الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1971 -
الإمام المجتهد المطلق المقدّم بين أصحا
ب أب
ي حنيفة أبو الهذيل زفر العنبري البصري بن الهذيل بن (زفر بن الهذيل بن) قيس بن سليم بن مكمل بن قيس بن ذهل بن ذؤيب بن جذيمة بن عمرو بن حنجور بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان على ما ساق ابن خلكان نسبه في "وفيات الأعيان" تبعا للواقدي في غير ما زدته بين قوسين، تعويلا على رواية أبي بشر الدولابي، كما سيأتي *.
وفيما ساق أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" بعض مخالفة لذلك.
وقد ترجم لزفر أبو الشيخ في "طبقات المحدّثين بأصبهان" -وهي محفوظة بظاهرية "دمشق"- وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" - وهو مطبوع في "ليدن".
ولد الإمام زفر بن الهذيل في "أصبهان" سنة 110 هـ في عهد ولاية أبيه هناك، وكانت وفاته بـ "البصرة" سنة 158 هـ في شهر شعبان فيما ذكره ابن خلكان، فتكون وفاته قبل وفاة المنصور العبّاسي بأربعة أشهر، لأنه توفي في 7 ذي الحجّة من السنة، وشذّ يعقوب بن شيبة، فقال: توفي زفر في أول خلافة المهدي بن المنصور المذكور، فتابعه من تابعه، لكن الجمهور علي الرواية
* راجع: الطبقات السنية 3: 254 - 258.
الأولى، وأسند الصيمري إلى يعقوب بن شيبة السدوسي أنه قال: زفر بن الهذيل عنبري من أنفسهم، يكنى أبا الهذيل، وكان قد سمع الحديث، ونظر في الرأي، فغلب عليه، ونسب إليه، ومات بـ "البصرة"، وأوصى إلى خالد بن الحارث، وعبد الواحد بن زياد، وكان أبوه الهذيل يلي الأعمال، ومات وهو والي "أصبهان"، وكان أخوه صباح بن الهذيل على صدقة بن تميم، وزفر هو زوج أخت خالد بن الحارث، ومات في أول خلافة المهدي سنة ثمان وخمسين ومائة.
وأول خلافة المهدي منتصف ذي الحجّة من السنة بعد وفاة والده أبي جعفر المنصور بـ "مكة" سابع ذي الحجّة، فلا تكون وفاة زفر في أول خلافة المهدي ما دامت وفاته في شعبان من السنة كما سبق، وسأعيد الكلام في وفاته في آخر هذه الرسالة، إن شاء الله تعالى.
قال ابن أبي العوام: حدّثني محمد بن أحمد بن حماد عن زكريا بن خلاد الساجي، ثنا الأصمعي قال داود بن يزيد المهلب
(1)
عن أبيه، فقال لابنه مخلد: استأذن لي على أبيك، فاستأذن له عليه، فدخل، فقال: السلام عليك أيها الأمير! قدرك أعظم من أن يستعان عليك، أو يستعان، (قال جاء زفر بن الهذيل إلى يزيد بن المهلّب وهو في حبس الحجّاج بك، وقد حملت خمسين حمالة، وقد قصدتك. فقال: قد أمرت لك بها، وشفعتها بمثلها. فقال زفر: والله لا أقبل منها شيئا. فقال له يزيد: ولم ذلك؟ قال: إني بذلت لك من وجهي أكثر مما بذلت لي من مالك. فخرج، ولم يقبل منه شيئا. قال ابن أبي العوام: قال أبو بشر (الدولابي): زفر بن الهذيل هذا هو جدّ زفر بن الهذيل
(1)
وفي الأصل حاتم، وهذا والد يزيد، حفيد المهلّب، وصاحب الحكاية هو يزيد بن المهلّب مباشرة، فوهم في الاسم أحد الرواة، والحفيد لم يلحق الحجّاج، بل المحبوس في حبس الحجّاج هو الابن، وقد فرّ من المحبس، وتولى الولاية بدل الحجّاج عند وفاته، واستعاد منزلته التي كان أضاعها الحجّاج. (ز)
الفقيه صاحب أبي حنيفة) اهـ. والمهالبة في عهد الدولة الأموية كانوا كالبرامكة في الدولة العباسية في الجود وعلوّ المنزلة، وحال يزيد بن المهلّب في الجود في "تاريخ ابن خلكان" و"تاريخ ابن كثير" وغيرهما. وكان ما بين الحجّاج وبين يزيد بن المهلّب هذا ساء جدا، حتى حبسه الحجّاج على خلاف رضا عبد الملك، وهو يجود هذا الجود، وهو في المحبس، وهذا ما لا نظير له بين الأجواد، وعدم قبول زفر هذا البذل يدلّ على شهامته البالغة، بعد أن رأى أريحية بن المهلّب هذه، وخالد بن الحارث المذكور في كلام يعقوب بن شيبة من بني العنبر، ومن الحفّاظ الثقات.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان": كان الهذيل والد زفر بـ "أصبهان" في خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وكان ينزل قرية "بزاءان"، وكان له ثلاثة بنين: الكوثر، وهرثمة، وزفر. انتهى. ولم يستوف أبو نعيم ذلك ذكر إخوانه، كما رأيت. وقد سبق في كلام يعقوب بن شيبة ذكر صباح بن الهذيل في عداد إخوة زفر. والله أعلم.
اتصال زفر بأبي حنيفة:
قال الصيمري: أخبرنا عبد الله بن محمد الأسدي، قال: أخبرنا أبو بكر الدامغاني الفقيه، قال: أخبرنا الطحاوي، قال: أخبرنا محمد بن عبد اليه بن أبي ثور، قال: أخبرني محمد بن وهب، قال: كان سبب انتقال زفر إلى أبي حنيفة أنه كان من أصحاب الحديث. فنزلت به وبأصحابه مسألة، فأعيتهم، فأتى أبا حنيفة، فسأله عنها، فأجابه في ذلك، فقال له: من أين قلت هذا؟ قال: لحديث كذا، وللقياس من جهة كذا. ثم قال له أبو حنيفة: فلو كانت المسألة كذا ما كان الجواب فيها؟ قال: فكنت فيها أعيا مني في الأول، فقال: الجواب فيها كذا من جهة كذا. ثم زادني مسألة أخرى، وأجابني فيها، وبين وجهها. قال: فرحت إلى أصحابي، فسألتهم عن المسائل، فكانوا فيها أعمى مني، فذكرت لهم الجواب، وبينت لهم
العلل، فقالوا: من أين لك هذا؟ فقلت: من عند أبي حنيفة. فصرت رأس الحلقة بالثلاث المسائل. ثم انتقل إلى أبي حنيفة، فكان أحد العشرة الأكابر، الذين دوّنوا الكتب مع أبي حنيفة. اهـ.
وساق ابن فضل الله العمري في "مسالك الأبصار" هذا الخبر بنصّه بطريق الطحاوي.
أقوال أهل العلم في زفر:
قال الصيمري: أخبرنا أبو عبد الله المرزباني، قال: حدّثنا أحمد بن محمد المسكي، قال: حدثنا ابن أبي خيثمة، عن أبي الحسن المدائني، قال: زفر بن الهذيل صاحب أبي حنيفة عنبريّ. وقال أيضا: أخبرنا المرزباني، قال: حدثنا الحسن بن محمد المخرمي، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: سألت أبى وعمّي أبا بكر عن زفر، فقالا: كان زفر من أفقه أهل زمانه، قال أبي: وكان أبو نعيم -يعنى الفضل بن دكين- يرفع زفر، ويقول: كان نبيلا، فقيها.
قال: وحدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الرازي، قال: حدثنا أبو عبد الله الزعفراني نزيل "واسط"، قال: حدثنا أحمد بن أبي خيمثة، قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ، قال: حدثني عمرو بن سليمان العطّار، قال: كنت بـ "الكوفة" أجالس أبا حنيفة، فتزوّج زفر، فحضره أبو حنيفة، فقال له: تكلّم. فخطب، فقال في خطبته:
هذا زفر بن الهذيل، وهو إمام من أئمة المسلمين، وعلم من أعلام الدين في حسبه وشرفه وعلمه. فقال بعض قومه: ما يسرّنا أن غير أبي حنيفة خطب حين ذكر خصاله ومدحه، وكره ذلك بعض قومه، وقالوا له-: حضر ابن عمّك أشراف قومك، ونسأل أبا حنيفة أن يخطب؟! فقال: لو حضرني أبي لقدمت أبا حنيفة عليه. اهـ. وكفى في معرفة منزلة زفر في الفضل قول أبي حنيفة هذا فيه.
وقال الصيميري: حدّثنا أبو الحسن العبّاس بن أحمد بن الفضل الهاشمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد المسكي، قال: حدثنا علي بن محمد النخعي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا علي بن مدرك عن الحسن بن زياد، قال: كان زفر وداود الطائي متواخيين، فأما داود الطائي فترك الفقه، وأقبل على العبادة، وأما زفر فإنه جمع الفقه مع العبادة. ثم ذكر الصيمري بسنده قدوم زفر "البصرة"، يزور داود الطائي -رحمهما الله-.
وساق الصيمري بطريق علي بن محمد النخعي، عن محمد بن علي بن عفّان، قال: حدثنا وليد بن حمّاد، عن الحسن بن زياد، قال: ما رأيت أحدا يناظر زفر إلا رحمته، قال: وقال زفر: إني لست أناظر أحدا حتى يقول: قد أخطأت، ولكن أناظره حتى يجنّ، قيل، وكيف يجنّ؟ قال: يقول بما لم يقله أحد.
وقال الصيمري أيضا: أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، قال: حدثنا مكرم بن أحمد، وقال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا مليح بن وكيع، قال: قال: سمعت أبي يقول: كان زفر شديد الورع، حسن القياس، قليل الكتابة، يحفظ ما يكتبه. وقال: أخبرنا عمر بن إبراهيم، قال: حدثنا مكرم، قال: حدثنا أبو خازم القاضي، حدثنا ابن أبي عمران، قال: كان زفر من بلعنبر، من بيت شريف منهم، وكانت أمه أمة، فكان وجهه يشبه وجوه
(1)
العجم لأمّه. ولسانه يشبه لسان العرب، قال: فحضر مجلس الحجّاج بن أرطاة - وكان يتولى القضاء بـ "الكوفة"، وكان يغلب عليه البذاء، وكانت النخع تغمزه في نسبه، فتكلّم زفر، فأخذ المجلس، فملأ قلب الحجّاج، فالتفت إليه، فقال: أما اللسان فلسان عربي، وأما الوجه فليس وجه عربي. فقال زفر: أما أنا فقد قبلني قومي.
(1)
في بعض النسخ: "وجه".
وفي رواية ابن أبن أبي العوام عن الطحاوي عن ابن أبي عمران: دخل زفر وأبو يوسف على حجّاج بن أرطاة، فجرت مسألة، فقال الحجّاج لزفر، أما اللسان فعربي، وأما الصورة فتدلّ على غير ذلك، فقال له زفر، أما أنا فيقبلني قومي، وكان عنبريا من بني تميم، وكان الحجّاج يطعن في نسبه، فاشتدّ ذلك عليه، وأسكته، ثم ناظره أبو يوسف، فقطعه، فلمّا قاما قال لحاجبه: لا يدخل هذان عليّ بعد.
وقال ابن أبي العوام، حدّثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري، قال: ثنا عبّاس بن محمد بن حاتم، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: زفر صاحب الرأي، ثقة، مأمون، سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين، وذكر له زفر، فقال: كان ثقة، مأمونا. وجعل يعظم أمره، وهذه الدار التي فيها الجبان دارهم، قلت "فكيف وقع إلى "البصرة"، قال: في ميراث له، فتشبت به البصريون، وقالوا: حدّثنا، فأقام فيهم
(1)
.
وقال ابن أبي العوام أيضا: حدّثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، قال: سمعت العبّاس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين، يقول: ثم ذكر مثله، وزاد. قال يحيى بن معين: سمعت أبا نعيم، يقول: زفر بن الهذيل من خيار الناس. وأراني أبو نعيم منزل زفر بـ "الكوفة" في جبانة "كندة" في وسط الجبان، وجعل أبو نعيم يثني عليه. وبه إلى أبي بشر عن يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثني محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، حدّثني أبي ثنا إبراهيم بن المغيرة، قال: قيل لوكيع بن الجرّاح: تختلف إلى زفر؟! فقال: غررتمونا عن أبي حنيفة حتى فات، فتريدون أن تغرونا عن زفر، حتى نحتاج إلى أبي أسيد
(2)
وأصحابه.
(1)
لزفر رحلتان إلى البصرة احداهما في حياة الإمام عثمان بن مسلم البتى ثانيتهما بعد وفاة أبي حنيفة فاستقر بها. (ز)
(2)
في مناقب الكردري، أن أسيدا هذا كان صباغا ببابه.
وبه إلى أبي بشر سمعت محمد بن مقاتل، قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: قال لي زفر بن الهذيل: أخرج إلىّ حديثك حتى أغربله لك.
وقال الذهبي: زفر ابن الهذيل العنبري أحد الفقهاء والزهّاد، صدوق، وثقه غير واحد، وابن مَعين.
وقال ابن حجر: ذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: كان متقنا حافظا، لم يسلك مسلك صاحبيه، وكان أقيس أصحابه وأكثرهم رجوعا إلى الحق، توفي بـ "البصرة" في ولاية أبي جعفر، وقد وقع لنا حديثه بعلوّ في حديث ابن أبي الهيثم. اهـ. وقد أسقط ابن حجر بعض كلمات من كلام ابن حبّان.
وقال ابن عبد البر: كان زفر ذا عقل ودين وفهم وورع، وكان ثقة في الحديث. اهـ.
وقد ترجم له في "الانتقاء"، ومع ذلك كلّه يوجد من يتكلّم فيه، وسنذكر ذلك في فصل خاص إن شاء الله تعالى للفت النظر إلى مواضع العبرة في كلام المتعنّتين.
بعض ما قيل في الموازنة بين زفر وأبي يوسف:
قال ابن أبى العوام: حدّثني محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، قال: سمعت محمد بن شجاع الثلجيَّ أبا عبد الله، قال: سمعت بعض البصريين يقول: لما قدم زفر "البصرة" لقوه، فسألوه، فأعجبوا به، فبلغه أنهم قالوا: ما رأينا مثل زفر في الفقه، هو أعلم الناس. فقال زفر وبلغه ذلك: كيف لو رأيتم أبا يوسف اهـ؟. وحدّث عن الطحاوي عن ابن عمران عن محمد بن سلمة البلخي عن شدّاد، قال: سمعت زفر يقول: يعقوب - يعني أبا يوسف أفقه من أتى. اهـ.
وبهذا وذاك يكون زفر فضَّل أبا يوسف على نفسه -رحم الله تلك النفوس الطاهرة ما كان لهوى النفس سلطان عليهم-، وكانت خدمتهم في العلم بإخلاص لله وفي الله، فبارك لهم في علومهم، وما غرّهم ثناء الناس عليهم، بل وقفوا موقف اتّهام النفس، -نفعنا الله بعلومهم-.
ومما يروى في تفضيل زفر على أبي يوسف ما حدّثه ابن أبي العوام عن الطحاوي، عن أبي خازم عبد الحميد القاضي أنه سمع بكرا العمّي، يقول: سمعت محمد بن سماعة يقول عن محمد بن الحسن، قال: حضرت زفر وأبا يوسف يتناظران، فكان أبو يوسف يقهره بكثرة الرواية عن أبي حنيفة والأخبار، فإذا صار إلى المقايسة قهره زفر. اهـ. وأسند عن أبي بشر عن أحمد بن القاسم، حدّثني أبو حفص المروزي، عن بشر بن يحيى، عن خالد بن صبيح، قال: رحلت إلى أبي حنيفة، فنعى إلىّ في الطريق، فدخلت مسجد "الكوفة"، فإذا الناس كلّهم على زفر بن الهذيل، وعند أبي يوسف رجلان أو ثلاثة. اهـ.
لعلّ هذا كان في مبدأ الأمر، ثم علا شأن أبي يوسف بكثرة الآخذين عنه، بحيث لا يلحقه لاحق، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [الحديد: الآية 21].
ومما ذكره ابن أبي العوام بسنده إلى الفضل بن دكين: كان زفر يجلس إلى أسطوانة، وأبو يوسف بحذائه، وكان زفر يلبس قلنسوة بيضاء فخمة، فكانا يتناظران في الفقه، وكان زفر ركينا، حيّد اللسان، وكان أبو يوسف يضطرب في مناظرته، فربما سمعت زفر يقول لأبي يوسف: أين تفرّ؟ هذه أبواب "كندة" مفتحة، فخذ في أيّها شئت. اهـ. وأبواب "كندة" أبواب لقبائل "كندة" في "الكوفة" معروفة، ووقع في بعض النسخ (أبواب كثيرة) بدل أبواب "كندة"، والمعنى صحيح في اللفظين، ولفظ الصيمري يسنده إلى محمد بن سماعة: كان زفر يستند إلى أسطوانة، وكان رجلا ركينا، فينتصب، فلا
يزول، وكان أبو يوسف إذا ناظره يكثر الحركة، حتى يجيئ، فيجلس بين يديه، أو قال بالقرب منه، فكان زفر يقول: إن هذه أبواب "كندة"، فإن أردت أن تفرّ فخذ في أيّها شئت.
وذكر عن وكيع ما نصّه: لما مات أبو حنيفة أقبل الناس على زفر فما كان يأتي أبا يوسف إلا نفر يسير، النفسان والثلاثة. فكأن جو "الكوفة" صفا لأبي يوسف بعد انتقال زفر إلى "البصرة"، بالنظر إلى هذه الروايات، على أنه ليس بقليل في الروايات ما يفضل جانب أبي يوسف، منها كون أبي يوسف أوسع صدرا بالتعليم من زفر، ومنها ما ساقه الخطيب بطريق حمّاد بن أبي حنيفة أنه قال: رأيت أبا حنيفة يوما، وعن يمينه أبو يوسف، وعن يساره زفر، وهما يتجادلان في مسألة، فلا يقول أبو يوسف قولا إلا أفسده زفر، ولا يقول زفر قولا إلا أفسده أبو يوسف إلى وقت الظهر، فلمّا أذن المؤذن رفع أبو حنيفة يده، فضرب بها على فخذ زفر، وقال: لا تطمع في رياسة ببلدة فيها أبو يوسف، قال: وقضى لأبي يوسف على زفر، وفي معناه ما ذكر الخطيب بسنده عن عبد الرزاق بن همام عن محمد بن عمارة أنه قال: رأيت أبا يوسف وزفر يوما افتتحا مسألة عند أبي حنيفة من حين طلعت الشمس إلى أن نودي بالظهر، فإذا قضى لأحدهما على الآخر، قال له الآخر: أخطأت ما حجتك؟ فيخبره حتى كان آخر ذلك أن قضى لأبي يوسف على زفر حين نودي بالظهر، فقام أبو يوسف، قال: فضرب أبو حنيفة على فخذ زفر، وقال: لا تطمعنّ في الرياسة بأرض يكون هذا بها.
وحضور الأستاذ في المناظرة بين تلميذيه هكذا ومصارحته لهما بالصواب والخطأ طريقة بديعة في التدريب على المناظرة في العلم، ومنهج رائع في شحذ الأذهان وتنمية الملكات، وعلى كلّ حال هما كانا كفرسي رهان، حتى إن أبا حنيفة قال يوما: أصحابنا هؤلاء ستة وثلاثون رجلا، منهم ثمانية وعشرون يصلحون للقضاء، ومنهم ستة يصلحون للفتاوى،
ومنهم اثنان يصلحان يؤدّبان القضاة، وأصحاب الفتوى، وأشار إلى أبي يوسف وزفر، كما أخرجه الخطيب في "تاريخه" بسنده، وهذا شهادة من الإمام الأعظم في حقّها أنهما بلغا أعلى درجات الاجتهاد عند ما نطق بهذا الحكم.
وساق أيضا بطريق إسماعيل بن حماد: كان أصحاب أبي حنيفة عشرة: أبو يوسف، وزفر، وأسد بن عمر، والبجلي، وعافية الأودي، وداود الطائي، والقاسم بن معن المسعودي، وعلي بن مسهر، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وحبّان، ومندل ابنا علي العنزي. ولم يكن فيهم مثل أبي يوسف وزفر، وهؤلاء العشرة هم أكابر أصحاب أبي حنيفة، الذين دوّنوا الفقه معه، كما سبق في رواية الصيمري عن الطحاوي.
وفي "طبقات علي القاري": قال شدّاد بن حكيم: سألت أسد بن عمرو: أبو يوسف أفقه أم زفر؟ فقال: زفر أروع. قلت: عن الفقه سألتك، فقال: يا شدّاد! بالورع يرتفع الرجل. ومثله في "مناقب الكردري"، وهذان الإمامان العظيمان اللذان هما كفرسي رهان عند أهل النقد يقول عنهما الصيمري: ما رواه عن عبد الله بن محمد عن أبي بكر الدامغاني عن الطحاوي عن ابن أبي عمران عن وليد بن حماد ابن أخي الحسن بن زياد، قلت لعمّي الحسن بن زياد: رأيت زفر وأبا يوسف عند أبي حنيفة، فكيف رأيتهما، قال: رأيتهما كعصفورين انقض عليهما البازي. اهـ.
وحكى القارئ عن أبي مطيع: زفر حجّة الله على الناس فيما بينهم يعملون بقوله، وأما أبو يوسف فقد غرّته الدنيا بعض الغرور، ومثله في "مناقب الكردري"، هكذا يكون كلام الناس فيمن ولي الأحكام، مع أنه لا تصلح أحوال الناس إلا بقضاة عدول، فمن تولّى القضاء وعدل فهو القائم بأشقّ الأمرين، فيستحقّ الإجلال، ولقد صدق ابن الوردي، حيث قال:
إن كل الناس أعداء لمن
…
ولي الأحكام هذا إن عدل.
ولذا طال لسان بعض الناس في أبى يوسف مع ما شهر عنه من العدل في الأحكام.
وقد حكى جماعة عن محمد بن عبد الله الأنصاري أنه قال: أكره زفر على أن يلي القضاء، فأبى وهدى منزله، واختفى مدّة، ثم خرج، وأصلح منزله، ثم هدم ثانيا، واختفى كذلك، حتى أعفي عن تولي القضاء رحمه الله.
بعض شيوخ زفر والآخذين عنه:
تفقّه زفر على الإمام الأعظم أبي حنيفة، وجالسه أكثر من عشرين سنة، وفي "المناقب الكردرية" 2: 104 عن زفر جالست أبا حنيفة أكثر من عشرين سنة، فلم أر أحدا أنصح وأشفق للناس منه، وأنه كان يبذل نفسه لله تعالى، أما عامة النهار فإنه كان مشغولا بالمسائل، وحلّها، وتعليمها، وما يعرض عليه من النوازل وجوابها، فإذا قام من المجلس عاد مريضا، أو شيع جنازة، أو واسى فقيرا، أو واصل أخا، أو سعى في حاجة، فإذا كان الليل خلا للتلاوة والعبادة والصلاة، فكان هذا سبيله حتى توفي. فنعم الشيخ ذلك الشيخ، ونعم التلميذ ذلك التلميذ. ومع تفقّه زفر عليه أكثر رواية الحديث عنه أيضا.
وقد ذكر أبو سعد السمعاني في "الأنساب" عند ذكر الجصيني أحمد بن بكر بن سيف: ثقة يروي عن أبي وهب محمد بن مزاحم المروزي عن زفر عن أبي حنيفة "كتاب الآثار"، وروى عن غيره، فأكثر. وذكر الحاكم في (164) من كتابه "معرفة علوم الحديث" أن لزفر نسختين في الحديث، إحداهما رواية أبي وهب، والأخرى رواية شدّاد بن حكيم. ومرويات زفر في الحديث بأسانيده مسرودة في كثير من الكتب، كـ "تاريخي أصبهان" لأبي الشيخ وأبي نعيم، و"تاريخ الخطيب"، وغيرها.
ومن شيوخ زفر في الحديث: سليمان بن مهران الأعمش، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن إسحاق صاحب "المغازي"، ويحيى بن عبد الله التيمي، وإسماعيل بن أبي خالد، وأيوب السختياني، وزكريا بن أبي زائدة، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم من شيوخ الحديث في الأمصار، وفي سرد أسمائهم طول، وممن أخذ عن زفر: عبد الله بن المبارك، وشقيق بن إبراهيم، ومحمد بن الحسن، ووكيع بن الجرّاح، وسفيان بن عيينة، وأبو علي عبيد الله بن عبد المجيد البصري، من أصحاب النبي الذين انتقلوا إليه، ومحمد بن عبد الله الأنصاري القاضي، من ولد أنس بن مالك، وهلال بن يحيى المعروف بهلال الرأي، والحكم بن أيوب، وشدّاد بن حكيم، والنعمان بن عبد السلام، ومالك بن فديك، وأبو عاصم النبيل، الضحّاك بن مخلد، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبو وهب محمد بن مزاحم المروزي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وبشر بن القاسم، وسعيد بن أوس، وإبراهيم بن سليمان، وحسّان بن إبراهيم، ومسلم بن إبراهيم، وأكثم والد يحيى، والحسن بن الوليد، ومحمد بن أعين، وعبد الله بن أبي رزمة، ومحمد بن وهب، وعمر بن الزجّاج، وعبد الله بن داود الخريببي، وخالد بن الحارث الحافظ، وعبد الواحد بن زياد، وغيرهم، من حملة العلم في الأمصار.
وروى الطحاوي والدولابي: أن أبا عاصم النبيل كان يختلف إلى زفر، وكان ثمة رجل آخر يكنى أبا عاصم، رثّ الهيئة، يختلف إلى زفر أيضا. فجاء أبو عاصم بضحّاك بن خلد يستأذن على زفر، فخرجت جارية لزفر، فقالت: من هذا؟ فقال: أنا أبو عاصم. فدخلت إلى مولاها، فقالت: أبو عاصم بالباب. فقال: أيّهما هو؟ فقالت: النبيل منهما، فأذنت لي، فدخلت. فقال لي زفر: يا أبا عاصم قد لقّبتك الجارية بلقب لا أراه يفارقك أبدا. لقّبتك بالنبيل. فلزمني هذا اللقب. وقال ابن أبي العوّام: حدّثنيه محمد بن أحمد بن
الأشعث، قال: سمعت يزيد بن سنان يقول: سمعت أبا عاصم، يقول مثله سواء. اهـ.
في "المناقب الكردرية" عن ابن المبارك أنه سمع زفر يقول: نحن لا نأخذ بالرأي ما دام أثر. فإذا جاء الأثر تركنا الرأي. اهـ.
وعن والد يحيى بن أكثم رأيت وكيعا يختلف
(1)
إلى زفر بالغدوات، وإلى أبي يوسف بالعشيات، ثم ترك أبا يوسف، ثم جعل كلّ اختلافه إليه، لأنه كان أفرغ. وكان يقول: الحمد لله الذي جعلك خلفا لنا عن الإمام، ولكن لا يذهب عني حسرة الإمام. وعن الفضل بن دكين: لما مات الإمام لزمت زفر، لأنه كان أفقه أصحابه وأروعهم. وعن الحسين بن الوليد أنه كان أصلب أصحاب أبي حنيفة، وأدقهم نظرا.
نماذج من أقوال زفر وأجوبته في المسائل:
روى ابن أبي العوام عن الطحاوي عن محمد بن الحسن بن مرداس عن أبي بكرة العطّار عن أبي عاصم النبيل، قال قال ابن الهذيل: من قعد قبل وقته ذلّ، يعني من جعل لنفسه مجلسا خاصّا لنشر العلم قبل أن يتكامل في العلم فضحته شواهد الامتحان، وتكشف جهله بأخطائه في أجوبة المسائل. وكم من ناشئ يعتريه الغرور، فيظنّ بنفسه الاستغناء عن أستاذه، فيستقلّ بمجلس في العلم قبل أوانه، ثم يعود إلى رشده، فيرجع إلى ملازمة شيخه.
وبه إلى ابن مرداس عن زيد بن أخزم عن أبي عاصم عن زفر في رجل باع من رجل جارية بألف درهم على أن ينقده الثمن فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع بينهما. قال: البيع فاسد. وروى ابن أبي العوام عن الطحاوي عن أبي العبّاس الأيلي عن زيد بن أخزم عن عبد الله بن داود: سألت زفر بن الهذيل عن قرض الخبز، فقال لي: لا يجوز إلا وزنا.
(1)
في بعض النسخ للطبقات: "يختلف في آخر عمره".
وروى ابن أبي العوام عن محمد بن عبد الله بن سعيد البصري عن إسحاق بن إبراهيم الشهيدي عن يحيى بن يمان عن سفيان عن زفر عن قيس بن حبتر، قال: مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية كمثل مؤمن آل فرعون. وروى ابن أبى العوام عن الطحاوي عن إبراهيم بن مرزوق عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن الأشعث الحمراني عن عبد الواحد بن صبرة، قال: كنت عند القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر، وعندهما إياس بن معاوية، فسألهما رجل عن رجل، قال لامرأته: أنت طالق إن. فلم يدريا ما يجيبان به، فقالا: أفته يا أبا واثلة! فقال إياس: هذا رجل أراد أن يطلّق امرأته، فلم يفعل. قال الأنصاري: فذكرت ذلك لزفر بن الهذيل، فقال: أخطأ إياس، هذا رجل طلّق، وأراد أن يستثني، فلم يفعل.
وروى ابن أبي العوام عن أبي بكر محمد بن هارون بن حسان البرقي عن بكر بن القاسم عن يحيى بن المغيرة القرشي عن سعيد بن أوس. قال: سمعت زفر يقول في رجل أسقط سجدة من كعة، فاستوى قائما قبل أن يفتح فاتحة الكتاب: إنه يخرّ ساجدا، ثم يعود إلى استئناف عمله.
وروى ابن أبي العوام عن الطحاوي عن بكّار بن قتيبة عن هلال بن يحيى، قال: سألت أبا يوسف عن رجل له مائتا درهم حال عليها حولان، قال: في الحول الأول خمسة دراهم، ولا شئ عليه في الحول الثاني، فقلت له، فإن زفر يقول: إن عليه عشرة دراهم. فما حجّتك عليه؟ قال: ما حجّتي على رجل يزعم في مائتي درهم أربعمائة درهم. قال بكّار: تكرّر الأحوال عليها.
وقال أبو نعيم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان" في ترجمة زفر: رجع عن الرأي، وأقبل على العبادة. لكن هذا وهم منه، لأن الذي ترك الرأي، وأقبل على العبادة هو صديقه داود الطائي، كما سبق. وأما زفر نفسه فممّن جمع بين الفقه والعبادة. والرأي المستمدّ من الكتاب والسنة ليس بشئ يرجع عنه،
وإنما الذي يستحقّ الهجر هو الرأي المستند إلى الهوى، دون الكتاب والسنة، وأصحابنا براء من ذلك.
وزفر عاش فقيها، يستعمل الرأي واليقظة في الفهم، ومات فقيها ذا بصارة في الرأي والفقه، ولم يكن يرى أن الرأي والفهم في دليل الحكم مما يتاب منه.
ومن الدليل على ذلك ما حدّثه ابن أبي العوام عن الطحاوي عن ابن أبي عمران عن أبي نعيم الفضل بن دكين: دخلت على زفر، وقد احتضر، وهو يقول في حال: لها مهر، وفي حال: لها ثلث مهر. أهكذا يكون من رجع عن الرأي! رضي الله عنه.
وساق أحمد بن محمد بن سعيد التميمي عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول كما رأيت بخطّ الحافظ البرزالي: جاء رجل إلى أبي حنيفة، فقال: إني شربت البارحة نبيذا، ولا أدري طلّقت امرأتي أم لا؟ قال: المرأة امرأتك، حتى تستيقن أنك قد طلّقتها. ثم جاء إلى سفيان الثورى، فقال: يا أبا عبد الله! إني شربت البارحة نبيذا، ولا أدري طلّقت امرأتي أم لا؟. قال: اذهب، فراجعها، فإن كنت قد طلّقتها، لم تضرّك المراجعة شيئا. ثم أتى شريك بن عبد الله، فقال: يا أبا عبد الله! إني شربت البارحة نبيذا، ولا أدري طلّقت امرأتي أم لا؟ قال: اذهب، فطلّقها، ثم راجعها، ثم أتى زفر بن الهذيل، فقال: يا أبا الهذيل! إني شربت البارحة نبيذا، لا أدري أطلّقت امرأتي أم لا؟ قال: هل سألت غيري، قال: نعم، أبو حنيفة، قال: فما قال لك؟ قال: المرأة امرأتك حتى تستيقن أنك قد طلّقتها، قال: الصواب ما قال، فهل سألت غيره؟ قال: سفيان الثوري. فما قال لك!؟ قال: اذهب، فراجعها، فإن كانت قد طلّقتها، فقد راجعتها، وإن لم تكن طلّقتها لم تضرّك المراجعة شيئا. قال: ما أحسن هذا، قال فهل سألت غيره؟ قال شريك بن عبد الله، قال: فما قال لك؟ قال: اذهب، فطلّقها، ثم راجعها. قال: فضحك زفر،
ثم قال أضرب لك مثلا: رجل مرّ بثعب يسيل ماء، فأصاب ثوبه قال أبو حنيفة: ثوبك طاهر، وصلاتك تامة، حتى تستيقن أمر الماء، وقال لك سفيان: اغسله، فإن بك تجسّسا فقد طهر، وإن بك نظيفا زاده نظافة، وقال لك شريك: اذهب فبل عليه، ثم اغسله. اهـ. وتلك نماذج من آرائه وأجوبته.
منع زفر العامة من الخوض في مضايق المباحث الكلامية:
أنبأ ابن أبي العوام عن الدولابي، عن محمد بن شجاع عن الحسن بن زياد، سمعت زفر بن الهذيل، وسأله رجل، فقال له: القرآن كلام الله. فقال له الرجل أمخلوق هو؟ فقال له زفر: لو شغلك فكر في مسألة أنا فيها أرجو أن ينفعني الله بعملها لشغلك ذلك عن ذلك الذي فكرت فيه، والذي فكرت فيه، والذي فكرت بلا شكّ يضرّك، سلم الله عز وجل ما رضي به منك، ولا تكلّف نفسك ما لا تكلّف.
وبه عن الحسن بن زياد، وقد قال له رجل من أهل "بغداد": أكان زفر قيّاسا، فقال له الحسن: وما قولك: قيّاسا؟ هذا كلام الجهّال، كان عالما. فقال الرجل: أكان زفر نظر في الكلام؟ فقال سبحان الله ما أسخفك! تقول لأصحابنا: إنهم نظروا في الكلام، وهم بيوت العلم والفقه، إنما يقال: نظر في الكلام فيمن لا عقل له، وهؤلاء كانوا أعلم بحدود الله عز وجل، وبالله من أن يتكلّموا في الكلام، الذي تعني، وما كان يهمهم غير الفقه
(1)
والافتداء بمن تقدّمهم.
(1)
والفقه: معرفة النفس ما لها وما عليها فيشمل باطلاقه العمل والعقيدة والخلق عند أبي حنيفة بل كان يسمى ما يتعلق بتمحيص العقيدة الصحيحة الفقه الأكبر وكان الذي يأباه أصحابه هو الخوض في مثارات الشبه في الاعتقاد عند العامة بدون حجة قائمة من الكتاب والسنة والنظر العقلي الصحيح (ز).
ومعنى ذلك زجر العامة عما لا قبل لهم به من دقائق علم الكلام، خوفا عليهم من الزلل، وإلا فهو من أئمة علم أصول الدين، جادل الناس في مسائله، فجدلهم، ويشهد لذلك ما ذكره جمال الدين أبو يعلى أحمد بن مسعود الأصبهاني بإسناده عن خالد بن زيد العمري أنه قال: كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وحماد بن أبي حنيفة قوما قد خصموا بالكلام الناس، وهم أئمة العلم، كما ذكره صاحب "الفتاوى البزازية" في "المناقب"(1 - 38).
نشر زفر لمذهب أبي حنيفة في البصرة:
وروى ابن أبي العوام عن الطحاوي عن أبي خازم القاضي، سمعت أحمد بن عبدة يقول: قدم يوسف بن خالد السمتي "البصرة". من عند أبي حنيفة، فكان يأتي عثمان البتّي، وهو رئيسها وفقيهها، فيجاذب أصحابه المسائل، ويذكر لهم خلاف أبي حنيفة إياهم، فيضربونه، ويسبّون أبا حنيفة، فلم يزالوا كذلك، حتى قدم زفر بن الهذيل "البصرة"، فكان أعلم بالسياسة منه، فكان يأتي حلقة البتّي، فيسمع مسائلهم، فإذا وقف على الأصل الذي بنوا عليه تتبّع فروعهم، التي فرّعوا على ذلك الأصل، فإذا وقف على تركهم الأصل طالب البتّي، حتى يلزمه قوله، ويبين له خروجه عن أصله، فيعود أصحابه شهودا عليه بذلك، فإذا وقف أصحاب البتّي على ذلك، واستحسنوا ما كان منه، قال لهم: ففي هذا الباب أحسن من هذا الأصل، ويذكره لهم، ويقيم الحجة عليهم فيه، ويأتيهم بالدلائل عليه، ويطالب البتّي بالرجوع إليه، ويشهد أصحابه عليه بذلك، ثم قال لهم: هذا قول أبي حنيفة. فما مضت الأيام، حتى تحوّلت الحلقة إلى زفر، وبقي البتّي وحده. هذا في رحلة زفر إلى "البصرة" في حياة إمام أهل "البصرة" عثمان بن مسلم البتّي رضي الله عنه.
وأما رحلته إلى "البصرة" بعد وفاة البتّي وأبي حنيفة واستقراره فيها، أنبأ الصيمري عن أبي الحسن العبّاس بن أحمد بن الفضل الهاشمي، عن أحمد بن محمد المسكي، عن علي بن محمد النخعي، عن أبي خازم القاضي عن بكر (العمي) عن هلال بن يحيى، قال: رحل يوسف بن خالد السمتي من "البصرة" إلى "الكوفة"، فتفقّه عند أبي حنيفة، فلما أراد الخروج إلى "البصرة" قال له أبو حنيفة: إذا حضرت، فإنك تجيئ إلى قوم قد تقدّمت لهم الرياسة، فلا تعجل بالقعود عند أسطوانة واتخاذ حلقة، ثم تقول: قال أبو حنيفة، وقال أبو حنيفة، فإنك إذا فعلت ذلك لم تلبث، حتى تقام. قال: فخرج يوسف، فأعجبته نفسه، وجلس عند أسطوانة، وقال: قال أبو حنيفة، قال: فأقاموه من المسجد، فلم يذكر أحد أبا حنيفة، حتى قدم زفر "البصرة"، فجعل يجلس عند الشيوخ الذين تقدمت لهم الرياسة، فيحتج لأقوالهم بما ليس عندهم، فيعجبون من ذلك، ثم يقول: ههنا قول آخر أحسن من هذا، فيذكره، ويحتج له، ولا يعلم أنه قول أبي حنيفة، فإذا حسن في قلوبهم قال: إنه قول أبي حنيفة، فيقولون: هو قول حسن، لا تبالي بمن قال به، فلم يزل بهم، حتى ردّهم إلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه.
سوء السياسة في العالم يحرمه نشر العلم، واستفادة المجتمع منه، ولو أخذ يوسف السمتي بوصايا أبي حنيفة في معاشرة الناس، وسياستهم لما أوذي، ولا طعن في دينه، ولا رمي ببدع فظيعة ليس هذا موضع شرحها،
(1)
ووصية أبي حنيفة ليوسف السمتي مدوّنة في كتب المناقب، وقد قام بتحقيقها
(1)
أصعبها ما عند ابن أبي حاتم لكن ليس عليها مسحة الثبوت، ومثله أني ينكر القيامة والميزان؟ راجع تهذيب التهذيب. وكان في حد ذاته عالما جليلا وكفى دليلا على جلالة قدره أخذ الإمام الشافعي عنه رغم تقولات المتقولين فيه، واخرج له ابن ماجه وله أحاديث كثيرة مخرجة في تاريخ أصبهان لأبي نعيم وغيره. (ز).
الأستاذ الغيور المفضال الشيخ إبراهيم المختار الزيلعي الجبرتي حفظه الله، وهي مطبوعة في مطبعة السيّد مصطفى البابي الحلبي، وهي من عيون الوصايا، تعلم القائم بالإرشاد بين الناس طرق معاشرتهم وسياستهم لينجح في إرشادهم وتعليمهم. وقد روى الصيمري عن عبد الله بن محمد الأسدي عن أبي بكر الدامغاني عن الطحاوي، عن ابن أبي ثور، عن سليمان بن عمران، عن أسد: قدم زفر "البصرة"، فدخل مسجدها، فانفضّت إليه حلق أصحاب التابعين.
زفر في طبقة المجتهد المطلق في التحقيق، وإن حافظ على انتسابه إلى أبي حنيفة:
بعد أن علم أن زفر مع أبي يوسف كفرسي رهان في الاجتهاد، لا يبقى وجه للالتفات إلى قول من ظنّ أن زفر في عداد المجتهدين في المذهب، كما أوضحنا ذلك في غير موضع. وإنما وقع في ذلك الظنّ من رأى كثرة تنويه زفر بأقوال الإمام الأعظم، مع أن ذلك التنويه والموافقة لآرائه إنما كان بمعرفة لدليل الحكم، كما عرف هو، لا تقليدا له.
قال ابن أبي العوام: حدّثني محمد بن أحمد بن حمّاد، سمعت محمد بن شجاع، سمعت أبا عاصم الضحّاك بن مخلد يقول: سمعت زفر، يقول: ما خالفت أبا حنيفة في قول إلا وقد كان أبو حنيفة يقول به. وحدّث ابن أبي العوام أيضا عن الطحاوي، عن ابن أبي عمران، سمعت سوار بن عبد الله العنبري القاضي -يعني الحفيد- يقول: سمعت أبا عاصم يقول: قال زفر بن الهذيل: كلّ أقوالي هذه قد قالها أبو حنيفة قبلي، ثم وقف منها على أشياء، لم أقف أنا عليها، فخالفها لما وقف عليه منها، وثبت أنا عليها. قال أحمد بن أبي عمران، فأنكرت ذلك، فأتيت محمد بن شجاع، فحدثته بذلك، فقال لي: مكانك، ثم دخل منزله، وخرج وفي يده كتاب، فقرأ عليَّ منه هذه الحكاية، عن أبي عاصم، كما سمعتها من سوار العنبري.
وفي "الكردرية" أن يحيى بن أكثم روى عن والده أنه سمع زفر يقول: لم أجترئ أن أخالف الإمام بعد وفاته، لأني إذا خالفته في حياته، وأبرزت الدليل، وأتيت به ألزمني بالحقّ الظاهر من ساعته، وردّني إلى قوله، فأما بعد وفاته فكيف أخالفه؟ وربما لو كان حيا، وحاج لردّني إلى قوله. وهذا ليس بتقليد له، بل سكوت عما لا يعلم دليله، واطمئنان إلى الدليل، وفهم صحيح للدليل فيما يعلم، وهو الاجتهاد بعينه، وأبو حنيفة هو الذي كان ينهى أصحابه عن التقليد، ويأمرهم بإبداء ما عنده من الحجج، فيناقشهم فيها، حتى يستقرّ الحقّ في نصابه، وكان لأصحابه مقام عظيم في سرد الدلائل وتحقيق المسائل، بل كان أبو حنيفة يقول: لا يحلّ لأحد أن يفتي بقولي ما لم يعلم من أين قلته، ومع ذلك كلّه كان لزفر مخالفات في الأصول والفروع مدوّنة في كتب القوم، فلا يكون تأدّب زفر تجاه أستاذه محافظته على الانتساب إليه، وعرفانه لجميله عليه مما ينزل مقامه في الاجتهاد المطلق على حدّة ذهنه في قياس المسائل، وقوّة ضبطه للدلائل، وإتقانه للحديث، كما أقرّ بذلك أمثال ابن حبّان، وورعه البالغ معروف عند الجميع رضي الله عنه وعن أساتذته وأصحابه أجمعين-.
ولزفر نحو سبع عشرة مسألة يفتي بها في المذهب عند نقاد المذهب، ألّف فيها السيّد أحمد الحموي شارح "الأشباه والنظائر" رسالة سمّاها "عقود الدرر فيما يفتي به في المذهب من أقوال زفر"، وشرحها الشيخ عبد الغني النابلسي، ومحصها ابن عابدين، وانفرادات زفر في المسائل مدوّنة في "منظومة النسفي" في الخلاف وشروحها ببسط. وقد أشار أبو زيد الدبوسي في "تأسيس النظر" في فصل خاص إلى مخالفات زفر في الأصول والفروع، كما أشير إلى آرائه الخاصة في الأصول في كتب الأصول المبسوطة، كـ "شامل الأتقاني"، و"بحر الزركشي"، و"شروح أصول البزدوي" خاصة، فإن كان شأن المجتهد المطلق الانفراد بمسائل في الأصول والفروع، فها هو زفر، له
انفرادات في الناحيتين على أن الموافقة لإمام في الرأي في بعض مسائل الأصول أو الفروع عن علم بأدلتها لا تخلّ بالاجهاد المطلق أصلا، كما أوضحت ذلك في كثير من المواضع، والله سبحانه أعلم.
كلام أهل النقد في زفر:
قال الذهبي في "الميزان": أحد الفقهاء والزهّاد، صدوق، وثقه غير واحد، وابن معين. وقال ابن سعد: لم يكن في الحديث بشئ. لعلّه يريد قلّة حديثه، لأنه يقال: فلان لم يكن في الحديث بشئ. بمعنى أنه قليل الحديث -يعني في نظر القائل- كما في "الرفع والتكميل" لعبد الحي اللكنوي، وهذا ربما يسلم بالنظر إلى علم ابن سعد فقط، وإلا فزفر على علوّ منزلته في الاجتهاد حافظ معروف بالإتقان عند ابن حبّان وغيره.
وقال ابن حجر في "اللسان": قال ابن أبي حاتم قرئ على عبّاس الدوري، وأنا أسمع، سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين، وذكر عنده زفر، فقال: كان ثقة مأمونا. قال العبّاس: وسمعت يحيى، وهو ابن مَعين - يقول: هو ثقة مأمون. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال: كان متقنا حافظا، لم يسلك مسلك صاحبه، وكان أقيس أصحاب أبي حنيفة، وأكثرهم رجوعا إلى الحق، توفي بـ "البصرة" في ولاية أبي جعفر، وقد وقع لنا حديثه بعلوّ في حديث ابن أبي الهيثم. ثم لخّص ابن حجر كلام العقيلي، وقال: قال أبو موسى محمد بن المثنى، ما سمعت عبد الرحمن بن مهدي يحدّث عن زفر شيئا قط، وقال أيضا: حدّثنا معاذ بن معاذ، قال: كنت عند سوار
(1)
القاضي، فجاء الغلام، فقال:
(1)
أستمر سوار على قضاء البصرة من سنة 138 هـ إلى وفاته في ذي القعدة سنة 156 هـ كما ذكره ابن حبان ثم خلفه ابنه عبد الله في قضاء البصرة فلا يتصور تولي زفر قضاء البصرة لا في حياة أبي حنيفة ولا بعد وفاته.
زفر بالباب، فقال: زفر الرأي، لا تأذن له، فإنه مبتدع. فقيل له: ابن عمّك قدم من سفر، ولم تأته، ومشى إليك، فلو أذنت له، فأذن له فما كلّمه كلمة، حتى خرج.
وقال بشر بن السري: ترحمت يوما على زفر، وأنا مع سفيان الثوري، فأعرض بوجهه عني. ثم ذكر ابن حجر عن أبي الفتح الأزدي: زفر غير مرضيّ المذهب والرأي.
وذكر عن ابن عدي أنه قال الحارث بن مالك: إن أول من قدم "البصرة" برأي أبي حنيفة زفر، وسوار بن عبد الله على القضاء، فاستأذن عليه، فحجبه، وسعى بي إليه، فقلت: أصلحك الله، إن زفر رجل من أهل العلم ومن العشيرة، قال: أما من العشيرة فنعم. وأما من أهل العلم فلا، فإنه أتانا ببدعة: برأي أبي حنيفة. فقلت: إنه يحبّ أن يتزيّن بمجالسة القاضي، قال فائذن له على أن لا يتكلّم معنا في العلم.
فإذا تهرّب سوار على ضيق دائرة روايته من كلام زفر معه في العلم لا يتعجّب، لأن مثل الحجّاج بن أرطاة القاضي المعدود في الحفّاظ على سعة دائرة روايته كان يحجب زفر عنه، تهرّبا من كلامه معه في العلم، وأما عدّ رأي أبي حنيفة بدعة فما يردّه عمل فقهاء الأمة من الصحابة والتابعين، كما تجد مصداق ذلك في "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي، و"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر، ومن أنكر الفهم في الكتاب والسنة، وردّ النظير إلى النظير فهو المبتدع، كما ذكرنا ذلك فيما علّقناه على "النبذ" لابن حزم.
وأما حال سوار القاضي هذا -وهو الجدّ لا الحفيد- فلم يخرج عنه واحد من أصحاب الأصول الستة على تقديم زمنه، وفيه يقول شعبة: ما تعني في طلب العلم وقد ساد،
(1)
وقال الثوري: ليس بشيء. وذكره العقيلي في
(1)
وقد ورد: تعلموا قبل أن تسودوا. (ز).
"الضعفاء". وقال ابن سعد: قليل الحديث. وقال الذهبي: روى القليل عن بكر المزني والحسن. وسلطان مثله يكون بقوّة الحكم لا بقوّة العلم، وقد روى عنه أنه لما قيل له: لو نظرت في شيء من كلام أبي حنيفة وقضاياه. قال: كيف أنظر في كلام رجل لم يؤت الرفق في دينه؟. فمن يكون زهده في الحديث كما سبق يكون زهده في الفقه، ورأي أبي حنيفة وأصحابه كما ترى، على أن زفر حيث حوّل وجوه المتفقّهين بـ "البصرة" إلى فقه أبي حنيفة كان رؤوس أهل "البصرة" من طوائف الفقه، لا يغتفرون ذلك لزفر، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} (الحديد: الآية 21). ومثل سوار في ضيق دائرة عمله وكلام أهل النقد فيه لا يتحاكم إليه في مثل زفر، بعد أن تواطأت القلوب مع الألسن عند جمهرة النقّاد على الثناء عليه خيرا، والشهادة له بالحفظ والإتقان، ودقّة الفهم، وشدّة الورع.
وأما أبو الفتح الأزدي فلا يكون مرضي المذهب والرأي عنده، إلا من كان رافضا مثله في الرأي والمذهب، والحاصل أن الجرح غير المفسّر لا يلتفت إليه إزاء صرائح التوثيق من أهل الشأن، وأما حكاية عدم رواية ابن مهدي عن زفر فشهادة على النفي، وعلى فرض ثبوتها لا يخلو ابن مهدي من تأثير الثوري عليه، وهو ضيفه النازل عنده المختفي لديه سنين، كما ذكرت في "لفت اللحظ"، حيث كان عنده بعض انحراف عن أبي حنيفة وأصحابه في بعض الروايات، كما هو شأن التنافس بين الأقران، على أن رستة عبد الرحمن بن عمر ظنين في ابن مهدي، كما ترى ذلك في "الميزان" وغيره، وبشر بن السري ممن أطالوا الكلام فيه، ولا مانع من أن يستاء الثوري من زفر، وقد بلغه ما قاله في جامع سفيان الثوري بـ "البصرة"، وذلك ما حكاه عكرمة بن عمّار أنه لما قدم زفر "البصرة"، ونقل إليه "جامع سفيان"، قال: هذا كلامنا ينسب إلى غيرنا. والكلام بين الأقران مما لا يلتفت إليه كثير عند أهل النقد، راجع ما ذكرناه في الثوري في "التأنيب" ص 110.
وأما قول أحمد بن المعذل:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني
…
فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر.
المائلين إلى القياس تعمّدا
…
والراغبين عن التمسّك بالخبر.
فنفثة مصدور من تضايقه بـ "البصرة" من أصحاب زفر القائمين بنشر فقه أبي حنيفة هناك نشرا مكتسحا لآراء سائر الطوائف، لكن الواجب على الهاجي أن يعلم أن الهجو إنما يكبّ الهاجي في النار، من غير أن يضرّ إلا في شيء، وأن التحاكم في المسائل الخلافية إلى الحجج الناهضة لا إلى الشغب الفارغ، والإقذاع المزري، فما ذنب زفر؟ حتى يستحلّ الولوغ في دمه ودم أستاذه بهذه الصورة البشعة، ولم يريا الإثفار، ولا قدما القياس على صحاح الآثار، ولا فتحا باب الاسترسال في نقض الشرع باسم المصلحة، ولا كانا يستصحبان من يغني لهما في مجالس العلم، وأنت تعلم تفقه ابن المعذل على شيخه القادم إلى "البصرة" ومعه من يغنيه، فزهد فيه أهل العلم بـ "العراق"، وهو خلفه هناك في فقهه، فمثله لو سكت لكان أستر له ولطائفته.
المصراع الأول مضمن من شعر لحسان رضي الله عنه، وأخوه عبد الصمد
(1)
.
إذا تحاكمنا إليه في أخيه نراه يقول فيه:
أضاع الفريضة والسنة
…
فتاه على الإنس والجنه.
كأن لنا النار من دونه
…
وأفرده الله بالجنه.
وينظر نحوي إذا زرته
…
بعين حماة إلى كنه.
(1)
يقول الذهبي في المشتبه: أحمد بن المعذل -بفتح الذال المشددة- من أئمة المالكية تفقه عليه إسماعيل القاضي. وأخوه عبد الصمد بن المعذل شاعر بديع القول. (ز).
وهذا هو قول أخيه فيه.
وقد ذكر ابن عبد البر في "الانتقاء" أن أبا جعفر الطحاوي لما سمع البيتين لأحمد بن المعذل قال: وددت أن لي حسناتهما وأجورهما، وعلى إثمهما.
ومن الناس من لم يكتف بذلك التهجّم في البيتين، حتى غير المصراع الثالث، وقال: الوارثين على القياس تمردا.
وقد عارض كثير من أصحابنا البيتين، وأقرب ما قيل في المعارضة إلى الأدب قول الحافظ القاسم بن قطلوبغا:
كذب الذي نسب المآثم للذي
…
قاس المسائل بالكتاب وبالأثر.
إن الكتاب وسنة المختار قد
…
دلا عليه فدع مقالة من قشر.
وأدلة القياس من الكتاب والسنة مبسوطة في كتب الأصول المبسوطة، وفي كثير من سائر الكتب كما سبق. -سامحهم الله وإيانا بمنّه وكرمه، ووقانا شرّ التعصّب والتحزّب، ووفّقنا لإنزال الناس منازلهم بأعدل الموازين-. وتغاير العلماء وتحاسدهم، مما أدّى إلى ردّ أقوال بعضهم في بعض عند أهل النقد، ولا سيّما عند اختلاف المذاهب، كما هو معروف، فنسأل الله الصون من متابعة الهوى.
وذكر العقيلي عن عبد الرحمن بن محمد عن رستة عن ابن مهدي عن عبد الواحد بن زياد، قال: قلت لزفر بن الهذيل: عطلتم حدود الله كلّها، فقلنا ما حجتكم؟ فقلتم: ادرؤوا الحدود بالشبهات، حتى إذا صرتم إلى أعظم الحدود، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مؤمن بكافر، فعلتم ما نهيتم، وتركتم ما أمرتم به. هذا أو نحوه من الكلام. ولفظ عبد الواحد في راية الطحاوي عن ابن أبي عمران عن أبي عبيد عن ابن مهدي قلت لزفر: يقولون: إنكم تدرؤون الحدود بالشبهات، وقد جئتم إلى أعظم الشبهات، فأقدمتم عليه قال: وما هو؟ قلت: المسلم يقتل بالكافر. قال فاشهد أنت
على رجوعي عن هذا. على أن هناك آثارا عن عمر وعلي وعمر بن عبد العزيز ومراسيل يؤيّد بعضها بعضا، مع كون المراد بالكافر من لا عهد له بدليل ذكر (ولا ذو عهد في عهده) أي بكافر غير معاهد، فلا يكون دليل المذهب ضعيفا
(1)
.
وموضع العبرة في عمل العقيلي هنا تصرّفه في الرواية، فقارن بين الروايتين، ثم احكم.
هل ولّي زفر قضاء البصرة
؟
قال الحاكم عبد القادر القرشي، قال أبو عمر: كان زفر ذا عقل ودين وفهم وورع، وكان ثقة في الحديث. وذكر القرشي قبل ذلك عن أبي نعيم: كان زفر ثقة، مأمونا، دخل "البصرة" في ميراث أخيه، فتشبّث به أهل "البصرة"، فمنعوه الخروج منها. ثم قال: وتولى قضاء "البصرة". وهذا متابعة منه لابن عبد البر حيث قال في "الانتقاء".
وكان زفر كبيرا من كبار أصحاب أبي حنيفة، وأفقههم، وكان يقال: إنه كان أحسنهم قياسا، ولي قضاء "البصرة"، فقال له أبو حنيفة: قد علمت ما بيننا وبين أهل "البصرة" من العداوة والحسد والمنافسة، وما أظنّك تسلم منهم، فلما قدم "البصرة" قاضيا اجتمع إليه أهل العلم، وجعلوا يناظرونه في الفقه يوما بعد يوم، فكان إذا رأى منهم قبولا واستحسانا لما يجئ به قال لهم: هذا قول أبي حنيفة، فكانوا يقولون: أو يحسن أبو حنيفة هذا؟ فيقول لهم: نعم، وأكثر من هذا، فلم يزل بهم إذا رأى منهم قبولا لما يحتجّ به عليهم، ورضا به وتسليما له، قال لهم: هذا قول أبي حنيفة. فيعجبون من ذلك، فلم تزل حاله معهم على هذا، حتى
(1)
راجع: جواهر الزبيدي (2 - 175).
رجع كثير منهم عن بغضه إلى محبته، وإلى القول الحسن فيه بعد ما كانوا عليه من القول السيئ فيه، وكان زفر قد خلف أبا حنيفة في حلقته إذ مات، ثم خلف بعده أبو يوسف، ثم بعدهما محمد بن الحسن، ومات زفر سنة ثمان وخمسين ومائة، وهو ابن ثمان وأربعين سنة.
ويخدش في دعوى توليه قضاء "البصرة" استمرار قضاء سوار بن عبد الله العنبري بـ "البصرة" من سنة 138 هـ إلى وفاته في ذي القعدة سنة 156 هـ كما يقول ابن حبان، وتولى ابنه عبد الله بن سوار قضاء "البصرة" بعد وفاة أبيه، فيكون القرشي وابن عبد البر واهمين في ذلك، وكان لزفر قرابة بـ "البصرة"، فزارهم في عهد عثمان البتي، المتوفى سنة 143 هـ، فجرى بينهما ما سبق ذكره بأسانيده. ثم رحل إلى "البصرة" بمناسبة وفاة أخيه بعد وفاة أبي حنيفة، فتمسّك أهل "البصرة" به، فأقام هناك ينشر العلم إلى أن مات بـ "البصرة"، وسبق بيان مبلغ ما أوذي به بسبب امتناعه عن قبول القضاء، رحمه الله وأرضاه-. ولابن عبد البر بعض أغلاط في تراجم المشارقة.
وفاة زفر في البصرة وكلام أهل العلم في زهده في الدنيا:
سبق بيان سبب اتصال زفر بأبي حنيفة وملازمته لمجلسه أكثر من عشرين سنة، وقد روى الصيمري عن عبد الله بن محمد الشاهد عن مكرم عن أحمد بن محمد عن مليح بن وكيع عن أبيه، قال: لما مات أبو حنيفة أقبل الناس على زفر، فما كان يأتي أبا يوسف إلا نفر يسير، النفسان والثلاثة. وكان زفر يكنى بأبي خالد، وبأبي الهذيل، وكان من أهل "أصبهان"، ومات أخوه، فتزوّج بعده بامرأة أخيه، فلمّا احتضر دخل عليه أبو يوسف وغيره، فقالوا له: ألا توصي يا أبا الهذيل! فقال: هذا المتاع الذي ترونه لهذه المرأة، وهذه الثلاثة
الآلاف
(1)
الدرهم هي لولد أخي، وليس لأحد عليّ شيئ، ولا لي على أحد شيئ، وكان زفر شديد العبادة والاجتهاد.
وقال الصيمري أخبرنا عمر بن إبراهيم عن مكرم عن محمد بن أحمد بن يعقوب السدوسي، قال: حدّثنا جدّي -وهو يعقوب بن شيبة بن الصلت المالكي- قال: زفر بن الهذيل عنبري من أنفسهم يكنى أبا الهذيل، وكان قد سمع الحديث، ونظر في الرأي، فغلب عليه، ونسب إليه، ومات بـ "البصرة"، وأوصى إلى خالد بن الحارث (الحافظ)، وعبد الواحد بن زياد، وكان أبو الهذيل يلي الأعمال، ومات وهو والي "أصبهان"، وكان أخوه صباح بن الهذيل على صدقة بني تميم، وزفر هو زوج أخت خالد بن الحارث، ومات في أول خلافة المهدي سنة ثمان وخمسين ومائة.
وكلام يعقوب بن شيبة هذا لا غبار عليه، إلا أن جعل وفاته في أول خلافة المهدي فيه وقفة، لأنه نصّ ابن خلكان وغيره على أن وفاته في شعبان من سنة 158 هـ، فيكون وفاته قبل وفاة المنصور بأربعة أشهر، وسبق أن نقلنا من "ثقات ابن حبان" وفاته في ولاية أبي جعفر المنصور، وقال أحمد بن خلف وعبد الباقي بن قانع في رواية المرزباني عند الصيمري أن زفر مات سنة 158 هـ، وفيها مات المنصور، وإسرائيل بن يونس. وحكى أبو خازم عن بكر العمي أن زفر توفي سنة 158 هـ، وهو ابن ثمان وأربعين سنة، كما ذكره ابن أبي العوام.
وعن بشر بن القاسم، سمعت زفر يقول: لا أخلف بعد موتي شيئا أخاف عليه الحساب، فلمّا مات قوّم ما في بيته، فلم يبلغ ثلاثة دراهم، ولما احتضر قال له أبو يوسف وغيره: أوص، فقال: هذا المتاع لزوجتي، وهذه الثلاثة الآلاف الدرهم لولد أخى -وكان تزوّج امرأة أخيه بعد وفاته- وأما أنا
(1)
كذا: "آلاف" ووجهه: "الآلاف".
فليس لي على أحد شيئ، ولا لأحد عليّ شيئ، كما في "مفتاح السعادة" و"المناقب الكردرية".
وعن إبراهيم بن سليمان قال: كنا إذا جالسنا زفر لي نقدر أن نذكر الدنيا بين يديه، فإذا ذكرها واحد منا قام من المجلس، وتركه وكنا نتحدّث فيما بيننا أن الخوف قتله، كما في "الكردرية".
وقال النواوي في "تهذيب الأسماء": كان جامعا بين العلم والعبادة، وكان صاحب حديث، ثم غلب عليه الرأي، قال ابن أبي حاتم: روى عن الحجّاج بن أرطاة، وروى عنه أبو نعيم (الفضل بن دكين)، وحسان بن إبراهيم، وأكثم بن محمد (والد يحيى)، قال أبو نعيم: كان زفر ثقة مأمونا، دخل "البصرة" في ميراث أخيه، فتثبّث به أهل "البصرة"، فمنعوه الخروج منها. قال يحيى بن معين: زفر صاحب الرأي، ثقة، مأمون. قال ابن قتيبة: توفي بـ "البصرة".
ومما قيل في مدحه رضي الله عنه
(1)
:
قوس القياس به كانت موترة
…
ما عاش والآن أضحت ما لها وتر
(2)
.
لقد حوى في قياس الفقه مرتبة
…
علياء قد قصرت من دونها الفكر
(3)
.
قياسه قد صفا في بحر خاطره
…
وحاسدوه لشؤم الخلق قد كدروا.
غذا لكسر قياس الناس جابره
…
وهم لحيدهم حقا قد انكسروا
(4)
.
(1)
نقل الكوثري، في لمحات النظر 29، 30، الأبيات، ولم ينقل الأول لما فيه من تحريف.
(2)
عجز البيت في لمحات النظر: "ما عاش والآن أضحت مالها وتر".
(3)
ما بين القوسين تكملة يصح بها الوزن. وفي بعض النسخ: "من دونه الفكر". ورواية لمحات النظر لعجز البيت: "علياء قد قصرت من دونها الفكر".
(4)
في لمحات النظر: "وهم لحيدهم حقا قد انكسروا". وبعد البيت فيه زيادة: =
عيونهم في الليالي بالكرى كحلت .... وعينه كحلها في ليلة السهر.
أنى يساويه في فقه له أحد؟
…
هل يستوي الذهب الإبريز والحجر؟
(1)
.
* * *
1972 - الشيخ الفاضل زكريا بن بيرام بن زكريا الروميّ، أصله من ولاية "أنكورية
" *.
وكان مولده بدار السلطنة السنية، "قُسطنطينية" المحمية، في أوائل سلطنة السلطان سليمان خان
(2)
، عليه الرحمة والرضوان.
واشتغل، وحصل، إلى أن صار من أعيان فضلاء "الديار الرومية"، وصار ملازمًا من المولى الفاضل العلامة محمد أفندي، المعروف بمعلول أمير، وكان جل انتفاعه به، وقد كان رفيقًا في الاشتغال عليه بـ "الديار المصرية" للإمام العلامة مفتي "الديار المصرية" الشيخ علي القدسي.
= عيونهم في الليالي بالكرى كحلت
…
وعينه كحلها في ليله السهر.
(1)
في لمحات النظر: "أني يساويه".
* راجع: الطبقات السنية 3: 258، 259.
وترجمته في: حديقة الأفراح 123، وخلاصة الأثر 2: 173 - 175، وكشف الظنون 1: 192، 2: 1199، 1766، 1767، 2023، ونفحة الريحانة 3: 59 - 61، وهدية العارفين 1: 374، 375.
(2)
بويع بالسلطنة للسلطان سليمان خان بن سليم خان، بعد وفاة أبيه، في سنة ستّ وعشرين وتسعمائة.
الشقائق النعمانية (بهامش وفيات الأعيان) 2: 41.
ثم إن صاحب الترجمة صار مدرّسًا بمدارس متعدّدة؛ منها: إحدى المدارس الثمان، ومدرسة السلطان سليم خان بمدينة "قُسطنطينية".
ثم ولي منها قضاء "حلب"، وأقام بها مدّة، وعُزل منها لا إلى منصب.
ثم صار قاضيًا بمدينة "بروسة"، ثم عزل، وصار بعد ذلك قاضيًا بـ "قسطنطينية".
ثم ولى قضاء العسكر بولاية "أناطولي"، ثم عزل منه، وعُين له من العلوفة كل يوم مائة وخمسون درهمًا عثمانيًا، بطريق التقاعد.
وكان في ولاياته كلّها محمود السيرة، مشكور الطريقة، والرعايا راضون منه، داعون له، غير أنه كان محسودًا على علمه وفضله وتقدّمه، وما عزل من منصبٍ من هذه المناصب إلا بتحريك الأعداء، وتدبير الحسّاد، وسعي من لا يخاف الله تعالى.
وقد اجتمعت بحضرته العلية، في سنة "اثنتين وتسعين وتسعمائة" مرّات عديدة، وأوقفني على بعض تحريراته وكتاباته، فرأيت من ذلك ما يُبهج الناظر، ويسر الخاطر، ويقول لسان حاله كم ترك الأول للآخر؛ فمن ذلك:"حاشية" على سورة الأعراف، و "حاشية" على "الهداية" من كتاب الوكالة إلى آخر "الهداية"، و"حاشية" على "صدر الشريعة" و "حاشية" على "شرح المفتاح" و "حاشية" على "حاشية التجريد"، وله غير ذلك من الرسائل المفيدة.
وله نظم بالعربية والفارسية والتركية.
وبالجملة فهو من مفاخر تلك البلاد، أدام الله النفع بوجوده، آمين.
ثم بعد كتابة هذه الترجمة بمدة مديدة قدمت إلى "الديار الرومية"، فرأيته قد ولى قضاء العسكر بولاية "روميلي"
(1)
، وقضاة ولايته ومدرسوها
(1)
رسمها في بعض النسخ: "روم إيلي".
وملازموها راضون عنه، شاكرون منه، داعون له، لأنه يعاملهم بالإنصاف، ويُعطى كل ذيْ حقّ حقّه، لا تأخذه في ذلك لومة لائم، ولا يصده عنه رهبة ظالم.
ثم بعد مدّة من الزمان فوّض إليه منصب الفتوى بـ "الديار الرومية"، وسائر الممالك الإسلامية، وصار يكتب الفتاوى على الأسئلة كتابة جيّدة، بعبارات رائعة فصيحة.
وكانت في بدايته في الكتابة نهاية كثير ممن ولى هذا المنصب، لأن أكثرهم ما كانوا يُحصلون الرسوخ في الكتابة، ويسلمون من الخطأ، وسبق القلم، والمؤاخذة في غالب فتاواهم، إلا بعد مدّة طويلة.
وأما صاحب الترجمة، فإن أول كتاباته كأواخرها، سالمة من الطعن فيها، والمؤاخذة عليها، فحصل بولايته للعلماء والأفاضل والطلبة وسائر من ينتمي إلى العلم فرح كثير، وسرور زائد، وظنوا أن الزمان تنبه لهم، وأقبل عليهم، فما مضى إلا مدة يسيرة، وأصابته عين الكمال، وتوفي إلى رحمة الله تعالى فجأة، بدار السلطنة السنية، وهو جالسٌ على الصفة المتصلة بالباب المعروف بـ "باب همايون"، الذي تدخل منه الوزراء، وقضاة العسكر، وأرباب الدولة، لعرض المهمّات على السلطان محمد خان، نصره الله تعالى، وكان المفتي المذكور ينتظر جلوس السلطان محمد خان، للسلام عليه، وتهنئته بالعيد، وهو عيد ....
(1)
.
وخلف، رحمه الله تعالى من الأولاد الكبار، المعدودين في جملة السادات الأخيار، عدة لا تحضرني الآن أسماؤهم، ولكن أعرف منهم قدوة الأفاضل،
(1)
بياض بالنسخ.
وكانت وفاته سنة إحدى بعد الألف.
وكثر الفواضل، قاضي القضاة بـ "الديار المصرية"، يحيى أفندي
(1)
، [متع الله المسلمين بطول بقائه]
(2)
.
كان مولده في سنة "تسع وتسعين وتسعمائة".
ورُبى في حجر العلم والعمل، والصيانة عن ارتكاب الحطأ والزلل، "إلى أن" صار ممن يُشار إليه بالأنامل، وتعقد عليه الخناصر
(3)
. انتهى.
* * *
1973 - الشيخ الفاضل زكريا بن أبي زائدة، أبو يحيى
*.
واسم أبي زائدة ميمون بن وداعة.
كوفي، من كبار الرواة. روى عن الشعبي، وغيره.
(1)
تجد ترجمته في: خلاصة الأثر 4: 467 - 476، ونفحة الريحانة 3: 62 - 67، وهدية العارفين 2:532.
(2)
بياض في النسخ، واستكمله محشّي الطبقات السنية من المراجع.
(3)
كانت وفاته سنة ثلاث وخمسين وألف.
* راجع: الطبقات السنية 3: 258، 259.
وترجمته في البداية والنهاية 10: 105، وتاريخ خليفة بن خياط (بغداد) 453، والتاريخ الكبير للبخاري 2: 1: 421، وتقريب التهذيب 1: 261، وتهذيب التهذيب 3: 329، 330، والجرح التعديل 1: 2: 593، 594، والجواهر المضية برقم 597، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 122، ودول الإسلام 1: 102، وشذرات الذهب 1: 224، وطبقات خليفة بن خياط (دمشق) 1: 389، وطبقات ابن سعد 6: 247، والعبر 1: 212، ومرآة الجنان 1: 307، وميزان الاعتدال 2:73.
وروى عنه الثوري، وشعبة، وغيرهما. وروى له الشيخان، وكان ثقة.
خرج في البعوث إلى الديلم غازيًا، ثم انصرف إلى "الكوفة".
ذكره أبو القاسم الرافعي في "تاريخ قزوين".
وروى فيه بسنده عنه، وعن مسعر، وسفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء، رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نام يتوسّد يمينه، ويقول:"اللهم قِني عذابك يومَ تَبْعَثُ عبادك"
(1)
.
وروى أيضًا بسنده عنه، أنه قال: قرأت على محراب رجل بـ "قزوين":
فَلا تَغُرَّنَّكَ الآمالُ يا رَجُلُ
…
واعْمَلْ فليس وراءَ الموتِ مُعْتَمَلُ
واعملْ لِنَفْسِكَ لا تَشْقَى بِعِيْشَتِها
…
قبلَ الفراق إذا ما جاءك الأجَلُ
واحذَرْ فإِنَّ مجيء الموتِ مُقْتَرِبٌ
…
فلا يَغُرَّنَّكَ التَّسْرِيفُ والأمَلُ
توفي سنة تسع وأربعين ومائة. وقيل: ثمان. وقيل: سبع. رحمه الله تعالى.
(1)
أخرجه مسلم، في باب استحباب يمين الإمام، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها.
صحيح مسلم 1: 492، 493.
والإمام أحمد، في مسنده 4: 281، 290، 298، 300، 301، 303، 304.
ورواه أبو داود عن أم المؤمنين حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، في باب ما يقول عند النوم، من كتاب الأدب.
سنن أبي داود 2: 606.
كما رواه عنها الإمام أحمد في مسنده 6: 278، 288.
ورواه الإمام أحمد أيضا، عن عبد الله بن مسعود، في مسنده 1: 394، 400، 414، 443.
كما رواه عن حذيفة بن اليمان، في مسنده 5:372.
حكى عنه ابنه يحيى، الآتي في بابه إن شاء الله تعالى، أنه كان يقول له: يا بُنيّ، عليكَ بالنعمان بن ثابت، فخذ عنه قبل أن يفوتك.
قال يحيى: ورُبما عرضت عليه فتياه فيعجب به، كذا في "الجواهر".
قلت: وفيه أيضا عن أسد بن الفرات، كان أصحاب أبي حنيفة الذين دوّنوا الكتب أربعين رجلا، فكان في العشرة المتقدّمين أبو يوسف، وزفر، وداود الطائي، وأسد بن عمرو، ويوسف بن خالد السمتي، ويحيى بن زكريا، وهو الذي كان يكتب لهم ثلاثين سنة. وقال القاري في "مناقبه" عن عبد الرحمن بن حاتم الرازي أنه أول من صنّف الكتب بـ "الكوفة"، وإنما صنّف وكيع على كنبه اهـ. ورقم الحافظ ليحيى وأبيه كليهما للستة. والله تعالى أعلم.
* * *
1974 - الشيخ الصالح زكريا بن عيسى العمري بهاء الدين بن علاء الدين الأجودهني ثم الدهلوي
*.
أحد المشايخ الجشتية.
قرأ بعض الكتب على الشيح مودود اللاري، وشارك الشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي في القراءة والسماع عليه.
ثم لازم الشيخ عبد القدّوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي، وأخذ عن غيرهما من المشايخ.
وكان صاحب وجد وحالة.
توفي سنة سبعين وتسعمائة، كما في "كلزار أبرار".
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 4: 105، 106.
1975 - الشيخ الفاضل زكريا بن محمود بن زكري، الشيخ، الإمام الفقيه، زكي الدين، البصروي مدرّس "الشبلية
"
(1)
*.
كان قد درس أولًا بالمدرسة الفرُّخشاهية
(2)
، ثم إنه درس أيامًا يسيرة في آخر عمره بالشبلية، عوضًا عن فصيح الدين المارديني، وأخذت منه الفرخشاهية، وكان ذلك في جمادى الآخرة، سنة ثمان وتسعين وستمائة.
وتوفي زكى الدين المذكور، في سادس عشر شهر رجب، من السنة المذكورة.
فكانت مدة الولاية أربعين يومًا.
كذا ترجم له الصلاح الصفدي في "أعيان العصر وأعوان النصر"، رحمه الله تعالى.
* * *
(1)
أي: الشبلية الجوانية، وهي من مدارس الحنفية بدمشق، أنشأها شبق الدولة كافور المعظمي. الدارس 1:537.
* راجع: الطبقات السنية 3: 262.
له ذكر في: الدارس 1: 537.
(2)
من مدارس الحنفية بدمشق، تعرف بعز الدين فرخشاه، واقفتها حظ الخير خاتون ابنة إبراهيم بن عبد الله، والدة عز الدين فرخشاه، وذلك في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. الدارس 1:561.
والمدرسة في زقاق الصخر، عند مدخل دمشق العربي، ولم يبق منها سوى قبة التربة. حاشية الدارس.
1976 - الشيخ الفاضل زكريا بن مزمّل بن أحمد الحسيني البنوري
*.
ولد سنة 1292 هـ.
عالم، باحث. درّس علي علماء عصره في العلوم العقلية والنقلية حتى برز، وأجاد العربية والأردية والفارسيّة، وصنّف بها جميعا. قام برحلاته، فزار "سرهند"
(1)
و"دهلي" و "بغداد"، ثم قصد "بومباي"، فعتكف على العبادة والخلوة في الغابات. وعاد إلى "كراتشي"، فتصدّر للتدريس، وتخرّج عليه جمع من العلماء.
من مؤلّفاته بالعربية: "مطالع الأنواري فضائل آل بيت النبي المختار".
توفي سنة 1395 هـ
* * *
1977 - الشيخ العلامة المحدث محمد زكريا بن الشيخ محمد يحيى بن الشيخ إسماعيل الكاندهلوي
،
* راجع: إتمام الأعلام 360.
وعلماء العرب في شبه القارة الهندية 841.
(1)
"سرهند": بفتح السين، وسكون الراء المهملتين، معناها رأس "الهند". ويقال لها:"سهرند" بكسر السين المهملة، وفتح الراء، بعدها نون ساكنة، فدال مهملة، ومعناها: غابة الأسد، كانت بلدة عامرة في القديم، وإليها ينسب الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية رحمه الله تعالى.
ثم المهاجر المدني، رحمه الله تعالى *.
هو الإمام العلامة المحدّث المفسّر الفقيه النبيه الحافظ الأديب البارع المحقّق القدوة الحافظ الجليل الحجّة أحد أئمة الحديث والتوحيد والسنة، ريحانة الهند وبركة العصر شيخ الحديث بـ "الهند" وأحد كبار المحدّثين في العالم الإسلامي.
وهو ابن عمّ الشيخ محمد يوسف وزوج أخته، وهو الذي أشرف على تربيته وتوجيهه، ويصفونه بأنه ريحانة "الهند" وبركة العصر.
كان شيخ الحديث والمشرف الأعلى لجماعة التبليغ، وهو الرجل الثالث، وصاحب كتاب "تبليغي نصاب"، أي منهج التبليغ.
ولد لإحدى عشرة ليلة خلت من رمضان سنة 1315 هـ الموافق 2 فبراير 1898 م في "كاندهلة" من أعمال "مظفّر نكر" قرب "دهلي" في بيت عريق في العلم والدين، امتاز رجاله وأسلافه بعلوّ الهمّة، وشدّة المجاهدة، والتمسّك بالدين، والصلابة فيه، والحرص على حفظ القرآن، وقراءته، وطلب العلوم الدينية.
فتح عينيه في بيت عريق في العلم والصلاح والتقوى منذ عهد بعيد، ونشأ في تربية والده، الذي كان وحيد العصر في مزاياه العلمية والعملية الباهرة، ومفاخره السائرة، والذي كان يحفظ القرآن والحديث.
حفظ القرآن الكريم، وتلقّى مبادئ العلوم عن والده، ورعاه رعاية دقيقة، حتى كان يأمره أن يقرأ ما يحفظه من القرآن مائة مرة.
* راجع: منهج الحياة الإيمانية والتربية الدينية: 13 - 20، وإتمام الأعلام 361، وبلوغ الأماني 1: 160، وتشنيف الأسماع 223 - 226، والعناقيد الغالية 116 - 120. والبعث الإسلامي، مج 27، ع 1 - 2، ص 190، 183، والفيصل، ع 66، ص 16.
وقرأ مبادئ اللغة الأردية والفارسية على عمّه الجليل الشيخ محمد إلياس بن الشيخ إسماعيل الكاندهلوي، صاحب دعوة التبليغ المشهورة، الذي كان من رأسه إلى قدمه، إخلاصًا للدعوة الإسلامية، وإصلاح الأمة. وقد أثمرت نهضته المباركة، فشرقت، وغربت، وسارت بها الركبان إلى أقطار الأرض، وملأت بركتها الآفاق.
ثم قرأ بقية العلوم والفنون، وعدّة من كتب الحديث بعضها على والده، وبعضها على مشايخ مدرسة مظاهر العلوم بـ "سهارنفور"، التي كانت معهدًا كبيرًا من أكبر المعاهد العلمية بعد دار العلوم الديوبندية.
فقرأ كتب الصحاح الستة مرّة على والده، ومرة أخرى قرأ "الصحيحين" مع "سنن أبي داود"، و"سنن الترمذي"، مع "الموطا" لمالك، و"الموطأ" لمحمد بن الحسن، و"شرح معاني الآثار" على الإمام المحدّث الكبير الشيخ خليل أحمد الأيوبي الأنصاري، وهو الذي كان يجمع بين علوم الفقهاء والمحدّثين، وعلوم الأولياء والعارفين، وجمع بين مآثرها الظاهرة، ومفاخرها الباطنة، صاحب مكاشفات وكرامات.
وكان حجّة قاطعة لرقاب أهل البدع، وأهل الهوى، وأصبح مدارًا لإتباع السنة، وردّ البدع. فنشأ نشأة صالحة في ظلّ هؤلاء العلماء الربانيين من الفقهاء والمحدّثين، وأرباب القلوب. وترعرع شابًا صالحًا، تقيًا نقيًا، تلمع في جبينه المتهلّل آثار نجابة وسعادة، تنم عن مستقبل ساطع لامع. وقد أدرك الإمام الربّاني الشيخ الكنكوهي، فنال بركات من دعواته وعنايته، وقد توفي الشيخ، وهو ابن ثماني سنوات.
نقل إلى "كنكوه"، وهو قريب العهد بالفطام، فدبّ، ودرج بين الصالحين والعلماء الراسخين. ثم انتقل مع والده سنة 1328 هـ إلى "سهارنفور" المركز العلمي الكبير، وأقبل على العلم، واشتغل به بهمة عالية، وقلب متفرغ. وبدأ درس الحديث الشريف على والده، فقرأ عليه الصحاح،
غير "سنن ابن ماجه" سنة 1333 هـ. ثم قرأ "صحيح البخاري"، و"سنن الترمذي" على العالم الجليل، والمربي الكبير خليل أحمد السهارنفوري سنة 1334 هـ. ولزم شيخه خليل أحمد الأيوبي الأنصاري، وساعده في تأليف كتابه "بذل المجهود شرح سنن أبي داود"، وصحبه إلى الحجّ، وأجازه إجازة عامة، وخلفه، فآلت إليه بعدهم شيخة الحديث، وصار يلقّب بشيخ المحدّثين، وأقبل عليه الطلاب.
وأبدى شيخه رغبته، فيوضع شرح لـ "سنن أبي داود"، وطلب منه أن يساعده في ذلك، وأن يكون له فيه عضده الأيمن، وقلمه الكاتب، وكان ذلك مبدأ سعادته وإقباله، فكان الشيخ خليل يرشده إلى المظانّ والمصادر، العلمية الى يلتقط منها المواد، فيجمعها الشيخ محمد زكريا، ويعرضها على شيخه، فيأخذ منها ما يشاء، ويترك ما يشاء، ثم يملي عليه الشرح، فيكتبه، وهكذا تكون كتاب "بذل المجهود في شرح سنن أبي داود" في خمسة أجزاء كبار، وفتح ذلك قريحته في التأليف والشرح، ووسع نظره في فنّ الحديث، ثم اهتمّ بطبعه في المطابع الهندية والعناية بتصحيحه وإخراجه. وقد تلقّى علمًا جمًا غزيرًا من فقيه هذه الأمة في عصره، ومحدّثها، وعارفها، وحكيمها، وزعيمها، مولانا الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي، رحمه الله، المتوفى سنة 1323 هـ. فارتوى، وتضلّع من منابع علمه الصافية فقهًا وحديثًا، كما ارتوى من أكابر مشايخ عصره في بقية العلوم روايتها ودرايتها، منقولها ومعقولها.
رحل إلى "إفريقيا" و"باكستان" للدعوة، ثم جاور في آخر حياته في "المدينة المنوّرة" بمدرسة العلوم الشرعية، وكان حصل على الجنسية السعودية. وطاف أنحاء العالم الإسلامي، وتتلمّذ عليه كثيرون، ثم قدم "المدينة المنوّرة"، واستوطنها إلى أن كانت منيته فيها.
عيّن مدرسًا للحديث الشريف وغيره من العلوم المختلفة بمدرسة مظاهر العلوم، التي تخرّج منها، وكان يدرّس فيها شيخه ووالده من قبل، غرّة محرّم سنة 1335 هـ وهو أصغر الأساتذة سنًا، حيث كان عمره عشرين عامًا، وأسند إليه تدريس كتب لا تسند عادة إلى أمثاله في العمر، فسرعان ما فوّض إليه تدريس "مشكاة المصابيح" وعدّة أجزاء من "صحيح البخاري" بأمر شيخه الإمام الشيخ خليل أحمد، ثم تدريس "سنن أبي داود"، ثم النصف الأول من "صحيح البخاري" كلّه، حتى اشتهر بشيخ الحديث، وأصبح شيخ الحديث لقبًا لازمًا لاسمه الكريم، وقلّما يعرفه أحد إلا بهذا اللقب الكريم. وأثبت المدرس الشابّ جدارته وقدرته على التدريس، حتى أصبح رئيس أساتذة هذه المدرسة، ومن كبار مدرّسيها، وانتهت إليه رياسة تدريس الحديث أخيرًا.
وكان أكثر اشتغاله بتدريس "سنن أبي داود"، ويدرّس في النصف الثاني من "صحيح البخاري" في آخر السنة. وبعد وفاة الشيخ عبد اللطيف مدير المدرسة آل إليه تدريس "الجامع الصحيح" بكامله، فواظب عليه مدّة طويلة، مع ضعف بصره وأمراضه الكثيرة، ولم يعتذّر عنه إلا في أول السنة الدراسية في سنة 1388 هـ. وكان اشتغاله بالتدريس طول هذه المدّة تطوّعًا وتبرّعًا، لا يأخذ في ذلك أجرًا، ولا يبتغي جزاء، وهذا يدلّ على ورعه وإخلاصه.
وعندما سافر بصحبة شيخه السهارنفوري إلى الحجّ عام 1344 هـ حصلت له في "الحجاز" إلإجازة العامة والخلافة المطلقة عن الشيخ خليل أحمد. وفي هذه الرحلة وأثناء إقامته في مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ في تأليف كتاب "أوجز المسالك" في شرح الموطأ لإمام دار الهجرة، وهو في التاسعة والعشرين من عمره. بدأ في تأليفه في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبارك الله له في الكتابة والتأليف، فأكمل في بضعة شهور ما لم يكمله
في سنين عديدة في "الهند"، ووصل في الشرح إلى أبواب الصلاة، وظلّ مشتغلًا به بعد عودته إلى "الهند"، تتخلّله فترات طويلة، حتى أكمله في ستة أجزاء كبار.
وعاد إلى "الهند" مكرمًا محببًا مثقلًا بالأعباء، قد شخصت إليه الأبصار، وارتفعت إليه الأصابع، واتّجهت إليه القلوب، فأقبل على التدريس. بجميع همته، وتوفي شيخه في "الحجاز"، فآلت إليه المشيخة، ورياسة تدريس الحديث والإشراف على تربية أصحابه والاتصال بمراكز العلم المنتشرة حوله، وبالجماعات الدينية التي تلوذ به، وتلتقي عليه وتصدر عن رأيه، وبيته ملتقى العلماء والطلبة، ولا تشغله المطالعة، وما فطر عليه من حبّ العلم والانزواء والخلوة، من البشاشة، وبذل الودّ، وطيب النفس، ولا يشغله كلّ ذلك عن الاشتغال بربه، والانفراد بعبادته ومناجاته، وعن تربية المريدين، وعن حضور حفلات التبليغ، وعن وضع كتب ورسائل في الإصلاح والدعوة إلى الله في أسلوب سهل، يتنزل فيه إلى مستوى العامة، وقد تلقّيت هذه الرسائل بقبول عام، وانتفع بها خلق لا يحصون، وظهرت لها طبعات لم تتيسّر إلا لكتب دينية معدودة في عصرنا.
وأوقاته مشغولة بأمور نافعة موزّعة بينها، يحافظ عليها بكلّ دقّة وشدّة، فإذا صلى الفجر جلس قليلًا مشغولًا بحزبه وورده، ثم يخرج إلى بيته، ويجلس مع الناس، ثم يطلع إلى غرفة مطالعته، فيشتغل بالمطالعة والتأليف، ولا يزوره في هذا الوقت إلا من يطلبه، أو من يكون مستعجلًا من الضيوف، وغرفته هذه تذكر بالسلف المنقطعين إلى العلم والتأليف، فهي آية في البساطة والتقشّف، ومجرّدة من كلّ زينة وتكلّيف. فإذا كان وقت الغداء نزل، وجلس مع الضيوف الذين يكثر عددهم عادة، وهم من طبقات شتى، فيؤنسهم، ويلاطفهم، ويبالغ في إكرامهم والتفقّد لما يسرّهم، ويلذّ لهم، فإذا صلى الظهر اشتغل بإملاء الرسائل، والردّ عليها قليلًا،
وكانت تتراوح بين 40 و 50 رسالة يوميًا، ثم يخرج إلى الدرس، وكان يشتغل به ساعتين كاملتين قبل العصر، فإذا صلى العصر جلس للناس، وإذا صلى المغرب اشتغل طويلًا بالتطوّع والأوراد، ولا يتناول طعام العشاء عادة إلا إكرامًا لضيف كبير.
وقد أراد الله بمشيئته أن يحيى من طفولته إلى كهولته في غاشية من رحمة إلهية، كسته أنفاسًا قدسية من هؤلاء أرباب القلوب، فوهبه الله نفسًا مطمئنة، وروحًا طاهرة، نقية خفيفة، وذوقًا ووجدانًا، وتوفيقًا عظيمًا إلى كلّ خير من عبادة وتقوى، وتدريس وتأليف، وشمائل كريمة: من طلاقة وجه، وحسن لقاء، وكرم نفس، وجود وإكرام ضيف، ورقة في الطبيعة، وبشر دائم متهلّل. ومن أعظم مفاخره المغتبطة أن حياته كلّها بعدما أدرك شعوره لم تنقص منها ساعة ضائعة، فحياته مليئة بالاستفادة والإفادة، والعبادة والذكر، والتدريس والتأليف، وإصلاح النفوس، وهداية وإرشاد.
ومن أغبط مفاخره أنه عالم وجيد في أهل عصره، لم يكتسب بعلمه وتدريسه الحديث راتبًا، وإنما درس متبرّعًا وتطوّعًا محتسبًا دله، غير راتب زهيد في أول عهده بالتدريس، وعاش عيشة زهيدة من مكتبته التجّارية المتواضعة. ومن أبرع مزاياه: أنه حاول، واجتهد أن تزول تلك المنافرة بين أرباب المراكز العلمية، فحاول بقلمه ولسانه وصحبته أن تعفو تلك المنافرة العصرية، التي كانت في طبقات أهل العلم بين "سهارنفور" و"ديوبند"، و"تهانه بون"، وأهل الندوة، فتقاربت بجهده البليغ هذه المراكز المتنافرة، فقضى بتلك الفروق على العواطف المختلفة. فحاز قصب السبق في جميع معاصريه بهذه المزايا الباهرة.
كان مربوع القامة، أبيض اللون، مشرب بحمرة، خفيف الروح، كثير الدعابة، سريع الدمعة، كثّ اللحية، يلبس طاقية ونظارة.
وهو كثير النشاط، لا يعرف الكسل، خفيف الروح، بشوش، ودود، كثير الدعابة، مع الذين يأنسهم، أو يحبّ أن يؤنسهم، سريع الدمعة، جريح المقلة، كلما ذكر شيء من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو الأولياء أو أنشد بيت رقيق مرقّق فاضت عيناه، وتملكه البكاء، وهو يغالبه، ويخفيه، فتنم عليه الدموع، وليس الحديث له صناعة وعلمًا فحسب، بل هو ذوق وحال، يعيش به ويعيش فيه.
وسافر إلى الحجّ للمرة الخامسة في صفر الخير عام 1389 هـ وصاحبه فيها العلامة أبو الحسن الندوي، وذكر أنه كان شديد الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، شديد الحبّ له، والشوق إليه، وكان يجلس تجاه أقدامه عليه الصلاة والسلام ساعات متواليات مشغولًا مراقبًا، رغم ضعفه وكبر سنّه، وعلله الكثيرة، لا يفتر ولا يشبع من ذلك، وكان يتمنّى البقاء في هذه البقعة المباركة، وفي هذا الجوار الكريم، حتى يفارق الدنيا، ويلحق بربه.
ويعز عليه حديث العودة إلى بلده "الهند"، ومغادرة "المدينة المنوّرة" إلا أن دعوات المسلمين وما يعانونه في "الهند" من مشكلات ومسائل تطلب بقاءه بجوارهم، وما تعانيه المدارس الدينية من أزمات ومعضلات، وما تحتاج إليه في "الهند" جماعة التبليغ من إرشاد وتوجيه وإشراف ومراقبة اضطرّته إلى العودة، فعاد في شهر ذي القعدة 1389 هـ، ومرّ من طريقه من "باكستان"، فتهافت عليه الناس تهافت الفراش على النور، والتفّوا حوله في كلّ مكان كان ينزل فيه.
ثم عاد إلى "المدينة المنوّرة"، وجاور فِى جوار المسجد النبوي، عاكفًا على العبادة والذكر، والإملاء والإرشاد، والتربية الروحية وتزكية النفوس، والحثّ والتشجيع على الدعوة إلى الدين ونشره، والقيام بأعباء التعليم الديني، وفتح المدارس، والتعاون على البرّ والتقوى، متمنيًا من الله أن يلقى الحِمام في
جوار الرسول عليه الصلاة والسلام، ويجد مكانًا في البقيع بجوار الصحابة، وأهل البيت الكرام.
عندما بدأ الشيخ الإمام خليل أحمد، فيشرحه على "سنن أبي داود"، فأصبح له خير معين في البحث، والجمع، وتصفح الأوراق، وتفحّص المظانّ، فكان خير وسيلة لترشيحه في التأليف، وتربية ملكة التصنيف، تحت رعاية شيخه، حتى فاز بسعادة مزاملته في رحلة الحجّ، فرافقه، وزامله، وتم بمساعدته تأليف "كتاب بذل المجهود شرح سنن أبي داود" بـ "المدينة المنورة" زادها الله نورًا، حين تم له العقد الثالث من عمره، وكان خير تمرين له بالتأليف والبحث. ثم بـ "المدينة المنورة" بدأ بتأليف "شرح الموطأ" في تلك البقعة المقدّسة الطاهرة في جوار القبر الأنور، والضريح الأطهر، على صاحبه صلوات الله وسلامه، وأتمه في ستة أجزاء كبيرة، بعد عودته إلى البلاد والعود أحمد وألّفَ في أكثر الفنون وشتى العلوم في الحديث والفقه والتفسير والتاريخ والتراجم والصرف والنحو والمنطق والحكمة. وتميزت كتب هذا الإمام النابغة بالضبط التام والتحقيق والإتقان وعمق البحث والاعتدال وكثرة المصادر وتقدر ثروته العلمية التي تركها من بعده فوق مائة مؤلّف ما بين رسالة في صفحات، وكتاب ضخم في عدة مجلّدات. وله من المؤلفات ما يزيد على (140) مؤلفًا منها المطبوع، ومنها المخطوط، فمن أهمّ وأشهر مؤلفاته المطبوعة
1: أوجز المسالك إلى موطأ مالك في ثمانية عشر مجلدًا بتحقيق تلميذه ومجازه الشيخ الدكتور تقي الدين الندوي. وقدم له العلامة أبو الحسن الندوي
…
وحقّقه في طبعة أخرى: أيمن صالح شعبان عدد الأجزاء: 16، سنة النشر: 1999، الطبعة رقم: 1، الناشر: دار الكتب العلمية. وهو لأبيه عاجلته المنية عن إتمامه، فأتمه هو وترجم لنفسه في مقدمته وذكر فيه أسانيده وتراجم شيوخه.
2 -
وتعليقات على بذل المجهود شرح سنن أبي داود في أربعة عشر مجلدًا بتحقيق الشيخ الدكتور تقي الدين الندوي. بذل المجهود في حل أبي داود. خليل أحمد السهارنفوري (تعليق) 20 جزأً.
3 -
وتعليقات لامع الدراري على جامع البخاري لأبي مسعود رشيد أحمد الكنكوهي، ضبط أبي زكريا محمد يحيى الصديقي (تعليق) 10 مجلدات، وقدم له العلامة أبو الحسن الندوي.
4 -
وتعليقات الكوكب الدري على جامع الترمذي 4 مجلدات، وكلاهما من أمالي الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي.
5 -
حجة الوداع وجزء عمرات النبي صلى الله عليه وسلم (مجلد بتحقيق الدكتور ولي الدين الندوي، وقدم له العلامة أبو الحسن الندوي.
6 -
الأبواب والتراجم لصحيح البخاري، مجلد، وقدم له العلامة أبو الحسن الندوي.
7 -
أسباب سعادة المسلمين وشقائهم، كتاب متوسط من الحجم الصغير.
8 -
وجوب إعفاء اللحية، حقّقه، وخرج نصوصه أحمد يوسف الدقّاق، كما حقّقه، وعلّق عليه، وخرّج أحاديثه فريد أمين الهنداوي، وقرّظه الشيخ عبد العزيز بن باز. رسالة
9 -
الشريعة والطريقة، مجلد.
10 -
المودودي ما له وما عليه.
11 -
الأستاذ المودودي ونتائج بحوثه وأفكاره. كتاب متوسط.
12 -
مكانة الصلاة في الإسلام تحقيق: حسان عبد المنان الطيبي.
13 -
فضائل الدعوة إلى الخير تحقيق: حسان عبد المنان الطيبي وألف كتبا عديدة بالأردية، منها: شرح شمائل الترمذي، حكايات الصحابة.
وكتب أخرى في الفضائل:
فضائل الذكر، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وفضائل الصلاة على النبي عليه صلوات الله وسلامه وغيرها. ألفها هداية وإرشادًا للناشئة الحديثة، فأقبلوا عليها إقبالًا عظيمًا، وقد نفع الله بها نفعًا كبيرًا، وأصلح الله بها أمة وأصبحت هذه الكتب والرسائل وسيلة إرشاد وخير لأرباب دعوة التبليغ، فجعلوها كمنهج علمي لأهل التبليغ، يقرؤونها، ويدرسونها دراسة حفظ وإتقان.
توفي رحمه الله رحمة واسعة في "المدينة المنورة" في أول يوم من شعبان سنة 1402 هـ يوم الاثنين بعد العصر، وشيعت جنازته في جمع عظيم، ودفن بجوار شيخه المحدّث خليل أحمد السهارنفوري في البقيع، غفر الله له، ورفع درجاته.
إن مزاياه التي امتاز بها عن أقرانه من كبار العلماء والمفكّرين والمشايخ المربّين، متعددة الجوانب، وإن أبرز جانب فيه اتّزانه العجيب، وجمعه المعجب المدهش بين الاستغراق في العلم، والتحقيق، والبحث، والتنقيب، والتحشية، والتأليف، وبين الانغماس الكلّي في العبادات المضنية من نوافل الصلوات، والصيام، وكثرة الذكر، وتلاوة القرآن، والاهتمام بالأوراد، وفضائل الأعمال، هذا مع الانصراف التام إلى تربية السالكين، وإرشاد المتعلّمين، وتسليك المريدين، الذين بلغ عددهم ألوفا مؤلفة، وتنوّعت جهاتهم واختصاصاتهم، وتباعدت أقطارهم وبلدانهم، وتفاوتت مراتبهم ومستوياتهم، والردّ على عشرات من الرسائل التي تأتي يوميا ردّا مفصّلا دقيقا، يعرض الحلول الناجعة لمشاكل السائلين والمستفتين.
أضِفْ إلى ذلك استقباله الحار للضيوف وإكرامه الذي لا يفوقه إكرام، لكلّ طارق ونازل، ومطايبته بلطيف القول وجميل الخلق، مع السفرة المملوءة بألوان الطعام، وكلّ ذلك في يقظة نادرة، وفطنة فائقة، وذكاء حاد، تستشفه في عينيه البراقتين، وتلمحه على جبينه الأغرّ
العريض، ثم لا يصرفه أيّ شيء من ذلك عن تعلق قلبه بالله، تلحظ بوضوح عند مجالسته كأنك أمام رجل موصول القلب بربه، عز وجل، وأن الجنة والنار رأي عين.
ذلك العالم الربّاني الذي تعدّدت جوانبه الممتازة، وفاق فيها على كثير من كبار علماء عصره، بل أشهد بالله أنه ما رأت عيناي، وقد شهدتا عددا كبيرا من علماء العالم الإسلامي، ومشايخه، من يماثله في ربانيته المشرقة مع الاطلاع الواسع، والعلم الغزير، والحنكة، والذكاء، واليقظة، والصفاء، وكثرة المؤلّفات وتهافت الناس عليه تهافت الفراش على النور، وسخائه المنقطع النظير، واجتماع المئات من الناس في أيام رمضان على سفرته، لم تر عيناي يعلم الله، من جمع هذه الخصال في مثل هذا التوازن الجميل، والأخلاق النبوية العالية.
لقد عرف هذا المحدّث الفذّ بكتبه الشهيرة، التي تتداولها الأوساط العلمية والدراسية في "الهند" وخارجها كـ "أوجز المسالك إلى شرح موطأ الإمام مالك"، الذي طبع مرارا في "الهند"، وطبع أخيرا في عشرة مجلّدات من "مصر"، وتعليقاته على "بذل المجهود في حل أبي داود"، الذي ساعد في تأليفه شيخه وأستاذه: الشيخ المحدّث خليل أحمد السهارنفوري، والذي طبع في عشرين مجلّدا من "مصر"، وكتاب "لامع الدراري في شرح صحيح البخاري"، الذي هو مجموع دروس الشيخ المحدّث رشيد أحمد الكنكوهي، قيّدها والد الشيخ المترجم له: الشيخ المحدّث محمد يحيى الكاندهلوي، ثم قام شيخ الحديث بالإضافات القيّمة، والتحقيقات المنيرة، فحلّى بها جيد الكتاب، وخرج في عشرة مجلّدات من "بيروت"، كما أن له كتاب:"الأبواب والتراجم للبخاري"، وهو فريد في موضوعه، لم يكتب في هذا الموضوع بحث أبسط وأوفى وأدقّ من هذا البحث الذي كان عصارة دراسات شيخ الحديث لكتاب "صحيح البخاري"، الذي قرأه مرارا، ودرسه عاما بعد عام، وقد
صدر في ستة مجلّدات، وله "جزء حجّة النبي وعمراته"، من البحوث النادرة المستقصية لجوانب الموضوع.
هذه الكتب التي صدرت تعريفها الأوساط العلمية، لا سيّما أوساط المحدّثين، وأقول لمن لم يطلع عليها، ولم يسمع عنها: إنها تمتاز بما يلي:
1 -
التحري الدقيق في نقل المذاهب، وعزو الأقوال إلى أصحابها، والرجوع في كلّ مذهب إلى مراجعه الأصلية.
2 -
الإنصاف مع أصحاب المذاهب الأربعة، مع تمسّكه بالحنفية على بصيرة وعن اقنتاع علمي، وتأييد وتدليل.
3 -
الإكثار من النقول، وجمع الاقتباسات من كتب فقهية، وحديثية كثيرة، ربما لا يطلع عليها القارئ في كتاب آخر بهذا الاستقصاء والجمع الشامل.
4 -
ذكر أدلة المذاهب الأخرى مع ترجيح أدلة المذهب الحنفي في أسلوب هادي، واحترام للجميع، وحبّ، وإكبار.
5 -
الشمول والإحاطة والتعرّض لكلّ ما يتعلق بالبحث من أمور كلّية وجزئية، يتلجلى ذلك بوضوح في مجهوده العلمي الكبير:"أوجز المسالك إلى مؤطأ الإمام مالك".
6 -
والميزة السادسة التي تميز جميع كتبه عن كتابات كثير من العلماء هو إخلاصه في التأليف، وعدم الانتفاع بها ماديا، ووقفها في سبيل العلم والدين، والأخذ بالآداب الرفيعة أثناء التأليف، الأمر الذي أورث كتبه تأثيرا عميقا في النفوس.
وقد خلّف شيخ الحديث مكتبة ضخمة من المؤلّفات في مختلف المواضيع العلمية، وكتبه في الترغيب والترهيب المعروفة بفضائل الصلاة، وفضائل الزكاة، وفضائل الصوم، والحج، والصدقات، والدعوة، وغير ذلك، كتب سارت مسار الأمثال، وطارت في الآفاق، وقرئت في المساجد،
وأصبحت مفرّرا لجماعة الدعوة والتبليغ، والذين يأخذون عليها ذكر الأحاديث الضعيفة يتغافلون أو يتجاهلون، أنه ليس بدعا في المحدّثين، بل إن أكثر المحدّثين يأخذون بالضعاف مع الشروط المعتبرة في فضائل الأعمال، وهذا هو مذهب الجمهور من المحدّثين المعتدلين.
أما كتب شيخ الحديث ومؤلفاته القيّمة الأخرى التي لا تعرف في الأوساط العلمية لكونها مخطوطة، لم تخرج إلى النور بعد، فأحبّ أن أذكر لمحات موجزة عنها، لعلّ ذلك يحثّ القائمين عليها، والمحبين لها أن يبادروا في إخراجها بصورة منقنة جميلة قشيبة.
1 -
"تقرير مشكاة المصابيح"، هذا مجموع دروس ومحاضرات في كتاب "مشكاة المصابيح"، وكلمة تقرير بالأردية تعني خطبة أو محاضرة، وقد كان قيّدها أثناء قراءته للكتاب في أيام الطلب، ثم لما بدأ يدرّس هذا الكتاب العظيم عام 1341 هـ بدأ يزيد على هذا الأصل إضافات كثيرة قيّمة، هي خلاصة دراساته في شروح هذا الكتاب العديدة، وقد استنسخ منه أكثر من مائة طالب ومدرّس، واستفادوا، وأفادوا.
2 -
"محاضرات في كتب الحديث": هذه مجموعة أخرى للدروس والمحاضرات في الكتب الستة التي كان يلقيها شيخه المحدّث خليل أحمد السهارنفوري، فكان يقيد خلاصة هذه الدروس، وقد جاءت محاضرات أستاذه في الكتاب:"سنن الترمذي" كاملة في مجموعة عنده بصورة مختصرة.
3 -
"تلخيص بذل المجهود في حل أبي داود": كان المؤلف أثناء إملاءات شيخه لكتابه: "بذل المجهود"، يلخّص محتوياته، ويوجز أهمّ مضامينه، التي احتواها هذه التلخيص النافع الوجيز.
4 -
"شذرات الحديث": هذا الكتاب يحوي فوائد وفرائد حديثة نادرة، وهي خلاصة دراسات شيخ الحديث في "كتاب البخاري" و "مسلم" وغيرهما، من أصحاب السنن، فكان من عادته أثناء مطالعاته
لهذه الكتب أنه خصّص دفترا لكلّ كتاب يقيد فيه فوائد الشروح الحديثية المتعلّقة بكلّ كتاب، وقد رسم لذلك علامات، مثل "شخ" للشذرات المتعلقة بالبخاري، و"شم" و"شت" و"شد" إشارة إلى شذرات كتاب مسلم، والترمذي، وأبي داود.
5 -
"مقدمات كتب الحديث"، لقد كان شيخ الحديث بدأ بكتابة مقدمة ضافية في علوم الحديث عام 1346 هـ، وكان ينقّح فيها، ويزيد حتى عندما طبع كتابه القيّم:"أوجز المسالك"، طبعت معه هذه المقدمة، كما أنه كتب مقدّمات الكتب الحديثية الأخرى من الصحاح والسنن، التي اشتغل بقراءتها وتدريسها زمنا طويلا، ذكر فيها مزايا هذه الكتب وتراجم مؤلّفيها وخصائصهم الفنية، وقد طبعت فيها مقدمة "صحيح البخاري" في مبتدأ كتابه:"لامع الدراري"، أما مقدّمات "صحيح مسلم"، و "سنن أبي داود" و "الترمذي"، و "النسائي"، و "ابن ماجه"، و"شمائل الترمذي"، و "شرح معاني الآثار" للطحاوي، فلا تزال مخطوطة تنتظر من يخرجها إلى النور.
6 -
"تقرير سنن النسائي"، وهو كذلك مجموع محاضرات أساتذته وشيوخه المحدّثين في "سنن النسائي"، بدأ بتقييدها بتفصيل وإسهاب في 4/ ربيع الثاني عام 1341 هـ، وقد انتهى منها في جمادى الثانية عام 1341 هـ، وقد قرأ أثناء اشتغاله بتقييد هذه المحاضرات "زهر الربى" للسيوطى، و "حاشية السندي" على "سنن النسائي"، قراءة مستوعبة متأملة، كما استفاد من حواشي عدد من شيوخه الأجلّة المحدّثين على السنن، وقد استعان به كثير من المدرّسين لـ "سنن النسائي" أثناء تدريسهم.
7 -
"مختصّات المشكاة"، جمع بها المؤلف كلّ ما يختص بكتاب "المشكاة" من بحوث ومختصات لملا علي القاري.
8 -
"جامع الروايات والأجزاء"، هذا الكتاب بمثابة موسوعة ضخمة في أطراف كتب الحديث، بدأ المؤلف بجمعها، وترتيبها من أوائل عام 1335 هـ واستمرّ فيها إلى عام 1388 هـ، وقد ذكر فيها أطراف الكتب الستة، و"موطأ الإمام مالك"، و "موطأ الإمام محمد"، و "شرح معاني الآثار" للطحاوي، و "المستدرك" للحاكم، و "السنن الكبرى" للبيهقي وغيرها من كتب الحديث، وكان قد رتّبها على طريقة "مشكاة المصابيح"، ثم لم تمهله الأمراض والانقطاع عن التدريس أن يستمرّ في هذا العمل، وبقي ناقصا ينتظر محدّثا ذا همة وعزيمة.
9 -
"حواشي المسلسلات": جمع المؤلّف فيه الأحاديث المسلسلة، التي كان طلاب الحديث يأخذون الإجازة فيها عن الشيخ، وعلّق عليها تعليقات نافعة، وأفرد رسالة في رجالها ورواتها، سمّاها:"رجال المسلسلات".
10 -
"حواشي الساعة في أشراط الساعة": هذه تعليقات، فاض بها قلم المولّف على كتاب السيّد صديق حسن خان البوفالي، وأحال إلى المراجع التي استفاد منها مؤلف الأصل مع زيادات قيّمة مفيدة.
11 -
"جزء معراج النبي" صلى الله عليه وسلم: هذه رسالة جمع فيها المؤلّف الروايات المتعلقة بمعراج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكمله.
12 -
"جزء وفاة النبي" صلى الله عليه وسلم: يشتمل على الأحاديث والروايات التي تبين بداية مرض وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: في أيّ يوم وأيّ تاريخ؟ كيف اشتدّ المرض؟، وماذا جرى في تلك الأيام من الأحاديث والوقائع؟ ولم يتمّ.
13 -
"جزء أفضل الأعمال": كثيرا ما يذكر في الأحاديث أن العمل الفلاني أفضل، ثم يذكر ذلك الفضل لعمل آخر، وثالث، ورابع، فكفى الشيخ مؤنة البحث في هذا الموضوع، وجمع تلك الروايات كلّها،
وبين ما ذكر المحدّثون من الوجوه في أفضيلتها، ولم يكمل هذا الجزء للأسف.
14 -
"جزء روايات الاستحاضة": موضوع الاستحاضة في الأحاديث من المواضيع الصعبة التي تبدو متعارضة في نفسها، وتحتاج إلى دقّة نظر وتأمّل كثير، وقد كان المحدّث الجليل الشيخ خليل أحمد السهارنفوري بعد أن كتب بحثه الممتع في هذا الموضوع في شرحه لـ "سنن أبي داود" يقول: لقد كانت أحاديث الاستحاضة تشكل عليّ دائما، وكنت أعتقد أن المشكلة ستنحلّ في "بذل المجهول"، ولكن لم تزل المشكلة كما كانت، وقد اختار شيخ الحديث في تعليقه على "الكوكب الدري شرح الترمذي" على حديث حمنة بنت جحش توجيها يختلف عما قاله المحدّثون بصفة عامة، وقد ذهب إليه مستأنسا بما جاء في "مشكل الآثار" للطحاوي، وبسط هذه المسألة في رسالته هذه، التي أسماها "جزء روايات الاستحاضة".
15 -
"جزء رفع اليدين"، جمع فيه جميع الروايات المتعلقة بالموضوع، وكان يريد التعليق عليها، ولكن لم يحصل له ذلك.
16 -
"جزء الأعمال بالنيات": تكلّم فيه حول هذا الحديث بتفصيل واستيعاب، وجاء بفوائد مهمة.
17 -
"جزء اختلافات الصلاة": كان الشيخ أيام تدريسه لـ "مشكاة المصابيح" يقول لطلابه: لماذا يثور النزاع حول: مسائل رفع اليدين، والتأمين سرا وجهرا، وقراءة الفاتحة خلف الإمام، ويتركّز الخلاف فيه مع العلم بأن الاختلاف في كون أيها أفضل، ومع أن هناك عشرات من المسائل في الصلاة فيها نفس هذا الخلاف؟ وبدأ يجمع هذه الخلافات التي توجد في الركعات الأربع من الصلاة، فبلّغها إلى مائتين، والخلاف في كلّ منها يدور حول الأفضل والمفضول.
18 -
"جزء مكفّرات الذنوب": جمع فيه الأحاديث التي ذكرت فيها الأعمال التي وصفت بأنها مكفّرة للخطايا والذنوب.
19 -
"جزء ملتقط المرقاة": يشتمل على فوائد منتقاة من "المرقاة".
20 -
"جزء صلاة الاستسقاء".
21 -
"جزء صلاة الخوف".
22 -
"جزء صلاة الكسوف".
هذه الرسائل الثلاث تشتمل على مجموعة الأحاديث الواردة في هذه الأبواب مع شرحها، وتعيين المرات التى صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، والأماكن التي صلى بها، وغير ذلك من الفوائد المهمة.
23 -
"جزء تخريج حديث عائشة في قصة بريرة" رضي الله عنهما، جاءت أحاديث عائشة رضي الله عنها في قصّة بريرة مختلفة النصوص، فأراد الشيخ من جمع هذه الروايات كلّها أن ينظر القاري فيها، ويتأملها مجتمعة مرتبة في مكان واحد.
24 -
"جزء أنكحته": تناول فيه تفاصيل زواج النبي بأمّهات المؤمنين رضى الله عنهن، وختمه بذكر زواج السيّدة فاطمة رضي الله عنها.
25 -
"أوليات القيامة": ذكر فيها الروايات التي جاء فيها: أول ما يسأل العبد، أل ما يفعل، أول ما يحاسب، هلمّ جرا.
هذه كتبه في الحديث وعلومه، وشروح الكتب الحديثية، أما كتبه في أصول الحديث، وتراجم الرواة فهي كما يلي:
1 -
"أصول الحديث على مذهب الحنفية"، وهى رسالة مختصرة، ألّفها عام 1341 هـ، وكان ينقّح فيها، ويزيد إلى عام 1388 هـ.
2 -
"جزء ما يشكل على الجارحين": جمع فيه أقوال العلماء الجارحين، في بعض الرواة الذين أشكل الكلام فيهم جرحا وقدحا، وجمع اعتراضات العلماء على أقوال الجارحين.
3 -
"جزء ما قال المحدّثون في الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان": نقل فيه أقوال المحدّثين الذين تكلّموا في الإمام أبي حنيفة، وردّ على أقوالهم، كما ذكر أقوال من عدّلوه، وأثنو عليه.
4 -
"جزء المبهمات في الأسانيد والروايات": كثيرا ما يرد في أسانيد الحديث ومتونها رجال لم تذكر أسماؤهم، فبدأ المؤلف جمع أسماء هؤلاء المبهمين والمبهمات، وهم غير من ذكروا في "تقريب التهذيب" أو "تهذيب التهذيب" أو "تعجيل المنفعة".
5 -
"حواشي وذيل تهذيب التهذيب": لقد علّق المؤلف على عدد من كتب الرجال، وقد أكثر من الحواشي والتعليقات على كتاب:"تهذيب التهذيب"، وكان يريد إضافة ذيول للكتاب، فلم يكن منها إلا شي قليل.
6 -
"جزء ملتقط الرواة عن المرقاة": جمع فيه المؤلف كلام صاحب "المرقاة" على الرجال الذين ذكروا في "مشكاة المصابيح".
وخدم هذا العلم الفرد عددا من الكتب الحديثية بالفهرسة والتبويب والترتيب، أذكرها فيها يلي:
1 -
"معجم المسند للإمام أحمد": رتّب فيه أحايث المسند على الحروف الهجائية مع الإحالة إلى المجلّد والصحفة، وهو يسهل الاستفادة من هذا السفر الضخم.
2 -
"معجم رجال تذكرة الحفاظ للذهبي": فهرس المترجمين فيه على الحروف.
3 -
"معجم الصحابة الذين أخرج عنهم أبو داود الطيالسى في مسنده": رتّب أسماء الصحابة فيه على الحروف.
4 -
"تبويب تأويل مختلف الحديث".
5 -
"تبويب مشكل الآثار".
رتّب المؤلف أحاديث الكتابين على الأبواب الفقهية.
هذه نبذة عن مؤلفات شيخ الحديث في الحديث، وعلومه، ورجاله، تدلّ على جهده، وعلوّ كعبه، ودقّة نظره، وحسن اختياره، ونرجو من القائمين عليها أن ينشروها وأن يعمّ النفع بها، والله هو الموفق المعين.
* * *
1978 - الشيخ الفاضل المحدث زكريا بن يحيى بن الحارث، الإمام، النيسابوري، المزكى، أبو يحيى، البزار، الفقيه، أحد مشايخ أصحاب أبي حنيفة في عصره، وأحد العباد
*.
سمع إسحاق بن راهويه بـ "خراسان"، وغيره.
قال الحاكم في "تاريخ نيسابور": حدّثنا عنه، وله تصانيف كثيرة في الحديث.
مات رحمه الله تعالى، في يوم السبت، لخمس ليال بقين من ربيع الآخر، سنة ثمان وتسعين ومائتين، وصلى عليه الأمير أبو صالح.
* * *
1979 - الشيخ الفاضل زكريا بن يحيى بن هارون بن يوسف بن يعقوب بن عبد الحق ابن عبد الله، بدر الدين، الدِّشناوي -بالدال المهملة
* راجع: الطبقات السنية 3: 262، 263.
ترجمته في الجواهر المضية برقم 598، والعبر 2: 111، وميزان الاعتدال 2: 80،70.
والشين المعجمة والنون ومن بعدها ألف وواو - التونسي *.
قال الصفدي، في "أعيان العصر": كان فقيهًا، أديبًا، نبيهًا، أريبًا.
له نظم كأن قوافيه كُؤوس، وأزاهر روضة زكية الغُروس، حدّث بشيءٍ منه، ورواه الأكابر عنه.
ولم يزل بـ "القاهرة" إلى أن كمل مدته، وسكن الموت شرته وحدته.
وتوفي، رحمه الله تعالى، سنة
…
(1)
وسبعمائة. انتهى.
وقال ابن حجر: كان أديبًا فاضلًا.
أخذ عنه الحافظ أبو الفتح اليعمري، وزين الدين عمر بن حسين بن حبيب، وغيرهما.
ومن شعره لغزٌ في اسم طيبرس
(2)
:
وما اسْمٌ له بَعْضٌ هو اسمُ قَبِيلَةٍ
…
وتَصْحِيفُ باقِيهِ تُلَاقِي به العِدَا
اسم القبيلة: طي، وتصحيف برس: تُرس.
وإن قلْتَه عَكْسًا فَتَصْحِيفُ بَعْضِهَ
…
غِياثٌ لِظمْآنَ تألمَ بالصَّدَى
(3)
وباقِيه بالتَّصْحِيفِ طَيْرٌ وعَكْسُهُ
…
لكلِّ الوَرى عِلْمٌ مُعينٌ على الرَّدَى
* راجع: الطبقات السنية 3: 263، 264.
وترجمته في الخطط الجديدة، لعلي مبارك 11: 15، والدرر الكامنة 2: 207 ن 208، والطالع السعيد 248 - 250.
(1)
بياض بالأصل. وفي الدرر أنه توفي بعد سنة سبعمائة، وفي الطالع السعيد أنه توفي سنة ثالث وسبعمائة. وانظر حاشيته.
(2)
الدرر الكامنة 2: 207، والطالع السعيد 250.
(3)
عكس الاسم: "سرببط" فبعضه: سرب تصحيفه: شرب.
وهذا التفسير من حاشية بعض نسخ الطالع السعيد.
اسم الطير: بط. والعلم هو: الطب.
وله في مغن راقص
(1)
:
يَا مَنْ غَدَا الحُسْنُ إذ غَنَى وماسَ لَنا
…
مُقَسَّمًا بين أَبْصارٍ وأسماعِ
قاسُوكَ بالغُصْنِ رَقْصًا والهزار غِنَا
…
وما تُقاسُ بِميَّاسٍ وسَجَّاعِ
قَدْ تَسْجَعُ الوُرْقَ لكنْ غيرَ ناطِقَةٍ
…
ويرقُصُ الغُصْنُ لا في حُسْنِ إيقاعِ
(2)
وله أيضًا
(3)
:
لا تَسَلْنِي عن السُّلُوِّ وسَلْ ما
…
صَنَعَتْ بي لُطْفًا مَحاسِنُ سُلْمَى
أَوْقَعَتْ بينَ مُقْلَتِي ورُقادِي
…
وسَقامي والجِسْم حَرْبًا وسِلْمًا
وأورد له الصفدي، في "أعيان العصر"، قوله في مليح خطائي
(4)
:
فقالَ لِيَ العَذُّولُ أراكَ تَبْكِي
…
فقلتُ له بكيتُ على خَطَائي
واعترض عليه، بأنه أراد التورية بالخطأ، مهموزًا مقصورًا، ضدّ الصواب، عن الخطائي، وهو المليح التركي الخطائي، وهو ممدود، فما قعدت معه التورية.
ثم إنه اعترض على الأديب جال الدين ابن نباتة، حيث استعمل ذلك في شعره.
(1)
الدرر الكامنة 2: 208، والطالع السعيد 249، 250، قال الأدفوي:"وأظنها له".
(2)
في الدرر:
قد تسجع الورق لكن غير داخلة
…
وترقص البان بل في غير إيقاع.
وفي الطالع السعيد:
قد تسجع الورق لكن غير داخلة
…
وترقص البان بل في غير إيقاع.
(3)
الطالع السعيد 249.
(4)
الطالع السعيد 249.
وأنشد الصلاح لنفسه في ذلك قوله:
أَحْبَبْتُ مِن تُرْكِ الخَطَأ ذَا قَامَةٍ
…
فَضَحَتْ غُصُونَ الْبَانِ لَمَّا أن خَطَا
إياكُمُ وجُفُونَهُ فأنا الذي
…
سَهْمٌ أصابَ حَشاهُ مِن عينِ الْخَطَا
وقوله أيضًا:
يا قلبُ لا تُقْدِمْ على
…
سِحْرِ الجُفونِ إذا سَطَا
ومِنَ الْعَجائِبِ أنَّه
…
أَضْحَى يَصِحُّ مع الْخَطَا
قلت: ويُعجبني إلى الغاية في هذا المعنى قول الأديب المعمار
(1)
، وإن كان يرد عليه في التورية بالخطأ، ما أورده الصفدي على صاحب الترجمة آنفًا، فإن ذلك مما يُسامح به غالبًا:
أصابَ قلبي خَطائِي
…
بِلَحْظِهِ لِشَقائِي
فَرُحْتُ مِن عُظْمِ وَجْدِي
…
أَشْكو إلى الحُكَماءِ
قالوا أُصِبْتَ بِعَيْنٍ
…
فقلتُ مِن عُظْمِ دَائِي
إنْ كان هذا صَوابًا
…
فتلك عَيْنُ الْخَطائي
وهو لغة.
في هذا المعنى أيضًا مع سلامته من الاعتراض السابق، قوله
(2)
من تائية نظمها في مدح المولى الفاضل أحمد جلبي بن قاضي القضاة حسن بيك بن عبد المحسن، وقد تقدمت في ترجمته
(3)
:
(1)
جلال الدين أبو محمد عبد الله بن إسماعيل الأسدي البغدادي، كاتب شاعر، أديب فيلسوف، توفي بالحلة، سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.
الأعلام 4: 198.
(2)
كذا ورد في النسخ، والشعر لصاحب الطبقات تقي الدين التميمي، وقد تقدم في الجزء الأول.
(3)
تقدمت الترجمة برقم 177.
ظبيٌ مِن التُرْكِ إلَّا أنَّ أعْيُنَهُ
…
مُهَنَّداتٌ لها بالقلب فتكاتُ
(1)
مِن الْخَطا ما خَطَا إلا ودَاخَلَهُ
…
بالقَدِّ عُجْبٌ ولِلأَغْصانِ شَمْخَاتُ
ما اهتز إلا وبَزَّ الناسَ أنفُسَهُمْ
…
وهكذا شَأْنُهُنَّ السَّمْهَريَّاتُ
حذارِ يا قَلْبُ مِن ألْحاظِهِ فلها
…
سِهامُ حَتْفٍ لها بالقلبِ رَشْقَاتُ
ولا يَغُرَّنْكَ ما يُخطى وكُن يَقِظًا
…
ففي سِهامِ الْخَطا تُلفَى إصاباتُ
(2)
ومن نظم بدر الدين الدشناوي موشح لطيف، منه قوله
(3)
:
أَيا مَنْ عَلَيَّ تَجَنَّى
…
وقد حاز لُطْفُ المعَنَّى
(4)
اجْعَلْ لي من صُدودِكَ أَمْنَا
وارْحمنِي وهَبْ لي
…
وَصْلًا به أَتَمَلَّى
وكُنْ لِلْمَكارِمَ أهْلًا
…
هذا [أهْنَا] وأَحْلَى
(5)
وزكريا هذا، هو الذي تقدمت ترجمته برقم 893، وهو زكريا بن يحيى بن الإرث أبو يحيى، ولعله اشتبه علي عبد القادر صاحب الجواهر أمره، ونقل عنه التميمي، ولعل الإيراد الصحيح لاسمه هو:"زكريا بن يحيى، أبو يحيى النيسابوري".
* * *
1980 - الشيخ الفاضل زكريا بن يحيى بن يحيى النيسابوري
(1)
فيما تقدم من الطبقات: "لها بالروح فتكات".
(2)
فيما تقدم من الطبقات: ولا يغرنك.
(3)
الطالع السعيد 250.
(4)
تكملة من: الطالع السعيد.
(5)
في النسخ: حنبل، والصواب في الجواهر، وهو جدّه لأمه، وتقدمت ترجمته، وهو: أحمد بن محمد بن سهل.
جد أحمد بن سهل
(1)
.*
كذا في "الجواهر"، من غير زيادة.
* * *
1981 - الشيخ الفاضل زكي الكيفي بن المفتي الأعظم محمد شفيع بن الشيخ المولى محمد ياسين الديوبندي
* *.
ولد 22 ذي الحجّة 1344 هـ، وسمّاه الشيخ حكيم الأمة التهانوي بمحمد زكي، واسمه التاريخي سعيد أختر.
وكان شاعرا مجيدا، بايع في طفوليته على يد حكيم الأمة أشرف على التهانوي.
قرأ مبادئ العلم في دار العلوم ديوبند، وبعد قراءة الفارسية والرياضية شرع قراءة الكتب العربية، وقرأ أربع سنين، ثم لم تجر سلسلة التعلّم.
وهاجر بعد تقسيم "الهند" إلى "باكستان" سنة 1367 هـ بعد أبويه.
حجّ، وزار مع أبويه سنة 1370 هـ.
توفي يوم عاشوراء من شهر محرّم الحرام سنة 1395 هـ.
* * *
(1)
في النسخ "حنبل"، والصواب في الجواهر.
* راجع: الطبقات السنية 3: 266.
وترجمته في: الجواهر المضية، برقم 599.
* * راجع: نقوش رفتكان 22 - 55.
1982 - الشيخ الفاضل زُهير بن معاوية بن حديح -بالحاء المهملة المضمومة- أبو خيثمة، الكوفي
*.
الحافظ، الحجّة، محدّث "الجزيرة"، من أصحاب الإمام، رضي الله تعالى عنه.
سمع الأعمش، وطبقته.
وروى عنه القطّان، وأبو داود، وأبو نعيم، وأبو جعفر العقيلي، وأحمد بن يونس، ويحيى بن يحيى التميمي، وخلق سواهم.
وكان من علماء الحديث، وكان سفيان يقول: ما بـ "الكوفة" مثله.
ووثقه ابن معين، وروى له الشيخان.
قال شعيب بن حرب، وذكر حديثًا لزهير وشعبة: زهير عندي أحفظ من عشرين مثل شُعبة.
وقال أحمد ابن حنبل: زُهير من معادن العلم.
وكان زهير إذا سمع الحديث من الشيخ مرّتين كتب عليه: فرغت.
* راجع: الطبقات السنية 3: 266، 267.
ترجمته فيك التاريخ الكبير للبخاري 2: 1: 427، وتذكرة الحفاظ 1: 233، وتقريب التهذيب 1: 265، وتهذيب التهذيب 3: 351 - 353، والجرح والتعديل 1: 2: 588، 589، والجمع بين رجال الصحيحين 152، والجواهر المضية برقم 600، وخلاصة تهذهيب تهذيب الكمال 123، ودول الإسلام 1: 114، وشذرات الذهب 1: 282، وطبقات الحفاظ للسيوطي 98، 99، وطبقات خليفة بن خياط (دمشق) 1: 394، وطبقات بان سعد 6: 262، والعبر 1: 263، ومرآة الجنان 1: 268، وميزان الاعتدال 2:86.
وكان صاحب سنة.
ونزل "الجزيرة" سنة أربع وستين، وأصابه الفالج هناك.
قال علي بن الجعد: كان رجل يختلف إلى زهير ثم فقده، فأتاه بعد ذلك فقال: أين كنت؟ قال: ذهبت إلى أبي حنيفة.
فقال: نعم ما تعلّمت، لمجلس تجلسه مع أبي حنيفة خير لك من أن تأتيني شهرا.
مات سنة أربع وسبعين. وقيل: اثنتين وسبعين. وقيل: ثلاث وسبعين ومائة، رحمه الله تعالى.
قلت: هو من رواة الستة، ذكره الذهبي في الحفّاظ، ووصفه بالحافظ، الحجّة، محدّث الجزيرة، حدّث عن الأسود بن قيس، وأبي إسحاق، وسماك بن حرب، وحميد الطويل، وطبقتهم. وعنه أبو داود الحسن بن موسى، وأبو نعيم، وأحمد بن يونس، ويحيى بن يحيى التميمي، وخلق سواهم، كان من علماء الحديث. قال معاذ بن معاذ: ما كان سفيان الثوري عندي بأثبت من زهير، وقال شعيب بن حرب: وذكر حديثا لزهير وشعبة، فقال: زهير أحفط عندي من عشرين مثل شعبة. وقال أحمد: زهير من معادن العلم. اهـ (1: 215).
وفي "جامع المسانيد" يقول أضعف عباد الله: وإنه مع جلالة قدره في العلم من أصحاب الإمام أبي حنيفة، ويروى عنه كثيرا في هذه المسانيد. اهـ (2: 458).
* * *
1983 - الشيخ الفاضل زياد بن إلياس، أبو المعالي، ظهير الدين
تلميذ الإمام أبي الحسن على بن محمد بن الحسين البزدوي *.
قال صاحب "الهداية" في "مشيخته": اختلفت إليه بعد وفاة جدّي، وقرأت عليه أشياء من الفقه والخلاف.
وكان مع غزارة العلم، ووفور الفضل، متواضعًا، جوادًا، حسن الخلق، ملاطفًا لأصحابه، وكان من كبار المشايخ بـ "فرغانة".
قال أبو الحسن علي، صاحب "الهداية": أنشدني الإمام القاضي نجيب الدين محمد ابن الفضل الأصبهاني، بـ "مرغينان"، لنفسه أبياتًا يمدح بها الأستاذ ظهير الدين، أولها
(1)
:
أسْعَدْ فقد نِلْتَ لُقْيا أفضلِ النَّاسِ
…
أبي الْمَعالي زِيَادٍ نَجلِ إلياسِ
قَرْمٍ أخي ثِقَةٍ لولا مَكارِمُهُ
…
ما إنْ جَرَى قَلَمٌ في ظَهْرِ قِرْطَاسِ
وانزل بناديه تَلْقَ المجدَ مُبتَسِمًا
…
والفضلَ في نَفَحاتِ الوَرْدِ والآسِ
ولُذ بِهِ من زمانٍ جاشِرٍ نَكِدٍ
…
فما لِجُرْحِ الليالي غَيْرُه آسِ
إنْ لَم تُحِطْ بِهُدَاهُ في فَضائِلِه
…
فقِسْهُ فالشَّيءُ قَد يُدْرَى بِمِقْياسِ
جُودُ الْبَرَامِكِ في نُطْقِ ابنِ ساعِدَةٍ
…
في حِلْمِ أَحْنَفَ في فَضْلِ ابنِ عَبَّاسِ
* * *
1984 - الشيخ الإمام زياد بن عبد الرحمن
* *
* راجع: الطبقات السنية 3: 267، 268.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 601، وطبقات الفقهاء لطاش كبربزاده صفحة 91.
(1)
الأبيات في: الجواهر المضية 2: 213، 214.
* * راجع: الفوائد البهية ص 77.
كان يروي كتب محمد بن الحسن عن أبي سليمان الجوزجاني.
وكان شيخ الحنفية في زمانه.
* * *
1985 - الشيخ الفاضل زياد بن علي بن الموفق بن زياد بن محمد بن زياد أبو الفضل بن أبي القاسم بن أبي نصر عُرف بزين الحرمين من أهل "هراة
" *.
قال أبو سعد: مولده في صفر، سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
سمع من جدّه أبي نصر بن زياد، وغيره.
قال: وقرأت عليه جزءًا من سماعه من جدّه، وأجاز لي مُشافهةً.
وهو من بيت الرياسة والتقدّم
(1)
.
ورد "بغداد" حاجًا.
وكتب إلى [أبو]
(2)
عبد الله محمد بن الفضل الدهّان، وأنا بِبُخارى، أن أبا الفضل ابن زياد مات بـ"هراة"، يوم الأربعاء، الثالث من جمادى الآخرة، سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
* راجع: الطبقات السنية 3: 268، 269.
وترجمته في الجواهر المضية، برقم 602.
(1)
بعده في الجواهر زيادة: "والفضل".
(2)
تكملة من: الجواهر.
1986 - الملكة الفاضلة زيب النساء بنت السلطان محي الدين أورنك زيب عالمغير، أكبر ملوك "الهند"، وأكرمهم
*.
ولدتْ في عاشر شوّال سنة ثمان وأربعين وألف من بطن دلرس بانو بنت شاهوار خان الصفوي.
ونشأتْ في نعمه أبيها، وحفظت القرآن على مريم أمّ عناية الله الكشميري، فأعطاها عالمغير ثلاثين ألفا من النقود الذهبية.
ثم تعلّمت الكتابة من نسخ وتعليق وشفيعة وغيرها، وقرأت الكتب الدراسيّة على الشيخ أحمد بن أبي سعيد الحنفي الأميتهوي، وعلى غيره من العلماء، وأخذت الشعر والإنشاء وغيرهما عن الشيخ محمد سعيد المازندراني، وأحرزت الكتب النفيسة في خزانتها، واجتمع عندها من العلماء والشعراء ما لم يجتمع عند أحد.
وكانتْ شاعرة ساحرة، تسحر الألباب، وتفلق القلوب لا تضاهيها امرأة في "الهند" في جودة القريحة، وسلامة الفكرة، ولطافة الطبع، لم تتزوّج قطّ لغيرتها بأن تكون ضجيعة لأحد من الرجال.
وأما مصنّفاتها فهي لا تكاد توجد في الدنيا غير "زيب المنشأت"، وهو مجموع لرسائلها، وأما "ديوان الشعر" المنسوب إليها فهو لواحد من شعراء الفرس، و"ديوانها" قد ضاع في حياتها. وأما "زيب التفاسير"، فهو ترجمة "التفسير الكبير" للرازي بالفارسي، نقله من العربية إلى الفارسية الشيخ صفي الدين الأردبيلي، ثم الكشميري بأمرها، ولذلك سمّاه باسمها.
* راجع: نزهة الخواطر 6: 99، 100.
توفيتْ سنة ثلاث عشرة ومائة وألف في حياة أبيها، فدفنتْ بحديقة بناها في "لاهور".
* * *
1987 - الشيخ الفاضل زيد بن أسامة
*.
كان يروي "الجامع الكبير" لمحمد بن الحسن، عن أبي سليمان الجوزجاني، عن محمد بن الحسن.
رواه عنه إسحاق بن إبراهيم الشاشي القاضي، المذكور سابقًا، في حرف الهمزة.
* * *
1988 - الشيخ الفاضل زيد بن بشير الأندلسي، الفقيه
* *.
ذكره ابن يونس في "تاريخ مصر"، وقال: فقيه على مذهب الكوفيين.
روى عنه سليمان بن عِمران، قاضي الغرب
(1)
.
قال: ما وجدت أحدًا يعرفه بـ "مصر"، غير أبي جعفر الطحاوي.
* * *
* راجع: الطبقات السنية 3: 269.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 603، وكتائب أعلام الأخيار برقم 131.
* * راجع: الطبقات السنية 3: 269.
وترجمته في بغية الملتمس 295، وتاريخ علماء الأندلس 1: 156، والجواهر المضية، برقم 604.
(1)
في بغية الملتمس، وتاريخ علماء الأندلس، والجواهر:"المغرب".
1989 - الشيخ الفاضل زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة ابن حمير بن الحارث ذي رُعين الأصغر الإمام، العلامة، المفنن الفهامة تاج الدين، أبو اليمن، الكندي النحوي، اللغوي، المقري، المحدّث، الحافظ
*.
ولد بـ "بغداد" سنة عشرين وخمسمائة.
* راجع: الطبقات السنية 3: 270.
وترجمته في إنباه الرواة 2: 10 - 14، والبداية والنهاية 13: 71 - 74، وبغية الوعاة 1: 570 - 573، وتاريخ ابن الوردي 2: 133، والتكملة لوفيات النقلة 4: 248 - 251، والجواهر المضية برقم 605، وخريدة القصر قسم الشام 1: 101، 102، والدارس 1: 483 - 486، ودول الإسلام 2: 116، وديل الروضتين 95 - 99، وروضات الجنات 3: 394 - 397، وشذرات الذهب 5:54. 55، وطبقات القراء 1: 593، والعبر 5: 45، والكامل 12: 315، وكشف الظنون 1: 6، 714، 812، 2: 1670، 1697، 1925، والمختصر لأبي الفداء 3: 117، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 2: 71، 72، ومرآة الجنان 4: 25 - 27، ومرآة الزمان 8: 572 - 577، ومعجم الأدباء 11: 171 - 175، والنجوم الزاهرة 6: 216، 217، ووفيات الأعيان 2: 339 - 342.
وللدكتور سامى مكي العاني والأستاذ هلال ناجي كتاب "أبو اليكن تاج الدين زيد بن الحسن الكندي البغدادي، حياته، وما تبقي من شعره".
وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وأكمل القراءات العشر وهو ابن عشر، وكان أعلى أهل الأرض إسنادًا في القراءات.
قال الذهبي: لا أعلم أحدًا من الأئمة عاش بعد ما قرأ القرآن ثلاثًا وثمانين سنة غيره.
وقرأ العربية على أبى محمد سبط أبي منصور الخيّاط، وابن الشجري، وابن الخشّاب، واللغة على موهوب الجواليقي.
وسمع من أبي بكر بن عبد الباقي، وخلائق.
وخرج له أبو القاسم ابن عساكر "مشيخة" في أربعة أجزاء.
وقدم "دمشق"، ونال الحشمة الوافرة والتقدّم، وازدحمت عليه الطلبة.
وكان حنبليًا فصار حنفيًا، وتقدم في مذهب أبي حنيفة، وأفتى ودرّس، وأقرأ القراءات والنحو واللغة والشعر.
وكان صحيح السماع، ثقة في النقل، ظريفًا في العشرة، طيب المزاح.
قرأ عليه جماعة، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو حفص ابن القوَّاس
(1)
، ثم أبو حفص العقيمي
(2)
.
واستوزره فروخ شاه.
ثم اتصل بأخيه تقي الدين صاحب "حماة"، واختصّ به، كثرت أمواله، وكتب الخطّ المنسوب.
(1)
هو: عمر بن عبد المنعم بن عمر الطائي الدمشقي، كان خيرا، دينا، متواضعا، محبا للرواية، توفي سنة ثمان وتسعين وستمائة. العبر 5:388.
(2)
هو: جمال الدين عمر بن إبراهيم بن حسين بن سلامة الرسعني الكاتب، شيخ الأدباء، توفي سنة تسع وتسعين وستمائة. العبر 5: 401، 402. وانظر شذرات الذهب 5:451.
وقرأ عليه المعظم عيسى شيئًا كثيرًا من النحو كـ "كتاب سيبويه"، و"شرحه"
(1)
، و"الإيضاح".
وله خزانة كتب بالجامع الأموي فيها كلّ نفيس.
وله "حواش" على "ديوان المتنبي"، و"حواش" على "خطب ابن نباتة"، أجاب عنها الموفّق البغدادي.
وحضر التاج الكندي مرّة عند الوزير، وحضر ابن دحية، فأورد ابن دحية
(2)
حديث الشفاعة
(3)
، فلمّا وصل إلى قول الخليل عليه الصلاة والسلام:"إنما كُنتُ خَليلًا مِن وراءَ وراءَ"، فتح ابن دحية الهمزتين
(4)
، فقال الكندي:"وراء وراء" بضمّ الهمزتين، فعسر ذلك على ابن دحية، وصنّف في المسألة كتابًا سماه "الصارم الهندي في الرد على الكندي"، وبلغ ذلك الكندي، فعمل مصنفًا سماه "نتف اللحية من ابن دحية".
قلت: ذكره السيوطي في "بغية الوعاة"، ووصفه بالإمام اللغوي المقرئ المحدّث الحافظ، سمع الحديث من أبي بكر بن عبد الباقي، وخلائق، وخرّج له أبو القاسم بن عساكر مشيخة في أربعة أجزاء، وكان صحيح السماع، ثقة في النقل، تقدّم في مذهب أبي حنيفة، وأفتى، ودرّس، وصنّف. اهـ. جامع المسانيد (2: 248).
(1)
أي: لابن درستويه. كما في معجم الأدباء 11: 175.
(2)
هو: أبو الخطاب عمر بن الحسن بن على الكلبي البلنسى الحافظ، كان من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء، توفي سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بالقاهرة. وفيات الأعيان 3: 448 - 450.
(3)
الحديث بتمامه رواه مسلم، في مسلم، في باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1: 186، 187.
(4)
انظر حاشية صحيح مسلم 1: 187.
ورد على الكندي سُؤال في الفرق بين: طلقتك إن دخلت الدار، وبين: إن دخلت الدار طلقتكِ. فألّف في الجواب عنه "مؤلفًا"، فردّ عليه محمد بن على بن غالب الجزري
(1)
، وسماه "الاعتراض المبدى لوهم التاج الكندي".
وتوفي يوم الاثنين، سادس شوّال، سنة عشر وستمائة، وانقطع بموته إسناد عظيم.
وفيه يقول تلميذه الشيخ علم الدين السخاوى وكان يبالغ في وصفه
(2)
:
لَمْ يَكُنْ في عَصْرِ عَمْرٍو مِثْلُهُ
…
وكذا الكنديُّ في آخر عَصْرِ
(3)
وهما زَيدٌ وعَمْرٌو إنَّما
…
بُنِيَ النَحْوُ على زيدٍ وعَمْروٍ
وكتب أبو شجاع ابن الدهان الفرضي
(4)
، إلى الشيخ تاج الدين الكندي، يمدحه
(5)
:
يا زَيْدُ زادكَ رَيِّي مِن مواهبِهِ
…
نُعْمَى يُقَصِّرُ عن إدراكها الأَمَلُ
لا بَدَّلَ اللهُ حالًا قد حَباكَ بها
…
ما دارَ بَيْنَ النُّحاةِ الحالُ والْبَدَلُ
النَحْوُ أنتَ أَحَقُّ العالِمينَ بِهِ
…
أليس باسمِكَ فيه يُضْرِبُ الَمَثلُ
(1)
في النسخ: "الخزري"، والمثبت في: بغية الوعاة 1: 573، كشف الظنون 1:119.
(2)
انظر تخريج البيتين في كتاب "أبو اليمن"32.
(3)
يعين بعمرو سيبويه.
(4)
هو: محمد بن علي بن شعيب، كانت له يد طولي في علم النحو، وهو أول من وضع الفرائق على شكل المنبر. توفي سنة تسعين وخمسمائة. بغية الوعاة 1: 180، 181.
(5)
انظر تخريج الأبيات في كتاب: "أبو اليمن"31.
وذكره ابن شاكر الكتبي، في "عيون التواريخ"، ونقل عنه أنه قال: كنت في صغري، وقت اشتغالي بالعلم، أبغض إخوتي إلى أبي، لأنه كان يريدني أشتغل بالتجارة، وأنا أشتغل بالعلم، وكان ذلك سعادة منحني الله تعالى بها، فإني اكتسبتُ بالعلم مقدار أربعين ألف دينار، ووهبتها جميعًا لمن يلوذ بي، حتى إن الدار التى كنت مقيمًا فيها وهبتها لهم.
قال ابن شاكر: وأقول: إن أحدًا ما نال من السعادة ما نال تاج الدين، فإن الملك المعظم بن العادل كان صاحب "الشام"، وكان يقصد منزل تاج الدين بدرب العجم
(1)
راجلًا، وكتابه تحت إبطه، يقرأ عليه، ولا يكلفه مشقة المجيء إلى خدمته، وكان على بابه من المماليك الأتراك وغيرهم ما لا يكون إلا على باب ملك، وكان له من الأملاك والبساتين ما لا يحصى.
قال: وكان تاج الدين يُكثر الجلوس على دكان عطار بباب حيرون، فجاءته امرأة طلبت منه حاجة، فأعطاها، وأخرى إلى أن ضجر، فقال لها العطّار، في كلام جرى بينهما: أخذتي
(2)
والله مخي.
فقال له الكندي: لا تلمها، فإنها محتاجة إليه، تريد أن تطعمه لزوجها.
ومن شعر التاج الكندي قوله
(3)
:
لامَنِيفي اختِصَارِ كُتْبِيِ حَبيبٌ
…
فَرَّقَتْ بَيْنَهُ اللَّيالي وبَيْنِي
كيف لي لو أطلتُ لكنَّ عُذري
…
فيه أنَّ الْمِدَادَ إِنْسَانُ عَيْنِي
(4)
(1)
أي: بدمشق.
(2)
كذا على حكاية قول العامة.
(3)
كتاب "أبو اليمن"81.
(4)
في كتاب "أبو اليمن": ليتني لو أطل، وفي حاشيته مثل ما هنا.
ومنه أيضًا قوله
(1)
:
أَرَى المرءَ يَهْوَى أنْ تَطُولَ حَيَاتُهُ
…
وفي طُولِهَا إِرْهاقُ ذُلٍّ وإزْهاقُ
تَمَنَّيْتُ في عَصْرِ الشَّبيبَةِ أنَّنِي
…
أُعمِّرُ والأَعْمارُ لا شَكَّ أرْزاقُ
فَلَّمَا أتاني ما تَمَنَّيْتُ ساءَني
…
مِن العُمْرِ ما قد كنتُ أهْوى وأَشْتاقُ
عَرَتْنِيَ أَعْراضٌ شديدٌ مراسُهَا
…
عَلَى وَهَمٌ ليس لي فيه إفْراقُ
وها أنا في إحدى وتسعين حَجَّةً
…
لها في إرْعادٌ مخوفٌ وإبراقُ
يُخَيِّلُ لِي فِكْري إذا كنتُ خاليًا
…
رُكُوبي على الأعْناقِ والسَّيْرُ إِعْناقُ
(2)
ويُذْكِرُني مَرُّ النَّسِيم وَرَوْحُهُ
…
حفَائِرَ يَعْلُوهَا مِن التُّرْبِ أَطْبَاقُ
يقولون دِرْيَاقٌ لِمِثلك نافعٌ
…
وما ليَ إلا رحمةُ اللهِ دِرْيَاقُ
ومنه أيضًا
(3)
:
عَجِبْتُ لِمَنْ يَنْتَابُه الموتُ غِيلَةً
…
يَرُوحُ به أو يَغْتدي كيف يَبْخَلُ
وهَبْ أنه مِن فَجْأَةِ الموتِ آمنٌ
…
مَسَرَّتُهُ بالعَيْشِ لا تَتَبَدَّلُ
أليسَ يَرَى أن الذي خَلَقَ الورى
…
بأرزاقهم ما عُمِّرُوا مُتَكَفِّلُ
(4)
ومنه أيضًا
(5)
:
دَعِ المِنَجِّم يكْبُو في ضَلالَتِهِ
…
إذا ادَّعَى عِلْم ما يَجْري به الفلكُ
(6)
تَفَرَّدَ اللهُ بالعِلْمِ القديم فَلا ال
…
إنسانُ يُشْركُهُ فيه ولا المِلَكُ
أعَدَّ لِلْرِزْقِ من أَشْراكِهِ شَرَكًا
…
فبِئسْتِ العُدتان الشِّرْكُ والشَّرَكُ
(1)
كتاب "أبو اليمن" 70، 71.
(2)
سقط هذا البيت من كتاب "أبو اليمن"، وهو في المصادر التي ذكرها المؤلفان.
(3)
كتاب "أبو اليمن"46.
(4)
في كتاب "أبو اليمن": "يتكقل".
(5)
كتاب "أبو اليمن" 67، 68.
(6)
في كتاب "أبو اليمن": إن ادعى.
ومنه أيضًا
(1)
:
أنْحَلْتَ جِسْمى السِّنُون إلى أن
…
صِرتُ أخفَى مِن نُقْطَةٍ في كتاب
عَرَّقَتْ أَعْظُمِي فليس عليها
…
بين جِلْدِي وبينها منْ حِجابِ
من رآني يقولُ هذا قناةٌ
…
كُسرتْ ثم جُمِّعَتْ في جرابِ
لستُ أبكي تحتَ التُّراب دَفينًا
…
بعدَ ما قد بَلِيْتُ فوق الترابِ
يَتَناسَى الجَهُولُ غائِلَةَ الشَّيْ
…
بِ زمانَ اغتراره بالشبابِ
وله غير ذلك، وقد وقفت له على"ديوان شعر"، في مجلّد لطيف.
وبالجملة فقد كان من فضلاء دهره، ومحاسن عصره، رحمه الله تعالى.
* * *
1990 - الشيخ الفاضل زيد بن محمد بن خيثمة بن محمد بن حاتم بن خيثمة ابن الحسن بن عوف التميمي، أبو سعد فقيه معروف
*.
سمع من الخفاف، وطبقته.
وهو من بيت العلم والقضاء.
مات في شهر ربيع الأول، سنة خمس وأربعين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
(1)
لم ترد الأبيات في كتاب أبة واليمن.
* راجع: الطبقات السنية 3: 274.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 606.
1991 - الشيخ الفاضل زيد بن نُعيم من أصحاب محمد بن الحسن، حدّث عنه بـ"بغداد
" *.
روى عنه أبو إسماعيل الفقيه محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن منصور.
ذكره الخطيب البغدادي، ولم يؤرّخ وفاته.
* * *
1992 - الشيخ الفاضل زين بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد المشهور بابن نُجيم، وهو اسم لبعض أجداده
* *.
كان إمامًا، عالمًا عاملًا، مؤلّفًا مُصنفًا، ماله في زمنه نظيرٌ.
واشتغل، ودأب، وحصل، وجمع، وتفرّد، وتفنّن، وأفتى، ودرّس.
* راجع: الطبقات السنية 3: 275.
وترجمته في تاريخ بغداد 8: 446، والجواهر المضية برقم 607.
* * راجع: الطبقات السنية 3: 275.
وترجمته في الخطط الجديدة 5: 17، وشذرات الذهب 8: 358، وكشف الظنون 1: 98، 356، 358، 374، 366، 727، 847، 910، 965، 2: 1515، 1661، 1823، والكواكب السائرة 3:154.
وكذا ورد في النسخ، والكواكب السائرة:"زين" فحسب، وورد في الشذرات:"زين الدين"، وورد في كشف الظنون:"زين الدين" في مواضع و"زين العابدين" في مواضع أخرى.
وصار زين الإخوان، وإنسان عين الأوان، وساعدهْ الحظّ في حياته، وبعد مماته، ورزق السعادة في سائر مؤلّفاته ومصنّفاته، فما كتب ورقة إلا واجتهد الناسُ في تحصيلها بالمال والجاه، وسارت بها الركبان في سائر البلدان.
وكانت ولادته في سنة ستّ وعشرين وتسعمائة.
ووفاته في سنة سبعين وتسعمائة
(1)
، نهار الأربعاء، سابع رجب الفرد، تغمّده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه، بمنه وكرمه، ومزيد غُفرانه.
وقد أخبرني أخوه الشيخ الفاضل عمر، الشهير كأخيه بابن نجيم، أن أخاه، صاحب الترجمة، أخذ عن جماعة من علماء "الديار المصرية"؛ منهم: الشيخ العلامة أمين الدين بن عبد العال الحنفي، والشيخ أبو الفيض، وشيخ الإسلام ابن الحلبي، وغيرهم.
وأخذ العلوم العربية والعقلية عن جماعة كثيرة؛ منهم: الشيخ العلامة نور الدين الديلمي المالكي، وكان من عباد الله الصالحين، وعُلمائه العاملين، والشيخ العلامة شُقير المغربي، أحد تلامذة الإمام العلامة الرحلة الفهامة، عالم الربع المعمور، كما هو في أوصافه مشهور، الشيخ مغوش
(2)
المغربي، وغيرهم ممن لم يحضرني اسمه، ولا أخبرني به أحد من الثقات.
(1)
في النسخ: "990" بالرقم، وهنا مثل ما في الشذرات، وفي الكواكب السائرة: وكانت وفاته سنة تسع بتقديم المثناة وستين وتسعمائة، وفي حاشيته بعض النسخ وفي الأصل: وتسعين. وقد آثرنا سنة 69، لأن الشذرات قعضه تحت متوفى سنة 970.
(2)
هو: شمس الدين محمد بن محمد الكرمي التونسي المالكي، شيخ الإسلام، وقاضي المعسكر بتونس، توفي بالقاهرة سنة سبع وأربعين وتسعمائة.
شذرات الذهب 8: 270، والشقائق النعمانية (بهامش وفيات الأعيان) 2: 52 - 54.
وله من التصانيف: "البحر الرائق بشرح كنز الدقائق" وهو أكبر مؤلّفاته، وأكثرها نفعًا، لكن حصول المنية منعه من بلوغ الأمنية، فما أكمله، ولا بحلية التمام جمله، وقد وصل فيه إلى أثناء الدعاوى والبينات.
و"شرح المنار"، في أصول الفقه.
وله "الأشباه والنظائر"، وهو كتاب رزق السعادة التامة بالقبول عند الخاص والعام، ضمنه كثيرًا من القواعد الفقهية، والمسائل الدقيقة والأجوبة الجبلية، والذي يغلب على الظن أنه لا يخلو منه خزانة أحد قدر على تحصيله من العلماء بـ "الديار الرومية".
واختصر "تحرير الإمام ابن الهمام" في أصول الفقه، وسماه "لب الأصول".
وله رسائل كثيرة، في فنون عديدة، تزيد على أربعين رسالة.
وأما تعاليقه على هوامش الكتب وحواشيها، وكتابته على أسئلة المستفيدين، والأوراق التي سودها بالفوائد والأبحاث الرائقة في أكثر الفنون، ومات قبل أن يجمعها ويحررها ويخرجها إلى الوجود فشيءٌ لا يمكن حصره، ولا يوجد عند غالب عُلمائنا في هذا العصر عُشره، ولولا معاجلة الأجل، قبل بلوغ الأمل، لكان في الفقه وأصوله خصوصًا، وفي أكثر الفنون عمومًا، أعجوبة الدهر، ونادرة العصر.
وفي الجملة، كان من مفاخر "الديار المصرية". رحمه الله تعالى.
* * *
1993 - الشيخ الفاضل الشيخ الكبير زين بن عبد الرحمن عيديد الباعلوي الحضرمي، أحد المشايخ المشهورين في عصره
*.
* راجع: نزهة الخواطر 6: 98.
حصل له القبول العظيم بمدينة "سورت"، فتولى الشياخة بها، قائما مقام والده.
وكان والده أول من قدم "الهند" من تلك العائلة الجليلة.
توفي سنة أربع وخمسين ومائة وألف، كما في "الحديقة"
* * *
1994 - الشيخ الفاضل زين الدين بن عبد العزيز بن زين الدين المليباري
*.
من رجال القرن العاشر الهجرى.
فقيه مشارك في بعض العلوم.
من آثاره: "فتح المعين بشرح قرة العين"، و"مختصر في أحاديث ذكر الموت"، و"أرشاد العباد إلى سبيل الإرشاد".
* * *
1995 - الشيخ الفاضل زين الدين بن عبد اللطيف الكشميري، كان من نسل الشيخ زين الدين علي
* *.
ولد بـ "كشمير"، ونشأ في العلم والكرامة، حتى برع، وفاق أقرانه.
مات سنة خمس وخمسين ومائة وألف، كما في "حدائق الحنفية".
* * *
* راجع: معجم المؤلفين 4: 193.
* * راجع: نزهة الخواطر 6: 98.
1996 - الشيخ الفاضل زين الدين بن قطب الدين الخوافي
*.
كان من ذرية الشيخ الكبير زين الدين الخوافي الولي المشهور.
ولد. ونشأ بـ "هرات"، وقرأ العلم على صنوه الكبير نور الدين محمد الخوافي، وسافر معه إلى "قندهار" ثم إلى "كابل".
ومات بها صنوه نور الدين سنة ثمان وتسعمائة، فتقرّب إلى بابر شاه التيموري، وصاحبه في الظعن والإقامة، وجاء معه إلى بلاد "الهند"، وولي الصدارة الجليلة، فسكن بمدينة "آكره"، وأسّس بها مدرسة عظيمة، ومسجدا كبيرا.
وله مصنّف لطيف في تاريخ "الهند"، وكان شاعرا، مجيد الشعر.
مات في سنة أربعين وتسعمائة في "جنار كره"، فنقل جسده إلى "آكره" ودفن بمدرسته.
* * *
1997 - الشيخ الفاضل الكبير القاضي زين الدين الناقلة الدهلوي، أحد الأساتذة المشهورين بدار الملك "دهلي" في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي
* *.
ذكره البرني في "تاريخه".
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 4: 108.
* * راجع: نزهة الخواطر 2: 48.
1998 - الشيخ الفاضل زين الدين المعروف بالعضد العجمي
*.
فقيه مشارك في علم المعقول والمنقول، درّس، وأفتى عدّة سنين.
من مصنّفاته: "شرح المختصر" لابن الحاجب، "المواقف"، و"الجواهر".
توفي سنة 753.
* * *
1999 - الشيخ الفاضل المولى زين العابدين بن الشيخ شمس الحق
* *.
ولد سنة 1368 هـ في قرية "أسْتُوكِرَام" من مضافات "بي بارية" من أرض "بنغلاديش".
قرأ العلوم العصرية إلى الصفّ الثامن، ثم التحق بالمدرسة الإسلامية "بَهَارْفُور"، وقرأ فيها عدّة سنين، ثم التحق بالجامعة اليونسية، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، وغيرها.
ثم سافر إلى "داكا"، ودرس في الجامعة القرآنية لال باغ، وأكمل الدراسة العليا فيها سنة 1394 هـ.
ومن أساتذته: العلامة هداية الله الجاندفوري، وشيخ التفسير العلامة سراج الإسلام، والمفتي نور الله، والمولى عبد المجيد الداكوي، وغيرهم.
* راجع: النجوم الزاهرة 10: 753.
وترجمته في الفوائد البهية ص 77، 78.
* * راجع: مشايخ بي باريه 352 - 358.
حجّ بيت الله الحرام سنة 1429 هـ.
وتوفي سنة 1431 هـ، وعمره إذ ذاك 62 سنة.
* * *
2000 - الشيخ الفاضل زين العابدين بن محمد بن عبد الله العبّاسي، المدني، المعروف بالخليفتي
*.
مؤرّخ. توفي بـ "المدينة" سنة 1130 هـ.
له من التصانيف: "نتيجة الفكر في خبر مدينة سيّد البشر"، و "إفاضة المنان في نشر فضائل ليلة النصف من شعبان"، و"الجمع الزاهر المنير في ذكر مولد البشير النذير".
* * *
2001 - الشيخ الصالح زين العابدين الدهلوي المشهور بأدهن، بفتح الهمزة وتشديد الدال الهندية
* *.
كان جدّ الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي من جهة الأم، قرأ على الشيخ عبد الله بن إله داد التلنبي.
* راجع: معجم المؤلفين 4: 197، هدية العارفين 2:315.
وترجمته في فهرس دار الكتب المصرية 5: 383، وإيضاح المكنون 1:108.
* * راجع: نزهة الخواطر 4: 108.
وأخذ الطريقة عن الشيخ سماء الدين الملتاني، وكان شديد التعبّد والتورّع، منوّر الشيبه، عرض عليه إبراهيم بن سكندر اللودي سلطان "الهند" الحجابة، فلم يقبلها.
مات سنة أربع وثلاثين وتسعمائة بـ "دهلي"، كما في "أخبار الأخيار".
* * *
2002 - الشيخ الفاضل المفتي زين العابدين
*.
ولد في قرية "مِيانْوَالي"، من أعمال "الهند".
أكمل الدراسة العليا في الجامعة الإسلامية دابيل، ومن شيوخه فيها: المحدّث الكبير العلامة شبير أحمد العثماني، ومحدّث العصر العلامة يوسف البنوري، والعلامة بدر عالم الميرتهي.
وبعد الفراغ التحق بالخانقاه السراجية النقشبندية، واستفاد من الشيخ أبى السعد أحمد خان، والشيخ محمد عبد الله اللدهيانوي.
ثم وصل سنة 1370 هـ إلى "فيصل آباد"، والتحق بمدرسة هناك، فدرّس، وأفاد وأجاد.
توفي 15 ربيع الأول 1425 هـ.
* * *
2003 - الشيخ الفاضل زين العابدين سجَّاد الميرتي من أنشط أعضاء جمعية علماء "الهند" والعاملين فيها
* *
* راجع: تذكرة علماء أهل سنت وجماعت، بنجاب: 1: 174 - 178.
* * راجع: تتمة الأعلام للزركلي 1: 196، والبعث الإسلامي مج 36 ع 3 ذو القعدة 1411 هـ ص 100، وأنوار الباري 2:256.
شغل منصب رئيس القسم الديني بالجامعة الملّية الإسلامية في "دهلي" إلى مدّة. وكان عضو مجلس الشورى لدار العلوم "ديوبند"، وعضو المجلس التنفيذي لندوة العلماء.
أنجز كتبا ومؤلّفات عديدة، وأصدر مجلّة إسلامية باللغة الأردية، وله كتاب في اللغة بعنوان "القاموس الجديد"، نال رواجا كبيرا بين أوساط الطلاب والمدرّسين في المدارس الإسلامية.
توفي شهر رمضان سنة 1411 هـ.
قلت: هو من تلامذة الإمام أنور شاه الكشميري، رحمه الله تعالى.
* * *
2004 - الملكة الفاضلة زينت النساء بيكم بنت السلطان محي الدين أورنكزيب عالمكير بن شاهجهان بن جهانكير التيموري
*.
ولدت في سنة ثلاث وخمسين وألف.
ونشأت في نعمة أبيها وتربيته، وتزوّجت أورنك شاه والي "تركستان"، وآل الأمرِ إليها في ولاية "بخارا" بذكائها وحسن تدبيرها، حتى صار الحلّ والعقد بيدها.
ومن مآثرها: زينة المساجد، المشهور في "دهلي" المبني بالحجارة الحراء، وفي فناء المسجد في الجهة الشمالية قبرها.
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 6: 100.
حرف السِّين المُهْمَلة
2005 - الفاضل الفقيه البارع الشيخ ساجد بن محمد فيض بن مولانا محمد شريف الجهنجهانوي
*.
ولد سنة 1120 هـ، ونشأ.
كان رحمه الله عالما فاضلا، عارفا كاملا، فقيها نبيلا.
نقل الشيخ المفتي إلهي بخش منه الفتاوى العديدة.
صنّف كتابا، سماه "عجائب الغرائب"، وكان شاعرا بليغا.
* * *
2006 - الشيخ الصالح الفقيه سارنك الصوفي، الدهلوي، ثم اللكنوي، أحد كبار المشايخ الجشتية
* *.
* سيرة مولانا يحيى الكاندهلوي ص 48.
* * راجع: نزهة الخواطر 3: 59.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان من أمراء السلطان فيروز شاه الدهلوي ملك "الهند"، مصر بلدة بـ "مالوه"، وسمّاها "سارنكبور".
ثم أخذته الجذبة الربّانية، فترك الإمارة، وصحب الشيخ قوام الدين بن ظهير الدين العبّاسى الكروي، وتلقّى الذكر منه، وسافر إلى الحرمين الشريفين، فحجّ، وزار، ورجع إلى "الهند".
وأخذ عن الشيخ يوسف بن أحمد لا يرجي، وصحبه مدّة من الزمان، وقرأ عليه "الرسالة المكّية"، وفي آخر أمره بعث عليه الشيخ صدر الدين بن أحمد الحسيني البخاري الخرقة، فردّها إليه، ثم بعثها إليه، أشار عليه الشيخ حسام الدين أحد المشايخ السهروردية
(1)
أن يقبلها، فقبل تلك الخرقة، وحصلت له فتوح عظيمة منها، كما في "أخبار الأخيار".
(1)
أما الطريقة السهروردية فهي للشيخ شهاب الدين عمر السهروردي صاحب "العوارف"، ومدارها على توزيع الأوقات على ما هو اللائق بالناس من الصيام والقيام، والمواظبة على الأدعية المأثورة والأحزاب والأوراد، والأشغال بذكر النفي والإثبات، بحيث يؤثّر في القلب، إلى غير ذلك من الأشغال، وهذه الطريقة وصلت إلى أهل الهند من جهة الشيخ بهاء الدين زكريا الملتاني، وهو أخذ عن الشيخ شهاب الدين إمام الطريقة، وأخذ عنه ولده صدر الدين، وعنه ولده ركن الدين، وأخذ عنه الشيخ جلال الدين الحسيني الأجي، وهو الذي بلغها إلى أعظم المعمورة، وبعده قام بأعباء الطريقة صنوه صدر الدين في بلاد السند، ووصلت طريقته إلى جونبور، وقام بها الشيخ قطب الدين عبد الله بن محمود بن الحسين الأجي ببلاد كجرات، وانتفع به خلق لا يحصون. انظر: الثقافة الإسلامية في الهند 183: 184.
وكانت وفاته في السادس عشر من شوّال سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وقبره بـ "مجهكوه" قرية من أعمال "بسوه"، بكسر الموحّدة، في أرض "أوده"
(1)
، كما في "الفوائد السعدية".
* * *
2007 - الشيخ العالم الفقيه سالار بن هبة الدين، الكوروي
*.
أحد المشايخ الجشتية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ "كوره" -بالراء الهندية- واشتغل بالعلم من صغره على أساتذة بلدته.
ثم سافر إلى بلاد أخرى، وأخذ عن الشيخ يعقوب السوسى.
ثم لازم الشيخ شمس الحق الجونبوري، وانتفع، ثم صحب الشيخ نظام الدين الفتحبوري، ولازمه مدّة، ثم لبس الخرقة من الشيخ بهاء الدين الجونبوري، ورجع إلى بلدته، وقام بنشر العلوم والمعارف.
وكان زاهدا عفيفا، متين الديانة، كثير التعبّد، نبغ من أعقابه الأجلّاء، منهم: الشيخ جمال.
(1)
"أوده": يحدّها من الشرق صوبة "بهار"، ومن الغرب "قنّوج"، ومن الشمال سلسلة الجبال، ومن الجنوب متصرفية "مانكبور"، طولها مائة وثلاثون ميلا، وعرضها خمسة عشر ومائة ميل، وأنهارها "كهاكهره"، و "سرجو"، "كومتي" و"سي"، ولها خمسة سركارات، وتسعون ومائة عمالة، أما سركاراتها فهي "أوده"، "كور كهبور"، "بهرائج"، "خير آباد"، "لكنو".
* راجع: نزهة الخواطر 4: 108، 109.
توفى يوم الأربعاء لثلاث بقين من ربيع الآخر، وقيل لثمان خلون من ربيع الأول سنة ستّ وأربعين وتسعمائة.
* * *
2008 - الشيخ الفاضل سالم بن سالم، من أقْران أبي مُطيع، وأبي مُعاذ
*.
كذا في "الجواهر" من غير زيادة.
* * *
2009 - الشيخ الفاضل العلامة المحدّث الأديب محمد سالم بن الشيخ الفاضل العلامة المحدث الكبير القارئ المقرئ محمد طيّب القاسمي، من أحفاد الإمام الكبير، الحجّة العلم الشهير، الشيخ محمد قاسم النانوتوي الصدّيقي، الذي ينتهي نسبُه إلى الصدّيق الأكبر، رضي الله عنه، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم
* *.
وجدّه الإمام النانوتوي، هو مؤسّس الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند، التي عُرفت بأزهر الهند، أعرق الجامعات الإسلامية وأوسعها انتشارًا،
* راجع: الطَّبَقَات السَّنِيَّة 4: 7.
وترجمته في: الجواهر المضية برقم 621، وهو فيه سَلْم بن سالم.
* * هذه الترجمة مأخوذة من إنترنت.
وأعلاها ذكرًا، وهي لا تزال -والحمد لله- قائمة بخدمات إسلامية ودراسية منذ تأسيسها عام 1282 هـ وحتى الآن بإشراف مبارك من أبناء الإمام النانوتوي رحمه الله تعالى.
ولد مولانا الشيخ فى مدينة "سهارنفور""أترابراديش" من أرض "الهند"، يوم الجمعة 22 جمادى الأخرى 1344 هـ، الموافق 8 يناير 1926 م.
حصل حفظه الله تعالى على درجة الفضيلة من الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند عام 1366 هـ، وهى أعلى درجة علمية، ينالها الطلبة المتخرّجون من الجامعة آنذاك.
للشيخ حفظه الله تعالى مشايخ، تتلمّذ عليهم، واستقى من فيض علومهم، كان من أبرزهم مكانة وأعلاهم شأنًا:
مولانا العلامة شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، والعلامة الشيخ إبراهيم البلياوي، وشيخ الأدب مولانا إعزاز علي الأمروهوي، وشيخ الحديث مولانا الشيخ فخر الحسن، وشيخ الحديث مولانا الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، صاحب "أوجز المسالك" شرح موطأ الإمام مالك، ووالده حكيم الإسلام مولانا الشيخ المقرئ محمد طيب القاسمي، رحمهم الله عز وجل.
درَّس مولانا الشيخ حفظه الله تعالى الكتب المتداولة في تلك الجامعات في جميع علومها وفنونها، التي تُقرأ للطلبة، فدّرس:
1 -
علوم النحو والصرف.
2 -
وعلوم الفقه وأصوله.
3 -
وعلوم الكلام والبيان.
4 -
وعلوم الحديث وأصوله.
يشغل مولانا الشيخ عدّة مناصب إدارية وعلمية، من أبرزها:
- رئيس الجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند.
- نائب رئيس هيئة الأحول الشخصية للمسلمين في الهند.
- مشرف رابطة المساجد في الهند.
- رئيس المجلس الاستشاري للجامعة الإسلامية مظاهر العلوم وقف سهارنفور أترابراديش.
- مشرف مجمع الفقه الإسلامي في الهند.
- عضو المجلس الاستشاري للجامعة الإسلامية دار العلوم ندوة العلماء. لكنو. أترابراديش.
- أستاذ الحديث وعلومه في جامعة دار العلوم وقف ديوبند.
- مشرف على الأمور الإدارية والتعليمية في الجامعة.
- مشارك بكتابة بحوث ومقالات دينية في عدد من المجلات العلمية.
- مشرف على المجلة العلمية الصادرة عن الجامعة.
- وللشيخ حفظه الله اهتمام فعّال بالمشاركة في الاحتفالات الدينية والندوات العلمية، والقيام بالدعوة والتبليغ وإصلاح مجتمع المسلمين في الهند، وإلقاء الخطب في المساجد يوم الجمعة، والعيدين.
سافر مولانا الشيخ إلى أكثر دول العالم لنشر رسالة الدين، والمنهج العلمي المعتدل، الذي هو شعار جامعة دار العلوم ديوبند، فمثّل هذا الفكر الوسطي في "آسيا" و"أوربا"، و"إفريقيا" و"الأمريكتين"، فكان خير مرسال لهذا المنهج، في هذه الدول وغيرها من دول العالم الفسيح.
* * *
2010 - الشيخ الفاضل سجّاد حسين القاضي، رئيس المدرسة العالية فتحبوري في "دهلي
" *
* راجع: تتمة الأعلام للزركلي 200:1، والبعث الإسلامي مج 36 ع 1 (رمضان 1411 هـ) ص 101.
من أبناء مديرية "بجنور". تخرّج في دار العلوم "ديوبند"، وعمل في التدريس بـ "دهلي" حوالي 45 عاما، وكان من أعضاء اللجنة التنفيذية في ندوة العلماء.
توفي سنة 1411 هـ.
نقل بعض المواد العلمية والأدبية من الفارسية إلى العربية، مثل:"كلستان سعدي الشيرازي"، و"ديوان الحافظ"، و"تحقيق فتاوى التاتارخانية". وطبعها في خمسة مجلّدات بدائرة المعارف العثمانية بـ "حيدر آباد".
* * *
2011 - الشيخ الفاضل العلامة المحدث الكبير سحبان محمود
*.
ولد سنة 1345 في "مراد آباد".
وأكمل حفظ القرآن الكريم بمدرسة شاهي
(1)
"مراد آباد"، ثم التحق بمظاهر العلوم سهارنبور، وبعد تقسيم "الهند". التحق بخير المدارس ملتان، واختار صحبة العلامة خير محمد الجالندهري، وأتم الدراسة العليا، فيها، وقرأ فاتحة الفراغ سنة 1369 هـ، ثم عيّن مدرّسا في مدرسة، بناها السيّد سليمان
* راجع: شخصيات وتأثرات 375 - 379.
(1)
تقع هذه الجامعة في مراد آباد بشاهي مسجد برتن بازار مقرب حارة بهتي استريت، أسّسها حجّة الإسلام محمد قاسم النانوتوي، قدّس الله سرّه في 1296 من هجرة سيّد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم، وبدأ فيها دورة الحديث 1298 هـ.
الندوي، رحمه الله تعالى، ودرّس كتبا من الصفّ الأول إلى "صحيح البخاري" بالترتيب.
ثم سافر إلى "كراتشي" سنة 1372 هـ، والتحق بدار العلوم كراتشى
(1)
، ثم عيّن شيخ الحديث فيها سنة 1386 هـ.
(1)
تعتبر هذه الجامعة من أكبر الجامعات في "باكستان" لتدريس العلوم الدينية بمختلف أصولها وفروعها، ومركزا مرموقا لنشر رسالة الإسلام السامية، والذود عن بيضة الدين الحنيف.
أسّسها سماحة الشيخ المفتي محمد شفيع الديوبندي في 1371 هـ، وكان المؤسّس يعتبر المفتي الأكبر لـ "باكستان"، رفع الله درجته في أعلى علّيين ما إن أسّسها، حتى أمّها الطلاب من مختلف زوايا المجتمع الباكستاني المعروف بنزعته الإسلامية القوية، واجتمعوا في هذه البقعة الطيبة من شتى المناطق، وانضمّ إلى هولاء الطلاب الباكستانيين إخوان لهم من "الهند" ذاتها، ومن "بنغلاديش"، و "بورما"، و"إندونيسا"، و"ماليزيا"، و"أفريقية"، و"أفغانستان"، و"إيران"، و"تركيا"، وغيرها من البلاد الإسلامية، بحيث غدت هذه الجامعة دار العلوم كراتشي حصنا ثقافيا إسلاميا، ينفر إليه طلاب المعرفة الدينية، من كلّ صوب وحدب ليتفقّهوا في الدين، وليرجعوا إلى قومهم دعاة إلى الله، يعلمونهم، ويفقهونهم، لعلّهم يححذرون، أسّسها سماحة المفتي قدّس سرّه، في قعر مدينة كراتشي، ثم لما كثر الطلاب، ومسّت الحاجة إلى بقعة كبيرة ومكان واسع جعل يبحث عن هذه البغية، فوجد بفضل الله تعالى وكرمه أرضا واسعة في ناحية كراتشي، وقّفها بعض أهل الخير من "بلاد أفريقية"، فنقلت جامعة دار العلوم كراتشي إلى محلّ جديد (كورنكي)، وبقي في محلّ قديم قسم تحفيظ القرآن الكريم وبعض المكاتب الإدارية، فهذه الجامعة أكبر جامعة في شبه القارة الهندية، من حيث المساحة، تبلغ ساحتها 56 فدانا، التحق جامعة دار العلوم كراتشي بوفاق المدارس العربية في 1303 هـ، وأما قبلها فكانت غير ملحقة بها، وبعد ما التحق بها يشترك طلابها في اختبارات تنعقد تحت إشراف وفاق المدارس العربية بـ "ملتان"، ويمنح الشهادة من الجامعة، ومن وفاق المدارس للفائزين، وهكذا شأن جميع الجامعات والمدارس الملحقة بالوفاق.
من شيوخه: العلامة خير محمد الجالندهري، وغيرهم من الأعلام الفخام، بايع في الطريقة والسلوك على يد العارف بالله الدكتور عبد الحي العارفي، قدّس سرّه، وأجازه شيخه للإجازة والأرشاد.
من تلامذته: الشيخ العلامة المفتي الكبير المحدّث الجليل تقي العثماني.
توفي يوم السبت 29 ذي الحجّة 1419 هـ.
* * *
2012 - الشيخ الفاضل العلامة سخاوة الله بن الحاج سلطان النواخالوي
*.
ولد في قرية "تُمْجَر" من مضافات "لكّيبُور" من أعمال "نواخالي".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بمدرسة تُمْجَر، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، وفاز في الاختبارات كلّها بدرجة الامتياز، ثم التحق بالمدرسة العالية داكا، وأكمل فيها الدراسة العليا، وصنّف كتابا سنة 1380 هـ، وسماها "خزينة الأدعية" باللغة البنغالية.
ثم في آخر عمره اشتغل بالدعوة والتبليغ، وترجم باللغة البنغالية "فضائل الأعمال"، و"فضائل الصدقات"، و"فضائل الذكر"، وغيرها، التي ألفها شيخ الحديث محمد زكريا الكاندهلوي، رحمه الله تعالى.
توفي سنة 1428 هـ، وعمره إذ ذاك 77 سنة.
* * *
* راجع: مائة من العلماء الكبار من بنغلاديش 406 - 411.
2013 - الشيخ الفاضل سخاوة علي بن المفتي إبراهيم بن عمر البنارسي
*.
أحد العلماء الصالحين.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد سنة تسع عشرة ومائتين وألف.
وقرأ العلم على والده بمدينة "لكنو"، وولي الإفتاء بمدينة "بهرائج"
(1)
، فاستقلّ به زمانا، ثم رجع إلى "بنارس"
(2)
، وعكف على الدرس والإفادة.
مات لليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين ومائتين وألف، كما في "حياة سابق".
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 7: 215، 216.
(1)
"بهرائج". بفتح الموحّدة، وسكون الهاء، وفتح الراء الهندية، بعدها ألف، ثم همزة، ثم جيم معقودة، بلدة قديمة، ينسب إليها السيّد سالار مسعود الغازي رحمه الله.
(2)
"بنارس": مدينة مشهورة في "الهند"، لكونها عاصمة دينية للهنادك، موقعها على الضفة اليسرى من "كنك" في عرض 25 درجة 34 دقيقة شمالا، وطول 83 درجة ودقيقة واحدة شرقا، وهي مدينة البراهمة، فيها كثير من الهياكل، عددها ليس أقلّ من ألف هيكل، وأشهرها هيكل "شيو" الذهبي، إلا أنه ليس بجميل جدا، و"دركاكند"، وهو هيكل القردة المقدّسة عندهم، والهنادك يحجّون إليها من أقطار البلاد، ويزعمون أنه من مات بها نجا لا محالة، وهى مركز لتجارة متسعة في "الشيلان"، والبفتة، والألماس، وغير ذلك.
2014 - الشيخ العالم الكبير المحدّث سخاوة علي بن رعاية علي بن درويش علي بن نذر علي العمري الجونبوري
*.
أحد العلماء المشهورين.
ولد سنة خمس وعشرين ومائتين وألف.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ الرسائل المختصرة على الشيخ قدرة علي الردولوي، وقرأ بعض المتوسّطات على الشيخ أحمد الله الأنامي، وبعضها على الشيخ أحمد علي الجرياكوتي، والمطوّلات على الشيخ إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي، والشيخ عبد الحي بن هبة الله البرهانوي.
وأخذ الطريقة عن السيّد الإمام أحمد بن عرفان الشهيد البريلوي، ولازمه برهة من الزمان، ثم رجع إلى "جونبور"
(1)
ونزع الجامع الكبير عن أيدى الشيعة، وأقام فيه الجمعة والجماعة، وعمّره بالمدرسة القرآنية. ثم سار إلى "باندا"، ودرّس بها سنتين، ثم عاد إلى "جونبور"، ولبث بها زمانا، ثم سار إلى الحرمين الشريفين مع خاله المفتي محمد غوث الجونبوري سنة أربع وستين ومائتين وألف، فحجّ، وزار، ورجع إلى "الهند"، ودرّس، وأفاد بها مدّة.
ثم هاجر إلى "مكّة المباركة" مع عياله سنة اثنتين وسبعين، وتوفي بها.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 214، 215.
(1)
"جون بور": مدينة عامرة على بضعة فراسخ من "بنارس"، وكانت قصبة بلاد الشرق في القديم، بناها فيروز شاه الدهلوي، وسماه باسم ابن عمّه محمد شاه تغلق "جه بور"، فتغيّر على أفواه الرجال بـ "جونبور"، فيها أبنية رفيعة، ومدارس، وجوامع من أبنية السلاطين الشرقية، يدرس بها ملك العلماء شهاب الدين الدولة آبادي.
وكان عالما محدّثا، فقيها زاهدا، جمع العلم والعمل والورع وقيام الليل والسداد في الرواية وقلة الكلام فيما لا يعينه، وقلة الخلاف على أصحابه، انتفع به وبدروسه خلق كثير من أهل "الهند".
ومن مصنّفاته: "القويم في أحاديث النبي الكريم"، و"الأسلم" في المنطق، ورسالة في الناسخ والمنسوخ، ورسالة في معرفة أوقات الصلاة، ورسالة في الهيئة، ورسائل عديدة في الفقه والسلوك.
مات لستّ خلون من شوّال سنة أربع وسبعين ومائتين وألف بـ "مكّة المباركة"، كما في "تجلّي نور".
* * *
2015 - الشيخ الفاضل سَديد بن محمد الخَيّاطِيّ، علاء الدين، المِلَقَّب بشيخ الإسلام، ذكره التميمي في "طبقاته
" فقال: تفَقَّه على الحافظ أبي إسحاق، وروَى عن فَخْر المشايخ، على بن محمد الْعِمْرانِيّ
(1)
، وعنه نَجْم الدين حسين بن محمد البارع *.
(1)
وفي النسخ: "المعمراني" تحريف، وتأتي ترجمته في من اسمه علي.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 7.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 2030، وطبقات الفقهاء لطاش كبري زاده، صفحة 99، والفوائد البهية 78، وكتاب أعلام الأخيار برقم 388، ومجمع الآداب، لابن الفوطي، الجزء الرابع، ترجمة 1507، والمشتبه للذهبي 253.
كذا ذكره عبد القادر القُرَشِيُّ في "الأنْساب"، من كتاب "الجواهر".
2016 - الشيخ العالم الكبير سديد الدين بن رشيد الدين بن أمين الدين الدهلوي
*.
أحد العلماء البارعين في المنطق والحكمة.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بمدينة "دهلي".
وقرأ بعض الكتب الدرسية على والده، وأكثرها على الشيخ مملوك العلي النانوتوي.
ثم درّس، وأفاد مدّة طويلة بـ "دهلي".
ثم دخل "رامبور"
(1)
، فأكرمه نواب کلب علي خان، ورتّب له معاشا، فطابت له الإقامة بتلك البلدة.
* * *
2017 - الشيخ العالم الفقيه سديد الدين الدهلوي
، أحد العلماء المبرّزين في الفقه والأصول والعربية * *.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 216.
(1)
"رام بور": بلدة عامرة قرب "مراد آباد"، وهي مقام الأمراء من أولاد علي محمد خان، لهم سلطة قوية تحت حكم الإنكليز.
* * راجع: نزهة الخواطر 1: 175.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان يدرّس، ويفيد بدار الملك "دهلي" في أيام غياث الدين بلبن.
ذكره القاضي ضياء الدين البرني في "تاريخ فيروز شاهي".
* * *
2018 - الشيخ العالم الصالح سراج أحمد بن آل أحمد الحسيني، النقوي، السهسواني
*.
أحد الأفاضل المشهورين.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ "سهسوان"، وسافر للعلم، فقرأ الكتب الدراسية على المفتي شرف الدين الرامبوري، والشيخ تراب علي اللكنوي، والمفتي محمد إسماعيل اللندني، وعلى غيرهم من العلماء.
ثم سافر إلى "دهلي"، وأخذ الحديث عن الشيخ إسحاق بن محمد أفضل المحدّث سبط الشيخ عبد العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي، ثم ولي الخدمات بـ "لكنو"
(1)
، وأقام بـ "كاكوري" مدّة طويلة، ثم رجع إلى بلدته، واعتزل عن الناس.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 217.
(1)
"لكنو": بلدة كبيرة على نهر "كومتي"، فيها أبنية رفيعة للأمراء، وبيوت المآتم للشيعة، انتقل إليها آصف الدولة من "فيض آباد"، فصارت مقام الأمراء، ولها شهرة في أعمال الخزف والوشي، ونشأ بها الأجلاء كالشيخ محمد أعظم، والشيخ محمد مينا، والشيخ عبد القادر، والشيخ نظام الدين، وولده بحر العلوم، وخلق كثير من العلماء، وكانت بها مدرسة للشيخ بير محمد.
وكان رجلا صالحا ديّنا، حسن العقيدة.
له "سراج الإيمان" رسالة في الردّ على المولوي فضل رسول البدايوني.
توفي لتسع عشرة خلون من شوّال سنة تسع وسبعين ومائتين وألف، كما في "حياة العلماء".
* * *
2019 - الشيخ العالم المحدّث سراج أحمد بن مرشد بن أرشد بن فرخ بن سعيد بن أحمد بن عبد الأحد العمري، السرهندي، ثم الرامبوري
*.
كان من كبار العلماء.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد بـ "سرهند"
(1)
لسبع عشرة خلون من شعبان سنة ستّ وسبعين ومائتين وألف، ونشأ في مهد أبيه، وانتفع بعلومه.
له شرح على "صحيح مسلم"، وشرح على "جامع الترمذي"، وعلى "سنن ابن ماجه"، كلّها بالفارسي، وله "سير المرشدين في أنساب المجدّدين"،
* راجع: نزهة الخواطر 7: 217.
(1)
"سرهند": بفتح السين، وسكون الراء المهملتين، معناها رأس "الهند". ويقال لها:"سهرند" بكسر السين المهملة، وفتح الراء، بعدها نون ساكنة، فدال مهملة، ومعناها: غابة الأسد، كانت بلدة عامرة في القديم، وإليها ينسب الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية رحمه الله تعالى.
وله "كحل العين في رؤية النيرين"، و "برهان التأويل" في شرح "الإكليل"، وله رسالة في حرمة الغناء، وترجمة "البدور السافرة".
مات يوم الخميس لثلاث عشرة من ذى الحجّة سنة ثلاثين ومائتين وألف بلدة "لكنو"، فنقل جسده إلى "رامبور"، ودفن عند والده، كما في "هدية أحمدي".
* * *
2020 - الشيخ الفاضل العلامة المحدّث الأريب مولانا السيّد سراج أحمد الرشيدي
*.
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بفقيه الهند رشيد أحمد الكنكوهي، واستفاد منه كثيرا.
كان محدّثا كبيرا، مفسّرا جليلا، أديبا أريبا.
درّس في دار العلوم ديوبند كتب الحديث والأدب سنين عديدة، وفارق منها سنة 1346 هـ مع الإمام أنور شاه الكشميري رحمه الله تعالى، والتحق بحامعة دابيل، درّس فيها عدّة سنين، حتى توفاه الله تعالى فيها.
كان متبعا للشريعة الغرّاء، ولا يخالف في أمر من الأمور سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان عابدا زاهدا، ذاكرا شاغلا، كريما النفس، يحترم الأضياف، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
* * *
* راجع: مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 269.
2021 - الشيخ الفاضل المحدّث الجليل والمفسّر الكبير العلامة سراج الإسلام بن المنشئ محمد عبد المجيد بن المنشئ فيض الدين الكملائي
*.
ولد 1299 هـ في قرية "دَشْدُونا" من مضافات "بَرْهَمَنْبَاريه" من أعمال "كُمِلا" من أرض "بنغلاديش".
ماتت أمّه وعمره فوق سنة، ثم مات أبوه وعمره سبع سنين، فتربّى في حجر جدّه الكريم، وقرأ مبادئ العلم عنده، ثم التحق بالشيخ المولوي يعقوب، وقرأ عليه مبادئ العلم من العربي والأردو والفارسي، ثم التحق بمدرسة، وقرأ على شيخه المولى محمد إدريس، ثم سافر إلى "داكا"، والتحق بالمدرسة الحمّادية، وقرأ فيها أربع سنين، وفاز في الاختبار النهائي بدرجة الامتياز.
ثم سافر إلى "الهند"، والتحق بمدرسة "رامبور"، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، والتحق بها، وقرأ فيها خمس سنين، وقرأ الصحاح الستّة وغيرها من الكتب الحديثية، وفاز في الاختبار النهائي بدرجة الامتياز.
ثم التحق بقسم علوم القرآن والتفسير، وقرأ فيها سنة، وبعد إتمام الدراسة وصل إلى وطنه، واتصل بالجامعة اليونسية بـ "برهمنبارية"، ودرّس فيها سبعا وسبعين سنة متوالية.
درّس كتب النحو والصرف والمنطق والبلاغة والأدب والفقه والأصول والعقائد والتفسير والحديث، وعيّن شيخ الحديث سنة 1386 هـ بعد أن توفي فخر بنغال العلامة تاج الإسلام، ثم عيّن مديرا لها سنة 1394 هـ بعد أن توفي مديرها العلامة المفتي رياضة الله.
* راجع: مشايخ برهمنبارية 34 - 47.
من شيوخه: العلامة السيّد حسين أحمد المدني، وشيخ الأدب العلامة إعزاز علي، وأستاذ الكل العلامة رسول خان، وشيخ المعقولات العلامة إبراهيم البلياوي، والمفتي محمد شفيع، والعلامة عبد السميع، رحمهم الله تعالى رحمة واسعة.
بايع في الطريقة على يد شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، وبعد وفاته بايع مرة ثانية على يد الشيخ المحدّث دلاور حسين الفِنُوَائي، ثم بعد سنين أجازه شيخه للإصلاح والتلقين.
كان قوىّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قوىّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
حررت تقاريره التي ألقاها في حلقة درسه لـ "مشكاة المصابيح"، وسميت بـ "التقرير الفصيح في حلّ مشكلات المصابيح"، وجمعت مواعظه، وسميت بـ "مواعظ سراجي".
توفي 22 شعبان سنة 1427 هـ، وصلى على جنازته ابنه العلامة منير الزمان السراجي، وحضر فيها ألوف من الناس، ودفن في مقبرة آبائه.
* * *
2022 - الشيخ الفاضل العالم الصالح المولى سراج الحق بن القارئ إبراهيم الأجانوي الجاندفوري
*.
ولد بقرية "أجاني" من مضافات "قصوا" من "جاندفور" من أعمال "كملا".
* راجع: مشايخ كملا 2: 268 - 270.
قرأ القرآن الكريم والعلوم الابتدائية في قريته عند أبيه.، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند.
وكان تقيا، ورعا، فطنا، ذكيا.
درّس في دار العلوم برورا أربعين سنة، كان يدرّس "سلم العلوم"، و"ملا حسن" في المنطق، وغيرهما من الكتب المعضلة.
توفي وعمره إذ ذاك سبعون سنة تقريبا، ودفن بعد أن صلي عليه في مقبرة آبائه.
* * *
2023 - الشيخ الفاضل العلامة سراج الحق بن الشيخ المولوي عبد الباري الجشتي الفينوي
*.
ولد سنة 1310 هـ في بقرية "نِيْجِنْتُوبُور" من مضافات "ساغَلْ نَيَّا" من أعمال "فِيْني".
حفظ أكثر القرآن الكريم، وعمره إذ ذاك ثماني سنين، حجّ مع أبيه سنة 1322 هـ، والتحق بمدرسة هناك، وقرأ فيها سنتين، ثم رجع إلى وطنه، والتحق بالمدرسة العالية داكا، وأكمل الدراسة العليا فيها سنة 1330 هـ، وفاز في الاختبار النهائى بدرجة الامتياز، ثم ارتحل إلى دار العلوم ديوبند، واشتغل هناك في تحصيل العلم أربع سنين.
وكان رجلا سياسيا، مشتغلا في الأمور السياسية ليلا ونهارا، يقول الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم.
صنّف كتبا، منها:"شعار العبادة".
* راجع: مشايخ فيني 54 - 57.
توفي سنة 1375 هـ، ودفن في مقبرة آبائه بعد أن صلي على جنازته.
* * *
2024 - الشيخ الفاضل سراج الحق بن المولوي واحد على، رحمه الله تعالى
*.
ولد سنة 1322 هـ بقرية "شاكوره" من مضافات "برهان" من أعمال "بولا" من أرض "بنغلاديش".
مات أبوه وعمره سبع سنين.
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بمدرسة حكيم الدين، وقرأ فيها عدّة سنين.
ثم سافر إلى "كلكته" والتحق بالمدرسة العالية سنة 1353 هـ، وفاز في الامتحان النهائي بدرجة الامتياز.
صنّف عدّة كتب، منها:"حياة الأمير معاوية"، رضى الله عنه، و"رؤية الهلال"، وغيرهما، كلّها باللغة البنغالية.
توفي سنة 1422 هـ، ودفن بعد أن صلي على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2025 - الشيخ الصالح سراج الدين بن عثمان النقشبندي، الديروي
* *.
أحد المشايخ المشهورين.
* راجع: مائة من العلماء الكبار من بنغلاديش 365 - 368.
* * راجع: نزهة الخواطر 8: 171.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد يوم الاثنين لخمس عشرة خلون من محرّم سنة سبع وتسعين ومائتين وألف بقرية "موسى زئي" من أعمال "ديره إسماعيل خان".
ونشأ في مهد العلم والمشيخة.
وقرأ بعض الكتب الدراسيّة على مولانا محمود الشيرازي، وبعضها على مولانا حسين علي ألواني.
وأخذ الطريقة عن أبيه، ولازمه إلى يوم وفاته، ثم تولّى الشياخة مكانه.
أخذ عنه المولوي غلام حسين الكانبوري، وخلق كثير من العلماء والمشايخ.
وكان شيخا جليلا، صاحب إفاضة قوية، واستقامة على الطريقة وآدابها شأن أسلافه الكرام.
وكانت له وجاهة عظيمة، وشغف بعلم الحديث، خرّج الأحاديث الواردة في "المبسوط" للسرخسي.
مات يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف بـ "موسى زئي".
* * *
2026 - الشيخ الفاضل سراج الدين أبو بكر بن علي الهاملي، الفقيه، اليمني، سراج الدين، المتوفى 769 تسع وستين وسبعمائة
*.
وله "در المهتدي وذخر المقتدي"، يعرف بـ "منظومة الهاملية" في الفقه، و "شرح مختصر القدوري".
* * *
* راجع: إيضاح المكنون 1: 452، وهدية العارفين 1:235.
2027 - الشيخ الفاضل مولانا سراج الدين بن المنشئ لال ميان النواخالوي
*.
ولد في قرية "دَرْكَافُور" من مضافات "بِيْغَمْ عَنْج" من أعمال "نواخالي".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وقرأ على أساتذتها كتب الفنون والحديث، وبعد إتمام الدراسة رجع إلى وطنه، فدرّس في عدّة مدارس، ثم التحق بالمدرسة العالية بـ "مُكْتَاغَاسه"، ودرّس فيها كتب الحديث.
* * *
2028 - الشيخ الصالح الفقيه سراج الدين الصوفي، الكالبوي، المشهور بالسراج الحريق
* *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، فقال: قرأ العلم على مولانا خواجكي الدهلوي الدفين بـ "كالبي"
(1)
.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 257.
* * راجع: نزهة الخواطر 3: 59.
(1)
"كالبي": بلدة قديمة على نهر "جمنا"، لأهلها اليد الطولى في الصناعة، ينسب إليها سكر النبات والقرطاس، وكانت بها قلعة حصينة على نهر "جمنا"، فتحها قطب الدين أيبك.
وأخذ الطريقة عن الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني البخاري، وله قصّة طويلة مع الشيخ بديع الدين المدار المكنبوري، شرحتها في ترجمة المدار، فليرجع إليها.
وكانت وفاته في سنة ثلاثين وثمانمائة، كما في "خزينة الأصفياء".
* * *
2029 - الشيخ الإمام العلامة سراج الدين، الثقفي، الدهلوي، أحد الفقهاء المبرّزين في الفقه والأصول والعربية
*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: تفقّه على الشيخ أبي القاسم التنوخي، وتفقّه التنوخي على حميد الدين الضرير، والضرير على الكردري، والكردري على صاحب "الهداية"، وتفقّه على سراج الدين أبو حفص عمر بن إسحاق بن أحمد الغزنوي، كما في "الفوائد البهية".
* * *
2030 - الشيخ الفاضل سراج الدين الهتائيني، البجنوري، ثم اللكنوي
* *.
أحد العلماء المبرّزين في العلوم الحكمية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ العلم على الشيخ فضل حق بن فضل إمام الخير آبادي، وعلى مرزا حسن على الشافعي اللكنوي، وعلى غيرهما من الأساتذة، ثم درّس، وأفاد ببلدة "لكنو" مدّة طويلة.
* راجع: نزهة الخواطر 2: 50، 51.
* * راجع: نزهة الخواطر 7: 220.
أخذ عنه غير واحد من الأعلام.
له رسالة في "إمكان نظير النبي صلى الله عليه وسلم وامتناعه"، وقد بسط القول فيها بسطا لائقا، يزيف بها أقوال شيخه فضل حقّ المذكور.
* * *
2031 - الشيخ الفاضل محدث العصر الداعية الكبير المناظر الأكبر الفقيه البارع العلامة سَرْفَرَازْ بن نور أحمد خان بن غل أحمد خان صَفْدَرْ الباكستاني، رحمه الله تعالى
*.
وينتسب إلى قبيلة مشهورة ذات منزل في هذه المنطقة "يوسف زئي"
ولد سنة 1332 للهجرة، الموافق 1914 م في قرية "دهكيجيران" محافظة "مانسهره" أقليم الحدود، نشأ في أسرة دينية متمكسة بدينها وخلقها وآدابها، وهي أسرة اشتهرت بكرم الضيافة.
بدأ الدراسة الابتدائية الدينية والعصرية في محافظته، ثم رحل إلى إقليم "بنجاب"، ودرس الدراسة الثانوية الشرعية وما يساوي الكلية في مدارسها في مدن مختلفة، ثم شدّ الرحال مع أخيه الشيخ الصوفي عبد الحميد السواتي إلى مركز العلم والعرفان جامعة ديوبند الإسلامية أزهر الهند، والتحق بها في الدراسات العليا سنة 1357 هـ، فدرّس بها آنذاك علوم الكتاب والسنة والفقه الإسلامي على كبار مشايخها أمثال فضيلة الشيخ المحدّث حسين أحمد المدني شيخ العرب والعجم، وفضيلة الشيخ المحدث المفسر شبير أحمد العثماني، أول
* مجلة الشريعة، خصوصي إشاعت بياد إمام أهل سنت 613 - 625.
شيخ الإسلام عند استقلال باكستان، فاستفاد منهم حقّ الاستفادة، وكان مرضيا عند مشايخه، ممتازا بين أقرانه، فتخرّج من جامعة ديوبند الإسلامية سنة 1358 هـ، ونال الشهادة العالمية.
رجع مع أخيه الشيخ الصوفي عبد الحميد السواتي من "ديوبند" إلى إقليم "بنجاب"، ونزل في مدينة كُجْران واله، وأسّس أخوه الجامعة الإسلامية جامع نصرة العلوم، وهي من أكبر الجامعات الإسلامية الأهلية في "باكستان"، وهي عضو في وفاق المدارس العربية، وبدأ يدّرس بها علوم الكتاب والسنة والفقه الإسلامي إلى آخر حياته أكثر من 50 سنة، فصار مرجعا للعلماء والمدرسين، واتصف بصفات المعلّم الناجح من كمال العلم وفصاحة اللسان والشفقة على التلاميذ والمواظبة على أوقات التدريس، فقد جعل مقرّه في بلدة غكرمندي "القربية من كجرانواله، ويأتي منها على الحافلة يوميا، وكان رحمه الله مواظبا لا يتأخّر في الصيف والشتاء والمطر، فتخرّج على يديه في هذه المدة الآلاف من طلبة العلم من أنحاء "باكستان"، وخارج "باكستان" من "بنغلاديش" و"أفغانستان" و"الهند"، و"بورما"، و"إيران"، وهذه صدقة جارية لفضيلته إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى، مصداقا لقول النبيّ صلي الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا عن ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. "صحيح مسلم": (2: 41).
وهذه الثلاثة حاصلة لفضيلته من الجامعة والتلاميذ والعلماء والأولاد الصالحين، والحمد لله.
لم يكتف فضيلته بالتدريس وإعداد العلماء، بل اهتمّ بأمور المسلمين: الشعب المسلم، فقام بتوعيتهم توعية إسلامية، واختار لذلك المسجد مركزا للدعوة والإرشاد، وذلك مسجد حارته في "غكرمندي"، وجعل نفسه فيه إماما وخطيبا، وبدأ فيه العمل بغاية الصبر والحلم، لأن جوّ البيئة كان غير
موافق له، فالبيئة ساودها الشرك والبدعات والخرافات، فبدأ بالعمل بغاية الحكمة والصبر والتحمّل، فبدأ بإصلاحهم عن طريق درس القرآن الكريم بعد صلاة الصبح، وعن طريق خطبة الوعظ والإرشاد باللغة المحلّية قبل خطبة الجمعة باللغة العربية.
ملحوظ: إن علماء "الهند" و"باكستان"، جزاهم الله خيرا، حافظوا على عربية خطب الجمعة، ولما أن معظم المصلّين لا يعرفون العربية اختار العلماء لهم خطبة الوعظ والإرشاد بلغة محلية، لكى يعرفوا دينهم، ويكونوا على بصيرة من أحكام الشريعة، فيجلس الخطيب أو أيّ عالم على المنبر قبل خطبة الجمعة، ويختار موضوعا مناسبا للظروف، ويرشدهم إلى دينهم، ونجد مثال هذا في عهد الصحابة رضى الله عنهم، فقد كان سيّدنا أبو هريرة رضي الله عنه يقف جنب المنبر قبل مجيئ الخطيب، ويحدّث الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا جاء الخطيب جلس.
هكذا استمرّ فضيلة الشيخ مدّة حياته يرشد بالشعب المسلم، ويقوم بتوعيتهم توعية دينية، حتى غّير الجوّ، فصار أهل هذا البلد متمسكّين بتعاليم الكتاب والسنّة، محبين لفضيلة الشيخ رحمه الله تعالى وظهر هذا الحب في جنازته، حيث حضرها مئات الآلاف المصلون العلماء والشعب، وودّعوه، ولسان حالهم يقول: العين تدمع، والقلب يحزن، وإنا بفراقك يا شيخنا لمحزونون، لا نقول إلا بما يرضى به ربنا تبارك وتعالى.
كيفية درس القرآن الكريم: إن من عادة العلماء الأئمة والخطباء أنهم يعقدون درسا للقرآن الكريم بعد صلاة الفجر في مساجدهم، ويجلس المصلون المتعلمون منهم خاصّة، ويفتحون إمامهم المصاحف فيتلو العالم بضع آيات من القرآن الكريم بالتجويد، ثم يأخذ كلمة كلمة، ويبين معناها باللغة المحلية، ويبين هل هي اسم أو فعل أو حرف، ثم يترجم معنى الآية باللغة المحلية، ثم يفسّرها، ويبدأ بسورة الفاتحة، حتى ينتهى إلى سورة الناس، وهكذا دواليك.
وفضيلته رحمه الله تعالى كان يقوم بهذا الدرس طوال حياته في هذا المسجد، وإضافة إلى ذلك بدا يلقي درس التفسير في مسجد الكلّية الحكومية أمام الأساتذة والطلاب، واستمرّ إلى آخر حياته، ومن المعلوم أن هذه الطبقة خلاصة الشعب المسلم.
جهوده ضدّ الفرق الباطلة والمنحرفة والدفاع عن الحقّ وأهله: توجد في "الهند" و"باكستان" الفرق الباطلة والجماعات المنحرفة عن جادة الحق، فقام رحمه الله تعالى يؤلّف ضدّ هذه الفرق الباطلة والمنحرفة، وهو في كتاباته يمتاز بالوقار وقوة الاستدلال والاعتدال، وقد اعترف بذلك أكبر مخالفيه، ويعتبر مؤلفاته حجّة في الموضوع، وقد كتب في المسائل الخلافية التي دارت في "الهند" و"باكستان"، وأثبت فيها الحقّ بالحجّة والبرهان، وكانت هذه المؤلّفات سببا لهداية كثير من الشعب، وخاصّة المتعلّمين منهم، من الواضح كالشمس في رابعة النهار أن جامعة ديوبند الإسلامية أزهر "الهند" ومشايخها هم الذين نشرو التوحيد، وعلوم الكتاب والسنة في القارة الهندية، وكافاه الشرك والبدعات والخرافات، وببركة هذه الجامعة، أنشأت آلاف المدارس والجامعات في "الهند" و"باكستان"، ولكن هذا لم يعجب بعض الطوائف حسدا من عند أنفسهم، فبدؤوا يكتبون ضدّ أهل الحقّ مشايخ الجامعة، ويفترون عليهم ما لم يقولوه، وينقلون عباراتهم من كتبهم، ويرتكبون الخيانة في نقلها، وبعضها لم تبلغها عقولهم، وكم من عائب قولا صحيحا
…
وآفته من الفهم السقيم، فقام رحمه الله تعالى بالردّ على هذه الافتراءات، وكتب كتابا باسم "عبارات أكابر"، كشف فيه عن جهلهم وخيانتهم في نقل العبارات.
جهوده الاجتماعية: كان رحمه الله تعالى مع أعماله التدريسية والإصلاحية يشارك الحركات الإسلامية التي كانت لصالح هذه الأمة، فشارك جمعية علماء الهند في حركتها ضدّ الاستعمار لتحرير الهند، كما
شارك حركة تحكيم الشريعة الإسلامية في "باكستان"، وشارك حركات ختم النبوّة التي كانت تطالب حكومة "باكستان" بإصدار قانون باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة، وعند مشاركته مع هذه الحركة سنة 1372 هـ وسنة 1393 هـ دخل السجن، وبقي فيه شهورا، وقد كتب ثلاثة كتب في رد القاديانية.
كان فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى مع غزارة علمه، وعظيم منزلته بين العلماء في غاية التواضع، يرى نفسه كأحد من الناس، فعند ما لقّبه العلماء بلقب إمام أهل السنة، قال: نعم أنا إمام أهل السنّة بمعنى أنا إمام في مسجد أهل السنّة، كان رحمه الله تعالى شفيقا على العلماء، يقابلهم بغاية البشاشة والرحمة، ويسألهم عن أعمالهم، ويرشدهم، ويدعو لهم، وقبل وفاته بأيام كان هناك اجتماع مجلس الشورى لمجلس تحفّظ ختم النبوة في "كنديان شريف" تحت إشرف أمير المجلس فضيلة الشيخ خواجه خان محمد رحمه الله تعالى، وكان سفرنا عن طريق "لاهور"، وأخبرني الزملاء فضيلة الشيخ سعيد أحمد جلالبوري وغيره من الإخوان أننا قرّرنا في سفرنا هذا زيارة إمام أهل السنّة فضيلة الشيخ محمد سرفراز خان صفدر رحمه الله تعالى، ففرحتُ جدا، وحضرنا في بيته، وهو على فراشه في غاية الضعف، ومع ذلك رحّب بنا، وفرح بهذه الزيارة، وبدأ يسئل عن الأحوال، وأمر أحد أولاده بإكرام الضيوف، وطلبنا منه الدعاء، فرفع يديه، ودعا لنا جميعا، ثم صافحناه، وقبّلنا يديه، وودعناه، وهو ينظر، ومن كان يدري أن هذا آخر اللقاء؟ وقبل هذا في جمادى الأولى 1424 هـ، الموافق يوليو سنة 2003 م لما حضر رحمه الله، في "كراتشي" في بيت المفتي محمد جميل خان الشهيد كنت أزوره، ويزوره العلماء، ويسألونه عن المسائل العلمية، فيجيب، فتعجَّب أحد الحاضرين من ذاكرته في هذا العمر، ومع هذا المرض والضعف، فقلت له هذا ببركة دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم: نضّر الله
امرءا سمعِ مقالتي فوعاها، ثم أدّاها كما سمع. الحديث. (سنن الترمذي 2: 90).
كان رحمه الله تعالى جميل الصورة، محمود الطريقة، حسن النادرة، لطيف المحاورة، مقبول المناظرة، وبالجملة كان رحمه الله تعالى زين المجالس والمحافل.
صنّف كتبا كثيرة ممتعة، منها:"خزائن السنن" في تقرير الجامع للإمام الترمذي، و"أحسن الكلام" في مسئلة الفاتحة خلف الإمام، و "تسكين الصدور" في مسئلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، و"الكلام المفيد" في مسئلة التقليد، و "وإزالة الريب" في مسئلة علم الغيب، و"راه سنت" في رد البدعة، و"آنكهون كى تهندك" في مسئلة الحاضر والناظر، و "إحسان الباري" في المباحث الابتدائية لصحيح البخاري، "طائفه منصوره" في علامات الفرقة الناجية، و "إرشاد الشيعة" في رد أهل التشيع، و"درود شريف" في طريقة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، و"عبارات أكابر"، أجوبة عن الاعتراضات الواردة على العلماء الديوبندية، و"تبليغ إسلام" أبحاث موجزة على ضروريات الدين، و"كلدسته توحيد" في مسئلة التوحيد، و"دل كا سرور" في مسئلة مختار الكل، و "راه هدايت" في إيضاح العقيدة الصحيحة من المعجزات والكرامات، و "باني دار العلوم ديوبند" أجوبة عن الاعتراضات الواردة على مؤسّس دار العلوم ديوبند الإمام محمد قاسم النانوتوي، "ينابيع"، ترجمة رسالة مولانا غلام رسول في مسئلة التراويح، "جراغ كي روشني" أجوبة عن الاعتراضات الواردة على معراج النبي صلى الله عليه وسلم من الفرقة القاديانية وغيرها، و"مسئله قرباني"، و"عيسائيت كا بس منظر" في رد عقائد الفرقة العيسائية، و"مقاله ختم نبوت" في ضوء القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، و"المسلك المنصور"، و "إتمام البرهان" في رد توضيح البيان، و"حلية المسلمين" في إعفاء اللحى، و "توضيح المرام" في مسئلة نزول المسيح عليه
السلام، و"آئينه محمدي" في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، و"شوق حديث" في حجية الحديث، و"ملا علي قاري ومسئلة علم الغيب"، و "تنقيد متين" على تفسير نعيم الدين، و"باب جنت"، و"الكلام الحادي"، و"مودودي صاحب كا غلط فتوى"، و "تفريح الخواطر" في جواب تنوير الخواطر، و"جهل مسئله" للفرقة البريلوية، و"عمدة الأثاث" في مسئلة الطلقات الثلاث، و"الشهاب المبين" في جواب الشهاب الثاقب، و "إظهار العيب" في جواب إثبات علم الغيب، و"سماع موتى"، و"جاليس دعائين"، و"مقام أبي حنيفة"، و "صرف إيك إسلام"، و"حكم الذكر بالجهر"، و"شوق جهاد"، و"أطيب الكلام" في تلخيص أحسن الكلام، "إنكار حديث كي نتائج"، و"مرزائي كا جنازه أور مسلمان"، و"مولانا إرشاد الحق أثري كا مجذوبانه واويلا"، "إخفاء الذكر"، وغيرها من الكتب والرسائل المفيدة الممتعة.
في حياة إمام أهل السنة الشيخ سرفراز خان صفدر دروس وعبر للعلماء، وطلاب العلم، من أهمها:
الجهد المتواصل والمشابرة على طلب العلم، ثم الجهد المتواصل لنشر هذا العلم والمواظبة على المواعيد.
الاهتمام بتوعية الشعب المسلم على التوحيد وعلى التمسّك بتعاليم الكتاب والسنّة والبعد عن الشرك والبدعات بالحكمة والموعظة الحسنة.
التخلّق بأخلاق الإسلام وآدابه.
التمسّك بطريق السلف الصالح.
سنده في الحديث الشريف:
أخبرنا المحدّث الفقيه الشيخ سرفراز خان صفدر، أخبرنا الشيخ حسين علي، وشيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، الأول عن العلامة الإمام رشيد أحمد الكنكوهي، والثاني عن العلامة محمود حسن الديوبندي، والشيخ
خليل أحمد السهارنفوري، والشيخ حسب الله المكّي الشافعي، والشيخ عبد الجليل برادة المدني، والشيخ عثمان عبد السّلام الداغستاني، والسيّد أحمد البرزنجي، سبعتهم عن محدّث "المدنية المنوّرة" عبد الغني بن أبي سعيد المجددي، أنا الإمام إسحاق الدهلوي، أنا جدّي لأمّي العلامة المحدّث عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، أنا والدي الإمام أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، أنا سالم بن عبد الله بن سالم البصري، أنا والدي عبد الله بن سالم البصري الحافظ، أنا محمد بن علاء الدين البابلي الحافظ، أنا الشمس محمد الرملي، أنا القاضي زكريا الأنصاري، أنا الحافظ بن حجر العسقلاني، أنا البرهان أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد التنوخي، أنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجّار، أنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك الزبيدي، أنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى الهروي، ثنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، ثنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن حمويه السرخسي، ثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، قال: حدّثنا الحافظ أبو عبد الله محمد إسماعيل الجعفي، قال حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال حدّثني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتّخد الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلّوا، وأضلّوا
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، وكتاب الاعتصام، باب ما يذكر في ذم الرأي وتكشف القياس، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه، وأبو عيسى في جامعه، كتاب العلم، باب ما جاء في ذهاب العلم، وابن ماجه في سننه في المقدمة، باب اجتناب الرأي والقياس.
قال الحافظ بن حجر في "شرحه" لهذا الحديث: وكان تحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك في حجّة الوداع، كما رواه أحمد والطبراني من حديث أبي أمامة قال: لما كان في حجّة الوداع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: خذوا العلم قبل أن يقبض أو يرفع، فقال أعرابي كيف يرفع؟ فقال: ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته ثلاث مرات.
* * *
2032 - الشيخ الفاضل سعادة الله بن مبارك شاه بن المولوي حسن شاه بن قاسم شاه الكُمِلّائي
*.
ولد سنة 1321 هـ في قرية "مومنبور" من مضافات "جاندبور" من أعمال "كملا".
كان أبوه وجدّه من أجلّة العلماء، قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بالجامعة اليونسية بـ "بَرْهَمَنْبَارية"، وكان أخوه العلامة مولانا صفي الله من أجلّة الأساتذة فيها، وأخوه الصغير المولى هداية الله متدّرسا في الصفوف الابتدائية.
وبعد عدّة سنين سافر إلى دار العلوم ديوبند، وأكمل فيها الدراسة العليا، وقرأ الصحاح الستّة على شيوخها، ثم ارتحل إلى "باكستان"، واختار صحبة شيخ التفسير العلامة أحمد على اللاهوري، وقرأ عليه علوم القرآن والتفسير، وكان شيخه يحبّه كحب الولد.
* راجع: مشايخ كملا 2: 16.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
توفي سنة 1353 هـ، وكان عمره إحدى وثلاثين سنة، ودفن بعد أن صلّي على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2033 - الشيخ الفاضل سعادة حسين بن رحمة علي بن غلام علي البهاري
*.
أحد كبار العلماء.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف بـ "كتها" قرية من أعمال "بهار"
(1)
-بكسر الموحَّدة-.
واشتغل بالعلم أياما في بلاده، ثم سافر إلى "جونبور"، وقرأ على المفتي يوسف بن أصغر الأنصاري اللكنوي، ثم سافر إلى "دهلي"، وأخذ الحديث عن الشيخ المحدّث نذير حسين الدهلوي، ثم رجع إلى بلاده، وولي التدريس بـ "آره"، فدرّس بها عشر سنين.
* راجع: نزهة الخواطر 8: 172.
(1)
"بهار": أرض خصبة، كثيرة الأرز، وقصب السكر، والموز، والأنبج، وورق التنبول، طولها من "كدى" إلى "رهتاس" مائة وعشرون ميلا، وعرضها من "ترهت" إلى سلسلة الجبال الشمالية مائة وعشرة أميال، يحدّها من الشرق "بنكاله"، ومن الغرب "ميان دوآب" و"أوده"، ومن الشمال والجنوب سلسلة الجبال، وأنهارها:"كنكا"، و"سون"، و"كرم ناسه" و"بُن بُن" بضم الباءين الهنديين.
وفي خلال ذلك أسند الحديث عن الشيخ أحمد علي بن لطف الله الحنفي السهارنبوري عند قدومه بـ "آره"، وسافر إلى "الحجاز" سنة ستّ وتسعين ومائتين وألف، فحجّ، وزار، ورجع إلى "الهند"، فولي التدريس بالمدرسة العالية بـ "كلكته"، ولقّبته الحكومة الإنكليزية شمس العلماء.
قال صاحب "النزهة": اجتمعت به في "كلكته"، فوجدته شيخا مشكلا، منوّر الشبيه، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل الخلاف على أصحابه.
له حاشية على "مير زاهد" رسالة، و"رسالة في إبطال التناسخ".
عمّر طويلا.
ومات في الثامن عشر من جمادى الأولى سنة ستين وثلاثمائة وألف.
* * *
2034 - الشيخ الفاضل سعادة علي بن محمد حنيف الكُمِلّائي، رحمه الله تعالى
*.
ولد رحمه الله تعالى في قرية "سِرِيْرَامبُور" من مضافات "جاندبور" من أعمال "كملا".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وبعد إتمام الدراسة رجع إلى وطنه.
ودرّس في عدّة مدارس، واستفاد منه كثير من الناس.
توفي سنة 1354 هـ، وعمره إذ ذاك 63 سنة، ودفن في مقبرة قريته عند جوار المسجد الذي بناه بيده.
* * *
* راجع: مشايخ كملا 1: 7.
2035 - الشيخ الفاضل الداعية الكبير العلامة سعادة علي السهارنبوري
*.
كان من أخصّ رفقة الشيخ السيّد أحمد الشهيد البريلوي، ومن أعيان الفقهاء.
ولقّب بالفقيه السهارنبوري، وكان طلبة العلم يقصدونه، ويأتون إليه، وهو يدرّسهم في بيته، ويقوم بإطعامهم، ويبذل الأموال عليهم، وممن كان تلمّذ عليه في ذلك الحين الشيخ عناية إلهي، عميد جامعة مظاهر العلوم بـ "سهارنبور" سابقا، والشيخ الحافظ قمر الدين.
وكان سعادة علي يودّ ويتمنّى منذ مدّة مديدة أن يؤسّس معهدا دينيا في "سهارنبور"، وكان يرغب أصدقائه في ذلك، ويحرّضهم عليه، ووفّق في تأسيس هذا المعهد الديني في مسجد لحارة القاضي بـ "سهارنبور" عام 1283 م، الذي اشتهر فيما بعد بمظاهر علوم، وعيّن رحمه الله تعالى للتدريس بعض علماء عصره، أمثال الشيخ سخاوة علي الأنبيتوي
(1)
مدرّسا بالمدرسة، وقام بتدريس الطلبة بنفسه أيضا.
* علماء ديوبند وخدماتهم في علم الحديث ص 71، 72.
(1)
نسبة إلى مدينة "أنبيتهه"، وهي تقع في جنوب مديرية "سهارنفور" على بعد ستة عشر ميلا، وقد بناها "سعد الله خان" قائد جيوش فيروز شاه تغلق ملك الهند في عام 774 هـ، وأسماها "فيروز آباد". كما اختارها مركزا للجيوش، ولكن مع الوقت اشتهرت هذه المدينة فيما بعد باسم "أنبيتهه" لأسباب مختلفة، كما اشتهرت بأولياء الله وأصحاب العلم، حيث أقامت فيها الأسر العربية. وشيوخا من القدم مثل شيوخ الأسرة الصديقية، والفاروقية، والأيوبية، وغيرها من الجاليات العربية، والتركية، والأفغانية. انظر: تذكرة الخليل ص 4 وما بعدها.
وبما أن الناس كانوا في انتظار إلى إنشاء مثل هذا المعهد الديني العلمي، فتهافت إليه القلوب، وتوافد إليه الناس، وقصده الطلّاب من أماكن شتى، حتى كثر عدد الطلاب، ومسّت الحاجة إلى مدرّس آخر، فعيّن الشيخ محمد مظهر النانوتوي مدرّسا.
توفي الشيخ سعادة علي في 1286 هـ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
* * *
2036 - الشيخ الفاضل سعد بن خليل بن سليمان، الرُّومِيّ، الْمرْزُبانِيّ، الشيخ سعد الدين، خازن الكتب بـ "الشَّيْخُونيّة"
(1)
، والخادم الكبير بها
*.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: كان عالما، بارعا، فاضلا، علامة في الفقه والعربيَّة، وغيرهما.
قرأ عليه الشيخ ركن الدين، عمر بن قَديد
(2)
، وغيره، ونقَل عنه أبحاثا في "تعاليقه"
(1)
يعني خانقاه شيخو، وهي في خط الصليبة خارج القاهرة، تجاه جامع شيخو، أنشأه الأمير شيخو العمري في سنة ستّ وخمسين وسبعمائة، ورتب بها أربعة دروس لطوائف الفقهاء الأربعة، فعظم قدرها، وتخرج بها كثير من أهل العلم. خطط المقريزي 2:420.
وهذه الخانقاه لا تزال قائمة إلى اليوم، وتعرف بجامع شيخون القبلي.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 7، 8.
وترجمته في بغية الوعاة 1: 578، ودرة الحجال 3:290.
(2)
قال السخاوي: بالقاف مكبرا: الركن أبو حفص بن الأمير سيف الدين القلمطاني القاهري الحنفي. الضوء اللامع 6: 113.
وله تصانيف في التصريف، وغيره.
مات قَتيلا بمدرسة "رَسْلان" بـ "المِنْشِيَّة"، قَتَله اللُّصوص بسكِّين في بطنه، في حُدود سنة أربعَ عشرةَ وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
2037 - الشيخ الفاضل سعد بن عبد الله بن أبي القاسم الغَزْنَويّ، أبو نصْر، الإمام
*.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: له كتاب "الغرائب والغوامض والمِلْتَقطات".
قال في "الجواهر المِضيّة": رأيتُه بخطّه
(1)
.
ولم أقفْ على ترجمة سوى ما هُنا، وهو منقول من "الجواهر".
* * *
2038 - الشيخ الفاضل سعد بن علي بن إسماعيل الهَمْدانيُّ، الشيخ سعد الدين
،
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 8، 9.
وترجمته في تاج التراجم 29، والجواهر المضية برقم 608، والفوائد البهية 78، وكتائب أعلام الأخيار برقم 404.
(1)
لم ترد هذه اللفظة في الجواهر.
2039 - الشيخ الفاضل سعد بن عليّ بن القاسم الكُتْبي الحَظيريّ، أبو المِعالي
*.
والحظيرة قرية بـ "دُجَيْل"
(1)
.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: كان فاضلا، لدَيه مَعارف، وله نظم جَيِّد، وأدب كثير، وكان دَلّالَ الكُتُب. وصَحِبَ
(2)
أبا القاسم على بن أفْلَحَ الشاعر.
وجالس الشريفَ أبا السعادات الشَّجَريّ، وأبا منصور الجَوَاليقيّ، وابنَ الخشّاب. وتفقَّهَ على مذهب أبي حنيفة.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 10 - 21.
وترجمته في خريدة القصر (العراق) 4: 1: 28 - 106، وخزانة الأدب 6: 464، 465، وسير أعلام النبلاء 20: 580، 581، وكشف الظنون 121، 788، 972، 1080، 1103، 1560، 1817، 2049، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيشي 189، ومعجم الأدباء 11: 194 - 197، ومفتاح السعادة 1: 263، 264، والمنتظم 10: 242، والنجوم الزاهرة 6: 68، وهدية العارفين 1: 384، والوافي بالوفيات 15: 169 - 176، ووفيات الأعيان 2: 366 - 368.
(1)
قال ياقوت: قرية كبيرة من أعمال بغداد، من جهة تكريت من ناحية دجيل: معجم البلدان: 2: 292.
(2)
من أول هذا القول إلى ما قبل كلام ياقوت الآتي نقله المؤلف عن الصفدي، في الوافي بالوفيات 15:169.
وأحَبَّ الخَلْوة والانقطاع، فخرج سائحا، [وطاف البلاد]
(1)
، [ورأى عجائب، وجال في الأقطار، وحجَّ، ثم]
(2)
عاد إلى "بغداد"، وكان وَجِيها عند أهلها.
قال ياقوت في "معجم الأدباء
(3)
": بلغني أنه اتُّهِمَ في دينه، وسُعِيَ به أنه يَرَى رأي الأوائل، ونَمَى ذلك عنه، فخَشِيَ على مُهْجَتِه، ففارق وطنه، وخرج بِزِيٍّ
(4)
السياحة، وتغرَّب في البلاد مُدَّة، حتى سكنت الفتنة
(5)
، ومات من كان يخافه، فرجع إلى "بغداد" وبنى له بظاهر البلد صَوْمعةً، أقام بها مدّة، [حتى سكنت نَفْسه]
(6)
، ثم عاد إلى ما كان عليه من بيع الدّفاتر والكتب، والتَّصنيف، إلى أن أدْركتْه وفاته
(7)
، في سنة ثمان وستين وخمسمائة.
وله
(8)
من التصانيف: "لُمَحُ الملَح"
(9)
، جمَع فيه ما وقع لغيره من الجِناس نَظْما ونَثْرا
(10)
وكتاب "الإعجاز في الأحاجي والألغاز"، وكتاب
(1)
في الوافي، "وطاف بلاد الشام".
(2)
لم يرد في: الوافي.
(3)
لم يرد هذا في معجم الأدباء المطبوع بين أيدينا، ونقله المؤلف عن الصفدي في الوافي: 15: 170.
(4)
في الوفي: "يرى" تصحيف.
(5)
في الوافي: "نفسه".
(6)
سقط من الوافي.
(7)
في الوافي: "فمات في صفر".
(8)
هذا أيضا من قول الصفدي.
(9)
ذكره في الخزانة باسم: "ملح الملح". ذكره كذلك حاجي خليفة، ثم قال:"ومر في اللام"، وصدق.
(10)
قال الصفدي: "وقد هذّبته أنا، ونقّحته، وسمّيته حرم الملح في تهذيب لمح الملح، وما كان له العلم بالقافية، فإني رأيته يعقد الباب للقافية، ويورد فيها ما لا هو أصل فيه".
"صَفْوَة الصَّفوة"، وهو نظم كلّه في الحِكَم
(1)
، وكتاب "زينة الدَّهْر"
(2)
ذَيَّله على "دُمْية القَصْر"، وله "ديوان" صغير الحَجْم، إلا أن أكثَره مصنوع مُجَدْول، تُقْرأ القصيدة منه على عِدَّة وُجوه.
وذكره العماد الكاتب في "الخَريدة"، فقال
(3)
: الشيخ أبو المِعالي، سَعْد بن عليّ، الورّاق، الحَظيريّ، الكُتْبيّ، من "الحَظيرة" مُجاوِرة "عُكْبَرَا"، أبو المعالي ذو المِعاني، التي هي راحة للمعنّى المعاني، وفِكاك الأسير
(4)
العاني، وَرّاق لَفْظُه رَقَّ وراق، وكسا غُصْنَه الأوراق، وهِلال معناه الإشراق، ذو فُنون غضَّة الأفنان، وعُيون تَقَرُّ بها عيون الأعيان، ورُهون يَسْتبدّ بها عند الرِّهان، ضاع عَرْفه، وما ضاع عُرفُه، وسبَق في إنشاء طُرَفِه طِرْفُه، وبَخَسَ حَظَّه الزمان، فجرَّعه صِرْفَه صَرْفُه، فهو ببيع الكُتب على يده مُتَعَيِّش، وعلى القَناعة عن غيره مُتَكَمِّش، وعلى الأُنس بالعلم لما سِواه مُسْتَوْحِش. حَظيريٌّ ينال الصادي من حظيرة وِرْده
(5)
حَظَّ رِيّ، ذَكِيٌّ ألْمَعيّ يُذيق كل فَصيحٍ [ببراعته ألَمَ دَعِيّ]
(6)
. كُتْبيّ يعرف الكتب وما فيها، والمِصنَّفات ومُصنِّفيها، والمؤلَّفات ومُؤلِّفيها.
له التصانيف الحَسنة، التى اتّفَقَت على إطرائها الألْسِنة، وثَنَت إليها من الفُضَلاء عِنانَها الأثنِيَة المسْتَعْذَبة المسْتَحْسنة. المِسْك في الطّيب دون ذكره، والعَنْبر مُعْرِب عن بِرِّه. وجوده بالعراق بين الطّغام، وجود الذهب في مَعْدن الرَّغام. جامع الكتاب النَّفيس، المرسوم "بلُمَح المِلح" في التجنيس، ومؤلِّف
(1)
في الوافي: "الحكمة".
(2)
زاد الصفدي: "وعصرة أهل العصر".
(3)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 28.
(4)
سقط من: الخريدة.
(5)
في الخريدة: "دره".
(6)
في الخريدة: بلاغته ألم "عي".
كتاب "الإعجاز في الأحاجي والألغاز". وقائل القول المستَفاد، الشعر المستجاد. نَظْمُه بديع صَنيع، وخاطره في إيداعه وإبداعه كلِّ معنى حسن جَرِيٌّ سريع، فشعره مُصَرَّع مُرصَّع، مُعْلَم بالعلم مُلَمَّع. بُرْدُه مُفَوّفٌ
(1)
، وسَهْمه مُفَوّقٌ
(2)
، وعُودُه مُطيَّب
(3)
مُوَرَّق، وشرابه مُرَوُّق، وبَحْره فيّاض، ودِرعه فَضْفاض، وضِرغامه للفضل فارس، ومَقوله على طِرْف الفَصاحة فارس، سمعتْ بسَيْره
(4)
"الحِجاز" و"فارس". سوق الأدب قائمة بمكانه في سوق الكتب، وإذا حاورتَه لا تسمعُ منه غيرَ النُّكَت والنُّخَب. قلبه قليب المعنى، ونَحره بَحْره، وصَدْره مَصْدره، وسَحْره سِحْره، وخاطره غَيثُه الماطر، ولِيْثُه القاهر، وجَناته من الجِنان، فإنه مَعْدن الغُرِّ الحِسان، ولسانه كالسنان، والعَضْب اليَمان. عجيب الفَنِّ غَريبه، غَضُّ الفَنَن رَطِيبه.
مُقطّعاته أكثر من قصائده؛ فإنه يقَع له معنى، فيَنْظِمه بيتا أو بيتين في فَرائده. وقد ألَّف كل مُؤلَّف ظَريف، وأوْدَعَه كل كلام لطيف، ولا يكون اعتناؤه أكثر زمانه، إلا بالجمع والتأليف، وتصريف القول في التصنيف. ولم يزل مَجْمَعَ الفُضلاء دُكّانُه، ومَنْبَعَ الفَضْل مَكانُه.
قال العمادُ
(5)
: وكنتُ أحضُر عنده، وأقْدحُ زَنْده، واسْتَنْشِقُ بأنه ورَنْده، وهو يُنْشِدني ما يُنْشيه، ويُسَرّح ناظري فيما يُوشِّيه.
أنشدني لنفسه في وَصْف العِذار مُقَطِّعات أرقَّ من الاعتذار، غاص على ابتكار معانيها بالافتكار.
(1)
برد مفوف: فيه خطوط بيض، وأيضا: رقيق.
(2)
فوّق السهم: وضعه في الوتر.
(3)
في الخريدة: "رطب".
(4)
في الخريدة: "بشائر سيره".
(5)
خريد القصر (العراق) 4: 1: 32.
فمنها قوله من الأبيات العِذَارِيّات
(1)
:
مُدَّ على ماء الشباب الذي
…
بخَدِّه جِسْرٌ من الشَّعر
صار طريقا لي إلى سَلْوَتي
…
وكنتُ فيه مُوثَقَ الأسر
وقوله أيضا
(2)
:
إن لم يَنَم لك وهْو أمـ
…
ـــــرَدُ نام وهْوَ مُعَذَّرُ
والنوم يعْسُر في النها
…
ر وفي الدُّجى يتَيَسَّرُ
وقوله وقد شَبَّه العِذارَ باللِّجام
(3)
:
ومُعَذَّرٍ في خَدِّه
…
وَرْدٌ و في فمه مُدام
(4)
ما لان لي حتى تَغَشَّـ
…
ـــــى صُبْحَ عارضه الظَّلام
(5)
والمِهْرُ يجْمَحُ تحتَ را
…
كبه ويَفْطِمُه اللِّجام
(6)
وقوله أيضا
(7)
:
أحْدَقَتْ ظُلْمةُ العِذار بخَدَّيْـ
…
ـــه فزادتْ في حُبِّه زَفراتي
(8)
(1)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 33، ووفيات الأعيان 2:368.
(2)
خريدة القصر، الموضع السابق.
(3)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 34، 33، ومعجم الأدباء 11: 196، ووفيات الأعيان 2: 366، وخزانة الأدب 6:465.
(4)
في الخزانة: "وفي فيه مدام".
(5)
في معجم الأدباء: صبح طلعته ظلام، وفي الوفيات، والخزانة: صبح سالفه ظلام.
(6)
في المراجع: كالمهر
…
ويعطفه اللجام.
(7)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 34، ووفيات الأعيان 2: 367، وخزانة الأدب 6:465.
(8)
في الوفيات، والخزانة:"حسراتي".
قلتُ ماءُ الحياة في فمه الآ
…
ن فطاب الدُّخول في الظلمات
(1)
وقوله أيضا
(2)
:
قالوا الْتَحَى فاصْبُ إلى غيره
…
قلتُ لهم لستُ إذا أسْلُو
لو لم يكنْ مِن عَسَلٍ ريقُه
…
ما دَبَّ في عارضه النَّمْلُ
وقوله أيضا في المعنى
(3)
:
قلت وقد أبْصَرْتُه مُقْبلا
…
وقد بَدا الشَّعْرُ على الخدِّ
صُعودُ ذا النَّمْلِ على خَدِّه
…
يشهدُ أنَّ الرِّيق من شَهْدِ
وقوله أيضا
(4)
:
يا آمِري بالصَّبْر عن رَشَأٍ
…
قَلبي يَحِنُّ إلى مَآرِبِه
دَعْني فصاد الصبر قد قُسِمَت
…
ما بين حاجبه وشاربه
وقوله في غلام تحت شَفَته شامَةٌ صغيرة
(5)
:
قل لمن عاب شامَةً لحِبيبي
…
دون فيه دَعِ المِلامَةَ فيه
إنما الشامة التي خِلْتَ عَيْبا
…
فَصُّ فَيْرُوزَجٍ لخاتَم فيه
(6)
(1)
في الوفيات، والخزانة:
قلت ماء الحياة في فمه الغد
…
ب دعوني أخوض في الظلمات.
(2)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 34.
(3)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 34.
(4)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 35.
(5)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 35، ومعجم الأدباء 11:197. ووفيات الأعيان 2: 327.
(6)
رواية معجم الأدباء، وفيات الأعيان:
إنما الشامة التي قلت غيا
…
فص فيرزج بخاتم فيه
وقوله في ثِقَل الكَفَل
(1)
:
يقولون ما فيه شَيءٌ يُحَبُّ
…
ويُعْشقُ إلا عُلُوِّ الكَفَلْ
فقلت وأيْري يُحِبُّ الْبكا
…
ء للزُّهد في كهف ذاك الجبلْ
وقوله في غلام ساعٍ
(2)
:
وساعٍ سريعٍ إذا ما عدا
…
لقلْبي سَبَى ولِدَمْعي سَفَكْ
يُسابِق في الجَرْى رِيَحَ الشَّمال
…
ويُزْري على دَوَران الفَلَكْ
وقوله في الطَّيف
(3)
:
طَيف خيال هاجري
…
ألَمَّ بي وما وَقَفْ
وافَقَني على الكَرَى
…
ثُمَّ نَفاه وانْصَرفْ
وقوله أيضا
(4)
:
ومُستَحسَنٍ أصْبحتُ أهْذي بذكْرِه
…
وأمْسَيْتُ في شُغْلٍ من الوَجْد شاغلِ
(5)
وعارَضَني من سِحْرِ عَيْنَيْه حُبُّه
…
فقَيَّدَني من صُدْغه بسلاسِلِ
وقوله أيضا
(6)
:
وبَيْضاءَ مَصْقولةِ العارضينِ
…
تَصيدُ بسَهْمِ اللِّحاظ القُلوبا
بَدَتْ قمرا ورَنَتْ جُؤْذرا
…
ومالَتْ قَضيبا ووَلَّتْ كثيبا
(7)
وقوله في مَخْضوبة الكَفِّ
(8)
:
(1)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 37، وفيه "تقبل الكفل".
(2)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 38.
(3)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 39.
(4)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 40. ووفيات الأعيان 2: 368.
(5)
في الوفيات: "من الوصل".
(6)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 40.
(7)
الجؤذر: ولد البقرة الوحشية.
(8)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 40.
وذْاتِ كَفِّ قد خَضَّبَتْه
…
يَسْبِقُ في الوَهْم كلَّ نَعْتِ
(1)
كأنه في البَياض عِلْمي
…
قد اخْتبا فِى سواد بَخْتي
وقوله أيضا
(2)
:
يا مَن تغافَل عنِّي
…
وشَفَّني في التَّجَنِّي
(3)
إنْ كنتُ أعْجزُ عن بَثِّ
…
بَعض لوْعة حُزْني
فاسمع حَديثي من الدمـ
…
ح فَهْو أفْصحُ مني
وقوله أيضا
(4)
:
يا غَزالا فاتِنَ النَّظْرِ
…
يا شَبيه الشمس والقمر
(5)
كيف يخْفى ما أُكَتُمُه
…
وزَفيري صاحب الخَبَر
قوله أيضا
(6)
:
وقالوا لِمَ بَكَيْتَ دما ودَمْعا
…
وقد أَولاكَ بعدَ العُسْر يُسْرا
(7)
فقلتُ لفرحتى برِضاه عني
…
نَثَرْتُ عليه ياقوتا ودُرّا
وقوله فيما يكتب على مروحة
(8)
:
بدا يروح جسمي
…
لما رأى ما ألاقي
و ما ينفس كربي
…
إلا نسيم التلاقي
(1)
في الخريدة: "قد خضرته".
(2)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 41.
(3)
في النسخ: "وشافني في التجني"
(4)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 41.
(5)
في الخريدة: "فاتر النظر".
(6)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 42.
(7)
في الخريدة: "وقالوا قد بكيت".
(8)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 43.
وقوله أيضا (1):
بأبِي مُوَدَّعةً لوَصْلي إذ بدا
…
فِى عارض بعدَ المِشيب قَتير
كالطَّيْف يَطْرُقُ في الظلام إذا دجا
…
وله إذا لاح الصبّاح نُفُورُ
وقوله أيضا
(1)
:
نَقَصوه حَظَّه حسدا
…
لِكَمالٍ في خَلائِقِه
وعُلُوُّ النَّجْمِ أوْرَثَه
…
صِغَرا في عَيْنِ رامقه
وقوله أيضا (2):
أرى ذا النَّدَى والطَّوْل يغْتاله الرَّدَى
…
ويَبْقَى الذي ما فيه طَوْلُ ولا مَنُّ
كما الوَرْدِ يَبْدو في الغُصون وينْقَضِي
…
سريعا ويَبْقَى الشَّوْك ما بَقِيَ الغُصْنُ
وقوله أيضا
(2)
:
لا تَحْقِرَنَّ وَضيعا
…
يُزْرِي بصَدْرٍ شَريف
(3)
فرُبَّما خُفِضَ اسْمٌ
…
عالٍ بحَرْفٍ ضَعيف
وقوله يُخاطب بعضَ الصدور، وقد اسْتخْدمَ غلاما عِيْبَ به
(4)
:
لمِا أضفْتَ إليك نَجْلَ مَسَرَّةٍ
…
حاربْتَ نَفْسَك بالحُنُوِّ عليْه
(5)
وبه انْخَفضْتَ وكان قَدْرُك عاليا
…
فِعْل المِضاف بما أُضيف إليه
وقوله أيضا
(6)
:
تعلَّمتُ منه العِلْمُ ثم اطَّرَحْتُه
…
وأولَيتُه بعدَ الوِصال له هَجْرا
وهل يقْتَنِي الأصْدافَ في الناس حازم
…
إذا هو من أجْوافها أخَذَ الدُّرَّا
(1)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 44.
(2)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 45.
(3)
في النسخ: "يزري بسيد شريف"، وبه يختل الوزن.
(4)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 45.
(5)
في الخريدة: "حاربت مجدك".
(6)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 46.
وقوله يمدح
(1)
:
بدأ الوَزيرُ بجُوده مُتَفَضِّلا
…
فنَطقْت فيه بأحْسنِ الآداب
والرَّوض ليس بضاحكٍ عن ثَغْره
…
إلا إذا رَوّاه صَوْبُ سحابِ
وقوله أيضا
(2)
:
أصِخْ لِنَظْمِي ففيه مَعْنًى
…
بلا شَبيهٍ ولا نظير
وقد بدا في رَكِيكِ لفظِي
…
كعالِمٍ فاضلٍ فقير
وقوله أيضا
(3)
:
سَمَحْتَ ببعض الذي أرْتَجِي
…
وألْقَيتَ حَبْلِي على غاربي
وإتْمام نافلة المكْرُما
…
ت بعدَ الشُّروع من الواجب
وقوله في الهجاء
(4)
:
ما كان بُخْلُكَ بالنَّوال مُؤَثَّرًا
…
فيكون هَجْوِي فيكَ باستحقاقِ
لكنني أبصرتُ عِرضَك أسْودًا
…
مُتَمَزِّقا فقَدَحْتُ في حُرّاقِ
(5)
وقوله أيضا
(6)
:
كم تَدَّعِي كرمَ الجُدُو
…
دِ وأنتَ تَحْرِمُ مَن شَكَرْ
وعلَى فساد الأصْل منْـ
…
ــــك يَدُلُّنِي عدمُ الثَّمَرْ
وقوله في الهزل
(7)
:
(1)
خريدة القصر (العراق) 45 - 46.
(2)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 46.
(3)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 47.
(4)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 49.
(5)
الخراق: ما تقع فيه النار عند القدح، والعامة تقوله بالتشديد.
(6)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 51.
(7)
في الخريدة "مدى العمر" وذكر قمد: شديد الإنعاظ.
قال قُمُدِّي وقد حَظيتُ بمَنْ
…
شَقِيتُ في حُبِّها مَدَى عُمُرِي
قد أسْكَنْتَني لَظًى فقلتُ كما
…
عَبَدْتَها دُونَ خالق البَشَرِ
وصُمْتَ عن غَيرِها وكنتَ تقُو
…
مُ اللَّيلَ في حُبِّها إلى السَّحَرِ
فاصبرْ علَى قُبْح ما جَنَيْتَ فلمْ
…
تَظْلِمْكَ إذ خَلَّدَتْك في سَقَرِ
وقوله في بعض عُمّال السواد
(1)
.
وما اسْوَدَّ فَوْدُك حتَّى نَزَلْتَ
…
من المقْتَفِي في سُوَيْدا الفؤاد
(2)
ورَدَّك ناظرَه في السَّوا
…
د إذ كنتَ ناظرَه في السواد
(3)
ولما أراد اخْتبار الرِّجا
…
ل ألْفَى مُرادَك فوق المراد
وقوله في صاحب المِخْزَن، زعيم الدين، أبي الفضل، يحيي، ابن جعفر
(4)
، يُهَنِّيه بالحج الشريف
(5)
.
قد بَرّ حجُّ وحجَّ بَرُّ
…
وضَمَّ بَحْرَ العراق بَرٌّ
عاد الزّعيم الكريم يَطْوِي
…
أرضا لها من تُقاه نَشْرُ
صَدْرٌ نفَى العَجْزَ عنه قلْبٌ
…
ثَبْت له هِمَّةٌ وصبر
إذا حبا واحْتبَى بنادٍ
…
تقولُ بحرٌ طما وبدرُ
(1)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 52.
(2)
في النسخ: "رنا فوادك" خطأ.
في الخريدة: في سواد الفؤاد وما هنا موافق لنسخة أخرى منها. المقتفي لأمر الله هو محمد بن أحمد بن عبد الله الخليفة العباسي، دامت له الخلافة أربعا وعشرين سنة، وتوفي سنة خمس وخمسمائة. تاريخ الخلفاء 437 - 442.
(3)
السواد: سواد العين. والسواد: سواد العراق، أي ما يزرع منه.
(4)
هو يحيى بن عبد الله بن محمد، المعروف بابن جعفر، كانت وفاته سنة سبعين وخمسمائة، انظر حاشية الخريدة 52 - 53.
(5)
خريدة القصر (العراق) 4: 1: 52 - 53.
غَوْثٌ لِمُسْتَصْرِخٍ وغَيْثٌ
…
إن لم يكنْ في السماء قَطْرُ
يا مَن ضُرُوبُ الورَى غُثاءٌ
…
وخُلْقُه للجميع بحرُ
أنتَ الذي دينه لُبابٌ
…
يَبْقَى ودُنياه منه قِشرُ
قد طُلْتُ فَرْعا وطبْتَ عَرْفا
…
وأصلُ عَلْياكَ مُسْتَقِرُّ
فاقْنَ لما لا يَبيد مما
…
يبيد ذُخْرا فالخير ذُخْرُ
إن قلتُ شِعرا ففيه شَرْع
…
والفكر في المسْتَحيل كفرُ
لكنْ سَجايَاك لُحْنَ غُرًّا
…
حقيقةً لا كما تغُرُّ
فصاغها مَنْطِقِي عُقودا
…
فوق جُيُوب العُلا تُزَرُّ
تُضْحِي لِنَحْر الوليِّ حَلْيا
…
وهْي لنَحْرِ العدُوِّ نَحْرُ
كأنما الشخص منك فصُّ
…
من المعالِي عليه شَطْرُ
(1)
والشِّعر كالشمع منه يُقْرا
…
بالسَّمْعِ والطَّبْع فيه شُكْرُ
(2)
ولستُ فيما أحُوكُ إلا
…
حاكٍ فمالِي عليه أجْرُ
هذا علَى أنَّ لي زمانا
…
ما دارَلي في القريض فِكْرُ
لأنه يسْتَبيحُ مني
…
حِمًى له بالعَفاف سِتْرُ
وَتَسْتَرقّ الأطْماع مني
…
حُرًّا ولا يُسْتَرَقُّ حُرُّ
فاسْتَوْجَبَ الشُّكرَ ربُّ بِرٍّ
…
علَى جميع الورَى مُبِرُّ
قَلَّدنِي مَنَّه ابْتداءً
…
فاقْتادَني والكريم غِرُّ
ووَقَّفتْ دونَه القوافِي
…
وشَفَّ وَزْنٌ وضاق بَحْرُ
(3)
لكنْ خلعتُ العِذارَ حُبًّا
…
وكان لِي في القُصور عُذْرُ
(1)
في الخريدة: "عليه سطر" وما زال المعنى مستغلقا.
(2)
كذا ورد البيت هنا، وفي بعض النسخ من الخريدة، وهناك رواية لنسخة أخرى:"والشعر كالسمع".
(3)
في نسخة من الخريدة: "وزففت دونه القوافي".
ومن نَظْمه أْبيات تُقْيرأ علَى أربعة أقسام، وتقْرأ عَرْضا وطُوْلا، وهي
(1)
:
إنَّ سُؤْلِي بَدْرُ تَمَّ
…
إن تَبَدَّى وهْوَ حَسْبِيِ
يا عَذولِي حين وَلَّى
…
وتَجَنَّى لا لِذَنْبي
(2)
مارنا إذ رامَ هَجْرِي
…
وجَفانِي بعدَ حُبِّي
(3)
قُلتُ عُجْ بِي بعد عَتْبِ
…
شَفَّ قلْبِيِ مَلَّ قُرْبي
(4)
ومن شعره في مليح أصْفر
(5)
:
وأصْفَرَ يَعْجِز عن وَصْفه
…
إذا رآه الفَطِنُ الحاذقُ
إذا بدا يصْفَرُّ لَونِي له
…
فليس يُدْرَى أيُّنا العاشقُ
ومنه أيضا في مليح أشْقَر
(6)
:
كأنَّ خَدَّيْه والصُّدْغين فوقَهما
…
وقد غدا لِعتابِي مُطْرِقا خَجِلا
تَلَهُّبٌ مِن لَظَى قلبِي وزَفْرتِه قد دَبَّتِ النار في خَدَّيْه فاشْتَعَلا
(7)
ومنه أيضا
(8)
:
يقولُ لِي حين وافَى
…
قد نِلْتَ ما تَرْتَجيهِ
(1)
الوافي بالوفيات 15: 170.
(2)
في الوافي: "لا تذنب".
(3)
في الوافي: "ما رثا
…
بعد حب.
(4)
في الوافي: "بعد عتبي".
(5)
الوافي بالوفيات 15: 176، وفيه: في مليح مصفر".
(6)
الوافي بالوفيات 15: 174.
(7)
في الوافي: تلهي من لظي".
(8)
الغيث المنسجم 1: 406، ونصرة المثل الساتر 20، والوافي بالوفيات 15: 174، ومعاهد التنصيص 2:20.
فما لِقَّلبك قد جا
…
ء خَفْقُه يشْتَكيه
(1)
فُقلتُ وَصْلُك عُرْسٌ
…
والقلْبُ يرقُصُ فيه
وقال في ليلة طويلة شاتية
(2)
:
أقولُ والليل في امْتِدادٍ
…
وأدْمُعُ الغَيْثِ في انْسِفاحِ
أظُنَّ لَيْلِي بغير شكٍّ
…
قد بات يَبْكِى على الصبَّاح
وقوله أيضا
(3)
:
يا بأبِي ظَبْيٌ غَدا ثَغْرُه
…
مثلَ أقاحِي الرَّوضِ في الابْتِسامْ
لا غَرْوَ أنْ أضْحَكَه مَدْمَعِي
…
قد يُضْحِكُ الرَّوْضَ بُكاءُ الغَمامْ
وقال في الشَّيْب:
بدا الشَّيْبُ في فَوْدِي فأقْصَرَ باطِلِي
…
وأيْقَنْتُ قَطْعا بالمصير إلى قَبْري
أيَطْمَع في تَسْويدِ صُحْفِي يَدُ الصِّبا
…
وقد بيَّضَتْ كَفُّ النُّهَى حِسْبة العُمْرِ
وقال أيضا:
يقولون لا فَقْرَ يدومُ ولا غِنًى
…
وما كُرْبَة إلا سيَتْبَعُها كَشْف
ولستُ أرى فَقْري وضُرِّيَ يَنْقَضِي
…
كأنِّي على هذين وَحْدها وَقْفُ
* * *
2040 - الشيخ الفاضل سعد بن على بن محمد الأُزُرِيّ
*.
(1)
في الغيث: قد أضحي
…
بحفقة تعتريه: "وفي النصرة: خفقه يعتريه "وفي معاهد التنصيص: "قد جا
…
بخفقة تعتريه".
(2)
الوافي بالوفيات 15: 175.
(3)
الوفي بالوفيات 15: 175.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 21، 22. =
بضَمِّ الألف والزاي وكسْر الراء؛ نسبةً إلى الأُزُر، جمع إزار.
ولعلَّ هذا الرجل كان يبيعها. كذا ذكره السَّمْعانِيُّ.
وقال ابن النَّجَّار: سمع النَّقيب أبا الفَوَارس طِرادَ بن محمد الزَّيْنَبِيّ، وغيرَه.
وتُوُفِّيَ، رحمه الله تعالي، في حُدود سنة ثلاثين وخمسمائة.
وكان يكتُب الشروط، وكان به صَمَمٌ.
حدَّث باليَسير، وسمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخَشّاب. انتهى.
* * *
2041 - الشيخ الفاضل سعد بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أبي بكر بن سعد النابلسي الأصل، القدسي، نزيل "القاهرة"، ويعرف بابن الديري
*.
(سعد الدين، أبو السعادات)
مفسّر، فقيه، متكلّم، أديب.
ولد في رجب، وتولى القضاء، وتوفي بـ "مصر القديمة" في 9 ربيع الآخر.
* * *
= وترجمته في الأنساب 28، والجواهر المضية برقم 610، واللباب 1:37. وهو في هذه المصادر: "سعد الله بن علي". وكنيته في الأنساب: "أبو الحسين".
* راجع: معجم المؤلفين 4: 213.
2042 - الشيخ الفاضل سعد بن محمد بن عبد الله بن سعد العبسي، الدَّيْرِيُّ
(1)
؛
(1)
سيأتي ذكر والده في حرف الميم، وقد ترجمه مؤرّخ "القدس" مجير الدين الحنبلي في "الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل" بقوله: شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن سعد بن عبد الله بن مصلح الديري الخالدي العبسي الحنفي، نسبته إلى قرية، يقال لها: الدير، بالقرب من مردي من بلاد "نابلس"، والعبسي نسبة إلى طائفة بني عبس من "عرب الحجاز"، مولده في حدرد سنة 750 هـ، واستوطن "بيت المقدس"، وصار من أعيان العلماء، ولما مات ناصر الدين بن العديم جئ به على البريد من"القدس"، وولي قضاء "الديار المصرية" سنة 819 هـ، فعظم أمره، ونفذت كلمته، ثم صرف عن القضاء باختياره واعتذار بكبر سنّه، وقدر الله عوده إلى "بيت المقدس" سنة 827 هـ، وهو في همة الرجوع إلى "مصر"، فأدركه أجله، فتوفي بـ "القدس" في ذي الحجّة، وكان له أخ يسمّى عبد الله، كان فاضلا عالما، توفي سنة 810 هـ، انتهى ملخّصا.
وذكر أيضا شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الديري الحنفي مولده بـ "القدس" في الحرم سنة 770 هـ، وبرع، ودرّس، وأفتي، وتوفي ثالث عشر جمادى الآخرة سنة 749 هـ، انتهى.
وذكر أيضا القاضي أمين الدين عبد الرحمن بن قاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد الديري الحنفي، مولده قبل سنة 820 هـ، وحصل العلوم، وفاق، وباشر القضاء عن أخيه قاضي القضاة سعد الدين الديري بـ "الديار المصرية"، وتوفي رابع ذي الحجّة سنة 856 هـ، انتهى.
وذكر في ترجمة سعد الدين سعد الديري أنه تفرّد بعلم التفسير، ودرّس، وأفتي، وولي تدريس المعظّمية بـ "القدس"، ثم ولي القضاء بـ "الديار المصرية". في المحرّم
نسبةِ إلى "دَيْر عثمان"، المقْدِسِيُّ مولدا ومَنْشأ، الشيخ الإمام العلامة
سنة 842 هـ، ولما كبر سنّه صرف باختياره عن القضاء سنة 866 هـ، وتوفي عاشر ربيع الآخر سنة 867 هـ، وأخوه قاضي القضاة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم باشر الوظائف السنية بـ "القاهرة"، ولي قضاء القضاة بـ "الديار المصرية" سنة 870 هـ، ثم صرف، واستقرّ في مشيخة المؤيّدية إلى أن توفي في المحرّم سنة 876 هـ، انتهى. وذكر أيضا ولده الشيخ شرف الدين يونس، كان من الفضلاء، وكان موجودا في حدود سنة 860 هـ، وتوفي قبل والده. وولده الثاني زين الدين عبد القادركان خيرا، متواضعا، توفي خامس رمضان سنة 885 هـ، انتهى.
وذكر أيضا جمال الدين أبو العزم عبد الله بن شيخ الإسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن قاضي القضاة كمال الدين أبي عبد الله محمد الديري الحنفي، مولده سنة 805 هـ، ولي قضاء "القدس" و "الرملة" سنة 867 هـ، ثم أضيف إليه قضاء "بلد الخليل"، وتوفي بـ "القدس" سنة 878 هـ، في ربيع الأول، انتهى.
وذكر أيضا قاضى القضاة تاج الدين بن سعد بن محمد الديري، ولد في ربيع الأول سنة 896 هـ، وانتفع بأبيه وجدّه، وانتهت إليه رياسة المذهب، وولي قضاء "القدس" سنة 851 هـ، ودرّس بالمدرسة المعظّمية، ونفذت كلمته، ثم تنزّه عن القضاء، وتوجّه إلى "القاهرة"، ففوّضه والده مشيخة المؤيّدية، فلمّا توفي والده قاضي القضاة سعد سنة 867 هـ نزل عن المؤيّدية لعمّه برهان الدين، واستوطن "القدس"، ومات بـ"غزة" سنة 891 هـ في شعبان، انتهى. هذا ما ذكره أوردته ليعلم فضل بني الديري، وعزّته، وأن بيته لم يزل بيت علم وقضاء في أولاده وأحفاده، وإن شئت التفصيل في أحوالهم والاطلاع على وقائعهم فارجع إلى التاريخ المذكور، فإنه فيه مسطور. انظر: هامش الفوائد البهية ص 79، 80.
سعد الدين، ابن قاضى القضاة شمس الدين *.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: ولد سنة ثمان وستين وسبعمائة.
وحفظ القرآن وهو صغير، وحفظ كتبا كثيرة في الفقه وغيره؛ منها:"مختصر ابن الحاجب الأصلي".
وكان سريع الحِفْظ، مُفْرِط الذكاء، فَعُنِيَ به أبوه، وأعانَه هو بنفسه، وأكبَّ، على الاشتغال إلى أن فاق الأقْران، واشْتهر بمعرفة الفقه حِفْظا، وتنْزِيلا للوقائع، واسْتحضارا للخلاف، وكان والدُه يقدِّمه على نفسه في الفقه.
ووَلِيَ عِدَّة وظائفَ ببلاده، وقدِمَ "القاهرة" مرارا، وسمع الحديث علَي أبي الخير ابن الحافظ صلاح الدين العَلائِيِّ، وعلى غيره، وحدَّث عن العَلائِيّ بالسماع والإجازة مرارا، ووَلِيَ مِشْيَخة "المؤَيَّديَّة" بـ "القاهرة"، عِوَضا عن أبيه، وباشَرها. وانْتفَع به الناس في الفتاوَى والمواعيد والاشْتغال، مع طَلاقة اللسان، وحُسْن الوَجه، وكثرة البِشْر، ولِين الجانب، وفَرْط التّواضع، مع الوَقار، والمهابة، والدِّيانة، والصِّيانة. ووَلِيَ قضاء "الدِّيار المصرية"، عِوَضا عن القاضي بدر الدين العَينَتابِيّ، فباشر بمَهابةٍ وعِفَّة وصرامةٍ، وأحبَّه الناس، ولا سيَّما إذ شرط على نفسه أن يُبْطلَ اسْتبْدال الأوقاف، فدام ذلك إلى مُضِيِّ ثالث سنة من ولايته، وحصل للأوقاف من ذلك رِفْيقٌ
(1)
كبير، وعَمُرَتْ أوقاف الحنفية في
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 22 - 26.
وترجمته في بغية العلماء والرواة 127 - 140، ورفع الإصر 2: 245، والضوء اللامع 3: 249، والنجوم الزاهرة 16: 318، 319، ونظم العقيان 115، 116.
(1)
الرفق: النفع.
ولايته، وكثُير متَحَصِّتلُها بعد أن كان تلاشَي أمرها، بكَثْرة ما بِيْع منها أنْقاضا واسْتبْدالا بالذهب أو الفضّة.
وذكره السّخاويّ في "ذيله" على "رَفع الإصْر"، وبالَغ في الثَّناء عليه، ثم قال، بعد أن عدَّد شيئا من محفوظاته، وعدَّد جماعة ممن أخذ عنهم، أو لَقِيَهم؛ كالشمس القُونَوِيّ، وصَاحب "دُرَر البحار"، والمولى حافظ الدين البزَّازِيّ صاحب "الفتاوى" المشهورة: وكانتْ ولايته لقضاء الحنفية بعد امْتناعٍ منه، وإلْحاح عليه، وعزَل نفسَه غيرَ مرَّة، ثم أُلْزِمَ، وأعيد.
وكان إماما عالما، علامة، جبَلا في استحضار مذهبه، قويَّ الحفاظة، حتى بعد كِبَر سِنِّه، سريعَ الإدراك، شديد الرَّغبة في المباحثة في العلم مع الفضلاء والأئمة، مُقتدرا على الاحتجاج لما يَرُومُه، ذا عناية تامَّة بالتفاسير والمواعيد، يحفظ من مُتون الأحاديث ما يفوق الوصف، غيرَ مُلْتزِمٍ للصَّحيح من ذلك، وعنده من الفصاحة وطَلاقة اللسان في التقرير ما يُعْجَزُ عن وَصْفه، لكن مع الإسْهاب في العبارة، فصار مُنْقَطِع القَرين، مَفْخَرَ المِصْرَين، ذا موقعٍ وجلالة في النفوس، وارْتفاع عند الخاص والعام على الرءوس، بحيث إنه عرَض على كلّ من الشيخ كمال الدين ابن الهُمام، والأمين الأقْصُرائيِّ الاستقرار في منصب القضاء عِوَضًا عنه، [فامتنع، مُصرِّحا]
(1)
بأنه لا يُحْسِن التَّقدُّمَ مع وُجوده.
وقَدِمَ الكمال ابن الهُمام مرّة من الحجّ، فأوّل ما ابتدأَ قبلَ وصوله إلى بيته بالسّلام على السَّعْد في "المؤَيَّدِيَّة"، وعُقِد مَرَّة عنده مجلس في "الصالحيّة"، فسُئل به الأمينُ الأقْصُرائيِّ عن شيء كان أفْتَى فيه في قضية تتعلَّق بحكم حكم به القاضي سعد الدين، فأجاب بقوله: أنا
(2)
أفْتيت،
(1)
في ذيل رفع الإصر: فامتنعا مرحين. وهو الصواب.
(2)
في النسخ "إن" والمثبت في رفع الإصر.
ولا شُعورَ عندي بكَوْن الاستفتاء يتعلَّق بحُكْم مولانا قاضي القضاة، فالذي عندي أنَّ مشايخها المتأخِّرين لو كانوا في جهة، وهو في جهة، كان عندي أرْجَحَ وأوْثَقَ.
وكان ابن حَجَرٍ يُثْني عليه، ويُبالغ في مدحه، وكذلك كان هو في حقّ ابن حجر، رحمهما الله تعالي، فلقد كان للزمان بهما بهجةٌ.
وقد حُكِيَ أنهم سمعوا هاتفا يقول: بعد أحمد وسعد ما يفرحُ أحد.
قال السَّخاويُّ: ولم يُشْغِلْ نفسَه بالتّصْنيف، مع كثرة اطِّلاعه وحِفْظه، ولهذا
كانتْ مؤلّفاته قليلةً، فممّا عرفت منها:"الكواكب النِّيِّرات في وُصول ثواب الطاعات إلى الأموات"، و "السِّهام المارقَة في كَبد الزَّنادقة"، و "فتوى في الحبى بالتُّهْمة"، وأخْرى في "هل تنام الملائكة أم لا"، و "هل مَنْعُ الشَعْر مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم عامٌّ في جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام"، وله منظومة طويلة، سمّاها "النُّعْمانيَّة"، فيها فوائد بديعة، وله "قصيدة مخمَّسة" في مَدْحِ النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن الشِّحنة: وكتَب على "الهداية" من أوَّل الأيمان، حيث انتهتْ إليه كتابةُ السَّروجِيِّ، إلى أثناء باب المرْتَدِّ من كتاب السِّيَر، سِتَّ مُجلَّدات، وهى عندى بخطّه، باعَها ولدُه تاجُ الدين لابن الصوّاف، ثم "قطعة السَّرُوجيِّ"، ثم لما مات ابن الصَّوَّاف بِيعَا في تَرِكته، فاشْتريتُها مما اشتراهما من تركته، وسلَك في هذه القطعة طريق السَّروجيِّ في الاتِّساع في النقل لا غير؛ فنقلَ كلام ابن حَزْم بحُروفه، وكلام ابن قُدامةَ، وغيرهما، وربَّما يتعقَّب ذلك بمنْقول أئمَّتنا.
وأورد له السَّخاوِيُّ في "ذيله" المذكور من نظْمه قولهَ
(1)
:
(1)
ذيل رفع الإصر 135.
يا ربِّ عبدُك قد زَلَّت به القدمُ .... وشفَّه الخوف مما كان والنَّدَم
(1)
فاغفرْ له وتجاوَزْ عن جَريمته
…
فالعفوُ دأبُك يا ذا الحلم والكرم
وقوله عَقيب فطره في ليالي رمضان
(2)
:
يا مُطعمَ ويا ساقيَهْ
…
يا حافظَ نفسه و يا واقيَه
يرجوك لِما لا يعلمه لاقيَهْ
…
أن تجعلَ خيرَ عمرِه باقيَهْ
وأورَدَ له غيرَ ذلك.
وذكره الحافظ السُّيوطيُّ في "أعيان الأعيان"، وبالغَ في الثناء عليه، إلى أن قال:
إنه صار رأسَ الحنفية، والمشار إليه في وقته، مع الصَّلاح المفْرط، يُسْتَسْقَى به الغيثُ، ووَلِيَ قضاء القضاة، فسار فيه بالسِّيرة اللائقة به، من رَدْع الأمراء والأكابر، وإقامة الحقّ فيه.
وله تصانيف، منها:"تكملة شرح الهداية" للسَّروجيّ، وله الشعر الكثير الحسَن، قيل: إنه رأى في النوم أنه يقرأ الأسماء الحُسْنَي، فعُبِّرَ بأنه يعيش تسعا وتسعين سنة، وكان كذلك.
مات في ربيع الأول سنة سبع وستين وثمانمائة.
ومن شعره
(3)
:
رَوّحِ الروحَ براحات الأملْ
…
وتعلَّلْ بعسَى ثم لعلّ
واحْتَمِلْ أوْصابَ دهرٍ كَدِرٍ
…
فغريق البحر لا يخْشى البَلَلْ
(1)
هذا البيت مؤلف من صدر بيت وعجز آخر، وهما:
يا ربِّ عبدُك قد زَلَّت به القدمُ
…
وكان منه الذي قد خطه القلم
وقد أتي تأئبا مستغفرا حذرا
…
شفه الخوف مما كان والندم
(2)
ذيل رفع الإصر: 135.
(3)
نظم العقيان 115.
وابْد للبلْوَى بوجهٍ طَلقٍ
…
واتْرُكِ الشكوىْ ودعْ عنك المِلَل
فمُعاناةُ صُروف الدهر لا
…
تُبْعِدُ البلوَى ولا تُدْنِي الأجَلْ
(1)
وإذا ضاق بك الأمر فقُلْ
…
قدَّرَ الله وما شاء فعلْ
ما تناهَى الخطبُ إلا وانْتَهَى
…
وبدا النَّقْصُ به حتى كَمَلْ
ومن شعره أيضا
(2)
:
لا تَجْزِعَنَّ لمكروهٍ أُصِبْتُ به
…
واسْتقْبِلِ الصَّعبَ إن فاجاك باللِّينِ
كلُّ المصائب في الدنيا تُهون سوى
…
مُصيبة عرضَتْ للمرء في الدين
ومنه أيضا
(3)
:
لم أنْسَ إذ قالتْ وقد أزِفَ النَّوَى
…
أفْديكَ بالأموال بل بالأنْفُس
ما ذا الفِراق فقلتُ أنْتِ أردْتِه
…
قالتْ كذا فِعْلُ الجَوارِيّ الكُنَّس
فكأنَّ نَثْرَ دُموعها بخُدودها
…
طَلٌّ على وردٍ همَى من نَرْجِسِ
ومنه أيضا
(4)
:
ذهب الأُلى كان التفاضُلُ بينهم
…
بالحِلْم والإفْضال والمعروف
يَتَجَشَّمون مَتاعبًا لإعانة الْـ
…
ـمَظْلومِ أو لإغاثة المِلْهوف
وأتى الذين الفخرُ فيهم مَنْعُهم
…
للسَّائلين وظلمُ كلِّ ضعيفِ
فتراهمُ يتَردَّدون مع الهوى
…
قد أعْرَضوا عن أكْثر التَّكليفْ
ما بين جبار وباعث فتنة
…
ومُخاتلٍ بخِداعه مشعوفِ
(5)
والمستقيمُ على الطريقة نادرٌ
…
ما إن تراه بين جَمْع أُلوفِ
(1)
نظم العقيان: "فمعاياة .. ولا تدني امل"
(2)
نظم العقيان: 115.
(3)
نظم العقيان: 116.
(4)
نظم العقيان: 116.
(5)
في نظم العقيان: "بخداعه مشغوف".
فاسْلَمْ بدينك لا تقُل لا بُدَّ لي
…
منهم لدَفْع كَريهةٍ ومَخوفٍ
وادْفَعْ بربِّك لا تكنْ مستبدلا
…
ذا ضِنَّةٍ وفَظاظةٍ برَءُوفِ
فهو الذي تجري الأمور بحُكمه
…
في سائر التدبير والتصريف
فلكم جَلا عنّا حَنادِسَ كُرْبةٍ
…
قد حلَّها من بعد مَسِّ حُتوفِ
وهو الذي يُرْجَى ليوم مَعادِنا
…
في رَفْع أهْوالٍ وطولِ وقوفِ
ثم الشفاعةُ من إمام المرسلـ
…
ـين السيد المخصوص بالتشريف.
وقال الأديب النَّواجِيُّ يمدحه
(1)
:
لقد حُزْتَ يا قاضي القضاةِ مآثرا
…
بخدمةِ علمٍ في الورى ما لها حدُّ
وكوكبُ علم الشرع أصبح طالعًا
…
وفي فلَكِ العلياء يخْدمُه سعدُ
ومحاسن السَّعْد كثيرة، وفضائله غزيرة، وتغمَّده الله برحمته.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى: قد ترجمه شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوى في "الضوء اللامع"، فقال: سعد بن محمد بن عبد الله بن سعد ابن أبي بكر القاضي سعد الدين أبو السعادات النابلسي الأصل، الدمشقي، الحنفي، نزيل "القاهرة"، يعرف بابن الديري، نسبته لمكان بجبل "نابلس"، يسمى "الدير"، ولد يوم الثلاثاء سابع عشر رجب سنة ثمان وستين وسبعمائة، وحفظ القرآن، وحفظ كثيرا من الكتب في اثني عشر يوما، وكان سريع الحفظ مفرط الذكاء، انتفع بأبيه، وبالكمال الشريحي، وبحميد الدين، والعلاء بن النقيب، والشمس بن الخطيب الشافعي، وغيرهم، واجتمع بالشمس القونوي، صاحب "درر البحار"، وبحافظ الدين البزازي، صاحب "الفتاوى"، وأكثر من الرواية بالإجازة عن البرهان إبراهيم بن الزين عبد الرحيم بن جماعة، واشتهر بمعرفة الفقه حفظا، وتنزيلا للوقائع، واستحضارا للخلاف، حتى كان والده يقدّمه على نفسه في الفقه وغيره،
(1)
نظم العقيان: 116.
وانتفع الناس بدرسه، وفتاواه، وحجّ مرارا، أولها سنة إحدى وثمانمائة، وباشر قضاء الحنفية سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، عوضا عن العيني بمهابة وعفة، وكان أماما علامة جبلا في استحضار مذهبه، قوى الحفظ، سريع الإدراك، شديد الرغبة في المباحثة في العلم والمذاكرة به، ذا عناية تامة بالتفسير، لا سيّما معاني التنزيل، ويحفظ من متون الأحاديث ما يفوق الوصف، غير ملتزم الصحيح من ذلك، وقد اشتهر ذكره، وبعد صيته، حتى أن شاه رخ بن تيمور ملك الشرق سأل رسول الظاهر حقمق عنه في جماعة، وقرأت عليه أشياء، وكتبت من فوائده ونظمه، ولم يشتغل بالتصنيف، مع كثرة اطلاعه، ولذلك كانت مؤلّفاته قليلة، فمما عرفته منها:"شرح العقائد النسفية"، قد قرأه عليه الزين قاسم الحنفي، و "الكواكب النيرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات"، اقتفى فيه أثر السروجي مع زيادات، و "الأسهام المارقة في كبد الزنادقة"، وفتوى في الحبس بالتهمة، وجزء آخر في أنه هل تنام الملائكة أم لا، وهل منع الشعر مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم عام لجميع الأنبياء، وشرع في تكملة "شرح الهداية" للسروجي من أول الأيمان، فبلغ إلى أثناء باب المرتد، من كتاب السير في ستّ مجلدات، وله منظومة طويلة، سماها بـ "النعمانية"، فيها فوائد كثيرة بديعة، ومات تاسع ربيع الآخر سنة سبع وستين وثانمائة بـ "مصر"، ولم يخلف بعده مثله، انتهى. انظر: الفوائد البهية ص 79، 80.
* * *
2043 - الشيخ الفاضل سعد الرازيّ
*.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 27. وترجمته في الجواهر المضية برقم 609.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: تفقَّه عليه زيد بن الحسن أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، بمدرسة السلطان طُغْرُل بيك "بهَمَذان". حكاه ابن النَّجّار. انتهى.
* * *
2044 - الشيخ الفاضل سعدُ الله بن حسين الفارسِيّ السّلْمانيّ المِقُرِئ، نزيل "بيت المقدس"، وإمام الحنفية بـ "الأقصَى
" *.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: قدِمَ من بلاده، وكان شافعيّا، فتحنَّف.
وأخذ بـ "القاهرة" عن سعد الدين الدَّيْرِيّ، وناب في قضاء "دمشق" عن العلاء ابن قاضي عَجْلُون، وتميَّز في القراءات، وشارَك في غيرها، وأفتَي، ودرَّس.
وكان ذا سِمَة حسنة، ووَقار وصَوْلَة، وحُرْمة، وشهامة، وصَدْعٍ بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم.
وكان مولده سنة اثنتي عشرة أو التي بعدَها.
ومات في أواخر شهر ربيع الأول، ودُفن بـ "ماملا"، رحمه الله تعالى.
وهو من فُضلاء القرن التاسع.
* * *
2045 - الشيخ الفاضل سعد الله بن سعد بن علي بن إسماعيل
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 27. وترجمته في الضوء اللامع 3: 246، 247.
الهَمْدانِيّ الأصل، العَيْنَتابيّ *.
ذكره التميمي في "طبقاته" فقال: ذكره قاضي القُضاة، علاءُ الدِّين
(1)
في "تاريخه"، وقال: قَدِم إلى "حَلَب" مع أبيه من"عَيْنَ تابَ"، وأقام بها، وكان شابّا، فاضلا، دَيِّنا، اشْتغلَ بالفقه على مذهب أبي حنيفة، رضى الله تعالى عنه، واشتغل، ودرَّس بالمدْرستين "الكلْتاويّةَ"
(2)
و "الأتابكيَّة"
(3)
.
تُوُفِّي، رحمه الله تعالي، ضَحْوةَ نهار الخميس، رابع جُمادى الأولي، سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ودُفِن بـ "مقابر الصَّالحين"، عند أبيه، خارجَ باب المقام، وكانتْ جنازته مَشهودةً، حَضَرها نائب البلد، والأعيان، الخاص، والعام.
* * *
2046 - الشيخ الفاضل سعد الله بن عيسى بن أميرخان، الشهير بسَعْدِي جلبي، وربَّما كان يكتب بخطِّه في الكتب الفقير سعد، لا غير
* *.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 8. وترجمته في إنباء الغمر 3: 181، وشذرات الذهب 7: 150، 151، والضوء اللامع 3: 247.
(1)
أي ابن خطيب الناصرية علي بن محمد بن سعد الحلبي الشافعي، المتوفى سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة.
(2)
في الضوء اللامع: "الكلباوية".
(3)
في الضوء: زيادة "البرانية".
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 27 - 71.
وترجمته في الشقائق النعمانية 2: 43 - 45، والفوائد البهية 78، وكشف الظنون 1: 191، 2:2035.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: كان إماما، عالما، علامة، شيخ الإسلام، وقُدْوة الأنام، ومَرْجع الخاص والعام.
قال في حقّه السيِّد عبد الرحيم العباسيّ، في ديباجة نسخة من "شرح شواهد التَّلْخيص"
(1)
له، كتبها باسم صاحب الترجمة، ومن خطِّه نقلتُ: هو مولى تنْخفِض هَمِمُ الأقوال عن بلوغ أدنى فضائله ومعاليه، ويَقْصُر جُهْدُ الوصف عن أيسر فواضله ومَساعيه، حَضْرتُه مطلعُ الجود، ومَقْصِد الوُفود، وقبلَة الآمال، ومَحَطُّ الرِّحال، ومَجْمع الأدباء، وحَلْبَة الشعراء، ذو همّة مقصورة على مجد يشيِّده، وإنْعام يُجدِّده، وفاضل يصْطنعُه، وخامل وضعه الدهر، فيَرْفعه، فاق الأقران، وساد الأعيان، فلا يُدانيه مُدان، ولو كان من بني عَبْدِ المِدان
(2)
، وليس يُجاريه في مِضْمار الجود جَواد، ولا يُباريه في ارْتياد السيادة مُرْتاد.
ما كل مَن طلب السعادَة نافدا
…
فيها ولا كل الرجال فحولا
لا زالتْ آي مجده بألْسُن الأقلام مَتْلُوَّة، وأبكار الأفكار بمديح معاليه مَجْلُوَّة.
ثم قال يصف مكارمَه وفواضلَه، وإنعامه عليه، وإسْداء الخيرات إليه، عند ما قصَد حَضرتَه، وأمَّ ساحتَه، وحين أناخ مَطايا قصْدِه بأفناء سعدِه، صادَف مَوْلا حَفيّا وظلا ضَيفِيّا، ومَرتعا رحيبا، ومَرْبَعا خَصيبا، وبَشاشةَ وجه تسُرُّ القلوب، وطَلاقة مُحَيّا تُفرّج الكروب، وتغفر للدهر ما جَناه من الذنوب، مع ما يُضاف إلى ذلك من منظر وَسيم، ومَخْبَر كريم، وخلائقَ رقَّتْ وراقتْ، وطرائقَ علَتْ وفاقتْ، وفضائلَ ضفَتْ مَدارعُها، وشمائلَ صفَتْ مَشارعها، وسُؤُدَدٍ تُثْنَى به عقودُ الخَناصر، ويُثْينِي عليه
(1)
انظر: معاهد التنصيص: 1: 4 - 5.
(2)
عبد المدان: أبو قبيلة من بني الحارث. تاج العروس (مدن) 9: 342، 343.
طِيبُ العناصر، فحَمِدَ مِن صباحِ قَصْدِه السُّرَي، وعَلِم أْنّ كل الصَّيدِ في جوف الفرَا.
إنَّ الكريم إذا قصدت جَنابَه
…
تلْقاه طَلْقَ الوجهِ رَحْبَ المنزل
وها هو في ظل عزِّه رَخِيُّ البال، متميَّيزُ الحال، آمن من صَرَفان الدهر، وحَدَثان القهر، يرْتَع في رياض فضله، ويخْرج من طّلِّ جوده ووَبله، قد عَجز عن الشكر لسانُه، وكَلَّ عن رَقْم الحمد بَنانُه، لم يفْقِدْ من تَفَيُّئ رأفته ظلالا، ولم يقل لصُدْح آماله انْتِجِعِي بلالا، وبه حقَّق قول القائل من الأوائل
(1)
:
ولما انْتَجعْنا لائذين بظلِّه
…
أعان وما عَنَّى ومَنَّ وما مَنَّى
ورَدْنا عليه مُقْترِين فرَاشَنا
…
ورُدْنا نَداهُ مُجْدِبين فأخْصَبْنا
وجملة ما يقوله في العجز عن حمده، وشكره، والثناء علَى جوده وبرِّه:
أما وجميلِ الصُّنعِ منه وإنَّها
…
أليَّة بِرٍّ مثلُها لا يُكفَّرُ
لو اسْطَعْتُ حوَّلتُ البّرِيَّة ألْسُنا
…
وكنتُ بها أُثْنِي عليه وأشْكُرُ
ولستُ أُوَفِّي حقَّ ذاك وإنما
…
قياما بحق الشكر جُهْدي أُشَمِّرُ
وذكره العلامة بدر الدين الغَزِّيُّ العامريُّ، عالم "دمشق"، بل عالم "الدِّيار الشاميَّة" بأسْرِها، في "رحلته إلى الدّيار الروميَّة"، وبالغَ في الثناء عليه، وقال: قاضي قضاة المسلمين، وأولى وُلاة الموَحِّدين، وَينْبُوع العلم واليقين، العادل العَدْل في أحكامه، والمراقب لله في فعله وكلامه، عَينُ إنسان الزمان، وإنسان عين البيان، قاضى "القُسْطَنطِنِيَّةِ"، سعدي بن عيسى بن أمير خان، ما قُرِنَ به فاضل في "الروم" إلا رجَحه، ولا أُلقِيَ إليهْ مُهِمُّ من العلم إلا كشفَه وأوْضَحه، له صادقات عزائم، لا تأخذُه في
(1)
انظر بتيمة الدهر: 3: 109.
الله لومة لائم، إلى عِفَّة ونِزاهة وديانة، وهمَة عالية وصيانة، وطَلاقة وجْه، مع خَلْق وَضِيٍّ وخُلُقٍ رَضِيٍّ، إلى أن قال، أعنى صاحب "الرحلة": وكان يُكرمني، ويُجِلُّني عند ما أجتمع به، ويمْدحني عند الناس بالعلم، ويصفُني بالفضيلة التامة والمعرفة الجيِّدة. وافْتخار البدر بتربية السعد، دليل واضح على عُلُوِّ شأنه، ورفيع مكانه.
وأورد في "الرحلة" طرفا يسيرا من مدائح السَيّد عبد الرحيم العبّاسيِّ المذكور في حقّه، فمن ذلك ما كتبه إليه، وقد عمَّر منزلا، وسكن فيه يوم النَّوْروز:
يا عظيما دونه شمس الضُّحَى
…
بدليل قطُّ ما فيه خَفَا
هى بالمنزل تُعْطى شرَفا
…
وبك المنزلُ يُعْطى الشَّرفا
وكتب إليه أيضا يمدحه، وهو قاض إذ ذاك بـ "القُسْطَنْطِينية"، وكان زمن النَّوْروز أيضا، قوله:
قَرَّتْ عيونُ العلا مذ بِتُّ راعيها
…
وبالثناء شذَت إذ صرْتَ واعيها
ومنك قد أشْرقت أيامُها وغدَتْ
…
من مدِّها بالسَّنا بيضا ليَاليها
وكيف لا يُبْهِجُ الأيام سُؤْدُدُ مَن
…
سَمَتْ معاليه عن قَرْمٍ يُسَاميها
لا تسألنَّ سوى عَلْياه عنه تُصِبْ
…
فالدارُ تُنْبِئُ عن مقدار بانيها
كأنه نسخةٌ في المجد مُثْبَتةٌ
…
ومَن عَداه دخيل في حَواشيها
انظر بعَينيك في الأشخاص هل تَرَمَنْ
…
يولي المعالي سواه أو يُواليها
واسْتَخْبِرِ البِيضَ عن مقدار هِمَّته
…
يُخْبِرْك بالعجز منها عن مَواضيها
واسْتَفْهم السُّمْرَ عن أدْنى عزائمه
…
تُجِبك عن كُنْه عَلْياها عَواليها
يا من يقيس جداه بالسحاب أفق
…
فالبحر يعجز عنها إذ يجاريها
جَدْواه مال وجَدْوَى السُّحْبِ جود حيا
…
فالفرق كالصبح يبدو في دَياجيها
أكْرم به بَشَرا أنْشاهُ بارئُه
…
على خلال تعالت عن مباريها
آثاره لك بالتفضيل مفصحة
…
عن حُسْن ظاهرها منه وخافيها
من أين ما جئتَها تظْفَرْ بمُخْبرِها
…
أم من قَوادِمِها أمْ من خَوافيها
تبارك الله كم من آية ظهَرتْ
…
من مجدِه وفمُ الأيام تاليها
يكْفيك أنَّ عطاياه وأنْعُمَه
…
تُجيبُ قبلَ صدَاها مَن يُناديها
ما فيه عَيْبٌ سوى أنَّ الوفود له
…
تُنْشِي بتأهيله قُرْبَى أهاليها
أقامه الله للأيام يُظهِرُ ما
…
مَحَتْ يدُ الدهر من آثار عافيها
إذا تأمَّلْتَه حقَّا التأمُّل يا
…
من ليس في قلبه بلْوَى يُناجيها
ومنها:
تظُنُّ أنّ كرامَ الناس قد نشِرُوا
…
والأرضَ جادَت على الدنيا بما فيها
وكم غدَتْ سُحُبُ الإحسان مُمْسِكَةً
…
وجودُ كَفِّكَ يُغْني عن غَواديها
إيهٍ لَعَمْرِيَ قد فُقْتَ الأنامَ بما
…
حَوَيتَ من رُتَبٍ أعْيَتْ مَراقيها
وسُدْتَ بالسُّؤدَدِ المحْض الذي عَمَرت
…
رُبوعَه لك أخْلاق تُعانيها
وسَعْدُك الجدّ في تأثيل مَكْرُمة
…
بين البرية مشكورٌ مَساعيها
دُمْ وابْقَ واسْلمْ لمعروف تُجدّدُه
…
بين الأنام لِمَرْثيها وعافيها
في دولة بدَوام السعد دائرة
…
والله باللّطف والإسْعاد حاميها
واهْنأ بِنَوْرُوزِ عامٍ عائدٍ أبدا
…
إليك منه مَسرَّات تُواليها
في صحة واغْتباط وانْبساط يدٍ
…
فيما له النفسُ تَهْوى من مَراضيها
وما لذاتك في الدنيا وزُخْرُفِها
…
شيءٌ يُساوي عُلاها أو يُدانيها
يا مَن بعليائه الأمثالُ سائرةٌ
…
ما بين حاضرها تبْدو وباديها
في مثل ذا اليوم يُهْدي القادرون إلى
…
أرْبابهم غُرَرا تسْمُو غَواليها
وليس لي غيرُ مقدور الثناء فلي
…
فيه حدائق قد طابتْ مَجانيها
إن أدْعُها لك فيْ حَمْدٍ وفي مِدَحٍ
…
جاءت إليَّ مُطيعاتٍ قَوافيها
ففيه أهْديتُ أبياتا إذا قُبِلَتْ
…
أرْبَتْ على دُرَر تزْهُو مَرائيها
وحكى صاحب "الشَّقائق" أن صاحب الترجمة كان مدرِّسا بإحدى الثَّمان، وأنه وَلِيَ منها قضاء"القُسْطَنْطينيَّة"، ثم عُزِل، وعاد مدرّسا بإحدى
الثَّمانْ، ثم صار مُفْتيا بـ "الديار الروميَّةْ"، وبالغَ في الثناء عليه، وأرَّخْ وفاتْهْ سنة خمس وأربعين وتسعمائة، رحمه الله تعالى.
وكان المولى سعْدي جمَّاعا لنفائس الكتب، مَلَك منها شيئا كيثرا، قَلَّما رأيت كتابا بـ "الديار الرومية" إلا وعليه خطُّه بالمِلْكية.
وله من التصانيف: "حاشية" على "الهداية"، و "شرحها" للشيخ أكْمل الدين، وهي من الكتب المهِمَّة الكثيرة النَّفْع، المتداوَلة بين أهل الفضل، وكفَى بها دلالةً علَى وُسْع اطِّلاعه، واطِّلاعا على دِقَّة فهمه، وقد تركها مُسَوَّدة، وإنما جمَعها ورتَّبها على هذا الأسلوب تلميذه عبد الرحمن أفندي، وكان في الصِّناعة قليلَ البضاعة، فربما رأى في بعض الأماكن حاشية لم يجعل المصنِّف لها علامة، فينْقُلها في غير محلِّها، فيأتي مَن لا علمَ له ويعترض على المؤلِّف، والبلاء من سوء فهم الذي جمَع.
وله "حاشية" على "تفسير القاضي"، لم تكْمُل، وهي مشهورة، متداوَلة في أيدي الناس، وقد أخْبرني بعضُهم بـ "الديار الرومية"، أن المصنِّف أكْمَلَ الحاشية المذكورة قبلَ وفاته. ولم أتحقَّق ذلك، والله تعالى أعلم.
وكان رحمه الله تعالي، كثير الكتابة وسَريعها، حتى إن ما كتبه لو جُمِع لكان ربما يزيد على خمسين مجلَّدا، وأخبرني الصديق الأعزُّ أحمد جلبي ابن قاضي القضاة حسن ابن عبد المحسن، أنه رأى بخطِّه "مُغْني اللَّبيب" لابن هشام، وله على هوامشه بعض أبحاث لطيفة. وله كتابة على بعض نسخ "القاموس"، جمعها الشيخ الفاضل، بدر الدين القَرافيُّ المالكيُّ، مع حواشٍ أُخَرَ لبعض البَلْقينيَّة عليه في كتاب مُستقِلٍّ، رأيتُه بخطِّه. وله من الرسائل والتَّحارير والتّعاليق على هوامش الكتب، وما لا يُعَدُّ ولا يُحْصي، هذا مع اشتغاله تارةً بالأحكام الشرعية، وتارة بالكتابة على الفتاوى الفرعية، وتارة بالعبادة. رحمه الله تعالى.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى: هو صاحب التعليقات على "العناية"، قال صاحب "الكشف" بعد ذكر "العناية": وعليه تعليقة للمولى المحقق سعد الله بن عيسى المفتي، المتوفى سنة خمس وأربعين وتسعمائة، جمعها تلميذه المولى عبد الرحمن من هوامش الأصل والشرح، وميّز الكلام عليه بقوله: وقال، قد سلك في تحرير أكثر المباحث مسلك الإيجاز، فأعجز الناظرين، ولم يساعده عمره على جمعه، ثم وجد تلميذه المذكور حين صار قاضيا بـ "قسطنطينية" كتاب "العناية" انتهى. وفي "رد المحتار على الدر المختار": سعد الله بن عيسى بن أمير خان، الشهير بصعدي جلي، مفتي "الديار الرومية"، له حاشية على "تفسير البيضاوي"، وحاشية على "العناية شرح الهداية"، ورسائل وتحريرات معتبرة، ذكره حافظ "الشام" البدر الغزي في "رحلته"، وبالغ في الثناء عليه، والتميمي في "الطبقات"، انتهى. انظر: الفوائد البهية: ص 78.
* * *
2047 - الشيخ الفاضل المولى سعد الله بن مبارك شاه بن المولوي مبارك شاه بن المولوي حسن شاه بن قاسم شاه
*.
ولد بقرية "مومنفور" من مضافات "جاندفور" سنة 1321 هـ.
تلقّى مبادئ العلوم في الجامعة اليونسية بـ "بي باريه" عند شقيقه الأكبر العلامة صفي الله الجاندفوري، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وبعد فاتحة الفراغ سافر إلى شيخ التفسير العلامة الجليل أحمد علي اللاهوري، وحصل المهارة التامة عنده في علوم القرآن والتفسير.
* راجع: مشايخ كملا 2: 121.
توفي شابا سنة 1372 هـ، وكان عمره إذ ذاك إحدى وثلاثين سنة.
* * *
2048 - الشيخ الفاضل الكبير سعد الله بن نظام الدين المراد آبادي
*.
أحد العلماء المشهورين في النحو واللغة.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد سنة تسع عشرة ومائتين وألف بـ "مراد آباد"، وسافر إلى "رامبور"، فقرأ المختصرات على مَنْ بها من العلماء.
ثم سافر إلى "نجيب آباد"، وقرأ "شرح الكافية" للجامي وغيره على مولانا عبد الرحمن القهستاني.
ثم دخل "دهلي"، وقرأ بعض الكتب على مولانا شير محمد القندهاري، والشيخ محمد حياة اللاري، والمفتي صدر الدين الدهلوي، ورجع من "دهلي" سنة ثلاث وأربعين، فدخل "لكنو"، وقرأ الكتب الدراسية على مولانا أشرف، والمفتي إسماعيل، والمرزا حسن علي المحدّث، والمفتي ظهور الله.
ثم ولي التدريس في المدرسة السلطانية بها، فدرّس بها مدّة.
ثم ولي نظارة التأليف، فأكمل بعض مجلّدات "تاج اللغات"، ثم ولي الإفتاء، فاشتغل تسعا وعشرين سنة، وسافر إلى الحرمين الشريفين سنة سبعين، فحجّ، وزار.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 221، 222.
وأسند الحديث عن شيخ الحرم ومدرّسه الشيخ جمال الحنفي، ثم رجع إلى مدينة "لكنو"، واشتغل بالإفتاء ثلاث سنوات أو نحو ذلك.
ولما عزل واجد على شاه اللكنوي عن السلطة استقدمه نواب يوسف علي خان الرامبوري إلى بلدته، وولّاه الإفتاء والقضاء، فاستقلّ بهما مدّة حياته.
ومن مصنّفاته: "القول المأنوس في صفات القاموس"، و "نور الإيضاح في أغلاط الصراح"، و "نوادر الأصول في شرح الفصول"، و "القول الفصل في تحقيق همزة الوصل"، و "مفيد الطلّاب في خاصيّات الأبواب"، و "غاية البيان في تحقيق السبحان"، و "ميزان الأفكار في شرح معيار الأشعار"، و "محصل العروض" مع شرحه، ورسالة في التشبيه والاستعارة، ورسالتان في تحقيق "ال" التعريف، وشرح على "خطبة القطبي"، وشرح على "ضابطة التهذيب"، وحاشية على "شرح السلّم" لحمد الله، وحاشية على "شرح الجغميني"، و "رسالة في القوس والقزح"، و "رسالة في تحقيق علم الواجب تعالى"، و "رسالة في سبع عرض الشعيرة" من "شرح الجغميني"، و "رسالة في التناسخ"، و "رسالة في الطهر المتخلّل".
توفي لأربع عشرة من رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين وألف.
* * *
2049 - الشيخ الفاضل الفاضل المفتي مولانا سعد الله بن المولوي واعظ الله بن حفاظة الله بن المولوي آصف الدولة الكملائي
*.
* راجع: مشايخ برهمنبارية 364 - 368.
يتصل نسبه بالملا أحمد بن أبي سعيد، المعروف بملا جيون، صاحب "نور الأنوار" في أصول الفقه، جاء آبائه من "دهلي" إلى "بنغلاديش"، وتفضّل مرّتين في داره شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، نوّر الله مرقده.
ولد في قرية "سَرَائيل من مضافات "بَرْهَمَنْبارية" من أعمال "كملا".
قرأ مبادئ العلم عند أبيه وأمّه، ثم سافر إلى "داكا"، والتحق بإمداد العلوم بـ "فريد آباد"، ثم بالجامعة الحسينية عرض آباد، وحفظ القرآن الكريم عند شيخ الحفّاظ فيض الرحمن، رحمه الله تعالى.
ثم التحق بالجامعة الشرعية مالي باغ، وقرأ فيها "كافية ابن الحاجب"، وفاز في الاختبار النهائي بدرجة الامتياز، ثم التحق بالمدرسة الواقعة بـ "رائبورا" من أعمال "كملا".
ثم سافر إلى "باكستان"، والتحق بالجامعة الفاروقية
(1)
بـ "كراتشي"، وقرأ فيها الصحاح الستّة، ثم التحق بقسم التخصّص في الفقه الإسلامي، وأتم
(1)
الجامعة الفاروقية
تقع هذه الجامعة في "كراتشي" رقم 25 في حارة فيصل كالوني رقم 4، أسّسها سماحة الشيخ سليم الله خان في 11 شوّال 1386 من الهجرة النبوية على صاحبها ألف ألف صلاة وتحية.
تأسّست الجامعة الفارقية لتعليم العلوم الدينية، ونشرها في "باكستان" بنطاق أوسع، ومجال أفسح، وتخريج رجال يضطلعون بأعباء الدعوة الاسلامية في هذا العصر المتجدّد المتطوّر، ويصبحون مرابطين في ثغور الإسلام، ويحملون العقائد السليمة المستنبطة، من الكتاب والسنة، ويستطيعون أن يشرحوا مزايا الشريعة الإسلامية، وجمال مدينة الإسلام، وخلود رسالته بلغة يفهمها أهل عصرهم، وأسلوب يجذب القلوب، وتعبير ينير الأذهان، والحمد لله على ذلك بأن الجامعة قد نجحت في مهمّتها، وجهدها المتواصل منذ سنوات.
الدراسة العليا فيها، من شيوخه: العلامة نور حسين القاسمي، والعلامة المحدّث الكبير سليم الله خان الباكستاني، صاحب "كشف الباري في شرح صحيح البخاري".
بعد إتمام الدراسة التحق معينا للمفتين بالجامعة الفاروقية، ومع هذا كان مدرّسا في مدرسة أخرى بـ "باكستان"، وبعد سنتين رجع إلى وطنه بأمر والده الماجد، والتحق بالجامعة الفاروقية واجد العلوم، الواقعة بـ "سَرَائيل"، وارتقت هذه الجامعة بسعيه البليغ إلى الصف الذي يدرس فيه "مشكاة المصابيح"، صنّف كتابا باللغة الأردية في الميراث.
توفي 30 ذي الحجّة يوم الخميس سنة 1420، وكان عمره إذ ذاك 42 سنة، صلّى على جنازته أخوه الصغير المولى إحسان الله، وحضر فيها ألوف من الناس، ثم دفن في مقبرة آبائه.
* * *
2050 - الشيخ الفاضل القاضي سعد الله، البِيْلُوجي، من سكّان "بيلوجستان
" *.
وكان من أجلّة العلماء فيها.
توفي سنة 1404 هـ.
* * *
وتوجد بها جميع أقسام الدراسة من الإعدادي إلى العالي، وقسم تحفيظ القرآن والتجويد، وقسم تعليم البنات، ودار التصنيف، والإفتاء، ودار المطالعة، ومسّت الحاجة، واشتدّت إلى بقعة كبيرة تحتوي مباني جميع الأقسام المذكورة، فوجدوا لها أرضا واسعة، والحمد لله.
* راجع: نقوش رفتكار 195 - 197.
2051 - الشيخ العالم الصالح سعد الله السندي
*.
أحد العلماء الربّانيين.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ ببلاد "السند".
وسافر للعلم، وأخذ عن أساتذة عصره، ثم سافر إلى "أمرواتي" من أعمال "برار"، وسكن بها في الجامع الكبير.
وكان شيخا صالحا، دينا، عفيفا، كريم النفس، شديد التوكّل، هدى الله به خلقا كثيرا من عباده.
توفي نحو سنة اثنتين وتسعين ومائتين وألف، كما في "محبوب ذي المنن".
* * *
2052 - الشيخ الفاضل سعد الله الأويسي، اللاهوري
* *.
أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أخذ عن الشيخ عبد الجليل بن عمر الصدّيقي، البيانوي، ثم اللكنوي.
ولازمه زمانا، ثم سافر إلى بلاد شتي، أخذ عنه عبد الرحمن الدهنتوي، وقرأ عليه الرسائل الثلاثة للشيخ عبد الجليل المذكور، عاش بعد وفاة شيخه ثلاثين أو أربعين سنة، وكان من العلماء.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 222، 223.
* * راجع: نزهة الخواطر 5: 170، 171.
مات بمدينة "برهانبور"، فدفن بها، كما في "بحر زخّار".
* * *
2053 - الشيخ الفاضل المولى سعد الله المشتهر بابن شيخ شاذيلو
*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ رحمه الله على علماء عصره، ثم وصل إلى خدمة العالم الفاضل المولى الوالد روّح الله روحه، وصار معيدا لدرسه.
ثم صار مدرّسا ببعض المدارس، ثم صار مدرّسا بمدرسة الحاج حسن بمدينة "قسطنطينية".
وتوفي وهو مدرّس بها في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة.
كان رحمه الله عالما فاضلا، جيّد القريحة، سليم الطبع، مستقيم الخاطر، وكان صالحا عابدا، وكان على الفطرة الإسلامية، صحيح العقيدة، بعيدا عن البدعة، محبا لأهل الخير والصلاح. روّح الله روحه، ونوّر ضريحه.
* * *
2054 - الشيخ الفاضل سعد الدين بن أحمد الرومىّ، الشهير بسَعْدي حلبي بن تاج الدين الآقْشَهْري
* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: أخذ عن المولى ابن سيدي علي شارح "شِرعة الإسلام"، ومحيى الدين الفَناريِّ، والمولى خير الدين.
* راجع: الشقائق النعمانية 308.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 32.
واشتغل، وحصَّل، وصار مدرِّسا بعِدَّة مدارس، منها إحدى المدارس الثمان، ثم صار مدرسا ومُفتيا ببلدة "أماسية"، ثم صار مدرّسا بـ "مُراديَّة بَرُسَةَ"، وبها تُوُفِّي سنة سبع وسبعين وتسعمائة.
وكان رحمه الله تعالى عالما، عاملا، زاهدا، حسن الأخلاق، له من علم التصوُّف حظٌّ وافر. انتهي، والله تعالى أعلم.
* * *
2055 - الشيخ العالم الكبير سعد الدين بن أمان الله بن خير الدين الكشميري
*.
أحد كبار الفقهاء.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد في سنة ستّ أو سبع وعشرين ومائة وألف.
وقرأ العلم على والده، ثم تصدّر للتدريس.
أخذ عنه جمع كثير من العلماء.
توفي لسبع بقين من ذي الحجّة سنة إحدى وخمسين ومائة وألف، بعد ثمان وثلاثين يوما من شهادة والده، كما في "حدائق الحنفية".
* * *
2056 - الشيخ العالم الكبير العلامة سعد الدين ابن القاضي بدهن بن
* راجع: نزهة الخواطر 6: 102.
الشيخ محمد القدوائي، الأنامي، ثم الخير آبادي *.
أحد العُلماء المبرّرين في النحو والعربية والفقه والأصول والتصوّف.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان والده قاضيا بـ "خير آباد"، وتوفي في صغر سنّه، فتربّى في حجر أمّه، واشتغل بالعلم، وحفظ القرآن.
وقرأ على الشيخ محمد أعظم بن أبي البقاء اللكنوي.
ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد مينا بن قطب الدين اللكنوي، وصحبه عشرين سنة، وأخذ عنه، وتولّى الشياخة بعده ببلدة "لكنو" مدّة من الزمان.
ثم انتقل إلى "خير آباد"
(1)
، وبنى بها زاوية رفيعة.
أخذ عنه الشيخ عبد الصمد بن علم الدين السائنبوري، والشيخ إلهداد الرضوي، وخلق آخرون.
ومن مصنّفاته "شرح البزدوي"، و "شرح الحسامي"، و "شرح كافية ابن الحاجب"، و "شرح المصباح"، و "شرح الرسالة المكّية"، وأثبت فيها كثيرا من ملفوظات شيخه، وكلما ينقل فيها قوله يقول: قال شيخي شيخ مينا أدامه الله فينا، كما في "أخبار الأخيار".
وكانت وفاته في سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة، كما في "الفوائد السعدية".
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 3: 60، 61.
(1)
وهي بلدة قديمة، كانت عامرة في عهد الإسلام، نشأ بها أجلة العلماء، كالشيخ سعد الدين، والمحدّث صفة الله، وفضل إمام، وولده فضل حق، وابنه عبد الحق، وخلق كثير من العلماء.
2057 - الشيخ الفاضل سعد الدين بن المفتي عبد الحكيم اللاهوري، ثم اللكنوي
*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان من العلماء المشهورين، يصحّح الكتب في "المطبعة المصطفوية" بمدينة "لكنو".
وله تعليقات على الكتب المطبوعة بها، وحاشية بسيطة على "ما لا بدّ منه" للقاضي ثناء الله الباني بتي، وعلى "العُجالة النافعة" للشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي.
* * *
2058 - الشيخ الفاضل سعد الدين بن محي الدين بن عبد اللطيف اللطفي، الشهير باليافي
* *.
عالم، فقيه.
ولد سنة 1240 هـ، وتوفي بـ "دمشق" سنة 1312 هـ.
له من الآثار: "تنوير الألباب في الأحكام والآداب"، و "الرياض المسكية بين العباد"، و "نتايج الأحكام للقضاء والحكّام"، و "إغاثة الملهوف باصطناع المعروف"، و "غاية الضبط في معرفة رسم الخطّ".
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 7: 221.
* * راجع: معجم المؤلفين 4: 215.
ترجمته في منتخبات التواريخ لدمشق 2: 726، 727، وتراجم أعيان دمشق 51.
2059 - الشيخ العالم الصالح سعدي بن محمد بن يوسف، القرشي، البرهانبوري
*.
أحد رجال العلم والطريقة.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أخذ عن والده وتصدّر للإرشاد والتلقين بعده سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة، وكان على قدم أبيه.
توفي سنة ستّ وثمانين وتسعمائة، ذكره محمد بن الحسن في "كلزار أبرار".
* * *
2060 - الشيخ الفاضل سعدي بن نَاجي بيك الروميّ
* *.
كان أبوه من أمراء الجُندِ، فرغِبَ ولده هذا عن طريقته، واشْتغل بالعلم، ولَزِم الأفاضل، وتردَّد إليهم، وقرأ عليهم، وحصَّل الفضائل الجمَّة، وقرأ العلوم المهِمَّة، إلى أن شاعتْ فضائله في الآفاق، وبعدُ صِيتهُ عند أهل الخِلاف والوِفاق، وصار مدرّسا بمدرسة السلطان مراد خان بمدينة "بَرُوسة"، وبإحدى المدارس الثَّمان، وغيرهما.
* راجع: نزهة الخواطر 4: 112.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 32، 33.
وترجمته في شذرات الذهب 8: 108، والشقائق النعمانية 1: 490، 491، وكشف الظنون 2: 1765، 2025، والكواكب السائرة 1: 208، وهدية العارفين 1:387.
ثم توجَّه إلى الحجّ الشريف، وعاد إلى بلاده، ورغب عن المناصب، وعيَّن له السلطان في كلّ يوم ثمانين درهما عثمانيا، إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وكان رجلا فاضلا مُفَنِّنا، صَدوقا.
حكى صاحب "الشقائق" عن أبيه، أنه قال في حقّه: لو قلتُ إنه لم يكذِبْ مُدَّة عُمره لم أكْذِبْ. وكان في العلوم العربية ممَّن جمَع، وحصَّل، وله فيها قصائد جيِّدة، ومُنْشَآتٌ بليغة.
وله "حواشٍ" على "شرح المِفتاح"، للسيّد الشريف، و "حاشية" على باب الشهيد من"شرح الوِقاية"، لصَدْر الشريعة، ونَظَم "العقائد النَّسَفيّة" بالعربي نظما جيّدا، وله غير ذلك من الرسائل والفوائد. رحمه الله تعالى.
* * *
2061 - الشيخ الفاضل أبو السعود بن أحمد بن محمد بن حسن بن أحمد الحلبي، الشهير بالكواكبي
*.
فقيه مشارك في بعض العلوم.
تولى الإفتاء بـ "حلب".
توفي سنة 1137 هـ.
من مؤلّفاته: "رسالة آداب البحث"، و "رسالة الوضع"، و "شرح على منظومة آداب البحث".
* * *
* راجع: معجم المؤلفين 4: 217، وسلك الدرر 1: 57، 58.
2062 - المولى المعظّم، والمفتى المفخّم، أبو السعود بن محمد بن مصطفى العماد
*.
وكان أبوه من جملة من خلّصَ نفسنه السرية عن الكدرات البشرية، وجمع بين الشريعة والطريقة، مع التضلّع من العلوم الرسمية بالحقيقة، وقد وقع نبذة من بحار سماء مآثره، وقطرة من مواطر سحائب مفاخره في (الشقائق النعمانية".
ولد رحمه الله تعالى سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، وبقرية قريبة من "قسطنطينية" المحميّة، من خواصّ أوقاف الزاوية، التي بناها السطلان بايزيد خان عليه الرحمة والرضوان للشيخ محي الدين المسفور، والد المولى المزبور، وقد مهد له في مهده الصواب، وسخر له أبيات الخطاب، وتربى في حجر العلم، حتى رباه، وارتضع ثدي الفضل إلى أن ترعرع رحبا، ولا زال يخدم العلوم الشريفة، حتى رحب باعه، واستد ساعده، واشتدّ اتساعه.
وقد استفاد من الأجلّة الكرام والأعزّة الفخام على ما دكره نفسه في صورة الإجازة للشيخ عبد الرحمن المشتهر بشيخ زاده، فلانطيل الكلام بالتكرار والإعادة.
وقد نقل عنه رحمه الله تعالى أنه قال مرّة: قرأتُ على والدي الشيخ محي الدين "حاشية التجريد" للشريف الجرجاني من أول الكتاب إلى آخره، مع جميع الحواشي المنقولة عنه، وقد قرأتُ عليه "شرح المفتاح" للعلامة المسفور مرّتين، و "شرح المواقف" له أيضا بالتمام والكمال، ولما صار ملازما
* راجع: الفوائد البهية ص 81، 82.
وراجع: العقد المنظوم 2: 282 - 291.
وترجمته في ما ينبغي به العناية لمن يطالع الهداية ص 207 - 209.
من المولي سيّدي جلبي قلّد التدريس في "مدرسة كقري" بخمسة وعشرين، فتردّد في القبول، فنقل في أثنائه إلى مدرسة إسحاق باشا ببلدة ابنه كول بثلاثين، ولما انتقل عنها قلّد بعد عدّة أشهر مدرسة داؤد باشا بمدينة "قسطنطينية" بأربعين، ثم نقل عنه إلى مدرسة علي باشا بالمدينة المزبورة بخمسين، ولما بنى الوزير مدرسته، التي بقصبة "ككويزه" نقل إليها، ثم نقل إلى مدرسة السلطان محمد بمدينة "بروسه"، ثم نقل إلى إحدى المدارس الثمان.
لم يزلْ يفتح أقفال المشكلات، ويسهل طريق المغضَلات، ويبت كنوز الرموز، يلقى مكامن بحار اللطائف على سواحل الظهور والبروز، ويجيب عن الأسئلة السداد بأجوبة حسان، إلى أن دعى من جانب ربّه إلى رياض الجنان.
وكان ذلك في أوائل جمادى الأولى من شهور سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة. وقد حضر جنازته العلماء والوزراء، وسائر أرباب الديون، وخلق لا يحصون كثرة، وشهدوا له بالرحمة والرضوان، وصلى عليه المولى سنان محشّى "تفسير البيضاوي" في جامع السلطان محمد خان، وذهبوا به إلى جوار أبي أيوب الأنصاري، وهم يبالغون في ثنائه، ودفنوا في حظيرة، أعدّها لنفسه وأبنائه.
وله رحمه الله حاشية على "العناية" من أول كتاب البيع من "الهداية"، تسعها عدّة من الكراريس والأوراق، وقد منع الزيادة وكثرة القيود وتواتر الفتوى من الآفاق.
وكان رحمه الله طويل القدّ، خفيف العارضين، غير متكلّف في الطعام واللباس، غير أن فيه نوع مداهنة واكتراث بمداراة الناس، وفيه الميل الزائد، والنعومة إلى أرباب الرياسة والحكومة.
وكان رحمه الله ذا مهابة عظيمة، وتؤدة جسيمة، فلمّا يقع في مجالسه للعظام المبادرة بالخطاب والكلام، وكان واسع التقرير، سائغ التحرير، يلتقط الدر من كلمه، ويتناثر الجوهر من حكمه، إذا نثر تراه بحرا زاخرا، وإذا نظم قلد جيد البيان درا فاخرا.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى: سيجئ ذكر والده، وقد طالعت تفسيره، وانتفعت به، وهو تفسير حسن، ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، متضمّن لطائف ونكات، ومشتمل على فوائد وإشارات. وقال صاحب "الكشف"، وانتشرت نسخه في الأقطار، ووقع له التلقّى بالقبول، من الفحول الكبار، لحسن سبكه، ولطف تعبيره، فصار يقال له: خطيب المفسّرين، ومن المعلوم أن تفسير أحد سواه بعد "الكشّاف" والقاضى لم يبلغ إلى ما بلغ من رتب الاعتبار والاشتهار، انتهى. وفي "النور السافر في أخبار القرن العاشر" للشيخ عبد القادر بن عيدروس
(1)
الهندى في سنة
(1)
هو عبد القادر بن شيخ عبد الله العيدروس أبو بكر بن محي الدين اليمني الحضرموتي الهندي، ولد يوم الخميس لعشرين خلت من ربيع الأول سنة 978 هـ بمدينة "أحمد آباد" من بلاد "الهند"، قرأ عدّة متون على جماعات من العلماء، وتفرّغ لتحصيل العلوم الثمينة، وأعمل الهمّة في تحصيل الكتب المفيدة، ووقف على أشياء غريبة، مع ما تلقّاه من المشايخ، وصارت بمصنّفاته الرقاق، وقال بفضله علماء الآفاق، منها:"الفتوحات القدسية في الخرقة العيدروسية"، و "الحدائق الخضرة في سيرة النبي وأصحابه العشرة"، وهو أول تصانيفه، و "المنتخب المصطفى في مولد المصطفى"، و "الدر الثمين في بيان المهم من الدين"، و "إتحاف الحضرة العزيزة بعين السيرة الوجيزة"، و "المنهاج إلى معرفة المعراج"، و "الأنموذج اللطيف في أهل بدر الشريف"، و "أسباب النجاة والنجاح في أذكار المساء والصباح"، و "الحواشي الرشيقة على العروة الوثيقة"، و "منح الباري بختم البخاري"، و "تعريف الأشياء بفضائل الأحياء"، و "عقد اللآل بفضائل الآل"، و "بغية =
982 هـ توفي الشيخِ الإمام والحبر الهمام العلامة أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى بن عماد الأسكليبي، نسبة إلى "أسكليب" قصبة من نواحى "الروم"، المشهور قاضى السلطان سليمان صاحب التفسير، ولد في "أسكليب" تاسع عشر صفر سنة 896 هـ، ووالدته بنت أخى مولانا علاء الدين القوشجي، ووالده كان من أهل العلم والصلاح، كذا قيل، وتربى صاحب الترجمة في حجر والده، وحفظ كتبا، منها "المفتاح" للسكّاكي، فامتاز بفصاحة العرب العرباء، واشتغل بفنون الأدب، ودخل إلى القضاء، وأخذ عن جماعة من علماء عصره، وانتهت إليه رياسة الفتيا والتدريس. قال الشيخ قطب الدين المفتي: اجتمعت به في الرحلة الأولي، وهو قاضي "إستانبول" سنة 943 هـ، فرأيته فصيحا، وفي الفن رجيحا، فتعجّبت من تلك العربية ممن لم يسلك ديار العرب، ولا محالة أنها من منح الرب، ثم ولي سنة 944 هـ، قضاء العسكر، وصار يخاطب السلطان في الأمر والنهي، ثم في سنة 951 هـ، ولي منصب الإفتاء، انتهى ملخصا. انظر: الفوائد البهية ص 82.
* * *
2063 - الشيخ الفاضل المولى أبو السعود، المشتهر بابن بدر الدين زاده
*.
= المستفيد بشرح تحفة المريد"، و "النفحة العنبرية في شرح البيتين العدنية"، و "غاية القرب في شرح نهاية الطلب"، و "إتحاف إخوان الصفا بشرح تحفة الظرفا"، و "صدق الوفاء بحق الإخاء"، و "النور السافر"، وغير ذلك. كذا ذكره هو بنفسه في "النور السافر". انظر: هامش الفوائد البهية ص 82.
* راجع: الشقائق النعمانية 282.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: ولد رحمه الله تعالى بـ "بروسه"، وتزوّج أمه بعد وفاة أبيه المولى سيّدي الحميدي.
وقرأ هو عنده مباني العلوم، ثم قرأ على بعض علماء عصره، ثم وصل إلى خدمة المولى الفاضل ركن الدين، ثم صار قاضيا ببعض البلاد.
ثم توفي بعد خمس وأربعين وتسعمائة.
كان رحمه الله تعالى صاحب ذكاء وفطنة، وقوة طبع وسداد رأي، وقد حلّ كثيرا من المواضع المشكلة، وقد وصل إلى عين التحقيق في المطالب العالية. روّح الله روحه، ونوّر ضريحه.
* * *
2064 - الشيخ الفاضل سعيد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم [ابن مَكِّيّ] بن عليّ الوَزْغَجْنِيّ، الفقيه، النَّسَفيّ
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: تفقَّه على الإمام يوسف بن محمد النَّسَفِيّ.
قال السَّمْعانِيّ في "الأنساب"
(1)
: كان فقيها، فاضلا.
وتُوُفِّيَ، رحمه الله تعالي، في سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
وسيأتي ولدُه علِيّ في مَوْضِعه
(2)
، إن شاء الله تعالى.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 33.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 611.
(1)
لم أجد له ترجمة في الأنساب، ولا في تهذيبه اللباب.
(2)
تابع المؤلف ما في الجواهر، ولم يترجمه القرشي، ولا التميمي.
2065 - الشيخ الفاضل سعيد بن أَوْس بن ثابت، أبو زيد الأنصاري، الفقيه، النَحوي، اللُّغَويّ
*.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 33 - 36.
وترجمته في أخبار النحويين البصريين للسيرافي 52 - 57، وإنباء الرواة 2: 30 - 35، وإيضاح المكنون 2: 221، 262، 277، 284، 286، 305، 316، 318، 322، 332، 333، 339، 341، 344، 348، 351، والبداية والنهاية 10: 269، وبغية الوعاة 1: 582 - 583، وتاريخ بغداد 9: 77، وتاريخ العلماء النحويين 224، 225، والتاريخ الكبير للبخاري 3: 455، وتقريب التهذيب 1: 291، وتهذيب الأسماء واللغات 1: 2: 235، 236، وتهذيب تاريخ دمشق 6: 121، وتهذيب التهذيب 4: 3 - 5، وتهذيب اللغة 1: 12، 13، والجرح والتعديل 2: 1: 4، 5، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم 373، والجواهر المضية برقم 612، وخلاصة تهذيب تهذيب الكمال 115، وروضات الجنات 4: 48 - 50، وسير أعلام النبلاء 9: 494 - 496، وشذرات الذهب 2: 34، 35، وطبقات القراء 1: 305، وطبقات المفسرين للداودي 1: 179، 180، وطبقات النحويين واللغويين 165، 166، والعبر 1: 367، والفهرست لابن النديم 81، والكامل لان الأثير 6: 418، وكشف الظنون 1: 265، 723، 2: 1114، 1203، 1383، 1409، 1447، 1450، 1451، 1454، 1459، 1465، 1466، 1471، 1703، والمختصر لأبي الفدا 2: 30، ومراتب النحويين 73، 76، ومرآة الجنان 2: 58، 59، والمعارف لابن قتيبة 545، ومعجم الأدباء 11: 212 - 217، وميزان الاعتدال 2: 126، 127، والنجوم الزاهرة 2: 210، ونزهة الألباب 125 - 129، والوافي بالوفيات 15: 200 - 202، ووفيات الأعيان 2: 378 - 380.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: هو أحد أصحاب الإمام الأعظم، رضي الله تعالى عنه.
رُوي عنه أنه قال في مَن أَسْقَط أرْبعَ سَجداتٍ، ولم يذكُرْها إلا في آخر صلاته: يُتِمُّ صلاتهَ، فإذا جلس سجدَ أربع سَجَداتٍ، ثم يتشهَّد، يُسَلِّم، ثم يسجُدُ سَجْدَتَي السَّهوِ بعدَ السلام.
ذكره ابن العوَّام، ووثَّقه جَزَرَةُ وغيرُه.
وذكره الذَّهَبي في "الميزان"، عن ابن حِبّان تلْيينَه.
وذكره الخطيب في "تاريخه"، فقال: حدَّث عن عمرو بن عُبَيْد، وشُعبة، وإسرائيل، وأبي عمرو بن العلاء. روى عنه أبو عُبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن سعد الكاتب، وأبو حاتم السِّجِسْتانِيّ، وأبو زيد عمر بن شَبَّةَ، وأبو حاتم الرَّازيُّ، وأبو العَيْناء محمد بن القاسم، وغيرهم.
وكان ثِقةً ثِبْتا، من أهل "البصرة"، وقدم "بغداد".
وروَى الخطيب أنه من ذُرِّيّة ثابت بن زيد الأنْصاريِّ، أحَدِ السِّتَّة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي عثمان المازِنِيِّ، أنه قال: كُنا عند أبي زيد، فجاءه الأصْمَعِيّ، فأكَبَّ على رأسه، وجلس، قال: هذا عالمنا ومُعلِّمنا منذ ثلاثين سنة، فبَيْنا نحن كذلك، إذ جاء خَلَفٌ الأحمَرُ، فأكبَّ على رأسه، وجلس، وقال: هذا عالمنا، ومُعلِّمنا منذ عشرين سنة.
وكان مع دينه ووَرعِه كثيرَ النوادر واللطائف، قال: وقفتُ على قَصَّابٍ، وقد أخرج بَطْنَيْن سَمينين مَوْفورين، فعلَّقهما، فقلتُ: بكم البَطْنان؟ فقال: بمَصْفَعان يا مَضْرَطان. قال: فغطَّيْتُ رأسي، وفَرَرْتُ؛ لئلا يسمع الناسُ، فيضحكون مني.
ورُوي أنه قال: كُنتُ بـ "بغداد"، فأردتُ الانْحدار إلى "البصرة"، فقلت لابن أخي: اكْتَرِ لنا، فجعل يُنادي: يا مَعْشَرَ الملاحون. فقلتُ له: ويلك، ما تقول! فقال: جُعِلْت فِداك، أنا مولَعٌ بالنَّصْب.
وعن رَوْح بن عُبادة، قال: كنا عند شُعْبَة، فضَجِر من الحديث، فرمى بِطَرْفه، فرأى أبا زيد سعيد بن أوس في أخْرَيات الناس، فقال يا أبا زيد:
اسْتَعْجَمَتْ دارُ مَيٍّ ما تُكلِّمنا
…
والدارُ لو كلَّمتْنا ذاتُ أخبارِ
(1)
إليّ يا أبا زيد. فجاءه، فجعلا يتناشَدان الأشعار، فقال بعضُ أصحاب الحديث لشعبة: يا أبا بِسْطام، نَقْطَع إليك ظُهور الإبل لنسْمعَ منك حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتدَعُنا وتُقْبِلُ على الأشعار! قال: فرأيت شعبةَ قد غَضِبَ غَضبا شديدا، ثم قال: يا هؤلاء، أنا لا أعلم بالأصْلَحِ لي، أنا والله الذى لا إله إلا هو في هذا أسْلَمُ منه في ذاك.
ورُوي أن بعضَ أصحاب الحديث سرَق نَعْلَ أبي زيد، فكان إذا جاء أصحاب الشِّعر والغَريب والأخبار، رَمى بثيابه، ولم يتفَقَّدْها، وإذا جاء أهْلُ الحديث جَمعها كلَّها، وجعلها بين يديه، وقال ضُمَّ يا ضَمَّام، واحْذَرْ لا تنام.
ورُويَ أن أبا زيد سُئل عن أبي عَبَيْدة والأصْمَعِيّ، فقال: كذَّابان. وسُئِل عنه، فقالا: ما شئتَ من عفافٍ وتقوى وإسلام.
مات سنة خمس عشرة ومائتين، رحمه الله تعالى.
وذكره في "الدُّر الثمين"، وذكر له عِدَّة مصنّفات، منها: كتاب "مراتب النحويين"، وكتاب "إيمان عثمان"، وكتاب "حِيلَة ومَحَلة"، وكتاب
(1)
البيت منسوب للنابغة، وهو في ديوانه بشرح ابن السكيت 333، فيه "دار نعم".
"القوس"، وكتاب "الهَوش والبَوش"
(1)
، وكتاب "الإبل والشاء"، كتاب "خَلْق الإنسان"، وكتاب "الأبيات"، وكتاب "المطر"، وكتاب "النَّبات والشجر"، وكتاب "اللغات"، وكتاب "قراءة أبي عمرو "، وكتاب "النوادر"، وكتاب "الجَمع والتَّثنية"، وكتاب "بُيوتات العرب"، وكتاب "تخْفيف الهَمْز"، وكتاب "الواحد"، وكتاب "الجُود والبخل"، وكتاب "الوحوش"، وكتاب "الفرق"، وكتاب "السُّؤدد"، وكتاب "فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ"
(2)
، وكتاب "المشافهات"، وكتاب "غريب الأسماء"، وكتاب "الأمثال"، وكتاب "المصادر"، وكتاب "المجالس"، وكتاب "المنطق"، وكتاب "التَّصاريف".
قال ومن شعره:
إذا كنتَ لم تَعْفُ عن صاحب
…
أساء وعاتَبْتَه إن عَثَرْ
تَبيتُ بلا صاحبٍ فاحْتَمِل
…
وكُنْ ذا وفاءٍ وإن هو غَدَرْ
قال المحدّث الكبير العلامة ظفر أحمد العثماني، صاحب "إعلاء السنن": هو النحوي البصري، يروى عن عوف الأعرابي، وأبي عمرو بن العلاء، وسعيد بن أبي عروبة، وسليمان التيمي، وابن عون، وابن جريج، وغيرهم.
وعنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وخلف بن هشام البزار، وأبو حاتم السجستاني، وأبو حاتم الرازي، وأبو مسلم الكجي، وغيرهم.
قال ابن معين: كان صدوقا، وقال صالح جزرة: كان ثقة، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: كان يحمد القول فيه، ويرفع شأنه، ويقول: هو صدوق، وقال المبرد: كان أبو زيد كثير السماع من العرب، ثقة، مقبول الرواية، روى له الترمذي، وأبو داود، وقال الحاكم في "المستدرك": كان ثقة ثبتا، وقال عبد
(1)
كذا ورد، في الفهرست:"الهوش والنوش". وفي إنباه الرواة، ومعجم الأدباء والوافي:"القوس والترس".
(2)
في النسخ: "وافتعلت"، والمثبت من: مصادر الترجمة.
الواحد: كان ثقة مأمونا عندهم، وقال الأزهري في "التهذيب" وثّقه أبو عبيد، وأبو حاتم، وقال ثعلب: يصدق من"التهذيب"(4 - 5). انظر: أبو حنيفة وأصحابه المحدثون ص 190.
* * *
2066 - الشيخ الفاضل سعيد بن جُنْدَب الجِرْمِيّ، نسبةً إلى مدينة "جرم"، من "ما وراء النهر
"
(1)
. *
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمع من أبي [يعقوب]
(2)
يوسف بن أيوب الهَمَذَانِيّ.
ومات بعد الأربعين وخمسمائة. رحمه الله تعالى.
* * *
2067 - الشيخ الفاضل سعيد بن حاتم بن أحمد بن محمد بن عَلُّويه ابن سهل بن عيسى بن طَلْحة السِّجْزِيّ
* *.
(1)
وهى بلد من بلاد بدخشان، قرب ولوالج
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 36.
وترجمته في الأنساب 128، وتبصير المنتبه 1: 326، والجواهر المضية برقم 613، واللباب 1: 223، والمشتبه 158، ومعجم البلدان 2: 64، 65.
(2)
تكملة من اللباب، وهو أبو يعقوب يوسف بن أيوب الهمداني، نزيل مرو، المتوفى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. تذكرة الحفاظ 4:1282.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 26، 27. =
والد الحافظ عُبيد الله أبي نصر الوَائليّ السِّجْزِيّ، والآتي ذكره في محلّه، إن شاء الله تعالى.
كان رحمه الله تعالى من فُقَهاء الكوفيين وفُضَلائهم.
* * *
2068 - الشيخ الفاضل سعيد بن حسن بن أحمد، الشهير بالحلبي (أبو عثمان)
*.
عالم. ولد بـ "حلب" سنة 1188 هـ، وقدم "دمشق" سنة 1227 هـ. له ثبت.
* * *
2069 - الشيخ الفاضل أبو سعيد بن زيد الدين البهكري السندي
* *.
كان من العلماء المبرّزين في الفقه والأصول والعربية.
يضرب به المثل في الذكاء والفطنة، كما في "تحفة الكرام".
* * *
= وترجمته في الجواهر المضية برقم 614، وله ذكر في أثناء ترجمة ولده عبيد الله في الأنساب 578، هو الوائلى نسبة إلى قرية بسجستان.
* راجع: معجم المؤلفين 4: 222.
وترجمته في فهرس الفهارس 2: 331 - 332.
* * راجع: نزهة الخواطر 4: 10.
2070 - الشيخ العالم الصالح سعيد بن أبي سعيد، الحبشي، المدفون بـ "أحمد آباد
" *.
كان من كبار العلماء.
ذكره عبد القادر الحضرمي في "النور السافر"، وقال: إنه كان متعصّبا للإمام أبي حنفية، حتى أنه ربما حمله ذلك على تنقيص الإمام الشافعي.
وكان فقيها مشاركا في كثير من العلوم والفنون، يحفظ القرآن الكريم، ويختم في رمضان خمس ختمات، وكان أمراء الحبشان يعظّمونه غاية التعظيم، وكانوا جعلوا له معلوما، يوازى خمسة عشر ألف ذهب.
ولما حجّ قرأ على الشيخ ابن حجر الهيتمي، وكان له رغبة في تحصيل الكتب.
توفي سنة إحدى وتسعين وتسعمائة بـ "أحمد آباد".
* * *
2071 - الشيخ الفاضل المحدّث الجليل الفقيه النبيل الشيخ أبو الغنائم سعيد بن سليمان الكندي
* *.
* راجع: نزهة الخواطر 4: 112.
* * راجع: مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 112.
وترجمته في تقدمة نصت الراية، والحدائق الحنفية.
صنّف في الحديث "شمس المعارف"، و "أنس المعارف".
توفي سنة 616 هـ.
* * *
2072 - الشيخ العالم الفقيه المحدّث أبو سعيد بن صفي بن عزيز بن عيسى بن سيف الدين ابن محمد معصوم الدهلوي، أحد كبار المشايخ النقشبندية
*.
وُلِدَ لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ستّ وتسعين ومائة وألف بمدينة "رامبور"، وحفظ القرآن في صغره، وأخذ التجويد عن بعض القرّاء في بلدته، ثم قرأ الكتب الدراسيّة على المفتي شرف الدين الرامبوري، وبعضها على الشيخ رفيع الدين بن ولي الله الدهلوي، قرأ عليه "شرح السلّم" للقاضي مبارك، و "كتاب الصحيح" لمسلم بن الحجّاج النيسابوري، ثم أسند الحديث عن خاله سراج أحمد، ثم أكرمه الله بالإجازة العامّة عن الشيخ المسند عبد العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي، وغيره عن أكابر عصره من المحدّثين.
وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ درغاهي الرامبوري، واشتغل عليه بأذكار القوم وأشغالها مدّة، وفتح الله عليه أبواب الوجد والحالة، فجلس على مسند الإرشاد، وبايعه ألوف من الرجال، ثم تحسّس في نفسه شيئا، فترك المشيخة، وسافر إلى "دهلي"، ولازمه الشيخ غلام على العلوي الدهلوي، واقتبس من أنواره، وتدرّج إلى المقامات العالية، فاستخلصه الشيخ لنفسه، واستخلفه على أصحابه من بعده، فنهض بأعبائها، وأوفي حقوق الطريقة، استقام عليها تسع سنين.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 16 - 18.
ثم اشتاق إلى الحجّ والزيارة، فسافر إلى الحرمين الشريفين سنة تسع وأربعين ومائتين وألف، وأقام مقامه أكبر أخلافه الشيخ أحمد سعيد، وكان معه في السفر ابنه الشيخ عبد الغني، فلمّا وصل إلى "مكّة المباركة" استقبله العلماء، واحتفى به الشيخ عبد الله سراج مفتي الأحناف، والشيخ عمر مفتي الشافعية، والمفتي عبد الله مير غني الحنفي، وعمّه الشيخ ياسين الحنفي، والشيخ محمد عابد السندي، وغيرهم. فاستسعد بالحجّ ثم توجّه إلى "المدينة المنوّرة"، وأقام بها أياما، يحضر الصلوات في المسجد النبوي الشريف، ويقضي فيه أوقاتا، ويشتغل بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزع إلى الوطن، فتوجّه إلى أرضه، وكان قد أصيب بالحمّى في البلد الحرام، وانقلعت عنه يسيرا حين نزل ب ـ"المدينة"، فلمّا ودعها عاوده سقامه، ولم يزل يزداد، حتى إذا وصل إلى بلدة "طوك" مكث بها قليلا اشتدّ به الوجع، وكان دخوله بها ثاني رمضان المبارك، فاشتدّ المرض صبيحة عيد الفطر، ثم توفّي بين صلاتي العشيّ، وصلّى عليه المولوي خليل الرحمن قاضي البلدة، وحضر جنازته نواب وزير الدولة أمير تلك البلدة، ومَنْ دونه من الأمراء، ثم نقل تابوته إلى "دهلى"، ودفن عند تربة شيخه، وكان ذلك في سنة خمسين ومائتين وألف، كما في "اليانع الجني"، وغيره.
* * *
2073 - الشيخ الفاضل المحدّث الكبير أبو سعيد بن عزيز بن محمد عيسى بن سيف الدين بن محمد معصوم الدهلوي
*.
* راجع: نزهة الخاطر 7: 16.
وترجمته في مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 203.
أحد كبار المشايخ النقشبندية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ستّ وتسعين ومائة وألف بمدينة "رامبور".
وحفظ القرآن في صغره، وأخذ التجويد عن بعض القرّاء في بلدته.
ثم قرأ الكتب الدراسية على المفتي شرف الدين، وبعضها على اليسيخ رفيع الدين بن ولى الله الدهلوي، قرأ عليه "شرح السلّم" للقاضي مبارك، وكتاب "الصحيح" لمسلم بن الحجّاج النيسابوري.
ثم أسند الحديث عن خاله سراج أحمد، ثم أكرمه الله بالإجازة العامة عن الشيخ المسند عبد العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي، وغيره عن أكابر عصره من المحدّثين.
وأخذ الطريقة النقشبندية
(1)
عن الشيخ الدركاهي الرامبوري، واشتغل عليه بأذكار القوم واشغالها مدّة، وفتح الله عليه أبواب الوجد والحالة، فجلس على مسند الإرشاد، وبايعه ألوف من الرجال.
ثم تحسّس في نفسه شيئا، فترك المشيخة، سافر إلى "دهلي"، ولازم الشيخ غلام على العلوي الدهلوي، واقتبس من أنواره، وتدرّج إلى المقامات العالية، فاستخلفه الشيخ لنفسه، واستخلفه على أصحابه من بعده، فنهض بأعبائها، وأوفى حقوق الطريقة، استقام عليه تسع سنين.
(1)
أما الطريقة الجشتية فهي لإمام الطريقة الشيخ معين الدين حسن السنجري المتوفى سنة 627 هـ، وجِشْت قرية شيوخه، ومدارها على الذكر الجلي بحفظ الأنفاس، وربط القلب بالشيخ على وصف المحبة والتعظيم، والدخول في الأربعينات، مع دوام الصيام والقيام، وتقليل الكلام والطعام والمنام، والمواظبة على الوضوء، وربط القلب بالشيخ، وترك الغفلة رأسا، ولهم أشغال غير ما ذكرناه. انظر: الثقافة الإسلامية في الهند ص 180.
ثم اشتاق إلى الحجّ والزيارة، فسافر إلى الحرمين الشريفين سنة تسع وأربعين ومائتين وألف، وأقام مقامه أكبر أخلافه الشيخ أحمد سعيد، وكان معه في السفر ابنه الشيخ عبد الغني، فلما وصل إلى "مكة المباركة" استقبله العلماء، واحتفى به الشيخ عبد الله سراج مفتي الأحناف، والشيخ عمر مفتي الشافعية، والمفتي عبد الله ميرغني الحنفي، وعمّه الشيخ ياسين الحنفي، والشيخ محمد عابد السندي، وغيرهم، فاستعدّ بالحجّ.
ثم توجّه إلى "المدينة المنوّرة"، وأقام بها أياما، يحضر الصلوات في المسجد النبوي الشريف، ويقضى فيه أوقاتا، ويشتغل بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزع إلى الوطن، فتوجّه إلى أرضه، وكان قد أصيب بالحمّى في البلد الحرام، وانقلعت عنه يسيرا حين نزل بـ "المدينة"، فلما ودعها عاوده سقامه، ولم يزل يزداد، حتى إذا وصل إلى بلدة "طوك"، مكث بها قليلا اشتدّ به الوجع، وكان دخوله بها ثاني رمضان المبارك، فاشتدّ المرض صبيحة عيد الفطر.
ثم توفي بين صلاتي العشي، وصلى عليه المولوي خليل الرحمن قاضي البلدة، وحضر جنازته نواب وزير الدولة أمير تلك البلدة، ومن دونه من الأمراء، ثم نقل تابوته إلى "دهلي"، ودفن عند تربة شيخه، وكان ذلك في سنة خمسين ومائتين وألف، كما في "اليانع الجني".
* * *
2074 - الشيخ الفاضل سعيد بن علي بن سعيد، العلامة رَشيد الدين البُّصراويّ النَّحوِيّ
،
مُدرِّس "الشِّبْلِيَّة" *.
قال الصَّفَدِيّ: كان إماما مُفننا
(1)
، مدرّسا، بصيرا بالمذهب، جيِّد العربية، متين الديانة، شديد الوَرَع، عُرِض عليه القضاء، فامْتنَع، كتب عنه ابن الخَبّاز، والبِرْزاليّ وله شعر.
ومات سنة أربع وثمانين وستمائة.
وقال ابن حَبيب في حقّه: عالم عامل، وافرُ المعرفة كامل، سابق في حَلْبة مَذْهبه، واصلٌ من الفقه إلى غاية مَطْلبِته، جزيل الديانة والوَرَع، عُرِض عليه القضاء غير مرَّة فامْتنع، برَع في علم العربية، وهُرِعَ إلى سلوك الطُّرق الأدبية، وأبْرأ الكلامَ بكَلِمِه، وشرَح الصُّدور بمواعظ نظْمه وحِكَمه، وهو القائل:
أرَى عناصرَ هذا الدهرِ أربعةً
…
ما زال منها فطيبُ العيش قد زالا
أمْنًا وصِحَّة جسمٍ لا يُخالِطُها
…
تغَيُّرٌ والشبابَ الغَضَّ والمالا
وقال أيضا
(2)
:
اسْتجْرِ دَمْعَك ما اسْتطعتَ مَعينا
…
فعَساه يمْحو ما جَنَيْتَ سِنِينا
(3)
أَنَسيْتَ أوْقاتَ البَطالة والهوى
…
أيّام كنتَ لذي الضلال قَرينا
وقال أيضا:
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 37، 38.
وترجمته في بغية الوعاة 1: 585، والعبر 5: 247، وفيه خطأ:"الرشيد بن سعيد"، والوافي بالوفيات 15: 245، 246، وفي هذه المصادر:"البصروي".
(1)
في الوافي: "مفتيا".
(2)
البيتان في الوافي: 15: 246.
(3)
في الوافي: "يمحو ما عييت".
قُل لمن يَحْذَرُ أن تُدْركه
…
نَكَباتُ الدهر لا يُغنِي الحَذرْ
أذْهَبَ الحزنَ اعْتقاديِ أنه
…
كلُّ شيء بمَضاء وقَدَرْ
* * *
2075 - الشيخ الفاضل سعيد بن محمد بن أبي طالب، البَرْدَعيّ من أصحاب الطَّحاويّ
*.
سمع منه الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثيِّ، رورَي عنه.
وروى هو بـ "بغداد" عن الطَّحاويّ.
* * *
2076 - الشيخ الفاضل سعيد بن محمد بن عبد الوهّاب بن على ابن يوسف، جمال الدين ابن فتح الدين أبي الفتح الأنْصاريّ الزَّرَنْديِّ المدَنيِّ
* *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 38.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 615، والفوائد البهية 80، وكتائب أعلام الأخيار برقم 177، وهو من رجال القرن الرابع.
* * راجع: الطبَقات السَّنِيَّة 4: 38.
وترجمته في الضوء اللامع 3: 256.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: اشْتغل، وحصَّل، وحفظ "الهداية"، وقرأ على أبي البقاء بن الضِّياء، وسمع علَى أبي الفتح المرَاغيِّ، وغيره، وبَرَع في استحْضار المذهب، ودرَّس الطلبة، وكان جيّدَ الإلْقاء، ووليَ قضاء "المدينة"، وحِسْبتَها بعد أخيه.
ومات بـ"مكة"، في جمُادَى الأُولى، سنة أربع وسبعين وثمانمائة، عن بِضْعٍ وستين سنة، ودُفِن في "المعْلاة"، رحمه الله تعالى.
* * *
2077 - الشيخ الفاضل المولى سعيد ابن ديوان محمد غلام علي الكُمِلائيِّ
*.
ولد يوم الجمعة سنة 1299 هـ في قرية "إبراهيم بور" من مضافات "جاندبور" من. أعمال "كملا".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بالمدرسة العالية بـ"كملا"، ثم التحق بالمدرسة العالية بـ"داكا"، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، وغيرها من الكتب، ثم التحق مدرّسا بالمدرسة الحمّادية داكا.
وكان عالما محقّقا، فاضلا مدقّقا، له خبرة تامة في شتى الفنون، وكان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
من مصنّفاته: "تاريخ محمدي"، و"الجنة والنار"، و "أترجمة جزء عم " من القرآن الكريم بالنظم، كلّها باللغة البنغالية.
توفي سنة 1371 هـ تقريبا، وعمره إذ ذاك سبعين سنة.
* راجع: مشايخ كملا 2: 38 - 40.
وكان أخوه الأكبر العلامة عبد الحق، مدير المدرسة الحافظية جعفرآباد، "جاندبور".
* * *
2078 - الشيخ الفاضل سعيد بن المطَهَّر بن سعيد الباخَرْزِيِّ، أبو المعالي، الملقَّب سَيف الدين
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: تفَقَّه على شمس الأئمة الكَرْدَري.
وكانتْ ولادته يوم السبت، تاسع شعبان، سنة ستّ وثمانين وخمسمائة بـ"فنْخاباذ"، ظاهر "بُخارى".
ووفاته ليلة السبت، خامس عشرين ذي القَعْدة، سنة تسْع وخمسين وستمائة.
* * *
2079 - الشيخ الصالح الفقيه أبو سعيد بن نور الدين بن عبد القدّوس الصفوي الكنكوهي، أحد المشايخ الجشتية
* *.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 38، 39.
وترجمته في تذكرة الحفاظ 4: 1451، والجواهر المضية برقم 616، وسير أعلام النبلاء، 23: 363 - 370، وشذرات الذهب 5: 298، والعبر 5: 254، والوافي بالوفيات 15:262.
* * راجع: نزهة الخواطر 5: 22.
كان ابن بنت الشيخ جلال الدين العمري الخهانيسرى، وُلِدَ، نشأ بـ "كنكوه".
وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين عبد الشكور العمري التهانيسرى، ثم جلس على مسند الإرشاد بـ "كنكوه"، أخذ عنه الشيخ محبّ الله الإله آبادى، صاحب "التسوية"، والشيخ محمد صادق الكنكوهي، وخلق آخرون.
مات في سنة تسع وأربعين وألف بـ "كنكوه"، فدفن بها، كما في ((حْزينة الأصفياء)).
* * *
2080 - الشيخ الفاضل سعيد بن يوسف القاضي، نَزيلُ "بَلْخ
"*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمع الحديث بـ "بُخارى" من عبد العزيز بن عمر، ومن القاضي أبي بكر محمد بن الحسن ابن منصور النَّسَفىِّ، والإمام أبي المعين مَيْمون بن محمد المكْحُوليّ النَّسَفِيّ، والقاضي بكر بن محمد بن علي بن الفضل الزَّرَنْجَريّ.
وهو من شيوخ صاحب "الهداية"، وله منه إجازةٌ عامة مُطْلَقة.
وذكره في "مَشْيَختِه"، وساق له حديثا بسَنَده، مَتْنُه: "من سَتَرَ علَى مُسْلِمٍ عَوْرَةً، سَتَرَ الله عَلَيه في الدنيا والآخرة، ومَن يسَّرَ علَى مُسْلِمٍ، يَسَّر الله
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 39.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 617.
عليه في الدنيا والآخرة، والله في عَوْن العَبد ماكان العْبدْ في عَوْنْ أخيه، ومَنْ أبْطأ به عَمَلُه، لمْ يُسْرع به نَسَبُهُ، ومَنْ نَفَّرَ عن مُسْلمٍ كُرْبَةً، نَفَّس الله عنه كُرْبَةً من كُرَب يَوْم القيامة، ومَنْ أقالَ مُسْلمًا عَثْرَتَه، أقالَ الله عثرتَهُ يوم القيامة"
(1)
.
* * *
2081 - الشيخ الفاضل سعيد رحمة الله
من رجالات التعليم الإسلامي، يعرف بالشيخ سعدي المكّى*.
(1)
أخرجه البخاري في باب لا يظلم المسلم المسلم، ولا يسلمه، من كتاب المظالم والغصب، صحيح البخاري 3: 168، ومسلم في باب تحريم الظلم، من كتاب البر والصلة، والآداب، وفي باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر من كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، صحيح مسلم 4: 1996، 2074. أبو داود في باب في المعونة للمسلم من كتاب الأدب سنن أبي داود 2: 584، والترمذي في باب ما جاء في الستر على المسلم من أبواب الحدود، وفي باب ما جاء في السترة على المسلم من أبواب البر والصلة، وفي باب من أبواب القراءات، عارضة الأحوذي 6: 199، 200، 7: 166 - 118، 11: 63، 64، وابن ماجه في باب فضل العلماء والحث على العلم من المقدمة، وفي باب الأقالة من كتاب التجارات وفي باب الستر على المومن من كتاب الحدود، سنن ابن ماجه 1: 82، 2: 741، 850، والأمام أحمد في المسند 2: 91، 252، 296، 389، 404، 407، 414، 500، 514، 522،، 4: 45، 62، 104، 5:375.
* راجع: تتمة الإعلام للزركلي 1: 206، والبعث الإسلامي مج 33 ع 9 (جمادى الآخرة 1409 هـ) ص 100.
وهو من أسرة رحمة الله الكيرانوي، صاحب. "إظهار الحق" الكتاب المعروف في الردّ على النصرانية. وقد استقرّ بعض أعضاء أسرته في "مكّة المكرّمة"، وأنشأوا المدرسة الصولتية الإسلامية، التي أنجبت كبار العلماء والدعاة.
وهو من رجال الخير المعروفين، أسهم في نشر العلوم الإنسانية والدعوة بمساعداته السخية، وكانت المدارس الأسلامية في مختلف بقاع العالم الإسلامي وخاصّة بـ"الهند" تحظي بعنايته الخاصة، وكان ذا صلة بندوة العلماء والمدارس التابعة لها، وبحركة الدعوة والتبليغ في "الهند" وقادتها.
توفي سنة 1409 هـ.
* * *
2082 - الشيخ الفاضل الحكيم سعيد الباكستاني
، مؤسّس همدَرْد دَواخَانه (المستشفى) رحمه الله تعالى*.
حفظ القرآن الكريم وعمره تسمع سنين، ثم حصَّل العلوم العصرية، ثم التحق بالجامعة الطبّية بـ" دهلى"، وحصلي منه السند العالي، ثم وصل إلى " باكستان "، واتّصل بقسم التعليم، ثم سعى لترقّى تعليم الطبّ، وأقام إدارة هَمْدَرْد.
مات شهيدا، وكان صائما يوم شهادته، وصلى صلاة الفجر بالحماعة، وخرج من بابه، فقتل ظلما 1418 هـ.
* * *
* راجع: شخصيات وتأثرات 2: 342 - 343.
2083 - الشيخ العالم الفقيه القاضي أبو سعيد الكجراتي
*.
كان ختن القاضي عبد الوهّاب الفتني الكجراتي، ولي القضاء بدار الملك "دهلي" سنة ستّ وثمانين وألف مقام القاضى شيخ الإسلام ابن عبد الوهّاب الفتني، ثم ولي قضاء المعسكر في ذي القعدة سنة أربع وتسعين وألف، فاستقام عليه برهة من الزمان، وعزل عنه في جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وألف.
ومات سنة تسع وتسعين وألف في أيام عالمكير، كما في "مآثر عالمكيري"
(1)
.
* * *
2084 - الشيخ الفاضل المحدّث الجليل الفقيه النبيل المفتي سعيد أحمد بن الحاج إحسان الله الفِيْنَوي
.
ولد يوم الجمعة سنة 1354 هـ في قرية "سُنُوَا" من أعمال "فيني" من أرض "بنغلاديش".
تلقّى مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بمدرسة رحيم فور، وقرأ فيها ثلاث سنين، ثم التحق بمدرسة جمال فور من أعمال "مِيْرسَرَائي"، وقرأ فيها ثلاث سنين، وفاز في كل من الاختبارات بتقدير الامتياز.
* راجع: نزهة الخواطر 5: 22.
(1)
مآثر عالمكيرى فى التاريخ فارسى لمستعد محمد خان ساقى الهندى مطبوع.
انظر: إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون 4: 419.
ثم التحق بجامعة فتيه من أعمال "شيتاغونغ"، وقرأ فيها سنتين، وقرأ "قاضي مبارك" شرح سلم العلوم على الخطيب الأعظم العلامة صديق أحمد رحمه الله تعالى، ثم قرأ "مشكاة المصابيح" على مولانا الشيخ دَانِتش، وقرأ الجزء الثالث من "هداية الفقه" على مولانا المفتي إبراهيم، رحمه الله تعالى.
ثم ارتحل إلى الجامعة الأهلية دار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، والتحق بها، وقرأ فيها الصحاح الستة وغيرها من الكتب الحديثية، قرأ "الصحيح" للإمام البخارى على المحدّث الكبير العلامة عبد القيِّوم، و "الجامع الصحيح" للإمام الترمذي على العلامة المحدّث عبد العزيز، رحمهما الله تعالى، ثم التحق بقسم التفسير فيها، وأكمل الكتب المقرّرة في هذا القسم.
وبعد إتمام الدراسة جع إلى وطنه الأليف، والتحق بإرشاد الشيخ النانوفوري بالمدرسة العزيزية بساغل نيَّا"، وأقام فيها تسمع سنين، وارتقت المدرسة بسعيه البليغ إلى الصفّ الذي يدرّس فيها "مشكاة المصابيح".
ثم التحق بأمر شيخه بالجامعة العبيدية نانوفور سنة 1400 هـ، ودرس فيها عشرين سنة، درّس فيها كتب المنطق، والبلاغة، والفقه، وأصوله، والتفسير، وأصوله، والحديث، وأصوله.
وبعد أن توفي شيخه سنة 1420 هـ اتّصل بالمدرسة السلطانية بـ"سِيْلُونِيا" من مضافات "لال فول"، وهو الآن رئيسها، ويدرّس "الجامع الصحيح" للإمام البخاري.
بايع في الطريقة والسلوك على يد العلامة سلطان أحمد النانوتوي، وبعد مدّة أجازه للإصلاح والتلقين. وهو موجود إلى الآن بقيد الحياة. حفظه الله تعالى، ورعاه.
من تصانيفه "مسئلة ذكر الجلي والخفى"، و"مسئلةِ حلق الرأس"، و"مسئلة عدد ركعات التراويح"، و"مسئلة مقدار اللحية"، و"مسئلة آمين بالجهر أو بالسر"، و"حياة الشماه سلطان أحمد النانوفوري"، و"مسئلة كفر القاديانية"، وغيرها. كلّها باللغة البنغالية.
* * *
2085 - الشيخ الفاضل سعيد أحمد بن خادم علي التاجر الجاتجامي
*.
ولد سنة 1332 هـ في قرية "غَهِيرَا" من أعمال "شيتاغونغ".
وأكمل الدراسة العليا في الجامعة الإسلامية جيري، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، والتحق بها، وقرأ فيها الفنون العالية، كتب الحديث مرّة ثانية.
بعد إتمام الدراسة اتصل مدرّسا بمظاهر العلوم جَكْتَائي من "شيتاغونغ"، ثم التحق بقاسم العلوم ساريه، درّس فيها أربع سنين، فأفاد، وأجاد، واستفاد منه كثير من العلماء والفضلاء.
* * *
2086 - الشيخ الفاضل العالم الصالح مولانا سعيد أحمد بن الملا علي أحمد بن الملا عبد العزيز النواخالوي
.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 255.
ولد 1361 هـ في قرية "إسلام بور" من مضافات "كبيرهات" من أعمال "نواخالي" من أرض "بنغلاديش".
قرأ القرآن الكريم على المنشئ عزيز أحمد رحمه الله تعالى، ثم قرأ العلوم العصرية عدّة سنين، ثم التحق بمدرسة جَبْرَشِيرهَات، وقرأ فيها ثلاث سنين، ثم التحق لهالمدرسة الإسلامية بـ"نواخالي"، والتحق بها، وقرأ فيها سبع سنين، وقرأ "مشكاة المصابيح " وغيرها فيها. ومن أساتذته فيها المولى غياث الدين، والمولى نور الله، والمولى عبد السبحان، والمولى فضل الكريم رحمهم الله تعالى. ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند سنة 364 اص، والتحق بها، وقرأ خمس سنين، وقرأ فيهاكتب الفنون العالية والصحاح الستة وغيرها من الكتب الحديثية، ومن أساتذته فيها شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، والعلامة إعزاز على الأمروهوى، والعلامة إبراهيم البلياوي، والعلامة عبد الخالق الملتاني، والعلامة فخر الحسن، رحمهم الله تعالى.
وبعد إتمام الدراسة جع إلى وطنه، والتحق بالمدرسة الإمامية صَيَاني بـ "لكّيبور"، ودرّس فيها ثمانية أشهر، ثم التحق بالمدرسة العالية فيني، ودرّس فيها شهرا، ثم اتصل سنة 1371 هـ. بالمدرسة الحسينية علماء بازار فيني، ودرّس فيها، وأفاد، أجاد، وفاز في عهدة النيابة عن رئيس الجامعة 39 سنة، وبعد وفاة رئيسها الشيخ العلامة عبد الحليم رحمه الله عيّن رئيسا لها سنة 11411 هـ، ودرّس في هذه المدة الطويلة كتبا مختلفة، منها:"تفسير الجلالين" المحلى والسيوطى، و"سنن الإمام النسائي"، و"شرح العقائد" للنسفي.
بايع في الطريقة على يد العالم الربّاني نور بخش الفينوي، وبعد وفاته على يد الشيخ السيد حسين أحمد المدفي، وبعد وفاته على يد أمير الشريعة محمد الله الحافظجي، وبعد مدة أحازه، ثم بعد وفاته بايع على يد العالم الربّاني أبرار الحق الهردوئي، وأجازه شيخه للإرشاد.
وحجّ واعتمر اثنتي عشرة مرّة، وسافر بلادا شتى، منها:"المكّة المكرّمة" و "المدينة المنوّرة" و"باكستان"، و"أبو ظبي"، وسافر "لندن" عشر مرّات، وعدد من أجازه بالإصلاح والإرشاد خمس وخمسون من العلماء الكبار، وتوفي سنة 2016 هـ.
* * *
2087 - الشيخ الفاضل العلامة الحدّث المفيتى سعيد أحمد بن مولانا فتح محمد اللكنوي
*.
كان أبوه عالما جليل القدر، وكان له خبرة تامة في العلوم والفنون، كان صاحب الفضل والكمال، وكان من المدّاحين في شأن الإمام الكشميري، وله "خلاصة التفاسير"في أربع مجلّدات كبار في الأردو.
كان صاحب الترجة محدّثا وفقيها، جامع المعقول والمنقول، درّس سنين عديدة في "كانبور"
(1)
، ثم التحق بمدرسة مفتاح العلوم جلال آباد، من أعمال "مظفّر نغر"، وكان شيخ الحديث فيها، تمهّر في الحديث والفقه.
صنّف رسالة في مناسك الحج، و "القول الجازم في بيان المحارم"، و"جامع التصرفات"، وغيرها، و"مجموعة الفتاوى" في الفقه، طبعت تصانيفه من مكتبة نضر القرآن ديوبند.
* * *
* راجع: مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 269.
(1)
"كانبور"كانت معسكر الإنكليز، فتدرجت في العمارة، حتى صارت بلدة كبيرة، على شاطئ نهر "كنك" وهي اليوم بكز لتجارة متّسعة في الأديم، والثياب، وغيرهما.
2088 - العلامة الجليل المحدّث الكبير الفقيه البارع سعيد أحمد بن المولى الشيخ نور بخش السنذيفي
، رحمه الله تعالى *.
أحد الرجال المشهورين في العلم والمعرفة، والمبرّرّين في الفقه والحديث.
ولد 1300 هـ. في "سنديف" من مضافات "سيتاغونغ"، ونشأ بها.
واشتغل بالعلم من صغره، وتلقّى مبادئ العلم عند أبيه العطوف، ثم سافر إلى "الهند" والتحق بدار العلوم ديوبند سنة 1311 هـ، وقرأ فيها من البداية إلى النهاية، وقرأ فاتحة الفراغ على شيخه شيخ الهند سنة 1323 هـ، ثم اختار صحبة المحدّث الكبير الفقيه البارع رشيد أحمد الكنكرهي، رحمه الله تعالى، ولازمه مدة.
ثم بايع في الطريقة والسلوك على يد شيخ "الهند"، فهذّب أخلاقه، وصار متواضعا، متخشّعا، صاحب أدب ووقار وهيبة وسكون، مراعيا للشريعة، حافظا لأدب الطريقة، مقبولا عند الخواص والعوام، فصار ذاته الكريم من نوادر الأيام. فأجازه للإرشاد والتلقين.
ثم رجع إلى وطنه، ولقي مع العلامة ضمير الدين رحمه الله تعالى، وعيّن محدّثا في دار العلم معين الإسلام هاتهزارى، وهو شيخ الحديث الأول لهذه الجامعة.
فدرّس، وأفاد مدّة حياته، وكان في هذه المنزلة الرفيعة من سنة 1326 هـ إلى سنة 1363 هـ.
ثم بنى مدرسة قاسم العلوم بـ"سارية"من مضافات هاتهزارى، وكان شيخ الحديث فيها إلى أن توفي إلى رحمة الله عز وجل، وانتهت إليه الرياسة العلمية في عصره ومصره.
* راجع: مائة رجال من مشاهير العلماء ص 76، 77.
وكان حسن المنظر والمخبر، له صحبة مؤثرة، انتفع به خلق كثير من العلماء والمشايخ، وكان كثير العبادة والتألّه والاستغناء عن الناس مع البشاشة وطيب النفس، كان يتحمّل الأذى عن الناس، وبالجملة كان رحمه الله تعالى زين المجالس والمحافل.
وكان من أراكين المجلس الاستشاري لدار العلوم ديوبند مدة حياته، يسافر كلّ سنة قبل رمضان المبارك لهذا الأمر الهام، وهذه ميزة عظمى له ولأهل داره.
ومن تلامذته: المفتي الأعظم فيض الله الجاتجامي، والعلامة عبد الوّهاب، والعلامة نور الله، والعلامة قربان على الكملائي، وغيرهم، رحمهم الله تعالى.
توفي سنة 1375 هـ، ودفن في مقبرة عند قاسم العلوم بـ"سارية".
* * *
2089 - الشيخ العلامة المحقق الفاضل المدقق الفقيه الضليع المحدّث الكبير سعيد أحمد بن يوسف بن
علي البالنبوري
، حفظه الله تعالى ورعاه *.
ولد في نحو سنة 1360 هـ في قرية "كاليره" من مديرية "بناس كانتها" من ولاية "كجرات" الشمالية، و"بالنبور" مدينة رئيسية في هذه المديرية.
* راجع: الكلام المفيد في تحرير الأسانيد 527 - 529، ومقدمة حجة الله البالغة 1: 24 - 26، من قلم الشيخ نور عالم خليل الأميني.
قرأ مبادئ العلم على والده العطوف، ثم التحق بمدرسة وطنه، وقرأ الكتب الابتدائية على الشيخ داود الجودهري، والشيخ إبراهيم جونكيه، والشيخ حبيب الله. الجودهري.
ثم التحق بدار العلوم جهابي، وقرأ على خاله الشيخ عبد الرحمن شيرا "حكايات لطيف"، وغره من الكتب ستة أشهر، ثم ذهب به خاله المذكور إلى وطنه "سيندهني "، وقرأ عليه ستة أشهر إلى آخر السنة.
ثم التحق بمدرسة الشيخ محمد نذير قدّس سرّه في مديرية "بالنبور"، فقرأ الكتب العربية المتوسطّة أربع سنوات على الشيخ المفتي محمد أكبر قدّس سرّه، شقيق الشيخ محمد نذير.
ثم رحل إلى "اسهارنبور"، والتحق كظاهر العلوم سنة 1377 هـ، وقرأ هناك ثلاث سنوات على مشايخها، منهم: الشيخ العلامة صدّيق أحمد الجموي، قرأ أكثر الكتب عليه، والشيخ وقار علي البجنوري، والشيخ المفتي محمد يحيى السهارنبوري، والشيخ المفتي عبد العزيز الرايبوري، والشيخ محمد يامين السهارنبوري، رحمهم الله تعالى.
ثم رحل إلى "ديوبند"سنة 1380 هـ، والتحق بدار العلوم الديوبندية.
وقرأ في السنة الأولى: تفسير "الجلالين"، والجزئين الأولين من "الهداية"، وعشرين بابا "بست باب" كتاب مستقل في الهيئة و"التصريح"، و"شرح الجغميني"، وغير ذلك من الكتب.
وقرأ في السنة الثانية: "مشكاة المصابيح"، والجزئين الأخيرين من "الهداية"، وسورة البقرة من "تفسير البيضاوي"، وغير ذلك من الكتب.
وقرأ كتب الحديث سنة 1382 هـ على مشايخها، منهم: الشيخ السيّد أختر حسين الديوبندي، والشيخ بشير أحمد خان، وأخوه الشيخ نصير أحمد
خان، والشيخ السيّد حسن الديوبندي، والشيخ عبد الجليل الكيرانوي، والشيخ إسلام الحق الأعظمي، وحكيم الإسلام القارئ محمد طيّب، حفيد حجّة الإسلام النانوتوي، والشيخ فخر الحسن المراد أبادي، والشيخ محمد ظهور الديوبندي، والشيخ الأستاذ محمود عبد الوهّاب محمود المصري، وفخر المحدّثين الشيخ السيّد فخر الدين أحمد المراد آبادى، وإمام المعقول والمنقول أستاذ الكل الشيخ محمد إبراهيم البلياوي، والعلامة المفتي الشيخ السيّد مهدي حسن الشاهجهانبوري، هؤلاء الثلاثة من تلاميذ شيخ المشايخ شيخ، الهند محمود الحسن الديوبندي.
وعمل في تمرين الفتاوى سنتنِن تحت إشراف العلامة الفقيه والبحّاثة النبيه السيّد مهدي حسن الشماهجهان بوري، وإذ ذاك حفظ القرآن الكريم أيضا.
ثم عيّن مدرّسا في دار العلوم الأشرفية بـ"راندير" من مديرية "سورت" من أعمال "كجرات"
(1)
سنة 1384 هـ، ودرس هناك بعض كتب الصحاح الستة، كتب الفنون تسع سنوات.
ثم عين مدرّسا في دار العلوم الديوبندية سنة 393 اهـ، فيدرّس إلى الآن، حفظه الله تعالى، وررعاه، ونفع به الأمة شرقا وغربا.
(1)
"كجرات": بضم الكاف الفارسي، وإسكان الجيم، وإهمال الراء المهملة، بعدها ألف، فمثناة من فوق، طولها اثنان وثلاثمائة ميل، وعرضها ستون ومائتا ميل، وفيها ثلاث عشرة فرضة، أشهرها:"كنباية"، و"سومنات"، و"جوناكره"، و"سورت". وفي العصر الحاضر "بمبئي "، وفيهاكور صغيرة، يسمّونها بأسماء أخرى، نحو "كوكن " أي: البلاد التي على ساحل البحر فيما بين. "بمبئى" و"نيكاؤن"، ونحو "كاتهياوار" التي ينسب إليها الأفراس الحصان الجياد.
صنّف كتبا كثيرة ممتعة، فأفاد، وأجاد، منها:"رحمة الله الواسعة شرح حجة الله البالغة"، و "تفسير هداية القرآن" من الجزء العاشر، و "العون الكبير لحل الفوز الكبير" في العربية، و "كيا مقتدى بر فاتحه واجب هى"، و "تسهيل توثيق الكلام" للشيخ النانوتوي، و "تسهيل الأدلة الكاملة" لشيخ الهند، و "فيض المنعم شرح مقدمة صحيح مسلم"، و "تحفة الدرر شرح نخبة الفكر"، و "مفتاح التهذيب شرح التهذيب" في المنطق، و "حياة الإمام أبىِ داود"، و "حياة الإمام الطحاوي"، و "المحفوظات مجموعة الأحاديث المنتخبة" في ثلاثة أجزاء، و "إسلام تغير بذير دنيا مين"، و "مجموعة المقالات"، و "الفوز الكبير" تعريب جديد، و "زبدة الطحاوي شرح الطحاوي" في العربية، و "الحاشية على إمداد الفتاوى" الجزء الأول، و "تسهيل إيضاح الأدلة" لشيخ الهند (طبع)، و "مبادئ الفلسفة" بالعربية للمصطلحات الفلسفية، و "معين الفلسفة" شرح بالأردية لـ"مبادئ الفلسفة"، و "المنطق السهل" بالأردية لكتاب "تيسير المنطق" بالأردية، و "النحو السهل" في جرئين كتاب دراسي بالأردية للطلاب المبتدئين، و "الصرف السهل" في جزئين كتاب دراسي بالأردية، مدرج في المقرّرات الدراسية في شتى مدارس الهند، و "كيف ينبغى أن يفتي" شرح بالأردية لكتاب "شرح عقود رسم المفتى" للعلامة محمد أمين بن عابدين الشامي، و "مشاهير المحدّثين والفقهاء ورواة كتب الحديث" ترجمة موجزة بالأردية لكبار أعلام الأمة مما يحتاج إليه الطلاب والمدرسون، و "الإسلام في العالم المتغير" مجموع مقالات بالأردية، قدّمت إلى بعض المؤتمرات الإسلامية، و "اللحية وسنن الأنبياء" رسالة بالأردية، و "إيضاح الأدلة"، كتاب كبير لشميخ الهند رحمه الله، أجاب به رد "الأدلة الكاملة" المسمّي بـ"مصباح الأدلة"، خدمه الشارح، فوضع العناوين والمقطعات، وخرّج نصوصه، وعلّق في مواضع الجاجة، و "إفادات الإمام
النانوتوي" مجموع مقالات بالأردية حول أفكار الإمام محمد قاسم النانوتوي، مؤمسّس جامعة ديوبند، ونشرتها في حينها مجلّة الفرقان الأردية لصاحبها الشيخ محمد منظور النعماني رحمه الله، و "الإفادات الرشيدية" مجموع مقالات بالأردية، يتضمّن دراسة لعلوم الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي رحمه الله، ونشرتها في حينها مجلة دار العلوم الأردية، و "زبدة الطحاوى" (كتاب الطهارة)، اختصار بالعربية لكتاب "معاني الآثار" للإمام الطحاوي رحمه الله، و "شرح علل الترمذي" بالعربية، صحّح النصّ، وعنونه، وشرحه شرحا يحلّ معضلاته، و "القواعد الفارسية السهلة" جزءان مدرج في المقرّرات الدراسة.
قلت: هو شيخى وأستادي، حضرتُ في حلقة درسه بدار العلوم ديوبند، واستفدت من تقاريره في درس "تفسير البيضاوي "، و"الجامع" للإمام أبي عيسى الترمذي، وحصلت لي إجازة رواية الحديث منه.
وهو مشتهر بالعلم والفضل بين الطلبة، ومشار إليه بين أقرانه، لذيذ الصحبة، حسن المحاورة، لطيف النادرة، صاحب وقار وهيبة وسكون، مقبول عند الخواص والعوام، ذاته الكريم من نوادر الأيام، مشتغل بالعلم غاية الاشتغال، وحصل من الفضل جانبا عظيما، والناس يقدّمونه على أقرانه في الفضل، وهو سريع الإدراك، قويّ الحفظ، شديد الانهماك في مطالعة الكتب، والمذكرة، حريص على جمع الكتب النفيسة، كثير الإحضار للمسائل الجزئية، بصير بأصول الفقه والحديث والرجال، درسه مشهور مشهود، ومقبول بين الطلبة والعلماء، وطار صيته في "الهند" وخارجها.
وسافر كثيرا من البلاد، وسافر إلى الحرمين الشريفين مرارا، فحجّ بيت الله الحرام، وزار المدينة المنوّرة، زادبها الله تعالى عزا وشرفا.
* * *
2090 - الشيخ الفاضل القارئ المقرى سعيد أحمد الأجراروي
، رحمه الله تعالى*.
ولد رحمه الله لى عشر ذي الحجّة 1322 هـ في "أجرارة ميرته".
حفط بعض أجزاء القرآن لدى جدّه الشيخ نصيب أحمد خان، وأكمله الشيخ محمد حسين الأجراروي في مدرسة غلزار حُسَينية.
ثم التحق يحامعة مظاهر علوم بـ"سهارنبور" بأمر أستاذه الشيخ محمد حسين المؤمى إليه آنفا، فلم يزل يتعلّم فيها، حتى أكمل الدراسة لدى العلماء الأتقياء، وتخرّج على الشيخ خليل أحمد السهارنبوري في عام 1341 هـ رحمة الله عليهما، ونجح في الاختبار النهائى بتقدير الامتياز، وفي العام المقبل قرأ بعض الكتب من العلوم النقلية والعقلية.
ودرس في الجامعة الكتب المتنوّعة من العلوم المختلفة، فمن التفسير:"تفسير البيضاوي"، و"تفسير الجلالين"، ومن الحديث "سنن الترمذي"، و"مشكاة المصابيح"، ومن الفقة:"الهداية"، و"شرح الوقاية"، و"كنز الدقائق"، ومن أصول الأفتاء:"شرح عقود رسم المفتي" ومن أصول الفقه: "المختصر"، ومن المعاني: شرح "التلخيص""المختصر المعاني" للتفتازاني، ولم يزل يدرّس، ويفيد إلى آخر حياته، وسعد بالحجّ والزيارة 1351 هـ.
له مؤلّفات جليلة، يقرب عددُها ثلاثين كتابا، منها: ما يتعلق بالتجويد والقراءة، ومنها: ما يتعلق بشرح الحديث، ومنها: ما يتعلق بالفقه وأصوله، ومنها ما يتعلّق بالمناسك، وغيره.
فأما التجويد فـ"فيض العزيز"، كتاب بديع على منهج الأسئلة والأجوبة، وهو من الكتب الدرسية في جامعة مظاهر علوم، وغيرها من
* راجع: علماء ديوبند وخدماتهم في علم الحديث ص 221، 222.
المدارس، و"القلائد الجوهرية شرح مقدمة الجزرية"، و"شرح الشاطبية"، ولم يطبع الآخر منها. ومسودته محفوظة عند ورثائه.
وأما في شروح الحديث فله شرح على "سنن الإمام الترمذى" و"تعليقات على مشكاة المصابيح"، ولم يطبعا بعد.
وأما في الفقه فله حاشية على "نور الإيضاح ".
وأما في أصول الإفتاء فله شرح لـ"عقود رسم المفتي" لابن عابدين الشامى.
وأما في المناسك فله كتاب بديع، كثير النفع، جليل القدر والإفادة باسم "معلم الحجاج"، وهو أشهر مؤلّفاته، وقد لخّصه، وسّماه بـ "الحج المبرور"، وله كتب غير ما ذكرنا.
ارتحل إلى دار الآخرة الباقية في اثنين من صفر 3771 هـ، يوم الخميس وقت الفجر.
* * *
2091 - الشيخ الفاضل سعيد أحمد الأكبرآبادي
(1)
من كبار علماء الإسلام في "الهند"*.
(1)
نسبة إلى أكبرأباد: يحدّها من الشرق صوبة "إله آباد"، ومن الشمال نهر " كنك"، ومن الجنوب صوبة "مالوه" ومن الغرب صوبة "دهلي"، طولها مائة وخمسة وسبعون ميلا، وعرضها مائة ميل، .... ولها ثلاثة عشر "سركارا"، وثمان وستون ومائتا عمالة، أما "سركاراتها" فهي "أكبر آباد"، باري ألور، بجارا أيرج، كالبي، سالوتر، قنُّوج، كول، بروده، منداور، مند لا بور، كواليار.
* راجع. تتمة الأعلام للزكلي 1: 204، 205، والبعث الإسلامي مج 30 ع 4 (ذو الحجة 1405 هـ) ص 100.
من متخرّجي دار العلوم بـ "ديوبند"، ثم درس اللغة الإنكليزية، ونال شهادة ماجستير من جامعة مدنية. فجمع بذلك بين القسمين من المعرفة، القسم الديني الإسلامى، والقسم العصري. وكان خلال دراسته في دار العلوم بـ"ديوبند" متصلا بالعالم الجليل الشهير أنور شاه الكشميرى رئيس قسم الحديث فيها، فكسب بذلك تعمّقا وغزارة في العلوم الدينية، ثم اشتغل بالتدريس والتأليف، خدم بهما الثقافة والعلم الإسلاميين خدمة طويلة، تنقّل أثناء ذلك من تدريس بكلية مدنية في "دهلي". الى رياسة هيئة التدريس في المدرسة العالية في "كلكتة"، إلى رياسة قسم تدرس العلوم الإسلامية في جامعة علي كرة الإسلامية، ولما أحيل منها على المعاش عيّن رئيسا لأكادمية شيخ الهند في "ديوبند"، التي أنشئت بجهوده هو.
توفي وهو في مستشفى من مستشفيات "كراتشى" بسبب مرض لحقه قبل أشهر من وفاته، لم يشف منه.
ألّف عددا من الكتب القيّمة في موضوعات مهمّة، وكان من مؤسّسي أكاديمية ندوة المصنّفين في "دهلي"، مع زميله المفتي عتيق الرحمن رحمه الله، ولهذه الأكادمية الإسلامية سهم كبير في تزويد المكتبة الإسلامية بمؤلّفات قيّمة في موضوعات إسلامية علمية عديدة، كماكان يرأس تحرير مجلّة "برهان" الشهرية، وهي لسان حال هذه الأكاديمية، دامت هذه المجلّة منبرا علميا للبحوث العلمية الإسلامية، وهو من الأساتذة الذين كثر تلاميذهم، وحاز عدد منهم على الشهرة، (وانظر المستدرك).
توفي سنة 1405 هـ.
* * *
2092 - الشيخ الفاضل المولى سعيد أحمد السنديفي
، رحمه الله تعالى*.
ولد في قرية "ساتْغَرِيا" من مضافات "سنديف" من أعمال "شيتاغونغ" من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى "الهند"، والتحق بمظاهر العلوم
(1)
سهارنبور، وقرأ فيها سنة، ثم التحق بدار العلوبم ديوبند، وقرأ فيها ستّ سنين، وقرأ فيها كتب الفنون العالية والحديث والتفسير.
من شيوخه: شيخ الإسلام السيد حسين أحمد المدني وغيره، رحمهم الله تعالى.
وبعد إتمام الدراسة وصل إلى وطنه، ودرّس في عدّة مدارس كتب الحديث والتفسير، ثم التحق بالمدرسة العالية بـ" سَرْسِيْنَه من أعمال "بريسال " من أرض "بنغلاديش"، ثم عمى، وسافر إلى "كلكته "، واشتغل بالتصنيف والتألف بإعانة الغير، وبعد تقسيم "الهند" درّس في مدرسة ضياء العلوم بـ"سنديف".
كان عالما محقّقا، فاضلا مدقّقا، له خبرة تامة في اللغة العربية.
* * *
*راجع: تاريخ علم الحديث ص 259.
(1)
تأسسّت المدرسة في رجب 1383 هـ، وكانت تسمّى مدرسة عربية سهارنفور، ولما تمّت عمارتها الأولى في 1392 هـ، حميت بمظاهر العلوم، وهذا اسمها التاريخى يشير إلى أن البناء تم في 1392 هـ، وإلى أن من أشرف على هذا البناء، وغير ذلك من أمور المدرسة مولانا محمد مظهر النانوتوي، قدّس سرّه. انظر: العناقيد الغالية ص 76.
2093 - الشيخ الفاضل سعيد أحمد الكنكوهي
أحد أساتذة الجامعة الإسلامية المسنين بـ"الهند"*.
ولد سنة 1309 هـ.
ينحدر من سلالة العلامة الفقيه رشيد أحمد الكنكوهي، المتوفى 1323 هـ، الذي كان أحد أعضاء الطائفة المؤمنة الواعية التي أسّست هذه الجامعة العملاقة لصيانة الكيان الإسلامي في القارّة الهندية.
وكان من أقدم الأساتذة فيها، ومن ثم فإن معظم الأساتذة المعاصرين كانوا من تلاميذه، وكان صوّاما قوّاما،، وقّافا عند حدود الله، عامرا أوقاته كلّها بالذكر والعبادة، فكان يجلّه جميع الأساتذة والطلاب وجميع منسوبي الجامعة، وكان على شكلة أمثاله من عباد الله الصالحين، محبوبا في الناس، ومغبوطا عندهم.
وقد لفظ أنفاسه الأخيرة وهو في الصلاة يوم 28 ربيع الأول سنة 1406 هـ فيما بين العصر والمغرب.
وصلى عليه جيع الأساتذة والطلاب والموظّفين وأهالي مدينة " ديوبند"، ودفن فِى المقبرة القاسمية.
* * *
2094 - الشيخ الفاضل مولانا سعيد أحمد خان
، رحمه الله تعالى* *.
* راجع: تتمة الأعلام للزركلي 1: 205، والداعي س 9 ع 7 (11، 4، 1406 هـ).
* * راجع: شخصيات وتأثرات 2: 347 - 349.
قرأ العلوم العصرية إلى الصفّ العاشر، ثم انقلبت حياتهِ بعد مطالعة تحريرات حكيم الأمة أشرف علي التهانوي، فالتحق بمظاهر العلوم، وأتم فيها الدراسة العليا 1360 هـ، واشتغل سنة فيها بأبور شتى، ثم التحق بالعلامة محمد إلياس، الباني للدعوة والتبليغ، ثم انهمك فيها بالكلية، وسافر بلادا كثيرة، لا سيما "الحجاز" مرارا، ثم أقام بالمدينة في آخر حياته.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرا السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
توفي يوم الأحد 25 رجب 1419 هـ، ودفن في جنة البقيع، نوّر الله مرقده، وجعل الجنة مثواه.
* * *
2095 - الشيخ القارئ المقرئ سعيد الرحمن بن أمجد علي الكُمِلائيِّ
*.
ولد سنة 1334 هـ في قرية "بَرَات" من مضافات "دَبِيْدَر" من أعمال " كملا ".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم اختار صحبة الشيخ مولانا عتيق الرحمن، وكان عنده مدة مديدة، ثم التحق بمدرسة غَنِيْغَيرْ، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، ثم ارتحل إلى "جاندبور"، وتمهَّر في علم التجويد وعلم القراءات.
وصنّف "التعليقات على شرح الجزري" في علم القراءات.
* راجع: مشايخ كملا 2: 179، 180.
توفي يوم الجمعةِ 1416 هـ، ودفن بعد أن صلي على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2096 - الشيخ الفاضل سعيد الرحمن بن مولانا رمضان بن الحافظ الحاج غلام ياسين بن الحافظ جراغ دين العلوي
*.
يتّصل نسبه إلى الخليفة الراشد علي المرتَضَى رضى الله تعالى عنه، جاء آبائه من أرص "الحجاز" إلى "جهْلَم" من أرض "باكستان"، وأقام فيها.
ولد 24 جمادى الأولى 1367 هـ بموضع "بهلْوَال" من أعمال "سَرْغُوْده".
وكط ن أبوه عالمًا محقّقا، فاضلا مدقّقا.
أتم حفظ القرآن الكريم عند جدّه الحافظ غلام ياسين، رحمه الله تعالى، وكان عمره إذ ذاك ثماني سنين، ثم تلقّى العلوم العصرية إلى الصفّ العاشر، ثم التحق بخير المدارس
(1)
ملتان، وقرأ فيها سنتين، ثم التحق بالجامعة العربية سراج العلوم بـ "سَرْغُوده"، وقرأ فيها ثلاث سنين، ثم اتّصل بالمدرسة الفرقانية، رَاوَلْفِنْدي، وقرأ فيها على الشيخ عبد الحكيم الهزارَوي، والشيخ
* راجع: تذكره علماء أهل سنت وجماعت بنجاب 2: 192 - 201.
(1)
جامعة خير المدارس.
تقع هذه الجامعة في مدينة "ملتان"، أسّسها المحدّث الشهير العلامة الكبير الشيخ خير محمد الجالندهري، قدّس سرّه في 1349 بـ"جالندر" قبل انقسام "الهند"، وبعد أن انقسمت "الهند" إلى دولتين، وأسسّت "باكستان" نقلت الجامعة إلى مدينة "ملتان" باكستان، وبدأ فيه القسم العالي (دورة الحديث) في 1366 هـ.
محمد عثمان حسين الهزاروي، ثم ارتحل إلى "كُجْران وَالَه"، والتحق بمدرسة نصرة العلوم، وقرأ فيها فاتحة الفراغ سنة 1387 هـ، ثم التحق بجامعة بَنْجَاب، وحصّل منها السند العالي.
وبعد إتمام الدراسة التحق إماما بجامع مسجد حضرو من أعمال "أتك"، وكان مشتغلا بالأمور السياسية أيضا، منسلكا بجمعية علماء إسلام.
بايع في السلوك والطريقة على يد فداء الملة السيّد أسعد المدني بن شيخ الإسلام السيد حسين أحمد المدني، رحمهما الله تعالى.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحبة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
له تصنيفات كثيرة، منها:"ترجمة كيميائى سعادت" للإمام الغزالي، و "ترجمة تعبير الرؤيا" لابن سيرين، و"مغازي الرسول" صلى الله عليه وسلم، و "ترجمة إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي، و "ترجمة مختصر القدوري"، و "ترجمة مقدّمة تاريخ ابن كثير"، و"لسان القرآن".
توفي سنة 1414 هـ.
* * *
2097 - الشيخ الفاضل المولى سعيد علي بن أشرف علي السلهتي
*.
ولد 1324 هـ في قرية "جرِابي" من مضافات "بِيَاني بازار" من أعمال "سلهت "من أرض "بنغلاديش".
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 255.
تلقّى مبادئ العلم من مدرسة فولفوري، ثم سافر إلى "رامفور"، ثم إلى "ديوبند"، واشتغل بالتعلم فيها خمس سنين، وقرأ كتب الفنون العالية والحديث والتفسير، وغيرها من العلوم.
من شيوخه فيها: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، وغيره، من العلماء الكبار، رحمهم الله تعالى.
ثم رجع إلى وطنه الأليف، وعيّن مدرّسا في المدرسة العالية بـ"غاسْبَاري"، ثم قرّر شيخ الحديث فيها.
* * *
2098 - الشيخ الفاضل المولى سعيي، وقد اشتهر بهذا اللقب، ولم نعرف اسمه
*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ رحمه الله تعالى على علماء عصره، وحصل طرفا صالحا من كل علم، وتمهّر في العربية والفارسية والتفسير والحديث.
وكان ينظم الأشعار البليغة بالعربية والفارسية والتركية، وينشيء الرسائل البليغة بالألسنة المذكورة.
وتوفي في أوائل سلطنة سلطاننا الأعظم السلطان سليمان خان.
كان رحمه الله تعالى أديبا لبيبا، حليما كريما، نصبه السلطان سليمان خان معلّما لخدمة بدار السلطنة، ولازم تعليمهم، وتخرّج بتربيته كثير منهم، ولازم بيته وتربية المذكورين بعفّة وصلاح وديانة.
*راجع: الشقائق النعمانية 310.
وكان لذيذ الصحبة، حسن النادرة، لطيف المحاضرة، وكان يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه. روّج الله تعالى روحه، ونوّر ضريحه.
* * *
2099 - الشيخ الفاضل سفيان بن سَحْبان
*.
دكره التميمي في "طبقاته"، فقال: ذكره أبو عبد الله محمد بن إسحاق النّديم، في كتاب "فهرِست العلماء"، فقال: سفيان بن سحبان، من أصحاب الرأيِ، وكان فقيها، ومتكلِّما.
قال: وله من الكُتُب: كتاب "العلل". كذا في "الجواهر".
* * *
2100 -
شيخ الإسلام، إمام الحفّاظ، سيّد العلماء العاملين في زمانه، أبو عبد الله الثوري الكوفي المجتهد، مصنّف "كتاب الجامع". سفيان ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي ابن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور ابن عبد مناة بن
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 40.
وترجمته في تاج التراجم 29، والجواهر المضية برقم 618، والفهرست 289، كشف الظنون 2:1440.
أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان *
وكذا نسبه ابن أبي الدنيا عن محمد بن خلف التيمى، غير أنه أسقط منه منقذا والحارث، وزاد بعد مسروق حمزة، والباقي سواء.
وكذلك ذكر نسبه الهيثم بن عدي، وابن سعد، وأنه من ثور طابخة، وبعضهم قال: هو من "ثور همدان"، وليس بشيء.
دكر الصَّيْمري عن علي بن مسهر، أن أبا سفيان بن سعيد أخذ عنه علمَ أبى حنيفة، ونسخ كتبَه، وكان أبو حنيفة ينهاه عن ذلك.
وعن أبي يوسف أنه قال سفيان الثورى أكثر متابعة لأبي حنيفة منى.
ذكر الحافظ الذهبي ترجمته مبسوطة في كتابه "سير أعلام النبلاء"، نقلتها هاهنا موجزا.
* راجع: سير أعلام النبلاء 2: 229 - 279، وطبقات ابن سعد: 6: 371 - 374، وطبقات خليفة: 168، وتاريخ خليفة: 319، 437، والتاريخ الكبير: 4: 92 - 93، والتاريخ الصغير: 2: 154، والمعارف: 497 - 498، والمعرفة والتاريخ: 1: 713 - 728، وتاريخ الطبرى: 8: 58، والجرح والتعديل: 1: 55 - 126، 4: 222 - 225، ومشاهير علماء الأمصار: 169 - 170، وحلية الأولياء: 6: 356 حتى 7: 144، والفهرست: المقالة السادسة الفن السادس، وتاريخ بغداد: 9: 151 - 174، والكامل لابن الأثير: 6: 56، وتهذيب الأسماء واللغات: 1: 222 - 223، ووفيات الأعيان: 2: 386 - 391، وتهذيب الكمال: خ: 515 - 516، وتذهيب التهذيب: خ: 2: 33 - 35، وتذكرة الحفاظ: 1: 203 - 207، وعبر الذهبي: 1: 235 - 236، وطبقات القراء لابن الجزري: 1: 308، وتهذيب التهذيب: 4: 111 - 115، وطبقات المدلسين: 9، وطبقات الحفاظ: 88 - 89، وخلاصة تذهيب الكمال: 145، وطبقات المفسرين 1: 186 - 190، وشذرات الذهب: 1: 250 - 251.
فقال الذهبي: ولد سنة سبع وتسعين اتفاقا، وطلب العلم وهو حَدَث باعتناء والده، المحدّت الصادق: سعيد بن مسروق الثوري، وكان والده من أصحاب الشعبي، وخيثمة بن عبد الرحمن، ومن ثقات الكوفيين، وعداده في صغار التابعين.
روى له الجماعة الستّة في دواوينهم، وحدّث عنه أولاده: سفيان الإمام، وعمر، ومبارك، وشعبة بن الحجّاج، وزائدة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وعمر بن عبيد الطنافسى، وآخرون.
ومات سنة ستّ وعشرين ومائة.
من شيوخه: إبراهيم بن عبد الأعلى، وإبراهيم بن عقبة، وإبراهيم بن محمد بن المنتشر، وإبراهيم بن مهاجر، إبراهيم بن ميسرة، وإبراهيم بن مزيد الخوزى، وأجلح بن عبد الله، وآدم بن سليمان، وأسامة بن زيد، وإسرائيل أبو موسى، وأسلم المنقري، وإسماعيل بن إبراهيم المخزومي، وإسماعيل السدّي، وإسماعيل بن كثير، والأسود بن قيس،
…
ويقال: إن عدد شيوخه ستّمائة شيخ، وكبارهم الذين حدّثوه عن أبي هريرة، وجرير بن عبد الله، وابن عبّاس، وأمثالهم، وقد قرأ الختمة عرضا على حمزة الزيات أربع مرات.
وأما الرواة عنه، فخلق، فذكر أبو الفرج بن الجوزي أنهم أكثر من عشرين ألفا، وهذا مدفوع ممنوع، فإن بلغوا ألفا، فبالجهد، وما علمت أحدا من الحفاظ روى عنه عدد أكثر من مالك، وبلغوا بالمجاهيل وبالكذّابين ألفا وأربعمائة.
حدّث عنه من القدماء من مشيخته وغيرهم خلق، منهم: الأعمش، وأبان بن تغلب، وابن عجلان، وخصيف، وابن جريج، وجعفر الصادق،
…
قال يحيى بن أيوب العابد: حدثنا أبو المثنى قال: سمعتهم بـ "مرو" يقولون: قد جاء الثوري، قد جاء الثوري.
فخرجت أنظر إليه، فإذا هو غلام قد بقل وجهه
(1)
.
قلت: كان ينوه بذكره في صغره من أجل فرط ذكائه وحفظه، وحدّث وهو شاب.
قال عبد الرزاق وغيره، عن سفيان، قال: ما استودعت قلبي شيئا قطّ فخانني.
قلت: أجل إسناد للعراقيين: سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.
وقال شعبة، وابن عيينه، وأبو عاصم، ويحيى بن معين، وغيرهم: سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث.
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ، ماكتبت عن أفضل من سفيان.
وعن أيوب السختياني قال: ما لقيت كوفيا أفضله على سفيان.
وقال البراء بن رتيم
(2)
: سمعت يونس بن عبيديقول: مارأيت أفضل من سفيان.
فقيل له: فقد رأيت سعيد بن جبير، وإبراهيم، وعطاء، ومجاهدا، وتقول هذا؟! قال: هو ما أقول، ما رأيت أفضل من سفيان.
وقال ابن مهدي: ما رأت عيناي أفضل من أربعة، أو مثل أربعة، ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري، ولا أشدّ تقشّفا من شعبة
(3)
، ولا أعقل من مالك، ولا أنصح للامّة من ابن المبارك.
(1)
بقل وجهه، وأبقل: خرج شعره.
(2)
كذا في الأصل، وفي " تارلِخ بغداد ": 9: 155: "ابن رستم البصري".
(3)
تقدمت ترجمته في الصفحة: 202.
وروى وكيع، عن شعبة، قال: سفيان أحفظ مني.
وقال عبد العزيز بن أبي رزمة: قال رجل لشعبة: خالفك سفيان.
فقال: دمغتني.
وقال ابن مهدي: كان وهيب يقدم سفيان في الحفظ على مالك.
وقال يحيى القطّان: ليس أحد أحبّ إليّ من شعبة، ولا يعدله أحد عندي.
وإذا خالفه سفيان، أخذت بقول سفيان.
وقال عبّاس الدوري: رأيت يحيى بن معين، لا يقدّم على سفيان أحدا في زمانه، في الفقه والحديث والزهد كل شئ.
ابن شوذب: سمعت أيوب السختياني يقول: ما قدم علينا من "الكوفة " أحد أفضل من سفيان الثوري.
وقال ابن مهدي: رأى أبو إسحاق السبيعي سفيان الثوري مقبلا: فقال: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12].
وروي من وجوه، عن يونس بن عبيد قال: ما رأيت كوفيا أفضل من سفيان.
سفيان بن وكيع: حدثنا أبو يحيى الحماني، سمع أبا حنيفة يقول: لو كان سفيان الثوري في التابعين، لكان فيهم له شأن.
وعن أبي حنيفة قال: لو حضر علقمة والأسود، لاحتاجا إلى سفيان.
وروى ضمرة، عن المثنى بن الصبّاح قال: سفيان عالم الأمة وعابدها.
أبو داود الحفري: عن ابن أبي ذئب، قال: ما رأيت أشبه بالتابعين من سفيان الثوري.
وقال أبو قطن، عن شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم.
يعقوب الحضرمي: سمعت شعبة ايقول: سفيان أمير المؤمنين في الحديث.
وعن ابن عيينة قال: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري.
نعيم بن حماد: عن ابن وهب، قال ما رأيت مثل سفيان الثوري.
وعن ابن المبارك قال: ما نعمت لي أحد، فرأيته إلا وجدته دون نعته، إلا سفيان الثوري.
وقال أحمد بن حنبل: قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان الثوري حتى تموت.
علي بن الحسن بن شقيق، عن عبد الله قال: ما أعلم على الأرض أعلم من سفيان.
وعن حفص بن غياث قال: ما أدركنا مثل سفيان، ولا أنفع من مجالسته.
وقال أبو معاوية: ما رأيت رجلا قط أحفظ لحديث الأعمش من الثوري، كان يأتي، فيذاكرني بحديث الأعمش، فما رأيت أحدا أعلم منه بها.
وقال محمد بن عبد الله بن عمّار: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش.
وقال ابن عرعرة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أثبت من شعبة، وأعلم بالرجال.
وقال محمد بن زنبور: سمعت الفضيل يقول: كان سفيان -والله- أعلم من أبي حنيفة.
وقال ابن راهويه: سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر سفيان، وشعبة، ومالكا، وابن المبارك، فقال: أعلمهم بالعلم سفيان.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: سمعت يحيى القطّان يقول: ما رأيت أحدا أحفظ من سفيان، ثم شعبة.
وقال بشر الحافي: كان الثوري عندنا إمام الناس.
وعنه قال: سفيان في زمانه كابي بكر وعمر في زمانهما.
قال ابن معين: لم يكن أحد أعلم بحديت الأعمش، ومنصور، وأبي إسحاق، من الثوري.
وعن أبي إسحاق الفزاري قال: ما رأيت مثل الثوري.
وقال أبو بكر بن عيّاش: أبي لأرى الرجل يصحب سفيان، فيعظم في عيني.
وقال ورقاء وجماعة: لم ير سفيان الثوري مثل نفسه.
وعن شعيب بن حرب قال: إني لأحسب أنه يجاء غدا بسفيان حجّة من الله على خلقه يقول لهم: لم تدكوا نبيّكم، قد رأيتم سفيان.
قال أبو عبيدة الآجري: سمعت أبا داود يقول: ليى يختلف سفيان
وشعبة في شئئ إلا يظفر بن سفيان، خالفه في أكثر من خمسين حديثا، القول فيها قول سفيان.
وعن يحيى بن معين قال: ما خالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان.
روى يحيى بن نصر بن حاجب، عن ورقاء، قال: لم ير الثوري مثل نفسه.
قال ابن عيينة: أصحاب الحديث ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه
…
قال ابن معين: بلغني أن شريكا، والثوري، وإسرائيل، وفضيل بن عياض، وغيرهم من فقهاء "الكوفة" ولدوا بـ "خراسان"، كان يبعث بآبائهم في البعوث، ويتسرى بعضهم، ويتزوّج بعضهم، فلما قفلوا، نقلوهم إلى "الكوفة"، ومسروق جدّ الثوري، شهد الجمل مع علي.
أبو العيناء: عن عبد الله بن خبيق، قال يوسف بن أسباط: كان سفيان إذا أخذ في ذكر الآخرة يبول الدم.
الخريبي: عن سفيان: قال: أحذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك، واحذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك، وأن تطلب شيئا من الدنيا فلا تجده، أن تسخط على ربك.
قال خالد بن نزار الإيلى: قال سفيان: الزهد زهدان زهد فريضة، وزهد نافلة.
فالفرض: أن تدع الفخر والكبر والعلو، والرياء والسمعة، والتزيّن للناس.
وأما زهد النافلة: فأن تدع ما أعطاك الله من الحلال، فإذا تركت شيئا من ذلك، صار فريضة عليك ألا تتركه إلا لله.
عن ابن مهدي قال: نزل عندنا سفيان وقدكنا ننام أكثر الليل، فلمّا نزل عندنا، ماكنا ننام إلا أقلّه، ولما مرض بالبطن، كنت أخدمه وأدع الجماعة، فسألته، ففال: خدمة مسلم ساعة أفضل من صلاة الجماعة، فقلت: ممن سمعت هذا؟ قال: حدثني عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: لأن أخدم رجلا من المسلمين على علة يوما واحدا، أحبّ إليّ من صلاة الجماعة ستين عاما، لم يفتني فيها التكبيرة الأولى.
قال: فضجّ سفيان لما طالت علته، فقال: يا موت، يا موت، ثم قال: لا أتمناه، ولا أدعو به.
فلما احتضر، بكى وجزع، فقلت له: يا أبا عبد الله! ما هذا البكاء؟!
قال: يا عبد الرحمن، لشدّة ما نزل بي من الموت، الموت -والله- شديد.
فمسسته، فإذا هو يقول: روح المؤمن تخرج رشحا، فأنا أرجو.
ثم قال: الله أرحم من الوالدة الشفيقة الرفيقة، إنه جواد كريم، كيف لي أن أحبّ لقاءه، وأنا أكره الموت.
فبكيت حتى كدت أن أختنق، أخفى بكائي عنه، وجعل يقول: أوه
…
، أوه من الموت.
عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين، سمعت ابن عيينة، عن سفيان الثوري، قال: ما تريد إلى شيء إذا بلغت منه الغاية، تمنيت أن تنفلت منه كفافا.
أبو قدامة السرخسي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان سفيان الثوري إذا قيل له: إنه رؤى في المنام، يقول: أنا أعرف بنفسي من أصحاب المنامات.
قال أبو بكر بن عياش: كان سفيان ينكر على من يقول: العبادات ليست من الإيمان، وعلى من يقدم على أبي بكر وعمر أحدا من الصحابة، إلا أنه كان يقدّم عليا على عثمان.
رواها الحكم، عن أبي بكر بن إسحاق، أنبأنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا يحيى بن معين، سمع أبا بكر.
قال إبراهيم بن محمد الشافعي: قلت لابن المبارك: رأيت مثل سفيان الثوري؟ فقال: وهل رأى هو مثل نفسه؟ وقال الخريبي: ما رأيت محدثا أفضل من الثورى.
وقال يحيى بن سعيد: ماكتبت عن سفيان، عن الأعمش، أحب إلي مما كتبت عن الأعمش.
وعن سفيان: أنه ذهب إلى "خراسان " في حقّ له، فأجر نفسه من جمالين.
وقال إبراهيم بن أعين: كنت مع سفيان والأوزاعي، فدخل علينا عبد الصمد بن علي -وهو أمير مكة- وسفيان يتوضأ، وأنا أصب عليه، كأنه بطأه، وهو يقول: لا تنظروا إلي، أنا مبتلى.
فجاء عبد الصمد، فسلّم، فقال له سفيان: من أنت؟ فقال: أنا عبد الصمد.
فقال: كيف أنت؟ اتق الله، اتق الله، وإذا كبرت، فأسمع ..
قال يحيى بن يمان: سمعت سفيان يقول: إني لأرى المنكر، فلا أتكلّم، فأبول أكدم دما.
قلت: مع جلالة سفيان، كان يبيح النبيذ الذي كثيره مسكر.
المحاربي: سمعت الثوري يقول للغلام إذا رآه في الصف الأول: احتلمت؟ فإن قال: لا.
قال: تأخّر.
يوسف بن أسباط: سمعت الثوري يقول: ليس شئ أقطع لظهر إبليس من قول: لا إله إلا الله.
وعن الفريابي قال: أتى سفيان .. "بيت المقدس"، فأقام ثلاثة أيام، ورابط بـ "عسقلان" أربعين يوما، وصحبته إلى "مكة".
عبد الله بن خبيق: حدثنا الهيثم بن جميل، عن مفضل بن مهلهل، قال: حججت مع سفيان، فوافينا بـ "مكة" الأوزاعي، فاجتمعنا في دار، وكان على الموسم عبد الصمد بن على، فدق داق الباب، قلنا: من ذا؟ قال: الأمير.
فقام الثوري، فدخل المخرج، وقام الأوزاعي فتلقّاه، فقال له: من أنت [أيها الشيخ]؟ قال: أنا الأوزاعي.
قال: حيّاك الله بالسّلام، أما إن كتبك [كانت] تأتينا فنقضى حوائجك، ما فعل سفيان؟ قال: فقلت: دخل المخرج.
قال: فدخل الأوزاعي في إثره، فقال: إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك.
فخرج سفيان مقطبا، فقال: سلام عليكم، كيف أنتم؟ فقال له عبد الصمد: أتيت أكتب عنك هذه المناسك، قال: أولا أدلّك على ما هو أنفع لك منها؟ قال: وما هو؟ قال: تدع ما أنت فيه، قال: كيف أصنع بأمير المؤمنين؟ قال: إن أردت كفاك الله أبا جعفر.
فقال له الأوزاعي: يا أبا عبد الله! إن هؤلاء ليس يرضون منك إلا بالإعظام لهم.
فقال: يا أبا عمرو! إنا لسنا نقدر أن نضربهم، وإنما نودّبهم بمثل هذا الذي ترى.
قال مفضل: فالتف إلي الأوزاعي،
فقال لي: قم بنا من هاهنا، فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالا، وإن هذا ما يبالي.
أخبرنا إسحاق الأسدي، أنبانا ابن خليل، أنبانا أبو المكارم التيمي، أنبانا أبو على الحداد، أنبانا أبو نعيم، حدثنا ابن حيّان، حدّثنا الحسن بن هارون، حدثنا الحسن بن شاذان النيسابوري، حدّثنى محمد بن مسعود، عن سفيان قال: أدخلت على المهدي بمنى، فسلمت عليه بالامرة، فقال: أيها الرجل! طلبناك، فأعجزتنا، فالحمد لله الذي جاء بك، فارفع إلينا حاجتك.
فقلت: قد ملأت الأرض ظلما وجورا، فاتق الله، وليكن منك في ذلك عبرة.
فطأطأ رأسه، ثم قال: أرأيت إن لم استطع دفعه؟ قال: تخليه.
وعن سفيان: الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس، وأول ذلك زهدك في نفسك
(1)
.
عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء، سمعت الثوري يقول: خرجت حاجا أنا وشيبان الراعى مشاة، فلما صرنا ببعض الطريق، إذا نحن بأسد قد عارضنا، فصاح به شيبان، فبصبص،
(2)
وضرب بذنبه مثل الكلب، فأخذ شيبان بأذنه، فعركها، فقلت: ما هذه الشهرة لي؟ قال: وأيّ شهرة ترى يا ثوري؟ لولا كراهية الشهرة، ما حملت زادي إلى "مكة" إلا على ظهره
(3)
.
(1)
انظره في "الحلية" 7: 69.
(2)
البصبصة: تحريك ذنبه طمعا أو خوفا.
(3)
الخبر في "الحلية" 7: 68 - 69.
الحسن بن علي الحلواني: سألت محمد بن عبيد: أكان لسفيان امرأة؟ قال: نعم، رأيت ابنا له، بعثت به أمه إليه، فجاء، فجلس بين يديه، فقال سفيان: ليت أني دعيت لجنازتك.
قلت مُحَمَّد: فما لبث حتى دفنه؟ قال: نعم.
وعن سفيان: من سر بالدنيا، نزع خوف الآخرة من قلبه.
قال الفريابي: زارني ابن المبارك، فقال: أخرج إليّ حديث الثوري، فأخرجته إليه، فجعل يبكى، حتى أخضل لحيته، وقال: رحمه الله، ما أرى أني أرى مثله أبدا.
وقال زائدة: سفيان أفقه أهل الدنيا.
قال زيد بن أبي الزرقاء: كان المعافى يعظ الثوري، يقول: يا أبا عبد الله! ما هذا المزاح؟ ليس هذا من فعل العلماء.
وسفيان يقبل منه.
روى ضمرة، عن سفيان قال: يثغر
(1)
الغلام لسبع، ويحتلم بعد سبع، ثم ينتهى طوله بعد سبع، ثم يتكامل عقله بعد سبع، ثم هي التجارب.
قال أبو أسامة: مرض سفيان، فذهبت بمائه إلى الطبيب، فقال: هذا بول راهب، هذا رجل قد فتت الحزن كبده، ما له دواء.
قال ضمرة: سمعت مالكا يقول: إنما كانت "العراق" تجيش علينا بالدراهم والثياب، ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري.
وكان سفيان يقول: مالك ليس له حفظ.
قلت: هذا يقوله سفيان لقوّة حافظته بكثرة حديثه ورحلته إلى الآفاق.
(1)
يثغر: أي تسقط أسنانه الرواضع، ضم ينبت مكانها الأسنان الدائمة، يقال: اثغر سنه: إذا سقط ونبت جميعا.
وأما مالك، فله إتقان وفقه، لا يدرك شأوه فيه، وله حفظ تام، فرضي الله عنهما.
وقال أبو حاتم الرازي: سفيان فقيه حافظ زاهد إمام، هو أحفظ من شعبة.
وقال أبو زرعة: سفيان أحفظ من شعبة في الإسناد والمتن.
قال عبد المؤمن النسفي: سألت صالح بن محمد جزرة عن سفيان ومالك، فقال: سفيان ليس يتقدمه عندي أحد، وهو أحفظ وأكثر حديثا، ولكن كان مالك ينتقي الرجال، وسفيان أحفظ من شعبة، وأكثر حديثا، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا، وشعبة نحو عشرة ألاف.
قال ابن مهدى: كان لسفيان درس من الحديث، يعني يدرس حديثه.
وقال على بن ثابت الجزري: سمعت سفيان يقول: طلبت العلم، فلم يكن لي نية، ثم رزقني الله النية.
وعن يحيى بن يمان، عن سفيان قال: إني لأمرّ بالحائك، فأسدّ أذني مخافة أن أحفظ ما يقول.
قال القطان وعبد الرحمن: ما رأينا أحفظ من سفيان.
وقال ابن المبارك، عن سفيان: استوصوا بأهل السنّة خيرا، فإنهم غرباء.
وقال مؤمل بن إسماعيل: لم يصل سفيان على ابن أبي رواد للإرجاء.
وقال شعيب بن حرب: قال سفيان: لا ينفعد ماكتبت حتى يكون
إخفاء {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في الصلاة أفضل عندك من الجهر.
وقال وكيع، عن سفيان في الحديث: ما يعد له شئ لمن أراد به الله.
وعنه: ينبغي للرجل أن يكره ولده على العلم، فإنه مسؤول عنه.
وعن يحيى بن المتوكل: قال سفيان: إذا أثنى على الرجل جيرانه أجمعون، فهو رجل سؤ لأنه ربما رآهم يعصون، فلا ينكر، ويلقاهم ببشر.
وقال فضيل، عن سفيان: إذا رأيت الرجل محبّبا إلى جيرانه، فاعلم أنه مداهن.
وقال يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية: ما رأيت أحدا أصفق وجها في ذات الله من سفيان
…
وعن سفيان، قال: إن هؤلاء الملوك قد تركوا لكم الآخرة، فاتركوا لهم الدنيا.
قال عبد الرزاق: سمعت الثوري يقول لوهيب: وربّ هذه البنية إني لأحب الموت.
وعن ابن مهدي، قال: مرض سفيان بالبطن، فتوضّأ تلك الليلة ستين مرّة، حتى إذا عاين الأمر، نزل عن فراشه، فوضع خدّه بالأرض، وقال: يا عبد الرحمن! ما أشدّ الموت.
ولما مات غمضته، وجاء الناس في جوف الليل، وعلموا.
وقال عبد الرحمن: كان سفيان يتمنّى الموت ليسلم من هؤلاء، فلمّا مرض كرهه، وقال لي: اقرأ عليّ {يس} ، فإنه يقال: يخفّف عن المريض، فقرأت، فما فرغت حتى طفئ.
وقيل: أخرج بجنازته على أهل "البصرة. بغتة، فشهده الخلق، وصلّى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر الكوفي، بوصية من سفيان، لصلاحه.
وقال يحيى القطّان: مات في أول سنة إحدى وستين ومائة.
قلت: الصحيح: موته في شعبان سنة إحدى، كذلك أرّخه الواقدي، ووهم خليفة، فقال: مات سنة اثنتين وستين.
قال يوسف بن أسباط: رأيت الثوري في النوم، فقلت: أيّ الأعمال وجدت أفضل؟ قال: القرآن.
فقلت: الحديث؟ فولى وجهه.
وقال بكر بن خلف: حدّثنا مؤمل، قال. رأيت سفيان في المنام، فقلت: يا أبا عبد الله! ما وجدت أنفع؟ قال: الحديث.
وقال سعير بن الخمس: رأيت سفيان في المنام يطير من نخلة إلى نخلة، وهو يقرأ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74].
وقال أبو أسامة: لقيت يزيد بن إبراهيم صبيحة الليلة التى مات فيها سفيان، فقال لي: قيل لي الليلة في منامي: مات أمير المؤمنين.
فقلت للذي يقول في المنام: مات سفيان الثورى؟ قال: نعم.
وقال مصعب بن المقدام: رأيت النبي-صلى الله عليه وسلم في النوم آخذا بيد سفيان الثوري، وهو يجزيه خيرا.
وقال أبو سعيد الأشج: حدثنا إبراهيم بن أعين، قال: رأيت سفيان بن سعيد، فقلت: ما صنعت؟ قال: أنا مع السفرة الكرام البررة.
* * *
2101 - الإمام الكبير حافظ العصر، شيخ الإسلام، أبو محمد سفيان بن عُيينة ابن أبي عمران
ميمون مولى محمد بن مزاحم، أخي الضحّاك ابن مزاحم الهلالي الكوفي، ثم المكّى*.
* طبقات ابن سعد 5: 497، والتاريخ الكبير 4: 94، والتاريخ الصغير 2: 283، والمعارف 506، 507، والمعرفة والتاريخ 1: 185، 186، 187، وتاريخ الطبري 1: 10 - 12، وذيل المذيل 108، والجرح والتعديل 1: 32، 54 و 4: 225، ورجال ابن حبان 146، وحلية الأولياء 7: 270، والفهرست لابن النديم 1: 226، وتاريخ بغداد 9: 174، وصفوة الصفوة 2: 130، ووفيات الأعيان 2: 391 - 393، وتهذيب الكمال 517،=
أحد أعلام الحرم، دكره الحافظ القرشي في "الجواهر"، وعدّه من الحنفية (1 - 250) كان يقول: أول من أقعدني للحديث أو صيّرني محدّثا أبو حنيفة، قال يعقوب بن شيبة: سمعت إبراهيم بن هاشم ذكر سفيان بن عيينة حديث ابن عباس "عجّل لي وأضع عنك"، قال: إنما هو يقول: أخّر عني، وأزيدك، فقال ابن عيينة: كان أبو حنيفة يكرهه. اهـ من "الجواهر"، وروى الخطيب بإسناده إلى بشر بن الوليد القاضي، قال: كنا نكون عند سفيان بن عيينة، فكان إذا وردت عليه مسئلة مشكلة، يقول: ها هنا أحد من أصحاب أبي حنيفة، فيقال: بشر، فيقول: أجبْ فيها، فأجيب، فيقول: التسليم للفقهاء سلامة في الدين. كذا في (جامع المسانيد)(2 - 415).
قلت: ابن عيينة من مفاخر "الكوفة"، ذكره الإمام الهمام الذهبي في الحفّاط، فقال:
مولده: بـ "الكوفة"، في سنة سبع ومائة.
وطلب الحديث، وهو حَدَث، بل غلام، ولقى الكبار، وحمل عنهم علما جما، وأتقن، وجوّد وجع وصنّف، وعمّر دهرا، وازدحم الخلق عليه، وانتهى إليه علوّ الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد.
سمع في سنة تسع عشرة ومائة، وسنة عشرين، وبعد ذلك، فسمع من عمرو بن دينار، وأكثر عنه، ومن زياد بن علاقة، والأسود بن قيس، وعبيد
= وتذهيب التهذيب 2: 36: 1، وتذكرة الحفاظ 1: 262، وميزان الاعتدال 2: 170، والعبر 1: 208، 209، 228، والعقد الثمين 4: 591، وتهذيب التهذيب 4: 117، وخلاصة تذهيب الكمال 145، وطبقات المفسرين 1: 190، والكواكب الدرية للمناوي (107) ص 117، والطبقات الكبرى للشعراني 40، وشذرات الذهب 354، وإيضاح المكنون للبغدادي 203، والرسالة المستطرفة 31، وخلاصة تذهيب الكمال 187، وأعيان الشيعة للعاملي 35: 151 - 154.
الله بن أبيِ يزيد، وابن شهاب الزهري، وعاصم بن أبي النجود، وأبي إسحاق السبيعي، وعبد الله بن دينار، وزيد بن أسلم، وعبد الملك بن عمير، ومحمد بن المنكدر، وأبي الزبير، وحصين بن عبد الرحمن، وسالم أبي النضر، وشبيب بن غرقدة، وعبدة بن أبي لبابة، وعلي بن زيد بن جدعان، وعبد الكريم الجزري، وعطاء بن السائب، وأيوب السختياني، والعلاء بن عبدالرحمن، وقاسم الرجال، ومنصور بن المعتمر، ومنصور بن صفية الحجبى، ويزيد بن أبي زياد، وهشام بن عروة، وحميد الطويل، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي يعفور العبدى، واببن عجلان، وابن أبي ليلى، وسليمان الأعمش، وموسى بن عقبة، وسهيل بن أبي صاع، وعبد الله بن أبي نجيح، وعبد الرحمن بن القاسم، وأمية بن صفوان الجمحي، وجامع بن أبي راشد، وحكيم بن جبير، وسعد بن إبراهيم، قاضيا "المدينة"، وصالح مولى التوأمة، وقال: سمعت منه، ولعابه يسيل، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، وأبي الزناد عبد الله بن ذكوان، وعبد العزيز ابن رفيع، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وإسماعيل بن محمد ابن سعد، وأيوب بن موسى، وبرد بن سنان، وبكر بن وائل، وبيان بن بشر، وسالم بن أبي حفصة، وأبي حازم الأعرج، وسمي مولى أبي صالح، وصدقة بن يسار، وصفوان بن سليم، وعاصم بن كليب الجرمي، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، وعبد الله بن طاووس، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، ومحمد بن جحادة، ومحمد بن السائب بن بركة، ويزيد بن يزيد بن جابر الدمشقي، ويونس بن عبيد، وسفيان، وشعبة، وزياد بن سعد، وزائدة بن قدامة، وخلق كثير، وتفرّد بالرواية عن خلق من الكبار.
حدّث عنه: الأعمش، وابن جريج، وشعبة، وهؤلاء من شيوخه، وهمام بن يحيى، والحسن بن حي، وزهير بن معاوية، وحماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، وأبو إسحاق الفزاري، ومعتمر بن سليمان، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن
بن مهدي، ويحيى القطان، والشافعى، وعبد الرزّاق، والحميدي، وسعيد بن منصور، ويحيى بن معين، وعلي ابن المدفي، وإبراهيم بن بشّار الرمادى، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن راهويه، وأبو جعفر النفيلي، وأبو كريب، ومحمد بن المثنى، وعمر بن علي الفلاس، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وعمرو بن محمد الناقد، وأحمد بن منيع، وإسحاق بن منصور الكوسج، وزهير بن حرب، ويونس بن عبد الأعلى، والحسن بن محمد الزعفراني، والحسن بن الصبّاح البزّار، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم، ومحمد ابن عاصم الثقفي، وعلى بن حرب، وسعدان بن نصر، وزكريا بن يحيى المروزي، وبشر بن مطر، والزبير بن بكار، وأحمد بن شيبان الرملي، ومحمد بن عيسى بن حبّان المدائني، وأمم سواهم، خاتمهم في الدنيا شيخ مكّي، يقال له: أبو نصر اليسع بن زيد الزينبي، عاش إلى سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
وما هو بالقوي.
ولقد كان خلق من طلبة الحديث يتكلفون الحج، وما المحرّك لهم سوى لقي سفيان بن عيينة، لإمامته وعلوّ إسناده.
وجاور عنده غير واحد من الحفاظ.
ومن كبار أصحابه المكثرين عنه: الحميدي، والشافعى، وابن المديني، وأحمد، وإبراهيم الرمادى.
قال الإمام الشافعى: لولا مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم " الحجاز".
وعنه قال: وجدت أحاديث الأحكام كلّها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث، ووجدتها كلّها عند مالك سوى ثلاثين حديثا.
فهذا يوضح لك سعة دائرة سفيان في العلم، وذلك لأنه ضمّ أحاديث العراقيين إلى أحاديث الحجازيين.
وارتحل، ولقى خلقا كثيرا ما لقيهم مالك.
وهما نظيران في الإتقان، ولكن مالكا أجلّ وأعلى، فعنده نافع، وسعيد المقبري.
قال عبد الرحمن بن مهدي: كان ابن عيينة من أعلم الناس بحديث "الحجاز".
وقال أبو عيسى الترمذي: سمعت محمدا يعني البخاري يقول: ابن عيينة أحفظ من حماد بن زيد.
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أحدا فيه من آلة العلم ما في سفيان بن عيينة، وما رأيت أكفّ عن الفتيا منه.
قال: وما رأيت أحدا أحسن تفسيرا للحديث منه.
قال عبد الله بن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بتفسير القرآن من ابن عيينة، وقال: أحمد بن حنبل أعلم بالسنن من سفيان.
قال وكيع: كتبنا عن ابن عيينة أيام الأعمش.
قال علي ابن المديني: ما في أصحاب الزهري أحد أتقن من سفيان بن عيينة.
قال ابن عيينة: حجّ بي أبي وعطاء بن أبي رباح حى.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان ابن عيينة ثبتا في الحديث، وكان حديثه نحوا من سبعة آلاف، ولم تكن له كتب.
قال بهز بن أسد: ما رأيت مثل سفيان بن عيينة.
فقيل له: ولا شعبة؟ قال: ولا شعبة.
قال يحيى بن معين: هو أثبت الناس في عمرو بن دينار.
وقال ابن مهدي: عند ابن عيينة من معرفته بالقرآن وتفسير الحديث، ما لم يكن عند سفيان الثوري.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبّار، أخبرنا أبو يعلى الخليلى، سمعت علي بن أحمد بن صالح المقرئ، سمعت الحسن بن علي الطوسي، سمعت محمد بن إسماعيل السلمى، سمعت البويطي، سمعت الشافعي، يقول: أصول الأحكام نيّف وخمسمائة حديث، كلّها عند مالك إلا ثلاثين. حديثا، كلّها عند ابن عيينة إلا ستة أحاديث.
رواته ثقات.
القاضي أبو العلاء الواسطي، مما سمعته منه، الخطيب، أنبأنا عبد الله بن موسى السلامي، سمعت عمّار بن علي اللوري، سمعت أحمد بن النضر الهلالي، سمعت أبي يقول: كنت في مجلس سفيان بن عيينة، فنظر إلى صبي، فكان أهل المسجد تهاونوا به لصغره، فقال سفيان:{كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء 94].
ثم قال: يا نضر لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثياب صغار، وأكمامي قصار، وذيلى بمقدار، ونعلي كآذان الفار، أختلف إلى علماء الأمصار، كالزهري،، وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمى كاللوزة، فإذا أتيت، قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير. ثم ضحك.
في صحة هذا نظر، وإنما سمع من المذكورين وهو ابن خمس عشرة سنة أو أكثر.
قال أحمد بن حنبل: دخل سفيان بن عيينة على معن بن زائدة يعني أمير "اليمن" ولم بكن سفيان تلطخ بعد بشيء من أمر السلطان، فجعل يعظه.
قال علي بن حرب الطائي: سمعت أبي يقول: أحبّ أن تكون لي جارية في غُنْج سفيان بن عيينة إذا حدّث.
قال رباح خالد الكوفي: سألت ابن عيينة، فقلت: يا أبا محمد، إن أبا معاوية يحدّث عنك بشيء ليس تحفظه اليوم، وكذلك وكيع.
فقال: صدقهم، فإني كنت قبل اليوم أحفظ مني اليوم.
قال محمد بن المثنى العنزي: سمعت ابن عيينة يقول ذلك لرباح في سنة إحدى وتسعين ومائة.
قال حامد بن يحيى البلخي: سمعت ابن عيينة يقول: رأيت كأن أسناني سقطت، فذكرت ذلك للزهري، فقال: تموت أسنانك، وتبقى أنت.
قال: فمات أسناني، وبقيت أنا، فجعل الله كلّ عدو لي محدثا.
قلت: قال هذا من شدّة ما كان يلقى من ازدحام أصحاب الحديث عليه، حتى يبرموه.
قال غياث بن جعفر: سمعت ابن عيينة يقول: أول من أسندني إلى الأسطوانة، مسعر بن كدام، فقلت له: إني حدث.
قال: إن عندك الزهري، وعمرو بن دينار
(1)
.
قال أبو محمد الرامهرمزي: حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا زياد ابن عبد الله بن خزاعى، سمعت سفيان بن عيينة يقول: كان أبي صيرفيا بـ"الكوفة"، فركبه دين، فحملنا إلى "مكة"، فصرت إلى المسجد، فإذا عمرو بن دينار، فحدّثني بثمانية أحاديث، فأمسكت له حماره حتى صلى، وخرج، فعرضت الأحاديث عليه، فقال: بارك الله فيك.
وروى أبو مسلم المستملي: قال ابن عيينة: سمعت من عمرو ما لبث نوح في قومه، يعني تسعمائة وخمسين سنة.
قال مجاهد بن موسى: سمعت ابن عيينة يقول: ماكتبت شيئا إلا حفظته قبل أن أكتبه.
(1)
تاريخ بغداد 9: 176.
قال ابن المبارك: سئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة، فقال: ذاك أحد لأحدين
(1)
، ما أغرَبَه.
وقال ابن المديى: قال لي يحيى القطّان: ما بقي من معلّمي أحد غير سفيان بن عيينة، وهو إمام منذ أربعين سنة.
وقال على: سمعت بشر بن المفضّل يقول: ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه ابن عيينة.
وحكى حرملة بن يحيى أن ابن عيينة قال له وأراه خبزَ شعير: هذا طعامي منذ ستين سنة.
الحميدي، سمع سفيان يقول: لا تدخل هذه المحابر بيت رجل إلا أشقى أهله وولده.
وقال سفيان مرّة لرجل: ما حرفتُك؟ قال: طلب الحديث.
قال: بشرّ أهلك بالإفلاس.
وروى على بن الجعد عن ابن عيينة قال: من زيد في عقله، نقص من رزقه.
ونقل سُنَيْد بن داود عن ابن عيينة قال: من كانت معصيته في الشهوة فارجُ له، ومن كانت معصيته في الكِبْر، فاخش عليه، فإن آدم عصى مشتهيا، فغفر له، وإبليس عصى متكبّرا فلعن.
ومن كلام ابن عيينة قال: الزهد: الصبر، وارتقاب الموت.
وقال: العلم إذا لم ينفعك، ضرّك.
قال عثمان بن زائدة: قلت لسفيان الثوري: ممن نسمع؟ قال: عليك بابن عيينة، وزائدة.
(1)
مقدمة الجرح والتعديل 1: 33 وفيه بعد قوله "الأحدين". يقول: ليس له نظير.
قال نعيم بن حماد: ما رأيت أحدا أجمع لمتفرّق من سفيان بن عيينة.
وقال علي بن نصر الجهضمي: حدثنا شعبة بن الحجّاج قال: رأيت ابن عشة غلاما، مع ألواح طويلة عند عمرو بن دينار، وفي أذنه قرط، أو قال: شَنْف
(1)
.
وقال ابن المديني: سمعت ابن عيينة يقول: جالست عبد الكريم الجزري سنتين، وكان يقول لأهل بلده: انظروا إلى هذا الغلام يسألني، وأنتم لا تسألوني.
قال ذؤيب بن عمامة السهمي: سمعت ابن عيينة يقول: سمعت من صالح مولى التوأمة هكذا وهكذا، وأشار بيديه، يعني كثرة، سمعت منه، ولعابه يسيل، فقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: فلا نعلمه روى عنه شيئا، كان منتقدا للرواة.
قال على: سمعت سفيان يقول: عمرو بن دينار أكبر من الزهري، سمع من جابر، وما سمع الزهري منه.
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: حدثنا سليمان بن مطر، قال: كنا على باب سفيان بن عيينة، فاستأذنا عليه، فلم يأذن لنا، فقلنا: ادخلوا حتى نهجم عليه، قال: فكسرنا بابه، ودخلنا وهو جالس، فنظر إلينا، فقال: سبحان الله، دخلتم داري بغير إذني، وقد حدّثنا الزهري عن سهل ابن سعد أن رجلا اطلع في جحر، من باب النبي صلى الله عليه وسلم، ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدرى يحكّ به رأسه، فقال:"لو علمت أنك تنظرني، لطعنت بها في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر"
(2)
.
(1)
الشَّنف: بفتح الشين من الحلي: يعلّق في أسفلها، وقيل: هما واحد.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(19431) والبخاري: 12: 215 في الديات: باب من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه.=
قال: فقلنا له: ندمنا يا أبا محمد.
فقال: ندمتم؟ حدثنا عبد الكريم الجزري عن زياد، عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الندم توبة"
(1)
.
اخرجوا، فقد أخدتم رأس مال ابن عيينة.
سليمان هذا هو أخو قتادة بن مطر، صدوق إن شاء الله.
وزياد المذكور في الحديث هو ابن أبي مريم.
قال محمد بن يوسف الفريابي: كنت أمشي مع ابن عيينة، فقال لي: يا محمد، ما يزهدني فيك إلا طلب الحديث.
قلت: فأنت يا أبا محمد، أي شيء كنت تعمل إلا طلب الحديث؟
فقالي: كنت. إذ ذاك صبيا لا أعقل.
قلت: إذا [كان] مثل هذا الإمام يقول: هذه المقالة في زمن التابعين، أو بعد هم بيسير، وطلب الحديث مضبوط بالاتفاق، والأخذ عن الأثبات الأئمة، فكيف لو رأى سفيان رحمه الله طلبة الحديث في وقتنا، وما هم عليه من الهنات والتخبيط، والأخذ عن جفلة بني آدم، وتسميع ابن شهر
(2)
.
= وفي اللباس: باب الامتشاط، وفي الاستئذان: باب الاستئذان من أجل البصر، ومسلم (2156 في الآداب: باب تحريم النظر في بيت غيره، والحميدي (924) عن سفيان وغيره، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي أن رجلا اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم من ستر الحجرة، وفي يد النبي مدرى، فقال:"لو أعلم أن هذا ينظرني حتى أتيه لطعنت بالمدرى في عينه، وهل جعل الاستئذان إلا من أجل البصر".
(1)
أخرجه أحمد 1: 376 و 423 و 433، وابن ماجه (4252).
(2)
للمؤلف رسالة بعنوان: "زغل العلم".
وصف فيها محدثي زمانه، فلتراجع فإنها نفيسة في بابها.
أما الخيام فإنها كخيامهم
…
وأرى نساء الحي غير نسائها
قال عبد الرحمن بن يونس: حدثنا ابن عيينة قال: أول من جالست عبد الكريم أبو أمية وأنا ابن خمس عشرة سنة.
قال: وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة.
قال يحيى بن آدم: ما رأيت أحدا يختبر الحديث إلا ويخطئ، إلا سفيان بن عيينة.
قال أحمد بن زهير: حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي، حدثنا سفيان، قال: قال حماد بن أبي سليمان، ولم أسمعه منه، إذا قال لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، بانت بالأولى، وبطلت الثنتان.
قال سفيان: رأيت حمادا قد جاء إلى طبيب على فرس.
قال أبو حاتم الرازي: سفيان بن عيينة إمام ثقة، كان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة، قال: وأثبت أصحاب الزهري، هو ومالك.
وقال عبد الرزاق: ما رأيت بعد ابن جريج مثل ابن عيينة في حسن المنطق.
وروى إسحاق الكوسج عن يحيى: ثقة.
وعن ابن عيينة قال: الورع طلب العلم الذي به يعرف الورع.
روى سليمان بن أيوب، سمعت سفيان بن عيينة يقول: شهدت ثمانين موقفا.
ويروى أن سفيان كان يقول في كلّ موقف: اللهم لا تجعله آخر العهد منك، فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئا.
وقال: قد استحييت من الله تعالى.
وقد كان لسفيان عدّة إخوة، منهم: عمران بن عيينة، وإبراهيم بن عيينة، وآدم بن عيينة، ومحمد بن عيينة.
فهؤلاء قد رووا الحديث.
وقد كان سفيان مشهورا بالتدليس، عمد إلي أحاديث رفعت إليه من حديث الزهري، فيحذف اسم من حدّثه، ويدلّسها، إلا أنه لا يدلّس إلا عن ثقة عنده
(1)
.
فأما ما بلغنا عن يحيى بن سعيد القطّان، أنه قال: اشهدوا أن ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، فهذا منكر من "القول، ولا يصحّ، ولا هو بمستقيم، فإن يحيى القطّان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين مع قدوم الوفد من الحج.
فمن الذي أخبره باختلاط سفيان، ومتى لحق أن يقول هذا القول وقد بلغت التراقي؟ وسفيان حجّة مطلقا، وحديثه في جميع دواوين الإسلام، ووقع لي كثير من عواليه، بل وعند عبد الرحمن بن سبط الحافظ السلفي من عواليه جملة صالحة.
منها: جزء ابن عيينة، رواية المروزي عنه، وفي جزء علي بن حرب رواية العبادان، وجزآن لعلي بن حرب، رواية نافلته أبي جعفر محمد بن يحيى بن عمر الطائي، وفي "الثقفيات" وغير ذلك.
(1)
قال ابن حبان في "صحيحه": 122: وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول، فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري، والأعمش، وأبي إسحاق وأضرابهم من الأئمة المتقين، وأهل الورع والدين، لأنا متى قبلنا خبر مدرس لم يبين السماع فيه وإن كان ثقة، لزمنا قبول المقاطيع والمراسيل كلها لأنها لا يدرى لعله هذا المدلس دلس هذا الخبر عن ضعيف يهي الخبر بذكره إذا عرف.
اللهم إلا أن يكون المدلس يعلم أنه ما دلس قط إلا عن ثقة، فإذا كان كذلك، قبلت روايته، وإن لم يبين السماع، وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلس، ولا يدلس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد بين سماعه عن ثقة مثل نفسه.
وقد جمع عوالي ابن عيينة: أبو عبد الله بن مِنْدَة، وأبوْ عبد الله الحكم، وبعدهما أبو إسحاق الحبال.
وكان سفيان رحمه الله صاحب سنة واتباع.
قال الحافظ بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الفضل بن موسى، حدّثنا
محمد بن منصور الجواز، قال: رأيت سفيان بن عيينة سأله رجل: ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله، منه خرج، وإليه يعود.
وقال محمد بن إسحاق الصاغاني: حدثنا لوين، قال: قيل لابن عيينة: هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية؟ قال: حق على ما سمعناها ممن نثق به ونرضاه.
وقال أحمد بن إبراهيم الدورقي: حدثني أحمد بن نصر قال: سألت ابن عيينة وجعلت ألح عليه، فقال: دعني أتنفس.
فقلت: كيف حديث عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحمل السماوات على إصبع"
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري: 8: 423.
في التفسير: باب قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] و 13: 331 في التوحيد: باب قول الله {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] وباب قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] وباب كلام الرب يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، ومسلم (2786) في أول صفة القيامة والجنة والنار، والترمذى (3238) في التفسير، من طريق عبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الخبر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)} [الزمر: 67].
وحديث: "إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن"
(1)
.
حديث: "إن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق"
(2)
.
فقال سفيان: هي كما جاءت نقر بها ونحدث بها بلا كيف
(3)
.
(1)
أخرجه مسلم (2654) في القدر: باب: تصريف الله القلوب كيف يشاء، من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا "إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها حيث يشاء".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك".
وفي الباب: عن أنس عند الترمذي (2140)، وعن النواس بن سمعان عند ابن ماجه (199)، وعن عائشة عند أحمد: 6: 250، 251، وعن أم سلمة عند أحمد: 6: 302.
(2)
أخرجه من حديث على: الترمذي (3446) وأبو داود (2602) وسنده حسن، وصحّحه ابن حبان (2380) و (2381)، والحكم 2: 98، ولفظه:"إن ربك ليعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب غيرك".
والبخاري: 8: 484، 485 من حديث أبي هريرة وفيه:"لقد عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة".
(3)
وهو مذهب السلف في الصفات يؤمنون بما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله، ويجرونها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهو آخر قول أبي المعالي الجويني شيخ الحرمين أستاذ الإمام الغزالي، فقد صرح في النظامية": 23، 24، بالمنع من تأويل الصفات الخبرية، وذكر أن هذا إجماع السلف، وأن لتأويل لو كان مسوغا أو محتوما، لكان اهتمامهم بها أعظم من اهتمامهم بغيرها.
أبو عمر بن حيويه: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار، حدثنا عمر بن شبة، حدثني عبيد بن جناد، سمعت ابن عيينة، وسألوه أن يحدث، فقال: ما أراكم للحديث موضعا، ولا أراني أن يؤخذ عني أهلا، وما مثلى ومثلكم إلا ما قال الأول: افتضحوا فاصطلحوا.
قال إبراهيم بن الأشعث: سمعت ابن عيينة يقول: من عمل بما يعلم، كفي ما يعلم.
وعن سفيان بن عيينة، قال: من رأى أنه خير من غيره فقد استكبر، ثم ذكر إبليس.
وقال أحمد بن أبى الحواري: قلت لسفيان بن عيينة: ما الزهد في الدنيا؟ قال: إذا أنعم عليه فشكر، وإذا ابتلى ببلية فصبر، فذلك الزهد.
قال على ابن المديني: كان سفيان إذا سئل عن شئ يقول: لا أحسن.
فنقول: من نسأل؟ فيقول: سل العلماء، وسل الله التوفيق.
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: سمعت ابن عيينة يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.
الطبراني: حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي: قيل لسفيان بن عيينة: إن بشرا المريسي يقول: إن الله لا يرى يوم القيامة.
فقال: قاتل الله الدويبة، ألم تسمع إلى قوله تعالى:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] فإذا احتجب عن الأولياء والأعداء، فأي فضل للأولياء على الأعداء؟ وقال أبو العباس السراج في "تاريخه": حدثنا عباس بن أبي طالب، حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن عفان، سمعت ابن عيينة في السنة التي أخذوا فيها بشرا المريسي بـ "منى"، فقام سفيان في المجلس مغضبا، فقال: لقد تكلّموا في القدر والاعتزال، وأمرنا باجتناب القوم، رأينا علماءنا، هذا عمرو بن دينار، وهذا محمد بن المنكدر، حتى ذكر أيوب بن موسى، والأعمش، ومسعرا، ما يعرفون إلا كلام الله، ولا نعرفه إلا كلام
الله، فمن قال غير ذا، فعليه لعنة الله مرتين، فما أشبه هذا بكلام النصارى فلا تجالسوهم.
قال المسيب بن واضح: سئل ابن عيينة عن الزهد: قال: الزهد فيما حرم الله.
فاما ما أحل الله، فقد أباحكه الله، فإن النبيين قد نكحوا، وركبوا، ولبسوا، وأكلوا، لكن الله نهاهم عن شئ، فانتهوا عنه، وكانوا به زهادا.
وعن ابن عيينة قال: إنما كان عيسى ابن مريم لا يريد النساء، لأنه لم يخلق من نطفة.
قال أحمد بن حنبل: حدثنا سفيان قال: لم يكن أحد فيما نعلم أشدّ تشبّها بعيسى ابن مريم من أبي ذر.
وروى علي بن حرب، وسمعت سفيان بن عيينة في قوله:{وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: 69] قال: الصالحون: هم أصحاب الحديث.
وروى أحمد بن زيد بن هارون، حدثنا إبراهيم بن المنذر، سمعت ابن عيينة يقول: أنا أحقّ بالبكاء من الحطيئة، هو يبكى على الشعر، وأنا أبكي على الحديث.
قال شيخ الإسلام عقيب هذا: أراه قال هذا حين حصر في البيت عن الحديث، لأنه اختلط قبل موته بسنة.
قلت: هذا لا نسلمه فأين إسنادك به؟ أخبرنا أحمد بن سلامة الحداد في كتابه، أنبأنا مسعود الجمال، وجماعة، قالوا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ
(1)
، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا محمد بن عاصم الثقفي، سمعت سفيان بن عيينة سنة سبع وتسعين يقول: عاصم، عن زر، قال: أتيت صفوان بن عسّال، فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت ابتغاء العلم، قال: فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب.
(1)
"الحلية": 7: 308.
قلت: حكّ في نفسى أو صدري مسح على الخفين بعد الغائط والبول، فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا؟ قال: نعم.
كان يأمرنا إذا كنا سفرا، أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا، ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط أو بول أو نوم
(1)
.
قلت: هل سمعته يذكر الهوى؟ قال: نعم: بينا نحن معه صلى الله عليه وسلم في مسير، إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري، فقال: يا محمد، فأجابه على نحو من كلامه: هاؤم.
قال: أرأيت رجلا أحبّ قوما ولما يحلق بهم؟ قال: "المرء مع من أحبّ".
ثم أنشأ يحدثنا: أن من قبل المغرب بابا يفتح الله للتوبة مسيرة عرضه أربعون سنة، فلا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس من قبله.
وذلك قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} الآية
(2)
[الأنعام: 158].
(1)
قال الخطابي: كلمة (لكن) هنا موضوعة للاستدراك: وذلك لأنه تقدمه نفي واستثناء، وهو قوله:"كان يأمرنا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة".
ثم قال: "لكن من بول وغائط ونوم"، فاستدرك بـ (لكن) ليعلم أن الرخصة جاءت في هذا النوع من الأحداث دون الجنابة، فإن المسافر الماسح على خفه إذا أجنب كان عليه نزع الخفّ وغسل الرجل مع سائر البدن، وهذا كما تقول: ما جاءني زيد لكن عمرو، ومارأيت زيدا لكن خالدا.
(2)
إسناده حسن، وأخرجه الترمذي بطوله (3535) و (3536)، وقال: حسن صحيح، وصحّحه ابن حبان (79) و (179) و (2507) وفي الأصل: مسيرة عرضه أربعين، وهو خطأ.
وبه، قال ابن عاصم: سمعت من ابن عيينة، وأنا محرم لبعض النساء، ومن حج بعدي لم يره، مات سنة ثمان وتسعين ومائة.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بـ "مصر"، أخبرنا أبو المحاسن محمد بن هبة الله بن عبد العزيز الدينوري، بـ "بغداد"، أخبرنا عمي محمد بن عبد العزيز في سنة تسع وثلاثين وخسمائة، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، إملاء، حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، حدثنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى "مكة" دخلها من أعلاها، وخرج من أسفلها.
أخرجه الشيخان، وأبو داود والترمذي والنسائي
(1)
.
أخبرنا أحمد بن إسحاق المصرى، أخبرنا أحمد بن يوسف، والفتح بن عبد السلام قالا: أخبرنا محمد بن عمر القاضي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد البزّاز، أخبرنا علي بن عمر السكري، أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي سنة ثلاث وثلاثمائة، حدّثنا يحيى بن معين، حدثنا ابن عيينة، عن حميد الأعرج، عن سليمان بن عتيق، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم، "أمر بوضع الجوائح، ونهى عن بيع السنين".
أخرجه أبو داود
(2)
عن يحيى.
(1)
أخرجه البخاري: 3: 347 في الحج: باب من أين يخرج من مكة، وفي المغازى: باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة، ومسلم (1258) في الحج: باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا، والترمذي (853)، وأبو داود (1868) و (1869).
(2)
رقم (3374) في الإجازة: باب وضع الجائحة، وباب بيع السنين، وسنده قوي، وأخرجه مسلم (1554)(17) من طريق ابن عيينة عن حميد الأعرج، عن سليمان بن عتيقة، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، =
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أخبرنا موسى بن عبد القادر سنة ثماني عشرة وستّمائة، أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخّص في العرايا
(1)
.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران بنابلس، أخبرنا الشيخ موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي في سنة خمس عشرة وستمائة، أخبرنا محمد بن عبد
= ولمسلم (1554)(14) من حديث أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو بعت من أخيك تمرا فأصابته جائحة (هي الآفة التي تصيب الثمار وتهلكها) فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟.
وبيع السنين: هو أن يبيع الرجل ما تثمره الشجرة بأعيانه سنين ثلاثا أو أربعا أو أكثر.
(1)
أخرجه البخاري: 4: 320، و 321، ومسلم (1539) وأبو داود (3362) والنسائي: 7: 267، 268، والتزمذي (1302) والموطأ:2: 620.
والعرايا: جمع عرية، قال في "النهاية" هي أن من ألا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه، ويكون قد فضل له من قوته تمر، فيجئ إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر، فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات، ليصيب من رطبها مع الناس، فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق.
والعرية: فعليه بمعنى مفعولة، من عراه يعروه: إذا قصد، ويحتمل أن تكون، فعيلة بمعنى من عري يعرى إذا خلع ثوبه، كأنها عريت من جملة التحريم فعريت، أي خرجت.
الباقي، كتب إلى عبد الرحمن بن محمد الفقيه، وجماعة، أن القاضي أبا القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري، أخبرهم في سنة عشر وستمائة، قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد، قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الأنباري، حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي، حدثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب الكاتب، حدثنا بشر بن مطر، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبى بكر، عن مجاهد، في قوله عز وجل:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] قال: ذلك في الضيافة، إذا أتيت رجلا، فلم يضفك، فقد رخص لك أن تقول
(1)
.
قال ابن داود في كتاب "الشريعة": حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا ابن أبي بزة، سمعت سفيان بن عيينة يقول: لو صليت خلف من يقرأ بقراءة حمزة، لأعدت.
وثبت مثل هذا عن ابن مهدي، وعن حماد بن زيد نحوه.
وقال محمد بن عبد الله الحويطي: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: قراءة حمزة بدعة.
(1)
تفسير مجاهد 1: 179، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وذلك قوله {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وإن صبر، فهو خير له.
وقال الحسن البصري: هو الرجل يظلم الرجل، فلا يدع عليه، ولكن ليقل، اللهم أعنى عليه.
اللهم استخرج لي حقّي، اللهم حل بينه وبين ما يريد.
وقال السدّي: إن الله لا يحب الجهر بالسوء من أحد من الخلق، ولكن من ظلم فانتصر بمثل ماظلم، فليس عليه جناح.
انظر: الطبري 9: 343، 350.
قلت: مرادهم بذلك ما كان من قبيل الأداء، كالسكت، والإضجاع في نحو شاء وجاء، وتغيير الهمز، لا ما في قراءته من الحروف.
هذا الذي يظهر لي، فإن الرجل حجّة ثقة فيما ينقل
(1)
.
قال محمود بن والان: سمعت عبد الرحمن بن بشر، سمعت ابن عيينة يقول: غضب الله الداء الذي لا دواء له، ومن استغنى بالله، أحوج الله إليه الناس.
قال الحسين بن محمد القباني: حدثني عبد الرحمن بن بشر، قال سمعت ابن عيينة عشية السبت نصف شعبان سنة ستّ وتسعين ومائة يقول: كمل لي في هذا اليوم تسمع وثمانون سنة.
ولدت للنصف من شعبان سنة سبع ومائة.
قلت: عاش إحدى تسعين سنة في "فاصل الرامهرمزي"
(2)
، قال محمد بن الصباح الجرداني، قال الخطيم في ابن عيينة:
سيري نجاء وقاك الله من عطب
…
حتى تلاقي بعد البيت سفيانا
شيخ الأنام ومن حلت مناقبه
…
لاقى الرجال وحاز العلم أزمانا
حوى بيانا وفهما عاليا عجبا
…
إذا ينص حديثا نص برهانا
ترى الكهول جميعا عند مشهده
…
مستنصتين وشيخانا وشبانا
يضم عمرا إلى الزهري يسنده
…
وبعد عمرو إلى الزهري صفوانا
(1)
جاء في "المغني" لابن قدامة: 1: 492: ونقل عن أحمد أنه كان يختار قراءة نافع من طريق إسماعيل بن جعفر، قال: فإن لم يكن، فقراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش، وأثنى على قراءة عمرو بن العلاء، ولم يكره قراءة أحد من العشرة إلا قراءة حمزة والكسائي لما فيها من الكسر والإدغام والتكلف، وزيادة المد.
(2)
ص 224، 226، وقد تصحف فيه "الخطيم" إلى الحطيم".
وعبدة وعبيد الله ضمهما
…
وابن السبيعى أيضا وابن جدعانا
فعنهم عن رسول الله يوسعنا
…
علما وحكما وتأويلا وتبيانا
وقال الرياشي: قال الأصمعي يرثي ابن عيينة:
ليبك سفيان باغي سنة درست
…
ومستبين أثارات وآثار
ومبتغي قرب إسناد وموعظة
…
وواقفيون من طار ومن ساري
أمست منازله وحشما معطلة
…
من قاطنين وحجاج وعمار
من الحديث عن الزهري يسنده
…
وللاحاديث عن عمرو بن دينار
ما قام من بعده من قال حدثنا
…
الزهري في أهل بدو أو بإحضار
وقد أراه قريبا من ثلاث منى
…
قد خف مجلسه من كل أقطار
بنو المحابر والاقلام مرهفة
…
وسما سمات فراها كل نجار
(1)
* * *
2102 - الشيخ الفاضل المولى سكندر علي بن روشن علي الكُمِلّائي
*.
ولد سنة 1341 هـ. في قرية "جافوَا" من مضافات "برورا" من أعمال " كملا".
قرأ مبادئ العلم في داره على أبيه، ثم التحق بدار العلوم برورا، وقرأ فيها عدّة سنين، من شيوخه فيها، العلامة أبو القاشم شيخجي، والعلامة سيّد خان، والعلامة ياسين، والعلامة قربان علي، رحمهم الله تعالى.
ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وقرأ فيها الصحاح الستة وغيرها من الكتب الحديثية، ومن شيوخه فيها: شيخ الإسلام حسين أحمد المدني، العلامة إبراهيم البلياوي، وشيخ الأدب العلامة إعزاز علي الأمروهوي.
(1)
المحدث الفاصل 226، 227.
* را جع: مشايخ كملا 2: 225 - 227.
وبعد إتمام الدراسة بنى مدرسة في قريته، وعاها مدرسة إبراهيمية، وكان مديرا للجامعة الإبراهيمية أجاني، ثم درّس عدّة سنين في المدرسة الحميدية "بتوكرام".
توفي سنة 1420 هـ، ودفن بعد أن صلّى على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2103 - الشيخ الفاضل أبو جعفر محمد سكندر ممتازي بن ممتاز الدين سِكْدَار
*.
ولد سنة 1359 هـ في قرية "بانغَاسِيَة" من مضافات "فَتُوَاخالي" من أعمال "بريسال" من أرض "بنغلاديش".
قرأ في المدرسة العالية بـ "بانغاسية" إلى "مشكاة المصابيح"، ثم قرأ كتب الحديث، وأكمل الدراسة العليا 1381 هـ، من شيوخه: مولانا بديع العالم.
وبعد إتمام الدراسة عيّن مدرّسا بالمدرسة العالية بـ"بانغاسية".
من تصانيفه "فضيلة التضحية"، و"سيرة الإمام الشافعي"، و"سيرة الإمام أبي حنيفة"، و"سيرة أويس القرني"، و"سيرة المنصور الحلاج"، و"إسلام سلمان الفارسي".
* * *
2104 - الشيخ الفاضل المحدّث سلام الله بن شيخ الإسلام بن فخر الدين الدهلوي
* *.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 255.
* * راجع: نزهة الخواطر 7: 224. =
أحد كبار العلماء.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان من نسل الشيخ عبد الحق بن سيف الدين، البخاري الدهلوي، رحمهم الله تعالى.
دخل "رامبور" في عهد فيض الله خان، أمير تلك الناحية، وانتفع بصلاته.
وله مصنّفات ممتعة، أشهرها:"الكمالين على الجلالين" في التفسير، و"المحلى شرح الموطأ" في الحديث، صنّفه سنة خمس عشرة ومائتين وألف، وله شرح على "شمائل الترمذي"، وله "خلاصة المناقب في فضائل أهل البيت"، ورسالة في أصول الحديث، ورسالة في الإشارة بالسبّابة عند التشهّد في الصلاة.
توفي في شهر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين، وقيل: ثلاث وثلاثين ومائتين ألف.
* * *
2105 - الشيخ العالم الكبير الفقيه سلام الله المندوي
، رحمه الله تعالى *.
أحد الفقهاء المبرّزين في الفقه والأصول والعربية.
لقبه محمود شاه الخلجي، صاحب "مالوه"
(1)
بسيّد العلماء.
= وترجمته في مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 186.
* راجع: نزهة الخواطر 3: 63.
(1)
"مالوه": ولاية فيسحة من أرض "الهند" في الإقليم الثاني، طولها من ولاية "كوته" إلى "سودر" 245 ميلا، وعرضها من عمالة "جنديري" إلى =
وكن وجيها مبجّلا عنده، كما في "تاريخ فرشته".
* * *
2106 - الشيخ العالم المحدّث سلامة الله بن رجب علي الجيراجبوري
، نزيل "بوفال"، ودفينها *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ "جيراجبورا" -بفتح الجيم- قرية من أعمال "أعظمكره".
وقرأ بعض الكتب على المولوي عبد الله الجيراجبورى، والمولوي عبد الغنى بن شاه مير الفرخ آبادي
(1)
، ثم دخل "جونبور"، وقرأ الكتب على المفتي يوسف بن أصغر الأنصاري اللكنوي.
ثم سافر إلى "سهارنبور"، وقرأ الحديث على الشيخ أحمد علي بن لطف الله الحنفي السهارنبوري.
ثم أسند الحديث عن الشيخ المحدّث نذير حسين الدهلوي، ثم سافر إلى "بوفال "، وولي التدريس في المدرسة السليمانية، فدرّس بها مدّة، ثم ولي
- "ندريار" 230 ميلا، وهي أرض قبيلة من قبائل الوثنيين، ضخام الأجسام، عظام الخلق، حسان الصور، لنسائهم الجمال الفائق.
ومن أشهر بلادها في القديم كان "جنديري" و"مندو" و"دهان" و"أجين" و"سرونج" و"رائيسين" و "بهيلسه" و"آشته". وكان جنديري دار ملكها في القديم، ثم انتقلوا إلى "أجين"، وأعظم ملوكها كان "بكر ماجيت" الذي ينسب إليه السنين البكرمية.
* راجع: نزهة الخواطر 8: 173، 174.
(1)
نسبة إلى فرخ آباد، وهي بلدة كبيرة على أربعين ميلا من "قنوج"، مصَّرها نواب غضنفر جنك في عهد فرخ سير.
نظارة المدارس، فاستقلّ بها مدّة، وأحيل على معاش تقاعد، ولما ماتت شاهجهان بيكم ملكة "بوفال" جعلوه محصلًا للخراج في بعض أقطاع المملكة.
وكان من كبار العلماء، لم يزل مشتغلا بالدرس والإفادة.
قال صاحب "النزهة": وإني سمعت عمن أثق به أنه كان ينسب نفسه إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وإنه قرأ الحديث على شيخنا حسين بن محسن السبعي الأنصاري اليماني بعد وروده "بوفال"، وأجازه الشيخ إجازة خاصّة في الأمهات الستّ وعامّة بغيرها.
مات في ربيع الثاني سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وألف.
* * *
2107 - الشيخ الصالح الفقيه سلامة الله الرامبوري
، أحد الأفاضل المشهورين *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ العلم على الشيخ إرشاد حسين الحنفي الرامبوري.
وأخذ عنه الطريقة، ولازمه مدّة من الدهر، ولما مات شيخه قام مقامه في التذكير والتلقين والتدريس، وهو يعرف بقناعة وعفاف وتوكّل وتصلّب في المذهب، لا يردّ السلام ولا يصافح من كان يتزيّا بزيّ الأفرنج، أو يأخذ من لحيته، أو يطول شاربه.
وله عجائب، منها: أنه أعلن أن من فاتته الجماعة فله تسعة وتسعون عذابا، ومنها: أنه بلغني بنقل الشيخ محمد بن يوسف السورتي أنه يفسّر {الْحَمْدُ
* راجع: نزهة الخواطر 8: 174، 175.
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} في شأن سيّدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويجعل "الله" و {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ونحوهما صفة له صلى الله عليه وآله وسلم على تأويل وترقيم لم أحط به، وفي مثل هذا من الجور، الذي لا يرضاه مسلم غيّور، مع كلّ هذا فلهذا الرجل فضل على نظرائه في القناعة وقشف المعيشة.
مات لثمان خلون من جمادى الأولى سنة ثمان وثلائين وثلاثمائة وألف.
* * *
2108 - الشيخ الفاضل سلطان التهانيسْري
*.
أحد العلماء المبرّزين في الفقه والأصول والعربية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بمدينة "تهانيسر" من أرض "بنجاب"
(1)
.
* راجع: نزهة الخواطر 5: 173، 174.
(1)
"بنجاب": لفظ مركّب من "بنج" بفتح الباء العجمية، وسكون النون والجيم، معناه الخمس، ومن "آب"، وهو الماء، والمراد به بلاد، تسقيها الأنهار الخمسة المشهورة، وهي "جهلم"، و"جناب"، و"راوي"، و" بياس"، و"ستلج"، وهى أول أرض وطئها المسلمون بعد أرض "السند"، أرض خصبة، أكثرها سهل، متّسع، منحدر إلى جهة الجنوب الغربي، من مرتفعات "كشمير"، وهي كثيرة القمح والرز، والحمص، والفواكه الطيبة، وفيها معدن الملح، وهو الذي يسمّونه الملح الحجري، والملح اللاهوري، ويستخرج بعد تعب عظيم كميات قليلة من الفضّة، ومن أهمّ حاصلاتها: الحنطة، والسكر، والرز، والشعير، والحمص، والخردل، والقنب والتبغ، وما أشبهها، وأهمّ منسوجات الولاية: القطن، والصوف، والحرير، وما أشبه ذلك.
وقرأ العلم على أساتذة عصره.
ثم سافر إلى "الحجاز"، فحجّ، وزار، ورجع إلى "الهند"، وتقرّب إلى أكبر شاه ملك "الهند"، وترجم بأمره "مها بهارت" بالفارسية في أربع سنوات، وهوكتاب ضخم في لغة سنسكرت، مقدّس في زعم الهنادك، ثم اتفق أن الهنادك اتهموه بذبح البقرة، وكان ممنوعا لتأليف قلب الهنادك، فسخط عليه أكبر شاه، وأمر يحلائه إلى "بكر" من أرض "السند"، فرحل إليها، وكان عبد الرحيم بن بيرم خان واليابها، فالتفت إليه، وشفع له بعد فتحه قلعة "آسير"، فأذن له أكبر شاه أن يسكن ببلدة "تهانيسر"، وولّاه على كرور كيري ببلدته وبلدة "كرنال" أي جعله محصِّلا للخراج بها، وكان قائما على تلك الخدمة سنة أربع وألف، كما في "منتخب التواريخ".
* * *
2109 - الشيخ الفاضل سلطان نمنكاني
يلاحظ في ترجمته:
هذا هو اسمه الصحيح. وهو عالم *.
قام بتدريس العلوم الدينية للجماعة الأوزبكية في المسجد النبوي الشريف، كما قام بتدريس الفقه الحنفى بمدرسة العلوم الشرعية.
* * *
* راجع: تتمة الأعلام للزكلي 3: 248.
الإضافة وردتني من ناشر هذا الكتاب، لعلّله من طرف بعض معارف المترجم له.
2110 - الشيخ الفاضل العالم الصالح، المولى سلطان النوري الفِيْنَوِي
*.
ولد بـ "فيني" من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ونشأ بها، ثم التحق بدار العلوم "شيْتَاغُونغ"، وأكمل الدراسة العليا فيها.
درّس برهة من الزمان في مدرسة "بالُوَا صَوْمُوْهَاني" بـ"فيني".
بايع في الطريقة على يد الشيخ العلامة محمد يونس، مدير الجامعة فتيه
(1)
"شيتاغونغ".
وأجازه الشيخ بعد مدة في السلوك للإرشاد والتلقين.
ما علمت سنة وفاته.
* * *
2111 - الشيخ الفاضل سلطان أحمد بن الله بخش القندهاري
، ثم اللكنوي، أحد العلماء المبّرزين في العلوم الحكمية * *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ "قندهار".
* راجع: مشايخ فيني 103، 104.
(1)
أسّس هذه الجامعة مولانا الشيخ المفتي عزيز الحق، رحمه الله تعالى سنة 1357 هـ، وبدأ فيها درس الكتب الستة سنة 1366 هـ، الموافق عام 1946 م.
* * راجع: نزهة الخواطر 8: 175، 176.
وقرأ الفقه والأصول على الملا مهر دل الفراهى القندهاري، وقرأ النحو والصرف على الملا شير محمد القندهاري، وقرأ المنطق على القاضي محمد نور القندهاري، صاحب الحاشية على "شرح السلّم" للكوباموي.
ثم دخل "بيشاور" ودار البلاد والقرى، وأخذ الفنون الرياضية والطبعية عن بعض علماء "الهند"، ثم دخل "آكره"، وقرأ الحديث على مولانا عبد الله القندهاري، نزيل "آكره"، وسافر معه إلى "كشمير"
(1)
، وصحبه مدّة.
ثم سافر إلى "بوفال"، وقرأ "الشمس البازغة" للجونبوري على شيخنا القاضي عبد الحق الكابلي، وسمع عليه أكثر الكتب الدرسية، ثم سار إلى "جونبور"، وشرع "إلهيات الشفاء" على مولانا هداية الله الرامبوري، ولكنّه لم يستحسن طريقته في الدرس والإفادة، فسار إلى "خيرآباد"، وقرأ "إلهيات الشفاء" على العلامة عبد الحق الخيرآبادي، وسمع عليه جميع الكتب الدرسية في المنطق والحكمة، ولبث عنده خمس سنين.
(1)
"كشمير": تحدّها سلسلة الجبال من جهاتها الأربع، فمن جهة الشرق تنتهى إلى حدود "التبت" الصغير، ومن جهة الغرب إلى مسكن الأفغانيين، ومن جهة الشمال إلى "خراسان"، ومن جهة الجنوب إلى "بنجاب"، وأرضها سهل مستو، مساحته من الشرق إلى الغرب نحو أربعين فرسخا، وعرضه من الجنوب إلى الشمال نحو عشرين فرسخا، ولها شهرة في كثرة الفواكه والرياحين، كالجوز، واللوز، والأعناب، والرمان، والتفاح، والسفرجل، والحوخ، والنيشوق، والموز، والتين، والتوت، والعناب إلى غير ذلك من الفواكه والرياحين الطيبة: البنفسج، والزعفران، والنرجس، والسوسن، والسنبل، والزنبق، والياسمين وغيرها.
ثم ذهب إلى "دهلي" وإلى غيرها من البلاد، ودرس في عدّة مدارس، وتزوّد ببلدة "لكنو"، وسكن بها، وهو اليوم مدرّس في المدرسة النعمانية بـ "دانابور"، سلّمه الله تعالى.
* * *
2112 - الشيخ الفاضل مولانا سلطان أحمد بن الحاج بديع الزمان الجاتجامي
*.
ولد في قرية "رحمت بور"، من مضافات "سَنْدِيْف" من أعمال "شيتاغونغ".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وقرأ على شيوخها كتب الفنون وكتب الحديث، ثم رجع إلى وطنه، والتحق بالمدرسة العالية بـ "مُكْتاغاسه"، ودرّس فيها كتب الحديث، واستفاد منه كثير من العلماء والفضلاء.
* * *
2113 - العالم الرباني الداعية الكبير المحدث الشيخ سلطان أحمد بن الشيخ فضل الرحمن النانوفوري
* *.
ولد في قرية "دَهرْمُفُور" من مضافات "فَتِكْسَري" من "شيتاغونغ"، ونشأ بها.
قرأ القرأن الكريم في مكتب قريب من داره، ثم التحق بمدرسة الشيخ لال ميان بـ "نانوفور"، ثم سافر إلى "الهند"، والتحق بدار العلوم ديوبند،
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 257.
* * راجع: مائة رجال من مشاهير العلماء ص 336، 337.
وأكمل الدراسة العليا فيها، ومن أستاتذته فيها: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، رحمه الله، ثم رجع إلى وطنه المالوف، وعيّن مدرّسا بمدرسة بابونغر، ثم عيّن مديرا بالمدرسة العُبيدية بـ "نانوفور".
وفي مدّة إقامته بـ "ديوبند" بايع في الطريقة على يد شيخ الإسلام المدني، وبعد رجوعه إلى وطنه كان يعلم شيخه جملة أحواله بالكتابة والمراسلة، وبعد وفاة شيخه بايع مرة ثانية على يد المفتي عزيز الحق الفتيوي، مؤسّس جامعة فتيه، وأجازه الشيخ في السلوك للإرشاد والتلقين.
وكان واعظا بليغا، اهتدى بمواعظه كثير من الناس.
توفي صباح يوم الأحد 11 ربيع الثاني 1416 هـ، ودفن في مقبرة الجامعة العبيدة بـ"نانوفور".
* * *
2114 - الشيخ الفاضل المحدّث الكبير مولانا سلطان أحمد
، رحمه الله تعالى، من أخصّ تلامذة الإمام الكشميري، رحمه الله تعالى *.
قرأ علي الأمام أنور شاه الكشميري، وحصّل ودأب.
وبعد إتمام الدراسة التحق بالمدرسة العالية فتح بوري من أعمال "دهلي"، وعيّن صدر المدّرسين وشيخ الحديث فيها.
وكان عالما محقّقا فاضلا مدقّقا، جامع المعقول والمنقول.
* * *
* راجع: مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 250.
2115 - الملكة الفاضلة نوّاب سلطان جهان بيغم بنت شاهجهان بيغم بنت سكندر بيغم، ملكة "بوفال
"
(1)
المحمية من مشاهير "الهند" *.
ولدت في "بوفال سنة أربع وسبعين ومائتين وألف، ونشأت في مهد السلطة.
وقرأت القرآن وترجمته على مولانا جمال الدين الوزير، وتعلّمت الخطّ والكتابة، واللغة الفارسية والإنكليزية، وقرأت المختصرات على المفتى أيوب بن قمر الدين البهلتي، واستفادت السياسة والرياسة من جدّها سكندر بيغم، حتى برّزت في كثير من العلوم والفنون.
وتزوّجت بأحمد على خان اللوهاروي، وجلست على مسند الرياسة بعد ما توفيت أمّها سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف.
ومات زوجها سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف، فأخذت عنان السلطة بيدها الكريمة، وافتتحت الأمر بالكياسة والسياسة والرفق وحسن المعاملة، وتقدّمت الإمارة في عهدها في المدنية والرفاهة، والتنظيم، وشجعت على نشر المعارف، وساعدت في المشاريع التعليمية وتأليف الكتب المفيدة.
وكان لها فضل في تأليف "سيرة النبي" للعلامة شبلي بن حبيب الله، واختيرت رئسية الجامعة الإسلامية بـ"عليكره".
(1)
"بهوبال" بضم الباء الفارسية، وسكون الهاء والواو، وفتح الباء الهندية، بلدة كبيرة ذات أسواق، وجوامع وحدائق، يسكن بها أمير تلك الناحية، وفيه قال مولانا صديق حسن القنوجي:
وصلت حمى بهوبال يا نفس فانزلي
…
فقد نلت مأمول الفؤاد المعول.
* راجع: نزهة الخواطر 8: 187، 188.
وكانت كاتبة، مؤلفة، خطيبة، وقد بايعت الإمام رشيد أحمد بن هداية الله الكنكوهي بالكتابة، وكان لها حبّ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، واحترام للعلماء وأصحاب الفضل.
ماتت في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وألف.
* * *
2116 - الشيخ العالم الصالح سلطان محمد الكرماني، الدهلوي
*.
أحد الفقهاء الحنفية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أخذ عن السيّد حسن النارنولي ثم الدهلوى، المشهور رسول نما، ولازمه ملازمة طويلة.
وكان يدرّس، ويفيد.
أخذ عنه جمال خان المدرّس الدهلوي، كما في "البجر الزخّار".
* * *
2117 - الشيخ الفاضل المولى سلطان محمود بن مبارك علي الفِيْنَوِي
* *.
ولد سنة 1325 هـ في قرية "يعقوب بور" من أعمال "فيني" من أرض "بنغلاديش".
* راجع: نزهة الخواطر 6: 106.
* * راجع: تاريخ علم الحديث ص 257، 258.
قرأ مبادئ العلم إلى الصفّ الخامس في مدرسة "داغَينْ بُهونيَا"، ثم سافر إلى "كلكته"
(1)
، والتحق بالمدرسة العالية، وقرأ فيها إلى "مشكاة المصابيح"، ثم أكمل فيها الدراسة العليا، وفاز في الاختبار النهائي بدرجة الامتياز.
من شيوخه: مولانا ماجد علي الجونبوري، ومولانا محمد حسين السلهتي، ومولانا يحيى، وغيرهم من المحدّثين، رحمهم الله تعالى.
وبعد إتمام الدراسة اشتغل بالتصنيف في المدرسة العالية كلكته، وصنّف كتابا، سماه "علماء الهند"، وعيّن مدرّسا فيها سنة 1351 هـ.
وبعد تقسيم "الهند" التحق بالمدرسة العالية داكا، وكان عالما محقّقا، فاضلا مدقّقا، له خبرة تامة في سائر العلوم والفنون الإسلامية.
* * *
2118 - الشيخ الفاضل مولانا سلطان محمود
، رحمه الله تعالى *.
تلقّى مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، والتحق بها، وقرأ على الإمام أنور شاه الكشميري، كتب تقريراته في حلقة درسه
(1)
"كلكته": مدينة حديثة العهد، مصّرها الإنكليز على نهر "هوكلي" حيث الطول الشرقي 28 درجة و 88 دقيقة، والعرض الشمالي 22 درجة و 33 دقيقة، وبينها وبين البحر مائة ميل، فجعلوها قصبة بلاد "الهند"، يسكن بها الحكم العام للهند من قبل إنكلترا منذ مائة سنة، وفي سنة 1330 هـ 1911 م قدم جورج الحكومة من "كلكته" إلى "دهلي"، فانتقل نائبه "لورد هاردنك" من ذاك إلى هذا، ولها تجارة واسعة برا وبحرا، وهي أكبر مدن الهند في هذا العصر.
* راجع: بزم أشرف ص 121، 122.
لـ "سنن أبي داود السجستاني"، وهذه التقريرات إن طبعت لكانت مجلّدات ضخاما.
وبعد إتمام الدراسة وصل إلى "دهلي"، والتحق كدرسة فتح بوري، وعيّن صدر المدرّسين وشيخ الحديث فيها، وفي هذه الأيام استفاد من الشيخ العلامة عبيد الله السندي فوائد كثيرة.
ثم وصل إلى "تهانه بهون"، وبايع في السلوك على يد حكيم الأمة أشرف على التهانوي.
وكان عالما متبحّرا فاضلا نبيلا، له مهارة تامة وخبرة وافية في العلوم والفنون، وكان تقيا نقيا، ورعا زاهدا، كتب حكيم الأمة اسمه فيمن أجازه للصحبة.
* * *
2119 - الشيخ الفاضل سلطان مير الكشميري
*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان ابن أخي الشيخ نور محمد وصاحبه وخليفته.
صرف عمره في نشر العلوم والمعارف.
ومات سنة خمس وعشرين ومائة وألف، كما في "خزينة الأصفياء".
* * *
2120 - الشيخ الفاضل سَلمان بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو محمد
* راجع: نزهة الخواطر 6: 107.
المنعوت بالشمس المِلَطِيِّ *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: ذكرَه الحافظ قُطْب الدين في "تاريخ مصر"، فقال: كان فقيها فاضلا، يُفْتي على مذهب أبي حنيفة، وينوب عن القضاة بـ "دمشق"، ودرَّس بـ "المدرسة الظاهرِيَّة" للطائفة الحنفية، ثم قدم إلى "القاهرة" في الجَفَل، وناب بـ "القاهرة" عن شيخنا قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن السَّرُجيّ، وكان مُتواضعا، حسَن الأخلاق.
تُوُفِّي يوم السبت، مُنْتصف ذي القعْدة، سنة ثلاث وسبعمائة بـ "دمشق".
وكذا نقلتُ هذه الترجمة من خط أحمد بن محمد بن الشِّحْنَة، وقد سماه سَلمان.
وكذلك سمّاه في "الغُرَف العلِيَّة". وقال بعضهم: إن اسمه سُليمان. والأول أصحُّ. والله تعالى أعلم.
* * *
2121 - الشيخ الفاضل سلمان الندوي
* *.
محرّر صحفى، داعية (وهو نفسه سلمان الندوي الذي سبقت ترجمته).
رئيس تحرير مجلّة "الدعوة"، الناطقة بلسان الجماعة الإسلامية في الهند باللغة العربية.
* راجع: الطبَقات السَّنِيَّة 4: 46، 47.
وترجمته في الدرر الكامنة 2: 233، 234.
* * راجع: تتمة الأعلام للزركلي 2: 163.
المجتمع ع 946 (21، 5، 1410 هـ) ص 55.
كان مثالا للتواضع وحسن الخلق، رأس تحرير مجلة الدعوة 12 عاما، وكان عضوا فعّالا في إالمجلس الاستشاري للجماعة الإسلامية المركزية.
وكان ينتمي إلى أسرة هندوكية، وقد هداه الله سبحانه وتعالى في مقتبل عمره، ودخل دار العلوم ندوة العلماء للدراسة، وتخرّج منها، حتي برع في الكتابة باللغة العربية، وكان من المحافظين على أسلوب اللغة العربية الفصحى، وقد دم القضايا الإسلامية كثيرا بشرح أحوال المسلمين باللغة العربية، وترجمة نشاطات الجماعة الإسلامية في "الهند".
توفي عن عمر يناهز السبعين عاما.
توفي سنة 1410 هـ.
* * *
2122 - الشيخ الفاضل سلمان خان الندوي من متخرجي ندوة العلماء وأبنائها القدامى
*.
تولى منصب نائب العميد لدار العلوم تاج المساجد "بوفال"(الهند)، ووضع كلّ إمكانياته وطاقاته لرفع مستوى التعليم والدراسة فيها.
وكان ذا صلة عميقة بعمل الدعوة والتبليغ في الهند، فكان يسافر في سبيل الدعوة إلى مسافات بعيدة.
وكان ذا أخلاق عالية، وأوصاف متوازنة، يحبّ في الله، ويبغض في الله، لا تفارقه الرزانة والجدية عند العمل.
توفي سنة 1411 هـ.
* * *
* راجع: تتمة الأعلام للزركلي 1: 210، 211، والبعث الإسلامي مج 36 ع 7 (ربيع الأول 1412 هـ) ص 99، 100.
2123 - الشيخ الفاضل سلَمة بن الجارود، جَدُّ محمد بن النضْر
، ووالد النضْر *.
وقد تقدَّم الجارود، ويأتي كل من محمد والنضْر في بابه، إن شاء الله تعالى.
* * *
2124 - الشيخ الفاضل سليم بن حسن بن علي
* *.
شاعر، خطّاط. أصله من "الجزائر"،
وولد بـ "دمشق" سنة 1307 هـ، وتوفي بها في 4 ربيع الأول سنة 1359 هـ.
من آثاره: "ديوان شعر"، سماه "المجموعة الشعرية".
* * *
2125 - الشيخ الفاضل سليم بن سعيد بن محمد رحمة الله العثماني
* * *.
* راجع: الطبَقات السَّنِيَّة 4: 46.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 622.
* * راجع: معجم المؤلفين 4: 245.
وترجمته في أعلام الأدب والفن 1: 241.
* * * راجع: إتمام الأعلام 365، وتشنيف الأسماع 231، 232.
مدير المدرسة الصولتية بـ "مكة المكرمة".
ولد سنة 1323 هـ بـ "مكّة المكرّمة" لأسرة يتصل نسبها بعثمان بن عفان رضي الله عنه، رحلت إلى "الهند"، ثم استقرّت بـ "جدّه".
حفظ القرآن، وقرأ على كبار العلماء، بالمدرسة الصولتية التي أسّسها جدّه، فلمّا تخرّج بها عمل بالتدريس فيها، ثم تولى إدارتها بعد وفاة أبيه. كان مسموع الكلمة مهابا. له عدد من المقالات التي نشرتها صحف "الحجاز" و"الهند"، وعند وجوده بـ "الهند" خصّصت له إذاعتها حصة.
من مؤلّفات بالأردية: "آثار الحرمين الشريفين"، و"تاريخ مكة"، رتّبه على الحوادث (مفقود).
وله غير ذلك.
توفي سنة 1397 هـ.
* * *
2126 - الشيخ الفاضل المولوي سليم الشهيد بن عبد الهادي البورماوي
*.
ولد سنة 1380 هـ بـ "بورما"، ونشأ بها.
ارتحل إلى "أفغانستان" ليجاهد في سبيل الله تعالى، ويقاتل مع الروسيين الكَفَرَة الاشتراكيين الظالمين، وينصر المسلمين الأفغانيين.
استشهد سنة 1405 هـ في معركة "شرنه" من أرض "أفغانستان".
دفن في مقبرة "موشخيل".
* * *
* راجع: شهداء إسلام 325، 326.
2127 - الشيخ الفاضل العلامة المحدّث الكبير الفقيه البارع سليم الله خان بن عليم الله خان الكراتشوي
*.
ولد سنة 1344 هـ في قرية "حسن بور لوهاري" في جوار "تهانه بهون" من أعمال "مظفّر نغر" من أرض "الهند"، ومن مزايا هذه القرية: أقام فيها سيّد الطائفة الحاج إمداد اله المهاجر المكّي، والحافظ ضامن الشهيد، والشيخ المحدّث محمد التهانوي، والشيخ نور محمد الميانجي الجهنجهانوي رحمهم الله تعالى.
قرأ الكتب الابتدائية من الأردية والفارسية على الشيخ المنشئ محمد حسن، والمنشئ الله بنده (عبد الله)، رحمهما الله تعالى.
ثم التحق بمدرسة مفتاح العلوم جلال آباد، من أعمال "مظفّر نغر"، وقرأ فيها ستة أشهر وسنتين، وأتم فيها كتب الدرجة الرابعة، ثم التحق بدار العلوم ديوبند، واشتغل فيها لتحصيل العلوم والعرفان ليلا ونهارا، وأمضى في هذا الصدد خمس سنين، وأتم الدراسة العليا، وقرأ الصحاح الستة وغيرها من الكتب الحديثية، من أساتذته فيها: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، قرأ عليه "صحيح البخاري"، و"جامع الإمام الترمذىِ"، وشيخ الأدب العلامة إعزاز على الأمروهوي، قرأ عليه "السنن" لأبي داود، وكتاب التفسير من "جامع الترمذي" إلى آخره، و"شمائله".
وبعد الفراغ التحق مدرّسا بمدرسة مفتاح العلوم جلال آباد، ودرّس فيها ثماني سنين، وبعد تقسيم "الهند" هاجر إلى "باكستان"، ودرّس في
* راجع: كشف الباري شرح صحيح البخاري 1: 81 - 83.
مدرسة أشرف العلوم تندو الله يار ثلاث سنين، ودرَّس في دار العلوم كراتشى عشر سنين، وفي جامعة العلوم الإسلامية بنوري تاؤن سنة واحدة.
ثم بنى الجامعة الفاروقية سنة 1386 هـ بـ "كراتشي"، يدرّس فيها "صحيح البخاري" إلى الآن.
من تصانيفه: "كشف الباري شرح صحيح البخاري"، وهو إلى الآن موجود بقيد الحياة، حفظه الله تعالى، ورعاه. توفي سنة 1418 هـ.
قلت: قد حضرتُ في مجلس تقريره في بيت المكرّم عند قدومه في بلادنا "بنغلاديش"، وأقام يوما في بيت المكرم عند تلميذه العزيز المفتي نور الدين، خطيب بيت المكرم، فطلبتُ منه إجازة رواية الحديث، التي حصلتْ له من شيوخه العظام، فأجازني بطيب قلبه الثاقب، فلله الحمد والمنّة.
* * *
2128 - الشيخ الفاضل المولى سليم الدين بن نور الدين الكُمِلائي
*.
ولد سنة 1318 هـ في قرية "بُوْلَائِن" من مضافات "لَكْسَام" من أعمال "كملا" من أرض "بنغلاديش".
وبعد إتمام الدراسة الابتدائية التحق بالمدرسة الحميدية بـ "بُتُكْرَام".
ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وأكمل الدراسة العليا فيها، ومن أساتذته فيها: العلامة السيّد حسين أحمد المدني، والعلامة إبراهيم البلياوي، والعلامة إعزاز علي الأمروهوي، والمفتي مهدي حسن الشاهجهان فوري، صاحب "التعليق" على "كتاب الحجّة على أهل المدينة" للإمام محمد بن
راجع: مشايخ كملا 2: 220 - 224.
الحسن الشيباني، ومن زملائه: العلامة محبّ الرحمن الفِنُوَاني، والعلامة الحافظ عبد الكريم السِّلْهِتى، رحمهم الله تعالى.
ودرّس في مدارس عديدة، فأفاد، وأجاد، استفاد منه كثير من الناس، ثم أسّس مدرسة أهلية في قريته.
توفي 27 جمادى الأخرى 1420 هـ، ودفن في مقبرة آبائه.
* * *
2129 - الشيخ الفاضل أبو عثمان سليم الرحمن بن مولانا فضل الرحمن الجاتجامي
*.
ولد 1349 هـ في قرية "جَلْدِي" من مضافات "بانسْخَالي" من أعمال "شيتاغونغ".
كان والده محدّثا كبيرا، وعالما جليلا في دار العلوم شيتاغونغ، وجامعة فتيه.
تعلّم تحت إشراف والده، وفاز في الاختبارات بدرجة الامتياز، والتحق سنة 1371 هـ بالمدرسة العالية داكا، وأتم تكميل الحديث، وصنّف كتابا فيها، جمع فيه آثار عبد الله بن عمرو بن العاص، رضى الله تعالى عنهما.
من شيوخه فيها: المحدّث الكبير ظفر أحمد العثمافي، صاحب "إعلاء السنن"، ومولانا نذير الدين، والعلامة المفتي عميم الإحسان، صاحب "قواعد الفقه"، وغيرهم من المحدّثين.
وبعد إتمام الدراسة التحق بالمدرسة العالية بـ "سِرَاج غنج"، ثم درّس في عدّة مدارس.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 258.
من مصنّفاته: "مسند عبد الله بن عمرو بن العاص"، رضي الله تعالى
عنهما، جمع فيه 856 حديثا، و"تعليقات القمري شرح البخاري" بالأردية، وشرح الجزء الأول من "صحيح البخاري"، وشرح كتاب الحج من "سنن النسائي"، وشرح كتاب الصوم وكناب الزكاة من "جامع الترمذي".
* * *
2130 - الشيخ الفاضل سليمان بن إبراهيم بن عمر بن علي الزَّبيديّ
، الشهير بابن العَلَوِيّ نِسبَة إلى أحد أجداده، وهو الجدّ الأعلى على بن على بن راشد *.
ذكره التميمى في "طبقاته"، فقال: وُلد في شهر رجب، سنة خمس وأربعين وسبْعمائة، بـ "زَبيد".
واشتغل، وتفقَّه، واعتنى بالحديث، وأحبَّ الرواية، وقرأ بنفسه الكثير على مشايخ بلده، والوارِدين إليها.
وحَجَّ في سنة اثنَيْن وثمانين.
وقرأ على القاضي أبي الفضل النُّوَيْرىّ "الشِّفاء".
وأجاز له السراج البُلْقِيِنىّ، وابن الملقِّن، والعِراقي، والحَلاوِيّ، وصَدْر الدين المناويّ، وغيرهم.
وكان محبّا للحديث وأهله، ملازما على قراءته ومطالعته، ونَسْخه واستنْساخه، ومقابلته، حتى مرَّ على "صحيح البخاري" ما بين قراءة وسَماع وإسماع ومُقابلة أكثر من مائة مرّة.
* راجع: الطبَقات السَّنِيَّة 4: 47، 48. وترجمته في الضوء اللامع 3: 259، 260.
وانتهتْ إليه رياسة علم الحديث بـ "اليَمَن"، واسْتفاد منه جْمعٌ كثير، وسمع منه خلق لا يُحْصَوْن من العلماء وغيرهم إلا وقد روى عنه.
وكانتْ وفاته سنة خمس وعشرين وثمانمائة. رحمه الله تعالى، كذا لخَّصت هذه الترجمة من "الغرف العليَّة"، والله تعالى أعلم.
* * *
2131 - الشيخ الفاضل سليمان بن خوجه إبراهيم قبلان الحسيني النقشبندي
، القندوزي *.
فاضل، من أهل "بلخ".
ولد سنة 1220 هـ.
ومات سنة 1270 هـ في "القسطنطينية".
له "ينابيع المودّة" في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل البيت.
* * *
2132 - الشيخ العالم الصالح سليمان الفاضل بن أحمد
* *.
شيخ أيا صوفيا، محدّث جليل.
له مؤلّفات كثيرة في الحديث وغيره.
* راجع: الأعلام للزكلي 3: 125.
وترجمته في معجم المطبوعات 586.
* * راجع: التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز ص 36.
أخذ عن سلطان المزَّاحي، وعلي الشَّبْراملّسي، وخير الدين الرّملي، ومحمد بن محمد بن سليمان الروداني، ومنه أخذ عبد الله بن محمد الأماسي: يوسف أفندي زاده، شارح "البخاري".
توفي سنة 1134 هـ. وما في "القول السديد" سهو.
* * *
2133 - الشيخ العالم الفاضل سليمان بن إسرائيل
، اللاهوري، أحد رجال العلم والطريقة *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ "لاهور"
(1)
.
وأخذ عن الشيخ صدر الدين الحليم عن أبيه الشيخ عماد الدين إسماعيل، عن أبيه الشيخ ركن الدين الكلانوري، عن عمّه الحاج صدر الدين، عن عمّه الشيخ ركن الدين أبي الفتح فيض الله بن محمد الملتاني.
وسافر للحجّ والزيارة سبع مرّات، وحصل له القبول العظيم من طائفة "ككهر"، ولما مات قام مقامه ولده عبد الشكور، ثم ولده عبد المجيد، ثم ولده الشيخ منوّر.
ذكره محمد بن الحسن في "كلزار أبرار".
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 4: 115، 116.
(1)
صوبة "لاهور": يحدّها من الشرق "دهلي"، ومن الغرب "ملتان"، ومن الشمال "كشمير"، ومن الجنوب "ديبالبور"، طولها ثمانون ومائة ميل، وعرضها ستة وثمانون ميلا، ولها خمسة "سركارات"، وسث عشرة وثلاثمائة عمالة.
2134 - الشيخ الفاضل سليمان بن أبي حَرْب، عَلَم الدين أبو الرّبيع، الكَفْرِيّ الفَارِقِيّ
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال أبو حَيّان: كان من تلاميذ ابن مالك، أخبرني أنه عَرضَ عليه أُرجوزته الكبرى المعروفة "الكافية الشافية"، وأنه بحث أكثَرها عليه، وأنه قرأ القراءات السبعَ بـ "دمشق"، واشْتغل عليه الناس، وكان يَحُلُّ المشْكلات حلا جيّدا.
ومما نُسِب إليه من الشِّعر في مدح شرف الدين بن الوحيد الكاتب:
أما ومَجْدٍ فصيح أعْجز الفصحا
…
ونائل كلما اسْتَمْطَرْتُه سَمَحا
لو وازَن ابنُ الوَحيد الناس قاطِبةً
…
بفضل ما ناله من سُؤدُدٍ رَجَحا
قال ابن مَكْتوم: كانتْ فيه حِدَّة أخلاق، وتحامل في البحث، وجراءةٌ في الكلام، بحث يوما مع أعْورَ، فقال له: متى زدْت عليَّ قلعت عَيْنَكَ الأُخرَى، فإذا قلعتُ بها صِرتَ أنت أعْمى أنا أعْوَرُ.
وكان ضَيِّق الرزق، مَطْعونا عليه في دينه.
مات بـ "المارِسْتان المنْصوريِّ" بـ "القاهرة"، في حدود سنة تسْعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
2135 - الشيخ الفاضْل سليمان بن أبي الحسن الحسيني
، الزيدي، الدسنوري، البهاري،
* راجع الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 48.
أحد العلماء المبرّزين في الفنون الأدبية ونوابغ الفضلاء والمؤلفين في القارة الهندية *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد لسبع بقين من صفر سنة اثنتين وثلامائة وألف.
ونشأ بـ "دِسْنه" -بكسر الدال وسكون السين المهملتين- قرية من أعمال "بهار" بكسر الباء الموحّدة، وقرأ مبادئ العلم على صنوه، الشيخ أبي حبيب النقشبندي، وسافر سنة ستّ عشرة وثلاثمائة وألف إلى "بهلواري"، ومَكَثَ هناك عاما، وقرأ بعض الكتب الدراسية على الشيخ الجليل محي الدين المجيبي البهلواروي، ثم سافر إلى المدرسة الإمدادية في "دَرْبَهنْكَه" ومكث هناك سنة، وقرأ بعض الكتب المتداولة، ثم سافر إلى "لكنو"، والتحق بدار العلوم ندوة العلماء
(1)
سنة ثماني عشرة وثلاثمائة ألف، وبقي فيها خمس سنوات، وقرأ
* راجع نزهة الخواطر 8: 177 - 183.
(1)
دار العلوم وندوة العلماء
تقع هذه الجامعة بمدينة "لكنو" عاصمة أتربرديش (الهند)
أسسها نخبة من العلماء، وعلى رأسهم العالم الكبير المؤرخ الشهير الشيخ شبلي النعماني، والشيخ محمد علي المونجيري، وذلك في 1312 هـ، الموافق 1895 م.
ومن مميزات هذه الجامعة: أنها أسست كمعهد وسط بين الجامعات العصرية والمعاهد الدينية الأخرى، وكانت أولى الخطوات التي اتخذت بعد تأسيس هذه الجامعة مباشرة هي إدخال التعديلات على المنهج الدراسي القديم، فحذفت منها بعض المواد الغير الضرورية، كما أضيفت إليه من جانب آخر بعض العلوم العصرية الضرورية، مثل الاقتصاد، والسياسة، والتاريخ، والجغرافية، وغير ذلك، فالمنهاج الدراسي للجامعة جامع بين العلوم الدينية والعصرية، تدرّس فيها جميع الموادّ الإسلامية، التي تدرّس في جامعات مشايخ ديوبند =
فاتحة الفراغ، ونال الشهادة سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وألف، قرأ في دار العلوم على المفتي عبد اللطيف السنبهلي، والسيّد علي الزيني الأمروهوي، والمولوي شبلي بن محمد علي الجيراجبوري، والشيخ الفاضل حفيظ الله البندولي، والعلامة فاروق بن علي العبّاسى الجرياكوتي، وبعض الكتب الأدبية على مؤلف هذا الكتاب.
وتأدّب على العلامة شبلي بن حبيب الله البندولي، واستفاد منه استفادة عامة، واختصّ به، ولازمه، وتداول نيابة تحرير مجلة "الندوة" ثلاث مرّات بين عام أربع وعشرين وثلاثمائة وألف، وعام ثلاثين وثلاثمائة وألف، ولفت الأنظار بمقالاته العلمية، التي تدل على نبوغه، وتبشر بمستقبل الكاتب، وعيّن أستاذا في دار العلوم سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وألف للغة العربية وأدبها، واستقدمه مولانا أبو الكلام سنة ثلاثين وألف إلى "كلكته"، فشاركه في تحرير صحيفة "الهلال"، ومكث هناك سنة، واختير أستاذا للألسنة الشرقية في كلّية بونا التابعة لجامعة بمبئ سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف، وأقام فيها نحو ثلاث سنوات، يدزس آداب اللغة الفارسية، وحاز ثقة الأساتذة والطلبة.
وطلبه أستاذه العلامة شبلي بن حبيب الله النعماني حين حضرته الوفاة، وشعر بدنو الأجل، وفوّض إليه إكمال سلسلة "سيرة النبي" على صاحبها الصلاة والسلام- التي بدأها، ونظّارة دار المصنّفين، التي أسّسها، توفي أستاذه على إثر ذلك، فنهض بأعباء هذه المؤسّسة، وخلف أستاذه فيها، وانقطع إليها كلّيا، وذاك في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف.
= الأخرى من التفسير والحديث وأصولهما، والفقه وأصوله، والفرائض والعقائد، وعلم الكلام، وغير ذلك، بالإضافة إلى تدريس العلوم الجديدة.
وتولى رياسة تحرير مجلّة "المعارف" الشهرية، وعكف على التأليف والتحقيق مكبّا على إكمال "سيرة النبي"، مشاركا في حركة الخلافة مسايرا لعواطف المسلمين مع الاحتفاظ بأشغاله العلمية وذوقه الأدبي وطبعه الهادي، فأحرز بذلك مكانة خاصّة من بين العلماء والمشتغلين بالسياسة، واختير عضوا في وفد الخلافة الذي قرّر إرساله إلى عاصمة الجزائر البريطانية سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف ليبلغ إلى أركان الدولة وجهة نظر مسلمي "الهند" في الخلافة العثمانية وارتباطهم بقضيّتها، فرافق الزعيم المسلم الشهير محمد علي الرامبوري، والسيّد حسين البهارى وغيرهما، فقابل أركان الدولة وقادة الرأي في "أوربا" ورجال السياسة في العالم الإسلامي، وزار "لندن" و"باريس" القاهرة، وقاد وفد الخلافة سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة وألف إلى "الحجاز" للإصلاح بين الملك عبد العزيز والشريف حسين، وعقد الملك عبد العزيز بن سعود مؤتمرا للعالم الإسلامي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف، ودعا علماء المسلمين وزعمائهم ليقرّروا مصير البلاد، وقرّر المسلمون إرسال وفد، واختاروه رئيسا للبعثة، واختير نائب الرئيس لحفلات المؤتمر، ودعاه الملك نادر خان ملك "أفغانستان" في رجب سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف، ليستفيد من تجاربه ودراساته في سياسة البلاد التعليمية وتوجيه المعارف في "أفغانستان"، فرافق الدكتور محمد إقبال والسيّد رأس مسعود، وزار "كابل" و"غزنين"، وأكرمه الملك، واحتفت به البلاد، ومنحته جامعة "علي كره" الإسلامية شهادة الدكتوراة الفخرية في الآداب لستّ خلون من صفر سنة ائنتين وستين وثلاثمائة وألف اعترافا بمكانته العلمية، وعلوّ كعبه في العلوم والآداب.
وكان مع انقطاعه إلى العلم والتحقيق وشهرته التي طبقت الآفاق يحن إلى إكمال نفسه ونيل درجة الإحسان، ويشعر بحاجة إلى من يرشده في دقائق إصلاح النفس وكمال الإخلاص والتحقيق، وساقه سائق التوفيق
والمناسبة العلمية إلي مولانا أشرف على التهانوي، وبايعه في رجب سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وألف، وأذعن له بالثقة والاعتماد والتفويض والانقياد، ونال عند شيخه الزلفى في أقلّ مدّة، فأجازه، واستخلفه لعشر خلون من شوّال سنة إحدى وستين وثلاثمائة وألف.
واستقدمه النوّاب حميد الله خان والي "بوفال" ليتولى رياسة القضاء في الإمارة ورياسة الجامعة الأحمدية، والإشراف على التعليم الديني والأمور الدينية في "بوفال"، فأجابه إلى ذلك لميله إلى الاعتزال عن دار المصنّفين لمدّة، وقصد "بوفال" في رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة وألف، وأقام فيها ثلاث سنوات، واشتغل بالدرس والافادة ونصح المسلمين، وحجّ سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وألف الحجّة الأخيرة. وألغيت إمارة "بوفال"، وضمّت إلى الحكومة الهندية، واضطربت الأحوال، فاستقال من وظيفته في المحرّم سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف، وكان بعض أركان حكومة "باكستان" وقادتها الذين يعرفون منزلته العلمية وتبصّره في العلوم الدينية يدعونه إلى "باكستان". ليشارك في وضع الدستور الإسلامي للحكومة الوليدة، وقد أجابهم إلى ذلك في شعبان سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف، وقرّر الأقامة في "باكستان"، واختير رئيسا للجنة التعليمات الإسلامية، إلا أن هذه اللجنة لم تستطع أن تكمل مهمّاتها، وحلت بعد مدّة قصرة، ولم يجد السيّد ماكان يؤمله من التشجيع والتقدير في مقاصده الدينية والعلمية، وتعرض لحسد بعض العلماء واستهانة ولاة الأمر بقيمته ومكانته، وعاش بقيّة عمره في عفاف وقناعة، وعزّة نفس واشتغال بخاصية النفس، والمطالعة والبحوث العلمية، واختاره بجمع فؤاد الأول في "مصر" عضوا مراسلا في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وألف، ورأس بعفض الحفلات العلمية الكبيرة، كتب بحوثا علمية، وأشار على ولاة الأمر وعلماء البلاد بما يرى فيه الخير والسّداد لسلامة البلاد ومستقبلها، وبقي مشغولا بالذكر والعبادة والتربية والإفادة إلى أن
وافاه الأجل غرّة ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وألف، وحضر جنازته كبار العلماء وأعيان البلاد وسفراء الحكومات الإسلامية والعربية، ودفن بحوار الشيخ شبير أحمد العثماني.
كان السيّد سليمان الندوي ربع القامة، مائلا إلى القصر، له وجه مشرق، تلوح عليه أمارات الهدوء والسكينة، ويعلوه الوقار والرزانة، له لحية كثّة مستديرة، وحبين واسع زاهر، ممتلئ الوجنتين، واسع العينين، تشفان عن ذكاء وحياء، أزجّ الحاجبين، ورقيق الشفتين، نقيّ اللون، بين سمرة وبياض، نظيف الملابس دائما، لا يراه الناس قطّ في وسخ وتبذّل، ملتزما للعمامة في الأسفار والمجامع، مقلا من الكلام، كثير الصمْت، دائم الفكرة، امتزج العلم بحلمه ودمه، فلا يعني إلا به، ولا يتحدّث إلا عنه، مديم الاشتغال بالمطالعة والبحث، دائم المذاكرة للعلماء في العلم والدين، سلس القريحة، سائل القلم في التأليف والتصنيف، ليست الخطابة في المجامع العامّة والخوض في السياسة من طبعه وذوقه، فلا يتقدّم إلى ذلك إلا متكلّفا أو مضطرًا، راسخا في العلوم العربية وآدابها، عالي الكعب، دقيق النظر في علوم القرآن وعلم التوحيد والكلام، واسع الاطلاع، غزير المادّة في التاريخ، وعلم الاجتماع والمدينة، منشئا صاحب أسلوب أدبي في اللغة الأردية، كاتبا مترسّلا في اللغة العربية، شاعرا مقلا في اللغتين مع إحسان وإجادة، حليما صابرا يقهر النفس، ويتسامح مع الأعداء والمعارضين، ضعيف المقاومة في شؤونه الشخصية، يتحمّل ما يرهقه، ويشقّ عليه.
كان من كبار المؤلّفين في هذا العصر، ومن المكثرين من الكتابة والتأليف، مع سعة علم ودقّة بحث وتنوع مقاصد.
له تكملة "سيرة النبي" لأستاذه في خمسة مجلّدات كبار، تعتبر دائرة المعارف في السيرة النبوية والعقيدة الإسلامية، و"خطبات مدارس" من خير ماكتب في السيرة النبوية، ونقل إلى الإنكليزية والعربية، و "أرض القرآن" في
مجلّدين في جغرافية القرآن، و"سيرة عائشة"، و"سيرة مالك"، و"خيام"، و"نقوش سليماني" في البحوث اللغوية والأدبية، و"حياة شبلي" في سيرة أستاذه، و"عرب وهند كى تعلقات"، (الصلات بين العرب والهند)، و"عربون كى جهاز رانى"، (الملاحة عند العرب)، وله غير ذلك من البحوث العلمية والمقالات الكثيرة، التي تحويها مجلّدات "المعارف" الكثيرة.
ومن شعره الرقيق الرائق، وهو يصف الشمس عند مغيبها:
كأنما الشفق الممتد في الأفق
…
خمر معتقة شجت لمغتبق
خر يعتقها أعلى همالية
…
شجت بماء غمام هامر غدق
كف الطبيعة تسقي الناس أكؤسها
…
ويل لمن هذه الصهباء لم يذق
تحسو القلوب حمياها إذا نظرت
…
إلى السماء لإقداح من الحدق
والطير تشربها حينا تروح إلى
…
أوكارها صافرات السجع في حلق
والريح سائرة في روضة أنف
…
ضدي السرور إلى حوباه منتشق
دن من القهوة الصهباء في الأفق
…
والكأس تطفو به لا الشمس في الشفق
بل أنه برقع قان له شية
…
والشمس وجه حبيب بالحجاب بقي
بل إنما الشمس من أعمارنا قتلت
…
يوما فسال دم كار من العنق
فذلك الشفق المحمر من دمه
…
وقبره ليله المستور بالغسق
ومن شعره وهو يذكر الرضا بالقضاء:
يا أيها الناس ما دمتم على الأرض
…
لا تخلصون من الإبرام والنقض
فإن ما قدر الرحمن قاضيكم
…
من شدة ورخاء كله يمضي
ويقول وهو يحثّ الصبر على المكاره.
لا تغتر بسرور ذاهب فان
…
ولا تهم بهم نفس إنسان
فبعد ما أكل الإنسان أكلته
…
حلوّ الضريب ومر الصبر سيان
ويذكر معنى الموت فيقول:
إن الحياة كتاب وهو متسق
…
كل يومك من أيامه ورق
لا الموت معناه إلى أن تفرقه
…
الريح فتنتشر الأوراق تفترق
وينكر على خشية الموت ويقول:
حتام تخشى المنايا فهي آتية
…
وينفذ الموت أعدادا من النفس
إن الحياة ثياب والردي دنس
…
حتى متى تتقي الأثواب من دنس
كانت وفاته في الرابع عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وئلاثمائة وألف في "كراتشي"، وشيعت جنازته بجمع حافل من العلماء والأعيان، ودفن قريبا من ضريح العلامة شبير أحمد العثماني.
* * *
2136 - الشيخ الفاضل المولى سليمان جلبي ابن الوزير خليل باشا
*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان أبوه وزيرا للسلطان مرادخان، كان هو قاضيا بالعسكر المنصور في زمن والده، وكان رجلا عالما فاضلا، ذا مناقب جليلة.
مات رحمه الله تعالى في حياة والده. روّح الله روحه.
* * *
2137 - الشيخ الفاضل سليمان بن دواد بن سليمان بن داود
* راجع: الشقائق النعمانية 66.
الخُتَنيّ، الفقيه، عُرِف بحَجّاج *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمع أبا علي الحسن بن على بن سليمان المرْغيناني.
ذكره أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النَّسفيّ، وقال: قصَدني سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة.
* * *
2138 - الشيخ الفاضل سليمان بن داود بن سليمان بن محمد بن عبد الحَقّ
، صَدْر الدين بن عبد الحق * *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: وُلد سنة سبْع وتسعين وستمائة.
وقرأ القرآن على الشيخ مُبَشِّر الضَّرير، وحمع الحديث على الحَجَّار، وابن تَيْمِيَّة، وغيرهما، وقرأ في "المنظومة" على عمِّه البُرْهان بن عبد الحق. وحفظ "النُّكَت الحسان" لأبي حَيّان، وعرضَها عليه، كتب له عليها، وأثْنَى عليه، وعلَّق هو عليها "حواش"، أخذها عن الشيخ. وقرأ في الأصول على الصَّفِيُّ الهِنْديُّ.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 50.
وترجمته في الجواهر المضية، برقم 623، وفي النسخ:"الحبشي" مكان "الختني". وانظر حاشية الجواهر المضية 2: 233.
* *راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 51 - 53.
وترجمته في الدرر الكامنة 2: 244 - 246، والوافي بالوفيات 15: 381 - 388.
ودخل "بغداد"، فقرأ على التاج بن السَّبّاك.
وتوجّه إلى بلاد الشرق، ودخل "اليَمَن"، وأقْبَل عليه صاحبُها، وباشَر عنده نَظَرَ الجَيْش، وتزوَّج ابنة الوزير، وحجَّ صُحْبَة المجاهد، ثم دخل "دمشق"، ثم تولَّى تَوْقيعَ الدَّسْتِ بـ "الدّيار المصريَّة"، ثم وَلِيَ نظرَ الأحْباس بها، ثم حجَّ، ودخل "اليَمَن"، وكان قد وَلِيَ القضاء بـ "بغداد" وبـ "مَارِدين".
وكان مُطَّرِح الكُفْلة، بَشوشا، رَضيَّ الخُلُق، وربّما مشى تحت قلعة "دمشق"، وفي "باب اللُّوق" بـ "مصر"، وغير ذلك.
وكان ناظما بليغا، جوَّد الموَشِّح والزَّجَل والمواليّا، وغيرَ ذلك.
وهو القائل
(1)
:
بدا الشَّعْر في الخَدِّ الذى كان مُشْتَهًى
…
فأخُفَى عن المعشوق حالي وما يَخْفى
لقد كانت الأرْدافُ بالأمس رَوْضة
…
من الوَرْدِ وهي اليوم موردةُ الحَلْفَا
وله أيضا
(2)
:
عشِقتُ يحيى فقال لي رجلٌ
…
لمْ يُبْقِ فيك الغرامُ من بُقْيا
تعْشَقْ يحيى تموت قلتُ له
…
طوبَى لصبٍّ يموتُ في يحيى
وله في المجون
(3)
:
أيْرِي كبيرٌ والصغيرُ يقول لي
…
اطْعُنْ حشاي به وكن صِنْديدا
فأجبْتُ هذا لا يجوز فقال لي
…
عندي يجوزف
…
تقليدا
وذكره الصلاح الصَّفَدِيّ في "أعيان العصر وأعْوان النصْر"، فقال: الشيخ، الإمام، الفاضل، الأديب، الفقيه، الرئيس، القاضي، صَدْر الدين، أبو
(1)
الدرر الكامنة 2: 245، والوافي بالوفيات 15: 385 - 388.
(2)
الدرر 2: 245، والوافي 15:383.
(3)
الدرر 2: 245، والوافي: 15: 383، وذكر ابن حجر أنهما نسبا للمعمار أيضًا.
الربيع بن الشيخ ناصر الدين الحنفيِّ، فقيه تأدَّب، فبرع وبلغ من الغاية من أوّل ما شرعَ، نظَم سائر الفنون، وصَدَح معه في أيْكِ الأدب والغُصون، وقَعدَتْ معه التوريَة" فأطْرَبتْ" وزادت مَحاسنُ نظمه على الرياض وربَتْ.
وكان طارحا للكُلْفة، عديم الوَقْفة، لا يأنَس إلى وَطَنِ المناصب، ولا يُفرِّق بين الشِّيعة والنواصب، قد أصبح في عالَم الإطلاق، وتمسَّك بما يُودِّي إلى مكارم الأخلاق، جاب البلاد، وجال بين العباد ولم يدَعْ شاما إلا شامَ بَرْقَه، ولا عراقا إلا ونَبَش عِرْقَه، ولا حِجازا إلا وكشف حجابه ولا يَمَنًا إلا وأمَّ مُلوكَه وأَرْبابَه، ووَليَ مناصبَ القضاء وغير ذلك، وانسلخ من الجميع قائلا:
* وما الناس إلا هالك
(1)
.
طالما تمزو الفقر وتمزَّق، وأنِفَ من ذلك فتزوَّد للرُّتَب العالية وتزَوَّق:
يوما يَمانٍ إذا لاقيتُ ذا يمَنٍ
…
وإن لقيتُ مَعَدِّيًّا" فعَدْنانِي
(2)
ولم يزل يُنْجد ويغيرُ، يقطع مسافةَ الآفاق بالمسير، حتى ابْتزَّه الدَّهرُ ثوب حياته، والتقطَه طائرُ الموت فيما التقَط من حَباته. انتهى.
ومن شعره الذى رواه الصَّفَذِيُّ عنه
(3)
:
قال حبيبي زُرْني ولكن
…
يكون في آخر النهار
قلتُ أُدارِي الورَى وآتِيِ
…
لأيّ دارٍ فقال داري
ومنه أيضا
(4)
:
(1)
هنا صدر بيت، عجزه:"وذو نسب في الهالكين عريق".
وهو في العقد الفريده 3: 175، لأبي نواس، وانظر ديوانه 192.
(2)
البيت لعمران بن حطان، انظر العقد الفريد: 3: 13.
(3)
الدرر الكامنة: 2: 245، والوافي بالوفيات: 15: 384.
(4)
الوافي 15: 384.
طال حَكِّي فعندَما
…
قلتُ خُذْهُ لوقته
ضَرَط العِلْقُ ضَرْطةً
…
دخل الأيْرُ في اسْتِه
ومنه أيضًا
(1)
:
سَمَوْتُ إذ كلَّمتْني
…
سُلْمَى بغير رساله
فقال صَحْبِي تَنَبّا
…
وكلَّمتْه الغَزالَه
ومنه أيضًا
(2)
:
مَن يكُنْ أعمَى أصَمّا
…
يدخُلِ الحانَ جهارا
يسْمع الألحانَ تُتْلَى
…
ويَرَ الناسَ سُكارى
ومنه أَيضا
(3)
:
وإلا مَ أمْنَحُك الوِدادَ سَجِيَّةً
…
وأبوءُ بالحرمانِ منك وبالأذَى
ويلومُني فيك العَذُولُ وليس لي
…
سمعٌ يَعِي وإلى متى نَبْقَى كذا
ومنه أيضًا
(4)
:
ضيَّعتُ أموالَى في سائب
…
يَظْهرُ لي بالوُدِّ كالصاحب
لما انْتَهى ما لي انْتَهى وُدُّه
…
واضَيْعَة الأموال في السائب
(5)
ومنه أيضا
(6)
:
لما حكَى بَرْقُ النَّقا
…
لمعانَ ثَغْرِك إذ سَرى
نقَل الغمامُ إليك عن
…
دَمْعى الحديثَ كما جَرَى
* * *
(1)
الوافي بالوفيات 15: 384.
(2)
الدرر 2: 245، والوافي 15:384.
(3)
الوافي: 15: 387، والدرر 2:246.
(4)
الدرر 2: 246، والوافي: 5: 387.
(5)
في النسخ: "أمهر وده".
(6)
الوافي: 15: 388.
2139 - الشيخ الفاضل سليمان بن داود بن مَرْوان بن داود الملَطِيّ
، صَدْر الدين بن نَجْم الدين، تقدَّم أبوه في مَحَلِّه *.
درَّس، وأفتَى. ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: وكان رجلا فاضلا، انْتفَع به بعضُ الطلبة.
ذكره في "الجواهر"، وقال: أنْشَدَني صاحبُنا الإمام فخرُ الدين السُّنْباطِيُّ
(1)
الحنفي لنفسه، يُعاتِبُ الشيخَ صدرَ الدين سليمان
(2)
:
أترْجعُ أحْبابٌ بنَقْصٍ وذِلَّةٍ
…
وتَرْجعُ أعْداء بفَضْلٍ وعِزةِ
إذا كان هذا في الأحِبَّة فِعْلَكم
…
فلا فَرْق ما بين العِدَى والأَحِبَّة
مات، رحمه الله تعالى يوم الأربعاء، ثاني عشرين صفر، سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، بـ "القاهرة"، ودُفِن يوم الخميس، بـ "القَرافة" عند أبيه. رحمهما الله تعالى.
* * *
2140 - الشيخ العالم الصالح سليمان بن داود بن وعظ الله بن محبوب
بن
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 54.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 624، والدرر الكامنة 2:246.
(1)
في القاموس: سنباط، بالضم: بلدة بأعمال المحلة في مصر: وفي حاشية النجوم الزاهرة 9: 257، أنها إحدى قرى مركز زفتا بمديرية الغربية.
(2)
البيتان في: الجواهر المضية 2: 234.
بير نذر بن فتح محمد البهلواروي، أحد المشايخ المشهورين *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أصله من قرية "كهكته" قرية من أعمال "سارن".
ولد (لعشر خلون من محرّم سنة ستّ وسبعين ومائتين وألف) بـ "بهلواري" في بيت جدّه لأمه الشيخ أصطفا بن وعد الله بن سعد الله العمري.
ونشأ في خؤولته، واشتغل بالعلم أياما على أساتذة بلدته، ثم سافر إلى "لكنو"، وقرأ على العلامة عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي، ثم سافر إلى "دهلي".
وأخذ الحديث عن الشيخ المحدّث نذير حسين الدهلوي، وأسند عن الشيخ أحمد على الحنفي السهارنبوري أيضًا، وأخذ الطريقة عن صهره الشيخ علي حبيب الجعفري البهلواروي، (وسافر إلى "كنج مراد آباد"، واستفاد من بركة شيخنا فضل الرحمن بن أهل الله البكري المراد آبادي، وصحبه، وأسند عنه)، وسافر إلى "الحجاز"، فحجّ، وزار، وأدرك مشايخ عصره في الحرمين الشريفين، (منهم الشيخ الكبير الحاج إمداد اللّه المهاجر المكّي، وبايعه، وقرأ عليه، وحصلت له الإجازة منه.
وكان في بداية حاله يعمل، ويعتقد في الحديث، ولا يقلّد أحدا، يدلّ عليه تقريظه على "معيار الحق" للمحدّث الدهلوي، ثم رغب إلى المتصوّفين، يقتدي يرسوم المشايخ من حضور الأعراس واستماع الغناء بالآلات، والرقص والتواجد.
* راجع: نزهة الخواطر 8: 183 - 185.
وله اليد الطولى في الموعظة والتذكير، والتفرّس لعواطف الناس وأميالهم، بفصاحة وخلابة، يضحكهم ويبكيهم كلّما شاء، وربما يقرأ أبيات المثنوي المعنوي
(1)
في أثناء الخطاب باللحن الشجي يأخذ بمجامع القلوب، ويؤثر في الناس كلّ تأثير.
وكان من كبار المؤيدّين لندوة العلماء، يخطب في حفلاتها، وينتصر لأغراضها ومقاصدها، وقد طار صيته في "الهند"، وأولع الناس بخطبه
(1)
ومن شروح "المثنوي المعنوي" للعارف الرومي: "شرح المثنوي" للسيد عبد الفتاح العسكري الأحمد آبادي، و"شرح المثنوي" للشيخ ولي محمد النارنولي، و"شرح المثنوي" للشيخ محمد أفضل بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي، و"شرح المثنوي" للشيخ عبد اللطيف بن عبد الله العباسي، و"لطائف المعنوي" كتاب في حل غربيه للشيخ عبد اللطيف المذكور، و"مكاشفات رضوي" شرحه للشيخ محمد رضا الشطاري اللاهوري، و"شرح المثنوي" للشيخ محمد أيوب القرشي اللاهوري، صنّفه سنة 1120 هـ، و"شرح المثنوي" للشيخ محمد معظم الصديقي النابهوي، و"شرح المثنوي" للشيخ عبد القادر بن شريف الدين الكنتوري، ثم المدراسي، و"شرح المثنوي" للعلامة عبد العلي بحر العلوم، و"كليد مثنوي" شرحه بالأردو للعلامة أشرف علي بن عبد الحق التهانوي، و"بوستان معرفت" شرح بالأردو للمولوي عبد المجيد البيلي بهيتي، و"شرح المنثوي" بالأردو للمولوي عبد الرحمن بن محمد حسين الدهلوى، و"بيراهن بوسفي" ترجمته بالأردو نظما بنظم للمولوي يوسف علي جلال الدين الجشتي النظامي الزنبيل شاهي الجاوري، و"ترجمة المثنوي" بالأردو نظما بنظم للمولوي أبي الحسن بن إلهي بخش الكاندهلوي، و"تكملة المثنوي" للمفتي إلهي بخش بن شيخ الإسلام الكاندهلوي، و"فتح الجمال" شرح على "المثنوي المعنوي" للشيخ جمال الدين بن ركن الدين الكجراتي. انظر: الثقافة الإسلامية في الهند 191، 192.
ومواعظه، وتنافست فيه الجمعيات والمؤتمرات التعليمية والدينية، تتسابق في دعوته، وتستعين بخطابته، فأيد المؤتمر التعليمي الإسلامي، ورأس خمس حفلات لندوة العلماء السنوية.
كان مفرط الذكاء، حاضر البديهة، لطيف النكتة، كثير الفكاهة، طيع القريحة في النظم العربي والنثر الأدبي، واسع المشرب في العقيدة والمذاهب الخلافية، شديد الإنكار على الاعتزال والمعتزلة، غاليا في حبّ أهل البيت، أثنى عليه السيّد أحمد خان، واعترف بفضله، كذلك خلفاؤه، كمحسن الملك ووقار الملك.
ومن مصنّفاته: "شجرة السعادة"، و"سلسلة الكرامة" بالفارسي في أنساب السادة الصوفية، وله "رسالة في الصلاة والسلام"، و"آداب الناصحين"، و"ذكر الحبيب"، و"شرح القصيدة الغوثية"، و"شرح الحديث المسلسل" بالأولية بالعربي، و"صلاح الدارين في بركات الحرمين"، و"صيانة الأحباب عن إهانة الأصحاب"، وله "عين التوحيد" بالعربية، وله مجموع رسائل في التصوّف والحقائق في ثلاثة أجزاء، سماه "شمس المعارف"، وله أبيات بالعربية والفارسية، ومما أنشدنيه قوله مخمّسا لقول المفتي عبّاس بن علي الشيعي التستري:
قال الرسول السيد المقبول
…
إن الصحابة كلّهم لعدول
عجبا من الرفاض كيف تقول
…
إن الصحابة منهم المجهول
الهالكون المهلكون الغول.
توفي لثلاث بقين من صفر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وألف.
* * *
2141 - الشيخ الفاضل سليمان بن شُعيب بن سليمان الكَيْسانيّ
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: هو من أصحاب محمد بن الحسن.
وله "النوادر" عنه.
يُعَدُّ في طبقة موسى بن نصر، ومحمد بن مقاتل.
روَى عنه الحافظ أبو جعفر الطحاويّ، ووثَّقَه السّمعاني.
وتُوُفِّيَ سنة ثمان وسبعين ومائتين. رحمه الله تعالى. ويأتي أبوه في محلّه.
* * *
2142 - الشيخ الفاضل سليمان بن عبد الله القاضي، عَلَم الدين التُّرْكُمانيّ
* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال في "الدرر": نشأ بـ "حِمْصَ"، ودرَّس بها، ثم ولِيَ قضاءَ "حَماة".
وكان مُشاركا في الفنون، [وبرَّز في القراءات]
(1)
.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 54، 55.
وترجمته في أنساب 493، والجواهر المضية برقم 635، وطبقات الفقهاء للشيرازي 139، وطبقات الفقهاء لطاش كبري زاده، صفحة 40، واللباب 3:64.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 55.
وترجمته في الدرر الكامنة 2: 264، 265، وليس فيه:"بن عبد الله، علم الدين".
(1)
في الدرر: "ويدرى القراءات".
ومات في ربيع الآخر، سنة ستّ وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
2143 - الشيخ الفاضل سليمان بن عبد الله القره أغاجي
*.
فقيه، أصولي.
ولد سنة 1287 هـ.
تولى الإفتاء ببلده.
له حاشية على "شرح العلاقة"، و"شرح خاتمة الأصول"، و"شرح مجامع الحقائق" للخادمي.
* * *
2144 - الشيخ الفاضل سليمان بن عبد الرحمن بن محمد الرومي
، الشهير بمستقيم زاده (سعد الدين) * *.
* راجع: معجم المؤلفين 4: 268.
وترجمته في هدية العارفين 1: 407.
* * راجع: معجم المؤلفين 4: 266.
ترجمته في هدية العارفين 1: 405، 406، وإيضاح المكنون 1: 79، 90، 143، 153، 161، 246، 257؟، 264، 265، 280، 291، 376؟، 387، 393، 403، 406، 438، 459، 2: 64، 83، 94، 426، 431، 432، 459، 534، 560، 706، 727.
عالم مشارك في أنواع من العلوم.
ولد سنة 1131 هـ، وتوفي سنة 1202 هـ.
من تصانيفه الكثيرة: "الاصطلاحات الشعرية"، و"الإرادة العلية في الإرادة الجزئية والكلية"، و"حسن التقويم في الفقه"، و"عدة البدور في عدد السنين والشهور"، و"ترتيب الوصول إلى علم الأصول".
* * *
2145 - الشيخ الفاضل سليمان بن عثمان بن يوسف، أبو الربيع
، العلامة، تَقِيّ الدين*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: درَّس بـ"المعَظَّمِيَّة"
(1)
، و"الشِّبْلِيَّة"، بـ"دمشق".
وأفتَى، وناب في الحُكم بها عن قاضي القضاة مَجْد الدين عبد الرحمن
(2)
ابن العديم.
وتفقّه عليه قاضي القضاة بُرهان الدين ابن عبد الحق.
ومات، رحمه الله تعالى، بـ"دمشق"، سنة تسعين وستمائة.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 55. وترجمته في الجواهر المضية برقم 626، والدارس 1: 535، والوافي بالوفيات 15: 404، وفي النسخ: "بن الربيع".
(1)
المدرسة المعظمية من مدارس الحنفية بدمشق، بالصالحية بسفح قاسيون الغربي، جوار المدرسة العزيزية، أنشأها الملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب، سنة إحدى وعشرين وستمائة. الدارس 1:579.
(2)
في النسخ: "عبد الرحيم"، وتأتي ترجمة عبد الرحمن في محله.
2146 - الشيخ العالم الفقيه سليمان بن عفان، الدهلوي
، ثم المندوي*.
أحد المشايخ المعروفين بالفضل والصلاح.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان له شأن كبير في إرشاد الناس وتربيتهم وتلقينهم.
سافر إلى بلاد شاسعة، وأخذ عن غير واحد من العلماء والمشايخ، ومهر في التجويد والقراءة.
أخذ عنه الشيخ عبد القدّوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي، ولبث في زاويته مدّة طويلة، كما في "أخبار الأخيار".
وقال محمد بن الحسن في "كلزار أبرار": إنه خرج بن "دهلي" في الفتنة التيمورية سنة إحدى وثمانمائة، فدخل "مندو"، وسكن بها، ثم ذهب إلى "كُجْرات"، ومن هناك إلى الحرمين الشريفين، وأقام بها خمسين سنة، ثم عاد إلى "الهند"، وسكن بـ"مندو".
وتوفي بـ"دهلي" لأربع عشرة خلون من محرّم سنة خمس وأربعين، وقيل: خمسين وتسعمائة، فدفن بمقبرة الشيخ قطب الدين بختيار الكعكي.
* * *
2147 - الشيخ الفاضل سليمان بن علي بن أمين الدين ابن مُعين الدين القُونَوِيّ
* *.
* راجع: نزهة الخواطر 4: 116.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 55، 56. وترجمته في الدرر الكامنة 2:254.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمع متأخِّرا من قاضي القضاة علاء الدين علي بن إسماعيل القُونَوِيّ، وكان
(1)
مدرِّسَ الإقْبالية
(2)
.
ومات في ذي القَعْدة، [سنة ثمان وسبعين وسبعمائة]
(3)
.
وقُرِّر بَعْده ولدُه عبد الرحمن، رحمهما الله تعالى.
* * *
2148 - الشيخ الفاضل سليمان بن علي بن سليمان الرُّومِيّ القَرْمانِيّ
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: كان رجلا فاضلا، دَيِّنا، خَيِّرا. قرأ، واشْتغل، ودأَب، وحصَّل.
ووَلِيَ منصبَ القضاء بأماكنَ عدَّة، ثم رَغِب عنه، وانْقَطع للاشتغال بالعلم والعبادة.
وله مُصنِّفات؛ ومنها: "حواش على شرح الوقاية" لصدر الشريعة، و"رسالة" في علم العروض، ومنها:"أجْوبة" عن اعتراضات الموْلَى الفاضل بدر الدين بن السماوني في "جامع الفُصولين" على الفقهاء، وعِدّتها ثلاثمائة وثمانون جوابا، وخمَّس "قصيدة البردة"، وعارَضها بأخرى، وشَرحَ "مجمع
(1)
الضمير يعود إلى علاء الدين.
(2)
المدرسة الإقبالية: داخل باب الفرج وباب الفراديس بينهما، وهي من مدارس الشافعية بدمشق، وكان علاء الدين القونوي مدرسا بها، والإقبالية الحنفية غربيها. انظر: الدارس: 1: 158، 159، 474.
(3)
في الدرر: "سنة 768".
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 56.
وترجمته في كشف الظنون 1: 566، 877، 2: 1333، 1601، 2023.
البحرين" في الفقه، وله "كتاب في الخلافيات" ينْتصِرُ فيه للأئمة الحنفية، ويُجيبُ عنه، وله غيرُ ذلك.
تُوُفِّيَ سنة أربع وعشرين وتسعمائة، عن نحو ثمانين سنة. رحمه الله تعالى.
* * *
2149 - الشيخ الفاضل العالم الصالح المولى سليمان بن علي أحمد الفينوي
*.
ولد 1335 هـ في قرية "مُودُو غِرَام" من مضافات "ساغل نَيَّا"، من أعمال "فيني".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم سافر لتحصيل العلم إلى "سَنْدِيف" من أعمال "شيتاغونغ"، والتحق بمدرسة، وقرأ فيها، ثم سافر إلى "شيتاغونغ"، والتحق بالجامعة الإسلامية جيري، وأكمل الدراسة العليا فيها.
وبايع في الطريقة والسلوك على يد المفتي عزيز الحق، مؤسّس جامعة فتيه، ثم أجازه شيخه للإصلاح والتلقين.
توفي سنة 1407 هـ، ودفن بعد أن صلّي على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2150 - الشيخ الفاضل مولانا سليمان بن مولانا علي أشرف الصُّفُوَائي الكُمِلائي
* *.
من بيت أهل العلم والفضل.
* راجع: مشايخ فيني 121 - 123.
* * من قلم حفيظ الحق، من الجريدة اليومية "ألوكيتو بنغلاديش".
ولد 10 ربيع الأول عام 1375 هـ في قرية "صُفُوَا" من مضافات "نَانْغَلْكُوْت" من أعمال "كُمِلا" من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم على أبيه، ثم التحق بالجامعة الإسلامية دار العلوم سَرْسَدِي، من أعمال "فيني"، ثم سافر إلى "جاتجام"، والتحق عام 1386 هـ بالجامعة الأهلية دار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، وتخرّج على المحدّثين الكبار فيها، منهم: المحدّث الكبير العلامة عبد القيّوم، قرأ عليه "صحيح البخاري"، والمحدّث الجليل مولانا عبد العزيز، قرأ عليه "جامع الإمام الترمذي"، وقرأ "صحيح مسلم" على المفتي الأكبر الشيخ أحمد الحق، رحمهم الله تعالى، وتعلّم الفتوى والفرائض منه.
وبايع في الطريقة على يد العلامة الشاه عبد الستّار الجاتجامي، وحصلت له الإجازة منه.
بعد الفراغ درّس في مدارس مختلفة من "بنغلاديش"، منها: الجامعة الأشرفية خَاكْدَهَر في مدينة "مومنشَاهي"، والجامعة القرآنية لالْبَاغ، والجامعة العربية محمدبُور، والجامعة الشرعية مالي باغ، والجامعة الحسينية عرض آباد، كلّها في مدينة "داكا"، وبالآخر كان شيخ الحديث ثماني عشرة سنة في جامع العلوم ميربُور، والجامعة الإسلامية بيرجَنْكي، ومدرسة حامي السنّة ميربُور من مدينة "داكا".
من تصانيفه: "الميلاد والقيام على ضوء القرآن والحديث"، و"معراج النبي" صلى الله عليه وسلم، كلاهما باللغة البنغالية، وله رسالة باللغة العربية متعلقة بعلم الهيئة.
مات رحمه الله تعالى في يوم الأحد حادي عشر من ربيع الثاني عام ستّ وثلاثين وأربعمائة بعد الألف، من هجرة خير البرية، عليه ألوف الصلاة وصنوف التحية، ودفن بعد أن صلّي عليه في مقبرة آبائه.
* * *
2151 - الشيخ الفاضل سليمان بن أبي الفتح الكشميري
، أحد العلماء الصالحين*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ العلم على مولانا عناية الله الكشميري، ثم ولي التدريس بمدرسة عناية الله خان، فدرّس، وأفاد بها مدّة حياته.
وكان صاحب صلاح وطريقة ظاهرة.
له "لبّ اللباب" شرح "خلاصة الحساب" للعاملي.
مات سنة ستّ وستين ومائة وألف، كما في "روضة الأبرار".
* * *
2152 - الشيخ الفاضل سليمان بن محمد بن الحسن بن علي ابن أيُّوب المنَاشِكِيّ
* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال السَّمعانِيّ: الفقيه الحنفي، سمع الكثير.
ومات في جُمادَى الأولَى، سنة ثمان وثلاثمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
* راجع: نزهة الخواطر 6: 107.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 56.
وترجمته في الأنساب 542، والجواهر المضية برقم 627، واللباب 3: 179، 180.
2153 - الشيخ الفاضل سليمان بن محمد بن عيسى بن أحمد الهِنْدِيّ الأحْمَداباذيِ
*.
ذكره التميمى في "طبقاته"، فقال: وُلِد سنة أربعين وثمانمائة.
واشْتغل في فنون، وتميَّز، وأخذ عنه ابن أخيه راجح الدين
(1)
، وغيره.
وكان من جُملة الأفاضل، رحمه الله تعالى.
* * *
2154 - الشيخ الفاضل سليمان بن محمود بن عبد الله، عَلَم الدين الدِّمشقِّي
* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: كان من فُضَلاء الدِّماشِقَة.
اشْتغل، وحصَّل، وبرَعَ، وتفقَّه، ودرَّس، وسمع، وحدَّث.
وكان موجودا في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، تغمَّده الله تعالى برحمته.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 57. وترجمته في الضوء اللامع 3: 269، 270.
(1)
تقدمت ترجمته برقم 764، باسم راجح بن داود، وذكر السخاوي أن سليمان وابن أخيه راجح تعاونا على كتابة قطعة من شرحه للألفية، حين أخذه منه سنة أربع وتسعين.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 57.
2155 - الشيخ الفاضل سليمان بن مصطفى بن عمر بن محمد المنير المنصوري
*.
فقيه حنفي من العلماء.
ولد سنة 1087 هـ، وتوفي سنة 1169 هـ. وتخرّج بالأزهر.
وصنّف "شرح خطبة العيني على كنز الدقائق" في الأزهرية، فقه.
ودارت عليه مشيخة الحنفية، ورغب الناس في فتاويه.
* * *
2156 - الشيخ الفاضل سليمان بن موسى بن سليمان
بن علي الأشعَرِيّ نسبا، الحنفي مذهبا، أبو الرَّبيع اليَمانِيّ الزَّبيديّ* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال الخَزْرَجِيّ: كان فقيها كبيرا، عالما عاملا، ناسكا فاضلا، عارفا بالفقه والنحو واللغة والأدب، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر.
صنَّف "الرياض الأدبية"
(1)
كتابا جيّدا، وهو ابن ثمان عشرة سنة.
* راجع: الأعلام للزركلي 3: 135.
وترجمته في الجبرتي 2: 88، والأزهرية 6:251.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 57، 58.
وترجمته في إيضاح المكنون 2: 336، وبغية الوعاة 1: 604، وطبقات الخواص 58، العقود اللؤلؤية للخزرجي 1: 119، وكشف الظنون 1:934.
(1)
في العقود اللؤلؤية، أنه شرح الخمر طاشية.
ولما ظهرت السُّبوتُ
(1)
في "زَبيد"، وعُمِل فيها المنْكَرُ، هاجَر منها جماعة إلى "الحبشة" هو أحدُهم، فمات هناك، سنة اثنتين وخمسين وستمائة. رحمه الله تعالى.
وكتب الفقيه أبو بكر بن دعّاس إلى الفقيه أبي بكر بن حِنْكاش، يُعزِّيه بأبيات يقول فيها
(2)
:
غيرَ أنّا نقول ما دام فينا
…
نَجْلُ عيسى لم نُرْزَ في نجلِ موسى
ولَعَمرِي عليه يُوسَى ولكنْ
…
ببَقاء الإمام ذا الجَرْحُ يُوسى
* * *
2157 - الشيخ الفاضل سُليمان بن أبي العِزّ وُهَيْب بن عطاء
، ابن جُبَيْر بن جابر بن وَهْب، قاضي القضاة، صدر الدين، أبو الرَّبيع شيخ الحنفية في زمانه شرقا وغربا*.
(1)
لعله يعني قيام اليهود بأمر السبت.
(2)
البيتان في العقود اللؤلؤية: 1: 119.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 48.
وترجمته في البداية والنهاية 13: 281، وبغية العلماء والرواة، 150 - 153، والجواهر المضية برقم 628، وحسن المحاضرة 1: 166، 2: 475، و الدارس 1: 475، ودول الإسلام 2: 179، وشذرات الذهب 5: 357، وطبقات الفقهاء لطاش كبري زاده، صفحة 111، والعبر 5: 315، والفوائد البهية 80، 81، وكتاب أعلام الأخيار برقم 467، كشف الظنون 2: 1832، 2001، ومرآة الجنان 4: 188، والوافي بالوفيات 15:404.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: اشتغل، وتفقَّه، ومهَر، وفاق الأقران، وأفْتى، ودرَّس. وصنَّف التصانيف المفيدة في المذهب.
ووَلِيَ قضاء "الدِّيار المصرية"، لما جُدِّدَتِ القضاةُ الثلاثة بها، سنة ثلاث وستين وستمائة، وكان جلوسهم بجامع عمرو بن العاص، وعمل الشيخ شمس الدين البُوصِيرِيُّ في ذلك أبياتا، وهي هذه:
غَدا جامع ابن العاص كهفَ أئمَّة
…
فللهِ كَهْفٌ للأئمة جامعُ
تفرَّقت الآراءُ والدينُ واحدُ
…
وكلُّ إلى رأيٍ من الحق راجع
فهذا اخْتلافٌ جرَّ للناس راحة
…
كما اختلفتْ في الراحتَين الأصابعُ
واخْتَصَّ الصدر سليمان بالملك الظاهر، فكانتْ له المنزلة العلية عنده، وكان لا يُفارق حيث سافر في البلاد، وحضر معه جميعَ فُتوحاته، وحجَّ معه، ثم عاد إلى "دمشق"، ودرَّس بـ"الظاهرِيّة"، واختار المقام بـ"دمشق"، واسْتعْفَى من قضاء "الديار المصرية"، فأُعفِيَ، ووَلِيَ قضاءَ "الشام" بعد موت القاضي مجد الدين ابن العَديم، سنة سبع وسبعين وستمائة، وباشر ذلك في جمادى الأولى منها. قاله في "الروض التام".
قال: وله نظم حسن، فمنه قوله، وقد زوَّج الملك المعَظَّمُ مملوكا له بجاريته:
يا صاحبَيَّ قِفا لي وانظُرا عجبا
…
أتَى به الدهرُ فينا مِن عجائبه
البدرُ أصبحَ فوق الشمس منزلةً
…
وما العُلُوُّ عليها من مراتبه
أضحى يمُاثلُها حُسنا وصار لها
…
كُفُؤًا وسار إليها في مواكبه
فأشكل الفَرْقُ لولا وَشْيُ نَمْنَمَةٍ
…
بصُدْغِه واخضرارٌ فوق شاربه
وكان كثير الوَلَع بعمامته وثيابه وجَسَده، كثير الالتفات والعبَث في صلاته، عفا الله عنه.
واستمرَّ على القضاء إلى أن تُوُفِّيَ، ليلة الجمعة، سادس شعبان، من السنة المذكورة، وهي سنة سبع وسبعين وستمائة، ودُفِن من الغد، بعد صلاة الجمعة، بتربته بسَفْح "قاسِيُون"، عن ثلاث وثمانين سنة، ولم يُخلِّف بعدَه مثلَه.
وذكره السّخاوِيُّ في "ذيله" على "رَفْع الإِصْر"، فقال: مولدُه بـ"أذْرِعات"، سنة خمس وتسعين خمسمائة. تفقَّه بالشيخ جمال الدين الحَصِيرِيّ، وغيره. وبرَع في الفقه، وأفتى وصنَّف، وسمع الحديث وأسمْع، وقدم "القاهرة"، ودرَّس بـ"الصالحِية النَّجْمية"، ثم عاد إلى "دمشق"، ووَلِيَ قضاء الحنفية بـ"مصر" في دولة الظاهر بِـ"يَبَرْس"، حين صارت القضاة أربعةً، فكان أوَّلَ حنَفيّ وَليَها منهم.
قال: وقد ترْجَمه الذّهبيّ في "تاريخ الإسلام"، فقال: إمام، عالم، متبحِّرٌ، عارف بدقائق المذهب وغَوامضِه، انْتهتْ إليه رياسةُ الحنفية بـ"مصر" و"الشام". انتهى.
ومن تصانيفه: كتاب "الوجيز الجامع لمسائل الجامع".
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى: هو سليمان الصدر بن أبي العزّ وهب بن عطاء الأذرعي، كذا ذكره السيوطي في "حسن المحاضرة"، وقال: قال الصفدي: كان إماما عالما متبحرا، عارفا بدقائق الفقه وغوامضه، انتهت إليه رياسة الحنفية بـ"مصر" و"الشام"، تفقه على الجمال الحصيري وغيره، وسكن "مصر"، وولي قضاء العسكر بها وقضاء "الشام"، له مؤلفات انتهى. وفي "مرآة الجنان" عند ذكر من توفي في سنة 677 هـ، وشيخ الحنفية قاضي القضاة أبو الفضل سليمان بن أبي العز الأذرعي، أحد من انتهت إليه رياسة المذهب في زمانه، انتهى. انظر: الفوائد البهية ص 80، 81.
* * *
2158 - الشيخ الفاضل سليمان بن يحيى بن إسرائيل
البُصْرَويّ، صَدْر الدين*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمع من الشِّهاب محمود الجُوَيْنِيّ
(1)
، وغيره.
ودرَّس بـ"الخاتونيَّة"
(2)
، وغيرها.
ومات في شهر رجب، سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
ذكره في "الغُرف العَليَّة". والله تعالى أعلم.
* * *
2159 - الشيخ الفاضل سليمان بن يوسف بن عبد الله التَّرْكُمانِيّ
، الإمام، الفقيه، أبو الربيع، تَقِيُّ الدين* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: كان من فُضَلاء "البلاد الشامية"، وسمع، وحدَّث.
وكان موجودا في سنة سبع وستين وستمائة. رحمه الله تعالى.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 58. وترجمته في الدرر الكامنة 2: 261.
(1)
في الدرر: "الخوبي".
(2)
المدرسة الخاتونية: هي مسجد خاتون، على الشرف القبلي، عند مكان يسمى صنعاء الشام، المطل على وادي الشقراء بدمشق، والمدرسة الخاتونية الجوانية، بمحلة حجر الذهب، وتعرف اليوم بحي سيدي عمود الدين، وكلاهما من مدارس الحنفية بدمشق. الدارس: 1: 502، 507.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 58، 59.
وترجمته في أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري 167.
2160 - الشيخ الفاضل العلامة سليمان أبو أحمد، الكردي
، الكُجْرَاتي*.
أحد العلماء المبرّزين في الفقه والحديث.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قدم "الهند" من بلاد "كردستان".
وتفقّه على الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي.
وأخذ الحديث عنه. ثم سافر إلى "كُجْرَات"، وسكن بها.
وكان يدرّس، ويفيد، كما في "مرآة أحمدي".
* * *
2161 - الشيخ الفاضل سليمان المنيري، نواب فضائل خان
* *.
كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: تقرّب إلى عالمغير في حياة والده شاهجهان، وخدمه مدّة طويلة، حتى صار معتمدا لديه بعد ما تولّى المملكة، وولّاه دار العدل، ولقّبه "فضائل خان" سنة إحدى وتسعين وألف، كما في "مآثر عالمغيري".
قال بختارو خان في "مرآة العالم": إنه كان معروف الديانة، ظاهر
العفّة، قليل الطمع، كثير الورع، يعرض على السلطان الشكاة كلّ يوم ثلاث
* راجع: نزهة الخواطر 5: 174.
* * راجع: نزهة الخواطر 6: 107، 108.
مرّات، ويفصح بالأقضية، ويبذل جهدَه في إحقاق الحقّ وإنجاح المطالب، ويشتغل بذلك آناء الليل والنهار، ولا يرضى بالقصور في خدمته، ومع ذلك كان يدرّس الطلبة في الليل، ويعلّمهم. انتهى.
توفي سنة إحدى ومائة وألف، فقال:"سرخوش" مؤرّخا لوفاته، ولله درّه:
هم "شيخ سليمان" شده تاريخ وفاة بيمانه عمر بود نامش كويا.
كما في "كلمات الشعراء".
* * *
2162 - الشيخ الفاضل المولى سليمان الرومي
.*
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ على علماء عصره، ثم صار مدرّسا ببعض المدارس، ثم صار مدرّسا بمدرسة "أنقره"، ثم صار مدرّسا بمدرسة "توقات"، ثم صار مدرّسا بمدرسة الوزير علي باشا بـ"قسطنطينية"، ثم صار مدرّسا بإحدى المدرستين المتجاورتين بـ"أدرنه".
وتوفي وهو مدرّس بها، وكانت وفاته في مجلس خاص بالعلماء عند حضور سلطاننا الأعظم في وليمته المباركة لختن أولاده الكرام، وقد سقط مغشيا عليه، فحمل عن المجلس إلى خيمة، ومات هناك، وذلك في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة.
كان رحمه الله تعالى مشتغلا بنفسه، معرضا عن التعرّض لأبناء الزمان، وكان لا يذكر أحدا إلا بخير.
وكان يدرّس للطلبة، ويفيدهم. روّح الله تعالى روحه، ونوّر ضريحه.
* * *
* راجع: الشقائق النعمانية 286.
2163 - الشيخ الفاضل العارف بالله سليمان خليفة
، رحمه الله تعالى*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان عالما بالعلوم الظاهرة، كاملا فيها، ثم وصل إلى خدمة الشيخ تاج الدين المذكور، ووصل عنده مرتبة الإرشاد، وأجازه به.
وتوطّن بمدينة "قسطنطينية" قريبا من جامع زيرك، وكان له هناك مسجد ومنزل، وكان مجرّدا عن الأهل والأولاد، ومشتغلا بنفسه، ومنقطعا إلى الله تعالى، ولم يشتغل بالإرشاد، وسئل هو عن ذلك، فأجاب عنه.
وقال لما أجاز لي الشيخ بالإرشاد سألته عن أدائه، قال لي الشيخ: إذا رأيت طالبا للحقّ، وعرفت أن فيضه منحصر فيك أرشده، قال: ومنذ مدّة كثيرة اجلس ههنا، وما رأيت طالبا للحقّ أصلا، قدّس الله سرّه العزيز.
* * *
2164 - الشيخ الفاضل سليمان رصد الشاذلي، المصري، الزياتي
* *.
فقيه، مؤرّخ.
من آثاره: "القول الموزون في كيفية المأذون" في النكاح والطلاق وما يتعلق بالزوجين في مذهب أبي حنيفة، و"كنز الجوهر في تاريخ الأزهر".
* راجع: الشقائق النعمانية 151.
* * راجع: معجم المؤلفين 4: 264.
انظر: فهرس دار الكتب المصرية 5: 310، 8:211.
توفي سنة 1347 هـ.
* * *
2165 - الشيخ العالم الفقيه القاضي سماء الدين الدهلوي
، العالم المشهور في عصره*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولي القضاء بمدينة "دهلي" في عهد السلطان غياث الدين تغلق.
ذكره القاضي ضياء الدين البرني في "تاريخه".
* * *
2166 - الشيخ الفاضل المولى سمير الدين بن أحد علي سَرْكار الداكوي
* *.
ولد 1351 هـ تقريبا في، قرية "فون شاهي"، من مضافات "كالي غنج" من أعمال، "داكا".
قرأ مبادئ العلم في مدرسة بـ"مومنشاهي"، ثم التحق بمدرسة أشرف العلوم "داكا"، ثم سافر إلى "باكستان"، والتحق بجامعة تندو الله يار بـ"سند"، وقرأ فيها كتب الفنون العالية، وأكمل الحديث، ثم التحق بجامعة لاهور، وأكمل الدراسة العليا فيها، ثم رجع إلى وطنه، ودرّس في عدّة مدارس، وبعد
* راجع: نزهة الخواطر 2: 50.
* * راجع: تاريخ علم الحديث ص 257.
ذلك التحق بالمدرسة العالية بـ"رائ بور" من أعمال "نواخالي"، درس فيها كتب الحديث.
* * *
2167 - الشيخ الفاضل العالم الجليل المولى القارئ المقرئ سمير الدين بن الشيخ سليمان بن علي بن محمود بن الشيخ فطن
بن محمد حسين الميانجي، الفِنُوَائي الكُمِلَّائي*.
ولد سنة 1281 هـ تقريبا في قرية "فِنُوَا من مضافات "لكْسام" من أعمال كُمِلَّا من أرض "بنغلاديش".
وكان أبوه عالما صالحا، تقيا نقيا ورعا متديّنا، وكان لأبيه ثلانة أبناء، وصاحب الترجمة ابنه المتوسّط، وابنه الأكبر الشيخ العلامة منير الدين رحمه الله، وابنه الأصغر الشيخ العلامة التقي الورع آفتاب الدين، المؤسّس للمدرسة الشهيرة بدار العلوم برورا كملا، وكان من خلفاء شيخ القرّاء القارئ إبراهيم الأجانوي.
قرأ الشيخ سمير الدين العلوم على شيخه القارئ إبراهيم الأجانوي، وقرأ النجو والصرف والبلاغة والفنون الأخرى في مدرسة، وكان ماهرا في اللغة الفارسية، بايع في السلوك على يد الشيخ الصوفي عبد الرحمن، وبعد وفاته بايع مرة ثانية على يد شيخ القراء القارئ إبراهيم رحمه الله.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
* راجع: مشايخ كملا 33 - 35.
توفي سنة 1364 هـ وترك ستّ بنين، وثلاث بنات. ومنهم الشيخ المولوي مجيب الرحمن، والشيخ العلامة المحدّث الكبير محب الرحمن الكملائي، رحمهما الله تعالى.
دفن بعد أن صلي على جنازته في مقبرة آبائه، وعمره إذ ذاك 83 سنة.
* * *
2168 - الشيخ الفاضل سميع الله بن عزيز الله الدهلوي
، أحد مشاهير العصر*.
ولد، ونشأ بـ"دهلي".
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: وقرأ العلم على مولانا مملوك العلي النانوتوي، والمفتي صدر الدين الدهلوي، وعلى غيرهما من الأفاضل، وتصدّر للتدريس، فدرّس، وأفاد زمانا، ثم ولي القضاء سنة خمس وسبعين ومائتين وألف، ونقل إلى "عليكره" سنة ثمان وسبعين، وعزل عن تلك الخدمة سنة تسع وسبعين، فاشتغل بالمحاماة في المحكمة العالية بـ"آكره"، وبعد مدّة من الزمان جعل صدر الصدور بـ"عليكره"، وذلك في سنة ستّ وتسعين، وسافر إلى "مصر" صحبة اللورد نارته بروك بالسفارة سنة اثنتين وثلاثمائة وألف.
ولما رجع إلى "الهند" لقّبته الدولة الإنكليزية "سي - إيم - جي" وولته القضاء الأكبر ببلدة "رائ بريلي"، ثم رقته إلى خدمة أعلى من تلك الخدمة، فاستقلّها مدّة، وأحيل إلى المعاش سنة عشر وثلاثمائة وألف، فسافر إلى "الحجاز" للحجّ والزيارة، فحجّ، وزار، ورجع إلى "الهند"، وسكن ببلدة "عليكره".
* راجع: نزهة الخواطر 8: 185، 186.
وكان فاضلا جيّدا، صحيح العقيدة، ملازما للصلوات الخمس، محبا للعلم والعلماء، درّس، وأفاد مدّة من الزمان، وكان يوظّف الطلبة، ويقرئهم في علوم عديدة. وأسّس المدرسة العربية بـ"دهلي" سنة اثنتين وثمانين ومائتين وألف على نفقته، ورتّب العلماء، أجلّهم مولانا محمد علي الجاندبوري، وجعل الأرزاق السنية للمحصّلين، وكان شريكا غالبا في تأسيس المدرسة الكلية بـ"عليكره"، وعضدا قويا للسيّد أحمد بن المتقي الدهلوي.
وكان السيّد أحمد المذكور يريد أن يجمع مليونا ومائتي ألف أولا، ثم يؤسّس المدرسة، فخالفه في ذلك، وأسّس المدرسة قبل ذلك ببلدة "عليكره" في ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين ومائتين وألف، فاتقفا عليه مدّة طويلة، ثم وقع الخلاف بينهما في ولاية العهد، فكان السيّد أحمد المذكور يريد أن يولي بعده ابنه محمود، وسميع الله يخالفه فيه، ويقول له: نترك ذلك لمن يخلفنا، فمن يكون أصلح لهذا العمل ولوه عليها، واعتزل عنه، وأسّس دار إقامة للمحصّلين ببلدة "إله آباد"
(1)
، وهي عامرة آهلة حتى اليوم.
مات سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة وألف ببلدة "دهلي".
* * *
2169 - الشيخ الفاضل العارف بالله تعالى الشيخ سنان خليفة
،
(1)
إله آباد: يحدّها من الشرق صوبة "بهار"، والغرب صوبة "آكره"، والشمال "آوده"، والجنوب "باندهو كده"، طولها ستون ومائة ميل، وعرضها عشرن ومائة ميل،
…
ولها عشرة "سركارات"، وسبع وأربعون عمالة. أما "سركاراتها" فهي "إله آباد"، "غازي بور"، "بنارس"، "جون بور"، "جنار كدة"، "كالنج"، "كورا"، "مانكبور". "كده"، "بهته".
من خلفاء الشيخ سليمان خليفة*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قام مقامه بزاويته بمدينة "قسطنطينية"، وكان رجلا أميا إلا أنه كان صاحب جذبات عظيمة وأحوال سنية.
وكان مشتغلا بنفسه، ومنقطعا عن الناس، وكان متواضعا، متخشّعا، مراعيا للفقراء والمساكين.
توفي رحمه الله في سنة هنا بياض بالأصل وتسعمائة، وكان شيخا هرما. روّح الله روحه، ونوّر ضريحه.
* * *
2170 - الشيخ الفاضل سنان الدين، الشهير بسوخته سنان، رحمه الله تعالى
* *.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان رحمه الله تعالى متوطّنا بمدينة "قسطنطينية"، وكان عالما عارفا، عابدا زاهدا، صالحا، منقطعا عن الخلائق إلى الخالق، مشتغلا بتكميل نفسه، وتكميل المريدين.
وتوفي في أواخر سلطنة السلطان سليم خان، عليه الرحمة والغفران.
* * *
2171 -
الشيخ الفاضل العارف بالله تعالى
* راجع: الشقائق النعمانية 318.
* * راجع: الشقائق النعمانية 264.
الشيخ سنان الدين الفروي*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان رحمه الله تعالى من خلفاء الشيخ تاج الدين.
وكان زاهدا، ورعا غاية الورع.
سمعت عن والدي رحمه الله تعالى أنه أتى بلدة "بروسه"، ونزل في زاوية الشيخ حاجي خليفة، فأوصى الشيخ المريدين العاكفين بزاويته أن لا يخالفوا آداب الطريقة بوجه من الوجوه، استحياء من ورع الشيخ المذكور.
وحكي رحمه الله تعالى أنه كان عند الشيخ حاجي خليفة، وكان واحد من مريديه تزوّج بنت واحد من التجّار، وقد ألبسه ذلك التاجر ثوبا من الصوف، ولبسه هو حياء من التاجر، وحضر لابسا ذلك الثوب عند الشيخ، والشيخ سنان الدين المذكور حاضر عنده، فلما رأى ثوبه غضب، وقال للشيخ حاجي خليفة: أتسامح أن يلبس أصحابك لباس الأغنياء، لم لا تنهاه عن ذلك، فاعتذر الشيخ، وقال: لبسه حياء من صهره، فلم يفد الاعتذار، ولم يسكن غضبه إلى أن خلع ذلك الثوب، ولبس لباس الفقراء.
وحكى خالي رحمه الله تعالى أنه قال: كنت صغيرا عند نزول الشيخ المزبور زاوية الشيخ حاجي خليفة، ونهاني الشيخ وإخواني أن نحضر عنده، وقال: إن له نفسا مؤثرا، وإنه ربما يرى منكم سوء أدب، فيتكدر خاطره عليكم، فلا يحصل لكم الخير بعد ذلك.
* * *
2172 - الشيخ الفاضل سودون بن عبد الله الفقيه الظّاهِرِيّ، سيف الدين
،
* راجع: الشقائق النعمانية 150.
صِهْر الملك الظاهر ططر، وجدُّ الملك الصالح محمد*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: ذكره صاحب "الغُرَف العَلِيَّة"، وأثْنىَ عليه بالفضيلة التامة، والاسْتِحْضار لمذهب أبي حنيفة، والتّعصُّب لأهل مذهبه.
وأنه تُوُفِّي في حدود سنة ثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
2173 - الشيخ الفاضل سودون الأبُوبَكْرِيّ المؤَيَّدِيّ
، المعروف بالأشْقَر* *.
ذكره في "الضوء اللامع"، وقال: كان خَيِّرا، دَيّنا، فقيها، ساكنا، عفيفا، مُديما للصلاة والصوم والعبادة، حسن الاعتقاد، نادرة في أبناء جنسه.
وأرَّخ وفاته سنة سبعين، بعد مرضٍ نحو سنتين، رحمه الله تعالى.
* * *
2174 - الشيخ الفاضل سَوْرَة بن الحسن الألْوَزَانيّ
* * *.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 62.
وترجمته في الضوء اللامع 3: 282، 283.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 62.
وترجمته في الضوء اللامع 2: 276.
* * * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 61.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 634.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: هو من أصْحاب محمد بن الحسن، روَى عنه.
وهذه النِّسْبة إلى الوَزان: قرية من قُرَى "سَرْخَس".
* * *
2175 - الشيخ الفاضل سَوْرَة بن الحَكَم القاضي
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال الخطيب
(1)
: صاحب الرَّأْيِ.
حدَّث بـ"بغداد"، عن عبد الله حَبيب بن أبي ثابت، وسليمان بن أرْقَمَ.
رَوَى عنه عَبّاس الدُّوريُّ، وغيره.
* * *
2176 - الشيخ الصالح سوندها بن عبد المؤمن الصدّيقي السفيدوني
* *.
أحد المشايخ الجشتية.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 61.
وترجمته في تاريخ بغداد 9: 227، 228، والجواهر المضية برقم 635، وهو من رجال القرن الثالث.
(1)
في الطبقات والجواهر: "السمعاني" خطأ.
* * راجع: نزهة الخواطر 6: 108.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ"سفيدون" قرية جامعة على أربعة عشر ميلا من "باني بت"
(1)
، وسار إلى "كنكوه"
(2)
عند الشيخ داود بن صادق الحنفي الكنكوهي، فلازمه ملازمة طويلة، وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى بلدته، وتولّى الشياخة بها.
أخذ عنه الشيخ محمد أكرم بن محمد علي البراسوي، صاحب "اقتباس الأنوار"، وخلق آخرون.
توفي لستّ بقين من جمادى الآخرة.
* * *
2177 - الشيخ الفاضل العارف بالله تعالى الشيخ سونديك
، الشهير بقوغه جي دده*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان رحمه الله تعالى صاحب جذبة عظيمة، وأحوال سنية، وصاحب كرامات.
توفي الشيخ المذكور بمدينة "قسطنطينية"، ودفن بها، قدّس سرّه.
* * *
(1)
"باني بت": بباء فارسية، فألف، فنون مكسورة، فياء تحتية، فباء فارسية مفتوحة، آخرها فوقية ساكنة، بلدة بقرب "دهلي".
(2)
ويقال لها جنجوه أيضا، سميت قرية "جنجوه" باسم الأمير الهندي "جنج"، وتقع هذه القرية في الطرف الجنوبي من "سهارنفور" على بعد ثلاثة وثلاثين ميلا، وقد اشتهرت نسبتها إلى العارف بالله الشيخ عبد القدّوس "الجنجوهي" المتوفى سنة 945 هـ. راجع تاريخ دار العلوم ص 52 وما بعدها.
* راجع: الشقائق النعمانية 220.
2178 - الشيخ الفاضل سَهْل بن إبراهيم القاضي
، أبو محمد الإمام البارع*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: درَّس في مَشْهَد دَرْب عَبْدة، الذي كان يُدَرِّس فيه البَرْدَعِيّ والطَّبَرِيّ، ودرَّس فيه بعد سَهْل القاضي أبو عليّ الشّاشِيّ، ثم أبو بكر الرّازيّ.
قال الصَّيْمَرِيّ: ثم درَّس بعدَه شيخنا أبو بكر بن محمد بن موسى الخُوارَزْمِيّ. قال: وهو مسجدنا الذي نُدَرِّس فيه الآن، ونَرْجُو أن يَلْحَقَنا، ومَن يغْشانا، بركاتُ هؤلاء الأئمة الذين سبَقونا بالجلوس فيه.
* * *
2179 - الشيخ الفاضل سَهْل بن الشيخ الفاضل سهل بن بشر بن القاسم
* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: روَى عن أبيه، وتفقَّه عليه.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 59.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 629.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 59.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 630، وهو السلمي الهروي النيسابوري.
2180 - الشيخ الفاضل سَهْل بن الشيخ الفاضل سهل بن عَمّار بن عبد الله العَتَكِيّ القاضي
، أبو يحيى، النِّيسابوريّ*.
ذكرَه في "مُنْتخَب تاريخ هَرَاة"، وقال: كان من أصحاب أبي حنيفة، وكان قاضيَ "هَرَاة".
وحدَّث عن يزيد بن هارون، وغيره. وروَى عنه العباس بن حَمزةَ، وأبو يحيى البَزّار، وغيرُهما.
ووَلِيّ قضاء "طُوس"، ثم قضاء "هَرَاة".
ومات في سنة سبْع وستين ومائتين.
وذكره الحاكمُ في "تاريخ نَيْسابور".
* * *
2181 - الشيخ الفاضل سهل بن محمد بن أحمد أبو يوسف
، القاضي* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال السَّمعانيّ: من أوْلاد الأئمة والعلماء، راغبٌ في أهل العلم والخير. كتبتُ عنه شيئا يسيرا "بِـ"هَرَاةَ".
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 59، 60.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 631، وذكره السمعاني في الأنساب 384.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 60.
وكانتْ وفاته بها في صفر، سنة أربع وأربعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
2182 - الشيخ الفاضل سَهْل الصُّعْلُوِكِيّ الفقيه، الخُراسانِيّ
*.
كذا ذكره في "الجواهر المضية"، وقال: إنه جمَع بين رياسَتَي الدين والدنيا، وإنه خرج يوما وهو في موكبِه يهوديّ، في أطْمارٍ رَثَّة، وقال له: ألَسْتُم تَرْوُونَ عن نَبِيِّكم، "إن الدنيا سجنُ المؤمن وجنَّة الكافر"، وأنا عبد كافر، وتَرَ حالي، وأنتَ مؤمنٌ، وتَرَ حالَك! فقال له عَلى البَديهَة: إذا صِرْتَ غدًا إلى عذاب الله كانت هذه جَنَّتَك، وإذا صِرْت أنا إلى نَعيم الله ورِضوانه، كان هذا سجْني، فعجب الخَلْق من فَهْمِه وبَداهته.
ذكر هذه الترجمة هكذا القُرْطُبِيّ، في كتاب "قَمْع الحِرْص". انتهى نقلا من "الجواهر".
قلت: ذِكرُ سهلٍ هذا من أئمة الحنفية، وَهَمٌّ من صاحب "الجواهر"؛ فإن الرجل كان شافعيَّ المذهب، كما نصَّ عليه الذَّهَبِيُّ في "تاريخ الإسلام" وغيره، وقد ذكر له ابنُ السُّبكِيّ في "طبقات الشافعية"
(1)
ترجمة حافلة، ومنشأ الوَهَم من قول القُرْطُبيّ وقولِ أكثر المؤرِّخين في ترجمته "الحنفي".
ومُرادهم بذلك النِّسبة إلى بني حنيفة، القبيلة المشهورة، لا إلى المذهب، والله تبارك وتعالى أعلم.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 60.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 633، وانظر ما يأتي من كلام المؤلف.
(1)
طبقات الشافعية الكبرى: 4: 393، 404.
2183 - الشيخ الفاضل المفتي سياح الدين الكاكاخيلي
*.
كان من أجلّة العلماء بـ"باكستان، وكان من خرّيجي دار العلوم "ديوبند".
وبعد إكمال الدراسة عيّن مدرّسا فيها.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
توفي في شهر سنة 1407 هـ.
* * *
2184 - الشيخ الفاضل سَيّار بن يحيى بن محمد بن إدريس
، أبو عمرو، الكِنانِيّ الهَرَويّ والدُ أبي العلاء صاعد* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمع إبراهيم بن محمد بن يَزْداد الرّازيّ؛ بـ"بُخارَى"، وعبد الرحمن بن محمد الإدْريسِيّ، وغيرهما، وسَماعاته قبلَ الأرْبعمائة.
* راجع: نقوش رفتكار 254 - 258.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 61، 62.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 636.
روَى عنه جماعة، منهم ابناه: القاضي أبو العلاء صاعد، والقاضي أبو الفتح نَصْر، وسيأتي كلٌّ منهما في بابه
(1)
، إن شاء الله تعالى.
ولما تُوُفِّيَ خَلَفه ابنُه نصرٌ في القضاء والتَّدْريس والفَتْوَى.
ولما قُتِل نصر مظلوما خلَفه أخوه أبو العلاء، وطالت أيّامه.
مات سَيّار سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، والله تعالى أعلم.
* * *
2185 - الشيخ الفاضل سِيبَوَيْه
*.
قال في "الجواهر": ذكره أبو الحسن علي القِفْطِيّ في "أخبار النُّحاة"، وقال: كان ممن أدركتْه حرفةُ الأدب، وأحْوجتْه الحاجة إلى الارتزَاق بالتفقّه على مذهب أبي حنيفة النّعمان، رضي الله تعالى عنه، وابتُلِيَ مع ذلك بِمُدرِّس يَمْهَنُه في المِحافل، ويَمْنَحُه الالْتِواءَ عنه والتّغافلُ.
وكانتْ وفاته بِـ"سنْجار"، في حُدود سنة ستّ وستمائة. انتهى.
قلتُ: ليس هذا بسيبويه إمام النحاة المشهور، فإن ذلك تُوُفِّي سنة ثمانين ومائة، وإنما نبَّهت على ذلك لئلا يخطُرُ بالوَهْم أنه هو، لأنَّه كان أيضا ممن أدركته حرْفة الأدب.
(1)
تبع المؤلف في هذا صاحب الجواهر، ولم يذكر المؤلف ولا صاحب الجواهر ترجمة صاعد بن سيار بن يحيى بن محمد بن إدريس، وإنما ذكرا ترجمة صاعد بن سيار بن عبد الله بن إبراهيم، وتأتي فيما قبل، كما تأتي ترجمة نصر بن سيار بن صاعد بن سيار بن يحيى بن محمد بن إدريس، فيما قبل.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 62، 63.
وترجمته في إنباء الرواة 2: 71، والجواهر المضية برقم 637.
ورأيتُ بهامش بعض "نسخ الجواهر" بخطّ بعض أهل العلم، أن سيبويه صاحبَ النحو المشهور، كان حنفيَّ المذهب، وأنه أخذ الفقه عن محمد بن الحسن، والله تعالى أعلم بصحة ذلك، وإن ظَفِرْتُ بنقلٍ صحيح أثْبَتُّ له هنا ترجمة حافلة. انتهى.
* * *
2186 - الشيخ الفاضل مولانا سيّد أحمد بن علي أحمد ملا النواخالوي
*.
ولد 1337 هـ في قرية "رَامِشَّر من مضافات "كَمْبَاني غنج" من أعمال "نواخالي".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بالمدرسة الإسلامية بـ"نواخالي"، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، وغيرها من الكتب الدراسية، ثم سافر إلى "الهند"، والتحق بدار العلوم ديوبند، وأكمل فيها الدراسة العليا، وقرأ الحديث على شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، وبعد إتمام الدراسة رجع إلى وطنه، والتحق بالمدرسة العالية فيني، ثم التحق بالمدرسة الحسينية علماء بازار، ودرّس فيها كتب الحديث.
* * *
2187 - الشيخ الفاضل المحدّث الكبير مولانا سيّد أحمد السيتابوري
* *.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 259.
* * راجع: مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 255.
من أهل "الهند"، من أخصّ تلامذة الإمام أنور شاه الكشميري، رحمه الله تعالى.
كان صدر المدرّسين في الجامعة العربية المعينية بـ"الأجمير"
(1)
، ثم التحق بمدرسة إشاعة العلوم، وعيّن شيخ الحديث وصدر المدرّسين فيها.
كان عالما محقّقا، فاضلا مدقّقا، جامع المعقول والمنقول.
* * *
2188 - الشيخ الصالح العالم الجليل العلامة سيّد خان الجاندفوري
*.
ولد بقرية "لُوْهَاكُرَه"، من مضافات "فريد غنج" من "جاندفور".
قرأ بدار العلوم ديوبند إحدى عشرة سنة، ومن أساتذته فيها: الإمام السيّد أنور شاه الكشميري، رحمه الله تعالى.
وبعد إتمام الدراسة عيّن مدرّسا بدار العلوم بَرُوْرَا في "كُمِتلا" سنة 1335 هـ.
ثم صار مديرا لها من سنة 1344 هـ إلى أن توفاه الله تبارك وتعالى سنة 1363 هـ.
من تلامذته: الشيخ المحدّث المناظر قربان علي الباغماروى، والشيخ الجليل المولى كرامة علي الفُومْبَايْشِي، رحمهم الله تعالى.
* * *
(1)
صوبة "أجمير": يحدّها من الشرق صوبة "أكبر آباد"، ومن الغرب "ديبالبور"، ومن الشمال صوبة "دهلي"، ومن الجنوب "كجرات"، طولها من "ألانبير" إلى "جيسلمير" ثمان وستون ومائة ميل، وعرضها مائة وخمسون ميلا، ولها تسعة "سركارات"، وثلاث وعشرون ومائة عمالة.
* راجع: مشايخ كملا 1: 8.
2189 - الشيخ الفاضل العالم الصالح سيِّدي الحُميدِيّ الرّوميّ
، رحمه الله تعالى*.
أحد علماء الدولة العثمانية.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: أخذ عن المولى علاء الدين علي الفناري، واشتغل كثيرا.
وصار من فضلاء تلك الديار، وولي بها عدّة مدارس، منها: إحدي الثمان، ثم ولي بعد انفصاله منها قضاء "قسطنطينية"، ومات وهو قاض بها سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشر وتسعمائة، تغمّده الله تعالى برحمته.
وله من التصنيف: "أسئلة" على "شرح المفتاح" للسيّد، و"أسئلة" على "شرح المواقف" له أيضا.
وكان أسمر اللون، عظيم اللحية، كبير الجثّة، وعليه هيبة ووقار، رحمه الله تعالى.
* * *
2190 - الشيخ الفاضل والعالم الصالح سيّدي الرومي القرماني
، رحمه الله تعالى* *.
أحد فضلاء الدولة العثمانية.
* راجع: الطبقات السنية 4: 63.
وترجمته في الشقائق النعمانية 1: 440 - 442، وكشف الظنون 2: 1765، 1894.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 63، 64.
وترجمته في الشقائق النعمانية 1: 440 - 442، وكشف الظنون 2: 1765، 1894.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: أخذ عن المولى علاء الدين العَرَبيّ.
وصار معيدا لدَرْسه، ثم صار مدرِّسا بعدّة مدارس، منها: إحدى الثمان، ووَلِيَ قضاء "بُرُوسَةَ"، ثم قضاء "قُسْطَنْطِينيَّة"، ثم ووَلِيَ قضاءَ العَسْكَر بولاية "أناطُولِي"، ثم بولاية "رُومَلِي"، ثم عُزِل في أوائل سَلْطنة السلطان سليم خان، وعُيِّن له من العَلّوفة كلَّ يوم مائة وعشرون درهما عثمانيّا، وجُعِل مدرّسا مع ذلك بإحدى الثمان.
ومات وهو مدرّس بها، سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودُفن يحوار دار التَّعَلُّم، التي بناها هو بـ"قُسْطَنْطِينيّة".
وكان، رحمه الله تعالى، من العلم والصلاح والهَيْبة والوقار والتّواضع ومحبّة الفقراء وحُسن الخلق، على جانب عظيم.
* * *
2191 - الشيخ الفاضل الفقيه الضليع المحدّث المفتي سيف الإسلام بن نور الإسلام السنديفي
، رحمه الله تعالى*.
ولد سنة 1352 هـ في قرية "أمير آباد" من مضافات "سَنْدِيف" من أرض "بنغلاديش".
يقال: إن أباه كان مجازا من فقيه الهند العلامة رشيد أحمد الكنكوهي، رحمه الله تعالى.
تلقّى مبادئ العلم في المدرسة القومية بـ"قاضيرخِيْل" من مضافات "سنديف" عند مولانا خير الحق رحمه الله تعالى، وقرأ فيها كتب الصرف والنحو، ثم التحق بالمدرسة البشيرية بـ"سنديف"، وكان أبوه مدرّسا فيها، فقرأ فيها أربع سنين، ثم عيّن أبوه مديرا للمدرسة العالية "هاتيا"، فالتحق هو أيضا
* راجع: مائة رجال من مشاهير العلماء ص 359 - 361.
بها، وقرأ فيها إلى الصفّ، الذي يدرّس فيه "مشكأة المصابيح"، وغيرها من الكتب الدرسية.
ثم سافر إلى "شيتاغونغ"، والتحق بالمفتي الأعظم فيض الله، رحمه الله تعالى، واتصل بمدرسته حامي السنّة، وقرأ فيها سنتين، ثم التحق بدار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، وأتم فيها الدراسة العليا، وقرأ فيها الصحاح الستّة وغيرها من الكتب الحديثية.
من شيوخه: المفتي الأعظم فيض الله، والشاه عبد الوهّاب، والعلامة عبد القيّوم والعلامة نادر الزمان، والعلامة عبد العزيز، والعلامة المفتي أحمد الحق، والعلامة حافظ الرحمن، والعلامة محمد حامد، والعلامة أبو الحسن البابونغري، والعلامة محمد علي النظامبوري، رحمهم الله تعالى رحمة واسعة.
وبعد إتمام الدراسة اختار صحبة المفتي الأعظم فيض الله رحمه الله تعالى، واستمرّ فيها خمس عشرة سنة، وكان يدرّس في مدرسة حامي السنّة كتب الفارسية والصرف والنحو والفقه والمنطق وغيره.
ولما توفي المفتي الأعظم سنة 1396 هـ شاور مع أستاذه المحدّث الكبير مولانا عبد القيّوم رحمه الله تعالى، فذهب بإيمائه إلى وطنه "هاتيا" وبنى مدرسة على نهج مدرسة حامي السنة، وسمّاها بالمدرسة الإسلامية فيض العلوم، ودرّس فيها طوال خمسة وعشرين سنة متوالية، واستفاد منه في هذه المدة المديدة كثير من العلماء والفضلاء، لا يحصى عددها.
وابتلي في آخر عمره بمرض شديد، وهو يصلّي سنة الفجر في رمضان المبارك سنة 1422 هـ، فبعد مدّة يسيرة انتقل من دار الفنا إلى دار البقا، وذلك في 25 شوال 1422 هـ، ودفن بعد أن صلي على جنازته في مقبرة "أوسْخالي" من مضافات "سنديف".
قلت: صاحب الترجمة من أساتذتي، قرأتُ عليه كتاب "نحو مير" للإمام السيّد الشريف الجرجاني، وذلك سنة وفاة المفتي الأعظم فيض الله رحمه
الله تعالى، وفلم يتيسّر لي إتمامه عليه لارتحاله إلى وطنه، فقرأت ما بقي منه على العلامة عزيز الله النواخالوي، رحمه الله تعالى.
وسمعت منه أنه قبل ارتحاله إلى شيتاغونغ التحق بالمدرسة الإسلامية نواخالي، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح" وغيرها، ومن شيوخه فيها: بحر العلوم العلامة غياث الدين، تلميذ شيخ الهند محمود حسن الديوبندي رحمهما الله تعالى.
* * *
2192 - الشيخ الفاضل سيف الله بن نور الله بن نور الحق بن عبد الحق المحدّث
، البخاري، الدهلوي*.
أحد العلماء المبرّزين في الفقه والحديث.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: له شرح على "شمائل الترمذي" بالفارسي، سمّاه "أشرف الوسائل في شرح الشمائل"، صنّفه سنة إحدى وتسعين وألف في عهد عالمغير، أوله: الحمد لله الذي خلق محمد المصطفى بأكرم شمائل. إلخ. كما في "مرآة الحقائق".
* * *
2193 - الشيخ الفاضل مولانا سيف الله شاه الكشميري
* *.
* راجع: نزهة الخواطر 6: 109.
* * راجع: مقدمة أنوار الباري شرح البخاري 2: 255.
شقيق الأمام أنور شاه الكشميري، وتلميذه الخاص.
قرأ عليه عند قيامه بـ"ديوبند"، وكان يسعى في تحصيل العلوم ومعرفة الفنون ليلا ونهارا.
* * *
2194 - الشيخ العالم العارف الكبير صاحب المقامات العليّة والكرامات المشرقة الجليّة سيف الدين بن محمد معصوم
بن الشيخ أحمد العمري، السرهندي*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان خامس أبناء والده، ولد بـ"سرهند" سنة تسع وأربعين وألف، ونشأ في مهد العلم والطريقة، وتصدّر للإرشاد، واختار للإقامة بلدة "دهلي" بأمر والده الماجد بعد ما صدرت بها إشارة غيبية، فصار هئاك مرجعا للطالبين، ومجمعا للسالكين.
وأخذ عنه السلطان أورنك زِيْبْ عالمغير الغازي.
وكان على قدم والده في الاستقامة على الشريعة والطريقة، وله جذب قوي وتصرّف عال بحيث كان الناس يضطربون من قوة توجّهاته، ويبقون بلا اختيار في يده.
قال الشيخ مراد بن عبد الله القزاني في ذيل "الرشحات": وكان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رتبة، لم يكن عليها شيخ من المشايخ مثله، حتى كادت البدع ترتفع عن بلاد "الهند" في زمنه، وتستأصل، ولذلك لقّبه والده بمحتسب الأمّة، ودعاه السلطان مرّة إلى قصره، فأجابه اتباعا
* راجع: نزهة الخواطر 5: 174 - 176.
للسنّة، ولما رأى في جدار القلعة صُوَرا منحوتة في الأحجار توقّف عن الدخول في القلعة، فأمر السلطان بكسرها، فكسروها بأسرها، ثم دخل فيها.
وقال: وكانت لمولانا سيف الدين قدّس سرّه شوكة ظاهرة أيضا، حتى كان السلاطين والأمراء يقومون على أرجلهم بالأدب التامّ بين يديه، لا يتجاسرون القعود أمامه.
وكان يلبس ألبسة فاخرة، وقع مرّة على قلب بعض أن له كبرا، فأشرف عليه. وقال: كبري من ظلّ كبرياء الحقّ عز وجل.
وكان يأكل من مطبخه كلّ يوم أربعمائة رجل وألف رجل مرّتين مما يوافق طبعه، وترغب فيه نفسه. انتهى.
توفي لعشر بقين من جمادى الأولى سنة ستّ وتسعين وألف في أيام عالمغير.
وقد أرّخ لوفاته بعض أصحابه من قوله: "هي هي ستون دين آفتاد"، وكان عمره يوم وفاته سبعا وأربعين سنة، قبره بـ"سِرْهِنْد" يزار، كما في "الهدية الأحمدية".
* * *
2195 - الشيخ الفاضل سيف الدين بن محي الدين الألوري
*.
أحد الشعراء المجيدين.
* راجع: نزهة الخواطر 6: 108، 109.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ المختصرات على والده، ثم لازم الشيخ عبد الجليل بن أحمد الحسيني البلكرامي
(1)
.
وأخذ عنه الشعر والإنشاء والترسّل والفنون الأدبية.
لقيه السيّد غلام علي بن نوح الحسيني البلكرامي سنة أربعين ومائة وألف بمدينة "إله آباد"، وذكره في مصنّفاته.
وله "تذكرة الأولياء"، و"تذكرة الشعراء".
* * *
2196 - الشيخ الفاضل سيف الرحمن بن غلام جان خان بن عبد المؤمن خان الدراني
، الولايتي، ثم الطوكي، أحد كبار العلماء*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد سنة سبعين ومائتين وألف هجرية.
ونشأ بـ"أفغانستان"، وقرأ الفقه والأصول والعربية في بلاده، ثم قدم "الهند"، وأخذ الفنون الرياضية عن الشيخ لطف الله بن أسد الله الكوئلي، ولازمه مدّة، ثم سافر إلى "كنكوه"، وأخذ الحديث عن الشيخ المحدّث رشيد
(1)
نسبة إلى "بلكرام"، وهي بكسر الموحّدة، وإسكان اللام، وكسر الكاف الفارسية، بعدها ألف وميم، وهي بلدة معروفة من بلاد "أوده"، قريبة من "قنّوج"، نشأ بها كثير من العلماء والمشايخ، كالسيّد غلام علي آزاد، والسيّد مرتضى صاحب "تاج العروس".
* راجع: نزهة الخواطر 8: 186، 187.
أحمد الحنفي الكنكوهي وقرأ عليه الصحاح الستة، ولازمه سنة كاملة، ثم رحل إلى "طوك"، وتزوّج بابنة القاضي دوست محمد الكابلي، وسكن بها، وولي التدريس بالمدرسة الناصرية ببلدة "طوك"، فدرّس بها مدّة طويلة، ثم ولي التدريس بالمدرسة الفتحبورية بـ"دهلي"، وإني استقدمته لدار العلوم غير مرّة، فلم يتفق له القدوم إلى "لكنو".
وفي حدود سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف خرج من "الهند"، وسافر إلى بلاده سرا (باتفاق مع العلامة الشيخ محمود حسن الديوبندي ومساعدته، وحرّض أهل تلك البلدة على حمل السلاح إزاء الحكومة الإنكليزية، وأثرّت مواعظه وأحاديثه في الناس، حتى دخل في حرب مع الأنكليز تحت إمارة الشيخ المعروف بحاجي ترنك زئي، ولما وقعت الهزيمة، وانتصر الإنكليز هاجر إلى "كابل"، وأقام بها، ولما طلب الإنكليز من الأمير حبيب الله خان تسليمه، سفر إلى "ياغستان"، ومكث مدّة مع مستوفي الممالك، ولما قتل الأمير حبيب الله خان، وبويع أمان الله خان بالإمارة رجع إلى "كابل"، وشغل مناصب خطيرة في المملكة إلى أن اعتزل.
كان الشيخ سيف الرحمن عالما قويّ العلم، ذكيا، شديد الفطنة، شهما، عالي الهمّة، شديد الغيرة في الدين، شديد البغض للإنكليز، فصيحا مفوّها، كثير الخبرة بأمور الدنيا، عارفا بالسياسة، واعيا متيقّظا، رجع بعد ما تحرّرت "الهند"، وقامت "باكستان" إلى وطنه "بِشَاور"، وسكن في قريته "متهرانو" في شمال "بِشَاور"، ومات بها لسبع خلون من جمادى الأولى سنة تسع وستين وثلاثمائة وألف، ودفن في مقبرة أسلافه.
* * *
حرف الشِّين المعجمة
2197 - الشيخ الفاضل شاذان بن إبراهيم
*.
في "طبقات التميمي": ذكره الخاصِيّ في "فَتاويه"، وذكر عنه أن المرأة إذا ارْتَدَّتْ لم تَبِنْ من زَوْجها.
ومن اختياره: أن الغسل يجب بخُرُوج المنِيّ كيف ما كان، ولم يَعْتَبِر الدَّفْقَ والشهوة.
وذكره عنه في "القنية" في مَجوسِيّ أَسْلَم، وتحتَه أخْتُه: لا تَبينُ.
قال: وكذا عن أبي نصر الدّبوسيِ، رحمه الله تعالى.
* * *
2198 - الشيخ الفاضل السيّد شاكر علي
، رحمه الله تعالى* *.
بايع على يد حكيم الأمة أشرف علي التهانوي سنة 1340 هـ.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 65.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 638، 639، والفوائد البهية 83، وكتاب أعلام الأخيار برقم 152، وذكر الكفوي أنه أبو القاضي أبي بكر محمد بن شاذان، وهو المتوفى سنة أربع وسبعين ومائتين، ونسبة شاذان:"البصري".
* * راجع: بزم أشرف ص 47.
وأقام بـ"إله آباد، ثم بـ"كانبور"، وكان طبيبا.
ثم هاجر إلى "كراتشي"، وتوفي فيها.
* * *
2199 - مولانا الفاضل الكبير شاكر محمد بن وجه الدين الدهلوي
*.
أحد كبار العلماء.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان من نسل الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجشتي.
ولد، ونشأ بـ"دهلي".
وقرأ العلم على الشيخ العلامة عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي، ولازمه ملازمة طويلة، حتى برع في العلم والمعرفة، وتصدّر للتدريس، وانتهت إليه رياسة العلم والتدريس بـ"دهلي".
وكان شاهجهان التيموري سلطان "الهند" يعظّمه.
مات في آخر شعبان سنة ثلاث وستين وألف، وأرّخ لعام وفاته كمال محمد السنبهلي "شيخ فاني بود"، ذكره في "الأسرارية".
* * *
2200 - الشيخ الفاضل العالم الكبير مولانا المفتي شاه دين بن محكم الدين اللدهيانوي
* *.
* راجع: نزهة الخواطر 5: 177.
* * راجع: تذكرة مولانا مظهر النانوتوي: تأليف نور الحسن راشد الكاندهلوي ص 139. وترجمته في نزهة الخواطر 8: 188.
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى "سهارنفور"، والتحق بمدرسة مظاهر العلوم، وقرأ على العلامة محمد مظهر النانوتوي كتب الدرجة المتوسّطة.
وفي "تذكرة العلماء" قرأ على مولانا محمد مظهر، ومولانا لطف الله العليكرهي، ثم سافر إلى "كنكوه"، واختار صحبة فقيه "الهند" رشيد أحمد الكنكوهي، واستفاد منه كثيرا، وقرأ عليه كتب الحديث والفقه، وكتب في "مذكراته" أن الشيخ الكنكوهي تاج رأسه.
وبعد إتمام الدراسة اتصل بمدرسة منبع العلوم كلاوتهي، ودرّس فيها سنين، ثم رجع إلى وطنه.
وكان عالما جليلا، وفقيها نبيلا، وكانت له مهارة تامة، ويد طولى في كلّ فن، لا سيّما في علم الهيئة.
توفي، ولم تعلم سنة وفاته.
* * *
2201 - الشيخ الفاضل شاه رُخّ بن تَيْمورلَنْك
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: كان سلطان "هَراة" و"سَمَرْقَنْد" و"شيراز"، وما والاها من بلاد العَجَم.
كان ملكا عادلا، دَيِّنا، خَيِّرا، ومتواضعا، فقيها حنفيا، مُحبَّبا لرعيَّته، غيرَ محجوب عنهم، مُباينا لطريقة أبيه تَيْمور، عليه من الله ما يستحقُّ، وكان يُحِبُّ أهل العلم والصلاح، ويُكْرمهم، ويقضي حوائجهم.
وكان قد اتَّسعت مملكتُه وقَوِيَت سَلْطنته، وقدِمَت رُسُلُه مرارا إلى "الديار المصرية"، وأرسل يسأل الأشرف بَرْسباي، في أنه يكْسو الكعبة
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 65، 66.
الشريفة، ويقول: إنه نذر ذلك، ومُرادُه الوفاء بما نذره. فلم يُجِبْه إلى سؤاله، وحصل بينهما بسبب ذلك وَحْشةٌ زائدة، فلما ولِيَ الظاهر جَقْمَق السَّلْطنة، بعَث شاه رُخ إليه يُهَنِّيه، ويُظْهر السرور بسلطنته، ويسأله الإذن في أن يكْسُوَ البيت الشريف، فأجابه إلى ذلك، ولما أرسل الكُسْوة المذكورة، وكانتْ تساوي ألوفَ دنانيرَ سلَّمها السلطان لمن يُلْبِسُها للبيت الشريف، وأمره أن يُلْبِسَها من داخل، وأن يُلْبِس كسوة السلطان من خارج، على ما جرتْ به العادة.
وكان لصاحب الترجمة حظٌّ من العبادة، وقراءة الأوراد، ولم يزلْ في غالب أوقاته على طهارة كاملة، مستقبلَ القبلة والمصحفُ بين يديه، وكان مع ذلك يحبُّ السَّماع الطَّيِّب، ويُثيبُ عليه، وقيل: إنه كان يُحْسِن الضَّرب بالعود.
وكان متضعِّفا في بدنه، يعْتريه مرض القُولَنْج في أكثر الأوقات، وهو يتداوَى منه، إلى أن تُوُفِّي سنة خمس وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
* * *
2202 - الشيخ العالم الفقيه شاه محمد بن ملا عبدي الصوفي البدخشي المشهور بملا شاه
*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بقرية "أركسال" من أعمال "روستاق" من أرض "بدخشان".
* راجع: نزهة الخواطر 5: 179، 180.
ثم قدم "الهند"، ولازم الشيخ محمد مير اللاهوري، وأخذ عنه الطريقة، ولبث عنده مدّة حياة الشيخ، ثم ذهب إلى "كَشْمِير"
(1)
، وبنى على "جبل سليمان" مسجدا وزاوية (خانقاه)، وحديقة، وقطن بها.
وفي "عمل صالح" أنه دخل "الهند" سنة ثلاث وعشرين وألف، ولازم الشيخ محمد مير ملازمة طويلة، وأخذ عنه، ثم رحل إلى "كشمير" في حياة شيخه، وتعود بأن يقيم بها فى الصيف، ثم يجيئ "لاهور"، ويشتو بها.
وفي "رياض الشعراء" أن شاهجهان بن جهانغير الدهلوي كلّما كان يرتحل إلى"كشمير" يتردّد إليه، ويدركه، ويحتظّ بمقالاته، وولده دارا شكوه كان من مريديه، وكذلك بنته جهان آرا بيغم.
وكان عارفا، مغلوب الحالة.
له مزدوجات عديدة في الحقائق، وله "تفسير القرآن"، لم يتمّ، وهو
تفسير غريب، قال فيه: إن قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} في شأن الأولياء، ومعناه أنه ختم على قلوب الأولياء لئلا يدخل فيها الوساوس النفسانية والهواجس الشيطانية، وختم على سمعهم، لئلا يدخل الكلمات من غير طائل، وعلى أبصارهم غشاوة، من سرادق العظمة والكبرياء وجلباب الحسن الأزلي، ولهم شراب عذب عظيم في الحلاوة. انتهى.
(1)
وهي بكسر الكاف، وفتحها، وسكون الشين المعجمة، والعرب يسمّونها "قشمير" بالقاف، وهي في جهة الشمال الغربي حيث العرض ثلاث وعشرون درجة، وثلاث وثلاثون دقيقة، وهي في جهة الشمال الشرقي حيث العرض سبع وأربعون درجة، وأربع وخمسون دقيقة. قال الحموي في "المعجم": إنها مجاورة لقوم من الترك، فاختلط نسلهم بهم، فهم أحسن خلق الله خلقة، يضرب بنسائهم المثل، لهن قامات تامة، وصورة سوية، وشعور أثيثة على غاية السباطة، والطول، تباع الجارية منهم بمائتي دينار وأكثر. انتهى.
توفي سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في "عمل صالح".
* * *
2203 - الشيخ العالم الكبير العلامة شاه محمد الأخسبكتي
، رحمه الله تعالى*.
أحد الرجال المشهورين فى العلم.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ على أساتذة عصره من علماء العرب والعجم، وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه، وحجّ، وزار، ودخل "الهند"، فدرّس، وأفاد مدّة من الزمان بـ"كجرات".
ثم ساح بلاد "الهند"، ودخل "مندو"، وتزوّج بها بابنة القاضي جمال الدين التركستاني، ودرّس بها سبعة أعوام، وقرأ عليه محمد بن الحسن المندوي "الكشف"، و"المنار"، و"التلويح" في أصول الفقه.
وقرأ عليه خلق كثير من العلماء، كما في "كلزار أبرار".
* * *
2204 - الشيخ الفاضل العلامة شبلي بن حبيب الله البندولي
، المعروف بمولانا شبلي النعماني، فريد هذا الزمان، المتفق على جلالته في العلم والشأن* *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد سنة أربع وسبعين ومائتي وألف بقرية "بندول" من أعمال "أعظمكره"، وقرأ أياما في العربية على مولانا
* راجع: نزهة الخواطر 5: 180.
* * راجع: نزهة الخواطر 8: 189 - 191.
فاروق بن علي العبّاسي الجرياكوتي، ثم أقبل إلى المنطق والحكمة، وأخذ عنه، وبرز فيه، ولازمه مدّة طويلة، ثم سافر إلى "رامبور"، وأخذ الفقه والأصول عن الشيخ إرشاد حسين العمرى الرامبوري، ثم ذهب إلى "لاهور"، وأخذ الفنون الأدبية عن الشيخ فيض الحسن السهارنبوري، شارح "الحماسة"، ثم دخل "سهارنبور"، وقرأ الحديث على الشيخ أحمد على بن لطف الله الماتريدي السهانبوري، حتى فاق أقرانه في الإنشاء والشعر والأدب والتاريخ وكثير من العلوم والفنون، وكان متصلّبا في المذهب في ذلك الزمان، صرف برهة من الدهر في المباحثة بأهل الحديث، وصنّف "إسكات المعتدي"، رسالة في قراءة الفاتحة خلف الإمام.
ثم ولي التدريس بمدرسة العلوم في "عليكرة"، فصحب الأساتذة الغربيين، وأدار معهم كؤوس المذاكرة، وصحب السيّد أحمد بن المتقي الدهلوي وحزبه، حصل له نفور كلّي عن المباحثة، ومال إلى التاريخ والسير، فصنّف كتابا في سيرة المامون العبّاسي، و"سيرة النعمان" في سيرة الإمام أبي حنيفة، وكتابه "الجزية وحقوق الذمّيين"، وكتابا في تاريخ العلوم الإسلامية وتعليماتهم، وكلّها تلقيّت بالقبول، وحصلت له شهرة عظيمة في بلاد "الهند"، وسافر إلى "بلاد الروم"، و"الشام"، و"مصر"، ولقي رجال العلم والدولة، وأعطاه السلطان عبد الحميد العثماني النيشان من الطبقة الرابعة، ولما رجع إلى "الهند" لقّبتْه الدولة الإنكليزية "شمس العلماء"، فأقام بعد ذلك زمانا يسيرا بمدرسة العلوم، ثم اعتزل، وراح إلى "حيدر آباد"، فرحَّب به السيّد علي البلكرامي، وأكرم مثواه، وولّاه نظارة العلوم والفنون، فأقام بها خمس سنين، ثم ترك الخدمة، وقنع بمائة ريبة شهرية بدون شرط الإقامة بـ"حيدر آباد"، فقدم "لكنو".
وأقبل إلى ندوة العلماء، وكان عضوا من أعضائها البارزين، فولّوه على دار العلوم التي أسّسها أعضاء الندوة سنة سبع عشرة وثلاثمائة وألف، فاشتغل
بالنظارة مدّة ثمانية أعوام، وقد فدعت رجله اليسرى من ضرب البندقية انطلقت من يده خطأ في بيته بـ"أعظمكره" سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وألف، فقطعها الجرّاح الإنكليزي من الساق، ثم صنعت له رجل من أدم وخشب، فكان يدخل فيه رجله المقطوعة، ويربطها بالرباطات المحكمة، ثم يمشي كالأصحّاء.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه، فلا يباحثه أحد في موضوع إلا شعر بانقياد إلى برهانه، وربما لا يكون البرهان مقنعا، وكان واسع الاطّلاع في تاريخ الإسلام والتمدّن الإسلامى، كثير المحفوظ بالأدب والشعر، كثير المطالعة لم يفته كتاب كتب في آداب الأمم وفلسفة أخلاقهم إلا طالعه.
ولم يكن له نظير في سرعة الجواب، والمجئ بالنادرة الغريبة على جهة البديهة، وسرد الأبيات الفارسية والأردوية على محالها، وله عناية كاملة بالعلم، ورغبة ونشاط وإقبال على المذاكرة والتصنيف وإلقاء الخطب.
وكان مع ذلك معجبا برأيه، لا ينقاد لأحد، ولو كان برهانه مقنعا، وفيه شيء من التلوّن، ومن عادته أنه كلما يحدّث في مسألة، يكثر في التعبير، وإذا أنشد شعرا أتبعه بالشرح والترجمة، كان مخاطبه أعجمي، وهو عربي، أو مخاطبه جاهل لا يعرف اللغة العربية والفارسية، وهو عارف باللغات المتنوّعة والمعاني الدقيقة يريد إفهامه، وكذلك كانت عادته أنه ربما يأخذ رأيا في أمر من الأمور من رجل، ثم يعرض على الناس، وينسبه إلى نفسه، وربما يعرضه على ذلك الرجل بعارضة البلاغة، ويمهّد له المقدّمات، كأنه خصيمه في ذلك الأمر.
وكان معتزليا في الأصول، شديد النكير على الأشاعرة، وله كتب ورسائل في ذلك، ككتابه في فنّ الكلام، وكتابه في تاريخ الكلام، ومقالاته
في "رسائل شبلى"، و"مقالات شبلي"، ومن مصنفاته غير ما ذكرناها كتاب في سيرة الغزالي، وكتاب في سيرة العارف الرومي، وفي نقد شعره والحكم عليه، وله كتاب بسيط في سيرة سيدنا عمر الفاروق -رضى الله عنه-، وهو كتاب قوي ممتاز مؤثر، وله كتاب في الموازنة بين الشاعرين الهنديين، المعروفين من فرسان المراثي "أنيس" و"دبير"، وله "إزالة اللوم في ذكر أعيان القوم"، وله "شعر العجم" في خمسة مجندات، (وهو من أفضل مؤلّفاته، أقرّ له علماء هذا الشأن بالفضل والجودة)، وله كتاب في الانتقاد على "مقالات جرجي زيدان" بالعربي في التمدّن الإسلامي، وله مقالة في "مكتبة الإسكندرية"، وله ديوان الشعر الفارسي، ومن مصنّفاته المجلد الأول من "السيرة النبوية"، وكان دار العلوم على رأسهم، وفي مقدّمتهم السيّد سليمان الندوي، فأسّسوا له مؤسّسة عظيمة بـ "أعظمكره"، وسمّوها "دار
المصنّفين".
مات بالإسهال الدموي ضحوة يوم الأربعاء لليلة بقيت من ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف، وببلدة "أعظمكره".
* * *
2205 - الشيخ الفاضل شبلي بن محمد علي الجيراجبوري
، أحد العلماء الصالحين*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: اشتغل بالعلم أياما في بلدته، ثم سافر إلى "رامبور"، وقرأ على أساتذة المدرسة العالية، منهم: الشيخ الفاضل
* راجع: نزهة الخواطر 8: 193.
حفيظ الله البندوي، قرأ عليه، ولازمه مدّة، ثم ولي التدريس بدار العلوم، يدرّس، ويفتي.
وله مشاركة جيّدة في الفقه والأصول والحديث، ونظر واسع على جزئيات المسائل.
(مات لأربع بقين من رمضان سنة أربع وستين وثلاثمائة وألف).
* * *
2206 - العلامة المحقّق الباحث الإسلامي المحدث الكبير الشيخ شبير أحمد بن فضل الرحمن
، العثماني، الديوبندي البكستاني، رحمهما الله تعالى*.
ذكره الدكتور عبد الرحمن البرني فِى كتابه: "علماء ديوبند وخدماتهم في علم الحديث" فقال: ولد في 10 محرّم الحرام سنة 1305 هـ، الموافق سنة 1887 م، بمدينة "بريلي"
(1)
بولاية "أترابراديش"، "الهند"، حيث كان أبوه الشيخ فضل الرحمن العثماني الديوبندي من المساهمين في تأسيس الجامعة
* راجع: جماعة التبليغ 180، وتاريخ دار العلوم ديوبند: ص 150. وما بعدها الطبعة الأولى: باكستان.
وراجع: علماء ديوبند وخدماتهم في علم الحديث 190 - 194.
(1)
"بريلي": مدينة كبيرة على فرع من نهر "كنك"، تبعد عن "دهلي" اثنين وعشرين ومائة ميل، وفيها تصنع السيوف، والخناجر، والزرابي، والسروج، وأغشيتها، والأقمشة المطرزة والآنية النحاسية، وأما اليوم فلها شهرة في أعمال الخشب.
الإسلامية العريقة الشهيرة بـ دار العلوم ديوبند
(1)
، موظّفا في مصلحة الإشراف على المدارس والكلّيات والحكومية.
ولد العلامة العثماني في أسرة علمية دينية عريقة معروفة في بلدة "ديوبند"، ونشأ على حبّ الاطلاع والعكوف على الدراسة، تلقّى مبادئ العلوم في بيته في صباه، ثم التحق عام 1319 هـ بالجامعة الإسلامية دار العلوم، ديوبند، التي كانت آنذاك مكتظّة ومُزْدَانة بالعلماء الربّانيين المعروفين،
(1)
كانت مدرسة دار العلوم بمدينة "ديوبند" الواقعة على بعد مائة ميل من العاصمة "دهلي"، مركزا للحركات العلمية والدينية في شبه القارة الهندة البكستانية بأكملها، وكان يطبق نظامها التعليمي في جميع المدارس الدينية في ذلك الحين، اللّهم إلا القليل منها، ومدرسة دار العلوم هذه هي مدرسة تلاميذ الشيخ أحمد السرهندي، الملقّب بـ مجدّد الألف الثاني، وهي كذلك مدرسة تلاميذ الشاه ولي الله وأولاده، ومن كبار مؤسسيها أمير المجاهدين حجّة الإسلام الشيخ محمد قاسم النانوتوي، والإمام الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي، قائد حركة المجاهدين، وهى مدرسة مسئولة عن المجاهدين في ميدان القتال ضدّ قوى الكفر من السيخ والإنجليز، ومسؤلة عن الدعوة والإرشاد في "الهند"، والتصدّي لأيّ هجوم عدواني على الدين الحنيف، كذلك فقد قامت بإعداد الشخصيّات الفذّة من أبنائها العلماء المجاهدين، الذين قهروا جيوش الأعداء، كما حفلت البلاد بكثرة مؤلّفاتهم ومصنّفاتهم، التي استضاءت بنورها بلاد الهند، فحاربوا البدع والخرافات، وأقاموا المناظرات والمجادلات المجابهة المفسدين والمضلّلين داخل البلاد وخارجها، وبذلك كسبت مدرسة دار العلوم كلّ احتياجات الدعوة بأهل البلاغ والإرشاد، مما أدّى إلى إبراز دورها الجديد في البلاد في تكوين الأسس الحاضرية والثقافية في جميع المجالات العلمية والمدنية للمسلمين، إذ أنها تشبه الأزهر الشريف في شبه القارة، حيث لا نجد أيّ حركة من الحركات النضالية ضدّ الكفر، إلا وقد أقامها أبناء هذه المدرسة ومؤسّسها.
بورعهم ورسوخهم في العلم وتصلّبهم في الدين، مثل: الشيخ المحدّث محمود حسن الديوبندي، شيخ الحديث ورئيس هيئة التدريس بالجامعة الأسبق، ورائد النهضة العلمية والسياسية في شبه القارة الهندية، وصاحب خطّة الرسائل الحريرية، فاغترف من علومهم جميعا، وتشبّع بروح العلم والدين، وارتوى من معارف الشيخ محمود حسن، حتى أصبح لسانه الناطق، وساعده الأيمن، وشارح أفكاره الحصيفة، وتخرّج في الجامعة عام 1325 هـ -1907 م بعد أن تضلّع من العلوم الدينية كلّها.
كانت له مساهمة فعّالة في كفاح التحرير ضدّ الإنكليز، ودور بارز في النشاطات السياسيّة، التى كانت تعيشها "الهند"، فقد كان عضوا متحمّسا بارزا في حركة الخلافة، وقام بخدمات مشكورة، في خصوص جمع التبرّعات للدولة التركية، وذلك عندما اندلعت نار الحرب في منطقة "بلقان" عام 1333 هـ، الموافق عام 1914 م، كما أنه بقي عضوا في اللجنة التنفيذية لجمعية علماء الهند لمدّة طويلة، وزعيما كبيرا من صفّ الرعيل الأول من قادتها.
إلا أنه استقال عن الجمعية عندما حدث بينه وبين قادة الجمعية الآخرية خلاف في قضية الوطني الموحّدة، وانضمّ إلى العصبة الإسلامية، التي كانت تطالب بإنشاء دولة مستقلّة للمسلمين، وأصبح زعيما بارزا فيها بالإضافة إلى أنه تم ترشيحه من قبل العصبة لعضوية لجنة كانت قد شكلت لإعداد دستور البلاد، وذلك عن طريق الانتخابات، التي جرت في عام 1365 هـ -1946 م، كما أنه اختير عضوا لمجلس وضع الدستور لـ "باكستان" كممثل "البنغال الشرقية"(بنغلاديش حاليا).
ولما تم توزيع البلاد إلى "الهند" و"باكستان" عام 1366 هـ هاجر مع أسرته إلى "باكستان"، فإنه كان في طليعة من العلماء المسلمين، الذين شمّروا
عن ساق جدّهم لتمهيد السبيل إلى إنشاء دولة مستقلّة للمسلمين، وألّفوا كتبا وكتيبات كثيرة، وألقوا خطبا حماسيّة، وقاموا بجولات في مناطق "الهند" كلّها لأجل توعية الشعب المسلم بالحاجة الأكيدة إلى إنشاء "باكستان"، كما أنه تحمّل كلّ مشقّة، وضحى بكلّ غال ونفيس، واستعذب كلّ مصيبة في هذا السبيل، وساهم في إعداد مشروع القانون الإسلامي للحكومة البكستانية، وقام بنشاطات علمية دينية وسياسية متنوعة في "باكستان".
وبعد أن فرغ من تحصيل العلوم انتخب مدرّسا في المدرسة الإسلامية الواقعة في جامع فتح فوري "دهلي"، وعيّن رئيس المدرّسين بها، ثم 1328 هـ دعاه أرباب جامعة دار العلوم بـ "ديوبند"، وعيّنوه مدرّسا للدراسات العليا، فدرّس، وأفاد، وحدّث، أجاد، ومن أهمّ الكتب التي درّسها "صحيح الإمام مسلم القشيري" رحمه الله تعالى.
استمرّ في التدريس في جامعة ديوبند الإسلامية إلى 1346 هـ، ثم رحل إلى الجامعة الإسلامية بـ"دابيل" مع رفقائه الأعالم، كشيخ المحدّثين محمد أنور شاه الكشميري، والشيخ المفتي عزيز الرحمن الديوبندي، فأقام هناك يدرس الحديث والتفسير عدّة سنين، وبعد أن توفي العلامة محمد أنور شاه الكشميري انتخب شيخ الحديث في الجامعة المذكورة، ثم في 1354 هـ عاد إلى جامعة ديوبند الإسلامية بأمر من حكيم الأمة التهانوي، وآخرين من كبار العلماء، وعيّن عميدها، ولم يزل على هذا المنصب الجليل إلى 1362 هـ، ثم استقال من هذا المنصب، وعاد إلى "دابيل".
من تلاميذه رحمه الله تعالى: المفتي محمد شفيع الديوبندي، المفتي الأكبر بـ"باكستان"، والشيخ محمد إدريس الكاندهلوي، (شيخ الحديث في الجامعة الأشرفية سابقا)، والشيخ أبو المآثر حبيب الرحمن الأعظمي (صاحب تعليقات
كثيرة على كتب الحديث)، والشيخ المحدّث مولانا السيّد بدر عام الميرتهي، ثم المهاجر المدني، صاحب "ترجمان السنّة"، والشيخ السيّد مناظر أحسن الجيلاني، والشيخ الكبير حفظ الرحمن السيوهاروي، صاحب "قصص القرآن"، والشيخ القارئ محمد طيّب القاسمي (رئيس جامعة دار العلوم بديوبند سابقا)، والشيخ محمد يوسف البنورى، صاحب "معارف السنن"، ومؤسّس جامعة العلوم الإسلامية بكراتشى)، والشيخ أطهر على السلهتي، والشيخ سعيد أحمد الأكبر أبادي، صاحب مولّفات جليلة.
ولما وادع الإنكليز "الهند" بجهود أكابر علماء جامعة ديوبند الإسلامية، وانقسم "الهند" إلى دولتين:"الهند"، و"باكستان" أقام صاحب الترجمة في "باكستان"، لم يزل يفيد العامة والخاصة، ويشير أعضاء الدولة الباكستانية لتطبيق القوانين الإسلامية، ويرجع الفضل الكبير إليه في اقتراح قرار أساسي لدستور الدولة الباكستانية، أعلن فيه أن الدول تهدف إلى إيجاد كيان إسلامي في أضواء كناب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك القرار باق في دستور "باكستان"، حتى اليوم ديباجة له.
حجّ البيت في 1328 هـ، ثم في 1344 هـ، وكانت هذه الزيارة في أوائل تسلّط آل سعود على "الحجاز"، وقد دعا الملك عبد العزيز رحمه الله علماء "الهند" في ذلك العام يشاور في بعض الأمور الدينية، فبعثوا بعثا تحت قيادة الشيخ رحمه الله تعالى.
لم يزل طول حياته الشريفة مشغولا بالتأليف مع صروف الدهر وأشغال الدروس والأمور السياسية، فصنّف كتبا كثيرة، يزيد عددُها على عشرين كتابا، من أجلّها:"تفسير القرآن العظيم" بالأردية، وهو تفسير عزيز القدر، طبع مرارا في "الهند" و"باكستان"، وتلقّاه العلماء الكبار بالقبول العظيم،
أودع فيه المعارف والأسرار بأسلوب ينشرح به قلبُ القارئ، وقد قامت الحكومة الأفغانية بترجمته إلى الفارسية، وأرسلتها هدية إلى دار العلوم ديوبند.
ومن أعظم مؤلّفاته رحمه الله: "فتح الملهم بشرح صحيح مسلم"، ولقد هبّ على هذا الشرح نسيمُ القبول بين العلماء الفحول في العرب والعجم، وأثنى عليه كبار المحدّثين.
توفي رحمه الله تعالى في 21 صفر 1369 هـ في"بهاولفور بنجاب"، ونقل جثمانه إلى "كراتشي"، وصلى عليه مات من الناس، رحمه الله، وجعل جنّة الفردوس مثواه.
* * *
2207 - الشيخ الفاضل شُجاع بن الحسن بن الفضل البَغْدادِيّ
، أبو الغَنائم، أحدُ المبَرِّرَين من الفقهاء، مع دينٍ اشْتُهِر به*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: كان يُدَرِّس بمَشْهِد الإمام، رضي الله تعالى عنه.
تفقَّه عليه ولدُه عبد الرحمن بن شُجاع.
وكان عالما بالمذهب والخِلاف، مُتَدَيِّنا، حسنَ الطَّريقة.
روَى شيئا من الأسانيد، عن الشريف أبي طالب الزَّيْنبِيّ، وإلْكِيا عليِّ بن محمد الهَرَّسِيّ.
روَى عنه أحمد بن طارق.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 66.
وترجمته في البداية والنهاية 12: 245، والجواهر المضية برقم 640، والفوائد البهية 83، وكتاب أعلام الأخيار برقم 376، والمنتظم 10:204.
قال ابن النَّجَّار: قرأتُ على أحمد بن محمد بن عمر، عن القاضي أبي المحَاسن عمر ابن عليّ القُرَشِيّ، أنشدني أبو الغَنائم شُجاع بن الحسن بن الفضل الحنفي، أنشدني أبو طالب الحسين بن محمد الزّيْنَبيّ، وقد دخل عليه الموَفَّقُ رَسولُ ملك غَزْنَة:
يا نازحا شطَّ المزارُ به
…
شَوقِي إليك يزيدُ عن وَصْفِي
أُغْفِي لكي ألْقاك في حُلُمِي
…
ومن العَجائب عاشق يُغْفِي
سُئل شُجاع عن مَوْلده، فقال: في سنة تسع وسبعين وأربعمائة.
وكانتْ وفاته سنة سبع وخمسين وخمسمائة، بمشهد أبي حنيفة، ودُفن بجواره، رحمه الله تعالى.
* * *
2208 - الشيخ الفاضل شجاع الدين الراجشَاهَوي
*.
ولد في "بُشُو دِبْبُور" من أعمال "راجشاهي" من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثمْ سافر إلى "الهند"، والتحق بمدرسة دار الحديث الرحمانية بـ "دهلي"، وقرأ على شيوخها كتب الفنون العالية وكتب الحديث، من شيوخه: العلامة أحمد الله، رحمه الله تعالى.
وبعد إتمام الدراسة وصل إلى وطنه، ودرّس في عدّة مدارس كتب الحديث.
* * *
2209 - الشيخ الفاضل المولى شجاعة خان بن حياة علي خان الكُمِلاّئي
* *.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 282.
* * راجع: مشايخ كملا 2: 14، 15.
ولد سنة 1256 هـ في قرية "رُوغُونَاتْبُور" من مضافات "جاندبور" من أعمال "كملا" من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بدار العلوم "شيتاغونغ"، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وقرأ فيها عدّة سنين، وبعد إتمام الدراسة رجع إلى وطنه المألوف، والتحق بالمدرسة العثمانية بـ"جاندبور" مدرّسا أولا.
وكان عالما محقّقا فاضلا مدقّقا، له اشتغال كطالعة الكتب، وخبرة تامة في العلم.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
توفي في داره سنة 1353 هـ، وترك أربع بنين وبنتين، وكان عمره عند وفاته 97 سنة، ودفن بعد الصلاة عليه في مقبرة آبائه.
* * *
2210 - الشيخ الفاضل شجاعة علي بن عبد العزيز الكُمِلاّئي
، رحمه الله تعالى*.
ولد سنة 1322 هـ في قرية "كَالِنْجي باره" من مضافات "برورا" من أعمال "كملا"، من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بدار العلوم برورا، وقرأ فيها عدّة سنين، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وأتم فيها الدراسة العليا، ومن شيوخه فيها: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني.
* راجع: مشايخ كملا 1: 101.
توفي سنة 1411 هـ، وعمره إذ ذاك 89 سنة، ودفن بعد أن صلّي على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2211 - الشيخ الفاضل العالم الصالح المولى شجاعة علي بن فيض أحمد الفِيْنَوي
*.
ولد سنة 1328 هـ في قرية "نور بور" من مضافات "فُولْ غازي" من أعمال "فيني"، من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بمدرسة في "ميِرْسَرَائي"، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، و "تفسير الجلالين"، غيرها من الكتب.
درّس فِى عدّة مدارس، ثم التحق بمدرسة دار العلوم "سَرسَدي" من أعمال فيني، ودرّس فيها ثلاثين سنة، بايع في السلوك على يد العلامة محمد الله حافظجي، ثم أجازه للإصلاح والتلقين.
وتوفي سنة 1404 هـ، ودفن بعد أن صلّي على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2212 - الشيخ الفاضل شَدَّاد بن حَكيم من أصحاب زُفَر
، رحمه الله تعالى * *.
* راجع: مشايخ فيني 94 - 98.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 67.
وترجمته في: تاج التراجم 29، والجواهر المضية برقم 641، وطبقات الفقهاء لطاش كبري زاده، صفحة 44، والفوائد البهية 83، وكتائب أعلام الأخيار برقم 114.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: بعثتْ إليه امرأته بسَحورٍ على يَدَي خادم، فأبْطأ الخادم في الرجوع، فاتَّهمَته المرأة، فقال شَدّاد: لم يكن بيننا شيء. وآل الكلامُ بينهما إلى أن قال لها شَدّاد: تَعْلمين الغيبَ!؟. فقالت: نعم. فوقع في قَلْبِ شداد من هذا شيء، فكتب إلى محمد بن الحسن، فأجاب محمد، أن جَدِّد النكاح، فإنها كفرتْ.
قال الخاصي: وذكر هذه الواقعةَ في "الجامع الأصغر" عن خَلَف بن أيوب، لا عن شدّاد، أو امرأة خلَف، وهما مُتَعاصران.
وذكر في "الذَّخيرة" قال: وحُكِي أن امرأة شدّاد، أو أمرأة خَلَف. هكذا على الشَّكِّ.
وكان شَدّاد إذا اشترى أمَةً تَزَوّجها، ويقول: لعلَّها حُرَّه، أو جَرَى كلام على لسان أرْبابها.
مات، رحمه الله تعالى، في أخر سنة عشر ومائتين.
حكاه في "مآل الفتاوَى". كذا في "الجواهر".
* * *
2213 - الشيخ الفاضل شرف بن مؤيد بن أبي الفتح البغدادي
(مجد الدين، أبو سعيد) *.
صوفي.
من آثاره: "تحفة البررة في أجوبة المصائل العشرة"، و"زبدة العوالي وحلية الأمالي".
* * *
* راجع: معجم المؤلفين 4: 297. ترجمته في كشف الظنون 364، 952.
2214 - الشيخ الفاضل شرف الدين بن عبد القادر بن بركات بن إبراهيم
، المعروف بابن حبيب الغزي*.
فقيه: مفسّر، نحوي.
من مؤلفاته: "تنوير البصائر على الأشباه والنظائر"، فرغ من تأليفه في 5 شوال سنة 1034 هـ، و"محاسن الفضائل بجميع الرسائل".
* * *
2215 - الشيخ الفاضل العالم العامل المولى شرف الدين بن كمال الفريمي
* *.
ذكره صاحب "الشفائق"، وقال: قرأ ببلاده جميع العلوم سيّما العلوم الشرعية.
روى أنه قرأ على حافظ الدين ابن البزازي.
ودرس في بلاده، وأفاد، وصنّف، فأجاد.
ولما أشرفت بلدة "فريم" على الخراب، وتفرّقت علماؤها أتى هو بلاد "الروم"، و"أكرمه السلطان مرادخان، وعيّن له دراهم، وعاش في سعة نعمة إلى أن توفي.
* راجع: معجم المؤلفين 4: 298.
ترجمته في خلاصة الأثر 2: 223 - 225، وفهرست الخديوية 3: 29، وفهرس التيمورية 3: 71، وإيضاح المكنون 1:57.
* * راجع: الشقائق النعمانية ص 50.
روي أن له شرحا لـ"لمنار"، ونكني لم أطّلع عليه رحمه الله تعالى.
* * *
2216 - الشيخ الفاضل شرف الدين بن هادي بن أحمدي البهلواروي
، أحد العلماء المبررين في الفقه والتصوّف*.
دكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد لخمس خلون من رجب سنة خمس وثلاثين ومائتين وألف بقرية "بهلواري".
وقرأ العلم على خاله محمد حسين، تلميذ جدّه الشيخ أحمدى، وقرأ فاتحة الفراغ نحو سنة أربع وستين.
له شرح بسيط على "تهذيب المنطق".
* * *
2217 - الشيخ العالم الكبير شرف الدين أبو توامة الدهلوي
، الدفين بمدينة "سُنَاركاؤن" * *.
كان من كبار الأساتذة.
دكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: خرج من "دهلي". في أيام شمس الدين الإيلتمش، وسافر إلى "سُنَار كاؤن"، فدرّس، وأفاد بها مدّة عمره.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 230.
* * راجع: نزهة الخواطر 1: 177.
أخذ عنه الشيخ شرف الدين أحمد ابن يحيى المنيرى، وقال في كتابه "خوان بر نعمت" في المجلس السادس من ذلك الكتاب: إن شرف الدين أبا توامة كان عالما كبيرا، مشارا إليه في التبحّر في العلوم، لم يختلف في ذلك أحد. انتهى.
2218 - الشيخ الفاضل العلامة المفتي شرف الدين الرامبوري
، أحد العلماء المشهورين فِى "الهند"*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: درّس، وأفاد مدّة عمره.
وانتهت إليه رياسة التدريس والفتيا بمدنية "رامبور"، تخرّج عليه خلق كثير من العلماء، كالشيخ أبي سعيد بن صفي الدهلوى، والشيخ أحمد سعيد بن أبي سعيد، والشيخ محمد علي الرامبوري، والشيخ محمد حسن بن أبي الحسن البريلوي، وعبد القادر بن محمد أكرم، وجمع كثير.
له "سراج الميزان" في المنطق، وشرح "السلّم" إلى مقام لا يحدّ ولا يتصوّر، وله "الفتاوى الفقيهة"، ورسائل كثيرة، منها: رسالة في إباحة ربح القرض من المقرض.
قال القنوجي في "أبجد العلوم": إنه كان شرّا في الدين، لا شرف الدين، كما سمّاه بذلك سيّدى الوالد قدّس سرّه، وكان أبعد خلق الله من السنّة مع حفظ الحواشى والشروح الكثيرات للكتب الدرسية المتداولة، منتصرا للبدعة، رادّا على أهل الحقّ بخرافاته، محبّا للدنيا -عفا الله عنه ما جناه. انتهى.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 230، 231.
توفي لخمس خلون من شعبان سنة ثمان وستّين ومائتين وألف.
* * *
2219 - الشيخ العالم الفقيه شرف الدين اللاهوري
، كان من الفقهاء الحنفية*.
دكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: وكان حلوّ المنطق، فصيح الكلام، حسن الأخلاق.
ولي الإفتاء كمدينة "لاهور" أيام عالمغير، فاستقلّ به مدّة حياته.
ومات سنة سبع وثمانين وألف، كما في "مرآة جهان نما".
* * *
2220 - العالم الثائر الحاج شريعة الله بن عبد الجليل تعلقدار مؤسّس (فرائضي أندولن) حركة الفرائض
* *.
كان شخصية إسلامية معروفة، وعالما، ومجاهدا، ومجدّدا، ومؤسّس فرائضي أندولن، (حركة الفرائض) التاريخية.
وفرائضي أندولن (حركة الفرائض) كانت في الأصل حركة دينية، وسمّيت بهذ الاسم لكثرة اهتمامها بالفرائض الدينية.
* راجع: نزهة الخواطر 5: 181.
* * راجع: شخصيات خالدة في بنغلاديش ص 78 - 81.
ولد الحاج شريعة الله سنة 1781 م في قرية "شمايل" من مديرية "مداري فور". التابعة لـ"فريدفور" الكبرى، توفي أبوه عبد الجليل تالوقدار فِى صباه. وكان بلغ الثامنة من عمره.
وكان من أسرة مسلمة من الطبقة الوسطى.
نشأ، وتلقى الدراسة الابتدائية بعد موت أبيه تحت إشراف عمّه عظيم الدين، ثم سافر إلى "كلكته"، وتلقّى العلم هناك تحت إشراف سماحة الشيخ المدعو بشارة علي.
ذهب الحاج شريعة الله حسب مشورته إلى "فُرفُورا شريف" التابعة لمديرية "هوغلي". ثم رجع إلى سماحة الشيخ بشارة علي، وكان الشيخ بشارة علي عالما مجاهدا، وكان مرتبطا بحركة مقاومة الحكومة الإنجليزية، كان الحاج شريعة الله استفاد كثيرا بتحريضه على الدراسة وإشرافه عليها.
اضطرّ الشيخ بشارة علي إلى الهجرة إلى "مكّة المكرمة" عام 1799 م مغضوبا من الحكومة الإنجليزية، فهاجر معه الفتى شريعة الله أيضا.
تلقّى سماحته دراسة الأدب العريى والفقه الإسلامى من المدعو بمراد البنغالي في "مكة" سنتين، كما تلقّى العلم بعد إقامته فِى بلاد العرب قريبا من عشرين سنة، رجع سماحته إلى الوطن عام 1233 هـ عالما متقنا في الأدب العريى وعلوم الدين.
بعد الرجوع إلى الوطن لاحظ سماحته أن عبادة القبور للمرشدين المحليين سادت، وعمّت في طول البلاد وعرضها، وكان لعرف "التعزية" في شهر المحرم رواج عام. وصف الحاج شريعة الله هذه الظاهرة بالبدع والشرك، وأراد الحركة ضدّها، فاعتنق كثير من الناس نظريته، وصاروا تلامذته، سافر مرّة ثانية إلى "مكة" الزيارة مرشده ونيل دعئه، ويحكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره قي المنام في هذه المرّة بأن يعود إلى وطنه، وينشر الإسلام فيه، فرجع إلى الوطن عام 1235 هـ.
وكان الإقطاعيون الهندوسيون يأخذون الجزية لتغطية تكاليف عبادات مختلفة للهندوس من الجميع، بلا تمييز بين المسلمين والهندوسيين، فمنع سماحته المسلمين من أن يؤدّوا هذه الجزية.
وكان هؤلاء الإقطاعيون يجرحون كرامة المسلمين بفرض الضريبة على لحاهم ومنع ذبح الأضاحي، والنهي عن التأذين للصلوات في مناطق الإقطاعيين، وفرض الحظر على أكل لحوم البقر، وأعلنوا كذلك أن أحدا إن يخالف شيئًا من هذه المراسيم يعذّب عذابا شديدًا، وتربط لحيته مع لحية الغير، ثم يدخل في أنفيهما مسحوق الفلفل، فكان المسلمون قد تيروا في هذه الأوضاع، وهنا أعلن الحاج شريعة الله رحمه الله أن البلاد أصبحت دار الحرب، ودعا المسلمين إلى القبور، ولأجل القيام بهذه العمليات بدأتْ تزداد شعبيته بشكل سريع، وأخذتْ حركته تنتشر في جميع الجوانب حركة مقاومة شعبية، فوقع التعارض والتصادم بين الإقطاعيين الهندوسيين، وأعضاء "فرائضي أندولن"، وتقدم لنصر الأقطاعيين الإنجليزيون.
وهكذا لما بدأتْ أبريل عام 1831 الميلادي ألقت الشرطة القبض على الحاج شريعة الله أولا، ثم نزعت مسحنه الكان في منطقة "نياباري" بـ "داكا"، فذهب مضطرّا هذه المرّة إلى مسقط رأسه في قرية "شمايل" من مديرية "فريد فور".، وانضمّ هناك أيضا ألوف من الناس إلى حركته.
هذا وكان الفاحن الثائرون من المديريات: "دكا" و"باكرغنج" و"فريدبورا"، و"نواخالي"، و"تريفورا". و"خلنا" من أعضاء "حركة الفرائض".
بينما كان أكثر الإقطاعيين من الهندو، كان أولئك الفلاحين الفرائضيون أتباع الحاج شريعة الله كونوا لمقاومة فرض الجزية من الإقطاعيين جعية باسم "كريشك جوت""اتحاد الفلاحين".
لقد واجه الحاج شريعة الله معنات شديدة من أجل إدارة الحركة المقاومة ضدّ الإقطاعيين الجائرين والإنجليز المستعمرين، فكانت الحكومة اعتقلتْه
كذلك أكثر من مرّة، وفي هذا يقول المؤرّخ أرسي مجومدار: العالم الثائر الحاج شريعة الله.
كانت قد تمكّنت في نهاية القرن التاسع عشر وفي بدابة القرن العشرين قيادة الطبقة الوسطى، فبقيادة الحاج شريعة الله أو نجله دودو ميان وتيتومير وغيرهم تخلّص الشعب من اضطهاد الأوربيين وسماسيرهم.
توفي الحاج شريعة الله عام 1255 هـ، كما تدلّ عليه كتابة الحجر التي توجد في قبره، وقد ألقى ضوء على مزايا خلق في ذلك الحجر، رحمه الله تعالى رحمة واسعة. وأنجب في أيامنا هذه كثيرا من العلماء مثله، فإن العصر الراهن أحوج العصور إلى مثله من دون ريب.
* * *
2221 - الشيخ الفاضل الكبير العلامة شريف بن أكمل بن واصل الدهلوي
، الحكيم الحاذق، المشهور بكثرة الدرس والإفادة*.
دكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بدار الملك "دهلي".
وقرأ العلم على أساتذة عصره، وتطبّب على والده، وعمّه الشيخ أجمل، ولازمهما مدّة من الزمان، حتى برع، وفاق أقرانه في العلوم الحكمية والصناعة الطبّية.
وانتهت إليه الإمامة في العلم والعمل.
له مصنّفات كثيرة ممتعة، منها: حاشية على "شرح السلّم" لحمد الله، وحاشية على "شرح الأسباب والعلامات"، وحاشية على "شرح الموجز"
* راجع: نزهة الخواطر 7: 235، 236.
للنفيس، وحاشية على "قانون الشيخ الرئيس"، ومنها:"علاج الأمراض"، و"عجالة نافعة"، و"تأليف شريفي"، ورسائل أخرى، كلّها مفيدة ممتعة.
مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف بـ"دهلي"، فدفن في مقبرة الشيخ قطب الدين بختيار الكعكي، وأرّخ لوفاته بعض العلماء من قوله:"دخل الجنّة بلا حساب".
* * *
2222 - الشيخ الفاضل المحدّث الكبير محمد شريف الباكستاني
، رحمه الله تعالى*.
ولد في "كيربتن"(باكستان)، وتعلّم اللغة الأردية في بعض المدارس العصرية، ثم التحق بمدرسة إشاعة العلوم بمدينة. "جكوال"، وتعلّم فيها كتب الصرف، والنحو، ثم التحق بالجامعة الفتحية بـ "إجهره"(لاهور)، وقرأ فيها كتبا كثيرة على الشيخ مهر محمد، ثم أكمل الدراسة على العالم الجليل المفسّر، الشهير الشيخ شمس الحق الأفغاني، رحمه الله، وتخرّج عليه.
بعد أن فرغ من تحصيل العلوم العالية والآلية عيّن مدرّسا في جامعة ديوبند الإسلامية، ثم رجع إلى "باكستان"، وانتخب مدرّسا في جامعة خير المدارس، بـ"ملتان"، فدرّس، وأفاد الطلاب فيها 25 سنة، ثم انتقل إلى جامعة قاسم العلوم
(1)
بـ"ملتان"، وانتخب فيها شيخ الحديث، ولم يزل يدرّس "صحيح البخاري" إلى أواخر سني حياته.
* راجع: علماء ديوبند وخدماتهم في علم الحديث ص 236، 237.
(1)
تقع هذه الجامعة في "ملتان". بولاية "بنجاب"، في حارة كلكشت كالوني.
أسّست هذه الجامعة في 8 أكتوبر 1365 هـ على يد العالم الصالح المجاهد الباسل شيخ الإسلام السيد حسين أحمد المدني نوّر الله تعالى مرقده، وقد حضره مآت=
قتل ابنه في جهاد "أفغانستان" شهيدا، فتأثرات صحته بهذا الخبر، ثم صار يضعف يوما فيوما، حتى أدركه أجله، فانتقل إلى رحمة مولاه.
* * *
2223 - الشيخ الفاضل المولى الشهير بالشريف العجمي
، اشتهر بذلك، ولم يعرف اسمه*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ رحمه الله في بلاد العجم على علمائها، ثم أتى بلاد "الروم"، وقرأ على المولى الفاضل سعدي جلبي ابن التاجي وغيره، ثم صار مدرّسا ببعض المدارس، ثم صار مدرّسا بمدرسة الوزير داود باشا بمدينة "قسطنطينية".
ثم صار مدرّسا بمدرسة لارنده، ثم صار مدرّسا بمدرسة "أزنيق".
= العلماء، كان أول مدير لهذه الجامعة وبانيها الشيخ محمد شفيع المفتي، وكان من أرشد تلاميذ الشيخ المفتي كفاية الله الدهلوى، رحمه الله تعالى، فجمع في الجامعة العلماء الأفاضل أصحاب الخبرة في العلوم الإسلامية، فازدهرت الجامعة بجهوده المتواصلة المباركة، فأصبحت من الجامعات الممتازة في البلاد.
وقد تخرّج من هذه الجامعة عدد كبير من أهل العلم، وهم يشتغلون الآن في ميادين التعليم والدعوة والإرشاد، ومن أشهرهم: الشيخ محمد موسى شيخ الحديث بالجامعة الأشرفية في "لاهور"، والشيخ ضياء القاسمى الأمين العام لتنظيم أهل السنة، والشيخ عبد القادر آزاد خطيب "مسجد شاهي"في "لاهور"، والخطيب المصقع القارئ محمد حنيف، والشيخ عبد القادر، مدير المدرسة العبيدية بـ"ملتان".
* راجع: الشقائق النعمانية 273.
وتوفي وهو مدرّس بها في حدود الثلاثين وتسعمائة.
وكان رحمه الله تعالى عالما فاضلا، أديبا لبيبا، وقورا صبورا، صاحب شيبة حسنة.
وكان طاهر الظاهر والباطن، حسن العقيدة، سليم الطبع، حليم النفس، وكان له حظّ من العلوم، وخاصة في علمي البلاغة والتفسير.
وكان شافعي المذهب، ثم تحنّف. نوّر الله مضجعه.
* * *
2224 - الشيخ الفاضل شَريك بن عبد الله القاضي أبو عبد الله، النَّخعِيّ الكوفيّ
*.
* راجع: الطَّبَقات الشَّنِيَّة 4: 67، 71.
وترجمته في أخبار القضاة لوكيع 1: 149 - 175، والأنساب 557، والبداية والنهاية 10: 171، وتاريخ بغداد 9: 279 - 295، وتاريخ خليفة بن خياط (بغداد) 484، والتاربخ الكبير للبخاري، 2: 2: 237، وتذكرة الحفاظ 1: 232، وتقريب التهذيب 1: 351، وتهذيب التهذيب 4: 333 - 337، والجرح والتعديل 2: 1: 365 - 367، والجواهر المضية برقم 642، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال، 169، ودول الإسلام 1: 115، والرجال لابن حبان 170، وسير أعلام النبلاء 8: 178 - 192، وشذرات الذهب 1: 287، والعبر 1: 270، وطبقات الحفّاظ للسيوطى 98، وطبقات الفقهاء للشيرازي 86، وطبقات الفقهاء لطاش كبري زاده، صفحة 22، والكامل لابن الأثير 6: 140، وكتائب أعلام الأخيار برقم 82، والمعارف لابن قتيبة 508، 509، والمعرفة والتاريخ للفسوى 1: 150، 168، وميزان الاعتدال 2: 270 - 274، ووفيات الأعيان 2: 464 - 468.
أحد الأئمة الأعلام، ممن صحب الإمام الأعظم، وأخذ عنه، وانتفع به.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: كان يقول: أبو حنيفة كبيرُ العقْل.
حدَّث عن أبي صَخْرة جامع بن شدّاد، وجامع بن أبي راشد، وسِماك بن حرب، وغيرهم.
وعنه أبان بن تَغْلِب، ومحمد بن إسحاق، وهما من شيوخه، ومن المتأخِّرين: قُتَيْبة، على بن حُجْر، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأبو بكر بن أبي شَيْبة، وغيرهم.
وذكر إسحاق الأزرَق، أنه أخذ عنه تسعةَ آلاف حديث.
وذكر ابنُ المبارك: هو أعلم بحديث أهل بلَدِه من سفيان.
وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس.
قال عيسى بن يونس: ما رأيت أحدا قطّ أورع في علمه من شريك.
وقال أبو إسحاق الجُوزَجانِيّ: كان شريكٌ سيِّءَ الحِفْظ.
قال الذهبي، بعد نقْل كلام أبي إسحاق هذا: قلتُ: كان شريك حسن الحديث، إماما فقيها، ومحدِّثا مُكثرا، ليس هو في الإتقان كحمّاد بن زيد، وقد اسْتَشْهد به البُخارِيّ، وخرَّج له مُسْلِم متابعة، ووَثَّقه يحيى بن مَعين.
مات في ذي القَعْدة، سنة سَبْع وسبعين ومائة، وله اثنان وثمانون سنة. انتهى.
قال في "الجواهر": وَلِيَ القضاءَ بـ"واسِط"، سنة خمسين ومائة، ثم وَليَ "الكوفة" بعدَ ذلك، ومات بها، رحمه الله تعالى. انتهى.
ورُوي عن شَريك أنه قال: كنتُ أضْرِبُ اللَّبِنَ بـ"الكوفة"، واشتري دفاتِرَ أكتبُ فيها العلم.
ورُوي أنه لما وَلِيَ القضاء أُكْرِه على ذلك، وأُقْعِد معه جماعة من الشُّرَط، ثم طاب من نفسه، فقعد وحْده، وبلغ سفيانَ الثَّوْرِيّ، فجاء وتراءى له، فلما رآه شريك قام إليه، وأكْرمه، وعظَّمه، وقال: يا أبا عبد الله، هل من
حاجة؟ قال: نعم، مَسْألة. قال: أو ليس عندك منْ العلمِ ما يكفيك؟ قال أحببتُ أن أذَكَّرَك فيها. قال: قل. قال ما تقول في امرأة جاءتْ، فجلَست في باب رجل، ففتح الرجلُ البابَ، واحْتمَلها، فأدخَلها، وفَجَر بها، على مَن يجب الحدُّ منهما؟ فقال: على الرجل دونها. قال: ولم؟ قال: لأنها مُكْرَهة. فلمّا كان من الغد، جاءت فتزيَّنَتْ، وتطيَّبَتْ، وجلست على الباب، ففتح الرجل الباب، فدخلَتْ، وفجرَ بها، على من يجب الحدُّ؟ قال عليهما جميعا. قال: ولم؟ قال لأنها جاءت بنفسها، وقد عرفت الخبرَ بالأمس. قال: فأنت كذا، كان عذرُك واضحا حيث كان الشرُّط يحْفظونَك بالأمس، أيُّ عُذْرٍ بك اليوم؟ فقال: يا أبا عبد الله، اسمَعْ أكَلِّمكَ. فقال سفيان: ما كان الله ليَراني أكَلِّمُك أو تتوبُ. فلم يُكَلِّمْه حتى مات.
وكان سفيان، رحمه الله، يقول: أيُّ رجل هو لو لم يُفْسِدوه.
ورُوِيَ أن الخَيْزُرانَ لما حجَّتْ، وهو قاضٍ على "الكوفة"، فخرج يتلقَّاها، فأبْطَت عليه، فأقام بمكان يُقال له "شاهي". فَيَبِسَ خُبْزُه، فجعل يبلُّه بالماء ويأكله، فقال العلاء بن المِنْهال:
فإن كان الذى قد قلتَ حقّا
…
بأن قد أكْرَهوكَ على القضاء
فما لَكَ ههنا في كلِّ يومٍ
…
تَلَقَّى مَن يَحُجُّ منَ النساء
مُقيما في قُرَى شاهي ثلاثا
…
بلا زادٍ سِوَى كِسَرٍ وماءٍ
وقال شريك مرة لبعض أصحابه: أُكْرِهْتُ على القضاء. فقال له: أفأكْرِهْتَ على أخذ الرِّزق؟
ورُوِيَ أنه كان لا يجلس للقضاء حتى يتغَذّى، ثم يأتى المسجد، فيُصَلِّي ركعتين، ثم يُخْرِجُ من جَيْبِه رُقْعة ينظُر فيها، وفيها مكتوب: ويْحك يا شَريك، اذْكُر الصِّراطَ ودِقَّته، والوقوفَ بين يدى الله تعالى.
وعن عمر بن الهيَّاج، قال: كنتُ في صَحابة شَريك، فأتيتُه يوما، فخرج إليَّ في فَرْوٍ، وليس تحته شيءٌ، وعليه كساء، فقلتُ له: قد أصبحتَ
راغبا عن مجلس الحُكم. فقال: غسلتُ أمس ثيابي، فلمِ تَجِفَّ، وأنا منتظرٌ جَفَافها، اجْلِس. قال: فجلستُ نتذاكر باب العبد يتزوَّج بغير إذن مولاه ما تقول فيه، وكانت الخَيْزُران قد وجَّهتْ على الطِّراز رجلا نصرانيا، وكتبتْ إلى موسى بن عيسى: لا تَعصَ له أمرا. فكان مُطاعا بـ"الكوفة"، وإذا بالنَّصْرانيِ قد خرج من زُقاق وبين يديه أعوانه، وعليه جُبَّةُ خَزٍّ وطَيْلَسانُ خَزٍّ، هو على بِرْذَوْن فارِهٍ، بين يديه رجلٌ مكْتوف، وهو يصيح: واغَوْثاه، أنا رجل مُسلم، أنا بالله وبالقاضي. فصاح شَرِيك بالنصْرانيِ: دَعْه. فنزل، وجاء، فجلس إلى شريك، فقال شريك للمسلم: ما الذي بك؟ فقال أنا رجل أعمل الوَشْيَ، وكِراءُ مِثْلِي في الشهر مائةُ درهم، أخذني هذا، فحبَسني أربعة أشهر في طِرازٍ، وقد ضاع عِيالي، ولم يُعْطِني شيئا، وطلبْتُ اليوم أُجْرَتي منه، فمدَّني وضرَبني، وكشف عن ظهره، فإذا فيه آثار السيّاط، فقال شريك للنصراني: قُمْ، فاجلس مع خَصْمك. فقال: يا أبا عبد الله، أصْلَحك الله، أنا خدم السَّيِّدة، مُرْ به إلى الحبس. فقال له: قُمْ وَيْلَك، فأجلس مع خَصْمك، فقام، فجلس معه، فقال شريك: ما هذه الآثار التي في ظهره؟ فقال: أنا ضربتُه بيدي. فألقى شريك كساءَه، ودخل دارَه، فأخرج سَوْطا زَنْديا، ثم ضرَب بيده إلى مجامع ثوب النَّصْراني، فألقاه، ثم جعل يضربه، ويقول: والله لا ضرَبت بعدها مسلما. فهَمَّ أعوانه أن يُخَلِّصوه، فقال شريك: من ههنا من صِبيان الحَيّ، خُذوا هؤلاء إلا الحَبْس، فهربوا والنَّصْراني يبْكي ويَعْصِرُ عَيْنَيْه، والسَّوطُ يأخذه، ويقول له: يا ملعون، والنصراني يقول: ستعْلمُ. ثم ألقَى السَّوط من يده في الدِّهْلِيز. وقال يا أبا حفص، خذ فيما كُنّا فيه، ما تقول في العبد يتزوَّج بغير إذن مولاه. كأنه لم يصنَع شيئا، فقام النصراني إلى بِرْذَوْنه ليركبَه، فاستعْصى عليه، ولم يكن له أحدٌ يأخذُ بِركابه، فجعل يضْربه، وشريك يقول له: وَيْحَك، وارْفُقْ به، فإنه أطْوَعُ لله منك، فقلتُ له: سيكون لهذا عاقبة
مكروهة. فقال: أعِزَّ أَمرَ الله يُعِزَّك الله. ودخل النَّصراني على موسى بن عيسى، فقال: من فعل بك هذا؟ فقال: شريك. فقال: لا والله، ما لي على شريك اعتراض، ولا أتعرَّضَ له بشئٍ. ومضى النصراني من فَوره ذلك إلى "بغداد"؛ ولم يعُدْ.
قلتُ: هكذا كانت أحكام شريك وتصلُّبه في دين الله تعالى، وعدمُ مُبالاته بأحدٍ بعد ظهور الحق، ولو حصل له ما حصل، ومع ذلك فقد لامَه أصحابه، وعَتَبوا عليه، وهجروه لكَوْنه قَبِلَ القضاءَ، ودخل فيه، ورَضِيَ به آخرا بعد الإكراه، فكيف لو رأوْا قُضاة زمننا هذا، وتهافُتَهم على طلب القضاء، ورغْبتِهم فيه، وتنافسَهم في تحصيله، واتّخاذَهم إياه حِرْفةً يتكسَّبون بها أغراض الدنيا، ويحصِّلون أموال الناس من أيِّ وجهٍ كان، لا يُيالي أحدُهم بدينه إذا حصلت دُنياه، ولا بآخرته إذا عَمَرت بالمال أولاه، ويردّدون إلى أبواب الظَّلَمة الجُهّال، ويَبْذُلون لهم كرائمَ الأموال، فيَرْشون ويَرْتَشون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* * *
2225 - الشيخ الفاضل شعبان بن أحمد الأياشي
، الرومي، الملقّب بشفائي*.
طبيب، من القضاة.
تولى قضاء "ديار بكر"، وتوفي بأنقرة؟.
له "رسالة تدبير المولود"، و"فضائل آل عثمان".
* * *
* راجع: معجم المؤلفين 4: 300.
ترجمته في هدية العارفين 1: 417.
2226 - الشيخ الفاضل شعبان بن على بن إبراهيم المِصْرِيّ شَرَف الدين
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: ذكره ابن حَحَر في مَن مات من الأعيان في سنة ثلاث وثمانمائة، فقال سمع من أصحاب الفَخْر، وكان بصيرا بمذهبه، ودرَّس في العربية.
وحصل له خَلَلٌ في عقله، ومع ذلك يُدرِّس، ويتكلّم في العلم.
* * *
2227 - الشيخ الفاضل شُعَيْب بن إبراهيم السفْسِينيّ الفقيه أبو سعيد
* *.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: حدَّث بمَشْهد أِبي حنيفة بـ "باب الطّاق"، بـ "مناقب أبي حنيف"، عن مُصنِّفه أبي عبد الله الحسين بن محمد بن خُسْرُوا البَلْخِيّ، سنة ستّ وستين وخمسائة.
وتُوُفّيَ بعدَ ذلك، رحمه الله تعالى.
* * *
2228 - الشيخ الفاضل شُعَيْب بن إسحاق بن عبد الرحمن بن عبد الله
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 71. وترجمته في إنباء الغمر 2: 164.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 71.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 643، وتأتي نسبة "السفسيني" في الأنساب دون ضبط، ولم يذكرها السمعاني.
بن راشد القُّرشِيّ الدِّمَشْقِيّ*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: كان من أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله تعالى.
عَدَّه النَّسائيِّ في "الثِّقات" من أصحابه.
وقال أحمد: جالَسَ أبا حنيفة.
ودكره ابن حَزْمٍ، في باب الفُقَهاء بـ "الشام"، بعد الصحابة، في طبقة الأوْزاعي، والوليد بن مُسْلم.
وروَى له الشَّيْخان، وثَّقه أحمد، وقال: ما أصَحَّ حديثَه.
وقال الوليدُ بن مُسْلم: رأيتُ الأوْزاعيِ يُقَرِّب شُعَيْبَ بن إسحاق ويُدْنيه.
وقال ابنُ مَعين: هو مثلُ يونس، وعُقَيْل، يعني في الزُّهْرِيّ.
سمع أبا حنيفة، وهشام بن عَرْوَة، والأوزَاعي، وابن جُرَيج، في خَلْق.
روَى عنه اللَّيث بنُ سعد، وهشام بن عمّار، وهشام بن خالد الأزْرَق، في جَمْع.
تُوُفّي، رحمه الله تعالى، في سنة ثمان وتسعين ومائة، وله اثنتان وسبعون سنة.
* * *
2229 - الشيخ الفاضل شُعَيْب بن أيُّوب بن رُزَيْق بن مَعْبَد
* راجع: الطَّبَقات السُّنِيَّة 4: 71، 72.
وترجمته في تقريب التهذيب 1: 351، وتهذيب تاريخ دمشق 6: 323، وتهذيب التهذيب 4: 347، 348، والجرح والتعديل 2: 1: 341، والجواهر المضية برقم 644، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 166، ورسالة أصحاب الفتيا لابن حزم (مع جوامع السيرة) 332، وسير أعلام النبلاء 9:103.
ابن شِيطَا الصَّرِيفينيّ*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: تفقّه على القاضي أبي خازم، وروَى عنه، وعن عيسى بن أبان، وأبي أسامة حمّاد ابن أسامة، وزيد بن الحُباب، وأقرانهم.
وروى عنه عَبْدان الأهْوازىُّ، ومحمد بن عبد الله الحَضْرَمِيُّ مُطَيَّن، وغيرهما، والله تعالى أعلم.
وكان على قضاء "واسط"، وبها مات، سنة إحدى وستين ومائتين.
ووثَّقه الّدارَقُطْنىِ. قال ابنُ حِبّان: كان يُدَلَّس ويخطئُ، فيما حَكاه السَّمعانيِ.
وذكره المزِّيُّ في "التَّهْذيب"، وقال: روَى عنه أبو داود حديثا واحدا. وله ترجمة واسعة.
* * *
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة. 4: 72، 73.
وترجمته في الأنساب للسمعاني 351، والأنساب المتفقة 86، وتاريخ بغداد 9: 244، 245، وتاريخ واسط 252، وتبصير المنتبه 2: 600، وتذكرة الحفاظ 2: 559، وتقريب التهذيب 1: 251، وتهذيب التهذيب 4: 384، 349، والجرج والتعديل 2: 1: 342، والجواهر المضية برقم 645، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 166، وشذرات الذهب 2: 143، وطبقات القراء 1: 327، العبر 2: 22، واللباب 1: 54، المشتبه 314، ومعجم البلدان 3: 386، ومعرفة القراء الكبار 1: 169، وميزان الاعتدال 2: 275، وفي النسخ:"زريق". وانظر: المشتبه، والتبصير، وطبقات القراء. وفي النسخ:"بن شيصاء": وانظر: تاريخ بغداد، والأنساب المتفقة، واللباب، والتهذيب.
2230 - الشيخ الفاضل شُعَيْب بن سليمان بن سليم ابن كَيْسان بن شعيب الكَيْسانيّ
*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، وقال: تقدَّم ابنُه سليمان.
وشُعَيْبُ هذا من أصحاب محمد وأبي يوسف.
قال شُعَيْبُ: أمْلَى علينا محمد بن الحسن، قال: قال أحد قُضاتنا القاسم بن مَعن: إذا اختلف الزَّوجان في متاع البيت بينهما نِصْفَيْن.
وروَى عنه ابنه أنَّه قال: أمْلَى علينا أبو يوسف، قال أبو حنيفة، رحمه الله تعالى: لا ينْبغي للرجل أن يُحَدِّث من الحديث إلا بما يَحْفَظُه، من يوم سَمِعَه إلى يوم يُحَدِّث به.
ذكره ابنُ يونس في "الغُرباء الذين قَدِموا مصر"، فقال: كُوفِيٌّ قَدِم "مصر".
روَى عنه سعيد بن عمير.
مات بـ"مصر"، سنة أربع ومائتين في شوّال، رحمه الله تعالى.
* * *
2231 - الشيخ الفاضل شُعيب بن سُهَيل الأَرْجُونِيّ
، يُكْنَى أبا محمد* *.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 73.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 646، والأنساب 493.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 73، 74.
وترجمته في معجم البلدان 1: 195، 196، نسة إلى أرجونة، بلد من نواحي "جيان" بـ"الأندلس".
دكره ياقوت في "معجم البلدان"، فقال: رحل إلى المشرق، فلقَى جاعة من أئمة العلماء، وكان من أهل الفَهْم بالفقه والرأيِ.
ولم يُؤرخ له وفاة ولا مولدا.
وقد أغفل دكرَه صاحب "الجواهر"، والله تعالى أعلم.
* * *
2232 - الشيخ العالم الصالح شعيب بن المفتى منهاج
، الدهلوي، أحد العلماء المذكرين *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ العلم على والده، وتفنّن في الفضائل عليه.
وكان حسن السيرة والصورة، غزير العلم، كثير العمل، وكانت مواعظه مؤثرة في القلوب، لا يمكن لأحد أن يمرّ بموضع يذكّر فيه، فيتجاوز عنه بدون أن يستمع إلى وعظه، والعلماء كانوا يحضرون في مجالس وعظه، ويتأثرون به.
مات سنة ستّ وثلاثين وتسعمائة، فدفن على الحوض الشمسي بـ"دهلى" القديمة، كما في "أخبار الأخيار".
* * *
2233 - الشيخ الفاضل الكامل المولى شعيب الشهير بالترابي
* *.
* راجع: نزهة الخواطر 4: 123، 124.
* * راجع: الشقائق النعمانية 251.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ رحمه الله على علماء عصره، ثم وصل إلى خدمة المولى الكرماسني، ثم وصل إلى خدمة المولى الفاضل حسام زاده، ثم وصل إلى خدمة المولى علاء الدين على العزني.
ثم جعله السلطان بايزيدخان معلّما لعبيده في دار سعادته، ثم أعطاه مدرسة فلوبه، ثم أعطاه المدرسة الحلبية بـ "أدرنه"، ثم اختار طريقة الوعظ، وعيّن له كل يوم خمسة وأربعون درهما، ومات على تلك الحال.
كان رحمه الله تعالى رجلا صالحا، محبا لفقراء الصوفية، ومشايخهم، وكان على الفطرة الإسلامية، جاريا على منهاج السنّة، متجانبا عن البدعة، بارا صدوقا. وكان له وجد وحال، وربما يميل إلى المزاح، فيضحك الحاضرين، وربما يبكي، ويبكي من معه، وكان رجلا كثير الأكل، يشتبعد من لم ير مالهم كثرة الأكل، ومع ذلك كان له صبر قوي على الجوع، وسنّه جاوز التسعين، وكانت له مع ذلك قوة عظيمة بحيث لو أخذ يد إنسان يخاف من انكسارها.
ويحكي هو أنه كان يكسر في شبابه نعل الدواب بإصبعيه. نوّر الله تعالى قبره.
* * *
2234 - الشيخ الفاضل شفيع بن المولوي عبيد الحق الجاتجامي
*.
ولد سنة 1353 هـ في قرية "عظيم فور" من مضافات "فَتِيكْ سَرِي من أعمال "شيتاغونغ".
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 282.
قرأ مبادئ العلم في مظاهر العلوم شيتاغونغ، ثم التحق بدار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، وقرأ على شيوخها كتب الفنون العالية وكتب الحديث، وأتم الدراسة العليا 1379 هـ. والتحق محدّثا في الجامعة الإسلامية رِيْل إسْتِيْشَنْ "جسر" من أرض "بنغلاديش".
* * *
2235 - العالم الجليل المحدّث الكبير الفقيه الضليع مولانا الشيخ المفتي شفيع بن المولى ياسين الديوبندي
البكستاني المفتي الأعظم لـ "باكستان"*.
ذكر ترجمته ببسط ابنه شيخنا وشيخ الإسلام المفتي محمد تقى العثماني، صاحب "تكملة فتح الملهم" في شرح "صحيح الإمام مسلم"، وأورده في طليعة "أحكام القرآن"، الذي ألّفه. والده، فقال: يعتبر مولانا العلامة الشيخ المفتي محمد شفيع رحمه الله تعالى من كبار علماء "الهند" و"باكستان"، الذين حملوا في هذه الديار لواء الدين الحنيف، وبذلوا لإعلاء كلمته حياتهم وقوّتهم، وأناروا في "ديوبند"، الهند، مصابيح التجديد باهرة الشعلة، ساطعة النور، حتى لا تزال قافلة الإسلام تتقدّم، مبدّدة دياجير الكفر والإلحاد، وباعثة للأمل الحيّ في نفوس أماتها اليأس والقنوط.
ولد الشيخ رحمه الله تعالى لأحد وعشرين من شعبان المعظّم سنة 1314 من الهجرة، وترعرع في حجر العلم والعرفان، إذ عكف على تلقّي
* راجع: أحكام القرآن 3: 1 - 19، 1: 6 - 10.
ترجمته في إتمام الأعلام 368، وعلماء العرب في شبه القارة الهندية 842، 843، والبعث الإسلامي، مج 21، ع 4، وتتمة الأعلام للزكلي 3:249.
العلم من العلماء الكبار منذ نعومة أظفاره، والتزم صحبة العارفين مذ بداءة عمره. قد دخل دار العلوم في "ديوبند" بعد ما قرأ القرآن الكريم في سنة 1325 هـ، وهي أكبر جامعة دينية قامت بنشر المعارف الإسلامية القيّمة في "الهند"، وجدّدت فيها أنوارها، التي كادت تنطفئ بسبب الاستعمار الغربي، وقد تقبّل الله تعالى جهود مؤسّسها، إذ ظهر منها رجال العلم والدين، الذين جمعوا بين علم وعمل، وورع وإخلاص وتفان وتضحية، حتى ملأوا هذه الديار نورا وعلما.
قد دخل الشيخ دار العلوم هذه وهو في ميعة صباه، ولم يزل مدّة عشر سنوات مشتغلا بدراسته، مُكبّا على تلقّي العلوم من العلماء الأفاضل، الذين سار بصيتهم الركبان في أنحاء "الهند" وجوانبها.
ومن أشهر أساتذته:
الإمام الحافظ المحدّث العلامة المحقّق مولانا الشيخ أنور شاه الكشميرى، وكان بحرا زاخرا للمعارف والعلوم، نابغة في كلّ فن، آية من آيات الله في الحفظ والإتقان، وقلّما يوجد في هذا القرن مثله في الخبرة الواسعة والنظر العميق، وقد طبعت أماليه على "صحيح البخاري" باسم "فيض الباري"، وله مؤلّفات قيّمة أخرى حول شتى المواضيع رحمه الله تعالى رحمة واسعة. قرأ عليه الشيخ "جامعي البخارى والترمذي"، و"الشمائل"، و"كتاب العلل" له، و "كتاب الفلسفة الجديدة"، و"شرح النفيسي" في الطبّ، وهو من تلامذته المبرّزين، وكان حضرة الإمام يحبّه، حتى جعله من أصحابه الأصفياء، الذين ساعدوه في مهمّة الردّ على القاديانية، وبأمره ألّف الشيخ رحمه الله "كتاب ختم النبوة" باللغة الأردية، و"التصريح بما تواتر في نزول المسيح"، و"هدية المهدين في آيات خاتم النبيين" باللغة العربية.
2 -
الإمام الفقيه مولانا الشيخ المفتي عزيز الرحمن، وكان قدّس سرّه من أعلام العلماء والفقهاء، تتلمّذ على الشيخ الكنكوهي، قدّس الله سرّه،
وجماعة من علماء السلف، وكان رئيس هيئة الأفتاء بدار العلوم، وشيخا قدوة على طريق النقشبندية، من خلفاء العارف بالله الشيخ رفيع الدين. وقد طبعت مجموعة فتاواه باسم "عزيز الفتاوى" باللغة الأردية، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
قرأ عليه الشيخ "موطأ الإمام مالك" برواية يحيى بن يحيى، وبرواية الإمام محمد بن حسن الشيباني، و"شرح معاني الآثار" للإمام أبي جعفر الطحاوي، رحمهم الله تعالى، و"نفسير الجلالين" السيوطى والمحلّي، و"مشكاة المصابيح" للتبريزي، و"شرح نخبة الفكر" للحافظ ابن حجر، رحمهم الله تعالى.
3.
الإمام الزاهد العلام مولانا الشيخ السيّد أصغر حسين الهاشمي الحسني، وكان رحمه الله تعالى من أعيان علماء عصره، فيه أنموذج صالح للأخلاق الإسلامية الكريمة، من التواضع والسذاجة وخشية الله. وله مؤلّفات وجيزة نافعة، قد طبع أكثرها باللغة الأردية، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
تلقّى منه شيخنا رحمه الله "السنن" لأبي داود السجستاني، و"السنن الكبرى" للنسائي، وشقصا من أواخر "جامع الترمذي"، رحمهم الله تعالى.
4.
الإمام الداعية الكبير، شيخ الإسلام مولانا شبّير أحمد العثماني، صاحب الشرح الجليل على "صحيح مسلم"، وكان رحمه الله تعالى من نوابغ العلماء في العصر الأخير، له خبرة تامة بسائر المعارف والعلوم، وكان من الزعماء الممتازين في جهود بناء "باكستان"، ولن ينسى الشعب الباكستاني تضحياته الغالية في هذا السبيل، هاجر إلى "باكستان" بعد استقلالها، لم يزل يجتهد لإقامة الدين فيها، حتى انتقل إلى رحمة الله، قدّس الله تعالى سرّه، وشكر سعيه. وله مؤلّفات قيّمة معروفة حول شتى المواضيع الدينية، من أشهرها:"فتح الملهم بشرح صحيح مسلم"، وهو شرح حافل جليل، تلقّاه الأمة الإسلامية بالقبول في سائر البلاد.
تلقّى منه شيخنا رحمه الله "الصحيح" للإمام مسلم وشطرا من كتاب "الهداية"، ثم رافقه في حركة بناء "باكستان"، وجاهد معه جنبا بجنب، كما سنذكر عن قريب، إن شاء الله تعالى.
5.
الإمام الفاضل العلام شيخ الأدب والفقه مولانا إعزاز على قدّس الله سرّه، وكان رحمه الله تعالى بارعا في سائر العلوم، لا سيّما العلوم الأدبية، وله تعليقات قيّمة معروفة على كثير من الكتب الدراسية.
قرأ عليه الشيخ سائر الكتب الأدبية، و"شرح هداية الحكمة" للميبذي، و"شرح العقائد النسفية" للتفتازاني، و"شرح الوقاية" لصدر الشريعة، وبعض الرسائل الأخرى.
6.
الإمام الفيلسوف مولانا الشيخ محمد إبراهيم البلياوي، رحمه الله تعالى، وكان شيخا بارعا في العلوم الرائجة قاطبة، ولا سيّما في العلوم العقلية من الفلسفة والمنطق والكلام، وهو من البقايا الصالحة من طائفة أساتذة الشيخ، رحمهما الله تعالى، قرأ عليه الشيخ "كتاب الصدرا" و"الشمس البازغة".
وللشيخ أساتذة غيرهم، تركنا ترجمتهم مخافة الإطناب. وحقا إنهم كانوا دكريات جميلة لأسلافنا الصالحين في علمهم الغزير وعملهم الصالح القويم.
ولما كان حضرة الشيخ رحمه الله تعالى تبدو عليه منذ اللحظة الأولى مخايل النبوغ وأمائر الذكاء، صار أساتذته يبذلون في تعليمه جهودا مختصّة مع كلّ عطف وحنان، ولإخلاص نيّتهم يد، لا تجحد في تكوين ذوقه الفنّي، وتنشيط مواهبه الصالحة.
وفرغ عن دراسته في سنة 1335 هـ، ولما كان من الطلاب المتفوّقين مدّة دراسته اختاره أساتذة دار العلوم، ليكون مدرّسا بها، فشرع في التدريس في سنة 1336 هـ، وسرعان ما اشتهر تدريسه فيما بين الطلبة في سائر البلاد الهندية، ولم يزل يدرّس الحديث والتفسير والفقه وغيرها، من العلوم الدينية
الرائجة مدّة ستّ وعشرين سنة. وتتلمّذ عليه في هذه المدّة خلق كثير من الطلبة، استفادوا من علومه وعرفانه، ونهلوا من مَعينه العذب النمير. فما من مدينة من مدن "الهند" و"باكستان" إلا وله فيها تلامذة، وأكثرها مشتغلون بالتدريس والخطابة وإفادة العلوم، ويعتبرون من العلماء البارزين في هذه الديار.
استرشاده بمشايخ الطريقة:
كان حضرة الشيخ منذ ميعة صباه في اشتياق شديد نحو الاستفادة بصحبة أساتذته ومشايخه الكرام، فكان كثيرا ما يحضر مجالس الإمام الداعية المجاهد الكبير شيخ الهند مولانا محمود الحسن قدّس الله تعالى سرّه، ويستفيد من بحار عرفانه. ثم لما اعتقل شيخ الهند رحمه الله تعالى بجزيرة "مالطه" راجع شيخ مشايخ الوقت حكيم الأمة مولانا التهانوي، قدّس الله سرّه، وبعد ما رجع شيخ الهند إلى "ديوبند" بايع على يده بيعة السلوك في سنة 1339 من الهجرة، ولم يزل يلازم صحبته، حتى توفّاه الله تعالى.
ثم بعد وفاته رحمه الله راجع حكيم الأمة الموصوف مرّة ثانية، وجدّد البيعة على يده في سنة 1346 من الهجرة، ثم لازم صحبته مدّة ستّ وعشرين سنة، وكان حكيم الأمة يحبّه، ويعتبره من أصحابه الأصفياء، ويشاوره في كلّ مهمّه دينية. وساعده حضرة الشيخ في تأليف كثير من الكتب مثل "الحيلة الناجزة للحليلة العاجزة"، وهو كتاب قيّم يحتوي على أحكام زوجة المجنون والمتعنّت والمفقود والعنّين، وكان مذهب الحنفية فيها ضيّقا، فراجعوا علماء المالكية وكتبهم، وأفتوا بمذهبهم، ثم أجمع علماء الحنفية عليه، وهو المختار للفتوى عند أصحابنا الحنفية اليوم. وبأمر حكيم الأمة الموصوف ألّف الشيخ كتبا كثيرة، من أهمّها:"أحكام القرآن"، وهو الكتاب الذي نقدّمه اليوم، وبالجملة فلازم الشيخ صحبة حكيم الأمة رحمه الله إلى
سنة 1362 هـ. وفي سنة 1349 هـ أعطاه حكيم الأمة خلافته في هذا الطريق.
إفتاءه:
كان لحضرة الشيخ مناسبة تامة بالفقه والفتيا منذ زمن تدريسه بدار العلوم، فكان كثيرا ما يساعد شيخه المفتي عزيز الرحمن، رئيس هيئة الإفتاء رحمه الله تعالى، ثم لما توفّاه الله تعالى جعله الأساتذة رئيس هيئة الإفتاء بدار العلوم، ليملأ الفراغ الناشئ بوفاة الشيخ عزيز الرحمن قدّس الله سرّه، فلم يزل شيخنا رحمه الله تعالى على هذا المنصب الجليل منذ سنة 1350 هـ إلى 1362 هـ. وانتشرت فتاواه في هذه المدّة إلى مشارق الأرض ومغاربها.
كتب الشيخ في هذه المدّة أكثر من أربعين ألف فتوى. وقد طبع منها عدد قصير في ثماني مجلّدات ضخام باسم "إمداد المفتين"، وهو الوشل القليل من ذلك البحر الواسع المحفوظ في دفاتر دار العلوم، التي لم تطبع بعد. ولا شكّ أنها ذخيرة قيّمة للإسلام والمسلمين، يسّر الله طبعها.
ثم لم يبرح حضرة الشيخ يكتب الفتاوى بعد ما فارق دار العلوم الديوبندية، والأسف الشديد على أنه لم تضبط فتاواه مدّة تسع سنوات. ثم لما هاجر إلى "باكستان"، وأسّس في عاصمتها معهدا دينيا باسم دار العلوم كراتشي في سنة 1371 هـ ضبطت فتاواه في دفاترها مرّة أخرى، وبلغ عددها اليوم زهاء ثمانين ألف فتوى. وهذا كلّه ما صدر منذ سنة 1381 هـ إلى آخر حياته، سوى الأسئلة الشفاهية التي كان يجيب عنها في المقابلات، وعلى الهاتف طول الليل والنهار.
وتعتبر دار العلوم كراتشي ببركة شيخنا المفتي من أكبر مراكز الفتيا في ديار "الهند" و"باكستان"، يرجع إليها المستفتون من سائر البلاد والأقطار، من "المملكة العربية السعودية"، و"مصر"، و"الشام"، و"العراق" و"إيران"،
و"أفغانستان"، و"ملايا"، و"إندونيسيا"، و"تركيا"، و"أمريكيا"، و"بريطانيا"، و"الإفريقيا" وغيرها مما لا يحصى عددها.
جهاده في بناء باكستان:
كان المسلمون زمن تدريس الشيخ بدار العلوم تدور عليهم رحى الاستعمار الغربى، ولم يزل علماء دار العلوم منذ بناية الأمر في جهد جهيد للحرّية والاستقلال. وفي هذا المشروع العظيم بذل الإمام المجاهد شيخ الهند مولانا محمود حسن رحمه الله جميع حياته، وابتلى بأشدّ ما يكون من الأذى زمن اعتقاله يحزيرة "مالطه"، ثم لم يبرح يجتهد في هذا السبيل حتى انتقل إلى رحمة الله.
ثم صارت أماني الحرّية تداعب خيال المسلمين، ولم يفتر هممهم عن إدراك هذا الغرض، حتى التحق بهم الهنادكة على أن يشاركوهم في حكومة "الهند" بعد استقلالها على طريق الديمقراطية.
وكان حكيم الأمة الشيخ التهانوي يرى منذ زمان أنه لا نجاح للمسلمين إلا بتكوين مملكة مستقلّة حرّة، ينفذون فيها أحكام شريعتهم، ويعيشون فيها مسلمين صادقين. فلم تكن للمسلمين عنده مسئلة واحدة- مسئلة التحرّر من الاستعمار الغربي-، فحسب، وإنما كان هناك مسئلتان، الأولى: التحرّر من الاستعمار الغربى، والثانية: تأسيس مملكة إسلامية مستقلة، لا يشاركهم فيها الهنادك، ولا أمة أخرى من الأمم الكافرة.
وأما الأحزب السياسية يومئذ، فكانت بأجمعها لا تهدف إلا إلى التحرّر من الاستعمار الأجنبي، ولم يكن بين أيديهم غرض لتقسيم البلاد إلى المسلمين والكفّار، بناء على فكرة الوطنية الفاسدة، واعتقادا منهم بأن الهنديين مسلمهم وكافرهم قوم واحد، وإنما نريد أن يزول عنا الاستعمار، ثم مسلمنا وهندوكنا سواء.
ولكن نوّره الله ضريح شيخنا التهانوي، فإنه لم يرض بذلك، إذ كان يرى أن المسلمين سوف تلم بهم النوازل تحت الحكومة الهندوكية أكثر مما ألمت بهم في الحكومة الغربية، ثم هذا الاختلاط بالهنادك يفضي إلى اندماج الإسلام الكفر، وفساد عقائد المسلمين، ودمار أخلاقهم، ودعارة أعمالهم، ولا يزال الوازع الديني يتناقص فيهم، حتى لا يبقى للأجيال الآتيهَ من تلادهم الثمين، إلا كلمة الإسلام خاوية عن حقيقتها، مقفرة عن روحها.
فكان يتمنّى أن يقوم بهذه الدعوة حزب من المسلمين، ويدعوهم إلى نظرية الإسلام، واجتياح أوثان الوطن التي وطئها نبيهم صلى الله عليه وسلم بقدمه.
وحقّق الله أمانيه بأن قام حزب مسلم ليك بنعرة باكستان، فأشار حكيم الأمة الشيخ أشرف علي التهانوي عامة المسلمين والعلماء بتأييد هذه الدعوة،، فقام بها كثير من عوام المسلمين والعلماء، وكان في مقدّمتهم الإمام الداعية شيخ الإسلام شبير أحمد العثماني، ومولانا الشيخ ظفر أحمد العثماني، وفضيلة شيخنا المفتي محمد شفيع، رحمهم الله، وهم الذين أسّسوا جمعية من العلماء باسم جمعية علماء الإسلام، حتى تجاهد في هذا السبيل، وتحضّ المسلمين على الاتحاد لحماية الدين، وتأييد فكرة "باكستانا".
وصرف شيخنا في القيام بهذا المشروع لياليه وأنهاره. ثم لما أصبح معظم التفاته إلى هذه الأشغال السياسية، التي لم يكن يرى نجاة المسلمين إلا بها، لم يجد وقتا للمضى في أشغاله التدريسية بدار العلوم، ولم يجد بدا من أن يفارقها بعد ما قضى في ساحتها معظم عمره، وانعزل عن التدريس والإفتاء بها في سنة 1363 من الهجرة. وحينئذ صارت جميع أوقاته موقوفة على الجهاد في بناء "باكستان"، فتجوّل لأجله في أنحاء "الهند" وجوانبها، وأيقظ عوام المسلمين عن رقادهم بلسانه وقلمه، وأخبرهم بمكايد أعدائهم الكفّار.
ومما لا يشكّ فيه أحد تشرف بزيارة الشيخ، أن الله تعالى أودع في كلامه أثرا، وفي عظته قبولا، فاستقبله النجاح في كلّ مكان بفضل الله تعالى وكرمه، والحق أن لجهوده المتواصلة كبير فضل في بناء "باكستان"، واعترف بعض قادتها بأنه لم يكن يحلّ النجاح في كثير من الأمور لولاها.
وفي السنة 1367 من الهجرة الموافقة للسنة 1947 ميلاديا، من الله تعالى على شعب الهند المسلمين، وحان أن تثمر جهودهم التى استمرّت أحقابا، وبرزت على خريطة العالم رسوم مملكة جديدة إسلامية، فللّه الحمد أولا وآخرا.
حصلت للمسلمين هذه المملكة كي يقيموا فيها دينهم، وينفذوا تشريعهم. ويدرئوا عن أنفسهم جميع الأقذار التي تلوثوا بها للجوار الأجنبي الكافر.
هجرته إلى باكستان:
فكان من الواجب على العلماء المجاهدين أن يهاجروا إلى "باكستان"، ويبذلوا جهودهم في تكوين دستور إسلامى يصلح أساسا للحكومة فيها.
فاقتفى شيخنا المفتي رحمه الله سنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، وهجر موطنه الأليف الذى حلّ فيه الشباب تميمته، وقضى فيه خمسا وخمسين سنة من عمره.
وكان بين يديه بعد الهجرة إلى "باكستان". مشروعان مهمّان. أما الأول: فما وصفنا من تكوين دستور إسلامي وإقامة الدين في"باكستان" بجميع مناحيه الطيّبة، وأما الثاني: فتأسيس معهد ديني ينشر معارف الإسلام وعلومه على ما تقتضيه المملكة الحديثة.
جهوده في إقامة الدين في باكستان:
وقرّرت حكومة "باكستان" في سنة 1368 هـ مجلسا من أكابر علمائها، ليقترحوا لمجلس النواب أصولا تتخذ كأساس لدستور المملكة،
واختارت شيخنا المفتي رحمه الله ليكون عضوا من أعضائه، فلم يزلِ يعمل فيه بكلّ نشاط مدّة أربع سنوات.
وفي أثناء هذه المدّة، اقترحت الحكومة دستورا، فإذا معظمه ما يضادّ الشريعة الإسلامية القويمة، ولما استنكره علماء "باكستان"، أعلنت الحكومة أنها ستقبل ما يتفق عليه جميع العلماء من سائر الفرق الإسلامية، ظنّا منهم بأن هذا الاتفاق متعذّر لشدّة الخلافات بين الفرق الإسلامية المختلفة.
ولكن الفضل الكبير يرجع إلى العلماء المخلصين، ومن مقدّمتهم شيخنا رحمه الله تعالى، أنهم شمّروا عن سَوَاعدهم لتحقيق هذا الأمر الذى كانت العقول يستغفر به، واجتهدوا ليالي وأنهارا في جمع كلمة الإسلام، وحضّوا الفرق المختلفة على الاتّحاد لحماية الدين، حتى رضى علمائها بالاجتماع في محلّ واحد، وعقدوا في "كراتشي" مؤتمرا حافلا، واحتشدوا فيه من كلّ ناحية. وحقّا! كان هذا المؤتمر تاريخيا قد كذبت ما يصرخ به أعداء الدين، من أن العلماء لا يعرفون إلا الخلاف والنزاع، إذ اقترح هذا المؤتمر أساسا لدستور المملكة على منهاج الدين، بحيث أجمعت عليه الفرق، ولم يختلف فيه اثنان، ولم ينتطح فيه عنزان. ثم أعلنت الحكومة أصولا جديدة، ونشرتها إلى عوامّ المسلمين، واستعلمت فيها آرائهم. فشعر العلماء مرّة أخرى بالحاجة إلى مؤتمر كمؤتمر سابق، حتى يجتمع فيه العلماء، وينظروا فيها، ويقدموا آرائهم بإجماع واتفاق.
فاجتهد العلماء، ومنهم شيخنا رحمه الله لعقد هذا المؤتمر، وأتاح الله لهم الفوز والنجاح في هذا المشروع إلى أن أتم المؤتمر عمله، وأصلح الفساد، الذي كان الدستور الجديد يحتوي عليه.
ثم لم يزل أمر الدستور في شزر وحل إلى يومنا هذا، فتارة تتألّق الفضاء ببروق الأمل، وأخرى يحيط بها قتام اليأس والقنوط. ولكن الشيخ لم يأتل في
جهده ما أمكن، مع ما به من إلمام الشيب، وازدحام الأشغال، وانتقاص القوى، إلى أن توفّاه الله تعالى.
تأسيس دار العلوم في كراتشي:
هاجر الشيخ إلى "باكتسان"، ولم يكن في بلادها الكبيرة، ولا سيّما في عاصمتها "كراتشي" معهد دينى يقوم بتدريس المعارف الإسلامية نشرها كما ينبغي، وكانت الحاجة قد اشتدّت إليه بعد بناء "باكستان"، حتى يربّي الجليل الجديد بما يدنيهم إلى هدى الدين في جميع مناحي الحياة، ويفرغ أذهانهم في قالب إسلامي جميل، إذ هم المعقود عليهم الأمل في الاستقلال بأعباء الأمّة في الزمان الآتي.
فأسس الشيخ بتوفيق الله تعالى وعونه جامعة شعبية دينية في حارة من حارات "كراتشي"، وهو الذى يعرف الآن بدار العلوم، ويعتبر من أكبر مراكز العلوم الدينية في "باكستان"، وشرّف الله تعالى إخلاص نيته بالقبول، وأصبح هذا المعهد منهلا عذبا، أكبّ عليه الطلاب من أنحاء البلاد وجوانبها، وسقوا بمعينه الزلال المتدفّق، حتى ضاق عنهم المكان، ومسّت الحاجة إلى مكان أوسع. فوهب الله بفضله قطعة واسعة من الأرض في ضاحية من ضواحي البلدة، فبنى عليها مبنى فسيحا رائعا بمعزل عن الجلبة والضوضاء، يسكنه الآن مئات الطلبة من مختلف أنحاء العالم.
مؤلفاته:
لحضرة الشيخ قدّس سرّه مؤلفات كثيرة نافعة، قد جاوز عددها من مائة، معظمها باللغة الأردية في علم التفسير، والحديث، والفقه والتصوّف، والأدب، والكلام والمعاشرة وغيرها، ونذكر في هذا الموضع بعض ما لا نجد من دكره بدّا.
1 -
معارف القرآن:
وهو تفسير نفيس للقرآن الكريم، ألّفه الشيخ باللغة الأردية في ثماني مجلّدات ضخام، شرح فيه معاني القرآن الكريم في أسلوب سهل رائع، ونبّه تحت كلّ آية ما يستنبط منها من مسائل الحياة اليقظة، بما يتبيّن منه للقارئ أن القرآن الكريم يحمل رسالة خالدة لكلّ بشر في كلّ زمان، ويرشده في مسائله المعقدة الحيوية إلى ما فيه خير وصلاح وسداد، وإن هذا التفسير إلى جانب ذلك، يحتوي على مباحث علمية نادرة، أحدثتها عصرنا الحديث، وقد طبع منه أكثر من أربعين ألف نسخة، وما من مسجد ولا مدرسة في شبه القارّة تعلم فيه معاني القرآن الكريم، إلا وإن هذا التفسير من أهم المصادر، التي يستقي بها المعلم في إعداد محاضرته، ولا يوجد في اللغة الأردية مثله في سهولة العبارة، ودقّة المعاني، وكثرة الإجداء.
وإن هذا التفسير قد ترجم إلى عدّة لغات من البنغالية، والفارسية. وقد شرعت جماعة في ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية، وأخرى إلى اللغة العربية.
2 -
جواهر الفقه:
وهي مجموعة قيّمة لرسائل فقهية، كتبها الشيخ رحمه الله تعالى على موضوعات يكثر التساؤل عنها، وإما أنها لا توجد في كتب الفقه المتداولة، أو يوجد فيها إجمال يحتمل عدّة وجهات النظر، ولا توجد في كنب الفقه بهذه الصراحة والتنقيح. فتوجد في هذا الكتاب أبحاث علمية نفيسة حول موضوع رؤية الهلال، ومواقيت الإحرام، وبيع حقوق الطبع، والإجارة الدائمة، والذبح الميكانيكي، والإعانة على المعصية، وما إلى ذلك من أكثر من أربعين موضوعا.
3 -
ختم النبوة:
وهو كتاب حافل للردّ على الدجاجلة القاديانيين، قد أثبت فيه الشيخ عقيدة انقضاء النبوّة على نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم، بجميع براهينها،
من القرآن الكريم والسنّة الراشدة، وإجماع الأمّة، ثم ردّ على جميع الشبهات، التى أوردها المتنبّئون بما يشفي كلّ عي، ويخرجه من أوحال الشكّ إلى سهل اليقين، وقد طبع هذا الكتاب باللغة الأردية عدّة مرّات، فحوت زهاء خمسمائة صفحة، وقد تلقّاه الأمّة بالقبول، وزعمه بعض النقّاد أحسن ما ألّف في الموضوع باللغة الأردية.
4.
سيرة خاتم الأنبياء:
وهو كتاب وجيز جامع لسيرة رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، بجميع أنبائها الهامّة، ألّفها الشيخ بأسلوب وجيز رائع، يورث حبّ النبي الكريم، عليه أفضل الصلوات والسّلام، وأصحابه البرَرَة الطاهرين -رضى الله عنهم، قد طبع هذا الكتاب باللغة الأردية أكثر من خمسين مرّة، واختارته بعض المدارس في مقرّرها الديني في "الهند" و "باكستان"، ثم ترجمه الناس إلى لغات محلّية أخرى، كالسندية، والكجراتية والبنغالية.
5 -
ألات جديدة:
وهو كتاب قيّم، جمع فيه الشيخ أحكام المخترعات الحديثة، التى لم تكن في زمن النبي عليه السلام، ولا في عصر الفقهاء المجتهدين، وتعلّقت بها مسائلُ لا يوجد فيها نصّ، كالصلاة على المجهر، وتلاوة القرآن الكريم على المذياع والمسجّل والحاكي، والتلقيح في الصوم، والتداوي بدم الإنسان، والتلهّي بالمسارح، والشهادة بالهاتف، وكذا. والحق أنه لم يكن يؤمل هذا الأمر العظيم إلا من فضيلة شيخنا المفتي، الذي وهبه الله ملكة فقهية راسخة، وفهما سديدا لتخريج الأحكام عن مصادرها، وذوقا سليما للفوز بأسرارها.
وقد طبع هذا الكتاب باللغة الأردية مرّتين. فجزاه الله عن سائر المسلمين خير الجزاء.
6 -
أحكام الأراضي:
وهو كتاب جمع فيه الشيخ أحكام الأراضي السلطانية والموقوفة والمملوكة بجميع أنواعها، وما يجب عليها من عشر أو خراج، وشرح فيها نظام ديننا العادل، ثم أوضح الأحكام المختصة لإراضي "الهند" و"باكستان"، وذكر في غضونها جملة لطيفة في تاريخ فتوح "الهند" على أيدي المسلمين، حتى تتّضح مكانة الأراضي الهندية فيما يتعلّق بأحكام الدين.
وحقا! إن الأمة الإسلامية مرهونة له بهذا المنّ الكبير، الذي سهر الشيخ لأجله ليالي وفجر الصخور، حتى أتى بهذا الماء الزلزال، وجعله بمتناول كلّ مستفيد، والكتاب يحتوى على خمسمائة صفحة تقريبا، وقد طبع مرارا.
7 -
إمداد المفتين:
وهي مجموعة لبعض فتاواه، التى أفادها زمن إقامته بدار العلوم في "ديوبند"، فصارت أربع مجلّدات ضخام، وهى كما ذكرنا عدد قصير من فتاواه التي بلغ عددها اليوم زهاء مائة ألف، ومعظم هذه الفتاوى بلغة أردية سهلة، ينتفع بها كلّ عالم وعامي. وبعضها يشتمل مباحث هامة علمية مبسوطة، إن أفرزناها صارت كتبا مستقلة.
قد طبعت هذه المجموعة مرّة في "الهند"، ثم نفدت نسخها، وستطبع مرّة ثانية عن قريب إن شاء الله تعالى. ونرجو الله العظيم أن يحقّق آمالنا بطبع البقية من الفتاوى عن قريب.
8 -
التصريح بما تواتر في نزول المسيح:
وهى رسالة وجيزة باللغة العربية، ألّفها الشيخ بأمر الإمام الحافظ الشيخ أنور الكشميري رحمه الله، وجمع فيه جميع الأحاديث والروايات، التي أخبر فيها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن أمارات المسيح عليه السلام وصفاته، حتى يتبين كذب ما ادّعاه المتنبي القادياني أنه المسيح الموعود. وقى الله عن فتنته جميع المسلمين.
طبع هذا الكتاب بـ "ديوبند"، ثم نفد، ثم نشره فضيلة العلامة الشيخ عبد الفتّاح أبو غدّة بـ"الشام" في ثوب قشيب من الطباعة والكتابة، بتعليقات علمية مبسوطة.
9 -
هدية المهديين في آيات خاتم النبيين:
وهذه رسالة أخرى في الردّ على القادياني الكذّاب، ألّفه الشيخ بأمر شيخه الأنور مثل كتاب سابق.
10 -
ثمرات الأوراق:
وهي مجموعة لطيفة من مختارات الأدب والتاريخ والتصوّف والمعاشرة والعلوم الأخرى بلغة أردية، قد جمعها الشيخ من كتب كثيرة شتى خلال مطالعته إياها، يجد فيه كلّ رجل ما يناسب ذوقه، ويرزق بصره. وقد طبع الآن مرّة ثانية، وهو يحتوي على نحو خمسمائة صفحة.
11 -
أحكام القرآن:
قامت جماعة من العلماء بجمع هذه الأحكام، فألّفت في ذلك كتب كثيرة، ومن أقدم المؤلّفات المعروفة في هذا الموضوع:"كتاب أحكام القرآن" للإمام الشافعي رحمه الله تعالى، بل ذكر صاحب "كشف الظنون" أنه أول كتاب صنّف في أحكام القرآن، ولكنّه لم يصل إلينا، والكتاب المطبوع المتداول باسم "أحكام القرآن" للشافعي، إنما هو من تأليف الإمام البيهقي، قد جمع فيه مباحث أحكام القرآن من مختلف كتب الإمام الشافعي رحمه الله.
ثم تتابع فقهاء كلّ مذهب بتأليف أحكام القرآن. ومن أشهر ما ألّف في هذا الموضوع:
1 -
أحكام القرآن، للشيخ أبي الحسن على بن حجر السعدي، المتوفى سنة 244 هـ.
2 -
أحكام القرآن، للقاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق الأزدي البصري، المتوفى سنة 282 هـ، وهو على طريق المالكية، ويتعقّبه الجصّاص كثيرا. واختصره بكر بن العلاء القُشيري باسم "مختصر أحكام القرآن".
3 -
أحكام القرآن، للشيخ أبي الحسن علي بن موسى بن يزداد القمّي الحنفي. المتوفى سنة 305 هـ.
4 -
أحكام القرآن للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي، المتوفى سنة 371 هـ.
5 -
الجامع لأحكام القرآن، للشيخ أبي محمد القاسم بن أصبغ القرطبي النحوي المتوفى سنة 340 هـ.
6 -
أحكام القرآن، للشيخ المنذر بن سعد البلوطي القرطبي، المتوفى سنة 355 هـ.
7 -
أحكام القرآن للإمام أبى بكر أحمد بن علي، المعروف بالجصّاص الرازي الحنفي، المتوفى سنة 370 هـ.
8 -
أحكام القرآن، للشيخ الإمام أبي الحسن علي بن محمد المعروف بالكيا الهراسي الشافعي البغدادي، المتوفى 504 هـ (وهو من رفقاء الإمام الغزالي).
9 -
أحكام القرآن، للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المالكي، المتوفى سنة 543 هـ.
10 -
أحكام القرآن، للشيخ عبد المنعم بن محمد بن فرس الغرناطي، المتوفى سنة 597 هـ.
11 -
مختصر أحكام القرآن، للشيخ أبي محمد مكّي بن أبي طالب القيسي، المتوفى سنة 437 هـ.
12 -
تلخيص أحكام القرآن، للشيخ جمال الدين محمود بن أحمد، المعروف بابن السراج القونوي الحنفي، المتوفى سنة 770 هـ.
13 -
الإكليل في استنباط التنزيل، للعلامة جلال الدين السيوطي الشافعي رحمه الله، المتوفى 911 هـ.
14 -
التفسيرات الأحمدية،. للشيخ أحمد الجونفوري الهندي الحنفي، المعروف بملا جيون رحمه الله.
15 -
نيل المرام من تفسير آيات الأحكام، للشيخ السيّد محمد صدّيق حسن القنوجى البخاري رحمه الله.
16 -
ومن آخر ما ألّف في هذا الموضوع كتاب "روائع البيان في تفسير أيات الأحكام" للشيخ محمد علي الصابوني الحنفي، حفظه الله تعالى.
ولم يطبع من هذه الكتب فيما نعلم حتى الآن إلا كتب البيهقي، والجصّاص، وابن العربي، والكيا الهراسي، والكتب الأربعة الأخيرة.
وكان الإمام الداعية الكبير مولانا الشيخ أشرف علي التهانوي رحمه الله تعالى من أكثر الناس حرصا على تأليف جديد في الموضوع، وكانت فكرته في مبدأ الأمر أن يكون ذلك الكتاب جامعا لأدلّة الحنفية من القرآن الكريم ببسط واستقصاء، كما أن كتاب "إعلاء السنن" الذي ألّفه مولانا الشيخ ظفر أحمد العثماني رحمه الله بإرشاد شيخه التهانوي رحمه الله، جامع لأدلة الحنفى من السنة، ولذلك اقترح في أول الأمر أن يكون اسم الكتاب "دلائل القرآن على مذهب النعمان"، ثم بدا له أن لا يقتصر على ذكر دلائل فحسب، بل يذكر كل ما يستنبط من آيات القرآن الكريم من فقه وأصول، وأدب وخلق، وهداية وإرشاد، مع العناية الخاصّة بالمسائل التى حدثت في العصور الأخيرة، ولا يوجد في كتب المتقدّمين مباحث وافية في شأنها، وهنالك غّير اسم الكتاب إلى "أحكام القرآن".
وكان الشيخ رحمه الله يودّ أن يؤلّف هذا الكتاب بنفسه، ولكنّه كان في عمره الأخير مزدهم الأشغال مع انتقاص القوى واعتراء الأسقام، وكان قد فوّض تأليف "إعلاء السنن" إلى ابن أخته العلامة المحقّق الكبر الشيخ ظفر
أحمد العثماني رحمه الله، فقام بهذا العمل الجليل بأحسن وجه وأتمّ صورة. ولكنّه سافر هذه المرة إلى خارج البلاد، ثم كان الشيخ التهانوي رحمه الله يريد أن يتمّ تأليف "أحكام القرآن" في أسرع وقت ممكن. فاختار رحمه الله أن يفوّض هذا العمل إلى أربعة من أصحابه:
1 -
العلامة المحقّق الكبير الشيخ ظفر أحمد العثماني رحمه الله تعالى.
2 -
العلامة الفقيه مولانا الشيخ المفتي محمد شفيع رحمه الله تعالى.
3 -
العلامة المحدّث الفاضل مولانا الشيخ محمد إدريس الكاندهلوي رحمه الله تعالى.
4 -
العلامة الثبت مولانا الشيخ المفتي جميل أحمد التهانوى، حفظه الله تعالى، ففرّق أحزاب القرآن الكريم إلى هؤلاء الأربعة، فقام كلّ واحد بتأليف ما فوّض إليه من هذا الكتاب، وربما دعاهم الشيخ رحمه الله تعالى إلى مقرّه بقرية "تهانه بهون"، ليتمكّن من النظر في ما تمّ تأليفه، ويتمكّنوا من مراجعته عند الحاجة.
ولحضرة الشيخ كتب كثرة أخرى يجاوز عددها مائة، وطبع أكثرها باللغة الأردية، مما يتعلّق بسائر العلوم الدينية، وتلقّاها الأمّة بالقبول، ونفع الله بما خلقا كثيرا. وإنما ذكرنا بعضها الأهمّ وتركنا البقيّة، إذ يحتاج ذكرها إلى رسالة مفردة.
وبالجملة، فقد وفّقه الله تعالى لأن يخدم الإسلام والمسلمين بكلّ عضو من أعضائه، حتى أصبحت حيوته موقوفة على الدين وأهله، ولعلّنا لا نعمل الإطراء إذا قلنا: إنه لم يخط بعد الفراغ من دراساته خطوة إلا وهي ترجع إلى باعث ديني حميد، فتارة هو مشتغل بتدريس الحديث في دار العلوم وإشراف أحوالها، ومرّة تراه يصنّف كتبا دينية قيّمة، يكافح بها فتنا، أحدقت بالإسلام من كلّ جانب، وطورا تشاهد يحضّ المسلمين على الإياب إلى هداية دينهم، وأخرى تزوره وهو يسعى لتطبيق الشريعة
الإسلامية في "باكستان"، ويعني بشأن المسلمين في جميع أنحاء الأرض، ويتوجّع بأحوالهم المؤلمة.
فهذا ما صرف فيه الشيخ لياليه وأنهاره، وما اجتهد فيه، حتى في كبر سنّه، بكرة وأصيلا، بحيث تقصر دونه همم الشبّان، حتى توفّاه الله تعالى، لليلة الحادية عشر من شهر شوّال المكرّم سنة 1396 هـ، الموافق لشهر أكتوبر من سنة 1976 م، وقد دفن في مقبرة دار العلوم كراتشي، وكان يوما مشهودا، شهد جنازته نحو خمسين ألف رجل، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وتقبل سعيه المشكور وتضحياته الغالية في سبيل إعلاء كلمة الله ونشر رسالة الإسلام.
ذوقه الرائع بالشعر والأدب:
كان لحضرة الشيخ ذوق لطيف بالشعر والأدب، منذ ميعة صباه، ثم لم يزل إلى رقى وازدهار بما حصل له في دار العلوم من الجوّ العبيق بأزهار الأدب الناضرة، وكان معظم أساتذته ممن وهبه الله تعالى ملكة في هذه الصناعة كسائر العلوم، وأسّس الشيخ الأنور رحمه الله تعالى لجنة أدبية لتربية أذهان الناشئين، وسمّاها نادية الأدب، وكانت هذه النادية تعقد حفلات أدبية أسبوعية أو شهرية، يجتمع فيها الطلاب والأساتذة، ويلقون كلماتهم، وينشدون أشعارهم، وكان فضيلة شيختا المفتي بما وهبه الله تعالى من ذوق فطري من سباق هذه الحلبة ومبرّزي هذا الميدان.
وهكذا ارتقى ذوقه اللطيف، حتى أصبخ يقول شعرا رائعا في اللغة الأردية والفارسية والعربية، وهو وإن لم يكن اختار الشيخ كصناعة وفنّ له فقد اجتمعت عنده مجموعة لطيفة من أشعاره في اللغات الثلاثة، وقد طبع بعض أشعاره الأردية والفارسية في كتابه "ثمرات الأوراق"، وترى فيها ما يلتذّ به الأسماع، ويهتزّ له الذوق السليم.
ومعظم أشعاره مشتمل على حكمة مقبولة، وعظة مؤثرة، ولا ترى فيها الغرام النافه المبذول، وإنما تشاهد حبّا صادقا لله ورسوله، وإثارة على صالح الأعمال وفكر الآخرة.
وقد طبعت أشعاره العربية في كتيب لطيف باسم نفحات، وإليكم باقة متنوّعة الزهر، قطفناها لكم من رياض قصائده المتفرّقة.
الالتجاء إلى الله:
ياويه نفسي في الأهواء أهوى بي
…
ولو صبرت لكان الصبر أولى بي.
أمرتها فأبت، نهيتها فأتت
…
حتى هوت بي فيما ليس يحري بي.
يا رب فأكفّ هموما لي أكابدها
…
واجعل لنفسك تطوافي وتطلابي.
أنت الولي إذا ولي الولاة غدا
…
وأسلمت جسدي للترب أترابي.
وأنت أقرب من نفسي إلى نفسي
…
وأنت عن سائر الأدنين أدنى بي.
أتيت بابك لماعيل مصطبري
…
وحسن ظني في نعماك آتي بي.
فإن طردت وذاك العدل يا صمدي
…
فما لعبدك فيما بعد من باب.
أزال الشيب ربّ سواد شعري
…
فهل لسواد وجهي من مزمل؟
أطعت مطامعي، فاستعبدتني
…
على ذلّ إلى مرعى وبيل.
منقبة الرسول صلى الله عليه وسلم:
علا، فكان كقاب القوس منزلة .... قد حلّ من شرفات المجد أعلاها
نادى فسمع آذانا بها صمم
…
جلى فأعين عمي الخلق جلاها
واها لطيبة، ما زالت منوّرة
…
طابت مشارقها من طيب رياها
من للشفيع بأسحار بها سلفت
…
وعيشة في حواليها تملاها
الحكمة والعظة:
وهاتف حق كل كون وكائن
…
بأعلى نداء إن صغيت لقالها
ظهور جمال الحق أورثه الخفا
…
به ضلت الأقوام، يا لضلالها
تحيّرت الآراء حتى تفرّقت
…
على فرق حسب القوى ومجالها
المديح:
وقال يمدح الشيخ الأنور قدّس سرّه:
فنادر طواغيت الضلال مهدّدا
…
لينصر دين الله نصرا موزّرا
فشيّد أركان الهدى وأنارها
…
ومذر بنيان الضلال وبذرا
فحسبي به في العلم والدين قدوة
…
وحسبي به في مشهد القوم مفخرا
لعل الرؤف البر يلحقني به
…
بلى! والرجا في الله فليك أكثرا
ومما رثى به مولانا الشيخ شبير أحمد العثماني:
جرت بسري أقلام الجفون على
…
صفيحة الوجه والأحزان تمليه
من للأرامل والأيتام بعدهم
…
من للغريب يسلي أو يداريه
من للمكارم والأخلاق قد يتمت
…
والعلم والحلم قد هدّت مبانيه
الغزل:
وقفنا على الأطلال نبكي ونشتكي
…
إليها وذكر البين من ذلك أطوال
بكيناه، فأبكينا ولا مثل ناقف
(1)
…
لحنظلة في الحي، يوم تجمّلوا
يقول نصيحي في هواه توجّعا
…
تعز
(2)
فإن الصبر أجمل
كإني غداة البين يوم تحمّلوا
…
لدى سمرات الحي ناقف حنظل
* * *
(1)
تعريض لطيف على قول امرئ القيس في "معلقته":
(2)
إجازة قول حماسي معروف.
يا حسرة لعشيات الحمى سلفت
…
عند الحبيب بحسن الدل والتيه
كتمت دائي حتى عيل مصطبري
…
وليس منكتما ما الله مبديه
بين جنبي جمر زكي
…
سموه قلبا ولا أراه
وهذا آخر ما أردنا إيراده.
2236 - الشيخ الفاضل العلامة المفتي شفيع الملتاني
، رحمه الله تعالى*.
ولد بـ"ملتان"، وقرأ مبادئ العلم في قريته، ثم ارتحل إلى "دهلي"، والتحق بالجامعة الأمينية
(1)
بـ"دهلي"، وقرأ فيها فاتحة الفراغ، ومن شيوخه فيها: المفتي الأعظم محمد كفاية الله، صاحب "كفاية المفتي".
وبعد إتمام الدراسة في المدرسة المحمدية بـ"ملتان" اشتغل فيها سنين عديدة، ثم التحق بمدرسة قاسم العلوم ملتان، الذي بناها شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، وعيّن مديرا لها، وبسعيه المشكور التحق بها المفتي محمود، صدر جمعية علماء إسلام،، درّس فيها "تفسير الجلالين"، وله خبرة تامة، وشهرة فائقة في درس التفسير.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
توفي 2 جمادى الأخرى 1398 هـ، ودفن في مقبرة "ملتان" بعد أن صلي عليه وحضر في جنازته ألوف من الناس.
* * *
* راجع: تذكره علماء أهل سنت وجماعت بنجاب 212، 213.
(1)
الجامعة الأمينية الإسلامية
تقع هذه الجامعة في مدينة "دهلي" كشميري دروازه.
أسّسها الشيخ الكبير أمين الدين الدهلوي في ربيع الآخر 1315 هـ.
بـ"سنهري مسجد" لروشن الدولة، ثم نقل إلى مسجد لطف الله الصادق الباني بتي في "كشميري دروازه"، وبنى الأبنية الفاخرة بفناء المسجد.
2237 - الشيخ الفاضل شفيع أحمد (أبو سلمة)
من علماء "الهند" الأفاضل*.
في "تتمة الأعلام": كان له شغف زائد بالعلم والتحقيق، ويعتبر من أساتذة الحديث وشيوخه، درس الحديث والتفسير في المدرسة العالية في "كلكتة"، واشتغل بوظيفة التعليم إلى مدّة طويلة، فكانت الأوساط العلمية والدينية تعرف فضله ومكانته في مجال التعليم والتحقيق والدراسة.
أول عمل علمي قام به هو تحقيق كتاب (معرفة السنن والآثار) للإمام البيهقي ونشره، وحقّق كذلك كتاب (أسماء الصحابة والرواة) لابن حزم الأندلسي ونشره.
وكذلك كان شغوفا بجمع النوادر من الكتب والمؤلّفات القديمة، وإخراجها بلباس قشيب.
وفي أوائل السبعينات أقام مؤسّسة علمية باسم (إدارة الترجمة والتأليف)، وكان يستهدف من ورائها، نشر وترجمة الكتب والموضوعات القيّمة، التي تتعلّق بالسيرة النبوية، فهو الذي أعاد طبع كتاب العلامة الشيخ مناظر أحمد الكيلاني "النبي الخاتم"، وكان مفقودا في المكتبات، وكذلك نشر الجزء الخاص بالسيرة النبوية لكتاب ابن قُتَيبة "المعارف" حيث ترجمه نجله السيّد طلحة بن أبي سلمة الندوي إلى اللغة الأردية.
كان مثالا للاجتهاد العلمي، والشغف بالعلم، يجلّ أصحاب العلم والدين ويحبّهم، ويكرم وفادتهم كلّما زاروه في "كلكتة"، وكان يهتمّ بالمناسبات التي تجمع أهل العلم والدين، ويفرح بها.
* راجع: تتمة الأعلام للزركلي 1: 226، والبعث الإسلامي مج 31 ع 1 (رمضان 1406 هـ) ص 100.
خلف مكتبة إسلامية قيّمة، وجماعة من تلاميذه، وتوفي سنة 1406 هـ.
* * *
2238 - الشيخ الفاضل أبو البشر شفيق الله بن حبيب الله النواخالوي
*.
ولد في قرية "بَشِيكْ بور" من أعمال "نواخالي".
قرأ مبادئ العلم في المدرسة الإسلامية بـ"نواخالي"، حتى قرأ فيها "مشكاة المصابيح"، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، فالتحق بها، وأتم الدراسة العليا فيها.
ثم سافر إلى "لاهور"، والتحق بجامعة لاهور، وحصل السند العالي منها.
ومن شيوخه: شيخ الإسلام السيد حسين أحمد المدني، وشيخ الأدب إعزاز علي الأمروهوي، والعلامة إبراهيم البلياوي، وغيرهم من المحدثين، رحمهم الله تعالى.
وبعد إتمام الدراسة درّس في مدارس عديدة، ثم التحق بالمدرسة العالية سَرْسِيْنه.
من تصانيفه: "نظم الدرر"، و"تعليقات على صحيح البخاري"، و"سلم شرح مسلّم"، و"دروس الأدب".
* * *
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 282، 283.
2239 - الشيخ الفاضل شفيق أحمد الكنكوهي
*.
ولد في "كنكوه" من أعمال "سهارنفور" سنة 1311 هـ.
وتعلّم آداب الصلاة ومسائلها من زوج عمّته الشيخ نجف علي، الذي كان قد بايع على يد العلامة رشيد أحمد الكنكوهي.
تلقّى مبادئ العلم، ثم سافر إلى "بوفال" سنة 1333 هـ، وعيّن صدر المدرّسين في مدرستها.
بايع على يد حكيم الأمة أشرف علي التهانوي 1350 هـ، ثم كتب الشيخ اسمه في المجازين للصحبة.
* * *
2240 - الشيخ الفاضل المولى شفيق الحق بن مولانا محمد إبراهيم السلهتي
* *.
ولد 3351 هـ في "غاسْباري" من مضافات "كَنَائ غَاتْ" من أعمال "سلهت".
قرأ مبادئ العلم في "غاسْباري"، ثم التحق بالمدرسة العالية بـ"سلهت"، وأكمل فيها الدراسة العليا، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، والتحق بها، وقرأ فيها كتب الحديث مرّة ثانية.
ومن شيوخها: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، وغيرهم من المحدّثين.
* راجع: بزم أشرف ص 48.
* * راجع: تاريخ علم الحديث ص 283.
وبعد إتمام الدراسة وَصَل إلى وطنه، ودرّس في مدرسة غاسْباري، ثم التحق سنة 1373 هـ بدار العلوم كَنَائ غَات.
* * *
2241 - الشيخ الفاضل المولى شفيق الحق بن عبد الوهاب السلهتي
*.
ولد 1347 هـ في قرية "دَلِيْبَل" من مضافات "كَنَائ غَات" من أعمال "سلهت".
وأتم الدراسة الابتدائية في داره، ثم التحق في المدرسة غاسْباري، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، ثم التحق بالمدرسة العالية سلهت سنة 1368 هـ، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، والتحق بها، وقرأ على شيوخها كتب الحديث مرّة ثانية.
من شيوخه: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، ومولانا محمد حسين السلهتي.
وبعد إتمام الدراسة وصل إلى وطنه، والتحق مدرّسا بالمدرسة العالية غاسْباري 1376 هـ. درّس فيها كتب الحديث.
من تصانيفه: "نيل المراد من بانت سعاد"، و"تحفة المرجان لفرحة الإخوان"، و"درر الأخبار من صرر الأحبار".
* * *
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 283.
2242 - الشيخ الفاضل المولى شفيق الرحمن بن عبد الرؤوف الدرخواستي
*.
ولد في موضع "دَرْخَواست" من "بنجاب"، من أرض "باكستان".
قرأ مبادئ العلم على والده الماجد، وجدّه من الأم، الحافظ العلامة محمد عبد الله الدرخواستي، وأكمل الدارسة العليا عليه.
درس في عدّة مدارس، وعيّن شيخ الحديث وشيخ التفسير، وبنى جامعة عبد الله بن مسعود، وعين فيّها رئيسا وشيخ الحديث.
توفي يوم الجمعة 10 شعبان المعظم 1428 هـ.
وصلى على جنازته ابنه مولانا حماد الله الدرخواستي، ودفن في مقبرة آبائه، وحضر فيها ألوف من الناس.
* * *
2243 - الشيخ الفاضل شَقيق بن إبراهيم أبو عليّ
، البَلْخِيّ الإمام الزاهد، العابد، المشهور بالولاية* *.
* راجع: تذكره علماء أهل سنت وجماعت بنجاب 1: 182، 183.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 74، 75.
وترجمته في تهذيب تاريخ دمشق 6: 329 - 335، وجامع كرامات الأولياء 2: 42، والجواهر المضية برقم 647، وحلية الأولياء 8: 58 - 73، ودول الإسلام 1: 123، وذيل الجواهر المضية 2: 555، والرسالة القُشيرية 16، وسير أعلام النبلاء 9: 313 - 316، وشذرات الذهب 1: 341، والطبقات الكبرى =
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: صحِبَ أبا يوسف القاضي، وقرأ عليه كتاب "الصلاة".
ذكره أبو اللّيْث في "المقدِّمة".
وهو أستاذ حاتم الأصَمّ
(1)
، وقد تقدَّم. وصَحِبَ أيضا إبراهيم بن أدْهَم.
وأسْنَدَ عن أبي هاشم الأُبُلِّيّ
(2)
، عن أنس، رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"من أخذ من الدنيا من الحلال حاسبَه الله، ومَن أخذَ من الحرام عذَّبه الله، أُفٍّ للدنيا وما فيها من البَلايا، حلالها حساب، وحرامها عِقابٌ".
وهو أوَّل من تكلَّم في كُورَة "خُراسان" في علوم الأحْوال.
وكانتْ له دنيا واسعة، فخرج منها، وتزهَّد.
قال ابن ابنِه عليّ بن محمد بن شقيق: كان لجَدِّي ثلاثمائة قرية، قدَّمها جميعا بين يديه.
ورُوِيَ في سبب تَوْبته، أنه كان من أبناء الأغنياء، فخرج في تجارة إلى أرض "التُّرك"، وهو حَدَث، فدخل بيت الأصنام، فرأى خادمها، فقال له: إن لك صانعا حيّا عالما قادرا، فاعْبُدْه ولا تعبُد هذه الأصنام، التي لا تضرُّ ولا تنفع. فقال له: إن كان قادرا كما تقول، فهو يرزقُك وأنت في بلدك، فلم تَعَنَّيتَ إلى هنا؟ فانْتَبَه شقيق، وأخذ في الطريق.
= للشعراني 1: 76، والعبر 1: 315، وفوات الوفيات 1: 385، 386، والكامل لابن الأثير 6: 237، والكواكب الدرية للمناوي 1: 121، 122، ولسان الميزان 3: 151، ومرآة الجنان 1: 445، وميزان الاعتدال 2: 279، والنجوم الزاهرة 212، 146، وفيات الأعيان 2: 475، 476.
(1)
وفي النسخ: "الذهلي"، وهو كثير بن عبد الله. انظر: ميزان الاعتدال 3: 406.
(2)
عزاه صاحب كنز العمال 3: 236، إلى الحاكم في تاريخه.
قال شقيق: خرجتُ من ثلاثمائة ألف درهم، ولبستْ الصُّوف عشرين سنة، وأنا لا أعلم، حتى لقيتُ عبد العزيز بن أبي روّاد، فقال لي: يا شقيق، ليس الشأنُ في لبس الصُّوف، وأكْلِ خبزِ الشعير، أنما الشأنُ في المعرفة، وأن تعبدَ الله ولا تشركَه شيئا. فقلتُ: فسِّر لي هذا. فقال: يكونُ جميعُ ما تعمله خالصا لله تعالى، ثم تلا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
…
} الآية
(1)
. وتكون بما في يد الله أوْثَقَ منك بما في أيْدي المخلوقين، ثم يكون الإخلاص منك في جميع ما تعملُه لله تعالى.
وقال شَقيق: قرأت القرآن عشرين سنة، حتى مَيَّزْتُ الدنيا من الآخرة، فأصَبْتُه في حرفين، وهما في قوله تعالى:{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}
(2)
.
ومحاسن شقيق وفضائله ومناقبه تتجاوز حدَّ الحَصْر، وهي مُتَحَمِّلةٌ لأن تُفْرَدَ بتأليف مستقلِّ، وفي هذا القدْر كفاية.
مات، رحمه الله تعالى شهيدا سنة أربع وتسعين ومائة.
* * *
2244 - الشيخ الفاضل شَقيق بن عليّ بن إبراهيم الجُرْجانيّ
*.
(1)
سورة الكهف 110.
(2)
سورة الشورى 36.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 75، 76.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 648.
ذكرهُ حَمْزة
(1)
في "تاريخ جُرْجان"
(2)
.
وذكر أنه سمعه يقول: مات أبي في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
وسيأتي أبوه في بابه، إن شاء الله تعالى.
* * *
2245 - الشيخ الفاضل شكر الله الصبرحدي الأعظمكري
، أحد العلماء المشهورين*.
ذكره الإمام اللكنوي في "نزهة الخواطر"، فقال: ولد في سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف بـ"صبرحد"، قرية من أعمال "أعظمكره" على ثمانية أميال من "محمد آباد"، وقرأ العلم على المفتي يوسف بن أصغر الأنصاري اللكنوي في المدرسة الإمامية الحنفية ببلدة "جونبور"، وعلى غيره من العلماء، وصرف عمره في الدرس والإفادة.
له "العُجَالة في إزالة الإزالة" في الردّ على "إزالة الشكوك" للمولوي فخر الدين الحسيني الإله آبادي.
مات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وألف.
* * *
(1)
في النسخ: أبو حمزة خطأ.
(2)
في ترجمة والده علي بن إبراهيم بن هود صفحة 269، كما ذكره صفحة 191 ترجمة أبي مطيع شقيق بن علي ابن هود القاضي الفقيه، المتوفى سنة إحدى وأربعمائة.
* راجع: نزهة الخواطر 8: 193.
2246 - الشيخ الفاضل الحكيم شكر الله الشيرواني
*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: ارتحل من وطنه إلى بلاد "الروم"، واتصل بخدمة السلطان محمد خان، وتقرّب عنده لأجل الطب.
وكان طبيبا حاذقا، صاحب مروءة، وكانت له معرفة بالتفسير والحديث والعلوم العربية، ولما حجّ أقام بـ"مصر" مدّة، وقرأ الحديث على علمائها، منهم الشيخ السخاوي ونظراؤه، وسمع الحديث بـ"الروم" من المولى أحمد الكوراني، وكلّهم أجازوه إجازة ملفوظة مكتوبة، رأيت صور إجازاتهم بخطّهم، وكلّهم شهدوا له بالفضل والعلم والصلاح.
ومات في أيام دولة السلطان محمد خان، رحمه الله تعالى.
* * *
2247 - الشيخ الفاضل المولى شكر الله
، رحمه الله تعالى* *.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال": كان عالما فاضلا، مشتهرا بالفضل، مقبولا بين الخواصّ والعوامّ.
وقد أرسله السلطان مرادخان رسولا إلى صاحب "قرامان"، وكان صاحب "قرامان" أرسل إليه المولى حمزة اعتذارا عما وقع منه من سوء الأدب، وأرسل السلطان المولى المزبور ليحلفه كي لا يعود، وكان السلطان محمد خان يعتني بشأنه اعتناء كثيرا.
* * *
* راجع: الشقائق النعمانية ص 135.
* * راجع: الشقائق النعمانية ص 58.
2248 - الشيخ الفاضل العالم الصالح القارئ شمس الحق بن القارئ المقرئ إبراهيم الأجانوي، الكُمِلّائي
، رحمه الله تعالى*.
كان قويّ الحفظ، سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب الضمائر، ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر، قويّ الحجّة، ذا نفوذ عجيب على جلسائه.
توفي سنة 1392 هـ، ودفن بعد أن صلّي على جنازته في المقبرة الإبراهيمية في جوار الجامعة الإبراهيمية أجاني.
وترك ثلاث بنين، ومنه ابنه الأكبر الشيخ مبارك كريم، الذي أجازه بالخلافة في السلوك والطريقة.
* * *
2249 - الشيخ الفاضل المولى شمس الحق بن الشيخ أختر الزمان الفِيْنَوِي
* *.
ولد في قرية "بهالُوْكِيَا" من مضافات "فيني" سنة 1336 هـ.
تلقّى مبادئ العلوم في قريته، ثم التحق بالمدرسة العالية فيني، وأكمل الدراسة المتوسّطة والعليا فيها.
وبايع في الطريقة على يد الشيخ نور بخش، الذي هو من خلفاء حكيم الأمة أشرف علي التهانوي، وبعد أن توفي شيخه الأول بايع على يد العلامة محمد الله حافظي، رحمه الله تعالى.
توفي سنة ..........
* * *
* راجع: مشايخ كملا 2: 79 - 84.
* * راجع: مشايخ فيني 177، 178.
2250 - الشيخ الفاضل العلامة الكبير المولى شمس الحق بن المنشئ عبد الله الفريد فوري
*.
ولد 1312 هـ في قرية "غَوْهَرْ دَانْغَا" من مضافات "غُفَال غَنْج" من أعمال "فريد فور"، من أرض "بنغلاديش"
(1)
.
وكانتْ أسرته مهاجرة من العرب إلى هذه البقعة، وجدّه كان مشاركا مع المجاهد الكبير سيّد أحمد بن عرفان البريلوي الشهيد، رحمه الله تعالى، في تحريكه.
قرأ في بداية أمره العلوم العصرية، والتحق في الاختبار الحولي في الصفّ السادس، فصار فائق الأقران والأمثال، وفاز بدرجة الامتياز.
* راجع: مائة رجال من مشاهير علماء بنغال ص 116 - 124.
(1)
ويقال لها "بنكاله": بفتح الموحّدة، وسكون النون، وكاف فارسية، وألف ولام مفتوحة، بلاد متّسعة من أرض "الهند"، يحدّها من الشرق سلسلة الجبال، ومن الغرب "بهار" و"أريسه"، ومن الشمال أيضا سلسلة الجبال، ومن الجنوب البحر الملح، وطولها أربعمائة ميل، وعرضها مائتا ميل، والأنهار المشهورة بها:"كنكا" و"برهم بتر"، وهي إقليم الأرز، والعقاقير، والفانيذ، والموز، والأنبج، وورق التنبول، ومن غرائبه رخص، وسعة، ومنافع ومتاجر، قد جاور البحر، وشقّه النهر، وله سهل، وزرع، ويزرعون الأرز فيه في السنة ثلاث مرّات، إلا أن مائه ردي، وهواءه رطب، وأكلهم الأرز، ولبسهم الأرز، شتاء خسيس، وصيف بغيض. قال ابن بطوطة المغربي في "كتاب الرحلة": إنها بلاد مظلمة، يسمّونها أهل "خراسان" دوزخ بُر نعم، أي جهنم ملأي بالنعم. قال: رأيت الأرزّ يباع في أسواقها خمسة وعشرين رطلا دهلية بدينار فضّي، والدينار الفضّي هو ثمانية دراهم، ودرهمهم كدرهم النقرة سواء، والرطل الدهلي عشرون رطلا مغربية، وسمعتهم يقولون: إن ذلك غلاء عندهم.
ثم سَافَرَ إلى "تهانه بهون"، فأقام عند حكيم الأمة أشرف علي التهانوي، والتحق بمظاهر العلوم "سهارنفور"، وتلقّى مبادئ العلوم فيها، ثم التحق بدار العلوم ديوبند، وقرأ فيها عدّة سنين، وأتمّ الدراسة العليا فيها، حتى قرأ فاتحة الفراغ فيها.
وبعد إكمال الدراسة رجع إلى وطنه الأليف سنة 1346 هـ. والتحق بأمر أستاذه شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني بالجامعة اليونسية، وعيّن صدر المدرّسين فيها.
وبنى مدرسة في قرية "عَزَالِية" من مضافات "بَاغِرْهَات" سنة 1337 هـ، ثم التحق بالجامعة الحسينة الأشرفية براكترا، "داكا" سنة 1352 هـ، وبنى الجامعة القرآنية لال باغ "داكا" سنة 1384 هـ.
صنّف كتبا كثيرة، منها:"بيعت نامه"، و"توبه نامه"، و"فضيلة العلم"، و"فضيلة الصلاة"، و"فضيلة الذكر"، و"معنى الصلاة"، و"فضيلة الصيام"، و"فضيلة التجارة"، وترجم باللغة البنغالية عدّة كتب من مؤلّفات شيخه الإمام أشرف علي التهانوي، منها: ما يلي "بهشتي زبور"، "تبليغ الدين"، و"فرع الإيمان"، و"حياة المسلمين"، و"قصد السبيل"، و"مناجات مقبول"، و"تعليم الدين"، وغيرها.
توفي في نصف النهار يوم الثلثاء 1388 هـ، وعمره إذ ذاك 74 سنة، ودفن في مقبرة مدرسة خادم الإسلام، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
* * *
2251 - الشيخ الفاضل شمس الحق بن علي أعظم ملا الفِيْنَوي
*.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 284، 285.
ولد في قرية "نِيَازْبور" من أعمال "فيني".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق 1353 هـ بالمدرسة العالية فيني، وقرأ "مشكاة المصابيح" فيها.
من شيوخه: العلامة عُبيد الحق الجاتجامي، ومولانا عبد الحميد، ومولانا عبد الستَّار، وغيرهم، رحمهم الله تعالى.
وبعد إكمال الدراسة التحق مدرّسا بها 1362 هـ، ودرّس فيها 17 سنة.
ثم 1379 هـ سافر إلى "شيتاغونغ"، والتحق بدار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، وقرأ فيها سنة.
ومن شيوخه: المفتي الأعظم فيض الله، والعلامة عبد القيّوم، والمفتي أحمد الحق، والعلامة عبد العزيز، وغيرهم من المحدّثين الكبار، رحمهم الله تعالى.
ثم وصل إلى المدرسة السابقة، والتحق مدرّسا فيها، ودرّس "مشكاة المصابيح"، و"جامع الإمام الترمذي".
* * *
2252 - الشيخ الفاضل المولى شمس الحق بن مزاج علي الكملائي
*.
ولد سنة 1347 هـ في قرية "دولت بور" من مضافات "ناصر نغر"، من أعمال "كملا"، من أرض "بنغلاديش".
قرأ في مدرسة قريته مبادئ العلم، وقرأ فيها اللغة الفارسية والأردية، والعربية، ثم سافر إلى "داكا"، والتحق بأشرف العلوم بَرَاكَتْرا، وقرأ فيها ثماني سنين حتى أكمل الدراسة العليا.
* راجع: مشايخ برهمنبارية 300 - 303.
ثم سافر إل "باكستان"، والتحق بخير المدارس في "ملتان"، ومن شيوخه فيها: العلامة خير محمد الجالندهري.
ثم رجع إلى وطنه، ودرّس في عدّة مدارس، ودرّس فيها كتب الحديث والتفسير.
وصنّف كتبا كثيرة، وتوفي 10 ذي الحجّة، سنة 1413 هـ.
ودفن بعد أن صلى على جنازته في مقبرة آبائه.
* * *
2253 - الشيخ الفاضل المحدث الكبير المفسر الجليل العلامة شمس الحق الأفغاني
، رحمه الله تعالى*.
ولد في سابع رمضان في 1318 هـ، الموافق 1900 م، في بعض قرى "بِشَاوْر"، وتعلّم مبادئ العلوم عن والده، والتحق ببعض المدارس الحكومية في 1326 هـ، وتخرّج منها في 1331 هـ، ثم تعلّم كتب الفنون عن علماء "سَرْحد"، و"أفغانستان"، وارتحل إلى جامعة ديوبند الإسلامية في 1338 هـ والموافق 1920 م، والتحق بها، وتلمّذ على المشايخ العظام، كالشيخ الجليل محمد أنور شاه الكشميري، وشيخ الإسلام شبير أحمد العثماني، والشيخ السيّد أصغر حسين الديوبندي، والشيخ علام رسول خان الهزاروي، وتخرّج في العام القابل سنة 1339 هـ، والموافق 1921 م.
وبعد أن فرغ من تحصيل العلوم العالية والآلية سعد بالحج والزيارة في 1340 هـ ولما عاد من الحرمين الشريفين ساهم جماعة المبلّغين الكرام، الذين
* راجع: علماء ديوبند وخدماتهم في علم الحديث ص 215 - 217.
وترجمته في تتمة الأعلام للزركلي 1: 229، والفيصل ع 80 (صفر 1404 هـ).
قاموا بالدفاع عن الإسلام، وجاهدوا المشركين، الذين انتهزوا في بعض نواحي "الهند" لدعاية الشرك والكفر في المسلمين بالتلبيسات والتدليسات، ولقد بعث عمائد جامعة ديوبند الإسلامية خمسين مبلّغا ومناظرا للردّ على صناديد الشرك وإطفاء فائرة الارتداد، التي أوقدها المشركون، فخذل الله تعالى دعاة الشرك وصناديد الكفر، وأعزّ الإسلام والمسلمين بجهود هؤلاء الكرام، الذين قاموا للدفاع عن الإسلام وأهله.
ولما رجع هولاء المبلّغون المخلصون إلى جامعة ديوبند الإسلامية قاموا بحفلة كبيرة، وبيّنوا لدى أساتذتهم الأحوال، التي واجهتهم والجهود، التي قاموا بها بالجراءة والبسالة، وكان فيهم صاحب الترجمة الشيخ شمس الحق الأفغاني، فدعا الله لهم أكابر الأساتذة، وابتهجوا بجهودهم، وبركوا على مساعيهم. ثم إن الشيخ عبد الحق أكبّ على المطالعة بمكتبة جامعة ديوبند الإسلامية، واستفاد من المكتبة الحميدية أثناء قيامه في "الحجاز المقدّس".
عيّن صدر المدرّسين في مدرسة مظهر العلوم بـ"كراتشي" في 1341 هـ، ثم في سنة 1342 عيّن مدرّسا في مدرسة إرشاد العلوم، بـ"لاركانه"، (السند)، ثم في سنة 1346 هـ عين مدرّسا في مدرسة قاسم العلوم بـ"لاهور"، وفي سنة 1350 هـ عيّن في دار الفيوض الهاشمية بسجاول (السند)، وكان في جميع هذه المدارس رئيس هيئة التدريس.
ثم بلغه دعوة من المجلس الاستشاري بجامعة ديوبند الإسلامية في سنة 1354 هـ، فقبلها، وعيّن شيخ التفسير، وبعد ثلاث سنين عيّن وزير المعارف في رياسة "قلات"، ثم عيّن رئيس المدرّسين في الجامعة الإسلامية بـ"دابيل"، وفي 1362 هـ عيّن شيخ التفسير والحديث ببعض المدارس الإسلامية بـ"كوئته"، وفي العام القابل عيّن شيخ التفسير في الجامعة الإسلامية بـ"بهاولفور"
(1)
، ودرّس هناك زهاء اثني عشر عاما.
(1)
"بهاولبور": مدينة حديثة العهد على بعد خمسين ميلا من "ملتان"، مصّرها نواب بهاول خان الأول.
وقد تخرّج عليه ألوف من العلماء، الذين اشتغلوا في خدمة العلوم الإسلامية في شبه القارة الهندية وخارجها.
له مؤلفات كثيرة نافعة في العلوم المختلفة، منها:"أحكام القرآن"، و"مفردات القرآن"، و"مشكلات القرآن" و"عالمي مشكلات اور أن كا قرآني حل"(المشكلات العالمية وحلها من القرآن،) وله شرح على "سنن الترمذي" باسم "تنقيح الشذي"، لكنه غير مطبوع، ومن مؤلفاته:"معين القضاة والمفتين"، وهو أشهر مؤلّفاته، كتاب ثمين مقبول ومتداول بين أهل الفتوى.
* * *
2254 - الشيخ العالم الصالح شمس الحق الجونبوري
، المشهور بالحقّاني*.
كان من كبار المشايخ الجشتية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أخذ عن الشيخ محمد بن عيسى الجونبوري، ولازمه ملازمة طويلة، حتى برع، وفاق أقرانه في العلم والمعرفة، ودرّس، وأفاد.
وكان صاحب وجد وحالة، يستمع الغناء، وربما كان يتواجد، حتى يكاد أن تنزهق نفسه.
وكان لا يخاف في الله لومة لائم، فيأمر، وينهى كلّ واحد من ملك وصعلوك، ولذلك اشتهر بالحقّاني، وكان من نوادر العصر في العلوم المتعارفة.
* راجع: نزهة الخواطر 4: 128.
آخذ عنه غير واحد من الأعلام.
توفي لليلتين بقيتا من المحرّم سنة خمسين وتسعمائة بمدينة "جونبور"، كما في "كنج أرشدي".
* * *
2255 - الشيخ الفاضل العالم الصالح المولى شمس الحق النوري الفِيْنَوِي
*.
ولد في قرية "كَتَالِيَه" من مضافات "فيني" سنة 1347 هـ.
قرأ الدراسة المتوسّطة والعليا في المدرسة العالية بـ"فيني"، وبعد قراءة فاتحة الفراغ بنى مدرسة محي السنّة في قريته.
وبايع في الطريقة على يد العلامة عبد الحليم الفِيْنَوِي، وأذعن له بالثقة والاعتماد والتفويض والانقياد، ونال عند شيخه الزلفى في أقلّ مدّة، فأجازه للإرشاد والتلقين.
وكان ورعا، تقيا، واعظا، بليغا.
توفي سنة 1414 هـ، ودفن في مقبرة آنانه.
* * *
2256 - الشيخ العالم الفقيه شمس الدين بن ملا أنكنون
، الجونبوري، أحد الفقهاء المشهورين ببلدته* *.
* راجع: مشايخ فيني ص 125 - 127.
* * راجع: نزهة الخواطر 6: 114.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بـ"جونبور"، وقرأ العلم على والده، وعلى السيّد محمد عسكري الحسيني الجونبوري.
ثم ولي الصدارة مكان والده بعده.
وكان صالحا عفيفا ديّنا، مشكور السيرة، كثير الاشتغال بالدرس والإفادة، كما في "تجلّي نور".
* * *
2257 - الشيخ الفاضل شمس الدين بن عبد الله بن فتح الفرغلي السبربائي
*.
ينتهي نسبُه إلى محمد ابن الحنفية.
فقيه.
له اشتغال بفنّ الميقات والتقاويم، من أهل "سبرباي"(قرب طنطا بمصر) ونسبته الثانية إليها.
ولد بها، وولي نيابة القضاء، وتوفي فيها سنة 1210 هـ.
من كتبه: "الضوابط الجلية في الأسانيد العلية"، و"أراجيز"، أرّخ بها بعض حوادث عصره.
* * *
* راجع: الأعلام للزركلي 3: 176، 177.
وترجمته في مقدمة شرح الأم للحسيني، والجبرتي 2: 263 - 267، وخطط مبارك 12:6.
2258 - الشيح الفاضل العلامة شمس الدين بن مولانا عبد المعبود السنديفي
*.
ولد 1337 هـ في قرية "كَانْجَنْ نَغَر" من مضافات "فَتِكْسري" من أعمال "جاتجام"، من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بالمدرسة الواقعة بـ "ناظر هات" وبعد إكمال حفظ القرآن الكريم التحق بالدرجة العربية، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، و"تفسير الجلالين"، ثم التحق بدار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، والتحق بها، وقرأ فيها ثلاث سنين، وقرأ فاتحة الفراغ 1372 هـ.
ثم بايع في السلوك على يد السيّد حسين أحمد المدني، وأحازه شيخه للإفادة والتلقين.
توفي يوم السبت سنة 1425.
* * *
2259 - الشيخ الفاضل المولى الحافظ الشاه شمس الدين بن الشيخ عبد الودود الجاتجامي
* *.
ولد سنة 1337 هـ في قرية "كانْجَنْفُور"، من مضافات "فَتِكْسري" من أعمال "شيتاغونغ".
والتحق بالمدرسة ناظر هات، وعمره إذ ذاك 13 سنة، وافتتح القراءة على العالم الربّاني السيّد أصغر حسين الديوبندي، فإنه قد سافر حينئذ إلى
* راجع: مائة من العلماء الكبار من بنغلاديش 378 - 381.
* * راجع: مائة رجال من مشاهير العلماء ص 378 - 380.
هذه البقعة. حفظ القرآن الكريم على الحافظ كبير أحمد، ثم قرأ فيها إلى "مشكاة المصابيح"، ثم التحق بدار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، وقرأ فيها سنة، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وقرأ فيها ثلاث سنين.
وأكمل الدارسة العليا في سنة 1351 هـ.
بايع في الطريقة على يد شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، أذعن له بالثقة والاعتماد والتفويض والانقياد، ونال عند شيخه الزلفى في أقلّ مدّة، فأجازه في السلوك للإرشاد والتلقين.
درّس في مدرسة بـ"سورت""الهند"، ثم رجع إلى وطنه، فدرّس في المدارس المختلفة، وعيّن مدرّسا لمدرسة ناظر هات، ثم عيّن مديرا لها. توفي يوم الأحد 2 أكتوبر 1425 هـ.
* * *
2260 - الشيخ الصالح الفقيه شمس الدين بن محمد الجيبوري
، أحد رجال الدولة*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ ببلدة "جيبور"، واتّجرَ مدّة طويلة، وتقرّب إلى وزير الدولة أمير بلدة "طوك"، فاتخذه وزيرا له، ومتولّيا على ديوان الخراج في ملكه.
وكان سريع الإدراك، قويّ الحفظ، شديد الانهماك في مطالعة الكتب، والمذاكرة، حريصا على جمع الكتب النفيسة، كثير الإحضار للمسائل الجزئية، رأيت في كبر سنّه، ولقيته، فوجدته منهمكا في المطالعة، وبيده "المصنّف"
* راجع: نزهة الخواطر 8: 195، 196.
لابن أبي شيبة، وإني سمعت الشيخ محمود حسن الطوكي يقول: إنه ما قرأ على أحد من الأساتذة غير المختصرات. انتهى.
(مات في العشر الأول من القرن الرابع عشر الهجري).
* * *
2261 - الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين بن المولوي محمد مدّثر السَّنْدِيْفِي القاسمي
*.
ولد سنة 1341 هـ في قرية "نَيَابَسْتي" من أعمال "جاتجام"، من أرض "بنغلاديش".
قرأ مبادئ العلم في قريته، ثم التحق بمدرسة رياض العلوم، وقرأ فيها الفنون الابتدائية، ثم التحق بالمدرسة البشيرية الأحمدية بـ"هَرِيشْبُور"، وقرأ فيها "هداية الفقه" للمرغيناني، و"تفسير الجلالين"، و"مشكاة المصابيح".
ثم سافر 1374 هـ، والتحق بدار العلوم، وقرأ فيها سنتين، ثم رجع مريضا إلى وطنه، والتحق بالجامعة الإسلامية.
ثم سافر إلى "باكستان" سنة 1377 هـ، والتحق الجامعة الأشرفية، وأتم فيها الدراسة العليا، وقرأ على شيوخها الصحاح الستّة، وغيرها من الكتب الحديثية، ثم رجع إلى وطنه، والتحق بمدرسة سُهَاغي بـ"مومن شاهي".
ثم ارتحل إلى "داكا"، وعيّن مدرّسا بمدرسة أشرف العلوم بَرَا كَتَرا، ودرّس فيها سنتين، ثم التحق بإمداد العلوم بـ"فريد آباد"، ودرّس فيها ستّ سنين، ثم اشتغل سنة 1389 هـ في بناء الجامعة المدنية بـ"جاتْرَاباري"، ثم أسّس سنة 1395 هـ الجامعة الحسينية بـ"عرض آباد".
* راجع: مائة من العلماء الكبار من بنغلاديش 326 - 328.
من تصانيفه: "بيت المقدّس"، و"مسجد الأقصى"، و"ردّ النصرانية"، و"هدية رمضان"، و"الإسلام بمقابلة الاشتراكية"، و"كتاب في رد الشيعية"، و"كتاب في رد القاديانية".
توفي يوم السبت سنة 1416 هـ وعمره إذ ذاك 63 سنة، صلى على جنازته العلامة عبد الكريم شيخ كوريا، وحَضَر فيها ألوف من الناس.
* * *
2262 - الشيخ الفاضل المولى شمس الدين بن المنشئ نذير الدين
*.
مات أبوه وهو صبي.
ولد في قريته، وهي من مضافات غَفَرْغَاون من أعمال مومنشاهي.
قرأ مبادئ العلم على العلامة الشيخ عبد المؤمن، مجاز حكيم الأمة أشرف علي التهانوي، ثم سافر إلى دار العلوم ديوبند، وقرأ فيها من "شرح الجامي" إلى الصحاح الستّة، وغيرها من الكتب الحديثية، ثم سافر إلى "لاهور"، وقرأ التفسير على العلامة تللي، وسماها الجامعة الإسلامية تللي، وكان مديرا لهذه الجامعة، تدرّس فيها الصحاح الستّة مند ثمانين سنة.
بايع في الطريقة على يد العلامة أنور شاه الكشميرى، رحمه الله تعالى.
توفي سنة 1411 هـ، ودفن في مقبرة قريته.
* * *
2263 - الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين بن نور الدين
بن
* راجع: علماء وأكابر مومنشاهي 400 - 402.
عبد القادر بن زين الدين بن نظام الدين بن خير الدين بن أحمد بن الجمال بن تقي الدين الصدّيقي، الأودي، ثم البرونوي، الجونبوري*.
كان من العلماء المشهورين في عصره.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بقرية "برونه" - بفتح الموحدة- قرية من أعمال "جونبور"، وتخرّج على جماعة من الفضلاء، فجعله أكبر شاه التيموري معلّما لولده برويز، فسكن بـ"إله آباد" مدّة من الزمان، ثم ولّاه الإفتاء بمدنية "جونبور"، فرجع إلى بلدته، ودرّس، وأفاد، فأجاد.
قرأ عليه الشيخ محمود بن محمد الجونبوري صاحب "الشمس البازغة" بعض الكتب، وقرأ عليه ابن أخته محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري صاحب "الرشيدية""شرح كافية ابن الحاجب" للجامي، و"حاشية الكافية" مع شرح الشيخ إله داد الجونبوري إلى مرفوعاته، و"قصيدة البردة"، وشطرا من "الآداب الحنفية"، وشطرا من "الحسامي"، والمختصر مع حاشيته، و"شرح الوقاية"، و"الهداية"، و"التلويح"، وقرأ عليه الشيخ ركن الدين البحري آبادي جميع الكتب الدرسية.
توفي سنة سبع وأربعين وألف، فدفن بمدرسته في بلدة "جونبور"، وأرّخ بعض أصحابه لوفاته "وصل الجنة بلا حساب"، كما في "كنج أرشدي".
* * *
2264 - الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين الجونبوري
* *.
* راجع: نزهة الخواطر 5: 184.
* * راجع: نزهة الخواطر 5: 184، 185.
كان صنو الشيخ محمد ماه الجونبوري الأستاذ المشهور.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ العلم على الشيخ محمد أفضل بن حمزة العثماني الجونبوري أستاذ الملك.
ودرّس، وأفاد مدّة عمره.
ذكره بختاور خان في "مرآة العالم"، والشيخ وجيه الدين في "بحر زخّار".
* * *
2265 - الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين الشيباني
، الكُجْراتي*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: كان من نسل الإمام محمد بن الحسن الشيباني، صاحب الإمام أبي حنيفة النعمان الكوفي، سافر من "دهلي" إلى "نارنول"، ثم إلى الحرمين الشريفين، فلما وصل إلى "كُجْرات" كلّفه صاحبها الإقامة، وزوّجه بجارية جئ بها من دار الحرب، فرزق منها أولادا، منهم: الشيخ تاج الأفاضل، وكان له خمسة أبناء، منهم: القاضي مجد الدين، ولمجد سبعة أبناء، أكبرهم وأعلمهم الشيخ أحمد، كما في "أخبار الأخيار".
* * *
2266 - الشيخ الفاضل المولى شمس الدين
* *.
كان أصله من ولاية "أيدين".
* راجع: نزهة الخواطر 3: 64، 65.
* * راجع: الشقائق النعمانية ص 132.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: قرأ أولا على علماء "الروم"، ثم ارتحل إلى بلاد العجم، وقرأ هناك على علماء عصره، ثم ارتحل إلى بلاد العرب، وقرأ هناك أيضا على علمائها، وحصل طرفا صالحا من العلوم، وتمهّر في علم البلاغة، وفاق أهل زمانه في علم النغمات، ثم ارتحل إلى بلاده، وصحب السلطان محمد خان لأجل علم النغمات، وتقرّب عنده غاية التقرّب.
ثم وقع منه سوء أدب في بعض الأيام، فأبعده عن حضرته، فأتى مدينة "بروسه"، واعتزل عن الناس، وقعد في بيته، وكان إذا نفدت نفقته يظهر من بيته، فيجتمع عليه أهل النغمات، ويأخذ من واحد منهم درهما واحدا لأجل عرضة واحدة في صنعة النغمات، ويجمع بذلك دراهم كثيرة، ثم يدخل بيته، ولا يخرج إلى أن تنفد نفقته، وهكذا كان حاله إلى أن توفي في حدود التسعمائة.
وكان لا تصحبه إلا بنته المسمّاة بيتيمة، واختلّ دماغه في آخر عمره لاغتمامه من أجل مفارقته عن صحبة السلطان.
وكان إذا أهدي إليه هدية لا يأكلها، ويتوّهم أن فيها سما، وكان ينظم القصائد العربية والفارسية والتركية، ويمدح بها الأكابر، ويرسلها إليهم، وكلّ قصيدة إذا صحفت من أولها إلى آخرها يحصل منها هجو، وكان له تصنيفا في علم الأدوار، وهي دائرة بين أهلها إلى الآن، رحمه الله تعالى.
* * *
2267 - العالم الجليل المولى شمس الهدى بن المولى رياض الدين
*.
* راجع: علماء وأكابر مومنشاهي 112 - 120.
ولد سنة 1307 هـ، تخمينا في قرية "بانج باغ" من مضافات "غَفَرْغَاون" من "مومنشاهي".
تلقّى مبادئ العلم في مدرسة "مايِزْباري" بـ"غَفَرْغاون"، ثم سافر إلى "داكا"، والتحق بالمدرسة المحسنية، وقرأ فيها "مشكاة المصابيح"، وغيرها من الكتب، ثم ارتحل إلى "رامفور"، وأكمل فيها الحديث والفنون الأخرى، ثم التحق بورينتال كالج بـ"لاهور"، ووالده الشيخ رياض الدين لم يرض بالتحاقه به.
فرحل إلى وطنه، والتحق بالمدرسة الواقعة في محلته، فدرّس فيها، وبايع في الطريقة على يد الشيخ عناية الله الرامفوري، رحمه الله تعالى.
توفي في داره سنة 1408 هـ.
* * *
2268 - الشيخ الصالح الفقيه شوكة علي بن مسند علي بن منصب علي السنديلوي
، أحد العلماء المشهورين*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، "وقال: ولد يوم الخميس لتسع خلون من المحرّم سنة أربع وثلاثين ومائتين وألف بـ"سنديله" من بلد "أوده"، ولما طعن في الثالثة من سنّه حدثت له بثرة في خاصرته، فتشنّجت بها الأعصاب، فهزلت قدماه من ذلك، فصار مقعدا، لا يقدر أن يمشي، ولكنه كانت تلوح عليه مخائل الرشد والسعادة، فحفظ القرآن، وقرأ المختصرات على السيّد فقيه
* راجع: نزهة الخواطر 8: 196، 197.
الله السنديلوي، والمولوي أسرار قل البخاري، ثم لازم العلامة تراب علي اللكنوي، استقدمه جدّه لتعليمه إلى "سنديله"، فقرأ عليه سائر الكتب الدرسية.
وفاق أقرانه في الفقه والأصول والمنطق والحكمة والعربية، رأيته ببلدتنا "راي بريلي"
(1)
حين قدومه لزيارة المشاهد، وكنت صغير السنّ، أنزله خادمه عن السرير، وأخذه في حجره، فدخل في مقبرة السيّد علم الله النقشبندي.
وكان له خزانة الكتب النفيسة، ومدرسة عالية بـ"سنديله"
(2)
، أسّسها بنفقته، وأوقف عليها عروضا وعقارا.
ومن مصنّفاته: حاشية على "شرح الجامي"، و"الاستقصاء في الاستفتاء"، و"علم اليقين في مسائل الأربعين"، و"ثمرات الأنظار فيما مضى من الآثار"، و"غاية الإدراك في مسائل السواك"، و"أنوار الهدى في تحقيق الصلاة الوسطى"، و"كشف المستور عن وجه السحور"، وله غير ذلك من الرسائل.
(مات في الثامن عشر من ربيع الأول سنة عشرين وثلاثمائة وألف في "سنديله"، وله من العمر ستّ وثمانون، ولم يعقّب).
* * *
(1)
"رائي بريلي": بلدة عامرة على نهر "سي"، وفيها قلعة من أبنية السلطان حسين الشرقي، وفيها قبر عادل الملك الجونبوري، والشيخ عبد الشكور الأبدال، ونشأ فيها كثير من العلماء والمشايخ، أجلهم السيّد علم الله رحمه الله تعالى، وابنه السيّد محمد، وحفيده محمد عدل، والسيّد أحمد الشهيد المجاهد، والسيّد المحدّث قطب الهدى، والسيّد أبو سعيد، والسيّد محمد ظاهر، وخلق آخرون.
(2)
"سنديله" بفتح السين كسر الدال المهملتين، بلدة معروفة بقرب "هردوئي".
2269 - الشيخ الفاضل شِهاب بن سَيّار بن صاعد بن سيّار
بن يحيى بن أبي يحيى ابن إدريس الكِنانيّ الهَرَوِيّ*.
أخو نصر، الآتي في بابه، إن شاء الله تعالى. وجدُّ صاعد، الآتي ذكرُه أيضا في محلِّه، إن شاء الله تعالى.
* * *
2270 - الشيخ الفاضل شهاب الدين بن بدر الدين الحسيني
، الأورنك آبادي، أحد العلماء الصالحين* *.
كان أصله من البلاد المشرقية.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أخذ العلم عن العلامة عبد الباقي ابن غوث الإسلام الجونبوري صاحب "الآداب الباقية"، ثم ساح بلاد "الهند"، وأدرك الشيخ نور محمد الأورنك آبادي، فلازمه.
وأخذ عنه الطريقة، وتولّى الشياخة مكانه بـ"أورنك آباد" سنة 1102 هـ، فأسّس مسجدا وزاوية ومدرسة عند قبر شيخه، ودرّس، وأفاد.
وكان شيخا كريما، صالحا، سخيّا، متوكّلا، كثير الخيرات والمبرّات.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 76.
وترجمته في الجواهر المضية برقم 649.
* * راجع: نزهة الخواطر 6: 117.
مات لثمان بقين من شعبان سنة تسع عشرة ومائة وألف بـ"أورنك آباد"، فدفن بها، كما في "محبوب ذي المنن".
* * *
2271 - الشيخ الفاضل شهاب الدين بن بهاء الدين بن سبحان بن عبد الكريم المرجاني
، القزاني*.
عالم مشارك في أنواع من العلوم.
ولد في قرية "يابنجي" سنة 1233 هـ، ودرس بـ"بخارا" و"سمرقند".
توفي سنة 1306 هـ.
من تصانيفه الكثيرة: "إعلام أبناء الدهر بأحوال ما وراء النهر"، و"مستقاد الأخبار في التاريخ" في مجلدين، و"الحكمة البالغة الجنية في شرح عقائد الحنفية"، و"جوامع الحكم وذرائع النعم من مقولات علي بن أبي طالب"، و"الحق المبين في محاسن أوضاع الدين".
* * *
2272 - الشيخ العالم الفقيه شهاب الدين بن محمد حسين
بن
* راجع: معجم المؤلفين 4: 308.
ترجمته في هدية العارفين 1: 418، 419، وفهرس دار الكتب المصرية 5: 279، وفهرس الأزهرية 2: 42، وإيضاح المكنون 1: 100، 176، 278، 324، 373، 374، 409، 410، 414، 2: 85، 97، 146، 147، 361، 362، 478، 616، 714، والأعلام 3:258.
عبد السلام بن أحمد بن الشهاب العمري، الكوباموي*.
كان ابن بنت الشيخ العلامة محبّ الله العمري الإله آبادي.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد، ونشأ بمدينة "كوبامؤ"، وقرأ العلم على الشيخ قطب الدين ابن عبد الحليم الأنصارى السهالوي، وقرأ عليه ولده القاضي قطب الدين الكوباموي، ومولانا محمد صالح البنغالي، ومولانا محمد أشرف شارح "سلّم العلوم"، والقاضي محمد مبارك بن محمد الدائم العمري الكوباموي، كما في "الرسالة القطبية".
وفي "مآثر الكرام": إنه قرأ العلم على القاضي عبد الرحيم المراد آبادي.
وفي "تذكرة الأنساب" لمصفطى علي خان: إن أربعمائة رجل من أهل العلم أخذوا عنه، وتخرّجوا عليه. انتهى.
مات في بضع وعشرين ومائة وألف، كما في "مآثر الكرام".
* * *
2273 - الشيخ الفاضل شهاب الدين بن عبد الرحمن بن محمد ابن محمد العمادي، الدمشقي
* *.
مفسّر، فقيه، أديب، ناثر، ناظم.
ولد سنة 1007 هـ.
* راجع: نزهة الخواطر 6: 116، 117.
* * راجع: معجم المؤلفين 4: 309.
ترجمته في خلاصة الأثر 2: 231 - 235.
أخذ عن الحسن البوربني وغيره، ودرّس، وولي قضاء الركب الشامي، وحجّ.
وتوفي بـ"دمشق" في 10 رجب، ودفن بباب الصغير.
من آثاره: "كتاب" في التفسير والفقه، و"مجموع" فيه مدائحه. توفي سنة 1078 هـ.
* * *
2274 - الشيخ الفاضل الكامل العارف بالله الشيخ شهاب الدين السيواسي
، ثم الأياثلوغي*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان رحمه الله عبد لبعض من أهالي "سيواس"، فتعلّم في صغره مباني العلوم.
ثم قرأ على علماء عصره، حتى فاق أقرانه، وبرع في كلّ العلوم، ثم اتصل بخدمة الشيخ محمد خليفة الشيخ زين الدين الحافي، وحصل عنده علوم الصوفية.
ثم ارتحل مع شيخه إلى بلدة "أياثلوغ"، وأكرمه الأمير ابن أيدين غاية الإكرام، فتوطّن هناك، ومات في حدود الثمانين من المائة الثامنة، ودفن بها، وقبره مشهور يزار، ويتبرّك به.
وله تفسير القرآن العظيم، سماه بـ"عيون التفاسير"، وهو المشهور بين الناس بتفسير شيخ، ورأيت له رسالة في طريقة الصوفية، سماها "رسالة النجاة في شرف الصفات"، من تصفّحها يشهد له بأن له قدما راسخا في التصوّف، ورايت له رسالة أخرى في التصوّف أيضا، ولكن لم يحضرني اسمها الآن. طيّب الله مرقده، وفي أعلى غرف الجنان أرقده.
* * *
* راجع: الشقائق النعمانية ص 23.
2275 - الشيخ العالم الكبير العلامة شهاب الدين الملتاني
*.
أحد العلماء المبرّزين في الفقه والأصول والعربية.
ذكره البرني في "تاريخه".
وقال: إنه كان من كبار الأساتذة بدار الملك "دهلي" في عهد السلطان علاء الدين محمد شاه الخلجي، فلم يزل يشتغل بالدرس والإفادة. انتهى.
وقال ابن المبارك الكرماني في "سير الأولياء": إن السلطان غياث الدين تغلق لما استقدم الشيخ نظام الدين محمدا البدايوني بحضرته للبحث عن استماع الغناء، واستقدم الصدور والقضاة والفقهاء ليباحثوه في تلك المسألة، فكان الشيخ شهاب الدين الملتاني أيضا ممن حضرَ بين يديه، ولكنّه لم يخاصمْه كما خاصمه غيره من العلماء. انتهى.
* * *
2276 - الشيخ الفاضل الكبير شهاب الدين الجوبئ بوري
، (بالياء المجهولة في لفظ جوبئ) قرية جامعة في نواحي "قنوج"* *.
(1)
* راجع: نزهة الخواطر 2: 61.
* * راجع: نزهة الخواطر 6: 117.
(1)
"قنُّوج": كسنّور، كانت مدينة حسنة الأبنية حصينة، لها سور عظيم، وكانت قاعدة مملكة "الهند" في القديم، فتحها محمود بن سبكتكين الغزنوي، ثم قطب الدين أيبك، فصارت مقام الحكام والولاة، وهي الآن بلدة صغيرة خاوية على عروشها، بينها وبين "دهلي" مسير عشرة أيام.
كان من العلماء المبرّزين في المنطق والحكمة.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: أخذ عن الشيخ غلام مصطفى بن محمد الحسين الأشرفي الجائسي.
وأخذ عنه السيّد أشرف الحسيني البلكرامي، كما في "مآثر الكرام".
* * *
2277 - الشيخ الفاضل العالم الصالح شهاب الدين الميرتهي
، رحمه الله تعالى*.
ولد سنة 1312 هـ في "ميرته".
تعلّم مبادئ العلم في قريته، ثم سافر إلى "شاهجهان بور"
(1)
، وقرأ الكتب العربية على مولانا فتح محمد خان.
وبعد إتمام الدراسة وصل إلى "شمله"، ثم سافر إلى "بمبئ"، و"كُوِيته"، و"لاهور"، و"دهلي"، ثم التحق بحكيم الأمة أشرف علي التهانوي، رحمه الله تعالى.
وله مهارة تامة في المسائل الفقهية، ويراجع في المسائل التي يتنازع الناس فيها إلى علماء "دوبند" و"سهارنبور"، وكان عنده ذخائر من الكتب، حجّ ثلاث مرار.
توفي سنة 1389 هـ.
* * *
* راجع: بزم أشرف ص 244.
(1)
"شاهجهانبور": بلدة عامرة على نهر "كره"، وفيها قلعة، وجامع كبير، أسّسها نواب بهادرخان في أيام شاه جهان.
2278 - الشيخ الفاضل شُهْدَة بنت عمر بن أحمد بن هبة الله
ابن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جَرَادة، العَقِيلِيّ الحلبيّ السيدة الجليلة أمُّ محمد، ابنة الصاحب كمال الدين أبي القاسم ابن العَديم*.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: سمِعتْ بـ"حلب" من الكاشْغَرِيّ حُضورا، وأجازها ثابت بن مُشَرِّف، وغيرهُ.
قال البِرْزاليّ: روَتْ لنا عن الشيخ الحافظ ضِياء الدين عمر بن بدر بن سعيد الموْصِلِيّ حضورا، ولم يَرِدْ لنا عنه سواها.
وتزَهَّدت، وتركت اللباس الفاخرَ من حين تُوُفِّي أخوها القاضي مجد الدين ابن العَديم. وتُوُفِّيتْ بـ"حلب" في سنة تسْع وسبعمائة. وكان مولدُها يوم عاشوراء، سنة إحدى وعشرين وستمائة.
وكانتْ من النساء الخيِّرات الفاضلات، رحمها الله تعالى.
* * *
2279 - الشيخ الفاضل شَيْبان بن الحسن بن شَيْبان أبو القاسم
، الحلبيّ* *.
* راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 76، 77.
وترجمته في إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4: 541، والدرر الكامنة 2: 292، 293، وذيل العبر للذهبي 49، وشذرات الذهب 6:20.
* * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة 4: 77. وترجمته في الجواهر المضية برقم 650.
ذكره التميمي في "طبقاته"، فقال: قال الهَمَذانيّ: قرأ الفقه علَى قاضي القضاة أبي عبد الله
(1)
، وقرأ القرآن بقراءات، وقرأ النحو على أبي القاسم ابن برْهان، والكلامَ على أبي عليّ بن الوليد.
وصارَ أحَدَ الشّهود.
وَوُصِف بالفقه، والتَّحَرّيّ
(2)
، والأمانة، والمرُوءة.
وكان له ولدٌ يُكْنى بأبي محمد الحسن، وقد تقدَّم، وكان مَليح الصورة، فرَبّاه وأحسن تَرْبِيته، وقُبلت شهادته وهو حَدَثُ السِّنُّ، ورَدَّ إليه أبوه أمْرَ تجارته، ففرَّط تَفْريطا زائدا. ووَصلَ، وأعْطَى، وأنفقَ مالَ أبيه، وتَعَدّى إلى ودائع كانتْ عنده، وبلغ أباه فعلُه فهجَره، وكان يقول: قتَلَني، وقتلَ نفسه. ومات الابْنُ في الحريق الواقع في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وكان قد بلغ من العُمْر سبعا وعشرين سنة. وقضَى أبوه مُعْظَم ما أتْلَفَه على الناس، وكان يُقال لوالده: لو تَرَحَّمت عليه. فيقول: وما ينْفعه تَرَحُّمي، وفي رَقَبَته المظالم التي تقع لأجْلها المضايَقَة، وتجري بسببها المناقشة.
مات رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول، سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وقد بلغ من العُمر سبعا وسبعين سنة.
وكان مُحْسِنا في الشهادة، مُحْتاطا فيها، ولا يشهد على امْرأة، وعمّر مسْجدا. والله تعالى أعلم.
* * *
2280 - السيّد الشريف شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله
بن
(1)
أي الدامغاني محمد بن علي بن محمد.
(2)
في النسخ: "والنحو" والمثبت من الجواهر.
شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني الحضرمي الأستاذ الكبير المحدّث الصوفي الفقيه*.
ذكره الشلي في "المشرع الروي"، وقال: إنه ولد بمدينة "تريم" سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، وحفظ القرآن وغيره، واشتغل على والده، وأخذ عنه، وتفقّه على الفقيه فضل بن عبد الرحمن بافضل، والشيخ زين باحسين بافضل، وأخذ عن القاضي عبد الرحمن بن شهاب الدين وغيرهم، ورحل إلى "الشحر" و"اليمن" و"الحرمين" في سنة ستّ عشرة بعد الألف، وأخذ عن الشيخ محمد الطيّار، وله معه مناظرات ومفاكهات، وأخذ عن الشيخ العراقي صاحب "أكمة سعيف"، وهي قرية قريب "الجندر"، وحجّ في هذه السنة، وأخذ بالحرمين عن جماعة، وأخذ في رجوعه من "الحجاز" عن السيّد عبد الله بن علي صاحب الوهط، والسيّد أحمد بن عمر العيدروس بـ"عدن"، والشيخ عبد المانع، وألبسه خرقة التصوّف أكثر مشايخه، وأخذ بـ"اليمن" عن كثيرين، منهم: الشيخ أحمد الحشيبري، والسيّد جعفر بن رفيع الدين، والشيخ موسى بن جعفر الكشميري، والسيّد علي الأهدل، وسمع خلقا كثيرا، ولازم الاشتغال والتقوى.
ثم رحل إلى "الهند"، فدخلها في سنة خمس وعشرين وألف، وأخذ عن الشيخ عبد القادر بن شيخ، وكان يحبّه، ويثني عليه، وبشَّره ببشارات، وألبسه الخرقة، وحكمه، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم.
ثم قصد أقليم "الدكن"، واجتمع بالوزير الملك عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه، وحصل له عندهما جاه عظيم، وأخذ عنه جماعة، ثم سعى بعض المردة بالنميمة، فأفسدوا أمر تلك الدائرة، ففارقهم، وقصد إبراهيم عادل شاه البيجابوري، فأجلّه، وعظّمه، وتبجّح السلطان بمجيئه إليه، وعظم
* راجع: نزهة الخواطر 5: 187، 188.
أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلا عن رأيه، وسبب إقباله الزائد عليه أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة، وهي أن السلطان كانت أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس، وعجزت عن علاجه الأطبّاء، وكان سببها أن السيّد علي بن علوي دعا عليه بجرح لا يبرئ، فلمّا أقبل السيّد شيخ بن عبد الله، ورآه على حالته أمره أن يجلس مستويا، فجلس من حينئذ، وبرئ منها، وكان السلطان إبراهيم رافضيا، فلم يزل به، حتى أدخله في عداد أهل السنّة، فلما رأى أهل تلك المملكة انقياد السلطان إليه أقبلوا عليه، وهابوه، وحصل كتبا نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرة، وكان عزم أن يعمّر في "حضرموت" عمارة عالية، ويغرس حدائق، وعيّن عدّة أوقاف تصرف على الأشراف، فلم يمكنه الزمان، وغرق جميع ما أرسله من الدرهم في البحر.
وله مصنّفات عديدة، منها: كناب في الخرقة الشريفة، "سمّاه السلسلة"، وهو غريب الأسلوب، ولم يزل مقيما عند إبراهيم عادل شاه، حتى مات السلطان، فرحل إلى "دولت آباد"
(1)
، وكان بها الوزير فتح خان بن الملك عنبر، فقرّبه، وأدناه، وأقام
(1)
"دولت آباد": كانت مدينة ضخمة، عظيمة الشأن، موازية لحضرة "دهلي" في رفعة قدرها، واتساع خطتها، وكانت منقسمة على ثلاثة أقسام، أحدها:"دولت آباد"، وبها سكنى للسلاطين الخلجية والتغلقية وعساكرهم. والثاني:"الكتكة" بفتح الكافين، والتاء المعلوة بينهما، والقسم الثالث: القلعة التي لا نظير لها في الحصانة، وتسمى "ديوكير" بكسر الدال المهملة وسكون الياء والواو مدين، وكسر الكاف الفارسية، وسكون التحتية، والراء المهملة، وتلك القلعة على جبل، ارتفاعه خمسمائة قدم، منها خمسون ومائة قدم عمودية تقريبا، ويدخل إليها من مدخل ضيق منحوت في الصخر، وهي من أبنية الهنادك، فتحها علاء الدين الخلجي، صلحا سنة 702 هـ، ثم فتحها قطب الدين بن علاء الدين المذكور عنوة سنة 718 هـ، ولم يبق من تلك الأقسام اليوم إلا القلعة.
عنده في أخصب عيش وأرغده إلى أن مات في سنة إحدى وأربعين وألف، ودفن بالروضة المعروفة بقرب "دولت آباد"، وقبره ظاهر يزار.
* * *
2281 - الشيخ الفاضل المولى شيخ أحمد من أهل "نواخالي" من أرض "بنغلاديشِ
"*.
قرأ "مشكاة المصابيح" في المدرسة الإسلامية جَوْمُو هَاني، ثم سافر إلى "ديوبند"، وقرأ فيها كتب الفنون العالية وكتب الحديث.
من شيوخه: شيخ الإسلام السيّد حسين أحمد المدني، وغيرهم من المحدّثين.
وبعد إتمام الدراسة وصل إلى وطنه، والتحق بمدرسة "كُوْلاكُوفا، ثم التحق بالمدرسة العالية هَيْبَتْ نَغَر، ثم وصل مرة ثانية بمدرسة كُوْلاكُوفا من أعمال "نواخالي".
* * *
2282 - الشيخ الفاضل العالم الجليل المحدّث الكبير العلامة شيخ أحمد بن كرامة علي بن ظفر
علي بن رمضان علي الهاتهزاروي الجاتجامي* *.
ولد سنة 1369 هـ في قرية "ميرخيل" على مسافة ميل من دار العلوم معين الإسلام هاتهزاري.
* راجع: تاريخ علم الحديث ص 286.
* * راجع: منهاج الباري 2: 14 - 17.
التحق سنة 1375 هـ بالجامعة الأهلية دار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، "شيتاغونغ"، وعمره إذ ذاك ستّ سنين، قرأ فيها من البداية إلى النهاية، مكبّا على تلقّي العلوم من العلماء الأفاضل، الفضلاء الأماثل، الذين سار بصيتهم الركبان في أنحاء البلد وجوانبه.
منهم: العلامة عبد القيّوم رحمه الله تعالى، قرأ عليه "صحيح البخاري"، و"الصدرا"، و"الشمس البازغة" في علم الحكمة والفلسفة.
ومنهم: العلامة عبد العزيز رحمه الله تعالى، قرأ عليه "جامع الإمام الترمذي"، و"تفسير البيضاوي" سورة الروم، و"قاضي مبارك"، و"حمد الله"، في المنطق و"التصريح" في علم الهيئة، و"حجّة الله البالغة" في أسرار الدين.
ومنهم: العلامة المفتي أحمد الحق رحمه الله تعالى، قرأ عليه "صحيح مسلم"، و"موطأ الإمام محمد"، والجزئين الأخرين من "الهداية"، و"مقدمة الدر المختار"، و"الأشباه والنظائر"، و"شرح عقود رسم المفتي"، و"نور الأنوار"، و"مختصر المعاني"، و"كافية ابن الحاجب"، و"نحومير" مع ملحقاته.
ومنهم: العلامة حافظ الرحمن رحمه الله تعالى، قرأ عليه الجزء الثاني من "تفسير الجلالين"، و"نور الأنوار"، و"شرح التهذيب"، و"نفحة العرب".
ومنهم: العلامة محمد علي النظام فوري، صاحب "عقد الفرائد" على شرح العقائد، قرأ عليه "سنن ابن ماجه"، والجزء الأول من "مشكاة المصابيح"، و"شرح العقائد النسفية"، "سلم العلوم"، و"مقامات الحريري".
ومنهم: العلامة أبو الحسن البابونغري صاحب "تنظيم الأشتات في حل عويصاب المشكاة"، قرأ عليه "السنن" للإمام النسائي، و"شرح معاني الآثار"، و"تفسير البيضاوي"، سورة البقرة، وآل عمران، "مسلَّم الثبوت"، و"ديوان المتنبي".
ومنهم: العلامة محمَّد حامد، رحمه الله تعالى، قرأ عليه "سنن أبي داود"، والجزء الثاني من "مشكاة المصابيح"، و"تفسير البيضاوي" سورة الروم، و"الحسامي"، و"المطوَّل".
ومنهم: العلامة أحمد شفيع زيدت معاليهم، قرأ عليه "موطأ الإمام مالك"، والجزء الأول من "تفسير الجلالين"، و"الميبذي"، و"مير زاهد"، و"ملا جلال"، و"التوضيح"، و"المثنوي".
والعلامة نادر الزمان، رحمه الله تعالى، قرأ عليه الجزئين الأولين من "الهداية"، و"شرح الجامي"، و"أصول الشاشي"، و"ديوان سيدنا علي"، والعلامة نذير أحمد، قرأ عليه "السبع المعلقات"، و"كنز الدقائق"، و"ديوان الحماسة".
ومنهم: العلامة قاسم الفتحبوري، قرأ عليه "شرح الوقاية". فرغ من الدراسة في سنة 1393 هـ.
ولما كان من الطلاب المتفوّقين مدّة دراسته اختاره أساتذة دار العلوم ليكون مدرّسا بها، فشرع في التدريس، وسرعان ما اشتهر تدريسه فيما بين الطلبة في "بنغلاديش"، ولم يزل يدرّس الحديث والتفسير والفقه وأصوله وغيرها، من العلوم الدينية الرائجة مدّة أربعين سنة، وهو الآن شيخ الحديث في الجامعة العبيدية نانوفور، وتلمّذ عليه في هذه المدّة خلق كثير من الطلبة، واستفادوا من علومه وعرفانه، ونهلو من معينه العذب النمير، وأكثرهم مشتغلون بالتدريس والخطابة وإفادة العلوم، ويعتبرون من العلماء البارزين في هذه الديار.
بايع في الطريقة على يد المفتي الأعظم العلامة فيض الله رحمه الله تعالى، وبعد أن توفي بايع على يد العلامة الشيخ حافظ الرحمن رحمه الله تعالى، وبعد مدّة أجازه للإصلاح والتلقين، وبعد وفاته بايع على يد العلامة أحمد شفيع دام مجدُه، وهو أيضا أجازه للإرشاد والتلقين.
من تصانيفه: "تنظيم المخزون"، و"أصول الحديث مع أصول التفسير"، و"قرآني معلومات"، و"تنظيم الدراية في الأحاديث الموضوعة"، و"تقرير سنن أبي داود"، و"تقرير سنن الترمذي"، و"منهاج الباري في شرح البخاري"، و"ضياء البرده شرح قصيده برده"، كلها باللغة الأردية.
قلتُ: قرأتُ عليه "سُلَّم العلوم"، و"ملا حَسَن"، و"قاضي مبارك"، و"حمد الله" في المنطق، والجزء الثالث من "هداية الفقه" إلى باب خيار الرؤية، و"مسلَّم الثبوت"، و"التوضيح" في أصول الفقه، وحصّة من أواخر "شرح العقائد" للنسفي، و"حاشية الإمام الخيالي" على شرح العقائد، و"ديوان المتنبي"، و"لامية المعجزات" في الأدب العربي، و"موطأ الإمام مالك"، وحصلت لي منه إجازة رواية الحديث، التي حصلت له من شيوخه الكرام، رحمه الله تعالى.
وهو موجود إلى الآن بقيد الحياة، بارك الله في حياته، نفعنا بعلومه، آمين.
* * *
2283 - الشيخ العالم الكبير العلامة شيخ الإسلام بن قاضي القضاة عبد الوهّاب الأحمد آبادي
، الكجراتي، أحد مشايخ الفقهاء الحنفية*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل والزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع الصدق والأمانة
* راجع: نزهة الخواطر 6: 117 - 119.
والعفّة والصيانة وحسن القصد والإخلاص والابتهال إلى الله تعالى وشدّة الخوف منه.
قال خافي خان في "منتخب اللباب": إنه مات أخذ شيئا من متروكات والده، بل قسم بعضها على الفقراء والمساكين ليخفّف أثقاله، وقسم سائرها على غيره من أرباب الفرض والعصوبة، وكان والده ترك مائتي ألف أشرفي وخمسمائة ألف ربية، فضلا عن الجواهر الثمينة والأثاث الوافر، فلم يأخذ منها شيئا، كما فعل الشيخ صدر الدين محمد بن زكريا الملتاني، غير أن الشيخ صدر الدين أخذ نصيبه، وقسمه على الفقراء، وشيخ الإسلام ما أخذ شيئا، ووجه ذلك أن والد الشيخ صدر الدين كان صاحب الورع والعزيمة، لم يجمع المال من غير حقّه، ووالد شيخ الإسلام كان غير مشكور السيرة في الجمع، ولذلك ما أخذ شيئا من متروكاته.
قال: ولما توفي والده ولّاه عالمغير بن شاهجهان قضاء المعسكر مكان والده سنة أربع وثمانين وألف، فأبى قبوله، فلمّا لم يقبل منه عالمغير إلا القبول قبله كارها، وبذل جهده في الصدق والتحري للحقّ وتزكية الشهود والتفتيش ورفع النقاب عن وجه المعاملة وتطهير الذيل عن أدناس الغرض، فضلا عن الارتشاء وقول الحقّ عند السلطان، ولو كان يخالفه. انتهى.
وقال شاه نواز خان في "مآثر الأمراء": إن عالمغير لما قصد ملوك "الدكن" استفتاه في ذلك، فأجاب بما يخالفه، قال: وإنه ترك المنصب والخدمة بعد مدّة مع حرص السلطان على استخدامه، وسافر إلى الحرمين الشريفين، فحجّ، وزار، ورجع إلى "الهند"، فسكن بـ"أحمد آباد"، ولما سمع عالمغير أنه رجع بذل ما لا مزيد عليه من العناية، وعرض عليه القضاء، ثم الصدارة، فلم يقبلها، ولما أصرّ السلطان، وبالغ في إصراره ارتحل من بلدته، كرها لقبول تلك الخدمة.
وتوفي إلى رحمة الله سبحانه في أثناء الطريق، فتأسّف السلطان بموته تأسّفا شديدا. انتهى.
وقال مستعد خان في "مآثر عالمغيري": إنه كان من العلماء الربّانيين، ولّاه عالمغير القضاء بمدينة "دهلي"، فاستقلّ به مدّة من الزمان، ولما توفي والده عبد الوهّاب ولّاه قضاء المعسكر مكانه، فصار قاضي قضاة "الهند" سنة ستّ وثمانين وألف، واعتزل عنه سنة أربع وتسعين وألف، مع أن السلطان كان لا يتركه، ولا يرخصه لترك الخدمة، فسافر إلى "الحجاز" سنة خمس وتسعين وألف، فحجّ، وزار، ورجع إلى "أحمد آباد"، واعتزل في بيته، فاستقدمه عالمغير ليولّيه القضاء مرّة ثانية، فامتنع من قبوله. انتهى.
مات سنة تسع ومائة وألف، كما في "مآثر الأمراء".
* * *
2284 - الشيخ العالم المحدّث شيخ الإسلام بن فخر الدين بن محبّ الله بن نور الله
ابن نور الحق بن الشيخ المحدّث عبد الحق البخاري الدهلوي، أحد مشاهير المحدّثين*.
أخذ عن أبيه عن جدّه عن المفتي نور الحق.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: وله شرح بسيط على "صحيح البخاري" بالفارسي في ستة مجلّدات، قال فيه: إن له رواية عن جدّه الشيخ عبد الحق بلا واسطة، لأنه أجاز لأولاده وأحفاده وأصحابه وأحبابه إجازة عامة، كما هو مصرّح في "ثبته"، والإجازة بهذا النحو جائزة عند المحدّثين. انتهى.
* راجع: نزهة الخواطر 6: 119.
ومن مصنّفاته: "كشف الغطاء عما لزم على الأحياء للموتى"، ومنها:"طرد الأوهام عن أثر الإمام الهمام".
* * *
2285 - الشيخ الفاضل الكامل المولى الشهير بالشيخي
، رحمه الله تعالى*.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان مدرّسا بمدرسة أبي أيوب الأنصاري، رضي الله تعالى عنه.
وتوفي مدرّسا بها في سنة ثمان وتسعمائة.
وكان رحمه الله تعالى عالما صالحا، مشاركا في العلوم كلّها، ومتمهّرا في العلوم العربية.
وكان له نظم ونثر في غاية الفصاحة والبلاغة.
وكان مدرّسا، مفيدا، مشتغلا بالعلم غاية الاشتغال، وقد تخرّج عنده كثير من الطلبة. نوّر الله تعالى روحه.
* * *
2286 - الشيخ الفاضل العارف بالله تعالى المولى شيخي الشاعر
* *.
ذكره صاحب "الشقائق"، وقال: كان من بلاد "كرميان"، وتعلّم في شبابه عند أحمدي الشاعر، ثم قرأ على علماء عصره، ثم وصل إلى خدمة الشيخ العارف بالله الحاج بيرام، وحصل عنده الطريقة الصوفية.
* راجع: الشقائق النعمانية ص 204.
* * راجع: الشقائق النعمانية ص 67.
ثم تقاعد في وطنه قريبا من "كوتاهيه"، وكان قبره بها، وقد زرته، وشاهدت فيه أنسا عظيما.
نظم شعرا كثيرا بالتركية، ونظم قصّة كسرى أبرويز بالتركية، وهو نظم مقبول عند أهل اللسان، ولم يوجد له قرين إلى الآن.
كان رحمه الله تعالى على زيّ الفقراء، وكان دميم الخلقة، عليل العينين، ولقد رآه أستاذي المولى علاء الدين، وهو قد حكى كذلك.
وحكى أيضا أنه كان يصنع الاكحال، ويبيع للطالبين، فاشترى منه أحد يوما كحلا بدرهم، ورأى المشتري أن عينيه عليلة، فأعطاه درهمين، فقال هذا ثمن كحلك، وهذا الآخر لك اشتر به أنت أيضا كحلا، وكحل به عينيك، فاستحسن المولى شيخي هذا الكلام.
وكان كثيرا ما يذكره، ويضحك منه، روّح الله روحه، ونوّر ضريحه.
* * *
2287 - الشيخ الفاضل الكبير شير علي بن رحيم علي بن أنوار علي الحسيني الحيدرآبادي
أحد العلماء المشهورين*.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: ولد بقرية "تركيا واس" من أعمال "ريوادي من" أرض "بنجاب".
وتوفي والده في صغر سنّه، فتربى في مهد خاله نجف علي ببلدة "بلند شهر"، وتعلّم الخطّ، ومبادئ الفارسية، وحفظ خمسة عشر جزءا من القرآن، ثم أقبل يبحث له عن وظيفة يقوت بها نفسه وأسرته، وسافر إلى "جيبور"،
* راجع: نزهة الخواطر 8: 197.
وقدم طلبا للوظيفة، وبينما كان ينتظر النتيجة إذ جاءه رجل، وطلب منه أن ينتسخ له دعاء منظوما باللغة العربية، فقام له بذلك، ولما طلب منه أن يفسّره له عجز عن ذلك، واعتذر، وحرّك ذلك همته، وشحذ عزمه على التحصيل، فسافر من غده إلى "أجمير"، ومنها إلى "أحمد آباد"، فـ"سورت"، ومكث في "راندير" سنتين، وقرأ على الشيخ محمد عيسى، ثم جاء إلى "دهلي"، وقرأ على المفتي عبد الله الطوكي شيئا من المنطق، ثم جاء إلى "لكنو"، وأقام بها شهرين، وحضر دروس الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم الأنصاري، ثم ذهب إلى "جونبور"، ولازم العلامة هداية الله بن رفيع الله الرامبوري، وقرأ عليه سائر الكتب الدرسيّة معقولا ومنقولا، وجدّ في البحث والاشتغال، ودرس بحضرة شيخه مدة طويلة، ثم ولي التدريس بقرية كلاؤتي قرية جامعة من أعمال "بلند شهر"، ودرّس بها عامين، ثم ولي التدريس بمدرسة دار العلوم بـ"كانبور"، وأقام بها نحو سنتين.
ثم ذهب إلى "وانمباري" من بلاد "مدراس"، وولي التدريس، فأقام بها سنتين، ثم ذهب إلى "حيدر آباد" الدكن، وجعله نواب وقار الأمراء وزير الدولة الآصفية، معلّما لولده سلطان الملك، فسكن بـ"حيدر آباد"، وتزوّج بها، وبعد خمس عشرة سنة من قدومه بـ"حيدر آباد" استقدمه العلامة شبلي بن حبيب الله النعماني إلى "لكنو"، وولي نظارة دار العلوم ورياسة التدريس فيها، فدرّس بها عامين، ثم رجع إلى "حيدر آباد"، وولي التدريس بدار العلوم، ثم لما تأسست الجامعة العثمانية انتقل إليها، وولي رياسة القسم الديني فيها، ومكث بها مدة، يدرّس، ويفيد، إلى أن أحيل إلى المعاش، وهو من كبار الفضلاء، له مشاركة جيّدة في الفنون الرياضية، واليد الطولى في التدريس وإلقاء المطالب العلمية على أذهان المحصّلين.
مات لسبع بقين من ذي القعدة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وألف.
* * *
2288 - الشيخ الفاضل شير علي بن محي الدين الناروي
، الحكيم الحاذق *.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ الكتب الدرسية على والده، وبعضها على الحكيم إمام بخش الكيرتبوري، وتطبّب عليه، ولازمه مدّة، ثم خدم الأمراء بمدينة "لكنو".
ولما كبر سنّه رجع إلى بلدته، واعتزل عن الناس.
مات لأربع عشرة خلون من رمضان سنة ستّ وخسين ومائتين وألف، كما في "تذكرة العلماء" لولده رحمن علي.
* * *
2289 - الشيخ الفاضل شير علي الصوفي السرهندي
* *.
أحد المشايخ المشهورين.
ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: له "رابطة بالسلاسل المشهورة"، لا سيّما الطريقة القادرية
(1)
.
* راجع: نزهة الخواطر 7: 240.
* * راجع: نزهة الخواطر 4: 139، 140.
(1)
أما الطريقة القادرية فهي للسيّد الإمام عبد القادر الجيلاني رضى الله عنه، ومدارها على التقرّب بالنوافل ودوام الذكر، بحيث يتحقّق الحضور مع الله سبحانه في جميع تقلّباته في الأشغال، ولهذه الطريقة شعب كثيرة وأشغال متنوّعة، وأما رجال هذه الطريقة من أهل الهند فهم كثيرون، منهم: الشيخ محمد بن شاه مير بن على بن مسعود بن أحمد بن صفى بن عبد الوهاب ابن الشيخ=
مات سنة خمس وثمانين وتسعمائة، كما في "كلزار أبرار".
* * *
2290 - الشيخ الفاضل شير محمد بن سيد محمد عارف شاه
، رحمه الله تعالى *.
ولد في "سكهر" سنة 1300 هـ، قرأ قرأن الكريم مع التجويد، ثم تعلّم اللغة السندية، ثم اللغة الفارسية، وتلقّى العلوم والفنون، حتى أكمل الدراسة العليا، حجّ وزار مرارا كثيرة، وبايع على يد حكيم الأمة أشرف علي التهانوي عند مجيئه بـ"خير بور" من أرض "السند".
وتوفي في "المدينة المنورة" سنة 1386 هـ.
* * *
= عبد القادر الجيلاني المشهور بمحمد غوث المتوفى سنة 923 هـ. أخذ عن أبيه عن جدّه، وهلمّ جرا، وقدم الهند، وسكن بمدينة أج، ومنهم: الشيخ بهاء الدين الجنيدي المتوفى عنه 921 هـ، وهو أخذ عن أبي العبّاس أحمد بن الحسن بن موسى بن علي بن محمد بن الحسن بن محمد بن أبي النضر ابن أبي صالح بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر المذكور، عن أبيه عن جدّه، وهلمّ جرا، ومنهم: الشيخ قميص المتوفى سنة 992 هـ، ابن أبي الحياة ابن محمود بن محمد بن أحمد بن داود بن علي بن أبي صالح النضر بن عبد الرزاق ابن الشيخ عبد القادر المذكور، عن أبيه عن جدّه، وهلمّ جرا، ومنهم: الشيخ كمال الدين الكيتهلي المتوفى سنة 971 هـ، أخذ عن فضيل عن كدا رحمن عن شمس الدين العارف عن كدا رحمن بن أبي الحسن عن شمس الدين الصحرائي عن عقيل عن بهاء الدين عن عبد الوهاب عن شرف الدين القتّال عن عبد الرزاق عن أبي الشيخ عبد القادر الجيلاني المذكور. انظر: الثقافة الإسلامية في الهند 179، 180.
* راجع: بزم أشرف ص 58 - 60.
2291 - الشيخ الفاضل شير محمد بن ميان فتح الدين
، رحمه الله تعالى *.
ولد بـ"كهوكهره"، من أعمال "هوشياربور" سنة 1316 هـ.
قرأ العلوم العصرية عدّة سنين.
بايع في السلوك والطريقة على يد حكيم الأمة أشرف على التهانوي سنة 1420 هـ.
وبعد مدة أجازه شيخه للإرشاد والتلقين.
* * *
2292 - الشيخ العالم الكبير شير محمد الأفغاني ثم الدهلوي
* *.
أحد العلماء المشهورين.
دكره صاحب "نزهة الخواطر"، وقال: قرأ المختصرات في بلاد شتى، ثم دخل "دهلي"، ولازم الشيخ عبد القادر بن ولي الله الدهلوي، وقرأ عليه سائر الكتب الدرسية، ثم لازم الشيخ غلام على العلوي الدهلوي، وأخذ عنه الطريقة، ثم تصدّر للتدريس، أخذ عنه خلق كثير من العلماء.
كان ذكيا، فطنا، حادّ الذهن، سريع الملاحظة، قانعا، متوكّلا، شديد التعبّد.
* راجع: بزم أشرف ص 254 - 260.
* * راجع: نزهة الخواطر 7: 240.
وسافر في آخر عمره إلى الحرمين الشريفين للحجّ والزيارة، فمات في الطريق، وكان ذلك في التاسع والعشرين من صفر سنة سبع وخمسين مائتين وألف، كما في "آثار الصناديد".
* * *
آخر الجزء الثامن
ويليه الجزء التاسع، وأوله
حرف الصاد المهملة
والحمد لله حق حمده