الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإهداء
أهدي أجر وثواب هذا العمل إلى روح جدَّتي العزيزة الغالية
التي افتقتدتها في الأيام الماضية
عسى الله عز وجل أن ينفعها به في برزخها
وأن يجعله ذخراً لها يوم القيامة
كلمة الأستاذ الدكتور عبد الملك السعدي
المشرف الأول على رسالة الدكتوراه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على مصطفاه، وعلى آله وأصحابه، ومَن تبع هداه.
وبعد: فكان من فضل الله علي أن منحني مواكبة صنيع الدكتور صلاح محمد أبو الحاج في دراسته وتحقيقه للكتاب الموسوم «شرح الوقاية» لصدر الشريعة إشرافاً ومتابعة، فوجدتُه شاباً له باعه الطولى في التحقيق والتدقيق، وأهلاً لخوض معركة تحقيق التراث، وفارساً في ميدان حلبته فقد أجاد وأفاد، ولم يغادر غامضة إلاَّ وضَّحها ولا عويصةً إلا شرحَها وبيَّنها.
فقد وشَّحَ هذا الكتاب بتحقيقات عليّة وتعليقات سنيّة إلى أن صار الكتاب إلى ما هو عليه اليوم، فقد ساهم مع أهل التحقيق في إخراج هذا الكنْز من رفوف الحبس والإهمال إلى رفوف الخزانات في المكتبة الإسلامية، وليصطف إلى جانب تلك المصنفات لإرفاد الدارسين والطالبين والمتعلمين والقارئين.
ولا غرابة أن أنصفته لجنة المناقشة حينما منحته درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية بتقدير ممتاز مع إيصائها بطبعه.
فبارك الله في أبي الحاج، وجعله صلاحاً له وللأمة، وزاده عطاء علمياً وتقى.
طالباً له من الله التوفيق، ومنه صالح الدعاء.
والحمد لله رب العالمين
أ. د عبد الملك عبد الرحمن السعدي العراقي
جامعة مؤتة كلية الشريعة
15 رجب 1423
23 أيلول 2002
كلمة الأستاذ الدكتور محمد رمضان عبد الله
المشرف الثاني على رسالة الدكتوراه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذه الرسالة الموسومة «شرح الوقاية» لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود العُباديّ المحبوبي الحنفي التي قام بتحقيقها ودراستها الباحث صلاح محمد سالم أبو الحاج قد تمّت بإشرافي، وهي رسالةٌ ممتازة أتى فيها الباحثُ بكلِّ ما يطلب منها من حيث تحقيقها ودراستها بشكل رائع.
والباحث صلاح محمد سالم من أهل العلم؛ إذ أنه لم يكن مكتفياً بما تلقاه في دراسته الأكاديمية في كلية العلوم الإسلامية، بل كان يحضر دروس المشايخ في المساجد حيث درس مختلف علومنا الإسلامية في المساجد كشرح عقائد الدواني والمطول في البلاغة وهذا ما أشهده له بحضوره في دروسي التي ألقيتها في جامع البنية وجامع الإمام أحمد بن حنبل، وقد درس على غيري من مشايخ العراق؛ فلذلك أتوقع له مستقبلاً علميّاً جيداً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفِّقه لخدمة العلم والدين.
أ. د محمد رمضان عبد الله
20 ربيع الأول 1423 هـ
1 حزيران 2002 م
كلمة الأستاذ الدكتور فرج توفيق الوليد
رئيس لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الهداة وأصحابه التقاة، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم لقاه.
أما بعد:
فقد ناقشت الدكتور صلاح محمد سالم أبو الحاج في أطروحته للدكتوراه الموسومة «شرح الوقاية» بعد قراءتها، ووجدت فيها مادةً علميّةً قيمة وممتازة، لا سيما وأنها تخصّ كتاباً من أبرز كتب الفقه في المذهب الحنفي؛ لذلك فالرسالة تعدُّ لبنة كبرى ومهمة من لبنات البناء الذي اختطته كلية العلوم الإسلامية جامعة بغداد في تحقيق أمهات الكتب الإسلامية وإخراجها إلى النور بعد سباتها العميق في طيات المكتبات العامة.
بارك الله للدكتور أبي الحاج جهوده وأمدَّه الله لأن يتحفنا بتحقيقات جديدة، وبمستوى رسالته هذه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أ. د فرج توفيق حمود الوليد
19/ 5/ 2002
كلمة الأستاذ الدكتور محيي هلال السرحان
أحد أعضاء لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه
بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي الكتاب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن سار على هداه.
أما بعد:
فإن كتاب «الوقاية» وشرحها من الكتب النفيسة في الفقه الحنفي، ولقد طالما منيت النفس برؤيتها؛ إذ كان الحصول على نسخة مخطوطة أسهل من الحصول على نسخة مطبوعة منه، علماً بأنه قد طبع أكثر من طبعة، وفي أكثر من قطر، فلَمَّا اتّجهت همّة ولدنا العزيز الدكتور صلاح إلى تحقيقه، فرحت كثيراً، لكنني أشفقت عليه لكثرة مخطوطات الكتاب وتفرّقها في مشارق الأرض ومغاربها، ولكن دأبه وحرصه وهمّته العالية ذلَّلت تلك الصعوبات، فجاء تحقيقه للكتاب فخراً عظيماً يفخر به؛ إذ قد بذل جهداً عظيماً في قراءته، ومقابلة نسخه المخطوطة، وخدمة النصّ بتوثيقه، وتخريج أحاديثه، وشرح بعض غوامضه، وترجمة أشهر الرجال المذكورين، والإحالة على مصادر مسائله بروح عالية من التواضع والإخلاص والدقة والأمانة العلمية.
فجزاه الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين؛ بإحيائه هذا التراث النفيس، والأثر الخالد، ووفقه الله، وأخذ بأيدينا وأيديه إلى ما فيه الخير، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، وإنه لنعم المولى ونعم النصير.
أ. د محيي هلال السرحان
20 ربيع الأول 1423 هـ
1 حزيران 2002 م
كلمة شيخنا العلامة قاسم بن نعيم الطائي الحنفي
الإمام والمدرس بمدرسة السليمانية ببغداد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي زيَّن الوجود بعرفان الكَمَلة من عبادِه الأعيان، وأَناطَ بعُهدتِهِم القيامَ بمهمات الأمور في جميع الأحيان، فهم النخبةُ الذين بهم ينتظم أمر الدين والدنيا، وهم الخلاصةُ الذين تبوّؤا أسمى الدرجات العليا، فسبحانه من إله استوجبَ دوام الحمد من جميع الخلائق، على ذلك الاعتناء الذي هو من أجل إنعامه الفائق، والصلاة والسلام على الفرد المتولّي رئاسة الختام سيدنا محمّد أشرف الرسل العظام الذي جاء بالحقّ، وبه الباطل زهق، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار، ما دام الليل والنهار
أما بعد: فإنّ الأئمة الفقهاء قد بذلوا الجهود في تحقيق المسائل الشرعية، وتدقيق النظائر الفرعية، واستنباط أحكام الفروع من أدلتها التفصيلية، فاتفاقهم حجّة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة، قوام الدين بهم، وثبات الشرع بفقههم.
ومن الفقهاء المبرزين الذين شاع فقههم في الأمصار، واشتهر آثار علمهم في الأقطار، ونقلت أقوالهم وأنظارهم بطريق التواتر والاشتهار، الأئمة الأربعة المتبوعون أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد نجومُ الفقهِ وتنميةِ المَلَكات، وبهم الناسُ يهتدون في الظلمات.
وكان الإمام الأعظم والمجتهد الأقدم أبو حنيفة النعمان الكوفي رضي الله عنه من أوائل الفقهاء تأصيلاً وتدليلاً، واستنباطاً وتعليلاً، بل كان أوّل من أقامَ مجلساً فقهيًا عظيماً يضم كبار الأئمة من أصحابه ينظر معهم في الأدلة والنوازل ويناظرهم، ويحقق المسائل، ويدقق الدلائل، وقد يبقى في المسألة شهراً ناظراً وعيناه في لذّة السَّهَر ناضرةٌ.
ثمّ إذا ما استعرضَ هو وأصحابُه الأدلةَ، ودقَّقوا النظرَ في وجوه الدلالة بَتُّوا في المسألة، وما قلناه مشروح في كتب الحنفية التي ذكرت طريقة تفقيه الإمام الأعظم
لأصحابه، وهو أعظم ردّ لكلِّ أفاكٍ يتهمُ هذا الإمام في خروجه عن طريق سلف الأمة في الاستنباط والنظر.
ولو وقع منه ـ فرضاً وتقديراً ـ خطأ في ذلك لردّه أصحابه الأئمة الفقهاء والمحدثون إلى الصواب، فهذا أبو يوسف إمامٌ مقدّمٌ في حفظِ الآثارِ وأقضية الصحابة والتابعين، والحسن بن زياد إمامٌ مقدّمٌ في التفريع والسؤال، وزفر بن الهذيل إمامٌ مقدّمٌ في القياس، ومحمّد بن الحسن إمامٌ مقدّمٌ في الفطنة وعلم الإعراب والحساب، وعبد الله بن المبارك مقدّمٌ في معرفة الرجال وحفظ الأقوال، وداود الطائي إمامٌ مقدّمٌ في الورع والزهد وضبط الأحوال، وغير هؤلاء ممن جُمِعَ فيهم علوم المعقول والمنقول.
وكان أكثر أصحابه تأليفاً وجمعاً للمسائل وتصنيفاً محمد بن الحسن، فإنّه رحمه الله تعالى كتب المصنّفات التي جمعت قولَ شيخيه: أبي حنيفة وأبي يوسف، ودلائلهما ومداركهما الفقهية، وقولَه في المسائل الفرعية ودقّتَه في فهم كلام العرب وتقعيدِ قواعد المذهب.
لذا أصبحت مرجعاً لفقهائنا الحنفية، عليها يعوّل ويعتمد، وإليها يرجع ويستند، ولما جاء دور أصحاب أصحابه جمعوا ما كتبه وضمّوا إلى ذلك ما قرَّروه في المسائل التي لا رواية للإمام وأصحابه فيها، وما رجَّحوه فيما ظهر لهم من وجوه الترجيح.
ثمّ جاء دور المتأخِّرين فاختصروا مطوّلات المتقدمين تسهيلاً؛ لحفظ المذهب، وجمعوا الأشباه والنظائر، وميَّزوا ظاهر الرواية عن غيرها، ووسَّعوا وجوه التعليل، ونصُّوا على الصحيح المختار والمفتى وما عليه الاختيار، شكَّرَ الله سعيهم.
وكان ممن جمع عيون الروايات ومتون الدرايات مؤلف «الوقاية» صدر صدور فقهاء عصره الإمام الشيخ برهان الشريعة محمود المحبوبي رحمه الله تعالى، فإنّه جَمَع فأوعى بأحسن عبارة وألطف إشارة مع إيجاز في التقرير ودقّة في التعبير.
لذلك امتدت أعناق ذوي التحقيق نحو حقيقته واشتدت رغباتهم في الاعتناء بحلّ لفظه وتطبيقه، فكتبوا له شروحاً، وجعلوه مبيّناً مشروحاً.
وكان شرح عين عيون الفقهاء، صدر الملة والشريعة، الإمام الشيخ عبيد الله بن مسعود المحبوبيّ من أوسع الشروح وأنفعها وأدقّها وأجمعها؛ لما حوى من دفع إيرادات، وحل إشكالات، وزيادة فرائد سوانح خطرت بالبال، وفوائد عوائد أهل الفضل والكمال.
وكم كانت النفوس تتوق لرؤية هذا الشرح مطبوعاً تتناولة الأيدي حتى نهض أخونا وفرحة خاطرنا المفضال الهمّام، صاحبُ الذهنِ الثاقب، والرأيِ الصائبِ، فضيلةُ الدكتور صلاح أبو الحاج ـ دام عمره في عافية ـ، فأخرجه من دور المخطوطات وقابله وصحَّحه وبلغ في تنقيحه أقصى جهده، وكم ترك المنام لفتح المغلقات، وكتابة التعليقات، وترك الأحبة لجمع المتفرِّقات حتى أكمل هذا العمل الشاق.
وقد أطلعني فضيلتُه على تعليقاتِه التي استقاها من مصادر معتمدة، ومراجع مهمة محررة مخطوطة ومطبوعة، فقرأت كلَّ المتن والشرح والتعليقات فوجدتُ ما كتبَه حريّاً بالقبول لجمعه المعقول والمنقول، واشتماله على الفروع والأصول، بعبارات جزيلة وإشارات جليلة، فبَخٍ بَخٍ لمساعيه الخيرية، وأعماله المرضية، ووفَّقه الله لكلِّ خير ودفع عنه كلَّ ضير، إنه أكرمَ مسؤول وخير مأمول.
هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيِّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم، كلَّما ذكرك الذاكرون، وغَفِلَ عن ذكرك وذكره الغافلون.
وكتبه الفقير إلى ألطاف مولاه الغني
قاسم بن نعيم الطائي الحنفي
الإمام والمدرس
في مسجد ومدرسة السليمانية
ببغداد المحمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رزقنا الهداية، ورحمنا بالعناية، ونجَّانا بالوقاية، وأسلكنا السبيل بالنقاية، فمنه الدراية، ورضاه الغاية، والصلاة والسلام على المصطفى برهان الشريعة، وعلى صحابته وتابعيه الذين هم صدر الشريعة، ومَن تبعهم بإحسان وسار على دربهم إلى يوم القيام.
أما بعد:
فإنّ دراستي في مرحلة الماجستير كانت عن أحد متأخّري الأحناف المحقِّقين، وهو الإمام اللكنوي، وقد لمستُ فيها عظم الفقه الحنفيّ، والحاجة إلى ضبط مسائله ودقائقه الفريدة؛ إذ كان المعوّل عليه في الحكم والقضاء والفتوى في أكثر الخلافات والدول الإسلامية التي مضت، فعاشر الناس وعايشهم، وبنايته كانت على حسب حاجتهم.
والحاجة إلى الاختصاص مطلوبة؛ لأن العلومَ كثيرةٌ ومتفرِّعة، وكلٌّ منها له دقائقه الخاصّة به، التي لا يدركها إلا غاص فيه، ولا سيما أن الإحاطة بالعلوم مستحيلة:
ما حوى العلم جميعاً أحد
…
لا ولو مارسه ألف سنة
إنما العلم منيع عوره
…
فخذوا من كل علم أحسنه
(1)
وفي هذا العصر خاصّة امتازت الشعوب عن بعضها بقدر اهتمامها بالتخصص: أي بعناية كلِّ فردٍ منها بأمر والتعمُّق فيه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ لمعرفة كنوزه وأسراره وإبرازها للناس.
(1)
ينظر: «مفتاح السعادة» (1: 6).
ومن أشرف العلوم الشرعية علم الفقه إذ هو ثمرتها العملية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم اليومية، فبأحكامه يتعبُّد الناسُ ربَّهم، وتنتظم الحياة فيما بينهم، وهو من العلوم الصعبة التي تحتاج إلى التفرّغ التامّ لضبطه وإدراك جزئياته، قال ساجقلي زاده: فن الفقه أصعب الفنون وأطولها، وهو علم الأئمة المجتهدين، وأغلب ما يحتاج إليه العالمون، بحر لجيّ، لا يغوص فيه إلا ذكي أوحديّ ماهر في أصوله، ولا تحصل البضاعة فيه إلا بسعي بليغ في مدّة مديدة بهمة عالية بدراسة مثل كتاب «الهداية» مع شرحها الأكمليّ، وأما التبحّر فيه، فهو يكاد أن يستغرق العمر، وكاشف المشكلات فيه، فهو أعزّ من الكبريت الأحمر، ولا تحصى مسائله التي تحيَّر فيها العلماء. انتهى
(1)
.
ولا ينقص من مكانة الفقه قلّة المشتغلين والمعتنين به، وإعراض الناس عنه:
عاب التفقهَ قومٌ لا عقول لهم
…
وما عليه إذا عابوه من ضرر
ما ضرَّ شمس الضحى والشمس طالعة
…
أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر
(2)
ورغبتي للتخصص في الفقه الحنفي جعلتني أبحث عن أشهر كتبه وأكثرها إتقاناً وتحقيقاً واعتماداً في المذهب، وفي الوقت نفسه لم يخدم ولم يطبع طبعة محقَّقةً تليق بمكانته، فيكون تحقيقُه سبيلاً لضبطي المذهب، وسبباً في استفادة الناس منه، ونشره في البلاد وبين العباد، فرأيت ما أردت متحقّقاً في «شرح الوقاية» لصدر الشريعة، فـ «الوقاية» تعتبر أحد المتون الثلاثة أو الأربعة المعتمدة في المذهب الحنفي، وعليها التعويل في الفتوى، وأشهر شروحها هو شرح صدر الشريعة الذي ألف جدُّه «الوقاية» من أجلِّه، فإذا أطلق أريد هو، ووجد هذا الكتاب عناية كبيرةً من علماء المذهب الحنفي، فهو الذي كان يدرس في مدارس الدولة العثمانية، وفي بلاد الهند وغيرها كما سيأتي تفصيله؛ لذلك كثر الشرّاح والمحشّون والمعلّقون عليهما حتى إنِّي جمعت ما يقارب مئة شرح وحاشيةٍ عليهما، وسيأتي ذكرهم في الدراسة، وكذا نظم من قبل أكثر من شخص، وترجم إلى أكثر من لغة، وحدَّثني أحد من يعمل في دار البشائر الإسلامية أنه قد تم طبعه قبل سنوات في دارهم مترجماً إلى اللغة التركية.
(1)
من «ترتيب العلوم» (ص 160).
(2)
ينظر: «وفيات الأعيان» (5: 29).
وليس يزيد الشمس نوراً وبهجةً
…
إطالة ذي وصف وإكثار مادح
(1)
وخطتي في البحث تنقسم إلى قسمين:
الأول: في دراسة عن المؤلّفين والكتابين، وتشتمل على فصلين:
الفصل الأول: في حياة المؤلِّف والشارح، ويشتمل على تمهيد ومباحث:
التمهيد: في العصر الذي عاشا فيه.
المبحث الأول: في لقب صدر الشريعة.
المبحث الثاني: في اسم صاحب «الوقاية» .
المبحث الثالث: في نسب صاحب «الوقاية» .
المبحث الرابع: فيما وقع من العلماء من الخلط في نسب صدر الشريعة.
المبحث الخامس: في أسرته العلمية وطلبه للعلم وشيوخه ومن تفقَّه عليهم.
المبحث السادس: في مكانة الشارح العلمية وثناء العلماء عليه.
المبحث السابع: في تلاميذ الشارح ومنهجه في التدريس.
المبحث الثامن: في مؤلفات الشارح.
المبحث التاسع: في وفاة الشارح ومكان قبره.
والفصل الثاني: في دراسة عن «الوقاية» و «شرح الوقاية» ، ويشتمل على مباحث:
المبحث الأول: في اسم وسبب تأليف وصحة نسبة «الوقاية» ، و «شرح الوقاية» لمؤلفيهما.
المبحث الثاني: في مكانة «الوقاية» و «شرح الوقاية» بين كتب الفقه الحنفي.
المبحث الثالث: في شروح «الوقاية» .
المبحث الرابع: في حواشي «شرح الوقاية» .
(1)
ينظر: «الضوء اللامع» (3: 137).
المبحث الخامس: في منهج الماتن والشارح في المتن والشرح ومميزاتهما.
المبحث السادس: في المصادر التي اعتمد عليها صدر الشريعة في «شرح الوقاية» .
المبحث السابع: في الاصطلاحات الفقهية في «شرح الوقاية» وكتب الأحناف.
المبحث الثامن: في مخطوطات «الوقاية» .
المبحث التاسع: في مخطوطات «شرح الوقاية» .
المبحث العاشر: ترجة أئمة المذهب الذي تدور على قولهم مسائل الكتاب.
المبحث الحادي عشر: في المنهج المتبع في تحقيق الكتاب.
المبحث الثاني عشر: في النسخ المعتمدة في تحقيق الكتاب.
والثاني: يشتمل على الكتاب محققاً بالكامل.
مزيَّناً بتعليقات منتخبة من أمهات كتب الفقه الحنفي كنت أظمأت نهاري وأسهرت ليلي في جمعها مدَّة سنتين متتاليتين، وحين بدأت فيها أردت أن أجمع في كل مسألة من مسائلها ما وقع من الاختلاف في المذهب، مع بيان المصحح به والمفتى، ولكن ما نعانيه من قيود الدراسات الأكاديمية لم تساعدني في تحقيق ما طمحت فيه، فاكتفيت بما تراه بين يديك، على أن أتتمم ما في نفسي في عمل قادم إن شاء الله تعالى، وسمَّيت هذه الحواشي «منتهى النقاية على شرح الوقاية» .
ويشرفني في هذا المقام أن أتقدم بالشكر الجزيل لشيخي وأستاذي ومشرفي الفاضل النبيل الأستاذ الدكتور محمد رمضان عبد الله عميد كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد سابقاً، وعميد كلية العقيدة والفكر في جامعة صدام للعلوم الإسلامية الآن على موافقته بقبول الإشراف عليَّ في هذه الرسالة، وعلى نصحه وإرشاده لي.
وكذا أتقدم بالشكر الجزيل إلى شيخي العزيز فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الملك السعدي مشرفي الأول على هذه الرسالة، والذي انقطع إشرافه عنِّي بسبب سفره إلى الأردن، ومع ذلك لم ينقطع الودّ والاستشارة له.
وإلى شيخي وأستاذي المفضال الشيخ قاسم بن نعيم الطائي الحنفي الذي كنت أجد عنده ضالتي فيما أبتغيه، وعلى ما بذله من جهد في مراجعة هذا العلم الكبير.
كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى رئيس وأعضاء اللجنة الموقَّرة على ما أغدقوا عليَّ من كرمهم بتقديرهم هذا الجهد المبذول؛ إذ أعطوه أعلى درجة وهي: امتياز عالٍ مع التوصية بالطبع على نفقة الجامعة، وشهدوا أثناء المناقشة أن هذه الرسالة تعدَّ أفضل رسالة تحقيق تقدم إلى جامعة بغداد، فالحمد لله على فضله.
وفي الختام أسأل الله عز وجل أن أكون وفِّقت فيما قمت به من خدمة لهذا السفر العظيم، وأن يتقبّل منِّي هذا العمل ويجعله خالصاً لوجه الكريم، وأن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، وأن يغفر لي ولوالدي وجدتي ومشايخي وزجي والمسلمين والمسلمات، وأن ينفع به المؤمنين ويجعله لبنة من لبنات إعادة هذه الأمة إلى دينها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وكتبه
العبد الفقير إلى رحمة ربّه
صلاح محمد أبو الحاج
19/رجب/1423 هـ
الموافق 26/أيلول/2002 م
في مدينة صويلح/ عمان
الباب الأول الدراسة
وتشتمل الدراسة على فصلين، وهما:
الفصل الأول: في حياة المؤلّف والشارح
الفصل الثاني: في دراسة عن «الوقاية» و «شرح الوقاية»
الفصل الأول في حياة المؤلّف والشارح
ويشتمل على تمهيد ومباحث:
التمهيد في العصر الذي عاشا فيه.
المبحث الأول: في لقب صدر الشريعة.
المبحث الثاني: في اسم صاحب «الوقاية» .
المبحث الثالث: في نسب صاحب «الوقاية» .
المبحث الرابع: فيما وقع من العلماء من الخلط في نسب صدر الشريعة.
المبحث الخامس: في أسرته العلمية وطلبه للعلم وشيوخه ومَن تفقَّه عليهم.
المبحث السادس: في مكانة الشارح العلمية وثناء العلماء عليه.
المبحث السابع: في تلاميذ الشارح ومنهجه في التدريس.
المبحث الثامن: في مؤلفات الشارح.
المبحث التاسع: في وفاة الشارح ومكان قبره.
تمهيد
عاش المؤلِّفُ والشارحُ في الوقت الذي سيطرَ فيه المغولُ على بلاد ما وراء النهر وعاثوا فيها فساداً ودماراً ولا سيما بخارا؛ إذ خربت على يد جنكيزخان عام (616 هـ)، قال ابن بطوطة
(1)
عنها: كانت بُخارا قاعدة ما وراء نهر جيحون من البلاد التي خرَّبها جنكيز التتريّ، فمساجدُها الآن ومدارسُها وأسواقُها خربةً إلاَّ القليل، وأهلُها أذلاّء، وشهادتهم لا تقبل بخوارزم وغيرها؛ لاشتهارهم بالتعصّب ودعوى الباطل وإنكار الحقّ، وليس بها اليوم مَن يُعَلِّم الناس شيئاً من العلم ولا مَن له عناية به. انتهى
(2)
.
ثمَّ أعيد بناؤها على يد أوكيدى خان، وهو الابن الثالث لجنكيز خان وولي عهده، جلس على العرش بعد أبيه سنة (624 هـ)، وفي سنة (636 هـ) ثار الشعب ضد المغول وطبقة الملاك، ولكن هذه الثورة أخمدت، وفي سنة (671 هـ) فتح مغول فارس بخارا وظلّوا يعملون فيها السلب والنهب سبعةَ أيّام متواصلة، فدبّ فيها الخراب وتمّ تخريبها بعد ذلك بثلاثة أعوام على يدي الأميرين جوبه وقان، وهما من الأتراك الجغتاي، وظلّت سبعة أعوام لا تدب فيها نسمة، وفي عام (682 هـ) أعاد تعميرها الأمير قيدومسعود بك وجلب إليها السكان، وفي (716 هـ) أغار عليها مغول فارس مرّة أخرى وأخرجوا أكثر أهلها وأسكنوهم إقليم جيحون مرغمين
(3)
.
(1)
كانت رحلة ابن بطوطة لبخارا في أوائل القرن الثامن. وابن بطوطة: هو محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي، أبو عبد الله، المعروف بابن بطوطة، طاف البلاد واتصل بكثير من الملوك والأمراء ومدحهم، وكان ينظم الشعر، واستعان بهباتهم على أسفاره، واستغرقت رحلاته (27) سنة، من مؤلفاته:«تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» ، (403 - 779 هـ). ينظر:«الدرر الكامنة» (3: 480 - 481). «إيضاح المكنون» (1: 262). «هدية العارفين» (2: 169).
(2)
من «رحلة ابن بطوطة» (1: 237).
(3)
ينظر: «مقدمة تاريخ بخارا» (ص 11). و «علماء النظاميات» (ص 115 - 116).
هذا الاضطراب الذي مرّت به بُخارا، وتغيّر أحوال أهلها كما وصف ابن بطوطة أدَّى إلى خروج عائلة المحبوبي منها إلى كِرمان إذ توفِّي بها جدَّي صدر الشريعة كما سيأتي، وعليه تكون نشأة صدر الشريعة في كِرمان. والله أعلم.
وسيأتي معنا نصوص تدلُّ على أنّ مكان إقامة صدر الشريعة كان في هرات، ولكنّه كان رغم ذلك على اتصال ببخارا فيذهبُ إليها؛ إذ هي موطن الآباء والأجداد، وكانت وفاته فيها على ما سيأتي.
وهرات في القرن الثامن على ما قال ابن بطوطة: أكبرُ المدن العامرة بخُراسان، ومدن خُراسان العظيمة أربع: ثنتان عامرتان، وهما: هرات ونيسابور، وثنتان خربتان وهما: بلخ ومرو، ومدينة هرات كبيرة عظيمة كثيرة العمارة ولأهلها صلاح وعفاف وديانة، وهم على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وبلدهم طاهر من الفساد. انتهى
(1)
.
أما هرات الآن: فهي المحافظة الثالثة في أفغانستان ـ التي يقطر القلب دماً على ما أصاب المسلمين فيها من قوى الكفر والإلحاد وأذيالهم وما سيصيبهم ـ، وتقعُ هرات إلى الغرب من أفغانستان، وتبعدُ عن كابل (1042 كم)، ومنطقتها خضراء يانعة خلاّبة تروى من نهر هريرود اربوس
(2)
.
وأما بُخارا الآن: فقد قسمت جمهورية بُخارا عام (1924 مـ) بين جمهورية تاجيكستان وعاصمتها دوشنبة، وجمهورية أوزبيكستان وعاصتها طشقند، وجمهورية تركمانستان وعاصمتها عشقاباد، وهذه الجمهوريات الثلاث وقعت تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي سابقاً، ومدينة بُخارا إحدى المدن الهامة في جمهورية أوزبيكستان
(3)
.
(1)
من «رحلة ابن بطوطة» (1: 245).
(2)
ينظر: «هرات تاريخها آثارها» (ص 9).
(3)
ينظر: «مقدمة تاريخ بخارا» (ص 14).
المبحث الأول: لقب صدر الشريعة
غلبَ عليه لقبه: صدر الشريعة؛ أكثر من اسمه، وبه عرف بين الطلبة
(1)
وفي كتب الفقه والأصول وغيرها، كما لا يخفى على المتتبع، ويبدو لي أن لقبَ صدر الشريعة كان منتشراً في تلك البلاد وفي ذلك العصر وإن لم يكن عُرِفَ به من أهل العلم سوى المُتَرْجَم، وصار عَلَماً عليه، يدلُّ على ذلك كلامُ
(2)
ابن بطوطة أثناء حديثه في رحلته
(3)
بين خَوارزم وبُخارا: «وصلنا إلى مدينة الكات
…
وسمع بقدومي قاضي الكات ويسمَّى صدر الشريعة وكنت لقيته بدار قاضي خَوارزم فجاء إليَّ مسلماً مع الطلبة
…
»، وهذا غير المترجم له؛ لأنه ذكره بعد صحيفتين بعبارة سيأتي ذكرها تدلّ على أنه غيره.
وسبب إطلاق هذ الألقاب كما نبَّه عليه أصحابُ كتب التراجم
(4)
أنه غَلَبَ على أهلِ خُراسان وما وراء النهر المغالات في الترفُّع على غيرهم: كشمس الأئمة، وفخر الإسلام، وصدر الإسلام، وصدر جهان، وتاج الشريعة، وبرهان الشريعة، وصدر الشريعة، ونحو ذلك، بخلاف ما غلب على فقهاء العراق من السذاجة في الألقاب والاكتفاء بالنسبة إلى صناعة أو محلّة أو قبيلة أو قرية كالجَصَّاص والقُدوري والكَرْخي والصَّيْمريّ، وهذا في الأزمنة المتأخّرة، وأما في الأزمنة المتقدمة، فكلُّهم بريئون من أمثال ذلك.
(1)
ينظر: «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ)، و «الفوائد البهية» (ص 185).
(2)
وأيضاً كلام أرمينيوس فامبري في «تاريخ بُخارا» (ص 203) الذي ترجمه الدكتور أحمد الساداتي إذ قال: «وبهذا صار رجال الدين بدورهم حماة لمن يعيشون في دائرتهم حتى لنرى ابتداءً من ذلك صدر الشريعة ورؤساء القضاء، بل وكل من يشتهرون بالورع والتقوى يستمتعون في بلاد ما وراء النهر بنفوذ لم تعرف له البلاد الإسلامية الأخرى نظيراً» . اهـ. فالعبارة وإن كانت غير مستقيمة، ولا نعرف إذا كان عدم استقامتها من المؤلّف أو المترجم أو الطبّاع، المهمّ أنه ذكر صدر الشريعة، ولم يرد به شخصاً معيَّناً وإنما مجموعة من الناس هم من أهل العلم، فلعلَّه وقع نظره كثيراً على من سمِّي بصدر الشريعة فظنَّ أن مَن كان فقيهاً يسمَّى بذلك، والله أعلم.
(3)
رحلة ابن بطوطة» (1: 236).
(4)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 409 - 410).
وأنكر بعضُ العلماء هذه الألقاب:
منهم: القرطبيُّ في «شرح أسماء الله الحسنى» ، فقال: قد دلَّ الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العرب والعجم من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين، ومحيي الدين، وعلم الدين وشبه ذلك
(1)
.
ومنهم: ابن النحاس
(2)
في «تنبيه الغافلين» عند ذكر المنكرات: فمنها ما عمَّت به البلوى في الدين من
الكذب الجاري على الألسن وهو ما ابتدعوه من الألقاب: كمحيي الدين، ونور الدين، وعضد الدين، وغياث الدين، ومعين الدين، وناصر الدين، ونحوها من الكذب الذي يتكرر على الألسن حال النداء والتعريف والحكاية، وكل ذلك بدعة في الدين ومنكر. انتهى
(3)
.
ولكن اللكنوي
(4)
أجابهم بعد ذكر كلامهم بقوله: هذا إذا لم يكن مَن وُصِفَ به أهلاً له أو كان أهلاً وأرادَ به تزكيةَ نفسه. انتهى
(5)
.
ويؤيِّدُ هذا أن مَن لُقِّبَ بهذه الألقاب هم كبارُ العلماء والفقهاء العارفين بأحكام الدين، فلو لم يكن ذلك جائزاً شرعاً لَمَا ارتضوه، وأطلقوه على بعضهم. والله أعلم.
(1)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 410).
(2)
وهو أحمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي الدمياطي، محيي الدين، المعروف بابن النحاس، قال السخاوي: كان حريصاً على أفعال الخير مؤثراً للخمول كثير المرابطة والجهاد. من مؤلفاته: «مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق» ، و «مثير الغرام إلى دار السلام» ، و «المنكرات والبدع» ، (ت 814 هـ). ينظر:«الضوء اللامع» (1: 203 - 204). «الطبقات السنية» (ص 409).
(3)
من «الفوائد البهية» (ص 410).
(4)
وهو محمد عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي الأنصاري الحنفي، وهو أحد مجدِّدي المئة الثالثة عشرة الهجرية، له:«حاشية الهداية» ، و «التعليق الممجد على موطأ محمد» ، و «الرفع والتكميل في الجرح والتعديل» ، (ت 1304 هـ). ينظر:«مقدمة التعليق» (1: 109 - 113). «الإمام عبد الحي» (ص 55 - 90). «المنهج الفقهي» (ص 29 - 139).
(5)
من «الفوائد البهية» (ص 410).
المبحث الثاني
اسم صاحب «الوقاية»
اختلف العلماءُ اختلافاً كبيراً في اسم صاحب «الوقاية» بعدما اتّفقوا على أنه جدّ لصدر الشريعة الأصغر عبيدِ الله بن مسعود، وابن لصدر الشريعة الأكبر، وأن لقبه برهان الشريعة، وأن جدَّ صدر الشريعة الصحيح هو تاج الشريعة، وهو شارح «الهداية»
(1)
، وهذا ما نصّ عليه صدر الشريعة في ديباجة «النقاية» إذ قال: وبعد؛ فإنّ العبد المتوسّل إلى الله بأقوى الذريعة عبيد الله صدر الشريعة بن مسعود بن تاج الشريعة سعد جده، يقول: قد ألّف جدّي ومولاي العالم الربّانيّ، والعامل الصمدانيّ، برهان الشريعة والحقّ والدين: محمود بن صدر الشريعة جزاه الله عنِّي وعن سائر المسلمين خيرَ الجزاء؛ لأجل حفظي كتاب «وقاية الرواية في مسائل الهداية»
…
الخ
(2)
.
وقال في ديباجة «التوضيح» : وبعد: فإن العبد المتوسّل إلى الله تعالى بأقوى الذريعة عبيد الله بن مسعود ابن تاج الشريعة سعد جده وأنجح جده. انتهى
(3)
. ومثلُه في ديباجة «شرح الوقاية» .
فعبارة صدر الشريعة تنصُّ على أن جدَّه الصحيح هو تاج الشريعة، وأن له جداً آخر لقبه برهان الشريعة ألَّف له «الوقاية» ، واسمه محمود، فكلامه يحتمل وجهين:
(1)
كون تاج الشريعة هو شارح «الهداية» لم ينصّ عليه صدر الشريعة وإنما اتّفق عليه علماء المذهب الحنفي الذي أكثروا من النقل عنه في كتبهم، والاستفادة من تحقيقاته، منهم: العيني في مواضع كثيرة جداً من «البناية» ، ومنهم ابن الهمام في (10) مواضع في «فتح القدير» منها (8: 14)، ومنهم قاضي زاده في (93) موضعاً في «نتائج الأفكار» منها (10: 512)، ومنهم ابن نجيم في (22) موضع في «البحر» منها (8: 536)، ومنهم: ملا خسرو في (5) مواضع في «درر الحكام» (1: 252)، ومنهم: شيخ زاده في (3) مواضع في «مجمع الأنهر» منها (1: 468)، ومنهم: الشرنبلالي في (28) موضعاً من «الشرنبلالية» (2: 37)، ومنهم: مؤلفو «الفتاوى الهندية» (3: 9)، ومنهم: الخادمي في (3) مواضع في «بريقة محمودية» منها (2: 101)، ومنهم: ابن عابدين في (11) موضعاً في «رد المحتار» (6: 515) وفي موضعين في «العقود الدرية» منهما (2: 127)، وفي (6) مواضع في «منحة الخالق» منها (2: 38)، وغيرهم.
(2)
انتهى من «مختصر الوقاية» المسمَّى بـ «النقاية» (ص 3).
(3)
من «التوضيح» (1: 4 - 5).
الأول: أن يكون تاج الشريعة هو برهان الشريعة، فيكون اسمه محموداً، ويكون هو شارح «الهداية» ؛ لأن كلمة علماء الأحناف اتفقت على أن تاج الشريعة هو شارح «الهداية» كما سبق، وهذا ما اختاره الكَفَوي
(1)
في «كتائب أعلام الأخيار» ، ومشى عليه
في ترجمة تاج الشريعة
(2)
، وفي ترجمة صدر الشريعة
(3)
، وابن قُطْلُوبُغا
(4)
، وابن الحنائي
(5)
، وطاشكبرى زاده
(6)
، والزَّركلي
(7)
، وكذا رأى مرتضى الزَّبيديّ
(8)
نسبه في «تاريخ بخارا»
(9)
.
(1)
وهو محمود بن سليمان الكَفَوِيَ الرُّوميّ الحَنَفِي، من مؤلفاته:«كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار» ، و «شرح آداب البحث» ، (ت نحو 990 هـ). ينظر:«التعليقات السنية» (ص 19). «الأعلام» (8: 49).
(2)
ينظر: «كتائب أعلام الأخيار» (ق 265/أ).
(3)
ينظر: «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(4)
في «تاج التراجم» (ص 203). وابن قطلوبغا هو قاسم بن قُطْلُوبُغَا بن عبد الله السُّودُونيّ المِصْرِي الحَنَفي، أبو العدل، زين الدِّين، من مؤلفاته:«تحفة الأحياء بتخريج أحاديث الإحياء» ، «الأصل فِي بيان الفصل والوصل» ، و «الترجيح والتصحيح على القدوري» ، (802 - 879 هـ). ينظر:«الضوء اللامع» (5: 184 - 190). «البدر الطالع» (45 - 47).
(5)
في «طبقات الحنفية» (ق 26/أ). وابن الحنائي هو علي بن أمر الله بن عبد القادر الحميدي الرومي، الشهير بقنالي زاده، سيف الدين، له:«حاشية على الدرر» ، و «طبقات الحنفية» ، و «حاشية على البيضاوي» ، (918 - 979 هـ). ينظر:«الكشف» (2: 119). «مجلة المورد» العددان (3 - 4) مج 10،1981 (ص 486 - 497).
(6)
في «مفتاح السعادة» (2: 170، 241). وطاشكبرى زاده هو أحمد بن مصطفى، أبو الخير، عصام الدين، من مؤلفاته:«الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية» ، و «مفتاح السعادة ومصباح السيادة» ، «حواشي على البيضاوي» ، (901 - 968 هـ). ينظر:«التعليقات السنية» (ص 123 - 124). «الشقائق» (ص 325 - 331).
(7)
في «الأعلام» (4: 354).
(8)
وهو محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، الشهير بمرتضى الحسيني الهندي الأصل، الزَّبيدي المصري الحنفي. من مؤلفاته:«عقد الجواهر المنيفة في أدلة مذهب أبي حنيفة» ، و «تاج العروس شرح القاموس» ، و «إتحاف السادة المتقين في شرح إحياء العلوم» ، (1145 - 1205 هـ). ينظر:«معجم المؤلفين» (3: 681). «القول الجازم» (ص 11).
(9)
ينظر: «دفع الغواية» (1: 2).
والثاني: أن يكون تاج الشريعة هو الجد الصحيح لصدر الشريعة، وهو شارح «الهداية» ، ويكون برهان الشريعة هو جدّه الفاسد، واسمه محمود، وتاج الشريعة وبرهان الشريعة، ابنان لصدر الشريعة الأكبر. وهو الذي أختاره لما ذكره صاحب «الكشف»
(1)
أثناء ذكر شروح «الهداية» نقلاً عن تاج الشريعة في «شرح الهداية» في آخر (كتاب الأيمان) أنه قال: أتمَّ تحريرَ فوائد كتاب الأيمان أبو عبد الله عمر بن صدر الشريعة في آخر شعبان سنة ثلاثٍ وسبعين وستمئة. انتهى
(2)
.
فهذه عبارة صريحة من تاج الشريعة على أن اسمه عمر، وليس محموداً، وأنه ابنٌ لصدر الشريعة الأكبر، وهذا ما اختاره القُهُسْتَانيُّ
(3)
، وحاجي خليفة
(4)
، واللَّكْنوي
(5)
، وإسماعيل باشا
(6)
، وعمر كحالة
(7)
، وغيرهم.
(1)
وهو مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي، الشهير بالملا كاتب الجَلبِيّ، والمعروف بحاجي خليفة، من مؤلفاته:«تحفة الكبار في أسفار البحار» ، و «تقويم التواريخ» ، و «ميزان الصول إلى طبقات الفحول» ، (1017 - 1067 هـ). ينظر:«مقالات الكوثري» (ص 542). «الأعلام» (8: 138 - 139). «معجم المؤلفين» (3: 870 - 870).
(2)
من «كشف الظنون» (2: 2033).
(3)
في «جامع الرموز في شرح النقاية» 1: 10). والقهستاني هو محَمَّدُ الخُرَاسَانِي القُهُسْتَانيّ، شمس الدِّين، المفتي ببخارا، من مؤلفاته:«جامع الرموز في شرح النقاية» ، (ت: نحو: 953 هـ). ينظر: «غيث الغمام» (ص 30). «الكشف» (2: 1972). «تذكرة الراشد» (ص 56).
(4)
في «الكشف» (2: 2033).
(5)
في «الفوائد» (ص 188)، و «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 20)، و «دفع الغواية» (1: 5).
(6)
في «هدية العارفين» (1: 787،2: 406).
(7)
معجم المؤلفين» (1: 552).
المبحث الثالث
نسب صاحب «الوقاية»
يتصل نسب صاحب «الوقاية» بعُبادة بن الصامت الصحابي الجليل رضي الله عنه، وممَّن ذكر نسبه القُرشي
(1)
والتميمي
(2)
والكفوي
(3)
والدِّمياطيّ
(4)
، ووقع بينهما اختلاف في أسماء بعض أجداده، فكان على صورتين:
الأولى: هو ابن صدر الشريعة الأكبر أحمد بن عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن جعفر بن مروان بن محمد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عُبادة بن الصامت العُباديّ المَحْبُوبِي البُخَاريّ الحَنَفيّ. هكذا ذكرَه القُرشيّ والتميميّ، والكفوي أوصله إلى عبد العزيز بن محمد.
والثانية: هو ابن صدر الشريعة الأكبر أحمد بن جمال الدين أبي المكارم عبيد الله ابن إبراهيم بن أحمد بن عبد الملك بن عمير بن عبد العزيز بن محمّد بن جعفر بن خلف ابن هارون بن محمّد بن محمّد بن مَحْبُوب بن الوليد بن عُبادة بن الصامت الصحابيّ الأنصاريّ المَحْبوبيّ، قاله عبدُ المولى الدِّمياطيّ في «تعاليق الأنوار على الدرّ المختار»: هكذا رأيتُه في مسلسلات شيخنا السّيدُ مرتضى الحُسينيّ، قال شيخنا: كذا رأيتُ نسبه في «تاريخ بُخارا»
(5)
.
فالعُبادي بضم العين نسبة إلى عُبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والمَحْبُوبِيّ نسبة إلى مَحْبُوب أحد أجداده على ما مرّ.
(1)
في «الجواهر المضية» (1: 196، 2: 490). والقرشي هو محمد بن عبد القادر بن محمّد القرشي الحنفي، له:«الجواهر المضية في طبقات الحنفية» ، و «البستان في مناقب إمامنا النعمان» ، و «الدرر المنيفة في الردّ على ابن أبي شيبة عن الإمام أبي حنيفة» ، (696 - 775 هـ). ينظر:«الجواهر» (1: 10 - 58). «الفوائد» (ص 168 - 169).
(2)
في «الطبقات السنية» (1: 376). والتميمي هو تقي الدين بن عبد القادر التميمي الداري الغزي المصري الحنفي، من مؤلفاته:«الطبقات السنية في تراجم الحنفية» ، و «السيف البرّاق في عنق الولد العاق» ، و «مختصر يتيمة الدهر» ، (ت 1005 هـ). ينظر:«الخلاصة» (1: 479 - 480). «الطبقات السنية» (1: 3 - 5).
(3)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 217/أ).
(4)
وهو عبد المولى بن عبد الله بن عبد القادر الدِّمياطي المغربي الحنفي تلميذ الطحطاوي، من مؤلفاته:«تعاليق الأنوار على الدر المختار» ، وصفها الإمام اللكنوي بأنها حاشية نفيسة، فرغ منها سنة (1238 هـ) ينظر:«التعليقات السنية» (ص 31). «مقدمة العمدة» (1: 18).
(5)
هكذا في «الفوائد» (ص 185 - 186)، و «دفع الغواية» (1: 2)، و «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 18).
المبحث الرابع
ما وقع من العلماء من الخلط في نسب صدر الشريعة
إذ تقرّر ما سبق من أنّ نسب صدر الشريعة هو: عبيد الله بن مسعود بن عمر تاج الشريعة بن أحمد صدر الشريعة الأكبر بن عبيد الله جمال الدين أبي المكارم بن إبراهيم بن أحمد
…
إلى أن يصل إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه فإنّه وقع اضطراب وخلط كبير بين المترجمين لصدر الشريعة:
منهم: قاسم بن قُطْلُوبُغا إذ قال: محمود بن عبيد الله بن محمود. انتهى
(1)
. فجعل عبيد الله والداً لمحمود مع أنه جدُّه ووالده هو أحمد، وجعل والد عبيد الله محموداً مع أن والده اسمه إبراهيم.
ومنهم: طاشكبرى زاده
(2)
قال كما قال ابن قُطْلُوبُغا، ويبدو أنه اعتمدَ عليه، وجوابه كجوابه. وقال أيضاً: صدر الشريعة عبيد الله بن محمود بن محمد البرهاني. انتهى
(3)
. وفيه أن محمود بن محمد والد لعبيد الله، والصحيح أن والده مسعود بن عمر، وفيه أيضاً: أنه نسبه للبرهاني، وهذه النسبة لم تعرف له، وإنما عرف بها علماء آخرون.
ومنهم: القُهُسْتانيّ إذ قال: عمر بن صدر الشريعة عبيد الله بن محمود بن محمد. انتهى
(4)
. وفيه أن عبيد الله والد عمر، والصحيح أنه جدّه، وأيضاً: أن محمود بن محمد والد عبيد الله، والصواب أن والد عبيد الله هو إبراهيم بن أحمد. وقال أيضاً: محمود بن صدر الشريعة عبيد الله بن محمود بن محمد. انتهى
(5)
. وفيه أن صدر الشريعة الأكبر هو عبيد الله وهو والد محمود، والصحيح أن صدر الشريعة الأكبر هو أحمد، وأن عبيد الله هو جد محمود، وأيضاً: محمود بن محمد والد عبيد الله، والصواب أن إبراهيم بن أحمد هو والد عبيد الله.
(1)
من «تاج التراجم» (ص 203).
(2)
في «مفتاح السعادة» (2: 170).
(3)
من «الشقائق النعمانية» (ص 64).
(4)
من «جامع الرموز» (1: 9).
(5)
من «جامع الرموز» (1: 10).
ومنهم: ابن الحنائي: إذ قال: جمال الدين المحبوبي عبد الله بن إبراهيم. انتهى
(1)
. والصواب أنه عبيد الله لا عبد الله.
ومنهم: القاري
(2)
إذ قال في حرف العين: عبيد الله بن مسعود تاج الشريعة. انتهى
(3)
. وفيه أن مسعوداً هو تاج الشريعة والصحيح ان تاج الشريعة هو والد مسعود. وقال في حرف الميم: مسعود بن أحمد بن برهان الدين، صدر الشريعة. انتهى
(4)
. وفيه أن صدر الشريعة مسعود، والصواب أن صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود، وأيضاً: أن أحمد بن برهان الدين والد مسعود، والصحيح هو عمر بن أحمد هو والد مسعود.
ومنهم: اللكنوي إذ قال: عبيد الله بن أحمد بن عبد الملك. انتهى
(5)
. وفيه أن أحمد والد عبيد الله، والصواب أن والد عبيد الله هو إبراهيم.
ومنهم: الزَّركليّ إذ قال: صدر الشريعة الأصغر ابن صدر الشريعة الأكبر. انتهى
(6)
. وخطؤه بيِّنٌ فصدر الشريعة الأصغر هو ابن مسعود بن عمر تاج الشريعة بن أحمد صدر الشريعة الأكبر.
المبحث الخامس
أسرته العلمية وطلبه للعلم وشيوخه ومن تفقَّه عليهم
نشأ صدر الشريعة في أسرة عريقة النسب على ما مرَّ، ولها مكانتها العلمية المرموقة كما سيأتي بعد قليل عند ترجمة أجداده، ووجد عنايةً كبيرةً منهم ولا سيما من جدِّه مؤلِّف «الوقاية» ، إذ ألَّفها من أجلِه لكي يحفظها كما صرَّح في ديباجتِها، وذلك بعد أن أتمَّ دراسة بعض العلوم الأخرى فقال: إنَّ الولدَ الأعزَّ عبيدَ الله صرف الله أيامه
(1)
من «طبقات ابن الحنائي» (ق 25/أ).
(2)
وهو علي بن سلطان محمد الهَرَوي القَارِيّ الحَنَفي، أبو الحسن، نور الدين، له:«فتح باب العناية بشرح النقاية» ، و «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» ، و «الأثمار الجنية في طبقات الحَنَفِيَّة» ، و «شرح مسند الإمام» ، (930 - 1014 هـ). ينظر:«الكواكب السائرة» (1: 445 - 446). «طرب الأماثل» (ص 515 - 517). «الإمام علي القاري» (ص 44).
(3)
من «الأثمار الجنية في طبقات الحنفية» (ق 36/أ).
(4)
من «الأثمار الجنية» (ق 50/ب).
(5)
من «النافع الكبير» (ص 51).
(6)
من «الأعلام» (4: 354).
بما يحبُّه ويرضاهُ لما فرغَ من حفظ الكتب الأدبيَّة، وتحقيق لطائف الفضل، ونكت العربية، أحببت أن يحفظ في علم الأحكام كتاباً رائعاً، ولعيون مسائل الفقه راعياً، مقبول الترتيب والنظام، مستحسناً عند الخواص والعوامّ، وما ألفيت في المختصرات ما هذا شأنه، فألفتُ في رواية كتاب «الهداية» ـ وهو كتاب فاخر، وبحر مواج زاخر، كتاب جليل القدر عظيم الشأن، زاهر الخطر، باهر البرهان، قد تمَّت حسناته، وعمَّت بركاته، وبهرت آياته ـ مختصراً جامعاً لجميع مسائله، خالياً عن دلائله، حاوياً لما هو أصح الأقاويل والاختيارات، وزوائد فوائد الفتاوى والواقعات، وما يحتاج إليه من نظم الخلافيات، موجزاً ألفاظه نهاية الإيجاز، ظاهراً في ضبط معانيه، مخايلُ السحر ودلائل الاعجاز، موسوماً بـ «وقاية الرواية بمسائل الهداية» ، والله المسؤول أن ينفع حافظيه والراغبين فيه عامةً، والولد الأعزَّ عبيد الله خاصة. انتهى.
وقال صدر الشريعة في ديباجة «شرح الوقاية» : «وقاية الرِّوايةِ في مسائلِ الهداية»
…
ألَّفها جَدِّي وأستاذي مولانا الأعظم، أستاذُ علماءِ العالَم، برهانُ الشَّريعةِ والحقِّ والدِّين، محمودُ بنُ صدرِ الشَّريعة، جزاهُ اللهُ عنِّي وعن جميعِ المسلمينَ خيرَ الجزاء؛ لأجلِ حفظي، والمولى المؤلِّفُ لمَّا ألَّفها سَبَقاً سَبَقاً، وكنتُ أجري في ميدانِ حفظِهِ طَلَقَاً طَلَقَاً، حتى اتَّفقَ اتمامُ تأليفِهِ مع اتمامِ حفظي. انتهى.
ومثله قال في ديباجة «مختصر الوقاية» المسمَّاة بـ «النقاية»
(1)
.
ولم يكتف صدر الشريعة على حفظه «الوقاية» فحسب، بل كان ذا اهتمام كبير بتعلّم دقائق العلم، والوقوف على نكاته ولا سيما من جدِّه حتى قال الكفوي
(2)
عنه: كان ذا عناية بتقييد نفائس جدِّه وجمع فوائده. انتهى. ولاحظت ذلك منه بوضوح في شرحه على «الوقاية» إذ في بعض المسائل يعلِّق، مرجعاً ذلك إلى جدِّه، كما سيأتي في موضعه.
قال الكفوي
(3)
عن نشأته: نشأ في حجر الفضل ونال العلى، وحمل على أكتاف فحول الفقهاء وأسود العلماء، كفلَ به وربَّاه جدُّه، وعلَّمه في صباه، سعد جدّه وأنجح جده حتى حاز قصب السبق في الفروع والأصول، وكان فارس ميدانه في المعقول والمنقول، أخذ العلم عن جدِّه الإمام الفاضل. انتهى.
ومن أجداده الذين يفخر بهم علماء المذهب الحنفي، وقد ترجموا لهم وجعلوهم في طبقات فقهائهم؛ لِمَا كانوا عليهم من الاعتماد في الفروع والأصول:
الأول
جدُّه الفاسد، مؤلِّف «الوقاية» ، ومن تعلَّم ودرَّس عليه: محمود بن أحمد بن عبيد الله
ابن إبراهيم المَحْبُوبيّ البُخَارِيّ الحنفي، برهانُ الشَّريعة
(4)
.
قال الكفوي
(5)
: عالمٌ فاضل، نحريرٌ كامل، بحرٌ زاخر، حبرٌ فاخر، بارع متورع، محقّق مدّقق، صاحب التصانيف الجليلة.
من مؤلفاته: «وقاية الرواية في مسائل الهداية» وسيأتي تفصيل الكلام فيها في فصل الدراسة الخاصّ بها وبشرحها، و «الواقعات» ، و «الفتاوى» .
وقد أخطأ الكفوي في نسبة «شرح الهداية» له؛ لأنه لأخيه تاج الشريعة عمر، وغلط ابن الحنائيّ
(6)
في نسبة «معراج الدراية شرح الهداية» له، فإنه للكاكي
(7)
.
ذكر عمر كحالة
(8)
أنه توفِّي سنة (673 هـ)، وقال إسماعيل باشا
(9)
توفّي في حدود سنة (673 هـ)
(10)
.
وقال عبد الباقي الخطيب في «المدينة المنورة» : مات في كِرمان، ودفن فيها
(11)
.
(1)
النقاية» (ص 3).
(2)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(3)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(4)
ترجمته في: «طبقات ابن الحنائي» (ق 25/أ). «كتائب أعلام الأخيار» (ق 265/أ-ب). «الكشف» (2: 2020). «الفوائد» (ص 338 - 339)، «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 18 - 20). «دفع الغواية» (1: 2 - 6). «هدية العارفين» (2: 406). «معجم المؤلفين» (3: 818). «معجم المطبوعات العربية والمعربة» لإلياس سركيس (1: 1199 - 1200).
(5)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 265/أ).
(6)
في «طبقات الحنفية» (ق 25/أ).
(7)
وهو محمد بن محمد بن أحمد السنجاري، المعروف بالبُخَارِيّ الكاكي، قوام الدين، ومن مؤلفاته:«عيون المذهب» قال اللكنوي: وهو مختصر نافع، (ت 749 هـ). ينظر:«الجواهر» (4: 294 - 295). «الفوائد» (ص 306). «الكشف» (2: 2033).
(8)
في «معجم المؤلفين» (3: 818).
(9)
في «هدية العارفين» (2: 406).
(10)
وعليه فإن ما وقع من شيخنا وهبي سليمان غاوجي حفظه الله في «التعليق الميسر على الملتقى» (1: 9): في أن وفاته سنة (781 هـ) زلة قلم. والله أعلم.
(11)
كما في «الفوائد» (ص 185). «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 18 - 19). و «دفع الغواية» (1: 3).
الثاني
جدُّه الصحيح، شارح «الهداية»: عمر بن أحمد بن عبيد الله المحبوبي الحنفي، تاج الشريعة، جد صدر الشريعة الأصغر الصحيح
(1)
.
أخذ العلم عن أبيه صدر الشريعة الأكبر أحمد.
قال طاشكبرى زاده
(2)
: عالم فاضل حبر كامل.
من مؤلفاته: «نهاية الكفاية في دراية الهداية» : أوله: نصر من الله وفتح قريب هو المحمود جلّ شأنه
…
الخ.
ونسب إليه إسماعيل باشا
(3)
: «مآثر الإقبال في مفاخر الشال» في التاريخ، فارسي من البعثة إلى خلافة علي رضي الله عنه.
وقد غلط الشُّرُنْبُلالِيّ
(4)
في بعض رسائله بنسبة «الكفاية شرح الهداية» له فإنها لجلال الدين الكرلاني.
وذكر حاجي خليفة
(5)
أنه توفِّي سنة (672 هـ) وتبعه على ذلك عمر كحالة
(6)
، مع أن حاجي خليفة ذكر بعدها بسطرين نقلاً عن تاج الشريعة كما مر سابقاً أنه أتمَّ كتاب الإيمان من شرحه للـ «هداية» سنة (673 هـ)، فيعلم أن وفاته كانت بعد ذلك، والله أعلم. وذكر إسماعيل باشا
(7)
أنه وفاته سنة (673 هـ).
وقال عبد الباقي الخطيب في «المدينة المنورة» : مات في كِرمان، ودفن فيها
(8)
.
الثالث
والد جدِّه الصحيح والفاسد، وهو الذي أخذوا العلم عنه: أحمد بن عبيد الله
(1)
ترجمته في: «مفتاح السعادة» (2: 240 - 341). «الكشف» (2: 2033). «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 18 - 20). «دفع الغواية» (1: 2 - 6). «هدية العارفين» (1: 787). «معجم المؤلفين» (2: 552).
(2)
في «مفتاح السعادة» (2: 241).
(3)
في «هدية العارفين» (1: 787).
(4)
كما نبه على ذلك اللكنوي في «الفوائد» (ص 100 - 101).
(5)
في «الكشف» (2: 2033).
(6)
في «معجم المؤلفين» (2: 552).
(7)
في «هدية العارفين» (1: 787).
(8)
كما في «الفوائد» (ص 185). «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 18 - 19). و «دفع الغواية) (1: 3).
ابن إبراهيم العُبادي المَحْبُوبيّ البُخاريّ، شمس الدين، صدر الشريعة الأكبر، أو الأوَّل
(1)
.
قال عبد القادر القرشي
(2)
والتميمي
(3)
: الإمام ابن الإمام الكبير.
قال الكفوي
(4)
: كان من كبار العلماء، بلغ عند أبيه في الفقاهة مبلغاً عظيماً، وله قدرة كاملة في الأصول والفروع.
تفقَّه على: أبيه الإمام الكبير عبيد الله بن إبراهيم.
وتفقه عليه: ابنه محمود بن أحمد المَحْبُوبيّ.
من مؤلَّفاته: «تنقيح
(5)
العقول في فروق المنقول»
(6)
.
توفِّي سنة (635 هـ)
(7)
.
الرابع
والد والد جدِّه أبي أبيه وأبي أمه، وهو الذي إليه في العلم استنادهم: عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد العُباديّ المَحْبُوبِي البُخَاريّ الحَنَفيّ، جمال الدين، المعروف بأبي حنيفة الثاني
(8)
.
(1)
ترجمته في: «الجواهر المضية» (1: 196). «تاج التراجم» (ص 115). «كتائب أعلام الأخيار» (238/ب-239/أ). «الطبقات السنية» (1: 276). «الفوائد» (ص 48). «الكشف» (1: 481،2: 1258). «معجم المؤلفين» (1: 191).
(2)
في «الجواهر المضية» (1: 196).
(3)
في «الطبقات السنية» (1: 276)
(4)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 238/ب).
(5)
وقع في «تاج التراجم» (ص 115)، و «الفوائد» (ص 48): تلقيح. وسمَّاه صاحب «معجم المؤلفين» (1: 191): «تلقيح العقود في الفروق بين أهل النقول» .
(6)
قال صاحب «الكشف» (2: 1258): «فروق الكرابيسي» المسمَّى بـ «تلقيح المحبوبي» ذكره صاحب «الأشباه» في أول الفروق.
(7)
انفرد بذكر وفاته صاحب «معجم المؤلِّفين» (2: 191).
(8)
ترجمته في: «العبر» (5: 120). «كتائب أعلام الأخيار» (ق 217/أ-218/ب). «النافع الكبير» (ص 51 - 52). «الفوائد» (ص 182 - 183). «الجواهر المضية» (2: 490). «طبقات ابن الحنائي» (ق 25/أ). «الأثمار الجنية» (ق 35/ب).
أخذ العلم عن: الشيخ الإمام المفتي إمام زاده صاحب «شرعة الإسلام» ، والشيخ الإمام عماد الدين عمر بن بكر بن محمد الزرنجري، وهما عن شمس الأئمة بكر بن محمد ابن علي الزرنجري عن شمس الأئمة السرخسي عن شمس الأئمة الحَلْوانِيّ عن أبي علي النسفي عن أبي بكر محمد بن الفضل عبد الله السبذموني عن أبي عبد الله أبي حفص
الصغير عن أبيه أبي حفص الكبير عن محمد عن أبي حنيفة رضي الله عنه.
وتفقّه أيضاً على: بهاء الدين محمد بن أحمد الاسبيجابي
(1)
، والظهير أبي بكر أحمد بن علي بن عبد العزيز البَلْخي، والشيخ الإمام الكاساني، والشيخ الإمام قاضي خان الأوزجندي، وغيرهم.
وتفقّه عليه: ابنه: شمس الدين أحمد، وحميد الدين الضرير علي بن محمد بن علي الرامشي البخاري، وحافظ الدين الكبير محمد بن محمد بن نصر البخاري، وغيرهم.
قال الذهبي
(2)
: عالم الشرق، وشيخ الحنفية
(3)
. وقال
(4)
: شيخ الحنفية بما وراء النهر، وأحد من انتهى إليه معرفة المذهب.
وقال الكفوي
(5)
: وكان إماماً كاملاً معدوم النظير في زمانه، رأساً في الفقه وأصوله في أوانه، وكان فرد زمانه في معرفة المذهب والخلاف.
وقال ابن الحنائي
(6)
: كان شيخ الحنفية في عصره.
(1)
وهو محمد بن أحمد بن يوسف المَرْغِينانيّ الأَسْبِيجَابِيّ، أبي المحامد، بهاء الدين، المنسوب إلى أَسْبِيجاب، أستاذ الإمام جمال الدين عبيد الله البخاري المَحْبُوبِيّ. من مؤلفاته:«زاد الفقهاء شرح القدوري» . ينظر: «الجواهر» (3: 74). «الفوائد» (ص 260).
(2)
وهو محمد بن أحمد بن عثمان التُّرْكُماني الفاروقي الدِّمَشْقِيّ الذَّهَبِيّ الشَّافِعِيّ، أبو عبد الله، شمس الدين، له:«سير أعلام النبلاء» ، و «العبر» ، «تاريخ الإسلام» ، (673 - 748 هـ). ينظر:«الدرر الكامنة» (3: 336). «فوات الوفيات» (3: 315 - 316). «طبقات الأسنوي» (1: 282).
(3)
ينظر: «الجواهر المضية» (2: 490).
(4)
أي الذهبي في «العبر» (5: 120).
(5)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 217/ب).
(6)
في «طبقات الحنفية» (ق 25/أ).
وهو المشهور في كتب الفقه بالمحبوبي، فإنه إذا أطلق ينظر إليه لا إلى صدر الشريعة.
ومن مؤلفاته: «شرح الجامع الصغير» ، وقد اتفق مَن ترجم له على نسبته إليه، وأما كتاب «الفروق» ، فقد نسبه إليه الكفوي واللكنوي
(1)
.
مولده في خامس عشرين جمادى الأولى، سنة ست وأربعين وخمسمئة.
ومات ليلة الخميس، ثامن جمادى الأولى، سنة ثلاثين وستمئة، وعمره أربع وثمانون سنة، وصلَّى عليه ابنه الإمام شمس الدين أحمد. ووفاته في هذه السنة باتفاق من ترجم له إلا القاري
(2)
فإنه ذكره أنه توفِّي سنة اثنتين وستمئة
(3)
.
المبحث السادس
مكانة صدر الشريعة العلمية وثناء العلماء عليه:
لمَّا كان الاعتماد على كتبه في الفروع والأصول عند الأحناف كما سيأتي عند ذكر مؤلفاته وذكر الدراسة عن «شرح الوقاية» ، حقَّ لنا أن نقول: إن صدر الشريعة مفخرة من مفاخر الحنفية؛ ولذلك نجد علماء المذهب الحنفي في كتبهم سواء أكانت فقهية أم أصولية، أم كتب الطبقات يُنْزلونه منْزلتَه، ويتسابقون في إلقاء عبارات المدح والثناء عليه، ولو تقصيت ذلك لطال بنا المقال وخرجنا عن المقام، فأذكر بعضها ممَّا تبيِّن لنا حالَه ودرجتَه بين العلماء.
قال الكفويّ
(4)
: هو الإمامُ المتَّفقُ عليه، والعلاَّمةُ المختلف إليه، حافظ قوانين الشريعة، ملخّص مشكلات الفرع والأصل، شيخ الفروع والأصول، عالم المعقول والمنقول، فقيهٌ أصوليُّ، خلافيٌّ جدليّ، محدِّثٌ مفسِّر، نحويّ لغويٌّ، أديبٌ نظّارٌ متكلّمٌ
(1)
في «النافع الكبير» (ص 51 - 52)، و «الفوائد» (ص 182 - 183).
(2)
في «الأثمار الجنية» (ق 35/ب).
(3)
هذا ما رأيته في النسخة المخطوطة التي بين يدي للـ «أثمار الجنية» للقاري، ونقل الإمام اللكنوي في «الفوائد» (ص 182) و «دفع الغواية» (1: 4) من نسخته للـ «أثمار الجنية» أن وفاته سنة ثمانين وستمئة.
(4)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
منطقيّ، عظيم القدر جليل المحلّ، كثيرُ العلم يضربُ به المثل، غذي بالعلم والأدب، وارث المجد عن أب فأب. انتهى.
وقال القُرشيّ
(1)
: الإمام الكبير الأصوليّ، صاحب الفنون. انتهى.
وقال التفتازانيّ
(2)
: الإمام المحقِّق، والنحرير المدقِّق، علم الهداية، وعالم الدراية، معدل ميزان المعقول والمنقول، ومنقح أغصان الفروع والأصول صدر الشريعة والإسلام أعلى الله درجته في دار السلام. انتهى
(3)
.
وقال ابن بطوطة
(4)
: ولقيت بها ـ أي بخارا ـ الفقيه العالم الفاضل صدر الشريعة، وكان قد قدم من هرات، وهو من الصلحاء الفضلاء. انتهى.
وقال ابن قُطْلُوبُغا
(5)
وابن الحنائي
(6)
، وطاشكبرى زاده
(7)
: عالم محقِّق وحبر مدقّق. انتهى.
(1)
في «الجواهر المضية» (4: 369).
(2)
وهو مسعود بن عمر بن عبد الله التَّفْتَازَانِيّ، سعد الدِّين، قال الإمام اللكنوي: كل تصانيفه تنادي على أنه بحر بلا ساحل، وحبر بلا مماثل. له:«تهذيب المنطق» ، و «شرح الشمسية» ، و «شرح العقائد النسفية» ، (712 - 793 هـ). ينظر:«الدرر الكامنة» (4: 350). «التعليقات السنيية» (ص 136 - 137).
(3)
من «التلويح» (1: 11 - 12).
(4)
في كتابه «رحلة ابن بطوطة» (1: 238).
(5)
في «تاج التراجم» (ص 203).
(6)
في «طبقاته» (ق 26/أ).
(7)
في «مفتاح السعادة» (2: 170).
وقال طاشكبرى زاده أيضاً
(1)
: كان رحمه الله بحراً زاخراً لا يدرك له قرار، وطوداً شامخاً لا يرتقي إلى قنته ولا يصار، ولقد كان آية كبرى في الفضل والتدقيق، وعروة وثقى في الإتقان والتحقيق، روَّح اللهُ روحَه، وزاد في غرف الجنان فتوحَه. انتهى.
وقال القاري
(2)
: عمدة العلماء وزبدة الفضلاء، الجامع بين معرفة الفروع والأصول، والحاوي بين طريق المنقول والمعقول. انتهى.
المبحث السابع
تلاميذ صدر الشريعة ومنهجه في التدريس
لا شكَّ في أنه قد تلقَّى عليه العلم عدد لا يحصى من التلاميذ، وإن لم تكن المصادر التاريخية تسعفنا بذلك، وكان له اهتمام فائق بطلاب العلم نلاحظه عند الحديث عن مصنفاته التي ألَّفها لهم، وللارتقاء بحالهم، ومن ذلك كتابه «النُّقاية» ، وهو في فروع الحنفية، اختصر فيه «الوقاية» لمن لا ترتقي نفوسهم لحفظ «الوقاية» ، فقال في ديباجتها
(3)
: إنِّي لمَّا وجدتُ قصورَ هممِ بعضِ المحصِّلين عن حفظ «الوقاية» ، اتخذتُ منه هذا «المختصر» مشتملاً على ما لا بد منه لطالب العلم عن حفظها، فكل من أحب استحضار مسائل «الهداية» فعليه حفظ «الوقاية» ، ومن أعجلَه الوقتُ فليصرف إلى حفظ هذا «المختصر» عنان العناية، إنه ولي الهداية. انتهى.
ومن منهجه في التدريس أنه يأتِي للطلبة بالتدقيقات واللطائف البديعة والنكات الفائقة والتحريرات والأبحاث التي لم يسبقه إليها أحد من العلماء، فهو في دروسه وكتبه لا يسلِّم لمن يشرح كتابه إن رآه خالف قواعد العلم، أو مسألة من مسائله؛ لذا نرى بينه وبين العلماء الكبار ممن جاء بعده أبحاث عديدة، وسيأتي تفصيل الكلام فيه عند الحديث عن منهجه في «شرح الوقاية» ، ويدلُّ على ذلك أكمل دلالة ما قاله طاشكبرى زاده
(4)
عنه:
يحكى أن العلامة قطب الدين الرازي
(5)
أراد أن يجتمع مع صدر الشريعة ويتباحث معه، فأرسل إليه أوّلاً من تلامذته مولانا مبارك شاه ـ وكان من غلمان الرازي، ربَّاه صغيراً وعلَّمه كبيراً، وتبنَّاه، فصار مشهوراً في الآفاق ـ ليتعرف الحال، فحضر مبارك شاه درس صدر الشريعة، وهو يومئذ بهرات، والعلامة بالرَّيّ، فوجده يدرس كتاب
(1)
في «مفتاح السعادة» (2: 162).
(2)
في «فتح باب العناية» (1: 34).
(3)
أي «النقاية» (ص 3 - 4).
(4)
في «مفتاح السعادة» (2: 171).
(5)
وهو محمد بن محمد الرازيّ، أبو عبد الله، قطب الدين، المعروف بالقطب التحتاني، قال ابن السبكي: كان إماماً في المنطق والحكمة، عالماً بالتفسير والمعاني والبيان، مشاركاً في النحو يتوقّد ذكاءً، له:«الرسالة القطبية» ، ورسالة في التصور والتصديق، و «شرح المطالع» ، و «شرح الشمسية» ، و «شرح الإشارات» ، (ت 766 هـ). ينظر:«مفتاح السعادة» (1: 275). «التعليقات السنية» (ص 212).
«الإشارات» لابن سينا
(1)
، ولا يتابع فيه المصنِّف ولا واحداً من شارحيه: الإمام
(2)
والطوسي
(3)
، فكتب مبارك شاه إلى مولاه العلامة أن الرجل نارٌ وقَّادة، والإقدام ربَّما يورث الملام، فعمل العلامة برأيه، وقبل نصحه ولم يتجاسر على ما قصده. انتهى.
وممَّن تفقَّه ودرس وأجيز بجميع مقروءات ومسموعات صدر الشريعة حافظ الحقِّ والدين أبو طاهر محمّد بن محمّد بن الحسن بن عليّ الطاّهري، قال الكفوي
(4)
: كان زبدة أرباب الفتوى وبقيّة أعلام الهدى، عارف أسرار الطريقة، كاشف رموز الحقيقة، فقيهاً أصولياً محدّثاً مفسّراً، أخذ عن صدر الشريعة، ووقع له الإجازة منه في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وسبعمئة في بخارا، وأجاز أبو طاهر في آواخر شعبان سنة ستّ وسبعين وسبعمئة لخواجه بارسا محمد بن محمد بن محمود الحافظي
(5)
صاحب «فصل الخطاب» ، وكان خواجه بارسا في هذه السنة ابن عشرين، وأخذ عن خواجه بارسا العالم العامل والفاضل الكامل المولى إلياس بن يحيى بن حمزة الرومي، قال طاشكبرى زاده
(6)
عنه: كان مدرساً وقاضياً ومفتياً بمرزيفون، وذلك يوم الجمعة الحادي والعشرين من شعبان المعظَّم سنة إحدى وعشرين وثمانمئة ببخارا. انتهى.
(1)
وهو الحسين بن عبد الله بن الحسن البلخي البخاري، ويقلب بالشيخ الرئيس، أبو علي، الشهير بابن سينا، له:«القانون في الطب» ، و «الموجز الكبير في المنطق» ، و «لسان العرب في اللغة» ، (370 - 428 هـ). ينظر:«الكشف» (1: 94).
(2)
وهو محمد بن عمر بن الحسن التيمي البكري الرازي، أبو عبد الله، فخر الدين، له: تفسير القرآن المسمَّى «مفاتيح الغيب» ، و «لوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات» ، و «أسرار التنْزيل» ، (544 - 606 هـ). ينظر:«وفيات» (4: 248). «النجوم الزاهرة» (6: 197 - 198).
(3)
وهو محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، نصير الدين، له:«حواش على كليات القانون» ، و «أساس الاقتباس» ، و «قواعد العقائد» ، (597 - 672 هـ). ينظر:«الكشف» (1: 95). «معجم المؤلفين» (3: 636 - 637).
(4)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 308/ب-309/أ). وينظر: «الفوائد» (ص 307). «الشقائق» (ص 64).
(5)
المتوفى بالمدينة الطيّبة سنة (822 هـ). ينظر: «مقدمة عمدة الرعاية» (1: 19).
(6)
في «الشقائق النعمانية» (ص 64).
المبحث الثامن
مؤلفات صدر الشريعة
بلغ رحمه الله ما بلغ من المنْزلة العالية في العلوم، وأتقن الفنون؛ لِمَا أعطاه الله تعالى من الذهن الثاقب والملكة القويّة؛ ولما وجدَ من الاعتناء به من قبل جدِّه صاحب «الوقاية» ، فكان مرجعاً للعلماء، وكتبه محطّ أنظار الفقهاء، فسارت بها الركبان إلى كلِّ مكان.
ولم تختص مؤلفاته بعلم من العلوم فحسب، بل شملت أمَّهات فنون زمانه، والعلوم التي تدرس في أوانه، وكلٌّ من كتبه معتمد في فنِّه، والمعوَّل عليه في تحقيق مسائله، حتى قال اللَّكنوي
(1)
عنها: كلُّ تصانيف صدر الشريعة مقبولة عند العلماء، معتبرة عند الفقهاء. انتهى.
وهذا القبول الذي لقيته كتبه في مختلف العلوم يرجعُ إلى أمرين:
الأول: متانته في العلم، وقوَّة تحريره للمشكلات، وتمييزه بين مسائل العلم المعتبرة وإتيانه بها دون غيرها، وإيراده للنكات والأبحاث التي لم يُسبق إليها، واعتراف من بعده له بطول باعه ورسوخ قدمه في العلم.
والثاني: إخلاصه وصدقه مع الله تعالى، وهذا أمرٌ قلبيٌّ لا يطَّلِعُ عليه إلاَّ علاّم الغيوب، ولكن نلمسُه من القبول الذي يرزقه الله لبعض الكتب دون سواها، والله أعلم.
ومؤلفاته هي:
الأول: «تنقيح الأصول» المشهور بـ «التنقيح» ، وهو متنٌ متينٌ في علم أصول فقه المذهب الحنفي، نسبه لنفسه بهذا الاسم في ديباجته
(2)
، وفي ديباجة شرحه
(3)
له، ونسبه إليه مَن ترجمَ
(4)
له.
(1)
في «الفوائد» (ص 189).
(2)
أي «التنقيح» (1: 51).
(3)
المسمَّى «التوضيح في حل غوامض التنقيح» (1: 31).
(4)
مثل: صاحب «الجواهر المضية» (4: 369)، «تاج التراجم» (ص 203)، و «مفتاح السعادة» (2: 170)، و «طبقات ابن الحنائي» (ق 26/أ)، و «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ)، و «الأثمار الجنية» (36/أ)، و «الفوائد» (ص 185)، وغيرهم.
قال صدر الشريعة
(1)
في سبب تأليف ووصفه: لَمَّا رأيتُ فحولَ العلماء مكبين في كل عهد وزمان على مباحثة «أصول الفقه» للشيخ الإمام مقتدى الأئمة العظام فخر الإسلام علي البَزْدَويّ بوأه الله تعالى دار السلام، وهو كتابٌ جليلُ الشأن، باهرُ البرهان، مركوز كنوز معانيه في صخور عباراته، ومرموزُ غوامض نكته في دقائق إشاراته، ووجدتُ بعضَهم طاعنين على ظواهر ألفاظه؛ لقصور نظرهم عن مواقع ألحاظه
(2)
، أردت تنقيحه وتنظيمه، وحاولتُ تبيينَ مراده وتفهيمه، وعلى قواعد المعقول تأسيسه وتقسيمه، مورداً فيه زبدةَ مباحثِ «المحصول» و «أصول» الإمام المدقق جمال العرب ابن الحاجب
(3)
، مع تحقيقاتٍ بديعةٍ، وتدقيقات غامضة منيعةٍ، تخلو الكتب عنها، سالكاً فيه مسلك الضبط والإيجاز، متشبثاً بأهداب السحر، متمسكاً بعروة الإعجاز. انتهى.
وقال القُرشيّ
(4)
عنه: جمع فيه بين كلام البَزْدَويّ وكلام ابن الحاجب، ورتَّبه ترتيباً حسناً، كما فعل ابنُ الساعاتي
(5)
في كتابه «البديع» ، جمعَ فيه بين كلام الآمدي وكلام فخر الإسلام البَزْدَويّ. انتهى. والمقصود بجمعه أن أورد فيه بعض الأبحاث التي لم يعتد متقدمو الأحناف الإتيان بها في كتب الأصول، مع ذكر خلاف الشافعي في كثير من مسائله ودليله، والإجابة عليه، وتأييد المذهب بالحجج النقلية والعقليّة. والله أعلم.
وشرحه غير مؤلِّفه، منها: شرحٌ للفاضل السيد عبد الله بن محمد الحسيني المعروف بنقره كار، (ت نحو 750 هـ). وعلى هذا الشرح حاشية لقاسم بن قُطْلُوبُغا
(6)
.
(1)
في «التوضيح» (1: 10 - 11).
(2)
أي لا يدركون بإمعان النظر ما يدركه هو بلحاظ عينه من غير أن ينظر إليه قصداً. ينظر: «التوضيح» (1: 11).
(3)
وهو عثمان بن عمر بن أبي بكر الدّوَني الكردي الأَسْناوي المصري المالكي الأصولي النحوي، أبي عمرو، جمال الدين، المعروف بابن الحاجب، له:«مختصر منتهى السَّول والأمل في علمي الأصول والجدل» ، و «الكافية والشافية» ، و «جامع الأمهات» ، (570 - 646 هـ). ينظر:«وفيات» (3: 248 - 250). «مرآة الجنان» (3: 114).
(4)
في «الجواهر المضية» (4: 369 - 370).
(5)
وهو أحمد بن علي بن ثعلب السَّاعَاتِيّ البعلبكي البغدادي، مظفر الدين، قال الكفوي: كان إمام العصر في العلوم الشرعية، ثقة حافظاً متقناً، أقرّ له شيوخ زمانه بأنه فارس جواد في ميدانه. وله:«مجمع البحرين» ، (ت 694 هـ). ينظر:«النافع الكبير» (ص 25)، «مرآة الجنان» (4: 227).
(6)
ينظر: «الكشف» (1: 499).
الثاني: «التوضيح في حل غوامض التنقيح» وهو شرح على متنه في أصول الفقه، نسبه لنفسه في ديباجته
(1)
، ونسبه إليه من ترجم
(2)
له.
قال صدر الشريعة
(3)
في سبب تأليفه ووصفه: لمَّا وفَّقني اللهُ بتأليف «تنقيح الأصول» أردتُ أن أشرحَ مشكلاته، وأفتح مغلقاته، معرضاً عن شرح المواضع التي مَن يحلها بغير إطناب لا يحل له النظر في ذلك الكتاب، واعلم أنَّي لَمَّا سودت كتاب «التنقيح» ، وسارعَ بعضُ الأصحاب إلى انتساخِه ومباحثتِه، وانتشرَ النسخُ في بعض الأطراف، ثمَّ بعد ذلك وقعَ فيه قليلٌ من التغييرات، وشيءٌ من المحو والإثبات، فكتبتُ في هذا الشرح عبارة «المتن» على النمط الذي تقرَّر عندي؛ لتغيير النسخ المكتوبة قبل التغييرات إلى هذا النمط، ثمَّ لَمَّا تيسَّرَ إتمامُه وفُضَّ بالاختتام ختامُه مشتملاً على تعريفات، وحجج مؤسسة على قواعد المعقول وتفريعات، مرصصة بعد ضبط الأصول، وترتيب أنيق لم يسبقني على مثله أحدٌ، مع تدقيقات غامضة لم يبلغ فرسان هذا العلم إلى هذا الأمد. انتهى.
وقال التفتازاني
(4)
في وصفه: كتابٌ شاملٌ لخلاصة كلِّ مبسوط وافٍ، ونصابٌ كاملٌ من خزانة كلِّ منتخب كاف، وبحر محيط بمستصفى كلِّ مديد وبسيط، وكنْزٌ مغنٍ عمّا سواه من كل وجيز ووسيط، فيه كفايةٌ لتقديم ميزان الأصول وتهذيب أغصانها، وهو نهايةٌ في تحصيل مباني الفروع وتعديل أركانها، نعم قد سلك منهاجاً بديعاً في كشف أسرار التحقيق، واستولى على الأمد الأقصى من رفع منار التدقيق، مع شريف زيادات ما مسّتها أيدي الأفكار، ولطيف ما فتق بها رتق آذانهم أولو الأبصار؛ ولهذا طار كالأمطار في الأقطار، وصار كالأمثال في الأمصار، ونال في الآفاق حظَّاً من الاشتهار، كاشتهار الشمس في نصف النهار، وقد صادفت مُجْتازي ما وراء النهر لكثير من فضلاء الدهر أفئدة تهوى إليه وأكباداً هائمة عليه، وعقولاً جاثية بين يديه، ورغبات مستوقفة المطايا لديه. انتهى.
(1)
التوضيح» (1: 6).
(2)
مثل صاحب «الجواهر المضية» (4: 370)، «تاج التراجم» (ص 203)، و «مفتاح السعادة» (2: 170) و «طبقات ابن الحنائي» (ق 26/أ)، و «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ)، و «الأثمار الجنية» (36/أ)، و «الفوائد» (ص 185)، وغيرهم.
(3)
في «التوضيح» (1: 5 - 6).
(4)
في «التلويح» (1: 2 - 3).
ووصفه القرشي
(1)
والكفوي
(2)
: بأنه شرحٌ نفيسٌ.
ولقي هذا الشرح ومتنه عناية فائقة من العلماء حفظاً وتدريساً وشرحاً وتحشيةً وتعليقاً؛ إذ عليه التعويل في معرفة أصول المذهب الحنفي ودراستها، قال المرجاني
(3)
: إن كتاب «التنقيح» وشرحه «التوضيح» هو المعوّل عند الطلبة عليه والرجوع في تحصيل الأصول إليه. انتهى. لذا أقبل الطلاب على متنه بالحفظ، والعلماء على شرحه بالتدريس والتوضيح لما أشكل من عباراته وغمض من ألفاظه.
وألفت كتب اقتفت أثره في الترتيب والألفاظ وذكر الأبحاث والتحقيقات البديعة إلا أنها آثرت بعض الألفاظ على بعض، مع زيادة ونقص في بعض الأبحاث، واعتراض وتحقيق في بعض آخر، منها: كتاب «مرآة الأصول شرح مرقاة الأصول» لملا خسرو، وكتاب «التجريد شرح تغيير التنقيح» لابن كمال باشا، إلا أن ابن كمال باشا أكثر من الاعتراض على صدر الشريعة وردَّ كثيراً من أبحاثه كعادته في مؤلفاته
(4)
، والعلماء لم يسلِّموا له ذلك بل ردُّوا عليه، وكانوا ينتصرون لصدر الشريعة في غالب الأحيان
(5)
، وسيأتي تفصيل هذا في الحديث عن منهجه في التأليف.
(1)
في «الجواهر المضية» (4: 370).
(2)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(3)
في «حزامة الحواشي لإزاحة الغواشي» (1: 2).
(4)
قال عبد الرحمن في «ترغيب اللبيب» في بيان عادة ابن كمال باشا في تأليفاته: هذا العلامة وإن كان فريد دهره بلا ممانع ووحيد عصره بلا مدافع، لكنّه صرف عنان عزمه عن التحقيق في أكثر مصنفاته، وسلك مسلك الجدال والتغليظ في أشهر مؤلفاته ولا سيما في شرحه على «الهداية» ، فإنه فيه وصل في الجدال إلى الغاية بحيث نزل مرتبة الشرّاح المكملين منْزلة العوام من الجهال المغفلين، وجعلَ مرتبة رتبة المشايخ العظام من المصنّفين، بل من المجتهدين كمرتبة الآحاد من المقلدين، والظاهر أن مراد ذلك العلامة من السلك في مثل هذا الطريق والانحراف عن سبيل التحقيق ليس إلا تعليم دقائق وجوه البحث للطالب الذكي وتفهيم طرق إلزام الخصم المعاند الغبي، ولا شك أنه هداية لطيفة، وعزيمة شريفة، فالعلامة بهذه النية مأجور، وسعيه بتلك العزيمة مشكور، وتمامه في «الكشف» (2: 2039 - 2040).
(5)
قال حاجي خليفة في «الكشف» (1: 499) عن كتاب ابن كمال باشا في الأصول الذي أكثر فيه من الاعتراض على صدر الشريعة: لكن الناس لم يلتفتوا إلى ما فعله، والأصل باق على رواجه والفرع على التنَزل في كساده.
ومن الشروح والحواشي التي زُيِّنَ بها الكتاب على ما ذكره حاجي خليفة
(1)
:
حاشية عبد القادر بن أبي القاسم الأنصاري (ت نحو 820 هـ).
«حزامة الحواشي لإزاحة الغواشي» للمرجاني
(2)
أجاب فيها عن اعتراضات التفتازاني على صدر الشريعة ورد أبحاثه التي أتى بها، ونصر صدر الشريعة فيها
(3)
.
«التلويح في كشف حقائق التنقيح» للتفتازاني، وهو وإن كان اسمه دالاً على أنه شرح على «التنقيح» ، لكنه في الحقيقة شرح على «التوضيح» يدلُّ على ذلك أنه كثيراً ما يقول: قوله:
…
. ويشرحه، وما يذكره بعد قوله: قوله؛ يكون كلاماً في «التوضيح» لا «التنقيح»
(4)
، قال حاجي خليفة
(5)
عنه: لما كان هذا الشرح كالمتن علَّقوا عليه شروحاً وحواشي، أعظمها وأولاها شرح التفتازاني. انتهى. وقد ارتبط «التوضيح» و «التلويح» ارتباطاً وثيقاً فأكثر العلماء من التحشية والتعليق عليهما من ذلك:
حاشية القاضي برهان الدين أحمد السيواسي (ت 800 هـ)، المسمّاة بـ «الترجيح» .
حاشية العلامة السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني (ت 816 هـ).
حاشية الشيخ علاء الدين علي بن محمد الشهير بمصنفك (ت 871 هـ).
حاشية المحقق المولى حسن بن محمد شاه الفناري (ت 886 هـ)
(6)
، على هذه الحاشية تعليقة لمصطفى بن محمد الشهير بمعمار زاده (ت 968 هـ).
حاشية الملا علاء الدين علي الطوسي (ت 887 هـ).
حاشية المولى الفاضل محمد بن فراموز الشهير بملا خسرو (ت 885 هـ)
(7)
.
حاشية الملّوي علاء الدين علي بن محمد القوشي (ت 879 هـ).
(1)
في «الكشف» (1: 496 - 499).
(2)
وهو الفقيه الأصولي المتكلم المؤرخ الشيخ شهاب الدين بن بهاء الدين المرجاني (1233 - 1306 هـ). وتمام ترجمته في «حسن التقاضي» (ص 95).
(3)
وزيادة التفصيل في الحاشية، وهي مطبوعة في المطبعة الخيرية في مصر.
(4)
ينظر: «التلويح» (1: 19).
(5)
في «الكشف» (1: 496).
(6)
وهي مطبوعة في المطبعة الخيرية في مصر.
(7)
وهي مطبوعة في المطبعة الخيرية في مصر.
حاشية مصلح الدين مصطفى بن يوسف، الشهير بخواجه زاده البرسوي (ت 893 هـ)
حاشية محيي الدين محمد بن حسن السامسوني (ت 919 هـ).
حاشية الشيخ مصلح الدين مصطفى بن شعبان الشهير بالسرور ي (ت 969 هـ).
حاشية ابن البردعي.
حاشية المولى الفاضل مصلح الدين مصطفى الشهير بحسام زاده العتيق.
حاشية العلامة الفاضل أبي بكر بن أبي القاسم السمرقندي.
حاشية الفاضل معين الدين التوني، وهي على أوائله.
حاشية العلامة مولانا زاده عثمان الخطابي.
تعليقة مولانا خضر شاه المتشوي (ت 853 هـ).
تعليقة المولى عبد الكريم (ت نحو 900 هـ)، وهي على أوائله.
تعليقة العلامة ابن كمال باشا (ت 940 هـ).
تعليقة المولى شمس الدين أحمد بن محمودالمعروف بقاضي زاده المفتي (ت 988 هـ)
تعليقة على مباحث قصر العام من «التلويح» للمولى الفاضل أبي السعود بن محمد العمادي (ت 983 هـ).
تعليقة المولى هداية الله العلائي (ت 1039 هـ).
تعليقة المولى يوسف بالي بن المولى يكان على أوائله.
تعليقة محمد بن يوسف بالي الرومي.
الثالث: «المقدِّمات الأربع» ؛ نسبه إليه الكفوي
(1)
واللكنوي
(2)
بهذا الاسم، لكن كلام حاجي خليفة
(3)
يفيد أنها ليست تأليفاً مستقلاً، وإنَّما هي ضمن كتابه «التوضيح» ، أفردها العلماء بالتوضيح والتعليق لشدّة غموضها، فقال في وصفها: المقدمات الأربع من «التوضيح» ، وهي مقدمات مشهورة غامضة في أواسط الكتاب،
أوردها من عنده لبيان ضعف ما ذهب إليه الأشعري من أن الحسن والقبح لا يثبتان إلا بالأمر والنهي، فالحسن ما أمر به والقبيح ما نهي عنه، ثم ساق دليله، وقال
(1)
: وضعفه ظاهر ثم قال
(2)
: واعلم أن كثيراً من العلماء اعتقدوا هذا الدليل يقينياً والبعض الذي لا يعتقدونه يقينياً لم يوردوا على مقدماته منعاً يمكن أن يقال أنه شيء، وقد خفي على كلا الفريقين مواقع الغلط فيه، وأنا أسمعك ما سنح لخاطري، وهذا مبني على أربع مقدمات. انتهى.
ومن التعليقات المفردة عليها:
تعليقة العلامة السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني (ت 816 هـ).
تعليقة المولى حسن بن عبد الصمد السامسوني (ت 891 هـ).
تعليقة المولى لطف الله بن حسن التوقاتي (ت 900 هـ).
تعليقة المولى عبد الكريم (ت 900 هـ).
تعليقة المولى مصلح الدين القسطلاني (ت 901 هـ).
تعليقة المولى علاء الدين علي العربي الحلبي (ت 901 هـ)، له تعليقتان كبرى وصغرى لخص الثانية من الأولى.
تعليقة المولى محيي الدين محمد بن إبراهيم بن الخطيب (ت 901 هـ)، له أيضاً تعليقتان كبرى وصغرى.
تعليقة المولى محمد بن الحاج حسن (ت 911 هـ)
(3)
.
الرابع: «شرح الوقاية» ، وهو موضوع بحثنا وتحقيقنا، وسيأتي الكلام عنه مفصَّلاً في الفصل الثاني.
الخامس: «مختصر الوقاية» المسمَّى بـ «النُّقاية» ، نسبَه لنفسه في ديباجته
(4)
، وفي مواضع عديدة من «شرح الوقاية» باسم «المختصر» ، ولم أقف في كلامه على تسميته
(1)
أي صدر الشريعة في «التوضيح» (1: 336).
(2)
أي صدر الشريعة في «التوضيح» (1: 337).
(3)
هذه التعليقات مذكورة في «الكشف» (1: 498 - 499).
(4)
أي ديباجة «النقاية» (ص 2).
بـ «النُّقاية» ، لكنَّه مشهورٌ في كتب الفقه الحنفي بـ «النقاية» ، وشرَّاحه سمَّوه بذلك كما سيأتي، فلعلَّهم وقفوا على كلامٍ لصدر الشريعة يدلُّ على ذلك، والله أعلم. ونسبه له من ترجم
(1)
له ومنهم من سمَّاه «النقاية» ، ومنهم مَن سمَّاه «مختصر الوقاية» ، ولذلك وهم عمر كحالة
(2)
في جعل هذا الكتاب كتابين فقال: يضاف إلى آثاره «مختصر الوقاية» ، و «النقاية مختصر الوقاية» . انتهى.
قال صدر الشريعة
(3)
في سبب تأليفه ووصفه: ألف جدي برهان الشريعة لأجل حفظي كتاب «وقاية الرواية في مسائل الهداية» ، وهو كتاب لم يكتحل عين الزمان بثانيه في وجازة ألفاظه مع ضبط معانيه، ثم إنِّي لمَّا وجدتُ قصورَ هممِ بعضِ المحصِّلين عن حفظ «الوقاية» ، اتخذتُ منه هذا «المختصر» مشتملاً على ما لا بد منه لطالب العلم عن حفظها، فكلُّ من أحبَّ استحضار مسائل «الهداية» فعليه حفظ «الوقاية» ، ومن أعجلَه الوقتُ فليصرف إلى حفظ هذا «المختصر» عنان العناية، إنه ولي الهداية. انتهى.
ففي هذا الكتاب اختصر كثيراً من مسائل «الوقاية» ، وأحكم صياغة بعض جمله على هيئة واضحة وموجزة، كما سيمرُّ معنا في «شرح الوقاية» ، ولم يتابع صاحب «الوقاية» على ترتيب كتب الكتاب، بل قدَّم وأخَّر على ما يراه مناسباً، وبقي متابعاً لصاحب «الوقاية» في إيراد المسائل المعتمدة في المذهب؛ ولهذه الأسباب انكبّ الطلبةُ عليه حفظاً، والعلماءُ تدريساً وشرحاً، فكثرت شروحه، ومنها:
«كمال الدراية في شرح النقاية» لتقي الدين أبي العباس أحمد بن محمد الشمني (ت 872 هـ). له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم (10603)، وفي دار الكتب الظاهرية بدمشق برقم (2564)(ق 318)(27×13 سم) نسخة جيدة قديمة من خطوط القرن العاشر
(4)
.
(1)
مثل: صاحب «تاج التراجم» (ص 203)، و «مفتاح السعادة» (2: 170)، و «طبقات ابن الحنائي» (ق 26/أ)، و «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ)، و «الأثمار الجنية» (36/أ)، و «الفوائد» (ص 185)، وغيرهم.
(2)
في «معجم المؤلفين» (2: 355).
(3)
في «النقاية» (ص 3 - 4).
(4)
ينظر: «فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية» (2: 119)
شرح ابن العيني، زين الدين، أبي محمد، عبد الرحمن بن أبي بكر الحنفي (ت 893 هـ).
شرح عبد الواجد محمد بن محمد المشهدي العجمي (ت 838 هـ).
شرح علاء الدين علي بن محمد المعروف بمصنِّفك (ت 875 هـ).
شرح الشيخ ابن قطلوبغا الحنفي (ت 879 هـ)
(1)
، ولم يكتمل.
شرح عبد العلي البِرْجَندي (ت 932 هـ).
«جامع الرموز في شرح النقاية» لشمس الدين محمد الخرساني القهستاني (ت نحو 950 هـ)، وعليه حاشية بالقول للمولى ابن الوالهي البرسوي.
شرح أبي المكارم بن عبد الله بن محمد، أتمَّه سنة (907 هـ). له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3548).
شرح مولانا نور الدين عبد الرحمن بن أحمد الجامي (ت 898 هـ).
العناية على النقاية لمحمود بن بركات الأنصاري، المعروف بالباقاني (ت 1003) له نسخة مخطوطة في دار الكتب الظاهرية بدمشق برقم (6670)(ق 335)(22×16 سم) نسخة جيدة بخط المؤلف
(2)
.
«فتح باب العناية بشرح النقاية» لعلي بن سلطان القاري (ت 1014 هـ)
(3)
.
شرح محمود بن إلياس الرومي، طبع بهامش «فتح باب العناية» في باكستان (1908 مـ) كراتشي. وعليه كثير من الحواشي والتعليقات.
شرح عبد الشكور الجونفوري
(4)
.
السادس: «الشُّروط والمحاضر» ؛ نسبها إليه الكفوي
(5)
واللكنوي
(6)
بهذا الاسم
(1)
وذكره شلبي في حاشيته على «التبيين» (5: 148).
(2)
ينظر: «فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية» (1: 495).
(3)
هذه الشروح مذكورة في «الكشف» (2: 1971 - 1972).
(4)
ينظر: «معارف العوارف» (ص 107).
(5)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(6)
في «الفوائد البهية» (ص 185).
ونسبه إليه حاجي خليفة
(1)
باسم «شروط صدر الشريعة» ، قال الكفوي
(2)
في وصفها: رتَّبها على ترتيب كتب الفقه وأبوابه. انتهى.
وعلم الشروط والسجلات: علم يبحث فيه عن كيفية ثبت الأحكام الثابتة عند القاضي في الكتب والسجلات على وجه يصحّ الاحتجاج به عند انقضاء شهود الحال، وموضوعه تلك الأحكام من حيث الكتابة، وبعض مبادئه مأخوذ من الفقه، وبعضها من علم الإنشاء، وبعضها من الرسوم والعادات والأمور الاستحسانية
(3)
.
السابع: «تعديل العلوم» ؛ نسبه إليه من ترجم
(4)
له بهذا الاسم، قال طاشكبرى
(5)
زاده في وصفه: «تعديل العلوم» في أقسام العلوم العقليّة كلِّها، ثم شرح هذا الكتاب بجميع أقسامه، ولقد أبدع فيها، بحيث أورد تحقيقات عجز عنها الأوائل، ولا سيما في المنطق والكلام، ويشهد بما ذكرناه من طالع ذلك الكتاب. انتهى.
وقال
(6)
: «تعديل الكلام» للمولى العلام الرباني والحبر الصمداني، صدر الشريعة، أكرمه الله في الدرجات الرفيعة، وهو رحمه الله كتب كتاباً سمَّاه «تعديل العلوم» ، بدأ فيه بالمنطق، ثمّ بالكلام، ثم أقسام الحكمة على التمام، ولعمري لقد أتى فيه بمباحث عجز عن حلِّها الأوائل والأواخر، تحقيقاً لما قيل: كم ترك الأول للآخر. انتهى.
وقال أيضاً
(7)
: إن أردت بلوغ الغاية في المنطق فعليك بتعديل الميزان، وهو أحد أقسام «تعديل العلوم» للإمام الهمام، والحبر القمقام، فخر العلماء الأعلام، ونتيجة أسلاف الكرام، وسلالة أجداده العظام، الإمام صدر الشريعة، أكرمه الله في الدرجات
(1)
في «الكشف» (2: 1047).
(2)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(3)
ينظر: «الكشف» (2: 1045 - 1046). و «مفتاح السعادة» (2: 557).
(4)
مثل: صاحب «مفتاح السعادة» (2: 170)، و «طبقات ابن الحنائي» (ق 26/أ)، و «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ)، و «الأثمار الجنية» (36/أ)، و «الكشف» (1: 419)، و «الفوائد» (ص 185)، و «الأعلام» (4: 354)، و «معجم المؤلفين» (2: 355)، وغيرهم.
(5)
في «مفتاح السعادة» (2: 170).
(6)
أي طاشكبرى زاده في «مفتاح السعادة» (2: 162).
(7)
أي طاشكبرى زاده في «(مفتاح السعادة» (1: 279).
الرفيعة، وهو رحمه الله كشف في هذا الكتاب عن غوامض طالما تحيَّر فيها عقول الأقدمين، وأبرز قواعد لم يهتد إليها أحد من الأوحدين، ومع هذا فهو للعلوم الشرعية أبو عذرها وابن نجدتها. انتهى.
وقال حاجي خليفة
(1)
في وصفه: جعله على قسمين: الأول: في الميزان: أي المنطق،
والثاني: في الكلام، ثم شرحه شرحاً ممزوجاً، وكشف فيه عن غوامض المباحث التي تحيَّر فيها عقول الفحول، ورتَّب الكلام على سبعة تعديلات بعدد آيات فاتحة الكتاب. انتهى.
الثامن: «شرح الفصول الخمسين» ؛ نسبه إليه حاجي خليفة
(2)
، وعمر كحالة
(3)
. قال حاجي خليفة: قال في أوله: هذه فصول ـ هذه فوائد في «شرح فصول خمسين» ـ حررتها للولد الأعز محمود. انتهى. وهو كتاب مشتمل على مهمات هذا الفنّ رتبه ترتيباً بديعاً لا يتوقف فيه سابق الأبحاث على لاحقها إلا نادراً. انتهى. وهو أصغر من «الكافية» . انتهى
(4)
.
و «الفصول الخمسون» في النحو ليحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي
الحنفي النحوي، له:«ألفية ابن معط» ، و «منظومة في القراءات السبع» ، و «البديع في صناعة الشعر» (ت 628 هـ)
(5)
.
التاسع: «الوشاح في المعاني والبيان» ؛ نسبه إليه بهذا الاسم حاجي خليفة
(6)
، وعمر كحالة
(7)
، والزركلي
(8)
باسم: «الوشاح» في علم المعاني.
وشرحه زين الدين عبد الرحمن بن أبي بكر المعروف بابن العيني (ت 893 هـ)
(9)
.
العاشر: «الأربعون حديثاً» : انفرد بروكلمان
(10)
بنسبته له.
(1)
في «الكشف» (1: 419).
(2)
في «الكشف» (2: 1270).
(3)
في «معجم المؤلفين» (2: 355).
(4)
من «الكشف» (2: 1270).
(5)
ينظر: «مرآة الجنان» (4: 66). «الكشف» (2: 1269). «معجم المؤلفين» (4: 103 - 104).
(6)
في «الكشف» (2: 2011).
(7)
في «معجم المؤلفين» (2: 355).
(8)
في «الأعلام» (4: 354).
(9)
ينظر: «الكشف» (2: 2011).
(10)
في «تاريخ الأدب العربي» (gII:214،s،II:301) .
المبحث التاسع
وفاته ومكان قبره
ذكر فريق من أهل التواريخ كالكَفَوي
(1)
، واللَّكْنَويّ
(2)
، والزَّركلي
(3)
، وغيرهم
(4)
أن صدر الشريعة رحمه الله توفي في سنة سبع وأربعين وسبعمئة، ومرقدُه ومرقدُ والديه وأولاده وأجداد والديه كلُّهم في شرع آبار بُخارا إلا جدَّيه الفاسد والصحيح، فإنهما ماتا في كِرمان ودفنا فيها، تغمدهم الله برحمته.
وشذَّ القاري
(5)
بذكر وفاته سنة نَيف وثمانين وستمئة، واستغرب اللكنوي ما ذكره القاري لبعد وقوعه، فقال معتذراً عنه
(6)
: ولعلَّه من ناسخ فلتراجع نسخة أخرى.
وقد راجعت نسخةً أخرى
(7)
فوجدته كما هو، والذي يؤكِّد أنه ليس من الناسخ، إنما هو سبق وهم لذهن علي القاري، أنه ذكر نفس هذا التاريخ في بداية شرحه على «النُّقاية» المسمَّى «فتح باب العناية»
(8)
.
أمَّا حاجي خليفة ففي بعض المواضع
(9)
ذكر وفاته سنة (747 هـ)، وفي موضعين أخرين
(10)
ذكر وفاته سنة (745 هـ) وفي موضع آخر
(11)
ذكر وفاته سنة (750 هـ) كما هي عادته فيمن يترجم له عند ذكر وفاته، فإنّه لا يمكن الاعتماد عليه إذا لم يوافقه من يعتمد عليه من أهل التواريخ
(12)
.
(1)
في «كتائب أعلام الأخيار» (ق 287/أ).
(2)
في «الفوائد» (ص 185).
(3)
في «الأعلام» (4: 354).
(4)
كعمر كحالة في «معجم المؤلفين» (2: 355).
(5)
في «الأثمار الجنية» (ق 36/أ).
(6)
في «الفوائد البهية» (ص 185).
(7)
وهي نسخة «الأثمار الجنية» في مكتبة الأوقاف في العراق.
(8)
فتح باب العناية» (1: 34 - 35).
(9)
الكشف» (1: 419،496،2: 2011).
(10)
الكشف» (2: 1047،1971).
(11)
الكشف» (2: 2019)
(12)
أطال اللكنوي الكلام في كتابيه «إبراز الغي الواقع في شفاء الغي» ، و «تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد» في عدم اعتبار كتاب «كشف الظنون» من الكتب المعتمدة لكثرة ما فيه من الخطأ، ولا نعلم هذا الخطأ من مؤلفه أو ناسخه أو مهتمي طبعه، مع اعتباره من أفضل الكتب التي ألفت في مجاله؛ لكثرة ما جمع ورتَّب.
الفصل الثاني
في دراسة عن «الوقاية» و «شرح الوقاية»
وتشتمل على مباحث:
المبحث الأول: في اسم وسبب تأليف وصحة نسبة «الوقاية» ، و «شرح الوقاية» لمؤلفيهما.
المبحث الثاني: في مكانة «الوقاية» و «شرح الوقاية» بين كتب الفقه الحنفي.
المبحث الثالث: في شروح «الوقاية» .
المبحث الرابع: في حواشي «شرح الوقاية» .
المبحث الخامس: في منهج الماتن والشارح في المتن والشرح ومميزاتهما.
المبحث السادس: في المصادر التي اعتمد عليها صدر الشريعة في «شرح الوقاية» .
المبحث السابع: في الاصطلاحات الفقهية في «شرح الوقاية» وكتب الأحناف.
المبحث الثامن: في مخطوطات «الوقاية» .
المبحث التاسع: في مخطوطات «شرح الوقاية» .
المبحث العاشر: ترجة أئمة المذهب الذي تدور على قولهم مسائل الكتاب
المبحث الحادي عشر: في المنهج المتبع في تحقيق الكتاب.
المبحث الثاني عشر: في النسخ المعتمدة في تحقيق الكتاب.
المبحث الأول
اسم وسبب تأليف وصحة نسبة «الوقاية» و «شرح الوقاية» لمؤلفيهما
لم أقف على اختلاف وقع في تسمية «الوقاية» ؛ لأن مؤلفَها صرَّحَ في ديباجتِها باسمها وكذا الشارح، وهو:«وقاية الرواية في مسائل الهداية» ، وإنما اختصرها في كتبهم بـ «الوقاية» ، وبهذا الاختصار اشتهرت وعرفت.
أمَّا «شرح الوقاية» فلم أقف في كلام مَن يعتدُّ بهم على تسميتها بغير «شرح الوقاية» ، وإنّما الذي شاع وذاع اسماً لها هو نعت صدر الشريعة، ففي الكتب يطلقُ صدر الشريعة ويراد به «شرح الوقاية»
(1)
.
وتسامح محمد مطيع الحافظ
(2)
بتسميتها بـ «شرح المواضع المغلقة من وقاية الرواية» ، وسالم عبد الرزاق
(3)
بـ «حل المواضع المغلقة من وقاية الرواية في مسائل الهداية» ؛ لأن صدرَ الشريعة قال في مطلعها: هذا حل المواضع المغلقة من وقاية الرواية في مسائل الهداية. انتهى. وهذا ليس بتصريح صريح أنه اسم لها، بل يمكن أن يكون تعريفاً بعمله في الكتاب، وهو الأرجح؛ لأن العلماء لم يفهموا قبلهم أن هذا اسم لها. وأما عبد الله الجبوري
(4)
فسمَّاها: «العناية شرح وقاية الرواية» ، ولم أقف على مستند له في ذلك.
أما سبب تأليف «الوقاية» فكما مرّ وسيأتي في ديباجة الكتاب، وهو ما صرح به مؤلِّفها أنه ألَّفها من أجل أن يحفظها حفيدُه صدر الشريعة بعدما درس بعض العلوم، ويمكن أن يضاف إليه ما رآه من الحاجة إلى متنٍ مشتملٍ على عيون ظاهر الرواية، جامعٍ
(1)
يعرف ذلك مَن يمارس الاشتغال بكتب الفقه الحنفي، وممن نبه على ذلك حاجي خليفة في «الكشف» (2: 2021).
(2)
في «فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية» (1: 432).
(3)
في «فهرس مخطوطات الموصل» (8: 68).
(4)
في «فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العراقية» (1: 481).
لما حوته «الهداية» من المسائل مع إسقاط الدلائل، والترجيح على ما يراه مشايخ بلادهم، والله أعلم.
وأما «شرح الوقاية» فكما سيأتي في ديباجة الكتاب أيضاً، وهو ما ذكره صدر الشريعة، ويمكن إرجاعه إلى ثلاثة أسباب:
الأول: انتشار نسخ «الوقاية» في البلاد وبين العباد، ووقوع شيء من التغييرات ونبذ من المحو والإثبات فيها، فألَّفَ هذا الشرح على ما تقرَّر عليه المتن، لتغيير النسخة المكتوبة إلى هذا النمط.
والثاني: أنه اختصر «الوقاية» بـ «النقاية» ، فأراد بهذا الشرح فتح مغلقاتها، وتوضيح عبارتها.
والثالث: كثرة إلحاح ابنه محمود عليه بتأليف شرح للـ «وقاية» .
وأما بخصوص صحة نسبتهما لمؤلفيهما فلم أقف على اختلاف بين العلماء في نسبة «الوقاية» لجدِّ صدر الشريعة، وإنما وقع اضطراب في عباراتهم في كونها لجده أبي أمِّه أو أبي أبيه على ما سبق بيانه وتحقيقه في الفصل الأول.
و «شرح الوقاية» قد نسبها صدر الشريعة لنفسه في ديباجتها، فاتفقت كلمات العلماء في نسبتها إليه، وصار نعته اسماً لها، إلا أن لابن عابدين
(1)
وهماً في ذلك إذ جعل شرح صدر الشريعة على «مختصر الوقاية» لا على «الوقاية» ، فقال:«الوقاية» لتاج الشريعة واختصرها صدر الشريعة، وسمّاه «نقاية الوقاية» ثم شرحها، فـ «الوقاية» لجدّه لا له، فافهم. انتهى
(2)
.
(1)
وهو محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الدِّمَشْقِيّ الحَنَفِي، المشهور بابن عابدين، قال الشطي: لو لم يكن له من الفضل سوى «الحاشية» التي سارت بها الركبان، وتنافست فيها الناس زماناً بعد زمان لكفته فضيلة تذكر، ومزِّية تشكر. وله:«العقود الدرية بتنقيح الفتاوي الحامدية» ، و «نسمات الأسحار على شرح إفاضة الأنوار» ، ورسائله المشهورة، (1198 - 1252 هـ). ينظر:«أعيان دمشق» (ص 252 - 255). «الأعلام» (6: 267 - 268).
(2)
من «رد المحتار» (2: 121).
المبحث الثاني
مكانة «الوقاية» و «شرح الوقاية» بين كتب الفقه الحنفي
أعرض هنا التسلسل التاريخي لمراحل الفقه الحنفي وكتبه؛ لنتبين ما سبق «الوقاية» و «شرح الوقاية» من الكتب فنتعرَّف مدى تأثرهما بها، والطريق التي مشى عليها الفقه الحنفي حتى وصل إليهما، وممَّا استقى مؤلِّف «الوقاية» كتابه.
وبذكر المراحل التاريخية لما بعدهما؛ نتعرَّف على مدى تأثُّر مَن تأخر عنهما بهما واستفادتهم منهما، ونظرتهم إليهما، وقبل ذلك أمهد بتمهيد مختصرٍ عن نشأة الفقه نتبيَّن من خلاله سبب اعتناء العلماء ومنهم برهان الشريعة وصدر الشريعة كلٌّ بخدمة مذهبه فحسب، ولئن أطال الله في عمري لأفردن هذا البحث بدارسة خاصة تتناول جميع جوانبه، لما اعتراه من الخلط والتخبط في الفهم في هذا الزمان؛ ولذا ألتمس القارئ الكريم اعتذاراً على الإيجاز المذكور هنا.
تمهيد:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هادياً للعالمين ومبيِّناً لأحكام الدين سلوكاً وعقيدةً وعملاً، ولم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن أتمَّ البيان:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3]، وقال صلى الله عليه وسلم:«تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك»
(1)
، وهذا التعليم منه صلى الله عليه وسلم استغرق كلَّ حياته لكلِّ مَن صحبه، فكلٌّ من صحابته رضي الله عنهم يمكن أن يقول له كلاماً يتلاءم مع نفسه وحاله، وعلى حسب ما يقتضيه المقام من البيان والتعليم، الأمر الذي أدَّى إلى اختلاف فيما ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال، علاوةً على أن كبار الصحابة المجتهدين الذين تصدُّوا للفتوى ورد عنهم أقوال عديدة تختلف عمَّا نقل عن بعض
(1)
في «المستدرك» (1: 75)، و «المسند المستخرج» (1: 36)، «المعجم الكبير» (18: 247)، وغيرها.
منهم، وبعض يخالف ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن لبعضهم أقوال تخالف ما روي من الأحاديث، وكذا ورد عنهم أقوال أجمعوا واتَّفقوا عليها.
فمِن بين الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة والآثار المختلفة عن الصحابة والمجمع عليها لا بدَّ من استخراج الحكم الشرعيّ سواء أكان في العبادات أم الأحوال أم المعاملات أم غيرها، وهذه هي مهمّةُ المجتهد التي إذا أقدم عليها غيرُه ضلَّ، قال تقي الدين السُّبكي
(1)
: نسب قول: الحديث مضلَّة إلا للفقهاء؛ إلى كل من ابن وهب والليث بن سعد وابن عيينة رضي الله عنهم، ولا يخفى معناه على مَن له نوع اتّصال بكتب العلم وأهله، وروي قريب من معناه عن أئمة آخرين. انتهى.
وقد أوجد الله تعالى في هذه الأمّة العديد من المجتهدين على طوال القرون، كلٌّ منهم يبذل قصارى جهده في استخلاص أصول وقواعد يحتكم إليها في استنباط الأحكام الشرعيّة، وهذا الأصول والقواعد التي قعَّدها لنفسه تتفاوت قوَّة وضعفاً في استيعابها للمسائل الفقهية في بابها، وكُلَّما كان للمجتهد قواعد أكثرَ استيعاباً لفروعها كان الفقيه أكثر اجتهاداً وفقهاً من غيره، وأقدر على القيام بهذه المهمّة، فيحيط به التلاميذ من كلِّ حدب، ويقبل عليه الناس مستفتين، يصور هذا المعنى ما نقل عن زفر تلميذ الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه:
أنه قدم البصرة، وكان الشائع فيها رأي عثمان البَتِيّ، وهو رئيسها وفقيهها، فكان يأتي حلقته فيسمع مسائلهم، فإذا وقفَ على الأصل الذي بنوا عليه تتبع فروعهم التي فرّعوا على ذلك الأصل، فإذا وقفَ على تركِهم الأصل طالب البَتِيّ حتى يلزمه قوله، ويبيّن له خروجه عن أصله، فيعود أصحابه شهوداً عليه بذلك، فإذا وقف أصحاب البَتِيّ على ذلك واستحسنوا ما كان منه، قال لهم: ففي هذا الباب أحسن من هذا الأصل، ويذكره له، ويقيم الحجّة عليه فيه، ويأتيهم بالدلائل عليه، ويطالب البَتِيّ بالرجوع إليه، ويشهد أصحابه عليه بذلك ثمَّ قال لهم: هذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه،
(1)
في «معنى قول الإمام المطلبي إذا صحّ الحديث فهو مذهبي» (ص 18).
فما مضت الآيام حتى تحوَّلت الحلقة إلى زفر، وبقي البَتِيّ وحده
(1)
. ثم صار مذهب زفر هو الشائع في البصرة.
فالسبب الرئيس في الخلاف في الفروع بين الفقهاء هو اختلاف الأصول والقواعد
التي بنوا عليها هذه الفروع
(2)
، ولا يمكن للفقيه أن يكون مجتهداً إلا إذا كان له أصول.
ومن بين هؤلاء المجتهدين الكثيرين تلَّقت الأمّة اجتهاد الأئمة الأربعة المتبوعين دون سواهم
(3)
؛ لأسباب كثيرة كدقّة أصولهم واشتهار تقواهم وورعهم وكثرة تلاميذهم وغير ذلك، وكلُّ واحد منهم قدَّمَ لنا عصارة وخلاصة ما في القرآن والسنة وآثار الصحابة من الأحكام الفقهية المرتكزة على قواعده، والخالصة عن التعارض والاضطراب الظاهري الذي يرد على الآيات والأحاديث والآثار فيما بينها، ففي هذا الدور قطع الفقه شوطاً كبيراً في انفصاله عن مورده واستقلاله في مسائل وفتاوى شاملة لجميع أبوابه.
مما حدى بتلاميذ الأئمة الأربعة ومَن تبعهم أن يكملوا ما بدأه هؤلاء الأئمة، ويتمِّموا بناءه، لا أن يعودوا ويفعلوا كما فعلوا إذ فيه إعادة لَما تَّم وانتهى، فكلٌّ منهم
(1)
انتهى من «لمحات النظر في سيرة الإمام زفر» (ص 18)، و «مقدمات الإمام الكوثري» (ص 301 - 312) وغيرهما.
(2)
كون الخلاف الفقهي بين المذاهب راجعاً إلى الأصول قرَّره كثير من العلماء الكبار، منهم: اللكنوي في كتاب «إمام الكلام في القراءة خلف الإمام» ، والكشميري في «نيل الفرقدين في رفع اليدين» فكلٌّ منهم بعدما أفاض في عرض المسألة وبيان أدلة كل طرف، قرَّر ذلك. وعن استيفاء الأئمة المتبوعين لأدلة الأحكام سئل ابن خزيمة هل تعرف سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتابه؟ فقال: لا. ينظر: «معنى قول الإمام المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي» (ص 106)
(3)
قال الحطاب المالكي: إنما وقع الإجماع عليها؛ لأنها انتشرت حتى ظهر فيها تقييد مطلقها وتخصيص عامّها وشروط فروعها، فإذا أطلقوا حكماً في موضع وجد مكملاً في موضع آخر، وأما غيرهم فتنقل عنهم الفتاوى مجرّدة، فلعلّ لها مكملاً أو مقيّداً أو مخصصاً لو انضبط كلام قائله لظهر فيصير الإنسان في تقليده على غير ثقة، ومن دوّن مذهبه كالثوري والأوزاعي وداود الظاهري فقد انقرض مذهبه وصار كأن لم يدون ولم يدون مذهب عالم من علماء السنة غير مذاهب هذه السبعة. ينظر:«لزوم طلاق الثلاث» (ص 2 - 3). وأما حكم التزام مذهب معيَّن وجواز الانتقال من مذهب لآخر فقد فصّل فيه الشنقيطي في «قمع أهل الزيع والإلحاد» (ص 40 - 41).
من كلام إمامه أصَّل القواعد وشيَّدها، وفرَّع عليها الفروع الكثيرة المتّفقة مع أصول إمامه، وكان يتعامل مع كلام إمامه في الاجتهاد والاستنباط كما يتعامل المجتهد مع كلام الشارع
(1)
، واهتموا كثيراً بتحرير كلامهم في كلِّ مسألة، وألَّفوا المختصرات والمطولات في ذلك.
وهذا التدرج الفقهي كان نتيجة تغيُّر الحياة الاجتماعية التي يعيشها المسلمون، فقد تطوَّرت واتّسعت عمّا كانت عليه في حياة الصحابة رضي الله عنهم ودخلت في الإسلام أممٌ جديدةٌ ذات حضارات ومدنيات مختلفة، وذمم الناس ساءت، والأفكار فسدت عمّا كانت عليه في عصر الصحابة رضي الله عنهم.
فالصحابة منهم مَن كان مجتهداً ومنهم مَن كان مقلّداً، والمقلّد فيهم يعملُ بالتقليد المطلق من غير التزام مذهب معيّن، وكان التقليدُ الشخصي نادراً فيهم، لكن لمّا تغيّر الزمان على ما ذكر اختار العلماءُ لغير المجتهدين أن يلتزموا مذهب إمام معيّن
(2)
، لا لأنه كان حكماً شرعياً، بل لكف الناس عن اتباع الهوى، فإن الرجل العاميّ إذا حصلت له الحرية في أن ينتقي من أقوال الفقهاء ما يوافق أهواءه صار الدين لعبةً في أيدي المتطفلين، تتلاعب به أهواؤهم
(3)
، وهذا مما لا يبيحه أحد، فكان حكم التقليد الشخصي سداً للذريعة لا تشريعاً لما لم يثبت من الصحابة والتابعين، قال شيخ الهند: التقليد الشخصي ليس بحكم شرعي بل هو فتوى انتظامي
(4)
.
(1)
قال الخادمي في رسالته في «مسنونية السواك» (ص 236 - 237): لا شك أن حجتنا على الأحكام أقوال فقهائنا إذ الاحتجاج بالنصوص هو مذهب الاجتهاد.
(2)
قال ابن رجب في «الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة» (ص 34): علَّة منع تقليد غير الأئمة الأربعة أن مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر ولم تنضبط، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه، أو فهم عنهم ما لم يريدوه، وليس لمذاهبهم مَن يذبّ عنها وينبّه على ما يقع من الخلل فيها بخلاف هذه المذاهب المشهورة.
(3)
قال الدهلوي في «الانصاف» (ص 97): هذه المذاهب الأربعة المدونة قد اجتمعت الأمة أو من يعتد به منها على جواز تقليدها إلى يومنا هذا، وفي ذلك من المصالح ما لا يخفى ولا سيما في هذه الأيام التي قصرت فيها الهمم وأشرِبَت النفوس الهوى، وأعجب كل ذي رأي برأيه.
(4)
ينظر: «أصول الإفتاء» (ص 17).
المراحل التاريخية لكتب الفقه الحنفي لما سبق «الوقاية» و «شرح الوقاية» وما تلاهما:
وتفصيل ما سبق من الكلام في مذهب الحنفية؛ لنتعرف المراحل التي سار عليها الفقه حتى وصل إلى «شرح الوقاية» الذي هو موضوع هذه الدراسة: أن أبا حنيفة رضي الله عنه وهو تابعيٌّ
(1)
رأى أنساً رضي الله عنه وغيره في الكوفة ـ التي بناها الفاروق رضي الله عنه، وبعثَ إليها ابن مسعود رضي الله عنه ليعلم أهلها، وقال: إنّي آثرتكم على نفسي بعبد الله. ووصفه: بأنه كنيف مليء علماً. حتى أن عليّاً رضي الله عنه عندما جاء لإقامة خلافته فيها، أعجب أيما إعجاب بكثرة فقهائها، فقال لابن مسعود رضي الله عنه: ملأت هذه القرية علما وفقهاً.
بل بلغ تلاميذه وتلاميذ تلاميذه أربعة آلاف شخص هم سرج تلك القرية، وأبلغ العجلي عدد الصحابة الذين سكنوا الكوفة فقط إلى ألف وخمسمئة صحابي
(2)
ـ.
وكان أبو حنيفة رضي الله عنه بعدما يحقِّقُ المسائل الفقهية ويمحصُها بالدلائل على ما هو مشهورٌ من طريقته في التفقيه يأمر تلامذته بتدوينها، وعدد تلامذته الذين دوَّنوا الفقه أربعون
(3)
، أبرزُهم محمد بن الحسن الشيباني؛ إذ على كتبه الاعتماد في نقل المذهب؛ لشدّة تحرِّيه وفقهه وحفظه وتفريعه وتدوينه، فكتبه المسمَّاة بظاهر الرواية، وهي «المبسوط» ، و «الجامع الكبير»
(4)
، و «الجامع الصغير»
(5)
، و «الزيادات» ، و «السير
(1)
أثبت كبار المحدثين والمؤرخين تابعية أبي حنيفة: منهم: الذهبي في «مناقب أبي حنيفة» (ص 8)، والسيوطي في «تبييض الصحيفة» (ص 295)، وابن حجر المكي في «الخيرات الحسان» (ص 29)، والنووي في «تهذيب الأسماء» (2: 216)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (4: 208)، واليافعي في «مرآة الجنان» (1: 310)، والخوارزمي في «جامع المسانيد» (1: 21 - 22)، والقاري في «سند الأنام» (ص 585 - 588)، وتفصيل الكلام في «إقامة الحجة» (ص 83 - 89).
(2)
ينظر: تفصيل هذا البحث في «حسن التقاضي» (ص 10 - 11).
(3)
أشهرهم وأقدمهم: أبو يوسف وزفر وداود الطائي وأسد بن عمر ويوسف بن خالد السمتي، ويحيى بن زكريا. وتمامه في «حسن التقاضي» (ص 12). وعن عبد الرحمن الرازي: أول من صنَّف الكتب بالكوفة يحيى بن زكريا. ينظر: «الفوائد» (ص 370).
(4)
من شراحه: الحصري والقونوي و ابن السراج والخلاطي والآب كرمي و افتخار الدين الهاشمي والضرير والكردري وسبط ابن الجوزي وسليمان الصدر والطحاوي والعتابي والبزدوي والمارديني والكرماني والقباوي. ينظر: «الجواهر» (5: 622).
(5)
من شرّاحه: الكردري والتمرتاشي والجصاص وابن حسكا الفزي والعقيلي والطحاوي والظهير البلخي والضرير والعتابي والبزدوي وقاضي خان وصدر القضاة وأبو الليث والنجم والحسامي والبرهاني والصدر الشهيد. ينظر: «الجواهر» (5: 621 - 622). «مفتاح السعادة» (2: 256).
الكبير»
(1)
، و «السير الصغير» ، التي نقلت لنا بالرواية المشهورة أو المتواترة تحكي لنا الصحيح من مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان الفقهاء لزمن متأخِّر يعتنون بها حفظاً وتدريساً وشرحاً ولا سيما «الجامعين» و «المبسوط» ، حتى قال بعضهم
(2)
: من حفظَ «المبسوط» ومذهب المتقدمين، فهو من أهل الاجتهاد. وقد توفِّي محمد بن الحسن (189 هـ) فتكون تأليفاته في القرن الثاني الهجري.
وأما في القرن الثالث الهجري: ألف الخصّاف (ت 261 هـ) كثيراً من الكتب منها: «النفقات» ، و «أدب القاضي» ، وقد اهتمّ العلماء بها شرحاً
(3)
وتدريساً.
وفي القرن الرابع: ظهرت في المذهب الحنفي عدّة مختصرات نافست كتب محمد بن الحسن في التدريس والحفظ والشرح، وهي «الكافي» للحاكم الشهيد (ت 334 هـ) الذي جمع فيه مسائل كتب محمد بن الحسن ظاهر الرواية، مع إسقاط المتكرر، وأبرز شروحه «المبسوط» للسرخسي المشهور والمتداول إلى هذا الزمان، و «مختصر الطحاوي»
(4)
(ت 321 هـ)، و «مختصر الكَرْخي»
(5)
(ت 340 هـ)، وشرحهما العلماء شروحاً كثيرة جدّاً، وفي هذا القرن جمعت الفتاوى والنوازل في المسائل الفقهية التي أفتى بها كبار متقدِّمي الحنفية، وقام بذلك أبو الليث السَّمَرْقَنْدِيّ (ت 375 هـ) في كتابه «مختارات النوازل» ، وألَّف أيضاً «مقدمة» مشهورةً في أحكام الصلاة والطهارة شرحَها كثيرٌ من العلماء
(6)
.
وفي القرن الخامس: ألَّف القُدُوريّ (ت 428 هـ)«مختصره»
(7)
المشهور، والذي نافسَ كتبَ محمّد بن الحسن و «الكافي» و «مختصر الطحاوي» ، و «مختصر الكرخي» منافسةً
(1)
من شراحه: الحصري وشيخ الإسلام السغدي والسرخسي. ينظر: «الجواهر» (5: 631).
(2)
ينظر: «التبيين» (4: 176).
(3)
فمن شراحه: الجصاص والهندواني والقدوري والسغدي والسرخسي والحلواني وخواهر زاده والصدر الشهيد وقاضي خان. ينظر: «شرح أدب القاضي» (1: 46 - 47).
(4)
من شراحه: أبو بكر الوراق والجصاص والأسبيجابي والبري. ينظر: «الجواهر» (5: 632).
(5)
من شرّاحه: الجصاص وأبو عبد الله الضرير والقدوري. ينظر: «الجواهر» (5: 633).
(6)
منهم: السرماري والقرماني والعلقمي والولوني والكنجاني وابن عرب شاه. ينظر: «الكشف» (2: 1795 - 1796).
(7)
من شراحه: الخبازي والخلخالي والسروجي والرسغي والنصروي والنوري والأقطع والاسبيجابي والزاهدي والكادوري ومحمد بن رمضان الرومي. ينظر: «الجواهر» (5: 632 - 633).
كبيرةً في اهتمام العلماء به حفظاً وتدريساً وشرحاً؛ لسهولة عبارته، والتزامه بذكر ما عليه الاعتماد في المذهب.
وفي القرن السادس: ألَّفَ علاء السمرقنديّ (ت 539 هـ)«تحفة الفقهاء» وشرحَها تلميذه الكاساني (ت 587 هـ) في «بدائع الصنائع» ، وألَّفَ أبو حفص النسفي (ت 537 هـ)«منظومة الخلاف» التي اهتمّ العلماء بشرحها
(1)
، وأبو القاسم السمرقندي (ت 556 هـ)
«الفقه النافع»
(2)
، والغزنوي (ت 593)«مقدمته» المشهورة
(3)
، ولم ينته هذا القرن حتى ألف المَرْغينانيّ كتاب «الهداية» ، وهو شرح لـ «بداية المبتدي» له، جمع فيه ما بين «متن القُدُوريّ» و «الجامع الصغير» للشيباني، وأكثر في «الهداية» من التأصيل والاستدلال للمسائل عقلاً وشرعاً، فشاعت في البلاد وذاعت، وأصبحت محطّ نظر العلماء، فدرَّسوها وشرحوها
(4)
، ومما قيل فيها:
إلى حافظيه ويجلو العمى
…
كتاب الهداية يهدي الهدى
فلازمه واحفظه يا ذا الحجى
…
فمن ناله نال أقصى المنى
وقيل:
إن الهداية كالقرآن قد نسخت
…
ما صنفوا قبلها في الشرع من كتب
فاحفظ قراءتها والزم تلاوتها
…
يسلم مقالك من زيغ ومن كذب
(5)
قال طاشكبرى زاده بعد أن ذكر عدداً من شروحها: شروح «الهداية» لا تنحصر فيما ذكر، لكن الأشهر ما ذكرناه ومع جد الفضلاء وسعيهم على شرحها لم تبرز
(1)
منهم: حافظ الدين النسفي والموصلي والحموي والافشنجي والقره حصاري والأسمندي والسديدي والحدادي والقيصري وابن الشحنة. ينظر: «الكشف» (2: 1867 - 1868).
(2)
منهم: حافظ الدين النسفي والرامشي، وممن نظمه محمد بن جلال الدين المعروف بسلطان (ت 740 هـ). ينظر:«الكشف» (2: 1922). و «المذهب الحنفي» (2: 471).
(3)
ممن شرحها: أحمد بن محمد بن الضياء القرشي. ينظر: «الضوء اللامع» (7: 84 - 85).
(4)
وممن شرحها: الصغناقي والقونوي والضرير والكاكي والسروجي والخبازي والإتقاني وابن الهمام والبابرتي والكرلاني والغزنوي والعيني واللكنوي وغيرهم كثير ينظر: «الكشف» (2: 2032 - 2040).
(5)
ينظر: «مفتاح السعادة» (2: 239).
لطائفه من جلباب التمتع والاحتجاب، ولم تذلل صعاب دلائله للطلاب، بل بقيَ بعد خبايا في الزوايا، ولله در مصنّف لا تنتهي لطائفه ودقائقه، ولا تنكشف معانيه وحقائقه. انتهى
(1)
.
وفي القرن السابع: وهو عصر الاهتمام بتدوين العلوم في متون في مختلف الفنون؛ إذ رأى العلماء أنها الطريقة الفضلى في التعلُّم، فالطالب يحفظ المتن، وهو الأساس والقواعد لكلّ علم يكون فيه، فيتمكّن من استحضاره في أي وقت وزمان، ثم يكثر قراءة الشروح عليه حتى يكون ملكةً في هذا العلم، وفي هذا القرن ألَّفَ في المذهب الحنفي المتون الأربعة المعتمدة، وهي «الوقاية» ، و «الكنْز» للنَّسَفيّ
(2)
(ت 701)، و «المجمع» لابن الساعاتي (ت 694 هـ)، و «المختار» للموصلي (ت 683 هـ).
وهذه المتون الأربعة مع «الهداية» ، و «مختصر القدوري» انفردت باهتمام العلماء على ما سواها إذ وجدت عنايةً كبيرةً منهم، ولا سيما «الوقاية» ، و «الكنْز» ، فشروحها لا تحصى عدداً، وأبرز شروح «الوقاية» شرح صدر الشريعة الذي هو موضوع هذه الدراسة، وأبرز شروح «الكنْز» شرح الزَّيْلَعِيّ المسمَّى «تبيين الحقائق» وشرح ابن نجيم المسمَّى «البحر الرائق» ، وأبرز شروح «المجمع»
(3)
شرحُ ابن ملك، وأبرز شروح «المختار» شرحُ مؤلِّفه المسمَّى «الاختيار» .
قال اللكنوي
(4)
: وقد كثر اعتماد المتأخرين على الكتب الأربعة وسمّوها المتون الأربعة: «المختار» ، و «الكنْز» ، و «الوقاية» ، و «مجمع البحرين» ، ومنهم من يعتمد على الثلاثة:«الوقاية» ، و «الكنْز» ، و «مختصر القدوري» . انتهى.
وهي المقصودة بقولهم: ما في المتون مقدَّمٌ على ما في الشروح، وما في الشروح مقدَّمٌ على ما في الفتاوي، إلا إذا وجد ما يدل على الفتوى في الشروح والفتاوى،
(1)
من «مفتاح السعادة» (2: 246).
(2)
وللنسفي أيضاً متن آخر مشهور سمَّاه «الوافي» ، وشرحه «بالكافي» ، يوجد له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية.
(3)
ومن شروحه أيضاً شرحٌ لأحمد بن إبراهيم بن ايوب العَيْنتابِي الحنفي، شهاب الدين أبو العباس، وهو في ستّ مجلدات، (ت 767 هـ). ينظر:«الوفيات» للسلامي (2: 302).
(4)
في «الفوائد البهية» (ص 180).
فحينئذ يقدَّمُ ما فيهما على ما في المتون؛ لأن التصحيح الصريحي أولى من التصحيح الالتزامي، ولم يريدوا بالمتون كل المتون، بل المتون التي مصنفوها مميّزون بين الراجح والمقبول والمردود والقوي والضعيف، فلا يوردون في متونهم إلا الراجح والمقبول والقوي وأصحاب هذه المتون كذلك، وهذا في عرف المتأخرين، أما في عرف المتقدّمين قبل أزمنة المصنفين المذكورين فحيث قالوا: ما في المتون مقدم. أرادوا به متون كبار مشايخنا، وأجلة فقهائنا كتصانيف الطحاوي والكرخي والجصاص والخصاف والحاكم وغيرهم
(1)
.
فأصحاب هذه المتون متفقون على الالتزام بذكر قول الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه،
والراجح في المذهب في كل ما يوردون، ويهتمون كثيراً جداً بجمع مسائل كثيرة في متونهم، مع اختصار شديد في العبارة، ويختلفون في أن بعضهم يذكر بعض المسائل وبعضهم لا يذكرها، ووكذا فيما هو الصحيح أو الأصح أو ما عليه الفتوى في المذهب كلٌّ على حسب اجتهاده، وعلى حسب الشائع في البلاد التي يعيش فيها، وأيضاً في ترتيب الكتب تقديماً وتأخيراً. وهذه الميِّزاتُ انفردوا فيها عن أصحاب المتون من المتقدِّمين، إذ قد يخرج صاحب المتن عن رأي المذهب في بعض المسائل، كما يقع ذلك من الطحاوي في «مختصره» .
فالملاحظ ممَّا سبق من الكلام مدى اعتبار «الوقاية» في المذهب حتى دخلت قسمة المتون الأربعة والمتون الثلاثة المعتمدة في المذهب، ويرجع ذلك علاوة على ما سبق مما التزمه أصحاب المتون إلى كبر مكانة مؤلِّفها العلمية، ومنْزلته في المذهب، وإلى كونها جمعت مسائل «الهداية» السابق ذكر ما انفردت به من المميزات التي لم يشاركها فيه أيٌّ من الكتب المؤلّفة في المذهب. وسنلاحظ بتسليط النظر على القرون التي تلت هذا القرن مدى متابعة المؤلِّفين لأصحاب هذه المتون ولا سيما لمتن «الوقاية» .
ففي القرن الثامن: ألف الكاكي (ت 749 هـ)«عيون المذاهب» ، وصدر الشريعة «مختصر الوقاية» المسمَّاة بـ «النقاية» ، وقد اهتم العلماء بتحفيظها وتدريسها وشرحها،
(1)
ينظر: «التعليقات السنية» (ص 180).
كما مرّ سابقاً، وابن وهبان (ت 768 هـ)«قيد الشرائد ونظم الفرائد» وقد اهتمّ العلماء بشرحها
(1)
وتدريسها.
وفي القرن التاسع: ألف ابن قاضي سماونة (ت 818 هـ)«لطائف الإشارات» ، وألَّفَ ملا خسرو (ت 885 هـ)«غرر الأحكام» وشرحه بـ «درر الحكام» التي مشى فيها على منوال «الوقاية» وشرحها لصدر الشريعة، إلاَّ أنه في بعض المسائل يعترض ويحقِّقُ ويرجِّح، ويقدِّمَ ويؤخِّرَ في كتبِ الكتاب، وأيضاً تابع ملا خسرو صدرَ الشريعة في متنه وشرحه في الأصول المسمَّى «مرآة الأصول شرح مرقاة الوصول» فهو على غرار «التوضيح
في حلِّ غوامض التنقيح»، واعتنى العلماء كثيراً بتدريس «درر الحكام» وتحشيتها
(2)
.
وفي القرن العاشر: ألَّفَ الطرابلسيُّ
(3)
(ت 922 هـ)«مواهبَ الرحمن» وشرحَه بـ «البرهان» ، والأماسي (ت 938 هـ)«مخزن الفقه» ، وابنُ كمال باشا (ت 940 هـ)«الاصلاح» وشرحه بـ «الإيضاح» ، وحاول فيهما إصلاح ما في «الوقاية» ، وإيضاح ما في شرح صدر الشريعة من المسامحات والمخالفات، لكن كثيراً من العلماء انبروا له، وردّوا كثيراً ممَّا قاله كما سيتضح عند ذكر شروح الوقاية وحواشي صدر الشريعة، وللعلماء على «الإيضاح» تعليقات
(4)
، وألَّفَ الحلبيُّ (ت 956 هـ)«ملتقى الأبحر» الذي جمع فيه بين «الوقاية» و «القدوري» ، و «المختار» ، و «الكنْز» مع بعض مسائل «المجمع» ونبذة من
(1)
فممن شرحها مؤلفها، وابن الشحنة، وعلي بن غانم المقدسي. ينظر:«الكشف» (2: 1865 - 1866).
(2)
فممن حشّاه: وانقولي وعزمي زاده وفوزي وقنالي زاده وابن كمال باشا والأنقروي ومعمار زاده وابن القرماني والحميدي وإسماعيل النابلسي ونوح الرومي وعلي الحموي والشرنبلالي وعبد الحليم والخادمي. ينظر: «الكشف» (2: 1199 - 1200).
(3)
وهو إبراهيم بن موسى الطرابلسي، برهان الدين، نزيل القاهرة، له:«مواهب الرحمن في مذهب النعمان» ، قال: وقد صنفت هذا الكتاب على نحو القاعدة التي اخترعها صاحب «مجمع البحرين» . وله شرح عليه سمَّاه «البرهان» ، وله:«الإسعاف في حكم الأوقاف» ، (853 - 922 هـ). ينظر:«النور السافر» (ص 104)«الكشف» (2: 1895).
(4)
منهم: محمد شاه و محمد بن خرم وصالح بن جلال وبالي الطويل وغزالي زاده وتاج الدين الأصغر والبركلي. ينظر: «الكشف» (1: 109).
«الهداية» ، وقدم من أقاويلهم ما هو الأرجح، وأخّر غيره، واجتهد في التنبيه على الأصح والأقوى وفي عدم ترك شيء من مسائل الكتب الأربعة، ومشى فيه على نسق «الوقاية» ؛ ولهذا ذاع صيته في الآفاق ووقع على قبوله بين الحنفية اتفاق، واهتم العلماء بتدريسه وشرحه
(1)
.
وفي القرن الحادي عشر: ألَّف التُّمُرتاشيّ (ت 1004 هـ)«تنوير الأبصار» جمعَ فيه مسائل المتون المعتمدة مع الزيادة والترجيح، واعتنى العلماء فيه كثيراً شرحاً
(2)
وتدريساً مع ما سبق من المتون. والكواكبي (1096 هـ)«الفرائد السنية» وشرحه «بالفوائد السمية» .
المبحث الثالث
شروح «الوقاية»
ما سبق ذكره عن أهمية «الوقاية» كان سبباً في إقبال العلماء عليها شرحاً؛ لحاجة الطلاب إلى ذلك بعد حفظها، فمن هذه الشروح:
«شرح الوقاية» للسيد الشريف الجرجاني (ت 816 هـ)
(3)
.
«شرح الوقاية» لابن الخليفة، كان حياً سنة (872 هـ)
(4)
.
«شرح الوقاية» لمصنّفك (ت 875 هـ)
(5)
.
(1)
منهم: علي الحلبي وعيشي والبهنسي والباقاني والسيواسي والطرابلسي والمناستري وشيخي زاده والحصكفي وحلب والسيد الحلبي والسنوبي والأدرنوي وقاضي زاده وظريفي وطورون. ينظر: «الكشف» (2: 1816).
(2)
ممن شرحه: المؤلف والحصكفي، وعلى شرح الحصكفي المسمَّى «الدر المختار» حاشية للحلبي والطحطاوي وابن عابدين واسمها «رد المحتار» وعليها التعويل في تحقيق ما عليه المذهب في جل مسائلها.
(3)
وهو علي بن محمد بن علي السيد الزين الحسيني الجُرْجَانِيّ، أبو الحسن، المعروف بالشَّريف الجُرْجَاني، من مؤلفاته:«الشريفية» ، و «حواشي شرح الشمسية» ، و «شرح المواقف». ينظر:«الضوء اللامع» (5: 328 - 330). «الفوائد» (ص 212 - 224).
(4)
وهو عبد الوهاب بن محمد النيسابوريّ، من مؤلفاته: شرحان على «الوقاية» . ينظر: «هدية العارفين» (1: 639). «معجم المؤلفين» (2: 346).
(5)
وهو عليّ بن محمّد بن محمّد البسطاميّ الهَرَويّ الرازيّ، الشهير بمصنِّفك، لأنه ألَّفَ من صغرهِ تآليفاً، وله:«شرح آداب البحث» ، و «شرح اللباب» ، و «شرح شرح التَّفْتَازانيّ للمفتاح». ينظر:«الشقائق النعمانيّة» (ص 100 - 102). «مقدمة العمدة» (1: 21).
«شرح الوقاية» لابن قطلوبغا (ت 789 هـ)
(1)
.
«شرح الوقاية» لعلاء الدين الأسود (ت 800 هـ)
(2)
، قال طاشكبرى زاده
(3)
: وهو كتاب حافل كافل لحلّ مشكلات «الوقاية» رأيته في مجلدين فطالعته وانتفعت به.
«شرح الوقاية» لابن ملك (ت 801 هـ)
(4)
، لكنه لم يتَّفق له تبييضه، فبيّضه ابنه
محمَّد
(5)
وزاد عليه، كما صرح في ديباجته
(6)
. له نسخة مخطوطة في مكتبة القادرية برقم (40719).
«الحماية على شرح الوقاية» للكِرماسني (ت نحو 900 هـ)
(7)
.
«الرمز إلى تحقيق الوقاية» لابن الشحنة (ت 921 هـ)
(8)
.
«شرح الوقاية» لشيخ زاده (ت 950 هـ)
(9)
.
(1)
نسبه إليه شلبي في «حاشيته على التبيين» (5: 148).
(2)
وهو علي بن عمر الروميّ، المشتهر بقره خواجه، وله: شرح على «المغني» . ينظر: «الشقائق» (ص 9). «الكشف» (2: 1749). «الفوائد» (ص 274 - 275).
(3)
في «الشقائق» (ص 9)
(4)
وهو عبد اللطيف بن عبد العزيز بن أمين الدين الكِرْمَانِيّ، المعروفِ بابن مَلَك، قال الكفوي: كان أحد المشهورين بالحفظ الوافر من أكثر العلوم، وأحد المبرزين في عويصات العلوم، وله القبول التام عند الخاص والعام. وله:«شرح المجمع» ، و «شرح المنار» ، و «مبارق الأزهار فِي شرح مشارق الأنوار». ينظر:«الضوء اللامع» (4: 329). «الفوائد» (ص 181). «الشقائق» (30). «كشف الظنون» (2: 1601). «دفع الغواية» (ص 6).
(5)
وهو محمد بن عبد اللطيف بن عبد العزيز الكِرْمَانِيّ، له:«شرح مشكاة المصابيح» ، و «روضة المتقين» ، كان حيَّاً سنة (806 هـ). ينظر:«الشقائق النعمانية» (ص 31). «معجم المؤلفين» (3: 426).
(6)
أي ديباجة «شرح الوقاية» (ق 1/أ).
(7)
وهو يوسف بن حسين الكِرْماسني، وله:«حواشي شرح الوقاية» ، و «حواشي المطول». ينظر:«الكشف» (2: 2021). «دفع الغواية» (1: 10).
(8)
وهو عبد البرّ بن محمد بن محمد الحنفي، المعروف بابن الشَّحْنَة، أبو البركات، سري الدين، من مؤلفاته:«الذخائر الأشرفية في ألغاز الحنفية» ، «غريب القرآن» ، و «تفصيل عقد الفرائد» ، (581 - 921 هـ). ينظر:«الكشف» (1: 97). «الأعلام» (4: 47). مقدمة «الذخائر الأشرفية» (ص 4).
(9)
وهو محمّد بن مصلح الدين القوجوي، المعروف بشيخ زاده الروميّ، محيي الدين. له:«شرح المفتاح» ، و «شرح السراجيّة» ، و «حاشية تفسير البيضاويّ» وغيرها. ينظر:«الشقائق» (ص 245 - 246). «مقدمة العمدة» (2: 22).
«شرح الوقاية» لفصيح الدين الهرويّ، قال اللكنوي
(1)
: طالعت شرحه في جلدين، وهو شرح كافلٌ بحلّ المغلقات، وله فيه مع الشارح صدر الشريعة مناقشات.
«التطبيق شرح الوقاية» لقاسم بن سليمان النيكنديّ (ت 970 هـ)
(2)
، التزمَ فيه الجوابَ عن إيرادات ابن كمال.
«شرح الوقاية» للتُّمرتاشيّ (ت 1004 هـ)
(3)
.
«شرح الوقاية» للشرنبلالي (ت 1069 هـ).
«شرح نظم الوقاية» للكواكبي (ت 1096 هـ)
(4)
.
«الاستغناء شرح الوقاية» لعلاء الدين علي الطرابلسيّ
(5)
.
«الاستغناء في الاستيفاء شرح الوقاية» لحسام الدين الكوسج
(6)
.
«العناية شرح الوقاية» للتومناتيّ، مات في أواخر المئة الثامنة
(7)
، قال طاشكبرى
(8)
: يدلُّ شرحه للـ «وقاية» على فضله وكفى به شرفاً. له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم (4071).
(1)
في «مقدمة العمدة» (1: 21)، ومن مؤلفاته:«حواشي شرح تلخيص المعاني والبيان» ، و «شرح شمسية الحساب» .
(2)
ينظر: «الكشف» (2: 2021). «مقدمة العمدة» (1: 22).
(3)
وهو محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أحمد التُّمُرْتَاشِي الغزِّي، شمس الدِّين، نسبة إلى تُمُرْتَاشِ، قال المحبي: كان إماماً كبيراً، حسن السمت، قوي الحافظة، كثير الاطلاع، ولم يبق مَن يساويه في الرتبة، وألّف التآليف العجيبة المتقنة، وله:«تنوير الأبصار» ، وشرحه سمَّاه «منح الغفار» ، و «الوصول إلى قواعد الأصول» ، و «إعانة الحقير شرح زاد الفقير». ينظر:«خلاصة الأثر» (4: 18 - 20). «طرب الأماثل» (562 - 563).
(4)
وهو محمّد بن حسن بن أحمد الكواكبيّ الحَلَبيّ. وله: «نظم المنار» ، وعلَّق على «تفسير البيضاوي» ، و «حاشية على شرح المواقف». ينظر:«خلاصة الأثر» (3: 437 - 439).
(5)
ينظر: «الكشف» (2: 2021). «مقدمة العمدة» (1: 22).
(6)
ينظر: «الكشف» (2: 2021). «مقدمة العمدة» (1: 22).
(7)
وهو لعليّ التومناتيّ الروميّ، قال طاشكبرى: صاحب فضيلة في العلوم كلّها، وكان صالحاً عابداً مباركاً كثير العبادة. وله:«شرح الزيج» . ينظر: «الشقائق» (ص 63). «دفع الغواية» (1: 7).
(8)
في «الشقائق» (ص 63).
«توفيق العناية شرح الوقاية» لزين الدين جنيد بن سندل
(1)
، قال حاجي خليفة: وهو شرح مفيد.
«توثيق العناية بين شروح الوقاية» ، له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم (4115)، (ق 282)
(2)
.
«توجيه العناية لجمع شروح الوقاية» لأبي اليمن محمد بن المحب
(3)
.
«التيسير شرح الوقاية» له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3960)(ق 176)
(4)
.
«شرح الوقاية» لعزّ الدين طاهر الشَّافِعِيّ
(5)
.
«شرح الوقاية» لابن الشيخ
(6)
.
«شرح الوقاية» للمولى محمد بن علي الحَصْكَفِي جدّ
(7)
صاحب «الدرّ المختار» .
«كشف الوقاية» قال اللكنوي
(8)
: هو كاسمه كشفٌ لمطالب «الوقاية» .
«العطايا في شرح الوقاية» لمحمد الطبيب المهتدي الموصلي. له نسخة مخطوطة في دار صدام للمخطوطات برقم (5926).
«رعاية الوقاية شرح وقاية الرواية» لقره سنان، له نسخة مخطوطة في دار صدام للمخطوطات برقم (411).
(9)
.
(1)
ينظر: «الكشف» (2: 2020 - 2021). «مقدمة العمدة» (1: 22).
(2)
ينظر: «فهرس مخطوطات الأوقاف» (1: 405).
(3)
ينظر: «الكشف» (2: 2038). و «فهرس مخطوطات الأوقاف» (1: 405).
(4)
ينظر: «فهرس مخطوطات الأوقاف» (1: 407).
(5)
ينظر: «الكشف» (2: 2021). «مقدمة العمدة» (1: 22).
(6)
نقله عنه شيخ زاده في «مجمع الأنهر» في (23) موضع منها (2: 622).
(7)
ذكره ابن عابدين الشاميّ في «ردّ المحتار» (1: 26) نقلاً عن ابن عبد الرزاق، وقال: لم أقف له على ترجمة.
(8)
في «عمدة الرعاية» (1: 22).
(9)
لعله هو والشارح الذي سبقه واحد. ينظر: «الكشف» (2: 2022).
نُظُم «الوقاية» :
«نظم الوقاية» بالتركية للوزير شمس باشا الرومي (ت 988 هـ)
(1)
.
«نظم الوقاية» للكواكبي (ت 1096 هـ).
اللغات التي ترجم إليها «الوقاية» وشرحها:
«ترجمة شرح الوقاية بالفارسي» لعبد الحق السرهندي، صنفه سنة (1086 هـ)
(2)
.
«ترجمة العبادات من شرح الوقاية بالفارسية» للكاكوروي (ت 1305 هـ)
(3)
.
«نظم الوقاية بالتركية» ليوسف بن دولت أوغلي الباليكسري، وكان نظمه في سنة (867 هـ)
(4)
.
«نور الهداية شرح شرح الوقاية» للحيدرآبادي (ت 1338 هـ)
(5)
، وهو بالأردو.
المبحث الرابع
حواشي «شرح الوقاية»
لما كان «شرح الوقاية» لصدر الشريعة أشهر شروحها، فقد لاقى رواجاً وانتشاراً كبيراً، وإذا أطلق «شرح الوقاية» كان هو المقصود، فإن العلماء اهتموا به اهتماماً عظيماً، ولا سيما أنه كان مقرَّراً في الدرس النظامي
(6)
الذي كان يتبعه العلماء في تدريس العلوم العقلية والنقلية في بلاد الهند، واستقرائي لتراجم علماء الدولة العثمانية الذين أفردهم طاشكبرى زاده في كتابه «الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية» يدلُّ
(1)
وهو أحمد بن محمد بن قزل أحمد الحنفي. ينظر: «إيضاح المكنون» (2: 714).
(2)
ينظر: «معارف العوارف» (ص 107).
(3)
وهو وجيه الدين بن عليم الدين بن نجيم الدين الكاكوروي، قال الحسني: أحد العلماء الصالحين، وكان صالحاً ديناً تقياً مهاباً رفيع القدر. ينظر:«نزهة الخواطر» (8: 513).
(4)
ينظر: «الكشف» (2: 2023).
(5)
وهو بالأردو لوحيد الزمان بن مسيح الزمان بن نور محمد العمري الملتاني الحيدر آبادي، قال الحسني: الشيخ العالم الكبير المحدّث، له:«أحسن الفوائد في تخريج أحاديث شرح العقائد» ، و «إشراق الأبصار في تخريج أحاديث نور الأنوار» ، و «كنْز الحقائق من فقه خير الخلائق». ينظر:«نزهة الخواطر» (8: 513 - 515). «معارف العوارف» (ص 107).
(6)
ينظر لمعرفة تفصيل الكلام في الدرس النظامي: «معارف العوارف» (ص 16)، و «المنهج الفقهي» (ص 49).
دلالة واضحة على أنه كان مقرَّراً في مدارس الدولة العثمانية؛ إذ كبار علمائها اعتنوا بشرحه من بين كتب الفقه الحنفي، وكثرة مخطوطاته في بغداد كما سيأتي يشير إلى أنه هو الكتاب الذي كان يدرس فيها عند الشيوخ، والله أعلم.
فمن الحواشي عليه:
«حاشية شرح الوقاية» لمصنِّفك (ت 871 هـ)
(1)
.
«حاشية شرح الوقاية» لملاّ خسرو الروميّ (ت 885 هـ)
(2)
.
«حاشية شرح الوقاية» لحسن جلبي الفناري (ت 886 هـ)
(3)
.
«حاشية شرح الوقاية» ليعقوب باشا (ت 891 هـ)
(4)
، أورد فيها دقائق وأسئلة مع الإيجاز في التحرير، وهي مقبولة عند العلماء. وله نسخة مخطوطة في الأوقاف العراقية برقم (4160).
«حاشية شرح الوقاية» للنكساريّ الروميّ (ت 901 هـ)
(5)
.
«حاشية شرح الوقاية» لخطيب زاده الرومي (ت 901 هـ)
(6)
، ولم يتمَّها.
(1)
سبقت ترجمته. ينظر: «دفع الغواية» (1: 13).
(2)
وهو محمد بن فرامُوز بن علي، محيي الدين، المعروف بمُلا خسرو، قال الكفوي: كان بحراً زاخراً عالماً بالمعقول والمعقول، وحبراً فاخراً جامعاً للفروع والأصول، له:«غرر الأحكام» ، وشرحه «درر الحكام» ، و «حواشي التلويح». ينظر:«الضوء اللامع» (8: 279)، «الفوائد» (ص 302 - 303).
(3)
وهو حسن جلبي بن محمد شاه بن محمد بن حمزة الفناري الرومي الحنفي. من مؤلفاته: حاشية ضخمة على «شرح المواقف» ، وعلى «المطول» كبرى وصغرى، وعلى «التلويح» ، قال الإمام اللكنوي: وجميع تصانيفه مقبولة. ينظر: «الضوء اللامع» (3: 127). «الشقائق النعمانية» (ص 11).
(4)
وهو يعقوب باشا بن خضر بك بن جلال الدين، قال طاشكبرى: كان عالماً صالحاً محقِّقاً متديناً، صاحب الأخلاق الحميدة، وله:«شرح المواقف» . ينظر: «الشقائق النعمانية» (ص 109). «دفع الغواية» (1: 13).
(5)
وهو محمّد بن إبراهيم بن حسين النكساري الرومي، محيي الدين، قال طاشكبرى: كان عالماً بالعلوم الشرعيّة والفنون العقليّة، وله:«تفسيرَ سورة الدخان» ، و «حواشي شرح الوقاية» ، وحواشي على «تفسير البيضاويّ». ينظر:«الشقائق النعمانية» (ص 165 - 166).
(6)
وهو محمّد بن إبراهيم، محيي الدين، وله:«حواشٍ على حاشية السيّد المتعلّقة بشرح التجريد» ، و «حواشٍ على حاشية الكشاف» للسّيد، و «حواشٍ على شرح المواقف». ينظر:«الشقائق النعمانية» (ص 90 - 91). «مقدمة العمدة» (1: 23).
«حاشية شرح الوقاية» لشيخ الإسلام التفتازاني (ت 916 هـ)
(1)
. ولها نسخة مخطوطة في مكتبة أوقاف الموصل
(2)
.
«ذخيرة العقبى على شرح الوقاية» ليوسف جلبي (ت 905 هـ)
(3)
، قال طاشكبرى
(4)
: وهي مقبولة متداولة بين الناس.
«حاشية على أوائل شرح الوقاية» لمحمد بن علي الفناري (ت 929 هـ)
(5)
.
«حاشية شرح الوقاية» لقطب الدين المرزيفونيّ الرومي (ت 935 هـ)
(6)
.
«حاشية شرح الوقاية» لمصطفى بن خليل (ت 935 هـ)
(7)
.
«حاشية شرح الوقاية» لمحيي الدين محمّد بن الخطيب قاسم (ت 940 هـ)
(8)
.
«حاشية شرح الوقاية» للقره باغي (ت 942 هـ)
(9)
.
(1)
وهو أحمد بن يحيى بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ التَّفْتَازَانِي، المعروف بشيخ الإِسلام الهَرَوِي، وله:«شرح التهذيب» ، و «حواشي التلويح» ، و «شرح الفرائض السراجيّة». ينظر:«تحفة النبلاء» (ص 27). «الفوائد» (ص 221).
(2)
ينظر: «فهرس مخطوطات الموصل» (4: 78).
(3)
وهو يوسف بن جنيد التوقاتي، المشهور بأخي جلبي؛ نسبةً إلى توقات بلدة من بلاد الروم، قال طاشكبرى عنها: وهي مقبولة متداولة بين الناس، وله «هداية المهتدين» وهي رسالة جمع فيها مسائل متعلقة بألفاظ الكفر. ينظر:«الشقائق» (ص 166 - 167). «كشف الظنون» (2: 2021 - 2022).
(4)
في «الشقائق» (ص 166 - 167).
(5)
وهو محمّد شاه بن عليّ بن يوسف بالي بن محمّد بن حمزة الفناري، محيي الدين، وله «حواشٍ على شرح المواقف» للسيّد، وعلى «شرحه للسراجيّة». ينظر:«الشقائق» (ص 229 - 230). «مقدمة العمدة» (1: 23 - 24).
(6)
قال طاشكبرى: كان صاحب كرم وأخلاق حميدة ووفاء ومروءة، وكانت له مشاركة في العلوم، وكان له خصوصية بالعربية والفقه، وله:«حاشية على شرح المفتاح» للسيد. ينظر: «الشقائق» (ص 286).
(7)
وهو والد مؤلّف «الشقائق» ، له:«رسالة متعلّقة بعلمِ الفرائض» ، و «رسالة في حلّ حديثي الابتداء» ، و «رسالة على بعض المواضع من تفسير البيضاوي». ينظر:«الشقائق النعمانية» (ص 231 - 233). «مقدمة العمدة» (1: 25).
(8)
ينظر: «الكشف» (ص 2: 2022)، «دفع الغواية» (1: 14).
(9)
وهو محمد القره باغي، محيي الدين، قال طاشكبرى: كان رجلاً سليم الطبع، حليم النفس، متواضعاً متخشعاً، أديباً لبيباً، صحيح العقيدة، مرضي السيرة، وله: تعليقات على «الكشاف» ، وعلى «تفسير البيضاوي» ، وعلى «التلويح» ، وعلى «الهداية». ينظر:«الشقائق» (ص 272). «دفع الغواية» (1: 15).
«حاشية شرح الوقاية» لعرب جلبي (ت 950 هـ)
(1)
.
«حاشية شرح الوقاية» لعصام الدين الإسفرائيني (ت 951 هـ)
(2)
. له نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3548).
«حاشية شرح الوقاية» لطورسون بن مراد (ت 966 هـ)
(3)
.
«حاشية شرح الوقاية» لخسرو من أحفاد الكرماسنيّ (ت 967 هـ)
(4)
.
«حاشية شرح الوقاية» لعرب زاده (ت 969 هـ)
(5)
.
«حاشية شرح الوقاية» لمحمد بن إبراهيم الحَلَبي (ت 971 هـ)
(6)
.
«حاشية شرح الوقاية» للحميدي (ت 973 هـ)
(7)
، أجاب فيها على إيرادات ابن كمال باشا.
«حاشية شرح الوقاية» لصالح بن جلال (ت 973 هـ)
(8)
، شرح لمسائل «الوقاية» التي لم يتعرّض الشارح لحلِّها.
(1)
وهو أحمد بن حمزة، شمسُ الدين، المعروف بعرب جلبي. قال طاشكبرى: كان عالماً صالحاً، عابداً زاهداً، كريماً حليماً، سليم النفس، ينظر:«مقدمة العمدة» (1: 26). «دفع الغواية» (1: 15).
(2)
وهو إبراهيم بن محمد بن سيف الدين الاسفرائيني الحنفي، عصام الدين، المشهور بعرب شاه، حفيد الأستاذ أبي إسحاق الاسفرائيني الأشعري، وله:«حواشي شرح العقائد النَّسفيّة» ، و «حواشي تفسير البيضاوي» ، و «شرح تلخيص المعاني». ينظر:«دفع الغواية» (ص 15). «الكشف» (2: 2022). «فهرس مخطوطات الأوقاف في بغداد» (1: 473).
(3)
ينظر: «الكشف» (2: 2023). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(4)
ينظر: «الكشف» (2: 2023). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(5)
وهو محمّد بن محمّد الشهير بعرب زاده الروميّ، قال علي بن بالي: كان من فحول عصره، وأكابر دهره، صاحب تحقيق وتدقيق. وله:«حاشية على الهداية» ، وعلى شرحها «العناية» ، وعلى «فتح القدير». ينظر:«العقد المنظوم» (ص 349 - 352). «مقدمة العمدة» (1: 24).
(6)
وهو محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عبد الرحمن الحنفي التاذفي الحلبي، المعروف بابن الحنبلي، له:«أنموذج العلوم لذوي البصائر والفهوم» ، و «حاشية على شرح التفتازاني على تصريف العزي» ، و «درر الحب في تاريخ أعيان حلب». ينظر:«مقدمة العمدة» (1: 26). «معجم المؤلفين» (3: 42 - 43)
(7)
وهو إبراهيم بن عبيد الله الحميدي، تاج الدين، نسبةً إلى بلده حميد، وله: و «حاشية على بعض المواضعِ من شرح المفتاح» للسيّد، ردّ فيها على ابن كمال باشا، وله «شرح المراح». ينظر:«خلاصة الأثر» (2: 128)، و «الكشف» (2: 2022). «العقد المنظوم» (ص 371 - 373).
(8)
وله: «حواشي على شرح المواقف» ، وعلى «شرح المفتاح» للجُرْجانيّ، وله ديوان شعر بالتركيّ. ينظر:«العقد المنظوم» (368 - 370). «الكشف» (2: 2022).
«حاشية شرح الوقاية» للبِرْكِليّ (ت 981 هـ)
(1)
.
«حاشية شرح الوقاية» لعلم شاه بن عبد الرحمن (ت 987 هـ)
(2)
.
«حاشية شرح الوقاية» لقاضي زاده الرومي (ت 988 هـ)
(3)
.
«حاشية شرح الوقاية» لوجيه الدين العلويّ الكجراتيّ (ت 998 هـ)
(4)
.
«حاشية شرح الوقاية» لزكريا بن بيرام (ت 1010 هـ)
(5)
.
«حاشية شرح الوقاية» لحسام الدين المنتشي الحنفي (ت 1010 هـ)
(6)
.
«حاشية شرح الوقاية» للأحمد آباديّ (ت 1155 هـ)
(7)
.
«حاشية شرح الوقاية» لمولانا خادم أحمد (ت 1271 هـ)
(8)
.
«حاشية شرح الوقاية» لمحمد عبد الحليم اللكنوي (ت 1285 هـ)
(9)
.
(1)
وهو محمد بن بير علي البِرْكِلي الرُّوميّ، محيي الدين، وله:«الطريقة المحمدية» ، و «جلاء الأفهام» ، و «إنقاذ الهالكين» ، و «تنبيه الغافلين». ينظر:«الحديقة الندية» (1: 3). «طرب الأماثل» (ص 558).
(2)
ينظر: «الكشف» (2: 2023). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(3)
وهو أحمد بن المولى بدر الدين، شمس الدين، المشتهر بقاضي زاده الرُّوميّ، قال علي بن بالي: برعَ في العلوم، وصار من الجهابذة وله:«تكملة فتح القدير» ، و «حاشية على شرح المفتاح» للسّيد، و «حاشية على التجريد». ينظر:«العقد المنظوم» (ص 496 - 498). «مقدمة العمدة» (1: 25).
(4)
له: «حاشية تفسير البيضاوي» ، و «حاشية شرح المختصر العضدي» ، و «حاشية التلويح». ينظر:«دفع الغواية» (1: 15 - 16). «مقدمة العمدة» (1: 26 - 27).
(5)
وله: «حواشي على العناية» . ينظر: في «خلاصة الأثر» (2: 173 - 174). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(6)
نسبة إلى بلدة منتشي، وهي بلدة من نواحي قرمان، قال المحبي: كان فاضلاً صاحب تحريرات مقبولة. ينظر: «خلاصة الأثر» (1: 501). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(7)
وهو نور الدين ابن الشيخ محمّد صالح الأحمد آباديّ، صاحب التصانيف الكثيرة، منها: حواشِ على «التلويح» ، و «العضدي» ، و «تفسير البيضاوي». ينظر:«مقدمة العمدة» (1: 27).
(8)
وهو ابن مولانا محمّد حيدر بن مولانا محمّد مبين اللكنوي الأنصاري، وله:«رسالة متعلّقة ببحث الحاصل والمحصول من الفوائد الضيائيّة» ، و «زاد التقوى في آداب الفتوى» ، و «إعلام الأعلام في تحريم المزامير والغناء». ينظر:«مقدمة العمدة» (1: 28 - 29). «نزهة الخواطر» (7: 157 - 158).
(9)
وهو ابن محمد أمين الله اللَّكْنَوِيّ الحَنَفِيّ، قال اللكنوي: صاحب التَّصانيف الشَّهيرة والفيوض الكَثِيرَة الذي كان يَفتخر بوجوده أفاضل الهند والعرب والعجم. من مؤلفاته: «قمر الأقمار لنور المنار» ، و «حل المعاقد في شرح العقائد» ، و «كشف المكتوم فِي حاشية بحر العلوم» (1237 - 1285 هـ). «دفع الغواية» (1: 17 - 18). وقد ألَّف ابنه عبد الحي رسالة في ترجمته اسمها «حسرة العالم بوفاة سيد العالم» .
«حاشية شرح الوقاية» لمحمّد يوسف الأنصاري اللكنوي (ت 1286 هـ)
(1)
إلى مبحث المسح بالرأس.
«حسن الولاية بتحشية شرح الوقاية» لعبد الحي اللكنوي (ت 1304 هـ).
«عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية» لعبد الحي اللكنوي (ت 1304 هـ)، وهي على المجلدين الأولين منه.
«السعاية في كشف ما في شرح الوقاية» لعبد الحي اللكنوي (ت 1304 هـ)، وصل فيها إلى باب القراءة في الصلاة.
«صرح الحماية على شرح الوقاية» لمحمّد حسن السنبهلي (ت 1305 هـ)
(2)
.
«حاشية شرح الوقاية» للبريلوي (ت 1326 هـ)
(3)
.
«حاشية على شرح الوقاية» لمحمّد عبد الرزاق الأنصاري اللكنوي (ت 1337 هـ)
(4)
، ولم تتمّ.
«حسن الدراية بتحشية شرح الوقاية» لعبد العزيز اللكنوي (ت 1338 هـ)
(5)
، وهي على الجزء الرابع منه.
(1)
وهو ابن محمد أصغر الأنصاري اللكنوي، قال اللكنوي: كان يوسف زمانه في الجمال والكمال، جامعاً للفروع والأصول، حاوياً للمعقول والمنقول، ذا مجاهدة ورياضة وعبادة ومكاشفة، متهجداً متعبداً. وله:«حاشية على شرح السلم» للقاضي، و «حاشية على شرح السلم» لملا حسن، و «حاشية على الشمس البازغة» للجونفوري. ينظر:«مقدمة عمدة الرعاية» (1: 27). «نزهة الخواطر» (7: 551).
(2)
من نسل عبد الله بن سلام الصحابيّ، قال اللكنوي: هو فاضلٌ كامل، مستعدّ جيِّد، ألّف متناً متيناً في علم الفرائض، و «شرح خلاصة الكيداني» ، «تنسيق النظام لمسند الإمام» ، و «تعليقات مبسوطة على الهداية». ينظر:«مقدمة العمدة» (1: 29). «نزهة الخواطر» (8: 418 - 419).
(3)
وهو فخر الدين بن عبد العلي الحسني الرائي البريلوي، له:«سيرة السادات» ، و «السيرة العلمية» ، و «سبيل النجاة». ينظر:«نزهة الخواطر» (8: 354 - 358). «معارف العوارف» (ص 106).
(4)
قال اللكنوي: وهو فقيهٌ عابد، ونبيهٌ زاهد. له:«منهج الرضوان في قيام رمضان» ، و «الأنوار الغيبيّة». ينظر:«مقدمة العمدة» (1: 29). «نزهة الخواطر» (8: 250 - 251).
(5)
وهو ابن عبد العزيز بن عبد الرحيم بن عبد السلام الأنصاري اللكنوي، له:«تعليقات على تخريج الهداية» للزيلعي. ينظر: «نزهة الخواطر» (8: 258).
«زبدة النهاية بتحشية شرح الوقاية» لعبد الحميد اللكنوي (ت 1353 هـ)
(1)
. وهي على المجلد الثالث منه.
«حاشية شرح الوقاية» لمحمد وارث بن عناية الله البنارسي
(2)
.
«حاشية شرح الوقاية» ليحيى بن يخشى، المتوفَّى في أوائل المئة العاشرة
(3)
.
«غاية الحواشي على شرح الوقاية» للقصوري اللاهوري
(4)
، قال اللكنوي: وهي في مجلدين، مشتملةٌ على فروع كثيرة
(5)
.
«حاشية شرح الوقاية» لأحمد الخيالي
(6)
.
«حل المشكلات في شرح الوقاية» لشاه لطف الله المعروف بملا زان بن أورنك زيب، قال اللكنوي
(7)
: وفيها أسئلة وأجوبة كثيرة متعلّقة بعباراتِ «المتن» و «الشرح» ومعانيها.
«حاشية شرح الوقاية» للقرامانيّ
(8)
.
(1)
وهو عبد الحميد بن عبد الحليم بن عبد الحكيم الأنصاري اللكنوي، قال الحسني: أحد العلماء المشهورين، له:«الحل الضروري حاشية القدوري» ، و «الكلام القدسي في تفسير آية الكرسي». ينظر:«نزهة الخواطر» (8: 228).
(2)
ينظر: «معارف العوارف» (ص 106).
(3)
ينظر: «الكشف» (2: 2023). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(4)
وهو محمّد عنايت الله القادريّ القصوريّ ثمّ اللاهوريّ الشطاريّ، أبو المعارف، وله:«ملتقط الدقائق شرح كنْز الدقائق» . ينظر: «دفع الغواية» (1: 16 - 17).
(5)
كملك العلماء في «رسائل الأركان» (ص 81)، وعليّ القاري في «التزيين» ، و «التدهين» ، وابن عابدين في «رفع التردد» .
(6)
وهو أحمد بن موسى، شمس الدين، الشهير بالخيالي، قال طاشكبرى: كان عالماً عاملاً، فاضلاً تقياً، نقياً زاهداً متورعاً، وله:«حواشي شرح العقائد النسفية» ، و «حواشٍ على أوائل حاشية التجريد» ، و «شرح نظم العقائد» لأستاذه خضر بيك. ينظر:«الشقائق» (ص 85 - 87). «كشف الظنون» (2: 2023).
(7)
في «مقدمة العمدة» (1: 27).
(8)
وهو إسماعيل القرامانيّ، كمال الدين، الشهير بقره كمال، تلميذ المولى أحمد الخيالي، ومولى خسرو، وله:«حواشي تفسير البيضاوي» ، و «حواشي حاشية الخيالي المتعلّقة بشرح العقائد النَّسَفية» ، وغيرها. ينظر:«الشقائق» (ص 201 - 202). «مقدمة العمدة» (1: 24).
«حاشية شرح الوقاية» للقوجوي، المعروف بشيخ زاده
(1)
.
«حاشية شرح الوقاية» لنور الله بن محمد صالح الكجراتي
(2)
.
«هداية الفقه على شرح الوقاية» للسيد مهدي
(3)
.
«التشريح على شرح الوقاية» ، وهي من أوله إلى كتاب الوقف
(4)
.
«حاشية شرح الوقاية» لبالى باشا بن محمّد الشهير بمولانا يكان
(5)
.
«حاشية شرح الوقاية» لحسام الدين حسين
(6)
.
«حاشية شرح الوقاية» لحسام زاده
(7)
.
«حاشية شرح الوقاية» لسعيد خان
(8)
.
«حاشية شرح الوقاية» لسنان الدين يوسف الروميّ
(9)
.
«حاشية شرح الوقاية» لسنان الدين يوسف الشاعر
(10)
، قال طاشكبرى: وهي مقبولة عند الطلاب.
(1)
سبقت ترجمته. ينظر: «الشقائق» (ص 245 - 246).
(2)
ينظر: «معارف العوارف» (ص 106).
(3)
وله: «رسالة في بحث غسل المرفقين» ، ينظر:«دفع الغواية» (1: 15).
(4)
ينظر: «الكشف» (2: 2023).
(5)
ينظر: «الكشف» (2: 2023). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(6)
وهو حسين بن عبد الرحمن، حسام الدين، وله:«حواشي على أوائل شرح التجريد» ، و «رسالة في استخلافِ الخطيب» ، و «رسالة في جواز الذكر الجهريّ». ينظر:«الشقائق» (ص 231). «دفع الغواية» (1: 14).
(7)
وهو مصلح الدين مصطفى بن حسام الدين، قال طاشكبرى: كان ماهراً في العلوم الأدبيّة، عارفاً بالعلوم الشرعيّة. وله:«مصنف في الإنشاء» . ينظر: «الشقائق» (ص 115). «دفع الغواية» (1: 13).
(8)
قال اللكنوي في «دفع الغواية» (1: 17): نقل عنه في «غاية الحواشي» في بعض المواضع، ولا أعرف له ترجمة.
(9)
قال طاشكبرى: كانت له مهارةٌ في العلوم الأدبيّة. وله: شرح على «مراح الأرواح» في الصرف، و «شرح الشافية» ، و «شرح ملخص الجغميني» في الهيأة. ينظر:«الشقائق النعمانية» (ص 129 - 130). «مقدمة العمدة» (1: 24).
(10)
وهو تلميذ مولى خسرو، قال طاشكبرى: كان عالماً فاضلاً جامعاً بين الأصول والفروع والمعقول والمنقول مشتغلاً بالعلم غاية الاشتغال صارفاً أوقاته فيه. ينظر: «الشقائق النعمانية» (ص 168). «دفع الغواية» (1: 13).
«حاشية شرح الوقاية» لشرف الدّين يحيى بن قره جا الرهاويّ
(1)
.
«حاشية شرح الوقاية» لعبد الله بن صديق بن عمر الهرويّ، قال اللكنوي
(2)
: وفيها أبحاث نفيسة، ودقائق لطيفة، ويعلم من مطالعتها أنّ مؤلّفها تلميذ لمحمّد عوض الوجيه، ومن معاصري الفاضل محبّ الله البهاريّ
(3)
، مؤلِّف «السلم» و «المُسلَّم» .
«منتهى النقاية على شرح الوقاية» ، وهي الحواشي التي أكرمني الله بتزيين «شرح الوقاية» بها، وهي التي بين أيدينا.
حواشي على مسائل في «شرح الوقاية» :
بعض المسائل في «شرح الوقاية» فصَّلَ فيها صدر الشريعة، وكانت عبارته فيها صعوبة متعسرة في الفهم، فكشف العلماء النقاب عنها، وأفردوها في تأليفات خاصة بها، منها:
«التعليق الفاصل على مسألة الطهر المتخلل» لمحمد عبد الحليم اللكنوي (ت 1285 هـ)
(4)
.
«التعليق الكامل على مبحث الطهر المتخلل» لمحمّد معين الدين الكروي (ت 1304 هـ)
(5)
.
«حاشية على مبحث الطهر المتخلل من شرح الوقاية» لبرهان الدين الأعظمي الديوي
(6)
.
(1)
ينظر: «الكشف» (2: 2023). «مقدمة العمدة» (1: 26).
(2)
في «دفع الغاية» (1: 15).
(3)
وهو محب الله بن عبد الشكور البهاري الهندي الحنفي، من مؤلفاته:«مسلم الثبوت» ، و «المغالطة العامة الورود» ، (ت 1119 هـ). ينظر:«معجم المؤلفين» (3: 17).
(4)
سبقت ترجمته. ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 28).
(5)
له: «مرقاة الأذهان في علم الميزان» ، و «مرآة الأذهان في علم الواجب» ، و «جلاء الأذهان في علم القرآن» ، و «التبيان في فضائل النعمان». ينظر:«دفع الغواية» (ص 18). «نزهة الخواطر» (8: 479 - 480). «معارف العوارف» (ص 106 - 107).
(6)
قال الحسني: الشيخ العلام الفقيه، أحد العلماء المشهورين. له:«مسائل الربا» ، و «أحكام عيد الفطر» ، و «أحكام عيد الأضحى» ، و «تحقيق الإشارة بالسبابة في الصلاة». ينظر:«نزهة الخواطر» (7: 99 - 100).
«الكلام المنكفل على بحث الطهر المتخلل» للمولوي عبد الغفور
(1)
.
«حاشية على مبحث الطهر المتخلل من شرح الوقاية» للمراد آبادي (ت 1294 هـ)
(2)
.
«رسائل تتعلق بشرح الوقاية» لمحيي الدين جلبي الفناري (ت 954 هـ)
(3)
.
«رسالتان بالعربيّة وبالفارسيّة متعلّقتان ببحث الدائرة الهندية الواقع في شرح الوقاية» لمولانا خادم أحمد (ت 1271 هـ)
(4)
.
«رسالة على باب الشهيد من شرح الوقاية» للعجميّ
(5)
.
«حاشية على باب الشهيد من شرح الوقاية» لناجي زاده (ت 922 هـ)
(6)
.
(1)
ينظر: «دفع الغواية» (1: 19).
(2)
وهو سعد الله بن نظام الدين الحنفي المراد آبادي، قال الحسني: الشيخ الفاضل الكبير أحد العلماء المشهورين في النحو اللغة، له:«شرح الجغميني» ، و «نوادر الأصول في شرح الفصول» ، و «القول الفصل في تحقيق همزة الوصل». ينظر:«نزهة الخواطر» (7: 202 - 204). «معارف العوارف» (ص 106).
(3)
وهو محمّد بن عليّ بن يوسف بالي الفناري، قال طاشكبرى: كان علاّمة في الفتوى، وآية كبرى في التقوى، وله: تعليقات على «شرح المفتاح» للسيّد، وعلى «الهداية». ينظر:«الشقائق» (ص 228 - 229). «دفع الغواية» (1: 13).
(4)
سبقت ترجمته.
(5)
وهو أحمد بن محمد العجمي، محيي الدين، قال طاشكبرى زاده: كان عالماً فاضلاً، مدرِّساً بإحدى المدارس الثمان، ثمّ قاضياً بأدرنة ومات بها. وله:«حواشي على شرح السراجيّة» للسّيد. ينظر: «الشقائق» (ص 184). «دفع الغواية» (1: 13).
(6)
وهو سعدي بن الناجي بيك، وله:«حواشي شرح المفتاح» للسيّد. ينظر: «الشقائق» (ص 197). «دفع الغواية» (1: 13).
المبحث الخامس
في منهج الماتن والشارح في المتن والشرح ومميزاتهما ومسامحاتهما
كان لكلِّ من الماتن والشارح منهجه الخاصّ به في تأليف هذا الكتاب، وامتاز تأليفهما بخصائص ومميزات، وكان عليهما مسامحات، وقد عرضت لكلٍّ منها في موضعها من الكتاب، إلا أنني هنا أذكر خطوطاً عريضة من ذلك للتذكير، فأقول:
جمع برهان الشريعة مسائل «الوقاية» من «الهداية» وأضاف إليها مسائل أخرى كما نبَّه على ذلك في ديباجته، ويلاحظ ذلك في المواضع التالية (1: 246،248).
بيَّن المصنف في بعض المسائل ما يفتى به مع أن صاحب «الهداية» لم يصرح بذلك كما في (2: 41، 136).
مخالفة المصنِّف لما صحّحه صاحب «الهداية» وما هو مختار للفتوى كما في (4: 56).
استدارك المصنّف لما وقع فيه صاحب «الهداية» مع التصحيح كما في (2: 72).
استدراك العلماء لما وقع في عبارة المصنّف كما في (3: 150).
يعدّ هذا الكتاب بالإضافة إلى أنه شرح للـ «وقاية» شرحاً «للنقاية» له كما صرَّح الشارح في ديباجته، وفي بعض المواضع من الشرح كان يذكر عبارة «النقاية» ، ويبيِّن لِمَ اختارها على هذه الصورة، وما استدركه على «الوقاية» في «النقاية» واختصاره لبعض المسائل منها.
يعتبر هذا الكتاب من الشروح المتوسط على «الوقاية» ، وشارحه فيه لم يعتن ببيان معاني المفردات بقدر اهتمامه ببيان معاني الجمل والعبارات.
اعتداد الشارح بنفسه بنسبة بعض التحقيقات إليه وأنها تفرد بها خاطره
(1)
كما في (3: 161).
(1)
وهذا الاعتداد من الشارح بنفسه ظاهر في «التوضيح» أكثر من «شرح الوقاية» كما في (1: 2).
اكتفاء الشارح بإيراد استفهام على تعليل بعض المسائل دالٌ على عدم رضائه به كما في (4: 198).
اهتمّ الشارح كثيراً بتأييد مسائل الفقه الحنفي من الناحية العقلية، وإضعاف ما احتجّ به الخصم، ولا سيما مع الشافعي إذ كثيراً ما يورد حجته ويبيِّن ضعفها، كما في المواضع (4: 164)، وصدر الشريعة يعدّ من أئمة العلوم العقلية.
للشارح مخالفة في ذكر تعليل بعض المسائل الفقهية، وللعلماء بعده ردود عليه في ذلك. كما في (2: 174، 4: 175).
اعتنى الشارح كثيراً بتبيين مسامحات صاحب «الهداية» كما في (3: 204،211).
إيجاز الشارح لأدلة صاحب «الهداية» كما في (4: 39).
للشارح مسامحات فيما يستدركه على صاحب «الهداية» كما في (1: 233، 3: 103).
توجيه وحمل الشارح كلام صاحب «الهداية» على وجه يصححه كما في (2: 182 - 183).
للشارح متابعات لصاحب «الهداية» على خلاف عادته استدركها عليه مَن جاء بعده من العلماء كما في (1: 275).
حمل الشارح كلام الماتن وصاحب «الهداية» على خلاف ما حمله عليه العلماء كما في (2: 113).
للشارح اختيارات يخالف فيها الماتن، منها:(3: 156، 282).
أدب الشارح مع جدِّه الماتن واضح جلي في شرحه، فإن يستدرك عليه مع مرعاة ذلك كما في (1: 294،2: 121).
استدراك الشارح على الماتن إذا كانت عبارته موهمة كما في (2: 88،199، 3: 163).
استدراك الشارح على الماتن وعدم تسليم العلماء له ذلك (2: 122).
استدراك الشارح على الماتن ومتابعة العلماء له في ذلك (2: 126).
بيَّن الشارح في بعض المسائل ما عليه الفتوى وإن لم يذكر الماتن كما في (2: 94، 132).
تضعيف الشارح قول أبي حنيفة رضي الله عنه وتقويته قولهما ورد العلماء عليه كما في (3: 151).
ترجيح الشارح قولهما على قول الإمام كما في (3: 152).
للشارح اختيارات لم يوافقه عليها من جاء بعده من العلماء المحققين واستدركوا عليه فيها، كما في (1: 243، 4: 180، 175).
للشارح اختيارات أيّده فيها مَن جاء بعده من العلماء كما في (2: 113).
للشارح اختيارت سكت عنها من جاء بعده كما في (4: 148).
للشارح أوهام وقع فيها في الشرح نبّه عليها العلماء كما في (1: 284).
تصويب العلماء ما وقع فيه من قصور في العبارة، من ذلك ما فعله الشرنبلالي
(1)
كما في (1: 279).
تعرض الشارح في زمانه لما تكون عليه الفتوى كما في (2: 288، 289).
اهتمَّ ملا خسرو وابن كمال باشا بتتبع صاحب «الوقاية» والشارح بتصحيح عبارتهما، مثلاً بصيغة أنسب
(2)
كما في (1: 294).
كثيراً ما يذكر الشارح مخالفة رأي أبي يوسف ومحمد في المسائل الفقهية؛ لكنه لم يلتزم إيراد خلافهما في كلِّ المسائل؛ إذ في بعض المسائل المشهور فيها الخلاف في المذهب لم يذكر كما في (1: 241).
لم ينص الشارح على خلاف الشافعي في كل مسألة خالف فيها، وإنما بين بين، وقليلاً ما يذكر خلاف مالك، وأما خلافه أحمد فلم يذكره مطلقاً.
للشارح مسامحات في نسبة بعض أراء الشافعي إليه، وحاله فيه كغيره من العلماء إذ يعتمدون في نسبة أقوال صاحب المذهب الآخر إلى كتبهم لا إلى كتبه كما ف ي (1: 57، 116، 192، 217).
المبحث السادس
المصادر التي اعتمد عليها صدر الشريعة في «شرح الوقاية»
يعدّ «شرح الوقاية» من الشروح المتوسِّطة على «الوقاية» ، وصدر الشريعة فيه لم يعتن كثيراً بالرجوع إلى مصادر كثيرة؛ إذ هذا يخالف المنهج الذي اتبعه في شرحه، كما سبق؛ لذلك كان جلّ عنايته بالرجوع إلى «الهداية» والاستدارك عليها.
ومن المراجع التي رجع إليها، والتي سيأتي تفصيل الكلام عن كلّ منها في موضع ذكره من الكتاب:
الأساس في البلاغة للزمخشري
الأسرار في الفروع والأصول للدبوسي
الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني
الإيضاح للكرماني.
التنقيح لصدر الشريعة.
جامع الترمذي.
الجامع الصغير للحسامي.
الجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني.
الذخيرة البرهانية لبرهان الدين.
الزيادات لمحمد بن الحسن الشيباني.
شرح التنقيح لصدر الشريعة.
شرح الجامع الصغير لقاضي خان.
شرح الجامع الصغير للبزدوي.
شرح الجامع الكبير للبزدوي.
الصحاح للجوهري.
صحيح البخاري.
العين للخليل الفراهيدي.
فتاوى قاضي خان.
المبسوط للسرخسي.
المحيط البرهاني لبرهان الدين.
مختصر القدوري.
مختصر الوقاية لصدر الشريعة.
المغرب للمطرزي.
الهداية للمرغيناني.
الوجيز للغزالي.
المبحث السابع
في الاصطلاحات الفقهية في «شرح الوقاية» وكتب الأحناف
أذكر هنا على عجالة أشهر مصطلحات الأحناف الفقهية التي ترد كثيراً في كتبهم، وكذا شيئاً من ألفاظ الترجيح والفتوى التي يستخدمونها، على أن في البال أن أجمعها في دراسة خاصة بها أوفيها فيها حقّها من البحث والتحرير؛ وهذه الاصطلاحات تذكر في كتب أصحابنا باسم رسم المفتي، وهي تمثّل المفاتيح في التعامل مع كتب المذهب في فهم مرادهم، ومعرفة الراجح عندهم والمفتى به دون سواه، وكثير من الناس يقولون في المذهب الحنفي اختلاف كثير، فلا نعرف الراجح فيه، وسبب قولهم هو جهلهم بما في رسم المفتي من القواعد والاصطلاحات التي لو عرفها المرء لما قال ذلك، ومن هذه الاصطلاحات:
(قالوا: يستعمل فيما فيه اختلاف المشايخ
(1)
. وأيضاً: يمكن أن يفيد الضعف مع الخلاف
(2)
.
(قيل، ويقال: صيغ للتمريض لا يجزم بالضعيف بها إلا بقرينة السياق أو التزام قائله كمؤلف «الملتقى» ؛ لأنها ليست موضوعة لذلك، ولا مقيّدة بذلك كليّاً، بل يعلم ذلك إمّا بالتزام قائلِه وإمّا بقرينةِ سياقه وسباقه ومقامه
(3)
.
(ذهبَ إليه عامّة المشايخ، ونحوه: المراد به أكثرهم
(4)
.
(يجوز: قد يقال بمعنى: يصحّ، وقد يقال بمعنى: يحلّ
(5)
؛ ولذلك تراهم يطلقون على الصلاة المكروهة ونحوها: جاز ذلك أو صحّ ذلك، ويريدون به نفس الصحّة المقابل للبطلان من غير القصدِ إلى الإباحةِ أو نفي الكراهة، ولهذا فسَّر الشرَّاح والمحشّون كثيراً قولهم: جاز وصحّ؛ بقولهم: أي مع الكراهة
(6)
.
(لا بأس: أكثرُ استعمالها في المباح وما تركه أولى
(7)
، وقد تستعمل في المندوب
(8)
.
(ينبغي: يستعمل في المندوب وغيره في عرف المتقدِّمين، وفي عرفِ المتأخِّرين غلبَ استعماله في المندوبات
(9)
.
(المشايخ: المراد بها في قولهم: هذا قول المشايخ: مَن لم يُدرك الإمام
(10)
.
(المتقدِّمون من فقهائنا: المراد بهم الذين أدركوا الأئمّة الثلاثة، ومَن لم يدركهم فهو من المتأخِّرين، هذا هو الظاهر من إطلاقاتهم في كثيرٍ من المواضع
(11)
.
(1)
ينظر: «العناية» (1: 398).
(2)
ينظر: «فتح القدير» (2: 330).
(3)
ينظر: «مقدمة العمدة» (ص 17). «أدب المفتي» (ص 574).
(4)
ينظر: «فتح القدير» (1: 477).
(5)
ينظر: «المجموع» (1: 123).
(6)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 15).
(7)
ينظر: «فتح القدير» (5: 511، 7: 260)، و «مجمع الأنهر» (2: 532).
(8)
ينظر: «البحر الرائق» (5: 99). «رد المحتار» (1: 119).
(9)
ينظر: «رد المحتار» (4: 130).
(10)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 15).
(11)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 15).
(الخلف: عند الفقهاء من محمّد بن الحسن (ت 189 هـ) إلى شمسِ الائمّة الحَلْوَانِي (ت 456 هـ)
(1)
.
(السلف: من أبي حنيفة رضي الله عنه إلى محمّد بن الحسن رضي الله عنه (189 هـ)
(2)
.
(المتأخِّرون: قال عبد النبي: المراد بها: من الحَلْوانِيّ (ت 456 هـ) إلى حافظِ الدين البُخاريّ (ت 693 هـ)
(3)
.
(4)
قال الذهبي
(5)
: إنّ الحدَّ الفاصلَ بين المتقدّمين والمتأخّرين هو رأس ثلاثمئة. قال اللكنوي: ويخدشُ ما ذكرَه عبد النبيّ أنّهم كثيراً ما يطلقون المتأخّرين على من قبل الحَلْوَانيّ؛ فقد قال في «الهداية»
(6)
: هذا مختار بعض المتأخّرين. انتهى. قال في «العناية»
(7)
: منهم أبو عبد الله الجُرْجَانيّ، والإمامُ الرُّسْتُغَفنِيّ. انتهى. وكلاهما متقدم على الحَلْوانِيّ.
(الصدر الأول: لا يقال إلا على السلف، وهم أهل القرون الثلاثة الأول الذين شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهم بأنهم خير القرون، وأما من بعدهم فلا يقال في حقهم ذلك
(8)
.
(الإمام والإمامِ الأعظم: المراد بهما في كتب الحنفية أبو حنيفة رضي الله عنه، وأما في كتب التفسير والأصول والكلام فالمراد بالإمام حيث أطلق غالباً هو الإمام فخر الدين الرازي
(9)
.
(صاحب المذهب: المراد به أبو حنيفة رضي الله عنه
(10)
.
(1)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 412).
(2)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 412).
(3)
وهو محمد بن محمد بن نصر البخاري، أبو الفضل، حافظ الدين الكبير، قال أبو العلاء البخاري: كان إماماً عالماً ربانياً صمدانياً زاهداً عابداً مفتياً مدرِّساً نحريراً فقيهاً قاضياً محقِّقاً مدقِّقاً محدِّثاً جامعاً لأنواع العلوم. ينظر: «الجواهر» (3: 337). «الفوائد» (ص 325 - 326).
(4)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 412).
(5)
في «الميزان» (1: 115).
(6)
الهداية» (1: 129).
(7)
في «العناية شرح الهداية» (2: 287).
(8)
ينظر: «الفوائد» (ص 411).
(9)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(10)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 16).
(الصاحبان: المراد بها: أبو يوسفَ رضي الله عنه ومحمّد رضي الله عنه
(1)
.
(الشيخان: المرد بها: أبو حنيفةَ رضي الله عنه وأبو يوسف رضي الله عنه
(2)
.
(الطرفان: المراد بها: محمّد رضي الله عنه وأبو حنيفة رضي الله عنه
(3)
.
(الإمام الثاني
(4)
: المراد بها: أبو يوسف رضي الله عنه
(5)
.
(الإمامِ الربانيّ: المراد بها محمّد رضي الله عنه
(6)
.
(عند أئمّتنا الثلاثة: المراد بها: أبو حنيفةَ وأبو يوسف ومحمد رضي الله عنهم
(7)
.
(الأئمّة الأربعة: أبو حنيفةَ ومالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم؛ أصحاب المذاهبِ المشهورة
(8)
.
(عنده: الضمير فيه في قول الفقهاءِ هذا الحكم عنده أو هذا مذهبه إذا لم يكن مرجعه مذكوراً سابقاً يرجعُ إلى الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وإن لم يسبق له ذكر؛ لكونه مذكوراً حكماً
(9)
.
(عندهما، ولهما، وقالا؛ الضمير يرجع إلى أبي يوسفَ رضي الله عنه ومحمّد رضي الله عنه إذا لم يسبق مرجعه، وقد يرادُ به أبو يوسف رضي الله عنه وأبو حنيفة رضي الله عنه، أو محمد رضي الله عنه وأبو حنيفة رضي الله عنه إذا سبق لثالثهما ذكر في مخالفِ ذلك الحكم، مثلاً: إذا قالوا: عند محمّد رضي الله عنه كذا، وعندهما كذا، يراد به أبو حنيفة رضي الله عنه وأبو يوسف رضي الله عنه: يعني الشيخين، وإذا قالوا: عند أبي يوسف رضي الله عنه كذا، وعندهما كذا: يرادُ به أبو حنيفةَ رضي الله عنه ومحمّد رضي الله عنه: يعني الطرفين
(10)
.
(1)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(2)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(3)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(4)
وتطلق الثاني بدون الإضافة للإمام ويراد بها أبو يوسف، وكذا الرباني بالنسبة لمحمد.
(5)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 16).
(6)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 16).
(7)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(8)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(9)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 17).
(10)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 17). «مقدمة فتح باب العناية» (1: 18).
(عنده وعنه: الفرق بينهما: أنّ الأوّل دالٌ على المذهب، والثاني على الرواية، فإذا قالوا: هذا عند أبي حنيفة رضي الله عنه دلّ ذلك على أنّه مذهبه، وإذا قالوا: وعنه كذا، دلّ ذلك على أنّه رواية عنه
(1)
.
(روايتان: المراد بها في قولهم: فيه عن الإمام روايتان: أي عدم معرفة الأخير منهما
(2)
.
(رواية عنه: المراد بها في قولهم: في رواية عنه كذا: أي يعلمون أنها قوله الأول، أو لكون هذه الرواية رويت عنه في غير كتب الأصول، وهذا أقرب
(3)
.
(الكراهة: إذا أطلقت في كلامِهم فالمرادُ الكراهة التحريميّة؛ إلاَّ أن ينصَّ على كراهة التَّنْزيه، أو يدلّ دليلٌ على ذلك
(4)
.
(السُّنةُ إذا أطلقت فالمرادُ به السنّة المؤكَّدة، وكذا سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كانت هو تطلق على سنّة الصحابة أيضاً
(5)
. و تطلق السنة كثيراً ويرادُ بها المستحبّ وبالعكس،
ويعلم ذلك بالقرائن الحاليّة والمقاليّة
(6)
.
(يطلقون عباراتهم كثيراً في موضعٍ اعتماداً على التقييد في محلِّه، وقصدهم بذلك أن لا يدّعي علمهم إلا مَن زاحمهم بالركب، وليعلم أنّه لا يحصلُ إلا بكثرةِ المراجعة وتتبّع عباراتهم، والأخذ عن الأشياخ
(7)
.
(الواجب: يطلق كثيراً ويراد به أعمّ منه ومن الفرض، كما قالوا في (بحث الصيام)، وغيره
(8)
.
(1)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 17). «أدب المفتي» (574).
(2)
ينظر: «شرح رسم المفتي» (ص 23).
(3)
ينظر: «شرح رسم المفتي» (ص 23).
(4)
ينظر: «البحر الرائق» (1: 137).
(5)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 18). «أدب المفتي» (574).
(6)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 18). «أدب المفتي» (574).
(7)
ينظر: «رد المحتار» (1: 450).
(8)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 18). «أدب المفتي» (574).
(الفرض: يطلق كثيراً على ما يقابلُ الركن، فيطلقون على ما لا يصحّ الشيء بدونه، وإن لم يكن ركناً كما ذكروا أنّ من فرائضِ الصّلاة التحريمة، وقد يطلق على ما ليس بفرض ولا شرط
(1)
.
(الحَسَن: إذا ذكرَ مطلقاً في كتبِ الحنفيّة فالمرادُ به ابن زياد، تلميذ أبي حنيفة، وإذا ذكرَ مطلقاً في كتب التفسيرِ فالمرادُ به الحسن البَصْريّ
(2)
.
(شمسُ الأئمّة: عند الإطلاقِ يرادُ به شمس الأئمّة السَّرَخْسِيّ، وفيما عداه يذكرُ مقيَّداً كشمس الأئمّة الحَلْوَانِيّ، وشمس الأئمّة الزَّرَنْجَريّ
(3)
، وشمس الأئمّة الكَرْدَريّ
(4)
، وشمس الأئمة الأُوزْجَنْدِيّ
(5)
.
(6)
(الفَضْلي: المرادُ به: أبو بكرْ محمد بن الفضل الكماريّ البُخاريّ (ت 381 هـ)
(7)
.
«(الأصل» : في قولهم: هذا الحكم ذكرَه في «الأصل» ونحوه: يراد به «المبسوط» : تصنيفُ الإمامِ محمّد، سمّي به؛ لأنّه صنّفه أوّلاً، ثمّ «الجامع الصغير» ثمّ «الجامع الكبير» ، ثم «الزيادات»
(8)
.
«(المبسوط» : المرادُ بـ «مبسوط السَّرَخْسِيّ» في شروح «الهداية» و «شرح الوقاية» ، وغيرها عند الإطلاق، وهو شرُحه على «الكافي» الذي ألَّفه الحاكمُ الشهيد (ت 344 هـ)
(9)
.
(1)
ينظر: «رد المحتار» (1: 442). «أدب المفتي» (574).
(2)
ينظر: «الفوائد» (ص 421). «مقدمة العمدة» (1: 16).
(3)
وهو بكر بن محمد بن علي بن الفضل، الزَّرَنْجَريّ، شمس الأئمة، نسبة إلى قرية زرنكر من قرى بخارا، قال الكفوي: الإمام المتقن الذي كان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وكان له معرفة في الأنساب والتواريخ، (427 - 512 هـ). ينظر:«الجواهر» (1: 465 - 467). «الفوائد» (ص 96).
(4)
وهو محمَّد بن عبد الستَّار بن محمد العِمَادِيّ الكَرْدَرِيّ البَرَاتَقِينِي الحنفي، أبو الواجد، شمس الأئمة، انتهت إليه رئاسة الحنفية في زمانه، (599 - 642 هـ) ينظر:«الجواهر» (3: 228 - 230). «تاج التراجم» (ص 267 - 268). «النجوم الزاهرة» (6: 351).
(5)
وهو محمود بن عبد العزيز الأُوزْجَنْدِيّ، شيخ الإسلام، شمس الأئمة، جد قاضي خان، تفقه على السَّرَخْسِي. ينظر:«الجواهر» (3: 446). «الفوائد» (ص 342).
(6)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 414).
(7)
ينظر: «الفوائد» (ص 418).
(8)
ينظر: «مقدمة العمدة» (1: 17).
(9)
ينظر: «كشف الظنون» (ص 2: 1387). «مقدمة العمدة» (1: 17).
«(المحيط» : المراد به «المحيط البُرْهَانيّ» عند إطلاقه لغير واحد: كصاحب «الخلاصة» و «النهاية» و «شرح الوقاية» لا «المحيط» للإمامِ رضيّ الدين السَّرَخْسِيّ
(1)
.
(المتون: المراد بها المتون المعتبرة كـ «البداية» ، و «مختصر القدوري» ، و «المختار» ، و «النقاية» ، و «الوقاية» ، و «الكنْز» ، و «الملتقى» ، فإنها الموضوعة لنقل المذهب مما هو ظاهر الرواية، بخلاف «متن الغرر» لملا خسرو و «متن التنوير» للتمرتاشي فإنها فيها كثيراً من مسائل الفتاوى
(2)
.
(ظاهر الروايةِ وظاهر المذهب والأصولِ في قولهم: هذا في ظاهرِ الرواية، وهو ظاهر المذهب، وهو موافقٌ لروايةِ الأصول: هي مسائل رويت عن أصحاب المذهب، وهم: أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رضي الله عنهم، وقد يلحق بهم زفر رضي الله عنه والحسن رضي الله عنه وغيرهما ممن أخذ الفقه عن أبي حنيفة، لكن الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة أو قول بعضهم، وسمِّيت بظاهر الرواية؛ لأنها رويت عن محمد برواية الثقات: فهي ثابتة عنه إما متواترة أو مشهورة عنه
(3)
. وبين العلماء اختلاف في تحديد كتبها، وفي التفريق بين ظاهر الرواية وبين الأصول:
أما الخلاف في تحديد كتبها:
فمنهم
(4)
: من قال: هي الكتب الستة المشهوة للإمامِ محمّد رضي الله عنه «الجامع الصغير» و «الجامع الكبير» و «السير الصغير» و «السير الكبير» و «المبسوط» و «الزيادات» .
ومنهم: من لم يعدّ «السير الصغير» .
ومنهم: من إنّ بعضَهم لم يعدّ «السير» بقسميه منها: كالبابرتي
(5)
وقاضي زاده
(6)
، إذا قالا: المرادُ بظاهر الرواية عند الفقهاء: رواية «الجامعين» و «المبسوط» و «الزيادات» ، ويعبَّر عنها بظاهر الرواية، والمرادُ بغير ظاهرِ الرواية: روايةُ غيرها.
(1)
ينظر: «الفوائد البهية» (ص 418 - 419).
(2)
ينظر: «شرح رسم المفتي» (ص 37).
(3)
ينظر: «شرح رسم المفتي» (ص 16).
(4)
كحاجي خليفة في «كشف الظنون» (2: 1283). وابن عابدين في «رد المحتار» (1: 47)، و «شرح رسم المفتي» (ص 16). وشيخ الإسلام محمد تقي العثماني في «أصول الإفتاء» (ص 23). والمجددي في «أدب المفتي» (ص 570).
(5)
في «العناية» (8: 371).
(6)
في «نتائج الأفكار» (8: 371،9: 104).
وأمَّا الخلاف في التفريق بين ظاهر الرواية وبين الأصول:
فذهب الجمهور: أنه لا فرق بينهما، وانتصر لهم ابن عابدين
(1)
.
وذهب بعضهم كابن كمال باشا
(2)
وطاشكبرى زاده إلى الفرق بينهما، فقال طاشكبرى
(3)
: إنّهم يعبّرون عن «المبسوط» و «الزيادات» و «الجامعين» برواية الأصول، وعن «المبسوط» و «الجامع الصغير» و «السير الكبير» بظاهر الرواية، ومشهور الرواية. انتهى.
(غير ظاهر الرواية: وهي المسائلُ التي رويت عن الأئمّة، لكن في غير الكتب المذكورة، وهي على ثلاثة أقسام:
الأول: قسم في كتب أخر لمحمّد لم تشتهرِ عن محمّد رضي الله عنه، ولم تروَ عنه بطرقٍ كطرقِ الكتب الأول، وهي:
«الكيانيات» : وهي مسائل جمعها محمد لرجل يسمى كيان، وقد يوجد في بعض الكتب «الكيسانيات» ، وقالوا: جمعها كيسان، وهي بلدة، قال طاشكبرى
(4)
: لكن هذا غير صحيح، والصحيح الأول.
«الرقيَّات» : وهي مسائل جمعها محمد حين كان قاضياً بالرقّة.
«الجُرجانيّات» : وهي مسائل جمعها محمد بجرجان.
«الهارونيّات» : وهي مسائل جمعها محمد لرجل مسمَّى بهارون.
الثاني: قسم في كتبِ غير محمّد، كـ «المجرَّد» للحسن بن زياد، ومنها: كتب «الأمالي» . والإملاء: أن يقعدَ العالم وحوله تلامذه بالمحابر والقراطيس، فيتكلَّمُ العالم بما فتحَ الله عليه من العلم، وتكتب التلامذةُ ما تكلَّمَ مجلساً مجلساً، ثمَّ يجمعون ما كتبوا، فيصير كتاباً، ويسميّ بـ «الأمالي» ، وكان هذا عادة المتقدّمين.
(1)
في «شرح رسم المفتي» (ص 16 - 18).
(2)
ينظر: رأي ابن كمال باشا في «شرح رسم المفتي» (ص 17 - 18).
(3)
من «مفتاح السعادة» (2: 237).
(4)
في «مفتاح السعادة» (2: 237).
الثالث: الرواياتُ المتفرّقةُ: النوادر: وهي كتب غير ظاهر الرواية عن محمد بن الحَسَن، وهي ثمان: «نوادر هشام
(1)
»، و «نوادر ابن سماعه
(2)
»، و «نوادر ابن رستم
(3)
»، و «نوادر داود بن رشيد» ، و «نوادر المعلى» ، و «نوادر بشر» ، و «نوادر بن شجاع البلخي أبى نصر» ، و «نوادر أبى سليمان»
(4)
.
(علاماتِ الفتوى والترجيح، وهي:
للترجيح الصحيح ألفاظ بعضُها أقوى من بعض، وسأوردها مرتبة على حسب قوّتها:
عليه عمل الأمة.
عليه الفتوى، وبه يفتى.
الفتوى عليه.
الصحيح أو الأصح على الخلاف الآتي ذكره.
به نأخذ، أو عليه فتوى مشايخنا، أو هو المعتمد، أو هو الأشبه
(5)
، أو هو الأوجه
(6)
، أو به يعتمد، أو عليه الاعتماد، أو عليه العمل اليوم، أو هو الظاهر أو
(1)
وهو هشام بن عبيد الله الرَّازِيّ، مات محمد بن الحسن في مَنْزله بالرَّيِّ، ودفن في مَقْبَرِتِهم، من مؤلفاته:«النوادر» ، و «صلاة الأثر» ، قال: لقيت ألفاً وسبعمئة شيخ، وأنفقت في العلم سبعمئة ألف درهم. ينظر:«الجواهر» (3: 569 - 570). «طبقات ابن الحنائي» (ص 28). «الفوائد» (ص 364).
(2)
وهو محمد بن سَماعة بن عبيد الله التَّميميّ، أبو عبد الله، وكان سبب كتابةِ ابن سماعة النوادر عن محمد أنه رآه في النوم كأنه يثقب الإبر، فاستعبر ذلك، فقيل: هذا رجل ينطق بالحكمة، فاجهد أن لا يفوتك منه لفظة، فبدأ حينئذ، فكتب عنه النوادر. من مؤلفاته:«أدب القضاء» ، و «المحاضر والسجلات» ، (ت 233 هـ). ينظر:«التقريب» (ص 417)، «الجواهر» (3: 168 - 170).
(3)
وهو إبراهيم بن رستم المَرْوزيّ، أبوبكر، تفقه على محمد، وروى عن نوح الجامع، وسمع مالك، (ت 211 هـ). ينظر:«الفوائد» (ص 27).
(4)
ينظر التفصيل السابق في: «مفتاح السعادة» (2: 237). «الكشف» (2: 1283). «شرح رسم المفتي» (16 - 17). «النافع الكبير» (ص 17 - 19). «أدب المفتي» (ص 870). وغيرها.
(5)
معنى الأشبه: الأشبه بالنصوص رواية، والراجحُ دراية ـ دليلاً ـ، فيكون عليه الفتوى. ينظر:«رد المحتار» (1: 49).
(6)
أي الأظهر وجهاً من حيث إن دلالة الدليل عليه متجهةٌ ظاهرةٌ أكثر من غيره. ينظر: «رد المحتار» (1: 72).
هو الأظهر، أو هو المختار، أو به جرى العرف اليوم، أو هو المتعارف، أو به أخذ علماؤنا، وغيرها، فجميع هذه الألفاظ متساوية غير أن صيغ التفضيل تجري على الاختلاف الآتي ذكره في الأصح والصحيح
(1)
، قال محمد تقي العثماني
(2)
: والراجح أن اسم التفضيل من بين هذه الألفاظ أرجح على غيره.
الخلاف في الصحيح والأصح أيهما أقوى:
قال بعضهم: إن الأصح أقوى من الصحيح؛ لكونه اسم تفضيل.
وقال الآخرون: إن الصحيح أقوى من الأصح؛ لأن الصحيحَ مقابله خطأ
(3)
، والأصح مقابله الصحيح، وما كان مقابله خطأ آكد ممَّا كان مقابله صحيحاً.
قال محمد تقي العثماني
(4)
: والقول الفصل في هذا الباب أنه إذا كان قائل كلا اللفظين واحداً، فالأصح مقدَّم على الصحيح بالاتفاق. وأما إذا كان قائل الصحيح غير قائل الأصح، فهو على الخلاف المذكور، والراجح في مثله أن الصحيح مقدم على الأصح. وليتنبه هاهنا أن هذا التفضيل يجري في الأقوال المختلفة، أما إذا استعمل لفظ: الأصح في ترجيح تصحيح على تصحيح آخر فلا شك في أن الأصح راجح على الصحيح، وهذا كما لو ذكر واحد تصحيحين عن إمامين ثم قال: إن هذا التصحيح الثاني أصح من الأول مثلاً فلا شكّ أن مرادّه ترجيح ما عبر عنه بكونه أصحّ
(5)
.
وعليه إذا ذيلت رواية في كتاب معتمدٍ في الأصحّ، أو الأولى، أو الأوفق، أو نحوها؛ فله أن يفتي بها وبمخالفها أيّاً شاء، وإذا ذيِّلت بالصحيح أو المأخوذ، أو به يفتى، أو عليه الفتوى، لم يفت بمخالفته إلا إذا كان في «الهداية» مثلاً: هو
(1)
ينظر: «أصول الإفتاء» (ص 36). «الدر المختار» (1: 50)«رد المحتار» (1: 186).
(2)
في «أصول الإفتاء» (ص 36).
(3)
قال بيري: ينبغي أن يقيّد ذلك بالغالب؛ لأنا وجدنا مقابل الأصح الرواية الشاذة. ينظر: «شرح رسم المفتي» (ص 38).
(4)
في «أصول الإفتاء» (ص 36).
(5)
وقريب منه قال ابن عابدين في «شرح رسم المفتي» (ص 38). وينظر: «الدر المختار» (1: 50).
الصحيح؛ وفي «الكافي» بمخالفه: هو الصحيح؛ فيخيّر فيختارُ الأقوى عنده، والأليق، والأصلح
(1)
.
وأيضاً: إذا صحح كل من الروايتين بلفظ واحد كأن ذكر في كل واحدة منهما هو الصحيح أو الأصح أو به يفتى تخير المفتي. وإذا اختلف اللفظ؛ لأنه كان أحدهما لفظ: الفتوى؛ فهو أولى؛ لأنه لا يفتى إلا بما هو صحيح، وليس كل صحيح يفتى به؛ لأن الصحيح في نفسه قد لا يفتى به؛ لكونه غير أوفق لتغيّر الزمان وللضرورة ونحو ذلك، فما فيه لفظ الفتوى يتضمن شيئين أولهما الإذن بالفتوى به، والآخر صحته؛ لأن الإفتاء به تصحيح له، بخلاف ما فيه لفظ الصحيح أو الأصح مثلاً، وإن كان لفظ الفتوى في كل منهما فإن كان أحدهما يفيد الحصر مثل به يفتى أو عليه الفتوى فهو الأولى ومثله بل أولى لفظ: عليه عمل الأمة؛ لأنه يفيد الإجماع
(2)
.
والقول بالتخيير فيما إذا وجد قولان مصححان أو متعارضان ورجح كلٌّ منهما فليس على إطلاقه، وإنما في المسألة تفصيل:
أولاً: إذا كان الترجيحان من رجل واحد عمل بالمتأخر منهما إن عرف التاريخ وإن لم يعرف التاريخ رجح المفتي أحدهما بمرجحات سيأتي ذكرها.
ثانياً: إذا كان الترجيحان من رجلين مختلفين رجح المفتي أحدهما بمرجحات، وهي:
إذا كان أحد التصحيحين صريحاً والآخر التزاماً عمل بالصريح.
إذا كان أحد التصحيحين بلفظ أقوى بالنسبة إلى تصحيح آخر رجّح ما لفظه أقوى.
إذا كان أحدهما مذكوراً في المتون والآخر مذكوراً في غيرها فالراجح ما في المتون.
إذا كان أحدهما ظاهر الرواية والآخر غيره فالراجح ما هو ظاهر الرواية.
إذا كان أحدهما قول الإمام والآخر قول صاحبيه فالراجح قول الإمام.
إذا كان أحدهما مختار أكثر المشايخ والآخر مختار قليل منهم فالراجح ما اختاره الأكثر.
إذا كان أحدهما قياساً والآخر استحساناً فالراجح الاستحسان.
إذا كان أحدهما أوفق بالزمان كان راجحاً على غيره.
إذا كان أحد القولين أقوى في الدليل عند مفتٍ أهل للنظر في الدليل فهو أولى من غيره.
إذا كان أحد القولين أنفع للفقراء فهو أولى من غيره في باب الزكاة.
إذا كان أحد القولين أنفع للوقف فهو أولى من غيره.
إذا كان أحد القولين أدرأ للحدّ فهو أولى من غيره.
إذا كان التعارض بين الحل والحرمة فالراجح هو المحرم.
أما إذا لم يظهر للمفتي شيء من المرجِّحات فهو بالخيار ويأخذ أحدهما بشهادة قلبه مجتنباً عن التشهي وطالباً للصواب من الله تعالى
(1)
.
المبحث الثامن
ترجمة أئمة المذهب الذين تدور على قولهم مسائل الكتاب
أولا: أبو حنيفة
وهو النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان بن زوطي بن ماه، ولد رضي الله عنه وأرضاه، وأنفذ ما أوضحه من الدين الحنفي وأمضاه في سنة ثمانين للهجرة على أشهر
الروايات، ومال الكوثري
(2)
إلى رواية ولادته في سنة ستين للهجرة، ورأي أنساً وغيره من الصحابة كما نطقت به كلمات الثقات من المحدِّثين المؤرخين على ما سبق ذكره، فيكون رضي الله عنه من التابعين الفائزين ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «خير القرون قرني ثم الذي يلونهم
…
».
(1)
ينظر: هذا التفصيل في «شرح رسم المفتي» (ص 39 - 40). «أصول الإفتاء» (ص 26 - 27).
(2)
في «مناقب أبي حنيفة» (ص 7).
وطلب الحديث حتى كان مبرزاً فيه، وكان عطاء بن رباح يقدمه في مجلسه، قال الذهبي
(1)
: إن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه طلب الحديث وأكثر منه في سنة مئة وبعدها، وقال: وعني بطلب الآثار، وارتحل في ذلك.
وطلب الفقه وغيره من العلوم الشرعية حتى كان منه ما كان، وقد جاوز شيوخه أربعة ألآف شيخ
(2)
، وأكثر الاختلاف إلى حماد بن أبي سليمان رضي الله عنه إلى أن توفِّي رحمه الله الله تعالى، فجلس في حلقته يدرس ويفيد الناس واصطبر على أصحابه؛ ليعلمهم، وأبدع في تفقيه الناس وتعليمهم حتى صار يعرف الفقه به، فهو صنعة أبي حنيفة رضي الله عنه؛ وهو أبرز من اشتغل فيه حتى قال الشافعي رضي الله عنه فيه: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة رضي الله عنه. كما أن سيبويه أبرز من اشتغل بالنحو والخليل باللغة والبخاري في الحديث والماتريدي والأشعري في الكلام والذهبي في التاريخ والطبري في التفسير وهكذا، فلا يذكر الفقه إلا ويذكر أبو حنيفة رضي الله عنه.
وكان رحمه الله عفيف النفس يأكل من كدِّ يده، فكان له متجر كبير يبيع فيه الخزّ، ينفق منه على نفسه وعلى أصحابه، وكان حسن الملبس والهيئة، له هيبة ووقار، وكان زاهداً عابداً حتى قيل أنه كان يصلي صلاة الفجر بوضوء العشاء، وحجَّ خمسين حجة، قال أبو عاصم النبيل: كان أبو حنيفة رضي الله عنه يسمى الوتد لكثرة صلاته، وقال أبو يوسف: كان يحيى الليل صلاة ودعاء وتضرعاً، قال الذهبي
(3)
: قد تواتر قيامه الليل وتهجده وتعبده رحمه الله تعالى.
وقد توفي رحمه الله تعالى سنة مئة وخمسين للهجرة فرحمه الله رحمة واسعة
(4)
.
(1)
في «سير أعلام النبلاء» (6: 392، 396).
(2)
ينظر: «مفتاح السعادة» (2: 178)، و «سند الأنام» (ص 9)، وغيرهما.
(3)
في «مناقب أبي حنيفة» (ص 12).
(4)
وقد أفردت في ترجمته كتب عديدة منها: «السهم المصيب» ، «الانتصار والترجيح» ، و «تأنيب الخطيب» ، و «إحقاق الحق» ، و «أقوم المسالك» ، و «مكانة أبي حنيفة في الحديث» ، و «أبو حنيفة النعمان بن ثابت» ، و «شقائق النعمان في مناقب أبي حنيفة النعمان» ، و «أخبار أبي حنيفة وأصحابه» ، و «تبييض الصحيفة في مناقب أبي حنيفة» ، و «الخيرات الحسان في مناقب النعمان» ، وغيرها.
ثانياً: أبو يوسف
(1)
يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خُنَيْس بن سعد، وسعد بن حَبْته من الصحابة أتي يوم الخندق إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدعا له ومسح على رأسه، ولد رحمه الله في سنة ثلاث عشرة ومئة بالكوفة على ما ذكره الطحاوي وعليه الجمهور أخذاً بالاحتياط، ورجح الكوثري
(2)
أن ولاته سنة ثلاث وتسعين.
تفقه بأبي حنيفة رضي الله عنه وهو أجل أصحابه وقد صحبه سبعة عشر سنة، وطلب الحديث والعلم على شيوخ عصره، قال الخريبِي: كان أبو يوسف قد اطلع على العلم اطلاعاً يتناوله كيف يشاء، قال أبو يوسف عند وفاته: كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق الكتاب والسنة.
وقال الذهبي: أبو يوسف قاضي القضاة، وهو أول من دعي بذلك، وكان مع سعة علمه أحد الأجواد الأسخياء. وقال: ابن سماعة: كان أبو يوسف يصلي بعدما ولي القضاء في كل يوم مئتي ركعة، من مؤلفاته:«الأمالي» ، «النَّوادر» ، و «الآثار» ، و «الخراج» .
توفي رحمه الله يوم الخميس وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومئة.
(1)
ترجمته في: «الجواهر المضية» (3: 611 - 613). «تاج التراجم» (613)، «النجوم الزاهرة» (2: 107 - 708). «العبر» (1: 284 - 285). «الفوائد» (ص 372). «مرآة الجنان» (1: 382 - 383). «مفتاح السعادة» (2: 211 - 217). «وفيات الأعيان» (6: 378 - 390). «أخبار أبي حنيفة وأصحابه» للصيمري، «مناقب أبي حنيفة وصاحبيه» للذهبي (ص 37 - 50)، وأفرده بتأليف خاص الإمام الكوثري في «حسن التقاضي في سيرة الإمام أبي يوسف القاضي» .
(2)
في «مناقب أبي حنيفة وصاحبيه» (ص 37).
ثالثاً: الشيباني
(1)
مُحَمَّد بن الحَسَن بن فرقد الشَّيْبَانِيّ، أبو عبد الله، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وكان ذكياً متقد الذهن، سريع الخاطر، قوي الذاكرة، ذا نفس وثابة إلى المعالي، جميل
الخلق والخُلق للغاية، سميناً خفيف الروح، ممتلئاً صحة وقوة، نشأ في بلهنية العيش ببيت والده السري الثري بالكوفة، ولما بلغ سن التمييز تعلم القرآن الكريم وحفظه، وأخذ يحضر دورس اللغة العربية، وكانت الكوفة إذ ذاك مهد العلوم العربية.
وأخذ الحديث من أبي حنيفة رضي الله عنه وأبي يوسف رضي الله عنه وغيرهما من مشايخ الكوفة والبصرة والمدينة ومكة والشام وبلاد العراق بل جمع إلى علم أبي حنيفة وأبي يوسف علم الأوزاعي والثوري ومالك رضي الله عنهم حتى أصبح إماماً لا يبلغ شأوه في الفقه، قوياً في التفسير والحديث، حجة في اللغة باتفاق أهل العلم، وهو القائل ورثت ثلاثين ألفاً فصرفت نصفها في اللغة والشعر والنصف الآخر في الفقه والحديث.
قال الذَّهَبِيّ: كان من أذكياء العالم، قال الشافعي: ما رأيت أعقل ولا أفقه ولا أزهد ولا أروع ولا أحسن نطقاً وإيراداً من محمد بن الحسن، وقال: لو أشاء أن أقول إن القرآن نزل بلغة محمد الحسن لقلته لفصاحته، وقال: ما رأيت سميناً أخف روحاً من محمد ابن الحسن وما رأيت أفصح منه، وقال الطحاوي: كان حزبه في كل يوم وليلة ثلث القرآن.
ومؤلفاته هي المعتمدة في المذهب، وعليها التعويل في الفتوى، وتعدُّ هي الأساس في تدوين الفقه الإسلامي في مختلف المذاهب على ما عرف في محلِّه.
توفِّي رحمه الله تعالى سنة تسع وثمانين ومئة للهجرة.
(1)
ترجمته في: «مفتاح السعادة» (2: 217 - 222). «بلوغ الأماني في سيرة محمد بن الحسن الشيباني» . «الكشف» (1: 15، 107، 561، 567، 2: 92، 1014، 1384، 1395، 1415، 1424، 1430، 1444، 1452، 1581، 1669، 1830، 1908، 1979، 1980)، «العبر» (1: 302)، «مقدِّمة الهداية» (14:3). و «النافع الكبير» (ص 34 - 38)، و «الفوائد البَهيَّة» (268 - 270). «التعليقات السنية» (268 - 269). «مقدمة السعاية» (ص 37). «الجواهر المضية» (3: 122 - 127). «تاج التراجم» (237 - 240). «تهذيب الأسماء» (1: 80 - 83). «مقدمة التعليق الممجد» (1: 114 - 117). «مناقب أبي حنيفة وصاحبيه» للذهبي (50 - 61).
المبحث التاسع
مخطوطات «الوقاية»
من المعلوم أن كتاب (الوقاية)) من أكثر كتب الأحناف شهرة وتداولاً، الأمر الذي أدَّى إلى وجود مخطوطات له منتشرةً في البلاد وبين العباد بعددٍ يستحيل حصره، ولو أتيت على ذكرها لأخذ منا الصفحات العديدة؛ لذا فأنني أكتفي بذكر مخطوطاته في العراق، وهي:
دار صدام للمخطوطات برقم (6823)(ق 340)(846 هـ).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (13616) وهي إحدى النسخ المعتمدة في التحقيق.
المكتبة القادرية بغداد برقم (251) وهي إحدى النسخ المعتمدة في التحقيق.
دار صدام للمخطوطات برقم (33536)(ق 322)(954 هـ) ناقص الأول.
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3817) وهي إحدى النسخ المعتمدة في التحقيق.
دار صدام للمخطوطات برقم (9507)(ق 466)(962 هـ).
مكتبة أوقاف الموصل (18×15)(ق 246)(951 هـ)(7: 42).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3602)(ق 245)(26×19 سم)(965 هـ)(1: 576).
المكتبة القادرية بغداد برقم (250)(ق 250)(21 س/21×23 سم)(971 هـ) نسخة حسنة خطها جيد. (2: 33).
المكتبة القادرية بغداد برقم (252)(ق 111)(19 س/21×15)(1172 هـ)(2: 35).
دار صدام للمخطوطات برقم (39803)(ق 500)(1150 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (9519)(ق 423)(1176 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (8329)(ق 354)(1272 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (15155)(ق 451).
دار صدام للمخطوطات برقم (34273)(ق 206). ناقص الأخير.
دار صدام للمخطوطات برقم (35248)(ق 472).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (17531)(ق 157)(20×18 سم)(1: 577).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3863)(ق 253)(30×20 سم) مخرومة الأخ ر (1: 577).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (9728)(ق 258)(30×20 سم)(1: 577)
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3799)(ق 237)(28×18 سم)(1: 577).
المبحث العاشر
مخطوطات «شرح الوقاية»
مر معنا سابقاً أن أشهر شروح الوقاية هو شرح صدر الشريعة، وقد نال عناية فائقة من العلماء في التدريس والتحشية، الأمر الذي أدى إلى انتشاره نسخ مخطوطات له في الأمصار، و لا سيما الأمصار التي تعتني بفقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه؛ ولكثرة مال له من مخطوطات منتشرة في العالم فإني أكتفي بذكر مخطوطاته في الشام والعراق:
دار صدام للمخطوطات برقم (9516) وهي إحدى النسخ المعتمدة في التحقيق.
دار الكتب الظاهرية بدمشق برق م (3095)(ق 203)(26×18 سم)(1: 432)(921 هـ)، الناسخ: أمير شاه بن يونس بن نصر.
دار صدام للمخطوطات برقم (27905)(ق 518)(948 هـ).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3633)(ق 256)(25×16 سم)(953 هـ)(1: 483).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3698)(ق 184)(26×18 سم)(953 هـ) الناسخ: محمد بن إسماعيل الحنفي. (1: 483).
دار الكتب الظاهرية بدمشق برقم (8273)(ق 172)(26×18 سم)(1: 433)(956 هـ) الناسخ: اسماعيل بن اسحاق بن طور علي.
دار صدام للمخطوطات برقم (28152)(ق 790)(967 هـ).
المكتبة القادرية بغداد برقم (340)(ق 239)(25 س/18×13 سم)(983 هـ).
المكتبة القادرية بغداد برق م (260)(ق 5+306)(19 س/22×15 سم)(1093 هـ).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3817)(ق 350)(23×16 سم)(995 هـ) الناسخ: يحيى بن سليمان الأنقروي. (1: 482).
المكتبة القادرية بغداد برقم (255)(ق 316)(23 س/20×14 سم)(1026 هـ)(2: 37).
دار صدام للمخطوطات برقم (35545)(ق 740)(1028 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (23169)(ق 278)(1038 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (11388)(ق 561)(1058 هـ).
مكتبة أوقاف الموصل (29×20)(ق 272)(1061 هـ) الناسخ: مصطفى بن حسين (4: 83).
دار صدام للمخطوطات برقم (27884)(ق 498)(1054 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (9570)(ق 524)(1073 هـ).
مكتبة أوقاف الموصل (24×7 سم)(ق 288)(1075 هـ) الناسخ: أحمد بن مراد. (1: 157).
دار صدام للمخطوطات برقم (9877)(ق 440)(1098 هـ).
المكتبة القادرية بغداد برقم (259)(ق 361)(17 س/26×18 سم) القرن الحادي عشر (2: 40).
دار صدام للمخطوطات برقم (26661)(ق 764 هـ)(1100 هـ).
مكتبة أوقاف الموصل (23×18)(ق 262)(1105 هـ) الناسخ: ملا حمزة بن عبد الله (6: 72).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (12468) وهي إحدى النسخ المعتمدة في التحقيق.
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3884)(ق 184)(31×20 سم)(1154 هـ) الناسخ: قاسم بن عثمان بن قاسم. (1: 483).
دار صدام للمخطوطات برقم (3156)(ق 598)(1158 هـ).
المكتبة القادرية بغداد برقم (253)(ق 250)(24 س/19×20 سم) القرن الثاني عشر (2: 35).
المكتبة القادرية بغداد برقم (254)(ق 3+224)(23 س/20×14 سم) القرن الثاني عشر (2: 36).
مكتبة أوقاف الموصل (2×15)(ق 374)(1207 هـ) الناسخ: عبد الرحمن بن عبد الله (4: 83).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3880)(ق 168)(30×20 سم)(1128 هـ) الناسخ: أيوب بن الحاج صالح (1: 482).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (10118)(ق 140)(21×12 سم)(1132 هـ) الناسخ: ولي بن عمر آغا بن مصطفى. النسخة مأروضة. (1: 481).
دار صدام للمخطوطات برقم (35069)(ق 615)(1248 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (31536)(ق 337)(1325 هـ).
دار صدام للمخطوطات برقم (27885)(ق 250).
دار صدام للمخطوطات برقم (28584)(ق 304).
دار صدام للمخطوطات برقم (7474)(ق 440).
دار صدام للمخطوطات برقم (7135)(ق 920).
دار صدام للمخطوطات برقم (34096)(ق 363).
مكتبة أوقاف الموصل (20×14)(ق 270)(4: 78).
مكتبة أوقاف الموصل (22×16)(ق 239)(8: 68).
مكتبة أوقاف الموصل (25×17)(ق 262)(8: 69).
مكتبة أوقاف الموصل (27×5/ 17)(ق 188)(6: 73).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (1501)(ق 213)(26×17 سم)(1: 481).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (2519)(ق 310)(20×14 سم)(1: 481).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3519)(ق 402)(20×14 سم)(1: 481).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3563)(ق 265)(29×19 سم)(1: 481).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3821)(ق 210)(18×12 سم)(1: 482).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3736)(ق 350)(22×14 سم)(1: 482).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3801)(ق 290)(26×20 سم)(1: 482).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3806)(ق 195)(17×14 سم)(1: 482).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3616)(ق 402)(25×16 سم). خطها جيد. (1: 483).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (3827)(ق 185)(20×15 سم)(1: 483).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (9862)(ق 195)(26×18 سم)(1: 483).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (9848)(ق 210)(20×12 سم)(1: 484).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (9811)(ق 310)(18×12 سم)(1: 484)
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (7378)(ق 210)(22×15 سم)(1: 484).
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (4141)(ق 310)(21×16 سم)(1: 484)
مكتبة الأوقاف العراقية برقم (4184)(ق 302)(35×25 سم)(1: 484).
المبحث الحادي عشر
المنهج المتبع في تحقيق الكتاب
إن المحقق عندما يقبل على تحقيق كتاب فإنه يخدمه ويخرجه من ظلمات دور المخطوطات إلى نور المكتبات العامة والخاصة، وهذه الخدمة تختلف من علم إلى علم ومن فن إلى فن، فكلُّ منها يحتاج إلى لون من الخدمة يتوافق مع حاجة المستفيدين منه، وهذه الخدمة التي يقدمها المحقق تمثّل خطّة عمله في الكتاب، فينبغي عليه قبل الشروع فيه أن يسأل نفسه: بماذا سأخدم هذا الكتاب؟ والجواب سيكون هو المنهج الذي سيتبعه في تحقيقه.
وفي عملي في تحقيق «شرح الوقاية» سرت في منهجٍ يمكن بيانه في النقاط الآتية:
جمعت لهما بعض النسخ المخطوطة المضبوطة القديمة والطبعات القديمة أيضاً وقابلتها، وأثبت الصحيح في الأعلى وسجلت غيره من الفروق في الهامش عندما كانت رسالة دكتوراه، وبعدما أعدت تصحيحها وإخراجها على هيئة كتاب حذفت هذه الفروق التي في الهوامش ولم أبق إلا ما فيه زيادة من بعض النسخ في الأغلب؛ لأن الفروق بين النسخ كثيرة جداً، وكلها كما يظهر من أيدي النساخ إذ لا فائدة فيها فقد كانت كل صفحة تصل عدد الفروق إلى عشرة أو أكثر، واستعملت بدل المعكوفين تكرار رقم الهامش بقوس واحد منه هكذا (1
…
1) إذا كانت الزيادة في أكثر من كلمة، أما إذا كانت في كلمة واحدة فإنني أكتفي بذكر الهامش مباشرة.
خرَّجت أحاديثه بذكر رواته من الصحابة رضي الله عنهم، والكتب التي خرّجته، وحكمه من حيث الصحة والضعف من قبل كبار المحدِّثين، وأتيت له بالشواهد التي تقوّيه إن كان فيه ضعف، وذكرت لفظ الحديث المذكور في كتب السنة إن ذكره الشارح بمعناه، واكتفيت بذكر الجزء والصفحة بدل الكتاب والباب خوف التطويل؛ لأن غالبية الأحاديث غير مذكورة في الصحاح فأحتاج إلى ذكر عدد كبير من كتب السنة الوارد فيها، فلو ذكرت الكتاب والباب لاستغرق تخريج كثير منها أكثر من صفحة.
ترجمت لما ورد فيه من الأعلام بذكر اسمه ونسبه وكلمة لأحد العلماء فيه وبعض مؤلفاته وولادته ووفاته إن وجدت.
وثّقت ما ورد فيه من الآيات بذكر السورة ورقم الآية، ووتتمتها إن احتيج لذلك.
أرجعت ما ورد فيه من النصوص إلى مظانِّها مطبوعة كانت أو مخطوطة، فوضعت نهاية نقله في الهامش: انتهى من
…
أي الكتاب الذي أخذ منه.
ضبطت ما يشكل من الكلمات بالشكل وكذا أواخرها؛ للإعانة على فهم العبارة.
راعيت فيه قواعد الإملاء الحديثة مع وضع علامات الترقيم المناسبة، وفصَّلت عباراته إلى مقاطع قصيرة على حسب ما يقتضيه المعنى.
جعلت المتن منفصلاً في أعلى الصحفة، وفصلت بينه وبين الشرح والمتن بخط؛ لتسهيل قراءة المتن لوحده لمن أراد ذلك، وميَّزت بين الشرح والمتن بوضع المتن داخل قوسين بخط أسود غامق.
بيَّنت معاني كثير من مفرداته الغريبة والصعبة من أمّهات كتب اللغة.
اعتمدت على توثيق رأي أصحاب المذاهب الذين يذكرهم الشارح من الكتب المعتمدة في مذاهبهم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
خرجت من اختلاف النسخ بصيغة الصلاة على الرسول بإثبات شكل الصلاة كالآت ي (صلى الله عليه وسلم)، وكذا اختلاف النسح بصيغة بين الترحم والترضي على مَن يذكر من العلماء وعدمه بذكر شكل الترضي (رضي الله عنه) بدون الإشارة إلى ذلك.
زدت بعض العناوين في الكتاب كما رأيتُها في كتب الفقه الحنفيّ الأخرى بوضعها بين معكوفتين دون الإشارة إلى ذلك.
صنعت فهارس علمية للكتاب تساعد على الإفادة منه.
لما كانت عبارات الكتاب محكمة وغامضة ومختصرة تحتاج إلى من يفكّها ويحلّها ويبيِّن مراد الشارح منها؛ ولذا كثرت الحواشي والتعليقات عليه، وقد راجعت لفهمها كثيراً من الحواشي والكتب، ووقفت على عبارات لطيفة في ذلك رأيت أن أثبتها في الهامش لتعين على توضيح مقصود كلام الشارح، وخوفاً عليها من الضياع.
ولما كان الكتاب من أشهر كتب الأحناف وأكثرها اعتماداً فقد اعتنيت ببيان المصحح في المذهب وما عليه الفتوى كما بيّنته الكتب التي جاءت بعده ولا سيما «حاشية ابن عابدين» التي عليها التعويل في بيان ما عليه الفتوى في جلّ مسائل الحنفيّة، وهذا كان تكملة لغرض الكتاب.
تتبعت الشارح كثيراً في مسامحاته التي نبَّه عليها العلماء ببيان إن كان الحقّ معه أو مع غيره ببسط كلام العلماء في ذلك.
المبحث الثاني عشر
النسخ المعتمدة في تحقيق الكتاب
مما مرَّ ذكره عن النسخ المخطوطة للـ «وقاية» و «شرح الوقاية» علم مدى انتشارها وأماكن وجودها، فكان عليّ أمام هذا العدد الهائل لهما اختيار أضبط هذه النسخ مع مراعاة القدم، فكانت إحدى النسخ يرجع تاريخ كتابتها إلى (853 هـ) فبينها وبين والمؤلِّف (88) سنة فقط، ونسخت أخرى نسخت في أماسية بتركيا. والكتاب كان يحفظ ويدرس على الشيوخ؛ لذلك كانت عامة أخطائه طفيفة راجعة إلى النساخ.
وقد اهتممت بالاعتماد على طبعات له في الهند؛ لأنه ما زال يدرس ويعتنى به فيها إلى الآن في مدارسها وجامعاتها، والنسخ المطبوعة عندهم كما يصرِّحون في خاتمة الطبع تكون مقابلة على عدّة نسخ خطيّة، ودقّة الطباعة عندهم عالية، فأخطاؤها أقلّ من غيرها، وأيضاً حصلت على نسخة طبعت بمصر بهامش «كشف الحقائق في شرح كنْز الدقائق» ؛ قابلته عليها لظنِّي أنها تكون مقابلة على نسخ خطيّة في مصر أو غيرها، ولكنّي وجدت فيها كثيراً من التصحيف والتحريف. فالحاصل أن هذه المقابلة جمعت بين النسخ العراقية والتركية والهندية والمصرية وغيرها.
النسخ المعتمدة في إخراج هذا الكتاب، هي:
نسخة (ت):
وهي نسخة للوقاية ضمتها مكتبة الأوقاف العامة في بغداد برقم (3817)، وتقع في (350) ورقة (23×16 سم) وتحتوي كل صفحة على (12) سطراً، وهي بخط معتاد جيد، زينتها كثير من الحواشي والتعليقات، ويرجع تاريخ كتابتها إلى سنة (959 هـ) على يد: يحيى بن سليمان الأنقروي.
نسخة (ج):
وهي نسخة للوقاية ضمتها مكتبة الأوقاف العامة في بغداد برقم (13616)، وتقع في (156) ورقة (27×18 سم) وتحتوي صفحتها على (13) سطراً، وهي بخط معتاد جيد مضبوط، زيَّنتها كثيرٌ من الحواشي والتعليقات، ويرجع تاريخ كتابتها إلى سنة (875 هـ) على يد: كوندك بن سوندك بن قاسم.
نسخة (ق):
وهي نسخة «للوقاية» ضمتها المكتبة القادرية في بغداد برقم (251)، وتقع في (135) ورقة (26.5×17.5 سم) وتحتوي صحفتها على (15) سطر، وهي بخطّ نسخ معتادّ مشكول، سقط منها الورقات الثماني الأولى، فتبدأ بـ: لا للتذلل وفي ثياب البذلة من (باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها)، ويرجع تاريخ نسخها إلى 2/ربيع الأول سنة (884 هـ)، على يد: عبد القادر بن شهاب الدين أحمد بن علي السقا.
نسخة (ص):
وهي نسخة لشرح الوقاية ضمتها دار صدام للمخطوطات برقم (9516) وتقع في (213) ورقة تحتوي كل صفحة (27) سطراً، وهي بخط معتاد جيد، يرجع تاريخ نسخها إلى (853 هـ) على يد جمال بن محمد.
نسخة (ف):
وهي نسخة لشرح الوقاية ضمتها مكتبة الأوقاف العامة في بغداد برقم (12468) وتقع في (285) ورقة (23×15 سم) تحتوي كل صفحة (21) سطراً، وهي بخط معتاد جيد جميل مضبوط، زينتها كثير من الحواشي والتعليقات، يرجع تاريخ كتابتها إلى (1130 هـ) على يد سليمان بن حسن بن مصطفى في مدرسة بايزيد خان في بلدة أماسية. وسقط من: وكذا لو قادها أو ركبها من (باب القسامة) إلى ثلاثة أرباع وقدره محمد في (كتاب الخنثى) وهي من (ورقة 270 أ إلى ورقة 280 ب).
نسخة (أ):
وهي نسخةٌ لشرح الوقاية مطبوعةٌ في أربعة مجلّدات بالقطع الكبير مزيَّنة بحواشي للإمام اللكنوي المسمَّاة «عمدة الرعاية بتحشية شرح الوقاية» على الجزأين الأولين، وقد طبعا طبعات عديدة، وقفت على طبعة للجزء الأول طبعت في أصح المطابع الواقع في لكنو سنة (1306 هـ) وفي المطبع المجتبائي دلهي وعدد صفحاتها (372)، والجزء الثاني في المطبع القيوم الواقع في بلدة كانيور سنة (1916 هـ) وعدد صفحاتها (450)، والجزء الثالث بحواشي محمد عبد الحميد المسمَّاة «زبدة النهاية لعمدة الرعاية على شرح الوقاية» في المطبع اليوسفي الواقع في فرنكي محل في لكنو سنة (1316 هـ) وعدد صفحاتها (340)، والجزء الرابع بحواشي محمد عبد العزيز المسمَّاة «حسن الدراية لأواخر شرح الوقاية» في
المطبع اليوسفي سنة (1317 هـ) وعدد صفحاتها (222)، والنسخة الثانية منها أيضاً في المطبع اليوسفي.
نسخة (ب):
وهي نسخة لشرح الوقاية مطبوعة في مطبع فتح الكريم الواقع في بندار لبمبئ سنة (1303 هـ)، عليها حاشيتها المشهورة بجلبي المسمَّاة بـ «ذخيرة العقبى» لأخي جلبي، وتقع في (388) صفحة بالقطع الكبير، ميِّز الشرح فيها ب ـ (ش)، والمتن ب ـ (م)، وهي طبعة جيدة ولكنها لا تخلو عن التصحيف والتحريف.
نسخة (س):
وهي نسخة لشرح الوقاية مطبوعة في المطبع الأحمدي الواقع في دلهائي شاهدره وهي قرية قرب الدهلي، وقفت على النصف الأول منها، وهي مزينة بحواشي مأخوذة من حواشي الكتاب ومن كتب الفقه الحنفي الأخرى كما يظهر في نهاية كل هامش.
نسخة (م):
وهي نسخة لشرح الوقاية مطبوعة في مطبعة الموسوعات التي بشارع باب الخلق بمصر في شهر رجب سنة (1322 هـ)، بهامش «كشف الحقائق شرح كنْز الدقائق» للشيخ عبد الحكيم الأفغاني، وهي نسخة جيدة قليلة الأخطاء إلا أن فيها تحريفات وتصحيفات يصعب معها الاعتماد عليها.
* * *