حدثنا وهب بن بقية أخبرنا إسحاق بن يوسف عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن زياد بن حدير قال قال عمر رضي الله عنه إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة منافق يقرأ القرآن لا يخطئ فيه واواً ولا ألفاً يجادل الناس أنه أعلم منهم ليضلهم عن الهدى وزلة عالم وأئمة مضلون.

وفيها أي سنة تسع مات داود بن رشيد وصفوان بن صالح وعثمان بن أبي شيبة وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه ومحمد بن مهران الرازي الجمال ووهب بن بقية ويحيى بن موسى خت ومحمود بن غيلان المروزي ومحمد بن النضر المروزي وعبد الله بن عمر بن أبان والصلت بن مسعود الجحدري.

‌1913 - الغزي

(393)

محمد بن عمرو الغزي العابد الزاهد.

روى عن العطاف بن خالد والوليد بن مسلم وجماعة.

وعنه ولده عبد الله بن محمد وأبو زرعة الرازي ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وآخرون.

قال أبو زرعة ما رأيت بمصر أصلح منه وكان يأتي عليه ثمانية عشر يوماً لا يأكل فيها ولا يشرب.

(393)

ترجمته في الجرح والتعديل (8/ ترجمة 148)، واللباب لابن الأثير (2/ 381)، وتهذيب التهذيب (9/ 371).

ص: 371

وقال إبراهيم بن أبي أيوب حدثنا محمد بن عمرو - وكان يأكل في شهر رمضان أكلتين.

قلت بقي إلى نحو الأربعين ومئتين وهو من مشايخ حلية الأولياء.

‌1914 - هناد بن السري

(394)

بن مصعب بن أبي بكر شبر بن صعفوق الإمام الحجة القدوة زين العابدين أبو السري التميمي الدارمي الكوفي مصنف كتاب الزهد وغير ذلك.

روى أبو العباس السراج أنه قال ولدت سنة اثنتين وخمسين ومئة.

حدث عن شريك وأبي الأحوص وبن المبارك وهشيم وعبثر بن القاسم وإسماعيل بن عياش وبن أبي الزناد وملازم بن عمرو وأبي بكر بن عياش وسفيان بن عيينة وحاتم بن إسماعيل وعبدة بن سليمان وعلي بن مسهر وعيسى بن يونس وأبي معاوية ويحيى بن أبي زائدة وخلق وينزل إلى قبيصة ويحيى بن معين وكان من الحفاظ العباد.

حدث عنه الجماعة لكن البخاري في غير صحيحه اتفاقاً لااجتناباً وبقي بن مخلد وأبو زرعة وأبو حاتم وبن أبي الدنيا والرمادي والدقيقي ومطين وعبدان الأهوازي وأبو العباس السراج ومحمد بن صالح بن ذريح وبن بن أخيه أبو دارم محمد بن السري بن يحيى وآخرون.

قال أبو حامد أحمد بن سهل الإسفراييني سمعت أحمد بن حنبل وسئل عمن نكتب بالكوفة فقال عليكم بهناد.

وقال أبو حاتم صدوق.

وقال أبو داود سمعت قتيبة يقول ما رأيت وكيعاً يعظم أحداً تعظيمه لهناد ثم سأله عن الأهل.

وقال النسائي ثقة.

(394)

ترجمته في التاريخ الكبير (8/ ترجمة 2889)، والجرح والتعديل (9/ترجمة 501)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 522)، والكاشف (3/ترجمة 6093)، والعبر (1/ 441) و (2/ 227)، وتهذيب التهذيب (11/ 70)، وتقريب التهذيب (2/ 321)، وخلاصة الخزرجي (3/ترجمة 7770)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 104).

ص: 372

وقال أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ كان هناد رحمه الله كثير البكاء فرغ يوماً من القراءة لنا فتوضأ وجاء إلى المسجد فصلى إلى الزوال وأنا معه في المسجد ثم رجع إلى منزله فتوضأ وجاء فصلى بنا الظهر ثم قام على رجليه يصلي إلى العصر يرفع صوته بالقرآن ويبكي كثيراً ثم إنه صلى بنا العصر وأخذ يقرأ في المصحف حتى صلى المغرب قال فقلت لبعض جيرانه ما أصبره على العبادة فقال هذه عبادته بالنهار منذ سبعين سنة فكيف لو رأيت عبادته بالليل وما تزوج قط لا تسرى وكان يقال له راهب الكوفة.

قال أبو العباس الثقفي مات في يوم الأربعاء آخر يوم من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين ومئتين.

قلت عاش إحدى وتسعين سنة.

ولا يشتبه ب:

‌1915 - هناد بن السري الصغير الدارمي

(395)

حدث عن والده أبي عبيدة السري بن يحيى بن السري وأبي سعيد الأشج.

حدث عنه بن أخيه الحافظ المجود أبو بكر أحمد بن محمد بن السري بن يحيى الكوفي المشهور بابن أبي دارم ومحمد بن عمر بن يحيى العلوي والقاضي محمد بن عبد الله بن الحسن الجعفي الكوفي وجماعة كان صدوقاً.

أرخ موته الحافظ محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي في سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة.

ولم يقع لنا من عالي حديث هناد الكبير إلا بإجازة في الطريق فنسأل الله علماً نافعاً مقرباً إليه.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة ست وتسعين وست مئة عن زينب بنت عبد الرحمن والقاسم بن أبي سعد قالا أخبرنا وجيه بن طاهر وأخبرنا أحمد عن زينب أخبرنا عبد المنعم بن عبد الكريم وأخبرنا أحمد عن عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد قالوا أخبرنا أبو القاسم القشيري أخبرنا أبو الحسين الخفاف أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا هناد حدثنا وكيع

(395)

ترجمته في تهذيب التهذيب (11/ 71)، وتقريب التهذيب (2/ 322).

ص: 373

عن شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث"

(396)

.

أخرجه الترمذي عن هناد بن السري.

وبه حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو معاوية.

وبه قال وأخبرنا هناد أخبرنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيد بن حضير وأناساً معه يطلبون قلادة كانت لعائشة نسيتها في منزل نزلته فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماء فصلوا بغير وضوء فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت آية التيمم فقال لها أسيد جزاك الله خيراً فو الله ما نزل بك أمر قط تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيراً.

أخرجه النسائي

(397)

عن إسحاق بن راهويه.

ومات مع هناد أحمد بن عيسى التستري وحرملة بن يحيى التجيبي ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني وهارون الحمال وأحمد بن سعيد الرباطي وإبراهيم بن العباس الصولي والحارث بن أسد المحاسبي.

‌1916 - محمد بن عبد الله بن عمار

(398)

الإمام الحافظ الحجة محدث الموصل أبو جعفر الموصلي ولد بعد الستين ومئة.

وسمع المعافى بن عمران أبا بكر بن عياش وعيسى بن يونس وسفيان بن عيينة وأبا معاوية ووكيعاً وطبقتهم وله كتاب جليل في معرفة الرجال والعلل.

(396)

صحيح: أخرجه الترمذي (5) من طريق قتيبة وهناد قالا حدثنا وكيع، عن شعبة، به.

وأخرجه البخاري (142)، ومسلم (375) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.

وقوله: "الخُبث": جمع خبيث، و "الخبائث" جمعُ الخبيثة يريد ذكور الشياطين وإناثَهم.

(397)

صحيح أخرجه البخاري (336)، ومسلم (367)، وأبو داود (317)، والنسائي (1/ 163 - 164).

(398)

ترجمته في الجرح والتعديل (7/ ترجمة 1641)، وتاريخ بغداد (5/ 416)، والمغنى (2/ ترجمة 5673)، وميزان الاعتدال (3/ترجمة 7753)، وتهذيب التهذيب (9/ 265)، وتقريب التهذيب (2/ 178)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 6383)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 101).

ص: 374

حدث عنه النسائي والحسين بن إدريس الهروي وجعفر الفريابي وأبو يعلى الموصلي وأبو بكر محمد بن محمد الباغندي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وآخرون كثيرون.

وكان يعالج التجارة فقدم بغداد مرات وحدث بها وكان الحافظ عبيد العجل يعظم أمره ويرفع قدره.

قال النسائي ثقة صاحب حديث.

وقال الخطيب هو مخرمي سكن الموصل وكان أحد أهل الفضل المتحققين بالعلم حسن الحفظ كثير الحديث.

وروى عنه الحسين الهروي كتاباً له في العلل ومعرفة الشيوخ.

وقال بن عدي سمعت أبا يعلى يسيء القول فيه ويقول شهد على خالي بالزور.

قلت يصدق عليه إذا دلسناه أن نقول أبو جعفر محمد بن عبد الله المخرمي الحافظ فيستفاد مع الحافظ أبي جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي.

توفي بن عمار في سنة اثنتين وأربعين ومئتين وقد كمل الثمانين.

وقد وهم بن قانع حيث قال توفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين.

‌1917 - الفلاس

(399)

عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الحافظ الإمام المجود الناقد أبو حفص الباهلي البصري الصيرفي الفلاس حفيد المحدث بحر بن كنيز السقاء.

ولد سنة نيف وستين ومئة.

وحدث عنه يزيد بن زريع ومرحوم العطار وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وخالد بن الحارث وغندر وسفيان بن عيينة وعاصم بن هلال وعمر بن علي المقدمي

(399)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ترجمة 2617)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى (1/ 640)، والجرح والتعديل (6/ترجمة 1375)، وتاريخ بغداد (12/ 207)، والإكمال لابن ماكولا (7/ 89)، والأنساب للسمعاني (9/ 354) وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 502)، والكاشف (2/ترجمة 4266)، والعبر (1/ 315 و 346)، وتهذيب التهذيب (8/ 80)، وتقريب التهذيب (2/ 75)، وخلاصة الخزرجي (2/ترجمة 5347)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 120).

ص: 375

ومحمد بن سواء ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي وعبد الله بن إدريس وعبد الأعلى الشامي ومعاذ بن معاذ ووكيع ويحيى القطان وفضيل بن سليمان النميري ومعتمر بن سليمان ويزيد بن هارون وخلق وينزل إلى سليمان بن حرب وكان من جملة الحجة.

حدث عنه الأئمة الستة في كتبهم وأبو زرعة وأبو حاتم وبن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد والحسن بن سفيان ومحمد بن يحيى بن مندة والقاسم المطرز وجعفر الفريابي ويحيى بن صاعد ومحمد بن جرير وأبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني وخلق سواهم.

قال أبو حاتم بصري صدوق كان أرشق من علي بن المديني سمعت العباس العنبري يقول ما تعلمت الحديث إلا من عمرو بن علي.

وقال الحجاج بن الشاعر لا يبالي عمرو بن علي أحدث من كتابه أو من حفظه.

وقال النسائي ثقة حافظ صاحب حديث.

وقد روى النسائي أيضاً عن زكريا السجزي عنه وحدث عنه شيخه عفان والقاضي المحاملي.

وقد ذكره أبو زرعة فقال ذاك من فرسان الحديث لم نر بالبصرة أحفظ منه ومن علي بن المديني والشاذكوني.

قال أبو حفص الفلاس حضرت مجلس حماد بن زيد وأنا صبي وضيء فأخذ رجل بخدي ففررت فلم أعد.

قال بن إشكاب الحافظ ما رأيت مثل أبي حفص الفلاس كان يحسن كل شيء وبلغنا عن أبي حفص قال ما كنت فلاساً قط وقد سافر إلى أصبهان غير مرة وحدث بها فقال الحافظ أبو الشيخ قدمها في سنة ست عشرة ومئتين وسنة أربع وعشرين وسنة ست وثلاثين.

وحكى بن مكرم قال ما قدم علينا بعد علي بن المديني مثل عمرو بن علي مات بالعسكر في ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومئتين.

قلت صنف وجمع ووقع لنا من عالي حديثه: أخبرنا الشيخ العالم الزاهد مسند الوقت أبو المعالي أحمد بن القاضي الإمام المحدث

ص: 376

رفيع الدين أبي محمد إسحاق بن محمد المؤيد الهمذاني ثم المصري بقراءتي عليه قال أخبرنا المبارك بن أبي الجود ببغداد سنة عشرين وست مئة أخبرنا أبو العباس أحمد بن الطلاية أخبرنا عبد العزيز بن علي أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا محمد بن هارون حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي"

(400)

صححه الترمذي.

‌1918 - خليفة بن خياط

(401)

بن خليفة بن خياط الإمام الحافظ العلامة الأخباري أبو عمرو العصفري البصري ويلقب بشباب صاحب التاريخ وكتاب الطبقات وغير ذلك.

سمع أباه ويزيد بن زريع وزياد بن عبد الله البكائي وسفيان بن عيينة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى ومحمد بن جعفر غندراً وإسماعيل بن علية ومحمد بن أبي عدي ومعتمر بن سليمان ومحمد بن سواء وخالد بن الحارث ويحيى القطان وبن مهدي وأمية بن خالد وحاتم بن مسلم وهشام الكلبي وعلي بن محمد المدائني وخلقاً كثيراً.

ذكر شيخنا في تهذيب الكمال أنه روى أيضاً عن حماد بن سلمة فهذا وهم بين فإن الرجل لم يلحق أيضاً السماع من حماد بن زيد وأراه رآه.

حدث عنه البخاري بسبعة أحاديث أو أزيد في صحيحه وبقي بن مخلد وحرب الكرماني وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأبو بكر بن أبي عاصم وعمر بن أحمد الأهوازي وموسى بن زكريا التستري وعبدان الجواليقي وزكريا الساجي وخلق.

(400)

حسن، أخرجه الترمذي (2230) من طريق سفيان الثوري، عن عاصم بن بهدلة، به.

قلت: إسناده حسن، عاصم بن بهدلة بن أبي النجود، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

وأخرجه أبو داود (4282)، والترمذي (2231) من طرق عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو لم يبق من الدنيا إلَّا يوم لطوَّلَ الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلًا منى أو من أهل بيتى يواطئُ اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبي" زاد في حديث فطر "يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئتْ ظلمًا وجورًا" واللفظ لأبي داود. وقال في حديث سفيان -عند أبي داود- "لا تذهب، أو لا تنقضى الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتى، يواطئ اسمه اسمى".

(401)

ترجمته في التاريخ الكبير (3/ ترجمة 646)، والجرح والتعديل (3/ ترجمة 1727)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 442)، وميزان الاعتدال (1/ 665)، وشذرات الذهب لابن العماد (2/ 94).

ص: 377

وكان صدوقاً نسابة عالماً بالسير والأيام والرجال وثقه بعضهم.

وقال بن عدي هو صدوق من متيقظي الرواة.

قلت لينه بعضهم بلا حجة.

قال مطين وغيره مات سنة أربعين ومئتين.

قلت كان من أبناء الثمانين وقد أخطأ من قال مات سنة ست وأربعين مات جده سنة ستين ومئة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله سنة 692 عن عبد المعز بن محمد أخبرنا تميم المقرئ أخبرنا أبو سعد الطبيب أخبرنا أبو عمرو النحوي أخبرنا أبو يعلى التميمي حدثنا شباب العصفري حدثنا معتمر سمعت أبي عن أنس قال كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم من نخله الصدقات حتى فتحت قريظة والنضير فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد بعد ذلك وإن أهلي أمروني أن آتيه فأسأله الذي كان أعطوه وكان أعطاهن أم أيمن فلوت الثوب في عنقي وهي تقول كلا والله لا يعطيكهن والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لك كذا ولك كذا حسبت أنه قال وهي تقول كلا والله حتى أعطاها عشرة أمثاله.

هذا حديث غريب من الأفراد أخرجه البخاري

(402)

عن شباب.

توفي مع شباب في سنة أربعين أحمد بن أبي داود القاضي وأبو ثور إبراهيم بن خالد الفقيه وسويد بن سعيد وقتيبة بن سعيد وسويد بن نصر وسحنون الفقيه وعبد الواحد بن غياث ومحمد بن الصباح الجرجرائي والحسن بن عيسى بن ماسرجس وجعفر بن حميد الكوفي ومحمد بن خالد الطحان ومحمد بن عمرو زنيج ومحمد بن أبي عتاب الأعين والليث بن خالد تلميذ الكسائي.

(402)

صحيح: أخرجه البخاري (4120) من طريق ابن أبي الأسود وخليفة، ومسلم (1771)(71) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وحامد بن عمر البكراوى ومحمد بن عبد الأعلى القيسى كلهم عن المعتمر قال سمعت أبي عن أنس، به.

ص: 378

‌1919 - صفوان بن صالح

(403)

بن صفوان بن دينار الحافظ المحدث الثقة مؤذن جامع دمشق أبو عبد الملك الثقفي مولاهم الدمشقي.

سمع سفيان بن عيينة ومروان بن معاوية والوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز ووكيع بن الجراح ومحمد بن شعيب وطبقتهم.

حدث عنه أبو داود وبواسطة الترمذي والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو زرعة النصري وأحمد بن أنس بن مالك وأحمد بن المعلى وجعفر الفريابي ومحمد بن الحسن بن قتيبة وآخرون.

مولده في سنة ثمان أو تسع وستين ومئة.

قال عمرو بن دحيم مات في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين ومئتين وثقه أبو عيسى الترمذي.

وقال سلم بن معاذ قلت لسليمان بن عبد الرحمن بن صفوان بن صالح يأبى أن يحدثنا قال فدخل صفوان فسلم عليه فقال سليمان بلغني أنك تأبى أن تحدث؟ فقال يا أبا أيوب منعنا السلطان قال ويحك حدث فإنه بلغني أن أهل الجنة يحتاجون إلى العلماء في الجنة كما يحتاجون إليهم في الدنيا فحدث لعلك أن تكون منهم فحدثنا صفوان.

وقد ذكر أبو زرعة الرازي إبراهيم بن موسى الفراء الحافظ فقال هو أحفظ من صفوان بن صالح فما قال أبو زرعة هذا وقرن بينهما إلا لاشتراكهما في الحفظ.

‌1920 - إسحاق بن أبي إسرائيل

(404)

إبراهيم بن كامجر الإمام الحافظ الثقة.

(403)

ترجمته في التاريخ الكبير (4 / ترجمة 2939)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (1/ 140 و 155) و (2/ 298 و 358) و (3/ 260 و 319)، والجرح والتعديل (4/ترجمة 1868)، والكاشف (2/ترجمة 2421)، والعبر (1/ 430) و (2/ 113 و 147 و 162)، وتهذيب التهذيب (4/ 426)، وتقريب لتهذيب (1/ 368)، وخلاصة الخزرجي (1/ترجمة 3098)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 91).

(404)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 353)، والتاريخ الكبير (1/ ترجمة 1210)، وتاريخ بغداد (6/ 356)، وميزان الاعتدال (1/ 182)، وتذكرة الحفاظ (2/ترجمة 499)، والعبر (1/ 444)، وتهذيب التهذيب (1/ 223)، وتقريب التهذيب (1/ 54).

ص: 379

حدث عن شريك وحماد بن زيد وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد الواحد بن زيد وجعفر بن سليمان وعبد القدوس بن حبيب وكثير بن عبد الله الأُبُلي الذي روى عن أنس بن مالك وخلق كثير ورأى زائدة بن قدامة.

ولد سنة خمسين ومئة قاله موسى بن هارون.

وحدث عنه أبو داود وبواسطة النسائي ومحمد بن إسماعيل البخاري في كتاب الأدب وأبو بكر أحمد بن علي المروزي وموسى بن هارون وعبد الله بن ناجية وأبو يعلى الموصلي وأبو العباس الثقفي وأبو حامد الحضرمي وأبو القاسم البغوي وأحمد بن القاسم الفرائضي وقد روى حرف الكسائي عنه وحرف بن عامر عن الوليد بن مسلم بروايته عن يحيى بن الحارث عنه.

قال أحمد بن أبي خيثمة وعثمان الدارمي عن يحيى ثقة ثم قال عثمان ثم إسحاق أظهر الوقف حين سألت بن معين عنه.

وقال البغوي ثقة مأمون إلا أنه كان قليل العقل.

وقال صالح جزرة صدوق يقول القرآن كلام الله ويقف.

قال أبو العباس السراج سمعته يقول هؤلاء الصبيان يقولون كلام الله غير مخلوق ألا قالوا كلام الله وسكتوا؟ ويشير إلى دار الإمام أحمد.

قال إسحاق بن داود تجهم إسحاق بن أبي إسرائيل بعد تسعين سنة.

وقال أبو حاتم وقف في القرآن فوقفنا عن حديثه ولقد تركه الناس حتى كنت أمر بمسجده وهو وحيد لا يقربه أحد بعد أن كان الناس إليه عنقاً واحداً.

قال شاهين بن السميدع سمعت أحمد بن حنبل يقول إسحاق بن أبي إسرائيل واقفي مشؤوم إلا أنه كيس صاحب حديث.

وقال زكريا الساجي كان صدوقاً تركوه لموضع الوقف قال معنى قوله تركوه أعرضوا عن الأخذ عنه لا أن حديثه في حيز المتروك المطرح.

قال الحسين بن اسماعيل الفارسي سألت عبدوس بن عبد الله النيسابوري عن إسحاق بن أبي إسرائيل فقال كان حافظاً جداً لم يكن مثله في الحفظ والورع قلت كان يتهم بالوقف؟ قال نعم.

ص: 380

قلت أداه ورعه وجموده إلى الوقف لا أنه كان يتجهم كلا.

قال أحمد بن أبي خيثمة قال لي مصعب الزبيري ناظرني إسحاق بن أبي إسرائيل فقال لا أقول كذا ولا غير ذا - يعني في القرآن - فناظرته فقال لم أقل على الشك ولكني أسكت كما سكت القوم قبلي.

قلت الإنصاف في من هذا حاله أن يكون باقياً على عدالته والله أعلم.

قال البخاري وجماعة مات في سنة خمس وأربعين ومئتين قال بن قانع في شعبانها.

وقال علي بن أحمد بن النضر توفي سنة ست وأربعين.

وقال أبو القاسم البغوي مات بسامراء في شعبان سنة ست وأربعين ومئتين.

قلت وقع لنا من عواليه.

‌1921 - إبراهيم بن عبد الله

(405)

بن حاتم الحافظ الإمام شيخ الإسلام أبو إسحاق البغدادي المعروف بالهروي.

سمع إسماعيل بن جعفر وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد العزيز الدراوردي وهشيم بن بشير وأبا إسماعيل المؤدب وطبقتهم.

حدث عنه الترمذي وبن ماجة وبن أبي الدنيا وأبو يعلى وجعفر الفريابي وأحمد بن فرح المفسر موسى بن هارون وأبو بكر الباغندي وأحمد بن الحسين الصوفي الصغير وآخرون.

وكان صالحاً زاهداً عابداً صواماً قواماً متعففاً كبير القدر كان لا يفطر إلا أن يدعى إلى طعام وكان حافظاً مجوداً من أعلم الناس بحديث هشيم وأثبتهم فيه.

روى عنه صالح جزرة قال ما مر حديث لهشيم إلا وقد سمعته عشرين مرة أو أكثر وكنت أوقفه كنت أسمع منه مع سعيد الجوهري والد إبراهيم.

ثم قال صالح جزرة أعلم الناس بحديث هشيم عمرو بن عون وإبراهيم بن عبد الله.

(405)

ترجمته في الجرح والتعديل (2/ ترجمة 320)، وتاريخ بغداد (6/ 118)، وميزان الاعتدال (1/ 42) والعبر (1/ 442)، وتذكرةالحفاظ (2/ترجمة 498)، والوافى بالوفيات لصلاح لدين الصفدى (5/ 28)، تهذيب التهذيب (1/ 132)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 105).

ص: 381

وقال يحيى بن معين أصحاب هشيم محمد بن الصباح الدولابي وإبراهيم الهروي وهو أكيس الرجلين.

وقال أبو داود إبراهيم بن عبد الله ضعيف.

وقال النسائي ليس بالقوي.

قلت توفي في شهر رمضان سنة أربع وأربعين ومئتين وله نيف وتسعون سنة.

‌1922 - إبراهيم بن محمد بن عرعرة

(406)

بن البرند بن النعمان بن علجة بن أقفع بن كزمان الحافظ الكبير المجود أبو إسحاق القرشي السامي البصري من ولد الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب.

نزل بغداد ونشر بها العلم وهو من أولاد المحدثين كان والده من شيوخ البخاري القدماء.

ولد إبراهيم بعد الستين ومئة أو قبلها.

وحدث عن جعفر بن سليمان الضبعي ومعتمر بن سليمان ويحيى بن سعيد القطان ومحمد بن عبد الوهاب الثقفي وحرمي بن عمارة وعبد الرزاق بن همام والخليل بن أحمد المزني وما هو بصاحب العروض وعبد الرحمن بن مهدي وجده عرعرة بن البرند وعدة.

حدث عنه مسلم وأبو زرعة وأبو حاتم وصالح جزرة وإبراهيم الحربي وأحمد بن أبي خيثمة وأبو يعلى الموصلي وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وخلق سواهم.

قال أبو حاتم صدوق.

وقال علي بن الحسين بن حبان وجدت بخط أبي قلت لأبي زكريا بن معين فابن عرعرة؟ قال ثقة معروف مشهور بالطلب كيس الكتاب ولكنه يفسد نفسه يدخل في كل شيء.

(406)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 359)، والجرح والتعديل (2/ ترجمة 409)، وتاريخ بغداد (6/ 148)، والأنساب للسمعاني (7/ 16)، واللباب لابن الأثير (2/ 95)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة رقم 441)، والعبر (1/ 408)، وميزان الاعتدال (1/ 56)، وتهذب التهذيب (1/ 155)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 70).

ص: 382

وقال محمد بن عبيد الله كنت عند أحمد بن حنبل فقيل له إنهم يكتبون عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة فقال أف لا يبالون عمن كتبوا.

وروى الأثرم عن أحمد أنه غمز بن عرعرة وأحسب هذا من جهة سيرته لا من جهة حفظه فقد قال الحافظ بن عدي حدثنا القاسم بن صفوان البرذعي قال أخبرنا عثمان بن خرزاذ أحفظ من رأيت أربعة فعد منهم إبراهيم بن محمد بن عرعرة.

قال موسى بن هارون مات لسبع بقين من رمضان سنة إحدى وثلاثين ومئتين.

قال أبو بكر الأثرم قلت لأبي عبد الله تحفظ عن بن عباس أن رسول الله يزور البيت كل ليلة؟ فقال كتبوه من كتاب معاذ ولم يسمعوه فقلت إبراهيم بن عرعرة يزعم أنه سمعه فتغير وجه أبي عبد الله ونفض يده وقال كذب وزور ما سمعوه منه واستعظم ذلك.

وقال بن المديني روى قتادة حديثاً غريباً حدثنا أبو حسان الأعرج عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت كل ليلة ما أقام

(407)

. تفرد به هشام عن قتادة نسخته من كتاب معاذ بن هشام وهو حاضر ولم أسمعه منه فقال لي معاذ هات حتى أقرأه قلت دعه اليوم.

قال الحافظ أبو بكر الخطيب فما المانع من أن يكون بن عرعرة سمعه من معاذ؟ قلت صدق أبو بكر ولا سيما وإبراهيم من كبار طلبة الحديث المعنيين به.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن مطهر الشافعي بقراءتي عليه في سنة ثلاث وتسعين وست مئة عن عبد المعز بن محمد البزاز أخبرنا تميم بن أبي سعيد وزاهر بن طاهر منفردين قالا أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الأديب أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان في سنة أربع وسبعين وثلاث مئة حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي حدثنا

(407)

ذكره البخاري معلقًا في كتاب الحج تحت باب رقم (129) الزيارة يوم النحر قال: ويُذكر عن أبي حسان. عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت أيام منىً". وقال الحافظ في "الفتح" (3/ 567) وصله الطبراني من طريق قتادة عنه. ثم قال: وأبو حسان اسمه مسلم بن عبد الله قل أخرج له مسلم حديثًا غير هذا عن ابن عباس، وليس هو من شرط البخاري، ولرواية أبي حسان هذه شاهد مرسل أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة حدثنا ابن طاوس عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يفيض كل ليلة".

ص: 383

إبراهيم بن عرعرة حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركن بمحجنه ويقبل المحجن

(408)

.

قال يحيى ليس هذا مكتوباً عندي.

هذا حديث صالح الإسناد غريب فرد رواه النسائي عن عثمان بن خرزاذ عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة فوقع لنا بدلاً بعلو درجتين.

وفيها مات أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد وأمية بن بسطام وأبو تمام الطائي حبيب بن أوس شاعر زمانه وخالد بن مرداس وسليمان بن داود الختلي وسهل بن زنجلة الرازي وعبد الله بن محمد بن أسماء وعبد الرحمن بن سلام الجمحي وأخوه محمد بن سلام وعلي بن حكيم الأودي وكامل بن طلحة ومحمد بن المنهال التميمي الضرير ومحمد بن المنهال العطار أخو حجاج ومحمد بن يحيى بن حمزة قاضي دمشق ومحمد بن زياد بن الأعرابي وهارون بن معروف ومنجاب بن الحارث ويحيى بن بكير المصري وأبو يعقوب البويطي وتقدم بعضهم.

‌1923 - أحمد بن منيع

(409)

بن عبد الرحمن الإمام الحافظ الثقة أبو جعفر البغوي ثم البغدادي وأصله من مرو الروذ رحل وجمع وصنف المسند.

حدث عن هشيم وعباد بن العوام وسفيان بن عيينة ومروان بن شجاع وعبد العزيز بن أبي حازم وعبد الله بن المبارك وهذه الطبقة فمن بعدهم.

حدث عنه الستة لكن البخاري بواسطة وسبطه مسند وقته أبو القاسم البغوي وعبد الله بن ناجية ويحيى بن صاعد وإسحاق بن جميل وخلق سواهم.

(408)

صحيح: أخرجه البخاري (1607)، ومسلم (1272) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حَجة الوداع على بعير يستلمُ الرُّكنَ بمَحجَن".

والمِحْجن: هو عصا محنية الرأس، والحجن الإعوجاج، وبذلك سمى الحجون.

(409)

ترجمته في التاريخ الكبير (2/ ترجمة 1508)، والجرح والتعديل (2/ ترجمة 166)، وتاريخ بغداد (5/ 160)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 496)، والعبر (1/ 442)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (8/ 192)، وتهذيب التهذيب (1/ 84)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 319)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 105).

ص: 384

وثقه صالح جزرة وغيره.

وكان مولده في سنة ستين ومئة.

قال البغوي أخبرت عن جدي أحمد بن منيع رحمه الله أنه قال أنا من نحو أربعين سنة أختم في كل ثلاث.

قال البغوي مات جدي في شوال سنة أربع وأربعين ومئتين.

أخبرنا علي بن أحمد أخبرنا محمد بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني أخبرنا أبو نصر الزينبي أبو طاهر المخلص حدثنا عبد الله البغوي حدثني جدي حدثنا هشيم حدثني سفيان بن حسين عن الزهري إن لم أكن سمعته من الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء"

(410)

.

‌1924 - حاتم الأصم

(411)

الزاهد القدوة الرباني أبو عبد الرحمن حاتم بن عنوان بن يوسف البلخي الواعظ الناطق بالحكمة الأصم له كلام جليل في الزهد والمواعظ والحكم كان يقال له لقمان هذه الأمة.

روى عن شقيق البلخي وصحبه وسعيد بن عبد الله الماهياني وشداد بن حكيم ورجاء بن محمد وغيرهم ولم يرو شيئاً مسنداً فيما أرى.

روى عنه عبد الله بن سهل الرازي وأحمد بن خضرويه البلخي ومحمد بن فارس

(410)

صحيح: أخرجه الشافعي (1/ 125)، والحميدي (1181)، وابن أبي شيبة (2/ 420)، وعبد الرزاق (2183)، وأحمد (3/ 110 و 162)، والبخاري (672)، ومسلم (557)، والترمذي (353)، والنسائي (2/ 111)، وابن ماجه (933)، والدارمي (1/ 293)، وأبو عوانة (2/ 14 و 15)، وابن الجارود (223) والطحاوي في "مشكل الآثار"(2/ 401)، والبيهقي في "السنن"(3/ 72 و 73)، والبغوي (800) من طرق عن الزهري، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قُدِّم العَشاءُ فابدؤوا به قبل أن تُصلُّوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم" واللفظ للبخاري.

ولفظ مسلم: "إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء".

(411)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ترجمة 1161)، وحلية الأولياء (8/ترجمة 369)، وتاريخ بغداد (8/ 241)، والأنساب للسمعاني (1/ 294) واللباب لابن الأثير (1/ 71)، ووفيات الأعيان لابن خَلِّكان (2/ترجمة 148)، والعبر (1/ 424)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (2/ 290)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 87).

ص: 385

البلخي وأبو عبد الله الخواص وأبو تراب النخشبي وحمدان بن ذي النون ومحمد بن مكرم الصفار وآخرون واجتمع بالإمام أحمد ببغداد.

قيل له على ما بنيت أمرك في التوكل؟ قال على خصال أربعة علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنت به نفسي وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فأنا مشغول به وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأنا أبادره وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأنا مستحي منه.

وعنه من أصبح مستقيماً في أربع فهو بخير التفقه ثم التوكل ثم الإخلاص ثم المعرفة.

وعنه تعاهد نفسك في ثلاث إذا عملت فاذكر نظر الله إليك وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك وإذا سكت فاذكر علم الله فيك.

قال أبو تراب سمعت حاتماً يقول لي أربعة نسوة وتسعة أولاد ما طمع شيطان أن يوسوس إلي في أرزاقهم سمعت شقيقاً يقول الكسل عون على الزهد.

وقال أبو تراب قال شقيق لحاتم مذ صحبتني أي شيء تعلمت مني قال ست كلمات رأيت الناس في شك من أمر الرزق فتوكلت على الله قال الله تعالى "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" هود: 6.

ورأيت لكل رجل صديقاً يفشي إليه سره ويشكو إليه فصادقت الخير ليكون معي في الحساب ويجوز معي الصراط.

ورأيت كل أحد له عدو فمن اغتابني ليس بعدوي ومن أخذ مني شيئاً ليس بعدوي بل عدوي من إذا كنت في طاعة أمرني بمعصية الله وذلك إبليس وجنوده فاتخذتهم عدواً وحاربتهم.

ورأيت الناس كلهم لهم طالب وهو ملك الموت ففرغت له نفسي.

ونظرت في الخلق فأحببت ذا وأبغضت ذا فالذي أحببته لم يعطني والذي أبغضته لم ياخذ مني شيئاً فقلت من أين أتيت؟ فإذا هو من الحسد فطرحته وأحببت الكل فكل شيء لم أرضه لنفسي لم أرضه لهم.

ورأيت الناس كلهم لهم بيت ومأوى ورأيت مأواي القبر فكل شيء قدرت عليه من الخير قدمته لنفسي لأعمر قبري.

فقال شقيق عليك بهذه الخصال.

ص: 386

قال أبو عبد الله الخواص دخلت مع حاتم الأصم الري ومعنا ثلاث مئة وعشرون رجلاً نريد الحج عليهم الصوف والزربنانقات ليس معهم جراب ولا طعام.

قال الخطيب أسند حاتم بن عنوان الأصم عن شقيق وسمى جماعة.

ويروى عنه قال أفرح إذا أصاب من ناظرني وأحزن إذا أخطأ.

وقيل إن أحمد بن حنبل خرج إلى حاتم ورحب به وقال له كيف التخلص من الناس؟ قال أن تعطيهم مالك ولا تأخذ من مالهم وتقضي حقوقهم ولا تستقضي أحداً حقك وتحتمل مكروهم ولا تكرههم على شيء وليتك تسلم.

وقال أبو تراب سمعت حاتماً يقول المؤمن لا يغيب عن خمسة عن الله والقضاء والرزق والموت والشيطان.

وعن حاتم قال لو أن صاحب خبر جلس إليك لكنت تتحرز منه وكلامك يعرض على الله فلا تحترز! قلت هكذا كانت نكت العارفين وإشاراتهم لا كما أحدث المتأخرون من الفناء والمحو والجمع الذي آل بجهلتهم إلى الاتحاد وعدم السوى.

قال أبو القاسم بن مندة وأبو طاهر السلفي توفي حاتم الأصم رحمه الله سنة سبع وثلاثين ومئتين.

‌1925 - أحمد بن خضرويه

(412)

الزاهد الكبير الرباني الشهير أبو حامد البلخي من أصحاب حاتم الأصم.

قال السلمي هو من جلة مشايخ خراسان سألته امرأته أن يحملها إلى أبي يزيد وتهبه مهرها ففعل فأنفقت مالها عليهما فلما أراد أن يرجع قال لأبي يزيد أوصني قال تعلم الفتوة من هذه.

وعن أبي يزيد قال بن خضرويه أستاذنا.

ويقال إن بن خضرويه صحب إبراهيم بن أدهم.

(412)

ترجمته في حلية الأولياء (10/ ترجمة 459)، وتاريخ بغداد (4/ 137)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 373)، والنجوم الزاهرة ابن تغرى بردى (2/ 303).

ص: 387

قلت لم يدركه أبداً.

وقد كان معمراً فإن السلمي روى عن منصور بن عبد الله سمع محمد بن حامد قال كنت عند بن خضرويه وهو ينزع فسئل عن شيء فقال باباً كنت أقرعه منذ خمس وتسعين سنة الساعة يفتح لا أدري يفتح بالسعادة أم بالشقاء ووفى عنه رجل سبع مئة دينار.

قال أبو حفص النيسابوري ما رأيت أكبر همة ولا أصدق حالاً من أحمد بن خضرويه له قدم في التوكل.

ومن كلامه القلوب جوالة فإما أن تجول حول العرش وإما أن تجول حول الحش.

قيل إنه توفي سنة أربعين ومئتين.

‌1926 - أبو خيثمة

(413)

زهير بن حرب بن شداد الحرشي النسائي ثم البغدادي الحافظ الحجة أحد أعلام الحديث مولى بني الحريش بن كعب بن عامر بن صعصعة وكان اسم جده أشتال فعرب وقيل شداد.

نزل بغداد بعد أن أكثر التطواف في العلم وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن هو وابنه وحفيدة محمد بن أحمد وقل أن اتفق هذا لثلاثة على نسق.

ولد أبو خيثمة سنة ستين ومئة قال ابنه أبو بكر.

وحدث عن جرير بن عبد الحميد وهشيم وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي وعبدة بن سليمان والوليد بن مسلم وسفيان بن عيينة وأبي معاوية الضرير ووكيع ويحيى القطان وأبي سفيان محمد بن حميد ومروان بن معاوية ويزيد بن هارون وحفص بن غياث والقاسم بن مالك وبن فضيل وعبد الرزاق وبشر بن السري وروح وشبابة ومعن بن عيسى وبن علية وخلائق وينزل إلى عفان ومعلى بن منصور وكامل بن طلحة الجحدري ونحوهم.

(413)

ترجمته في طبقات ابن سعد (7/ 354)، والتاريخ الكبير (3/ ترجمة 1427)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى (1/ 209) و (2/ 173)، والكنى للدولابي (1/ 166)، والجرح والتعديل (3/ترجمة 2680) وتاريخ بغداد (8/ 482)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 443) والعبر (1/ 416)، والكاشف (1/ترجمة رقم 1676)، وتهذيب التهذيب (3/ 342)، وخلاصة الخزرجي (1/ترجمة 2164)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 80).

ص: 388

روى عنه الشيخان وأبو داود وبن ماجة وروى النسائي عن رجل عنه وروى عنه أبو زرعة وأبو حاتم وإبراهيم الحربي وأبو بكر بن أبي الدنيا وبقي بن مخلد وأحمد بن علي المروزي وأبو يعلى الموصلي وموسى بن هارون وأبو القاسم البغوي وخلق.

وثقه يحيى بن معين.

وروى علي بن الحسين بن الجنيد عن يحيى بن معين قال أبو خيثمة يكفي قبيلة.

وقال أبو حاتم صدوق.

وقال يعقوب بن شيبة هو أثبت من بن أبي شيبة كان في عبد الله - يعني بن أبي شيبة - تهاون في الحديث لم يكن يفصل هذه الأشياء - يعني الألفاظ -.

وقال جعفر الفريابي سألت محمد بن عبد الله بن نمير أيما أحب إليك أبو خيثمة أو أبو بكر بن أبي شيبة؟ فقال أبو خيثمة وجعل يطري أبا خيثمة ويضع من أبي بكر.

وقال أبو عبيد الآجري قلت لأبي داود أبو خيثمة حجة في الرجال؟ قال ما كان أحسن علمه.

وقال النسائي ثقة مأمون.

وقال الحسين بن قهم ثقة ثبت.

قال الحافظ أبو بكر الخطيب كان ثقة ثبتاً حافظاً متقناً.

قلت من المكثرين عنه ولده وأبو يعلى ووقع لي من عواليه.

قال أبو بكر مات أبي في خلافة المتوكل ليلة الخميس لسبع خلون من شعبان سنة أربع وثلاثين ومئتين وهو بن أربع وسبعين سنة رحمه الله.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد وأبو العباس أحمد بن محمد ومحمد بن إبراهيم النحوي وطائفة قالوا أخبرنا أبو المنجى عبد الله بن عمر العتابي وأخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني أخبرنا زكريا بن علي قالا أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرتنا بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرني روح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبرز لحاجته فآتيه بماء يغتسل به.

ص: 389

أخرجه مسلم

(414)

عن أبي خيثمة فوقع عالياً من الموافقات.

أخبرنا علي بن أحمد بن عبد المحسن الحسيني قراءة عليه أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر الحافظ أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغواني أخبرنا محمد بن محمد بن علي الزينبي أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص أخبرنا أبو القاسم البغوي حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب وشجاع بن مخلد والحسن بن عرفة قالوا أخبرنا هشيم أخبرنا حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري"

(415)

زاد شجاع والحسن قال أنس فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه فلو ذهبت أفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس.

هذا حديث صحيح غريب وقد وقع لنا شيء كثير من موافقات أبي خيثمة في مسند أبي يعلى الموصلي.

ذكر ولده: هو الحافظ الكبير المجود أبو بكر:

‌1927 - أحمد بن أبي خيثمة

(416)

صاحب التاريخ الكبير الكثير الفائدة.

سمع أباه وأبا نعيم وهوذة بن خليفة وعفان ومحمد بن سابق وأبا سلمة التبوذكي وأبا غسان النهدي وأحمد بن يونس وقطبة بن العلاء ومسلم بن إبراهيم وأحمد بن إسحاق الحضرمي وموسى بن داود الضبي وحسين بن محمد المروذي وسعيد بن سليمان وخالد بن خداش وسريج بن النعمان وسليمان بن حرب وأحمد بن حنبل وعلي بن الجعد وخلف بن هشام وأمما سواهم وهو أوسع دائرة من أبيه.

روى عنه ابنه محمد بن أحمد الحافظ وأبو القاسم البغوي ويحيى بن صاعد وعلي بن محمد بن عبيد ومحمد بن مخلد ومحمد بن أحمد الحكيمي وإسماعيل بن محمد الصفار وأبو سهل بن زياد وقاسم بن أصبغ وأحمد بن كامل وخلق.

(414)

صحيح: أخرجه مسلم (271).

(415)

صحيح: أخرجه البخاري (725) من طريق زهير بن حرب، عن حميد، عن أنس، به مرفوعًا ولفظه:"أقيمو صفوفكم، فإنى أراكم من وراء ظهرى، وكان أحدُنا يُلزِق مَنِكبَهُ بمنكب صاحب وقدمَهُ بقَدمه".

(416)

ترجمته في تاريخ بغداد (4/ 162)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 619)، والوافى بالوفيات لصلاح الدين الصفدي (6/ 376)، ولسان الميزان (1/ 174).

ص: 390

قال الخطيب كان ثقة عالماً متقناً حافظاً بصيراً بأيام الناس راوية للأدب أخذ علم الحديث عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلم النسب عن مصعب الزبيري وأخذ أيام الناس عن أبي الحسن علي بن محمد المدائني والأدب عن محمد بن سلام الجمحي وله كتاب التاريخ الذي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته فلا أعرف أغزر فوائد منه.

وذكره الدارقطني فقال ثقة مأمون.

قلت يقع لنا كثير من روايته من طريق السلفي وشهدة.

وقال بن قانع مات في شهر جمادى الأولى سنة تسع وسبعين ومئتين وكذا أرخ بن المنادي وزاد وقد بلغ أربعاً وتسعين سنة وقيل بلغ أقل من ذلك وهو أشبه فإنه لو كان بن أربع وتسعين لكان مولده في سنة خمس وثمانين ومئة.

وهو من أولاد الحفاظ فكان أبوه يسمعه وهو حدث فيدرك به مثل يزيد بن هارون وأقرانه.

والظاهر أنه كان من أبناء الثمانين فالله أعلم.

وخلف أحمد ابنه الحافظ الإمام المحقق أبا عبد الله:

‌1928 - محمد بن أبي بكر أحمد بن زهير البغدادي

(417)

سمع أباه ونصر بن علي الجهضمي وعباد بن يعقوب الرواجني وعمرو بن علي الصيرفي وبنداراً وهذه الطبقة.

روى عنه أحمد بن كامل وأبو القاسم الطبراني وبن مقسم المقرئ وآخرون.

قال أحمد بن كامل أربعة كنت أحب لقاءهم محمد بن جرير الطبري ومحمد بن موسى البربري وأبو عبد الله بن أبي خيثمة والمعمري فما رأيت أحفظ منهم.

وقال الخطيب كان أبوه أبو بكر يستعين به في عمل التاريخ.

مات في ذي القعدة سنة سبع وتسعين ومئتين.

قلت كان من أبناء السبعين.

(417)

ترجمته في تذكرة الحفاظ (2/ترجمة 741).

ص: 391

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن سنة أربع وتسعين وست مئة أخبرنا الإمام موفق الدين عبد الله بن قدامة سنة ست عشرة أخبرنا هبة الله بن الحسن أخبرنا عبد الله بن علي الدقاق أخبرنا علي بن محمد المعدل أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز حدثنا أحمد بن زهير حدثنا حسين بن محمد وموسى بن داود قالا حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا حاضت أن تأتزر ثم يباشرها.

متفق عليه

(418)

.

‌1929 - مجاهد بن موسى

(419)

بن فروخ الحافظ الإمام الزاهد أبو علي الخوارزمي نزيل بغداد.

حدث عن هشيم وأبي بكر بن عياش وسفيان بن عيينة والوليد بن مسلم وإسماعيل بن علية وطبقتهم.

حدث عنه الجماعة سوى البخاري وأبو زرعة الرازي وأبو حاتم وإبراهيم الحربي وموسى بن هارون وأبو يعلى الموصلي وأبو القاسم البغوي وعدة.

روى أحمد بن محمد بن محرز عن يحيى بن معين قال ثقة لا بأس به.

وقال موسى بن هارون كان أسن من أحمد بن حنبل بست سنين.

قال الخطيب قرأت في كتاب عبيد الله بن جعفر حدثنا أبو يعلى الطوسي حدثنا محمد بن القاسم الأزدي قال قال لنا مجاهد بن موسى - وكان إذا حدث بالشيء رمى بأصله في دجلة أو غسله - فجاء يوماً ومعه طبق فقال هذا قد بقي وما أراكم تروني بعدها فحدث به ورمى به ثم مات بعد ذلك رحمه الله تعالى.

قال أبو القاسم البغوي مات في شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين ومئتين.

قلت عاش ستاً وثمانين سنة.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن القاسم بن عبد الله أخبرنا وجيه بن طاهر أخبرنا أبو

(418)

صحيح: أخرجه البخاري (302)، ومسلم (293).

(419)

ترجمته في التاريخ الكبير (7/ ترجمة 1813)، والجرح والتعديل (8/ ترجمة 1480)، وتاريخ بغداد (13/ 265)، والكاشف (3/ترجمة 5389)، وتهذيب التهذيب (10/ 44)، وتقريب التهذيب (2/ 229)، وخلاصة الخزرجي (3/ ترجمة 6855).

ص: 392

القاسم القشيري ويعقوب بن أحمد وأحمد بن عبد الرحيم قالوا أخبرنا أبو الحسين الخفاف حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا مجاهد بن موسى حدثنا يزيد أخبرنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر ويسمعنا الآية أحياناً ويطول في الركعة الأولى ويقصر في الثانية ويقرأ في الأوليين من صلاة العصر

(420)

.

‌1930 - أبو حسان الزيادي

(421)

الإمام العلامة الحافظ مؤرخ العصر قاضي بغداد الحسن بن عثمان بن حماد البغدادي وعرف بالزيادي لكون جده تزوج أم ولد كانت للأمير زياد بن أبيه.

ولد القاضي أبو حسان في حدود سنة ستين ومئة.

وسمع إسماعيل بن جعفر وإبراهيم بن سعد وهشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد وشعيب بن صفوان ويحيى بن أبي زائدة والوليد بن مسلم ومحمد بن عمر الواقدي وعدة.

حدث عنه أبو بكر بن أبي الدنيا وإسحاق الحربي ومحمد بن محمد الباغندي وأحمد بن الحسين الصوفي الصغير وسليمان بن داود الطوسي وآخرون.

وولي قضاء الشرقية في دولة المتوكل وكان رئيساً محتشماً جواداً ممدحاً كبير الشأن.

قال سليمان الطوسي سمعت أبا حسان يقول أنا اعمل في التاريخ من ستين سنة.

وقد سئل أحمد بن حنبل عن أبي حسان فقال كان مع بن أبي دواد وكان من خاصته ولا أعرف رأيه اليوم.

وعن إسحاق الحربي قال حدثني أبو حسان الزيادي أنه رأى رب العزة في المنام فقال رأيت نوراً عظيماً لا أحسن أصفه ورأيت فيه رجلاً خيل إلي أنه النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه يشفع

(420)

صحيح: أخرجه البخاري (759)، ومسلم (451)، وأبو داود (798)، والنسائي (2/ 164) وأحمد (5/ 295 - 301).

(421)

ترجمته في الجرح والتعديل (3/ ترجمة 106)، ومعجم الأدباء لياقوت الحموى (7/ 18)، وتاريخ بغداد (7/ 356)، والأنساب للسمعاني (6/ 359)، والعبر (1/ 437)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 100).

ص: 393

إلى ربه في رجل من أمته وسمعت قائلاً يقول ألم يكفك أني أنزل عليك في سورة الرعد "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" الرعد: 6؟ ثم انتبهت.

قال الخطيب كان أبو حسان أحد العلماء الأفاضل الثقات ولي قضاء الشرقية وكان كريماً مفضالاً.

قال يوسف بن البهلول الأزرق حدثنا يعقوب بن شيبة قال أظل العيد رجلاً وعنده مئة دينار لا يملك سواها فكتب إليه صديق يسترعي منه نفقة فأنفذ إليه بالمئة دينار فلم ينشب أن ورد عليه رقعة من بعض إخوانه يذكر أنه أيضاً في هذا العيد في إضاقة فوجه إليه بالصرة بعينها قال فبقي الأول لا شيء عنده فاتفق أنه كتب إلى الثالث وهو صديقه يذكر حاله فبعث إليه الصرة بختمها قال فعرفها وركب إليه وقال خبرني ما شأن هذه الصرة؟ فأخبره الخبر فركبا معاً إلى الذي أرسلها وشرحوا القصة ثم فتحوها واقتسموها.

قال بن البهلول الثلاثة يعقوب بن شيبة وأبو حسان الزيادي وآخر نسيته إسنادها صحيح.

قيل عاش الزيادي تسعاً وثمانين سنة مات في شهر رجب سنة اثنتين وأربعين ومئتين.

وفيها توفي أبو مصعب الزهري وبن ذكوان المقرئ والحسن بن علي الحلواني وزكريا بن يحيى كاتب العمري ومحمد بن أسلم الطوسي ومحمد بن رمح التجيبي ويحيى بن أكثم القاضي ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي وأبو سلمة يحيى بن خلف.

‌1931 - محمد بن رمح

(422)

بن المهاجر الحافظ الثبت العلامة أبو عبد الله التجيبي مولاهم المصري.

ولد بعد الخمسين ومئة.

(422)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى (1/ 164) و (2/ 320 و 435) و (3/ 182)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 1396)، والإكمال لابن ماكولا (4/ 92)، والكاشف (3/ترجمة 4919)، والعبر (2/ 134)، وتهذيب التهذيب (9/ 164)، وتقريب التهذيب (2/ 161)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة رقم 6218)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلى (2/ 101).

ص: 394

سمع الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ومسلمة بن علي الخشني وحكى عن مالك بن أنس ولم يقع له عنه رواية حدث عنه مسلم وبن ماجة والحسن بن سفيان ومحمد بن الحسن بن قتيبة وعلي بن أحمد علان وأحمد بن عبد الوارث العسال ومحمد بن زبان وخلق سواهم.

وكان معروفاً بالإتقان الزائد والحفظ ولم يرحل.

قال النسائي ما أخطأ بن رمح في حديث واحد.

وقال أبو سعيد بن يونس ثقة ثبت كان أعلم الناس بأخبار بلدنا.

توفي في شوال سنة اثنتين وأربعين ومئتين.

وقال أبو عبد الرحمن النسائي لو كان كتب عن مالك لأثبته في الطبقة الأولى من أصحابه يعني لحفظه وإتقانه.

قلت لم يتفق لي أن أورد بن رمح في كتاب تذكرة الحفاظ فذكرته هنا لجلالته وأنا أتعجب من البخاري كيف لم يرو عنه! فهو أهل لذلك بل هو أتقن من قتيبة بن سعيد رحمهما الله.

أخبرنا أحمد بن هبة الله عن زينب الشعرية والمؤيد بن محمد قالا أخبرتنا أم الخير فاطمة بنت علي بن مظهر بن زعبل في سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي في أول عام إحدى وأربعين وأربع مئة أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان الحافظ حدثنا محمد بن رمح حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الدين النصيحة". قالوا لمن يا رسول الله؟ قال "لله ولكتابه ولأئمة المسلمين أو المؤمنين وعامتهم"

(423)

.

هذا حديث صحيح في صحيح مسلم.

فتأمل هذه الكلمة الجامعة وهي قوله "الدين النصيحة" فمن لم ينصح لله وللأئمة وللعامة كان ناقص الدين وأنت لو دعيت يا ناقص الدين لغضبت فقل لي متى نصحت لهؤلاء؟ كلا والله بل ليتك تسكت ولا تنطق أولا تحسن لإمامك الباطل

(423)

صحيح: أخرجه مسلم (55)(95).

ص: 395

وتجرئه على الظلم وتغشه.

فمن أجل ذلك سقطت من عينه ومن أعين المؤمنين فبالله قل لي متى يفلح من كان يسره ما يضره؟ ومتى يفلح من لم يراقب مولاه؟ ومتى يفلح من دنا رحيله وانقرض جيله وساء فعله وقيله؟ فما شاء الله كان وما نرجو صلاح أهل الزمان لكن لا ندع الدعاء لعل الله أن يلطف وأن يصلحنا آمين.

‌1932 - لُوَيْن

(424)

الحافظ الصدوق الإمام شيخ الثغر أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي البغدادي نزيل المصيصة.

سمع مالك بن أنس وسليمان بن بلال وحديج بن معاوية وحماد بن زيد وزهير بن معاوية وأبا عوانة الوضاح وإسماعيل بن زكريا وعبد الرحمن بن أبي الزناد وشريك بن عبد الله وأبا عقيل يحيى بن المتوكل وعطاف بن خالد وسنان بن هارون وحبان بن علي وأبا الأحوص وعبيد الله بن عمرو الرقي ومعاوية بن عبد الكريم الضال وخالد بن عبد الله الوليد بن أبي ثور وإبراهيم بن سعد وعبد الحميد بن سليمان وهشيم بن بشير وإبراهيم بن عبد الملك القناد وبقية وبن عيينة وخلقاً وكان ذا رحلة واسعة وحديث عال.

حدث عنه أبو داود والنسائي في سننهما وروى النسائي أيضاً عن رجل عنه وقال هو ثقة وروى عنه أبو القاسم البغوي وبن صاعد وبن أبي داود ومحمد بن إبراهيم الحزوري ومحمد بن شادل النيسابوري وأحمد بن القاسم أخو أبي الليث الفرائضي وأبو عيسى أحمد بن محمد الغراد ومحمد بن يحيى بن مندة وخلق.

وحدث بالثغر وببغداد بأصبهان وطال عمره وتفرد.

قال محمد بن القاسم الأزدي قال لوين لقبتني أمي لويناً وقد رضيت.

وقال الخطيب وغيره كان يبيع الدواب فيقول هذا الفرس له لوين فلقب بذلك.

(424)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ ترجمة 276)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 1468)، وتاريخ الخطيب (5/ 292)، والإكمال لابن ماكولا (7/ 192)، والعبر (1/ 447) و (2/ 120)، والكاشف (3/ترجمة 4955)، وتهذيب التهذيب (9/ 198)، وتقريب التهذيب (2/ 166)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6268) وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 112).

ص: 396

وقال أحمد بن القاسم بن نصر حدثنا لوين في سنة أربعين ومئتين فسأله أبي كم لك؟ قال مئة سنة وثلاث عشرة سنة.

قلت على هذا التقدير كان يمكنه السماع من هشام بن عروة وبن عون وبقايا التابعين ولعله إنما سمع وهو رجل كبير قد قارب الكهولة فالله أعلم.

وبلغنا أنه غضب من أولاده فتحول من المصيصة وسكن أذنة وبها مات في سنة خمس وأربعين ومئتين وقيل في سنة ست.

قال البغوي قدم لوين بغداد فاجتمع في مجلسه مئة ألف نفس حزروا بذلك في ميدان الأشنان.

أخبرنا أبو الحسن الغرافي أخبرنا أبو القطيعي أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني أخبرنا أبو نصر الزينبي أخبرنا أبو طاهر الذهبي حدثنا يحيى بن محمد حدثنا لوين حدثنا إسماعيل بن زكريا عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن بن الزبير حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها "إن قومك استقصروا حين بنوا هذا البيت فتركوا بعضه في الحجر"

(425)

فلما هدمه بن الزبير وجد القواعد داخلة في الحجر فدعا قريشاً فاستشارهم فقال كيف ترون هذه القواعد؟ قالوا ابن عليها فبنى عليها فأدخلها البيت وجعل له بابين فلما جاء الحجاج قال إن بن الزبير لم يدعه الشيطان حتى أدخل في البيت ما ليس منه فهدمه فبناه كما كان.

‌1933 - محمد بن حميد

(426)

بن حيان العلامة الحافظ الكبير أبو عبد الله الرازي.

مولده في حدود الستين ومئة.

(425)

صحيح: أخرجه البخاري (1586)، ومسلم (1333).

(426)

ترجمته في التاريخ الكبير (1/ ترجمة 167)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى (1/ 167 و 234) و (3/ 332)، والضعفاء الكبير للعقيلي (4/ ترجمة 1612)، والجرح والتعديل (7/ ترجمة 1275)، والمجروحين لابن حبان (2/ 303)، وتاريخ بغداد (2/ 99)، والكاشف (3/ ترجمة 4883)، والمغنى (2/ ترجمة 5449)، والعبر (1/ 452)(2/ 101 و 146)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7453)، وميزان الاعتدال (3/ ترجمة 7453)، وتهذيب التهذيب (9/ 127)، وتقريب التهذيب (2/ 156)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 6166)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (1/ 118).

ص: 397

وحدث عن يعقوب القمي وهو أكبر شيخ له وبن المبارك وجرير بن عبد الحميد والفضل بن موسى وحكام بن سلم وزافر بن سليمان ونعيم بن ميسرة وسلمة بن الفضل الأبرش وخلق كثير من طبقتهم.

وهو مع إمامته منكر الحديث صاحب عجائب.

حدث عنه أبو داود والترمذي والقزويني في كتبهم وأحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو بكر بن أبي الدنيا وصالح بن محمد جزرة والحسن بن علي المعمري وعبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن جرير الطبري وأبو القاسم البغوي وأبو بكر محمد بن محمد الباغندي ومحمد بن هارون الروياني وخلق كثير.

قال أبو زرعة من فاته محمد بن حميد يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث.

وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد حياً.

وقال أبو قريش الحافظ قلت لمحمد بن يحيى ما تقول في محمد بن حميد فقال ألا تراني أحدث عنه.

وقال أبو قريش وكنت في مجلس محمد بن إسحاق الصاغاني فقال حدثنا بن حميد فقلت تحدث عنه فقال ومالي لا أحدث عنه وقد حدث عنه أحمد ويحيى بن معين؟ وأما البخاري فقال في حديثه نظر.

وقال صالح بن محمد كنا نتهم بن حميد.

قال أبو علي النيسابوري قلت لابن خزيمة لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد بن حنبل قد أحسن الثناء عليه قال إنه لم يعرفه ولو عرفه كما عرفناه لما أثنى عليه أصلاً.

قالوا أبو أحمد العسال سمعت فضلك يقول دخلت على بن حميد وهو يركب الأسانيد على المتون.

قلت آفته هذا الفعل وإلا فما اعتقد فيه أنه يضع متناً وهذا معنى قولهم فلان سرق الحديث.

ص: 398

قال يعقوب بن إسحاق الفقيه سمعت صالح بن محمد الأسدي يقول ما رأيت أحذق بالكذب من سليمان الشاذكوني ومحمد بن حميد الرازي وكان حديث محمد بن حميد كل يوم يزيد.

قال أبو إسحاق الجوزجاني وهو غير ثقة.

وقال أبو حاتم سمعت يحيى بن معين يقول قدم علينا محمد بن حميد بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا أحمد بن حنبل فسمعناه ولم نر إلا خيراً فأي شيء تنقمون عليه؟ قلت يكون في كتابه شيء فيقول ليس هو كذا ويأخذ القلم فيغيره فقال بئس هذه الخصلة.

وقال النسائي ليس بثقة.

وقال العقيلي حدثني إبراهيم بن يوسف قال كتب أبو زرعة ومحمد بن مسلم عن محمد بن حميد حديثاً كثيراً ثم تركا الرواية عنه.

قلت قد أكثر عنه بن جرير في كتبه ووقع لنا حديثه عالياً ولا تركن النفس إلى ما يأتي به فالله أعلم ولم يقدم إلى الشام وله ذكر في تاريخ الخطيب.

أخبرنا الشيخ عماد الدين أبو محمد عبد الحافظ بن بدران بنابلس وأبو الفضل يوسف بن أحمد بدمشق قالا أخبرنا موسى بن عبد القادر أخبرنا سعيد بن أحمد أخبرنا علي بن أحمد البندار أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن حميد حدثنا سلمة يعني بن الفضل حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة سمعت القاسم بن محمد يقول حدثني السائب قال قال لي سعد يا بن أخي هل قرأت القرآن؟ قلت نعم قال تغن بالقرآن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "تغنوا بالقرآن ليس منا من لم يتغن بالقرآن وابكوا فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا"

(427)

.

هذا حديث غريب.

مات بن حميد سنة ثمان وأربعين ومئتين.

وفيها توفي أحمد بن صالح وحسين الكرابيسي وعيسى زغبة وأبو هشام الرفاعي

(427)

ضعيف: أخرجه ابن ماجه (1337)، وآفته محمد بن حميد الرازي، فإنه ضعيف.

ص: 399

وأبو كريب ومحمد بن زنبور والقاسم الجوعي وطاهر بن عبد الله بن طاهر الأمير وعبد الجبار بن العلاء وعبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ومحمد بن موسى الحرشي والخليفة المنتصر.

‌1934 - زغبة

(428)

الإمام المحدث العمدة أبو موسى عيسى بن حماد زغبة التجيبي المصري مولى تجيب.

حدث عن الليث بن سعد فأكثر وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ورشدين بن سعد وعبد الله بن وهب وبن القاسم.

حدث عنه مسلم وأبو داود والنسائي وبن ماجة وبقي بن مخلد وأبو زرعة وموسى بن سهل الجوني ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ومحمد بن زياد بن حبيب وأحمد بن عبد الوارث العسال وأبو بكر بن أبي داود وعمر بن أبي بجير ومحمد بن أحمد بن عبيد بن فياض الدمشقي وإسماعيل بن داود بن وردان وحسين بن محمد مأمون وأحمد بن عيسى الوشاء وخلق سواهم.

وثقه النسائي والدارقطني.

قال بن يونس هو آخر من روى عن الليث من الثقات وهو مكثر عنه.

مات في ثاني ذي الحجة سنة ثمان وأربعين ومئتين.

وقال أبو حاتم الرازي كان ثقة رضى.

قلت وقع لي جزء عال من حديثه وهو الثاني عن الليث بن سعد من طريق أبي بكر بن أبي داود عنه ويقع من حديثه في البعث لابن أبي داود.

(428)

ترجمته في الجرح والتعديل (6/ ترجمة 1520)، والعبر (1/ 452)، والكاشف (2/ ترجمة 4440) وتهذيب التهذيب (8/ 209)، وتقريب التهذيب (2/ 97)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 5562)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 118).

ص: 400

‌1935 - علي بن حجر

(429)

بن إياس بن مقاتل ين مخادش بن مشمرج الحافظ العلامة الحجة أبو الحسن السعدي المروزي ولجده مشمرج بن خالد صحبة.

ولد علي سنة أربع وخمسين ومئة وارتحل في طلب العلم إلى الآفاق.

وحدث عن إسماعيل بن جعفر وشريك القاضي وهشيم وعبيد الله بن عمرو وبن المبارك والربيع بن بدر السعدي وإسماعيل بن عياش والهقل بن زياد ويحيى بن حمزة وعبد الله بن جعفر المديني وعبد الحميد بن الحسن الهلالي وعبد العزيز بن أبي حازم وعلي بن مسهر وقران بن تمام ومعروف الخياط صاحب واثلة بن الأسقع والوليد بن محمد الموقري والهيثم بن حميد وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعتاب بن بشير وحسان بن إبراهيم وحفص بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وخلف بن خليفة وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي وبقية وبن عيينة ويزيد بن هارون وخلق سواهم.

حدث عنه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو عمرو المستملي وأحمد بن على الأبار وعبدان بن محمد المروزي ومحمد بن علي الحكيم والحسن بن سفيان ومحمد بن عبد الله بن أبي عون النسويان وإبراهيم بن إسماعيل الطوسي العنبري وإسحاق بن أبي عمران الإسفراييني ومحمد بن أحمد بن أبي عون النسائي بن عم المذكور وإمام الأئمة بن خزيمة وأبو رجاء محمد بن حمدويه المروزي المؤرخ ومحمد بن كرام السجستاني ومحمد بن موسى الباشاني ومحمد بن علي بن حمزة المروزي ومحمد بن يحيى بن خالد المروزي ومحمود بن محمد المروزي ومحمود بن والان العدني وآخرون.

قال محمد بن علي بن حمزة كان ينزل بغداد ثم تحول إلى مرو فنزل قرية زرزم وكان فاضلاً حافظاً.

وقال محمد بن موسى الباشاني هو من بني عبد شمس بن سعد.

وقال النسائي ثقة مأمون حافظ.

(429)

ترجمته في التاريخ الكبير (6/ ترجمة 2381)، والجرح والتعديل (6/ ترجمة 1003)، وتذكرة الحفاظ (2/ ترجمة 457)، والكاشف (2/ ترجمة 3948)، والعبر (1/ 443)، وتهذيب التهذيب (7/ 293)، وتقريب التهذيب (2/ 33)، وخلاصة الخزرجي (2/ ترجمة 4955)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (2/ 105).

ص: 401

وقال أبو بكر الخطيب كان ينزل بغداد قديماً ثم انتقل إلى مرو واشتهر حديثه بها قال وكان صادقاً متقناً حافظاً.

وقال الحافظ أبو بكر محمد بن حمدويه بن سنجان المروزي سمعت علي بن حجر يقول انصرفت من العراق وأنا بن ثلاث وثلاثين سنة فقلت لو بقيت ثلاثاً وثلاثين سنة أخرى فأروي بعض ما جمعته من العلم وقد عشت بعد ثلاثاً وثلاثين أخرى وأنا أتمنى بعدما كنت أتمنى وقت انصرافي من العراق.

قلت هذا على سبيل التقريب وإلا فلم يبلغ الرجل تسعاً وتسعين سنة.

قال الحافظ أبو بكر الأعين مشايخ خراسان ثلاثة قتيبة وعلي بن حجر ومحمد بن مهران الرازي ورجالها أربعة عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ومحمد بن إسماعيل البخاري قبل أن يظهر منه ما ظهر ومحمد بن يحيى وأبو زرعة.

قلت هذه دقة من الأعين والذي ظهر من محمد أمر خفيف من المسائل التي اختلف فيها الأئمة في القول في القرآن وتسمى مسألة أفعال التالين فجمهور الأئمة والسلف على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وبهذا ندين الله تعالى وبدعوا من خالف ذلك وذهبت الجهمية والمعتزلة والمأمون وأحمد بن أبي داود القاضي وخلق من المتكلمين والرافضة إلى أن القرآن كلام الله المنزل مخلوق وقالوا الله خالق كل شيء والقرآن شيء وقالوا تعالى الله أن يوصف بأنه متكلم وجرت محنة القرآن وعظم البلاء وضرب أحمد بن حنبل بالسياط ليقول ذلك نسأل الله السلامة في الدين ثم نشأت طائفة فقالوا كلام الله تعالى منزل غير مخلوق ولكن ألفاظنا به مخلوقة يعنون تلفظهم وأصواتهم به وكتابتهم له ونحو ذلك وهو حسين الكرابيسي ومن تبعه فأنكر ذلك الإمام أحمد وأئمة الحديث وبالغ الإمام أحمد في الحط عليهم وثبت عنه أن قال اللفظية جهمية وقال من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع وسد باب الخوض في هذا وقال أيضاً من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي وقالت طائفة القرآن محدث كداود الظاهري ومن تبعه فبدعهم الإمام أحمد وأنكر ذلك وثبت على الجزم بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه من علم الله وكفر من قال بخلقه وبدع من قال بحدوثه وبدع من قال لفظي بالقرآن غير مخلوق ولم يأت عنه ولا عن السلف القول بأن القرآن قديم ما تفوه أحد منهم بهذا فقولنا قديم من العبارات المحدثة المبتدعة كما أن قولنا هو محدث بدعة.

ص: 402

وأما البخاري فكان من كبار الأئمة الأذكياء فقال ما قلت ألفاظنا بالقرآن مخلوقة وإنما حركاتهم وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة والقرآن المسموع المتلو الملفوظ المكتوب في المصاحف كلام الله غير مخلوق وصنف في ذلك كتاب أفعال العباد مجلد فأنكر عليه طائفة وما فهموا مرامه كالذهلي وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي بكر الأعين وغيرهم ثم ظهر بعد ذلك مقالة الكلابية والأشعرية وقالوا القرآن معنى قائم بالنفس وإنما هذا المنزل حكايته وعبارته ودال عليه وقالوا هذا المتلو معدود متعاقب وكلام الله تعالى لا يجوز عليه التعاقب ولا التعدد بل هو شيء واحد قائم بالذات المقدسة واتسع المقال في ذلك ولزم منه أمور وألوان تركها - والله - من حسن الإيمان وبالله نتأيد.

وقد كان علي بن حجر من أوعية العلم كتب عنه بضع وسبعون ومئة بالحرمين والعراق والشام والجزيرة وخراسان ولم يلق مالك بن أنس فاته هو وحماد بن زيد وكان يسمع في حياتهما بالكوفة وغيرها وله مصنفات مفيدة منها كتاب أحكام القرآن.

قال أحمد بن المبارك المستملي سمعته يقول ولدت سنة أربع وخمسين ومئة.

وقال إبراهيم بن أورمة الحافظ كتب علي بن حجر إلى بعض إخوانه:

أحن إلى كتابك غير أني

أجلك عن عتاب في كتاب

ونحن إن التقينا قبل موت

شفيت غليل صدري من عتابي

وإن سبقت بنا ذات المنايا

فكم من غائب تحت التراب

قال الحسن بن سفيان سمعت علي بن حجر ينشد:

وظيفتنا مئة للغري

ب في كل يوم سوى ما يفاد

شريكية أو هشيمية

أحاديث فقه قصار جياد

قال وأنشد مرة وقد سألوه الزيادة:

لكم مئة في كل يوم أعدها

حديثاً حديثاً لا أزيدكم حرفا

وما طال منها من حديث فإنني

به طالب منكم على قدره صرفا

فإن أقنعتكم فاسمعوها سريحة

وإلا فجيؤوا من يحدثكم ألفاً

قال أبو العباس الدغولي حدثنا عبد الله بن جعفر بن خاقان قال وجه بعض مشايخ مرو إلى علي بن حجر بسكر وأرز وثوب فرده وكتب إليه:

ص: 403

جاءني عنك مرسل بكلام

فيه بعض الإيحاش والإحشام

فعتجبت ثم قلت تعالى

ربنا ذي من الأمور العظام

خاب سعيي لئن شريت خلاقي

بعد تسعين حجة بحطام

أنا بالصبر واحتمالي لإخوا

ني أرجو حلول دار السلام

والذي سمتنيه يزري بمثلي==عند أهل العقول والأحلام قال البخاري مات علي بن حجر في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين ومئتين وقال الباشاني في يوم الأربعاء منتصف الشهر.

أخبرنا أحمد بن هبة الله أنبأنا عبد المعز بن محمد أخبرنا زاهر المستملي أخبرنا أبو القاسم بن أبي الفضل الهراس حدثنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة أخبرنا جدي أبو بكر حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله".

أخرجه مسلم

(430)

عن علي مثله.

وفيها توفي أحمد بن منيع وإسحاق بن موسى ومحمد بن أبان المستملي وأبو عمار الحسين بن حريث والحسن بن شجاع الحافظ وحميد بن مسعدة وعتبة بن عبد الله المروزي وبن أبي الشوارب ويعقوب بن السكيت ومجاهد بن موسى.

(430)

صحيح: أخرجه مسلم (2588).

ص: 404

‌الطبقة الثالثة عشر:

‌1936 - دُحَيْم

(1)

: " خ، د، س، ق"

القاضي، الإمام، الفقيه، الحافظ، محدث الشام، أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون الدمشقي، قاضي مدينة طبرية؛ قاعدة الأردن، وأما اليوم، فأم الأردن بلد صفد.

ولد في شوال سنة سبعين ومائة قاله ابنه عمرو.

حدث عن سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية، والوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، وإسحاق بن يوسف الأزرق، ومحمد بن شعيب، وعمر بن عبد الواحد، وشعيب بن إسحاق، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وعمرو بن أبي سلمة، وأبي مسهر، وخلق كثير بالحجاز، والشام، ومصر، والكوفة، والبصرة، وعني بهذا الشأن، وفاق الأقران، وجمع، وصنف، وجرح، وعدل، وصحح، وعلل.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والنسائي، والقزويني، وأبو محمد الدارمي، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وأبو زرعة الدمشقي، وبقي بن مخلد، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن المعلى، وولداه؛ عمرو وإبراهيم ابنا دحيم، ومحمد بن محمد الباغندي، وأحمد بن أيوب، والد الطبراني، وزكريا خياط السنة، ومحمد بن خريم العقيلي، وابن قتيبة العسقلاني، وعبد الله بن عتاب الزفتي، وجعفر الفريابي، ومحمد بن بشر بن مامويه، وخلق كثير.

قال ابن أبي حاتم: كان يعرف بدحيم اليتيم فسمعت أبي يقول: كان دحيم يميز، ويضبط، وهو ثقة.

وقال النسائي: ثقة، مأمون.

وقال أبو أحمد الحاكم: ولي دحيم قضاء الرملة زمانًا.

روى عنه: محمد بن يحيى الذهلي، والحسن بن شبيب المعمري.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 827"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 999"، وتاريخ بغداد "10/ 265"، والأنساب للسمعاني "5/ 285"، والكاشف "2/ ترجمة 3172"، والعبر "1/ 445"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 494"، وتهذيب التهذيب "6/ 131"، وتقريب التهذيب "1/ 471"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4016"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 108".

ص: 405

وقال أبو بكر الخطيب: حدث ببغداد قديمًا، فروى عنه من أهلها: الحسن الزعفراني، والرمادي، وحنبل، وعباس الدوري، وإبراهيم الحربي، وكان ينتحل مذهب الأوزاعي.

قال عبدان: سمعت الحسن بن علي بن بحر يقول: قدم دحيم بغداد سنة اثنتي عشرة ومائتين، فرأيت أبي وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وخلف بن سالم بين يديه كالصبيان قعودًا.

قلت: هؤلاء أكبر منه، ولكن أكرموه لكونه قادمًا، واحترموه لحفظه.

قال أحمد العجلي: دحيم ثقة كان يختلف إلى بغداد فذكروا الفئة الباغية هم أهل الشام، فقال: من قال هذا، فهو بن الفاعلة. فنكب عنه الناس ثم سمعوا منه.

قلت: هذه هفوة من نصب، أو لعله قصد الكف عن التشغيب بتشعيث.

قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: دحيم: حجة، لم يكن بدمشق في زمانه مثله.

قال المروذي: سمعت أحمد بن حنبل يثني على دحيم، ويقول: هو عاقل، ركين.

وقال الدارقطني: ثقة.

وقال أبو أحمد بن عدي: هو أوثق من حرملة.

قلت: ومن رفاقه: سليمان بن عبد الرحمن، وسليمان بن أحمد الواسطي، وهشام بن عمار، ومحمد بن أبي السري العسقلاني.

ويقع لي من عالي حديثه في "صفة المنافق".

ذكر محمد بن يوسف الكندي: أن كتاب المتوكل ورد على دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم مولى يزيد بن معاوية، وهو على قضاء فلسطين، يأمره بالانصراف إلى مصر ليليها، فتوفي بفلسطين في يوم الأحد في شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائتين. وكذا أرخ وفاته: ابنه؛ عمرو بن دحيم، وجماعة.

وقد كان المتوكل لما سكن بدمشق بعد عام أربعين، ومائتين، وأنشأ القصر المشهور بين المزة، وداريا وسكنه، عرف بفضيلة دحيم ومعرفته بالسنن، فأمر بتوليته قضاء الديار المصرية، فحان الأجل. مات في سابع عشر رمضان.

كتب إليَّ يحيى بن أبي منصور الفقيه: أخبرنا عمر بن محمد ببغداد، أخبرنا محمد بن

ص: 406

عبد الملك المقرئ -مؤلف "المفتاح"- ويحيى بن علي، وعبد الخالق بن عبد الصمد، وأبو غالب بن البناء، وأخبرنا المقداد بن هبة الله القيسي، أخبرنا سعيد بن محمد بن الرزاز، وأخبرنا المسلم بن محمد القيسي، وإبراهيم بن علي الزاهد، قالا: أخبرنا داود بن ملاعب، قالا: أخبرنا أبو الفضل الأرموي، وأخبرنا علي بن أحمد في كتابه، أخبرتنا نعمة بنت علي، أخبرنا جدي؛ يحيى بن الطراح، وأخبرنا أحمد بن إسحاق الأبرقوهي، أنبأنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، وأبو غالب محمد بن علي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، قالوا سبعتهم: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري سنة ثمانين وثلاثمائة، حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الحافظ سنة ثمان وتسعين ومائتين، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، والوليد بن عتبة الدمشقيان، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد هو بن عبد العزيز، وعبد الغفار بن إسماعيل عن إسماعيل بن عبيد الله سمع أبا عبد الله الأشعري يقول: سمع أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليكفرن أقوام بعد إيمانهم". فبلغ ذلك أبا الدرداء، فأتاه فقال: يا رسول الله! بلغني أنك قلت: "ليكفرن أقوام بعد إيمانهم"؟ قال: "نعم، ولستَ منهم"

(1)

.

وبه، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، سمعت بلال بن سعد يقول: لا تكن وليًّا لله في العلانية وعدوه في السر.

(1)

إسناده صحيح: ذكره الفريابي في "صفة النفاق وذم المنافقين""19".

ص: 407

‌1937 - دِعْبل

(1)

:

ابن علي، شاعر زمانه، أبو علي الخزاعي. له "ديوان" مشهور، وكتاب "طبقات الشعراء". وكان من غلاة الشيعة، وله هجو مقذع.

رأى مالكًا الإمام. يروي عنه: محمد بن موسى البربري، وغيره.

بلغت جوائز عبد الله بن طاهر له ثلاثمائة ألف درهم. وقيل: كان أحدب أصم.

وقيل: هجا المأمون والكبار، وكان خبيث اللسان، والنفس حتى إنه هجا قبيلته خزاعة.

ويقال: هجا مالك بن طوق، فدس عليه من طعنه في قدمه بحربة مسمومة، فمات من الغد، سنة ست وأربعين ومائتين.

يقال: لامه صاحب له في هجاء الخلفاء، فقال: دعني من فضولك، أنا -والله- أستصلب مذ سبعين سنة، ما وجدت من يجود بخشبة.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "18/ 29"، وتاريخ بغداد "8/ 382"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 29"، وميزان الاعتدال "2/ 27"، والعبر "1/ 447"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 227"، ولسان الميزان "2/ 430"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 322".

ص: 407

‌1938 - أحمد بن المُعَذَّل

(1)

:

ابن غيلان بن حكم، شيخ المالكية، أبو العباس العبدي البصري، المالكي، الأصولي، شيخ إسماعيل القاضي. تفقه بعبد الملك بن الماجشون، ومحمد بن مسلمة. وكان من بحور الفقه، صاحب تصانيف، وفصاحة، وبيان.

حدث عن بشر بن عمر الزهراني، وطبقته.

أخذ عنه إسماعيل القاضي، وأخوه حماد، ويعقوب بن شيبة.

قال أبو بكر النقاش: قال لي أبو خليفة: أحمد بن المُعَذَّل أفضل من أحمدكم، يعني أحمد بن حنبل.

قال أبو إسحاق الحضرمي: كان ابن المعذل من الفقه والسكينة والأدب والحلاوة في غاية. وكان أخوه عبد الصمد الشاعر يؤذيه، فكان أحمد يقول له: أنت كالأصبع الزائدة، إن تركت شانت، وإن قطعت آلمت. وقد كان أهل البصرة يسمون أحمد: الراهب لتعبده، ودينه.

قال أبو داود: كان ينهاني عن طلب الحديث، يعني: زهادة.

قلت: كان يقف في خلق القرآن.

وروى المعافى الجريري، عن يعقوب بن محمد الكريزي، عن عبد الجليل بن الحسن، قال: كان أحمد بن المعذل في مجلس أبي عاصم، فمزح أبو عاصم يخجل أحمد، فقال: يا أبا عاصم، إن الله خلقك جدًّا، فلا تهزلن، فإن المستهزئ جاهل، قال تعالى:{قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67]. فخجل أبو عاصم، ثم كان يقعد أحمد بن المعذل إلى جنبه.

وروى يموت بن المزرع، عن المبرد، عن أحمد بن المعذل، قال: كنت عند بن الماجشون فجاءه بعض جلسائه، فقال: يا أبا مروان، أعجوبة، خرجت إلى حائطي بالغابة، فعرض لي رجل، فقال: اخلع ثيابك. قلت: لم? قال: لأني أخوك، وأنا عريان. قلت: فالمواساة? قال: قد لبستها برهة. قلت: فتعريني? قال: قد روينا عن مالك، أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانًا. قلت: ترى عورتي. قال: لو كان أحد يلقاك هنا ما تعرضت لك. قلت: دعني أدخل حائطي، وأبعث بها إليك. قال: كلا، أردت أن توجه عبيدك، فأمسك. قلت: أحلف لك. قال: لا تلزم يمينك للص. فحلفت له: لأبعثن بها طيبة بها نفسي. فأطرق، ثم قال: تصفحت أمر اللصوص من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا، فلم أجد لصًّا أخذ بنسيئة، فأكره أن أبتدع، فخلعت ثيابي له.

لم أر له وفاة.

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "3/ 251"، والعبر "1/ 434"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 95".

ص: 408

‌1939 - زيد بن بشر

(1)

:

العلامة فقيه المغرب، أبو البشر الأزدي، ويقال: الحضرمي المالكي.

رأى ابن لهيعة. وسمع: ابن وهب، ورشدين بن سعد، وأشهب.

وعنه: أبو زرعة، وسليمان بن سالم، ويحيى بن عمر، وسعيد بن إسحاق الإفريقيون. وكان من أكبر تلامذة ابن وهب.

قال أبو زرعة: رجل صالح، عاقل، خرج إلى المغرب، فمات هناك، وهو ثقة.

وقال أبو عمر الكندي: كان من صليبة الأزد، وجدته مولاة لحضرموت. نشأ في حجر ابن لهيعة، وما سمع منه.

قلت: وكان ذا كرم، وجود، وفرط شجاعة. قيل: كان سبب فراقه مصر محنة القرآن.

قال ابن يونس: توفي بتونس سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2522"، ولسان الميزان "2/ ترجمة 2015".

ص: 409

‌1940 - ابن أخي الإمام

(1)

: " د، س"

الحافظ، المحدث الإمام الرحال، مسند حلب، وإمام جامعها، أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن حكيم الأسدي، الحلبي. ويعرف: بابن أخي الإمام.

حدث عن أبي المليح الحسن بن عمر الرقي، وعبيد الله بن عمرو الرقي، وخلف بن خليفة، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن محمد، وأقرانهم بالحجاز، والشام، والعراق، والجزيرة، وكان محدث حلب مع أبي نعيم عبيد بن هشام.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وبقي بن مخلد، والحسين بن إسحاق التستري، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وعبدان الأهوازي، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، والحسن بن سفيان، وعمر بن سعيد المنبجي، وعبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز ابن أخي الإمام الصغير، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي: لا بأس به.

قلت: مات سنة بضع وأربعين ومائتين.

أما:

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1220"، والكاشف "2/ ترجمة 3301"، وتهذيب التهذيب "6/ 224"، وتقريب التهذيب "1/ 490"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4177".

ص: 409

‌1941 - ابن أخي الإمام الصغير

(1)

:

هو المحدث، الصادق المعدل، عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد العزيز بن الفضل الهاشمي، العباسي، الحلبي.

حدث عن صاحب الترجمة، وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن قدامة المصيصي، وبركة بن محمد الحلبي، وحاجب بن سليمان، وأحمد بن حرب الطائي، وعدة.

وعنه أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر محمد بن سليمان الربعي، وأبو بكر بن المقرئ والقاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وعدة.

يكنى: أبا محمد، وقيل: أبا القاسم. عاش: إلى بعد سنة عشر وثلاثمائة، ما أظن به بأسًا.

ذكره الحافظ ابن عساكر في "تاريخه": وأنه حدث بدمشق، وما ذكر الكبير؛ لأنه ليس من شرط كتابه.

(1)

ترجمته في تهذيب التهذيب "6/ 224"، وتقريب التهذيب "1/ 490"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4179".

ص: 410

‌1942 - محمد بن كَرَّام

(1)

:

لسجستاني المبتدع، شيخ الكَرَّامية، كان زاهدًا، عابدًا، ربانيًّا، بعيد الصيت، كثير الأصحاب، ولكنه يروي الواهيات -كما قال ابن حبان.

خذل حتى التقط من المذاهب أرداها، ومن الأحاديث أوهاها، ثم جالس الجويباري، وابن تميم، ولعلهما قد وضعا مائة ألف حديث، وأخذ التقشف عن أحمد بن حرب.

قلت: كان يقول: الإيمان هو نطق اللسان بالتوحيد، مجرد عن عقد قلب، وعمل جوارح. وقال خلق من الأتباع له: بأن الباري جسم لا كالأجسام، وأن النبي تجوز منه الكبائر سوى الكذب.

وقد سجن ابن كرام، ثم نفي. وكان ناشفًا، عابدًا، قليل العلم.

قال الحاكم: مكث في سجن نيسابور ثماني سنين، ومات بأرض بيت المقدس، سنة خمس وخمسين ومائتين.

قلت: طولنا ترجمته في "تاريخ الإسلام".

وكانت الكرامية كثيرين بخراسان. ولهم تصانيف، ثم قلوا، وتلاشوا، نعوذ بالله من الأهواء.

(1)

ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 21"، ولسان الميزان "5/ 353"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 24".

ص: 411

‌1943 - يعقوب بن كعب

(1)

: " د"

ابن حامد الحافظ، أبو يوسف الأنطاكي، أصله من حلب.

سمع عطاء بن مسلم، وشعيب بن إسحاق، وعيسى بن يونس، وابن وهب، وأبا معاوية، وطبقتهم. وكان ذا رحلة، وفضل.

روى عنه أبو داود، ويزيد بن جهور، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وآخرون.

وثقه أبو حاتم.

وقال العجلي: ثقة، رجل صالح، صاحب سنة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 892"، والكاشف "3/ ترجمة 6515"، وتهذيب التهذيب "11/ 394"، وتقريب التهذيب "2/ 376".

ص: 411

‌1944 - علي بن مسلم

(1)

: " خ، د، س"

ابن سعيد الإمام المحدث الثقة، مسند العراق، أبو الحسن الطوسي، ثم البغدادي.

سمع جرير بن عبد الحميد، ويوسف بن يعقوب الماجشون، وهشيم بن بشير، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبا يوسف القاضي، وخلقًا كثيرًا، وعني بهذا الشأن، وجمع، وصنف.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والنسائي، ويحيى بن معين -رفيقه- وأبو بكر الأثرم، وابن أبي الدنيا، وعبد الله بن أحمد، وأبو محمد بن صاعد، والقاضي المحاملي، والحسين بن عياش القطان، وآخرون.

وروى النسائي أيضًا، عن رجل، عنه، وقال: لا بأس به.

قلت: مات لسبع بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين ومائتين، عن ثلاث وتسعين سنة.

أخبرنا أبو المعالي بن إسحاق، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري ببغداد، أخبرنا عمي؛ محمد بن عبد العزيز في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، أخبرنا عاصم بن الحسن "ح". وأخبرنا أحمد بن عبد الحميد، ومحمد بن بطيخ، وعبد الحميد بن أحمد، وأحمد بن عبد الرحمن، قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ "ح". وأخبرتنا خديجة بنت الرضى، أخبرنا البهاء عبد الرحمن، قالا: أخبرتنا فخر النساء شهدة بنت أحمد، أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة قال هو، وعاصم: أخبرنا عبد الواحد بن محمد الفارسي، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، حدثنا علي بن مسلم، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا حجاج بن أرطاة، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: كان في ساقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشة، وكان لا يضحك إلا تبسمًا، وكنت إذا نظرت إليه، قلت: أكحل العينين، وليس بأكحل. هذا حديث غريب.

(1)

ترجمته في الكنى للدولابي "1/ 147"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1115"، وتاريخ بغداد "12/ 108"، والكاشف "2/ ترجمة 4028"، وتهذيب التهذيب "7/ 382"، وتقريب التهذيب "2/ 44"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5050".

ص: 412

‌1945 - الجاحظ

(1)

:

العلامة المتبحر، ذو الفنون، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري، المعتزلي، صاحب التصانيف. أخذ عن: النظام.

وروى عن: أبي يوسف القاضي، وثمامة بن أشرس.

روى عنه: أبو العيناء، ويموت بن المزرع -ابن أخته، وكان أحذ الأذكياء.

قال ثعلب: ما هو بثقة.

وقال يموت: كان جده جمالا أسود.

وعن الجاحظ: نسيت كنيتي ثلاثة أيام، حتى عرفني أهلي.

قلت: كان ماجنًا، قليل الدين، له نوادر.

قال المبرد: دخلت عليه، فقلت: كيف أنت? قال: كيف من نصفه مفلوج، ونصفه الآخر منقرس? لو طار عليه ذباب لآلمه، والآفة في هذا أني جزت التسعين. وقيل: طلبه المتوكل، فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل، ولعاب سائل?!

قال ابن زَبْر: مات سنة خمسين ومائتين. وقال الصولي: مات سنة خمس وخمسين ومائتين.

قلت: كان من بحور العلم، وتصانيفه كثيرة جدًّا. قيل: لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته، حتى إنه كان يكتري دكاكين الكُتْبِيِّين، ويبيت فيها للمطالعة، وكان باقعة

(2)

في قوة الحفظ.

وقيل: كان الجاحظ ينوب عن إبراهيم بن العباس الصولي مدة في ديوان الرسائل.

وقال في مرضه للطبيب: اصطلحت الأضداد على جسدي، إن أكلت باردًا، أخذ برجلي، وإن أكلت حارًا، أخذ برأسي.

ومن كلام الجاحظ إلى محمد بن عبد الملك: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 212"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 74"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 470"، وميزان الاعتدال "3/ 247"، والعبر "1/ 456"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ ترجمة 506".

(2)

باقعة: أي داهية.

ص: 413

البغضة، والمضادة عداوة، والأمانة طمأنينة، وخلاف الهوى يوجب الاستثقال، ومتابعته توجب الألفة. العدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة. حسن الخلق أنس، والانقباض وحشة، التكبر مقت، والتواضع مقة، الجود يوجب الحمد، والبخل يوجب الذم، التواني يوجب الحسرة، والحزم يوجب السرور، والتغرير ندامة، ولكل واحدة من هذه إفراط وتقصير، وإنما تصح نتائجها إذا أقيمت حدودها. فإن الإفراط في الجود تبذير، والإفراط في التواضع مذلة، والإفراط في الغدر يدعو إلى أن لا تثق بأحد، والإفراط في المؤانسة يجلب خلطاء السوء.

وله: وما كان حقي -وأنا واضع هذين الكتابين في خلق القرآن، وهو المعنى الذي يكثره أمير المؤمنين ويعزه، وفي فضل ما بين بني هاشم، وعبد شمس ومخزوم- إلا أن أقعد فوق السماكين، بل فوق العيوق، أو أتجر في الكبريت الأحمر، وأقود العنقاء بزمام إلى الملك الأكبر.

وله كتاب "الحيوان" سبع مجلدات، وأضاف إليه كتاب "النساء"، وهو فرق ما بين الذكر والأنثى، وكتاب "البغال"، وقد أضيف إليه كتاب، سموه كتاب "الجمال" ليس من كلام الجاحظ، ولا يقاربه.

قال رجل للجاحظ: ألك بالبصرة ضيعة? قال: فتبسم، وقال: إنما إناء وجارية ومن يخدمها، وحمار، وخادم، أهديت كتاب "الحيوان" إلى ابن الزيات، فأعطاني ألفي دينار، وأهديت إلى فلان فذكر نحوًا من ذلك. يعني: أنه في خير وثروة.

قال يموت بن المزرع: سمعت خالي يقول: أمليت على إنسان مرة: أخبرنا عمرو، فاستملى: أخبرنا بشر، وكتب: أخبرنا زيد.

قلت: يظهر من شمائل الجاحظ أنه يختلق.

قال إسماعيل الصفار: حدثنا أبو العيناء، قال: أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك، فأدخلناه على الشيوخ ببغداد، فقلبوه إلا ابن شيبة العلوي، فإنه قال: لا يشبه آخر هذا الحديث أوله ثم قال: الصفار كان أبو العيناء يحدث بهذا بعدما تاب.

قيل للجاحظ: كيف حالك? قال: يتكلم الوزير برأيي، وصلات الخليفة متواترة إلي، وآكل من الطير أسمنها، وألبس من الثياب ألينها، وأنا صابر حتى يأتي الله بالفرج. قيل: بل الفرج ما أنت فيه. قال: بل أحب أن ألى الخلافة، ويختلف إلي محمد بن عبد الملك -يعني: الوزير -وهو القائل:

ص: 414

سقام الحرص ليس له دواء

وداء الجهل ليس له طبيب

وقال: أهديت إلى محمد بن عبد الملك كتاب "الحيوان"، فأعطاني خمسة آلاف دينار. وأهديت كتاب "البيان والتبيين" إلى أحمد بن أبي دؤاد، فأعطاني كذلك. وأهديت كتاب "الزرع والنخل" إلى إبراهيم الصولي، فأعطاني مثلها، فرجعت إلى البصرة، ومعي ضيعة لا تحتاج إلى تحديد، ولا إلى تسميد.

وقد روى عنه: ابن أبي داود حديثًا واحدًا.

وتصانيف الجاحظ كثيرة جدًّا: منها "الرد على أصحاب الإلهام"، و"الرد على المشبهة"، و"الرد على النصارى"، "الطفيلية"، "فضائل الترك"، "الرد على اليهود"، "الوعيد"، "الحجة والنبوة"، "المعلمين"، "البلدان"، "حانوت عطار"، "ذم الزنى"، وأشياء.

أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة، عن أحمد بن طارق، أخبرنا السلفي، أخبرنا المبارك بن الطيوري، حدثنا محمد بن علي الصوري إملاء، حدثنا خلف بن محمد الحافظ بصور، أخبرنا أبو سليمان بن زبر، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: أتيت الجاحظ، فاستأذنت عليه، فاطلع علي من كوة في داره، فقال: من أنت? فقلت: رجل من أصحاب الحديث. فقال: أوما علمت أني لا أقول بالحشوية? فقلت: إني ابن أبي داود. فقال: مرحبًا بك وبأبيك ادخل، فلما دخلت قال لي: ما تريد? فقلت: تحدثني بحديث واحد، فقال: اكتب: حدثنا حجاج بن المنهال، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على طنفسة. فقلت: زدني حديثًا آخر، فقال: ما ينبغي لابن أبي داود أن يكذب.

قلت: كفانا الجاحظ المؤونة، فما روى من الحديث إلا النزر اليسير، ولا هو بمتهم في الحديث، بلى في النفس من حكاياته ولهجته، فربما جازف، وتلطخه بغير بدعة أمر واضح، ولكنه أخباري علامة، صاحب فنون وأدب باهر، وذكاء بين، عفا الله عنه.

ص: 415

‌1946 - أحمد بن خالد

(1)

: " ت، س":

الفقيه الكبير، أبو جعفر البغدادي، الخلال.

حدث عن: إسحاق الأزرق، وابن علية، وابن عيينة، وشعيب بن حرب، ومعن، والشافعي، وعدة.

وعنه: الترمذي، والنسائي، وأحمد الأبار، وجعفر الفريابي، وعمر البجيري، والحسين بن إدريس، وخلق.

قال أبو حاتم الرازي: كان خيرًا، عدلا، ثقة، رضًى، صدوقًا.

وقال الدارقطني: ثقة، نبيل، قديم الوفاة.

وقال ابن قانع: مات بسامراء، سنة سبع وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 47"، وتاريخ بغداد "4/ 126"، وتهذيب التهذيب "1/ 27".

ص: 415

‌1947 - أحمد بن الخليل

(1)

: "س":

الإمام الثبت، أبو علي البغدادي، البزاز، نزيل نيسابور.

حدث عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وحجاج الأعور، وروح بن عبادة، وقراد، وطبقتهم.

وعنه: النسائي، والحسين القباني، وعبدان، وابن خزيمة، وآخرون، خاتمتهم: أبو علي المذكر، ذاك التالف.

وثقه: النسائي.

وقال الحاكم: ثقة، مأمون.

قال القباني: توفي في ربيع الأول، سنة ثمان وأربعين ومائتين.

أحمد بن الخليل البرجلاني شيخ النجاد سيأتي.

‌1948 - أحمد بن الخليل النوفلي القومسي

(2)

:

عن الأصمعي، وأبي النضر، والأنصاري، والمقرئ.

وعنه: يحيى بن عبدك، وجماعة.

وهو واه.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 129"، وميزان الاعتدال "1/ 96"، وتهذيب التهذيب "1/ 27".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 49"، وميزان الاعتدال "1/ 96"، ولسان الميزان "1/ 167" وتهذيب التهذيب "1/ 28".

ص: 416

‌1949 - ذو النون المصري

(1)

:

الزاهد، شيخ الديار المصرية، ثوبان بن إبراهيم، وقيل: فيض بن أحمد. وقيل: فيض بن إبراهيم النوبي، الإخميمي. يكنى: أبا الفيض. ويقال: أبا الفياض. ولد: في أواخر أيام المنصور.

وروى عن: مالك، والليث، وابن لهيعة، وفضيل بن عياض، وسلم الخواص، وسفيان بن عيينة، وطائفة.

وعنه: أحمد بن صبيح الفيومي، وربيعة بن محمد الطائي، ورضوان بن محيميد، وحسن بن مصعب، والجنيد بن محمد الزاهد، ومقدام بن داود الرعيني، وآخرون.

وقل ما روى من الحديث، ولا كان يتقنه. قيل: إنه من موالي قريش، وكان أبوه نوبيًا.

وقال الدارقطني: روى عن مالك أحاديث فيها نظر، وكان واعظًا.

قال ابن يونس: كان عالمًا، فصيحًا، حكيمًا. توفي في ذي القعدة، سنة خمس وأربعين ومائتين.

وقال السلمي: حملوه على البريد من مصر إلى المتوكل ليعظه في سنة (244)، وكان إذا ذكر بين يدي المتوكل أهل الورع، بكى.

وقال يوسف بن أحمد البغدادي: كان أهل ناحيته يسمونه الزنديق، فلما مات، أظلت الطير جنازته، فاحترموا بعد قبره.

عن أيوب مؤدب ذي النون، قال: جاء أصحاب المطالب ذا النون، فخرج معهم إلى قفط وهو شاب، فحفروا قبرًا، فوجدوا لوحًا فيه: اسم الله الأعظم، فأخذه ذو النون، وسلم إليهم ما وجدوا.

قال يوسف بن الحسين الرازي: حضرت ذا النون، فقيل له: يا أبا الفيض، ما كان سبب توبتك? قال: نمت، في الصحراء، ففتحت عيني، فإذا قنبرة عمياء سقطت من وكر، فانشقت الأرض، فخرج منها سكرجتان ذهب وفضة، في إحداهما سمسم، وفي الأخرى ماء، فأكلت، وشربت، فقلت: حسبي. فتبت، ولزمت الباب، إلى أن قبلني.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "9/ ترجمة 456"، وتاريخ بغداد "8/ 393"، والأنساب للسمعاني "1/ 135"، واللباب لابن الأثير "1/ 35"، ووفيات الأعيان "1/ 317"، والعبر "1/ 444"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 320".

ص: 417

قال السلمي في "محن الصوفية": ذو النون أول من تكلم ببلدته في ترتيب الأحوال، ومقامات الأولياء، فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم، وهجره علماء مصر، وشاع أنه أحدث علمًا لم يتكلم فيه السلف وهجروه حتى رموه بالزندقة، فقال أخوه: إنهم يقولون: إنك زنديق، فقال:

ومالي سوى الإطراق والصمت حيلة

ووضعي كفي تحت خدي وتذكاري

قال: وقال محمد بن الفرخي: كنت مع ذي النون في زورق، فمر بنا زورق آخر، فقيل لذي النون: إن هؤلاء يمرون إلى السلطان يشهدون عليك بالكفر. فقال: اللهم إن كانوا كاذبين، فغرقهم. فانقلب الزورق، وغرقوا، فقلت له: فما بال الملاح? قال: لم حملهم وهو يعلم قصدهم? ولأن يقفوا بين يدي الله غرقى، خير لهم من أن يقفوا شهود زور. ثم انتفض وتغير، وقال: وعزتك لا أدعو على أحد بعدها. ثم دعاه أمير مصر، وسأله عن اعتقاده، فتكلم، فرضي أمره، وطلبه المتوكل، فلما سمع كلامه، ولع به، وأحبه، وكان يقول: إذا ذكر الصالحون، فحي هلا بذي النون.

قال علي بن حاتم: سمعت ذا النون يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.

وقال يوسف بن الحسين: سمعت ذا النون يقول: مهما تصور في وهمك، فالله بخلاف ذلك. وسمعته يقول: الاستغفار جامع لمعان، أولهما: الندم على ما مضى، الثاني: العزم على الترك، والثالث: أداء ما ضيعت من فرض لله، الرابع: رد المظالم في الأموال والأعراض والمصالحة عليها، الخامس: إذابة كل لحم ودم نبت على الحرام، السادس: إذاقة ألم الطاعة كما وجدت حلاوة المعصية.

وعن عمرو بن السرح: قلت لذي النون: كيف خلصت من المتوكل، وقد أمر بقتلك? قال: لما أوصلني الغلام، قلت في نفسي: يا من ليس في البحار قطرات، ولا في ديلج الرياح ديلجات، ولا في الأرض خبيئات، ولا في القلوب خطرات إلا وهي عليك دليلات، ولك شاهدات، وبربوبيتك معترفات، وفي قدرتك متحيرات، فبالقدرة التي تجير بها من في الأرضين والسماوات إلا صليت على محمد، وعلى آل محمد، وأخذت قلبه عني. فقام المتوكل يخطو حتى اعتنقني، ثم قال: أتعبناك يا أبا الفيض.

وقال يوسف بن الحسين: حضرت مع ذي النون مجلس المتوكل، وكان مولعًا به، يفضله على الزهاد، فقال: صف لي أولياء الله. قال: يا أمير المؤمنين! هم قوم ألبسهم الله النور الساطع من محبته، وجللهم بالبهاء من إرادة كرامته، ووضع على مفارقهم تيجان مسرته،

ص: 418

فذكر كلامًا طويلا، وقد استوفى ابن عساكر أحوال ذي النون في "تاريخه"، وأبو نعيم في الحلية.

ومن كلامه: العارف لا يلتزم حالة واحدة، بل يلتزم أمر ربه في الحالات كلها.

أرخ عبيد الله بن سعيد بن عفير وفاته -كما مر- في سنة خمس وأربعين ومائتين.

وأما حيان بن أحمد السهمي، فقال: مات بالجيزة، وعدي به إلى مصر في مركب خوفًا من زحمة الناس على الجسر لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومائتين، وقال آخر: مات سنة ثمان وأربعين. والأول أصح. وكان من أبناء التسعين.

ص: 419

‌1950 - ابن زياد

(1)

:

متولي اليمن الأمير محمد بن عبد الله بن زياد.

غلب على اليمن، وحارب، وتمكن في أيام المأمون، واختط مدينة زبيد في سنة أربع ومائتين، ونفذ إلى المأمون بتحف، فأمده بجيش، وعظم أمره، ودامت دولته إلى أن مات سنة خمس وأربعين ومائتين. فقام بعده ابنه إبراهيم، فولي اليمن مدة أربع وأربعين سنة. ثم مات، وتملك بعده ولداه زياد ثم إسحاق، ودامت دولتهم إلى بعد الأربعمائة ثم صارت في مواليهم مدة إلى أن ظهر الصليحي.

‌1951 - الرَّوَاجِنِيُّ

(2)

: " خ، ت، ق"

الشيخ العالم الصدوق، محدث الشيعة، أبو سعيد عباد بن يعقوب الأسدي، الرواجني، الكوفي، المبتدع.

روى عن: شريك القاضي، وعباد بن العوام، وإبراهيم بن أبي يحيى، والوليد بن أبي ثور، وإسماعيل بن عياش، وعبد الله بن عبد القدوس، والحسين ابن الشهيد زيد بن علي، وعلي بن هاشم بن البريد، وعدة.

(1)

ترجمته في أنباء الزمن في تاريخ اليمن، حوادث سنة "203 هـ" لمؤلفه يحيى بن حسين بن الإمام القاسم المتوفى بعد سنة 1099 هـ.

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1645"، والجرح والتعديل "6/ 447"، والمجروحين لابن حبان "2/ 172"، والكاشف "2/ ترجمة 2606"، والمغني "1/ ترجمة 3058"، وتهذيب التهذيب "5/ 109"، وتقريب التهذيب "1/ 394"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3331"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 121".

ص: 419

روى عنه: البخاري حديثًا قرن فيه معه آخر، والترمذي، وابن ماجه، وأبو بكر البزار، وصالح جزرة، وابن خزيمة، ومحمد بن علي الحكيم الترمذي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وآخرون.

قال أبو حاتم: شيخ، ثقة.

وقال الحاكم: كان ابن خزيمة يقول: حدثنا الثقة في روايته، المتهم في دينه، عباد بن يعقوب.

وقال ابن عدي: فيه غلو في التشيع.

وروى عبدان عن ثقة، أن عبادًا كان يشتم السلف.

وقال ابن عدي: روى مناكير في الفضائل والمثالب.

وروى علي بن محمد الحبيبي، عن صالح جزرة، قال: كان عباد يشتم عثمان رضي الله عنه وسمعته يقول: الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة، قاتلا عليًّا بعد أن بايعاه.

وقال ابن جرير: سمعته يقول: من لم يبرأ في صلاته كل يوم من أعداء آل محمد حشر معهم.

قلت: هذا الكلام مبدأ الرفض، بل نكف، ونستغفر للأمة، فإن آل محمد في إياهم قد عادى بعضهم بعضًا، واقتتلوا على الملك، وتمت عظائم، فمن أيهم نبرأ?!

قال محمد بن المظفر الحافظ: حدثنا القاسم المطرز، قال: دخلت على عباد بالكوفة، وكان يمتحن الطلبة، فقال: من حفر البحر? قلت: الله. قال: هو كذاك، ولكن من حفره? قلت: يذكر الشيخ، قال: حفره علي، فمن أجراه? قلت: الله. قال: هو كذلك، ولكن من أجراه? قلت: يفيدني الشيخ. قال: أجراه الحسين، وكان ضريرًا، فرأيت سيفًا وحجفة

(1)

. فقلت: لمن هذا? قال: أعددته لأقاتل به مع المهدي. فلما فرغت من سماع ما أردت، دخلت عليه، فقال: من حفر البحر? قلت: حفره معاوية رضي الله عنه وأجراه عمرو بن العاص، ثم وثبت وعدوت، فجعل يصيح: أدركوا الفاسق عدو الله، فاقتلوه. إسنادها صحيح. وما أدري كيف تسمحوا في الأخذ عمن هذا حاله? وإنما وثقوا بصدقه.

قال البخاري: مات عباد بن يعقوب في شوال سنة خمسين ومائتين.

قلت: وقع لي من عواليه، في "البعث" لابن أبي داود. ورأيت له جزءًا من كتاب "المناقب"، جمع فيها أشياء ساقطة، قد أغنى الله أهل البيت عنها، وما أعتقده يعتمد الكذب أبدًا.

(1)

الحجفة: الترس.

ص: 420

‌1952 - صالح

(1)

: " ت"

ابن عبد الله بن ذكوان الحافظ الثقة، أبو عبد الله الباهلي، الترمذي، نزيل بغداد.

حدث عن: مالك، وشريك، وحماد الأبح، وأبي عوانة، وعدة.

وعنه: الترمذي، ثم روى عن رجل عنه، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن كرام، وابن أبي الدنيا، وصالح جزرة، وأبو يعلى، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال ابن حبان: هو صاحب حديث وسنة، كتب، وجمع.

قلت: توفي سنة تسع وثلاثين ومائتين، بمكة.

أما:

‌1953 - صالح بن محمد الترمذي

(2)

:

فمن أقرانه، ولي قضاء ترمذ.

قال ابن حبان: كان جهميًّا يبيع الخمر. كان ابن راهويه يبكي من تجرئه على الله.

‌1954 - عتبة بن عبد الله

(3)

: " س"

ابن عتبة الشيخ المحدث المسند، الثقة، أبو عبد الله اليحمدي، المروزي.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2823"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1785"، وتاريخ بغداد "9/ 315"، والكاشف "2/ ترجمة 2365"، وتهذيب التهذيب "4/ 395"، وتقريب التهذيب "1/ 361"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3039".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1812"، والمجروحين لابن حبان "1/ 370"، وتاريخ بغداد "9/ 330"، ولسان الميزان "3/ 176".

(3)

ترجمته في الكاشف "2/ ترجمة 3718"، وتهذيب التهذيب "7/ 98"، وتقريب التهذيب "2/ 40"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4698".

ص: 421

حدث عن مالك بن أنس، وسعيد بن سالم القداح، وابن المبارك، وسفيان بن عيينة، والفضل بن موسى، وجماعة.

حدث عنه: النسائي، ومحمد بن علي الحكيم، وعيسى بن محمد المروزي، وإسحاق بن إبراهيم البستي، والحسن بن سفيان، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وعدة.

قال النسائي: لا بأس به.

وقال أيضًا: ثقة.

وممن لحقه، وروى عنه: مؤرخ مرو أبو رجاء محمد بن حمدويه. قال: ومات في ذي الحجة سنة أربع وأربعين ومائتين، وكان معمرًا.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق إملاء، حدثنا عتبة بن عبد الله اليحمدي قال: قرأت على مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام". فقلت: يا أبا هريرة إني أحيانًا وراء الإمام. قال: فغمز ذراعي ثم قال: اقرأها يا فارسي في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني، وبين عبدي نصفين نصفها لي، ونصفها لعبدي يقول العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. يقول الله: حمدني عبدي. يقول العبد: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. يقول الله: أثنى علي عبدي. يقول العبد: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. يقول الله: مجدني عبدي. وهذه الآية بيني وبين عبدي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فهي بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 2 - 7]، فهي لعبدي، ولعبدي ما سأل"

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه مالك "1/ 84"، ومسلم "395""39"، وأبو داود "821".

ص: 422

‌1955 - الدُّوري

(1)

: " ق":

الإمام العالم الكبير، شيخ المقرئين، أبو عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان -ويقال صهيب- الأزدي مولاهم، الدوري، الضرير، نزيل سامراء.

ولد سنة بضع وخمسين ومائة، في دولة المنصور.

وتلا على إسماعيل بن جعفر، وسمع منه، وتلا على الكسائي بحرفه، وعلى يحيى اليزيدي بحرف أبي عمرو، وعلى سليم بحرف حمزة، وجمع القراءات، وصنفها.

وحدث أيضًا عن أبي إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب، وإبراهيم بن أبي يحيى، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وأبي معاوية، وطائفة.

روى عنه: الإمام أحمد، وهو من أقرانه، ونصر بن علي الجهضمي، وروى هو عنهما.

وتلا عليه أبو الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس، وأحمد بن فرح المفسر، وعمر بن محمد الكاغدي، والحسن بن علي بن بشار صاحب مرثية الهر، وقاسم بن زكريا المطرز، وأبو عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير، وعلي بن سليم، وجعفر بن محمد بن أسد، والقاسم بن عبد الوارث، وأحمد بن مسعود السراج، وبكر السراويلي، وعبد الله بن أحمد دلبة، ومحمد بن محمد بن النفاح، ومحمد بن حمدون المنقى، والحسن بن الحسين الصواف، وجعفر بن محمد الرافقي، وأحمد بن يعقوب بن العرق، وحسن بن عبد الوهاب، وأحمد بن حرب المعدل، وغيرهم.

وحدث عنه: ابن ماجه، وحاجب بن أركين، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن حامد السني، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري.

قال أحمد بن فرح: قلت للدوري: ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 364"، والكنى للدولابي "2/ 41"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 792" وتاريخ بغداد "8/ 203"، والأنساب للسمعاني "5/ 356"، وميزان الاعتدال "1/ 566"، والمغني "1/ ترجمة 1638"، وتهذيب التهذيب "2/ 408"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1515"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 48".

ص: 423

قال ابن النفاح: حدثنا أبو عمر، قال: قرأت على إسماعيل بن جعفر بقراءة أهل المدينة ختمة، وأدركت حياة نافع، ولو كان عندي عشرة دراهم، لرحلت إليه.

قال أبو علي الأهوازي: رحل أبو عمر في طلب القراءات، وقرأ سائر حروف السبعة، وبالشواذ، وسمع من ذلك الكثير، وصنف في القراءات، وهو ثقة، وعاش دهرًا. وفي آخر عمره ذهب بصره، وكان ذا دين.

وقال الحاكم: قال الدارقطني: أبو عمر الدوري يقال له: الضرير، وهو ضعيف، وقيل: هو من الدور -محلة بالجانب الشرقي من بغداد.

قال سعيد بن عبد الرحيم، والبغوي، وطائفة: توفي سنة ست وأربعين ومائتين. زاد بعضهم: في شوال. وقيل: سنة ثمان وأربعين، وهم فيه حاجب الفرغاني، وقد ذكرناه مستوعبًا في "طبقات القراء".

وقول الدارقطني: ضعيف يريد في ضبط الآثار أما في القراءات، فثبت إمام. وكذلك جماعة من القراء أثبات في القراءة دون الحديث، كنافع، والكسائي، وحفص، فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرورها، ولم يصنعوا ذلك في الحديث كما أن طائفة من الحفاظ أتقنوا الحديث، ولم يحكموا القراءة. وكذا شأن كل من برز في فن، ولم يعتن بما عداه، والله أعلم.

ص: 424

‌1956 - سَوَّار بن عبد الله

(1)

: " د، ت، س"

ابن سوار بن عبد الله بن قدامة الإمام العلامة القاضي، أبو عبد الله التميمي، العنبري، البصري، قاضي الرصافة من بغداد من بيت العلم والقضاء، كان جده قاضي البصرة.

سمع سوار هذا من: عبد الوارث التنوري، ويزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، وبشر بن المفضل، ويحيى بن سعيد القطان، وعدة.

حدث عنه: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وعبد الله بن أحمد، ويحيى بن صاعد، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وآخرون.

قال النسائي: ثقة.

وقال إسماعيل القاضي: دخل سوار بن عبد الله القاضي على محمد بن عبد الله بن طاهر فقال: أيها الأمير، إني جئت في حاجة رفعتها إلى الله عز وجل قبل أن أرفعها إليك، فإن قضيتها، حمدنا الله وشكرناك، وإن لم تقضها، حمدنا الله وعذرناك. قال: فقضى جميع حوائجه.

قلت: وكان من فحول الشعراء، فصيحًا، مفوهًا، وكان وافر اللحية.

قال أحمد بن المعذل الفقيه: كان سوار بن عبد الله قد خامر قلبه وجد، فقال:

سلبت عظامي مخها فتركتها

عواري في أجلادها تتكسر

وأخليت منها مخها فكأنها

قوارير في أجوافها الريح تصفر

خذي بيدي ثم اكشفي الثوب وانظري

بلى جسدي لكنني أتستر

وليس الذي يجري من العين ماؤها

ولكنها روحي تذاب فتقطر

عمي سوار بأخرة، ومات في سنة خمس وأربعين ومائتين، في شوال.

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 113"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1174"، وتاريخ بغداد "9/ 210"، والكاشف "1/ ترجمة 2212"، والعبر "1/ 248 و 444"، وتهذيب التهذيب "4/ 268" وتقريب التهذيب "1/ 339"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2822"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 108".

ص: 424

‌1957 - النَّخْشَبِيُّ

(1)

:

الإمام القدوة، شيخ الطائفة، أبو تراب عسكر بن الحصين النخشبي، ومدينة نخشب من نواحي بلخ تسمى أيضًا نسف.

صحب حاتمًا الأصم. وحدث عن نعيم بن حماد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وغيرهما.

حدث عنه: الفتح بن شخرف، ورفيقه؛ أبو بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويوسف بن الحسين الرازي، وأحمد بن الجلاء، وطائفة.

وكتب العلم، وتفقه، ثم تأله وتعبد، وساح وتجرد.

وسئل عن صفة العارف، قال: الذي لا يكدره شيء، ويصفو به كل شيء.

وعنه قال: إذا رأيت الصوفي قد سافر بلا ركوة، فاعلم أنه قد عزم على ترك الصلاة.

وعنه: ثلاث من مناقب الإيمان الاستعداد للموت، والرضى بالكفاف، والتفويض إلى الله.

وثلاث من مناقب الكفر: طول الغفلة عن الله، والطيرة، والحسد.

وعن يوسف بن الحسين، قال: كنا بمكة، فقال أبو تراب: أحتاج إلى دراهم، فإذا رجل قد صب في حجره كيس دراهم، فجعل يفرقها على من حوله، وكان فيهم فقير يتراءى له ليعطيه، فنفذت، ولم يعطه وبقيت أنا وهو والشيخ، فقال له: تراءيت لك غير مرة، فقال: أنت لا تعرف المعطي.

قال ابن الجلاء: لقيت ألفي شيخ، ما لقيت مثل أبي تراب، وآخر.

مات أبو تراب: بطريق الحج، انقطع، فنهشته السباع، في سنة خمس وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 462"، وتاريخ بغداد "12/ 315"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 321".

ص: 425

‌1958 - محمد بن عُبَيد

(1)

:

ابن عبد الملك الإمام المحدث العبد الصالح، أبو عبد الله الأسدي، الكوفي، ثم الهمذاني ويقال له: محمد بن أبي عبد الملك.

روى أبوه عن: الشعبي.

وعنه: وكيع، وأبو نعيم.

يقال: صام ستين سنة.

وروى محمد عن، سفيان بن عيينة، وعمر بن هارون، والربيع بن زياد، وعبيدة بن حميد، وسيف بن محمد الثوري، وأبي معاوية، ويحيى بن سعيد الأموي، وحسين الجعفي، وشبابة، وخلق.

وعنه: يحيى بن عبد الله الكرابيسي، وعبد الله بن أحمد الدحيمي، وعلي بن سعيد العسكري، وعيسى بن يزيد إمام الجامع، وعلي بن الحسن بن سعيد، والحسن بن علي المكتب، وإبراهيم بن عمروس، وعبدوس بن أحمد الثقفي، وآخرون.

قال صالح بن أحمد: سمعت عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن سمعت أبي يقول: ذاكرت أبا زرعة بحديث محمد بن عبيد، عن علي بن أبي بكر، عن همام، عن قتادة، عن

أنس، مرفوعًا:"من حوسب، عذب"

(2)

. فقال ابن عبيد عندنا إمام، وعلي من الأبدال، وهذا غريب.

وقال الحسن بن يزداد الخشاب: لو كان محمد بن عبيد ببغداد كان يكون شبيهًا بأحمد بن حنبل.

وعن أبي زرعة، قال: محمد بن عبيد ثقة.

وقال الحسن بن علي المؤدب: توفي سنة تسع وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 5106"، وتهذيب التهذيب "9/ 330"، وتقريب التهذيب "2/ 188"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6478".

(2)

صحيح: أخرجه الترمذي "3338" من طريق محمد بن عبيد الهمداني، عن علي بن أبي بكر، به. وله شاهد من حديث عائشة: عند البخاري "4939"، ومسلم "2876".

ص: 426

‌1959 - الحسن بن عرفة

(1)

: " ت، ق"

ابن يزيد الإمام المحدث الثقة، مسند وقته، أبو علي العبدي، البغدادي، المؤدب.

ولد سنة خمسين ومائة.

وسمع من هشيم بن بشير، وإسماعيل بن عياش، وإبراهيم بن أبي يحيى، وخلف بن خليفة، والمبارك بن سعيد أخي سفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، وزياد البكائي، وعباد بن عباد المهلبي، وعبد السلام بن حرب، وجرير بن عبد الحميد، وأبي بكر بن عياش، وعيسى بن يونس، والحكم بن ظهير، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، وقران بن تمام، وعمار بن محمد الثوري، وعلي بن ثابت الجزري، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، ومعتمر بن سليمان التيمي، وحفص بن غياث، وإسماعيل ابن علية، وعبد الله بن إدريس، وعمر بن عبد الرحمن الأبار، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وعباد بن العوام، وأبي معاوية، ومروان بن شجاع، وبشر بن المفضل، وطبقتهم، وكان من علماء الحديث.

حدث عنه: الترمذي، وابن ماجه، وابن أبي الدنيا، وزكريا خياط السنة، وعبد الله بن أحمد، وأبو يعلى، وقاسم المطرز، وابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وإسماعيل الوراق، ومحمد بن جعفر المطيري، والحسين بن عياش القطان، ومحمد بن أحمد الأثرم، وعلي بن الفضل الستوري،

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 128"، وتاريخ بغداد "7/ 394"، والعبر "1/ 14"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 103"، وتهذيب التهذيب "2/ 293"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1356"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 136".

ص: 427

والحسن بن أحمد بن الربيع الأنماطي، ومؤنس بن وصيف، وحبشون بن موسى الخلال، وإبراهيم بن محمد بن أبي ثابت، ومحمد بن هميان الوكيل، وإسماعيل بن محمد الصفار، وخلق كثير.

قال عبد الله بن أحمد قال لي ابن معين: كتبت عن ذاك المعلم الذي في المربعة? قلت: نعم، أهو الحسن بن عرفة? قال: نعم، يروي عن مبارك بن سعيد، وهو ثقة. قال عبد الله: وكان يختلف إلى أبي.

وروى عبد الله بن الدروقي، عن ابن معين قال: ليس به بأس اذهب إليه.

وقال ابن أبي حاتم: صدوق سمعت منه مع أبي بسامراء، وسئل عنه أبي فقال: صدوق.

وقال النسائي: لا بأس به، وقد روى النسائي، عن رجل، عنه.

وقال محمد بن المسيب الأرغياني: سمعت الحسن بن عرفة يقول: كتب عني خمسة قرون.

قلت: يعني خمس طبقات، فالطبقة الأولى ابن أبي حاتم، والثانية ابن أبي الدنيا، الثالثة طبقة ابن خزيمة، الرابعة طبقة المحاملي، الخامسة الصفار.

قال ابن أبي حاتم: عاش الحسن بن عرفة مائة وعشر سنين، وكان له عشرة أولاد سماهم بأسامي العشرة رضي الله عنهم.

أخبرنا المسلم بن علان، ومؤمل بن محمد إجازة، قالا: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أجاز لي محمد بن مكي المصري، وحدثني عنه نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن زريق، أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا أحمد بن محمد بن حكيم الصدفي سمعت الحسن بن عرفة، وسئل: كم تعد من السنين؟ قال: مائة سنة وعشر سنين، لم يبلغ أحد من أهل العلم هذا السن غيري.

قلت: قد بلغ أيضًا هذا السن حسان بن ثابت، وحكيم بن حزام، وغيرهما من الصحابة، وسويد بن غفلة، وجماعة من التابعين، وممن شاركه، في السن أبو العباس الحجار.

قال الحسن بن محمد الخلال الحافظ: ولد في سنة خمسين ومائة: الشافعي، وبشر الحافي، وخلف البزار، والحسن بن عرفة.

قال أبو الفتح الأزدي: حدثني موسى بن محمد الأزدي، سمعت الحسن بن عرفة يقول:

ص: 428

حدثني وكيع بأحاديث، فلما أصبحت سألته عنها، فقال: ألم أحدثك بها أمس؟ قلت: بلى، ولكني شككت. قال: لا تشك، فإن الشك من الشيطان.

قلت: انتهى علو الإسناد اليوم، وهو عام خمسة وثلاثين إلى حديث الحسن بن عرفة كما أنه كان سنة نيف وستين وستمائة أعلى شيء يكون، وكان رحمه الله صاحب سنة واتباع.

قال البغوي: مات بسامراء في سنة سبع وخمسين ومائتين. وقيل: مات لأربع بقين من ذي الحجة منها، ويقال: سنة ثمان، وهو وهم.

أنبأنا المسلم بن محمد، ومؤمل بن محمد، قالا: أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر الخطيب، حدثنا أبو بكر البرقاني، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر المعدل لمصر، أخبرنا حمزة بن محمد الكناني، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي أخبرني زكريا بن يحيى، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا المبارك بن سعيد، عن موسى الجهني، عن مصعب بن سعد، عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يمنع أحدكم أن يسبح دبر كل صلاة عشرًا، ويكبر عشرًا، ويحمد عشرًا، فذلك في خمس صلوات خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه سبح ثلاثًا وثلاثين، وحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبر أربعًا وثلاثين، فذلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمسمائة سيئة"؟!

(1)

وأنبأنيه بعلو أربع درج: أحمد بن سلامة، وغيره، عن ابن كليب، أخبرنا علي بن بيان، حدثنا بن مخلد، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة نحوه.

(1)

صحيح: وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "5065"، والترمذي "3410" والنسائي "3/ 74" من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بنحوه وإسناده حسن، عطاء بن السائب، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 429

‌1960 - أحمد بن أبي سُرَيج

(1)

: " خ، د، س"

عمر بن الصباح الحافظ، العالم، أبو جعفر الرازي.

تلا على الكسائي.

قرأ عليه العباس بن الفضل الرازي.

وسمع من أبي معاوية، وابن علية، وشعيب بن حرب، ووكيع.

وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: صدوق، والبخاري، في "صحيحه"، وأبو داود، والنسائي، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون.

وقال النسائي: ثقة.

قلت: توفي سنة بضع وأربعين ومائتين، وكان من أبناء الثمانين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 75"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 21"، وتهذيب التهذيب "1/ 44".

ص: 429

‌1961 - علي بن خشرم

(1)

: " م، ت، س"

ابن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال، الإمام، الحافظ، الصدوق أبو الحسن المروزي بن أخت بشر الحافي.

سمعه أبو رجاء محمد بن حمدويه يقول: ولدت سنة ستين ومائة.

سمع عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهشيم بن بشير، وعيسى بن يونس، وأبا بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن، وهب، والفضل بن موسى السيناني، وأبا تميلة، ووكيعًا، وطبقتهم.

حدث عنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن يوسف الفربري، ووقع لنا روايته عنه، في تعلية حديث موسى، والخضر، فقال، حدثناه علي بن خشرم، حدثنا بن عيينة، فذكره لكن ليس هذا في كل النسخ بالصحيح، وممن حدث عنه: محمد بن معاذ الماليني، وأبو علي بن رزين الباشاني، ومحمد بن المنذر شكر، ومحمد بن عقيل البلخي، وأبو حامد أحمد بن حمدون الأعمشي، وعدد كثير.

وانتهى إليه علو الإسناد بما وراء النهر، وبمرو، وهراة.

قال أبو رجاء: سمعته يقول: صمت ثمانية وثمانين رمضانًا. قال: ومات في رمضان سنة سبع وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1013"، والعبر "2/ 183"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 3969"، وتهذيب التهذيب "7/ 316"، وتقريب التهذيب "2/ 36"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4978".

ص: 430

‌1962 - أحمد بن بَكَّار

(1)

: " س"

بن أبي ميمونة زيد، الأموي مولاهم الحراني، الحافظ، أبو عبد الرحمن.

روى عن: أبي معاوية، ومخلد بن يزيد، وابن فضيل، ومحمد بن سلمة، ووكيع، وعدة.

وعنه: النسائي، والباغندي، وأبو عروبة، وجماعة.

قال النسائي: لا بأس به.

قلت: امتنع من الأخذ عن يعلى بن الأشدق؛ لأنه سمعه يفحش في خطابه.

توفي سنة (244)، في صفر.

‌1963 - الخَطْمي

(2)

: " م، ت، س، ق"

الإمام الحافظ الثقة القاضي، أبو موسى إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي، الأنصاري، المدني، الفقيه، نزيل سامراء، ثم قاضي نيسابور.

سمع سفيان بن عيينة، وعبد السلام بن حرب، ومعن بن عيسى القزاز، وجماعة.

حدث عنه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وبقي بن مخلد، وجعفر الفريابي، وابنه موسى بن إسحاق، وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون.

وكان من أئمة السنة. أطنب أبو حاتم في الثناء عليه.

وقال النسائي، وغيره: ثقة.

ويروي الترمذي عنه كثيرًا، ويقول: حدثنا الأنصاري. وله حديث ينفرد به.

وقال النسائي: حدثنا إسحاق بن موسى، حدثنا معن، حدثنا مالك، عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: بعث عمر إلى ابن مسعود، وإلى أبي الدرداء، وأبي مسعود، فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم? فحبسهم بالمدينة حتى استشهد. هذا حديث غريب.

وكذلك رواه: عبد الله بن ناجية، وغيره، عن إسحاق الخطمي.

قيل: إنه مات بجوسية -بليدة من أعمال حمص- في سنة أربع وأربعين ومائتين.

وكان ولده موسى بن إسحاق من كبار أئمة الدين.

(1)

ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 19"، وتقريب التهذيب "1/ 12".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 828"، وتاريخ بغداد "6/ 355"، والعبر "1/ 442" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 427"، وتهذيب التهذيب "1/ 251"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 105".

ص: 431

‌1964 - يحيى بن أكثم

(1)

: " ت"

ابن محمد بن قطن، قاضي القضاة، الفقيه العلامة أبو محمد التميمي المروزي ثم البغدادي.

ولد في خلافة المهدي.

وسمع من عبد العزيز بن أبي حازم، وابن المبارك، وعبد العزيز الدراوردي، وجرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، والفضل السيناني، وعبد الله بن إدريس، وعدة، وله رحلة، ومعرفة.

حدث عنه: الترمذي، وأبو حاتم، والبخاري خارج "صحيحه"، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم بن محمد بن متويه، وأبو العباس السراج، وعبد الله بن محمود المروزي، وآخرون.

وكان من أئمة الاجتهاد، وله تصانيف منها كتاب "التنبيه".

قال الحاكم: من نظر في "التنبيه" له، عرف تقدمه في العلوم.

وقال طلحة الشاهد: كان واسع العلم بالفقه كثير الأدب حسن العارضة قائمًا بكل معضلة. غلب على المأمون حتى لم يتقدمه عنده أحد مع براعة المأمون في العلم، وكانت الوزراء لا تبرم شيئًا حتى تراجع يحيى.

قال الخطيب: ولاه المأمون قضاء بغداد، وهو من ولد أكثم بن صيفي.

قال عبد الله بن أحمد: سمع من ابن المبارك صغيرًا، فصنع أبوه طعامًا، ودعا الناس، وقال: اشهدوا أن ابني سمع من عبد الله.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2932"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 244 و 716" والجرح والتعديل "9/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "14/ 191"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 125"، ووفيات الأعيان "6/ ترجمة 793"، والكاشف "3/ ترجمة 6243"، والمغني "2/ ترجمة 6929"، والعبر "1/ 439"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9459"، وتهذيب التهذيب "11/ 179"، وتقريب التهذيب "2/ 342"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 91".

ص: 432

قال أبو داود السنجي: سمعت يحيى يقول: كنت عند سفيان، فقال: بليت بمجالستكم بعد ما كنت أجالس من جالس الصحابة، فمن أعظم مني مصيبة? قلت: يا أبا محمد، الذين بقوا حتى جالسوك بعد الصحابة، أعظم منك مصيبة.

وروى أحمد بن أبي الحواري، عن يحيى، عن سفيان قال: لو لم يكن من بليتي إلا أني حين كبرت صار جلسائي الصبيان بعدما كنت أجالس من جالس الصحابة. قلت: أعظم منك مصيبة من جالسك، في صغرك بعدما جالس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فسكت.

قال علي بن خشرم: أخبرني يحيى، قال: صرت إلى حفص بن غياث، فتعشينا عنده، فأتى بعس، فشرب، وناول أبا بكر بن أبي شيبة، فشرب، وناولني. قال: فقلت: أيسكر كثيره? قال: إي والله، وقليله، فتركته.

وروى أبو حازم القاضي، عن أبيه، قال: ولي يحيى بن أكثم قضاء البصرة، وله عشرون سنة، فاستصغروه، وقيل: كم سن القاضي? قال: أنا أكبر من عتاب بن أسيد؛ الذي ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة، وأكبر من معاذ حين وجه به رسول الله قاضيًا على اليمن، وأكبر من كعب بن سور الذي وجه به عمر قاضيًا على البصرة.

قال الفضل الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: القرآن كلام الله فمن قال: مخلوق يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه.

وعن يحيى قال: ما سررت بشيء سروري بقول المستملي: من ذكرت رضي الله عنك.

وذكر لأحمد بن حنبل ما يرمى به يحيى، فقال: سبحان الله من يقول هذا?!

قلت: قد ولع الناس بيحيى لتولعه بالصور حبًّا أو مزاحًا.

الصولي: سمعت إسماعيل القاضي يعظم شأن يحيى بن أكثم، وذكر له يوم قيامه في وجه المأمون لما أباح متعة النساء، فما زال به حتى رده إلى الحق، ونص له الحديث في تحريمها، فقيل لإسماعيل: فما كان يقال? قال: معاذ الله أن تزول عدالة مثله بكذب باغ أو حاسد ثم قال: وكانت كتبه في الفقه أجل كتب، تركها الناس لطولها.

قال أبو العيناء: سئل رجل من البلغاء، عن يحيى بن أكثم، وأحمد ابن أبي دؤاد، أيهما أنبل? قال: كان أحمد يجد مع جاريته وبيته، وكان يحيى يهزل مع عدوه وخصمه.

قال أبو حاتم الرازي: فيه نظر.

ص: 433

وقال جعفر بن أبي عثمان، عن ابن معين: كان يكذب.

وقال ابن راهويه: ذاك الدجال يحدث عن ابن المبارك.

وقال علي بن الجنيد: يسرق الحديث.

وقال صالح جزرة: حدث عن ابن إدريس بأحاديث لم يسمعها.

وقال أبو الفتح الأزدي: روى عن الثقات عجائب.

قلت: ما هو ممن يكذب، كلا، وكان عبثه بالمرد أيام الشبيبة، فلما شاخ، أقبل على شأنه، وبقيت الشناعة، وكان أعور.

قال أبو العيناء: وقف له الأضراء، فطالبوه، فقال: ليس لكم عند أمير المؤمنين شيء. فقالوا: لا تفعل يا أبا سعيد. فصاح: الحبس الحبس. فحبسوا، فلما كان الليل ضجوا، فقال المأمون: ما هذا? قيل: الأضراء. فقال له: ولم حبستهم? أعلى أن كنوك? قال: بل حبستهم على التعريض بشيخ لائط في الحربية.

قال فضلك الرازي: مضيت أنا وداود الأصبهاني إلى يحيى بن أكثم، ومعنا عشرة مسائل، فأجاب في خمسة منها أحسن جواب، ودخل غلام مليح، فلما رآه اضطرب، فلم يقدر يجيء، ولا يذهب في مسألة، فقال داود: قم، اختلط الرجل.

قال أبو العيناء: كنا في مجلس أبي عاصم، فنازع أبو بكر بن يحيى بن أكثم غلامًا، فقال أبو عاصم: مَهْيَم? قيل: أبو بكر ينازع غلامًا، فقال: إن يسرق، فقد سرق أب له من قبل.

وقد هجي بأبيات مفرقة لم أسقها.

قال الخطيب: لما استخلف المتوكل، صير يحيى في مرتبة ابن أبي دؤاد، وخلع عليه خمس خلع.

وقال نفطويه: لما عزل يحيى من القضاء بجعفر الهاشمي، جاءه كاتبه، فقال: سلم الديوان. فقال: شاهدان عدلان على أمير المؤمنين بذلك. فلم يلتفت إليه، وأخذ منه قهرًا، وأمر المتوكل بقض أملاكه، وحول إلي بغداد، وألزم بيته.

قال الكوكبي: حدثنا محرز بن أحمد الكاتب، حدثنا محمد بن مسلم السعدي قال: دخلت على يحيى بن أكثم، فقال: افتح هذا القمطر. ففتح، فإذا فيه شيء رأسه رأس إنسان، ومن سرته إلى أسفل خلقة زاغ، وفي ظهره سلعة -يعني: حدبة- وفي صدره كذلك، فكبرت وهللت وجزعت، ويحيى يضحك، فقال لي بلسان طلق:

ص: 434

أنا الزاغ أبو عجوة

أنا ابن الليث واللبوه

أحب الراح والريحا

ن والنشوة والقهوه

فلا عربدتي تخشى

ولا تحذر لي سطوه

ثم قال: يا كهل أنشدني شعرًا غزلا، فأنشدته:

أغرك أن أذنبت ثم تتابعت

ذنوب فلم أهجرك ثم أتوب

وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي

وقد يصدم الإنسان وهو حبيب

فصاح: زاغ زاغ زاغ، فطار ثم سقط في القمطر، فقلت: أعز الله القاضي، وعاشق أيضًا?! فضحك، فقلت: ما هذا? قال: هو ما ترى، وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد.

قال سعيد بن عفير: حدثنا يعقوب بن الحارث، عن شبيب بن شيبة بن الحارث، قال: قدمت الشحر على رئيسها، فتذاكرنا النسناس، فقال: صيدوا لنا منها. فلما أن رحت إليه إذا بنسناس مع الأعوان، فقال: أنا بالله وبك! فقلت: خلوه. فخلوه، فخرج يعدو، وإنما يرعون النبات، فلما حضر الغداء، قال: استعدوا للصيد، فإنا خارجون. فلما كان السحر، سمعنا قائلا يقول: أبا محمد، إن الصبح قد أسفر، وهذا الليل قد أدبر، والقانص قد حضر، فعليك بالوزر. فقال: كلي ولا تراعي. فقالوا: يا أبا محمد، فهرب، وله وجه كوجه الإنسان، وشعرات بيض في ذقنه، ومثل اليد في صدره، ومثل الرجل بين وركيه، فألظ به كلبان، وهو يقول:

إنكما حين تجارياني

ألفيتماني خضلًا عناني

لو بي شباب ما ملكتماني

حتى تموتا أو تفارقاني

قال: فأخذاه.

قال: ويزعمون أنهم ذبحوا منها نسناسًا، فقال قائل: سبحان الله، ما أحمر دمه! قال: يقول نسناس من شجرة: كان يأكل السماق، فقالوا: نسناس. فأخذوه، وقالوا: لو سكت ما علم به. فقال آخر من شجرة: أنا صميميت. فقالوا: نسناس، خذوه. قال: وبنو مهرة يصطادونها ويأكلونها. قال: وكان بنو أميم بن لاوذ بن سام بن نوح سكنوا زنار أرض رمل كثيرة النخل، ويسمع فيها حس الجن حتى كثروا، فعصوا، فعاقبهم الله، فأهلكهم، وبقي

ص: 435

منهم بقايا للعرب تقع عليهم، وللرجل والمرأة منهم يد أو رجل في شق واحد يقال لهم: النسناس.

قلت: هذا كقول بعضهم: ذهب الناس، وبقي النسناس يشبهون الناس، وليسوا بناس، ولعل هؤلاء تولدوا من قردة وناس، فسبحان القادر.

وقد روي: أن يحيى بن أكثم رئي في النوم، وأنه غفر له، وأدخل الجنة.

قال السراج في "تاريخه": مات بالربذة، منصرفه من الحج، يوم الجمعة في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

قال ابن أخته: بلغ ثلاثًا وثمانين سنة.

ودعابة يحيى مع المرد أمر مشهور، وبعض ذلك لا يثبت، وكان ذلك قبل أن يشيخ عفا الله عنه، وعنا.

ص: 436

‌1965 - ابن السِّكِّيت

(1)

:

شيخ العربية، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت البغدادي النحوي المؤدب مؤلف كتاب "إصلاح المنطق"، دين خير، حجة في العربية.

أخذ عن أبي عمرو الشيباني، وطائفة.

روى عنه أبو عكرمة الضبي، وأحمد بن فرح المفسر، وجماعة.

وكان أبوه مؤدبًا، فتعلم يعقوب، وبرع في النحو واللغة، وأدب أولاد الأمير؛ محمد بن عبد الله بن طاهر، ثم ارتفع محله، وأدب ولد المتوكل.

وله من التصانيف نحو من عشرين كتابًا.

روى أبو عمر، عن ثعلب، قال: ما عرفنا لابن السكيت خربة قط.

وقيل: إنه أدب مع أبيه الصبيان.

وروى، عن الأصمعي، وأبي عبيدة، والفراء، وكتبه صحيحة نافعة.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 273"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "20/ 50"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 827"، والعبر "1/ 443"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 317" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 106".

ص: 436

قال ثعلب: لم يكن له نفاذ في النحو، وكان يتشيع.

وقال أحمد بن عبيد: شاورني يعقوب في منادمة المتوكل، فنهيته، فحمل قولي على الحسد، ولم ينته.

وقيل: كان إليه المنتهى في اللغة، وأما التصريف، فقد سأله المازني عن وزن "نكتل"، فقال:"نفعل"، فرده. فقال:"نفتعل". فقال: أتكون أربعة أحرف وزنها خمسة أحرف? فوقف يعقوب، فبين المازني أن وزنه "نفتل". فقال الوزير ابن الزيات: تأخذ كل شهر ألفين، ولا تدري ما وزن "نكتل"? فلما خرجا، قال ابن السكيت للمازني: هل تدري ما صنعت بي? فاعتذر.

ولابن السكيت شعر جيد.

ويروى أن المتوكل نظر إلى ابنيه؛ المعتز والمؤيد، فقال لابن السكيت: من أحب إليك: هما، أو الحسن والحسين? فقال: بل قَنْبَر. فأمر الأتراك فداسوا بطنه، فمات بعد يوم.

وقيل: حمل ميتًا في بساط. وكان في المتوكل نصب، نسأل الله العفو. مات سنة أربع وأربعين ومائتين.

قال ابن السكيت: كتب رجل إلى صديق له: قد عرضت حاجة إليك، فإن نجحت، فالفاني منها حظي، والباقي حظك، وإن تعذرت فالخير مظنون بك، والعذر مقدم لك، والسلام.

قال ثعلب: أجمعوا أنه لم يكن أحد بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت، وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز، فلما حضر، قال له ابن السكيت: بم تحب أن تبدأ? قال: بالانصراف. قال: فأقوم. قال المعتز: فأنا أخف منك، وبادر، فعثر، فسقط، وخجل. فقال يعقوب:

يموت الفتى من عثرة بلسانه

وليس يموت المرء من عثرة الرجل

فعثرته بالقول تذهب رأسه

وعثرته بالرجل تبرا على مهل

قيل: كتاب "إصلاح المنطق" كتاب بلا خطبة، وكتاب "أدب الكاتب" خطبة بلا كتاب.

قال أبو سهل بن زياد: سمعت ثعلبًا يقول: عدي بن زيد العبادي أمير المؤمنين في اللغة. وكان يقول قريبًا من ذلك في ابن السكيت.

قلت: "إصلاح المنطق" كتاب نفيس مشكور في اللغة.

ص: 437

‌1966 - حُميد بن زَنْجَويه

(1)

: " د، س"

الإمام، الحافظ الكبير، أبو أحمد، واسمه: حميد بن مخلد بن قتيبة الأزدي، النسائي، صاحب كتاب "الترغيب والترهيب"، وكتاب "الأموال"، وغير ذلك.

مولده في حدود سنة ثمانين ومائة.

سمع: النضر بن شميل، وجعفر بن عون، ويزيد بن هارون، وسعيد بن عامر الضبعي، ووهب بن جرير، ومحمد بن يوسف الفريابي، وروح بن أسلم، ومؤمل بن إسماعيل، وعبيد الله بن موسى، وعبد الله بن صالح الكاتب، وخلقًا كثيرًا.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، في كتابيهما، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم -ولكن ما وقع له شيء في "صحيحيهما"- وأبو العباس السراج، وابن صاعد، ومحمد بن جرير، ومحمد بن خريم المري، وعبد الله بن عتاب بن الزفتي، ومحمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، وآخرون.

وكان أحد الأئمة المجودين. قال النسائي: ثقة.

وقال أبو حاتم البستي: هو الذي أظهر السنة بنسا.

قال: ومات سنة سبع وأربعين ومائتين.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ما قدم علينا من فتيان خراسان مثل حميد بن زنجويه، وأحمد بن شبويه.

قلت: آخر أصحابه موتًا القاضي أبو عبد الله المحاملي.

وذكره الحاكم، فقال: أبو أحمد كثير الحديث قديم الرحلة إلى الحجاز، ومصر، والشام، والعراقين .... إلى أن قال: روى عنه بالعراق إماما الحديث: إبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل إلى أن قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: حدثنا حميد بن زنجويه النسائي بنيسابور سنة سبع وعشرين ومائتين.

وقال أبو القاسم في "شيوخ النبل": مات سنة إحدى وخمسين ومائتين، ويقال: سنة ثمان وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 977"، وتاريخ بغداد "7/ 160"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 570"، وتهذيب التهذيب "3/ 48"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 124".

ص: 438

قلت: ارتحل في آخر عمره ناشرًا لعلمه إلى أن وصل إلى مصر، ثم خرج منها، فأدركته المنية في سنة إحدى وخمسين. هذا الصحيح في وفاته.

سمعت أبا الحجاج الحافظ يقول لشيخنا؛ أبي الفضل أحمد بن هبة الله في سنة ست وتسعين وستمائة: أخبركم أبو الغنائم المسلم أحمد بن علي المازني سنة ثمان وعشرين وستمائة فأقر به، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ ببعلبك، أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمرو الهروي، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار، حدثنا حميد بن زنجويه النسوي، حدثنا عثمان بن صالح، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: الصيام والقرآن يشفعان لصاحبهما يوم القيامة يقول الصيام: يا رب إني منعته الطعام والشراب والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: يا رب إني منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيشفعان فيه

(1)

. إسناده لين.

(1)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "2/ 174" حدثنا موسى بن داود، حدثنا لهيعة، عن حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن لهيعة، فإنه ضعيف مجمع على ضعفه. وحيي بن عبد الله هو ابن شريح المعافري، صدوق، وأبو عبد الرحمن الحبلي، هو عبد الله بن يزيد المعافري، ثقة.

لكن لابن لهيعة متابعة فقد أخرجه الحاكم "1/ 554" من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلى، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده حسن، حيي بن عبد الله، صدوق كما قال الحافظ عن "التقريب".

ص: 439

‌1967 - أبو هَمَّام

(1)

: " م، د، ت، ق"

الإمام، الحافظ، الصدوق، أبو همام الوليد بن الإمام أبي بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكوني الكوفي ثم البغدادي.

سمع أباه، وإسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله القاضي، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، والوليد بن مسلم، وطبقتهم.

جال في الحديث، وجمع وألف.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 334"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 28"، وتاريخ بغداد "13/ 443" والكاشف "3/ ترجمة 6176"، والمغني "2/ ترجمة 6858"، والعبر "1/ 441"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9374" وتهذيب التهذيب "11/ 135"، وتقريب التهذيب "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104".

ص: 439

حدث عنه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وعباس الدوري، وموسى بن هارون، وعبد الله بن ناجية، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، ويحيى بن صاعد، وخلق كثير.

قال يحيى بن معين: لا بأس به.

وقال أبو كريب: ما أخرج إلي الشيوخ كتابًا إلا وفيه: فرغ أبو همام، فرغ أبو همام.

وقال محمد بن زكريا الغلابي: سمعت يحيى بن معين يقول: عند أبي همام مائة ألف حديث عن الثقات.

وقال النسائي: لا بأس به.

وقال أحمد بن حنبل: اكتبوا عنه.

وقال سريج بن يونس: ما فعل ابن أبي بدر? كانوا يضعفونه.

وقال صالح جزرة: تكلموا في أبي همام.

وقال أبو حاتم: لا يحتج به.

قلت: قد احتج به مسلم، وهو على سعة علمه قل أن تجد له حديثًا منكرًا، وهذه صفة من هو ثقة.

مات في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين ومائتين، في عشر التسعين.

وقع لي من عواليه.

ص: 440

‌1968 - أبو حُذَافة

(1)

: " ق"

الإمام، المحدث، الفقيه، المعمر، أبو حذافة أحمد بن إسماعيل بن محمد بن نبيه السهمي، القرشي، المدني، نزيل بغداد، وبقية المسندين.

حدث عن مالك بن أنس "الموطأ"، فكان خاتمة من روى عن مالك، وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد، ومسلم بن خالد الزنجي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحاتم بن إسماعيل، وطائفة. انفرد بالرواية عنهم، وعاش مائة عام.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 22"، وميزان الاعتدال "1/ 83"، والعبر "2/ 18"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 139".

ص: 440

حدث عنه ابن ماجه، ويحيى بن صاعد، وعبد الوهاب بن أبي عصمة، وإسماعيل بن العباس الوراق، وابن خزيمة -ثم تركه- وأبو عبد الله المحاملي، ومحمد بن مخلد، وآخرون.

قال المحاملي: سمعت أبي يقول: سألت أبا مصعب عن أبي حذافة، فقال: كان يحضر معنا العرض على مالك.

وقال الدارقطني: هو قوي السماع عن مالك.

وقال البرقاني: كان الدارقطني حسن الرأي في أبي حذافة، وأمرني أن أخرج حديثه في "الصحيح".

وقال الخطيب: قرأت بخط الدارقطني: أحمد بن إسماعيل أبو حذافة ضعيف الحديث، كان مغفلا، روى "الموطأ"، عن مالك مستقيمًا، وأدخلت عليه أحاديث عن مالك في غير "الموطأ"، فقبلها، لا يحتج به.

قال الخطيب: لم يكن ممن يتعمد الباطل.

قلت: مما نقموا عليه روايته عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا:"أفطر الحاجم"

(1)

.

وبهذا السند حديث: "قضى باليمين مع الشاهد"

(2)

.

فهذا إسناد مركب، ولم يأت أبو حذافة بمتن باطل.

وقد رماه بالكذب الفضل بن سهل الأعرج.

مات يوم الفطر سنة تسع وخمسين.

وقع لنا من عواليه.

(1)

صحيح: ورد عن جماعة من الصحابة -رضوان الله عليهم- بلغ عددهم كما في "نصب الراية" للحافظ الزيلعي ثمانية عشر صحابيا، أجتزئ بذكر الصحيح عنهم حسب دون ذكر المعلول منها طلبا للاختصار: فقد ورد عن ثوبان: أخرجه الطيالسي "1/ 186"، وأحمد "5/ 277 و 280 و 382 و 383"، وأبو داود "2367"، وابن ماجه "1680"، والدارمي "2/ 14"، وابن خزيمة "1962" و"1963" وابن حبان "899"، والحاكم "1/ 427"، والطحاوي "1/ 349"، والبيهقي "4/ 265" من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، به مرفوعا.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد صرح يحيى بن أبي كثير بالتحديث عند ابن حبان. وأبو أسماء الرحبي، هو عمرو بن مرثد الشامي الدمشقي. وأبو قلابة، هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري. وأخرجه أحمد "5/ 282" من طريق ابن جريج، أخبرني مكحول أن شيخا من الحي أخبره أن ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وأخرجه أحمد "5/ 276 و 282"، من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن ثوبان، به، وورد عن شداد بن أوس عند أحمد "4/ 124"، والدارمي "2/ 14"، والبيهقي "4/ 265"، وورد عن رافع بن خديج: عند أحمد "3/ 465"، وابن خزيمة "1964"، والحاكم "1/ 428"، والبيهقي "4/ 465" وورد عن أنس بن مالك: عند البيهقي "4/ 268".

(2)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته أحمد بن إسماعيل أبو حذافة، لكنه قد روى من حديث ابن عباس: عند مسلم "1712"، وأبي داود "3608" و"3609"، وابن ماجه "2370"، وأحمد "1/ 248 و 315 و 323".

وورد من حديث أبي هريرة: عند أبي داود "3610"، والترمذي "1343"، وابن ماجه "2368".

وورد من حديث جابر: عند الترمذي "1344"، وابن ماجه "2369"، وأحمد "3/ 305".

ص: 441

‌1969 - الحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس

(1)

: " م، د، س"

الإمام، المحدث، الثقة، الجليل، أبو علي النيسابوري.

حدث عن: أبي الأحوص سلام بن سليم، وأبي بكر بن عياش، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن المبارك مولاه، وعبد السلام بن حرب، وسعير بن الخمس، ونوح بن أبي مريم، وأبي معاوية الضرير، وطبقتهم.

روى عنه مسلم، وأبو داود، وبواسطة النسائي، والبخاري، في غير "صحيحه"، وزكريا خياط السنة، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، ويحيي بن صاعد، وأبو العباس السراج، وآخرون.

وقد حدث عنه أحمد بن حنبل مع تقدمه.

كان من كبراء النصارى، فأسلم.

قال الحاكم: سمعت الحسين بن أحمد الماسرجسي، يحكي عن جده، وغيره، قال: كان الحسن والحسين ابنا عيسى يركبان معًا، فيتحير الناس من حسنهما وبزتهما، فاتفقا على أن يسلما، فقصدا حفص بن عبد الرحمن، فقال: أنتما من أجل النصارى، وابن المبارك قادم

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2547"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 124"، وتاريخ بغداد "7/ 351"، واللباب لابن الأثير "3/ 147"، والعبر "1/ 432"، وتهذيب التهذيب "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 94".

ص: 442

ليحج، فإذا أسلمتما على يده كان ذلك أعظم عند المسلمين، وأرفع لكما، فإنه شيخ المشرق، فانصرفا عنه، فمرض الحسين، فمات نصرانيًّا، فلما قدم ابن المبارك أسلم الحسن على يده.

قلت: يبعد أن يأمرهما حفص بتأخير الإسلام، فإنه رجل عالم، فإن صح ذلك، فموت الحسين مريدًا للإسلام منتظرًا قدوم ابن المبارك ليسلم نافع له.

قال الحاكم: حدثنا الحافظ أبو علي النيسابوري، عن شيوخه: أن ابن المبارك نزل مرة برأس سكة عيسى، وكان الحسن بن عيسى يركب، فيجتاز به وهو في المجلس، وكان من أحسن الشباب وجهًا، فسأل ابن المبارك عنه، فقيل: هو نصراني، فقال: اللهم ارزقه الإسلام، فاستجيب له.

قال أبو العباس السراج: حدثنا الحسن بن عيسى مولى عبد الله بن المبارك، وكان عاقلا: عد في مجلسه بباب الطاق اثنا عشر ألف محبرة.

ومات بالثعلبية، منصرفه من مكة سنة تسع وثلاثين ومائتين.

وقال أحمد بن محمد بن بكر: مات سنة أربعين.

قال الحاكم: سمعت ابني المؤمل بن الحسن يقولان: أنفق جدنا في الحجة التي توفي فيها ثلاثمائة ألف.

قال الحاكم: فحججت مع ابني المؤمل، وزرنا بالثعلبية قبر جدهما، فقرأت على لوح قبره:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100].

هذا قبر الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى عبد الله بن المبارك توفي في صفر سنة أربعين.

وقال محمد بن المؤمل بن الحسن: سمعت أبا يحيى البزاز يقول لأبي رجاء القاضي: كنت فيمن حج مع الحسن بن عيسى وقت موته، فاشتغلت بحفظ جملي عن شهوده، فأريته في النوم، فقلت: ما فعل الله بك? قال: غفر لي، ولكل من صلى علي. قلت: فإني فاتني الصلاة عليك لغيبة عديلي. فقال: لا تجزع، وغفر لكل من يترحم علي، رحمه الله.

قلت: وفي ذريته وأقاربه محدثون وفضلاء.

ص: 443

‌1970 - المتوكل على الله

(1)

:

الخليفة، أبو الفضل، جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور، القرشي العباسي البغدادي.

ولد سنة خمس ومائتين.

وبويع عند موت أخيه الواثق في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين:

حكى عن: أبيه، ويحيى بن أكثم.

وكان أسمر جميلا، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، ربعة وأمه اسمها شجاع.

قال خليفة بن خياط: استخلف المتوكل، فأظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة، وبسط السنة، ونصر أهلها. وقد قدم المتوكل دمشق، في صفر سنة (244)، فأعجبته وعزم على المقام بها، ونقل دواوين الملك إليها، وأمر بالبناء بها، وأمر للأتراك بمال رضوا به، وأنشأ قصرًا كبيرًا بداريا مما يلي المزة.

قال علي بن الجهم: كانت للمتوكل جمة إلى شحمة أذنيه مثل أبيه، والمأمون.

وقال الفسوي: رجع من دمشق بعد شهرين إلى سامراء. وقيل: نعتت له دمشق، وأنها توافق مزاجه، وتذهب علله التي تعرض له بالعراق.

قال خليفة: وحج بالناس قبل الخلافة.

وكان قاضي البصرة إبراهيم بن محمد التيمي يقول: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز، في رد المظالم من بني أمية، والمتوكل في محو البدع، وإظهار السنة.

وقال يزيد بن محمد المهلبي: قال لي المتوكل: إن الخلفاء كانت تتصعب على الناس ليطيعوهم، وأنا ألين لهم ليحبوني ويطيعوني.

وحكى الأعْسَم أن علي بن الجهم دخل على المتوكل، وبيده درتان يقلبهما، فأنشده قصيدة له، فدحا إليه بالواحدة فقلبتها، فقال: تستنقص بها? هي والله خير من مائة ألف. فقلت: لا والله، لكني فكرت في أبيات آخذ بها الأخرى. وأنشأت أقول:

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 165"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 134"، والعبر "1/ 449"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 275"، وشذرات الذهب "2/ 114".

ص: 444

بسر من رأى إمام عدل

تغرف من بحره البحار

يرجى ويخشى لكل خطب

كأنه جنة ونار

الملك فيه وفي بنيه

ما اختلف الليل والنهار

لم تأت منه اليمين شيئا

إلا أتت مثلها اليسار

فدحا بها إلي، وقال: خذها، لا بارك الله لك فيها.

قال الخطيب: ورويت هذه للبحتري في المتوكل.

وعن مروان بن أبي الجنوب أنه مدح المتوكل بقصيدة، فوصله بمائة وعشرين ألفًا وثياب.

قال علي بن الجهم: كان المتوكل مشغوفًا بقبيحة لا يصبر عنها. فوقفت له وقد كتبت على خدها بالغالية: "جعفر"، فتأملها، ثم أنشأ يقول:

وكاتبة بالمسك في الخد جعفرا

بنفسي محط المسك من حيث أثرا

لئن أودعت سطرًا من المسك خدها

لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا

وفي أول خلافته كانت الزلزلة بدمشق، سقط شرفات الجامع، وانصدع حائط المحراب، وهلك خلق تحت الردم، دامت ثلاث ساعات، وهرب الناس إلى المصلى يستغيثون.

وقال أحمد بن كامل في "تاريخه": ومات تحت الهدم معظم أهلها، كذا قال، وامتدت إلى الجزيرة، وهلك بالموصل خمسون ألفًا، وبأنطاكية عشرون ألفًا، وبلي ابن أبي دؤاد بالفالج.

وفي سنة 234: أظهر المتوكل السنة، وزجر عن القول بخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الأمصار، واستقدم المحدثين إلى سامراء، وأجزل صلاتهم، ورووا أحاديث الرؤية والصفات، ونزع الطاعة محمد بن البعيث نائب أذربيجان وأرمينية، فسار لحربه بغا الشرابي، ثم بعد فصول أسر.

وفي سنة 235: ألزم المتوكل النصارى بلبس العَسَلِي.

وفي سنة ست: أحضر القضاة من البلدان ليعقد بولاية العهد لبنيه: المنتصر محمد، ثم للمعتز، ثم للمؤيد إبراهيم. وكانت الوقعة بين المسلمين والروم، ونصر الله.

وفي سنة ست وثلاثين: هدم المتوكل قبر الحسين رضي الله عنه فقال البسامي أبياتًا منها:

ص: 445

أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما

وكان المتوكل فيه نصب وانحراف فهدم هذا المكان وما حوله من الدور، وأمر أن يزرع، ومنع الناس من انتيابه.

قال ابن خلكان: هكذا قاله أرباب التواريخ، وفي سنة سبع قتلت الأمراء عامل أرمينية يوسف، فسار لحربهم بغا الكبير، فالتقوا، وبلغت المقتلة ثلاثين ألفًا. وعفى قبر الشهيد الحسين وما حوله من الدور. فكتب الناس شتم المتوكل على الحيطان، وهجته الشعراء كدعبل وغيره، وبعث المتوكل إلى نائبه بمصر، فحلق لحية قاضي القضاة محمد بن أبي الليث، وضربه، وطوف به على حمار في رمضان، وسجن، وكان ظلومًا جهميًّا ثم ولي القضاء الحارث بن مسكين، فكان يضربه كل حين عشرين سوطًا ليؤدي ما وجب عليه، فإنا لله.

وغضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد، وصادره، وسجن أصحابه، وحمل ستة عشر ألف ألف درهم، وافتقر هو وآله. وولى يحيى بن أكثم القضاء، وأطلق من تبقى في الاعتقال ممن امتنع من القول بخلق القرآن، وأنزلت عظام أحمد بن نصر الشهيد، ودفنها أقاربه، وبنى قصر العروس بسامراء، وأنفق عليه ثلاثون ألف ألف درهم. والتمس المتوكل من أحمد بن حنبل أن يأتيه، فذهب إلى سامراء ولم يجتمع به، استعفى، فأعفاه، ودخل على ولده المعتز، فدعا له.

وفي سنة ثمان وثلاثين، عصى متولي تفليس، فنازلها بغا، وقتل متوليها، وأحرقها، وفعل القبائح، وافتتح عدة حصون.

وأقبلت الروم في ثلاثمائة مركب، فكبسوا دمياط، وسبوا ستمائة امرأة، وأحرقوا، وردوا مسرعين، فحصنها المتوكل.

وفي سنة 239 غزا يحيى بن علي الأرمني بلاد الروم حتى قرب من القسطنطينية، وأحرق ألف قرية، وسبى عشرين ألفًا، وقتل نحو العشرة آلاف، وعزل يحيى بن أكثم من القضاء، وأخذ منه أربعة آلاف جريب، ومائة ألف دينار.

وفي سنة أربعين فيها سمع أهل خلاط صيحة من السماء مات منها جماعة كثيرة.

وفي سنة 241: ماجت النجوم، وتناثرت شبه الجراد أكثر الليل، فكان ذلك آية مزعجة.

وفيها خرج ملك البجاة، وسار المصريون لحربه، فحملوا على البجاة، فنفرت جمالهم، وكانوا يقاتلون، ثم تمزقوا، وقتل خلق، وجاء ملكهم بأمان إلى المتوكل، وهم يعبدون الأصنام.

ص: 446

وفي سنة (242): الزلزلة بقومس، والدامغان، والري، وطبرستان، ونيسابور، وأصبهان، وهلك منها بضعة وأربعون ألفًا، وانهد نصف مدينة الدامغان.

وفي سنة (244): نفى المتوكل طبيبه يختيشوع

(1)

. واتفق عيد النحر وعيد النصارى وعيد الفطير في يوم واحد.

وفي سنة (245): عمت الزلزلة الدنيا، ومات منها خلائق. وبنى المتوكل الماحوزة، وسماها الجعفري، وأنفق عليها بعد معاونة الجيش له ألفي ألف دينار، وتحول إليها، وفيها وقع بناحية بلخ مطر كالدم العبيط.

وكان المتوكل جوادًا ممدحًا لعابًا، وأراد أن يعزل من العهد المنتصر، ويقدم عليه المعتز لحبه أمه قبيحة، فأبى المنتصر، فغضب أبوه، وتهدده، وأغرى به، وانحرفت الأتراك على المتوكل لمصادرته وصيفًا وبغا حتى اغتالوه.

قال المبرد: قال المتوكل لعلي بن محمد بن الرضا: ما يقول ولد أبيك في العباس? قال: ما تقول يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله طاعته على نبيه، وذكر حكاية طويلة، وبكى المتوكل، وقال له: يا أبا الحسن، لينت منا قلوبًا قاسية، أعليك دين? قال: نعم، أربعة آلاف دينار فأمر له بها.

حكى المسعودي أن بغا الصغير دعا بباغر التركي، فكلمه، وقال: قد صح عندي أن المنتصر عامل على قتلي، فاقتله. قال: كيف بقتله والمتوكل باق? إذًا يقيدكم به، قال: فما الرأي? قال: نبدأ به، قال: ويحك وتفعل?! قال: نعم. قال: فادخل على أثري، فإن قتلته، وإلا فاقتلني، وقل: أراد أن يقتل مولاه. فتم التدبير، وقتل المتوكل.

وحدث البحتري قال: اجتمعنا في مجلس المتوكل، فذكر له سيف هندي، فبعث إلى اليمن، فاشتري له بعشرة آلاف، فأعجبه. وقال للفتح: ابغني غلامًا أدفع إليه هذا السيف لا يفارقني به، فأقبل باغر، فقال الفتح بن خاقان: هذا موصوف بالشجاعة والبسالة فأعطاه السيف، وزاد في أرزاقه. فما انتضى السيف إلا ليلة، ضربه به باغر، فلقد رأيت من المتوكل في ليلته عجبًا، رأيته يذم الكبر ويتبرأ منه. ثم سجد وعفر وجهه ونثر التراب على رأسه، وقال: إنما أنا عبد فتطيرت له، ثم جلس، وعمل فيه النبيذ، وغني صوتًا أعجبه، فبكى، فتطيرت من بكائه. فإنا في ذلك إذ بعثت له قبيحة خلعة استعملها دراعة حمراء من خز

(1)

هو: يخيشوع بن جبريل، طبيب نصراني، له تصانيف عديدة، توفى سنة ستين ومائتين.

ص: 447

ومطرف خز، فلبسهما، ثم تحرك في المطرف، فانشق، فلفه، وقال: اذهبوا به ليكون كفني، فقلت: إنا لله، انقضت والله المدة. وسكر المتوكل سكرًا شديدًا. ومضى من الليل إذ أقبل باغر في عشرة متلثمين تبرق أسيافهم، فهجموا علينا، وقصدوا المتوكل، وصعد باغر وآخر إلى السرير، فصاح الفتح: ويلكم مولاكم. وتهارب الغلمان، والجلساء، والندماء، وبقي الفتح، فما رأيت أحدًا أقوى نفسًا منه بقي يمانعهم، فسمعت صيحة المتوكل إذ ضربه باغر بالسيف المذكور على عاتقه، فقده إلى خاصرته، وبعج آخر الفتح بسيفه، فأخرجه من ظهره، وهو صابر لا يزول، ثم طرح نفسه على المتوكل، فماتا فلفا، في بساط ثم دفنا معًا، وكان بغا الصغير استوحش من المتوكل لكلام، وكان المنتصر يتألف الأتراك لا سيما من يبعده أبوه.

قال المسعودي: ونقل في مقتله غير ذلك. قال: وقد أنفق المتوكل، فيما قيل على الجوسق، والجعفري والهاروني أكثر من مائتي ألف ألف درهم. ويقال: إنه كان له أربعة آلاف سرية وطئ الجميع. وقتل وفي بيت المال أربعة آلاف ألف دينار، وسبعة آلاف ألف درهم، ولا يعلم أحد من رءوس الجد، والهزل إلا وقد حظي بدولته، واستغنى، وقد أجاز الحسين بن الضحاك الخليع على أربعة أبيات أربعة آلاف دينار. وفيه يقول يزيد بن محمد المهلبي:

جاءت منيته والعين هاجعة

هلا أتته المنايا والقنا قصد

خليفة لم ينل من ماله أحد

ولم يصغ مثله روح ولا جسد

قال علي بن الجهم: أهدى ابن طاهر إلى المتوكل وصائف عدة، فيها محبوبة، وكانت شاعرة عالمة بصنوف من العلم عوادة، فحلت من المتوكل محلًا يفوت الوصف، فلما قتل ضمت إلى بغا الكبير، فدخلت عليه يومًا للمنادمة، فأمر بهتك الستر، وأمر القيان، فأقبلن يرفلن في الحلي والحلل، وأقبلت هي في ثياب بيض، فجلست منكسرة، فقال: غني. فاعتلت، فأقسم عليها، وأمر بالعود فوضع في حجرها، فغنت ارتجالا:

أي عيش يلذ لي

لا أرى فيه جعفرا

ملك قد رأيته

في نجيع معفرا

كل من كان ذا خبا

ل وسقم فقد برا

غير محبوبة التي

لو ترى الموت يشترى

لاشترته بما حوتـ

ـه يداها لتقبرا

فغضب بغا، وأمر بسحبها، وكان آخر العهد بها.

وبويع المنتصر من الغد بالقصر الجعفري يوم خامس شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، وقيل: لم يصح عنه النصب، وقد بكى من وعظ علي بن محمد العسكري العلوي، وأعطاه أربعة آلاف دينار، فالله أعلم.

للمتوكل من البنين: المنتصر محمد، وموسى، وأمهما حبشية، وأبو عبد الله المعتز، وإسماعيل، وأمهما قبيحة، والمؤيد إبراهيم، وأحمد وهو المعتمد، وأبو الحميد، وأبو بكر، وآخرون.

وقد ماتت أمه شجاع قبله بسنة، وخلفت أموالا لا تحصر، من ذلك خمسة آلاف ألف دينار من العين وحده.

ص: 448

‌1971 - المنتصر بالله

(1)

:

الخليفة، أبو جعفر، وأبو عبد الله محمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد الهاشمي، العباسي. وأمه أم ولد رومية، اسمها حبشية.

وكان أعين أسمر أقنى، مليح الوجه، مضبرًا ربعة، كبير البطن، مليحًا مهيبًا.

ولما قتل أبوه دخل إليه قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، فقالوا له: بايع. قال: وأين أمير المؤمنين؟ -يعني: المتوكل- قال: قتله الفتح بن خاقان. قال: وأين الفتح? قال: قتله بغا. قال: فأنت ولي الدم، وصاحب الثأر. فبايعه وبايعه الوزير والكبار، ثم صالح المنتصر إخوته عن ميراثهم على أربعة عشر ألف ألف درهم، ونفى عمه عليًّا إلى بغداد، ورسم عليه.

وكان المنتصر وافر العقل، راغبًا في الخير، قليل الظلم، بارًّا بالعلويين.

قيل إنه كان يقول: يا بغا أين أبي? من قتل أبي?! ويسب الأتراك، ويقول: هؤلاء قتلة الخلفاء، فقال بغا الصغير للذين قتلوا المتوكل: ما لكم عند هذا رزق. فعملوا عليه، وهموا، فعجزوا عنه؛ لأنه كان شجاعًا مهيبًا يقظًا متحرزًا لا كأبيه، فتحيلوا إلى أن دسوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار عند مرضه، فأشار بفصده، ثم فصده بريشة مسمومة، فمات منها.

ويقال: إن طيفور نسي ومرض، وافتصد بتلك الريشة، فهلك. وقال بعض الناس: بل

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 119"، والعبر "1/ 452"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 289"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 327"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 118".

ص: 449

حصل للمنتصر مرض في أنثييه، فمات منه في ثلاث ليال. ويقال: مات بالخوانيق. ويقال: سم في كمثراة بإبرة.

وورد عنه أنه قال في مرضه: ذهبت يا أماه مني الدنيا والآخرة، عاجلت أبي فعوجلت.

وكان يتهم بأنه واطأ على قتل أبيه، فما أمهل ووزر له أحمد بن الخصيب؛ أحد الظلمة.

وذكر المسعودي أنه أزال عن الطالبيين ما كانوا فيه من الخوف والمحنة من منعهم من زيارة تربة الحسين الشهيد، ورد فدك إلى آل علي، وفي ذلك يقول البحتري:

وإن عليًّا لأولى بكم

وأزكى يدًا عندكم من عمر

وكل له فضله والحجو

ل يوم التراهن دون الغرر

وقال يريد المهلبي:

ولقد بررت الطالبية بعدما

دفوا زمانًا بعدها وزمانا

ورددت ألفة هاشم فرأيتهم

بعد العداوة بينهم إخوانا

ثم إن المنتصر تمكن، وخلع من العهد إخوته: المعتز وإبراهيم.

ومن كلام المنتصر إذ عفا عن أبي العمرد الشاري: لذة العفو أعذب من لذة التشفي، وأقبح فعال المقتدر الانتقام.

قال المسعودي: كان المنتصر أظهر الإنصاف في الرعية، فمالوا إليه مع شدة هيبته.

وقال علي بن يحيى المنجم: ما رأيت مثل المنتصر، ولا أكرم فعالا بغير تبجح، لقد رآني مغمومًا، فسألني، فوريت، فاستحلفني، فذكرت إضاقة في ثمن ضيعة، فوصلني بعشرين ألفًا.

وجلس مرة للهو، فرأى في بعض البسط دائرة فيها فارس عليه تاج، وحوله كتابة فارسية، فطلب من يقرأ، فأحضر رجل، فنظر، فإذا فيها:

فقطب وسكت، وقال: لا معنى له، فألح المنتصر عليه، قال فيها: أنا شيرويه بن كسرى بن هرمز، قتلت أبي، فلم أمتع بالملك سوى ستة أشهر. قال: فتغير وجه المنتصر، وقام.

قال جعفر بن عبد الواحد: قال لي المنتصر: يا جعفر، لقد عوجلت، فما أذني بأذني، ولا أبصر بعيني.

ص: 450

قلت: قل ما وقع في دولته من الحوادث لقصر المدة، وعاش ستًا وعشرين سنة سامحه الله.

ومات في خامس ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، فكانت خلافته ستة أشهر وأيامًا.

وكان قد أبعد، وصيفًا في عسكر إلى ثغر الروم، وكان قد ألح عليه هو، وبغا، وابن الخصيب في خلع إخوته خوفًا من أن يلي المعتز، فيستأصلهم، فاعتقلا، وتمنع أولا المعتز، ثم خاف، وأشهدا على أنفسهما أنهما يعجزان عن الإمامة. فقال المنتصر: أترياني خلعتكما طمعًا في أن أعيش بعدكما حتى يكبر ابني عبد الوهاب، وأعهد إليه?! والله ما طمعت في ذلك، ولكن هؤلاء ألحوا عليَّ، وخفت عليكما من القتل، فقبلا يده، وضمهما إليه.

وللمنتصر من الولد: أحمد، وعلي، وعبد الله، وعمر.

ص: 451

‌1972 - المستعين بالله

(1)

:

الخليفة، أبو العباس أحمد بن المعتصم بالله؛ محمد بن هارون الرشيد ابن المهدي العباسي، أخو الواثق والمتوكل.

ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين.

وبويع في ربيع الآخر، سنة ثمان وأربعين، عند موت أخيه المنتصر.

وكان أحمر الوجه، ربع القامة، خفيف العارضين، مليح الصورة، بوجهه أثر جدري، بمقدم رأسه طول، يلثغ بالسين كالثاء.

وأمه أم ولد.

وكان متلافًا للمال، مبذرًا، فرق الجواهر، وفاخر الثياب، اختلت الخلافة بولايته، واضطربت الأمور.

استوزر أبا موسى أوتامش بإشارة كاتبه شجاع بن القاسم، ثم قتلهما، واستوزر أحمد بن صالح بن شبرزاذ. ولما قتل باغر التركي الذي قتل المتوكل، غضبت له الموالي، وكان المستعين من تحت أوامر وصيف وبغا، وكان جيد الأدب، حسن الفضيلة، واسم أمه مخارق.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 64"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 93"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد لحنبلي "2/ 124".

ص: 451

ولما مات المنتصر، استوزر الأمراء وابن أبي الخصيب، فقال لهم أوتامش: متى وليتم أحدًا من، ولد المتوكل، لا يبقي منا أحدًا، فقالوا: ما لها إلا أحمد بن المفتصد، هو ابن أستاذنا. فقال: محمد بن موسى المنجم سرًا: أتولون رجلا يرى أنه أحق بالإمامة من المتوكل اصطنعوا من يعرف لكم ذاك. فأبوا، وبايعوه، واستقل أيامًا، فبينا هو قد دخل مجلس الخلافة، إذا جماعة من الغوغاء، والشاكرية

(1)

، والجند نحو الألف في السلاح، وصاحوا: المعتز يا منصور. فنشبت الحرب وقتل جماعة، ومضى المستعين إلى القصر الهاروني، فبات به، ونهبت الغوغاء الدار وعدة دور، وحازوا سلاحًا كثيرًا، فزجرهم بغا الصغير عن دار الخلافة، وكثرت القتلى، فبذل المستعين الخزائن، فسكنوا، وبويع له ببغداد، وأميرها محمد بن عبد الله بن طاهر.

ثم غضب المستعين بإشارة أوتامش الوزير على أحمد بن الخصيب، وأخذ أمواله، ونفاه إلى جزيرة أقريطش

(2)

.

ومات طاهر بن عبد الله متولي خراسان، فولى المستعين ابنه محمد بن طاهر موضعه، وولى العراق والحرمين أخاه محمد بن عبد الله.

ومات بغا الكبير، فولى مكانه ولده موسى بن بغا. وسجن المعتز والمؤيد، وضيق عليهما، واشترى أملاكهما كرهًا. وقرر لهما في العام نيفًا وعشرين ألف دينار ليس إلا.

وعقد لأوتامش مع الوزارة الإمرة على مصر وسائر المغرب. ونفى عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى برقة. وأنفق ألفي ألف دينار في الجند، وقتل علي بن يحيى الأرمني، وعمر الأقطع، مجاهدين ببلاد الروم. وكثرت الأتراك ببغداد، وتمكنوا، وعسفوا، وآذوا العامة، فثارت الشاكرية والجند، وأحرقوا الجسر، وانتهبوا الدواوين، وهاج مثلهم بسامراء، فركب بغا وأوتامش ووضعوا السيف، وقتلوا عدة، وتناخت العامة، فقتلوا طائفة من الأتراك، وعظم الخطب، وخرج وصيف، فأمر بإحراق الأسواق، ثم بعد يسير قتل أوتامش، ووزر ابن يزداذ، وعزل، عن القضاء جعفر الهاشمي.

ودخلت سنة خمسين ومائتين، فخرج بطبرستان الحسن بن زيد الحسني، وعظم سلطانه، وحكم على عدة مدائن، وانضم إليه كل مريب، وهزم جيش ابن طاهر مرتين، ووصل إلى همذان، فجهز المستعين له جيشًا.

(1)

الشاكرية: الأجراء والمستخدمون، وهي كلمة فارسية معربة.

(2)

جزيرة أقريطش: اسم جزيرة في البحر الأبيض المتوسط كما قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان".

ص: 452

وفيها: عقد المستعين لابنه عباس على العراق والحجاز.

وفي سنة إحدى وخمسين ومائتين ظهر: بقزوين الحسين بن أحمد الحسيني، فتملكها، وكان هو وأحمد بن عيسى الزيدي قد اتفقا، وقتلا خلقًا بالري، وعاثا فأسر أحدهما، وقتل الآخر.

وخرج بالحجاز إسماعيل بن يوسف الحسني، وتبعه الأعراب، فعاث، وأفسد موسم الحاج. وقتل من الوفد أزيد من ألف، ثم قصمه الله بالطاعون هو وكثير من جنده.

وهاجت الفتنة الكبرى بالعراق، فتنكر الترك للمستعين، فخاف، وتحول إلى بغداد، فنزل بالجانب الغربي على نائبه ابن طاهر، فاتفق الأتراك بسامراء، وبعثوا يعتذرون، ويسألونه الرجوع، فأبى عليهم، فغضبوا، وقصدوا السجن، وأخرجوا المعتز بالله، وبايعوا له، وخلعوا المستعين، وبنوا أمرهم على شبهة، وهي أن المتوكل عقد للمعتز بعد المنتصر، فجهز المعتز أخاه أبا أحمد لمحاربة المستعين، وتهيأ المستعين، وابن طاهر للحصار، وإصلاح السور، وتجرد أهل بغداد للقتل، ونصبت المجانق، ووقع الجد، ودام البلاء أشهرًا، وكثرت القتلى، واشتد القحط، وتمت بينهما عدة وقعات بحيث إنه قتل في نوبة من جند المعتز ألفان إلى أن ضعف أهل بغداد وذلوا وجاعوا وتعثروا، فما أصبرهم على الشر والفتن! وقوي أمر المعتزية، فكاتب ابن طاهر في السر المعتز، وانحل نظام المستعين، وإنما كان قوام أمره بابن طاهر، وكاشفه الناس، فتحول إلى الرصافة ثم سعى الناس في الصلح، وخلع المستعين، فأقام في ذلك إسماعيل القاضي وغيره بشروط وثيقة، فأذعن بخلع نفسه في أول سنة اثنتين وخمسين، وأشهد عليه، فأحدر بعد خلعه تحت الحوطة إلى واسط، فاعتقل بها تسعة أشهر، ثم حول إلى سامراء، فقتل بقادسية سامراء في ثالث شوال من السنة. وقيل: قتل ليومين بقيا من رمضان، وله إحدى وثلاثون سنة وأياما. فيقال: بعث المعتز إليه سعيدًا الحاجب، فلما رآه المستعين تيقن التلف، وبكى، وقال: ذهبت نفسي. فأخذ سعيد يقنعه بالسوط، ثم أضجعه، وقعد على صدره، وذبحه -فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقال الصولي: بعث المعتز أحمد بن طولون إلى واسط لقتل المستعين، فقال: والله لا أقتل أولاد الخلفاء. فبعث سعيدًا الحاجب، فما متع الله المعتز، بل عوجل بالخلع والقتل جزاء وفاقًا.

ص: 453

‌1973 - البزي

(1)

:

مقرئ مكة، ومؤذنها، أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة المخزومي مولاهم الفارسي الأصل.

ولد سنة سبعين ومائة.

وتلا على عكرمة بن سليمان، وأبي الإخريط، وابن زياد، عن تلاوتهم على إسماعيل القسط؛ صاحب ابن كثير.

وسمع من ابن عينية، ومالك بن سعير، ومؤمل بن إسماعيل، والمقرئ، وطائفة.

وعنه: البخاري في "التاريخ"، ومضر الأسدي، والحسن بن الحباب، ويحيى بن صاعد.

وتلا عليه خلق منهم: أبو ربيعة محمد بن إسحاق، وإسحاق الخزاعي، وأحمد بن فرح، وابن الحباب، واللهبيان، وآخرون.

وصحح له الحاكم حديث التكبير

(2)

، وهو منكر.

وقد قال أبو حاتم: ضعيف الحديث لا أحدث عنه.

وقال العقيلي: منكر الحديث، يوصل الأحاديث، قد سقنا ترجمته مطولة في "الطبقات".

ومات سنة خمسين ومائتين، وكان دينًا عالمًا صاحب سنة، رحمه الله.

(1)

ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 155"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 129"، وميزان الاعتدال "1/ 144"، والعبر "1/ 455"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".

(2)

منكر: أخرجه الحاكم "3/ 304" من طريق أبي عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة قال: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت والضحى قال لي: كبر كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وخالفه الذهبي فقال: "قلت: البزي قد تكلم فيه".

وقال الذهبي في "الميزان" بعد أن أورد الحديث في ترجمته "1/ 144": هذا حديث غريب وهو مما أنكر على البزي. وقال العقيلي: هو منكر الحديث.

وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر.

ص: 454

‌1974 - أبو عمير بن النحاس

(1)

: " د، س"

الإمام، الحافظ، العابد، القدوة، أبو عمير عيسى بن محمد بن إسحاق بن النحاس الرملي.

سمع الوليد بن مسلم لما قدم الرملة، وضمرة بن ربيعة، وأيوب بن سويد، وزيد بن أبي الزرقاء، وجماعة.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، ويحيى بن معين -مع تقدمه، وأثنى عليه، وقال: ثقة من أحفظ الناس لحديث ضمرة- وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وجعفر الفريابي، وعمر بن محمد بن بجير، وأبو بكر بن أبي داود، وابن جوصا، وخلق كثير.

قال أبو الحسن بن جوصا: سمعت أبا عمير يقول: قدم علينا الوليد، في سنة أربع وتسعين ومائة، فاستقرض له أبي دنانير، فحج من الرملة، فمات منصرفه من الحج بذي المروة، فمضى أبي إلى دمشق حتى أبيع منزل الوليد، وقضى دينه.

قال أبو زرعة: حدثنا أبو عمير الرملي، وكان ثقة رضى.

وقال أبو حاتم: كان من العباد يطلب العلم، وعلى ظهره خرقة قدر ذراع يختلف إلى الوليد وضمرة.

وقال عمر بن سهل الدينوري: سمعت ابن وهب الدينوري يقول: لقنت أبا عمير بن النحاس أربعين حديثًا من حديثه، فلما بلغت أحدًا وأربعين حديثًا قال: أما تستحيي?! أتحشمني أن أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد أكثر من أربعين شهادة.

قال ابن زبر: توفي في ثامن المحرم سنة ست وخمسين ومائتين.

قرأت على أبي المعالي الأبرقوهي، أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر الحسني سنة عشرين وستمائة، أخبرنا أبو القاسم بن البناء، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو بكر بن زنبور، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا عيسى بن محمد الرملي، حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن قتادة، عن جابر بن زيد:{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59]، قال: الموت من ذلك.

ومات معه في العام: الزبير بن بكار قاضي مكة، والربيع بن سليمان الجيزي، وعلي بن المنذر الطريقي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن عثمان بن كرامة، والمهتدي بالله محمد بن الواثق، وعبد الله بن محمد المخرمي الزهري، وعبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي، ومحمد بن عبد الله بن المقرئ.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1591"، وتهذيب التهذيب "8/ 228".

ص: 455

‌1975 - الحارث بن مسكين

(1)

: " د، س"

ابن محمد بن يوسف، الإمام، العلامة، الفقيه، المحدث، الثبت، قاضي القضاة بمصر، أبو عمرو مولى زبان بن الأمير عبد العزيز بن مروان الأموي، المصري.

مولده في سنة أربع وخمسين ومائة، وإنما طلب العلم على كبر.

سأل الليث عن مسألة واحدة، وفاته ابن لهيعة ومالك والكبار.

وحمل عن سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وابن القاسم، وتفقه بهما، وعن يوسف بن عمرو الفارسي، وبشر بن عمر الزهراني، وأشهب، وغيرهم.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وولده؛ أحمد بن الحارث، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، وعلي بن قديد، ومحمد بن زبان بن حبيب، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن يونس السمناني، وآخرون.

سئل عنه أحمد بن حنبل، فأثنى عليه، وقال فيه قولا جميلا.

وقال يحيى بن معين: لا بأس به.

ونقل علي بن الحسين بن حبان، عن أبيه قال: قال أبو زكريا -يعني: ابن معين: الحارث بن مسكين خير من أصبغ وأفضل.

وقال النسائي: ثقة مأمون.

وقال أبو بكر الخطيب: كان فقيهًا ثقة ثبتًا حمله المأمون إلى بغداد في المحنة، وسجنه، فلم يجب، فما زال محبوسًا ببغداد إلى أن استخلف المتوكل، فأطلقه، فحدث

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 419"، وتاريخ بغداد "8/ 216"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 151"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 530"، والعبر "1/ 455"، وتهذيب التهذيب "2/ 156" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 289"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 121".

ص: 456

ببغداد، ورجع إلى مصر متوليًا قضاء مصر، ثم استعفى من القضاء، في سنة خمس وأربعين، ومائتين، فأعفي.

ومات في شهر ربيع الأول، سنة خمسين ومائتين، وله ست وتسعون سنة.

قلت: وكان -مع تقدمه في العلم والزهد والتأله- قوالا بالحق، من قضاة العدل، رحمه الله تعالى.

قال بحر بن نصر الخولاني: عرفنا الحارث بن مسكين أيام ابن وهب على طريقة زهادة وورع وصدق حتى مات.

وقال يوسف بن يزيد القراطيسي: قدم المأمون مصر، وبها من يتظلم من عامليه: إبراهيم بن تميم، وأحمد بن أسباط، فجلس الفضل بن مروان الوزير في الجامع، واجتمع الأعيان، وأحضر الحارث بن مسكين ليولى القضاء، فبينا الفضل يكلمه، إذ قال له متظلم: سله -أصلحك الله- عن ابن تميم وابن أسباط. فقال: ليس لذا حضر. قال: أصلحك الله، سله. قال: ما تقول فيهما? فقال: ظالمين غاشمين. قال: فاضطرب المسجد، فقام الفضل، فأعلم المأمون، وقال: خفت على نفسي من ثورة الناس مع الحارث. فطلب الحارث، وقال: ما تقول في هذين? قال: ظالمين غاشمين. قال: هل ظلماك بشيء? قال: لا. قال: فعاملتهما? قال: لا. قال: فكيف تشهد عليهما? قال: كما شهدت أنك أمير المؤمنين، ولم أرك إلا الساعة. قال: اخرج من هذه البلاد، وبع قليلك وكثيرك. وحبسه في خيمة، ثم انحدر إلى البشرود

(1)

، وأخذه معه، فلما فتح البشرود، طلب الحارث، وسأله عن المسألة التي سأله عنها بمصر، فرد الجواب بعينه. قال: فما تقول في خروجنا? قال: أخبرني ابن القاسم، عن مالك أن الرشيد كتب إليه يسأله عن قتالهم، فقال: إن كانوا خرجوا عن ظلم من السلطان، فلا يحل قتالهم، وإن كانوا إنما شقوا العصا، فقتالهم حلال، فقال: أنت تيس، ومالك أتيس منك ارحل عن مصر قال: يا أمير المؤمنين إلى الثغور? قال: بل بمدينة السلام.

وروى داود بن أبي صالح الحراني، عن أبيه، قال: لما أحضر الحارث مجلس المأمون، جعل المأمون يقول: يا ساعي. يرددها -يعني: يا مرافع- قال: والله ما أنا بساع، ولكني أحضرت، فسمعت، وأطعت، ثم سئلت، عن أمر، فاستعفيت ثلاثًا، فلم أعف، فكان الحق آثر عندي من غيره. فقال المأمون: هذا رجل أراد أن يرفع له علم ببلده، خذه إليك.

(1)

البشرود: كورة من كور بطن الريف بمصر. قاله ياقوت في "معجم البلدان".

ص: 457

قال أحمد المؤدب: خرج المأمون، وأخرج الحارث في سنة سبع عشرة ومائتين وخرجت زوجة الحارث، فحجت، وذهبت إلى العراق.

قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال لي ابن أبي دؤاد: يا أبا عبد الله، لقد قام حارثكم لله مقام الأنبياء. وكان ابن أبي دؤاد إذا ذكره عظمه جدًّا.

قال أبو يزيد القراطيسي: فأقام الحارث ببغداد ست عشرة سنة، وأطلقه الواثق في آخر أيامه، فرجع إلى مصر، وقال ابن قديد: أتاه -يعني: الحارث- في سنة سبع وثلاثين كتاب توليه القضاء وهو بالإسكندرية، فامتنع، فلم يزل به إخوانه حتى قبل، فقدم مصر، فجلس للحكم، وأخرج أصحاب أبي حنيفة والشافعي من المسجد، وأمر بنزع حصرهم من العمد، وقطع عامة المؤذنين من الأذان، وأصلح سقف المسجد، وبنى السقاية، ولاعن بين رجل وامرأته، ومنع من النداء على الجنائز، وضرب الحد في سب عائشة أم المؤمنين، وقتل ساحرين.

عن الحسن بن عبد العزيز الجروي: أن رجلا كان مسرفًا على نفسه، فمات، فرئي في النوم، فقال: إن الله غفر لي بحضور الحارث بن مسكين جنازتي، وإنه استشفع لي، فشفع في.

توفي الحارث لثلاث بقين من ربيع الأول سنة خمسين ومائتين.

قرأت على ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا تميم، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا ابن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، حدثنا الحارث بن مسكين، حدثنا ابن وهب، أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"قال موسى: أنت آدم الذي نفخ الله فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك الأسماء كلها? قال: نعم. قال: فما حملك على أن أخرجتنا، ونفسك من الجنة? فقال: من أنت? قال: أنا موسى. قال: أنت موسى بني إسرائيل، الذي كلمك الله من وراء حجاب، فلم يجعل بينك وبينه رسولا? قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قد سبق من الله القضاء قبلي". قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "فحج آدم موسى"

(1)

.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه أبو داود "4702" من طريق أحمد بن صالح، عن ابن وهب، به.

قلت: إسناده حسن، هشام بن سعد صدوق كما قال الحافظ في "التقريب" لكن للحديث شاهد عن أبي هريرة: عند البخاري "6614"، ومسلم "2652"، وأبي داود "4701".

ص: 458

‌1976 - البُوَيْطِيّ

(1)

:

الإمام، العلامة، سيد الفقهاء، يوسف أبو يعقوب بن يحيى المصري، البويطي، صاحب الإمام الشافعي لازمه مدة، وتخرج به، وفاق الأقران.

وحدث عن: ابن وهب، والشافعي، وغيرهما.

روى عنه: الربيع المرادي، وإبراهيم الحربي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبو محمد الدارمي، وأبو حاتم، وقال: هو صدوق، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، والقاسم بن هاشم السمسار، وآخرون.

وكان إمامًا في العلم، قدوة في العمل، زاهدًا ربانيًّا متهجدًا، دائم الذكر والعكوف على الفقه.

بلغنا أن الشافعي قال: ليس في أصحابي أحد أعلم من البويطي.

وقال الربيع بن سليمان: كان البويطي أبدًا يحرك شفتيه بذكر الله، وما أبصرت أحدًا أنزع بحجة من كتاب الله من البويطي، ولقد رأيته على بغل في عنقه غل، وفي رجليه قيد، وبينه وبين الغل سلسلة فيها لبنة، وزنها أربعون رطلًا، وهو يقول: إنما خلق الله الخلق بـ"كن"، فإذا كانت مخلوقة، فكأن مخلوقًا خلق بمخلوق، ولئن أدخلت عليه لأصدقنه -يعني: الواثق- ولأموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم.

قال ابن خزيمة: كان محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أعلم من رأيت بمذهب مالك، فوقع بينه وبين البويطي عند موت الشافعي، فحدثني أبو جعفر السكري، قال: تنازع ابن عبد الحكم والبويطي مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال الآخر كذلك، فجاء الحميدي، وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف، ليس أحد من أصحابي أعلم منه. فقال ابن عبد الحكم: كذبت. قال: بل كذبت أنت وأبوك وأمك، وغضب ابن عبد الحكم، فجلس البويطي في مكان الشافعي، وجلس ابن عبد الحكم في الطاق الثالث.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 988"، وتاريخ بغداد "14/ 299"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 835"، والكاشف "3/ ترجمة 6574"، والعبر "1/ 411"، وتهذيب التهذيب "11/ 427" وتقريب التهذيب "2/ 383"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 260"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".

ص: 459

القاضي زكريا بن أحمد البلخي: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي، حدثنا الربيع بن سليمان، قال: كان البويطي حين مرض الشافعي بمصر هو وابن عبد الحكم والمزني، فتنازعوا الحلقة، فبلغ ذلك الشافعي، فقال: الحلقة للبويطي. فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم الشافعي وأصحابه، وكانت أعظم حلقة في المسجد. فكان البويطي يصوم، ويتلو غالبًا في اليوم والليلة ختمة مع صنائع المعروف إلى الناس.

وبه إلى الربيع قال: فسعي بالبويطي، وكان أبو بكر الأصم ممن سعى به -وما هو بابن كيسان الأصم- وكان أصحاب ابن أبي دؤاد، وابن الشافعي ممن سعى به، حتى كتب فيه ابن أبي دؤاد إلى والي مصر، فامتحنه فلم يجب، وكان الوالي حسن الرأي فيه، فقال له: قل فيما بيني وبينك. قال: إنه يقتدي بي مائة ألف، ولا يدرون المعنى. قال: وقد كان أمر أن يحمل إلى بغداد في أربعين رطل حديد.

قال الربيع: وكان المزني ممن سعى به وحرملة.

قال أبو جعفر الترمذي: فحدثني الثقة، عن البويطي أنه قال: برئ الناس من دمي إلا ثلاثة: حرملة والمزني وآخر.

قلت: استفق، ويحك! وسل ربك العافية، فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب، وقع فيه سادة، فرحم الله الجميع.

قال الربيع: كتب إلى أبو يعقوب البويطي: أن اصبر نفسك للغرباء، وحسن خلقك لأهل حلقتك، فإني لم أزل أسمع الشافعي يقول كثيرًا ويتمثل:

أهين لهم نفسي لكي يكرمونها

ولن تكرم النفس التي لا تهينها

مات الإمام البويطي: في قيده، مسجونًا بالعراق في سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

عندي حديث في "مسند أبي محمد الدارمي": حدثنا أبو يعقوب البويطي، حدثنا الشافعي، فذكره.

ص: 460

‌1977 - ابن السرح

(1)

: " م، د، س، ق"

الإمام، الحافظ، الفقيه، أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح الأموي مولاهم، الفقيه، المصري.

حدث عن: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وسعيد الآدم.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والقاسم بن مهدي، وأبو العلاء الكوفي، ومحمد بن زبان بن حبيب، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون.

وقد شرح "موطأ ابن وهب"، وكان من العلماء الجِلَّة.

مات في رابع عشر ذي القعدة سنة خمسين ومائتين، وكان من أبناء الثمانين.

له حديث تفرد به عن ابن وهب، فقال جماعة: حدثنا ابن السرح، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم سيد، والرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها"

(2)

.

هذا حديث صالح الإسناد، غريب.

قرأت على محمد بن عبد السلام الشافعي، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم بن أبي سعيد، وزاهر بن طاهر، قالا: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا عبدان الأهوازي، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب أخبرني جرير بن حازم، عن أيوب، وهشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان آخر الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، فأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا، والرؤيا ثلاثة: فبشرى من الله، ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه، ورؤيا من الشيطان"، والقيد في المنام ثبات في الدين، والغل أكرهه

(3)

.

وفيها مات: مقرئ مكة أبو الحسن البزي، والحارث بن مسكين، وعباد بن يعقوب، ونصر بن علي، وعمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 115"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 519"، والعبر "1/ 455"، وتهذيب التهذيب "1/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".

(2)

صحيح: أخرجه ابن عدي في "الكامل""4/ 204" من طرق عن أبي الطاهر بن السرح، به.

قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو يونس، هو سليم بن جابر الدوسي المصري، مولى أبي هريرة، وهو ثقة. وعمر بن الحارث هو ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، مولى قيس، أبو أمية المصري، ثقة حافظ روى له الجماعة. وأبو الطاهر بن السرح، هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح ثقة. وهو صاحب الترجمة.

(3)

صحيح: أخرجه ابن ماجه "3917" حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري، حدثنا بشر بن بكر، =

ص: 461

‌1978 - سُحْنُون

(1)

:

الإمام، العلامة، فقيه المغرب، أبو سعيد عبد السلام بن حبيب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة بن عبد الله التنوخي، الحمصي الأصل، المغربي، القيرواني، المالكي، قاضي القيروان، وصاحب المدونة، ويلقب: بسحنون، ارتحل وحج.

وسمع من سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، ووكيع بن الجراح، وأشهب، وطائفة.

ولم يتوسع في الحديث كما توسع، في الفروع.

لازم ابن وهب، وابن القاسم، وأشهب حتى صار من نظرائهم.

وساد أهل المغرب، في تحرير المذهب، وانتهت إليه رئاسة العلم، وعلى قوله المعول بتلك الناحية، وتفقه به عدد كثير، وكان قد تفقه أولا بإفريقية على ابن غانم وغيره. وكان ارتحاله في سنة ثمان وثمانين ومائة، وكان موصوفًا بالعقل والديانة التامة والورع، مشهورًا بالجود والبذل، وافر الحرمة، عديم النظير.

أخذ عنه: ولده محمد؛ فقيه القيروان، وأصبغ بن خليل القرطبي، وبقي بن مخلد، وسعيد بن نمر الغافقي الإلبيري الفقيه، وعبد الله بن غافق التونسي، ومحمد بن عبد الله بن عبدوس المغربي، ووهب بن نافع؛ فقيه قرطبة، ويحيى بن القاسم بن هلال الزاهد، ومطرف بن عبد الرحمن المرواني مولاهم، ويحيى بن عمر الكناني الأندلسي، وعيسى بن مسكين، وحمديس، وابن مغيث، وابن الحداد، وعدد كثير من الفقهاء.

فعن أشهب، قال: ما قدم علينا أحد مثل سحنون.

وعن يونس بن عبد الأعلى قال: سحنون سيد أهل المغرب.

= حدثنا الأوزاعي، عن ابن سيرن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قرب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".

وأخرجه البخاري "7017"، ومسلم "2263"، وأبو داود "5019"، والترمذي "2270"، والدارمي "2/ 125"، وأحمد "2/ 269" من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، به.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 382"، والعبر "2/ 102 و 103 و 122".

ص: 462

وروي عن ابن عجلان الأندلسي، قال: ما بورك لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه ما بورك لسحنون في أصحابه، فإنهم كانوا في كل بلد أئمة.

وروي عن سحنون قال: من لم يعمل بعلمه لم ينفعه علمه بل يضره.

وقال سحنون: إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيام متوالية بلا حاجة، فينبغي أن لا تقبل شهادته.

وسئل سحنون: أيسع العالم أن يقول: لا أدري فيما يدري? قال: أما ما فيه كتاب أو سنة ثابتة فلا، وأما ما كان من هذا الرأي، فإنه يسعه ذلك؛ لأنه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ.

قال الحافظ أحمد بن خالد: كان محمد بن وضاح لا يفضل أحدًا ممن لقي على سحنون في الفقه وبدقيق المسائل.

وعن سحنون قال: أكل بالمسكنة، ولا أكل بالعلم. محب الدنيا أعمى، لم ينوره العلم. ما أقبح بالعالم أن يأتي الأمراء، والله ما دخلت على السلطان إلا وإذا خرجت حاسبت نفسي، فوجدت عليها الدرك، وأنتم ترون مخالفتي لهواه، وما ألقاه به من الغلظة، والله ما أخذت ولا لبست لهم ثوبًا.

وعن سحنون قال: كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو تكلم بها لانتفع بها خلق كثير، فيحبسها، ولا يتكلم بها مخافة المباهاة. وكان إذا أعجبه الصمت تكلم، ويقول: أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علمًا.

وعنه قال: أنا أحفظ مسائل فيها ثمانية أقاويل من ثمانية أئمة، فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب? وقيل: إن زيادة الله الأمير بعث يسأل سحنونًا، عن مسألة، فلم يجبه، فقال له محمد بن عبدوس: أخرج من بلد القوم أمس ترجع عن الصلاة خلف قاضيهم، واليوم لا تجيبهم?! قال: أفأجيب من يريد أن يتفكه يريد أن يأخذ قولي وقول غيري، ولو كان شيئًا يقصد به الدين لأجبته.

وعنه: قال: ما وجدت من باع آخرته بدنيا غيره إلا المفتي.

وعن عبد الجبار بن خالد، قال: كنا نسمع من سحنون بقريته، فصلى الصبح، وخرج، وعلى كتفه محراث، وبين يديه زوج بقر، فقال لنا: حم الغلام البارحة، فأنا أحرث اليوم عنه، وأجيئكم. فقلت: أنا أحرث عنك. فقرب إلي غداءه؛ خبز شعير وزيتًا.

ص: 463

وعن إسماعيل بن إبراهيم، قال: دخلت على سحنون، وهو يومئذ قاض، وفي عنقه تسبيح يسبح به.

وعن أبي داود العطار قال: باع سحنون زيتونًا له بثمانمائة، فدفعها إليَّ، ففرقتها عنه صدقة.

وقيل: كان إذا قرئت عليه "مغازي ابن وهب"، تسيل دموعه، وإذا قرئ عليه "الزهد" لابن وهب يبكي.

وعن يحيى بن عون، قال: دخلت مع سحنون على ابن القصار، وهو مريض، فقال: ما هذا القلق? قال له: الموت والقدوم على الله. قال له سحنون: ألست مصدقا بالرسل والبعث والحساب والجنة والنار، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف، وإن جاروا. قال: إي والله. فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت.

وعن سحنون، قال: كبرنا وساءت أخلاقنا، ويعلم الله ما أصيح عليكم إلا لأؤدبكم.

وعن سحنون، قال: ما عميت علي مسألة إلا وجدت فرجها في كتب ابن وهب.

وقيل: إن طالبًا قال: رأيت في النوم كأن سحنونًا يبني الكعبة، قال: فغدوت إليه، فوجدته يقرأ للناس "مناسك الحج" الذي جمعه.

وقيل: إنه سمع من حفص بن غياث، وإسحاق الأزرق، ووكيع، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الله بن طليب المرادي، وبهلول بن راشد، وعلي بن زياد التونسي، وعبد الله بن عمر بن غانم الرعيني، وشعيب بن الليث المصري، ومعن القزاز، وأبي ضمرة الليثي، ويزيد بن هارون، وعدة.

قال أبو العرب عمن حدثه: كان الذين يحضرون مجلس سحنون من العباد أكثر من الطلبة، كانوا يأتون إليه من أقطار الأرض، ولما ولي سحنون القضاء بأخرة عوتب، فقال: ما زلت في القضاء منذ أربعين سنة هل الفتيا إلا القضاء?!

قيل: إن الرواة عن سحنون بلغوا تسعمائة.

وأصل المدونة أسئلة سألها أسد بن الفرات لابن القاسم، فلما ارتحل سحنون بها عرضها على ابن القاسم، فأصلح فيها كثيرًا وأسقط، ثم رتبها سحنون، وبوبها، واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته مع أن فيها أشياء لا ينهض دليلها، بل رأي محض.

ص: 464

وحكوا أن سحنون، في أواخر الأمر علم عليها، وهم بإسقاطها وتهذيب "المدونة"، فأدركته المنية رحمه الله. فكبراء المالكية يعرفون تلك المسائل، ويقررون منها ما قدروا عليه، ويوهنون ما ضعف دليله، فهي لها أسوة بغيرها من دواوين الفقه. وكل أحد فيؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب ذاك القبر صلى الله عليه وسلم تسليمًا- فالعلم بحر بلا ساحل، وهو مفرق في الأمة، موجود لمن التمسه.

وتفسير سحنون بأنه اسم طائر بالمغرب، يوصف بالفطنة والتحرز، وهو بفتح السين وبضمها.

توفي الإمام سحنون في شهر رجب سنة أربعين ومائتين، وله ثمانون سنة، وخلفه ولده محمد.

قرأت في تاريخ القيروان لأبي بكر عبد الله بن محمد المالكي، قال: قال أبو العرب: اجتمعت في سحنون خلال قلما اجتمعت في غيره: الفقه البارع، والورع الصادق، والصرامة في الحق، والزهادة في الدنيا، والتخشن في الملبس والمطعم، والسماحة، كان ربما وصل إخوانه بالثلاثين دينارًا، وكان لا يقبل من أحد شيئًا، ولم يكن يهاب سلطانًا في حق. شديدًا على أهل البدع، انتشرت إمامته، وأجمعوا على فضله، قدم به أبوه مع جند الحمصيين، وهو من تنوخ صليبة.

وعن سحنون، قال: حججت زميل ابن وهب.

وقال عيسى بن مسكين: سحنون راهب هذه الأمة، ولم يكن بين مالك وسحنون أحد أفقه من سحنون.

وعن سحنون، قال: إني حفظت هذه الكتب، حتى صارت في صدري كأم القرآن.

وعنه، قال: إني لأخرج من الدنيا، ولا يسألني الله عن مسألة قلت فيها برأيي، وما أكثر ما لا أعرف.

وعنه: سرعة الجواب بالصواب أشد فتنة من فتنة المال.

ص: 465

‌1979 - أحمد بن عيسى

(1)

: " خ، م، د، س، ق"

ابن حسان، الإمام، المحدث، الصدوق، أبو عبد الله المصري، المعروف: بابن التستري.

سمع ضمام بن إسماعيل، ومفضل بن فضالة، وعبد الله بن وهب، وبشر بن بكر، وأزهر بن سعد السمان، وغيرهم.

حدث عنه: الستة سوى الترمذي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، ويوسف القاضي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وخلق سواهم.

وقال النسائي وغيره: ليس به بأس.

وكان أبو بكر الخطيب يقول: ما رأيت لمن ترك الاحتجاج بحديثه حجة.

وقال أبو زرعة لما نظر في "صحيح مسلم": يروي عن أحمد بن عيسى في "الصحيح"، وما رأيت أهل مصر يشكون أنه، وأشار إلى لسانه.

وقال أبو داود: سألت يحيى بن معين عنه، فحلف إنه كذاب.

وقال أبو حاتم: قيل لي بمصر: إن أحمد بن عيسى اشترى كتب ابن وهب، وكتاب مفضل بن فضالة.

قلت: العمل على الاحتجاج به، فأين ما انفرد به حتى نلينه به?! وقد لحق يغنم بن سالم؛ أحد الهلكى، وسمع منه، وسكن العراق.

توفي بسامراء في صفر سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

وكان أبوه يتجر إلى تستر التي يقال لها اليوم: ششتر، فعرف بالتستري لهذا.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1512"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 109"، وتاريخ بغداد "4/ 272"، وميزان الاعتدال "1/ 125"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 272"، وتهذيب التهذيب "1/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 102".

ص: 466

‌1980 - أحمد بن عيسى

(1)

:

ابن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أبو طاهر العلوي المدني.

يروي عن: أبيه، وابن أبي فديك.

وعنه أبو يونس المديني، ومحمد بن منصور الكوفي، وغيرهما. له ما ينكر.

وقد ذكره ابن أبي حاتم، وأبو أحمد الحاكم، وما ضعفاه.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 111"، وميزان الاعتدال "1/ 126".

ص: 466

‌1981 - أحمد بن عيسى

(1)

:

ابن الشهيد زيد بن علي الحسيني، شيخ بني هاشم وكبيرهم.

قال المدائني: بلغ الرشيد ظهور هذا بعبادان في سنة خمس وثمانين، فدس عليه من خدعه وبايعه ثم أخذه، في سفينة، فهرب أحمد لواسط، واختفى ذكره.

قلت: بقي بالبصرة، في الأزد خاملا إلى أن مات سنة سبع وأربعين ومائتين، وعاش تسعًا وثمانين سنة.

‌1982 - أبو ثور

(2)

: " د، ق"

إبراهيم بن خالد، الإمام، الحافظ، الحجة، المجتهد، مفتي العراق، أبو ثور الكلبي، البغدادي الفقيه، ويكنى أيضًا: أبا عبد الله.

ولد في حدود سنة سبعين ومائة.

وسمع من سفيان بن عيينة، وعبيدة بن حميد، وأبي معاوية الضرير، ووكيع بن الجراح، وابن علية، ويزيد بن هارون، ومعاذ بن معاذ، وروح بن عبادة، وأبي قطن، وأبي عبد الله الشافعي، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود، وابن ماجه.

وقيل: إن مسلمًا روى عنه في مقدمة "صحيحه"، وإنما روى عن إبراهيم بن خالد اليشكري، وهو آخر -إن شاء الله- وروى عنه أيضًا: قاسم بن زكريا المطرز، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إسحاق السراج، ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري، وخلق سواهم، وجمع وصنف.

(1)

ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 271".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 266"، وتاريخ بغداد "6/ 65"، واللباب لابن الأثير "3/ 104"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 2"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 528"، وميزان الاعتدال "1/ 29"، والعبر "1/ 431"، وتهذيب التهذيب "1/ 118"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 301"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 93".

ص: 467

قال أبو بكر الأعين: سألت أحمد بن حنبل عنه، فقال: أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندي، في مسلاخ

(1)

سفيان الثوري.

وقال النسائي: ثقة، مأمون، أحد الفقهاء.

وقال أبو حاتم بن حبان: كان أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلا. صنف الكتب، وفرع على السنن، وذب عنها، رحمه الله تعالى.

ذكره الخطيب، وأثنى عليه، وقال: توفي في صفر، سنة أربعين ومائتين.

قلت: عاش سبعين سنة، أو أكثر.

قرأت على عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن زيد بن الحسن "ح". وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه، وجماعة، قالوا: أخبرنا أبو اليمن، وأبو حفص المعلم "ح". وأخبرنا المقداد بن أبي القاسم إجازة، أخبرنا عبد العزيز بن الأخضر "ح". وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبلي، أخبرنا أبو اليمن الكندي، وعبد العزيز بن منينا قالوا أربعتهم: أخبرنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري، أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، في الرابعة، أخبرنا عبد الله بن إبراهيم بن ماسي، حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي، حدثنا أبو ثور الكلبي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن حميد، عن بكر بن عبد الله، عن أبي رافع، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في طريق من طرق المدينة، وهو جنب، فانسل، فذهب، فاغتسل، ففقده رسول الله، فلما جاء، قال:"أين كنت يا أبا هريرة"؟ قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك. قال:"إن المؤمن لا ينجس"

(2)

.

صحيح، تفرد به حميد الطويل. أخرجه: أصحاب الكتب الستة، من طريق ابن علية، وجماعة عنه.

وقد كان أحمد يكره تدوين المسائل، ويحض على كتابة الأثر، فقال عبد الرحمن بن خاقان: سألت أحمد بن حنبل، عن أبي ثور، فقال: لم يبلغني عنه إلا خير، إلا أنه لا يعجبني الكلام الذي يصيرونه في كتبهم.

وقيل: سئل أحمد عن مسألة، فقال للسائل: سل غيرنا، سل الفقهاء، سل أبا ثور.

وقال بدر بن مجاهد: قال لي سليمان الشاذكوني: اكتب رأي الشافعي، واخرج إلى أبي ثور، ولا يفوتنك بنفسه.

قال الخطيب: كان أبو ثور يتفقه أولا بالرأي، ويذهب إلى قول العراقيين، حتى قدم الشافعي، فاختلف إليه، ورجع، عن الرأي إلى الحديث.

وقال أبو حاتم: يتكلم بالرأي، فيخطئ، ويصيب، ليس محله محل المسمعين، في الحديث.

قلت: بل هو حجة بلا تردد.

مات في صفر سنة أربعين ومائتين.

أما:

(1)

في مسلاخ: أي في هديه وطريقته.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "283"، ومسلم "371"، وأبو داود "231"، والترمذي "121"، والنسائي "1/ 145"، وابن ماجه "534".

ص: 468

‌1983 - إبراهيم بن خالد

(1)

:

المروزي الجرميهني الحافظ، الملقب: بالبطيطي، فصاحب حديث، مات شابًّا سنة خمسين ومائتين.

وهو الذي يقول بندار: حفاظ الدنيا أربعة، كلهم غلماني: إبراهيم بن خالد الجرميهني، وأبو زرعة، والبخاري، وعبد الله الدارمي.

وأما:

‌1984 - إبراهيم بن خالد

(2)

: "مق"

اليشكري، فروى عنه: مسلم في مقدمة "صحيحه".

‌1985 - الجُوعِيُّ

(3)

:

الإمام، القدوة، الولي، المحدث، أبو عبد الملك القاسم بن عثمان العبدي، الدمشقي، شيخ الصوفية، ورفيق أحمد بن أبي الحواري، عرف: بالجوعي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 265"، والأنساب للسمعاني "3/ ترجمة 232". واللباب لابن الأثير "1/ 273".

(2)

ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 119".

(3)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 657"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 453"، والأنساب للسمعاني "3/ 373"، واللباب لابن الأثير "1/ 311"، والعبر "1/ 452".

ص: 469

صحب: أبا سليمان الداراني، وسمع: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وجعفر بن عون العمري، وأبا معاوية الأسود، وجماعة.

حدث عنه: أبو حاتم، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وأحمد بن أنس، وإبراهيم بن دحيم، وأبو بكر بن أبي داود، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال: العقيلي: تفرد الجوعي بحديث عن عبد الله بن نافع، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا:"ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة"

(1)

.

قال ابن أبي داود: رأيت أحمد بن أبي الحواري يقرأ عند القاسم بن عثمان، فيصيح القاسم ويصعق، وكان فاضلا من محدثي دمشق، كان يقدم في الفضل على أحمد بن أبي الحواري.

قال سعيد بن أوس: سمعت قاسمًا الجوعي، وكان صوفيًّا نسب إلى الجوع.

وحكى أبو علي الحصائري، عن أبي الرضا الصياد، قال: كان قاسم الجوعي عابد أهل الشام.

قال محمد بن الفيض: قدم يحيى بن أكثم دمشق مع المأمون، فبعث إلى أحمد بن أبي الحواري، فجاء إليه وجالسه، فخلع يحيى عليه طويلة وملبوسًا، وأعطاه خمسة آلاف درهم، وقال: فرقها يا أبا الحسن حيث ترى. فدخل بها المسجد، وصلى صلوات بالخلعة، فقال قاسم الجوعي: أخذ دراهم اللصوص، ولبس ثيابهم. ثم أتى الجامع، ومر به وهو في التحيات، فلما حذاه لطم القلنسوة، فسلم أحمد، وأعطى القلنسوة ابنه إبراهيم، فذهب بها، فقال له من رآه: ما رأيت ما فعل بك هذا? فقال: رحمه الله.

ومن كلام القاسم: رأس الأعمال الرضى عن الله، والورع عماد الدين، والجوع مخ العبادة، والحصن الحصين الصمت.

وقال قاسم الجوعي: سمعت مسلم بن زياد يقول: مكتوب في التوراة: من سالم سلم، ومن شاتم شتم، ومن طلب الفضل من غير أهله ندم.

وقال: الشهوات نفس الدنيا، فمن ترك الشهوات، فقد ترك الدنيا إذا رأيت الرجل يخاصم، فهو يحب الرئاسة.

قال عمرو بن دحيم: توفي قاسم الجوعي، في رمضان، سنة ثمان وأربعين ومائتين.

قلت: كان زاهد الوقت هذا الجوعي بدمشق، والسري السقطي ببغداد، وأحمد بن حرب بنيسابور، وذو النون بمصر، ومحمد بن أسلم بطوس. وأين مثل هؤلاء السادة? ما يملأ عيني إلا التراب أو من تحت التراب.

(1)

صحيح: ورد من حديث ابن عمر عند الطبراني في "الكبير""13156"، وفي "الأوسط""610" و"633" وأخرج البخاري "1196"، ومسلم "1391" من حديث أبي هريرة، به.

وورد من حديث عبد الله بن زيد المازني: عند البخاري "1195"، ومسلم "1390"، وأحمد "4/ 39".

ص: 470

‌1986 - الكرابيسي

(1)

:

العلامة، فقيه بغداد، أبو علي الحسين بن علي بن يزيد البغدادي، صاحب التصانيف.

سمع إسحاق الأزرق، ومعن بن عيسى، ويزيد بن هارون، ويعقوب بن إبراهيم، وتفقه بالشافعي.

روى عنه: عبيد بن محمد البزاز، ومحمد بن علي فستقة.

وكان من بحور العلم، ذكيًّا، فطنًا، فصيحًا، لسنًا. تصانيفه في الفروع والأصول تدل على تبحره إلا أنه وقع بينه وبين الإمام أحمد، فهجر لذلك، وهو أول من فتق اللفظ، ولما بلغ يحيى بن معين أنه يتكلم في أحمد، قال: ما أحوجه إلى أن يضرب، وشتمه.

قال حسين في القرآن: لفظي به مخلوق، فبلغ قوله أحمد، فأنكره، وقال: هذه بدعة. فأوضح حسين المسألة، وقال: تلفظك بالقرآن -يعني: غير الملفوظ- وقال في أحمد: أي شيء نعمل بهذا الصبي? إن قلنا: مخلوق، قال: بدعة، وإن قلنا: غير مخلوق، قال: بدعة. فغضب لأحمد أصحابه، ونالوا من حسين.

وقال أحمد: إنما بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها، وتركوا الآثار.

قال ابن عدي: سمعت محمد بن عبد الله الصيرفي الشافعي يقول لتلامذته: اعتبروا بالكرابيسي، وبأبي ثور، فالحسين في علمه وحفظه لا يعشره أبو ثور، فتكلم فيه أحمد بن حنبل في باب مسألة اللفظ، فسقط، وأثنى على أبي ثور، فارتفع للزومه للسنة.

مات الكرابيسي: سنة ثمان وأربعين، وقيل: سنة خمس وأربعين ومائتين.

ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي، وحرره في مسألة التلفظ، وأنه مخلوق هو حق، لكن أباه الإمام أحمد، لئلا يتذرع به إلى القول بخلق القرآن، فسد الباب؛ لأنك لا تقدر أن تفرز التلفظ من الملفوظ الذي هو كلام الله إلا في ذهنك.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 64"، والأنساب للسمعاني "10/ 371"، واللباب لابن الأثير "3/ 88" ووفيات الأعيان "2/ ترجمة 181"، وميزان الاعتدال "1/ 544"، والعبر "1/ 450"، وتهذيب التهذيب "2/ 359"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 321"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 117".

ص: 471

‌1987 - الفتح بن خاقان

(1)

:

الأمير الكبير الوزير الأكمل، أبو محمد التركي، شاعر، مترسل، بليغ، مفوه، ذو سؤدد وجود ومحاسن على لعب فيه.

وكان المتوكل لا يكاد يصبر عنه، استوزره، وفوض إليه إمرة الشام، فبعث إليها نوابًا عنه. وله أخبار في الكرم والظرف والأدب. ولما قدم المتوكل إلى دمشق كان الفتح زميله على جمازة

(2)

.

حكى عنه: المبرد، وأحمد بن يزيد المؤدب.

وكان أحد الأذكياء، دخل المعتصم على الأمير خاقان، فمازح ابنه هذا، وهو صبي، فقال: يا فتح، أيما أحسن: داري أو داركم? فقال الفتح: دارنا إذا كنت فيها، فوهبه مائة ألف.

وكان الفتح ذا باع أطول في فنون الأدب.

قتل مع المتوكل سنة سبع وأربعين.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 389"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 174"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 177"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 144".

(2)

جمازة: أي السريعة.

ص: 472

‌1988 - الفضل بن مروان

(1)

:

الوزير الكبير.

حدث عن علي بن عاصم.

روى عنه: المبرد، وسليمان بن وهب الكاتب، وغيرهما.

يكنى أبا العباس، أصله من البردان، وتنقلت به الأحوال إلى وزارة المعتصم، وكان من البلغاء، وكان المعتصم كثير البذل، فربما عطل منه الفضل، فنفاه إلى السن، واستوزر ابن الزيات، ثم إنه سكن بعد سامراء.

وعنه، قال: أنعمت النظر في علمين، فلم أرهما يصحان: السحر والنحو.

وكان الفضل فيه -مع جوره- تيه، وبأو.

توفي خاملا سنة خمسين ومائتين. وأصله نصراني لعله بلغ التسعين. وقد خدم المأمون.

قال ابن النجار: هو الفضل بن مروان بن ماسرجس. كان بديع الخط، منشئًا، لم يزل في ارتقاء، والناس يحسدونه حتى نكب، وأدى أربعين ألف ألف درهم. فكان المعتصم يقول: عصى الله، وأطاعني، فسلطني الله عليه.

قلت: ثم أطلقه، وألزمه بيته، واستوزر أحمد بن عمار.

وقيل: ألقيت رقعة إليه فيها:

تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر

فقبلك كان الفضل والفضل والفضل

ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم

أبادتهم الأقياد والذل والقتل

عنى: الفضل بن يحيى البرمكي، والفضل بن الربيع الحاجب، والفضل بن سهل.

(1)

ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 530"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 332" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 122".

ص: 473

‌1989 - أحمد بن أبي الحواري

(1)

: " د، ق"

واسم أبيه عبد الله بن ميمون الإمام الحافظ القدوة شيخ أهل الشام أبو الحسن الثعلبي الغطفاني، الدمشقي، الزاهد، أحد الأعلام، أصله من الكوفة.

وقد قال: سألني أحمد بن حنبل: متى مولدك? قلت: في سنة أربع وستين ومائة. قال: هي مولدي.

قلت: عني بهذا الشأن أتم عناية.

وسمع من: سفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وأبي معاوية، والوليد بن مسلم،

وعبد الله بن وهب، وأبي الحسن الكسائي، ووكيع، وحفص بن غياث، وشعيب بن حرب، وطبقتهم. ودخل دمشق، فصحب الشيخ أبا سليمان الداراني مدة، وأخذ عن: مروان بن محمد، وأبي مسهر الغساني، وطائفة، ثم أقبل على العبادة والتأله.

حدث عنه: سلمة بن شبيب، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو زرعة الرازي، وأبو داود، وابن ماجه في "سننهما"، وأبو حاتم، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد بن المعافى الصيداوي، وأبو الجهم بن طلاب، ومحمد بن محمد الباغندي، وابنه؛ عبد الله بن أحمد، وعمر بن بحر الأسدي، ومحمد بن خريم، ويوسف بن الحسين الرازي، وإبراهيم بن نائلة الأصبهاني، ومحمد بن علي بن خلف، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق كثير، آخرهم: أحمد بن سليمان بن زبان الكندي؛ أحد الضعفاء.

قال هارون بن سعيد الأيلي: عن يحيى بن معين، وذكر أحمد بن أبي الحواري، فقال: أهل الشام به يمطرون.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يحسن الثناء عليه، ويطنب فيه.

وقال فياض بن زهير: سمعت يحيى بن معين، وذكر أحمد بن أبي الحواري، فقال: أظن أهل الشام يسقيهم الله به الغيث.

قال محمود بن خالد -وذكر أحمد بن أبي الحواري- فقال: ما أظن بقي على، وجه الأرض مثله.

وروي عن الجنيد، قال: أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام.

قال أبو زرعة الدمشقي: حدثني أحمد بن أبي الحواري، قال: قلت لشيخ دخل مسجد النبي -صلى الله عليه، وسلم: دلني على مجلس إبراهيم بن أبي يحيى، فما كلمني، فإذا هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي.

قال أحمد بن عطاء: سمعت عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري يقول: كنا نسمع بكاء أبي بالليل حتى نقول: قد مات، ثم نسمع ضحكة حتى نقول: قد جن.

قال محمد بن عوف الحمصي: رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بأنطرسوس، فلما صلى العتمة، قام يصلي، فاستفتح بـ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ} إلى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فطفت الحائط كله، ثم رجعت، فإذا هو لا يجاوزها، ثم نمت، ومررت في السحر وهو يقرأ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} . فلم يزل يرددها إلى الصبح.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 34"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 457"، والعبر "1/ 446" وتهذيب التهذيب "1/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 110".

ص: 474

قال سعيد بن عبد العزيز: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: من عمل بلا اتباع سنة، فعمله باطل.

وقال: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب، أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه.

قال أبو عبد الرحمن السلمي في "تاريخ الصوفية": سمعت محمد بن جعفر بن مطر سمعت إبراهيم بن يوسف الهسنجاني يقول: رمى أحمد بن أبي الحواري بكتبه في البحر، وقال: نعم الدليل كنت والاشتغال بالدليل بعد الوصول محال.

السلمي: سمعت محمد بن عبد الله الطبري يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، ثم حمل كتبه كلها إلى البحر، فغرقها، وقال: يا علم لم أفعل بك هذا استخفافًا، ولكن لما اهتديت بك، استغنيت عنك.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن عبد الرحيم بن محمد الكاغدي، وأخبرنا إسحاق بن خليل، أخبرنا الكاغدي، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لراهب في دير حرملة، وأشرف من صومعته: ما اسمك? قال: جريج. قلت: ما يحبسك? قال: حبست نفسي عن الشهوات. قلت: أما كان يستقيم لك أن تذهب معنا ههنا، وتجيء، وتمنعها الشهوات? قال: هيهات! هذا الذي تصفه قوة، وأنا في ضعف. قلت: ولم تفعل هذا? قال: نجد في كتبنا أن بدن ابن آدم خلق من الأرض، وروحه خلق من ملكوت السماء، فإذا أجاع بدنه وأعراه وأسهره وأقمأه

(1)

نازع الروح إلى الموضع الذي خرج منه، وإذا أطعمه وأراحه أخلد البدن إلى الموضع الذي منه خلق، فأحب الدنيا. قلت: فإذا فعل هذا يعجل له في الدنيا الثواب? قال: نعم، نور يوازيه. قال: فحدثت بهذا أبا سليمان الداراني، فقال: قاتله الله إنهم يصفون.

قلت: الطريقة المثلى هي المحمدية، وهو الأخذ من الطيبات، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51]. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآتي النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني"

(2)

. فلم يشرع لنا الرهبانية، ولا التمزق ولا

(1)

أقمأه: أي أذله.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5063"، ومسلم "1401"، والنسائي "6/ 60" من حديث أنس بن مالك مرفوعا.

ص: 475

الوصال، بل ولا صوم الدهر، ودين الإسلام يسر، وحنيفية سمحة، فليأكل المسلم من الطيب إذا أمكنه كما قال تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7]، وقد كان النساء أحب شيء إلى نبينا صلى الله عليه وسلم

(1)

، وكذلك اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك، وهو أفضل الخلق، وأحبهم إلى الله -تعالى- ثم العابد العري من العلم، متى زهد وتبتل وجاع، وخلا بنفسه، وترك اللحم، والثمار، واقتصر على الدقة، والكسرة صفت حواسه ولطفت، ولازمته خطرات النفس، وسمع خطابًا يتولد من الجوع، والسهر لا وجود لذلك الخطاب، والله في الخارج، وولج الشيطان في باطنه وخرج، فيعتقد أنه قد، وصل وخوطب وارتقى فيتمكن منه الشيطان، ويوسوس له، فينظر إلى المؤمنين بعين الازدراء، ويتذكر ذنوبهم، وينظر إلى نفسه بعين الكمال، وربما آل به الأمر إلى أن يعتقد أنه ولي، صاحب كرامات وتمكن، وربما حصل له شك، وتزلزل إيمانه، فالخلوة والجوع أبوجاد الترهب، وليس ذلك من شريعتنا في شيء بلى السلوك الكامل هو الورع في القوت، والورع في المنطق، وحفظ اللسان، وملازمة الذكر، وترك مخالطة العامة، والبكاء على الخطيئة، والتلاوة بالترتيل والتدبر، ومقت النفس وذمها في ذات الله، والإكثار من الصوم المشروع، ودوام التهجد، والتواضع للمسلمين، وصلة الرحم والسماحة، وكثرة البشر، والإنفاق مع الخصاصة، وقول الحق المر برفق وتؤدة، والأمر بالعرف، والأخذ بالعفو، والإعراض عن الجاهلين، والرباط بالثغر، وجهاد العدو، وحج البيت، وتناول الطيبات في الأحايين، وكثرة الاستغفار، في السحر، فهذه شمائل الأولياء، وصفات المحمديين أماتنا الله على محبتهم.

وبالإسناد إلى أبي نعيم: حدثنا أبو أحمد الحافظ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة وحب، أخرج الله نور اليقين والزهد من قلبه ثم روى أبو نعيم، عن السلمي الحكايتين في تغريق كتب أحمد في البحر.

(1)

فقد ورد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة". أخرجه أحمد "3/ 128 و 199 و 285"، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة""322" و"323"، وأبو يعلى "3482"، والطبراني في "الأوسط""5199"، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم""ص 98 و 229"، والبيهقي "7/ 78"، والضياء في "المختارة""1737" من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس، به.

قلت: إسناده حسن من أجل سلام أبي المنذر، وهو ابن سليمان المزني القارئ، فإنه صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 476

وبه، حدثنا عبد الله بن محمد إملاء، حدثنا عمر بن بحر سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: بينا أنا في قبة بالمقابر بلا باب إلا كساء أسبلته، فإذا أنا بامرأة تدق على الحائط، فقلت: من هذا? قالت: ضالة، فدلني على الطريق. فقلت: رحمك الله أي الطريق تسلكين، فبكت ثم قالت: على طريق النجاة يا أحمد. قلت: هيهات! إن بيننا وبينها عقابًا، وتلك العقاب لا تقطع إلا بالسير الحثيث، وتصحيح المعاملة، وحذف العلائق الشاغلة، فبكت، ثم قالت: سبحان من أمسك عليك جوارحك فلم تتقطع، وفؤادك فلم يتصدع ثم خرت مغشيًّا عليها، فقلت لبعض النساء: أي شيء حالها? فقمن، ففتشنها، فإذا وصيتها في جيبها: كفنوني في أثوابي هذه، فإن كان لي عند الله خير، فهو أسعد لي، وإن كان غير ذلك، فبعدًا لنفسي قلت: ما هي? فحركوها، فإذا هي ميتة، فقلت: لمن هذه الجارية؟ قالوا: جارية قرشية مصابة، وكان قرينها يمنعها من الطعام، وكانت تشكو إلينا وجعًا بجوفها، فكنا نصفها للأطباء، فتقول: خلوا بيني وبين الطبيب الراهب تعني أحمد بن أبي الحواري أشكو إليه بعض ما أجد من بلائي لعله أن يكون عنده شفائي.

وبه، حدثنا سليمان الطبراني، حدثا أبو زرعة، حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: كنت أسمع وكيعًا يبتدئ قبل أن يحدث، فيقول: ما هنالك إلا عفوه، ولا نعيش إلا في ستره، ولو كشف الغطاء، لكشف عن أمر عظيم.

وبه، حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا إبراهيم بن نائلة، حدثنا أحمد سمعت شعيب بن حرب يقول: لرجل: إن دخلت القبر ومعك الإسلام، فأبشر.

وبه، حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا ابن أبي الحواري قلت لأبي بكر بن عياش: حدثنا. قال: دعونا من الحديث، فقد كبرنا ونسينا، جيئونا بذكر المعاد، وبذكر المقابر لو أني أعرف أهل الحديث، لأتيتهم إلى بيوتهم أحدثهم.

وبه قال أبو نعيم: أسند أحمد بن أبي الحواري عن المشاهير والأعلام ما لا يعد كثرة.

أبو الدحداح الدمشقي: حدثنا الحسين بن حامد: أن كتاب المأمون ورد على إسحاق بن يحيى بن معاذ أمير دمشق أن أحضر المحدثين بدمشق، فامتحنهم. قال: فأحضر هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وابن ذكوان، وابن أبي الحواري، فامتحنهم امتحانًا ليس بالشديد، فأجابوا خلا أحمد بن أبي الحواري، فجعل يرفق به، ويقول: أليس السماوات مخلوقة? أليس الأرض مخلوقة. وأحمد يأبى أن يطيعه، فسجنه في دار الحجارة، ثم أجاب بعد، فأطلقه.

ص: 477

قال أحمد السلمي في "محن الصوفية": أحمد بن أبي الحواري شهد عليه قوم أنه يفضل الأولياء على الأنبياء، وبذلوا الخطوط عليه، فهرب من دمشق إلى مكة، وجاور حتى كتب إليه السلطان يسأله أن يرجع، فرجع.

قلت: إن صحت الحكاية، فهذا من كذبهم على أحمد، هو كان أعلم بالله من أن يقول ذلك.

ونقل السلمي حكاية منكرة، عن محمد بن عبد الله، ونقلها ابن باكويه، عن أبي بكر الغازي، سمعا أبا بكر الشباك، سمعت يوسف بن الحسين يقول: كان بين أبي سليمان الداراني، وأحمد بن أبي الحواري عقد لا يخالفه في أمر، فجاءه يومًا وهو يتكلم في مجلسه، فقال أحمد: إن التنور قد سجر، فما تأمر? فلم يجبه، فأعاد مرتين أو ثلاثًا، فقال: اذهب، فاقعد فيه -كأنه ضاق به- وتغافل أبو سليمان ساعة، ثم ذكر، فقال: اطلبوا أحمد، فإنه في التنور؛ لأنه على عقد أن لا يخالفني، فنظروا فإذا هو في التنور لم يحترق منه شعرة

(1)

.

توفي أحمد سنة ست وأربعين ومائتين.

أنبأنا أحمد بن سلامة، عن عبد الرحيم بن محمد الكاغدي، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن عاصم بن عمر قال: قال عمر رضي الله عنه: "من يحرص على الإمارة لم يعدل فيها".

توفي مع ابن أبي الحواري أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو عمر الدوري المقرئ، ومحمد بن سليمان لوين، والمسيب بن واضح، ومحمد بن مصفى، والحسين بن الحسن المروزي، وحامد بن يحيى البلخي، رحمهم الله.

(1)

هذا خبر غير صحيح، ففي الصحيح المرفوع:"إنما الطاعة في المعروف"، فكيف يأمر عالم عالما آخر بالجلوس في التنور؟! سبحانك هذا بهتان وإثم عظيم لا يصدقه أصغر طالب علم، فكيف يروج ذلك على الكبار؟!

ص: 478

‌1990 - محمد بن مُصَفَّى

(1)

: " د، س، ق"

ابن بهلول الحافظ الإمام عالم أهل حمص أبو عبد الله القرشي الحمصي، العبد الصالح.

حدث عن سفيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، والوليد بن مسلم، وابن أبي فديك، ومحمد بن حمير، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحسن بن أحمد بن فيل، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وعبدان الأهوازي، ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن تمام البهراني، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الغافر بن سلامة، وبقي بن مخلد، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال محمد بن عبيد الكلاعي: عادلته إلى مكة سنة ست وأربعين ومائتين، فاعتل بالجحفة، ومات بمكة بمنى. وكان دخل مكة وهو لما به، فدخل عليه أصحاب الحديث وهو في النزع، فقرءوا عليه، فما عقل.

قال محمد بن عوف الطائي: رأيت محمد بن مصفى في النوم، فقلت: يا أبا عبد الله أليس قد مت? إلى ما صرت? قال: إلى خير، ومع ذلك فنحن نرى ربنا كل يوم مرتين، فقلت: يا أبا عبد الله صاحب سنة في الدنيا، وصاحب سنة في الآخرة?! فتبسم إلي.

قلت: قد روى ابن ماجه أيضًا، عن مرار بن حمويه، عنه.

وقال صالح جزرة: له مناكير، وأرجو أن يكون صادقًا.

قلت: مات في ذي الحجة، سنة ست وأربعين ومائتين.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد، أخبرنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا محمد بن المبارك، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني ثور بن يزيد، عن حبيب بن عبيد، عن عتبة بن عبد، قال: كنت جالسًا، فجاء أعرابي، فقال: يا رسول الله!

أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكًا منها -يعني: الطلح- فقال: "إن الله يجعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصية التيس الملبود -يعني: الخصي- فيها سبعون لونًا من الطعام لا يشبه لون آخر"

(2)

. حديث حسن، غريب.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 782"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1710"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 446"، والأنساب للسمعاني "4/ 221"، والكاشف "3/ ترجمة 5243"، والعبر "1/ 447"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8181"، وتهذيب التهذيب "9/ 460"، وتقريب التهذيب "2/ 208"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6660".

(2)

صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير""17/ 318"، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية""6/ 103" عن محمد بن المبارك الصوري، حدثنا يحيى بن حمزة، به.

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.

ص: 479

‌1991 - العَدَنِي

(1)

: " م، ت، ق، س"

الإمام المحدث الحافظ شيخ الحرم، أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني.

حدث عن: فُضَيل بن عِياض، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز بن محمد، ومعتمر بن سلميان، وسعيد بن سالم، ووكيع بن الجراح، ومروان بن معاوية، وخلق كثير، وصنف "المسند".

حدث عنه: مسلم، والترمذي، وابن ماجه، وبواسطة النسائي، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، والحكم بن معبد، وعبد الله بن صالح البخاري، ومحمد بن إسحاق السراج، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، والمفضل بن محمد الجندي، وخلق سواهم.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: كان رجلا صالحًا، وكانت به غفلة. رأيت عنده حديثًا موضوعًا، حدث به عن ابن عيينة، وكان صدوقًا.

وروي عن الحسن بن أحمد بن الليث، حدثنا ابن أبي عمر العدني، وكان قد حج سبعًا وسبعين حجة. وبلغني أنه لم يقعد من الطواف ستين سنة، رحمه الله.

قال البخاري: مات بمكة، لإحدى عشرة بقيت من ذي الحجة، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

قلت: كان من أبناء التسعين، رحمه الله تعالى.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى بن معاذ النسوي، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر،

حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأى أحدكم من هو فوقه في المال والجسم فلينظر إلى من هو دونه في المال والجسم"

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 847"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 560"، والأنساب للسمعاني "8/ 408"، والكاشف "3/ ترجمة 5302"، والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب "9/ 518"، وتقريب التهذيب "2/ 218"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6746"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104".

(2)

صحيح: ورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه". أخرجه البخاري "6490"، ومسلم "2963" من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.

وورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله". أخرجه أحمد "2/ 254 و 482"، ومسلم "2963""9" واللفظ له، والترمذي "2513" وابن ماجه "4142" من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.

ص: 480

‌1992 - رجاء بن مُرَجَّى

(1)

: " د، ق"

ابن رافع، وقيل: رجاء بن مُرَجَّي بن رجاء بن رافع، الإمام، الحافظ، الناقد، المصنف، أبو محمد المروزي، ويقال: السمرقندي. وقيل: كنيته أبو أحمد، فلعله يكنى بهما.

مولده بعد الثمانين ومائة.

سمع النضر بن شميل، ويزيد بن أبي حكيم، وقبيصة، وأبا نعيم، وعلي بن الحسين بن واقد، وسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء الغداني، وأبا اليمان، وخلقا كثيرًا بخراسان والحجاز والعراق والشام.

حدث عنه: أبو داود، وابن ماجه، وأحمد بن محمد بن أبي شيبة البزاز، وعمر بن بجير، وأبو العباس السراج، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن الفضل السقطي، ومطين، وآخرون. وآخر من حدث عنه: أبو عبد الله المحاملي.

قال الدارقطني: ثقة، حافظ، سمرقندي.

وقال النسائي: هو مروزي.

وقال الخطيب: سكن بغداد، وكان ثقة، ثبتًا، إمامًا في علم الحديث، وحفظه والمعرفة به.

وذكر عمر بن حفص الأشقر، قال: قدم علينا رجاء بن مُرجى بخارى، يريد الشاش، فسمعنا منه، ودخل على محمد بن إسماعيل البخاري، فتذاكرا.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2277"، وتاريخ بغداد "8/ 410"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 562"، والعبر "1/ 454"، وتهذيب التهذيب "3/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".

ص: 481

قال النسائي: حدثنا عبد الله بن أحمد -يعني: الخفاف- عن محمد بن إسماعيل قال: فيها مات رجاء -يعني: سنة تسع وأربعين ومائتين- وفيها أرخه أبو العباس السراج، وزاد أنه مات ببغداد، وقال البخاري أيضًا: مات ببغداد في غرة جمادى الأولى سنة تسع.

أخبرنا سنقر الحلبي، أخبرنا عبد اللطيف، أخبرنا عبد الحق، أخبرنا علي بن العلاف، حدثنا أبو الحسن بن الحمامي، حدثنا ابن قانع، حدثنا محمد بن الفضل بن جابر، حدثنا رجاء بن مرجى، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الله بن سرجس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يومًا وعليه نمرة، فقال لرجل:"هات نمرتك وخذ نمرتي". قال: يا رسول الله، هي خير من نمرتي. قال:"أجل ولكن عليها خيط أحمر فخشيت أن تفتنني في صلاتي"

(1)

.

قلت: أي تشغلني عن كمال المراقبة، والأنبياء مطالبون بما يسمح فيه لغيرهم، فلذلك قايض بنمرته.

(1)

ضعيف: أخرجه البغوي في "شرح السنة"، وفيه سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك الأموي، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 482

‌1993 - البِيكَنْدِي

(1)

: " خ"

الإمام الحافظ الحجة، محدث ما وراء النهر

(2)

، أبو زكريا يحيى بن جعفر بن أعين البخاري، البيكندي

(3)

.

ارتحل، وسمع من سفيان بن عيينة، ووكيع، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وطبقتهم.

حدث عنه: البخاري، ومحمد بن أبي حاتم الوراق، وعبيد الله بن واصل، وجماعة.

توفي في شوال سنة ثلاث وأربعين ومائتين، رحمه الله.

لم يقع لي من عوالي هذا المحدث شيء إنما وقع لنا حديثه في "الجامع المختصر".

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 404"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 501"، والكاشف "3/ ترجمة 6250"، وتهذيب التهذيب "11/ 193"، وتقريب التهذيب "2/ 344".

(2)

ما وراء النهر: يراد به نهر جيحون "أموداريا" بخراسان. فما كان شرقيه سمَّاه المسلمون ما وراء النهر، وما كان غريبه فهو خراسان وولاية خوارزم. قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان".

(3)

نسبة إلى بيكند، بكسر الباء، وفتح الكاف، وسكون النون، بلدة بين بخارى وجيحون كما في "معجم البلدان".

ص: 482

‌1994 - البَحْراني

(1)

: " ق"

القاضي الإمام المحدث المتقن، أبو الفضل العباس بن يزيد بن أبي حبيب البحراني البصري، أحد الثقات.

حدث عن: يزيد بن زُرَيع، وسفيان بن عيينة، وسفيان بن حبيب، ومعتمر بن سليمان، وزياد البكائي، وابن إدريس، ومحمد بن جعفر غندر، ومروان بن معاوية، وعبد الوهاب الثقفي، وخلق.

وعنه: ابن ماجه، وابن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الوراق، وآخرون.

قال صالح بن أحمد الهمذاني: قدم البحراني همذان، وحدث بها بمصنفاته.

وقال ابن أورمة: محله الصدق.

وقال الدارقطني: ثقة مأمون.

وقال أبو نعيم الحافظ: كان يلقب عباسويه، وكان حافظًا.

قلت: ولي قضاء همذان مدة، وحدث بأصبهان أيضًا.

قال ابن مخلد: توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين، ويقال: فيه لين لا يضر، وتكلم مرار بن حمويه في سماعه من يزيد بن زريع، والرجل مأمون.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1193"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 518"، وميزان الاعتدال "2/ 387"، وتهذيب التهذيب "5/ 134"، وتقريب التهذيب "1/ 400"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".

ص: 483

‌1995 - ابن حبيب

(1)

:

الإمام العلامة، فقيه الأندلس أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة ابن الصحابي عباس بن مرداس السلمي العباسي الأندلسي القرطبي المالكي أحد الأعلام.

ولد في حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة.

وأخذ عن: الغاز بن قيس، وزياد شبطون، وصعصعة بن سلام. ثم ارتحل في حدود سنة عشر ومائتين، وحج. وحمل عن عبد الملك بن الماجشون، ومطرف بن عبد الله اليساري، وأسد بن موسى السنة، وأصبغ بن الفرج، وأبي صالح، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وعدة من أصحاب مالك والليث، ورجع إلى قرطبة بعلم جم، وفقه كثير.

وكان موصوفًا بالحذق في الفقه، كبير الشأن، بعيد الصيت، كثير التصانيف إلا أنه في باب الرواية ليس بمتقن بل يحمل الحديث تهورًا كيف اتفق، وينقله وجادة وإجازة، ولا يتعانى تحرير أصحاب الحديث.

صنف كتاب "الواضحة" في عدة مجلدات، وكتاب "الجامع"، وكتاب "فضائل الصحابة"، وكتاب "غريب الحديث"، وكتاب "تفسير الموطأ"، وكتابًا في "حروب الإسلام"، وكتاب"فضل المسجدين"، وكتاب "سيرة الإمام فيمن ألحد"، وكتاب "طبقات الفقهاء"، وكتاب "مصابيح الهدى".

قال أبو الوليد بن الفرضي: كان فقيهًا، نحويًّا، شاعرًا، عروضيًّا، أخباريًا، نسابة، طويل اللسان، متصرفًا في فنون العلم. حدث عنه: بقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، ويوسف بن يحيى المغامي، ومطرف بن قيس، وخلق، وآخر أصحابه موتًا: المغامي.

سكن إلبيرة من الأندلس مدة، ثم استقدمه الأمير عبد الرحمن بن الحكم، فرتبه في الفتوى بقرطبة، وقرر معه يحيى بن يحيى في النظر والمشاورة، فتوفي يحيى بن يحيى، وانفرد ابن حبيب برئاسة العلم.

وكان حافظًا للفقه نبيلا إلا أنه لم يكن له علم بالحديث، ولا يعرف صحيحه من سقيمه، ذكر عنه أنه كان يتسهل في سماعه، ويحمل على سبيل الإجازة أكثر روايته.

وعن محمد بن وضاح: أن إبراهيم بن المنذر الحزامي قال له: أتاني صاحبكم عبد الملك بن حبيب بغرارة مملوءة كتبًا، فقال: لي هذا علمك تجيزه لي? فقلت له: نعم ما قرأ علي منه حرفًا، ولا قرأته عليه.

وكان محمد بن عمر بن لبابة يقول: ابن حبيب عالم الأندلس، ويحيى بن يحيى عاقلها، وعيسى بن دينار فقيهها.

قال أبو القاسم بن بشكوال: قيل لسحنون: مات ابن حبيب. فقال: مات عالم الأندلس! بل -والله- عالم الدنيا.

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 554"، وميزان الاعتدال "2/ 652"، والعبر "1/ 427"، وتهذيب التهذيب "6/ 390"، ولسان الميزان "4/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 90".

ص: 484

حكى بعضهم قال: هاجت الريح، فرأيت عبد الملك بن حبيب رافعًا يديه متعلقًا بحبال المركب يقول: اللهم إن كنت تعلم أني إنما أردت ابتغاء وجهك، وما عندك، فخلصنا قال: فسلم الله.

قال أبو عمر أحمد بن سعيد الصدفي: قلت لأحمد بن خالد: إن "الواضحة" عجيبة جدًّا، وإن فيها علمًا عظيمًا فما يدخلها? قال: أول ذلك أنه حكى فيها مذاهب لم نجدها لأحد من أصحابه، ولا نقلت عنهم.

قال أبو عمر الصدفي في "تاريخه": كان كثير الرواية، كثير الجمع، يعتمد على الأخذ بالحديث، ولم يكن يميزه، ولا يعرف الرجال، وكان فقيهًا في المسائل. قال: وكان يطعن عليه بكثرة الكتب، وذكر أنه كان يستجيز الأخذ بلا رواية، ولا مقابلة، وأنه أخذ بالإجازة كثيرًا. قال: وأشير إليه بالكذب، سمعت أحمد بن خالد يطعن عليه بذلك، ويتنقصه غير مرة، وقال: ظهر كذبه في "الواضحة"، في غير شيء، فسمعت محمد بن وضاح يقول: أخبرني ابن أبي مريم؟ قال: كان ابن حبيب بمصر، فكان يضع الطويلة، وينسخ طول نهاره، فقلت له: إلى كم ذا النسخ؟ متى تقرؤه على الشيخ? قال: قد أجاز لي كتبه -يعني: أسد بن موسى- فأتيت أسدًا، فقلت: تمنعنا أن نقرأ عليك، وتجيز لغيرنا? فقال: أنا لا أرى القراءة، فكيف أجيز? فأخبرته، فقال: إنما أخذ مني كتبي، فيكتب منها، ليس ذا عليَّ.

وقال أحمد بن محمد بن عبد البر في "تاريخه": ابن حبيب أول من أظهر الحديث بالأندلس، وكان لا يفهم طرقه، ويصحف الأسماء، ويحتج بالمناكير، فكان أهل زمانه ينسبونه إلى الكذب، ولا يرضونه.

وممن ضعف ابن حبيب: أبو محمد بن حزم، ولا ريب أنه كان صُحُفيًّا وأما التعمد فكلا.

قال أحمد بن محمد بن عبد البر: وكان بينه وبين يحيى بن يحيى وحشة، كان كثير المخالفة له، لقي أصبغ بمصر، فأكثر عنه، فكان يعارض يحيى عند الأمر، ويرد قوله، فيغتم لذلك قال: فجمعهم القاضي مرة في الجامع، فسألهم عن مسألة، فأفتى فيها يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان بالرواية، فخالفهما عبد الملك، وذكر خلافهما رواية عن أصبغ، وكان عبد الأعلى بن وهب شابًّا قد حج ولحق أصبغ، فحدثنا أحمد بن خالد عن ابن وضاح، عن عبد الأعلى، قال: دخلت على سعيد بن حسان، فقال: ما تقول في كذا للمسألة المذكورة? هل يذكر فيها الأصبغ شيئًا? قلت: نعم. يقول فيها: بكذا وكذا، فذكر موافقة

ص: 485

سعيد ويحيى، فقال لي سعيد: انظر ما تقول، أنت على يقين منها? قلت: نعم. قال: فأتني بكتابك. فخرجت مسرعًا، ثم ندمت، فأخرجتها من قرطاس، فسررت، وأتيته بالكتاب. قال: تمضي به إلى أبي محمد. فمضيت به إلى يحيى بن يحيى، فأعلمته، فاجتمعا بالقاضي، وقالا: هذا يخالفنا بالكذب، فاردعه، وكفه. فجمعهم القاضي ثانيًا، فتكلموا، فقال عبد الملك: قد أعلمتك بما يقول فيها أصبغ. فبدر عبد الأعلى، فقال: تكذب على أصبغ، أنا رويت هذه المسألة عنه على وفق ما قالا، وهذا كتابي. فقرأه القاضي، وقال: لعبد الملك: ما ساءه. وخرج عليه، وقال: تفتينا بالكذب والخطأ، وتخالف أصحابك بالهوى؟! لولا البقيا عليك لعاقبتك. قال عبد الأعلى: فلما خرجت، خطرت على دار ابن رستم الحاجب، فرأيت عبد الملك خارجًا من عنده في وجهه البشر، فقلت: لأدخلن على ابن رستم. فدخلت، فلم ينتظر جلوسي، وقال: يا مسكين من غرك -أو من أدخلك- في هذا? تعارض مثل ابن حبيب وتكذبه? فقلت: أصلحك الله، إنما سألني القاضي، فأجبت بما عندي. قال: وبعث الأمير إلى القاضي يقول: من أمرك أن تشاور عبد الأعلى؟ فبعث يثني عليَّ، ويقول: لم أر نفسي في سعة من ترك مشاورة مثله، فسأل الأمير وزراءه عن عبد الأعلى، فأثنوا عليه، ووصفوا علمه وولاءه.

قال سعيد بن فحلون: مات عبد الملك بن حبيب يوم السبت، لأربع مضين من رمضان، سنة ثمان وثلاثين ومائتين، بعلة الحصى، رحمه الله. ونقل آخر: أنه مات في ذي الحجة، سنة تسع وثلاثين، فالله أعلم.

ص: 486

‌1996 - عبد الملك بن حبيب

(1)

: " د"

وقد روى محمد بن وضاح؛ محدث الأندلس، عن أبي مروان عبد الملك بن حبيب البزاز المصيصي.

شيخ يروي عن: ابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري.

روى عنه: أبو داود في "السنن"، وجعفر الفريابي في مصنفاته، فاعرف.

(1)

ترجمته في تهذيب التهذيب "6/ 389".

ص: 486

‌1997 - موسى بن معاوية

(1)

:

الإمام المفتي أبو جعفر الصمادحي، المغربي، الإفريقي. يقال: إنه هاشمي جعفري.

قال أبو العرب، وغيره: كان ثقة، مأمونًا، عالمًا بالحديث والفقه، صالحًا.

عن شعيب بن أبي الأزهر: قلت لسحنون: إن موسى بن معاوية جلس في الجامع يفتي الناس. قال: ما جلس أحد أحق منه بالفتوى.

قال أبو بكر بن اللباد: أدرك موسى في رحلته جماعة، منهم: الفضيل بن عياض، وجرير بن عبد الحميد، ووكيع.

قلت: وأبو معاوية، وابن عيينة.

وعن موسى بن معاوية، قال: لم ألق أحدًا أروى من وكيع، كان يروي خمسة، وثلاثين ألف حديث، فقرأها وكيع علينا ظاهرًا على تأليفها ما يشك في حديث منها.

وعنه قال: رحلت من القيروان، وما أظن أن أحدًا أخشع من البهلول بن راشد حتى لقيت وكيعًا، وكان يقرأ في رمضان في الليل ختمة وثلثًا، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر.

وعن موسى، قال: صلى بنا هارون الخليفة الصبح في المسجد الحرام، فقرأ بالرحمن والواقعة، فتمنيت أن لا يسكت من حسن قراءته، فقمت إلى الفضيل، فسمعته يقول: مسكين هارون قرأ الرحمن والواقعة ولا يدري ما فيهما.

وروي عن موسى: محمد بن وضاح، وأبو سهل فرات، ومحمد بن سحنون، وطائفة.

قال ابن وضاح: ثقة كثير الحديث رحل إلى الكوفة والري لقيته بالقيروان.

وقال محمد بن أحمد العنسي: هو: موسى بن معاوية بن صمادح بن عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الطالبي، لقيته وقد كف، فكل ما في "المدونة" لوكيع وابن مهدي، فإنما أخذه سحنون عن موسى.

(1)

لم أقف له على ترجمة.

ص: 487

‌1998 - المحاسبي

(1)

:

الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي، المحاسبي، صاحب التصانيف الزهدية.

يروي عن يزيد بن هارون يسيرًا.

روى عنه: ابن مسروق، وأحمد بن القاسم، والجنيد، وأحمد بن الحسن الصوفي، وإسماعيل بن إسحاق السراج، وأبو علي بن خيران الفقيه، إن صح.

قال الخطيب: له كتب كثيرة في الزهد، وأصول الديانة، والرد على المعتزلة والرافضة.

قال الجنيد: خلف له أبوه مالا كثيرًا، فتركه، وقال: لا يتوارث أهل ملتين. وكان أبوه واقفيًّا

(2)

.

قال أبو الحسن بن مقسم: أخبرنا أبو علي بن خيران، قال: رأيت المحاسبي متعلقًا بأبيه، يقول: طلق أمي، فإنك على دين، وهي على غيره.

قال الجنيد: قال لي الحارث: كم تقول: عزلتي أنسي، لو أن نصف الخلق تقربوا مني، ما وجدت لهم أنسًا، ولو أن النصف الآخر نأوا عني، ما استوحشت.

واجتاز الحارث يومًا بي، فرأيت في وجهه الضر من الجوع، فدعوته، وقدمت له ألوانًا، فأخذ لقمة، فرأيته يلوكها، فوثب وخرج، ولفظ اللقمة، فلقيته، فعاتبته. فقال: أما الفاقة فكانت شديدة، ولكن إذا لم يكن الطعام مرضيًّا، ارتفع إلى أنفي منه زفرة، فلم أقبله.

وعن حارث، قال: جوهر الإنسان الفضل، وجوهر العقل التوفيق.

وعنه قال: ترك الدنيا مع ذكرها صفة الزاهدين، وتركها مع نسيانها صفة العارفين.

قلت: المحاسبي كبير القدر، وقد دخل في شيء يسير من الكلام، فنقم عليه. وورد: أن الإمام أحمد أثنى على حال الحارث من وجه، وحذر منه.

قال سعيد بن عمرو البرذعي: شهدت أبا زرعة الرازي، وسئل عن المحاسبي وكتبه، فقال: إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات عليك بالأثر تجد غنية، هل بلغكم أن مالكًا والثوري والأوزاعي صنفوا في الخطرات والوساوس? ما أسرع الناس إلى البدع!

قال ابن الأعرابي: تفقه الحارث، وكتب الحديث، وعرف مذاهب النساك، وكان من العلم بموضع إلا أنه تكلم في مسألة اللفظ ومسألة الإيمان. وقيل: هجره أحمد، فاختفى مدة.

ومات سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 465"، وتاريخ بغداد "8/ 211"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 152"، والعبر "1/ 440"، وميزان الاعتدال "1/ 430"، وتهذيب التهذيب "2/ 134"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 316"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1119"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 103".

(2)

أي يقف في مسألة خلق القرآن، فلا يقول مخلوق أو غير مخلوق. وهذا مذهب غير سديد فأهل السنة والجماعة يقولون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق.

ص: 488

‌1999 - أبو قدامة السَّرَخْسِي

(1)

: " خ، م، س"

الإمام المجود الحافظ المصنف، أبو قدامة عبيد الله بن سعيد بن يحيى بن برد اليشكري مولاهم السرخسي، نزيل نيسابور.

سمع حفص بن غياث، وسفيان بن عيينة، ويحيى القطان، ومعاذ بن هشام، وإسحاق الأزرق، ووهب بن جرير، وعبد الرحمن بن مهدي، وطبقتهم.

وعنه: البخاري، ومسلم، والنسائي، وأبو زرعة، وإبراهيم بن أبي طالب، وجعفر الفريابي، والحسين القباني، وابن خزيمة، وأبو العباس السراج، وخلق كثير.

وقد روى البخاري في كتاب أفعال العباد، عن عبيد الله بن سعيد، عن حماد بن زيد، وهذا بعيد ما أراه لقيه.

قال النسائي: ثقة مأمون قل من كتبنا عنه مثله.

وقال إبراهيم بن أبي طالب: ما قدم علينا نيسابور أحد أثبت من أبي قدامة، ولا أتقن منه.

وقال ابن حبان البستي: هو الذي أظهر السنة بسرخس، ودعا الناس إليها.

وقال يحيى بن محمد الذهلي: كان إمامًا، فاضلا، خيرًا.

وقال البخاري: مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. وقال غيره: مات بفربر، رحمه الله.

وقع لي من عالي حديثه في صفة المنافق، وقد رويت ذلك في "تذكرة الحفاظ".

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1227"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1507"، واللباب لابن الأثير "3/ 413"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 515"، والعبر "1/ 436"، وتهذيب التهذيب "7/ 16"، وتقريب التهذيب "1/ 533".

ص: 489

‌2000 - أحمد بن عبد الرحمن

(1)

: " ت، س، ق"

ابن بكار، أبو الوليد البسري، من ولد بسر بن أبي أرطاة، القرشي، الدمشقي، العامري، نزيل بغداد، وله بنو عم.

روى عن: عراك بن خالد، والوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية، وعبد الرزاق.

وعنه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأبو يعلى، وحاجب بن أركين، وأبو حامد الحضرمي، وخلق.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي: صالح.

وقد حط عليه إسماعيل بن عبد الله السكري بأنه قاص، وأنه كان يحلل النساء، واتهمه في لقي الوليد، وما التفت الخطيب إلى قول السكري.

مات في رمضان سنة ثمان وأربعين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 89"، وتاريخ بغداد "4/ 241"، والأنساب للسمعاني "2/ 212"، وميزان الاعتدال "1/ 115"، وتهذيب التهذيب "1/ 52"، وتقريب التهذيب "1/ 19".

ص: 490

‌2001 - هارون الحَمَّال

(1)

: " م، (4) " وابنه

هارون بن عبد الله بن مروان، الإمام، الحجة، الحافظ، المجود، أبو موسى البغدادي، التاجر، البزاز، الملقب: بالحمال.

مولده في سنة إحدى وسبعين ومائة. وقيل: سنة اثنتين.

وسمع: سفيان بن عيينة، ومحمد بن حرب الخولاني، وحرمي بن عمارة، وأبا أسامة، والحسين بن علي الجعفي، ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك، ويحيى بن آدم، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وحماد بن مسعدة، ومصعب بن المقدام، ووهب بن جرير، وأبا

داود الحفري، وأبا داود الطيالسي -ثم عن عفان وأبي الوليد- وسليمان بن حرب، وسليمان بن داود الهاشمي، وخلقًا كثيرًا.

وعنه: الجماعة -سوى البخاري- وابنه؛ موسى بن هارون، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، وبقي بن مخلد، وزكريا خياط السنة، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وإبراهيم بن موسى الخوزي، وآخرون.

قال المروذي: سألت أبا عبد الله: أكتب عن هارون الحمال? قال: إي والله.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال النسائي، وغيره: ثقة.

وقال إبراهيم الحربي: لو كان الكذب حلالا تركه هارون الحمال تنزهًا.

قال الدارقطني: حدثنا ابن حيويه، أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي، قال: أخبرني هارون بن عبد الله، قال الدارقطني: قال الشيخ -وهو الحمال، وإنما سمي حمالا، لأنه حمل رجلا في طريق مكة على ظهره، فانقطع به فيما يقال.

قال ابنه، وابن أبي عاصم، ومطين، وعلي الغضائري: مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين زاد ابنه: في تاسع عشر شوال. وأخطأ من قال: سنة تسع وأربعين.

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 422"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 382"، وتاريخ بغداد "14/ 22"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 27"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 491"، والكاشف "3/ ترجمة 6017" والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب "11/ 8 - 9"، وتقريب التهذيب "2/ 312"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7628".

ص: 490

‌2002 - وموسى بن هارون ابنه

(1)

:

الإمام الحافظ الكبير الحجة، الناقد، محدث العراق، أبو عمران البزاز.

ولد سنة أربع عشرة ومائتين.

وسمع من: علي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، ويحيى الحماني، وخلف بن هشام، ويحيى بن معين، وابن أبي شيبة، ووالده، وطبقتهم. وصنف الكتب، واشتهر اسمه.

روى عنه: خلق كثير، منهم: أبو سهل بن زياد، وجعفر الخلدي، ودعلج السجزي، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر بن إسحاق الصبغي، والقاضي أبو الطاهر الذهلي قاضي مصر.

قال الصبغي: ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من موسى بن هارون.

(1)

ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 50".

ص: 491

وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: أحسن الناس كلامًا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن المديني في زمانه، وموسى بن هارون في وقته، والدارقطني في وقته.

قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا سهل بن زياد يقول: كان إسماعيل القاضي يجلس موسى بن هارون معه على سريره ينظر في كل ما يقرأ عليه -يعني: ليتقنه له- هذا مع ثقة إسماعيل وجلالته في العلم والحديث، لكنه شاخ، وناطح التسعين، فخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها.

قال أبو بكر الخطيب: كان موسى ثقة حافظًا.

وقيل: كان موسى كثير الحج، فكان يقيم ببغداد سنة، ويحج ويجاور سنة، وأظنه كان يتجر في غضون ذلك.

مات في شهر شعبان، سنة أربع وتسعين ومائتين، وله ثمانون عامًا.

وقع لي من عواليه، وعوالي أبيه.

فأخبرنا الشريف أبو الحسن علي بن أحمد العلوي بالإسكندرية، أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر ببغداد، أخبرنا محمد بن عبيد الله المجلد، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا محاضر بن المورع، حدثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم ونحن حلق في المسجد، فقال:"ما لي أراكم عزين"؟

(1)

.

وبه: إلى البغوي، حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا محاضر، ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا الأعمش، عن المسيب، عن تميم، عن جابر، قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لكم لا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها"? قال: "يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف"

(2)

.

أخبرنا يحيى بن أبي منصور، وعبد الرحمن بن محمد، وعلي بن أحمد الحنبليون، وجماعة كتابة قالوا: أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا هبة الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد بن غيلان، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا موسى بن هارون البزاز، حدثنا كامل بن

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "430"، وأبو داود "4823".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "430"، وأبو داود "661"، والنسائي "2/ 92" من طريق الأعمش، به.

ص: 492

طلحة، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب: أحدها برد، وألحد له، ونصب على اللحد اللبن"

(1)

.

هذا مرسل، جيد، ورواه قتيبة عن الليث.

(1)

صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، بل لإعضاله. لكن قد ورد عن عائشة قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة. أخرجه مالك "1/ 323"، والبخاري، ومسلم "941"، وأبو داود "3051"، والترمذي "996" والنسائي "4/ 35". وورد عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه:

"الحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم".

ص: 493

‌2003 - الأعَين

(1)

: " م"

الحافظ الثبت، أبو بكر محمد بن أبي عتاب الحسن بن طريف البغدادي، الأعين.

حدث عن: زيد بن الحباب، ويزيد بن هارون، وروح، والمقرئ، والفريابي، ووهب بن جرير، وخلق.

وعنه: مسلم في "المقدمة"، وأبو داود خارج "سننه"، وعباس الدوري -رفيقه- وابن أبي الدنيا، والبغوي، والسراج، وعدة.

وثقه ابن حبان.

ومات في سنة أربعين ومائتين.

قال عبد الله بن أحمد: فترحم عليه أبي، وقال: إني لأغبطه، مات وما يعرف إلا الحديث لم يكن صاحب كلام.

قلت: هكذا كان أئمة السلف، لا يرون الدخول في الكلام، ولا الجدال، بل يستفرغون، وسعهم في الكتاب والسنة والتفقه فيهما، ويتبعون، ولا يتنطعون.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1259"، وتاريخ الخطيب "5/ 384" و"2/ 182"، والأنساب للسمعاني "1/ 318"، والكاشف "3/ ترجمة 5117"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 573"، والعبر "1/ 433"، وتهذيب التهذيب "9/ 334"، وتقريب التهذيب "2/ 189"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 6487"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 95".

ص: 493

‌2004 - زياد بن أيوب

(1)

: " خ، د، ت، س"

ابن زياد، الإمام، المتقن الحافظ الكبير، شعبة الصغير، أبو هاشم الطوسي، ثم البغدادي، ويلقب أيضًا: دلويه.

ولد سنة ست وستين ومائة.

وسمع هشيم بن بشير، وأبا بكر بن عياش، وزياد بن عبد الله البكائي، ومعتمر بن سليمان، وعباد بن العوام، وعبد الله بن إدريس، وإسماعيل بن علية، وعلي بن غراب، ومروان بن شجاع، وطبقتهم.

ورحل، وجمع، وألف، وطال عمره.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو القاسم البغوي، وابنه أحمد بن عبد الله، وأحمد بن علي الجوزجاني، وعمر بن بجير، وابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو العباس السراج، ويحيى بن صاعد، والقاضي المحاملي، وعدد سواهم، وقد حدث عنه: رفيقه؛ أحمد بن حنبل.

قال إبراهيم بن أورمة: ليس على بسيط الأرض أحد أوثق من زياد بن أيوب.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال أبو بكر المروذي: قال لنا أبو عبد الله: اكتبوا عن زياد، فإنه شعبة الصغير.

وقال أبو العباس السراج: سمعته يقول: مولدي سنة ست وستين ومائة، وطلبت الحديث في سنة إحدى وثمانين ومائة.

قالوا: توفي زياد بن أيوب في ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

قلت: تقع عواليه في "المحامليات".

قرأت على عبد الخالق بن عبد السلام القاضي ببعلبك: أخبركم الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد سنة إحدى عشرة وستمائة، أخبرنا أحمد بن عبد الغني الباجسرائي، أخبرنا نصر بن أحمد القاري، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي إملاء،

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1168"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2373"، وتاريخ بغداد "8/ 479"، وتذكرة الحفاظ 523"، والعبر "2/ 3"، وتهذيب التهذيب "3/ 355" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".

ص: 494

حدثنا زياد بن أيوب، حدثنا هشيم، حدثنا يعلى بن عطاء، أخبرنا عمارة بن حديد، عن صخر الغامدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لأمتي في بكورها". وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم من أول النهار، وكان صخر رجلا تاجرًا، وكان يبعث تجارته من أول النهار، فأثرى وكثر ماله

(1)

.

هذا حديث حسن، غريب، قاله الترمذي، فأخرجه هو عن يعقوب بن إبراهيم، وأبو داود عن سعيد بن منصور، والقزويني عن أبي بكر بن أبي شيبة جميعًا، عن هشيم، ورواه النسائي نازلا، عن الفلاس، عن خالد، عن شعبة، عن يعلى.

ومات معه عام اثنين: محمد بن المثنى، وبندار، ويعقوب الدورقي، ومحمد بن منصور الجواز، وعبد الوارث بن عبد الصمد التنوري، وأحمد بن عبد الله بن منجوف، والمستعين -قتلوه، وإسحاق بن بهلول، والأمير أشناس، وخلق.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "3/ 416 - 417 و 432"، وأبو داود "2606"، والترمذي "1212"، وابن ماجه "2236"، وفي إسناده عمارة بن حديد، مجهول كما قال الحافظ في "التقريب".

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر: عند ابن ماجه "2238"، والطبراني في "الأوسط""3312"، وإسناده ضعيف آفته عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة الجدعاني فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

وشاهد آخر من حديث أبي هريرة: عند ابن ماجه "2237"، وهو ضعيف.

وشاهد ثالث عن جابر: عند الطبراني في "الأوسط""996".

وشاهد رابع عن أبي بكرة: عند الطبراني في "الأوسط""2975".

وفي الباب عن ابن عباس، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام، وعمران بن حصن، عند الطبراني فالحديث صحيح بهذه الشواهد، والله تعالى أعلم.

ص: 495

‌2005 - أبو موسى

(1)

: " ع"

محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار، الإمام، الحافظ، الثبت، أبو موسى العنزي، البصري، الزمن.

ولد مع بندار في عام وفاة حماد بن سلمة.

وحدث عن: عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وسفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وحفص بن غياث، وابن إدريس، ومرحوم بن عبد العزيز، وأبي معاوية، والوليد بن مسلم، وغندر، ويحيى القطان، ويزيد بن زريع، ومعاذ بن معاذ، ومحمد بن أبي عدي، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وخلق كثير، وينزل إلى عفان، وأبي الوليد لا بل ينزل إلى تلميذه أبي جعفر أحمد بن سعيد الدارمي. جمع، وصنف، وكتب الكثير.

روى عنه: الجماعة ستتهم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وبقي، وابن أبي الدنيا، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى، وأبو بكر بن أبي داود، وابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وقاسم المطرز، وأبو عروبة، وزكريا الساجي، وأبو عبد الله المحاملي، وخلق كثير.

قال محمد بن يحيى الذهلي: حجة.

وقال صالح جزرة: صدوق اللهجة، في عقله شيء، وكنت أقدمه على بندار.

وقال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث.

وقال أبو عروبة: ما رأيت بالبصرة أثبت من أبي موسى، ويحيى بن حكيم.

وقال النسائي: كان لا بأس به، كان يغير في كتابه.

وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: أخبرنا محمد بن المثنى، وكان من الأثبات.

وقال ابن حبان: كان صاحب كتاب، لا يقرأ إلا من كتابه.

وقال الخطيب: كان صدوقًا، ورعًا.

وقال في موضع آخر: كان ثقة، ثبتًا، احتج به سائر الأئمة، ويروى أن أبا موسى مزح مرة، فقال: نحن قوم لنا شرف صلى إلينا النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

قال إبراهيم بن محمد الكندي، وغيره: مات أبو موسى في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق غير مرة، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله بن أبي حامد عبد العزيز الدينوري ببغداد، أخبرنا عمي أبو بكر محمد بن أبي حامد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، أخبرنا عاصم بن الحسن سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، أخبرنا أبو عمر

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 409"، وتاريخ بغداد "3/ 283"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 43"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 527"، والكاشف "3/ ترجمة 5219"، والعبر "2/ 4"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8115"، وتهذيب التهذيب "9/ 425"، وتقريب التهذيب "2/ 204"، وخلاصة الخرزجي "2/ ترجمة 6622"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".

(2)

يقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عَنَزَة، وصاحب الترجمة ينتهي نسبه إلى العنزي.

ص: 496

ابن مهدي الفارسي، حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها"

(1)

.

أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي خمستهم، عن أبي موسى العنزي، فوافقناهم بعلو.

قال أبو أحمد بن الناصح: سمعت محمد بن حامد بن السري، وقلت له: لم لا تقول في محمد بن المثنى إذا ذكرته: الزمن. كما يقول الشيوخ? فقال: لم أره زمنًا رأيته يمشي، فسألته، فقال: كنت في ليلة شديدة البرد، فجثوت على يدي، ورجلي، فتوضأت، وصليت ركعتين، وسألت الله، فقمت أمشي. قال: فرأيته يمشي، ولم أره زمنًا.

حكاية صحيحة، رواها السلفي، عن الرازي، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفارسي، حدثنا ابن الناصح.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1579"، ومسلم "1258"، وأبو داود "1869"، والترمذي "853"، وأحمد "6/ 40" من طريق سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

وأخرجه أحمد "6/ 201 - 202" من طريق حماد بن أسامة قال أخبرنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.

ص: 497

‌2006 - هارون بن إسحاق

(1)

: " ت، س، ق"

الإمام، الحافظ، الثبت، المعمر، أبو القاسم الهمداني، الكوفي.

ولد سنة نيف وستين ومائة.

وسمع المطلب بن زياد، ومعتمر بن سليمان التيمي، وسفيان بن عيينة، وحفص بن غياث، وأبا معاوية، وطبقتهم.

حدث عنه: الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وبدر بن الهيثم، وابن أبي حاتم، والقاضي المحاملي، وابن صاعد، وخلق كثير.

قال علي بن الحسين بن الجنيد: كان محمد بن عبد الله بن نمير يجله.

وقال النسائي، وغيره: ثقة.

قلت: توفي في رجب سنة ثمان وخمسين ومائتين، وكان قد نيف على التسعين.

قرأت على عبد الخالق بن عبد السلام الفقيه أخبركم الإمام عبد الله بن أحمد في سنة إحدى عشر وستمائة، أخبرنا أبو المعالي أحمد بن عبد الغني، أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله، حدثنا أبو عبد الله المحاملي إملاء، حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن سعد بن طارق، عن ربعي، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المعروف كله صدقة، وإن الله صانع كل صانع وصنعته، وإن آخر ما تعلق به أهل الجاهلية من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"

(2)

. رواه مسلم.

(1)

ترجمه في طبقات ابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 360"، والكاشف "3/ ترجمة 6006"، وتهذيب التهذيب "11/ 2 - 3"، وتقريب التهذيب "2/ 311"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7612".

(2)

صحيح: وردت الفقرة الأولى والأخيرة عند أحمد "5/ 383 و 405"، والخطيب في "التاريخ بغداد""12/ 135 - 136" من طريق أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، به.

ووردت الفقرة الأولى: عند مسلم "1005"، وأبي داود "4947" من طرق عن أبي مالك الأشجعي، به.

أما أوسطه: "إن الله صانع كل صانع وصنعته". وردت عند الحاكم "1/ 31 و 32"، والبيهقي في "الأسماء والصفات""ص 388"، وأخرج آخره أحمد "5/ 505"، وله شاهد من حديث أبي مسعود الأنصاري عند البخاري "6120" وأبي داود "4797"، وابن ماجه "4183"، والطبراني في "الأوسط""3311".

ص: 497

‌2007 - السُّكَّري

(1)

: " ق"

الشيخ الفقيه العالم، قاضي دمشق، أبو الحسن، وأبو عبد الله إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن يزيد القرشي، العبدري، الرقي، المعروف: بالسكري.

حدث عن: أبي المليح الحسن بن عمر، وعبيد الله بن عمرو الرقيين، ويعلي بن الأشدق، وأبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك، وبقية، وعيسى بن يونس، وجماعة، وكان صاحب حديث وإتقان.

حدث عنه: ابن ماجه، ومحمد بن سعد، وجماهر الزملكاني، وأبو العباس بن مسروق، وأبو يعلى الموصلي، ومحمد بن محمد بن الباغندي، ومحمد بن هشام بن ملاس، وآخرون.

وثقه الدارقطني.

وقال أبو حاتم: صدوق.

قال محمد بن الفيض: ولى أحمد بن أبي دؤاد على قضاء دمشق إسماعيل السكري، في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، فأقام إلى أن ولي القضاء للمتوكل يحيى بن أكثم، فعزل السكري بمحمد بن هاشم.

قال إبراهيم بن أيوب الحوراني: قلت: لإسماعيل بن عبد الله القاضي: بلغني أنك كنت صوفيًّا من أكل من جرابك كسرة افتخر بها، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل.

قال الحسن بن علي علان: مات إسماعيل السكري بعد الأربعين ومائتين قال: وكان يرمى بالتجهم.

قلت: فأما:

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 614"، وميزان الاعتدال "1/ 236"، وتهذيب التهذيب "1/ 307"، وتقريب التهذيب "1/ 71".

ص: 498

‌2008 - إسماعيل بن عبد الله بن زرارة

(1)

:

الرقي فآخر، توفي سنة تسع وعشرين ومائتين. ما لحقه ابن ماجه، ووهم صاحب النبل، وزعم أن ابن ماجه روى عن ابن زرارة.

‌2009 - أحمد بن إبراهيم

(2)

: " م، د، ت، ق"

ابن كثير، الدورقي الحافظ الإمام المجود المصنف، أبو عبد الله العبدي، أخو الحافظ يعقوب، ووالد المحدث الثقة عبد الله بن أحمد. وهذه نسبة إلى بيع القلانس الدورقية، وقد كان والدهم إبراهيم بن كثير من النساك العباد، فقيل: كان في ذلك الوقت كل من تنسك يقال له: دورقي.

سمع أحمد من: هشيم بن بشير، ويزيد بن زريع، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غياث، وابن علية، ووكيع، وابن فضيل، ويزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق، وبهز بن أسد، وخلق كثير، وينزل في الرواية إلى عفان، وأبي سلمة التبوذكي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1157"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 615"، وتاريخ بغداد "6/ 261"، وميزان الاعتدال "1/ 236"، وتهذيب التهذيب "1/ 308".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1509"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 3"، وتاريخ بغداد "4/ 6 - 7" والأنساب للسمعاني "5/ 391" و"8/ 356"، واللباب لابن الأثير "1/ 512"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 520"، والعبر "1/ 446"، وتهذيب التهذيب "1/ 10 - 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 110".

ص: 499

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والهيثم بن خلف الدوري، ومحمد بن محمد بن بدر الباهلي، وأبو القاسم البغوي، وابن صاعد، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى الموصلي، وابن أبي الدنيا، وكان حافظًا يقظًا، حسن التصنيف.

قال أبو حاتم: صدوق.

ذكره الخطيب، وورخ وفاته في شعبان سنة ست وأربعين ومائتين، وله ثمانون سنة.

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم سنة سبعمائة، أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، أخبرنا محمد بن أحمد المعدل، أخبرنا عبد الرحمن بن مظفر الكحال، أخبرنا أحمد بن محمد المهندس، أخبرنا محمد بن محمد الباهلي، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن كثير، حدثنا أبو عامر القيسي، حدثنا محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه أن سعد بن معاذ حكم على بني قريظة أن يقتل منهم كل من جرت عليه الموسى، وأن تقسم أموالهم وذراريهم، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"لقد حكم فيهم اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات"

(1)

.

تفرد بإخراجه: النسائي، فرواه عن أصحاب أبي عامر العقدي.

أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الهاشمي، وأحمد بن محمد الحافظ، قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عفيف، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا أبو داود هو الطيالسي، عن شعبة قال: كان أيوب يمشي إلى مسجد بني ضبيعة يسأل عن الحديث، فحدث أيوب يومًا بحديث قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب أن امرأة أرادت الحج، فقال أيوب: هاتوا إسنادًا مثل هذا.

أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد الله، أنبأنا محمد بن عمر، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد بن علي، قالوا: أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن

أخبرنا جعفر بن محمد، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز، عن مالك بن دينار قال: قرأت في الزبور: بكبرياء المنافق يحترق المسكين. قال: وقرأت في الزبور: إني أنتقم للمنافق من المنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعًا. فذلك قول الله عز وجل:{وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129]، وذكر الحديث.

(1)

صحيح لغيره: أخرجه النسائي في "الكبرى""8223" من طريق أبي عامر، به.

وأخرجه البخاري "4121"، ومسلم "1768" من طريق غندر، حدثنا شعبة، عن سعد، قال سمعت: أبا أمامة، قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار:"قوموا إلى سيدكم -أو خيركم". فقال: "هؤلاء نزلوا على حكمك". فقال: تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، قال:"قضيت بحكم الله". وربما قال: "بحكم الملك".

ص: 500

‌2010 - نصر بن علي

(1)

: " ع"

ابن نصر بن علي بن صهبان بن أبي، الحافظ، العلامة، الثقة، أبو عمرو الأزدي، الجهضمي البصري، الصغير، وهو حفيد الجهضمي الكبير.

ولد سنة نيف وستين.

وحدث عن: يزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، ونوح بن قيس الحداني، وعبد ربه بن بارق، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وسفيان بن عيينة، ودُرُسْت بن زياد، وبشر بن المفضل، والحارث بن وجيه، وعبد العزيز العمي، وعبد العزيز الدراوردي، وعمر بن علي، وابن علية، وعيسى بن يونس، ومرحوم بن عبد العزيز، وخلق كثير.

وعنه ابنه؛ علي بن نصر، وأصحاب الكتب الستة، والذهلي، وابن أبي الدنيا، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وبقي بن مخلد، وزكريا السجزي، وزكريا الساجي، وعبد الله بن أحمد، وعبدان الأهوازي، وابن خزيمة، وابن صاعد، وأبو حامد الحضرمي، ومحمد بن منصور الشيعي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وأمم سواهم.

وكان من كبار الأعلام.

قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: ما به بأس، ورضيه.

وقال: عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن نصر بن علي، وعمرو بن علي الصيرفي: من أيهما أحب إليك? قال: نصر أحب إليَّ وأوثق وأحفظ، نصر ثقة.

وقال النسائي، وابن خراش: ثقة.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2362"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 446"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2159"، وتاريخ بغداد "13/ 287"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 536"، والكاشف "3/ ترجمة 5921"، وتهذيب التهذيب "10/ 430"، وتقريب التهذيب "2/ 300"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7493"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".

ص: 501

وقال عبد الله بن محمد الفرهياني: نصر عندي من نبلاء الناس.

وقال إبراهيم بن عبد الله الزبيبي: سمعت نصر بن علي يقول: دخلت على المتوكل، فإذا هو يمدح الرفق، فأكثر، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنشدني الأصمعي:

لم أر مثل الرفق في لينه

أخرج للعذراء من خدرها

من يستعن بالرفق في أمره

يستخرج الحية من جحرها

فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس، فكتبهما.

عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني نصر بن علي، أخبرني علي بن جعفر بن محمد حدثني أخي موسى، عن أبيه، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن، وحسين، فقال:"من أحبني، وأحب هذين، وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة".

قلت: هذا حديث منكر جدًّا. ثم قال عبد الله بن أحمد: لما حدث نصر بهذا أمر المتوكل بضربه ألف سوط، فكلمه جعفر بن عبد الواحد، وجعل يقول له: الرجل من أهل السنة، ولم يزل به حتى تركه، وكان له أرزاق، فوفرها عليه موسى.

قال أبو بكر الخطيب عقيبه: إنما أمر المتوكل بضربه لأنه ظنه رافضيًّا.

قلت: والمتوكل سني، لكن فيه نصب. وما في رواة الخبر إلا ثقة ما خلا علي بن جعفر، فلعله لم يضبط لفظ الحديث، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم من حبه وبث فضيلة الحسنين ليجعل كل من أحبهما، في درجته، في الجنة، فلعله قال: فهو معي في الجنة. وقد تواتر قوله عليه السلام: "المرء مع من أحب"

(1)

. ونصر بن علي، فمن أئمة السنة الأثبات.

أخبرنا المسلم بن علان، وغيره إذنًا، قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا الحسن بن عثمان الواعظ، أخبرنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي، سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: كان المستعين بالله بعث إلى نصر بن علي يشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة، وأمره بذلك، فقال: أرجع، وأستخير الله تعالى، فرجع إلى بيته نصف النهار، فصلى ركعتين، وقال: اللهم إن كان لي عندك خير، فاقبضني، فنام، فأنبهوه، فإذا هو ميت.

قال السراج، وجماعة: مات سنة خمسين ومائتين. قال البخاري: في ربيع الآخر. زاد السراج: رأيته أبيض الرأس واللحية، كان لا يخضب، رأيته ببغداد ولم يحدثنا. قلت: فأما جده الثقة:

(1)

صحيح: ورد عن عبد الله بن مسعود: عند البخاري "6168"، ومسلم "2640"، وأحمد "1/ 392".

وورد عن أبي موسى الأشعري: عند البخاري "6170"، ومسلم "2641"، وأحمد "4/ 392 و 395".

وورد عن أنس بن مالك: عند البخاري "6171"، ومسلم "2639"، وأبي داود "5127".

وورد عن أبي ذر: عند أبي داود "5126".

ص: 502

‌2011 - نصر بن علي الجهضمي الكبير

(1)

:

فروى عن جده لأمه؛ أشعث بن عبد الله الحداني، والنضر بن شيبان، وعبد الله بن غالب الحداني.

وعنه: ابنه؛ علي، ووكيع، وعبيد الله بن موسى، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الصمد، وجماعة.

مات في أيام شعبة.

وأما ابن حبان فوثقه، وقال: مات في خلافة أبي جعفر.

أجاز لنا علي بن أحمد، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا إبراهيم بن أحمد الخرقي، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن نصر بن علي، أخبرنا النضر بن شيبان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله فرض صيام شهر رمضان، وسننت لكم قيامه فمن صام وقام إيمانًا واحتسابًا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"

(2)

.

أخرجه ابن ماجه، عن الثقة عن وكيع.

وعندي هذا الحديث أعلى بدرجة من طريق القاسم بن الفضل الحداني، عن النضر، وأخرجه: النسائي من الوجهين، لكن قال النسائي: هذا خطأ. والصواب حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة.

وأما ولده:

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2345"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 446"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2136"، والكاشف "3/ ترجمة 5920"، وتهذيب التهذيب "10/ 429"، وتقريب التهذيب "2/ 299"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7492".

(2)

ضعيف: أخرجه النسائي "4/ 158"، وابن ماجه "1328"، من طريق نصر بن علي، قال: حدثني النضر ابن شيبان، به.

قلت: إسناده ضعيف، آفته النضر بن شيبان الحداني، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 503

‌2012 - علي بن نصر بن علي

(1)

: " ع"

الإمام الثقة الحافظ، أبو الحسن الجهضمي الكبير.

فيروي عن: هشام الدستوائي، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وحمزة الزيات، وشعبة، والمثنى بن سعيد، وقرة بن خالد، ومهدي بن ميمون، وصخر بن جويرية، وخالد بن قيس الحداني، وإبراهيم بن نافع، والقاسم بن معن، وخلق سواهم.

وعنه: ابنه نصر، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأبو نعيم، وهما من أقرانه، ووكيع -وهو أقدم منهما- ومعلى بن أسد.

قال أبو عبد الله بن حنبل: صالح الحديث، أثبت من أبي معاوية.

وقال ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة.

وقال صالح بن محمد: صدوق.

قال مطين، وغيره: مات سنة سبع وثمانين ومائة.

وأما ولد صاحب الترجمة، فهو:

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2464"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1133"، وتهذيب التهذيب "7/ 390"، وتقريب التهذيب "2/ 45".

ص: 504

‌2013 - علي بن نصر بن علي

(1)

: " م، د، ت، س"

ابن نصر بن علي بن صهبان بن أبي الحافظ، الإمام، الثبت، أبو الحسن الجهضمي الصغير.

روى عن: حرمي بن عمارة، ووهب بن جرير، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي داود

الطيالسي، ويزيد بن هارون، وأبي علي الحنفي، وأخيه أبي بكر الحنفي، وأبي عاصم، وسليمان بن حرب، والمقرئ، وطبقتهم، ولم يلحق جده.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، في تاريخه، وأحمد بن يحيى التستري، ومحمد بن هارون الحضرمي، وعمر البجيري، وابن صاعد، وأبو بكر بن أبي داود، وعلي بن العباس البجلي، وخلق.

قال أبو زرعة: كنت أرجو أن يكون خلفًا -يعني: مات، ولم يعمر.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فوثقه، وأطنب في ذكره والثناء عليه.

وقال صالح بن محمد: ثقة، صدوق.

وقال الترمذي: كان حافظًا، صاحب حديث.

وقال النسائي: هو وأبوه ثقتان.

قال النسائي أيضًا، وغيره: توفي سنة خمسين ومائتين، فقيل: في شعبانها، ومات أبوه قبله بأربعة أشهر.

أخبرنا أحمد بن إسحاق بن محمد، أخبرنا أكمل بن أبي الأزهر ببغداد، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء "ح". وأخبرنا علي بن محمد، وأحمد بن عبد الحميد، وأحمد بن محمد، وعبد المنعم بن عساكر، والحسن بن علي، وسليمان بن قدامة، وسنقر الزيني، وأحمد بن عبد الرحمن، وعيسى بن عبد الرحمن، وأحمد بن يوسف، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد حضورًا، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا محمد بن بشار، ونصر بن علي، قالا: أخبرنا أبو عبد الصمد العمي، حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جنتان من ذهب آنيتهما، وما فيهما، وجنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن".

أخرجه مسلم، عنهما

(2)

.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2463"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1134"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 560"، وتهذيب التهذيب "7/ 390"، وتقريب التهذيب "2/ 45".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4878"، ومسلم "180" من طرق عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبي عمران الجوني، به.

ص: 505

‌2014 - الدَّورقي

(1)

: " ع"

يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم الحافظ الإمام الحجة أبو يوسف العبدي القيسي مولاهم، الدورقي.

ولد سنة ست وستين ومائة، وكان أكبر من أخيه أحمد بعامين.

رأى الليث بن سعد.

وحدث عن عبد العزيز بن أبي حازم، وهشيم، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز الدراوردي، وجرير، وبقية، ويحيى بن أبى زائدة، وغندر، وحفص بن غياث، وابن علية، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، وشعيب بن حرب، والمحاربي، وعبيد الله الأشجعي، ويحيى القطان، ووكيع، ويزيد، وعبد الرحمن، وخلق، وينزل إلى عفان، ويحيى بن معين.

ورحل، وجمع، وصنف، وتميز في هذا الشأن.

حدث عنه: الجماعة الستة، وأخوه، وأبو زرعة، وأبو عبيد بن المحاملي، وأخوه؛ القاضي وأبو عبد الله، وأبو حاتم، وابن أبى الدنيا، وزكريا خياط السنة، ومحمد بن هارون الروياني، وابن خزيمة، وابن صاعد، وابن أبي داود، وأبو العباس السراج، ومحمد بن مخلد العطار، وعدة. وثقه النسائي، وغيره.

وقال الخطيب: كان ثقة، حافظًا، متقنًا، صنف "المسند".

وقال أبو حاتم: صدوق.

قال محمد بن سعد: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، فذكر حديثًا.

وقال أبو بكر الخطيب: حدث عنه ابن سعد، ومات سنة ثلاثين ومائتين، وآخر من حدث عنه: محمد بن مخلد، وبينهما في الوفاة مائة سنة وسنة.

وقال البغوي، وجماعة: مات الدورقي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وآخر من روى حديثًا عاليًا سبط السلفي.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 360"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 844"، وتاريخ بغداد "14/ 277"، والأنساب للسمعاني "5/ 354"، والكاشف "3/ ترجمة 6499"، وتهذيب التهذيب "11/ 381"، وتقريب التهذيب "2/ 374".

ص: 506

أخبرنا الإمام تاج الدين علي بن أحمد الغرافي بالإسكندرية، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد المفيد، وأخبرنا أبو بكر بن الزاغوني، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا هشيم، أخبرنا يونس، عن الحسن، وهشام، عن محمد، عن أبي هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيصلي الرجل في الثوب الواحد? قال: "أولكلكم ثوبان"؟

(1)

وبه، حدثنا يعقوب الدروقي، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن يونس بن جبير: قلت لابن عمر: رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: تعرف عبد الله بن عمر، فإنه طلق امرأته، وهي حائض، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يراجعها، ثم يستقبل عدتها، فقلت له: إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض، أيعتد بتلك التطليقة? قال:"فمه، وإن عجز واستحمق"؟

(2)

أخرجه مسلم، والنسائي، عن يعقوب.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "358"، ومسلم "515"، وأبو داود "625"، والنسائي "2/ 69" من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5251"، ومسلم "1471"، وأبو داود "2179 - 2185" والترمذي "1175".

ص: 507

‌2015 - بُنْدَار

(1)

: " ع"

محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان، الإمام، الحافظ، راوية الإسلام، أبو بكر العبدي، البصري بندار، لقب بذلك، لأنه كان بندار الحديث، في عصره ببلده. والبندار: الحافظ.

ولد سنة سبع وستين ومائة.

وحدث عن: يزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وغندر، ويحيى بن سعيد، وعبد الوهاب الثقفي، وعمر بن

علي، والطفاوي، وبهز بن أسد، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعاذ بن معاذ، ومعاذ بن هشام، ويزيد بن هارون، ووكيع، وخلق سواهم. وينزل إلي: حجاج بن منهال، وعفان، وأبي الوليد، وعدة.

وجمع حديث البصرة، ولم يرحل برًا بأمه، ثم رحل بعدها.

روى عنه: الستة، في كتبهم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وبقي بن مخلد، وعبد الله بن أحمد، وأبو العباس السراج، وابن خزيمة، وزكريا الساجي، والقاسم بن زكريا المطرز، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن المسيب الأرغياني، والبغوي، وابن أبى داود، ومحمد بن إسماعيل البصلاني، والحسن بن علي الطوسي، وعبد الله ابن ناجيه، وخلق سواهم.

قال عبد الله بن جعفر بن خاقان المرزوي: سمعت بندارًا يقول: أردت الخروج -يعني: الرحلة- فمنعتني أمي، فأطعتها، فبورك لي فيه.

وقال ابن خزيمة: سمعت بندارًا يقول: اختلفت إلى يحيى القطان -ذكر أكثر من عشرين سنة- ولو عاش بعد، لكنت أسمع منه شيئًا كثيرًا.

وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن بندار نحوًا من خمسين ألف حديث، وكتبت عن أبي موسى شيئًا، وهو أثبت من بندار، ولولا سلامة في بندار، ترك حديثه.

وقال إمام الأئمة؛ ابن خزيمة، في كتاب "التوحيد" له: أخبرنا إمام أهل زمانه في العلم، والأخبار محمد بن بشار.

وقال محمد بن المسيب: سمعت بندارًا يقول: كتب عني خمسة قرون، وحدثت وأنا ابن ثمان عشرة سنة.

قال أحمد بن عبد الله العجلي: هو ثقة، كثير الحديث، حائك.

وقال أبو حاتم الرزاي: صدوق.

وقال ابن خزيمة: سمعت بندارًا يقول: ما جلست مجلسي هذا حتى حفظت جميع ما خرجته.

قال إسحاق بن إبراهيم القزاز: كنا عند بندار، فقال في حديث عن عائشة، قال: قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له رجل يسخر منه: أعيذك بالله، ما أفصحك! فقال: كنا إذا خرجنا من عند روح، دخلنا إلى أبي عبيدة، فقال: قد بان ذلك عليك.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 98"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1187"، وتاريخ بغداد "2/ 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 526"، والكاشف "3/ ترجمة 4812"، والعبر "2/ 3"، والمغني "3/ ترجمة 5327"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7269"، وتهذيب التهذيب "9/ 70"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6078"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".

ص: 508

قرأت على علي بن أحمد الحسيني، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا محمد بن عبيد الله، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا بندار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن قتادة سمعت يونس بن جبير قال: سمعت ابن عمر قال: طلقت امرأتي تطليقة، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"ليراجعها، فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها"، فقلت لابن عمر: فاحتسبت بها? قال: فمه، أرأيت إن عجزت? أخرجه مسلم

(1)

، عن بندار.

قال النسائي: بندار صالح لا بأس به.

وقال الخطيب: أخبرنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة الحافظ بالري، سمعت يوسف بن محمد الطوسي، سمعت محمد ابن المسيب يقول: سمعت بندارًا يقول: سألوني الحديث وأنا ابن ثمان عشرة سنة، فاستحييت أن أحدثهم في المدينة، فأخرجتهم إلى البستان، وأطعمتهم الرطب، وحدثتهم.

قال عبد الله بن محمد بن يونس السِّمناني: كان أهل البصرة يقدمون أبا موسى على بندار، وكان الغرباء يقدمون بندارًا على أبي موسى.

وقال عبد الله بن محمد بن سيار: سمعت أبا حفص الفلاس يحلف أن يندارًا يكذب، فيما يروي عن يحيى.

وقال ابن سيار أيضًا: سمعت أبا موسى، وكان قد صنف حديث داود بن أبي هند، ولم يكن بندار صنفه، فسمعت أبا موسى يقول: منا قوم لو قدروا أن يسرقوا حديث داود، لسرقوه: يعني به بندارًا.

وقال عبد الله بن علي بن المديني: سمعت أبي، وسألته عن حديث رواه بندار، عن ابن مهدي، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحروا"

(2)

، قال: هذا كذب، حدثني أبو داود موقوفًا، وأنكره أشد الإنكار.

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "1471""10" وقد تقدم تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "552".

(2)

صحيح: رواه النسائي "4/ 140" أخبرنا محمد بن بشار، قال حدثنا عبد الرحمن، به. وتمام الحديث:"تسحروا، فإن في السحور بركة". وله شواهد عن أنس بن مالك، وعمرو بن العاص، وأبي هريرة، رضي الله عنهم أجمعين:

أما شاهد أنس بن مالك رضي الله عنه فهو عند البخاري "1923"، ومسلم "1095".

وأما شاهد عمرو بن العاص: فهو عند مسلم "1096"، وأبي داود "2343".

وأما شاهد أبي هريرة: هو عند النسائي "4/ 141".

ص: 509

قال أبو الفتح الأزدي: حدثنا محمد بن جعفر المطيري، حدثنا عبد الله بن الدورقي قال: كنا عند ابن معين، وجرى ذكر بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ، ويستضعفه، ورأيت القواريري لا يرضاه، وقال: كان صاحب حمام، ثم قال أبو الفتح: بندار كتب الناس عنه، وقبلوه، وليس قول يحيى والقواريري مما يجرحه، وما رأيت أحدًا ذكره إلا بخير وصدق.

وقال عبد الله بن محمد بن سيار: بندار وأبو موسى ثقتان، وأبو موسى أحج؛ لأنه كان لا يقرأ إلا من كتابه، وبندار يقرأ كل كتاب، فإنه كان يحفظ حديثه.

قال محمد بن المسيب: لما مات بندار جاء رجل، فقال: يا أبا موسى، البشرى مات بندار. قال: جئت تبشرني بموته?! علي ثلاثون حجة إن حدثت بحديث أبدًا. فبقي أبو موسى بعده تسعين يومًا لم يحدث، ومات.

قال البخاري، وجماعة: مات في رجب، سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

وقال ابن حبان: كان يحفظ حديثه، ويقرؤه من حفظه. وأبو موسى من أقرانه مولدًا ووفاة.

ص: 510

‌2016 - الجَوْهَري

(1)

: " م، (4) "

الإمام الحافظ المجود، صاحب "المسند" الأكبر، أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد البغدادي، الجوهري، وأصله من طبرستان.

ولد بعد السبعين ومائة.

وسمع من سفيان بن عيينة، ومحمد بن فضيل، وعبد الوهاب الثقفي، وأبي معاوية، ووكيع، وأنس بن عياض الليثي، وأبي أسامة، وطبقتهم.

وعنه: الجماعة -سوى البخاري- وأبو الجهم بن طلاب، وأبو الحسن بن جوصا، وأبو طاهر بن فيل، وأبو عروبة، والحكيم الترمذي محمد بن علي، ويحيى بن صاعد، وزكريا خياط السنة، وخلق كثير.

وثقه النسائي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 294"، وتاريخ بغداد "6/ 93"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 532"، وميزان الاعتدال "1/ 35"، والعبر "1/ 448"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 354"، وتهذيب التهذيب "1/ 123"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 113".

ص: 510

وقال عبد الله بن جعفر بن خاقان: سألت إبراهيم بن سعيد الجوهري عن حديث لأبي بكر الصديق، فقال لجاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من "مسند أبي بكر". فقلت له: أبو بكر لا يصح له خمسون حديثًا، من أين ثلاثة وعشرون جزءًا? فقال: كل حديث لا يكون عندي من مائة، وجه، فأنا فيه يتيم.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا مكثرًا صنف "المسند".

وقال إبراهيم بن عبد الله: كان أبوه سعيد ثقة محتشمًا نبيلا، حج مرة، فحج معه أربعمائة نفس منهم: هشيم، وإسماعيل بن عياش، وكنت أنا منهم.

قال أحمد بن كامل القاضي: حدثني علي بن الحسن النجار، أخبرنا الصاغاني، أخبرنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: رأيت صبيًّا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن، ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع بكى.

وقال أبو محمد بن اللبان: حفظت القرآن ولي خمس سنين.

قلت: الرجل ثقة، حافظ، وقد لينه حجاج بن الشاعر بلا، وجه. وتوفي: مرابطًا، بعين زربة. فما حرروا وفاته كما ينبغي. فقيل: مات سنة سبع وأربعين، وقيل: سنة أربع وأربعين، وقيل: سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وخمسين ومائتين، رحمه الله.

أخبرنا علي بن أحمد الهاشمي، حدثنا محمد بن أحمد القطيعي، أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا إبراهيم بن سعد الجوهري، حدثنا مروان بن معاوية، أخبرنا أبو مالك الأشجعي، أخبرنا نبيط بن شريط، عن أنس، قال: شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، فحمد الله، وقال:"الحمد لله أحمده وأستعينه". ثم سألهم: "أي يوم أحرم"? قالوا: هذا اليوم. وقال: "وأي بلد أحرم"? قالوا: هذا البلد. قال: "فأي شهر أحرم"? قالوا: هذا الشهر. قال: "فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا إلا هل بلغت"? قالوا: اللهم نعم.

وبه: حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته". ثم تلا: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "4686"، ومسلم "2583"، والترمذي "3109"، وابن ماجه "4018" من طرق عن أبي معاوية، عن بريد، به.

ص: 511

‌2017 - سفيان بن وكيع

(1)

: " ت، ق"

ابن الجراح بن مليح، الحافط بن الحافظ محدث الكوفة، وأبو محمد الرؤاسي، الكوفي.

كان من أوعية العلم، على لين لحقه.

يروي عن: أبيه. وعن: جرير بن عبد الحميد، وعبد السلام بن حرب، وأبي خالد الأحمر، وحفص بن غياث، وطبقتهم، فأكثر.

وعنه: الترمذي، وابن ماجه، ومحمد بن جرير، وأبو عروبة، ويحيى بن صاعد، وأبو علي أحمد بن محمد الباشاني، وخلق.

قال البخاري: يتكلمون، فيه لأشياء لقنوه إياها.

وقال أبو زرعة الرازي: لا يشتغل به كان يتهم.

وقال ابن أبي حاتم: أشار عليه أبي أن يغير وراقه، فإنه أفسد حديثه، وقال له: لا تحدث إلا من أصولك، فقال: سأفعل، ثم تمادى وحدث بأحاديث أدخلت عليه.

وقال أبو حاتم بن حبان: كان سفيان بن وكيع شيخًا فاضلا صدوقًا إلا أنه ابتلي بوراق سوء كان يدخل عليه الحديث، وكان يثق به، فيجيب، فيما يقرأ عليه، وقيل له بعد ذلك، في أشياء منها، فلم يرجع، فمن أجل إصراره استحق الترك. وكان ابن خزيمة يروي عنه، وسمعته يقول: حدثنا بعض من أمسكنا عن ذكره، وهو من الضرب الذي إن لو خر من السماء فتخطفه الطير، أحب إليه من أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أفسدوه، وما كان ابن خزيمة يحدث عنه إلا بالحرف بعد الحرف.

قلت: توفي في ربيع الآخر، سنة سبع وأربعين ومائتين.

ومات فيها: إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو عثمان المازني النحوي، والمتوكل. قيل: وسلمة بن شبيب، والفتح بن خاقان الوزير.

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 264"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 991" والمجروحين لابن حبان "1/ 359"، والعبر "2/ 186"، والكاشف "1/ ترجمة 2024"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3334"، والمغني "1/ ترجمة 2489"، وتهذيب التهذيب "4/ 123"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2595".

ص: 512

‌2018 - الرفاعي

(1)

: " م، ت، ق"

الإمام الفقيه الحافظ العلامة قاضي بغداد أبو هشام محمد بن يزيد بن محمد بن كثير بن رفاعة العجلي الرفاعي الكوفي المقرئ.

حدث عن: أبي الأحوص سلام، والمطلب بن زياد، وأبي بكر بن عياش، وحفص بن غياث، وعبد الله بن الأجلح، ويحيى بن يمان، وطبقتهم.

وأخذ القراءة، عن جماعة، وصنف كتابًا في القراءات في شذوذ كثير، وهو صاحب غرائب في الحديث.

حدث عنه: مسلم، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد بن زهير، وابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وعمر بن بجير، وجعفر بن محمد الجروي، والحسين المحاملي، وآخرون.

قال أحمد العجلي: لا بأس به صاحب قرآن قرأ على سليم، وولي قضاء المدائن.

وقال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه.

وقال ابن عقدة: حدثنا مطين، عن محمد بن عبد الله بن نمير: أن أبا هشام كان يسرق الحديث.

وروى أبو حاتم، عن ابن نمير قال: كان أضعفنا طلبًا، وأكثرنا غرائب.

وقال طلحة بن محمد بن جعفر: استقضي أبو هشام -يعني: ببغداد- في سنة (242)، وهو من أهل القرآن، والعلم، والفقه، والحديث له كتاب في القراءات قرأ علينا ابن صاعد أكثره.

وقال أحمد بن محمد بن محرز: سألت يحيى بن معين عن أبي هشام، فقال: ما رأى به بأسًا.

وقال البرقاني: هو ثقة أمرني الدارقطني أن أخرج حديثه في "الصحيح".

وقال النسائي: ضعيف.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 578"، وتاريخ بغداد "3/ 375" والكاشف "3/ ترجمة 5312"، والمغني "2/ ترجمة 6089"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8326"، وتهذيب التهذيب "9/ 526"، وتقريب التهذيب "2/ 219"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6764".

ص: 513

وقال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة، عن جماعة، وله عنهم شذوذ كثير.

قلت: حمل الحروف، عن الكسائي، وعن حسين الجعفي، ويحيى بن آدم، وأبي يوسف الأعشى، وقيد أحرفًا عن أبي بكر بن عياش، فإنه سمع على أبي بكر ختمة بقراءة الأعشى.

روى عنه القراءة: موسى بن إسحاق القاضي، وعلي بن الحسن القطعي، وأحمد بن سعيد المروزي، وقاسم بن داود، وعثمان بن خرزاذ، وعلي بن قربة، وجماعة. وما هو بالمجود لرواياته.

قال أبو العباس السراج: مات في شعبان، سنة ثمان وأربعين ومائتين.

أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، ومحمد بن أبي بكر بن بطيخ، وأحمد بن مؤمن، وعبد الحميد بن أحمد قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن نجم الواعظ أخبرتنا، فخر النساء شهدة

(1)

، أخبرنا ابن طلحة النعالي، وأخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري، أخبرنا عمي؛ محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عاصم بن الحسن، قالا: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، حدثنا أبو هشام الرفاعي سنة أربع وأربعين ومائتين، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس بن عبد المطلب قال: كنا نلقى النفر من قريش، وهم يتحدثون، فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله عز وجل ولقرابتكم مني"

(2)

.

(1)

هي شهدة بنت المحدث أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري، ثم البغدادي الإبري الجهة، المعمرة، الكاتبة، مسندة العراق، فخر النساء. ولدت بعد الثمانين وأربعمائة.

قال ابن الجوزي في "المنتظم""10/ 288": قرأت عليها، وكان لها خط حسن، وتزوَّجت ببعض وكلاء الخليفة، وخالطت الدور والعلماء، ولها بر وخير، وعمرت حتى قاربت المائة، توفيت في رابع عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء.

(2)

حسن: أخرجه الترمذي "3785" من طريق أبي عوانة، عن يزيد بن أبي زيادة، عن عبد الله بن الحارث، حدثني المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا، وأنا عنده فقال:"ما أغضبك"؟ قال: يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال: "والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله". ثم قال: "يا أيها الناس من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه".

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. =

ص: 514

‌2019 - أحمد بن الحسن

(1)

: " خ، ت"

ابن جنيدب، الإمام، الحافظ، المجود، الفقيه أبو الحسن الترمذي.

سمع يعلى بن عبيد، وأبا النضر، وعبيد الله بن موسى، وسعيد بن أبي مريم، وأبا نعيم، وأبا صالح الكاتب، وطبقتهم.

وتفقه بأحمد بن حنبل، وكان بصيرًا بالعلل والرجال.

حدث عنه: البخاري، والترمذي، وأبو بكر بن خزيمة، وجماعة.

وكان قد قدم نيسابور، في سنة إحدى وأربعين وحدث بها، وقد روى عنه: البخاري في صحيحه في المغازي عنه حديثًا بروايته، عن أحمد بن حنبل.

لم يظفر له بتاريخ، وفاة، وله رحلة شاسعة، وباع أطول في الحديث.

= وأخرجه أحمد "4/ 165" من طريق يزيد يعني ابن عطاء، عن يزيد بن أبي زياد، به مرفوعا.

وأخرجه أحمد "1/ 208"، والحاكم "3/ 333" من طريق جرير بن عبد الحميد أبي عبد الله، عن يزيد بن زياد به مرفوعا.

لكن هذا إسناد ضعف لأجل يزيد بن أبي زياد هذا قال الحافظ في "التقريب": ضعيف كبر فتغير صار يتلقن.

وللحديث شاهد أخرجه ابن ماجه "140" في المقدمة من طريق محمد بن طريف، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس بن عبد المطلب قال: كنا نلقى النفر من قريش، وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن كعب القرظي، روايته عن العباس بن عبد المطلب قيل إنها مرسلة وعلى فرض أنه قد سمع منه، فإن في هذا الإسناد أبا سبرة النخعي. قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة- فالحديث حسن بهذا الشاهد. وقد تكلمت على هذا الحديث بإسهاب في تخريجنا وتعليقنا على كتاب "مكان رأس الحسين" لشيخ الإسلام ابن تيمية. ط. دار الجيل، بيروت لبنان "ص 21 - 22" فراجعه ثم إن شئت. وقد ذكرت هذا التخريج لهذا الحديث في المجلد الثاني من كتابنا هذا بتعليقنا رقم "838" ذكرناه لبعد العهد من هذا الموضوع وتذكرة لإخواننا القراء الكرام.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 33"، والأنساب للسمعاني "3/ 45"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 553"، والوافي بالوفيات "6/ 319"، وتهذيب التهذيب "1/ 24"، وتقريب التهذيب "1/ 13".

ص: 515

‌2020 - أحمد بن الحسن بن خراش

(1)

: " م، ت"

الحافظ المحدث، أبو جعفر البغدادي.

حدث عن عبد الرحمن بن مهدي، ووهب بن جرير، وشبابة بن سوار، وطبقتهم.

روى عنه: مسلم، والترمذي في كتابيهما، ومحمد بن هارون ابن المجدر، وأبو العباس بن السراج، وآخرون.

وكان ثقة.

توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وهو من أبناء السبعين لا بل ابن ستين سنة إلا عشرين يومًا قال ابنه: سمعته يقول: هذا قبل موته بساعة، رحمه الله.

‌2021 - الهيثم بن سَهْل

(2)

:

التستري شيخ معمر عالي الإسناد محدث لين.

حدث عن: حماد بن زيد، وعبثر بن القاسم، وأبي عوانة، وعلي بن مسهر، والمسيب بن شريك، وجماعة.

وسمع من: سليم بن عقبة البقار، ومن حرب يام صاحبي أنس، وسكن بغداد.

حدث عنه: جعفر بن حمدان، والد القطيعي، وعلي بن حماد، ومحمد بن يوسف الزيات، وأبو سعيد بن الأعرابي، وآخرون.

ضعفه الدارقطني.

وقال عبد الغني بن سعيد الحافظ: ضرب إسماعيل القاضي على حديث الهيثم بن سهل، عن حماد بن زيد، وأنكر عليه.

وقال القاضي أبو محمد بن زبر: حدثنا الهيثم بن سهل، حدثنا النضر بن عمرو الحنفي، حدثنا أنس بن مالك، فذكر حديثًا.

قلت: لا يدرى من النضر هذا.

وعن الهيثم، قال: ولدت سنة اثنتين وخمسين ومائة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 42"، وتاريخ بغداد "4/ 78"، وتهذيب التهذيب "1/ 24".

(2)

ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 60"، وميزان الاعتدال "4/ 323"، ولسان الميزان "6/ 207".

ص: 516

وقع لنا من عواليه في "الخلعيات"

(1)

حديث، وفي "معجم ابن جميع".

وتوفي بعد الستين ومائتين.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، وعلي بن محمد، قالا: أخبرنا الحسن بن يحيى، أخبرنا ابن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، حدثنا الهيثم بن سهل، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر: يا رسول الله إني أصبت مالا بخيبر لم أصب مالا قط أحب إلي منه، فقال:"إن شئت تصدقت، وإن شئت أمسكت أصله". فتصدق به عمر على الضعفاء، والمساكين، وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل أو يطعم صديقًا غير متمول منه مالا أو متأثل منه مالا

(2)

.

(1)

"الخلعيات": للشيخ الإمام الفقيه القدوة، مسند الديار المصرية، القاضي أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين بن محمد الموصلي الأصل، المصري الشافعي الخلعي، بكسر الخاء وفتح، وبعدها عين مهملة، هذه النسبة إلى الخلع، ونسب إليها أبو الحسن، لأنه كان يبيع الخلع لأولاد الملوك بمصر فاشتهر بذلك وعرف به، وهو صاحب "الفوائد العشرين" الذي خرجها أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي في عشرين جزءا، وسماها "الخلعيات".

(2)

صحيح: وهذا إسناد ضعيف؛ آفته الهيثم بن سهل، ضعفه الدارقطني. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد، ضرب إسماعيل القاضي على حديث الهيثم بن سهل عن حماد، وأنكر عليه. لكن الحديث صحيح من طريق آخر، فقد أخرجه أحمد "2/ 12 - 13"، والبخاري "2772"، ومسلم "1932"، وأبو داود "2878"، والترمذي "1375"، والنسائي "6/ 230 - 231" من طريق ابن عون -واسمه عبد الله- عن نافع، عن ابن عمر، به. ومعنى قوله:"غير متأثل": معناه غير جامع.

ص: 517

‌2022 - أحمد بن صالح

(1)

: " خ، د"

الإمام الكبير، حافظ زمانه بالديار المصرية، أبو جعفر المصري، المعروف: بابن الطبري.

كان أبوه جنديًا من آمل طبرستان.

وكان أبو جعفر رأسًا في هذا الشأن، قل أن ترى العيون مثله مع الثقة والبراعة.

ولد بمصر سنة سبعين ومائة، ضبطه ابن يونس.

حدث عن: ابن وهب -فأكثر- وعن: سفيان بن عيينة، ارتحل إليه، وحج، وسار إلى اليمن، فأكثر عن عبد الرزاق، وروى أيضًا، عن ابن أبي فديك، وعنبسة بن خالد الأيلي، وحرمي بن عمارة، وأسد بن موسى، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، ويحيى بن حسان، ويحيى بن محمد الجاري، وأبي نعيم، وعفان، وسلامة بن روح، وخلق سواهم.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن يحيى، وموسى بن سهل الرملي، ومحمد بن المثنى الزمن، وهو أكبر منه، ومحمود بن غيلان، وهو من طبقته، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومات قبله بزمان، وأبو إسماعيل الترمذي، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم، ويعقوب الفسوي، وإسماعيل سمويه، وصالح بن محمد جزرة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة الدمشقي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، وعبيد بن رجال، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان، وخلق كثير آخرهم، وفاة أبو بكر بن أبي داود. وقد سمع منه النسائي، ولم يحدث عنه، وقع بينهما، وآذاه أحمد بن صالح، فآذى النسائي نفسه بوقوعه في أحمد.

روى علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن محمد بن عبد الله بن نمير، سمعت أبا نعيم يقول: ما قدم علينا أحد بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى -يريد: أحمد بن صالح.

وقال الحافظ ابن عدي: سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول: قدمت العراق، فسألني أحمد بن حنبل: من خلفت بمصر? قلت: أحمد بن صالح، فسر بذكره، وذكر خيرًا، ودعا الله له.

محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري: سمعت أبا الحسن علي بن محمود الهروي يقول: قلت لأحمد بن حنبل: من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب? قال: أحمد بن صالح، ومحمد بن يحيى النيسابوري.

وقال عبد الله بن إسحاق النهاوندي الحافظ: سمعت يعقوب بن سفيان يقول: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات ما أحد أتخذه عند الله حجة إلا رجلين: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل بالعراق.

قلت: في صحة هذا نظر، فإن يعقوب ما كتب عن ألف شيخ، ولا شطر ذلك، وهذه مشيخته موجودة في مجلد لطيف، وشتان ما بين الأحمدين في سعة الرحلة، وكثرة المشايخ والجلالة والفضل.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1510"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 73"، وتاريخ بغداد "4/ 195"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 511"، وميزان الاعتدال "1/ 103 - 104"، والعبر "1/ 450"، والوافي بالوفيات "6/ 424"، وتهذيب التهذيب "1/ 39 - 42"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 328"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 117".

ص: 518

قال البخاري: أحمد بن صالح ثقة صدوق ما رأيت أحدًا يتكلم فيه بحجة، وكان أحمد بن حنبل، وعلي، وابن نمير، وغيرهم يثنون على أحمد بن صالح كان علي يقول: سلوا أحمد، فإنه أثبت.

خلف الخيام: سمعت صالح بن محمد يقول: قال أحمد بن صالح: كان عند ابن وهب مائة ألف حديث كتبت عنه خمسين ألفًا.

قال صالح: ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث، ولا يحفظ غير أحمد بن صالح كان يعقل الحديث، ويحسن أن يأخذ، وكان رجلا جامعًا يعرف الفقه، والحديث، والنحو، ويتكلم يعني: يعرف، ويذاكر في حديث الثوري، وشعبة، وأهل العراق أي يذاكر بذلك قال: وكان قدم العراق، وكتب عن عفان، وهؤلاء، وكان يذاكر بحديث الزهري، ويحفظه.

وقال أحمد بن صالح: كتبت عن ابن زبالة يعني: محمد بن الحسن بن زبالة مائة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث، فتركت حديثه.

وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر بن السرح ويقع في حرملة، ويونس بن عبد الأعلى.

قال ابن عدي: سمعت محمد بن موسى الحضرمي هو أخو أبي عجيبة يقول: سمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض الناس منها الكل -يعني: حرملة- وعند بعض الناس منها النصف -يريد نفسه.

قال علي بن الجنيد الحافظ: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: أخبرنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفرات، فليس أحد مثله.

وقال الحافظ ابن عقدة: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة سمعت ابن نمير، وذكر أحمد بن صالح، فقال: هو واحد الناس في علم الحجاز، والمغرب فهم، وجعل يعظمه، وأخبرنا عنه بغير شيء.

أحمد بن سلمة النيسابوري، عن ابن وارة قال: أحمد بن حنبل ببغداد، وابن نمير بالكوفة، والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين.

قال أحمد العجلي: أحمد بن صالح مصري ثقة صاحب سنة.

وقال أبو حاتم: ثقة كتبت عنه بمصر، وبدمشق، وأنطاكية.

ص: 519

قال أبو زرعة الدمشقي: ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة ومائتين.

وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح، وكان لا يحدث عنه: وكتب عن ابن زبالة بخمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه، وحدث أحمد بن صالح قبل أن يبلغ الأربعين، وكتب عباس العنبري عن رجل، عنه، وقال: كان أحمد ابن صالح يقوم كل لحن في الحديث.

وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل الغزال: أحمد بن صالح طبري الأصل كان من حفاظ الحديث، واعيًا، رأسًا في علم الحديث وعلله، وكان يصلي بالشافعي، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم بالآثار منه.

قال أبو سعيد بن يونس: كان أبوه من طبرستان جنديًّا من العجم، وكان أحمد حافظًا للحديث ذكره النسائي يومًا، فرماه وأساء الثناء عليه، وقال: حدثنا معاوية بن صالح سمعت يحيى بن معين يقول: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف ثم قال ابن يونس: لم يكن عندنا بحمد الله كما قال النسائي، ولم يكن له آفة غير الكبر.

وقال أبو أحمد بن عدي: سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا دواد السجستاني يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون يعني: ليس بذاك في الجلالة.

ثم قال ابن عدي: وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول: كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار، ويركبه إلى صلاة الجمعة، وكنت جالسًا عند حرملة، في الجامع، فجاز أحمد بن صالح على باب الجامع، فنظر إلينا، وإلى حرملة، ولم يسلم، فقال حرملة: انظروا إلى هذا بالأمس يحمل دواتي، واليوم يمر بي فلا يسلم.

وقال أيضًا: سمعت محمد بن سعد السعدي يقول: سمعت أبا عبد الرحمن النسائي سمعت معاوية بن صالح قال: سألت يحيى عن أحمد بن صالح، فقال: رأيته كذابًا يخطر في جامع مصر.

وقال عبد الكريم بن النسائي، عن أبيه: أحمد بن صالح ليس بثقة، ولا مأمون تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيي بن معين بالكذب.

قال ابن عدي: كان النسائي سيئ الرأي فيه، وينكر عليه أحاديث منها عن ابن

ص: 520

وهب، عن مالك، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الدين النصيحة"

(1)

.

ثم قال ابن عدي: أحمد بن صالح من حفاظ الحديث، وخاصة لحديث الحجاز، ومن المشهورين بمعرفته، وحدث عنه: البخاري مع شدة استقصائه، ومحمد بن يحيى، واعتمادهما عليه، في كثير من حديث الحجاز، وعلى معرفته، وحدث عنه من حدث من الثقات، واعتمدوه حفظًا، وإتقانًا، وكلام ابن معين، فيه تحامل، وأما سوء ثناء النسائي عليه، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول: هذا الخراساني يتكلم، في أحمد بن صالح، وحضرت مجلس أحمد بن صالح، وطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه قال: وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه، فالقول ما قاله أحمد لا ما قاله غيره، وحديث: "الدين

(1)

متن الحديث صحيح: لكن قد اختلف على مالك فيه، فقد رواه عنه عبد الله بن وهب كما في هذا الإسناد، ورواه عنه عبد الله بن نافع، ومحمد بن خالد، وزياد بن يونس، وأحمد بن حاتم بن مخشي ومعن بن عيسى، فقالوا فيه: عن مالك، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

وتابعه سفيان الثوري من رواية بشر بن منصور عنه، فرواه عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وكذا رواه عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني عن سهيل.

وقال علي بن المديني -كما في "التاريخ الكبير للبخاري""6/ 460 - 461": بلغني أن في كتاب عثمان ابن عمر: عن مالك، عن سهيل، عن عطاء، عن تميم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وتابعه سليمان التيمي، ويحيى بن سعيد، وجرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، وزهير بن معاوية، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، فرووه عن سهيل، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري، وكذلك رواه سفيان الثوري من رواية محمد بن يوسف وابن مهدي عنه.

ورواه عنه علي بن قادم فقال عن سهيل، عن أبيه، عن عطاء بن يزيد، عن تميم.

وقد ورد عن أبي هريرة: عند أحمد "2/ 297" والترمذي "1926"، ومحمد بن نصر "748" في "تعظيم قدر الصلاة" من طريق صفوان بن عيسى، أخبرنا ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" ثلاث مرات. قال: قيل: يا رسول الله لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير""6/ 460"، وفي "الأوسط""2/ 34"، والنسائي "7/ 157" من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم والقعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير""6/ 460 - 461"، وفي "التاريخ الأوسط" -المطبوع خطأ باسم الصغير- "2/ 34"، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة""754" من طريق سليمان بن بلال، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم، عن أبي صالح، به.

وقد ورد الحديث عن تميم الداري: عند مسلم "55"، والنسائي "7/ 156"، وأحمد "4/ 102" من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تيم الداري، به.

ص: 521

النصيحة". الذي أنكره النسائي قد رواه يونس بن عبد الأعلى أيضًا، عن ابن وهب، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة. قال: وأحمد بن صالح من أجلة الناس، وذاك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن، في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول: كتب إلي أحمد بن صالح: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، ولولا أني شرطت، في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم، فيه متكلم لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره.

قال أبو عمرو الداني، عن مسلمة بن القاسم: الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله، وإن أحمد بن حنبل وغيره وكتبوا عنه، ووثقوه، وكان سبب تضعيف النسائي له أن أحمد بن صالح كان لا يحدث أحدًا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة، فكان يحدثه ويبذل له علمه، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة، فأتى النسائي ليسمع منه، فدخل بلا إذن، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة، فلما رآه في مجلسه، أنكره، وأمر بإخراجه، فضعفه النسائي لهذا.

وقال الخطيب: احتج سائر الأئمة بحديث ابن صالح سوى النسائي، فإنه ترك الرواية عنه، وكان يطلق لسانه فيه، وليس الأمر على ما ذكر النسائي. ويقال: كان فيه الكبر، وشراسة الخلق، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه، فذلك الذي أفسد الحال بينهما.

وقد ذكر ابن حبان أحمد بن صالح في الثقات، وما أورده في الضعفاء فأحسن، ولكن ذكر في الضعفاء أحمد بن صالح المكي الشمومي، وكذبه، وادعى أنه هو الذي حط عليه ابن معين، وقصد أن ينزه ابن معين عن الوقيعة في مثل أحمد بن صالح الطبري الحافظ.

قال عبد الله بن محمد بن سيار: أخبرنا بندار قال: كتبت إلى أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث -أي إجازة- وسألته أن يجيز لي، أو يكتب إليَّ بحديث مخرمة بن بكير، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذلك إليَّ.

قال الخطيب: بلغني أن أحمد بن صالح كان لا يحدث إلا ذا لحية، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه، فلما حمل أبو داود السجستاني إليه ابنه ليسمع منه -وكان إذا ذاك أمرد- أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره. فقال أبو داود: هو -وإن كان أمرد- أحفظ من أصحاب اللحى، فامتحنه بما أردت. فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ، ولم يحدث أمرد غيره.

قال: وكان أحد حفاظ الأثر، عالمًا بعلل الحديث، بصيرًا باختلافه، ورد بغداد قديمًا، وجالس بها الحفاظ، وجرت بينه، وبين أحمد بن حنبل مذاكرات، وكان أبو عبد الله يذكره،

ص: 522

ويثني عليه، وقيل: إن كلا منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثًا ثم رجع ابن صالح إلى مصر، وانتشر عند أهلها علمه، وحدث عنه الأئمة.

أنبأنا أبو الغنائم بن علان، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الحافظ أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل، أخبرنا أبو أحمد بن عدي سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول: قدمت مصر، فأتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت? قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل? فقلت: أنا من أصحابه. قال: تكتب لي موضع منزلك? فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيننا. فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومائتين إلى عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك? فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، واستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب، فأذن له، فقام إليه، ورحب به وقربه، ثم قال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا، فما رأيت أحسن من مذاكرتهما، ثم قال أحمد بن حنبل: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد الصحابة، فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر

، إلى أن قال لأحمد بن صالح: عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف قال: النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يسرني أن لي حمر النعم، وأن لي حلف المطيبين"

(1)

.

فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ، وتذكر مثل هذا. فجعل أحمد يتبسم، ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح؛ عبد الرحمن بن إسحاق، فقال: من رواه عن عبد الرحمن? فقال: حدثناه ثقتان: إسماعيل ابن علية، وبشر بن المفضل. فقال أحمد بن صالح: سألتك بالله إلا أمليته عليَّ. فقال: أحمد من الكتاب، فقام، ودخل، فأخرج الكتاب، وأملى عليه، فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث لكان كثيرًا ثم، ودعه، وخرج.

وهذا الحديث، في "مسند" الإمام أحمد عنهما، ولفظه قال صلى الله عليه وسلم:"شهدت غلامًا مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه". فهذا لفظ إسماعيل ثم رواه ثانيًا، فقال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن

(1)

صحيح: انظر تخريجنا الآتي.

ص: 523

أبيه، عن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"شهدت حلف المطيبين مع عمومتي، وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم، وإني أنكثه"

(1)

.

قلت: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه، أخبرنا حنبل، أخبرنا ابن الحصين، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي بهما.

وقد قال البخاري في التوحيد من صحيحه: حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو، عن ابن أبي هلال أن أبا الرجال حدثه، عن أمه عمرة، وكانت في حجر عائشة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه، في صلاتهم، فيختم بـ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"سلوه لأي شيء يصنع ذلك"؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أخبروه أن الله يحبه"

(2)

.

فمحمد هو ابن يحيى الذهلي. قال ذلك أبو علي الغساني، في كتاب "تقييد المهمل"، وأنا إلى هذا أميل إن كانت النسخ متفقة في ذلك، فإنني أخاف أن يكون محمد هو البخاري، فإن كثيرًا من النسخ في أول كل حديث منها اسم المؤلف، وفي بعضها: محمد الفربري، أخبرنا محمد، فيحرر هذا.

قال أبو زرعة النصري: حدثني أحمد بن صالح قال: حدثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار، فأعجبه، واستزادني مثله، فقلت: ومن أين مثله?!

قال: صالح بن محمد جزرة الحافظ: حضرت مجلس أحمد بن صالح، فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي، فقلت: أما الماجن، فأنا هو: وذاك أنه قيل له: صالح الماجن قد حضر مجلسك.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 193"، والبخاري في "الأدب المفرد""567"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني""221"، وأبو يعلى "846"، وابن حبان "4373"، والحاكم "2/ 219 - 220" وابن عدي في "الكامل""4/ 301"، والبيهقي في "السنن""6/ 366"، وفي "دلائل النبوة""2/ 37" من طريق إسماعيل بن علية، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، به.

وأخرجه أحمد "1/ 190" من طريق بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، به.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "7375".

ص: 524

الحاكم: حدثنا أبو حامد السياري، حدثنا أبو بكر محمد بن داود الرازي: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح، فدخلت، فتذاكرانا إلى أن ضاق الوقت ثم أخرجت من كمي أطرافًا فيها أحاديث، فسألته عنها، فقال لي: تعود. فعدت من الغد مع أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف، وسألته، فقال: تعود. فقلت: أليس قلت لي بالأمس: ما عندك ما يكتب؟ أورد علي مسندًا أو مرسلا أو حرفًا مما أستفيد، فإن لم أورد ذلك عمن هو أوثق منك، فلست بأبي زرعة. ثم قمت، وقلت لأصحابنا: من ههنا ممن نكتب عنه? قالوا: يحيى بن بكير، فذهبت إليه.

قال ابن عدي: كان أحمد بن صالح قد سمع في كتب حرملة، فمنعه حرملة من الكتب، ولم يدفع إليه إلا نصف الكتب، فكان أحمد بن صالح بعد كل من سمع من حرملة، وبدأ به إذا وافى مصر لم يحدثه أحمد.

وقال ابن عدي: سمعت عبد الله بن محمد بن سلم المقدسي يقول: قدمت مصر، فبدأت بحرملة، فكتبت عنه كتاب عمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، والفوائد، ثم ذهبت إلى أحمد بن صالح، فلم يحدثني، فحملت كتاب يونس، فخرقته بين يديه أرضيه بذلك، وليتني لم أخرقه، فلم يرض، ولم يحدثني.

قلت: نعوذ بالله من هذه الأخلاق صدق أبو سعيد بن يونس حيث يقول: لم يكن له آفة غير الكبر، فلو قدح في عدالته بذلك، فإنه إثم كبير.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد، أخبرنا المبارك بن أبي الجود، أخبرنا أحمد بن أبي غالب الزاهد، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان، حدثنا أبو جعفر أحمد بن صالح المصري، حدثنا ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله إني أسمع منك حديثًا كثيرًا، فأنساه قال:"ابسط رداءك". فبسطته، فغرف بيده ثم قال:"ضمه". فضممته، فما نسيت حديثًا بعد

(1)

.

رواه البخاري، عن الثقة، عن ابن أبي فديك.

وبه: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "118" و"119" و"2047" و"2350" و"7354"، ومسلم "2492".

ص: 525

شرحبيل، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يتصدق الرجل في حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمائة دينار عند موته"

(1)

.

أخرجه أبو داود، عن أحمد، فوافقناه بعلو.

فأما حديث بيع الثمار، فأنبأناه علي بن أحمد، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا أبو غالب بن البناء، أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا أحمد، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس بن يزيد قال: سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما يذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث، عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال: كان الناس يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس، وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمار الدمان، وأصابه قشام، وأصابه مراض عاهات يحتجون بها، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإما لا فلا تبيايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها". كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم

(2)

. قال ابن أبي داود: إني شاك لا أدري سمعت هذه الكلمة من قول أحمد، وهو في كتابي مجاز عليه. وأخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح.

قال جماعة منهم البخاري، وابن زبر: مات أحمد بن صالح في شهر ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين، وقد كان أحمد بن صالح من جلة المقرئين.

قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضًا وسماعًا عن ورش، وقالون، وإسماعيل بن

(1)

ضعيف: أخرجه أبو داود "2866"، وابن حبان "821" من طريق ابن أبي فديك، به.

قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات خلا شرحبيل، وهو ابن سعد، أبو سعد المدني، مولى الأنصار، فإنه ضعيف بالاتفاق، وقد اتهمه بعضهم.

(2)

صحيح: أخرجه أبو داود "3372" حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة بن خالد، حدثنا يونس، به.

وأخرجه البخاري "2193" معلقا قال: وقال الليث، عن أبي الزناد: كان عروة يحدث عن سهل بن أبي حثمة

فذكره.

وقال الحافظ في الفتح: لم أره موصلا من طريق الليث، وقد رواه سعيد بن منصور، عن أبي الزناد، عن أبيه نحو حديث الليث ولكن بالإسناد الثاني دون الأول، وأخرجه أبو داود والطحاوي من طريق يونس بن يزيد، عن أبي الزناد بالإسناد الأول دون الثاني. وأخرجه أبو داود والطحاوي من طريق يونس بن يزيد، عن أبي الزناد بالإسناد الأول دون الثاني. وأخرجه البيهقي من طريق يونس بالإسنادين معا.

وقوله "جد الناس" وفي رواية البخاري "جذ" بالذال: أي قطعوا ثمر النخل، أي استحق الثمر القطع. وفي رواية أبي ذر عن المستملي والسرخسي "أجذ" بزيادة الألف ومثله للنسفي، قال ابن التين: معناه دخلوا في زمن الجذاذ كأظلم إذا دخل في الظلام. والجذاذ: صرام النخل وهو قطع ثمرتها وأخذها من الشجر.

ص: 526

أبي أويس وأخيه؛ أبي بكر بن أبي أويس، كلهم عن نافع قال: وروى حروف عاصم عن حرمي بن عمارة.

روى عنه القراءة: حجاج الرشديني، والحسن بن أبي مهران الجمال، والحسن بن علي بن مالك الأشناني، وحسن بن القاسم، والخضر بن الهيثم الطوسي، وأبو إسحاق الحراني، وغيرهم.

قرأت على عمر بن عبد المنعم، عن زيد بن الحسن أنبأنا أبو الحسين بن توبة، أخبرنا أبو محمد بن هزارمرد

(1)

، أخبرنا عمر بن إبراهيم الكتاني، حدثنا ابن مجاهد في كتاب "السبعة" له قال: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا أحمد بن صالح عن ورش، وقالون، وأبي بكر، وإسماعيل عن نافع بالحروف.

قال أبو داود: سألت أحمد بن صالح عمن قال: القرآن كلام الله، ولا يقول: مخلوق، ولا غير مخلوق، فقال: هذا شاك، والشاك كافر.

قلت: بل هذا ساكت، ومن سكت تورعًا لا ينسب إليه قول، ومن سكت شاكًّا مزريًا على السلف، فهذا مبتدع.

وقال محمد بن موسى المصري: سألت أحمد بن صالح، فقلت: إن قومًا يقولون: إن لفظنا بالقرآن غير الملفوظ، فقال: لفظنا بالقرآن هو الملفوظ، والحكاية هي المحكي، وهو كلام الله غير مخلوق من قال: لفظي به مخلوق، فهو كافر.

قلت: إن قال: لفظي، وعنى به القرآن، فنعم، وإن قال: لفظي، وقصد به تلفظي وصوتي وفعلي أنه مخلوق، فهذا مصيب، فالله تعالى خالقنا، وخالق أفعالنا، وأدواتنا، ولكن الكف عن هذا هو السنة، ويكفي المرء أن يؤمن بأن القرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله على قلب نبيه، وأنه غير مخلوق، ومعلوم عند كل ذي ذهن سليم أن الجماعة إذا قرءوا السورة أنهم جميعهم قرءوا شيئًا، واحدًا، وأن أصواتهم وقراءاتهم وحناجرهم أشياء

مختلفة، فالمقروء كلام ربهم، وقراءتهم وتلفظهم ونغماتهم متباينة، ومن لم يتصور الفرق بين التلفظ وبين الملفوظ، فدعه، وأعرض عنه.

(1)

هو: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن مجيب بن المجمع بن بحر بن معبد بن هزارمرد الصريفيني، راوي كتاب "الجعديات" عن أبي القاسم بن حبابة وهو من بلدة "صرفين" التي نسب إليها. وهي بلدة في سواد العراق في موضعين: إحداهما قرية كبيرة غناء شجراء قرب عكبراء، وأوانا على ضفة نهر دجيل. تأتي ترجمته في كتابنا هذا "سير أعلام النبلاء" ترجمة "4245" في المجلد الحادي عشر من هذه الطبعة المباركة. ط. دار الحديث.

ص: 527

‌2023 - عقبة بن مكرم

(1)

: " م، د، ت، ق"

ابن أفلح الحافظ الثبت أبو عبد الملك العمي البصري، لا الكوفي.

حدث عن غندر، ويحيى القطان، ومحمد بن أبي عدي، وعبد الرحمن، وابن أبي فديك، ووهب بن جرير، وخلق كثير.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وبقي بن مخلد، وابن أبي عاصم، وأحمد بن عمر البزار، وعلي بن زاطيا، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، وآخرون.

قال أبو داود: ثقة ثقة، هو فوق بندار عندي.

وقال بعض الحفاظ: كان ثقة مجودًا.

قال السراج: مات في سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

أما:

‌2024 - عُقبة بن مُكْرَم الضَّبي

(2)

:

الهلالي الكوفي، فحدث عن: سفيان بن عيينة، والمسيب بن شريك، ومصعب بن سلام، ويحيى بن يمان.

حدث عنه: إبراهيم بن ديزيل، وابن أبي عاصم، ومطين، والحسن بن سفيان، وعبدان الجواليقي، وأبو يعلى الموصلي.

قال أبو داود: ليس به بأس.

وقال مطين: صدوق، لا يخضب.

قلت: ما خرجوا لهذا شيئًا.

مات في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2918"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 235" و"2/ 100 و 120 و 264"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1765"، وتاريخ بغداد "12/ 266"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 114"، والكاشف "2/ ترجمة 39063"، وتهذيب التهذيب "7/ 250"، وتقريب التهذيب "2/ 28"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4907"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104"، والعبر "1/ 440".

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2919"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1766"، والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب "7/ 251"، وتقريب التهذيب "2/ 28"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4908".

ص: 528

‌2025 - محمود بن خِداش

(1)

: " ت، ق"

الإمام الحافظ الثقة، أبو محمد الطالقاني، ثم البغدادي.

حدث عن هشيم، وابن المبارك، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وعباد بن العوام، وسيف بن محمد الثوري، وطبقتهم، فأكثر وجود.

حدث عنه: الترمذي، وابن ماجه، وأبو عبد الرحمن النسائي، في تأليفه له، وبقي بن مخلد، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن فيروز الأنماطي، وأبو عبد الله المحاملي، وآخرون.

روى أحمد بن محمد بن محرز، عن يحيى بن معين هو ثقة لا بأس به.

وقال محمد بن أحمد الرواس: سمعت محمود بن خداش يقول: ما بعت شيئًا قط، ولا اشتريته.

قال السراج: كأنه ولد في سنة ستين ومائة.

وقال يعقوب الدورقي: كنت فيمن غسله، فرأيته في المنام، فقلت: يا أبا محمد ما فعل بك ربك? قال: غفر لي، ولجميع من تبعني. قلت: فأنا قد تبعتك، فأخرج ورقًا من كمه فيه مكتوب يعقوب بن إبراهيم بن كثير.

قال السراج: مات سنة خمسين ومائتين.

قلت: وقع حديثه عاليًا عند سبط السلفي.

أخبرنا الأبرقوهي، أخبرنا أبو المحاسن البيع، أخبرنا محمد بن عبد العزيز، أخبرنا العاصمي، أخبرنا ابن مهدي، حدثنا المحاملي، حدثنا محمود بن خداش، حدثنا هشيم،

أخبرنا منصور، عن الحسن، وأبو بشر، عن سعيد بن جبير في قوله:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94]، قالا: لم يشك، ولم يسأل.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1339"، وتاريخ الخطيب "13/ 90"، والكاشف "3/ ترجمة 5416"، وتهذيب التهذيب "6210"، وتقريب التهذيب "2/ 233"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6880".

ص: 529

‌2026 - عبد الحميد بن عصام

(1)

:

الإمام الحافظ الصادق، أبو عبد الله الجرجاني، نزيل همذان.

سمع سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي، والعقدي، وسعيد بن عامر، وأبا داود الحفري، وطبقتهم.

وعنه: يحيى بن عبد الله الكرابيسي، وأحمد بن محمد بن أوس، وأبو حاتم، وآخرون.

قال ابن أبي حاتم: قدمت همذان، وهو حي، ولم يقدر لي السماع منه، وقال أبي: هو صدوق.

وقال صالح بن أحمد: حدثنا عنه الحسن بن علي، وإبراهيم بن عمروس، وأحمد بن الحسن بن عزون، وأحمد بن محمد، وسمعت القاسم بن أبي صالح يقول: سمعت إبراهيم بن الحسين يقول: ما لقي الجرجاني مثله.

وقال إبراهيم: ليس أنا مثل: ينكمر، ذاكم الجرجاني. ورأيت في كتاب أحمد بن يوسف قال المرار: كتبت عن ألف شيخ ما رأيت مثل الجرجاني، ولما وقعت المحنة في اللفظ سكت الجرجاني، فخرج عليه أصحاب الحديث، فسمعت أبي يقول: ذهبت مع صالح بن حمويه؛ أخي المرار، فوقف على مجلس الجرجاني، فقال: ما تقول في اللفظ بالقرآن? فسكت حتى سأله الثالثة، فقال: أراه محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

قال صالح بن أحمد: كان أحد العلماء، والفقهاء، ثقة، صدوقًا. قيل: إنه ناظر أبا عبيد.

مات ست سبع وخمسين ومائتين.

وقيل: سنة ست، وله ذرية كبراء، محتشمون بهمذان، رحمه الله.

ولم يقع لنا من عوالي هذا الإمام شيء.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 85".

ص: 530

‌2027 - الأشج

(1)

: " ع"

الحافظ الإمام الثبت شيخ الوقت أبو سعيد عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي، الكوفي المفسر، صاحب التصانيف.

حدث عن هشيم بن بشير، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس، وعقبة بن خالد، وعبد السلام بن حرب، وأبي خالد الأحمر، وزياد بن الحسن بن الفرات، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، وإبراهيم بن أعين، ومحمد بن فضيل، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، والمطلب بن زياد، وخلق كثير.

وكان أول طلبه للعلم بعد الثمانين ومائة. رأيت "تفسيره" مجلد.

وعنه: الجماعة الستة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ويعقوب الفسوي، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو يعلى الموصلي، وزكريا الساجي، وعمر بن محمد بن بجير، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو القاسم البغوي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وهناد بن السري الصغير، وخلق سواهم من آخرهم إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في "أماليه".

قال أبو حاتم الرازي هو إمام أهل زمانه.

وقال محمد بن أحمد بن بلال الشطوي: ما رأيت أحفظ منه.

وقال النسائي: صدوق.

قلت: توفي في شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين ومائتين، وقد نيف على التسعين.

أخبرنا القاضي العلامة محيي الدين محمد بن يعقوب الأسدي الحنفي، وجماعة، قالوا: أخبرنا إبراهيم بن عثمان، أخبرنا محمد بن عبد الباقي، وعلي بن عبد الرحمن الطوسي، وأخبرنا سنقر بن عبد الله بحلب، أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، وعبد اللطيف بن محمد، وأنجب الحمامي، وعلي بن أبي الفخار، ومحمد بن محمد بن السباك، وأخبرنا أبو المعالي بن الرفيع، أخبرنا محمد بن الخضر قراءة بحران، وعدة، قالوا جميعًا: أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال هو، والطوسي: أخبرنا مالك بن أحمد البانياسي، أخبرنا أحمد

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 342"، والأنساب للسمعاني "1/ 270"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 517"، والكاشف "2/ ترجمة 2780"، والعبر "2/ 15"، وتهذيب التهذيب "5/ 236"، وتقريب التهذيب "1/ 419"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3532"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 137".

ص: 531

ابن محمد بن موسى بن القاسم، حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي إملاء، حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا عبد السلام -هو ابن حرب- عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد الله: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة".

أخرجه الترمذي

(1)

، عن الأشج، فوافقناه بعلو.

وفي سنة سبع: مات الحسن بن عرفة، وعلي بن خشرم، وزيد بن أخرم، وأحمد بن منصور زاج، وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، وزهير بن محمد المروزي، وسليمان بن معبد السنجي، والحسن بن عبد العزيز الجروي، وأبو الفضل عباس الرياشي، ومحمد بن حسان الأزرق، ومحمد بن عمرو بن حنان، ومحمد بن وزير الواسطي.

(1)

صحيح: أخرجه الترمذي "622"، وابن ماجه "1803"، وإسناده ضعيف؛ آفته خصيف وهو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني، أبو عون، ضعفه أحمد. وقال مرة: ليس بالقوي.

وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه.

لكن للحديث شاهد عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من البقرة من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم -يعني محتلما- دينارا أو عدله من المعافر، ثياب تكون باليمن. أخرجه عبد الرزاق "6841"، وأبو داود "1576" و"1577"، والنسائي "5/ 26"، وابن ماجه "1803"، والدارمي "1/ 382"، والدارقطني "2/ 102"، وابن الجارود "178"، والبيهقي "4/ 98" و"9/ 193"، والحاكم "1/ 398".

وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. وهو كما قالوا.

ص: 532

‌2028 - السَّرِي بن المُغَلِّس السِّقَطِي

(1)

:

الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو الحسن البغدادي.

ولد في حدود الستين ومائة.

وحدث عن: الفضيل بن عياض، وهشيم بن بشير، وأبي بكر بن عياش، وعلي بن غراب، ويزيد بن هارون، وغيرهم بأحاديث قليلة، واشتغل بالعبادة، وصحب معروفًا الكرخي، وهو أجل أصحابه.

روى عنه: الجنيد بن محمد، والنوري أبو الحسين، وأبو العباس بن مسروق، وإبراهيم

ابن عبد الله المخرمي، وعبد الله بن شاكر، فروى ابن شاكر. عنه، قال: صليت وردي ليلة، ومددت رجلي في المحراب، فنوديت: يا سري كذا تجالس الملوك! فضممتها، وقلت: وعزتك لا مددتها.

قال أبو بكر الحربي: سمعت السري يقول: حمدت الله مرة، فأنا أستغفر من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة قيل: وكيف ذاك? قال: كان لي دكان فيه متاع، فاحترق السوق، فلقيني رجل، فقال: أبشر دكانك سلمت، فقلت: الحمد لله ثم فكرت، فرأيتها خطيئة.

ويقال: إن السري رأى جارية سقط من يدها إناء، فانكسر، فأخذ من دكانه إناء، فأعطاها، فرآه معروف الكرخي، فدعا له قال: بغض الله إليك الدنيا. قال: فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف.

وقال الجنيد: سمعت سريًّا يقول: أشتهي منذ ثلاثين جزرة أغمسها في دبس وآكلها، فما يصح لي. وسمعته يقول: أحب أن آكل أكلة ليس لله علي فيها تبعة، ولا لمخلوق فيها منة، فما أجد إلى ذلك سبيلا. ودخلت على السري، وهو يجود بنفسه، فقلت: أوصني. قال: لا تصحب الأشرار، ولا تشتغلن عن الله بمجالسة الأخيار.

قال الفرخاني: سمعت الجنيد يقول: ما رأيت أعبد لله من السري أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رئي مضطجعًا إلا في علة الموت.

قال الجنيد: وسمعته يقول: إني لأنظر إلى أنفي كل يوم مخافة أن يكون وجهي قد اسود، وما أحب أن أموت حيث أعرف، أخاف أن لا تقبلني الأرض، فأفتضح.

وسمعته يقول: فاتني جزء من وردي، فلا يمكنني قضاؤه، يعني: لاستغراق أوقاته.

قال أبو عبد الرحمن السلمي: كان السري أول من أظهر ببغداد لسان التوحيد وتكلم في علوم الحقائق، وهو إمام البغداديين في الإشارات.

قلت: وممن صحبه: العباس بن يوسف الشكلي، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي.

توفي في شهر رمضان، سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

وقيل: توفي سنة إحدى وخمسين.

وقيل: سنة سبع وخمسين.

(1)

ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 469"، وتاريخ بغداد "9/ 187"، والعبر "2/ 5"، ولسان الميزان "3/ 13"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 339"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 127".

ص: 533

‌2029 - الحسن بن شُجاع

(1)

: " ت"

ابن رجاء الحافظ الناقد الإمام المحقق، أبو علي البلخي أحد الأعلام، له معرفة واسعة، ورحلة شاسعة.

لقي مكي بن إبراهيم، وطبقته ببلخ، ولحق عبيد الله بن موسى -وهو أكبر شيخ له- وأبا نعيم، وأبا مسهر الغساني، ويحيى الوحاظي، وسعيد بن أبي مريم، وأبا الوليد الطيالسي، وأبا صالح كاتب الليث، ومحمد بن الصلت، ويحيى بن يحيى، وعلي بن المديني، وابن راهويه، وطبقتهم.

روى عنه: البخاري -وذلك في "جامع الترمذي"- وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن علي الأبار، ومحمد بن زكريا البلخي، وأبو العباس السراج، وآخرون.

وقد روى البخاري، في "صحيحه"، قال: أخبرنا الحسن، أخبرنا إسماعيل بن الخليل الخزاز، وذلك، في تفسير الزمر

(2)

، فقيل: هو البلخي.

قال نصر بن زكريا المروزي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: شباب خراسان أربعة: محمد بن إسماعيل، وعبد الله الدارمي، وزكريا بن يحيى اللؤلؤي، والحسن بن شجاع البلخي.

هذه حكاية صحيحة، ويرويها أيضًا الحسن بن حماد، عن قتيبة.

الحاكم: حدثني أحمد بن الحسين القاضي، عن بعض شيوخه، سمع عبد الله بن أحمد بن

(1)

ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 561"، والعبر "1/ 442"، والكاشف "1/ ترجمة 1042" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 53"، وتهذيب التهذيب "2/ 282"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1349"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 105".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "4812" حدثني الحسن، حدثنا إسماعيل بن خليل، أخبرنا عبد الرحيم عن زكرياء بن أبي زائدة، عن عامر، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة، فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش، فلا أدري؛ أكذلك كان، أم بعد النفخة"؟

قال الحافظ في الفتح: قوله: "حدثني الحسن" كذا في جميع الروايات غير منسوب، فجزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ فيما نقله الكلاباذي بأنه الحسن بن شجاع البلخي الحافظ، وهو أصغر من البخاري لكن مات قبله، وهو معدود من الحفاظ، ووقع في "المصافحة للبرقاني" أن البخاري قال في هذا الحديث "حدثنا الحسين" بضم أوله مصغر، ونقل عن الحاكم أنه الحسين بن محمد القباني فالله أعلم.

وإسماعيل بن الخليل شيخه من أوساط شيوخ البخاري، وقد نزل البخاري في هذا الإسناد درجتين لأنه يروي عن واحد عن زكريا بن أبي زائدة، وهنا بينهما ثلاثة أنفس. قوله:"أخبرنا عبد الرحيم" هو ابن سليمان. وعامر هو الشعبي.

ص: 534

حنبل يقول: قلت: يا أبة، مَن الحفاظ? قال: يا بني شباب كانوا عندنا من أهل خراسان، وقد تفرقوا قلت: من هم? قال محمد بن إسماعيل ذاك البخاري، وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي، والحسن بن شجاع ذاك البلخي قال: فقلت: يا أبة من أحفظ هؤلاء? قال: أما أبو زرعة فأسردهم، وأما محمد فأعرفهم، وأما الدارمي فأتقنهم، وأما ابن شجاع فأجمعهم للأبواب.

وقال أبو عمرو محمد بن عمر بن الأشعث البيكندي: سمعت عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة، والبخاري، وعبد الله بن عبد الرحمن، والحسن بن شجاع.

قال أبو عمرو: فحكيت هذا لمحمد بن عقيل، فأطرى ذكر الحسن بن شجاع، فقلت له: لم يشتهر كما اشتهر هؤلاء? قال: لأنه لم يمتع بالعمر.

وقال ابن حبان في "الثقات": الحسن بن شجاع من أصحاب الحديث ممن أكثر الرحلة، والكتب، والحفظ، والمذاكرة، مات وهو شاب لم ينتفع به.

وقال الحاكم: ابن شجاع من أئمة الحديث رحل، وصنف ثم أدركته المنية قبل الخمسين سنة.

روى عنه البخاري في "الجامع الصحيح" ثم نقل الحاكم أنه مات في نصف شوال سنة ست وستين ومائتين عن تسع وأربعين سنة، كذا نقل عن سعيد بن محمد الصوفي، عن محمد بن جعفر البلخي، وهذا خطأ لا يسوغ، فإن صح تاريخ موته هذا، فما عاش إلا نحوًا من سبعين سنة حتى يلحق في ارتحاله مثل عبيد الله بن موسى، وإلا فتحديد سنه باطل.

وأما أبو نصر الكلاباذي الحافظ، فقال في رجال البخاري: كان أبو حاتم سهل بن السري البخاري الحافظ الحذاء يقول: الحسن الذي روى عنه البخاري في تفسير سورة الزمر هو الحسن بن شجاع الحافظ عندي. ثم قال أبو نصر: كتب إلينا الشبيبي أن محمد بن جعفر البلخي حدثهم قال: مات للنصف من شوال سنة أربع وأربعين ومائتين، وهو ابن تسع وأربعين سنة.

قلت: الناقل -وهو محمد بن جعفر- هو الذي نقل عنه شيخ الحاكم، فهذا أصح عنه، وأخطأ ذاك الصوفي عليه حيث زاد في تاريخ موته اثنين وعشرين سنة، واتفقا في عمره، وفي نصف شهر موته، وأنه كان يوم الإثنين.

ثم قال الكلاباذي: وله إخوة: محمد بن شجاع -وكان أكبرهم- وأبو رجاء أحمد بن شجاع -وهو أوسطهم- وأبو شيخ.

ص: 535

‌2030 - الحسين بن الحسن بن حرب

(1)

: " ت، ق"

الإمام الحافظ الصادق، أبو عبد الله السلمي المروزي، صاحب ابن المبارك، جاور بمكة، وجمع، وصنف.

وحدث عن: ابن المبارك بشيء كثير، وعن سفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وهشيم بن بشير، والفضل بن موسى، والوليد بن مسلم، وعدة.

حدث عنه: الترمذي، وابن ماجه، وبقي بن مخلد، وداود بن علي الظاهري، وعمر بن بجير، ويحيى بن صاعد، وجعفر بن أحمد بن فارس، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن حبان: مات في سنة ست وأربعين ومائتين.

قلت: مات في عشر التسعين، وهو راوي كتاب "الزهد" لأحمد.

يقع لي من عواليه في "جزء البانياسي".

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 631 و 716" و"2/ 172" و"3/ 132 و 176" والكنى للدولابي "2/ 54"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 219"، والعبر "1/ 446"، والكاشف "1/ ترجمة 1091" وتهذيب التهذيب "2/ 334"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1417".

ص: 536

‌2031 - الخليع

(1)

:

الشاعر المفلق، أبو علي الحسين بن الضحاك الباهلي مولاهم، البصري، الخليع.

مدح الخلفاء، وسار شعره، وعمر دهرًا، وكان يذكر موت شعبة، وكان ذا ظرف ومجون، وتفنن في بديع النظم، وكان نديمًا مع إسحاق الموصلي.

مات سنة خمسين ومائتين، وله بضع وتسعون سنة. وشهر بالخليع؛ لمجونه وهناته، وهو القائل:

ولا وحبيك لا أصا

فح بالدمع مدمعا

من بكى شجوه استرا

ح وإن كان موجعا

كبدي في هواك أسـ

ـقم من أن يقطعا

لم تدع سورة الضنى

في للسقم موضعا

وله:

صل بخدي خديك تلق عجيبا

من معان يحار فيها الضمير

فبخديك للرياض ربيع

وبخدي للدموع غدير

(1)

ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "7/ 146"، وتاريخ بغداد "8/ 54"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "10/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 191"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".

ص: 536

‌2032 - الحسن بن الصباح بن محمد

(1)

: " خ، د، ت"

الإمام الحافظ الحجة، شيخ الإسلام، أبو علي الواسطي، ثم البغدادي البزار، ويعرف أيضًا بابن البزار.

حدث عن: سفيان بن عيينة، وأبي معاوية، وإسحاق الأزرق، ومبشر بن إسماعيل، ومعن بن عيسى، وشعيب بن حرب، ووكيع، وشبابة بن سوار، وحجاج بن محمد، وعدة.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى الموصلي، والحسن بن سفيان، ومحمد بن عمر بن بجير، ويحيى بن صاعد، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق كانت له جلالة عجيبة ببغداد كان أحمد بن حنبل يرفع من قدره، ويجله.

وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ما يأتي على ابن البزار يوم إلا وهو يعمل فيه خيرًا، ولقد كنا نختلف إلى فلان، فكنا نقعد نتذاكر إلى خروج الشيخ، وابن البزار قائم يصلي.

قال أبو العباس السراج: سمعت الحسن بن الصباح يقول: أدخلت على المأمون ثلاث

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2522"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 789" و"3/ 393"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 71"، وتاريخ بغداد "7/ 330"، والعبر "1/ 453"، والكاشف "1/ ترجمة 1045"، وميزان الاعتدال "1/ 499"، والوافي بالوفيات "12/ 60"، وتهذيب التهذيب "2/ 289"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1352"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 199".

ص: 537

مرات: رفع إليه أول مرة أنه يأمر بالمعروف -قال: وكان نهى أن يأمر أحد بمعروف- فأخذت، فأدخلت عليه، فقال لي: أنت الحسن البزار? قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قال: وتأمر بالمعروف? قلت: لا، ولكني أنهى عن المنكر. قال: فرفعني على ظهر رجل، وضربني خمس درر، وخلى سبيلي، وأدخلت المرة الثانية عليه، رفع إليه أني أشتم عليًّا رضي الله عنه فأدخلت، فقال: تشتم عليًّا? فقلت: صلى الله على مولاي وسيدي علي، يا أمير المؤمنين! أنا لا أشتم يزيد لأنه ابن عمك، فكيف أشتم مولاي وسيدي?! قال: خلوا سبيله. وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى البذندون في المحنة، فدفعت إلى أشناس. قال: فلما مات خلى سبيلي.

قال أحمد بن حنبل: ثقة صاحب سنة.

وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أيضًا: صالح.

وقال السراج: كان من خيار الناس ببغداد.

قرأت على محمد بن إبراهيم النحوي، وعلي بن محمد الفقيه، وأحمد بن محمد الحافظ: أخبركم عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرتنا بيبي بنت عبد الصمد، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا الحسن بن الصباح البزار، حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن عبد الله بن عبد الرحمن سمعت أنسًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يبرح الناس يسألون حتى يقولوا: هذا الله خلق كل شيء"، وذكر كلمة

(1)

.

أخرجه البخاري، عن البزار، فوافقناه.

مات في ربيع الآخر، سنة تسع وأربعين ومائتين، من أبناء الثمانين.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "7296"، ومسلم "136"، وأبو داود "4721".

ص: 538

‌2033 - محمد بن أسلم

(1)

:

ابن سالم بن يزيد، الإمام الحافظ الرباني شيخ الإسلام أبو الحسن الكندي مولاهم، الخراساني، الطوسي.

مولده في حدود الثمانين ومائة.

وسمع يزيد بن هارون، ويعلى بن عبيد، وأخاه؛ محمد بن عبيد، وجعفر بن عون، وعبيد الله بن موسى، وأبا عبد الرحمن المقرئ، وحسين بن الوليد النيسابوري، وقبيصة، وأبا نعيم، وعبد الحكم بن ميسرة -صاحب ابن جريج- والنضر بن شميل، ومحاضر بن المورع، ويحيى بن أبي بكير، ومسلم بن إبراهيم. وصنف "المسند"، و"الأربعين"، وغير ذلك.

حدث عنه: إبراهيم بن أبي طالب، والحسين بن محمد القباني، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن وكيع الطوسي، ومحمد بن أحمد بن زهير الطوسي، وزنجويه بن محمد اللباد، وعلي بن عبد الله، والحسن بن علي بن نصر الطوسي، وخلق.

وحدث عنه من أقرانه: علي بن الحسن الهلالي، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء.

قال أبو عبد الله الحاكم: كان من الأبدال المتتبعين للآثار.

قال فيه محمد بن رافع: دخلت على محمد بن أسلم، فما شبهته إلا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الحاكم: سمعت محمد بن أحمد بن بالويه، سمعت ابن خزيمة يقول: حدثنا من لم تر عيناي مثله، أبو عبد الله محمد بن أسلم.

وقال قبيصة: كان ابن مسعود أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: في هديه وسمته، وكان علقمة يشبه بابن مسعود في ذلك، ويشبه بعلقمة إبراهيم، وبإبراهيم منصور، وبمنصور سفيان، وبسفيان وكيع.

قال الحاكم: قام محمد بن أسلم مقام وكيع، وأفضل من مقامه لزهده وورعه وتتبعه للأثر.

أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا اللبان، أخبرنا الحداد إجازة، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبي، حدثنا خالي أحمد بن محمد بن يوسف، حدثنا أبي، قال: قرأت على محمد بن القاسم الطوسي خادم محمد بن أسلم سمعت إسحاق بن راهويه يقول في حديث: "إن الله لا يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف، فعليكم

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1129"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 447"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 550"، والعبر "1/ 437"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 204"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 308"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 100".

ص: 539

بالسواد الأعظم"

(1)

. فقال رجل: يا أبا يعقوب من السواد الأعظم? قال: محمد بن أسلم، وأصحابه، ومن تبعه. ثم قال إسحاق: لم أسمع عالمًا منذ خمسين سنة كان أشد تمسكًا بأثر النبي صلى الله عليه وسلم من محمد بن أسلم.

قال محمد بن القاسم: وسمعت أبا يعقوب المروزي ببغداد، وقلت له: قد صحبت محمد بن أسلم، وأحمد بن حنبل أيهما كان أرجح وأكبر وأبصر بالدين? فقال: يا أبا عبد الله لم تقول هذا? إذا ذكرت محمدًا في أربعة أشياء، فلا تقرن معه أحدًا: البصر بالدين، واتباع الأثر، والزهد في الدنيا، وفصاحته بالقرآن والنحو. ثم قال لي: نظر أحمد في كتاب "الرد على الجهمية" لابن أسلم، فتعجب منه. ثم قال أبو يعقوب: رأت عيناك مثل محمد? قلت: لا.

وبه قال محمد بن قاسم: سألت يحيى بن يحيى، عن ست مسائل، فأفتى فيها، وقد كنت سألت محمد بن أسلم، فأفتى فيها بغير ذلك، فاحتج فيها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في كل مسألة، وليس ذاك عندنا. وسمعت ابن راهويه ذات يوم روى في ترجيع الأذان أحاديث كثيرة، ثم روى حديث عبد الله بن زيد الأنصاري، ثم قال: يا قوم قد حدثتكم بهذه الأحاديث في الترجيع، وليس في غير الترجيع إلا حديث واحد؛ حديث عبد الله بن زيد، وقد أمر محمد بن أسلم الناس بالترجيع، فقلتم: هذا مبتدع، عامة أهل بلده بالكوفة غوغاء. ثم قال: احذروا الغوغاء، فإنهم قتلة الأنبياء. فلما كان الليل دخلت عليه، فقلت: يا أبا يعقوب حدثت هذه الأحاديث بالترجيع، فما لك لا تأمر مؤذنك بالترجيع؟ قال: يا مغفل،

(1)

ضعيف جدا: أخرجه ابن ماجه "3950" حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معان بن رفاعة السلامي، حدثني أبو خلف الأعمى قال: سمعت ابن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: إسناده واه بمرة، آفته أبو خلف الأعمى، واسمه حازم بن عطاء، كذبه يحيى بن معين. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. لكن الفقرة الأولى من الحديث صحيحة لها شاهد ترتقي بها إلى مرتبة الصحة، فله شاهد عن ابن عمر عند ابن أبي عاصم في السنة "80"، والحاكم "1/ 115 - 116" من طريق المعتمر بن سليمان عن سليمان بن سفيان، هو أبو سفيان المدني مولى طلحة بن عبيد الله، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".

وأخرجه الطبراني في "الكبير" حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي، أخبرنا معتمر بن سليمان، عن مرزوق مولى آل طلحة عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، به.

قلت: وإسناد صحيح، رجاله ثقات، ومرزوق اسم أبيه مرداسة كما في "مشكل الآثار""4/ 114".

ص: 540

ألم تسمع ما قلت في الغوغاء، إنما أخاف الغوغاء. فأما أمر محمد بن أسلم، فإنه سماوي كلما أخذ في شيء، تم له، ونحن عبيد بطوننا لا يتم لنا أمر نأخذ فيه نحن عند محمد بن أسلم مثل السراق.

قال محمد: وكتب إلي أحمد بن نصر: اكتب إلي بحال محمد بن أسلم، فإنه ركن من أركان الإسلام.

وكنت يومًا عند أحمد بن نصر بعد موت ابن أسلم بيوم، فدخل عليه جماعة من أصحاب الحديث، وقال: جئنا من عند أبي النضر، وهو يقرئك السلام، ويقول: ينبغي لنا أن نجتمع، فنعزي بعضنا بعضًا بموت رجل لم نعرف من عهد عمر بن عبد العزيز مثله.

وقيل لأحمد بن نصر: يا أبا عبد الله صلى عليه ألف ألف من الناس، وقال بعضهم: ألف ألف، ومائة ألف يقول صالحهم وطالحهم: لم نعرف لهذا الرجل نظيرًا.

قال محمد بن القاسم: ودخلت على ابن أسلم قبل موته بأربعة أيام بنيسابور، فقال: يا أبا عبد الله تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير قد نزل بي الموت، وقد من الله علي أنه ما لي درهم يحاسبني الله عليه. ثم قال: أغلق الباب، ولا تأذن لأحد حتى أموت، وتدفنون كتبي، واعلم أني أخرج من الدنيا، وليس أدع ميراثًا غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي هذه، فلا تكلفوا الناس مؤنة. وكان معه صرة فيها نحو ثلاثين درهمًا، فقال: هذا لابني أهداه قريب له، ولا أعلم شيئًا أحل لي منه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أنت ومالك لأبيك"

(1)

. وقال: "أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه"

(2)

.

(1)

صحيح: ورد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم فقد ورد عن عبد الله بن عمرو: عند أحمد "2/ 179 و 204 و 214"، وأبي داود "2291"، وابن ماجه "2292"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 158"، وابن الجارود "995" وإسناده حسن.

وورد عن جابر: عند ابن ماجه "2291"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار""4/ 158"، وفي "مشكل الآثار""2/ 230". وإسناده صحيح على شرط البخاري.

وورد عن ابن مسعود: عند الطبراني في "الكبير""10019"، وسنده حسن في الشواهد.

وورد عن عبد الله بن عمر: عند البزار "1259".

وورد من حديث سمرة: عند البزار "1260"، والطبراني في "الأوسط"، وأبي يعلى.

وورد من حديث عمر: عند البزار "1261"، وإسناده ضعيف للانقطاع بين سعيد بن المسيب، وعمر.

(2)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 31 و 41 و 127 و 193 و 201"، والبخاري في "التاريخ الكبير""1/ 407"، وأبو داود "3528"، والنسائي "7/ 240 - 241 و 241"، والدارمي "2/ 247"، والبيهقي "7/ 479 - 480" من طريق إبراهيم عن عمارة بن عمير، عن عائشة، به مرفوعا.

وأخرجه أحمد "6/ 42 و 220"، والنسائي "7/ 241"، والبغوي "2398" من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به مرفوعا.

ص: 541

فكفنوني منها، فإن أصبتم لي بعشرة ما يستر عورتي، فلا تشتروا بخمسة عشر، وابسطوا على جنازتي لبدي، وغطوا عليها كسائي، وأعطوا إنائي مسكينًا، يا أبا عبد الله إن هؤلاء قد كتبوا رأي فلان، وكتبت أنا الأثر، فأنا عندهم على غير الطريق، وهم عندي على غير الطريق، أصل الفرائض في حرفين: ما قال الله ورسوله: افعل، فهو فريضة ينبغي أن يفعل، وما قال الله ورسوله: لا تفعل، فينبغي أن ينتهى عنه، وتركه فريضة. وهذا في القرآن، وفي فريضة النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقرءونه، ولكن لا يتفكرون فيه قد غلب عليهم حب الدنيا.

صحبت محمد بن أسلم أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي حيث أراه ركعتين من التطوع إلا يوم الجمعة، وسمعته كذا وكذا مرة يحلف: لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفًا من الرياء، وكان يدخل بيتًا له، ويغلق بابه، ولم أدر ما يصنع حتى سمعت ابنًا له صغيرًا يحكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: ما هذا? قالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ ويبكي، فيسمعه الصبي، فيحكيه. وكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه، واكتحل، فلا يرى عليه أثر البكاء، وكان يصل قومًا، ويكسوهم، ويقول للرسول: انظر أن لا يعلموا من بعثه، ولا أعلم منذ صحبته، وصل أحدًا بأقل من مائة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك، وكان يقول لي: اشتر لي شعيرًا أسود، فإنه يصير إلى الكنيف، ولا تشتر لي إلا ما يكفيني يوما بيوم، واشتريت له مرة شعيرًا أبيض، ونقيته، وطحنته، فرآه، فتغير لونه، وقال: إن كنت تنوقت فيه، فأطعمه نفسك لعل لك عند الله أعمالا تحتمل أن تطعم نفسك النقي، وأما أنا فقد سرت في الأرض ودرت فيها فبالله ما رأيت نفسًا تصلي أشر عندي من نفسي، فبما أحتج عند الله إن أطعمتها النقي?! خذ هذا الطعام، واشتر لي كل يوم بقطعة شعيرًا رديئًا، واشتر لي رحى، فجئني به حتى أطحن بيدي، وآكله لعلي أبلغ ما كان فيه علي وفاطمة رضي الله عنهما.

وولد له ابن، فدفع إلي دراهم، فقال: اشتر كبشين عظيمين، وغال بهما، واشتر بعشرة دقيقًا واخبزه. ففعلت، ونخلته، فأعطاني عشرة أخر، وقال: اشتر به دقيقًا، ولا تنخله ثم قال: إن العقيقة سنة، ونخل الدقيق بدعة، ولا ينبغي أن يكون في السنة بدعة.

قال: وأما كلامه في النقض على المخالفين من المرجئة والجهمية، فشائع ذائع.

ص: 542

الحاكم: سمعت محمد بن صالح سمعت أبا سعيد محمد شاذان سمعت محمد بن رافع يقول: دخلت على محمد بن أسلم، وقبلت بين عينيه، وما شبهته إلا بالصحابة، فقال لي: يا أبا عبد الله جزاك الله عن الإسلام خيرًا.

وسمعت أبا إسحاق المزكي سمعت ابن خزيمة يقول: حدثنا رباني هذه الأمة؛ محمد بن أسلم الطوسي.

أحمد بن سلمة: حدثنا محمد بن أسلم، قال: لما أدخلت على عبد الله بن طاهر، ولم أسلم عليه بالإمرة غضب، وقال: عمدتم إلى رجل من أهل القبلة، فكفرتموه، فقيل: قد كان ما أنهي إلى الأمير، فقال ابن طاهر: شراك نعلي عمر بن الخطاب خير منك، وكان يرفع رأسه إلى السماء، وقد بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى السماء، فقلت: برأسي هكذا إلى السماء ساعة ثم قلت: ولم لا أرفع رأسي إلى السماء؟ وهل أرجو الخير إلا ممن في السماء?! ولكني سمعت مؤمل بن إسماعيل يقول: سمعت سفيان يقول: النظر في وجوهكم معصية، فقال: بيده هكذا يحبس.

قال ابن أسلم: فأقمنا، وكنا أربعة عشر شيخًا، فحبست أربعة عشر شهرًا ما أطلع الله على قلبي أني أردت الخلاص. قلت: الله حبسني، وهو يطلقني، وليس لي إلى المخلوقين حاجة، فأخرجت، وأدخلت عليه، وفي رأسي عمامة كبيرة طويلة، فقال: ما تقول في السجود على كور العمامة? فقلت: حدثنا خلاد بن يحيى، عن عبد الله بن المحرر، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة

(1)

، فقال ابن طاهر: هذا إسناد ضعيف، فقلت: أستعمل هذا حتى يجيء أقوى منه، ثم قلت: وعندي أقوى منه، حدثنا يزيد، حدثنا شريك، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها

(2)

. هذا الدليل على

(1)

ضعيف جدا: فيه عبد الله بن المحرر الجزري، قال أحمد: ترك الناس حديثه.

وقال الدارقطني وجماعة: متروك.

(2)

حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 256 و 303 و 320 و 354"، وابن أبي شيبة "1/ 269"، وأبو يعلى "2446" و"2687"، والطبراني "11520" و"11521" من طرق عن شريك عن حسين بن عبد الله، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، فإنه سيئ الحفظ.

وفيه حسين بن عبد الله، وهو ابن عبيد الله بن عباس، وهو ضعيف أيضا. =

ص: 543

السجود على كور العمامة ثم قال: ورد كتاب أمير المؤمنين ينهى عن الجدل والخصومات، فتقدم إلى أصحابك أن لا يعودوا، فقلت: نعم ثم خرجت من عنده، وهذا كان مقدرًا علي.

قال أحمد بن سلمة: فقلت له: أخبرني غير واحد أن جل أصحاب الحديث صاروا إلى يحيى بن يحيى، فكلموه أن يكتب إلى عبد الله بن طاهر في تخليتك، فقال يحيى: لا أكاتب السلطان، وإن كتب على لساني لم أكره حتى يكون خلاصه، فكتب بحضرته على لسانه، فلما وصل الكتاب إلى ابن طاهر أمر بإخراجك وأصحابك. قال: نعم.

أحمد بن سلمة: حدثنا ابن أسلم، سمعت المقرئ يقول: الشكاية والتحذير ليست من الغيبة.

محمد بن العباس السلطي: سمعت ابن أسلم ينشد:

إن الطبيب بطبه ودوائه

لا يستطيع دفاع مقدور أتى

ما للطبيب يموت بالداء الذي

قد كان يبري مثله فيما مضى

هلك المداوي والمداوى والذي

جلب الدواء وباعه ومن اشترى

قال أحمد بن سلمة: مرض محمد بن أسلم في بيت رجل من أهل طوس، فقال له: لا تفارقني الليل، فإني يأتيني أمر الله قبل أن أصبح، فإذا مت، فلا تنتظر بي أحدًا، واغسلني للوقت، وجهزني. قال: فمات في نصف الليل. قال: فأتاهم صاحب الأمير طاهر بن عبد الله، وأمرهم أن يحملوه إلى مقبرة الساذياخ؛ ليصلي عليه طاهر. قال: فوضعت الجنازة، والناس يؤذنون لصلاة الصبح، وما نادى على جنازته أحد، ولا روسل بوفاته أحد، وإذا الخلق قد اجتمع بحيث لا يذكر مثله، فأمهم طاهر، ودفن بجنب إسحاق بن راهويه.

= وأخرجه أبو يعلى "2248"، والطبراني "11178" من طريق سلام بن الطويل، عن زيد العمى، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على ثوبه. وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف سلام الطويل، وزيد العمي.

ويشهد له ما أخرجه البخاري "1208"، ومسلم "620" من حديث أنس بن مالك قال:"كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه".

وفي لفظ عند البخاري "385" قال: "كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود".

ص: 544

وقال محمد بن موسى الباشاني: مات محمد بن أسلم لثلاث بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين ومائتين بنيسابور.

الحاكم: سمعت أبا النضر الفقيه سمعت إبراهيم بن إسماعيل العنبري يقول: كنت بمصر، وأنا أكتب بالليل كتب ابن وهب، وذلك لخمس بقين من المحرم سنة اثنتين وأربعين، فهتف بي هاتف يا إبراهيم مات العبد الصالح محمد بن أسلم، فتعجبت من ذلك، وكتبته على ظهر كتابي، فإذا به قد مات في تلك الساعة.

قال أحمد بن نصر النيسابوري: قيل لي: صلى على محمد بن أسلم ألف ألف إنسان.

قلت: هذا ليس بممكن الوقوع، ولا سيما أنه إنما علموا بموته في الليل، وصلي عليه بعيد الفجر، فالله أعلم.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله، وزينب بنت عمر قالا: أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا محمد بن وكيع الطوسي، حدثنا محمد بن أسلم، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا سليمان بن يزيد المحاربي، عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تنزل الرحمة على قوم، فيهم قاطع رحم"

(1)

.

تابعه أبو معاوية الضرير، عن سليمان أبي إدام، وهو ضعيف.

أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه، عن مسعود بن أبي منصور، وقرأته على إسحاق الأسدي أخبركم ابن خليل، أخبرنا مسعود، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن محمد بن عبيد الله، حدثنا محمد بن أحمد بن زهير الطوسي، حدثنا محمد بن أسلم، حدثنا يعلى، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا"

(2)

.

(1)

ضعيف: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد""63"، وآفته سليمان بن زيد أو يزيد المحاربي الكوفي أبو إدام. قال يحيى: ليس بثقة وقال مرة: ليس يسوي حديثه فلسا.

وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: لا يحتج به، وأورد الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان".

(2)

صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 515" و"11/ 27"، وفي "الإيمان" له "17" و"18"، وأحمد "2/ 472"، وأبو داود "4682"، والترمذي "1162"، والحاكم "1/ 3"، والآجري في "الشريعة""ص 115"، وأبو نعيم في "الحلية""9/ 248"، والقضاعي في "مسند الشهاب""1291" والبغوي "3495" من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به مرفوعا.

قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 516" و"11/ 27 - 28"، وفي "الإيمان" له "20"، وأحمد "2/ 527"، والدارمي "2/ 323"، والحاكم "1/ 3" من طريق سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عجلان، عن القعقاع ابن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.

قلت: إسناده حسن، محمد بن عجلان، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".

ص: 545

وبه قال أبو نعيم: حدثنا محمد بن أحمد الغطريفي، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا محمد بن أسلم، حدثنا عبد الحكم بن ميسرة، حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: ما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: ما رأيته مادًّا رجليه بين أصحابه

(1)

. غريب.

أخبرنا إسحاق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا اللبان، أنبأنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن جعفر المؤدب، حدثنا أحمد بن بطة، حدثنا إسماعيل بن أحمد المديني، حدثنا أبو عبد الله بن طوسي بمكة، وهو محمد بن القاسم خادم محمد بن أسلم وصاحبه، قال: سمعت محمد بن أسلم يقول: زعمت الجهمية أن القرآن خلق، وقد أشركوا في ذلك وهم لا يعلمون؛ لأن الله تعالى قد بين أن له كلامًا، فقال:{إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: 144]، وقال:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. وقال: {يَا مُوسَى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: (11)، 12]، وقال:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14].

وعن بعض أهل العلم، قال: كان محمد بن أسلم في وقته يشبه بابن المبارك. وكان زنجويه بن محمد إذا حدث، عن محمد بن أسلم يقول: حدثنا الزاهد الرباني.

(1)

ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية""9/ 250" حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، به.

قلت: إسناده ضعيف فيه عبد الحكم بن ميسرة، قال أبو موسى المديني لا أعرفه بجرح ولا تعديل.

والعلة الثانية: ابن جريج والعلة الثالثة أبو الزبير المكي، وهما مدلسان، وقد عنعناه.

ص: 546

‌2034 - الرِّبَاطي

(1)

: " خ، م، د، ت، س"

الإمام الحافظ الحجة أمير الرباط أبو عبد الله أحمد بن سعيد ابن إبراهيم المروزي الرباطي الأشقر نزيل نيسابور.

سمع وكيعًا، وعبد الرزاق، ووهب بن جرير، وسعيد بن عامر الضبعي، وإسحاق السلولي، وأبا عاصم، وطبقتهم.

وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وإبراهيم بن أبي طالب، والحسين بن محمد القباني، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو العباس الثقفي، وآخرون.

روي عن الرباطي، قال: جئت إلى أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع رأسه إلي، فقلت: يا أبا عبد الله إنه يكتب عني الحديث بخراسان، فإن عاملتني بهذا، رموا بحديثي. فقال: يا أحمد هل بد أن يقال يوم القيامة: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه، فانظر أين تكون منه?! قلت: إنما ولاني أمر الرباط، فجعل يردد قوله علي.

توفي الرباطي: سنة خمس وأربعين ومائتين. وقيل: سنة ثلاث وأربعين.

أخبرنا ابن عساكر، أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا سعيد بن الحسين، أخبرنا الفضل بن المحب، أخبرنا أبو الحسين الخفاف، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن سعيد الرباطي، حدثنا محبوب بن الحسن، حدثنا داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: فرضت صلاة الحضر، والسفر ركعتين ركعتين، فلما أقام رسول الله بالمدنية، زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، والمغرب لأنها وتر النهار

(2)

.

قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: كان الرباطي -والله- من الأئمة المقتدى بهم.

وقال الخليلي: كان حافظًا متقنًا.

وقال محمد بن علي الصفار: لو كان الحسن البصري حيًّا، لاحتاج إلى إسحاق بن راهويه، ولم أر بعده مثل أحمد الرباطي.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1511"، وتاريخ بغداد "4/ 165"، والأنساب للسمعاني "6/ 69"، واللباب لابن الأثير "2/ 14"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 556"، والعبر "1/ 439"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 390"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 102".

(2)

صحيح: أخرجه ابن خزيمة "305" من طريق محبوب بن الحسن، به.

وأخرجه مالك "1/ 146"، ومن طريقه البخاري "350"، ومسلم "685"، وأبو داود "1198"، والنسائي "1/ 225 - 226" من طريق صالح بن كيسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، به.

وأخرجه البخاري "1090" و"3935"، ومسلم "685"، والنسائي "1/ 225"، والدارمي "1/ 355" والبيهقي "3/ 143" من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.

ص: 547

‌2035 - فضل بن سهل

(1)

: " خ، م، د، س، ت"

ابن إبراهيم، الحافظ، البارع، الثقة، أبو العباس الأعرج، البغدادي، الرام.

ولد في حدود الثمانين ومائة، أو قبلها.

حدث عن: يزيد بن هارون، وحسين الجعفي، وأبي أحمد الزبيري، وزيد بن الحباب، ومحمد بن بشر العبدي، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبي نوح قراد، وأبي عاصم، والحسن بن موسى، وشبابة، وعفان، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأبي النضر، ويحيى بن غيلان، ويونس بن محمد، وخلق لا ينحصرون، وكان من أعيان الحفاظ.

حدث عنه: الأئمة الستة -سوى ابن ماجه- وأحمد بن عمرو البزار، وابن أبي عاصم، والبغوي، وعبدان الجواليقي، وابن صاعد، وعمر بن بجير، وأبو العباس السراج، والقاضي المحاملي، ومحمد بن مخلد العطار، وعدة.

قال عبدان: سمعت أبا داود يقول: أنا لا أحدث، عن فضل الأعرج. قلت: لم? قال: لأنه كان لا يفوته حديث جيد.

قلت: ما بهذا الخيال يغمز الحافظ، ثم هذا أبو داود قائل هذا قد روى عنه في "سننه".

وقال النسائي: ثقة.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وذكره ابن حبان في "الثقات".

قال محمد بن إسحاق السراج: مات الفضل بن سهل ببغداد، يوم الإثنين، لثلاث بقين من صفر سنة خمس وخمسين ومائتين، عن نيف وسبعين سنة، وفي اليوم المذكور أرخه أيضًا أبو عبيد بن حربويه، وكان ذا غرائب.

أخبرنا علي بن محمد بن أحمد، وعبد الولي بن رافع، وأحمد بن هبة الله، وعيسى بن بركة، وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء، وأنا في الرابعة سنة تسع وأربعين وخمسمائة، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الهاشمي، أخبرنا

(1)

ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 758 و 789"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 309" وتاريخ بغداد "12/ 364"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 574"، والكاشف "2/ ترجمة 4534"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6728"، وتهذيب التهذيب "8/ 277"، وتقريب التهذيب "2/ 110"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5712".

ص: 548

محمد بن عمر زنبور، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا عبدة الصفار، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن منصور، والأعمش "ح". وحدثنا الفضل بن سهل، حدثنا الأسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل، عن منصور، والأعمش، وحدثنا زهير بن محمد، وابن كرامة -واللفظ له- قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا اسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة أو غار -وقال يحيى بن آدم: في غار- فأنزلت عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1]، فإنا لنتلقاها من فيه إذ خرجت علينا حية، فابتدرناها، فسبقتنا، فدخلت جحرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وقيت شركم، ووقيتم شرها".

أخرجه البخاري

(1)

، عن عبدة.

ومات معه أبو محمد الدارمي بسمرقند، وعبد الله بن هاشم الطوسي، وعتيق بن محمد بنيسابور، وعبد الله بن أبي زياد القطواني، وعبد الغني بن رفاعة بمصر، والمعتز بالله -قتلوه- ومحمد بن حرب النشائي، وأبو يحيى صاعقة، وموسى بن عامر المري، ومحمد بن كرام شيخ الكرامية، والجاحظ، وأبو حاتم بخلف فيهما.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "3317".

ص: 549

‌2036 - محمد بن منصور

(1)

: " د، س"

ابن داود بن إبراهيم الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام أبو جعفر الطوسي ثم البغدادي العابد.

سمع سفيان بن عيينة، ومعاذ بن معاذ، وإسماعيل ابن علية، ويعقوب بن إبراهيم الزهري، ويحيى القطان، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود والنسائي في "سننهما"، وأبو جعفر مطين، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وأبو عبد الله المحاملي، وآخرون.

قال أبو بكر المروذي: سألت أبا عبد الله عن محمد بن منصور، فقال: لا أعلم إلا خيرًا صاحب صلاة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 407"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "3/ 247"، والكاشف "3/ ترجمة 5255"، والعبر"2/ 212"، وتهذيب التهذيب "9/ 472"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6677".

ص: 549

وقال النسائي: ثقة.

قال أبو حفص بن شاهين: حدثنا أحمد بن محمد المؤذن سمعت محمد بن منصور الطوسي، وحواليه قوم، فقالوا: يا أبا جعفر أيش اليوم عندك، قد شك الناس فيه? أيوم عرفة هو أو غيره? فقال: اصبروا. فدخل البيت ثم خرج، فقال: هو يوم عرفة، فاستحيوا أن يقولوا له: من أين ذلك؟ فعدوا الأيام، فكان كما قال: فسمعت أبا بكر بن سلام الوراق يقول له: من أين علمت? قال: دخلت، فسألت ربي، فأراني الناس في الموقف!

قلت: لا أعرف هذا المؤذن، ولم يبعد وقوع هذا لمثل هذا الولي، ولكن الشأن في ثبوت ذلك.

قال الحافظ أبو سعيد النقاش في كتاب طبقات الصوفية: محمد بن منصور الطوسي أستاذ أبي سعيد الخراز، وأبي العباس بن مسروق كتب الحديث الكثير، ورواه.

قلت: متى رأيت الصوفي مكبًّا على الحديث، فثق به، ومتى رأيته نائيًا عن الحديث، فلا تفرح به لا سيما إذا انضاف إلى جهله بالحديث عكوف على ترهات

(1)

الصوفية، ورموز الباطنية -نسأل الله السلامة- كما قال ابن المبارك:

وهل أفسد الدين إلا الملوك

وأحبار سوء ورهبانها

وعن أبي سعيد الخراز: سألت محمد بن منصور عن حقيقة الفقر، فقال: السكون عند كل عدم، والبذل عند كل وجود.

وعن محمد بن منصور أنه سئل: إذا أكلت وشبعت فما شكر تلك النعمة؟ قال: أن تصلي حتى لا يبقى في جوفك منه شيء.

قال الحسين بن مصعب: حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: مرني بشيء حتى ألزمه قال: "عليك باليقين".

وعنه قال: يعرف الجاهل بالغضب في غير شيء، وإفشاء السر، والثقة بكل أحد، والعظة في غير موضعها.

مات رحمه الله في شوال سنة أربع وخمسين ومائتين، وعاش ثمانيًا وثمانين سنة.

أخبرنا محمد بن بطيخ، وجماعة قالوا: أخبرنا الناصح أخبرتنا شهدة، أخبرنا ابن طلحة، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا المحاملي، حدثنا محمد بن منصور، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي هذه المقالة حين استخلفه: "ألا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي"

(2)

.

(1)

الترهات: الأباطيل.

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "3706" و"4416"، ومسلم "2404"، والترمذي "3731".

ص: 550

‌2037 - محمد بن رافع

(1)

: " خ، م، د، س، ت"

ابن أبي زيد، واسمه سابور، الإمام الحافظ الحجة القدوة بقية الأعلام أبو عبد الله القشيري مولاهم النيسابوري.

ولد سنة نيف وسبعين ومائة، في أيام مالك الإمام، ورحل سنة نيف وتسعين.

وسمع ما لا يوصف كثرة، وجمع، وصنف.

قال فيه الحاكم في "تاريخه": شيخ عصره بخراسان في الصدق والرحلة.

سمع بالحجاز سفيان بن عيينة، ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك، وأبا بكر بن أبي أويس، وطبقتهم بالحجاز، وعبد الله بن إدريس، ووكيعًا، وابن نمير، وأبا معاوية، وأبا أسامة، ويونس بن بكير، والحسين الجعفي، وعدة بالكوفة، وعبد الرزاق، وأخاه عبد الوهاب، ويزيد بن أبي حكيم، وعبد الله الوليد، وإسماعيل بن عبد الكريم باليمن، وأبا داود، ووهب بن جرير، وأبا قتيبة، وأبا علي الحنفي، وحماد بن مسعدة، وعدة بالبصرة.

ومن يزيد بن هارون، وطبقته بواسط، ومن شبابة بالمدائن، ومن أبي النضر، وعدة ببغداد، ومن النضر بن شميل، ومكي بن إبراهيم، وطبقتهما بخراسان، وعني بالسنن علمًا وعملا، وعمر، وارتحل الناس إليه.

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي في تصانيفهم، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن سلمة، وأبو زرعة، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو بكر

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 218"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 390"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1391"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 525"، والكاشف "3/ ترجمة 4918"، والعبر "1/ 445" و"2/ 126 و 136"، وتهذيب التهذيب "9/ 160"، وتقريب التهذيب "2/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 109"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6212".

ص: 551

ابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن عقيل البلخي، وجعفر بن أحمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق الثقفي، وزنجويه بن محمد، وخلق، آخرهم موتًا: حاجب بن أحمد الطوسي.

ومن طريقه يقع حديثه عاليًا في "الثقفيات"

(1)

.

قال الحاكم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، سمعت أبا عمرو المستملي، سمعت محمد بن رافع يقول: كنت مع أحمد بن حنبل، وإسحاق عند عبد الرزاق، فجاءنا يوم الفطر، فخرجنا مع عبد الرزاق إلى المصلى، ومعنا ناس كثير، فلما رجعنا من المصلى دعانا عبد الرزاق إلى الغداء، فجعلنا نتغدى معه، فقال لأحمد وإسحاق: رأيت اليوم منكما شيئًا عجبًا، لم تكبرا! قالا: يا أبا بكر، نحن ننظر إليك هل تكبر، فنكبر، فلما رأيناك لم تكبر، أمسكنا. قال: وأنا كنت أنظر إليكما، هل تكبران، فأكبر.

قال جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ: ما رأيت من المحدثين أهيب من محمد بن رافع كان يستند إلى الشجرة الصنوبر في داره، فيجلس العلماء بين يديه على مراتبهم، وأولاد الطاهرية، ومعهم الخدم كأن على رءوسهم الطير، فيأخذ الكتاب، ويقرأ بنفسه، ولا ينطق أحد، ولا يتبسم إجلالا له، وإذا تبسم، واحد أو راطن صاحبه، قال: وصلى الله على محمد، ويأخذ الكتاب، فلا يقدر أحد يراجعه، أو يشير بيده. ولقد تبسم خادم من خدم الطاهرية يومًا، فقطع ابن رافع مجلسه، فانتهى الخبر بذلك إلى طاهر بن عبد الله، فأمر بقتل الخادم، حتى احتلنا لخلاصه.

قال زكريا بن دلويه: بعث طاهر بن عبد الله إلى ابن رافع بخمسة آلاف درهم مع رسول، فدخل عليه بعد العصر، وهو يأكل الخبز مع الفجل. فوضع الكيس، فقال: بعث الأمير إليك بهذا المال، فقال: خذ خذ، لا أحتاج إليه، فإن الشمس قد بلغت رأس الحيطان إنما تغرب بعد ساعة، وقد جاوزت الثمانين، إلى متى أعيش? فرد. قال: فدخل ابنه، وقال: يا أبة ليس لنا الليلة خبز. قال: فبعث ببعض أصحابه خلف الرسول ليرد المال إلى طاهر، فزعًا من ابنه أن يذهب خلفه، فيأخذ المال.

قال زكريا: ربما كان يخرج إلينا محمد بن رافع في الشتاء، وقد لبس لحافه.

أحمد بن سلمة: حدثنا محمد بن رافع رأيت أحمد بن حنبل بين يدي يزيد بن هارون

(1)

الثقفيات: هي عشرة أجزاء حديثية لأبي عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي مسند أصبهان ورئيسها المتوفى "سنة 489 هـ".

ص: 552

ببغداد، وفي يده كتاب لزهير عن جابر، وهو يكتبه، فقلت: يا أبا عبد الله تنهونا عن جابر وتكتبونه? قال: نعرفه.

الحاكم: أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر، سمعت أحمد بن سلمة سمعت محمد بن رافع يقول: أنا أفدت أحمد بن حنبل عن يزيد بن مسلم الصنعاني الراوي عن وهب، ونزلت أنا وأحمد، ومات الشيخ، وكان قد أتى له مائة وخمس وثلاثون سنة.

قال أحمد بن عمر بن يزيد: حدثنا محمد بن رافع سمعت عبد الرزاق سمعت معمرًا يقول: رأيت باليمن عنقود عنب وقر بغل تام.

قال مسلم، والنسائي: ابن رافع ثقة، مأمون.

قال زنجويه بن محمد: مات محمد بن رافع، في ذي الحجة، سنة خمس وأربعين ومائتين، وغسله أحمد بن نصر العابد، وصلى عليه محمد بن يحيى.

الحاكم: أخبرنا أحمد بن بالويه العفصي، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، سمعت أبا بكر المدني -يعني: محمد بن نعيم- يقول: رأيت محمد بن رافع، في المنام بعد موته بثلاث في حجره مصحف يقرأ، فقلت له: أليس قد مت? فنظر إلي نظرة منكرة، فقلت: سألتك بالله إلا ما حدثتني ما فعل بك ربك? قال: بشرني بالروح والراحة.

أخبرنا أبو الحسين الحافظ، أخبرنا جعفر بن علي، وعلي بن هبة الله، وأحمد بن محمد، وعبد الله بن رواحة قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو القاسم بن الفضل، حدثنا ابن محمش، أخبرنا حاجب بن أحمد، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثني أبي عن عكرمة أن أبا هريرة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يسوق بدنة، وهو يمشي، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنها بدنة. فأمره أن يركبها

(1)

.

(1)

صحيح: أخرجه البخاري "1689"، ومسلم "1322"، وأبو داود "1760"، والنسائي "5/ 176"، وابن ماجه "3103"، وأحمد "2/ 487".

ص: 553

‌2038 - أحمد بن المقدام

(1)

: " خ، ت، س، ق"

ابن سليمان بن أشعث الإمام المتقن الحافظ أبو الأشعث العجلي البصري.

سمع حماد بن زيد، وحزم بن أبي حزم، وعبد الله بن جعفر المديني، ويزيد بن زريع، وخالد بن الحارث، وفضيل بن عياض، وعثمان بن علي، ومعتمر بن سليمان، وجماعة.

حدث عنه: البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبغوي، وابن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وأحمد بن علي الجوزجاني، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وابن خزيمة، والحسين بن يحيى القطان، وخلق كثير.

قال النسائي: ثقة.

وقال ابن خزيمة: كان صاحب حديث.

وقال أبو حاتم: محله الصدق.

قال أبو الأشعث: ولدت قبل موت المنصور بسنتين.

قال أبو داود: لا أحدث عنه: كان يعلمهم المجون، كان بالبصرة مجان، يلقون صرة الدراهم، ثم يرقبونها، فإذا جاء من يرفعها، صاحوا به، وخجلوه. فعلمهم أبو الأشعث أن يتخذوا صرة فيها زجاج، فإذا أخذوا صرة الدراهم، فصاح صاحبها، وضعوا بدلها، في الحال صرة الزجاج.

قلت: مات في صفر، سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

يقع حديثه عاليًا في "جزء الحفار"، وفي "الثقفيات"، وغير ذلك، وعاش: بضعًا وتسعين سنة، وكان أسند من بقي بالبصرة.

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن غالية، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر، أخبرنا سعيد بن البناء، أخبرنا علي بن أحمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، قال: كتب إلي عبد الله بن رباح سمعت عبد الله بن عمرو يقول: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج إلينا نعرف في وجهه الغضب، فقال:"ألا إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم، في الكتاب"

(2)

.

هذا حديث صحيح، وهو دال على تحريم الجدال، والاختلاف في الكتاب، مع أنه عليه الصلاة والسلام كان يمكنه أن يوضح الحق لهما في تلك الآية، ويبين أن أحدهما

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 167"، وتاريخ بغداد "5/ 162"، واللباب لابن الأثير "2/ 326"، وميزان الاعتدال "1/ 158"، والعبر "2/ 5"، وتهذيب التهذيب "1/ 81"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 127".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2666".

ص: 554

مصيب، ومع هذا فلم يفعل، بل سد الباب، ولو كان تبيين ذلك مما تمس إليه الحاجة لأوضحه، فعلم بهذا أن كل نص ألقاه إلى أمته، ولم يزدهم فيه تفسيرًا، ولا هم سألوه، بل ولا فسروه لمن بعدهم، فإن قراءته تفسيره، فلا يزاد عليه، ولا يبحث فيه، ولا سيما إذا كان في أسماء الله وصفاته المقدسة.

وفيها مات أحمد بن سعيد الهمداني بمصر، وأحمد بن سعيد الدارمي، وخشيش بن أصرم، والسري السقطي، وعلي بن مسلم الطوسي، وعلي بن شعيب السمسار، ومحمد بن عبد الله بن طاهر الأمير، ومحمد بن يحيى القطعي، وهارون بن سعيد الأيلي، ويوسف بن موسى القطان، ومحمد بن عيسى التيمي مقرئ الري، ووصيف الأمير، وأبو العباس القلوري.

ص: 555

‌2039 - يوسف بن موسى

(1)

: " خ، د، ت، ق"

ابن راشد الإمام المحدث الثقة أبو يعقوب الكوفي القطان نزيل بغداد.

ولد سنة نيف وستين ومائتين.

وحدث عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، وأبي بكر بن عياش، ووكيع، وعبد الله بن نمير، وحكام بن سلم، وأحمد بن يونس، وعبيد الله بن موسى، وأبي أسامة، وعدة.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وإبراهيم الحربي، وقاسم المطرز، وأبو القاسم البغوي، وابن صاعد، والنسائي خارج "سننه"، والقاضي المحاملي، وخلق سواهم.

وكان من أوعية العلم، قد كتب عنه: يحيى بن معين، والكبار.

قال النسائي: لا بأس به.

وروى أبو سعيد السكري، عن يحيى بن معين: صدوق.

وقيل: يتجر إلى الري، فسمع من جرير.

قال ابن زولاق: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد الحداد يقول: قرأت على أبي عبيد بن حربويه جزءًا، عن يوسف بن موسى القطان، فلما فرغت، قلت: كما قرأت على القاضي. قال: نعم، إلا الإعراب، فإنك تعرب، وكان يوسف لا يعرب.

قلت: توفي يوسف بن راشد -وكذا نسبه البخاري إلى جده- في صفر سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

ويقع من عواليه في "المحامليات"

(2)

، وغير ذلك.

(1)

ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 969"، وتاريخ بغداد "14/ 304"، وتذكرة الحفاظ "2/ 548"، والكاشف "3/ ترجمة 6565"، وتهذيب التهذيب "11/ 425"، وتقريب التهذيب "2/ 383".

(2)

المحامليات: هي ستة عشر جزءا للقاضي الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي، ولد في أول سنة خمس وثلاثين ومائتين. والمحاملي نسبة إلى بيع المحامل التي يحمل الناس عليها في السفر. قال الخطيب: كان فاضلا دينا صادقا. ولي قضاء الكوفة ستين سنة توفى سنة ثلاثين وثلاثمائة.

ص: 555

‌2040 - محمود بن غيلان

(1)

: " خ، م، ت، س، ق":

الإمام الحافظ الحجة أبو أحمد العدوي مولاهم المروزي من أئمة الأثر.

حدث عن: سفيان بن عيينة، والفضل بن موسى، والوليد بن مسلم، وأبي معاوية، ووكيع، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد الرزاق، وطبقتهم، فأكثر، وجود، وكان من فرسان الحديث.

حدث عنه: الجماعة -سوى أبي داود- وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومطين، والحسن بن سفيان، والهيثم بن خلف، وأبو القاسم البغوي، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو العباس السراج، وجعفر بن أحمد بن نصر، ومحمد بن شاذان، وابن خزيمة، وخلق.

قال أحمد بن حنبل: أعرفه بالحديث، صاحب سنة، قد حبس بسبب القرآن.

وقال النسائي: ثقة.

قال محمود بن غيلان: سمع مني إسحاق بن راهويه حديثين.

وقال الحاكم: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بمرو، حدثنا أبو رجاء محمد بن

حمدويه، قال: خرج محمود بن غيلان إلى الحج سنة ست وأربعين ومائتين ثم رد إلى مرو، وتوفي لعشر بقين من ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين، كذا وقع في تاريخ الحاكم، والصحيح وفاته في رمضان سنة تسع وثلاثين ومائتين.

وقع لي من عوالي محمود بن غيلان.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1769"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1340"، وتاريخ بغداد "13/ 89" وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 488"، والعبر "1/ 473"، والكاشف "3/ ترجمة 5420"، وتهذيب التهذيب "10/ 64" وتقريب التهذيب "2/ 223"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6886"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 92".

ص: 556

‌2041 - الدَّارمي

(1)

: " م، د، ت"

عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام بن عبد الله الحافظ الإمام أحد الأعلام أبو محمد التميمي ثم الدارمي السمرقندي، ودارم هو ابن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. طوف أبو محمد الأقاليم، وصنف التصانيف.

وحدث عن: يزيد بن هارون، ويعلي بن عبيد، وجعفر بن عون، وبشر بن عمر الزهراني، وأبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وأخيه؛ أبي بكر عبد الكبير، ومحمد بن بكر البرساني، ووهب بن جرير، والنضر بن شميل -وهو أقدمهم موتًا- وأبي النضر هاشم بن القاسم، وعثمان بن عمر بن فارس، وسعيد بن عامر الضبعي، والأسود بن عامر، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبي عاصم، وعبيد الله بن موسى، وأبي المغيرة الخولاني، وأبي مسهر الغساني، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي نعيم، وعفان، وأبي الوليد، ومسلم، وزكريا بن عدي، ويحيى بن حسان، وخلق، وينزل إلى دحيم، وخليفة بن خياط.

حدث عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وعبد بن حميد -وهو أقدم منه- ورجاء بن مرجى، والحسن بن الصباح البزار، ومحمد بن بشار بندار، ومحمد بن يحيى -وهم أكبر منه- وقد روي الترمذي أيضًا، عن محمد بن إسماعيل عنه، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وصالح بن محمد جزرة، وإبراهيم بن أبي طالب، وجعفر بن أحمد بن فارس، وجعفر الفريابي، وعبد الله بن أحمد، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد بن النضر الجارودي، وعيسى بن عمر السمرقندي راوي "مسنده" عنه، وآخرون.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "458"، وتاريخ بغداد "10/ 29"، والأنساب للسمعاني "5/ 252"، والكاشف "2/ ترجمة 3854"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 552"، والعبر "2/ 8"، وتهذيب التهذيب "5/ 294"، وتقريب التهذيب "1/ 429"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3618"، وشذرات الذهب "2/ 130".

ص: 557

قال عبد الصمد بن سليمان البلخي: سألت أحمد بن حنبل، عن يحيى الحماني، فقال: تركناه لقول عبد الله بن عبد الرحمن، لأنه إمام.

وقال إسحاق بن داود السمرقندي: قدم قريب لي من الشاش، فقال: أتيت أحمد بن حنبل، فجعلت أصف له أبا المنذر، وجعلت أمدحه، فقال: لا أعرف هذا، فقد طالت غيبة إخواننا عنا لكن أين أنت عن عبد الله بن عبد الرحمن? عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد.

روى نعيم بن ناعم، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: غلبنا عبد الله بن عبد الرحمن بالحفظ والورع.

قال إسحاق بن إبراهيم الوراق: سمعت محمد بن عبد الله المخرمي يقول: يا أهل خراسان ما دام عبد الله بن عبد الرحمن بين أظهركم، فلا تشتغلوا بغيره.

قال: وسمعت أبا سعيد الأشج يقول: عبد الله بن عبد الرحمن إمامنا.

وسمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: أمر عبد الله بن عبد الرحمن أظهر من ذلك فيما يقولون من البصر والحفظ وصيانة النفس، عافاه الله.

وقال محمد بن بشار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.

قلت: كان بندار يفتخر بكونهم حملوا عنه.

وروى إسحاق بن أحمد بن زبرك، عن أبي حاتم الرازي، قال: محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق، ومحمد بن يحيى أعلم من بخراسان اليوم، ومحمد بن أسلم أورعهم، وعبد الله بن عبد الرحمن أثبتهم.

وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن أبيه، قال: عبد الله بن عبد الرحمن إمام أهل زمانه.

وقال أبو حامد بن الشرقي: إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة: محمد بن يحيى، ومحمد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبد الرحمن، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب.

وقال محمد بن إبراهيم بن منصور الشيرازي: كان عبد الله على غاية من العقل والديانة،

ص: 558

من يضرب به المثل في الحلم والدراية والحفظ والعبادة والزهادة، أظهر علم الحديث والآثار بسمرقند، وذب عنها الكذب، وكان مفسرًا كاملا، وفقيهًا عالمًا.

وقال أبو حاتم بن حبان: كان الدارمي من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع في الدين ممن حفظ وجمع، وتفقه، وصنف، وحدث، وأظهر السنة ببلده، ودعا إليها، وذب عن حريمها، وقمع من خالفها.

وقال أبو بكر الخطيب: كان أحد الرحالين، في الحديث، والموصوفين بحفظه وجمعه، والإتقان له مع الثقة والصدق، والورع والزهد، واستقضي على سمرقند، فأبى، فألح السلطان عليه حتى يقلده، وقضى قضية واحدة، ثم استعفى، فأعفي، وكان على غاية العقل، ونهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة، والاجتهاد والعبادة، والزهادة والتقلل، وصنف "المسند" و"التفسير" و"الجامع".

قال إسحاق بن إبراهيم الوراق: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: ولدت في سنة مات ابن المبارك سنة إحدى وثمانين ومائة.

وقال أحمد بن سيار المروزي الحافظ: كان الدارمي حسن المعرفة قد دون "المسند"، و"التفسير".

مات في سنة خمس وخمسين ومائتين يوم التروية بعد العصر، ودفن يوم عرفة يوم الجمعة، وهو ابن خمس وسبعين سنة.

وقال الحافظ مكي بن محمد بن أحمد بن ماهان البلخي تلميذه في تاريخ وفاته نحو ذلك، ووهم من قال: وفاته في سنة خمسين، فقد أرخه جماعة على الأول.

قال إسحاق بن أحمد بن خلف: كنا عند محمد بن إسماعيل البخاري، فورد عليه كتاب فيه نعي عبد الله بن عبد الرحمن، فنكس رأسه، ثم رفع، واسترجع، وجعل تسيل دموعه على خديه، ثم أنشأ يقول:

إن تبق تفجع بالأحبة كلهم

وفناء نفسك لا أبا لك أفجع

ثم قال إسحاق: ما سمعناه ينشد إلا يجيء في الحديث.

قلت: قد كان الدارمي ركنًا من أركان الدين، قد وثقه أبو حاتم الرازي والناس، وحدث عنه بندار والكبار، وبلغنا عن أحمد بن حنبل، وذكر الدارمي، فقال: عرضت عليه الدنيا، فلم يقبل.

ص: 559

قال رجاء بن مرجى: رأيت سليمان الشاذكوني، وإسحاق بن راهويه -وسمى جماعة- فما رأيت أحفظ من عبد الله الدارمي.

ومن حديثه:

أخبرنا عمر بن محمد الفارسي، والحسن بن علي، وهدية بنت علي بن عسكر، وجماعة، وابن الحبوبي، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر الحريمي، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر بن العباس، حدثنا عبد الله الدارمي، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نعم الإدام الخل"

(1)

.

هذا حديث صحيح غريب، فرد على شرط الشيخين، وانفرد مسلم به، ورواه أيضًا أبو عيسى في "جامعه"، كلاهما عن أبي محمد الدارمي، فوقع موافقة بعلو.

وقد كان الدارمي يقصد في رواية هذا الحديث لتفرده به قال: فكان يدق علي الباب، وأنا ببغداد، فأقول: من ذا? فيقال: يحيى بن حسان: "نعم الإدام الخل".

وبهذا الإسناد عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجوع أهل بيت عندهم التمر"

(2)

. أخرجه: مسلم، والترمذي جميعًا، عن الدارمي، وبه إلى الدارمي من سوى ابن الحبوبي.

أخبرنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أيوب، وإسماعيل بن أمية، وعبيد الله، وموسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجن قيمته ثلاثة دراهم"

(3)

. رواه مسلم، عن الدارمي.

وبه: أخبرنا أبو علي الحنفي، حدثنا مالك، عن أبي الزبير أن أبا الطفيل أخبره أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة،

(1)

صحيح: أخرجه مسلم "2051"، والترمذي "1840"، والدارمي "2/ 101"، وورد من حديث جابر بن عبد الله: عند مسلم "2052"، وأبو داود "3820" و"3821"، والترمذي "1839" و"1842"، والنسائي "7/ 14"، وابن ماجه "3317"، والدارمي "2/ 101"، وأحمد "3/ 301 و 304 و 364" وورد من حديث أم سعد: عند ابن ماجه "3318".

(2)

صحيح: أخرجه مسلم "2046"، والترمذي "1816".

(3)

صحيح: أخرجه مسلم "1686"، والدارمي "2/ 173".

وأخرجه مالك "2/ 831"، والبخاري "6795"، وأبو داود "4385"، والنسائي "8/ 76"، وابن ماجه "2584"، وأحمد "2/ 54 و 64 و 80 و 143 و 145" عن ابن عمر، به.

ص: 560

يصلي الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك، فصلى المغرب والعشاء جميعًا

(1)

. مسلم عن الدارمي.

أخبرنا عمر بن محمد، وسليمان بن قدامة، وأحمد بن مكتوم، ومحمد بن عبد الغني الذهبي، ومحمد بن حمزة، وسنقر الزيني، وعبد العالي بن عبد الملك، ومحمود بن يوسف، وعبد الحميد بن أحمد، وإسماعيل بن يوسف، وعبد الأحد التيمي، وإبراهيم بن صدقة، وأحمد بن محمد الحافظ، وأحمد بن نعمة، وحسن بن علي، وهدية بنت علي، وعيسى بن أبي محمد، وعبد الرحمن بن عقيل الخطيب، قالوا: أخبرنا أبو المنجى عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت السجزي، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا أبو محمد بن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف، ورأى عليه أثرًا من صفرة:"مهيم"? قال: تزوجت. قال: "أولم ولو بشاة". أخرجه البخاري

(2)

، وغيره.

أخبرنا عمر بن محمد، وسليمان بن أبي عمر، وهدية بنت علي، قالوا: أخبرنا أبو المنجى، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا عيسى بن عمر، حدثنا أبو محمد الدارمي، أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثني عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب أخبرني نافع بن جبير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الأيم أملك بأمرها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وصمتها إقرارها"

(3)

.

هذا حديث حسن الإسناد، غريب، عال جدًّا، وقد أخرجه: الجماعة -سوى البخاري- من حديث جماعة، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم.

(1)

صحيح: أخرجه الدارمي "2/ 356"، ومن طريقه أخرجه مسلم "706".

وأخرجه مالك "1/ 143 - 144"، وأبو داود "1206"، والترمذي "553"، والنسائي "1/ 285" وابن ماجه "1070"، وأحمد "5/ 241 - 242".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "5153"، ومسلم "1427"، وأبو داود "2109"، والترمذي "1094"، والنسائي "6/ 119 - 120".

(3)

صحيح: أخرجه أحمد "1/ 274 و 355"، والدارمي "2/ 138 - 139"، والدارقطني "3/ 242"، والطبراني "10/ 10747" من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن نافع بن جبير، به. وأخرجه مالك "2/ 524 - 525"، ومن طريقه عبد الرزاق "10283"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والشافعي "2/ 12"، وسعيد بن منصور "556"، وأحمد "1/ 219 و 241 - 242 و 345 و 362"، ومسلم "1421""66"، وأبو داود "2098"، والترمذي "1108"، والنسائي "6/ 84"، وابن ماجه "1870" والدارمي "2/ 138"، وابن الجارود "709"، والدارقطني "3/ 239 - 240 و 241"، والطبراني في "الكبير""10/ 10743 و 10744 و 10745"، والبيهقي "7/ 118 و 122"، والبغوي "2254" عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير، به.

ص: 561

‌2042 - أحمد بن سعيد

(1)

: " د"

ابن بشر الحافظ، أبو جعفر الهمداني، المصري، صاحب ابن وهب.

ويروى أيضًا: عن بشر بن بكر، والشافعي، وإسحاق بن الفرات، وطائفة.

وعنه: أبو داود، وزكريا الساجي، وعمر بن بجير، ومحمد بن أحمد بن كسا الواسطي، وعلي علان، وابن أبي داود، وآخرون.

قال النسائي: لو رجع عن حديث الغار من طريق بكير بن الأشج لرويت عنه. وقال مرة: ليس بالقوي.

قيل: مات في رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 64"، وميزان الاعتدال "1/ 100"، وتهذيب التهذيب "1/ 31".

ص: 562

‌2043 - الدارمي

(1)

: " خ، م، د، ت، ق"

الإمام العلامة الفقيه الحافظ الثبت، أبو جعفر أحمد بن سعيد بن صخر بن سليمان الدارمي، السرخسي.

ولد سنة نيف وثمانين ومائة.

وسمع النضر بن شميل، وجعفر بن عون، وروحًا، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبا عاصم النبيل، وحبان بن هلال، ووهب بن جرير، وعلي بن الحسين بن واقد، وطبقتهم، وأكثر التطواف، وتوسع في العلم، وبعد صيته.

حدث عنه: الجماعة الستة -سوى النسائي- وروى الترمذي أيضًا عن رجل عنه، وأحمد بن سلمة، وعبد الواحد بن هانئ، وأبو العباس السراج، وابن خزيمة، وخلق، وقد حدث عنه من القدماء محمد بن المثنى الزمن.

أقدمه أمير خراسان عبد الله بن طاهر إلى نيسابور ليحدث بها، فأقام بها مليًّا ثم ولي قضاء سرخس ثم رد إلى نيسابور، وبها مات.

قال أبو عمرو المستملي: دخلنا عليه في مرضه، فأوصى بعشرة آلاف درهم، وبغلة يتصدق بها، وقال: إن مت فرقيقي: عنبر وفتح وحمدان وعلان أحرار لوجه الله.

قال الإمام أحمد بن حنبل: ما قدم علينا خراساني أفقه بدنًا من أحمد بن سعيد الدرامي.

وذكر مؤرخ لا أستحضر اسمه أن أحمد الدارمي قدم هراة على متوليها هارون بن الحسين بن مصعب يتعرض لمعروفه، فأنزله داره، ووصله بأربعة آلاف درهم. وكان عالمًا بالرجال والعلل والتاريخ، ومنه تعلم أصحابنا بهراة معرفة الحديث.

قلت: كان ينظر بأبي زرعة، وابن وارة.

قلت: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

وقد مر أحمد بن سعيد الرباطي، وسيأتي عثمان بن سعيد الدارمي.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 62"، وتاريخ بغداد "4/ 166"، والأنساب للسمعاني "6/ 279"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 567"، والعبر "2/ 4"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 390"، وتهذيب التهذيب "1/ 31"، وتقريب التهذيب "1/ 15"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 340"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 127".

ص: 562

‌2044 - عَبْد

(1)

: " م، ت"

هو الإمام الحافظ الحجة الجوال، أبو محمد عبد بن حميد بن نصر الكِسِّي، ويقال له: الكشي -بالفتح والإعجام، يقال: اسمه عبد الحميد.

ولد بعد السبعين ومائة.

وحدث عن: علي بن عاصم الواسطي، ومحمد بن بشر العبدي، وابن أبي فديك، ويزيد بن هارون، ويحيى بن آدم، وأبي علي الحنفي، وأبي داود الحفري، وعبد الرزاق، وجعفر بن عون، وأبي أسامة، وأبي داود الطيالسي، وأبي بدر السكوني، وعبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، وسلم بن قتيبة، وزيد بن الحباب، وعبد الله بن بكر، وعمر بن يونس اليمامي، والواقدي، ومحاضر بن المورع، ومصعب بن المقدام، وأبي عاصم، وخلق كثير مذكورين، في "تفسيره الكبير"، وفي "مسنده" الذي وقع لنا "المنتخب" منه.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 429"، والكاشف "2/ ترجمة 3572"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 551" والعبر "1/ 454"، وتهذيب التهذيب "6/ 455"، وتقريب التهذيب "1/ 529"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4515" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".

ص: 563

حدث عنه: مسلم، والترمذي، والبخاري تعليقًا في دلائل النبوة من صحيحه، فقال: وقال عبد الحميد: حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا معاذ بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر في حنين الجذع، فقيل: هذا هو عبد. وروى أيضًا: ولده محمد عنه، وبكر بن المرزبان، وشريح بن أبي عبد الله النسفي الزاهد، والمكي بن نوح المقرئ، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد بن عبد بن عامر السمرقندي، وإبراهيم بن خزيم بن قمير الشاشي، وأبو معاذ العباس بن إدريس بن الفرج الكسي، وأبو سعيد حاتم بن حسن الشاشي، والحسن بن الفضل بن أبي البزاز، وأبو عمر حفص بن بوخاش، وسلمان بن إسرائيل بن جابر الخجندي، وسهل بن شاذويه البخاري، وأبو سعيد الشاه بن جعفر بن حبيب النسفي، وأبو بكر محمد بن عمر بن منصور الكشي، ومحمد بن موسى بن الهذيل النسفي، ومحمود بن عنبر بن نعيم الأزدي النسفي، وغيرهم من أهل ما وراء النهر ممن لا نعرف أحوالهم.

قال أبو حاتم البستي في كتاب "الثقات": عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي، وهو الذي يقال له: عبد بن حميد، وكان ممن جمع وصنف، مات سنة تسع وأربعين ومائتين.

قلت: فأما قول من قال: إنه توفي بدمشق، فإنه خطأ فاحش، فإن الرجل ما رأى دمشق لا في ارتحاله، ولا في شيخوخته.

وقد، وقع لنا "المنتخب" عاليًا ثم لصغار أولادنا.

أخبرنا أبو الحسين اليونيني، وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو الحسن الداوودي، أخبرنا ابن حمويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا علي بن عاصم، عن الجريري، عن أبي نضرة، حدثني أبو سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة، فقال له الناس: يا رسول الله قد كثر الناس، وإنهم يحبون أن يروك، فلو اتخذت منبرًا تقوم عليه! قال:"من يجعل لنا هذا"? فقال رجل: أنا. ولم يقل: إن شاء الله. فقال: "وما اسمك"? قال: فلان. قال: "اقعد". ثم عاد، فقال كقوله، فقام رجل، فقال:"تجعله"? قال: نعم إن شاء الله. قال: "ما اسمك"? قال: إبراهيم. قال: "اجعله". فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس للنبي صلى الله عليه وسلم من آخر المسجد، فلما صعد المنبر، فاستوى عليه، واستقبل الناس، حنت النخلة، حتى أسمعتني وأنا في آخر المسجد. قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر، فاعتنقها، فلم يزل حتى سكنت، ثم عاد إلى المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: "إن هذه النخلة إنما حنت

ص: 564

شوقًا إلى رسول الله لما فارقها، فوالله لو لم أنزل إليها فأعتنقها لما سكنت إلى يوم القيامة"

(1)

.

هذا حديث متصل الإسناد، غريب.

ومات معه في العام: عمرو بن علي الفلاس، وهشام بن خالد الأزرق، ومحمود بن خالد الدمشقي، ورجاء بن مرجى الحافظ، وخلاد بن أسلم، وسعيد بن يحيى الأموي، وآخرون.

(1)

ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار -أو رجل-: يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا؟ قال: "إن شئتم". فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال:"كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها". أخرجه البخاري "3584" حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: سمعت أبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما به.

وأخرجه البخاري "3583" عن ابن عمر، بنحوه.

ص: 565

‌2045 - أحمد بن نصر

(1)

: " ت، س"

ابن زياد الإمام القدوة شيخ نيسابور، ومقرئها، ومفتيها، وزاهدها، الشيخ أبو عبد الله القرشي النيسابوري.

ارتحل، وحدث عن: عبد الله بن نمير، والنضر بن شميل، وابن أبي فديك، وأبي أسامة، وطبقتهم.

روى عنه: أبو نعيم -أحد شيوخه- والترمذي، والنسائي في كتابيهما، وسلمة بن شبيب، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وعدد كثير.

قال الحاكم: كان فقيه أهل الحديث في عصره، كثير الرحلة والحديث، رحمه الله.

وقيل: إنه ارتحل إلى أبي عبيد على كبر السن متفقها، فأخذ عنه، وكان يفتي بمذهبه، وعليه تفقه ابن خزيمة أولا قبل أن يرحل إلى المزني، وكان ثقة، مأمونًا، صاحب سنة، كبير الشأن.

توفي في سنة خمس وأربعين ومائتين.

وفيها مات إمام أهل سمرقند القدوة العابد الثقة أبو بكر.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1507"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 174"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 559"، وتهذيب التهذيب "1/ 85".

ص: 565

‌2046 - أحمد بن نصر العَتَكِي السمرقندي

(1)

:

يروي عن ابن عينية، وجماعة.

حمل عنه: أبو محمد الدارمي، وطائفة.

‌2047 - عبد الله بن الصَّباح

(2)

: "خ، م، د، ت، س"

الإمام الحافظ الثقة، أبو محمد الهاشمي مولاهم، البصري، العطار.

حدث عن: هشيم بن بشير، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن سواء، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، ويزيد بن هارون، ويحيى القطان، وطبقتهم.

حدث عنه: الجماعة -سوى ابن ماجه- وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأحمد بن عمرو البزار، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو محمد بن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وطائفة سواهم.

وثقه النسائي، وغيره.

قيل: مات سنة خمسين.

وقرأت بخط الإمام أبي محمد ابن تيمية، أن السراج قال: توفي في سنة ثلاث وخمسين.

‌2048 - علي بن سهل

(3)

: " د"

ابن موسى، وقيل: علي بن سهل بن قادم، الإمام، الحجة، أبو الحسن النسائي، ثم الرملي، أخو موسى بن سهل.

قال النسائي: هو نسائي، سكن الرملة.

قلت: سمع الوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية، وضمرة بن ربيعة، وجماعة.

حدث عنه: أبو داود في "سننه"، والنسائي في "اليوم والليلة" ووثقه، وابن جوصا، وأبو عوانة، وأبو بكر بن أبي داود، وابن جرير، والعباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة، وعدد كثير.

مات سنة إحدى وستين ومائتين.

(1)

ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 390".

(2)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 399"، والكاشف "2/ ترجمة 2814"، وتهذيب التهذيب "5/ 264"، وتقريب التهذيب "1/ 423"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3571".

(3)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1039"، والكاشف "2/ ترجمة 3982"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5852"، وتهذيب التهذيب "7/ 329"، وتقريب التهذيب "2/ 38"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4992".

ص: 566

‌2049 - وأخوه

(1)

: " د"

الإمام أبو عمران موسى بن سهل بن قادم الرملي، وهو الصغير.

سمع آدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش.

وعنه: أبو داود في "سننه"، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم، والأرغياني، وجماعة.

ثقة.

مات في جمادى الأول، سنة (262).

وسوف يأتي علي بن سهل الرملي نزيل بغداد.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 660"، والكاشف "3/ ترجمة 5802"، وتهذيب التهذيب "10/ 347" وتقريب التهذيب "2/ 284"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7275".

ص: 567

‌2050 - عبد الرحمن رُسْتَه

(1)

: " ق"

هو الإمام المحدث المتقن أبو الفرج عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير الزهري المديني الأصبهاني، ولقبه: رُسْتَه.

سمع يحيى القطان، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الرحمن بن مهدي، وخلقًا سواهم.

حدث عنه: ابن ماجه في "سننه"، ومحمد بن يحيى بن منده، وعبد الله بن أحمد بن أسيد، وابن أخيه؛ عبد الله بن محمد بن عمر الزهري، وابن أخيه الآخر؛ محمد بن عبد الله

ابن عمر، وعبد الرحمن بن أحمد الهمذاني عبدوس، والحسن بن محمد الداركي، وخلق كثير.

وكان عنده عن ابن مهدي ثلاثون ألفًا.

وروى إبراهيم بن محمد بن الحارث الأصبهاني، عن أحمد بن حنبل قال: ما ذهبت يوما إلى ابن مهدي إلا وجدت الأخوين الأزرقين عنده يعني: عبد الرحمن، وعبد الله.

وقال أبو الشيخ: غرائب حديث رسته تكثر.

قال ابن أخيه؛ محمد بن عبد الله: توفي عمي سنة خمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1246"، والكاشف "2/ ترجمة 3317"، والمغني "2/ ترجمة 3605"، وميزان الاعتدال "2/ 579"، وتهذيب التهذيب "6/ 234"، وتقريب التهذيب "1/ 492"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4200".

ص: 567

‌2051 - أخوه

(1)

:

الإمام المحدث، أبو محمد بن عمر، الزهري.

سمع يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر غندر، وابن مهدي، وحماد بن مسعدة، وعبد الوهاب الثقفي.

قال أبو الشيخ: وله مصنفات كثيرة خرج قاضيًا على الكرخ، فمات بها.

قلت: روى عنه محمد بن يحيى بن منده، وأحمد بن عبد الكريم الزعفراني، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن عمر، وسلم بن عصام، وعدة.

وله غرائب كأخيه.

مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 506".

ص: 568

‌2052 - أحمد بن سِنَان

(1)

: " خ، م، د، ق"

ابن أسد بن حبان الإمام الحافظ المجود أبو جعفر الواسطي القطان.

ولد بعد السبعين ومائة.

سمع أبا معاوية الضرير، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، ويزيد بن هارون، وهذه الطبقة، وصنف "المسند".

حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه؛ جعفر بن أحمد، وابن خزيمة، والنسائي في جمعه لحديث مالك، ويحيى بن صاعد، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلق سواهم.

وقال فيه ابن أبي حاتم: هو إمام أهل زمانه.

وقال أبوه أبو حاتم: ثقة، صدوق.

وقال إبراهيم بن أورمة: ما كتبناه عن أبي موسى وبندار، أعدناه عن أحمد بن سنان، وما كتبناه عن أحمد، لم نعده عن غيره.

قال جعفر بن أحمد بن سنان: سمعت أبي يقول: ليس، في الدنيا مبتدع إلا يبغض أصحاب الحديث، وإذا ابتدع الرجل بدعة نزعت حلاوة الحديث من قلبه.

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: توفي أحمد بن سنان سنة ست وخمسين، ويقال: سنة ثمان وخمسين، ويقال: سنة تسع وخمسين ومائتين.

أخبرنا أحمد بن يوسف، وعلي بن محمد، وابن الظاهري، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا سعيد بن البناء حضورًا، أخبرنا محمد بن محمد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يزيد، أخبرنا شريك، عن محمد بن جحادة، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام"

(2)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 60"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 538"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 407"، وتهذيب التهذيب "1/ 34"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 137".

(2)

ضعيف بهذا اللفظ: وهذا إسناد ضعيف، من أجل شريك بن عبد الله -وهو النخعي؛ فإنه سيئ الحفظ. أخرجه أحمد "2/ 292"، والترمذي "2595" من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا شريك بن عد الله، به. وعطاء هو ابن أبي رباح. واسم أبي رباح أسلم القرشي مولاهم المكي، وهو ثقة فقيه فاضل. وورد عن عبادة بن الصامت مرفوعا بلفظ:"الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام -قال عفان: كما بين السماء إلى الأرض- والفردوس أعلاها درجة منها تخرج الأنهار الأربعة والعرش من فوقها، وإذا سألتم الله تبارك وتعالى فاسألوه الفردوس". أخرجه أحمد "5/ 316 و 321"، والترمذي "2531"، والحاكم "1/ 80" من طريق همام بن يحيى، حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبادة بن الصامت، به. وصححه الحاكم. ووافقه الذهبي.

قلت: وهو صحيح كما قالا.

وأخرجه أحمد "5/ 240 - 241"، والترمذي "2530" من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن ماجه "4331" من طريق حفص بن ميسرة كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل، به. ولفظ أحمد:"في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين مائة سنة، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس". =

ص: 569

‌2053 - مُؤَمَّل بن إهاب

(1)

: " د، س"

ابن عبد العزيز بن قفل، الإمام الحافظ الصدوق، أبو عبد الرحمن الربعي، الكوفي، ثم الرملي. وقيل: ابن قفل بن سدل، بحركات.

ولد في حدود الثمانين ومائة، أو قبلها.

وسمع ضمرة بن ربيعة، ويزيد بن هارون، وأيوب بن سويد، وسيار بن حاتم الزاهد، ومالك بن سعير، ويحيى بن آدم، وعبد الرزاق بن همام، وطبقتهم، وكان من علماء المحدثين.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي، وسعيد بن هاشم الطبراني، وابن جوصا، ومحمد بن تمام البهراني، وأحمد بن عبد الله بن هلال، وخلق سواهم.

وله رحلة طويلة في شبيبته، ثم في شيخوخته، فحدث ببغداد ودمشق وحلب وحمص والرملة. فعن علي بن أبي سليمان: قدم مؤمل الرملة، فاجتمعوا عليه، وكان زعرًا متمنعًا، فألحوا، فامتنع، فمضوا إلى الوالي، وألفوا منهم اثنين، فقالا: لنا عبد له علينا حق صحبة وتربية، آل بنا الحال إلى بيعه، فامتنع. قال: وكيف أعلم صحة هذا? قال: معنا جماعة محدثون يعلمون ذلك. فسمع قولهم، وطلب المؤمل بالشُّرَط، فتعزز، فجروه، وقالوا: أخبرنا بأنك تطعمت بالآفاق. فلما دخل، قال: ما يكفيك إباقك حتى تعزز على سلطانك? الحبس، فحبسوه. وكان طوالا أصفر، خفيف اللحية، يشبه عبيد أهل الحجاز، فلم يزل في الحبس أيامًا، حتى علم إخوانه، فمضوا إلى الوالي، وقالوا: هذا مؤمل بن يهاب في حبسك مظلوم. قال: ما أعرف هذا، ومن مؤمل? قالوا: الذي اجتمع عليه جماعة. قال: أهو الآبق? قالوا: بل هو إمام من أئمة المسلمين، فأخرجه، وطلب أن يحله. فهذه حكاية منكرة، فالله أعلم.

مات في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين.

وفيها مات إبراهيم بن مجشر، وسلم بن جنادة، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وزياد بن يحيى الحساني، ومحمد بن منصور الطوسي العابد، ومحمد بن هاشم البعلبكي، والمرار بن حمويه، وعلي بن محمد بن علي الكاظم الحسيني أحد الاثني عشر، وأحمد بن عبد الواحد بن عبود بدمشق.

= ووقع عند الترمذي، وابن ماجه:"الجنة مائة درجة، كل درجة منها ما بين السماء والأرض"

الحديث. وورد عند أحمد "2/ 335 و 339"، والبخاري "2790" من طريق فليح، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ:"إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة -أراه قال: وفوقه عرش الرحمن- ومنه تفجر أنهار الجنة".

(1)

ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 69"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1715"، وتاريخ بغداد "13/ 181"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 231"، والكاشف "3/ ترجمة 5850"، والعبر "2/ 7"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8950" وتهذيب التهذيب "10/ 381"، وتقريب التهذيب "2/ 290"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7338"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".

ص: 570

‌2054 - محمد بن مسعود

(1)

: " د"

ابن يوسف الإمام، القدوة، الحافظ، أبو جعفر بن العجمي، الطرسوسي، شيخ الثغر في زمانه.

حدث عن: عيسى بن يونس، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وزيد بن الحباب، وعبد الرزاق، وطبقتهم.

حدث عنه: أبو داود في "سننه"، وابنه؛ أبو بكر بن أبي داود، وجعفر الفريابي، ومحمد بن وضاح حافظ الأندلس، وحاجب بن أركين، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وأبو العباس السراج، وخلق سواهم.

وثقه أبو بكر الخطيب، وغيره.

وكان ابن وضاح يتغالى فيه.

قال أبو عمر بن عبد البر: قال ابن وضاح: ما رأيت أعلم بالحديث من محمد بن مسعود.

وقال ابن وضاح أيضًا: هو رفيع الشأن، فاضل ليس بدون أحمد بن حنبل.

قلت: لم نظفر بتاريخ وفاته، وقد بقي إلى حدود سنة خمسين، وسمع منه أحمد بن علي الجزري في سنة سبع وأربعين ومائتين.

أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا سعيد بن حسين الريوندي، في سنة (544)، أخبرنا الفضل بن المحب، أخبرنا الحسين الخفاف، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا محمد بن مسعود الطرسوسي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنه كان يقنت في الركعة الآخرة من الظهر والعشاء والصبح، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله

(2)

. هذا حديث نظيف الإسناد، ولم يخرجه الجماعة.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 455"، وتاريخ بغداد "3/ 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 540"، والكاشف "3/ ترجمة 5233"، والمغني "2/ ترجمة 5976"، والعبر "1/ 449"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8165"، وتهذيب التهذيب "9/ 438"، وتقريب التهذيب "2/ 206"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6647".

(2)

أخرجه عبد الرزاق "3/ 4981" عن عمر بن راشد أو غيره، عن يحيى بن أبي كثير، به.

قلت: كذا وقع عنده عمر بن راشد على الشك، فإن كان هو هو، وليس معمر بن راشد، فالإسناد ضعيف؛ لأن عمر بن راشد بن شجرة، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب". وإن كان معمر بن راشد هو الذي في الإسناد كما في المصنف فالإسناد صحيح.

ص: 571

‌2055 - خُشَيش بن أصْرَم

(1)

: " د، س"

ابن الأسود، الإمام الحافظ، الحجة، مصنف كتاب "الاستقامة"، أبو عاصم النسائي.

سمع روح بن عبادة، وأبا عاصم، وعبد الرزاق، وعبد الله بن بكر السهمي، وطبقتهم. وكان صاحب سنة واتباع.

حدث عنه: أبو داود، والنسائي في "سننهما"، وعلان، وأحمد بن عبد الوارث العسال، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن أحمد بن سليمان الهروي، وآخرون.

وثقه النسائي.

وله رحلة واسعة إلى الحرمين ومصر والشام واليمن والعراق.

توفي في رمضان، سنة ثلاث وخمسين ومائتين بمصر.

(1)

ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 150"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 571"، وتهذيب التهذيب "3/ 142"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1897"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".

ص: 572

‌2056 - عليُّ بن حَرْب

(1)

: " س"

ابن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوبة، الإمام، المحدث، الثقة، الأديب، مسند وقته، أبو الحسن الطائي، الموصلي.

اتفق مولده بأذربيجان، في سنة خمس وسبعين ومائة، وكان أبوه يتجر.

رأى علي المعافى بن عمران، ونشأ بالموصل.

وسمع سفيان بن عيينة، وحفص بن غياث، وعبد الله بن إدريس، وأبا معاوية، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، ومحمد بن بشر، ومحمد بن فضيل، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن يمان، وعبد الله بن نمير، وزيد بن الحباب، وعمرو بن عبد الجبار، والقاسم بن يزيد الجرمي، ويزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وشبابة بن سوار، ويعلى بن عبيد، وأسباط بن محمد، وأبا داود الحفري، وأنس بن عياض الليثي، وزيد بن أبي الزرقاء، وخلقًا سواهم بالموصل، والحجاز والكوفة وبغداد والبصرة وواسط.

حدث عنه: النسائي -وقال: صالح- ويحيى بن صاعد، والمحاملي، ومحمد بن مخلد، وأحمد بن إبراهيم البلدي الإمام، ويوسف بن يعقوب الأزرق، وابن أبي حاتم، وأبو عوانة، ومحمد بن جعفر المطيري، وعلي بن إسحاق المادرائي، وأحمد بن سليمان العباداني، ونافلته

(2)

أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، وخلق كثير.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال الدارقطني: ثقة.

وقال يزيد بن محمد في "تاريخ الموصل": رحل علي مع أبيه، وسمع، وصنف، وخرج "المسند"، وكان عالمًا بأخبار العرب وأنسابها، أديبًا، شاعرًا، وفد على المعتز بالله في سنة أربع وخمسين ومائتين، وكتب عنه المعتز بخطه، ودقق الكتابة، فقال: يا أمير المؤمنين، أخذت في شؤم أصحاب الحديث، فضحك المعتز، وأطلق له ضياعًا.

مات علي في شوال سنة خمس وستين ومائتين بالموصل، وقد كمل التسعين، وصلى عليه أخوه معاوية بن حرب.

أخوه:

المحدث الثقة العابد المجاهد، "أبو بكر".

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1006"، وتاريخ بغداد "11/ 418"، والكاشف "2/ ترجمة 3949"، وتهذيب التهذيب "7/ 294"، وتقريب التهذيب "2/ 33"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4956"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".

(2)

النافلة: ولد الولد، وهو من ذلك لأن الأصل كان الولد فصار ولد الولد زيادة على الأصل؛ قال الله -تعالى- في قصة إبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} [الأنبياء: 72]؛ كأنه قال وهبنا لإبراهيم إسحاق فكان كالفرض له، ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة ليعقوب خاصة لأنه ولد الولد أي وهبنا له زيادة على الفرض له، وذلك أن إسحاق وهب له بدعائه وزيد يعقوب تفضلا.

ص: 573

‌2057 - أحمد بن حرب الطائي

(1)

: " س"

سمع مع أخيه من: سفيان بن عيينة، وأبي معاوية، وعبد الله بن إدريس، وطبقتهم.

حدث عنه: النسائي -وقال: هو أحب إلي من أخيه- وأبو بكر بن أبي داود، ومكحول البيروتي، وأحمد بن محمد بن صدقة، وآخرون.

قال يزيد الأزدي في "تاريخه": كان، ورعًا، فاضلا، رابط بأذنة، وبها توفي في سنة ثلاث وستين ومائتين، رحمه الله.

أخوهما:

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 44"، وتهذيب التهذيب "1/ 23"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".

ص: 574

‌2058 - محمد بن حرب

(1)

:

مات كهلا في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، فرثاه علي، فقال:

تقول لي المليحة إذ رأتني

لدمعي من مآقيه وكيف

وبين جوانحي زفرات حزن

يضيق بحملها بدن ضعيف

أبعد محمد ألهو بأمر

يلذ به المجاور والمطيف

قال الأزدي: حدثني صدقة بن محمد بن علي بن حرب، قال: قلت لجدي: لِمَ لَمْ ترث عمي الحسن? قال: يا بني، ما رثيت أحدًا إلا ذهب حزنه، فأحببت أن يبقى حزني عليه.

ولعلي يرثي ابن ابنه:

أرى أفرخي يمضون قصدًا إلى البلى

وأصبح مثل النسر في جانب الوكر

أشيع منهم واحدًا بعد واحد

وأرجع قد أودعته ظلمة القبر

فمن كان محزونًا بفقد منغص

فقد أوجع الأحشاء فقد أبي نصر

بني كأن البدر أشبه وجهه

يشب شباب الحول في مدة الشهر

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "7/ 237".

ص: 574

وكان إذا ما ضاق صدري لحادث

نظرت إليه فانجلت كربة الصدر

فيا دهر قد أوجعت قلبي لفقده

فمن ذا الذي يعدي مصابًا على الدهر

سأستعمل التسليم لله والرضا

وأجبر ثلم النقص في الأهل بالصبر

قال يزيد بن محمد الأزدي: حدثني عبد الله بن محمد القرشي، سمعت علي بن حرب يقول: كنا عند سفيان بن عيينة، فجعل رجل يقول له: يا أبا محمد حديث: "ويل للعرب من شر قد اقترب"

(1)

. فأعرض عنه، فجعل يكرر ذلك عليه، وسفيان يعرض عنه فألح عليه، فقال له: ويحك! كم تولول للعرب منذ اليوم، ويل للنبط

(2)

من شر قد هبط.

وقع لي من عوالي علي بن حرب أربعة أجزاء: واحد عند أبي القاسم بن صصرى، وثلاثة عند أبي القاسم السبط.

(1)

صحيح: أخرجه أحمد "6/ 324 و 428"، والبخاري "3346"، ومسلم "2880" من حديث زينب بنت جحش، به.

(2)

النبط والنبيط كالحبشي والحبيش في التقدير: جيل ينزلون السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق، وهم الأنباط، والنسب إليهم نبطي.

ص: 575

أخوهم الشيخ العالم المحدث، أبو سفيان:

‌2059 - معاوية بن حرب بن محمد الطائي الموصلي

(1)

:

ولد سنة مائتين أو بعيدها.

وسمع عبيد الله بن موسى، وقبيصة، وخلاد بن يحيى، وأبا نعيم.

وعنه: القاضي يزيد بن محمد. وقال: توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين، وله ثمانون سنة.

‌2060 - سلمة بن شبيب

(2)

: " م، (4) "

الإمام الحافظ الثقة، أبو عبد الرحمن الحجري، المسمعي، النسائي، نزيل مكة.

(1)

لم أقف له على ترجمة.

(2)

ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2054"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 722"، وأخبار أصبهان "1/ 366"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 563"، والكاشف "1/ ترجمة 2053"، والعبر "2/ 187" وتهذيب التهذيب "4/ 146"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2632"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 116".

ص: 575

سمع يزيد بن هارون، وزيد بن الحباب، وأبا داود الطيالسي، وحجاج بن محمد، وعبد الرزاق، وحفص بن عبد الرحمن النيسابوري، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبا المغيرة الخولاني، وخلقًا كثيرًا من هذا الضرب فمن بعدهم.

حدث عنه: مسلم، وأرباب السنن، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن هارون الروياني، والحسن بن دكة الأصبهاني، وحاتم بن محبوب الهروي، وعدة.

وحدث عنه من شيوخه: الإمام أحمد.

قال النسائي: ليس به بأس.

وقال أبو نعيم: قدم أصبهان، وحدث في سنة اثنتين وأربعين.

وعن سلمة بن شبيب، قال: بعت داري بنيسابور، وأردت التحول إلى مكة بعيالي، فقلت: أصلي أربع ركعات، وأودع عمار الدار. فصليت، وقلت: يا عمار الدار، سلام عليكم، فإنا خارجون نجاور بمكة. فسمعت هاتفًا يقول: عليك السلام يا سلمة، ونحن خارجون من الدار، فإنه بلغنا أن الذي اشتراها يقول: القرآن مخلوق.

قال ابن أبي داود: توفي سلمة من أكلة فالوذج.

وقال ابن يونس: قدم مصر، وحدث سنة ست، ومات في رمضان، سنة سبع وأربعين ومائتين.

قال أبو حاتم: صدوق.

أخبرنا شيخان، قالا: أخبرنا موسى الجيلي، أخبرنا ابن البناء، أخبرنا ابن البسري، أخبرنا المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا عبد الحميد الحماني، حدثنا أبو سعد، عن أنس، قال: أرسلني أبو طلحة أدعو النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنا ومن معي"? قلت: نعم

الحديث

(1)

.

(1)

حديث صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 465"، وأحمد "3/ 218"، ومسلم "2040""143"، وأبو يعلى "4145" و"4331"، والبيهقي في "دلائل النبوة""6/ 90" من طريق عبد الله بن نمير، أخبرنا أبو سعد سعد -يعني ابن سعيد- قال: أخبرني أنس بن مالك قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه، وقد جعل له طعاما، فأقبلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس قال: فنظر إلي فاستحييت، فقلت: أجب أبا طلحة. فقال للناس: "قوموا". فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إنما صنعت شيئا لك. قال: فمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا فيها بالبركة، ثم قال:"أدخل نفرا من أصحابي عشرة" فقال: "كلوا". فأكلوا حتى =

ص: 576

‌2061 - الكوسج

(1)

: " خ، م، س، ت، ق"

الإمام الفقيه الحافظ الحجة، أبو يعقوب إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي نزيل نيسابور.

ولد بعد السبعين ومائة.

وسمع سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، والنضر بن شميل، ويحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وأبا أسامة، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن بكر البرساني، وعبد الرزاق، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعفان، وخلقًا كثيرًا.

وطلب العلم، ودونه، وبرع، واشتهر.

حدث عنه: الجماعة -سوى أبي داود- وأبو زرعة الرازي، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو العباس السراج، ومؤمل بن الحسن الماسرجسي، وأحمد بن حمدون الأعمشي، ومحمد بن أحمد بن زهير، وخلق سواهم.

قال الحاكم أبو عبد الله: أبو يعقوب الكوسج مولده بمرو، ومنشؤه بنيسابور، وأعقب؛ وبها توفي، وهو أحد الأئمة من أصحاب الحديث من الزهاد، والمتمسكين بالسنة اعتمداه، في "الصحيحين" أي اعتماد، وهو صاحب المسائل عن أحمد بن حنبل الذي يستهزئ به

= شبعوا، وخرجوا، وقال:"أدخل عشرة". فأكلوا حتى شبعوا، فما زال يدخل عشرة، ويخرج عشرة، حتى لم يبق منهم أحد إلا دخل، فأكل حتى شبع، ثم هيأها، فإذا هي مثلها حين أكلوا منها.

قلت: إسناده ضعيف، سعد بن سعيد، وهو ابن قيس الأنصاري، سيئ الحفظ. وضعفه أحمد بن حنبل. وقال النسائي: ليس بالقوي، وأخرجه أحمد "3/ 147"، والبخاري "5450"، والطبراني في "الكبير""25/ 285 و 286" من طريق حماد بن زيد، عن هشام، عن محمد، عن أنس بن مالك، به.

وأخرجه مالك "2/ 927 - 928"، ومن طريقه أخرجه الشافعي "2/ 188"، وعبد بن حميد "1238"، والبخاري "422" و"3578" و"5381" و"6688"، ومسلم "2040""142"، والترمذي "3630"، والنسائي في "الكبرى""6617"، وأبو عوانة "5/ 380 و 380 - 381"، وابن حبان "6534"، والطبراني "25/ 276"، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد""1483"، وأبو نعيم في "دلائل النبوة""322"، والبيهقي في "السنن""7/ 273"، وفي "الاعتقاد""ص 280"، وفي "دلائل النبوة""6/ 88 - 89 و 90"، والبغوي "3721" عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس مطولا ومختصرا.

(1)

ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1291"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 825"، وتاريخ بغداد "6/ 362"، واللباب لابن الأثير "3/ 117"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 542"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 426"، وتهذيب التهذيب "1/ 249"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".

ص: 577

المبتدعة والمتجرئون سمعت أبا الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن إسحاق بن منصور بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل التي علقها عنه، فحملها في جراب على ظهره، وخرج راجلا إلى بغداد، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه عنها، فأقر له بها ثانيًا، وأعجب به.

قال مسلم: هو ثقة، مأمون.

وقال النسائي: ثقة.

قلت: قد يروي عنه البخاري، فيقول: حدثنا إسحاق، لم ينسبه، فيشتبه بابن راهويه، فلنا قرائن ترجح أحدهما، وبكل تقدير، فلا يضر ذلك، فكل منهما حجة.

قال الحسين بن محمد القباني: مات إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج بنيسابور، يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة، لعشر بقين من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين ومائتين.

وفيها مات حميد بن زنجويه، وعمرو بن عثمان الحمصي، وأبو التقي اليزني، ومحمد بن سهل بن عسكر.

ص: 578

‌2062 - زيد بن أخْزَم

(1)

: " خ، (4) "

الحافظ المجود، أبو طالب الطائي البصري.

سمع يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، وابن مهدي، وعبد القاهر بن شعيب، وسعيد بن عامر، وطبقتهم.

وعنه: البخاري، وأرباب السنن الأربعة، وأبو عروبة الحراني، والبغوي، وعبد الله بن وهب الدينوري، وابن صاعد، والمحاملي، وآخرون.

وثقه النسائي، وكان ممن قتلته الزنج والأوباش الواثبون على البصرة مع الخبيث في سنة سبع وخمسين ومائتين.

أخبرنا علي بن أحمد العلوي، أخبرنا ابن القطيعي، أخبرنا ابن الزاغوني، أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا زيد بن أخزم، حدثنا

عبد القاهر بن شعيب، حدثنا ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزال العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه"

(2)

.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2581"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 558"، وتهذيب التهذيب "3/ 393"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 4".

(2)

صحيح: أخرجه البخاري "647"، ومسلم "649"، وأبو داود "469" و"470" والنسائي "2/ 55" من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:"لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة".

ص: 578

‌2063 - الزَّعْفَرَانِي

(1)

: " خ، د، ت، س"

الإمام العلامة، شيخ الفقهاء، والمحدثين أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح البغدادي الزعفراني يسكن محله الزعفراني.

ولد سنة بضع وسبعين ومائة، وحج.

وسمع من سفيان بن عيينة، وأبي معاوية الضرير، وإسماعيل بن علية، وعبيدة بن حميد، ووكيع بن الجراح، وعبد الوهاب الثقفي، ومحمد بن أبي عدي، ويزيد بن هارون، وحجاج بن محمد، وأبي عبد الله الشافعي، وخلق كثير.

وقرأ على الشافعي كتابه القديم، وكان مقدمًا في الفقه والحديث، ثقة، جليلا عالي الرواية كبير المحل.

حدث عنه: البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، والقزويني، وزكريا الساجي، وأبو العباس بن سريج، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو عوانة الإسفراييني، وعمر بن بجير، وأبو القاسم البغوي، وأبو محمد بن صاعد، وأبو بكر بن زياد، ومحمد بن مخلد، والقاضي المحاملي، وأبو سعيد بن الأعرابي، وعدد كثير.

قال النسائي: ثقة.

قال إبراهيم بن يحيى: سمعت الزعفراني يقول: ما على وجه الأرض قوم أفضل من أصحاب هذه المحابر يتبعون آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكتبونها كي لا تندرس.

(1)

ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 153"، وتاريخ بغداد "7/ 407"، والأنساب للسمعاني "6/ 280"، واللباب لابن الأثير "2/ 69"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 157"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 1069"، والعبر "2/ 20"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 543"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 235"، وتهذيب التهذيب "2/ 318"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 32"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1381 و 1400"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".

ص: 579

وقال ابن حبان: كان أحمد بن حنبل، وأبو ثور يحضران عند الشافعي، وكان الحسن بن محمد الزعفراني هو الذي يتولى القراءة عليه.

قال زكريا الساجي: سمعت الزعفراني يقول: قدم علينا الشافعي، واجتمعنا إليه، فقال: التمسوا من يقرأ لكم، فلم يجترئ أحد أن يقرأ عليه غيري، وكنت أحدث القوم سنًّا، ما كان بعد في وجهي شعرة، وإني لأتعجب اليوم من انطلاق لساني بين يدي الشافعي رحمه الله وأعجب من جسارتي يومئذ. قلت: كان الزعفراني من الفصحاء البلغاء. قال: فقرأت عليه الكتب كلها إلا كتابين: "كتاب المناسك"، و"كتاب الصلاة".

قال أحمد بن محمد بن الجراح: سمعت الحسن الزعفراني يقول: لما قرأت كتاب الرسالة على الشافعي قال لي: من أي العرب أنت? قلت: لست بعربي، وما أنا إلا من قرية يقال لها: الزعفرانية. قال: فأنت سيد هذه القرية.

قال علي بن محمد بن عمر الفقيه بالري، حدثنا أبو عمر الزاهد، قال: سمعت الفقيه أبا القاسم بن بشار الأنماطي يقول: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: رأيت ببغداد نبطيًّا ينتحي علي حتى كأنه عربي، وأنا نبطي. فقيل له: من هو? قال: الزعفراني.

توفي أبو علي ببغداد في سلخ شعبان، سنة ستين ومائتين، وهو في عشر التسعين.

وفيها مات عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، وعبيد الله بن سعد الزهري، وأحمد بن عثمان بن حكيم، وأيوب بن سافرى، ومالك بن طوق منشئ الرحبة

(1)

، والحسن بن علي بن محمد بن الرضا العلوي -أحد الاثني عشر الذين تدعي الرافضة عصمتهم.

تم الجزء التاسع ويليه:

الجزء العاشر، وأوله: المُخَرِّمي.

(1)

الرحبة: تقع بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات.

ص: 580