الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
110 - باب الصلاة في العذر والضرورة
حدثنا محمد بن الصباح، ثنا عبد العزيز عن محمد الدراوردي، أخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد عن الأعرج يحدّثونه عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها "، هذا حديث خرجه الشيخان (1) في صحيحهما، حدثنا أحمد ابن عمرو بن السرج وحرملة بن يحيى المصريان قالا: ثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة/أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها " هذا حديث خرجه مسلم (2) - رحمه الله تعالى- بزيادة والسجدة إنّما هي الركعة، حدثنا أحمد بن الحسن ابنا عبد الأعلى، ثنا يعمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يعني فذكر نحوه هذا قطعة من الحديث الأوّل، يدل على ذلك أنّ أبا العباس الطرقي ذكرهما في ترجمة واحدة، وأما البخاري ففرّق بينهما كما فعل ابن ماجه، وزعم ابن عساكر أنّ ابن ماجة خرّجه عن جميل عن عبد الأعلى عن معمر وعن أبي بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمّار عن سفيان عن الزهري به، وأقره على ذلك المزي، ويشبه أن يكون وهمًا، فإنّ ابن ماجة ليس فيه إلا ما رأيت، واستظهرت بنسخة أخرى،
(1) صحيح، متفق عليه. أورده الألباني في "الإرواء"(1/ 272)، وعزاه إلى البخاري ومسلم في (المساجد، ح/165)، وأبو داود (ح/412)، وابن ماجة (ح/699، 700)، وأحمد (2/ 254، 282)، البيهقي (1/ 368)، وعبد الرزاق (2224)، وأبو عوانة (1/ 371).
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 151)، ومسلم في (المساجد، ح/164)، والترمذي (ح/186)، وصححه. وابن ماجه صح/699، 700)، والبيهقي (1/ 378، 379)، وأبو عوانة (1/ 372)، ونصب الراية (1/ 228)، وحبيب (1/ 45).
والله تعالى أعلم، ولفظ البخاري:(1) : "من أدرك من الصبح ركعة"، وفي لفظ لمسلم (2) :"من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها"، ولفظ النسائي (3) :" فقد أدرك الصلاة كلها إلا أنه يقضى ما فاته"، وفي لفظ لأبي داود:"إذا أدرك أحدكم أول السجدة من صلاة العصر"(4)، وفي مسند السراج من حديث أبي غسان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار:"من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس، ثم صلى ما بقى بعد غروب الشمس، فلم يفته العصر، ومن صلى سجدة واحدة من الصبح قبل طلوع الشمس، ثم صلى ما بقى بعد طلوع الشمس لم يفته الصبح "، وفي لفظ:" من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس، وركعة بعد ما تطلع فقد أدرك"(5)، وفي لفظ:" من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليتم صلاته"(6)، وفي لفظ: "من أدرك ركعة
(1) الحاشية السابقة.
(2)
صحيح. رواه مسلم (423) ، وأبو داود في (الجمعة، باب 345،) ، البيهقي (02/3،03387،22) ، وموطأ (105) ، وشفع (942،411) ، وشرح السنة (2/249) ، وعبد الرزاق (3369) ، والتمهيد (7/63، 65، 71) ، ومشكل (3/105) ، والفتح (2/57) ، والعقيلي (4/398) .
(3)
صحيح. رواه النسائي (1/274)، والترمذي (ح/524) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو عوانة (2/80) وابن ماجه (1122) وأحمد (265،2/241، 375،280) والبيهقي (3/203) وابن خزيمة (1849) ، ومشكل (3/105) ، والخطيب (3/39) ، والتمهيد (7/63) ، وابن عساكر في "التاريخ"(5/203) .
(4)
صحيح. رواه النسائي (21/57) ، والبيهقي (1/378) ، وصححه الشيخ الألباني. الصحيحة (5/258) .
(5)
صحيح. رواه الترمذي (ح/186) ، والنسائي (1/273) ، وابن ماجة صح/699، 700) ، وابن حبان (283) ، والخطيب (8/455) ، والحديث نسبه المجد في المنتقى لأحمد وأصحاب الكتب الستة. وانظر نيل الأوطار (1/22- 23) ورواية محمد بن الحسن) ص 128) .
قال الحافظ في الفتح (2/46) : "نقل بعضهم الاتفاق على أنه لا يجوز لمن ليس له عذر تأخير الصلاة حتى لا يبقى منها إلا هذا القدر".
(6)
بنحوه. رواه النسائي (1/257) ، وأحمد (2/348، 459) ، والتمهيد (3/273) ، ومعاني (1/150) .
من/الجمعة فليصل معها أخرى" (1) ، وفي لفظ: " من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس، ثم صلى ما بقى بعد غروب الشمس فلم يفته العصر " (2) ، وفي لفظ: " من أدرك قبل طلوع الشمس سجدة فقد أدرك الصلاة ومن أدرك قبل غروب الشمس سجدة فقد أدرك الصلاة (3)، وفي حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة:" من أدرك ركعة أو ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركهما "(4) ، نا يوسف بن موسى، نا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوف قال:" من أدرك ركعتين "، هكذا قال:" من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك الصلاة "، وعند أبي عمر من حديث إسماعيل بن عياش عن زيد بن أسلم عن الأعرج:" من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، وصلى الأخرى بعد طلوع الشمس فقد، أدرك ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس، وصلى أخرى بعدما غربت الشمس فقد أدرك "(5)، ولفظ:" من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها "(6) ، وفي كتاب ابن خزيمة من
(1) صحيح. رواه الدارقطني (2/11) ، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/192) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه إبراهيم بن سليمان الدماس ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وذكره ابن حبان في الثقات. ورواه ابن ماجة (ح/1123) ، وليس فيه قوله "ألا أن يقضى ما فاته". وصححه الشيخ الألباني. الارواء (3/84) .
(2)
صحيح. رواه أبو عوانة (1/358) ، ونصب الراية (1/228) .
(3)
صحيح. رواه أحمد: (2/399) .
(4)
صحيح. رواه أحمد: (2/462) ، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/202) ، والخطيب (7/401) ، وابن خزيمة (984) ، والنسائي (1/257) ، والكنز (19272) ، ومعاني (1/150) . (5) صحيح. رواه مسلم في "المساجد" ح/163) والموطأ (6) والشفع (143) وشرح السنة (2/248) والتمهيد (3/270، 5/214، 6/402، 7/66) واستذكار (1/92) والبيهقي (1/368، 376، 386) . وصححه الشيخ الألباني. الارواء (1/273) .
(6)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/163) ، وأحمد (42/62) ، والبيهقي (386،379،1/368) ، وابن أي شيبة (11/874) ، وابن حبان (283) ، والشافعي (27) ، وأبو عوانة (1/358، 373) ، واستذكار (1/41، 54، 78، 102) ، ونصب الراية (1/228) ، والتمهيد (4/5،3/270،296/7/651،21! 7/8) .
حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن أبي هريرة: "من أدرك ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس أو ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك "(1) ، وخرجه أيضاً من حديث سهيل عن أبيه، وفي لفظ للنسائي (2) :" من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها " وفي لفظ: "من أدرك من الجمعة أو من غيرها فقد تمت صلاته "(3)، وفي لفظ:"إذا أدرك أحدكم أول السجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإن أدرك أوّل السجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع/الشمس فليتم صلاته العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته "(4)، ولفظ الدارقطني (5) :"من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن يقيم الإِمام صلبه فقد أدركها "، وروي سليمان بن بلال عن يونس عن ابن شهاب عن سالم أنّ النبي- عليه السلام قال:" من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها إلا أنه يقضى ما فاته "(6) . وفي كتاب ابن عدى من حديث نوح بن مريم عن الزهري: "من أدرك الإمام جالسًا قبل أن يسلم فقد أدرك الصلاة وفضلها "(7) ، ورواه بكر بن بكَار عن ياسين الزيات عن الزهري عن سعيد، وأبي سلمة عنه يرفعه: "من
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (984) ، والتاريخ الكبير (2/201) ، والخطيب (8/455) ، والنسائي (1/257) ، والكنز (19272) ، ومعاني (1/150) .
(2)
صحيح. رواه النسائي (1/274) ، وأبو عوانة (2/80) وابن عدي في "الكامل"(4/1593) ، والتمهيد (7/63) ، وابن عساكر في "التاريخ"(5/203) .
(3)
صحيح. رواه الحاكم (1/291) ، والمطالب (632،631) ، والكنز (129108،21128،2121) ، والبيهقي (3/203) ، والخطيب (1/2571) .
(4)
صحيح. رواه النسائي (21/57) ، والبيهقي (1/378) ، والصحيحة (25/58) .
(5)
صحيح. رواه الدارقطني (1/374) ، البيهقي (3،2/89/0302،22) ، ونصب الراية (1/228، 229) ، وابن خزيمة (1595) ، واستذكار (1/80) ، وأبو عوانة (2/.! 81) ، والإرواء (2/261) .
(6)
صحيح. رواه النسائي (1/275) ، والإرواء (3/89) .
(7)
صحيح. رواه الدارقطني (2/12)، والكنز (10697) قلت: وله شواهد صحيحة.
أدرك من الجمعة ركعة صلى إليها أخرى، فإن أدركهم جلوسَا صلى الظهر أربعاً" (1) . وفي رواية قال- عليه السلام " من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعاً أو قال الظهر"، وفي لفظ لعلي بن ظبيان: " ومن نام عن صلاة فليصلها إذا ذكرها" (2) ، ولفظ يحيى بن حميد البصري عن قرّة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإِمام صلاته" (3) ، ثم قال: وهذا زاد في متنه صلاته، وهذه الزيادة يقولها يحيي ولا أعرف له غيره، وروى يزيد بن عياض، وهو متروك عن أبي حازم عن ابن المسيب: " من أدرك سجدة فقد أدرك الركعة "، وفي حديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن الزهري؛ ومكحول عن أبي سلمة عنه " فقد أدرك الفضيلة ويتم ما بقى ". قال: وابن ثوبان ضعيف، وفي الاستذكار: وروي عبيد الله بن عبد المجيد أبو عليه الحنفي عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عنه مرفوعا: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الفضل " (4) ، وهذا ولا أعلم أحدَا قاله عن مالك غيره، وروى/عمار بن مطر عن مالك عن الزهري [496/ب] عن أبي سلمة عنه لذلك، من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ووقتها، وهذا أيضَا لم يقله عن مالك غيره، وهو مجهول لا يحتج به، وروي نافع عن يزيد عن سرين بن الهاد عن عبد الوهاب عن أبي بكر عن ابن
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1121) في الزوائد: في إسناده عمر بن حبيب متفق على ضعفه. والمشكاة (1419) وابن عدي في "الكامل"(7،6/2190،2/646،1/28/245،682642، 2741) . وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح. رواه ابن أبي شيبة (2/64) ، واستذكار (1/115) ، والتمهيد (248،5/214، 6/403) ، والمسانيد (2/633) .
(3)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/161، 162) ، والموطأ (10) ، والبيهقي (03/23) ، وأبو عوانة (1/372، 2/8، 79، 80) ، والشافعي (69) ، والمشكاة (1412) ، واستذكار (1/77، 78) ، والإرواء (3/90) ، والصحيحة (3/186) .
(4)
رواه ابن عبد البر في "التمهيد "(7/64) ، واستذكار (1/77) . رواه النسائي (1/275) ، والإرواء (3/89) ، وليس فيه "الفضيلة".
4961/بن
شهاب عن أبي سلمة عنه مرفوعا: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك
الصلاة وفضلها " (1) ، وهذا أيضا لم يقله أحد عن ابن شهاب غيره، وليس
ممن يحتج به على أصحاب بن شهاب، وقد روى هذا الحديث الليث بن سعد
عن ابن الهاد عن ابن شهاب فلم يذكر في الإِسناد عبد الوهاب، ولا جاء
بهذه اللفظة أعنى قوله وفضلها، ولما ذكر الأشبيلي هذا في الأحكام الكبرى
وثق رواته عن نافع، وهو النَّصر بن عبد الجبار، وفي المشكل للطحاوي، وأكثر
الرواة لا يذكرون هذه اللفظة، وهو الأظهر، وفي سنن الكجي: " من أدرك
من صلاة ركعة فقد أدركها " (2) ، وفي مسند البزار من حديث أبي بكر بن
أبي أويس عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن سعيد
وأبي سلمة عنه قال: " من أدرك ركعة من الصلاة كلها فقد أدركها كلها
إّلا أنه يقضى ما فاته" (3) ، وفي حديث هشام بن سعد الذي قرأته على المسند
المعمر عبيد الله بن على بن شبل- رحمه الله تعالى- أخبركم الإمام أبو عبد
الله محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران الأنصاري قراءة عَليه عن أبي
جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني أنبأ أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي
قراءة عليه، وأنا حاضر، أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله، بن شاذان أنبأ أبو بكر
عبد الله بن محمد بن فورك، أنبأ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد السلام التميمي أنبأ الإمام أبو نعيم الفضل بن دكين بجميع كتاب الصلاة عن
[497/أ] هشام بن سعد، َ نا/زيد بن أسلم قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من أدرك ركعتين قبل أن تغرب الشمس، وركعتين بعدما غابت الشمس فلم يفته العصر "(4)، قال أبو نعيم: نا شيبان عن يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أدرك أحدكم أوَّل سجدة من صلاة
(1) الحاشية السابقة.
(2)
تقدم ص 1068.
(3)
تقدم ص.1068
(4)
صحيح. رواه النسائي (1/257) ، وأحمد (2/462) ، والبخاري في "التاريخ الكبير"
(02/21) ، والخطيب (7/8/4/45501) ، وابن خزيمة (984) ، ومعاني (1/150) ، والكنز
العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك أوَّل سجدة من صلاة
الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته " (1) ، وفي المستدرك على شرط الشيخين: "من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليتم
صلاته " (2)، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا اللفظ فقلت له: ما حال هذا
الحديث؟ فقال فقد روى هذا الحديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن
فروة ابن تميم عن أبي هريرة، ورواه همام بن يحيى عن قتادة عن النضر بن
أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال: إنى أحسب الثلاثة كلها صحاح،
وقتادة كان واسع الحديث، وأحفظهم سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثم
هشام ثم همام، وقال في موضع آخر: سألت أبي عن حديث رواه عثبر
وجرير عن الأعمى عن أبي صالح عن أبي هريرة: " من أدرك من العصر
ركعة قبل أن تغيب الشّمس" (3) 0 الحديث لا يرفعه، قال لي: ورواه شعيب بن
خالد ومحمد بن عباس العامري، وعمر بن أبي قيس، وسفيان الثوري من
رواية السلمان بن عبد السلام عنه فقالوا كلّهم عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال أبي: والصحيح عندي موقوت، وفي موضع آخر رواه الثوري، وجرير بن عبد
الحميد، وأبو بكر بن عياش عن الأعمى فوقفوه، وفي الباب حديث عمر بن
الخطاب، وأبي سعيد الخدري المذكورين عند البخاري (4) ، وحديث رواه أبو
داود (5) عن ابن شدّاد، ثنا/أبو عوانة عن يعلي بن عطاء عن معبد بن هرمز [497/ب] عن سعيد بن المسيب قال: حضر رجلاً من الأنصار الموت فقال: (إنّى
(1) صحيح. رواه البخاري (1/146) ، وشرح السنة (2/250) ، والمشكاة (602) ، ونصب الراية (1/228) ، والكنز (20662) .
(2)
صحيح. رواه النسائي (1/273) ، والدارقطني (2/84) ، والكنز (19270) . ورواه الحاكم وصححه. على شرط الشيخين.
(3)
صحيح. مسند ابن حبيب: (1/45) قلت: الحاشية رقم (3،2) شاهدان لهذا الحديث.
(4، 5) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/163) ، وأبو داود (ح/412) ، وأحمد (2/462) ، البيهقي (1/368، 379، 386) ، وابن أبي شيبة (11/874) ، وابن حبان (283) ، والشافعي (27) ، وأبو عوانة (1/358، 373) ، واستذكار (1/41، 54، 78، 102) ، ونصب
الراية (1/288) ، والتمهيد (1/296، 3/270، 5/214! 7/65! 8/77!.
محدثكم حديثَا ما أحدثكموه إلا احتسابا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر حديثا فيه: فان أتى المسجد وقد صلوا بعضاً، وبقى بعض خلى ما أدرك، وأتم ما بقى"، قال عبد الحق في الكبرى: معبد لا أعلم روى عنه إّلا يعلى بن عطاء، وحديث جابر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك فضل الجماعة" (1) ، "ومن أدرك الإِمام قبل أن يسلم فقد أدرك فضل الجماعة" (2) ، ذكره أبو أحمد من حديث كثير بن شنطير القائل فيه أحمد صالح، وابن معين ثقة عن عطاء عنه، وحديث عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " (3) ، ذكره أيضا في ترجمة يعيش بن الجهم عن عبد الله بن نمير عن يحيي بن سعيد عن نافع عنه، وقال: هذا بهذا لا أعلمه إّلا من هذا الوجه، والحديث غير محفوظ، وذكره في باب إبراهيم بن عطاء الثقفي الواسطي عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن سالم عن أبيه، وقال: وهذا عن يحيي عن الزهري غير محفوظ، وإنّما يعرف من حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: وإبراهيم هذا ضعيف، وقال في باب بقية: خولف بقية في سنده ومتنه، فأمّا الإِسناد قبله عن سالم، وإنما هو عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، والمتن بقوله: " من صلى الجمعة"، والثقات رووه عنه فلم يذكروا الجمعة، ولما سئل أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث، قال: هذا حديث منكر، ورواه النسائي بسند صحيح عن أبي سلمة قال- عليه السلام: "من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدرك إلا أنه يقضى ما فاته" (4) ، وزعم أنّ الأثر/في شرح المسند أنّ النسائي رواه عن ابن عمر مرفوعاً، ويشبه أن يكون وهمَا، قال الشّافعي: إذا أدرك المصلى من وقت الصلاة ركعة أتمّ ما بقى منها وإن خرج الوقت، وأبيه ذهب مالك وأحمد وإسحاق، وكان أبو ثور يقول: إنّما
(1) صحيح. رواه ابن عبد البر في "التمهيد"(7/63) ، واستذكار (1/77) .
(2)
صحيح. رواه الدارقطني (2/12) ، والكنز (10697) .
(3)
ضعيف. رواه النسائي (1/274) ، وأبو عوانة (2/80) ، وابن عدي في "الكامل"(4/1593) ، والتمهيد (7/63) ، وابن عساكر في "التاريخ"(05/23) .
(4)
صحيح. رواه النسائي (1/275) ، والإرواء (3/89) .
ذلك لمن نام أو سها ولو تعمّد ذلك أحد كان مخطئا (1) مذمومًا بتفريط، وقد
روى ذلك عن الشافعي، وقال أبو حنيفة يصح ذلك في العصر دون الصبح،
وأما الركعة التي يكون بها مدركا، فعند أبي حنيفة، والشّافعي، والأوزاعي،
ومالك وأحمد وإسحاق إذا أدرك الإِمام راكعَا فكبر وركع قبل أن يرفع الإِمام
رأسه فقد أدرك، وهو قول علي، وابن مسعود، وزيد، وابن عمر الأشهب فأنه
قال: لا يكون مدركا ألا أن يجزم قبل ركوع الإِمام وقبل تمَكُّن يديه من
ركبتيه، وإن أدركه راكعَا فاتته الركعة، ولا يعتد بها سواء كبر قبل أن يرفع
رأسه أم لا، وهو قول أبي هريرة، وقال الليث بن سعيد: إذا جاء والناس
ركوع أجْزأه وإن لم يدرك الركوع، إذا كبَّر قبل أن يرفع الإمام رأسه ويركع
بعد ذلك كيف ما أمكنه، وتبع الإِمام ويعتد بالركعة، وقال الَشعبي إذا انتهيت
إلى الصف المؤخر ولم يرفع رأسه وقد رفع الإمام رأسه لْقد أدركته؟ لأن
بعضهم أئمة بعض، وذكر ابن هريرة أن ابن أبي ليلى، والثوري، وزفر قالوا: إذا
كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه، فقد أدرك الصلاة، وليركع قبل أن رفع الإمام
رأسه، وقال قتادة، وحميد إذا رفع يديه على رأسه قبل أن يرفع الإِمام رَأسه
فقد أدرك، وإن رفع الإِمام رأسه قبل أن يضع يديه عل ركبتيه فأنه لا يعتد
بها، وقال ابن سيرين: إذا أدركت تكبيرة يدخل بها في الصلاة، وتكبيرة
للركوع فقد أدركت تلك الركعة، وتأوّل أبو حنيفة هذا الحديث على من
صار/أهلاً للوجوب كالصبي إذا بلغ وشبهه أو أنه منسوخ بالنهي عن الصلاة [498/ب] في هذين القضيتين، قال: لأنّ النهي أبداً يطرأ على الأصل الثابت، قال أبو حنيفة في المشكل: ومن الحجة لأهل العراق الذين يوجبون بإدراك تكبيرة
الإِحرام ما فوق ذلك من الوقت ما روى عن النبي- عليه السلام: "أنَ
المسلم إذا توضأ ثم عمد إلى المسجد قال: فإن أدرك الجماعة غفر له ما تقدّم
من ذنبه، وإن أدرك منها بعضها، وسبق ببعض يقضى ما فاته فأحسن ركوعه وسجوده وكان كذلك، فإن جاء القوم قعود كان كذلك "، وهذا الذي
ذكرناه هو وجه النصفة في هذا الباب، وإذا لم يعلم المتأخّر من الحديث
(1) قوله: "مخطئا، غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.
فيجعل ناسخًا للآخر كان الأولى أن يجعل هذا الحديث الذي احتج به العراقيون ناسخًا للحديث الآخر، لأن فيه زيادة فضل فلا يصح أن يكون هو المنسوخ؛ لأن الله تعالى إذا تفضل على عباده بثواب يبنيه على عمل يعملونه لم ينسخه بقطع ذلك الثواب عنهم ولا ينقصه منه ألا بذنب يستحقُّونه كما قال تعالى:{فبظُلم مَن الذينَ هادُوا حرمنا عَلَيهِم طَيبات أُحلت لَهُم} (1) ، والله تعالى أعلم، قالً أبو محمد بن حزم: هذا الحديث متأخر عن خبر المنهي؛ لأن أبا هريرة متأخر الصحبة، وأخبار النهى رواها عمر بن الخطاب وعمر بن عنبسة وإسلامهما قديم، انتهى كلامه. وفيه نظر، من حيث ان الغالب ورود النهى على الإباحة، وأيضًا فقد أسلم هذين، وتأخر إسلام أبي هريرة، ولا يثبت نسخه لاحتمال أن يكون قال ذلك قبل موته بشهر أو سبعة، فلما نقدوا التاريخ طلبنا شيئًا ليس يسرى به في أحد الجانبين فوجدنا عمر بن الخطاب، وإن كان قديم الصحبة فأصحبه إلى وفاته، فيحتمل أن يكون/سمعه بآخرة وعمرو بن عبسة كذلك في قدم الإِسلام لكنه سار إلى بلاد قومه قبل فرض الصلاة فكان يقول: ثنا رابع الإِسلام ثم قدم قبل فتح مكة فتبيّن أن رواية للنهى كانت بعد صحبة ثانيا، فإذا كان كذلك كان متأخّرا عن إسلام أبي هريرة يقيناً، ثم إنّ جماعة من السلف قالوا به منهم: كعب بن شجرة، ونام ابن له عن الفجر حتى طلعت الشمس، قال: فقمت أصلى فدعاني كعب فأجلسني حتى ارتفعت الشمس، وابيضَّت ثم قال: قم فصل ذكره أبو محمد بن حزم من جهة الثوري عن سعيد بن إسحاق بن كعب عن عشرة عنه وأبو بكرة بضع بن الحارث فيما حكاه ابن المنذر، وأمّا قوله: وأحاديث النبي رواها هاتان فغير صحيح؟ لأن جماعة غيرهم رووها، ويأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى عن الموضع اللائق بهذا الكتاب.
(1) سورة النساء آية: 160.
111- باب النهى عن النوم قبل صلاة العشاء
وعن الحديث بعدها
حدثنا محمد بن بشار يعني، فذكر حديث أبي برزة المتقدّم الذكر في الصحيح قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو نعيم وثنا محمد بن بشار ثنا أبو عامر قالا: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: " ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها "(1) . هذا حديث إسناده صحيح عبد الله بن عبد الرحمن قال فيه ابن معين: صالح، ووثقه ابن حبان، وخرج مسلم حديثه في المتابعات وخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان عن حميد بن مسعدة عن جعفر بن سليمان عن هشام عن أبيه قال:" سمعتني عائشة وثنا أتكلّم بعد العشاء فقالت: يا عروة ألا تريح كاتبيك فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم [499/ب] يكن ينام قبلها ولا بالحديث بعدها"(2)، وخرجه ابن وهب في مسنده بسند صحيح عن ابن بكير عن بكير عنها: سئل عليه السلام عن الإنسان يرقد عن العشاء قبل أن يصل قال: " لا نامت عينيه لا نامت عينيه "(3) . وفي فوائد الإِمام إسماعيل بن عبد الله ميمونة: ثنا عبد الله بن الزبير ثنا ابن وهب عن معوية عن أبي عبد الله عنها مرفوعا: " لا سمر إلا الثلاثة مصل أو مسافر أو عروس"(4) . ويشبه أن يكون اللفظ الذي حدّث به ابن ماجه لفظ بندار لا
(1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/702) . غريبه: قوله: "السمر" الحديث بالليل. وروى بسكون الميم على أنه مصدر. وأصل السمر ضوء القمر. سمّي به حديث الليل لأنهم كانوا يتحدثون فيه.
(2)
انظر: سنن الترمذي (4/311) بعد الحديث رقم: "168".
(3)
صحيح. رواه مالك في: الصلاة، (ح/2) .
(4)
ضعيف. رواه الترمذي (ح/2730)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب. والطبراني (1/2680) ، وأحمد (1/444) ، وشرح السنة (2/194) ، والكنز (21479) ، والفتح (1/213) ، والحلية (14/98) .
لفظ أبي نعيم؛ لأنّ أبا نعيم ذكر هذا الحديث في كتاب الصلاة تأليفه بهذا الإِسناد، ولفظه:"ما نام قبل العشاء" والله تعالى أعلم. حدثنا عبد الله بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب وعلى بن المنذر قالوا: ثنا محمد بن الفضل ثنا عطاء بن السائب عن شقيق عن عبد الله، قال: حدّث لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "السمر بعد العشاء". هذا حديث خرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى ثنا هدية ثنا همام عن عطاء وذكره ابن خزيمة في صحيحه أيضًا عن إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ثنا محمد بن فضيل وثنا يوسف بن موسى ثنا محرز كلاهما عن عطاء به، قال: وسمعت محمد بن معمر يقول: قال عبد الصمد يعني بالحديث الذي ذكره الطوسي في باب الرخصة في السمر بعد العشاء ويشبه أن يكون وهمًا، وفي كتاب الكجي من حديث خيثمة عن رجل عن ابن مسعود قال عليه السلام:" لا سمر إلا لمصلى أو مسافر "(1)، ولفظ ابن أبي حاتم في كتاب العلل:" نهى عن السمر والحديث بعد العشاء "(2) ، وفي الباب حديث أبي هريرة رفعه "أنه كره النوم قبل العتمة ". رواه السراج في مسنده بسند صحيح عن أبي الأحوص محمد بن الهيثم ثنا نعيم بن حمّاد ثنا إبراهيم ابن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عنه،/ومرسل مجاهد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نامت عين رجل نام قبل أن يصلى العشاء "(3) . رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن إسماعيل بن عبد الملك البصري عنه، وحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نهى عن النوم قبلها والحديث بعدها "(4) . رواه أبو الطاهر محمد بن عبد الله الدهلي في الثالث والعشرين من أبناء (5) الدارقطني عليه عن محمد بن
(1) انظر: الحاشية رقم "2" السابقة.
(2)
انظر: كتاب العلل لابن أبي حاتم.
(3)
مرسل. انظر: كتاب الصلاة لأبي نعيم.
(4)
ضعيف. رواه أحمد (4/423) ، وابن أي شيبة (2/280) ، والطبراني (11/96) ، والخطب (9/193) ، والمجمع (1/315) وفيه أبو سعيد بن عود المكي ولم أجد من ذكره.
(5)
كذا "بالأصل".
عبدوس عن حجاج بن يوسف وإبراهيم بن سعد عن أبي أحمد الدسري عن أبي سعيد بن عوف عن مجاهد عنه، وحديث أنس بن مالك عوضني الله تعالى عنه قال:" كنا نجتنب الفرش من قبل صلاة العشاء ". ذكره ابن بطال قال: وكان ابن عمر يسب الذي ينام قبل العشاء، وفي كتاب أبي نعيم الفضل: ثنا أبو عاصم الثقفي حدثني يزيد العصر قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال إنى أقوم فإذا انصرفت من المغرب عدت إلى أهلي فنمت حتى أقوم إلى صلاة العشاء فقال: لا قال يا أبا عبد الرحمن، أُوكِلُ رجلاً يكون في المسجد، فإذا أذّن المؤذّن جاءا فأعلمني فتوضأت ثم شهدت الصلاة قال ويلك تأمرني، إن آمرك أن تنام قبل أن تصلّى فلا. ثنا عيسى بن قرطاس سمعت مجاهدًا يقول مثل ذلك، وزاد فيه إذا كنت لا بُدّ فصلّه قبل أن تنام وثنا معشر قال: سألت يزيد العصر أسمعت ابن عمر كره النوم قبل العشاء؟ قال: نعم، قال ابن بطال: وكتب عمر بن الخطاب لا ينام أحد قبل أن يصليها، فمن نام فلا نامت عينه، وكره ذلك أبو هريرة وابن عباس وعطاء وإبراهيم ومجاهد وطاوس ومالك والكوفيون، وحكى الترمذي عن ابن المبارك أكثر الأحاديث على الكراهة، وسيأتي ما يخالفه لاسيّما قول أبي عيسى بعد قليل، وأكثر أهل الحديث على/الرخصة، قال أبو جعفر الطحاوي: إنّما كره النوم [500/ب] قبلها لمن خيف عليه فوات وقتها وفوات الجماعة، وأمّا من وكّل بنفسه من يوقظه لوقتها فمباح له النوم، واحتجوا بفعل ابن عمر، وأنه كان يرقد قبلها ليس ينهى تحريم بفعل الصحابة لكن الأخذ بظاهر الحديث أنجى وأحوط، وقال الليث: قول عمر: فمن رقد بعد المغرب فلا نامت عينه، إن ذلك بعد ثلث الليل الأول، قال أبو جعفر: يحمل الكراهة على أنها بعد دخول وقت العشاء والإِباحة قبل دخول وقتها انتهى كلامه، وفيه نظرة لما أسلفناه عن ابن عمر من سعة النوم، وإن وكّل من يوقظه، ولو احتج بحديث عائشة قالت:" اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء حتى ناداه عمر الصلاة نام النساء والصبيان "(1)، وبحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب: "أن رسول الله صلي الله عليه وسلم
(1) صحيح. رواه البخاري في (المواقيت، باب "225" ح/566 والأذان، باب "16، 162،) والتمني، باب "9"، والنسائي في (الصلاة باب "19"، والمواقيت، باب 21،=
شغل عنها ليلة فأخّرها حتى رقدنا، فأتى المسجد ثم استيقظا فخرج علينا عليه السلام وفيه وكان ابن عمر لا يبالى قدّمها أم أخّرها إن كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وقد كان يرقد قبلها" (1) ، وبحديث ابن عباس قال: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا" (2) 0 الحديث ذكر ذلك البخاري وبحديث أنس بن مالك قال: "كان الصحابة ينتظرون الصلاة مع الرسول فيصفون صفوفهم ثم يقومون فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ فيصلون " (3) ، وقد تقدّم ذكره في باب الطهارة، وبحديث أبي بكر الحنفي عن سفيان عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن عبد الله عن جدّه عن على: " أنه كان يتعشى ثم يلتف في ثيابه فينام قبل [501/أ] أن يصلي العشاء". سأل أين/فعله صلى الله عليه وسلم؟ على أن كراهية الحديث بعد العشاء إنّما لا ينفعه فيه دنيا ودينَا، ويخطر ببالي أن كراهية- صلى الله عليه وآله وسلم بالاشتغال بالسمر، لأنّ ذلك يثبط عن قيام الليل إذا اشتغل أوّل الليل بالسمر ثقل عليه النوم آخر الليل فلم يستيقظ وإن استيقظ لم ينشط للقيام، وحديث أوس بن حذيفة قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا ويحدّثنا يعني بعد العشاء وكان أكثر حديثه تسكيه قريش " (4) . ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل، وزعم أنّ أباه قال: حديث أبي برزة أصح منه، وروى ابن بطال بسند يبلغ به أبا موسى قال: أتيت عمرا كُلِّمه في حاجة بعد العشاء فقال: هذه الساعة؟ قلت له: شيء من النفقة، قال: نعم، فكلّمته ثم ذهبت لأقوم. فقال: اجلس فقلت الصلاة. فقال: أنا في صلاة فلم نزل جلوسا حتى طلع الفجر، وفي صحيح مسلم (5) عنه قال:) كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معى في السفينة نزولا
= والدارمي (خ/1213) وأحمد (6/34) .
(1)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب "24") ، ومسلم في والمساجد، ح/221) ، وأبو داود (ح/199) ، وأحمد (2/88) .
(2)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/566) ومسلم في (المساجد ح/638) والنسائي في (المواقيت، باب 205، والدارمي (ح/1213) .
(3)
تقدم في باب الطهارة.
(4)
إسناده ضعيف. جامع المسانيد: (2/291) .
(5)
صحيح. متفق عليه. رواه مسلم في والمساجد، ح/224) ، والبخاري
في بقيع بطحان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فكان يتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم. قال أبو موسى. فرافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأصحابي، وله بعض الشغل في أمره حتى اهتم بالصلاة حتى انتهى الليل، ثم خرج فصلى بهم فلما قضى صلاته، قال لمن حضره: على رسلكم أعلمكم، وأبشروا أنّ من نعمة الله تعالى عليكم أنه ليس من الناس أحد يصلى هذه الساعة غيركم، أو قال ما صلى هذه الصلاة الساعة غيركم"، وحديث أنس بن مالك: "أخر النبي عليه السلام العشاء ذات ليلة إلى شطر الليل، ثم جاء فصلى لنا ثم خطبنا، فقال: إلا أن الناس قد صلوا/وناموا وإنكم لن [501/ب] تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ". ذكره البخاري (1) ، وحديث عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق: " ان أباه تعشى عند النبي- صلى الله عليه وآله وسلم ثم لبث حتى صُلِّيت العشاء ثم رجع فلبث حتى تعشَّى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله. فقالت له امرأته: ما حبسك عن أَضيافك. قال: أو ما عشَّيتهم. قالت: أبوا حتى تجيء، فاحتلت فقال: يا غنثر فجدَّع وسبَّ- وقال: كلوا لا هنيئا فوالله لا أطعمه أبدا " (2) 0 الحديث بطوله.
* * *
= وابن سعد في "الطبقات"(1/4/79) .
قوله: انزولا في بقيع بطحان، نزولاً منصوب على أنه خبر كان. أي كنا نازلين في بقيع بطبحان. والبقيع من الأرض المكان المتسع. قال ابن الأثير: ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها. وبطحان مواضع معينة، واد بالمدينة.
(1)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (214،1/155) ، ومسلم في (المساجد، ح/222) ، والنسائي (1/268) ، وأبو داود في (الصلاة، باب (17) ، والقرطبي (12/139) ، وأمالي الشجري (1/57) ، وأحمد (3/182، 348) ، وابن خزيمة (353) ، والجوامع (5980) ، وابن أبي شيبة (1/403) ، والكنز (19462، 21730) .
(2)
صحيح. رواه البخاري (ح/602) والفتح (2/90) .
112- باب النهى أن يقال صلاة العتمة
حدثنا هشام بن عمار ومحمد بن الصباح، ثنا سفيان عن عبد الله بن أبي
لبيد (1) عن أبي سلمة عن ابن عمر سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- يقول: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فأنها العشاء وأنهم
يعتمون بالإبل". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (2) ، وفي لفظ: " فأنها
في كتابَ الله العشاء وأنها تعتم محلاب الإبل " (3) . وفي كتاب النسائي: (4)
"على اسم صلاتكم هذه فأنهم يعتمون عَلى الإبل "، وفي رواية سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " على المنبر فذكره "، وَلفظ ابن خزيمة:" أنهم يعتمون على الإبل أنها صلاة (5) العشاء ". حدثنا يعقوب بن حميد بن
كاسب، ثنا المغيرَة بن عبد الرحمن عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي
هريرة وثنا يعقوب بن حميد ثنا ابن أبي حازم عن عبد الرحمن بن حرملة عن
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال:
"لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم "(6) ، زاد ابن حرملة "فأنها هي
[502/أ] العشاء/وإنما يقولون: العتمة لاعتمامهم بالإِبل " (7) . هذا حديث إسناده
(1) قوله: "لبيد" وردت "بالأصل ""لبيث" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(2)
صحيح. رواه مسلم في "المساجد، ح/228) ، وأبو داود (4984) ، وابن ماجة (704، 705) ،
وأحمد (2/10، 19) ، والشفع (138) ، والشافعي (28) ، والمنثور (5/75) ، وإتحاف (3/352) ،
والمطالب (276) ، والكنز (19468، 19469، 19507) ، والفتح (2/43، 44، 45) .
(3)
صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/229) .
(4)
صحيح. رواه النسائي: (1/270) .
غريبة: قوله: "لا تغلبنكم الأعراب" معناه: ان الأعراب يسمونها العتمة، لكونهم يعتمون بجلاب الإبل، أي: يؤخرونه إلى شدة الظلام، وإنما اسمها في كتاب الله العشاء. وقوله:"وهم يعتمون بالإبل" أي:
يدخلون في العتمة، وهى ظلمة الليل، بالإِبل أي بسبب الإِبل وحلبها.
(5)
صحيح. رواه ابن خزيمة (349) ، ورواه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/147) ، وأحمد
(5/55) ، وأذكار (333)، وفيه:"لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم".
(6)
انظر: الحاشية رقم "1" السابقة.
(7)
إسناده صحيح. رواه أبو عوانة: (1/369) .
صحيح، ولفظ الطبراني في الأوسط وخرجه من حديث محمد بن إبان نا عمار بن خالد نا على بن عمران عن ابن عجلان:"لا تغلبنكم أهل البادية على اسم صلاتكم سماها الله العشاء ويسمونها العتمة "(1)، وفي الباب حديث ابن بريدة عن عبد الله المزني يعني: ابن المغفل أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب "(2) . ويقول الأعراب أنبأ العشاء ذكره البخاري، وفي كتاب الإِسماعيلي، وذكره من حديث أبي مسعود أنبأ عبد الصمد ثنا أبي عن حسين المعلم عنه حديث أبي مسعود يدل على أنه في صلاة العشاء الآخرة، وكذلك روى عن ابن عمر في العشاء الآخرة قال المهلب: إنّما كره ذلك؟ لأنّ التسمية من الله ورسوله، قال الله تعالى:"وعلّم آدم الأسماء كلها"(3) وقال تعالى: "ومن بعد صلاة العشاء"(4) . قال القرطبي: فكأنه إرشاد إلى ما هو الأولى وليس على جهة التحريم، ولا على أنّ تسميتها بالعتمة لا تجوز لما ثبت أنه عليه السلام أطلق عليها ذلك يعني قوله:"ولو تعلمون ما في العتمة والصبح "(5) . وغير ذلك من الأحاديث، قال البخاري: والاختيار أن يقول العشاء، وقد ورد تسميتها بذلك في آثار عنه- صلى الله عليه وآله وسلم في غير ما حديث صحيح، وقد أباح تسميتها بذلك أبو بكر وابن عباس وعمر بن الخطاب وعائشة وأبو موسى الأشعري وغيرهم، وقال: وكانت الأعراب تحلب عند شدّة الظلمة حلبة، وتسميتها العتمة نصار بشير كابني حسين، وهى الحلبة وهي الصلاة فنهى عن ذلك ليرتفع الاشتراك وحيث أمن الاشتراك جاز الإِطلاق، وزعم
(1) صحيح. مسند الحميدي: (638) .
(2)
انظر: الجاثية رقم (4) السابقة.
(3)
سورة البقرة آية: 31.
(4)
سورة النور آية: 58.
(5)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب (9، 93،32!، والمواقيت، باب ة 20،، والشهادات باب "30") ، ومسلم في (الصلاة، ح/129) ، والنسائي في والمواقيت، باب "22"،، والأذان، باب "31"(، ومالك في (الجماعة، ح/6،، والنداء، باب "3" (، وأحمد (3،002/6/278،533،375،83) .
[502/ب] بعض العلماء: ان النبي عليه السلام خاطب بالعتمة/من لا يعرف العشاء أو استعمل لفظة العتمة؛ لأنه أشهر عندهم، ولأنهم على المغرب وفي المحكم عتمت الإبل تعتم وتعتم واعتمت واستمعت: غلبت عشاء بّنما كانوا يطلقون العشاء، وَهو من الإبطاء والتأخير، قال أبو محمد الحدلمي: فيها ضوى قد رّد من اعتامها، والعتَمة: ثلث الليل الأوّل بعد غيبوبة الشفق، واعتم القوم وعتموا: ساروا في ذلك الوقت، أو أورادُّوا أو أمدُّوا، أو عملوا أي عمل كان، وقيل: العتمة، وقيل: صلاة العشاء الآخرة سمّيت بذلك لاستعمالهم لعتمها، والعتمة بقية الليل يضيق به تلك الساعة، وعتمة الليل: إظلامه، وقوله: طيف ألم بذى سلم لسرى عتم بين الخيم، يجوز أن يكون على حذف الهاء، كقولهم: هو أبو عذرها: فقوله:
ألا ليت شعري هل ينظر خلّة
…
عبادي على الهجران أم هو يائس
وقد يكون من البطء أي: يسرى ببطأ، وقد عتم الليل يعتم عتمًا واعتم أظلم وعتمة الإِبل: رجوعها من المرض بعدما مسي، وقيل: ما ضمن أربع فقيل عتمة ربع أين قدر ما يحتبس في عشائه، وقول الأعشى: نجوم الشتاء العاتمات الغوامض، يعني: بالعاتمات التي تظلم من الغبرة التي في السماء وذلك في الحدب؛ لأن نجوم السماء أشد ثمة إضاءة لنفاء السماء والله تعالى أعلم.
* * *
113- أبواب الأذان والسنة فيه
باب بدء الأذان
حدثنا أبو عبيد محمد بن عبيد بن ميمون المدني، ثنا محمد بن سلمة الحداني ثنا محمد بن إسحاق نا محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فتحت قارى عبد الله/بن زيد في المنام قال: رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران [503/أ] يحمل ناقوسًا، فقلت له يا عبد الله تبيع الناقوس؟ قال: ما تصنع به؟ فقلت: أنادي به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على خير من ذلك، قلت: وما هو؟ قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، فخرج عبد الله بن زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى، قال: يا رسول الله، رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا فقص عليه الخبر، فقال عليه السلام: إن صاحبكم قد رأى رؤيا، فأخرج مع بلال إلى المسجد فألقها عليه ولينادى بلال فأنه أندى صوتًا منك، قال: فخرجت مع بلال إلى المسجد فجعلت ألقيها عليه، وهو ينادى بها فسمع عمر بن الخطاب بالصوت فخرج فقال: يا رسول الله، والله لقد رأيت مثل الذي رأى". قال أبو عبيد: فأخبرني أبو بكر الحكمي أن عبد الله بن زيد الأنصاري قال في ذلك: أحمد الله ذا الجلال وذا الإكرام حمدا على الأذان كثيرًا إذا أتاني به البشير من الله فأكرم به لدىَّ بشيراً في ليال ولا بهن ثلاثاً كلما جاء زادني توقيرًا " (1) . هذا حديث خرجه ابن خزيمة (2) في صحيحه عن محمد بن عيسى ثنا سلمة يعني: ابن الفضل عن محمد بن إسحاق، قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها إنما يجتمع الناس أليه
(1) صحيحه. رواه ابن ماجه (ح/706) . وصححه الشيخ الألباني.
غريبة: قوله: "البوق" قرن ينفخ فيه فيخرج منه صوت. و"الناقوس" خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها. و"أندى" أفعل تفضيل من النداء. أي: أرفع.
(2)
صحيح. رواه ابن خزيمة: (373) .
[503/ب] للصلاة الحديث، وفي آخره، فقال عليه السلام:"فلله الحمد فذلك أثبت"./قال محمد بن إسحاق: حدثنى بهذا الحديث محمد بن إبراهيم عن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن أبيه بهذا الحديث، ثنا محمد بن يحيي ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال: حدثنى محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه حدثنى أبو عبد الله بن زيد، قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس فعمل ليضرب به للناس في الجمع للصلاة فذكر الحديث بطوله، بمثل حديث سلمة بن الفضل سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الآذان خبر أصح من هذا؟ لأن محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد ثنا محمد بن يحيي في عقب حديثه ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: فذكر محمد بن مسلم الزهري عن ابن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه بهذا الخبر، قال: فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن هذه لرؤيا حق إن شاء تعالى ثم أمر بالبادين فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك "(1)، وفي موضع آخر قال: هذا صحيح من جهة، ومحمد بن عبيد الله بن زيد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق قد سمعه من التيمي وليس هو محاولة ابن إسحاق، وخرج أحمد حديث سعيد عنه في مسنده، وفيه كما ترى انقطاعان، الأوّل: تباين الزهري وابن إسحاق، والثاني: فيما بين سعيد وعبد نصّ على الثانى البيهقي، وذكر الأخرم عنه أنه قال: أنا أذهب في الأذان إلى حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم، وخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى ثنا الناقد ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن/ابن إسحاق فذكره، وفي آخره ثم استأخر غيره بعبد قال: تقول إذا أقيمت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا اله الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله الا الله، وذكر أبو عيسى (2) مختصرا بلفظه:"فأنه أندى وأمدّ صوتًا منك فألق عليه ما قيل لك وليناد بذلك". وعن سعيد بن يحيي الأموي، ثنا أبي ثنا
(1) انظر: الحاشية السابقة.
(2)
صحيح. رواه الترمذي: (ح/189) . وقال: هذا حديث حسن صحيح.
ابن إسحاق، ثم قال: حدثنا عبد الله بن زيد حديث صحيح، وقد روي هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق أتم من هذا الحديث وأطول (1) ، فذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإِقامة مرة، وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه، ويقال: ابن عبد ربّ، ولا يعرف له عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم شيئا يصح اّلا هذا الحديث الواحد في الأذان، وفي كتاب المعرفة عنه سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هو عندي حديث صحيح، ولما ذكر الخطابي حديث ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم، قال: وروى هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة وهذا الإسناد أصحها، وقال أبو على الطوسي الحافظ وخرجه في أحكامه عن الذهليَ ثنا يعقوب ثنا أبي به مطولاً، وفي آخره فكان بلال يؤذّن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال: فجاء مدعاة ذات غداة إلى صلاة الفجر فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تمّ قال: فصرّح بلال بأعلا صوته: "الصلاة خير من النوم"(2) . قال ابن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين في صلاة الفجر، فقال: حديث عبد الله بن زيد حسن صحيح، وذكره ابن الجارود في منتقاه، وقال البيهقي: هذا خبر موصول،/وقال أبو محمد الإشبيلي: هو خبر صحيح. وقال أبو الخطاب: هو خبر متواتر الطرق، ولفظ أبي داود وخرجه من حديث أبي بشر عن أبي عمير عن أنس عن عموتة له من الأنصار قال: " اهتم النبي- عليه الصلاة والسلام للصلاة كيف يجمع الناس لها فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا أرادها أذّن بعضهم بعضاً فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنع
(1) صحيح. قال الترمذي: وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإِقامة مرة مرّة. وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه، ويقال ابن عبد ربه، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح ألا هذا الحديث الواحد في الأذان.
نقل ابن حجر في الإِصابة (4/72) كلام الترمذي هذا، ثم قال:"وقال ابن عدي: ولا نعرف له شيئا يصح غيره. وأطلق غير واحد ليس له غيره. وهو خطأ، فقد جاءت عنه عدة أحاديث، ستة أو سبعة، جمعتها في جزء". ثم نقل أن له في سنن النسائي حديثا، وهو في المستدرك للحاكم (3/336) . وذكر حديثا آخر عن التاريخ الكبير للبخاري، وهو في طبقات ابن سعد) ج 3 ق 2 ص 87) ، والمسند (4/42) .
(2)
صحيح. رواه أحمد (3/458، 409) والبيهقي (1/422) ، والمجمع (1/330) ، والكنز (490957،2312، 231888) ، وشرح السنة (2/262) ، والتاريخ الكبير للبخاري (1/194) ، وأسرار (231) .
يعني: الشيور فلم يعجبه، وقال: هو من أمر اليهود، قال: فوصف له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد الله بن ربه وهو مهتم لهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم فأرى الأذان في منامه قال قعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: يا رسول الله، إنى كبير نائم ويقظان إذ أتاني آت ناداني الأذان قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يومَا. قال: ثم أخبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال له: ما منعك أن تخبرنا، فقال سبقني عبد الله، فاستجيب فقال عليه السلام: يا بلال، قم فانظرنا يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله قال:"فأذن بلال"(1) قال أبو بشر: فحدثني أبو عمير أن الأنصار تزعم أنّ عبد الله لولا أنه كان مريضًا يومئذ لجعله النبي عليه السلام مؤذّنَا، قال ابن عبد البر: روي عن النبي عليه السلام، في قصة عبد الله بن زيد في بدأ الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة متقاربة، وكلها متفق على أمره، والأسانيد في ذلك متواترة من وجوه صحاح، وفي موضع آخر حسان، ونحن نذكر أحسنها، فذكر حديث أبي عمر هذا، قال أبو داود: رواية الزهري عن سعيد عن عبد الله قال فيها ابن إسحاق: الله أكبر مرتين، وقال معمر: و/يونس عن الزهري الله أكبر لم يثنى. ونا عمرو بن مرزوق نا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وثنا أصحابنا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لقد أعجبني أن يكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة حتى لقد هممت أن أبثّ رجالا في الدور ينادون الناس لحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالَا لها يقومون على الآطام ينادون المسلمين لحين الصلاة حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا " قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول، إنى لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلا كان عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة ثم نام فقال مثلها إّلا أنه يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقولوا: لقلت أنى كنت يقظان غير نائم فقال عليه السلام: "أراك الله خيراً "، وقال ابن مثنى:"لقد أراك الله خيرا"(2) ، وثنا ابن مثنى عن أبي داود وثنا نصر بن المهاجر ثنا يزيد بن هارون عن المسعودي عن عمرو بن مرّة عن ابن أبي ليلى
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/498) .
(2)
حسن. رواه أبو داود (ح/506) .
عن معاذ بن جبل قال: "أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وفيه قال نصر: فجاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار، فقال فيه: واستقبل القبلة فذكر التأذين والإقامة". قال أبو عيسى: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، وكَذا قاله ابن المديني في العلل الكبير والبيهقي، وتبعهم على ذلك أبو محمد الإشبيلي وأبو الحسن ابن القطان، وقول عبد الرحمن ثنا أصحابنا، قال المنذري: إن كان أراد الصحابة فهو قد سمع من جماعة منهم، فيكون الحديث مسندًا وإّلا فهو مرسل وما يدرى رحمه الله أن الطحاوي قال في شرح الآثار: ثنا علي بن شيبة ثنا يحيى بن يحيى النيسابوري ثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو عنه قال: حدثني أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أنَ عبد الله بن زيد/الأنصاري رأى الأذان في المنام فذكره، وكذا ذكره ابن خزيمة في صحيحه، وكذا هو في كتاب أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن جمر بن حبان الحافظ عن عبدان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو، وعن عبد الرحمن قال: ثنا أصحاب محمد أنّ عبد الله بن زيد به، فصحّ إسناده على هذا والله تعالى أعلم.
ولما ذكره ابن جرير من عند ابن وضّاح موسى بن معاوية، قال وكيع: هذا إسناد في غاية الصحة من أسانيد الكوفيين، وابن أبي ليلى أخذ عن مائة وعشرين من الصحابة وأدرك بلالا وعمر رضى الله عنهما، وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن إبراهيم بن محمد عن أبي جابر البياضي عن سعيد بن المسيب عنه أنه بينا هو نائم إذ رأى رجلًا معه خشبتان قال: فقلت له في المنام إن النبي- عليه السلام يريد أن يشترى هذا من العودين يجعلهما ناقوسًا يضرب به للصلاة، قال: فالتفت إلى صاحب العودين برأسه، وقال: أفلا أدلكم على ما هو خير من هذا، فبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالتأذين، قال أبو عمر: لا أحفظ ذكر الخشبتين إلا في حديث أبي جابر يعني هذا، ومرسل مالك عن يحيى بن سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد أن يتخذ خشبتين لجمع الناس للصلاة، ولفظ أبي قرة في سننه وخرجه من حديث أبي جابر يا رسول الله، إني قطيع الصوت فقال: علم بلال
…
الحديث، ولفظ الدارقطني في سننه من حديث ابن أبي ليلى عن معاذ: قال ابن زيد يا رسول الله، رأيت في المنام كأنّ رجلا نزل من السماء على جزم الحائط، فأذّن مثنى مثنى"،
وفي كتاب أبي الشيخ: فلما كان قبل الفجر غشيني النعاس فرأيت رجلاً قام على [506/أ] سطح المسجد وأتى بين النائم و/اليقظان، فجعل إصبعيه في أذنيه وفي المعجم الكبير لابن مطير: من حديث ابن أبي ليلى غشية ولم يسمع منه، فجاء المسلمون سراعا يرون أنه فزع ثم جاء عمر فقال:"والله إنه لطائف طاف بي". وذكر أبو نعيم الحافظ ان محمد بن إسحاق رواه أيضا عن محمد بن جعفر ابن الزبير عن محمد بن زيد، ورواه زيد بن حباب عن محمد بن عمرو بن سهل عن عبد الله بن محمد بن زيد عن أبيه أو عمه عن عبد الله، ورواه إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن شعيب بن عبادة الأنصاري عن ابن عبد الله بن زيد عن أبيه، ولفظ العسكري في كتاب الصحابة:"أمر رجالاً يقومون على الأطام فيرفعون المسرح ويبشرون الناس بالصلاة حتى رأيت". الحديث، وذكر أبو حامد الغزالي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال:"القه على بلال قال عبد الله: يا رسول الله، ائذن لي مرة واحدة فأذنت بإذنه، فلمًا سمع عمر صوتي خرج يجر"، رواه زياد الغوراني فأذنت الظهر ولم أر له في كتب الحديث ذكر ألا من أسلفناه من حديث سعيد بن المسيب عن عبد الله فبلغه النبي، فأمره بالتأذين وهو شاهد له والله تعالى أعلم، حدثني محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي نا أبي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس لما يجمعهم للصلاة فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى، فأرى النداء تلك الليلة رجل من الأنصار يقال له عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب، فطرق الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال فأتى به. قال الزهري: وزاد بلال في نداء صلاة الغداة،/الصلاة خير من النوم فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم. قال عمر: يا رسول الله، قد رأيت مثل الذي رأى ولكنه سبقني، (1) . هذا حديث قال فيه ابن شاهين: حديث غريب إن كان
(1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/707) . في الزوائد: في إسناده محمد بن خالد: ضعفه محمد وابن معين وأبو زرعة وغيرهم.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/148) وقال: "بعضه صحيح ".
قوله: "يهمهم" همه الأمر وأهمه، إذا أوقعه في الهم. أي يوقعهم في التعب والشدة.
عبد الرحمن حفظه، وقد خالفه أصحاب الزهري يونس وشعيب ومعمر ومحمد بن إسحاق وابن جريح، فرووه عن الزهري عن سعيد أن الناس كانوا في عهد النبي- عليه الصلاة والسلام يجتمعون إلى الصلاة قبل أن يؤمروا بالتأذين فذكر حديث ابن زيد، وقد خرج أهله من حديث ابن جريج أخبرني نافع ان ابن عمر كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة، وليس ينادى بها أحد، فتكلموا يومًا في ذلك فقال بعضهم: اضربوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل بوق اليهود، فقال عمر: أو لا تبعثون رجلًا ينادى بالصلاة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال قم فناد بالصلاة"(1) . ولما خرجه أبو عيسى قال فيه: حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر، قال ابن مندة: هذا إسناد مجمع على صحته، وفي لفظ لأبي عوانة (2) في صحيحه:"فأذن بالصلاة "، ولما خرجه ابن خزيمة (3) في صحيحه اتبعه ثنا بندار بخبر غريب، قال: ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: "إن بلالا كان يقول: أشهد أن لا إلى إلا الله، حي على الصلاة، فقال له عمر: قل في أثرها أشهد ان محمدًا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "قل كما أمرك عمر". ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان عن محمد بن يحيي نا بندار بلفظ: كان يقول أول ما يأذن: أشهد أن لا إلى إلا الله، حي على الصلاة "، وقد ورد عنده/بلفظ آخر ذكره الطبراني [507/أ] في الأوسط (4) من حديث طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عن
(1) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الصلاة، (ح/190) . وقال:"هذا حديث حسن صحيح غريب، من حديث ابن عمر".
وحديث ابن عمر رواه أيضا البخاري (2/65-66) ومسلم في (الصلاة، ح/1) والنسائي (1/02 1-103) ، وأحمد في المسند) رقم 6357 ج 2 ص 148) . ويظهر ان القاضي أبا بكر بن العربي نسي انّ هذا الحديث في الصحيحين، فاعترض على تصحيح الترمذي إياه، فقال (1/307) :"وعجب لأبي عيسى يقول: حديث ابن عمر صحيح! وفيه: ان النبي صلي الله عليه وسلم أمر بالأذان لقول عمر، وإنما أمر به لقول عبد الله بن زيد، وإنما جاء عمر بعد ذلك سمعه! ". (2) صحيح. رواه أبو عوادة: (26/326) .
(3)
ضعيف. رواه ابن خزيمة (362) والكنز (23150) .
(4)
ضعيفة جدا. أورده الهيثم في "مجمع الزوائد "(1/329) وعزاه إلى الطبراني=
سالم عن أبيه: "لما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله أبيه الأذان فنزل به فعلمه بلالا". وقال: لا يروى هذا الحديث عن الزهري إلا يونس، تفرد به طلحة
تفرد به محمد بن ماهان الواسطي عنه، وفي الباب حديث أنس بن مالك
قال: كانت الصلاة إذا حضرت على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم سعى رجل في الطريق فنادى الصلاة الصلاة، فاشتد ذلك على الناس فقالوا: لو اتخذنا
ناقوسًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذاك للنصارى"، فقالوا: لو اتخذنا بوقاً. فقال عليه السلام: "ذاك لليهود، فأمر بلالا أن يشفع الأذان وأن يوتر
الإِقامة" (1) . ورواه الطبراني عن أبي الأطهراني ثنا عبد الله بن يوسف الجبيري
ثنا روح عن عطاء ابن أبي ميمونة عن خالد عن أبي قلابة عنه، وأصله في الصحيحين وسيأتي، وحديث أبي عمير عن عمومة من الأنصاري المذكور
قبل من كتاب أبي داود رحمه الله تعالى، وكذا حديث معاذ بن جبل
وحديث ابن جرير الهذيلي عن أبي حنيفة عن علقمة بن يزيد عن ابن بريدة
عن أبيه: ان رجلا من الأنصار مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حزين وكان الرجل ذا طعام يجتمع أبيه، ودخل مسجده يصلى فبينما هو كذلك إذ نعس، فذكر
قصة الأذان، فقال النبي عليه السلام لما أخبره: قد أخبرنا بمثل ذلك أبو بكر
فأمر بلالَا أن يؤذِّن بمثل ذلك، وقال الطبراني (2) : لم يروه عن علقمة إّلا أبو
حنيفة، وحديث عبيد الله بن زيد بن عبد ربه أخي عبد الله قال: " أراد النبي
[507/ب] صلي الله عليه وسلم أن يُحدِّث في الأذان، فجاء عبد الله فقال: إنّى رأيت/الأذان فقال: فقم فألقه على بلال، فقال يا رسول الله، إني أريتهما وأنا كنت أريد أن أذن قال. أقم أنت ". رواه المديني في معرفة الصحابة (3) من حديث سهل بن
= في "الأوسط" وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع.
(1)
صحيح. رواه البخاري (ح/605) . وذكر مسلم إسناده في حديث داود في كتاب الصلاة، باب في الإِقامة، (ح/508) ورواه الدارمي (ح/1195) .
(2)
صحيح. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/329)، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه من تكلم فيه وهو ثقة. وتتمة لفظه:"فأتاه آت في النوم، فقال: قد علمت ما حزنت له، قال: فذكر قصة الأذان".
(3)
قوله: "الصحابة" غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.
الديلمي نا عبد السلام بن مطهر، نا أبو سلمة الأنصاري عن عبد الله بن محمد بن زيد عنه. وقد ورد في بدأ الأذان حديث يدل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رآه في الإسراء، أنبا به المسند المعمر الرحلة أبو التقي صالح الأشعري- رحمه الله تعالىَ- قراءة عليه وثنا أسمع أن مسند عصره أبو العباس ابن عبد الدايم قراءة عليه أنبأ يحيي بن محمود الثقفي قراءة عليه قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ، بجميع كتاب الترغيب والترهيب أنبأ أبو عثمان بن حمدان حدثنى أبو عبد الله محمد بن الحسين ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن نا سلمة بن شبيب نا يونس بن موسى الشّامي البصري ثنا الحسن بن حماد الكوفي عن زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالب، قال:" لما أراد الله تبارك وتعالى أن يعلّم رسوله الآذان أتاه جبريل- عليه السلام بدابة يقال لها: البراق فاستصعب عليه، فقال يا جبريل أئتي بدابة الين من هذه، فآتاه بدابة يقال لها برقة، فذهب يركبها، فاستصعب عليه أيضا، فقال لها جبريل: اسكني برقة فما ركبك عبد أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فانتهت به إلى الحجاب الذي يلي الرحمن، فخرج من وراء الحجاب ملك، فقال عليه السلام لجبريل: من هذا؟ فقال: جبرائيل والذي بعثك بالحق إنّى لأقرب الخلق مكانا وما رأيت هذا الملك منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فقال الملك الله أكبر فسمعت من وراء الحجاب صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر./فقال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي؟ إذ لا إله إلّا أنا، ثم قال الملك: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أرسلت محمدًا، ثم قال الملك: حي على الصلاة، حي على الفلاح قد قامت الصلاة فقيل له من وراء الحجاب: صدق عبدي ودعي إلى عبادتي ثم قال الملك: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقيل من وراء الحجاب: لا إله إلا أنا ثمّ أخذ الملك بيدي فأقمت أهل السماء فيهم آدم ونوح"(1) . قال ان بو جعفر محمد بن
(1) ضعيف. أورده الهيثم في "مجمع الزوائد"(1/328- 329) وعزاه إلى البزار،=
علي: فيومئذ أكمل الله لمحمد صلي الله عليه وسلم الشرف على أهل السماء والأرض، قال أبو القاسم الجوزي: هذا الحديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن عثمان بن مخلد ثنا أبي وذكره أبو الشيخ في كتاب الأذان عن زياد بن المنذر فذكره، قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن علي إّلا بهذا الإسناد، وزياد بن المنذر به شعبة، وقد روي عنه مروان بن معاوية وغيره، وقالَ أبو علي الجياني: واختلف في هذا الحديث أن يكون صحيحَا لما يعضده ويشاكله من أحاديث الإسراء، بنحوه ذكره الحافظ أبو زيد السهيلي، وزاد تخصيص عنها تحصل أنّ معاني الصلاة كلّها أو أكثرها قد جمعها حديث الإِسراء، ورواه ابن شاهين عن أحمد بن محمد بن هارون ثنا موسى بن سنان بن عبد الرحمن نا يونس بن موسى عن الحسن بن حماد عن زياد عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن أبي رافع عن على بلفظ: قال عليه السلام: " يا علي إن الله تعالى علمني الصلاة وعلمني الأذان". فذكره بطوله وأشار إلى ضعفه.
[508/ب] قال: وثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا يعقوب بن يوسف ثنا/حصين عن منده بن أبي طريف عن محمد بن بشير عن محمد بن الحنفية عن على قال: "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به لما كان في السماء حضرت الصلاة فأذّن جبرائيل"(1) 0 الحديث وثنا أحمد بن يونس بن أرقم ثنا سعيد بن دينار عن زياد بن المنذر حدثنى العلاء قال: قلت لابن الحنفية: كنا نتحدّث أنَّ الأذان رؤيا رآها رجل من الأنصار ففزع وقال: وقد عمدتم إلى أحسن دينكم، فزعمتم أنه كان رؤيا هذا والله الباطل، ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما عرج انتهى إلى مكان من السماء وقف وبعث الله عز وجل ملكًا ما رآه أحد في السماء قبل ذلك اليوم، فعلّمه الأذان وذكر ما في الحديث، ففي هذا ردّ لما ذكره البزار وأبو القاسم، وحديث عن عائشة- رضي الله عنها قالت: قال
= وفيه زياد بن المنذر وهو مجمع على ضعفه.
(1)
ضعيف جدا. بنحوه. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/329) وعزاه إلى الطبراني "الأوسط" وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أسرى بي إلى السماء الدنيا أذن جبرائيل عليه السلام وظنت الملائكة أنه يصلي بهم فقدمني فصليت بهم"(1) . ذكره أبو جعفر في كتاب الناسخ والمنسوخ عن جعفر بن محمد بن نمير ثنا على بن أحمد السواق ثنا محمد بن حماد بن زيد الحازمي ثنا عابد بن حبيب الهروي عن هشام عن أبيه عنها، وحديث ابن عباس قال:"علم النبي صلى الله عليه وسلم الأذان حين أسرى به ورآه رجل من الأنصار في منامه". رواه أيضًا عن أحمد بن محمد بن سعيد ثنا يعقوب بن يوسف الضبي ثنا أبو جنادة (2) عصين بن المخارق ثنا عبد الصمد بن علي عن أبيه عنه، وفي كتاب أبي الشيخ: كتب أبينا على بن الحسن بن سلم الرازي ثنا مسروق ثنا إبراهيم ابن المنذر، حدثني عبد العز-نر بن عمران عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين/عن عكرمة عنه قال:[509/أ] الأذان نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرض الصلاة: {يأيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إذَا نودي للصلاة مِن يَومِ الجُمُعةِ فاسْعَوا إلَى ذِكْرِ الله} (3) انتهى، وفيه إشكال؟ لأنّ فرض الصلاة كان بمكة، وسورة الجمعة مدنية إجماعًا، حكاه أبو العباس المفسر الضرير في كتاب التنزيل وغيره، اللهم إّلا أن يريد صلاة الجمعة ما مطلق الصلوات؛ لأنّ فريضة الجمعة إنما كانت بالمدينة والله تعالى أعلم، وحديث سالم عن أبيه "لما أسرى بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء أوحى إليه الأذان فنزل فعلمه بلالا"(4) . رواه أيضًا عن محمد بن محمود الأنباري ثنا محمد بن ماهان، حدثنى عثمان نا أبي ثنا طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عنه، وهو مردود؛ بأنّ الإِسراء الذي فرضت فيه الصلاة كان بمكة والبادين بالمدينة إجماعا، وحديث عبيد بن عمير الليثي قال: "ائتمر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه- للاجتماع للصلاة، فبينا عمر بن الخطاب يريد أن يشترى خشبتين للناقوس إذ رأى عمر في المنام
(1) 1لحاوي: (2/259) .
(2)
قوله: "جنادة" وردت "بالأصل""الجنازة" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(3)
سورة الجمعة آية: 9.
(4)
ضعيف جدا. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/329) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع.
أن لا تجعلوا الناقوس، بل أذنوا بالصلاة فذهب عمر إلى النبي- عليه الصلاة والسلام ليخبره بالذي رأى، وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بذلك فما رأى عمر الا بلال يؤذن، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم حين أخبره بذلك:"قد سبق بذلك الوحي"(1) . ذكره ابن إسحاق في سيره عن ابن
جريج قال لي عطاء: سمدت عبيدا به، قال السهيلي: وقد عرفت رؤيا ابن
زيد ولم تعرف رؤيا عمر- رضي الله تعالى عنه-، وفي مسند الحارث ابن
[509/ب] أبي أسامة: "أوّل من أذّن بالصلاة جبرائيل في السماء/الدنيا، فسمعه عمر وبلال فسبق عمر بلالا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال سبقك لها عمر"(2) . وحديث عبد الله بن الزبير قال: أخذ الأذان من أذان إبراهيم عليه السلام في الحج: "وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر"(3) . قال: فأذّن رسول الله صلي الله عليه وسلم رواه أبو الشيخ عن كتاب على بن مسلم نا مسروق نا إبراهيم بن المنذر نا عبد العزيز بن عمران عن ابن المؤمل عن ابن الرهين عنه، قال السهيلي: الحكمة بتخصيص الأذان برؤيا رجل ولم يكن بوحي؛ فلأن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قد أريه ليلة الإسراء فوق سبع سماوات، وهذا أقوى من الوحي، فلما تأخّر فرض الأذان إلىَ المدينة وأراد أعلام النّاس لوقت الصلاة يلبث الوحي حتى رأى عبد الله الرؤيا فواخت ما رآه عليه السلام، فلذلك قال: أنها لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، وعلم حينئذ أنّ مراد الله تعالى بما أراه في السماء أن يكون سنة في
الأرض، وقوى ذلك موافقة، رؤيا عمر مع أنّ السكينة تنطلق على لسان عمر،
واقتضت الحكمة الإِلهية أن يكون الأذان على لسان غير النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من التنويه بعده والرفع لذكره، فلأن يكون ذلك على لسان غيره أنوه وأفخم
لشأنه وهو معنى قوله تعالى: {ورفعنا لك ذكرك} . وهو معنى ما ذكره
القاضي أبو بكر بن العربي والشيخ أبو العباس القرطبي، زاد: ويحتمل ألهم لماّ
(1) ضعيف. رواه عبد الرزاق (1775) والمنثور (2/294) والبداية (3/233) .
(2)
الفتح: (2/78) .
(3)
صورة الجمعة آية: 27
تفاوضوا في الأذان كان عبد الله وعمر غائبين فلمّا قدما وجد المفاوضة، فقال
عبد الله ما قال، وتلاه عمر، ولما رأى عمر قبول الرؤيا وصحتها قال: لا
تنادون إلى الصلاة/فقال عليه السلام لبلال: "قم" وقال عياض: ظاهر قول [510/أ] عمر أولا يبعثون رجلاً ينادى بالصلاة ليس على صفة الأذان الشرعي، بل إخبار بحضور وقتها، قال النووي: وهذا الذي قاله أبو الفضل محتمل ومتعيّن، فقد صحّ في حديث ابن زيد أنه رأى الأذان في المنام، فجاء إلى النبي
عليه السلام يخبره فجاء عمر فقال: "والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل
الذي رأى ". فهذا ظاهر أنه كان في مجلس آخر، فيكون الرافع الإعلام أولاً
ثم رأى ابن زيد الأذان فشرعه النبي عليه السلام بعد ذلك إمّا بوحي، وإمّا
باجتهاده على مذهب الجمهور، وليس هو عملا بمجرد المنام، هذا ما لا شك
فيه انتهى، وفي هذا كله ذهول عن قول عمر: لقد رأيت مثل ما رأى ولكنه
سبقني ويحمل قوله أّلا تناودن إلى الصلاة على الأذان الشرعي؛ لأنه قال مثل
ما رأى عبد الله، وعبد الله رأى الأذان مفصلا وأخبر به كذلك، ولأنه قد
وافقهما على رؤياهما سبعة من الصحابة في تلك الليلة أيضًا حكاه صاحب
المبسوط، وفي كتاب الغزالي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر رجلاً من الصحابة قد رأى كلّهم مثل ذلك، ولأنا قدمنا في صحيح أبي عوانة فأذّن بالصلاة؛ ولأنه لا خلاف أنهم كانوا قبل ذلك يؤذّن بها، بقولهم: الصلاة جامعة، ذكره ابن سعد عن ابن المسيب أو بقولهم الصلاة الصلاة كما قدّمنا، وفي قوله: قم
يا بلال حجّه لمشروعية الأذان قائمًا، وأنه لا يجوز الأذان قاعدًا وهو مذهب
العلماء كافة إلا أبا ثور، فأنه جوّزه، ووافقه أبو الفرح فيما ذكره أبو الفضل،
واستضعفه النووي لوجهين: أحدهما: المراد بالنداء هنا الإِعلام، الثاني: المراد قم
واذهب إلى موضع بارز فناد فيه بالصلاة/، وليس فيه غرض للقيام في حال [510/ب] الأذان، قال: ومذهبنا المشهور أنه سنة فلو أذّن قاعدًا بغير عذر صحّ أذانه لكن فاتته الفضيلة، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء، وفي كتاب الإِشراف: أجمع مملّ من يحفظ عنه المعلم: أنّ من السنة أن يؤذّن المؤذن قائماً، وروينا عن أبي زيد الصحابي، وكانت رجله أصيبت في سبيل الله أنه أذّن وهو قاعد، وفي
كتاب أبي الشيخ عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه قال: حق وسنة
مسنونة أّلا يؤذّن إلا وهو قائم طاهر، وقول الصحابي: وهو من السنة يدخل في المسند، وأمّا قول أبي عمير: لولا أنّ ابن زيد كان مريضا لأمره النبي- صلى الله عليه وآله وسلم بالأذان ومردّه ما ذكره الدارقطني، قال عبد الله: أنا رأيته أريده، قال له أنس: فأقم أنت وسيأتي ذكره أيضَا، وفي كتاب المحيط: وإن أذّن لنفسه فلا بأس بأن يؤذن قاعدَا من غير الناس، فإن أذّن قاعدا لغير عذر صح أذانه وفاتته الفضيلة، وكذا لو أذّن قاعداً مع قدرته على القيام صحّ أذانه، فأمّا إذا أذّن على غير وضوء، فقد جوّزه إبراهيم قال: لا بأس أن يؤذّن على غير وضوء ثم ينزل فيتوضأ، وعن قتادة أنه كان لا يرى بأسَا أن يؤذّن الرجل وهو على غير وضوء، فإذا أراد أن يقيم توضأ، وعن عبد الرحمن بن الأسود: أنه كان يؤذّن على غير وضوء، وعن الحسن: لا بأس أن يؤذّن غير طاهر ويقيم وهو طاهر، وعن حماد: أنه كان لا يرى بأسَا أن يؤذّن الرجل وهو على غير وضوء، وكره ذلك جماعة، قال عطاء: الوضوء فرض وسنة، وفي حديث الزهري قال أبو هريرة:" لا يؤذّن إلا متوضئ "(1) ، ولما رواه الترمذي عن يونس عن الزهري مرسلا قال هذا أصح ورواه البيهقي (2) من حديث الزهري) * (.
[511/أ] /ما من يوم يمضى
…
منا إلا أمضى منا قَرنًا
قال أبو زكريا: وهذا البحر يسمى الغريب، والمشتق، وركض الخيل، وقطر الميزاب.
وفي رواية:
إن الدنيا قد غرتنا
…
واستهوتنا واستلهتنا
يا بن الدنيا مهلًا مهلَا
…
زن ما يأتي وزنًا وزنًا
(1، 2) ضعيف. رواه الترمذي (ح/200) ، والبيهقي (1/397) ، وتلخيص (3/46) ، والكنز (20965)، وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 911، ح/6317) . راجع الإرواء
(*) سقط بالأصل.
وعبد الله بن يزيد لم أر أحدَا ذكره في الشعر، ولا ألم بذكره، والله تعالى أعلم.
تم الجزء بحمد الله وعونه،
يتلوه- إن شاء الله تعالى- في الجزء الذي بعده
قوله- رحمه الله تعالى- ونفع بعلمه: باب الترجيع في الأذان، وصلى الله- تعالى- على سيدنا محمد النبي الأمي
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً،
وحسبنا الله ونعم الوكيل،
ولا حولي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
آمين
* * *
/بسم الله الرحمن الرحيم
[512/أ] الترجيع في الأذان
حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن يحيى، ثنا أبو عاصم، أنبأ ابن جريج
قال: أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد الله بن محيرز
وكان يتيمَا في حجر أبي محذورة بن معين حتى جهّزه إلى الشام، فقلت لأبي محذورة: أي عم أبي خارج إلى الّشام، وإنّى أسأل عن تأذينك، فأخبرني أن
أبا محذورة قال: خرجت في نفر فكنّا ببعض الطريق، فأذّن مؤذن رسول الله
صلي الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم فسمعنا صوت المؤذّن، ونحن عنده متنكَبُون، فصرخنا نحكيه نهزأ به، فسمع رسول الله
فأرسل إلى قومنا فأقعدونا بين يديه، فقال: "أيكم الذي سمعت صوته
قد ارتفع؟ فأشار إليَ القوم كلهم، وصدقوا فأرسل كلّهم وحبسني وقال لي:
" قم فأذّن "، فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقى على [512/ب] رسول الله صلي الله عليه وسلم/التأذين هو نفسه فقال: قل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، ثم قال لي: ارجع فمد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على
الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم دعاني حين
قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية
أبي محذورة ثم أمرّها على وجهه من بين يديه على كبده، ثم بلغت يد
رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم سرة أبي محذورة ثم قال رسول
الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " بارك الله لك وبارك عليك " فقلت: يا
رسول الله، أمرتني بالتأمين بمكة؟ قال:" نعم قد أمرتك "، فذهبت كل شيء
كان لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم من كراهية، وعاد ذلك كله
محبة لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم، فقدمت على عتاب بن أسيد
عامل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة على أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال وأخبرني ذلك من أدرك أبا محذورة على ما أخبرني عبد الله بن محيرز" (1) . ثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عفان ثنا همام بن يحيى عن عامر الأحوص ثنا مكحولَا حدّثه أن ابن محيرز حدّثه أن أبا محذورة حدّثه قال: " علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة فذكره" (2)، هذا حديث خرجه مسلم (3) مختصراً من حديث عن أبي محيرز فذكر: الله أكبر/ [513/أ] في أوله مثنى مثنى، وأبو عوانة من حديث ابن المديني عن معاذ بن هشام عن أبيه وابن مندة من حديث عبيد الله بن عمر عنه، وأما تخريج الحاكم (4) له من جهة عبد الله بن سعيد عن معاذ ففيه نظرة لكونه في مسلم، وقال ابن القطان: والصحيح عن عامر في هذا الحديث إنما هو تربيع البكر في أوله، كذلك رواه عن عامر جماعة منهم: عفان بن سعيد بن عامر وحجاج. ورواه عن هؤلاء الحسن بن علي. ذكر ذلك أبو داود عنه فكذلك يصحّ؛ فيكون الأذان تسع عشرة كلمة، وقد قيده بذلك في نفس الحديث كما قيد الإِقامة ليبلغ سبع عشرة كلمة، وقد وقع في بعض روايات مسلم لهذا الحديث مربعَا وهى التي ينبغي أن نستفيد من صحته وذكره البيهقي في كتابه. انتهى كلامه وفيه نظر، وذلك أنه يسقط منه هكذا رجل، وبيانه هو أن أبا داود إنما رواه عن الحسن بن على عن عفان بن سعيد بن عامر وحجاج عن همام عن عامر،
(1) صحيح. رواه أبن ماجة (ح/708) والبيهقي (3/11) والحاكم (1/310) وصححه ابن خزيمة (1161) وابن حبان (656) .
وصححه الشيخ الألباني. غريبه: قوله: "متنكبون" من تنكّب عنه، أي: عدل عنه، أي: معرضون متجنيون.
(2)
صحيح. رواه أبو داود (ح/502) والترمذي (ح/192) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الأذان، باب " 4 " (وابن ماجة (ح/708) وأحمد (3/409، 6/401) والدارمي (ح/1197) كلهم من طريق عامر الأحول. وفي كثير من هذه الروايات ذكر ألفاظ الأذان والإِقامة تفصيلا.
(3)
صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/6) .
(4)
انظر: الحاشية رقم (1) السابقة.
وكذا رواه أبو عيسى- وسيأتي- ورواه ابن سعد في كتاب الطبقات عن
سعيد بن عامر وعفان عن همام بن يحيى عن عامر- والله تعالى أعلم-،
ولهذا إنّ أبا عمر حكى عن ابن السكن تفرد همام بروايته، ورواه أبو عيسى (1)
من حديث إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، قال:
أخبرني أبي وجدي جميعَا عن أبي محذورة، وعن أبي موسى عن عفان عن همّام عن مكحول به مختصرَا وقال: حسن صحيح، وكذا قاله في العلل حين ذكره بكماله، ولفظ ابن خزيمة (2) ، وخرجه من حديث مكحول أن رسول الله صلي الله عليه وسلم "أمر نحواً من عشرين رجلا فأذنوا وعجبة صوت أبي محذورة، فعلمه فعلمه [513/ب] الأذان وعلمه الإقامة مثنى مثنى "./وعن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك مؤذن المسجد الَحرام قال: حدثني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة: " أن النبي- عليه السلام أقعده فألقى عليه الأذان حرفا حرفا " قال بشر بن معاذ قال لي إبراهيم هو مثل أذاننا هذا، فقلت له: أعد علي قال أبو بكر بن خزيمة بن عبد العزيز لم يسمع هذا الخبر من أبي محذورة وإّنما رواه عن ابن محيرز عن أبي محذورة، وقال الدورقي في أوّل الأذان: الله أكبر الله أكبر، ويأتي حديثه مثل لفظ حديث بندار عن أبي عاصم، وهكذا رواه روح عن ابن جرير عن عثمان بن السائب عن أم عبد الملك ابن أبي محذورة عنه قال في أول الأذان الله أكبر الله أكبر ثم نقله أربعاً، ورواه أبو عاصم وعبد الرزاق
عن ابن جريج وقال في أول الأذان: الله أكبر أربعَا، قال الحافظ أبو بكر: خبر أبي محذورة ثابت صحيح من جهة النقل، وفي سؤالات الأثرم: قيل لأبي عبد الله: حديث أبي محذورة صحيح؟ قال: أما ثنا فلا أدفعه، وذكره ابن الجارود في منتقاة وحكى أبو عمر عن الشّافعي: أنه يقول في أوّل الأذان: الله أكبر
(1) انظر: الحاشية رقم (1) السابقة ص 1099.
(2)
الحاشية المذكورة السابقة، والتلخيص (1524) . قلت: وفي المدونة (1/57-58) حكى ابن القاسم ألفاظ الأذان والإِقامة عن مالك ثم قال: "قال ابن وهب: قال ابن جريج: قال عطاء: ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم، وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم، وكان أبو محذورة يؤذن في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى أدركه عطاء وهو يؤذن".
أربعًا، وزعم أن ذلك محفوظ من رواية الحفاظ الثقات في حديث ابن زيد وأبي محذورة وهذه ريادة يجب (1) قبولها، والعمل بها عندهم في آل أبي محذورة إلى وفاته، وفي كتاب الإقناع لابن المنذر: والأذان الذي علّم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أبا محَذورة ولم يزل عليه الحرمين قديمًا وحديثًا إلى يومنا هذا: التربيع، وقال الحافظ أبو عليا الطوسي في كتاب الأحكام، وذكره يقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال أحمد بن سنان: هذا الحديث أصل في هذا الباب فأمّا الإقامة فلا يختلف على واحدة واحدة إذ علّمها النبي-/صلى الله عليه وآله وسلم أبا محذورة وأمر بها بلالا، وقد روى حديث أبي محذورة من غير وجه، وعليه العمل بمكة، قال البغوي في شرح السنة: هذا حديث صحيح، ولفظ النسائي (2) :" خرجت عاشر عشرة، فسمعناهم يؤذنون للصلاة، فأرسل أبينا فأذّنا رجلاً رجلاً فكنت آخرهم " زاد الكجي: وكان ذلك في الحجرة"، وقد تقدّم من عند ابن خزيمة ما يردّه- والله تعالى أعلم- ورواه أبو حاتم في صحيحه بلفظ: فكنا في بعض طريق حنين وفي آخره، قال ابن جريج: وأخبرني غير واحد من أهلي خبر أبي محذورة هذا، وفي كتاب النسائي وابن خزيمة قال ابن جريج: أخبرني هذا الخبر كله عثمان بن السائب عن أبيه، وعن أم عبد المالك آنفا سمعنا ذلك من أبي محذورة، وزعم ابن القطان أن عثمان وأباه وأمه مجهولون، وهو مردود بما ذكرنا، قال ابن حبان (3) أنبأ الفضل ابن الحباب ثنا مسدد ثنا الحارث ابن عبيد بن محمد بن عبد الملك ابن أبي محذورة عن أنه عن جدّه قال: قلت يا رسول الله:) علمني سنة الأذان (قال: فمسح مقدّم رأسي وقال: "تقول فذكره مرجعًا، ثم قال: فإن كانت صلاة الصبح. قلت. " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله لما واعترض أبو محمد الإشبيلي على هذا الحديث بقوله: هذا يرويه الحارث بن عمير عن محمد بن عبد الملك عن أبيه عن جدّه، ولا يحتج بهذا الإِسناد، وقال في
(1) قوله: 5 يجب، وردت "بالأصل" و"عيب" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(2)
صحيح. رواه النسائي في: 7- كتاب الأذان، باب "5"
(3)
صحيح رواه ابن حبان (3/96، خ/1680)
البكري: الحارث بن عبيد يضعف، وقد روى عنه ابن محمد، وقال: هو من شيوخنا وهو كلام جيّد واعترض ابن القطّان على الأوّل، وهؤلاء عن الثاني وأصاب؛ لأنّ كلامه على الوسطى لا الكبرى ولكنه غالبا بين الصواب/وعدمه منها، قال: لأنه لم يبين عليه قال: وهي الجهل بحال محمد بن عبد الملك ولا يُعلم وروى عنه أبي الحارث، وهو أيضا ضعيف. قاله ابن معين، وقال فيه أيضًا: مضطرب الحديث، وكذا قاله ابن حنبل، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال عمرو بن علي: سمعت ابن مهدى يحدث عنه، وقال: كان من شيوخنا، وما رأيت خيرا، فأمّا عبد الملك ابن أبي محذورة فقد روى عنه جماعة منهم: ابنه محمد والنعمان بن راشد وابنا ابنيه: إبراهيم بن عبد العزيز عن عبد الملك، وإبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك. انتهى كلامه، وفيه نظر من حيث أنّ الحارث خرّج له مسلم في صحيحه على طريق الاحتجاج، وقال الساجي: كان صدوقا، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، واستشهد به البخاري في موضعين من كتابه، وأمّا ما ذكره عن أحمد فقد جاء عنه خلافه، قال أحمد بن حميد: سألت أبا عبد الله عنه فقال: لا أعرفه، قلت: يروى عن هود بن شهاب؟ قال: لا أعرفه، قلت: روى عن هود عن ابن عباد عن أبيه عن جدّه عن عمر على أبيات بعرفات؟ فقال: نعم، هذا يروى عن عباد من غير هذا الوجه، وقد جاء هذا الحديث بهذا اللفظ من حديث غيره رواه ابن خزيمة في صحيحه عن يزيد بن سنان، نا أبو عاصم وأشار الطحاوي في المشكل إلى بيوته، ورواه أبو داود (1) عن الحسن بن علي، نا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج، أخبرني عثمان بن السائب، أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن النبي- عليه السلام بنحو هذا الحديث- يعني حديث الحارث بن عبيد- وفيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير/من النوم في الأول من الصحيح، قال أبو داود: ثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة، سمعت جدّي عبد الملك يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول: ألقى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأذان فذكره، وفيه: فكان يقول في الفجر: فالصلاة خير من النوم وهو أيضا إسناد
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/500) .
صحيح، قال: وثنا محمد بن داود ثنا زياد- يعني ابن يونس- عن نافع بن عمر الجرحى عن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد ألله بن محيرز عنه فذكر مثل حديث ابن جرير عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه، ورواه النسائي عن عمرو بن علي ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا: ثنا سفيان عن أبي جعفر عن أبي سليمان عن أبي محذورة قال: "كنت أؤذن لرسول ألله صلي الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فأقول إذا وليت في ألآذان الأول حيّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم" ثني عمرو بن علي ثنا يحيي وعبد الرحمن قالا: ثنا سفيان بهذا الإسناد بحق، وقال عبد الرحمن بن مهدي: وليس بأبي جعفر الفراء، وأمّا ابن حزم فذكره في كتابه مصححا له، وقال: عن أبي جعفر المؤذن عن أبي سليمان كذا رأيته بأبياء بعد اللام وكأنه تصحيف من النسخة، وصوابه: سلمان، واسمه همام، وزعم المزي أن أبا جعفر هذا هو الفراء، وأنت ترى ابن مهدى نص على أنه ليس به، ولو كان الفراء لكان سندا صحيحا- والله تعالى أعلم-، ورواه أبو الشيخ عن إبراهيم بن محمد بن الحارث ومحمود بن أحمد بن الفرح ومحمد قالوا: ابنا إسماعيل بن عمرو البجلي، أنبأ الثوري، وفي آخره:" فدعاني عليه السلام فمسح يده على رأسي" ثنا إبراهيم/بن محمد بن الحسن ثنا كلمة بن الخليل الكلاعي ثنا مروان ثنا النعمان عن عبد الملك بن أبي محذورة عن ابن محيرز الشّافعي عن أبي محذورة: "أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم علمه ألآذان وأمره أن يقول في الآذان الأول من الصبح: الصلاة خير من النوم، مرتين"(1) وثنا الوليد بن أبان ثنا يعقوب بن سفيان نا موسى بن إسماعيل ثنا محمد بن راشد عن عبد الملك عن بن محيرز عن أبي محذورة: "أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أمره أن يؤذِّن لأهل مكة وأن يدخل في أذانه في الغداة الصلاة خير من النوم"(2)، وفي هذا أيضا ردّ لما تقدّم من قول البيهقي في المعرفة: حديث أبي محذورة منقطع، ولما يفهم أيضا من قول أبي الشيخ في موضع
(1) قوله: 9 "وثنا" أي "وحدثنا" سقطت من "الأصل" وكذا أثبتناه.
(2)
تقدم- انظر سنن ابن ماجه (ح/8، 7) والحديث صحيح كما أقر الشيخان محمد فؤاد عبد الباقي والألباني ص1099.
آخر أن الحق شيء سأل ابن أبي محذورة عن التثويب فقال كان في أذان بلال، وفي سنن الدارقطني (1) بسند صحيح، ثنا أحمد بن العباس ثنا عباد بن الوليد أبو بدر ثنا الحماني ثنا أبو بكر بن عياش عبد العزيز بن رفيع قال: سمعت أبا محذورة يقول: كنت غلاما صبيها فأذنت بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين الفجر فلما بلغت "حي على الفلاح" قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الحق فيها: الصلاة خير من النوم"، وقال ابن المنذر جاء الحديث عن أبي محذورة أنه قال: قال لي النبي صلي الله عليه وسلم "إذا أذنت الصبح فقل: الصلاة خير من النوم"(2) وأمّا قول الشيخ في المهذَب: لم يحك أبو محذورة الترجيع، فمردود بما قدّمناه- والله تعالى أعلم-، وفي كتاب النسائي بسند صحيح آخر "أذان أبي محذورة لا إله إلا الله"(3)، ولما ذكره في الأوسط قال/: لم يروه عن هشام إلا ابنه. تفرد به ابن راهويه، قال ابن عبد البر: والتثويب في أذان أبي محذورة محفوظ معروف مشهور عند العلماء، وذهب مالك وأصحابه إلى أنّ التكبير في أوّل الأذان مرتين، قال: وقد روى ذلك من وجوه صحاح في أذان أبي محذورة وفي أذان عبد الله بن زيد، والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظ أي: زمانه، ويؤيّده ما أسلفناه من عند الترمذي وأبي داود، وروى أبو بكر بن الجهم المالكي من طريق عماد بن سعد القرظ عن أبيه أنه سمعه يقول: أنّ هذا الأذان أذان بلال، فذكره مثنى، قال: والإقامة واحدة واحدة ويقول: قد قامت الصلاة، وكذا حديث أبي أمامة وسهلَ قال: سمعت معاوية يقول: "إذا كبرَ المؤذن اثنين كبّر اثنين، وإذا تشهّد اثنين تشهد اثنين، ثم التفت فقال: هكذا سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول عند الأذان"(4)، وسيأتي له مزيد بيان- إن شاء الله تعالى- قال ابن المنذر في الأَشراف: لم
(1) صحيح. رواه الدارقطني (1/237) والطبراني (7/209) والحلية (8/310) والكنز (20973) .
(2)
جامع المسانيد: (2/493) .
(3)
بنحوه. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، (1/331) من حديث سويد بن غفلة، وفيه "آخر أذان بلال، وعزاه إلى الطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات.
(4)
صحيح. رواه الخطب في وتاريخه،:(2/188) .
يختلف مالك والشافعي إلا في أوّل الأذان، وقال سفيان وأصحاب الرأي: الأذان على حديثا عبد الله بن زيد مربعا، وقالت طائفة: الاختلاف في هذا من جهة المباح، وقال أحمد بن حنبل: إن رجع فلا بأس، وإن لم يرجع فلا بأس، وكذلك قال إسحاق غريبه: قوله الله أكبر ذكر، فثبت أنّ أهل العربية اختلفوا في معنى أكبر فقال أهل اللغة: معناه كبروا واحتجوا بقول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا
…
بيتًا دعائمه أعز وأطولُ
أراد دعائمه عزيزة طويلة/واحتجوا بقول الآخر بمعنى رجال أن أموت وإن أمت، فذلك سبيل لست فيها بأوحد أراد لست فيها بواحد، واحتجوا بقول معن بن أوس:
لعمرك ما أدرى وإنى لأرجل
…
على أينا تعدوا المنية أؤل
أرادوني لوصل واحتجوا بقول الأحوص عنه:
يا بيت هالكة التي أتغزل
…
حذوا لعدى وبه الفؤاد صوكل
إني لأمنحك الصدود وإنني
…
قسما أبيك مع الصدود لأميل
أراد لمائل واحتجوا بقول تعالى: {وهو أهون عليه}
قالوا: فمعناه وهو هين عليه، قال ابن الأنباري في الكتاب الزاهر قال أبو العباس، وقال النحويون- يعني الكسائي والفراء وهشامَا- الله أكبر معناه: أكبر من كل شيء، فحذفت من؛ لأن أفعل خبر كما يقول: أبوك أفضل، وأخوك أعقل، فمعناه أفضل وأعقل من غيره، واحتجوا بقول الشاعر:
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن
…
سراح لنا ألا ووجهك أنور
أراد: أنور من غيره، وقال معن بن أوس:
فما بلغت كف امرء متناول بها
…
المجد إلا حيث ما نلت أطول
ولا بلغ المهدون نحوك مدحة
…
ولو صدقوا لها الذي فيك أفضل
أراد أفضل من قولهم قال: وأجاز أبو العباس: الله أكبر، الله أكبر، واحتج بأن الأذان سمع وقفاً لا إعراب فيه لقولهم: حي على الصلاة حي على الفلاح، ولم يسمع على الصلاة والفلاح فكان الأصل فيه: الله أكبر بتسكين الراء فألقوا على الراء فتحة الألف من اسم الله تعالى، وانفتحت الراء وسقطت الألف، كما قال تعالى:{آلم * الله لا إلى إلا هو}
أن الأصل فيه- والله أعلم- {آلم * الله} بتسكين الميم، فألقيت فتحة الألف على الميم، وسقطت إلا أن قال/: سمعت أبا العباس يقول: من يحذف في مواضع الأخبار، ولا يحذف في مواضع الأسماء من قال: أخوك أفضل لم يقل: إن أفضل أخوك، وإنما حدثت في مواضع الأخبار لأن الخبر يدل على أشياء غير موجودة في اللفظ، واعترض أبو إسحاق الزجاجي على أبي بكر؛ فإن هذا الذي حكاه عن ثعلب غير صحيح، واعتلاله غير مستقيم، وذكر كلاما طويلا أهمل فيه التنبيه عن البيتين الآخرين، وأنهما ليسا في ديوان معن وإنما هما ثابتان في ديوان الخنساء تمدح أخًا لها، حتى لقد استشهد العلماء بذلك في كلامهم، قال ابن محيط في كتاب البديع المنظوم تصنيفه: براعة الاستهلال أن يبتدي بما يدل على المقصود بالنظم الأول، كما قالت الخنساء تطري أخا لها: ولا مدحه إلا وذا المد أجمل، وما بلغت نف (1) إمرء
…
البيتين، وقوله: أشهد أن لا أله ألا الله قال أبو بكر: معناه عند أهل العربية أعلم أنه وأبين أن لا أله إلا الله، الدليل على هذا قوله تعالى:{ما كان للمُشركين أن يَعمُرُوا مَسَاجد الله شَاهِدينَ عَلَى أنفُسِهم بِالكفر} (2) وذلك أنهم لما جحدوا نبوة النبي- صلى الله عليه واله وسلم- كانوا قد بينوا على أنفسهم الضلالة والكفر، قال حسان- رضى الله تعالى عنه-: نشهد أنك عبد المليك أرْسلت، ومن ذلك لهم: شهد الشاهد عند الحاكم معناه: قد بين له وأعلمه الخبر الذي عنده، وقال أبو عبيدة: معناه: قضى الله تعالى، قال ابن الأنباري: وقول ابن العباس أحسن مشاكله، لكلام العربي قال الزجاجي: ليس
(1) كذا في " الأصل": "نف"، كما أثبتناه.
(2)
سورة التوبة آية: 17
حقيقة الشهادة ما ذكره، ولو كان معنى الشهادة البيان والإعلام لما كذب الله تعالى المنافقين في قوله {وقالوا نشهد/إنك لرسول الله} لأن البيان والإعلام إنما هو باللسان لا بالقلب، فقد قالوا بلسانهم وأعلموا، فكذبهم الله تعالى لأنّ الشهادة في هذا الموضع إنّما هي تحقق الشيء وتيقّنه، وكذّبهم الله تعالى؛ لأنهم أبينوا خلاف ما أظهروا، فقد تكون الشهادة على ضروب وأصلها تحقق الشيء وتيقّنه من شهادة الشيء أي: حضوره؛ لأن من شاهد شيئا فقد تيقّنه علما، واستعملت في موضعين آخرين أحدهما: الإقرار بالشيء، والآخر البيان والإظهار، فمن البيان والإظهار: ما ذكر في قوله تعالى: {شاهدين على أنفسهما بالكفر} (1) فأما شَهادة الشاهد في الحقوق فإنّما هي أخبار منه عما شاهده وتيقنه وأحضر للوقوف معاينة وسماعا، وأمّا الإقرار فما كان يؤخذ به المشركون في صدر الإسلام عن الدعاء أبيه، وهو أنهم كانوا يقاتلون حتى يستشهدوا فيحصن مالَه وتحقن دمه، فإنّما كان يراد منهم الإقرار بهذا، ألا ترى أن المنافقين كانوا على عهد رسول الله- عليه السلام يقولون هذا، ويقرون به في الظاهر تبصيرهم حكم المسلمين ويبطنون خلافه، وأما الرسول، فمعناه في اللغة: الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أخذ من قول العرب: قد جاءت الإِبل رسلا إذا جاءت متابعة، قال الأعشى:
عريسقي ديار الناقد أصبحت غرضا وزورا أعنف عنها القود، والرسل القود: الخيل، والرسل: الإِبل المتابعة، ويقال في تثنيته رسولان وفي جمعه: رسل، ومن العرب من يوجد في موضع التثنية والجمع فيقول: الرجلان رسولك والرجال رسولك، قال الله تعالى:{إنا رسولا ربك} (2) وفي موضع آخر: {إنا رسول رب العالمين} (3) والأول خرج الكلام فيه على الظاهر، لأنه أخبار عن موسى وهارون- عليهما السلام والثاني قال يونس/وأبو عبيدة
(1) الآية السابقة.
(2)
سورة طه آية: 47.
(3)
سورة الشعراء آية: 16
وحده لأنه في معنى الرسالة، كأنه قال:"أنا رسالة رب العالمين" واحتج يونس بقول الشاعر:
فأبلغ أبا بكر رسولا شريعة
…
فمالك بابن الحضرمي وماليا
ويقول الآخر:
ألا من يبلغ عنى حقاقا رسولا
…
يثبت اهلك منتهاها
أراد رسالة شريعة، واحتج أبو عبيدة بقول الشاعر:
لقد كذب أبو أشوذ ما بحث
…
عندهم برسولا أرسلتهم
وقال الفراء: إنما وجد لابنه اكتفي بالرسول من الرسولين واحتج بقول الشاعر الليثي:
* وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخير
أرادوا خير الرسل فاكتفي بالواحد من الجمع.
قال أبو بكر: وفصحاء العرب أهل الحجاز ومن والاهم يقولون: أشهد أن محمدا رسول الله، وجماعة من العرب يقولون: من الألف عينا فيقولون أشهد أنّ محمدا رسول الله، قال أبو بكر: ان نشدنا أبو العباس قال: أنشدنا الزبير بن بشار قال:
أبو شاء لهند عن تصارحنا
…
ولست أنسى هوى هند وتنساني
وقال قيس بن الملوح المجنون:
أبا شبه (1) ليلى لا تراعى
…
فإنني لك أبيوم من وحشية تصديق
فعيناك عيناها وحيدك حيدها
…
سوى عن عظم الساق منك دقيق
أراد سوى أن فأبدل من الهاء يمينا، وقال أيضا: فما هجرتك النفس يا ليلى عن قلى فلتزولا عن قل منك نصيبها أتضرب ليلى عن ألم بأرضها. وما ذنب ليلى عن طوى الأرض ذنبها، أراد أن، قال أبو بكر وفي قولهم:
(1) كذا ورد هذا السياق "بالأصل".
أشهد أنّ محمدا رسول الله ثلاثة أوجه، الوجه المجتمع عليه: أن محمد يجوز أن محمد رسول الله، وأن محمدًا رسول الله، على أنني (1) أقول: ولا يجوز أن تبدّل عن الألف أو انكسرت عينًا إنّما يفعل ذلك بها إذا انفتحت/قال أبو إسحاق الزجاجي ليس ما ذكره في إثبات الرسول صحيحًا، ولو كان كذلك ما جاز لهم في أول مجيئه أبيهم أن يقول: إنّي رسول الله أبيكم ولابنه لم يتابع أبيهم بعد بأخبار، ولا يدري إلى ما يكون تعديل كان لا يقع عليه في الحال الأولى اسم رسول، ولا تجب له حجة على تأويله هذا، ولكان من أرسل إنسانًا في حاجة واحدة إلى آخر لم ينفذه قط، وفي غيرها لم يجز للمرسل أن يقول لصاحبه المنفذ أبيه أنى رسول فلان أبيك، وهذا غلط بيّن يدفعه استعمال الكتابة ذلك غير منكرين له، وإنّما الرسول بمعنى المرسل المنفذ من أرسلت أي: أنفذت وبعثت ولذلك قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى} (2) وقال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} (3)، ولذلك قيل في معناه: مبعوث، وإنّما غلط أبو بكر؟ لأنه رآه على مقول فتوهمه فما جاء على مقول، ولا يكون ذلك إلا لتكرار الفعل: نحو ضروب وشبهة من الأسماء المبنية من الأفعال للمبالغة، وليس كذلك وإنما هو اسم بغير تكثير الفعل بمنزلة عمود، وعنود، وعجوز، فهو وإن كان مشتقًا، فأنه يجرى مجرى الأسماء المختصة في الاستعمال، والدليل على صحة ما قلنا، قول سيبويه: أجمع النحويون من البصريين: أزيد أنت أبيه رسول؟ قالوا: برفع زيد لأن رسولا اسم لا يجرى مجرى الفعل، فكأنك قلت: أزيد أنت له عجوز؟ ولو كان من تلك الأسماء الجارية مجرى الفعل للمبالغة لنصبت أزيد أنت له ضروب، وأزيد أنت له شكور، وكذلك ما أشبهه، وهذا بيّن واضح. انتهى. أنشد المبرد في كامله: وحبيب في حماسة الوسطى لبعضهم:
وما هجرتك النفس بأمي أنها قلتك ولا إن قل منك نصيبها
(1) قوله: {أنني} وردت "بالأصل""يعنى" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(2)
سورة الفتح آية: 28.
(3)
سورة إبراهيم آية: 4.
ولكنهم يا أملح الناس أولعوا يقول إذا ما جئت هذا حبيبها
وقرأهما السّمّري لنصيب، قال: ويقال هما لمعاد، وأما قوله حي على
الصلاة فذكر الفراء: ان حي في كلام العرب معناها: هلم وأقبل، وفتحت أبياء من حي بسكونها وسكون أبياء التي قبلها، كما قالوا: البيت، ولعل أبو بكر ومنه قول ابن مسعود:) إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر ((1) معناه: اقبلوا على ذكر عمر، وفيه ست لغات: حي هلا بالتنوين، الثاني: فتح اللام بغير تنوين الثالث: تسكين الهاء وفتح اللام بغير تنوين، الرابع: فتح الهاء وسكن اللام، الخامس: حي هلا السادس: حي هلا على عمر، قال الزجاجي: أما الوجه الخامس بالنون فهو الأول بعينه. لأن التنوين والنون سواء، إما الفلاح
فذكر جماعة من أهل اللغة: هلموا إلى الفوز، قال أبو بكر: وقالوا: يقال قد
أفلح الرجل إذا فاز وأصاب خيرا، من ذلك الحديث الذي يروى) واستفلحي
برأيك (أي: فوزي برأيك قال لبيد: أعقلي إن كنت لما تعقلي: ولقد أفلح
من كان عقل، وقال تعالى:{وأولئك هم المفلحون} (2) وقال آخرون
حي على الفلاح معناه: هلموا إلى البقاء أي: أقبلوا إلى سبب البقاء في الجنة، قالوا: والفلح والفلاح عند العرب البقاء أنشدنا أبو العباس:
لكل هم عن الهموم سعة
…
والمشي والصبح والفلاح سعة
قال لبيد: لو كان حي مدرك الفلاح أدركه ملاعب الرماح، وقال عبيد
الحج ما شئت فقد يدرك بالضعف، وقد يخدع الأرنب فهذا من الفوز، وقال أصحاب البقاء: معنى قوله تعالى:) وأولئك هم المفلحون} يعني الباقون في الجنة والفتح/، والفلاح عند العرب: السحور انتهى كلامه ولم يتبع عليه الزجاجي شيئا، ومما ينبغي أن يتبع عليه أمور: الأول: إطلاقه الفلاح البقاء، وأهل اللغة يقيدونه بالبقاء في النعيم، والخير قاله ابن سيده، وقال في التنزيل:{وقد أفلح المؤمنون} أي: نالوا البقاء الدائم في الخير، والفلاح، والفوز بما يغبط به وفيه صلاح الحال، الثاني: قوله من ذلك الحديث الذي يروى إلى
(1) كشف الخفاء: (1/90)
(2)
سورة البقرة آية: 5
آخره وليس وهو بحديث (1) إنّما هو من ألفاظ الطلاق من أيام الجاهلية، قال ابن سيده والنجرمي: وأمّا قول الهروي في الغريبين: وفي حديث ابن مسعود إذا قال الرجل لامرأته استفلحي برأيك، فليس حديثا مرفوعا للنبي عليه السلام هل هو أثر هذا هو الاصطلاح، وأيضا فيجوز أن يكون قاله حاكيا عن العرب في الجاهلية؟ إذ ليست هذه اللفظة موضوعة للكناية عن الطلاق إجماعا الثالث: ولئن سلّمنا له قوله فليست هذه اللفظة بالحاء، وإن كان غيره سبقه إلى ذلك، وإنما هي الجيم كذا ذكره الزمخشري في الأساس، وأمّا قوله أنشدنا أبو العباس فذكر البيت وفيه لا فلاح معه فليس كذلك أنشده أبو العباس بن محمد بن- يزيد، وأحمد بن يحي فيما رأيت من مالية إنّما فيهما ألا يتابعه، وكذا أنشده أبو الفرح، وأبو علي العافي، وغيره، وذكر الحافظ أبو القاسم الجوزي فيما رويناه عنه في كتاب الترغيب والترهيب: أنَّ قول المؤذِّن الله أكبر أي: الله أعظم، وعمله أوجب، فاستعملوا بعمله واتركوا غيره، وقوله أشهد أن لا إله إلا الله أي: أشهد أنه واحد لا شريك له، ومعناه أنّ الله يأمركم بأمر فاتبعوه (2) فأنه لا ينفعكم أحد إلا الله، ولا ينجيكم أحد من عذابه/إن لم تؤدوا أمره، وقوله أشهد أن محمدا رسول الله أي: أشهد أنّ محمدا أرسله أبيكم لتؤمنوا به وتصدقوه، ومعناه: قد أمركم بالصلاة والجماعة فاتبعوا ما أمركم به، وقوله حي على الصلاة أي: أسرعوا إلى أداء الصلاة، ومعناه: حان وقت الصلاة فلا تؤخّروها عن وقتها، وقوله حي على الفلاح أي: أسرعوا إلى النجاة والسعادة، ومعناه أن الله تعالى قال وقوله: الله أكبر أي: الله أعظم وأجلّ، وعمله أوجب فلا تؤخِّروا عمله، وقوله لا إله إلا الله أي: اعلموا أنه واحد لا شريك له، ومعناه أخلصوا أو ابتغوا بصلاتكم وجه الله تعالى.
(1) قلت: وكذا لم أجده حديثا.
(2)
قوله: "فاتبعوه" وردت "بالأصل""فاتبعني" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
114- باب السنة في الأذان
حدثنا هشام بن عمار نا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلي الله عليه وسلم علي قال: حدثني أبي عن أبيه عن جدّه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أمر بلالا أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وقال له: أنه أرفع لصوتك (1) هذا حديث أشار أبيه البخاري (2) في صحيحه بقوله: {ويذكر عن بلال أنه جعل أصبعيه في أذنيه} ولما ذكر الإشبيلي. حدثنا بهذا الإِسناد من عند أبي أحمد أتبعه بقوله: حديث أبي داود (3) والترمذي (4) أصح- يعني الذين في معنى ذلك الحديث- وهو حديث الاستدارة في الأذان، وسيأتي إن شاء الله تعالى قال أبو الحسن فإن كان هذا الكلام منه تضعيفا- وهو الظّن- فاعلم أن علّته هي أن عبد الرحمن المذكور وأباه وجدّه كلّهم لا يعرف له حال، وفي باب عبد الرحمن ذكره أبو أحمد/وعنده مجهولة كما قلناه. انتهى كلامه، وفيه نظر في موضعين، الأول: أبو محمد نفسه بيّن ضعف هذا الإسناد في موضع آخر من هذا الباب بعينه، فلا حاجة إلى تحرص أبي الحسن وظَنّه، وذلك أنه لما ذكر حديث أمر بلال أن يجعل أصبعيه في أذنيه: واتبعه ولم يذكر أبو أحمد في عبد الرحمن هذا جرحًا ولا تعديلا، وأما ابن حاتم فذكر تضعيفه عن ابن
(1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/710) . في الزوائد: رواه الترمذي بإسناد صححه. وإسناد المصنف ضعيف لضعف أولاد سعد. والطبراني في الصغير (2/142) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/149) انظر: الإرواء (231) ، والمشكاة (653) ، والروض (333) ، والثمر المستكاب.
(2)
رواه البخاري "تعليقا" في: الأذان، باب (19)
(3)
حسن. رواه أبو داود: (ح/520) . ولفظه: "عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلي الله عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال فأذن فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا، قال: ثم خرج رسول صلي الله عليه وسلم وعليه حلفة حمراء بُرُوى يمانية قِطري، وقال موسى قال: رأيت بلالا خرج إلى الأبطح فأذّن، فلما بلغ حي على الصلاة، حي على الفلاح، لَوَى عُنقه يمينا وشمالا ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة، وصدق حديثه.
(4)
رواه الترمذي: (ح/197) . وقال: (وهذا حديث حسن صحيح) وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يُدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان.
معين، فهذا كما ترى أبو محمد بينّا حاله عندها، وذهل عنها أبو الحسن، وفي قول ابن معين في عبد الرحمن: ضعيف يعني: بالنسبة إلى غيره لأنه ليس جرحا مفسدا لا سيما وقد عارضه من نصّ على عدالته وهو أبو حاتم بن حبّان، وزعم أبو إسحاق الصيرفي أنّ أبا عبد الله الحاكم ذكر له في مستدركه حديثا صحّح إسناده، وروى عنه جماعة، منهم معن بن عيسى وعبد الله بن الزبير الحميدي ومعلي بن منصور وإبراهيم بن موسى وعبد الرحمن المديني ويعقوب بن حميد بن كاسب وإسماعيل بن أبي عويس ومحمد بن الحسن المخزومي في آخرين، فيما ذكره أبو نعيم وغيره فذال عنه بحمد الله تعالى جهالة الحال والعين كما ترى، الثاني: عمار بن سعد ذكره ابن منده في كتاب الصحابة، وزعم أنّ له رؤية، وأبي ذلك أبو نعيم بقوله: إذ ذكره في كتاب الصحابة له رؤية فيما ذكره بعض المتأخرين وأخرج له هذا الحديث من حديث عبد الرحمن بن سعد، ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الرحمن، حدثني أبي عن جدّي أن رسول الله كله: " كان إذا خرج إلى العيد سلك على دار سعد بن أبي وقاص، ثم على أصحاب الفساطيط (1) قال الحافظ: وجدّه هو/سعد، وليس لعمار صحبة ولا رواية، إلا عن أبيه سعد، وحدّث به عن ابن كاسب مجودّا غير واحد، منه ما، ثنا سليمان، ثنا عليه بن سعيد، ثنا يعقوب بن كاسب، ثنا عبد الرحمن بن سعد عن عمّار بن سعد عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد وعن عمار وعمر بن سعد أبنى حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم عن سعد القرط أن النبي- عليه السلام: ما كان يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المطر لما (2) انتهى، ولقائل أن يقول: الذي قاله ابن
(1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/1298) . في الزوائد: هذا الإسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن وأبيه، كما نبه عليه في الزوائد. والطبراني في الصغير، (2/142) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيفة ابن ماجه (ح/266) انظر: الروض/335.
غريبه: قوله: "الفساطيط" هي الخيام الكبيرة، ويظهر أنها- هنا- كانت لعرض البضائع، والسلع على الناس.
(2)
رواه مالك في: السفر، (ح/5) .
مندة لا يدفعه ما ذكره أبو نعيم لأنا عهدنا الصحابة المشهورين بالصحبة رووا عن التابعين، لهذا فلمّ يقل ابن مندة أن له صحبة، إنما قال: له رؤية وبينهما فرق معلوم، وإن كانت اسم الصحبة شاملة لهما فيما ذكره أبو عمر وغيره، فيجوز أن يروى حديثَا واحداَ مرفوعاَ عن النبي وآخر عن التابعين، ولا سيما والحديث المستشهد به على صحبة ليس هو المستشهد به على نفيها- والله تعالى أعلم-، ولئن سلمنا لأبي نعيم قوله: لا صحبة له، وأنه في عداد التابعين الذين ينظر في حالهم، فنظرنا في ذلك فوجدنا الحافظ أبا حاتم البستي ذكره في كتاب الثقات ووصفه برواية ابنه سعد عنه، وزاد ابن سرور عمر بن حفص أيضَا، وزاد ابن أبي حاتم: عمر بن عبد الرحمن بن أسيد بن زيد بن الخطاب، وزاد البخاري في الكبير: محمد بن عمار بن حفص، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة على شرط البستي رواها أبو الشيخ عن محمد بن عبد الله بن رستة وابن أبي عاصم قالا: ثنا ابن كاسب ثنا عبد الرحمن بن سعد عن عبد الله بن محمد وعمر وعمار بن حفص عن آبائهم/عن أجدادهم عن بلال أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال له: {إذا أذنت فاجعل إصبعيك في أذنيك فأنه أرفع لصوتك} (1) عمر بن حفص بن عمر بن سعد القرط وثقة وأباه ابن حبان، وذكر البيهقي في كتاب المعرفة حديثَا لعمر بن حفص وحسنه، ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من حديث هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سعد حدثني أبي عن جدّه بلفظ:{أنّ رسول الله صلي الله عليه وسلم} أمر بلالا أن يدخل أصبعيه في أذنيه قال: فأنه أرفع لصوتك " (2) " وأن بلالا كان يؤذن مثنى مثنى " وتشهّده مضعف وإقامته مفردة (3) ، و"قد قامت الصلاة" مرة واحدة وأنه: " كان يؤذن للجمعة على عهد رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان الفيء مثل الشراك " (4)
(1) تقدم. ص 1112 الحاشية رقم (1)(2) الحاشية السابقة.
(3)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/731) . في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف أولاد سعد. ومعناه في صحيح البخاري
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1101) .
(4)
ضعيف. أورده الهيتمي في ومجمع الزوائد، (2/183) وعزاه إلى الطبراني في (الكبير) وفيه.
وأن النبي صلي الله عليه وسلم: "كان إذا خرج إلى العيد سلك على دار سعد بن أبي وقاص، ثم على أصحاب الفساطيط ثم يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم يكبر في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة، ثم خطب على الناس، ثم انصرف من الطريق الآخر من طريق بنى زريق، وذبح ضحية عند طرف الزماق بيده بشفرة، ثم يخرج إلى دار عمار بن ياسر ودار أبي هريرة إلى البلاط (1) وكان عليه السلام يذهب ماشيا ويرجع ماشيا "(2) وكان عليه السلام يكبر بين أصفاف الخطبة، ويكثر التكبير بين أصفاف الخطبة، ويكثر في خطبة العيدين (3){وكان عليه السلام إذا خطب في الحرب خطب على قوس، وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا} (4)، ووجدنا الحديث شاهدا صحيحا رواه أبو عبد الله/في مستدركه من حديث أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال:"رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وإصبعيه في أذنيه، ورسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم في قبة حمراء من أَدَم " الحديث قال وهو صحيح على
= عبد الرحمن بن سعد بن عمار وهو ضعيف. وضعفه الشيخ الألباني. "ضعيف ابن ماجة"(ح/227) .
غريبة: قوله: " الشراك" أحد سيور النّعل التي تكون على وجهها، ويخرج من جانبها الإِبهام.
1) تقدم ص 1113 الحاشية رقم (1)، قوله:"البلاط" بالفتح، الحجارة المفروشة في الدار غيرها. واسم لموضع بالمدينة.
(2)
رواه الطبراني (10/357) وإتحاف (3/389) .
(3)
صحيح. رواه أبن ماجة (ح/1287) والحاكم (3/607) وصححه. وصححه الشيخ الألباني.
(4)
ضعيف. رواه أبن ماجة (ح/1107) والبيهقي 6/31، 2) والقرطبي 115/181) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح / 228) ، والضعيفة 9681) ، والروض النضير 3361) .
(5)
صحيح. رواه الترمذي (ح/197) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم من حديث أبي حنيفة بألفاظ زائدة، وقال: قد أن أخرجاه إلا أنهما لم يذكرا فيه إدخال الآن سبعين في الأذنين والاستدارة، وهو صحيح على شرطهما.
غريبه: يمينا وشمالا. و" الأدم" لما بالهمزة والدّال المهملة المفتوحتين، وهو جمع " أديم "، وقيل: اسم جمع، والأديم: الجلد ما كان، وقيل: الأحمر، وقيل: هو المدبوغ.
شرطهما جميعًا، وهما سنتان مسنونتان، وقال الترمذي: وخرجه من حديث
سفيان عن عون: هذا حديث حسن صحيح وعليه العمل عند أهل العلم، يستحبون أن يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم وفي الإقامة أيضا يدخل أصبعيه في أذنيه، وهو قول الأوزاعي عن عون عن أبيه قالَ:) رأيت بلالا يؤذن وقد جعل أصبعيه في أذنيه،. قال: باب إدخال الإصبعين في الأذنين عند الأذان: إن صح الخبر فإن هذه اللفظة لست أحفظهما ألا عن حجاج بن أرطأة، ولست أفهم اسمع الحجاج هذا الخبر من عون أم لا! فأنا أشك في صحة هذا الخبر لهذه العلة، ورواه أبو عوانة الإسفراييني عن عمر بن شيبة ثنا عمر بن علي بن مقدم عن الحجاج بن أرطأة عن عون، وكذا أخرجه أبو بكر البزار في مسنده من حديث أبي عوانة عن حجاج، ورواه الطوسي من حديث الدرقي ثنا هشيم عن حجاج بن أرطأة عن عون وقال: يقال حديث أبي جحيفة حسن صحيح. انتهى ليس هذا منه تصحيحا لحديث (1) حجاج وإنّما أراد تصحيح حديث أبي جحيفة في نفس الأمر، وكذلك هو صحيح الأصل، وخرجه ابن ماجه عن أيوب بن محمد ثنا عبد الواحد بن زياد عن حجاج، وقال البيهقي في الكبير: الاستدارة ليست في حديث أبي جحيفة/من الطرق الصحيحة، وسفيان الثوري إنّما روى الاستدارة في هذا الحديث عن رجل عن عون، ونحن نتوهمه سمعه من الحجاج عن عون، والحجاج غير محتج به، ورواه عبد الرزاق عن الثوري عن عون مدرجا، وعبد الرزاق وهم في إدراجه ثم من جهة عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان حدّثني عون عن أبيه، فذكره من غير ذكر الاستدارة ثم قال: عقبة، وبالإِسناد ثنا سفيان حدثني من سمعه من عون: أنه كان يدور ويضع يديه في أذنيه، قال العدني يعني بلالا قال البيهقي: وهذه رواية ابن أرطأة عن عون قال وقد روينا من حديث قيس بن الربيع عن عون: الاستدارة، ووضع الإِصبعين في الأذان، ورواه حماد بن سلمي عن عون مرسلا لم يذكر أباه. انتهى، ولقائل أن يقول: أنها ليست في الطرق الصحيحة فليس
(1) قوله: "حديث" غير واضحة "بالأصل"، وكذا أثبتناه.
صحيحا لما أسلفناه من عند الحاكم والترمذي وغيرهما، ولأن أبا نعيم رواه في مستخرجه عن أبي أحمد ثنا المطرز ثنا بندار ويعقوب ثنا ابن مهدى يا سفيان عن عون، فذكر استدارته وجعل الإصبعين في أذنيه، ورواه أبو عوانة في صحيحه عن يوسف القاضي عن محمد بن أبي بكر ثنا مؤمل عن سفيان عن عون به، وفي هذا ردّ لما قاله البيهقي أيضا: وهم عبد الرزاق في إدراجه لمتابعة مؤمل وابن مهدى (1)، فلو كان اعترض معترض: ما رواه أبو عوانة أيضا، نا أبو أمية ثنا القواريري عن ابن مهدي، فلم يذكر هذه الزيادة، قلنا له: بندار لا يقاس بغيره، لا سيما وقد تابعه يعقوب كما قدّمناه، وقد وجدنا لسفيان/متابعا مق طريق حسنة عند الطبراني، رواها عن الحسن بن العباس الرازي عن محمد بن نوح الرازي عن زياد بن عبد الله عن إدريس الأودي عن عون عن أبيه، فذكره، ورواه أبو الشيخ أيضا عن الصوفي ثنا علي بن الجعد ثنا حماد بن سلمة ح وأنبأ أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا كامل ثنا حماد ح وثنا ابن ناجية نا الربيع بن ثعلب ثنا هشيم جميعا عن عون به، وشاهدا لجعل الإصبعين في الأذنين رواه أبو الشيخ عن محمد بن عمرو بن شهاب يا أبي ثنا إسماعيل بن عمرو ثنا المفضَّل بن صدقة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد، فذكر حديثا روياه، وفيه: جعل إصبعيه في أذنيه ونادى، وقد روى ذلك أيضا في حديث أبي محذورة. قاله ابن المنذر في كتاب الأشراف، وزاد صاحب الغاية في شرح الهداية: أنه ضمّ أصابعه الأربع وجعلها على أذنيه، وفي سنن الدارقطني من حديث نائل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أمن أبو محذورة ان يستدير في أذانه- نعني هذا كما ترى- ردّ لما قاله ابن خزيمة لا تحفظ هذه اللفظة إلا عن حجاج، ولما نزعه الشّافعيون (2) وغيرهم أنّ الاستدارة لا تجوز، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال:" إذا أذن المؤذن استقبل القبلة ووضع إصبعيه في أذنيه" وثنا أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين أنه كان إذا أذن استقبل وأرسل يديه، فإذا بلغ: حي على
(1) قوله: "مهدى" غير واضحة و"بالأصل"، وكذا أثبتناه.
(2)
قوله: (الشافعيون، غير واضحة "بالأصل"، وكذا أثبتناه.
الصلاة والفلاح أدخل إصبعيه في أذنيه، وفي كتاب البيهقي: وروينا عن ابن سيرين: " أن بلالا جعل إصبعيه في أذنيه في بعض آذانه وفي الإِقامة"/وفي المستدرك عن ابن المبارك أنه كان إذا رأى المؤذن لا يدخل إصبعيه في أذنيه
يصيح به، وفي كتاب أبي نعيم الفضل: ثنا سفيان بن أبي سنان عن سهل
أبي أسد قال: من السنة أن تدخل إصبعيك في أذنيك، ونا حسن بن صالح
عن أبي سعد قال: رأيت سويد بن غفلة يدخل إصبعيه في أذنيه، وثنا حبان
عن مجالد عن الشعبي قال: قلت: أضع إصبعي في أذني إذا أردت؟ قال:
نعم، كليهما أو أحدهما يجزئك، وثنا مندل عن جعفر بن أبي المغيرة قال:
كان سعيد بن جبير إذا أذن يجعل إصبعيه في أذنيه - أو على - أذنيه قال:
وسمعت شريكَا قيل له: يجعل المؤذن إصبعيه في أذنيه، قال: نعم، وفي
كتاب الأشراف. وبه قال الحسن وأحمد وإسحاق والنعمان ومحمد بن
الحسن، وقال مالك: ذلك واسع، حدثنا محمد بن المصفي الحمصي ثنا بقية عن مروان بن سالم عن عبد العزيز بن أبي داود عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين: صلاتهم وصيامهم "(1) هذا حديث في إسناده مروان بن سالم، وهو ضعيف متروك الحديث ماله عند أحد من الأئمة، وفي كتاب المعرفة من حديث ابن المديني:
نا محمد بن أبي عدي عن يونس عن الحسن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " المؤذنون أمناء الناس على صلاتهم وحاجتهم - أو حاجاتهم - "(2) وفي السن للبيهقي: عن أبي محذورة، قال عليه السلام:" أمناء المسلمين على صلاتهم وسجودهم المؤذنون "(3) في سنده يحيى بن عبد الحميد، وفيه كلام، وفي صحيح أبي حاتم البستي من حديث نافع بن سليمان: عن/محمد بن أبي
(1) موضوع. رواه ابن ماجه (ح/712) والمشكاة (688) وتلخيص (11/83) والكنز (20909) والخطيب (11/337) والحلية (8/198) .
وقال الشيخ الألباني موضوع. انظر: ضعيف ابن ماجه (ح/712) والضعيفة (ح/905) .
(2)
صحيح. رواه الشافعي (33) وتلخيص (1/183) .
(3)
ضعيف. رواه البيهقي (1/426) والجوامع (4479) والكنز (20896) والإرواء (1/239)
صالح عن أبيه أنه سمع عائشة تقول: قال عليه الصلاة والسلام: " الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن "(1) ثم قال: سمع هذا الخبر أبو صالح عن عائشة على حسب ما ذكرناه، وسمعه من أبي هريرة مرفوعا، فمرة حدّث به عن عائشة، وأخرى عن أبي هريرة، وتارة وقفه عليها، ولم يرفعه، فأما الأعمش فأنه سمعه من أبي صالح عن أبي هريرة موقوفا، وسمعه من سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، وقد وهم من أدخل بين سهيل وأبيه فيه الأعمش لأن الأعمش سمعه من سهيل لا أنّ سهيلا سمعه من الأعمش، لذا حكم بصحّة هذين الحديثين، وقد خالفه في ذلك غير واحد منهم أبو عيسى، فقوله: ورواه الثوري وحفص بن غياث وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وروى أسباط عن الأعمش قال: حديث عن أبي صالح عن أبي هريرة، وروى نافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي عليه السلام هذا الحديث، وسمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة، وسمعت محمدا يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وقال ابن المديني: لم يثبت حديث أبي صالح عن أبى صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا. انتهى السبب الموجب لضعف حديث الأعمش عن أبي صالح هو انقطاع ما بينهما، وإن كان قد سمع منه أحاديث ودلس عنه أشياء. ذكره الكرابيسي
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/517) والترمذي (ح/207) وأحمد (2/232، 284، 382، 419، 424، 461، 472، 5/260، 6/65) وشهاب (234) وعبد الرزاق (1838) وابن خزيمة (1528) والطبراني فيه الكبير، (8/343) وفي " الصغير "(1/107، 214، 2/13) وشرح السنة (2/279) والمشكاة (663) والخطيب (3/242، 4/388، 6/167، 9/413) وابن حبان (363،362) ومشكل (3/52، 53، 56) والحلية (8/118) والترغيب (1/176) .
وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/231) . قال الخطابي في المعالم (1/156) : " قال أهل اللغة: الضامن في كلام العرب معناه الراعي، والضمان معناه الرعاية.. والإمام ضامن: بمعنى أنه يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم، وقيل: معناه ضامن الدعاء بعضهم به ولا يختص بذلك دونهم، وليس الضمان الذي يوجب الغرامة من هذا في شيء. وقد تأوله قوم على معنى أنه يتحمل القراءة عنهم في بعض الأحوال، وكذلك يتحمل القيام أيضا إذا أدركه راكعا ".
في كتاب المدلسين، وحتى قال أحمد فيما حكاه عنه الميموني: الأعمش عن أبي صالح منقطع، وهذا ينبغي أن يأؤل على حديث خاص سئل عنه أحمد/، فيوضح ذلك قول عباس عن ابن معين: قال سفيان الثوري لم يسمع هذا الحديث إّلا عن ابن أبي صالح، وفي كتاب أبي داود: ثنا أحمد نا محمد بن فضيل ثنا الأعمش عن رجل عن أبي صالح، وثنا الحسن بن علي ثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح، ولا أراني إّلا قد سمعته منه، وذكر البلخي عن محمد بن الصباح أنه لم يسمعه من أبي صالح، ولما ذكر ابن حبان في صحيحه خبر الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد:" يجاء بالموت كأنه كبش أملح " قال فبكيناه لأنه ليس متصل، قال شجاع بن الوليد عن الأعمش: سمعتهم يذكرون عن أبي صالح، فهذا كما ترى مدلس صرّح بالانقطاع، ودخول الواسطة، فلا يقبل خبره إجماعًا إلا على رأي من يرى قول ابن حبان سمع حسبت مقدم على من بقى، وقال البيهقي: لم يسمعه من أبي صالح بيقين إنّما سمعه من رجل عنه، وقد رواه عن أبي صالح أيضًا عن محمد بن حجارة، قال ابن عدي: وهذا لا يرويه عن ابن حجارة غير الحسن بن أبي صالح، وهو متروك، ورواه أحمد في مسنده عن قتيبة عن الدراوردي عن سهيل عن أبيه به، وهو إسناد على شرط مسلم، ولا نعلمه ما رواه الطبراني عن فضيل بن محمد المغطى عن موسى بن داود الطيبى عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة عن عائشة به، لضعف هذا الإسناد، وأما سبب تضعيف حديث عائشة، فلأن محمد بن أبي صالح غير معروف، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: لا أعلم لسهيل وعباد بن أبي صالح إلا ما رواه حيوة بن شريج عن نافع عن محمد بن أبي صالح فذكر الحديث، قال والأعمش رواه عن أبي صالح عن أبي هريرة فذكره/قلت: فأيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش، ونافع ليس بقوى قلت محمد هو أخو عبّاد؟ قال: كذا يروونه، وذكر ابن عدي عن ابن معين أنه قال محمد هذا لا أعرفه، قال أبو أحمد: هذا الذي قال فيه ابن معين: لا أعرفه، فإن كان صاحب حديث " الإمام ضامن " فأنه يرويه عن أبيه عن عائشة، فإن عمل معلل هذا الحديث فأنه لا يصح، لأن أهل مصر رووه عن
محمد عن أبيه عن عائشة، ورواه سهيل عن الأعمش عن أبي صالح، فالذي يصححه يقول: قد اتفق محمد وسهيل جميعا عن أبيهما، وقال سهيل عن أبي هريرة: وهو الصحيح، وقال محمد عن عائشة: ومن جعل محمدا أخا لسهيل فقد وهم، وليس في ولد أبي صالح من اسمه محمد، إنّما هم: سهيل وعباد وعبد الله ويحيى وصالح، وليس فيهم محمد - والله تعالى أعلم -، ولقائل أن يقول: هذه شهادة على النفي فلا تقبل، فتحتاج إلى ترجيح من خارج، فنظرنا وإذا نحن قد وجدنا راويًا عن محمد غير نافع، وهو هشيم بن بشير، فأنه لما روى عنه نسبه كما نسبه نافع، وهما عدلان حافظان والنسبة غيرهما، وقد ترجم أبو حاتم الرازي باسمه في كتاب الجرح والتعديل مفردًا، ونسبه إلى أبيه من غير تردد (1) ، وكذلك ابن حبان في كتاب الثقات بعد وصفة إيَّاه بالخطأ، وفي تاريخ البخاري الكبير: محمد بن ذكوان وهو محمد بن أبي صالح السمان أخو سهيل مولى جويرية بنت الأحمس العطفاني، حدّث فيه عن أبي مريم نا موسى بن يعقوب نا عباد، ابن أبي صالح، وكذا ذكره الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب أسماء أولاد المحدثين تأليفه ونسبه مدنيًا، ولما ذكره الفسوي في تاريخه عرفه بآخر وسهيل وعباد. قرأت على/المعمر شرف الدين أبي زكريا المقدسي رحمه الله عن العلامة بهاء الدين المصري عن الحافظ ابن طاهر التعري قال: أنبأ أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار في صفر سنة ست وثمانين وأربع مائة أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد القبيقي قراءة عليه أنبأ أبو بكر محمد بن عدي بن علي بن عدي ثنا علي بن عدي بن زجر ثنا أبو عبيد الآجري في شهر جمادى الأولى سنة خمس وعشرين نا أبو داود بجميع كتاب الإخوة الذين يروى عنهم الحديث، فذكر جماعة، ثم قال: سهيل بن أبي صالح وصالح بن أبي صالح ومحمد بن أبي صالح وعباد، ويقال عبد الله بن أبي صالح، وكذا ذكره الحافظ عبد الغنى بن سعيد في كتاب " كنى الأباء والأجداد الغالبة على الأسماء "، وأبو زرعة الدمشقي في كتاب " الإخوة " من تأليفه ذكره كذلك فيتبين لك بمجموع ما
(1) قوله: " تردد " وردت " بالأصل "" فترى "، وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
سلف صحة هذين الحديثين، ولا علة ما وجه فيهما - والله تعالى أعلم -، وحديث عبد الله بن عمر - رضى الله تعالى عنهما - مرفوعا:" الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن "(1) الحديث ذكره ابن عدى في الكامل من حديث الكرسي عن أزهر عن ابن عون عن نافع عنه، وحديث أنس بن مالك مرفوعاً:" الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " ذكره أيضا من حديث بقية عن ثور بن - يزيد عن أبان عنه، وقال: لم يجوز إسناده غير ابن مصفي عن بقية عن ثور، ورأيت غير ابن مصفي رواه عن بقية عمن حدّثه عن النبي، مرسل الحسن أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " الحديث ذكره البيهقي من حديث ابن أبي عدى أنبأنا يونس عنه وفي لفظ: " المؤذنون أمناء الناس على صلاتهم وحاجتهم "(2) /أو قال " حاجاتهم " قال: وقد روى ذلك عن يونس عن الحسن عن جابر، وليس بمحفوظ، وروى في ذلك عن
أبي أمامة، يعني ما رواه هو من حديث ابن المديني ثنا روح بن عبادة نا حماد بن سلمة أنبأ أبو محمد بن غالب سمعت أبا أمامة فذكره بزيادة:
" والأذان أحب إلي من الإِمامة "، وحديث أبي محذورة: قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم: " أمناء الناس على صلاتهم وسجودهم المؤذنون "(3) رواه أيضا من حديث الجياني عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جدّه، وحديث ابن عمر يرفعه:" من أمّ قومَا فليتق الله، وليعلم أنه ضامن مسئول لما ضمن إن أحسن كان له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه من غير أن ينتقص من أجورهم شيئَا "(4) وما كان من نقص فهو عليه، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن أبي الحوراء إلا أبو الفضل يحي، ولا عنه
(1) تقدم ص 1119 الحاشية رقم (1) .
(2)
صحيح. رواه الشافعي (33) وتلخيص (1/183) .
(3)
صحيح. رواه البيهقي (1/426) والجوامع (4479) والكنز (20896) والإرواء (1/239) . قلت: والحديث الأول شاهد للثاني.
(4)
ضعيف الترغيب (1/310) والكنز (20402) وإتحاف (3/173) والمجمع (2/69) وعزاه إلى الطبراني فيه الأوسط، وفيه معارك بن عباد، ضعفه أحمد والبخاري وأبو زرعة والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات.
ألا المعارك بن عباد، تفرد به يوسف بن الحجاج، وحديث جابر يرفعه: الإِمام ضامن فما صنع فاصنعوا (1) ذكره أيضا وقال: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد. تفرد به الحميدي، يعني عن موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك عن محمد بن كليب عنه. حدثنا محمد بن مثنى نا أبو داود نا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة قال:" كان بلال لا يؤخّر الأذان عن الوقت، وربما أخر الإِقامة شيئا (2) . هذا حديث لما رواه أبو عيسى في جامعه عن أحمد بن منيع عن شريح بن النعمان عن حماد بن سلمة عن سماك فيما ذكره ابن عساكر والمزي، ولم أره في المكان الذي أشار أبيه لم يتبعه كلامًا وهو سند صحيح على رسم مسلم، ولفظه في المستدرك، وخرجه/من حديث إسرائيل عن سماك كان بلال يؤذن ثم يمهل فإذا رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج أقام الصلاة، وقال: صحيح (3) على شرط مسلم، ولم يخرجاه إنما ذكر مسلم حديث زهير عن سماك: كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس، ولا يقيم حتى يخرج، فإذا خرج قام حتى يراه (4) ولفظ أبي الشيخ ورواه من حديث شريك: " كان بلال يؤذن للظهر إذا دحضت الشمس، ورَّبما أخَّر الإِقامة ولا يؤخر الأذان عن الوقت وشاهده حديث علي بن أبي طالب:" كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكون في المسجد حين تقام الصلاة فإذا رآهم قليلا جلس ثم صلى، وإذا رآهم جماعة صلى " خرجه الحاكم من حديث داود بن رويشد عن الوليد بن مسلم ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع بن جبير عن مسعود - يعني ابن الحكم الزرمي- عنه
(1) ضعيف. رواه ابن عساكر في (التاريخ ((6/363) والخطيب (8/332) والمتناهية (1/439) والمجمع (2/66) وعزاه إلى الطبراني في (الأوسط، وفيه موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك، ضعفه أحمد، ووثقه أبو حاتم في الثقات.
(2)
صحيح. رواه ابن ماجه (ح/713) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/243) .
(3)
حسن. رواه أبو داود (ح/537) .
(4)
صحيح. رواه مسلم " في المساجد "، (ح/160) وأحمد (5/106،91) .
(5)
رواه الحاكم: (1/202) .
قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وفي كتاب البيهقي من حديث عبد المجيد بن عبد العزيز وعاصم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سالم أبي الثغر مرسلا وإسناده جيّد، وحديث جابر ابن عبد الله أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال لبلال:(إذا أذّنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الأكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته) رواه الحاكم (1) أيضا عن أبي بكر بن إسحاق أنبأ على بن عبد العزيز نا على بن حماد بن أبي طالب ثنا عبد المنعم بن نعيم الرماحي ثنا عمر بن فايد الأسواري نا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عنه، وقال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فايد والباقون شيوخ البصرة/وهذه سنَّة غريبة لا أعرف لها إسناداً غير هذا ولم يخرجاه، وقال أبو عيسى: حديث جابر هذا لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول، وبمثله قاله أبو علي الطوسي في أحكامه، وقال البغوي: هذا حديث ضعيف الإِسناد وهو في أدب الأذان حسن، وقال البيهقي في الكبير: في إسناده نظر انتهى، وفي كلام الحاكم: نظر في موضعين: الأول: قوله ليس في إسناده مطعون فيه، وعبد المنعم بن نعيم طعن فيه أبو حاتم الرازي بقوله منكر الحديث، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًا لا يجوز الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث، وذكره أبو جعفر في كتاب الضعفاء، وقال الساجي: كان ضعيفا وإن كان ابن سعد قال: هو. ثقة - إن شاء الله تعالى -، وقال أبو الحسن: كان بصريًا تقه، وأمّا يحيى بن مسلم أبو مسلم البكاء البصري وإن كان ابن سعد قال: هو ثقة- إن شاء الله تعالى-، وقال أبو الحسن: كان بصريا ثقة، فأنه لما سئل عنه أبو زرعة قال: ليس بقوى، وقال أبو حاتم: شيخ قيل له أيهما أحب أليك هو أو أبو حباب قال: لا هذا ولا هذا، قيل له: إذا
(1) ضعيفة: رواه الحاكم (1/204) والترمذي (ح/195) . وقال: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول. والمشكاة (647) ونصب الراية (1/275) وتلخيص (1/200) والميزان (9878) وتذكرة (35) وجرجان (154)
لم يكن في الباب غيرهما عن أيهما يكتب قال: لا يكتب عنه شيء وقال القواريري: لم يكن يحيى يرضاه ابن معين وليس بذاك، وفي رواية البرقي: ضعيف، وفي رواية عباس بشر بن حرب: أحبّ ألي من مائة مثل البكاء وذكره العقيلي في الضعفاء، وكذلك يعقوب بن سفيان وأثنى عليه لثناء أبو القاسم البلخي، وذكر عن محمد بن واسع أنه عص منه وقال أبو عبد الرحمن النسائي والأزدي: متروك الحديث، وقال علي بن الجنيد: هو مختلط، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: يروى/المعضلات عن الثقات لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن السمعاني: كان يروى المعضلات والمناكير، وذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء وأبا عمر بن فايد فرماه جماعة بالوضع منهم علي بن المديني، ولما رواه أبو القاسم في الأوسط خرج فيه عن عبد المنعم بن نعيم الرماحي قال ثنا يحيى فإن صحت هذه اللفظة يكون سمعه منه، وعنه- والله تعالى أعلم- الثاني: استغرابه حديث السُنَّة، وقد رواها علي بن أبي طالب عند الدارقطني من طريق عمرو بن سمر قال:" كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يأمرنا أن نرسل الأذان ونحدر الإقامة "(1) ولما ذكره في الأوسط قال: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن شمر إلا أبو معاوية، ولا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم نا مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبَي الزبير مؤذن بيت المقدس قال: جاءنا عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - فقال: " إذا أذنت فترسَّل، وإذا أقمت فاحدر "(2) . رواه الثوري وشعبة عن مرحوم، وثنا ابن أبي زرعة عن ابن أبي
(1) رواه الدارقطني (1/238) والإرواء (1/245) .
(2)
ضعيف. رواه الترمذي (ح/195) . وقال: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه ألا من هذا الوجه. والبيهقي (1/428) والحاكم (1/204) من طريق عمرو بن فائد الأسواري ثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر، فذكره، وقال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد، والباقون شيوخ البصرة، وهذه سنة غريبة، لا أعرف لها إسناد غير هذا، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال:(قال الدارقطني: عمرو بن فائد متروك،. والمشكاة (647) ونصب الراية (1/275) وتلخيص (1/200) والميزان (9878) وتذكرة (35) وجرجان (154) .
غريبة: قوله: " فاحدر"، بإسكان الحاء وضم الدال المهملتين، أمر من الفعل الثلاثي، يقال:
جعفر عن ابن عمر أنه كان يرتل في أذانه ويحدر الإِقامة وثنا مسعر عن عائشة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم: (كان إذا أقام المؤذن وهو يأكل لم يقم حتى يفرغ من طعامه) . (1) رواه أبو القاسم في الأوسط عن أحمد بن محمد بن صدقة ثنا أحمد بن سليمان الرحاوي ثنا معاوية بن هشام، نا سفيان عن هشام عن أبيه عنها وقال لم يروه عن سفيان إّلا معاوية، وحديث أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قال:" يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفسَا قدر ما يفرغ الأكل من طعامه على مهل، ويقضى المعتصر حاجته في مهل "(2) سأل/أبو طالب أبا عبد الله عنه وأنكره إنكارا شديدا، وقال معارك وبن عباد العبدي: يعني رواية عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة: لا أعرفه، وعبد الله بن سعيد أبو عباد منكر الحديث متروك الحديث، وقال البيهقي: وقد روى عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا وليس بمحفوظ، وفي زيادات عبد الله في المسند أخبرنا حفص بن عمر الرماني نا محمد بن راشد الضرير ثنا معارك بن عباد عن يحيى الباهلي عن ابن بنت أبي الجوزاء عن أبى بن كعب قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم لبلال:) اجعل بين آذانك وإقامتك قدر ما يقضى المعتصر حاجته ويفرغ الأكل من طعامه ((3)، وحديث سلمان أن النبي- صلي الله عليه وسلم - قال لبلال:" اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا حتى يقضى المتوضئ حاجته في مهل أو يفرغ الأكل من طعامه في مهل "(4) ذكره أبو الشيخ من حديث المعارك ابن
= حدر يحدر حدورَا، أي أسرع، من باب (نصر) قال القاضي أبو بكر بن العربي: " يسرع في الإِقامة لأنها افتتاح الصلاة وتقدمتها، لأِعلام من حضر في المصلى، فلذلك قال: فاحذر، يعني أسرع.
(1)
بنحوه. رواه البخاري (7/107) والطبراني في الأوسط (2/84، 90) والكنز (20055) وابن كثير (8/455) ومشكل (2/402) والمسير (9/167) وحبيب (1/51) .
(2)
ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد (2/4) من حديث أبي بن كعب، وعزاه إلى عبد الله بن أحمد من زيادته من رواية أبي الجوزاء عن أبي وأبو الجوزاء لم يسمع من أبي
(3)
انظر: الحاشية رقم (1) قبل السابقة، والسابقة.
(4)
صحيح. المغني عن حمل الأسفار (1/175) وعبد الله بن أحمد في " زيادات المسند "
عن يحيى بن أبي الفضل أحسبه عن سلمان، وفي السنن الكبير للبيهقي من حديث أبي النضر نحوه، وحكم عليه بأن سنده جيد. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حفص بن غياث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال:" كان آخر ما عهد إلى رسول الله " أن لا أتخذ مؤذنًا يأخذ على الأذان أجرًا " (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي حسن، وخرجه الحاكم من جهة حماد بن سلمة عن الحريري عن أبي العلاء عن مطرف بن عبد الله عنه أنه قال: " يا رسول الله اجعلني إمام قومي قال: أنت إمامهم واقتدى بأضعفهم واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا " (2) ثم قال هذا حديث صحيح على
= (5/143) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو "(2/141) وصححه الشيخ الألباني راجع الصحيحة (ح/887) . غريبة: قوله: " المعتصر، هنا هو الذي يحتاج إلى الغائط ليتأهّب للصلاة وهو من العصر، أو العصر هو الملجأ "
(1)
صحيح. رواه الترمذي (ح/209) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه (ح/714) والنسائي (1/109) إسناده صحيح. ورواه أحمد (4/217،21) كلّهم من طريق حماد بن سلمة عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عثمان بن أبي العاص.
وصححه الشيخ الألباني.
(2)
رواه الحاكم (1/99، 201) بأسانيد من طريق حماد بن سلمة وصححه. ووافقه الذهبي. ورواه ابن ماجه نحو هذا أيضا من طريق ابن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص. وهذه الروايات تؤيّد رواية الأشعث عن الحسن عن عثمان. ورواه أبو داود (ح/531) .
قال الشافعي في الأم (1/72) :) وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين، وليس للإِمام أن يرزقهم ولا واحدا منهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا، ممن له أمانة، إّلا أن يرزقهم من ماله. ولا أحسب أحدا ببلد كثير الأهل يعوذه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذّن متطوعا، فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا، ولا يرزقه ألا من خمس الخمس: سهم النبي- صلي الله عليه وسلم -، ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء، لأن لكله مالكا موصوفا. قال الشافعي: ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيئا، ويحل للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق، ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة (2/12 - 13) وأكثر علمائنا على جواز الإجارة على الأذان، وكرهها الشافعي وأبو حنيفة. وقال الأوزاعي: يجاعل عليه ولا يؤاجر، َ كأنه ألحقه بأجر المجهول. والصحيح جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة والقضاء وجميع الأعمال الدينية، فإن الخليفة يأخذ أجرته على هذا كله، وينيب في كل واحد منها، فيأخذ
شرط مسلم، ولم يخرجاه/ (إنما خرج مسلم) (1) حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن المسيب عن عثمان أن النبي- عليه السلام قال:" إذا أممت قومَا فخفف بهم الصلاة " الحديث، وسكت عنه الأشبيلي مصححا له وثبته ابن المنذر، ولفظ فضيل بن عياض عن أشعث بن سوار عن أبي الشيخ:" أخر ما عهد إلى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم أن قال: صلى بأصحابك صلاة أضعفهم فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة "(2) الحديث ولما ذكره الحميدي وابن أبي عمر العدني في مسندهما عن فضيل لم ينسباه، ولما صححه ابن حزم نسب أشعث أبي حمران وكأنه أشبه لضعف الأول وثقة هذا قال أبو الشيخ ثنا البغوي نا شيبان ثنا سلام بن مسكين عن يحيى البكاء قال سمعت رجلا قال لابن عمر:" إنى لأحبك في الله فقال له ابن عمر إنى لأبغضك في الله فقال سبحان الله أحبك في الله وتبغضني في الله. قال: نعم إنك لتسأل على أذانك أجرا "(3) زاد أبو نعيم وكان مؤذنا من مؤذني الكعبة، وفي كتاب الصحابة لأبي نعيم من طريق الليثي عن الحسن قال حدثنى خمسون صحابيًا أن النبي- عليه السلام نهى عن الإِقامة والأذان بأجر قال ابن حزم: وروينا عن وكيع نا المسعودي عن القاسم أن ابن مسعود
قال: (أربع لا يؤخذ عليهن أجر القرآن والأذان والقضاء والمقاسم) وقد جاء في حديث أنس عن النبي- عليه السلام: " أجر المعلمين والمؤذنين والأئمة حرام "(4) وفي حديث ابن عمر: نهى عليه السلام عن التعليم والأذان
= النائب أجره، كما يأخذ المستنيب. والأصل في ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم:" ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عاملي فهو صدقة،. قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/44) : " فقاس المؤذن على العامل، وهو قياس على مصادمة النص ".
(1)
صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/187) وابن ماجه (ح/988) وأحمد (4/22) والبيهقي (3/116) والمشكاة (1134) ونصب الراية (2/29) والكنز (20415) والحلية (100) والمنحة (627) .
(2)
لم أقف عليه.
(3)
قوله: (أجرا) وردت (بالأصل)(جزءاً) ، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.
(4)
موضوع. الموضوعات (1/229) والفوائد (277) .
والأجرة فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (1) . ولكنهما غير صحيحين حتى أن ابن الجوزي/بالغ حتى ذكرهما في كتاب الموضوعات. قال أبو محمد بن حزم قال تعالى: {لا تأكلوا أموَالَكم بينَكُم بِالبَاطِلِ إلا أن تكُونَ تجَارةً عن تَرَاض منكُم} (2) . وقال- عليه السلام: " إنَّ دماءكم وأموالكم عَليكم حرام "(3) فحرم تعالى أكل الأموال إلا بتجارة فكل مال حرام إلا ما أباحه نص أو إجماع متيقن، فلو لم يأت النهى عن أخذ الأجر على الأذان لكان حرامَا بهذه الجملة، ولا يعرف لابن عمر في هذه القصة مخالف، قال أكثر العلماء: وجاز أن يعطى على سبيل البر وهو قول أبي حنيفة وغيره، وقال مالك: لا بأس بذلك قال ابن المنذر، وقال الأوزاعي: ذلك مكروه. ولا بأس بأخذ الرزق على ذلك من بيت المال، وقال الشافعي: لا يرزق المؤذن إلا من خمس الخمس سهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال أبو بكر ويقول أبي حنيفة: أقول، وفي كتاب الخطابي: أخذ الأجرة على الأذان مكروه في مذاهب أكثر العلماء ومنع منه ابن راهوية. وقال الحسن: أخشى أن لا تكون صلاته خالصة لله تعالى، وفي مشكل أبي جعفر الطحاوي قد قال قائل في هذا الحديث يعني حديث عثمان ما يدل على جواز أخذ الأجر على الأذان. فكان جوابَا أنه قدر الأجرة، وقد تكون بالإجارات المعقودات قبل الوجوب التي تستلزم المستأجر والأجير، وقد تكوَن على المثوبات والتنويلات عليها لفاعلها، وقد جاء القرآن العزيز بالمعنيين جميعا فقال في الإجارات المعقودات قوله تعالى:{فإنْ أرضَعنَ لكُم فآتوهُن أُجُورهُن وأتمرُوا بَينَكُم بمَعرُوفٍ} (4) والائتمار لا يكون إلا عند الاختلاف فيما يقعد الإِجارات عليه، وأمَّا ما جاء بالأجر فيما سوى ذلك فقوله عز وجل: {قُلْ
(1) موضوع: الموضوعات، مصدر سابق.
(2)
سورة النساء آية: 29.
(3)
صحيح. رواه أحمد (3/313، 485، 4/86، 306، 5/30، 37، 412) والبيهقي (3/215، 5/8، 274) والطبراني (5/316، 716) وابن خزيمة (2809) والمجمع (3/271، 7،272/295) والحلية (4/343) . وصححه الشيخ الألباني.
(4)
سورة الطلاق آية: 6.
ما أسألُكُم عَلَيِه مِن أَجْر وَمَا أَنَا مِنَ المتُكَلفِينَ} (1) . وقوله تعالى: (قل ما
سألتكم من أجر/فهو لكم} (2) . فكان ذلك على المثوبات على الأفعال لا على عقود إجارات كانت قبلها فكان قوله- عليه السلام لعثمان ما قد
ذكرناه عنه في هذا الحديث قد يكون على الأجر الذي يجعل ثوابا، وهو بلا كما يفعل الناس بمن يفعل الأفعال الذي يحمدونه عليها من التأذين في مساجدهم وعمرانها، واللزوم لها فينسلوهم على ذلك ما ينال أمثالهم ليدونوا وتكون قوة لهم عليه لا بإجارات متقدِّمات على ذلك فيكون ذلك محمودا من فاعله، ويكون من لا يقبل ذلك بهم بعلمهم بالنسب الذي قصد من أجله بذلك أليم أفضل من فعله بأمر النبي- عليه الصلاة والسلام عثمان- رضي الله عنه أن تتخذ مؤذنا أفضل المؤذنين، وأعلاهم رتبة في الثواب على الأذان، وترك التعوض عليه شيئا من الدنيا، والقياس أيضا فيمنع من استحقاق الأجر بالإجارات على الأذان، وذلك أنا وجدنا الإِجارات يملك بها المستأجر المنافع التي بذل الأجرة عليها للأجير ملكا تبيّن به عن دونه، وكان الأذان وما أشبهه من هذه الأشياء غير مقدور على ذلك ألا يجور الإِجارات عليها- والله تعالى أعلم-. وتبع ذلك أن أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد بقوله هذا الذي قاله الطحاوي: قياس غير صحيح إذ ليس من شرط صحة الإِجارة، وجوازها اًن يملك المستأجر منافع الأجير التي استأجره عليها أصل ذلك إجماعهم على جواز الاستئجار على بناء المسجد، والإِجارة على الأذان جائزة
بظاهر قوله- صلي الله عليه وسلم -:) من استأجر أجيرا فليأجره بأجر معلوم ((3) ولم يخص أذانا من غيره. حدثنا أبو بكر/ابن أبي شيبة ثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن أبي إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال:) أمرني رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم أن أثوِّب في الفجر، ونهاني أن أثوِّب في العشاء ((4) هذا حديث قال فيه البزار: لا نعلمه رواه عن
(1) سورة ص آية: 86. (2) سورة سبأ آية: 47.
(3)
رواه البيهقي (6/120) ونصب الراية (4/1431) وإتحاف (5/459) .
(4)
بنحوه. رواه الترمذي (ح/198) من حديث بلال وقال: حديث بلال لا نعرفه الا من حديث أبي إسرائيل الملائي. وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة، قال:
الحكم إلا أبو إسرائيل، وقال البيهقي في المعرفة: حديث بلال منقطع، وقال أبو عيسى: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم يقال إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم وأبو إسرائيل ليس بذاك القوى، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه انتهى كلامهما. وفيه نظر من وجهين الأول: أبو إسرائيل المعصوب برأسه الجنابة، قال فيه الإِمام أحمد: يكتب حديثه، وقال ابن معين: صالح الحديث، وفي كتاب التاريخ للبصري عنه: لا بأس به، وفي كتاب الكني للدولابي عنه: ثقة، وفي سؤالات الأثرم قلت لأبي عبد الله أبو إسرائيل: يكتب حديثه، قال: نعم، وأمسك قال: قلت: روي عن الحكم عن ابن أبي ليلى هذا الحديث يعني التثويب قال: نعم، قلت لأبي عبد الله عن بهز: أنه حمل عليه، وزعم أنه تكلّم في عثمان فقال أبو عبد الله: الكوفيون، الآن ثم سكت، وقال أبو حاتم: حسن الحديث جيّد اللقاء، وقال أبو زرعة الرازي: كوفي صدوق، وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: أبو إسرائيل لم يكن يكذب، وحديثه ليس مثل حديث الشيعة، وليس فيه نكارة وحدّث عنه الثوري بحديث باليمن، وقال عمرو بن علي: ليس من أهل الكذب، ورواه
البزار بسند لا بأس به يصلح أن يكون شاهدا لحديث أبي إسرائيل بل هو أمتن منه وأسلم منه من الانقطاع، ومن ابن عمارة عن علي بن حرب الموصلي ثنا أبو مسعود/عبد الرحمن بن الحسن الزجاج ثنا أبو سعد عن ابن أبي ليلى عن بلال وقال: هذا الحديث لا نعلمه رواه عن أبي سعد إّلا أبو مسعود يعني الراوي عنه يحيى بن آدم ويحيى بن عبد الحميد الحمان وعبد الله بن عمر عن أبان وأبو هاشم محمد بن علي وإسحاق بن عبد الواحد ومحمد بن عبد الله بن عمار وابن راهويه ومحمد بن أسباط وغيرهم، وفيما ذكره أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس القاسم الأجدى في طبقات أهل الموصل، ولما ذكره الخالديان في تاريخهما أحسنا عليه الثناء، وقول أبي حاتم الرازي فيه: يكتب حديثه، ولا يحتج به ليس تصريحَا بضعفه، وأبو سعد البقال وثقة: أبو أسامة،
- إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة. قلت: وعلى هذا فالحديث ضعيفة.
وقال أبو زرعة: صدوق، والثاني: انقطاع ما بين عبد الرحمن وبلال نص على ذلك: ابن أبي حاتم عن أبيه، وأبيه أشار أيضًا البزار في مسنده، وقال البيهقي: هذا حديث مرسل ابن أبي ليلى لم يلق بلالا وأتبعه برواية يحيى بن جعفر عن علي بن عاصم أنبأ عطاء بن السائب ابن أبي ليلى عن بلال، وفي سؤالات مهتأ سألت يحيى وأبا خثيمة فقلت: ثنا أحمد ثنا علي بن عاصم فذكره فقالا ليس بصحيح، وقالا: ما روى هذا ثقة فقلت: قال لي أحمد هذا من السماع الدارشي على مضحكًا، وسألت أحمد عنه فقال: منكر، وفي سؤالات الميموني ثنا أحمد ثنا أبو قطن قال: ذكر لشعبة الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال الحديث فقال شعبة: لا والله ما ذكر أنّ ابن أبي ليلى ولا إسنادًا ضعيفًا قال أظن شعبة قال كنت أراه رواه عن عمران بن مسلم، وأما حديث سعيد بن المسيب عن بلال المذكور عند ابن ماجة بعد فمنقطع فيما بين سعيد وعنه، وقد وقع لهذا الحديث شواهد/غير ما أسلفناه، من ذلك: ما أنبأ به المسند المعمر أبو زكريا يحيى بن يوسف المقدسي- رحمه الله أنبأكم العلامة بهاء الدين المصري عن الحافظ الثغري أنبأ أبو رجاء الحلقاني أنبأ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي بن الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ثنا بن صبيح ثنا عبيد الله بن سعد ثنا عمى ثنا أبي عن ابن إسحاق، قال: ذكر الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد قال: جاء بلال ذات غداة إلى صلاة الفجر فقيل له: أنّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم نام فصرخ بأعلى صوته: " الصلاة خير من النوم" قال سعيد: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر، قال أبو الشيخ: وثنا عبدان نا محمد بن موسى الجرشي ثنا خلف الحراز يعني البكاء قال: قال ابن عمر: جاء بلال إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يؤذنه بصلاة الصبح ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أغفا فجاء بلال فقال: الصلاة خير من النوم فانتبه رسول الله صلي الله عليه وسلم:"أجعله في أذانك إذا أذنت لصلاة الصبح"(1) وثنا إبراهيم بن علي الهاشمي ثنا الزبير بن بكار ثنا
(1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/716) . في الزوائد: إسناده ثقات. ألا أن فيه انقطاعا.
عبد الله بن نافع عن معمر بن عبد الرحمن مولى قسيط عن ابن قسيط عن أبي هريرة أن النبي- صلي الله عليه وسلم -: " أمر بلالا أن يجعل في أذانه في الصبح الصلاة خير من النوم". وفي لفظ:) مروا أبا بكر يصلى بالناس ((1) . يعني في مرض موته- عليه الصلاة والسلام ولما خرجه الطبراني في الأوسط من حديث مروان بن ثوبان قاضى حمص ثنا النعمان بن المنذر عن الزهري عن سعيد عنه، قال: لم يروه عن الزهري عن سعيد عنه قال لم يروه/عن الزهري إلا النعمان، تفرد به مروان، قال أبو الشيخ: وثنا عامر بن إبراهيم بن عامر ثنا عمّى عن جدي ثنا عمرو بن صالح ثنا صالح بن أبي الأحضر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " جاء بلال إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يؤذِّنه بصلاة الصبح فوجده نائما. فقال: "الصلاة خير من النوم فأقرت في صلاة الصبح " وفي كتاب الصحيح لابن خزيمة من حديث أبي أسامة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: " من السنة إذا أذن المؤذِّن في أذان الفجر قال: "الصلاة خير من النوم" 2) ولما ذكره البيهقي في الكبير 3) قال: هذا إسناد صحيح، ولفظ الدارقطني:" الصلاة خير من النوم مرتين "(4)، وفي كتاب أبي نعيم الفضل بن دكن ثنا جعفر عن أشعث عن الحسن وهشام عن أبيه قال: جاء بلال إلى النبي- عليه السلام ليؤذِّنه
سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال. وصححه الشيخ الألباني
(1)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري
ومسلم في (الصلاة، ح/94، 95، 101) والترمذي) خ/3676) وصححه والنسائي (2/99) وابن ماجة (ح/1232، 1234، 1235) وأحمد (2/1314،44، 0/6،96،270136،229،2) والدارمي (1/39) والبيهقي وابن حبان (2174،367) وعبد الرزاق (9754) وابن خزيمة (1616) وابن أبي شيبة (330،2/329) وتغليق (10521) وأبو عوانة
(2)
بنحوه. رواة ابن ماجْة (ح/718) . ولفظه:) إذا أذن المؤذن فقولوا مثل قوله (.
(3)
إسناده صحيح. رواه البيهقي: (1/422) .
(4)
رواه أحمد (3/408، 409) والمجمع (1/303) والكنز (20957، 23149) وشرح السنة (2/262) والتاريخ الكبير (1/194) وأسرار (231) .
بالصلاة فوجده نائما فقال: "الصلاة خير من النوم فنزلت في صلاة الفجر" وثنا قيس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال:) كان بلال يثوب في الفجر ((1) وثنا شريك عن عمران بن مسلم عن سويديه، وفي سنن البيهقي الكبير من حديث نعيم بن النخام: ينادي منادي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: "الصلاة خير من النوم" وفي كتاب المعرفة من حديث حفص بن عمر بن سعيد القرط: أنه سمع من أهله أن بلالا نادى: "الصلاة خير من النوم فأقرت في تأذين الفجر" لم يزل الأمر على ذلك قال أبو بكر: هذا مرسل، والطريق إليه صحيحه، وفي ابن أبي ليلى قال ما أحدثوا بدعة أحب إلي من التثويب في الصلاة انتهى، ولئن صحَّ هذا عن ابن أبي ليلى أشكل على الحديث الأوَّل/لأنه هنا سمّاه بدعة، وهناك رواه حديثا وهما لا يجتمعان اللهم إلا أن يزيد بالتثويب ما ذكره أبو علي الطوسي عن إسحاق ابن راهوية: التثويب شيء أحدثه الناس بعد النبي- عليه الصلاة والسلام إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال: "بين الأذان والإقامة قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح"، قال ابن المنذر وهو قول النعمان، وقال محمد بن الحسن: كان التثويب الأوَّل بعد الأذان:) الصلاة خير من النوم (فأحدث النَّاس هذا التثويب، وهو اختيار علماء الكوفة، وهو حسن، ويوضحه ما ذكره أبو نعيم ثنا إسرائيل عن حكيم بن جبير عن عمران بن أبي الجعد قال سمع الأسود مؤذنا يقول: الصلاة خير من النوم بعدما أتمَّ فقال ويحك لا تزيدون في أذان الله شيئا، قال: إنى سمعت الناس يقولون: قال: فلا تقول، وفي قول ابن المنذر: وهو قول النعمان نظرة لما حكاه قاضى خان عن ابن شجاع عنه: التثويب الأول في نص الأذان، وهو:"الصلاة خير من النوم" مرتين، والثاني فيما بين الأذان والإقامة، وفي المحيط: محله في أذان الفجر بعد الفلاح، قال الطحاوي: وهو قول الَثلاثة وفي المحلي، وقال حسن بن جنى يثوب في العتمة ولا يقول به لأنه لم يأت في سنة.
(1) رواه الترمذي (ح/198) وتقدم من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال الترمذي: حديث بلال لا نعرفه ألا من حديث أبي إسرائيل الملائي. والتثويب: أن يقول المؤذن الصلاة خير من النوم.
انتهى. قد قدمنا أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وفي كتاب أبي الشيخ من حديث الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال، قال عليه السلام:"لا تثويب في شيء من الصلوات إلا الفجر "(1) وفي حديث يعقوب بن حميد ثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمار وعمر بن سعد بن عمر بن سعد عن أبي إبراهيم عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال: " أنه كان ينادى بالصبح فيقول: حي/على خير العمل فأمر رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل مكانها: الصلاة خير من النوم، وترك حي على خير العمل (2) ، قال البيهقي: وهذا اللفظ لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما علم بلالا وأبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه، وقال ابن حزم: وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم: حي على خير العمل، ولا يقول به لأنه لا يصح عن النبي- عليه السلام انتهى، الشارع صلى الله عليه وآله وسلم بيّن في نفس الحديث نسخة، فلا حاجة بنا إذًا إلى النظر في صحته، ولا ضعفه- والله تعالى أعلم- وفِي كتاب البيهقي: كان علي بن الحسين يقول ذلك في آذانه ويقول: هو الأذان الأوَّل، وزعم الشيرازي في مهذبه أن الشّافعي في الجديد كره التثويب قال: لأن أبا محذورة لم يحكه. انتهى، وهو مردود بما قدمناه صحيحًا من حديث أبي محذورة. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يعلى بن عبيد ثنا الإفريقي عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي قال: كنت مع النبي- صلى الله عليه وسلم في سفر فأمرني فأذّنت، فأراد بلال أن يقيم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إنّ أخا صدّاء أذّن ومن أذن هو يقيم " (3) هذا
(1) تقدم. رواه الترمذي (ح/198) والمشكاة (646) وشرح السنة (2/264) والإرواء (1/252) . (2) 1 لكنز: (23174) .
(3)
ضعيف. رواه أبو داود (ح/514) والترمذي (ح/199) وقال: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي. والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الأفريقي. قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يُقوى أمره، ويقول: هو مُقارب الحديث. وابن ماجه (ح/717) وتلخيص (1/209) والقرطبي. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه 152، والإرواء237
حديث قال فيه أبو عيسى: إنما نعرفه من حديث الإفريقي والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث، ضعيف عند أهل الحديث، وضعَّفه القطان وغيره، وقال أحمد: لا أكتب حديثه، ورأيت محمد بن إسماعيل يُقوِّي أمره ويقول: هو مقارب الحديث، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه، ولما ذكر أبو حاتم ابن حبان زياداً في كتاب الصحابة، وصفه بالمتابعة، ثم قال: إلا أنَّ الإفريقي في إسناد خبره، وقال الحافظ أبو العرب في كتاب الطبقات/إن سفيان الثوري قال: لم يرفع هذا الحديث أحد غير ابن زياد، وذكره عبد الرازق عن زياد، وفيه:"فأذّنت على راحلتي " قال: وفيه أيضَا الإفريقي، ولما ذكره أبو عمر بن عبد البرّ في الاستذكار قال هذا حديث تفرد به الإفريقي، وليس بحجة عندهم وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعد الكوفي في كتاب التفرد: إنّ أهل مصر تفردوا به، وكذا ذكره أبو داود في كتاب التفرد، وقال الخزرجي في كتابه تقريب المدارك وذكره في إسناد الإفريقي وهو ضعيف متفق على ضعفه وأشار البيهقي في المعرفة إلى عدم ثبوته، وقال أبو محمد بن حزم: وجائز أن يقيم غير الذي أذّن لأنه لم يأت عن ذلك نهى يصح، والأثر المروي:) من أذّن يقيم (إنّما جاء من طريق الإفريقي وهو هالك انتهى. أما من زعم أنه حديث تفرّد به الإفريقي، فيشبه أن يكون وهما، وكذا قال: تفرد به أهل مصر، كما ذكره الحافظ أبو منصور، ومحمد بن سعد بن محمد بن سعد البارودي في كتاب الصحابة- تأليفه- حدثنى إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم بن أبي داود، ثنا محمد بن عيسى بن جابر الرشيدي قال وحديث في كتاب أبي بخط يده عن عبد الله بن سليمان عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم الحضري عن زياد الصدائي، فذكره مطوَّلا، ولما ذكره العسكري في كتاب الصحابة: ثنا علي بن الحسين ثنا علي بن عبيد العسكري ثنا أيوب بن سليمان ثنا مبارك بن فضالة عن عبد الغفار بن ميسرة عن رجل عن زياد الصدائي، فذكره مختصرَا: " إنّما يقيم من أذن" (1) وفي قول ابن حبان إّلا أن في إسناد خبره- يعني خبر
والمشكاة 648، والضعيفة 35، وضعيف أبي داود 82.
(1)
ضعيف. رواه البيهقي (1/399) وابن أبي شيبة (1/116) والطبراني (12/435)
صحبة الإفريقي- نظر لما أسلفناه، ولما ذكره أيضا الحافظ أبو نعيم في كتاب الصحابة: ثنا محمد/ابن علي بن حبيش ثنا محمد بن القاسم بن هاشم ثنا أبي ثنا قريش بن عطاء ثنا سفيان الثوري عن أبيه عن جدّه عن زياد بن الحارث الصدائي قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: "من طلب العلم تكفّل الله برزقه"(1) وأما قول ابن الحصَّار، وهو يعني الإفريقي: متَّفق على ضعفه، ففيه نظر، لما أسلفناه قبل من تقوية البخاري أمره، ومن السيب الموجب للكلام فيه وبيان فساده، وأنه صادق فيما أدّعاه من روايته عن مسلم بن بشار، وقال أبو الحسن بن القطان: ومن الناس من يوثّقه ويرمى به عن حضيض ردّ الرواية، وقال الخليل في الإِرشاد: منهم من يضعّفه، ومنهم من يليّنه وذكر الحافظ أبو عمر المنتجيلي في تاريخه: أنّ ابن معين قال: لا بأس به، وذكر أحمد بن محمد بن متم في كتاب طبقات أهل إفريقية أنَّ سحنون وثّقه، وكذلك قال أحمد بن صالح العجلي الحافظ في تاريخه، وزاد: وينكر على من تكلَّم فيه، وأما قول الحازمي هذا حديث حسن- يعني حديث الصدائي هذا- فعمدته تخريج أبي داود له من غير أن يتبعه كلاما، وخرجه
الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن قديد في كتاب الصحابة مطولا، وفيه:
"تفجَّر الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم"(2) وقال المقدسي: هو خبر مشهور، وفي الباب غير ما حديث، خلافا لقول أبي عيسى، وفي الباب حديث ابن عمر، يعني بذلك ما رواه أبو الشيخ عن إبراهيم ثنا علي العمري، ثنا معلي بن مهدي. ثنا سعيد بن راشد عن عطاء عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"إنما يقيم من يؤذن "(3) قال مهنأ: سألت أبا عبد الله عنه فقال: ليس
بصحيح" قلت: لم قال من سعيد بن راشد وضعف حديثه، وفي كتاب العلل للخلال/أنَّ ابن معين قال: سعيد السماك الذي يروي: "من أذَّن فهو يقيم "
والمجمع (2/3) وعزاه إليه في "الكبير" وفيه سعيد بن راشد السماك، وهو ضعيف.
(1)
ضعيف. إتحاف (1/78) والمنثور (3/313) والكنز (28701) وآمالي الشجري (1/60)
والخطيب في تاريخه، (3/180) . (2) الحاشية قبل السابقة.
(3)
صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، ح/4، 5) والنسائي في "الطهارة" باب (6) والدارمي في (المقدمة، باب (5) ومالك في "الطهارة"(ح/32) وأحمد (3/132) .
ليس بشيء، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث قال: هذا حديث منكر، وسعيد متروك الحديث، وبنحوه قاله ابن عدى في كامله، وقال البيهقي في الكبير: تفرد به سعيد، وهو ضعيف، وقال في موضع آخر: وذكر حديث الصدائي وله شاهد من حديث ابن عمر وفي إسناده ضعف، وحديث عبد الله بن عباس قال: عليه الصلاة والسلام: "من أذّن فهو الذي يقيم " رواه أبو أحمد في كامله (1) من حديث محمد بن الفضل بن عطية عن مقاتل بن حبان عن عطاء عنه وقال هذا من هذه الطريق برواية محمد بن الفضل، وهو متروك الحديث، وحديث حيان بن بح ذكر أبو سعيد بن يونس في تاريخه أنه مثل حديث زياد بن الحارث، وقال البيهقي وله شاهد بسند صحيح عن عبد العزيز بن رفيع قال: رأيت أبا محذورة جاء وقد أذّن اثنان قبله، فأذّن ثم أقام، وقد ورد حديث يعارض هذا، ذكره أبو داود في سننه عن عثمان بن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد ثنا محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله، عن عمه عبد الله بن زيد، فذكر حديث رؤيا الأذان، وفيه قال عبد: أنا رأيته وأنا كنت أريده قال فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: (فأقم أنت)(2)، وثنا عبد الله بن عمر القواريري ثنا بن مهدى ثنا محمد بن عمرو سمعت عبد الله بن محمد شيخ من أهل المدينة قال: " كان جدي عبد الله بن زيد بهذا الخبر، قال: فأقام جدي، قال ابن عبد البر هذا أحسن إسنادًا من حديث الإفريقي، ومن جهة النظر ليست الإِقامة مضمنة بالأذان فجائز أن يتولاها غير متولى الأذان، وقد أسلفنا/حديث عبد الله بن زيد أخي عبد الله أول من عند أبي موسى، ولما ذكره البيهقي في كتاب المعرفة قال: في إسناده ومتنه اختلاف وأنه كان في أول ما شرع الأذان، وحديث الصدائي بعد، وقال في الكبير: إن البخاري قال: فيه نظر، قال: وكان أميركم أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يضعف هذا الحديث، قال البيهقي: ولو صحّ هذا وحديث الصدائي كان الحكم بحديث الصدائي لكونه بعد هذا- والله تعالى أعلم-، وقال الحازمي: هذا
(1) ضعيف جدا. رواه ابن عدي في " الكامل"(6/2173) .
(2)
حسن. رواه أبو داود في: 2- "كتاب الصلاة" 29- باب في الرجل يُؤذن ويقيم (ح/512) .
حديث حسن، وفي إسناده مقال، وحديث الصدائي أقوم إسنادَا منه، وقال أبو محمد عبد الحق: إقامة عبد الله بن زيد ليست تجيء من وجه قوى فيما أعلم، قال أبو الحسن بن القطان: علّة هذا الخبر ضعف محمد بن عمرو الواقفي، وأنه لا يساوى شيئًا، وعبد الله بن محمد الذي اضطرب فيه. فقيل: محمد بن عبد الله: وكلاهما لا يعرف حاله. انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه: الأول: عبد الله بن محمد غير مجهول لرواية أبي العميس عتبة بن عبد الله ومحمد ابن سيرين ومحمد بن عمرو الأنصاري عنه، ولذكر ابن حبّان له في كتاب الثقات، الثَّاني تفسيره محمد بن عمرو الراوي عنه بالوافقي وهو بصري، وزعم غير واحد منهم ابن سرور بأنّ الراوي لهذا الحديث شيخ مدني، يدلّ أنه غير الواقفي، الثالث: إعراضه عن علّة في هذا الحديث قادحة، وهي انقطاع ما بين عبد الله بن محمد وبين جدّه فإنّ ابن حبّان وأبا حاتم الرازي وصفاه بالرواية عن أبيه عن جدّه، ولم يتعرّض أحد لسماعه من جدّه فيما أعلم فصار الحديث لهذا منقطعًا، وذكره أبو الشيخ من حديث محمد بن عبيد الله عن الحكم عن مقسم عن ابن/عباس:" أوَّل من أذّن في الإِسلام بلال، وأوَّل من أقام عبد الله بن زيد" الحديث، وأمّا قول الحارثي فتناقضه ظاهر- والله تعالى أعلم- وفي حديث شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: قال عليه السلام: (المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإِقامة)(1) وبنحوه حديث المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الَفضل عن أبي الجوزاء عن ابن عمر، ذكرها أبو الشيخ، وقال البيهقي حديث أبي هريرة ليس بمحفوظ، وفيهما ترجيح لحديث عبد الله بن زيد، وفي صحيح ابن خزيمة (2) من حديث ابن عمر أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال:(إن بلالا يؤذِّن بليل فكلوا)
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد"(2/2) من حديث أبي أمامة وعزاه إلى أحمد، والطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون.
(2)
صحيح. رواه ابن خزيمة (403،401، 424) والبخاري ومسلم في (الصيام)(ح/36-38) والترمذي (203) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (2/10) وأحمد والبيهقي (1/380، 427،382، 429) والطبراني (5/135، 102، 277، 370) الحميدي (611) وابن أبي شيبة (3/9، 11) والشافعي (20) ، وصححه الشيخ الألباني.
"واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم" وفي حديث ابن مسعود عنده: قال عليه السلام: "الا يمنعن أحد منكم أذان بلال عن سحوره، فأنه يؤذن- أو ينادى- ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم"(1) وفي حديث عائشة أن النبي- عليه السلام قال: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم)(2) ولم يكن بينهما إلا قدر ما يرقى هذا وينزل هذا، وفي حديث أنيسة بنت حبيب: قال عليه السلام: (إذا أذّن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا، فإن كانت المرأة منَّا ليبقى عليها شيء من سحورها فتقول لبلال أمهل حتى أفرغ من سحوري" (3) . قال الإِمام أبو بكر هذا خبر اختلف فيه حبيب بن عبد الرحمن، رواه شعبة عنه عن عمَّته أنيسة، فقال:"إنّ ابن أم مكتوم أو بلال ينادى بليل " فخبر أنيسة فقال: "أن ابن أم مكتوم- أو بلال- ينادى بليل" فخبر أنيسة قد اختلفوا فيه في هذه اللفظة، ولكن قد روى الدراوردي عن هشام عن أبيه عن عائشة مثل/خبر منصور بن زادان في هذه اللفظة:"إن ابن أم مكتوم ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن بلال" وكان بلال لا يؤذِّن حتى يرى الفجر، وروى شبيها بهذا المعنى أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة قال: قلت لها أي ساعة توترين قالت: ما أوتر حتى يؤذنوا، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، قال عليه السلام:) إذا أذَّن عمرو فكلوا اشربوا، فإذا أذَّن بلال فارفعوا أيديكم، فإن بلال لا يؤذِّن حتى يصبح" (4)، قال: ولكن خبر أبي إسحاق فيه نظر لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود فأما خبر هشام بن عروة
(1) صحيح. رواه البخاري (1/160، 7/67، 9/107) وأبو داود (2347) وابن ماجه
(1691)
وأحمد والبيهقي (4/218) وابن أبي شيبة (3/9) وابن خزيمة
(402)
وأبو عوانة (1/373) .
(2)
تقدم الحاشية السابقة.
(3)
صحيح. رواه النسائي (2/11) وأحمد (6/433) وابن خزيمة (404) ونصب الراية (1/209) وابن حبان (7 ول) والكنز (23987) والمجمع (3/154) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير" ورجاله رجال الصحيح. قلت: وبعض هذه الروايات وردت مختصرة إلى قوله: "فلا تأكلوا ولا تشربوا".
(4)
رواه أحمد (6/158، 186) وابن خزيمة (407) .
فصحيح من جهة النقل، وليس هذا الخبر يضاد خبر سالم عن ابن عمر، وخبر القاسم عن عائشة إذ جائز أن النبي- عليه السلام قد كان جعل الأذان بالليل نوبتين بين بلال وبن ابن أم مكتوم فأمر بلالا أن يؤذن أولا بالليل، فإذا نزل بلال صعد عمرو فأذن بعده بالنَّهار، فإذا جاءت نوبة عمرو بدأ ابن أم مكتوم فأذَّن بالليل، فإذا نزل صعد بلال بعده بالنهار، وكان يقال للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم: إن بلال يؤذن بليل في الوقت الذي كانت النوبة لبلال في الأذان بالليل، فقال عليه السلام:(إنّ ابن أم مكتوم يؤذن بليل ما وفي الوقت الذي كانت النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم فكان عليه الصلاة والسلام يعلم الثاني في كلا الوقتين أن أذان الأوّل منهما هو أذان بليل لا بنهار وان أذان الثاني بالنهار لا بالليل فأقر خبر الأسود عن عائشة: " وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، فإن له معنيين أحدهما: لا يؤذن جميعهم حتى يطلع الفجر لا أنه لا يؤذن أحد منهم لا تراه قد قال في الخبر:) إذا أذّن عمرو فكلوا واشربوا فلو كان/عمرو لا يؤذن حتى يطلع الفجر لكان الأكل والشرب على الصائم بعد أذان عمرو محرمين والمعنى الثاني: أن تكون عائشة أرادت حتى يطلع الفجر الأوّل فيؤذَّن الثاني منهم بعد طلوع الفجر الأوّل لا قبله، وهو الوقت الذي يحل فيه الطعم والشرب- والله تعالى أعلم- وفي كتاب البيهقي عن أبي عبد الله أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: فإن صحت رواية أنيسة فقد يجوز أن يكون الأذان نوبا بينهما، وهذا حديث صحيح وإن لم يصح فقد صحّ خبر ابن عمر وابن مسعود وسمرة وعائشة:(أنَّ بلالا كان يؤذِّن بليل) وصحح ابن حبان الحديثين، وقال: " رسول الله صلي الله عليه وسلم قد جعل الأذان بينهما نوبا إلى آخره واستدرك ذلك عليه الحافظ ضياء الدين في كتاب العلل بأنّ ابن خزيمة شيخه إنّما قال هذا من باب الجواز لا النقل، ولقائل أن يقول لعلّ (1) ابن حبّان ظفر في هذا ينقل ما يظفر به غيره، فلا يحسن ألا يراد عليه- والله تعالى أعلم- اللهم إلا لو عزى ذلك لابن خزيمة فحسن، وسيأتي هذا- إن شاء الله تعالى- بمزيد بيان في كتاب
(1) قوله:"لعل" وردت "بالأصل""أن" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
الصوم، وقد ذهب أبو حنيفة أنه لا يؤذِّن لصلاة قبل دخول وقتها، وتعاد في الوقت مستدلا بحديث حمد بن سلمة من عند أبي داود عن أيوب عن نافع عن ابن عمر:(أن بلالا أذّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي- صلى الله عليه وآله وسلم اًن يرجع فينادى ألا إن العبد نام فرجع فنادى: إن العبد نام)(1)
قال أبو داود: ولم يروه عن أيوب إّلا عمار، وذكر أبو حاتم الرازي لأنه خطاً، وذكر المروزي أنه قال في الدنيا: أحد روى هذا الحديث، وكان يذكر غلط حماد هذا ويضعفه، وقال الدارقطني: أخطأ فيه حمَّاد وتابعه سعيد بن يزيد (2) ، وهو/ضعيف، والصحيح: أيوب عن ابن سيرين وحميد بن هلال أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لبلال هذا الكلام، وذكر الترمذي عن علي بن المديني أنه قال: حديث حماد بن سلمة- يعني هذا- غير محفوظ، وأخطأ فيه. انتهى، وبيان خطئه من وجوه الأوّل: رواية أبي داود عن أيوب بن منصور ثنا شيب بن حرب عن عبد العزير بن أبي داود أنبأ رافع عن مؤذِّن لعمر يقال له مشروح: أنه أذن قبل الصبح فأمره عمر
…
فذكره، قال الزبيدي: وهذا لا يصح لأنه منقطع فيما بين نافع وعمر، قال أبو داود: ورواه حماد بن زيد عن
عبد الله بن عمر عن نافع- أوغيره- أن مؤذّنا لعمر ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن يقال له مسعود، وهذا أصح من ذلك ولذا قاله الرازي في كتاب العلل، الثاني: المعارضة التي أشار إليها أبو عيسى بقوله: الصحيح رواية عبيد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر والزهري عن سالم عن ابن عمر اًن النبيء صلي الله عليه وسلم قال: " إن بلالا يؤذِّن بالليل " قال: ولو كان حديث حماد بن سلمة صحيحا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال عليه السلام: إن بلالا يؤذن بليل " وإنّما أمرهم فيما يستقبل فقال: إن بلالا يؤذِّن بليل، ولو أمره بإعادة الأذان حين أذّن حين طلوع الفجر لم يقل: إنّ بلالا يؤذّن بليل، وذكره ان بو حاتم الرازي بنحوه، وقال الأثرم:
خلط حيث جاء فإنه خطأ به، وإنما أصل الحديث عن نافع عن ابن عمر: أنَّ
(1) ضعيف. رواه أبو داود في: الصلاة (ح/532) . قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب ألا حماد بن سلمة.
(2)
قوله: 5 نريد، غير واضحة بالأصل، وكذا أثبتناه.
مؤذنا لعمر أذّن بليل، وفي الخلافيات: لما طعن حماد بن سلمة في السن ساء حفظه. فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأمّا مسلم ذاته اجتهد وأخرج من أحاديثه/عن ثابت ما سمع منه قبل بغيره، وما سوى حديثه عن غير ثابت لا يبلغ أكثر من اثنى عشر حديثا أخرجها في الشواهد، وإذا كان الأمر على هذا الاحتياط، لمن راقب الله تعالى أن لا يحتج بما يجد في حديثه ما يخالف الثقات، وهذا من جملتها. انتهى، وقد روى الدارقطني في سننه ما يصلح أن يكون شاهدا لحديث حماد وفيه ضعف من حديث أبي يوسف القاضي عن ابن أبي رؤبة عن قتادة عن أنس: أن بّلال أذّن قبل الفجر، فذكره، قال أبو الحسن: أرسله غير أبي يوسف عن سعيد عن قتادة، والمرسل أصح، وما رواه محمد بن القاسم الأسدي أنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس قال: أذَّن بلال فأمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يعيد، وقال محمد بن القاسم: ضعيف جدا، وما
رواه أبو داود (1) من حديث ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن امرأة النجار قالت: " كان بيتي من أطول البيوت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطّى ثم قال: اللهم إنى أحمدك، قال ابن القطان أثره الصحيح الذي لا اختلاف فيه أن بلال يؤذن بالليل، وصحح ابن القطان هذا الحديث، قال: ولا تعارض بينهما إّلا بتقدير أن يكون قوله:"إنّ بلالا يؤذن بالليل في سائر العام" وليس كذلك، أّنما كان في وقتين، يؤيّده في الحديث: " فكلوا واشربوا" (2) والذي يقال في هذا الخبر: أنه حسن، وما رواه الزهري عند الدارقطني عن عبد الرزاق عن عمر عن أيوب قال:"أذنّ بلال مرة بالليل " ثم ما رواه عبد العزيز بن أبي روَّاد عن نافع عن ابن عمر. " أنّ بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلي الله عليه وسلم" الحديث، قال أبو الحسن/: وهم فيه عامر بن مدرك عن عبد العزيز، والصواب: عن شعيب بن حرب بن عبد العزيز عن
(1) حسن. رواه أبو داود في: الصلاة، (ح/519) .
(2)
حسن. رواه أبو داود في: الصلاة، (ح/532) .
قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب ألا حماد بن سلمي.
نافع عن مؤذِّن عمر من قوله، وما رواه عن جهة حميد بن هلال مرسلا بسند صحيح ان بلالا أذن ليلة بسحر وقال البيهقي في الخلافيات: رواه إسماعيل بن مسلم عن حميد عن أبي قتادة، وحميد لم يلق أبا قتادة فهو مرسل بكل حال، وما رواه أبو داود من حديث جعفر بن ثوبان عن شدّاد مولى عياض بن عامر بن بلال عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:" لا تؤذِّن حتى يستبين لك الفجر"(1) رواه الثوري عن جعفر، ومن جهة أخرجه ابن منده، ورواه سفيان عن وكيع عن أبيه جعفر، واعترض الأثرم بأن إسناده مجهول منقطع، يعني ابن شداد لم يدرك بلالا فيما قاله أبو داود، وما رواه البيهقي من طريق الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال:"أمرني النبي- عليه السلام ألا أؤذِّن حتى يطلع الفجر"(2) وابن عمارة متروك، وما رواه ابن هارون وابن حجاج عن عطاء عن أبي محذورة أنه:(كان لا يؤذن للنبي صلي الله عليه وسلم حتى يطلع الفجر " قال الأثرم حديث ضعيف، وما رواه البيهقي من جهة أبي بكر النيسابوري: نا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن ابن أبي داود عن نافع عن ابن عمر أن بلالا قال له النبي صلي الله عليه وسلم "ما حملك على ذلك، قال: استيقظت وظننت أن الفجر طلع " (3)، ولما ذكر أبو حاتم هذا في علله لم يقل إثره ألا: ابن أبي محذورة شيخ، وما رواه الطحاوي من حديث محمد بن بشر عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس يرفعه:"لا يغرنكم أذان بلال/فإن في بصره شيئًا"(4) قال الطحاوي فأخبر في هذا الإِسناد أنه كان يؤذن بطلوع ما يرى أنه الفجر، وليس في الحقيقة بفجر، قال وقد روينا عن عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " إن بلالا يؤذِّن بليل، وقد روى عن السلف ما يوافق هذا، والله- سبحانه وتعالى أعلم.
(1) ضعيف.. رواه أبو داود (ح/534) وتلخيص (1/179) والكنز (20975) ، إسناده منقطع. (2) ضعيف. رواه البيهقي (1/384) والطبراني (1/352) وابن سلط شيبة (1/214) والكنز (23175) . (3) نصب الراية (1/289) .
(4)
نصب الراية (1/284، 288) والطبراني في " الكبير"(7/285) .
115- باب ما يقال إذا أذّن المؤذن
حدثنا أبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس ثنا عبد الله بن
رجاء المكي عن عبد الرحمن بن إسحاق ن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم -:) إذا أذن المؤذن فقولوا مثل قوله ((1) هذا حديث قال فيه الآجري: سمعت أبا داود يقول: سأل أحمد بن صالح عنه فقال: الحديث حديث عطاء عن أبي سعيد، ولما ذكره الترمذي قال: ورواه مالك عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد، وقال البزار: هو الصواب، وزعم أبو أحمد بن عدي ان عبد الرحمن بن إسحاق لم يضبط، وقال بن عساكر: رواه غير عبد الرحمن عن الزهري عن عطاء وهو المحفوظ، ولما سئل أبو حاتم عنه قال: قد اتفق ثقتان على عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه وهو أشبه، وقال أبو علي الطوسي: روى عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري
هذا الحديث عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم، ورواية مالك أصح يعنون بذلك عصب الجناية برأس ابن إسحاق المعروف بعباد القرشي العامري/مولى ابن عامر بن لؤي المدني، ويقال: الثقفي نزيل البصرة الراوي عنه جماعة منهم ابن علية، وبشر بن المفضل، ويزيد بن زريع، وحماد بن سلمة وخالد البطحان، ومسلم بن خالد، وابن طهمان، وهو وإن كان أحمد بن حنبل قد قال فيه: يروى عن أبي الزناد أحاديث منكرة ليس به بأس، قال أبو طالب: فقلت له: أنَّ يحيى بن سعيد قال: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه فسكت، وقال العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي، وفي كتاب العقيلي: كان القطّان لا يستمرؤه، وقال ابن عدي: في حديثه بعض ما ينكر ولا يتابع عليه، والأَكثر عنه صحاح وهو صالح الحديث، فقد قال فيه ابن
(1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/718) . في الزوائد: إسناد أبي هريرة معلوم ومحفوظ عن الزهرية عن عطاء عن أي سعيد. كما أخرجه الأئمة الستة في كتبهم. ورواه أحمد في مسنده من حديث علي وألا رافع. والبحار في مسنده من حدث أنس
وصححه الشيخ الألبان.
سعد: هو أثبت من عبد الرحمن أبي شيبة في الحديث، وقال المروزي: قلت لأبي عبد الله: يا عبد الرحمن بن إسحاق كيف هو؟ قال: أمّا ما كتبنا من حديثه فصحيح، وفي رواية الميموني عنه: صالح، وفي رواية ابن زنجويه: مقبول، وفي كتاب العقيلي: ليس به بأس، وفي كتاب الألقاب للشيرازي، قال أبو عبد الله بن حفص بن عمرو الدارمي: عبّاد حسن الحديث، وقال البخاري: هو مقارب الحديث، وقال يزيد بن زريع: ما جاء من المدينة احفظ منه، وقال يحيى بن معين: صالح الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: ليس به بأس، وقال ابن خزيمة: لا بأس به، وخرج أبو الحسين حديثه: في صحيحه على سبيل الاحتجاج نص على ذلك عبد الغنى وغير ذلك في الطب والألكائي والحبال خلافاً لقول الحاكم لم يحتجا ولا واحد منهما به، ثم خرج حديثه وصححه، وقال في المدخل خرجا له في الشواهد وهو شيء لم أره لغيره، وقال/الساجي: هو مدني صدوق، وذكره البستي في كتاب الثقات، وقال أبو الفرح البغدادي: رواياته لا بأس بها، وصحّح له أبو عيسى غير ما حديث ثم أنا أردنا أن نعرّف السبب الموجب لعدم حمد أهل المدينة له فوجدناه مُتهمًا بالقدر من غير دعاء إليه، قال علي بن المديني فيما حكاه اللالكائي: سمعت ابن عيينة يسأل عن عباد بن إسحاق فقال: كان قدريًا فنفاه أهل المدينة، فحدّثنا مهنأ مقتل الوليد فلم يجالسه، وقالوا: أنه قد سمع الحديث فلما وقفنا على السبب وجدناه غير مؤثر في العدالة لاسيّما ما ذكرناه ولا أنه لم يذم بقادح
ولا معضل، وأن غاية من تكلم فيه جاء عنه خلاف ذلك، إمّا في رواية
أخرى أو في نفس الكلام، وأنه ممن يحتمل التفرد لحفظه وإتقانه، وقد وجدنا لحديثه شاهد ذكره البستي من حديث بكير بن الأشج عن علي بن خالد الذهلي عن النصر بن سفيان الدوقي سمع أبا هريرة يقول: كنّا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فقام بلال ينادى فلما سكت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قال مثل هذا يقينًا، دخل الجنة"(1) وخرجه الحاكم، وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه
(1) صحيح. رواه النسائي (2/24) والحاكم (1/204) وقال: صحيح الإِسناد ولم-
هكذا، وفي كتاب الدعاء للطبراني (1) من حديث ابن أبي فديك عن هارون عن الأعرج عنه قال- عليه السلام:"من الجفاء أن يسمع المؤذِّن ولا يقول مثل ما يقول" وفي كتاب أبي الشيخ عن إبراهيم بن محمد بن الحسن عن أحمد بن الوليد عن ابن أبي فديك عن هارون بن أبي هارون التيمي عن الأعرج عنه مرفوعا:) أربع من الجفاء أن يبول الرجل قائمًا أو يكثر فتح/جنبيه قبل أن يفرغ من صلاته أو يسمع المؤذن يؤذن فلا يقول مثل ما يقول أو يصلى ليستقبل من يقطع صلاته" (2) . يعني الطريق، ومن حديث محمد بن عون الحمصي وعصام بن خالد نا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عطاء بن مرة عن عبد الله بن حمزة عن أبي هريرة قال: كان مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم رجلين أحدهما لا يكاد يفارقه ولا يعرف له كثير عمل فيه، وأما الآخر فمات فقال- عليه الصلاة والسلام لأصحابه:(هل علمتم أن الله تعالى أدخل فلانا الجنة، قال: فعجب القوم لأنه كان لا يكاد يرى فقام بعضهم إلى امرأته فسألها عن عمله فقالت: ما كان في ليل ولا نهار يسمع المؤذِّن يقول أشهد أن لا إله إلا الله إلا قال مثل قوله ثم قال: أقرّ بها واكفر من أبي، وإذا قال أشهد أن محمدًا رسول الله قال مثل هذا فقال الرجل بهذا دخل الجنة)(3) وفي كتاب الفضائل لابن زنجويه من حديث الأفريقي عن سلمان الشعباني عن عثمان الأصبحي أنه قال: للمؤذن على من حضر معه الصلاة بأذانه عشرون ومائة حسنة، فإن أقام فأربعون غالب، الأمر قال مثل ما يقول: حدثنا شجاع بن مخلد أبو الفضل ثنا هشيم أنبأ ابن بشر عن أبي مليح بن أسامة عن عبد الله ابن عتبة بن أبي سفيان حدثتني عمتي أم حبيبة
يخرجاه والمشكاة (676) والكنز (1007، 23266) والتاريخ الكبير (8/87) والترغيب (1/180) .
(1)
انظر: كتاب الدعاء للطبراني.
(2)
رواه البيهقي (2/86) والتاريخ الكبير (3/496) وابن عدي في الكامل، (7/2586) والكنز (43971) .
(3)
الكنز (23267) والحلية (10/28) .
أنها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إذا كان عندها في يومها وليلتها فسمع المؤذن فقال كما يقول المؤذن" هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه بلفظ: (كان يقول كما يقول المؤذن حين يسكت)(1) وقال فيه أبو عبد الله بن البيع: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه/وله شاهد بإسناد صحيح، وفي كلامه نظر من حيث (2) أن عبد الله بن عتبة لم يخرجاه له ولا واحد منهما، ولا يعرف له راويَا غير أبي المليح ورواه النسائي، وابن أبي شيبة في مسنده من حديث أبي المليح عنها بغير واسطة، والأول الصواب، وفي مسند السراج كما يقول المؤذِّن ثم يسكت وفي كتاب أبي الشيخ ابن حبان حتى يفرغ المؤذِّن. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ثنا زيد بن الحباب عن مالك بن أنس عن الزهري عن عطاء ابن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن"(3) هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم من حديث مالك، وفي كتاب الذخيرة أنّ المغيرة بن تغلاب رواه عن مالك وزاد في إسناده سعيد بن المسيب مقرونَا بعطاء قال ابن عدي وذكر سعيد مْي هذا الإِسناد غريب لا أعلم يرويه مالك غير مغيرة وهو ضعيف، وفي التمهيد ورواه مسدّد عن يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد عن النبي صلي الله عليه وسلم قال أبو عمرو: ذلك خطأ من كل من رواه بهذا الإِسناد عن مسدد أو غيره، وفي كتاب الأطراف لأبي العباس أحمد بن محمد بن عيسى الداني الحافظ ورواه عمرو بن مرزوق عن مالك عن الزهري عن أنس وذلك وهم، وذكر الدارقطني في كتاب الموطأ: أنّ لفظ عبد الرزاق عن مالك فقولوا مثل ما يقول
(1) انظر فتح الباري. قلت: وهذا حديث صحيح الإسناد.
(2)
قوله: "حيث" وردت "بالأصل" حديث، وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
(3)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/159) ومسلم (الصلاة، ح/10) وأبو داود (ح/522، 523) والترمذي صح/208) والنسائي (2/23) وأحمد (3/6، 78) والبيهقي (1/408) وعبد الرزاق (1842) وشرح السنة (2/283) والموطأ (67) والتاريخ الكبير (1/294) والحلية (3/378) والتمهيد (10/134) .
المنادى وقال ابن مهدى وابن المبارك: كما يقول المؤذن، وقال عثمان بن عمر: مثل ما يقول المنادى، وقال محمد بن مصعب: من سمع المؤذِّن أو المنادى فليقل مثل ما قال: واغفل/رحمه الله لفظ ابن ماجة من طريق زيد بن حباب ولفظ خالد بن مخلد القطراني عند الطوسي: "إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول"(1) خرجه أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في مسنده من حديث عثمان ابن عمرو ابن مهدي ويحيى بن سعيد وروح بن عبادة عن مالك بلفظ: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول" ورأيت حاشية بخط بعض الفضلاء على كتاب التقصي عن ابن وضاح ذكر المؤذن هنا ليس من كلام النبي- صلى الله عليه وآله وسلم. حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعد عن الحكم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: "من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإِسلام دينا وبمحمد نبيا غفر له ذنبه "(2) وقال الترمذي: صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث الليث بن سعد عن الحكم، وفي ذلك نظر لأن الطحاوي رواه عن روح بن الفرح عن سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن المغيرة عن الحكم به، وزاد من قال حين يسمع المؤذّن بيشهد، وبنحوه ذكره أبو حاتم الرازي في كتاب العلل، وأما تخريج الحاكم له في كتابه فلا يصلح لكونه في مسلم كما بيّناه ولفظ ابن خزيمة (3) : "من سمع المؤذن يشهد فالتفت في وجهه، فقال: أشهد أن لا
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/11) وأبو داود (ح/523) والترمذي صح/3614) والنسائي (2/25) وابن خزيمة (418) وشرح السنة (2/284) والمشكاة (657) والمغنى عن حمل الأسفار (1/312) وابن عساكر فيه التاريخ (6/414) والكنز (20998، 21006) والكلم (70) وابن السني (88، 91) وتلخيص (1/211) وابن كثير (14/16) والترغيب (1/83) وإتحاف (3/61) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/13) والترمذي (ح/210) والنسائي (2/26) وأحمد (1/181) والحاكم (1/203) وأبو داود (ح/525) ومعاني (1/145) وابن خزيمة (421) والترغيب (1/185) وابن السني (95) .
(3)
المصدر السابق.
إله إلا الله وفي آخره غفر له ما تقدم من ذنبه". حدثنا محمد بن يحيى والعباس بن الوليد الدمشقي ومحمد بن أبي الحسن قالوا ثنا علي بن عباس الألهاني ثنا شعيب ابن حمزة عن محمد/بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء اللَّهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته بها حلت له الشفاعة يوم القيامة" هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه (1) بلفظ: (أحلت له شفاعتي) وقال الترمذي فيه: حسن غريب من حديث ابن المنكدر لا نعلم أحدًا رواه غير شعيب، وقال أبو القاسم في الصغير: لم يروه عن ابن المنكدر إلا شعيب تفرد به علي بن عياش، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد، وفيه نظر، من حيث أنه ذكره من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير عنه في الكتاب الأوسط، وقال: لم يروه عن أبي الزبير ألا ابن لهيعة، ولا يعرف إلا بهذا الإِسناد، ولفظ أحمد (2) في مسنده: "اللهم رب هذه الدعوة التامة الصلاة القائمة صل على محمد وارض عنى رضًا لا تسخط بعده" من قاله استجاب له ولفظه في كتاب الألقاب للشيرازي: "أسألك أن تعطى محمدًا الوسيلة وأن تبعثه المقام المحمود الذي وعدته"، وفي الباب غير ما حديث من ذلك حديث معاوية بن أبي سفيان- رضى الله تعالى- عنه سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله وإذا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: وإن أتم سكت " (3) رواه أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الإسفراييني في صحيحه عن الربيع بن سليمان عن الشافعي
(1) صحيح. رواه البخاري (1/159، 08/16) والوسائط (2/27) وأحمد (3/354) والبيهقي (1/410) والطبراني في " الصغير"(1/240) والترغيب (1/185) وشرح السنة (2/284) والمشكاة (659) والإتحاف (3/6، 5/50) والكنز (20986) وتلخيص (1/210) والمنثور (4/198) والقرطبي (10/310) وابن كثير (3/97، 5/102) وأذكار (38) وابن السني (93) . (2) صحيح. رواه أحمد: (3/302، 354) .
(3)
صحيح. رواه الشافعي في مسنده: (33) .
عن ابن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة وهو عمه عنه قال: وثنا محمد بن/عبد الحكم عن أبي زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن معاوية: " أن المنادى نادى بالصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر فقال معاوية: الله أكبر الله أكبر فقال المنادي: أشهد أن لا إله إلا الله فقال معاوية: وأنا فقال المؤذن: أشهد أن محمدًا رسول الله فقال معاوية: وأنا هكذا سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إذا سمع المنادى لم (1) ، وفي كتاب الطحاوي من حديث هشام عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى به: زاد حتى بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال يحيى: وحدثني رجل أنَّ معاوية لما قال: ذلك قال: هكذا سمعت نبيكم- صلى الله عليه وآله وسلم يقول، وفي كتاب الإِسماعيلي الصحيح وخرجه من حديث ابن ماجه عن الحسن بن حماد ويعقوب عن ابن علية عن هشام فلما قال: "حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: هكذا سمعت نبيكم يقول" وكذا هو في كتاب النسائي عن محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى من غير ذكر واسطة، وكذا خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن يعقوب الدورقي أنا ابن علية عن هشام وثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا حاملة يعني ابن عبد العزيز حدثنى أبي عن ومحمد بن يوسف مولى عثمان عن معاوية مرفوعًا، وثنا بندار ثنا يحيى بن سعيد نا محمد بن عمرو حدثني أبي عن جدّي: كنت عند معاوية فذكره مرفوعًا، وخرجه البخاري في صحيحه إثر حديث أبي سعيد عن معاذ بن فضالة ثني هشام عن يحي عن محمد حدَّثني عيسى سمع معاوية يومًا فقال، مثل قوله إلى قوله/وأشهد أن محمدًا رسول الله قال: وثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا وهب بن جرير ثنا هشام عن يحيى مثله، وقال يحيى: وحدثني بعض إخواننا قال: لما قال حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله،
(1) رواه أبو عوانة: (1/333) .
وقال: هكذا سمعنا نبيكم- صلى الله عليه وآله وسلم يقول انتهى.
ورواه عن معاوية جماعة غير من قدّمنا ذكرهم: بينوا رفع هذه اللفظة منهم، ابن هبيرة أنه كان يكلّم معاوية وأذّن المؤذن فأمره أن ينصب، ثم كبّر كما كبر ثم قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله فقال ونحن نشهد أن لا إله إلا الله فقال المؤذّن: أشهد أن محمدًا رسول الله فقال ابن هبيرة: فقلت له أي رأيته أم سمعته من النبي قال بل سمعته من النبي- صلي الله عليه وسلم - رواه الطبراني في معجمه عن عمارة بن وتيرة المصري. ثنا إسحاق ابن إبراهيم بن زريق (1) ثنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم عن الزهري ثنا الحسن بن سالم عنه وعلقمة بن وقاص قال: أتى عند معاوية فذكره مرفوعَا، ورواه النسائي عن مجاهد بن موسى وإبراهيم بن الحسن عن حجاج عن ابن جريج عن عمرو بن يحي أن عيسى بن عمر أخبره عن عبد الله بن علقمة عنه، وقال ابن عساكر: ورواه عبد الرحمن بن داود المكي عن عمرو بن يحي عن عبد الله بن القمة فلم يذكر عيسى، وأورد له سندَا من طريق ابن جواص عن يونس بن عبد الأعلى عن عبيد الله بن وهب قال: وحدثني أيضًا يعني داود بن عبد الرحمن الحديث، وفي علل أبي الحسن ورواه عمر بن علقمة عن أنه وابن يسار قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية منه أنه سمع معاوية سمع النبي- عليه السلام يقول: "إذا/سمعتم المؤذِّن يؤذِّن فقولوا مثل ما يقول"(2) فقال أنكرت مثل هذا الحديث إذ كان عمارة عن ابن يساف، ولا أدرى من ابن يساف هذا فتفكَّرت فيه، فإذا إسماعيل بن إسماعيل بن جعفر قد روى هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن حبيب وهو ابن يساف عن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جدّه عمر
(1) قوله: زريق وردت وبالأصل، "زيدين" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه مسلم في والصلاة، ح/11) ، وأبو داود (ح/523) ، والترمذي (3614) ، والنسائي (2/25) ، وابن خزيمة (418) ، وشرح السنة (2/284) ، والمشكاة (657) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/312) ، وابن عساكر فيه التاريخ، (414) ، والكلم (70) وابن السني (88، 91) ، وتلخيص (1/211) ، وابن كثير (6/114) ، والترغيب (1/83) .
عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سمعتم المؤذن " لما قال أبي أما ابن يسار فأرى أنه حبيب بن عبد الرحمن بن يساف نسبه إلى جدّه ولم يسمع حبيب من معاوية شيئًا فيحتمل أن يكون قد دخل لابن عياش حديث في حديث، ومحمد بن إبراهيم قال: سمعت معاوية فذكره، قال أبو حاتم في العلل: سقط رجل، ومحمد التيمي لم يسمع من معاوية، وأبو أسامة وسعد بن سهل بن حنيف سمع معاوية وهو جالس على المنبر أذّن المؤذن فذكره مطولاً ثم قال: يأيها الناس أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم على هذا المنبر حين أذّن يقول: ما سمعتم من مقالتي. ذكره البخاري في صحيحه ونهشل التيمي سمع معاوية فذكره بكماله مرفوعاً ورواه ابن مطر عن أبي غسان أحمد بن سهل الأهوازي، نا خالد بن يوسف السمكي نا أبي عن ابن سنان عنه، ومحمود بن على القرظي رواه أيضًا من حديث ابن لهيعة عنه، وقال: لم يروه عن محمود الا ابن لهيعة وأبو صالح فذكره مرفوعًا، ورواه أيضًا عن علي عن عبد العزيز عن حجاج بن منهال عن حماد بن سلمي عن عاصم بن بهدلة عن محمد بن
يحيى عن موسى بن إسماعيل عن أبان بن يزيد عن عاصم عنه، ورواه أبو الشيخ عن ابن منيع عن بن عائشة ثنا حماد بن سلمي عن عاصم بن/نميرة عن القاسم بن معن لنا المسعودي، وحديث أبي أمامة أو عن بعض أصحاب- رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: أنَّ بلالا أخذ في الإِقامة فلما قال: قد قامت الصلاة قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم: "أقامها وأدامها"(1) وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان رواه أبو داود من حديث رجل من أهل اَلشام عن شهر عنه، قال البيهقي في الكبير: وهذا إن صحّ كان شاهدًا لما استحَّبه الشَّافعي من قوله: اللهم أقمها وأدمها واجعلنا من صالح أهلها عملا، وهذا منه- رحمه الله ذهول عما رواه أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن الحسن ثنا هارون بن إسحاق ثنا وكيع عن
(1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/528) ، والبيهقي (1/411) ، والحلية (7/81) ، وتلخيص (1/211) وشرح السنة (2/288) ، والمشكاة (670) ، والإتحاف (6)، وابن السني (103) . وعلته: شهر بن حوشب الأشعري، تابعوا مشهور، وثقة ابن معين وأحمد بن حنبل، وقال أبو حاتم: ما هو بدون أبي الزبير، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي.
محمد بن ثابت عن رجل من أهل الشام عن أبي أمامة في كتاب الدعاء للطبراني من حديث الوليد بن مسلم عن عفير بن مهدان عن سليم بن عامر عنه عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من نزل به كرب أو شدّة فليتحيّن المنادي فان ذا كبر كبر، وإذا تشهّد تشهّد، وإذا قال: حي على الصلاة قال: حي على الصلاة وإذا قال: حي على الفلاح، قال: حي على الفلاح، ثم ليقل: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة والحق المستجاب له دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها وأمتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خيار أهلها محيانا ومماتنا ثم يسأل الله تعالى حاجته "(1) ، ولما خرجه الحاكم في مستدركه صحح إسناده مع ثبوت عفير فيه، وحديث عائشة- رضى الله تعالى- عنها ان النبي صلي الله عليه وسلم: وكان إذا سمع المؤذِّن قال: وأنا وأنا أخرجه أبو عبد الله من حديث حفص ابن غياب عن هشام عن أبيه عنها، وقال: سنده صحيح، وزعم أبو الحسن في علله/أن الحضرمي رواه عن هشام عن أبيه مرسلا وهو الصحيح، وفي الاستذكار:"وأنا أشهد، وأنا أشهد " وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن هشام إلا حفص، وعلي بن شهر تفرّد به عن حفص بن سهل بن عثمان، وحديث أبي عيسى الأسواري قال: كان ابن عمر إذا سمع الأذان قال: فاللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق وكلمة الحق وكلمة التقوى توفني عليها وأحيني عليها واجعلني من صالح أهلها عملا يوم القيامة " (2) رواه البيهقي من حديث عبد الوهاب بن عطاء أنبأ شعبة عن عاصم الأحول عنه، وقال الدارقطني: ورواه محبوب بن الجهم الكوفي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال والصحيح موقوف، وأبو عيسى مذكور فيمن لا يعرف اسمه، قال أبو عمر في كتاب
(1) صحيح وإسناده ضعيف، وهو صحيح. الوليد بن مسلم صدوق يدلس وقد عنعنه. ابن السنة (ح/98) . ورواه الحاكم (547،1/546) والأصبهاني في الترغيب (273) كلاهما في طريق الوليد بن مسلم. وصححه الألباني في صحيح الجامع.
(2)
رواه ابن السني (ح/98) أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحكم بن موسى حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي عائذ حدثني سليم بن عامر عن أميمة- رضى الله عنه- قال: فذكره،. راجع الحاشية السابقة.
الاستغناء عن أحمد: لا أعلم أحدًا روى عنه غير نفاذة انتهى. قد أسلفنا حديث عاصم عنه أيضا، وحديث ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال: وكان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم إذا أذّن فقال: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وإذا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم يسكت (1) ذكره أبو بكر الأثرم من حدثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن زرعة، قال: حديث الحكم واهي، وذكره الطحاوي: مستدلا به على عدم وجوب الإِجابة بلفظ: لما قال المؤذِّن الله أكبر قال- عليه السلام على الفطرة فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: حرم من النار (2) الحديث، وحديث أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم:"كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول وكان/يقول: إذا بلغ حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله"(3) رواه أبو الشيخ من حديث حفص بن محمد عن مبارك بن فضالة عن الحسن عنه، وخرجه مسلم (4) بلفظ فسمع رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال- عليه السلام:"على الفطرة" ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: "خرجت من النار فنظروا فإذا هو راعى مضري" وفي كتاب الترمذي من حديث زيد العمى عن معاوية بن قرة عنه مرفوعا: والدعاء لا يردّ بين الأذان والإِقامة. قالوا فما نقول قال: سلو الله العافية في الدنيا
(1) ضعيف. الكنز (23272) وعبد الرزاق (1846) وابن أبي شيبة (1/227) والمجمع (1/ (2) صحيح. رواه مسلم في الصلاة (ح/9) والترمذي (ح/1618) وأحمد (3،1/229/407،132، 253،241، 270، 5/248) والطبراني (11/150) وابن خزيمة (399، 400) وعبد الرزاق (1866) والطبراني في "الصغير"(2/3) والمنثور (1/35) والكنز (23285، 23296) ومعاني والخطيب (8/220) والمجمع (1/334، 363، 36 سهم.
(3)
إسناده ضعيف، وهو صحيح. رواه النسائي في اليوم والليلة ح/41، 42) وعن عمر بن الخطاب أو معاوية أخرجه مسلم في والصلاة، ح/12) وأبو داود (ح/527) والنسائي في السنن (2/25) وأحمد (6/9، 391) والبغوي في شرح السنن (287،2/285) وابن خزيمة (417) وابن حبان وصححه (98،3/97 الإِحسان (ضمن الحديث.
(4)
تقدم في الحاشية رقم (2) .
والآخرة (1) وحسنه، ورواه النسائي من حديث زيد ابن أبي مريم عن أنس، ورواه أبو الشيخ في فوائد الأصبهانين عن إسحاق بن محمد نا أبو مسعود نا الفرياني نا الثوري عن أبي إسحاق عن يزيد عنه يرفعه هذا قال:"اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمدَا سؤله، نالته، شفاعة محمد- صلى الله عليه وآله وسلم "(2)، وفي شعب الإِيمان للبيهقي أنبأ عبد الله بن يوسف سمعت عبد الله بن محمد بن أحمد بن روزية سمعت أبا جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن لؤية الهاشمي نا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن يوسف قال: كان لي صديق بمصر وكان مخلطَا فإني رأيته في المنام فقلت ما فعل الله بك قال عزني قلت: مع ما أعلم قال مع ما تعلم قلت بأي شيء قال: كنت إذا سمعت المؤذِّن قلت كما يقول فعزَّني وقال لي: لو قلت في آخر الأذان: لا أله ألا الله الملك الحق المبين ما حاسبتك. وحديث أبي الدرداء قال: صلي الله عليه وسلم من هذا سمع النداء قال: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صلى على محمد عبدك/ورسولك واجعلنا في شفاعته يوم القيامة لم قال أبو الجرداء: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " من قال هذا عند النداء جعله الله في شفاعتي يوم القيامة يا (3) ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث محمد بن أبي السري ثنا عمرو بن أبي سلمي عن صدقة بن عبد الله عن سليمان بن أبي كريمة عن أبي قرّة عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال سمعت أبا الدرداء، وقال:
(1) صحيح. رواه البخاري (4/62، 05/19) وأبو داود في والجهاد، باب 975،) والترمذي (ح/3594) وصححه. وأحمد (1/3 كهف) والبيهقي (9/153،76) والطبراني (17، 246) وا بن أبي شيبة (21/050،1/2962) وإتحاف (7/9/481،151) والترغيب (4/272،1/190) والبلوى (3/39) والمنثور (08/2722،3/189،1، 351) وأذكار (350) ومسند أبي بكر
(1164)
والكنز (4923) والقرطبي (3/233) وابن عساكر في والتاريخ، (3/
وصححه الشيخ الألباني.
(2)
بنحوه. الحاشية رقم (3) السابقة.
(3)
ضعيف. أورده الهيتمي في ومجمع الزوائد، (1/333) وعزاه إلى الطبراني فيه "الأوسط" وفيه صدقة بن عبد الله السمين ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، ووثقه دحيم وأبو حاتم وأحمد بن صالح المصري.
لا يروى هذا الحديث عن أبي الدرداء إلا بهذا الإِسناد تفرّد به عمرو بن أبي سلمي، وحديث ابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سمع الأذان قال:" اللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق، وكلمة التقوى أحيني عليها، وتوفني عليها، واجعلني من صالحي أهلها عملا "(1) ذكره ابن الجوزي في علله (2) وقال: الصحيح موقوف، وحديث المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول:" من قال حين يؤذن مثل قوله غفر له "(3) رواه أيضا من حديث سليمان بن داود ثنا أبو محمد الحسن البجلي عن عبد الله بن أبي الخالد عن ورواد عنه، وحديث عبد الله بن سلام قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلي الله عليه وسلم سمع رجلا في الوادي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدَا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "وأنا أشهد لا يشهد بها أحد إلا برئ من النفاق"(4) رواه أيضا من حديث أحمد بن عبد المؤمن المصري عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أنّ يحيى بن عبد الرحمن حدّثه عن عون بن عبد الله/عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه، ورواه النسائي في كتاب اليوم والليلة عن عمرو بن منصور بن أصبغ أخبرني ابن وهب بلفظ:" ألا يرى من الشرك " وحديث أبي رافع: " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله "(5) رواه النسائي في اليوم والليلة عن علي بن حجر عن شريك، وعبد الرحمن بن سليمان عن أبي نعيم عن شريك عن عاصم بن
(1) تقدم في ص 1145 حاشية رقم (1) .
21) قوله: 1 " علله "، غير واضحة" وبالأصل" وكذا أثبتناه.
31) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/718) . في الزوائد: إسناده صحيح. وعبد الله بن عتبة روى له النسائي، وأخرج أنه ابن خزيمة في صحيحه. فهو عنده ثقة. وباقي رجاله ثقات.
4) جامع المسانيد (: 2/434) . وفيه: " لا يشهد بها أحد إلا أن صح من النار".
5) ضعيف. أورده الهيثمي في، مجمع الزوائد (1/331) وعزاه إلى أحمد في " مسنده " و" البزار، والطبراني في " الكبير " فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف إلا ان مالكا روى عنه.
عبيد الله عن علي بن حسين عنه، وقال خالفه سفيان فرواه عن عاصم عن ابن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال:" كان النبي صلي الله عليه وسلم " إذا سمع المؤذن بنحوه " قال ابن عساكر ورواه عمرو بن العباس عن ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن أبيه، وكذلك قال محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان وقال وكيع عن سفيان بن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث، وكذلك رواه أحمد بن عبد الله الميموني عن ابن مهدى وحديث عبد الله بن ربيعة: أن رسول صلي الله عليه وسلم سمع صوت رجل يؤذن في سفر فقال: " الله أكبر الله أكبر فقال النبي صلي الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: أشهد أن محمدَا
رسول الله قال: أشهد أن محمدَا رسول الله " (1) رواه النسائي وإسناد صحيح
عن إسحاق بن منصور عن ابن مهدى عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى
عنه، وحديث معاذ بن أنس قال رسول صلي الله عليه وسلم:" إذا سمعتم/المؤذِّن يثوب بالصلاة فقولوا كما يقول "(2) رواه أبو الشيخ من حديث رشدين بن
فايد عن سهل بن معاذ عن أبيه، ومن حديث ابن لهيعة عن زبان بلفظ:
" إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول "(3) ولما ذكره أبو أحمد في كامله ردّه برشدين، وحديث عبد الله بن الحارث تقدّم في حديث أبي رافع، وحديث
ابن عباس أن النبي قال: " من سمع النداء فقال: أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله أبلغه الدرجة، والوسيلة
(1) إسناده صحيح. رواه) النسائي في اليوم والليلة، (ح/41، 42) وابن السني (ح/91) ومسلم في (والصلاة ح/12) وأبو داود (ح/527) والنسائي في (السنن: 2/25) وأحمد (6/391،9) والبغوي في شرح السنة (2/285، 287) وابن خزيمة (417) وابن حبان في صحيحه (3/97، 98 الإحسان) ضمن حديث. وأورده الهيثمي في " المجمع "(1/335) وعزاه إلى " أحمد "، والطبراني في " الكبير " وزاد فيه، ورجاله رجال الصحيح.
(2)
ضعيف. الكنز (2099) وابن عدي (3/1011) . في إسناده رشدين.
(3)
صحيح. رواه مسلم في والصلاة (ح/11) وأبو داود (ح/523) والترمذي (ح/3614) والنسائي (2/25) وابن خزيمة (418) وشرح السنة (2/284) والمشكاة (657) والمغني عن حمل الأسفار (1/312) وابن عساكر في " التاريخ "(6/414) والكنز (20998،21006) والكلم (70) وابن السني (88، 91) وتلخيص (1/211) والترغيب (1/183) وإتحاف (3/61، 5/49) .
عندك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة، ألا وجبت له الشفاعة (1) رواه أبو الشيخ من حديث إسحاق بن كيسان عن أبيه عن سعيد بن جبير عنه، وحديث صفوان بن عسال عنه قال:" بينا نحن نسير مع النبي صلي الله عليه وسلم إذا نحن بصوت يقول: " الله أكبر الله أكبر " فقال عليه السلام: وعلى الفطرة " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: " برئ من الشرك " قال: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: " خرج من النار " قال: حي على الصلاة، قال: أنه لراعى غنم أو مبتدى بأهله قال: فابتدره القوم فإذا هو رجل مبتدى بأهله، (2) رواه أيضا من حديث يزيد بن أبي زياد عن زرعة، ومرسل عمر بن سعد:" أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: هبط من مدراح اليمن بين مكة والمدينة فعرس وأذّن بلال. فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: من قال مثل ما قال بلال من نفسه حرم الله عليه النار "(3) رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن عمر بن ذر عن أبو بكر بن حفص عنه وموقوف عثمان: " أنه كان إذا قال المؤذن حي على الفلاح قال: مرحبًا بالقائلين/عدلًا بالصلاة مرحبًا وأهلًا " رواه أحمد بن منيع في مسنده من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وفيه كلام عن عبد الله القرشي عن عبد الله بن علم عنه، وموقوف بلال المؤذن أنه قدم الشام:" وكان إذا أتى المسجد فجلس فيه فسمع المؤذِّن قال حوله ليس هؤلاء والمؤذن بالحق من هؤلاء الكلمات منكم فقولوا مثل ما يقول "(4) رواه الطبراني في كتاب الدعاء من حديث بقية عن محمد بن زياد الألهاني عن بعض مشايخه عنه، ومرسل حفص بن عاصم: " سمع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يؤذن المغرب فقال:عليه السلام مثل ما قال: فأنهى النبي صلي الله عليه وسلم وقد قال: قد قامت الصلاة فقال
(1) ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير "(12/85) وأورده الهيثمي فيه " مجمع الزوائد "(1/333) وعزاه إليه، وفيه إسحاق بن عبد الله بن كيسان ليته الحاكم وضعفه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. (2) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(1/336) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفي عطاء بن عجلان وهو متهم بالكذب.
(3)
بنحوه. رواه أحمد (2/352) والترغيب (1/186) .
(4)
انظر: كتاب الدعاء للطبراني.
صلي الله عليه وسلم: انزلوا فصلوا المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود لما " رواه البيهقي (1) في
الكبير من حدها عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عنه وخبر زيد بن
مرثد عن نضلة وأذّن بحلوان في سفح جبل فقال الله أكبر الله أكبر فأجابه
مجيب من الجبل كبرت يا نضلة كبيرًا قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال:
كلمة الإخلاص، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: بعث النبي- عليه السلام قال: حي على الصلاة، قال: البقاء لأمة محمد، قال: حظي على
الفلاح، قال: كلمة مقبولة قال: الله أكبر، الله أكبر، قال: كبرت كبيرًا قال: لا إله إلا الله، قال: كلمة حق حرمت بها علي النار، فذكر حديثًا طويلًا ذكره
ابن أبي الدنيا في كتاب هواتف الجان من حديث ابن لهيعة عن مالك بن
الأزهر عن نافع عن ابن عمر، قال الخطيب: ذكره في تاريخه من حديث
عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي أنبأ مالك عن نافع عن ابن عمر تابع أبو
موسى إبراهيم بن رجاء الراسبي على روايته عن مالك وليس بثابت/من حديثه.
وقال الدارقطني في الغرائب من حديث مالك: هذا الحديث لا يثبت عن مالك ولا عن نافع. وحديث عمرو بن العاص، ذكره ابن قدامه في كتابه المغنى، وحديث عبد الرحمن بن عمرو، ذكره الطوسي في كتاب الأحكام. وأخبرني والدي- رحمه الله تعالى- أنه قال: لماَّ سافر الملك الظاهر قاصدًا قيسارته كنت في صحبه فعبرت إلى البيت المقدس زائرا فرأيت بها سادا يسمى أبا إسحاق إبراهيم بن علي الحنبلي الواسطي يقول: بلغني أنّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قال: ومن قال " حين يسمع الأذان مرحبًا بالقائلين عدلًا وبالصلاة أهلًا وسهلًا بَعَّد الله وجهه عن النَّار يوم القيامة "(2) قوله: فقولوا
…
ذكر ابن قدامة أن ذلك مستحب لا أعلم فيه خلافا بين أهل العلم، وفي قوله نظر، لما قاله أبو جعفر الطحاوي من أن الناس اختلفوا هل هو واجب أو مندوب، قال: والصحيح الذي عليه الجمهور: أنه مندوب
(1) مرسل رواه البيهقي (1/408) ، والشفع (164) .
(2)
الكنز (21023، 23258) ، وتذكرة (35) .
وخالف ذلك صاحب المحيط والبدائع، فأوجباه، ومثله في المفيد والتحفة والسنة، وزعم شمس الأئمة السرخسي في الذخيرة أن بعضهم قال: إن الإجابة بالقدم لا باللسان وهو المشي إلى المسجد حتى لو كان حاضرًا في المسجد فسمع الأذان فليس عليه إجابة فإن قال مثل ما يقول نال الثواب وإن لم يقل فلا إثم عليه، ولا يكره له ذلك، وفي الذخيرة: فإذا قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان، وفي المحيط يقول: مكان قوله حي على الصلاة: لا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم، ومكان الفلاح: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وعند قوله الصلاة خير من النوم صدقت وبررت، وفي كتاب ابن حزم: يقول/السامع كما يقول المؤذن سواء من أوّل الأذان إلى آخره، وسواء كان في صلاة فرض أو نافلة جاءني قوله حي على الصلاة والفلاح فأنه لا يقولهما، وإن قال مكانهما لا حول ولا قوة فحسن، وفي كتاب الغاية شرح الهداية: يستحب الإِجابة لكلّ من سمعته من متطهِّر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة من أسباب المنع إما أن يكون في الخلاء أو جماع أو غيرهما، قال الماوَردي: فإن كان في الصلاة لم يوافقه سواء أكان نفلًا أو فرضًا، فلو فعله ففيه قولان للشافعي أظهرهما: يكره، لأنه إعراض عن الصلاة ولكن لا تبطل، لأنه ذِكْر، فلو قال الحي على أو التثويب بطلت إن كان عالماً لأنه كلام آدمي، وعن مالك ثلاثة أقوال: يجيب لعموم الحديث لا يجيب لأنّ في الصلاة شغلاً لقول التكبير والتشهد في النافلة لا الفريضة، وفي كتاب الطحاوي: المنع من ذلك فيهما، وكذا قاله أحمد فيما حكاه ابن قدمه قال: وإن قال الحي على بطلت الصلاة، قال صاحب المحيط لا ينبغي للسامع أن يتكلم في حال الأذان والإقامة ولا يشتغل بقراءة القرآن، وفي المرغيناني: لا يقطع إن كان في المسجَد ويقطع فيما سواه، ولا يرد السلام، وفي المحيط: يرد سرًا، وكذا جواب العطاس، قال الطحاوي: واختلفوا هل يقول ذلك عند سماع كل مؤذن أو يجيب أوّل مؤذن فقط، واختلف قول مالك هل يتابع المؤذن أو يقوله مسرعًا قبل فراغه من التأذين، وأما الوسيلة فهي القُربة، قال أبو عبيد: يقال توسلت أبيه أي تقربت، وفي الصحيح: أنها
منزلة في الجنة، وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل: هي القرب من الله تعالى، وقوله حلت له الشفاعة/قال عياض:"معناه غشية، وقيل: حلت عليه، وقيل: بمعنى وجبت له قال تعالى: {فيحل عليكم غضبي} (1) "
وقيل: حلت له بمعنى عليه قال: يخرون للأذقان سجداً ويخرون للأذقان سجدَا} (2) يعني على الأذقان.
(1) صورة طه آية: 81. (2) صورة الإسراء آية 107.
116- فضل الآذان وثواب المؤذِّنين
حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عبد الرحمن
ابن أبي صعصعة عن أبيه- وكان أبوه في حجر أبي سعيد- قال لي أبو سعيد: "إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان، فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " يسمعه جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ألا شهد له" هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه (1) عن عبد الجبار بن العلاء نا سفيان قال: حدثني عبد الله به، وفي لفظ: وكانت أمه عند أبي سعيد، وفيه: "شجر ولا مدر" خرجه البخاري (2) في صحيحه من حديث مالك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة بزيادة: " إني أراك تحت الغنم والبادية" وقال: "ولا أنس ولا شيء"، ولما رواه الشافعي- رضي الله تعالى عنه- عن سفيان قال إثرها: ويشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل، قال البيهقي: هو كما قال الشافعي- رحمه الله تعالى-، وذكر الدارقطني ان مالكًا لم يختلف عليه في اسمه، وكذا هو في كتاب النسائي، وعند الشّافعي وأحمد والأوسط وأحمد بن منيع وغيرهم، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن عبد العزيز بن الماجشون كرواية مالك سواء وفي كتاب أبي الشيخ من حديث القطان عن مالك كرواية سفيان، فإن صح كان ردا لما قاله الدارقطني- والله تعالى أعلم-، ويوضحه قول ابن سعد عبد الله بن عبد الرحمن بن/الحارث بن أبي صعصعة: روى عن أبي سعيد، وأدركه مالك وروى عنه، وروى أيضَا عن ابنيه محمد وعبد الرحمن أبنى عبد الله، وروى البحار حديث سفيان بسند آخر فقال ثنا إسحاق بن محلول، ومحمد بن مسكين قالا لنا سعيد بن منصور ثنا ابن عيينة عن صفوان بن سليم عن
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (389) ، والترغيب (1/174) .
(2)
صحيح. رواه البخاري (1/158) ، وتلخيص (1/208) ، والكلم (68) ، والأذكار (35)
عطاء بن يسار عن أبي سعيد، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم:"يغفر للمؤذن مد صوته، ويصدقه ما سمعه من رطب ويابس"(1)، وقال: لا نعلم أحداً أسنده عن ابن عيينة إّلا سعيد بن منصور، ولم يتابع عليه. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة قال: سمعت من في- رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤذن يغفر له مد صوته، ويستغفر له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون حسنة، ويكفر عنها ما بينها"(2) هذا حديث قال فيه المنذري- رحمه الله تعالى-: أبو يحيى لم ينسب فيعرف حاله، وما أدرى أنّ حاله معروفة وأنه منسوب مسمّى، وأنه حديث خرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن بندار وعبد الرحمن عن شعبة، وقال: يريد ما بين الصلاتين، وخرجه البستي في صحيحه أيضَا عن أبي خليفة ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا شعبة ثم قال: أبو يحيى هذا اسمه سمعان مولى أسلم من أهل البصرة والدأنيس، ومحمد بن أبي يحيى من جلّة التابعين، وموسى بن عثمان من سادات أهل الكوفة وعبّادهم، واسم أبيه: عمران، ولفظ أحمد بن حنبل:. (مدى صوته، ويصدقه كل رطب ويابس سمعه، وللشاهد عليه خمس وعشرون درجة) ورواه البيهقي في/السنن الكبرى من حديث عمرو بن عبد الغفار: ثنا الأعمش عن مجاهد عن أبي هريرة به، قال: ورواه حفص بن غياب عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا أيضَا ولفظهما: (ويشهد له كلّ رطب ويابس سمعه) وفي كتاب أبي الشيخ من حديث أبي العنبر عن أبيه: (كلّ مدرة وصخرة سمعت صوته) . حدثنا محمد بن
1) ضعيف. رواه البيهقي (1/431) ، والكنز (20927، 2092) ، واللآلىء (2/7) ، وأصفهان (2/301) .
(2)
صحيح. رواه أبو داود فيه الصلاة، باب (31) وابن ماجه (ح/724) ، وأحمد (2/458،429) ، والطبراني (12/398) . وصححه الشيخ الألباني.
بشّار وإسحاق بن منصور قالا: ثني أبو عامر ثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية بن أبي سفيان عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة " هذا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه من حديث عبد بن سليمان، وسفيان عن طلحة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة لنا حسين بن عيسى- أخو سليم القارئ - عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم:"ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم"(2) هذا حديث إسناده صحيح على شرط الحافظين ابن خزيمة والبستي لذكر ابن حبان حسينًا والحكم في كتاب الثقات، ولرواية ابن خزيمة عنهما في صحيحه، ولئن كان، فقد قيل فيه: هو حديث رواه الحسين الحنفي، وهو منكر الحديث فيما ذكره عبد الحق، وأمّا البخاري فقال: حسين مجهول وحديثه: "يؤمكم قراؤكم " منكر، وأنه مما تفرد به الحسين عن الحكم فيما ذكره الدارقطني معترضًا، وأمّا قول أبي أحمد في الكامل: لعلّ البلاء فيه من الحكم لأنه ضعيف، وليس من الحسين الحنفي، ففيه نظرة لأنّ الحكم لا يقاس/بالحسين، فالبحتري ألا يفضل عليه. لأنه ممن قال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي، يروى عن الحكم أحاديث منكرة، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن عدي نفسه. له حديث
(1) صحيح. رواه مسلم في "الصلاة"(ح/14) والبيهقي (1/433) وابن حبان (293) وابن أبي شيبة (1/225) وعبد الرزاق (1861) والمجمع (9،327،1/300/326) ومشكل (1/81) والمنثور (5/364) ومطالب (234) والمشكاة (654) والكنز (20895) والقرطبي (6/231) والأذكار (35) وابن عساكر في "التاريخ"(313، 10، 29) .
(2)
ضعيف. رواه أبو داود في "الصلاة" باب "6" وابن ماجه (ح/726) والبيهقي (1/426) والطبراني (1/2370) والمشكاة (1119) وشرح السنة (3/399) والكنز (20969) وابن عدي في الكامل، (2/766) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/154) وضعيف أبي داود (ح/91) .
قليل، وعامة حديثه غرائب، وفي بعض حديثه مناكير، وأمّا الحكم فإن ابن عيينة قال: سألت يوسف بن يعقوب: كيف كان الحكم بن أبان؟ فقال: ذاك سيد، وقال ابن معين: هو ثقة، وقال أبو زرعة: صالح الحديث وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، كان إذا اهدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله تعالى حتى يصبح، قال: فذكر مع حيتان البحر ودوابه وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال: رّبما أخطأ، وإنما وقعت المناكير في رواية من رواية ابنه إبراهيم بن الحكم عنه، وإبراهيم ضعيف، وقال ابن عيينة: أتيت عدن فقلت: إمَّا أن يكون القوم علماء كلّهم، وإمَّا أن يكون كلّهم جهّالا، فلم أر مثل الحكم بن أبان، فقد ظهر لك الفرق ما بين الرجلين من غير تعصّب، وأنّ الحكم ابن أبان، خير من حسين بزيادة، ورواه ابن عدي بلفظ: قال عليه السلام: "لا يؤذن غلام حتى يحتلم، وليؤذن لكم خياركم "(1) من حديث إبراهيم بن أبي يحيى عن داود عن عكرمة. حدثنا أبو كريب ثنا مختار بن غسان ثنا حفص بن عمرو الأزرق البرجمي عن جابر بن عكرمة، وثنا روح بن الفرح ثنا علي بن الحسن بن شقيق ثنا أبو حمزة عن جابر عن عكرمة عن ابن
عباس، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم:" من أذّن محتسبا سبع سنين كتب له براءة من النار"(2) هذا حديث قال فيه أبو علي الطوسي في كتاب الأحكام: غريب. انتهى. وإسناده ضعيف لمكان جابر الجعفي المذكور قبل، ورواه أبو ثميلة عن أبي حمزة/فأبدل عكرمة بمجاهد، فيما ذكره أبو عيسى، وقال: هو غريب، وضعفه بجابر أيضَا. حدّثنا محمد بن يحيى والحسن بن علي الخلال قالا: ثنا عبد الله بن صالح نا يحي بن أيوب عن ابن جرير عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله علي قال: " من أذّن ثنتا عشرة
(1) ضعيف. رواه ابن عدي في "الكامل": (1/225) .
(2)
إسناده ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/727) . والترغيب (1/183) والقرطبي (6/231) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/155) والضعيفة (ح/850) .
سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه كلّ يوم ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة" هذا حديث خرجه الحاكم (1) من حديث عبد الله بن صالح، وقال: هذا صحيح على شوط البخاري، وله شاهد من حديث عبد الله بن لهيعة، وقد استشهد به مسلم. ثناه محمد بن صالح بن هانىء ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران ثنا أبو الطاهر وأبو الربيع ثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله ابن أبي جعفر عن نافع به، وعليه فيه مأخذان الأوّل: أبو صالح عبد الله بن صالح، ليس من شرط البخاري في الأصول، إنّما روى عنه في الشواهد والمتابعات، قال عقب حديث في الزكاة: وزاد عبد الله: حدثني الليث. قاله مخير واحد منهم ابن سرور، وكذا يحيى بن أيوب فيما ذكره الكلاباذي، ومن عادة الحاكم إذا كان الرجل عندهما بهذه المتابعة عليه يسوغ لنفسه مقصد، ويتأتى له فيه ما اعتمده، وههنا أغفله، فطولت ما أهمله الثاني: ألا يخدش في صحَّته مطلقا انقطاعه، ورواه ابن المتوكل عن ابن جريج عمن حدّثه عن نافع، قال البخاري فيما ذكره البيهقي: وهذا أشبه، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه لابن صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر، وقال ابن عدي: لا أعلم أحدا رواه عن ابن/جريج غير يحيى، ولا عنه إّلا أبو صالح، ورواه حمزة الخرزي- وهو كذاب- عن نافع عن ابن عمر بلفظ: " من أذّن سبع سنين احتسابا كتب له براءة من النار" (2) ولما سأل ابن أبي حاتم عنه أباه قال: هذا حديث منكر
(1) صحيح. رواه الحاكم (1/205) . وقال: صحيح على شرط مسلم. وابن ماجه (1/728) والبيهقي (1/433) وتلخيص (8/201) وا الدارقطني (1/240) والمشكاة (678) والإتحاف (13/73) والترغيب (1/182) وشرح السنة (2/282) والقرطبي (6/231) والكنز (20905) والبخاري فيه "الكبير"(8/306) .
وصححه الشيخ الألباني والصحيحة: ح/425) .
(2)
منكر. العلل المتناهية:. (1/398) .
جدًا، وذكره أبو الفرح من طريق محمد بن الفضل، وردّه بأنه اختلط، ورواه قيس بن الربيع عند الطبراني في الأوسط: بلفظ آخر عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عنه يرفعه: "المؤذن المحتسب كالشهيد كالمتشحط في دمه، يتمنى على الله ما يشتهى بين الأذان والإِقامة"(1)، وقال: لم يروه عن سالم إلا قيس. تفرد به إبراهيم بن رستم، وفي كتاب أبي الشيخ زيادة من حديث قيس عن سالم الأفطس عن مجاهد عنه مرفوعًا:"إذا مات لم يدوّد في قبره"، قال ابن الجوزي: وروى عن ابن عمر مرفوعا ومرسلا، ولا يصح مسندًا، وفي كتاب ابن زنجويه عن أبي معشر قال: بلغني أنه: "من أذّن سبع سنين عتق من النار"(2) وفي الباب غير ما حديث، من ذلك: حديث أبي هريرة: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: "من أذن خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "(3) أنبأ به المسند المعمر بقية المشايخ أبو زكريا يحيى بن يوسف المقدسي- رحمه الله تعالى- عن العلامة بهاء الدين الشّافعي عن الحافظ أبي طاهر- رحمهما الله تعالى- قال أنبأ أبو رجاء بندار عن محمد بن أحمد بن جعفر الحلقاني قراءة عليه بأصبهان من أصل سماعه أنبأ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن أبي علي الهمداني قراءة عليه أنبأ أبو محمد عبد الله بن جعفر الأصبهاني الحافظ ثنا عبد الله بن مسند، وثنا إسماعيل/ابن يزيد لنا إبراهيم بن رستم ثنا حماد بن
(1) ضعيف. الترغيب (1/181) والطبراني في "الأوسط"(2/25) مجمع البحرين في زوائد المعجمين عن إبراهيم بن رستم عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا، ومن هذا الوجه رواه أبو بكر المطرز في الأمالي القديمة. (1/1/172) ورواه أبو نعيم في لأخبار أصفهان (2/113) 1. وضعفه الشيخ الألباني. والضعيفة:(ح/852، 853) .
(2)
انظر: الضعيفة: (2/243) .
(3)
ضعيف. رواه البيهقي (1/433) والكنز (20906) والخطيب (6/73) ورزق الله التميمي الحنبلي في جزء من "أحاديثه"(1/2) والأصبهاني فيه الترغيب (1/40) الجملة الأولى فقط. وضعفه الشيخ الألباني: الضعيفة (خ/851) .
سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه، وقال البيهقي في الكبير لا أعرفه إلا من حديث ابن رستم عن حماد، وفي الفضائل لابن شاهين عنه مرفوعا من حديث موسى الطويل:"من أذّن سُنَّة نبيه صادقة ما يطلب أجرًا دعى يوم القيامة فيوقف على باب الجنة، وقيل له: اشفع لمن شئت"(1) زاد الحافظ أبو أحمد حميد بن مخلد بن زنجويه في كتاب فضائل الأعمال من حديث سلام بن سلم ثنا سليمان بن عامر عن أبي معاذ عن أبي عثمان عنه: "وكتب له عند أذانه أربعون ومائة حسنة، وعند الإِقامة عشرون ومائة حسنة " وعن محمد بن الحنفية: "المؤذن المحتسب كشاهر سيفه في سبيل الله تعالى " وعن الحسن: "أول من يكسا من كسوة الجنة: المؤذنون المحتسبون"(2) ولفظ عبد الله بن سعيد عنه عند أبي الشيخ: "للإمام والمؤذِّن مثل أجر من صلى معهما"، وحديث بن عباس موقوفا:(من أذن تسع سنين غفر له ما تقدم من ذنبه)(3) قال الدارقطني في الإِفراد: غريب من حديث الشعبي عنه، ما كتبه إّلا عن يعقوب بن عبد الرحمن عن روح الفرح البزار عن علي بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة عن جابر عنه، والمحفوظ: عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس، وقيل: عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس، وخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي حمزة عن جابر بلفظ:"سبع سنين "(4)
(1) موضوع. رواه ابن شاهين فيه رباعيته (1/176) وتمام (11/47) وابن عساكر (2/2/5) عن محمد بن مسلمه الواسطي. وتنزيه الشريعة (1/256) .
قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه موسى الطويل كذاب، قال ابن حبان: زعم أنه رأي أنساً وروى عنه أشياء موضوعة، ومحمد بن مسلمة غاية في الكذب. وضعفه الشيخ الألباني. (ح/848) .
(2)
بنحوه. رواه ابن عساكر في وتاريخه،:(3/312) ولفظه: "أوّل من يكسى من المؤذنين بلال".
(3)
انظر: كلام المصنف عقبه.
(4)
تقدم، وهو ضعيف جدا. رواه الترمذي (1/267، 206) وابن ماجه (ح/727) والطبراني
وقال ابن أبى مسلم: بلغني أن المؤذن من حين أذانه إلى إقامته كالشهيد المتشحّط في دمه وحديث كثير بن مرّة الحضرمي، وهو مذكور في كتاب الصحابة لأبي موسى المديني قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يبعث هذا/يعني بلالا- يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة، ينادى على ظهرها بالأذان محضًا- أو قال حقًا- فإذا سمعت الأنبياء، عليهم السلام وأهمهم:(أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله} نظروا كلهم إلى بلال، قالوا: ونحن نشهد على ذلك قبل ذلك ممن قيل منه قبل ذلك، وردّ من ردّ، فإذا بلال في الجنة استقبل بحلة فلبسها، وأوَّل من يكسا من مطل الجنة بعد النبيين والشهداء بلال، وصالح المؤذنين "، وحديث ثوبان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " من حافظ على النداء بالأذان سنة أوجب الجنة" (1) ذكره أبو بكر البيهقي في الشعب من حديث أبي معاوية عن أبي قيس السكري الدمشقي عن عبادة بن نسى عن أبي مريم السلواني عنه، وحديث بلال: قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "يا بلال ليس عمل أفضل من عملك إّلا الجهاد" رواه أيضا من حديث الحفص- رجل من الأنصار- عن أبيه عن جدّه عنه، وحديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا سمعنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " ثلاثة يوم القيامة على كثيب من
= (9/13، 2) وابن السماك في " التاسع من الفوائد"(1/3) وابن بشران فيه الأمالي الفوائد، (1،2/125) والخطيب في " تلي يده"(1/247) من طريقين عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا، وقال الترمذي: حديث غريب،- يعني ضعيف- وقال العقيلي في الضعفاء،: نص 155) : وفي إسناده لين،. وقال البغوي في وشرح السنة، (1/58/ان: إسناده ضعيف. وأشار المنذري في " الترغيب، (1/111) لتضعيفه.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/155) .
(1)
موضوع. رواه الخطيب في " الموضحة (2/186) وابن عدي فيه الكامل، ترجمة: محمد بن سعيد بن أي قيس المصلوب) ق 1/291) بسنده عنه عن عبادة بن نسجي به، وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه،. وابن عساكر في تاريخه، (1/15/286) عن أبي مريم. وقال الشيخ الألباني. وموضوع،. ضعيف الجامع (ح/849) .
مسك أسود، لا يهولهم فزع ولا ينالهم حيك، حتى يفرغ فيما بين الناس" (1) فذكره قال:" ورجل أذّن ودعا إلى الله- عز وجل ابتغاء وجه الله تعالى لما. ذكره الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد الجوزي في كتاب الترغيب والترهيب من طريق أبي عمر زاذان الكندي عنهما، وذكره البيهقي في الشعب من حديث عبد الواحد بن غياث نا الفضل بن ميمون السلمي نا منصور بن زاذان أنه سمعهما في كتاب ابن زنجويه نا محمد بن عبيد نا إسماعيل عن الصيرفي قال:" ثلاثة على كثبان المسك/رجل قرأ كتاب الله فأم قومَا وهم به راضون، ورجل دعا إلى هذه الصلوات الخمس في الليل والنهار لا يريد بها إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة" الحديث، وفي حدثنا عمر عند الترمذي (2) مرفوعَا: "ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة" الحديث وحديث أنس بن مالك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يد الله- تبارك وتعالى على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه، وأنه ليغفر له مد صوته وأين بلغ" ذكره أبو أحمد بن عدي من حديث عمر بن حفص العبدي وهو متروك الحديث عن ثابت عنه، ورواه أبو الشيخ من حديث العمى بزيادة: (فإذا فرغ قال الرب تعالى صدقت عبدي وشهدت شهادة الحق فأبشر) ولفظ أبي الفرح في علله: "يحشر المؤذنون على نوق من نوق الجنة، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون" (3) وردّه بداود بن الزبرقان،
(1) إتحاف (4/465) والكنز (43309) .
(2)
حسن. رواه الترمذي (ح/2566) . وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه ألا من حديث سفيان الثوري. وأحمد (2/26) إتحاف (3/5) والحلية (3/318) والمنثور (4/340) والكنز (43240، 43241) والترغيب (1/179، 3/26، 376، 377، 695) .
(3)
موضوع. رواه الخطيب (38113) وعنه ابن عساكر (3/232/1-2) عن موسى بن إبراهيم المروزي: حدثنا داود بن الزبرقان عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعاً وآفته: إما داود، وأما موسى المروزي، وكلاهما كذاب، والكذب في الثاني أكثر. قال الشيخ الألباني: موضوع. الضعيفة (ح/774) .
وموسى بن إبراهيم المروزي، وحديث عمر أنَ النبي صلي الله عليه وسلم قال:(أنها لحوم محرمة على النار- لحوم المؤذنين ودماؤهم- وما من رجل يؤذن تسع سنين يصدق في ذلك نيتهُ إَلا عتق من النّار " (1) ذكره أبو الشيخ من طريق هارون بن المغيرة عن الرصافي عن زياد بن كليب عنه، وفي كتاب البيهقي بسند صحيح عن عمر:"لو كنت أطيق الأذان مع الخليعي لأذّنت"(2) وفي لفظ: "قدمنا على عمر فقال: من مؤذنوكم؟ فقلنا: عبيدنا وموالينا، فقال بيده: هكذا يقلبها: عبيدنا وموالينا إن ذلكم بكم لنقص شديد"، وفي كتاب الفضل بن دكن ثنا إسرائيل عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عنه:"لولا أنَى أخاف أن تكون سنة/ما تركت الأذان"، وفي كتاب ابن زنجويه ثنا يعلى بن عبيد ثنا عبد الله بن الوليد الرصافي عن أبي معشر قال: إنّ عمر بن الخطاب قال: "لو كنت مؤذّنًا ما باليت أن لا أحج ولا أعتمر إلا حجة الإِسلام، ولو كانت الملائكة نزولا ما غلبهم أحد على الأذان"(3)، وفي حدثنا الرصافي عند أبي الشيخ:"ما باليت إلا النصب لقام نهار وليل أمري، وسمعت النبي- عليه السلام يقول: فاللهم اغفر للمؤذنين، فقلت: تركتنا يا رسول الله ونحن نحتال على الأذان بالسيوف، قال: مهلا يا عمر، أنه يأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم"(4) الحديث. قال: وقالت عائشة: ولهم هذه الآية: "ومن أحسن قولا ومنْ دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين") (الآية قالت: فهو المؤذن، إذا قال: حي
(1) الكنز (13262) وابن عدي في " الكامل، (5/1884) .
(2)
قوله: " وفي، سقط من " الأصل، وكذا أثبتناه.
(3)
قلت: وهذا حديث ضعيف، وعفته أبي معشر. انظر: المغنى في الضعفاء: (2/809) . (4) الكنز (23158، 23165) لاتحاد (3/174) والخفاء (1/212، 2/130) والجوامع (9885)
(5)
صورة فصلت آية: 33
على الصلاة فقد دعا إلى الله تعالى، فإذا صلى قد عمل صالحاً، وإذا قال:"أشهد أن لا إله إلا الله فهو من المسلمين " وفي كتاب أبي نعيم: ثنا الرصافي ثنا محمد بن نافع قالت عائشة: "نزلت هذه الآية في المؤذنين"(1) وحديث أبي موسى، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"يبعث الله الأيام على هيئتها ويبعث يوم الجمعة زاهرا منارا، وأهل الجنة محفوفون بها كالعروس تهدى إلى بيت زوجها، تضيء لهم، يمشون في ضوئها أنوارهم كالثلج، ورائحتهم تسطع كالمسك، يخوضون في الكافور، لا يخالطهم إّلا المؤذنون المحتسبون"(2) ذكره ابن حبان في كتاب الأذان من حديث الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان عن طاوس عنه، وخرجه القاضي الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي من ولد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس في فوائده بسند صحيح، وحديث جابر بن عبد الله/قيل: يا رسول الله: من أوَّل الناس في دخولا الجنة؟ قال: " الأنبياء، ثم الشهداء، ثم مؤذنوا الكعبة، ثم مؤذنوا بيت المقدس، ثم مؤذنوا مسجدي هذا، ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم"(3) رواه أبو الشيخ من حديث الحسن الحلواني ثنا عبد الصمد نا عبد الله بن ذكوان عن ابن المنكدر عنه، ولفظ خلف بن الوليد: عن سلام، وحديث أبى بن كعب: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " دخلت الجنة فرأيت فيها جنانا من لؤلؤ رائحتها المسك، قلت: لمن هذا يا جبريل؟ قال: للمؤذنين، والأئمة من أمتك يا محمد"(4) ، رواه أيضا من
(1) المسير: (7/256) .
(2)
إسناده صحيح. الكنز: (20939) . وذكره ابن حبان في كتاب الأذان من حديث الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان عن طاوس.
(3)
موضوع. الكنز (23178) والميزان (8032) والمجروحين (2/257) ولسان الميزان (5/1102) ترجمة: محمد بن عيسى بن كيسان الهلالي العبدي. قال البخاري والفلاس: منكر الحديث. وقال أبو زرعة: لا ينبغي أن يحدث عنه، وقال ابن حبان: يأتي عن ابن المنكدر بحقائب.
(4)
منكر. رواه ابن عدى في " الكامل،:(6/2275) .
حديث محمد بن إبراهيم الشامي وهو متهم بالوضع. قاله ابن حبان، قال البيهقي في الشعب وذكره: وهو منكر الحديث، ورواه أيضًا من حديث إسحاق بن عمر بن سليط عن محمد بن عيسى الفرى ثنا محمد بن العلاء الأبلي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس عنه، وقال الرازي في علله: هذا حديث منكر طويل، وهو متهم بالكذب عن عباد بن كثير عن أبتِ الزبير عنه مرفوعًا:"إن المؤذن والملبين يخرجون من قبورهم يوم القيامة، يلبى الملبي ويؤذن المؤذن، ويغفر للمؤذن مد صوته، ويشهد له كل شيء سمع صوته من شجرة أو مدرة أو رطب أو يابس ويكتب للمؤذِّن بكل إنسان صلى معه في ذلك المجلس مثل حسناتهم، ولا ينقص من حسناتهم شيء، ويعطيه الله ما بين الأذان والإِقامة كل شيء يسأل ربه إما أن يعجل له في دنياه أو يصرف عنه السوء أو يؤجل في الآخرة وهو ما بين الأذان والإِقامة كالمتشحط في دمه في سبيل الله عز وجل، ويكتب له بكلّ يوم يؤذنون فيه مثل أجر خمسين ومائة/شهيد"(1) الحديث بطوله، قال ابن الجوزي: العمل فيه على محمد بن عيسى العبدي المنفرد به عن ابن المنكدر. انتهى كلامه، وفيه نظر لما أسلفناه من عدم تفرّده به، وفي كتاب الطبراني الأوسط:"إن المؤذن والملبين يخرجون من قبورهم، يلبى الملبي ويؤذن المؤذن "(2) وقال: لم يروه عن أبي الزبير إلا أبو بكر الهذلي، ولا عن أبي بكر إلا أبو الوليد الضبي العباس بن بكار، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد، وحديث البراء بن عازب: أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة"(3) ، ورواه
(1) رواه ابن الجوزي في: "الموضوعات"(2/88) .
وقال ابن الجوزي: وموضوع،. وفي هذا الحديث عبَاد بن كثير، كان شعبة يقول: احذروا حديثه. وقال أحمد بن حنبل: روى أحاديث كذب لم يسمعها، تركوه.
(2)
الترغيب (1/178) وأسرار (330) وتنزيه (2/77) واللآلىء (2/7) والجوامع (5827) والمجمع (1/327) وعزاه إلى الطبراني فيه الأوسط،، وفيه مجاهيل لم أجد من ذكرهم. (3) صحيح. رواه مسلم في "الصلاة"(ح/14) وابن ماجه (725) والبيهقي (1/433) -
أيضا من حديث يزيد بن هارون عن أبي أمية شيخ من أهل البصرة ثنا القاسم بن عوف الشيباني عنه، وخرجه النسائي (1) من حديث أبي إسحاق عنه بلفظ:" الملائكة يصلون على الصف المقدّم، والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، له مثل أجر من صلى معه"، وفي مسند السراج:"من صلى خلفه" وحديث أبي هريرة: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: "يحشر المؤذنون أطول أعناقًا لقولهم: لا اله الا الله"(2) رواه السراج من حديث عمر بن عمر بن عبد الرحمن ابن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال ثنا محمد بن عمار المؤذن عنه، وفي حديث صالح بن سيار عند أبي الشيخ عن مسلم بن إبراهيم نا فرقد بن الحجاج القرشي ثنا عقبة عنه يحيى:" المؤذنون أطول الناس أعناقا، يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة"(3) وخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث منصور عن عباد بن محمد بن أنيس عنه مرفوعا: " المؤذِّنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة"(4) . ثم قال: العرب/تصف بأذل الشيء الكبير بطول اليد، وسائل الشيء الكبير يطول بطول النطق كما قال عليه السلام:"أسرعكنّ لحوقا بي أطولكن يدا"(5) وكانت سودة أول نسائه لحقت به وكانت أكثرهن صدقة،
- وابن حبان (293) وابن أبي شيبة (1/225) وعبد الرزاق (1861) والمجمع (327،1/326، 9/300) ومشكل (1/81) وا لمنثور (5/364) ومطالب (234) والمشكاة (654) والكنز (20895) والقرطبي (6/231) وأذكار (35) وابن عساكر في "التاريخ"(3/313، 10/329) .
(1)
صحيح. رواه النسائي) الإِمامة، باب (25) والأذان، باب " (14) والدارمي في والصلاة، باب (193) واحمد (4/269، 284) وعبد الرزاق (2450) والجوي مع (03،515091) وابن عدي في (الكامل)(6/2426) والكنز (20550، 20639) .
(2)
الكنز (20940) وابن عساكر في والتاريخ " (10/330) واللآلىء (2/238) .
(3)
بنحوه. رواه أحمد: (3/169، 264) .
(4)
صحيح. رواه ابن حبان: (3/89، 90) .
(5)
صحيح. رواه مسلم في والفضائل، (ح/101) والحاكم (4/25) والمجمع (8/289، 9/248) ومشكل (1/82) والكنز (15952) الإتحاف (7/185، 18/47) والنبوة (6/374) .
وفي قوله: أطول، أي: من أطول الناس. انتهى كلامه، وفيه نظرة لأن الذي في الصحيح أنها زينب بنت جحش، وقد قال هو في كتاب الصحابة أن سودة توفّيت سنة خمس وخمسين، وأن زينب توفيت سنة عشرين بالمدينة، هذا تناقض ظاهر- والله تعالى أعلم-، ويحتمل أن يكون هذا تصحف على الكاتب، وقد استظهرت نتيجة أخرى، ويؤيّده ما ذكره الحافظ النيسابوري في كتاب شرف المصطفي الكبير من أنّ سودة هي صاحبة القصة أيضًا- والله تعالى أعلم-، وحديث عقبة بن عامر يرفعه:"المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة"(1) رواه أبو القاسم في الكبير من حديث ابن لهيعة عن ابن أبي حبيب عن أبي الخير عنه، وحديث زيد بن أرقم يرفعه:"نعم المرء بلال سيد المؤذنين يوم القيامة، والمؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة"(2) رواه أبو القاسم الطبراني في الأوسط من حديث قتادة عن القاسم بن عوف الشيباني عنه، وقال: لم يروه عن قتادة إلا حسام بن مصك، وفي كتاب ابن زنجويه من حديث عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:(أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون ولا يدودون في قبورهم)(3) . وحديث بلال أنه قال: يا رسول الله الناس يتجرون ويبتاعون معايشه ويمكثون في بيوتهم، ولا أستطيع أن أفعل ذلك فقال:" ألا ترضى يا بلال/أن المؤذن أطول الناس أعناقاً"(4) ورواه البيهقي في الشعب من حديث محمد بن الوليد بن
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد"(1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف.
(2)
ضعيف. رواه الحاكم (3/285) والحلية (11/47) وابن عدي في " الكامل} (0/842) وابن عساكر في " التاريخ، (3/313، 1/3290) والطبراني في (الكبير، (5/238) والمجمع (1/326) وفيه حسام بن مصك وهو ضعيف.
(3)
رواه أحمد (3/169، 264) وعبد الرزاق (1862) والمجمع (1/326) والخلفاء (1/26) والكنز (25894) .
(4)
صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير" =
عامر ثنا أبو عمر أن محمد بن أبي سفيان الثقفي أنّ قبيصة بن ذؤيب حدثه عن بلال، وحديث ابن الزبير قال: وددت أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال:) أعطانا الله فقلت: لم ذلك؟ قال: أنهم أطول أهل الجنة أعناقا يوم القيامة " قال في الأوسط (1) : لم يروه عن هشام عن أبيه إلا عبد الله بن محمد بن يحيى. تفرد به إبراهيم بن المنذر، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإِسناد، وحديث أنس بن مالك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لو أقسمت لبررت، إن أحبّ عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر، يعني المؤذنين، لأنهم ليعرفون يوم القيامة بأعناقهم" رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن عبيد الله بن عبد الله بن جحش ثنا جنادة بن مروان الأزدي الحمصي ثنا الحارث بن النعمان عنه، وحديث عطاء بن عبد الله قال عليه السلام: "المؤذن فيما بين أذانه وإقامته كالمتشحط في دمه في سبيل الله عز وجل" (3) ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث أبي كامل عن أيوب بن واقد ثنا عبد الله بن عطاء عن أبيه، فذكر حديث أبي الوقاص صاحب رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "شهادة المؤذنين عند الله عز وجل يوم القيامة كسهام المجاهدين، وهم فيما بين الأذان والإقامة كالمتشحط في دمه في سبيل الله تعالى " (4) الحديث، رواه أيضا من حديث عتاب بن عبد الحميد عن مطر عن
= "والبزار"، بنحوه، ورجاله موثقون.
(1)
ضعيف جدا. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه إلى الطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه عبد الله بن محمد بن يحي بن عروقه وهو متروك الحديث. (2) ضعيفة جدًا. أورده الهيثمي في "بمجمع الزوائد"(1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسطي وفيه جنادة بن مروان، قال الذهبي: اتهمه أبو حاتم.
(3)
بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/327) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط، وفيه إبراهيم بن رستم، ضعفه ابن عدي، وقال أبو حاتم ليس بذاك ومحلّه الصدق ووثقه ابن معين.
(4)
لم أقف عليه.
الحسن عنه، وحديث الضحاك بن مزاحم عن الحارث عن علي قال:" ندمت أن لا أكون طلبت إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم فيجعل الحسن والحسن مؤذن "(1) قال الطبراني لم يروه عنه إّلا عامر بن إبراهيم، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:" لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إّلا أن يستهموا عليه لاستهموا " خرجاه في الصحيح (2)، وعن عقبة بن عامر سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول:" يعجب ربك من راعى غنم في رأس شظية بجبل، يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول الله- عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة " خرجه أبو داود (3) بسند صحيح عن هارون بن معروف عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حي بن يونس حدّثه عن عقبة به، وعن ابن أبي أوفي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر وإلا ظّلة لذكر الله عز وجل "(4)
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه الحارث، وهو ضعيف.
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (59/671،3/2381،1) ومسلم في (الصلاة، باب " 28، رقم (129) وأحمد (303،278،2/236) والنسائي (1/269، 2/23) والبيهقي (1/248، 1/2880) وابن خزيمة (1554) وعبد الرزاق (2007) وإتحاف (263،3/257) والمشكاة (628) وأبو عوانة (1/333، 2/37) وتلخيص (9/201) وشرح السنة (2/230) والترغيب (1/174) وتجريد (165) ومشكل (1/438) وا لقرطبي (4/87، 5/224، 10/20، 20 يهـ 13) والأذكار (35) والخطيب (4/425) والكلم (66) والموطأ (68، 131) .
غريبة: قوله: " يستهموا عليه "، الاستهام هو الاقتراع، ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظم جزائه، ثم لم يجدوا طريقَا يحصلونه به، لضيق الوقت، عن أذان بعد أذان، أو كونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله. ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة، نحو ما سبق، وجاءوا أبيه دفعة واحدة، وضاق عنهم، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به، لاقترعوا عليه.
(3)
صحيح. رواه أبو داود (ح/1203) وأحمد (157،4/145) والطبراني (17/310) والبيهقي (1/405) والترغيب (1/182) والمشكاة (665) والنسائي (2/20) .
وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/230) .
(4)
ضعيف رواه البيهقي (1/379) والحاكم (1/51) وتلخيص (8/201) -
ذكره ابن شاهين من حديث إبراهيم السكسكي عنه، وقال: هو حديث غريب صحيح، وعن سلمان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: لا إذا كان الرجل بأرض فيء فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه " (1) ذكره عبد الرزاق ابن همام في كتاب الصلاة عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عنه، وذكره في الشعب من حديث عبد الوهاب بن عطاء وثنا سليمان التيمي به وعن أبي برزة الأسلمي قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " ما من عبد أذّن في أرض في قفر فلا تبقى شجرة ولا مدرة ولا تراب ولا شيء إلا استخلا البكاء لقلة ذاكري الله في/ذلك المكان " (2) ذكره الإِمام أبو بشر إسماعيل بن عبد الله سموية الأصبهاني في فوائده، وعن ابن عمر قال عليه السلام: " تفتح أبواب السماء الخمس للأذان وقراءة القرآن الحديث ذكره في " الأوسط "(3) وقال أبو بردة عن عبد العزيز بن رفيع الأحفص ثني سليمان نرد به عمر بن عون، وعن أنس: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " إذا أذّن في قرية أمّنّها الله تعالى من عذابه ذلك اليوم (4) أنبأ به المسند المعمر تقى الدين محمد بن عبد الحميد قراءه عليه وأنا ًلا أسمع أنبأ إسماعيل بن عبد الله بن أبي الغراء أنبأ فاطمة بنت سعد الخير أنبأ فاطمة الجوزدانية أنبأ ابن زيد أنبأ أبو
والمنثور (3/34) والكنز (1899، 25902) والخفاء (1/461) والمجمع (1/327) وعزاه
إلى الطبراني في" الكبير" البزار، ورجاله موثقون لكنه معلول.
(1)
رواه الطبراني (6/305) والترغيب (1/183، 266) والكنز (20931) وتلخيص (1/194) . (2) الموضح (1/121) والكنز (20929) والحلية (3/133) .
(3)
ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(1/329) وعزاه إلى الطبراني في " الأًوسط "، وفيه طلحة بن زيد، ونسب إلى الوضع.
(4)
ضعيف. أورده الهيثمي في بمجمع الزوائد، (1/328) وعزاه إلى الطبراني في (الثلاثة،، وفيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار، ضعفه ابن معين.
القاسم ثنا صالح بن سعد أبو شعيب الزاهد ثنا بكر بن محمد القرشي ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن عن صفوان بن سليم عنه، قال في الأوسط: لم يروه عن صفوان إلا عبد الرحمن بن سعد. تفرد به بكر، ورواه معن من حديث ثابت عنه بلفظ:" يد الله فوق رأس المؤذن، وأنه ليغفر له مد صوته أين بلغ "(1) وقال: لم يروه عن ثابت إّلا عمر بن حفص، وعن أبي هريرة: أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا نودي للصلاة
أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا
ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه
يقول: أذكركه الماء لم يكن يذكر حتى يضلّ الرجّل لا يدر كم صلى لما
خرجاه في الصحيح (2) ولفظ أبي القاسم في الأوسط:" إذا تغوّلت لكم
الغول فنادوا بالأذان فأنه الشيطان" (3) الحديث، وقال لم يروه عن سهيل إلا
عدي بن الفضل. تفرد به أبو عامر العقدي، وعن جابر قال: سمعت النبي-
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول:" إنَّ الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء، قال سليمان: قلت عن الروحاء " فقالوا: هي
من المدينة ستة وثلاثون ميلَا. رواه مسلم (4)، وعن زيد بن خالد: قال رسول
(1) موضوع. أورده ابن القيسراني في " الموضوعات "،:(خ/1046،295) .
(2)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (11/4/58،2/87،151) ومسلم في (الصلاة، ح/
19، 20) والنسائي (3/31) وأحمد (2/460) وشرح السنة (2/273) والموطأ (69) والمشكاة
(655)
وحبيب (1/51) والبداية (1/63) .
(3)
ضعيف جذا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (10/134) من حديث سعد، وعزاه إلى " البزار "
ورجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد، ورواه أحمد (3/382) والميزان (6404) وعبد
الرزاق (9352) وفي الميزان ترجمة: عمرو بن عبيد بن باب، ان بو عثمان البصري المعتزلي القدري مع زُهده
وتألهه، تال ابن معين: لا يكتب حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أيوب ويونس: يكذب،
وقال حميد: كان يكذب على الحسن، وقال ابن حبان: كان من أهل الورع والعبادة إلى أن أحدث ما
أحدث، واعتزل مجلس الحسن هو وجماعة معه فسموا المعتزلة، تال: وكان يشتم الصحابة، ويكذب في
الحديث وهما لا تعمدا، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف.
(4)
صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/15) .
الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تسبوا الديك فأنه يدعو إلى الصلاة "(1) وفي رواية:" يؤذن بالصلاة " رواه أبو داود (2) بسند صحيح عن قتيبة عن الدراوردي عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن عتبة عنه، وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا يقام فيهم الصلاة ألا استحوذ عليهم الشيطان " رواه النسائي (3) بسند صحيح عن سويد عن ابن المبارك عن زائدة عن السائب بن حبيش، وهو ممن وثقة العجلي وغيره عن معدان بن أبي طلحة، وعن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" يغفر للمؤذن مذ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس يسمع صوته " رواه أحمد (4) في مسنده، ورواه السراج بسند صحيح عن محمد بن عقيل ثني حفص بن عبد الله نا ابن طهمان عن الأعمش عن مجاهد موقوفا، وبهذا الإِسناد مرفوعا:" الإِمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين "(5) وفي شحب البيهقي من حديث سفيان عن أبي اليقطان عن زاذان عنه مرفوعا:
(1) صحيح رواه أحمد (15/93) والحميدي (814) والكنز (35287) وابن حبان (1990) وابن عدي في (الكامل، (4/1646) .
(2)
إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/5101) والترغيب (3/474) والمشكاة (4136) والكنز (35271) وأذكار (324) وشرح السنة (430) وأسرار (430) وفيه يوقظ مكان " يؤذن ".
(3)
إسناده صحيح رواه النسائي (06/12) وأبو داود (547) وشرح السنة (3/347) والمنثور (6/186) والترغيب (1/272) والمشكاة (1067) وتمام لفظه: " ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تُقام فيهم الصلاة ألا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية "
(4)
صحيح. رواه أحمد (2/136، 461) والبيهقي في الشعب (1864) والكنز (1864) وأصفهان (2/301) وابن عدي في " الكامل "(2/791) .
(5)
صحيح. رواه أبو داود (ح/517) والترمذي (ح/207) وصححه، وابن ماجة (ح/981) وب-. (2/232، 284، 382، 419، 424، 461، 472) وشهاب (234) وعبد الرزاق (1838) وابن خزيمة (1528) والطرافة (8/343) وشرح السنة (2/279) والمشكاة (663) والخطيب (3/242، 4/من 6/67،9/33،111،64/301) وابن حبان (363،362) ومشكل (56،53،3/52) =
" ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة: إمام قوم يبتغى به رحمة الله تعالى،
وهم به راضون، ورجل أذن خمس ساعات يبتغى به رحمة الله تعالى 000" (1) الحديث مرسل صفوان بن سليم أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قال:" خطمة من الأنصار بابن خطمة، اجعلوا مؤذنكم/أفضل في أنفسكم "(2) رواه البيهقي في الكبير من حديث فخر بن نصر عن ابن وهب أنبأ حيوة عن بكر بن عمرو عنه، وعن معقل بن يسار أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال:" إنَّ الله تعالى لا يأذن لشيء إذنه للأذان، والصوت الحسن بالقرآن "(3) ذكره الخطيب في تاريخه، وردَه بسلام الطويل وزيد العمى، وفي البيهقي من حديث أبي عبيد: ثني هشيم ثنا ابن شبرمة قال: " تشاح النّاس في الأذان بالقادسية، فاختصموا إلى سعد، فأقرع بينهما وفي كتاب الطبراني " لما رجعوا من فتح القادسية، وقد جاءت الظهر وأجيب المؤذن فتشاح النّاس في الأذان، حتى كادوا يتجلدون بالسيوف " وعن عائشة في قوله تعالى: " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} (4) قالت: هم المؤذنون. ذكره الكجي في سننه من حديث النعمان بن عبد السلام: أثنا عبيد الله بن الوضاح عن عبيد الله بن عبيد بن عمير عنها، وعن جرير بن عبد الله، عن النبي- صلى الله عليه وآله
= والحلية (8/118) والترغيب (1/176) .
وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/231) .
(1)
رواه الطبراني في " الصغير "، (4/122) والترغيب (0/69581،777،376،3/26،1)
والكنز (43310) والحلية (9/320) وأصفهان (2/335) . وقد رووا منه طرفا قوله:" ثلاثة
لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة ".
(2)
لم نقف عليه.
(3)
ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " وعزاه إلى الطبراني في
" الكبيرة 0 "، وفيه سلام الطويل، وهو متروك.
(4)
سورة فصلت آية: 33.
وسلم- سمع رجلا يقول: الله أكبر فقال: " علي الفطرة " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: " خرجت من النار " وكان يغير عند صلاة الفجر فيستمع، فإن سمع أذانًا وإّلا أغار " (1) ، رواه أيضا من حديث الحجاج عن رجل عن زاذان عنه، ومن هذا الباب الدعاء بين الأذان والإِقامة، روى أنس بن مالك أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال:" الدعاء لا يرد بين الأذان والإِقامة " (2) رواه أبو عيسى، وحسنه، وفي كتاب ابن زنجويه: " إذا أذّن الأذان فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء " (3) وفي حديث الرقاشي عنه مرفوعاً:" إذا نادى المنادى فتحت أبواب السماء وأبواب الجنة، واستجيب الدعاء "(4) ولما ذكر ابن/عدي هذه الرواية منعها زيد، وذكره أيضًا في ترجمة سلام أبي المنذر، وهو ضعيف، عن ثابت عن "، وأورده في ترجمة الفضل بن مختار عن حميد عنه، وقال: لم يتابع عليه، وأورده في ترجمة أسيد الجمال عن ابن المبارك عن سليمان التيمي عن قتادة عنه، وقال: لم يروه عن ابن المبارك غير أسيد، وروى سهل بن سعد أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وكلّ عما يرد على داع: دعوته عند حضور النداء، والصف في سبيل الله تعالى "، (5) رواه
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/9) والترمذي (ح/1618) وأحمد (3،1/132/407، 229، 253،241، 270، 5/248) والطبراني (11/150) وابن خزيمة (399، 400) وعبد
الرزاق (1866) والمنثور (1/35) والكنز (23285، 23296) ومعاني (1/146) والخطيب (8/
220) والمجمع (36،363،1/334)
(2)
حسن. رواه الترمذي (ح/3594، 3595) وأحمد (13/19) والترغيب (4/272) والمغني عن حمل الأسفار (1/306) وابن عدي في " الكامل "، (9/1152) والإرواء (1/262) .
(3)
الحلية: (6/308) 0 إسناده ضعيف، وهو صحيح.
(4)
ضعيف. رواه الحاكم (1/547) وشرح السنة (2/291) والحلية (1/2130) وابن السني (خ/96) والكنز (0،20923342) .- (5) صحيح. رواه مالك في (النداء، ح/7) . قال ابن عبد البر: هذا الحديث موقوف عند جماعة من رواه الموطأ، ومثله لا يقال بالرأي. وروى من طرق متعددة، عن أبي حازم-
أبو داود من حديث موسى بن يعقوب الزمعي عن رزق- أو رزي- بن
سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عنه، قال البيهقي: رفعه الزمعي، ووقفه مالك بن أنس الإِمام، وفي حديث ليث عن ابن سابط، قال:" تفتح أبواب السماء لخمس: لقراءة القرآن، ونزول الغيث، والسعي للزحف، وعند الدعاء والأذان "(1) وفي حديث طلحة عن عطاء قال: " كان أبو هريرة يقول: إنّ أبواب السماء تفتح عند زحف الصفوف في سبيل الله تعالى، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة المكتوبة فاغتنموا الدعاء ". وأما قوله- عليه الصلاة والسلام: " المؤذنون أطول الناس أعناقا "(2) . فذكر ابن أبي داود إيّاه قال: ليس أنّ أعناقهم تطول وذلك أنّ الناس يعطشون يوم القيامة، وإذا عطش الإِنسان انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة، وفي محكم ابن سيدة قال ثعلب: هو من قولهم: له عنق في الخير أي: سابقة، وقيل: يغفر له مد صوته وقيل: يزادون على الناس، وفي كتاب الهروي قال ابن الأعرابي: معناه أكثر النّاس أعمالا، وقال غيره هو من طول الأعناق لأن/النُّاس في الكرب يومئذ وهم في أروح مربيون لأن يؤذّن لهم في دخول الجنة وقيل: أنهم يكونون رؤوسا حومئذ والعرب تصف السادة بطول الأعناق، قال الشاعر:
يشبهون ملوكا في تحليهم
…
وطول الضبة الأعناق واللسم
قال: ورواه بعضهم أعناقا أي: إسراعَا إلى الجنة، وكذا ذكره أيضا الخطابي، وقال القاضي أبو الفضل أبي حصبي: هو على وجهه، وإنَّ الناس في
- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكره. وتلخيص (4/94) وإتحاف (5/33) وابن حبان (298) والترغيب (2/295) والتجريد (138) .
(1)
الكنز (3333) والطبراني في لا الصغير، (11/69) والمجمع (1/328) وعزاه أبيه، وفيه حفص بن سليمان الأسدي ضعفه البخاري ومسلم وابن معين والنسائي وابن المديني، ووثقه أحمد وابن حبان وَلا أنه قال: الأزدي وكان الأسدي.
(2)
تقدم في أكثر من موضع في هذا الباب ص 1177.
عرق العرق وهم ناجون منه انتهى، ويؤيّد هذا ما أسلفناه في الحديث "
ذلك سيماهم، وقول ابن الزبير: هم أطول الناس أعناقا في الجنة، ولعلّ هذا هو الأرجح لكونه هو الظاهر مع معاضدة الحديث، وقال المازري: يقال هو إشارة إلى قرب المنزلة من كرامة الله تعالى، وفي المشكل معناه: أنّ الناس يرثون ثواب أعمالهم فتتطاول إلى ذلك أعناقهم ويتفاضلون في ذلك فيكون المؤذنون أطولهم أعناقا لكثرة ما يرجونه من الثواب، وزعم ابن رشد: أنّ الأحسن في تأويل ذلك على المجاز. بمعنى أنهم مشهورون بذلك يوم القيامة عند الناس لشهرة عملهم في الدنيا كما يقول في وقت يستريب النّاس فيه بالخوف على أنفسهم بمطالبة طالب لهم ليس يأمن على أنفسهم منهم، فلأن يمشى بين النّاس طويل العنق، ويندرج في هذا ما ينبغي أن يكون المؤذّن عليه، ففي حديث الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" لا يؤذن إلا متوضئ "(1) . وعنه قال: قال أبو هريرة: " لا ينادى بالصلاة إّلا متوضئ "(2) . رواهما الترمذي وقال: هذا أصح من الأوّل، وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب والزهري لم يسمع من أبي هريرة، وعن عبد الجبار بن وائل عن أبيه/قال: حقّ وسنّة إلا يؤذِّن إلا وهو قائم، ولا يؤذن إلا وهو طاهر، ذكره البيهقي وردّه بالانقطاع فيما بين عبد الجبار وأبيه، وعن ابن عباس قال: كان لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم مؤذن يطرب فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " الأذان سهل سمح، فإن كان أذانك سمحاَ سهلاً الا فلا تؤذن ". رواه الدارقطني (3) من حديث إسحاق بن
(1، 2) رواهما الترمذي: (ح/200، 201) .
قال الترمذي: " وهذا أصح من الحديث الأوَل ". ورواه البيهقي (1/397) من طريق هشام بن عمَار عن الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. ثم قال البيهقي: " هكذا رواه معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف، والصحيح رواية يونس بن يزيد الأيلي، وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة: لا ينادى بالصلاة ألا متوضئ ". وهو حديث ضعيف على كل حال، للانقطاع بين الزهري وأبي هريرة، ورواية معاوية بن يحي التي هنا ضعيفة بذلك ويضعف راويها، ورواية البيهقي صحيفة بمعاوية هذا أيضا.
(3)
موضوع. رواه الدارقطني (1/239) والموضوعات (2/87) والفوائد (16) وتنزيه=
أبي يحيى الكعبي عن ابن جريح عن عطاء عنه، وإسحاق هذا قائل فيه ابن حبان: لا يحلّ الاحتجاج به، هو الذي روى عن ابن جريج يذكر هذا الحديث، وفي حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم:" لا يؤذن لكم من يدغم الهاء "(1) قال الدارقطني: هذا حديث منكر، وإّنما مر الأعمش برجل يؤذن ويدغم الهاء فقال: وعلي بن جميل يعني الذي رفعه ضعيف، وروى مجاشع عن هارون بن محمد عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يؤذن لكم إلا صالح " (2) ذكره أبو أحمد بن عدي، وقال هارون لا يعرف، وفي حديث جابر قال: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يكون الإِمام مؤذنًا " (3) ذكره ابن عدى من حديث إسماعيل بن عمرو البجلي وردّ به، وقال: لم يتابع إسماعيل عليه، ورواه أبو الشيخ بسند آخر ترجمة ذكر خبر روي في أن يكون المؤذِّن إمامًا إن صحّ ذلك. ثنا ابن الطهراني ثنا أبو أنس كثير بن محمد التميمي ثنا إسحاق بن إبراهيم الجعفي الصيفي ثنا معلى عن محمد بن سوقة عن ابن المنكدر عن جابر به، وذكر أبو أحمد أيضا من حديث زيد العمّى عن قتادة عن أنس يرفعه: " يكره للمؤذن أن يكون إماما " (4) ويعارضه حديث عبد الله.
= (2/98) واللآليء المصنوعة (2/7) وابن القيسراني (300) .
قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: ليس لهذا الحديث أصل عن رسول صلي الله عليه وسلم وإسحاق لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. (1) موضوع. رواه ابن القيسراني (1006) والموضوعات (2/87) . قال ابن الجوزي: قال أبو بكر بن أبي داود: هذا حديث منكر، وإنما مر الأعمش برجل يؤذن ويدغم الهاء. قال ابن الجوزي: والمتهم بهذا الحديث علي بن جميل. قال ابن عدي: حدث بالبواطيل عن ثقات الناس. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، لا تحل الرواية عنه بحال.
(2)
موضوع: (2/7) .
(3)
ضعيف جذا. رواه البيهقي (1/433) والمتناهية (1/400) وابن عدي في " الكامل "(1/317) .
(4)
العلل المتناهية (1/400) وابن عدي في " الكامل "(3/1056) .
/حدثنا (1) عبد الله بن الجراح أنبأ المعتمرين سليمان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: " التمسوا شيئًا يؤذِّنون به علمًا للصلاة فأمر بلال أن يشفع ويوتر الإقامة ". حدثنا نصر بن علي ثنا عمر بن علي عن خالد به هذا حديث خرجاه في صحيحهما زاد البخاري قال إسماعيل فذكرت لأيوب فقال إلا الإِقامة، وعاب الإسماعيلي ذلك أذكر هذه اللفظة من قول أيوب، وقال: وترك حديث سماك بن عطية وهو متصل بقوله ويوتر الإِقامة إّلا الإِقامة وهو ما صححه عن حماد عن سماك عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس، وفي صحيح ابن مندة هذه اللفظة من قول أيوب هكذا رواه ابن المديني عن ابن عليّة فأدرجها سليمان عن حمّاد ورواه غير واحد عن حماد وليذكروا هذه اللفظة، وفي مسند السراج عن محمد بن رافع وإسحاق بن إبراهيم والحسن بن أبي الربيع عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال:" كان بلال يشفع الأذان ويوتر الإِقامة "(3) إلا قوله قد قامت الصلاة زاد ابن خزيمة: " قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة "، وفي سنن البيهقي (4) من حديث هارون بن سليمان الأصبهاني عن ابن مهدى عن أبان بن يزيد عن قتادة عن أنس:" أن بلالا كان أذانه مثنى مثنى وإقامته مرة مرة " ورواه المالك (5) الحدي عن شعبة عن قتادة عن أنس عن بلال وهو خطأ، إنما هو شعبة عن خالد عن أبي قلابة قاله بن أبو حاتم الرازي فيما حكاه عنه أنه في العلل، وأمّا اعتراض بعض العلماء بأنّ هذا الحديث غير مرفوع قال: ويحتمل أن يكون الأمر غير النبي-
(1) سقط في " الأصل ".
(2)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/607،606) ومسلم في (الصلاة، باب (2،، ح/378) وأبو داود (ح/509) والترمذي (ح/193) والدرامي (ح/1194) وأحمد (3/189،103) .
قوله:} " يشفع " أي يأتي بكلماته مثنى مثني.
(3)
الكنز: (23286،23235) .
(4)
رواه البيهقي: (1/411) .
(5)
كذا ورد هذا السياق " بالأصل".
صلى الله عليه وآله وسلم- فمردود من وجوه: الأول: أكثر أهل العلم/من المحدثين والأصوليين من أن قول الصحابي أمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا سند مرفوع لا الظاهر ينصرف إلى من له الأمر والنهى وهو النبي صلي الله عليه وسلم سواء أضافه إلى زمنه عليه السلام أو لم يضفه، لاسيما وقد قال في نفس الحديث عند البيهقي ذكروا الصلاة عند النبي عليه السلام فقالوا يزيد أم رأى من يرانا قوسا فأمر بلال " فهذا نص على من في الباب بأنّ الأمر لكن لا غيره والله تعالى أعلم، وفي لفظ آخر أتاه ابن زيد الرؤيا: " أمر بلال أن يؤذن مثنى مثنى ويقيم فرادى "، رواه من حديث العباس بن الوليد عن محمد بن شعيب بن شابور ثنا حميد بن عبيد بن هلال عن أنس الثاني: لو رجّح قول من خالف ما أسلفناه بقوله قد رأينا جماعة من الصحابة قالوا ذلك، وفتشنا عنه فوجدنا الأمر غير النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أجيب بأنه لو سلمنا لكم ما قلتم، فإن هذا لا يتأتى في هذا مطلقا، لأن بلال- رضى الله تعالى عنه- لم يؤذن لأحد بعد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم إلا مرّة واحدة لعمر وهذا هو المشهور فصحّ أنّ الأمر له هو النبي- صلى الله عليه وآله وسلم، الثالث: ولئن سلمنا أنّ الأمر هنا يحتمل أن يكون غير النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يجاب بأنا وجدناه صحيحا مسندا يبيّن فيه من الأمر إثباته الإمام المسند المعمر يحمل عبد الله بن شبل أنبأ الإِمام المسند أبو محمد شاكرَ الله أنبأ الإِمام عبد العزيز به أنبأ أبو زرعة أنبأ أبو محمد بن أحمد أنبأ القاضي أحمد بن حسين أنبأ أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق أنبأ أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب أنبأ قتيبة بن سعيد ثني عبد الوهاب عن أيوب/عن أبي قلابة عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة "وخرجه ابن حبان في صحيحه (1) عن محمد بن عبد الله بن الجنَيد لنا قتيبة حنا يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة فذكره، وخرجه أبو قرّة موسى بن طارق السكسكي في سننه، ذكره سفيان عن خالد الحذَّاء وخرجه أبو عبد الله في مستدركه عن أبي العباس ثنا العباس بن محمد ثنا يحيى بن معين ثني عبد الوهاب الثقفي فذكره ثم قال:
(1) رواه ابن حبان: (3/92) .
هذا حديث أسنده إمام أهل الحديث مزكى الرواة بلا مدافعة، وقد تابعه عليه الثقة المأمون قتيبة بن سعيد وهو صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة، ورواه البيهقي في الخلافيات عن علي بن نهر عن الحسن عن رشيق عن أحمد بن داود الحراني عن العباس بن الوليد المرسى عن وهيب بن خالد عن أيوب وفي آخره وزاد أيوب يفرد الإِقامة، ورواه أبو الشيخ عن أبي يعلى ثنا سفيان بن وكيع ثنا عبد الوهاب به، وأنبأ أبو يعلى ثنا مخلد بن محمد ثنا كثير بن سفيان عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أمر بلال به، قال: ورواه سلمة عن عبد الرزاق عن معمر، ورواه عثمان بن صالح المصري عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن أنس به، وزعم أبو زرعة حين سؤاله عن هذا السند: هذا حديث منكر ذكره ابن أبي حاتم عنه، وذكره أيضا من حديث محمد بن منصور الجواز عن عبد الملك الجدّى عن سعيد عن قتادة عن أنس، وذكر عن أبيه أنه خطأ إنّما هو سعيد عن خالد عن أبي قلابة، ورواه البيهقي في السن الكبير من حديث/يعلي بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن أيوب، ورواه الدارقطني عن عمر بن محمد المروزي حدثنا محمد بن الليث العزال ثنا عبدان ثنا خارجة عن أيوب به، ومن حديث الحسن بن حماد بن كسيب ثنا ابن علية عن خالد به، ولما رواه أبو عمر في الأوسط مطولَا ثم قال: يروه بهذا التمام عن خالد الحذاء إلا رواح بن عطاء بن أبي ميمونة تفرد به محمد بن يحيى القطعي، ووجدنا أيضَا غير شاهد يؤكّد صحته، فمن ذلك حديث ابن عمر قال:" كان الأذان على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم مرتين والإِقامة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا بذلك توضأنا ثم خرجنا "(1) خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن بندار. حدّثنا ابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا جعفر يحدّث عن مسلم بن المثنى عنه، قال شعبه لم أسمع من أبي جعفر عند هذا
الحديث، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، وخرجه ابن حبان في صحيحه،
وسكت عنه عبد الحق مصححا له، ولفظ أبي عوانة في صحيحه " كان
(1) صحيح الإسناد. المشكاة (643) وشرح السنة (2/255) .
الأذان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم مرتين ومرتين والإِقامة مرة " (1) وقال الحافظ الجوزقاني هذا حديث صحيح، وأبو جعفر محمد بن مهران المؤذن: كوفي ثقة، وأبو المثنى: ثقة، وخرجه أبو عوانة أيضا من حديث عيسى بن يونس عن عبد الله عن نافع عنه ولفظه:" الأذان مثنى مثنى والإِقامة مرّة " (2) ، وحديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه رواه البيهقي في الكبير من حديث ابن المبارك عن يونس ابنا الزهري أخبرني سعيد عنه بلفظ: " حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر " (3) وفي لفظ: " قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة "./وحديث أبي محذورة مثله ذكره أيضا، وحديث سلمة بن الأكوع قال " كان الأذان على عهد رسول الله- صلي الله عليه وسلم - مثنى، والإقامة مفردة " (4) ذكره ابن أبي حاتم في علله، وحديث أبي جحيفة:" كان الأذان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة واحدة " رواه البيهقي من حديث أبي إسحاق به عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، وحديث أبي هريرة قال ابن أبو محذورة:" أن يشفّع الأذان ويوتر الإِقامة " (6) ، ورواه الدارقطني من حديث عبد الصمد بن الفضل ثني خالد بن عبد الرحمن المخزومي ثنا كامل بن العلاء عن أبي صالح عنه، وسيأتي عن ابن ماجة حديثان شاهدان له أيضا والله تعالى أعلم، وفي البيهقي بسند صحيح أنَّ مكحول، والزهري إنما قالا مضت السنة أن الأذان مثنى، والإقامة واحدة إلا قول: قد قامت الصلاة فأنها مرتين، قال وروى نحوه عن الحسَن حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سعيد بن عمار بن سعد مؤذِّن رسول الله صلي الله عليه وسلم حدثني أبيه عن جدّه: " أن أذان بلال كان مثنى مثنى وإقامة مفردة " (7) هذا حديث
(1) المصدر السابق.
(2)
صحيح. رواه النسائي (2/3، 21) والمجمع (1/331) وعزاه إلى الطبراني في "الكبير" إسناده حسن. (3) رواه مسلم) ص 287) والكنز (23054) . (4) انظر: الحاشية رقم " 2 " السابقة.
(5)
الحاشية السابقة.
(6)
صحيح. الكنز: (23286،23235) . له شاهدان عند ابن ماجه.
(7)
انظر: الحاشية رقم "1، 2 " السابقة.
سبق الكلام على صحة إسناده في باب السنة في الأذان، وزاد أبو أحمد:" وقد قامت الصلاة مرّة واحدة "، حديث أبو زيد عباد بن الوليد حدثني معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلي الله عليه وسلم قال: حدثني أبو محمد بن عبد الله عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع قال: " رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم واحدة "(1) هذا حديث سبق التنبيه على ضعفه/في كتاب الطهارة، وقد وردت أحاديث تعارض ما أسلفناه، من ذلك حديث أبي محذورة من عند أبي خزيمة وعلّه يعني النبي صلي الله عليه وسلم الإقامة مثنى مثنى:" الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إلَه إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله "(2) رواه عن يعقوب الدورقي حدثنا روح ثنا ابن صريح أنبأ عثمان بن السائب عن أم عبد الملك بن أبي محذورة عنه وثنا محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق أنبأ ابن جريج حدثني عثمان عن أبيه السائب وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة إنَّما سمعا ذلك من أبي محذورة وثنا يزيد بن سنان ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج حدثني عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة، وهذا حديث الدورقي، وقال في آخره قال يزيد بن سنان: الإِقامة كذكر الدورقي سواء، قال ابن رافع: إذا أقمت نقلها مرتين، وقد تقدّم عند ابن ماجة عنه صحيحا أيضًا، والإِقامة سبع عشرة كلمة، وخرجه ابن الجارود ثنا نحوه، وفي كتاب الترمذي وقال فيه حسن صحيح، الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة، وكذا هو في صحيح السن، وقد تقدّم طرف منه منفصلًا قيَل:- والله تعالى أعلم- وحديث عبد الله بن زياد الأنصاري قال: " لما رأى الأذان أتى النبي صلي الله عليه وسلم فأخبره فقال: " علّمه بلال " فقام بلال فأذًن مثني مثنى وقعد قعدة. قاله ابن خزيمة (3) في/صحيحه، وأما ما روى
(1) ضعيف، وتقدم في كناب الطهارة.
(2)
انظر: مقدمة الأذان.
(3)
رواه ابن خزيمة (379) والمعاني (11/32، 134) .
العراقيون عن ابن زيد في تنبيه الإقامة فغير ثابت من جهة النقل، وقد خلطوا في أسانيدهم التي رووها فرواه الأعمش عن عمرو بن مرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أن عبد الله ابن زيد ثناه سلم بن جنادة ثنا وكيع عنه، ورواه ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرّة عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد، ورواه المسعودي عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن معاذ، وكذا رواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عمرو، ورواه حصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى مرسلا لم يقل عن ابن زيد، ولا عن معاذ، ولا ذكر أحدا من الصحابة، وكذا رواه شعبة عن عمرو عن ابن أبي ليلى، وسمعت محمد بن يحيى يقول: ابن أبي ليلى لم يدرك عبد الله بن زيد، قال أبو بكر: فهذا خبر العراقيين الذي احتجوا به عن أبي زيد في تثنية الأذان والإِقامة، وفي أسانيدهم من التخليط ما يثبت، وأنّ ابن ألي ليلى لم يسمع من معاذ ولا من ابن زيد فغير جائز أن يحتج غير ثابت على أخبار ثابتة انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه الأول: حديث ابن أبي ليلى الذي سقته أنت بلفظ: حدثنا أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم متصل صحيح، إذ من المعلوم في الاصطلاح الحديثى أن جهالة اسم الضحاك الذي شهد له التابعي المشهور بما لا نص إجماعا، ولهذا قال ابن حزم وهذا إسناد في غاية الصحة، الثاني: ما ذكره من التخليط غير ضارٍ، إذ الاختلاف الضار لابد أن يكون عن ضعف متن، كذلك فغلط الغالط، ورواية الضعيف لا تكون سببا لضعف رواية الحافظ/ولا تناقض بين قوله لنا أصحاب محمدا وأصحابنا، وكذلك لا يعارضه أن يرسله مرّة أو يذكره عن معاذ مرّة، لاسيما وذلك لم يتأت هذا إلا بين الأخذ عنه لا منه، الثالث: مجيئه صحيحا من غير رواية ابن أبي ليلى وهو ما ذكره البيهقي في الخلافيات من حديث أبي العميس قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد يحدّث عن أبيه عن جدّه أنه رأى الأذان مثنى مثنى، والإِقامة مثنى مثنى وأتيت النبي فأخبرته فقال:" علمهن بلال "(1) . عبد الله بن محمد، وثَّقه البستي. ومحمد أبوه: صحح حديثه ابن خزيمة. وكذا إسماعه
(1) الحاشية السابقة.
من أبيه فيما أسلفناه، وفي صحيح أبي عوانة الاستقراء من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث ثني شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن عبد الله بن زيد قال سمعت أذان رسول الله صلي الله عليه وسلم فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى، وأمّا ما ذكره البيهقي من أنَّ عبد الله بن زيد استشهد يوم أحد فالروايات كلّها عنه واهية فغير صواب لأمرين، الأول: يناقضه هو في هذا بقوله ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا، يعني خبر محمد بن عبد الله بن زيد، قال: لأنّ محمدا سمع من أبيه، ومحمد لم يذكره في الصحابة أحد فيما علمت، الثَّاني: قوله: أنه استشهد بأحد، واستدلَّ على ذلك برواية إبراهيم بن حمرّة ثنا عبد العزيز عن عبيد الله بن عمر قال دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز فقالت: أنا ابنة عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان وشهد بدرا وقتل يوم أحد، فقال عمر تلك المكارم لا يعبان من لين/شيئا بماء فعاد أبعد إلَّا قال الحاكم: فهذه الرواية الصحيحة تصرّح بأنّ أحدَا من هؤلاء لم يكن عبد الله بن زيد انتهى كلام الحاكم.، وفيه نظر من وجوه: الأول: قوله هذه الرواية الصحيحة، وليست كذلك لانقطاع ما بين عبيد الله بن عمرو عمر بن عبد العزيز لكونه ليس في طبقة من يشابه عمر بالرواية، ولا رأيت من نص عليه. الثَّاني: فردّ له هو عن هذه الحكاية الصحيحة على زعمه: فلم يذكر عبد الله بن زيد في المستشهدين، بأحد في سائر الروايات التي ساقها في كتاب الإِكليل، والمستدرك الثالث: إجماع الرواة على أنه كان في الفتح معه راية بنى الحارث حتى قال ابن سعد وابن عقبة: والأقوى أبو معشر وغيرهم، وشهد أحدَا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله- صلى الله عليه وآله وسم-، ذكر ابن سعد عن أبيه محمد ابن عبد الله: أنه توفي سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة وهو ابن أربع وستين سنة وصلى عليه عثمان بن عفان. الرابع: المحفوظ، والذي عليه المؤرخون أنّ عمر بن عبد العزيز قال: هذا ما ردّ عليه عاصم بن قتادة الفقيه فسأله عمر عن نسبه فقال: أنا ابن الذي سألت على الخد عنه فردت بكفِّ المصطفي، وقد جاء ذلك أيضا من طرق عن بلال أنه أذَّن كذلك من ذلك رواية البكائي عن إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، ورواها الدارقطني بسند
صحيح عن محمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن محمد من أصل العقيق ثنا إبراهيم بن دينار قال: وثنا ابن مخلد ثنا ابن عون محمد بن عمرو بن عون ومحمد بن عيسى الواسطيان قالا:/ثنا زكريا بن يحيى قالوا: ثنا زياد بن إبراهيم بن محمد وثقة الحاكم في تاريخه، وابن دينار وثقة أبو زرعة وغيره، وقال في الأوسط: لم يروه عن إدريس إّلا زياد، وروى عمر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود مثل ذلك، وكذلك رواه النخعي قال البيهقي: هما منقطعان وروى سويد بن غفلة:" أن بلالا كان يثنى الأذان والإقامة "(1) ، قال الحاكم سويد بن غفلة لم يدرك بلالا وإقامة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم أبي بكر فإرسال الخبر بذلك ظاهر انتهى كلامه، وفيه نظرة من حيث أن الطحاوي لما ذكره في شرحه مصرّح بقول سويد سمعت بلالا يؤذن مثنى ويقيم مثنى، وفي الأسرار لأبي زيد الدنوس رآه يؤذِّن ببطحاء مكة فعلى هذا يكون متصلا به دخل المدينة كثيرا مسلما يوم دفن النبي صلي الله عليه وسلم، فبالضرورة سمع أذان بلال لأن المشهور أنّ بلالا رحل إلى الشام في خلافة أبي بكر قدمناه، وقيل في أيام عمر وأيامًا كان فقد سمع بلالا يؤذِّن بذلك يوم الرضا، وقبل الاجتماع على أبي بكر حتى لا يقول قائل لعل أبا بكر أو غيره أمر بذلك، وفي الخلافيات من حديث الحجاج بن أرطأة عن حماد بن إبراهيم عن ثوبان قال: كان يؤذن يعني بلالا مثنى مثنى ويقيم قال، وهذا لا يثبت من أوجه أحدها: أنّ إبراهيم لم يلق ثوبان، الثاني: حماد بن أبي سليمان غيره فاحتج به، الثالث: الحجاج. ضعيف وروى أبو جحيفة ما يعضده قال أذّن بلال النبي صلي الله عليه وسلم مثني مثنى وأقام مثل ذلك ذكره ابن حبان في كتاب الضعفاء، ويرده بزياد البكائي فقط، وزياد:/لا يصلح أن يكون علة لحديث لاسيما وله فيه غير متابع. وموقوف عليه بن أبي طالب أنه قال: " الأذان مثنى مثني وأنه سمع مؤذنه يقيم مرّة فقال: اجعلها مثنى "(2) ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن
(1) صحيح. أورده الهيثمي في (مجمع الزوائًد، (1/331) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات.
(2)
بنحوه. مسند ابن حبيب: (ا/37)" المجروحين" 1/263) وابن القيسراني (365) =
هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن الهجنع بن قيس عنه، وعن أبي هريرة قال:" كان بلال إذا أراد أن يقيم قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته الصلاة " روى في الأوسط (1) من حديث كامل أبي العلاء عن أبي صالح عنه، وقال لم يروه عن كامل إلا عبد الله محمد بن المغيرة، وعن وكيع عن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة عن الأكوع أن سلمة كان يثنى الإِقامة، وثنا عفان ثني عبيد الواحد بن زياد ثنا حجاج ابن أرطأة ثنا ابن إسحاق كان أصحاب علي، وأصحاب عبد الله يثنين الأذان والإِقامة، وفي كتاب الطحاوي ثنا من حديث مطر بن خليفة عن مجاهد: في الإِقامة مرّة مرّة إنما هو شيء استخفه الأمراء. وفي لفظ: قلت لمجاهد: الأمراء يقيمون مرة مرة، قال: إنّما ذلك شيء استخفه الأمراء للإِقامة مرتان، وفي الأسرار لأبي زيد: أوّل من أفرد الإقامة معاوية، وعن عون ابن أبي جحيفة
والميزان (2338) ولسان (2/1946) .
(1)
موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط "(1/1/27- مجمع " البحرين": حدثنا مقدام بن داود: ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة: ثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وقال: لم يروه عن كامل ألا عبد الله،. وهذا الحديث موضوع، آفته ابن المغيرة، فقد ساق الذهبي له أحاديث وقال: " هذه موضوعات. وفي مجمع الزوائد} (2/75) : (رواه الطبراني في (الأوسط} ، وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة، وهو ضعيف} .
تنبيه: إنّ العلماء هذا أنكروا مثل هذه البدعة، فلا يتبادرن إلى ذهن أحد أنهم ينكرون أصل مشروعية الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم بل إنما ينكرون وضعهما في مكان لم يضعها رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه، أو أن تقترن بصفات وهيئات لم يشرعها الله على لسان نبئه، كما صحّ عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا عطس فقال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم وكذا علّمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قل: الحمد لله رب العالمين أو قال: على كل حال. فانظر كيف أنكر ابن عمر رضى الله عنه وضع الصلاة بجانب الحمد بحجة أله صلى الله عليه وسلم لم يصنع في ذلك، مع تصريحه بأنه يصلى على النبي صلي الله عليه وسلم دفعا لما عسى أن يرد على خاطر أحد أنه أنكر الصلاة عليه جملة كما يتوهم ذلك بعض الجهلة حينما يرون أنصار السنة ينكرون هذه البدعة وأمثالها، فيرمونهم بأنهم ينكرون الصلاة عليه صلي الله عليه وسلم، هداهم الله تعالى إلى اتباع السنة.
نحوه، وفي الخلافيات من جهة حمَّاد عن إبراهيم أول من نقص التكبير في الصلاة، وخطب قبل الصلاة في العيدين، وجلس على المنبر، ونقص الإِقامة معاوية ابن أبي سفيان، قال الحاكم: هذا دليل على إفراد الإِقامة فأنه قال: نقض بالضاد المعجمة، ونقض الإِقامة تثنيتها لا إفرادها انتهى كلامه، وفيه نظر لما رواه يحيى بن أبي طالب فتبين أن النقض هناك بالضاد المهملة الذي هو ضد الزيادة، فقال:/ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم: "كان أذان بلال وإقامته مثنى مثنى حتى كان هؤلاء الملوك فجعلوها واحدة "(1) وأما قوله عن معاوية: أنه أول من قدَّم الخطبة على الصلاة فمردودة بما في الصحيح على ان معاوية أمر مروان بفعل ذلك أن يبعد في العادة استقلال مروان بذلك من غير مواجهة أمامه، وحديث ابن عباس قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم:"من أفرد الإِقامة فليس منِّى "(2)
ذكره الجوزقاني في كتابه وقال: هذا حديث باطل، وفي إسناده من المجهولين غير واحد، اختلف الناس في إفراد الإِقامة وتثنيتها، وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال سمعت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يقيم فيقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، قال الشافعي: وحسبني سمعته يحكى الإقامة خبراً كما يحكى الأذان، قال البيهقي: وروينا عن عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز قال: أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون: فذكر هذه الإِقامة، ثناه أبو سعيد الاسفراينى ثنا أبو بحر البر هادى ثنا بشر بن موسى هنا الحميدي فذكره، أما أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ثنا أبو زرعة أن محمد بن المسيب بن إسحاق أخبرهم ثني محمد بن
(1) ضعيف جدا. رواه أبو عوانة: (1/31) .
(2)
موضوع. اللآليء المصنوعة (2/8) وتذكرة الموضوعات (35 والفوائد (18) وتنزيه الشريعة (2/79) والخفاء (2/318) وأسرار (329، 330) والموضوعات لابن الجوزي (2/92) قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: هذا حديث باطل. وزياد فاحش الخطأ، لا يجوز الاحتجاج بما ينفرد به.
إسماعيل البخاري بخسر وجود ثنا عبد الله بن عبد الوهاب أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة وأولاده على إفراد الإِقامة دلالة ظاهرة/على وهم وقع فيما روى في حديث أبي محذورة من تثنية الإِقامة، وأن الحديث في كلمة التكبير، وكلمة الإِقامة فقط فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها، وفي رواية حجاج بن محمد، وعبد الرزاق عن ابن جريج، يعني ما أسلفناه من حديثه عن عثمان بن السائب، أخبرني أبي وأم عبد الملك عن أبي محذورة قال:"وعلمني الإِقامة مرتين الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة"، أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله " (1) على ذلك، وإن كانت محفوظة في جميع كلماته ففيما ذكرنا دلالة على أنّ الأمر صار بعد ذلك إلى إفراد الإقامة، ولولا ذلك لم يقروا عليه في حرم الله عز وجل، ثم (2) أن أولا وسعد القمرط في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك " قال الشافعي: فإن جاز أن يكون ذلك غلطًا من جماعتهم، والناس يحضرهم، ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا جاز له أن يسألنا عن عرفة وعن مثنى ثم يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافه من هذا الأمر الظاهر المعمول به، وفي السنن الكبير عن ابن خزيمة الترجيح في الأذان مع تثنية الإقامة من جنس الاختلاف المباح إذ قد صح كلام الأمرين، فأما تثنية الأذان واَلإقامة فَلِمَ ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم الأمر بما قال البيهقي، وفي صحة التثنية في كلَمات الإقامة سوى التكبير، وكلمتي الإقامة نظر، وفي اختلاف الروايات ما يوهم. أنَ يكون الأمر/بالتثنية عائد إلَى كلمتي الإِقامة، وفي دوام أبي محذورة وأولاده وسعد وأولاده ما يوجب ضعف رواية من روى تثنيتها أو يقتضى أنّ الأمر صار إلى ما بقى عليه سواء أولاده في الحرمين إلى أن وقع البعير في أيام المصريين، وزعم الحازمي أنهم قالوا حديث خالد الحذاء ظاهر في النسخ لأن بلالا أمر بالإفراد أوّل ما شرع الأذان، وأما حديث أبي محذورة: فكان عام حنين وبين الوقعتين مرة مرّة، وخالفهم في ذلك أكثر أهل
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/502) . وتقدم.
(2)
كذا ورد هذا السياق " بالأصل،.
العلم فرأوا الإِقامة فرادى، والى هذا المذهب: ذهب ابن المسيب وعروة والزهري ومالك وأهل الحجاز والشافعي وأصحابه، وإليه: ذهب عمر بن عبد العزيز، ومكحول والأوزاعي، وأهل الشام والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأحمد بن حنبل، ومن تبعهم من العراقيين ويحيى بن يحيى وابن راهوية، ومن تبعهم من الخراسانيين، وذهبوا في ذلك إلى حديث أنس، وقالوا: أما حديث أبي محذورة فالجواب عنه من وجوه منها: أنّ من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوم قاعدة في جميع جهات الترجيحات على ما قررناه في مقدمة الكتاب، وغير مخفي على أن الحديث من صناعة، أنّ حديث أبي محذورة لا يوازى حديث أنس في جهة واحدة في الترجيح، فضلا عن الجهات كلها، ومنها أنّ جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أنّ هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة، وأنّ الحديث ثابت وكانت منسوخة بدليل ما ذكره الأَثرم قيل لأبي عبد الله أليس حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبي صلي الله عليه وسلم/إلى المدينة وأقر بلالا على أذان بن زيد؟! وفي لفظ: ولكن أذان بلال هو آخر الأذانين انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث أنه قال: من شرط الناسخ أن يكون أصح سندًا وأقوم إلى آخره، لاعينه ليس من شرط الناسخ ما ذكر بل يكفي أن يكون صحيحًا متأخرَا معارضًا غير ممكن الجمع بينه وبن معارضه، فلو فرضناهما متساويين في الصحة ووجد ما ذكرناه من الشروط ثبت النسخ، وأما أن يشترط أن يكون أرجح من المعارض في الصحة فلا نسلم، نعم لو كان دونه في الصحة لكان فيه نظر، وهذا الذي ذكرته هو الذي مثنى عليه في كتابه من ذلك ما ذكره منسوخًا من عند البخاري: أكان النبي صلي الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم بحديث حسنه هو إلى غير ذلك من الأحاديث، وكذا فعله ابن شاهين، وقبله الأثرم، وتبعهم على ذلك الغرفي والله تعالى أعلم، وأمّا قوله فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها فهو ظنّ، والظن لا يغنى من الحق شيء، وأّمما يقوى احتماله إذا نظر
إلى لفظ عام أو مطلق في ألفاظ الإِقامة لفظة لفظة لتبعه هذا الظن، قال أبو عمرو: كقول أبي حنيفة بقول الثوري والحسن بن حيي وعبيد الله بن الحسن، وجماعة من التابعين والفقهاء بالعراق متوارث عندهم بالعمل قرنان بعد قرن،
وقال الأثرم عن أحمد: من أدم مثنى مثنى لم أعتقه وليس به بأس، وكذلك قاله إسحاق الحنظلي وداود ومحمد بن حزم قالوا: لأنه قد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم جميع ذلك وعمل به أصحابه - رضى الله تعالى عنهم-، ومن هذا الباب إذا كان مسار أهل له الاقتصار على الإِقامة/أم لا فروى عبد الله بن عمر:" أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان لا يؤذن في شيء من الصلوات في السفر، ولا يقيم إلا الصبح فأنه كان يؤذن ويقيم "(1) خرجه أبو عبد الله من حديث نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن عمر عن نافع عنه، وقال: صحيح الإِسناد، فقد احتج مسلم بن عبد العزيز ومحمد بنعيم وهو المشهور عن ابن عمرو، وفي سنن البيهقي الكبير (2) : عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر أؤذن في السفر؟ قال: من تؤذن للنساء. قال الشيخ: هذا الذي ذهب إليه ابن عمر محتمل لولا حديث أبي سعيد في الأذان بالبادية (3) انتهى، وكذا حديث مالك بن الحويرث مثله، وأمّا الأذان والإقامة للمرأة، فروى الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن إدريس عن ليَث عن عطاء عن عائشة:"أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء"(4) من حديث عبد الله بن داود الحرثي ثني الوليد بن جميع عن ليلى بنت مالك وعبد الرحمن بن خالد الأنصاري عن أم ورقة الأنصارية أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول: "انطلقوا منا إلى الشهيدة فيزورها وأمر أن يؤذن لها ويقام ويؤم أهل دارها في الفرائض "(5) قال أبو عبيد الله: قد احتج مسلم بالوليد بن جميع،
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/334) من حديث جبير بن مطعم، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير، وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف.
(2)
رواه البيهقي: (1/411) .
(3)
صحيح. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/335) وعزاه إلى البزار، ورجاله ثقات.
(4)
رواه البيهقي: (3/131) .
(5)
حسن. رواه أبو داود صح/592) .
وهذه سنة غريبة لا أعرف في الباب حديثًا مسندًا غير هذا، أو رواه ابن الجارود في منتقاه، ولما ذكره الحافظ ضياء الدين رجّح صحته، وقال أبو موسى في كتاب الصحابة: رواه الحديث عن عبد العزيز عن الوليد عن عبد الرحمن عن أبيه عن أم ورقة أنها استأذنت، ورواه وكيع عن الوليد عن جدّته وعبد الرحمن عن أم ورقة، ورواه جماعة/عن الوليد عن جدّته لم يذكروا عبد الرحمن، قال البيهقي: وفي حديث ابن ثوبان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " كنا نصلى بغير إقامة" قال أبو بكر: وهذا إن صح مع حديث ليث، فلا يتنافيان لجواز فعلها هذا مرة وذاك أخرى، ويذكر عن جابر أنه قيل له: أتقيم المرأة؟ قال: نعم، ومن حديث نافع عن ابن عمر: ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال جمعة، قال البيهقي: رواه الحكم بن عبد الله الأصيلي وهو ضعيف، وروينا في الأذان والإِقامة عن أنس بن مالك موقوفًا ومرفوعًا ورفعه ضعيف، وهو قول الحسن بن المسبب والنخعي وابن سيرين.
* * *
117- باب إذا أذّن وأنت في المسجد فلا تخرج
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي
الشعثاء قال:"كنا قعودا في المسجد مع أبي هريرة فأذّن المؤذن فقام رجل
من المسجد. فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم- صلى الله عليه
وآله وسلم-"هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (1) من حديث ابن
مهاجر، وفيه كلام يقتضى أن يذكر له متابعًا، وهو رواية له أيضا عن ابن أبي
عمر حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد عن أشعث عن أبيه بن وقال فيه أبو
عيسى حسن صحيح، ورواه أبو عبد الرحمن عن أحمد بن عثمان بن حكيم
عن جعفر بن عون عن أبي عيسى عن أبي صخرة جامع بن شدّاد عن أبي
الشعثاء، وزعم بعض العلماء انه موقوف وخالف ذلك ابن عبد البر فقال: هو
مسند عندهم لا يختلفون في هذا أو ذاك/. إنما مسندان مرفوعان يعني هذا.
وقول أبي هريرة: ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله انتهى كلامه.
وقد وقع لنا هذا الحديث مرفوعًا من غير ما طريق بسند جيد من ذلك ما رواه
أبو الشيخ- رحمه الله تعالى- عن نوح بن منصور ثنا عبد الله بن أيوب
الخزومي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن أشعث بن سليم عن أبيه: أنه رأى
رجلا خارجًا من المسجد وقد نودي بالأذان فقال:"عصى هذا أبا القاسم
أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم إذا نودي بالأذان أن لا نخرج
من المسجد" (2) . وثنا ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن محمد الاطرابلسي ثنا
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/259،258) وأبو داود في (الصلاة، باب
"42") والترمذي (ح/204) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الأذان، باب
". 4") وابن ماجة (ح/733) والدارمي (ح/1205) وأحمد (2/
410، 416، 471، 506، 537) .
(2)
صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(1/5) من حديث أبي هريرة، وعزاه إلى
أحمد في "مسنده"، ورجاله رجال الصحيح.
موسى بن داود ثنا شريك عن أشعث عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال:"إذا
أقيمت الصلاة واحدكم في المسجد فلا يخرج حتى يصلى فإن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك" (1) . وثنا يوسف بن محمد المؤذِّن ثنا محمد بن
الحارث المخزومي ثنا أبو مصعب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم حدثني أبي
وصفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج- إلّا لحاجة- ثم لا يرجع إِلا
منافق- وقال أبو القاسم في الأوسط (2) : لم يروه موصولًا عن أبي هريرة عن
صفوان وأبي حازم إلا أنّ أبا حازم تفرد به مصعب، قال أبو الشيخ: وثنا
عبد الله بن أحمد بن سعيد الجصّاص ثنا نهشل بن كثير النهشلي بصرى ثقة
ثنا ابن أبي فديك عن أبي حرملة عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا يخرج من المسجد بعد النداء إلّا منافق-/إلا أحد أخرجه حاجة- وهو
يريد الرجعة إلى الصلاة" (3) . وثنا الوليد بن أبان قرئ على يحيى بن عبدان
وأنا حاضر ثنا أحمد بن أبي يزيد القطان بالري ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن
لهيعة عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم مثله، حدثنا حرملة بن يحيى أنبأ ابن وهب أنبأ
عبد الجبار ابن عمر عن ابن أبي فروة عن محمد بن يوسف مولى عثمان بن
عفان عن عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أدركه الأذان في المسجد ثم
خرج لم يخرج لحاجة- وهو لا يريد الرجعة فهو منافق" (4) هذا حديث
إسناده معلل بأمرين: الأول: ضعّف أبي سليمان إسحاق بنْ عبد الله بن أبي
(1) السابق بنحوه.
(2)
أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/5) وعزله إلى الطبراني في "الأوسط" ورجاله
رجال الصحيح.
(3)
نصب الراية (2/55) والترغيب (1/190) وابن المبارك في"الزهد"(6) وعبد الرزاق
(1946)
والكنز (21027) والخفاء (2/513) .
(4)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/734) . في الزوائد: إسناده ضعيف. فيه ابن أبي فروة.
واسمه إسحاق بن عبد الله. ضعفوه. وكذلك عبد الجبار بن عمر.
فروة عبد الرحمن بن الأسود بن سوادة، ويقال: الأسود بن عمرو بن رياش
ويقال: كيسان القرشي الأموي المدني أخي إسماعيل وصالح وعبد الأعلى
وعبد الحكم وعمار ويونس، فإن أبا عيسى قال: تركه بعض أهل العلم، منهم
أحمد بن حنبل، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: لا تحل الرواية عنه
فقلت يا أبا عبد الله لا تحل قال: عندي، وفي رواية: ما هو بأهل أن يحمل
عنه ولا يروى عنه، وقال أيضًا: لا أكتب حديث أربعة منهم: إسحاق، وفي
الإِرشاد للخليلي: وذكره وضعّفوه جدًا، وتكلّم فيه مالك والشّافعي وتركاه،
وقال الزهري له يومًا: يا إسحاق تجئ بأحاديث ليست لها لزمه ولا قيمة (1) ،
إذا حدّثت فأسند، وقال مسلم في الكنى: مدني ضعيف الحديث، وفي كتاب
الكنى لأبي بشر: ليس بذاك، وقال محمد بن عبد الله"بن عمار: ضعيف
ذاهب، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال أبو بكر بن خزيمة: لا/
أحتج بحديثه، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: هو كذاب، وذكره
أبو القاسم الباجي في الضعفاء، وقال ابن طاهر: ضعفه غير واحد، وقال أبو
الفرج بن الجوزي في كتاب التحقيق: هو هالك، وبالمرة قاله أبو بكر في
الخلافيات، وقال أبو حاتم والفلاس والنسائي وابن الجنيد والدارقطني: متروك،
وزاد النسائي: ولا يكتب حديثه، وذكره أيضًا في الطبقة العاشرة من أصحاب
نافع المتروك حديثهم، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث
متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بشي ولا يكتب حديثه، وفي رواية ليس
بشيء كذاب، وفي رواية: ليس بثقة، وسئل سعدونة عن حديث يعلى بن
ثابت عن الوادع بن نافع، فقال: لا يروى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
مثل الوادع. وسئل عن حديث إسحاق بن أبي فروة؟ فقال: شراً ممّا قال في
الوادع، وقال ابن المديني: هو منكر الحديث، وقال ابن غسان: جاءني على
قليب عنى عن عبد السلام أحاديث ابن أبي فروة، فقلت: الشيء يصنع بها
قال: أعرفها لا لقلب، وفي رواية قال علي: لم يدخل ذلك في كتبه ابن أبي
(1) قوله:"قيمة" وردت "بالأصل""خطم"وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.
فروة فيما ذكره ابن عساكر في تاريخه، وقال ابن سعد: كان ليّن الحديث
يروى أحاديث منكرة ولا يحتجون بحديثه وكان يرى رأي الخوارج، وقال
الساجي: ضعيف الحديث ليس بحجة، وذكر البرقي في كتاب الطبقات: بان
من ترك حديثه واتهم في رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وذكره أبو
العرب فقال: هو ممن ترك حديثه، قال أبو العرب: وعن محمد بن عبد الله بن
عبد الحكم قال: سمعت محمد بن عاصم، وكان من أهل الصدق قال:
قدمت المدينة ومالك بن/أنس حي فلم أر أهل المدينة يشكون أن إسحاق بن
أبي فروة متهم على الدين. وفي تاريخ يعقوب بن سفيان النسوي: وآل أبي
فروة كل من حدّث عنه ثقة إلا إسحاق فلا يكتب حديثه، وقال الحافظ أبو
بكر البزار في سننه: كان ضعيفا، وقال في مسنده: متروك الحديث. الثّاني:
عبد الجبار بن عمر أبو عمر الأيلي الأموي القرشي؛ وإن وثّقه ابن سعد فقد
قال فيه أبو زرعة: واهي الحديث، وقال أبو حاتم: سألت أبي عنه فقال: منكر
الحديث ضعيف الكذب ليس محله الكذب، وسمعت أبا زرعة يقول: هو
ضعيف الحديث ليس بقوى، وقرأ علينا حديثه بشيء، ولا يكتب حديثه في
رواية ابن الجنيد، وفي كتاب عباس ليس حديثه بشيء، وقال مرة: ضعيف،
وكذلك قاله السعدي والساج في كتاب الضعفاء، وقال في كتاب الكنى:
ليس بثقة، وقال البخاري ليس بالقوي عندهم؛ عنده مناكير، وقال ابن عدى
علّة ما يرويه يخالف فيه، والضعف بين على رواياته، وقال الحربي في كتاب
العلل: عبد الجبار بن عمر رجل من أهل أيلة، سنّه قريب من سن يزيد بن أبي
سمية شيخه، وإّنما روى عنه لفضله، وعبد الجبار رجل يتفقه، وغيره أثبت منه،
وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ضعيف، وذكره يعقوب في باب: من
يرغب عن الرواية عنهم، وقال الساجي: هو ضعيف، وقال العقيلي: ليس
بالقوى عندهم عنده مناكير، وقال ابن سعيد بن يونس: منكر الحديث، وفي
كتاب الكنى لأبي أحمد الحاكم ليس بالقوي عندهم، وقد روينا في كتاب
الصلاة للفضل ما يسند هذا عن مسعد عن أبي عون عن شريح رجل من
عمران عن سعد بن أبيِ وقاص- رضي الله تعالى عنه- قال:"إذا كنت
في المسجد فنودي الأذان/فلا تخرج". قال وحدثني سفْيان عن ابن حرملة
عن سعيد بن المسيب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سمع المنادى فخرج فهو
منافق- إلا رجل خرج في حاجة- ثم رجع" (1) وثنا سفيان عن مغيرة عن
إبراهيم قال:"إذا سمعت الإِقامة فلا تخرج"(2) . وفي كتاب أبي علي
الطوسي عن إبراهيم: يخرج - ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة-، قال أبو علي:
وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه، والذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن
لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلّا من عذرٍ، ويكون على غير وضوء،
وقال ابن حزم: ومن كان في المسجد فاندفع المؤذِّن في الأذان لم يحل له
الخروج من المسجد إلا لضرورة والله تعالى أعلم.
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد "(2/5) من حديث أبي هريرة. وعزاه إلى
الطبراني في"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح.
(2)
بنحوه. رواه عبد الرزاق (3406) والكنز (2704) ولفظه:"إذا سمعت الإِقامة فامش".
118- أبواب المساجد والجماعات
ومن بني لله عز وجل مسجدًا
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يونس بن محمد، ثنا الليث بن سعد،،
وثنا أبو بكر، ثنا داود بن عبد الله الجعفري، ثنا عبد العزيز بن محمد جميعا،
عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أني الوليد عن عثمان بن
عبد الله بن سراقة العدوي عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:"من بني لله مسجدا يذكر فيه اسم الله بني الله له بيتا في الجنة "(1) .
هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان، ثنا
أبو بكر بن أبي شيبة، ورواه ابن لهيعة عن الوليد بن أبي الوليد فقال: عن
أيوب بن خالد عن عمر بن الخطاب، وقال- عليه السلام:"من بني
مسجدا لا يريد به رياء ولا سمعه بني الله الكريم/له في الجنة" (2) . ذكر ذلك
الحافظ أبو نعيم في كتاب المساجد، عن أبي بكر الأجري، ثنا جعفر الفريابي
ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة به، قال: ورواه يحيى بن بكير عن ابن لهيعة،
وقال: ويذكر اسم الله عليه، قال: ورواه يحيى بن أيوب عن الوليد عن
عثمان، وقال عبد الله بن صالح عن الليث:"يذكر اسم الله تعالى فيه"(3) .
حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الجعفي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه
عن محمود بن لبيد عن عثمان ابن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من بني لله مسجدا بني الله له مثله في الجنة"(4) . هذا حديث خرجاه في
(1) صحيح. رواه ابن حبان: (3/68) .
(2)
ضعيف. الترغيب (1/195) ، وإتحاف (3/28) ، والمنثور (3/217) . في إسناده ابن لهيعة.
(3)
مرسل. رواه ابن ماجة (ح/735) . في الزوائد: حديث عمر مرسل. فإنْ عثمان بن
عبد الله بن سراقة روى عن عمر بن الخطاب، وهو جده لأمه، ولم يسمع منه، قاله المزي:
في التهذيب. ورشاه ابن حبان في صحيحه بهذا الإسناد. ورواه أحمد (1/53) ، وابن أبي
شيبة (1/310) ، والفتح (1/545) .
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/122) ، والفتح (1/544) ، ومسلم في
صحيحيهما. حدثنا العباس بن غياث الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم عن ابن
لهيعة أنه قال حدثني أبو الأسود عن عروة عن علي بن أبي طالب قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: لا من بني مسجدا من ماله بني له بيتا في الجنة" (1) . هذا حديث
ضعيف معلل بأمرين الأول قال فيه القاسم في الأوسط: لا يروى عن علي إلا
بهذا الإِسناد تفرد به بن لهيعة ومع ذلك فهو ابن لهيعة، وقد سبق ذكره.
الثاني: انقطاع ما بين عروة وعلي وإن كان مولده سنة ثلاث وعشرين، وسنّه
يوم الحمل ثلاث عشرة سنة فردّ لاستصغارهم إيّاه، وقيل: كان مولده بست
سنين خلت من خلافة عثمان- رضي الله تعالى عنه- فقد نصّ أبو حاتم على
أنه لم يسمع من علي فيما حكاه عنه ابنه في كتاب المراسيل، ويزيد وضوحا
أنّ النسائي في مسند علي ادخل بينه وببن المقداد، ومحمد بن سنجر
وأحمد بن سنان القطان في مسندهما، ادخلا بينهما عبد الله بن جعفر،
ورواه صفوان/بن صالح عن الوليد بن مسلم بلفظ:"من بني لله مسجدا
بني الله له بيتا في الجنة" (2) ، رواه أبو نعيم في كتاب المساجد عن أبي
عمرو بن عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان عنه وكذا رواه عبد الله بن
يوسف، وابن المبارك، وابن وهب عن ابن لهيعة قال ولفظهم سواء نظر من
هذا أن زيادة "من ماله" تفرد بها عباس بن عثمان، وليس بقريب من
أولئك- والله تعالى أعلم-، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا عبد الله بن
وهب عن إبراهيم بن نشيط عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين
النوفلي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(الزهد، ح/43، 44) ، والترغيب (1/193) ، وإتحاف (3/27) والمغني عن حمل الأسفار
(1/151) ، وابن عساكر فما"التاريخ"(1/215)، وابن كثير (6/66) والقرطبي (2/84) (1) ضعيف. رواه القرطبي:(12/266) وابن ماجة (ح/737)، في الزوائد: إسناد ضعيف
علي ضعيف. والوليد بن مسلم مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وشيخه ابن لهيعة ضعيف،
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف عند ابن ماجة (ح/156) .
(2)
ضعيف الإسناد. رواه أحمد (1/20) وابن خزيمة (1291) والطبراني (8/268) وابن
عسا كر فما"التاريخ"(7/273، 10/89) ومشكل (1/486) والمشكاة (697) والكنز
(20728،640،140) .
"من بني مسجدًا كمفحص قطاة أو أصغر بني الله له بيتا في الجنة"(1) .
هذا حديث خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن يونس وعيسى بن
إبراهيم الغافقي، ثنا ابن وهب بلفظ:"من حفر ماء لم يشرب منه كبد
حرى من جن ولا إنس ولا ظاهر إلا أجره الله يوم القيامة، ومن بني مسجدًا
كمفحص قطاة أو أصغر بني الله له مسجدا في الجنة" (2) قال يونس:"من
سبع ولا طاهر"، وقال:"كمفحص"قطاة، وقال الدارقطني في الإفراد: تفرد
ابن وهب بسنده، وفي الباب غير ما حديث؛ من ذلك حديث أبي ذر
الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من بني لله مسجدًا، ولو كمفحص قطاة
بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه أبو نعيم الحافظ عن محمد بن حميد، ثنا
محمد بن جرير، ثنا الحسن بن خلف، ثنا إسحاق الأزرق عن الثوري عن
الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عنه، وثنا أبو بكر الطلحي، ثنا أبو حصين
القاضي، ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش، ورواه
يحيى بن آدم عن قطبة/بن عبد العزيز عن الأعمش مثله، وثنا محمد بن
محمد بن أحمد المقبري، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا سلم بن جنادة،
ثنا وكيع في الدار عن سفيان عن الأعمش، وهذا سند لعمر ظاهره الصحة
لولا ما ذكره أبو نعيم من قوله: أنبأ أبو بكر بن مالك، ثنا جعفر الفريابي، ثنا
علي بن المديني قال: قال لي يحيى بن سعيد: قال لي سفيان- أو شعبة-: لم
يسمع الأعمش هذا الحديث من إبراهيم التيمي يعني حديث:"من بني لله
مسجدًا
…
"، وزعم الكرابيسي في كتاب المدلسين: أنه كان يعني الأعمش
يدّلس على إبراهيم كثيرا، وذكر البيهقي في السن الكبير علّة أخرى؛ وهي
أن الدوري حكى عن أحمد بن يونس انه قال: قيل لابن عباس: أنُّ الناس
يخالفونك في هذا الحديث لا يرفعونه، فقال أبو بكر: سمعنا هذا من
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة (ح/1292) ، والكنز (43189) والبخاري في"الكبير" (1/
332)
(3)
صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/7) ، وعزاه إلى "البزار" والطبراني في
"الصغير"ورجاله ثقات.
(1)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/8) . وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"،
الأعمش وهو شاب، قال البيهقي: وكذلك روى عن شريك وجرير بن عبد
الحميد عن الأعمش مرفوعا، وروى عن الحكم عن يزيد بن شريك عن أبي
ذرّ مرفوعاً، ورواه أبو نعيم مرفوعًا، ورواه أبو نعيم أيضاً من حديث عيسى بن
يونس، عن الأعمش مرفوعًا، ومن حديث محمد بن عبيد عن أخيه يعلى عنه
كذلك، وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: رواه عدّة من أصحاب شريك فلم
يرفعوه، والصحيح عن أبي ذر من حديث موقوف، قال أبو حاتم: ورواه أبو
بكر بن عياش عن الأعمش ورفعه، ونفس الحديث موقوف وهو أصح، وقال
ابن مهدي: هذا الحديث ليس من صحيح حديث الأعمش، وحديث أبي بكر
الصديق- رضي لله تعالى عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني مسجدا لله
ولو مثل مفحص قطاة بني الله له بيتًا في الجنة" (1) ./رواه أبو نعيم عن
الآجري، والحسن بن علي الوراق، حدثنا جعفر الفريابي ثنا سليمان بن
عبد الله الدمشقي، ثنا الحكم بن يعلى بن عطاء السخاوي، ثنا محمد بن
طلحة الإِمامي عن أبي معمر عنه، وثنا أبو بكر الطلحي، ثنا أحمد بن
حماد بن سفيان، ثنا إسحاق بن محلول، حدثني مخبر بن عبد الرحمن
القرشي عن محمد بن طلحة بن مصرف عن أبيه مثله، وثنا سليمان بن
أحمد ثنا محمد بن نوح العسكري، ثنا وهب بن حفص الحراني، ثنا حبيب بن
فروخ، ثنا ابن طلحة بن مصرف عن أبيه عن مرة الطيب عن أبي بكر به، ثم
قال: كذا قال حبيب عن مرّة الطيب، وقال أبو حاتم الرازي في علله: هذا
حديث منكر، وحديث عبد الله بن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني مسجلًا بني الله له بيتا في الجنة"(2) . رواه أبو
الحسن الدارقطني في كتاب الغرائب والإفراد من حديث عمران بن عبيد الله
البصري عن الحكم بن إبان عن عكرمة عنه، وزعم أن عمران تفرد به. انتهى
وفيه وهيب بن حفص وهو ضعيف.
غريبه: قوله:"مفحص القطاة"موضعها الذي تجثم فيه وتبيض. والقطاة: طائر مشهور.
(2)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/7) ، وعزاه إلى أحمد في"مسنده"،
و"البزار"وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف.
كلامه، وهو محتمل الأمرين الأول: أن يريد التفرد بهذا السند، الثاني: تفرده
بالحديث حمله، وأيّاما كان فهو مردود؛ بما ذكره الحافظ أبو نعيم من حديث
يحيى بن عبد الحميد، ثنا شريك عن عمار الدعني عن سعيد بن جبير عنه،
وعن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا ضرار بن صرد، ثنا علي بن هاشم
عن حماد بن زريق عن الدهني مثله، وعن أبي مسلم، ثنا عمرو بن مرزوق،
ثنا شعبة قال: لقن جابر عن عمار الدهني بلفظ:"من بني مسجدًا ولو
كمفحص قطاة
…
" (1) الحديث، وحديث عمرو بن شعيب/عن أبيه عن جده
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني لله مسجدا ولو كمفحص قطاة
…
" (2)
الحديث، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من بني لله مسجدا يذكر الله فيه بني الله له بيتا في الجنة"(3) . رواه أيضاً
من حديث حجاج بن أرطأة عنه، وحديث ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من بني مسجدًا بني الله له بيتا في الجنة"(4) . رواه البزار عن إسحاق بن
شاهين، ثنا الحكم بن ظهير، ثنا ابن أبي ليلى عن نافع عنه، وقال: هذا
الحديث لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه- بهذا الإسناد،
والحكم لين الحديث، وقد روى عنه جماعة كثيرة، واحتملوا حديثه، وقال أبو
نعيم الحافظ: رواه عن إسحاق أحمد بن كعب الواسطي، وزاد فيه:"ولو
كمفحص قطاة". وحديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من بني لله
مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بني الله له بيتا في الجنة" (5) . رواه أبو عيسى من
حديث نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري عنه،
(1) الحاشية قبل السابقة.
(2)
المصدر السابق.
(3)
صحيح. رواة ابن حبان (1654) . وللترغيب (1/194) . وموضح (1/180) .
(4)
ضعيف جدا. أورده للهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/7) ، وعزاه إلى"البزار". والطبراني في
"الأوسط"- إلا انه قال فيه:"ولو كمفحص قطاة"-، وفيه الحكم بن ظهير وهو متروك.
(5)
إسناده ضعيف. رواة الترمذي (ح/319) . ونوح بن قيس ثقة، وعبد الرحمن مولى قيس
مجهول، كما في التقريب والخلاصة، لم يرو عنه غير نوح، وزياد بن عبد الله النميري
البصري صدوق، ضعفه بعضهم، وذكره ابن حبان في الضعفاء، وقال:"منكر الحديث،
يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، تركه ابن معين". وذكره أيضا في الثقات
وخرجه أبو نعيم من حديث أحمد بن علي الخزاعي، ثنا قرّة بن حبيب، ثنا
عبد الحكم عنه بلفظ:"من بني لله مسجدا في الدنيا يريد به وجه الله.
ومن حديث إبراهيم بن مهدى المصيصي، ثنا عمرو بن ردع عن ثابت عنه،
وفي لفظ قالوا:"إذا يكثر برسول الله قال الله أكبر". ورواه أبو القاسم في
الأوسط من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا شريك عن الأعمش عنه
بلفظ:"كمفحص قطاة"، وقال: لم يروه عن الأعمش إلا شريك. تفرد به
إسحاق، ومن حديث حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة/عن أبان عنه،
ومن حديث يحيى بن أبان عن الثوري عن ابن عمارة عنه بلفظ:"كل بناء
وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجدا فإن له به قصرًا في الجنة من لؤلؤة.
وحديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني بيتا يعبد الله فيه حلالًا
بني الله له بيتا في الجنة من الدر والياقوت". رواه البيهقي (1) في شعب الإِيمان
تأليفه من حديث بشر بن الوليد، وسعيد بن سليمان عن سليمان بن داود، ثنا
يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، رواه أبو القاسم في الأوسط (2) ، من
حديث محمد بن سليمان بن عبد الله الكوفي، ثنا أبي عن المثنى بن الصباح
عن عطاء بن أبي رباح عن المحرز عن أبيه، وقال: لم يروه عن المحرز إّلا
عطاء ورواه أيضا من حديث سليمان بن داود اليماني، ثنا ابن أبي كثير عن
أبي سلمة عنه قال عليه السلام:"من بني لله بيتا يعبد الله فيه من مال
حلال بني الله له بيتا في الجنة من در وياقوت" (3) . قال: لم يروه عن يحيى
إلا سليمان. تفرد به سعيد بن سليمان، ولا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا
وقال."يخطئ، وكان من العباد". وقال ابن عدى:"عندي إذا روى عنه ثقة فلا
بحديثه". وذكر له أحاديث، وفال:"البلاء فيها من الرواة عنه، لا منه". وليس له ولا
لعبد الرحمن مولى قيس في الكتب الستة غير هذا الحديث.
(1، 2) ضعيف، رواه البيهقي في الكبرى:(6/167) . وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"
(2/8) ، وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"، والبزار خلا قوله"من در وياقوت"، وفيه
سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف.
(3)
ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل"(3/1125) ، وابن القيسراني في"الموضوعات"
(767)
، والموضح (1/119) .
الإِسناد، وقال أبو زرعة: هذا الحديث من حديث أبي هريرة: وهم، قال ابن
محمد: قلت: ولم يشبع الجواب يبنى علة الحديث (1) ، والذي عندي أن
الصحيح على ما رواه أبان العطار عن يحيى عن محمد بن عمرو عن أسماء
بنت يزيد بن السكن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن يحيى عن محمود بن عمرو عن
أبي هريرة موقوفا، وسمعت أبي يقول: هو محمد بن عمرو بن يزيد بن
السكن- والله تعالى أعلم-. ولما ذكر أبو القاسم حديث أسماء بنت يزيد
مرفوعا قال: لم يروه عن كثير إلا أبان. تفرد به موسى بن إسماعيل، ولا
يروى عن أسماء إلّا بهذا الإسناد تفرد به المثنى عن عطاء/. انتهى كلامه، وفيه
نظر لما أسلفناه من عنده، قيل: وحديث معاذ بن جبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة"(2) . رواه أبو نعيم من حديث
عمر بن صبيح، ثنا عاصم بن سليمان عن بريد عن مكحول عن الوليد بن
العباس عنه، وذكره ابن الجوزي في العلل بزيادة:"ومن علّق فيه قنديلا
صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يطفي ذلك القنديل، ومن بسط فيه حصيرا
صلى عليه سبعون ألف ملك حتى ينقطع ذلك الحصير، ومن أخرج منه مداد
كان له كفلان من الأجر". ثم ردّه بعاصم، وحديث أبي سعيد الخدري قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني لله مس جدا بني الله له بيتا في الجنة"(3) . رواه
الطبراني في الكبير، من حديث سهل بن تمام بن بريع ثنا عبد الحكم التيمي
عن أبي المتوكل عنه، وحديث واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:"من بني لله مسجدا يصلى فيه بني الله له بيتا في الجنة أفضل
منه" (4) . رواه أيضا من حديث هشام بن عمار، ثنا الحسن بن يحيى عن
بشر بن حبان عنه، وحديث عمرو بن عنبسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من
(1) كذا ورد هذا السياق"بالأصل".
(2)
ضعيف. رواه أحمد (1/20) ، وابن خزيمة (1291) ، وإتحاف (3/31) ، والطبراني (8/
268) ، وابن عساكر في"التاريخ"(8/273) ، ومشكل (1/486) ، والمشكاة (697) ، والكنز
(20728،640،140) .
(3)
رواه الطبراني: (8/268) .
(4)
رواه ابن عساكر في"التاريخ": (10/88، 89) .
بني لله مسجدا دخل الجنة" (1) . أنبأ به المسند أبو بكر الحميدي أنبأ أبو
الطاهر بن عبد القوي عن فاطمة أنبأ ابن زيدة أنبأ أبو القاسم، ثنا محمد بن
النصر الأزدي، ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا بقية عن يحيى
عن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عنه، ورواه النسائي عن
عمرو بن عثمان عن بقية، فوقع لنا موافقة غالبة ولله الحمد. ولفظ ابن أبيِ
حاتم الرازي في كتاب ثواب الأعمال:"من بني مسجدًا لله ذكر الله فيه
بني له بيت/في الجنة" (2) . وحديث أبي إمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يبنى
أحدا مسجدا لله إلا بني الله له بيتا في الجنة أوسع منه" (3) . رواه أبو نعيم من
حديث صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العائلة عن علي بن يزيد عنه،
وحديث عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني لله مسجدا بني
الله له بيتا في الجنة قلت: يا رسول الله وهذه المساجد التي في طريق مكة،
قال: وتلك" (4) . رواه مسندًا بن مسرهة في مسنده عن أبي داود عن كثير بن
عبد الرحمن الطحان عن عطاء عنهما، وفي لفظ الطبراني من حديث
المثنى بن الصباح عن عطاء:"من بني مسجدا لا يريد به رياء ولا
سمعة" (5) . وفي لفظ من حديث كثير بن عبد الله المؤذن عن عطاء:"ولو
قدر مفحص قطاة "، وقال: لم يروه عن المثنى إلا محمد بن عيسى بن سميع
تفرد به هشام بن عمار، ولم يروه عن عطاء عنها إلا كثير بن عبد الرحمن
الكوفي، والمثنى بن الصباح، وحديث أبي فرحانة، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:"ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها؛ فمن بني لله مسجدًا بني الله له
(1) السابق بنحوه.
(2)
رواه ابن حبان (300) ، والموضح (1/180) .
(3)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(1/8) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"،
وفيه علي بن يزيد وهو ضعيف.
(4)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/8) ، وعزاه إلى"البزار"والطبراني في
" الأوسط"باختصار، وفيه كثير بن عبد الرحمن ضعفه العقيلي وذكره ابن حبان في الثقات.
(5)
ضعيف. المصدر السابق، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"، وفيه المثنى بن الصباح
ضعفه يحيى القطان وجماعة، ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه في أخرى.
بيتًا في الجنة"، فقال رجل: يا رسول الله، وهذه المساجد التي تبنى في
الطريق"، قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين"(1)، وفي لفظ:
"ولو مفحص قطاة". رواه أبو القاسم من حديث زياد بن يسار عن عزة بنت
عياض عن جدها أبي قرصافة، وحديث عمر بن مالك الأنصاري: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:"من بني مس جدا بني الله تعالى له بيتا في الجنة"(2) . وذكره أبو
موسى في كتاب الصحابة من حديث نصر عن علي بن زيد عن زرارة بن
أوفى عنه، ثم قال: رواه/سفيان عن علي بن عمرو بن مالك، وقال حماد
عن مالك القشيري، وقال قتادة: عن زرارة بن مالك، وهذا غير الأول،
وحديث نبيط عن شريك قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- يقول:"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة"(3) . رواه في
الأوسط من حديث إسحاق بن إبراهيم عن أبيه عن نبيط، وقال: لا يروى
عن نبيط إلا بهذا الإسناد، تفرد به ولده عنه، وحديث قرّة بن خالد عن
الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس يرفعه:"يذهب الأرضون كلّها يوم القيامة
إلا المساجد فإنها تنضم بعضها إلى بعض". قال أبو القاسم (4) : لم يروه عن
قرة إلا أصرم بن حوشب، وحديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من
بني لله بيتا بني الله له بيتا في الجنًة" (5) . رواه أيضا من حديث شهر بن
حوشب، وسليمان بن قيس عن عنبسة بن أبي سفيان، ومن حديث شعيب بن
(1) ضعيف. رواه الطبراني (3/4) ، واللآلىء (4/240) ، والخفاء (1/24) ، والمنثور (3/217) ،
وللكنز (20766) ، وابن عساكر في"التاريخ"(1/421) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 9 ح/53)، وانظر الضعيفة:(ح/1675) .
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/24) ، وأحمد (1/61، 70) ، والبيهقي (2/
437، 6/167، 9/172) ، والتاريخ الكبير (5/330) ، وجرجان (131) .
(3)
ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/8) . وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"،
و"الصغير"، وشيخ الطبراني: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط كذبه صاحب الميزان.
(4)
موضوع. تذكرة (37) وتنزيه (2/79) ، والكنز (20745) ، والفوائد (23) ، واللآلىء (2/
10) ، والمجمع (2/6) ، وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"، وأًصرم بن حوشب كذاب.
أنظر: (الضعيفة: ح/765) .
(5)
ضعيف الإسناد. رواه أبو عوانة (1/391) ، والفتح (1/545) . في إسناده شهر بن حوشب.
سنان، ثنا أبو طلال عن أنس عنهما، ذكره أبو القاسم بن مطير في معجمه
الكبير، وحديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من بني لله
مسجدا بني الله له بيتا في الجنة أوسع منه" (1) . رواه أيضا من حديث أبان بن
يزيد عن يحيى بن أبي كثير النجار وهو منقطع، ورواه أبو نعيم الحافظ
فوصله من حديث موسى بن إسماعيل ثنا أبان عن يحيى عن محمود بن
عمرو عنهما. غريبه: قال ابن سيده: المسجِد والمسجد الموضع الذي يسجد
فيه، وقد كان حكمه إلا يحيى على مفعل؛ لأن حق اسم المكان والمصدر من
فعل يفعل أنّ يجئ على مفعل؛ لعلّه اسما في المخصص، ولكنه أخذ الحروف
التي شذّت فجار على يفعل قال/سيبويه: وأما المسجد فإنهم جعلوه أسماء
للبيت، ولم يأت على فعل يفعل كما قالوا في المزق: أنه اسم للجلود يعني أنه
ليس على الفعل لقيل مدق؛ لأنه إله واللات تجيء على مفعل لمخرز ومكنس
ومكسح، وفي الصحاح: المسجد واحد المساجد، قال الفراء: كلما كان على
فعل يفعل مثل دخل يدخل؛ فالمفعل منه بالفتح اسما كان أو مصدرا، ولا يقع
فيه الفرق مثل دخل مدخلا، وهذا مدخله إلّا أحرفا من الأسماء لزموها وكسر
العين من ذلك المسجد والمطلع، وذكر حروفا ثم قال: فجعلوا الكسر علامة
للاسم، وربما فتح بعض العرب في الاسم، وسمعنا المسجِد والمسجد والمطلع
والمطلِع، قال: والفتح في كله جائز وإن لم تسمعه، وما كان من باب فعل
يفعل مثل جلس يجلس فالموضع بالكسر والمصدر بالفتح للفرق بينهما، لقول
نزل منزلا بفتح الزاي تريد نزولا، وهذا منزله فنكس؛ لأنك تعني الدار، وفي
الجامع للفراء: المسجد- بفتح الجيم- هو موضع السجود، المسجد-
بكسرها- هو البيت الذي يصلي فيه، وحق الاسم والمصدر أن يكونا في
مكان على يفعل مضموم العين وعلى يفعل بفتحها، وإنما قالوا: مسجد
(1) صحيح. الترغيب (1/195) ، والبيهقي (2/437، 6/167) ، والمنثور (3/218217) ، والمطالب
(353)
، والعقيلي (2/126) ، والمجمع (2/7، 8) ، وعزاه إلي أحمد والطبراني في "الكبير" و" الأوسط"
واللفظ له. وقال:"فإنْ الله يبنى له بيتا أوسع منه في الجنة". ورجاله موثقون.
قلت: للحديث شواهد ومتابعات صحيحة.
بالكسر ليفرقوا بين موضع السجود وبين ثبوت الصلاة، ومن العرب من يفتح
فيقول: مسجد في كلى الوجهين ويلتزم القياس وفي جمهرة بن دريد
والمساجد إلا رات (1)، وقد فسر قوله تعالى:{وأن المساجد لله} وقال
الزجّاج: كل موضع يتعبّد فيه فهو مسجد، والقطاة: قال سيده: وهو طائر
معروف، والجمع قطوات وقطبات، وقد كان بالمدينة مساجد ذكرها أبو داود
في كتاب المراسيل عن بكير بن الأشج قال: كان بالمدينة تسعة/مساجد مع
مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يسمع أهلها، قال ابن بلال: فيصلون في مساجدهم أقربها
مسجد ابن عمرو بن مندول ومحمد بن ساعدة ومحمد بن عبيد ومحمد بن
سلمة ومحمد بن زامح من بني عبد الأشهل ومحمد بن زريق ومحمد عفار
ومحمد أسلم ومحمد جهينية وشك في التاسع. انتهى. وقد وقع لنا غير ما
ذكر من المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها أبو زيد عمر بن شيبة في
أخبار المدينة رافع بن حديج" صلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم في
المسجد الصغير الذي يأخذ في شعب الجراد على يمينك لازق بالجبل"، وعن
السيد بن أبي أسيد عن أشياخهم:"أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على الجبل الذي عليه
مسجد الفتح، وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل على الطريق حتى
تصعد الجبل"، وعن عمارة بن أبي اليسر"صلى النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- في المسجد الأسفل"، وعن جابر قال:"دعا النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم- في المسجد المرتفع ورفع يديه، وعن عمرو بن بشر هبيل:"أن
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم صلى في مسجد بني حدارة"، وعن
عمر بن قتادة:"أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم صلى في مسجد لهم
في بني أمية من الأنصار، وكان في موضع القربين اللتين عند منالة نهيك"،
وعن الأعرج:"أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ذباب"(2)، وفي لفظ: كان
(1) كذا ورد هذا السياق "بالأصل".
(2)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع للزوائد"(4/14) . قال الطبراني:"بلغني إن
ذباب جبل بالحجاز". وقوله:"صلى" أبط بارك عليه. قال ابن الأثير: أنه جبل بالمدينة.
وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل: وهو ضعيف.
ضرب قتيبة يوم الخندق عليه، وعن جابر بن أسامة قال: " حط النبي- صلى
الله عايه وآله وسلم- مسجد جهينة ليلا"، وفي لفظ:"وصلى فيه"، وعن
سعد بن إسحاق:"أن النبي صلى الله عليه وسلم/صلى في مسجد بني ساعدة الخارج من
بيوت المدينة، وفي مسجد بني بياضة، ومسجد بني الحبلى ومسجد ابن
عصبة"، وعن العبّاس بن سهل: " أن الناس رأوا النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد
بني ساعدة في جون المدينة "، وعن يحيى بن سعد قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم
يختلف أبي مسجد، وأبي يعضل فيه غير مرة ولا مرتين"، وقال: " لولا أن
يميل الناس إليه لأكثرت الصلاة فيه"، وعن يحيى بن نصر أن النبي- صلى
الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد أبي بن كعب في بني حرملة، ومسجد
بني عمرو بن مندول، ومسجد بني دسر، ومسجد دار النابغة ومسجد بني
عدى، وجلس في كهور سلع، وعن هشام بن عروة أن النبي- صلى الله
عليه وآله وسلم- صلى في مسجد ملحوث بن الخزرج، ومسجد السبح، وبنى
حطمة ومسجد الفضيح، وفي صدقة الزبير، وفي بني محمد، وفي بيت
صدرمة وفي بني عدى وفي بيت عتبان، وعن الحارث بن سعيد أن النبي
إلا صلى في مسجد بني حارثة وبنى طعر وبنى عبد الأشهل، وعن
إسماعيل بن أبي حبيبة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم صلى في
مسجد واقم، وعن ابن عمير أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني معاوية،
وعن كعب بن عجرة أن النبي- صلى ألله عليه وآله وسلم- أول جمعة (1)
جمعها حين قدم المدينة في بني سالم فْي مسجد عاتكة، وعن جابر أن النبي
صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الحزبة، ومسجد القبلتين، ومسجد ابن حرام الذي
بالقاع، وعن محمد بن عتبة بن أبي لم مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في صدقة،
وعن يحيى بن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في متربة أم إبراهيم، وعن خالد بن
رباح أن النبي- عليه السلام صلى في مسجد راتح، وعن زيد بن سعد أن
النبي- عليه السلام صلى في حائط أبي الهيثمي، وعن جابر أن النبي- عليه
السلام- صلى الظهر يوم أحد في عينين، وعن على بن رافع أن النبي- عليه
السلام- صلى في بيت امرأة بني الخضر فأدخل ذلك البيت في مسجد بني
(1) فوله:"جمعة"سقطت من "الأصل" وكذا أثبتناه.
قريظة، وعن سلمة الحطمي أن النبي- عليه السلام صلى في بيت المقعدة
عند مسجد بني وائل في مسجد العجوز، وعن أبي هريرة أن النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم عرض المسلمين بالسقيا التي بالحرة متوجِّهًا إلى
بدر، وصلى بها، وعن المطلب أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم صلى
في مسجد بني ساعدة وصلى في المسجد الذي عند الشيخين، بات (1) فيه،
وهو الذي عند البدائع، وعن هشام أن النبي عليه السلام صلى في مسجد
الشجرة بالمعرس، وعن ابن عمر أن النبي- عليه السلام صلى بالبطحاء
الذي بذي حليفة وعن أبيِ هريرة اًن النبي- عليه السلام صلى في مسجد
الشجرة، وعن ربيعة بن عثمان أن النبي- عليه السلام صلى في بيت أبي
حبيب مسجد بني حذرة قال أبو غسان: قال لي غير واحد من أهل العلم: إن
كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبنى بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد
صلى فيه النبي- عليه السلام، وذلك أن عمر بن عبد العزيز حن بني
مسجد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم سأل، والناس يومئذ متوافرون عن
المساجد التي صلى فيها النبي- عليه السلام ثم بناها بالحجارة المطابقة،
وعن ابن/أبي خيثمة أن النبي- عليه السلام صلى في دار الشفا على يمن
من دخل الدار، وصلى في دار بسرة بنت صفوان، وفي دار عمرو بن أمية
الضمري، ومنزل ابن أبي عمارة، قال أبو زيد: وأما المساجد التي يقال اًنه
صلى فيها، ويقال اًنه لم يصل فيها فهي دار سعد بني خيثمة بقيا ومسجد بني
زريق، ومسجد بنط مارن، ومسجد بني سالم الأكبر، والمسجد الذي بغار
أحد، ومسجد بني حرام الأكبر، وسقيفة بني ساعدة القصوى، والمسجد الذي
ببطن الروحاء عند عرف الطبة، وذكر الأرق في مكة شرفها الله تعالى
مساجد منها مسجد منى وهو مسجد الخيف، ومسجد مزدلفة، ومسجد عرفة
ومسجد المولد، ومسجد خديجة، ومسجد الأرقم، ومسجد عند الروم،
ومسجد الجن، ومسجد الشجرة، ومسجد السرور، ومسجد عن يمين الموقف
بعرفة، ومسجد الكبش، ومسجد باحباد، ومسجد إبراهيم، ومسجد بجوار
(1) جملة هذه الأحاديث من"معجم الفراء"، وراجع كتب المساجد.
مسجد ثبور، ومسجد عند سوق الغنم، ومسجد بذي طوي، ومسجد
بالجعرانة، والمسجد الأقصى الذي من وراء الوادي بالعدوة القصوى، ومسجد
التنعيم، والمسجد الذي عند حتيمة جمانة.
119- باب تشييد المساجد
حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي
قلابة عن أنس بن مالك، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم:"لا
تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد". هذا حديث أخرجه بن
خزيمة (1) في صحيحه عن محمد بن رافع، ثنا الموصل بن إسماعيل، ثنا حماد
بلفظ:"إن من أشراط الساعة". وثنا/محمد بن يحيى، ثنا محمد بن عبد
الله الخزاعي، ثنا حماد عن قتادة، وأيوب عن أبي قلابة عن أنس، قال أبو
نعيم: تفرد الخزاعي بذكر قتادة، وقال ابن معين في الأوسط: لم يروه عن
قتادة إلا حماد وقال ابن خزيمة: ثنا عمرو بن العباس، ثنا سعيد بن عامر عن
أبي عامر الحزار قال: قال أبو قلابة: انطلقنا مع أنس نريد الزوائد يعني قصر
أنس، فمررنا بمسجد، فحضرت صلاة الصبح، فقال أنس: لو صلينا في هذا
المسجد، فقال بعض القوم: نأتي المسجد الأخر، قالوا: أي مسجد؟! قال:
فذكر مسجدًا، فقال أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يأتي على الناس زمان
يتباهون بالمساجد، ثم لا يعمرونها إلا قليلًا- أو قال: يعمرونها قليلًا-" (2) .
وفي كتاب أبي نعيم من حديث محمد بن مصعب العرنساني عن حماد:
"يتباهى الناس ببناء المساجد". وفي حديث على بن جرير الخزار:"يتباهون
بكثرة المساجد". حدثنا جبارة بن المغلس ثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن
البجلي عن ليث عن عكرمة عن ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه
وآله وسلم-:"ستشرفون مساجدكم كما شرفت اليهود كنائسها، وكما
شرفت النصارى بيعها" (3) . هذا حديث لما ذكره الحافظ ضياء الدين: رده
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (1323) ، ورواه أبو داود (ح/449) ، وابن ماجة (ح/739) ،
وأحمد (3/152،145،134، 283،230) ، وابن حبان (308) ، والطبراني في"الصغير" (2/
1114) ، وشرح السنة (2/350) ، والمنثور (6/51) والفتح (1/539) ، والكنز (38484)
وصححه الشيخ الألباني.
(2)
المصدر السابق.
(3)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/740) . في الزوائد: إسناده ضعيف. فيه جبارة بن المغلس،=
بليث المذكور، قيل: واغفل كونه من رواية أبي محمد جبارة بن المغلِّس الحافي
الكوفي، فإن عبد الله بن أحمد عرض على أبيه شيئا من حديثه فأنكرها،
وقال في بعضها: سمعت هذه موضوعة أو هي كذب، وقال ابن معين: هو
كذاب، وكان أبو زرعة حدّث عنه، ثم ترك حديثه بعد ذلك، وقال: قال لي
أبي نمير: ما هو عندي ممن يكذب، كان يوضع له الحديث فيحدّث به، وما
كان عندي/ممن يتعمد الكذب، وذكر ابن عقدة عن محمد بن عبد الله بن
سليمان الحضرمي: سألت ابن نمير فقال: صدوق، وقال أبو حاتم: هو مثل
القاسم بن أبي شيبة، وقال ابن عدي: في بعض حديثه مالا يتابعه أحد عليه،
غير أنه كان لا يتعمّد الكذب، وحديثه مضطرب، كما ذكره البخاري، وقال
ابن حبان: كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، وقال محمد بن سعد:
يضعف، وذكره أبو جعفر العقيلي والبلخي في كتاب الضعفاء، ويعقوب في
باب: من يرغب عن الرواية عنهم، وقال البزار: كان رجلًا كثير الخطأ، ليس
يحدّث عنه رجل من أهل العلم، إنّما يحدّث عنه قوم فأتتهم أحاديث كانت
عندم أو رجل عنى وأغفل كونه أيضا من رواية عبد الكريم المجهول العين
والمنفرد عنه بالرواية جبارة، وقد وجدنا لهذا الحديث شاهدًا رواه أبو داود
بسند، صححه ابن حزم عن محمد بن الصباح، ثنا سفيان بن عيينة عن
سفيان عن أبي فروة عن أبي يزيد بن الأصم عن ابن عباس: فال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:"ما أمرت بتشييد المساجد". قال ابن عباس: لزخرفها كما زخرفت
اليهود والنصارى (1) . ورواه أبو نعيم من حديث عبد الأعلى بن حماد، ثنا
معتمر سمعت بشار يحدّث عن أبي فزارة به. حدثنا جبارة ثنا عبد الكريم بن
عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم"(2) . هذا
وهو كذاب. وقد أخرجه أبو داود بسنده بدون هذا السياق. انظر: صحيح أبي داود تحت: (ح/
474) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/157) ، الضعيفة (ح/2733) .
(1)
حسن. رواه أبو داود (ح/448) ، وعبد الرزاق (5127) ، وشرح السنة (2/348) ، وتغليق
(236، 237) ، والكنز (20827) ، والمنثور (3/217) ، والمشكاة (718) ، والحلية (7/313) .
(2)
ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (ح/741) . في الزوائد: في إسناده أبو إسحاق، كان
حديث تقدم الكلام على سنده، وقد وردت أحاديث من هذا الباب غير ما
تقدم من/ذلك حديث ليث عن أيوب عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابنوا
المساجد واتخذوها جما" (1) . وفي لفظ:"أمرت بالمساجد جما" (2) . ذكره
ابن أبي شيبة فيِ مصنفه عن مالك بن إسماعيل، ثنا هريم عنه، ولما سأل
الترمذي محمدا عنه قال: إنما يروى أيوب عن عبد الله بن شقيق قوله، وقال
أبو الحسن: وسئل عنه ولم يتابع ليث عليه، وغيره يرويه عن أيوب عن ابن
شقيق قوله، وحديث مجاهد عن ابن عمر قال:"نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
نصلى في مسجد مشرف" (3) . رواه الدارقطني، وقال: رواه إسحاق بن
منصور وابن غسان عن هريم عن ليث عنه، ورواه عبد الحميد بن صالح عن
هريم عن ليث عن نافع عن ابن عمر، وحديث ابن عباس- رضي الله تعالى
عنه- قال:"أمرنا أن نبني المساجد جما"(4) . ذكره عبد الغافر الفارسي في
كتابه مجمع الغرائب، قال: ومعناه التي أشرنا لها، وفي كتاب غريب الحديث
لأبي عبيد القاسم بن سلام زيادة: والمدائن شرفا، وحديث علي بن أبي طالب
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ابنوا المساجد". رواه أبو نعيم الحافظ من
حديث محمد بن شعيب، ثنا مبشر بن عبيد عن الحكم عن يحيى بن البزار
عنه، وحديث جابر بن عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من زوق بيته أو
مسجده لم يمت حتى تصيبه قارعة" (5) . رواه أيضا من حديث موسى بن
محمد صاحب القديدي، ثنا المنكدر بن محمد المنكدر عن أبيه عنه، ورواه
يدلس. وجبارة كذاب.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/157)، وانظر:(الضعيفة: ح/447) .
(1)
رواه البيهقي (2/439) ، والحلية (3/12) ، والترغيب (1/197) ، والمجمع (2/9) .
(2)
رواه ابن عدي في"الكامل"(6/2107) ، والكنز (20771) ، والجوامع (4420) .
(3)
رواه الدارقطني (1/275) ، والطبراني (12/407) .
(4)
انظر: الحاشية رقم "2" السابقة.
(5)
قلت: وهذا حديث معلل رواه ابن الجوزي في علله. وعلته: أبو البختري وهب بن
وهب، القاضي، عن هشام بن وهب، كذبه أحمد وغيره. (المغني في الضعفاء: 2/727
1222
ابن الجوزي في علله من حديث أبي البختري وهب بن وهب/، ورده به،
وفي كتاب أبي نعيم بن دكن، ثنا سفيان عن أيوب عن عبد الله بن شقيق
العقيلي قال:"كانت المساجد تبنى جمار المدائن تشرف". ثنا سفيان عن أبي
فزارة عن مسلم المستبطني (1) قال: كان علي بن أبي طالب إذا مر بمسجد
النيم وهو مشرف قال: هذه بيعة النيم عن بيته. الشرفة: ما يوضع على أعالي
القصور والمدن، وشرف الحائط: جعل له شرفه. ذكره ابن سيده، وفي الجامع:
وقولهم قصر مشرف: إنّما معناه طويل، وإذا أرادوا له شرف قالوا: قصر
مشرف، والبيعة: كنيسة النصارى، وقيل كنيسة اليهود، كما ذكره في
المحكم، وفي الجامع: البيعة: بكسر الباء: صومعة الراهب، وقيل. كنيسة
النصارى، والجمع بيع، وقال عياض: البيعة: كنيسة أهل الكتاب. والصلوات
للصابئين، كالمساجد للمسلمين، وفي كتاب الجواليقي: البيعة، والكنيسة:
جعلهما بعض العلماء، فارسيين معربين، وأما البناء المشيد: فهو المعمول
بالتشيد، وكلّ ما أحكم من البناء، فقد شيّد، قال أبو عبيد: البناء المشيّد
المطول، وقال الكسائي: التشييد للواحد، والمشيّدة للجميع، حكاه أبو عبيد
عنه والكسائي: يحل عن هذا. قاله ابن سيده، وفي الجامع: أشدت الحائط
وشيّدته: فهو مشاد، ومشيد إذا طولته، وقيل: لا يكون مشيدا حتى يجصّص
ويطول، والزخرف: الذهب هذا الأصل، ثم سمّى كل زينة زخرفا، وزخرف
البيت: زينه وأكمله، وكلّ ما ذوق وزيّن، فقد زخرف، والتزخرف، والتزين،
والزخارف: ما زين من السفن، والزخرف: زينة النبات. ذكره ابن سيده، وفي
الجامع: كل نفيس يسمّى زخرفا، وقال الهروي: هو كمال/حسن الشيء،
وقال عياض. هو التزويق بالنقش والتلوين. قال الخطابي: المعنى أن اليهود،
والنصارى؛ إنما زخرفوا المساجد عند ما حرفوا وتركوا العمل بما في كتبهم،
نقول: فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم؛ إذا طلبتم الدنيا بالدين وتركتم الإخلاص
في العمل، وصار أمركم إلى المراياه بالمساجد والمباهاة بتشييدها وزينتها، وفيه
دليل على أن الصلاة لا تجز بالمال كما يجز الصوم وغيره وأمّا قول من قال:
(1) قوله:"المستبطفي"غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.
أراد بالتباهي في المساجد والتفاخر بالأنساب والأحساب وشيمه فمردود بقوله:
ببناء المساجد وبكثرة المساجد.
* * *
120- باب أين يجوز بناء المساجد؟
حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن أبي التياح
الضبعي، عن أنس بن مالك قال:"كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لبنى
النجار وكان فيه نخل ومقابر للمشركين، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ثامنوني به
قالوا: لا نأخذ به ثمنا أبدا، قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبنيه، وهم يناولونه والنبي
صلى الله عليه وسلم يقول:"ألا ان العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة"قال: وكان
النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد حيث أدركته الصلاة" (1) . هذا
حديث خرجاه في الصحيح من حديث أبي التياح مطولا:"قدم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عون، فأقام عليه
السلام/فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملأ بني النجار، فجاعوا متقلِّدين
السيوف، فكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم على راحلة، وأبو بكر ردفه، وملأ بني
النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يصلى في مرابض الغنم، وفيه
فأمر لقبور المشرفي، فنبشت ثم بالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، فصفوا
النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادته الحجارة وفيه لا خير إلا خير إلا
الأخرة". وأما قول خلف رواه مسلم (2) أيضا في الهجرة عن إسحاق بن
منصور عن عبد الصمد عن أبيه عن أبي التياح، فيشبه أن يكون وحماد ذلك
أن مسلما ليس عنده كتاب هجرة، وكتاب الهجرة إنما هو عند البخاري،
وكذا ذكره الطرقي وابن أبي أحد عشر في جمعه، ورواه الحاكم في دلائل
(1) صحيح. رواه البخاري (1/117، 3/26، 83، 4/14،16، 5/86) ، وأبو داود (ح/454) ،
وابن ماجة (ح/742) ، وأحمد (3/118، 244) ، والتمهيد (5/231) ، والنبوة (2/540) ، وابن
أبي شيبة (3/388) . غريبه: قوله:"ثامنوني" أي خذوا منى الثمن في مقابلته وأعطوني به.
(2)
صحيح. رواه مسلم في: المساجد (ح/9) .
غريبه: قوله:"خرب"قال النووي: هكذا ضبطناه بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء. قال
القاضي: رويناه هكذا. ورويناه بكسر الخاء وفتح الراء، وكلاهما صحيح. وهو ما تخرب
من البناء.
النبوة من حديث موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي التياح
بزيادة: وكان المهاجرون والأنصار ينقلون اللين أو التراب لبناء المسجد وهم
يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بعثنا أبدا
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم:
اللهم إنّ الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة (1)
وفي حديث شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ينقل التراب معنا، وقد وارى الغبار بياض أبطبه"وهو يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا/
فانزلنْ سكينة علينا إن الأُلى لقد بغوا علينا
وإن أرادوا فتنة أبيتا (2)
ومدّ بها صوته- صلى الله عليه وآله وسلم، وفي حديث حشرج بن
نباته عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال:"لما بني النبي صلى الله عليه وسلم المسجد جاء
أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه، ثم جاء عثمان بحجر
فوضعه، فقال هؤلاء: وُلاة الأمر من بعدي" (3) . وفي كتاب موسى بن عقبة
عن ابن شهاب: كان المسجد مربد التمر لغلا من سهل وسهيل بن عمرو بن
حجر أسعد، قال ابن شهاب: وزعموا أله كان رجال من المسلمين يصلون في
المربد قبل قدوم النبي- عليه السلام المدينة، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمنه
ويقال: عرض عليها أسعد نخلا له في متى (4) بياضه ثوابًا من مربدهما فقالا:
(1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/30، 5/137، 9/96) ومسلم) ص/1432)
وأحمد (3/170، 187، 244، 278، 288، 6/289، 315) والبيهقي (7/43) والمنثور (3/279)
والفتح (13/142) والكنز (30098) وابن سعد (1/2/50، 51) والخصائص (75) .
(2)
صحيح. رواه البخاري (4/78، 5/140) وأحمد (4/282، 291، 302) والدارمي (2/220)
ومشكل (4/299) والخطيب (11/289) والقرطبي (14/130) والفتح (7/400، 10/541، 13/
223) وتغليق (966) وأذكار (190) والكنز (30079) وابن أني شيبة (8/527) .
(3)
صحيح. رواه ابن عدي: (2/846) .
(4)
كذا ورد هذا السياق"بالأصل"0
بل تعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: بل اشتراه النبي- عليه السلام منهما،
فبناه مسجدا، فطفق هو وأصحابه ينقلون اللبن، وهم يقولون: هذا الحمال إلا
حمال خير هذا أبرر بنا وأطهر، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم إنّ الخير خير
الآخرة" (1) . قال ابن شهاب: فتمثّل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر رجل من المسلمين
لم يسم لي ولم يبلغني في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تمثل بشعر قط غير هذه
الأبيات، أنبأ المشايخ المعمر بقية السلف عبد القادر بن عبد العزيز بن أيوب،
وأبو بكر عبد الله بن علي بن عمرو، وأبو عبد الله محمد بن عبد الحميد/بن
محمد- رحمهم الله تعالى- قراءة عليهم، وأنا أسمع قال الأول: أنبأ الصالح
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح أنبأ القاضي ضيعة
الملك أبو محمد بقية الله بن يحيى بن على بن حيدر، أنبأ الشيخ أبو محمد
عبد الله بن رفاعة أنبأ أبو الحسن الخلعي، وقال الآخران: أنبأ الشريف تاج
الشرف بن السيد أبي القاسم عبد الرحمن بن علي الحسين أنبأ أبو الطاهر
محمد بن محمد بنان، أنبأ والدي، أنبأ أبو إسحاق الحبال، قال هو والخلعي:
أنبأ أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزار أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أني
الورد، أنبأ أبو سعد عبد الرحيم بن عبد الله البرقي أنبأ أبو محمد عبد الملك
ابن هشام، ثنا زياد قال: قال محمد بن إسحاق:"فقال أسعد بن زرارة: يا
رسول الله إنِي مرضيهما منه فابنه مسجدا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد
فأصيب سعد والمسجد يبنى إصابة الذبحة أو الشهقة". وفي كتاب سعد:
جعل قبلته للقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: باب في مؤخرة، وباب يقال له:
باب الرحمة، والباب الذي يدخل منه، وفي الأكليل من حديث عبد الله بن
عمر عن نافع عن مولاه: أنّه أخبره أنّ المسجد كان على عهده- صلى الله
عليه وآله وسلم- مبنيا باللبن، وسقفه بالجريد، وعمده خشب النّخل، فلم يزد
فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه عمر، وبناه على بنيانه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
لولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إني أريد أن أزيد في قبلتنا "(2) ما
(1) تقدم ص 1225.
(2)
ضعيف. إتحاف (4/417) ، والمطالب (497) ، والكنز (23080) ، وأورده الهيثمي في"مجمع
الزوائد" (2/11) ، وعزاه إلى "البزار"- ألا أنه قال:" أنا نريد أن نزيد في فبلتكم"- وفيه عبد الله
زدت، فزاد ما بين المنبر إلى موضع المقصورة، ثم غيره عثمان، وزاد فيه زيادة
كبيرة، وبني/جدره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده حجارة منقوشة،
وسقفه بالساج، وفي حديث مالك بن معول عن رجاء قال: كتب الوليد بن
عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز؛ أن يكسر مسجد النبي عليه السلام
وحجراته، وكان قد اشتراها من أهلها، وأرغبهم في ثمنها، وأن يدخلها في
مسجد النبي- عليه السلام فجاء عمر، فقعد ناحية، وقعدت معه، ثم أمر
بهدم الحجرات، فما رأيت باكيًا ولا باكية أكثر من يومئذ خرعا، حيث
كسرت، ثم بناه، كلما أراد أن يبنى البيت على القبر، وكسر البيت الأول،
الذي كان عليه فطرت القبور الثلاثة، وكان الرجل الذي كان عليها قد انهار
عنها فأراد عمر فليسوها ثم يصفون البناء. قال رجاء: فقلت: إن قمت، قام
الناس معك، فوطئوا القبور فلو أمرت رجلاً أنْ يصلحها، ورجوت أن يأمرني
بذلك، فقال: يا مزاحم قم، فأصلحها، قال رجاء: فأكرمه الله بها، وفي
حديث يزيد بن رومان قام معاوية على منبر النبي صلى الله عليه وسلم: فجعله ست درجات،
وحوله عن مكانه، وانكشفت الشمس يومئذ. قال أبو عبد الله وقد أحرق المنبر
الذي أحدثه معاوية، وردّ منبر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكانه، وفي حديث علي بن
زيد عن أنس عند أبي نعيم الحافظ: لما بني النبي صلى الله عليه وسلم المسجد جعل سقفه
جريدا، وكان إذا بسط يده لحقت السقف، وفي كتاب الزواجر لأبي زيد:
كان مربد، والتيمي في حجر معاذ بن عفراء عن الشِّفاء بنت عبد الرحمن أنها
قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يؤمه جبريل إلى الكعبة،
ويقيم/له القبلة، وكانت من اللبن، وقيل: بل من حجارة منقوشة بعضها على
بعض، ثم إن المهدى بناه ووسعه وزاد فيه، وذلك في: سنة ستة ومائة، ثم زاد
فيه المأمون في سنة: ثنتين وثمانين وأتقن بنيانه، ثم لم يبلغنا أنّ أحدا غير منه
شيئا، ولا أحدث فيه عملا، وفي كتاب أخبار المدينة لأبي زيد بن أبي شيبة:
أن العباس قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أبني لك مقصورة حجابا يكلمك
الناس من ورائه، يكف عنك طغاطهم وأخاهم فال:"لا بل اصبر لهم
العمري وثقة أحمد وغيره واختلف في الاحتجاج به وإسناد أحمد منقطع بين نافع وعمر.
فضول قدمي وبناني حتى يريحني الله منهم" (1) . قال ابن شهاب: فكان أول
من عمل المقصورة معاوية، فأما التي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم اليوم؛ فإن عمر بن
عبد العزيز عملها حين بناء المسجد بأمر الوليد، وكان حين عملها مرتفعة عن
الأرض ذراعين فخفضها المهدي فهي على حالها إلى اليوم. وفي لفظ: أول
من أحدث المقصورة مروان في عمل معاوية بحجارة منقوشة، وجعل فيها
كوى. وفي لفظ: أول من عمل مقصورة بلبن: عثمان بن عفان، وكانت فيها
كوى ينظر الناس فيها إلى الإمام، وأنّ عمر بن عبد العزيز عملها بالساج، قال:
والذي بلط حوالي المسجد بالحجارة: معاوية أمر بذلك مروان، وعمل له أسرابا
ثلاثة تصد فيها مياه المطر، وأراد أن يبلط بقيع الزبير، فحال ابن الزبير بينه وبين
ذلك، وكان بين يدي المنبر مرمر، فطرح فيه طنفسة لعبد الله بن حسن، فلما
ولى حسن بن زيد المدينة في رمضان سنة خمسين ومائة؛ غير ذلك المرمر سعة
من جرانية/كلّها حتى ألحقه بالسواري على ما هو عليه اليوم، فلما قدم
المهدي قال لمالك: إني أريد أن أعيد منبر النبي- عليه السلام إلى حاله التي
كان عليها، فقال مالك: إنّه من طرقا، وقد سمّر أبي هذه العيدان وشد فحتى
بزعته خفت أن يهار ويحملك فلا أرى أن تغيره، قال أبو زيد: فانصرف رأي
المهدي عن تغييره والله تعالى أعلم.
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو همام الدلال، ثنا سعيد بن السائب عن،
محمد بن عبد الله بن عياض عن عثمان بن أبي العياض: "أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طاغيتهم" (2) . هذا حديث
إسناده صحيح لتوثيق البستي محمد بن عياض، وباقي من في الإسناد لا يسأل
عن حالهم، ولفظ أبي داود:"طواغيتم". حدثنا محمد بن يحيى، ثنا
عمرو بن عثمان، ثنا موسى بن علي، ثنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن
عمر:"وسئل عن الحيطان يلقى فيها الغدرات فقال: إذا سقيت مرارا فصلوا
(1) لم أقف عليه.
(2)
إسناده صحيح. أواه أبو داود في (الصلاة، باب"12" (وابن ماجة (ح/743) .
وصححه الشيخ الألباني.
فيما يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (1) ". هذا حديث إسناده صحيح، عمرو بن عثمان بن
سنان العلائي مذكور في ثقات ابن حبان، ورجاله الباقون حديثهم في
الصحيح، وفي الباب حديث طلق بن علي قال:"خرجنا ونبأنا بالنبي-
صلى الله عليه وآله وسلم فبايعناه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا، فاستف عيناه
من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ وتمضمض، ثم صبه في أراوة، وأمرنا إذا
أتيتم أرضكم، فاكسروا بيعتكم، وألقوا مكانها بهذا الماء، واتّخذوه مسجدًا".
رواه النسائي (2) من حديث ملازم بن عمرو عن عبد الله/بن بدر عن قيس بن
طلق عنه، وسكت عنه عبد الحق لما ذكره، وخطئ في ذلك، وحديث
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم:"كان يصلى في المواضع
التي يبول فيه الحسن والحسين ويقول: إنّ العبد إذا سجد لله سجدة طهر الله
موضع سجوده". رواه أبو القاسم في الأوسط (3)، وقال: لم يروه عن هشام
إلا بزيغ أبو الخليل يعني المتكلم فيه بكلام فيه أقداح. قوله: ثامنوني أي:
قدروا ثمنه لأشتريه منكم فأبوا، وفي كتاب ابن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه
منهما بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر- رضي الله عنه، فيحتمل على تقدير
الصحّة انه أعطاهما ذلك ثواب هبتهما إياه فاعتقد رأى ذلك أنه ثمنه، وهذا
هو الأليق بحاله صلى الله عليه وآله وسلم وبيّنه ما تقدم من قول ابن شهاب
وأمّا ارتجازه صلى الله عليه وآله وسلم فذكر ابن التِّين: أنّ الرجز مختلف فيه
هل هو شعر، أم لا، قال: وقالوا: إنّما هو كالكلام المسجع، وهى دائرة المشتبه
سمى بذلك؛ لأنه يقع فيه ما يكون على ثلاثة: أجراً مأخوذ من البعير إذا
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/744) . في الزوائد: إِسناده ضعيف. فيه محمد بن
إسحاق. كان يدلس. وقد رواه بالعنعنة.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/160) .
(2)
صحيح. رواه النسائي في (المساجد، 11- باب اتخاذ البيع مساجد: 2/38) . وأورده
الهيثمي في"مجمع الزوائد"(12/12) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، و"الأوسط"،
وعمرو بن شقيق ذكره هو وأبوه ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيهما جرحا ولا غيره.
(3)
ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/6-7) . وعزاه إلى الطبراني في
"الأوسط"وبزيغ: متهم بالوضع.
شدّت إحدى يديه فبقى على ثلاث قوائم، ويقال: بل هو مأخوذ من قولهم
ناقة، وجزاء: إذا ارتعشت عند قيامها لضعف يلحقها، أو دار في الروض
يحتمل أن يكون من رجزت الجمل: إذا عدلته، قال ابن حبان: وهو شيء
يعدل رجز جمل، وفي المحكم الرجز: اضطرب رجل البعير؛ إذا أراد القيام
ساعة ثم تنبط، وقال أبو إسحاق: سُمى بذلك؛ لأنه يتوالى في أوّله حركة
وسكون، وقيل: لاضطراب أجزائه وتقاربها، وقيل: هو صدور/للإِعجاز، فلما
كان هذا الوزن فيه اضطراب سمى رجزا تشبيها بذلك، وفي الحديث: لما
اجتمعت قريش في أمره عليه السلام، وقالوا: نقول هو شاعر، فقال بعضهم:
قد عرفّنا الشعر كلّه مقبوضه ومبسوطه وزجره؛ فذكروا الرجز من جملة أنواع
الشعر، وقد تقدّم أيضا قول الزهري في ذلك، ولعلِّ الملجئ له إلى ذلك؛
هروبه من إنشاء النبي صلى الله عليه وسلم شيئا منه قابل فلو كان شعرا لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم،
قال تعالى: {وما علمناه الشعر} (1) . وما علم أن من أنشد القليل من
الشِّعر متمثلا على جهة الله، ولم يستحق اسم شاعر، ولا يقال فيه أنه تعلم
الشِّعر ولا ينسب إليه، ولو كان كذلك للزم أن يقال كل النّاس شعراء؛ لأن
كل فرد لابد أن يتمثّل بشعر أو يتكلم به من غير قصد إذا الشّعر لا يكون إّلا
عن قصد، والذي قال: الخليل هو الكلام الصحيح؛ لأنّ المهزل عنده ليس
بشعر وهو الذي جرى على لسانه عليه السلام. وأمّا الطاغية؛ فذكر أبو موسى
المديني أنه ليس من الطواغيت يشبه أن يريد به من طغى في الكفر وجاز القدر
في الشرّ أي: عظاهم، ويجوز أن يريد به الأديان، وأما من رواه الطواغيت
فزعم ابن سيده: أنّ- الطاغوت عبد من دون الله تعالى، وقيل: هي الأصنام،
وقيل: الشيطان، وقيل: الكهنة، وقيل: مودة أهل الكتاب، وقوله تعالى:
{يؤمنون بالجبت والطاغوت} (2) قال أبو إسحاق: قيل ها هنا حي بن
أخطب وكعب بن الأشرف، وقوله تعالى: {يُريدُون أن يتحاكمُوا إلى
الطّاغُوتِ} (3) يعني: إلى الكاهن أو الشيطان، وهو يقع/على الواحد
والجميع، والمذكر المؤنث ووزنه ملفوت؛ لأنه من طغوت، وإنّما أُقِرت طوغوتا
(1) سورة يس آية: 69.
(2)
سورة النساء آية: 51.
(2)
سورة النساء آية: 60.
في التقدير على طغوت؛ لأن قلب الواو عن موضعها أكثر من قلب الباء في
كلامهم، نحو شجر شاك ولاث وهاد، قد يكسر على طواغيت، وطواغ
الأخير عن اللحياني، وفي الجامع: العرب تسمى الكاهن والكاهنة طاغوتًا، وفي
كتاب أبي موسى المديني: هو ما زُيِّن لهم الشيطان أن يعبدوه، وفي الصحاح:
هو كل رأس في الضلال، ومعنى قوله: سقيت أي: صُب عليها الماء مرة بعد
أخرى كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:"صبوا عليه سجلا من ماء"(1) .
والله تعالى أعلم.
***
(1) تقدم في كتاب الطهارة، وانظر سنن أبط داود) الطهارة، باب 137) والبيهقي في:
"الكبرى"(2/428) .
121- باب المواضع التي يكره فيها الصلاة
حدثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن هارون، ثنا سفيان عن عمرو بن يحيى
عن أبيه وحماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الأرض كلها مسجد إّلا المقبرة والحمام (1) . هذا
حديث خرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث عبد الواحد بن زياد، ثنا
عمرو، وقال: تابعه عبد العزيز بن محمد بن عمرو وقال: وتابع عمارة بن
عربة بن يحيى على روايته عن أبيه يحيى بن عمارة، ثم قال: هذه الأسانيد
كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، وخرجه ابن حبان في
صحيحه عن عمران بن موسى، ثنا أبو كامل، ثنا عبد الواحد به، ولما خرجه
الدارمي في مسنده الذي زعم أنه صحيح ذكر آخره، قيل لأبي محمد تجرى
الصلاة/في المقبرة، قال: إذا لم يكن على القبر فتقم، قال: والحديث أكثرهم
أرسله، وذكره ابن حزم مصححا له، ثم قال: وقال بعض من لا يبقى عاقبة
كلامه في الدين: هذا حديث أرسله الثوري، وشكّ في إسناده موسى بن
إسماعيل عن حماد مكان ما دار يتم، يقولون: إن المسند كالمرسل، ولا فرق
ثم أي منفعة لهم في شك موسى، ولم يشك حجاج، وإن لم يكن فوق
موسى فليس دونه في إرسال سفيان، وقد أسند حماد وأبو طوالة وعبد الواحد
وابن إسحاق وكلهم عدل، وفي كتاب المعرفة، قال الشّافعي: وحدّث هذا
الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما: منقطع، قال أبو عبد الله: وبه يقول
ومفعول أنه كما جاء الحديث ولو لم يتنبه؛ لأنه ليس لأحد أن يصلي على
أرض نجسة، وقال أبو عيسى: حديث أبي سعيد قد روى عن عبد العزيز بن
محمد ورواه منهم من ذكره عن أبي سعيد، ومنهم سن لم يذكره وهذا
حديث فيه اضطراب، روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/317)، وقال: هذا حديث فيه اضطراب. وابن ماجة (ح/745) وأحمد
(3/83) والحاكم (1/251) ، وعبد الرزاق (1582) ، وابن خزيمة (791) ، وشرح السنة (2/409) ،
والمشكاة (737) ، ونصب للراية (2/324) ، وابن حبان (338) ، وابن أبي شيبة (2/379) ، والفتح (1/
529) ، والشافعي (20) ، والكنز (19187) . وصححه الشيخ الألبانْي.
النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي
سعيد عن النبي- عليه السلام مسدا، ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن
يحيى عن أبيه، قال: كان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي- صلى الله
عليه وآله وسلم- ولم يذكر فيه أبا سعيد، وكانت رواية الثوري عن عمرو عن
أبيه عن النبي- عليه السلام أصح وأثبت، وقال في العلل: كان الدراوردي
أحيانا يذكر فيه أبا سعيد ورعا، لم يذكره، والصحيح: رواية الثوري وغيره عن
عمرو عن أبيه مرسل، وبنحوه. قاله أبو علي/الطوسي في أحكامه. وفي ما
قالاه نظر: من حيث؛ أن ابن ماجة ساق رواية الثوري بسنده قيل، والله تعالى
أعلم. وقال البيهقي: حديث الثوري مرسل، وقد روى موصولا، وليس بشيء.
انتهى كلامه وهو غريب وصوابه ة لما قدّمناه مسندا صحيحا، وفي قول
الترمذي أنّ ابن إسحاق لم يسنده نظر؛ لما تقدّم من عند ابن حزم، ولما يأتي
من عند البزار، ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، ثنا مسدد،
ثنا عبد الواحد عن عمرو عن أبيه عن أبي سعيد، قال موسى في حديثه: فيما
يحسب عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكره أبو الحسن بن القطان، فقد أخبر
حماد في رواية: أن عمرا شكّ في ذكر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم،
ومنتهى الذين رووه مرفوعا إلى عمرو، وأنّ الحديث حديثه، وعليه بدر (1)
رضوا شك أولا ثم تيقن، ثم شكّ فإنه لو تعين الواقع منهما أنه الشكّ بعد أن
حدث به متيقِّنا للرفع؛ لكان يختلف فيه، فمن يرى لسان الحديث قادحا لا
يقبله، ومن يراه غير صائر يقبله، وإن قدّرنا حديثه شاكا، ثم تيقّن فهاهنا
يحتمل أن يقال غير بعد الشك على سبب من أسباب اليقين، مثل أن يراه في
مسموعاته أو مكتوباته فيرتفع شكّه فلا يبالى ما تقدم من تشككه، ومع هذا
فلا ينبغي للمحدّث أن يترك بمثل هذا في نقله؛ فإنه إذا فعل فقد أراد مِنّا قبول
رأيه في رواية، وهذا كلّه إنّما يكون إذا سلم أنّ الدراوردي وعبد الواحد
الرافعين له سمعاه منه غير مشكوك فيه، فإنّه من المحتمل أن لا يكون الأمر
كذلك بأن سمعاه مشكوكا فيه؛ كما سمعه/حمّاد، ولكنهما حدثا به، ولم
(1) كذا ورد هذا السياق"بالأصل"، وفيه اضطراب.
يذكر ذلك اكتفاء بحسبانه، وعلى هذا تكون علْة الخبر فاعلم ذلك. انتهى
كلامه. وفيه نطر؛ من حيث قوله عن عمر، والحديث حديثه؛ لما أسلفناه
صحيحا من عند الحاكم من أنّ عمارة بن غزية رواه عن يحيى كرواية ابنه
عمر، ورواه البزار من حديث زياد، ثنا أبو طوالة عن عمرو مرفوعًا، وقال:
رواه جماعة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- ولم يقولوا عن أبي سعيد، ورواه عبد الواحد وعبد الله بن
عبد الرحمن ومحمد بن إسحاق مرفوعا، وقد أسلفناه عن ابن حزم أن
حجّاجًا رواه عن حماد بغير شكّ وكذلك يزيد بن هارون المذكور عندنا
رباح، وهو ردّ؛ لما ذكره ابن القطان أيضًا، وأما تعداد الرواة الذين أسندوه عن
البزار؛ فقد أغفل ما ذكره أبو القاسم؛ إذ رواه من حديث حجاج بن منهال بن
خارجة بن مصعب عن عمرو مسندًا، وأما قول أبي الخطاب بن دحية في
كتابه المولد: حديث أبي سعيد يعني هذا لا يصح من طريق من الطرق بين
ذلك أهل التعديل والتجريح فغير صحيح؛ لما قدّمناه لتصحيحه في الترجيح
الذي سلم به الحديث من التجريح.
حدثنا محمد بن إبراهيم الدمشقي، ثنا عبد الله بن يزيد عن يحيى بن
أيوب عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر قال:
"نهى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلى في سبع مواطن:
في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإِبل، وفوق
الكعبة" (1) . هذا حديث لما رواه أبو عيسى قال: حديث ابن عمر/إسناده
(1) تقدّم في كتاب الطهارة وهو ضعيف وراجع تخريجه.
ورواه ابن ماجة (ح/746) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/746) .
مفردات الحديث:
المقبرة: بضم للباء، وتفتح. موضع دفن الموتى.
المزبلة: موضع يطرح فيه الزبل.
المجزرة: الموضع الذي ينحر فيه الإِبل، ويذبح فيه البقر والشاة.
قارعة الطريق: للوضع الذي يقرع بالأقدام من للطريق.
معاطنْ مبارك الإِبل عند منامها، وشرابها.
ليس بذلك القوى، وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه، وقد روى
الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن
عمر عن عمر عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث ابن عمر
عن النبي- عليه السلام اسمه واضح من حديث الليث، وعبد الله بن عمر
العمري: ضعفه بعض اً هل الحديث من قبل حفظه. قال أبو عيسى: وزيد بن
جبيرة الكوفي أثبت من هذا، وأقدم فقد سمع من ابن عمر، وقال أبو محمد
الأشبيلي: غير أبي عيسى يقول في هذا الإِسناد أكثر من هذا، وقال أبو علي
الطوسي في كتاب الأحكام: حديث ابن عمر إسناده ليس بذاك القوى،
وأشبه، وأصح من حديث الليث، وقال أبو الفرح في العلل المتناهية: هذا خبر
لا يصح، وقال أبو الخطاب بن دحية: هذا حديث باطل عندهم أنكروه على
ابن سيده، ولا يعرف مسندًا إّلا برواية يحيى بن أيوب عنه، ولا يجوز اًن
يحتج عند أهل العلم بمثله، وقال أبو زكريا الساجي: زيد بن جبيرة الأنصاري
الذي يُحدِّث عن داود بن حصين ثقة إلا أنه أتى بمنكر في هذا الحديث-
يعني: حديث ابن عمر- وقال أبو جعفر العقيلي: زيد بن جبيرة منكر
الحديث، من حديثه ما ثناه عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، ثنا المقري، ثنا
يحيى عن أيوب عن زيد عن داود يذكره، وثنا يحيى بن عثمان، ثنا عبد
الله بن صالح، حدثني الليث عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن
النبي- عليه السلام نحوه، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا يحيى بن علي، ثنا
ابن أبي بريم، ثنا الليث بن سعد قال: هذه النسخة/رسالة من عبد الله بن
نافع مولى ابن عمر إلى الليث بن سعد. أمّا بعد: فإن نافعًا كان يحدّث عن
ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه:"نهى أن يصلى في سبع مواطن: مواطن
الإِبل والمجزرة، والمزبلة، وفي مصلى قبلة إلى مرحاض، وقارعة الطريق، والمقبرة،
وظهر بيت الله العتيق" (1) . قال: ولا أعلم الذي حدث بهذا عن نافع إّلا قد
قال عليه الباطل؛ فأما ما ذكرت من مصلى قبلته إلى مرحاض، فإنّما جعلت
السترة لتستر من المرحاض وغيره، وقد حدثني نافع إن أراد ابن عمر التي هي
(1) الحاشية السابقة.
وراء جدار قبلة النبي صلى الله عليه وسلم كان مربد الأرواح التي يدهن فيه ثم ابتاعته
حفصة- رضي الله تعالى عنها- منهن فاتحذته دارا، وأمّا ما ذكرت من
مواطن الإبل: فقد بلغنا أنّ ذلك يكسر ما وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى على
راحلة، وقد كان ابن عمر، ومن أدركنا من خيار أهل أرضنا يعرض أحدهم
ناقة بيته وبن القبلة فيصلِّى إليها وهي تبعر وتبول: وأمّا ما ذكرت من الصلاة
في المقبرة؛ فإنّ أبي حدثني أنّ عبد الله بن عمر صلى على رافع بن خديج في
المقبرة، وهو إمام الناس يومئذ، وذكر الفضل بن طاهر في كتاب التذكرة،
ورده يزيد أبو أحمد في كامله في باب ما أنكر على زيد بن جبيرة- يعني أبا
جبيرة الأنصاري- القائل فيه يحيى بن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: منكر
الحديث جدا متروك، وقال الأزدي: متروك الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف
الحديث، وقال ابن حبان: يروى المناكير عن المشاهير فاستحق السلب عن
رواية، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه/ليس بالقائم، وقال أبو عمر في
الاستفتاء: وأجمعوا على أنه ضعيف الحديث. انتهى. وفيه نظر؛ لما تقدم من
عند الساجي وغيره، ولما ذكر له الحاكم حديثا في مستدركه صحح إسناده،
وأما يحمى بن أيوب أبو زكريا البغدادي الزاهد المقابري وداود بن الحصين وإن
كان فيهما كلام فحديثهما في الصحيح.
حدثنا علي بن داود ومحمد بن أبي الحسين قالا: ثنا أبو صالح، حدثني
الليث عن عبد الله بن عمر، حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سبع مواطن لا يجوز فيها الصلاة، طاهر بيت الله،
والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة الطريق" (1) . هذا
حديث سبق الكلام عليه وردّ 5 أبو علي الطوسي بعلي بن داود أيضا، والله
أعلم. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عمر عن عمر إلّا من هذا الوجه،
ولا نعلم حدّثه به عن عبد الله عمر إلا الليث بن سعد، وفي الباب حديث
عائشة، وذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم كتبه بالحديث فقال:"أولئك قوم إذا مات
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/747) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/
162) 0 أنظر: الإرواء: (287)، والشكاة:(738) .
فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصورة أولئك
شرار الخلق عند الله عز وجل" (1) . وحديث ابن عباس قال عليه السلام:
"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما
صنعو" (2) . وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قاتل الله اليهود
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (3) . خرجاه في صحيحهما، وحديث جندب
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم/قبل أن يموت بخمس وهو يقول:" إني أبرأ إلى الله أن
يكون لي منكم خليل ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم
وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذ القبور مساجد" (4) . وحديث أبي مرثد
الغنوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها".
رواهما مسلم، وحديث ابن عمر؛ قال عليه السلام: "اجعلوا في بيوتكم
من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا" (6) . ذكره البخاري، قال الإسماعيلي: إنّ
هذا الحديث يدلُّ على النهي عن الصلاة في القبر لا في المقابر، وفي كتاب
(1) صحيح. رواه البخاري (1/118) ، والفتح (1/531) ، ورواه ابن سعد (2/2/34) ، وأبو
عوانة (1/400) ، والتمهيد (1/168، 5/46) .
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119، 4،206،6/14،7/109) ، ومسلم في
) المساجد، باب"3"، ح/22) ، والنسائي (2/40) ، وأحمد (6/275، 299) ، والنبوة (7/
203) ، وأبو عوانة (1/399، 400) ، والبداية (5/238) .
(3)
حسن. رواه الترمذي (ح/813) ، وأحمد (2/285، 454، 518) ، والبيهقي (6/135، 9/
208) ، والنبوة (7/204) ، والموطأ (892) ، والمنثور (3/227) ، وابن سعد (2/2/44)
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/20) ، ومسلم في (المساجد، ح/23) ، وابن أبي
شيبة (2/376) ، والمشكاة (713) .
والخليل: هو المنقطع إليه، إليه: أي النبي ينهى عن ذلك ويكره.
(5)
صحيح. رواه مسلم في (الجنائز، باب"33"، ح/97) ، وأبو داود (ح/3229) ،
والترمذي (ح/1050،1051) ، وصححه. وأحمد (4/135) ، والبيهقي (2/435، 4/79) ،
والحاكم (3/220، 221) ، وأبو عوانة (1/398) ، والمشكاة (1618) ، والطبراني في"الصغير"
(1/252) ، والكنز (42574) ، وشرح السنة (5/410) ، والحلية (9/38) .
(6)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/118، 441، 2/76) ، ومسلم في (المسافرين،
ح/777) ، وأبو داود (1043) ، والترمذي (415) ، وصححه. وابن ماجة (1377) ، والنسائي
(3/197) ، وشرح السنة (4/132) ، وابن السني (411) ، والمشكاة (714) .
ابن المنذر هذا يدل على أن المقبرة ليست بموضع للصلاة، وللعلماء في معنى
هذا الحديث قولان: أحدهما: أنه ورد في صلاة النافلة، وهو الظاهر، الثاني:
في الفريضة، يعني بذلك: من لا يقدر على الخروج، وفيه بعد في كتاب ابن
التين؛ فأوّل البخاري هذا مع الصلاة في المقابر وأخذ عليه، وذلك أن جماعة
أولوه على أنه عليه السلام ندب إلى الصلاة في البيوت إذ الموتى لا يصلون
في قبورهم، فقال:" لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم"، وهي
القبور، وأمّا جواز الصلاة في المقابر أو المنع فليس في الحديث ما يوجد منه
ذلك، وحديث علي- رضي الله تعالى عنه- أنه هو يقاتل وهو يسير، فجاء
المؤذن، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام، فلما فرغ قال:"إنّ حبيبي عليه
السلام نهاني أن أصلى في المقبرة، ونهاني أن أصلي في أرض بابل، فإنها
ملعونة". ذكره أبو داود (1) من حديث الحجاج بن شداد عن أبي صالح
الغفاري سعيد بن عبد الرحمن عنه، وذكره أبو عبد الله/الجعفي في صحيحه
بلفظ: ويذكر عن علي أنه كره الصلاة بخسف بابل، وذكر ابن يونس أبا
صالح هذا؛ فقال: روى عن علي، وما أظنه سمع به، وقال الأشبيلي: هذا
حديث واهي، وزعم ابن القطان: أنّ فيه رجالا لا نعرف حالهم، وقال
البيهقي في المعرفة: إسناده غير قوي، وقال الخطابي: إسناد هذا الحديث فيه
مقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حزم الصلاة في أرض بابل، وقد عارضه ما
هو منه وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"جعلت لي الأرض مسجدا
وطهورا" (2) . ويشبهه أن يثبت الحديث أن يكون نهاه أن يتّخذها وطنا ودارا
للإِقامة، فتكون صلاته فيها يوما إذا كانت إقامته بها، ويخرج النهى فيه على
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/490) .
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119،91) ، ومسلم في (المساجد، ح/5) ، وأبو
داود (489، 3613، 3614) ، والمجمع (3615) ، والترمذي (317) ، والنسائي (2/26) ، وابن
ماجة (567) ، وأحمد (1/250، 2/240، 250، 412، 442، 501، 5/145) ، والبيهقي (2/
433، 434) ، والطبراني (11/61، 73) ، والإرواء (1/315) .
الخصوص ألا ترى إلى قوله نهاني حبيبي، أو يحتمل أن يكون أمره ما يلقى
من المحنة بالكوفة وهى هن أرض بابل، والله تعالى أعلم.
وفي السن الكبير البيهقي (1) : وروينا عن عبد الله بن أبي محل العامري
قال:"كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصل حتى أجازه".
وعن حجر بن عدي الحضرمي عن علي قال:"ما كنت لأصلى في أرض
خسف الله بها ثلاث مرات" (2) . قال أبو بكر: وهذا النهي إن ثبت مرفوعًا
ليس لمعنى يرجع إلى الصلاة فلو صلى فيها لم يعد؛ وإنما هو كما جاء في
حديث الحجر، وحديث ابن عمر قال عليه الصلاة والسلام:"لا تدخلوا
على هؤلاء المعذّبين إلا أن يكونوا باكين، فإن لم يكونوا باكين فلا تدخلوا
عليهم لا يصيبكم ما أصابهم" (3) . أدخله البخاري في باب الصلاة، في
موضع الخسف والعذاب، وفي كتاب البيهقي: وروينا عن ابن عمرو بن
العاص/أنه: كان يكره أن يصلي الرجل في الحمام، وروينا عن ابن عباس
أنه: كره أن يصلى إلى حش أو حمام أو قبر، ورأى عمر إنسان يصلى وبن
يديه قير لا يشعر به فناداه: القبر القبر، وحديث أبي سعيد مولى المهدى قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تتخذوا بيوتكم قبورا"(4) . أنبأ به المسند الجودري عن
أبي الحسن المحمودي أنبأ الحافظ أبو طاهر، أنبأ أبو مسعود محمد بن عبد
الله بن أحمد السودجاني، أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمدان
الخيال، قال السلفي: وأنبأ أبو القاسم الفضل بن علي السكري أنبأ أبو بكر
محمد بن أحمد الدكراني قالا: أنبأ أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم،
(1) صحيح. رواه البيهقي: (2/451) . وله شاهد بإسناد حسن. رواه أبو داود في الحاشية
رقم"1" السابقة.
(2)
لم نقف عليه.
(3)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (6/9) ، ومسلم (2285) ، وعبد الرزاق (1625) ،
والترغيب (4/360) ، وتجريد (876) ، والتمهيد (5/212) ، والكنز (35163) ، وأذكار
(153)
، والطبراني (12/457) ، وبداية (1/138) .
(4)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1377) ، وأحمد (4/114، 116) ، وعبد الرزاق
(6726،4839) ، والكنز (41510) ، وابن حبان (635) . وصححه الشيخ الألباني.
ثنا جدي أبو موسى عن عيسى بن إبراهيم، ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني
بجميع كتاب الثواب تأليفه، ثنا حبان عن محمد بن عجلان عنه، وحديث
الحسن قال: حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: أبو هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم:"نهى عن الصلاة في المسجد تجاه حش، أو حمام، أو
مقبرة" (1) . ذكره أبو أحمد من حديث عبادة بن كثير الثقفي عن عثمان
الأعرج عنه، وردّه بضعف عباد، وزاد ابن القطان علّة أخرى؛ وهى الجهالة
بحال عثمان؛ فإنّها لا تعرف، وفي كتاب البزار من حديث الأشعث عنه عن
أنس:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بين القبور"(2) . وسنده صحيح. قاله عبد
الحق في الكبرى، وحديث أبي هريرة يرفعه:"لا تجعلوا بيوتكم مقابر"(3) .
رواه مسلم، وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان عند حديث عمر إن شاء الله تعالى
غريبه/: قال ابن سيده: القبر مدفن الإنسان، وجمعه: قبور، والمقبرة: موضع
القبور، قال سيبويه: المقبرة ليس على الفعل، ولكنه اسم، وفي الصحاح: وقد
جاء في الشّعر المقبرة قال الشاعر:
لكل أناس مقبر نعتا بهم
…
فهم ينقصون والقبور تزيد
وهو المقبِري والمقبري، قال ابن مري: وقول ابن نصر أن المقبر- بفتح
الباء- قد جاء في الشعر، يقتضى أنه من الشاذ وليس كذلك؛ بل هو قياس
مطرد في أسم المكان من قبر يقبر المقبر، ومن خرج يخرج المخرج، ومن دخل
يدخل المدخل، وهو قياس مطرد لم يشذ منه غير الألفاظ المعروفة، مثل
المنبت، والمسقط، والمطلع، والمشرق، والمغرب، ونحوها، قال ابن سيّده:
(1) ضعيف. وعفته عثمان الأعرج، عن الحسن، وعنه عياد بن كثير، لا يعرف. (المغني
في الضعفاء: 2/430/4076) .
(2)
إسناده صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع للزوائد"(2/27) ، وعزاه إلى البزار ورجاله
رجال الصحيح. ورواه ابن أبي شيبة: (14/240) .
(3)
صحيح. رواه مسلم في (صلاة المسافرين، باب"29"، ح/212) ، والترمذي (ح/
2877) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود في (المناسك، باب"99" (، وأحمد
(2/378،337،284،288) ، والمشكاة (2119) ، وشرح السنة (4/456) ، والكنز (41511)
والترغيب (2/369) .
والحمام: الديماس مشتق من الحميم مذكر وهو أحد ما جاء من الأسماء على
فعال نحو: اقتران والحمام، والجمع حمامات، قال سيبويه: جمعوه بالألف
والتاء، وإن كان مذكرًا حي لم يكسر، جعلوا ذلك عوضا من التكسير، وفي
الصحاح: الحمام مشدد واحد الحمامات المبنية، وفي الأوائل: أؤل من اتُّخذ له
الحمام، سليمان، قالوا: أراد أن يتذكر به الآخرة فلما دخلها قال: آه من عذاب
الله تعالى، وأما المجزرة فزعم الجوهري: أن المجزر بكسر الراء موضع جزر
الجزور ويقال: جزرت الجزور أجزرها بالضم، واجتزرتها إذا نحرتها وجلدتها،
وفي الحديث عن عمر:"إياكم وهذه المجازر، فإن لها ضراوة كضراوة
الخمر" (1) . قال الأصمعي: يعني ندى القوم؛ لأن الجزور إنما تذبح عند جمع
الناس، قال: والمزبلة: بالضم أيضًا، موضع الزبل وهو السرجين، قال أبو
محمد ابن حزم: ولا تحل الصلاة في حمام سواء مبد أما به إلى/منتهى جميع
حدوده، ولا على سطحه وسقف موقده وأعالي حيطانه خربا كان أو قائما،
فإن سقط من بنيانه شيء يسقط عنه اسم حمام، جازت الصلاة في أرضه
حينئذ، ولا في مقبرة لمسلم كانت أو لكافر، فإن ثبت وأخرج ما فيها من
الموتى جازت الصلاة فيها، ولا إلى قبر ولا عليه ولعانه قبر نبي، وبهذا تقول:
طوائف صن السلف روينا عن نافع بن جبير أنه قال:"كان ينهى أن يصلى
وسط القبر والحمام والحشان". وعن ابن عباس قال:"لا تصلين إلى حش،
ولا حمام، ولا في مقبرة". قال أبو محمد: ولا نعلم لابن عباس في هذا
مخالفا من الصحابة، وعن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن يتخذوا ثلاثة أبيات
قبلة: الحمام، والحش، والمقبرة، وعن العلاء بن زياد عن أبيه وخيثمة بن عبد
الرحمن أنهما قالا:"لا تصلي إلى حمام، ولا إلى حش، ولا وسط مقبرة"
وقال أحمد: من صلى في حمام أو مقبرة أو إلى مقبرة أعاد أبدًا، وعن علي:
(1) بنحوه. رواه مالك في: صفة النبط صلى الله عليه وسلم، (ح/36) . ولفظه:"إياكم واللحم؛ فإن له
ضراوة كضراوة الخمر".
غريبه: قوله:"ضراوة" أي: عادة يدعو إليها ويشق تركها لمن ألفها، فلا يصبر عنه من
اعتاده.
من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد، وعن ابن عباس رفعه:"لا تصلوا
على قبر، ولا إلى قبر" (1) . قال ابن جريج:"قلت لعطاء أيكره أن يصلى إلى
قبر أو وسط القبور؟! قال: نعم، كان ينهى عن ذلك، فإن كان بينك وببن
القبر سترة ذراع فصلّ"، وعن عمرو بن دينار نحوه، وكان طاوس يكره
الصلاة وسط القبور كراهية شديدة، قال أبو محمد: فهؤلاء الصحابة لا نعلم
لهم من الصحابة أيضا مخالفا، وكره الصلاة على القبر وإلى القبر، وفي
المقبرة: أبو حنيفة، والأوزاعي، وسفيان، ولم يرى مالك بذلك النهى عن
الصلاة على ظهر الكعبة فسيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه، والله أعلم.
(1) صحيح. رواه الطبراني في"الكبير"(3/2/145) ، عن عبد الله بن كيسان عن عكرمة
عن ابن عباس مرفوعا. وكيسان هذا هو: أبو مجاهد المروزي صدوق يخطيء كثيرا كما قال
الحافظ في"التقريب"، وبقية رجاله ثقات.
ثم رواه (1/1/150) عن رشدين بن كُريب عن أبيه عن ابن عباس رفعه. ورشدينن ضعيف
كما في"التقريب"، وبقية رجاله ثقات، فالحديث بمجموع الطريقين حسن. وللحديث
شاهدان من حديث أبط سعيد الخدري وأنس، وهما مخرجان في كتاب"تحذير المساجد"
) ص 31-32) ، وعلى هذا فيكون الحديث صحيح.
122-باب ما يكره في المساجد
حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، ثنا محمد
ابن حمير، ثنا زيد بن جبيرة الأنصاري عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن
عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خصال لا ينبغي في المسجد، لا تتخذ
طريقا، ولا يشهر فيه سلاحا، ولا يبيض فيه نفوس، ولا ينثر فيه نبلا، ولا يمر
فيه بلحم نيىء ولا يضرب فيه حدًا، ولا يقتص فيه من أحد، ولا يتخذ
سوقاً" (1) . هذا حديث لما ذكره أبو أحمد بن عدي وأبو الفضل في كتاب
التذكرة ضعّفاه بزيد، وقال أبو الفرح في العلل المتناهية: هذا خبر لا يصح،
ورواه أبو نعيم من حديث يحيى بن صالح أبو حاطي ثنا علي بن حوشب عن
أبي قبيل حيي بن هانئ عن سالم عنه بلفظ:"لا تتخذوا المساجد طرقا إّلا
لذكر أو صلاة" (2) . ثم قال: تفرد به أبو قبيل عن سالم. حدثنا عبد الله ابن
سعيد الكندي، ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جدّه قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والابتياع، وعن تناشد
الأشعار في المساجد" (3) . ثم كرر ذكره في باب إنشاد الضوال، وهو حديث
خرجه ابن خزيمة، في صحيحه عن عبد الله بن سعيد، ثنا أبو خالد ولفظه:
"عن البيع والابتياع وأن ينشد الضوال وعن تناشد الأشعار، وعن التحلق
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/748) . في الزوائد: إسناده ضعيف لاتفاقهم على ضعف
زيد بن جبيرة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف. والفتح (13/157) ، ونصب
الراية (2/493) ، والكنز (20820) ، وابن القيسراني في"الموضوعات"(434) ، والعلل
المتناهية (1/403) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/163) ، والتعليق الرغيب (1/124) ، والضعيفة
(1497)
، وصحت منه الخصلة الأولى- الصحيحة (1001) .
(2)
صحيح. رواه الطبراني في"الكبير"(3/2/194) ، وفي "الأوسط"(2/20) من
' مجمع البحرين". وعنه ابن عساكر في"تاريخ دمشق" (12/2/39) من طريق أخرى عن
يحيى بن صالح الوحاظي به. لإسناده حسن.
وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/24) . ورجاله موثقون.
(3)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/749) . وصححه الشيخ الألباني.
للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة- يعني في المسجد-". ولما رواه أبو عيسى
عن قتيبة، ثنا الليث عن ابن عجلان قال فيه: حديث حسن والالتفات إلى
قول ابن حزم هذا: خبر لا/يصح؛ لأنه من طريق عمرو عن أبيه عن جده
وهي ضعيفة أو من طريق هي أسقط منها، زاد أحمد: وأن لا يشترى فيه،
وعند البيهقي: وعن تعريف الضالة: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا
مسلم بن إبراهيم، ثنا الحرث بن نبهان، ثنا عتبة بن يقظان عن أبي سعيد عن
مكحول عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جنبوا مساجدكم
صبيانكم، ومجانينكم، وشرائكم، وبيعكم، ومصوماتكم، ورفع أصواتكم،
وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على وسل سيوفكم أبوابها المطاهر
وجمروها في الجمع" (1) . هذا الحديث معلل بأمور منها: الحارث بن نبهان
الجرمي القائل فيه أحمد: هو رجل صالح، لم يكن يعرف الحديث ولا يحفظه
وهو منكر الحديث، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه ليس بشيء، وفي رواية:
كثير الغلط، وقال أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف الحديث منكره، وقال أبو
زرعة: ضعيف الحديث في حديثه وهن، وعجب من قول ابن معين ليس
بشيء، وقال البخاري: منكر، وفي علل أبي عيسى عنه: ولا يبالي ما حدث
وضعّفه جدا، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: خرج عن حد
الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ليس بالقوى، وفي تاريخ محمد بن أبي شيبة
سألت ابن المديني عن ابن نبهان فقال: كان ضعيفًا ضعيفًا، وقال الآجري:
سألت أبا داود عن ابن نبهان فقال: ليس بشيء، وقال الساجي: عنده مناكير
وذكر أبو جعفر العقيلي: أنه منكر الحديث، وفي كتاب أبي العرب قال: أبو
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (750) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ فإن الحارث بن نبهان
متفق على ضعفه. والمجمع (2/25-26) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"وهو فيه (8/
156) ، وفيه العلاء بن كثير الليثي الشامط وهو ضعيف. ونصب الراية (2/491) والفتح (13/
157) والمطالب (357) ، وابن كثير (6/68) ، والقرطبي (12/270) ، والترغيب (1/199) ،
والمنثور (5/51) ، وتذكرة (37) ، والخفاء (1/400) ، وأسرار (172) ، وا لمتناهية (1/404) ،
والعقيلي (3/348) . وضعفه الشيخ الألباني: ضعيف ابن ماجة (ح/164) ، والتعليق الرغيب
(1/120- 121) ، والأجوبة النافعة (55) ، والإرواء (7/36) .
الحسن بن نبهان ضعيف الحديث، قال أبو العرب: كان الحديث قدم إلينا من
إفريقية فسمع منه البهلول بن راشد، وكان/الحديث، فزاد ذكره الدولابي في
كناه، ووصفه بلا شيء، وقال أبو إسحاق الحربي: غيره أوثق منه، وذكر ابن
لعطة: أنه منكر الحديث. الثّاني: عتبة بن يقظان وإن ذكره ابن حبان في
كتاب الثقات، فقد قال النسائي: كان غير ثقة، وقال علي بن الحسن بن
الجنيد: لا يساوي شيئا فيما ذكره ابن أبي حاتم. الثالث: أبو سعيد لا يعرف
حاله، ولم نر له راوياً غير عتبة. الرابع: مكحول، وإن كان البخاري في
تاريخه الأوسط زعم أنه سمع من واثلة، وكذلك البزار، والجوزقاني؛ فقد ذكره
أبو مسهر، وقيل له: هل سمع مكحول من أحد من الصحابة، فقال: ما صح
عندنا إلّا أنمر، قلت: فواثلة فأنكره، قال عبد الرحمن: سألت أبي عن
مكحول عن واثلة، فقال: مكحول لم يسمع من واثلة؛ إّنما دخل عليه، وروينا
عن أبي عبد الله بن البيع في كتاب معرفة علوم الحديث حديث مكحول عن
الصحابة حوالة، ورواه أبو أحمد بن عدى في كامله من حديث
عبد الرحمن بن هانئ وهو متهم بالكذب عن العلاء وهو ضعيف عن مكحول
عن واثلة وأبي الدرداء وأبي أمامة قال: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " جنبوا
مساجدكم
…
"فذكره بزيادة:"واجعلوا على أبوابها المطاهر". وغير ذلك،
ثم رواه أبو العلاء، وكذلك أبو الفضل بن طاهر وأبو محمد الأشبيلي، وأمّا
أبو الحسن بن القطان وصاحب العلل المتناهية؛ فرواه بها، وأما إغفال ابن
عساكر ومن بعده حديث ابن ماجة هذا فغير صواب، وقد استدركناه في
كتابنا المسمّى بالأطراف بتهذيب الأطراف، وفي الباب غير حديث؛ من ذلك
حديث حكيم بن حزام قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم/أن يستقاد في المسجد،
وأن تنشد فيه الأشعار، وأن تقام فيه الحدود". خرجه أبو داود (1) من حديث
صدقه بن خالد عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة عنه وزعم
أبو محمد الأشبيلي أنه حديث ضعيف، وقال ابن القطان: لم يثنى أبو محمد
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/4490) ، والدارقطني (3/85، 86) ، والبيهقي (8/328، 10/
103) ، والمتناهية (1/403) .
من أمره شيئا وعليه الجهل بحال زفر بن وثيمة بن مالك بن أوس بن الحدثان؛
فإنه لا يعرف بأكثر من رواية محمد بن عبد الله بن المهاجر الشعيثي عنه،
وروايته هو عن حكيم. انتهى كلامه. وفيه نطر من حيث؛ نظر في غير موضع
النظر، وذلك أنّ من لا يصلح أن يكون علّة لحديث فإنه ممن سأل عثمان بن
سعيد الدارمي أبا زكريا يحيى بن معين؛ فقال: ثقة، وذكره أبو حاتم البستي
في كتاب الثقات، وروى له الحاكم في مستدركه حديثا صح إسناده، وروى
عن المغيرة بن شعبة، وروى عنه أيضا محمد بن عبد النضري فيما ذكره أبو
نعيم في كتاب المساجد، وأظنهما واحدا، وعلى كل حال زالت العلّة التي
عصب بها ابن القطان رأس زفر، وأمّا الشعيثي الذي أبرزه أبو محمد عبد
الحق؛ فهو ثقة عند جماعة: منهم: دحيم، والمفضل بن غسان فصح على هذا
إذا الحديث، ولقائل أن يقول: ليس الأمر على ما ذكرت، وذلك أنه حديث
منقطع، والمنقطع لا يكون صحيحا، وبيانه عدم اتصال ما بين زفر وحكيم
الذي أشار إليه ابن حبان بقوله: روى عن حكيم، إن كان سمع منه، وهذا
وإن كان ظنا لا يقينا فإنّه يخدش في الاتصال؛ لكوننا لم نعرف مولده ليتّضح
سماعه منه أو عدمه، ولانا لم نره صرح بسماعه منه، وإن لم يتّهم بتدليس/
فغير كان حداثنا رواية عنه مع هذا الخدش. والله تعالى أعلم، وقد وجدنا
دحيما لما ذكره وأوضح ما استبهم علينا من حاله بهذا أنه لم يكن حكيما،
وأما ما كرهه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر؛ من أن وكيع بن الجراح رواه عن
الشعبي، عن عبد الرحمن المزني عن حكيم، وكذا ذكره الدارقطني رواه عن
حكيم العباس بن عبد الكريم، فغير محمد، لعدم ذكر هذين في شيء من
التواريخ جملة فيما أمر حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جنبوا
مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (1) . رواه البزار وقال: ليس لهذا الحديث
أصل من حديث عبد الله، وفي كتاب أبي نعيم من حديث الحكم بن عبد
الملك عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عنه مرفوعا:"من أشراط الساعة أن يمُر
الرجل في المسجد لا يصلي فيه". وفي المستدرك (2) من حديث خارجة بن
(1) موضوع المجمع (2/26- 27) ، والعقيلي (3/348) ، والمتناهية (1/404) ، والحفاء (1/400) .
(2)
رواه الحاكم في"المستدرك": (4/446)، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
الظت البرجمش"قال: دخلت مع عبد الله، فإذا القوم ركوع فركع فمر
رجل فسلّم عليه، فقال عبد الله: صدق الله ورسوله أنه كان يقول: " لا تقام
الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا
…
" (1) الحديث، وقال فيه: صحيح الإسناد
ولم يخرجاه، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه ومن رفعه مطولا، وحديث
مكحول رفعه إلى معاذ بن جبل رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا جنِّبوا
مساجدكم صبيانكم، وخصوماتكم، وشراءكم، وبيعكم، وجمروها يوم
جمعكم، واجعلوا على أبوابها مطاهر". رواه أبو نعيم في كتاب المساجد من
حديث محمد بن مسلم الطائفي/عن عبد ربه بن عبد الله الشامي عن
يحيى بن العلاء عنه، وفي التفسير المنسوب للضحاك من حديث برد عن
مكحول عنه مرفوعا بلفظ:"ينهون صبيانكم عن اللعب في المساجد
ويهودكم ونصاراكم أن يدخلوا المسجد، أو ليمسخنّكم الله قردة وخنازير ركعا
وسجدا" يرد عن مكحول فال عليه السلام: " لا تفرد أهل الكفر بالله أن
يدخلوا مساجدكم لما هم فيه من النجاسة لمه. يرد عن مكحول قال عليه
السلام: " جنبوا مساجدكم مجانينكم، وصبيانكم، ورفع أصواتكم، وبيعكم
وشراءكم، وسلاحكم، وجمروها بين كل سبعة أيام، وصفوا الطاهر أبوابها
وأفنيتها لمه (2) . وحديث محمد بن محبر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه
عن علي قال: صليت العصر مع عثمان فرأى خياطا في ناحية المسجد، فأمر
بإخراجه فقيل له: يا أمير المؤمنين أنه يكنس المسجد، ويغلق أبوابه، ويرش أحيانا
فقال عثمان: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا جنبوا صناعكم
مساجدكم " (3) . ذكره أبو أحمد وقال: هذا حديث غير محفوظ، ورواه أبو
الفرح يكذب محمد بن محيرز أبي حمام الثقفي البصري الصانع الدلال
الرازي عن جعفر والثوري، كذا ذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء
) * (هكذا ذكرت بالأصل
(1)
تقدم ص 1244.
(2)
رواه عبد الرزاق (1726) ، والكنز (20835) ، وابن عدي في"الكامل"(4/1454)
والدرر (68) ، وأسرار (172) .
(3)
ضعيف. رواه ابن عدي في "الكامل"(6/2266) ، والكنز (2083) والقرطبي (12/
270) ، والمتناهية (1/404) .
والمتروكين. وفيه نظر في ثلاثة مواضع: الأول: تركيبها من ترجمتي الدلال
والثقفي. الثاني: فإن الثقفي؛ إنما حدّث أبو همام عن الثوري وهشام بن سعد
وغيرهما. الثالث: أن الضعيف الثقفي، لا الدلال ذكرهما كذلك ابن أبي
حاتم، والمنجيلي، وغيرهما، أوضحنا ذلك في كتابنا الاكتفاء بفتح كتاب
الضعفاء/. وحديث أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا رأيتم الرجل يبيع
ويشترى في المسجد فقولوا: لا أرع الله تجارتك". خرجه ابق حبان في
صحيحه (1)، وحديث جابر بن عبد الله قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسل
السيف في المسجد" (2) . قال عبد الحق: رواه عمر بن هارون عن ابن جريج
أخبرني أبو الزبير سمع جابرًا يذكره وعمر ضعيف، والصحيح حديث عبد
الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مرسل، قال ابن القطان: لم يعز أبو محمد حديث جابر ولا أعرف له إّلا
موقعًا. انتهى. وفيه نطر؛ من حيث أعنى على كلام أبي محمد في عمر بأنه
ضعيف وهو لير بهذه المنزلة عند العلماء، قال ابن معين: هو كذاب
الحديث، وتركه أحمد وابن مهدي والنسائي، وقال ابن حبان: يروى عن
الثقات المعضلات، ويدعى شيوخًا لم يرهم، فقد رأينا لهذا الحديث موقعا،
وهو ما رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح من حديث عمرو بن دينار
عنه مرفوعا:"إذا دخلتم بالسهام المساجد فامسكوا بنصالها لا تجرحوا أحدًا
من المسلمين" (3) . وقال: تفرد به سهل بق زنجويه عن وكيع يعني عن
الأعمش عن ابن عتبة عنه، وحديث ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا
يقتل الوالد بالولد، ولا تقام الحدود في المساجد " (4) . رواه أبو أحمد من
(1) صحيح. رواه ابن حبان: (313) .
(2)
قلت: وهذا الحديث طرف من أحاديث هذا الباب. فارجع إليه في سنن ابن ماجة (ح/
750) وهو حديث ضعيف.
(3)
ضعيف. انظر: المجمع: (2/26) وقد عزاه بنحوه الطبراني في "الأوسط" وفيه أبو
البلاد ضعفه أبو حاتم.
(4)
ضعيف. رواه الترمذي (ح/1401) وقال: هذا حديث لا نعرفه بهذا الإسناد مرفوعا ألا من حديث
إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل بن مسلم المكي: قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. ورواه
الدارقطني (3/141) ، وابن أبي شيبة (9/410) ، وتلخيص (4/16) ، والكنز (20829، 39813) .
حديث إسماعيل بن مسلم المكي عن عمرو بن دينار عن طاوس عنه، وقال
إسماعيل: ضعيف، وله أحاديث غير محفوظة هذا منها، وأشار أبو نعيم إلى
تفرد به عن عمرو، ولفظه في التفسير المنسوب للضحاك رواية جرهم عنه عن/
ابن عباس مرفوعا، وهو في المساجد: " ولا تتخذوها طرقا، ولا تمر فيه
حائض، ولا يقعد فيه جنب إلا عابري سبيل، ولا ينفر فيه نبل، ولا يسل فيه
سيف، ولا يضرب فيه حد، ولا يتخذ فيه مجلس للقضاء، ولا ينشد فيه شعر
فإن أنشد فقل بغّض الله، قال: ولا يبتاع، ولا يشتري، فإن باع فيه أو اشترى
فقل: لا أرع الله تجارتك، ولا ينشد فيه ضالة فإن أنشدها فقل: لا ردّها الله
عليك، ولا تزيّن بالقوارير، ولا يصور بالتصاوير، ولا ينفخ فيه بالمزامير، ولا
يضرب فيه بالدفوف فإنما شيدت بالأمانة ورفعت بالكرامة" (1) . وحديث
جبير بن مطعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقام الحدود في المساجد"، ولا
ينشد فيها الإشعار ولا يستفاد فيها، ولا يرفع فيها الأصوات " (2) . رواه أبو
نعيم من حديث بقية، قال: حدثني مقاتل عن عمرو عن نافع بن جبير بن
مطعم عن أبيه، ورواه أيضا مختصرا من حديث سلمة عن ابن إسحاق،
وحدّثني أبي عن جبير به ورواه عمرو بن دينار عن نافع عن أبيه بلفظ:"لا
تسل السيوف ولا تنشر النبل في المساجد، ولا يحلف بالله في المسجد، ولا
يبيع القابلة في المسجد مقيما ولا ضيفا، ولا يبنى التصاوير، ولا تزين بالقوارير
فإنما بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة" (3) . وحديث ابن عباس وابن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه نهى أن تتخذ المساجد طرقا، أو. تقام فيها الحدود، أو تنشر
فيها الأشعار، أو يرفع فيها الصوت" (4) . ذكره أبو أحمد من حديث فرات بن
(1) تقدّم. وقد أورده الهيثمي مختصرا في "مجمع الزوائد"(2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في
"الكبير/من رواية عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه ولم أجد من ترجمه. قلت: وعلى قول
الهيثمي فالحديث ضعيف.
(2)
تقدْم ص 1246.
(3)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"
وفيه بشر بن جبلة وهو ضعيف.
(4)
تقدم ص 1246.
السائب وهو منكر الحديث عن ميمون بن مهران عنهما، وحديث أسيد بن
عبد الرحمن:/أن شاعراً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال:"أنشدك
يا رسول الله قال: لا، قال: بلى فأذن إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فاخرج من
المسجد فخرج فأنشد فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ثوبًا وقال: هذا بدل ما مدحت به
ربك". رواه عبد الرزاق (1) في مصنفه عن إبراهيم بن أبي يحيى شيخ
الشافعي عن ابن المنكدر عنه، وحديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلًا، فيقال الليلتين، وأن تتّخذ
المساجد طرقًا، وأن يطهر موت الفجأة" (2) . ذكره ابن بنت منيع في معجم
الصحابة عن شريك، ثنا ابن العباس بن زريح عن الشعبي عنه، وسئل عنه
الدارقطني فقال: رواه عبد الكريم بن المعاني عن شريك مرفوعًا، وغيره يرويه
عن الشعبي مرسلا، وفي كتاب أبي نعيم من حديث عبد الله بن ضرار بن
عمرو الملطي عن أبيه عن قتادة عنه مرفوعا:"جنبوا مساجدكم صبيانكم
ومجانينكم ورفع أصواتكم" (3) . وحديث أبو موسى الأشعري: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إذا مرّ أحدكم في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل، فليمسك عن
نصالها بكفه لا يصيب أحدًا من المسلمين منها" (4) . خرجاه في الصحيح،
وكذا حديث جابر قال: مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
"امسك نصالها ". وحديث محمد بن عبد الله قال: كنا عند أبي سعيد
الخدري فقلب رجل نبلا فقال أبو سعيد: أما كان هذا يعلم: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن تقليب السلاح وسلّه. رواه أبو القاسم في الأوسط (5) عن
(1) رواه عبد الرزاق: (1717) .
(2)
تقدّم الطرف الأخير من هذا الحديث في هذا الباب مرتين ص 1246، ص 1247.
(3)
تقدم ص 1247
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (9/62) ومسلم في (البر والصلة، ح/123) ، وأبو
" داود (2587) ، وابن ماجة (3778) ، والبيهقي (8/23) ، وابن خزيمة (1318) ، والمشكاة
(3517)
، وا لكنز (10840) ، ومعاني (4/280) .
(5)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/26) ، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"
وفيه أبو البلاد ضعفه أبو حاتم.
علي بن سعيد الرازي/ثنا إسحاق بن خلف الأعم، ثنا مروان بن معاوية، ثنا
أبو البلاد عنه، ورواه أبو نعيم من حديث خالد بن إلياس، ثنا يحيى بن عبد
الرحمن عنه بلفظ: قال عليه السلام:"طيبوا مساجدكم وجمّروها، فإن
المساجد بيوت الله في الأرض ومجالس المؤمن، وجنبوها مجانينكم،
وصبيانكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم" (1) . وسيأتي ذكره فيما بعد،
وحديث السائب بن يزيد قال:"كنت نائمًا في المسجد فصحبني رجل
فنظرت فإذا عمر فقال: اذهب فأنني بهذين فجئته بهما فقال: من أنتما أو
من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف فقال لو كنتما من أهل البلاد
لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه (2) البخاري،
وقد وردت أحاديث تعارض هذه منها: حديث أبي واقد عند البخاري (3) :
"بينما في المسجد فأقبل ثلاثة نفر فأما أحدهما: فرأى فرجة فجلس في
الحلقة". وكذا حديث كعب بن مالك:"أنه تعاطى ابن أبي حدرد دينًا
كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله
صلى الله عليه وسلم" (4) . وحديث أبي قتادة:"بينما نحن جلوس في المسجد خرج علينا
النبي صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة على عاتقه" (5) . وحديث يريدة:"خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم
فأقبل الحسن والحسين فأخذهما فأقعدهما". رواه أبو داود (6) بسند صحيح،
وحديث عائشة عند مسلم (7) قالت:"رأيت الحبشة يلعبون بحرابهم في
(1) يأتي كما ذكر المصنف.
(2)
صحيح. رواه البخاري (ح/471) .
(3)
صحيح. رواه البخاري (ح/474) .
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/2288،2287، 2400) ، ومسلم في (المساقاة،
باب"7"، ح/1564) ، وأبو داود (ح/1308) ، والنسائي في (البيوع، باب 100 ص 316
ج 7) ، وابن ماجه (ح/2403) ، ومالك في (البيوع، جامع الدين، ح/84) والدارمي (ح/
2587) ، وأحمد (2/260،254،245،71) .
(5)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/516) ومسلم في (المساجد، باب"9"، ح/543) ، وأبو
داود (ح/917- 920) ، والنسائي في (السهو، باب حمل الصبايا في الصلاة ووضعهّن في الصلاة 3/
10) ، ومالك في (قصر الصلاة، باب"24"، ح/81) ، والداري (ح/1359) .
(6)
لم نقف عليه.
(7)
صحيح. رواه مسلم في (العيدين، ح/18) .
مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسترني بردائه لكي انظر إلى لعبهم"، وكذا حديث
حسان، وقوله لعمر:"كنت أنشد فيه الشعر، وفيه من هو خير منك"(1) .
وحديث سهل بن سعد في التلاعن:"وأنهما تلاعنا/في المسجد"(2) إلى
غير ذلك". من الأحاديث المبيحة لما حظر ولا فحملها بعضهم على الإباحة
وإلا منع، وأنّ الأولى تنزيه المساجد، وأن لا يجعل ذلك ألا ديدنا فيها، ودفعها
بعضهم جملة، لكونها معلولة، وزق ابن خزيمة في صحيحه: من إنشاد الشعر
الجائز إنشاده وبين الممنوع من إنشاده. غريبه: انبض القوس: مثل: انفيها
جذبت وترها التصوت، وانبض بالوتر كذلك، وانبض الوتر أيضا: جذبه بغير
سهم، ثم أرسله، عن يعقوب. قال اللحباني: الإنباض أن تمد الوتر ثم ترسله
فيسمع له صوت، وفي المثل: لا تعجّل بالإنباض قبل التوتير، مثل في
استعجال الأمر قبل بلوغ أناه، وقال أبو حنيفة: انبض في قوسه، ونبض
أصابها، وأنشد:
لئن نصبت لي الروقين معترضا
…
لأرمينك رميا غير تنبيض
أي: لا يكون نزعي تنبيضا وتنقيرًا، يعني: لا يكون توعدا بلا بقاعا. ذكره
ابن سيده، وأنشد بعضهم شاهدا عليه قول مهلهل:
انبضوا معجن القسي وأثر فينا
…
كما توعد الفحول الفحولا
وهو بيت مصنوع. حكاه الأخفش في أماليه عن الأصمعي.
(1) صحيح. رواه مسلم في (فضائل الصحابة، ح/151) وأحمد (5/222) .
(2)
صحيح. رواه البخاري في: الأحكام، (ح/1765)، ولفظ:"شهدت المتلاعنين وأنا ابن
خمس عشرة سنة، وفُرق بينهما".
123- باب النوم في المسجد
حدثنا إسحاق بن منصور، ثنا عبد الله بن غير، أنبأ عبيد الله بن عمر عن
نافع عن ابن عمر قال:"كنا ننام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، وفي الباب أحاديث، منها: حديث
سهل بن سعد: جاء إلى بنت فاطمة فقال: اين ابن عمك؟ فقالت:"كان
بيني وبيته شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال النبي لإنسان: انظر أين
هو فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد/فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب" (2) . الحديث روياه أيضا،
وحديث أبي هريرة قال:"لقد رأيت سبعين من أهل الصفة في المسجد ما
منهم رجل عليه رداء"رواه البخاري (3) ، وحديث عائشة:"ضرب رسول
الله صلى الله عليه وسلم لسعد خيمة في المسجد يعوده من قريب فلم يدعهم في المسجد إلّا
والدم يسيل". رواه في الصحيح (4) ، وحديث المرأة التي كان لها خفش في
المسجد، وحديث ربطه يمامة بن أسال في المسجد، وهما في الصحيح،
وحديث عثمان بن أبي العاص:"أن وفد ثقيف أمر لهم النبط صلى الله عليه وسلم المسجد
ليكون أرق لقلوبهم". رواه أبو داود (5) ، وحديث عبد الله بن زيد:"أنه
رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد". عند البخاري (6)، وفيه عن سعيد قال:
كان عمر، وعثمان يفعلان ذلك، والله تعالى أعلم.
(1) صحيح. رواه للبخاري (ح/440) ، وللترمذي (ح/321)، وقال: هذا حديث حسن
صحيح. وابن ماجة (ح/75) ، وأحمد (2/12) . وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/120،8/77) ، ومسلم في (فضائل الصحابة،
ح/38) ، والبيهقي (2/446) .
(3)
صحيح. رواه البخاري (ح/442) .
(4)
صحيح. رواه البخاري (ح/463) .
(5)
حسن. رواه أبو داود (ح/1393) .
(6)
صحيح. رواه البخاري (ح/475) .
124- باب أي مسجد وضع أول؟
حدثنا علي بن ميمون الرقط، ثنا محمد بن عبيد وثنا علي بن محمد، ثنا
أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر، قال: قلت
يا رسول الله أي مسجد وضع أوّل؟ قال:"المسجد الحرام"قلت: ثم أي؟
قال:"ثم المسجد الأقصى"قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون عاما، ثم
الأرض لك مُصفى فصل حيث أدركتك الصلاة". هذا حديث خرجاه في
الصحيح (1) ، وفي صحيح ابن خزيمة (2) ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير عن
الأعمش عن إبراهيم التيمي قال:"كنت أنا وأبي نجلس في الطريق فيعرض
علي القرآن وأعرض. قال: فتمر السجدة/فيسجد فقلت له: أتسجد في
الطريق؟ قال: نعم سمعت أبا ذر يذكره". وفي حديث عبد الأعلى عن
إبراهيم عند أبي نعيم الحافظ قلت كم بينهما؟ قال: أربعون سنة قلت: ثم
أي؟ قال:"أينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد"(3) . وقال ابن حبان
في صحيحه: ذكر الخبر المرخص قول من زعم أنّ بين إسماعيل وداود ألف
سنة، فذكر حديث أبي ذر وتتبع ذلك عليه الحافظ ضياء الدين المقدسي في
كتابه المسمى: علل التقاسم، والأنواع بقوله: طن أبو حاتم وتوهم أنّ أول
وضع البيت لما بناه إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، وقد روى أنّ آدم-
عليه السلام حجّ البيت فقالت له الملائكة: قد حججنا هذا البيت قبلك
بألفي سنة، أو ما هذا معناه ثم إن بين إسماعيل، وداود- عليهما السلام
من القرون ما لا يخفي على المميز وذلك أكثر من أربعين سنة، فإن داود كان
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/197،177) ، ومسلم في (المساجد، ح 1، 2)
وابن ماجة (ح/753) ، والنسائي (2/32) ، وابن أني شيبة (16/114) ، وعبد الرزاق (1578) ،
وأبو عوانة (1/392) ، والتمهيد (10/34) ، والبيهقي (2/433) .
(2)
رواه ابن خزيمة: (787) .
(3)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/177) ، ومسلم في (المساجد، ح 1) وأحمد (5/
160) ، والبيهقي (2/433) ، وابن أبي شيبة (2/204) ، ومشكل (1/32) ، والقرطبي (5/
233) ، وأبو عوانة (1/392) .
بعد موسى- عليه السلام، ووجه الحديث أن هذين المسجدين وضعا قديما ثم
خربا ثم بنيا، والله تعالى أعلم. وزعم القرطبي أنّ بين إبراهيم، وسليمان-
عليهما السلام أيام طويلة قال أهل التاريخ: أكثر من ألف سنة، قال: ويرتفع
الإشكال؛ بأن يقال: أن الآية والحديث لابد أن على إبراهيم وسليمان ابتداء
وضعهما بعد ذلك تجديدا أما كان أسسه غيرهما، وقد روى أنّ أوّل من بني
البيت آدم، عليه السلام، وعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت
المقدس بعده بأربعين سنة، وبنحوه قاله ابن الجوزي في مشكله. انتهى
كلامهم- وفيه نظر؛ من حيث أنّ ابن هشام في كتاب البخاري أن آدم-
عليه السلام لما بني البيت أمره جبريل بالمسير إلى بيت المقدس/، وأمره بأن
يبنيه فبناه ونسك فيه. انتهى. وقد ورد عن علي- رضى الله تعالى عنه- ما
يبين هذا الإشكال، ويوضِّحه إيضاحًا لا حاجة لنا معه إلى هذا التحرص
والحسبان أنبأ به المسند المعمر بدر الدين يوسف بن عمر التركي- رحمه الله
قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ المسند أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم الأرناحي قراءة
عليه عن الحافظ أبي محمد المبارك بن علي أنبأ أبو الحسن عبيد الله بن
محمد بن أحمد أنبأ الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنبأ أبو عبد الله
الحافظ ثنا بكر بن محمد القتيمة في نمرة، ثنا أحمد بن حبان بن ملاعب ثنا
عبيد الله بن موسى ومحمد بن سابق قالا: ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب عن
خالد بن عرعرة قال: سئل علبا- عليه السلام عن أول بيت بني في
الأرض قال:"لا كان نوح قبل، وكان في البيوت، وكان إبراهيم قبله،
وكان في البيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس فيه البركة والهدى، ومقام
إبراهيم، ومن دخله كان آمنا
…
". الحديث فهذا علي- رضى الله تعالى
عنه- بيّن أن المراد بالوضع غير البناء، وإذا كان هكذا فلا إشكال، إذ مفهوم
حديثه يقتضى وضع ذلك فيه من الله تعالى قبل أن يضع مثله في مكان
المسجد الأقصى، وسياق الآية الكريمة يدل عليه أيضا فيزيد وضوحا بما ذكره
في تاريخ بيت المقدس تأليف محمد بن محمد بن عبدك الكنجي، ومن خطّه
نقلت: أنّ أبا عمرو الشيباني قال: قال علي بن أبي طالب: كانت الأرض
ماء فبعث الله ريحًا فمسحت الأرض مسحًا فطهرت على الأرض زبدة
فقسمها الله أربع قطع فخلق من قطعة مكة، ومن الثانية المدينة، ومن الثالثة
بيت المقدس/، ومن الرابعة مسجد الكوفة وعن كعب قال: بني سليمان بيت
المقدس أسسه سام بن نوح، عليه السلام، وأماما ورد أيضا، قال ابن حبان:
بأنّ آدم عليه السلام حج البيت وليس فيه تصريح بكونه مبنيًا يومئذ لاسيما
على رواية من روى، أنه كان إذ ذاك الوقت خيمة أو ياقوتة. انتهى. من وجه
الدلالة من هذا أن الأنام التي خلقت فيها السموات والموجودات كل سهم
منها ألف سنة على ما رجحه أبي جرير واحتج له فيحتمل أن يكون خلق
البيت قبل خلق المسجد الأقصى بهذا المقدار من سني الدنيا، والله تعالى أعلم.
* * *
125- باب المساجد في الدور
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني، ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن
شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري:"وكان جعل مجة مجّها رسول الله
صلى الله عليه وسلم من دلو في بئر لهم" (1) . عن عتبان بن مالك السالمى وكان إمام قومه
بني سالم، وكان شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"جئت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنى قد أنكرت من بصري، وأن السيل يأتيني
فيحول بيني وبين مسجد قومي، ويشق علي اجتيازه فإن رأيت أن يأتيني
فيصلى في بيتي مكانا اتخذ مصلى فافعل؟ قال: افعل، فعدا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بعد ما أشهد النهار، فاستأذن فأذنت له فلم يجلس حتى قال:
أين تحب أن أصلى لك من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحبّ أن أصلّى
فيه/فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى بنا ركعتين ثم احتبسه على خزير يصنع لهم"
هذا حديث خرجاه مطولا في الصحيح (2) ، ورواه أبو الشيخ من حديث
النّضر بن أنس عن أبيه قال: لما أصيب عتبان فجعله من مسند أنس. حدثنا
يحيى بن الفضل المقري، ثنا أبو عامر، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي
صالح عن أبي هريرة:"أن رجلا من الأنصار أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يقال فخطّ لي مسجدا في دارى أصلى فيه، وذلك بعدما عمى فجاء
ففعل" (3) . هذا حديث إسناده صحيح، وكأنه اختصار من الحديث الأول،
والله تعالى أعلم. حدثنا يحيى بن حكيم، ثنا بن عدي عن ابن عون عن
أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن أبي الجارود عن أنس بن مالك
(1) صحيح. رواه البخاري (ح/6354) ، وأحمد (5/321) .
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/115، 116، 170، 175، 213، 2/75، 7/94) ،
ومسلم في (المساجد، ح/263) ، والنسائي (3/65) ، والبيهقي (3/53، 87،71، 96، 10/
124) ، وابن خزيمة (1709،1673،1653) ، وشرح السنة (2/395) ، والتمهيد (10/158) ،
وأبو عوانة (1/11، 2/12) ، وابن المبارك فما"الزهد"(323) ، وابن عساكر في"التاريخ"
(7/55) .
(3)
قلت: إسناده صحيح كما ذكر المصنف، وهو اختصار للحديث الأول.
قال:"صنع بعض عمومتي للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنى أحب
أن جمل في بيتي وتصلى فيه. قال: فأتاه في البيت فحلّ من هذه الفحول
فأمر بناحية منه فكنس ورشق فصلى وصلينا معه، قال ابن ماجة: الفحل الحصير
الذي قد اسود" (1) . هذا حديث إسناده صحيح، وقد تقدم في كتاب
الطهارة صلاته عليه السلام في بيت أم سليم، وفي كتاب الصلاة صلاته عليه
السلام في الأماكن التي اتخذت مساجد. غريبة: الدار مؤنثة، وإنّما قال الله
تعالى:"ولنعم دار المتقين"(2) فذكر على معنى المثوى، والموضع كما قال:
"نعم الثواب وحسنت مرتفقا"(3) فأنث على المعنى واد في العدد أدر،
والكثير ديار مثل جبل وجبيل/وجبال، ودور أيضًا مثل: أسد وأسيد ذكره
الجوهري، وفي الجامع: الدار: الأرض، والدور القبائل، وفي الحديث:"ما
بقيت دار إلا بني فيها مسجد" (4) ، وفيه قوله عليه السلام:"ألا أنبئكم بخير
دور الأنصار، والخزيرة اللحم يقطع صغارًا ثم ينطبخ بالماء والملح، فإذا انتهيت
طبخًا درّ عليه الدقيق فقصر به ثم أدم بأي أدام شيء، ولا يكون الخزيرة إلا
وفيها لحم" (5) . وقيل: الخزيرة: مرقة، وهو أن تصفي بلالة النخالة ثم تطبخ،
وقيل: الخزيرة: الحساء من الدسم والدقيق، قال: فتدخل في حناجر أقنعت
لعاوتها من الخزير المعرف. ذكره ابن سيده. وفي الصحاح: الخزير والخزيرة أن
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/756) في الزوائد: إسناده حسن، وله أصل في الصحيح.
وصححه الشيخ الألباني.
قال أبو عبد الله بن ماجة: الفحل هو الحصير الذي قد اسود.
(2)
سورة للنحل آية: 30.
(3)
سورة الكهف آية: 31.
(4)
بنحوه. رواه أبو داود في: الصلاة، باب"46". والنسائي في: الإِمامة، باب"50".
(5)
صحيح. رواه البخاري (ح/541) .
غريبة: قوله:"الخزيرة"، بخاء معجمة مفتوحة ثم زاي مكسورة وبعد التحتانية الساكنة راء
هي ما يتخذ من الدقيق على هيئة العصيدة لكنه أرق منها. قاله الطبري. وقال ابن فارس:
دقيق يخلط بشحم، وقال القتبي وتبعه الجوهري: الخزيرة: أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارا،
ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج در عليه للدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، وقيل
مرق يصفي من بلالة النخالة ثم يطبخ، وقيل حساء من دقيق ودسم.
ينصب القدر بلحم يقطع صغارا فإذا طبخ درّ عليه الدقيق وإن لم يكن فيها
لحم فهي عصيدة، وفي غريب ابن قتيبة: وقيل: وهي حساء من دقيق ودسم،
وفي البخاري عن النضر، والتهذيب للأزهري، عن أبي الهيثم: إذا كان من
دقيق فهي خزيرة، وإذا كان من نخالة فهي خزيرة، وقال ابن سيده: وقيل
الجريرة: هي الدقيق الذي يطبخ بلبن، والفحل: حصير ينسج من فحال
النخل- يعني: ذكره- والجمع فحول، وزعم أبو حنيفة: أن أبا عمرو
الشيباني قال: لا يقال فحل إّلا في ذي الزوج، وكذلك قاله أبو نصر، قال أبو
حنيفة: والناس على خلاف هذا، وقال أبو عبيد: هو الحصير المعمول من
سعف النخل، وقال سمر: قيل له ذلك؛ لأنه مستوى من الفحل من النخيل
فتكلّم به على التجّوز كما قالوا يلبس الصوف، والقطن، وإنّما بني بباب بقول
منها، وأما منزل غسّان فكان في بني سالم بن عوف، وفي كتاب الطبراني
من حديث ابن أي أويس عن أبيه عن ابن شهاب عن محمود عنه:"أنّ
النبي- صلى الله عليه وآله/وسلم- أتاه يوم السبت، ومعه أبو بكر وعمر" (1) .
وفي رواية:"فأتاني ومن شاء من أصحابه". وأما ما ورد في بعض الطرق أنه
لقى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له" إنى أحبّ أن تأتيني"، وفي بعضها:"بعث إليه"؛
فيحتمل أنه أرسل إليه أولا ثم مشى إليه بعد قوله:"أنكرت من بصري"،
وفي رواية:"أنا خزير البصر"، وفي رواية:"أعمى"، وفي رواية:"أصابني
في بصرى بعض الشيء" يحتمل أن يريد ما نكرت، وأصابني في بصري
بعض الشيء ذهاب البصر كلّه، ويحتمل أنه ذهب بعظمه، وسمّاه عمى لقربه
منه، ومشاركة إيّاه في فوات بعض ما كان حاصلا في حال السلامة، وأمّا
قوله: السيل يحول بيتي وبن مسجد قومي: حمله بعضهم على جواز الصلاة
في المساجد التي حول المدينة زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كتاب الطبراني ما يدفع
هذا التأويل، وإن كان الأوّل جائزا لكن من غير هذا الحديث يؤخذ، وهو
ما رواه من طريق أبي بكر بن أنس بن مالك فلا أستطيع أن أُصلِّى بعدك في
مسجدك، وفي قوله اتّخذه يصلي: إباحة له في أن يُصلِّي في بيته لعذره،
(1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/11) بنحوه من حديث جابر، وعزاه
إلى"أحمد" وفي الصحيح طرف منه.
وفي تعيينه عليه السلام موضعا للصلاة إشعار بأن قوله: ولا يوطن الرجل
موضعا في المسجد، محمول على من فعل ذلك رياء وسمعة، والله تعالى
أعلم.
* * *
126- باب تطهير المساجد، وتطييبها
حدثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، ثنا
محمد بن صالح المدني، ثنا مسلم بن أبي مريم عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أخرج أذى من المسجد بني الله له بيتا في
الجنة" (1) هذا حديث/إسناده صحيح، وقد تقدم لفظه من كتاب أبي نعيم
مطولا من حديث عبد الله بن محمد بن وهب، ثنا عبد الله بن مصعب
الزبيري، ثنا عيسى بن المغيرة، ثنا خالد بن إلياس، حدثني يحيى بن عبد
الرحمن بن حاطب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه، حدثنا عبد الرحمن بن
بشر بن الحكم، وأحمد بن الأزهر، ثنا مالك بن سعيد، ثنا هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة:"أن رسول الله أمر بالمساجد أن تبني في الدور، وأن
تطهر" (2) . وثنا رزق الله، ثنا يعقوب الحضرمي، ثنا زائدة عن هشام به مرفوعا
هذا حديث رواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الرحمن بن بشر بلفظ:"أمر
ببناء المساجد في الدور" (3) . وعن أحمد بن الأزهر بزيادة:"وأن تطهر
وتطيب". فهذا ابن ماجة كما ترى أدرج لفظ أحد شيخيه عن لفظ الآخر
داخل بلفظ أحدهما مع ذلك، ورواه ابن حبان في صحيحه (4) عن الحسن بن
سفيان، ثنا أبو كريب، ثنا الحسين بن علي عن زائدة عن هشام بلفظ:"وأن
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/757) . في الزوائد: إسناده فيه انقطاع، ولين. فإن فيه
سلمان بن يسار، وهو ابن أبي مريم، لم يسمع من أبي سعيد. ومحمد بن صالح فيه لي.
والترغيب (1/198) والكنز (20726) والقرطبي (12/266) وابن القيسراني في"الموضوعات"
وضعْفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة: (ح/166) والتعليق الرغيب (1/119) .
(2)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/759) . وصححه الشيخ الألباني.
(3)
صحيح. رواه أبو داود (ح/455) والترمذي (ح/594) وابن عدي في"الكامل" (5/
1738) . والعقيلي (3/309) .
قلت: والحديث رواه ابن ماجة وأبو داود وابن حبان هو موصولا في صحيحه.
(4)
صحيح. رواه ابن حبان: (3/76) من حديث عائشة.
تطيب وتنطف"وذكر5 ابن حزم محتجًا به، وقال أبو الحسن بن القطان:
لاشكّ في صحة رفعه، وأبي ذلك جماعة، منهم ابن أبي حاتم، إذ سأل أباه
عنه فقال: إّنما يروى عن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ولما رواه أبو عيسى عن
محمد بن حاتم عن عامر بن صالح عن هشام مرفوعا اتبعه، ثنا هناد، ووكيع،
وابن أبي عمر كلهم عن سفيان عن هشام عن أبيه: أن النبي
…
فذكره،
وقال: هذا أصح من الأوّل، قرأت على المسند بقية السلف أبي العباس أحمد
الخطوي، أنبأ به عبد اللطيف بن عبد المنعم عن يوسف بن المبارك/قال: أنبأ
سعد الخير قراءة عليه وأنا سمع في شوال سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، أنبأ
الإمام أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد العزيز الأبحري، أنبأ الشيخان أبو بكر
محمد ابن الحاجب، وأبو حفص عمر بن حمارة عن أبي سعيد القيم بن
علقمة قال: سمعه الخير أنبأ أيضًا أبو المحاسن عبد المحسن بن عبد العزيز بن
عبد السلام الأبحري، أنبأ أبو حفص، أنبأ أبو سعيد بن علقمة، أنبأ الحافظ أبو
الحسن بن علي بن نصر بن منصور الطوسي، قال: وقد روى عامر الزبيري
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرفوعا قال:
وروى وكيع، وعبدة جميعًا عن هشام عن أبيه مرسلا هذا أصح من حديث
الزبيري، وقال عبد الحق: إسناده مشهور وإن كان قد روى مرسلا، وهذا
العمري أوّل إذا حقق لم يحقق؛ لأنّ هذا الحديث أسنده جماعة من أصحاب
هشام، منهم سفيان بن سعيد الثوري من رواية علي بن الحسن بن أبي عيسى،
ثنا عبد الله بن الوليد عنه، ويحيى بن هاشم من رواية أبي بكر عن خلاد عن
الحارث بن أبي أسامة عنه فيما ذكره أبو نعيم الحافظ، وقال الفضل بن دكين:
ثنا سفيان عن هشام فذكره مرفوعاً، وزعم أبو الحسن علي بن عمر أنّ عبد
الله بن المبارك، وابن عيينة، وعبد الله بن عروة، ويونس وحبان بن علي رووه
عن هشام عن أبيه عن عائشة، والصحيح عن جميع من ذكرناه عن غيرهم
عن هشام مرسلًا. انتهى كلامه. ولو رأى حديث الثوري سفيان لأذعن له
كل الإذعان؛ لأنه مسند كالشمس مرية في صحته، ولا لبس ولقائل أن
يقول: هب أنّ سائر المخلوقين خالفهم ولم يتابعه/أحد له عارفه فكان ماذا
أليس قوله أولى بالصواب؟ وإليه في الحفظ والإتقان: المرجع، والمآب لا سيما،
ولم يرد خلاف قوله إلا عن ابن عيينة، وقد تقدّم الخلاف عليه في ذلك،
وهذه مسألة اختلف فيها: هل الحكم للمسند أو المرسل؟ وهل يعتبر فيهما
الأحفظ أو الأكثر؟ وهل الحكم للزائد أو للناقص؟ وهل إذا تساويا يكون علّة
مؤثرة أم لا؟ وههنا يترجح الأخلف في هذا الحديث؛ لأنّ الذين أسندوه كثر
وأحفظ من الذين أرسلوه، ولأنّ الزيادة من الثقة الحافظ مقبولة إجماعا، والله
تعالى أعلم.
وقد روى أبو داود في سننه حديثا شاهدا له من حديث سمرة بن جندب،
وكنب إلى بنيه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في
ديارنا، ونصلح صفتها، ونطهّرها" (1) . ولفظ أحمد (2) في مسنده:"وأمرنا
أن ننظفها ". وما ذكره أبو محمد الأشبيلي بعد حديث عروة قال: الأول
أشهر إسنادا، قال ابن القطان: يقتضى ظاهر كلامه أن حديث عائشة وهذا لا
شيء؛ لأنه إسناد مجهول النية فيه جعفر بن سعد بن سمرة وحبيب بن
سليمان، وما من هؤلاء من يعرف له حاله، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم،
وهو إسناد يرى به جملة أخبار ذكر البزار منها نحو المائة، ولما ذكر عبد الحق
حديث سمرة بهذا الإسناد فيمن نسى صلاة أو نام عنها كذا قال: في هؤلاء
ولم ينتهي كلامه، وفيه نظر؛ من حيث أنّ هؤلاء ليسوا كما قال؛ بل حالهم
معروفة لا مجهولة، أنبأ جعفر، فروى عنه جماعة منهم: سليمان بن موسى
ومحمد بن إبراهيم بن حبيب وعبد الجبار بن العباس الشامي، وصالح بن أبي
عتيقة الكاهلي/، وسليمان بن سمرة روى عنه ابنه حبيب وعلي بن ربيعة
الوالي، وحبيب بن سليمان ذكرهم ابن حبان البستي في الثقات، وروى أبو
بكر الإسماعيلي في جمعه حديث يحيى بن أبي كثير عن القاسم المطر، وثنا
العلاء بن سالم، ثنا حفص بن عمر، ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن
أبي الزبير عن جابر:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأمر باتخاذ المساجد في
الدور " (3) . رواه أبو نعيم عن عمر بن أحمد القاضي، ثنا العباس بن علي، ثنا
(1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/11) وعزاه إلى "أحمد " وإسناده صحيح.
(2)
إسناده صحيح. رواه أحمد: (5/371) .
(3)
حسن. رواه أبو داود (ح/456) والطبراني: (6/303) .
العلاء بن سالم فذكره، وفي علل الدار قطي: روى قران بن تمام عن هشام بن
عروة عن أبيه عن الفرائضة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه أمر ببناء المساجد في الدور
وأن تطبّب" (1) ، ولا يصح، وقد قدمنا ذكر المساجد التي كانت في الدور،
حدثنا أحمد بن سنان، ثنا أبو معاوية عن خالد بن إياس عن بحر بن عبد
الرحمن بن حاطب عن أبي سعيد الخدري قال:"أو نتخذ سرج في
المساجد" (2) . تميم الداري هذا: أثر إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي الهيثم
خالد بن إياس بن صخر العدوي القرشي، ويقال: الأسلمي، وقال مسلمة بن
قاسم في كتاب الصلة: كان مدنيًا روى عنه العقيلي، وفي قوله نظر إن أراد
أبا جعفر الحافظ؛ لتأخره عن إدراكه وأظنه يريد غيره، والله تعالى أعلم. قال
فيه الإمام أحمد: هو منكر الحديث، وقال عباس عن يحيى: ليس بشيء، ولا
يكتب حديثه، وفي كتاب ابن البرقي عنه: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه،
وقال أبو حاتم الرازي: هو ضعيف الحديث منكر الحديث، وقال عبد الرحمن:
فقلت يكتب حديثه فقال: رحنا، وسئل عنه أبو زرعة فقال: ليس بقوى
سمعت أبا نعيم يقول: لا يسوى حديثه وسلب، وذكر بعد لا يسوى حديثه
فليستبين، وقال/النسائي متروك الحديث، وقال ابن عدي: أحاديثه كلها
غرائب إفرار عمن يحدّث عنهم، ومع ضعفه يكتب حديثه، وقال البخاري:
ليس بشيء، وقال الساجي: منكر الحديث، وذكره العقيلي، وأبو العرب في
كتاب الضعفاء، وقال الحافظ ابن سعيد محمد بن علي بن عمر بن مهدى
النقاش في كتاب الضعفاء تأليفه: روى عن ابن المنكدر، وغيره أحاديث
موضوعة، وفي كتاب الصحابة للمديني من حديث محمد بن الحسن: هو
ابن قتيبة، ثنا سعيد بن زياد بن فايد عن أبيه عن جدّه عن أبي هند قال:
حمل تميم الداري معه من الشام إلى المدينة زيتًا، وقناديل، ومعطا، فلما انتهى
(1) الحاشية السابقة.
(2)
إسناده صحيح ورواه أبو داود في سننه: 2- كتاب الصلاة، 13- باب في السرج في
المسجد، (ح/457) .
ولفظه:"عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس،
فقال"ائتوه فصفوا فيه- وكانت البلاد إذ ذاك حربا- فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت
يسرج في قناديله".
إلى المدينة وافق ذلك ليلة الجمعة، فأمر غلاما يقال له: أبو البراد فقام فشدّ
المعطُ، وعلّق القناديل، وصب فيها الماء، والزيت، وجعل فيها الفتيل، وأمر أبا
البراد فأسرجها، فقال: من فعل هذا؟ "قالوا: تميم يا رسول الله قال:"نوّرت
الإسلام نوّر الله عليك في الدنيا والآخرة أما أله لو كانت لي ابنة لزوجتها"،
فقال نوفل بن الحارث بن عبد المطلب: لي ابنة يا رسول الله تسمى أم المغيرة،
فافعل فيها ما أردت، فأنكحه إياها على المكان. حدثنا إسماعيل بن عبد الله
الرفي، ثنا عيسى بن يونس عن ثور بن يزيد عن زياد عن أخيه عثمان بن أبي
سودة عن ميمونة مولاه النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله ائتنا في بيت
المقدس فقال:"ائتوه فصلوا فيه، وكانت البلاد إذ ذاك حربًا، فإن لم تأتوه
وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله " (1) . هذا حديث إسناده صحيح
عثمان روى عنه جماعة منهم: الأوزاعي، وزيد بن واقد الدمشقي، وأبو سنان
عيسى بن سنان/، وحماد بن واقد، وشبيب بن شيبة،
وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ورجاء بن أبي سلمة، وعبيد الله بن حبان،
وشعيب بن رزين الطائفي، وأخوه زياد، قال صاحب تاريخ بيت المقدس:
روى عنه: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن صالح، زاد ابن حبان: وزيد بن
واقد، وأهل الشام حين ذكره، وأخاه في كتاب الثقات، وصحح ابن البيع
حديثا روياه، وقال أبو زرعة البصري في تاريخه: حدثني هشام، ثنا مغيرة عن
رجاء بن أبي سلمة عن عطاء الخراساني قال: كان إذا ذكر ابن محيرز،
وها نيء بن كلثوم، ورجاء بن حيوة، وابن الديلمي، وابن أبي سودة يقول: قد
كان في هؤلاء من هو أشد اجتهادا من هانىء، ولكنه كان يفضلهم بحسن
الخلق، وثنا محمد بن المبارك، ثنا صدقة بن خالد عن زيد بن واقد قال: قال
زياد بن أبي سودة: كانت أمي مولاة لعبادة بن الصامت، وأبي مولى
لعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنبأ هشام، ثنا يحيى بن حمزة قال: قال
الأوزاعي: عثمان قد أدرك عبادة وكان مولاه، ثنا محمود بن خالد سمعت
مروان بن محمد يقول: عثمان بن أبي سودة، وزياد من أهل بيت المقدس
ثقتان ثبتان، وأبنا محمود بن خالد قال: سمعت أبا مسهر يقول: عثمان أبي
(1) الحاشية السابقة.
سودة أسنّ من زياد، وقد أدرك عثمان عبادة، ولفظ أحمد بن حنبل في
مسنده: يا رسول الله ائتنا في بيت المقدس، قال:"أرض المحشر، والمنشر
ائتوا فصلوا فيه؛ فإن الصلاة فيه كألف صلاة في غيره"قالت: أرأيت إن لم
نطق أن نتحمل إليه؟ قال: " فليهدله زيت يسرج فيه فإن من أهدى له كمن
صلى فيه" (1) . ولفظ ابن أبي خيثمة في تاريخه الأوسط:"ائتوه فصلوا فيه
قلت: كيف؟ وبيننا وبينه الدوم/"، وفي آخره قال الأوزاعي: أوحى الله تعالى
إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن أمر بني إسرائيل أن يكثروا في مساجدهم
النور قال: فطنوا أنه أّمما يراد به المصابيح فأكثروها، وإنما يراد به العمل
الصالح، ولا التفات إلى قول عبد الحق في الوسطى، وذكره من عند أبي
داود من حديث عثمان بن أبي سودة عنها ليس بهذا الحديث بقوي؛ فإنه وهم
من وجوه:
الأول: جعله إياه عن عثمان، فإن الحديث عند أبي داود الذي من عنده
نقله هكذا: ثنا النفلي، ثنا مسكين عن سعيد بن عبد العزيز عن ابن أبي سودة
عن ميمونة كذا الصفة في رواية اللؤلوي، وابن العبد، وابن داسة الرملي،
وكذا ذكره عنه أيضا أصحاب الأطراف.
الثاني: نقضه هذا القول بغيره وهو أنه سمّاه في الأحكام الكبرى زيادا،
وكذلك لما ذكره من عند أبي داود بسنده إلى ابن أبي سودة، قال ابن أبي
سودة: هذا هو زياد أخو عثمان بن أبي سودة، وهذا وإن كان أيضا خطأ فهو
إلى الصواب أقرب؛ لأن سعيدا إنّما عهدناه يحدّث عن عثمان بوساطة زياد
أخيه لو ذكره ابن أبي خيثمة، وأبو علي بن السكن، والإمام أحمد، والطبراني،
وغيرهم، وأمّا زياد: فإنّ حديثه عن ميمونة لا يتصل إّلا بوساطة أخيه عثمان
كما جوده ابن ماجة، وأبو علي بن السكن من حديث ثور بن يزيد عن زياد
عن أخيه عثمان، ولما عرف أبو حاتم الرازي، وغيره زياد: أوصفوه بالرواية عن
أخيه، فإن قلت: لعل الإشبيلي قد علم أنه إنّما رواه عن ميمونة عثمان لا زياد
تفرد به، فالجواب أنه إنما نسب الحديث إلى أبي داود، ولم يقع عنده إلّا
مبهما، فإن كان علمه عن عثمان فليس له/أن يعزوه كذلك إلى أبي داود،
(1) تقدْم في ص 1265.
ولئن أغصنا عما قاله فليس يقل بتفسيره إياه بزيادة بعد، وهو تناقض طاهر لا
شك فيه، والله تعالى أعلم.
الثالث: قوله ليس بقوي، وقد بينا قوته، وأمّا قول ابن القطان هو خبر غير
صحيح؛ للجهل بحال زياد، وأخيه كذلك أيضا، وتفْسير الأوزاعي يردّ عليه
قوله صلى الله عليه وسلم:"يزيت يسرج في قناديله"ويزيده وضوحا ما رواه أبو نعيم الحافظ
عن أبي بكر بن خلاد، ثنا الحارث بن أبي أسامة، أنبأ إسحاق بن بشر
الكاهلي، ثنا مهاجر بن كثير عن الحكم بن مسقلة العبدي عن أنس بن مالك:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل
الملائكة، وحملة العرش يستغفرون له مادام في ذلك المسجد ضوء من ذلك
السراج" (1) .
***
(1) ضعيف. المنثور (3/217) والقرطبي (12/275) والخفاء (2/313) وأحاديث القصاص
(74)
والفوائد (26) .
127- باب كراهية النخامة في المسجد
حدثنا محمد بن عثمان العثماني أبو مروان، ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن
شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عون عن أبي هريرة، وأبي سعيد
الخدري أنهما أخبراه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في جدار المسجد
فتناول حصاة فحكها، ثم قال: إذا تنخم أحدكم فلا يتنخم قبل وجهه، ولا
عن يمينه، وليبزق عن شماله أو تحت قدمه اليسرى" (1) . هذا حديث اتفقا
على تخريجه، زاد أبو داود (2) من حديث أبي سعيد بعد:"فحكها بحصاة
ثم أقبل على الناس مفضيا فقال: أيحب أحدكم أن يبصق في وجهه؟ إنّ
أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربّه، والملك عن يمينه فلا يستقبل عن
يمينه"، وفيه:"فإن عجل به أمره فليفعل هكذا يعني: يتفل/في ثوبه". وفي
لفظ البخاري (3) من حديث أبي هريرة:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا
يبصق أمامه فإنما يناجى الله تعالى مادام في صلاته ولا عن يمينه فإن عن يمِينه
ملكا". وفي لفظ لمسلم (4) :"ما بال أحدكم يقوم يستقبل ربه فيتنخّم أمامه،
أيحبّ أن يستقبل فيتنخّم في وجهه، فإذا تنخّم أحدكم فليتنخم عن يساره أو
تحت قدمه؛ فإن لم يجد فليفعل هكذا: يعني: يتفل في ثوبه ثم يِمسح بعضه
على بعض". قال أبو هريرة: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد ثوبه بعضه
على بعض، ولفظ الكجي من حديث سليمان بن حرب، ثنا شعبة عن
القاسم بن مهران عن أبي رافع عنه."أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة
المسجد فأمرني فحتها، وقال مرة فقمت فحتها، وفي آخره: فإن لم يستطع
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب"4"،، والأذان، باب"94"،،
والأدب، باب"75" (ومسلم في:) المساجد، ح/53) وابن ماجة:(ح/761) وأحمد (2/
44،34،29،6) .
(2)
رواه أبو داود: (ح/480) .
(3)
صحيح. رواه البخاري: (1/113) والفتح: (1/5/12) والمشكاة (710) .
(4)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب"13"، ح/53) ، وأحمد (2/250) ، وابن أبي
شيبة: (2/364) والترغيب: (1/200) ، والكنز (19945) ، والإرواء (1/198) .
ففي ثوبه" (1) . وفي صحيح أبي بكر بن خزيمة (2) :"من دخل هذا المسجد
فبزق فيه أو تنخم فيه فليحصر فيه فليبعد فليدفنه، فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه
لم يخرج به"، وعند أبي نعيم:"ثم ليخرج به". رواه سليمان بن حرب عن
شعبة عن القاسم بن مهران عن رافع عنه بلفظ:"فلا يبزق عن يمينه، ولا
عن يساره، ولا بين يديه، ولكن تحت قدمه اليسرى"قال أبو زرعة: ما روى
بأن يبزق عن يساره أصح من هذا، وقال أبو حاتم: أخطأ فيه سليمان بن
حرب، وفي رواية عند أبي نعيم:" البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها
دفنها" (3) .
حدثنا محمد بن طريف، ثنا عابد بن حبيب عن حبيب عن أنس أن النبي
صلى الله عليه وسلم:"رأى نخامة في قبلة المسجد فغضب حتى احمر وجهه فجاءته امرأة
من الأنصار فحكتها/وجعلت مكانها خلوقاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحسن
هذا". هذا حديث اتفقا عليه وللبخاري (4) :"فقام يحكه بيده، وقال: إن
أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجى ربه أو إن ربه بينه وبن القبلة فلا يبزقن
أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه، ثم أخذ طرف ردائه
فبصق فيه ثم ردّ بعضه على بعض فقال: أو يفعل هكذا"، وفي لفظ
عندهما (5) :"فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت
قدمه"، وفي لفظ:"البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" (6) ، وعند
(1) لم نقف على هذا اللفظ.
(2)
صحيح، رواه ابن خزيمة:(1310) ، والكنز (20815) ، وأحمد (2/324) .
(3)
صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/113) ، ومسلم في (المساجد، ح/55) ،
والترمذي (ح/572) ، وصححه. وأحمد (3/232، 274، 277) ، والبيهقي (2/291) ، والمجمع
(2/18) ، وأبو عوانة (1/405) ، والمنثور (5/51) ، والمنحة (350)، والقرطبي:(12/278) ،
والمشكاة (708) ، وابن خزيمة (1309) ، وللكنز (20805، 20816) والجوامع (10304)
والطبراني (8/341) وشرح السنة (2/380) وابن عساكر في"التاريخ"(6/124) وصفة
(433)
الخطيب في "التاريخ"(2/85، 9/396) .
(4)
صحيح. رواه البخاري (ح/405)
(5)
المصدر السابق للبخاري، ورواه مسلم في (المساجد، ح/54) .
(6)
الحاشية رقم (2) للسابقة.
النسائي (1) :"بزق النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبه، وحك بعضه ببعض"، وعند أبي
خزيمة (2) :"عرضت علي أجور أُئتي حتى القذاة يخرجها الرجل من
المسجد"، وفي لفظ: التفل في المسجد ما ذكره الترمذي استغربه، وفي
كتاب أبي نعيم من حديث عبد الله بن جرار بن عمرو عن أبيه عن قتادة عن
أنس يرفعه:"من ابتلع أربعة أعظاما للمسجد ولم يمح اسمًا من أسماء الله
تعالى ببزاق كان من ضنا بين عبد الله تعالى"، وفي لفظ:"النخامة كفارتها
أن تواريها" (3) ، وفي لفظ:"فاٍن أخرجه من المسجد كتب له حسنة".
حدثنا محمد بن رمح المصري، ثنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن
عمر قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في قبلة المسجد وهو يصلي بين يدي
الناس فحتها، ثم قال حين انصرف من الصلاة:"إن أحدكم إذا كان في
الصلاة فاٍن الله قبل وجهه فلا يتخمن أحد قبل وجهه في الصلاة" (4) . هذا
حديث خرجاه في صحيحيهما بلفظ:"رأى بصاقًا في جدار القبلة فحكه،
ثم أقبل على الناس فقال: إذا كان أحدكم يصلي/فلا يبصق قبل وجهه؛ فإن
الله عز وجل قبل وجهه إذا صلى". ورواه جويرية ابن أسماء بنت نافع عن
ابن عمر عند أبي نعيم بلفظ:"بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه فرأى نخامة
في قبلة المسجد فحكها بيده، فلما قضى صلاته
…
" (5) . قال: الحديث ففي
هذا أنّ الحك كان وهو يصلي، وتعلّق بعضهم باْن هذا ليس عملا كثيرًا
(1) صحيح. رواه النسائي في: المساجد، باب"31"النهى عن أن يتنخم الرجل في قبلة للمسجد (51
(2)
حسن. رواه ابن خزيمة (1297) ، وأبو داود (461) ، والترمذي (2916)، وقال: غريب
لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والطبراني في"الصغير"(1/189) ، وعبد الرزاق (5977) ،
والمشكاة (720) ، والترغيب (1/197، 2/359) والأذكار (99) ، وأصفهان (2/12) .
(3)
رواه أحمد (3/109، 209، 277) وعبد للرزاق (1697) ، وأصفهان (1/981)، بلفظ:
"النخامة في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها".
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/112) ، ومسلم في (المساجد، ح/50) ،
والنسائي (2/51) ، والبيهقي (2/293) ، وشرح السنة (2/284) ، وإتحاف (3/310) ، والموطأ
(194)
، وتجريد (517) ، والكنز (19949) .
(5)
الحاشية السابقة.
يفسد الصلاة، فأردنا أن نعرف حقيقة ذلك، فوجدنا أبا داود بين أنه كان
يخطب وأن البزاق أثناء الخطبة، فهذا إذا قلنا إنها واقعة واحدة، ولفظه:
"بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يومًا إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على
الناس، ثم حكها، وقال عز وجل أن الله تعالى قال واحسبه" (1) . قال: فدهن
يزعفران فتحته به قيل وجهه، وقال:"إذا صلى أحدكم فلا يبزق بين يديه"(2) .
وفي مسند الدارمي (3) :"فتغيظ على أهل المسجد فعال لا تنخمن، ثم أمر
بها فحك مكانها، وأمر بها فلطخت"، قال حماد بن زيد: لا أعلم أيوب إلا
قال: بزعفران، وفي صحيح ابن خزيمة من حديث عاصم بن عمر عن ابن
سوقة عن نافع عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"ولم يرفعه إلا من تنخم في قبلة
السجد بعث وهو في وجهه"ثنا الزعفراني، ثنا شبابة، ثنا عاصم بن محمد
عن ابن سوقة عن نافع عنه قال صلى الله عليه وسلم:"يبعث صاحب النخاعة في القبلة يوم
القيامة وهي في وجهه" (4)، قال أبو بكر: الأول: عاصم بن عمرو، وهو
عندي أخو عبد الله، وعبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمرو. الثاني:
عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فلما تدمّرت فإذا
عاصم بن محمد غير عاصم بن عمر على ما بينت/من نسبتهما، وقال
البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلّا عن ابن سوقة، وعند ابن
خزيمة: فجاء الرجل الذي نخع فحكمنا ثم طلى مكانها بالزعفران، وفي لفظ:
فحكّها النبي صلى الله عليه وسلم بيده، وعند أبي نعيم من حديث مسعود بن سعد عن ابن
إسحاق عن نافع عنه: فأخذ حصاة فقام فحتها ثم قال:"إذا قام أحدكم
(1) كذا كلام المصنف، والسياق صحيح.
(6)
صحيح رواه النسائي (1/163) ، وأبو داود (ح/478) ، والبيهقي (2/291) ، والكنز
(3)
صحيح، متفق عليه. رواه الدرامي (ح/1397) ، والبخاري (ح/406) ، ومسلم في
(المساجد، ح/547) ، وأبو داود (ح/479) ، والنسائي في (المساجد، باب النهي على أن
يتنخم الرجل في قبلة المسجد، ح/4) ، وابن ماجة (ح/763) .
(4)
ضعيف. رواه ابن خزيمة (1313) ، والترغيب (1/201) ، وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/
19) وعزاه إلى"البزار"وفيه عاصم بن عمر ضعفه البخاري وجماعة وذكر5 ابن حبان في الثقات.
يصلى فإنما يناجى ربه" (1) ، وفي لفظ:"من تنخم في قبلة المسجد جاء يوم
القيامة وهى في جبينه معلّقة" (2)، وعند البيهقي قال أبو الوليد: قلت لابن
عمر:"ما كان بدّ وهذا الزعفران في المسجد فقال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فرأى
نخامة
…
لما الحديث، وفيه"وطلى بزعفران"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هذا أحسن
من الأول" (3) ، فصنعه الناس، وحدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم حكّ بزاقا في قبلة المسجد". هذا
حديث خرجاه في الصحيح (4) بلفظ:"رأى في جدار القبلة مخاطا أو بزاقا
أو نخامة فحكّه"، وفي الباب حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عرضت
علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن
الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن"،
رواه مسلم (5)، وكذا حديث عبد الله بن السحر وصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"تنخع فدلكها بنعله اليسرى"، وعند النسائي:"برجله اليسرى"، وحديث
سعد بن أبي وقاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا تنخم أحدكم في
المسجد فليغب نخامة أن يصيب جلد مؤمن/أو ثوبه فتؤذيه لما (6) . رواه ابن
خزيمة في صحيحه، وحديث جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم وفْي يده عرجون
أبي طالب، فنطر فرأى في قبلة المسجد نخامة فأقبل عليها بالعرجون، ثم قال:
"أيكم يحب أن يعرض الله عنه إن أحدكم إذا قام يصلى بوجهه فإن الله
تعالي قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره،
تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادره فليتفل بثوبه هكذا، ووضعه على
فيه، ثم قال: أروني عبيرا، فقام فتى من الحي يشتدْ إلى أهله، فجاء بخلوق في
(1) تقدم ص 1270.
(2)
العلل المتناهية: (1/417) .
(3)
رواه البيهقي: (2/440) .
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في "الصلاة"، باب"33"،، والأذان، باب (94") ، ومسلم في
(المساجد، ح/50) ، والنسائي في المساجد، باب "31"(، وأحمد! 2/66، 3/65، 6/148)
(5)
صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/57) .
(6)
صحيح. رواه ابن خزيمة (1311) ، والمجمع (8/114) ، وعزاه إلى البزار ورجاله ثقات.
ورواه أحمد: (3/88) .
راحته فاً خذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على رأس العرجون، ثم لطخ به على أثر
النخامة، قال جابر: فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم". رواه
مسلم (1)، وحديث طارق بن عبد الله المخاربي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا
قام الرجل إلى الصلاة، أو إذا صلى أحدكم، فلا يبزق أمامه ولا يمينه، ولكن
عن تلقاء يساره إن كان فارغا، أو تحت قدمه اليسرى ثم ليتفل به" (2) ، قال
الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحديث أبي سهلة السائب بن خلاد،
وله صحبة أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فقال
رسول الله- صلى الله عليه وسلم حين فرغ:"لا يصلي لكم"، فأراد بعد ذلك أن يصلى
لهم فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"نعم وحسبت أنه قال:
إنك آذيت الله ورسوله". رواه أبو داود (3) بسند صحيح عن أحمد بن صالح،
ثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح بن خيوان
عنه، صالح هذا وثقة أبو حاتم ابن حبان، وذكر أبو الحسن بن القطان/: أن
العجلي أيضًا وثقة، ولم أره في نسختي فالله أعلم. وزعم ابن ماكولا في
باب المختلف فيه: أن أبا صالح قال فيه ابن يونس: بالحاء المبهمة وقاله البخاري
كذلك، ولكنه وهم، كذا ذكره عن ابن يونس، وليس هو بأبي عذرة هذا
القول بل تبعه على ذلك الدارقطني، ويشبه أن يكون وهمًا؛ لأن ابن يونس
لم يقل شيئا من ذلك، ونص ما عنده ذكره من اسمه صالح، فذكر صالح بن
أصرم ثم قال: صالح بن خيوان الشيباني يروى عن ابن عمرو بن السائب بن
خلاد، وعقبة بن عامر روى عنه بكر بن سوادة اللهم إلا لو نقل كلام أبي
داود هو بالحاء المهملة، ومن قاله بالحاء المنقوطة، فقد أخطأ لكان صوابا، وأما
ابن أبي حاتم فذكر بالحاء المنقوطة، ويشبه أن يكون سبب الخلاف في هذا ما
(1) صحيح. رواه مسلم في: (الزهد، ح/74) ، وأبو داود (ح/485) .
غريبة: قوله:"عرجون علي بن أبي طالب " قال العيني: العرجون هو العود الذي فيه
الشماريخ إذا يبس وأعوج، وابن طاب: رجل من أهل المدينة ينسب إليه نوع من تمرها.
(2)
صحيح. رواه البخاري (1/113) والفتح (1/512) والمشكاة (710) والترمذي (ح/
571) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/481) .
ذكره أبو الوليد بن القرضي قال سعيد بن كثير بن عفير: من نسبه إلى حولان
قاله بالخاء المعجمة، ومن قاله الساجي فبالحاء- يعني: المهملة، وأما قول عبد
الحق في الكبرى: صالح لا أعلمه روى عنه إلّا ابن سوادة فصحيح، وأمّا قوله
في الوسطى: صالح هذا لا يحتج به فيشبه أن يكون قاله من قبله، ولا أعلم له
فيه سلفا، وأما قول ابن القطان: وزعم ابن يونس أله ليس له إلّا هذا الحديث
فيما أعلم، ويأتي ذلك عليه أنّ البخاري قال: أله روى أيضا عن ابن عمر،
يشبه أن يكون وهما؛ لأن ابن يونس لم يقل شيئا سوى ما أسلفناه فْبل،
والله تعالى أعلم. وحديث ابن عمرو بن العاص قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجلا يصلى بالناس صلاة الطهر فتفل في القبلة وهو يصلى فلما كان صلاة
العصر أرسل إلى آخر فأشفق الأوّل فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا/رسول الله
أنزل في؟ قال:"لا، ولكنّك تفلت بين يديك، وأنت تؤمّ الناس فآذيت الله
ورسوله" (1) . ذكره ابن القطان، ثنا هارون بن سعيد، ثنا ابن وهب قال:
حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن عنه وصححه، وحديث أبي
سعيد قال:"رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق بصق في البوادي ثم
مسحه برجله فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يفعله". خرجه أبو داود (2) من حديث فرج بن فضالة عنه، قال الأشبيلي:
وهو ضعيف، وأيضا لم يكن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم حصر، والصحيح أنه
عليه الصلاة والسلام إّنما بصق على الأرض ودلكه بنعله اليسرى، ولعل واثلة
إنّما أراد هذا فحمل الحصير عليه، قال ابن القطان: وبقى عليه أن ينبه على أبي
سعيد فإنه لا يعرف من هو، ووقع في رواية لابن الأعرابي أبو سعيد،
والصواب سعد، وهو شامي مجهول الحال، وتعليل الحديث به أدنى من تحليله
بفرج، فإنه- وإن كان ضعيفا- معروف في أهل العلم، أخذ الناس عنه، وقد
روى عنه شعبة وهو من هو، وقال يزيد بن هارون: رأيت شعبة يسأله عن
(1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/20) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"،
ورجاله ثقات.
(2)
ضعيف. رواه أبو داود (ح/484) .
حديث من حديث ابن عباس، وهو صدوق، وإنّما أنكروا عليه أحاديث رواها
عن يحمى بن سعيد الأنصاري معلومة، وقال أبو حاتم: وهو في غيره أحسن
حالا وهو بالجملة ضعيف، ورواه الساجي فلم يذكر الثوري مؤيّدًا لما أوّله أبو
محمد فقال: حدثنا محمد بن عبد الله فيما كتب أبي، ثنا الحماني، ثنا فرج
بلفظ: رأيت واثلة بزق ودلك برجله، وحديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"من تنخم في المسجد فلم يدفنه فسيئة، ومن دفنه/فحسنة"(1) . رواه أبو
نعيم من حديث أبي نميلة عن الحسن بن واقد، ثنا أبو غالب عنه، وذكر أبو
عبيد بن سلام في غريبه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المسجد يروى من النجاسة
كما يروى الجلد على النار"، قال ابن سيده: النخاعة ما تفله الإِنسان
كالنخامة تنخع الرجل، وفي نخامته قال: نخم الرجل نخما، وتنخم وقع
بشيء من صدره أو أنفه، واسم ذلك الشيء النخامة، وقال الجوهري: النخامة
بالفم، وفى الجامع تنخم الرجل إذا تنخع، وقال عياض: النخامة من الصدر
وهو البلغم اللزج، وقال أبو موسى المديني: مخرجها من الخيشوم، وقال ابن
الأثير: يخرج من أصل الحلق من مخرج الخاء المعجمة، وقيل التي بالعين من
الصدور والتي بالميم من الرأس، وأما البزاق فحكوا فيه الصاد والسين، وهو
لغة ردية، قال عياض: البزاق في المسجد ليس بخطيئة إلا في حقّ من لم
يدفنه، وأما من أراد دفنه فليمر بخطيئة، واختلف العلماء في كيفية الدفن،
فالجمهور على دفنها في أرض المسجد، وإن كان ممكنا، وحكى الروياني: أنّ
المراد إخراجها مطلقا، ويشهد له ما أسلفناه من عند ابن خزيمة وغيره، قال
القرطبي: فيه دليل يعني قوله:"أيحب أحدكم أن يبصق في وجهه"(2) ؟
على تحريم البصاق في القبلة، وإن الدفن لا يكفره، ويؤيّده ما أسلفنا من
الأحاديث، والله تعالى أعلم. وسمعت شيخنا قاضى القضاة بدر الدين بن
جماعة- تغمّده الله تعالى برحمته- يسأل يوما في منزله عن البزاق في شباك
المسجد إن كان له فقال: لا يجوز؛ لأنه يجر في المسجد، قال: اللهم إلّا أن
(1) أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/8) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، ورجاله موثقون.
(2)
مسند الحميدي: (729، 1219) .
يخرج رأسه منه فلا حرج إذاً، والله تعالى أعلم. وفي قوله: وليبصق عن/
يساره: دليل على أن المصلى لا يكون عن يساره ملك لا يجد ما يكتب
لكونه في طاعة الله تعالى؛ لأنه عليه الصلاة والسلام علل منع البصاق على
اليمنى لكون الملك هناك وإباحته على اليسار، ومن المعلوم أن هناك ملكا،
وأمّا حديث:"الكرام الكاتبين لا يفارقان العبد إلا عند الخلاء والجماع"(1) .
ضعيف لا يخدش في هذا الدليل، والله تعالى أعلم.
(1) ذكر المصنف ضعفه
128- باب النهى عن إنشاد الضوال في المسجد
حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن أبي سنان سعيد بن سنان عن
علقمة بن مرثد عن سليمان بن يزيد عن أبيه قال صلى الله عليه وسلم لرجل: من دعا إلى
الجمل الأحمر فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم:" لا وجدته إنما
بنيت المساجد لما بنيت له". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (1) ،
وحديث عمرو بن شعيب تقدّم ذكره، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب،
أنبأ عبد الله بن وهب، أخبرني حيوة بن شريح عن محمد بن عبد الرحمن
الأسدي أبي الأسود عن أبي عبد الله مولى شدّاد بن الهاد أنه سمع أبا هريرة
يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من سمع رجلًا ينشد ضالة في
المسجد فليقل لا رد الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا". هذا حديث
خرجه مسلم في صحيحه (2) أيضا، وزاد الترمذي:"إذا رأيتم من يبيع أو
يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك" (3) . وفي الباب حديث جابر
قال: جاء رجل ينشد ضالة/في المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا
وجدت"، رواه النسائي (4) عن محمد بن وهب، ثنا محمد بن سلمة عن أبي
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/80، 81) ، وابن ماجة (ح/765) ، وأحمد (5/
361) ، والترغيب (1/203) ، وإتحاف (5/92) ، وابن أبي شيبة (2/419) ، والبيهقي (2/
447، 6/196، 10/103) ، والكنز (20819) .
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/79) ، وأحمد (2/349) ، والبيهقي (2/447، 6/
196، 10/102) ، وشرح السنة (2/374) ، وإتحاف (5/92) ، والترغيب (1/202) ، وأذكار
(34)
، وابن ماجة (767) .
(3)
صحيح. رواه الترمذي (ح/1321) وقال: هذا حديث حسن غريب. وروى مسلم السطر الثانى منه
في (المساجد، ح/79) . والنسائي في (عمل اليوم والليلة، باب ما يقول لمن يبيع أو يبتاع في المسجد،
(ح/176) ، والدارمي (ح/1401) ، وابن حبان في"موارد الظمآن"(ح/313) ، والحاكم (2/56)
وقال: صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي. والطبراني في"الكبير"(ح/1454) . وانظر الدراية (1/
289) . وصححه الشيخ الألباني. صحيح الجامع (1/217) .
(4)
صحيح. رواه النسائي (2/48) ، وأحمد (5/361) ، والبيهقي (2/196؛ 447؛10/103)
عبد الرحيم، حدثني زيد عن أبي الزبير عنه، وحديث جبير بن مطعم قال:
"نهى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم أن ينشد في المسجد
الضالة" (1) . رواه أبو نعيم من حديث سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق
قال: حدّثنى أبي عنه وحديث ابن مسعود:"وسمع رجلًا ينشد ضالة في
المسجد فغضب وسبه فقال رجل: ما كنت فحاشًا قال: إنا كنا نؤمر
بذلك" (2) . رواه ابن خزيمة، وصحيحه في حديث عاصم عن أني عثمان عنه،
وحديث أنس بن مالك أنّ رجلا دخل المسجد ينشد ضالة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا وجدت"(3) . رواه أبو قرّة موسى بن طارق السلمي في سننه عن
موسى بن عقبة عن عمرو بن أبي عمرو وعنه يقال: نشده الضالة إذا طلبتها
وأنشدتها إذا عرفتها هذا هو الفصيح، وحكى اللحياني في نوادره نشدت
الضالة نشدة ونشدة وينشد أنا أي: طلبتها، وأنشدتها، ونشدتها إذا عرفتها،
وقال الأصمعي: في كل شيء رفعت به صوتك فقد أنشدت به ضالة كانت
أو غيرها، وفي المجراد: الكراع نشدت الضالة طلبتها، وأنشدتها بالألف عرفتها
لا غير، وكذا قال أبو عبيد في الغريب المصنف وأنشد بيت ألي داود، ويصح
أحيانًا كما أسمع المضل لصوت ناشد، كذا ذكره، ولم أجده في نسختي من
شعر أبي داود التي هي بخط ابن الطبال، قال الأصمعي: يقال في الناشد هنا
أنه المعرف، ويقال ابن الطبال؛ لأنّ المضل يشتهى أن يجد/مضلًا مثله ليتعزى
به، وفي المحكم أنشدها اضطر شدّ عنها زاد القاضي أن نشدتها نشدا، وأنا
وابن أبي شيبة (2/419) ، والمجمع (2/24) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" ورجاله
ثقات، ورواه البزار بإسناد ضعيف. وإتحاف (5/93،92) ، والبخاري في"التاريخ الكبير"
(1/112) ، وأبو حنيفة (442،438،1) .
(1)
ضعيف. بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في
"الكبير"من حديث ابن مسعود، وابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود.
(2)
ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"
وابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود.
(3)
تقدم الحاشية رقم (4) السابقة.
ناشد، واًنشدتها إنشادا، وأنا منشد، وأما من قال في بيت أبي داود أنه
العرف، فليس كذلك؛ وإنما هو الطالب، واستدل قوم على أن المنشد الطبال
بقوله عليه السلام وذكر مكة شرّفها الله تعالى، ولا تحل لقصتها إلّا المنشد،
قالوا: معتاد لا تحل لقطتها إّلا لطالبها وهو ربها وهؤلاء يصح الأعلى ما
ذكرنا؛ لأنّ الطالب إنما يقال له ناشد، ولا يقال له ينشد فدل على ذلك قوله
عليه السلام، وسمع رجلا ينشد ضالة في المسجد أيّها المسجد غيرك الواجد،
ومعنى الأول عند بعض اللغويين: أن لقطة مكة لا تحل أبدا، فكان قوله لا تحل
لقطتها يريد ألبتة فلقن إلّا المنشد وهو يريد المعنى الأول، ومثل هذا يقول
الرجل: والله لا أكلمك فيقول الآخر: إن شاء الله تعالى، فيقول ذلك وهو لا
يريد فينفسخ يمينه، ولكن لقِّن شيئا فلقّنه، ومعناه: لا تحل للملتقط منها إلّا
إنشادها، وذكر بعضهم أنّ معناه لا تحل إلّا لعرف بها، وهذا لا فضل فيه لمكة
إذ كلّ لقطة لا تحل حتى يعرف بها، والأول أحسن، وأمره عليه الصلاة
والسلام بأن يقال: ثنا ذلك عقوبة له على مخالفته، وعصيانه، وفعله بما نهى
عنه من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
129- باب الصلاة في أعطان الإِبل
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون، وثنا أبو بشر بكر، ثنا
يزيد/بن زريع قالا: ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لم تجد إلّا مرابض الغنم، وأعطان الإِبل"(1) ،
هذا حديث قال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وخرجه ابن حبان (2) في
صحيحه عن أبي يعلي، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا ابن زريع، وثنا
إسحاق، ثنا يزيد بن نصر، أنبأ عبد الله بن المبارك عن هشام عن ابن سيرين
عنه زاد أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث أبي حيان عن أبي
زرعة عنه مرفوعا: " الغنم من دواب الجنة فامسحوا رعاتها وصلّوا في
مرابضها " (3) ، وفي كتاب البزار:"أحسنوا إليها وأميطوا عنها الأذى فإنّها
من دواب الجنة"، قال البيهقي: روى عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا وهو
أصح.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم عن يونس عن الحسن عن عبد
الله بن معقل المزني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلّوا في مرابض الغنم، ولا
تصلوا في أعطان الإِبل فإنها خلقت من الشياطين" (4) . هذا حديث إسناده
صحيح متصل، قال البيهقي: كذا رواه جماعة عن يونس بن عبيد، وقال
يزيد بن زريع عن يونس: كذا روى، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه النسائي
عن عمرو عن يحيي عن أشعث عن الحسن مرفوعا، وفي حديث ابنه كرير
(1) رواه الترمذي: (ح/348) وقال:"هذا حديث حسن صحيح".
(2)
روا. ابن حبان: (335) .
(3)
الكنز (35229) ، والخطيب في"تاريخه"(7/432) ، والعلل (380) .
(4)
صحيح. رواه الترمذي (ح/348) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/
769) ، في الزوائد: إسناد المصنف فيه مقال، وأصل الحديث رواه النسائي مقتصرا على النهي
عن أعطان الإِبل. وأحمد (2/509، 4/86، 150، 352،5/57،55) ، والطبراني 1/176،17
340) ، وللشكاة (739) ، وابن أبي شيبة (1/384) ، وأبو عوانة (2/401) ، والتمهيد (5/
303) ، والكنز (19172، 19174) ، والمعاني (1/384، 14/149) .
عن الحسن عند البيهقي مرفوعا:"إذا أدركتم الصلاة وأنتم في أعطان الإِبل
فاخرجوا منها فإنها جنّ من جنّ خلقت ألا ترى أنها إذا نفرت كيف تمسح
بأنفها؟ " (1) ، ورواه أبو نعيم الفضل بن المبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا،
وفي مسند ابن وهب مسند منقطع:"نهى أن/يصلى في معاطن الإِبل"(2)
زاد"كان يصلى في مراح البقر والغنم"(3) .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، ثنا عبد الملك بن الربيع بن
سبرة بن معبد الجهني قال: أخبرني أبي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا
يصلى في أعطان الإِبل، ويصلى في مراح الغنم" (4) . هذا حديث إسناده
صحيح، على ابن سير مسلم وقد تقدّم في كتاب الطهارة جملة من معنى هذا
الحديث، وكذا حديث أنس في بنيان المسجد، وفيه:"كان يصلى في
مرابض الغنم" (5) في كتاب الصلاة، وحديث عقبة بن عامر يرفعه:"صلوا
في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل"، قال أبو القاسم: لا يروى عن
عقبة إلّا بهذا الإِسناد، تفرد به ابن وهب، يعني: عن عاصم بن حكم عن إلي
عمرو الشيباني عن أبيه عنه، وحديث ابن عمر ويرفعه:"لا تصلوا في
أعطان الإبل وصلوا في مراح الغنم" (6)، وقال: لم يروه عن هشام بن عروة-
يعني: عن أبيه- إلّا يونس بن بكير، قال الشّافعي- رحمه الله تعالى-: تجوز
(1) رواه البيهقي: (2/449) .
(2)
رواه أحمد (3/405) ، والدارقطني (1/267،265، 275، 276) ، وابن عدي في"الكامل"
(3)
صحيح. رواه البيهقي (2/449) ، والكنز (19176) ، وصححه الشيخ الألباني.
الصحيحة: ح/1128) .
(4)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/770) ، وابن أبي شيبة (14/150) ، والكنز (19171) ،
وعبد الرزاق (1595) . وصححه للشيخ الألباني.
(5)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/117) ، ومسلم في (المساجد، باب"1"رقم
"10"(، والترمذي (ح/350) ، وصححه. وأحمد (2/178، 3/131) ، والبيهقي (2/438)
والمجمع (2/26) ، وأبو عوانة (1/396) ، وابن أبي شيبة (1/385) .
(6)
رواه الطبراني: (7/136) .
الصلاة في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعد فيه ولا بول
وأكره له الصلاة في أعطان الإِبل، وإن لم يكن فيها قدر فإن صلّى أجزاه كان
النبي- عليه الصلاة والسلام يُصلِّي فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد
لسانه على يده، ولم يفسد ذلك صلاته، وقد صلى النبي- عليه السلام
إلى بعير، وهذا وإن لم يكن صلاة في موضع الإِبل فهي صلاة تقرب الإِبل،
وكانت جائزة بطهارة المكان كما كره الصلاة قرب الشيطان في موضع ومر
به الشيطان في حين آخر فلم يفسد صلاته، وزعم القرطبي: أنّ الصلاة
كرهت في المعاطن، وهي موضع إقامتها/عند الماء واستيطانها تفردها وبيتها
أولا فإنهم كانوا يختلفون بينها مستترين بها أو لخوف نفارها فيذهب خشوع
المصلي، وزعم ابن حزم: أن الصلاة في المعاطن لا تحل، فإن كان لرأس أو
الرأسين فالصلاة فيه جائزة، وإنّما تحرم الصلاة إذا كان لثلاثة فصاعدا، قال ابن
سيده: والعطن للإبل كالوطن للناس، وقد غلب على مبركها حول الحوض،
والجمع أعطان، وعطنت، ويعطن عطونا فهي عواطن وعطون، ولا يقال إبل
عطان وأعطنها جلسها عند الماء فبركت بعد الورد، قال لبيد: عافتا الماء فلم
يعطها، إنّما يعطن أصحاب العلل، والاسم: العطنة، وأعطن القوم عطت إبلهم،
وقوم عطان، وعطون، وعطنة نزلوا في أعطان الإبل، وقول أبي محمد
الحديلي: وعطن الدبان في قمقامها لم يفسده ثعلب، وقد يجوز أن يكون
عطن اتخذ عطنا كقولك عشعش الطائر إذا اتّخذ عشا، وفي الجامع قال
الخليل: العطن ما حول البئر والحوض من مبارك الإبل ومناخ القوم، وقالوا:
كل للمبارك ماء، وقال: لا تكون الأعطان إلّا على الماء، وفي غيره المأوى
والمراح.
130- الدعاء عند دخول المسجد
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن إبراهيم وأبو معاوية عن ليث
عن عبد الله بن الحسن عن أمه عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال:"بسم الله والسلام على رسول الله
اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك"/وإذا خرج قال:"بسم
الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" (1) .
هذا حديث لما رواه أبو عيسى عن علي بن حجر عن إسماعيل بلفظ: إذا
دخل المسجد صلى الله عليه وآله وسلم قال ابن حجر: قال إسماعيل:
فلقيت عبد الله بن الحسن بمكة فسألته عن هذا الحديث فحدثني به فقال:
كان إذا دخل قال:"رب افتح لي باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح
لي باب فضلك" (2)، قال: وحديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده
بمتصل وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنّما عاشت فاطمة بعد
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أشهرًا، وذكر الإسماعيلي في كتاب
مسند فاطمة- رضي الله تعالى عنها- أنّ سعيد بن الحسن رواه عن عبد
الله بن الحسن بلفظ:"إذا دخل المسجد حمد الله وسمى"، وقال:
"الحمد لله". قال: ورواه عنه أيضًا قيس بن الربيع، وعاصم بن سليمان
بلفظ: إذا دخل المسجد قال:"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك"، وإذا خرج قال:"السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رزقك" (3) ،
ورواه الدراوردي فأرسله عن فاطمة بنت حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/771) ، وأحمد (6/282) ، وإتحاف (5/91) ، وابن السني
(85)
، والكنز (17962،23109) ، وابن أبي شيبة (10/406) . ورواه الترمذي (ح/
314) . وصححه للشيخ الألباني.
(2)
حسن. رواه للترمذي (ح/315) ، وأحمد (6/283) .
(3)
الحاشية قبل السابقة.
فاطمة:"إذا دخلت المسجد فقولي: بسم الله اللهم اغفر لي ذنوبي وسهّل
لي أبواب رحمتك، وإذا خرجت فقولي: بسم الله الحمد لله اللهم اغفر لي
ذنوبي، وافتح لي/أبواب رزقك " (1) . قال الإسماعيلي: قال شيخنا المنسي:
رواه صالح بن موسى الطلحي عن عبد الله بن حسن عن أمّه قاطمة عن ابنها
كن علي، ورواه روح بن القاسم عن عبد الرحمن بن الحسن عن أمه فاطمة
مرسلا، وفي كتاب العلل عن أحمد، قال عبد الله: حديث أبي بحديث
حسان بن إبراهيم الكرماني عن عاصم عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة
بنت حسين بن علي عن أمها قاطمة الحديث فقال أبي: ليس هذا من حديث
عاصم هذا من حديث ليث، وقال الدارقطني في كتاب العلل: وحدّثنا به ابن
صاعد، ثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي، ثنا سعيد بن الحمصي عن عبد الله بن
الحسن فذكره. حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي،
وعبد الوهاب بن الضّحاك قالا: ثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد عن سويد الأنصاري عن
أبي حميد الساعدي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا دخل أحدكم المسجد
فليسلم ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إنِّي
أسألك من فضلك" (2) . هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف ابن عياش، وهو
في صحيح مسلم (3) عن يحيى بن يحيى، ثنا سليمان عن ربيعة عن عبد
الملك بن سعيد عن أبي حميد- أو عن أبي أسيد- إلا أنه لم يقل فليسلم،
وعن حامد بن عمر عن بشر بن المفضل، ثنا عمارة فذكر فيه الشكر والسلام،
ورواه الدراوردي عن أبي داود عن ربيعة عن عبد الملك قال: سمعت أبا
(1) تقدم بنحوه الحاشية رقم (1) السابقة.
(2)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/772) .
وصححه الشيخ الألباني. قلت وقد ذكر المصنف ضعفه؛ لضعف ابن عياش، عالم أهل حمص
صدوق في حديث أهل الشام، مضطرب جدا في حديث أهل الحجاز. قال أحمد: ما روى
عن الشاميين صحيح، وما روى عن الحجازيين فليس بصحيح، وقال ابن حبان: لا يحتج
بحديثه، وضعفه النسائي. ووثقه ابن معين. (الضعفاء الكبير للذهبي: 1/85/697) .
(3)
صحيح. رواه مسلم في:) المسافرين، ح/68) ، وأحمد (5/425) ، والنسائي (2/23) ،
والدارمي (2/293) ، وابن كثير (4/275، 6/70) ، وإتحاف (5/90) ، والكنز
(20784، 20788) .
حميد أو أبا أسيد لما سئل أبو زرعة عنه/قال: اختلف على ربيعة؛ فروى
بشر بن المفضل عن عمارة عن غزية عن أبي حميد عن أبي أسيد عن النبي
صلى الله عليه وسلم ورواه سليمان بن بلال عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي
حميد، وأبي أسيد عن النبي، كلاهما أصح، قال ابن أبي حاتم: لم يكن
اخرج أبو زرعة من حالف بشرًا عن عمارة، وأجر أنه لم يكن وقع عنده، أنبأ
يونس قراءة عليه عن ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عمارة عن
ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد، وأبي أسيد، كما رواه سليمان
فدلّ أنّ الخطأ من بشر بن المفضل، والله تعالى أعلم. ويشبه أن يكون المجيء
لابن ماجة أن يرويه عن إسماعيل سلامة رواية من الشك، والله تعالى أعلم.
حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا الضحاك بن عثمان، حدثني
سعيد المقبري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دخل أحدكم
المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا
خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم أعصمني من الشيطان الرجيم" (1) .
هذا حديث خرجه الحافظان ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، زاد البزار
في آخره:"وليقل: اللهم اعصمني من السوء"، ولفظ الحاكم:"اللهم
أجرني من الشيطان"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم
يخرجاه، وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا
دخل أحدكم المسجد فليتعوذ بالله العظيم وبوجهه/الكريم وسلطانه القديم من
الشيطان الرجيم، قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ منى سائر اليوم.
رواه أبو داود بسند صحيح عن إسماعيل بن بشر، ثنا ابن مهدى عن ابن
المبارك عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عنه، وفي كتاب الفضل بن
دكين، ثنا زهير عن أبي إسحاق عن سعيد بن ذي حذان قال: قلت لعلقمة:
ما يقول الرجل إذا دخل المسجد قال: يقول: السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته صلى الله وملائكته على محمد.
(1) صحيح. رواه أبو داود "ح/465) ، وابن ماجة (ح/737،772)، في الزوائد: إسناده
صحيح، ورجاله ثقات. والدارمي (1/324) وابن خزيمة (425، 2706) ، والحاكم (1/
207) ، والبيهقي (2/442،441) .
131- باب المشي إلى الصلاة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم أتى
المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله
بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان
في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه" (1) ، هذا حديث رواه مسلم (2) في
صحيحه بلفظ:"من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضى
فريضة من فرائض الله عز وجل كانت خطوتاه إحداهما تخط خطيئة والأخرى
ترفع درجة"، وعند الشيخين (3) عنه مرفوعا:"من غدا إلى المسجد أو راح
أعد الله له نزلًا كلما غدا أو راح"، وفي لفظ:"صلاة الرجل في جماعة
تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقة خمسا وعشرين درجة، وذلك أنّ
أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، وأتى المسجد لا/يريد إلا الصلاة"، وفي
آخره:"والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه
يقولون اللهم أغفر له اللهم أرحمه بت عليه ما لم يؤد فيه ما لم يحدث
فيه" (4) ، وعند النسائي بسند جيد من حديث محصن بن علي الفهري عن
عون بن الحارث عنه:"ثم خرج عائدا إلى المسجد فوجد النّاس قد صلوا
كتب الله له مثل أجر من قد حضرها، ولا تنقص ذلك من أجورهم شيئا"،
(1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/774) . وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/282) والبيهقي (3/62) وأبو عوانة (1/390)
والكنز (18960) والقرطبي: (12/276)، والخفاء:(2/36) .
(3)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/168)، ومسلم في:(المساجد، ح/285) ،
والترغيب: (1/212)، وابن خزيمة:(1496)، والمشكاة:(698)، والقرطبي:(12/276) ،
والحلبة: (3/229) .
(4)
صحيح، متفق عليه. رواه للبخاري (1/166)، ومسلم في: (المساجد، باب"49"، ح/
272) ، وأبو داود في:(الصلاة، باب"49")، وابن ماجة:(ح/786، ول 7، 790) ،
والدارمي: (1/292)، والطبراني:(8/41)، وابن حبان:(431)، وإتحاف:(3/14)، والكنز:
(20217،20219، 20222) وابن كثير: (6/69)، والقرطبي:(1/250) .
وفي كتاب الأحكام للحافظ ابن علي الطوسي وحسنه:"من حين يخرج
أحدكم من بيته إلى مسجده فرجل تكتب درجة وأخرى تمحو سيئة"، ولما
سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث أبي معشر عن سهيل عن أبي هريرة-
يعني: هذا الحديث- فقال: هذا خطأ ليس هو عن سهيل، وفي كتاب
الثواب لآدم حتى يدخل المسجد، وفي لفظ:"فرجل تكتب حسناته ورجل
تمحو سيئاته"، وفي كتاب ابن زنجويه من حديث الحارث بن عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنه مرفوعا:"ما من أحد يغد
ويروح إلى المسجد ويؤثره على ما سواه إلّا وله عند الله نزل يعده له في الجنة
كلما غدا أو راح" (1) كما لو أنّ أحدكم زار من يجيب زيارته إلّا اجتهد له
في كرامة بين حديث سهيل عن أبيه عنه:"إذا توضأ العبد المؤمن أو المسلم
فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة لينتظر إليها بعينه مع الماء أو مع
آخر قطر الماء أو نحو هذا، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة
بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب " (2)
وبين حديث العلاء عن أبيه:"ألا أخبركم بما/يمحو الله به الخطايا، ويرفع به
الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطأ إلى المساجد" (3) .
حدثنا أبو مروان الهمداني محمد بن عثمان، ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن
شهاب عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة عن أبي هريرة. قال رسول الله
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(1/29) من حديث عتبة بن عبد، وعزاه
إلى أحمد، والطبراني في"الكبير"، وفيه يزيد بن زيد الجرجافي لم يرو عنه غير محمد بن
زياد، وبقية رجاله موثقون.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/32) ، وأحمد (3/302) ، والترمذي (32) ،
والبيهقي (1/81) ، وابن خزيمة (4) ، وشرح السنة (1/322) ، والموطأ (32) ، وابن كثير (3/
56) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/135) ، وللترغيب (1/151) ، والكنز (26823) ، وإتحاف
(2/375) ، والعقيلي (3/134) ، والتمهيد (4/30، 31) .
(3)
صحيح. رواه النسائي في (الطهارة، باب "106") ، وأحمد (2/303) والبيهقي (1/
82) ، والتجريد (348) ، والمنثور (2/114) ، وابن كثير (2/170) ، وشرح للسنة (1/320) ،
والبغوي (1/472) ، وللسير (1/533) ، وإتحاف (2/374) ، وحبيب (1/24) ، وأبو عوانة (1/
231) .
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون،
وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (1) . هذا حديث
خرجه الأئمة الستة في كتبهم، وفي لفظ عندهما:"وعليكم السكينة
والوقار ولا تسرعوا"، وفي لفظ لمسلم (2) :"صل ما أدركت واقض ما
سبقك"، ورواه أحمد (3) عن ابن عينية عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي
هريرة بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا"، ورواه مسلم عن ابن أبي شيبة، وزهير
عن ابن عيينة:"يدرجا فيما قبله"على لفظ يونس بن يزيد عن الزهري،
ولم يذكر لفظه:"واقضوا"، ورواه أبو داود (4) من طريق سعد بن إبراهيم
عن أبي سلمة " فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم "، قال أبو داود: كذا
قال ابن سيرين عن أبي هريرة:"وليقض"، وكذا قال أبو رافع عنه، وأبو
ذر روى عنه: "فأتمُّوا واقضوا"(5) اختلف عنه، قال الدارقطني: وهم محمد بن
مصعب فيه فرواه عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أنس، ورواه أبو ثور عن
زكريا بن عدى عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي
هريرة، ولم يتابع عليه، ورواه خلاد بن يحيى عن سفيان عن الأعمش عن
سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه عن أبي هريرة قال: وذكر
الأعمش فيه وهم، ويشبه أن يكون سعد بن إبراهيم حفظه/عن أبي سلمة
وعن عمر أبيه، ولفظ شعبة عند البيهقي عن سعد عن أبي سلمة:"واقضوا
ما سبقكم"، قال: ورواية ابنه عنه سمع بمتابعة الزهري إياه أصح، وكذلك
رواه محمد بن عمر عن أبي سلمة، وقال ابن الجوزي: فأتموا، كذا رواه
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/9) ومسلم في (المساجد، ح/151) وأبو داود
(ح/572) ، والترمذي (327) ، وابن ماجة (775) ، وأحمد (2/270، 452) ، والبيهقي (2/
297، 4/228) ، وعبد الرزاق (3102، 3404) وابن خزيمة (1772،1505) ، وشرح السنة
(2/316) والمشكاة (686) ، ونصب الراية (2/200) ، والكنز (20017) ، وابن كثير (8/
146) ، وتلخيص (2/28) ، ومعاني (1/396) .
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/154) ، والبيهقي (2/298) ، والمجمع (2/76) ،
وأبو عوانة (2/84) ، والفتح (2/118، 268، 269) .
(3)
صحيح. رواه أحمد (2/270، 452) ، والتمهيد (7/71) ، والحميدي (935) .
(4)
صحيح. رواه أبو داود: (ح/573) .
(5)
المصدر السابق.
الزبيري، وإبراهيم، وابن أبي ذئب، وسر عن الزهري، وأما شعيب عنه ففي
رواية كما سبق، وفي أخرى:"فاقضوا"، وكذلك رواه ابن سيرين، وأبو رافع
عن أبي هريرة، وقال أبن عينية عن الزهري:"فاقضوا"، قال: وقال محمد بن
عمرو عن أبي سلمة، وجعفر بن ربيعة عن الأعرج:"فأتموا"، وابن مسعود،
وأبو قتادة عن أنس عن النبي- عليه السلام كلهم قالوا:"فأتموا"، وفي
كتاب التمييز لمسلم: أخطاْ في هذه اللفظة، وكذا ذكره عنه البيهقي، وفيه
نظر؛ من حيث أن مسلما خرج في صحيحه:"واقض ما سبقك"، وقد
وجدنا لابن عينية عن الزهري متابعا على هذه اللفظة أيضا، وهو ما رواه أبو
نعيم عن عبد الله بن جعفر، ثنا يونس، ثنا أبو داود، ثنا ابن أبي ذئب عن
الزهري ولفظه:"فاقضوا"، وفي مسند أبي قرأ ذكر ابن جريح أخبرت عن
الزهري عن أبي سلمة عنه بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا"، قال: وذكر سفيان
عن سعد بن إيراهيم، حدثني عمر بن أبي سلمة عن أبي سلمة عنه، ولفظه:
"وليقض ما سبقه"، ورواه ابن عينية عند الدارمي وغيره:"فأتموا"فخرج
بهذا من أن يغلط.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا زهير بن محمد بن
عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري: أله
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ألا أدلكم على ما يكفِّر الله/به الخطايا، ويزيد
في الحسنات قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره،
وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة" (1) ، هذا حديث في
إسناده ضعف؛ للاختلاف في حال ابن عقيل، ولفظ ابن عدي في كامله:
(1) صحيح رواه بن ماجة (ح/776) ، والكنز (44262) وابن المبارك في الزهد (138) وإتحاف
(10/23) ، وابن خزيمة (177) وان كثير في "التفسير"(2/171)
والترغيب (1/
198،211،284،284،285) ومطالب (83) وأحمد (2/235) وصححه الشيخ الألباني
(2)
حسن رواه أبو داود (ح/561) والترمذي (ح/223) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه مرفوع هو مسند وموقوف إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسند إلى
وقال محمد هذا ضعيف، وذكره أيضا في ترجمة عبد الحكم بن عبد الله
القسلمي عن الباجي، وزعم أن عبد الحكم منكر الحديث، ولفظ أبي يعلي
عنه: " بالنُّور التام يوم القيامة ". حدثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر،
ثنا شعبة عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: " من سره
أن يلقى الله عز وجل مسلمَا فليحافظ على الصلوات الخمس حيث ينادي بهن
فإنهنّ من سنن الهدى، وأن الله شرع لنبيكم- صلى الله عليه وآله وسلم
سنن الهدى، ولعمري وأنّ ذلكم صلّى في بيته لتركتكم سنة نبيكم ولو تركتم
سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأينا وما نتخلف عنها إلّا منافق معلوم النفاق، ولقد
رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يدخل في الصف، وما من رجل يتطهَّر
فيحسن الطهور فيعمد إلى المسجد فيصلى فيه فما يخطو خطوة إلّا رفعه الله
بها درجة أو حط بها خطيئة " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواية
أبي إسحاق إبراهيم بن مسلم العبدي الكوفي، ثم الهجري نسبة إلى أبي هجر،
ومعناها البهرية القرية، والقصور الملتفة، وهى قرية مأرب القديمة. كذا ذكره
ابن أبي المدينة، وقال اليعقوبي: حي مدينة/البحرين وقال القالي وقال بعضهم:
الهاجري نسبة إلى هجر بالألف واللام، قال الرشاقي: وليس هذا القوي
بمرضي، قال البكري: سميت بهجر بيت مكتف من العماليق، وقال الزجاجي
في مختصر الكتاب الزاهد: وكانت سها، وفي كتاب البلدان للكلبي: كانت
هجر من العرب المتعرة وهي زوج محكم بن عبد الله صاحب النهر الذي
بالبحرين الذي يقال له: نهر محكم، وقال الحازمي: هي قصة بلاد البحرين
بينها وبن بئرين سبعة أيام، وقال ياقوت: هجر اسم ليمثل جميع نواحي
البحرين كما يقال: الشّام والعراق، وهى أيضَا قرية كانت قرب المدينة، وهي
النبي صلى الله عليه وسلم. وابن ماجة (ح/781) ، والترغيب (1/212) ، وشرح السنة (2/358) ،
والمجمع (2/30) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه العباس بن عامر للضبي ولم أجد من
ترجمه، وبقية رجاله ثقات. وعبد الرزاق (5999) ، والكنز (2860284،28702،202) .
(1)
إسناده ضعيف. رواه النسائي (08/12) ، والترغيب (1/260) ، والمجمع (2/39) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط " من طريق رحلة مولاه عبد الملك عن ابن عمر، ولم أجد من
ترجمها. والكنز (20275) ، وتنزيه (2/207) ، والفوائد (123) ، والإرواء (2/255) .
أيضا قرية باليمن بينها وبين عمر يوم وليلة، وفي كتاب البلدان للزمخشري:
هجر من البحرين بغير ألف وتصدن ولا تصدن، والهجر أيضا موضع بالألف
واللام، وفي كتاب ابن سيده هجر مدينة تصرف ولا تصرف، قال سيبوية:
سمعنا من العرب من يقول: مخالب الممرات هجر، والنسب إليه هجري على
القياس، وهاجري على غير قياس، قال: قرئت غارة أو صنعت فيما كسح
الهاجري حريم نمر، وفي الصحاح هجر اسم بلد مذكر مصروف، والنسبة إليه
هاجري على غير قياس، وفيه قيل: هاجري، وقال القزاز: هو معرفة لا تدخله
الألف واللام، وإياه أراد الشاعر مثل: القيامة هذا حوق قد بلغت نجران أو
بلغت سوائهم هجر فإنّه وإن كان الحاكم قد قال لم يسقم عليه بحجة، وليس
بالمتروك إلا أن الشيخين لم يحتجا به، وقال الأزدي: كان صدوقا، ولكنه
وقّاع كثير الوهم، وقال ابن عدي: وأحاديثه عامتها مستقيمة المتن، وإنما أنكروا
عليه كثرة روايته عن/أبي الأحوص عن عبد الله، وهو عندي ممن يكتب
حديثه وخرج الحافظ أبو بكر بن خزيمة حديثه في صحيحه فقد قال فيه
النسائي: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ضعيف ليس بشيء، وفي كتاب ابن
أبي خيثمة: ليس حديثه بشيء، وقال ابن المديني عن أبيه: قال سفيان: كان
الهجري يحفظ حديثين ما هو فيه، قال: وسمعت أبي يقول: لا أُحدث عن
الهجري بشيء كان رفاعا وضعفه، وقال مرة عن ابن عيينة: كان الهجري
ليسوق الحديث بسياقه جيدة على ما فيه، وقال الرمادي عنه: رأيه، وقد
أقاموه في الشّمس يستخرج منه شيء وكان يلعب بالشطرنج، وقال المزي: عنه
كان إبراهيم ضعيفا وقال عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عنه: أتيته فدفع إلي
عامة كتبه ترجمت الشيخ فأصلحت له كتابه قلت هذا عن عبد الله، وهذا
عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عن عمرو، وقال أبو حاتم الرازي: لين الحديث ليس
بقوي، وقال أبو بكر الرازي: رفع أحاديث أوقفها غيره، وقال أبو أحمد
الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال أبو موسى: ما سمعت يحيى يحدث عن
سفيان عن الهجري، وكان عبد الرحمن يحدث عن سفيان عنه، وقال ابن
سعد: كان ضعيفا في الحديث، وقال الحربي في علله: فيه ضعف وأستغفر الله
تعالى من ذلك، وقال علي بن الجنيد: متروك، وذكره أبو عبد الله الجعفي في
كتاب الضعفاء تأليفه، وكذلك العقيلي، وسئل عنه أحمد، وهو يحدث عه
فقال: قد روى عنه شعبة، وقال البرقي في كتاب الطبقات: كان ضعيفا، ولما
ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء قال: قال أبو الحسن: هو كوفي يكتب
حديثه وفيه ضعف، وفي موضع آخر هو ضعيف،/وقال أبو داود: قال
يحيى بن سعيد: كان الهجري ليسوق الحديث سياقة جيّدة، وذكره يعقوب
في جملة من يرغب الرواية عنهم، وردّ به البيهقي وأبو عمرو بن حزم،
والحافظ ضياء الدين المقدسي، وابن طاهر في التذكرة، وأبو الفرح في التحقيق،
وأبو محمد الإشبيلي، وأبو الحسن بن القطان غير حديث، وقد وقع لنا هذا
الحديث من طرق صحيحة سالمة من الضعف رواها مسلم في صحيحه عن
أبي بكر.
حدّثنا محمد بن بشر، ثنا زكريا بن أبي زائدة عن عبد الملك بن عمير عن
أبي الأحوص، وعن أبي بكر، ثنا أبو نعيم، ثنا أبو العميس عن علي بن الأقمر
عن أبي الأحوص بزيادة: " ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا
المتخلِّف في بيته لتركتم سنة نبيكم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علّمنا سنن الهدى،
وإنّ من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذِّن فيه "، وعند أبي داود (1) :
" ما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته "، وفيه: " ولو تركتم سنة نبيكم
لكفرتم "، وفي كتاب النسائي (2) : " وأنى لا أحب منكم أحد إلّا وله مسجد
يصلى فيه في بيته " وفيه: " ولقد رأينا نقارب بين الخطأ "، وفيه: " ويرفع له
بها درجة من غير شك "، والله تعالى أعلم.
حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم الشقري، ثنا الفضل بن الموفق
أبو الجهم، ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري. قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم أني أسألك بحق
السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا
رياء، ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تعيذني/
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/550) .
(2)
رواه النسائي في: (1 لإِمامة: باب " 50 ") .
من النار، وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه
بوجهه، واستغفر له سبعون ألف ملك " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف؛
لضعف رواية أبي الحسن عطية بن سعد عن جنادة الحدني للقيسيي الكوفي
العوني، وإن كان المزي حسّن له أحاديث، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء
الله تعالى، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به، فقد قال فيه
الإمام أحمد: ضعيف والخدري بلغني أَفه كان يأتي الكلبي ويسأله التفسير
وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد، وكان هشيم يتكتم فيه وقال
أبو زرعة: ليّن، وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه، وقال ابن عدي: وهو
مع ضعفه يكتب حديثه، وكان سعد من شرحه أهل الكوفة، وقال السعدي:
كان مائلَا، وضعّفه الثوري، وقال الكوفي: تابعي وليس بالقوي، ولما ذكره
الأصمعي في حكايات المجموعة عنه قال: هو من عدوان بن قيس غيلان بن
مضر كان يتشيع، ومات زمن الحجاج، وخالف ذلك المستملي؛ فذكر أنه توفي
سنة إحدى عشرة ومائة، وقال النسائي: هو ضعيف، وقال ابن حبان: سمع
من الخدري أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي فإذا قال الكلبي: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: حفظ ذلك ورواه عنه، وكنّاه أبا سعيد فيظن أنه أراد الخدري
وإنما أراد الكلبي لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب، وقال يحيى بن
سعيد: هو وأبوهما هارون وبشر بن حرب عندي سواما وقال أبو خالد
الأحمر: قال لي الكلبي: قال لي عطية: لينبئك أبا سعيد فأنا أقول/ثنا أبو
سعيد، وقال البزار: كان يغلو في التشيع، روى عه جلّ الناس نحو من أربعين
رجلَا فيهم نحو ثلاثين جليل، وقال الحربي: غيره أرمق منه، وقال الساجي:
ليس حديثه بحجة، كان مقدم عليا على الكل، وقال العقيلي: كان ضعيفَا،
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ج/778) في للزوائد: هذا إسناده مسلسل بالضعفاء. عطية
وهو العوفي، وفضيل بن مرزوق، وللفضل بن الموفق كلهم ضعفاء. لكنه رواه لبن خزيمة في
صحيحه من طرق فضيل بن مرزوق، فهو صحيح عنده. وأحمد (3/21) ، والكنز (4977) ،
وإتحاف (5/89، 90) ، واين السني (83) ، والميزان (4384) ، والمنثور (2/36) ، والمغني عن
حمل الأسفار (1/326) ، والترغيب (2/458) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/168) ، والضعيفة (24) ، والتعليق الترغيب (1/131)
وقال ابن معين: هو ضعيف، وإنما الفضل بن الموفق فهو، وإن كان الرازي قال
فيه: كان شيخًا صالحَا ضعيف الحديث، فقد وثقة البستي، ورواه أبو نعيم
الفضل في كتاب الصلاة عن فضل بن مرزوق عن عطية قال: حدثني أبو
سعيد الخدري فذكره موقوفًا، وذكره أبو الفرح في علله من حديث عبد الحكم
السدوسي عن أبي الصديق عنه، وضعفه بالسدوسي.
حدثنا راشد بن سعيد بن راشد الرملي، ثنا الوليد بن مسلم عن أبي رافع
إسماعيل بن رافع عن سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المشاؤون إلى المساجد في الظلم أولئك الخواضون في
رحمة الله تعالى " (1) . هذا حديث ضعيف الإسناد، لضعف أبي رافع
الأنصاري القاس المزني البصري، فانه وإن قال فيه البخاري: ثقة مقارب
الحديث، وقال عبد الله بن المبارك فيما حكاه عنه سفيان بن عبد الملك: ليس
به بأس، ولكنه وإبراهيم بن عيينة يحمل عن هذا، وعن هذا ويقول: بلغني
نحو ذلك، وصحح الحاكم حديثه، وقال الساجي: صدوق لين في الحديث
يهم، فقد قال أبو طالب: سألت الإمام أحمد عنه فقال: ضعيف الحديث،
وفي رواية حنبل عنه: منكر الحديث في حديثه ضعف، لم أسمع يحيى ولا
عبد للرحمن حدثنا عنه بشيء قط، وقال/الترمذي: ضعفه بعض أهل العلم،
وقال الفلاس: منكر الحديث، وفي موضع آخر في حديثه، وقال النسائي:
متروك الحديث، وفي موضع آخر: ضعيف، وفي آخر: ليس بثقة، وفي آخر:
ليس بشيء، قال ابن خراش والدارقطني: متروك، وقال يحيى بن معين في
رواية عباس: ليس بشيء، وفي رواية ابن الجنيد، ومعاوية بن صالح،
وإسحاق بن منصور: ضعيف، وقال ابن عدي: أحاديثه كفها فيها نظر إلا أنه
يكتب حديثه في جملة الضعفاء، وذكره الفسوي في باب من يرغب عن
(1) ضعيف. رواه. ابن ماجة (ح/709) والترغيب (1/213) ، ورواه ابن عدى في " للكامل "
(1/279) ، والعلل المتناهية (9/401) ، والكنز (20236) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف لبن ماجة (ج/169) ، والتعليق الترغيب (03/11) ، والضعيفة
(2059)
، وضعيف الجامع (5936) .
الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم بإسماعيل بن رافع، وابن أبي
الأحصر، وطلحة بن عمر وليسوا بمتروكين، ولا يقوم حديثهم مقام الحجة،
وقال ابن سعد: مات بالمدينة قديمَا، وكان كثير الحديث ضعيفا، وهو الذي
روى حديث الصور، وقال علي بن الجنيد: متروك الحديث، وقال العقيلي:
ليس بشيء قال أبو حاتم الرازي: هو منكر الحديث، وفي موضع آخر:
ضعيف، وقال أبو عمر في كتاب الاستغناء: هو ضعيف عندهم جدَا منكر
الحديث ليس بشيء، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء ذكر أن أبا
الحسن قال فيه: ضعيف الحديث، وقال الحربي: غيره أوثق منه، وقال
الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ليس بشيء قال أبو داود: سمع من
الزهري فذهبت كتبه، فكان إذا روى كتابَا قال: هذا قد سمعه، وقال أبو
محمد بن حزم: لا يحتج به، وقال أبو أحمد الحاكم في كتاب الكنى: ليس
بالقوي عندهم، وقال محمد بن أحمد بن محمد المقدمي فيما حكاه ابن
عساكر أبو رافع ليس بالقوي، وقال أبو بكر الخطيب: كان ضعيفا، وقال
البزار: لم يكن ثقة ولا حجة، وقال ابن القطان: تركه/جماعة من أهل العلم.
حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، ثنا يحيى بن الحارث الشيرازي، ثنا زهير بن
محمد التميمي عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بنور تام يوم القيامة "(1) ، هذا
حديث إسناده صحيح، وخرجه الحاكم في مستدركه ولم يحكم عليه بشيء
ولا التفات إلى قول ابن الجوزي إذ رده بزهير المخرَج حديثه عند الشيخين
إبراهيم، فوثقه ابن حبان ويحيى، قال الحاكم: كان ثقة، وكان عبد الله بن
داود يثنى عليه، والباقون فلا تسأل عنهم. حدثنا مجزأة بن سفيان بن أسيد
مولى ثابت البناني، ثنا سليمان بن داود الطائفي عن ثابت البناني عن أنس بن
مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم
القيامة " (2) . هذا حديث لا بأس بسنده، وذكره ابن الجوزي في علله من
(1) تقدم ص 1290.
(2)
تقدم ص 1290.
حديث مجزأة بن سفيان، وسليمان بن داود الصابع قال: وهما مجهولان،
وذكره آدم عن روح عن أبان بن أبي عباس عنه بلفظ: " من مشا إلى
المسجد كان له لكل خطوة عشر حسنات " (1) ، وفي الباب أحاديث منها
حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد
بالنور التام يوم القيامة ". رواه الترمذي (2) فقال: حديث غريب من هذا الوجه
مرفوع صحيح، وموقوف إلى أصحاب النبي ولم يسم النبي- عليه السلام
وقال الدارقطني: تفرد به إسماعيل بن سليمان الضبي الكحال عن عبد الله بن
أوس، وكذا قاله الطبراني، وقال ابن الجوزي: فيه مجاهيل، وصححه
الأشبيلي/لسكوته عنه، واعترض عليه ابن القطان بأن في سنده عبد الله بن
أوس، وهو مجهول لا يعرف روى عنه غير الكحال، ولا يعرف له رواية عن
غير بريدة هذا الحديث خاصة، وحديث عمر بن الخطاب قال: أن النبي-
عليه السلام قال: " اقصروا خطاكم، واقصروا من أقدامكم، والذي نفسي
بيده لا يتوضأ عبد فيحسن الوضوء، ثم خرج يريد ما بعث الله تعالى في
كتابه إلا كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحي عنه بكل خطوة سيئة، ورفع
له بكل خطوة درجة " (3) ، ذكره آدم بن أبي إياس العسقلاني في كتاب
الثواب من تأليفه عن بكر بن عبد الله عن مكحول عنه، وحديث أنس بن
مالك مرفوعا: " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم
القيامة " (4) . قال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن ثابت البناني إلا داود بن
سليمان تفرد به ابنه سليمان مؤذن مسجد ثابت، وحديث حطيم الحراني قال
عليه السلام: " بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم
القيامة " (5) ، ذكره أبو موسى من حديث خالد بن يزيد الهداري، ثنا أشعث
(1) الكنز: (29332) .
(2)
تقدم ص 1290.
(3)
بنحوه. أورد. للهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/29) من حديث أبي هريرة، وعزاه إلى
" أبو يعلى " وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو ضعيف.
(4)
تقدم ص 1290.
(5)
تقدم ص 1290.
الحراني عنه وقال: ذكره ابن أبي علي في الحاء، وأورده غيره في الخاء
المعجمة، وحديث أبي أمامة يرفعه: " ليبشر المدلجون في الظلم إلى المساجد
بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون " (1) ، سأل ابن أبي حاتم أباه
عنه فقال: إنما هو سلمة القيسي عمن حدثه عن أبي أمامة، وبعضهم يقول:
عن رجال من أهل بيته عن أبي أمامة، ورواه ابن زنجويه من حديث مسلم
الثعلبي قلت: يا أبا أمامة لقيت رجلًا فحدثني عنك إنك حدثته أن نبي الله-
صلى الله عليه/وآله وسلم- قال: " ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم
يمشى إلى صلاة جماعة إلا غفر الله له ذلك اليوم، ما مشت رجلاه وقبضت
عليه يداه، واستمعت إليه أذناه، ونظرت إليه عيناه، ونطق به لسانه، وحدث به
نفسه من السوء أنت " سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فحلف بالله
الذي لا إله إلا هو لقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصيه " (2) رواه ابن
زنجويه عن أبي نعيم، ثنا أبان بن عبد الله عنه، وعن أبي داود من حديث
الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث الدريادي عن القاسم بن أبي أماه
مرفوعا: " من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج
المحرم " (3) ، وحديث علي يرفعه: " إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال
الإِقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا " (4) .
خرجه ابن زنجويه من حديث الحارث بن عبد الرحمن عن أبي العباس عن ابن
المسيب عنه، وحديث سليمان بن أحمد الواسطي عن الوليد بن مسلم عن
ابن نفيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه يرفعه: " بشر
(1) العلل: (543) .
(2)
بنحوه. رواه الحاكم (2/399) والترغيب (1/157) والكنز (0293،218981) .
(3)
صحيح. الترغيب (1/213، 465) ، والكنز (18961) ، والبيهقي (3/63) ، والقرطبي
(12/276) .
(4)
صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع للزوائد "(2/36) ، وعزله إلى أبو يعلى، والبزار،
ورجاله رجال الصحيح، وزاد البزار في أوله:" ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا "،
وزاد في أحد طريقيه رجلا وهو أبو العباس غير مسمى، وقال: إنه مجهول، قلت: أبو العباس
بالياء المثناة آخر الحروف وللسين المهملة.
المشائين في الظلم إلى المساجد
…
" الحديث، قال ابن عدي: لم أسمع أحد
يذكره عن سليمان غير عبدان، وقال البخاري: في سليمان نظر، وحديث
سليمان يرفعه من هذا إلى صلاة الصبح أعطي ربع الإِيمان- سأل عبد الله أباه
عنه فقال: هذا حديث منكر، وقال الدارقطني: رواه عنبس، وهو متروك
ذاهب الحديث، وحديث عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم/
يقول: " من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاها مع
الإمام، غفر له ذنبه " (1) . رواه ابن زنجويه من حديث ابن لهيعة عن ابن أبي
حبيب عن نافع بن جبير بن مطعم، وعبد الله بن أبي سلمة عن معاذ بن عبد
الرحمن التيمي عن حمران عنه، وحديث عقبة بن عامر: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا تطفر الرجل ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه
أو كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات، والقاعد مبرعَا
الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلِّين من حين يخرج من بيته حتى يرجع " (2) .
قال الحاكم عند تخريجه: صحيح على شرط مسلم، وخرجه الخلال في علله
من حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل عنه يرفعه: " هلاك أمتي في اللين " قيل:
يا رسول الله، وما اللين؟ قال " يحبون اللين، ويدعون الجماعات والجمع،
ويندون " (3) . قال أبو وائل: لم أسمع من عقبة إلا هذا الحديث، قال أبو
عبد الرحمن: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة
بمثله، وحديث معاذ مرفوعا: " ومن غدا إلى المسجد أو راح كان ضامنا
على الله عز وجل " (4)، قال الحاكم بعد تخريجه: هذا حديث رواية بصريون
ثقات ولم يخرجاه، وحديث عائشة مرفوعا: " بشر المشائين إلى المساجد في
الظلم بالنور التام " (5) رواه أبو القاسم في الأوسط، وقال: لم يروه عن عطاء
(1) ضعيف. رواه أحمد (1/ 67، 71) والترغيب: (07/21) . في إسناده ابن لهيعة.
(2)
صحيح. رواه الحاكم (1/211) ، والبيهقي (3/63) ، والكنز (18954) ، وأحمد (4/
157) ، وابن حبان (421) ، والمجمع (2/29) ، وعزاه لدى أحمد، والطبراني في " الكبير "،
و" الأوسط "، وفي بعض طرقه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه الحاكم.
(3)
ضعيف. جامع المسانيد: (2/ 568) .
(4)
له كثر من موضع فيما سبق.
(5)
ضعيف. رواه أبو داود (ح /563) .
عن عائشة إلا الحسن بن علي السروري تفرد به قتادة بن الفضل بن قتادة،
وحديث سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " من توضأ / في بيته فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد يصلى في
جماعة المسلمين لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب الله له بها حسنة، ولم يضع
رجله الشمال إلا حط الله عنه ما خطيئة فليقرب أو ليبعد، وإذا صلى بصلاة
الإمام انصرف وقد غفر له، فإن أدرك بعضًا وفاته بعض كان كذلك، وإن
أدرَك الصلاة، وقد صليت فأتمّ صلاته ركوعها وسجودها كان كذلك ". رواه
أبو داود (1) من حديث معبد بن هرمز، وهو مجهول الحال لم يرو عنه غير
يعلى بن عطاء فيما رأيت. انتهى. رويناه في كتاب الثواب لأدم موصولًا من
حديثه عن روح، ثنا أبان بن أبي عباس عنه، ولفظ: " من مشى إلى المسجد
كان له بكل خطوة عشر حسنات " (2)، وحديث عمر بن الخطاب قال:
" جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بشِّر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بنور
تام يوم القيامة " (3) . ذكره عبدان من حديث علي بن ثابت عن الوزاع بن
نافع وهما ضعيفان، وحديث أبي الدرداء عن النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- أنه قال: " من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد أتاه الله نورًا يوم
القيامة " (4) . ذكره أبو عبد الله في تاريخ نيسابور من حديث زيد بن أبي
أنيسة، وهو ضعيف، قال أبو القاسم في الأوسط: تفرد به زيد. انتهى كلامه،
وفيه نظر؛ لما ذكره هو بعد.
حدّثنا أبو زرعة؛ ثنا عبد الله بن جعفر الرمي، ثنا عبيد الله بن عمرو عن
جنادة بن أبي خالد عن مكحول عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء
قال- عليه السلام: " من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد أتاه الله تعالى
(1) ضعيف. الكنز: (29332) . في إسناده الوازع بن نافع.
(2)
له كثر من موضع سابق انظر ص 1282.
(3)
ضعيف. رواه ابن حبان (423) والمنثور (3/217) والكنز (20288) والحلية (2/12)
والمتناهية (1/410) والمجمع (2/30) وعزا هـ إلى الطبراني، وفيه جنادة بن أبي خالد ولم أجد
من ترجمه، وبقية رجاله ثقات.
(4)
المصدر للسابق.
نورًا يوم القيامة " (1) . ومن حديث إسماعيل بن أبي خالد/عن قيس بن أبي
حازم قال: سمعت أبا الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من يكن
المسجد بيته ضمن الله له الروح والرحمة والجواز على الصراط إلى الجنة " (2) ،
وقال: لم يروه عن إسماعيل إلا عمرو بن جرير، ورواه أبو نعيم في كتاب
المساجد من حديث إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن ابن واسع عن ابن أبي
الدرداء عنه، قال: واسم أبيه بلال، وروى قتادة وإسماعيل عن رجل عن أبي
الدرداء راوي كتاب النوائب لآدم، ثنا أبو بكر عن أبي حفص عن سعيد بن
عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عنه موقوفا: " من لم يغد الغدو والرواح إلى
المساجد في سبيل الله فقد قبل عمله " (3) ، وفي العلل المتناهية: " المساجد
بيوت الله في الأرض
…
" الحديث (4)، وقال: المحفوظ مرسل، وحديث أبي
أمامة الباهلي يرفعه: " من مشى إلى صلاة مكتوبة وهو متطهر فأجره كأجر
الحاج المحرم، ومن مشى إلى تسبيح الضحى كأجر المعتمر رجلاه على إثر
رجلاه لأبقو بينهما كتاب في عليين " (5) . قال أبو القاسم في الأوسط: ورواه
الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحرث عن القاسم عنه لم يروه عن يحيى
مسند التمام إلا الهيثم، وذكره ابن زنجويه في كتابه موقوفا بلفظ: " أقسمت
لكم بالله أنّ من خير أعمالكم الغدو والرواح إلى المساجد ". وحديث زيد بن
ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان يقارب بين الخطى إلى المساجد "، وقال:
" إنما فعلته ليكثر خطاي "(6)، قال الرازي في علله: رواه جماعة عن ثابت
(1) العلل المتناهية: (1/411) .
(2)
لم نقف عليه.
(3)
صحيح. الكنز (20346، 20347، 20584) ، والمتناهية (1/411) ، والمجمع (2/7) ،
بلفظ: " المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل
الأرض "، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله موثقون.
(4)
رواه الطبراني (07/28) وشرح السنة (2/357) والحاوي (1/67) .
(5)
ضعيف جدا. رواه الطبراني (5/126) ، والمطالب (489) ، والكنز (21629) ، والميزان
(3945)
، ترجمة: الضحاك بن نبراس، بصري، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي:
متروك، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وخرج له البخاري في كتاب الأدب.
(6)
الكنز: (29332) .
عن أنس عن زيد فلم يوصله أحد إلى الضحاك، وهو لين الحديث، وتابعه
محمد بن ثابت العبدي/وليس بقوي، والصحيح موقوف. انتهى، ورويناه في
كتاب الثواب لآدم موصولا من حديثه عن روح، ثنا أبان بن أبي عباس عنه،
ولفظه: " من مشى إلى المسجد كان له بكل خطوة عشر حسنات ". قال
أبو عيسى: اختلف الناس في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا
خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم انه كان يهرول إلىَ الصلاة،
ومنهم من كره الإسراع، وبه قال أحمد وإسحاق، قال إسحاق: إن خاف
فوت التكبيرة الأولىَ فلا بأس أن يسرع في المشي.
132- باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن عبد
الرحمن بن مهران عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي هريرة، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا "(1) . هذا حديث خرجه أيضا
عبد الله من حديث يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب ثم قال: صحيح، رواته
مدنيون ويحيى هو الإمام في انتقاد الرجال، ولم يخرجاه إذ لم يرضاه بغير هذا
الإسناد، ورواه أحمدَ في مسنده، وشرطه معروف، وفي البخاري تعليقاً، وقال
أبو هريرة: " إن أعظمكم أجرًا أبعدكم دارًا، قيل: يا أبا هريرة، لِمَ؟ قال:
لأجل كثرة الخطا ". حدثنا أحمد بن عبيدة، ثنا عباد بن عباد المهلي، ثنا
عاصم الاً حول عن أبي عثمان النهدي عن أبى بن كعب قال: " كان رجل
من الاً نصار بيته أقصى بيت في المدينة وكان لا تحطهً الصلاة مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: فتوجعت له فقلت: يا فلان لو أنك/اشتريت حماراً تتقيك
الرمضاء، ويرفعك في الوقع، ويقبل هوام الاً رض فقال: والله ما أحب أن بيتي
يطنب بيت محمد صلى الله عليه وسلم، قال فحملت به حملًا حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فذكرت ذلك له، فدعاه فسأله، فذكر له مثل ذلك، وذكر أنه يرجو في أبرد
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن لك ما احتسبت "(2) ، هذا حديث خرجه مسلم
بلفظ: إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى
أهلي فقال- عليه السلام: " قد جمع الله لك ذلك كله أجمع "(3) . حدثنا
(1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/782) .
وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح. روا هـ ابن ماجة (ح/783) . وصححه الشيخ الألباني.
(3)
صحيح. رواه مسلم: (278)، وأحمد:(5/133)، وابن خزيمة:(450، 1500)، والكنز:
(22813،5285) .
غريبه: قوله: " توجعت " أي: أطهرت أَله يصيبني الألم مما يلحقه من المشقة ببعد الدر،
و" الرمض ": الاحتراق بالرمضاء. و" الوَقَع " في النهاية- هو بالتحريك- أي تصيب-
أبو موسى محمد المثنى، ثنا خالد بن الحرث، ثنا حميد عن أنس بن مالك
قال: أرادت بنو سلمة أن تتحول من ديارهم إلى قرب المسجد، فكره رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يعدوا المدينة فقال: " يابني سلمة ألا تحتسبون آثاركم قط؟
فأقاموا " (1) . هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه، وفي لفظ عند
الرازي: " يعدوا المسجد "، وضعفه، وقال: الصواب المدينة. حدثنا علي بن
محمد، ثنا وكيع وإسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:
" كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد فأرادوا أن يقتربوا، فنزلت:
(نكتب ما قدّموا وآثارهم) قال:. فثبتوا " (2) ، هذا حديث مسند في
الاصطلاح الحديثي، وسنده صحيح، وزاد عبد بن حميد في تفسيره: " فقالوا:
بل نثبت مكاننا "، وقد رواه أيضًا أبو سعيد الخدري بلفظ: " شكت بنو
سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى: (ونكتب ما
قدموا) " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " منازلكم فإنّما تكتب آثاركم " (3) ، أخيرنا/به
المسند الفقيه فتح الدين الحوري- رحمه الله عن أبي الحسن بن أبي عبد
الله بن أبي الحسن- رحمه الله قال: أنبأنا أبو الفضل المنهي عن أبي الحسن
علي بن أحمد المفسر أنبأ الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين
الطبري أنبأ جدي أنبأ عبد الله بن محمد بن الشرقي، ثنا عبد الرحمن بن
بشر، ثنا عبد الرزاق أنبأ الثوري عن طريق ابن شهاب عن أبي نضرة عنه،
وقال أبو عيسى: ورواه عن محمد بن وريس عن إسحاق الأزرق عن الثوري،
الحجارة القدم فتوهنها. و" هوام الاً رض ": ما فيه من ذوات السموم. و" يطنب ":
الطنب- بضمتين- واحد أطناب الخيمة أي: ما أحب أن يكون بيتي مربوطا مشدودا بطنب
بيته صلى الله عليه وسلم. وقد يستعار الطب للناحية، وهو كناية عن القرب.
(1)
صحيح. رواه البخاري (3/29،1/167) ، وابن ماجة (ح/784) ، وأحمد (3/
106، 263) ، والبيهقي (3/64) ، والبغوي (3/6) ، والكنز (20247) ، وشرح السنة (2/353) ،
وابن أبي شيبة (2/207) .
(2)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/785) . في الزوائد: هذا موقوف. فيه سماك- وهو ابن
حرب- وإن وثقة ابن معين وأبو حاتم فقد قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال يعقوب بن
شيبة: روايته عن عكرمة- خاصة- مضطربة، وروا يته عن غيره صالحة.
(3)
حسن. جامع المسانيد: (2/653) . وقال الترمذي: حسن غريب.
وهذا حديث حسن غريب، ورواه الكشي في تفسيره فقال: عانين فيه ضعف
طريق وإن لم يضبط. ثنا قبيصة عن سفيان عن طريف عن أبيِ نضرة عن أبي
سعيد (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم) قال: الخطا
وآثارهم. فلو كان أبو سعيد رواه عن النبي لما وسعه خلافه، والله أعلم. ولفظ
البزار: فقال لهم النبي " احسبه " قال: " منازلكم منها تكتب آثاركم "(1) .
رواه عن ابن وزير الترمذي، وفي البخاري عن أبي موسى قال- عليه
السلام-: " أعظم الناس أجراَ في الصلاة أبعدهم ممشا "(2) ، وفي الأوسط
عن ابن عمر: " قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ميسرة المسجد قد عُطِّلت فقال: " من
عمر ميسرة المسجد كان له كفلاة من الأجرة " (3)، وقال: لم يروه عن نافع
إلا ليث بن أبي سليم، ولا عن ليث إلا عبيد الله بن عمرو. تفرد به عمرو بن
عثمان. وفي كتاب الثواب لآدم عن الحسن قال: أرادت بنو سلمة أن يعلمهم
النبي صلى الله عليه وسلم.. الحديث مرسل، رواه ابن المبارك بن فضالة عنه، وثنا المسعودي
عن عون بن عبد الله قال- عليه السلام: " قد كنت هممت أن أحول
رجالا ممن يلي المسجد/ممن لا يشهد الصلاة، ثم نظرت في ذلك إلى ديار
قوم أبعد منهم ممن لا يشهد الصلاة، فرأيت الأبعد فالأبعد أعظمهم أجرأ
فتركتهم " (4) ، وفي صحيح مسلم أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب
آثاركم " (5)، وفي لفظ: قال جابر: كانت ديارنا نائية عن المسجد فأردنا أن
(1) رواه أحمد (5/76، 6/65) ، وجامع المسانيد (2/653) .
(2)
صحيح. رواه البخاري (1/166) ، والبغوي (4/6) ، وشرح السنة (2/353) ، والمشكاة
(699)
، والكنز (20227) .
(3)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1007)، في الزوائد: في إسناده ليث بن أبي سليم،
ضعيف. والترغيب (1/323) ، وإتحاف (3/328) ، والكنز (20589) ، والمغني عن حمل
الأسفار (1/192) ، ومسند بن عمر (48) ، والموضوعات لابن القيسراني (755) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/210) ، والتعليق الرغيب (1/175) ، وضعيف
الجامع الصغير (5709) .
(4)
لم نقف على هذا اللفظ.
(5)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/280- 281) ، وأحمد (3/333) ، والمشكاة-
نبيع بيوتنا فتقرب من المسجد، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " إنّ لكم بكل
خطوة درجة غريبة الوقع " (1)، قال الهروي: هو أن تصيب الحجارة القدم
فتوهنها، يقال: دفعت أوقع وقعًا، وفي المثل: كل الحيدي الجبدى الحافي
الواقع، وفي المحكم: وقع الرجل والفرس وقعًا فهو وقع حين من الحجارة أو
الشوك، وقد وقعه الحجر، وحافر وقع وقعة الحجارة فقصت منه، وقدم موقعة
غليظة شديدة، وطريق موقع فذلك، ورجل موقع قد أصابه البلايا، وفي
الصحاح: الوقع بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل. عن أبي عمرو، والوقع
بالتحريك: الحجارة واحدتها وقعة، والوقع أيضَا الهبط، وفي الجامع: حفي من
مشيه على الحجارة، وقيل: هو أن يشتكي لحم رجليه من الحفا، والطنب حبل
الخيار، والجمع الطناب يقال حبل مطنب، ورواق مطب أي مشدّد بالأطناب،
قال أبو نصر في المحكم: هو حبل طويل يشد به البيت والسرادق بين الأرض
والطرائق، وقيل: هو الوتد (2) ، والجمع طنبة، قال القواريري: أحب أن يكون
شيء مشدودَا قريبا من بيته قال: والطنب طنب الخيار غيره، وهو الحبل يُشدّ/
إلي وتد، وسلمه واحدة السلم وهى شجر العضاة، قال أبو حنيفة: هو سلب
العبدان طولا يشبه القضبان، ليس له خشب وإن عظم، وله شوك دقاق طوال
خيار إذا أصاب رجل الإِنسان وله برمة أي زهرة صفراء، وكلّ شيء منها مر
وورقها مرّة يدبغ بها، وفي السلم قرب هذا المثل: " لأعضينكم عضب
السلمة "، وليس في العضاة أصلب عيدانا منها ومنه يقتطعون العصي، والغبط،
والأوتاد، والمبارم، وهو معزل ضخم، وقال غير أبي زياد: السلمة أطيب
العضاة ريحَا، وقال أعرابي: ليس شجرة أدرى من سلمة قال: ولم يوجد في
دبري سلمة مرد قط، ويجمع أيضًا أسلامَا، قال دوية كأنما حين أطلقا من
ذات إسلام عصيا سقفا، وقال بعض الرواة: أرض مسلمو: ما إذا كانت كبيرة
السلم، وفي كتاب اقتباس الأنوار: سلمة من السلام وهي الحجارة، وفي
(700) ، والكنز (20248) ، والمنثور (5/260) ، والطبري (22/100) ، وابن كثير (6/
552) والقرطبي (15/22) .
(1)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/279) ، والفتح (2/140) ، والكنز (20245) .
(2)
قوله: " الوتد " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
كتاب الصحاح، وسلمة بكسر اللام رجل بنى سلمة: بطن من الأنصار،
وليس في العرب سلمة غيرهم. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما ذكره ابن حبيب
في كتابه: " المؤتلف والمختلف "، والوزير أبو القاسم المغربي، وابن ماكولا سلمة
في الأنصار، وسلمة بن عمرو بن ذهل بن مرداس جعفي، وسلمة بن نصر بن
غطفان بن قيس بن جهينة، كل سلماتهم بالكسر، وفي كتاب النوادر لأبي
علي هارون بن زكريا الهجري من فضائل عميرة بن غطفان بن امرؤِ القيس بن
بهيشة بن سليم سلمة بكسر اللام مثل الذي في الأنصار، ولا يزيدون على
أربعة وعشرين رجلا، وسلمة في محلة من كهلان. ذكره أبو عبد الله الأزدي
في كتاب الترقيص عن الكلبي بكسر اللام، وسلمة في كيدة وهو ابن
الحارث، قال الأزدي: ذكر الباهلي: أنّه سمع أبا عبيدة يقول في هذا: سلمة
بكسر/اللام قال القرطبي: وهذه الأحاديث تدل على أن البعد من المسجد
أفضل، فلو كان بجوار المسجد هل له أن يجاوزه للأبعد؟ اختلف فيه، فذكر
عن الحسن: أنه كرهه قال: وهو مذهبنا، وفي يخطىء مسجده إلى المسجد
الأعظم قولان، وقال أبو عبد الله بن ليانة: لا يدع مسجده، وإنّما فضله
الجامع في صلاة الجمعة فقط، وذكر عن ابن وهب أنه يمضي إلى الجامع وإن
بطل موضعه، وروى عن أنس أنه كان يتجاوز المساجد المحدثة إلى القديمة،
وفعله مجاهد، وأبو وائل، ويرد هذا ما ذكر5 أبو القاسم من حديث عبادة ابن
زياد الأسدي، ثنا زهير بن معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر
قال- عليه السلام: " ليصل أحدكم في مسجده ولا يتبع المساجد "(1) .
وقال: لم يروه عن زهير إلا عبادة، وذكره أبو أحمد من حديث مجاشع بن
عمرو عن عبيد الله، وقال: كذا رواه كثير بن عبيد، وابن مصفي عن بقية
عن مجاشع عن عبيد الله، وغيرهما جعل ابن مجاشع، وعبيد الله منصور بن
أبيِ الأسود، ومجاشع صالح الحديث.
(1) ضعيف. رواه العقيلي: (3/432) ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/23- 24) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، ورجاله موثقون إلا شيخ الطبراني محمد بن
أحمد بن النضر الترمذي ولم لجد من ترجمه. قلت: ذكر ابن حبان في الثقات في الطبقة
الرابعة محمد بن أحمد بن النضر بن ابنة معاوية بن عمرو فلا أدرى هو هذا أم لا؟
133- باب فضل الصلاة في الجماعة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته
في بيته، وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة " (1) . ومن حديث ابن
المسيب عنه أخرجه أيضا: " تفضل الصلاة في الجمع على صلاة أحدكم
وحده خمسا وعشرين جزءًا " (2) ، هذا حديث قال فيه أبو عيسى إذ رواه عن
مسدّد عن/ابن معاوية: حسن صحيح، ولفظ الشيخين (3) : " صلاة الرجل
في جماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفاً،
وذلك أف إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلّا
الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه ما خطيئة، فإذا
صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام في صلاه ما لم يحدث: اللهم صل
عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ". وفي لفظ للسراج
" بخمس وعشرين درجة "(4)، وفي لفظ: " تعدل خمسة وعشرين صلاة
الفرد " (5) ، وفي لفظ: " تزيد على صلاة الفذ خمسًا وعشرين درجة " (5) ،
وفي لفظ: " بضعة وعشرين جزءا "(6)، وفي لفظ: " خير من صلاة الفذ
بخمس وعشرين درجة "، وفي لفظ: " صلاة مع الإمام أفضل من خمس
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في (المساجد، باب " 49 "، ح/272) ، وأبو
داود في (الصلاة، باب " 49 ") ، وابن ماجة (ح/788،786، 790) ، والدارمي (1/192) ، والطبراني
(8/41) ، وابن حبان (431) ، وإتحاف (3/14) ، والكنز (20217، 20219، 20222، 20259،
20260) ، وابن كثير (6/69) ، والقرطبي (1/12/276،250) .
(2)
صحيح. رواه للترمذي (ح/215)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ومسلم (450) ،
وللنسائي في (الصلاة، باب " 21 ") ، والبيهقي (1/3،60/359) ، ونصب الراية (2/23) .
(3)
تقدم الحاشية رقم (1) .
(4)
بنحوه. رواه أبو داود (ح/559) ، وأبو عوانة (2/3) ، وابن أبي شيبة (2/480) .
(5)
بنحوه رواه الطبراني: (10/128) .
(6)
رواه أبو عوانة: (2/4) .
وعشرين يصليها وحده " (1) وفي كتاب ابن حزم روى عن عمر وأبو هريرة
وكلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد
سبعا وعشرين درجة " (2)، وهما صحيحان. قال الدارقطني: ورواه يزيد بن
ذريع وعبد الأعلى وأشعث ويزيد بن هارون عن داود عن سعيد موقوفا. وقال
الربيع: عن حماد عن داود عن سعيد، والشعبي، ويحيى بن أبي زائدة،
وشعيب، وداود بن الزبرقان: عن داود بن أبي هند عن سعيد عن أبي هريرة
مرفوعا، وقال حماد بن زيد: وكذا قاله خالد الواسطي، ورواه بشر بن
المفضل عن داود عن الشعبي عن أبي هريرة موقوفا، وقال حماد بن زيد: عن
داود عن سعيد والشعبي موقوفا، وقال أبو الربيع: عن حماد بن زيد عن
سعيد، والشعبي أو أحدهما موقوفا: وقال سليمان/بن حرب: عن حماد عن
داود عن سعيد موقوفا، وروى ابن سمية من رواية الثوري مثل قول سليمان بن
حرب، وقال حجاج بن منهال: عن حماد عن داود عن سعيد عن النبي
مرسلا. والصحيح قول يزيد بن ذريع، ومن تابعه. وفي كتاب الكني: ثنا
حجاج، ثنا حماد عن محمد عن أبي سلمة عنه بلفظ: " صلاة الجماعة
أفضل على صلاة الفذ " (3) ، ولفظ أبي مرة في سننه: " صلاة مع الإمام
أفضل من خمسين وعشرين صلاة يصليها وحده " (4) . حدثنا أبو كريب، ثنا أبو
معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري فال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، " 42 " رقم 248) ، وأحمد (2/273، 529) ، وأبو
عوانة (2/3) ، والكنز (20220) ، وعبد الرزاق (2000) .
(2)
صحيح. رواه البخاري (1/129) ، والنسائي (2/103) ، والفتح (1/564) .
(3)
صحيح. رواه البخاري (1/166) ، والنسائي (03/12) ، وأحمد (3/55) ، والبيهقي (3/
60) ، وشفع (355) ، ومشكل (2/29) ، والمشكاة (1052) ، وتلخيص (2/25) ، والموطأ
(129)
، والتمهيد (4/219) ، وإتحاف (3/14) ، وتجريد (563) ، وشرح للسنة (3/341) ،
والكنز (20257،20215،20214) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/148) .
(4)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 " رنم 248) ، وأحمد (2/273، 529) ،
وأبو عوانة (2/3) ، والكنز (20220) ، وعبد للرزاق (2000) .
خمسَا وعشرين درجة " (1) ، هذا حديث خرجه البخاري من حديث يزيد بن
الهاد عن عبد الله بن حباب عنه بلفظ: " صلاة الجماعة تفضل على صلاة
الفذ بخمس وعشرين درجة " (2) ، وخرجه الحافظ أبو حاتم في صحيحه عن
أبي يعلي: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، ثنا هلال بلفظ: " يزيد
على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة فإن صلَّاها بأرض فيء فأتمَّ
وضوءها وركوعها وسجودها يكتب صلاته بخمسين درجة " (3) ، ولفظ أبي
داود: " الصلاة في جماعة تعدل خمسَا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة
فأتمَ ركوعها، وسجودها بلغت خمسين صلاة " (4)، وقال: قال عبد الواحد بن
زياد في هذا الحديث: " صلاة الرجل في الفلاة مضاعف على صلاته في
الجماعة
…
" الحديث. انتهى كلامه وفيه نظر؛ من حيث إن حديث عبد
الواحد لم أر/أحدَا ذكره في طرق حديث أبي سعيد فيما علمت، إنما رأيته
مذكورَا عند البخاري: ثنا موسى ثنا عبد الواحد الأعمش سمعت أبا صالح
عن أبا هريرة يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في جماعة تزيد
…
" (5)
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في (المساجد، باب " 49 "، رقم " 272 ") ،
وأبو داود في (الصلاة، باب " 49 ") ، وابن ماجة (ح/786، 788، 790) ، والدارمي (1/192) ،
والطبراني (8/41) ، وابن حبان (431) ، وإتحاف (3/14) ، والكنز (20260، 20217، 20219،
20222، 20259) ، وابن كثير (6/69) ، والقرطبي (1/250، 12/276) .
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 " رقم " 245 ") ، والترمذي (ح/215) ،
والنسائي (03/12) ، وأحمد (2/486) ، والبيهقي (3/59، 60) ، وأبو عوانة (2/2) ، والتمهيد
(6/316، 317) ، وشفع (356) ، والبغوي (4/156) ، والمنثور (5/299) ، ومشكل (2/29) ،
والترغيب (1/260) ، والشافعي (52) ، والحلية (6/351، 9/156) ، والقرطبي (1/
348، 349، 1/2430) ، والموطأ (129) ، وشرح السنة (3/339، 341) ، والكنز (20221) .
(3)
المصدر السابق.
(4)
ضعيف. رواه أبو داود (ح/560) ، والحاكم (1/208) ، والترغيب (1/265) ، والكنز
قلت: وفي سنده هلال بن ميمون. هو ابن أبي سويد أو ابن سويد، أبو ظلال القِسملي،
عن أنس. قال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال اين حجر: ضعيف، مشهور
بكنيته، من الخامسة. روى له البخاري في التاريخ والترمذي.
(5)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/787) . وصححه الشيخ الألباني.
الحديث، ورواه البزار عن أبي كرسا وعمرو بن علي: ثنا أبو معاوية، ثنا
هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد، وقال: لا نعلمه يروى عن أبي سعيد إّلا
بهذا الإسناد، وهلال بن ميمون فلسطيني روى عنه مروان، وأبو معاوية، وفيه
نظر؛ لمَا قدّمناه قبل من عند البخاري، وخرجه البخاري من عند أبي بكر
الفقيه، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو معاوية بلفظ أبي
داود، وقال: صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا على الحجة بروايات هلال
بن أبي هلال، ويقال ابن أبي ميمون، ويقال: ابن أسامة وكلّه واحد. انتهى
كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنّ هلال بن أبي ميمون ليس هو المذكور في متن
هذا الحديث، إنّما هو ابن ميمون كما في نفس المتن، وعند أبي داود، وكنية
أبو المغيرة الرملي الفلسطيني. قال ابن أبي حاتم: روى عن ابن المسيب،
وعطاء بن يزيد الليثي، ويعلى بن شدّاد بن أوس، روى عنه مروان بن معاوية،
وأبو معاوية، ووكيع، سمعت أبي يقول ذلك، وفرق بينه وبين ابن أبي ميمونة
المدني قال: ويقال ابن علي ويقال ابن أسامة، روى عن عطاء بن يسار، وأبي
ميمونة روى عنه يحيى بن أبي كثير، وزياد بن سعد ومالك وأسامة بن زيد
ومحمد بن حمران، سمعت أبي يقول ذلك. وقال البخاري في تاريخه
الكبير: ابن أبي ميمونة، وهو ابن علي، وقال مالك ابن أنس: هو أبو أسامة
إنّما/سمع عطاء بن يسار النسائي، ولما ذكر ابن ميمونة كناه أبا المغيرة ونسبه
جهميا، رمليا، وقال: روى عن عطاء بن يزيد، روى عنه مروان، وفي كتاب
الثقات لأبي حاتم البستي في الطبقة الثالثة هلال بن ميمون أبو المغيرة الجهني،
وقد قيل: كنيته أبو علي من أهل الرملة، يروى عن عطاء بن يزيد، وابن
المسيب، ويعلى روى عنه مروان وأبو معاوية، وقال: في الطبقة الثانية هلال بن
أبي ميمونة، واسم أبي ميمونة أسامة الفهري، وهو الذي يقال له ابن علي
العامري، يروى عن أنس بن مالك، وكان راوياً لعطاء بن يسار، روى عنه
يحيى بن أبي كثير، وفليح مات في آخر ولاية هشام بن عبد الملك، وكذا
نقله ابن سرور، والصيرفي ومن بعدهما، وزعموا أن أبا ميمونة حديثه عند
الجماعة، وابن ميمون عند أبي داود وابن ماجة فتبين لك هذا أن المذكور في
المتن ليس كما قاله الحاكم، وأنّ ابن أبي ميمونة غير ابن ميمون، وأن ابن
ميمون الذي روى عن عطاء بن يزيد المذكور في نفس الحديث غير ابن أبي
ميمونة الراوي عن عطاء بن يسار، ويؤيّد ما قلناه ما ذكره أبو محمد
الإشبيلي إثر تخريجه له من عند أبي داود: هلال بن ميمون ضعفه أبو حاتم،
ووثقه ابن معين، ولما ذكره الحافظ ضياء الدين في أحكامه قال: قال ابن
عدي: هلال بن ميمون، عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه، فقال الحافظ
المنذري إثره في إسناده هلال بن ميمون الجهني الرملي كنيته أبو المغيرة، قال
ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بقوى يكتب حديثه، فإذا كان كذلك
فقد تداخل على الحاكم يرحمه/في أخرى؛ فلقائل أن يقول: فإذا ثبتت التفرقة
فما حال الحديث؟ قلنا: صحيح كما أسلفناه من عند أبي حاتم، ولأن ابن
ميمون لم يتكلّم فيه بقادح يرد به رواية؛ بل بكلام موكل مع ما تقدّم من
الثناء عليه. حدثنا عبد الرحمن بن عمرو، ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبيد الله بن
عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في جماعة
تفضل على صلاة الرجل وحده سبع وعشرين درجة " (1) . هذا حديث خرجاه
في الصحيح بلفظ: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين
درجة " (2) ، وقال أبو عيسى: هكذا روى نافع عن مولاه: " بسبع وعشرين
درجة "، وعامة من روى عن النبي- عليه السلام إما قالوا: " خمسا
وعشرين ". انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما أسلفناه من حديث أبي هريرة من عند
ابن حزم: " سبعا وعشرين درجة "؛ ولما جاء في حديث ابن مسعود ولما
ذكره أبو نعيم: ثنا سعيد بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن سيرين أنّ زيد بن
ثابت صلى وحده فقال: قد صليت وحدي وقد علمت أن الجماعة تفضل
على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة "، وقد وجدنا نافعا رواه عن
(1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة: (2/480) .
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في (المساجد، ح/249) ،
والنسائي (03/12) ، وأحمد (3/55) ، والبيهقي (3/60) ، وشفع (355) ، ومشكل (2/29) ،
والمشكاة (1052) ، وتلخيص (2/25) ، والموطأ (129) ، وتمهيد (4/219) ، وإتحاف (3/14) ،
وتجريد (563) ، وشرح السنة (3/341) ، والكنز (20214، 20215، 20257) ، والمغني عن
حمل الأسفار (1/148) .
مولاه. كدْا رواه الجماعة، لكنه شك. قال أبو نعيم، ثنا العبدي عن دْل فع
ولفظه: " بسبعهْ وعشرين، أو خمسة وعشرين "، ووجدنا له أيضًا متابعا عند
أبي القاسم؛ رواه عن محمد بن أحمد بن روح: ثنا أحمد بن عبد الصمد
الأنصاري ثنا أبو سعد الأشهيلي ثنا محمد بن عجلان عن نعيم المجرى عن
ابن عمر برفعه: " فضل الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "(1) .
وقال: لم يروه/عن ابن عجلان إلا أبو سعد محمد بن سعد حدّثنا محمد بن
معمر ثنا أبو بكر الحنفي ثنا يونس عن أبي إسحاق عن أبيه عن عبد الله بن
أبي نصير عن أبيه عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه
وآله وسلم-: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الرجل وحده أربعة
وعشرون، أو خمسة وعشرون درجة " (2) . هذا حديث أخرجه ابن حبان من
حديث شعبة عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بصير عن أبي بلفظ: صلى
بنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم يوما الصبح. فقال: " أشاهد
فلان " قالوا: لا. قال: " أشاهد فلان كنفر من المنافقين " قالوا: لا. قال:
" إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما
لأتيتموهما ولو حبوا على الركب- يعني صلاة العشاء والصبح- وإنّ الصف
الأوّل على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضله لابتدرتموه، فإن صلاة
الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من
صلاته مع الرجل، وصلاته مع الثلاثة أزكى من صلاته مع الرجلين وما كثر
فهو أحبّ إلى اللَّه، عز وجل " (3) . وكذا خرجه الحاكم في مستدركه، وقال:
هكذا رواه الطبقة الأولى من أصحاب شعبة؛ يزيد بن زريع ويحيى بن سعيد
(1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/789) . وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح. رواه ابن حبان: (431)، وابن ماجة:(ح/790) .
صحيح دون فوله: " أربعا وعشريين " صحيح أبي داود: (563)، والتعليق الرغيب:(1/152) .
(3)
ضعيف. رواه أبو داود (ح /544) ، والمنثور (1/299) ، ورواه أحمد (5/155، 180) ،
والبيهقي (1/212) ، وللجوامع (5676) ، وابن حبان (196) ، وعبد الرزاق (913) ، والمشكاة
(530)
، وشرح السنة (2/111)، قلت: وعلته ابن جريج.
وابن مهدي ومحمد ابن جعفر وسعيد بن عامر ومحمد بن كثير وعبد الله بن
رجاء وأقوالهم، وكذا رواه سفيان بن سعيد، وكذا رواه زهير بن معاوية
وغيرهم عن أبي إسحاق. زاد ابن عساكر في كتابه الأطراف: وأبو بكر ابن
عياش وجرير بن حازم. قال الحاكم: ورواه ابن المبارك عن شعبة عن أبي
إسحاق-/عن أبي بصير عن أبي، وكذا قال إسرائيل، وأبو حمزة السكري،
وعبد الرحمن المسعود، وجرير بن حازم عن أبي إسحاق عن أبي بصير عن
أبي، وقيل: عن الثوري عن أبي إسحاق عن العيزاري ابن حريث عن أبي
بصير، قال أبي: وكذا قاله أبو الأحوص عن أبي إسحاق، واختلفوا في هذا
على أبي إسحاق من أربعة أوجه، والرواية فيها عن أبي بصير، وابنه عبد اللَّه
كلها صحيحة، والدليل على دون روا ية خالد بن الحرث، ومعاذ بن معاذ
العنبري، ويحيى بن سعيد عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي
بصير عن أبيه قال: سمعته، قال أبو إسحاق: وقد سمعته منه وعن أبيه عن
أبي بن كعب، وقد حكم أئمة الحديث: يحيى بن معين، وابن المديني،
ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهم لهذا الحديث بالصحة سمعت أبا العباس
محمد بن يعقوب يقول: سمعت ابن معين يقول: حديث أبي إسحاق عن أبي
بصير عن أبي هكذا يقوله زهير وشعبة يقول: عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن
أبي بصير عن أبيه عن أبي، ورواه أبو إسحاق عن شيخ لم يسمع منه غير
هذا، وهو عبد اللَّه، وقال شعبة عن أبي إسحاق: إنّه سمع من أبيه، وفيه قال
أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن العنبري: وما أرى الحديث إلا صحيحًا،
سمعت أبا بكر الفقيه، سمعت المزني سمعت ابن المديني يقول: قد سمع أبو
إسحاق من ابن أبي نصير وأبيه، ثنا أبو بكر بن إسحاق سمعت عبد اللَّه بن
محمد المديني سمعت محمد بن يحيى يقول: رواية يحيى بن سعيد، وخالد
بن الحرث عن شعبة، وقول أبي الأحوص عن العيزاري كلّها محفوظة، فقد
ظهر بأقاويل أئمة الحديث صحته، وأما الشيخان/فلم يخرجاه لهذا الخلاف.
انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأن البيهقي ذكر عن محمد بن يحيى هذه الروايات
كلّها محفوظة خلا حديث أبي الأحوص، لا أدرى كيف هو، ولفظ الطبراني
في الأوسط: " والصف المقدم ". وقال: لم يروه عن أيوب السختياني عن
شعبة إلّا وهيب ابن خالد، ولا عن وهيب بن خالد إلّا سعيد بن واصل. تفرد
به محمد بن سفيان عن الرزاد الآملي، ورواه في موضع آخر من حديث ابن
جريج عن قيس عن أبي إسحاق، أخبرني عبد اللَّه بن أبي سفيان، عن أبي
سفيان كذا ذكره، وقال: لم يروه عن ابن جريج إّلا أبو قرة، وقليس هو ابن
الربيع، وفي موضع آخر:/يروه عن خالد بن ميمون إلّا سعيد بن أبي عروبةْ
تفرد به عبد الأعلى وابن سؤدب عن سعيد، وفي علل أبي بكر أحمد بن
محمد بن هارون الخلال: أنبأ الدوري سمعت يحيى يقول: القول قول شعبة:
عن أثبت عن زهير، قال أبو بكر: ورواه عثمان بن أبي شيبة، ووكيع عن
الثوري عن أبي إسحاق عن ابن أبي بصير عن أبيه، ورواه أبو إسحاق الفزاري
عن الثوري عن أبي إسحاق عن العيزار، ورواه معمر الرقي عن حجاج عن أبي
إسحاق عن عاصم عن أبي ضمرة عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه، وقال
الحافظ أبو بكر البيهقي: أقام إسناده شعبة، والثوري، وإسرائيل في آخرين،
وذكره الحافظ بن عبد الواحد في الأحاديث المختارة، وذكره الحافظ أبو محمد
عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده الصحيح من حديث شعبة،
وزهير، وخالد بن ميمون بن أبي إسحاق، وقال: قال ابن أبي بصير: حدثني
أبي عن أبّي، وسمعه من أبي بن كعب، وخالف ذلك/أبو عمر بن عبد البر
فقال: هذا حديث ليس بالقوي، ولا يحتج بمثله، وفي موضع آخر: وقد
رويت أثارًا محفوظة مرفوعة منها حديث أبي، وغيره: أنّ صلاة الرجل مع
الرجلين أفضل من صلاته وحده، وهي آثار كلّها ليست في القوة والثبوت
والصحة كآثار هذا الباب يعني " حديث صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ،
ولفظ أبي قرّة: " ولو تنحيا عليكم بالصفّ الأوّل، ولما ذكره أبو محمد عبد
الحق في أحكامه الكبرى من عند أبي داود قال: عبد الله بن أبي بصير: لا
أعلم روى عنه إّلا أبو إسحاق، وهذا منه- رحمه الله تعالى- الضعيف
للحديث على قاعدته؛ لأن الإِنسان إذا لم يوثق ولم يرو غير واحد عنه فهو
مجهول العين والحال، ولو رأى ما أسلفناه من توثيقه عن أبي حاتم البستي،
وقول العجلي فيه وذكره ابن خليفة، وفي الباب مع إخراج حديثه في
الصحيح لما اتجه له ذكر هذا التخريج مع ما تقدّم من رواية أبي ضمرة عنه من
عند الخلال، ورواية العيزاري مع أن حكاية التفرد ليس هو بأبي العيزار، قد
سبق إلى ذلك غير واحد من الأعلام فذهبت عنه الجهالة والسلام. وفي الباب
أحاديث منها حديث ابن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة الجمع تفضل
على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرين ضعفا؛ كلها مثل صلاته " (1) ،
خرجه أحمد في مسنده بسند جيّد، وخرجه ابن أبي شيبة في مسنده عن
محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص عنه بلفظ: " تفضل
صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده بضع وعشرون درجة " (2) ، ورواه
السراج في مسنده من/حديث همام ثنا قتادة عن مورق عن أبي الأحوص
بلفظ: " تفضل على صلاة الرجل وحده بخصر وعشرين صلاة "(3) ، وفي
لفظ: " تزيد خمسًا وعشرين "(4) ، وخرجه في الأوسط من حديث أبي
الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه بلفظ: " خمسة وعشرين "
أو سبعة وعشرين "، ولفظ أبي القاسم في الأوسط: " بضع وعشرين "،
وقال: لم يروه عن أبي حصين- يعني- عن أبي الأحوص- إلّا قيس بن
الربيع، ولا عن قيس إّلا محمد بن الصلت. تفرد به أحمد بن الحجاج بن
الصلت. وقال الرازي: رواه القطان عن شعبة عن قتادة عن عقبة بن وساج
عن أبي الأحوص، ورواه سعيد بن بشير، وغيره عن قتادة عن مورق عن أبي
الأحوص، وشعبة أحفظ، قال: ورواه أبان بن قتادة عن مورق عن أبي
الأحوص، وحديث غياث بن قاسم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة رجلين
يؤم أحدهما صاحبة أزكى عند الله من أربعة سترى، وصلاة أربعة يؤمهم
(1) إسناده صحيح. رواه أحمد (1/376) ، والمجمع (2/38، 39) ، وعزاه إلى " أحمد " و" أبو
يعلى " و" البزار " والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " - وهو الذي قال في بيته في الكبير
ورجال أحمد ثقات.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/246) ، والمسير (5/74)، وفيه: " خمسا
وعشرين درجة ".
(3)
المصدر للسابق.
(4)
صحيح. أورده للهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/38) ، وعزا هـ إلى " البزار " والطبراني في
" الأوسط "، ورجال البزار ثقات.
أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية سترى، وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم
أزكى عند الله من صلاة مائة سترى " (1) رواه البخاري في التاريخ، فقال: قال
عبد الله بن يوسف:، حدثني الوليد بن مسلم أخبرني ثور عن يونس بن سيف
عن عبد الرحمن بن زياد عنه، وحديث أنس قال- عليه السلام: " الاثنان
جماعة والثلاثة جماعة " (2) الحديث، ذكره أبو أحمد من حديث سعيد بن
رزقي وهو ضعيف، ورواه السراج عن جعفر الصانع، ثنا عبيد الله بن
محمد بن حفص، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أنس موقوف: " تفضل
صلاة الجميع على صلاة/الرجل بضعا وعشرين صلاة " (3) ، ورواه الكشني
عن حجاج عن حماد عن عاصم عن أنس مرفوعا: " تفضل صلاة الجميع "،
وثنا حجاج، وثنا حماد عن أبان عنه مرفوعا: " تفضل صلاة الجمع على
صلاة الرجل وحده بأربع وعشرين صلاة، وهى الخامسة " (4) ، وحديث عائشة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ بخمسة وعشرين "(5) ،
رواه النسائي بسند صحيح، ولفظ السراج: " تفضل على صلاته وحده
خمسا وعشرين درجة " رويا من حديث يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن
عمار عن القاسم عنهما، وفي لفظ:" صلاة الرجل في الجميع "(6) ،
وحديث زيد بن ثابت: قال ابن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث عن حجاج
(1) صحيح. رواه للبخاري في " التاريخ "(1/4/132- 193) ، والبزار (رقم- 461) ، وابن
سعد (7/411) ، والديلمي (2/243- 244) ، عن أبي خالد ثور بن يزيد. ورواه ابن أبي شيبة
(1/1/131) ، وأبو داود والنسائي وغيرهم وصححه الحاكم وغيره.
وصححه الشيخ الألباني. صحيح أبي داود (ح/563) .
(2)
ضعيف. رواه البيهقي (3/69) والكنز (20274) . (3) تقدم.
(4)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/246) ، والمسير (5/74) ، والترمذي (ح/215) ،
والبيهقي (1/359، 3/60) ، ونصب الراية (2/23) .
(5)
سنده صحيح رواه النسائي في: الصلاة، باب " 21 ".
(6)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/648) ، ومسلم في (المساجد، ح/649) ، ورواه
الدارمي (1/292) ، وعبد الرزاق (2002) ، وابن خزيمة (1470- 1472) ، وابن ماجة (ح/
787) ، ومالك في الصلاة، ح/2، (وأحمد (485،2/475، 501. 5250.52) .
عن ثابت بن عبيد قال: دخلنا على زيد وهو يصلي على حصير ليسجد عليه
فقال: قال عليه السلام: " فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس
وعشرين درجة " (1) . قال: وأما أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن
عكرمة عن ابن عباس نحوه. قال: فان كانوا أكثر فصلى عدد من في
المسجد، فقال رجل: وإن كانوا عشرة الآلف قال: نعم، وإن كانوا أربعين ألفا.
وحديث معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " فضل صلاة الجميع على
صلاة الرجل وحده خصر وعشرين " (2) . رواه أبو القاسم في المعجم الكبير
عن محمد بن عبدوس السراج، ثنا محمد بن بكار ثنا عبد الحكيم بن منصور
عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه. وحديث عبد
الله بن زيد مرفوعًا: " ما بين الفذ والجماعة خمس وعشرين درجة "(3) . رواه
أيضا من حديث مؤمن بن عبيدة عن أبي بكر بن حزم عن عباد بن تميم/عنه،
وقال: لا يروى هذا الحديث عن ابن زيد إلا هذا الإسناد. تفرد به محمد بن
الزبير، فإنه يعني عن موسى. وحديث أنس بن مالك قال عليه السلام: " صلاة
الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمر وعشرين صلاة،
وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة " (4) . الحديث رواه ابن
زنجويه من حديث أبي الخطاب الدمشقي عن زريق أبي عبد الله الألهاني عنه،
قال ابن الأثير: إنما قال درجة ولم يقل خيرًا ولا نصيبان ولا خطًا ولا شيئًا من
(1) صحيح. رواه البخاري في " الكبير "(8/293) .
(2)
ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/39) ، وعزا هـ إلى البزار والطبراني في
" الكبير " وفيه عبد الحكيم بن منصور، وهو ضعيف.
(3)
ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/38) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
و" الكبير "، وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.
(4)
ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1413) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لأن أبا الخطاب الدمشقي لا
يُعرف حاله، وزريق فيه مقال. حكى عن أبي زرعة أنه قال: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات
والضعفاء، وقال: ينفرد بالأشياء، لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به، والترغيب (2/
215) ، والمشكاة (752) ، وإتحاف (4/284) ، والمنثور (2/53) ، والكنز (20223) ، والقرطبي (15/
13) ، وابن عساكر في " التاريخ "(4/434،1/198) ، والمتناهية (2/86) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/299) ،.
أمثال ذلك؛ لأنّه أراد الثواب من جهة العلو والارتفاع، وإن تكن فوق هذه
بكذا أو كذا درجة ة لأن الدرجات إلى جهة فوق، وقد اختلف العلماء في
الجمع بين سبع وعشرين درجة، وبين قوله خمس وعشرين درجة، أو جزعَا أو
ضعفَا فقيل: إن الدرجة أصغر من الجزإ فكان الخمسة والعشرين إذا جزئت
درجات كان سبع وعشرين درجة، وردَّ هذا بما أسلفناه في الصحيح سبعَا
وعشرين درجة. وقيل: السبع متأخرة عن الخمس فكأنّ الله تعالى أخبره
بخمس، ثم زاد بعد ورود هذا بتعذّر التاريخ، وردّ هذا القول الأخر بأن
الفضائل لا تنسخ، وهذه فضيلة لمحمد- صلى الله عليه واله وسلم- فلا
يطرأ عليها النسخ. وقيل: إن صلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الفذ
في المسجد بخمس وعشرين درجة، وصلاة الجماعة في المسجد أفضل من
صلاة الفذ في بيته بسبع وعشرين درجة، وردّ بقوله: " وصلاة الرجل في
جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين ضعفَا " (1)
وقيل: إن الصلاة التي لم تكن فيها فضيلة الخطا إلى/الصلاة ولا فضيلة
انتظارها نفضل بخمس، والتي فيها ذلك تفضل بسبع، وقيل: إن ذلك
يختلف باختلاف المصلين والصلاة، فمن كملها وحافظ عليها فوق من أخذ
بشيء من ذلك. وقيل: إنّ الزيادة لصلاتي العشاء والصبح لاجتماع ملائكة
النهار والليل فيهما، يؤيّده حديث أبي هريرة المتقدّم: " تفضل صلاة الجماعة
صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل وملائكة
النهار في صلاة الفجر "، فذكر اجتماع الملائكة لواو فاصل وبين الكلام
وقطعه من الجملة المتقدّمة. وقال بعضهم: لا منافاة بين الحديثين؛ لأنه ذكر
القليل ولأنّ الكثير مفهوم العدد باطل عند جمهور الأصوليين، واستدل بعض
المالكية بهذه الأحاديث على أن صلاة الجماعة لا تفضل بعضها على بعض
بكثرة الجماعة؛ لأنه لم يذكر جماعة كثيرة دون جماعة قليلة، ورد بما تقدّم
في حديث فتات وغيره من أن الكثرة مطلوبة فرغب فيها كما ذهب إليه
الشافعي وابن حبيب من المالكية. وأنبأنا غير واحد من شيوخنا عن الإِمام
العلامة أبو بكر بن أحمد بن القسطلاني- رحمه الله أنه قال: يحتمل أن
(1) تقدم ص 1308.
تكون الدرجة في الجنة، والجزاء في الدنيا، واستدلّ بن الحصار لمذهبه ولأبي
حنيفة بأنه لا يجوز أن يصلّى تنفّل بمعترض، قال: لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أعلمنا أن
للجماعة أن تنجمع على صلاة واحدة، فيجب لها التضعيف لذلك فلا يخلو
أن يكون التضعيف للإِمام أو المأموم، فإن كانت المضاعفة صلاة المأمومين فلا
يصح؛ لأنهم لا إمام لهم/فيها، فهم كالمنفردين، وإن كانت المضاعفة له فلا
يصح، لأن عشر حكمه حكم المنفرد، وإنّما يقع لجماعتهم إذا كانوا في صلاة
واحدة، وهو معنى قوله: صلاة الجماعة، فذكر صلاة واحدة مضافة إليهم
جميعا، ولم يقل صلاة الجميع، ورد بما أسلفناه من عند السراج وغيره: صلاة
الجميع، وأمّا تخصيص العود فقد استخرجه شيخنا قاضى القضاة بدر الدين بن
جماعة فيما أذن له أن نرويه عنه، وإن كان العلامة أبو الفرح بن الجوزي ذكر
أنّ جماعة تكلّفت تعليل ذلك، وما جاءوا بطائل فقال: الأوّل: قصد إقامة
الصلاة في جماعة، الثاني: إجابة الداعي، الثالث: ظهور السقاية، إلى الرابع:
متابعة السنة بحضورها، الخامس: إحياء السنة بدوام إقامة السنن، السادس:
زيارة بيت الله تعالى، السابع: عمارة المساجد، الثامن: نشاط المتكاسل على
الجماعة، التاسع: السلام على الإخوان، العاشر: التعاون على الطاعة، الحمادي
عشر: إظهار تالف القلوب، الثاني عشر: الاجتماع بأهل الخير من الملائكة
وغيرهم، الثالث عشر: الاعتكاف، إلى الرابع عشر: الاجتماع على الذكر،
الخامس عشر: فراغ القلب للذكر، السادس عشر: الاهتمام بإيقاع الصلاة
أوّل الوقت، السابع عشر: المسير إلى الجماعة بالمسجد، الثامن عشر: إيقاع
العبادة في ذلك المكان، التاسع عشر: التحرز بالصلاة في جماعة من مطرد
سهو وتسلط شيطان، العشرون: إقامة الصفوف وتسويتها في الصلاة، الحادي
والعشرون: متابعة الإمام في أفعاله، الثاني والعشرون: التحرز من إساءة الظن
به بترك الصلاة، الثالث والعشرون: الدعاء عند الدخول إلى المسجد وعند
الخروج، الرابع والعشرون، والخامس/والعشرون: سماع قراءة الإِمام والتأمين
إذا جهر، السادس والعشرون: مصاحبة الملائكة- عليهم السلام وموافقتهم
في الصلاة والتأمين، السابع والعشرون: انتظار الصلاة قبل إقامتها وذلك
عبادة، قال: فيجوز أدْ تكون الدرجات بسبب هذه القربات، وقد ذكر ابن
المثنى وابن بطال مناسبات هذه أجمع- والله أعلم- وإذا قوله: أشاهد فلان؟
فيريد ابن أبي المنافق وأشياعه.
***
134- باب التغليظ في التخلّف من الجماعة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر
رجلًا فيصلى بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا
يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " (1) . هذا حديث خرجه في
الصحيح. زاد البخاري: " والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا
سمينًا أو مرقًا بين حسنتين ليشهد العشاء "، وفي لفظ: " إنّ أثقل الصلاة
على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو
حبوا " (2) ، وفي لفظ للإمام أحمد بن حنبل: " لولا ما في البيوت من
النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء، وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت
بالنار " (3) . وعند أبي داود: " ثم آتى قوما ما يصلون في بيوتهم ليست بهم
علّة وأحرقتها عليهم ". قال يزيد بن جابر: قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عون
الجمعة عيناً أو غيرها فقال: فسمعت أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة ما
ذكر جمعة ولا غيرها، وفي مسند السراج/ " أمر أنس إذا سمعوا الإقامة، من
تخلف أن يحرقوا عليهم إنكم لو تعلمون ما فيهما لأتيموهما ولو حبوا " وفي
لفظ آخر: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء حتى تحققوا الليل، وذهب ثلثه-
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (3/161) ، ومسلم في (المساجد، باب " 42 ") ،
وأبو داود (ح/548) ، وابن ماجة (ح/791) ، وأحمد (2/539) ، والبيهقي (3/55) ، والطبراني
في " الصغير "(2/57) ، والحاوي (1/179) ، والمنثور (1/299) ، والترغيب (1/268) ، وابن
كثير في " التفسير "(2/390) ، الخطيب (7/103) ، والحلية (9/319) .
(2)
صحيح. رواه مسلم (ص 451) ،، وأحمد (2/466، 472، 531. 5/140) ، والبيهقي
(3/55) ، والحاوي (1/179) ، وعبد للرزاق (2004) ، وابن خزيمة (1476، 1484) ،
والترغيب (1/267) ، وشرح السنة (346،3/343) ، والخطيب (3/25، 03/17) ، والكنز
(19493، 22817،19494) ، وابن عساكر في " التاريخ "(2/333) ، والجوامع
(79078،606) ، وابن أبي شيبة (1/332) ،.
(3)
ضعيف. فتح الباري (2/126) ، والترغيب (1/268) ، والمشكاة (1073) ، وأحمد (2/
367) ، والمجمع (2/42) من حديث أبي هريرة، وعزاه إليه، وفيه أبو معشر، وهو ضعيف.
أو نحوه- ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس عشرون، وإذا هم قليل، فغضب
غضبا شديدًا لا أعلم أنِّي رأيته غضب غضبا أشدّ منه، ثم قال: لقد هممت
أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أتتبع هذه الدور التي تخلَّف أهلوها عن هذه
الصلاة؛ فأحرقها عليهم بالنيران " (1) ، ولفظ الطوسي: " ثم آتى قوما ما
يتخلفون عن هذه الصلاة، فأحرق عليهم، يعمْي صلاة العشاء " وصححه.
وفي كتاب ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن عجلان عنه: " لينتهين رجال
من حول المسجد لا يشهدون العشاء، ولأحرقنَّ بيوتهم " (2) . وفي كتاب
زنجويه: " آمر رجالا في أيديهم حزم حطب لا يأتوا رجلًا في بيته سمع
الإقامة، لم يشهد الصلاة، إلَّا أضرم عليه بيته ". وفي كتاب أبي القاسم
الأَوسط (3) : " آمر رجالا إذا أقيمت الصلاة أن يتخلَّفوا دون من لا يشهد،
فيضرم عليهم بيوتهم ". قال: " ولو أنَّ رجلًا أذَّن النَّاس إلى طعام لإثرة،
والصلاة ينادى ما فلا يأتوها " (4) . وقال: لم يروه عن الأعمش عن عاصم بن
أبي النجود عن أبي صالح ألا سليم بن أبي داود، وتفرد به محمد بن
سليمان بن أبي داود، ورواه من حديث عاصم عن أبي رزين عن أبي هريرة
وقال: لم يروه عن عاصم عن أبي رزين ألا عمرو بن قيس. تفرد به الحكم بن
بشير ورواه الناس عن عاصم عن أبي صالح، وروى عن عاصم عن زر عن
عبيد الله، وفي الصغير:" ثم أنظر فمن لم يشهد المسجد فأحرق عليه بيته ".
وأشار إلى أن علي بن بكار/تفرَد به عن أبي إسحاق الرازي عن سعيد بن
شريح عن ابن أبي ليلى عنه، وثنا زياد بن أيوب ثنا محمد بن عبيد ثنْا
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد سئل محمد الحديث،
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ". وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله
موثقون.
(2)
صحيح. رواه أحمد: (2/292) .
(3)
صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/43) ، وعزاه إلى الطبراني في " الاً وسط "،
ورجاله موثقون.
(4)
ودليل ذلك. الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره: " لا صلاة بحضرة طعام ".
المساجد: باب " 16 "، (ح/67) .
وفي كتاب الترغيب لأبي موسى المديني: " تهور الليل، فذهب ثلثه- أو
قرابه- ثم قال: لو أن رجلًا نادى الناس إلى عرق، أو مرماتين أتوا لذلك،
وهم يتخلفون عن هذه الصلاة
…
" (1) الحديث، وفي مسنده: " لو كان
عرقًا (2) سمينًا، أو معرفتين يشهدوهما ". وفي مصنف عبد الرزاق بسند
صحيح: أنبأ معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد الأصم عن أبي هريرة أن
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لقد هممت أن آمر فتياني أن
يجمعوا إلى حزمًا من حطب؛ ثم انطلق وأحرق على قوم بيوتهم، يشهدون
الجمعة " (3) . ولما رواه البيهقي في الكبير عن أبي محمد عبد الله بن يحيى بن
عبد الجبار: أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار أنبأ أحمد بن منصور الرماد ثنا عبد
الرزاق قال: كذا قال الجمعة، وكذلك روى عن أبي الأحوص عن ابن
مسعود، والذي يدلّ عليه سائر الروايات أنه عم بالجمعة على الجماعة. انتهى
كلامه. ويزيده وضوحًا ما ذكره أبو القاسم في معجمه الأوسط: ثنا أحمد بن
محمد بن صدقة ثنا مفتر بن محمد ثنا عمى القاسم عن أبي حمزة عن
إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود يرفعه: " لقد هممت أن آمر بلالًا فيقيم
الصلاة، ثم أنصرف إلى قوم سمعوا النداء فلم يجيبوا، فأحرق عليهم
بيوتهم " (4) . وقال: لم يروه عن أبي ضمرة إلا القاسم. تفرد به مقدم، وفي
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/43) ،، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
ورجاله موثقون.
غريبه: قوله " المرماة " ظلف الشاة أو ما بين ظلفيها، يريد الشيء الحقير.
(2)
قوله: " العرق " بفتح فسكون: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم.
(3)
صحيح. رواه عبد الرزاق (1995، 1998) ، ومسلم في (المساجد، باب " 42 "، ح/
253) ، وأبو داود (ح/459) ، والترمذي (ح/217)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأحمد (1/450، 2/376، 472) ، والدارس (1/292) ، والبيهقي (3/55، 56) ، وابن خزيمة
(1481)
، والترغيب (1/274) ، والكنز (20356، 21140) ، وأبو عوانة (2/5) ، وصفة
(321)
، والقرطبي (1/350) ،.
(4)
صحيح. أورده لله الهيثمي في " مجمع للزوائد "(2/43) ، وعزله الطبراني في " الأوسط "،
ورجاله رجال الصحيح، وهو عند مسلم بلفظ: " لقد همت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم
أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ".
كتاب السراج: ما يروه وهو ما رواه عن أبي يحيى وغيره عن الأشدّ ثنا زهير
ثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم/قال لقوم يتخلفون عن
الجمعة: " لقد هممت أن آمر رجلًا يصلى بالناس، ثم أحرق على رجال
يتخلَّفون عن الجمعة بيوتهم " (1) ، ولما رواه في مستدركه من حديث عمرو بن
خالد الحراني: ثنا زهير عن أبي إسحاق قال: هكذا رواه أبو داود الطيالسي
عن زهير، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، هكذا خرجاه بذكر
القيمة، وسائر الصلوات. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن زائدة
عن عاصم عن رزين عن ابن أم مكتوم، قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: " إنّى كبير
ضرير شاسع الدار؟ وليس لي قائد بلازمني، فهل تجد لي من رخصة أن أصلِّي
في بيتي. قال: تسمع النداء؟ قلت: نعم. قال: مالك رخصة " (2) . هذا
حديث إسناده صحيح على رسم مسلم، وخرجه أبو عبد الله شاهدًا، ولم
يحكم عليه - يعني لحديث سفيان - عن عبد الرحمن عن ابن عباس عن ابن
أم مكتوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن المدينة كثيرة الهوام، والسباع، قال:
تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ قال: نعم. قال: فهي فحي هلا " (3)
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد إن كان ابن عباس سمع من ابن أم مكتوم،
وله شاهد بإسناد صحيح فذكر حديث أبي جعفر الرازي عن حصين بن عبد
الرحمن عن عبد الله بن شدّاد عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل الناس في صلاة
العشاء فقال: " لقد همت أن آتى هؤلاء الذين يتخلفون عن هذه الصلاة؛
فأحرَّق عليهم ". قال: فقلت: يا رسول الله، لقد علمت ما في الحديث (4) .
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 "، ح/251، 254) ، وأحمد (1/
402، 422، 449، 461، 2/416، 479) ، البيهقي (3/56، 172) ، والحاكم (1/291) ،
والمجمع (2/43) ، وابن أبي شيبة (2/155) ، والطبراني في " الصغير "(1/172) ، والحاوي
(1/181) ، وإتحاف (3/14) ، والمشكاة (1378) ، والترغيب (1/268، 508) ، والكنز
(20365، 21131) ، والخطيب في " التاريخ "(5/433) ، والمغنى عن حمل الأسفار (1/
148) ، ومعاني (1/168) ، والقرطبي (3/311) .
(2)
إسناده صحيح. رواه البيهقي (3/58) ، وابن خزيمة (1480) .
(3)
إسناده صحيح. رواه البيهقي (3/58) ، وابن خزيمة (1478) ، ونصب الراية (2/22) .
(4)
صحيح. رواه الحاكم (1/247) ، وابن خزيمة (1479) ، والكنز (20368) ،
وخرجه البيهقي في الكبير من حديث سليمان بن حرب ثنا حماد/بن زيد
عن عاصم بن أبي رزين أن ابن أم مكتوم سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ورواه ابن
سنان عن عمرو بن مرّة عن أبي رزين عن أبي هريرة، وفي كتاب المغازي من
حديث سعيد بن سليمان: ثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سنان عن
عمرو بن مرّة آخر ابن أبي رزين عن ابن أم مكتوم فذكره، ولفظ الإمام
أحمد في مسنده عنه: أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أتى المسجد،
فوجد في القوم رقّة فقال: " إنِّي لأهم أن أجعل للناس إمامًا، ثم أخرج، فلا
أقدر على إنسان يتخلّف عن الصلاة في بيته إلا أحرقه عليه ". فقال ابن أم
مكتوم: يا رسول الله إنّ بيني وبين المسجد نخلًا وشجرًا، ولا أقدر على قائد
كل ساعة، أيسعني أن أصلى في بيتي؟ قال: أتسمع الإِقامة؟ قال: نعم. قال:
" فأتها "(1) . وعاب ابن القطان سكوت أبي محمد عنه، إذ أورده عنه من
حديث أبي رزين وابن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم، وابن أم مكتوم، قال:
وكلتا الروايتين مشكوك في إيصالهما؛ لأنّ أبا رزين أهلًا له الرواية عن علي
ويقال: إنّه حضر معه صفين، وابن أم مكتوم قتل بالقادسية أيّام عمر، وانقطاع
ما بينهما إن لم يكن معلومًا، قالا: نعرف سنه فإن اتصال ما بينهما ليس
معلومًا أيضًا، فهو مشكوك فيه، وأمّا ابن أبي ليلى قوله: ولست بقين من خلافة
عمر فسنهْ لا يقتضى له السماع. انتهى كلامه. وفيه نظر في مواضع: الأول:
قوله أمّا سنه فإنّا لا نعرفه فليس بشيء، لأنّ ابن حبان وغيرها يصف على أنّه
كان أكبر من أبي وائل شقيق، وشقيق ممن قيل له: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذا
لا تنكر روايته عن ابن أم مكتوم، الثاني:/قوله: وأعلى ماله الرواية عن على
مردود بقول ابن سعد: روى عن ابن مسعود، الثالث: قوله: أن ابن أم مكتوم
قتل بالقادسية مردود، ويقول ابن حبان وغيره: شهد القادسية ثم رجع إلى
المدينة فمات بها في خلافة عمر، ولفظ ابن سعد: شهد القادسية ثم رجع
إلى المدينة ولم يسمع له بذكر بعد عمر، الرابع: قوله. إن سنّ ابن أبي ليلى لا
والفتح (2/128) ، وجرجان (427) .
(1)
رواه الدارقطني (1/381) ، وأحمد (3/423) ، والمجمع (2/42) ، وعزاه إليه، ورجاله رجال
الصحيح، وفي أبي داود طرف.
يقتضى له السماع من عمر مردود بقول أبي حاتم الرازي، وسأله أنه هل
سمع منه؟ فقال بلال: خرج إلى الشَّام قديمًا في خلافة عمر فإن كان رآه
صغير. فهذا أبو حاتم لم ينكر سماعه من بلال المتوفى سنة عشرين، ويقال:
سبع عشرة أو ثمان عشرة، ويقال: سنة إحدى وعشرون بل جوَّزه، وفي
كتاب البيهقي من حديث ابن شهاب الحناط عن العلاء بن المسيب عن ابن أم
مكتوم قلت: يا رسول الله إن لي قائدًا لا يلازمني في هاتين الصلاتين. فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم القاعدون عنهما ما فْيهما، لأتوهما ولو حبوا "(1) ،
ولفظ أبي القاسم في الأوسط عن ماهان عن البراء بن عازب أن ابن أم مكتوم
أتى النبي- عليه السلام يشتكي إليه رسالة أن يرخص له في العشاء والفجر،
وقال: إن بيني وبينك أسيب، فقال عليه السلام: " هل تسمع الأذان؟ قال:
نعم- مرة أو مرتين- فلم يرخص له في ذلك " (2) . وقال: لم يروه عن
ماهان- وهو أبو صالح- إلا زهير الأعزب بن الأعمر الذي روى عنه عمرو بن
مرة، ولا رواه عن زهير إلا عزب بن الحرث. تفرد به العوام بق حوشب، وفيه
أيضا من حديث عدي بن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن
عجرة قال: جاء رجل ضرير إلى النبي- عليه السلام فقال: إني أسمع
النداء، فلعلي لا أجد قائدا أو يشق علي،/أفأتخذ مسجدا في بيتي؟ فقال
عليه السلام: " أيبلغك النداء "؟ قال: نعم. قال: " فإذا سمعت،
فأجب " (3) . وقال: لم يروه عن عدي إلا زيد بن أبي أنيسة، وقال الرازي:
هذا حديث منكر، وقال- البيهقي: خالفه أبو عبد الرحمن فرواه عن ابن أبي
أنيسة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن مغفل، وفي صحيح مسلم عن أبي
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/43) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
وفيه علي بن يزيد الألهاني عن القاسم، وقد ضعفهما الجمهور، وأختلف في الاحتجاج بهما.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/255) ، وأبو داود (ح/552) ، وابن ماجة (ح/792) ،
والحاكم (1/247، 3/635) ، وعبد الرزاق (1913) ، وابن سعد في " الطبقات "(3/2/97) ، وصححه
الشيخ الألباني. " الإرواء: 2/246 ". وانظر: أيضا صحيح ابن ماجة، وأبي داود.
(3)
ضعيف. رواه الطبراني (19/139) ، والمجمع (2/42) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
و" الكبير ". وفي رواية له: " فأجب داعي الله "، وفيه يزيد ابن سنان، ضعفه أحمد. وقال
أبو حاتم: محله الصدق. وقال البخاري: مقارب الحديث.
هريرة، قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي
قائد يقودني إلى المسجد، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته،
فرخص له، فلما ولى دعاها فقال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم.
قال فأجب " (1) . وخرجه السراج في مسنده من حديث زيد بن أنيسة، عن
عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: أتى ابن أم مكتوم الأعمى النبي،
فقال
…
الحديث. حدثنا عبد الحميد بن بنان الواسطي ثنا هشام عن شعبة عن
عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من
سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة إلا من عذر " (2) . هذا حديث خرجه البستي
في صحيحه عن الحسن بن سفيان ثنا زكريا بن يحيى وعبد الحميد بن
السكري بلفظ: " يسمع النداء فلم يجب "، وخرجه أبو داود من حديث
أبي الحباب عن معمر عن عدي بلفظ: " قالوا: وما العذر؟ قال: حزن أو
مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى "، ورواه في الأوسط ثم قال: لم يروه
عن معمر إلا أبو حباب، ولا عن أبي حباب، إلّا حريز. تفرد به معمر، وفيه
نظر؛ لما نذكره بعد، ورواه أبو عبد الله من حديث عبد الرحمن بن غزوان
وهشيم بن شعبة ثم قل: هذا حديث قد أوقفه غندر/وأكثر أصحاب شعبة،
وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم وفراد أبو نوح لغسان،
فإذا وصلا فالقول فيه قولهما، وله غير شاهد فذكر حديث سعيد بن عامر
وأبي سليمان داود بن الحكم عن شعبة مرفوعًا، قال: ولشعبة متابعان مفسران:
العبد عن عدي بلفظ: " قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض "، وأبو حباب
من حديث سليمان بن قرم بلفظ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من سمع النداء ينادي
صحيحًا فلم يأته من غير عذر لم يقبل الله صلاة غيرها. قيل: وما العذر؟
قال: المرض والخوف " (3) . وفي كتاب العلل للخلال: ثنا محمد بن الحسين
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/255) ، وأبو داود (ح/552) ، والبيهقي (3/
57، 66) ، وابن ماجة (792) ، والفتح (1/440) ، والمشكاة (1054) ،.
(2)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/793) ، والطبراني (11/446) " ونصب الراية (2/23) ،
والكنز (20993) ، وصححه الشيخ الألباني.
(3)
صحيح. الترغيب (1/272) ، ونصب الراية (2/23) ، والقرطبي (1/349) ،
ثنا الفضل قال: قلت لأحمد: شعبهْ عن عدى فذكره قال: أخطأ فيه هشيم
مرّة فرفعه وهذا موقوف. قلت: كيف؟ قال: غْندر وغيره لا يرفعه، وقال أبو
الحسن الدارقطني: تابع هشيمّا على رفعه، فراد: ورواه جرير عن أبي حباب.
رفعه ووقفه يوسف القطّان عن جرير، ورواه ابن قرم عن أبي حباب عن معراء
عن عدي مرفوعا، وقال أبو أحمد: ورواه جرير. تفرد به عن أبي حباب عن
معراء، وقال ابن حزم: عن أبي حباب عن عدي وكأنه اختلط على الناسخ لا
على أبي أحمد، وقال الإشبيلي حين ذكره من عند أبي داود، وهذا يرد به
معراء العبدي، وقد روى عنه وأبو إسحاق، والصحيح: موقوف على ابن
عباس، وتبع ابن القطان عليه أمرين: الأول: إعلاله إيّاه بمعراء بن المخارق، قال:
وليس صواب؛ لأنه روى عن جماعة، وذكر أبو العرب عن الكوفي وليس في
كتابه أنه لا بأس به. الثاني: قوله على أنّ قاسما ذكره في كتابه عن إسماعيل:
ثنا سليمان بن حرب/ثنا شعبة عن حبيبْ بن أبي ثابت عن سعيد عن ابن
عباس، قال عليه السلام: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إّلا من
عذر " (1) . قال أبو محمد: وحسبك هذا الإسناد صحة، قال أبو الحسن لي
في كتاب قاسم: " إلّا من عذر " في الحديث المرفوع إنّما هو في الموقوف، فلم
يثبت أبو محمد فأورده هكذا، وإنّما نقله من كتاب بواسطة ابن حزم وغيره،
وهذا ما نقله من عند ابن حزم وهو جاء به مفسرا بزيادة: " إلّا من عذر " في
المرفوع؛ فتبين أنّ الصواب فيه بإيراد الواقع في كتاب قاسم بنصّه، قال قاسم:
ومن كتابه نقلت. حدّثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا جعفر بن عمرو سليمان
حرب وعمرو بن مرزوق عن عدي بن ثابت وسعيد بن جبير عن ابن عباس،
قال: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر "(2) . قال
إسماعيل: وبهذا الإسناد روى الناس عن شعبة بإسناد آخر: ثنا سليمان ثنا
شعبة عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من
سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له " (3) . ثنا بهذا سليمان مرفوعَا، وثنا
واللآلىء (2/12)، والإرواء (2/336) . قلت: لهذا الحديث شواهد صحيحة.
(1)
المصدر السابق.
(2)
، (3) الحاشية السابقة.
بالأول موقوفًا على ابن عباس، هذا نص ما عنده، فالمرفوع عنده إنما هو من
رواية شعبة عن حبيب لا عن عدي، وليس فيه زيادة إلّا من رواية شعبة عن
حبيب، لا عن عدي وليس فيه زيادة إلا من عذر "، وإنما تكون هذه الزيادة
في حديث عدي إلّا أنه عند قاسم موقوف فحمل المرفوع على الموقوف في
هذه الزيادة فيه، ونسب ذلك إلى أبي قاسم خطأ، نعم هي في الحديث
المرفوع من رواية عدي، لكن عند غير قاسم، رواه هشيم عن شعبة عند
معن بن مخلد وأبي القاسم/ابن بنت منيع وابن المنذر والدارقطني. انتهى
كلامه. وفيه نظر من حيث قال: إن أبا محمد أعلّه بمعراء، وأبو محمد لم يعله
به؛ إنما قال ما أسلفناه عنه وذلك لا يقتضى إعلالًا؛ بل ترجيحَا لكونه ذكر له
روايتين مخرجين له عن الجهالة، ولم يسبق له فيه كلام، أحال عليه. حدثنا
علي بن أحمد ثنا أبو أسامة عن هشام الدستوائي عن يحيى ابن أبي كثير عن
الحكم بن مينا، قال: أخبرني ابن عباس وابن عمر أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم
يقول على أعواده: " لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات، أو ليختمن الله على
قلوبهم ليكونن من الغافلين " (1) . هذا حديث في سنده انقطاع فيما بين
يحيى والحكم، وإن كان قد سمع منه، فقد ورد هذا الحديث مبينا فيه عدم
سماعه منه بين ذلك أبو عبد الرحمن إذ رواه في سننه عن محمد بن معمر
عن حبان بن هلال عن أبان عن يحيى عن الحضرمي بن لاحق عن رزين بن
سلام عن أبي سلام عن الحكم بلفظ: " ودعهم الجماعات ". قال: وأنبا
إبراهيم بن يعقوب ثنا سعيد بن الربيع ثنا علي بن المبارك عن يحيى بن زيد
عن أبي سلام عن الحكم عن ابن عمر وابن عباس قال علي ثم كتبه به أبي
عن ابن عمر وأبي هريرة فذكره. وذكره الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في
مجموع حديثه من حديث هشام بن عمار: ثنا الوليد ثنا معاوية بن سلام سمع
يحيى بن أبي كثير يقول: حدثني الحكم بن مينا يقول: سمعت ابن عمر وأبي
(1) صحيح. رواه مسلم في (الجمعة، باب " 12 "، ح/40) ، وابن ماجة (ح/794) ، والنسائي (3/88) ،
وأحمد (1/239، 254، 335، 2/84) ، والبيهقي (3/171) ، وابن حبان (550) ، وابن أبي شيبة (2/
154) ، والترغيب (1/508) ، والمشكاة (1370) ، وشرح السنة (4/215) ، ومشكل (4/231) ،
والكنز (21134، 21141) ، والفتح (10/455) ، وابن عساكر في " التاريخ "(4/412) .
هريرة يقولان: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على منبره، وهو يقول: " لينتهين أقوام
عن تركهم الجماعات
…
" (1) الحديث/ومن حديث حماد بن زيد عن أيوب
عن يحيى يروه إلى ابن عمر وابن عباس ولفظه: " الجماعات "، ومن حديث
زياد بن أيوب: ثنا ابن علية عن أيوب عن يحيى عمن حدثه عنهما، وفي
كتاب الثواب لأدم بن أبي إياس: ثنا بكير بن حسين عن يحيى بن عبيد الله
عن أبيه عن أبي هريرة، قال:" نودي "(2) أهل حضرة المسجد، وأهل العوالي
من الأنصار؛ فقال أهل حضرة المسجد: نحن أعظم أجرًا منكم، لقربنا من
النبي صلى الله عليه وسلم لا يفوتنا معه صلاة، ونحن محدثوه، وقالت الأنصار من أهل
العوالي: نحن أعظم أجرًا منكم لبعدنا من المسجد، ولا يرغبنا إليه إلا حب
رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة معه ". وحديثه: " فأتيته في البحر والبر فبينما هم
يتدارون اطلع عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليهم فقصوا عليه القصة، فقال:
الأبعد فالأبعد أعظم أجرأ، وذلك أن الرجل إذا توضأ في بيته وأحسن الوضوء
وأكمله ثم خرج إلى المسجد لم يخط خطوة إلا كتب الله له بها حسنة،
ومحا عنه سيئة، وإذا دخل المسجد لم يزل في صلاة حتى يخرج أو
يحدث " (3) . أنبأ به الشيخ المسند الفقيه أبو الثور بن عبد القوي قال: أنبأ أبو
الحسن علي بن المحمودي أنبأ الحافظ أبو طاهر البغوي قراءة عليه أنبأ أبو
مسعود محمد بن عبد الله السودرجاني أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
محمد الجبال أنبأ أبو محمد عبيد الله بن محمد بن إبراهيم قراءة عليه أنبأ أبو
موسى عيسى بن إبراهيم أنبأ آدم، وحديث ابن عمر يرفعه: " لأنا على أمتي
في غير الخمر أخوف عليهم من الخمر، سكن البادية، وترك المساجد،
والذكر ". ذكره ابن يونس في تاريخه/عن عاصم بن رواح ثنا زكريا بن
(1) المصدر السابق.
(2)
قوله: " نودي " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
(3)
صحيح. رواه أبو داود (ح/556) ، وابن ماجة (ح/782) ، وأحمد (2/428) ، والبيهقي
(3/65) ، والحاكم (1/ 208) ، وابن أبي شيبة (2/206) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (5/
352) ، والمنثور:(5/260)، والخطيب:(11/32)، والكنز:(20246، 20741) . وصححه
الشيخ الألباني.
يحيى بن أبان ثنا مسكين بن عبد الرحمن وخالد بن حميد عن أبي مالك
يحيى عن واهب بن عبيد الله المعافري عنه، قال: ورواه محمد بن المغيرة عن
واهب موقوفًا على ابن عمر، ورواه مسلم في صحيحه عن الحلواني عن أبي
برمة ثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد سمع أبا سلام حدثنى الحكم بن مينا
أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة حدّثاه
…
فذكره بلفظ: " الجماعات ". قال
البيهقي: ورواه أبان عن يحيى عن زيد بن سلام عن الحضرمي عن الحكم
وخالفه الدستوائي فرواه عن يحيى أن أبا سلامة حدّثه عن الحكم أنه حدثه،
قال: ورواية معاوية عن أخيه زيد أولى أن تكون محفوظة. انتهى كلامه.
ويفهم منه أن أبان بن يزيد رواه بلفظ: " الجماعات " بالإسناد المذكور عنده،
وليس كذلك لا.
ذكره أبو بكر الإسماعيلي أنبأ الفرياني أنبأ عمران بن موسى ثنا عثمان بن
أبي شيبة ثنا عفان وأنبأ أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا يحيى بن إسحاق البجلي ثنا
عمرو بن محمد ثنا عفان قال: أنبأ أبان بن يزيد العطار لفظ العرياني ثنا يحيى
عن زيد عن أبي سلام عن الحكم عنهما عن ابن عمر وابن عباس بلفظ:
" الجماعات "، قال الشيخ: لم يكن في حديث عمرو في الرفع عن أبي سلام
ولم تكن قوته صح، وقال أبو حاتم في علله: والحضرمي رجل من أهل المدينة
وليس لرواية أبي سلام عنه معنى، وإنما يشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من
زيد فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به حدثنا عثمان بن
إسماعيل الهذلي الدمشقي ثنا أبو لبيد بن مسلم عن أبي ذئب عن/الزبرقان بن
عمرو الضمري عن أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لينتهين رجال عن
ترك الجماعات، أولا حرقن بيوتهم " (1) . هذا حديث إسناده منقطع فيما بين
أسامة والزبرقان. قاله أبو القاسم بن عساكر والشيخ ضياء الدين في أحكامه،
(1) صحيح المتن، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة:(ح/795) . في الزوائد: في إسناده
الوليد بن مسلم للدمشقي؛ مدلس، وعثمان لا يعرف حاله، والمعنى ثابت في الصحيحين
وغيرهما. والحاوي (1/181) ، والكنز (20353) ، والترغيب (1/278) ، والفتح (2/126) .
قلت: بل صححه الشيخ الألباني. لما رأينا له من شواهد صحيحة عند الشيخين وغيرهما.
ويوضحه لي في تاريخ البخاري الكبير زبرقان بن عمرو بن أمية الضمري،
روى عنه ابن أبي ذئب، قال جعفر بن ربيعة: الزبرقان بن عبد الله بن
عمرو بن أمية عن أبيه، وقال لي إسحاق: أنبأ عبد الصمد ثنا شعبة عن عمرو
سمع الزبرقان سمع عروة عن زيد بن ثابت، وعن أبي داود عن ابن أبي ذئب
عن زبرقان عن زهرة كنّا عند زيد فقال: هي الظهر- يعني الصلاة الوسطى-
فأرسلوني إلى أسامة بن زيد فقال: حي الظهر. وقال هشيم: حدّثنا صدقة عن
ابن أبي ذئب عن الزبرقان بن عمرو بن أمية الضمري عن زيد بن ثابت
وأسامة نحوه، وقال آدم: ثنا ابن أبي ذئب ثنا زبرقان الضمري نحوه وروى
يحيى بن أبي بكير عن ابن أبي ذئب نحوه وفي الباب حديث أنس بن مالك
أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أن رجلًا لو دعى النّاس إلى عرق أو مرماتين لأجابوه،
وهم يدعون هذه الصلاة في جماعة، فلا يأتوها، لقد هممت أن آمر رجلًا
يصلى بالناس في جماعة فأضرمها عليهم نارًا، فإنه لا يختلف عنها إلا
منافق " (1) . قال أبو القاسم في الأوسط: ورواه عن إبراهيم بن حاتم ثنا
جويرة بن أشرس ثنا حماد عن ثابت عنه ولم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا
حماد بن سلمة، وحديث أبي الدرداء من عند أبي داود مرفوعًا: " ما من
ثلاثة في قرية ولا بدو ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ/عليهم الشيطان،
فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " (2) . وحديث ابن عمر
يرفعه: " الجماعة على من سمع الأذان "(3) . ذكره ابن عدي من حديث
محمد بن سعيد المصلوب، وهو متروك، وفي كتاب البيهقي من حديث أبي
إسحاق عن الحرب عن علي: " من سمع النداء من جيران المسجد وهو
صحيح من غير عذر فلم يجب، فلا صلاة له " (4) . قال البيهقي: وقد روى
(1) صحيح. الكنز (20369) ، والعلل (529) ، وأحمد (2/537) ، والمجمع (2/43) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط "، ورجاله موثقون.
(2)
حسن. رواه أبو داود (ح/547)،. قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في
الجماعة. والنسائي (2 لم 106) ، وشرح السنة (3 لم 347) ، والمنثور (6 لم 186) ، والترغيب (ا /
272) ، والمشكاة (1067) .
(3)
بنحوه. رواه الدارقطني: (2 / 6) ،.
(4)
بنحوه. رواه ابن ماجة (ح / 793) ، والطبراني (11 / 446) ، ونصب الراية (2 / 23) ،-
من وجه آخر مرفوعًا وهو ضعيف، وحديث أبي موسى قال- عليه السلام:
" من سمع النداء فلم يجب من غير عذر، فلا صلاة له "(1) . رواه أبو نعيم
عن يحيى بن عبد الحميد ثنا قيس عن أبي حصين عن أبي بردة عنه خرجه
الحاكم (2) مصححًا له. وحديث عمر بن الخطاب وأبي بن كعب مرفوعا:
" إن الله تعالى يتعجب من الصلاة في الجميع "(3) . ذكره ابن عدي، وضعفه
بحماد بن قيراط وغيره. وحديث حارثة بن النعمان من عند الكشي من
طريق مولى عفرة يرفعه: " يخرج الرجل في عتمة فلا يشهد الصلاة حتى
يطبع على قلبه " (4) ، وذكر حديثَا طويلا. وحديث أبي زرارة الأنصاري أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سمع النداء ثلاثَا فلم يجب كتب من المنافقين "(5) .
ذكره أبو يعلى عن أبي خيثمة ثنا يحيى بن إسحاق ثنا أبان عن يحيى بن أبي
ذئب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه، وحديث أبي الزبير عن جابر
قال عليه السلام: " لولا شيء لأمر رجلَا يصلى بالنّاس لحرقت بيوتا على ما
فيها " (6) . ذكره أبو جعفر الطحاوي في شرح المشكل. وحديث أبي هريرة
يرفعه: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر "(7) . ذكره
الحافظ أبو أحمد في كامله / من حديث سليمان بن داود قال: وليس بشيء
عن يحيى بن أبي كثير عن أبي مسلمة عنه، قال أبو سليمان الخطابي: قوله:
والكنز (20993) ، والإرواء (2 / 337) .
(1)
ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2 / 42) ، وعزاه إلى الطبراني فما " الكبير "،
وفيه بن الربيع وثقة شعبة وسفيان الثوري وضعفه جماعة.
(2)
صحيح. رواه الحاكم: (1/245) ،. وصححه.
(3)
ضعيف. وعلته حماد بن قيراط النيسابوري المذكور في سنده، وهاه ابن حبان. (المغني
في الضعفاء: 1 / 190 / 1723) ،.
(4)
لم نقف عليه.
(5)
بنحوه. أورده الهيثمي في: " مجمع الزوائد "(2/43) ،.
(6)
شرح معاني الآثار: (1 لم 169) ،.
(7)
تقدم. وراجع طرقه في: " الارواء "(2 / 337) ،.
" بلا ومنى " هكذا يروى في الحديث والصواب: " لا يلائمني " أي: لا
يوافقني ولا يساعدني على حضور الجماعة، قال أبو ذؤيب:
أبا الحسك لا يلائم مضجعا
…
إلا أقص عليك ذاك المضجع
فأمّا الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه قال الله تعالى.
(فأقبل بعضهم ملى بعض يتلاومون)(1) . وقال أبو موسى: أصله الهمز لا
يلائمني، وقال السكري: يلائم يوافق وبلا رق يقال التأم الجرح، ويقال: التأم
أمر بنى فلان، قال الحطيئة:
وهم جبروني بعد فقر وغيره كما لأم العظم الكسير جبائر
وفي الصحاح: لا يقال: يلائمني. والرخصة والرخصة لغتان حكاهما ابن
سيده في معجمه، فال: رخّص له في الأمر أذن له فيه بعد النهي عنه، ولما
شرح كتاب الإصلاح لأبي يوسف بن السكيت حكى عن صاحب العين:
الرخصة: ترخيص الله للعباد أي: لتسهيله في أشياء خفَّقها عليهم يقول:
رخصت له في كذا، أي أذنت له فيه بعد تهيي إيّاه عنه، قال: والودع الترك،
وقد ودعه وادعة، وقال شمر: زعمت الغوية أنّ العرب أماتوا مصدر وماضيه،
قال الهروي: والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح، قال أبو محمد ابن حزم: ولا يجزئ صلاة
فرض أحدا من الرجال إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إّلا في المسجد
مع الإمام، فإن لعمّد ترك ذلك بلا عذر بطلت صلواته، وإن كان بحيث لا
يسمع الأذان فعرض عليه أن يصلى في جماعة مع واحد فصاعد / ولابد فإن
لم يفعل فلا صلاة له، إّلا أن لا يجد أحدا يصليها معه فتجزئه حينئذ إّلا من
له عذر. وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم عن أبي موسى. " من سمع النداء
فلم يجب فارغا صحيحا فلا صلاة له) (2) . وعن ابن مسعود أنه كان يقول:
جار المسجد إذا سمع وليس له علة، ثم لم يجب فلا صلاة له، وعن عائشة.
من سمع المنادي ثم لم يجبه، فلم يرد خيرا أو لم يرد به، وفي كتاب ابن
(1) سورة القلم آية: 30.
(2)
رواه البيهقي (3/174) ، والترغيب (1/278) ، وتلخيص (2/30) ، والكنز (20539) ،
والخفاء (2/59) ، والمجمع (1/333) ،.
زنجوية عن معاذ: لإِن أصلّي في جماعة أحبّ إلي من أن أصلّي الدّهر
وحدي، وذكر صاحب التحفة الحنفي عن محمد بن الحسن: الجماعة واجبة،
وقد سمّاها بعض أصحابنا سنة مؤكّدة؛ وهما سواء، وفي المقيد: هي واجبة،
وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة، وفي البدائع: يجب على الرجال البالغين،
العقلاء، الأحرار، القادرين عليها من غير حرج فإذا فاتته لا يجب عليه الطلب
في مسجد آخر بلا خلاف بين أصحابنا؛ لكن إن أتى مسجدًا يرجو أدراكها
فيه فحسن، وإن صلّى في مسجد حيّه فحسن، وذكر سرف الأئمة إن تركها
بغير عذر يوجب التعذير ويأثم الجيران بسكوتهم عنه، زاد شمس الأئمة
السرخسي ولا تقبل شهادته وإنّ اشتغل بتكرار اللغة، حتى فاتته لا بعذر
وبتكرار الفقه ومطالعة كتبه بعذر، ولا أكثر أنها سنة مؤكدة ولو تركها أهل
ناحية أثموا ووجب قتالهم بالسلاح وفي شرح خواهر زاده: هي سنة مؤكدة
غاية التأكيد، وقيل: فرض كفاية، وبه قال الطحاوي والكرخي وغيرهما،
وقال الإِمام أحمد: هي واجبة وليست بشرط، وفي كتاب الجواهر عن مالك:
هي سنة مؤكّدة وليست بواجبة إّلا في الجمعة، وحكى القاضيان أبو الوليد
وأبو بكر عن بعض شيوخهم أنّها فرض/كفاية، وحكى الإِمام الشافعي في
كتاب الأم أنها فرض كفاية، وحكى الرافعي أنها فرض عين ليست شرطًا
لصحّة الفرض، وبه قال ابن خزيمة وأبو بكر بن المنذر، قال النووي رحمه
الله: وقيل أنه قول الشّافعي، وهو الصحيح من قول أحمد، وقول الآخر: لا
تصح الصلاة بتركها فإن ذكر حديث: يفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ،
وصيغة " أفضل " تقتضى الاشتراك في الفضل وترجيح أحد الجانبين، ومالا
يصح فلا فضل فيه ولا يجوز أن يقال: قد يستعمل بمعنى الفاضل لما عرف في
كتب النحو أن ذلك على سبيل البذور عند الإطلاق لا عند التفاضل بزيادة
عدد، ويؤيّده ما في بعض طرقه:" يزيد أو يضاعف على صلاته وحده " فإنّ
ذلك محمول على صلاة المعذور الفذّ؛ لأنه ذكر الفذّ بالألف واللام المفيدة
للعموم، فيدخل تحته كل فذّ من معذور وغيرها يؤيّده قوله:" أو في سوقه "؛ إذ
العليل لا يكون في السوق غالبا، وعلى تقدير ذلك فصلاة المعذور أجرها
كصلاة الصحيح قال عليه السلام: " إذا كان العبد يعمل عملًا ثم مرض أمر
اللًه ملائكته أن تكتب له أجر عمله " (1) في ذكر البخاري: أجيب بأن
المفاضلة لا تمنع أن تقع في الواجبات أنفسها؛ أي أنّ صلاة الجماعة في حق
من فرضه صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد في من سقط عنه وجوب صلاة
الجماعة لكان العذر بتلك الدرجات المذكورة، وهذا الجواب سبق ردّه ولله
الحمد، وزعم المهلب أن التحريق أريد به المنافقين، وإليهم يوجّه الوعيد محتجا
بقوله: " لو يعلم أحدهم أنّه يجد عرقًا، قال. وليس هذا من صفات المؤمن،
وبنحوه/قاله البيهقي عن الشافعي. رأى ذلك ابق حزم وابن بطال، واستدل
بعضهم به على أنّ الجماعة ليست فرض عين، ولو كانت فرضًا لما تركهم،
وزعم بعضهم أنّ هذا كان أوّل الإِسلام حيث كانت العقوبة في المال،
وأجمع العلماء على نفي عقوبة التحريق في غير المتخلف عن الصلاة والعمال
في العتيمة جواز، وبه أخد أهل الجرائم على أنّ فيه دليل على أنّ تارك
الصلاة متهاونًا، يقتل على قول من يقول: إنَّ الخطاب للمؤمن، وأمّا حديث
ابن أم مكتوم فزعم بعضهم أنه مؤذنا ومستخلفَا على غير ما عزوه، ولأنه
رخّص لغيره ولم يرخّص له؛ قلنا قد تأوّله أبو بكر بن خزيمة والحاكم والبيهقي
وأبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو سليمان- رحمهم الله تعالى- على أنه لا
رخصة لك إن طلبت فضل الجماعة وإنك لا تحوز أجرها مع التخلف عنها
بحال، وقال ابن المنذر: يحتمل أنه كان في الجمعة لا في الجماعة، وقيل:
كان ذلك أول الإسلام حين أتى غيب في الجماعة وسد الباب على المنافقين
في ترك حضورها، وقيل: لعلّه كان بمن يتصرف في أمر دنياه دون قائد
ككثير من العميان. انتهى. أمّا قوله في الجمعة فغير ذلك؛ لأن من قدر على
الجماعة (2) بطريق الأولى، وأما قوله: لعله ممن كان يتصرف في أمر دنياه
فكذلك أيضًا؛ لأنّ من استطاع المجيء في الليل قبل الناس ليؤذِّن دليل على
كثرة تصرفه، والذي يظهر من هذا أنه رجل من المهاجرين الفقراء الذين لم
يألفوا المدينة ولا أملتها فيوهم أن ذلك يكون عذرًا له في التخلّف عن
(1) حسن. رواه أبو داود: (ح/3091) ،.
(2)
اضطراب في سياق المتن.
الجماعة، فلما استقر قراره وألِف أمكنتها صار متصرفا بنفسه ومؤذنَا لا/
يحتاج إلى تأيد ولا غيره، وأمّا ترخصيه لعتبان فظاهره أنّه بعد هذا وأنّ له
أعذار منها السمن المفرط والسيل والريح الذي قال بنحوه ابن أم مكتوم غير
ملتبس ما- والله تعالى أعلم- وفي المشكل للطحاوي: اختلف أهل العلم؛
فقالت طائفة منهم بوجوب حضور الجماعة على الضرير كوجوبها على
الصحيح، وجعلوه لمن لا يعرف الطريق فلم يعذر بجميل، وعذره آخرون،
وقد روى القولان جميعَا عن أبي حنيفة؛ غير أنّ الصحيح عندنا عنه هو
وجوب حضورها عليه وإلى ذلك كان يذهب محمد، ولا يحكى فيه خلافَا
بينه وبين أحد من أصحابه.
***
135- باب صلاة العشاء والفجر في جماعة
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي
كثير حدثتني عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم الناس ما في
صلاة العشاء، وصلاة الفجر، لأتوهما ولو حبواً " (1) . هذا حديث إسناده
صحيح على شرط الشيخين، وإن كان ابن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا
زرعة عن حديث رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم
عن عيسى بن طلحة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لو يعلم المتخلفون
…
"
الحديث، قال أبي: ورواه أبان وشيبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن
عيسى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو زرعة: أشبه عندي عن نحيس،
وأخاف أنّ عيسى إنما صحّف فيه وأراد نحيس يكتب لأبي زرعة أنّ مسلم ابن
إبراهيم روى/عن أبان عن يحيى عن محمد عن عيسى قال: أخاف أن يكون
غلط مسلم ثنا أبو مسلمة عن أبان عن يحيى عن محمد عن نحيس وهذا
أصح من حديث مسلم. انتهى. إذا سلم لم يقوله فغير ضار؛ لأنّ نحيس بن
أبي موسى المدني الداخل بيتهما يخرج مسلم حديثه في صحيحه فلا ضرر في
دخوله وإبداله بعيسى لكونهما تعيين، فأمّا ما كان صحّ نفاه الحديث لكنّه
يتعرضه علّة أخرى؛ وهي ما ذكره أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن
الأوزاعي، قال: رفع أبو يحيى بن أبي كثير صحيفة وقال: أروها عني بنظر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء
وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " (2) . هذا حديث
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/796) ، والمنثور (1/299) ، والكنز (19470) ، والخطيب (3/
101) ، والخفاء (2/246) ،. وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح. رواه مسلم (ص 451) ، وأحمد (2/466، 472، 531، 5/140) ، والبيهقي (3/55) ،
والحاوي (1/179) ، وعبد الرزاق (2004) ، وابن خزيمة (1476، 1484) ، والترغيب (1/276) ،
وشرح السنة (3/343، 346) ، الخطيب (03/7،13/25) ، والكنز (19493، 19494) ، وابن
عساكر في " التاريخ "(2/333) ، والجوامع (6078، 6079) ، وابن أبي شيبة (1/332) .
خرجاه في صحيحه. حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن عياش عن
عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي- صلى الله
عليه وآله وسلم- أنه كان يقول: " من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة،
لا تفونه الركعة الأولى من صلاة العشاء، كتب الله له عتقًا من النّار " (1) . هذا
حديث في سنده ضعف؛ لمكان ابن عياش؛ ولأن شيخه هنا ليس ثابتَا، ومن
طريقه رواه سعيد بن منصور، وفي سننه قال أيضَا: غير أنّ النسخة التي عندنا
الظهر، وفي كتاب العلل لأبي الحسن: " من صلى في مسجدي جماعة
أربعين يومًا لا تفوته الركعة الأولى من صلاة الصبح " (2) . قال أبو الحسن
وعمارة: لا يعلم له متابعًا من أنس، وتابع ابن عياش محمد بن إسحاق،
ورواه يحيى بن أيوب عن عمارة عن رجل عن/أنس، وفي الأوسط من
حديث الحكم بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط بن عمر
عن أنس بلفظ: " من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب
له براءة من النار ونجاة من العذاب " (3) . وقال: لم يروه عن أنس إلا نبيط.
تفرد به ابن أبي الرجال. انتهى كلامه. وفيه نظر إن أراد أصل الحديث؛ لما
ذكرناه ولما يأتي بعد، وإن أراد أصل الحديث اللفظ فقريب وفي كتاب
المروزي: ألقيت على أبي عبد الله يعلى عن سفيان عن عاصم عن أنس
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/798)،. في الزوائد: فيه إرسال وضعف. قال الترمذي
والدارقطني: لم يدرك عمارة أنسا ولم يلقه، وإسماعيل كان يدلس. والترغيب (1/363) ،
وإتحاف (3/16) ، والكنز (19471، 278.2) ، وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن
ماجة (ح/798)، قلت: والحديث " حسن ". دون قوله: " لا تفوته الركعة الأولى من
العشاء ": الصحيحة (ح/262) ، شلشلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة تحت (ح/364) .
(2)
ضعيف. رواه أحمد (3/155) ، والطبراني في " المعجم الأوسط "(1 / 125 /2) ، من
" زوائد المعجمين " من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط. ونبيط هذا لا يعرف إلا
في هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين. وضعفه
الشيخ للألباني.
(3)
ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(4/8) ، وعزاه لدى أحمد والطبراني في
" الأوسط "، ورجاله ثقات.
انظر: مسند أحمد (3/155) ، والطبراني في " الأوسط "(2/1/125) ،. راجع كلامنا عن
نبيط في الحاشية السابقة.
مرفوعا: " من صلى أربعين صلاة مكتوبة يدرك التكبيرة الأولى مع الإمام كتب
له براءة من الشرك وبراءة من النار " (1) ، فأنكره وقال هذا من قبل يعلى، ما
أكثر ما كان يغلظ على سفيان، ولما ذكره الحافظ أبو سعيد محمد بن علي
بن مهدي النّعاس في كتاب الموضوعات من حديث إسحاق بن يزيد القرشي
عن سفيان عن خالد بن عمير عن أنس بلفظ. " من لم تفته الركعة الأولى
من صلاة الغداة أربعين ليلة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة "، قال:
إسحاق بن يزيد مجهول لا أدري أهو رفعه أم غيره، وزعم الدارقطني أن أبا
العلاء خالد بن طهمان الكوفي رواه عن حبيب بن أبي عميرة الإسكافْي عن
أنس، واختلف عن أبي العلاء؛ فقيل: عنه عن حبيب بن أبي ثابت ومن قال
ذلك عنه فقد وهم. كذا قاله قيس بن الربيع وعطاء بن مسلم وهما في نسب
حبيب، وفي سؤالات عبد الله: سألت أبي عن حديث حدّثنا خلف بن هشام
البزار، ثنا عيسى بن ميمون عن عون بن أبي شدّاد عن أبي عثمان النهدي
عن سلمان الفارسي قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
" من غدا إلى صلاة/الصبح أعطى ربع الإيمان
…
" (2) . الحديث، فقال: هذا
حديث منكر، وفي كتاب ابن زنجوية: ثنا الخضر بن محمد حدثني هشيم أنبأ
بشر حدثنى أبو عمير بن أنس قال: حدثنى عمومة لي من الأنصار من
أصحاب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم أن رسول الله صلى اللَه عليه
وسلم- كان يقول: " ما شاهدهما منافق " يعني: العشاء والفجر، وقْي
صحيح مسلم عن جندب يرفعه: " من صلى الصبح فهو في ذمة اللَّه "(3) .
فانظر يا ابن آدم لا يطالبنك اللَّه عن ذمة بشيء، وفي كتاب السنن للبيهقي
عن عبد الرحمن بن حرملة أن رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(1) موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "(2/136)،. وقال: إسحاق مجهول وقد
اتهموه بوضعه.
(2)
منكر. رواه الطبراني (6/314) ، والكنز (19300، 19313) ، والمشكاة (640) ،
والترغيب (1/270) .
(3)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/261) ، والترغيب (1/240) ، وأبو عوانة (2/
11) ، والحلية (3/96) ، والطبراني (2/169) .
" بيننا وبن المنافقين شهود العشاء والصبح، لا يستطيعونها "(1) ، وعن ابن
عمر قال: " كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والفجر أسأنا به الظن "(2) ،
وعن عائشة قالت: قال رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم: " لو يعلم
الناس ما في شهود العتمة ليلة الأربعاء لأتوها ولو حبوا " (3) . رواه في
الأوسط، وقال: لم يروه عن هشام إلا زكريا بن منظور. تفرد به عتيق بن
يعقوب الزبيري، وعن أبي الدرداء مرفوعًا: " من استطاع منكم ليشهد
الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوا فليفعل " (4) . رواه أبو القاسم في الكبير من
حديث رجل من النخع عنه.
***
(1) مرسل. رواه البيهقي (3/59) ، والتجريد (324)، والموطأ (130) . قال في التمهيد: هذا
الحديث مرسل في الموطأ. لا يحفظ عن النبي- صلى الله عليه وسلم مسندا. ومعناه
محفوظ من وجوه ثابتة، والشافعي (52) ، والكنز (360، 868) ، والقرطبي (1/349) .
(2)
صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/40) ، وعزا هـ إلى " البزار "، ورجاله
ثقات.
(3)
ضيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/40) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "،
وفيه زكريا بن منظور، وهو ضعيف.
(4)
ضعيف. للترغيب (1/269) ، والمنثور (1/299) ، والمجمع (2 / 40) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الكبير "، وللرجل الذي من النخع لم أجد من ذكره وسماه جابرا.
136- (باب لزوم الجماعة وانتظار الصلاة)
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم: " إن أحدكم
إذا دخل المسجد، كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة تصلي
على أحدكم/ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم اغفر له،
اللهم ارحمه، اللهم تب عليه، ما لم يحدث فيه ما لم يؤذ فيه " (1) . هذا
حديث اتفقا على تخريجه، وفي لفظ لمسلم: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به
الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط " (2) . وفي
لفظ: " لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، حتى
ينصرف أو يحدث " (3) . وفي لفظ للسراج: " ما لم يحدث أو يخرج من
المسجد ". وفي لفظ: " من انتظر صلاة فهو في صلاة حتى يصليها " (4) .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شبابة بن أبي ذئب عن المقبري عن سعيد
ابن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم قال:
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/799) . وصححه الشيخ الألباني.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/41) ، والترمذي (ح/51) ، والبيهقي (3/62) ،
وابن حبان (161) ، وابن خزيمة (5) ، وإتحاف (2/374، 10/23) ، والكنز (43323،
43324) ، والمشكاة (282) ، والمجمع (2/37) ، والمنثور (2/114) ، وموضح (1/
224، 225) ، والطبراني (4/148) ، والقرطبي (4/323) ، وابن كثير (2/170، 171) ،
والترغيب (1/158، 283) ، والحلية (8/248) .
(3)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/55)، ومسلم في (المساجد: باب " 49 " رقم
" 274 ") ، وأبو داود في (الصلاة: باب، " 20 ") ، وابن خزيمة (360) ، وأحمد (2/
415، 3/95، 5/453) ، والترغيب (1/181) ، وابن سعد (6/121) ، وأبو عوانة (2/
23) ، الخطيب في " تاريخه "(9/431) .
(4)
صحيح. رواه ابن أبي شيبة (02/41) ، وابن حبان (423) ، وإتحاف (3/282) ، والكنز
(9075، 19076) ، وأحمد (5/451) ، والمجمع (2/167) ، وعزاه إلى أحمد والبزار
بنحوه، ورجالهما رجال الصحيح.
" ما يوظن رجل يسلم المساجد للصلاة والذكر، إلا يتبشبش اللَّه إليه كما
يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم " (1) . هذا حديث أخرجه أبو حاتم
البستي في صحيحه عن عبيد الله بن محمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ عثمان
ابن عمر ثنا ابن أبي ذئب وقال يزيد: نظر اللَّه إليه بالرأفة والمحبة لذلك
الفعل "، وصححه أيضًا أبو محمد الإشبيلي وأخرجه أبو داود الطيالسي في
مسنده عن ابن أبي ذئب بلفظ: " لا يوظن عند المسجد للصلاة والذكر إلا
يبشبش اللَّه به إذا خرج من أهله " (2) ، ولفظ أبي بكر بن أبي شيبة في
مسنده: " ما يوظى رجل " بالياء كذا رأيته في غير ما نسخه، ورواه
الحاكم (3) . في مستدركه عن عبدان، ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا أدم بن أبي
إياس ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن ابن يسار وقال: صحيح على/شرط
الشيخين ولم يخرجاه، وقد خالف الليث بن سعد ابن أبي ذئب؛ فرواه عن
المقبري عن سعيد بن يسار بلفظ: " لا يتوضأ فيحسن وضوءه ويسبغه "(4) .
حدثنا أحمد بن سعيد الدارني ثنا النضر بن شميل ثنا حماد عن ثابت عن
أبي أيوب عن عبد اللَه بن عمرو قال: " صلينا مع رسول اللَّه- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلّم- المغرب فرجع من رجع، وعقبه من عقب، فجاء رسول
الله- صلى الله عليه وآله وسلم مسرعا قد حفزه الناس وقد حسر عن
ركبتيه فقال: " أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهى بكم
الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى " (5) .
هذا حديث إسناده صحيح على رسم الصحابة. حدثنا أبو كريب ثنا رشدين
بن سعد عن عمرو بن الحرث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن
رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا رأيتم الرجل يعتاد
(1) فصحيح. رواه ابن حبان: (309) .
(2)
صحيح. رواه ابن خزيمة: (1503)
(3)
صحيح. رواه الحاكم: (1/213) . وصححه.
(4)
صحيح. رواه أحمد (2/340) ، وابن خزيمة (1491) ، والترغيب (1/208) .
(5)
صحيح. رواه ابن ماجة (ح/801)، في الزوائد: هذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات.
والترغيب (1/282) ، والكنز (18966) ، والصحيحة (661) .
المساجد، فاشهدوا له بالإيمان، قال الله عز وجل: (إنما يعمر مساجد
الله
…
) الآية " (1) . هذا حديث ضعيف الإسناد برواية رشدين المذكور،
وقيل: وبه رواه أبو أحمد ابن عدي لما ذكره في كامله، ورواه البغوي في
مسنده بسند ضعيف أخرج به رشدين بن سعد منه، وأخرجه أبو يعلي
الموصلي في مسنده عن أبي خيثمة ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن
زيد عن مطرف بن عبد الله أن يوفَا وعبيد الله بن عمرو ذكر كلمة سقط
فقال يوف: " أجد في التوراة: لو أن السموات والأرض وما فيهن وما معهن/
في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت من، ولو أن
السموات والأرضين السبع وما فيهن كن في طبق من حديد، وقال عبد: لا
إله إلا الله فيهن حتى يصير إلى اللَّه تعالى ". فقال ابن عمرو: أنا أحدّثك عن
النبي- عليه السلام: صلينا معه ذات ليلة المغرب، فرجع من رجع وعقب
من عقب، قبل أن يؤوب الناس لصلاة العشاء الأخرة، وقد حضره النعس، وقد
عقد تسعَا وعشرين وأشار بأصبعه السبابة إلى السماء وهو يقول: " أبشروا يا
معشر المسلمين، هذا ربكم فتح بابا من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة،
يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي هؤلاء " (2) ، الحديث. ولفظ الطبراني في
الأوسط وخرجه من حديث ابن لهيعة عن دراج قال عليه السلام: " من ألف
المسجد ألفه اللَّه تعالى " (3)، وقال: لم يروهـ عن دراج إلّا ابن لهيعة. تفرد به
عمرو بن خالد الحراني. وخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن
مسعود عن محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن ابن لهيعة عن دراج
به. ورواه الترمذي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن ابن وهب عن عمرو
بن الحرث عن دراج، وقال: حديث حسن غريب. كذا قاله، والمعهود منه
تصحيح هذا الإسناد؛ فإنّه لما ذكر حديث وهم فيها كاسحون من حديث
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/802) ، وضعيف ابن ماجة (ح/172) ، والمشكاة (723) ،
والضعيفة (505) ، والتعليق الرغيب (1/131- 132) .
(2)
المصدر السابق.
(3)
ضعيف. المجمع (2/23) ، والمنثور (3/217) ، وإتحاف (3/28) ، وابن عدي في " الكامل "
(6/368)،. قلت: وعلته ابن لهيعة.
سويد بن المبارك عن سعيد بن يزيد عن دراج عن أبي الهيثم قال: حسن
صحيح غريب. وممن يصحح هذا السند ابن معين وابن خزيمة، وأمّا ابن خزيمة
فإنه خرجه في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن سالم ثنا حرملة بن يحيى
عن ابن وهب، وخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي العباس محمد بن
يعقوب/ثنا بحر بن نصر عن علي بن وهب أخبرك عمرو به وفال: هذه
ترجمة المصريين، لم يختلفوا في صحتها، وصدقوا في روايتها؛ غير أن شيخي
الصحيح لم يخرّجاه، وقد سمعت القول في صحته فيما بعد. ولفظ الإمام
أحمد وخرجه عن شريح أنبأ ابن وهب عن عمرو: " فاشهدوا عليه الإيمان ".
وفي الباب حديث أنس من عند البخاري: " أقبل النبي- عليه السلام
بوجهه بعدما صلى فقال: " لم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها "(1) .
وعند البيهقي من حديث صالح المزي عن ثابت عن أنس مرفوعَا: " إنّ
عمار بيوت اللَّه هم أهل اللَّه " (2) . وحديث طارق بن شهاب يرفعه: " وأما
الكفارات فإسباغ الوضوء في السيرات، ونقل الأقدام إلى الجمعات، وانتظار
الصلاة بعد الصلوات ". رواه في الأوسط، وقال: لم يروه عن أبي سعد
النقال- يعني عن قيس بن مسلم- عنه إلّا القاسم بن مالك المزي. تفرد به.
فرواه ابن أبي المعراء. وحديث أبي موسى مرفوعَا من عند مسلم: " والذي
ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام في جماعة أعظم أجرَا من الذي يصليها
ثم ينام " (3) . وحديث علي- بن أبي طالب قال- صلى الله عليه وآله وسلم:
" إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/168) ، ومسلم في (المساجد، باب " 39 "،
ح/22) ، والبيهقي (2/188) ، وابن سعد (1/2/162) .
(2)
ضعيف. رواه البيهقي (3/66) ، والترغيب (1/219) ، والمنثور (3/216) ، والكنز
(11792، 20742) ، والمجمع (2/23) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" أبو يعلى "
و" البزار "، وفيه صالح المزي، وهو ضعيف.
(3)
لم نقف عليه.
الصلاة تغسل الخطايا غسلَا " (1) . رواه ابن زنجويه من حديث الحرث بن عبد
الرحمن بن أبي ذئب عن أبي العباس عن ابن المسيب عنه، وقال الدارقطني:
ورواه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن ابن المسيب فأسنده عن أبي سعيد
الخدري، وكلاهما ضعيفان، وقال البزار: هكذا رواه صفوان عن الحرث عن
أبي العباس عن سعيد، وقال أنس بن عياض وغيره / عن الحرث عن أبي
العباس عن سعيد، وأبو العباس مجهول. وحديث عبد اللَّه بن حبيب: حدّثنى
من سمع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا يزال العبد في صلاة
ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم
أرحمه " (2) . رواه ابن زنجوية بسند صحيح من حديث ابن السائب عنه،
وحديث عبد الله بن عمر مرفوعَا من جملة حديث طويل: " فأمّا الكفّارات
فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السيرات ونقل الأقدام إلى
الجمعات ". قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن سعيد بن جبير إلّا عطاء
بن دينار، ولا عن عطاء الّا ابن لهيعة. تفرد به الوليد بن عبد الواحد التميمي،
ولا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد. وحديث المنكدر قال: " أَخر النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء الأخرة هنيهة ثم خرج علينا فقال:
" ما تنتظرون " قالوا: الصلاة، قال: " أما إنكم لن تزالوا فيها ما
(1) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/776)،. في الزوائد: حديث أبي سعيد رواه ابن خزيمة وابن حيان في
صحيحه. وله شاهد في صحيح مسلم وغيره. والكنز (44262) ، وابن المبارك في " الزهد "(138) .
وبلفظة: أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/36) ،. وعزاه إلى أبي يعلى والبزار، ورجاله
رجال الصحيح. وزاد البزر في أؤله: " ألا أدلكم على ما يكفر به الخطايا ". وزاد في أحد
طريقيه رجلا وهو أبو العباس غير مسمى، وقال إنه مجهول، قلت: " أبو العباس بالياء المثناة
آخر الحروف والسين المهملة ".
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/274) ، وأبو داود (ح/471) ، وأحمد (2/
415، 9513، 5/453) ، والترغيب (1/181) ، وابن سعد في " الطبقات "(6/121) ،
وأبو عوانة (2/23) ، الخطيب في " التاريخ "(9/431) .
انتظرتموها " (1) . رواه أبو القاسم في الصغير من حديث القاسم بن الحكم
العدني عن عبد الله بن عمرو بن مرّة عن محمد بن سودة عن محمد بن
المنكدر عنه، وقال: لم يروه عن ابن سودة إلا عبد الله بن عمرو وتفرد به
القاسم بن الحكم، وحديث قوله " ابنه " فهذا زوج حمزة بن عبد المطلب،
قال- عليه السلام: " ألا أنبئكم بكفارات الخطايا "؟ فقلت: بلى، قال:
" إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد
الصلاة " (2) . ذكر المديني في كتاب الصحابة من حديث ابن لهيعة عن بكبر
بن الأشج عن الضحاك بن عبد الله القرشي عن محمود بن لبيد عنها. وفي
كتاب الجامع لمعمر عن عطاء الخراساني رفع/الحديث أن للمساجد عمارا
جلساؤهم الملائكة ليتفقدونهم فإن كانوا في حاجة أعانوهم، وإن مرضوا
عادوهم، وإن غابوا افتقدوهم، وإن حضروا قالوا: ذكر الله تعالى ". وحديث
عقبة بن عامر الجهني قال- صلى الله عليه وآله وسلم: " القاعد في المسجد
يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى
يرجع إليه " (3) . رواه البستي في صحيحه عن عبد الله ابن سلم ثنا حرملة،
(1) ضعيف. رواه الطبراني في " الصغير "(2/73) ، والكنز (1841، 21845) ، والمنثور
(2/65) ، وابن أبي شيبة (02/41) ، والمعارف (1/175) .
(2)
رواه أحمد (2/301، 4303، 5/270) ، وابن ماجة (ح/270)،. في الزوائد:
حديث أبي سعيد رواه ابن حبان في صحيحه. وله شاهد في صحيح مسلم وغيره. وابن
خزيمة (5) ، وابن كثير (2/170) ، والبغوي (1/472) ، والمجمع (2/36) ، وعزاه إلى الطبراني
والبزار بنحوه، وشيخ البزار خالد بن يوسف السمتي عن أبيه، وهما ضعيفان، وإسحاق لم يدرك
عبادة.
(3)
رواه ابن حبان (418) ، والكنز (18936) ، والترغيب (1/287) ، والجمع (2 / 29) ، وعزاه
إلى أحمد وأبو يعلى والطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفي بعض طرقه ابن لهيعة،
وبعضها صحيح، وصححه الحاكم.
وفي لفظ: " إذا تطهر الرجل ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه- أو
كاتباه- بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات " (1) .
وقال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن عقبة إلا بهذا الإسناد. تفرد به
عمرو بن الحرث؛ رواه عن رعية ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عنه، وفيه
لما أسلفناه، ولما في كتاب الثواب لأدم ثنا عياش ثنا ابن وهب، وحديث ابن
مسعود يرفعه: " من أتى السجد ينتظر الصلاة، فهو في صلاة ما لم
يحدث " (2) . خرجه أبو نعيم الحافظ في كتاب المساجد من حديث أبي
إسحاق عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عنه، وقال أبو حاتم في العلل:
الصحيح عندي عن عمرو، قوله: وعجب ممن أدخل فيه عبد الله، وحديث
سهل بن سعد يرفعه: " من كان في مسجد ينتظر الصلاة فهو في
الصلاة " (3) . رواه أبو القاسم محمد بن إسحاق السراج في مسنده عن قتيبة
وابن حبان عن أبي الحنفية عن قتيبة عنه. حدثنا بكر بن مضر عن عباس بن
عقبة أن يحيى بن ميمون حدّثه عنه، وحديث عبد الله بن سلام يرفعه: " من
جلس مجلسَا ينتظر الصلاة، فهو في صلاة حتى يصلى " (4) . رواه مسلم.
وحديث عثمان / بن مظعون قال: سألت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم
فقلت: إنّى أردت أن أترهب، قال: " لا تفعل فإن ترهب أمتي القعود في
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة " (5) . ذكره أبو سعيد النقال في كتابه
وقال: لا أعرف في إسناده واحدَا منهم، وحديث أبي سعيد مرفوعَا: " ألا
أدلكم على شيء يكفر الخطايا، ويزيد في الحسنات: إسباغ الوضوء عنى
(1) المجمع مصدر سابق، وعزاه إلى أحمد وأبو يعلما والطبراني في " للكبير " و" الأوسط "،
وفي بعض طرفه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه الحاكم.
(2)
ضعيف. رواه الطبراني: (1/2730)،.-:
(3)
صحيح. رواه النسائي (2/56) ، والطبراني (6/250) ، والكنز (20228، 20735) ،
وابن حبان (424) .
(4)
صحيح. رواه أبو داود في (الجمعة، باب " ا ") ، والترمذي (ح/491)، وقال: هذا حديث حسن
صحيح. والبيهقي (3/251) ، وإتحاف (3/282) ، والكنز (425) ، والموطأ (109) .
(5)
تقدم ص 1347.
المكاره
…
" (1) . الحديث، قال عبد الله عن أبيه في كتاب العلل: هذا باطل،
يعني من حديث عبد اللَّه عن أبيه من حديث عبد الله بن أبي بكر عن ابن
المسيب عنه إنما هو من حديث عقيل، وأنكره أيضَا أشد الإنكار وقال: ليس
بشيء- يعني ابن عقيل- وقال ابن سيده: البش: اللطف في المسألة والإقبال
على الرجل، وقيل: هو أن يضحك إليه ويلقاه لقاءَ جميلَا، والمعنيان معربان،
ورجل باش وبش، وقد بششت به بششَا وبشاشة قال:
لا تقدم السائل منه وفرَا وقبله بشاشة وبشرَا
وروى بيت ذى الرمة: ألم تعلمي أَنانبش إذا ذئب بأهلك مناطيه وحلول،
بكسر الباء فأمّا أن يكون بششت مقبولة، وإمّا أن يكون مما جاء على فعل
يفعل، والبشبش كالبشاشة قال رؤبة قارى ومسنده البشيش وبشمش به
ويبشبش منكول من يبشبش، وقال أبو نصر: البشاشة: طلاقة الوجه، وقال
يعقوب: لقيه فتبشبش به وأصلها يبشبش فأبدلوا من الشين الوسطى، فكما
قالوا بحفحف، وقال الفراء: بش الرجل بصاحبه بشا وبشاشة إذا ضحك إليه
واستبشر به ولقيه بأحسن أخلاقه، وبشّ الرجل يبش إذا مرق، والبشاشة
النصرة ومنه قول الشاعر:/
ذهبت بشاشة وأصبح واضحَا
…
برق المفارق كالبراء الأعفر
وقال آخر:
ورأت بأنّ الشيب جانبه
البشاشة والبشارة، وقال ابن طريق، وابن العطويه: بششت باش أقبلت عليه
وضحكت إليه، وكل هذا متعذّر في حقّ الباري- عز وجل وقد أحسن
الهروي إذ قال هذا مثل ضربه ليلتقيه أباه ببره وإكرامه وتقريبه، وقال ابن
الأعرابي: البش فرح الصديق بالصديق، وقال ابن الأنباري: البشيش من الله
الرضى، يقال: تبشبش فلان بفلان إذا وانته، وقال ابن بطال: معنى قوله، ما
لم يحدث دليل على أنّ الحدث في المسجد خطيئة يحرم به استغفار الملائكة
(1) تقدم فما أكثر من موضع من هذا الباب انظر ص 1343.
ودعاؤهم له، قيل: ومن أراد أن يحط الله عنه ذنوبه فليلازم مصلاه بعد
الصلاة ليستكثر من استغفارهم له، وشبه عليه السلام المنتظر للصلاة بالزائد.
وقد فسّر أبو هريرة الحدث بأنه فساء أو ضراط، وذكر ابن حبيب النخعي
عن عبد الله بن أبي أوفى أنّه قال: هو حدث الإثم، وكان أبو الدرداء وعلي
ابن أبي طالب والنخعي وعطاء وسعيد بن جبير: يجوزون للمحدث الجلوس
في المسجد وكرهه الحسن وابن المسيب، وقال الداودي: عن رواية التخفيف
دل على جواز الحدث في المسجد، ومن رواه بالتشديد أراد الحدث بغير
ذكر اللَّه تعالى، قال ابن التين: لم يذكر أحد التشديد وقد جاء حديث
صححه الحاكم فظاهره بعارض الايطان، وهو نهيه- عليه السلام عن إيطان
المساجد كما يوطنه البعيد، وليس كذلك؛ لاعينه محمول على تحجير مكان/في
المسجد أن يصلي غيره كما يفعله كثير ممن يدّعى الرياسة، وأمَّا من صلى في
المسجد وأنبأ أي فرحه أو أي مكان صلى فيه فذاك هو التبشبش به، والله-
سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
***
137- باب إقامة الصلاة والسنة فيها افتتاح الصلاة
حدثنا علي بن محمد الطنافسي ثنا أبو أسامة حدثنى عبد الحميد بن جعفر
ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي يقول: " كان
رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقام إلى الصلاة، تقبل القبلة،
ورفع يديه، وقال: اللَّه أكبر " (1) .
هذا حديث أخرجه ابن ماجة في مواضع من كتاب الصلاة أتمها عن ابن
بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن
عطاء عن أبي حميد قال: سمعه وهو في عشرة من أصحاب رسول الله-
صلى الله عليه وآله وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي قال: " أنا أعلمكم
بصلاة رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم كان- عليه السلام إذا قام
في الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه حتى يحاذي هما متكبيه ثم قال: الله
أكبر، وإذا أراد ان يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، وإذا قال: سمع
اللَّه لمن حمده رفع يديه اعتدل، فإذا أقام من الثنتين كبّر ورفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة " (2) .
ثنا ابن بشار أبو عامر ثنا فليح ثنا عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد الساعدي
وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن سلمة فذكروا صلاة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه
وآله وسلّم- قال أبوْ حميد الساعدي:/وأبو أسيد وسهل بن سعد: " أنا أعلمكم
بصلاة رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم أن النبي عليه السلام قام فكبّر، ورفع
يديه، ثم رفع حين كبر للركوع، ثم قام فرفع يديه واستوى، حتى رجع كل عظم إلى
موضعه " (3) .
وأخرجه أبو حاتم البستي في صحيحه عن رواية عمرو بن علي عن يحيى
(1) الحاشية القادمة.
(2)
صحيح. رواه ابن ماجة مختصرا: (ح/803) . وصححه الشيخ الألباني.
(3)
المصدر السابق.
ابن سعيد عن عبد الحميد مطولَا، ورواه ابن خزيمة أيضَا من حديث سهل بن
سعد وأبي حميد وأبي أسيد الساعدي، ومن حديث عبد الحميد، وفيه أبو
قتادة وذكر ابن عساكر في كتاب كرسا المقبري حدّثني الشيخ أبو عبد الله
طرخان بن ماضي المقبري الفقيه أنه رأى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم
في المنام، وشأنه عن حديث أبي حميد في كيفية الصلاة فقال: صدق أبو
حميد، وأثنى عليه.
ورواه أبو داود (1) من حديث عبد الحميد بلفظ: قال أبو حميد: أنا
أعلمكم بصلاة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: فلم؟ فواللُّه ما
كنت بأكثرنا له، ولا أقدم منَّا له صحبة، قال: بلى، قالوا: فأعرض، قال:
كان إذا قام إلى الصلاة، برفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه، ثم كبر حتى
يقر كلّ عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ: ثم يكبّر فيرفع يديه حتى يحاذي
هما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا يصيب رأسه
ولا يقنع، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ثم برفع يديه حتى يحاذي
منكبيه معتدلَا ثم يقول: اللَّه أكبر، ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن
جنبيه ثم برفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، ويفتح أصابع رجليه إذا
سجد ثم يسجد ثم يقول: الله أكبر، ويرفع ويثني رجله اليسرى/فيقعد عليها
حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا
قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه كما كبّر عند افتتاح
الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها
التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متورّكَا على شقّه الأيسر، قالوا: صدقت
هكذا كان يصلي- صلى الله عليه وآله وسلم ". وفي حديث ابن لهيعة عن
يزيد بن حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو
العامري: " فإذا ركع أمكن كتفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه، ثم هصر ظهره
غير مقنع رأسه ولا صافح فخذه، وقال وإذا قعد الركعتين قعد على بطن قدمه
اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/963) .
وأخرج قدميه من ناحية واحدة. وفي حديث ليث عن يزيد: " فإذا سجد
وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة ". وفي
حديث عباس بن سهل: " ثم رفع رأسه- يعني من الركوع- فقال: سمع
اللَّه لمن حمده، ربنا لك الحمد، ورفع يديه ثم قال: اللَّه أكبر، فسجد فانقلب
على كفيه وركبتيه وصدور قدميه، وهو ساجد ثم كبّر فجلس فتورك ونصب
قدمه الأخرى، ثم كبّر فسجد ثم كبّر، فقام ولم يتورك. قال: ثم جلس بعد
الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينخفض للقيام قام بتكبيرة ثم ركع الركعتين
الأخرتين، ولم يذكر التورك في التشهد "، وفي لفظ: " ثم ركع فوضع يديه
على ركبتيه كانه قابض عليه وتريديه فيجافي عن جنبيه ووضع كفيه حذو
منكبيه، ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته/ويحايد به عن جنبيه، ووضع يديه حذو
منكبيه، ثم رفع رأسه حتى رجع كلّ عظم في موضعه حتى فرغ، ثم جلس
فافترش رجله- يعني اليسرى- فأقبل بصدر اليمنى وكفّه اليسرى على ركبته
اليسرى وأشار بإصبعه ". قال أبو داود: روى هذا الحديث عنه ابن أبي حكيم
عن عبد الله بن عيسى عن العباس به سهل فلم يذكر التورك، وذكر حديث
فليح، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة قال: " إذا سجد
فرَج بين فخديه عن حامل بطنه على شيء من فخذيه ".
وزعم الدارقطني في كتاب الأفراد والغرائب أنّ زهير بن معاوية تفرد به
عن الحسن، ولم أره إلّا عند أبي بدر شجاع بن الوليد، وهو في صحيح
البخاري من حديث الليث عن خالد بن سعيد عن محمد بن عمرو عن عطاء
ح، وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد ابن
عمرو أنه كان جالسًا مع نفر من الصحابة فذكرنا صلاة رسول الله- صلّى
الله عليه وآله وسلّم- فقال أبو حميد بلفظ: " وأنه إذا كبّر جعل يديه حذو
منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى
حتى يعود كلّ فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما
واستقبل بأطراف رجله القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله
اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخرى قدّم رجله اليسرى،
ونصب الأخرى وقعد على مقعديه
…
" الحديث.
قال: وقال أبو صالح عن الليث: " فقار ظهره "، وقال ابن المبارك عن
يحيى ابن أيوب أن محمدًا بن عمرو بن حلحلة قال: " كلّ فقار "، ولما ذكر
ابن حبان في صحيحه حديث / سهل بن سعد عن أحمد بن يحيى، ثنا ابن
بشار عن العقدي ثنا فليح بلفظ: " ثم عاد من الركعة الأخيرة، وكبر لذلك،
ثم جلس بعد الركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام كبر، ثم ركع
الركعتين الأخيرتين، فلمّا سلّم على يمينه: السلام عليكم ورحمة الله ". قال:
سمع هذا الخبر محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد، وسمعه من عباس
بن سهل عن أبيه، قيل: فالطريق أنّهما جميعًا محفوظان، ومتناهما متباينان،
وقد يتوهّم المتبحر في صناعة الحديث أنّ خبر أبي حميد معلول وليس
كذلك، وعاب ابن القطان على أبي محمد إيراده حديث محمد بن عمرو في
عشرة من الصحابة فيهم أبو قتادة، وهذا يجب فيه التثبّت، فإن أبا قتادة توفي
زمن علي بن أبي طالب، وهو صلى عليه، وكان قد قتل معه، وسنُّ محمد
بن عمرو مقصرة عن إدراك ذلك، وقد قيل في وفاة أبي قتادة غير ذلك: من
أنه توفي سنة أربع وخمسين، وليس ذلك بصحيح، بل هو الصحيح ما
ذكرناه، وفيل: على سنة أربعين، وقد ذكر هذا الذي قلناه الطحاوي. قال:
والذي زاده محمد بن عمرو غير معروف ولا متصل؛ لأن في حديثه أنه
حصن أبا حميد وأبا قتادة، ووفاة أبي قتادة قبل ذلك بدهر طويل؛ لأنه قتل
زمن علي فأين سن محمد من هذا، ويزيد هذا المعنى تأكيدا أن عطاف بن
خالد روى هذا الحديث فقال: حدثنى محمد بن عمرو بن عطاء قال:
حدثنى رجل انه وجد عشرة من الصحابة جلوسا فذكر نحو حديث أبي
عاصم، وعطاف بن خالد أبو صفوان القرني مدتي ليس بدون عبد الحميد،
وإن كان البخاري / حكى: أدن مالكًا لم يحمده، فإن ذلك لم يضره إذا لم
يكن ذلك من مالك بأمر مفسد يجب لأجله ترك روايته، وقد اعترض مالكًا
في ذلك الطبري بما ذكرناه من عدم تفسيره، وبأمر آخر لا نراه صوابًا؛ وهو أن
قال: وحتى لو كان مالكًا قد فسّر لم يجب أن يترك تجريحه رواية عطاف
حتى يكون معه فخرج أخر، وقال: وإنّما لم نر هذا صوابا لوجهين:
أحدهما: أنّ هذا الحديث ليس بصحيح؛ بل إذا جرح واحد بما هو جرحه قبل.
الثاني: هو أن غير مالك قد وجد عنه أيضا مثل ما ذهب إليه مالك، وهو
ابن مهدي؛ فانّه ذهب إليه فلم يرضه، وغير هذين يوثقه، وقول أبي حاتم فيه:
ليس بذاك يعني: ليس على ما يكون، قال ابن القطان: ولعلّه أحسن حالا من
عبد الحميد بن جعفر وهو قد بيّن أنّ بين ابن عمرو وبين أولئك الصحابة
رجلًا، وقد تقدم عدمه لعامر بن عمرو وأبي قتادة، وجاءت رواية عطاف عائدة
لما قد صحّ وفرغ منه. وقد رواه يحيى بن عبد الله بن مالك الداري عن
محمد بن عمرو عن عياش أو عباس بن سهل، وعيسى حاله مجهول. انتهى
كلامه. وفيه نظر من وجوه:
الأول: ليست حال عيسى مجهولة، وإن كان ابن المديني قال: لم يرو
عنه إلا ابن إسحاق فهو مجهول، قال البيهقي في المعرفة: ليس مشهورا، وقد
اختلف في اسمه فقيل: عيسى بن عبد اللَّه، وقيل: ابن عبد الرحيم، وقيل:
عبد الله بن عيسى فغير صواب؛ لأنه ممن روى عنه ابن لهيعة والحسن بن
الحرّ، ووثقه ابن حبان وخرّج حديثه في صحيحه.
الثانى: تصحيحه وفاة أبي قتادة زمن علي،/وتضعيف غيره وليس هو بأبي
عذرة ذلك؛ لتقدّم أبي عمر به في موضع، وقال في كتاب الاستغناء بمعرفة
الكنى: مات سنة أربع وخمسين، نقل في خلافة علي جعله قولًا مرجّحًا، وهو
الصواب لما ذكره البخاري: من أنّ مروان بن الحكم لما كان على المدينة أرسل
أبي قتادة ليريه مواقف النبي- صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، الحديث
ذكره في تاريخه الكبير تعليقَا، وقال في الأوسط: وذكره في فصل من مات
بعد الخمسين إلى الستين. حدثنى إبراهيم بن حمزة، ثنا موسى بن شيبة من
ولد كعب بن مالك عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن
مالك بن مروان الحديث، وثنا أحمد بن أبيِ بكر عن موسى بن شيبة عن
عمرو بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك عن أبيه عن جدّنه خالدة بنت عبد اللَّه
بن أنيس أنَّ أباها توفي بعد أبي قتادة بنصف شهر. انتهى.
ومروان إنّما كان على المدينة في أيام معاوية بعد قتل علي بدهر، وإلى هذا
القول قال يحيى بن بكير: فقال: توفي سنة أربع وخمسين، وكذا فاله أيضَا
خليفة بن حياط المعروف لسان في تاريخه الكبير، ويعقوب بن سفيان النسوي،
وابن نمير، والبارودي، في كتاب الصحابة تأليفه، وابن حبان والحاكم وأبو
أحمد وأبو عبد الله مرّة، وأبو عيسى الترمذي، وأبو جعفر الطبري في مزيله،
وأحمد بن عمر وابن أبي عاصم النبيل وأبو يعقوب وإسحاق بن إبراهيم
العراب، وقال ابن سعد في الطبقات: الكثير بن محمد بن عمر، حدثني يحيى
بن عبد اللَّه بن أبي قتادة قال: توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين وهو
ابن سفيان سنته، قال محمد بن عمرو: ولم أر بين ولد أبي قتادة وأهل البلد
عندنا/اختلافًا أنّ أبا قتادة توفي بالمدينة، وروى أهل الكوفة: أنّه توفي
بالكوفة، وصلّى عليه علي، واللَّه أعلم.
وجزم أبو القاسم بن منيع: بصحة هذه الرواية دومًا غيرها، وكذا قاله أيضًا
عبد الغنى بن سرور المقدسي البيهقي في المعرفة، واستشهاد أبي جعفر انقطاع
الحديث توفي أبو قتادة قبله خطأ، فإنّه إنّما رواه موسى بن عبد اللَّه بن يزيد
بأنَ عليًا صلى على أبي قتادة وكان بدريًا، ورواه أيضًا الشعبي منقطعًا، وهو
غلط لإجماع أهل التواريخ على أنَّه بقى إلى سنة أربع وخمسين، وقيل:
بعدها، والذي يدلّ على هذا: أنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن وعبد اللَّه بن
قتادة وعمرو بن سليم الرزقي وعبد الله بن رباح الأنصاري سمعوا عن أبي
قتادة، وإنّما حملوا العلم بعد أيّام علي، ولم يثبت لهم عن أحد ممن توفي أيام
على سماع.
وروينا عن ابن عقيل: أنَّ معاوية لما قدم المدينة في خلافته تلقته الأنصار
وتخلّف أبو قتادة، وروينا من طريق صحيحه أنَّ أم كلثوم ابنة على امرأة عمر
ابن الخطاب لماَّ توفيت هي وأمها، والإمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس
يومئذ أبو هريرة وأبو قتادة وابن عباس، وعلى تقدير صحَّة دعوى أبي جعفر،
فالحجة قائمة بروايته عن أبي حميد التي لا شك فيها، وقد وافق ابن حلحلة
عبد الحميد مذهب الشّافعي متابعة السنة إذا ثبتت، وقد قال في حديث أبي
حميد: وبهذا يقول، وقال ابن حزم في محلاه: من زعم أنّ أبا قتادة توفي
زمن علي وهم، وأنّ ذلك قول الرافضة، والقصاص، ومن لا يعتمد عليه.
الثالث: ما ذكر من انقطاع ما بين محمد بن عمرو وأبي قتادة مردود بما
أسلفناه، وبتصريحه هو بسماعه منه / عند أبي حاتم بن حبان في صحيحه
الذي زعم أنه لا يخرج فيه إلّا حديثا متصلا، إذ رواه عن محمد بن إسحاق
مولى ثقيف. حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا أبو عاصم ثنا عبد الحميد ثنا
محمد ابن عمرو قال: سمعت أبا حميد في عشرة من أصحاب النبي- صلّى
الله عليه وآله وسلّم- أحدهم: أبو قتادة، وثنا أحمد بن يحيى بن زهير
الحافظ مستر وكان أسود من رأيت، ثنا ابن بشار ثنا أبو عاصم ثنا عبد الحميد
بن جعفر فذكره، ثم قال عبد الحميد: هذا أحد الثقات المتقّين قد فرّب أخباره
فلم أره تفرد بحديث منكر لم يشارك فيه، وقد وثّق فليح وعيسى بن عبد اللَّه
عن محمد بن عمرو عبد الحميد في هذا الحديث، وعند الحافظ بن خزيمة في
صحيحه عن بندار: ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد، حدّثنى محمد بن
عمرو عن أبي حميد الساعدي قال: سمعه في عشرة من الصحابة أحدهم:
أبو قتادة قال: " كان عليه السلام إذا كانت الركعة التي مقتضى فيها الصلاة
أخَّر رجّله اليسرى، وقعد على شقّه متوركا، ثم سلّم "، وفي خبر أبي عاصم:
" أخّر رجله اليسرى وجلس على شقّه الأيسر متورّكا ".
وقال البزار: ثنا يحيى بن حكيم ثنا القطان ثنا عبد الحميد ثنا محمد بن
عمرو عن أبي حميد قال: سمعه يقول: وهو في عشرة من الصحابة أحدهم
أبو قتادة فذكره، قال: وثنا محمد بن مثنى، ثنا أبو عامر، ثنا فليح ثنا العباس
عن أبي حميد بأحسن من هذين الإسنادين، وخرّجه الدارمي في مسنده عن
أبي عاصم، وقد خرج البخاري في تاريخه بسماعه من أبي قتادة وغيره، وقال
البيهقي: ما ذكره الطحاوي من عذر سماعه منه ليس بذلك / ولما ذكره ابن
سرور: جزم بسماعه منه ولم يعهد من محمد تدليس، ولو صحَّ عنه لدفع
بتصريحه بالسّماع على لسان ثقة، ولم أر أحدا أنكر سماعه منه إلا الطحاوي
بما استدلّ به، وقد بينا عدم صوابه.
الرابع: الإسناد الموصل إلى عطاف لم يذكره حتى يعرف صحة الطريق
إليه أو عدمها، ولا أعرف موضعه الآن إلّا قول البيهقي، وأمّا إدخال من أدخل
من محمد وأبي حميد رجلا فإنّه لا يوهنه؛ لأنّ الذي فعل ذلك رجلان
أحدهما: عطاف، وكان مالك لا يحمده، والثاني: عيسى بن عبد الله،
فروى عن الحسن أنّ الخبر عن عيسى عن محمد بن عمر وعن عياش- أو
عباس- بن سهل عن أبي حميد. انتهى كلامه، وليس فيه ما يتعرّف به
طريقها على أنّ ما أسلفناه من عند أبي داود هذا، والله أعلم.
الخامس: قوله: وغير مالك وابن مهدى يوثقّه غير صواب؛ لقول أبي حاتم
ابن حبان فيه يروى عن الثقات ما لا يشبه حديثهم لا يجوز الاحتجاج به إلّا
فيما يوافق الثقات، وفي مكان آخر كان منكر الحديث، روى عن نافع عن
ابن عمر ما ليس من حديثهما، وقال البزار: حدّث عن نافع بأحاديث لم يتابع
عليها، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء حكى عن ابن عبد الرحيم أنه
قال: عطاف بن خالد ليس بالقوى.
السادس: قوله: أنّ مالكًا لم يخرجه لجرح مفسّر مردود؛ بما ذكره الحافظ
ابن تميم مؤرّخ القيروان عن عباس بن محمد، حدثني من سمع عمر بن
سليمان يحدّث عبد اللَّه بن شرويه قال: سمعت مطرف بن عبد الله يقول:
سمعت مالكًا يقول: ويكتب عن مثل عطاف، لقد أدركت في هذا البلد
سبعين شيخًا كلّهم خير من/عطاف ما كتبت عنهم، وإنما نكتب العلم عن
قوم جرى فيهم العلم مثل عبيد الله بن عمر، وقال عبد الله بن عمرو: قال
عبد الملك: حدّث عطاف، قال: أوقد فعل ليس هو من إبل القباية، وقال
محمد بن سليمان عن مطرق قال: قال مالك: عطاف يحدّث؟ قلت: نعم،
قال: فأعظم ذلك إعظاما شديدا.
السابع: قوله في عطاف: ولعلّه أحسن حالة من عبد الحميد غير صحيح؛
لأنّ عبد الحميد خرج حديثه الشيخان في صحيحيهما على سبيل الاحتجاج،
وعطاف لم يخرّج له أحدًا ستلم صحة فيما رأيت واللَّه أعلم. ولما سأل ابن
أبي حاتم أباه عن حديث عبد الحميد هذا، قال: أصله صحيح، ورواية العباس
ابن سهل عن أبي حميد مرسله، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد ابن
الحباب، حدثنى جعفر بن سليمان الضبعي حدثنى علي بن علي الرفاعي عن
أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله- صلّى الله عليه وآله
وسلّم- ليستفتح صلواته بقوله: " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك
وتعالى جدّك ولا إله غيرك ". هذا حديث رواه أبو عيسى بلفظ: " كان
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبّر، ثم يقول
في آخره: الله أكبر كبيرًا، ثم يقول: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان
الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " (1) .
ثم قال: قد يتكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد
يتكلم في علي بن علي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث، وكذا ذكره
السعدي عن أحمد وفيه نظر؛ لأنه مخرّج في مسنده، وهو لا يخرج غير
صحيح عنده كما أسلفناه من كلام أبي موسى، فقال: حدّثنا/ابن أنس عن
جعفر بزيادة: " ويقول: لا إله إلا اللَّه ثلاثًا بعد الله أكبر ثلاثًا ويقول: أعوذ
بالله السميع العليم "؛ ولأنّ ابنه عبد اللَّه، والمروزي لما سأله عن هذا الحديث
أجاب بغير ما ذكره لفظًا ومعنى، الترمذي تبيّن ذلك ما يراد كلامهما، قال
عبد اللَّه بن أحمد: سألت أبي عن حديث أبي سعيد حديث علي بن علي؟
فلم يحمد أبي إسناده، قال: عبد اللَّه لم يروه عنه إلا جعفر بن سليمان، وفي
سؤالات المروزي: سألت أبا عبد اللُّه عن استفتاح الصلاة؟ فقال: تذهب فيه
إلى حديث عمر.
وقد روى فيه من وجوه ليست بذاك كحديث حارثة، وحديث أبي سعيد،
وحديث علي بن علي. ذكر له حديث جبير بن مطعم، فقال: ما أدفع من
هذا شيئًا، وسأل حرب الكرماني أحمد: عن علي بن علي؟ فقال: لم يكن به
بأس، ويثبت في كلام الترمذي أيضًا في قوله: أنّ يحيى بن سعيد كان يتكلّم
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/775، 776) ، والترمذي (ح/142، 243)، وقال الترمذي:
وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب. وأخذ قوم من أهل العلم هذا الحديث.
وابن ماجة (ح/804، 806) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 18 ") ، واحمد (3/50،
69) ، والدارمي (1/282) ، والبيهقي (2/34، 35) ، والطبراني (10/2133، 184،
12/354) ، والحاكم (1/235) ، وإتحاف (3/46) ، والمشكاة (815، 816) ، والدارقطني
(1/298) ، وعبد الرزاق (2554) ، والمنثور (4/130) ، (6/254) ، وابن أبي شيبة (1/
232) .
في علي، فإنى لم أره عند غيره، وقد وثقه ابن معين وأبو زرعة ووكيع
والنسائي ومحمد بن عمار، وأثنى عليه شعبة وأبو داود وأبو نعيم وعفّان،
وقال ابن خزيمة: ألا تعلم في هذا خبرا ثابتا عن النبي عند أهل المعرفة؟
بالحديث وأحسن إسناد يعلم روى في هذا خبر أبي المتوكل عن سنيد، ثم جاء
ذكره بلفظ: كبر ثلاثا ولا إله إلا الله ثلاثا، قال: وليا يسمع عالماً في الدنيا
في قديم الدهر، وحديثه استعمله على وجهه، ولا حكى لنا عمن لم يشاهده،
وقال أبو علي الطوسي الحافظ: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب،
ورواه الدارقطني في سننه بما بيّن: أنّ علّته ليست من علي بن علي أعانة
انقطاع، فقال حدّثنا إسماعيل (1) . حدّثنا سليمان الضبعي ثنا علي بن علي/
الرفاعي: قال: ثنا إسحاق وكان يشبه بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم
عن أبي المتوكل عن أبي سعيد به، كذا هو في نسختي التي بخط المبارك بن
كامل الحقاق الحافظ، وأصل سماعه واستظهرت بنسختين صحيحتين فقط،
والمعروف أنّ عليًا هو المشبه بالنبي فلعلّ إسحاق بن أبي إسرائيل هو القائل قي
علي ذلك، وكتبتها في هذه الأحوال ثنا إسحاق كما بينته لك، واللَّه أعلم.
وذكر أبو داود: علّة تأتيه أن يخرجه إيّاه بزيادة قوله: بعد ولا إله غيرك، ثم
يقول: لا إله إلّا الله ثلاثا، وفي آخره ثم يقرأ: يقولون: هو عن علي بن علي
عن الحسين، والوهم من جعفر، وقال أبو محمد الأشبيلي: هذا أشهر حديث
في هذا الباب على أنهم يرسلونه عن علي عن أبي المتوكل والبزار عن النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم، قال أبو الحسن بن القطان: هذا خطأ من القول
ولا يعرف هكذا، وإنّما هو إمَّا مسند عن أبي سعيد، وإمَّا مرسل كما قاله أبو
داود، وأما عن المتوكل فلا أعلمه، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى
عن ابن سعيد إلا من هذا الوجه هذا الإسناد، ولا رواه عن أبي المتوكل إلّا
علي بن علي، وهو بصري ليس به بأس، روى عنه غير واحد، ولما ذكره ابن
طاهر في كتاب التذكرة: رواه بأنّ عليا كان ينفرد عن الإثبات؛ بما لا يشبه أن
يكون مراد أحمد من قوله: لا يصح يعني الزيادة التي فيه تدلّ على قول
(1) بياض " بالأصل ".
الترمذي، وأمّا كثر أهل العلم فقالوا: إنّما روى عن النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم-: " أنه كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى
جدك " (1) . حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد بن فضيل عن عبادة
ابن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة: " كان رسول اللُّه-/صلى اللَّه عليه
وآله وسلم- إذا كبر سكت من التكبيرة والقراءة قال: فقلت: بأبي أنت
وأمي، أرأبت سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: " اللهم
باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من
الخطايا كالثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج
والبرد " (2)
هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي كتاب الميموني عن أحمد وسأله عن
حديث أبي هريرة في الاستفتاح قال: إسناده جيد، وما أحسن حديث أبي
هريرة في الاستفتاح إلّا أنّ عليها يحكى عن النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- في الاستفتاح شيئا حسنا بإسناد حسن. حدّثنا علي بن محمد
وعبد اللَّه بن أبي معاوية، ثنا حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة: " أن
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " (3) .
هذا حديث قال فيه الإمام أحمد: وشأنه عنه أبو طالب حارثة وضعيف
ليس نشئ، وقال الشافعي: إنّ أول ما يبدأ بقوله وفعله ما كان في كتاب الله
تعالى وسنة رسول اللَّه عليه السلام، قال: قد رويت هذا القول عن النبي من
حديث بعض أهل مدينتكم، قلنا له: ولبعض من حضره أحافظ من رويت عنه
(1) الحاشية فبل السابقة ص 1360.
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/189) ، ومسلم في (المساجد، ح/147) ،
والنسائي في (الطهارة، باب " 48 "،، والافتتاح، باب " 15 ") ، وأبو داود في (الافتتاح،
باب " 8") ، وابن ماجة (ح/805) ، وأحمد (2/231، 494) ، والبيهقي (2/195) ،
والدارمي (1/284) ، والقرطبي (1/117) ، والكنز (3803) ، والمجمع (2/106) ، والكلم
781) ، والدارقطني (1/336) ، وابن خزيمة (465، 1630) .
(3)
الحاشية قبل السابقة في ص 1360.
هذا القول، ويحتج بحديثه؟ فقال عامّة من حضره: لا، ليس بحافظ، قال:
فقلت: كيف يجوز أن يعارض برواية من لا يحفظ ولا يقبل حديث مثله
على نفسه، أو برواية من يحفظ ويثبت حديثه، قال البيهقي في المعرفة: إّنما
أراد أبو عبد اللَّه حديث حارثة عن عائشة، وقال الحافظ لم أبو علي الطوسي
في أحكامه وأبو عيسى: لا يصرفه، قد تكلّم فيه من قبل حفظه. انتهى
كلامهما، وفيه نظر؛ لما ذكره أبو الحسن، ثنا ابن صاعد ثنا أبو الأزهر ثنا سهل
ابن عامر أبو عامر البلخي ثنا مالك بن مغول عن عطاء- قال: دخلت أنا وعبيد
ابن عمير على عائشة، فسألتها عن افتتاح صلاة النبي- صلى اللَّه عليه وآله
وسلم- فذكره، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي إلّا من
هذا الوجه بهذا الإسناد، وفيه أيضًا نظر؛ لما تقدّم من عند ابن ماجة، ولما
ذكره أبو داود عن حسين عن عيسى ثنا طلق بن غنام ثنا عبد السلام بن
حرب عن هذيل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة به، ثم قال: هذا
الحديث ليس بالمشهور عنه عليه السلام لم يروه إلا طلق.
وقد روى قصة الصلاة جماعة عن بديل، ولم يذكروا فيه شيئَا من هذا،
كذا هو في رواية اللؤلؤي وابن العبد وابن داسة جماعة غير واحد، وذكر
الدارقطني عنه زيادة، وليس هذا الحديث بقوي، وقال البيهقي في المعرفة: ليس
بمحفوظ، وخالف ذلك الحاكم، فقال: على شرط الشيخِين ولم يخرجاه، وله
شاهد صحيح الإسناد فذكر حديث حارثة وقال: إن لم يكن مالك يرضاه،
فقد رضيه أقر به أقرانه من الأئمة، ولا أحفظ في قوله: سبحانك اللهم
وبحمدك أصح من هذين الحديثين، وقال الحافظ أبو عبد اللَّه محمد بن عبد
الواحد المقدسي: رواية ما علمت فيهم مجروحًا، وقال العلامة مجد الدين بن
تيمية: طلق بن غنام خرج له البخاري، والثقة تقبل زيادته وما ينفرد به. انتهى
كلامه.
وفيه نظر؛ لخفْاء علّة / الحقيقة عليهما، وهى انقطاع ما بين أبي الجوزاء أوس
بان عبد الله وعائشة، فإنّه لم يسمع منها شيئَا، نص على ذلك أبو عمر بن
عبد البرّ في كتاب التمهيد والإنصاف، وسيأتي لذلك زيادة تعتمد، وفي
كتاب الكشي: عن حجاج ثنا همام عن أبان بن أبي عباس ثنا أبو الجوزاء
بلفظ: وأدخل في الصلاة قال: اللَّه أكبر، قال: ونحن نقول الله أكبر
سبحانك اللهم وبحمدك فذكره، وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك
آمنت وعليك توكلت وإذا قام قال: سمع اللَّه لمن حمده قال: اللهم ربنا لك
الحمد ملأ السموات وملأ الأرض
…
فذكر حديثا طويلا نذكره في موضعه إن
شاء الله تعالى.
وفي كتاب أبي الحسن: ثنا محمد بن عمرو بن البختري ثنا سعدان بن
نصر ثنا أبو معاوية عن حارثة بزيادة: ورفع يديه حذو منكبيه، ثم قال
الحديث، وفي الباب غير ما حديث من ذلك، حديث جابر بن عبد الله أنّ
رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم: " كان إذا استفتح الصلّاة كبر ثم
قال: " إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّه رب العالمين لا شريك له،
وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أهدني لأحسن الأخلاق وأحسن
الأعمال لا يهدى لأحسنها إلّا أنت، وقني سيء الأعمال وسيء الأخلاق لا
يقي سيئها إلّا أنت " (1) .
رواه أبو عبد الرحمن بإسناد صحيح عن عمرو بن عثمان، ثنا شريح بن
يزيد الحضرمي- يعني الموثق عند ابن حبان- أخبرتي شعيب، حدّثنا بن
المنكدر عنه، ثم قال أبو عبد الرحمن: هو حديث حمصي رجع إلى المدينة ثم
إلى مكة، وفي السنن البيهقي: ورواه عبد اللَّه بن عامر الأسلمي وهو ليس
بشيء عن ابن المنكدر عن جابر/عن عبد اللَّه، وكذا ذكره أبو الفضل ابن
طاهر في كتاب التذكرة تأليفه، ولعلّه أشبه مما قاله البيهقي، وفي كتاب
الدارقطني من حديث يزيد بن عبد ربه عن شريح " ومحياي ومماتي " وقال:
" وأنا أوّل المسلمين ". قال شعيب: قال لي ابن المنكدر وغيره من فقهاء أهل
المدينة: إن قلت أنت هذا فعل وأنا من المسلمين به، وحديث أبي أمامة:
" كان نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاث
(1) صحيح. رواه النسائي (1/139) ، وأحمد (3/375) ، والطبراني (12/354، 19/
231) ، وإتحاف (3/43) .
مرّات ثم قال: لا إله إلا اللَّه ثلاث مرات وسبحان الله وبحمده ثلاث مرات
ثم قال: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " (1) .
رواه أحمد في مسنده من حديث يعلي بن عطاء عن رجل، وفي رواية:
عن شيخ من أهل دمشق أنه سمع أبا أمامة، ورواه أبو نعيم عن شريك عن
يعلي، حدثنى شيخ بالمزاملة عنه، وحديث أنس: " كان رسول اللَّه- صلّى الله
عليه وآله وسلم- إذا افتتح الصلاة كبّر، ثم رفع يديه حتى يحاذى بابهماميه
أذنيه ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله
غيرك " (2) .
رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن ابن صاعد، ثنا الحسين بن علي بن
الأسود العجلي ثنا محمد بن الصلت ثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عنه،
وقال ابن الجوزي: رجال إسناده كلّهم ثقات، وكذلك قاله الشيخ موفق الدين
ابن قدامة، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عنه قال: هذا حديث كذب لا أصل
له ومحمد بن الصلت لا بأس به، لست عنه: وحديث عمر بن الخطاب:
" كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم إذا كبّر للصلاة قال: سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك/اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك فإذا تعوذ قال:
أعوذ بالله من همز الشيطان ونفخه ونفثه " (3) .
رواه الدارقطني عن عثمان بن جعفر بن محمد الأحول، ثنا محمد بن
نصر المروزي ثنا عبد اللُّه بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد عن عبد الرحمن
ابن عمرو بن شيبة عن أبيه عن نافع، والمحفوظ عن عمر من قوله: يعني
المخرج عند مسلم من حديث عبدة عنه وهو منقطع؛ لأنّ عبدة لم يسمع من
(1) صحيح. رواه أحمد (3/50. 5/26) ، والبيهقي (2/34) ، وابن كثير فما " تفسيره "
(5/585) ، ونصب الراية (1/321) ، والفتح (8/478) ، وإتحاف (3/46، 145، 5/132) ،
وابن السني (47) ، والكنز (3491، 3578، 3597) ، والمتناهية (1/420) ، وبداية (1/
(2)
تقدم. رواه الدارقطني: (1/298) في ص 1360.
(3)
المصدر السابق.
عمر فيما قاله أبو علي الجبائي، وقال الحاكم: صح عن عمر، وقد أسند، ولا
يصح، وقال الدارقطني: كذلك رواه إبراهيم عن علقمة، والأسود عن عمر،
وكذلك رواه يحيى بن أيوب عن عمرو بن شيبة عن نافع عن ابن عمر عن
عمر عن قوله وهو الصواب، كذا هو في سننه، وفي العلل ذكر أنّ إسماعيل
ابن عياش رواه عن عبد الملك بن حميد عن ابن عيينة عن أبي إسحاق
السبيعي عن الأسود عن عمر مرفوعًا، ولقائل أن يقول: الذي رفعه ثقة،
والزيادة من الثقة مقبولة؛ لإله ممن خرج حديثه أبو عبد اللَّه البخاري في
صحيحه فيما ذكره أبو الفرج بن الجوزي، ويؤيده قول المروزي: سالت أبا
عبد اللَّه عن استفتاح الصلاة، فقال: إن يذهب فيه إلى حديث عمر فهذا
ترجيح من أحمد له، إذ الحديث عرفًا لا ينطلق غالبَا إلّا على مرفوع، ورواية
ابن عباس عن شيخه، وليس مدنيَا يصلح أن يكون شاهدَا واللَّه أعلم، ويؤيده
ما ذكره في الأوسط حدّثنا أحمد بن داود ثنا ثوبان بن سعيد بن عروة
البصري ثنا علي بن عياش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود
قال: " كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا إذا استفتحنا الصلاة/
أن نقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله
غيرك " (1) . وكان عمر بن الخطاب يفعل ذلك، وكان عمر يعلمنا ويقول:
كان النبي عليه السلام يقول: لم يروه عن أبي إسحاق إلّا علي بن عياش، ولا
يروى عن عمر إلّا بهذا السند، ولا يعرض بما ذكره الشّافعي، وقال من
خالفنا: افتتح " بسبحانك اللهم وبحمدك "، ورواه عن بعض الصحابة، وأصل
ما نذهب نحن إليه: ما كان في كتاب اللُّه أو سنة رسوله؛ لأنه واللَّه أعلم لم
يبلغه رفعه، ولا رفع هذه اللفظة إلّا على لسان ضعيف، ولو بلغه ما تقدّم لم
يقل هذا، والله تعالى أعلم، وكذا قول البيهقي في الكبير، وأصحّ ما روى فيه
الأثر الموقوف على عمر سمّاه الشري وقول ابن خزيمة، وصحّ عن عمر لا عن
النبي عليه السلام، وحديث حبيب ابن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده أن
رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول لنا: " إذا صلى أحدكم
فليقل: اللهم باعد بيني وبن خطيئتي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم
(1) تقدم ص 1360.
إنى أعوذ بك أن تصدّ عنى وجهك يوم القيامة، اللهم نقّنى من الخطايا كما
نقّيت الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أحيني مسلمًا وأمتني مسلمًا " (1) .
ذكره البزار في مسنده، وقد سبق توثيق حبيب وأبيه وقال الإشبيلي:
الصحيح في هذا فعل النبي- صلى الله عليه وآله وسلم لا أمره، قال أبو
الحسن: لم يبيّن أبو الحسن علّة هذا الحديث، وهى الجهل بحال حبيب، والله
تعالى أعلم.
وضعف حبيب عنه، وحديث أنس المذكور عند مسلم: أيضًا أن رجلًا
جاء إلى الصلاة، وقد حضره النّاس، فقال: اللَّه أكبر، الحمد لله حمدًا كثيرًا
طيبا مباركًا فيه، فلما قضى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة قال:/
" أيكم المتكلم بالكلمات؟ فإنه لم يقل بأسا "، فقال الرجل: أنا. فقال: " لقد
رأيت اثنى عشر ملكًا يبتدرونها أيّهم يرفعها " (2) ، وهو غير حديث رفاعة
المذكور عند البخاري؛ لأن ذاك إنّما قال هذا لما رفع رأسه من الركوع، وفيه:
" رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول "(3) .
وحديث ابن مسعود: " كان عليه السلام يفتتح الصلاة بسبحانك اللهم
وبحمدك " (4) . ذكره البيهقي من حديث عن أبي عبيدة عنه، وقال: ليس
بالقوى، وذكره من حديث خصيف عن أبي عبيدة عنه، وقال: ليس
بالقوى، وذكره في الأوسط من حديث خصيف عن أبي عبيدة وقال: لم
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "(2/106) ، وعزاه إلى " البزار " والطبراني
في " الكبير " وإسناده ضعيف.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/149) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب
" 6 ") ، والنسائي (4/133) ، وأحمد (3/106، 168، 188، 252) ، والبيهقي (3/
لمه 2) ، وابن خزيمة (466) ، والكنز (2210) ، والفتح (2/287، 10/600) ، والمجمع
(2/107) ، وأبو عوانة (2/99) ، وشرح السنة (3/116) ، والحبائك (35) ، والحلية (1/180) ،
والمغني عن حمل الأسفار (2/205) ،.
(3)
صحيح. رواه البخاري (1/202) ، والفتح (2/284) ، والمشكاة (877) ، والترغيب (1/
(4)
بنحوه. رواه ابن أبي شيبة: (1/229، 410) ،.
يروه عن خصيف إلّا عتاب بن بشير، تفرد به يوسف بن يونس الأفطس
وحديث محمد بن سلمة أنّ النبي- عليه السلام: " كان إذا قام إلى
الصلاة، قال: اللَّه أكبر، وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض
…
" إلى
آخر الآية، قال أبو حاتم: هذا من حديث إسحاق بن أبي فروة ذكره في
العلل، وحديث حذيفة أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: " كان
إذا صلى من الليل وكبّر، فقال: " الله أكبر ذا الملك والملكوت والجبروت
والكبرياء والعظمة ".
رواه (1) الكجي في سننه من حديث رجل من عبس، وذكره أبو نعيم في
كتاب الصلاة بسند صحيح على شرط البخاري عن إبراهيم عن العلاء بن
المسيب عن طلحة بن يزيد الأنصاري عن حذيفة: وحديث ابن عمر المذكور
في مسند السراج بسند صحيح قال: كنا نصلي مع النبي- صلّى اللَّه عليه
وآله وسلم- فجاء رجل، فدخل في الصلاة فقال: اللَّه أكبر كبيرَا والحمد للَّه
كثيرَا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فلما قضى/النبي- صلّى اللَّه عليه وآله
وسلم- الصلاة قال: " من صاحب كلام كذا وكذا "، فقال الرجل: أنا
فقال: " عجبت لها فتحت لها أبواب السموات ". قال ابن عمر: فما تركتهن
منذ سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك (2) ، زاد أبو نعيم
في كتاب الصلاة بسند صحيح على وهم البستي عن أبي الأحوص عن أبي
إسحاق عن الهيثم بن حبيش عنه موقوفَا " اللهم أجعلك ".
ولما ذكر الحاكم في العلوم حديث ابن عمر من طريق المنذر بن عبد اللَّه
الخزامي عن عبد العزيز بن أبي سلمة بن عبد الله بن دينار عنه قال: لهذا
الحديث علّة صحيحة، والمنذر أحد طريق المجرّة فيه، وذكر عن مالك أبي
غسان عن عبد العزيز، ثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد اللَّه بن
(1) قوله: " رواه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2)
صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/150) ، والنسائي (2/125) ، وأحمد (2/14،
5/173) ، والبيهقي (2/16) ، والمجمع (10/352) ، وأبو عوانة (2/11) ، والترغيب (1/
332) ، والحلية (4/265) .
أبي رافع عن علي قال: وهذا مخرّج في مسلم ومرسل قال: كان رسول
اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة قال: " سبحانك اللهم
وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك " (1) .
رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن أبي الأحوص عن أحسن بن عبد
الملك عنه، ومرسل محمد بن المنكدر قال: كان عليه السلام إذا قام إلى
الصلاة قال: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله
غيرك، لا حول ولا قوة إلّا بك، إنِّي وجَّهت وجهي للذي فطر السموات
والأرض حنيفًا وما أنا من المشرفي، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمية لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين " (2) .
رواه أيضًا عن عبد الله بن عامر عنه، ومرسل موسى ابن عائشة قال: كان
عليه السلام/إذا افتتح الصلاة قال: " الله كبر ذا الملكوت والجبروت والكبرياء
والعظمة " (3) .
رواه عن حسن بن صالح عنه، وحديث الحكم بن عمير قال: كان رسول
اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا: " إذا قمتم إلى الصلاة فكبّروا،
وارفعوا أيديكم لا تجاوزوا أذانكم، وقولوا: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك
اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك " (4) .
ذكره البارودي في كتاب الصحابة من حديث يحيى بن يعلي الأسلمي
عن موسى بن أبي حبيب عنه يحيى، وثقة ابن معين، وموسى روى عنه
جماعة وحديث عيينة النبوي أنله صلى فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد
(1) له أكثر من موضع سابق انظر ص 136.
(2)
تقدم. رواه أحمد (3/375) ، والطبراني (1/293) ، والمجمع (07/12) ، والمشكاة
(1461)
، وإتحاف (4/398) ، والكنز (12268) ،.
(3)
صحيح رواه النسائي (2/231) ، وأحمد (5/398) ، وهامش المواهب (144) ، وابن المبارك
في " الزهد "(34) ، وأخلاق (180) ، ومشكل (1/308) ، وابن كثير (6/583) ، وابن أبي
شيبة (1/231) ، وشرح السنة (4/20) ، والمحنة.
41) الكنز: (22048) .
أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، عملت سوء، ظلمت نفسي فاغفر لي
وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فقال عليه السلام: " ما خرج
آخرها من فيك، حتى نظرت إلى اثنى عشر ملكًا يبتدرونها " (1) .
ذكره أبو موسى في الصحابة من حديث يزيد بن محمد حدثنى أبي عن
أبيه عن الأوزاعي، حدّثني حماد بن أبي سليمان أنّ الحسن حدّثه ابن لأبي
ثعلبة: أنّ أباه أخبره به، وحديث أبى سعيد الآتي بعد: " كان النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم
وبحمدك
…
" (2) ، الحديث.
وحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلي ونحن في الصلاة،
فدخل في الصف، فقال: الله أكبر كبيرًا والحمد لفه كثيرًا وسبحان الله بكرة
وأصيلًا، ورفع المسلمون رؤوسهم واستنكروا الرجل، وقالوا: من هذا الذي رفع
صوته فوق صوت النبي؟ فلما انصرف النبي قال: " من هذا العالي الصوت؟
فقيل: هو هذا، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم: " والله لقد رأيت كلامه يصعد في
السماء حتى فتح/بابًا منها فدخل أظنّه فيها " (3) .
رواه أبو نعيم أيضًا بسند صحيح على رسم ابن حبان عن عبيد الله بن إياد
ابن لقيط عن عبد الله بن سعيد عنه، وموقوف أبيِ بكر الصديق، قال ابن أبي
شيبة: حدّثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان قال: بلغني عن أبي بكر أنه
كان يستفتح ب " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله
غيرك ". وبنحوه ذكره سعيد بن منصور في سننه وموقوف عمر، ذكره
الدارقطني بسند صحيح: أنله كان إذا افتتح الصلاة قال: فذكره وفي آخره
يسمعنا ذلك، وقال الضحاك في تفسير قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك حين
تقوم) قال: حين تقوم الصلاة، فيقول: سبحانك اللهم وبحمدك
…
آخره،
(1) انظر: كتاب الصحابة لأبي موسى.
(2)
الموضوعات لابن القيسراني: (578) .
(3)
صحيح. رواه أحمد (4/355، 356) ، والمجمع (06/12) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني
في " الكبير " ورجاله ثقات.
قال أبو عيسى: وعليه العمل عند أهل العلم من التابعين وغيرهم، وقال
عبد الله عن أبيه أحمد الذي يعلمنا حديث عمرو: قال ابن قدامة: وهو قول
أكثر أهل العلم، وقال الشيخ المجدّ: هذا اختيار الجمهور، كان أبو يوسف
يجمع بين قوله سبحانك اللهم وبحمدك، وبين قوله:" وجّهت وجهي " وهو
قول أبي إسحاق المروزي وأبي حامد الشافعي، واستحب الشّافعي حديث علي
الآتي بعد، وفي كتاب القواعد لابن رشد: ذهب قوم إلى أنّ التوحيد مستحب
لا واجب، قال البغوي في أحاديث الاستفتاح: بأنه استفتح بها، وحصل له
سنة الاستفتاح، قال: والأفضل عند الشافعي حديث علي، فإن كان إماما لم
يزد عليه، وفي المصنف عن ابن مسعود: " أحب الكلام إلى اللَّه تعالى ما قاله
أبونا حين اقترب: سبحانك اللهم وبحمدك
…
" (1) ، إلى آخره.
وفي لفظ: " أحب الكلام إلى اللَّه/تعالى أن يقول الرجل ذلك "، وفيه
زيادة: " ربّ إنّى ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت "(2) .
وقوله: إسكاته زنة " أفعاله " من السكوت، قال ابن التين معناه: سكوت
يقتضي بعده كلامًا، أو قراءة مع قصر المدة وهي مكروهة عند مالك؛ لأن
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم لما علّم الأعرابي قال: " كبّر ثم اقرأ، ثم
اركع "، وقال أنس: كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله (3) .
وذكر القاضي أبو بكر بن الغزالي عن مالك: أنّه كان يقول كلمات عمر
بعد التكبير، ومعنى قوله: بالماء والثلج والبرد أنها أمثال، ولم يرو أعيان هذه
(1) بنحوه. رواه مسلم في (الذكر والدعاء، ح/48) ، والبخاري في " الأدب المفرد "
(638)
، والكنز (2022) .
(2)
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/211، 8/89، 9/144) ، ومسلم (2078) ،
والنسائي في (السهو، باب " 59 " (، والترمذي (ح/3531) ، وصححه. وابن ماجة
(3835)
، والبيهقي (2/154) ، وأحمد (1/4، 7) ، والمنثور (5/17) ، والكلم (101) ،
والكنز (12359، 37309) ، والجوامع (9812) ، وابن خزيمة (846) ، وإتحاف (3/75،
83) 5/67، 75) ، وابن السني (156) ، والبخاري في " الأدب المفرد "(706) ، وصفة
(3)
الفتح: (1/227) .
المسميات، وإنّما أراد التأكيد في التطهير، ويستدلّ به لمن ذهب إلى المنع من
الماء المستعمل؛ لأنه يقول: إنّ منزلة الخطايا المغسولة بالماء بمنزلة الأوصار الحالة
في الماء، والمغسولات المانعة من التطهير. ذكره الخطابي، وفي حديث أبي
حميد: ولما قاله ابن حزم من أنه لم يرد لفظة. اللَّه أكبر عن النبي- عليه
السلام- يعني صحيحة؛ لأنه قد صحح هذا الإسناد فيلزمه العمل به، وفيه
أيضًا دلالة على استحباب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، قال ابن المنذر. وهو
إجماع، ونقل العبدري عن الزيدية أنه لا يرفع ولا يعيد بخلافهم.
ونقل المتولي عن بعض العلماء: وجوبه، وفي فتاوى القفال عن أبي الحسن
أحمد بن بشار المروزي مثله، وقال ابن حزم: ونقل إيجابه عن الأوزاعي، وفي
القواعد: ومنهم من أوجبه عند الاستفتاح وعند الركوع وعند الارتفاع، ومنهم
من أوجب ذلك في هذين الموضوعين وعند السجود بحسب اختلافهم في
المواضع التي يرفع فيهما، قال الطحاوي: يرفع ناشرا أصابعه / مستقبلًا بباطن
كفيه القبلة مستدلًا بما رواه الطبراني في الأوسط من حديث محمد بن
حرب، ثنا عمر بن عمدان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر يرفعه: " إذا
استفتح أحدكم، فليرفع يديه، وليستقبل بباطنهما القبلة كأنّ اللَّه تعالى
أمامه " (1) .
وفي الحاوي للماوردي: يجعل بطن كلّ كف إلى الأخرى، وعن سحنون:
ظهورهما إلى السماء وبطونهما إلى الأرض، وقال القالي: يقيما محنيين سيئًا
يسيرًا، وفي المهذب: يستحب تفريق الأصابع ونقله المحاملي، وقال الغزالي: لا
يتكلف فيهما ولا يقاتل بتركها، وقال الرافعي: يفرق تفريقًا وسطًا، وقال أبا
قدامة: يستحب أن يمد أصابعه ويضم بعضها إلى بعض، وفي كتاب
الذخيرة: يرفع ثم يكبّر، قال في المبسوط: عليه أكثر مشايخنا، وقال خواهر
زاده: يرفع مقارنا للتكبير، وبه قال أحمد وهو المشهور من مذهب مالك،
وقال النووي: الصحيح أن يكون ابتداء الرافع مع ابتداء التكبير وانتهاؤه مع
(1) ضعيف. رواه البيهقي (2/27) ، والكنز (3235، 19638) ، والمجمع (2/102) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عمير بن عمران وهو ضعيف.
انتهائه وهو المنصوص، وقيل: يرفع بلا تكبير، ثم يبتدئ التكبير مع إرسال
اليدين، وقيل: يرفع بلا تكبير ثم يكبّر ثم يرسلهما بعد فراغ التكبير، وهذا
مصحح عند البغوي، وقيل: يبتدئ بهما معًا، وينتهى التكبير مع انتهاء
الإرسال، وقيل: يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير، ولا استحباب في الانتهاء،
وهذا مصحح عند الرافعي.
وزعم ابن بطال: رفعهما، وقيل: إشارة إلى التوحيد، وقيل. حكمته أن
يرى الأصم دخوله في الصلاة، والتكبير أن يسمعه الأعمى/فيعلم بالدخول في
الصلاة، وقيل: الفساد، وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بالكلية إلى
الصلاة، ويكبّر من واحدة، وقالت الرافضة: ثلاًثا، واختلف في المكان الذي
يصلى فيه يرفع يديه، فذكر ابن عبد البر اختلف عق النبي- صلّى الله عليه
وآله وسلم- وعن أصحابه في كيفية الرفع، فروى عنه الرفع مدًا فوق الأذنين
مع الرأس، وروى أنه كان يرفع يديه حذاء أذنيه، وروى أنه كان يرفعهما
حذو منكبيه، وروى أنله كان يرفعهما إلى صدره، وكلها آثار محفوظة
مشهورة، وفي هذا دلالة على التوسعة.
وقال صاحب المحيط: حذاء أذنيه حتى يحاذى بإمهاميه شحمتيها،
وبرؤوس أصابعه فروع أذنيه، وقال الشافعي والإمام أحمد، ومالك، وإسحاق:
حذو منكبيه، وقال النووي: يريد يحاذى راحتاه منكبيه، وهكذا قاله المنوفي
والبغوي وغيرهما، وأمّا قول الغزالي قْيه: ثلاثة أقوال: فلا يعرف لغيره، ونقل
إمام الحرمين قولن آخرين:
الأول: يرفع يديه حذو المنكبين.
والثاني: حذو الأذنين وفيه غرابة، وقال ابق قدامة: هو يخيّر في رفعهما
إلى فروع أذلْيه أو حذو منكبيه، وفي كتاب أبي داود بسند ضعيف عن
طاوس: كان يرفع يديه حتى يجاورْ بهما رأسه، وقال. رأيت ابن عباس يصنعه
ولا أعلم أنّه قال: كان عليه السلام يصنعه. قوله: ولا يقنع أي: ولا يرفع
رأسه حتى تكون أعلا من ظهره، وقد أقنعه يقنعه إقناعًا، وفيه قوله تعالى:
(مقنعي رءوسهم)(1)، أي: رافعي رؤوسهم، وقال نفطويه: يقال: أقنع
برأسه إذا نصبه لا يلتفت يمينا ولا شمالًا، وجعل طرفه مواريا لما بين/يديه،
وقوله: أقنخ بالخاء المعجمة أي: ينصبها، ولعمر موضع المفاصل منها وبيتها إلى
باطن الرجل فيوجهها نحو القبلة.
وقال الأصمعي: أصل الفتح اللين، ومنه قيل للعقاب: فخا؛ لأنها إذا
انحطت كسرت جناحيها، وقال أبو العباس: فتح أصابعه أي ثنّاها، وقوله:
هصر ظهره، أي: ثنّاه وعطفه للركوع، وأصل الهصر أن يأخذ برأس العود
فيثنيه لليد ويعطفه، وقوله صالح نحوه أي: غير مبرز صفحه حدّه ولا مائل
في أحد الشقين.
(1) سورة إبراهيم آية:43