المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الفرقان • عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ - الاستيعاب في بيان الأسباب - جـ ٣

[سليم الهلالي - محمد موسى آل نصر]

فهرس الكتاب

‌سورة الفرقان

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الفرقان بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: نزلت بمكة سورة الفرقان

(2)

.

{تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما عيَّر المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة؛ قالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟! حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزل جبريل عليه السلام من عند ربِّه معزياً له؛ فقال: "السلام عليك يا رسول الله! ربُّ العزَّة يُقرئك السلام، ويقول لك: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}؛ أي: "يبتغون المعاش في الدنيا"، قال: فبينا جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم يتحدثان؛ إذ ذاب جبريل عليه السلام حتى صار مثل الهدرة، قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما الهدرة؟ قال: "العدسة"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك ذبت حتى صرت مثل الهدرة؟ قال: يا محمد! فتح باب من أبواب السماء ولم يكن فتح قبل ذلك اليوم، وإني أخاف أن يعذب قومك عند تعييرهم إياك بالفاقة"، وأقبل النبي وجبريل عليه السلام يبكيان!!، إذ عاد جبريل عليه السلام

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 2304) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "دلائل النبوة".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 234) ونسبه لابن مردويه.

ص: 5

إلى حاله، فقال:"أبشر يا محمد! هذا رضوان خازن الجنة قد أتاك بالرضا من ربك"، فأقبل رضوان حتى سلم، ثم قال:"يا محمد! ربُّ العزَّة يقرئك السلام، ومعه سقط من نور يتلألأ، ويقول لك ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع ما لا ينتقص لك مما عنده في الآخرة مثل جناح بعوضة"، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام كالمستشير به، فضرب جبريل بيده إلى الأرض فقال:"تواضع لله، فقال: يا رضوان! لا حاجة لي فيها؛ الفقر أحبّ إليَّ، وأن أكون عبداً صابراً شكوراً"، فقال رضوان عليه السلام:"أصبت أصاب الله بك"، وجاء نداء من السماء فرفع جبريل عليه السلام رأسه، فإذا السماوات قد فتحت أبوابها إلى العرش، وأوحى الله -تعالى- إلى جنةِ عدن أن تدلي غصناً من أغصانها عليه عذق عليه غرفة من زبرجدة خضراء، لها سبعون ألف باب من ياقوتة حمراء، فقال جبريل عليه السلام:"يا محمد! ارفع بصرك"، فرفع فرأى منازل الأنبياء وغرفهم، فإذا منازله فوق منازل الأنبياء فضلاً له خاصة، ومناد ينادي:"أرضيت يا محمد؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رضيت، فاجعل ما أردت أن تعطيني في الدنيا ذخيرة عندك في الشفاعة يوم القيامة". ويرون أن هذه الآية أنزلها رضوان: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)}

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 224، 225) من طريق إسحاق بن بشر؛ قال: أخبرنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب".

الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس.

الثالثة: إسحاق بن بشر الكاهلي، متروك.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 237) وزاد نسبته لابن عساكر.

(تنبيه): تحرف اسم "جويبر" في "أسباب النزول" إلى جوهر؛ فليحرر.

ص: 6

• عن خيثمة؛ قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن شئت أعطيناك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطاه أحد بعدك، ولا ينقصك ذلك مما لك عند الله شيئاً، وإن شئت جمعتها لك في الآخرة؟ قال: اجمعها لي في الآخرة"؛ فأنزل الله -تعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بينما جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال: "هذا ملك تدلى من السماء إلى الأرض، ما نزل إلى الأرض قط قبلها، استأذن ربه في زيارتك فأذن له"، فلم يلبث أن جاء، فقال:"السلام عليك يا رسول الله! قال: وعليك السلام، قال: إن الله يخيرك إن شئت أن يعطيك من خزائن كل شيء ومفاتيح كل شيء لم يعط أحداً قبلك، ولا يعطيه أحداً بعدك، ولا ينقصك مما دخر لك عنده شيئاً، فقال: لا، بل يجمعها لي في الآخرة جميعاً"؛ فنزلت: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ}

(2)

.

{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)} .

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11/ 509، 510 رقم 11849)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2666 رقم 14991)، والطبري في "جامع البيان"(18/ 140) من طريقين عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن خيثمة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: حبيب؛ مدلس وقد عنعن.

وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 238) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 238) ونسبه لابن مردويه.

ص: 7

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا سفيان بن حرب، والنضر بن الحارث، وأبا البختري، والأسود بن المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيه بن الحجاج اجتمعوا؛ فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه، فبعثوا إليه: أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، قال: فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: يا محمد! إنا بعثنا إليك لنعذر منك؛ فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً؛ جمعنا لك من أموالنا، وإن كنت تطلب الشرف؛ فنحن نسوّدك، وإن كنت تريد ملكاً؛ ملكناك؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مالي مما تقولون؟! ما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم؛ ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليّ كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به؛ فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ؛ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم"، قالوا: يا محمد! فإن كنت غير قابل منا شيئاً مما عرضنا عليك؛ فسل لنفسك وسل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وسله أن يجعل لك جناناً وقصوراً من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي؛ فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه؛ حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بفاعل؛ ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا؛ ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً"؛ فأنزل الله في قولهم ذلك: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} إلى قوله: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} ؛ أي: جعلت بعضكم لبعض بلاءً لتصبروا، ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسولي

ص: 8

فلا تخالفوه؛ لفعلت

(1)

. [ضعيف]

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً؛ فدعا عليه الناس: جيرانه، وأهل مكة كلهم، وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ويعجبه حديثه ويغلب عليه الشقاء، فقدم ذات يوم من سفره فصنع طعاماً، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه، فقال:"ما أنا بالذي آكل من طعامك؛ حتى تشهد أن لا إله إلا الله، وإني رسول الله"، فقال: أطعم يا ابن أخي! قال: "ما أنا بالذي أفعل؛ حتى تقول"؛ فشهد بذلك، فطعم من طعامه، فبلغ ذلك أُبيّ بن خلف، فأتاه، فقال: صبوت يا عقبة! وكان خليله، فقال: لا، والله ما صبوت، ولكن دخل عليَّ رجل فأبى أن يطعم من طعام إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم؛ فشهدت له، فطعم؛ فقال: ما أنا بالذي أرضى عنك أبداً حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ على عنقه، قال: ففعل به ذلك وأخذ رحم دابة فألقاه بين كتفيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوت رأسك بالسيف"، فأُسر عقبة يوم بدر؛ فقتل صبراً، ولم يقتل من الأسارى غيره، قتله ثابت بن الأفلح

(2)

. [موضوع]

(1)

أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(18/ 145) -وسقط متنه-: ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة محمد بن أبي محمد -شيخ ابن إسحاق-.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 236، 237) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة"(ص 404، 405) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. =

ص: 9

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن ابن أبي مُعَيط وأُبيّ بن خلف الجمحي التقيا، فقال عقبة بن أبي مُعَيط لأُبَيّ بن خلف، وكانا خليلين في الجاهلية، وكان أُبَيّ بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض عليه الإسلام، فلما سمع ذلك عقبة؛ قال: لا أرضى عنك حتى تأتي محمداً فتتفُلُ في وجهه، وتشتمه وتُكَذِّبه، قال: فلم يُسَلِّط الله على ذلك، فلما كان يوم بدر؛ أُسِرَ عقبة بن أبي معيط في الأُسارى، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب أن يقتله، فقال عقبة: يا محمد! مِنْ بين هؤلاء أُقتل؟ قال: "نعم"، قال: لِمَ؟ قال: "بكفرك، وفجورك، وعُتُوّك على الله ورسوله"، قال معمر: وقال مقسم: فبلغنا -والله أعلم- أنه قال: فمَن للصبية؟ قال: النار، قال: فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.

وأمَّا أُبَيَّ بن خلف؛ فقال: والله لأقتلنَّ محمداً، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"بل أنا أقتله إن شاء الله"، قال: فانطلق رجل ممن سمع ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أُبَيّ بن خلف، فقيل: إنَّه لَمّا قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم ما قلتَ؛ قال: "بل أنا أقتله إن شاء الله"، فأفزعه ذلك، وقال: أنْشُدُك بالله أسمعته يقول ذلك؟ قال: نعم، فوقعت في نفسه؛ لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قولاً إلا كان حقاً.

فلما كان يوم أُحد؛ خرج أُبَيّ بن خلف مع المشركين، فجعل يلتمس غفلة النبي صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه، فيحُول رجل من المسلمين بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال لأصحابه:"خَلُّوا عنه"، فأخذ الحربة فجزله بها

(1)

-يقول: رماه بها- فيقع في ترقوته، تحت تسبغة البيضة، وفوق الدرع، فلم يخرج منه كبير دم، واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه، حتى احتملوه وهو يخور، وقالوا: ما هذا؟ فوالله ما بك إلا خدش، فقال: والله؛ لو لم

= قلنا: من دون ابن عباس كلهم كذابون.

(1)

انظر: التعليق على المصنف.

ص: 10

يصيبني إلا بريقه لقتلني، أليس قد قال:"أنا أقتله إن شاء الله"، والله؛ لو كان ما بي بأهل [ذي] المجاز لقتلهم، قال: فما لبث إلا يوماً أو نحو ذلك حتى مات إلى النار؛ فأنزل الله فيه: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إلى قوله: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: نزلت في أُمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط، {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}؛ قال: هذا عقبة، {لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا}؛ قال: أمية، وكان عقبة خدناً لأمية، فبلغ أمية أن عقبة يريد الإِسلام، فأتاه، وقال: وجهي من وجهك حرام إن أسلمت أن أكلمك أبداً، ففعل؛ فنزلت هذه الآية فيهما

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(5/ 355 - 357 رقم 9731)، و"التفسير"(2/ 68، 69): نا معمر عن عثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس [عن ابن عباس].

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان هو ابن عمرو بن ساج الجزري ضعيف؛ كما في "التقريب"، وما بين المعكوفتين زيادة من التفسير.

ثم أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 68) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(19/ 6) -: نا معمر عن قتادة وعثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس؛ قال: اجتمع عقبة بن أبي معيط وأُبيّ بن خلف وكانا خليلين، فقال أحدهما لصاحبه: بلغني أنك أتيت محمداً فاستمعت منه، والله؛ لا أرضى عنك حتى تتفل في وجهه وتكذبه، فلم يسلطه الله على ذلك، فقتل عقبة يوم بدر صبراً، وأما أُبيّ بن خلف؛ فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده يوم أُحد في القتال، وهما اللذان أنزل الله فيهما:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} .

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وهو أصح من الذي قبله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 251) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2686 رقم 15106) من طريق هشيم:

أنبأ علي بن زيد عن سعيد بن المسيب به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: =

ص: 11

• عن عمرو بن ميمون في قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} ؛ قال: نزلت في عقبة بن أبي معيط، وأُبيّ بن خلف، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عقبة في حاجة وقد صنع طعاماً للناس، قال: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعامه، فقال:"قد علمت أني لا أكل طعامك، ولسْتَ على ديني"، قال:"لا، حتى تسلم"؛ فأسلم وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فأكل وبلغ الخبر أبيّ بن خلف، فأتى عقبة فذكر له ما صنع، فقال له عقبة: أترى مثل محمد يدخل منزلي وفيه طعام، ثم يخرج ولا يأكل! قال أبي: فوجهي من وجهك حرام حتى ترجع إليه وتتفل في وجهه وترجع عما دخلت فيه، قال: فجاء ففعل ذلك ونزل القرآن: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} قال: عقبه

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن رجلاً من قريش (وفي رواية:

عقبة بن أبي معيط) كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه رجل آخر من قريش (وفي رواية: أمية بن خلف) -وكان له صديقاً- فلم يزل به حتى صرفه وصدّه عن غشيان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله فيهما ما تسمعون

(2)

. [ضعيف]

= الأولى: الإرسال.

الثانية: علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 252) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2684 رقم 15095، ص 2685 رقم 15102) من طريق معاوية بن حفص عن هشيم عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون به.

وقال: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: هشيم؛ مدلس، وقد عنعن.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2684 رقم 15096) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 253) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

وهذه كلها مراسيل ومقاطيع لا تقوم بها حجة.

ص: 12

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: هو أُبيّ بن خلف كان يحضر النبي صلى الله عليه وسلم فزجره عقبة بن أبي معيط

(1)

. [ضعيف جداً]

• وعنه؛ قال: كان أُبيّ بن خلف يحضر النبي صلى الله عليه وسلم فزجره عقبة بن أبي معيط؛ فنزل: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ. . .} ، قال: الظالم: عقبة، وفلاناً خليلاً: أُبيّ بن خلف

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن أبا معيط كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه، وكان رجلاً حليماً، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام، فقالت قريش: صبا أبو معيط، وقدم خليله من الشام ليلاً، فقال لامرأته: ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت: أشد مما كان أمراً، فقال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقال: صبأ، فبات بليلة سوء، فلما أصبح؛ أتاه أبو معيط فحياه، فلم يرد عليه التحية، فقال: ما لك لا ترد عليَّ تحيتي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت؟ قال: أو قد فعلتها قريش؟! قال: نعم، قال: فما يُبرئ صدورهم إن أنا معك؟ قال: نأتيه في مجلسه، وتبصق في وجهه،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 6)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2684 رقم 1097) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 6) من طريق سنيد صاحب "التفسير": ثني حجاج عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى والثانية: عطاء هذا؛ صدوق يهم كثيراً، وكان يرسل ويدلس؛ كما في "التقريب"، ولم يسمع من أحد من الصحابة.

الثالثة: ابن جريج مدلس وقد عنعن.

الرابعة: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 251) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

ص: 13

وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم؛ ففعل؛ فلم يزد النبي صلى الله عليه وسلم أن مسح وجهه من البصاق، ثم التفت إليه فقال: إن وجدتك خارجاً من جبال مكة أضرب عنقك صبراً".

فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه؛ أبى أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً في جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرف عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحلَّ به جمله في جدد من الأرض؛ أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط فقال: تقتلني من بين هؤلاء؟ قال: "نعم؛ بما بصقت في وجهي"؛ فأنزل الله في أبي معيط: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إلى قوله: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}

(1)

.

• عن السدي: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} ؛ قال: نزلت في عقبة بن أبي معيط، كان قد غشي مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وهَمّ أن يسلم، فلقيه أمية بن خلف؛ فقال: يا عقبة! بلغني أنك قد صبوت فتبعت محمداً، فقال: فعلت، قال: فوجهي من وجهك حرام حتى تأتيه فتتفل في وجهه وتتبرأ منه؛ فيعلم قومك أنك عدو لمن عاداهم، وفرق عليهم جماعتهم، فأطاعه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فتفل في وجهه، وتبرأ منه، فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل فيه، يخبر بما هو صائر إليه من الندامة وتبرؤه من خليله أمية بن خلف؛ فقال:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 250) ونسبه إلى ابن مردويه وأبي نعيم الأصبهاني في "الدلائل"، وقال:"بسند صحيح".

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2685 رقم 15103) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

ص: 14

• عن مجاهد؛ قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} : عقبة بن أبي معيط دعا مجلساً فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لطعام، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل، وقال:"لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، فقال: ما أنت بآكل حتى أشهد؟ قال: "نعم" قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فلقيه أمية بن خلف، فقال: أقد صبوت؟ قال: إني أخالك على ما تعلم، ولكن صنعت طعاماً فأبى أن يأكل حتى أقول ذلك؛ فقلته وليس من نفسي

(1)

. [ضعيف]

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال المشركون: إن كان محمد كما يزعم نبياً فلم يعذبه ربه؛ ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة؟ ينزل عليه الآية والآيتين والسورة؟!؛ فأنزل الله على نبيه جواب ما قالوا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} إلى {وَأَضَلُّ سَبِيلًا}

(2)

. [حسن]

{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} ؛ قال: كان الرجل يعبد الحجر الأبيض زماناً من الدهر في

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2683، 2684)، والطبري في "جامع البيان"(19/ 7) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2689 رقم 15126)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول"(ص 163)، و"الدر المنثور"(6/ 254) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 119، 120 رقم 119) - من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن.

وزاد السيوطي نسبته للحاكم، ولم نره فيه.

ص: 15

الجاهلية، فإذا وجد حجراً أحسن منه؛ رمى به، وعبد الآخر؛ فأنزل الله الآية

(1)

. [حسن]

• عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: كانوا في الجاهلية يأكلون الدم بالعلهز ويعبدون الحجر، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه؛ رموا به وعبدوا الآخر، فإذا فقدوا الآخر؛ أمروا منادياً فنادى: أيها الناس! إن إلهكم قد ضل فالتمسوه؛ فأنزل الله هذه الآية: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}

(2)

.

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)} .

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: سألت -أو سئل- رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذنب عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني بحليلة جارك"، قال: ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}

(3)

. [صحيح]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2699 رقم 15199)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 260) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 120، 121 رقم 120) من طريق أشعث القمي عن جعفر القمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده حسن.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 260) ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم 4477، 4761، 6001، 6811، 7520، =

ص: 16

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن ناساً من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو لحسن، ولو تخبرنا أنَّ لِمَا عملنا كفارة؛ فنزل:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} ، ونزل:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ} [الزمر: 53]

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلوات لمواقيتهن"، قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم الجهاد في سبيل الله"، ولو استزدته لزادني، وسألته: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: "الشرك بالله"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك".

فما لبثنا إلا يسيراً حتى أنزل الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}

(2)

.

= 7532)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 86، 141، 142) وغيرهما من حديث ابن مسعود به.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4810)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 122/ 193).

وفي رواية للبخاري في "صحيحه"(رقم 4765)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 3023/ 19)؛ أنه قال: نزلت هذه الآية بمكة: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى قوله: {مُهَانًا} ، فقال المشركون: وما يغني عنا الإِسلام؛ وقد عدلنا بالله، وقد قتلنا النفس التي حرم الله، وأتينا الفواحش؟ فأنزل الله عز وجل:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} إلى آخر الآية. قال: فأما من دخل في الإِسلام وعقله ثم قتل؛ فلا توبة له.

وفي رواية للبخاري في "صحيحه"(رقم 4766)، ومسلم في "صحيحه" (رقم 3023/ 18) بلفظ:"نزلت في أهل الشرك".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 277) ونسبه لابن مردويه.

ص: 17

• عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى آخر الآية في وحشي وأصحابه، قالوا: كيف لنا بالتوبة وقد عبدنا الأوثان، وقتلنا المؤمنين، ونكحنا المشركات؟ فأنزل الله فيهم:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} ؛ فأبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الله، وأبدلهم بقتالهم مع المشركين قتالاً مع المسلمين للمشركين، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى قوله: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} ، فقال المشركون: ولا والله ما كان هؤلاء الذين مع محمد إلا معنا، قال: فأنزل الله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} ، قال: تاب من الشرك وآمن، قال: بعقاب الله ورسوله {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} ، قال: صدق، {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} قال: يبدل الله أعمالهم السيئة التي كانت في الشرك بالأعمال الصالحة حين دخلوا في الإيمان

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 29)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2734 رقم 15434) من طريق يعقوب عن جعفر عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جعفر بن أبي المغيرة ليس بالقوي في سعيد بن جبير؛ كما قال ابن منده.

الثانية: الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 278) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 30): ثنا يونس ثنا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: عبد الرحمن؛ متروك الحديث.

الثانية: الإعضال.

ص: 18

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنين: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} الآية، ثم نزلت:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} ؛ فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فرحاً قط أشد فرحاً منه بها، وبـ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]

(1)

. [ضعيف]

• عن الضحاك يقول في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} وهذه الآية مكية نزلت بمكة، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}؛ يعني: الشرك والقتل والزنا جميعاً، لما أنزل الله الآية؛ قال المشركون من أهل مكة: يزعم محمد أن من أشرك وقتل وزنى؛ فله النار، وليس له عند الله خير؛ فأنزل:{إِلَّا مَنْ تَابَ} من المشركين من أهل مكة {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} ، يقول: يبدل الله مكان الشرك والقتل والزنا؛ الإيمان بالله والدخول في الإِسلام، وهو التبديل في الدنيا؛ وأنزل الله في ذلك:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر: 53]؛ يعنيهم بذلك: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ؛ يعني: ما كان في الشرك، يقول الله لهم: أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، يدعوهم إلى الإِسلام. فهاتان الآيتان مكيتان، والتي في [النساء: 93]: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} الآية، هذه مدنية نزلت بالمدينة، وبينها وبين التي

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5/ 368 رقم 5579) من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف.

الثانية: يوسف بن مهران؛ قال عنه الحافظ في "التقريب": "لم يرو عنه إلا ابن جدعان، وهو لين الحديث".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 196): "بسند حسن"،! وهذا وهم وتساهل منه رحمه الله لما تقدم ذكره.

ص: 19

نزلت في الفرقان ثمان سنين وهي مبهمة ليس منها مخرج

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه: يا محمد! كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، وأنا قد صنعت ذلك؟ فهل تجد لي من رخصة؟ فأنزل الله عز وجل:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} ، فقال وحشي: يا محمد! هذا شرط شديد {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} ، فلعلي لا أقدر على هذا؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، فقال وحشي: يا محمد! أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؟ فأنزل الله عز وجل:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} ، قال وحشي: هذا، فجاء فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله! إذا أصبنا ما أصاب وحشي؟ قال: "هي للمسلمين عامة"

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ؛ اشتد ذلك على المسلمين، فقالوا: ما منا أحد إلا أشرك وقتل وزنى؛ فأنزل الله: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا. . .} [الزمر: 53]، يقول:

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 30) بسند ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(11/ 157، 158 رقم 11480).

قلنا: فيه أبين بن سفيان؛ قال البخاري: "لا يكتب حديثه"، وقال الدارقطني:"ضعيف له مناكير"، واتهمه ابن حبان، وضعفه ابن عدي والذهبي وغيرهما.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 101): رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه أبين بن سفيان، ضعفه الذهبي".

وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 227) من طريق آخر فيه مجاهيل.

ص: 20

لهؤلاء الذين أصابوا هذا في الشرك، ثم نزلت بعده:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} ؛ فأبدلهم الله بالكفر الإِسلام، وبالمعصية الطاعة، وبالإنكار المعرفة، وبالجهاله العلم

(1)

.

• عن عامر الشعبي: أنه سئل عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ؛ قال: هؤلاء كانوا في الجاهلية فأشركوا، وقتلوا، وزنوا، فقالوا: لن يغفر الله لنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِلَّا مَنْ تَابَ} ، قال: كانت التوبة والإيمان والعمل الصالح، وكان الشرك والقتل والزنا، كانت ثلاث مكان ثلاث

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي مالك؛ قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ؛ قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: كنا أشركنا في الجاهلية، وقتلنا؛ فنزلت:{إِلَّا مَنْ تَابَ}

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 278) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 278، 279) ونسبه لعبد بن حميد.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 279) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(8/ 2732 رقم 15420) من طريق حصين عن أبي مالك به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 21

‌سورة الشعراء.

{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)} .

• عن أبي جهضم؛ قال: رؤي النبي صلى الله عليه وسلم كأنه متحير؛ فسألوه عن ذلك، فقال:"ولم. .! ورأيت عدوي يلون أمر أمتي من بعدي"؛ فنزلت: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207)}

(1)

. [ضعيف]

{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)} .

• عن ابن جريج: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} ؛ بدأ بأهل بيته وفصيلته، فشق ذلك على المسلمين؛ فأنزل الله:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 164)، و"الدر المنثور"(6/ 323) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 75) من طريق سنيد صاحب "التفسير": ثني حجاج عن ابن جريج به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: سنيد ضعيف؛ كما في "التقريب".

الثانية: الإعضال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 330) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 22

{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أحدهما من الأنصار، والآخر من قوم آخرين، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء؛ فأنزل الله:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: تهاجى شاعران في الجاهلية، وكان مع كل واحد منهما فئام من الناس؛ فأنزل الله:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عروة؛ قال: لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)} ؛

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 2833/ 16064)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "اللباب"(ص 164)، و"الدر المنثور"(6/ 333) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

وأخرج الطبري (19/ 78) نحوه عن الضحاك.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 2832/ 16054) من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 23

قال عبد الله بن رواحة: قد علم الله أني منهم؛ فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} حتى ختم الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي الحسن سالم البراد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)} ؛ جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون، فقالوا: يا رسول الله! أنزل الله هذه الآية وهو يعلم أنا شعراء، فقال: "اقرءوا ما بعدها: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي الحسن مولى بني نوفل: أن حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت هذه الآية: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)} يبكيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرؤها عليهما:

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 528)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ رقم 16069) من ثلاثة طرق عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 334) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن عساكر.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(8/ 706، 707 رقم 6102)، والطبري في "جامع البيان"(19/ 79)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ رقم 16068) من طريق ابن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي الحسن به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: ابن إسحاق؛ مدلس، وقد عنعن.

الثانية: أبو الحسن البراد؛ ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وكذا ابن حبان في "الثقات"، ولم يذكروا عنه راوياً إلا يزيد ذا؛ فهو مجهول.

الثالثة: الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 334) وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه" وابن المنذر وابن مردويه.

ص: 24

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 16067) عن أبي سعيد الأشج عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن يزيد بن عبد الله عن أبي الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد؛ رجاله ثقات؛ غير الوليد، وهو صدوق؛ كما في "التقريب".

وأبو الحسن ذا؛ روى عنه الزهري وعمر بن معتب ويزيد بن عبد الله بن قسيط، ووثقه أبو حاتم الرازي وأبو زرعة؛ كما في "الجرح والتعديل"(9/ 356 رقم 1608)، وهذا مما فات المزي في "تهذيب الكمال"(33/ 246) فلم يذكر توثيقه عن أحد!!

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله عنه في "التقريب": "مقبول! "، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 514):"لا يدري منه هو؟! ".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 334) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ومن الملاحظ أن هذه مراسيل لا تقوم بها حجة.

ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 367) -بعد أن ذكر عن بعض الصحابة والتابعين: أن حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة مستثنى من هذا-: "ولا شك أنه استثناء، ولكن هذه السورة مكية؛ فكيف يكون سبب نزول هذه الآية في شعراء الأنصار؟! وفي ذلك نظر، ولم يتقدم إلا مرسلات لا يعتمد عليها -والله أعلم-".

ص: 25

‌سورة النمل.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت سورة النمل بمكة.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله

(1)

.

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 340) وزاد نسبة الأول لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

وزاد الثاني لابن مردويه وحده.

ص: 26

‌سورة القصص.

{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)} .

• عن رفاعة القرظي رضي الله عنه؛ قال: نزلت هذه الآية في عشرة، أنا أحدهم:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 56)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2/ 339/ 691) والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 53 رقم 4563، 4564)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 2987 - 2988)، وأبو موسى المديني الحافظ في "الصحابة"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 180 رقم 2732) -ومن طريقهما ابن الأثير في "أسد الغابة"(2/ 80) -، والبارودي في "معجم الصحابة"؛ كما في "الإصابة"(1/ 519)، وابن منده في "المعرفة"؛ كما في "أسد الغابة"(2/ 80) من طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن رفاعة به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 88): "رواه الطبراني بإسنادين، أحدهما متصل ورجاله ثقات -وهو هذا-، والآخر منقطع الإسناد". اهـ.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 422) -بعد أن زاد نسبته لابن أبي شيبة =

ص: 27

• عن علي بن رفاعة؛ قال: خرج عشرة رهط من أهل الكتاب، منهم: رفاعة -يعني: أباه- إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا؛ فأوذوا؛ فنزلت: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)} .

وفي رواية: كان أبي من الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، وكانوا عشرة، فلما جاءوا؛ جعل الناس يستهزئون بهم ويضحكون منهم؛ فأنزل الله:{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)} ؛ قال: كنا نحدث أنها نزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق يأخذون بها وينتهون إليها، حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فآمنوا به وصدقوا به، فأعطاهم الله أجرهم مرتين؛ بصبرهم على الكتاب الأول، واتباعهم محمداً صلى الله عليه وسلم، وصبرهم على ذلك، وذكر أن منهم سلمان وعبد الله بن سلام

(2)

. [ضعيف]

= وابن المنذر وابن قانع في "معجم الصحابة" وابن مردويه-: "بسند جيد".

(1)

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 274، 275 رقم 2388)، والطبري في "جامع البيان"(20/ 56)، وأبو موسى المديني الحافظ؛ كما في "أسد الغابة"(3/ 587) من طرق عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن علي به.

قلنا: وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات؛ لكن صورته صورة المرسل؛ لأن علياً لم يشهد ما حَدَثَ مع أبيه، فعلى هذا يكون الحديث مرسلاً، والمرسل من قسم الضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 422) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 56، 57) بسند حسن إلى قتادة.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله. =

ص: 28

• عن سلامة العجلي؛ قال: جاء ابن أخت لي من البادية، يقال له: قدامة، فقال لي ابن أختي: أحب أن ألقى سلمان الفارسي؛ فأسلم عليه، فخرجنا إليه فوجدناه بالمدائن وهو يومئذ على عشرين ألفاً، ووجدناه على سرير يسف

(1)

خوصاً فسلمنا عليه، قلت: يا أبا عبد الله! هذا ابن أخت لي قدم عليّ من البادية، فأَحبَّ أن يسلم عليك، قال: وعليه السلام ورحمة الله، قلت: يزعم أنه يحبك، قال: أحبه الله، قال: فتحدثنا، وقلنا له: يا أبا عبد الله! ألا تحدثنا عن أصلك، وممن أنت؟ قال: أما أصلي وممن أنا؛ فأنا رجل من أهل رامهرمز كنا قوماً مجوساً، فأتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة كانت أمه منا، فنزل فينا واتخذ فينا ديراً، قال: وكنت في كُتَّاب الفارسية، وكان لا يزال غلام معي في الكُتَّاب يجيء مضروباً يبكي قد ضربه أبواه، فقلت له يوماً: ما يبكيك؟ قال: يضربني أبواي، قلت: ولِمَ يضربانك؟ قال: آتي صاحب هذا الدير، فإذا علما ذلك ضرباني، وأنت لو أتيته سمعت منه حديثاً عجيباً، قلت: فاذهب بي معك، فأتيناه فحدثنا عن بدء الخلق، وعن بدء خلق السماء والأرض، وعن الجنة والنار، فحدثنا بأحاديث عجيب، قال: وكنت اختلف إليه معه، قال: ففطن لنا غلمان من الكُتَّاب، فجعلوا يجيئون معنا، فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه، فقالوا له: يا هذا إنك قد جاورتنا، فلم تر من جوارنا إلا الحسن، وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا، اخرج عنا، قال: نعم.

فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه: اخرج معي، قال: لا أستطيع

ذاك؛ وقد علمت شدة أبويَّ عليَّ، قلت: لكني أنا أخرج معك، وكنت

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 422) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

ينسج.

ص: 29

يتيماً لا أب لي، فخرجت معه، فأخذنا جبل رامهرمز فجعلنا نمشي ونتوكل، ونأكل من ثمر الشجر، حتى قدمنا الجزيرة، فقدمنا نصيبين، فقال لي صاحبي: يا سلمان! إن ههنا قوماً هم عباد أهل الأرض، وأنا أحب أن ألقاهم، قال: فجئنا إليهم يوم الأحد وقد اجتمعوا، فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به، وقالوا: أين كانت غيبتك؟ قال: كنت في إخوان لي من قبل فارس، فتحدثنا ما تحدثنا، ثم قال لي صاحبي: قم يا سلمان! انطلق، فقلت: لا، دعني مع هؤلاء، قال: إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء، يصومون الأحد إلى الأحد، ولا ينامون هذا الليل، وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة، فكنت فيهم حتى أمسينا، فجعلوا يذهبون واحداً واحداً إلى غاره الذي يكون فيه، قال: فلما أمسينا قال ذلك الرجل الذي من أبناء الملوك: هذا الغلام ما يصنع؟ ليأخذه رجل منكم، فقالوا: خذه أنت، فقال لي: هلم يا سلمان! فذهب بي معه حتى أتى غاره الذي يكون فيه، فقال: يا سلمان! هذا خبز وهذا أدم، فكل إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذلك، ولم ينظر إلى فأخذني الغم تلك السبعة أيام لا يكلمني أحد، حتى كان الأحد، فانصرف إليَّ، فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون، قال: وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه، فيلقى بعضهم بعضاً، فيسلم بعضهم على بعض، ثم لا يلتقون إلى مثله، قال: فرجعنا إلى منزلنا، فقال لي مثل ما قال لي أول مرة: هذا خبز وأدم، فكل منه إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إليَّ ولم يكلمني إلى الأحد الآخر، وأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار، فقلت: أصبر أحدين أو ثلاثة، فلما كان يوم الأحد رجعنا إليهم، فأفطروا واجتمعوا، فقال لهم: إني أريد بيت المقدس، فقالوا له: وما تريد إلى ذلك؟ قال: لا عهد لي به، قالوا: إنا نخاف أن يحدث بك حدث؛ فيليك غيرك، وكنا

ص: 30

نحب أن نليك، قال: لا عهد لي به، فلما سمعته يذكر ذلك فرحت، قلت: نسافر ونلقى الناس، فيذهب عني الغم الذي كنت أجد، فخرجت أنا وهو، وكان يصوم من الأحد إلى الأحد، ويصلي الليل كله، ويمشي النهار، فإذا نزلنا قام يصلي، فلم يزل ذلك حتى انتهينا إلى بيت المقدس، وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس، فقال: أعطني، فقال: ما معي شيء، فدخلنا بيت المقدس، فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا إليه واستبشروا به، فقال لهم: غلامي هذا فاستوصوا به، فانطلقوا بي، فأطعموني خبزاً ولحماً، ودخل في الصلاة فلم ينصرف إليَّ حتى كان يوم الأحد الآخر، ثم انصرف فقال لي: يا سلمان! إني أريد أن أضع رأسي، فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني، فوضع رأسه فنام، فبلغ الظل الذي قال، فلم أوقظه مأواة مما رأيت من اجتهاده ونصبه، فاستيقظ مذعوراً، فقال: يا سلمان! ألم أكن قلت لك: إذا بلغ الظل كذا وكذا فأيقظني؟ قلت: بلى، ولكن إنما منعني مأواة لك لما رأيت من دأبك، قال: ويحك يا سلمان! إني أكره أن يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيراً، ثم قال لي: يا سلمان! اعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية، قلت: ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية؟ كلمة ألقيت على لساني، قال: نعم، يوشك أن يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإذا أدركته فأتبعه وصدقه، قلت: وإن أمرني أن أدع النصرانية؟ قال: نعم؛ فانه نبي لا يأمر إلا بحق، ولا يقول إلا حقاً، والله؛ لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها، ثم خرجنا من بيت القدس، فمررنا على ذلك المقعد، فقال له: دخلت فلم تعطني، وهذا الخروج فأعطني، فالتفت فلم يَرَ حوله أحداً، قال: فأعطني يدك، فأخذه بيده، فقال: قم بإذن الله، قال: فقام صحيحاً سوياً فتوجه نحو أهله، فأتبعته بصري تعجباً مما رأيت وخرج صاحبي، فأسرع المشي وتبعته، فتلقاني رفقة كلب أعراب، فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقاً،

ص: 31

فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الأنصار، فجعلني في حائط له من نخل فكنت فيه، قال: ومن ثم تعلمت عمل الخوص أشتري خوصاً بدرهم، فأعمله فأبيعه بدرهمين، فأرد درهماً في الخوص واستنفق درهماً، أحب أن آكل من عمل يدي، وهو يومئذ أمير على عشرين ألفاً.

فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلاً قد خرج بمكة يزعم أن الله عز وجل أرسله، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث، فهاجر إلينا، وقدم علينا، فقلت: والله لأجربنه، فذهبت إلى السوق فاشتريت لحم جزور بدرهم، ثم طبخته، فجعلت قصعة من ثريد، فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه، فقال:"ما هذه أصدقة أم هدية؟ "، قلت: بل صدقة، فقال لأصحابه:"كلوا، بسم الله"، وأمسك ولم يأكل، فمكثت أياماً، ثم اشتريب لحماً أيضاً بدرهم، فأصنع مثلها فاحتملتها حتى أتيته بها، فوضعتها بين يديه، فقال:"ما هذه؟ هدية أم صدقة؟ "، قلت: لا، بل هدية، فقال لأصحابه:"كلوا، بسم الله"، وأكل معهم، قلت: هذا والله يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فنظرت؛ فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة؛ فأسلمت، ثم قلت له ذات يوم: يا رسول الله! أي قوم النصارى؟ قال: "لا خير فيهم"، وكنت أحبهم حباً شديداً؛ لما رأيت من اجتهادهم، ثم إني سألته بعد أيام: يا رسول الله! أي قوم النصارى؟ قال: "لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم"، قلت في نفسي: فأنا والله أحبهم، قال: وذاك والله حين بعث السرايا وجرد السيف، فسرية تدخل وسرية تخرج، والسيف يقطر، قلت: يحدث بي الآن أني أحبهم، فيبعث إليَّ فيضرب عنقي، فقعدت في البيت، فجاءني الرسول ذات يوم فقال:"يا سلمان! أجب"، قلت: من؟ قال: "رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قلت: هذا والله الذي كنت أحذر، قلت: نعم حتى ألحقك، قال:"لا والله، حتى تجيء"، وأنا أحدث نفسي أن لو ذهب أن أفر، فانطلق بي فانتهيت إليه،

ص: 32

فلما رآني تبسم وقال لي: "يا سلمان! أبشر فقد فرج الله عنك"، ثم تلا عليَّ هؤلاء الآيات:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)} ، قلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لقد سمعته يقول: لو أدركته فأمرني أن أقع في النار لوقعتها، إنه نبي لا يقول إلا حقاً ولا يأمر إلا بالحق

(1)

. [ضعيف]

• وعنه -أيضاً-؛ قال: تداولتني الموالي حتى وقعت بيثرب، فلما يكن في الأرض قوم أحب إليَّ من النصارى، ولا دين أحب إليَّ من النصرانية؛ لما رأيت من اجتهادهم، فبينا أنا كذلك؛ إذ قالوا: قد بُعث في العرب نبيٌّ، ثم قالوا: قدم المدينة فأتيته فجعلت أسأله عن النصارى، قال:"لا خير في النصارى، ولا أحب النصارى"، قال: فأخبرته أن صاحبي قال: لو أدركته فأمرني أن أقع النار لوقعها، قال: وكنت قد استهترت بحب النصارى، فحدثت نفسي بالهرب، وقد جرّد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 241، 245 رقم 6110، 25/ 186 - 190 رقم 8) -ومن طريقه الخطيب "تاريخ بغداد"(9/ 198 - 220 رقم 477) - من طريق مسلمة بن علقمة المازني ثنا داود بن أبي هند عن سماك بن حرب عن سلامة العجلي عن سلمان به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ سلامة بن روح؛ مجهول لم يرو عنه إلا سماك بن حرب.

قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(1/ 537): "غريب جداً، وسلامة لا يعرف".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 343): "رواه الطبراني؛ ورجاله رجال الصحيح؛ غير سلامة العجلي، وقد وثقه ابن حبان".

ص: 33

السيف، فأتاني آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فقلت: اذهب حتى أجيء، وأنا أحدث نفسي بالهرب، قال لي: لن أفارقك حتى أذهب بك إليه، فانطلقت به، فلما رآني، قال: "قد أنزل الله عذرك: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)}

(1)

.

• عن مجاهد: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ. . .} ؛ قال: أناس من أهل الكتاب أسلموا، فكان أناس من اليهود إذا مروا عليهم سبوهم؛ فأنزل الله هذه الآية فيهم

(2)

. [ضعيف]

• وعنه في قوله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} ، قال: نزلت في قوم كانوا مشركين فأسلموا، فكان قومهم يؤذونهم

(3)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: لما أتى جعفر وأصحابه النجاشي أنزلهم وأحسن إليهم، فلما أرادوا أن يرجعوا؛ قال: من آمن من أهل مملكته: ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر، ونأتي هذا النبي فنحدث به عهداً، فانطلقوا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهدوا معه أُحداً وخيبر ولم

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 423) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 2993) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 427) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 58): ثنا ابن وكيع ثنا ابن عُيينة عن منصور عن مجاهد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ سفيان بن وكيع؛ ضعيف، فإن توبع؛ صح السند لمجاهد، وتبقى علة الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 427) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر.

ص: 34

يصب أحد منهم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائذن لنا فلنأت أرضنا؛ فإن لنا أموالاً فنجيء بها فننفقها على المهاجرين؛ فإنا نرى بهم جهداً، فأذن لهم فانطلقوا؛ فجاؤوا بأموالهم، فأنفقوها على المهاجرين؛ فأنزلت فيهم الآية:{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54)}

(1)

. [ضعيف]

{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} .

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه عند الموت: "قل: لا إله إلا الله؛ أشهد لك بها يوم القيامة"، فأبى؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}

(2)

. [صحيح]

• عن المسيب بن حزن رضي الله عنه؛ قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة؛ جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال:"أي عم! قل: لا إله إلا الله؛ كلمة أحاج لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 2992) من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

وأخرج (9/ 2988) من هذه الطريق عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ قرأ عليهم:{يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} [يس: 1، 2] حتى ختمها، فجعلوا يبكون وأسلموا، ونزلت فيهم هذه الآية الأخرى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)} .

قلنا: وسنده ضعيف؛ كسابقه.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 25/ 41 و 42) وغيره.

ص: 35

عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة؛ حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم انهَ عنك"؛ فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)} [التوبة: 113]؛ وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}

(1)

. [صحيح]

• عن أبي سعيد بن رافع؛ أنه قال لابن عمر رضي الله عنهما: أفي أبي طالب نزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} ؟ قال: نعم

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي طالب

(3)

.

• عن السدي مثله

(4)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4772)، ومسلم في "صحيحه"(24/ 40) وغيرهما، وقد تقدم في سورة التوبة عند آية (113).

(2)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 145 رقم 404)، والطبري في "جامع البيان"(20/ 59)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(70/ 246 و 246 - 247 و 247) من طريق سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن أبي سعيد به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أبو سعيد؛ مجهول لم يرو عنه إلا عمرو بن دينار، ولم يوثقه إلا ابن حبان.

ولذلك قال الذهبي في "الميزان": "لا يعرف"، وفي "التقريب":"مقبول".

فقول السيوطي في "لباب النقول"(ص 165): "بسند جيد"! غير جيد، وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور"(6/ 428) لأبي داود في "القدر"، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 428) ونسبه لابن مردويه.

(4)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 80) من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط عن السدي به. =

ص: 36

• عن قتادة في قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} : ذُكر لنا أنها نزلت في أبي طالب

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} ؛ قال: نزلت في أبي طالب، ألح عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلم فأبى؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} ؛ أي: لا تقدر تلزمه الهدى وهو كاره له؛ إنما أنت نذير: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} للإيمان.

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} ؛ قال: نزلت في أبي طالب عند موته، والنبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه وهو يقول:"يا عمِّ! قل: لا إله إلا الله؛ أشفع لك بها يوم القيامة"، قال أبو طالب: لا؛ يعيرني نساء قريش بعدي أني جزعت عند موتي؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} ؛ يعني: لا تقدر أن تلزمه الهدى وهو يهوى الشرك، ولا تقدر تدخله الإِسلام كرهاً حتى يهواه {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} أن يقهره على الهدى كرهاً لفعل وليس بفاعل حتى يكون ذلك منه، فأخبر الله بقدرته، وهو كقوله:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)}

= قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ، ويغرب؛ كما في "التقريب".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 59) بسند صحيح إلى قتادة؛ لكنه ضعيف؛ لإرساله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 429) وزاد نسبة لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 37

[الشعراء: 3، 4]؛ فأخبر بقدرته أنه لا يعجزه شيء

(1)

.

{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قوله: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} ؛ قال: هم أناس من قريش قالوا لمحمد: إن نتبعك يتخطفنا الناس؛ فقال الله -تعالى-: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن الحارث بن عامر بن نوفل هو الذي قال: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 429) ونسبهما لأبي سهل السري بن سهل الجند يسابوري في "الخامس من حديثه".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 60)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 2995/ 17007)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 430) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء.

قلت: وسنده ضعيف جداً.

(3)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 146 رقم 405) من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة؛ قال: قال عمرو بن شعيب عن ابن عباس -ولم يسمعه منه- (فذكره).

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه؛ فعمرو بن شعيب لم يدرك ابن عباس كما جاء ذلك مصرحاً به.

وأخرج الطبري في "جامع البيان"(20/ 60) من طريق سنيد صاحب "التفسير":

ثني حجاج عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فقد خالف سنيدٌ -وهو ضعيف- الحسنَ بنَ محمد شيخ النسائي الثقة وأسقط عمرو بن شعيب، والصواب ذكره.

وعلى تقدير عدم ذكره في السند؛ يكون فيه علتان: =

ص: 38

{أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)} .

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل بن هشام

(1)

. [ضعيف]

{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)} .

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال؛ يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبقال والبيع فيفتح عليه القرآن، ويقرأ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا

= الأولى: ابن جريج؛ مدلس وقد عنعن.

الثانية: سنيد صاحب "التفسير"؛ ضعيف.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 430) وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 62): ثنا محمد بن المثنى ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي قال: ثنا شعبة عن أبان بن تغلب عن مجاهد به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانيه: الحكم ذا؛ ثقة له أوهام؛ كما في "التقريب"، وقد وهم في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم والصواب أنه حمزة، وقد خالفه ثقتان.

بدل بن المحبر وعبد الصمد بن عبد الوارث؛ فروياه عن شعبة عن أبان به.

أخرجه الطبري، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 229)، و"الوسيط"(3/ 45) دون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وذكرا حمزة رضي الله عنه، وزاد بدل -وهو ثقة ثبت- معهما علي بن أبي طالب.

وعليه؛ فالصواب رواية بدل وعبد الصمد والذي فيه ذكر حمزة وعلي وأبي جهل، ومع ذلك؛ فهو ضعيف؛ لإرساله.

(تنبيه): تصحف اسم (بدل) في "أسباب النزول" إلى (بلال)؛ فليحرر.

ص: 39

فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)}، ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع، في الولاة وأهل القدرة من سائر الناس

(1)

.

{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)} .

• عن الضحاك؛ قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة؛ اشتاق إلى مكة؛ فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)} إلى مكة

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185]؛ قال: لما نزلت؛ قيل: يا رسول الله! فما بال الملائكة؟ فنزلت: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}

(3)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 444) ونسبه لابن مردويه وابن عساكر.

وأخرج ابن مردويه نحوه عن ابن عباس؛ كما في "الدر المنثور".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 445) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: هو في "تفسيره"(9/ 3026/ 17205) وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف مقاتل.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 447) ونسبه لابن مردويه.

ص: 40

‌سورة العنكبوت.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة العنكبوت بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير نحوه

(2)

.

{الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} .

• عن الشعبي؛ قال: إنها نزلت؛ يعني: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} الآيتين في أناس كانوا بمكة أقروا بالإِسلام، فكتب إليهم أصحاب محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم من المدينة: أنه لا يقبل منكم إقرار بالإِسلام حتى تهاجروا، فخرجوا عامدين إلى المدينة؛ فاتبعهم المشركون، فردوهم؛ فنزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم أنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا، فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد؛ قاتلناه، قال: فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم، ثم منهم من قتل ومنهم من نجا؛ فأنزل الله فيهم:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} [النحل:110]

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 449) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه في "الدلائل".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 83)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" =

ص: 41

• عن عبد الله بن عبيد بن عمير؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر؛ إذ كان يعذب في الله

(1)

.

• عن قتادة؛ قال: أنزلت: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ} في أناس من أهل مكة خرجوا يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض لهم المشركون فرجعوا، فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم؛ فخرجوا، فقتل من قتل وخلص من خلص؛ فنزل القرآن:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن عمير وغيره يقولون: كان أبو جهل -لعنه الله- يعذب

= (9/ 3031/ 17131) من طريق ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن مطر الوراق عن الشعبي به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مطر الوراق؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 449) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

ثم إن عبد الرزاق أخرجه في "تفسيره"(2/ 95): نا معمر عن رجل عن الشعبي به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يُسمَّ، ويحتمل أنه الوراق الضعيف.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 83)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 250)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (9/ 3032/ 17136) من طريق ابن جريج قال: سمعت عبد الله.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 450) وزاد نسبته لابن عساكر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 3031/ 17132) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 42

عمار بن ياسر وأمَّه، ويجعل على عمار درعاً من حديد في اليوم الصائف، وطعن في حيا أُمه برمح؛ ففي ذلك نزلت:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)}

(1)

. [ضعيف]

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)} .

• عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: نزلت فيَّ أربعُ آيات: أصبت سيفاً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إني أصبت سيفاً؛ فنزلت هذه الآية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:1].

وصنع رجل طعاماً فدعانا، فشربنا الخمر حتى انتشينا، فتفاخرت الأنصار وقريش؛ فقالت الأنصار: نحن خير، وقالت قريش: نحن خير، فقام رجل منهم ففزر أنفه، فكان أنف سعد مفزوراً؛ ونزلت هذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] الآية.

قال: وقالت أمي: أليس تزعم أن الله يأمرك بصلة الرحم وبر الوالدين، فوالله لا آكل طعاماً ولا أشرب شراباً حتى تكفر، ولم تأكل طعاماً ولم تشرب شراباً، وكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فمها بعصا فيصبون فيه الطعام والشراب؛ فنزلت هذه الآية؛ {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} .

ودخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأنا مريض، فقلت: أوصي بمالي كله، قال:"لا"، قلت: النصف، فنهاني، قلت: الثلث، فسكت وأخذ الناس به

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 450) ونسبه لابن المنذر.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 1877/ 1748)، والترمذي (5/ 341، 342 رقم 3189)، والطيالسي في "مسنده"(رقم 208)، وعبد بن حميد في =

ص: 43

• عن قتادة: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} إلى قوله: {فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ؛ قال: نزلت في سعد بن أبي وقاص، لما هاجر؛ قالت أمه: والله لا يظلني بيت حتى يرجع؛ فأنزل الله في ذلك أن يحسن إليها ولا يطعها في الشرك

(1)

. [ضعيف]

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان قوم من أهل مكة

= "مسنده"(رقم 132)، وأحمد (1/ 181، 185، 186)، وأبو عوانة في "صحيحه"(4/ 104)، والبزار في "البحر الزخار"(3/ 347، 348 رقم 1149)، والطبري في "جامع البيان"(9/ 117، 21/ 70)، والدورقي في "مسند سعد"(رقم 43، 44)، وأبو يعلى في "المسند"(رقم 696، 729، 782)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 297)، والهيثم بن كليب في "المسند"(1/ 141، 142 رقم 78)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 230) وغيرهم من طرق عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه به.

قلنا: وبما أن الحديث في مسلم؛ فمن عادتنا عدم التوسع في التخريج؛ إلا أن الأمر هنا مختلف، فبعض الرواة جعل سبب نزول الآية:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا. . . إلخ} التي في سورة لقمان آية 14؛ كما عند أحمد ومسلم وغيرهما، وبعضهم جعلها التي في سورة العنكبوت؛ كما عند الترمذي -وقال:"حسن صحيح"- والبزار وغيرهما.

وكلتا الروايتين صحيحتين، ويحتمل أن كلاهما نزلت فيه، أو أن بعض الرواة وَهِمَ في ذكر الآية بأكملها، أو قال أولها -يعني: اختصرها-، خاصة أن كلتا الآيتان فيهما تشابه بالكلمات -والله أعلم-.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 85): ثنا بشر بن معاذ العقدي: ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 452) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 44

أسلموا، وكانوا يستخفون بإسلامهم، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم قبل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا؛ فاستغفروا لهم؛ فنزلت:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} [النساء: 97] إلى آخر الآية، قال: فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية أن لا عذر لهم، فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة؛ فنزلت فيهم هذه الآية:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} إلي آخر الآية؛ فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا من كل خير؛ ثم نزلت فيهم:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)} [النحل: 110]؛ فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل

(1)

.

• عن قتادة في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} إلى قوله: {وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} ؛ قال: هذه الآيات أُنزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة، وهذه الآيات العشر مدنية إلى ههنا وسائرها مكي

(2)

. [ضعيف]

• عن الضحاك؛ قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية؛ نزلت في ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا وأصابهم بلاء من المشركين؛ رجعوا إلى الكفر مخافة من يؤذيهم، وجعلوا أذى الناس في الدنيا كعذاب الله

(3)

. [ضعيف]

(1)

قلنا: وقد تقدم الكلام عليه في سورة النحل آية (110).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 86): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(20/ 15). =

ص: 45

• عن السدي؛ قال: كان أناس من المؤمنين آمنوا وهاجروا؛ فلحقهم أبو سفيان، فرد بعضهم إلى مكة فعذبهم، فافتتنوا؛ فأنزل الله فيهم هذا

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} .

• عن محمد بن الحنفية؛ قال: كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون، فيقولون: إنه يحرم الخمر، ويحرم الزنا، ويحرم ما كانت تصنع العرب؛ فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم؛ فنزلت هذه:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)}

(2)

. [ضعيف]

{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)} .

• عن مجاهد: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} ؛ قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا

= قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 3037) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 301 رقم 18416): ثنا عبد الله بن نمير عن حجاج بن أرطاة عن منذر عن ابن الحنفية به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: حجاج؛ صدوق كثير الخطأ، وهو مدلس وقد عنعن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 454) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 46

يخط بيمينه ولا يقرأ كتاباً؛ فنزلت هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)} .

• عن يحيى بن جعدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بكتاب في كتف، فقال:"كفى بقومٍ ضلالة أن يبتغوا كتاباً غير كتابهم إلى نبي غير نبيهم"؛ فأنزل الله عز وجل: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}

(2)

. [ضعيف]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)} .

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل في بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط التمر ويأكل، فقال لي: "يا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 4، 5)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 3071)، وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه أبو داود في "المراسيل"(320، 454)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(9/ 3072)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 6)، والدارمي في "سننه"(3/ 259 رقم 505 - "فتح المنان")، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 800 رقم 1485) من طريق سفيان بن عيينة وابن جريج عن عمرو بن دينار عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 471) وزاد نسبته لابن المنذر.

وخالفهما إبراهيم بن يزيد الخوزي؛ فرواه عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة به مرفوعاً.

أخرجه الإسماعيلي في "معجمه"(3/ 772، 773 رقم 384).

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الخوزي؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب".

وعليه؛ فلا يصح وصل الحديث، والصواب إرساله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 471) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 47

ابن عمر! ما لك لا تأكل؟ "، قال: قلت: يا رسول الله! لا أشتهيه، قال: "لكني أشتهيه، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاماً ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبؤون رزق سنتهم ويضعف اليقين؟ "، فوالله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لم يأمرني بكنز الدنيا ولا اتباع الشهوات، فمن كنز دنيا يريد بها حياة باقية؛ فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا أكنز ديناراً ولا درهماً، ولا أخبأ رزقاً لغد"

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "مسنده"(2/ 39، 40 رقم 814 - منتخب)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 430)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 231)، و"الوسيط"(3/ 425)، والبغوي في "معالم التنزيل" (6/ 253) من طريق الجراح بن منهال الجزري عن الزهري عن رجل (وفي رواية البغوي: عن عطاء بن أبي رباح) عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه الجراح بن منهال الجزري؛ متروك الحديث، بل كذبه ابن حبان وابن عبد البر.

انظر: "تعجيل المنفعة"(1/ 381، 382 رقم 129).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 475) وزاد نسبته لابن مردويه والبيهقي وابن عساكر، وقال:"بسند ضعيف".

وكذا قال في "لباب النقول"(ص 167).

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": "هذا حديث غريب؛ أبو العطوف الجزري ضعيف". اهـ.

قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن"(13/ 360): "وهذا ضعيف، يضعفه أنه عليه الصلاة والسلام كان يدخر لأهله قوت سنتهم، وكانت الصحابة يفعلون ذلك، وهم القدوة وأهل اليقين والأئمة لمن بعدهم من المتقين المتوكلين".

وقال الشوكاني في "فتح القدير"(4/ 213): "وهذا الحديث فيه نكارة شديد؛ =

ص: 48

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال: قالوا: يا محمد! ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لقتلنا، والعرب أكثر منا، فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك؛ اختطفنا، فكنا أكلة رأس؛ فأنزل الله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا}

(1)

. [ضعيف جداً]

= لمخالفته لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان يعطي نساءه قوت العام؛ كما ثبت ذلك في كتب الحديث المعتبرة. وفي إسناده أبو العطوف الجزري وهو ضعيف".

وقال شيخنا العلامة الألباني رحمه الله في "ضعيف الترغيب والترهيب"(2/ 325 رقم 1901): "ضعيف جداً".

وزاد المنذري نسبته لأبي الشيخ ابن حيان في "الثواب".

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 477)، و"لباب النقول"(ص 167)، وقال: وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جويبر متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس.

ص: 49

‌سورة الروم.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الروم بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير مثله

(2)

.

{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قول الله -تعالى-: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} ؛ قال: غُلِبَتْ وغَلَبَتْ، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم؛ لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أما إنهم سيغلبون"، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا؛ كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم؛ كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا، فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ألا جعلته إلى دون؟ "، قال: أراه العشر، قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر، قال: ثم ظهرت الروم

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 478) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

ص: 50

بعد، قال: فذلك قوله -تعالى-: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} ، قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: كانت فارس ظاهرة على الروم، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، وهم أقرب إلى دينهم، فلما نزلت:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى {فِي بِضْعِ سِنِينَ} ؛ قالوا: يا أبا بكر! إن صاحبك يقول: "إن الروم تظهر على

(1)

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 322 رقم 2620)، و"خلق أفعال العباد"(38 - 39/ 115 و 116)، والترمذي (5/ 343، 344 رقم 3193)، والنسائي في "التفسير"(2/ 149، 150 رقم 409)، وأحمد (1/ 276، 304)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 12)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 23، 24 رقم 12377/ 2)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 433)، والحاكم (2/ 410)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 330، 331)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(7/ 438، 440 رقم 2987، 2988) من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، ونقل عنه ابن كثير في "تفسيره" (3/ 433) قوله:"حسن غريب".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وهو كما قالا -رحمهما الله تعالى-، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه "للمسند"(رقم 2495)، وشيخنا الألباني.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 479) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه والضياء المقدسي.

قلنا: وقد سقط ذكر الثوري من سند الطحاوي في الموضع الأول ونبّه على ذلك الطحاوي.

ص: 51

فارس في بضع سنين"، قال: صدق، قالوا: هل لك أن نقامرك؟ فبايعوه على أربع قلائص إلى سبع سنين، فمضت السبع ولم يكن شيء، ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما بضع سنين عندكم؟ "، قالوا: دون العشر، قال: "اذهب"، فزايدهم وازْدَدْ سنتين، قال: فما مضت السنتان؛ حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس؛ ففرح المسلمون بذلك؛ فأنزل الله: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}

(1)

. [ضعيف]

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)} ؛ قال: لقي ناس أبا بكر رضي الله عنه، فقالوا: ألا ترى إلى صاحبك يزعم أن الروم ستغلب فارس، قال: صدق، قال: فهل نبايعك على ذلك؟ قال: نعم، قال أبو بكر: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما أردت إلى هذا؟ "، فقال: يا رسول الله! ما فعلته إلا تصديقاً لله ورسوله، قال:"فتعرض لهم وأعظم لهم الخطر، واجعله إلى بضع سنين؛ فإنه لن تمضي السنون حتى تظهر الروم على فارس".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 14، 15): ثنا سفيان بن وكيع ثنا المحاربي عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: سفيان بن وكيع؛ فيه ضعف معروف.

الثانية: المحاربي، هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد؛ قال الحافظ في "التقريب":"لا بأس به، وكان يدلس؛ قاله أحمد"، وقد عنعن كما ترى.

الثالثة: الشعبي لم يدرك ابن مسعود.

الرابعة: المخالفة؛ فقد خالف إسماعيل بن عُليّة المحاربيَّ؛ فرواه عن داود بن أبي هند عن الشعبي به مرسلاً.

أخرجه الطبري (21/ 14): ثنا يعقوب ثنا ابن علية به.

ص: 52

قال: فمر بهم أبو بكر، فقال: هل لكم في العوْد؛ فإن العوْدَ أحمدُ، قالوا: نعم، فبايعوه وأعظموا الخطر، فلم تمض السنون حتى ظهرت الروم على فارس؛ فأخذ الخطر وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا للنجائب"

(1)

. [ضعيف]

• عن نيار بن مكرم الأسلمي رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم؛ لأنهم وإياهم أهل كتاب، وفي ذلك قول الله -تعالى-:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)} فكانت قريش تحب ظهور فارس؛ لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث، فلما أنزل الله -تعالى- هذه الآية؛ خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} ، قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارساً في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى،

(1)

أخرجه أبو يعلى في "المسند"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 135 رقم 7775)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 433) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: مؤمل بن إسماعيل؛ صدوق سيئ الحفظ.

الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس وقد عنعن، ثم هو مختلط، وإسرائيل روى عنه في الاختلاط؛ كما قال الإِمام أحمد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 479) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر.

ص: 53

وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان، وقالوا لأبي بكر: كم تجعل؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين، قسم بيننا وبينك وسطاً تنتهي إليه، قال: فقسموا بينهم ست سنين، قال: فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر، فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس، فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين؛ لأن الله -تعالى- قال في بضع سنين، قال: وأسلم عند ذلك ناس كثير

(1)

. [حسن]

• عن ابن شهاب؛ قال: كان المشركون يجادلون المسلمين وهم

(1)

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 139 - 140 رقم 4281) -وعنه الترمذي (5/ 344، 345 رقم 3194) -، وعبد الله بن أحمد في "السُّنَّة"(1/ 143، 144 رقم 116)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(7/ 442)، وابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 404، 405 رقم 237) -ومن طريقه الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة"(1/ 291 رقم 152) -، وابن قانع في "معجم الصحابة"(3/ 173)، وابن بطة في "الإبانة"(1/ 271 - 273/ 41 - الرد على الجهمية)، والأصبهاني (1/ 262 رقم 112)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 585/ 510)، و"الاعتقاد"(ص 107 - 108)، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 480)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2704 رقم 6464)، وأبو موسى المديني وابن منده؛ كما في "أسد الغابة"، وابن الأثير في "أسد الغابة"(4/ 598) وغيرهم من طرق عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن نيار به.

قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات غير ابن أبي الزناد، فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".

وقال البيهقي: "وهذا إسناد صحيح".

وقال الحافظ في "الإصابة"(3/ 548): "ورجال السند ثقات".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 480) وزاد نسبته للدارقطني في "الأفراد"، وابن مردويه، وأبي نعيم في "الدلائل"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

ص: 54

بمكة، يقولون: الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي أنزل على نبيكم، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم؛ فأنزل الله عز وجل:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} ، قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنه لما نزلت هاتان الآيتان؛ ناحب أبو بكر بعض المشركين قبل أن يُحَرَّمَ القمار على شيء، إن لم تغلب فارس في سبع سنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لِمَ فعلت؟ فكل ما دون العشر بضع"، وكان ظهور فارس على الروم في تسع سنين، ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية؛ ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} ؛ قال: غلبهم أهل فارس على أدنى الشام {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} الآية، قال: لما أنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات، صدق المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس، فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص، وأجلوا بينهم خمس سنين، قال: فولي قمار المسلمين أبو بكر رضي الله عنه، وولي قمار المشركين أُبيّ بن خلف، وذلك قبل أن ينهى عن القمار (في الأجل)، ولم يظهر الروم على فارس، فسأل المشركون قمارهم، فذكر ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لم يكونوا أحقاء أن يؤجلوا أجلاً دون العشر؛ فإن البضع ما بين الثلاث إلى العشر، فزايدوهم ومادّوهم في

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 332، 333) من طريقين عن الليث بن سعد ثني عقيل عن الزهري به.

قلت: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 481) وزاد نسبته لابن عبد الحكم في "فتوح مصر" وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر.

ص: 55

الأجل"؛ ففعلوا؛ فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول، فكان ذلك مرجعهم من الحديبية، ففرح المسلمون بصلحهم الذي كان من ظهور أهل الكتاب على المجوس، وكان ذلك مما شد الله به الإِسلام؛ فهو قوله:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: لما كان يوم بدر؛ ظهرت الروم على فارس، فأعجب ذلك المؤمنين؛ فنزلت:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} ، قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 14)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(9/ 3087)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 333) من طريقين عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.

قلنا: وأنت ترى أن هذين الحديثين المرسلين ذكرا أن نصر الروم على فارس عام الحديبية، بينما حديث ابن عباس وأبي سعيد الخدري قالا: إن ذلك يوم بدر.

قلنا: والصحيح أن ذلك كان يوم بدر؛ لثبوت ذلك في الحديث الصحيح، وقد جمع بين القولين الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(3/ 436)؛ فانظره غير مأمور.

(2)

أخرجه الترمذي (5/ 189 رقم 2935، ص 343 رقم 3192)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 15)، والبزار في "مسنده"، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 436)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 232) من طرق عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد به.

قلنا: وهذا إسناد واه بمرة؛ عطية العوفي ضعيف ومدلس، وتدليسه من شر أنواع التدليس، يقول: حدثنا أبو سعيد ويسكت، ويكون الكلبي الكذاب، وتدليسه هو المعروف بـ (تدليس السكوت).

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 481) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

ص: 56

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)} إلى قوله: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} ؛ قال: قد مضى، كان ذلك في أهل فارس والروم، وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك، ولقي نبي الله مشركي العرب يوم التقت الروم وفارس، فنصر الله النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين على مشركي العرب، ونصر أهل الكتاب على مشركي العجم؛ ففرح المؤمنون بنصر الله إياهم ونصر أهل الكتاب على العجم، قال عطية: فسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك؛ فقال: التقينا مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب والتقت الروم وفارس؛ فنصرنا الله على مشركي العرب، ونصر الله أهل الكتاب على المجوس؛ ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين، وفرحنا بنصر الله أهل الكتاب على المجوس؛ فذلك قوله:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} .

• عن عكرمة؛ قال: تعجب الكفار من إحياء الله الموتى؛ فنزلت: {وهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} ، قال: إعادة الخلق أهون عليه من إبداء الخلق

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 12)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 331، 332)، وابن مردويه وابن عساكر؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 481) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 24) من طريقين عن غندر عن شعبة عن سماك بن حرب عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. =

ص: 57

{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان يلبي أهل الشرك: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك؛ فأنزل الله عز وجل:{هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 491) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنبار في "المصاحف".

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 16 رقم 12348)، و"الأوسط" (8/ 45 رقم 7910): ثنا محمد بن الفرج الأصفهاني ثنا إسماعيل بن عمرو بن نجيح ثنا حماد بن شعيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: حبيب؛ مدلس وقد عنعن.

الثانية: حماد بن شعيب؛ ضعيف؛ ضعفه النسائي، والبخاري، وابن معين، وأبو زُرعة، وأبو حاتم.

انظر: "الجرح والتعديل"(3/ 142)، و"الميزان"(1/ 596)، و"اللسان"(2/ 348).

الثالثة: إسماعيل بن عمرو بن نجيح؛ ضعيف.

والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 223) وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 492) وزاد نسبته لابن مردويه.

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 168): "وأخرج جويبر مثله عن داود بن أبي هند عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه".

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب".

الثانية: الإرسال.

ص: 58

‌سورة لقمان.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت سورة لقمان بمكة

(1)

.

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: هو النضر بن الحارث بن علقمة، يشتري أحاديث الأعاجم وصنيعهم في دهرهم

(2)

. [موضوع]

• وعنه رضي الله عنه في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ؛ قال: باطل الحديث هو الغناء ونحوه

(3)

. [ضيف جداً]

• وعنه -أيضاً-رضي الله عنه في قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} ؛ قال: أنزلت في النضر بن الحارث، اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإِسلام إلا انطلق به إلى قينة، فيقول: أطعميه واسقيه

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 503) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(2)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 305 رقم 5194) من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا حديث موضوع؛ من دون ابن عباس ثلاثتهم متهمون بالكذب.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 40، 41) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 504) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه.

ص: 59

وغنيه، هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام، وأن تقاتل بين يديه؛ فنزلت

(1)

. [ضعيف جداً]

• قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث، وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً، ويقول لهم: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستمعون حديثه ويتركون استماع القرآن؛ فنزلت فيه هذه الآية

(2)

. [موضوع]

• عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال:"لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام؛ وفي مثل ذلك أنزلت هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} إلى آخر الآية"

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 504) وقال: أخرج جويبر عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً من أجل جويبر.

قال شيخنا العلّامة الألباني رحمه الله في "تحريم آلات الطرب"(ص 142): "وهو ضعيف جداً، جويبر؛ قال الدارقطني وغيره: "متروك".

(2)

ذكره الواحدي في "أسباب النزول"(ص 232) معلقاً.

قال شيخنا: "والكلبي ومقاتل متروكان -أيضاً- ومتهمان بالكذب، مع ما في روايتهما من المخالفة لرواية جويبر".

(3)

أخرجه الترمذي (رقم 1282، 3195)، والحميدي في "المسند"(رقم 910)، وأحمد (5/ 252، 264)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 39)، والطبراني في "المعجم الكبير"(8/ رقم 7805، 7825، 7855، 7861، 7862)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"(ق 156/ أ)، والحكيم الترمذي في "المنهيات"(ص 58)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 451)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 232، 233)، وفي "الوسيط"(3/ 441)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 14، 15)، والثعلبي في "تفسيره" =

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (3/ 75/ أ) -وعنه البغوي في "معالم التنزيل"(6/ 284) -، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس"(ص 232)، و"العلل المتناهية"(2/ 784 رقم 1307)، وابن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي في "مسنديهما"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 67) جميعهم من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة به مرفوعاً.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: علي بن يزيد؛ متروك الحديث.

الثانية: عبيد الله بن زحر؛ ضعيف.

قال الترمذي في "الموضع الأول": "حديث أبي أمامة إنما نعرفه مثل هذا من هذا الوجه، وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه، وهو شامي".

وقال في "الموضع الثاني": "هذا حديث غريب، إنما يُروى من حديث القاسم عن أبي أمامة، والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث، وقال: سمعت محمداً؛ يعني: البخاري، يقول: القاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف".

ونقل البيهقي في "سننه" عن الترمذي أنه قال: "سألت البخاري عن إسناد هذا الحديث؟ فقال: علي بن يزيد ذاهب الحديث، ووثق عبيد الله بن زحر، والقاسم بن عبد الرحمن".

وضعفه ابن حزم في "المحلى"(9/ 58) بابن زحر وعلي بن يزيد والقاسم وبغيرهم، وفي كلامه مجازفات لا تخفى على أهل العلم بالحديث.

وأعله أيضاً بهم ابن طاهر في "مسألة السماع"(ص 79 - 81).

وقال ابن الجوزي في "العلل"(2/ 785): "هذه الأحاديث ليس فيها شيء يصح"، وأعله بعلي بن يزيد والقاسم وعبيد الله.

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 451): "علي وشيخه والراوي عنه كلهم ضعفاء".

وضعفه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى"(3/ 249، 250) بعلي بن يزيد.

وقال ابن قيم الجوزية في "إغاثة اللهفان"(1/ 258): "هذا الحديث وإن كان مداره على عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم؛ فعبيد الله بن زحر ثقة، والقاسم ثقة، وعلي ضعيف؛ إلا أن للحديث شواهد ومتابعات". =

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأعله شيخنا الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(6/ 1016) بما ذكرنا وهو الصواب.

وأخرجه أحمد في "المسند"(5/ 257، 268) -ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 784 رقم 1308) -، والطيالسي (رقم 1134)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 255)، والطبراني في "الكبير"(8/ رقم 7803)، والحكيم الترمذي في "المنهيات"(ص 44، 58) من طريق الفرج بن فضالة عن علي به.

قلنا: الفرج ضعيف؛ كما في "التقريب"، وهو متابع جيد لعبيد الله بن زحر؛ لكن رجع مدار الحديث على علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 69): "فيه علي بن يزيد وهو ضعيف"، وضعفه الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار"(2/ 272).

وأخرج ابن ماجه في "سننه"(رقم 2168)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"(ق 159/ أ)، وابن عساكر (2/ 425/ 1) من طريق أبي جعفر الرازي عن عاصم الأحول عن أبي المهلب عن عبيد الله الإفريقي عن أبي أمامة به مرفوعاً.

قال شيخنا رحمه الله: "والإفريقي هو عبيد الله بن زحر نفسه، فكان أبا المهلب أسقط شيخه علي بن يزيد الألهاني، وهذا يدل على ضعفه".

قلنا: أبو المهلب هو مطرح بن يزيد؛ متروك الحديث، وقد أسقط من الإسناد علياً.

وأخرجه ابن أبي الدنيا -ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 183 رقم 1306) - من طريق جرير بن عبد الحميد عن رقبة بن مصقلة عن عبيد الله الإفريقي عن القاسم به.

قلنا: وسنده صحيح إلى الإفريقي وهو أصح من سابقه؛ فإن رقبة ثقة وهو أوثق بكثير من أبي جعفر الرازي الضعيف، لكن عبيد الله بن زحر لا يروي عن القاسم إلا بواسطة علي بن يزيد؛ فعاد مدار الحديث على علي بن يزيد الألهاني وهو متروك.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(8/ رقم 7749) من طريق الوليد بن الوليد القلانسي الدمشقي ثنا ابن ثوبان عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه الوليد بن الوليد متروك الحديث.

وعليه؛ فالحديث ضعيف جداً لا يصح. =

ص: 62

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: هو الغناء والذي لا إله إلا هو -يرددها ثلاث مرات-

(1)

. [حسن]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: هو الغناء وأشباهه

(2)

. [حسن لغيره]

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 504) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر.

لكن للحديث شواهد فانظر ما بعده.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 309 رقم 1171)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 39، 39، 40)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"(ق 155/ أ) -ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 278 رقم 5096) -، والحاكم في "المستدرك"(2/ 411) -وعنه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 223) -، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص 231) من طريق حميد الخراط عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري: أنه سمع ابن مسعود وهو يُسأل عن هذه الآية، فقال:(فذكره).

قلنا: وهذا إسناد حسن.

قال الحاكم: "وهذا حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.

ووافقهما شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(6/ 1017)، و"تحريم آلات الطرب"(ص 143).

وصححه ابن قيم الجوزية في "إغاثة اللهفان".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 505) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(6/ 310 رقم 1178)، والبخاري في "الأدب المفرد"(رقم 786، 1265)، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"(ق 155/ أ، ب)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 40)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 221، 223)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس"(ص 231)، وابن حزم في "المحلى"(9/ 73) من طرق عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ عطاء بن السائب اختلط، ولم نجد أحداً من رواة هذا الحديث روى عنه قبل الاختلاط.

قال شيخنا في "الصحيحة"(6/ 1017): "ورجاله ثقات، وهو صحيح الإسناد؛ =

ص: 63

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الحسن؛ قال: نزلت في الغناء والمزامير

(2)

. [ضعيف]

• عن عطاء الخراساني؛ قال: نزلت في الغناء والباطل والمزامير

(3)

. [ضعيف]

{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .

= لولا أن ابن السائب كان اختلط، وهو شاهد جيد على الأقل".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 504) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 41) بالسند المسلسل بالعوفيين عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 504) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه.

وذكر الواحدي في "أسباب النزول"(ص 233) ما نصه:

"وقال ثوير -الأصل ثور وهو تصحيف- ابن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً.

قلنا: وثوير؛ هذا ضعيف جداً.

وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 279 رقم 5104) من طريق إسرائيل عن ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن مسعود؛ قال: رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً أو نهاراً.

قلنا: فجعله ثوير من قول ابن مسعود، وقد بيّنّا أنه واه، ضعيف الحديث جداً.

• ملاحظة: سقط من مطبوع "الشعب": (عن ثوير)، واستدركناه من المخطوط (2/ 191/ ب)، فاقتضى التنويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 505) ونسبه لابن أبي حاتم.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 507) ونسبه لأبي أحمد الحاكم في "الكنى".

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 64

• عن عبد الله بن مسعود؛ قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]؛ قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينا لم يظلم؟ فأنزل الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}

(1)

. [صحيح]

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)} .

• عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: إنه نزلت فيه آيات من القرآن؛ قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْتَ أن الله وصَّاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مَكَثَتْ ثلاثاً حتى غُشي عليها من الجهد، فقام ابنُ لها يقال له: عُمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد؛ فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} الحديث

(2)

. [صحيح]

• عن أبي هبيرة؛ قال: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص

(3)

. [صحيح لغيره]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(1/ 87 رقم 32).

قلنا: والحديث في "الصحيحين" وغيرهما، لكن ليس فيه التصريح بسبب النزول، وانظر:"فتح الباري"(1/ 88).

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 1877 رقم 1748).

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 45): ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت أبا هبيرة (فذكره).

قلنا: وهذا إسناد صحيح؛ لكن أبا هبيرة من التابعين الثقات؛ فهو على هذا مرسل صحيح الإسناد، لكن يشهد له ما قبله. =

ص: 65

• عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: جئت من الرمي، فإذا الناس مجتمعون على أمي؛ حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، وعلى أخي عامر حين أسلم، فقلت: ما شأن الناس! فقالوا: هذه أمك قد أخذت أخاك عامراً تعطي الله عهداً: أن لا يظلها ظل، ولا تأكل طعاماً، ولا تشرب شراباً، حتى يدع الصباوة، فأقبل سعد رضي الله عنه حتى تخلص إليها، فقال: علي يا أمه، فاحلفي، قالت: لِمَ؟ قال: أن لا تستظلي في ظل، ولا تأكلي طعاماً، ولا تشربي شراباً، حتى تري مقعدك من النار، فقالت: إنما أحلف على ابني البر. فأنزل الله -تعالى-: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} إلى آخر الآية

(1)

.

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة: يا محمد! أرأيت قولك: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] إيانا تريد أم قومك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلاً"، فقالوا: ألست فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم"؛ فأنزل الله عليه فيما سألوه عنه من ذلك: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} ؛ أي: أن التوراة في هذه من علم الله قليل

(2)

. [ضعيف]

= وقد تحرّف اسم (أبي هبيرة) إلى (هريرة) في "الدر المنثور"(6/ 521)؛ فليحرر.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 522) ونسبه لابن سعد.

(2)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(21/ 51) -: ثني =

ص: 66

• عن عكرمة؛ قال: سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح؛ فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85]، فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً، وقد أوتينا التوراة؛ وهي الحكمة، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]؛ قال: فنزلت: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} ؛ قال: ما أوتيتم من علم فنجاكم الله به من النار وأدخلكم الجنة؛ فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل

(1)

. [ضعيف]

• عن عطاء بن يسار؛ قال: لما نزلت بمكة: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]؛ يعني: اليهود، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة؛ أتاه أحبار يهود، فقالوا: يا محمد! ألم يبلغنا أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} ؟ أفتعنينا أم قومك؟ قال: "كُلاً قد عنيت"، قالوا: فإنك تتلو: أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هي في علم الله قليل، وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم"؛ فأنزل الله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}

(2)

. [ضعف جداً]

= رجل من أهل مكة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 526، 527) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 52): ثنا محمد بن المثنى، ثني ابن عبد الأعلى، ثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 52): ثنا ابن حميد، ثنا سلمة بن الأبرش، ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: =

ص: 67

• عن قتادة؛ قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفذ؛ فنزلت: {وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} ، يقول: لو كان شجر الأرض أقلاماً، ومع البحر سبعة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحر قبل أن تنفذ عجائب ربي، وحكمته وعلمه

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: قال حُيي بن أخطب: يا محمد! تزعم أنك أوتيت الحكمة {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]، وتزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً، فكيف يجتمع هاتان؟ فنزلت هذه الآية:{وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} ؛ ونزلت التي في الكهف: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ. . .} [الكهف: 110]

(2)

. [ضعيف جداً]

{إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)} .

• عن مجاهد: {إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} ؛ قال: جاء رجل إلى

= الأولى: الإرسال.

الثانية: جهالة الأصحاب.

الثالثة: ابن حميد؛ حافظ ضعيف، بل إنه اتهم.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 106)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 51)، وأبو الشيخ في "العظمة"(1/ 344، 345 رقم 77، 2/ 504، 505 رقم 166) من طرق عنه.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 528) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نصر السجزي في "الإبانة".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 528) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، هذا إن صح السند إليه.

ص: 68

النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي حبلى، فأخبرني ماذا تلد؟ وبلادنا محل جدبة، فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت، فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله:{إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} إلى آخر السورة، قال: فكان مجاهد يقول: هن مفاتح الغيب التي قال الله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59]

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة: أن رجلاً يقال له: الوارث من بني مازن بن حفصة بن قيس بن غيلان جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! متى قيام الساعة؟ وقد أجدبت بلادنا، فمتى تخصب؟ وقد تركت امرأتي حُبلى، فمتى تلد؟ وقد علمت ما كسبت اليوم، فماذا أكسب غداً؟ وقد علمت بأي أرض ولدت، فبأي أرض أموت؟ فنزلت هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 55) من طريقين عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 530) وزاد نسبته للفريابي وابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 530) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 69

‌سورة السجدة

{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفُ اوَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الترمذي (5/ 346 رقم 3196)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 63، 64) عن عبد الله بن أبي زياد ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عن سليمان بن

بلال عن يحيى بن سعيد عن أنس به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 467): "سنده جيد".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 545) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب "الصلاة".

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 344 رقم 2690) عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن الحكم عن رجل عن أنس بن مالك؛ قال: نزلت: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} في صلاة العشاء.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 545) وزاد نسبته لابن مردويه.

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 563 رقم 2138) عن الثوري عن أبان بن أبي عياش عن أنس؛ قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم راقداً قبل العشاء ولا محدثاً بعدها؛ فإن هذه الآية نزلت في ذلك.

قلنا: وأبان؛ متروك الحديث؛ فالحديث ضعيف جداً من هذا الطريق. =

ص: 70

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وزاد نسبته في "الدر المنثور" لابن مردويه.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 63): ثني محمد بن خلف ثنا يزيد بن حبان ثنا الحارث بن وجيه الراسبي ثنا مالك بن دينار عن أنس بن مالك: أن هذه الآية نزلت في رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} .

قلنا: وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(2/ 612)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 86) من طريق الحارث به.

وذكر السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 546): أن عبد الله بن أحمد أخرجه في "زوائد الزهد"، وابن مردويه من هذا الطريق.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ الحارث بن وجيه ضعيف.

قال ابن عدي عقبه: "وهذان الحديثان بأسانيدهما عن مالك بن دينار لا يحدث عن مالك غير الحارث بن وجيه، وللحارث بن وجيه غير ما ذكرت من الروايات شيء يسير، ولا أعلم له رواية إلا عن مالك بن دينار".

وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 235) من طريق إسماعيل بن عيسى: ثنا المسيب عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك؛ قال: فينا نزلت معاشر الأنصار، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: قتادة مدلس وقد عنعن.

الثانية: سعيد بن أبي عروبة اختلط بآخره.

الثالثة: المسيب لم نعرفه الآن، ولم يذكروه ضمن الرواة عن سعيد، ويغلب على ظننا أنه المسيب بن واضح الضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 546) ونسبه لابن مردويه فقط.

ثم إن الحافظ أبا داود صاحب "السنن" أخرج الحديث في "سننه"(2/ 35 رقم 1321) من طريق يزيد بن زريع: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ. . .} الآية، قال: كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون.

قلنا: وسنده صحيح إن سمعه قتادة من أنس؛ فإنه كان مدلساً، ولم يصرح =

ص: 71

• عن بلال رضي الله عنه؛ قال: نزلت هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} الآية؛ كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء؛ فنزلت: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أُنزلت في صلاة العشاء

= بالتحديث كما ترى، وأما ما يخشى من اختلاط سعيد؛ فإن يزيد بن زريع سمع منه قبل اختلاطه؛ كما في "الكواكب النيرات"، وهو من أثبت الناس فيه.

وأخرجه أبو داود (2/ 35، 36 رقم 1322) من طريق يحيى القطان وابن أبي عدي كلاهما عن سعيد بهذا السند إلا أن لفظه: "كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء".

قلنا: وسنده كالسابق ويحيى القطان سمع من سعيد قبل الاختلاط، بخلاف ابن أبي عدي.

(1)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 65 رقم 2250 - كشف): ثنا عبد الله بن شبيب؛ قال: نا الوليد بن عطاء بن الأغر؛ قال: نا عبد الحميد بن سليمان بن الخزاعي؛ قال: حدثني مصعب الزبيري عن زيد بن أسلم عن أبيه؛ قال: قال بلال (فذكره).

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: عبد الله بن شبيب؛ واهٍ بمرة.

الثانية: عبد الحميد الخزاعي؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"(1/ 468).

الثالثة: مصعب الزبيري؛ لين الحديث.

وقال البزار عقبه: "لا نعلم روى أسلم عن بلال إلا هذا الحديث، ولا نعلم له طريقاً عن بلال غير هذا الطريق".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 90): "رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 546) وزاد نسبته لابن مردويه.

وقال في "لباب النقول"(ص 170): "وفي إسناده عبد الله بن شبيب وهو ضعيف".

ص: 72

الآخرة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينامون حتى يصلوها

(1)

.

• عن عبد الله بن عيسى؛ قال: كان ناس من الأنصار يصلون ما بين المغرب والعشاء؛ فنزلت فيهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}

(2)

. [ضعيف]

{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أحد منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملاء للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت؛ فإنما أنت فاسق؛ فنزل: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)} ؛ قال: يعني بالمؤمن: علياً، وبالفاسق: الوليد بن عقبة

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 546) ونسبه لابن مردويه.

(2)

قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 546) ونسبه لابن نصر في "الصلاة"، ولم نره في المطبوع، والحديث ضعيف؛ لإعضاله؛ فعبد الله بن عيسى ابن أبي ليلى من السادسة، ولم يلق أحداً من الصحابة، هذا إن صح السند إليه أولاً.

(3)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 236)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 88)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 171) من طريق إسحاق بن بيان ثنا حبيش بن مبشر الفقيه ثنا عبيد الله بن موسى ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن أبي ليلى صدوق سيئ الحفظ جداً، وباقي رجاله ثقات.

وله طريق أخرى:

فأخرجه ابن عدي في "الكامل"(6/ 213)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 88)، والخطيب "تاريخ بغداد"(13/ 321)، وابن عساكر (66/ 171 - 172) من طريق حماد بن سلمة ومندل بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي وشيخه كذابان.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 553) وزاد نسبته لأبي الفرج الأصبهاني في "الأغاني" وابن عساكر. =

ص: 73

• عن عطاء بن يسر؛ قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بين الوليد وبين علي كلام؛ فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لساناً، وأحدُّ منك سناناً، وأرد منك للكتيبة؛ فقال علي: اسكت؛ فإنك فاسق؛ فأنزل الله فيهما: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)} إلى قوله: {بِهِ تُكَذِّبُونَ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أما المؤمن؛ فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأما الفاسق؛ فعقبة بن أبي معيط، وذلك لسباب كان بينهما؛ فأنزل الله ذلك

(3)

. [ضعيف]

= قال الحافظ ولي الدين العراقي: "وهو غير مستقيم؛ فإن الوليد يصغر عن ذلك".

وقال الحافظ ابن حجر: "وهو غلط فاحش؛ فما كان الوليد فيه رَجُلاً".

انظر: "الكاف الشاف"(131/ 194)، و"الفتح السماوي"(2/ 924، 925).

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(21/ 68) - عن بعض أصحابه عن عطاء به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإرساله، وجهالة الأصحاب، خاصة، وأن ابن إسحاق مدلس مشهور بذلك.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 553) ونسبه لابن أبي حاتم.

(3)

أخرجه الخطيب؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 553)، و"لباب النقول"(ص 170) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 172) - من طريق أبي إسماعيل الترمذي، عن عبد الله بن صالح، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ابن لهيعة؛ سيئ الحفظ. =

ص: 74

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)} .

• عن قتادة في قوله: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)} ؛ قال: قال أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن لنا يوماً أَوْشَك أن نستريح فيه وننعم فيه، فقال المشركون:{مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

(1)

. [ضعيف]

= الثانية: عبد الله بن صالح؛ ضعيف.

وزاد السيوطي نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 73): ثنا بشر؛ قال: ثنا يزيد بن زريع؛ قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل جيد الإسناد.

ص: 75

‌سورة الأحزاب

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الأحزاب بالمدينة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير مثله

(2)

.

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن أهل مكة -منهم: الوليد وشيبة بن ربيعة-، دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يرجع عن قوله؛ على أن يعطوه شطر أموالهم، وَخَوَّفَهُ المنافقون واليهود بالمدينة: إن لم يرجع؛ قتلوه؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ}

(3)

. [ضعيف جداً]

• {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 558) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 560)، و"لباب النقول" (ص 171) وقال: أخرج ابن جرير -وليس هو في مطبوع "التفسير"- من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس (فذكره).

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً؛ كما في "التقريب".

الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس.

ص: 76

تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)}.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قام نبي الله صلى الله عليه وسلم يوماً يصلي فخطر خطرة، فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترى أن له قلبين: قلباً معكم، وقلباً معهم؟! فأنزل الله -تعالى-:{مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة؛ قالوا: كان رجل يدعى ذا القلبين؛ فأنزل الله: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الترمذي في "الجامع"(5/ 348 رقم 3199)، وابن خزيمة في "صحيحه"(2/ 39 رقم 865)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(8/ 445 رقم 3371)، وأحمد في "المسند"(1/ 267، 268)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 74)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 83، 84 رقم 1260)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 415)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 474، 475)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(9/ 539 - 541 رقم 528، 529، 530، 531) جميعهم من طريق زهير بن معاوية عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ قابوس لين الحديث.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي:"قلت: قابوس ضعيف".

وضعفه شيخنا رحمه الله في "ضعيف الترمذي".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 561) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 561) ونسبه لابن أبي حاتم من طريق خصيف الجزري عن سعيد به، وأخرجه الطبري (21/ 75) من طريق خصيف به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: خصيف؛ ضعيف. =

ص: 77

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رجل من قريش يُسمى من دهيه: ذا القلبين؛ فأنزل الله هذا في شأنه

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن بريدة؛ قال: كان في الجاهلية رجل يقال له: ذو القلبين؛ فأنزل الله عز وجل: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ. . .}

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: كان الرجلُ يقول: أَمَرَتْني نفسي بكذا، وأمرتني بكذا؛ فأنزل الله عز وجل:{مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ}

(3)

. [ضعيف]

• عن مجاهد: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ} ؛ قال: إن رجلاً من بني فِهر قال: إن في جوفي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد! وكذب

(4)

. [ضعيف]

= الثانية: الإرسال.

وضعفه السيوطي في "لباب النقول"(ص 171).

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 74) وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 561).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(8/ 446 رقم 3373) من طريق هدبة بن خالد؛ قال: ثنا أبو هلال الراسبي عن عبد الله به.

قلنا: وهذا مرسل ضعيف الإسناد؛ الراسبي لين الحفظ.

(3)

أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(8/ 447 رقم 3374) من طريق موسى بن إسماعيل ثنا مبارك بن فضالة عن الحسن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال، ومراسيل الحسن كالريح.

الثانية: مبارك؛ مدلس وقد عنعن.

(4)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 74، 74/ 75)، والفريابي في "تفسيره" -ومن طريقه الطحاوي في "مشكل الآثار"(8/ 446 رقم 3372) - من طرق عن =

ص: 78

• عن قتادة؛ قال: كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبين؛ فأنزل الله فيه ما تسمعون

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: إنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح، يقال له: جميل بن معمر

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاة فسها فيها؛ فخطرت منه كلمة، فسمعها المنافقون، فأكثروا؛ فقالوا: إن له قلبين، أم تسمعوا إلى قوله وكلامه في الصلاة؟ إن له قلباً معكم، وقلباً مع أصحابه؛ فنزلت:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} إلى قوله: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ}

(3)

.

= ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 561) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 75): ثنا بشر بن معاذ العقدي؛ قال: ثنا يزيد بن زريع؛ قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه الطبري بهذا السند عن الحسن؛ قال: كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى ذا القلبين، كان يقول: لي نفس تأمرني، ونفس تنهاني؛ فأنزل الله ما تسمعون.

قلنا: وهو مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 561) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 11) عن معمر عن قتادة به.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 561) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو معضل.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 561، 562) ونسبه لابن مردويه.

ص: 79

• عن الزهري؛ قال: بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة، فضرب له مثلاً، يقول: ليس ابن رجل آخر ابنك

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه

(2)

. [ضعيف]

{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ في الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا (5)} .

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كُنا ندعوه إلا زيد بن محمد؛ حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ}

(3)

. [صحيح]

• عن عائشة رضي الله عنها-: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس -وكان ممن شهد بدراً- تبنى سالماً، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى امرأة من الأنصار، كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً، وكان من تبني رجلاً في الجاهلية؛ دعاه الناس ابنه، وورث من ميراثه، حتى أنزل عز وجل:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} ، ومن لم يعرف له أب؛ فمولى وأخ في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو، فقالت: يا رسول الله! إنا كنا نرى سالماً ولداً يأوي معي ومع أبي حذيفة، ويراني فضلاً، وقد أنزل الله عز وجل فيه ما علمت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 11) -ومن طريقه الطبري (21/ 75) -: نا معمر عن الزهري.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 562) ونسبه للفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر.

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4782)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2425/ 62).

ص: 80

"أرضعيه خمس رضعات"، وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة

(1)

. [صحيح]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان من أَمر زيد بن حارثة رضي الله عنه أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعلب من طيء، فأصيب غلمة من طيء، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته خديجة رضي الله عنها أن يبتاع لها غلاماً ظريفاً عربياً إن قدر عليه، فلما جاء؛ وجد زيداً يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه، فقدم به عليها، وقال لها: إني قد اتبعت لك غلاماً ظريفاً عربياً، فإن أعجبك؛ فخذيه وإلا؛ فدعيه؛ فإنه قد أعجبني، فلما رأته خديجة؛ أعجبها؛ فأخذته، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عندها، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ظرفه، فاستوهبه، فقالت: هو لك، فإن أردت عتقه؛ فالولاء لي، فأبى عليها، فوهبته له: إن شاء أعتق، وإن شاء أمسك، قال: فشب عند النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم إنه خرج في إبل أبي طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه، فعرفه عمه، فقام إليه فقام: من أنت يا غلام؟! قال: غلام من أهل مكة، قال: من أنفسهم؟ قال: لا، قال: فحر أنت أم مملوك؟ قال: بل مملوك، قال: لمن؟ قال: لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقال له: أعربي

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4000، 5088)، وعبد الرزاق في "المصنف"(رقم 13885، 13886، 13887)، وأبو داود (رقم 2061)، والنسائي (6/ 104، 105، 105)، وأحمد (6/ 201، 228، 255) وغيرهم، وهذا لفظ عبد الرزاق.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 563) وقصر جداً في تخريجه؛ فلم يعزه لأحد ممن ذكرنا سوى عبد الرزاق.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 75) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وتقدم موصولاً عن ابن عمر به.

ص: 81

أنت أم عجمي؟ قال: بل عربي، قال: ممن أهلك؟ قال: كلب، قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبد ود، قال: ويحك. .! ابن مَنْ أنت؟ قال: ابن حارثة بن شراحيل، قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي، قال: ومن أخوالك؟ قال: طي، قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدى، فالتزمه، وقال ابن حارثة: ودعا أباه، وقال: يا حارثة! هذا ابنك، فأتاه حارثة، فلما نظر إليه؛ عرفه، قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت.

فركب معه أبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له حارثة: يا محمد! أنتم أهل حرم الله وجيرانه وعند بيته، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، ابني عبدك؛ فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه؛ فإنك ابن سيد قومه، فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيكم خيراً من ذلك"، قالوا: وما هو؟ قال: أخيّره؛ فإن اختاركم؛ فخذوه بغير فداء، وإن اختارني؛ فكفوا عنه، قالوا: جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا زيد! أتعرف هؤلاء؟ "، قال: نعم، هذا أبي وعمي وأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم؛ فاذهب معهم، وإن اخترتني؛ فأنا من تعلم"، فقال زيد: ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم، قال له أبوه وعمه: يا زيد! تختار العبودية على الربوبية؟ قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل.

فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرصه عليه؛ قال: اشهدوا أنه حر، وأنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه؛ لما رأوا كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى: زيد بن محمد؛ حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} ؛ فدعي زيد بن حارثة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 563، 564) ونسبه لابن مردويه.

ص: 82

• عن الحسن بن عثمان؛ قال: حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا: كان عامر بن ربيعة يقال له: عامر بن الخطاب، وإليه كان ينسب؛ فأنزل الله فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}

(1)

. [ضعيف]

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفُ اكَانَ ذَلِكَ في الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)} .

• عن قتادة؛ قال: لبث المسلمون زماناً يتوارثون بالهجرة، والأعرابي المسلم لا يرث من المهاجر شيئاً؛ فأنزل الله هذه الآية، فخلط المؤمنون بعضهم ببعض، فصارت المواريث بالملل

(2)

. [ضعيف]

• عن محمد بن الحنفية؛ قال: نزلت هذه الآية في جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني

(3)

. [ضعيف]

• عن الكلبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين، فكانوا يتوارثون بالهجرة حتى نزلت:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ}

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 564) ونسبه لابن عساكر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 77): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 567، 568) ونسبه لابن المنذر والطبري وابن أبي حاتم.

قلنا: الذي رأيناه في "التفسير" للطبري (6/ 78) أنه أخرجه من طريق ابن وكيع ثنا أبو معاوية عن حجاج عن سالم عن ابن الحنفية به، لكن ليس فيه سبب نزول.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وضعف سفيان بن وكيع والحجاج بن أرطاة.

ص: 83

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ}؛ فجمع الله المؤمنين والمهاجرين، قال:{إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفُاً} ؛ إلا أن توصوا لأوليائكم؛ يعني: الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينهم

(1)

. [موضوع]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)} .

• عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة؛ قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لفعلنا وفعلنا، فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود: أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة من اليهود أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحاً في أصوات ريحها أمثال الصواعق، وهي ظلمة، ما يرى أحد منا أصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم، ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له؛ فيأذن لهم، فيتسللون ونحن ثلثمائة أو نحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً رجلاً حتى مر عليَّ، وما عَليَّ جُنة من العدو، ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي، قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي، فقال:"من هذا؟ "، فقلت: حذيفة، فقال:"حذيفة! "، قال: فتقاصرت بالأرض، فقلت: بلى يا رسول الله؛ كراهية أن أقوم، قال:"قم"، فقمت، فقال:"إنه كان في القوم خبر؛ فأْتني بخبر القوم"، قال: وأنا من أشد الناس فزعاً، وأشدهم قراً، فخرجت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته"، قال: فوالله؛ ما خلق الله

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 113): عن معمر عن الكلبي به.

قلنا: وهذا كذب، الكلبي كذاب معروف.

ص: 84

فزعاً، ولا قراً في جوفي إلا خرج من جوفي فما أجد منه شيئاً، قال: فلما وليت؛ قال: "يا حذيفة! لا تحدثن في القوم شيئاً حتى تأتيني"، فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم؛ نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم، يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته ويقول: الرحيل، الرحيل، ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهماً من كنانتي أبيض الريش فأضعه على كبد قوسي؛ لأرميه في ضوء النار، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تُحْدِثَنَّ شيئاً حتى تأتيني"، فأمسكت ورددت سهمي في كنانتي، ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت المعسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر، يقولون: يا آل عامر! الرحيل، الرحيل، لا مقام لكم، وإذا الريح في عسكرهم، ما تجاوز عسكرهم شبراً، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفَرَسَتْهُم، والريح تضربهم، ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انتصف بي الطريق، أو نحو ذلك؛ إذا أنا بنحو من عشرين فارساً، أو نحو ذلك معتمين، فقالوا: أخبر صاحبك: أن الله كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشتمل في شملة يصلي، فوالله ما عدا أن رجعت راجعني القر، وجعلت أقرقف، فأومأ إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وهو يصلي فدنوت منه، فأسبل عليَّ شملته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر؛ صلى، فأخبرته خبر القوم، وأخبرته أني تركتهم يترحلون؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا. . .} الآية

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 451 - 453) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي ثنا عكرمة بن عمار عن محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة؛ قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لفعلنا وفعلنا، فقال حذيفة:(فذكره).

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو حذيفة صدوق سيئ الحفظ، وفي عكرمة كلام =

ص: 85

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= معروف، ومحمد بن عبيد روى عنه اثنان: قتادة وعكرمة، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب":"مقبول"، ونحوه عبد العزيز.

وأخرجه البزار (رقم 1809 - "كشف")، والحاكم (3/ 231) -وعنه البيهقي (3/ 450، 451) - من طريق موسى بن أبي المختار عن بلال العبسي عن حذيفة؛ قال: إن الناس تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جاثي من البرد، وقال:"يا ابن اليمان! قُمْ فانطلق إلى عسكر الأحزاب فانظر إلى حالهم"، قلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق ما قمت إليك إلا حياء منك من البرد، قال:"فابرز الحرة وبرد الصبح، انطلق يا ابن اليمان، ولا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إليَّ"، قال: فانطلقت إلى عسكرهم فوجدت أبا سفيان يوقد النار في عصبة حوله قد تفرق الأحزاب عنه، قال: حتى إذا جلست فيهم؛ قال: فحسب أبو سفيان أنه دخل فيهم من غيرهم، قال: ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه، قال: فضربت بيدي على الذي عن يميني وأخذت بيده، ثم ضربت بيدي على الذي عن يساري فأخذت بيده، فلبثت فيهم هنية ثم قمت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فأومأ إليَّ بيده أنِ ادْن فدنوت، ثم أومأ إلي أيضاً أنِ ادْن فدنوت؛ حتى أسبل عليَّ من الثوب الذي كان عليه وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته؛ قال:"ابن اليمان! اقعد، ما الخبر؟ "، قلت: يا رسول الله! تفرق الناس عن أبي سفيان فلم يبق إلا عصبة توقد النار، قد صب الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنا نرجو من الله ما لا يرجو.

قلنا: وهذا سند حسن لغيره -إن شاء الله- موسى بن أبي المختار؛ مستور؛ روى عنه اثنان ووثقه ابن حبان فقط، وباقي رجاله ثقات.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 136): "رواه البزار، ورجاله ثقات".

قلنا: وأصله في "صحيح مسلم"(3/ 1414، 1415/ 99) من طريق إبراهيم التيمي عن أبيه عن حذيفة بنحوه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 571) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر وأبو نعيم في "الدلائل".

قلنا: الذي رأيناه عند أبي نعيم في "الدلائل"(ص 433، 434) هو نفس طريق =

ص: 86

• عن قتادة في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} ؛ قال: يعني: الملائكة، قال: نزلت هذه الآية يوم الأحزاب وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً، فخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بعقوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عُيينة بن حصن، أحد بني بدر ومن تبعه من الناس حتى نزلوا بقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكاتبت اليهود أبا سفيان وظاهروه، فقال حيث يقول الله -تعالى-:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} ؛ فبعث الله عليهم الرعب والريح، فذُكِرَ لنا أنهم كانوا كلما أوقدوا ناراً أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كلّ حيّ يقول: يا بني فلان! هلمّ إليَّ، حتى إذا اجتمعوا عنده؛ فقال: النجاء النجاء! أتيتم لما بعث عليهم من الرعب

(1)

. [ضعيف]

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} .

• عن عمرو بن عوف المزني؛ قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام ذُكرت الأحزاب، من أجم السمر طرف بني حارثة حتى بلغ المداد، ثم جعل أربعين ذراعاً بين كل عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سلمان منا أهل البيت"، قال

= مسلم المتقدم آنفاً، ضف على هذا أنه ليس فيه تصريح بسبب النزول، وكذا عند الحاكم والبزار ليس فيه تصريح بسبب النزول -والله أعلم-.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 81): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 576) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

ص: 87

عمرو بن عوف: فكنت أنا وسلمان وحذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً فحفرنا حتى إذا بلغنا الثدي، أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة، فكسرت حديدنا وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان! ارْقَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبر هذه الصخرة؛ فإما أن نعدل عنها؛ فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، فرَقَى سلمان حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله! بأبينا أنت وأمنا خرجت صخرة بيضاء من بطن الخندق مروة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، حتى ما يجيء منها قليل ولا كثير، فمُرْنا فيها بأمرك؛ فإنا لا نحب أن نجاوز خطّك، فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان في الخندق، ورقينا نحن التسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها؛ يعني: لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم؛ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية فصدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها؛ حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم؛ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، وكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة فكسرها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها؛ حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم؛ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فتح، ثم أخذ بيد سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئاً ما رأيته قط، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم، فقال:"هل رأيتم ما يقول سلمان؟ "، قالوا: نعم يا رسول الله! بأبينا أنت وأمنا، قد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر فنكبر، ولا نرى شيئاً غير ذلك، قال: "صدقتم؛ ضربت ضربتي الأولى؛ فبرق الذي رأيتم؛ أضاء لي منه قصور الحيرة ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرائيل عليه السلام: أن أمتي ظاهرة، ثم ضربت ضربتي

ص: 88

الثانية، فبرق الذي رأيتم؛ أضاء لي منه قصور الحُمْرِ من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل عليه السلام: أن أُمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة الذي رأيتم؛ أضاءت لي منها قصور صنعاء، كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل عليه السلام: أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا -يبلغهم النصر-، وأبشروا -يبلغهم النصر-، وأبشروا -يبلغهم النصر-"؛ فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعود صدق؛ بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب؛ فقال المسلمون:{هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية، وقال المنافقون: ألا تعجبون؟! يحدثكم ويمنيكم ويعدكم الباطل؛ يخبركم بأنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفَرَق، ولا تستطيعون أن تبرزوا!! وأنزل القرآن:{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}

(1)

. [موضوع]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 85، 86)، و"تاريخ الأمم والملوك"(2/ 567 - 570)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 82 - 84، 7/ 318، 319 - مختصراً)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 212، 213 رقم 6040 - مختصراً)، وابن أبي حاتم وابن مردويه في "تفسيريهما"؛ كما في "لباب النقول"(ص 172)، و"الدر المنثور"(6/ 574)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 598 - مختصراً)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 418 - 420)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1329 رقم 3347 - مختصراً)، والبغوي في "معالم التنزيل"(6/ 323، 324) كلهم من طريق كثير به.

قلنا: وهذا موضوع؛ كثير بن عبد الله؛ قال ابن حبان: "له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة"، وقال الشافعي وأبو داود:"ركن من أركان الكذب".

قلنا: سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: سنده ضعيف".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 130): "وفيه كثير بن عبد الله المزني وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات".

وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(6/ 28): "هذا حديث غريب". =

ص: 89

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزل الله في شأن الخندق، وذكر نعمه عليهم، وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن، ومقالة من تكلم من أهل النفاق:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} ، وكانت الجنود التي أتت المسلمين: أسد، وغطفان، وسُليم. وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة، فقال:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} ، فكان الذين جاؤوهم من فوقهم: بنو قريظة، والذين جاؤوهم من أسفل منهم: قريش، وأسد، وغطفان، فقال:{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} ، يقول: معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ} ، يقول: أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} إلى {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} ، ثم ذكر يقين أهل الإيمان حتى أتاهم الأحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة؛ فاشتد عليهم البلاء، فقال:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} إلى {اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ، قال: وذكر الله هزيمة المشركين، وكفايته المؤمنون فقال:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عروة بن الزبير، ومحمد بن كعب القرظي، وعثمان بن كعب بن يهوذا -أحد بني قريظة- عن رجال من قومه؛ قال: قال معتب بن

= وقال شيخنا رحمه الله في "ضعيف الجامع": "ضعيف جداً".

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 574 - 575) ونسبه لابن إسحاق وابن مردويه.

وذكر في "اللباب"(ص 173): أن جويبراً أخرج عن ابن عباس؛ أنه قال: نزلت هذه الآية في معتب بن قشير الأنصاري وهو صاحب هذه المقالة.

قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، وهو عادةً يروي عن ابن عباس بواسطة الضحاك وهو لم يدرك ابن عباس؛ فالأثر واه بمرة.

ص: 90

قشير -أخو بني عمرو بن عوف-: وكأن محمداً يرى أن نأكل من كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط، وقال أوس بن قيظي على ملأ من قومه، من بني حارثة:{إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} ، وهي خارجة من المدينة، ائذن لنا؛ فنرجع إلى نسائنا، وأبنائنا، وذرارينا؛ فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم حين فرغ عنهم ما كانوا فيه من البلاء -يذكر نعمة الله عليهم، وكفايته إياهم بعد سوء الظن منهم، ومقالة من قال من أهل النفاق-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} ؛ أي: من فوقكم، فأرسل الله عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها؛ فكانت الجنود قريشاً وغطفان وبني قريظة، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} إلى قوله: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} ، فالذين جاؤوكم من فوقكم بنو قريظة، والذين جاؤوا أسفل منهم قريش، وغطفان. {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)} إلى قوله:{مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} لقول معتب بن قريش، وأصحابه:{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} إلى قوله: {إِلَّا فِرَارًا} لقول أوس بن قيظي ومن كان معه -على ذلك- من قومه

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قوله: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)} ؛ قال: قال ذلك أُناس من المنافقين: قد كان محمد يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا ههنا حتى ما يستطيع

(1)

أخرجه ابن إسحاق -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(21/ 86)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 575) -، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 435، 436) -، قال: ثنا يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير (ح) ويزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 91

أحدنا أن يبرز لحاجته؛ ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، واجتمعت قريش، وكنانة، وغطفان، فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش، فأقبلوا حتى نزلوا بفنائه، فنزلت قريش أسفل الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك، وظاهرهم قريظة من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، فلما نزلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ تحصن بالمدينة، وحفر النبي صلى الله عليه وسلم الخندق، فبينما هو يضرب فيه بمعوله؛ إذ وقع المعول في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب من النار في السماء، وضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله! قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب، فسطع إلى السماء، فقال:"لقد رأيت ذلك"، فقال: نعم يا رسول الله! قال: "تفتح لكم أبواب المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن"؛ ففشا ذلك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فتحدثوا به، فقال رجل من الأنصار -يدعى قشير بن معتب-: أيعدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يفتح لنا مدائن اليمن، وبيض المدائن، وقصور الروم، وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجه إلا قُتل؟! هذا والله الغرور؛ فأنزل الله -تعالى- في هذا:{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(21/ 85): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 577) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 577، 578) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

ص: 92

{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت هذه الآية قبل تحول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ. . .} [البقرة: 214] وصدق الله ورسوله فيما أخبرا به من الوحي قبل أن يكون

(1)

. [ضعيف جداً]

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر؛ فقال: يا رسول الله! غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن اللهُ أشهدني قتال المشركين؛ ليرين اللهُ ما أصنع، فلما كان يوم أُحُدٍ وانكشف المسلمون؛ قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني: أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء؛ يعني: المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ! الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله! ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى -أو نظن- أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} إلى آخر الآية

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 585) وقال: "أخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس (فذكره) ".

قلنا: جويبر؛ متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس؛ فالأثر ضعيف جداً.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(6/ 21 رقم 2805) من طريق حميد عن أنس به.

وأخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1903/ 18) وغيره من طريق ثابت عن أنس. =

ص: 93

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: قالوا: أخبرنا عن طلحة؛ قال: ذلك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله -تعالى-: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} طلحة ممن قضى نحبه، لا حساب عليه فيما يستقبل

(1)

. [موضوع]

{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} .

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: حُبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، حتى كفينا ذلك؛ فأنزل الله عز وجل:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} ؛ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بلالاً فأقام، ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]

(2)

. [صحيح]

= وقصر السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 586)، و"لباب النقول"(ص 173) فلم يعزه للبخاري.

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 238) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(8/ 556) - من طريق إسماعيل بن يحيى البغدادي عن أبي سنان عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن علي به.

قلنا: وهذا موضوع؛ إسماعيل بن يحيى كذاب، حدث بالبواطيل.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 272، 273 رقم 18351، ص 419 رقم 18661)، والنسائي في "المجتبى"(2/ 17)، و"الكبرى"(1/ 505 رقم 1625)، والطبري في "جامع البيان"(21/ 94، 95، 95)، والبيهقي في "الدلائل"(3/ 445) من طريق ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 589) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه، ولم ينسبه للنسائي في "سننه"، وهو قصور.

ص: 94

{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)} .

• عن سعيد بن جبير؛ قال: كان يوم الخندق بالمدينة، قال: فجاء أبو سفيان بن حرب ومن معه من قريش ومن تبعه من كنانة، وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان، وطليحة ومن تبعه من بني أسد، وأبو الأعور ومن تبعه من بني سليم، وقريظة؛ كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فنقضوا ذلك وظاهروا المشركين؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم:{وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} ، فأتى جبريل عليه السلام ومعه الريح، فقال حين رأى جبريل:"ألا أبشرو" -ثلاثاً- فأرسل الله عليهم الريح؛ فهتكت القباب، وكفأت القدور، ودفنت الرجال، وقطعت الأوتاد، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو بشر: وبلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع إلى منزله؛ غسل جانب رأسه الأيمن وبقي الأيسر، قال: فقال له؛ يعني: جبريل صلى الله عليه وسلم: "ألا أراك تغسل رأسك؟ فوالله ما نزلنا بعد، انهض"؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينهضوا إلى بني قريظة حتى غابت الشمس

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لم أزل حريصاً على (وفي رواية: لبثت سنة وأنا أريد) أن أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 71): نا أبو الوليد الطيالسي ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو ضعيف لإرساله.

ص: 95

النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ، [فما أستطيع أن أسأله؛ هيبة له (وفي رواية: فلم أجد له موضعاً)، حتى خرج حاجّاً] فحججت معه، [فلما رجعت وكنا ببعض الطريق] (وفي رواية: بظهران)، فعدل [إلى الأراك لحاجة له]، وعدلت معه بالإداوة، فتبرز [فوقفت له] حتى جاء، [فقال: أدركني بالوضوء]، فسكبت على يديه من الإداوة، فتوضأ [ورأيت موضعاً]، فقلت: يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال لهما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} ، فقال [ابن عباس: فما أتممت كلامي؛ حتى قال]: واعجبي لك يا ابن عباس! [تلك] عائشة وحفصة. [قال: فقلت: والله؛ إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع؛ هيبة لك، قال: فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم فاسألني، فإن كان لي علم؛ خبَّرتك به، قال: ثم قال عمر: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم]، (وفي رواية: فلما جاء الإِسلام، وذكرهن الله؛ رأينا لهن بذلك علينا حقاً من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا)، ثم استقبل عمر الحديث يسوقه، فقال:

إن كنت وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد -وهي من عوالي المدينة- وكنا نتناوب النزول على النبي صلى الله عليه وسلم، فينزل هو يوماً، وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر (وفي رواية: الوحي) وغيره، وإذا نزل فعل مثله، وكنا -معشر قريش- نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، [قال: فبينا أنا في أمر أتأمره؛ إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا، قال:] فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، [فقلت لها: ما لكِ ولما هاهنا، فيما تكلفك في أمر أريده؟!]، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟! فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل (وفي رواية: فقالت لي: عجباً لك يا ابن

ص: 96

الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟!)؛ فأفزعني، فقلت [لها: قد] خابت من فعل منهن بعظيم، ثم جمعت علي ثيابي، فدخلت على حفصة، فقلت: أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟ فقالت: نعم، فقلت: خابت وخسرت، أفتأمن (وفي رواية: خبت وخسرت، أفتأمنين) أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكين؟! لا تستكثري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، واسأليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وفي رواية: هذه التي أعجبها حسنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) -يريد: عائشة-[ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها، فقالت أم سلمة: عجباً لك يا ابن الخطاب! دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه؟! فأخذتني والله أخذاً؛ كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها].

[وكان من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقام له، فلم يبق إلا ملك غسان بالشام، كنا نخاف أن يأتينا]، وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا [فقد امتلأت صدورنا منه] فنزل صاحبي [الأنصاري] يوم نوبته، فرجع عشاء، فضرب بابي ضرباً شديداً، وقال: أنائم (وفي رواية: أثَمَّ) هو؟ ففزعت، فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم! قلت: ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه، وأطول (وفي رواية: أهول)؛ طلق (وفي رواية: اعتزل) رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، قال:(وفي رواية: فقلت:) قد خابت حفصة وخسرت، [قد] كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون، فجمعت عليّ ثيابي، فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل مشربة له [يرقى عليها بعجلة]، فاعتزل فيها، فدخلت على حفصة؛ فإذا هي تبكي، قلت: ما يبكيك؟! أوَلم أكن حذرتك؟! أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري، هو ذا في المشربة، فخرجت، فجئت المنبر، فإذا حوله وهي يبكي بعضهم، فجلست

ص: 97

معهم قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فجئت المشربة التي هو فيها، فقلت لغلام له أسود [على رأس الدرجة]: استأذن لعمر، فدخل، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج، فقال: ذكرتك له فصمت، فانصرفت؛ حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت، فذكر مثله، فجلست مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت الغلام، فقلت: استأذن لعمر، فذكر مثله، فلما ولَّيت منصرفاً؛ فإذا الغلام يدعوني، قال: أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه، فإذا هو مضطجع على رمال حصير، ليس بينه وبينه فراش، قد أثَّر الرمال بجنبه، متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف، فسلمت عليه، ثم قلت -وأنا قائم-:[يا رسول الله! أ] طلقت نساءك؟ فرفع بصره إلى، فقال:"لا"، [فقلت: الله أكبر]، ثم قلت -وأنا قائم أستأنس-: يا رسول الله! لو رأيتني وكنا -معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا [المدينة] على قوم (وفي رواية: إذا قوم) تغلبهم نسائهم، فذكره، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قلت: لو رأيتني ودخلت على حفصة، فقلت [لها]: لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك، وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم -يريد: عائشة- (وفي رواية: فذكرت الذي قلت لحفصة وأم سلمة، والذي ردت عليّ أم سلمة)، فتبسم [تبسمة] أخرى، فجلست حين رأيته تبسم، ثم رفعت بصري في بيته، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر، غير أهبة ثلاثة [وإن عند رجليه قرظاً مصبوباً] فقلت: ادع الله فليوسع على أمتك؛ فإن فارس والروم وُسِّعَ عليهم، وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، [فجلس النبي صلى الله عليه وسلم]، وكان متكئاً، فقال:

"أوَفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! [إنَّ] أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا"، (وفي رواية: فبكيت، فقال:"ما يبكيك؟! "، فقلت: يا رسول الله! إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال:"أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟! ")، فقلت: يا رسول الله! استغفر لي.

ص: 98

فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم[نساءه] من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة [تسعاً وعشرين ليلة]، وكان قد قال:"ما أنا بداخل عليهن شهراً"، من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله، فلما مضت تسع وعشرون؛ دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة:[يا رسول الله!] إنك [كنت] أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً، وإنا أصبحنا لتسع وعشرين ليلة؛ أعدها عداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"الشهر تسع وعشرون"، وكان ذلك الشهر تسع وعشرون. قالت عائشة: فأُنزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة [من نسائه]، فقال:

"إني ذاكر لك أمراً، ولا عليك أن لا تعجلي؛ حتى تستأمري أبويك"، قالت: قد أعلم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه، ثم قال:

"إنَّ الله [جلّ ثناؤه]، قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}. . . إلى قوله: {عَظِيمًا} "، قلت: في هذا أستأمر أبويَّ؟! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، [فاخترته]، ثم خيَّر نساءه [كلهنَّ]، فقلن مثل ما قالت عائشة

(1)

. [صحيح]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله، فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فَأُذِنَ لأبي بكر؛ فدخل. ثم أقبل عمر فاستأذن؛ فَأُذِنَ له، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالساً، حوله نساؤه، واجماً ساكتاً، قال: فقال: لأقولن شيئاً أُضْحِكُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! لو رأيت بنت خارجة! سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"هن حولي كما ترى؛ يسألنني النفقة"، فقام أبو بكر إلى عائشة يَجَأُ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يَجَأُ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، فقلن:

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 2468، 5191)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1479 - 31 - 34).

ص: 99

والله! لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً أبداً ليس عنده، ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} ، قال: فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة! إني أريد أن أعرض عليك أمراً أُحب أن لا تعجلي فيه؛ حتى تستشري أبويك"، قالت: وما هو يا رسول الله؟! فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله! أستشير أبوي؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال:"لا تسألني امرأة إلا أخبرتها؛ إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً"

(1)

. [صحيح]

• عن أبي سلمة الحضرمي؛ قال: جلست مع أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وهما يتحدثان، وقد ذهب بصر جابر، فجاء رجل فسلّم ثمّ جلس، فقال: يا أبا عبد الله! أرسلني إليك عروة بن الزبير أسألك فيم هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نسائه؟ فقال جابر: تركنا رسول الله يوماً وليلة لم يخرج إلى الصلاة؛ فأخذنا ما تقدم وما تأخر، فاجتمعنا ببابه نتكلم؛ ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا ولم يخرج إلينا، قال: فقلنا: قد علم رسول الله مكانكم، ولو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرقوا لا تؤذوه، فتفرق الناس غير عمر بن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستأذن، حتى أذن له رسول الله، قال عمر: فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة، فقلت: أي نبي الله! بأبي أنت وأمي ما الذي رابك وما لقي الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك؟! فقال: "يا عمر! يسألني أولاء ما ليس عندي"؛ يعني: نساءه، فذاك الذي بلغ مني ما ترى"، فقلت: يا نبي الله! قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1478).

ص: 100

بالأرض؛ لأنها سألتني ما لا أقدر عليه، وأنت يا رسول الله! على موعد من ربك وهو جاعل بعد العسر يسراً، قال: فلم أزل أكلمه حتى رأيت رسول الله قد تحلل عنه بعض ذلك، قال: فخرجت، فلقيت أبا بكر الصديق فحدثته الحديث، فدخل أبو بكر على عائشة فقال: قد علمت أن رسول الله لا يدخر عنكن شيئاً؛ فلا تسألنه ما لا يجد، انظري حاجتك فاطلبيها إلي، وانطلق عمر إلى حفصة فذكر لها مثل ذلك، ثم اتبعا أمهات المؤمنين فجعلا يذكران لهن مثل ذلك، حتى دخلا على أم سلمة فذكرا لها مثل ذلك، فقالت لهما أم سلمة: ما لكما ولما هاهنا؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بأمرنا عيناً، ولو أراد أن ينهانا لنهانا، فمن نسأل إذا لم نسأل رسول الله؟ هل يدخل بينكما وبين أهليكما أحد؟ فما نكلفكما هذا، فخرجا من عندها، فقال أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: جزاك الله خيراً حين فعلت ما فعلت؛ ما قدرنا أن نرد عليهما شيئاً، ثم قال جابر لأبي سعيد: ألم يكن الحديث هكذا؟ قال: بلى، وقد بقيت منه بقية، قال جابر: فأنا آتي على ذلك إن شاء الله، ثم قال: فأنزل الله في ذلك: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)} ؛ يعني: متعة الطلاق، ويعني بتسريحهن: تطليقهن طلاقاً جميلاً، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ}: تخترن الله ورسوله؛ فلا تنكحن بعده أحداً.

فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ بعائشة، فقال:"إن الله قد أمرني أن أخيّركن بين أن تخترن الله ورسوله والدار الآخرة وبين أن تخترن الدنيا وزينتها، وقد بدأت بك، فأنا أخيّرك"، قالت: أي نبي الله! وهل بدأت بأحد منهن قبلي؟ قال: "لا"، قالت: فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، فاكتم علي ولا تخبر بذاك نساءك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بل أخبرهن"، فأخبرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً؛ فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وكان خياره بين الدنيا والآخرة أن يخترن الآخرة أو الدنيا، قال: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ

ص: 101

الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}، فاخترن أن لا يتزوجن بعده، ثم قال:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ؛ يعني: الزنا، {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}؛ يعني: في الآخرة، {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}؛ يعني: تطع الله ورسوله، {وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} مضاعفاً لها في الآخرة، وكذلك العذاب:{وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} ، يقول: فجور، {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} ، يقول: لا تخرجن من بيوتكن ولا تبرجن؛ يعني: إلقاء القناع، فعل أهل الجاهلية الأولى، فقال أبو سعيد: هذا الحديث على وجهه

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} .

• عن عبد الله بن جعفر؛ قال: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرحمة هابطة؛ قال: "من يدعو لي؟ "؛ فقالت ابنته: أنا يا رسول الله! فقال: "ادعي علياً رضي الله عنه"، فدُعي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فجعل الحسن عن يمينه والحسين عن يساره وفاطمة تجاهه ثم غشاهم كساء، ثم قال:"هؤلاء أهلي"؛ فأنزل الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 179 - 181): ثنا محمد بن عمر ثنا جارية بن أبي عمران قال: سمعت أبا سلمة الحضرمي به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه محمد بن عمر هو الواقدي؛ متروك الحديث، بل اتهمه الإِمام أحمد والنسائي وغيرهما بالكذب.

وجارية بن أبي عمران؛ قال أبو حاتم؛ كما في "الجرح والتعديل"(2/ 521): "مجهول"، وكذا قال الذهبي في "الميزان"(1/ 385).

ص: 102

عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنه تلا هذه الآية: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} ؛ قال: كانت فيما بين نوح وإدريس ألف سنة، وأن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً وفي النساء دمامة، وكانت نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فأجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتخذ إبليس شيئاً مثل ذلك الذي يزمر فيه الرعاة، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك مَنْ حولهم، فانتابوهم يسمعون إليه، فاتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج الرجال للنساء، قال: ويتزين النساء للرجال، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن ونزلوا معهن؛ فظهرت الفاحشة فيهن؛ فذلك قول الله عز وجل:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه البزار في "البحر الزخار"(6/ 210 رقم 2251)، والحاكم (3/ 147، 148) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ثني عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه المليكي هذا، وهو ضعيف، وانظر:"التهذيب"(6/ 146).

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي؛ وهو ذاهب الحديث".

قلنا: ويشهد له في الجملة ما أخرجه الإِمام مسلم في "صحيحه"(4/ 1871 رقم 32).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 4)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 548)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(4/ 373 رقم 5451) من طريق داود بن أبي الفرات ثنا علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 601) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. =

ص: 103

• عن الحكم بن عتيبة؛ قال: كان بين آدم ونوح ثمان مائة سنة، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء، ورجالهم حسان، فكانت المرأة تريد الرجل على نفسه؛ فأنزلت هذه الآية:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} ؛ قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة

(2)

. [حسن]

= * ملاحظة: وقد تصحف اسم (علباء) في "شعب الإيمان" إلى (علي)؛ فأفسد سنده وهو تصحيف فاحش؛ فليحرر.

والحديث سكت عنه الحاكم والذهبي.

(1)

أخرجه الطبري (22/ 4): ثنا ابن وكيع؛ قال: ثنا ابن عيينة عن أبيه عن الحكم به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: سفيان بن وكيع فيه ضعف معروف.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 491)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(73/ 111) من طريق علي بن حرب الموصلي ثنا زيد بن الحباب ثنا حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن.

وأخرج ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 603) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

قلنا: أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 239)، و"الوسيط"(3/ 469، 470) من طريق أبي يحيى الحماني عن صالح بن موسى القرشي عن خصيف عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: خصيف؛ ضعيف.

الثانية: الحماني؛ ضعيف أيضاً.

ص: 104

• عن عروة بن الزبير؛ قال: يعني: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ نزلت في بيت عائشة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة

(2)

، فدخلت بها عليه، فقال لها:"ادعي زوجك وابنيك"، قالت: فجاء عليٌّ، والحسين، والحسن، فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو على منامة له على دكان، تحته كساء له خيبري، قالت: وأنا أُصلي في الحجرة؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، قالت: نأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء، ثم قال:"اللهم! هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فأذْهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، اللهم! هؤلاء أهل بيتي وخاصتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً"، قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: وأنا معكم يا رسول الله! قال: "إنك إلى خير، إنك إلى خير".

وفي رواية للطبراني، قالت: جاءت فاطمة عُدَّيةً بثريد لها تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها:"وأين ابن عمك؟ "، قالت: هو في البيت، قال:"اذهبي فادعيه، وائتيني بابني"؛ فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد، وَعَلَيٌّ يمشي في إثرهما، حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسهما في حجره، وجلس عليٌّ عن يمينه، وجلست فاطمة رضي الله عنها في يساره، قالت أم سلمة: فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة، وفي البيت برمة فيها خزيرة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 199).

قلنا: فيه الواقدي؛ وهو متهم بالكذب، وفيه شيخه مصعب بن ثابت وهو لين الحديث.

(2)

قطعة لحم صغيرة.

ص: 105

"ادعي لي بعلك وابنيك: الحسن والحسين"، فدعتهم، فجلسوا جميعاً يأكلون من تلك البرمة، قالت: وأنا أصلي في تلك الحجرة؛ فنزلت هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، فأخذ فضل الكساء فغشاهم، ثم أخرج يده اليمنى من الكساء وألوى بها إلى السماء، ثم قال:"اللهم! هؤلاء أهل بيتي وحامتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً"، قالت أم سلمة: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: يا رسول الله! وأنا معكم؟ قال: "أنت على خير" -مرتين-

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 292، 296، 298، 304، 305، 323)، وإسحاق بن راهويه في "المسند"(رقم 1874)، والترمذي (5/ 699 رقم 3871)، وابن أبي شيبة (12/ 73 رقم 12153)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 6، 7)، وأبو يعلى في "المسند"(12/ 313 رقم 6888، ص 344 رقم 6912)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1917)، والطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 52 - 55 رقم 2662، 2664، 2666، 2668، 23/ رقم 612، 627، 75، 759، 769، 770، 771، 773، 779، 780، 783، 939)، والدولابي في "الكنى"(2/ 122)، والحاكم (2/ 416)، والبيهقي (2/ 150)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 239)، والبغوي في "معالم التنزيل"(6/ 351) من طرق عن أم سلمة به.

قلنا: وإن كان لا يخلو فيها مقال إلا أن الحديث يكون إن شاء الله حسن بمجموعها، وله شاهد بسند صحيح من حديث عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} في بيت أم سلمة؛ فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجلّلهم بكساء، وعلي خلف ظهره فجلّلهم بكساء، ثم قال:"اللهم! هؤلاء أهل بيتي؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً".

قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟! قال: "أنتِ على مكانك وأنت على خير".

أخرجه الترمذي (5/ 351 رقم 3205)، والطبري (22/ 7).

وشاهد آخر من حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم بنحوه (رقم 2424). =

ص: 106

• عن عكرمة؛ قال: ليس الذي يذهبون إليه، إنما هي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عكرمة ينادي هذا في السوق، وفي رواية: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ وفي علي رضي الله عنه وحسن رضي الله عنه وحسين رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

= وشاهد آخر من حديث أبي هريرة عند الطبري (22/ 6، 7) بنحوه.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه سعيد بن زربي وهو منكر الحديث؛ كما في "التقريب".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 7، 8) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 240)، والوسيط (3/ 470) -: حدثا ابن حميد قال:

حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا الأصبغ عن علقمة عن عكرمة به.

قلنا: وابن حميد؛ متروك الحديث، بل اتهمه الإِمام أحمد وغيره بالكذب، مع ملاحظة أنه مرسل.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 5): ثنا محمد بن المثنى قال: ثنا بكر بن يحيى العنزي عن مندل بن علي عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: العوفي؛ ضعيف مدلس، وتدليسه معروف أنه من أقبح أنواع التدليس؛ حيث كان يقول: حدثنا أبو سعيد ويسكت، فيوهم أنه الخدري وليس الأمر كذلك، بل هو الكلبي، وكان يكنى أبا سعيد فيوهم أنه الخدري.

الثانية: الأعمش مدلس وقد عنعن.

الثالثة: مندل بن علي ضعيف.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 604) وزاد نسبته لابن أبي حاتم والطبراني.

قلنا: ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 494): أن ابن =

ص: 107

• عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة؛ قالت: نزلت هذه الآية في بيتي: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، وكان في البيت عليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، قالت: وكنت على باب البيت، فقلت: أين أنا يا رسول الله؟! قال: "أنت خير، وإلى خير"

(1)

. [ضعيف جداً]

{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} .

• عن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟! قالت: فلم يَرُعْنِي ذات يومٍ ظهراً إلا نداؤه على المنبر، قالت: وأنا أُسرح رأسي، فَلَففت شعري ثم خرجت إلى حجرة بيتي، فجعلت سمعي عند الجريد، فهذا هو يقول على المنبر: "يا أيها الناس! إن الله يقول في كتابه: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى آخر

= أبي حاتم أخرجه في "تفسيره" من طريق هارون بن سعد العجلي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به موقوفاً.

قلنا: هارون صدوق؛ كما في "التقريب"، ورواه عن عطية به موقوفاً، وخالفه الأعمش -وهو أوثق بكثير منه- عن عطية به مرفوعاً، وعلى كل؛ فمدار الموقوف والمرفوع على عطية وعرفت ما فيه؛ فالأثر لا يصح ألبتة.

ثم إن الواحدي أخرجه في "أسباب النزول"(ص 239)، و"الوسيط"(3/ 470) من طريق أخرى عن عطية به، فانحصرت علة الخبر في عطية.

(1)

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(9/ 126، 127)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 604) بالسند المسلسل بالعوفيين الضعفاء عنه.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 108

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 173 رقم 425)، وأحمد في "المسند"(6/ 301، 305)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 108)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 241 رقم 650)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 90)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 22)، وابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 21، 22) من طريق عفان بن مسلم والمغيرة بن سلمة أبو هشام المخزومي كلاهما عن عبد الواحد بن زياد نا عثمان بن حكيم نا عبد الرحمن بن شيبة؛ قال: سمعت أم سلمة (فذكره).

قال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن، أخرجه النسائي. . . ".

قلنا: خالف عفانَ والمغيرةَ يونسُ بنُ محمد ومحمدُ بنُ المنهال، فروياه عن عبد الواحد بن زياد به؛ إلا أنهما قالا: عن عبد الله بن رافع بدلاً من عبد الرحمن بن شيبة.

أخرجه أحمد (6/ 301)، والطبراني (23/ 245 رقم 665) على الترتيب.

قال الحافظ ابن حجر: "ورواية عفان أرجح لموافقة المغيرة بن سلمة".

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1236 رقم 624 - تكملة) -ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(6/ 500 رقم 5308) -، وعبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 1/ 156) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(5/ 31) -، وأحمد في "المسند"(6/ 322)، والترمذي (5/ 237 رقم 3022)، وأبو يعلى في "المسند"(12/ 393 رقم 6959) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 22، 23) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(ق 99/ ب، وق 132/ أ)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 199)، والطبري في "جامع البيان"(5/ 1530، 22/ 10)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 305، 306، 416)، والفريابي؛ كما في "العجاب"(2/ 862)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 99) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم سلمة.

قلنا: وهذا سند صحيح، وفصلنا القول فيه في سورة النساء عند آية (رقم 32).

وقال الحافظ: "هذا حديث حسن".

وقال الحاكم في الموضع الأول: "صحيح على شرط الشيخين، إن كان مجاهد سمعه من أم سلمة". =

ص: 109

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال في الموضع الثاني: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في كليهما.

وقال الترمذي: "هذا مرسل"؛ يعني: أن مجاهداً لم يسمع من أم سلمة.

لكن قال الحافظ: "ومجاهد قد ثبت سماعه من علي رضي الله عنه وهو أقدم موتاً من أم سلمة بعشرين سنة".

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 8): ثنا أبو كريب؛ قال: ثنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو بن سلمة عن أبي سلمة: أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله! أيذكر الرجال في كل شيء ولا نُذْكر؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} .

قلنا: وهذا سند حسن، وخالف أبا كريب يحيى بن عبد الحميد الحماني؛ فرواه عن أبي معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة به، فأسقط يحيى منه.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(23/ رقم 554).

قلنا: يحيى الحماني؛ حافظ؛ لكنه متهم بسرقة الحديث؛ فلا يعتد بمخالفته.

وأخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 169 رقم 424) بسند صحيح إلى شريك بن عبد الله القاضي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة؛ أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله! ما لي أسمع الرجال يذكرون في القرآن، والنساء لا يذكرون؟! فأنزل الله عز وجل:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} .

قلنا: لكن هذا ضعيف -أيضاً-؛ لأن شريكاً القاضي ضعيف، سيئ الحفظ.

ولا يقال: إن مجموع حديثي الحماني وشريك يقويان بعضهما بعضاً فيقدمان على رواية أبي معاوية الأولى -والتي أخرجها الطبري-، لا؛ لأن الضعف في الطريق الأولى شديد؛ لأجل الحماني، وللمخالفة التي فيه. =

ص: 110

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 608) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه.

وللحديث شاهد من حديث أم عمارة الأنصارية: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال، ولم يذكر النساء بشيء؛ فنزلت:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} .

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 608) -وعنه الترمذي في "الجامع"(5/ 354 رقم 3211)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(6/ 371) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 172 رقم 3400)، والطبراني في "المعجم الكبير"(25/ 27 رقم 51، 53)، وابن منده في "معرفة الصحابة" -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 23، 24) -، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3535 رقم 7993) من طريق جرير بن عبد الحميد وسليمان بن كثير كلاهما عن حصين عن عكرمة عن أم عمارة الأنصارية به.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".

وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن. . . ورجاله رجال الصحيح؛ لكن اختلف في وصله وإرساله؛ فرواه شعبة عن حصين مرسلاً، وهو أحفظ من سليمان بن كثير، وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" عن روح بن عبادة عن شعبة".

قلنا: وتابع حصيناً سفيان الثوري عن عكرمة به مرسلاً.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(25/ 27 رقم 52) من طريق مصرف بن عمرو اليامي ثنا عبد الله بن إدريس عن سفيان به.

وسنده صحيح إليه.

قلنا: والصواب -والله أعلم- الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 608) وزاد نسبته للفريابي وسعيد بن منصور وابن مردويه.

وشاهد آخر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت النساء: يا رسول الله! ما =

ص: 111

• عن قتادة؛ قال: لما ذكر الله أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن؛ قال النساء: فما لنا؟ فنزلت: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}

(1)

. [ضعيف]

= لنا لا نذكر كما يذكر الرجال؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} .

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 8، 9)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 108)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ رقم 12614) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 24) - من طريق أبي كدينة عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ قابوس لين الحديث؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 91): "رواه الطبراني؛ وفيه قابوس وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات".

وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث حسن".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 608): "بسند حسن".

وقال في "لباب النقول"(ص 174): "بسند لا بأس به".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 8): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 199، 200): نا محمد بن عمر [الواقدي] عن معمر عن قتادة؛ قال: لما ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال النساء: لو كان فينا خير؛ لذكرنا؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا =

ص: 112

• عن عكرمة؛ قال: الجاهلية الأولى التي ولد فيها إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وكن النساء يتزين ويلبسن ما لا يواريهن، وأما الآخرة؛ فالتي ولد فيها محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا أهل ضيق في معايشهم في مطعمهم ولباسهم؛ فوعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يفتح عليه الأرض، فقال: قل لنسائك: إن أردنك ألا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)} ، يقول:{مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} : القرآن، فقال النساء للرجال: أسلمنا كما أسلمتم، وفعلنا كما فعلتم؛ فتذكرون في القرآن ولا نذكر؟! وكان الناس يسمون المسلمين، فلما هاجروا؛ سموا المؤمنين؛ فأنزل الله:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} ؛ يعني: المطيعين والمطيعات، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} شهر رمضان، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}؛ يعني: من النساء، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} ، فلما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ اخترن الله ورسوله؛ فأنزل الله:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} ، قال: مِن بعد هؤلاء التسع اللاتي اخترنك فقد حرم عليك تزوج غيرهن، {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} إلا التسع اللاتي كن عندك

(1)

. [ضعيف جداً]

= وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}.

قلنا: والواقدي؛ متروك متهم؛ لكن تابعه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 116)؛ فصح الأثر عن قتادة.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 200): نا محمد بن عمر قال: أخبرني ابن أبي سبرة قال: أخبرني سليمان بن يسار عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل ضعيف جداً؛ فالواقدي -وهو محمد بن عمر- وابن أبي سبرة متروكان.

ص: 113

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} إلى آخر الآية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق يخطب على فتاه زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فانكحيه"، فقالت: يا رسول الله! أؤامر نفسي، فبينما هما يتحدثان؛ إذ أنزل الله هذه الآية على رسوله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة} إلى قوله: {ضَلَالًا مُبِينًا} ، قالت: قد رضيته لي يا رسول! منكحاً، قال:"نعم"، قالت: إذاً لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي

(1)

. [ضعيف جداً]

• وعنه -أيضاً-؛ قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه؛ وقالت: أنا خير منه حَسَباً، وكانت امرأة فيها حدة؛ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا}

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن زيد في قوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} إلى آخر الآية؛ قال: نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من أول من هاجر من النساء، فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فزوجها زيد بن حارثة، فسخطت هي وأخوها، وقالا: إنما أردنا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 9)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 609).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 9، 10) من طريق محمد بن حمير ثنا ابن لهيعة عن ابن عمرة عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وابن لهيعة فيه كلام مشهور ومعروف، ومحمد بن حمير لم يرو عنه قبل اختلاطه واحتراق كتبه.

ص: 114

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجنا عبده، قال: فنزل القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} إلى آخر الآية، قال: وجاء أمر أجمع من هذا {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ، قال: فذاك خاص، وهذا إجماع

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} ؛ قال: نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش، وكانت بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت ورأت أنه يخطبها على نفسه، فلما علمت أنه يخطبها على زيد بن حارثة؛ أبت وأنكرت؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ، قال: فتابعته بعد ذلك ورضيت

(2)

. [ضعيف]

• عن زينب بنت جحش؛ قالت: خطبني عدة من قريش، فأرسلت أُختي حَمَنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره، فقال لها رسول الله:"أين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسُنة نبيها؟ "، قالت: ومن هو يا رسول الله؟!

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 10)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول"(ص 174)، و"الدر المنثور"(6/ 610).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك الحديث.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 117)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 9)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 36، 37 رقم 123، 124) من طرق عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 92): "رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 174): "بسند صحيح عن قتادة".

قلنا: والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 610) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 115

قال: "زيد بن حارثة"، قال: فغضبت حمنة غضباً شديداً، وقالت: يا رسول الله! أَتُزَوِّجُ بنت عمتك لمولاك؟ قالت: وجاءتني، فأعلمتني فغضبت أشد من غضبها، وقلتُ أَشدَّ من قولها؛ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ، قالت: فأَرْسَلْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلت: إني أَسْتَغْفِرُ الله، وأطيعُ اللهَ ورسولَه، أفعل ما رأيت، فزوجني زيداً، وكنت أرثى عليه؛ فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاتبني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عدت فأخذته بلساني؛ فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمسك عليك زوجك واتق الله"، فقال: يا رسول الله! أنا أُطلقها، قالت: فَطَلَّقَني، فلما انقضت عدتي؛ لم أعلم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل عليَّ ببيتي وأنا مكشوفة الشعر، فقلت: إنه أمر من السماء، فقلت: يا رسول الله! بلا خطبة ولا إشهاد؟! فقال: "الله المزوج، وجبريل الشاهد"

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد قوله: {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ؛ قال: في زينب بنت جحش وكراهتها نكاح زيد بن حارثة حين أمرها به

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 32 رقم 109)، والدارقطني في "سننه"(3/ 301)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 136، 137)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(21/ 251) من طريق الحسين بن أبي السري العسقلاني ثني الحسن بن محمد بن أعين الحراني ثنا حفص بن سليمان عن الكميت بن زيد الأسدي حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب بنت جحش به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 247): "فيه حفص بن سليمان وهو متروك، وفيه توثيق لين".

وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف"(3/ 110): "والحسين بن أبي السري ضعفه أبو داود وغيره، وحفص بن سليمان الأسدي؛ قال البخاري: تركوه". اهـ.

وقال الحافظ في "الكاف الشاف": "إسناده ضعيف".

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ كما نقل الزيلعي آنفاً عن حال حفص والحسين.

ص: 116

رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب رضي الله عنها: "إني أريد أن أزوجك زيد بن حارثة؛ فإني قد رضيته لك"، قالت: يا رسول الله! لكني لا أرضاه لنفسي؛ وأنا أيم قومي، وبنت عمتك، فلم أكن لأفعل؛ فنزلت هذه الآية:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ} ؛ يعني: زيداً {وَلَا مُؤْمِنَةٍ} ؛ يعني: زينب {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} ؛ يعني: النكاح في هذا الموضع {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ، يقول: ليس لهم الخيرة من أمرهم خلاف ما أمر الله به {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} ؛ قالت: قد أطعتك فاصنع ما شئت، فزوجها زيداً ودخل عليها

(2)

.

• عن عكرمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلي امرأته خديجة فاتخذه ولداً، فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم؛ مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم أراد أن يزوجه زينب بنت جحش؛ فكرهت ذلك؛ فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ. . .} ، فقيل لها: إن شئت الله ورسوله، وإن شئت ضلالاً مبيناً، فقالت: بل الله ورسوله، فزوجه رسول الله إياها، فمكثت ما شاء الله أن تمكث، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً بيت زيد فرآها وهي بنت عمته، فكأنها وقعت في نفسه، قال عكرمة؛ فأنزل الله:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} ؛ يعني: زيداً بالإِسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} : يا محمد بالعتق {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 9) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 610) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 610) ونسبه لابن مردويه.

ص: 117

وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}، قال عكرمة: فكان الناس يقولون -من شدة ما يرون من حب النبي صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه: إنه ابنه، فأراد الله أمراً، قال الله:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} يا محمد، {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}؛ وأنزل الله:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} فلما طلقها زيد؛ تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فعذرها، قالوا: لو كان زيد ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ما تزوج امرأة ابنه

(1)

. [ضعيف]

{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن هذه الآية نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 616) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف لإرساله.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4787).

وفي رواية له (رقم 7420): جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"اتق الله وأمسك عليك زوجك"، قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً؛ لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: زوّجكن أهاليكن، وزوّجني الله -تعالى- من فوق سبع سموات.

وفي رواية الترمذي (5/ 354 رقم 3212)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 175 رقم 427)، وأحمد (3/ 149، 150)، وابن خزيمة؛ كما في "الفتح"(13/ 411)، وابن حبان في "صحيحه"(15/ 519 رقم 7045 - إحسان)، والحاكم (2/ 417)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 57)، والإسماعيلي في "المستخرج"؛ كما في "الفتح" (13/ 411) عن أنس؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} في شأن زينب بنت جحش، جاء زيد يشكو؛ فَهَمَّ بطلاقها، فاستأمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك زوجك =

ص: 118

• عن أنس رضي الله عنه؛ قال: لما انقضت عدة زينب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: "فاذكرها عليّ"، قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها، قال: فلما رأيتها؛ عظمت في صدري حتى ما أستطع أن انظر إليها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب! أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أُوَامر ربّي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن، قال: فقال: ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته، فجعل يتتبع حُجَر نسائه يسلم عليهن، ويقلن: يا رسول الله! كيف وجدت أهلك؟ قال: فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني، قال: فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب، قال: ووعظ القوم بما وُعِظوا به

(1)

. [صحيح]

• عن قتادة في قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} ؛ قال: أَنعم الله عليه بالإِسلام، وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} ، قال قتادة: جاء زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن زينب اشتد عليَّ لسانها، وإني أريد أن أطلقها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اتق الله وأمسك عليك زوجك"، والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس إن أمره بطلاقها؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ

= واتق الله". هذا لفظ الترمذي.

قال الترمذي: "هذا حديث صحيح".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 611) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1428/ 89) وغيره.

ص: 119

وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}، قال قتادة: لما طلقها زيد؛ {زَوَّجْنَاكَهَا}

(1)

. [ضعيف]

• عن السدي في قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} ؛ قال: بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يزوجها زيد بن حارثة رضي الله عنه، فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بَعْدُ أنها من أزواجه، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس، فيأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه أن يقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً

(2)

. [ضعيف جداً]

{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)} .

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 117)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 10)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 33، 34 رقم 113، 114، 115) من طرق عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 91): "رواه الطبراني من طرق، رجال بعضها رجال الصحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 614) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 616).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر.

ص: 120

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي؛ لكتم هذه الآية: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق فأعتقته، {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} إلى قوله:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها قالوا: تزوج حليلة ابنه؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تبناه وهو صغير، فلبث حتى صار رجلاً يقال له: زيد بن محمد؛ فأنزل الله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} فلان مولى فلان أخو فلان {هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} ؛ يعني: اعدل

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن علي بن الحسين؛ قال: نزلت في زيد بن حارثة

(2)

.

• عن قتادة؛ قال: نزلت في زيد رضي الله عنه؛ أي: أنه لم يكن بابنه، ولعمري لقد ولد له ذكور، وأنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر

(3)

.

(1)

أخرجه الترمذي (5/ 352، 353 رقم 3207): ثنا علي بن حجر نا داود بن الزبرقان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عائشة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، داود بن الزبرقان متروك الحديث.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب".

وقال شيخنا في "ضعيف سنن الترمذي"(رقم 628): "ضعيف الإسناد جداً".

قلنا: وأصل الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة وليس فيه هذا التفصيل، وإنما فيه طرفه الأول.

(2)

قلنا: أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 13) بسنده واهٍ جداً.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 617) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 617) ونسبه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. =

ص: 121

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} .

• عن مجاهد؛ قال: لما نزلت: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} ؛ قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله! ما أنزل الله عليك خيراً إلا أشركنا فيه؛ فنزلت: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}

(1)

. [ضعيف]

{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} .

• عن الربيع بن أنس؛ قال: لما نزلت: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]؛ نزل بعدها: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، فقالوا: يا رسول الله! قد علمنا ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فأنزل الله:{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} ، قال: الفضل الكبير: الجنة

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: الذي في "تفسير" عبد الرزاق (2/ 118) عن معمر عن قتادة بنحوه ليس فيه ذكر لسبب النزول، وعلى كل فهو مرسل.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 622)، و"لباب النقول"(ص 175) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 159) من طريق أبي العباس الأصم قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن عيسى بن عبد الله عن الربيع بن أنس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عيسى بن عبد الله هو أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ.

الثالثة: أحمد بن عبد الجبار؛ ضعيف.

وقد تصحف اسم (الربيع بن أنس) في مطبوع "الدلائل" إلى الربيع عن أنس وهو تصحيف فاحش؛ فليحرر.

ص: 122

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)} .

• عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها؛ قالت: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاعتذرت إليه، فعذرني، ثم أنزل:{إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ، قالت: فلم أكن أحل له؛ لأني لم أهاجر، كنت من الطلقاء

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 116) -وعنه الترمذي في "الجامع"(5/ 355 رقم 3214) -، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 153)، وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 116)، و"الفتح السماوي"(3/ 939)، و"المطالب العالية"(9/ 367، 368 رقم 4570)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 15)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 507)، و"تخريج أحاديث الكشاف"(3/ 116)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 321 رقم 985 - مختصراً وص 327 رقم 1007)، والحاكم (2/ 420، 4/ 53)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 54)، والثعالبي في "الكشف والبيان"(8/ 53)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 116) جميعهم من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي صالح باذام مولى أم هانئ عن أم هانئ به. =

ص: 123

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الترمذي -كما في "المطبوع"-: "هذا حديث حسن صحيح"، وفي "تحفة الأشراف" (12/ 450):"هذا حديث حسن".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال شيخنا الألباني في "ضعيف الترمذي"(رقم 6230): "ضعيف جداً".

قلنا: وهو الصواب؛ لأن مداره على أبي صالح، وهو ضعيف الحديث جداً، بل كذبه بعض أهل العلم؛ حتى اعترف بنفسه أنه كان يكذب.

وأخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 507)، و"لباب النقول" (ص 176)؛ والطبراني في "المعجم الكبير" (24/ 327 رقم 1005) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح عن أم هانئ؛ قالت: نزلت فيّ هذه الآية: {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني فنُهي عني؛ إذ لم أهاجر.

قلنا: وسنده ضعيف جداً كما سبق.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 628) وزاد نسبته لابن مردويه.

قلنا: لكن أخرج الطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 346 رقم 1067)، و"الأوسط"(4/ 294، 295 رقم 4242، 5/ 380 رقم 5619) من طريق أبي إسماعيل المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن أم هانئ؛ قالت: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما بي عنك رغبة يا رسول الله! ولكن لا أحب أن أتزوج وبني صغار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لِمَ؟ خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على طفل في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده".

قلنا: وهذه متابعة قوية لأبي صالح، والسند إلى الشعبي حسن؛ فيه أبو إسماعيل المؤدب وهو صدوق يغرب؛ فالسند حسن.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 271): "ورجاله ثقات".

وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 153) بسند صحيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن قال: نا أبو صالح قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هانئ بنت أبي طالب؛ فقالت: يا رسول الله! إني موتمة وبني صغار، قال: فلما أدرك بنوها؛ عرضت نفسها عليه فقال: "أما الآن؛ فلا؛ لأن الله أنزل عليه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} ، إلى قوله:{اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} ، ولم تكن من المهاجرات.

قلنا: وهذا مرسل ضعيف جداً.

ص: 124

• عن عكرمة؛ قال -في قول الله -تعالى-: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} -: هي أم شريك الدوسية

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن منير بن عبد الله الدوسي؛ قال: أسلم زوج أم شريك، وهي غزية بنت جابر الدوسية من الأزد، وهو أبو العكر، فهاجر إلى رسول الله مع أبي هريرة مع دوس حين هاجروا، قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر، فقالوا: لعلك على دينه؟ قلت: أي والله، إني لعلى دينه، قالوا: لا جرم والله لنعذبنك عذاباً شديداً، فارتحلوا بنا من دارنا -ونحن كنا بذي الخلصة وهو موضعنا-، فساروا يريدون منزلاً، وحملوني على جمل ثفال شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل ولا يسقوني قطرة من ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ونحن قائظون؛ نزلوا فضربوا أخبيتهم، وتركوني في الشمس؛ حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري؛ ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بإصبعي إلى السماء بالتوحيد، قالت: فوالله إني لعلى ذلك وقد بلغني الجهد؛ إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته، فشربت منه نفساً واحداً ثم انتزع مني، فذهبت أنظر؛ فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 155): نا محمد بن عمر الواقدي عن ابن جريج عن أبي الزبير عن عكرمة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: الواقدي؛ متروك الحديث، وكذبه بعضهم.

الثانية: ابن جريج وأبو الزبير مدلسان، وقد عنعناه.

الثالثة: الإرسال.

وأخرج ابن سعد (8/ 155) عن محمد بن عمر (الواقدي) حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون مثله.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

ص: 125

عليه، ثم دلّي إليّ ثانية؛ فشربت منه نفساً ثمّ رفع، فذهبتُ أنظر؛ فإذا هو بين السماء والأرض، ثمّ دلّي إليّ الثالثة؛ فشربت منه حتى رويت وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، قالت: فخرجوا فنظروا، فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟! قالت: فقلت لهم: إنّ عدوة الله غيري من خالف دينه، وأمّا قولكم من أين هذا؛ فمن عند الله، رزقاً رزقنيه الله، قالت: فانطلقوا سراعاً إلى قربهم وأداواهم فوجدوها موكأة لم تحلّ، فقالوا: نشهد أن ربّك هو ربّنا، وأنّ الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذي شرع الإِسلام، فأسلموا وهاجروا جميعاً إلى رسول الله، وكانوا يعرفون فَضْلِي عليهم وما صنع الله إلي، وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي من الأزد، فعرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت جميلة وقد أسنت، فقالت: إني أهب نفسي لك وأتصدّق بها عليك، فقبلها النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير، قالت أم شريك: فأنا تلك، فسمّاها الله مؤمنة، فقال:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} ، فلما نزلت هذه الآية؛ قالت عائشة: إنّ الله ليسرع لك في هواك.

قال محمد بن عمر: رأيت من عندنا يقولون: إنّ هذه الآية نزلت في أمّ شريك، وإنّ الثبت عندنا أنّها امرأة من دوس من الأزد؛ إلا في رواية موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 155، 156): نا محمد بن عمر؛ قال: حدثني الوليد بن مسلم عن منير به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: الواقدي وهو محمد بن عمر؛ متروك الحديث، وكذبه بعضهم.

الثانية: الوليد بن مسلم؛ يدلس تدليس التسوية ولم يصرح هنا بالتحديث.

الثالثة: منير هذا لم نجد له ترجمة، وسياقه فيه نكارة.

الرابعة: الإرسال.

ص: 126

{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟! فلما نزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} ؛ قلت: يا رسول الله! ما أرى ربك إلا يسارعُ في هواك

(1)

. [صحيح]

• عن أبي رزين؛ قال: هَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك؛ جعلنه في حل من أنفسهن يؤثر من يشاء على من يشاء؛ فأنزل الله:{إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} حتى بلغ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} ، يقول: تعزل من تشاء، فعزل زينب وأم حبيبة وصفية وجويرية وميمونة، وجعل يأتي حفصة وعائشة وأم سلمة، قال: ترجئ من تشاء، قال: تعزل من تشاء {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ. . .} ، ثم ذكر:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} ؛ يعني: المشركات

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 5113)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1464/ 50).

وفي رواية لمسلم (رقم 1464/ 49) عنها؛ قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: تهب المرأة نفسها؟! فلما أنزل الله عز وجل: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} ؛ قالت: فقلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك.

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 196)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 204)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 18)، والواحدي في "الوسيط"(3/ 478) من طرق عن منصور عن أبي رزين به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 635) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 127

• عن مجاهد؛ قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة، فخشين أن يطلقن؛ فقلن: يا رسول الله! اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت؛ فنزلت: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)}

(1)

.

• عن ثعلبة بن أبي مالك؛ قال: إنما هَمَّ رسول الله أن يطلق بعضهن؛ فجعلنه في حلّ، فكان يأتي زينب بنت جحش وعائشة وأم سلمة، وعزل سائر نسائه، قال:{وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} ؛ يعني: نساءه اللاتي عزل لا تستكثر منهن، ثم قال:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} ؛ يعني: بعد هؤلاء التسع، وأنكر أن يكن المشركات

(2)

. [ضعيف جداً]

{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)} .

(1)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 117) من طرق عن الإِمام أحمد بن حنبل ثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري عن سفيان حدثني سالم الأفطس عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات؛ غير عبد الملك وهو صدوق.

وقال الزيلعي: "هذا مرسل".

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 197): نا محمد بن عمر الواقدي: حدثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك عن أبيه عن جده به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الواقدي؛ متروك الحديث، بل اتهم بالكذب.

الثانية: محمد بن رفاعة؛ قال عنه في "التقريب": "مقبول"؛ يعني: حيث يتابع، وإلا؛ فلين.

الثالثة: ثعلبة هذا؛ مختلف في صحبته، وفي "التقريب":"قال العجلي: تابعي ثقة".

ص: 128

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: بادلني امرأتك وأبادلك امرأتي؛ أي: تنزل عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده عائشة رضي الله عنها، فدخل بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فأين الاستئذان؟ "، فقال: يا رسول الله! والله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، ثم قال: مَنْ هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه عائشة أم المؤمنين"، فقال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ فقال: "يا عيينة! إن الله تبارك وتعالى قد حرم ذلك"، قال: فلما أن خرج؛ قالت عائشة رحمة الله عليها: مَنْ هذا؟ قال: "أحمق مطاع، وإنه على ما ترين لسيد قومه! "

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: الجاهلية الأولى التي ولد فيها إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وكن النساء يتزين ويلبسن ما لا يواريهن، وأما الآخرة؛ فالتي ولد فيها محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا أهل ضيق في معايشهم في مطعمهم ولباسهم، فوعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يفتح عليه الأرض؛ فقال: قل لنساءك: إن أردنك ألا يتبرجن

(1)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 65 - 66 رقم 2251 - "كشف الأستار")، والدارقطني في "سننه"(3/ 218) من طريق عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به.

قال البزار: "تفرد به أبو هريرة، ولا له إلا هذا الإسناد، وإسحاق ليِّن الحديث جداً، ولو علمناه عن غيره لم نروه عنه".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 92): "رواه البزار؛ وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك".

وقال الحافظ في "فتح الباري": "حديث أبي هريرة في نكاح البدل ضعيف جداً".

ص: 129

تبرج الجاهلية الأولى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)} ، يقول: ما يتلى في بيوتكن القرآن، فقال النساء للرجال: أسلمنا كما أسلمتم، وفعلنا كما فعلتم؛ فتذكرون في القرآن ولا نذكر! وكان الناس يسمون المسلمين، فلما هاجروا؛ سموا المؤمنين؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} ؛ يعني: المطيعين والمطيعات، {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} شهر رمضان، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}؛ يعني: من النساء، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}؛ يعني: ذكر آلاء الله وذكر نعمه، {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} ، فلما خيّرهن رسول الله؛ اخترن الله ورسوله؛ فأنزل الله:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)} ، قال: من بعد هؤلاء التسع اللاتي اخترنك فقد حرم عليك تزوج غيرهن ولا أن تبدل بهن من أزواج -ولو أعجبك حسنهن-؛ إلا ما ملكت يمينك؛ إلا التسع اللاتي كن عندك

(1)

. [ضعيف جداً]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} .

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 200، 201) بسند ضعيف جداً، كما بيّناه عند الآية رقم (35) من هذه السورة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 638) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 130

• عن أنس بن مالك؛ قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث: فقلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؛ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله! لو أمرت نساءك أن يحتجبن؛ فإنه يكلمهن البر والفاجر؛ فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في المغيرة عليه فقلت لهن:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]؛ فنزلت هذه الآية

(1)

. [صحيح]

• وعنه -أيضاً- قال: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش؛ دعا القوم فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو يتأهب للقيام؛ فلم يقوموا، فلما رأى ذلك؛ قام، فلما قام؛ قام من قام وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل؛ فإذا القوم جلوس ثم إنهم قاموا، فانطلقت؛ فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآية

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 402).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4791)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1428، 92) وغيرهما من طريق أبي مجلز عن أنس به.

وفي رواية للبخاري (رقم 6238)، ومسلم (رقم 1428/ 93) وغيرهما من طريق الزهري عن أنس؛ قال: كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشراً حياته، وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل، وقد كان أُبيّ بن كعب يسألني عنه، وكان أول ما نزل في مُبْتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش: أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بها عروساً، فدعا القوم فأصابوا من الطعام، ثم خرجوا وبقي منهم رهط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج وخرجت معه؛ كي يخرجوا فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيت معه، حتى جاء عتبة حجرة عائشة، ثم ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خرجوا؛ فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعت معه، حتى دخل على زينب؛ فإذا هم جلوس لم يتفرقوا؛ فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت معه، حتى بلغ عتبة حجرة عائشة، =

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فظن أن قد خرجوا، فرجع ورجعت معه؛ فإذا هم قد خرجوا؛ فأنزل آية الحجاب، فضرب بيني وبينه ستراً.

وفي رواية للبخاري (رقم 4792)، ومسلم (رقم 1428/ 92) من طريق أبي قلابة؛ قال: قال أنس بن مالك: أنا أعلم الناس بهذه الآية: آية الحجاب: لما أُهديت زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كانت معه في البيت، صنع طعاماً ودعا القوم، فقعدوا يتحدثون، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يرجع، وهم قعود يتحدثون؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} إلى قوله: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فضرب الحجاب، وقام القوم.

وفي رواية للبخاري (رقم 4793) من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس؛ قال: بُنِيَ على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعياً، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحداً أدعو، فقلت: يا نبي الله! ما أجد أحداً أدعوه، فقال:"فارفعوا طعامكم"، وبقي ثلاثة وهي يتحدثون في البيت، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال:"السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله"، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك، بارك الله لك؟ فتقرى حجر نسائه كلهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدثون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم -شديد الحياء- فخرج منطلقاً نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أو أخبر: أن القوم خرجوا؛ فرجع، حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة وأخرى خارجة؛ أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت الآية.

وفي أخرى (رقم 4794) من طريق حميد عن أنس؛ قال: أوْلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بني بزينب بنت جحش، فأشبع الناس خبزاً ولحماً، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه؛ فيسلم عليهن ويدعو لهن، ويسلمن عليه ويدعون له، فلما رجع إلى بيته؛ رأى رجلين جرى بهما الحديث، فلما رآهما؛ رجع عن بيته، فلما رأى الرجلان نبي الله صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته؛ وثبا مسرعين، فما أدري: أنا أخبرته بخروجهما، أم أخبر؟ فرجع حتى دخل البيت، وأرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب. =

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفي رواية لمسلم (رقم 1428/ 94، 95) من طريق الجعد أبي عثمان عن أنس؛ قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله، قال: فصنعت أمي أم سليم حَيْساً؛ فجعلته في تور، فقالت: يا أنس! اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله! قال: فذهبت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقلت: إن أمي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله! فقال: "ضعه"، ثم قال:"اذهب فادع لي فلاناً وفلاناً وفلاناً ومن لقيت" -وسمى رجالاً-، قال: فدعوت من سمى ومن لقيت. قال: قلت لأنس: عَدَدَ كَم كانوا؟ قال: زهاء ثلاثمائة، وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أنس! هات التود"، قال: فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليتحلق عشرة عشرة، وليأكل كل إنسان مما يليه"، قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم، فقال لي:"يا أنس! ارفع"، قال: فرفعت، فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت؟ قال: وجلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وزوجته مولّية وجهها إلى الحائط؛ فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّم على نسائه، ثم رجع، فلما رأوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجع؛ ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه، قال: فابتدروا الباب فخرجوا كلهم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أرخى الستر ودخل، وأنا جالس في الحجرة، فلم يلبث إلا يسيراً حتى خرج عليّ، وأُنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأهن على الناس:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} إلى آخر الآية.

قال الجعد: قال أنس بن مالك: أنا أحدث الناس عهداً بهذه الآيات، وحُجِبْنَ نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية للنسائي في "تفسيره"(رقم 437)، والترمذي (رقم 3219)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 27، 28) من طريق بيان بن بشر عن أنس؛ قال: بني رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من نسائه، فأرسلني فدعوت قوماً إلى الطعام، فلما أكلوا وخرجوا؛ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلقاً قبل بيت عائشة، فرأى رجلين جالسين؛ فانصرف راجعاً؛ فأنزل الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} . =

ص: 133

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيساً في قعب، فمرَّ عمر رضي الله عنه فدعاه فأكل، فأصابت أصبعه أصبعي، فقال: حَسِّ -أو أَوْهِ- لو أطاع فيكن؛ ما رأتكن عين؛ فنزل الحجاب

(1)

. [صحيح]

= قلنا: وسنده حسن.

وقال الترمذي: "هذا حدث حسن غريب"، وهو في البخاري (رقم 5170) مختصر جداً.

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 188 - 189 رقم 439)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 513)، والطبراني في "المعجم الصغير"(1/ 83، 84)، و"الأوسط"(3/ 212 رقم 2948)، والبخاري في "الأدب المفرد"(رقم 1053)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 126) كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن موسى بن أبي كثير عن مجاهد عنها به.

قلنا: وسنده صحيح.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 93): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ ورجاله رجال الصحيح، غير موسى بن أبي كثير وهو ثقة"، وسكت عنه الحافظ في "الفتح"(8/ 531).

وصححه السيوطي في "لباب النقول"(ص 178)، و"الدر المنثور"(6/ 640).

وصححه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "صحيح الأدب المفرد"(رقم 804).

وخالف ابن عيينة محمد بن بشر؛ فرواه عن مسعر به مرسلاً.

أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 37 رقم 12066): ثنا محمد بن بشر به.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 28) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 243) - بسند مرسل ضعيف، وليس فيه ذكر لعمر.

قال الدارقطني في "العلل"(5/ 82/ أ): "هذا حديث يرويه مسعر، واختلف عنه؛ فرواه ابن عيينة عنه عن موسى بن أبي كثير عن مجاهد، عن عائشة، وغيره يرويه عن مسعر عن موسى عن مجاهد مرسلاً، والصواب المرسل". اهـ.

وانظر ما قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في الجمع بين روايات الحديث. =

ص: 134

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، قالت: فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن ليلاً إذا تبرزن إلى المناصع -وهو صعيد أفيح-، فخرجت سودة بنت زمعة -زوج النبي صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فرآها عمر بن الخطاب وهو في المجلس، فقال: ألا قد عرفناك يا سودة! -حرصاً على أن ينزل الحجاب-، قالت عائشة: فأنزل الله عز وجل آية الحجاج

(1)

. [صحيح]

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى إلى بيته بادروه فأخذوا المجالس، فلا يعرف ذلك في وجه رسول الله، ولا يبسط يده إلى الطعام؛ استحياء منهم؛ فعوتبوا في ذلك؛ فأنزل الله -

= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 68): "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"؛ وفيه أبو عبيدة بن فضيل بن عياض وهو لين، وبقية رجاله ثقات".

قلنا: أبو عبيدة صدوق، ومع ذلك توبع عند الطبراني نفسه والبيهقي، وهو ما لم يتنبه له الهيثمي!

وتقدم الكلام على هذا الحديث في سورة التوبة آية رقم (84)، والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 640) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 146)، ومسلم "في صحيحه"(رقم 2170، 18).

وفي رواية: خرجت سودة بعدما ضرب عليها الحجاب؛ لتقضي حاجتها، وكانت امرأة جسيمة تفرع النساء جسماً لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب؛ فقال: يا سودة! أما والله لا تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت: فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشّى وفي يده عرق، فدخلت؛ فقالت: يا رسول الله! إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه، فقال:"إنه قد أُذن لكن أن تخرجن لحاجتكن".

أخرجه البخاري (رقم 4795، 5237)، ومسلم (رقم 2170/ 17).

ص: 135

تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} ، قوله: ناظرين إناه؛ يعني: إناة الطعام

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزل حجاب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمر؛ أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً فأصابت يده بعض أيدي نساء النبي؛ فأمر بالحجاب

(2)

. [صحيح]

• عن أنس رضي الله عنه؛ قال: نزل الحجاب مبنى رسول الله بزينب بنت جحش، قال: أهدت له أم سليم حيساً في تور من حجارة، فقال:"اذهب فادع لي من لقيت من المسلمين"، قال: فخرجت فدعوت من لقيت من

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 174): نا محمد بن عمر حدثني موسى بن عبيدة عن ابن كعب به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، مسلسل بالعلل:

الأولى: الواقدي محمد بن عمر؛ متروك الحديث، متهم بالكذب.

الثانية: موسى بن عبيدة الربذي؛ ضعيف الحديث.

الثالثة: الإرسال.

(2)

أخرجه ابن سعد (8/ 175): نا محمد بن عمر ثنا إسحاق بن يحيى عن مجاهد عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ الواقدي -محمد بن عمر-؛ متروك الحديث، لكن يشهد له حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم.

وأخرجه من طريق أبي الصباح عن موسى بن أبي كثير عن مجاهد مثله.

قلنا: في الطريق إليه الواقدي الهالك.

ومن طريق أخرى فيها الواقدي -أيضاً-.

ص: 136

المسلمين، فجعلوا يدخلون فيأكلون ويخرجون، ووضع رسول الله يده على الطعام فدعا فيه، وبقي طائفة منهم فجعلوا يتحدثون، فاستحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم شيئاً، فخرج وتركهم في البيت؛ فأنزل الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أنس رضي الله عنه؛ قال: كانوا إذا طعموا جلسوا عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ رجاء أن يجيء شيء؛ فنزلت: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}

(2)

. [حسن]

• عن الربيع بن أنس؛ قال: كانوا يجيئون فيدخلون بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فيجلسون فيتحدثون؛ ليدركوا الطعام؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 174) بسند فيه الواقدي التالف، وتقدم آنفاً من طرق أخرى عن أنس بنحوه.

(2)

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/ 211) من طريق عمر بن أحمد الواعظ:

نا جعفر بن حمدان الموصلي الضرير الشحام ثنا عبد الرحيم بن محمد بن يزيد السكري ثنا أبو بكر بن عياش عن حميد عن أنس به.

قلنا: وسنده قوي.

ص: 137

كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} ليدرك الطعام {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} : ولا تجلسوا فتحدثوا

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في رجل هَمَّ أن يتزوج ببعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده، قال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال: هكذا ذكروا

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: أمر عمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب، فقالت زينب: يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 641) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 128) من طريق محمد بن حميد عن مهران عن سفيان عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: محمد بن حميد؛ حافظ ضعيف، بل اتهمه بعض أهل العلم بالكذب؛ كالإمام أحمد.

الثانية: مهران هو ابن أبي عمر العطار، قال عنه في "التقريب":"صدوق له أوهام، سيئ الحفظ"، بل قال العقيلي:"روى عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها".

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 29) من طريق همام ثنا عطاء بن السائب عن أبي وائل عنه به. =

ص: 138

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} ؛ قال: ربما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل يقول: لو أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي؛ تزوجت فلانة من بعده، قال: فكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزل القرآن: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي؛ قال: بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده؛ فنزلت هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة: أن رجلاً قال: لو قبض النبي صلى الله عليه وسلم؛ لتزوجت فلانة؛ يعني: عائشة؛ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}

(3)

. [ضعيف]

= قلت: وعطاء بن السائب اختلط؛ فالإسناد ضعيف.

وذكر السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 642): أن ابن مردويه أخرجه في

"تفسيره" عنه بلفظ قال: فضل الناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أربع، بذكره

الأساري يوم بدر أمر بقتلهم؛ فأنزل الله -تعالى-: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)} [الأنفال: 68]، وبذكره الحجاب أمر نساء

النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن؛ فقالت له زينب رضي الله عنها: وإنك لتغار علينا يا ابن الخطاب!

والوحي ينزل في بيوتنا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ، وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم أيد الإِسلام بعمر"، وبرأيه في أبي بكر

كان أول الناس بايعه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 29) بسند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف عبد الرحمن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 643) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 643)، والزيلعي في "تخريج الكشاف"(3/ 128) ونسباه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 122) عن معمر عن قتادة به. =

ص: 139

• عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} ؛ قال: نزلت في طلحة بن عبد الله؛ لأنه قال: إذا توفي رسول الله؛ تزوجت عائشة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنها؛ قال: قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتزوجت عائشة أو أم سلمة؛ فأنزل الله -: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمها وهو ابن عمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا"، فقال: يا رسول الله! إنها ابنة عمي، والله ما قلت لها

= قلنا: وسنده ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 643) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 201): نا محمد بن عمر ثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي بكر به.

قلنا: وهذا مع إرساله؛ فيه الواقدي، وهو متروك.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 513)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج أحاديث الكشاف"(3/ 128)، والطبراني -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 69) - من طريق محمد بن حميد ثنا مهران بن أبي عمر ثنا سفيان الثوري عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: محمد بن حميد؛ حافظ متهم بالكذب.

الثانية: مهران بن أبي عمر؛ قال عنه في "التقريب": "صدوق له أوهام، سيئ الحفظ".

ص: 140

منكراً، ولا قالت لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد عرفت ذلك أنه ليس أحد أغير من الله، وأنه ليس أحد أغير مني"، فمضى، ثم قال: يمنعني من كلام ابنة عمي لأتزوجها من بعده؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية؛ فأعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله، وحج ماشياً من كلمته

(1)

. [ضعيف جداً]

{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ} حتى بلغ {وَلَا نِسَائِهِنَّ} ؛ قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقوله:{نِسَائِهِنَّ} ؛ يعني: نساء المسلمات {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من المماليك والإماء، ورخص لهن أن يرونهن بعدما ضرب عليهن الحجاب

(2)

.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى! هل يصلي ربك؟ قال: اتقوا الله، قالوا: فهل ينام ربك؟ قال: اتقوا الله،

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 644) ونسبه لابن جرير الطبري.

قلنا: ولم نجده في "تفسيره" بعد طول بحث، فلعله تصحف على الناشر اسم الذي أخرجه، فقد وجدنا السيوطي ذكر هذا الأثر بعينه في "لباب النقول" (ص 179) وقال: وأخرج جويبر عن ابن عباس به، فلعل الناسخ استعجم عليه اسمه فحرّفه إلى جرير.

قلنا: وجويبر ضعيف جداً؛ فالأثر ساقط.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 645) ونسبه لابن مردويه.

ص: 141

قالوا: فهل يصبغ ربك؟ قال: اتقوا الله؛ فناداه ربه عز وجل: يا موسى! سألوك: هل يصلي ربك؟ فقال: نعم؛ أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي؛ فأنزل الله عز وجل على نبيه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} إلى آخرها، وسألوك: هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين بيديك، فقم الليل، ففعل موسى صلى الله عليه وسلم فلما ذهب من الليل ثلث نعس؛ فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس؛ فسقطت الزجاجتان؛ فانكسرتا، فقال: يا موسى! لو كنت أنام لسقطت السماوات على الأرضين؛ فهلكت، كما هلكت الزجاجتان بيديك؛ فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الكرسي، وسألوك: هل يصبغ ربك؟ فقل: نعم، أنا أصبغ الألوان الأحمر الأبيض والأسود والألوان كلها في صبغي؛ فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138] إلى آخرها

(1)

. [ضعيف]

• عن كعب بن عجرة رضي الله عنه؛ قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: قد عرفنا السلام عليك، وكيف الصلاة عليك؟ فنزلت:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 514) -وعنه أبو الشيخ في "العظمة"(2/ 452، 453 رقم 138) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 646) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 121، 122 رقم 121) - من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ثنا أبي عن أبيه ثنا أشعث القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ جعفر بن أبي المغيرة صدوق؛ كما قال الذهبي والعسقلاني، وزاد:"يهم"؛ لكن قال ابن منده: "رواية جعفر عن سعيد على وجه الخصوص ليست بالقوية" -والله أعلم بالصواب-.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 243) من طريق أبي حذيفة قال: نا الثوري عن الزبير بن عدي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة به. =

ص: 142

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم حين اتخذ صفية بنت حيي بن أخطب

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت في عبد الله بن أُبيّ وناس معه قذفوا عائشة رضي الله عنها؛ فخطب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:"من يعذرني في رجل يؤذيني، ويجمع في بيته من يؤذيني"؛ فنزلت

(2)

.

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} .

• عن أبي مالك؛ قال: كان نساء نبي الله صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين؛ فشكوا ذلك، فقيل ذلك للمنافقين، فقالوا: إنما نفعله بالإماء؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}

(3)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: "صدوق سيئ الحفظ وكان يصحف"؛ كما في "التقريب".

قلنا: والحديث عند البخاري (رقم 4797)، ومسلم (رقم 406) من طريق عبد الرحمن بنحوه وليس فيه ذكر سبب نزول الآية.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 32)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول"(ص 179)، و"الدر المنثور"(6/ 656).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 656) ونسبه للطبري.

قلنا: ولم نجده في المطبوع بعد بحث طويل.

(3)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 176)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، وسعيد بن منصور في "سننه"، وعبد بن حميد وابن المنذر في =

ص: 143

• عن الحسن في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} ؛ قال: إماء كن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء؛ فيؤذين، فكانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذى؛ فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلالبيبهن. [ضعيف جداً]

• وعن محمد بن كعب؛ قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له؛ قال: كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها إلا إحدى عينيها، يقول:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} ، يقول: ذلك أحرى أن يعرفن

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي صالح؛ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل، فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل؛ فأنزل الله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)} يقنعن بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن معاوية بن قرة: أن ذعاراً من ذعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل، فينظرون النساء ويغمزونهن، وكانوا لا يفعلون ذلك

= "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 659)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 245) عن حصين عن أبي مالك به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(1)

أخرجهما ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 176، 177).

قلنا: فيهما شيخه الواقدي المتروك مع إرسالهما.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 33، 34) بسند ضعيف جداً؛ مسلسل بالضعفاء والمجاهيل.

ص: 144

بالحرائر، إنما يفعلون ذلك بالإماء؛ فأنزل الله هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}

(1)

.

{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)} .

• عن قتادة: أن ناساً من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم؛ فنزلت: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)} يقول: لنحرشنك بهم

(2)

. [ضعيف]

• عن طاووس: نزلت في بعض أمور النساء

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 660) ونسبه لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 123) عن معمر عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 662) وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 123) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 145

‌سورة سبأ

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال: نزلت سورة سبأ بمكة

(1)

.

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)} .

• عن علي بن رباح؛ قال: حدثني فلان: أن فروة بن سليك الغطفاني قدم على رسول الله، فقال: يا نبي الله! إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز، وإني أخشى أن يرتدوا عن الإِسلام، أفأقاتلهم؟ فقال:"ما أمرت فيهم بشيء بعد"؛ فأنزل هذه الآية: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)}

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي رزين: كان رجلان شريكان، خرج أحدهما إلى الشام، وبقي الآخر، فلما بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ كتب إلى صاحبه يسأله ما عمل؟ فكتب إليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم، فترك تجارته، ثم أتى صاحبه، فقال له: دلني عليه. وكان يقرأ الكتب، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إلام تدعو؟ قال: "إلى كذا كذا"، فقال: أشهد أنك

(1)

ذكر السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 673): أن ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "دلائل النبوة" أخرجوه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 180) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ فيه رجل لم يسم.

ص: 146

رسول الله، قال:"وما علمك بذلك؟ "، قال: إنه لا يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم؛ فنزلت هذه الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)} ؛ فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أنزل تصديق ما قلت"

(1)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 180)، وقال: وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سفيان عن عاصم عن أبي رزين به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد إن صح السند إلى الثوري.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 704) وزاد نسبته لابن أبي شيبة.

قلنا: وتحرف فيه من (أبي رزين) إلى (ابن زيد).

وكذا تحرف في اللباب من (أبي رزين) إلى (ابن رزين) وكله تصحيف، والصواب ما أثبتنا.

ص: 147

‌سورة فاطر

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت سورة فاطر بمكة

(1)

.

{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت هذه الآية: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} الآية، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام"؛ فهدى الله عمر وأضل أبا جهل؛ ففيهما أنزلت

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} .

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 3) ونسبه لابن الضريس والبخاري! وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

قلنا: ولعل قوله (البخاري) تصحيف؛ إذ لم يذكره في "صحيحه" ألبتة، ولعل الصواب: النحاس.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 181)، وقال: وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ جويبر متروك الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 7) ونسبه للطبري عن جويبر عن الضحاك دون ذكر لابن عباس.

ولم نجده فيه.

ص: 148

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [الروم: 52]، {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} ، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على القتلى يوم بدر؛ ويقول: "هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟! يا فلان بن فلان! ألم تكفر بربك؟ ألم تكذب نبيك؟ ألم تقطع رحمك؟ "، فقالوا: يا رسول الله! أيسمعون ما تقول؟ قال: "ما أنتم بأسمع منهم لما أقول"؛ فأنزل الله: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} . مثل ضربه الله للكفار أنهم لا يسمعون لقوله

(1)

. [ضعيف جداً]

{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزلت فيه: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)}

(2)

. [ضعيف جداً]

{الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)} .

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 18)، وقال: وأخرج أبو سهل السري بن سهل السري بن سهل الجنديسابوري في "الخامس من حديثه" من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وأبو صالح؛ متروك متهم بالكذب.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 22)، و"لباب النقول" (ص 181) وقال:"أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في "تفسيره" عن ابن عباس".

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لوهاء تفسير الثقفي هذا، وقد قدمنا الكلام عليه في سورة البقرة، وانظر غير مأمور:"العجاب"(1/ 220).

ص: 149

• عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه؛ قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الموت شريك النوم، وليس في الجنة موت"، قالوا: يا رسول الله! فما راحتهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس فيها لغوب، كل أمرهم راحة"؛ فأنزل الله -تعالى- فيه: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42)} .

• عن ابن أبي هلال: أنه بلغه: أن قريشاً كانت تقول: لو أن الله بعث نبياً ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها، ولا أسمع ولا أشد تمسكاً بكتابها منا؛ فأنزل الله:{وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168)} [الصافات: 167، 168]، {لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} [الأنعام: 157]، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} وكانت اليهود تستفتح به على النصارى، فيقولون: إنا نجد نبياً يخرج

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البيهقي في "البعث"(رقم 258، 444) بسند صحيح إلى يونس بن محمد المؤدب ثنا سعيد بن زربي عن نفيع بن الحارث عن عبد الله به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: نفيع هذا هو أبو داود الأعمى؛ متروك، وقد كذبه ابن معين.

الثانية: سعيد بن زربي؛ منكر الحديث.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 30) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 35 - 39)، و"لباب النقول"(ص 181) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، أو إعضاله.

ص: 150

‌سورة يس

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة يس بمكة

(1)

.

• عن عائشة: قالت: (مثله)

(2)

.

{يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد، فيجهر بالقراءة، حتى تأذى به ناس من قريش؛ حتى قاموا ليأخذوه، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم، وإذا هم لا يبصرون، فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ننشدك الله والرحم يا محمد! ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم؛ فنزلت: {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 37) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي ونسبه لابن مردويه.

ص: 151

غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)}، قال: فلم يؤمن من ذلك النفر أحد"

(1)

.

• عن عكرمة؛ قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمداً؛ لأفعلن ولأفعلن؛ فأنزلت: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} إلى قوله: {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} ، قال: فكانوا يقولون هذا محمد، فيقول: أين هو أين هو؟ لا يبصره

(2)

. [ضعيف]

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)} .

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد؛ فنزلت هذه الآية:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن آثاركم تكتب"، فلم ينتقلوا

(3)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 42، 43)، و"لباب النقول"(ص 182) ونسبه لابن مردويه وأبي نعيم في "الدلائل".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(22/ 99): ثني عمران بن موسى ثنا عبد الوارث بن أبي حفصة عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(3)

أخرجه الترمذي (5/ 363، 364 رقم 3266)، وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 517 رقم 1982)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 100)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 1437)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(7/ 573) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 245، 246)، و"الوسيط"(3/ 510، 511)، والحاكم (2/ 428، 429)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6/ 175، 176 رقم 2630)، و"السنن الكبرى"(10/ 78) جميعهم =

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من طريق الثوري عن طريف بن شهاب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه طريف بن شهاب، وهو ضعيف؛ كما في "التقريب".

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح عجيب"، ووافقه الذهبي.

وللحديث طرق أخرى.

فأخرجه البزار في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 573) من طريق شعبة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى كلاهما عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات، وشعبة وعبد الأعلى سمعا من الجريري قبل اختلاطه.

وبهذه المتابعة القوية؛ صح الأثر ولله الحمد والمنة على الإِسلام والسنة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 46) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

وللحديث شاهد من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد؛ فأرادوا أن يقتربوا؛ فنزلت: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} .

أخرجه ابن ماجه (1/ 258 رقم 785)، والطبري في "جامع البيان"(22/ 100) من طرق عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، وكان ربما يلقن.

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 101): "هذا إسناد ضعيف موقوف؛ فيه سماك وهو ابن حرب وإن وثقه ابن معين وأبو حاتم؛ فقد قال أحمد: "مضطرب الحديث"، وقال يعقوب بن شيبة: "روايته عن عكرمة مضطربة وعن غيره صالحة". اهـ.

قلنا: وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 573): "هكذا رواه وليس فيه شيء مرفوع".

قلنا: هكذا رواه أبو أحمد الزبيري -وهو ثقة ثبت-، ووكيع -وهو ثقة حافظ- عن إسرائيل. =

ص: 153

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)} .

• عن الكلبي؛ قال: نزلت في الزنادقة

(1)

.

{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} إلى قوله: {وَهِيَ رَمِيمٌ} ؛ قال: جاء عبد الله بن أُبيّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل فكسره بيده، ثم قال: يا محمد! كيف يبعث الله هذا وهو رميم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبعث الله هذا ويميتك، ثم

= وخالفهما الفريابي؛ فرواه عن إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 7 رقم 12310): ثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم عن الفريابي به.

قلنا: لكن في الطريق إلى الفريابي شيخ الطبراني وهو ضعيف.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 97): "رواه الطبراني عن شيخه. . . وهو ضعيف".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 46) وزاد نسبته للفريابي، وأحمد في "الزهد"، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 144) عن معمر عنه به.

قلنا: والكلبي كذاب.

ص: 154

يدخلك جهنم"؛ فقال الله -تعالى-: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} ؛ قال: نزلت في أُبيّ بن خلف جاء بعظم نخر؛ فجعل يذروه في الريح، فقال: أيحيي الله هذا يا محمد؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم؛ يحيي الله هذا ويميتك ويدخلك النار"

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 21)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 128)، و"الدر المنثور"(7/ 74).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(3/ 588)، والإسماعيلي في "معجمه"(3/ 742 رقم 359)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 429)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 74) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 87 رقم 82) - من طريق عمرو بن عون وعثمان بن سعيد الزيات كلاهما عن هشيم عن أبي بشر عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إن العاص بن وائل السهمي أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيحيى هذا بعدما أرى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم؛ يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك جهنم"، قال: ونزلت الآيات من آخر {يس (1)} .

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وصرح هشيم بالتحديث عند الحاكم.

وخالفهما يعقوب بن إبراهيم فرواه عن هشيم به مرسلاً، ولم يذكر ابن عباس.

أخرجه الطبري (23/ 21).

قلنا: والوصل زيادة وهي مقبولة، والذي زاد أكثر وأوثق؛ فهو مقدم على الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 74) وزاد نسبته لابن المنذر والبيهقي في "البعث".

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 146)، وابن جرير في "جامع البيان"(23/ 21) من طرق عن قتادة به. =

ص: 155

• عن أبي مالك؛ قال: جاء أُبيّ بن خلف بعظم نخرة، فجعل يفته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من يحيي العظام وهي رميم؟ فأنزل الله -تعالى-: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)} إلى قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جاء أُبيّ بن خلف الجمحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم نخر؛ فقال: أتعدنا يا محمد! إذا بليت عظامنا فكانت رميماً أن الله باعثنا خلقاً جديداً، ثم جعل يفت العظم ويذره في الريح، فيقول: يا محمد! من يحيي هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم؛ يميتك الله، ثم يحييك ويجعلك في جهنم"، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ}

(2)

.

• عن السدي في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا} ؛ قال: نزلت في أُبيّ بن خلف، أتى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عظم قد دثر، فجعل يفته بين أصابعه، ويقول: يا محمد! أنت الذي تحدث أن هذا سيحيا بعدما قد بلى؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم؛ ليميتن الآخر، ثم ليحيينّه، ثم ليدخلنه النار"

(3)

. [ضعيف]

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 75) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" -ومن طريقه البيهقي في "البعث والنشور"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 167) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 246) من طريق هشيم ثنا حصين عن أبي مالك به.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 74، 75) ونسبه لابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 75) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 156

• عن عكرمة؛ قال: جاء أُبيّ بن خلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم حائل، فقال: يا محمد! أنّى يحيي الله هذا؟ فأنزل الله -تعالى-: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خَلْقُها قبل أن تكون أعجب من إحيائها وقد كانت"

(1)

. [ضعيف]

• عن عروة بن الزبير؛ قال: لما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الناس يحاسبون بأعمالهم، ومبعوثون يوم القيامة؛ أنكروا ذلك إنكاراً شديداً؛ فعمد أُبيّ بن خلف إلى عظم حائل قد نخر، ففتَّه، ثم ذراه في الريح، ثم قال: يا محمد! إذا بليت عظامنا إنا لمبعوثون خلقاً جديداً؟ فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من استقباله إياه بالتكذيب والأذى في وجهه وجْداً شديداً؛ فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. . .}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 76) ونسبه لابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 76) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهما ضعيفان؛ لإرسالهما.

ص: 157

‌سورة الصافات

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الصافات بمكة

(1)

.

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53)} .

• عن عطاء؛ قال: كان رجلان شريكين، وكان لهما ثمانية آلاف دينار، فاقتسماها، فعمد أحدهما فاشترى بألف دينار أرضاً، فقال صاحبه: اللهم إن فلاناً اشترى بألف دينار أرضاً، وإني أشتري منك بألف دينار أرضاً في الجنة؛ فتصدق بألف دينار، ثم ابتنى صاحبه داراً بألف دينار، فقال هذا: اللهم إن فلاناً ابتنى داراً بألف دينار وإني أشتري منك داراً في الجنة بألف دينار؛ فتصدق بألف دينار، ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار، فقال: اللهم إن فلاناً تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار، وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار؛ فتصدق بألف دينار، ثم اشترى خدماً ومتاعاً بألف دينار، وإني أشتري منك خدماً ومتاعاً في الجنة بألف دينار؛ فتصدق بألف دينار، ثم أصابته حاجة شديدة، فقال: لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف، فجلس على طريقه، فمر به في حشمه

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 77) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

ص: 158

وأهله، فقام إليه الآخر، فنظر فعرفه، فقال: فلان. . .؟! فقال: نعم، فقال: ما شأنك؟ فقال: أصابتني بعدك حاجة، فأتيتك لتصيبني بخير، قال: فما فعل المال؛ فقد اقتسمناه مالاً واحداً، فأخذت شطره وأنا شطره؟! فقال: اشتريتُ داراً بألف دينار، ففعلت: أنا كذلك، وفعلت أنا كذلك، فقص عليه القصة، فقال: إنك لمن المصدقين بهذا، اذهب فوالله لا أعطيك شيئاً، فرده فقضي لهما أن توفيا؛ فنزل فيهما:{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ} حتى بلغ: {أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} ، قال: لمحاسبون

(1)

. [ضعيف]

{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65)} .

• عن قتادة في قوله: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} حتى بلغ: {فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} ؛ قال: لما ذكر شجرة الزقوم؛ افتتن الظلمة، فقالوا: ينبئكم صاحبكم هذا أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجرة؛ فأنزل الله ما تسمعون:{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64)} غذيت بالنار ومنها خلقت

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: قال أبو جهل لما نزلت: {أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} قال: تعرفونها في كلام العرب، أنا آتيكم بها، فدعا جارية

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 90 - 91) ونسبه لعبد الرزاق وابن المنذر.

قلنا: وعطاء هو ابن مسلم الخراساني؛ لم يدرك أحداً من الصحابة؛ فهو على هذا معضل.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 40 - 41): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 95) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

ص: 159

فقال: ايئتني بتمر وزبد، فقال: دونكم تزقموا، فهذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد؛ فأنزل الله تفسيرها:{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63)} ، قال: لأبي جهل وأصحابه

(1)

. [ضعيف جداً]

{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت هذه الآية في ثلاثة أحياء من قريش: سليم، خزاعة، وجهينة {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد في قوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} ؛ قال: قال كفار قريش: الملائكة بنات الله -تعالى-، فقال لهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه: فمن أمهاتهم؟ فقالوا: بنات سَرَوَات الجن، فقال الله عز وجل:{وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} ، يقول: إنما ستحضر للحساب، قال: والجِنة هي الملائكة

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 41) من طريق أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ صدوق كثير الخطأ يغرب.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 138)، و"الدر المنثور" (7/ 133) وقال: وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر هذا؛ ضعيف الحديث جداً.

الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس شيئاً.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 69)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 166 رقم 141) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 133) وزاد نسبته لآدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 160

{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)} .

• عن يزيد بن أبي مالك؛ قال: كان الناس يصلون متبددين؛ فأنزل الله: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} ؛ فأمرهم أن يصفوا

(1)

. [ضعيف]

{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالوا: يا محمد! أرنا العذاب الذي تخوفنا به، عجله لنا؛ فنزلت الآية

(2)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 136) ونسبه لابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 183)، و"الدر المنثور" (7/ 139) وقال: أخرج جويبر عن ابن عباس به.

قلنا: وجويبر؛ متروك الحديث، وبين جويبر وابن عباس الضحاك؛ وهو لم يدرك ابن عباس.

ص: 161

‌سورة ص

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة ص بمكة

(1)

.

{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما مرض أبو طالب؛ دخل عليه رهط من قريش؛ منهم: أبو جهل، قال: فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل، ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته، فبعث إليه أو قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل البيت، وبينهم وبين أبي طالب مجلس رجل، قال: فخشي أبو جهل إن جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه؛ فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً قرب عمه، فجلس عند الباب، قال أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول، وتفعل وتفعل، قال: فأكثروا عليه من اللحو، قال: فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 142) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

ص: 162

عم! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها؛ تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية"، قال: ففزعوا لكلمته ولقوله، قال: فقال القوم: كلمة واحدة! نعم وأبيك وعشراً، قالوا: وما هي؟ قال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال: "لا إله إلا الله"، قال: فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)} ، قال: وقرأ من هذا الموضع إلى قوله: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} .

وفي رواية: قال: مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي صلى الله عليه وسلم، وعند أبي طالب مجلس رجل؛ فقام أبو جهل كي يمنعه، وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي! ما تريد من قومك؟ قال: "إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم بها العرب، وتؤدي لهم العجم الجزية"، قال: كلمة واحدة؟ قال: كلمة واحدة، قال:"يا عم! يقولوا: لا إله إلا الله"، فقالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)} ، قال: فنزل فيهم القرآن: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)}

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الترمذي في "الجامع"(5/ 365، 366 رقم 3232)، والنسائي في "السنن الكبرى"(5/ 235 رقم 8769، 6/ 442 رقم 11436، 11437)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 359، 14/ 299 رقم 18413)، وأحمد في "المسند"(1/ 227، 228، 362)، وإسحاق بن راهويه؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 186)، والطبري في "جامع البيان"(23/ 79)، و"تاريخ الأمم والملوك"(1/ 554، 555)، وأبو يعلى في "المسند"(4/ 455، 456 رقم 2583)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(5/ 264 - 266 رقم 2029، 2030)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1757 - موارد)، =

ص: 163

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزل {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} فيهم وفي مجلسهم ذلك؛ يعني: مجلس أبي طالب وأبي جهل واجتماع قريش إليهم حين نازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

. [حسن]

• عن السدي: أن أناساً من قريش اجتمعوا؛ فيهم: أبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش، فقال بعضهم: انطلقوا بنا إلى أبي طالب؛

= وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 31)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 246)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 432)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 188)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 186)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 388 رقم 414) -من طرق عن الأعمش عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على يحيى بن عمارة، ويقال: يحيى بن عباد، ويقال: عباد بن جعفر، لم يرو عنه إلا الأعمش ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب":"مقبول"؛ يعني: حيث يتابع، وإلا؛ فلين، ولم يتابع.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "ضعيف سنن الترمذي"(رقم 636): "ضعيف الإسناد".

وضعفه -أخيراً- في "ضعيف موارد الظمآن"(213).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 142) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 432) من طريق إسحاق بن راهويه: أنبأ وهب بن جرير حدثني أبي؛ قال: سمعت محمد بن إسحاق؛ قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ صرح ابن إسحاق فيه بالتحديث كما ترى.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال:"والعباس ثقة".

قلنا: ابن إسحاق لم يخرج له مسلم في الأصول وإنما أخرج له متابعة.

ص: 164

فلنكلمه فيه، فلينصفنا منه؛ فيأمره، فليكف عن شتم آلهتنا وندعه والذي يعبد؛ فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا شيء؛ فتعيرنا العرب، فيقولون: تركوه، حتى إذا مات عمه؛ تناولوه، قال: فبعثوا رجلاً منهم يدعى: المطلب فاستأذن لهم على أبي طالب، فقال: هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك، قال: أدخلهم، فلما دخلوا عليه؛ قالوا: يا أبا طالب! أنت كبيرنا وسيدنا؛ فأنصفنا من ابن أخيك؛ فمره فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه، قال: فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: يا ابن أخي! هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم وقد سألوك النصف؛ أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك، قال: فقال: "أي عم! أوَ لا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها؟ "، فقال: وإلامَ تدعوهم؟ قال: "أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون العجم"، قال: فقال أبو جهل -من بين القوم-: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها، قال:"تقولون: لا إله إلا الله"، قال: فنفروا، وقالوا: سلنا غير هذه، قال:"لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها"، قال: فغضبوا وقاموا من عنده غضاباً، وقالوا: والله لنشتمنك والذي يأمرك بهذا و {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)} إلى قوله: {إِلَّا اخْتِلَاقٌ} وأقبل على عمه، فقال له عمه: يا ابن أخي! ما شططت عليهم، فأقبل على عمه فدعاه، فقال:"قل كلمة أشهد لك بها يوم القيامة، تقول: لا إله إلا الله"، فقال: لولا أن تعيبكم بها العرب يقولون جزع من الموت؛ لأعطيتكها؛ ولكن على ملة الأشياخ، قال: نزلت هذه الآية: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "تاريخ الأمم والملوك"(1/ 544)، و"جامع البيان"(23/ 80، 81)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" =

ص: 165

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

. [ضعيف جداً]

= (7/ 142، 143) من طريق أحمد بن المفضل قال: ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أسباط بن نصر؛ ضعيف.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 81).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 166

‌سورة الزمر

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت سورة الزمر بمكة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا. . .} إلى ثلاث آيات

(1)

.

{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية؛ قال: أنزلت في ثلاثة أحياء: عامر، وكنانة، وبني سلمة كانوا يعبدون الأوثان، ويقولون: الملائكة بناته، فقالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}

(2)

. [ضعيف جداً]

{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)} .

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 210) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 184)، وقال: وأخرج جويبر عن ابن عباس به.

قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، وبينهما الضحاك وهو لم يسمع من ابن عباس؛ فالأثر تالف واهٍ بمرة.

ص: 167

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر

(2)

. [موضوع]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في ابن مسعود وعمار وسالم مولى أبي حذيفة

(3)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر

(4)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 52)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 56)، والواحدي في "الوسيط"(3/ 573)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (39/ 231) من طريق ابن شبة: نا أبو خلف عبد الله بن عيسى بن خالد الخزاز ثنا يحيى بن مسلم البكاء عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: يحيى البكاء؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

الثانية: عبد الله بن عيسى؛ ضعيف؛ كما في "التقريب" -أيضاً-.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 213) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 250): نا محمد بن كناسة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: والكلبي كذاب، وشيخه ضعيف متهم بالكذب؛ فالأثر موضوع.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 214) وزاد نسبته لابن مردويه.

(3)

قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 214)، و"لباب النقول" (ص 184) وقال:"وأخرج جويبر عن ابن عباس به".

وجويبر؛ متروك الحديث، وفيه انقطاع؛ فجويبر لم يدرك ابن عباس بينهما الضحاك، وهو -أيضاً- لم يسمع من ابن عباس.

(4)

أخرجه جويبر؛ كما في "لباب النقول"(ص 184)، و"الدر المنثور"(7/ 213).

قلنا: وجويبر؛ متروك وهو مع هذا مرسل -أيضاً-.

وعليه؛ فلم يصح في نزول هذه الآية أثر مع تعدد مخارج هذه الآثار؛ إلا أنها لا تقوي بعضها البعض؛ نظراً للضعف الشديد في هذه الطرق؛ فتنبه.

ص: 168

{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)} .

• عن زيد بن أسلم: أن هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: (لا إله إلا الله): زيد بن عمرو، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي؛ نزل فيهم:{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} [الحجر: 44]؛ أتى رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن لي سبعة مماليك، وإني أعتقت لكل باب منها مملوكاً؛ فنزلت هذه الآية:{فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عمر؛ قال: كان سعيد بن زيد، وأبو ذر، وسلمان، يتبعون في الجاهلية أحسن القول، وأحسن القول والكلام: لا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 132): ثني يونس قال: نا عبد الله بن وهب قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حدثني أبي به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك الحديث.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 217)، و"لباب النقول"(ص 184، 185) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 184)، و"الدر المنثور" (7/ 218) وقال:"وأخرج جويبر بسنده عن جابر به".

قلنا: وجويبر هالك.

ص: 169

إله إلا الله، قالوا بها؛ فأنزل الله -تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}

(1)

.

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالوا: يا رسول الله! لو حدثتنا؛ فنزل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عون بن عبد الله: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملّوا ملّة؛ فقالوا: يا رسول الله! حدثنا؛ فأنزل الله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ. . .} إلى آخر الآية، قال: ثم ملوا ملّة أخرى؛ فقالوا: يا رسول الله! حدثنا شيئاً فوق الحديث ودون القرآن؛ يعنون: القصص؛ فأنزل الله تبارك وتعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)} إلى قوله -تعالى-:

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 217) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(23/ 135): ثنا نصر بن عبد الرحمن الأودي قال: ثنا حكام بن سلم عن أيوب بن موسى عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات إن كان أيوب بن موسى هو ابن عمرو القرشي، وإن كان غيره فلم نعرفه.

ثم رواه الطبري عقبه من طريق أخرى وسماه أيوب بن سيار، فإن يكن هو؛ فهو ضعيف؛ ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وابن معين وغيرهما، انظر:"الجرح والتعديل"(2/ 248).

ص: 170

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} [يوسف: 3]؛ قال: فإن أرادوا الحديث؛ دلهم على أحسن الحديث، وإن أرادوا القصص؛ دلهم على أحسن القصص: القرآن

(1)

. [ضعيف]

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36)} .

• عن قتادة؛ قال: قال لي رجل: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لتكفن عن شتم آلهتنا أو لتأمرنها فلنغالبك؛ فنزلت: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}

(2)

. [ضعيف]

{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)} .

• عن مجاهد: أنها نزلت في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم النجم عند الكعبة

(1)

أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 53، 54)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 248)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(2/ 1004 رقم 1914 - معلقاً) من طريق حجاج الأعور ووكيع بن الجراح عن المسعودي عن عون به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، والمسعودي وإن اختلط بآخره؛ لكن الراوي عنه هنا هو وكيع بن الجراح، وقد سمع منه قبل الاختلاط؛ كما قال الإِمام أحمد وابن معين. انظر:"الكواكب النيرات"(ص 288).

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 229) ونسبه لعبد الرزاق وابن المنذر.

قلنا: الذي في "تفسير عبد الرزاق"(2/ 173) عن معمر به دون ذكر قتادة؛ يعني: معضلاً، وكذا ذكره السيوطي على الجادة في "لباب النقول"(ص 185) مقطوعاً على معمر.

وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 171

وفرحهم عند ذكر الآلهة

(1)

. [ضعيف]

{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت هذه الآية في مشركي أهل مكة

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} ، وذلك أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان، ودعا مع الله إلهاً آخر، وقتل النفس التي حرم الله؛ لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا الآلهة، وقتلنا النفس التي حرم الله، ونحن أهل الشرك؟! فأنزل الله -تعالى-:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} ، يقول: لا تيأسوا من رحمتي {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ، وقال:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} وإنما يعاتب الله أولي الألباب، وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان، فإياهم عاتب، وإياهم أمر إن أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة الله، وأن ينيب ولا يبطئ بالتوبة؛ من ذلك الإسراف والذنب الذي عمل

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 10) عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 233) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "لباب النقول"(ص 185)، وصححه السيوطي فيه.

قلنا: وذكره في "الدر المنثور"(7/ 235) وزاد نسبته للطبري، ولم نجده فيه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 10).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء. =

ص: 172

• عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: لما اجتمعنا للهجرة اتّعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل الميضأة، ميضأة بني غفار فوق سرف، وقلنا: أيكم لم يصبح عندها فقد احتبس، فليمض صاحباه، فحبس عنا هشام بن العاص، فلما قدمنا المدينة؛ نزلنا في بني عمرو بن عوف، وخرج أبو جهل بن هشام، والحارث بن هشام إلى عياش بن ربيعة وكان ابن عمهما، وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة فكلماه، فقالا له: إن أمك نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عياش! والله إن يريدك القوم إلا عن دينك؛ فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة -أحسبه قال:- لاستظلت، قال: أبر قسم أمي، ولي هناك مالاً فآخذه، قال: قلت: والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالاً، ذلك نصف مالي، ولا تذهب معهما، فأبى إلا أن يخرج معهما، فقلت له لما أبى علي: أما إذ فعلت ما فعلت؛ فخذ ناقتي هذه؛ فإنها ناقة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب؛ فانج عليها، فخرج معهما عليها، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ قال أبو جهل بن هشام: والله لقد استبطأت بعيري هذا، أفلا تحملني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض؛ عديا عليه وأوثقاه، ثم دخلاه مكة، وفتناه فافتتن، قال: فكنا نقول: والله لا يقبل الله ممن افتتن صرفاً ولا عدلاً، ولا يقبل توبة قوم عرفوا الله، ثم رجعوا إلى الكفر؛ لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ أنزل فيهم وفي قولنا لهم، وقولهم لأنفسهم:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ، قال عمر: فكتبتها في صحيفة وبعثت بها إلى

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 236) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 173

هشام بن العاص، قال هشام: فلم أزل أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه حتى فهمتها، قال: فألقي في نفسي أنما نزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري، فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإِسلام، فأرسل إليه: يا محمد! كيف

(1)

أخرجه ابن إسحاق؛ كما في "السيرة" لابن هشام (1/ 475) -ومن طريقه الطبري في "جامع البيان"(24/ 11)، والحاكم (2/ 435)، والبزار في "مسنده"(2/ 302 - 303 رقم 1746 - كشف)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 423 - 424 رقم 7138)، و"السنن الكبرى"(9/ 13 - 14)، و"دلائل النبوة"(2/ 459 - 461)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 249)، وأبو بكر النجاد في "مسند عمر"(ص 96 - 97 رقم 79)، والهيثم بن كليبب في "مسنده" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(1/ 317 - 318 رقم 212، 213)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 235) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(1/ 319 رقم 214) -، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(5/ 2741 رقم 6536)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(4/ 625 - 626)، وابن السكن؛ كما في "الإصابة" (3/ 604): ثني نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب به.

قلنا: وهذا سند صحيح، وابن إسحاق صرح بالتحديث، ولما كان هذا الحديث في باب السيرة والمغازي وابن إسحاق عالم حجة فيها؛ فيصحح حديثه فيها، وهو صدوق حسن الحديث كما هو معروف.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: ومسلم لم يخرج لابن إسحاق إلا متابعة.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 61): "رواه البزار ورجاله ثقات".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 236)، و"لباب النقول"(ص 185) وزاد نسبته للطبراني وابن المنذر.

ص: 174

تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، وأنا قد صنعت ذلك؟ فهل تجد لي رخصة؟ فأنزل الله عز وجل:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 70]، فقال وحشي: يا محمد! أرى بعد مشيئة، فلا أدري يغفر لي أم لا؟ فهل غير هذا؟ فأنزل الله عز وجل:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ؛ قال وحشي: هذا، فجاء فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله! إذا أصبنا ما أصاب وحشي، قال:"هي للمسلمين عامة"

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كنا نقول: ليس لمن افتتن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)} ؛ فكتبتها بيدي ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص بن وائل، قال هشام: فلما جاءتني؛ صعدت بها وأقول: فلا أفهمها، فوقعت في نفسي أنها نزلت فينا وما كنا نقول، فجلست على بعيري ثم لحقت بالمدينة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له بالهجرة، وأصحابه من المهاجرين قدموا أرسالاً، وقد كان أبو بكر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال:"لا تعجل؛ لعل الله أن يجعل لك صاحباً"؛ فطمع أبو

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 157، 158 رقم 11480) بسند ضعيف جداً؛ كما تقدم بيانه في سورة الفرقان آية رقم (68 - 71).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 235) وزاد نسبته لابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان" وقال: "بسند لين".

وقال في "لباب النقول"(ص 185): "بسند فيه ضعيف".

ص: 175

بكر أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يعني: نفسه، وكان أبو بكر قد أعد لذلك راحلتين يعلفهما في داره

(1)

.

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: إنما أنزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين، كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا؛ فافتتنوا. كنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صرفاً ولا عدلاً أبداً؛ قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه؛ فنزلت هؤلاء الآيات. وكان عمر بن الخطاب كاتباً، قال: فكتبها بيده ثم بعث بها إلى عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد وإلى أولئك النفر فأسلموا وهاجروا

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: لما أسلم وحشي؛ أنزل الله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68]، قال وحشي وأصحابه: فنحن قد ارتكبنا هذا كله؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}

(3)

.

• عن عطاء بن يسار؛ قال: نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في حشي وأصحابه: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ

(1)

ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 62) وقال: "رواه الطبراني وفيه بد الرحمن بن بشير الدمشقي ضعفه أبو حاتم".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 11) بسند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: ابن إسحاق مدلس وقد عنعن.

الثانيه: شيخ الطبري ابن حميد؛ ضعيف بل اتهمه بعضهم بالكذب.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 235) ونسبه لابن أبي حاتم وابن مردويه.

ص: 176

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي في قوله: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)} ؛ قال: هؤلاء المشركون من أهل مكة، قالوا: كيف نجيبك وأنت تزعم أنه من زنا أو قتل أو أشرك بالرحمن كان هالكاً من أهل النار، فكل هذه الأعمال قد عملناها؟! فأنزل فيهم هذه الآية:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة قوله -تعالى-: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ؛ قال: ذكر لنا أن ناساً أصابوا ذنوباً عظاماً في الجاهلية، فلما جاء الإِسلام؛ أشفقوا أن لا يتاب عليهم؛ فدعاهم الله بهذه الآية: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 10): ثنا محمد بن حميد؛ قال: ثنا سلمة بن الأبرش؛ قال: ثني ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء به.

قلنا: وهذا سند واه بمرة؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: جهالة الأصحاب، مع التذكر بأن ابن إسحاق مدلس.

الثالثة: ابن حميد، حافظ ضعيف، بل اتهمه بعضهم.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 10) من طريق أسباط عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله، وضعف أسباط.

ص: 177

ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}

(1)

. [ضعيف]

{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)} .

• عن الحسن البصري؛ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض شعاب مكة، وقد دخله من الغم ما شاء الله من تكذيب قومه إياه، فقال:"رب أرني ما أطمئن إليه، ويذهب عني هذا الغم"؛ فأوحى الله إليه: "ادع أي أغصان هذه الشجرة شئت"، فدعا غصناً فانتزع من مكانه ثم خد في الأرض حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارجع إلى مكانك"؛ فرجع الغصن فخد في الأرض حتى استوى كما كان، فحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم طابت نفسه ورجع، وقد كان قال المشركون: أفضلت أباك وأجدادك يا محمد؟! فأنزل الله عز وجل: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 10): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 14) من طريق أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن المبارك بن فضالة عن الحسن به.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: المبارك مدلس؛ وقد عنعنه.

الثالثة: أحمد بن عبد الجبار؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

ص: 178

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن قريشاً دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطأون عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد! وتكف عن شتم آلهتنا، ولا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل؛ فإنا نعرض عليك خصلة واحدة وهي لنا ولك، فدلوه، قال:"حتى أنظر ما يأتيني من ربي"؛ فجاء الوحي: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}

(1)

.

{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا يهودي! حدثنا"؛ فقال: كيف تقول يا أبا القاسم! إذا وضع الله السماوات على ذه، والأرض على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه؟ -وأشار أبو جعفر محمد بن الصلت بخنصره أولاً، ثم تابع حتى بلغ الإبهام- فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 245) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه الترمذي في "الجامع"(5/ 371 رقم 3240)، وأحمد في "السنة"(1/ 266 رقم 494)، و"المسند"(4/ 125 - 126/ 2267 و 5/ 129/ 2988)، والطبري في "جامع البيان"(24/ 18)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 240 رقم 545)، وابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 184 رقم 106) من طريق أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء ابن السائب اختلط، وأبو كدينة روى عنه في الاختلاط. =

ص: 179

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! أبلغك أن الله عز وجل يحمل الخلائق على أصبع، والسماوات على أصبع، والأرض على أصبع، والشجر على أصبع، والثرى كذا على أصبع، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا

= قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح".

وقال شيخنا رحمه الله في "ظلال الجنة": "إسناد ضعيف، ورجاله ثقات. . . إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط وهو علة الحديث".

والحديث في "ضعيف سنن الترمذي"(رقم 638).

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 246) وزاد نسبته للبيهقي وابن مردويه.

وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 171، 172 رقم 737) من طريق الحسن بن عطية عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أتدري ما سعة جهنم؟ قلت: لا، قال: أجل، والله ما تدري، حدثتني عائشة؛ أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، قال: قلت: فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟! قال: "على جسر جهنم".

قلت: وسنده ضعيف؛ رواية جعفر عن سعيد على وجه الخصوص فيها ضعف؛ كما قال ابن منده.

وقد خالف الحسنَ بنَ عطية -وهو صدوق- محمدٌ بنُ حميد الرازي؛ فرواه عن يعقوب به مرسلاً لم يذكر ابن عباس.

قلنا: ومحمد ضعيف بل اتهم بالكذب؛ لكنه لم ينفرد، بل تابعه أبو الربيع الزهراني -وهو ثقة- عند أبي الشيخ في "العظمة"(1/ 360، 361 رقم 81)، وعمرو بن رافع -وهو ثقة ثبت- عند ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية"(13/ 163).

وعليه؛ فالصواب في هذا الطريق الإرسال، وهو ضعيف لذلك.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 246) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 180

قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}

(1)

. [صحيح]

• عن الحسن؛ قال: اليهود نظروا في خلق السماوات والأرض والملائكة، فلما زاغوا؛ أخذوا يقدرونه؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)}

(2)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: تكلمت اليهود في صفة الرب، فقالوا بما لم يعلموا ولم يروا؛ فأنزل الله هذه الآية

(3)

. [ضعيف]

• عن الربيع بن أنس: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255]؛

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 378)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 239، 240 رقم 543، 544) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 249) -، وابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 179 رقم 102)، والدارقطني في "الصفات"(رقم 19، 20، 22، 23)، والطبري في "جامع البيان"(24/ 18)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 164 رقم 730) من طريق أبي عوانة وأبي معاوية وجرير بن عبد الحميد ومحمد بن فضيل أربعتهم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود به.

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

وقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4811، 77414، 7715، 7451)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2786) من طرق عن ابن مسعود بنحوه ليس فيه التصريح بسبب نزول الآية؛ فتنبه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 246)، و"لباب النقول"(ص 186) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، ومراسيل الحسن كالريح.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 19)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، كما في "لباب النقول"(ص 186).

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

ص: 181

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(3/ 7): حدثت عن عمارة عن ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ.

الثالثه: ابنه عبد الله؛ قال ابن حبان في "ثقاته": "يعتبر به في غير روايته عن أبيه".

الرابعة: الانقطاع بين الطبري وعمارة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 246)، و"لباب النقول"(ص 186) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 182

‌سورة غافر

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت الحواميم السبع بمكة

(1)

.

• عن سمرة بن جندب رضي الله عنه؛ قال: نزلت الحواميم جميعاً بمكة

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت حم المؤمن بمكة

(3)

.

• عن الشعبي؛ قال: أخبرني مسروق: أنها نزلت بمكة

(4)

.

{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} .

• عن أبي مالك؛ قال: نزلت في الحارث بن قيس السهمي

(5)

. [ضعيف]

• {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 268) ونسبه لابن الضريس والنحاس والبيهقي في "الدلائل".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه والديلمي.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه للطبري.

(5)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 186)، و"الدر المنثور" (7/ 273) وقال:"وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك به".

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 183

صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)}.

• عن أبي العالية؛ قال: إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الدجال يكون منا في آخر الزمان، ويكون من أمره؛ فعظموا أمره، وقالوا: يصنع كذا. . .؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} قال: لا يبلغ الذي يقول: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} ؛ فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من فتنة الدجال، {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} الدجال

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج في قوله: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)} ؛ قال: زعموا أن اليهود قالوا: يكون منا ملك في آخر الزمان البحر إلى ركبتيه، والسحاب دون رأسه، يأخذ الطير بين السماء والأرض، معه جبل خبز ونهر؛ فنزلت:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)}

(2)

. [ضعيف]

{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 294)، و"لباب النقول"(ص 186، 187) وقال: أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية به.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 294) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 184

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 304)، و"لباب النقول"(ص 187).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ متروك الحديث.

الثانية: الانقطاع؛ جويبر روى التفسير عن ابن عباس من طريق الضحاك، وهو لم يسمع من ابن عباس.

ص: 185

‌سورة فصلت

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة حمَ السجدة بمكة.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: (مثله)

(1)

.

{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)} .

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} ؛ قال: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف -أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش- في بيت، كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم، فقال بعضهم لبعض: أترون أن الله يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه (وفي رواية: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا)، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كله (وفي رواية: إن كان يسمع إذا جهرنا؛ فإنه يسمع إذا أخفينا)؛ فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)}

(2)

. [صحيح]

{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)} .

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 308) ونسبهما لابن مردويه.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4816، 4817، 7521)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2775/ 5).

ص: 186

• عن بشير بن تميم؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ} : أبو جهل، {خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: عمار بن ياسر

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل

(2)

.

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)} .

• عن سعيد بن جبير؛ قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجمياً وعربياً؛ فأنزل الله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 188): نا ابن عيينة عن بشير به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال؛ فبشير من أتباع التابعين.

الثانية: قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل"(2/ 372 رقم 1439): "روى عنه ابن عيينة مرسل".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 330) وزاد نسبته لابن المنذر وعبد بن حميد وابن عساكر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 330) ونسبه لابن عساكر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(24/ 80): ثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد على وجه الخصوص فيها ضعف.

الثالثة: ابن حميد ضعيف اتهم بالكذب.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 333) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 187

‌سورة الشورى

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت حم عسق بمكة.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله

(1)

.

{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)} .

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)} ، قال: هم اليهود والنصارى حاجوا أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن أولى بالله منكم

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)} ؛ قال: هم أهل الكتاب، كانوا يجادلون المسلمين، ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله، وقال: هم أهل الضلالة، كان استجيب

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 335) ونسبهما لابن مردويه.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 190 - 191)، والطبري في "جامع البيان"(25/ 13) من طرق عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 342) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 188

لهم على ضلالتهم، وهم يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]؛ قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين: قد دخل الناس في دين الله أفواجاً؛ فأخرجوا من بين أظهرنا، فعلام تقيمون بين أظهرنا؟ فنزلت:{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ}

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن في قوله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} ؛ قال: قال أهل الكتاب لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بالله منكم؛ فأنزل الله: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ؛ يعني: أهل الكتاب

(3)

. [ضعيف]

{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أتاه رجل فسأله المعنى عن قوله عز وجل: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ؛ فقال سعيد بن جبير: قرابة محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: عجلت؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من بطون قريش إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة؛ قال: فنزلت: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم

(4)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(25/ 12، 13)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 341).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 342)، و"لباب النقول"(ص 187، 188) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 342) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(4)

أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 229)، والطبري في "جامع البيان"(25/ 15) =

ص: 189

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية بمكة، وكان المشركون يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله -تعالى-:{قُلْ} لهم يا محمد، {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ}؛ يعني: على ما أدعوكم إليه: {أَجْرًا} عوضاً من الدنيا {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} إلا الحفظ في قرابتي فيكم، قال: المودة: إنما هي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قرابته، فلما هاجر إلى المدينة؛

= من طريق شعبة ثني عبد الملك بن ميسرة عن طاووس قال: سأل رجل ابن عباس (وذكره).

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

وقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 3497، 4818)، والترمذي (رقم 3251) وغيرهما وليس فيه التصريح بسبب النزول.

وقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 345) -أيضاً- لمسلم، وما نراه إلا وهماً؛ فقد ذكر الحديث المزي في "تحفة الأشراف"(رقم 5731) ولم يعزه لمسلم -والله أعلم-.

وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 29 رقم 4901 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 153 رقم 7812)، والحاكم (3/ 235 رقم 3712 - ط دار المعرفة) عن هشيم ثنا داود أبي هند عن الشعبي؛ قال: أكثر الناس علينا في هذه الآية: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ؛ فكتبت إلى ابن عباس، فكتب ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واسط النسب في قريش، ولم يكن بطناً من بطونهم إلا وقد ولدوه؛ فأنزل الله عز وجل:{لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ} ما أدعوكم إليه إلا أن تودوني لقرابتي منكم وتحفظوني لها.

قلنا: وسنده صحيح.

وقال الحافظ ابن حجر: "صحيح".

ثم أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 154 رقم 7813 - المسندة)، والحاكم (رقم 3712) عن هشيم أنبأ حصين عن عكرمة بنحوه.

قلنا: وهذا سند صحيح -أيضاً-.

قال البوصيري عقبه: "هذا إسناد رواته ثقات".

ص: 190

أحب أن يلحقه بإخوته من الأنبياء عليهم السلام فقال: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} ؛ فهو لكم {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي} [هود: 51]؛ يعني: ثو ابه وكرامته في الآخرة؛ كما قال: نوح عليه السلام: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109)} [الشعراء: 109]، وكما قال هود وصالح وشعيب لم يستثنوا أجراً، كما استثنى النبي صلى الله عليه وسلم فرده عليهم، وهي منسوخة

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت الأنصار: فعلنا وفعلنا، فكأنهم فخروا، فقال ابن عباس أو العباس -شك عبد السلام-: لنا الفضل عليكم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأتاهم في مجالسهم، فقال:"يا معشر الأنصار! ألم تكونوا أذلة؛ فأعزكم الله بي"، قالوا: بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: "ألم تكونوا ضلّالاً؛ فهداكم الله بي"، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: "أفلا تجيبوني؟ "، قالوا: ما نقول يا رسول الله؟! قال: "ألا أتقولون: ألم يخرجك قومك؛ فآويناك؟ أَوَلم يكذبوك؛ فصدقناك؟ أوَلم يخذلوك؛ فنصرناك؟ "، قال: فما زال يقول؛ حتى جثوا على الركب، وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ولرسوله، قال: فنزلت: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 346، 347)، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس لم يدركه، هذا: إن صح السند إليه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(25/ 16)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 121)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (4/ 159 رقم 3864) من طريق عبد السلام بن حرب؛ قال: ثنا يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد؛ ضعيف، كبر؛ فتغير وصار يتلقن؛ كما في "التقريب"(2/ 365). =

ص: 191

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مالاً فبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! إنا أردنا أن نجمع لك من أمولنا؛ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ؛ فخرجوا مختلفين، فقال بعضهم: ألم تروا إلى ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقال بعضهم: إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم؛ فأنزل الله عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} إلى قوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} فعرض لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوبة إلى قوله: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} هم الذين قالوا هذا، أن تتوبوا إلى الله وتستغفرونه

(1)

. [ضعيف جداً]

= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 32): "رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه علي بن سعيد بن بشير وفيه لين، وبقية رجاله وثقوا".

قلنا: قد توبع عند الطبري وابن أبي حاتم؛ فصح السند إلى يزيد، ولم يتنبه لهذا المعلق على "مجمع البحرين"(7/ 9 رقم 3939) فوافق الهيثمي عليه.

وقال الحافظ ابن حجر في "الكاف الشاف"(248/ 991): "وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 347) وزاد نسبته لابن مردويه.

وضعفه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 121) بيزيد بن أبي زياد.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 26، 27 رقم 12384)، و"الأوسط" (6/ 49 رقم 5758) -وعنه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 239) - من طريق محمد بن مرزوق؛ قال: نا حسين الأشقر؛ قال: ثنا نصير بن زياد عن عثمان أبي اليقظان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: عثمان أبو اليقظان؛ قال عنه في "التقريب": "ضعيف، اختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيع".

الثافيه: نصير بن زياد؛ قال عنه الأزدي: "منكر الحديث". =

ص: 192

{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)} .

• عن أبي هانئ الخولاني؛ قال: سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفّة: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ} وذلك بأنهم قالوا: لو أن لنا؛ فتمنوا الدنيا

(1)

. [ضعيف]

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعم؛ إن أدناهم منزلة يشرب من ماء الفرات، ويجلس في الظل، ويأكل من البر، وإنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ

= الثالثة: حسين الأشقر؛ فيه ضعف، وفي "التقريب":"صدوق يهم ويغلو في "التشيع".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 103): "وفيه عثمان بن عمر أبو اليقظان وهو ضعيف".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 188): "بسند فيه ضعيف".

وقال في "الدر المنثور"(6/ 348): "بسند ضعيف".

(1)

أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(1/ 456، 457 رقم 509)، والطبري في "جامع البيان"(25/ 19)، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد"(7/ 104)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 338)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 252)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 286، 287 رقم 10332) من طرق عن أبي هانئ الخولاني عن عمرو به.

قلنا: وهذا سند صحيح إلى عمرو، وهو مختلف فيه؛ قال الحافظ ابن حجر في "التقريب":"مختلف في صحبته، أخرج حديثه أبو يعلى، وصححه ابن حبان، قال ابن معين وغيره: تابعي، وحديثه مرسل".

وقال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 352) وزاد نسبته لابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه.

ص: 193

لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}؛ وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا الدنيا

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: يقال: خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك، قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها"، فقال له قائل: يا نبي الله! هل يأتي الخير بالشر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل يأتي الخير بالشر؟ فأنزل الله عليه عند ذلك: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} ، وكان إذا نزل عليه؛ كرب لذلك وتربّد وجهه، حتى إذا سُرّي عن نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: "هل يأتي الخير بالشر -يقولها ثلاثاً-؟ إن الخير لا يأتي إلا بالخير يقولها ثلاثاً وكان صلى الله عليه وسلم وتر الكلام، ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألمّ. فأما عبد أعطاه الله مالاً فوضعه في سبيل الله التي افترض وارتضى؛ فذلك عبد

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 445) -وعنه البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 286 رقم 10331) - من طريق أبي كريب ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن سخبرة عن علي.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه الأعمش وهو مدلس، وقد عنعن، وقد نقل الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (4/ 225) عن يعقوب بن شيبة أنه قال في "مسنده":"ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، قلت لعلي بن المديني: كم سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال سمعت، هي نحو من عشرة وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات".

قلنا: وأبو يحيى القتات؛ ضعيف.

وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه -في أحاديث الأعمش عن مجاهد-:"قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث عن مجاهد".

قلنا: وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وقال الذهبي:"على شرط (خ) و (م) ".

قلنا: نعم؛ لكن ماذا فعلت عنعنة الأعمش؟!

ص: 194

أريد به خير، وعزم له على الخير. وأما عبد أعطاه الله مالاً فوضعه في شهواته ولذاته، وعدل عن حق الله عليه؛ فذلك عبد أريد به شر، وعزم له على شر"

(1)

. [ضعيف]

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)} .

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل عبدت وثناً قط؟ قال: "لا"، قالوا: فهل شربت خمراً قط؟ قال: "لا، وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان"، وبذلك نزل القرآن:{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}

(2)

.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(25/ 19، 20): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 364) ونسبه لأبي نعيم في "الدلائل" وابن عساكر.

ص: 195

‌سورة الزخرف

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت بمكة سورة (حم) الزخرف

(1)

.

{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)} .

• عن قتادة؛ قال: قال ناس من المنافقين: إن الله صاهر الجن؛ فخرجت من بينهم الملائكة؛ فنزل فيهم: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)}

(2)

. [ضعيف]

{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)} .

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ؛ قال: الرجل: الوليد بن المغيرة؛ قال: لو كان ما يقول محمد حقاً أنزل علي هذا القرآن أو على أبي مسعود الثقفي، والقريتان الطائف ومكة، وأبو مسعود الثقفي من الطائف واسمه عروة بن مسعود

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 365) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 371)، و"لباب النقول"(ص 188) ونسبه لابن المنذر وعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 196)، والطبري في "جامع البيان" =

ص: 196

• عن مجاهد في قوله -تعالى-: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ؛ قال: نزلت في عتبة بن ربيعة وابن عبد ياليل الثقفي

(1)

. [ضعيف]

{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} .

• عن محمد بن عثمان المخزومي: أن قريشاً قالت: قيضوا لكل رجل رجلاً من أصحاب محمد يأخذه؛ فقيضوا لأبي بكر رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله، فأتاه وهو في القوم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إلامَ تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزى! قال أبو بكر رضي الله عنه: وما اللات؟ قال: ربنا، قال: وما العزى؟ قال: بنات الله، قال أبو بكر: فمن أمهم؟ فسكت طلحة، فلم يجبه، فقال طلحة لأصحابه: أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة: قم يا أبا بكر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)}

(2)

. [ضعيف]

{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)} .

= (25/ 40)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري"(6/ 315) من طرق عن قتادة به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 375) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

(1)

أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري"(6/ 315) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 377)، و"لباب النقول"(ص 188، 189) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 197

• عن جابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)} : نزلت في علي بن أبي طالب، أنه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي

(1)

. [موضوع]

{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)} .

• عن أبي يحيى الأعرج عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لقد علمتُ آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط، فما أدري أعلمها الناس؛ فلم يسألوا عنها، أم لم يفطنوا لها؛ فيسألوا عنها؟! ثم طفق يحدثنا، فلما قام؛ تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها، فقلت: أنا لها إذا راح غداً، فلما راح الغد؛ قلت: يا ابن عباس! ذكرت أمس: أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط، فلا تدري أعلمها الناس؛ فلم يسألوا عنها، أم لم يفطنوا لها؟ فقلت: أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها، قال: نعم؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش: "يا معشر قريش! إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير"، وقد علمتْ قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم، وتقول في محمد، فقالوا: يا محمد! ألست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبداً من عباد الله صالحاً، فلئن كنت صادقاً؛ فإن آلهتهم لكما تقولون، قال: فأنزل الله عز وجل: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)} ، قال: قلت: ما يصدون؟ قال: يضجّون، {وَإِنَّهُ

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 380)، وقال: وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن جابر به.

قلنا: وهذا موضوع، من دون جابر متهمون بالكذب.

ص: 198

لَعِلْمٌ

(1)

لِلسَّاعَةِ}؛ قال: هو خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة

(2)

. [حسن]

(1)

عند أحمد وغيره (لَعَلَمٌ).

(2)

أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 317، 318)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(2/ 727، 728 رقم 720 - بغية" -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" (2/ 175) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 119 رقم 12740) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر"(2/ 174) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 142)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 17 رقم 987)، وابن حبان في "صحيحه"(15/ 228 رقم 6817 - إحسان)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 252)، والهروي في "ذم الكلام"(3/ 230 - 233 رقم 658)، والحافظ في "الموافقة"(2/ 175) من طريق الثوري وشيبان النحوي كلاهما عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن أبي يحيى مولى ابن عفراء الأنصاري عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(71/ 385) وزاد نسبته لابن مردويه.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 104): "وفيه عاصم بن بهدلة؛ وثقه أحمد وغيره، وهو سيئ الحفظ، وبقية رجاله رجال الصحيح".

قلنا: المتقرر فيه: أنه حسن الحديث ما لم يخالف، وهو كذلك هنا.

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 189): "بسند صحيح! ".

ص: 199

‌سورة الدخان

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت بمكة سورة (حم) الدخان.

• وعن ابن الزبير مثله

(1)

.

{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)} .

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما؛ قال: إنما كان هذا لأن قريشاً لما استعصوا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد؛ حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد؛ فأنزل الله عز وجل:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)} ، قال: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسول الله! استسق لمضر؛ فإنها قد هلكت، قال:"لمضر؟ إنك لجريء"؛ فاستسقى، فسقوا؛ فنزلت:{إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} فلما أصابتهم الرفاهية؛ عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية؛ فأنزل الله عز وجل: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)} ؛ قال: يعني: يوم بدر

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 397) ونسبهما لابن مردويه.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4821). =

ص: 200

= وفي رواية لمسلم (رقم 2798): عن مسروق؛ قال: جاء إلى عبد الله رجل فقال: تركت في المسجد رجلاً يفسر القرآن برأيه، (وفي رواية: كنا عند عبد الله جلوساً، وهو مضطجع بيننا، فأتاه رجل؛ فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن قاصاً عند أبواب كندة يقص ويزعم)، يفسر هذه الآية؛ {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام؛ فقال عبد الله [-وجلس وهو غضبان-: يا أيها الناس! اتقوا الله،] من علم منكم علماً؛ فليقل به، ومن لم يعلم؛ فليقل: الله أعلم؛ فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم؛ فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)} ، [ص: 86] إنما كان هذا: أن قريشاً لما استعصت على النبي صلى الله عليه وسلم؛ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد؛ حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام (وفي رواية: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدباراً؛ فقال: "اللهم سبع كسبع يوسف"، قال: فاخذتهم سنة حصدت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم؛ فيرى كهئة الدخان)، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا، فقال:"لمضر؟ إنك لجريء"، (وفي رواية: فأتاه أبو سفيان؛ فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم)، قال: فدعا الله لهم؛ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15)} قال: فمطروا، فلما أصابتهم الرفاهية؛ قال: عادوا إلى ما كانوا عليه، قال: فأنزل الله عز وجل: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11)} {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16)} ؛ قال: يعني: يوم بدر.

قلنا: وهو عند البخاري (رقم 1007 - أطرافه) ولكن ليس فيه التصريح بسبب النزول.

ص: 201

• عن أبي مالك؛ قال: إن أبا جهل كان يأتي بالتمر والزبد، فيقول: تزقموا بهذا الزقوم الذي يعدكم به محمد؛ فنزلت: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: لقى النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل، فقال أبو جهل: لقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته؛ ونزل فيه:{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة في قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48)} ؛ قال: نزلت في عدو الله أبي جهل، لقى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخذه، فهزه، ثم قال:"أولى لك يا أبا جهل فأولى، ثم أولى لك فأولى، ذق إنك أنت العزيز الكريم"، وذلك أنه قال: أوعدني محمد، والله لأنا أعز من مشى بين جبليها، وفيه نزلت:{وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24]، وفيه نزلت:{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} [العلق: 19]، وقال قتادة: نزلت في أبي جهل وأصحابه الذين قتلهم الله تبارك وتعالى يوم بدر: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 190)، و"الدر المنثور"(7/ 418) ونسبه لسعيد بن منصور.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 253)، والأموي في "مغازيه"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 157) -من طريق أسباط بن محمد عن أبي بكر الهذلي عن عكرمة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث.

ص: 202

قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)}

(1)

. [ضعيف]

• أخرج ابن المنذر عن -هكذا في المطبوع-؛ أنه قال: أخبرت أن أبا جهل قال: يا معشر قريش! أخبروني ما اسمي؟ فذكرت له ثلاثة أسماء: عمرو، والجلاس، وأبو الحكم، قال: ما أصبتم اسمي، ألا أخبركم؟ قالوا: بلى، قال: اسمي العزيز الكريم؛ فنزلت: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43)}

(2)

.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(25/ 80) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 419) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 419).

ص: 203

‌سورة الجاثية

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت بمكة سورة (حم) الجاثية.

• عن عبد الله بن الزبير مثله

(1)

.

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه؛ رمى به، وعبد الآخر

(2)

. [حسن]

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 422) ونسبهما لابن مردويه.

(2)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 282 رقم 505)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 452، 453) من طريقين عن مطرف عن جعفر عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: صحة هذا الحديث متوقفة على جعفر؛ ففي رواية الحاكم: "جعفر بن إياس" كذا في المخطوط والمطبوع، وفي "تفسير النسائي": جعفر بن أبي المغيرة القمي، فإن كان ابن إياس؛ فهو صحيح، وإن كان ابن أبي المغيرة؛ فهو حسن؛ لأن رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد على وجه الخصوص فيها ضعف؛ كما نص على هذا ابن منده.

والله -تعالى- أعلم بالصواب.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 426) وزاد نسبته للطبري ولابن المنذر وابن مردويه.

قلنا: ولم نجده في المطبوع من "تفسير الطبري"، وقد أخرجه الطبري في "جامع البيان" (25/ 91): ثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد به مرسلاً، ولم يذكر ابن عباس. =

ص: 204

‌سورة الأحقاف

• نزلت بمكة سورة (حم) الأحقاف

(1)

.

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)} .

• عن عوف بن مالك الأشجعي؛ قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيدهم، وكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر اليهود! أروني اثني عشر رجلاً يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؛ يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه"، قال: فأمسكوا، وما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم؛ فلم يجبه أحد، ثم ثلث؛ فلم يجبه أحد، فقال:"أبيتم، فوالله إني لأنا الحاشر، وأنا العاقب، وأنا المقفى، آمنتم أو كذبتم"، ثم انصرف وأنا معه، حتى دنا أن يخرج؛ فإذا رجل من خلفنا يقول: كما أنت يا محمد! قال: فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟! قالوا: ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: ابن حميد؛ ضعيف، متهم بالكذب.

الثانية: الإرسال.

والحديث ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 190) وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

هكذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 433)، وقال: إن ابن مردويه أخرجه عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما.

ص: 205

ولا أفقه منك ولا من أبيك من قبلك ولا من جدك قبل أبيك، قال: فإني أشهد له بالله أنه نبي الله الذي تجدونه في التوراة، قالوا: كذبت، ثم ردوا عليه وقالوا له شراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبتم، لن يقبل قولكم، أما آنفاً؛ فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم، وأما إذا آمن؛ كذبتموه، وقلتم ما قلتم؛ فلن يقبل قولكم"، قال: فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا، وعبد الله بن سلام؛ فأنزل الله فيه:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}

(1)

. [صحيح]

• عن سعد بن أبي وقاص؛ قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض: إنه من أهل الجنة؛ إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 25)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 8، 9)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 155 رقم 7816) -وعنه ابن حبان في "صحيحه"(16/ 118 - 120 رقم 7162 - "إحسان"-، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 39 رقم 83)، و"مسند الشاميين"(2/ 77، 78 رقم 948) -ومن طريق ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 448 - مختصر) -، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(رقم 80 - مختصراً)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 415، 416) من طريق صفوان بن عمرو؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف به.

قلنا: هذا سند صحيح؛ رجاله ثقات.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 106): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 437)، و"لباب النقول" (ص 190):"بسند صحيح".

ص: 206

إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

(1)

. [صحيح]

• عن ابن أخي عبد الله بن سلام؛ قال: لما أُريد

(2)

عثمان؛ جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه؛ فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرك، قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني؛ فإنك خارج خير لي منك داخل، فخرج عبد الله إلى الناس، فقال: أيها الناس! إنه كان اسمي في الجاهلية فلان؛ فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ونزل فيَّ آيات من كتاب الله، نزلت فيَّ:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، ونزل فيّ:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)} [الرعد: 43]، إن لله سيفاً مغموداً عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه؛ لَتَطرُدُنّ جيرانكم الملائكة، ولتسلن سيف الله المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة، قال: فقالوا: اقتلوا اليهودي واقتلوا عثمان

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 128 رقم 3812)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2483/ 147).

(2)

يعني: أريد قتله.

(3)

أخرجه الترمذي في "الجامع"(5/ 381 رقم 3256، ص 670، 671 رقم 3803)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 7) عن علي بن سعيد بن مسروق الكندي؛ قال: ثنا أبو محياة يحيى بن يعلى عن عبد الملك بن عمير عن ابن أخي عبد الله بن سلام؛ قال: قال عبد الله بن سلام.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ ابن أخي عبد الله بن سلام؛ مجهول؛ كما في "التقريب".

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 7) من طريق أبي داود الطيالسي قال: ثنا شعيب بن صفوان قال: ثنا عبد الملك بن عمير: أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله به. =

ص: 207

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ؛ قال: عبد الله بن سلام

(1)

. [صحيح]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في عبد الله بن سلام

(2)

. [صحيح]

• عن قتادة مثله

(3)

. [صحيح]

• عن الشعبي؛ قال: أناس يزعمون أن شاهداً من بني إسرائيل على مثله: عبد الله بن سلام!! وإنما أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة،

= قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: شعيب بن صفوان؛ مختلف فيه: وثقه الإِمام أحمد، وقال ابن معين:"ليس بشيء"، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وفي "التقريب":"مقبول".

الثانية: محمد بن يوسف؛ لم يوثقه إلا ابن حبان، وروى عنه جمع وهو من أتباع التابعين، وفي "التقريب":"مقبول".

وقال الترمذي في "الموضع الأول": "هذا حديث حسن غريب"، وفي الموضع الثاني:"غريب".

والحديث ضعفه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "ضعيف الترمذي".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 438) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 7، 8).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء، لكن يشهد له ما سبق.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 438) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 353)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 8) بطرق عن مجاهد.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، ويشهد له ما سبق.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 438) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان" من طريقين عنه.

قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل، ويشهد له ما سبق.

ص: 208

وقد أخبرني مسروق: أن آل (حم) إنما نزلت بمكة، وإنما كانت محاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه؛ فقال:{أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ؛ يعني: القرآن {وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ} : موسى ومحمد عليهم السلام على الفرقان. وفي رواية: فمثل التوراة الفرقان؛ التوراة شهد عليها موسى، ومحمد على الفرقان

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: بلغني: أنه لما أراد عبد الله بن سلام أن يسلم؛ قال: يا رسول الله! قد علمت اليهود أني من علمائهم، وأن أبي كان من علمائهم، وأني أشهد أنك رسول الله، وأنهم يجدونك مكتوباً عندهم في التوراة؛ فأرسل إلى فلان وفلان ومن سماه من اليهود وأخبئني في بيتك، وسلهم عني وعن أبي؛ فإنهم سيحدثونك أني أعلمهم، وأن أبي من أعلمهم، وإني سأخرج إليهم؛ فأشهد أنك رسول الله، وأنهم يجدونك مكتوباً عندهم في التوراة، وأنك بعثت بالهدى ودين الحق، قال: ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فخبأه في بيته، وأرسل إلى اليهود، فدخلوا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما عبد الله بن سلام فيكم؟ "، قالوا: أعلمنا نفساً، وأعلمنا أباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرأيتم إن أسلم تسلمون؟! "، قالوا: لا يسلم ثلاث مرار، فدعاه؛ فخرج، ثم قال: أشهد أنك رسول الله، وأنهم يجدونك مكتوباً عندهم في التوراة، وأنك بعثت بالهدى ودين الحق، فقالت اليهود: ما كنا نخشاك على هذا يا عبد الله بن سلام! قال: فخرجوا كفاراً؛ فأنزل الله عز وجل من ذلك: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 7) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 439) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

ص: 209

إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}

(1)

. [ضعيف]

• عن محمد بن سيرين؛ قال: كانوا يرون أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

(2)

. [صحيح]

• عن جندب رضي الله عنه؛ قال: جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي الباب، ثم قال: أنشدكم بالله أي قوم! تعلمون أني الذي أنزلت فيه: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ؟ قالوا: اللهم نعم

(3)

.

• عن سعيد بن جبير؛ قال: جاء ميمون بن يامين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رأس اليهود بالمدينة قد أسلم، وقال: يا رسول الله! أبعث إليهم فاجعل بينك وبينهم حكماً من أنفسهم؛ فإنهم سيرضوني، فبعث إليهم، وأدخله الداخل، فأتوه، فخاطبوه ملياً، فقال لهم:"اختاروا رجلاً من أنفسكم يكون حكماً بيني وبينكم"، قالوا: فإنا قد رضينا بميمون بن يامين؛ فأخرجه إليهم، فقال لهم ميمون: أشهد أنه رسول الله، وأنه على الحق؛ فأبوا أن يصدقوه؛

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 8)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 439) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(31/ 78) -، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(2/ 931، 932 رقم 1027 - بغية) من طريق عوف عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 439) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 439) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله؛ لكنه صحيح بشواهده السابقة.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 439) ونسبه لابن مردويه.

ص: 210

فأنزل الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}

(1)

. [ضعيف]

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)} .

• عن أبي الزناد؛ قال: كانت زنيرة امرأة ضعيفة البصر، فلما أسلمت؛ كان الأشراف من مشركي قريش يستهزئون بها، ويقولون: والله؛ لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتنا إليه زنيرة؛ فأنزل الله فيها وفي أمثالها هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن عون بن أبي شداد؛ قال: كانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أَمة أسلمت قبله يقال لها: زنيرة، فكان عمر رضي الله عنه يضربها على إسلامها، وكان كفار قريش يقولون: لو كان خيراً؛ ما سبقتنا إليه زنيرة؛ فأنزل الله في شأنها: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)}

(3)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11)} ؛ قال: قد قال ذلك قائلون من الناس كانوا أعز منهم في الجاهلية، قالوا: والله لو كان

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 439، 440) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الواحدي في "الوسيط"(4/ 105) بسند صحيح إلى يونس بن عبد الأعلى: أنا ابن وهب عن ابن أبي الزناد عن أبيه به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

(3)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 191)، و"الدر المنثور"(7/ 440) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

ص: 211

هذا خيراً؛ ما سبقنا إليه بنو فلان وبنو فلان؛ فإن الله يختص برحمته من يشاء ويكرم برحمته من يشاء

(1)

. [ضعيف]

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}

(2)

. [موضوع]

{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} .

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 9) من طريقين عنه.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 440) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

وذكر السيوطي في "لباب النقول"(ص 191): أن ابن سعد أخرج نحوه عن الضحاك والحسن.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 441) وقال: أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: ومن دون ابن عباس كذابون.

ص: 212

• عن يوسف بن ماهك؛ قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب؛ فجعل يذكر يزيد بن معاوية؛ لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً، فقال: خذوه؛ فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} ؛ فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن؛ إلا أن الله أنزل عذري

(1)

. [صحيح]

• عن محمد بن زياد؛ قال: لما بايع معاوية لابنه؛ قال مروان: سنة أبي بكر وعمر؛ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} ؛ فبلغ ذلك عائشة، فقالت: كذب والله؛ ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه؛ لسميته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه، فمروان من لعنة الله

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4827)، وانظر -لزاماً - جمع الحافظ ابن حجر رحمه الله لروايات هذا الحديث في "فتح الباري"(8/ 576، 577).

(2)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 290 رقم 511)، والخطابي في "غريب الحديث"(2/ 517)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 481)، و"الإسماعيلي في "المستخرج"؛ كما في "الفتح" (8/ 576)، وابن أبي خيثمة في "تاريخه" وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف" (3/ 282)، وعبد بن حميد وابن المنذر في "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 444) من طرق عن محمد بن زياد به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: فيه انقطاع؛ محمد لم يسمع من عائشة". =

ص: 213

• عن السدي؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} في عبد الرحمن بن أبي بكر، قال لوالديه -وهما أبو بكر وأم رومان- وكانا قد أسلما، وأبى هو أن يسلم؛ فكانا يأمرانه بالإِسلام، ويرد عليهما ويكذبهما، فيقول: فأين فلان؟ وأين فلان؟ يعني: مشايخ قريش ممن قد مات، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه؛ فنزلت توبته في هذه الآية:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}

(1)

. [منكر]

= وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره"، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "فتح الباري"(8/ 577)، و"تفسير القرآن العظيم"(4/ 171)، والبزار في "مسنده" (2/ 247 رقم 1624 - كشف) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي؛ قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان، فقال: إن الله -تعالى- قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً، وإن يستخلفه؛ فقد استخلف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما؛ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: أهرقلية؟ إن أبا بكر رضي الله عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبد الرحمن رضي الله عنه: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك، قال: وسمعتهما عائشة رضي الله عنها، فقالت: يا مروان! أنت القائل لعبد الرحمن رضي الله عنه كذا وكذا، كذبت، ما فيه نزلت؛ ولكن نزلت في فلان بن فلان، ثم انتحب مروان ثم نزل عن المنبر حتى أتى باب حجرتها، فجعل يكلمها حتى انصرف.

وسكت عنه الحافظ في "الفتح".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 41): "رواه البزار وإسناده حسن".

قلنا: فيه عبد الله البهي؛ مختلف فيه، وفي "التقريب":"صدوق يخطئ".

فالحديث بمجموعها -إن شاء الله- حسن على أقل الأحوال.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 444) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري"(8/ 577) من طريق أسباط عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله، وضعف أسباط بن نصر.

ص: 214

• عن ميناء: أنه سمع عائشة تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه، وقالت: إنما نزلت في فلان بن فلان، سمعت رجلاً

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17)} ؛ قال: الذي قال هذا ابن لأبي بكر رضي الله عنه، قال: أتعدانني أن أخرج؟ أتعدانني أن أبعث بعد الموت؟

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في عبد الله بن أبي بكر الصديق

(3)

. [منكر]

(1)

ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8/ 577)، والسيوطي في "الدر المنثور"(7/ 445)، و"لباب النقول"(ص 192) ونسباه لعبد الرزاق وابن مردويه.

ونقل السيوطي في "اللباب" عن الحافظ قوله [وهذا موجود في "فتح الباري" (8/ 577)]: "ونفي عائشة أصح إسناداً، وأولى بالقبول".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 13).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(7/ 376 - ط دار الفتح): "وفي صحة هذا نظر، والله -تعالى- أعلم". اهـ.

وقال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 577)؛ "والعجب مما أورده الطبري من طريق العوفي"، ونقل أن الزجاج تعقبه فقال:"الصحيح أنها نزلت في الكافر العاق؛ وإلا؛ فعبد الرحمن قد أسلم فحسن إسلامه، وصار من خيار المسلمين". اهـ.

(3)

ذكره الحافظ في "فتح الباري"(8/ 577) وقال؛ "وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن مجاهد: (فذكره) ".

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وابن جريج لم يدرك مجاهداً.

ص: 215

{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)} .

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه؛ قالوا: أنصتوا، قال: صه، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة؛ فأنزل الله عز وجل تبارك وتعالى:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)}

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 176) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك"(2/ 456)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 228)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص 304) -: حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وفي عاصم كلام معروف لا ينزل عن رتبة الحسن.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 452) وزاد نسبته لابن منيع وابن مردويه.

ص: 216

‌سورة محمد

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت سورة القتال بالمدينة

(1)

.

• وعنه -أيضاً-؛ قال: نزلت سورة محمد بالمدينة

(2)

.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: نزلت بالمدينة سورة {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)}

(3)

.

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في أهل مكة: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} ؛ قال: الأنصار، {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} قال: أمرهم

(4)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 456) ونسبه لابن الضريس.

(2)

ذكره السيوطي ونسبه للنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(3)

ذكره السيوطي ونسبه لابن مردويه.

(4)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 25)، وأبو داود في "الزهد"(رقم 322، 352)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 457) من طريق إسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو يحيى القتات ضعيف.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"،! ووافقه الذهبي.!!

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 457) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

ص: 217

{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}

• عن قتادة: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} ؛ قال: الذين قتلوا يوم أُحد

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج في قوله: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} ؛ قال: لأرسل عليهم ملكاً فدمر عليهم، وفي قوله:{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} ؛ قال: نزلت فيمن قتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد

(2)

. [ضعيف]

{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار -أراه قال-: التفت إلى مكة، وقال:"أنت أحب بلاد الله إلى الله، وأنت أحب بلاد الله إليّ، ولو أن المشركين لم يخرجوني؛ لم أخرج منك، فأعتى الأعداء: من عتا على الله في حَرَمِه، أو قَتَلَ غير قاتله، أو قتل بذُحُول الجاهلية"؛ فأنزل الله -تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 221)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 28) من طرق عن قتادة به.

قلنا: هذا مرسل صحيح الإسناد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 461) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 461) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 31)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 189)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في =

ص: 218

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)} .

• عن ابن جريج؛ قال: كان المؤمنون والمنافقون يجتمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيستمع المؤمنون منه ما يقول ويعونه، ويسمعه المنافقون فلا يعونه، فإذا خرجوا؛ سألوا المؤمنين ماذا قال آنفاً؟ فنزلت:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)} .

• عن أبي العالية؛ قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل؛ فنزلت:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ؛ فخافوا أن يبطل الذنب العمل

(2)

. [ضعيف]

= "المطالب العالية"(9/ 35 رقم 4103 - المسندة) من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه حنش هذا -وهو حسين بن قيس الرحبي، وحنش هو لقبه-؛ متروك الحديث.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 463) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 466)، و"لباب النقول"(ص 193) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة"(2/ 645، 646 رقم 698) من طريق وكيع ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال؛ ومراسيل أبي العالية كالريح.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ.

الثالثة: قال ابن حبان في "الثقات"(4/ 228): "الناس يتقون حديثه -يعني: =

ص: 219

‌سورة الفتح

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الفتح بالمدينة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله

(2)

.

• عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم؛ قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها

(3)

. [ضعيف]

= الربيع بن أنس -ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛ لأن فيها اضطراباً كثيراً".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 504) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 507) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه الحاكم (2/ 459)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 255) من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور به.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 159، 160) من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن المسور ومروان قالا: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً، فلما أن كان بين مكة والمدينة؛ نزلت عليه سورة الفتح من أولها إلى آخرها:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} فكانت القضية في سورة الفتح، وما ذكر الله من بيعة رسول الله تحت الشجرة، فلما آمن الناس وتفاوضوا؛ لم يكلم أحد بالإِسلام إلا دخل فيه، فقد دخل في تينك السنين في الإِسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك، وكان صلح الحديبية فتحاً عظيماً.

قلنا: وسنده ضعيف؛ محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.

ص: 220

{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ الله نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ في قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)} .

• عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً، فسأله عمر بن الخطاب عن شيء؛ فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مسألة؛ فلم يجبه، ثم سألة فلم يجبه فقال عمر بن الخطاب: ثَكِلَتْ أم عمر، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيّ القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقال:"لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس"، ثم قرأ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4177، 4833، 5012).

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(7/ 453): "هذا صورته مرسل، ولكن بقيته تدل على أنه عن عمر؛ لقوله في أثنائه: قال عمر: فحركت بعيري إلخ، وقد أشبعت القول فيه في المقدمة".

قلنا: وقد أخرجه الإِمام أحمد في "المسند"(1/ 31)، والترمذي (رقم 3262)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 301 رقم 519)، والبزار في "البحر الزخار"(1/ 388، 389 رقم 264، 265) وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن غزوان ومحمد بن خالد بن عثمة كلاهما عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر موصولاً.

قلنا: وانظر للاستزادة: "علل الدارقطني"(رقم 171)، والتعليق على "البحر الزخار".

ص: 221

• عن حبيب بن أبي ثابت؛ قال: أتيت أبا وائل أسأله، فقال: كنا بصفين، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يُدْعَون إلى كتاب الله؟ فقال علي: نعم، فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم؛ فلقد رأيتُنا يوم الحديبية؛ يعني: الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين -ولو نرى قتالاً لقاتلنا- فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال:"بلى"، فقال: ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا؟ فقال:"يا ابن الخطاب! إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدًا"؛ فرجع متغيظاً فلم يصبر، حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر! ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يضيّعه الله أبداً؛ فنزلت سورة الفتح

(1)

. [صحيح]

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية، وأصحابه يخالطون الحزن والكآبة، وقد حيل بينهم وبين مساكنهم ونحروا الهدي بالحديبية:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} إلى قوله: {صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} ، قال:"لقد أنزلت عليّ آيتان هما أحب إليّ من الدنيا جميعاً"، قال: فلما تلاهما؛ قال رجل: هنياً مرئياً يا نبي الله! قد بيّن الله لك ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فأنزل الله عز وجل الآية التي بعدها:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} حتى ختم الآية

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4844)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1758).

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 225)، وعبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 515) -وعنه الترمذي (5/ 385، 386 رقم 3263) -، وأحمد في "المسند"(3/ 134، 196، 215، 252)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1760 - موارد)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 43، 44)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 459، 460)، والنسائي في "التفسير"(2/ 304 رقم 522)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 255، 256)، و"الوسيط" (4/ 132، =

ص: 222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 133)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 217، 9/ 222)، و"دلائل النبوة"(4/ 158)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/ 124، 125 رقم 25)، وأبو يعلى في "المسند"(5/ 308 رقم 2932، ص 385 رقم 3045، ص 473 رقم 3204، 6/ 21 رقم 3252)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(14/ 474 رقم 5766، ص 476 رقم 5767)، والبغوي في "شرح السنة"(14/ 222 رقم 4019)، و"معالم التنزيل"(7/ 295) من طرق عن قتادة عن أنس.

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا السياق" ووافقه الذهبي، وهو كما قالا على تفصيل.

فقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 450، 451 رقم 4172)، والبيهقي "في الدلائل"(4/ 157، 158)، وأحمد (3/ 173)، وأبو يعلى (6/ 21 رقم 3252) وغيرهم من طريق شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} ؛ قال: الحديبية، قال أصحابه: هنيئاً مريئاً، فما لنا؟ فأنزل الله:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} ، قال شعبة: فقدمت الكوفة فحدثت بهذا كله عن قتادة ثم رجعت فذكرت له، فقال:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} ؛ فعن أنس، وأما هنيئاً فعن عكرمة.

فهذا يبين أن قوله: هنيئاً مريئاً إلخ من قول عكرمة، فهي ضعيفة؛ لإرسالها، وَحَكَمَ شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله عليها بالشذوذ؛ كما في "صحيح الترمذي"(رقم 2601).

قلنا: وأخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1786) بنحوه، لكن ليس عنده سبب نزول الآية.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 429 رقم 18685)، والبخاري في "صحيحه"(رقم 4834) وغيرهما كثير من طريق شعبة عن قتادة عن أنس؛ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} ، قال: الحديبية.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 44): ثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: ثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)} ؛ قالوا: هنيئاً مريئاً لك يا رسول الله! فماذا لنا؟ =

ص: 223

• عن مجمع بن جارية؛ قال: شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا عنها؛ إذا الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فخرجنا مع الناس نوجف، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفاً على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس؛ قرأ عليهم:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} ؛ فقال رجل: يا رسول الله! أفتح هو؟ قال: "نعم، والذي نفس محمد بيده إنه لفتح"؛ فقسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهماً، وكان الجيش ألفاً وخمسمائة، فيهم ثلثمائة فارس؛ فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً

(1)

. [حسن]

= فنزلت: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} .

قلنا: وهذا سند صحيح إلى عكرمة، وهو يؤكد أنه من مرسل عكرمة؛ كما بيّناه سابقاً، ولله الحمد والمنة على الفهم للإسلام والسنة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 515) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه.

(1)

أخرجه أبو داود (3/ 76 رقم 2736، ص 160 رقم 3015)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(12/ 400، 401 رقم 15031، 14/ 437، 438 رقم 18692)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 105)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 44، 45)، وأحمد في "المسند"(3/ 420)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 379، 380 رقم 1082) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"(32/ 364) -، والحاكم في "المستدرك"(2/ 156، 157) من طريق مجمع بن يعقوب عن أبيه عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن مجمع بن جارية به.

قلنا: ولم يذكر الطبراني ولا الحاكم عن عمه عبد الرحمن.

والحديث حسن الإسناد؛ مداره على يعقوب بن مجمع الأنصاري؛ وثقه الذهبي وابن حبان، وروى عنه أكثر من واحد -والله أعلم-.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وتعقبه =

ص: 224

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، فذكروا أنهم نزلوا دهاساً من الأرض؛ يعني بالدهاس: الرمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من يكلؤنا؟ "؛ فقال بلال: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذاً تنام"، قال: فناموا حتى طلعت الشمس، فاستيقظ الناس فيهم فلان وفلان وفيهم عمر، قال: فقلنا: اهضبوا؛ يعني: تكلموا، قال: فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"افعلوا كما كنتم تفعلون"، قال: ففعلنا، قال: فقال: "كذلك فافعلوا لمن نام أو نسي"، قال: وضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فطلبتها، فوجدت حبلها قد تعلق بشجرة، فجئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فركب فسرنا، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه؛ وعرفنا ذلك فيه، قال: فتنحى منبذاً خلفنا، قال: فجعل يغطي رأسه بثوبه واشتد ذلك عليه حتى عرفنا أنه قد أنزل عليه؛ فأتانا، فأخبرنا أنه قد أنزل عليه:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)}

(1)

. [صحيح]

= الذهبي بقوله: "قلت: لم يرو مسلم لمجمع شيئاً، ولا لأبيه وهما ثقتان".

والحديث ضعفه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني في الموضع الأول من "سنن أبي داود"، وحسنه في الموضع الثاني، وهو الأقرب للصواب -والله أعلم-.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 508) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(12/ 161 رقم 17945، 14/ 453، 454 رقم 18709)، وأحمد في "المسند"(1/ 386، 464) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"(17/ 292، 293) -، والطيالسي في "المسند"(1/ 77 رقم 321 - منحة)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 251، 252)، وأبو داود (1/ 122 رقم 447)، والنسائي في "السير"؛ كما في "تحفة الأشراف"(7/ 77، 78 رقم 9371)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 43)، والبزار في "مسنده"(1/ 202، 203 رقم 400 - كشف)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 156) من طرق عن شعبة عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي عن ابن مسعود به. =

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

وقال الشيخ أحمد شاكر في "تحقيق المسند"(5/ 240 رقم 3657): "إسناده صحيح".

وصححه شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود".

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(رقم 8854)، وأحمد (1/ 391)، والطبراني في "الكبير"(10/ 225 رقم 10548)، والطيالسي (1/ 77 رقم 321 - منحة)، وأبو يعلى في "المسند"(9/ 187، 188 رقم 5285)، والهيثم بن كليب في "مسنده"(رقم 840، 841)، والبيهقي في "الدلائل"(4/ 155)، و"السنن الكبرى" (2/ 218) من طريق المسعودي عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن عن ابن مسعود؛ قال: لما انصرفنا من غزوة الحديبية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يحرسنا الليلة؟ "، قال عبد الله: أنا؛ فقال: "إنك تنام"، ثم أعاد:"من يحرسنا الليلة؟ "؛ فقلت: أنا، حتى عاد مراراً، قلت: أنا يا رسول الله! قال: "فأنت إذًا"، قال: فحرستهم، حتى إذا كان وجه الصبح؛ أدركني قولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:"إنك تنام"، فنمت، فما أيقظنا إلا حرّ الشمس في ظهورنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصنع كما كان يصنع من الوضوء وركعتي الفجر، ثم صلّى بنا الصبح، فلما انصرف؛ قال:"إن الله عز وجل لو أراد أن لا تناموا عنها لم تناموا، ولكن أراد أن تكونوا لمن بعدكم؛ فهكذا لمن نام أو نسي"، قال: ثم إن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبل القوم تفرقت؛ فخرج الناس في طلبها، فجاؤوا بإبلهم إلا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذها هنا"؛ فأخذت حيث قال لي، فوجدت زمامها قد التوى على شجرة، ما كانت لتحلها إلا يد، قال: فجئت بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق نبياً؛ لقد وجدت زمامها ملتوياً على شجرة، ما كانت لتحلها إلا يد، قال: ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} .

قلنا: وسنده ضعيف؛ المسعودي اختلط.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 319): "وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وقد اختلط في آخر عمره".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 508) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 226

• عن عُروة؛ قال: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية راجعاً، فقال رجالٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا بفتح؛ لقد صُددنا عن البيت وصُدَّ هديُنا. وعكف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، ورَدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين خَرجَا، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قول رجال من أصحابه: إِن هذا ليس بفتح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بئس الكلام! هذا أعظم الفتح؛ لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم، ويسألونكم القضية، ويرغبون إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله عز وجل عليهم، وردكم سالمين غانمين مأجورين؛ فهذا أعظم الفتوح، أنسيتم يوم أحد: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153]، وأنا أدعوكم في أُخراكم، أنسيتم يوم الأحزاب {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (10)} [الأحزاب: 10]؟ "، قال المسلمون: صدق الله ورسوله، هو أعظمُ الفتوح، والله يا نبي الله! ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم بالله عز وجل وبالأمور منا، وأنزل الله عز وجل سورة الفتح:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} إلى قوله: {صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} ؛ فبشَّر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بمغفرته، وتمام نعمته، وفي طاعة من أطاع، ونفاق من نافق، ثم ذكر ما المنافقون معتلون به إذا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وإنما منعهم من الخروج معه أنَّهم ظنوا أن لَنْ يرجع الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً، وظنوا السوء، ثم ذكر أنهم إذا انطلقوا إلى مغانم ليأخذوها؛ التمسوا الخروج معهم لعرض الدنيا، ثم ذكر أن المنافقين سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد، يقاتلونهم أو يسلمون ما يبتليهم، فإن أطاعوا؛ أثابوا على الطاعة، وإن تولوا كفعلهم أول مرة؛ عذبهم عذاباً أليماً، ثم ذكر من بايع تحت الشجرة، ثم ذكر ما أثابهم على ذلك من الفتح، والمغانم الكثيرة، وعجّل لهم مغانم كثيرة، ثم ذكر نعمته عليهم بكف أيدي العدو عنهم، ثم بشَّره صلى الله عليه وسلم بمكة أنه قد أحاط بها، ثم

ص: 227

ذكر أن لو قاتلهم الذين كفروا؛ لولّوا الأدبار، ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً، ولأعطينكم النصر والظفر عليهم.

ثم ذكر المشركين وصدهم المسلمين عن البيت الحرام والهدي معكوفاً أن يبلغ محله، وأخبر أن:{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} لو كان قتال، ثم قال:{لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} .

ثم ذكر الحمية التي جعلها الله في قلوبهم حين أبَوْا أن يقروا لله تبارك وتعالى باسمه، وللرسول باسمه، وذكر الذي أنزل الله -تعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين من السكينة؛ حتى لا يحموا كما حمى المشركون لوقع القتال، فيكون فيه معرّة، ثم ذكر أنه قد صدق رسوله الرؤية بالحق:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} إلى {فَتْحًا مُبِينًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن الشعبي؛ قال: نزلت {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} بالحديبية، وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصبه في غزوة؛ أصاب أن بويع بيعة الرضوان، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وظهرت الروم على فارس، وبلغ الهدي محله، وأطعموا نخل خيبر، وفرح المؤمنون بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم وبظهور الروم على فارس، وقوله -تعالى-:{وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} : بإظهاره إياك على عدوك، ورفعه ذكرك في الدنيا، وغفرانك ذنوبك في الآخرة {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} يقول: ويرشدك طريقاً من الدين لا اعوجاج فيه؛ يستقيم بك إلى رضا ربك {وَيَنْصُرَكَ الله نَصْرًا عَزِيزًا (3)}

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 160، 161) من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة به.

ومن طريق موسى بن عقبة عن الزهري عن عروة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 228

يقول: وينصرك على سائر أعدائك ومن ناوأك نصراً لا يغلبه غالب ولا يدفعه دافع للبأس الذي يؤيدك الله به والظفر الذي يمدك به

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ؛ قال: إنا قضينا لك قضاءً بيناً، نزلت عام الحديبية؛ للنحر الذي بالحديبية، وحلقه رأسه

(2)

. [ضعيف]

• عن الشعبي: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: أفتح هذا؟ قال: وأنزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نعم، عظيم"، قال: وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية، قال:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد:10] الآية

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 509) -ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 162، 163) -، وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 225)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 45)، وابن المنذر في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 509) من طرق عن مغيرة بن مقسم عن الشعبي به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 509) ونسبه لعبد بن حميد والطبري وابن المنذر.

قلنا: الذي رأيناه عند الطبري في "جامع البيان"(26/ 43) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ قال: نحوه بالحديبية وحلقه فقط.

وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 104): ثنا الفضل بن دكين نا شريك عن ليث عن مجاهد؛ قال: نزلت عام الحديبية.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ليث وابن أبي سليم؛ ضعيف.

الثالثة: شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي؛ ضعيف -أيضاً-.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 510) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 229

• عن علي رضي الله عنه؛ قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ذات يوم بغلس، وكان يغلس ويسفر ويقول:"ما بين هذين وقت؛ لكيلا يختلف المؤمنون"، فصلّى بنا ذات يوم بغلس، فلما قضى الصلاة؛ التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف، فقال:"أفيكم من رأى الليلة شيئاً؟ "، قلنا: لا يا رسول الله! قال: "لكني رأيت ملكين أتياني الليلة؛ فأخذا بضبعي، فانطلقا بي إلى السماء الدنيا، فمررت بَمَلك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بهامة الآدمي؛ فيقع دماغه جانباً، وتقع الصخرة جانباً، قلت: ما هذا؟ قالا لي: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل، على فيه قوم عراة على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان، كما طلع طالع قذفوه بمدرة؛ فيقع في فيه ويسيل إلى أسفل ذلك النهر، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه، فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار، أمسكت على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم، قلت: من هؤلاء؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلون تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا أتبعه حتى يعيده فيها، قلت: ما هذا؟ قالا لي: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه، وإذا حوله الولدان وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة، فصعدت ما شاء الله من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء، قلت: ما هذا؟ قالا: امض؛ فمضيت، فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة، على حافتي النهر منازل لا منازل أحسن منها من درة جوفاء وياقوتة حمراء، وفيه قدحان وأباريق تطرد، قلت: ما هذا؟

ص: 230

قالا لي: أنزل؛ فنزلت، فضربت بيدي إلى إناء منها، فغرفت ثم شربت؛ فإذا هو أحلى من العسل، وأشد بياضاً من اللبن، وألين من الزبد، فقالا لي: أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامته فيقع دماغه جانباً وتقع الصخرة جانباً؛ فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة، يصلون الصلاة لغير مواقيتها، يضربون بها حتى يصيروا إلى النار، وأما صاحب الكلوب الذي رأيت ملكاً موكلاً بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن؛ فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة، فيفسدون بينهم؛ فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار، وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه فينفتل إلى أسفل ذلك النهر؛ فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما وجدت من ريحهم؛ فأولئك الزناة، وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوماً مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم؛ فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به، فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار، وأما النار المطبقة التي رأيت ملكاً موكلاً بها كلما خرج منها شيء أتبعه حتى يعيده فيها؛ فتلك جهنم تفرق بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الروضة التي رأيت؛ فتلك جنة المأوى، وأما الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان؛ فهو إبراهيم وهم بنوه، وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها؛ فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء؛ فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وأما النهر؛ فهو نهرك الذي أعطاك الله: الكوثر، وهذه منازلك وأهل بيتك، قال: فنوديت من فوقي: يا محمد! سل تعطه؛ فارتعدت فرائصي، ورجف فؤادي،

ص: 231

واضطرب كل عضو مني، ولم أستطع أن أجيب شيئاً، فأخذ أحد الملكين بيده اليمنى فوضعها في يدي، والآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني، ثم نوديت من فوقي: يا محمد! سل تعط.

قال: قلت: اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي، وأن تلحق بي أهل بيتي، وأن ألقاك ولا ذنب لي، قال: ثم ولي بي"، ونزلت عليه هذه الآية: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء الله -تعالى-"

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجمع بن جارية؛ قال: لما كنا بضجنان، رأيت الناس يركضون، وإذا هم يقولون: أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فركضت مع الناس حتى توافينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقرأ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} ، فلما نزل بها جبريل عليه السلام؛ قال:"ليهنك يا رسول الله! "، فلما هنأه جبريل عليه السلام؛ هنأه المسلمون

(2)

.

• عن قتادة؛ قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: {لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} مرجعه من الحديبية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد نزلت عليَّ آية أحب إليَّ مما على الأرض"، ثم قرأها عليهم، فقالوا: هنيئاً مرئياً يا نبي الله! قد بيّن الله -تعالى ذكره- لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 510 - 511) وقال: أخرج ابن عساكر من طريق أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، بل موضوع؛ فيه أبو خالد الواسطي واسمه عمرو بن خالد؛ متروك الحديث، ورماه وكيع بالكذب.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 512) ونسبه لابن سعد في "الطبقات الكبرى".

قلنا: هو فيه (2/ 98) بنحوه دون سند.

ص: 232

فنزلت عليه: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} إلى قوله: {فَوْزًا عَظِيمًا}

(1)

. [ضعيف]

{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)} .

• عن زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال؛ إذ جاء أعمى، فقال: كيف بي وأنا ذاهب البصر؟! فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)}

(2)

. [ضعيف]

{لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)} .

• عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؛ قال: بعثت قريش خارجة بن كرز يطلع عليهم طليعة، فرجع حامداً يحسن الثناء، فقالوا له: إنك أعرابي

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 44): ثنا محمد بن عبد الأعلى؛ قال: ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(2)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 155 رقم 4926) من طريق لوين ثنا محمد بن جابر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن زيد بن ثابت به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن جابر اليمامي؛ قال الحافظ في "التقريب"(2/ 149): "صدوق، ذهبت كتبه؛ فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي؛ فصار يلقن".

قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 107): "فيه محمد بن جابر السحيمي وهو ضعيف يكتب حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح". اهـ.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 521): "أخرج الطبراني بسند حسن".

ص: 233

قعقعوا لك السلاح؛ فطار فؤادك؛ فما دريت ما قيل لك وما قلت، ثم أرسلوا عروة بن مسعود فجاءه، فقال: يا محمد! ما هذا الحديث؟ تدعو إلى ذات الله، ثم جئت قومك بأوباش الناس، من تعرف ومن لا تعرف؛ لتقطع أرحامهم، وتستحل حرمتهم ودماءهم وأموالهم، فقال:"إني لم آت قومي إلا لأصل أرحامهم، يبدلهم الله بدين خير من دينهم، ومعائش خير من معائشهم"؛ فرجع حامداً يحسن الثناء، قال: قال إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه: فاشتد البلاء على من كان في يد المشركين من المسلمين، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فقال: "يا عمر! هل أنت مبلغ عني إخوانك من أسارى المسلمين؟ "، فقال: بلى يا نبي الله! والله ما لي بمكة من عشيرة، غيري أكثر عشيرة مني، فدعا عثمان؛ فأرسله إليهم، فخرج عثمان على راحلته حتى جاء عسكر المشركين، فعتبوا به وأساؤوا له القول، ثم أجاره أبان بن سعيد بن العاص ابن عمه وحمله على السرج وردفه، فلما قدم؛ قال: يا ابن عم! ما لي أراك متخشعاً أسبل؟ قال: وكان إزاره إلى نصف ساقيه، فقال له عثمان: هكذا إزرة صاحبنا، فلم يدع أحداً بمكة من أسارى المسلمين إلا أبلغهم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال سلمة: فبينما نحن قائلون؛ نادى منادِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس! البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال: فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه، وذلك قول الله:{لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} ، قال: فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئاً لأبي عبد الله! يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف"

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 442، 443 رقم 18699)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 54)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 205) من طريق عبيد الله بن موسى نا موسى بن عبيدة ثني =

ص: 234

{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)} .

• عن أنس رضي الله عنه: أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين، يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سلماً فاستحياهم؛ فأنزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)}

(1)

. [صحيح]

• عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق -كل واحد منهما حديث صاحبه-؛ قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين"، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها؛ بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل. فألحت. فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل"، ثم قال:"والذي نفسي بيده؛ لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهماً من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه.

= إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ موسى بن عبيدة الربذي ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 521) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1808/ 133) وغيره.

ص: 235

فبينما هم كذلك؛ إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة -وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لم نجئ لقتال أحد؛ ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم؛ فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر؛ فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا؛ فقد جموا، وإن هم أبوا؛ فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره"، فقال بديل: سأبلّغهم ما تقول، قال: فانطلق حتى أتى قريشاً، قال: إنّا جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم؛ فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أوَلست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا عليّ؛ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطبة رشد اقبلوها ودعوني آتِهِ، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحواً من قوله لبديل.

فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى؛ فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفِرّ عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده؛ لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم،

ص: 236

فكلما تكلم كلمة؛ أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم؛ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخّر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه؛ فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غُدر! ألستُ أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمّا الإِسلام؛ فأقبل، وأما المال؛ فلست منه في شيء"، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه.

قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم؛ فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم! والله؛ لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله؛ إن رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عَرَضَ عليكم خطبة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا فلان! وهو من قوم يعظمون البُدن؛ فابعثوها له"؛ فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك؛ قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه؛ قال: رأيت البُدن قد قُلدت وأُشعرت، فما أَرى أن يُصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مِكرَزُ بن حفص فقال: دعوني آته؛ فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا مِكْرَزٌ، وهو رجل فاجر"، فجعل

ص: 237

يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يكلمه؛ إذ جاء سهيل بن عمرو.

قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سهل لكم من أمركم"، قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال سهيل: أما الرحمن؛ فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اكتب: باسمك اللهم"، ثم قال:"هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"؛ فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله! ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله"، قال الزهري: وذلك بقوله: "لا يسألونني خطبة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل -وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك؛ إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يَرْسُفُ في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد! أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنا لم نقض الكتاب بعد"، قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فأجزه لي"، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال:"بلى فافعل"، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أُرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله، قال: فقال عمر بن الخطاب:

ص: 238

فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى"، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: "إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري"، قلت: أوَليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ "، قال: قلت: لا، قال:"فإنك آتيه ومطوف به"، قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل! إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه؛ فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به.

قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد؛ دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحو بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك؛ قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمنات؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} -حتى بلغ- {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة:10]؛ فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا

ص: 239

الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستلّه الآخر فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت به، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه:"لقد رأى هذا ذعراً"، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل أمه! مسعر حرب لو كان له أحد"، فلما سمع ذلك؛ عرف أنه سيرده إليهم؛ فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم: لما أرسل فمن أتاه؛ فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتى بلغ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت

(1)

. [صحيح]

• عن سلمة بن الأكوع؛ قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها، قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الركية؛ فإما دعا، وإما بصق فيها، قال: فجاشت؛ فسقينا واستقينا، قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا للبيعة في أصل الشجرة،

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 2731، 2732) وغيره عنهما به.

ص: 240

قال: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس؛ قال:"بايع يا سلمة! "، قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله! في أول الناس، قال:"وأيضاً"، قال: ورآني رسول الله صلى الله عليه وسلم عزلاً؛ (يعني: ليس معه سلاح)، قال: فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أو درقة ثم بايع، حتى إذا كان في آخر الناس؛ قال:"ألا تبايعني يا سلمة؟! ".

قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله! في أول الناس، وفي أوسط الناس، قال:"وأيضاً"، قال: فبايعته الثالثة، ثم قال لي:"يا سلمة! أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ "، قال: قلت: يا رسول الله! لقيني عمي عامر عزلاً، فأعطيته إياها، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيباً هو أحب إليّ من نفسي".

ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا، قال: وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد الله: أسقى فرسه، وأحسه، وأخدمه، وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض؛ أتيت شجرة فكسحت شوكها، فاضطجعت في أصلها، قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأبغضتهم؛ فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك؛ إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين! قتل ابن زنيم، قال: فاخترطت سيفي، ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود، فأخذت سلاحهم، فجعلته ضغثاً في يدي، قال: ثم قلت: والذي كرم وجه محمد! لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له: مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: "دعوهم يكن لهم

ص: 241

بدء الفجور وثناه"، فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)} ، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلاً، بيننا وبين بني لحيان جبل، وهم المشركون، فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقى هذا الجبل الليلة، كأنه طليعة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثًا، ثم قدمنا المدينة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، وخرجت معه بفرس طلحة، أنديه مع الظهر، فلما أصبحنا؛ إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، قال: فقلت: يا رباح! خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه، قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة؛ فناديت ثلاثاً: يا صباحاه! ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل، وأرتجز أقول:

أنا ابن الأكوع

واليوم يوم الرضع

فألحق رجلاً منهم، فأصك سهماً في رحله، حتى خلص نَصْلُ السهم إلى كتفه، قال: قلت: خذها.

وأنا ابن الأكوع

واليوم يوم الرضع

قال: فوالله! ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إليَّ فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثم رميته، فعقرت به، حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه، علوت الجبل، فجعلت أرديهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم اتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحاً يستخفون ولا يطرحون شيئاً إلا جعلت عليه آراماً من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 242

وأصحابه، حتى أتوا متضايقاً من ثنية فإذا اهم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري فجلسوا يتضحّون؛ (يعني: يتغدون)، وجلست على رأس قرن.

قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح، والله! ما فارقنا منذ غلس، يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا، قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال: فصعد إليّ منهم أربعة في الجبل، قال: فلما أمكنوني من الكلام؛ قال: قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا، ومن أنت؟ قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرّم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا أطلب رجلاً منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدهم: أنا أظن، قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخرم، قال: فولوا مدبرين، قلت: يا أخرم! احذرهم، لا يقتطعوهم حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال: يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق والنار حق؛ فلا تحل بيني وبين الشهادة، قال: فخليته، فالتقى هو وعبد الرحمن، قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه.

ولحق أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن؛ فطعنه، فقتله، فوالذي كرّم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولا غبارهم شيئاً، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء، يقال له: ذا قرد؛ ليشربوا منه وهم عطاش، قال: فنظروا إليّ أعدو وراءهم فحليتهم عنه؛ (يعني: أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجون فيشتدون في ثنية، قال: فأعدو فألحق رجلاً منهم، فأصكه بسهم في نُغض كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: يا ثكلته أمه! أكوعه بُكرة، قال: قلت: نعم، يا

ص: 243

عدو نفسه! أكوعك بكرة، قال: وأردوا فرسين على ثنية، قال: جئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حلأتهم عنه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها.

قال: قلت: يا رسول الله! خلني فأنتخب من القوم مائة رجل؛ فأتبع القوم؛ فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه في ضوء النار، فقال:"يا سلمة! أتراك كنت فاعلاً؟ "، قلت: نعم، والذي أكرمك! فقال:"إنهم الآن لَيُقْرَوْنَ في أرض غطفان"، قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزوراً، فلما كشفوا جلدها؛ رأوا غباراً، فقالوا: أتاكم القوم فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجّالتنا سلمة"، قال: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل فجمعها لي جميعاً، ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، قال: فبينما نحن نسير؛ قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شداً، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه؛ قلت: أما تكرم كريماً، ولا تهاب شريفاً؟ قال: لا؛ إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: يا رسول الله! بأبي وأمي! ذرني فلأسابق الرجل، قال:"إن شئت"، قال: قلت: اذهب إليك، وثنيت رجلي فطفرت فعدوت، قال: فربطت عليه شرفاً أو شرفين أستبقي نفسي، ثم عدوت في إثره، فربطت عليه شرفاً أو شرفين، ثم إني رفعت حتى ألحقه، قال: فأصكه بين كتفيه، قال: قلت: قد سبقت والله! قال: أنا أظن، قال: فسبقته إلى المدينة،

ص: 244

قال: فوالله! ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل عمّي عامر يرتجز القوم:

تالله! لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا

فثبت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينة علينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذا؟ "، قال: أنا عامر، قال:"غفر لك ربك"، قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد، قال: فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل له: يا نبي الله! لولا ما متعتنا بعامر، قال: فلما قدمنا خيبر؛ قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

قال: وبرز له عمي عامر، فقال:

قد علمت خيبر أني عامر

شاكي السلاح بطل مغامر

قال: فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له؛ فرجع سيفه على نفسه؛ فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه.

قال سلمة: فخرجت؛ فإذا نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: بطل عَمَلُ عامر؛ قتل نفسه، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! بطل عمل عامر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال ذلك؟ "، قال: قلت: ناس من أصحابك، قال:"كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين"، ثم أرسلني إلى علي وهو أرمد، فقال:"لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله"، قال: فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبصق في عينيه؛ فبرأ، وأعطاه الراية، وخرج مرحب فقال:

ص: 245

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي:

أنا الذي سمتني أمي حيدره

كلَيْثِ غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع قيل السندره

قال: فضرب رأس مرحب؛ فقتله، ثم كان الفتح على يديه

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه؛ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن، وكأني بغصن من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعته في ظهره، وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه:"اكتب: باسم الله الرحمن الرحيم"؛ فأخذ سهيل يده، فقال: ما نعرف الرحمن الرحيم، اكتب في قضيتنا ما نعرف؛ فقال:"اكتب: باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة"، فأمسك بيده، فقال: لقد ظلمناك إن كنت رسولاً، اكتب في قضيتنا ما نعرف، فقال:"اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وأنا رسول الله"، قال: فكتب، فبينما نحن كذلك؛ إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخذ الله بأبصارهم؛ فقمنا إليهم، فأخذناهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أماناً"، فقالوا: لا، فخلى سبيلهم؛ فأنزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} إلى {بَصِيرًا}

(2)

. [حسن]

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1807).

(2)

أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 86، 87)، والنسائي في "تفسيره" (2/ 312، =

ص: 246

• عن ابن أبزى؛ قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وبالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة؛ قال له عمر: يا نبي الله! تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع، قال: فبعث إلى المدينة فلم يدع بها كراعاً ولا سلاحاً إلا حمله، فلما دنا من مكة؛ منعوه أن يدخل، فسار حتى أتى منى، فنزل بمنى؛ فأتاه عينه: أن عكرمة بن أبي جهل قد خرج علينا في خمسمائة، فقال لخالد بن الوليد:"يا خالد! هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل"، فقال خالد: أنا سيف الله وسيف رسوله؛ فيومئذ سُمّي سيف الله، يا رسول الله! ارم بي حيث شئت، فبعثه على خيل؛ فلقي عكرمة في الشعب، فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثالثة حتى أدخله حيطان مكة؛ فأنزل الله:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} إلى قوله:

= 314 رقم 531)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 58، 59)، والآجري في "الشريعة"(2/ 281 رقم 1060)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 460، 461)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 319)، والواحدي في "الوسيط"(4/ 142) من طريق حسين بن واقد عن ثابت البناني ثني عبد الله بن مغفل المزني به.

قلنا: وهذا سند حسن.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: لم يخرج البخاري للحسين بن واقد.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 145): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(5/ 351): "وأخرجه أحمد والنسائي من حديث عبد الله بن مغفل بسند صحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 532) وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل" وابن مردويه.

وانظر ما قاله الحافظ في الجمع بين هذه الأحاديث في "الفتح"(5/ 351).

ص: 247

{عَذَابًا أَلِيمًا} ، قال: فكف الله النبيّ عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها من بعد أن أظفره عليهم؛ كراهية أن تطأهم الخيل بغير علم، وقوله:{وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} ، يقول -تعالى ذكره -: وكان الله بأعمالكم وأعمالهم بصير لا يخفى عليه منها شيء

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الآية؛ قال: بطن مكة: الحديبية، ذكر لنا: أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: زنيم، اطلع الثنية من الحديبية، فرماه المشركون بسهم؛ فقتلوه؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً، فأتوه باثني عشر فارساً من الكفار، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم:"هل لكم عليّ عهد، هل لكم عليّ ذمة؟ "، قالوا: لا؛ فأرسلهم؛ فأنزل الله في ذلك القرآن: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} إلى قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 59، 60): ثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لضعف ابن حميد، وإرساله.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 207): "وهذا السياق فيه نظر. . .".

وقال الحافظ ابن حجر في "الكاف الشاف"(ص 153): "والحديث في صحته نظر".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 533) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 59): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 527) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 248

• عن عكرمة؛ قال: إن قريشاً بعثوا أربعين رجلاً منهم أو خمسين، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليصيبوا من أصحابه أحداً، فأخذوا أخذاً؛ فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعفا عنهم وخلى سبيلهم، وقد كانوا رموا إلى عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل

(1)

.

{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ الله في رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} .

• عن أبي جمعة رضي الله عنه؛ قال: قاتلت النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار كافراً، وقاتلت معه آخر النهار مسلماً، وكنا ثلاثة رجال وسبع نسوة، وفينا أنزلت:{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ}

(2)

. [حسن]

(1)

ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 207)، وقال:"وقال ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس قال: (فذكره) ".

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: جهالة شيخ ابن إسحاق.

(2)

أخرجه أبو يعلى في "المسند"(3/ 129 رقم 1560)، و"المفاريد"(ص 71، 72 رقم 72) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(5/ 52، 53) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 290 رقم 2204، 3/ 24 رقم 2543) -وعنه أبو نعيم في "معرفة "الصحابة" (2/ 611 رقم 1660) -، وابن قانع في "معجم "الصحابة"(1/ 188)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 208)، وابن عبد البر وأبو موسى المديني؛ كما في "أسد الغابة" (5/ 53) من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم عن أبي خلف عن عبد الله بن عوف؛ قال: سمعت أبا جمعة به.

قلنا: وسنده حسن -إن شاء الله-. =

ص: 249

{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)} .

• عن الأجلح؛ قال: كان حمزة بن عبد المطلب رجلاً حسن الشعر، حسن الهيئة، صاحب صيد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه؛ فقالت إحداهما: لو علم ذا ما صنع بابن أخيه؛ أقصر عن مشيته؛ فالتفت إليهما، فقال: وما ذاك؟ قالت: أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا، فدخلته الحمية، فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه، ثم قال: ديني دين محمد إن كنتم صادقين، فامنعوني؛ فقامت إليه قريش، فقالوا: يا أبا يعلى؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ} إلى قوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} ؛ قال: حمزة بن عبد المطلب

(1)

. [ضعيف]

{لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)} .

• عن مجاهد؛ قال: أُري رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحديبية أنه

= قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 107): "رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات".

وقال في (9/ 398): "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 534) بعد أن زاد نسبته للحسن بن سفيان وابن المنذر والبارودي وابن مردويه: "بسند جيد".

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 536) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 250

يدخل مكة وهو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فقال له أصحابه -حين نحر بالحديبية-: أين رؤياك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأنزل الله عز وجل: {لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} ؛ يعني: النحر بالحديبية، ثم رجعوا ففتحوا خيبر، ثم اعتمر بعد ذلك، فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة

(1)

.

• عن عطاء؛ خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمراً، حتى أتى الحديبية، فخرجت إليه قريش، فردوه عن البيت، حتى كان بينهم كلام وتنازع؛ حتى كاد يكون بينهم قتال، قال: فبايع النبيَّ صلى الله عليه وسلم أصحابُهُ، وعدتهم ألف وخمس مئة تحت الشجرة، وذلك يوم بيعة الرضوان، فقاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه، وتحلق وترجع، حتى إذا كان العام المقبل؛ نخلي لك مكة ثلاثة أيام، ففعل. قال: فخرجوا إلى عكاظ، فأقاموا فيها ثلاثًا، واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف، ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن هرج معك، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع، حتى إذا كان في قابل تلك الأيام؛ دخل مكة، وجاء بالبدن معه، وجاء الناس معه، فدخل المسجد الحرام؛ فأنزل الله عليه:{لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ} ، قال: وأنزل عليه: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، فإن قاتلوكم في المسجد

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 68)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 164) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 538) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 251

الحرام فقاتلوهم، فأحل لهم إن قاتلوهم في المسجد الحرام أن يقاتلوهم.

فأتاه أبو جندل بن سهل بن عمرو، وكان موثقاً، أوثقه أبوه، فرده إلى أبيه

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 434 - 435/ 18690): حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوّار، عن عطاء به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: أشعث بن سوار؛ ضعيف.

ص: 252

‌سورة الحجرات

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الحجرات بالمدينة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} .

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: أنه قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمّر القعقاع بن معبد بن زرارة، فقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس؛ قال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا؛ حتى ارتفعت أصواتهما؛ فنزل في ذلك:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} حتى انقضت

(2)

. [صحيح]

• عن الحسن: هم قوم نحروا قبل أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا الذبح

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 546) ونسبه لابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه، والبيهقي.

وذكر: أن ابن مردويه أخرج في "تفسيره" مثله عن عبد الله بن الزبير.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4367، 4847)، وسيأتي في الآية التالية.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 74): ثنا محمد بن عبد الأعلى؛ قال: ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة؛ قال الحسن: (فذكره).

وقال: ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به. =

ص: 253

• عن مسروق: أنه دخل على عائشة رضي الله عنها في اليوم الذي يُشك فيه من رمضان؛ فقالت: يا جارية! خوّصي له سويقاً؛ فقال: إني صائم؛ فقالت: تقدمت الشهر؟ فقلت: لا، ولكني صمتُ شعبان كله فوافق ذلك هذا اليوم، فقالت: إن ناساً كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)}

(1)

. [صحيح]

= وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 230): نا معمر عن قتادة به، قال معمر: وقال الحسن (فذكره).

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 547) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

وأخرج ابن أبي الدنيا في "الأضاحي"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 547)، و"لباب النقول"(ص 195)، عن الحسن قال: ذبح رجل قبل الصلاة؛ فنزلت.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3/ 134 رقم 2713): ثنا إبراهيم بن أحمد الوكيعي؛ قال: نا أبي؛ قال: نا أبو أسامة، عن أبي كدينة يحيى بن المهلب عن يحيى بن الحارث التيمي عن حبال بن رفيدة عن مسروق به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي كدينة إلا أبو أسامة".

وأخرجه الواحدي في "الوسيط"(4/ 150) من طريق أخرى عن التيمي.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: حبال بن رفيدة؛ مجهول؛ قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"(1/ 448): "لا يعرف".

وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 148).

الثانية: التيمي هذا لم نجد له ترجمة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 547) وزاد نسبته لابن مردويه.

وأخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(2/ 597) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن مالك بن أبي حمزة عن مسروق بنحوه.

قلنا: وإسناده صحيح؛ ورجاله ثقات، ومالك بن أبي حمزة وثقه ابن معين وابن حبان والحافظ ابن حجر، وقال الزيلعي في "تخريج الكشاف" (3/ 325): "ولم =

ص: 254

• وعنها -أيضاً-رضي الله عنها؛ قالت: كان أناس يتقدمون بين يدي رمضان بصيام؛ يعني: يوماً أو يومين؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)}

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} .

• عن ابن أبي مليكة؛ قال: كاد الخيران أن يهلكا: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما؛ رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم؛ فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر -قال نافع: لا أحفظ اسمه- فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} ؛ فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه؛ يعني: أبا بكر

(2)

. [صحيح]

= يذكره -يعني: الدارقطني- بجرح ولا تعديل".

قلنا: هذا لا يضره؛ كونه وثقه غيره على ما هو مفصل في "تهذيب التهذيب"(12/ 169، 170)؛ فلا وجه لتضعيفه كما فعل الزيلعي.

وبالجملة؛ فالحديث بمجموع ما تقدم ثابت لا ريب.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 547) ونسبه لابن النجار.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4845، 7302) من طريق يسرة بن صفوان اللخمي ووكيع بن الجراح كلاهما عن نافع بن عمر الجمحي المكي عن ابن أبي مليكة به.

قال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 590): "ثم هذا السياق صورته الإرسال؛ لكن ظهر في آخره: أن ابن أبي مليكة حمله عن عبد الله بن الزبير، وسيأتي في هذا الباب الذي بعده التصريح بذلك". =

ص: 255

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أنه قال: لما نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} ؛ جلس ثابت بن قيس في بيته، وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل النبي سعد بن معاذ، فقال:"يا أبا عمرو! ما شأن ثابت؟ آشتكى؟ "، قال سعد: إنه لجاري وما علمت له بشكوى، قال: فأتاه سعد، فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ثابت: أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد

= قلنا: وتقدم ذكره في أول السورة.

وأخرجه الترمذي في "جامعه"(5/ 387 رقم 3266)، والطبراني في "المعجم الكبير"(رقم 41 - قطعة من المجلد 13)، والطبري في "جامع البيان" (26/ 76) من طريقين عن مؤمل بن إسماعيل ثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير؛ قال: إن الأقرع بن حابس قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: يا رسول الله! استعمله على قومه، فقال عمر: لا تستعمله يا رسول الله! فتكلما عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، قال: فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} ، فكان عمر بن الخطاب بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع كلامه حتى يستفهمه، قال: وما ذكر ابن الزبير جده؛ يعني: أبا بكر.

قلنا: ومؤمل؛ ضعيف سيئ الحفظ، وخالفه ثقتان، روياه عن نافع به مرسلاً، ورواه هو موصولاً؛ ولذلك قال الترمذي عقبه:"هذا حديث حسن غريب، وقد روى بعضهم عن ابن أبي مليكة مرسل، ولم يذكر فيه عن عبد الله بن الزبير".

قلنا: هذا مع مخالفته في المتن لمن دقق بين اللفظين؛ ولذلك لما ذكر الحافظ رواية مؤمل هذه عند الترمذي قال: "وهذا يخالف رواية ابن جريج وروايته أثبت من مؤمل بن إسماعيل".

ص: 256

للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل هو من أهل الجنة"

(1)

. [صحيح]

• عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية؛ قال ثابت بن قيس: فأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، أجهر له بالقول؛ فانا من أهل النار؛ فقعد في بيته، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل عنه، فقال رجل: إنه لجاري ولئن شئت لأعلمن لك عليه، فقال:"نعم"، فأتاه؛ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفقدك وسأل عنك؛ فقال: نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية، وأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجهر له بالقول؛ فأنا من أهل النار، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ فقال:"بل هو من أهل الجنة"، فلما كان يوم اليمامة؛ انهزم الناس، فقال: أُفٍّ لهؤلاء وما يعبدون، أُفٍّ لهؤلاء وما يصنعون، يا معشر الأنصار! خلوا لي بشيء لعلي أصلى بحرها ساعة، قال: ورجل قائم على ثلمة، فقتَل وقُتل

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة: كانوا يرفعون ويجهرون عند النبي صلى الله عليه وسلم، فوعظوا ونهوا عن ذلك

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 3613، 4846)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 119) وهذا لفظه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 75، 76) من طريق ابن عليه ثنا أيوب عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(6/ 621): "روى ابن سعد بإسناد صحيح -أيضاً- من مرسل عكرمة".

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 231)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 75) من طريقين عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 548) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 257

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما؛ قال: نزلت في قيس بن شماس

(1)

.

• عن عطاء الخراساني؛ قال: قدمت المدينة، فلقيت رجلاً من الأنصار، قلت: حدثني حديث ثابت بن قيس بن شماس؛ قال: قم معي، فانطلقت معه حتى دخلت على امرأة، فقال الرجل: هذه ابنة ثابت بن قيس بن شماس فاسألها عما بدا لك، فقلت: حدثيني، قالت: سمعت أبي يقول: لما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية؛ دخل بيته، وأغلق عليه بابه، وطفق يبكي، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال:"ما شأن ثابت؟ "، فقالوا: يا رسول الله! ما ندري ما شأنه؛ غير أنه قد أغلق عليه باب بيته فهو يبكي فيه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله:"ما شأنك؟ "، قال: يا رسول الله! أنزل الله عليك هذه الآية، وأنا شديد الصوت؛ فأخاف أن أكون قد حبط عملي، فقال:"لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير"، قالت: ثم أنزل الله على نبيه: {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان:18]؛ فأغلق عليه بابه، وطفق يبكي فيه، فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"ثابت ما شأنه؟ "، قالوا: يا رسول الله! والله ما ندري ما شأنه؛ غير أنه قد أغلق عليه بابه وطفق يبكي، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما شأنك؟ "، قال: يا رسول الله! أنزل الله عليك: {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} والله إني لأحب الجمال وأحب أن أسود قومي، قال:"لست منهم، بل تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، ويدخلك الله الجنة بسلام"، قالت: فلما كان يوم اليمامة؛ خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب، فلما لقي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انكشفوا؛ فقال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حفر كل منهما لنفسه حفرة، وحمل

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 551) ونسبه لابن مردويه.

ص: 258

عليهم القوم، فثبتا حتى قتلا، وكانت على ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم؛ إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه، فقال له: إني أوصيك بوصية إياك أن تقول هذا حلم فتضيعه: إني لما قتلت أمس؛ مر بي رجل من المسلمين، فأخذ درعي ومنزله في أقصى العسكر، وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد أكفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلاً، فائت خالد بن الوليد؛ فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها، وإذا قدمت على خليفة رسول الله؛ فأخبره أن عليّ من الدين كذا وكذا، ولي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق وفلان، فإياك أن تقول هذا حلم؛ فتضيعه، فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره، فبعث إلى الدرع فنظر إلى خباء في أقصى العسكر؛ فإذا عنده فرس يستن في طوله فنظر في الخباء؛ فإذا ليس فيه أحد، فدفعوا الرجل؛ فإذا تحته برمة، ثم رفعوا البرمة؛ فإذا الدرع تحتها، فأتوا به خالد بن الوليد، فلما قدموا المدينة؛ حدث الرجل أبا بكر برؤياه؛ فأجاز وصيته بعد موته، ولا يعلم أحد من المسلمين جوزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس بن شماس

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 241 رقم 314، 3/ 461 - 463 رقم 1921، 6/ 170، 171 رقم 3399)، وفي "الجهاد"(2/ 560 - 562 رقم 225)، وابن المنذر؛ كما في "فتح الباري"(6/ 621)، والطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 70، 71 رقم 1320)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(6/ 415، 416)، والروياني في "مسنده"(2/ 174، 175 رقم 1002)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(6/ 3590 رقم 8091)، والبغوي في "معجم الصحابة"(ق 56 - ق 57)، والتيمي في "دلائل النبوة"(رقم 309 - ط الحداد)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 38، 39 رقم 4108 - المسندة)، والحاكم (3/ 235)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 356)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(1/ 194 - هامش الإصابة) من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني. =

ص: 259

{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)} .

• عن محمد بن قيس بن شماس؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} ؛ قال: قعد ثابت في الطريق يبكي، قال: فمرّ به عاصم بن عدي من بني العجلان، فقال: ما يبكيك يا ثابت؟! قال: هذه الآية أتخوّف أن تكون نزلت فيّ وأنا صيّت رفيع الصوت، قال: فمضى عاصم بن عدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وغلبه البكاء، قال: فأتى امرأته جميلة ابنة عبد الله بن أُبيّ بن سلول، فقال لها: إذا دخلت بيت فرسي، فشدي على الضبة بمسمار، فضربته بمسمار، حتى إذا خرج عطفه؛ قال: لا أخرج حتى يتوفاني الله أو يرضى عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وأتى عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره، فقال:"اذهب فادعه لي"؛ فجاء عاصم إلى المكان فلم يجده، فجاء إلى أهله فوجده في بيت الفرس، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فقال: اكسر الضبة، قال: فخرجا؛ فأتيا نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

= قلنا: وسنده ضعيف؛ عطاء الخراساني؛ صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس؛ كما في "التقريب".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 322): "وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية؛ فإنها قالت سمعت أبي". اهـ.

قلنا: قد نص الحافظ على أن عطاء لم يسمع من أحد من الصحابة؛ فإما أن تكون هذه المرأة تابعية وعليه؛ فهي مجهولة، وإما صحابية ويكون هنالك وهم أو تخليط من عطاء نفسه؛ فإن الحفاظ نصوا على أنه لم يدرك أيّ صحابي -والله أعلم-.

وسكت عنه الحاكم والذهبي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 550) وزاد نسبته لابن مردويه والخطيب في "المتفق والمفترق".

ص: 260

"ما يبكيك يا ثابت؟! "، فقال: أنا صيّت، وأتخوّف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ "؛ فقال: رضيت ببشرى الله ورسوله، ولا أرفع صوتي أبداً على رسول الله؛ فأنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى}

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 75)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري"(6/ 620) من طريق زيد بن الحباب ثنا أبو ثابت بن ثابت بن قيس بن شماس ثني عمي إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه به.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 86 رقم 1316) من طريق زيد بن الحباب ثنا أبو ثابت بن ثابت بن قيس بن شماس ثني أبي ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 321): "وأبو ثابت بن قيس بن شماس لم أعرفه، ولكنه قال: ثني أبي ثابت بن قيس، فالظاهر أنه صحابي؛ لكن زيد بن الحباب لم يسمع من أحد من الصحابة".

قلنا: في الطريق الأولى إسماعيل هذا؛ مجهول؛ لم يوثقه إلا ابن حبان، وروى عنه الزهريّ، وأبو ثابت هذا؛ مجهول، وانظر:"تعجيل المنفعة"(ص 36 - 37).

وبالجملة؛ فالإسناد ضعيف.

وأخرجه الحاكم (3/ 234)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 355 بسند صحيح عن الزهري قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن ثابت، عن أبيه: أن ثابت بن قيس قال: يا رسول الله! لقد خشيت أن أكون قد هلكت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولِمَ؟ "، قال: نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد، ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهر الصوت؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا ثابت! ألا ترضى أن تعيش حميداً؛ وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ "، قال: بلى يا رسول الله! قال: فعاش حميداً، وقتل شهيداً يوم مسيلمة الكذاب.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه إسماعيل؛ مجهول كما تقدم. =

ص: 261

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} .

• عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! اخرج إلينا، فلم يجبه؛ فقال: يا محمد! إن

= أما الحاكم؛ فقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: ولم يخرجا لإسماعيل ولا لأبيه.

وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(رقم 2770 - موارد)، وابن سعد، والدارقطني في "غرائب مالك"؛ كما في "الفتح"(6/ 621)، والطبراني في "الكبير"(رقم 1312، 1314، 1315)، وأبو نعيم "في دلائل النبوة"(ص 520)، و"معرفة "الصحابة" (3/ 221 رقم 1301)، والروياني في "المسند" (2/ 173 رقم 1001)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 193 - هامش الإصابة) من طرق عن الزهري عن إسماعيل بن محمد بن ثابت: أن ثابت بن قيس الأنصاري؛ قال: يا رسول الله! لقد خشيت أن أكون هلكت، قال: "لِمَ؟ "، قال: قد نهانا الله أن نحمد بما لم نفعل وأجدني صاحب الحمد، ونهانا الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهانا أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهير الصوت؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ثابت! ألا ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ "، قال: بلى يا رسول الله! قال: فعاش حميداً وقتل شهيداً يوم مسيلمة الكذاب.

قلنا: وهذا سند ضعيف -أيضاً-؛ فيه علة أخرى مع جهالة إسماعيل، وهي أنه لم يدرك جده؛ فهو على هذا مرسل.

ولذلك قال البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 371): "روى عنه الزهري؛ مرسل". اهـ.

وقال الحافظ: "وهذا مرسل قوي الإسناد"، وقال -أيضاً-:"وهو مع ذلك مرسل؛ لأن إسماعيل لم يلحق ثابتاً".

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(رقم 20425)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 76)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 355) عن معمر عن الزهري: أن ثابت بن قيس (فذكره).

قلنا: وهذا معضل.

ص: 262

حمدي زين، وإن ذمي شين؛ فقال:"ذاك الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(3/ 488، 6/ 393، 394، 394)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 77)، والطبراني في "المعجم الكبير"(1/ رقم 878) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(4/ 321 رقم 1500) -، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2/ 388 رقم 1178)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 407 رقم 1033)، وابن قانع في "معجم "الصحابة" (1/ 68)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 552) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (4/ 322 رقم 1501) -، وابن الأثير في "أسد الغابة" (1/ 130)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (4/ 322، 323 رقم 1503) وغيرهم من طرق عن موسى بن عقبة عن أبي سلمة به.

قلنا: وسنده صحيح، وصرح أبو سلمة بسماعه من الأقرع عند الطبري.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 108): "واحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع، وإلا؛ فهو مرسل".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 552) بعد أن زاد نسبته للبغوي في "المعجم": "بسند صحيح".

وكذا قال في "لباب النقول"(ص 196).

وله شاهد من حديث البراء بن عازب بنحوه: عند الترمذي (رقم 3267)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 319 رقم 535)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 77) من طريق الحسين بن واقد عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن أبا إسحاق السبيعي مدلس وقد عنعن، ثم هو مع ذلك مختلط، ولم يذكروا أن الحسين بن واقد سمع منه قبل الاختلاط.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".

وصححه شيخنا الألباني في "صحيح الترمذي"(رقم 2605).

وله شاهد آخر من مرسل قتادة في قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} : أن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم فناداه من وراء الحجرات؛ فقال: يا محمد! إن مدحي زين وإن شتمي شين، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال:"ويلك ذاك الله، ويلك ذاك الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} . =

ص: 263

• عن زيد بن أرقم رضي الله عنه؛ قال: جاء أناس من العرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل؛ فإن يكن نبياً؛ فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكاً؛ نعش في جناحه، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، قال: ثم جاؤوا إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه: يا محمد! فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} ، قال: فأخذ نبي الله بأذني فمدّها؛ فجعل يقول: "قد صدق الله قولك يا زيد! قد صدق الله قولك يا زيد! "

(1)

. [ضعيف]

= أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 231)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 77) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 553) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

وله شاهد ثالث من مرسل الحسن؛ قال: أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته، فقال: يا محمد! يا محمد! فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما لك ما لك؟! "، فقال: تعلم أن مدحي لزين وأن ذمي لشين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذاكم الله"؛ فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} .

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 77، 78): ثنا ابن حميد؛ قال: ثنا مهران عن المبارك بن فضالة عن الحسن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن حميد؛ ضعيف الحديث واتهمه الإِمام أحمد وغيره بالكذب.

الثالثة: المبارك بن فضالة؛ مدلس وقد عنعن.

الرابعة: مهران وابن أبي عمر العطار؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ.

(1)

أخرجه مسدد بن مسرهد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في "مسانيدهم"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 39، 40 رقم 4109، 4110)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 160، 161 رقم 7823)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 77)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 210، 211 رقم 5123)، والواحدي في =

ص: 264

• عن حبيب بن أبي عمرة؛ قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب وهما عند الحجاج جالسان، يقول بشر بن غالب للبيد بن عطارد: نزلت في قومك بني تميم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} ؛ فذكرت ذلك لسعيد بن جبير؛ فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية؛ أجابه: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} ، قالوا: أسلمنا ولم يقاتلك بنو أسد

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن سعيد بن جبير: أن تميماً ورجلاً من بني أسد بن خزيمة استبا؛ فقال الأسدي: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا

= "أسباب النزول"(ص 258 - 259)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 223) عن المعتمر بن سليمان عن داود الطفاوي عن أبي مسلم البجلي عن زيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أبو مسلم البجلي؛ مجهول لم يرو عنه إلا الطفاوي، ولم يوثقه إلا ابن حبان؛ ولذلك قال الذهبي في "ميزان الاعتدال":"لا يعرف"، وفي "التقريب":"مقبول".

الثانية: داود الطفاوي؛ ليّن الحديث؛ كما في "التقريب".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 108): "وفيه داود بن راشد الطفاوي وثّقه ابن حبان وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات!! ".

وقال البوصيري: "رواته ثقات!! ".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 195)، و"الدر المنثور" (7/ 552):"بسند حسن!! ".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 77): ثنا ابن حميد قال: ثنا مهران عن سفيان عن حبيب به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مهران؛ سيئ الحفظ.

الثالثة: ابن حميد؛ متروك الحديث، متهم بالكذب.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 553) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 265

يَعْقِلُونَ (4)} أعراب بني تميم، فقال سعيد: لو كان التميمي فقيهاً؛ إن أولها في بني تميم، وآخرها في بني أسد

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: قال رجل من بني أسد لرجل من بني تميم -وتلا هذه الآية-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} : بني تميم {لَا يَعْقِلُونَ} ، فلما قام التميمي وذهب؛ قال سعيد بن جبير: أما إن التميمي لو يعلم ما أنزل في بني أسد؛ لتكلم، قلنا: ما أنزل فيهم؟ قال: جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا قد أسلمنا طائعين وإن لنا خلقاً؛ فأنزل الله عز وجل: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: هم أعراب بني تميم

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قدم وقد بني تميم -وهم سبعون رجلاً، أو ثمانون رجلاً؛ منهم: الزبرقان بن بدر، وعطارد بن معبد وقيس بن عاصم وقيس بن الحارث، وعمرو بن أهتم- المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق معهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري وكان يكون في كل سدة، حتى أتوا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنادوه من وراء الحجرات بصوت جاف: يا محمد! اخرج إلينا، يا محمد! اخرج إلينا، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد! إن مدحنا زين وإن شتمنا شين، نحن

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 553)، وقال: أخرج ابن المنذر عن ابن جريج؛ قال: أخبرت عن سعيد بن جبير به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وجهالة المخبر لابن جريج.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 553) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 77)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 195 رقم 1516) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 266

أكرم العرب؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبتم؛ بل مدحة الله الزين، وشتمه الشين، وأكرم منكم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم"، فقالوا: إنا أتيناك لنفاخرك (فذكره بطوله)، وقال في آخره: فقام التميميون فقالوا: والله؛ إن هذا الرجل لمصنوع له، لقد قام خطيبه فكان أخطب من خطيبنا، وقال شاعره فكان أشعر من شاعرنا، قال: ففيهم أنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} من بني تميم {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} ، قال: هذا كان في القراءة الأولى، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}

(1)

. [موضوع]

• عن جابر بن عبد الله؛ قال: جاء بنو تميم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنادوا على الباب: يا محمد! اخرج إلينا؛ فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين، فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فخرج عليهم وهو يقول:"إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين"، فقالوا: نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بالشعر بعثت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا"، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم فاذكر فضلك وفضل قومك، فقام فقال: الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير الأرض ومن أكثرهم عدة ومالاً وسلاحاً، فمن أنكر علينا قولنا؛ فليأت بقول هو أحسن من قولنا، وفعال هي خير من فعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس:"قم فأجب"، فقام فقال: الحمد لله؛ أحمده، وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 554) ونسبه لابن إسحاق وابن مردويه.

ثم رأينا سنده في كتاب الزيلعي: "تخريج الكشاف"(3/ 330، 331)؛ فقد أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" من طريق ابن إسحاق: ثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا موضوع؛ فالكلبي كذاب ونحوه شيخه أبو صالح.

ص: 267

عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، دعا المهاجرين والأنصار من بني عمه -أحسن الناس وجوهاً وأعظمهم أحلاماً- فأجابوا، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ووزراء رسوله وعزاً لدينه، فنحن نقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فمن قالها؛ منع نفسه وماله، ومن أباها؛ قتلناه، وكان رغمه من الله -تعالى- علينا هيناً، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم يا فلان! فقل أبياتاً تذكر فيها فضلك وفضل قومك، فقام الشاب فقال:

نحن الكرام فلا حي يفاخرنا

فينا الرؤوس وفينا يقسم الربع

ونطعم الناس عند القحط كلهم

من السديف إذا لم يؤنس القزع

إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد

إنا كذلك عند الفخر نرتفع

قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حسان بن ثابت، فانطلق إليه الرسول، فقال: وما يريد مني وقد كنت عنده؟ قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس فأجابهم وتكلم شاعرهم، فأرسل إليك تجيبه؛ فجاء حسان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبه، فقال حسان:

نصرنا رسول الله والدين عفوة

على رغم سار من معد وحاضر

ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى

إذا طاب ورد الموت بين العساكر

ونضرب هام الدارعين وننتمي

إلى حسب من جرم غسان قاهر

فلولا حياء الله قلنا تكرماً

على الناس بالحقين هل من منافر

فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى

وأمواتنا من خير أهل المقابر

قال: فقام الأقرع بن حابس؛ فقال: إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، وقد قلت شعراً فأسمعه، فقال:"هات"، فقال:

أتيناك كما يعرف الناس فضلنا

إذا فاخرونا عند ذكر المكارم

ص: 268

وإنا رؤوس الناس من كل معشر

وأن ليس في أرض الحجاز كوارم

وإن لنا المرباع في كل غارة

تكون بنجد أو بأرض التهائم

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم يا حسان! فأجب"؛ فقال:

بني دارم لا تفخروا إن فخركم

يعود وبالاً عند ذكر المكارم

هبلتم علينا تفخرون وأنتم

لنا خول من بين ظئر وخادم

وأفضل ما نلتم من المجد والعلى

ردافتنا من بعد ذكر الأكارم

فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم

وأموالكم أن تقسموا في المقاسم

فلا تجعلو الله نداً وأسلموا

ولا تفخروا عند النبي بدارم

وإلا ورب البيت مالت أكفنا

على هامكم بالمرهفات الصوارم

قال: فقام الأقرع بن حابس فقال: إن محمداً المولى، إنه والله ما أدري ما هذا الأمر، تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولًا، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر، ثم دنا من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما نصرك ما كان قبل هذا"، ثم أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكساهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله هذه الآية:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إلى قوله: {وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}

(1)

. [ضعيف]

• عن الزهري وسعيد بن عمرو؛ قالا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر بن سفيان -ويقال: النحام العدوي- على صدقات بني كعب من خزاعة، فجاء وقد حل بنواحيهم بنو عمرو بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم،

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 259 - 261)، والثعلبي في "تفسيره"(9/ 73 - 75) من طريق معلى بن عبد الرحمن ثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم عن جابر به.

قلنا: ومعلى هذا؛ رافضي خبيث متهم بالوضع.

وتحرّف اسم معلى إلى يعلى في كتاب الزيلعي؛ فليصحح.

ص: 269

فجمعت خزاعة مواشيها للصدقة؛ فاستنكر ذلك بنو تميم، وأبوْا، وابتدروا القسي، وشهروا السيوف، فقدم المصدق على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخبره؛ فقال:"من لهؤلاء القوم؟ "، فانتدب لهم عيينة بن بدر الفزاري، فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في خمسين فارساً من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري، فأغار عليهم منهم؛ فأخذ أحد عشر رجلًا، وإحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبياً، فجلبهم إلى المدينة، فقدم فيهم عدة من رؤساء بني تميم: عطارد بن حاجب، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، والأقرع بن حابس، ورياح بن الحارث، وعمرو بن الأهتم.

ويقال: كانوا تسعين أو ثمانين رجلًا، فدخلوا المسجد وقد أذّن بلال بالظهر، والناس ينتظرون خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعجلوا واستبطؤوه فنادوه: يا محمد! اخرج إلينا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بلال، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم أتوه، فقال الأقرع: يا محمد! ائذن لي؛ فوالله إن مدحي لزين وإن ذمي لشين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كذبت؛ ذلك الله تبارك وتعالى"، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس، وخطب خطيبهم وهو عطارد بن حاجب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس:"أجبه"؛ فأجابه، ثم قالوا: يا محمد! ائذن لشاعرنا، فأذن له، فقام الزبرقان بن بدر فأنشد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت:"أجبه"؛ فأجابه بمثل شعره، فقالوا: والله؛ لخطيبه أبلغ من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولهم أحلم منا، ونزل فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيس بن عاصم:"هذا سيد أهل الوبر"، وردّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسرى والسبي، وأمر لهم بالجوائز كما كان يجيز الوفد

(1)

. [موضوع]

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 293، 294): نا محمد بن عمر =

ص: 270

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)} .

• عن الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه؛ قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني إلى الإِسلام، فدخلت في الإِسلام وأقررت، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها، فقلت: يا رسول الله! أرجع إلى قومي، فأدعوهم إلى الإِسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب لي؛ جمعت زكاته، فيرسل إليّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رسولاً لإبّانِ كذا وكذا لآتيك بما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث بن ضرار، وبلغ الأبّان الذي أراد أن يبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ احتبس عليه الرسول، فلم يأته؛ فظن الحارث أن قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله، فدعا بسروات

(1)

قومه، فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان وقت لي وقتاً؛ ليرسل إليّ ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه، فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق؛ فرق فرجع، فقال: يا رسول الله! إن الحارث منعني الزكاة، وأراد قتلي؛ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البعث وقد فصل من المدينة، فلقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولِمَ؟ قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

= الواقدي نا محمد بن عبد الله عن الزهري، وثنا عبد الله بن يزيد عن سعيد بن عمرو به.

قلنا: والواقدي؛ متروك متهم بالكذب.

(1)

أي: رؤساء.

ص: 271

كان بعث إليك الوليد بن عقبة، فرجع إليه، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني، فلما أن دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال:"منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ "، قال: لا، والذي بعثك ما رأيت رسولك ولا أتاني، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولك؛ خشية أن يكون سخط من الله ورسوله، قال: فنزلت فيّ الحجرات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} إلى قوله -تعالى-: {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}

(1)

. [ضعيف]

• عن أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا في صدقات بني المصطلق بعد الوقعة، فسمع بذلك القوم؛ فتلقوه يعظمون

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 279)، والبخاري في "التاريخ الأوسط"(1/ 193 رقم 318)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2/ 68 - 69/ 457)، والطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 274 رقم 3395)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 322 رقم 2353)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(1/ 177)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 262، 263)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 224)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(1/ 399، 400)، ومطين وابن السكن وابن مردويه؛ كما في "الإصابة"(1/ 281)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 783، 784 رقم 2081)، وابن منده وابن عبد البر في "الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(1/ 400)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 166 و 166 - 167) جميعهم من طريق عيسى بن دينار المؤذن ثني أبي أنه سمع الحارث به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على دينار -والد عيسى-؛ لم يرو عنه إلا ابنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب":"مقبول".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 109): "رواه أحمد والطبراني؛ ورجال أحمد ثقات!! ".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 196)، و"الدر المنثور" (7/ 555):"بسند جيد! "، وفي "اللباب" (ص 197) -أيضاً-:"رجال إسناده ثقات!! ".

ص: 272

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، قال: فبلغ القوم رجوعه، قال: فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، بعثت إلينا رجلًا مصدقاً فسررنا بذلك وقرّت به أعيننا، ثم إنه رجع من بعض الطريق؛ فخشينا أن يكون ذلك غضباً من الله ومن رسوله، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال وأذن بصلاة العصر، قال: ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} الآية؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط ثم أحد بني عمرو بن أمية ثم أحد بني أبي معيط إلى بني المصطلق؛ ليأخذ منهم الصدقات، وإنه لما أتاهم الخبر؛ فرحوا، وخرجوا ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه؛ رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن بني المصطلق

(1)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 332)، و"المطالب العالية"(9/ 40 رقم 4111)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 78)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 326 رقم 960) من طريق موسى بن عبيدة الربذي عن ثابت مولى أم سلمة عن أم سلمة.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على موسى بن عبيدة وهو ضعيف، وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 111)، وثابت لم يوثقه إلا ابن حبان (4/ 95) وقال:"روى عنه أهل المدينة"؛ فمثله يكون في عداد المجهول -والله أعلم-.

وقال الحافظ في "الكاف الشاف"(ص 156 رقم 180): "وفيه موسى بن عبيدة؛ وهو ضعيف".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 556) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 273

قد منعوا الصدقة؛ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم؛ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول الله! إنا حُدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن يكون رده كتاب جاءه منك؛ لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ الله من غضبه وغضب رسوله؛ فأنزل الله عذرهم في الكتاب، فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن علقمة بن ناجية؛ قال: بعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا، فسار حتى إذا كان قريباً منا -وذلك بعد وقعة المريسيع-؛ رجع؛ فركبنا في أثره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أتيت قوماً في جاهليتهم أخذوا اللباس ومنعوا الصدقة، فلم يغير ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)} ، وأتى المصطلقون النبي صلى الله عليه وسلم إثر الوليد بطائفة من صدقاتهم يسوقونها، ونفقات يحملونها، فذكروا ذلك له، وأنهم يطلبون الوليد بصدقاتهم فلم يجدوه، فدفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان معهم، وقالوا: يا رسول الله! بلغنا مخرج رسولك فسررنا، وقلنا: نتلقاه، فبلغنا رجعته؛ فخفنا أن يكون ذلك من سخطه علينا، وعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتروا منه ما بقي، فقبل منهم الفرائض، وقال: "ارجعوا

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 78)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 54، 55)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 556)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 167) كما في "الدر المنثور"(7/ 556).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 274

بنفقاتكم لا نبيع شيئاً من الصدقات حتى نقبضه"، فرجعوا إلى أهليهم، وبعث إليهم من يقبض بقية صدقاتهم

(1)

. [حسن]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى بني وليعة، وكانت بينهم شحناء في الجاهلية، فلما بلغ بني وليعة استقبلوه؛ لينظروا ما في نفسه، فخشي القوم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة، فلما بلغ بني وليعة الذي قال الوليد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! لقد كذب الوليد، ولكن كانت بيننا وبينه شحناء؛ فخشينا أن يعاقبنا بالذي كان بيننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلًا عندي كنفسي، يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريهم وهو هذا"، ثم ضرب بيده على كتف علي بن أبي طالب، قال: وأنزل الله في الوليد: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 6 - 7 رقم 4)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 309، 310 رقم 2335) -ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(4/ 2175 رقم 5453)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(3/ 585) -، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 556) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 168) -، والهيثم بن كليب في "مسنده" -ومن طريقه ابن عساكر (66/ 168) - عن يعقوب بن حميد بن كاسب نا عيسى بن الحضرمي بن كلثوم بن علقمة بن ناجية عن جده عن أبيه به.

قلنا: وهذا سند حسن.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 110): "رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما يعقوب بن حميد بن كاسب وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور!! وبقية رجاله ثقات".

قلنا: المتقرر في حال يعقوب أنه صدوق ما لم يخالف.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 556) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 275

عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله -تعالى-: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} ؛ قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيط، بعثه نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق؛ ليصدقهم؛ فتلقوه بالهدية، فرجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: إن بني المصطلق جمعت لتقاتلك

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} وهو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة، بعثه نبي الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً إلى بني المصطلق،

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم "الأوسط" (4/ 133، 134 رقم 3797)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الفتح السماوي" (3/ 1002) من طريق عبد الله بن عبد القدوس ثنا الأعمش عن موسى بن المسيب عن سالم بن أبي الجعد عن جابر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الأعمش؛ مدلس وقد عنعنه.

الثانية: عبد الله بن عبد القدوس؛ ضعيف.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 110): "وفيه عبد الله بن عبد القدوس التميمي وقد ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات". اهـ.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 78، 79)، وآدم بن إياس؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 557) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 55) -ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 169) - من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 557) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 276

فلما أبصروه؛ أقبلوا نحوه، فهابهم؛ فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإِسلام، فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت ولا يعجل، فانطلق حتى أتاهم ليلاً، فبعث عيونه فلما جاؤوا؛ أخبروا خالداً أنهم مستمسكون بالإِسلام وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا؛ أتاهم خالد فرأى الذي يعجبه، فرجع إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر؛ فأنزل الله عز وجل ما تسمعون، فكان نبي الله يقول:"التبين من الله والعجلة من الشيطان"

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله! إن بني فلان -حياً من أحياء العرب، وكان في نفسه عليهم شيء، وكانوا حديثي عهد بالإِسلام- قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله، قال: فلم يعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا خالد بن الوليد، فبعثه إليهم، ثم قال:"ارمقهم عند الصلاة، فإن كان القوم قد تركوا الصلاة؛ فشأنك بهم، وإلا؛ فلا تعجل عليهم"، قال: فدنا منهم عند غروب الشمس، فكمن حيث سمع الصلاة، فرمقهم؛ فإذا هو بالمؤذن قد قام حين غربت الشمس، فأذن ثم أقام الصلاة، فصلوا المغرب؛ فقال خالد بن الوليد: ما أراهم إلا يصلون، فلعلهم تركوا غير هذه الصلاة، ثم كمن حتى إذا جن الليل وغاب الشفق أذن مؤذنهم فصلوا، قالوا: فلعلهم تركوا صلاة أخرى، فكمن، حتى إذا كان في جوف الليل فتقدم حتى أظل الخيل بدورهم؛ فإذا القوم تعلموا شيئاً من القرآن فهم يتهجدون به من الليل ويقرأونه، ثم أتاهم عند

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 231)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 79)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(66/ 169) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 558) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

ص: 277

الصبح؛ فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن ثم أقام فقاموا فصلوا، فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار؛ إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم، فقالوا: ما هذا؟ قالوا: هذا خالد بن الوليد، وكان رجلاً مشنعاً، فقالوا: يا خالد! ما شأنك؟ قال: أنتم والله شأني، أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقيل له: إنكم كفرتم بالله وتركتم الصلاة؛ فجعلوا يبكون، فقالوا: نعوذ بالله أن نكفر بالله أبداً، قال: فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا} ؛ قال الحسن: فوالله؛ لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدقهم، فلم يبلغهم ورجع، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم عصوا، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجهز إليهم؛ إذ جاء رجل من بني المصطلق، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعنا أنك أرسلت إلينا؛ ففرحنا به واستبشرنا به، وإنه لم يبلغنا رسولك، وكذب؛ فأنزل الله فيه -وسماه فاسقاً-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ}

(2)

. [ضعيف]

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيت

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 557 - 558) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 558) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 278

عبد الله بن أُبيّ؛ فانطلق إليه النبي صلى الله عليه وسلم وركب حماراً، فانطلق المسلمون يمشون معه وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحاً منك؛ فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتما، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالحديد والأيدي والنعال، فبلغنا أنها أنزلت:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}

(1)

. [صحيح]

• عن أبي مالك في قوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} ؛ قال: رجلان اقتتلا؛ فغضب لذا قومه ولذا قومه، فاجتمعوا حتى أُضربوا بالنعال؛ حتى كاد يكون بينهم قتال؛ فأنزل الله هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} ؛ قال: كانت تكون الخصومة بين الحيين فيدعوهم إلى الحكم؛ فيأبون أن يجيبوا؛ فأنزل الله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 2691)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 1799).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 81) من طريقين عن حصين عن أبي مالك.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 560) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر.

ص: 279

بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} يقول: ادفعوهم إلى الحكم فكان قتالهم الدفع

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن السدي: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} ؛ قال: كانت امرأة من الأنصار يقال لها: أم زيد تحت رجل، فكان بينها وبين زوجها شيء؛ فرقاها إلى عليه، فقال لهم: احفظوا، فبلغ ذلك قومها فجاؤوا وجاء قومه فاقتتلوا بالأيدي والنعال، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء؛ ليصلح بينهم؛ فنزل القرآن:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} ، قال:{تَبْغِي} لا ترضى بصلح رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 81): ثنا ابن حميد ثنا مهران ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: ابن حميد؛ متروك الحديث.

الثانية: مهران؛ سيئ الحفظ له أوهام.

الثالثة: المبارك؛ مدلس وقد عنعن.

الرابعة: الإرسال.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 81، 82): ثنا ابن حميد ثنا مهران ثنا سفيان عن السدي به. =

ص: 280

• عن قتادة: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)} : ذكر لنا أنها نزلت في رجلين من الأنصار، كانت بينهما مماراة في حق بينهما، فقال أحدهما للآخر: لآخذن عنوة؛ لكثرة عشيرته، وأن الآخر دعاه ليحاكمه إلى نبي صلى الله عليه وسلم؛ فأبى أن يتبعه، فلم يزل الأمر حتى تدافعوا وحتى تناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال، ولم يكن قتال بالسيوف

(1)

. [ضعيف]

• عن الحسن: أن قوماً من المسلمين كان بينهم تنازع؛ حتى اضطربوا بالنعال والأيدي؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}

(2)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن جبير؛ قال: إن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسيف والنعال؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا

= قلنا: وهذا سنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: مهران؛ سيئ الحفظ.

الثالثة: ابن حميد؛ متروك.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 560)، و"لباب النقول"(ص 197) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 82): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زيع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 560) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 82): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن به.

قلنا: وسنده ضعيف.

ص: 281

فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)} .

• عن مقاتل في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)} ؛ قال: نزلت في قوم من بني تميم استهزأوا من بلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه؛ قال: فينا نزلت الآية؛ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وما منا رجل إلا له اسمان أو ثلاثة، كان إذا دعا الرجل بالاسم؛ قلنا: يا رسول الله! إنه يغضب من هذا؛ فأنزلت: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}

(3)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 560) ونسبه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 563) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

أخرجه أبو داود (رقم 4962)، والترمذي (رقم 3268)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 320 رقم 536)، وابن ماجه (رقم 3741)، وأحمد في "المسند"(4/ 69، 260)، والبخاري في "الأدب المفرد"(رقم 330)، وأبو يعلى في "المسند"(12/ 252، 253 رقم 6853)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 84)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1761 - "موارد")، والطبراني في "المعجم الكبير" =

ص: 282

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} ؛ قال: كان هذا الحي من الأنصار قَلَّ رجل منهم إلا وله اسمان أو ثلاثة، فربما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل منهم ببعض تلك الأسماء،

= (22/ رقم 968، 969)، و"الأوسط"(2/ 123 رقم 1456)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(3/ 391/ 1327 و 5/ 16)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(رقم 398)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 149، 150 رقم 2132)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 33)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(5/ 47)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 463، 4/ 281، 282)، والبيهقي في "الآداب"(296/ 619)، و"شعب الإيمان"(5/ 307، 308 رقم 6745، 6746، 6747)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 264)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2852 رقم 6720)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة"(5/ 47)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(8/ 81، 82/ 80 و 82/ 81) والمزي في "تهذيب الكمال"(33/ 182، 183) من طرق عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

وقال الحاكم في "الموضع الأول": "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال في "الموضع الثاني": "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 317): "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"؛ ورجالهما رجال الصحيح".

وصححه شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح الأدب المفرد".

وأخرجه أحمد (5/ 380)، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"(3/ رقم 3901) من حديث أبي جبيرة عن عمومة له به.

قلنا: وسنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 563) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر والشيرازي في "الألقاب" وابن مردويه.

ص: 283

فيقال: يا رسول الله! إنه يكره هذا الاسم؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}

(1)

. [صحيح]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)} .

• عن السدي في قوله -تعالى-: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} ؛ قال: نزلت هذه الآية في رجل كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه إداماً فمنع، فقالوا له: إنه لبخيل وخيم؛ فنزلت في ذلك. [ضعيف]

• عن مقاتل؛ قال: نزلت هذه الآية في رجل كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه إداماً فمنع، فقالوا له: إنه لبخيل وخيم؛ فنزلت في ذلك

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج في قوله -تعالى-: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} ؛ قال: زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي، أكل ثم رقد؛ فنفخ فذكر رجلان أكله ورقاده؛ فنزلت

(3)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} .

• عن ابن أبي مليكة؛ قال: لما كان يوم الفتح؛ رقى بلال فأذن على الكعبة، فقال بعض الناس: هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 564) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 570) ونسبهما لابن أبي حاتم.

قلنا: وهما ضعيفان؛ لإعضالهما.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 570) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهذا -أيضاً- ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 284

الكعبة، وقال بعضهم: إن يسخط الله هذا يغيره؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الزهري؛ قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا: يا رسول الله! أتزوج بناتنا موالينا؟ فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} ؛ قال الزهري: نزلت في أبي هند خاصة، قال: وكان أبو هند حجام النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

. [ضعيف]

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} .

• عن قتادة؛ قال: قوله -تعالى-: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(5/ 79) بسند صحيح إلى عبد الرزاق؛ قال: أنبأ معمر عن أيوب عن عكرمة به، ليس فيه ذكر لسبب النزول.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 578) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

(2)

أخرجه أبو داود في "المراسيل"(رقم 195، 230) عن عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد كلاهما عن بقية ثنا الزبيدي ثني الزهري به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد، وصرح بقية بالتحديث كما ترى.

وقال أبو داود عقبه: "روي بعضه مسنداً وهو ضعيف".

وزاد السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 578) نسبته لابن المنذر وابن جريج والبيهقي في "سننه" وابن مردويه.

قلنا: هو عند البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 137) معلقاً عن أبي داود.

وأخرجه ابن مردويه موصولاً -كما في "الدر المنثور"- عن الزهري عن عروة عن عائشة به.

قلنا: وقد تقدم قول أبي داود: "وروي بعضه مسنداً وهو ضعيف".

ص: 285

تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} ولعمري ما عمت هذه الآية الأعراب؛ إن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ولكن إنما أنزلت في حيّ من أحياء العرب امتنوا بإسلامهم على نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان؛ فقال الله -تعالى-: لا تقولوا: آمنا {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} حتى بلغ: {فِي قُلُوبِكُمْ}

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: أعراب بني أسد من خزيمة

(2)

. [ضعيف]

{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قدم وقد بني أسد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلموا؛ فقالوا: قاتلتك مضر ولسنا بأقلهم عدداً ولا أكلَّهم شوكة، وصلنا رحمك، فقال لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما:"تكلموا هكذا"، قالوا: لا، قال:"إن فقه هؤلاء قليل، وإن الشيطان ينطق على ألسنتهم"، قال عطاء في حديثه؛ فأنزل الله -جلّ وعزّ-:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)}

(3)

. [حسن]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 90) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وزاد السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 583) نسبته لعبد بن حميد.

(2)

أخرجه الطبري (26/ 89) من طريقين عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 582) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(3)

أخرجه أبو يعلى في "المسند" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث =

ص: 286

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: قدم عشرة رهط من بني أسد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول سنة تسع وفيهم حضرمي بن عامر وضرار بن

= المختارة" (10/ 345 رقم 373) -، والنسائي في "التفسير" (2/ 324 رقم 539): ثنا سعيد بن يحيى الأموي، والبزار في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 235) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (10/ 346 رقم 374) -: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري كلاهما عن يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن قيس عن أبي عون عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: أبو عون هو عطاء بن السائب؛ صدوق؛ لكنه اختلط، ولم يذكروا محمداً ضمن الذين رووا عنه قبل الاختلاط. وقد قال أبو زرعة:"حديث أبي عون عن سعيد مرسل".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 585) وزاد نسبته لابن مردويه.

وله شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفي بنحوه.

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(8/ 78 رقم 8016)، و"الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد"(7/ 112) من طريق حفص بن غياث عن حجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي عن عبد الله به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ الحجاج بن أرطاة صدوق كثير الخطأ والتدليس.

قال الهيثمي: "وفيه الحجاج بن أرطاة، وهو ثقة!! ولكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 199)، و"الدر المنثور" (7/ 585):"بسند حسن! "، وزاد في "الدر الممنثور" نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 92): ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ رجاله رجال الصحيحين، وهو أصح من موصول حديث ابن عباس فالعمدة على هذا.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 585) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

لكن الحديث بمجموع مرسل سعيد بن جبير وموصول حديث ابن أبي أوفى يرتقي إلى درجة الحسن بإذن الله.

ص: 287

الأزور ووابصة بن معبد وقتادة بن القائف وسلمة بن جيش ونقادة بن عبد الله بن خلف وطلحة بن خويلد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مع أصحابه؛ فسلموا، وقال متكلمهم: يا رسول الله! إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك يا رسول الله! ولم تبعث إلينا بعثاً، ونحن لمن وراءنا سلم؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الحسن؛ قال: لما فتحت مكة؛ جاء ناس، فقالوا: يا رسول الله! إنا قد أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 2/ 39): نا محمد بن عمر عن هشام بن سعيد عن محمد به.

قلنا: وهذا مرسل واه بمرة، ضعيف جداً؛ فيه الواقدي الهالك.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 585) ونسبه لابن أبي حاتم وابن مردويه.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 288

‌سورة ق

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة ق بمكة

(1)

.

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته، عن خلق السماوات والأرض؛ فقال:"خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الله الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب؛ فهذه أربعة فقال عز وجل: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)} [فصلت:9، 10]، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه؛ فخلق في أول ساعة من هذه الثلاث الساعات الآجال حين يموت من مات، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء فما ينتفع به الناس، وفي الثالثة آدم أسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة"، ثم قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟! قال: ثم استوى

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 587) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

ص: 289

على العرش"، قالوا: قد أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح، قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً؛ فنزلت: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 543)، والطبري في "جامع البيان"(24/ 61)، و"تاريخ الأمم والملوك"(1/ 28)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 266)، والنحاس في "ناسخه"(ص 226)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 202، 203 رقم 765)، وأبو الشيخ في "العظمة"(4/ 1362، 1363 رقم 878) من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ مداره على أبي سعد البقال وهو ضعيف مدلس؛ كما في "التقريب"(1/ 305).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"؛ فتعقبه الذهبي بقوله:

"قلت: فيه أبو سعد البقال؛ قال ابن معين: لا يكتب حديثه".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 314) وزاد نسبته لابن مردويه.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 210، 211) عن معمر عن ابن عيينة عن أبي سعيد البقال عن عكرمة مولى ابن عباس به مرسلاً.

قلنا: وفيه البقال كما ترى، وخالف معمراً إسماعيلُ بن صبيح اليشكري (وهو صدق)؛ فرواه عن ابن عيينة به موصولاً بذكر ابن عباس. أخرجه الحاكم (2/ 450، 451).

قال الحاكم: "وهذا حديث قد أرسله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن أبي سعد ولم يذكر فيه ابن عباس وكتبناه متصلاً من هذه الرواية -والله أعلم-" ووافقه الذهبي.

قلنا: لا شك أن رواية عبد الرزاق أصح، خاصة أننا لم نجد ترجمة للحسن بن إسماعيل راويه عن إسماعيل بن صبيح، وعلى كل: سواء صحت هذه أو تلك؛ فمدار الحديث في كلتيهما على أبي سعد البقال الضعيف؛ ولذلك قال عنه الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 101): "فيه غرابة".

وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(4/ 1371 رقم 887) من طريق الحجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عكرمة؛ قال: إن اليهود =

ص: 290

• عن أبي بكر؛ قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! أخبرنا: ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة؟ فقال: "خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق المدائن والأقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يوم الأربعاء، وخلق السماوات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاثة ساعات؛ يعني: من يوم الجمعة؛ وخلق في أول الثلاث الساعات: الآجال، وفي الثانية: الآفة، وفي الثالثة: آدم"، قالوا: صدقت إن أتممت، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يريدون؛ فغضب؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الضحاك؛ قال: قالت اليهود: ابتدأ الله الخلق يوم الأحد

= قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ما يوم الأحد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيه خلق الله عز وجل الأرض وكبسها"، قالوا: الاثنين؟ قال: "خلق فيه وفي الثلاثاء الجبال والماء وكذا وكذا وما شاء الله -تعالى-"، قالوا: فيوم الأربعاء؟ قال: "الأقوات"، قالوا: فيوم الخميس؟ قال: "فيه خلق الله عز وجل السماوات"، قالوا: يوم الجمعة؟ قال: "خلق في ساعتين الملائكة، وفي ساعتين الجنة والنار، وفي ساعتين الشمس والقمر والكواكب، وفي ساعتين الليل والنهار"، قالوا: السبت؟ ذكروا الراحة، قال:"سبحان الله! "، وأنزل الله عز وجل:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} .

قلنا: وسنده ضعيف؛ عطاء بن السائب اختلط، وحماد روى عنه قبل اختلاطه وبعده؛ فيتوقف فيه.

ثم أخرجه (4/ 1372 رقم 888) من طريق عفان بن مسلم ثنا حماد به موصولاً بذكر ابن عباس.

قلنا: ولعل هذا من تخاليط عطاء؛ فكان تارة يرسله، وتارة أخرى يوصله.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 111): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن أبي سفيان عن أبي بكر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: ابن حميد؛ متروك متهم بالكذب.

الثانية؛ مهران؛ له أوهام وهو سيئ الحفظ.

ص: 291

والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، واستراح يوم السبت؛ فأنزل الله عز وجل:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله: {مِنْ لُغُوبٍ} ؛ قال: قالت اليهود: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ففرغ من الخلق يوم الجمعة واستراح يوم السبت؛ فأكذبهم الله عز وجل، وقال:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}

(2)

. [ضعيف]

• عن العوام بن حوشب؛ قال: سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس فيضع إحدى رجليه على الأخرى؛ فقال: لا بأس به، إنما كره ذلك اليهود؛ زعموا أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السبت؛ فجلس تلك الجلسة!! فأنزل الله -تعالى-:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)}

(3)

. [ضعيف]

{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالوا: يا رسول الله! لو خوفتنا؛ فنزلت: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}

(4)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 609) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 239)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 112) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 609) وزاد نسبته لابن المنذر.

(3)

نسبه السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 610) للخطيب في "تاريخه".

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(4)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(26/ 115): ثني نصر بن عبد الرحمن الأودي؛ =

ص: 292

‌سورة الذاريات

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الذاريات بمكة

(1)

.

{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}

• عن الحسن بن محمد بن الحنفية؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابوا وغنموا، فجاء قوم بعدما فرغوا؛ فنزلت:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)}

(2)

. [ضعيف]

= قال: ثنا حكام بن سلم الرازي عن أيوب عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لانقطاعه بين عمرو وابن عباس، فعمرو من أتباع التابعين ولم يدرك أحداً من الصحابة، وأيوب بن سيار؛ ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة وابن معين وغيرهم. وخالف ابن حميد -وهو ضعيف متهم- نصراً؛ فرواه عن حكام به مرسلاً لم يذكر ابن عباس.

أخرجه الطبري.

وعلى كل؛ فالحديث ضعيف على كلا الحالين.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 613) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه في "تفسيره" عن ابن الزبير مثله.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(12/ 412 رقم 15075)، وأبو عبيد في "الأموال"(ص 557)، والطبري في "جامع البيان"(26/ 125) من طرق عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات. =

ص: 293

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} .

• عن مجاهد؛ قال: خرجِ علينا عليٌّ معتجراً ببرد مشتملاً في خميصة، قال: لما نزلت: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)} ؛ اشتد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة؛ إذ أمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يتولى عنهم، حتى نزلت:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} ؛ فطابت أنفسنا

(1)

. [صحيح]

• عن قتادة؛ قوله -تعالى-: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)} : ذكر لنا أنها لما نزلت هذه الآية؛ اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 616) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

(1)

أخرجه أحمد بن منيع وإسحاق بن راهويه في "مسنديهما"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 42 رقم 4115، 4116، 4117)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 165، 166 رقم 7834 و 8/ 166 رقم 7835)، و"الأحاديث المختارة"(2/ 336)، والهيثم بن كليب في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية المسندة"(9/ 43) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(2/ 335، 336 رقم 714) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 624) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(2/ 336، 337 رقم 715) -، والطبري في "جامع البيان"(27/ 7، 8)، والضياء المقدسي (2/ 335 رقم 713)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 276، 227 رقم 1750)، والواحدي في "الوسيط" (4/ 180) من طرق عن مجاهد قال:(فذكره).

قلنا: وسنده صحيح.

قال البوصيري: "رواه أحمد بن منيع بسند رواته ثقات".

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 624) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 294

ورأوا أن الوحي قد انقطع، وأن العذاب قد حضر؛ فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)}

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 7): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 295

‌سورة الطور

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الطور بمكة

(1)

.

{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن قريشاً لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال قائل منهم: احبسوه في وثاق، وتربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء: زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك من قولهم:{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى- لأهل الجنة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (19)} [الطور: 19]، قوله: هنيئاً؛ أي: لا تموتون فيها؛ فعندها قالوا: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59)} [الصافات: 58، 59]

(3)

. [حسن]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 626) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه في "تفسيره" عن ابن الزبير مثله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 19): ثني سعيد بن يحيى الأموي ثني أبي ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعن، فإن وجد فيه موضع قد صرح فيه بالتحديث؛ فهو حسن، وإلا؛ فلا.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 44)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" =

ص: 296

‌سورة النجم

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة النجم بمكة.

• وعن ابن الزبير مثله

(1)

.

{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)} .

• عن ثابت بن الحارث الأنصاري رضي الله عنه؛ قال: كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير: هو صدّيق، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال:"كذبت يهود؛ ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد"؛ فأنزل الله -تعالى- عند ذلك هذه الآية: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ

= (ص 230)، والبيهقي في "إثبات القدر"(ص 621) من ثلاث طرق عن أبي صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن -إن شاء الله-، وقد أعل بعلتين هما على التحقيق ليست بشيء:

الأولى: الانقطاع بين ابن عباس وعلي، لكن قلنا مراراً في أكثر من موضع وذكرنا أقوال أهل العلم: أن رواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال.

الثانية: ضعف أبي صالح عبد الله بن صالح، لكن الراوي عنه عند البيهقي هو الحافظ الدارمي وذكرنا سابقاً نقلًا عن الحافظ أنه يعتبر برواية أهل الحذق عنه وهذه منها.

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 639) ونسبهما لابن مردويه.

ص: 297

مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}

(1)

. [حسن]

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)} .

• عن عكرمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مغزاة، فجاء رجل فلم يجد ما يخرج عليه، فلقي صديقاً له فقال: أعطني شيئاً، قال: أعطيك بكري هذا على أن تتحمل بذنوبي؛ فقال له: نعم؛ فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)}

(2)

. [ضعيف]

• عن دراج أبي السمح؛ قال: خرجت سرية غازية، فسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله، فقال:"لا أجد ما أحملك عليه"؛ فانصرف حزيناً، فمر برجل رحاله منيخة بين يديه فشكا إليه، فقال له الرجل: هل لك أن أحملك فتلحق الجيش؟ فقال: نعم؛ فنزلت: {أَفَرَءَتتَ اَلَّذِى

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 267)، والطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 81، 82 رقم 1368) -وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 243، 244 رقم 1334) - من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن ثابت به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات، وأما ما يخشى من ضعف ابن لهيعة؛ فإن الراوي عنه عند الواحدي هو عبد الله بن وهب وهو من قدماء أصحابه؛ فتنبه.

والحديث ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 201)، و"الدر المنثور"(7/ 657) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 659)، و"لباب النقول"(ص 201) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 298

تَوَلَّى (33)} إلى قوله: {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله -تعالى-: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)} ؛ قال: هذا رجل أسلم، فلقيه بعض من يعيره فقال: أتركت دين الأشياخ وضللّتهم، وزعمت أنهم في النار؟! كان ينبغي لك أن تنصرهم، فكيف يفعل بآبائك؟ فقال: إني خشيت عذاب الله، فقال: أعطني شيئاً وأنا أحمل كل عذاب كان عليك عنك، فأعطاه شيئاً، فقال: زدني، فتعاسر حتى أعطاه شيئاً، وكتب له كتاباً، وأشهد له؛ فذلك قول الله -تعالى- {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)} نزلت فيه هذه الآية

(2)

. [ضعيف جداً]

{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانوا يمرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي شامخين؛ فنزلت: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)}

(3)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"، و"اللباب" ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 42): ثنا يونس نا ابن وهب؛ قال: قال ابن زيد.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ لضعف عبد الرحمن، وإعضاله.

(3)

ذكره السيوطي في "اللباب"(ص 202) ونسبه لابن أبي حاتم.

لكن أخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 48، 49)، وأبو يعلى في "المسند"(5/ 84، 85 رقم 2685) عن الأشجعي عن الثوري عن حكيم الديلمي عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)} ؛ قال: كانوا يقرون على =

ص: 299

‌سورة القمر

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة القمر بمكة

(1)

.

• وعنه -أيضاً-؛ قال: نزلت بمكة سورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}

(2)

.

• وعن ابن الزبير مثله

(3)

.

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية؛ فانشق القمر بمكة مرتين؛ فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)} ، يقول: ذاهب

(4)

. [صحيح]

= النبي صلى الله عليه وسلم شامخين، ألم تر إلى العجل كيف يخطر شامخاً؟! وهذا كما ترى ليس فيه سبب نزول.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 166): "رواه أبو يعلى؛ وفيه الضحاك بن مزاحم وقد وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات؛ لكنه لم يسمع من ابن عباس". وهو كما قال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 667) وزاد نسبته للفريابي وابن مردويه.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 669) ونسبه للنحاس.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(3)

أخرجه ابن مردويه. كما في "الدر المنثور"(7/ 669).

(4)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 257) -ومن طريقه مسلم في "صحيحه"(4/ 2159 - لكن لم يسق لفظه)، وأحمد (3/ 165)، وعبد بن حميد في =

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "المسند"(3/ 92 رقم 1182)، والترمذي في "الجامع"(5/ 397 رقم 3286)، والأصبهاني في "دلائل النبوة"(1/ 262 رقم 6)، وأبو يعلى في "المسند"(5/ 463 رقم 3187)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 472)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 263) - عن معمر عن قتادة عن أنس به.

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

وقال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على حديث شعبة عن قتادة عن أنس: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرجاه بسياقة حديث معمر، وهو صحيح على شرطهما".

قلنا: وهو كما قال، وقد توسع أخونا الفاضل مساعد الراشد -حفظه الله- في تخريج رواياته في تعليقه على "دلائل النبوة" للأصبهاني؛ فانظرها غير مأمور.

وأخرج أبو داود الطيالسي في "مسنده"(2/ 123 رقم 2447 - منحة)، والطبري في "جامع البيان"(27/ 50، 51)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 268)، وأبو نعيم في "الدلائل النبوة"(ص 235، 236)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 266) من طريق أبي عوانة عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود؛ قال: انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار؛ فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم؛ فقالوا: نعم قد رأيناه؛ فأنزل الله -تعالى-: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)} .

قلنا: وسنده صحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 670) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 257) -ومن طريقه الحاكم في "المستدرك"(2/ 471)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 265) - عن ابن عيينة ومحمد بن مسلم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن مسعود؛ قال: رأيت القمر منشقاً شقتين مرتين بمكة قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم: شقة على أبي قبيس، وشقة على السويداء، فقالوا: سحر القمر؛ فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} يقول: كما رأيتم القمر منشقاً؛ فإن الذي أخبرتكم عن اقتراب الساعة حق. =

ص: 301

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كسف القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: سحر القمر؛ فنزلت: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} إلي قوله: {مُسْتَمِرٌّ}

(1)

. [منكر]

= قلنا: وسنده صحيح.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على حديث أبي معمر عن عبد الله مختصراً، وهذا حديث لا نستغني فيه عن متابعة الصحابة بعض لبعض"، ووافقه الذهبي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 670) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم"الكبير" (11/ 200 رقم 11642)، و"الأوسط" (8/ 175 رقم 8315) من طريقين عن محمد بن يحيى القطعي نا محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به.

ولفظ "الأوسط": "الشمس" بدل "القمر".

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ رجاله ثقات رجال الصحيح؛ لكن فيه علة خفية، وهي تدليس ابن جريج؛ قال الحافظ الدارقطني -كما في "سؤالات الحاكم"-:"يتجنب تدليس ابن جريج؛ فإنه وحش التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح؛ كابن أبي يحيى وموسى بن عبيدة".

وهذا الحديث سمعه من متروك، وهو إبراهيم بن زيد الخوزي، يوضح لنا هذا رواية الطبراني في "المعجم الكبير" (11/ 200 رقم 11643)؛ فقد رواه من طريق إبراهيم هذا عن عمرو بن دينار به إلا أنه قال: الشمس بدل من القمر.

وهذه العلة تقدح في صحة الحديث.

وقد وقع لبعض أهل العلم أوهام ينبغي التنبيه عليها:

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 209): "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه موسى بن زكريا شيخ الطبراني، فإن كان هو التستري؛ فقد تكلم فيه الدارقطني، وإن كان غيره؛ فلا أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".

قلنا: هو التستري المتروك؛ لكنه توبع، تابعه الحافظ البزار عند الطبراني.

قال أخونا الفاضل الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في كتابه "الصحيح المسند من أسباب النزول"(ص 146): "وأخرج الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح عن =

ص: 302

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أرنا آية حتى نؤمن؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يريه آية؛ فأراهم القمر قد انشق، فصار قمرين؛ أحدهما على الصفا، والآخر على المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه، ثم غاب القمر؛ فقالوا: هذا سحر مستمر

(1)

. [ضعيف]

= ابن عباس (فذكره)"، ونقل عن الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (3/ 120) قوله: "سنده جيد".

قلنا: وأين ذهبت عنعنة ابن جريج!

ولذلك قال الحافظ ابن كثير -نفسه- في "البداية والنهاية"(6/ 75، 76): "وهذا سياق غريب".

وتقدم أن الصحيح من سبب نزول الآية هو بسبب انشقاق القمر وهو المناسب لسياق الآيات: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ، ولا علاقة للآية بكسوف الشمس والقمر، ويدلك -أيضاً- على ضعف هذه الرواية أنها ذكرت الشمس، وكلام الله في الآيات عن القمر؛ فتنبه لهذا ولا تكن من الغافلين.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 671) وزاد نسبته لابن مردويه.

ويؤكد هذا ما أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 49 رقم 4128)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 170 رقم 7844)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 51) من طريقين صحيحين عن داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} ؛ قال: ذاك قد مضى، كان قبل الهجرة، انشق حتى رأوا شقيه.

قلنا: وهذا سند حسن؛ ورواية علي محمولة على الاتصال؛ كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، كما تقدم بيانه في أكثر من موضع.

وهذا يبين أن الكلام كله حول انشقاق القمر، لا علاقة للآية لا بكسوف القمر ولا الشمس -والله أعلم-.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 672) ونسبه لأبي نعيم في "الدلائل".

قلنا: ولم نجده فيه، لكنه أخرج (ص 235) من طريق الزبير بن عدي عن الضحاك عن عبد الله بن عباس؛ قال: جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أرنا آية؛ حتى نؤمن؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل أن يريهم آية؛ =

ص: 303

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين: أحدهما على الصفا، والآخر على المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليهما ثم غاب القمر، فقالوا: هذا سحر مستمر.

وهذا سند ضعيف؛ لانقطاعه؛ فالضحاك لم يلق ابن عباس.

وأخرجه (ص 234، 235) من طريق عبد الغني بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.

وعن مقاتل عن الضحاك عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ منهم: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والعاص بن هشام، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث ونظراؤهم كثير، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً؛ فشق القمر لنا فرقتين: نصفاً عى أبي قبيس، ونصفاً على قعيقعان! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن فعلت تؤمنوا؟ "، قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر؛ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عز وجل أن يعطيه ما سألوا؛ فأمسى القمر قد مَثُل نصفاً على أبي قبيس، ونصفاً على قعيقعان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي:"يا أبا سلمة ابن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم! اشهدوا".

قلنا: وهذا موضوع بطريقيه؛ أما الأولى؛ ففيها عبد الغني وموسى، قال الحافظ ابن حجر في "العجاب" (1/ 220):"ومن التفاسير الواهية؛ لوهاء رواتها: التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني، وهو قدر مجلدين يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وقد نسب ابن حبان [في "المجروحين" (2/ 242)]، موسى هذا إلى وضع الحديث، ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي وهو ضعيف". اهـ.

قلنا: نص كلام ابن حبان: "شيخ دجال يضع الحديث، روى عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان [وهما كذابان] وألزقه بابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، ولم يحدث به ابن عباس، ولا عطاء سمعه، ولا ابن جريج سمعه من عطاء، وإنما سمع ابن جريج من عطاء الخراساني عن ابن عباس في التفسير أحرفاً شبيهاً بجزء، وعطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس شيئاً ولا رآه، ولا تحل الرواية عن هذا الشيخ ولا النظر في كتابه إلا على سبيل الاعتبار". اهـ. =

ص: 304

{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان ذلك يوم بدر، قال: قالوا: نحن جميع منتصر، قال: فنزلت هذه الآية

(1)

. [حسن]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: أنزل الله جل جلاله على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} ؛ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله! أي جمع -وذلك قبل بدر-؟، قال: فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش؛ نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتاً بالسيف يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} وكان ليوم بدر؛ فأنزل الله عز وجل فيهم: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ} [المؤمنون: 64]، الآية، وأنزل الله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] الآية، ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوسعتهم الرمية، وملأت أعينهم وأفواههم؛ حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه رماد؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]، وأنزل الله في إبليس:{فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ، [الأنفال: 48]، وقال عتبة بن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر: غر هؤلاء دينهم؛ فأنزل الله: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ

= قلنا: والطريق الثانية كالأولى؛ فمقاتل هو وابن سليمان كذاب، ولعل موسى الثقفي أخذه عنه كما تقدم عن ابن حبان، والضحاك لم يلق ابن عباس.

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 357 رقم 18509)، وأحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 49 رقم 4129)، والطبري في "جامع البيان"(27/ 64) من طريق داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ ورواية علي عن ابن عباس محمولة على الاتصال؛ كما تقدم مراراً.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 680) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

ص: 305

مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} [الأنفال:49]

(1)

. [ضعيف جداً]

{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} .

• عن يوسف بن ماهك؛ قال؛ إني عند عائشة؛ إذ جاءها عراقي، فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك! وما يضرك؟ قال: يا أم المؤمنين! أريني مصحفك، قالت: لِمَ، قال: لعلّي أؤلف القرآن عليه؛ فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيّهُ قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإِسلام؛ نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر؛ لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزنوا؛ لقالوا: لا ندع الزنا أبداً، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب:{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} ، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف؛ فأملت عليه آي السور

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(9/ 58 رقم 9121) من طريق إبراهيم بن المنذر نا عبد العزيز بن عمران ثني محمد بن هلال عن أبيه عن أبي هريرة به.

قال الطبراني عقبه: "لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به إبراهيم بن المنذر".

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: عبد العزيز هذا؛ متروك الحديث، احترقت كتبه، فحدث من حفظه؛ فاشتد غلطه؛ كما في "التقريب"(1/ 511).

الثانية: هلال -والد محمد وابن أبي هلال المدني؛ قال أحمد: "لا أعرفه"، وقال الذهبي:"لا يعرف"، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وفي "التقريب":"مقبول".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 78): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 681) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4876، 4993).

ص: 306

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} .

• عن أبي هريرة رضي الله عنهما؛ قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر؛ فنزلت: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: ما نزلت هذه الآية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} إلا في أهل القدر

(2)

. [ضعيف]

• عن زرارة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} ؛ قال: "نزلت في أناس من أمتي يكونون في آخر الزمان يكذبون بقدر الله"

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 2046، 2656).

(2)

أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد"(45/ 136)، والبزار في "مسنده"(3/ 72، 73 رقم 2265 - "كشف الأستار") من طريق يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ يونس بن الحارث ضعيف؛ كما في "التقريب".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 117): "رواه البزار؛ وفيه يونس بن الحارث؛ وثقه ابن معين وابن حبان، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات".

وقال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار"(2/ 110 رقم 1513): "إسناده حسن! ".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 683) وزاد نسبته لابن المنذر، وقال:"بسند جيد".

وكذا قال شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(4/ 53).

والصواب ما ذكرنا.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 286)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 276 رقم 5316)، والواحدي في "أسباب =

ص: 307

• عن عطاء بن أبي رباح؛ قال: أتيت ابن عباس وهو ينزع في ماء زمزم قد ابتلت أسافل ثيابه، فقلت له: قد تكلم في القدر؛ فقال: أو قد فعلوها؟ فقلت: نعم، قال: فوالله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} أولئك شرار هذه الأمة؛ لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم، إن أريتني أحداً منهم، فقأت عينيه بأصبعي هاتين

(1)

. [حسن]

= النزول" (ص 269)، وابن شاهين؛ كما في "الدر المنثور" (7/ 683) -ومن طريقه الخطيب في "تالي التلخيص" (1/ 150 رقم 65)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/ 1231 رقم 3086)، وابن منده في "معرفة الصحابة"؛ كما في "أسد الغابة" (2/ 103)، و"الإصابة" (1/ 548، 549) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (49/ 10) -من طريق سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي وخالد بن سلمة عن عمرو بن زرارة عن أبيه به.

قلنا: سنده ضعيف؛ لجهالة عمرو بن زرارة، وبه أعله شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(4/ 52، 53 رقم 1539).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 117): "وفيه من لم أعرفه".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 683) وزاد نسبته لابن مردويه والبارودي.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 286، 287)، وابن بطة في "الإبانة"(2/ 121، 122 رقم 1550، ص 162 رقم 1628 - القدر)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(3/ 541 رقم 948)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 205) من طريق مروان بن شجاع المروزي عن ابن جريج عن عطاء به.

قلنا: وهذا حسن رجاله ثقات؛ غير مروان؛ فيه كلام، وفي "التقريب":"صدوق له أوهام".

وأما ما يخشى من عنعنة ابن جريج؛ فإن عنعنته عن عطاء خاصة محمولة على الاتصال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 683) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. =

ص: 308

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: جاء أهل نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: الآجال والأرزاق بقدر الأعمال؛ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}

(1)

. [ضعيف]

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: ما نزلت هذه الآية إلا تعييراً

لأهل القدر: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}

(2)

. [ضعيف]

= وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 79، 80 رقم 11163) من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس؛ قال: نزلت هذه الآية في القدرية.

قلنا: وعبد الوهاب؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب"؛ فالحديث ضعيف جداً.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 117): "وفيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو ضعيف".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 683) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن عدي في "الكامل"(7/ 2583) -ومن طريقه البيهقي في "القضاء والقدر"(ص 323، 324) - من طريق هذيل بن بلال المدائني ثنا عمر بن واقد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: هذيل هذا؛ ضعيف، وانظر:"لسان الميزان"(6/ 192).

الثانية: عمر بن واقد لم نجد له ترجمة.

(2)

أخرجه سفيان بن عيينة في "جامعه"؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 684) -ومن طريقه الفريابي في "القدر"(169 رقم 246)، والإمام أحمد في "السُّنة"(2/ 427 رقم 941)، والطبري في "جامع البيان"(27/ 65)، والآجُريُّ في "الشريعة"(ص 162، 222)، وابن بطة في "الإبانة"(رقم 1535)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(4/ 684 رقم 1260) -عن سالم بن أبي حفصة وعاصم بن محمد عن محمد به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد. =

ص: 309

• عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن هذه الآية نزلت في القدرية: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} "

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عطاء؛ قال: جاء أسقف نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! تزعم أن المعاصي بقدر، والبحار بقدر، والسماء بقدر، وهذه الأمور تجري بقدر، فأما المعاصي؛ فلا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتما خصماء الله"؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى قوله {خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}

(2)

. [ضعيف جداً]

= وأخرجه الفريابي (ص 226 رقم 409)، والإمام أحمد (2/ 419 رقم 919)، والطبري في "جامع البيان" (27/ 65) من طريقين عن خصيف الجزري عن محمد بن كعب: نزلت هذه الآية في أهل القدر، هذا لفظ أحمد.

ولفظ الباقين: لما تكلم الناس في القدر؛ نظرت، فإذا هذه الآية أنزلت فيهم.

قلنا: وهذا مع إرساله ضعيف؛ لأجل خصيف.

وأخرجه البيهقي في "القدر"(ص 553)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 270) من طريق بقية بن الوليد ثنا ابن ثوبان عن بكر بن أسيد عن أبيه عن محمد بنحوه.

قلنا: وسنده ضعيف.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 683) ونسبه لابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر، وقال:"بسند ضعيف".

قلنا: هو عند ابن عدي في "الكامل"(5/ 2017)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 269) من طريق عفير بن معدان عن سليم بن عامر؛ قال: أشهد بالله لسمعت أبا أمامة يقول: (فذكره).

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لأجل عفير.

قال الحافظ ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ"(2/ 985): "وعفير ليس بشيء في الحديث". اهـ.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 269) من طريق علي بن محمد الطنافسي ثنا عبيد الله بن موسى ثنا بحر السقاء عن شيخ من قريش عن عطاء به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: =

ص: 310

• عن سيار أبي الحكم؛ قال: بلغنا أن وقد نجران قالوا: أما الأرزاق والآجال؛ فبقدر، وأما الأعمال؛ فليست بقدر؛ فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى آخر الآيات

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جاء العاقب والسيد، وكانا رأسي النصارى بنجران، فتكلما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بكلام شديد في القدر، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت ما يجيبهما بشيء حتى انصرفا؛ فأنزل الله عز وجل:{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} الذين كفروا وكذبوا بالله قبلكم: {أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} : في الكتاب الأول، إلى قوله:{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ} الذين كفروا وكذبوا بالقدر قبلكم {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)} في أم الكتاب {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)} ؛ يعني: مكتوب.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي ليس لهما في الإِسلام نصيب: المرجئة والقدرية، أنزلت فيهم آية من كتاب الله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى آخر الآية".

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: المكذبون بالقدر مجرموا هذه

= الأولى: الإعضال.

الثانية: عطاء؛ صدوق كثير الخطأ يرسل ويدلس؛ كما في "التقريب".

الثالثة: جهالة الشيخ القرشي.

الرابعة: بحر السّقاء؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

(1)

أخرجه الفريابي في "القدر"(ص 170 رقم 249)، والآجريُّ في "الشريعة"(ص 205)، وابن بطة في "الإبانة"(رقم 1826) بسند صحيح إلى معتمر بن سليمان ثنا أبو مخزوم عن سيار به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أبو مخزوم؛ لم نظفر بترجمته.

الثانية: الإعضال.

ص: 311

الأمة، وفيهم أنزلت هذه الآية:{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47)} إلى قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)}

(1)

.

• عن مجاهد؛ قال: نزلت هذه الآية في أهل التكذيب، إلى آخر الآية.

قال مجاهد: قلت لابن عباس: ما تقول فيمن يكذب بالقدر؟ قال:

اجمع بيني وبينه، قلت: ما تصنع به؟ قال: أخنقه حتى أقتله

(2)

.

(1)

ذكرها السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 685) ونسبها لابن مردويه.

(2)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 685) ونسبهما لعبد بن حميد.

ص: 312

‌سورة الرحمن

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الرحمن بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: أنزل بمكة سورة الرحمن.

• وعن عائشة رضي الله عنهما؛ قالت: نزلت سورة الرحمن بمكة

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الرحمن بالمدينة

(3)

.

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} .

• عن عطاء الخراساني: أن أبا بكر رضي الله عنه ذكر ذات يوم وفكر في يوم القيامة والموازين والجنة حيث أزلفت وفي النار حين أبرزت، وصفوف الملائكة وطي السماوات والأرض، ونسف الجبال وتكوير الشمس وانتثار الكواكب، فقال: وددت أني كنت خضراً من هذه الخضراء تأتي عليّ بهمة فتأكلني وأني لم أخلق؛ فنزلت هذه الآية: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)}

(4)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 689) ونسبه للنحاس.

(2)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 689) ونسبهما لابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 689) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(4)

أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(1/ 307، 308 رقم 51) من طريق كنانة بن جبلة عن عثمان بن عطاء عن أبيه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل: =

ص: 313

• عن ابن شوذب؛ قال: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه

(1)

. [ضعيف]

• عن عطية بن قيس في قوله -تعالى-: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} ؛ نزلت في الذي قال: احرقوني بالنار لعلّي أضل الله، قال: تاب يوماً وليلة بعد أن تكلم بهذا؛ فقبل الله منه وأدخله الجنة

(2)

. [ضعيف جداً]

= الأولى: الإعضال؛ فعطاء لم يدرك أحداً من الصحابة.

الثانية: عطاء الخراساني؛ صدوق كثير الخطأ يرسل ويدلس.

الثالثة: ابنه عثمان؛ ضعيف الحديث.

الرابعة: كنانة ذا؛ اتهمه ابن معين ووافقه عثمان الدارمي على ذلك، وقال أبو حاتم:"محله الصدق يكتب حديثه، حسن الحديث".

انظر: "الجرح"(7/ 170)، و"الميزان"(3/ 415) وغيرها.

والأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 706)، و"لباب النقول"(ص 203) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(7/ 706)، و"لباب النقول"(ص 203) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهذا ضعيف -أيضاً-؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 296): ثنا أبي ثنا محمد بن مصفى ثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: بقية؛ مدلس ولم يصرح بالتحديث.

الثانية: أبو بكر بن أبي مريم؛ متروك؛ كما قال الدارقطني وابن حبان.

الثالثة: الإرسال.

• فائدة: قال الحافظ ابن كثير: "والصحيح أن هذه الآية عامة؛ كما قاله ابن عباس وغيره". اهـ.

ص: 314

‌سورة الواقعة

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الواقعة بمكة

(1)

.

• عن ابن الزبير مثله

(2)

.

{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)} ؛ ذكر فيها: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} ، قال عمر: يا رسول الله! ثلة من الأولين وقليل منا؟ قال: فأمسك آخر السورة سنة، ثم نزل:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمر! تعال فاستمع ما قد أنزل الله؛ {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} ألا من آدم إليَّ ثُلَّة، وأُمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان، من رعاة الإبل، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له"

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 3) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 3) ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(42/ 186) من طريق محمد بن خيم: ثنا هشام بن عمار، ثنا عبد ربه بن صالح، عن عروة بن رويم، عن جابر به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الانقطاع؛ فعروة لم يدرك جابراً؛ كما في "التهذيب".

الثانية: عبد ربه بن صالح؛ مجهول.

وقال الحافظ ابن كثير: "في إسناده نظر". =

ص: 315

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14)} ؛ شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)} ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة -أو: شطر أهل الجنة- وتقاسموهم النصف الثاني"

(1)

. [ضعيف]

= وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 203): "بسند فيه نظر".

وقد أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"(1/ 298/ 520) عن أحمد بن المعلى، عن هشام بن عمار، عن عثمان بن علان، عن عروة به.

فقال: "عن عثمان بن علان" بدل "عبد ربه بن صالح".

وعثمان -هذا- لم نجد له ترجمة.

وذكره في "الدر المنثور"(8/ 7) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 391)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 305) من طريق شريك القاضي عن محمد -بياع الملاء- عن أبيه عن أبي هريرة به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 118): "رواه أحمد من حديث محمد -بياع الملاء- عن أبيه ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات".

قلنا: وفيه علة ثالثة غفل عنها وهي ضعف شريك القاضي.

لكنه توبع: فأخرجه الطبراني؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(2/ 85)، و"فتح الباري"(11/ 387) -وعنه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء"(7/ 101) -من طريق هاشم بن مخلد عن ابن المبارك عن الثوري عن محمد بنحوه، فبرئت ذمة شريك منه.

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 203): "بسند فيه من لا يعرف".

وسكت عنه الحافظ في "الفتح"(11/ 387)، وليس بجيد منه.

وصححه الشيخ أحمد شاكر (17/ 132 رقم 9069)!

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 7) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

ثم تنبهنا لأمر وهو: أن محمداً هذا روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان، وهو من أتباع التابعين؛ فمثله يحسن حديثه -إن شاء الله-، وفي "التقريب":"مقبول"، لكن قال الذهبي عنه وعن أبيه في "المغني":"لا يعرفان".

فالعلة هي من والده؛ فقد تفرد عنه ابنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان؛ فهو مجهول =

ص: 316

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)} .

• عن عطاء ومجاهد؛ قالا: لما سأل أهل الطائف الوادي يُحمى لهم وفيه عسل؛ ففعل، وهو واد معجب، فسمعوا الناس يقولون: في الجنة كذا وكذا، قالوا: يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)

= العين، ولعله لذلك قال الذهبي:"لا يعرف"، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(1)

أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"؛ كما في "لباب النقول"(ص 203)، و"الدر المنثور" (8/ 12) -ومن طريقه البيهقي في "البعث" (ص 187 رقم 277) -: ثنا عتاب بن بشير أنبأ خصيف الجزري عن عطاء ومجاهد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: خصيف الجزري؛ قال عنه في "التقريب": "صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره".

الثالثة: عتاب بن بشير؛ لا بأس به إلا في روايته عن خصيف؛ فإنها منكرة؛ كما نص على هذا الإمام أحمد وابن عدي.

انظر: "التهذيب"(7/ 90، 91)، و"الكامل"(5/ 1994).

وزاد السيوطي في "الدر المنثور" نسبته لابن المنذر.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 104)، والبيهقي في "البعث" (ص 188 رقم 278) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ قال في قوله:{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)} ؛ يعني: الموز المتراكم، وذلك أنهم كانوا يعجبون بوج وظلاله من طلحه وسدره؛ فأنزل الله:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)} .

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور"(8/ 12) لعبد بن حميد.

ص: 317

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر؛ قالوا: هذا رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا"، قال: فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)} حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}

(1)

[صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} ؛ قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في حر شديد، فنزل الناس على غير ماء، فعطشوا؛ فاستسقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم:"فلعلي لو فعلت فسقيتم قلتم: هذا بنوء كذا وكذا"، قالوا: يا نبي الله! ما هذا بحين أنواء؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ، ثم قام فصلى، فدعا الله -تعالى-؛ فهاجت ريح، وثابت سحاب؛ فمطروا حتى سال كل واد، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يغرف بقدحه ويقول: هذا نوء فلان؛ فنزل: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}

(2)

.

• عن أبي حرزة؛ قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار في غزوة تبوك، ونزلوا بالحجر، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحملوا من ماءها شيئاً، ثم نزل منزلاً آخر وليس معهم ماء؛ فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقام يصلي ركعتين، ثم دعا؛ فأرسل سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها، فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق: ويحك أما ترى ما دعا النبي صلى الله عليه وسلم فأمطر الله علينا السماء. فقال: إنما مطرنا بنوء كذا وكذا؛

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(1/ 84 رقم 73).

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 28، 29) ونسبه لابن مردويه.

ص: 318

فأنزل الله -تعالى-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}

(1)

.

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر؛ قالوا: هذه رحمة وضعها الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا"؛ فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)} حتى بلغ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}

(2)

.

• عن قتادة في قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} ؛ فقال: أما الحسن؛ فقال: بئس ما أخذ القوم لأنفسهم؛ لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب، قال: وذكر لنا أن الناس أمحلوا على عهد نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا نبي الله! لو استسقيت لنا؟ فقال: "عسى قوم إن سقوا أن يقولوا: سقينا بنوء كذا وكذا"، فاستسقى نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فمطروا، فقال رجل: إنه قد كان بقي من الأنواء كذا وكذا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)}

(3)

[ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 204)، و"الدر المنثور"(8/ 29) ونسبه لابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 29) ونسبه لابن عساكر.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 30) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 319

‌سورة الحديد

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الحديد بالمدينة

(1)

.

• وعن ابن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت سورة الحديد بالمدينة

(2)

.

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} .

• عن عبد العزيز بن أبي رواد: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ظهر فيهم المزاح والضحك؛ فأنزل الله -تعالى-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}

(3)

. [ضعيف]

• عن الأعمش؛ قال: لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأصابوا من العيش ما أصابوا بعدما كان بهم من الجهد؛ فكأنهم فتروا

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 45) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه والبيهقي.

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14/ 60 رقم 17564): ثنا محمد بن عبد الله الأسدي ثنا عبد العزيز به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 320

عن بعض ما كانوا عليه؛ فنزلت: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}

(1)

[ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذوا في

شيء من المزاح؛ فأنزل الله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}

(2)

[ضعيف]

• عن القاسم؛ قال: ملّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: حدثنا يا

رسول الله! فأنزل الله -تعالى-: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]، ثم ملوا ملة؛ فقالوا: حدثنا يا رسول الله! فأنزل الله عز وجل:

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}

(3)

[ضعيف]

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من

أصحابه في المسجد وهم يضحكون، فسحب رداءه محمراً وجهه؛ فقال:

(1)

أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد"(1/ 274، 275 رقم 250)،

وعبد الرزاق في "تفسيره"- بنحوه- (2/ 276) عن الثوري عن الأعمش به.

قلنا: وهذا - أيضاً- معضل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 58) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 204)، و"الدر المنثور"(8/ 58) ونسبه

لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

ذكره السيوطي في "اللباب"، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن

القاسم به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، إن صح السند إلى السدي.

ص: 321

"أتضحكون ولم يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم؟ ولقد أنزل عليّ في ضحككم آية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}، قالوا: يا رسول الله! فما كفارة ذلك؟ قال: "تبكون قدر ما ضحكتم".

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه لا أعلمه إلا مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: "استبطأ الله قلوب المهجرين بعد سبع عشرة من نزول القران؛ فأنزل الله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} الآية"

(1)

.

{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بدلوا التوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، فقيل لملوكهم: ما نجد شتماً أشد من شتم يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، وهؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم؛ فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنا؛ فدعاهم، فجمعهم، وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ دعونا، فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا فلا نرد عليكم، وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 57) ونسبهما لابن مردويه.

ص: 322

كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم؛ فاقتلونا، وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر الآبار ونحترث البقول؛ فلا نرد عليكم، ولا نمر بكم، وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم، قال: ففعلوا ذلك؛ فأنزل الله عز وجل: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} ، والآخرون قالوا: نتعبد كما تعبد فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتخذ دوراً كما اتخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا القليل؛ انحط رجل من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدقوه؛ فقال الله تبارك وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} : أجرين؛ بإيمانهم بعيسى ابن مريم، وتصديقهم بالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، قال:{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} : القرآن واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم، قال:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} الذين يتشبهون بكم {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}

(1)

. [حسن]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} .

(1)

أخرجه النسائي في "المجتبى"(8/ 231 - 233)، و"التفسير"(2/ 384 - 387 رقم 587)، والطبري في "جامع البيان"(27/ 138) من طريق سفيان الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات، وفي عطاء كلام وكان قد اختلط؛ لكن سماع الثوري منه قديم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 65) وزاد نسبته للحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" وابن المنذر وابن مردويه.

ص: 323

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فشهدوا معه أُحُداً وكانت فيهم جراحات، ولم يقتل منهم أحد، فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة؛ قالوا: يا رسول الله! إنا أهل ميسرة فائذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين؛ فأنزل الله عز وجل فيهم: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52)} [القصص: 52]{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54]؛ فجعل لهم أجرين، قال:{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرعد: 22]؛ قال: تلك النفقة التي واسوا بها المسلمين حتى نزلت هذه الآية، قال: ففخر أهل الكتاب على المسلمين حتى نزلت هذه الآية، فقالوا: يا معشر المسلمين! أما من آمن منا بكتابكم؛ فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم؛ فله أجر كأجوركم؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} ؛ فزادهم النور والمغفرة، وقال:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(7/ 336، 337 رقم 7662): ثنا محمد بن موسى الإصطخري ثنا أبو أسامة عبد الله بن أسامة الكلبي ثنا علي بن ثابت الدهان ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن جعفر بن أبي المغيرة إلا يعقوب القمي تفرد به علي بن ثابت".

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ الطبراني لم نجد له ترجمة.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 121): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه من لم أعرفه".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 205): "بسند فيه من لا يعرف".

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(27/ 140، 141): ثنا ابن حميد ثنا مهران ثنا يعقوب به مرسلاً لم يذكر ابن عباس. =

ص: 324

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: لما نزلت: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54]؛ فَخَرَ مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لنا أجران ولكم أجر؛ فاشتد ذلك على الصحابة؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} ؛ فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب وسوّى بينهم في الأجر

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} ؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ حسد أهل الكتاب المسلمين عليها؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ}

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبي فيقطع

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: ابن حميد؛ ضعيف متهم بالكذب.

الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ.

الثالثة: الإرسال.

قال الزيلعي في "تخريج الكشاف"(3/ 419): "وهذا مرسل".

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 205)، و"الدر المنثور"(8/ 67) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 276)، والطبري في "جامع البيان"(27/ 142، 143) من طريقين عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 68) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 325

الأيدي والأرجل، فلما خرج من العرب؛ كفروا؛ فأنزل الله -تعالى-:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ؛ يعني بالفضل: النبوة

(1)

.

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قسم العمل وقسم الأجر، وفي لفظ: وقسم الأجل، فقيل لليهود: اعملوا؛ فعملوا إلى نصف النهار، فقيل: لكم قيراط، وقيل للنصارى: اعملوا؛ فعملوا من نصف النهار إلى العصر، فقيل: لكم قيراط، وقيل للمسلمين: اعملوا؛ فعملوا من العصر إلى غروب الشمس، فقيل: لكم قيراطان، فتكلمت اليهود والنصارى في ذلك، فقالت اليهود: أنعمل إلى نصف النهار فيكون لنا قيراط؟ وقالت النصارى: أنعمل من نصف النهار إلى العصر فيكون لنا قيراط؟ ويعمل هؤلاء من العصر إلى غروب الشمس فيكون لهم قيراطان؟ "؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} إلى آخر الآية، ثم قال:"إن مثلكم فيمن قبلكم من الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس"

(2)

.

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 205)، و"الدر المنثور"(8/ 68) ونسبه لابن المنذر وعبد بن حميد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 68) ونسبه لابن مردويه.

ص: 326

‌سورة المجادلة

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة المجادلة بالمدينة

(1)

.

• عن ابن الزبير مثله

(2)

.

{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: تبارك الذي وسع سمعه كلَّ شيء، إني لأسمع كلام خولة ابنة ثعلبة ويخفى عليَّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله! أكل شبابي، ونثرت له بطني حتى إذا كبر سنين وانقطع ولدي؛ ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، قال: فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} ؛ قال: زوجها: أوس بن الصامت.

وفي رواية رضي الله عنها؛ قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، إن خولة تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخفى عليّ أحياناً بعض ما تقول، قالت: فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 69) ونسبه لابن الضريس والنحاس وأبو الشيخ في "العظمة" والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي ونسبه لابن مردويه.

ص: 327

الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه" -معلقاً- (13/ 372)، ووصله أحمد في "المسند"(6/ 46)، والنسائي في "المجتبى"(6/ 168)، وفي "الكبرى"(3/ 368 رقم 5654، 6/ 482 رقم 11570)، وابن ماجه (رقم 188 و 2063)، وعبد بن حميد في "المسند"(2/ 235 رقم 1512 - "منتخب")، وأبو يعلى في "المسند"(8/ 214 رقم 4780)، والدارمي في "الرد على بشر المريسي"(ص 46)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 5، 6)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 278 رقم 625)، والآجري في "الشريعة"(2/ 71، 72 رقم 704، 705)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(رقم 731)، والبزار في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 425)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 340، 341)، وابن منده في "التوحيد"(3/ 51 رقم 414)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(3/ 410 رقم 689)، والإسماعيلي في "معجمه"(1/ 451، 452 رقم 106)، وابن بطة في "الإبانة"(3/ 114 رقم 85 - الرد على الجهمية)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 273)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 425)، والحاكم (2/ 481)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 382)، و"السنن الصغير"(3/ 138 رقم 2731)، و"معرفة السنن والآثار"(5/ 527 رقم 4533)، و"الأسماء والصفات"(1/ 457، 458 رقم 385)، و"الاعتقاد"(ص 85)، والحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق"(5/ 338، 339) من طرق عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة به.

قلنا: وهذا سنده صحيح؛ رجاله ثقات رجال مسلم.

قال ابن منده: "هذا حديث مجمع على صحته، رواه جماعة عن الأعمش".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال الحافظ ابن حجر: "هذا حديث صحيح، وتميم وثقه ابن معين وغيره".

وسكت عنه في "فتح الباري"(13/ 373).

وصححه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل"(7/ 175)، والتعليق على كتاب "السنة".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 69) وزاد نسبته لسعيد بن منصور.

ص: 328

• عن خويلة بنت ثعلبة رضي الله عنها وكانت عند أوس بن الصامت أخي عبادة بن الصامت رضي الله عنهم؛ قالت: دخل عليّ ذات يوم فكلمني بشيء وهو فيه كالضجر، فرددته؛ فغضب، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، ثم خرج فجلس في نادي قومه، ثم رجع، فأرادني على نفسي؛ فامتنعت منه؛ فشادني فشاددته، فغلبته بما تغلب به المرأة الرجل الضعيف، فقلت: كلا، والذي نفسُ خويلة بيده؛ لا تصل إليها حتى يحكم الله فيّ وفيك حكمه، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أشكو ما لقيت منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"زوجك وابن عمك، فاتقي الله وأحسني صحبته". قالت: فما برحت حتى نزل القرآن: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} حتى انتهى إلى الكفارة، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"مريه؛ فليعتق رقبة"، قلت: والله يا نبي الله! ما عنده من رقبة يعتقها، قال:"مريه؛ فليصم شهرين متتابعين"، فقلت: يا رسول الله! شيخ كبير ما به من صيام، قال:"فليطعم ستين مسكيناً"، قلت: يا نبي الله! ما عنده ما يُطعِم، قال:"سنعينه بعرق من تمر" -والعرق: مكتل يسع ثلاثين صاعاً-، قلت: وأنا أعينه بعرق آخر، قال:"قد أحسنت، فليتصدق به"

(1)

. [حسن لغيره]

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 410، 411)، وأبو داد (رقم 2214، 2215)، وابن حبان في "صحيحه"(10/ 107، 108 رقم 4279 - "إحسان")، وابن الجارود في "المنتقى"(3/ 65 - 67 رقم 746)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(6/ 53 - 54/ 3257 و 3258)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 5)، والطبراني في "الكبير"(1/ رقم 616، 24/ رقم 633)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 389، 391)، والمزي في "تهذيب الكمال"(28/ 312 - 314)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 274)، وفي "الوسيط"(4/ 262) من طريق ابن إسحاق حدثني معمر بن عبد الله عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة به.

قلنا: هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة معمر هذا؛ فلم يرو عنه إلا ابن إسحاق، ولم يوثقه إلا ابن حبان.

ولذلك قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(4/ 464): "ومعمر هذا لم =

ص: 329

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يذكر بأكثر من رواية ابن إسحاق عنه؛ فهو مجهول الحال".

قلنا: والعين -أيضاً-.

وقال الذهبي: "لا يعرف"، وقال الحافظ:"مقبول".

ومع ذلك صححه ابن حبان وابن الجارود، وحسنه الحافظ في "الفتح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 70) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

وله شاهد من مرسل صالح بن كيسان عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 378، 379) بسند صحيح.

وآخر من مرسل عطاء بن يسار عند البيهقي بسند صحيح، ويشهد له حديث عائشة السابق.

وله شاهد رابع من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية: أنت عليّ كظهر أمي؛ حَرُمت في الإسلام، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكانت تحته ابنة عم له يقال لها: خويلة بنت خويلد، وظاهر منها؛ فأسقط في يديه، وقال: ما أراكِ إلا قد حَرُمتِ عليَّ وقالت له مثل ذلك، قال: فانطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه، فأخبرته؛ فقال:"يا خويلة! ما أمرنا في أمرك بشيء"؛ فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا خويلة! أبشري"، قالت: خيراً، قال: فقرأ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)} إلى قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} قالت: وأي رقبة لنا، والله ما يجد رقبة غيري، قال:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} قالت: والله لولا أنه يشرب في اليوم ثلاث مرات؛ لذهب بصره، قال:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} قال: من أين؟ ما هي إلا أكلة إلى مثلها، قال: فرعاه بشطر وسق وثلاثين صاعاً، والوسق ستون صاعاً، فقال:"ليطعم ستين مسكيناً وليراجعك".

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 3، 4)، والبزار في "مسنده"(رقم 1513 - كشف)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ رقم 11689)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 392)، والنحاس في "ناسخه"(ص 233) من طريق أبي حمزة الثمالي عن عكرمة عن ابن عباس به. =

ص: 330

• عن عائشة رضي الله عنها: أن جميلة كانت امرأة أوس بن الصامت، وكان أوس امرؤ به لمم، فإذا اشتد لممه؛ ظاهر من امرأته؛ فأنزل الله فيه كفارة الظهار

(1)

. [صحيح]

= قلنا: وسنده حسن في الشواهد؛ لأن أبا حمزة هذا ضعيف.

قال البزار: "وأبو حمزة؛ لين الحديث، وقد خالف في روايته متن حديث الثقات في أمر الظهار، وحديث أبي حمزة منكر".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 7): "وفيه أبو حمزة الثمالي وهو ضعيف".

وأخرجه أبو داود في "سننه"(رقم 2223)، والنسائي في "المجتبى"(6/ 167)، والترمذي (رقم 1991)، وابن ماجه (رقم 2065)، وابن الجارود (رقم 747)، والحاكم (2/ 204)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 386)، و"السنن الصغير"(3/ 138، 139 رقم 2733)، و"معرفة السنن والآثار" (5/ 528 رقم 4534) من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله! إني ظاهرت من امرأتي، فوقعت عليها من قبل أن أكفر، قال:"وما حملك على ذلك يرحمك الله؟ "، قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال:"فلا تقربها حتى تفعل ما أمر الله -تعالى- به".

وليس فيه التصريح بسبب النزول.

وسنده حسن من أجل الحكم هذا، وحسّنه الحافظ في "الفتح"(9/ 343)، وانظر:"الإرواء"(7/ 173 رقم 2087).

(1)

أخرجه أبو داود في "سننه"(2/ 267 رقم 2220)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 6)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 481)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 382)، و"معرفة السنن والآثار"(5/ 527 رقم 4532) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وليس كما قالا؛ فإن مسلماً لم يخرج هذا الحرف [حماد بن سلمة عن =

ص: 331

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن خولة أو خويلة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن زوجي ظاهر مني؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أراك إلا قد حرمت عليه"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي؛ فأنزل الله -تعالى-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ}

(1)

.

• عن محمد بن سيرين؛ قال: إن أول من ظاهر في الإسلام زوج خويلة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن زوج ظاهر مني، وجعلت تشكو إلى الله؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"ما جاءني في هذا شيء"، قالت: فإلى من يا رسول الله؟! إن زوجي ظاهر مني، فبينما هي كذلك؛ إذ نزل الوحي:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} حتى بلغ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، ثم حبس الوحي، فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليها، فقالت: لا يجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هو ذاك"، فبينما هو كذلك؛ إذ نزل الوحي:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاها عليها فقالت: لا يستطيع أن يصوم يوماً واحداً، قال:"هو ذاك"، فبينما هو كذلك؛ إذ نزل الوحي:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليها، فقالت: لا يجد يا رسول الله! قال: "إنا سنعينه"

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن رضي الله عنه: أن رجلاً ظاهر من امرأته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم -وكان الظهار أشد من الطلاق وأحرم الحرام؛ إذا ظاهر من امرأته لم ترجع إليه أبداً-، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا نبي الله! إن زوجي وأبا

= هشام] وإنما خرج أحاديث حماد بن سلمة عن ثابت -والله أعلم-.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 71) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 72) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 73) ونسبه لعبد بن حميد وابن مردويه.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 332

ولدي ظاهر مني، وما يطلع إلا الله على ما يدخل علي من فراقه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"قد قال ما قال"، قالت: فكيف أصنع؟ ودعت الله واشتكت إليه؛ فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى آخر الآيات، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها، فقال:"تعتق رقبة"، قال: ما في الأرض رقبة أملكها، قال:"تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: يا رسول الله! إني بلغت سناً وبي دوران، فإذا لم آكل في اليوم مراراً؛ أدير علي حتى أقع، قال:"تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: والله ما أجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سنعينك"

(1)

. [ضعيف]

• عن يزيد بن زيد الهمداني في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ؛ قال: هي خولة بنت الصامت، وكان زوجها مريضاً؛ فدعاها، فلم تجبه وأبطأت عليه؛ فقال: أنت عليّ كظهر أمي، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت هذه الآية:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعتق رقبة"، قال: لا أجد، قال:"فصم شهرين متتابعين"، قال: لا أستطيع، قال:"فأطعم ستين مسكيناً"، قال: لا، والله ما عندي إلا أن تعينني، فأعانه النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً، فقال: والله ما في المدينة أحوج إليها مني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فكلها أنت وأهلك"

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة: أن الرجل قال: والله يا نبي الله! ما أجد رقبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بزايدك"؛ فأنزل الله -تعالى- عليه: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، فقال: والله يا نبي الله! ما أطيق الصوم؛ إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة؛ لقيت ولقيت، فجعل يشكو إليه، فقال:

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 73، 74) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 74) ونسبه لعبد بن حميد.

ص: 333

"ما أنا بزايدك"؛ فنزلت: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن خويلة ابنة ثعلبة وكان زوجها أوس بن الصامت قد ظاهر منها، فجاءت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ظاهر مني زوجي حين كبر سني ورق عظمي؛ فأنزل الله فيها ما تسمعون: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} حتى بلغ: {لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى قوله: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} : وذلك أن خولة بنت الصامت -امرأة من الأنصار- ظاهر منها زوجها، فقال: أنت عليّ مثلَ ظهر أمي، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه، حتى إذا كبرت ودخلت في السن؛ قال: أنت عليّ مثلَ ظهر أمي، فتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله! تنعشني وإياه بها؛ فحدثني بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن، ولكن ارجعي إلى بيتك؛ فإن أؤمر بشيء لا أغممه عليك إن شاء الله"، فرجعت إلى بيتها، وأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى قوله: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ؛ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها، فلما أتاه؛ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أردت إلى يمينك التي أقسمت عليها؟ "؛ فقال: وهل لها كفارة؟ فقال له

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 278) عن معمر عن أيوب عنه به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 3) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 334

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ "، قال: إذاً يذهب مالي كله؛ الرقبة غالية وأنا قليل المال، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: لا، والله لولا أني آكل في اليوم ثلاث مرات لَكَلَّ بصري، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: لا والله؛ إلا أن تعينني على ذلك بعون وصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني معينك بخمسة عشر صاعاً، وأنا داع لك بالبركة"؛ فأصلح ذلك بينهما، قال: وجعل فيه تحرير رقبة لمن كان موسراً لا يكفر عنه إلا تحرير رقبة إذا كان موسراً من قبل أن يتماسا، فإن لم يكن موسراً؛ فصيام شهرين متتابعين لا يصلح له إلا الصوم إذا كان معسراً إلا أن لا يستطيع، فإن لم يستطع؛ فإطعام ستين مسكيناً، وذلك كله قبل الجماع

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: كانت خولة ابنة ثعلبة تحت أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لمم، فقال في بعض هجراته: أنت عليّ كظهر أمي، ثم ندم على ما قال، فقال لها: ما أظنك إلا قد حرمت عليّ، قالت: لا تقل ذلك؛ فوالله ما أحب الله طلاقاً، قالت: ائت رسول الله فسله، فقال: إني أجدني أستحيي منه أن أسأله عن هذا، فقالت: فدعني أن أسأله، فقال لها: سليه، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا نبي الله! إن أوس بن الصامت أبو ولدي وأحب الناس إليّ قد قال كلمة، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً؛ قال: أنت عليّ كظهر أمي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إما أراك إلا قد حرمت عليه"، قالت: لا تقل ذلك يا نبي الله! والله ما ذكر طلاقًا، فرادّت النبيَّ صلى الله عليه وسلم مراراً، ثم قالت: اللهم إني أشكو اليوم شدة حالي ووحدتي وما يشق عليَّ فراقه،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 4).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 335

اللهم فأنزل على لسان نبيك؛ فلم ترم مكانها حتى أنزل الله {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى أن ذكر الكفارات؛ فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أعتق رقبة"، فقال: لا أجد، فقال:"صم شهرين متتابعين"، قال: لا أستطيع؛ إني لأصوم اليوم الواحد فيشق عليّ، قال:"أطعم ستين مسكيناً"، قال: أما هذا؛ فنعم

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي إسحاق: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ؛ قال: نزلت في امرأة اسمها خولة، وقال عكرمة: اسمها خويلة ابنة ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت، جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أراك إلا قد حرمت عليه"، وهو حينئذ يغسل رأسه، فقالت: انظر جعلت فداك يا نبي الله! فقال: "ما أراك إلا قد حرمت عليه"، فقالت: انظر في شأني يا رسول الله! فجعلت تجادله، ثم حوّل رأسه ليغسله؛ فتحولت من الجانب الآخر، فقالت: انظر جعلني الله فداك يا نبي الله! فقالت الغاسلة: اقصري حديثك ومخاطبتك يا خويلة! أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متربداً ليوحى إليه؛ فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} حتى بلغ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، قال قتادة: فحرمها ثم يريد أن يعود لها فيطأها؛ فتحرير رقبة، حتى بلغ:{بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ، قال أيوب -أحسبه ذكره عن عكرمة-: إن الرجل قال: يا نبي الله! ما أجد رقبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بزائدك"؛ فأنزل الله

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 4): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن أبي معشر المدني عن محمد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: ابن حميد؛ متروك متهم بالكذب.

الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ.

الثالثة: أبو معشر المدني، اسمه نجيح؛ ضعيف أسن واختلط.

الرابعة: الإرسال.

ص: 336

عليه: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ؛ فقال: "والله يا نبي الله! ما أطيق الصوم؛ إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت، فجعل يشكو إليه، فقال: "ما أنا بزائدك"؛ فنزلت: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}

(1)

. [ضعيف]

• عن عطاء بن يسار: أن خويلة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت، فتظاهر منها وكان به لمم، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أوساً تظاهر مني، وذكرت أن به لمماً، فقالت: والذي بعثك بالحق؛ ما جئتك إلا رحمة له، إن له فيّ منافع؛ فأنزل الله عز وجل فيهما القرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مريه؛ فليعتق رقبة"، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ولا يملكها، فقال:"مريه؛ فليصم شهرين متتابعين"، فقالت: والذي بعثك بالحق لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع وكان الحر، فقال:"مريه؛ فيطعم ستين مسكيناً"، فقالت: والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه، قال:"مريه؛ فليذهب إلى فلان بن فلان؛ فقد أخبرني أن عنده شطر تمر صدقة فليأخذه صدقة عليه، ثم ليتصدق به على ستين مسكيناً"

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 4، 5) من طريق محمد بن ثور عن معمر عنه به.

قلنا: وسنده ضعيف.

(2)

أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 389، 390) من طريق إسماعيل بن جعفر ثنا محمد بن أبي حرملة عن عطاء به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وقال البيهقي عقبه: "هذا مرسل".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 71) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن مردويه.

ص: 337

تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وذلك أن خولة امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه، حتى إذا كبرت ودخلت في السنن؛ قال: أنت عليّ كظهر أمي، وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله! تنعشني وإياه بها؛ فحدثني بها، قال:"والله؛ ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن، ولكن ارجعي إلى بيتك؛ فأن أومر بشيء لا أعميه عليك إن شاء الله"، فرجعت إلى بيتها؛ فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها؛ فقال:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى قوله: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، فأرسل إلى زوجها، فقال:"هل تستطع أن تعتق رقبة؟ "، قال: إذن يذهب مالي كله؛ الرقبة غالية وأنا قليل المال، قال:"هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: والله؛ لولا أني آكل كل يوم ثلاث مرات؛ لَكَلَّ بصري، قال:"هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: لا والله؛ إلا أن تعينني، قال:"إني معينك بخمسة عشر صاعاً"

(1)

.

• عن أنس رضي الله عنه: أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة، فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ظاهر مني زوجي حين كبر سني ودق عظمي؛ فأنزل الله آية الظهار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعتق رقبة"، قال: مالي بذلك يدان، قال:"فصم شهرين متتابعين"، قال: إني إذا أخطأني أن آكل في اليوم ثلاث مرات لَكَلَّ بصري، قال:"فأطعم ستين مسكيناً"، قال: ما أجد؛ إلا أن تعينني؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صاعاً حتى جمع الله له أهله

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 72) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 72، 73) ونسبه لابن مردويه.

ثم رأينا الواحدي أخرجه في "أسباب النزول"(ص 273، 274) من طريق =

ص: 338

• عن عكرمة: أن امرأة أخي عبادة بن الصامت جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها؛ ظاهر منها، وامرأة تفلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: تدهنه، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم نظره إلى السماء؛ فقالت التي تفلي لامرأة أخي عبادة بن الصامت رضي الله عنه-واسمها خولة بنت ثعلبة-: يا خولة! ألا تسكتي؟ فقد ترينه ينظر إلى السماء؛ فأنزل الله فيها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} ؛ فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عتق رقبة، فقال: لا أجد، فعرض عليه صيام شهرين متتابعين، فقال: لا أطيق؛ إن لم آكل كل يوم ثلاث مرات؛ شق بي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"فأطعم ستين مسكيناً"، قال: لا أجد، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من تمر، فقال له:"خذ هذا فاقسمه"، فقال الرجل: ما بين لابتيها أفقر مني؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "كله أنت وأهلك"

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي العالية، قال: إن خويلة ابنة الدليج أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل شق رأسه، فقالت: يا رسول الله! طالت صحبتي مع زوجي، ونفضت له بطني، وظاهر مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حرمت عليه"، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي، ثم قالت: يا رسول الله! طالت صحبتي، ونفضت له بطني؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حرمت عليه"، فجعل إذ قال لها:"حرمت عليه"؛ هتفت، وقالت: أشكو إلى الله فاقتي، قال: فنزل الوحي وقد قامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر، فأومأت إليها عائشة أن أسكتي، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي أخذه

= محمد بن بكار نا سعيد بن بشير؛ أنه سأل قتادة عن الظهار؛ قال: فحدثني: أن أنس بن مالك قال: فذكره بنحوه.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لأن سعيد بن بشير ضعيف؛ كما في "التقريب".

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 74) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

ص: 339

مثل السبات، فلما قضى الوحي؛ قال:"ادعي زوجك"؛ فتلاها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} إلى قوله: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ؛ أي: يرجع فيه {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ؛ قال: "أتستطيع رقبة؟ "؛ قال: لا، قال:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ، قال: يا رسول الله! إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات؛ خشيت أن يغشو بصري، قال:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} قال: أتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ "، قال: لا يا رسول الله! إلا أن تعينني، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأطعم

(1)

.

• عن عمران بن أبي أنس؛ قال: كان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكان به لمم، وكان يفيق أحياناً، فلاحى امرأته خولة بنت ثعلبة في بعض صحواته، فقال: أنت عليّ كظهر أمي، ثم ندم، فقال: ما أراك إلا قد حرمت علي، قالت: ما ذكرت طلاقاً، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قال، وجادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً، ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك شدة وحدتي وما يشق عليّ من فراقه، قالت عائشة: فلقد بكيت وبكى من كان في البيت؛ رحمة لها ورقة عليها، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ فسري عنه وهو يتبسم، فقال:"يا خولة! قد أنزل الله فيك وفيه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}، ثم قال: "مريه أن يعتق رقبة"، قالت: لا يجد، قال: "فمريه أن يصوم شهرين متتابعين"،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 2، 3)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 384، 385) من طريقين عن داود بن أبي هند ثني أبو العالية به، وهذا لفظ الطبري.

قال البيهقي عقبه: "هذا مرسل".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 77) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

ص: 340

قالت: لا يطيق ذلك، قال:"فمريه فليطعم ستين مسكيناً"، قالت: وأنّى له؟ قال: "فمريه فليأت أم المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق به على ستين مسكيناً"، فرجعت إلى أوس؛ فقال: ما وراءك؟ قالت: خير وأنت ذميم، ثم أخبرته، فأتى أم المنذر؛ فأخذ ذلك منها، فجعل يطعم مدين من تمر كل مسكين

(1)

. [ضعيف جداً]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان ناس يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود، فيقولون: السام عليك، فيقول:"وعليكم"، ففطنت بهم عائشة؛ فسبتهم، وفي رواية: قالت عائشة: بل عليكم السام والذام؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مه يا عائشة! لا تكوني فاحشة؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش"، قالت: فقلت: يا رسول الله! إنهم يقولون كذا وكذا؛ فقال: "أليس قد رددت عليهم؟ "؛ فأنزل الله عز وجل: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

(2)

.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 547، 548) أخبرنا محمد بن عمر؛ قال: ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: الواقدي شيخ ابن سعد؛ متروك الحديث، بل اتهم بالكذب.

(2)

أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(4/ ق 168/ أ) -وعنه مسلم في "صحيحه"(4/ 1707) -، وأحمد (6/ 229)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 392، 393 رقم 591) وغيرهم من طريق الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة به.

ص: 341

• عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: إن اليهود سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا في أنفسهم: لولا يعذبنا الله، قال: فنزلت: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

(1)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان بين يهود وبين النبي صلى الله عليه وسلم موادعة، فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك؛ خشيهم؛ فترك طريقه عليهم؛ فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا؛ فأنزل الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا

(1)

أخرجه أحمد في "مسنده"(2/ 170، 221)، وابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 171 رقم 7847)، والبزار في "مسنده"(3/ 75 رقم 2271 - "كشف")، والطبراني؛ كما في "مجمع الزوائد"(7/ 122)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(6/ 511، 512 رقم 9100) من طرق عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ عطاء بن السائب كان قد اختلط، وحماد روى عنه بعد الاختلاط وقبله. انظر:"الكواكب النيرات"(ص 326)، و"التهذيب"(7/ 207).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 122): "رواه أحمد والبزار والطبراني، وإسناده جيد؛ لأن حماداً سمع من عطاء بن السائب في حالة الصحة".

قلنا: وسمع منه في حالة الاختلاط.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القران العظيم"(4/ 346): "إسناده حسن ولم يخرجوه".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 206)، و"الدر المنثور" (8/ 80):"بسند جيد".

وزاد السيوطي نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

ص: 342

لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)}.

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: أنزلت هذه الآية يوم جمعة، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته؛ فردّ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سلموا على القوم بعد ذلك؛ فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم؛ فشق ذلك عليه، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر:"قم يا فلان! وأنت يا فلان! "؛ فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام أهل بدر، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه؛ فنزلت هذه الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: كان المسلمون إذا رأوا المنافقين؛ خلوا متناجين؛ شق عليهم؛ فنزلت: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}

(2)

. [ضعيف]

• {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ

(1)

ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 80، 81)، و"لباب النقول"(ص 206، 207)، ونسبهما لابن أبي حاتم.

قلنا: وسندهما ضعيف؛ لإرسالهما.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 279): نا معمر عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 81) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 343

الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}.

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} : كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم؛ فأنزل الله في ذلك القرآن:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)} : كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلاً ضنوا بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية وأغزاها التقى المنافقون فانغضوا رؤوسهم إلى المسلمين، ويقولون: قتل

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 12): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 279) عن معمر عن قتادة به.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 13): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 81) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 344

القوم، وإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تناجوا وأظهروا الحزن، فبلغ ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)}

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} .

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)} ؛ قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ترى ديناراً؟ "، قال: لا تطيقونه، قال:"فنصف دينار؟ "، قلت: لا يطيقونه، قال:"فكم؟ "، قلت: شعيرة، قال:"إنك لزهيد"، قال: فنزلت: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} ، قال: فبي خفف الله عن هذه الآية

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 82) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه الترمذي في "جامعه"(5/ 406، 407 رقم 3300)، والنسائي في "خصائص علي"(ص 161 رقم 152)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(12/ 81، 82 رقم 12175)، وعبد بن حميد في "المسند"(1/ 141 رقم 90 - "منتخب")، والطبري في "جامع البيان"(28/ 15)، وأبو يعلى في "المسند"(1/ 322، 323 رقم 400)، والبزار في "المسند"(2/ 258 رقم 668)، وابن حبان في "صحيحه"(15/ 390 - 392 رقم 6941، 6942 - "إحسان")، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 243)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1847، 1848)، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 233)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" =

ص: 345

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (ص 478)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(2/ 301، 302) رقم 680، 681) وغيرهم من طريق الثوري عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ علي بن علقمة لم يرو عنه إلا سالم بن أبي الجعد، وضعفه البخاري والعقيلي وابن الجارود وابن حبان والذهبي.

انظر: "المجروحين"(2/ 109)، و"التهذيب"(7/ 365).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".

وضعفه شيخنا الألباني رحمه الله في "ضعيف الترمذي"(رقم 652).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 83) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 481، 482) من طريق يحيى بن المغيرة السعدي ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} ، قال: كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فناجيت النبي صلى الله عليه وسلم، كما ناجيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ قدمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد؛ فنزلت:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} .

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عدا يحيى فلم يرويا له شيئاً.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 431)، و"المطالب العالية"(9/ 52 رقم 4140، 4141)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 171 رقم 7848، 7849) من طرق عن ليث عن مجاهد عن علي بنحوه. =

ص: 346

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)} ؛ قال: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك؛ امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة؛ فأنزل الله بعد هذا:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} ؛ فوسع الله عليهم ولم يضيق

(1)

. [حسن]

• عن مجاهد في قوله -تعالى-: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} ؛ قال: نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قدم ديناراً فتصدق به، ثم أنزلت الرخصة بعد ذلك

(2)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: إن الأغنياء كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم

= قلنا: وهذا إسناد ضعيف.

ليث هو ابن أبي سليم؛ ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 84) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 15)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول"(ص 207)، و"الدر المنثور"(8/ 83)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 430) من طرق عن عبد الله بن صالح ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 14) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 84) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 347

فيكثرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس؛ حتى كره النبي صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة، فأما أهل العسر؛ فلم يجدوا شيئاً، وكان ذلك عشر ليال، وأما أهل الميسر؛ فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى، ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر؛ فأنزل الله:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ}

(1)

. [ضعيف]

• عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه؛ قال: نزلت فيَّ ثلاث آيات من كتاب الله عز وجل: نزل تحريم الخمر، نادمت رجلاً فعارضته وعارضني فعربدت عليه؛ فشججته؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 90، 91]، ونزلت فيّ:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] إلى آخر الآية، ونزلت:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} فقدمت شعيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك لزهيد" فنزلت الأخرى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 84) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الطبري في "المعجم الكبير"(1/ 147 رقم 331) من طريق سلمة بن الفضل ثنا ابن إسحاق عن أبي إسحاق السبيعي عن مصعب بن سعد عن سعد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعن. =

ص: 348

{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في ظل حجرة قد كاد يقلص عليها الظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنكم سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا جاءكم؛ فلا تكلموه"، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل، فدعاه فقال:"علام تشتمني أنت وأصحابك؟ "، قال: ادعوهم، فدعاهم فجعلوا يحلفون بالله ما قالوا وما فعلوا؛ حتى تجاوز عنهم؛ فأنزل الله عز وجل:{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18)}

(1)

. [صحيح]

= الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس وقد عنعن -أيضاً-، وهو مع هذا مختلط -أيضاً-، وابن إسحاق روى عنه بعد الاختلاط.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 122): "في مسند الطبراني سلمة بن الفضل الأبرش وثقه ابن معين وغيره وضعفه البخاري وغيره".

قلنا: وفي "التقريب": "صدوق كثير الخطأ" وهو الصواب أنه ضعيف؛ لكن استثنى بعض أهل العلم روايته عن ابن إسحاق، وحسن حديثه عنه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 84) وزاد نسبته لابن مردويه وقال: "بسند فيه ضعف".

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 240، 267، 350)، وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع في "مسنديهما"؛ كما في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 172 رقم 7850)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 17)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 6، 7 رقم 12307)، والبزار في "المسند"(3/ 74، 75 رقم 2270 - "كشف")، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القران العظيم"(4/ 351)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 482)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(5/ 282، 283)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 277) من طرق عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. =

ص: 349

• عن السدي؛ قال: بلغنا أنها نزلت في عبد الله بن نبتل، وكان رجلاً من المنافقين

(1)

. [ضعيف]

{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} .

• عن ابن شوذب؛ قال: جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر؛ قصده أبو عبيدة فقتله؛ فنزلت:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}

(2)

. [ضعيف]

= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 122): "رواه الطبراني وأحمد والبزار؛ ورجال الجميع رجال الصحيح".

وقال الحافظ ابن كثير: "إسناد جيد ولم يخرجوه".

وقال البوصيري: "هذا إسناد صحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 85) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 257)، و"الدر المنثور"(8/ 85) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبرني في "المعجم الكبير"(1/ 154، 155) -وعنه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 101)، و"معرفة الصحابة"(2/ 21، 22 رقم 576) -ومن طريقه =

ص: 350

• عن ابن جريج؛ قال: حدثت أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم، فصكه أبو بكر صكة؛ فسقط؛ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أفعلت يا أبا بكر؟! "، فقال: والله لو كان السيف مني قريباً لضربته؛ فنزلت: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس: أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يزور خاله من المشركين؛ فأذن له، فلما قدم؛ قرأ

= ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(ص 266 - مطبوع) عن أبي يزيد القراطيسي، والحاكم في "المستدرك"(3/ 264، 265) -وعنه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 27) - من طريق الربيع بن سليمان، كلاهما عن أسد بن موسى ثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإعضاله.

قال البيهقي عقبه: "هذا منقطع".

وسكت عنه الحاكم والذهبي.

وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(2/ 244): "أخرجه الطبراني بسند جيد عن عبد الله بن شوذب".

وقال في "فتح الباري"(7/ 93): "مرسل".

وقال في "التلخيص الحبير"(4/ 113): "هذا معضل".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 86) و"لباب النقول"(ص 208) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 86)، و"لباب النقول"(ص 208) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 351

‌سورة الحشر

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الحشر بالمدينة

(1)

.

• عن سعيد بن جبير؛ قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة؟ قال: التوبة هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم؛ حتى ظنوا أنها لم تبق أحداً منهم إلا ذكر فيها، قال: قلت: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر، قال: قلت: سورة الحشر؟ قال: نزلت في بني النضير

(2)

.

{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)} .

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 88) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 628، 629 رقم 4882)، ومسلم في "صحيحه"(4/ 2322 رقم 3031) به.

ص: 353

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كانت غزوة بني النضير -وهم طائفة من اليهود- على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم بناحية المدينة؛ فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة؛ يعني: السلاح؛ فأنزل الله فيهم: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)} ؛ فقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى صالحهم على الجلاء، فأجلاهم إلى الشام، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا، وكان الله قد كتب عليهم ذلك، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي. وأما قوله:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2) وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4)} ؛ فكان جلاؤهم ذلك أول حشر في الدنيا إلى الشام

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 483) -وعنه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 178) - من طريق زيد بن المبارك نا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

وقال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"! ووافقه الذهبي! =

ص: 354

• عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة؛ قالا: هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى بني النضير يستعينهم في عقل الكلابيين، وكانوا زعموا قد دسّوا إلى قريش حين نزلوا بأحد لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحضوهم على القتال، ودلوهم على العورة، فلما كلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقل الكلابيين؛ قالوا: اجلس يا أبا القاسم؛ حتى تُطعم، وترجع بحاجتك، ونقوم فنتشاور ونصلح أمرنا فيما جئتنا له، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

= قلنا: لم يخرجا لمحمد بن ثور ولا لزيد بن المبارك، وهما ثقتان.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 89) وزاد نسبته لابن مردويه.

قلنا: وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(5/ 357، 358 رقم 9732) عن معمر عن الزهري في حديثه عن عروة؛ قال: ثم كانت غزوة بني النضير، وهم طائفة من اليهود، على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكانت منازلهم ونخلهم بناحية من المدينة، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة؛ يعني: السلاح؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} ؛ فقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى صالحهم على الجلاء، فأجلاهم إلى الشام، فكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا، وكان الله قد كتب عليهم الجلاء، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالقتل والسباء، وأما قوله:{لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} ؛ فكان جلاءهم ذلك أول حشر في الدنيا إلى الشام.

قلنا: وهذا مرسل صحيح، وتقدم موصولاً عن عائشة بسند صحيح.

وأخرجه البيهقي في "الدلائل"(3/ 176، 177) بسند صحيح إلى الزهري به.

فجعله من مرسل الزهري لا عروة.

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 282) عن معمر عن الزهري بنحوه.

وهو مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 89) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم، ونقل عن البيهقي قوله:"وهو المحفوظ"؛ أي: المرسل.

قلنا: ولم نجده في مطبوع "الدلائل".

ص: 355

ومن معه من أصحابه في ظل جدار ينتظرون أن يصلحوا أمرهم، فلما خلوا والشيطان معهم؛ ائتمروا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لن تجدوه أقرب منه الآن فاستريحوا منه؛ تأمنوا في دياركم ويرفع عنكم البلاء، فقال رجل منهم: إن شئتم ظهرت فوق البيت الذي هو تحته فدليت عليه حجراً فقتله، وأوحى الله عز وجل إليه فأخبره بما ائتمروا به من شأنهم؛ فعصمه الله عز وجل، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يريد أن يقضي حاجة، وترك أصحابه في مجلسهم، وانتظره أعداء الله فراث عليهم، فأقبل رجل من المدينة فسألوه عنه، فقال: لقيته قد دخل أزقة المدينة، فقالوا لأصحابه: عجل أبو القاسم أن يقيم أمرنا في حاجته التي جاء لها، ثم قام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعوا، ونزل القرآن والله أعلم بالذي أراد أعداء الله، فقال عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} إلى قوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)} [المائدة: 11].

فلما أظهر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم على ما أرادوا به وعلى خيانتهم؛ أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بإجلائهم وإخراجهم من ديارهم، وأمرهم أن يسيروا حيث شاءوا، وقد كان النفاق قد كثر في المدينة، فقالوا: أين تخرجنا؟ قال: "أخرجكم إلى الحبس"، فلما سمع المنافقون ما يراد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الكتاب؛ أرسلوا إليهم فقالوا لهم: إنا معكم محيانا ومماتنا، إن قوتلتم؛ فلكم علينا النصر، كان أخرجتم؛ لم نتخلف عنكم، وسيد اليهود أبو صفية حُيَيّ بن أخطب، فلما وثقوا بأماني المنافقين؛ عظمت غِرّتهم، ومناهم الشيطان الظهور؛ فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: إنا والله لا نخرج ولئن قاتلتنا لنقاتلنك.

فمضى النبي صلى الله عليه وسلم لأمر الله -تعالى-؛ فأمر أصحابه فأخذوا السلاح ثم مضى إليهم، وتحصنت اليهود في دورهم وحصونهم، فلما

ص: 356

انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أزقتهم وحصونهم؛ كره أن يمكنهم من القتال في دورهم وحصونهم، وحفظ الله عز وجل أمره وعزم على رشده؛ فأمر بالأدنى فالأدنى من دورهم أن تُهدم، وبالنخل أن تُحرق وتُقطع، وكف الله -تعالى- أيديهم وأيدي المنافقين فلم ينصروهم، وألقى الله عز وجل في قلوب الفريقين كلاهما الرعب، ثم جعلت اليهود كما خلص رسول الله صلى الله عليه وسلم من هدم ما يلي مدينته ألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فهدموا الدور التي هم فيها من أدبارها ولم يستطيعوا أن يخرجوا على النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه يهدمون ما أتوا عليه الأول فالأول، فلما كادت اليهود أن تبلغ آخر دورها وهم ينتظرون المنافقين وما كانوا منوهم، فلما يئسوا مما عندهم؛ سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان عرض عليهم قبل ذلك؛ فقاضاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجليهم ولهم أن يتحملوا بما استقلت به الإبل من الذي كان لهم إلا ما كان من حلقة أو سلاح؛ فطاروا كل مطير، وذهبوا كل مذهب، ولحق بنو أبي الحقيق طير معهم آنية كثيرة من فضة قد رآها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمون حين خرجوا بها، وعمد حيي بن أخطب حين قدم مكة على قريش فاستغواهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنصروهم، وبيّن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم حديث أهل النفاق وما بينهم وبين اليهود، وكانوا قد عيّروا المسلمين حين يهدمون الدور ويقطعون النخل، فقالوا: ما ذنب شجرة وأنتم تزعمون أنكم مصلحون؟ فأنزل الله عز وجل: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ} إلى قوله: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} .

ثم جعلها نفلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجعل فيها سهماً لأحد غيره، فقال:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

ص: 357

فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أراه عز وجل من المهاجرين الأولين، وأعطى منها الأنصار رجلين سماك بن أوس بن خرشة، وهو أبو دجاجة، وسهل بن حنيف، وأعطى -زعموا- سعد بن معاذ سيف بن أبي الحقيق، وكان إجلاء بني النضير في المحرم سنة ثلاث، وأقامت قريظة في المدينة في مساكنهم لم يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم فيهم بقتال ولا إخراج حتى فضحهم الله عز وجل بحيي بن أخطب، وبمجموع الأحزاب

(1)

. [ضعيف]

{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5) وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)} .

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّق نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة؛ فأنزل الله -تعالى-:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل: {مَا

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 180 - 182).

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4031، 4884)، ومسلم (رقم 1746/ 9) وغيرهما.

وفي رواية لمسلم (1746/ 30) وهو عند البخاري (رقم 3021 - مختصر): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق، ولها يقول حسان:

وهان على سراة بني لؤي

حريق بالبويرة مستطير

وفي ذلك نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} .

ص: 358

قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}؛ قال: اللينة: النخلة، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}؛ قال: استنزلوهم من حصونهم، قال: وأمروا بقطع النخل؛ فحك في صدورهم، فقال المسلمون: قد قطعنا بعضاً وتركنا بعضاً، فلنسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لنا فيما قطعنا من أجر؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر؟ فأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

(1)

. [صحيح]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: رخّص لهم في قطع النخل ثم شدد عليهم؛ فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! علينا إثم فيما قطعنا أو علينا فيما تركنا؟ فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الترمذي (5/ 408 رقم 3303)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 396، 397 رقم 594)، وفي "السير"؛ كما في "تحفة الأشراف"(رقم 5488) من طريق عفان بن مسلم الصفار عن حفص بن غياث ثنا حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده صحيح.

وقال الترمذي: "حديث حسن غريب".

وصححه شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح الترمذي"(رقم 2631).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 91) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

قلنا: ثم أخرج الترمذي عقبه من طريق مروان بن معاوية عن حفص به مرسلاً لم يذكر ابن عباس، والموصول أصح.

(2)

أخرجه أبو يعلى في "المسند"(4/ 135 رقم 2189): ثنا سفيان بن وكيع ثنا حفص عن ابن جريح عن سليمان بن موسى الأشدق عن أبي الزبير عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: أبو الزبير؛ مدلس وقد عنعن. =

ص: 359

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن سورة الحشر نزلت في النضير، وذكر الله فيها الذي أصابهم من النعمة وتسليط رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم حتى عمل بهم الذي عمل بإذنه، وذكر المنافقين الذين كانوا يراسلونهم ويعدونهم النصر؛ فقال:{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} إلى قوله: {وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} من هدمهم بيوتهم من تحت الأبواب، ثم ذكر قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل وقول اليهود له: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد؛ فما بال قطع النخل؟! فقال: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} يخبرهم أنها نعمة منه، ثم ذكر مغانم بني النضير؛ فقال:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)} أعلمهم أَنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء، ثم مغانم المسلمين مما يوجف عليه الخيل والركاب ويفتح بالحرب؛ فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ

= الثانية: سليمان؛ فيه ضعف، وفي "التقريب":"صدوق فقيه، في حديثه بعض لين وخلط قبل موته بقليل".

الثالثة: ابن جريج؛ مدلس وقد عنعن.

الرابعة: سفيان بن وكيع؛ قال في "التقريب": "كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 122): "رواه أبو يعلى عن شيخه سفيان بن وكيع وهو ضعيف".

وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 173): "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف سفيان بن وكيع".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 208): "وأخرج أبو يعلى بسند ضعيف عن جابر".

وذكره في "الدر المنثور"(8/ 91) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 360

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}؛ فذا مما يوجف عليه الخيل والركاب، ثم ذكر المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول ومالكاً وداعساً ومن كان على مثل رأيهم؛ فقال:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} إلى: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا} ؛ يعني: بني قينقاع الذين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

. [موضوع]

• عن يزيد بن رومان؛ قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يعني: ببني النضير؛ تحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل، والتحريق فيها، فنادوه: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه؛ فما بال قطع النخل وتحريقها؟! فأنزل الله عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} ؛ أي: ليعظهم، فقطع المسلمون يومئذ النخل، وأمسك آخرون؛ كراهية أن يكون إفساداً، فقالت اليهود:

(1)

أخرجه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(3/ 438)، و"الفتح السماوي"(3/ 1035) من طريق ابن إسحاق ثني محمد بن السائب الكلبي ثني أبو صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا موضوع؛ فالكلبي كذاب، ونحوه شيخه أبو صالح؛ فإنه متهم بالكذب.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 23): ثنا ابن حميد ثنا سلمة بن الفضل ثنا ابن إسحاق ثنا يزيد بن رومان به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: ابن حميد؛ ضعيف، بل انّهم بالكذب.

الثانية: الإرسال.

ص: 361

آلله أذن لكم في الفساد؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبُيّ بن سلول ومن كان يعبد الأوثان من الأوس والخزرج -ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة، قبل وقعة بدر- يقولون: إنكم آويتم صاحبنا، وإنكم أكثر أهل المدينة عدداً، وإنا نقسم بالله؛ لتقتلنه أو لتُخرجُنّه، أو لنستعين عليكم العرب، ثم لنسيرنّ إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أُبيّ ومن كان معه من عبدة الأوثان؛ تراسلوا، فاجتمعوا، وأرسلوا، وأجمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلقيهم في جماعة، فقال:"لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون أن يكيدوا به أنفسكم، فأنتم هؤلاء تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم".

فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، وكانت وقعة بدر، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ أجمعت بنو النضير [على] الغدر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبراً؛ حتى نلتقي في مكان كذا، نصف بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدقوك، وآمنوا بك؛ آمنا كلنا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 23): ثنا بشر بن معاذ العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 362

حبراً من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض؛ قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه، ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله؟ فأرسلوا إليه: كيف تفهم ونفهم، ونحن ستون رجلاً؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك؛ آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة نفر من أصحابه، واشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير إلى بني أخيها، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأقبل أخوها سريعاً، حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم؛ فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد؛ غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب، فحاصرهم وقال لهم:"إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه"؛ فأبوا أن يعطوه عهداً؛ فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه؛ فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة، والحلقة: السلاح، فجاءت بنو النضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم، فيهدمونها فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام، وكان بنو النضر من سبط من أسباط بني إسرائيل لم يصبهم جلاء منذ كتب الله على بني إسرائيل الجلاء؛ فلذلك أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء؛ لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو قريظة؛ فأنزل الله:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} حتى بلغ: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وكانت نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، فأعطاه الله إياها وخصه بها، فقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ

ص: 363

عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ} يقول: بغير قتال، قال: فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لرجل من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد بني فاطمة

(1)

. [صحيح]

• عن الأوزاعي؛ قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ فسأله عن المشيئة؛ فقال: "المشيئة لله -تعالى-"، قال: فإني أشاء أن أقوم، قال:"قد شاء الله أن تقوم"، قال: فإني أشاء أن أقعد، قال:"فقد شاء الله أن تعقد"، قال: فإني أشاء أن أقطع هذه النخلة، قال:"فقد شاء الله أن تقطعها"، قال: فإني أشاء أن أتركها، قال:"فقد شاء الله أن تتركها"، قال: فأتاه جبريل عليه السلام فقال: "لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم عليه السلام"، قال: ونزل القرآن؛ فقال: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

(2)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم بين قريش والمهاجرين، النضير؛ فأنزل الله -تعالى-:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَة} ؛ قال: هي العجوة والفنيق والنخيل، وكانا مع نوح في السفينة، وهما أصل

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(5/ 358 - 361 رقم 9733) -ومن طريقه أبو داود في "سننه"(3/ 156، 157 رقم 3004) - ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 178، 179) -عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

وصححه شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 93) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(2)

أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(1/ 367 رقم 296): ثنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس الأصم ثنا العباس بن الوليد بن مزيد عن الأوزاعي به.

قلنا: وسنده صحيح إلى الأوزاعي؛ لكنه معضل؛ فالأوزاعي من أتباع التابعين.

ص: 364

التمر، ولم يعط رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أحداً إلا رجلين: أبا دجانة، وسهل بن حنيف

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أنا أقوم فأصلي، قال:"قدر الله لك ذلك أن تصلي"، قال: أن أقعد، قال:"قدر الله لك أن تقعد"، قال: أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها، قال:"قدر الله لك أن تقطعها"، قال: فجاء جبريل عليه السلام فقال: "يا محمد! لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم على قومه"، وأنزل الله -تعالى-:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)} ؛ يعني: اليهود

(2)

. [ضعيف]

• عن عكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا يوماً إلى النضير؛ ليسألهم كيف الدية فيهم؟ فلما لم يروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير أحد؛ أبرموا بينهم على أن يقتلوه ويأخذوا أصحابه أسارى؛ ليذهبوا بهم إلى مكة ويبيعوهم من قريش، فبينما هم على ذلك؛ إذ جاء من اليهود من المدينة، فلما رأى أصحابه يأتمرون بأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال لهم: ما تريدون؟ قالوا: نريد أن نقتل محمداً ونأخذ أصحابه، فقال لهم: وأين محمد؟ قالوا: هذا محمد قريب، فقال لهم صاحبهم: والله لقد تركت محمداً داخل المدينة؛ فأسقط بأيديهم، وقالوا: قد أخبر أنه انقطع ما بيننا وبينه من العهد، فانطلق منهم ستون حبراً ومنهم حيي بن أخطب والعاص بن وائل حتى دخلوا على كعب، وقالوا: يا كعب أنت سيد قومك -ومدحهم-، احكم بيننا وبين محمد، فقال لهم كعب: أخبروني ما عندكم؟ قالوا: نعتق الرقاب ونذبح الكوماء، وإن محمداً انبتر من الأهل والمال، فشرفهم كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فانقلبوا؛ فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 99) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 280) وفيه من لم نعرفه.

ص: 365

الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 51، 52] ونزل عليه لما أرادوا أن يقتلوه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} [المائدة: 11]؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يكفني كعباً؟ "، فقال ناس من أصحابه فيهم ابن مسلمة: نحن نكفيك يا رسول الله! ونستحل منك شيئاً، فجاؤوه فقالوا: يا كعب إن محمداً كلفنا الصدقة فبعنا شيئاً.

قال عكرمة: فهذا الذي استحلوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم كعب: أرهنوني أولادكم، فقالوا: إن ذاك عار فينا، غداً تبيح أن يقولوا: عبد وسق ووسقين وثلاثة، قال كعب: فاللامة، قال عكرمة: وهي السلاح، فأصلحوا أمرهم على ذلك فقالوا: موعد ما بيننا وبينك القابلة، حتى إذا كانت القابلة؛ راحوا إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المصلى يدعو لهم بالظفر، فلما جاؤوا؛ نادوه: يا كعب! -وكان عروساً- فأجابهم، فقالت امرأته -وهي بنت عمير-: أين تنزل؟ قد أشم الساعة ريح الدم، فهبط وعليه ملحفة مورسة وله ناصية، فلما نزل إليهم؛ قال القوم: ما أطيب ريحك؛ ففرح بذلك، فقام محمد بن مسلمة: فقال قائل المسلمين: أشمونا من ريحه، فوضع يده على ثوب كعب، وقال: شموا فشموا، وهو يظن أنهم يعجبون بريحه؛ ففرح بذلك، فقال محمد بن مسلمة: بقيت أنا -أيضاً-، فمضى إليه فأخذ بناصيته ثم قال: اجلدوا عنقه، فجلدوا عنقه، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا إلى النضير، فقالوا: ذرنا نبك سيدنا، قال:"لا"، قالوا: فحزة على حزة، قال:"نعم، حزة على حزة"، فلما رأوا ذلك؛ جعلوا يأخذون من بطون بيوتهم الشيء لينجوا به، والمؤمنون يخربون بيوتهم من خارج ليدخلوا عليهم، فلولا أن كتب الله عليهم الجلاء.

قال عكرمة: والجلاء يجلون منهم ليقتلهم بأيديهم، وقال عكرمة: إنا ناساً من المسلمين لما دخلوا علي بني النضير؛ أخذوا يقطعون النخل، فقال بعضهم لبعض:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} [البقرة:

ص: 366

205]، وقال قائل من المسلمين:{وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} [التوبة:121]، {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة:120]؛ فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} وهي النخلة، {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} قال: ما قطعتم؛ فبإذني، وما تركتم؛ فبإذني

(1)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان، قول الله عز وجل:{يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} ، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقاتلهم، فإذا ظهر على درب أو دار؛ هدم حيطانها؛ ليتسع المكان للقتال، وكانت اليهود إذا غلبوا على درب أو دار؛ نقبوها من أدبارها ثم حصنوها ودربوها، يقول الله عز وجل:{فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} ، قوله:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} إلى قوله: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} ؛ يعني: باللينة: النخلة، وهي أعجب إلى اليهود من الوصيف، يقال لثمرها: اللون، فقالت اليهود عند قطع النبي صلى الله عليه وسلم نخلهم وعقر شجرهم: يا محمد! زعمت أنك تريد الإصلاح، أفمن الإصلاح: عقر الشجر، وقطع النخل، والفساد؟! فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ووجد المسلمون من قولهم في أنفسهم من قطعهم النخل؛ خشية أن يكون فساداً، فقال بعضهم لبعض: لا تقطعوا؛ فإنه مما أفاء الله علينا، فقال الذين يقطعونها: نغيظهم بقطعها؛ فأنزل الله عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} ؛ يعني: النخل، {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} وما تركتم {قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} ؛ فطابت نفس النبي صلى الله عليه وسلم وأنفس المؤمنين، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}؛ يعني: أهل النضر، فكان قطع النخل وعقر الشجر خزياً لهم

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} ؛ يعني: من نخلة،

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 95 - 97) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه البيهقي في "الدلائل"(3/ 358، 359) من طريق يزيد بن صالح عن بكير بن معروف عن مقاتل به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف بكير.

ص: 367

قال: نهى بعض المهاجرين بعضاً عن قطع النخل؛ وقالوا: إنما هي من مغانم المسلمين، وقال الذين قطعوا: بل هو غيظ للعدو؛ فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه، وتحليل من قطعه من الإثم، فقال: إنما قطعه وتركه بإذن الله عز وجل

(1)

. [ضعيف]

{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)} .

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله! أصابني الجهد؛ فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئاً -وفي رواية: فأرسل إلى بعض نسائه؛ فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى الأخرى؛ فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا، والذي بعثك بالحق؛ ما عندنا إلا ماء-، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا رجل يضيفه الليلة، يرحمه الله؟ "؛ فقام رجل من الأنصار (يقال له: أبو طلحة) فقال: أنا يا رسول الله، فذهب (به) إلى أهله (وفي رواية: رحله)، فقال لامرأته:(هل عندك شيء؟)، ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئاً، فقالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية، قال: فإذا أراد الصبية العشاء؛ فنوميهم، وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة، ففعلت (وفي رواية: فعلّليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا؛ فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل؛ فقومي إلى السراج

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(8/ 22، 23)، والبيهقي في "الدلائل"(3/ 185) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 91، 92) وزاد نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 368

حتى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف)، وفي رواية أخرى:(فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء؛ فهيئت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومّت صبيانها، ثم قامت كأنها تفتح سراجها؛ فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين)، ثم (وفي رواية: فلما أصبح) غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لقد عجب الله عز وجل، -أو ضحك- من فلان وفلانة"، (وفي رواية: ضحك الله الليل -أو عجب- من فعالكما)، (وفي رواية أخرى: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)؛ فأنزل الله عز وجل: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة، فقال: إن أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا منا، قال: فبعث إليه، فلم يزل يبعث به واحداً إلى آخر؛ حتى تداولها سبعة أبيات، حتى رجعت إلى الأول؛ فنزلت:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي المتوكل الناجي: أن رجلاً من المسلمين عبر ثلاثة أيام

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 3798، 4889)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2054).

(2)

أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 483، 484) -وعنه البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 92، 93 رقم 3204) -، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 281) من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن محارب بن دثار عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه عبيد الله بن الوليد وهو ضعيف.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"؛ وتعقبه الذهبي بقوله:

"قلت: عبيد الله ضعفوه".

وانظر: "مختصر استدراكات الذهبي. ." لابن الملقن (2/ 947 رقم 383).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 107) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 369

صائماً لا يجد ما يفطر عليه، ويصبح صائماً، حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له: ثابت بن قيس -رضي الله تعالى عنه-، فقال لأهله: إني أجيء الليلة بضيف، فإذا وضعتم طعامكم؛ فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه؛ فليطفئه، ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون، فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا، فلما أمسى؛ ذهب فوضعوا طعامهم، فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه؛ فأطفئته، ثم جعلوا يضربون بأيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون؛ حتى شبع ضيفهم، وإنما كان طعامهم ذلك خبزة وهي قوتهم، فلما أصبح ثابت بن قيس؛ غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا ثابت! لقد عجيب الله عز وجل البارحة منكم ومن صنيعكم"، وأنزلت هذه الآية:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله -تعالى-: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ؛ قال: نزلت في رجل من الأنصار، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معه ضيفاً من أضيافه، فأتى به منزله، فقالت له امرأته: ما هذا؟ قال: هذا ضيف لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: والذي بعث محمداً بالحق؛ ما أمسى عندنا إلا قرص، فذلك القرص لي أو لك، أو للضيف، أو للخادم؟! قال: اثردي هذا القرص،

(1)

أخرجه مسدد في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية المسندة"(9/ 56 رقم 4145)، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة"(رقم 148)، وابن أبي الدنيا في "قرى الضيف"(21/ 11)، والخطيب في "الأنباء المحكمة"(*)(ص 399)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "فتح الباري"(8/ 632) من طريق إسماعيل بن مسلم العبدي عن أبي المتوكل به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

_________

(*) اسم الكتاب "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة".

ص: 370

وآدميه بسمن ثم قرّبيه، وأمري الخادم يطفئ السراج،، وجعلت تتلمظ هي وهو؛ حتى رأى الضيف أنهم يأكلون، وأصبح فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أين صاحب الضيف؟ " - ثلاث مرات- والرجل ساكت، قال: أنا صاحب الضيف، قال:"حدثني جبريل: أن الله -تعالى- ضحك حين قلت لخادمك أطفأ السراج"، ونزلت:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

(1)

. [منكر]

• عن يزيد بن الأصم: أن الأنصار قالوا: يا رسول الله! اقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين الأرض نصفين، قال:"لا، ولكن يكفونكم المؤنة وتقاسمونهم الثمرة، والأرض أرضكم"، قالوا: رضينا؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}

(2)

. [ضعيف]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)} .

• عن السدي؛ قال: قد أسلم ناس من أهل قريظة والنضير وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير: لئن أخرجتم؛ لنخرجن

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في "قرى الضيف"(10/ 19، 20) من طريق سعيد بن مسلم عن عبد الوارث عن أنس.

قلنا: وهذا حديث منكر؛ عبد الوارث مولى أنس؛ منكر الحديث؛ كما قال البخاري، والمحفوظ أنه من مسند أبي هريرة كما تقدم قريباً -والله أعلم-.

وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 632) وليس بجيد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 106) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

ص: 371

معكم؛ فنزلت فيهم هذه الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)}

(1)

. [ضعيف]

{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)} .

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: كان راهب يتعبّد في صومعة وإذ امرأة كان لها إخوة، فعرض لها شيءٌ فأتوه بها فزيّنت له نفسها؛ فوقع عليها؛ فحملت؛ فجاءه الشيطان فقال: اقتلها؛ فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت؛ فقتلها فدفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون به؛ إذ جاءه الشيطان فقال: أنا الذي زيّنت لك، فاسجد لي سجدة أنجيك؛ فسجد له؛ فأنزل الله عز وجل:{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} الآية

(2)

. [حسن]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 115)، و"لباب النقول"(ص 210) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف، لإرساله.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 285) -وعنه إسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 55 رقم 4143 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (8/ 173 رقم 7852) - ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (3/ 300 رقم 3854 - ط دار المعرفة) - وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 373 رقم 5450) -: أنبأ الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن حميد بن عبد الله السلولي عن علي به.

قال البوصيري: "هذا إسناد فيه مقال؛ حميد بن عبد الله السلولي لم أقف له على من وثقه، وباقي رواة الإسناد ثقات". اهـ.

قلنا: فقول الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"؛ مردود. =

ص: 372

• عن طاووس؛ قال: كان رجل من بني إسرائيل وكان عابداً، وكان ربما داوى المجانين، وكانت امرأة جميلة أخذها الجنون فجيء بها إليه فتركت عنده فأعجبته؛ فوقع عليها؛ فحملت؛ فجاءه الشيطان فقال: إن علم بهذا افتضحت؛ فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها ودفنها، فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه عنها، فقال: ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم ورضاه، فجاءهم الشيطان، فقال: إنها لم تمت ولكنه وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها وهي في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها، فقالوا: ما نتهمك ولكن أخبرنا أين دفنتها، ومن كان معك؟ ففتشوا بيته فوجدوها حيث دفنها؛ فأخذ فسجن؛ فجاءه الشيطان فقال: إن كنت تريد أن أخلصك مما أنت فيه وتخرج منه؛ فاكفر بالله؛ فأطاع الشيطان وكفر؛ فأخذ فقتل؛ فتبرأ منه الشيطان حينئذ، قال طاووس: فما أعلم إلا أن هذه الآية أنزلت فيه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)} .

(1)

[ضعيف]

= لكنه توبع؛ فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 213 رقم 684)، والطبري في "جامع البيان" (28/ 33) من طريق النضر بن شميل؛ قال: أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي؛ قال؛ سمعت عبد الله بن نهيك قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: إن راهباً تعبّد ستين سنة، وإن الشيطان أراده؛ فأعياه، فعمد إلى امرأة فأجنها ولها إخوة، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القس فيداويها؛ فجاؤوا بها، قال: فداواها، وكانت عنده، فبينما هو يوماً عندها؛ إذ أعجبته، فأتاها؛ فحملت، فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها، فقال الشيطان للراهب: أنا صاحبك، إنك أعييتني، أنا صنعت بك هذا، فأطعني أُنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدة؛ فسجد له، فلما سجد له، قال: إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين؛ فذلك قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)} .

قلنا: وهذا سند حسن.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 284، 285)، والطبري في "جامع البيان" =

ص: 373

‌سورة الممتحنة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الممتحنة بالمدينة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)} .

• عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، قال:"انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها"، فذهبنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب؛ فأخرجته من عقاصها، فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين

= (28/ 34) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 118) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 124) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور" عن ابن الزبير مثله.

ص: 374

ممن بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما هذا يا حاطب؟! "، قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله! إني كنت امرءاً من قريش ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يداً يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنه قد صدقكم"؛ فقال عمر: دعني يا رسول الله! فأضرب عنقه؛ فقال: "إنه شهد بدراً، وما يدريك لعل الله عز وجل اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم"، قال عمرو: ونزلت فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} قال: لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو

(1)

. [صحيح]

• عن علي رضي الله عنه؛ قال: لما أراد رسول الله مكة؛ أرسل إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة فيهم حاطب بن أبي بلتعة، وفشا في الناس أنه يريد حنين، قال: فكتب حاطب إلى أهل مكة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم، قال: فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبا مرثد وليس معنا رجل إلا ومعه فرس، فقال:"ائتوا روضة خاخ؛ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذوه منها"، قال: فانطلقنا حتى رأيناها في المكان الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا لها: هات الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، قال: فوضعنا متاعها؛ ففتشناها، فلم نجده في

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 3007، 4274، 4890)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2494).

ص: 375

متاعها، فقال أبو مرثد: فلعل أن لا يكون معها كتاب، فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، فقلنا لها: لتخرجنه أو لنعرينك، فقالت: أما تتقون الله؟ أما أنتم مسلمون؟ فقلنا: لتخرجنه أو لنعرينك، قال عمرو بن مرة: فأخرجته من حجزتها، فقال حبيب بن أبي ثابت: وأخرجته من قبلها، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة؛ فقام عمر فقال: يا رسول الله! خان الله، خان رسوله، ائذن لي فأضرب عنقه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أليس قد شهد بدراً؟ "، قالوا: بلى يا رسول الله! قال عمر: بلى، ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فلعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم"؛ ففاضت عينا عمر، فقال: الله ورسوله أعلم، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاطب فقال:"ما حملك على ما صنعت؟ "، قال: يا رسول الله! كنت امرءاً ملصقاً في قريش فكان بها أهلي ومالي، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله، فكتبت إليهم بذلك، والله يا رسول الله! إني لمؤمن بالله وبرسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق حاطب؛ فلا تقولوا لحاطب إلا خيراً"، قال حبيب: فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه أبو يعلى في "المسند"(1/ 319 - 321 رقم 397)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 38، 39)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 369، 370)، و"تخريج الكشاف"(3/ 450)، وابن المنذر في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 125) جميعهم من طريق أبي سنان سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي البختري =

ص: 376

• عن مجاهد في قول الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه كفار قريش يحذرهم

(1)

. [صحيح]

= الطائي عن الحارث عن علي به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً، فيه علل:

الأولى: الحارث هو الأعور؛ متروك الحديث.

الثانية: أبو إسحاق السبيعي؛ مدلس وقد عنعن، وكان قد اختلط ولم يرو عنه عمرو قبل الاختلاط.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 162، 163): "رواه أبو يعلى وفيه الحارث الأعور وهو ضعيف".

وقد وقع سقط وخطأ في سند ابن أبي حاتم يصحح من هنا.

(1)

أخرجه الفريابي وعبد بن حميد في "تفسيريهما"؛ كما في "فتح الباري"(8/ 633)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 40) من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به مرسلاً.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 485) من طريق إبراهيم بن الحسين المعروف بـ (ابن ديزيل) عن آدم بن أبي إياس عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موصولاً بلفظ: نزل في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم، وقوله -تعالى-. {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ} نهوا أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين، وقوله -تعالى-:{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} : لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك، فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم.

قال الحافظ في "الفتح"(8/ 633): "وما أظن زيادة ابن عباس فيه إلا وهماً؛ لاتفاق أصحاب ورقاء على عدم ذكره".

قلنا: وهو كما قال رحمه الله؛ فإن شيخ الحاكم: عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني =

ص: 377

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} : نزلت في رجل كان مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة من قريش كتب إلى أهله وعشيرته بمكة يخبرهم وينذرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سائر إليهم؛ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحيفته، فبعث إليها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأتاه بها

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1)} : ذكر لنا أن حاطباً كتب إلى أهل مكة يخبرهم سير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم زمن الحديبية، فأطلع الله عز وجل نبيه عليه السلام على ذلك، وذكر لنا

= القاضي متكلم فيه؛ قال صالح بن أحمد الحافظ؛ كما في "السير"(16/ 15): "ضعيف، ادعى الرواية عن ابن ديزيل فذهب علمه، وكتبت عنه أيام السلامة أحاديث، ولم يدّع عن إبراهيم ثم ادعى، وروى أحاديث معروفة، كان إبراهيم يُسأل عنها ويستغرب. . . .".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه!! "، ووافقه الذهبي.

ونقل عنه الحافظ في "الفتح": "صحيح على شرط مسلم! ".

قلت: لكن يشهد له حديث علي رضي الله عنه، وقد مر آنفاً.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 39)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 126).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 378

أنهم وجدوا الكتاب مع امرأة في قرن من رأسها، فدعاه نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال:"ما حملك على الذي صنعت؟ "، قال: والله ما شككت في أمر الله، ولا ارتددت فيه؛ ولكن لي هناك أهلاً ومالاً فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي، وذكر لنا أنه كان حليفاً لقريش لم يكن من أنفسهم، فأنزل الله عز وجل في ذلك القرآن فقال:{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا، قالوا: لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة؛ كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى قريش يخبرهم الذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم، ثم أعطاه امرأة يزعم محمد بن جعفر أنها من مزينة، وزعم غيره: أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً، فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب؛ فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما؛ فقال:"أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد اجتمعنا له في أمرهم"؛ فخرجا حتى أدركاها بالحليفة حليفة بن أبي أحمد، فاستنزلاها؛ فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئاً، فقال لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، ولتخرجن إليّ هذا الكتاب أو لنكشفنك، فلما رأت الجد منه؛ قالت: أعرض عني؛ فأعرض عنها، فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب فدفعته إليه، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 40): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 129) ونسبه لعبد بن حميد.

ص: 379

حاطباً؛ فقال: "يا حاطب! ما حملك على هذا؟ "، فقال: يا رسول الله! أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت امرأً في القوم ليس لي أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم عليهم، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله! فلأضرب عنقه؛ فإن الرجل قد نافق؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يدريك يا عمر! لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر، فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم؟ "؛ فأنزل الله عز وجل في حاطب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 39)؛ ثنا ابن حميد ثنا سلمة ثني ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعن.

الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف، بل اتهم بالكذب.

وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 286، 287)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 39، 40) عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} : أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، قال: كتب إلى كفار قريش كتاباً ينصح لهم فيه، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فأرسل علياً =

ص: 380

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: أمّن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة [الناس]؛ إلا أربعة من الناس: عبد العزى بن خطل، ومقيس بن صبابة الكناني، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأم سارة امرأة، فأما عبد العزى؛ فإنه قتل، وهو آخذ بأستار الكعبة، قال: ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد بن أبي سرح إذا رآه، وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشفع به، فلما بصر به الأنصاري؛ اشتمل على السيف، ثم خرج في طلبه، فوجده في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهاب قتله، فجعل يتردد، ويكره أن يقدم عليه؛ لأنه في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فبايعه، ثم قال للأنصاري:"قد انتظرتك أن توفي بنذرك"، قال: يا رسول الله! هبتك، أفلا أومضت إلي؟ قال:"إنه ليس لنبي أن يومض"، وأما مقيس؛ فإنه كان

= والزبير، فقال:"اذهبا، فإنكما ستدركان امرأة بمكان كذا وكذا، فأتياني بكتاب معها"؛ فانطلقا حتى أدركاها، فقال: الكتاب الذي معك، قالت: ما معي كتاب، قالا: والله لا ندع عليك شيئاً إلا فتشناه أو تخرجينه، قالت: أوَلستما مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن معك كتاباً؛ فقد أيقنت أنفسنا أنه معك، فلما رأت جدهما؛ أخرجت كتاباً من قرونها فرمت به، فذهبا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى كفار قريش، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أنت كتبت هذا الكتاب؟ "، قال: نعم، قال:"وما حملك على ذلك؟ "، قال: أما والله ما ارتبت في الله منذ أسلمت، ولكني كنت أمراً غريباً فيكم أيها الحي من قريش، وكان لي بمكة مال وبنون فأردت أن أدفع عنهم بذلك، فقال عمر: ائذن لي يا نبي الله! فأضرب عنقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مهلاً يا ابن الخطاب! إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فإني غافر لكم؟ ".

قلنا: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 127) وزاد نسبته لعبد بن حميد وقال: "مرسلاً".

ص: 381

له أخ [قتل خطأ] مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني فهر ليأخذ له من الأنصار العقل، فلما جمع له العقل ورجع؛ نام الفهري؛ فوثب مقيس فأخذ حجراً فجلد به رأسه؛ فقتله، ثم أقبل، وهو يقول:

شفى النفس من قدبات بالقاع مسنداً

يضرج ثوبيه دماء الأخادع

وكانت هموم النفس من قبل قتله

تهيج فتنسيني وطاء المضاجع

حللت به ثأري وأدركت ثورتي

وكنت إلى الأوثان أول راجع

وأما أم سارة؛ فإنها كانت مولاة لقريش، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة، فأعطاها شيئاً، ثم أتاها رجل، فدفع إليها كتاباً لأهل مكة يتقرب به إليهم؛ ليحفظ في عياله، وكان له بها عيال، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاك، فبعث في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، فلحقاها، ففتشاها، فلم يقدرا على شيء منها، فأقبلا راجعين، فقال أحدهما لصاحبه: والله ما كذبنا ولا كذبنا، ارجع بنا إليها؛ فرجعا إليها، فسلا سيفهما، فقالا: والله لنذيقنك الموت أو لتدفعن إلينا الكتاب، فأنكرت، ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلاه منها، فحلت عقال رأسها، فأخرجت كتاباً من قرونها فدفعته إليهما، فرجعا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعاه إليه، فبعث إلى الرجل، فقال:"ما هذا الكتاب؟ "، قال: أخبرك يا رسول الله: ليس من أحد معك إلا وله بمكة من يحفظه في عياله غيري، فكتبت هذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي، فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً

ص: 382

وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، وحاطب رجل من أهل اليمن كان حليفاً للزبير بن العوام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد شهد بدراً، وكان بنوه وإخوته بمكة، فكتب حاطب وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى كفار قريش بكتاب ينتصح لهم فيه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير، فقال لهما: انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب، فخذا الكتاب، فائتياني به؛ فانطلقا حتى أدركا المرأة بحليفة بني أحمد، هي من المدينة على قريب من اثني عشر ميلاً، فقالا لها: أعطينا الكتاب الذي معك، قالت: ليس معي كتاب، قالا: كذبت؛ قد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن معك كتاباً، والله لتعطين الكتاب الذي معك؛ أو لا نترك عليك ثوباً إلا التمسنا فيه، قالت: أو لستم بناس مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدثنا أن معك كتاباً، حتى إذا ظنت أنهما ملتمسان كل ثوب معها؛ حلت عقاصها، فأخرجت لهما الكتاب من بين قرون رأسها كانت قد اعتقصت عليه، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطباً، قال:"أنت كتبت هذا الكتاب؟ "، قال: نعم، قال:"فما حملك على أن تكتب به؟ "، قال حاطب: أما والله

(1)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(6/ 342 - 344 رقم 6577)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(5/ 60، 61)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 451) من طريق الحسن بن بشر الكوفي ثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس.

قال الطبراني: "لم يرو القصة عن قتادة عن أنس إلا الحكم، تفرد به الحسن بن بشر".

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: قتادة مدلس وقد عنعن.

الثانيه: الحكم بن عبد الملك؛ ضعيف.

ص: 383

ما ارتبت -منذ أسلمت- في الله عز وجل، ولكني كنت امرأً غريباً فيكم أيها الحي من قريش وكان لي بنون وإخوة بمكة فكتبت إلى كفار قريش بهذا الكتاب؛ لكي أدفع عنهم، فقال عمر: ائذن لي يا رسول الله! أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دعه؛ فإنه قد شهد بدراً، وإنك لا تدري لعل الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئت؛ فإني غافر لكم ما عملتم"؛ فأنزل الله في ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}

(1)

.

{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)} .

• عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما؛ قالت: أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أصِلها؟ قال: نعم، قال ابن عيينة: فأنزل الله -تعالى- فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 126، 127) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 2620، 3183، 5978، 5979).

ص: 384

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أن قتيلة بنت عبد العزى أرسلت إلى ابنتها أسماء بنت أبي بكر، وكان أبو بكر رضي الله عنه طلقها في الجاهلية، فأرسلت إليها بهدايا فيها إقط وسمن، فأبت أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها؛ فأرسلت إلى عائشة لتسأل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لتدخلها بيتها، ولتقبل هديتها"، وأنزل الله تبارك وتعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا سفيان بن حرب على بعض اليمن، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أقبل فلقي ذا الخمار مرتداً

(1)

أخرجه الطيالسي في "المسند"(2/ 24، 25 رقم 1982 - منحة)، وأحمد في "المسند"(4/ 4)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 43)، والبزار في "البحر الزخار"(6/ 167 رقم 2208)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 2359)، وأبو يعلى في "المسند"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 58 رقم 4151 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 175 رقم 7855) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 284) -، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"(ص 238)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 374)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 485، 486)، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(8/ 459) جميعهم من طريق مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن الزبير به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مصعب بن ثابت ضعيف، وفي "التقريب":"لين الحديث".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! ووافقه الذهبي.!

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 123): "رواه أحمد والبزار؛ وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 130) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 385

فقاتله، فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين، قال ابن شهاب: وهو فيمن أنزل الله فيه: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: أول من قاتل أهل الردة على إقامة دين الله أبو سفيان بن حرب، وفيه نزلت هذه الآية:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} ؛ قال: كانت المودة التي جعل الله بينهم تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان، فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين

(3)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)} .

• عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه؛ قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين"، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 130) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 130) ونسبه لابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 130) ونسبه لابن مردويه.

ص: 386

بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها؛ بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل. فألحت. فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل"، ثم قال:"والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطبة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشُكِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهماً من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه.

فبينما هم كذلك؛ إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة -وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العود المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا لم نجئ لقتال أحد؛ ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم؛ فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر؛ فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا؛ فقد جموا، كان هم أبوا؛ فوالذي نفسيم بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره"، فقال بديل: سأبلّغهم ما تقول، قال: فانطلق حتى أتى قريشاً قال: إنّا جئناكم من هذا الرجل، وسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم؛ فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أوَلست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن

ص: 387

أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آتِهِ، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحواً من قوله لبديل.

فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى؛ فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفِرّ عنه وندعه؟ فقال: من هذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده؛ لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها؛ لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم؛ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخّر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر! ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمّا الإسلام؛ فأقبل، وأما المال؛ فلست منه في شيء"، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه.

قال: فوالله؛ ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم؛ فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم؛ فدلك بها

ص: 388

وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر؛ تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطبة رشد فاقبلوها، فقال رجل من كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن؛ فابعثوها له"؛ فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك؛ قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه؛ قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مكرز بن حفص فقال: دعوني آته؛ فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا مكرز، وهو رجل فاجر"، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يكلمه؛ إذ جاء سهيل بن عمرو.

قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سهل لكم من أمركم"، قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال سهيل: أما الرحمن؛ فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اكتب: باسمك اللهم"، ثم قال:"هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"؛ فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله؛ ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله"، قال الزهري: وذلك بقوله: "لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل:

ص: 389

وعلى أنه لا يأتيك منا رجل -وإن كان على دينك- إلا رددته إلينا.

قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك؛ إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد! أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إنا لم نقض الكتاب بعد"، قال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فأجزه لي"، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال:"بلى فافعل"، قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أُرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله، قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقاً؟! قال: "بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى"، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟! قال: "إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري"، قلت: أوَليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: "بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ "، قال: قلت: لا، قال:"فإنك آتيه ومطوف به"، قال: فأتيت أبا بكر، فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقاً؟! قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟! قال: أيها الرجل! إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه؛ فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به.

قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله؛ ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم

ص: 390

منهم أحد؛ دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك؛ قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً؛ حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمنات؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)} ؛ فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله؛ إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستلّه الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين راه:"لقد رأى هذا ذعراً"، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل أمه! مسعر حرب لو كان له أحد"، فلما سمع ذلك؛ عرف أنه سيرده إليهم؛ فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وينفلت

ص: 391

منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم: لما أرسل فمن أتاه؛ فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24)} حتى بلغ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]: وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت

(1)

. [صحيح]

• عن الواقدي؛ قال: فخرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بآيات نزلت فيها، قالت: فكنت أول من هاجر إلى المدينة، فلما قدمت قدم أخي الوليد علي، فنسخ الله العقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين في شأني، ونزلت:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} ثم أنكحني النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، فقلت: أتزوجني بمولاك؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] ثم قتل زيد، فأرسل إليّ الزبير: احبسي علي نفسك، قلت: نعم؛ فنزلت: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235]

(2)

. [باطل]

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 2731، 2732).

ونسبه السيوطي في "لباب النقول"(ص 211) لمسلم -أيضاً-، وليس هو فيه.

وذكره في "الدر المنثور"(8/ 132) على الجادة.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 132) وقال: "وأخرج ابن دريد في "أماليه": ثنا أبو الفضل الرياشي عن ابن أبي رجاء عن الواقدي به".

قلنا: الواقدي؛ متروك الحديث، بل كذبه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما؛ فالأثر باطل.

ص: 392

• عن عبد الله بن أبي أحمد رضي الله عنه؛ قال: هاجرت أم كلثوم بنت عقبة في الهدنة، فخرج أخواها عمارة والوليد أبناء عقبة حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكلماه في أمر أم كلثوم أن يردها إليهما؛ فنقض الله - تعالى- العهد بينه وبين المشركين خاصة في النساء ومنعه أن يردهن إلى المشركين، فأنزل الله عز وجل آية الامتحان

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن ابن شهاب؛ قال: كان المشركون قد شرطوا على رسول الله يوم الحديبية: أنه من جاء من قبلنا وإن كان على دينك؛ رددته إلينا، ومن جاءنا من قبلك؛ رددناه إليك، فكان يرد إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه، فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة؛ جاء أخواها يريدان أن يخرجاها ويرداها إليهم؛ فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 433 رقم 609) -ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة"(3/ 67) -، والطبراني في "المعجم الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد"(7/ 123)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(3/ 1591 رقم 1575)، وابن منده؛ كما في "أسد الغابة"(3/ 67) من طريق عبد العزيز بن عمران عن محمد بن يعقوب عن حسين بن أبي لبابة عن عبد الله به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 123): "رواه الطبراني؛ وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف".

قلنا: بل هو متروك، احترقت كتبه فحدث من حفظه؛ فاشتد غلطه؛ كما في "التقريب"؛ فالحديث ضعيف جداً.

ثم إن عبد الله بن أبي أحمد مختلف في صحبته؛ قال في "التقريب": "ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر وغيره وذكره جماعة في ثقات التابعين".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 132) وزاد نسبته لابن مردويه، وقال:"بسندضعيف".

وفي كتابه الآخر "لباب النقول"(ص 211): قال: "بسند صحيح"، ونظنه تحريفاً من النساخ -والله أعلم-.

ص: 393

عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا}؛ قال: هو الصداق، {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}؛ قال: هي المرأة تسلم فيرد المسلمون صداقها إلى الكفار، وما طلق المسلمون من نساء الكفار عندهم فعليهم أن يردوا صداقهن إلى المشركين، فإن أمسكوا صداقاً من صداق المسلمين مما فارقوا من نساء الكفار؛ أمسك المسلمون صداق المسلمات اللاتي جئن من قبلهم

(1)

. [ضعيف]

• عن الزهري؛ قال: نزلت هذه الآية وهم بالحديبية، لما جاء النساء؛ أمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردوا الصداق إلى زوجها، فأما المؤمنون؛ فأقروا بحكم الله، وأما المشركون؛ فأبوا أن يقروا؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} إلى قوله: {مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} ؛ فأمر المؤمنون إذا ذهبت امرأة من المسلمين ولها زوج من المسلمين أن يرد إليه المسلمون صداق امرأته مما أمروا أن يردوا على المشركين

(2)

. [ضعيف]

• عن يزيد بن الأخنس رضي الله عنه: أنه لما أسلم معه جميع أهله إلا

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 231): نا خالد بن مخلد ثني عبد الرحمن بن عبد العزيز ثني الزهري به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 136، 137) ونسبه لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه" والطبري وابن المنذر.

قلنا: هو عند الطبري في "جامع البيان"(28/ 46): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد رجاله ثقات.

ص: 394

امرأة واحدة أبت أن تسلم؛ فأنزل الله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)} ؛ فقيل له: قد أنزل الله أنه فرق بينها وبين زوجها إلا أن تسلم، فضرب لها أجل سنة، فلما مضت السنة إلا يوماً؛ جلست تنظر الشمس حتى إذا دنت للغروب أسلمت

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أسلم عمر بن الخطاب وتأخرت امرأته في المشركين؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} يقول: إن أسلم رجل وأبت امرأته؛ فليتزوج إن شاء أربعاً سواها

(2)

.

• عن عكرمة؛ قال: يقال لها: ما جاء بك؟ عشق رجل منها، ولا فرار من زوجك، ما خرجت؛ إلا حباً لله ورسوله

(3)

. [ضعيف]

• عن مقاتل؛ قال: كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة عهد شرط في أن يرد النساء، فجاءت امرأة تسمى سعيدة، وكانت تحت صيفي بن الراهب، وهو مشرك من أهل مكة، وطلبوا ردها؛ فأنزل الله:

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 137) ونسبه للطبراني وأبي نعيم وابن عساكر.

(2)

أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 57 رقم 4148 - المسندة)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 175 رقم 7856)، و"الدر المنثور"(8/ 137)، و"لباب النقول" (ص 211): حدثنا معاوية بن عمرو عن مندل بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: والكلبي وشيخه أبو صالح؛ كذابان، ومندل؛ ضعيف.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 137) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 395

{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: خرجت امرأة مهاجرة إلى المدينة، فقيل لها: ما أخرجك: بغضك لزوجك، أم أردت الله ورسوله؟ قالت: بل الله ورسوله؛ فأنزل الله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} ، فإن تزوجها رجل من المسلمين؛ فليرد إلى زوجها الأول ما أنفق عليها

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن شهاب؛ قال: بلغنا أن الممتحنة أنزلت في المدة التي ماد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار قريش من أجل العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش في المدة، فكان يرد على كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن وبعولتهن كفار، ولو كانوا حرباً ليست بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم مدة عهد؛ لم يردوا إليهم شيئاً مما أنفقوا، وقد حكم الله للمؤمنين على أهل المدة من الكفار بمثل ذلك الحكم، قال الله:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ؛ فطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته بنت أبي أمية بن المغيرة من بني مخزوم؛ فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وبنت جرول من خزاعة فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهم بن حذيفة العدوي وجعل ذلك حكماً يحكم به بين المؤمنين وبين المشركين في مدة العهد التي كانت بينهم، فأقر المؤمنون بحكم الله؛ فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين؛ فقال الله:

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 136)، و"لباب النقول"(ص 211) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 134) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 396

{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)} ؛ فإذا ذهبت بعد هذه الآية امرأة من أزواج المؤمنين إلى المشركين؛ رد المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم الذي أمروا أن يردوه إلى المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهن اللاتي آمنّ وهاجرن، ثم ردوا إلى المشركين فضلاً إن كان لهم

(1)

. [ضعيف]

• عن يزيد بن أبي حبيب؛ أنه بلغه: أنها نزلت في أميمة بنت بشر امرأة أبي حسان الدحداحة

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن في قوله -تعالى-: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} ؛ قال: نزلت في امرأة الحكم بنت أبي سفيان، ارتدت فتزوجها رجل ثقفي، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، فأسلمت مع ثقيف حين أسلموا

(3)

. [ضعيف]

• عن إبراهيم النخعي في قوله -تعالى-: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} ؛ قال: نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين؛ فتكفر؛ فلا يمسك زوجها بعصمتها، قد برئ منها

(4)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 135) ونسبه لابن مردويه.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 211) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 138)، و"لباب النقول"(ص 212) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 138) ونسبه لسعيد بن منصور وابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 397

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} ؛ قال: كيف يمتحن؟ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان عبد الله بن عمر وزيد بن الحارث يوادون رجالاً من يهود؛ فأنزل الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} .

(2)

[ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 142) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 144)، و"لباب النقول"(ص 212)، وقال:"وأخرج ابن المنذر من طريق ابن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس به".

قلنا: وسنده ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن إسحاق، وهو محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت.

ص: 398

‌سورة الصف.

{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} .

• عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه؛ قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا؛ فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله؛ لعملناه؛ فأنزل الله -تعالى-: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} ؛ قال عبد الله بن سلام: فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو سلمة: فقرأها علينا ابن سلام، قال يحيى بن أبي كثير: فقرأها علينا أبو سلمة، قال الأوزاعي: فقرأها علينا ابن كثير

(1)

.

(1)

أخرجه الدارمي في "سننه"(2/ 120 رقم 1395)، والترمذي في "جامعه"(5/ 412 رقم 3309)، وأبو يعلى في "المسند"(13/ 487 رقم 7499)، وابن حبان في "صحيحه"(10/ 454 رقم 4594)، وابن أبي عاصم في "الجهاد"(1/ 397 رقم 141)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 381)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 285)، و"الوسيط"(4/ 290)، والحاكم (2/ 69، 70، 228، 229، 486، 487)، والبيهقي في "شعب =

ص: 399

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الإيمان" (8/ 137 رقم 3907)، وفي "السنن الكبرى" (9/ 159، 160)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 231/ أ)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (58/ 177/ أ)، وأبو الفرج محمد بن المقرئ في "الأربعين في الجهاد والمجاهدين" (ص 89 رقم 40)، والذهبي في "السير" (2/ 424، 425)، والحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 381)، والسخاوي في "الجواهر المكللة" (رقم 34)، والأيوبي في "المناهل المسلسلة" (رقم 61)، والسيوطي في "مسلسلاته" (ق 3/ أ - ب)، و"الدر المنثور" (6/ 212 - ط قديمة)، وابن الجزري في "طيبة النشر" (1/ 194، 195)، وابن الطيب في "مسلسلاته" (ق 20/ أ - ب)، وابن عقيلة في "مسلسلاته" (ق 13، 14) وغيرهم من طرق عن الأوزاعي ثني يحيى بن أبي كثير ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

ورواه ابن المبارك في "الجهاد"(رقم 1)، وأحمد في "المسند"(5/ 452)، وأبو يعلى في "المسند"(13/ 484 رقم 7497)، والطبراني في "المعجم الكبير"(رقم 173 - قطعة من المجلد 13)، وابن عساكر في "الأربعين في الحث على الجهاد"(ص 59، 60)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(58/ ق 177/ ب)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 69) من طريق ابن المبارك والهقل بن زياد عن الأوزاعي ثني يحيى بن أبي كثير ثني هلال بن أبي ميمونة: أن عطاء بن يسار حدثه: أن عبد الله بن سلام حدثه أو قال: ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله به.

قلنا: والرواية الأولى أصح وأقوى من هذه، وهذا هو الذي رجحه الحاكم (2/ 69)، والبيهقي في "الشعب"، والسخاوي في "الجواهر المكللة".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8/ 641): "وقد وقع لنا سماع هذه السورة مسلسلاً في حديث ذكر في أوله سبب نزولها، وإسناده صحيح، قَلَّ أن وقع في المسلسلات مثله مع مزيد علوه".

وقال السخاوي: "هذا حديث صحيح متصل الإسناد والتسلسل، بل هو من أصح المسلسلات". =

ص: 400

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} ؛ قال: كان قوم يقولون: والله لو أنا نعلم ما أحب الأعمال إلى الله؛ لعملناه؛ فأنزل الله عز وجل علي نبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} ؛ فدلهم على أحب الأعمال إليه

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي صالح السمان؛ قال: قالوا: لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله وأفضل؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا

= وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 176): "هذا إسناد رواته ثقات".

وصححه ابن فهد؛ كما في "ثبت عابد السندي"(ق 352، 353)، وابن الطيب في "مسلسلاته"(ق 20/ ب)، وابن عقيلة في "مسلسلاته"(ق 14، 15)، وصاحب "المنح البادية"(ق 45/ أ).

وقال ابن الجزري: "هذا حديث جليل كل رجال إسناده ثقات"، ثم قال بعد ذكر المتابعات والمخالفة المشار إليها:"وبهذه المتابعات حسن الحديث وارتقى إلى درجة الحسن". اهـ.

وقال السيوطي في "تدريب الراوي"(2/ 189): "من أصح مسلسل يروى في الدنيا المسلسل بقراءة سورة الصف"، وكذا صححه شيخنا الألباني رحمه الله في "صحيح الترمذي".

وزاد السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 212) -وسقط من طبعة دار الفكر- نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 55)، وعبد بن حميد وابن مردويه في "تفسيريهما"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 146).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 401

تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قالوا: لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}

(2)

.

• عن مجاهد في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} نزلت في نفر من الأنصار؛ فيهم: عبد الله بن رواحة، قالوا في مجلس: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله؛ لعملنا بها حتى نموت؛ فأنزل الله -تعالى- هذا فيهم، فقال عبد الله بن رواحة: لا أزال حبيساً في سبيل الله حتى أموت، فقتل شهيداً

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 55): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن الثوري عن محمد بن جحادة عن أبي صالح به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: ابن حميد؛ ضعيف متهم بالكذب.

الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام، سيئ الحفظ.

الثالثة: الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 146) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

وأخرجه ابن أبي حاتم؛ كما في "لباب النقول"(ص 212) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بنحوه.

قلنا: وشده حسن.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 146) ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 55) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به. =

ص: 402

• عن الضحاك في قوله -تعالى-: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} : أنزل الله هذا في الرجل يقول في القتال ما لم يفعله من الضرب والطعن والقتل، قال الله عز وجل:{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مقاتل؛ قال: قال المؤمنون: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله؛ لعملناه؛ فدلهم على أحب الأعمال إليه، فقال:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} ؛ فبين لهم، فابتلوا يوم أُحد بذلك؛ فولوا عن النبي صلى الله عليه وسلم مدبرين؛ فأنزل الله في ذلك:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث السرية، فهذا رجعوا؛ كانوا يزيدون في الفعل، ويقولون: قاتلنا كذا وكذا وفعلنا كذا؛ فأنزل الله -تعالى- الآية

(3)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)} .

= قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 146) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 56).

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 146)، و"لباب النقول"(ص 213) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 147) ونسبه لابن مردويه.

ص: 403

• عن سعيد بن جبير في قوله -تعالى-: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)} ؛ قال: لما نزلت؛ قال المسلمون: لو علمنا ما هذه التجارة؛ لأعطينا فيها الأموال والأهلين؛ فبيّن لهم التجارة، فقال:{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}

(1)

. [ضعيف]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ لما أراد الله عز وجل أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السماء خرج على أصحابه وهم في بيت، اثنا عشر رجلاً، ورأسه يقطر ماء، فقال: أيكم يلقى شبهي عليه، فيقتل مكاني فيكون معي في درجتي؟ فقام شاب من أحدثهم سناً؛ فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم، فقام الشاب؛ فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد عليهم الثالثة، فقال الشاب: أنا؛ فقال عيسى عليه السلام: نعم؛ أنت، فألقى عليه شبه عيسى عليه السلام، ثم رفع عيسى من روزنة كانت في البيت إلى السماء، وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشاب؛ للشبه؛ فقتلوه ثم صلبوه، فتفرقوا ثلاث فرق؛ فقالت فرقة: كان فينا الله عز وجل ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء [الله] ثم رفعه الله وهؤلاء النسطورية، وقالت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء [لله] ثم رفعه الله؛ [فهؤلاء] المسلمون؛ فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامساً؛ حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله -

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 149)، و"لباب النقول"(ص 213) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 404

عز وجل: {فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} ؛ يعني: الطائفة التي كفرت في زمان عيسى عليه السلام، والطائفة التي آمنت في زمان عيسى:{فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ} بإظهار محمد صلى الله عليه وسلم دينهم على دين الكفار {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 425 - 427 رقم 611)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 60)، وسعيد بن منصور في "سننه" -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(10/ 376، 378 رقم 402) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1110 رقم 6233) عن أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله رجال البخاري في "صحيحه"، وفي المنهال كلام يسير لا ينزله عن رتبة الحسن.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية"(2/ 510): "وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس على شرط مسلم".

قلنا: وقد وهم رحمه الله؛ فإن مسلماً لم يرو للمنهال بن عمرو شيئاً.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 727) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

ص: 405

‌سورة الجمعة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الجمعة بالمدينة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)} .

• عن ابن سيرين؛ قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة وهم الذين سموها الجمعة، فقالت الأنصار: لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك؛ فهلم! فليجعل يوماً نجتمع ونذكر الله ونصلي ونشكره فيه -أو كما قالوا-، فقالوا: يوم السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى، فاجعلوه يوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة، فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ وذكرهم فسموه الجمعة، حتى اجتمعوا إليه فذبح أسعد بن زرارة لهم شاة فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة؛ وذلك لقلتهم؛ فأنزل الله في ذلك بعد ذلك:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 151) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الجمعة بالمدينة.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 159، 160 رقم 5144) عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين به. =

ص: 406

• عن محمد بن كعب: أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام، فربما قدما يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فيدعونه ويقومون فيما هم إلا بيعاً حتى تقام الصلاة؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)} ؛ قال: فحرم عليهم ما كان قبل ذلك

(1)

. [ضعيف]

{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ أقبلت عير تحمل طعاماً، فالتفتوا إليها؛ حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً؛ فنزلت هذه الآية:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}

(2)

. [صحيح]

= قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 159) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 163) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 936، 3058، 2064، 4899)، ومسلم (رقم 863/ 36، 37، 38).

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 68)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 132، 133 رقم 1490)، وأبو عوانة في "صحيحه"؛ كما في "الفتح" (2/ 424) بسند صحيح من طريق آخر عن جابر؛ قال: كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرون بالكبر والمزامير ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر وينفضون إليها؛ فأنزل الله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} . =

ص: 407

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقدم دحية بن خليفة يبيع سلعة له، فما بقي في المسجد أحد إلا خرج؛ إلا نفر والنبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأنزل الله -تعالى-: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي مالك؛ قال: قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه؛ قاموا إليه بالبقيع، خشوْا أن يسبقوا إليه؛ قال: فنزلت: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}

(2)

. [ضعيف جداً]

= قال السيوطي في "لباب النقول": "وكأنها نزلت في الأمرين معاً".

ثم ذكر أن ابن المنذر أخرجه عن جابر بالقصتين معاً.

(1)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 76 رقم 2273 - "كشف"): ثنا عبد الله بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: شيخ البزار؛ واهٍ.

الثانية: إبراهيم بن إسماعيل هو الأشهلي مولاهم أبو إسماعيل المدني؛ ضعيف.

الثالثة: رواية داود بن الحصين عن عكرمة على وجه الخصوص منكرة؛ كما قال ابن المديني وأبو داود. وانظر: "تهذيب الكمال"(8/ 380، 381).

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 124): "رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف".

وسكت عنه الحافظ في "الفتح"(2/ 423)، وليس هذا منه بجيد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 67): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سفيان عن السدي عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال. =

ص: 408

• عن الحسن في قوله -تعالى-: {انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} : أن أهل المدينة أصابهم جوع وغلا سعرهم، فقدمت عير والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فسمعوا بها؛ فخرجوا إليها والنبي صلى الله عليه وسلم قائم كما هو؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو اتبع آخرهم أولهم؛ التهب عليهم الوادي ناراً"

(1)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة، مثل العيدين، حتى كان يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وقد صلى الجمعة، فدخل رجل؛ فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة، وكان دحية إذا قدم؛ تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس ولم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء، فأنزل الله -تعالى-:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)} ؛ فقدّم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخّر الصلاة

(2)

. [ضعيف]

• عن مقاتل بن حيان؛ أنه قال في هذه الآية: كان يخطب النبي صلى الله عليه وسلم ويقوم يوم الجمعة قائماً، كان دحية الكلبي كان رجلاً تاجراً، وكان قبل أن يسلم إذا أقبل بتجارته إلى المدينة؛ خرج الناس ينظرون إلى ما جاء به فيشترون منه، فقدم ذات يوم المدينة ووافق الجمعة والناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهو قائم يخطب، فاستقبل أهل دحية العير:

= الثانية: مهران؛ صدوق له أوهام سيئ الحفظ.

الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف إنّهم بالكذب.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 292): نا معمر عن الحسن به.

قلنا: وهو مرسل ضعيف.

(2)

أخرجه أبو داود في "المراسيل"(ص 105 رقم 62) -ومن طريقه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 28) - بسند صحيح إلى مقاتل.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 409

دخلوا المدينة بالطبل واللهو؛ فذلك اللهو الذي ذكر الله، فسمع الناس في المسجد أن دحية قد نزل بتجارة عند أحجار الزيت؛ وهو مكان في سوق المدينة، وسمعوا أصواتاً فخرج عامة الناس إلى دحية ينظرون إلى تجارته وإلى اللهو، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً ليس معه كثير أحد؛ فبلغني -والله أعلم- أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات في كل مرة بعير تقدم من الشام للتجارة، وكان ذلك يوافق الجمعة، وبلغنا أن العدة التي بقيت في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم عدة قليلة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك:"لولا هؤلاء"؛ يعني: هؤلاء الذين بقوا في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ "لقصدت إليهم الحجارة من السماء"، ونزل:{قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: ذكر لنا أن نبي الله قام الجمعة فخطبهم ووعظهم وذكرهم، فقيل: جاءت عير؛ فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة منهم، فقال:"كم أنتم؟ فعدوا أنفسكم"؛ فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، ثم قام الجمعة الثانية فخطبهم ووعظهم وذكرهم، فقيل: جاءت عير، فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة منهم، فقال:"كم أنتم؟ فعدوا أنفسكم"؛ فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال:"والذي نفس محمد بيده؛ لو اتبع آخركم أولكم؛ لالتهب الوادي عليكم ناراً"، وأنزل الله فيها:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 235، 236 رقم 6495) بسند صحيح إليه.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 167) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: هو عند الطبري في "جامع البيان"(28/ 67، 68): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به.

وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 410

• عن السدي في قوله -تعالى-: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} ؛ قال: جاء دحية الكلبي بتجارة والنبي صلى الله عليه وسلم قائم في الصلاة يوم

الجمعة؛ فتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وخرجوا إليه؛ فنزلت: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}

(1)

[ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 67): ثنا أبو كريب ثنا ابن يمان ثنا سفيان عن السدي به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: ابن يمان -اسمه يحيى-؛ وهو صدق كثير الخطأ، وقد تغير؛ كما في "التقريب".

ص: 411

‌سورة المنافقون.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة المنافقين بالمدينة

(1)

.

{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} .

• عن زيد بن أرقم رضي الله عنه؛ قال: كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أُبيّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله؛ حتى ينفضوا من حوله،

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 170) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

ص: 412

ولئن رجعنا من عنده؛ ليخرجن الأعز منها الأذل؛ فذكرت ذلك لعمي أو لعمر فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فدعاني؛ فحدثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أُبيّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه؛ فأصابني هَمّ لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} ؛ فبعث إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ، فقال:"إن الله قد صدقك يا زيد! "

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه البخاري (رقم 4900، 4901، 4903، 4904)، ومسلم (رقم 2772) من طريق أبي إسحاق السبيعي أنه سمع زيد به.

وأخرجه البخاري (رقم 4902) وغيره من طريق محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم؛ قال: لما قال عبد الله بن أُبيّ: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال -أيضاً-: لئن رجعنا إلى المدينة؛ أخبرت به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلامني الأنصار، وحلف عبد الله بن أبيّ ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأتيته، فقال:"إن الله قد صدقك"، ونزل:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} .

وأخرج عبد بن حميد في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 171) -وعنه الترمذي (5/ 415 - 417 رقم 3313) -، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 186، 187 رقم 5041)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 488، 489)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 54، 55)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 287) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن زيد بن أرقم؛ قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معنا أناس من الأعراب، فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقونا إليه، فسبق أعرابي أصحابه، فسبق الأعرابي فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه، قال: فأتى رجل من الأنصار أعرابياً فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه؛ فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبته فضرب بها رأس الأنصاري؛ فشجه، فأتى عبد الله بن أُبيّ رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه؛ فغضب عبد الله بن أُبيّ، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله؛ يعني: =

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام، فقال عبد الله: إذا انفضوا من عند محمد؛ فأُتوا محمداً بالطعام فلياكل هو ومن معه، ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، قال زيد: وأنا ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسمعت عبد الله بن أبيّ؛ فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحلف وجحد، قال: فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني، قال: فجاء عمي إليّ، فقال: ما أردت إلا أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك والمسلمون، قال: فوقع عليّ من الهم ما لم يقع على أحد، قال: فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قد خفقت برأسي من الهم؛ إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: ما قال شيئاً؛ إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي، فقال: أبشر، ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا؛ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين.

قلنا: وهذا سند حسن.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 171) وزاد نسبته لابن سعد وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر.

وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 117، 118 رقم 5885)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 196 رقم 5073) من طريق قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن زيد بن أرقم؛ قال: كنت جالساً مع عبد الله بن أُبيّ بن سلول، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأناس من أصحابه، فغمزوا، فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال عبد الله: لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت سعد بن عبادة، فأخبرته، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له؛ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أُبيّ، فأوعده، فحلف له عبد الله بالذي أنزل النبوة عليه ما تكلم بهذا، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، فقال سعد: يا رسول الله! إنما أخبرنيه الغلام لزيد بن أرقم، فجاء سعد، فأخذ بيدي، فانطلق بي، فقال: هذا حدثني، فانتهرني عبد الله بن أُبيّ، فأجهشت إلى =

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، فقلت: والذي أنزل عليك النبوة لقد قال، فأنصت عنه نبي الله؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} إلى آخر السورة.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ قيس بن الربيع؛ ضعيف.

وأعله الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 125) بالراوي عن قيس، وهو ابن أبي مريم، ولم يصب؛ لأنه متابع عند الطبراني نفسه.

وأخرجه البخاري في "صحيحه" -معلقاً- (بعد حديث رقم 4902) ووصله النسائي في "تفسيره"(2/ 431 رقم 614)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 72)، والطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 169 رقم 4979)، وأبو نعيم في "المستخرج على البخاري"، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تغليق التعليق"(4/ 341، 342) من طريق يحيى بن أبي زائدة ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن زيد؛ قال: لما قال عبد الله بن أُبيّ ما قال؛ جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فحلف أنه لم يقل؛ فجعل الناس يقولون: تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذب؛ حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني الناس أن يقولوا كذبت، حتى أنزل الله عز وجل هذه الآية:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} .

قلنا: وسنده صحيح على شرط الشيخين.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"(4/ 370) -وعنه الطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 177 رقم 5003) - من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة طلحة بن يزيد عن زيد؛ قال: سمعت عبد الله بن أُبيّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، وأتاه ابن أُبيّ فحلف له أنه لم يقل ذلك، وأتاني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلاموني، فأتيت منزلي فنمت قال: كأنه كئيب، فأرسل إليّ النبي صلى الله عليه وسلم -أو قال-، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إن الله قد صدقك وعذرك"، وتلا هاتين الآيتين:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} حتى ختم الآيتين.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 172) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه. =

ص: 415

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ؛ قال: نزلت هذه الآية بعد الآية التي في سورة التوبة: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زيادة على سبعين مرة"؛ فأنزل الله عز وجل: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة في قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} الآية كلها قرأها إلى {الْفَاسِقِينَ} : أنزلت في عبد الله بن أُبيّ، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعذلوه، وقيل لعبد الله: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يلوي رأسه؛ أي: لست فاعلاً، وكذب عليّ؛ فأنزل الله ما تسمعون

(2)

. [ضعيف]

= وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(15/ 119 رقم 5886) من طريق يعقوب الزهري عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أنس بن مالك: أن زيد بن أرقم شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه سمع عبد الله بن أُبيّ بن سلول في غزوة بني المصطلق يقول: لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، فجاء عبد الله بن أُبيّ فاعتذر وحلف؛ فكذبت الأنصار زيد بن أرقم؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} ؛ فدعا زيد بن أرقم وهم في مسير له، فأخذ بيده، قال:"هذا الذي رأيته يقول بما سمع".

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ يعقوب الزهري وشيخه ضعيفان.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 72).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 71): ثنا بشر العقدي ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد. =

ص: 416

• وعن قتادة؛ قال: قال له قومه: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفر لك؛ فجعل يلوي رأسه؛ فنزلت فيه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ}

(1)

. [ضعيف]

• وعن قتادة؛ قال: اقتتل رجلان: أحدهما من جهينة، والآخر من غفار، وكانت جهينة حليف الأنصار فظهر عليه الغفاري، فقال رجل منهم عظيم النفاق: عليكم صاحبكم، عليكم صاحبكم؛ فوالله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، أما والله؛ لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، وهم في سفر، فجاء رجل ممن سمعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ذلك، فقال عمر: مر معاذاً يضرب عنقه، فقال:"والله لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"، فنزلت:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} وقوله: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن: أن غلاماً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني سمعت عبد الله بن أُبيّ يقول كذا وكذا، قال:"فلعلك غضبت عليه؟ "، قال: لا، والله لقد سمعته يقول، قال:"فلعلك أخطأ سمعك؟ "، قال: لا، والله يا نبي الله! لقد سمعته يقوله، قال:"فلعله شبه عليك؟ "، قال: لا والله، قال: فأنزل الله تصديقاً للغلام: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 174) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 71): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(2)

أخرجه الطبري (28/ 74) بنفس السند السابق.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

ص: 417

لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}؛ فأخذ النبيّ صلى الله عليه وسلم بأذن الغلام، فقال:"وعت أذنك، وعت أذنك يا غلام! "

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأزيدن على السبعين"؛ فأنزل الله عز وجل: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)} الآية

(2)

. [ضعيف]

• عن عروة؛ قال: لما نزلت: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأزيدن على السبعين"؛ فأنزل الله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ} الآية

(3)

. [ضعيف]

• عن مجاهد في قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ} ؛ قال: عبد الله بن أُبيّ قيل له: تعال ليستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلوى رأسه، وقال: ماذا قلت؟

(4)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 74): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 73): ثني أحمد بن منصور الرمادي ثنا إبراهيم بن الحكم ثني أبي عن عكرمة به.

قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله، وضعف إبراهيم بن الحكم.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 174، 175) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

(3)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 213، 214) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

وذكره في "الدر المنثور"(8/ 176) ونسبه لابن مردويه.

(4)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 71) من طريقين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 418

• عن سعيد بن جبير: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلاً في السفر لم يرتحل منه حتى يصلي فيه، فلما كان غزوة تبوك؛ نزل منزلاً، فقال عبد الله بن أُبيّ: لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فارتحل ولم يصل، فذكروا ذلك له؛ فذكر قصة ابن أُبيّ، ونزل القرآن:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} ، وجاء عبد الله بن أُبيّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يلوي رأسه؛ فأنزل الله عز وجل:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} في عسيف لعمر بن الخطاب

(2)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 174) ونسبه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 176) ونسبه لابن مردويه والضياء في "المختارة".

ص: 419

‌سورة التغابن.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة التغابن بالمدينة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة التغابن بمكة إلا آيات من آخرها نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي، شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده؛ فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} إلى آخر السورة

(2)

.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وسأله رجل عن هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)} ؛ قال: هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجهم وأولادهم

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 181) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة التغابن بالمدينة.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 181) ونسبه للنحاس.

ص: 420

أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رأوا الناس قد فقهوا في الدين؛ هموا أن يعاقبوهم؛ فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عكرمة في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} ؛ قال: كان الرجل يريد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له أهله: أين تذهب وتدعنا؟ قال: وإذا أسلم وفقه؛ قال: لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلن ولأفعلن؛ فأنزل الله -جلّ ثناؤه-: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الترمذي (5/ 419، 420 رقم 3317)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 80)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 220 رقم 11720)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 401)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 490) من طريق إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف، رواية سماك عن عكرمة على وجه الخصوص فيها اضطراب.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح ".!

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي.!

وقال شيخنا في "صحيح الترمذي"(رقم 2642): "حديث حسن".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 184) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

قلنا: قد أخرجه الترمذي وابن أبي حاتم من طريق الفريابي.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 80): ثنا هناد السري ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة.

قلنا: وسنده ضعيف كسابقه.

ص: 421

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} : كان الرجل إذا أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده ولم يألوا يثبطوه عن ذلك، فقال الله: إنهم عدو لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا وامضوا لشأنكم، فكان الرجل بعد ذلك إذا منع وثبط؛ مر بأهله وأقسم، والقسم يمين: ليفعلن وليعاقبن أهله في ذلك؛ فقال الله -جلّ ثناؤه-: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عطاء بن يسار؛ قال: نزلت سورة التغابن كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو؛ بكوا إليه ورققوه، فقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرق ويقيم؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك وبقية الآيات

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن إسماعيل بن أبي خالد في قوله: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} ؛ قال: كان الرجل يسلم؛ فيلومه أهله وبنوه؛ فنزلت {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}

(3)

.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 80، 81).

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 81): ثنا ابن حميد ثنا سلمة ثني ابن إسحاق عن بعض أصحابه عنه به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: جهالة الأصحاب مع ملاحظة أن ابن إسحاق مدلس.

الثالثة: ابن حميد؛ ضعيف اتهم بالكذب.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 81)، والواحدي في "أسباب النزول" =

ص: 422

{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} .

• عن سعيد بن جبير في قوله -تعالى-: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} ؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ اشتد على القوم العمل؛ فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم؛ فأنزل الله -تعالى- هذه الآية تخفيفاً على المسلمين: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} ؛ فنسخت الآية الأولى

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} ؛ قال: هي رخصة من الله، كان الله قد أنزل في سورة آل عمران:{اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]، وحق تقاته: أن يطاع فلا يعصى، ثم خفف عن عباده؛ فأنزل الرخصة:{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} ؛ قال: والسمع

= (ص 288) من طريق محمد بن عمر بن علي المقدمي ثنا أشعث بن عبد الله ثنا شعبة عن إسماعيل به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 402): ثنا أبو زرعة ثني يحيى بن عبد الله بن بكير ثني ابن لهيعة ثني عطاء بن دينار عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ للضعف المعروف في ابن لهيعة، ويحيى ليس من قدماء أصحابه.

ثم إن رواية عطاء عن سعيد من صحيفته؛ كما في "التقريب"، مع التذكير بأنه مرسل.

ص: 423

والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها، بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا

(1)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 186، 187) ونسبه لابن المنذر وعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 424

‌سورة الطلاق.

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الطلاق بالمدينة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، فأتت أهلها؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ؛ فقيل له: راجعها؛ فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك ونسائك في الجنة

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 188) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 403): ثنا محمد بن ثواب بن سعيد ثنا أسباط بن محمد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس به. =

ص: 425

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: طلق عبد يزيد أبو ركانة، ثم نكح امرأة من مزينة، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! ما يغني عني إلا ما تغني هذه الشعرة -لشعرة أخذتها من رأسها- وأخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم حمية عند ذلك؛ فدعا ركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه:"أترون كذا من كذا؟ "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد:"طلقها"؛ ففعل، فقال لأبي ركانة:"ارتجعها"، فقال: يا رسول الله! إني طلقتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد علمت ذلك، فارتجعها"؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}

(1)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: قتادة مدلس وقد عنعن.

الثانية: سعيد بن أبي عروبة اختلط بآخره ولم يذكروا أسباطاً هل روى عنه قبل الاختلاط أم بعده؟ والراجح أنه روى عنه بعد الاختلاط؛ فقد ذكروا ناساً أعلى طبقة من أسباط رووا عن سعيد بعد الاختلاط -والله أعلم-.

وخالف أسباطاً عبد الأعلي بن عبد الأعلى السامي -راوية سعيد- فرواه عن سعيد عن قتادة به مرسلاً لم يذكر أنساً.

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 85): ثنا ابن بشار ثنا عبد الأعلى به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وسماع عبد الأعلى من سعيد قبل الاختلاط وقد أخرج الشيخان في "صحيحيهما" حديثه عنه.

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 491) من طريق زيد بن المبارك ثنا محمد بن ثور عن ابن جريج عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عكرمة عن ابن عباس به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: فيه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وهو واه، والخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإِسلام"، وانظر:"مختصر استدراكات الذهبي" لابن الملقن (2/ 951).

قلنا: وهو كما قال الذهبي رحمه الله؛ فإن محمداً ذا متروك الحديث، واهٍ بمرة.

انظر تفصيل الأقوال فيه في: "تهذيب التهذيب"(9/ 321).

وفيه علة أخرى وهي: أن ابن جريج مدلس وقد عنعن، وقد أخرجه أبو داود في =

ص: 426

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق عمر فذكر ذلك له فقال:"مره؛ فليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم يطلقها إن بدا له"؛ فأنزل الله عند ذلك: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، قال أبو الزبير: هكذا سمعت ابن عمر يقرأها

(1)

.

• عن مقاتل بن حيان؛ قال: بلغنا في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} أنها نزلت في عبد الله بن عمرو بن العاص وطفيل بن الحارث وعمرو بن سعيد بن العاص

(2)

. [ضعيف]

عن ابن سيرين في قوله -تعالى-: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ؛

= "سننه"(2/ 259، 260 رقم 2196)، والبيهقي (7/ 339) من طريق ابن جريج أخبرني بعض بني أبي رافع مولى رسول الله عن عكرمة عن ابن عباس به.

قال الخطابي: "في إسناد هذا الحديث مقال؛ لأن ابن جريج رواه عن بعض بني أبي رافع ولم يسمه، فالمجهول لا تقوم به حجة".

وحكى عن الإِمام أحمد بن حنبل: أنه كان يضعف طرق هذا الحديث كلها.

انظر: "مختصر سنن أبي داود" بذيله "معالم السنن"(3/ 120 وما بعدها).

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 189) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 189)، و"لباب النقول"(ص 215) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 427

قال: في حفصة بنت عمر فطلقها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة؛ فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إلى قوله: {يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} ؛ قال: فراجعها

(1)

. [ضعيف]

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} في رجل من أشجع كان فقيراً، خفيف ذات اليد، كثير العيال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله؛ فقال له:"اتق الله واصبر"، فرجع إلى أصحابه، فقالوا: ما أعطاك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما أعطاني شيئاً، وقال لي:"اتق الله واصبر"، فلم يلبث إلا يسيراً حتى جاء ابن له بغنم له كان العدو أصابوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عنها وأخبره خبرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كُلْها"؛ فنزلت: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول" و"الدر المنثور" ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الحاكم (2/ 492)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 290) من طريق عبيد بن كثير العامري ثنا عباد بن يعقوب ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل ثنا عمار بن أبي معاوية عن سالم بن أبي الجعد عن جابر به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"؛ وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: بل منكر؛ فيه عباد بن يعقوب رافضي جبل، وعبيد بن كثير العامري وهو متروك؛ قاله الأزدي". وانظر: "مختصر استدراكات الذهبي"(2/ 955).

قلنا: بل الحمل فيه على عبيد بن كثير فقط؛ فإنه متروك؛ كما قال الدارقطني والأزدي وابن حبان. وانظر: "الميزان"(3/ 22، 23).

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 89، 90، 90) من طريقين عن عمار الدهني عن سالم به مرسلاً.

وهو أصح من الذي قبله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 196) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

ص: 428

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ؛ قال: نزلت هذه الآية في ابن لعوف بن مالك الأشجعي، وكان المشركون أسروه وأوثقوه وأجاعوه، فكتب إلى أبيه: أن ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأعلمه ما أنا فيه من الضيق والشدة، فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اكتب إليه وأخبره ومره بالتقوى والتوكل على الله، وأن يقول عند صباحه ومسائه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128] "، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)} [التوبة: 129] "، فلما ورد عليه الكتاب؛ قرأه؛ فأطلق الله وثاقه، فمر بواديهم التي ترعى فيه إبلهم وغنمهم فاستاقها فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني اغتلتهم بعدما أطلق الله وثاقي، فحلال هي أم حرام؟ قال: "بل هي حلال، وإذا شئنا خمسنا"؛ فأنزل الله:{وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ} من الشدة والرخاء {قَدْرًا} ؛ يعني: أجلاً، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: من قرأ هذه الآية عند سلطان يخاف غشمه، أو عند موج يخاف الغرق، أو عند سبع؛ لم يضره شيء من ذلك

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جاء عوف بن مالك الأشجعي، فقال: يا رسول الله! إن ابني أسره العدو، وجزعت أمه؛ فما

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 196، 197)، و"لباب النقول" (ص 216) وقال:"وأخرج الخطيب في "تاريخه" من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به".

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ متروك الحديث.

الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس، ولم يدركه.

ص: 429

تأمرني؟ قال: "آمرك وإياها أن تستكثرا من: لا حول ولا قوة إلا بالله"، فقالت المرأة: نِعْمَ ما أمرك فجعلا يكثران منها، فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم، فجاء بها إلى أبيه؛ فنزلت:{وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}

(1)

.

• عن محمد بن إسحاق مولى أبي قيس بن مخرمة؛ قال: جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أسر ابن عوف، فقال له:"أرسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله"، وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه، فخرج؛ فإذا هو بناقة لهم، فركبها فأقبل، فإذا بسرح للقوم الذين كانوا أسروه، فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفجأ أبويه إلا هو ينادي بالباب، فأتى أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأخبره؛ فنزلت:{وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ جاء عوف بن مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن ابني أسره العدو وجزعت أمه؛ فما تأمرني؟ قال: "آمرك وإياها أن تستكثروا من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"؛ فانصرف إليها، فقالت: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "أمرني وإياك أن نستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، فجعلا يقولان ذلك، فأتى بها إلى أبيه؛ فنزلت:{وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}

(3)

. [موضوع]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 197)، و"لباب النقول" (ص 216) وقال:"وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به".

قلنا: والكلبي كذاب وشيخه -أيضاً- متهم بالكذب.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 197) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهذا مرسل؛ لا تقوم به حجة، وصرح بإرساله السيوطي في "لباب النقول"(ص 216).

(3)

رواه الثعلبي في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 52) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به. =

ص: 430

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}

(1)

.

{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} .

• عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه؛ أنه قال: يا رسول الله! إن عِدداً من عدد النساء لم تذكر في الكتاب: الصغار، والكبار، وأولات الأحمال؛ فأنزل الله:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: وهذا موضوع.

وقال السيوطي في "اللباب"(ص 216): "وأخرج الثعلبي من وجه آخر ضعيف".

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4532، 4910).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 298)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية المسندة"(9/ 60، 61 رقم 4154، 61، 4155)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 178، 179 رقم 7862)، والطبري في "جامع البيان"(28/ 91)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 407)، والحاكم (2/ 492، 493)، والبيهقي (7/ 414)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 290) من طريق مطرف بن طريف عن عمرو بن سالم أبي عثمان الأنصاري عن أُبيّ به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: وهو كما قالا؛ فإن رجاله ثقات، وأبو عثمان الأنصاري اختلف في اسمه؛ فقيل: عمرو بن سالم، وقيل: عمر بن سالم، وهو ثقة روى عنه جمع ووثقه الذهبي وابن حبان وأبو داود.

أما الحافظ؛ فقد قصر في "التقريب"؛ فقال: "مقبول"!! وأكثر منه الذهبي؛ =

ص: 431

• عن إسماعيل بن أبي خالد؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} ؛ سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! أرأيت التي لم تحض والتي قد يئست من المحيض، فاختلفوا فيها؛ فأنزل الله -تعالى-:{إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} يقول: إن شككتم فعدتهن ثلاثة أشهر، واللائي لم يحضن بمنزلتهن، وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن

(1)

.

= فقال في "الميزان": "لا يكاد يدرى من هو".

ثم تنبّهنا لأمر مهم: وهو أن أبا عثمان الأنصاري لم يدرك أُبيّ بن كعب.

قال ابن أبي حاتم الرازي في "المراسيل"(ص 121 رقم 257): "سألت أَبي عن حديث رواه جرير عن مطرف عن عمرو بن سالم عن أُبيّ بن كعب: (وذكر حديثنا هذا). قال أَبي: إنما هو عمرو بن سالم. . . وهو جد يحيى بن الضريس. . . ولم يدرك أُبيّاً إنما يحدث عن القاسم بن محمد".

وقال المزي في "تهذيب الكمال"(34/ 69): "روى عن أُبيّ بن كعب مرسلاً".

فالحديث ضعيف.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 201) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 298)، وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 201) عن الثوري عن إسماعيل به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 432

‌سورة التحريم.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة التحريم بالمدينة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيّتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مَغافير؟ إني أجد منك ريح مغافير، قال:"لا، ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينب ابنةِ جحش فلن أعودَ له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً"

(2)

. [صحيح]

عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أَمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه؛ فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}

(3)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 213) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت بالمدينة سورة النساء، و {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} .

(2)

أخرجه البخاري (رقم 4912، 5267، 6691)، ومسلم (رقم 1474/ 20).

(3)

أخرجه النسائي في "المجتبى"(7/ 71، 72)، وفي "عشرة النساء" (ص 50 رقم =

ص: 433

• عن عمر رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة: "لا تخبري أحداً، وإن أم إبراهيم عليّ حرام"؛ فقالت: أتحرم ما أحل الله لك؟ قال: "فوالله لا أقربها"، قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، قال: فأنزل الله -تعالى-: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عند سودة من العسل، فدخل على عائشة، فقالت: إني أجد منك ريحاً، ثم دخل على حفصة، فقالت: إني أجد منك ريحاً، فقال:"إني أراه من شراب شربته عند سودة، والله لا أشربُه"؛ فنزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ

= 21)، وفي "التفسير"(2/ 449 رقم 627)، والحاكم (2/ 493)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(5/ 69، 70 رقم 1694)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 214) -ومن طريقه الضياء المقدسي (5/ 70 رقم 1695) - من طريق حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

وقال الحافظ في "فتح الباري"(9/ 376): "بسند صحيح".

وكذا صححه السيوطي في "لباب النقول"(ص 217).

(1)

أخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 412)، و"مسند الفاروق"(2/ 614، 615) -ومن طريقه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"(1/ 299، 300 رقم 189) - من طريق جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح.

قال الحافظ ابن كثير: "وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه "المستخرج"، وقال في "مسند الفاروق": "هذا إسناد صحيح على شرطهما. . .".

وسكت عنه الحافظ في "فتح الباري"(8/ 657).

ص: 434

لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}

(1)

.

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية سريته بيت حفصة بنت عمر، فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله! في بيتي من [بين] بيوت نسائك؟ قال: "فإنها عليّ حرام أن أمسها يا حفصة! واكتمي هذا عليّ"، فخرجت حتى أتت عائشة، فقالت: يا بنت أبي بكر! ألا أبشرك؟ فقالت: بماذا؟ قالت: وجدت مارية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فقلت: يا رسول الله! في بيتي من بين بيوت نسائك؟ وبي تفعل هذا من بين نسائك؟ فكان أول السرور أن حرمها على نفسه، ثم قال لي:"يا حفصة! ألا أبشرك؟ "، فقلت: بلى بأبي وأمي يا رسول الله! فأعلمني أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك، وقد استكتمني ذلك؛ فاكتميه؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} أي: من مارية {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} ؛ أي: حفصة {وَأللهُ غَفُور رَّحِيم} ؛ أي: لما كان منك {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً} ؛ يعني: حفصة {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} ؛ يعني: عائشة {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} ؛ أي: بالقرآن {عَرَّفَ بَعْضَهُ}

(1)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(11/ 96 رقم 11226): ثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد القطان عن [أبي أبي الخزاز] ثني ابن أبي مليكة عن ابن عباس به.

قلنا: صحة الحديث متوقفة على معرفة [أبي أبي الخزاز] ونظنه تصحيفاً من الطابع أو الناسخ، وبحثنا في كتب الرجال فوجدنا رجلاً يكنى بهذه الكنية؛ وهو صالح بن رستم أبو عامر الخزاز، فإن يكن هو؛ فالسند ضعيف؛ لضعف صالح هذا -والله أعلم بالصواب-.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 127): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 217)، و"الدر المنثور" (8/ 213) بعد زيادة نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه:"بسند صحيح".

ص: 435

عرف حفصة ما أظهرت من أمر مارية {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} عما أخبرت به من أمر أبي بكر، وعمر، فلم يثربه عليها {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} ثم أقبل عليها يعاتبها، فقال:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ يعني: أبا بكر وعمر {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} ؛ فوعده من الثيبات: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وأخت نوح، ومن الأبكار: مريم بنت عمران وأخت موسى عليه السلام

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(3/ 13، 14 رقم 2316) -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 60) -، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(4/ 155) من طريق هشام بن إبراهيم المخزومي ثنا موسى بن جعفر الأنصاري عن عمه عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن إبراهيم".

وقال العقيلي: "لا يعرف إلا به؛ [يعني: موسى بن جعفر] ".

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: هشام بن إبراهيم؛ لم نجد له ترجمة.

الثانية: موسى بن جعفر؛ قال العقيلي: "مجهول بالنقل لا يتابع على حديثه ولا يصح إسناده".

الثالثة: عمه مجهول -أيضاً-؛ قال الحافظ في "لسان الميزان"(6/ 114): "لم أقف على اسمه ولا عرفت حاله".

وقال العقيلي: "لا يصح إسناده".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 127): "رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق وسى بن جعفر بن أبي كثير عن عمه، قال الذهبي: "مجهول وخبره ساقط"". ا. هـ.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 216)، و"لباب النقول" (ص 217) بعد أن زاد نسبته لابن مردويه:"بسند ضعيف".

ص: 436

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في سُريّته

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً} ؛ قال: دخلت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها وهو يطأ مارية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة؛ فإن أباك يلي من بعد أبي بكر إذا أنا مت"، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يطأ مارية، وأخبرتها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها:"أن أبا بكر يلي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلي عمر من بعده"، فقالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 76 رقم 2274 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 71 رقم 11130) من طريق إسرائيل عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات؛ ومسلم هو ابن عمران البطين.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 126): "رواه البزار بإسنادين والطبراني؛ ورجال البزار رجال الصحيح غير بشر بن آدم الأصغر، وهو ثقة".

قلنا: الإسناد الثاني الذي أشار إليه الهيثمي هو عند البزار بعد السابق (رقم 2275) بسند ضعيف، فيه قيس بن الربيع وهو ضعيف.

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 217): "وأخرج البزار بسند صحيح".

وقال في "الدر المنثور"(8/ 214): "بسند حسن صحيح".

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 413): ثني أبو عبد الله الطهراني أنا حفص بن عمر العدني أنا الحكم بن أبان أنا عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ حفص بن عمر هذا ضعيف؛ كما في "التقريب".

قال الحافظ ابن كثير عقبه: "وهذا قول غريب".

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 217) بعد زيادة نسبته لابن مردويه: "بسند ضعيف". اهـ.

وقال في "لباب النقول"(ص 218): "غريب -أيضاً-، وسنده ضعيف".

ص: 437

من أنبأك هذا؟ قال: "نبأني العلم الخبير"، فقالت عائشة: لا أنظر إليك حتى تحرم مارية؛ فحرمها؛ فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن رافع؛ قال: سألت أم سلمة عن هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} ؛ قالت: كانت عندي عكة من عسل أبيض يجرس نحله الضرو، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلعق منها وكان يحبه، فقالت له عائشة: نحلها تجرس عرفطاً؛ فحرمها؛ فنزلت هذه الآية

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: خرجت حفصة من بيتها، وكان يوم عائشة، فدخل رسول الله بجاريته وهي مخمر وجهها، فقالت حفصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إني قد رأيت ما صنعت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فاكتمي عني، وهي حرام"، فانطلقت حفصة إلى عائشة؛ فأخبرتها وبشرتها بتحريم القبطية فتسلم لهن أيامهن؛ فأنزل الله: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 91، 92 رقم 12640): ثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا إسماعيل بن عمر البجلي أنا أبو عوانة عن أبي سنان عن الضحاك بن مزاحم عنه به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 178): "رواه الطبراني؛ وفيه إسماعيل بن عمر البجلي وهو ضعيف وقد وثقه ابن حبان، والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس، وبقية رجاله ثقات".

قلنا: وهو كما قال.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 416): "إسناده فيه نظر".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 218) وزاد نسبته لابن مردويه.

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 170، 171): نا محمد بن عمر ثنا إبرهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن عبد الله به.

قلنا: شيخ ابن سعد هو الواقدي الهالك؛ فالحديث ضعيف جداً.

ص: 438

أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ}؛ يعني: حفصة وعائشة {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} الآية، فتركهن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعاً وعشرين ليلة، ثم نزل:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} ؛ فأمر؛ فكفر يمينه، وحبس نساءه عليه

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كنت أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن قول الله عز وجل: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} ؛ فكنت أهابه، حتى حججنا معه حجة، فقلت: لئن لم أسأله في هذه الحجة؛ لا أسأله، فلما قضينا حجنا؛ أدركناه وهو ببطن مرو قد تخلف لبعض حاجته، فقال: مرحباً يا ابن عم رسول الله، ما حاجتك؟ قلت: شيء كنت أريد أن أسألك عنه يا أمير المؤمنين؛ فكنت أهابك، فقال: سلني عم شئت؛ فإنا لم نكن نعلم شيئاً حتى تعلمنا؛ فقلت: أخبرني عن قول الله عز وجل: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} من هما؟ فقال: لا تسأل أحداً أعلم بذلك مني.

كنا بمكة لا تكلم أحدنا امرأته، إنما هن خادم البيت، فإذا كان له حاجة؛ سفع برجليها فقضى منها حاجته، فلما قدمنا المدينة؛ تعلمن من نساء الأنصار، فجعلن يكلمننا ويراجعننا، وإني أمرت غلماناً لي ببعض الحاجة، فقالت امرأتي: بل اصنع كذا وكذا، فقمت إليها بقضيب؛ فضربتها به، فقالت: يا عجباً لك يا ابن الخطاب! تريد ألا تكلم؛ فإن

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(8/ 185، 186): نا محمد بن عمر الواقدي ثنا عمر بن عقبة عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الواقدي؛ متروك الحديث، متهم بالكذب.

الثانية: شعبة هذا؛ صدوق سيئ الحفظ؛ كما في "التقريب".

ص: 439

رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمنه نساؤه، فخرجت فدخلت على حفصة، فقلت: يا بنية! انظري، لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء، ولا تسأليه؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عنده دنانير ولا دراهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة -حتى دهن رأسك-؛ فسليني.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح جلس في مصلاه، وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة، يسلم عليهن، ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها، وإنها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف -أو من مكة- فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها يسلم؛ حبسته حتى تلعقه منها -أو تسقيه منها-، وإن عائشة أنكرت احتباسه عندها، فقالت لجويرية عندها حبشية -يقال لها: خضراء-: إذا دخل على حفصة فادخلي عليها؛ فانظري ما يصنع فأخبرتها الجارية ما يصنع بشأن العسل، فأرسل عائشة إلى صواحبها فأخبرتهن، وقالت: إذا دخل عليكن فقلن: إنا نجد منك ريح مغافير، ثم إنه دخل على عائشة، فقالت: يا رسول الله! أطعمت شيئاً منذ اليوم؟ فإني أجد منك ريح مغافير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء، فقال:"هو عسل، والله لا أطعمه أبداً".

حتى إذا كان يوم حفصة، قالت: يا رسول الله! إن لي حاجة إلى أبي، إن نفقة لي عنده، فائذن لي أن آتيه، فأذن لها، ثم إنه أرسل إلى مارية جاريته، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقاً، فجلست عند الباب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو فزع، ووجهه يقطر عرقاً، وحفصة تبكي، فقال:"ما يبكيك؟ "، فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها على فراشي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما والله؛ ما يحل لك هذا يا رسول الله! فقال:"والله ما صدقت، أليس هي جاريتي قد أحلها الله لي؟ أشهدك أنها عليّ حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري ألا تخبري بهذا امرأة منهن؛ فهي عندك أمانة"، فلما

ص: 440

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: إلا أبشري، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم أمته وقد أراحنا الله منها. فقالت عائشة: أما والله لقد كان يريبني أنه يقيل من أجلها؛ فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} ؛ فهي عائشة وحفصة، وزعموا أنهما كانتا لا تكتم إحداهما الأخرى شيئاً.

وكان لي أخ من الأنصار إذا حضرت وغاب في بعض ضيعته حدثته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، [و] إذا غبت في بعض ضيعتي حدثني، فأتاني يوماً وقد كنا نتخوف جبلة بن الأيهم الغساني فقال: ما دريت ما كان؟ فقلت: وما ذاك، لعل جبلة بن الأيهم الغساني يذكر؟ فقال: لا، ولكنه أشد من ذلك، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح فلم يجلس كما كان يجلس، ولم يدخل على أزواجه كما كان يصنع، وقد اعتزل في مشربته، وقد تركت الناس يموجون، ولا يدرون ما شأنه؟ فأتيت والناس في المسجد يموجون ولا يدرون، فقلت: يا أيها الناس! كما أنتم.

ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مشربته قد جعلت له عجلة فرقي عليها، فقلت لغلام [له] أسود -وكان يحجبه-: استأذن لعمر بن الخطاب، فاستأذن لي فدخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربته، فيها حصير وأُهب معلقة، وقد أفضى بجنبه إلى الحصير، فأثر الحصير في جنبه، وتحت رأسه وسادة من أدم محشوة ليفاً، فلما رأيته؛ بكيت، فقال:"ما يبكيك؟ "، قلت: يا رسول الله! فارس والروم يضطجع أحدهم في الديباج والحرير، فقال:"إنهم عجلت لهم طيباتهم في الدنيا، والآخرة لنا"، ثم قلت: يا رسول الله! ما شأنك؟ فإني قد تركت الناس يموج بعضهم في بعض، فعن خبر أتاك اعتزلتهن؟ فقال:"لا؛ ولكن بيني وبين أزواجي شيء، فأقسمت ألا أدخل عليهن شهراً"، ثم خرجت على الناس، فقلت: يا أيها الناس! ارجعوا؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بينه وبين أزواجه شيء فأحب أن يعتزل.

ثم دخلت على حفصة، فقلت: يا بنية! أتكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 441

وتغيظين وتغارين عليه؟ فقالت: لا أكلمه بعد بشيء يكرهه، ثم دخلت على أم سلمة -وكانت خالتي-، فقلت لها كما قلت لحفصة، فقالت: عجباً لك يا عمر بن الخطاب! كل شيء تكلمت فيه حتى تريد أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم -وبين أزواجه! وما يمنعنا أن نغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجكم يغرن عليكم؛ فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)} [الأحزاب: 28] حتى فرغ من الآية

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} إلى قوله: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ؛ قال: كانت حفصة وعائشة متحابتين، وكانتا زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم، فذهبت حفصة إلى أبيها فتحدثت عنده، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة فوجدتهما في بيتها، فجعلت تنتظر خروجها، وغارت غيرة شديدة، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته، ودخلت حفصة، فقالت: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سئتني؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والله لأرضينك؛ فإني مسرّ إليك سراً فاحفظيه"، قالت: ما

(1)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(8/ 323 - 326 رقم 8764) من طريق عبد الله بن صالح ثني الليث بن سعد ثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن رومان عن ابن عباس به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يزيد بن رومان إلا سعيد بن أبي هلال ولا عن سعيد إلا خالد بن يزيد تفرد به الليث".

قلنا: وهو ثقة حافظ ثبت لا يضره ذلك؛ لكن الراوي عنه ضعيف، لم يروه عنه أحد من الجهابذة الذين رووا عنه صحيح حديثه.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 8 - 10): "وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث؛ قال عبد الملك بن شعيب بن الليث: ثقة مأمون، وضعفه أحمد وغيره".

ص: 442

هو؟ قال: "إني أشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام؛ رضاً لك"، وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرت إليها أن أبشري: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه فتاته، فلما أخبرت بسر النبي صلى الله عليه وسلم؛ أظهر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} إلى قوله: {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: من المرأتان؟ قال: عائشة وحفصة، وكان بدء الحديث في شأن أم إبراهيم القبطية أصابها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة في يومها، فوجدته حفصة؛ فقالت: يا نبي الله! لقد جئت إليَّ شيئاً ما جئت إلى أحد من أزواجك بمثله؛ في يومي وفي دوري وعلى فراشي! قال: "ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها"، قالت: بلى، فحرمها، وقال:"لا تذكري ذلك لأحد"، فذكرته لعائشة فأظهره الله عز وجل عليه؛ فأنزل الله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} الآيات كلها، فبلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كفر يمينه وأصاب جاريته

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 101).

قلنا: وهو ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 102) بسند صحيح إلى ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 214) وزاد نسبته لابن المنذر.

وأخرج الواحدي في "أسباب النزول"(ص 291) من طريق آخر عن ابن عباس عن عمر؛ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة، فوجدته حفصة معها، فقالت: أتدخلها بيتي؟ ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من =

ص: 443

• عن زيد بن أسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم أم إبراهيم، فقال:"هي عليّ حرام"، قال:"والله لا أقربها"، قال: فنزل: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} . قال مالك بن أنس: فالحرام حلال في الإماء؛ إذا قال الرجل لجاريته: أنت عليّ حرام؛ فليس بشيء، وإذا قال: والله لا أقربك، فعليه كفارة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مسروق؛ قال: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أَمته وحرّمها؛ فأنزل الله في الإيلاء: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ؛ وأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} ؛ فالحرام ها هنا حلال

(2)

. [ضعيف]

= هواني عليك! فقال لها: "لا تذكري هذا لعائشة، هي عليّ حرام إن قربتها"، قالت حفصة: وكيف تحرم عليك وهي جاريتك، فحلف لها لا يقربها، وقال لها:"لا تذكريه لأحد"، فذكرته لعائشة، فأبى أن يدخل على نسائه شهراً واعتزلهن تسعاً وعشرين ليلة؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} الآية.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ فيه عبد الله بن شبيب وهو واهٍ بمرة.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 186): نا الواقدي نا مالك بن أنس عن زيد به.

قلنا: والواقدي متروك وهو -أيضاً- مرسل؛ فالأثر واهٍ جداً.

وأخرج الطبري في "جامع البيان"(28/ 100): ثني محمد بن عبد الرحيم البرقي ثني ابن أبي مريم ثنا أبو غسان ثني زيد بن أسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه، قال: فقالت: أي رسول الله! في بيتي وعلى فراشى؟! فجعلها عليه حراماً، فقالت: يا رسول الله! كيف تحرم عليك الحلال؟ فحلف لها أن لا يصيبها، فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} .

قال زيد: فقوله: أنت عليّ حرام لغو.

قلنا: وابن أبي مريم متروك -أيضاً-؛ فلا يعتد به.

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 186)، والطبري في "جامع البيان" =

ص: 444

• عن محمد بن جبير بن مطعم؛ قال: خرجت حفصة من بيتها؛ فبعث رسول الله إلى جاريته فجاءته في بيت حفصة، فدخلت عليه حفصة وهي معه في بيتها، فقالت: يا رسول الله! في بيتي وفي يومي وعلى فراشي؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسكتي، ذلك الله لا أقربها أبداً، ولا تذكريه"؛ فذهبت حفصة فأخبرت عائشة؛ فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} فكان ذلك التحريم حلالاً، ثم قال:{قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ؛ فكفّر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه حين آلى، ثم قال:{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً} ؛ يعني: حفصة، {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} حين أخبرت عائشة، {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ}؛ يعني: حفصة لما أخبره الله؛ قالت حفصة: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير، {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}؛ يعني: حفصة وعائشة، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} لعائشة وحفصة، {فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بداخل عليكن شهرا"

(1)

. [ضعيف جداً]

= (28/ 100) من طريقين عن الثوري عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق به.

قلنا: وسنده صحيح؛ لكنه مرسل.

وأخرجه الطبري من طريق ابن علية عن داود بنحوه.

وهو مرسل صحيح.

وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح إلى مسروق قال: حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة لا يقرب أمته، وقال:"هي عليّ حرام"؛ فنزلت الكفارة ليمينه، وأمر أن لا يحرم ما أحل الله.

قاله الحافظ في "الفتح"(8/ 657).

قلنا: وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 216) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 186، 187): نا محمد بن عمر ثنا موسى بن يعقوب عن أبي الحويرث عن محمد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل: =

ص: 445

• عن عروة بن الزبير؛ قال: انطلقت حفصة إلى أبيها تحدث عنده، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مارية فظل معها في بيت حفصة وضاجعها، فرجعت حفصة من عند أبيها وأبصرتهما؛ فغارت غيرة شديدة، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج سريته فدخلت حفصة، فقالت: قد رأيت ما كان عندك وقد سؤتني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فإني والله لأرضيك، إني مسر إليك سراً فأخفيه لي"، فقالت: ما هو؟ قال: "أشهدك أن سريتي عليّ حرام"؛ يريد بذلك: رضا حفصة، وكانت حفصة وعائشة قد تظاهرتا على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فانطلقت حفصة فحدثت عائشة، فقالت لها: أبشري؛ فإن الله حرم على رسوله وليدته، فلما أخبرت بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنزل الله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} إلى قوله: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الضحاك يقول في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتاة فغشيها فبصرت به حفصة، وكان اليوم يوم عائشة، وكانتا متظاهرتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اكتمي عليّ ولا تذكري لعائشة ما رأيت"؛ فذكرت حفصة لعائشة؛ فغضبت عائشة، فلم تزل بنبي الله صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقربها أبداً؛ فأنزل الله هذه الآية وأمره أن يكفر يمينه ويأتي جاريته

(2)

. [ضعيف جداً]

= الأولى: الواقدي متروك.

الثانية: موسى بن يعقوب الزمعي؛ صدوق سيئ الحفظ.

الثالثة: أبو الحويرث هو عبد الرحمن بن معاوية؛ صدوق سيئ الحفظ.

الرابعة: الإرسال.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 187) بسند فيه الواقدي بنحوه عن أم سلمة.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 187) بسند فيه الواقدي.

قلنا: وهو ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(28/ 101). =

ص: 446

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح؛ فأنزل الله عز وجل: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ؛ فأحل يمينه وأنفق عليه

(1)

. [ضعيف جداً]

{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} .

• عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم؛ قالا: نزلت: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} في أبي بكر وعمر

(2)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وسنده ضعيف جداً.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 216) عن الضحاك: أن حفصة زارت أباها ذات يوم، وكان يومها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم -فلم يجدها في المنزل، فأرسل إلى أمته مارية، فأصاب منها في بيت حفصة، وجاءت حفصة على تلك الحال، فقالت: يا رسول الله! أتفعل هذا في بيتي وفي يومي؟! قال: "فإنها عليّ حرام، ولا تخبري بذلك أحداً"، فانطلقت حفصة إِلى عائشة، فأخبرتها بذلك؛ فأنزل الله -تعالى-:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} إلى قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ؛ فأمر أن يكفر عن يمينه ويراجع أمته.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله إن صح الطريق إلى الضحاك.

(1)

أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(2/ 913 رقم 998 - بغية) بسند ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 250 رقم 820): ثنا أحمد الحلواني نا إسحاق بن المنذر نا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر وابن عباس به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ميمون بن مهران إلا فرات بن السائب".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 52): "وفيه فرات بن السائب وهو متروك".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 223) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 447

• عن سعيد بن جبير؛ قال: نزلت في عمر بن الخطاب خاصة

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: وجدت حفصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لأخبرنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هي عليّ حرام إن قربتها"؛ فأخبرت عائشة بذلك، فأعلم الله رسوله ذلك، فعرّف حفصة بعض ما قالت، فقالت له: من أخبرك؟ قال: نبأني العلم الخبير، فآلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه شهراً؛ فأنزل الله تبارك وتعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} الآية

(2)

. [ضعيف جداً]

{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه؛ قال: دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم، قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 223) ونسبه لسعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 292، 293) من طريق الدارقطني نا المحاملي نا عبد الله بن شبيب ثني أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: وجدت في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس.

قلنا: وعبد الله بن شبيب واهٍ؛ فالأثر ضعيف جداً.

ص: 448

رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما لي وما لك يا ابن الخطاب؟! عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة بنت عمر؛ فقلت لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله؛ لقد علمت أن رسول الله لا يحبك، ولولا أنا؛ لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هو في خزانته في المشربة؛ فدخلت، فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر، فناديت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يقل شيئاً. ثم قلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إليَّ فلم يقل شيئاً.

ثم رفعت صوتي؛ فقلت: يا رباح! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله؛ لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها؛ لأضربن عنقها، ورفعت صوتي، فأومأ إليّ أن ارقه، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير فجلست، فأدنى عليه إزاره، وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق، قال: فابتدرت عيناي، قال:"ما يبكيك يا ابن الخطاب؟! "، قلت: يا نبي الله! ومالي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفوته، وهذه خزانتك؛ فقال:"يا ابن الخطاب! ألا ترى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ "، قلت: بلى، قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله! ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن؛ فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما

ص: 449

تكلمت -وأحمد الله- بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية: آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} .

وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! أطلقتهن؟ قال: "لا"، قلت: يا رسول الله! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفأنزل؛ فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال:"نعم إن شئت"، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك، وكان من أحسن الناس ثغراً، ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت، فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله! إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين، قال:"إن الشهر يكون تسعاً وعشرين"، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه؛ ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]؛ فكنت أنا استنبطت ذا الأمر وأنزل الله عز وجل آية التخيير

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 1479).

وتقدم في أول سورة البقرة آية رقم (125) حديث عمر: "وافقت ربي في ثلاث".

ص: 450

‌سورة تبارك.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت بمكة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 230) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

قلنا: وقد تصحف النحاس في مطبوع "الدر المنثور" إلى البخاري وهو تصحيف فاحش. وقال السيوطي: وأخرج جويبر في "تفسيره" عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت تبارك الذي بيده الملك في أهل مكة إلا ثلاث آيات.

قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع عن ابن عباس.

وتصحف اسم (جويبر) إلى (ابن جرير) وهذا خطأ فاحش.

ص: 451

‌سورة القلم.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {ن وَالْقَلَمِ} بمكة

(1)

.

{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} .

• عن ابن جريج؛ قال: كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه لمجنون به شيطان؛ فنزلت: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)}

(2)

. [ضعيف]

• عن عائشة رضي الله عنهما؛ قالت: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال:"لبيك"؛ ولذلك أنزل الله عز وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 240) ونسبه للنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 242)، و"لباب النقول"(ص 218) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 293) من طريق حسين بن علوان الكوفي نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ الحسين بن علوان؛ متروك الحديث، بل كذبه ابن معين. انظر:"الجرح والتعديل"(3/ 61).

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 218): "بسند واهٍ".

وذكره في "الدر المنثور"(8/ 243) وزاد نسبته لابن مردويه وأبي نعيم في "الدلائل".

ص: 452

{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} ؛ قال: رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة

(1)

. [صحيح]

• عن السدي في قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)} ؛ قال: نزلت في الأخنس بن شريق

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: هو الأسود بن عبد يغوث

(3)

. [ضعيف]

• عن أبي عثمان النهدي؛ قال: قال مروان بن الحكم لما بايع الناس ليزيد: سنة أبي بكر وعمر؛ فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: إنها ليست بسنة أبي بكر وعمر، ولكنها سنة هرقل، فقال مروان: هذا الذي أنزلت فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]، قال: فَسَمِعَتْ ذلك عائشة، فقالت: إنها لم تنزل في عبد الرحمن، ولكن نزلت في أبيك:{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)}

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 4917).

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 218)، و"الدر المنثور"(8/ 248) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

وذكر أن ابن المنذر أخرج عن الكلبي نحوه.

قلنا: والكلبي كذاب، ورأينا عبد الرزاق قد أخرجه في "تفسيره"(2/ 308)، والطبري في "جامع البيان"(29/ 15) عن معمر عنه به.

ونسبه في "الدر المنثور"(8/ 248) لهما.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 248)، و"لباب النقول"(ص 218) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهذا مرسل.

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 246) ونسبه لابن مردويه.

ص: 453

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ يعني: الأسود بن عبد يغوث

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن الشعبي؛ قال: هو رجل من ثقيف يقال له: الأخنس بن شريق

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} ؛ قال: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} ، قال: فلم نعرفه حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} ، قال: فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة

(3)

. [حسن]

{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)} .

• عن ابن جريج: أن أبا جهل قال يوم بدر: خذوهم أخذاً فاربطوهم في الحبال ولا تقتلوا منهم أحداً؛ فنزلت: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} ، يقول: في قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة

(4)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

قلنا: وهو عند الطبري في "جامع البيان"(29/ 248) بنحوه، وسنده ضعيف جداً؛ لأنه مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لعبد بن حميد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(19/ 17): ثنا الحسين بن علي الصدائي ثنا علي بن عاصم ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن في الشواهد والمتابعات، وعلي بن عاصم؛ صدوق يخطئ ويصر.

وسكت عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري"(8/ 663).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 248) وزاد نسبته لابن مردويه.

(4)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 219)، و"الدر المنثور"(8/ 250) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 454

‌سورة الحاقة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الحاقة بمكة

(1)

.

{لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)} .

• عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: "يا علي! إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وأن تعي، وحق على الله أن تعي"؛ قال: فنزلت: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 263) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 35، 36)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 441)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 294) من طريق بشر بن آدم ثنا عبد الله بن الزبير ثني صالح بن الهيثم عن بريدة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لضعف عبد الله بن الزبير والد أبي أحمد الزبيري.

انظر: "الجرح والتعديل"(5/ 56).

والراوي عن بريدة لم نعرفه، ووقع اسمه عند الطبرى عبد الله بن رستم وهذا مشكل.

وأخرجه الطبري من طريق أبي داود الأعمى عن بريدة به.

قلنا: وأبو داود الأعمى -اسمه نفيع بن الحارث-؛ متروك الحديث، وقد كذبه ابن معين.

فلا تقوي الطريقان بعضهما البعض.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 267) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر. =

ص: 455

• عن علي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي! إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي"؛ وأنزل هذه الآية: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}

(1)

.

= قال الحافظ ابن كثير: "ولا يصح -أيضاً-".

قال السيوطي في "لباب النقول"(ص 219): "لا يصح".

(1)

أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 67) بالسند المركب بالآباء والأجداد عن علي.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

ص: 456

‌سورة المعارج.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {سَأَل} بمكة

(1)

.

{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال فى قوله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)} : هو النضر بن الحارث بن كلدة

(2)

. [حسن]

• عن السدي في قوله -تعالى-: {سَأَلَ سَائِلٌ} ؛ قال: نزلت بمكة في النضر بن الحارث، وقد قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك،

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 277) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.

(2)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 463 رقم 640) من طريق أبي أسامة ثنا الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وهذا سند حسن على شرط البخاري.

وأخرجه الحاكم (2/ 502) من طريق آخر عن الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قوله لم يذكر ابن عباس.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وقال الذهبي في "التلخيص":"على شرط البخاري" وهو الصواب.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 277) وزاد نسبته لعبد بن حميد والفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه.

وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم مثله؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 277).

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 457

الآية، وكان عذابه يوم بدر

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج في قوله -تعالى-: {بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} ؛ قال: يقع في الآخرة قولهم في الدنيا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، هو النضر بن الحارث

(2)

. [ضعيف]

• عن الحسن؛ قال: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)} ، فقال الناس: على من يقع العذاب؟ فأنزل الله -تعالى-: {لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2)}

(3)

. [ضعيف]

{وَالَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)} .

• عن الحسن بن محمد: أن قوماً في زمان النبي صلى الله عليه وسلم أصابوا غنيمة، فجاء قوم لم يشهدوا الغنائم؛ فنزلت:{وَالَّذِينَ في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)}

(4)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 277)، و"لباب النقول"(ص 219) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 277، 278) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 278)، و"لباب النقول"(ص 219) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(4)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 52) من طرق عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

ص: 458

‌سورة نوح.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة نوح بمكة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 228) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

ص: 459

‌سورة الجن.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الجن بمكة

(1)

.

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب؛ فرجعت الشياطين، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب، قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث؛ فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها؛ ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 296) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

وأخرج -أيضاً- عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: نزلت سورة {قُل أُوحِىَ} بمكة.

ص: 460

سمعوا القرآن؛ تسمّعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم؛ فقالو: يا قومنا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2)} ؛ وأنزل الله عز وجل على نبيه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وإنما أوحى إليه قول الجن

(1)

. [صحيح]

• عن كردم بن أبي السائب؛ قال: خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة، وذلك أول ما ذكر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل؛ جاء الذئب فأخذ حَمَلاً من غنمه، فقال الراعي: يا عامر الوادي! أنا جارك، قال: فسمعنا قائلاً لا نراه، يقول: يا سرحان! أرسله، قال: فجاء الحمل يشتد حتى دخل الغنم، ولم يصبه كدمة، قال: وأنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه البخاري (رقم 773، 4921)، ومسلم (رقم 449/ 149).

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 457)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 171 رقم 430)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 101)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 395)، والواحدي في "الوسيط"(4/ 364)، والبغوي في "معالم التنزيل"(8/ 239)، وأبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1664، 1666 رقم 1105)، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الإصابة"(3/ 289)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2407 رقم 5890، 5891)، وابن عبد البر وابن منده؛ كما في "أسد الغابة"(4/ 164، 165) من طريق القاسم بن مالك عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه عن كردم به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً، فيه علتان:

الأولى: عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي؛ متفق على تضعيفه.

الثانية: أبوه إسحاق بن الحارث؛ قال ابن حبان في "المجروحين"(1/ 133): "منكر الحديث، فلا أدري التخليظ في حديثه منه أو من ابنه؟! ".

وضعفه أحمد وغيره. انظر: "الميزان"(1/ 189). =

ص: 461

• عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رعيتُ على أهلي كفيت مهنتهم، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم؛ خرجنا هُراباً فأتينا على فلاة من الأرض، وكنا إذا أمسينا بمثلها، قال شيخنا: إنا نعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة، فقلنا ذاك، قال: فذكر حديثاً طويلاً، قال أبو رجاء: فقيل لنا: إنما سبيل هذا الرجل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فمن أقرّ بها؛ أمِن على دمه وماله، فرجعنا فدخلنا في الإِسلام، قال: وربما قال أبو رجاء: إني لأرى هذه الآية نزلت فيّ وفي أصحابي: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}

(1)

. [ضعيف]

• عن سهل بن عبد الله؛ قال: كنت في ناحية ديار عاد؛ إذ رأيت مدينة من حجر منقورة في وسطها قصر من حجارة يأويه الجن فدخلت، فإذا شيخ عظيم الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة، فلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته، فسلمت عليه؛ فرد عليّ السلام، وقال: ومطاعم السحت، وإن هذه الجبة عليَّ منذ سبعمائة سنة لقيت بها عيسى ومحمد عليهما السلام فآمنت بهما، فقلت: ومن أنت؟ قال: أنا من الذين نزلت فيهم: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} ؛ قال:

= قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 129): "رواه الطبراني؛ وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي وهو ضعيف".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 298) وزاد نسبته لابن المنذر وابن عساكر.

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(7/ 138، 139): نا عمرو بن عاصم الكلابي ثنا سلم بن زرير قال: سمعت أبا رجاء يقول: (فذكره).

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ سلم بن زرير ضعيف، وأبو رجاء العطاردي مخضرم ثقة؛ فهو مرسل.

ص: 462

كانوا من حسن نصيبين

(1)

. [منكر]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً من بني تميم كان جريئاً على الليل والرجال، وأنه سار ليلة فنزل في أرض مجنة، فاستوحش، فعقل راحلته، ثم توسد ذراعيها وقال: أعوذ بسيد هذا الوادي من شر أهله، فأجاره شيخ منهم، وكان منهم شاب وكان سيداً في الجن، فغضب الشاب لما أجاره الشيخ، فأخذ حربة له قد سقاها السم لينحر ناقة الرجل بها، فتلقاه الشيخ دون الناقة فقال:

[] يا مالك بن مهلهل

مهلاً فذلك محجري وإزاري

عن ناقة الإنسان لا تعرض لها

واختر إذا ورد المها أثواري

إني ضمنت له سلامة رحله

فاكفف يمينك راشداً عن جاري

ولقد أتيت على ما لم أحتسب

إلا رعيت قرابتي وجواري

تسعى إليه بحربة مسمومة

أفّ لقربك يا أبا اليقطاري

لولا الحياء وأن أهلك جيرة

لتمزقتك بقوة أظفاري

فقال له الفتى:

أتريد أن تعلو وتخفض ذكرنا

في غير مزية أبا العزار

متنحلاً أمراً لغيرك فضله

فارحل فإن المجد للمرار

من كان منكم سيداً فيما مضى

إن الخيار هم بنو الأخيار

فاقصد لقصدك يا معيكر إنما

كان المجير مهلهل بن وبار

فقال الشيخ: صدقت، كان أبوك سيدنا وأفضلنا، دع هذا الرجل لا أنازعك بعده أحداً، فتركه، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه القصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصاب أحداً منكم وحشة، أو نزل بأرض

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 297)، و"لباب النقول"(ص 220) ونسبه لابن الجوزي في "صفوة الصفوة".

ص: 463

مجنة؛ فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن فتن الليل، ومن طوارق النهار؛ إلا طارقاً يطرق بخير"؛ فأنزل الله في ذلك:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}

(1)

.

• عن سعيد بن جبير: أن رجلاً من بني تميم يقال له: رافع بن عمير حدث عن بدء إسلامه، قال: إني لأسير برمل عالج ذات ليلة؛ إذ غلبني النوم؛ فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت وقد تعوذت قبل نومي، فقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن، فرأيت في منامي رجلاً بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي فانتبهت فزعاً فنظرت يميناً وشمالاً فلم أر شيئاً، فقلت: هذا حلم، ثم عدت فغفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت؛ فرأيت ناقتي تضطرب والتفت، وإذا برجل شاب كالذي رأيته في المنام بيده حربة ورجل شيخ ممسك بيده يدفعه عنه، فبينما هما يتنازعان؛ إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى: قم فخذ أيتها شئت فداء لناقة جاري الإنسي، فقام الفتى، فأخذ منها ثوراً وانصرف ثم التفت إليّ الشيخ، وقال: يا هذا إذا نزلت وادياً من الأودية فخفت هوله؛ فقل: أعوذ برب محمد من هول هذا الوادي ولا تعذ بأحد من الجن؛ فقد بطل أمرها، قال: فقلت له: ومن محمد هذا؟ قال: نبي عربي لا شرقي ولا غربي بعث يوم الاثنين، قلت: فأين مسكنه؟ قال: يثرب ذات النخل، فركبت راحلتي حين ترقى لي الصبح وجددت السير حتى تقحمت المدينة، فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحدثني بحديثي

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(*)(8/ 299) ونسبه لأبي نصر السجزي في "الإبانة".

قال أبو نصر: غريب جداً؛ لم نكتبه إلا من هذا الوجه.

(*) في "الدر" برق الصبح.

ص: 464

قبل أن أذكر منه شيئاً، ودعاني إلى الإِسلام فأسلمت. قال سعيد بن جبير: وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}

(1)

. [ضعيف]

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)} .

• عن سعيد بن جبير: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} ؛ قال: قالت الجن لنبي الله: كيف لنا نأتي المسجد ونحن باؤون عنك؟ وكيف نشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)}

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قالت الجن: يا رسول الله! ائذن لنا نشهد معك الصلوات في مسجدك؛ فأنزل الله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)}

(3)

. [موضوع]

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 221)، وقال:"وأخرج الخرائطي في كتاب "هواتف الجان": ثنا عبد الله بن محمد البلوي ثنا عمارة بن زيد ثني عبد الله بن العلاء ثنا محمد عن عكبر عن سعيد به".

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، وفيه من لم يعرفه.

وذكر -أيضاً- (ص 222): أنه أخرج عن مقاتل في قوله: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)} ؛ قال: نزلت في كفار قريش حين منع المطر سبع سنين.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 73): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن محمود عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مهران سيئ الحفظ له أوهام.

الثالثة: ابن حميد؛ متهم بالكذب.

(3)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 222)، وقال:"وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي صالح عن ابن عباس (فذكره) ". =

ص: 465

• عن الأعمش؛ قال: قالت الجن: يا رسول الله! ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18)} ؛ يقول: صلّوا لا تخالطوا الناس

(1)

. [ضعيف]

{قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)} .

• عن حضرمي؛ أنه ذكر له: أن جنياً من الجن من أشرافهم ذا تبع قال: إنما يريد محمد أن يجيره وأنا أجيره؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ}

(2)

. [ضعيف]

= قلنا: أبو صالح ذا؛ متهم بالكذب، وعادةً الراوي عنه هو الكلبي الكذاب؛ فالحديث باطل.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 306) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهذا ضعيف؛ لإعضاله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 75، 76): ثنا ابن عبد الأعلى ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه؛ قال: زعم حضرمي (فذكره).

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: حضرمي ذا؛ مجهول؛ كما قال ابن المديني.

ص: 466

‌سورة المزمل.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} بمكة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: اجتمعت قريش في دار الندوة، فقالت: سموا هذا الرجل اسماً؛ فصُدوا الناس عنه، قالوا: كاهن، قالوا: ليس بكاهن، قالوا: مجنون، قالوا: ليس بمجنون، قالوا: ساحر، قال: ليس بساحر، فتفرق المشركون على ذلك؛ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتزمل في ثيابه وتدثر فيها؛ فأتاه جبريل عليه السلام فقال:{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)}

(2)

. [موضوع]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 311) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

وأخرج النحاس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة المزمل بمكة إلا آية: {إِنَّ رَبَّكَ} .

(2)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 77 رقم 2276 - "كشف")، والطبراني في "المعجم الأوسط"(2/ 319 رقم 2096) من طريق معلي بن عبد الرحمن ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر به.

قال البزار: "لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن جابر بهذا الإسناد، ومعلى؛ واسطي، حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وحدث عنه جماعة من أهل العلم".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن عقيل إلا شريك، تفرد به معلى". =

ص: 467

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)} .

• عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أنزل عليه: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} ؛ قاموا سنة حتى ورمت أقدامهم؛ فأنزل الله عز وجل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)}

(1)

.

= قلنا: وهذا كذب موضوع؛ فيه علتان:

الأولى: قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 130): "رواه البزار والطبراني في "الأوسط"؛ وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي، وهو كذاب".

الثانية: شريك القاضي؛ ضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 311) وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل".

وقال فى "لباب النقول"(ص 222): "بسند واهٍ".

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 504) من طريق الحسن بن بشر الهمداني ثنا الحكم بن عبد الملك القرشي ثنا قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعيد بن هشام، عن عائشة:(فذكره).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! وتعقبه الذهبي بقوله: "وفيه الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف".

قلنا: وهو كما قال؛ لكنه توبع بلفظ أتم من هذا؛ فأخرجه مسلم في "صحيحه"(رقم 746)، وأبو داود (رقم 1342) وغيرهما من طرق، عن قتادة عن زرارة: أن =

ص: 468

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله، فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارً له بها؛ فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة؛ لقي أناساً من أهل المدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطاً ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"أليس لكم فيّ أسوة؟ "، فلما حدثوه بذلك؛ راجع امرأته، وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها، فأتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: من؟ قال: عائشة؛ فأتها فسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها؛ لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئاً فأبت فيها إلا مضياً، قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا عليها فأذنت لنا، فدخلنا عليها، فقالت: أحكيم؟ (فعرفته) فقال: نعم، فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام، قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فترحمت عليه، وقالت خيراً، (قال قتادة: وكان أصيب يوم أُحد)، فقلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم -كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحداً عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألست تقرأ: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} ؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثنَىْ عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف؛ فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنا نُعد له سِواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل؛ فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد؛ فتلك إحدى عشر ركعة يا بني، فلما سن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم؛ أوتر بسبع، وصنع في الركعتين صنيعة الأول؛ فتلك تسع يا بني، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل؛ صلى من النهار ثنتي عشرة =

ص: 469

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما نزلت أول المزمل؛ كانوا يقومون نحواً من قيامهم في شهر رمضان، حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة

(1)

. [صحيح]

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كنت أجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيراً ليصلي عليه من الليل، فتسامع به الناس؛ فاجتمعوا؛ فخرج كالمغضب وكان بهم رحيماً، فخشي أن يكتب عليهم قيام الليل؛ فقال:"يا أيها الناس! اكلفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وخير الأعمال ما دمتم عليه"، ونزل القرآن:{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} ، حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من رضوان؛ فرحمهم؛ فردهم إلى الفريضة، وترك قيام الليل

(2)

. [ضعيف]

= ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان، قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها، فقال: صدقت، لو كنت أقربها أو أدخل عليها؛ لأتيتها حتى تشافهني به، قال: قلت: لو علمت أنك لا تدخل عليها؛ ما حدثتك حديثها.

(1)

أخرجه أبو داود في "سننه"(2/ 32 رقم 1305)، والطبري في "جامع البيان"(29/ 78)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 465)، والحاكم (2/ 505)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 500) من طريق مسعر عن سماك الحنفي عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند صحيح رجاله ثقات.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال شيخنا في "صحيح أبي داود"(رقم 1157): "صحيح".

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 79): ثنا سفيان بن وكيع ثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة ثني محمد بن طحلاء مولى أم سلمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان: =

ص: 470

• عن سعيد بن جبير؛ قال: لما أنزل الله على نبيه: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} ؛ قال: مكث النبي - صلى الله ليه وسلم - على هذا الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمر الله، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه؛ فأنزل الله عليه بعد عشر سنين:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} إلى قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} ؛ فخفف الله عنهم بعد عشر سنين

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} : قاموا حولاً أو حولين؛ حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم؛ فأنزل الله تخيفاً بعد في آخر السورة

(2)

. [ضعيف]

• عن أبي عبد الرحمن؛ قال: لما نزلت {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} ؛ قاموا بها حولاً حتى ورمت أقدامهم وسوقهم، حتى نزلت:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ؛ فاستراح الناس

(3)

. [ضعيف جداً]

= الأولى: موسى بن عبيدة؛ ضعيف.

الثانية: سفيان بن وكيع؛ كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه؛ فنصح؛ فلم يقبل؛ فسقط حديثه.

وتابعه من هو مثله وهو ابن حميد عند الطبري.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 79)، وابن أبي حاتم؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 466) من طريق عمرو بن رافع وابن حميد كلاهما عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 324)، والطبري في "جامع البيان"(29/ 79) عن معمر عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 79): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سفيان عن قيس بن وهب عنه. به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل: =

ص: 471

• عن الحسن؛ قال: لما نزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)} الآية؛ قام المسلمون حولاً؛ فمنهم من أطاقه، ومنهم من لم يطقه، حتى نزلت الرخصة

(1)

. [ضعيف]

= الأولى: الإرسال.

الثانية: مهران؛ له أوهام سيئ الحفظ.

الثالثة: ابن حميد؛ متهم بالكذب.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 80): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن المبارك بن فضالة عن الحسن به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، والمبارك مدلس وقد عنعن.

ص: 472

‌سورة المدثر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة المدثر بمكة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} .

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري؛ نزلت فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت؛ فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أرَ أحداً، ثم نوديت؛ فنظرت فلم أر أحداً، ثم نوديت؛ فرفعت رأسي؛ فإذا هو على العرش في الهواء؛ يعني: جبريل عليه السلام؛ فأخذتني رجفة شديدة، فأتيت خديجة فقلت: دثروني دثروني"؛ فصبوا عليَّ ماء؛ فأنزل الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)}

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً، فلما أكلوا؛ قال: ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: ليس بساحر، وقال بعضهم: كاهن، وقال بعضهم: ليس بكاهن، وقال بعضهم: شاعر، وقال بعضهم: ليس بشاعر، وقال بعضهم: سحر يؤثر، وأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر، فبلغ ذلك

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 324) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والنحاس والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 4، 3238، 4922، 4924، 4925، 4926، 4954، 6214)، ومسلم (رقم 161/ 255، 256، 257، 258) وغيرهما.

ص: 473

النبي صلى الله عليه وسلم؛ فحزن، وقنع رأسه وتدثر؛ فأنزل الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قلنا: يا رسول الله! كيف نقول إذا دخلنا في الصلاة؟ فأنزل الله عز وجل: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} ؛ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفتتح الصلاة بالتكبير

(2)

.

• عن الزهري؛ قال: فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة؛ فحزن حزناً، فجعل يعدو إلى شواهق رؤوس الجبال؛ ليتردى منها، فكلما أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام، فيقول:"إنك نبيء الله"؛ فيسكن جأشه وتسكن نفسه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك، قال:"بينما أنا أمشي يوماً؛ إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسي بين السماء والأرض، فجثَثْت منه رُعباً؛ فرجعت إلى خديجة، فقلت: زملوني"؛ فزملناه؛ أي: فدثرناه؛ فأنزل الله- تعالي-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} . قال الزهري: فكان أول شيء أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} حتى بلغ: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]

(3)

.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 102 رقم 11250) من طريق الحسن بن بشر البجلي ثنا المعافى بن عمران عن إبراهيم بن يزيد؛ قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: سمعت ابن عباس (فذكره).

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 131): "رواه الطبراني؛ وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك".

قلنا: وهو كما قال؛ فالحديث ضعيف جداً.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 325)، و"لباب النقول" (ص 223) -بعد زيادة نسبته لابن مردويه-:"بسند ضعيف".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 90، 91)، وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 327) عن معمر عنه به. =

ص: 474

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل؛ فأتاه، فقال: يا عم! إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه؛ فإنك أتيت محمداً تتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له أو أنك منكر أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول؟ فوالله؛ ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله؛ إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر؛ قال: هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره؛ فنزلت {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)}

(1)

. [ضعيف]

= قلنا: وهو مرسل صحيح، وتقدم موصولاً من حديث جابر من طريق الزهري وهو الأصح.

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 295)، والحاكم (2/ 506، 507) - =

ص: 475

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعنه البيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 393، 394 رقم 133)، و"دلائل النبوة"(2/ 198، 199) - من طريق إسحاق بن إبراهيم نا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السخيتاني عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ إسحاق بن إبراهيم الدبري راوية "مصنف عبد الرزاق" فيه مقال معروف، وسمع من عبد الرزاق بعدما اختلط بآخره.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وذكر البيهقي في "الدلائل"(2/ 199): أن يوسف بن يعقوب القاضي رواه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة؛ قال: جاء الوليد بن المغيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: اقرأ عليَّ، فقرأ عليه:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90]

قال: أعد، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق وما يقول هذا بشر.

قلنا: وهذا أصح من الذي قبله، وحماد بن زيد من أثبت الناس في أيوب، وفيه أنه قرأ آية النحل، وهو أخصر من الذي قبله.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 98)، وعبد الرزاق في "التفسير" (2/ 328) عن معمر عن عباد بن منصور عن عكرمة: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن؛ فكانه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل؛ فأتاه فقال: أي عم! إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: ولِمَ؟ قال: ليعطوكه؛ فإنك أتيت محمداً لتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له، قال: وماذا أقول فيه؟! فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصده، ولا بأشعار الجن مني، والله ما يشبه الذي يقول شيء من هذا، والله؛ إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى، فقال: قف، والله لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه، قال: فلما فكر؛ قال: هذا سحر يؤثر؛ أي: يأثره عن غيره؛ فنزلت فيه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} الآيات. =

ص: 476

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22)} ؛ قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يسأله عن القرآن، فلما أخبره؛ خرج على قريش فقال: عجباً لما يقول ابن أبي كبشة؛ فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش؛ ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد؛ لتصبأن قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل؛ قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته، فقال للوليد: ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ قال: ألست أكثرهم مالاً وولداً؟ فقال أبو جهل: يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة؛ لتصيب من طعامه، قال الوليد: أقد تحدثت به عشيرتي فلا يقصر عن سائر بني قصي؟ لا أقرب أبا بكر ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر؛ فأنزل الله على نبيه:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)}

(1)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وهذا مرسل ضعيف بل منكر؛ فإن رواية عباد عن عكرمة على وجه الخصوص منكرة.

• ملاحظة: في "تفسير عبد الرزاق": "عن معمر عن رجل"، وهذا الرجل هو عباد؛ إذ السياق هو هو.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 330) وزاد نسبته لابن المنذر وأبي نعيم في "الحلية".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 98)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 330، 331).

ص: 477

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 199 - 201)، و"شعب الإيمان" (1/ 394 - 396) بسند حسن إلى ابن إسحاق ثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ قال: إن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش وكان ذا سن فيهم، وقد حضر المواسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا؛ فأجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قول بعضكم بعضاً.

فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس! فقل، وأقم لنا رأياً نقوم به، فقال: بل أنتم فقولوا أسمع، فقالوا: نقول كاهن، فقال: ما هو بكاهن؛ لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكهان، فقالوا نقول: مجنون، فقال: ما هو بمجنون؛ ولقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر؛ قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه؛ فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر، قال: فما هو بساحر؛ فقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه وعقده، فقال: ما نقول يا أبا عبد شمس؟! قال: والله؛ إن لقوله حلاوة، وإن أصله لمغدق وإن فرعه لجنا، فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا: ساحر، فتقولوا: هو ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وبين أخيه، وبين المرء وبين زوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم من أمره؛ فأنزل الله عز وجل في الوليد بن المغيرة وذلك من قوله:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)} .

وأنزل الله عز وجل في النفر الذين كانوا معه ويصنفون له القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91)} أي: أصنافاً {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} [الحجر: 91، 92] أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس، قال: وصدرت العرب من =

ص: 478

• عن قتادة؛ قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18)} زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال هذا الرجل؛ فإذا هو ليس بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يعلى، وما أشك أنه سحر؛ فأنزل الله فيه:{فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)} الآية {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22} قبض ما بين عينيه وكلح

(1)

. [ضعيف] * وعنه -أيضاً- قال الله -تعالى ذكره-: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)} ؛ فبين الله على من يقع {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)} ، وقوله -تعالى-:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)} يقول -تعالى ذكره- لنبيه صلى الله عليه وسلم: كِلْ يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيداً لا شيء له من مال ولا ولد إليّ، وذكر أنه عنى بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك في الخلق كلهم:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)}

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: هذه الآية: {ذَرْنِي وَمَنْ

= ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ شيخ ابن إسحاق مجهول، وهو عند الطبري في "جامع البيان"(29/ 96) باختصار.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 98): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 96) بنفس السند السابق.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 329) ونسبه لعبد بن حميد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 96): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن محمد بن شريك عن ابن أبي نجيح عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 329) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 479

خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)}؛ أنزلت في الوليد بن المغيرة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} ؛ قال: إن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم، فقال: الله ورسوله أعلم، فجاء رجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله -تعالى- عليه ساعتئذ:{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} ؛ فأخبر أصحابه وقال: "ادعهم، أما إني سائلهم عن تربة الجنة إن أتوني، أما إنها درمكة بيضاء"؛ فجاؤوه فسألوه عن خزنة جهنم؛ فأهوى بأصابع كفيه مرتين وأمسك الإبهام في الثانية، ثم قال:"أخبروني عن تربة الجنة؟ "، فقالوا: أخبره يا ابن سلام! فقال: كأنها خبزة بيضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما إن الخبز إنما يكون من الدرمك"

(2)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: لما نزلت: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} ؛ قال رجل من قريش يدعى أبا الأشدين: يا معشر قريش! لا يهولنكم التسعة عشر، أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن عشرة وبمنكبي الأيسر التسعة؛ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 96): ثني يونس نا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: عبد الرحمن؛ متروك الحديث.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 473)، والبيهقي في "البعث"(ص 269 رقم 462) من طريقين عن ابن أبي زائدة ثني حريث بن أبي مطر عن عامر الشعبي عن البراء به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ حريث ضعيف؛ كما في "التقريب".

قال البيهقي: "حديث ابن أبي مطر ليس بالقوي".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 332) وزاد نسبته لابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 333)، و"لباب النقول"(ص 224) ونسبه =

ص: 480

{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)} .

• عن ابن إسحاق؛ أنه قال: قال أبو جهل يوماً: يا معشر قريش! يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار تسعة عشر، وأنتم أكثر الناس عدداً، أفيعجز مائة رجل منكم عن رجل منهم؟ فأنزل الله -تعالى-:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} الآية

(1)

. [ضعيف]

{بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)}

• عن السدي؛ قال: قالوا: لئن كان محمد صادقاً؛ فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءة وأمنة من النار؛ فنزلت: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52)}

(2)

. [ضعيف]

= لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(1)

ذكره السيوطي في "اللباب"(ص 224).

قلنا: وهذا معضل.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 224) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 481

‌سورة القيامة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة القيامة بمكة

(1)

.

{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} ؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه؛ فأنزل الله -تعالى-:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} أخذه {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} ؛ قال: إن علينا أن نجمعه في صدرك، وقرآنه: فتقرأه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)}؛ قال: فإذا أنزلناه؛ فاستمع له {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} : علينا أن نبينه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل؛ أطرق، فإذا ذهب؛ قرأه كما وعده الله -تعالى-

(2)

. [صحيح]

• وعنه -أيضاً-؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل القرآن عليه يعجل بقراءته؛ ليحفظه؛ فأنزل الله عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ. . .} إلى

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 342) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل". وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: نزلت سورة {لَا أُقْسِمُ} بمكة.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 4927، 4928، 4929، 5044، 7524)، ومسلم (رقم 448/ 147، 148).

ص: 482

قوله: {قُرْآنَهُ}

(1)

. [صحيح]

• عن الشعبي في هذه الآية: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} ؛ قال: كان إذا نزل عليه الوحي عجل يتكلم به من حبه إياه؛ فنزل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)}

(2)

. [ضعيف]

{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)} .

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)} ؛ قال: هذا في أبي جهل متبختراً

(3)

. [ضعيف جداً]

{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)} .

• عن سعيد بن جبير؛ قال: قلت لابن عباس: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)} قَالَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزله الله عز وجل؟ قال: قاله

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 481 رقم 656)، والطبري في "جامع البيان"(29/ 116، 117) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عنه به.

قلنا: وسنده صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 348) ونسبه فقط لابن المنذر وابن مردويه!!

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 117): ثنا ابن المثنى ثنا ربعي بن علية ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(3)

أخرجه الطبري (29/ 124) من طريق ابن وهب، عن ابن زيد به. وسنده ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإعضال.

الثانية: ابن زيد؛ متروك.

ص: 483

رسول الله ثم أنزله الله

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} [المدثر: 30] إلى قوله: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، فلما سمع أبو جهل بذلك؛ قال لقريش: ثكلتكم أمهاتكم، أسْمَعُ ابن أبي كبشة يخبركم: أن خزَنة النار تسعة عشر وأنتم الدّهم، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم؟ فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي أبا جهل فيأخذ بيده في بطحاء مكة، فيقول له:{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)} ، فلما فعل ذلك به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال أبو جهل: والله لا تفعل أنت وربك شيئاً، فأخزاه الله يوم بدر

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: في قوله: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ

(1)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 483 رقم 658)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 362 رقم 12298)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 510)، والواحدي في "الوسيط"(4/ 396) من طريق أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 132): "رواه الطبراني ورجاله ثقات".

وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 335)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 481، 482)، والطبري في "جامع البيان"(29/ 124) من طريق إسرائيل وسفيان الثوري كلاهما عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد به مرسلاً لم يذكر ابن عباس.

قلنا: والوصل زيادة يجب قبولها، وأبو عوانة ثقة ثبت، ثم إن الطريق إلى سفيان الثوري عند الطبري فيها متروك وضعيف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 363) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 100) بالسند المسلسل بالعوفيين.

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

ص: 484

فَأَوْلَى (35)} وعيد على وعيد كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدو الله أبي جهل، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ بمجامع ثيابه، فقال:"أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى"، فقال عدو الله أبو جهل: أيوعدني محمد؟! والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئاً؛ والله لأنا أعز من مشى بين جبليها

(1)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(29/ 124)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 482) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وأخرجه الطبري (29/ 124) من طريق عبد الرزاق -هذا- في "تفسيره"(2/ 334 - 335) - عن معمر، من قتادة به بنحوه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 363)، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.

ص: 485

‌سورة الإنسان.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الإنسان بمكة

(1)

.

{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)} .

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 365) ونسبه للنحاس. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت بمكة سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} .

وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الإنسان بالمدينة.

ص: 486

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"سَلْ واسْتَفْهِم"، فقال: يا رسول الله! فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنت بمثل ما آمنت به، وعملت مثل ما عملت به؛ إني لكائن معك في الجنة؟ قال:"نعم".

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده؛ إنه ليُرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام".

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله؛ كان له بها عهد عند الله، ومن قال: سبحان الله وبحمده؛ كتبت له مئة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة"، فقال رجل: كيف يهلك بعد هذا يا رسول الله؟! فقال: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل ولو وضع على جبل لا يقله، فتقوم النعمة من نعم الله فيكاد أن يستنفذ ذلك كله؛ إلا أن يتطاول الله برحمته"، ونزلت هذه السورة:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} إلى قوله: {وَمُلْكًا كَبِيرًا} ، قال الحبشي: وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم"؛ فاستبكى حتى فاضت نفسه، قال ابن عمر: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده

(1)

. [ضعيف]

• عن محمد بن مطرف؛ قال: حدثني الثقة: أن رجلاً أسود كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن التسبيح والتهليل، فقال له عمر بن الخطاب: مه؛

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 333، 334 رقم 13595) من طريق عفيف بن سالم عن أيوب بن عتبة عن عطاء عن ابن عمر به.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 420): "رواه الطبراني؛ وفيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف".

قلنا: وهو كما قال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(28/ 365) وزاد نسبته لابن مردويه وابن عساكر.

ص: 487

أكثرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"مه يا عمر! "، وأنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} ، حتى إذا أتى على ذكر الجنة؛ زفر الأسود زفرة خرجت نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مات شوقاً إلى الجنة"

(1)

. [ضعيف]

• عن مجاهد؛ قال: لما صَدَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسارى عن بدر؛ أنفق سبعة من المهاجرين على أسارى مشركي بدر، منهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وأبو عبيدة بن الجراح؛ فأنزل الله فيهم تسع عشر آية {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)} إلى قوله:{تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)}

(2)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج في الآية؛ قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأسر أهل الإِسلام، ولكنها نزلت في أسارى أهل الشرك، كانوا يأسرونهم في الفداء؛ فنزلت فيهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالإصلاح لهم

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} ؛

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(28/ 366) ونسبه لأحمد في "الزهد".

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله، وجهالة المرسل.

وذكر السيوطي أن ابن وهب أخرج عن ابن زيد؛ أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه السورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود، فلما بلغ صفة الجنان؛ زفر زفرة فخرجت نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أخرج نفسَ صاحِبِكم الشوقُ إلى الجنة".

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف ابن زيد؛ فإنه متروك.

(2)

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(37/ 197).

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 371)، و"لباب النقول"(ص 225) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

ص: 488

قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

• عن عكرمة؛ قال: دخل عمر بن الخطاب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو راقد على حصير من جريد وقد أثر في جنبه؛ فبكى عمر، فقال له:"ما يبكيك؟ "، قال: ذكرت كسرى وملكه وهرمز وملكه وصاحب الحبشة وملكه، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك حصير من جريد؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ترضى أن لهم الدنيا ولنا الآخرة"؛ فأنزل الله عز وجل: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)}

(2)

. [ضعيف]

{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)} .

• عن قتادة: أنه بلغه: أن أبا جهل يقول: لئن رأيت محمداً يصلي؛ لأطأن على عنقه؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 371) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 377)، و"لباب النقول"(ص 225) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 339)، والطبري في "جامع البيان"(29/ 138) عن معمر عن قتادة به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

وذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 225)، و"الدر المنثور"(8/ 378) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد.

ص: 489

‌سورة المرسلات.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة المرسلات بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى؛ إذ نزل عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)} وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها؛ إذ وثبت علينا حية؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اقتلوها"؛ فابتدرناها، فذهبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"وقيت شركم كما وقيتم شرها"

(2)

. [صحيح]

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)} .

• عن مجاهد؛ قال: نزلت في ثقيف

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 380) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 1830، 3317، 4930، 4931، 4934)، ومسلم (رقم 2234).

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 388)، و"لباب النقول"(ص 226) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر والطبري وابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله، ولم نره في "جامع البيان".

ص: 490

‌سورة النبأ.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} بمكة

(2)

.

{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} .

• عن الحسن؛ قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم؛ جعلوا يتساءلون بينهم؛ فأنزل الله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} ؛ يعني: الخبر العظيم

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 389) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 389) ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 2): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن مسعر عن محمد بن جحادة عن الحسن.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ لإرساله، ومراسيل الحسن كالريح.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 390) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

ص: 491

‌سورة النازعات.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة النازعات بمكة

(1)

.

{قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)} .

• عن محمد بن كعب في قوله -تعالى-: {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)} ؛ قال: لما نزلت هذه الآية؛ قال كفار قريش: لئن حيينا بعد الموت؛ لنحشرن؛ فنزلت: {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)}

(2)

. [ضعيف]

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)} .

• عن طارق بن شهاب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يزال يذكر من شأن الساعة؛ حتى نزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)}

(3)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 403) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 407) ونسبه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر.

قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 490 رقم 665)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 31)، والطبراني في "المعجم الكبير"(8/ رقم 8210) من طرق عن =

ص: 492

• عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة؛ حتى أنزل الله عز وجل: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)}

(1)

. [صحيح]

= إسماعيل بن أبي خالد عن طارق به.

قلنا: وهذا سند صحيح، وطارق رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه وهو من صغار الصحابة، ومراسيل الصحابة حجة.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 133): "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه".

قلنا: قد جاء من غير طريق الطبراني بسند صحيح.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(2/ 284): "وهذا إسناد جيد قوي".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 413) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 31)، والبزار في "مسنده"(3/ 78 رقم 2279 - كشف)، والحاكم (1/ 5، 2/ 513، 514)، وأبو نعيم في "الحلية"(7/ 314)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 321)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 151) من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة.

قال البزار: "لا نعلم رواه هكذا إلا سفيان".

وقال أبو نعيم: "لا أعلم رواه عن الزهري غير ابن عيينة".

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

قال الحاكم في الموضع الأول: "هذا حديث لم يخرج في "الصحيحين" وهو محفوظ على شرطهما معاً؛ وقد احتجا معاً بأحاديث ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة".

وقال فى "الموضع الثاني": "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ فإن ابن عيينة كان يرسله بآخره"، ووافقه الذهبي.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 133): "رواه البزار؛ ورجاله رجال الصحيح".

وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 413) -ومن طريقه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 151) -، =

ص: 493

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: إن مشركي أهل مكة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: متى تقوم الساعة -استهزاء منهم-؟ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)} ؛ يعني: متى مجيئها {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)} ما أنت من علمها يامحمد {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)} ؛ يعنى: منتهى علمها {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)} ؛ يعني: من يخشى القيامة {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا} ؛ يعني: يرون القيامة {لَمْ يَلْبَثُوا} في الدنيا ولم ينعموا بشيء من نعيمها {إِلَّا عَشِيَّةً} ما بين الظهر إلى غروب الشمس {أَوْ ضُحَاهَا} ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار

(1)

. [ضعيف جداً]

= وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 347)، وابن مردويه في "تفسيره" من طريق نعيم بن حماد ثلاثتهم (سعيد بن منصور وعبد الرزاق ونعيم بن حماد) عن ابن عُيينة به مرسلاً لم يذكر عائشة.

قال أبو زرعة؛ كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 68 رقم 1693): "الصحيح مرسل بلا عائشة".

قلنا: لكن الذين رووه موصولاً أكثر وأثبت في ابن عيينة من غيرهم؛ كالحميدي، والوصل زيادة يجب قبولها، وما أحسن ما قاله الدارقطني في "علله"؛ كما في "تخريج الكشاف" (4/ 151):"وكان ابن عيينة أسنده مرة وأرسله أخرى"، ولعل إرساله له كان بآخره كما قال الحاكم -والله أعلم-.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 413) وزاد نسبته لابن المنذر.

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 226)، وقال: وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وجويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.

وقال فى "الدر المنثور"(8/ 413) بعد زيادة نسبته لابن مردويه: "بسند ضعيف".

ص: 494

‌سورة عبس.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة عبس بمكة

(1)

.

{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)} .

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: أُنزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله! أرشدني، وعند رسول الله رجل من عظماء المشركين؛ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول:"أترى بما تقول بأساً؟ "، فيقول: لا؛ ففي هذا أنزل

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 415) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

(2)

أخرجه الترمذي (5/ 432 رقم 3331)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 32)، وأبو يعلى في "المسند"(8/ 261 رقم 4848)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1769 - "موارد")، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 297)، والحاكم (2/ 514) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ فقد أرسله جماعة عن هشام بن عروة"، وقال الذهبي:"وهو الصواب".

وقال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار"(4/ 244): "رجاله رجال الصحيح". =

ص: 495

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله -تعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أُبيّ بن خلف؛ فأعرض عنه؛ فأنزل الله عز وجل: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} ؛ قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} ؛ قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب -وكان يتصدى لهم كثيراً ويحرص عليهم أن يؤمنوا-؛ فأقبل إليه رجل أعمى يقال له: عبد الله بن أم مكتوم، يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن، وقال: يا

= قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أنزل {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} في ابن أم مكتوم ولم يذكر فيه عن عائشة".

قلنا: أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 203 رقم 8 - رواية يحيي)، و (1/ 105 رقم 271 - رواية أبي مصعب الزهري)، والطبري في "جامع البيان"(3/ 33) عن هشام به مرسلاً.

والوصل زيادة يجب قبولها.

وصححه شيخنا الألباني في "صحيح الترمذي"، و"صحيح الموارد"(1481).

وذكر السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 416): أن الترمذي حسّنه.

وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"؛ كما في "تخريج الكشاف"(4/ 156، 157) -ومن طريقه أبو يعلى في "المسند"(5/ 431، 432 رقم 3123) -: نا معمر عن قتادة؛ قال: قال لي أنس بن مالك به.

قلنا: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين وصرح قتادة بالتحديث.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 33) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس؛ قال: فذكر الشطر الأخير منه فقط.

وسنده صحيح على شرطهما. =

ص: 496

رسول الله! علمني مما علمك الله؛ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبس في وجهه، وتولى وكره كلامه، وأقبل على الآخرين، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ ينقلب إلى أهله؛ أمسك الله بعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله:{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)} ؛ فلما نزل فيه؛ أكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه، وقال له:"ما حاجتك؟ هل من شيء؟ "، وإذا ذهب من عنده؛ قال له:"هل لك حاجة في شيء؟ "، وذلك لما أنزل الله:{أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس من ناس من وجوه قريش؛ منهم: أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، فيقول لهم:"أليس حسناً أن جئت بكذا وكذا؟ "، فيقولون: بلى والله، فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله؛ فأعرض عنه؛ فأنزل الله عز وجل:{أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)} ؛ يعني: ابن أم مكتوم

(2)

.

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} ؛ قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أُبيّ بن خلف، فأعرض عنه؛ فأنزل الله -تعالى- عليه:{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} ؛ قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه

(3)

. [صحيح]

= وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 416) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 32، 33)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 502)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 416) من طريق العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 416) ونسبه لابن المنذر وابن مردويه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 33)، وعبد الرزاق في "تفسيره" =

ص: 497

• عن أبي أمامة رضي الله عنه؛ قال: أقبل ابن أم مكتوم وهو أعمى -وهو الذي أنزلت فيه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)} وكان رجلاً من قريش -إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي! أنا كما تراني قد كبرت سنين ورق عظمي وذهب بصري ولي قائد لا يلائمني قياده إياي؛ فهل تجد لي من رخصة أصلي في بيتي الصلوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تسمع المؤذن من البيت الذي أنت فيه؟ "، قال: نعم يا رسول الله! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أجد لك من رخصة، ولو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشي إليها؛ لأتاها ولو حبواً على يديه ورجليه"

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن مجاهد؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مستخلياً بصنديد من صناديد قريش وهو يدعوه إلى الله وهو يرجو أن يسلم؛ إذ أقبل عبد الله بن أم مكتوم الأعمى، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم؛ كره مجيئه، وقال فى نفسه: "يقول

= (2/ 348) عن معمر وسعيد كلاهما عنه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد وقد تقدم موصولاً من حديث أنس رضي الله عنه.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/ 224 رقم 7886) من طريق الحسين بن أبي السري العسقلاني ثنا محمد بن شعيب ثني أبو حفص القاص ثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم عن أبي أمامة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: علي بن يزيد؛ متروك.

الثانية: عثمان بن أبي العاتكة؛ قال فى "التقريب": "ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني".

الثالثة: الحسين بن أبي السري؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 43): "رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه علي بن يزيد الألهاني عن القاسم وقد ضعفهما الجمهور، واختلف في الاحتجاج بهما".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 417) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 498

هذا القرشي إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد"؛ فعبس؛ فنزل الوحي: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} إلى آخر الآيات

(1)

. [ضعيف]

{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)} .

• عن عكرمة في قوله -تعالى-: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17)} ؛ قال: نزلت في عتبة بن أبي لهب حين قال: كفرت برب النجم إذا هوى، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأخذه الأسد بطريق الشام

(2)

. [ضعيف]

{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: أنحشر عراة؟! قال: "نعم"، قالت: واسوأتاه؛ فأنزل الله -تعالى-: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)}

(3)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 418) ونسبه لعبد بن حميد.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 419)، و"لباب النقول"(ص 227) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 297) من طريق محمد بن أحمد بن سنان حدثنا إبراهيم بن هراسة حدثنا عائذ بن شريح الكندي عن أنس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: إبراهيم بن هراسة؛ متروك الحديث، وكذبه أبو عبيد.

الثانية: عائذ بن شريح؛ ضعيف.

ص: 499

‌سورة التكوير.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)} بمكة

(1)

.

{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} .

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: لما أنزل الله عز وجل على رسوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)} ؛ قالوا: الأمر إلينا؛ إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم؛ فأنزل الله عز وجل:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 425) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وعن عائشة مثله.

(2)

أخرجه الفريابي في "القدر"(ص 234، 235 رقم 423) -ومن طريقه البيهقي في "القدر"(ص 328) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "لباب النقول"(ص 227) من طريق بقية عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن.

وأخرجه الفريابي (424)، والبيهقي (ص 328) من طريق محمد بن مصفى ثنا بقية ثني عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبي هريرة.

قلنا: وهذا منقطع؛ لأن زيد بن أسلم لم يسمع من أبي هريرة.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 436) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 500

• عن سليمان بن موسى؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)} ؛ قال أبو جهل: الأمر إلينا؛ إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم؛ فأنزل الله عز وجل:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}

(1)

. [ضعيف]

• عن القاسم بن مخيمرة؛ قال: لما نزلت: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)} ؛ قال أبو جهل: أرى الأمر إلينا، قال: فنزلت: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 53، 54)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 298)، و"الوسيط"(4/ 432)، وابن بطة في "الإبانة"(رقم 1897).

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإعضاله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 436) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 353) عن ابن المبارك عن الأوزاعي عن سليمان بن موسى عن القاسم بن مخيمرة به.

قلنا: وسنده ضعيف؛ لإرساله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 436) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 501

‌سورة الانفطار.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)} بمكة

(1)

.

{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)} .

• عن عكرمة؛ قال: أنزلت في أُبيّ بن خلف

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 437) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 227) ونسبه لابن أبي حاتم، وذكره في "الدر المنثور"(8/ 439) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 502

‌سورة المطففين.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة المطففين بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أول ما نزلت بالمدينة {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)}

(2)

.

{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: لما قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكانوا من أخبث الناس كيلاً؛ فأنزل الله عز وجل: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} ؛ فحسنوا الكيل بعد ذلك

(3)

. [حسن]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 441) ونسبه للنحاس وابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس؛ قال: آخر ما أنزل بمكة سورة المطففين.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 441) ونسبه لابن مردويه والبيهقي.

(3)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 502 رقم 674)، وابن ماجه (رقم 2223)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 58)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1770 - "موارد")، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 294 رقم 12041)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 298)، و"الوسيط"(4/ 440)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 33)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 32)، وفي "شعب الإيمان"(4/ 327 رقم 5286)، والبغوي في "معالم التنزيل"(8/ 361) كلهم من طريق حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن. =

ص: 503

‌سورة الانشقاق.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} بمكة

(1)

.

= قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 228)، و"الدر المنثور" (8/ 441) -وزاد نسبته لابن مردويه-:"بسند صحيح".

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 454) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

ص: 504

‌سورة البروج.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)} بمكة

(1)

.

{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)} .

• عن علي بن أبي طالب؛ قال: كان المجوس أهل كتاب، وكانوا مستمسكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلت لهم، فتناول منها ملك من ملوكهم؛ فغلبته على عقله، فتناول أخته أو ابنته فوقع عليها، فلما ذهب عنه السكر؛ ندم، وقال لها: ويحك ما هذا الذي أتيت؟ وما المخرج منه؟ قالت: المخرج منه أن تخطب الناس فتقول: أيها الناس! إن الله قد أحل لكم نكاح الأخوات والبنات، فإذا ذهب ذا في الناس وتناسوه؛ خطبتهم فحرمته، فقام خطيباً فقال: يا أيها الناس! إن الله أحل لكم نكاح الأخوات أو البنات، فقال الناس جماعتهم: معاذ الله أن نؤمن بهذا أو نقرّ به، أو جاءنا به نبي، أو نزل علينا في كتاب، فرجع إلى صاحبته فقال: ويحك إن الناس قد أبوا عليّ ذلك، قالت: إذا أبوا عليك ذلك؛ فابسط فيهم السوط، فبسط فيهم السوط؛ فأبوا أن يقروا؛ فرجع إليها، فقال: قد بسطت فيهم السوط فأبوا أن يقروا، قالت: فجرّدْ فيهم السيف، فَجَرَّدَ فيهم السيف، فأبوا أن يقروا، قالت: خدّ لهم الأخدود،

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 461) ونسبه لابن الضريس والنحاس والبيهقي وابن مردويه.

ص: 505

ثم أوقد فيه النيران؛ فمن تابعك؛ فخلّ عنه، فخدّ لهم أخدوداً وأوقد فيه النيران، وعرض أهل مملكته على ذلك، فمن أبى؛ قذفه في النار، ومن لم يأب؛ خلّى عنه؛ فأنزل الله فيهم:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 467) ونسبه لعبد بن حميد.

ص: 506

‌سورة الطارق.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)} بمكة

(1)

.

{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)} .

• عن عكرمة في قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)} ؛ قال: نزلت في أبي الأشدين، كان يقوم على الأديم فيقول: يا معشر قريش! من أزالني عنه؛ فله كذا وكذا، ويقول: إن محمداً يزعم أن خزنة جهنم تسعة عشر؛ فأنا أكفيكم وحدي عشرة، واكفوني أنتم تسعة

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 473) ونسبه لابن الضريس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 228)، و"الدر المنثور"(8/ 474، 475) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهذا ضعيف؛ لإرساله.

ص: 507

‌سورة الأعلى.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} بمكة

(1)

.

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} .

• عن البراء بن عازب رضي الله عنهما؛ قال: كان أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، ثم قدم علينا عمار وسعد وبلال، ثم قدم عثمان في عشرين، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأينا أهل المدينة فرحوا بشيء؛ فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قدم حتى نزلت:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} وسورة من المفصل

(2)

. [صحيح]

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قلنا: يا رسول الله! كيف نقول في سجودنا؛ فأنزل الله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ؛ فأمرنا أن نقول في سجودنا: "سبحان ربي الأعلى"

(3)

. [موضوع]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 478) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير؛ قال: أنزلت سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} بمكة.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 3924، 3925، 4941، 4995)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 516، 517 رقم 686)، وهذا لفظ النسائي.

(3)

أخرجه الواحدي في "الوسيط"(4/ 469) من طريق إبراهيم بن الهيثم الزهري نا آدم نا محمد بن الفضل عن زيد العمي عن مرة الهمداني عنه به. =

ص: 508

{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل بالوحي؛ لم يفرغ جبريل من الوحي حتى يزمل من ثقل الوحي، حتى يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بأوله؛ مخافة أن يغشى قلبه فينسى، فقال له جبريل:"لِمَ تفعل ذلك؟ قال: مخافة أن أنسى"؛ فأنزل الله عز وجل: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)}

(1)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وهذا كذب موضوع؛ محمد بن الفضل كذاب، وزيد العمي ضعيف.

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 94 رقم 12649) من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ ضعيف جداً.

الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 136): "رواه الطبراني؛ وفيه جويبر وهو ضعيف".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 228): "في إسناده جويبر؛ ضعيف جداً".

وزاد نسبته في "الدر المنثور"(8/ 483) لابن مردويه.

ص: 509

‌سورة الغاشية.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الغاشية بمكة

(1)

.

{أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)} .

• عن قتادة؛ قال: لما نعت الله ما في الجنة؛ عجب من ذلك أهل الضلالة؛ فأنزل الله: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)} فكانت الإبل من عيش العرب ومن خولهم

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 490) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 105): ثنا بشر ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 494)، و"لباب النقول"(ص 228) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

ص: 510

‌سورة الفجر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {وَالْفَجْرِ (1)} بمكة

(1)

.

{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من يشتري بئر رومة نستعذب بها؛ غفر الله له؟ "؛ فاشتراها عثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هل لك أن تجعلها سقاية للناس؟ "، قال: نعم؛ فأنزل الله -تعالى- في عثمان: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} الآية

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن بريدة في قوله -تعالى-: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} ؛ قال: نزلت في حمزة

(3)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 497) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وقال -أيضاً-: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت {وَالْفَجْرِ (1)} بمكة.

وأخرج عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: أنزلت سورة {وَالْفَجْرِ (1)} بمكة.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 513)، و"لباب النقول" (ص 229) وقال:"وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به".

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ متروك.

الثانية: الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

(3)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 228، 229)، و"الدر المنثور"(8/ 514) =

ص: 511

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} ؛ قال: نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه

(1)

.

= ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 513، 514) ونسبه لابن مردويه.

ص: 512

‌سورة البلد.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} بمكة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 516) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله.

ص: 513

‌سورة الشمس.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} بمكة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 827) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله.

ص: 514

‌سورة الليل.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} وبمكة

(1)

.

{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد إلى النخلة ليأخذ منها الثمرة؛ فربما تقع ثمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل من نخلته، فيأخذ الثمرة؛ من أيديهم، وإن وجدها في فم أحدهم؛ أدخل أصبعه حتى يخرج الثمرة من فيه، فشكا ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"اذهب"، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم صاحب النخلة، فقال له:"أعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة"، فقال له الرجل: لقد أعطيت وإن لي لنخلاً كثيراً وما فيه نخل أعجب إليّ ثمرة منها، ثم ذهب الرجل ولقي رجلاً كان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب النخلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعطني ما أعطيت الرجل إن أنا أخذتها، قال:"نعم"، فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة ولكليهما نخل، فقال له صاحب النخلة: أشعر أن محمداً أعطاني بنخلتي المائلة إلى دار فلان نخلة في الجنة، فقلت: لقد أعطيت، ولكن يعجبني ثمرها، ولي نخل كثير ما فيه

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 532) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

ص: 515

نخلة أعجب إليّ ثمرة منها، فقال له الآخر: أتريد بيعها؟ فقال: لا؛ إلا أن أعطى بها ما أريد، ولا أظن أعطى، قال: فكم تؤمل فيها؟ قال: أربعين نخلة، فقال له الرجل: لقد جئت بأمر عظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة. ثم سكت عنه فقال: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: أشهد إن كنت صادقاً، فأشهد له بأربعين نخلة بنخلته المائلة، فمكث ثَمَّ ساعة، قال: ليس بيني وبينك بيع لم نفترق، فقال له الرجل: ولست باحق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتك المائلة، فقال له: أعطيك على أن تعطيتي كما أريد تعطينيها على ساق، فسكت عنه، ثم قال: هي لك على ساق، قال: ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله! إن النخلة قد صارت لي؛ فهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدار فقال:"النخلة لك ولعيالك"؛ فأنزل الله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} إلى آخر السورة

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: إني لأقول: هذه السورة نزلت في السماحة والبخل

(2)

.

• {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي

(1)

أخرجه الحافظ ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 555)، والواحدي في "الوسيط"(4/ 502)، و"أسباب النزول"(ص 229) من طريق حفص بن عمر العدني ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه حفص وهو ضعيف؛ كما في "التقريب".

قال الحافظ ابن كثير: "هكذا رواه ابن أبي حاتم وهو حديث غريب جداً". اهـ.

وقال السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 532): "بسند ضعيف".

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 533) ونسبه لابن مردويه.

ص: 516

مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)}.

• عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه البزار في "البحر الزخار"(6/ 168 رقم 2209)، والآجرّيُّ في "الشريعة"(3/ 53، 54 رقم 1350)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 146)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 3 - قطعة من المجلد 13)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 2359)، والواحدي في "الوسيط"(4/ 505، 506) من طريق مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم له طريقاً عن ابن الزبير إلا هذا الطريق، ولا نعلم رواه إلا بشر عن مصعب بن ثابت".

قلنا: وسنده ضعيف؛ لضعف مصعب بن ثابت.

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 138): "رواه البزار؛ وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وشيخ البزار لم يسمعه".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 538) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر.

وأخرجه أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة"(1/ 95 - 97 رقم 66)، وابنه عبد الله في "زوائد الفضائل"(1/ 237 رقم 291) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 300، 301) -، والحاكم (2/ 525) من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به.

قلنا: وهذا إسناد حسن.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.

قلنا: لم يخرج مسلم لابن إسحاق إلا متابعة.

(تنبيه): في "الفضائل"، والواحدي وقع اسم والد عامر بن عبد الله مبهماً [عن بعض أهله] وصرح به عند الحاكم.

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 142): ثني هارون بن إدريس الأصم ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير؛ قال: كان أبو بكر =

ص: 517

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: إن أبا بكر رضي الله عنه اشترى بلالاً من أمية بن خلف ببُردة وعشر أواق، فأعتقه لله عز وجل؛ فأنزل الله عز وجل:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)} ؛ يعني: سعي أبي بكر رضي الله عنه، وأمية، وأُبيّ، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} بلا إله إلا الله؛ يعني: أبا بكر {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} ؛ قال: الجنة، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} بلا إله إلا الله؛ يعني: أمية وأُبياً {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} ؛ قال: النار {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)} ؛ قال: إذا مات {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} يعني: أمية وأُبياً {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)} ؛ يعني: أبا بكر {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)} قال: لم يصنع ذلك أبو بكر ليد كانت منه إليه، فيكافئه بها {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)}

(1)

. [ضعيف]

= الصديق يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بنيّ! أراك تعتق أناساً ضعفاء، فلو أنك أعتقت رجالاً جلداً يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك، فقال: أي أبت! إنما أريد -أظنه قال-: ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية أنزلت فيه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} ، وقوله:{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} ، يقول: فسنهيئه لخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا؛ ليوجب له به في الآخرة الجنة.

قلنا: وهذا مع إرساله ضعيف، ابن إسحاق؛ مدلس وقد عنعن.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 535) وزاد نسبته لابن عساكر.

(1)

أخرجه الآجريُّ في "الشريعة"(3/ 54 رقم 1351)، وأبو الشيخ؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 534) -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 300)، و"الوسيط"(4/ 502، 503) - من طريق منصور بن أبي مزاحم نا ابن أبي الوضاح عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق السبيعي عن ابن مسعود به. =

ص: 518

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} ؛ قال أبو بكر الصديق: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} ؛ قال: أبو سفيان بن حرب

(1)

. [موضوع]

• عن عروة: أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب في الله: بلال، وعامر بن فهيرة، والنهدية وابنتها، وزنيرة وأم عيسى، وأمة بني المؤمل، وفيه نزلت:{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)} إلى آخر السورة

(2)

. [ضعيف]

• عن قتادة في قوله -تعالى-: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)} ؛ قال: نزلت في أبي بكر؛ أعتق ناساً لم يلتمس منهم جزاء ولا شكوراً ستة أو سبعة؛ منهم: بلال، وعامر بن فهيرة

(3)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)} ؛ قال: هو أبو بكر الصديق

(4)

.

= قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين أبي إسحاق وابن مسعود.

وقد وقع خطأ في سند الواحدي في "أسباب النزول": ففيه ابن إسحاق وهو خطأ، والصواب:(أبي إسحاق).

وذكره السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن عساكر.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 536) وقال: "وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به".

قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي كذاب، وشيخه -أيضاً- متهم بالكذب.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 537)، و"لباب النقول"(ص 230) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 146): ثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن سعيد عن قتادة.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، وجاء في "الدر المنثور"(8/ 538) عن سعيد لم يذكر قتادة.

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 538) ونسبه لابن مردويه.

ص: 519

‌سورة الضحى.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة الضحى بمكة

(1)

.

{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)} .

• عن جندب البجلي رضي الله عنه؛ قال: احتبس جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه؛ فنزلت: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(2)

. [صحيح]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 539) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

(2)

أخرجه البخاري (رقم 1124، 1125، 4950، 4951، 4983)، ومسلم (رقم 1797).

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 148)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 173 رقم 1712) من طريق سفيان عن الأسود بن قيس عن جندب؛ قال: أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال المشركون: قد ودع محمد؛ فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} .

قلنا: وهذا سند صحيح على شرطهما، وقد أخرجاه بنحو هذا السياق كما تقدم، وهذا اللفظ فيه بعض اختلاف.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 540) وزاد نسبته للفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. =

ص: 520

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كفراً كفراً، فسُرَّ بذلك؛ فأنزل الله عز وجل:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} ؛ فأعطاه الله في الجنة ألف قصر، في كل قصر ما ينبغي له من الولدان والخدم

(1)

. [صحيح]

= وأخرج الطبراني (2/ 173 رقم 1709) بسند صحيح عن شعبة عن الأسود بن قيس عن جندب؛ قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد تركك؛ فأنزل الله عز وجل: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} .

قلنا: وهذا إسناد صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذا السياق.

وأخرج الترمذي في "جامعه"(5/ 442 رقم 3345)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (4/ 558) من طريق ابن أبي عمر وأبي أسامة كلاهما عن سفيان بن عيينة ثني الأسود بن قيس عن جندب؛ قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فدميت أصبعه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت"، قال: فأبطأ عليه جبريل عليه السلام، فقال المشركون: قد ودع محمد؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} .

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

قلنا: وسنده صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، وقد أخرجاه بغير هذا السياق.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 149)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 558)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 277 رقم 10650)، و"الأوسط"(3/ 297 رقم 3209)، والحاكم (2/ 526)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 61)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 302)، و"الوسيط"(4/ 509)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/ 212) من ثلاثة طرق عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه به.

قلنا: وهذا حديث صحيح رجاله ثقات.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله:"تفرد به عصام بن رواد عن أبيه وقد ضعف". =

ص: 521

• عن زيد بن أرقم رضي الله عنه؛ قال: لما نزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} إلى {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} [المسد: 4، 5]؛ قال: فقيل لامرأة أبي لهب: إن محمداً قد هجاك؛ فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في الملأ، فقالت: يا محمد! على ما تهجوني؟ قال: فقال: "والله ما هجوتك، ما هجاك إلا الله"، قال: فقالت: هل رأيتني أحمل حطباً أو رأيت في جيدي حبلاً من مسد، ثم انطلقت فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم أياماً لا ينزل عليه؛ فأتته فقالت: يا محمد! ما أرى صاحبك إلا قد ودعك وقلاك؛ فأنزل الله عز وجل: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(1)

. [ضعيف]

= قلنا: كذا قال، بل تابعه محمد بن خلف السري عند الطبري والواحدي، وتوبع أيضاً عند من ذكرنا.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 139): "وإسناد "الكبير" حسن".

قلنا: هو نفس إسناد "الأوسط"؛ فلا داعي لتخصيص "الكبير" دون "الأوسط"، ولكن بالمتابعات التي ذكرنا يصح الحديث، نعم؛ طريق الطبراني حسن؛ لكن يصح بمتابعاته.

وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده صحيح"، وقال السيوطي في "لباب النقول" (ص 231):"إسناده حسن".

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 179، 180 رقم 572) من طريق معاوية بن أبي العباس عن إسماعيل بنحوه.

قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 139): "وفيه معاوية بن أبي العباس ولم أعرفه".

قلنا: لا يضر هذا؛ فقد تابعه الأوزاعي كما تقدم.

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 526) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن زيد به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ مداره على أبي إسحاق وهو مدلس وقد عنعن ثم هو قد اختلط وإسرائيل روى عنه بعد الاختلاط.

قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح كما حدثناه هذا الشيخ إلا أني وجدت لهُ علة". =

ص: 522

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} ؛ قال: لما نزل عليه القرآن؛ أبطأ عنه جبريل أياماً؛ فعيّر بذلك، فقال المشركون: ودعه ربه وقلاه؛ فأنزل الله: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن خولة خادم رسول الله: أن جرواً دخل البيت، ودخل تحت السرير ومات، فمكث نبي الله صلى الله عليه وسلم أياماً لا ينزل عليه الوحي، فقال:"يا خولة! ما حدث في بيت رسول الله؛ جبريل لا يأتيني؟ فهل حدث في بيت رسول الله حدث؟ "، فقلت: والله ما أتى علينا يوم خير من يومنا، فأخذ برده فلبسه وخرج، فقلت: لو هيأت البيت وكنسته، فأهويت بالمكنسة تحت السرير؛ فإذا شيء ثقيل فلم أزل حتى أخرجته، فإذا بجرو ميت فأخذته بيدي، فألقيته خلف الدار فجاء نبي الله ترعد لحيته وكان إذا أتاه الوحي؛ أخذته الرعدة، فقال:"يا خولة! دثريني"؛ فأنزل الله: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(2)

. [ضعيف]

= ثم ساقه بإسناده هذا فجعله عن يزيد بن زيد لا زيد بن أرقم.

قلنا: ومع ما فيه -كما تقدم- من علة؛ فهو مرسل -أيضاً-.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 148)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 541) من طريق العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

وقال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 710): "لا يثبت".

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 74 رقم 4180)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 198 رقم 7894)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 196، 197 رقم 636)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 302)، و"الوسيط"(4/ 508) عن أبي نعيم ثنا حفص بن سعيد القرشي تثني أمي عن أمها -وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم- به.

قال الهيثمي في "مجمع "الزوائد" (7/ 138): "رواه الطبراني؛ وأم حفص لم أعرفها". =

ص: 523

• عن عبد الله بن شداد: أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى ربك إلا قد قلاك؛ فأنزل الله -تعالى-: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(1)

. [منكر]

• عن عروة؛ قال: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فجزع جزعاً شديداً، وقالت خديجة: أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك، قال: فنزلت: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} إلى آخرها

(2)

. [منكر]

= وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(4/ 1834): "وليس إسناد حديثها في ذلك مما يحتج به".

وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة": "هذا إسناد ضعيف".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 230): "بسند فيه من لا يعرف"، وزاد نسبته في "الدر المنثور"(8/ 541) لابن مردويه.

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8/ 710): "ووجدت الآن في الطبراني بإسناد فيه من لا يعرف. . "، ثم قال:"وقصة إبطاء جبريل بسبب كون الكلب تحت سريره مشهورة؛ لكن كونها سبب نزول هذه الآية غريب بل شاذ مردود بما في "الصحيح" - والله أعلم-".

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 148، 162): ثنا ابن أبي الشوارب ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا سليمان الشيباني عن عبد الله به.

وسنده ضعيف؛ لإرساله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 148)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" -ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 302) - من طريق وكيع وأبي معاوية كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8/ 711): "وهذان طريقان مرسلان ورواتهما ثقات".

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 558): "فإنه حديث مرسل من هذين الوجهين، ولعل ذكر خديجة ليس محفوظاً أو قالته على وجه التأسف =

ص: 524

• عن خديجة رضي الله عنها؛ قالت: لما أبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي؛ جزع من ذك جزعاً شديداً، فقلت -مما رأيت من جزعه-: لقد قلاك ربك؛ لما يُرى من جزعك؛ فأنزل الله -تعالى-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(1)

. [منكر]

• عن قتادة: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} ؛ قال: إن جبريل عليه السلام أبطأ عليه بالوحي؛ فقال ناس من الناس وهم يومئذ بمكة: ما نرى صاحبك إلا قد قلاك فودعك؛ فأنزل الله -تعالى- ما تسمع: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(2)

. [ضعيف]

• عن الضحاك في قوله -تعالى-: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} ؛ قال: أبطأ عليه جبريل؛ فقال المشركون: قد قلاه ربه وودعه؛ فأنزل الله عز وجل: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)}

(3)

. [ضعيف جداً]

= والحزن -والله أعلم-". ا. هـ.

قال الحافظ ابن حجر: "فالذي يظهر أن كلّاً من أم جميل وخديجة قالت ذلك لكن أم جميل قالته شماتة، وخديجة قالته توجعاً".

(1)

أخرجه الحاكم (2/ 610، 611) -وعنه البيهقي في "الدلائل"(7/ 60) -من طريق يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عن خديجة به.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ لإرسال فيه"، ووافقه الذهبي.

قال البيهقي: "في هذا الإسناد إنقطاع فإن صح؛ فقول خديجة يكون على طريق السؤال أو الاهتمام به".

قلنا: لا يصح، ولا يجوز التأويل؛ لأنه فرع التصحيح؛ فتنبه.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 541) وزاد نسبته لابن مردويه.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 148) من طريق معمر وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عنه به.

قلنا: وهو مرسل صحيح الإسناد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 148). =

ص: 525

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من حملة الإبل، فلما نظر إليها؛ قال:"يا فاطمة! تعجلي فتجرعي مرارة الدنيا؛ لنعيم الآخرة غداً"؛ فأنزل الله عز وجل: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)}

(1)

.

• عن عكرمة؛ قال: لما نزلت: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)} ؛ قال العباس بن عبد المطلب: لا يدع الله نبيه فيكم إلا قليلاً لما هو خير له

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي شيئاً وددت أني لم أكن سألته، قلت: يا رب! كل الأنبياء؛ فذكر سليمان بالريح، وذكر موسى؛ فأنزل الله عز وجل:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)}

(3)

.

= قلنا: وسنده ضعيف جداً.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 543) ونسبه للعسكري في "مواعظه"، وابن مردويه وابن لال وابن النجار.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 543) ونسبه لابن مردويه.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 544) ونسبه لابن مردويه.

ص: 526

‌سورة الشرح.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} بمكة

(1)

.

{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ينظر إلى جحر بحيال وجهه، فقال:"لو جاءت العسرة حتى تدخل هذا الجحر؛ لجاءت اليُسرة حتى تخرجه"؛ فأنزل الله تبارك وتعالى؛ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)}

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 547) ونسبه لابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي.

وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها مثله.

وأخرج عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله.

(2)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 81 رقم 2288 - "كشف")، وابن عدي في "الكامل"(2/ 694)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 561)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(2/ 145 رقم 1525)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 107)، والحاكم (2/ 255)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 206 رقم 10012)، وابن النجار؛ كما في "الدر المنثور" (8/ 550) من طريق حميد بن حماد ثنا عائذ بن شريح؛ قال: سمعت أنس به.

قال البزار: "لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ".

وقال الطبراني: "لم يروه عن أنس إلا عائذ".

وقال البيهقي: "تفرد به حميد". =

ص: 527

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال ابن عدي: "لا أعلم يرويه عن عائذ بن شريح غير حميد بن حماد"، كذا في المطبوع.

وفي المخطوط (ق 80/ 2)؛ كما في "الضعيفة"(3/ 593): "لا أعلم يرويه عن عائذ غير حميد بن حماد وهو يحدث عن الثقات بالمناكير وهو على قلة حديثه لا يتابع عليه".

وقال الحاكم: "حديث عجيب، غير أن الشيخين لم يحتجا بعائذ بن شريح"، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: تفرد به حميد بن حماد عن عائذ، وحميد منكر الحديث كعائذ".

وقال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكر مقالة البزار السابقة: "قلت: وقد قال فيه -يعني: عائذاً- أبو حاتم الرازي: في حديثه ضعف".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 139): "رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار؛ وفيه عائذ بن شريح وهو ضعيف".

وقال شيخنا الألباني في "الضعيفة"(3/ 593 رقم 1403): "ضعيف جداً".

وهو كما قال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 550) وزاد نسبته لابن مردويه.

وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 70 رقم 9977) من طريق يزيد بن هارون أنا أبو مالك النخعي عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان العسر في جحر؛ لدخل عليه اليسر حتى يخرجه"، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} .

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: أبو مالك النخعي؛ متروك؛ كما قال الحافظ.

الثانية: أبو حمزة؛ ضعيف.

وضعفه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 139) بالأول، ووقع فيه تحريف يحرر من هنا، وضعفه -أيضاً- السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 550) بعد أن زاد نسبته لابن مردويه.

وكذا ضعفه جداً شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "الضعيفة"(3/ 593).

وفي الباب عن ابن مسعود والحسن لكن ليس فيها التصريح بسبب النزول. =

ص: 528

• عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ثلثمائة أو يزيدون، علينا أبو عبيدة بن الجراح، ليس معنا من الحمولة إلا ما نركب، فزوّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من تمر، فقال بعضنا لبعض: قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أين تريدون، وقد علمتم ما معكم من الزاد؛ فلو رجعتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فسألتموه أن يزودكم، فرجعنا إليه، فقال:"إني قد عرفت الذي جئتم له، ولو كان عندي غير الذي زودتكم لزودتكموه"؛ فانصرفنا، ونزلت:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} ؛ فأرسل نبي الله إلى بعضنا فدعاه، فقال:"أبشروا؛ فإن الله قد أوحى إليّ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)} ولن يغلب عسر يسرين"

(1)

.

= انظر: "تفسير القرآن العظيم"(4/ 561، 562)، و"الدر المنثور"(8/ 551) وغيرها.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 550) ونسبه لابن مردويه.

ص: 529

‌سورة التين.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت سورة {وَالتِّينِ} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله -تعالى-: {وَالتِّينِ} ؛ قال: مسجد نوح الذي بني بأعلى الجودي، {وَالزَّيْتُونِ}؛ قال: بيت المقدس {وَطُورِ سِينِينَ (2)} ؛ قال: مسجد الطور {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)} ؛ قال: مكة {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} يقول: يرد إلى أرذل العمر، كبر حتى ذهب عقله، هم نفر كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تسفهت عقولهم؛ فأنزل الله عذرهم: أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} يقول: بحكم الله

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 553) ونسبه لابن الضريس والنحاس والبيهقي. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مثله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 156)، وابن أبي حاتم وابن مردويه في "تفسيرهما"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 554) من طريق العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

ص: 530

‌سورة العلق.

• عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه (وفي رواية: فجئه) الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه؛ فقال:"اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} الآيات"، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقال:"زملوني زملوني"؛ فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: ما لي؟ وأخبرها الخبر، وقال:"لقد خشيت على نفسي"، فقالت له خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبداً؛ فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي -وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما

ص: 531

شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي-، فقالت له خديجة: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جَذَعاً، ليتني أكون حياً؛ إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوَ مخرجي هم؟ " قال: نعم؛ لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي -وفي رواية: أوذي- وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي

(1)

. [صحيح]

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: إن أول ما نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}

(2)

. [صحيح]

• عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي: أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله عز وجل في نبيه صلى الله عليه وسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} ؛ فقالوا: هذا صدرها الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء، ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري (رقم 3)، ومسلم (رقم 160).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 162)، والحاكم (2/ 220، 221 رقم 529)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 155) من طرق عن سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن إسحاق مدلس وقد عنعن.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

وقلنا: وقد وهما في هذا؛ فإن مسلماً لم يخرج له في الأصول بل في المتابعات والشواهد.

وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح".

قلنا: وأين ذهبت عنعنة ابن إسحاق؟! لكن الحديث صحيح بما قبله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 561) وزاد نسبته لابن مردويه.

(3)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 157) من طريق يعقوب بن سفيان ثنا =

ص: 532

• عن الزهري في قوله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} [المدثر: 1]؛ قال: فتر الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم فترة، قال: وكان أول شيء أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} حتى بلغ {مَا لَمْ يَعْلَمْ} ، فلما فتر عنه الوحي؛ حزن حزناً شديداً؛ حتى جعل يغدو مراراً إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها، فكلما أوفى بذروة جبل؛ تبدّى له جبريل، فيقول:"إنك نبي الله حقاً"؛ فيسكن بذلك جأشه وترجع إليه نفسه

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي رجاء العطاردي؛ قال: أخذت من أبي موسى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} وهي أول سورة أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم. وفي رواية قال: كان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد مسجد البصرة يقعد حلقاً، فكأني أنظر إليه بين بردين أبيضين يقرئني القرآن ومنه أخذت هذه السورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} ، قال أبو رجاء: فكانت أول سورة أنزلت على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

. [صحيح]

= أبو صالح ثني الليث بن سعد ثني عقيل عن الزهري عن محمد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد، وأما ما يخشى من ضعف أبي صالح عبد الله بن صالح؛ فإن الراوي عنه هو الفسوي، وهو من أهل الحذق والدراية؛ فهي من صحيح حديث عبد الله.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 327) والبخاري في "صحيحه"(12) عن معمر عن الزهري به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات رجال الصحيح.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 542 رقم 10269، 14/ 88 رقم 17664)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 162)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 256، 257)، والحاكم (2/ 220) من طرق عن قرة بن خالد عن أبي رجاء به.

قلنا: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات؛ لكنه مرسل، يوضح هذا الرواية الأخرى التي ذكرنا، لكن تقدم له شاهد من حديث عائشة؛ فالحديث بمجموعهما حسن -إن شاء الله- على أقل الأحوال، وسيأتي له شاهدان =

ص: 533

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أول ما نزل من القرآن بمكة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}

(1)

. [صحيح لغيره]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أول شيء أنزل من القرآن خمس آيات: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى قوله {مَا لَمْ يَعْلَمْ}

(2)

.

• عن مجاهد؛ قال: أول ما نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} ثم: {ن}

(3)

. [صحيح لغيره]

• عن عبيد بن عمير؛ قال: أول سورة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}

(4)

. [صحيح لغيره]

= مرسلان عن مجاهد وعبيد بن عمير.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

قلنا: لكنه مرسل.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 560) وزاد نسبته لابن الضريس وابن الأنباري في "المصاحف" والطبراني وابن مردويه.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

قلنا: أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 143، 144) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن ثنا خصيف عن مجاهد عن ابن عباس.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: خصيف؛ ضعيف.

الثانية: وعبد العزيز هذا؛ ضعيف -أيضاً-.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 562) ونسبه لابن المنذر وابن مردويه.

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 541 رقم 10266، 14/ 88 رقم 17665)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 162، 163) من طرق عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 562) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

(4)

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 541 رقم 10268، 14/ 88 رقم 17662، =

ص: 534

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أول سورة أنزلت على محمد: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}

(1)

.

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان أول ما نزل عليه بعد {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} {ن وَالْقَلَمِ} و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)} و {وَالضُّحَى (1)}

(2)

.

• عن عطاء بن يسار؛ قال: أول سورة نزلت من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}

(3)

. [ضعيف جداً]

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} .

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء أبو جهل؛ فقال: ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فزبره، فقال أبو جهل: إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر مني؛ فأنزل الله عز وجل: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} ؛ فقال ابن عباس: فوالله

= 17663)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 162) عن شعبة، وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 385) عن ابن عيينة، كلاهما (شعبة، وابن عيينة)، عن عمرو بن دينار، عن عبيد به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 562) ونسبه لابن المنذر.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن الأنباري في "المصاحف".

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 162).

قلنا: وسنده ضعيف جداً.

ص: 535

لو دعا ناديه؛ لأخذته زبانية الله

(1)

. [صحيح]

• وعنه -أيضاً-رضي الله عنهما؛ قال: قال أبو جهل: لئن عاد محمد يصلي إلى القبلة؛ لأقتلنَّه، فعاد؛ فأنزل الله عز وجل:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى قوله: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} فلما قيل لأبي جهل: إنه قد عاد؛ قال: لقد حيل ما بيني وبينه، قال ابن عباس: والله لو تحرك؛ لأخذته الملائكة والناس ينظرون

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الترمذي (رقم 3349)، والنسائي في "تفسيره"(2/ 535، 536 رقم 704)، وأحمد (1/ 256، 329) وابنه عبد الله في "زوائد المسند"(1/ 256)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 164)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 303)، و"الوسيط"(4/ 530)، والطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 298 رقم 181411) من طرق عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد صحيح.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 139): "في "الصحيح" بعضه، ورجال أحمد رجال الصحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 564) وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي.

قلنا: هو في البخاري (رقم 4958) من طريق عبد الكريم الجزري عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: قال أبو جهل: لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة؛ لأطأن على عنقه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"لو فعله؛ لأخذته الملائكة".

وأخرج الطبري في "جامع البيان"(30/ 163، 164): ثني إسحاق بن شاهين ثنا خالد بن عبد الله عن داود عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاءه أبو جهل فنهاه أن يصلي؛ فأنزل الله:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى} إلى قوله: {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} .

قلنا: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 165)، والطبراني في "المعجم الأوسط" =

ص: 536

• عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال أبو جهل: هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم

(1)

؟، قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك؛ لأطأن على رقبته، أو لأعفرن وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته، قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو دنا مني؛ لاختطفته الملائكة عضواً عضواً"، قال: فأنزل الله عز وجل لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه-: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) يعني: أبا جهل {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)} ؛ يعني: قومه {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ}

(2)

. [صحيح]

= (8/ 201 رقم 8398) من طريقين عن يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا سند حسن على شرط مسلم، وفي يونس كلام لا ينزله عن رتبة الحسن.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 139): "رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه موسى بن سهل الوشاء وهو ضعيف!! ".

قلنا: موسى بن سهل شيخ الطبراني المذكور هو أبو عمر الجوني البصري وهو ثقة حافظ، وليس هو ابن سهل الوشاء كما قال الهيثمي، كما أن الوشاء هذا ليس من شيوخ الطبراني.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 564) وزاد نسبته لأبي نعيم في "الدلائل".

(1)

أي: يسجد ويلصق وجهه بالتراب.

(2)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(4/ 2154، 2155 رقم 2797).

ص: 537

• عن قتادة: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} : ذكر لنا أنها نزلت في أبي جهل، قال: لئن رأيت محمداً يصلي؛ لأطأن على عنقه؛ فأنزل الله: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} ؛ قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه الذي قال أبو جهل؛ قال؛ "لو فعل؛ لاختطفته الزبانية"

(1)

. [صحيح]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 166)، وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 384) من طريق سعيد بن أبي عروبة ومعمر كلاهما عن قتادة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات، ويشهد له ما سبق.

ص: 538

‌سورة القدر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} بمكة

(1)

.

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} .

• عن يوسف بن سعد الجمحي؛ قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية، فقال: سوّدت وجوه المؤمنين، أو يا مسوّد وجوه المؤمنين! فقال: لا تؤنبني رحمك الله؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أُريَ بني أمية على منبر فساءه ذلك؛ فنزلت: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1] يا محمد؛ يعني: نهراً في الجنة، ونزلت:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} يملكها بنو أمية يا محمد! قال القاسم: فعددناها؛ فإذا هي ألف يوم لا يزيد يوم ولا ينقص

(2)

. [منكر]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 567) ونسبه لابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهم مثله.

(2)

أخرجه الترمذي (5/ 444، 445 رقم 350)، والطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 90 رقم 2754) -ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"(32/ 428) -، والطبري في "جامع البيان"(30/ 167)، والحاكم (3/ 170، 171، 175)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 265، 266 رقم 2396)، و"دلائل النبوة" =

ص: 539

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (6/ 509، 510) من طريق القاسم بن الفضل عن يوسف به.

قلنا: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ لكنهم أعلوه بأن في متنه نكارة.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل، وقد قيل: عن القاسم بن الفضل عن يوسف بن مازن.

والقاسم بن الفضل الحداني هو ثقة؛ وثقه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي.

ويوسف بن سعد رجل مجهول، ولا نعرف هذا الحديث على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه".

وقال الحاكم: "هذا إسناد صحيح"، وتعقبه الذهبي بقوله:"قلت: وَرَوى عن يوسف نوحُ بن قيس -أيضاً-، وما علمت أن أحداً تكلم فيه، والقاسم وثقوه ورواه عنه أبو داود والتبوذكي، وما أدري آفته من أين؟ ".

وقال في "سير أعلام النبلاء"(3/ 272): "فيه انقطاع".

قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(6/ 243، 244): "رواه الترمذي وابن جرير والطبري والحاكم في "مستدركه"، والبيهقي في "دلائل النبوة" كلهم من حديث القاسم بن الفضل الحدّاني، وقد وثقه يحيى بن سعيد القطان وابن مهدي عن يوسف بن سعد، ويقال: يوسف بن مازن الراسبي، وفي رواية ابن جرير: عيسى بن مازن، قال الترمذي: وهو رجل مجهول، وهذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

فقوله: إن يوسف هذا مجهول؛ مشكل، والظاهر أنه أراد أنه مجهول الحال؛ فإنه قد روى عنه جماعة منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عنه قال: هو ثقة [قلنا: ووثقه الحافظ الذهبي في "الكاشف"، والحافظ في "التقريب"]؛ فارتفعت الجهالة عنه مطلقاً، قلت: ولكن في شهوده قصة الحسن ومعاوية نظر، وقد يكون أرسلها عمن لا يعتمد عليه -والله أعلم-.

وقد سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي رحمه الله عن هذا الحديث؟ فقال: "هو حديث منكر".

وأما قول القاسم بن الفضل رحمه الله: إنه حسب دولة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقصه؛ فهو غريب جداً، وفيه نظر؛ وذلك لأنه لا يمكن إدخال =

ص: 540

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= دولة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت اثنتا عشر سنة في هذه المدة، لا من الصورة ولا من حيث المعنى، وذلك أنها ممدوحة؛ لأنه أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.

وهذا الحديث إنما سيق لذم دولتهم، وفي دلالة الحديث على الذم نظر؛ وذلك أنه دل على أن ليلة القدر خير من ألف شهر التي هي دولتهم، وليلة القدر ليلة خيرة، عظحمة المقدار والبركة، كما وصفها الله -تعالى- به، فما يلزم من تفضيلها على دولتهم، فليتأمل هذا؛ فإنه دقيق يدل على أن الحديث في صحته نظر؛ لأنه إنما سيق لذم أيامهم، والله -تعالى- أعلم.

وأما إذا أراد أن ابتداء دولتهم منذ ولي معاوية حين تسلمها من الحسن بن علي، فقد كان ذلك سنة أربعين، أو إحدى وأربعين، وكان يقال له: عام الجماعة؛ لأن الناس كلهم اجتمعوا على إمام واحد.

وقد تقدم الحديث في "صحيح البخاري" عن أبي بكرة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

فكان هذا في هذا العام، -والله الحمد والمنة-. واستمر الأمر في أيدي بني أمية من هذه السنة إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، حتى انتقل إلى بني العباس كما سنذكره، ومجموع ذلك اثنتان وتسعون سنة وهذا يطابق ألف شهر؛ لأن معدل ألف شهر ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، فإن قال: أنا أخرج منها ولاية ابن الزبير وكانت تسع سنين، فحينئذ يبقى ثلاث وثمانون سنة، فالجواب أنه وإن خرجت ولاية ابن الزبير؛ فإنه لا يكون ما بقي مطابقًا لألف شهر تحديداً، بحيث لا ينقص يوماً ولا يزيده كما قاله، بل يكون ذلك تقريباً، هذا وجه، والثاني: أن ولاية ابن الزبير كانت بالحجاز والأهواز والعراق في بعض أيامه، وفي مصر في قول، ولم تنسلب يد بني أمية من الشام أصلاً، ولا زالت دولتهم بالكلية في ذلك الحين، الثالث: أن هذا يقتضي دخول دولة عمر بن عبد العزيز في حساب بني أمية، ومقتضى ما ذكره أن تكون دولته مذمومة، هذا لا يقوله أحد من أئمة الإسلام، وإنهم مصرحون بأنه أحد الخلفاء الراشدين؛ حتى قرنوا أيامه متابعة لأيام الأربعة، وحتى اختلفوا في أيهما أفضل هو أو معاوية بن أبي سفيان أحد الصحابة؟ وقد قال أحمد بن حنبل: لا أرى قول =

ص: 541

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز، فإذا علم هذا؛ فإن أخرج أيامه من حسابه؛ انخرم حسابه، وإن أدخلها فيه مذمومة؛ خالف الأئمة، وهذا ما لا محيد عنه، وكل هذا مما يدل على نكارة هذا الحديث -والله أعلم-".

وقال -أيضاً- في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 566، 567): "وقول الترمذي: إن يوسف هذا مجهول؛ فإنه قد روى عنه جماعة؛ منهم: حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال فيه يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عن ابن معين: هو ثقة".

ثم قال: "ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جداً، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي: هو حديث منكر.

قلت: وقول القاسم بن الفضل الحداني: إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف

شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص، ليس بصحيح؛ فإن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين، واجتمعت

البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة، ثم استمروا فيها بالشام وغيرها لم

تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد

قريباً من تسع سنين، لكن لم تزل يدهم على الإمرة بالكلية، بل عن بعض

البلاد، إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فيكون

مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة وذلك أزيد من ألف شهر؛ فإن الألف شهر

عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من

مدتهم أيام ابن الزبير وعلى هذا فيقارب ما قاله الصحة في الحساب -والله

أعلم-. ومما يدل على ضعف هذا الحديث: أنه سيق لذم بني أمية ولو أريد

ذلك؛ لم يكن بهذا السياق؛ فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم

أيامهم؛ فإن ليلة القدر شريفة جداً، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة

القدر؛ فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة بمقتضى هذا

الحديث؟ وهل هذا إلا كما قال القائل:

ألم تر أن السيف ينقص قدره

إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

وقال آخر:

إذا أنت فضلت امرءاً ذا براعة

على ناقص كان المديح من النقص؟

ثم الذي يفهم من الآية: أن الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية، =

ص: 542

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والسورة مكية، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها، والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة؛ فهذا كله مما يدل على ضعف الحديث ونكارته -والله أعلم-".

قلنا: وهذا تحرير دقيق جداً؛ يدل على إمامة الحافظ وعلوّ كعبه في هذا الشأن -رحمه الله رحمة واسعة-.

فالحاصل: أن الحديث أعل بعلل:

الأولى: جهالة يوسف بن سعيد، وتبين أنه ثقة مطلقاً.

الثانية: الانقطاع؛ كما قال الذهبي والحافظ ابن كثير.

الثالثة: نكارة متنه.

ونزيد علة رابعة -ذكرت- وهي الاضطراب:

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 566): "ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن (في الأصل: يوسف بن مازن)، كذا قال وهذا يقتضي اضطراباً في هذا الحديث -والله أعلم-".

قلنا: هذا لا يقتضي اضطراباً في الحديث؛ فقد رواه عن القاسم الطيالسي وموسى بن إسماعيل التبوذكي وقراد أبو نوح لم يختلفوا في تسميته (يوسف) وخالفهم سَلْم بن قتيبة فسماه (عيسى).

وسلم متكلم فيه؛ قال أبو حاتم: كثير الوهم ليس به بأس، وقال يحيى القطان: ليس من جمال المحامل، وهو دون الثلاثة في الضبط والإتقان، هذا أولاً.

وثانياً: في الطريق إلى سلم شيخ الطبري سهيل بن إبراهيم الجارودي؛ قال ابن حبان في "ثقاته"(8/ 303): "يخطئ ويخالف".

وقد يقال: إن الاضطراب الذي في سنده أنهم اختلفوا في رواية يوسف؛ فبعضهم قال: يوسف بن سعد الجمحي، وبعضهم قال: يوسف بن مازن الرؤاسي، وقد جرى معظم الأئمة كابن حبان والمزي والذهبي والعسقلاني وغيرهم على جعله واحداً، وخالف في ذلك البخاري وابن أبي حاتم، والصواب جعلهما واحداً -والله أعلم-.

وعليه: مما سبق يتبين لنا أن أقوى ما أعلّ به الحديث هي العلة الثانية والثالثة.

وقال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني رحمه الله في "ضعيف الترمذي"(ص 436 رقم 663): "ضعيف الإسناد، مضطرب، ومتنه منكر". =

ص: 543

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على منبره؛ فساءه ذلك! فأوحى الله إليه: "إنما هو ملك يصيبونه"، ونزلت:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)}

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "أُريت بني أمية يصعدون منبري؛ فشق عليّ"؛ فأنزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)}

(2)

. [ضعيف]

• عن مجاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس

= قلنا: وقد بيّنا ما فيه ولله الحمد والمنة.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 569) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(8/ 280) من طريق الدارقطني ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا محمد بن الحسن القطواني ثنا حسين بن أيوب الخثعمي ثني علي بن حديد بن حكيم المدائني عن أبيه؛ قال: أنبأنا أبو الجحاف أخبرني داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ داود بن علي ضعفه الذهبي وغيره، وحديد بن حكيم المدائني؛ ذكره الخطيب ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، ولم يزد أنه روى عنه ابنه؛ فهو في عداد المجهولين.

(2)

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(9/ 44) من طريق علي بن المديني ثنا يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن علي بن زيد عن ابن المسيب به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: علي بن زيد؛ ضعيف.

وقد رواه الشاذكوني الكذاب عن يحي بهذا الإسناد إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريت بني أمية في صورة القردة والخنازير يصعدون منبري؛ فشق عليّ ذلك"؛ فأنزلت: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} .

قلنا: الشاذكوني كذاب، وما قبله أصح، وقد أنكره ابن المديني إنكاراً شديداً.

ص: 544

السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك؛ فأنزل الله عز وجل:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر

(1)

. [ضعيف]

• وعنه؛ قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر؛ فأنزل الله هذه الآية:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} : قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل

(2)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 567)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 203، 204)، والبيهقي (4/ 306) من طرق عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: مسلم بن خالد الزنجي؛ صدوق كثير الأوهام.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 568) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 167): ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن المثنى بن الصباح عن مجاهد.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: ابن حميد؛ متهم بالكذب.

الثانية: المثنى بن الصباح؛ ضعيف.

الثالثة: الإرسال.

ص: 545

‌سورة البينة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنها؛ قال: نزلت سورة {لَمْ يَكُنِ} بالمدينة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 585) ونسبه لابن مردويه. وقال: وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: نزلت سورة {لَمْ يَكُنِ} بمكة.

ص: 546

‌سورة الزلزلة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ} بالمدينة

(1)

.

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} .

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: بينا أبو بكر الصديق يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ نزلت عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} ؛ فرفع أبو بكر يده من الطعام. وقال: يا رسول الله: إني أجزى بما عملته من مثقال ذرّة من شر. فقال: "يا أبا بكر! ما رأيت في الدنيا مما تكره فمثاقيل ذر الشر، ويُدخر لك الله مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة"

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 590) ونسبه لابن مردويه.

وأخرج عن قتادة؛ قال: نزلت بالمدينة {إِذَا زُلْزِلَتِ} . ذكره السيوطي.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 173، 174)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(8/ 204 رقم 8407)، والحاكم في "تاريخه"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 593) -وعنه البيهقي في "شعب الإيمان"(7/ 151، 152 رقم 9808) -، وابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 593) -ومن طريقه الضياء =

ص: 547

• عن أبي أسماء الرحبي؛ قال: بينا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ نزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} ؛ فأمسك أبو بكر، وقال: يا رسول الله! أكل ما عملناه من سوء رأيناه؟ فقال: "ما ترون مما تكرهون فذلك ما تجزون، ويؤخر الخير لأهله في الآخرة"

(1)

. [ضعيف]

= المقدسي في "الأحاديث المختارة"(6/ 230، 231 رقم 2244 - 2247) -، والضياء -أيضاً من طريق آخر- (6/ 229 رقم 2243) من طريق الهيثم بن الربيع ثنا سماك بن عطية عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن أنس به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا سماك بن عطية ولا عن سماك إلا الهيثم، تفرد به زياد بن يحيى".

قلنا: بل توبع عند الطبري والبيهقي.

وسنده ضعيف؛ مداره على الهيثم بن الربيع العقيلي ضعيف؛ كما في "التقريب"، أما الهيثمي؛ فهو في وادٍ آخر؛ فقال في "مجمع الزوائد" (7/ 142):"رواه الطبراني في "الأوسط" وشيخه موسى بن سهل -والظاهر أنه الوشاء- وهو ضعيف".

وهذا وهم من وجوه:

الأول: أنه متابع عند المصادر التي ذكرنا، ولم يعله بالهيثم؛ إذ مدار الحديث عليه.

الثاني: أن شيخ الطبراني ليس هو ابن الوشاء، بل هو ابن عمران الجوني؛ كما نسبه الطبراني نفسه لما ساق أحاديث شيخه في "الأوسط"، وانظر:"الأوسط"(رقم 8371)، ثم إن ابن الوشاء ليس من شيوخ الطبراني، فسبحان الذي لا يغفل ولا ينسى.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

(1)

أخرجه إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة في "مسنديهما"؛ كما في "المطالب العالية"(9/ 85 رقم 4181)، و"إتحاف الخيرة المهرة"(8/ 201 رقم 7897)، والحاكم (2/ 532) عن يزيد بن هارون أنبأ سفيان بن حسين عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء به. =

ص: 548

• عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه قال: أنزلت {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} وأبو بكر الصديق قاعد، فبكى حين أنزلت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما يبكيك يا أبا بكر؟! "، قال: يبكيني هذه السورة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا أنكم تخطئون وتذنبون، فيغفر الله لكم؛ لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون، فيغفر لهم"

(1)

. [حسن]

• عن أبي إدريس الخولاني: أن أبا بكر كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} ؛ فرفع أبو بكر يده من الطعام، وقال: إني لراء ما عملت، قال: لا أعلمه إلا قال: ما عملت من خير وشر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ما ترى مما تكره فهو مثاقيل ذر شر كثير، ويدخر الله لك مثاقيل ذر الخير حتى تعطاه يوم القيامة، وتصديق ذلك في كتاب الله:

= قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بقوله:

"قلت: مرسل".

وهو كما قال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 593) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه.

(1)

أخرجه ابن جرير الطبري في "جامع البيان"(30/ 175)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 304)، وابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء"(ص 75)، والطبراني في "المعجم الكبير"(ص 38 رقم 87 - قطعة من المجلد 13)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 410 رقم 7103) من طرق عن ابن وهب؛ قال: ثنا حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله به.

قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات رجال الصحيح؛ غير حيي المعافري، وفيه كلام، وفي "التقريب":"صدوق يهم".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 141): "وفيه حيي بن عبد الله المعافري وثقه ابن معين وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 594) وزاد نسبته لابن مردويه.

ص: 549

{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} [الشورى: 30] "

(1)

. [ضعيف]

• عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه؛ قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق؛ إذ نزلت عليه هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} ؛ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن الطعام، ثم قال:"من عمل منكم خيراً؛ فجزاؤه في الآخرة، ومن عمل منكم شراً؛ يراه في الدنيا مصيبات وأمراضاً، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير؛ دخل الجنة"

(2)

.

• عن سعيد بن جبير؛ قال: لما نزلت: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} الآية [الإنسان: 8]؛ كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه، وكان آخرون يرون: أنهم لا يُلامون على الذنب اليسير: الكذبة، والنظرة، والغيبة، وأشباه ذلك، ويقولون: إنما وعد الله النار على الكبائر؛ فأنزل الله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 174): ثنا ابن بشار ثنا عبد الوهاب ثنا أيوب؛ قال: وجدنا في كتاب أبي قلابة عن أبي إدريس.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 594) ونسبه لابن مردويه فقط! وهو قصور.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 594) ونسبه لابن مردويه.

(3)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 233)، و"الدر المنثور"(8/ 594، 595) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 550

‌سورة العاديات.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً، فأشهرت شهراً لا يأتيه منها خبر؛ فنزلت:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} : ضبحت بأرجُلها، {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)}: قدحت بحوافرها الحجارة فأورت ناراً، {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)}: صبحت القوم بغارة، {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)}: أثارت بحوافرها التراب، {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)}؛ قال: صبحت القوم جميعاً

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 599) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه البزار في "مسنده"(3/ 82 رقم 2291 - "كشف")، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 305)، والدارقطني في "الأفراد"(3/ 236 رقم 2525 - أطراف الغرائب)، وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في "تفسيرهم"؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 599) كلهم عن أحمد بن عبدة الضبي عن حفص بن جميع ثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس.

قال الحافظ الدارقطني: "غريب من حديث سماك عنه، تفرد به حفص بن جميع، ولم يروه عنه غير أحمد بن عبدة".

قلنا: وهو ثقة؛ لكن شيخه حفص بن جميع ضعيف؛ كما في "التقريب".

وفيه علة أخرى وهي: أن رواية سماك عن عكرمة على وجه الخصوص مضطربة.

قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 142): "رواه البزار؛ وفيه حفص بن جميع وهو ضعيف".

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 579): "وقد روى أبو بكر البزار ههنا حديثاً غريباً جداً".

ص: 551

‌سورة القارعة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {الْقَارِعَةُ} بمكة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 605) ونسبه لابن مردويه.

ص: 552

‌سورة التكاثر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: نزلت بمكة سورة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}

(1)

.

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)} .

• عن علي رضي الله عنه؛ قال: ما زلنا نشك في عذاب القبر؛ حتى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)}

(2)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 609) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه الترمذي (5/ 447 رقم 3355)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(13/ 176 رقم 5177)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 582، 583)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 183، 184) من طريق الحجاج بن أرطأة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن علي.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه الحجاج بن أرطأة صدوق كثير الخطأ والتدليس.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب".

وأخرجه الطبري (30/ 183، 184): ثنا ابن حميد ثنا حكام بن سلم عن عنبسة عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن زر عن علي؛ قال: نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} في عذاب القبر.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: ابن حميد هذا متهم بالكذب.

الثانية: ابن أبي ليلى؛ صدوق سيئ الحفظ جداً.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 610) وزاد نسبته لحنيش بن أصرم في "الاستقامة" وابن المنذر وابن مردويه.

ص: 553

• عن ابن بريدة في قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} ؛ قال: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار: في بني حارثة وبني الحارث، تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما: فيكم مثل فلان بن فلان، وفلان؟ وقال الآخرون مثل ذلك، تفاخروا بالأحياء، ثم قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان؟ يشيرون إلى القبر، ومثل فلان؟ وفعل الآخرون مثل ذلك؛ فأنزل الله:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)} لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة وشغل

(1)

. [ضعيف]

• عن قتادة؛ قال: في قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} : نزلت في اليهود

(2)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 582): ثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو أسامة قال: صالح بن حيان ثني ابن بريدة به.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 610) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 554

‌سورة العصر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {وَالْعَصْرِ} بمكة

(1)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 621) ونسبه لابن مردويه.

ص: 555

‌سورة الهمزة.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية في أصحاب محمد: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} ، قال ابن عمر: ما عنينا بها ولا عنينا بعشر القرآن

(2)

.

• عن ابن إسحاق عن عثمان بن عمر؛ قال: ما زلنا نسمع أن {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} ليست بحاجبة لأحد، نزلت في جميل بن عامر، زعم الرقاشي

(3)

. [ضعيف]

• عن السدي؛ قال: نزلت في الأخنس بن شريق

(4)

. [ضعيف]

• عن رجل من أهل الرقة؛ قال: نزلت في جميل بن عامر الجمحي

(5)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 623) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن أبي حاتم.

(3)

قلنا: ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 623) ونسبه لابن أبي حاتم، لكن ذكر في "لباب النقول" (ص 234): أن ابن أبي حاتم أخرجه عن عثمان وابن عمر قالا: ما زلنا نسمع أن {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} نزلت في أبيّ بن خلف.

(4)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 234)، و"الدر المنثور"(8/ 623) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(5)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 189) بسند صحيح إلى ابن أبي نجيح عنه به. =

ص: 556

• عن ابن إسحاق؛ قال: كان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه؛ فأنزل الله عز وجل: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} السورة كلها

(1)

. [ضعيف]

= قلت: وهذا ضعيف.

(1)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 234، 235) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهذا معضل.

ص: 557

‌سورة الفيل.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)} بمكة

(1)

.

(1)

قلت: ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 627) ونسبه لابن مردويه.

ص: 558

‌سورة قريش.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)} بمكة

(1)

.

• عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضّل الله قريشاً بسبع خلال: أني منهم، وأن النبوة فيهم، والحجابة والسقاية فيهم، وأن الله نصرهم على الفيل، وأنهم عبدوا الله عز وجل عشر سنين لا يعبده غيرهم، وأن الله عز وجل أنزل فيهم سورة من القرآن"، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}

(2)

. [حسن لغيره]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 634) ونسبه لابن مردويه.

(2)

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 321)، والآجري في "الشريعة"(3/ 392 رقم 1826)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 260، 261)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 324 رقم 994) -ومن طريقه الحافظ العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب"(ص 232، 233 رقم 130) -، والحاكم (2/ 536، 4/ 54)، والبيهقي في "الخلافيات"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 591)، و"مناقب الشافعي"(1/ 34)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 306) من طرق عن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل ثني عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة عن أبيه عن جدته أم هانئ به.

قال الحافظ العراقي: "هذا حديث حسن، ورجاله كلهم ثقات معروفون؛ إلا عمرو بن جعدة بن هبيرة فلم أجد فيه تعديلاً ولا تجريحاً، وهو ابن أخت =

ص: 559

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= علي بن أبي طالب، وهو أخو يحيى بن جعدة بن هبيرة أحد الثقات".

وتعقبه شيخنا العلامة أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(4/ 586 رقم 1944) بقوله: "قلت: في هذا الكلام نظر من وجوه: الأول: أنه مع جهالة عمرو بن جعدة التي أشار إليها العراقي؛ فإن ابنه سعيد حاله قريب من حال أبيه؛ فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، لكن قد روى عنه جمع. والثاني: أن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 156) من رواية إبراهيم هذا وسليمان بن بلال عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولعله في "ثقات ابن حبان" [قلنا: هو فيه (7/ 198)]. الثالث -وهو الأهم-: أن علة الحديث إبراهيم المذكور؛ فإنه مختلف فيه؛ فقد وثقه ابن حبان [في "ثقاته" (6/ 15)]، وقال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 125) عن أبيه: "صدوق".

وقال ابن عدي: "روى عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير"، وكذا قال الذهبي واستنكر له هذا الحديث كما يأتي، لكن ختم ابن عدي ترجمته بقوله:"وأحاديثه صالحة محتملة ولعله أُتي ممن قد رواه عنه".

قلت: كيف يصح هذا الاحتمال وممن روى عنه المناكير عمرو بن أبي سلمة كما سبق عن ابن عدي نفسه، وعمرو ثقة حافظ؟ وروى عنه هذا الحديث ذاته أبو مصعب كما رأيت وهو أحمد بن أبي بكر الزهري المدني الفقيه، وهو ثقة -أيضاً- من رجال الشيخين.

وبالجملة؛ فإبراهيم هذا لا يخلو من ضعف ما دام أن الثقات رووا عنه المناكير، ومما يؤيد ذلك أنه خولف في إسناده؛ فقال الإمام البخاري عقبه:"وقال لي الأويسي: حدثني سليمان عن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق عن ابن جعدة المخزومي عن ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه".

قلنا؛ فأرسله أو أعضله، ورجحه البخاري؛ فقال عقبه:"بإرساله أشبه".

وسليمان الذي أرسله هو ابن بلال المدني ثقة من رجال الشيخين -أيضاً-، فمخالفة إبراهيم إياه في وصل الحديث مردودة، كما لا يخفى على من كان عنده أدنى معرفة بقواعد هذا العلم الشريف". اهـ.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: يعقوب ضعيف، وإبراهيم صاحب مناكير، هذا أنكرها". =

ص: 560

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 24): "وفيه من لم أعرفه".

وللحديث شاهد من حديث الزبير بن العوام؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل الله قريشاً بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قرشي، وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيهم غيرهم: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)}، وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية".

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(9/ 76 رقم 9173) -ومن طريقه العراقي في "محجة القرب إلى محبة العرب"(ص 233، 234 رقم 137) -: ثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة ثني أبي ثنا عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير مرفوعاً به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا عبد الله بن مصعب، ولا يروى عن الزبير إلا بهذا الإسناد".

قلنا: وهذا سند حسن في الشواهد؛ رجاله ثقات غير عبد الله بن مصعب بن ثابت ففيه ضعف؛ فقد ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ، ولم يوثقه إلا ابن حبان.

أما شيخ الطبراني مصعب؛ فقال ابن الجزري في "غاية النهاية"(2/ 299): "ضابط محقق قرأ على قالون وله عنه نسخة وهو من جلة أصحابه".

وأبوه إبراهيم صدوق من رجال البخاري.

ومع ذلك توبع مصعب؛ فقد أخرجه البيهقي في "المناقب"(1/ 33)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(17/ 493 رقم 2) من طريق آخر عن مصعب به.

ولذلك قال الحافظ العراقي عقبه: "هذا حديث يصلح أن يخرج للاعتبار به والاستشهاد؛ فإن عبد الله بن مصعب بن ثابت ذكره ابن حبان في "الثقات"، وضعفه ابن معين" وهو كما قال.

وقال شيخنا الألباني (4/ 588): "وهو صالح للاستشهاد كما يشير إليه كلامه؛ فهو على الأقل صالح للاعتضاد به والاستشهاد بحديثه، وسائر رجاله ثقات غير شيخ الطبراني مصعب؛ فإني لم أجد له ترجمة. . . لكنه توبع".

ثم قال شيخنا في نهاية البحث: "ولذلك؛ فقد انشرح صدري واطمأنت النفس لقول الحافظ العراقي المتقدم: إنه حديث حسن؛ يعني: لغيره، لا سيما ولبعض فقراته شواهد. . . ". اهـ. =

ص: 561

• عن سعيد بن المسيب؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله فضل قريش بسبع خصال: أني منهم، وأن الله أنزل فيهم سورة كاملة من كتابه لم يذكر فيها أحد غيرهم، وأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده أحد غيرهم، وأن الله نصرهم يوم الفيل، وأن الخلافة والسقاية والسدانة فيهم ولله الحمد كثيراً"

(1)

. [ضعيف]

= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 634) وزاد نسبته لابن مردويه.

(1)

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/ 195)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 297) من طريق إبراهيم بن محمد التيمي ثنا عبد الرحمن بن عياض ثتني عمتي عتيبة عن عبد الملك بن يحيى الزهري عن سعيد به.

قال ابن الجوزي: "وهو مرسل، وعتيبة؛ مجهول الحال، وإبراهيم التيمي ضعيف".

ص: 562

‌سورة الماعون.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)} بمكة

(1)

.

{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} .

• عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: كان المسلمون يستعيرون من المنافقين الدلو والقدر والفأس وشبهه؛ فيمنعونهم؛ فأنزل الله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}

(2)

.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 641) ونسبه لابن مردويه.

وذكر أن ابن مردويه أخرج مثله عن عبد الله بن الزبير.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 644) ونسبه لابن مردويه.

ص: 563

‌سورة الكوثر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} ؛ قال: نهر في بطنان الجنة، حافتاه قباب الدر والياقوت، فيه أزواجه وخدمه، قال: وبأي شيء ذكر ذلك؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل من باب الصفا وخرج من باب المروة، فاستقبله العاص بن وائل السهمي، فرجع العاص إلى قريش، فقالت له قريش: من استقبلك يا أبا عمرو آنفاً؟! قال: ذلك الأبتر؛ يريد: النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى أنزل الله هذه السورة: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ؛ يعني: عدوك العاص بن وائل هو الأبتر من الخير، لا أذكر في مكان إلا ذكرت معي يا محمد! فمن ذكرني ولم يذكرك؛ ليس له في الجنة نصيب، قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم؛ أما سمعت حسان بن ثابت يقول:

وحَبَاه الإله بالكوثر

الأكبر فيه النعيم والخيرات

(2)

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا؛ إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا

(1)

أخرجه ابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 646). وقال:

وأخرج عن عبد الله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهم مثله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 646، 647) ونسبه للطستي.

ص: 564

رسول الله؟! قال: "أنزلت عليّ آنفاً سورة"، فقرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ، ثم قال:"أتدرون ما الكوثر؟ "، فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير؛ هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب! إنه من أمتي، فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك"

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة؛ قالت له قريش: أنت خير أهل المدينة وسيدهم؟ قال: نعم، قالوا: ألا ترى إلى هذا المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا؟ ونحن؛ يعني: أهل الحجيج وأهل السدانة، قال: أنتم خير منه؛ فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ، ونزلت:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى قوله: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء:51، 52]

(2)

. [صحيح]

(1)

أخرجه مسلم (رقم 400).

(2)

أخرجه النسائي في "تفسيره"(2/ 560 رقم 727)، وابن حبان في "صحيحه"(رقم 1731 - "موارد")، والبزار في "مسنده"(3/ 83 رقم 2293 - "كشف")، والطبري في "جامع البيان"(30/ 213) من طريق يحيى بن راشد وابن أبي عدي عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد صحيح.

وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 598): أن البزار أخرجه من طريق ابن أبي عدي عن داود، وقال:"وهذا إسناد صحيح".

وقال السيوطي في "لباب النقول"(ص 235): "بسند صحيح".

وذكره في "الدر المنثور"(8/ 652) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(رقم 11645) من طريق يونس بن سليمان الجمال ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس به.

قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 5، 6): "وفيه يونس بن سليمان الجمال ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".

ص: 565

• عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه؛ قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مشى المشركون بعضهم إلى بعض، فقالوا: إن هذا الصابئ قد بتر الليلة؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} إلى آخر السورة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة القاسم، وبه كان يُكنى، ثم ولدت زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم، ثم ولد في الإسلام عبد الله؛ فسمي الطيب والطاهر وأمهم جميعاً خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، فكان أول من مات من ولده القاسم، ثم مات عبد الله بمكة؛ فقال العاص بن وائل السهمي: قد انقطع ولده؛ فهو أبتر؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}

(2)

. [موضوع]

• عن عكرمة؛ قال: لما أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالت قريش:

(1)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 179 رقم 4071) من طريق سعيد بن مسلمة عن واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 143): "رواه الطبراني؛ وفيه واصل بن السائب وهو متروك".

الثانية: أبو سورة ضعيف -أيضاً-.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 652) وزاد نسبته لابن مردويه.

وقال في "لباب النقول"(ص 236): "بسند ضعيف".

(2)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 133): نا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا موضوع كذب؛ الكلبي كذاب، وشيخه متهم بالكذب.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 652) وزاد نسبته لابن عساكر.

ص: 566

بتر محمد بنا؛ فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: ولدت خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم ولهم عبد الله، ثمّ أبطأ عليه الولد من بعده، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم رجلاً والعاص بن وائل ينظر إليه؛ إذ قال له رجل: من هذا؟ قال: هذا الأبتر؛ يعني: النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت قريش إذا ولد للرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده؛ قالوا: هذا الأبتر؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ؛ أي: مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير

(2)

.

• عن السدي؛ قال: كانت قريش تقول إذا مات ذكور الرجل: بتر فلان، فلما مات ولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال العاص بن وائل: بتر محمد؛ فنزلت

(3)

. [ضعيف]

• عن محمد بن علي؛ قال: كان القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغ أن يركب الدابة ويسير على النجيبة، فلما قبضه الله؛ قال عمرو بن العاص: لقد أصبح أبتر من ابنه؛ فأنزل الله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} عوضاً يا محمد عن مصيبتك بالقاسم {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}

(4)

. [ضعيف].

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(11/ 508 رقم 11845)، والطبري في "جامع البيان"(30/ 213) عن وكيع عن بدر بن عثمان عن عكرمة به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 651)، و"لباب النقول"(ص 235) وزاد نسبته لابن المنذر وعبد الرزاق.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 652) ونسبه لابن عساكر.

(3)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 235، 236)، و"الدر المنثور"(8/ 652) ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإعضاله.

(4)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 652) ونسبه للبيهقي في "الدلائل". =

ص: 567

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ؛ قال: هو العاص بن وائل

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن سعيد بن جبير؛ أنه قال: كانت هذه الآية؛ يعني: قوله -تعالى-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} يوم الحديبية، أتاه جبريل عليه السلام، فقال:"انحروا وارجع"، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب خطبة الفطر والنحر، ثم ركع ركعتين، ثم انصرف إلى البدن فنحرها؛ فذلك حين يقول -تعالى-:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}

(2)

. [ضعيف]

• عن شمر بن عطية؛ قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبي صلى الله عليه وسلم ولد وهو أبتر؛ فأنزل الله فيه هؤلاء الآيات: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} عقبة بن أبي معيط

(3)

. [ضعيف جداً]

= قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

وقال البيهقي: هكذا روي بهذا الإسناد وهو ضعيف، والمشهور أنها نزلت في العاص بن وائل.

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 212)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(8/ 653) من طريق العوفي عن ابن عباس به.

قلنا: وسنده ضعيف جداً؛ مسلسل بالعوفيين الضعفاء.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 212): ثنا يونس نا ابن وهب أخبرني أبو صخر ثني أبو معاوية البجلي عن سعيد به.

قلت: وهذا مرسل حسن الإسناد.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 213): ثنا ابن حميد ثنا يعقوب القمي عن حفص بن حميد عن شمر به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن حميد متهم بالكذب.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 653) وزاد نسبته لابن أبي حاتم.

ص: 568

• عن عطاء؛ قال في قوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} : أبو جهل

(1)

. [ضعيف]

• عن ابن جريج؛ قال: بلغني أن إبرهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم لما مات؛ قالت قريش: أصبح محمد أبتر؛ فغاظه ذلك؛ فنزلت: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} تعزية له

(2)

. [ضعيف]

• عن جعفر بن محمد عن أبيه؛ قال: توفي القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو، فقال حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأشنئوه، فقال العاص بن وائل: لا جرم لقد أصبح أبتر؛ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}

(3)

. [ضعيف]

• عن يزيد بن رومان؛ قال: كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: دعوه؛ فإنما هو رجل أبتر لا عقب له، لو هلك انقطع ذكره واسترحم منه؛ فأنزل الله -تعالى- في ذلك:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} إلى آخر السورة

(4)

.

• عن عكرمة: في هذه الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن أبي حاتم.

قلنا: وهذا مرسل لا تقوم به حجة.

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 236) ونسبه لابن المنذر.

قلنا: وهذا معضل.

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 653) ونسبه للزبير بن بكار وابن عساكر.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

(4)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 307) بسند حسن عن ابن إسحاق؛

قال: حدثني يزيد به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

ص: 569

آمَنُوا سَبِيلًا (51)} [النِّساء: 51]؛ قال: نزلت في كعب بن الأشرف، أن مكّة فقال له أهلها: نحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، ونحن أهل الحجيج وعندنا منحر البدن؟! قال: أنتم خير؛ فأنزل الله فيه هذه الآية، وأنزل في الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}

(1)

. [ضعيف]

• عن الكلبي في قوله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} ؛ قال: هو العاص بن وائل، قال: إني شانئ محمداً، وهو الأبتر ليس له عقب؛ فقال الله -تعالى-:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}

(2)

. [موضوع]

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 213): ثنا ابن المثنى ثنا عبد الوهاب ثنا داود عن عكرمة.

قلت: وهذا مرسل صحيح؛ رجاله ثقات رجال الصحيح.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 402).

قلنا: وهو موضوع.

ص: 570

‌سورة الكافرون.

• عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما؛ قال: نزلت سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن قريشاً وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء ويطأوا عقبه، فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد! وكف عن شتم آلهتنا فلا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل؛ فإنا نعرض عليك خصلة واحدة فهي لك ولنا فيها صلاح، قال:"ما هي؟ "، قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى، ونعبد إلهك سنة، قال:"حتى أنظر ما يأتي من عند ربي"، فجاء الوحي من اللوح المحفوظ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} السورة، وأنزل الله:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64)} إلى قوله -تعالى-: {فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)} [الزمر: 64 - 66]

(2)

. [ضعيف]

• عن وهب؛ قال: قالت كفار قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: إن سرّك أن نتبعك

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 654) ونسبه لابن مردويه. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 214): ثنا محمد بن موسى الحرشي ثنا أبو خلف ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو خلف ضعيف؛ كما في "التقريب".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 654) وزاد نسبته لابن أبي حاتم والطبراني.

ص: 571

عاماً وترجع إلى ديننا عاماً؛ فأنزل الله -جلّ ثناؤه-: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)}

(1)

. [ضعيف]

• عن سعيد بن ميناء مولى البختري؛ قال: لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد! هلمّ فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد ونشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا؛ كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك؛ كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت منه بحظك؛ فأنزل الله عز وجل:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} حتى انقضت السورة

(2)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن قريشاً قالت: لو استملت آلهتنا؛ لعبدنا إلهك؛ فأنزل الله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}

(3)

.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 403) عن إبراهيم الأحول، قال: سمعت وهباً به.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 655) وزاد نسبته لابن المنذر.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 214): ثني يعقوب ثنا ابن علية عن ابن إسحاق حدثني سعيد به.

قلنا: وهذا مرسل حسن الإسناد.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 655) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن الأنباري في "المصاحف".

(3)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 655) ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

ص: 572

‌سورة النصر.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت بالمدينة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}

(1)

.

• عن عبد الله بن الزبير؛ قال: أنزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} بالمدينة

(2)

.

• عن عطاء بن يسار؛ قال: نزلت سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} كلها بالمدينة بعد فتح مكة ودخول الناس في الدين ينعى إليه نفسه

(3)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: نزلت هذه الآية: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق، وعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له، فركب فوقف بالعقبة واجتمع الناس (فذكر الحديث في وضع الدم والربا واستدارة الزمان)، ثم

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 659) ونسبه لابن مردويه.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه لابن مردويه.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 216): ثنا ابن حميد؛ قال: ثنا سلمة؛ قال: ثني ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الإرسال.

الثانية: جهالة الأصحاب مع ملاحظة أن ابن إسحاق مدلس.

الثالثة: ابن حميد ضعيف متهم بالكذب.

ص: 573

قال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: 37] وذلك أنهم كانوا يجعلون صفرَ عاماً حراماً وعاماً حلالًا، وعاماً حراماً، وذلك النسيء، أيها الناس! من كانت عنده وديعة؛ فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، أيها الناس! إنه لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه"، وذكر الحديث

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: تعلم أي آخر سورة نزلت جميعاً؟ قلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} ؛ قال: صدقت

(2)

. [صحصح]

• عن الزهري؛ قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد، فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم الله، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عنهم، فدخلوا في الدين؛ فأنزل الله:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} حتى ختمها، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من قريش وهي كنانة، ومن أسلم يوم الفتح قبل حنين، وحنين وادٍ في قُبُل الطائف ذو مياه، وبه من المشركين يومئذ عجز هوازن، ومعهم ثقيف، ورأس المشركين يومئذ مالك بن عوف النضري، فاقتتلوا بحنين، فنصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان يوماً شديداً على الناس؛ فأنزل الله عز وجل:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} الآية [التوبة: 25]

(3)

. [ضعيف]

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 659) ونسبه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".

قلنا: هو في "الدلائل"(5/ 447) من طريق زيد بن الحباب أخبرني موسى بن عبيدة الربذي أخبرني صدقة بن يسار عن ابن عمر به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ مداره على موسى بن عبيدة وهو ضعيف.

(2)

أخرجه مسلم (رقم 3024).

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(5/ 378) عن معمر عن الزهري به.

قلنا: وهذا مرسل رجاله ثقات.

ص: 574

‌سورة المسد.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: أنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} بمكة

(1)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: ما كان أبو لهب إلا من كفار قريش، ما هو حتى خرج من الشعب حين تمالأت قريش؛ حتى حصرونا في الشعب وظاهرهم، فلما خرج أبو لهب من الشعب؛ لقي هنداً بنت عتبة بن ربيعة حين فارق قومه، فقال: يا ابنة عتبة! هل نصرت اللات والعزى؟ قالت: نعم، فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة! قال: إن محمداً يعدنا أشياء لا نراها كائنة، يزعم أنها كائنة بعد الموت، فما ذاك وصنع في يدي ثم نفخ في يديه، ثم قال: تباً لكما ما أرى فيكما شيئاً مما يقول محمد؛ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} قال ابن عباس: فحصرنا في الشعب ثلاث سنين وقطعوا عنا الميرة؛ حتى إن الرجل ليخرج منا بالنفقة فما يبايع حتى يرجع، حتى هلك فينا من هلك

(2)

.

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء، فصعد إلى الجبل؛ فنادى:"يا صباحاه! "؛ فاجتمعت إليه قريش، فقال:"أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم وممسّيكم أكنتم تصدقوني؟ "، قالوا: نعم، قال:"فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"؛ فقال أبو لهب

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 665) ونسبه لابن مردويه. وقال:

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهم مثله.

(2)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 665) ونسبه لأبي نعيم في "الدلائل".

ص: 575

-عليه لعنة الله- للنبي صلى الله عليه وسلم: تباً لك سائر اليوم؛ ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ قال: في قول الله -تعالى-: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} ؛ قال: التب: الخسران، قال: قال أبو لهب للنبي صلى الله عليه وسلم: ماذا أعطى يا محمد! إن آمنت بك؟ قال: "كما يُعطى المسلمون"، فقال: ما لي عليهم فضل، قال:"وأي شيء تبتغي؟ "، قال: تباً لهذا من دين، تباً أن أكون أنا وهؤلاء سواء؛ فأنزل الله عز وجل:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} يقول بما عملت أيديهم

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن رجل من همدان يقال له: يزيد بن زيد: أن امرأة أبي لهب كانت تلقى في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الشوك؛ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} إلى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)}

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه البخاري (رقم 1394، 3525، 4801، 4971، 4972، 4973)، ومسلم (رقم 208/ 355، 356).

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 217): ثني يونس نا ابن وهب عن عبد الرحمن به.

قلت: وهذا ضعيف جداً؛ لإعضاله، وضعف عبد الرحمن.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 219): ثنا أبو كريب ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق السبيعي عن رجل به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: جهالة هذا الرجل.

الثانية: الإرسال.

الثالثة: أبو إسحاق؛ مدلس وكان قد اختلط، ورواية إسرائيل عنه بعد الاختلاط.

وذكر السيوطي في "لباب النقول"(ص 237): أن ابن المنذر أخرج عن عكرمة مثله.

قلنا: وهو ضعيف؛ لإرساله.

ص: 576

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا آل غالب! يا آل لؤي! يا آل مرة! يا آل كلاب! يا آل عبد مناف! يا آل قصي! إني لا أملك لكم من الله منفعة ولا من الدنيا نصيباً إلا أن تقولوا: لا إله إلا الله"، فقال أبو لهب: تباً لك؛ ألهذا دعوتنا؟! فأنزل الله -تعالى-: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}

(1)

. [موضوع]

(1)

أخرجه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 308، 359) من طريق يزيد بن زريع عن الكلبي عن أبي صالح عنه به.

قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي كذاب، ونحوه شيخه أبو صالح.

ص: 577

‌سورة الإخلاص.

• عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك؛ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} ؛ فالصمد: الّذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}؛ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء

(1)

. [حسن]

(1)

أخرجه أحمد في "المسند"(5/ 134)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 245)، وابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 297، 298 رقم 663)، والترمذي في "سننه"(5/ 451 رقم 3364)، والطّبريّ في "جامع البيان"(30/ 221)، والدارمي في "الرد على الجهمية"(23/ 28)، وابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 95 رقم 45)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1/ 11 - 12/ 8)، والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 141)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(6/ 227)، والهيثم بن كليب في "مسنده"(3/ 371 رقم 1496)، والدارقطني في "الأفراد"(ق 64/ أ)، والهروي في "ذم الكلام وأهله"(3/ 222 - 228 رقم 654، 655)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 605)، وأبو الشيخ في "العظمة"(1/ 373، 374 رقم 88)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 540)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(1/ 92 رقم 50، 2/ 39 رقم 607)، و"شعب الإيمان"(1/ 276 رقم 100)، و"الاعتقاد"(ص 44)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 309، 310)، والخطيب في "التاريخ"(3/ 281) من طريقين عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي به. =

ص: 578

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أبو جعفر الرازي، ضعفه الإمام أحمد والنسائي والساجي وأبو زرعة وغيرهم، ولخصه الحافظ في "التقريب" بقوله:"صدوق سيئ الحفظ".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي!!.

وقد خولف أبو جعفر الرازي، خالفه عبيد الله بن موسى؛ فرواه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية به مرسلاً ليس فيه أُبيّ بن كعب.

أخرجه الترمذي (5/ 421 رقم 3365).

قال الترمذي: "وهذا أصح"، وهو كما قال: فعبيد الله ثقة، وتابعه أبو النضر هاشم بن القاسم -وهو ثقة ثبت- عن الربيع به مرسلًا.

أخرجه العقيلي (4/ 141)، وقال:"وهذا أولى"، وهو كما قال رحمه الله.

فهذان ثقتان روياه عن الربيع مرسلًا، وخالفهما الرازي -وهو ضعيف- فلا حجة فيه، وتابعهما ثالث وهو مهران بن أبي عمر العطار عن الربيع به مرسلًا.

أخرجه الطبري (30/ 212) لكن في إسناده ابن حميد الرازي؛ ضعيف، واتهمه بعضهم.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 245) من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع به معضلًا.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإعضال.

الثانية: أبو جعفر الرازي؛ ضعيف الحفظ.

الثالثة: ابنه عبد الله فيه ضعف، لا سيما في روايته عن أبيه، وقد قال ابن حبان

في "الثقات"(8/ 335): "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه".

الرابعة: رواية أبي جعفر الرازي عن الربيع خاصة فيها اضطراب.

والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 669) وزاد نسبته لابن النذر.

قلنا: لكن للحديث شواهد يصح بها، ويدل على أن له أصلًا دون قوله:"والصمد".

منها: ما أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 221)، وعبد الله بن أحمد في "السنة"(2/ 508 رقم 1185)، وأبو يعلى في "المسند"(4/ 38، 39 رقم 2044)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(6/ 25 رقم 5687)، والهروي في =

ص: 579

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "ذم الكلام وأهله"(3/ 217، 218 رقم 651)، والواحدي في "أسباب النزول"(ص 310)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(2/ 508، 509 رقم 2552)، والذهبي في "معجم الشيوخ"(1/ 40)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء"(4/ 335) جميعهم من طريق سريج بن يونس عن إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي عن جابر به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مجالد بن سعيد الهمداني: ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، وابنه إسماعيل فيه ضعف يسير، ولخصه الحافظ بقوله:"صدوق يخطئ"؛ فهو شاهد لا بأس به؛ فيكون الحديث بمجموعهما حسن لغيره.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 669) وزاد نسبته لابن المنذر.

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الشعبي، تفرد به إسماعيل عن مجالد وعنه سريج".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 146): "رواه الطبراني في "الأوسط" -وفاته أنه عند أبي يعلى؛ فليستدرك عليه- فيه مجالد بن سعيد، قال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر [أحاديث صالحة] وباقي رجاله رجال الصحيح". اهـ.

وما بين معقوفتين زيادة من "الكامل".

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 605): "إسناد متقارب".

وحسنه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 669).

ومنها -أيضاً-: ما أخرج ابن عدي في "الكامل"(4/ 1566)، والهروي في "ذم الكلام وأهله"(3/ 219 رقم 652)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 38 رقم 605) من طريق محمد بن موسى بن خالد الحرشي ثنا أبو خلف ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: أن اليهود جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب فقالوا: يا محمد! صف لنا ربك الذي بعثك؛ فأنزل الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} .

قلنا: وهذا إسناد ضعيف، وذكر اليهود فيه منكر، والمحفوظ أن الذين جاؤوا هم المشركون، والآية مكية واليهود كانوا في المدينة.

وسبب ضعفه: أن مداره على عبد الله بن عيسى بن خالد الخزاز أبو خلف؛ ضعيف؛ كما في "التقريب" وغيره، لكن أصل السؤال ووقوع الحدث ثابت بما سبق. =

ص: 580

• عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه؛ أنه قال لأحبار اليهود: إني أريد أن أُحْدِثَ بمسجد أبينا إبراهيم وإسماعيل عهداً، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، فوافاهم وقد انصرفوا من الحج فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس حوله، فقمت مع الناس، قال: فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: "أنت عبد الله بن سلام؟ "، قال: قلت: نعم، قال: قلت: فانعت لنا ربك؟ قال: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} "؛ قال: وقرأه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

. [ضعيف]

= وبما أخرجه الطبراني؛ كما في "تفسير القرآن العظيم"(4/ 605)، والهروي في "ذم الكلام" (3/ 221 رقم 653) من طريق قيس بن الربيع عن عاصم عن شقيق عن عبد الله قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك؛ فنزلت.

قلنا: وهذا سند حسن في الشواهد؛ لأجل قيس بن الربيع وهو صدوق تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.

وهذا يؤكد أن السائل هم قريش أو المشركون، وليس اليهود.

وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(1/ 375 رقم 89) من طريق قيس به مرسلًا ليس فيه ابن مسعود، ولعل هذا من أوهام قيس؛ لأن الراوي عنه في كلا الروايتين ثقة؛ فتارة كان يسنده، وتارة كان يرسله.

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1/ 298 رقم 664)، والطبراني في "المعجم الكبير"(ص 100، 101 رقم 138 - قطعة من المجلد 13)، والهروي في "ذم الكلام"(3/ 215، 216 رقم 650) من طريق محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه - في "ذم الكلام": حدثني أهل بيتي - عن جده به.

قلنا: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام لم يدرك جده عبد الله بن سلام، وبه أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 147) فقال:"رواه الطبراني؛ ورجاله ثقات! إلا أن حمزة لم يدرك جده عبد الله بن سلام".

الثانية: جهالة حمزة هذا؛ فلم يروه عنه إلا ابنه محمد، ولم يوثقه إلا ابن حبان، ومعروف تساهله؛ ولذلك قال عنه الحافظ في "التقريب" (1/ 201): =

ص: 581

• عن سعيد بن جبير؛ قال: إن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ما نسبة ربك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}

(1)

. [ضعيف]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن وفد نجران قدموا على

= "مقبول" حيث يتابع، وإلا؛ فلين.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 670) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي نعيم في "الحلية".

(1)

أخرجه الهروي في "ذم الكلام"(3/ 213، 214 رقم 648) من طريق محمد بن عثمان التنوخي الملقب بـ (أبي الجماهر) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد به.

وهذا سند ضعيف -وذكر اليهود فيه منكر-؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: سعيد بن بشير؛ ضعيف لا سيما عن قتادة؛ قال ابن حبان في "المجروحين"(1/ 319): "كان رديء الحفظ فاحش الخطأ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه".

وقال ابن نمير؛ كما في "تهذيب الكمال"(10/ 354): "يروي عن قتادة المنكرات".

وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 221) بسند ضعيف جداً إلى سعيد؛ أنه قال: أتى رهط من اليهود النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! هذا الله خلق الخلق؛ فمن خلقه؟! فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه، ثم ساورهم غضباً لربه؛ فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه، وقال:"اخفض عليك جناحك يا محمد! "، وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه، قال:"يقول الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} "، فلما تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالوا: صف لنا ربك؛ كيف خلقه، وكيف عضده، وكيف ذراعه؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول وساورهم غضباً؛ فأتاه جبريل؛ فقال له مثل مقالته، وأتاه بجواب ما سألوه عنه:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67].

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 671) وزاد نسبته لابن المنذر.

ص: 582

رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أساقفة من بني الحارث بن كعب، منهم: العاقب والسيد من مذحج، فقالوا للنبي: صِفْ لنا ربك: أمن زبرجد، أم من ياقوت، أم من ذهب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن ربي ليس من شيء كان، بان من الأشياء، ولم تكن الأشياء منه"؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} الذي ليس كمثله شيء، فقال: هذا أنت واحد، وهذا واحد! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] كل أحد يموت إلا هو"، قالوا: زدنا في الصفة؛ فأنزل: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}، فقالوا: وما الصمد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السيد الذي يُصمد إليه في الحوائج؛ كقوله: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] "؛ يريد: إليه تستغيثون، قالوا: زدنا في الصفة؛ فأنزل الله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} كما ولدت مريم، ولم يولد كما وُلد عيسى، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}؛ يريد: نظيراً من خلقه، فأنكروا ذلك وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلاعنهم؛ فأجابوه إلى ذلك، وقالوا: أخرنا ثلاثاً، يوم الرابع نلاعنك، فقالت اليهود والنصارى: لا تلاعنوه؛ فإنه نبي ويُستجاب له فيكم

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عكرمة؛ قال: إن المشركين قالوا: يا رسول الله! أخبرنا عن ربك، صف لنا ربك ما هو ومن أي شيء هو؟ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ

(1)

أخرجه الهروي في "ذم الكلام"(3/ 210، 212 رقم 646) من طريق عبد الغني بن سعيد ثنا موسى بن عبد الرحمن الثقفي عن ابن جريج عن عطاء وعن جويبر عن الضحاك كلاهما [عطاء والضحاك] عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد موضوع كذب ما قاله ابن عباس ولا عطاء، أما السند الأول؛ ففيه موسى بن عبد الرحمن الثقفي تقدم في غير ما حديث أنه كذاب وضاع دجال، وعبد الغني -أيضاً- ضعيف.

والسند الثاني: فيه جويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يلق ابن عباس.

ص: 583

هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن أبي العالية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} ؛ قال: قال ذلك قادة الأحزاب: انسب لنا ربك؛ فأتاه جبريل بهذه

(2)

. [ضعيف جداً]

• عن قتادة؛ قال: جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انسب لنا ربك؛ فنزلت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}

(3)

. [ضعيف جداً]

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: أتت يهود خيبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم! خلق الله عز وجل الملائكة من نور الحجاب،

(1)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(8/ 221): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا الحسين بن يزيد عن عكرمة به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسال.

الثانية: ابن حميد؛ ضعيف متهم بالكذب.

(2)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(8/ 221): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عنه به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: ابن حميد؛ متهم بالكذب.

الثانية: مهران؛ له أوهام سيئ الحفظ.

الثالثة: أبو جعفر الرازي؛ صدوق سيئ الحفظ.

الرابعة: الإرسال.

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 669) وزاد نسبته لابن الضريس.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 222): ثنا ابن حميد ثنا مهران عن سعيد بن أبي عروبة به.

قلنا: وهذا سند ضعيف جداً؛ لما عرفت من حال ابن حميد ومهران.

ثم هو مع هذا مرسل، وقد ذكر السيوطي في "الدر المنثور" (8/ 671): أن عبد الرزاق وابن المنذر أخرجاه، فإن صح السند إلى قتادة؛ فتبقى علة الإرسال.

ص: 584

وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربك؟ فلم يجبهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه جبريل عليه السلام فقال:"يا محمد! {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}: ليس له عروق تتشعب إليه، {اللَّهُ الصَّمَدُ (2)}: ليس بالأجوف لا يأكل ولا يشرب، و {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)}: ليس من خلقه شيء يعدل مكانه، يمسك السماوات والأرض إن زالتا"، هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، انتسب الله عز وجل إليها؛ فهي له خالصة

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إن اليهود جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ منهم: كعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، فقالوا: يا محمد! صف لنا ربك الذي بعثك؛ فأنزل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} إلى آخرها

(2)

.

• عن أبي سعيد الصنعاني؛ قال: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} لأنه ليس بشيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله - جلّ ثناؤه- لا يموت ولا يورث:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} : ولم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء

(3)

. [ضعيف]

(1)

أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"(1/ 370، 371 رقم 86) من طريق يحيى بن عبد الله الحراني عن ضرار بن مرة الكوفي عن أبان بن أبي عياش عن أنس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: أبان؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب".

الثانية: يحيى بن عبد الله؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

وذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 670) وزاد نسبته لأبي بكر السمرقندي في "فضائل قل هو الله أحد".

(2)

ذكره السيوطي في "لباب النقول"(ص 238) ونسبه لابن أبي حاتم.

(3)

أخرجه الطبري في "جامع البيان"(30/ 223): ثنا أحمد بن منيع ومحمود بن =

ص: 585

• عن الضحاك؛ قال: قالت اليهود: يا محمد! صف لنا ربك؛ فأنزل الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} فقالوا: أما الأحد؛ فقد عرفناه، فما الصمد؟ قال: الذي لا جوف له

(1)

. [معضل]

= خداش قالا: ثنا أبو سعيد به.

قلنا: وهذا معضل.

(1)

ذكره السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 671) ونسبه للطبراني في "السنة".

قلنا: وهذا -أيضاً- معضل.

ص: 586

‌سورة المعوذتين: الفلق والناس.

• عن عقبة بن عامر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط؟ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} "، وفي رواية:"أنزل أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط؟ المعوذتين"

(1)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضاً شديداً؛ فأتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه:"ما ترى؟ قال: طب، قال: وما طبه؟ قال: سحر، قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلان تحت صخرة في ركية"؛ فأتوا الركي، فانزحوا ماءها وارفعوا الصخرة، ثم خذوا الركية فاحرقوها، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بعث عمار بن ياسر في نفر فأتوا الركي؛ فإذا ماءها مثل ماء الحناء، فنزحوا الماء ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الركية فاحرقوها،

(1)

أخرجه مسلم (رقم 814/ 264، 265) وغيره كثير من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عقبة به.

قلت: وخالف عبد العزيز بن مسلم القسملي؛ فرواه عن إسماعيل به؛ لكن جعله من مسند أبي مسعود: أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3/ 116، 117 رقم 2658).

قال الطبراني: "رواه سفيان والناس عن إسماعيل عن قيس عن عقبة بن عامر".

يعني: يشير للمخالفة، وعبد العزيز؛ ثقة ربما وهم، فهذا الحديث يعد من أوهامه، فقوله: عن أبي مسعود شاذ، والصواب أنه من مسند عقبة.

ص: 587

فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة؛ فأنزلت عليه هاتان السورتان، فجعل كلما قرأ آية؛ انحلت عقدة:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)}

(1)

. [موضوع]

• عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ قال: صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؛ فأصابه من ذلك وجع شديد، فدخل عليه أصحابه فظنوا أنه لمّ به، فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما؛ فخرج إلى أصحابه صحيحاً

(2)

. [ضعيف]

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: سحر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يهودي من يهود بني زريق، يقال له: لبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم -أو ذات ليلة- وهو عندي؛ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا ثم دعا، ثم قال:"يا عائشة! أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيه فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي -أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي-: ما وجع الرجل؟ فقال مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطه، وجف طلع نخلةٍ ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان (وفي رواية: ذروان) "، قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، فجاء فقال:"يا عائشة! والله لكأن ماؤها نقاعة الحناء، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين"، قالت: فقلت: يا رسول الله! أفلا استخرجته؟ (وفي رواية: أفلا أحرقته؟)، قال: "لا، أما

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 248) من طريق عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا موضوع؛ الكلبي كذاب، ونحوه شيخه أبو صالح.

(2)

أخرجه أبو نعيم في "الدلائل"؛ كما في "لباب النقول"(ص 239) من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس به.

قلت: وهذا سند ضعيف، أبو جعفر الرازي صدوق سيئ الحفظ.

ص: 588

أنا؛ فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس فيه شراً؛ فأمرت بها فدفنت"

(1)

. [صحيح]

• عن زيد بن أرقم رضي الله عنه؛ قال: سحر النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، قال: فاشتكى؛ فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين، وقال:"إن رجلًا من اليهود سحرك، والسحر في بئر فلان"، قال: فأرسل عليًّا فجاء به، قال: فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية، فجعل يقرأ ويحل حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما أنشط من عقال، قال: فما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك اليهودي شيئاً وما صنع به، قال: ولا أراه وجهه

(2)

. [صحيح]

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء وعن الطعام والشراب، فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان، فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، ثم قال أحدهما لصاحبه:"ما شكواه؟ قال: طب؛ يعني: سحر، قال: ومن فعله؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي! قال: ففي أي شيء جعله؟ قال: في طلعة، قال: فأين وضعها؟ قال: في بئر ذروان تحت صخرة، قال: فما شفاؤه؟ قال: تنزح البئر وترفع الصخرة وتستخرج الطلعة"، وارتفع الملكان فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه وعمار فأمرهما أن يأتيا الركي فيفعلا الذي

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(رقم 3175، 3268، 5765، 5766، 6063، 6391)، ومسلم في "صحيحه"(رقم 2189).

(2)

أخرجه النسائي في "المجتبى"(7/ 112، 113)، وفي "الكبرى"(2/ 307 رقم 3543)، وعبد بن حميد في "المسند"(1/ 247 رقم 271 - منتخب) -وهذا لفظه-، وأحمد (4/ 367)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(8/ 29، 30 رقم 3569)، والطبراني في "المعجم الكبير"(رقم 5016)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(رقم 5935) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم به.

قلنا: وهذا سند صحيح.

ص: 589

سمع، فأتياها وماؤها كأنه قد خضب بالحناء؛ فنزحاها، ثم رفع فأخرجا طلعة؛ فإذا بها إحدى عشرة عقدة، ونزلت هاتان السورتان:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} ؛ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ آية؛ انحلت عقدة، حتى انحلت العقد، وانتشر نبي الله للنساء والطعام والشراب

(1)

. [ضعيف جداً]

• عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم -غلام يهودي يخدمه، يقال له: لبيد بن أعصم، وكان تعجبه خدمته، فلم تزل به يهود حتى سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذوب ولا يدري ما وجعه، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نائم؛ إذ أتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه:"ما وجعه؟ قال الذي عند رأسه: مطبوب، قال الذي عند رجليه: من طبه؟ قال الذي عند رأسه: لبيد بن أعصم، قال الذي عند رجليه: بِمَ طبه؟ قال الذي عند رأسه: بمشط ومشاطة، وجف طلعة ذكر بذي ذروان، وهي تحت راعوفة البئر"، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا عائشة، فقال:"يا عائشة! أشعرت أن الله عز وجل قد أنبأني بوجعي؟ "، فلما أصبح؛ غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وغدا معه أصحابه إلى البئر، فإذا ماؤها كأنه نقوع الحناء، وإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رؤوس الشياطين.

قال: فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة، فإذا فيها

(1)

أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 198، 199): نا عمر بن حفص عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:

الأولى: جويبر؛ متروك الحديث.

الثانية: الضحاك لم يلق ابن عباس.

ص: 590

مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مُراطة رأسه، وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا فيها إبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فأتاه جبريل عليه السلام بالمعوذتين؛ فقال: "يا محمد {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} ، وحل عقدة، {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2)} ، وحل عقدة، حتى فرغ منها، ثم قال:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} وحل عقدة، حتى فرغ منها، وحل العقد كلها.

وجعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألماً، ثم يجد بعد ذلك راحة، فقيل: يا رسول الله! لو قتلت اليهودي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد عافاني الله عز وجل وما وراءه من عذاب الله أشد"، قال: فأخرجه

(1)

. [ضعيف جداً]

(1)

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 92 - 94) من طريق يزيد بن هارون عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عنها به.

قلنا: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ العرزمي متروك الحديث.

ص: 591