الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح مسند الدارمي
الجزء الثاني
شرح وتوثيق
الدكتور مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني
المصدر
المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه المأثورة
تأليف الإمام الحافظ الناقد أبي محمد
عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي رحمه الله
(181 - 255 هـ)
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
32 -
بابٌ فِي فَضلِ الْعِلمِ وَالْعَالِمِ
(1)
330 -
(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ:" رَأَى مُجَاهِدٌ طَاوُساً فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ فِي الْكَعْبَةِ يُصَلِّى مُتَقَنِّعاً، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى باب الكعبة فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، اكْشِفْ قِنَاعَكَ وَأَظْهِرْ قِرَاءَتَكَ. قَالَ: فَكَأَنَّهُ عَبَّرَهُ عَلَى الْعِلْمِ، فَانْبَسَطَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ "
(2)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو النيسابوري إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام
ثقة تقدم، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ هو الطائفي، كان لا يرى رواية الحديث بالمعنى، إمام ثقة روى له الستة، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر إمام ثقة تقدم، وطَاوُسُ، هو ابن كيسان إمام ثقة تقدم.
الشرح:
قوله: «اكْشِفْ قِنَاعَكَ وَأَظْهِرْ قِرَاءَتَكَ» .
ذكروا أن مجاهدا رحمه الله كان قليل التحديث، لا يكثر الرواية، فاتسعت روايته بعد الرؤيا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
331 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ:" الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ مُتَعَلِّمَ خَيْرٍ أَوْ مُعَلِّمَهُ "
(3)
.
(1)
كتب قبالته في (د) ما نصه (بلغ السماع في الأول بقراءة كاتبه محمد بن أحمد المظفري، على الشيخ العلامة أمين الدين إمام جامع الغمري، فسمعه صالح بن أبي الطاهر القادري، وأجاز المستمع مرويه بتاريخ، ثامن رمضان سنة أربعين وسبعمائة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (220).
(3)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (221/ 325).
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة إمام ثقة تقدم، وابْنُ يَمَانٍ، هو يحيى أبو زكريا المقرئ، صدوق تقدم، وابْنُ ثَوْبَانَ، هو عبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان الدمشقي، يعتبر بحديثه، وأَبوه، هو ثابت بن ثوبان الدمشقي، ثقة من أصحاب مكحول، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ، هو السلولين، أخو عاصم ثقة، وكَعْبٍ، هو المشهور بكعب الأحبار ثقة تقدم.
الشرح:
قوله: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا» .
المراد بلعنها طرد ما فيها من المتاع والشهوات، إذ أبغضها الله عز وجل وحقرها وأبغضها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء»
(1)
.
قوله: «إِلاَّ مُتَعَلِّمَ خَيْرٍ أَوْ مُعَلِّمَهُ» .
هذا استثناء من بغض ما فيها إلا ما كان من عمل يقرب من الله عز وجل من العبادات وتعلم الخير وتعليمه، فذاك مما أحبه الله ورسوله ودعا إليه وأمر به عباده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
332 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ بَحِيرٍ
(2)
، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ:" النَّاسُ عَالِمٌ وَمُتَعَلِّمٌ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو الثقفي، أبو يوسف صدوق يخطئ تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن إمام ثقة تقدم، وبَحِيرٌ، هو ابن سعد ثقة تقدم، وخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، هو الحمصي، إمام ثقة جليل تقدم.
(1)
الترمذي حديث (2320).
(2)
زيادة في (ت) ابن سعد.
(3)
سنده حسن، إن كان محمد بن كثير صدوقا كثير الغلط، لكنه في مثل هذا يرجح عدم غلطه، وانظر: القطوف رقم (222/ 326).
الشرح:
تقدم عن ابن مسعود رضي الله عنه ما يؤيد هذا وتم شرحه بما أغنى عن الإعادة، فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
333 -
(4) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: " مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ
(1)
فِي الإِسْلَامِ، لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ "
(2)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو إمام ثقة تقدم قريبا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، هو المكي أبو عمران البصري، إمام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وربما وهم إذا حدث من حفظه، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، والْحَسَنُ، هو البصري، هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
تقدم رقم 98، في ضمنه ما يؤيد هذا؛ لأن العلماء سياج للأمة، فموت العالم الرباني خرم في السياج، وثغرة لا يسد مكانها أحد، وما كل عالم رباني، بل المراد الصفوة من العلماء كشيخنا عبد العزيز بن باز في هذا العصر، وشيخنا محمد الأمين الشنقيطي، وشيخنا حماد الأنصاري، والشيخ الألباني رحمهم الله وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
334 -
(5) أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَسَنِ الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا مُنْذِرٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ:" مَجْلِسٌ يُتَنَازَعُ فِيهِ الْعِلْمُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ قَدْرِهِ صَلَاةً، لَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيَنْتَفِعُ بِهَا سَنَةً، أَوْ مَا بَقِىَ مِنْ عُمُرِهِ "
(3)
.
رجال السند: يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، هو التستري إمام ثقة تقدم، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، هو الرازي، أبو إسحاق التميمي، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّنْعَانِيُّ،
(1)
الثلم في الشيء: الكسر، قال ابن الأثير: فيه (نهى عن الشرب من ثلمة القدح) أي موضع الكسر منه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (223/ 327).
(3)
سنده حسن، محمد بن الحسن بن آتش الصنعاني صدوق إنشاء الله، انظر:(الميزان 4/ 436).
هو الأبناوي ليس بالقوي، روى له أبو داود في المراسيل، وليس له عند الدارمي سوى هذا، مُنْذِرٌ، هو ابن النعمان ثقة أحد أفراد الدارمي، ووَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، هو الذماري أبو عبد الله إخباري إمام ثقة، له في البخاري حديث في كتابة الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه
(1)
.
الشرح:
فيه الحث على مجالس العلم، والتحاور فيه لتّفقه فذلك خير من قدر وقت المجلس يقضيه في صلاة نافلة؛ لأن علما يستفيده في مجلس العلم قد ينتفع به دهرا يعمل به أو يعلمه غيره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
335 -
(6) أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا وَكِيعٌ قَالَ:" قَالَ سُفْيَانُ: مَا أَعْلَمُ عَمَلاً أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَحِفْظِهِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ "
(2)
.
رجال السند:
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الدورقي إمام ثقة تقدم، ووَكِيعٌ، هو ابن الجراح إمام جليل ثقة، وسُفْيَانُ، هو الثوري إمام ثقة تقدم.
الشرح:
تقدم البيان ضمن رقم 255، 264، فأغنى عن الإعادة فلينظر، والمراد بقول سفيان رحمه الله:«مَا أَعْلَمُ عَمَلاً أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ» علم الحديث، وكذلك قول الحسن ابن صالح التالي المراد به علم الحديث.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
336 -
(7) قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: " إِنَّ النَّاسَ لَيَحْتَاجُونَ إِلَى هَذَا الْعِلْمِ فِي دِينِهِمْ، كَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي دُنْيَاهُمْ ".
رجال السند:
تقدموا آنفا والقائل هو وكيع رحمه الله، والحسن بن صالح، هو ابن حي الهمداني، أبو عبد الله الكوفي إمام عابد ثقة.
(1)
البخاري حديث (113).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (225/ 329).
الشرح:
قوله: «إِنَّ النَّاسَ لَيَحْتَاجُونَ إِلَى هَذَا الْعِلْمِ فِي دِينِهِمْ، كَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي دُنْيَاهُمْ» وهو بالسند السابق.
المراد علم السنة، فإنها زادت أحكاما على ما في الكتاب العزيز، وهي قاضية على الكتاب ومبينة له، قال الله عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}
(1)
، فهي من الأهمية في الدين، كأهمية الطعام والشراب لحياة الإنسان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
337 -
(8) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَا: ثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ:" قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: تَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ الْعِلْمُ، فَإِنَّ قَبْضَ الْعِلْمِ قَبْضُ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، إمام ثقة تقدم، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي إمام ثقة تقدم، ومِسْعَرٌ، هو ابن كدام إمام ثقة تقدم، وعَمْرُو ابْنُ مُرَّةَ، هو أبو عبد الله الكوفي، ثقة إمام تقدم، وسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، هو الكوفي، ثقة دلس الرواية عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وأَبُو الدَّرْدَاءِ، هو عويمر رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم من طريق عن سالم به برقم 254، وتم البيان فغنى عن الإعادة فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 338 - (9) أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}
(3)
قَالَ: " حَقٌّ عَلَى كُلِّ من قرأ الْقُرْآنَ أَنْ يَكُونَ
(1)
من الآية (44) من سورة النحل.
(2)
رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين سالم وأبي الدرداء رضي الله عنه، وانظر: القطوف رقم (227/ 330).
(3)
من الآية (79) من سورة آل عمران. وكتب في هامش (ت) كنتم تدرسون، وكتب عليها الرمز (ط).
فَقِيهاً "
(1)
.
رجال السند:
هَارُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، هو الأشعري صدوق تقدم، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، هو النخعي إمام ثقة تقدم، وأَبو عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ، هو ميمون سكت عنه الإمامان، وقال ابن حجر رحمه الله: مستور، والضَّحَّاكُ، هو ابن مزاحم الهلالي، ثقة أرسل روايته التفسير عن ابن عباس رضي الله عنه.
الشرح:
استدل الضحاك رحمه الله بالآية على استحقاق الفقه بالقرآن؛ لأن المطلوب ممن يقرأ القرآن أن يتدبر معانيه، ودلائله ومقاصده، وبذلك يكون ربانيا؛ لأنه ربَّى نفسه على فهم المسائل العلمية الجلية الواضحة، وفقه فيما دق منها على التفصيل، فإن العلم يورث الفقه، والفقه يورث الحلم، فاستحق أن يقال له:
رباني بما علِم وعلَّم وبما درس، فصار حليما حكيما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
339 -
(10) أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنِ الْحَسَنِ {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ}
(2)
قَالَ: " الْحُكَمَاءُ الْعُلَمَاءُ "
(3)
.
رجال السند:
هَارُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وحَفْصٌ، إمامان ثقتان تقدما آنفا، وأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، هو الكندي ضعيف، وضعفه محتمل في مثل هذا، والْحَسَن، هو البصري إمام ثقة تقدم.
الشرح: انظر السابق، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 340 - (11) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وأَبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}
(4)
قَالَ:
(1)
فيه ميمون أبو عبد الله الوراق، خراساني مستور، وانظر: القطوف رقم (228/ 331).
(2)
من الآية (63) من سورة المائدة.
(3)
فيه أشعث بن سوار: ضعيف يقويه ما تقدمه وما يليه، وانظر: القطوف رقم (229/ 332).
(4)
سورة آل عمران.
" عُلَمَاءُ فُقَهَاءُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري لابأس به تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هو إبراهيم بن محمد ثقة إمام تقدم، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، هو أبو محمد الثقفي، صدوق اختلط، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو شهيد الحجاج إمام ثقة.
الشرح: انظر ما تقدم آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
341 -
(12) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: " يُرَادُ لِلْعِلْمِ الْحِفْظُ وَالْعَمَلُ وَالاِسْتِمَاعُ وَالإِنْصَاتُ
وَالنَّشْرُ "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو اليشكري، أبو قدامة السرخْسي، وهو أول من نشر السنة بها، إمام ثقة، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، إمام ثقة تقدم.
الشرح:
هذه مراحل تعلم العلم، وفيها لفّ ونشر غير مرتب، والترتيب يقتضي أن تكون المرحلة الأولى الإنصات بين يدي المعلم، وتليه الثانية الاستماع والمراد منه للإصغاء، ويلي ذلك حفظ ما سمع واتقانه، يلي ذلك العمل بما علم، ثم نشره في الناس ودعوتهم إليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
342 -
(13) قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أحمد بن مُحَمَّدٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ:" أَجْهَلُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ مَا يَعْلَمُ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ أَخْشَعُهُمْ لِلَّه عز وجل ".
(1)
فيه محمد بن عيينة الفزاري المصيصي: لابأس به، ويقويه ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (230/ 333).
(2)
أخرجه البيهقي من وجه آخر عن ابن عيينة، يقول:" أول العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر" شعب الإيمان رقم (1658).
قوله: " قال: وأخبرني " القائل هو عبيد الله بن سعيد، تقدم أنفا، وقوله:" وأخبرني أحمد " في النسخ الخطية (محمد) وقد نبه عليه صاحب فتح المنان، وصوبه من نسخت كُتِبت سنة (800) رمزلها (م - م) وهي النسخة التي قوبلت عليها نسخة صديق حسن خان التي نسخها بيده في (20/ 3/ 1280) هـ (فتح المنان 3/ 26) وانظر تحقيقي لمسند الدارمي.
رجال السند:
أحمد بن مُحَمَّدٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن حنبل إمام السنة وشيخ الإسلام رابع الأئمة رأس في العلم والعمل، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، إمام ثقة تقدم.
الشرح:
قوله: " قال" القائل هو عبيد الله بن سعيد السرخسي، فهو موصول بالسند السابق.
قوله: «أَجْهَلُ النَّاسِ مَنْ تَرَكَ مَا يَعْلَمُ» ؛ لأنه يكون عالة على غيرة من العلماء، ويكون خطأه في دينه ودنياه أكثر من صوابه.
قوله: «وَأَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ» .
لأنه أعقلهم أيضا؛ ولأنه عقل أنه مسؤول عن علمه ماذا عمل به، فالعلم شجرة والعمل ثمرة.
قوله: «وَأَفْضَلُ النَّاسِ أَخْشَعُهُمْ لِلَّه عز وجل» وفي نسخة " وأخشاهم "؛ لأن
الله عز وجل قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(1)
، والخشية هي منتهى الخوف والمراقبة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
343 -
(14) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ
- هُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ -، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: مَنْهُومٌ في الْعِلْمِ لَا يَشْبَعُ مِنْهُ، وَمَنْهُومٌ فِي الدُّنْيَا لَا يَشْبَعُ مِنْهَا، فَمَنْ تَكُنِ الآخِرَةُ هَمَّهُ وَبَثَّهُ وَسَدَمَهُ
(2)
يَكْفِي اللَّهُ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَمَنْ تَكُنِ الدُّنْيَا هَمَّهُ وَبَثَّهُ وَسَدَمَهُ،
(1)
من الآية (28) من سورة فاطر.
(2)
في حاشية (ت، ك) السدم: هو الندم، بفتح الدال: وهو خطأ، قال ابن الأثير: السدم: اللهج والولوع بالشيء (النهاية 2/ 355) والبث هنا: أشد الحزن والمرض الشديد (النهاية 1/ 95).
يُفْشِى اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ لَا يُصْبِحُ إِلاَّ فَقِيراً وَلَا يُمْسِي إِلاَّ فَقِيراً"
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، هو أبو عبد الرحمن القرشي، ثقة روى له الستة، وعُبَيْدُاللَّهِ ابْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب الرقي، إمام ثقة تقدم، وزَيْدُ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، هو أبو أسامة الرهاوي، كان عالما فقيها، إماما ثقة روى له الستة، وسَيَّارُ، هو أبو الحكم العنزي، إمام ثقة روى له الستة، والْحَسَنُ، هو البصري من كبار التابعين إمام ثقة تقدم.
الشرح:
كأن الحسن رحمه الله أراد شرح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «منهومان لا يشبعان طالبهما: طالب علم، وطالب الدنيا»
(2)
، فقال رحمه الله: " مَنْهُومٌ في الْعِلْمِ لَا يَشْبَعُ مِنْهُ، وَمَنْهُومٌ فِي الدُّنْيَا لَا يَشْبَعُ مِنْهَا، فَمَنْ تَكُنِ الآخِرَةُ هَمَّهُ وَبَثَّهُ وَسَدَمَهُ
(3)
يَكْفِي اللَّهُ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَمَنْ تَكُنِ الدُّنْيَا هَمَّهُ وَبَثَّهُ وَسَدَمَهُ، يُفْشِي اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَجْعَلُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ لَا يُصْبِحُ إِلاَّ فَقِيراً وَلَا يُمْسِي إِلاَّ فَقِيراً "
والمنهوم هو الأكولة الذي يملأ بطنه من الطعام ولا تزال هيئته نطلب المزيد، فهو لا يشبع من الطلب، فمنهوم العلم محمود لحرصه والزيادة فيه تنفع ولا تضر؛ لأن همه الآخرة، وندمه على التفريط كبير، ونتيجة هذا أن الله عز وجل يكفيه كسبه ويجعل غناه في قلبه، ومنهوم الدنيا لا يشبع منها والزيادة منه قد تضر ولا تنفع؛ لأنه مسئول عن مكاسبه، عن مداخلها ومخارجها، ونتيجة ذلك أن الله عز وجل يوسع عليه كسبه ويجعله دائما لا يرى إلا أنه فقير يطلب المزيد، كثير الولع والهلع بالدنيا، ويؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»
(4)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (233/ 336).
(2)
الطبراني في الكبير حديث (10388).
(3)
في حاشية (ت، ك) السدم: هو الندم، بفتح الدال: وهو خطأ، قال ابن الأثير: السدم: اللهج والولوع بالشيء (النهاية 2/ 355) والبث هنا: أشد الحزن والمرض الشديد (النهاية 1/ 95).
(4)
البخاري حديث (6436) ومسلم حديث (1048).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
344 -
(15) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ عَوْنٍ قَالَ: قَالَعَبْدُاللَّهِ رضي الله عنه: " مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: صَاحِبُ الْعِلْمِ وَصَاحِبُ الدُّنْيَا وَلَا يَسْتَوِيَانِ، أَمَّا صَاحِبُ الْعِلْمِ: فَيَزْدَادُ رِضًا لِلرَّحْمَنِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الدُّنْيَا فَيَتَمَادَى فِي الطُّغْيَانِ "
(1)
. ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}
(2)
وقال للآخر: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(3)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي إمام ثقة تقدم، وأَبُو عُمَيْسٍ، هو عتبة بن عبد الله ابن عتبة المسعودي، ثقة روى له الستة، وعَوْنٌ، هو ابن عبد الله ابن عتبة الكوفي، أبو عبد الله الهذلي، ثقة وروايته عن عبد الله بن مسعود مرسلة، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم آنفا نحو هذا عن الحسن البصري رحمه الله، فأغنى عن الإعادة فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
345 -
(16) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُخْتَارٍ، ثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ الأَزْهَرِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(4)
قَالَ: " مَنْ خَشِيَ اللَّهَ فَهُوَ عَالِمٌ "
(5)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُخْتَارٍ، هو الرازي فيه كلام، والذي يظهر أنه لابأس به، وعَنْبَسَةُ بن
(1)
رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين عون بن عبد الله الهذلي وعبد الله بن مسعود، وانظر: القطوف رقم (234/ 337).
(2)
الآيتان (6، 7) سورة العلق.
(3)
من الآية (28) من سورة فاطر.
(4)
من الآية (28) من سورة فاطر.
(5)
فيه محمد بن حميد أبو عبد الله الرازي: ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، وانظر: السابق.
الأَزْهَرِ، هو الشيباني أبو يحيى، قاضي الري وجرجان لابأس به، وسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، هو صدوق من أقواله: أدركت ثمانين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ذهب بصري، فدعوت الله فرد علي بصري، عِكْرِمَةَ، إمام تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، هو عبد الله رضي الله عنهما.
الشرح: أنظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
346 -
(17) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاووُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْمٍ، وَطَالِبُ دُنْيَا "
(1)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، هو الأودي إمام ثقة تقدم، عَنْ لَيْثٍ، هو ابن أبي سليم، يقبل في المتابعات والشواهد تقدم، وطَاووُسٌ، هو ابن كيسان إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
انظر ما تقدم برقم 341، وما بعده فقد أغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
347 -
(18) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ ابْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ فَأَدْرَكَهُ كَانَ لَهُ كِفْلَانِ مِنَ الأَجْرِ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنَ الأَجْرِ»
(2)
.
رجال السند: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري إمام ثقة تقدم، ويَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الصَّنْعَانِيُّ، نسبة لصنعاء الشام، أبو كامل الدمشقي، يقبل في الترغيب والترهيب، وهو من أفراد الدارمي، ورَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، هو الإيادي إمام ثقة تقدم، وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ رضي الله عنه.
(1)
فيه ليث بن أبي سليم: صدوق اختلط جدا، وانظر رقد (336، 337)، وانظر: القطوف رقم (236/ 339).
(2)
فيه يزيد بن ربيعة أبو كامل: قال أبو حاتم: كان في بدء أمره مستويا ثم اختلط، وقال: ليس بشيء وانكر أحاديثه عن الأشعث (الجرح والتعديل 9/ 261)، وانظر: القطوف رقم (237/ 340).
الشرح:
في هذا بشارتان: الأولى لمن طلب العلم بإخلاص حتى استحق أن يقال: إنه عالم؛ لأنه أدرك غايته منه، فهذا له أجران؛ أجر الطلب وإدراك العلم النافع، والبشارة الثانية لمن طلب العلم واجتهد في التحصيل، ولم يدرك أن يقال: إنه من العلماء، فله أجر السعي في الطلب والاجتهاد في ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
348 -
(19) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى شَيْبَةَ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ عَبَّاسٍ
(1)
الْعَمِّيِّ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ
(2)
عليه السلام كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي تَعَالَيْتَ فَوْقَ عَرْشِكَ، وَجَعَلْتَ خَشْيَتَكَ عَلَى مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، فَأَقْرَبُ خَلْقِكَ مِنْكَ مَنْزِلَةً أَشَدُّهُمْ لَكَ خَشْيَةً، وَمَا عِلْمُ مَنْ لَمْ يَخْشَكَ، أَوْ مَا حِكْمَةُ مَنْ لَمْ يُطِعْ أَمْرَكَ
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى شَيْبَةَ، إمام ثقة تقدم، ومَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، الفزاري أبو عبد الله قيل: إنه يدلس بالتسوية، إمام ثقة روى له الستة، وعَوْفُ، هو ابن أبي جميلة الأعرابي، روى له الستة، رمي بالتشيع والقدر، وعَبَّاسُ الْعَمِّيُّ، هو من أفراد الدارمي، ولا يقدح عدم معرفته في مثل هذا.
وهذا دعاء طيب من نبي طيب هو داود عليه السلام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
349 -
(20) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا سَلاَّمٌ - هُوَ ابْنُ أَبِي مُطِيعٍ - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْهَزْهَازِ يُحَدِّثُ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: اغْدُ عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً، وَلَا خَيْرَ فِيمَا سِوَاهُمَا.
(1)
في (د) ابن عباس.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
فيه عباس العمي: لم أقف عليه وليس في هذه الرواية ما ينكر، والاستفهام إنكاري، أي لا علم لمن لم يخش الله، ولا حكمة لمن لم يطع أمره، وانظر: القطوف رقم (238/ 341).
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، هو العمي أبو الهيثم البصري، إمام ثقة متقن روى له الستة، وسَلاَّمٌ ابْنُ أَبِي مُطِيعٍ، هو البصري أبو سعيد الخزاعي، ثقة تكلموا في حديثه عن قتادة، روى له الشيخان في الصحيح، وأَبَو الْهَزْهَازِ، هو نصر بن زياد العجلي، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان فلابأس، وهو من أفراد الدارمي، وله عنده هذا فقط، والضَّحَّاكُ، هو ابن مزاحم ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث في سنده أبو الهزهاز نصر بن زياد العجلي: سكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل 8/ 465) وذكره ابن حان في (الثقات 5/ 476)، وانظر: القطوف رقم (239/ 342). تقدم ضمن رقم 255 - (10) وتم البيان بما أغنى عن الإعادة فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
350 -
(21) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَا الْوَلِيدُ ابْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَتَكُونُ فِتَنٌ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِناً وَيُمْسِى كَافِراً إِلاَّ مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ» .
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو ثقة أثنى عليه الإمام أحمد تقدم، والْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو أبو العباس دمشقي كثير تدليس التسوية، ثقة إذا سلم من ذلك تقدم، والْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو القرشي أبو عبد الرحمن، ثقة أثنى عليه أبو حاتم، وعَلِىُّ بْنُ يَزِيدَ، هو الألهاني ضعيف تقبل روايته في الترغيب والترهيب، والْقَاسِمُ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ابن عبد الله ابن مسعود، وأَبو أُمَامَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالفتنة: الاختلاف الذى يكون بين أهل الإسلام ولا إمام لهم مجتمع على الرضا بإمامته، لما يستنكر من سيرته في رعيته، فافترقت رعيته عليه حتى صار افتراقهم إلى القتال لمّا رضيت منهم فرقة إماما غيره، وأقامت فرقة على الرضا به، قالوا: وهى التي أمر النبى صلى الله عليه وسلم بكسر السيوف فيها ولزوم البيوت، وهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي،
والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به»
(1)
، وهي فتن لا تخص زمان دون آخر، بل هي دول في كل زمان إلى قيام الساعة، وممن قعد في الفتنة حذيفة، ومحمد بن سلمة، وأبو ذر، وعمران ابن حصين، وأبو موسى الأشعري، وأسامة بن زيد، وأهبان ابن صيفي، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وأبو بكرة رضي الله عنهم، ومن التابعين؛ شريح القاضي، وإبراهيم النخعي، ومحمد بن سيرين وغيرهم رحمهم الله، والواجب على الناس إذا اقتتل حزبان من المسلمين بهذه الصفة ترك معاونة أحدهما على الآخر وعليهم لزوم البيوت، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر، ومحمد بن سلمة، وعبد الله بن عمر، ومن تقدم ذكرهم رضي الله عنهم، ولكن من اعتزل الفريقين ودّخِل عليه منزله، وأتى من يريد نفسه، فعليه دفعه عن نفسه، وإن أتى الدفع على نفسه، عملا بإباحة الدفع عن النفس في الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:«من قتل دون ماله فهو شهيد»
(2)
، وكذلك من قتل دون أهله عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:«من قاتل دون نفسه حتى يقتل فهو شهيد، ومن قاتل دون أهله حتى يقتل، فهو شهيد، ومن قتل في حب الله فهو شهيد» فالواجب على كل من أريدت نفسه وماله ظلما دفع ذلك ما وجد إليه السبيل، متأولا كان المريد أو معتمدا للظلم؛ لأن ذلك عندهم ظلم وعلى كل أحد دفع الظلم عن نفسه بما قدر عليه، والحديث في سنده علي بن يزيد الألهاني: صاحب القاسم، ضعيف، وأخرجه ابن ماجة (9) حديث (3954).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
351 -
(22) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِىُّ قال: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " اغْدُ عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً، وَلَا تَغْدُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا بَيْنَ ذَلِكَ جَاهِلٌ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَبْسُطُ
(3)
أَجْنِحَتَهَا لِلرَّجُلِ غَدَا يَبْتَغِى الْعِلْمَ مِنَ الرِّضَا بِمَا يَصْنَعُ "
(4)
.
(1)
البخاري حديث (3601) ومسلم حديث (2886).
(2)
البخاري حديث (2480) ومسلم حديث (141).
(3)
في حاشية (ت) لتبسط وعليها (صح، والرمز ط).
(4)
سنده حسن.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس إمام ثقة تقدم، والأَوْزَاعِىُّ، هو عبد الرحمن إمام ثقة تقدم، وهَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، هو البصري قليل الرواية جدا، ثقة زاهد، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم ضمن رقم 255، ورقم 256، ورقم 348، وتقدم البيان بما أغنى عن الإعادة فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
352 -
(23) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ
(1)
قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلَيْنِ كَانَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَحَدُهُمَا كَانَ عَالِماً يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ، وَالآخَرُ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ هَذَا الْعَالِمِ الَّذِي يُصَلِّى الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ، عَلَى الْعَابِدِ الَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ رَجُلاً»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، والأَوْزَاعِيُّ، تقدما آنفا، والْحَسَن، هو البصري تقدم.
الشرح: تقدم برقم 296، وتم البيان فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
353 -
(24) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَمَيَّلْتُ
(3)
إِلَى أَيِّهِمَا أَجْلِسُ؟ فَنَعَسْتُ، فَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ: مَيَّلْتَ
(4)
إِلَى أَيِّهِمَا تَجْلِسُ؟ إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مَكَانَ جِبْرِيلَ مِنْ حُمَيْدِ
(1)
في (ك) علق (الحسين) وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين الأوزاعي والحسن، وتقدم من طريق مكحول مرسلا (293).
(3)
في (ت) فمقلت، صوبت في الهامش.
(4)
أي: تردد، تقول العرب: إني لأميّل بين ذينك الأمرين، وأمايل بينهما أيهما آتي (النهاية 4/ 382).
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو البجلي ثقة من كبار شيوخ مسلم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، هو العباداني أبو عاصم البصري، ليس به بأس من أفراد الدارمي، والْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، هو أبو سلمة البصري، لابأس به روى عنه عبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، وابْنُ سِيرِينَ، محمد من أئمة التابعين، والأسْوَدُ بْنُ سَرِيْعٍ، هو السعدي أبو عبد الله المنقري، صابي غزا أربع غزوات، ولعله كان يقصها في مسجد البصرة، إذ كان أول قاص في البصرة، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو فقيه البصرة، تابعي ثقة، أثنى عليه ابن سيرين تقدم.
الشرح:
المراد أن الحسن البصري رحمه الله تردد إلى أي المجلسين يميل، وقوله:" فَنَعَسْتُ " القصة مختصرة، فصلت فيما روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم، وأنه مال إلى حلقة الفقه، فلما رجع إلى بيته نام فرأى من بين له الأفضل من المجلسين، وهو مجلس حميد الذي يتكلم في الفقه وحضره جبريل عليه السلام، وفي هذا بيان أن التفقه في الدين أفضل من سماع أحداث الغزوات لما في ذلك من بيان الحلال والحرام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
354 -
(25) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ رَجَاءِ ابْنِ حَيْوَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: " كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنَ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ
(2)
غَيْرُهُ؟ قَالَ: لا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ بِهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ
(1)
فيه عبد الله بن عبيد الله، قال الذهبي: واه (الميزان 3/ 172) وقوى شأنه ابن حجر، عن ابن معين: ليس بهبأسصالح الحديث، وعن أبي زرعة: شيخ، وقال أبو حاتم: ليس بهبأس (لسان الميزان 3/ 314) وانظر (الجرح والتعديل 5/ 100 - 101)، وانظر: القطوف رقم (242/ 346).
(2)
في المطبوع (بغاء لك).
لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظِّهِ
(1)
- أَوْ
(2)
بِحَظٍّ وَافِرٍ».
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، هو الجهضمي أبو عمرو البصري، إمام ثقة قدوة، روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، هو الخريبي أبو عبد الرحمن الشعبي، إمام ثقة عابد روى له الستة عدا مسلم، وعَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، هو الفلسطيني لابأس به، ودَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، هو مجهول، وكَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ ضعيف، وهم فيه محمد بن يزيد الواسطي، فقال: قيس ابن كثير، وأَبو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
الشرح:
كانت الرحلة في طلب الحديث من غايات طلب العلم بدأت في عهد الصحابة واستمرت دهرا إلى آخر عصر الرواية، ومن فوائدها استيثاق الرواية، وعلو السند إليها، وبعد عصر الرواية بقيت للتبرك ولو حصل منها علو في السند، لكن ما بعد عصر الرواية لا يخضع للجرح والتعديل، لنضوج ذلك في عصر الرواية واستقرار أقوال أئمة الجرح والتعديل رحمهم الله، وقد رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلى عبد الله بن أنيس لطلب حديث واحد، واستغرقت رحلته شهرا كاملا، وكذلك رحل زر بن حبيش إلى صفوان ابن عسال ليسأله عن المسح على الخفين.
(1)
أخرجه أبو داود حديث (3641) وفيه داود بن جميل، وشيخه كثير بن قيس: ضعيفان، وكثير بن قيس هو الصواب، لا قيس بن كثير، قال المزي: فقد اتفقت الروايات كلها على أنه كثير بن قيس، إلا ما روي عن محمد بن يزيد الواسطي، في إحدى الروايتين عنه، والوهم في ذلك منه والله أعلم (تهذيب الكمال 24/ 150) وأخرجه أبو داود حديث (3641 - 3642) والترمذي حديث (2682) ويشهد له رواية ابن عباس اللاحقة عند المصنف.
(2)
سقطت من (ت).
قوله: «قَالَ: فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لا» .
سأله عن النية والقصد، فبين له أنه لم يخرج لحاجة سوى العلم، ولهذا عظم الأجر، لأهمية طلب العلم والإخلاص فيه، وهذا مما يندرج تحت الخروج في سبيل الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أخبره أبو الدرداء فقال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ بِهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ» .
المراد أن من سار في طريق إلى مجالس العلم، وفقه الله عز وجل ليسلك بالعلم طريقا يوصله إلى الجنة، والمراد بالعلم علم الشريعة.
قوله: «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ» .
المراد أنها تتواضع إجلالا لطالب العلم، وإكراما لما هو فيه من العمل. قوله:«وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ» .
هذا من تعظيم طلب العلم، وعظم الله طالبه وكرمه، وجعل هذه المخلوقات تجله وتستغفر له، لجلالة ما هو فيه من العمل، ولذلك قال الله عز وجل:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}
(1)
، فالصلاة من الله عز وجل الرحمة والبركة، ومن الملائكة وغيرهم الدعاء والاستغفار.
قوله: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ» . في هذا بيان مكانة العالم وتميزه عن العابد وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم برقم 296 - (2): «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(2)
، إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ وَالنُّونَ فِي الْبَحْرِ، يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْخَيْرَ»
(3)
.
(1)
من الآية (43) من سورة الأحزاب.
(2)
من الآية (28) من سورة فاطر.
(3)
هذا مرسل سنده حسن، أخرجه الترمذي موصولا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه حديث (2685) وقال: هذا حديث حسن غريب.
لأن الأنبياء عليهم السلام هم أنصح الخلق للأمم ولذلك قال الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}
(1)
.
قال الحسن البصرى رحمه الله: ما زال لله ناس ينصحون لله في عباده، وينصحون لعباد الله في حق الله عليهم، ويعملون له في الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض.
وقال الآجري رحمه الله: والنصيحة لرسول الله على وجهين: فنصيحة من صاحبه وشاهده، ونصيحة من لم يره.
فأما صحابته، فإن الله شرط عليهم أن يعزروه ويوقروه وينصروه، ويعادوا فيه القريب والبعيد، وأن يسمعوا له ويطيعوا، وينصحوا كل مسلم، فوفوا بذلك وأثنى الله عليهم به.
وأما نصيحة من لم يره: فأن يحفظوا سنته على أمته وينقلوها ويعلموا الناس شريعته ودينه ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فإذا فعلوا ذلك فهم ورثة الأنبياء.
ويذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر يوما في السوق بقوم مشتغلين بتجاراتهم فقال: " أنتم هاهنا، وميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد؟ فقاموا سراعا إليه فلم يجدوا فيه إلا القرآن والذكر ومجالس العلم فقالوا: أين ما قلت يا أبا هريرة؟، فقال: هذا ميراث محمد صلى الله عليه وسلم يقسم بين ورثته، وليس من ميراثه دنياكم.
قوله: «وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ» .
لأنه السبيل الصحيح لإظهار الإسلام ونشر الأحكام، والعلم بأحوال الظاهر والباطن على تباين أجناسه واختلاف أنواعه.
قوله: «فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظِّهِ، أَوْ بِحَظٍّ وَافِر» .
أي: العلم من أخذ به أخذ نصيبا تاما لا حظ أوفر منه خيرا وبركة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 355 - (26) حَدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:"مُعَلِّمُ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ"
(2)
.
(1)
الآية (128) من سورة التوبة.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (243/ 349).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو أبو عبد الله الثغري، لابأس به تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هو إبراهيم بن محمد إمام ثقة شديد على أهل البدع، والأَعْمَشُ، هو سليمان بن مهران إمام ثقة تقدم، وشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو الأسدي ثقة له أحاديث صالحة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، شهيد الحجاج تابعي إمام ثقة تقدم، وابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
انظر رقم 353، فقد تقدم البيان بما أغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
356 -
(27) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً إِلاَّ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وزَائِدَةُ، والأَعْمَشُ، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان، تقدموا جميعا وهم أئمة ثقات، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
انظر رقم 353 - (24) فقد تقدم البيان بما أغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
357 -
28) حدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ - هُوَ الْقُمِّيُّ -، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" مَا سَلَكَ رَجُلٌ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ الْعِلْمَ إِلاَّ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ يُبْطِئْ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ"
(2)
.
(1)
أخرجه أبو داود حديث (3643) وأخرجه مسلم ضمن حديثه الطويل حديث (2699) واختصره الترمذي حديث (2646).
(2)
سنده حسن، وانظر: السابق.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، ويَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، هو ابن عبد الله الأشعري، لابأس به، وهَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، هو الشيباني أبو عبد الرحمن الكوفي، لابأس به، وتجتب رواية ابنه عبد القدوس عنه، وأَبوه، هو عنترة ابن عبد الرحمن الشيباني، من ثقات التابعين روى له النسائي، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
تقدم البيان برقم 352، فأغنى عن الإعادة.
(1)
.
والمراد بقوله: «ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه» .
من أخره عمله عن دخول الجنة لم يسرع به نسبه إلى دخول الجنة؛ لأن المعتبر في ذلك الإيمان والتقوى، كما قال الله عز وجل:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
(2)
، العمل هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال الله عز وجل:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}
(3)
، فمن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله عز وجل لم يسرع به
(1)
مسلم حديث (2699).
(2)
من الآية (13) من سورة الحجرات.
(3)
من الآية (132) من سورة الأنعام.
نسبه فيبلغه تلك الدرجات؛ فإن الله رتب الجزاء على الأعمال لا على الأنساب، كما قال عز وجل:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}
(1)
.
وفي هذا قال شاعر:
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه
…
فلا تترك التقوى اتكالا على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس
…
وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
358 -
(29) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
(2)
قَالَ: " هَلْ مِنْ طَالِبِ خَيْرٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو ابن أبي عطاء صدوق يخطئ تقدم، وابْنُ شَوْذَبٍ، هو عبدالله البلخي ثقة تقدم، ومَطَرٌ
(4)
، هو ابن طهمان الوراق، حديثه حسن تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
359 -
(30) قال: وَأَخْبَرَنَا مَرْوَانُ عَنْ ضَمْرَةَ قَالَ: طَالِبِ عِلْمٍ
(5)
.
رجال السند:
وَأَخْبَرَنَا مَرْوَانُ، هو الطاطري إمام ثقة تقدم، وضَمْرَةُ، هو ابن ربيعة أبو عبد الله الفلسطيني، راوية حديث ابن شوذب، ثقة مأمون.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
360 -
(31) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا يَعْقُوبُ - هُوَ الْقُمِّيُّ - عَنْ عَامِرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه إِذَا رَأَى طَلَبَةَ الْعِلْمِ قَالَ:
(1)
الآية (101) من سورة المؤمنون.
(2)
الآية (17) من سورة القمر.
(3)
فيه محمد بن كثير بن أبي عطاء: وشيخه مطر: كلاهما صدوق كثير الخطأ، وانظر: القطوف رقم (245/ 351).
(4)
في (ك) مطرف: وهو تحريف.
(5)
سنده حسن.
" مَرْحَباً بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى بِكُمْ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، ويَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، هو ابن عبد الله الأشعري، لابأس به، وعَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الأصبهاني كان مؤذنا، روى عنه شيخه القمي، وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر، لابأس به، وأَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
والمراد من قول أبي الدرداء إكرام طالب العلم، وتشجيعه على الطلب، ولاسيما حينما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بكم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
361 -
(40) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ في مَسْجِدِهِ، فَقَالَ: «كِلَاهُمَا عَلَى خَيْرٍ، وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيُرَغِّبُونَ إِلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ وَالْعِلْمَ وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ فَهُمْ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّماً» قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ فِيهِمْ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، هو قاضي أفريقيا، شديد في وعظ الظلمة من الولاه، تقبل روايته في الترغيب والترهيب وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ، هو كتلميذه تولى القضاء في إفريقية، ضعيف وجدت له مناكير في حديثه، واتهم بها تلميذه زياد، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
الشرح: تقدمت المفاضلة بين المجلسين برقم 352 - (23) ولا ريب أن التفقه في الدين أولى، وهذه الرواية فيها ضعيفان، والرواية تدخل في الترغيب، وجميع حلقات العلم فيها خير إذا استندت إلى الكتاب والسنة، وابعدت عن البدع، ورأس الأمر فيها التفقه في الدين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»
(3)
.
(1)
سنده حسن.
(2)
فيه ضعيفان، ابن زياد وابن رافع، وانظر: القطوف رقم (248/ 354).
(3)
البخاري حديث (71) ومسلم حديث (1037).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
362 -
(41) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّهُ قَالَ لاِبْنِهِ:" يَا بُنَيَّ إِنَّ الْعِلْمَ خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام ثقة تقدم آنفا، والْمَسْعُودِيُّ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ثقة تغير تقدم، وعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن عتبة أخو عبد الرحمن ثقة تقدم، ومُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، هو البصري أبو عبد الله العامري، أخو يزيد تابعي إمام ثقة ولأبيه صحبة، وابْنه، هو عبد الله بن مطرف تابعي عابد مات قبل أبيه.
الشرح:
المراد بقوله: " إن العلم خير من العمل " بيان أن الانقطاع للعبادة وترك العلم والتفقه خير منه العلم؛ لأن العلم أساس العبادة، ولذلك تقدم برقم 297، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
363 -
(42) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حَيْوَةُ، أَنَبأ شُرَحْبِيلُ بْنُ
(3)
شَرِيكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يَقُولُ: " لَيْسَ هَدِيَّةٌ أَفْضَلَ مِنْ كَلِمَةِ حِكْمَةٍ تُهْدِيهَا لأَخِيكَ"
(4)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام ثقة تقدم آنفا، وحَيْوَةُ، هو ابن شريح بن صفوان التجيبي المصري، إمام ثقة قدوة روى له الستة، وشُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، هو المعافري أبو محمد
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (249/ 355).
(2)
من الآية (28) من سورة فاطر.
(3)
في بعض النسخ الخطية" عن" وهو خطأ.
(4)
سنده حسن.
المصري، ليس به بأس روى له مسلم، وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيّ، هو عبد الله بن يزيد المعافري، تابعي أرسله عمر بن عبد العزيز إلى افريقيا ليعلم أهلها، ثقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
364 -
(43) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، ومُحَمَّدُ ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ مِائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ، حُضْرُ الْفَرَسِ الْمُضَمَّرِ السَّرِيعِ.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، هو الأصبهاني، ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، هو أبو زكريا المقرئ، أكثر عن الثوري صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، هو القرشي إمام ثقة شبهه ابن المبارك بالياقوتة بين العلماء تقدم، والزُّهْرِيُّ، محمد مسلم إمام ثقة تقدم.
الشرح:
قوله: " حضر " الحضر بالضم: العَدْو، ومنه الحديث (أنه أقطع الزبير حُضر فرسه بأرض المدينة) النهاية 1/ 3989، والخبر مرسل سنده مقارب، وانظر: القطوف رقم (251/ 357)، وقول الزهري هذا ليس مما يقال بالرأي، والمراد بالمجتهد المداوم على العبادة من صوم وصلاة ونافلة، وليس المراد المجتهد في العلم، وهذا مثل ما سبق من تفضيل العالم على العابد، انظر رقم 297، 360.
أما تقدير الدرجات فالمراد أن بين كل درجة وأخرى مسافة ما يجريه الفرس القوي المضمّر، وقد ورد هذا في وصف سرعة اجتياز الصراط حسب الأعمال فذكر منهم من يكون اجتياز على الصراط كسرعة الفرس المُحْضر، وطريقة تضمير الخيل أن تسمن ثم يقلل لها العلف حتى تجوع تضمر بطونها، ثم تجرى شيئا فشيئا، حتى تقوى عضلاتها، فتنازل أقرانها في الميدان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 365 - (44) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حَيْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} من الآية (11) من سورة المجادلة.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام ثقة تقدم، وحَيْوَةَ هو ابن شريح إمام ثقة قدوة تقدم آنفا، السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، هو شامي سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان فلابأس، وهو من أفراد الدارمي، وعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
في سنده السكن، سكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل 4/ 288) وانظر: القطوف رقم (252/ 358) وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
366 -
(45) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّارُ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِىَ بِهِ الإِسْلَامَ، فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ»
(1)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّارُ، هو أبو محمد البصري لابأس به روى له ابن ماجه، ونَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو مجهول، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو مجهول، وعَمْرُو ابْنُ كَثِيرٍ، هو مجهول، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
يكفي أن سنده مسلسل بالمجاهيل، حاشا الحسن، وقد أرسله رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
367 -
(46) حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا مِهْرَانُ، ثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: ذَهَبَ عُمَرُ بِثُلُثَي الْعِلْمِ، قال: فَذُكِرَ لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ:
" ذَهَبَ عُمَرُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون، ومِهْرَانُ، هو ابن أبي عمر العطار، أبو عبد الله الرازي لا يأس به، وأَبُو سِنَانٍ، هو
(1)
سنده مجهول، عدا الحسن البصري، وانظر: القطوف رقم (253/ 359).
(2)
فيه محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (254/ 360).
سعيد بن سنان البرجمي، عابد صالح، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي إمام ثقة تقدم، وعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، هو الأودي إمام ثقة تقدم، وعُمَرُ، هو ابن الخطاب رضي الله عنه.
الشرح:
ليس المراد العلم بالكتاب والسنة، ولم يكن من المكثرين في الرواية رضي الله عنه وكان يستشير الصحابة رضي الله عنهم في كثير من الأمور، وقد قال: الأعمش رحمه الله: ليس هذا ولكنه العلم بالله عز وجل. وهذا فهم حسن فإن عمر رضي الله عنه كان شديد المراقبة لنفسه، وكان يتفانا في الرعاية والإصلاح، وبناء دولة الإسلام، وكان بعيد النظر في مصالح الأمة، ولذلك حقق من الخير واتساع ديار الإسلام ما لم يستن لغيره رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
368 -
(47) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ، أَنْبَأ شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتَذَاكَرُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلاَّ أَظَلَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِى بِهِ الْعِلْمَ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقاً مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ "
(1)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ، هو البزاز لابأس به تقدم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، ويَزِيدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، هو يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الأسدي، صدوق يخطئ كثيرا ويدلس، روى له الأربعة، وهَارُونُ، هو ابن عنترة، لابأس به، وتجتب رواية ابنه عبد القدوس عنه تقدم، وأَبوه، هو عنترة ابن عبد الرحمن الشيباني، من ثقات التابعين، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
تقدم برقم 255، 353، 355، وتم البيان بما أغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
369 -
(48) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: " غَدَوْتُ عَلَى صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْمَسْحِ
(1)
سنده حسن، وانظر: رقم (347، 361).
عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟، قُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ. قَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم "، وَقَالَ:«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضاً بِمَا يَطْلُبُ»
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، هو القيسي أبو عثمان البصري، صالح روى له الستة، وحَمَّادٌ بْنُ سَلَمَةَ، إمام ثقة تقدم وعَاصِمٌ، هو ابن بهدلة إمام ثقة تقدم، وزِرٌّ، هو ابن حبيش أبو مريم الكوفي، تابعي مقرئ إمام ثقة، وصَفْوَانُ ابْنُ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ، هو صحابي رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
33 -
بابٌ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَرَدَّهُ الْعِلْمُ إِلَى النِّيَّةِ
370 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ: " سَمِعْتُ سُفْيَانَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ: مَا كَانَ طَلَبُ الْحَدِيثِ أَفْضَلَ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَالُوا لِسُفْيَانَ: إِنَّهُمْ يَطْلُبُونَهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، قَالَ: طَلَبُهُمْ إِيَّاهُ نِيَّةٌ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، هو الأصبهاني، ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، هو المقرئ، أكثر عن الثوري صدوق، وسُفْيَانَ، هو الثوري إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد أن داخل في الأعمال التي لا تصح إلا بنية عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه»
(3)
، فمباشرة العمل تصحح القصد،
(1)
سنده حسن، وانظر: رقم (344، 347، 361).
(2)
فيه يحي بن يمان: صدوق يخطئ كثيرا، ويحمل أمره في هذا على عدم الخطأ، وانظر: القطوف رقم (256/ 363).
(3)
البخاري حديث (1).
ولذلك قال سفيان الثوري رحمه الله: " طَلَبُهُمْ إِيَّاهُ نِيَّةٌ "، ولا يلتزم التصريح بالنية، فمحلها القلب، والعمل يصدق ذلك، وانظر ما تقدم برقم 262.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
371 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" طَلَبْنَا هَذَا الْعِلْمَ وَمَا لَنَا فِيهِ كَبِيرُ نِيَّةٍ، ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ بَعْدُ فِيهِ النِّيَّةَ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ، هو الكندي لابأس به تقدم، وأَبوه، هو الأجلح بن عبد الله الكندي، له أحاديث صالحة تقدم، ومُجَاهِد، هو ابن جبر إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد أن طالب العلم في الابتداء قد لا يدرك قيمة العلم ولاسيما في سن المراهقة، فإذا عايش العلم والعلماء وتجاوز مرحلة المراهقة أدرك أهمية العلم واستصحب إخلاص النية فيه وهذا لا يكون إلا بتوفيق من الله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
372 -
(3) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّارُ، ثَنَا حَسَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يُونُسَ ابْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" لَقَدْ طَلَبَ أَقْوَامٌ الْعِلْمَ مَا أَرَادُوا بِهِ اللَّهَ وَلَا مَا عِنْدَهُ، فَمَا زَالَ بِهِمُ الْعِلْمُ حَتَّى أَرَادُوا بِهِ اللَّهَ عز وجل وَمَا عِنْدَهُ "
(2)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّارُ، لابأس به تقدم، وحَسَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو المكور اسمه في المطبوعات" حسان بن صالح " ولم أقف على ترجته، ويُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، هو تابعي إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح: أنظر السابق.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (257/ 364).
(2)
فيه حسان بن مسلم: ذكره المزي في ترجمة بشر من شيوخه لا غير (تهذيب الكمال 4/ 98)، وانظر: القطوف رقم (258/ 365).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
373 -
(4) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ:" قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ: الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ: فَرَجُلٌ عَاشَ فِي عِلْمِهِ وَعَاشَ مَعَهُ النَّاسُ فِيهِ، وَرَجُلٌ عَاشَ فِي عِلْمِهِ وَلَمْ يَعِشْ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَجُلٌ عَاشَ النَّاسُ فِي عِلْمِهِ وَكَانَ وَبَالاً عَلَيْهِ"
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، أئمة ثقات تقدموا، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد إمام ثقة تقدم، وأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ، هو عبد الله الداراني، تابعي إمام ثقة عابد.
الشرح:
هذه موعظة من أبي مسلم رحمه الله، وأساسها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»
(2)
، وعلى هذا بنى أبو مسلم، فالعالم الذي عاش معه الناس هو من تعلم وعلم وعمل بما علم، والعالم الذي لم يعش معه أحد هو من تعلم وعمل بعلمه ولم يعلم غيره، فهو في الأجر أقل من سابقه، والذي كان علمه وبالا عليه، هو من تعلم ولم يعمل بعلمه فكان حجة عليه ويوم يسأل عن علمه ماذا عمل به أو أنه الذي يأمر الناس بالخير ولا يفعله، وهو المقصود بقول الله عز وجل:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
(3)
، والعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، وكذلك قوله: عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (259/ 366).
(2)
البخاري حديث (79) ومسلم حديث (2282).
(3)
الآية (44) من سورة البقرة.
مَا لَا تَفْعَلُونَ}
(1)
، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه»
(2)
.
وقد صور هذا أبو الأسود الدؤلي رحمه الله فقال:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ
…
هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
وَنَرَاكَ تُلْقِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا
…
صِفَةً وَأَنْتَ مِنَ الرَّشَادِ عَدِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
…
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
…
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُقْبَلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى
…
بِالْقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
34 -
بابٌ التَّوْبِيخِ لِمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ
374 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ
(3)
اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ أَيُّ عِبَادِكَ أَحْكَمُ؟، قَالَ: الَّذِي يَحْكُمُ لِلنَّاسِ كَمَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، قَالَ: يَا رَبِّ أَيُّ عِبَادِكَ أَغْنَى؟، قَالَ: أَرْضَاهُمْ بِمَا قَسَمْتُ لَهُ. قَالَ: يَا رَبِّ أَيُّ عِبَادِكَ أَخْشَى لَكَ؟، قَالَ: أَعْلَمُهُمْ بِي"
(4)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو العبسي ثقة تقدم، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الجمحي إمام ثقة فقيه، روى له الستة، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح إمام ثقة تقدم، ومُوسَى عليه السلام.
الشرح:
قوله: «أَيُّ عِبَادِكَ أَحْكَمُ؟، قَالَ: الَّذِي يَحْكُمُ لِلنَّاسِ كَمَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ» .
(1)
الآيتان (2، 3) من سورة الصف.
(2)
البخاري حديث (3267).
(3)
هكذا في الأصول الخطية، عدا (ت، ف، ل، و) ففيها (عبد الله) وهو خطأ.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (260/ 367).
المراد الحاكم العادل في الحكم بين الناس، بما لو كانت القضية عليه لحكم على نفسه لحكم بالحكم ذاته، عملا بقول الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}
(1)
.
قوله: «أَيُّ عِبَادِكَ أَغْنَى؟، قَالَ: أَرْضَاهُمْ بِمَا قَسَمْتُ لَهُ» .
المراد من إذا أصابته ضراء صبر، وإن أصابته سراء شكر، ومن كان هذا نهجه فإنه يرضى بما قسم الله له، عملا بقول الله عز وجل:{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}
(2)
، وانظر ما تقدم برقم 237، ففيه مزيد بيان.
قوله: «أَيُّ عِبَادِكَ أَخْشَى لَكَ؟، قَالَ: أَعْلَمُهُمْ بِي» .
لأن الله عز وجل قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(3)
، فالعلم بالله عز وجل يورث الخشية وهي أقصى درجات الخوف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
375 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ:" كَانَ يُقَالُ الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ: عَالِمٌ بِاللَّهِ يَخْشَى اللَّهَ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَعَالِمٌ بِاللَّهِ عَالِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ يَخْشَى اللَّهَ فَذَلِكَ الْعَالِمُ الْكَامِلُ، وَعَالِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِاللَّهِ لَا يَخْشَى اللَّهَ فَذَلِكَ الْعَالِمُ الْفَاجِرُ "
(4)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفيابي، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، وهما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
قول ابن عيينة هذا هو معني ما تقدم برقم 372، وتم بيانه بما أغنى عن الإعادة.
(1)
من الآية (135) من سورة النساء.
(2)
من الآية (32) من سورة الزخرف.
(3)
من الآية (28) من سورة فاطر.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (261/ 368).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
376 -
(3) أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" الْعِلْمُ عِلْمَانِ: فَعِلْمٌ فِي الْقَلْبِ فَذَلِكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ، وَعِلْمٌ عَلَى اللِّسَانِ فَذَلِكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ "
(1)
.
رجال السند:
مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الحنظلي أبو السكن الخراساني، إمام ثقة مأمون، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، والْحَسَنُ، هو البصري هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
المراد أن العلم الكائن في القلب هو ما قصد به وجه الله عز وجل والدار الآخرة، فهو النافع لصاحبه في الدنيا؛ لأنه يؤجر على العمل به وتعليمه، ويستمر أجر العلم لصاحبه بعد الموت فلا ينقطع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له»
(2)
، وقد قال الله عز وجل:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
(3)
. وأما العلم الذي يكون حجة على صاحبه؛ لأنه تعلم لطلب الدنيا ومن ذلك السمعة والجاه، أو كان من الأئمة المضلين أصحاب البدع المجافين للكتاب والسنة، فإنه يوم القيامة يسأل عن علمه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه»
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 377 - (4) أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم:
مِثْلَ ذَلِكَ
(5)
.
رجال السند: عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، هو اليربوعي لابأس به تقدم، وفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، هو التميمي إمام ثقة قدوة، وهِشَامٌ، هو ابن حسان إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ، هو البصري. وانظر السابق.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (262/ 369).
(2)
الترمذي حديث (1376).
(3)
من الآية (30) من سورة الكهف.
(4)
الترمذي حديث (2417).
(5)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (263/ 370).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
378 -
(5) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" تَعَلَّمُوا تَعَلَّمُوا، فَإِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو الواسطي، إمام ثقة تقدم، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو المزني، إمام ثقة تقدم، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ ضعيف، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي إمام ثقة، وعَلْقَمَةُ، هو النخعي، وهما إمامان ثقتان، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
لأن العلم ثمرته العمل، وصدق من قال: العلم شجرة، والعمل ثمر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
379 -
(6) أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ: الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ، ثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ - هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَدِّبُ - عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:" مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لأَرْبَعٍ دَخَلَ النَّارَ - أَوْ نَحْوَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ _ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَوْ لِيَأْخُذَ بِهِ مِنَ الأُمَرَاءِ"
(2)
.
رجال السند: أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ، هو الهروي مصنف كبير، وعالم جليل، إمام ثقة فقيه مجتهد قدوة، ليس له في الستة رواية سوى ما يتعلق بكلامه في غريب الحديث، وأَبُو إِسْمَاعِيلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَدِّبُ، هو الأردني صدوق يغرب، وعَاصِمُ الأَحْوَلِ، هو ابن سليمان، إمام ثقة، من حدثه عَنْ أَبِي وَائِلٍ، مجهول، وقد يكون الشعبي، فقد روى عاصم عن الشعبي، ورى الشعبي عن أبي وائل، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
لأن هذه مطالب دنيوية ليس لله عز وجل فيها قصد، وتقدم عن ابن مسعود رضي الله عنه نحو هذا برقم 262، وتم شرحه فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
فيه يزيد بن أبي زياد: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (264/ 371).
(2)
سنده حسن.
380 -
(7) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَاء
(1)
قَالَ: " قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عِيسَى عليه السلام: تَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا وَأَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَلَا تَعْمَلُونَ لِلآخِرَةِ وَأَنْتُمْ لَا تُرْزَقُونَ فِيهَا إِلاَّ بِالْعَمَلِ، وَإِنَّكُمْ عُلَمَاءَ السَّوْءِ، الأَجْرَ تَأْخُذُونَ وَالْعَمَلَ تُضَيِّعُونَ، يُوشِكُ رَبُّ الْعَمَلِ أَنْ يَطْلُبَ عَمَلَهُ، وَتُوشِكُونَ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا الْعَرِيضَةِ، إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ، اللَّهُ نَهَاكُمْ عَنِ الْخَطَايَا كَمَا أَمَرَكُمْ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ، كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ سَخِطَ رِزْقَهُ وَاحْتَقَرَ مَنْزِلَتَهُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ؟ كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنِ اتَّهَمَ اللَّهَ فِيمَا قَضَى لَهُ، فَلَيْسَ يَرْضَى شَيْئاً أَصَابَهُ؟ كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ دُنْيَاهُ آثَرُ عِنْدَهُ مِنْ آخِرَتِهِ وَهُوَ فِي الدُّنْيَا أَفْضَلُ رَغْبَةً؟ كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ مَصِيرُهُ إِلَى آخِرَتِهِ وَهُو مُقْبِلٌ عَلَى دُنْيَاهُ وَمَا يَضُرُّهُ أَشْهَى إِلَيْهِ - أَوْ قَالَ أَحَبُّ إِلَيْهِ - مِمَّا يَنْفَعُهُ؟ كَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَطْلُبُ الْكَلَامَ لِيُخْبِرَ بِهِ وَلَا يَطْلُبُهُ لِيَعْمَلَ بِهِ؟ ".
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي إمام ثقة تقدم، وهِشَامٌ صَاحِبِ الدَّسْتَوَاء، هو ابن أبي عبد الله سنبر، مولى لبني سدوس، وكان ثقة ثبتا في الحديث حجة، إلا أنه يرمي بالقدر، وقوله: صاحب الدستوائي: المراد أنه كان يبيع الثياب المجلوبة من دستواء من بلاد فارس.
الشرح: رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (266/ 373) وهذه موعظة غنية عن الشرح، واضحة المباني بينة المعاني، لا مزيد على ما فيها من الترهيب، عد فاقرأها وتأمل
فحواها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
381 -
(8) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا حَرِيزٌ
(2)
، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَانْتَفِعُوا بِهِ وَلَا تَعَلَّمُوهُ لِتَتَجَمَّلُوا بِهِ، فَإِنَّهُ يُوشِكُ إِنْ طَالَ بِكُمْ عُمُرٌ أَنْ يَتَجَمَّلَ ذُو الْعِلْمِ بِعِلْمِهِ كَمَا يَتَجَمَّلُ ذُو الْبِزَّةِ
(1)
وقع مصحفا في المطبوع (الاستواء) والدستوائي نسبة هشام، وقد كان يبيع الثياب التي تجلب من دستواء، بلدة من بلاد الأهواز، فنسب إليها (الأنساب 5/ 310) وانظر كتابي" نسبة ومنسوب".
(2)
تصحف في جميع النسخ الخطية إلى (جرير).
بِبِزَّتِهِ "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي ثقة تقدم، وحَرِيزٌ، هو ابن عثمان الرحبي، إمام ثقة، وحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، هو الرحبي أبو حفص الحمصي، إمام ثقة روى له الستة عدا البخاري.
الشرح:
المراد لا تجعلوا تعلم العلم وجاهة وتميز، بل اعملوا به وكنوا قدوة حسنة في التواضع والزهد في الدنيا، فإنه سيكون من الناس من يتخذ العلم زينة وشهرة كما يشتهر الواحد من الناس بلباسه وأنقته، ولعمري إن في زماننا من يكون علمه بزة وشهرة وتفاخر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
382 -
(9) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشَّرِّ فَقَالَ: «لَا تَسْأَلُونِي عَنِ الشَّرِّ وَسَلُونِي عَنِ الْخَيْرِ» . يَقُولُهَا ثَلَاثاً، ثُمَّ قَالَ:«أَلَا إِنَّ شَرَّ الشَّرِّ شِرَارُ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّ خَيْرَ الْخَيْرِ خِيَارُ الْعُلَمَاءِ»
(2)
.
رجال السند:
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو المروزي، فقيه فرضي، الصحيح أن حديثه لا يقل عن الحسن، وما أنكر عليه محدود تقدم، وبَقِيَّةُ، هو ابن الوليد، قوي إذا حدث عن ثقة، وصرح بالتحديث تقدم، والأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، هو العنسي ضعيف، ويعتبر به إذا حدث عن ثقة، وأَبوه، هو حكيم بن عمير العنسي، تابعي لابأس به.
الشرح:
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني "
(3)
، فلعله الرجل المبهم هنا، وفي نهيه صلى الله عليه وسلم عن السؤال عن الشر؛ لأنه إن أخبر به ففيه هم وحزن عظيم على الأمة لصدقه صلى الله عليه وسلم فيما يخبر
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (267/ 374).
(2)
مرسل فيه الأحوص: ضعيف.
(3)
البخاري حديث (3606) ومسلم حديث (1847).
به؛ ولأنه يحب التفاؤل، والسؤال عن الخير فيه تفاؤل وبشارة ورحمة بالأمة، ولأن شر العلماء خطير يهلك الأمة حذر منهم وأن شرهم أشر من كل شر؛ ولأن نفع العلماء الأخيار كبير بشر به، فهو أخير الخير وأطيبه، لما فيه من صلاح الأمة ونجاتها بإذن الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
383 -
(10) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا بِهِ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ عِيسَى قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: " إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ خَصْلَتَانِ: الْعَقْلُ وَالنُّسُكُ، فَإِنْ كَانَ نَاسِكاً وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلاً، قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لَا يَنَالُهُ إِلاَّ الْعُقَلَاءُ فَلَمْ يَطْلُبْهُ، وَإِنْ كَانَ عَاقِلاً وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكاً قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لَا يَنَالُهُ إِلاَّ النُّسَّاكُ فَلَمْ يَطْلُبْهُ.
فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُونَ يَطْلُبُهُ
(1)
الْيَوْمَ مَنْ لَيْسَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لَا عَقْلٌ وَلَا نُسُكٌ ".
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي إمام ثقة تقدم، وحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الكرابيسي وثقه أبو حاتم، روى له الستة سوى مسلم، وعِيسَى، هو من أصحاب الشعبي ضعيف، والشَّعْبِيُّ، هو عامر إمام ثقة تقدم.
الشرح:
في سنده عيسى الحنّاط: متروك، وانظر: القطوف رقم (269/ 376).
وفي قول الشعبي هذا ذكر لبعض ما يشحذ الهمم لطلب العلم العبادة والعقل، إذا اجتمعت هاتان الصفتان دفعتا إلى طلب العلم، وإذا افترقتا كانت من المثبطات عن العلم، والعابد غير العاقل يتعلل بأن العلم لا يدركه إلا العقلاء، فيتكاسل عن الطلب، وإن كان عاقلا غير عابد تعلل بأن العلم لا يدركه إلا العباد، ولا ريب أن العبادة زينة وزمامها العقل، والعلم سراج الوصول بهما إلى الصراط المستقيم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 384 - (11) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: زَعَمَ لِي سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ لَا يَطْلُبُ الْعِلْمَ حَتَّى يَتَعَبَّدَ قَبْلَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ
(1)
في صلب ت (يطالبه) وصوب في الهامش.
سَنَةً
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو النبيل إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو الثوري إمام ثقة تقدم.
الشرح:
هذا قول مشكوك فيه، ولذلك قال أبو عاصم زعم لي، وهو أيضا مخالف لما هو معروف في طلب العلم من سير العلماء، بدأ بحفظ الرآن وانتهاء بالرحلة في طلب وفي سن مبكر للكثيرين منهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
385 -
(12) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ:" مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيُبَاهِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو الثوري إمام ثقة تقدم، وبُرْدُ بْنُ سِنَانٍ أَبو الْعَلَاءِ، هو الدمشقي ثقة رمي بالقدر تقدم، ومَكْحُولُ، إمام ثقة تقدم.
الشرح: قول مكحول هذا تقدم نحوه برقم 229، 378، فأغني عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
386 -
(13) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ بِسْطَامَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ قال: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وفيه نظر: فإنه مخالف لواقع الحال في كل زمان ومكان، ولذلك قال عاصم: زعم، ومن حاول تأويله لم يصب، لقوله:(لا يطلب العلم) فإنه نفي الطلب، وانظر: القطوف رقم (270/ 377).
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (271/ 379).
(3)
سنده حسن، وانظر: السابق.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ بِسْطَامَ، هو الزهراني أبو محمد البصري، صدوق قدري، من أفراد الدارمي، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي إمام ثقة تقدم، والنُّعْمَانُ، هو ابن المنذر الغساني، قدري ليس بالقوي، ألف في القول بالقدر، وقد رفع هذا، وتقدم وقفه، وهو الصحيح، ومَكْحُول، إمام ثقة.
الشرح: تقدم عن مكحول موقوفا برقم 384، فانظره، وفيه إحالة على ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
387 -
(14) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ ابْن خَلِيفَةَ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" إِنَّمَا يُحْفَظُ حَدِيثُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، هو المقرئ صدوق تقدم، والْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ، هو العجلي مختلف في جرحه وتعديله، وهو صالح يكتب حديثه، ومَطَرٍ الْوَرَّاقِ، هو كاتب مصاحف حديثه حسن تقدم، وشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، هو تابعي متكلم فيه رغم توثيق أحمد له، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
أخذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وتقدم البيان برقم 262، فقرة وابتغوا بقولكم ما عند الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
388 -
(15) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي لأَحْسَبُ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ كَانَ يَعْلَمُهُ، لِلْخَطِيئَةِ كَانَ
يَعْمَلُهَا "
(2)
.
(1)
فيه المنهال: ضعيف، وبقية الإسناد قبله إلى الضعف أقرب.
(2)
سنده حسن، وفيه انقطاع بين القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وبين عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وانظر: القطوف رقم (274/ 381).
رجال السند:
يَعْلَى، هو الطنافسي إمام ثقة تقدم، والْمَسْعُودِيُّ، هو عبدالرحمن ثقة تقدم، والْقَاسِمُ، هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تابعي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
لأن العلم نور القلب والخطايا ظلامه، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودا، فأي قلب أشربها، نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز، مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه»
(1)
، ولا ريب أن المعاصي من الفتن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
389 -
(16) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنْبَأَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِى حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِى حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ كَانَ يَقُولُ لاِبْنِهِ: " يَا بُنَيَّ لَا تَعَلَّمِ الْعِلْمَ لِتُبَاهِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِتُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ تُرَائِيَ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ، وَلَا تَتْرُكِ الْعِلْمَ زُهْداً فِيهِ، وَرَغْبَةً فِي الْجَهَالَةِ، يَا بُنَيَّ اخْتَرِ الْمَجَالِسَ عَلَى عَيْنِكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْماً يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكُنْ عَالِماً يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ، وَإِنْ تَكُنْ جَاهِلاً يُعَلِّمُوكَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَةٍ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ، وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْماً لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَلَا تَجْلِسْ مَعَهُمْ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكُنْ عَالِماً لَا يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ، وَإِنْ تَكُنْ جَاهِلاً زَادُوكَ غَيًّا، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِعَذَابٍ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ "
(2)
.
رجال السند: الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، هو البهراني، إمام ثقة تقدم، وشعيب بن أبي حمزة، هو الحمصي، إمام ثقة تقدم، وابْنُ أَبِى حُسَيْنٍ، هو عبد الله بن عبد الرحمن النوفلي،
إمام ثقة فقيه ثبت، روى له الستة، وشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، هو تابعي متكلم فيه رغم توثيق أحمد له تقدم آنفا، ولُقْمَانُ الْحَكِيمُ، قيل: كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاضيا على بني إسرائيل، وقيل: أسود من سودان مصر،
(1)
مسلم حديث (231).
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (275/ 382).
كان عبدا نجارا قال له سيده: اذبح شاة وائتني بأطيبها بضعتين، فأتاه باللسان والقلب، ثم أمره بذبح شاة أخرى فقال له: ألق أخبثها بضعتين، فألقى اللسان والقلب، فقال: أمرتك أن تأتيني بأطيبها بضعتين فأتيتني باللسان والقلب، وأمرتك أن تلقي بأخبثها بضعتين فألقيت اللسان والقلب؟! فقال: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا.
فائدة:
وَقَفَ رَجُلٌ عَلَى لُقْمَانَ الْحَكِيمَ، فَقَالَ: أَنْتَ لُقْمَانُ، أَنْتَ عَبْدُ بَنِي الْحِسْحَاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ رَاعِي الْغَنَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الْأَسْوَدُ؟ قَالَ: أَمَا سَوَادِي فَظَاهِرٌ، فَمَا الَّذِي يُعْجِبُكَ مِنْ أَمْرِي؟ قَالَ: وَطْءُ النَّاسِ بِسَاطَكَ، وَغَشْيُهُمْ بابكَ، وَرِضَاهُمْ بِقَوْلِكَ. قَالَ: يا ابن أَخِي إِنْ صَغَيْتَ إِلَى مَا أَقُولُ لَكَ كُنْتَ كَذَلِكَ، قَالَ لُقْمَانُ: غَضِّي بَصَرِي وَكَفِّي لِسَانِي، وَعِفَّةُ طُعْمَتِي وَحِفْظِي فَرَجِي، وَقَوْلِي بِصِدْقٍ، وَوَفَائِي بِعَهْدِي، وَتَكْرِمَتِي ضَيْفِي، وَحِفْظِي جَارِي وَتَرْكِي مَا لَا يَعْنِينِي، فَذَاكَ الَّذِي صَيَّرَنِي إِلَى مَا تَرَى. اللهم إني أسألك زين الصفات.
الشرح:
هذا تقدم نحوه برقم 229، 378، 384، فأغني عن الإعادة.
قوله: «وَلَا تَتْرُكِ الْعِلْمَ زُهْداً فِيهِ، وَرَغْبَةً فِي الْجَهَالَةِ» .
لأنه هذا لا يفعله العقلاء، فالعلم يخرج من ظلمات الجهالة إلى نور الهداية، والجهالة تخرج من نور الهداية إلى ظلمات الضلال، قال الله تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
(1)
.
(1)
الآية (257) من سورة البقرة.
المراد بنظرة منك تعرف بها النافع من الضار، واختر الجلوس مع أهل العلم الذاكرين الله عز وجل، فإن كنت من أهل العلم نفعك علمك بما تشارك وتقول، وإن تكن جاهلا تتعلم الخير منهم، قال واقد الليثي رضي الله عنه:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما: فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث: فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال": «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه»
(1)
. قوله: «وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَةٍ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ» .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده»
(2)
.
المراد أنهم غير أهل لينتفعوا بعلمه ويقبلوا قوله، فليس إلا الجهالة، قال الله عز وجل:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
(3)
، ولولا أنهم من الجهال لم يخوضوا في آيات الله عز وجل.
قوله: «وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِعَذَابٍ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ» .
ومن دواعي العذاب الافتراء على الله عز وجل ولذلك أنذر موسى عليه السلام فرعون وقومه فقال: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ}
(4)
، فقد يقع من الجهال ما يستدعي ذلك.
(1)
البخاري حديث (96) ومسلم حديث (2176).
(2)
مسلم حديث (2700).
(3)
الآية (68) من سورة الأنعام.
(4)
من الآية (61) من سورة طه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
390 -
(17) أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ سَلْمَانَ ابْنِ سُمَيْرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ:" لَا تُحَدِّثِ الْبَاطِلَ الْحُكَمَاءَ فَيَمْقُتُوكَ، وَلَا تُحَدِّثِ الْحِكْمَةَ لِلسُّفَهَاءِ فَيُكَذِّبُوكَ، وَلَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ أَهْلَهُ فَتَأْثَمَ، وَلَا تَضَعْهُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ فَتُجَهَّلَ، إِنَّ عَلَيْكَ فِي عِلْمِكَ حَقًّا، كَمَا أَنَّ عَلَيْكَ فِي مَالِكَ حَقًّا "
(1)
.
رجال السند:
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، هو التستري من أفراد الدارمي، صدوق تقدم، وإِسْحَاقُ ابْنُ سُلَيْمَانَ، هو الرازي ثقة تقدم، حَرِيزٌ، هو ابن عثمان الرحبي، إمام ثقة تقدم، وسَلْمَانُ ابْنُ سُمَيْرٍ، هكذا سماه ابن حبان وقال: الألهاني من أهل الشام يروي عن جماعة من التابعي.
واختُلف في اسم أبيه فقيل: سُمير، أو شُمير، تفرد عن حريز بن عثمان، مقبول، وكَثِيرُ ابْنُ مُرَّةَ، هو الحضرمي، تابعي ثقة، روى له الأربعة.
الشرح:
قوله: «لَا تُحَدِّثِ الْبَاطِلَ الْحُكَمَاءَ فَيَمْقُتُوكَ» .
هذه حِكم ينتفع بها العقلاء، فالباطل من القول في الغالب لا يكان يخفى على أحد، فالحكماء يكشفون زيفه من أول وهلة، فينكرون على قائله ويمقتونه.
قوله: «وَلَا تُحَدِّثِ الْحِكْمَةَ لِلسُّفَهَاءِ فَيُكَذِّبُوكَ» .
لأنه السفاهة طغت على عقولهم، واحتواها الجهل فهم لا يفهمون ما يقال فيبادرون إلى تكذيب القائل، لذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:«حدثوا الناس، بما يعرفون أتحبون أن يكذب، الله ورسوله»
(2)
؛ السفهاء لا يتورعون عن تكذيب ما يستغربون من القول ولو كان حقا وصدقا، ولفقر عقولهم من العلم، ولذلك قال الله عز وجل عن المكذبين بالقرآن مع وضوح وجلاء أنه حق: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ
(1)
فيه سلمان بن سُمير الألهاني: مقبول، وتقبل روايته في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (276/ 383).
(2)
البخاري حديث (127).
تَأْوِيلُهُ}
(1)
، أي: سارعوا إلى التكذيب قبل أن يأتيهم البيان، وذلك بسبب فرطهم في السفاهة والعناد، وقد أدرك هذا أبو هريرة رضي الله عنه حين قال:«حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم»
(2)
، أراد بالوعاء الذي لم يبثه ما يكون من الفتن التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لشناعتها وغرابتها على الناس فإنه لو بثها فيهم لكذبوه ولربما لقتلوه، ومن ذلك ما وقع من قتل عمر رضي الله عنه، وفتنة عثمان وقتله رضي الله عنه، وما كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وغير ذلك كثير إلى قيام الساعة.
قوله: «وَلَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ أَهْلَهُ فَتَأْثَمَ» المراد لا تحبس ما لديك من العلم عن طالبه؛ لأن ذلك حق لطالب العلم على العالم، وقد ورد في الصحيح لغيرة «من كتم علما يعلمه، جاء يوم القيامة، ملجما بلجام
من نار»
(3)
.
قوله: «وَلَا تَضَعْهُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ فَتُجَهَّلَ» .
المراد لا تحدث أحدا لا تراه ذا عقل ورغبة، فغير العاقل يجهلك فيما تقول، وسيأتي عند الدارمي عن الأعمش:" آفة العلم النسيان، وإضاعته، أن تحدث به غير أهله" لأنه من إضاعة الوقت عند قوم لا ينتفعون به، فكأنه من الهدر، لا تحدث من لا ينصت لك.
قوله: «إِنَّ عَلَيْكَ فِي عِلْمِكَ حَقًّا، كَمَا أَنَّ عَلَيْكَ فِي مَالِكَ حَقًّا» .
المراد العمل به ونشره فيمن يرغب فيه ويسعى إليه، وهو الشيء الذي يزيد ويتسع
بالإنفاق منه.
أما المال فالحق الواجب فيه الزكاة فيما يحول عليه الحول، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما نقص مال عبد من صدقة»
(4)
، والمراد بالصدقة العموم الزكاة المفروضة والنافلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
من الآية (39) من سورة يونس.
(2)
البخاري حديث (120).
(3)
أحمد حديث (10487).
(4)
الترمذي حديث (2325).
391 -
(18) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، أَنَّ أَبَا فَرْوَةَ حَدَّثَهُ:" أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ: لَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ فَتَأْثَمَ، وَلَا تَنْشُرْهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ فَتُجَهَّلَ، وَكُنْ طَبِيباً رَفِيقاً يَضَعُ دَوَاءَهُ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْفَعُ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، ومُعَاوِيَةُ، هو ابن صالح صدوق له أوهام تقدم، وأبو فروة، هو عروة بن الحارث ثقة تقدم، وعِيسَى ابْنُ مَرْيَم عليه السلام.
الشرح: أنظر السابق ففيه كفاية عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:392 - (21) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا مَهْدِيٌ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ:
" لَا تُطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ لَا يَشْتَهِيهِ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل الملقب بعارم، إمام ثقة تقدم، ومَهْدِيٌ، هو ابن ميمون الأزدي، أبو يحيى البصري، إمام ثقة روى له الستة، وغَيْلَانُ، هو ابن جيري البصري، إمام ثقة روى له الستة، ومُطَرِّفٌ، هو ابن عبد الله بن الشخير إمام ثقة تقدم.
الشرح:
مراد مطرف رحمه الله العلم ورواية الحديث، إذا لم يكن له راغب فلا ينبغي رواية الحديث لمن لا يرغب فيه، فهو مثل الطعام حين يقدم لمن لا نية له فيه، ولا تشتهيه نفسه، وقد كان بعض العلماء يحدث الحديث لكل أحد من باب ترسيخه وحفظه، وهذه آراء للعلماء رحمهم الله، ومن باب تكريم العلم وعدم وضعه في غير موضعه.
(1)
في سنده عبد الله بن صالح: أرجح أنه حسن الحديث، وهو هنا لا يحتمل الغلط، وانظر: القطوف رقم (277/ 384).
(2)
رجاله ثقات، وهو ليس على ظاهره، شبه العلم بالطعام، أي: لا تقدم علمك لمن لا يرغب فيه، خلا أمر الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الغلط، وانظر: القطوف رقم (278/ 385).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
393 -
(20) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورٍ، سَمِعَ شَهْرَ ابْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ: " يَا بُنَيَّ لَا تَعَلَّمِ الْعِلْمَ لِتُبَاهِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَتُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ، وَتُرَائِىَ بِهِ في الْمَجَالِسِ، وَلَا تَتْرُكِ الْعِلْمَ زَهَادَةً فِيهِ، وَرَغْبَةً فِي الْجَهَالَةِ، وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْماً يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَاجْلِسْ مَعَهُمْ، إِنْ تَكُ عَالِماً يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ، وَإِنْ تَكُ جَاهِلاً عَلَّمُوكَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَةٍ فَيُصِيبَكَ بِهَا مَعَهُمْ، وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْماً لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَلَا تَجْلِسْ مَعَهُمْ، فَإِنْ تَكُ عَالِماً لَمْ يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ، وَإِنْ تَكُ جَاهِلاً زَادُوكَ غَيًّا، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِسَخَطٍ فَيُصِيبَكَ بِهِ مَعَهُمْ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم، ودَاوُدُ بْنُ شَابُورٍ، هو المكي أبو سليمان ثقة روى له الترمذي والنسائي، وشَهْرُ ابْنُ حَوْشَبٍ، هو تابعي متكلم فيه رغم توثيق أحمد له تقدم.
الشرح: تقدم نحوه برقم 388، وتم شرحه فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
394 -
(21) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ثُوَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ:" يَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ اعْمَلُوا بِهِ، فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَوَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ، وَسَيَكُونُ أَقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُمْ، وَتُخَالِفُ سَرِيرَتُهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ، يَجْلِسُونَ حِلَقاً فَيُبَاهِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَغْضَبُ عَلَى جَلِيسِهِ أَنْ يَجْلِسَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ، أُولَئِكَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلَى اللَّهِ "
(2)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، هو ابن أسلم البجلي، صدوق، وأَبوه، هو بشر بن أسلم، من أفراد لدارمي، منكر الحديث، وليس هذا مما ينكر، وسُفْيَانُ، هو الثوري إمام ثقة تقدم،
(1)
سنده حسن، وانظر: رقم (382) وانظر: القطوف رقم (279/ 386).
(2)
فيه ثوير بن فاختة ضعيف، ويقويه ما في معناه، وانظر: القطوف رقم (280/ 387).
وثُوَيْر، هو ابن أبي فاختة كوفي ضعيف، يقبل في الترغيب والترهيب، لم يرو له الدارمي غير هذا، ويَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ، هو المخزومي تابعي ثقة، جدته لأبيه أم هاني رضي الله عنها، وعَلِيٍّ رضي الله عنه.
الشرح:
هذه من حكم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أولها:
قوله: «يَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ اعْمَلُوا بِهِ» .
المراد بالعلم المحمول القرآن الكريم فهو أشرف العلوم وأجلها كلام الله عز وجل رب العالمين صفة من صفاته جل جلاله، يؤيد هذا قول علي نفسه رضي الله عنه: " أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا إنها ستكون فتنة» فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟، قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا:{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}
(1)
، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم"
(2)
، نعم تكلم العلماء في سنده، ولم يروا أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن معناه صحيح، وكل ما ذكر يليق أن يكون صفة للقرآن الكريم. قوله:«فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَوَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ» .
تقدم عن علي رضي الله عنه نحوه برقم 267، ولا ريب أن العلم ثمرته العمل.
قوله: «وَسَيَكُونُ أَقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ» .
منهم المنافقون المتدثرون بلباس الدين، ولا يخلو منهم زمان، ومنهم الخوارج وهم الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من ضئضئ هذا، قوما يقرءون القرآن، لا
(1)
الآيتان (1، 2) من سورة الجن.
(2)
الترمذي حديث (2906).
يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد "
(1)
ومنهم غلاة الصوفية الذين أوجدوا حلق الذكر البدعي، لإغواء العامة من الناس وصدهم عن العلم الصحيح، ومنهم الرافضة الذين لا يقولون بدلائل القرآن الصحيحة، ويؤولونه لموافقة أهوائهم وضلالاتهم، ومن ذكر هم المفرقون لجماعة المسلمين، وضرب وحدتهم على كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم الأحزاب اليوم والجماعات التي تزعم أنها على الحق دون سواها، وتصنيف أهل العلم لمجرد التبعية ومقت من ينتمي لغيرهم.
قوله: «يُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُمْ، وَتُخَالِفُ سَرِيرَتُهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ» .
من ذكرنا آنفا يشملهم هذا القول، فكثيرون في هذا الزمان من يخالف عملُهم علمَهم.
خذ مثالا اليوم وعلى مدار التاريخ أحوال المذاهب والفرق الضالة، وقد استحلوا السيف لقتل بعضهم، وما هو قائم في هذا الزمان شاهد يصرخ بكثر أهل الزيغ والضلال، وهذا من حزبنا وذاك ليس من حزبنا أو جماعتنا، فأينهم من قول الله عز وجل:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
(2)
، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفة:«تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله»
(3)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض»
(4)
، وفي هذا إشارة إلى تلازم الكتاب والسنة وعدم افتراق العمل بهما إلى يوم القيامة، ومن فرق بين الكتاب والسنة فهو زنديق، وسيلقى الله عز وجل بمحاربته جل جلاله ومحاربة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وبالمناسبة
كانت لي رحلة إلى جدة برفقة أخي وصديقي الشيخ محمد أيوب رحمه الله، فلما قرب
(1)
البخاري حديث (3344) مسلم حديث (1064).
(2)
من الآية (103) من سورة آل عمران.
(3)
مسلم حديث (1218).
(4)
المستدرك حديث (319).
الظهر قال: ما رأيك أن نصلي الظهر مع فلان ونسلم عليه؟، قلت: أبرك الساعات صلاة الظهر في جماعة وإن كنا على سفر، وسلام على طالب علم، فذهبنا إلى المسجد ولم يخرج طالب العلم وهو الإمام إلا مع الإقامة، صلى بالناس وتقدم إليه الشيخ محمد أيوب فسلم ثم عرف بي فتغير وجهه وسلم علي ببرود، وانصرف، فلحقة الشيخ محمد في غرفته الخاصة، فلما عاد إلى قلت الإمام باق وإلا ذهب قال: ما أدري كأنه زعلان، قلت: خيرا بينكم شيء؟، قال: قال لي: أنت تمشي مع الوهابية، فعرفت لماذا تغير وجهه عند السلام علي ببرود، رحم الله أخي محمد أيوب وغفر لصاحبنا وهو حي يرزق، وهذا نموذج من الجزبيين غير السياسيين طبعا.
قوله: «أُولَئِكَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلَى اللَّهِ» .
لأنهم حاربوا الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم في مجالسهم بالبدع والقول على الله ورسوله بغير علم، فلم تكن مجالسهم للعمل بما قال الله ورسوله، وإنما بالأهواء والشذوذ عن وحدة الأمة على الكتاب والسنة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
395 -
(22) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:" كَفى بِالْمَرْءِ عِلْماً أَنْ يَخْشَى اللَّهَ، وَكَفي بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يُعْجَبَ بِعِلْمِهِ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، هو التميمي، أبو عبد الله الكوفي ثقة متقن تقدم، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة الثقفي إمام ثقة، لا يحدث أحدا حتى يسأل عنه تقدم، والأَعْمَشُ، هو سليمان بن مهران، إمام ثقة تقدم، ومُسْلِمٌ، هو بن صبيح، بالتصغير، الهمداني أبو الضحى ثقة تقدم، ومَسْرُوقٌ، هو ابن سعيد إمام ثقة تقدم.
الشرح:
تقدم سندا ومتنا برقم 322، وتم الشرح بما يغني عن الإعادة.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (317).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
396 -
(23) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُجَيْرٍ
(1)
، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ:" لَوْ أَنَّ أَدْنَى هَذِهِ الأُمَّةِ عِلْماً أَخَذَتْ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ بِعِلْمِهِ لَرَشَدَتْ تِلْكَ الأُمَّةُ "
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان إمام ثقة تقدم، وعَبْد اللَّهِ بْنُ بُجَيْرٍ، هو التيمي أبو حمران البصري، من شيوخ القطان الثقات، ليس رواية في الستة، ومُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، هو ابن أياس المزني ثقة عالم تقدم.
الشرح:
المراد علم الكتاب والسنة؛ الله عز وجل جعل كتابه العزيز وسنة نبيه المطهرة مسك الختام للأديان كافة، فلا يقبل من أتباع الأمم السابقة عدم الإيمان به، ولو عبدوا الله عز وجل بكتب السابقة ليل نهار لا يفترون إلى يوم القيامة لم يقبل منهم ذلك؛ الله عز وجل قال:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
(3)
، هذا وعد من الله لكل من لم يؤمن بالإسلام، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
397 -
(24) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيبُ الْباب مِنَ الْعِلْمِ فَيَعْمَلُ بِهِ فَيَكُونُ خَيْراً لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ فَجَعَلَهَا فِي الآخِرَةِ. قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَبَ الْعِلْمَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ يُرَى ذَلِكَ فِي بَصَرِهِ وَتَخَشُّعِهِ
(5)
وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَصَلَاتِهِ وَزُهْدِهِ "
(6)
.
(1)
في المطبوع: جبير، وهو خطأ.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (283/ 391).
(3)
الآية (85) من سورة آل عمران.
(4)
من الآية (9) من سورة آل عمران.
(5)
في (ت) وحاشية الأصل (تخشيعة).
(6)
هو بالإسناد السابق.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ: " انْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِنَّمَا هُوَ دِينُكُمْ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس إمام ثقة تقدم قريبا، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة إمام ثقة تقدم قريبا، وهِشَامٌ، هو ابن حسان إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ، هو البصري، من لا يعرفه رحمه الله تقدم.
الشرح:
هذا من بركة وتأثير علم الكتاب والسنة، ظهور التواضع والخشية والأمانة، وقد رأيت هذا عيانا وأنا عميد كلية الحديث في الجامعة الإسلامية، عام 1405 هـ وما بعده، فقد كان طلاب كلية الحديث في الجملة أكثر علما وتواضعا وأمانة وتأثرا بما يدرسون، وقد كنا مرة في الاختبارات النهائية للمراحل الأربع وزارنا مدير الجامعة الدكتور عبد الله العبيد الله يحسن ختامنا وختامه متفقدا قاعات الاختبار، فلما انتهى من الزيارة قال لي لقد رأيت عجبا من طلاب الكلية، هدوء والتزام بالنظام عجيب، وأعتقد أننا لو أعطيناهم الأسئلة بدون من يراقب عليهم لما حاول أحد أن يسأل من بجواره عن شيء إطلاقا، فقلت: لا تعجب فهذا أثر الحديث، وكان بعض أعضا هيئة التدريس يصعب عليهم التدريس في كلية الحديث، لكثرة ما يصحح الطلاب لهم من أخطاء ولا سيما في أسانيد الروايات، ولا زالت كلية الحديث متميزة عن غيرها إلى هذا العام 1439 هـ، وإن قل التأثر عن السابقين كثيرا.
أما قول أبي محمد الدارمي:
«انْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِنَّمَا هُوَ دِينُكُمْ» ، فهو مقتبس من مقولة محمد بن سيرين رحمه الله:" إن هذا العلم دين. فانظروا عمن تأخذون دينكم"
(2)
.
وقال مالك بن أنس رحمه الله: " إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين، وأشار إلى مسجد رسول
(1)
هو بالإسناد السابق.
(2)
الثقات للعجلي ط الباز 1/ 6.
الله صلى الله عليه وسلم فما أخذت عنهم شيئا، وان أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان أمينا، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن "
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
398 -
(25) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: " مَا ازْدَادَ عَبْدٌ عِلْماً فَازْدَادَ فِي الدُّنْيَا رَغْبَةً إِلاَّ ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْداً "
(2)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو العبدي إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد من لم يرع حق الله عز وجل في الكسب والإنفاق، أما العالم الذي يزداد رغبة في الدنيا بما أباح الله فيها من الطيبان فلا يلحقه هذا الوعيد؛ لأن الله عز وجل قال لنبينا محمد {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}
(3)
، والطيبات لفظ عام يشمل كل مباح في الدنيا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه:«خذ عليك ثيابك وسلاحك، ثم ائتني" فأتيته وهو يتوضأ، فصعد فيّ النظر ثم طأطأه، فقال: " إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: فقلت: يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو، نعما بالمال الصالح للرجل الصالح»
(4)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسُلّط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها»
(5)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
399 -
(26) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ قَالَ:
(1)
الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء 1/ 16.
(2)
رجاله ثقات.
(3)
من الآية (32) من سورة الأعراف.
(4)
أحمد حديث (17763).
(5)
البخاري حديث (73) ومسلم حديث (815).
" مَا ازْدَادَ عَبْدٌ بِاللَّهِ عِلْماً إِلاَّ ازْدَادَ النَّاسُ مِنْهُ قُرْباً مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس إمام ثقة تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن ابن عمرو إمام ثقة تقدم، وحَسَّانُ، هو ابن عطية إمام ثقة تقدم.
وتقدم هذا السند برقم 100.
الشرح:
هذا صحيح ومعروف من زمن الصحابة رضي الله عنهم، خذ مثلا راوية الإسلام أبو هريرة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، ومن التابعين الإمام مالك بن أنس رحمه الله، ومن أتبا التبعين الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وغيرهم كثير في كل زمان، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومن المعاصرين الإمام عبد العزيز بن بار رحمه الله، والشيخ ناصر الألباني، وغيرهم كثير رحمهم الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
400 -
(27) وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " مَا ازْدَادَ عَبْدٌ عِلْماً إِلاَّ ازْدَادَ قَصْداً، وَلَا قَلَّدَ اللَّهُ عَبْداً قِلَادَةً خَيْراً مِنْ سَكِينَةٍ "
(2)
.
هذا موصول بالسند السابق.
الشرح:
قوله: «مَا ازْدَادَ عَبْدٌ عِلْماً إِلاَّ ازْدَادَ قَصْداً» أي استقامة على الحق، وخشية لله عز وجل.
قوله: «وَلَا قَلَّدَ اللَّهُ عَبْداً قِلَادَةً خَيْراً مِنْ سَكِينَةٍ» .
أي: زينة بها كالقلادة، والسكينة الهون والتواضع والوقار، قال الله عز وجل:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}
(3)
، وقال أسامة بن زيد رضي الله عنه:" أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض وعليه السكينة، وأمرهم بالسكينة " أخرجه ابن أبي شيبة حديث (169)، والمراد عليه الهون والهيبة والوقار، وأمر الناس بذلك، لما فيه من الرفق والتواضع.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
هو بالإسناد السابق.
(3)
من الآية (63) من سورة الفرقان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
401 -
(28) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَيْحٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَمِيرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: " إِنَّ رَجُلاً قَالَ لاِبْنِهِ: اذْهَبِ اطْلُبِ الْعِلْمَ. فَخَرَجَ فَغَابَ عَنْهُ مَا غَابَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَحَدَّثَهُ بِأَحَادِيثَ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ اذْهَبْ فَاطْلُبِ الْعِلْمَ. فَغَابَ عَنْهُ أَيْضاً زَمَاناً ثُمَّ جَاءَهُ بِقَرَاطِيسَ فِيهَا كُتُبٌ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: هَذَا سَوَادٌ فِي بَيَاضٍ، فَاذْهَبِ اطْلُبِ الْعِلْمَ. فَخَرَجَ فَغَابَ عَنْهُ مَا غَابَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ لأَبِيهِ: سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّكَ مَرَرْتَ بِرَجُلٍ يَمْدَحُكَ وَمَرَرْتَ بِآخَرَ يَعِيبُكَ
(1)
. قَالَ: إِذاً لَمْ أَلُمِ الَّذِي
(2)
يَعِيبُنِي وَلَمْ أَحْمَدِ الَّذِي يَمْدَحُنِي. قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِصَفِيحَةٍ - قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ
(3)
: لَا أَدْرِي أَمِنْ ذَهَبٍ أَوَ وَرِقٍ - فَقَالَ: إِذاً لَمْ أُهَيِّجْهَا وَلَمْ أَقْرَبْهَا.
فَقَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ عَلِمْتَ
(4)
.
رجال السند:
الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ، هو القرشي صدوق تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، هو المعافري لابأس به تقدم، وعَمِيرَةُ، هو ابن ناجية الرعيني أبو يحيى المصري، ثقة عابد روى له النسائي.
الشرح:
كأن هذا الحوار بين الابن والأب كان قصد الأب أن يتعلم الابن أخلاق العلماء، حتى يظهر ذلك في تعامله من الناس سلبا وإيجابا، فقوله: لَمْ أَلُمِ الَّذِي يَعِيبُنِي».
هذا مستفاد من قول الله عز وجل: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}
(5)
.
قوله: «وَلَمْ أَحْمَدِ الَّذِي يَمْدَحُنِي» .
هذا مستفاد من السنة فقد أثنى رجل على رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك»
(1)
في حاشية (ت) كتب (صوابه يغتابك).
(2)
في (ت) والذي.
(3)
في حاشية (ت) كتب (ولعله أبن شريح).
(4)
رجاله ثقات.
(5)
من الآية (63) من سورة الفرقان.
مرارا
(1)
؛ لأن ذلك قد يصيب الممدوح بالغرور، ولاسيما إذا يسمع كلام المادح، أما إذا كان في غيبته فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من كان منكم مادحا أخاه لا محالة، فليقل أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه»
(2)
، وقد رأينا في هذا العصر من أكثر المدح في المجالس مع سماع الممدوح وتبادل العبارات بغلو يوحي بالكذب من الطرفين والله المستعان.
قوله: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِصَفِيحَةٍ أَمِنْ ذَهَبٍ أَوَ وَرِقٍ؟، فَقَالَ: إِذاً لَمْ أُهَيِّجْهَا وَلَمْ أَقْرَبْهَا.
هذا ينبئ عن الزهد وعدم الاهتمام بالدنيا وشهواتها، ومعلوم أن الشهوات زينت لبني آدم قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} الآية
(3)
، فمن وجد هذا ولم يلتفت إليه فقد بلغ الكمال البشري في العلم والعبادة والزهد في الدنيا، ومع هذا التزيين فقد حقر الله عز وجل الدنيا بأسرها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء»
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
402 -
(29) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ السَّكَنِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: " سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِالْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِي الْحِكْمَةِ كُلُّهُ، وَتُشَرِّفُ الصَّغِيرَ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْعَبْدَ عَلَى الْحُرِّ، وَتُزِيدُ السَّيِّدَ سُؤْدُداً، وَتُجْلِسُ الْفَقِيرَ مَجَالِسَ
الْمُلُوكِ"
(5)
.
(1)
البخاري حديث (2662) ومسلم حديث (3000).
(2)
البخاري حديث (2662) ومسلم حديث (3000).
(3)
من الآية (14) من سورة آل عمران.
(4)
الترمذي حديث (2320).
(5)
فيه السكن بن عميرة: إن كان (ابن أبي كريمة) فقد سكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل 4288) وإلا فهو مجهول، وانظر ما روى وهب في العقل، رقم (268).
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، وبَقِيَّةُ، هو ابن الوليد التميمي، مدلس معروف بالراية عن الضعفاء والمجاهيل، تقبل روايته بشرط أن يصرح بالسماع، فهو ثقة إذا حدث عن الثقات تقدم، والسَّكَنُ بْنُ عُمَيْرٍ، هو مجهول ووَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، هو الذماري إخباري إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد بالحكمة السنة النبوية، والعلم بالله عز وجل، قال الله عز وجل:{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}
(1)
، فالحكمة المراد بها السنة، وهي مبينة للكتاب العزيز قال عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
(2)
، وقد شرف بهذا فئام ممن ذكر رحمه الله، وكان لغير العرب الحظ الأوفر من الرفعة والفضل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
403 -
(30) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنِى بَقِيَّةُ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:" وَمَا نَحْنُ لَوْلَا كَلِمَاتُ الْعُلَمَاءِ "
(3)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثقة تقدم آنفا، وبَقِيَّةُ، مدلس تقدم آنفا، وعُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، هو الأردني أبو العباس ضعيف، يقبل في الترغيب والترهيب من غير رواية بقية، وأَبو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يؤيد ما سبق في أن العلم يرفع حملته ويُعلي شأنهم في الدنيا والآخرة، وكأن أبا الدرداء رضي الله عنه، يقول: نحن لا شيء لولا ما تعلمنا من كلام العلماء والعمل به والاقتداء
(1)
من الآية (113) من سورة النساء.
(2)
من الآية (44) من سورة النحل.
(3)
فيه، عتبة أبو العباس الأردني: صدوق يخطئ كثيرا.
بهم رحمهم الله، فبذلك رفعنا الله عز وجل، قال الله عز وجل:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
35 -
بابٌ اجْتِنَابِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالْخُصُومَةِ
404 -
(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ:" قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ وَلَا تُجَادِلُوهُمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ، أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ "
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبُو قِلَابَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم نحوه عن الباقر رحمه الله برقم 223، فأغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
405 -
(2) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ:" رَآنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، جَلَسْتُ إِلَى طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ فَقَالَ لِي: أَلَمْ أَرَكَ جَلَسْتَ إِلَى طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ؟، لَا تُجَالِسَنَّهُ "
(3)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَعِيدُ ابْنُ جُبَيْرٍ، شهيد الحجاج رحمه الله، وطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، هو العنزي بصري عابد زاهد، كان يرى الإرجاء ثقة روى له الستة عدا البخاري، ومعنى الإرجاء: التأخير، يقال:
أرجيته وأرجأته إذا أخرته.
وسميت المرجئة بذلك؛ لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان، وقالوا: وسميت المرجئة بذلك؛ لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان، وقالوا:
(1)
من الآية (11) من سورة المجادلة.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (291/ 399).
(3)
رجاله ثقات، وقد نهو عن مجالسته لكونه يرى الإرجاء، وانظر: القطوف رقم (292/ 400).
لا تضر مع الإيمان معصية، ولا ينفع مع الكفر طاعة، وقد بين صاحب الملل والنحل أنهم أربع فرق
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
406 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أنْبَأَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فُلَاناً يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ. قَالَ: بَلَغَنِى أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا تَقْرَأْ عليه السلام "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك بن مخلد، إمام ثقة تقدم، وحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، هو الحضرمي ثقة وأَبُو صَخْرٍ، هو حميد بن زياد بن أبي المخارق، مختلف في جرحه وتوثيقه، له أحاديث صالحة، ويقبل في الترغيب والترعيب، ونَافِعٌ، هو مولى ابن عمر إمام ثقة، وابْنُ عُمَرَ، هو عبد الله رضي الله عنهما.
الشرح:
قوله: «بَلَغَنِى أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا تَقْرَأْ عليه السلام» .
المراد أنه أحدث بدعة، وهذا تأديب للمبتدع ألا يجالس، ولا يسلم عليه؛ لأنه أوجد بدعة ليس من الدين، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الخديعة في النار، من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»
(3)
، انظر رقم 96، وقال صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد»
(4)
، انظر رقم 161.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
407 -
(4) أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، أنْبَأَ الأَعْمَشُ قَالَ:
" كَانَ إِبْرَاهِيمُ لَا يَرَى غِيبَةً لِلْمُبْتَدِعِ "
(5)
.
(1)
الملل والنحل 1/ 139.
(2)
سنده حسن.
(3)
البخاري ما حديث (2141) ومسلم حديث (1718).
(4)
البخاري حديث (2697).
(5)
سنده حسن، وفي حديث عبد الرحمن عن الأعمش كلام، وقد أباح العلماء الغيبة في المبتدع تحذيرا للناس من بدعته.
رجال السند:
مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، هو الجمال الرازي، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، هو الدوسي الزهراني، أبو زهير الكوفي، ثقة روى له الأربعة، انتقد حديثه عن الأعمش، وقد توبع، والأَعْمَشُ، هو سليمان بن مهران إمام ثقة، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخغي إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد أنه إذا ثبت ابتداعه فتجوز غبيبة، بأن يقال هذا صاحب بدعة أو صاحب هوى على سبيل التحذير من عمله ودعوته، وهذا رأي الجمهور من العلماء، ليحذر الناس شره وبدعته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
408 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
" إِنَّمَا سُمِّىَ الْهَوَى لأَنَّهُ يَهْوِي
بِصَاحِبِهِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي، وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد الضبي، إمام ثقة تقدم، وابْنُ شُبْرُمَةَ، هو عبد الله الضبي أبو شبرة القاضي كوفي فقيه ثقة من أصحاب الشعبي، والشَّعْبِيُّ، هو عامر إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد أن البدعة تهوي بصاحبها في النار، إذا لم يتب منها، وقد قيل: لا يتوب صاحب بدعة ولا هوى، والله يهدي من يشاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
409 -
(6) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ قَالَ: كَانَ مُسْلِمُ ابْنُ يَسَارٍ يَقُولُ: " إِيِّاكُمْ وَالْمِرَاءَ، فَإِنَّهَا سَاعَةُ جَهْلِ الْعَالِمِ، وَبِهَا يَبْتَغِى الشَّيْطَانُ زَلَّتَهُ".
رجال السند:
(1)
فيه محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، وانظر: القطوف رقم (295/ 403).
عَفَّانُ، هو ابن مسلم إمام ثقة تقدم، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ ابْنُ وَاسِعٍ، هو الأزدي أبو بكر إمام ثقة قدوة، ومُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، هو سكرة، ويقال: المصبح، إمام ثقة فقيه عابد.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، المراء هو الخصومة والمجادلة، وذلك يستثير العالم فيجهل على من يجادله، وهو فرصة للشيطان لزرع الفرقة والشحناء، وتقدم التحذير منه برقم 310، وفيه غنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
410 -
(7) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: دَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَا: " يَا أَبَا بَكْرٍ نُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ؟، قَالَ: لَا. قَالَا: فَنَقْرَأُ عَلَيْكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، لَتَقُومَانِ عَنِّي أَوْ لأَقُومَنَّ. قَالَ: فَخَرَجَا فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا أَبَا بَكْرٍ وَمَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْ يَقْرَآ عَلَيْكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
(1)
تَعَالَى؟، قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْرَآ عَلَيَّ آيَةً فَيُحَرِّفَانِهَا فَيَقِرُّ ذَلِكَ فِي قَلْبِي "
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، إمام ثقة تقدم، وأَسْمَاءُ بْنُ عُبَيْدٍ، هو الضبعي أبو المفضل البصري، إمام ثقة من رجال مسلم، وابْنُ سِيرِينَ، محمد تابعي إمام ثقة تقدم.
تقدم النهي عن مجالسة المبتدعين وأصحاب الأهواء برقم 309، 404، فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
411 -
(8) أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ سَلَامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ: " أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ قَالَ لأَيُّوبَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَسْأَلُكَ عَنْ كَلِمَةٍ:
فَوَلَّى وَهُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ وَلَا نِصْفَ كَلِمَةٍ، وَأَشَارَ لَنَا سَعِيدٌ بِخِنْصِرِهِ الْيُمْنَى ".
رجال السند:
سَعِيدٌ، هو ابن عامر المتقدم آنفا، وسَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، هو أبو سعيد الخزاعي،
(1)
كتبت في هامش الأصل.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (297/ 405).
ثقة تكلموا في حديثه عن قتادة تقدم، وأيُّوبُ، هو السختياني إمام ثقة تقدم.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات وكان الأئمة من التابعين ومن نهج نهجهم لا يتساهلون مع أصحاب البدع والأهواء، حتى لا يقع لهم التكريم بمجالسة أهل السنة، ولا يحصل اقتداء العوام بهم، لما يرون من نفرة الصالحين رحمهم الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
412 -
(9) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ:" أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: أَزِيشَانْ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو أزدي، إمام ثقة تقدم، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، إمام ثقة تقدم، وكُلْثُومُ ابْنُ جَبْرٍ، هو البصري والد ربيعة، إمام ثقة روى له مسلم وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو شهيد الحجاج رحمه الله.
الشرح:
لم يجبه عما سأل عنه؛ لأنه من أصحاب البدع والأهواء، ورد بقوله:" أزيشان " وهي كلمة فارسية معناها: منهم، أي هو من أهل البدع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
413 -
(10) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ قَالَ: " لَا تُجَالِسُوا أَصْحَابَ الْخُصُومَاتِ، فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ"
(2)
.
رجال السند: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس التميمي ثقة متقن تقدم، وفُضَيْلٌ، هو ابْنُ عِيَاضٍ، التميمي، إمام ثقة قدوة تقدم، لَيْثٍ، هو ابن أبي سليم ضعيف تقدم،
وأَبوا جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، هو الباقر إمام ثقة تقدم.
الشرح:
تقدم من وجه آخر عن الباقر برقم 223، ونحوه عن أبي قلابة برقم 403، وتم
(1)
سنده حسن، وفي حاشية (ت) آزيشان معناها: منهم.
(2)
فيه ليث بن أبي سليم: صدوق اختلط جدا، ويحتمل في هذا، ويقويه ما بعده.
البيان فأغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
414 -
(11) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا قَالَا:" لَا تُجَالِسُوا أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ، وَلَا تُجَادِلُوهُمْ، وَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُمْ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ، هو ابن عبد الله بن يونس، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وهِشَامُ، هو ابن حسان، والْحَسَنُ، هو البصري، وَابْنُ سِيرِينَ، هو محمد، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
415 -
(12) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أُمَيٍّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:" إِنَّمَا سُمُّوا أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ؛ لأَنَّهُمْ يَهْوُونَ فِي النَّارِ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ، هو المتقدم آنفا، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق كثير الغلط بعد التغير، أُمَيٍّ، هو ابن ربيعة المرادي، ثقة، لم يرو عنه أصحاب الستة، والشَّعْبِيُّ، إمام ثقة.
الشرح:
تقدم من وجه آخر عن الشعبي رحمه الله برقم 406، فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
36 -
بابٌ التَّسْوِيَةِ فِي الْعِلْمِ
416 -
(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ:" مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ غَيْرَ طَاوُسٍ، وَهُوَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ "
(3)
.
رجال السند: بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو العبدي إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم، عَنِ ابْنِ مَيْسَرَةَ
(4)
، هو عبد الملك إمام ثقة تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (396) وانظر: القطوف رقم (301/ 409).
(2)
سنده حسن.
(3)
رجاله ثقات.
(4)
في (ك) ميسرة.
الشرح:
هذا نهج العلماء في المساواة بين الناس من طلب العلم، أعطي حقه من غير تمييز، وكذلك في معاملة الناس على مبدأ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
(1)
، ولاسيما في الحقوق والواجبات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
417 _
(2) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:" كُنَّا نَكْرَهُ كِتَابَةَ الْعِلْمِ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ، فَكَرِهْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ أَحَداً "
(2)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، وسُفْيَانُ، إمامان تقتان تقدما آنفا والزُّهْرِيُّ، هو محمد ابن مسلم إمام ثقة تقدم.
الشرح:
كانوا لا يرون كتابة الحديث اعتمادا على الحفظ، ولعدم الزيادة والنقصان، كما كان الحال في القرآن، إذ كتبت بعض التفسيرات تعليقا، وتم الاجتماع على مصحف عثمان رضي الله عنه، والمراد بالسلطان الوالي، أو الأمير يؤيد هذا قول الزهري نفسه:" كنا نكره كتابة العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، فرأينا ألا نمنعه أحدا من المسلمين"
(3)
، يبين هذا أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يملي على بعض ولده شيئاً من الحديث، فدعا بكاتب وأملى عليه أربع مائة حديث، فخرج الزهري من عند هشام، فقال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مائة (حديث)، ثم لقي هشاماً بعد شهر أو نحوه، فقال للزهري: إن ذلك الكتاب قد ضاع. قال: لا عليك. فدعا بكاتبٍ فأملاها عليه، ثم قابل بالكتاب الأول فما غادر حرفاً واحداً.
وكان هذا امتحان للزُّهري من هشام، ولا غرابة فهذا من قوم اختارهم الله عز وجل لحفظ السنة بعد الصحابة رضي الله عنهم.
(1)
من الآية (13) من سورة الحجرات.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (304/ 412).
(3)
جامع معمر رقم (20486).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
418 -
(3) أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَلَّمُوا مُحَمَّداً فِي رَجُلٍ - يَعْنِى يُحَدِّثُهُ - فَقَالَ: " لَوْ كَانَ رَجُلاً مِنَ الزِّنْجِ لَكَانَ عِنْدِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا
(1)
.
سَوَاءً "
(2)
.
رجال السند:
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، هو التستري، صدوق تقدم، ومُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، هو العنبري إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين تابعي إمام.
الشرح:
المراد أن ابن سيرين رحمه الله لا يفرق بين من يطلب العلم فالواحد مهم كابنه عبد الله، واراد بقوله:" من الزنج " البعد فهم قوم من السودان، وهو بالبصرة، ولم يرد غير هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
419 -
(4) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ:" سَأَلَ سَلمُ بْنُ قُتَيْبَةَ طَاوُساً عَنْ مَسْأَلَةٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ. قَالَ: ذَلِكَ أَهْوَنُ لَهُ عَلَيَّ "
(3)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، إمام ثقة تقدم، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، إمام ثقة تقدم، والصَّلْتُ ابْنُ رَاشِدٍ، وثقه ابن معين تقدم، وسَلمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، هو الباهلي الشعيري، لابأس به روى
(1)
كتبت لحقا في هامش (ت).
(2)
رجاله ثقات، وقد أراد ابن سيرين التسوية في أداء العلم، وأنه لا فرق عنده بين ابنه وواحد من الزنج، والزنج: بالفتح والكسر: قوم من السودان (اللسان 2/ 290).
(3)
رجاله ثقات، وسلم بن قتيبة: هو الباهلي، والي خراسان من قبل عبد الملك بن مروان، وفي نظري أن طاووسا لم يرد إهانة سلم، وإنما أراد أن يفهم الناس أن مجالس العلم، لا مجاملة فيها، وانظر: القطوف رقم (306/ 414).
له الستة عدا مسلم، ولاه هشام بن عبد الملك خراسان، وكان مشهورا عظيم القدر، وطَاوُسٌ، إمام معروف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
37 -
بابٌ في توْقيرِ الْعُلَمَاءِ:
420 -
(1) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَقِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ:
" مَا خِفْتُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ مَخَافَةَ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ "
(1)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، البناني أبو إسحاق الطالقاني، إمام ثقة، وبَقِيَّةُ، هو ابن الوليد مدلس معروف بالراية عن الضعفاء والمجاهيل، تقبل روايته بشرط أن يصرح بالسماع، فهو ثقة إذا حدث عن الثقات، وحَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ، هو الطائي أبو موسى الحمصي، إمام ثقة.
الشرح:
خالد بن معدان كان إماما ثقة جليلا، زاهدا في الدنيا له هيبة ووقار رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
421 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ:" كُنَّا نَهَابُ إِبْرَاهِيمَ هَيْبَةَ الأَمِيرِ ".
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (308/ 416).
وهذا من فضل العمل بالعلم رزقه الله عز وجل هيبة ووقارا، قال عز وجل:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
(2)
، وانظر السابق.
(1)
فيه بقية وهو حسن الحديث عندي ما لم يدلس، أو ينفرد بما يخالف، ومثل هذا مقبول.
(2)
من الآية (11) من سورة المجادلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
422 -
(3) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: " حَدَّثَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَوْماً بِحَدِيثٍ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَاسْتَعَدْتُهُ
(1)
فَقَالَ: مَا كُلَّ سَاعَةٍ أَحْلُبُ فَأُشْرَبُ"
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، شهيد الحجاج، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
كان الطلاب يطلبون من المحدث إعادة الحديث؛ وذلك لأسباب منها: طلب الرسوخ والحفظ، ومنها: التوثق من حفظ المحدث وعدم النقص أو الزيادة، أو تغيير الألفاظ، وغير ذلك، ومن هنا أجاب سعيد بهذا إما لأنه في حالة راحة، أو لعدم رغبة في الاكثار في مجلس واحد، أو لحث الطلاب على الصبر في الطلب، وغير ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
423 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَيَحْيَى ابْنُ ضُرَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ:" أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَرِهَ الْحَدِيثَ فِي الطَّرِيقِ"
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون، وهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو الرازي وثقه النسائي، وَيَحْيَى بْنُ ضُرَيْسٍ، هو البجلي أبو زكريا الرازي، إمام ثقة، روى له مسلم، وعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، هو الرازي صدوق له أوهام، وعَطَاءٌ، هو ابن السائب صدوق اختلط، وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو عبد الله بن حبيب السلمي.
الشرح: لأن ذلك ليس فيه هيبة للعلم ولا للعالم، وكان الإمام مالك رحمه الله إذا أراد أن يحدث توضأ، وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقار
(1)
أي طلب منه أن يعيد عليه الحديث مرة أخرى، فقال سعيد ذلك، ولعله أراد أن يعلمه عدم الاستعجال، وعليه التلقي بدقة وحرص.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (309/ 417).
(3)
فيه محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، وهو محتمل هنا.
وهيبة، فقيل له في ذلك، فقال:" أحب أن أعظم حديث رسول صلى الله عليه وسلم "، وكان يكره أن يحدث في الطريق، أو وهو قائم
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
424 -
(5) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ ضُرَيْسٍ، ثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ:" كُنَّا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَحَدَّثَ بِحَدِيثٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا أَوْ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ فَغَضِبَ وَمَنَعَنَا حَدِيثَهُ حَتَّى قَامَ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، الأصبهاني، ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ ضُرَيْسٍ، الرازي ثقة تقدم آنفا، ثَنَا أَبُو سِنَانٍ، هو سعيد بن سنان البرجمي، وحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، إمام ثقة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، إمام من سادات التابعين رحمه الله.
الشرح:
الظاهر أن السؤال فيه إنكار لما سمع والله أعلم، وهذا مع مثل سعيد بن جبير ليس من أدب المجالسة واستماع ما يروى، فمن سوء الأدب التظاهر بمعرفة الشيء، قال الخطيب رحمه الله:" وإذا روى المحدث خبرا قد تقدمت معرفته، فينبغي له أن لا يداخله في روايته، ليريه أنه يعرف ذلك الحديث، فإن من فعل مثل هذا كان منسوبا إلى سوء الأدب "
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
425 -
(6) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:" لَوْ رَفَقْتُ بابنِ عَبَّاسٍ لأَصَبْتُ مِنْهُ عِلْماً كَثِيراً "
(4)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو القطيعي، إمام ثقة صاحب سنة، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم إمام ثقة كبير، وأَبو سَلَمَةَ،
(1)
المعيد في أدب المفيد والمستفيد 1/ 68.
(2)
سنده حسن.
(3)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 1/ 200.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (312/ 420).
هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، قيل: اسمه عبد الله وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر.
الشرح:
المراد أنه لم يكن رفيقا بابن عباس رضي الله عنهما أثناء الحديث، فكان يجرؤ عليه وينازعه، فندم على ذلك لما أخذ منه ابن عباس موقفا أدى إلى عدم إظهار علمه له، ويؤيد هذا قول الزهر أيضا:" كان أبو سلمة يسأل ابن عباس فكان يخزن عنه"، وكان أبو سلمة ينازع ابن عباس في المسائل ويماريه، فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت:" إنما مثلك يا أبا سلمة مثل الفروج سمع الديكة تصيح فصاح معها " يعني أنك لم تبلغ مبلغ ابن عباس وأنت تماريه
(1)
، ولذلك انتقدته عائشة، ندم أبو سلمة رحمه الله بعد فوات الأوان بموت ابن عباس رضي الله عنهما، ولذلك لما قدم أبو سلمة الكوفة، وجلس بين رجلين فقال له أحدهما:" أي أهل المدينة أفقه؟ فقال: رجلٌ بينكما" يعني ابن عباس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
426 -
(7) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ:"مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْرَمَ لِلْعِلْمِ مِنْ أَبِي، رحمه الله تعالى "
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة أثنى عليه الإمام أحمد، وبَقِيَّةُ، هو ابن الوليد مدلس معروف بالراية عن الضعفاء والمجاهيل، تقبل روايته بشرط أن يصرح بالسماع، فهو ثقة إذا حدث عن الثقات، أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ خَالِدٍ، هي عبدة بنت خالد بن معدان، لم تتهم، وتقدم القول في جلالة أبيها برقم 419.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
38 -
بابٌ الْحَدِيثِ عَنِ الثّقَاتِ:
427 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: " قُلْتُ لِطَاوُسٍ:
(1)
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 7/ 61، ومنتقى من أخبار الأصمعي للربعي 1/ 150.
(2)
فيه بقية: وهو هنا محتمل، وأم عبد الله بنت خالد بن معدان.
إِنَّ فُلَاناً حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا
فَخُذْ عَنْهُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، ثقة إمام تقدم، وعِيسَى بْنُ يُونُسَ، هو ابن أبي إسحاق السبيعي، إمام ثقة تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، إمام ثقة تقدم، وسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الأشدق فقيه محله الصدق تقدم، وطَاوُسُ إمام ثقة.
الشرح:
المراد إن كان صاحبك من العلماء الثقات في العلم والعمل فخذ عنه العلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
428 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ:" قَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: لَا يُحَدِّثْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلاَّ الثِّقَاتُ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، ومِسْعَرُ، هو ابن كدام، وسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الزهري أبو إسحاق، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: لأن غير الثقة لا يؤمن من الغلط إن خف ضبط أو اختلط، وان اشتد ضعفه أو ترك فلا يؤمن أن يكذب، ولذلك قَالَ: قَالَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
(3)
.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (314/ 422).
(2)
رجاله ثقات، نعم لا يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الثقات، وهم أصحابه وكلهم عدول رضي الله عنهم، وانظر: القطوف رقم (315/ 423).
(3)
رجاله ثقات، أخرجه ابن ماجه حديث (33) وصححه الألباني، وهو من أصح الصحيح فقد أخرجه أحمد عن ستة عشر صحابيا: عن علي رضي الله عنه حديث (584، 1057) وعن عبد الله بن الزبير، عن أبيه حديث (1413) وهو في البخاري حديث (107) وعن ابن عباس رضي الله عنه حديث (2675، 2974) وعن ابن مسعود رضي الله عنه حديث (3694، 3801، 3814، 3847، 4156، 4338،) وعن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنه حديث (6486، 7006) وهو في البخاري حديث (3461) وعن أبي هريرة رضي الله عنه حديث (9316، 9350، 10055، 11092) وهو في البخاري حديث (110، 6197) ومسلم حديث (3) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 3) وعن أبي سعيد رضي الله عنه حديث (11343، 11350، 11404، 11424) وعن أنس رضي الله عنه حديث (11942، 12110، 12154، 12701، 12763، 13099، 13188، 13331، 13960، 13979) وهو في البخاري حديث (108) ومسلم (2) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 2) وعن جابر رضي الله عنه وهي رواية المصنف حديث (14254) وعن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه حديث (15481) وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه حديث (16506) وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حديث (16916) وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه حديث (17431) وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حديث (18140، 18202) وهو في البخاري حديث (1291) ومسلم حديث (4) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 4) وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه حديث (19266) وعن خالد بن عرفطة رضي الله عنه حديث (22501) ولخطورة الكذب على رسول الله أوردت هذا ليحذر المسلم هذا الخطر العظيم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
429 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:"كَانُوا لَا يَسْأَلُونَ عَنِ الإِسْنَادِ، ثُمَّ سَأَلُوا بَعْدُ لِيَعْرِفُوا مَنْ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ أَخَذُوا عَنْهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ سُنَّةٍ لَمْ يَأْخُذُوا عَنْهُ "
(1)
. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا أَظُنُّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَاصِمٍ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه ابن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، جَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد إمام ثقة تقدم، وعَاصِمٌ، هو ابن سليمان الأحول إمام ثقة تقدم، وابْنُ سِيرِينَ، هو محمد تابعي إمام تقدم.
الشرح:
المراد أن الصحابة ومن تبعهم كانوا على منهج السنة في الالتزام بالكتاب والسنة، فكانوا لا يسألون عن السند في الرواية؛ لأنهم أئمة ثقات على النهج الصحيح، ولما ظهرت البدع دققوا في الأسانيد لاستبعاد أهل البدع من حظ التوثيق ولاسيما من كان داعية لبدعته، ولذلك بوب عليه مسلم رحمه الله فقال: باب في أن الإسناد من الدين، وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات، وأن جَرح الرواة بما هو فيهم جائز، بل واجب،
(1)
فيه محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، وقد تابع جريرا إسماعيل بن زكريا، وانظر: القطوف رقم (316/ 424).
وأنه ليس من الغيبة المحرمة، بل من الذب عن الشريعة المكرمة
(1)
، وعلى هذا درج العلماء الثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
430 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ:" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: مَا حَدَّثْتَنِي فَلَا تُحَدِّثْنِي عَنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ عَمَّنْ أَخَذَا حَدِيثَهُمَا ".
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ: لَا أَظُنُّهُ سَمِعَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وجَرِيرٌ، وعَاصِمٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، تقدموا آنفا.
الشرح:
المراد أنهما يأخذان الرواية من غير تحرٍ ولا توثق، فاطرح ابن سيرين رحمه الله حديثهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
431 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ قَالَ:" قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا حَدَّثْتَنِي فَحَدِّثْنِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي بِحَدِيثٍ ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ، فَمَا أَخْرَمَ مِنْهُ حَرْفاً "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدٌ، وجَرِيرٌ، هما المتقدمان آنفا، وعُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، هو الضبي إمام ثقة، روى له الستة، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي إمام تقدم، وأبو زُرْعَةَ، هو ابن عمرو بن جرير البجلي، تابعي إمام ثقة حافظ.
الشرح:
المراد التحقق من الثقات والأخذ عنهم، من أمثال أبي زرعة الإمام الحافظ الثقة.
(1)
مقدمة الصحيح باب (5).
(2)
فيه محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، وقد تابع جريرا إسماعيل بن زكريا، انظر (صحيح مسلم 1/ 16 المقدمة)، وأبو محمد هو الدارمي.
(3)
انظر سابقه، وقد كتب في حاشية الأصل قبالته ما نصه: (سقط من هنا إلى آخر الباب من الأصل المسموعلى ابن اللتي، بجبل قاسيون
…
).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
432 -
(6) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:" إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ عَمَّنْ يَأْخُذُ دِينَهُ "
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد رواية السنة؛ لأنها أحكام كثيرة تبنى على رواية الحديث وصحته، وإذا لم يكن الراوي من الثقات وقع الخطر في الدين ذاته، والحمد لله قام للرواية الجهابذة النقاد، فأقاموا الصحيح، وأسقطوا الباطل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
433 -
(7) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" كَانُوا إِذَا أَتَوُا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ نَظَرُوا إِلَى صَلَاتِهِ وَإِلَى سَمْتِهِ وَإِلَى هَيْئَتِهِ "
(2)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الترجماني قال ابن شاهين: ليس به بأس تقدم، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: المراد ليعرفوا مقدار محافظته على أركانها وواجباتها والسنة فيها، وهذا غاية في التثبت، مع أن العلماء قبلوا الرواية عن بعض المبتدعين، إذا كان ثقة حافظا
لما يروي كعمران بن حطان وغيره، روى حديثه البخاري.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
434 -
(8) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانُوا إِذَا أَتَوُا الرَّجُلَ يَأْخُذُونَ عَنْهُ الْعِلْمَ نَظَرُوا إِلَى صَلَاتِهِ وَإِلَى سَمْتِهِ وَإِلَى هَيْئَتِهِ،
ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ
(3)
.
(1)
فيه محمد بن حميد الرازي: كان ابن معين حسن الرأي فيه، وهو كذلك إن شاء الله.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (320/ 428).
(3)
رجاله ثقات.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، هو النيسابوري، إمام مجاب الدعوة ثقة تقدم، وهُشَيْمٌ، هو بن بشير، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، أئمة ثقات تقدوا آنفا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
435 -
(9) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عن رَوْحٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الترجماني قال ابن شاهين: ليس به بأس تقدم آنفا، ورَوْحٌ، هو القيسي أبو محمد البصري ثقة فاضل له تصانيف، وهِشَامٌ، هو ابن حسان إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ، هو البصري تابعي إمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
436 -
(10) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِى جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ:" كُنَّا نَأْتِي الرَّجُلَ لِنَأْخُذَ عَنْهُ فَنَنْظُرُ إِذَا صَلَّى، فَإِنْ أَحْسَنَهَا جَلَسْنَا إِلَيْهِ وَقُلْنَا هُوَ لِغَيْرِهَا أَحْسَنُ، وَإِنْ أَسَاءَهَا قُمْنَا عَنْهُ وَقُلْنَا هُوَ لِغَيْرِهَا أَسْوَأُ "
(2)
.
قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: لَفْظُهُ نَحْوُ هَذَا.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، تقدم آنفا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، هو صدوق، ضعفه البعض، وأَبِوه، هو عيسى أبو جعفر بن أبي عيسى، لابأس به، والرَّبِيعِ، هو ابن أنس صدوق، تقدم، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ.
الشرح: انظر ما سبق.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
فيه عبد الله بن أبي جعفر الرازي: صدوق يخطئ متكلم في روايته عن أبيه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
437 -
(11) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: - لَا أَدْرِى سَمِعْتُهُ مِنْهُ
(1)
أَوْ لَا - ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ: " إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 395.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
438 -
(12) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ:" قُلْتُ لِطَاوُسٍ: إِنَّ فُلَاناً حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا فَخُذْ عَنْهُ "
(3)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري إمام ثقة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو التنوخي إمام ثقة تقدم، وسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الأشدق فقيه محله الصدق تقدم، وطَاوُسٌ، تابعي إمام تقدم كثيرا.
الشرح:
تقدم من وجه آخر عن طاوس برقم 426.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
439 -
(13) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: " جَاءَ بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعِدْ عَلَىَّ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ. قَالَ لَهُ بَشِيرٌ: مَا أَدْرِي عَرَفْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَأَنْكَرْتَ هَذَا؟ أَوْ عَرَفْتَ هَذَا وَأَنْكَرْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ
(1)
يعني هشام بن حسان.
(2)
شك فيه أبو عاصم الضحاك بن مخلد، وكلاهما ثقة.
(3)
سنده حسن، تقدم.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَمْ يَكُنْ يُكْذَبُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ
(1)
تَرَكْنَا الْحَدِيثَ عَنْهُ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، هو المكي مختلف في توثيقه، ولابأس به روى له الشيخان، وطَاوُسٍ، تقدم آنفا، وبَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ، هو حميري مخضرم ثقة، روى له الستة عدا مسلم ففي المقدمة، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
سبب مقولة بشير أن ابن عباس شدد عليه في طلب إعادة ما حدث به، قال له ابن عباس: عد لحديث كذا وكذا، فعاد له، ثم حدثه، فقال له: عد لحديث كذا وكذا، فعاد له
(3)
، وعن مجاهد، قال: جاء بشير العدوي إلى ابن عباس، فجعل يحدث، ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس، مالي لا أراك تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسمع، فقال ابن عباس:" إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب، والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف "
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
440 -
(14) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ والخبر يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَكِبْتُمُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ"
(5)
.
(1)
أي شدائد الأمور وسهولها، والمراد ترك المبالاة بالأشياء، وعدم الاحتراز في القول والعمل (النهاية 3/ 29).
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (326/ 434).
(3)
انظر مقدمة مسلم 1/ 12.
(4)
انظر مقدمة مسلم 1/ 13.
(5)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (327/ 435).
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، إمام ثقة تقدم، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد الأزدي، أبو عروة البصري إمام ثقة حافظ، وابْنُ طَاوُسٍ، هو عبد الله الخير أبو محمد، إمام ثقة عابد قدوة، وأَبوه، طاوس تابعي إمام، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح: انظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
441 -
(15) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:" يُوشِكُ أَنْ يَظْهَرَ شَيَاطِينُ قَدْ أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ عليه السلام يُفَقِّهُونَ النَّاسَ فِي الدِّينِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم صدوق اختلط حديثه، وطَاوُسٌ تقدم آنفا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد أنهم شياطين من الجن يؤيد هذا قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن " الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث
(2)
.
ويحتمل أن يراد به أصحاب الأهواء والبدع، والأئمة المضلين، الداعين إلى ما هم عليه من الباطل، شبهم بالشياطين، وهم شياطين الإنس، وتأثيرهم في الضلال أكبر من شياطين الجن، يؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم، ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم، ولا يفتنونكم»
(3)
.
(1)
فيه ليث بن أبي سليم: صدوق اختلط جدا، وانظر: القطوف رقم (328/ 436).
(2)
مسلم ما بعد حديث (7).
(3)
مسلم حديث (7).
ويحتمل الصنفان هذا وذاك من الجن والإنس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
442 -
(16) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:"انْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِنَّهُ دِينُكُمْ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تقدم سندا برقم 396، وانظر رقم 436.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
39 -
بابٌ مَا يُتَّقَى مِنْ تَفْسِيرِ
حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلِ غَيْرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم
443 -
(1) أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " لِيُتَّقَي مِنْ تَفْسِيرِ
(2)
حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَّا يُتَّقَى مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ "
(3)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الحلبي صدوق تقدم، ومُعْتَمِرٌ، هو ابن سليمان إمام صدوق تقدم، وأَبوه، هو سليمان بن طرخان إمام ثقة تقدم.
الشرح:
لأنه في السنة بيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي القرآن شهادة على الله عز وجل بأن ذلك مراده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
444 -
(2) أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَمَا تَخَافُونَ أَنْ تُعَذَّبُوا، أَوْ يُخْسَفَ بِكُمْ، أَنْ تَقُولُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ فُلَانٌ "
(4)
.
رجال السند:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (329/ 437).
(2)
كتبت لحقا في هامش (ت) وليست في بقية الأصول الخطية.
(3)
فيه موسى بن خالد الشامي: مقبول.
(4)
رجاله ثقات.
صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، هو المروزي، إمام ثقة تقدم، ومُعْتَمِرٌ، هو ابن سلمان، وأَبوه، تقدما آنفا، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد الموازنة بين القولين، فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعارض بقول أحد من الناس كائنا من كان، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما:" يوشك أن تنْزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟ ".
وقال الإمام أحمد رحمه الله: " عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، ويذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
445 -
(3) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا الْمُعَافي، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ:" كَتَبَ عُمَرُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ لَا رَأْيَ لأَحَدٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا رَأْيُ الأَئِمَّةِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ كِتَابٌ وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا رَأْيَ لأَحَدٍ فِي سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
رجال السند: الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، هو البجلي صدوق تقدم، والْمُعَافى، هو ابن عمران الأزدي، أبو مسعود الفهمي الدوسي الزهراني، إمام ثقة فيه قدوة، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبدالرحمن بن عمرو إمام ثقة تقدم، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو الخليفة إمام عادل،
رحمه الله.
الشرح:
المراد الاجتهاد، لا يجوز مع النص من كتاب الله عز وجل، أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يكون فيما لا نص فيه من الكتاب أو من السنة أو منهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
من الآية (63) من سورة النور.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (332/ 440).
446 -
(4) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَطَبَ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ نَبِيًّا، وَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَ هذا
(1)
الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَاباً، فَمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا حَرَّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِقَاضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ، وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْكُمْ غَيْرَ أَنِّى أَثْقَلُكُمْ حِمْلاً، أَلَا وَإِنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَلَا هَلْ أَسْمَعْتُ؟ "
(2)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، ومُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَان، كلاهما صدوق تقدما قريبا، وعُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ، هو العمري إمام ثقة تقدم.
الشرح:
لا مزيد فهذه خطبة أعلن فيها الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وبين أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وأنه لا كتاب ينزل بعد القرآن فقد ختم الوحي، فالحلال ما أحل الله عز وجل في كتابه العزيز، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو في أحدهما، والحرام ما حرّم فيهما، أو في أحدهما، ثم بين أن الخليفة منفذ لشرع الله عز وجل، وهو متبع للنبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم، وأن رعايته الأمة حمل تحمله دونها، وبين عدم طاعة أحد في معصية الله عز وجل، ثم أعلن براءته من الباطل فقال: ألا هل أسمعت؟ رحمه الله رحمة واسعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
447 -
(5) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ حُجَيْرٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسِ رضي الله عنهما: اتْرُكْهُمَا. قَالَ: إِنَّمَا نُهِىَ عَنْهَا أَنْ تُتَّخَذَ سُلَّماً.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهُ قَدْ نُهِىَ عَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَلَا أَدْرِي أَتُعَذَّبُ عَلَيْهَا أَمْ تُؤْجَرُ؟، لأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
(1)
فيه موسى بن خالد مقبول: وهو محتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (333/ 441).
(2)
كتبت لحقا في هامش (ت).
(1)
قَالَ سُفْيَانُ: تُتَّخَذَ سُلَّماً يَقُولُ يُصَلِّى بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو السرخسي، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، إمامان ثقتان تقدما، وهِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ، هو المكي مختلف في توثيقه، ولابأس به، وطَاوُسٌ تقدم كثيرا.
الشرح:
المراد أن طاووسا رحمه الله يرى جواز صلاة ركتين بعد العصر، وربما كذلك بعد الفجر، وعلل النهي بأن لا تتخذ ذريعة لصلاة أكثر من ركعتين، ولذلك فسرها سفيان رحمه الله باستمرار في الصلاة إلى الليل، وكلام ابن عباس رضي الله عنهما أصح عملا بما ورد في ذلك من النهي عن صلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب، واستثنى بعض العلماء ذوات السبب كتحية المسجد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
448 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ:" أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنُسْخَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ. فَسَكَتَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، أَمَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ، رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسَى فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي
(1)
الآية (36) من سورة الأحزاب.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (334/ 442).
لَاتَّبَعَنِي "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، هو أبو كريب إمام ثقة تقدم، وابْنُ نُمَيْرٍ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، مُجَالِدٌ، هو ابن سعيد مقبول في المتابعات تقدم، وعَامِر، هو الشعبي إمام تقدم كثيرا، وجَابِرٌ رضي الله عنه.
الشرح:
فيه بيان أن لا دين بعد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا الإسلام، ولو أن الأنبياء بعثوا ما وسعهم إلا الإسلام؛ لأن الله عز وجل أبطل العمل بالأديان السابقة، وجعل الإسلام خاتم الأديان، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار»
(2)
، وكذلك عيسى عليه السلام إذا نزل بأمر الله صلى الله عليه وسلم من السماء فإنه لا يحكم بالإنجيل، بل بشريعة الإسلام، فيكون بهذا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون أفضل الأمة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعده الخلفاء الراشدون على الولاء رضي الله عنهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
449 -
(7) حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، أنْبَأَ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي رَبَاحٍ - شَيْخٌ مِنْ آلِ عُمَرَ - قَالَ:" رَأَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ رَجُلاً يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ الرَّكْعَتَيْنِ يُكْثِرُ فَقَالَ لَهُ ". فَقَالَ: " يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَيُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَى الصَّلَاةِ؟، قَالَ: لَا وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ اللَّهُ بِخِلَافِ السُّنَّةِ "
(3)
.
رجال السند:
قَبِيصَةُ، هو ابن عقبة، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو رَبَاحٍ، لعله بالياء المثناة من تحت، وهو صهر مجاهد، ذكر أبو حاتم رحمه الله روايته عن الثوري، ولم يذكره بجرح ولا تعديل، ويقبل في مثل هذا؛ وتقدم نحوه عن طاوس رحمه الله آنفا.
(1)
فيه مجالد بن سعيد الهمداني: ليس بالقوي، وهو هنا محتمل، وقد سقط هذا من القطوف، وسنستدركه في نسخة مصححة، تنزل على الإنترنيت، إن شاء الله.
(2)
مسلم حديث (240).
(3)
فيه أبو رياح: سكت عنه أبو حاتم (الجرح 9/ 372)، وانظر: القطوف رقم (335).
الشرح:
قوله: " فَقَالَ لَهُ " أي قال له سعيد في شأن الركعتيتن بعد العصر، وفيه الحدث على الالتزام بالسنة؛ لأنه لا مجال للرأي مع النص، الذي ينهى عن الصلاة بعد العصر، وانظر رقم 445.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
40 -
بابٌ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ مَنْ بَلَغَهُ
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ فَلَمْ يُعَظِّمْهُ وَلَمْ يُوَقِّرْهُ
450 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْعَجْلَانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ فِي بُرْدَيْنِ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرْضَ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَقَالَ لَهُ فَتًى قَدْ سَمَّاهُ وَهُوَ فِي حُلَّةٍ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَهَكَذَا كَانَ يَمْشِي ذَلِكَ الْفَتَى الَّذِي خُسِفَ بِهِ؟، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَعَثَرَ عَثْرَةً كَادَ يَنْكَسِرُ مِنْهَا، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لِلْمَنْخَرَيْنِ وَلِلْفَمِ {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَجْلَانَ، هو ابن محمد القرشي، إمام ثقة شبهه ابن المبارك بالياقوتة بين العلماء، والْعَجْلَانُ، هو والد محمد المتقدم، لابأس به روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح: نص الله عز وجل على أن من الاستهزاء ما هو كفر وأن الاستهزاء بالله عز وجل، أو بآياته، أو بأحد من رسله هو كفر مخرج عن الإيمان، قال الله عز وجل:
(1)
من الآية (95) من سورة الحجر، وفيه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، أرجح أنه حسن الحديث، ومحمد بن عجلان: صدوق اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، والخبرأخرجه البخاري حديث (3485: طرفه 5790) ومسلم حديث (2088) دون قول صاحب الحلة، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1351).
(1)
، فحكم الله عز وجل عليهم بظاهر قولهم، فلاستهزاء بهذه الأمور كفر ولو كان على سبيل المزح والتسلية، وإني لأخشى على من يستهزئ بالدعاة والآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر من هذا المصير، وإنهم لكُثُر في زمننا هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
451 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِّيٍّ، عَنْ خِرَاشِ بْنِ جُبَيْرٍ
(2)
قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَتًى يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ: لَا تَخْذِفَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَذْفِ. فَغَفَلَ الْفَتَى وَظَنَّ أَنَّ الشَّيْخَ لَا يَفْطِنُ لَهُ فَخَذَفَ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: أُحَدِّثُكَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ الْخَذْفِ ثُمَّ تَخْذِفُ؟، وَاللَّهِ لَا أَشْهَدُ لَكَ جَنَازَةً، وَلَا أَعُودُكَ فِي مَرَضٍ، وَلَا أُكَلِّمُكَ أَبَداً. فَقُلْتُ لِصَاحِبٍ لِي يُقَالُ لَهُ مُهَاجِرٌ: انْطَلِقْ إِلَى خِرَاشٍ فَاسْأَلْهُ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَحَدَّثَهُ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه ابن معين وتكلم فيه آخرون تقدم، وهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو الرازي، وثقه النسائي تقدم، وعَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، هو الرازي، صدوق له أوهام تقدم، والزُّبَيْرُ بْنُ عَدِّيٍّ، قاضي الري أبو عدي الكوفي، إمام ثقة صاحب سنة، روى له الستة، وخِرَاشُ ابْنُ جُبَيْرٍ، لم أعرفه، وانظر التعليق.
الشرح: فيه تعظيم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإصرار على التربية على ذلك فقد يكون الفتى صغيرا لا يدرك أهمية ذلك، ومع ذلك أُغلظ عليه القول ليعلم أن ما أقدم عليه
(1)
من الآية (65، 66) من سورة التوبة.
(2)
هكذا في الأصول الخطية، ولم يتبين لي الأمر فيه، ورجح أبو عاصم صاحب فتح المنان أنه (سعيد بن جبير) تصحف إلى (خراش) مستشهدا بالرواية التالية عند المصنف، وبما أخرجه الإمام مسلم عن حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه حديث (56) أنظر:(فتح النان 3/ 2 () 00) ولا أرى التصحيف واردا للفرق بين الصورتين في رسم الكلمة، وجعل حسين أسد جهالته إحدى علل الرواية (1/ 405) من تحقيقه.
(3)
فيه خراش بن جبير: لم أقف عليه، وانظر التالي.
يستحق العقاب عليه، وهذا سلوك حسن في تعظيم شعائر الله عز وجل
ورسوله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
452 -
(3) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَذْفِ فَقَالَ: «إِنَّهَا لَا تَصْطَادُ صَيْداً وَلَا تَنْكِي عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ» فَرَفَعَ رَجُلٌ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعِيدٍ قَرَابَةٌ - شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ: هَذِهِ وَمَا تَكُونُ هَذِهِ؟، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَلَا أُرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَهَاوَنُ بِهِ؟، لَا أُكَلِّمُكَ أَبَداً "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه.
الشرح:
انظر ما تقدم والمراد ما يخذف به حَصَمَة صغيرة لا ترى فتتقى، فليس من آلات الحرب فيصد بها العدو، ولا يصاد بها سوى الصغير من الطير، ولكنها تكسر السن، وتفقأ العين، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم للأمة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
453 -
(4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: " رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ يَخْذِفُ فَقَالَ: لَا تَخْذِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَى عَنِ الْخَذْفِ، وَكَانَ يَكْرَهُهُ، وَإِنَّهُ لَا يُنْكَأُ بِهِ عَدُوٌّ وَلَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ. ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَى عَنْهُ، ثُمَّ أَرَاكَ تَخْذِفُ؟، وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَداً "
(2)
.
(1)
فيه سعيد بن بشير البصري، قال ابن حجر: ضعيف. وهو محتمل، كما قال الذهبي (الكاشف 1/ 356) وأخرجه البخاري حديث (5479) ومسلم حديث (1954) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1277).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: ما قبله.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام ثقة تقدم، وكَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، هو القيسي ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، هو الأسلمي ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم آنفا، وبرقم 449.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
454 -
(5) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: " حَدَّثَ ابْنُ سِيرِينَ رَجُلاً بِحَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ قَالَ فُلَانٌ؟ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَداً "
(1)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري إمام ثقة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، هو الأزدي شامي مختلف في توثيقة، لابأس به، روى التفسير عن قتادة، وقَتَادَةَ، هو السدوسي إمام ثقة تقدم، وابْنُ سِيرِينَ، هو محمد تابعي إمام تقدم.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
455 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» فَقَالَ فُلَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: " إِذاً وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ابْن عُمَرَ فَشَتَمَهُ شَتِيمَةً لَمْ أَرَهُ شَتَمَهَا أَحَداً قَبْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ: إِذاً وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا؟ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو ابن أبي عطاء صدوق يخطئ، الأَوْزَاعِيُّ، إمام ثقة تقدم، الزُّهْرِيُّ، إمام ثقة تقدم، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الله المدني، من الفقهاء السبعة، إمام قدوة، وابْنُ عم، هو والد سالمَ رضي الله عنهم.
(1)
فيه سعيد بن بشير البصري: قال ابن حجر: ضعيف، وهو محتمل كما قال الذهبي في (الكاشف 1/ 356) وانظر السابق.
(2)
فيه محمد بن كثير بن أبي عطار: صدوق كثير الغلط، والخبرأخرجه مسلم حديث (442).
الشرح:
القائل هو بلال بن عبد الله كما عند مسلم في (1/ 327) هكذا في الأصول الخطية، والغالب أنه تصحف في الأصول من (بلال) إلى (فلان). وهذا على غرار ما تقدم من وجوب قبول قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل به، وانظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
456 -
(1)
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ
(2)
، ثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِي الْمُخَارِقِ قَالَ:" ذَكَرَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ، فَقَالَ فُلَانٌ: مَا أَرَى بِهَذَا بَأْساً يَداً بِيَدٍ. فَقَالَ عُبَادَةُ: أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَتَقُولُ لَا أَرَى بِهِ بَأْساً؟، وَاللَّهِ لَا يُظِلُّنِي وَإِيَّاكَ سَقْفٌ أَبَداً "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقة ابن معين وتكلم فيه آخرون، وهَارُونُ ابْنُ الْمُغِيرَةِ، هو الرازي، وثقه النسائي تقدم، ومَعْرُوفٌ، هو ابن عبد الله الخياط، لابأس به، وأَبو الْمُخَارِقِ، هو زهير بن سالم شامي صدوق فيه لين، وهو كثير الإرسال، وعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه.
الشرح:
هو في سياق ما سبق، وقد قيل: إن المعترض على عبادة رضي الله عنه هو معاوية رضي الله عنه، وأرى أنه غيره لاختلاف السياق، ولعله بلغ معاوية قول عبادة رضي الله عنهما، قال أبو الأشعث شراحيل بن شرحبيل بن كليب: " غزونا غزاة وعلى الناس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت، فقام، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد، أو ازداد، فقد
(1)
في (ك) تقدم هذا الحديث على السابق عليه حديث محمد بن كثير.
(2)
كتب في هامش الأصل قبالته (محمد بن كثير) وهما شيخان للمصنف وفي كل منهما كلام.
(3)
فيه معروف الخياط: ضعيف، وأبو المخارق لم يسمع من عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وقد تقدم. في (ك) الحديث رقم (451) على رقم (450).
أربى"، فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا، فقال: " ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه "، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة، ثم قال: " لنحدّثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كره معاوية
…
"
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
457 -
(8) خْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِىُّ، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ زَمْعَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلاً» قَالَ: " وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلاً فَانْسَاقَ رَجُلَانِ إِلَى أَهْلَيْهِمَا، فَكِلَاهُمَا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِىُّ، هو أبو هشام لابأس به تقدم، وأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، هو عبد الملك إمام ثقة تقدم، وزَمْعَةُ، هو ابن صالح ضعفه الجمهور، وحديثه عند مسلم مقرون، وسَلَمَةُ بْنُ وَهْرَامٍ، يعتبر به في غير روايته عن زمه، ووثقة ابن معين، وعِكْرِمَةُ، هو مولى ابن عباس إمام، وابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " فانساق " المراد اندفعا إلى أهلهما، ولم يراعيا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخبر في سنده زمعة بن صالح: ضعيف، وأخرج لم مسلم مقرونا، ويقويه ما بعده، وانظر: القطوف رقم (338) وهذه الرواية ضعيفة، وأيضا ما ذكر من انسلال الرجلين وما قيل من سوء، إن صح فتلك عقوبة لمخالفتهما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحيح حديث جابر رضي الله عنه وفيه بيان سبب النهي قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فلما قدمنا قال:
(1)
مسلم حديث (1587).
(2)
في سنده زمعة بن صالح: ضعيف، وأخرج له مسلم مقرونا، ويقويه ما بعده، وانظر: القطوف رقم (338).
«أمهلوا حتى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة»
(1)
، وفي هذا من حسن الأدب وتربية الصحابة رضي الله عنهم عليه، ولما يحدث الاعتناء من الزوجات بمقدم الأزواج من وئام وسعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
458 -
(9) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ نَزَلَ الْمُعَرَّسَ
(2)
، ثُمَّ قَالَ:«لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ لَيْلاً» فَخَرَجَ رَجُلَانِ مِمَّنْ سَمِعَ مَقَالَتَهُ فَطَرَقَا أَهْلَيْهِمَا، فَوَجَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن، إمامان ثقتان تقدما، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، هو أبو حرملة المدني لابأس به روى له الستة عدا البخاري، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هو تابعي إمام.
الشرح:
انظر ما سبق، وقوله:" نزل المعرس" المراد المكان الذي حط فيه آخر الليل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
459 -
(10) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يُوَدِّعُهُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ: " لَا تَبْرَحْ حَتَّى تُصَلِّيَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَخْرُجُ بَعْدَ النِّدَاءِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلاَّ مُنَافِقٌ إِلاَّ رَجُلٌ أَخْرَجَتْهُ حَاجَتُهُ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ» فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابِي بِالْحَرَّةِ. قَالَ: فَخَرَجَ. قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ سَعِيدٌ يُولَعُ بِذِكْرِهِ حَتَّى أُخْبِرَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَانْكَسَرَتْ
(1)
ابن حبان حديث (2714).
(2)
التعريس: نزول المسافر آخر الليل، نزلة للنوم والاستراحة، والمعرّس: موصع التعريس (النهاية 3/ 206).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (339/ 452).
فَخِذُهُ "
(1)
.
رجال السند: انظر السابق آنفا.
الشرح:
الذي عليه أهل العلم من الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم: ألا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان، إلا من عذر كأن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه.
ويروى عن إبراهيم النخعي رحمه الله، أنه قال:" يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة"، وهذا لمن له عذر في الخروج، ولذا قال أبو هريرة رضي الله عنه لما خرج رجل بعد الأذان:
" أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم "، وهذا يحمل على عدم العذر، ويؤيده أن الإسلام دين رفق ورحمة، أما من ليس له عذر فلعل أبا هريرة رضي الله عنه سمع ما يقتضي تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان، فأطلق لفظ المعصية عليه، وهذا قول له حكم المرفوع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
41 -
بابٌ مَنْ كَرِهَ
(2)
أَنْ يُمِلَّ النَّاسَ
460 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُالصَّمَدِ بْنُ عَبْدِالْوَارِثِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:" لَا تُمِلُّوا النَّاسَ "
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، هو ابن سعيد البصري، أبو سهل إمام ثقة ثبت في شعبة، روى له الستة، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي إمام ثقة تقدم، وأَبو الأَحْوَصِ، هو عوف بن مالك الأشجعي، إمام ثقة من أصحاب ابن مسعود، روى له الستة عدا البخاري، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
(1)
مرسل رجاله ثقات، وقد عجّل الله عز وجل العقوبة لذلك الرجل، لكونه سمع ولم يمتثل، وانظر: القطوف رقم (340/ 454).
(2)
في (و، ف)
(3)
رجاله ثقات، والمراد أن يتخول الناس بالموعظة، ويتحرى أوقات نشاط النفوس، وإقبال القلوب، وانظر: القطوف رقم (341/ 455).
الشرح:
المراد بكثرة الموعظة، أو بالإطالة فيها، وعدم الإملال منهج نبوي ولذلك قال ابن مسعود نفسه رضي الله عنه:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام، كراهة السآمة علينا"
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
461 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ أَشْعَثُ، عَنْ كُرْدُوسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:" إِنَّ لِلْقُلُوبِ نَشَاطاً وَإِقْبَالاً، وَإِنَّ لَهَا تَوْلِيَةً وَإِدْبَاراً، فَحَدِّثُوا النَّاسَ مَا أَقْبَلُوا عَلَيْكُمْ".
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو الواسطي، ثقة إمام قدوة تقدم، وأَشْعَثُ، هو ابن سوار ضعفه الجمهور تقدم، وكُرْدُوسٍ، هو الثعلبي مختلف في نسبته واسم أبيه مقبول، وعَبْدِ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث فيه كردس الثعلبي: مقبول، وبينه بين عبد الله بن مسعود انقطاع، وانظر: سابقه، وانظر: القطوف رقم (342/ 456) والمراد ما داموا في حالة الرغبة في السماع، ولا يتعب المرء نفسه وراء من لا يستمع إليه، ولا يستجيب له، ولذلك قال بعض الحكماء: من حدث من لا يستمع له فلا يلومن إلا نفسه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
462 -
(3) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: " كَانَ يُقَالُ: حَدِّثِ الْقَوْمَ مَا أَقْبَلُوا عَلَيْكَ بِوُجُوهِهِمْ، فَإِذَا الْتَفَتُوا فَاعْلَمْ أَنَّ لَهُمْ حَاجَاتٍ "
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو أزدي إمام ثقة تقدم، وأَبُو هِلَالٍ، هو محمد بن سليم الراسبي البصري، ليس بالقوي، ذكره البخاري في الضعفاء وقد علق عنه، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح: هذا في سياق ما تقدم.
(1)
البخاري حديث (68) ومسلم حديث (2821).
(2)
فيه محمد بن سليم أبو هلال الراسبي: صدوق كثير الخطأ، ويقويه ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (343/ 457). وكتب قبالته في هامش (ت) بلغ العرض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
42 -
بابٌ مَنْ لَمْ يرَ كِتَابَةَ الْحَدِيثِ
463 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِمامٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَكْتُبُوا عَنِّى شَيْئاً إِلاَّ الْقُرْآنَ، فَمَنْ كَتَبَ عَنِّى شَيْئاً غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، تقدم آنفا، وهِمامٌ
(2)
، هو ابن يحيى أبو عبد الله البصري، إمام ثقة ثبت في قتادة، روى له الستة، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هو مولى عمر ابن الخطاب، ثقة إمام في التفسير عالم فقيه، عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، إمام ثقة تقدم وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
464 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:" أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنْ يَكْتُبُوا عَنْهُ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ، هو القطيعي، إمام ثقة صاحب سنة تقدم، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، إمام ثقة تقدم، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، تقدما آنفا وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
الشرح:
كان هذا في صدر الإسلام، وبعد ذلك تظافرت على الجواز أقوال العلماء من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين رحمهم الله، والحمد لله كانت الكتابة والتدوين نعمة حفظ الله عز وجل السنة، ولولا ذلك لضاعت السنة واندثر العلم، فكان جواز كتابة الحدث من الحفظ لهذا الدين، والكتابة أولى من الحفظ على الجملة، وإن حصل معها الحفظ فذاك نور على نور، ومما قال القرطبي رحمه الله: " فإن العلم لا يضبط إلا بالكتاب، ثم بالمقابلة والمدارسة، والتعهد والتحفظ والمذاكرة، والسؤال والفحص عن الناقلين، والثقة بما نقلوا، وإنما كره
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (3004).
(2)
في المطبوع: هشام، وهو خطأ.
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
الكتابة من كره من الصدر الأول لقرب العهد، وتقارب الإسناد، لئلا يعتمده الكاتب فيهمله، أو يرغب عن حفظه والعمل به، فأما والوقت متباعد، والإسناد غير متقارب، والطرق مختلفة، والنقلة متشابهون، وآفة النسيان معترضة، والوهم غير مأمون، فإن تقييد العلم بالكتاب أولى وأشفى "
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
465 -
(3) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" يَا شِبَاكُ، أَرُدُّ عَلَيْكَ - يَعْنِى الْحَدِيثَ -، مَا أَرَدْتُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيَّ حَدِيثٌ قَطُّ ".
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو النيسابوري، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وابْنُ شُبْرُمَةَ، هو عبد الله، والشَّعْبِيُّ، هو عامر، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
شِباك هو الضبي رجل أعمى من أصحاب الشعبي، ثقة مدلس، والمراد برد الحديث إعادته، ثم بين الشعبي، أنه يكره إعادة الحديث، وفيه شحذ لسرعة الفهم، ودقة الإصغاء، ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم سلّم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا
(2)
، إذًا فلا حرج من رد الحديث ثلاثا، لما فيه من الإيضاح وفهم النص من غير زيادة ولا نقص، والتكرار، كرهه بعض أهل العلم، والصواب عدم الكراهة، بل أنه من السنة فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلام ثلاثا، حتى يفقه عنه، وعليه بوّب البخاري فقال: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه باب (30) والخبر رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
466 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: " حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ بِحَدِيثٍ، فَلَقِيتُهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَخَذْتُ بِلِجَامِهِ
(3)
، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَعِدْ عَلَىَّ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثْتَنَا بِهِ. قَالَ: وَتَسْتَعِيدُ
(1)
تفسير القرطبي 11/ 207.
(2)
انظر البخاري حديث (94).
(3)
أي: بلجام دابته.
الْحَدِيثَ؟ قَالَ قُلْتُ: وَمَا كُنْتَ تَسْتَعِيدُ الْحَدِيثَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: وَلَا تَكْتُبُ؟ قَالَ: لَا"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، والزُّهْرِىُّ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا اجتهاد منهم في تنمية المواهب، وزيادة قوة الذكاء، عادة حميدة تنافس فيها الأفذاذ، اعتناء بالسنة النبوية، وليس عيبا أن يستعيد العالم حديث سمعه، فقدرات الناس تختلف، والمهم الضبط، وعدم التخليط.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
467 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: " كَانَ قَتَادَةُ يَكْرَهَ الْكِتَاب
(2)
، فَإِذَا سَمِعَ وَقْعَ الْكِتَابِ أَنْكَرَهُ، وَالْتَمَسَهُ بِيَدِهِ "
(3)
.
رجال السند:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو ابن أبي عطاء، ضُعّف في الأوزاعي، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن إمام ثقة، وقَتَادَةُ، هو السدوسي إمام ثقة، تقدموا جميعا.
الشرح:
تقدم عن أبي سعيد الخدري برقم 462، وبينا أنه كان في صدر الإسلام، ثم أذن العلماء في الكتابة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
468 -
(6) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ، يَكْرَهُهُ
(4)
.
(1)
رجاله ثقات، وفيه إشارة إلى قوة حفظ الزهري رحمه الله، وانظر: القطوف رقم (345/ 461).
(2)
هكذا في الأصول الخطية (الكتابة) والمراد كره الكتاب يحضره التلميذ ليكتب فيه ما يسمع من الشيخ، وذلك إبقاء على قوة الضبط وصفة الحفظ، وعلو الهمة، وقد يصرفه الكتاب ذلك كله، ولا يمنع في زماننا هذا وقد ضعفت الهمم، وندر الضبط والحفظ.
(3)
فيه محمد بن كثير بن أبي عطاء: وهو محتمل في مثل هذا.
(4)
رجاله ثقات.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، هما إمامان ثقتان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
469 -
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ:" أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَكْرَهُ الْكِتَابَ: يَعْنِى الْعِلْمَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومَنْصُورُ، هو بن المعتمر، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا الحديث
(2)
، المراد لا يقيد العلم فتكون عنده كراريس يرجع إليها، بل يعتمد ذاكرته وحفظه، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
470 -
(8) أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:" لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً كِتَاباً لَاتَّخَذْتُ رَسَائِلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "
(3)
.
رجال السند:
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، هو التستري صدوق تقدم، وأَزْهَرُ، هو الباهلي راوية ابن عون ثقة تقدم، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، وابْنُ سِيرِينَ، هو محمد إمام ثقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
471 -
(9) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ:" رَأَيْتُ حَمَّاداً يَكْتُبُ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَنْهَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَطْرَافٌ "
(4)
.
(1)
المراد كتابة العلم، وأرجح أنه (القلم) تصحف من القاف إلى العين، يوضح هذا
قوله: (ما كتبت حديثا قط) انظر رقم (469) ومراده أنه يعتمد على قوة حفظه، وهذا أمكن في عصره.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (348/ 464).
(3)
رجاله ثقات.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (350/ 466).
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، وابْنُ إِدْرِيسَ، هو عبد الله إمام قدوة ثقة تقدم، وابْنُ عَوْنٍ، تقدم آنفا، وحَمَّاداٌ، هو ابن أبي سليمان أفقه أصحاب إبراهيم النخعي إمام ثقة تقدم، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
472 -
(10) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " قَالَ لِي عَبِيدَةُ: لَا تُخَلِّدَنَّ عَلَيَّ
(1)
كِتَاباً "
(2)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، وابْنُ إِدْرِيسَ، هو عبد الله إمام قدوة ثقة تقدم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة من كبار أصحاب إبراهيم النخعي، إمام ثقة يدلس تقدم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي.
الشرح:
عبيدة، هو ابن عمرو السلماني، أبو عمرة المرادي، فقيه الكوفة ومفتيها، تابعي كبير إمام ثقة، أمر إبراهيم النخعي ألا يكتب عنه؛ لأنه كان لا يرى جواز كتابة العلم، وهو من أعلم الناس بفقه ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
473 -
(11) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ:" مَا كَتَبْتُ عَنْ مُحَمَّدٍ إِلاَّ حَدِيثَ الأَعْمَاقِ، فَلَمَّا حَفِظْتُهُ مَحَوْتُهُ "
(3)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، إمام ثقة تقدم، وهِشَامٌ، هو ابن حسان إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ، هو ابن سيرين.
(1)
من الخلود، والمراد البقاء، وفي (د، و) عني. وبالجيم، لأنهم كانوا يكتبون على الجلود، انظر رقم (470) أو من التجليد وهو ما يجعل غلافا للكتاب.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (351/ 467).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (352/ 468).
الشرح:
حديث الأعماق هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق»
(1)
.
وكان بعضهم يحفظ ثم يكتب ما يحفظ منهم الأعمش وعبد الله بن إدريس وهشيم وغيرهم. وهذا احتياط على الحفظ. والكتب أولى على الجملة، وتقدم البيان برقم 463.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
474 -
(12) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: " سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثاً قَطُّ "
(2)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، وسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيز، هو التنوخي، هما إمامان ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
475 -
(13)[أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا كَتَبْتُ شَيْئاً قَطُّ]
(3)
-
(4)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، هو الأصبهاني، وأَبُو دَاوُدُ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
476 -
(14) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " سَأَلْتُ عَبِيدَةَ قِطْعَةَ جِلْدٍ أَكْتُبُ فِيهِ فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ لَا تُخَلِّدَنَّ
(1)
مسلم حديث (2897).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (353/ 469).
(3)
ما بين المعقوفين كتب لحقا في (ت).
(4)
سنده حسن.
عَنِّي كِتَاباً "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، هو الأصبهاني، وأَبُو دَاوُدُ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، هو الزبيدي أبو إسحاق الكوفي، ثقة من أصحاب النخعي، روى له الستة عدا البخاري، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي.
الشرح: تقدم عن عبيدة برقم 470.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
477 -
(15) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ،، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ مِثْلَهُ.
رجال السند:
هم أئمة ثقات تقدموا قريبا، وهذا سند حسن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
478 -
(16) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيكٍ
(2)
، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:" أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ الْحَدِيثُ فِي الْكَرَارِيسِ، وَيَقُولُ: يُشَبَّهُ بِالْمَصَاحِفِ ".
قَالَ يَحْيَى: وَوَجَدْتُ فِي كِتَابِي [عَنْ زِيَادٍ الْكَاتِبِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ]
(3)
:
فَاكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ
(4)
.
(1)
سنده حسن.
(2)
قال ابن حجر رحمه الله: سليمان بن عتيق المدني، ومن قال فيه: ابن أبي عتيك، فقد وهم، وعند الإمامين: البخاري وأبو حاتم (ابن أبي عتيك) وسكتا عنه (التارخ 4/ 29، والجرح والتعديل 4/ 135) وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 391).
(3)
ما بين المعقوفين هكذا في الأصول، والصواب (زياد بن كليب أبي معشر) وهو التيمي وكان قليل الحديث، توفي في ولاية يوسف بن عمر على العراق.
وبينه وبين يحي انقطاع، وهو واضح من السند الذي قبله.
(4)
فيه سليمان: مختلف فيه.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، هو صهر أبي عوانة وراويته، إمام ثقة تقدم، وأَبُوعَوَانَةَ، هو الوضاح إمام ثقة تقدم، وسُلَيْمَانُ بْنُ عَتِيكٍ، انظر التعليق رقم 2 في الهامش، وأَبو مَعْشَرٍ، هو نجيح بن عبد الرحمن السندي ثم المدني مولى بني هاشم، وثَّقة جمع، وضعفه آخرون من قبل حفظه، إِبْرَاهِيمُ، هو النخعي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
479 -
(17) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نُعْمَانَ بْنِ قَيْسٍ:" أَنَّ عَبِيدَةَ دَعَا بِكُتُبِهِ فَمَحَاهَا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَلِيَهَا قَوْمٌ فَلَا يَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن موسى العبسي، وسُفْيَانُ هو الثوري، هم ثقات تقدموا، ونُعْمَانُ بْنُ قَيْسٍ، هو المرادي صالح الحديث، هو من أفراد الدارمي، وعَبِيدَةَ، هو السلماني.
الشرح:
صدق فيما قال، وكم من كنوز ضيعها من تولوها بعد موت من جمعها واعتنى بها ولاسيما في هذا الزمان الذي قل فيه الاعتنا بالعلم الشرعي، ولكن هذا اجتهاد من عبيدة بن عمرو السلماني رحمه الله، دافعه الخوف من عدم تقدير العلم وضياعه، وهو اجتهاد خاطئ، فمن العلماء من فعل ذلك وندم عليه، قال عروة بن الزبير: كتبت الحديث ثم محوته فوددت أني فديته بمالي وولدي، وأني لم أمحه (التقييد للخطيب ص 62) وللكتابة محاسن أنظر رقم (383).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
480 -
(18) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:" أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُكْتَبَ الْعِلْمُ فِي الْكَرَارِيسِ "
(2)
.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (358/ 474).
(2)
فيه ليث بن أبي سليم: متكلم فيه، ويحتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (359/ 475).
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، ثقة إمام تقدم، وَزَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، هو أبو يحيى إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، هو العبدي إمام ثقة، روى له الستة، ولَيْثٍ، هو ابن أبي سليم كثير الغلط، واختلفوا في تحسن حديثه تقدم، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
481 -
(19) أَخْبَرَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ:" مَا زَالَ هَذَا الْعِلْمُ عَزِيزاً يَتَلَقَّاهُ الرِّجَالُ حَتَّى وَقَعَ فِي الصُّحُفِ فَحَمَلَهُ أَوْ دَخَلَ فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، هو الأزدي العتكي، شيعي صدوق، لم يرو له إلا النسائي في الخصائص النبوية، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، والأَوْزَاعِيِّ، هو عبد الرحمن، هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
هذه إشادة بالحفاظ الكبار، ولا ريب أن هذه ميزة عظيمة لا يمكن أن ينالها كل أحد، نعم الكتابة قللت شأن الحفظ، وحمل العلم من الكتب أناس قد لا يكونون ثقات في الأخذ والأداء، ولكن لو لم يكب العلم لذهب بذهاب الحفاظ، ولما حصل التمحيص، ومعرفة الغث من السمين من الرواة، فالكتابة حفظت العلم، والجهابذة فتشوا وبينوا ما كان زيفا، ولذلك كان الزهري رحمه الله يقول:" ما هذه الأحاديث التي لا أزمة لها ولا خطم"، يريد ليس لها أسانيد حتى يعرف الثقة من غيره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
482 -
(20) أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ قَالَ:" كَانَ الْحَسَنُ يَكْتُبُ وَيُكْتِبُ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَكْتُبُ وَلَا يُكْتِبُ "
(2)
.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (360/ 476).
(2)
رجاله ثقات، والمراد أنه يمنع الكتابة والإملاء.
رجال السند:
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، وأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، هم أئمة ثقات تقدموا قريبا، والْحَسَنُ، هر البصري، ابْنُ سِيرِينَ، هو محمد، هما تابعيان كبيران.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
483 -
(21) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَبَنَا الْعَوَّامُ
(1)
، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ:" بَلَغَ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّ عِنْدَ نَاسٍ كِتَاباً يُعْجَبُونَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى أَتَوْهُ بِهِ فَمَحَاهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ أَقْبَلُوا عَلَى كُتُبِ عُلَمَائِهِمْ وَتَرَكُوا كِتَابَ رَبِّهِمْ "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ، هو ابن هارون إمام ثقة تقدم، والْعَوَّامُ، هو ابن حوشب إمام ثقة تقدم، وإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، هو ابن يزيد إمام ثقة تقدم وابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
484 -
(22) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:" قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ؟، قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَإِنْ وَجَدْتُ كِتَاباً أَقْرَؤُهُ؟، قَالَ: لَا "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ابْنُ عَوْنٍ، هو عبدالله، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، وعَبِيدَةُ، هو السلماني، هم أئمة ثقات تقدموا، وانظر ما تقدم عن عبيدة برقم 470، وبرقم 474.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
485 -
(23) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه:
(1)
في (ت) يزيد بن العوام.
(2)
رجاله ثقات.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (363/ 479).
" أَلَا تُكْتِبُنَا؟ فَإِنَّا لَا نَحْفَظُ. فَقَالَ: لَا إِنَّا لَنْ نُكْتِبَكُمْ، وَلَنْ نَجْعَلَهُ قُرْآناً، وَلَكِنِ احْفَظُوا عَنَّا كَمَا حَفِظْنَا نَحْنُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، والْجُرَيْرِيُّ، هو سعيد ابن إياس، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو نَضْرَةَ، هو المنذر بن مالك البصري، تابعي ثقة، وأبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
الشرح:
فيه بيان سبب عدم الإذن بالكتابة خوف الاشتباه بالقرآن، وقد يكون وجيها في الصدر الأول.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
486 -
(24) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا كَثِيرٍ يَقُولُ: " سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: إَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَا يَكْتُبُ وَلَا يُكْتِبُ"
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي إمام ثقة تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، إمام ثقة تقدم، وأَبو كَثِيرٍ، هو السحيمي يزيد، أو عبد الرحمن بن أذينة تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
أبو هريرة رضي الله عنه خص بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت: " يا رسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه؟ قال:«ابسط رداءك» فبسطته، قال: فغرف بيديه، ثم قال:
«ضمه» فضممته، فما نسيت شيئا بعده "
(3)
، وجاء رجل زيد بن ثابت فسأله عن شيء، فقال له زيد: " عليك بابي هريرة، فإنه بينا أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله تعالى، ونذكر ربنا خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا، قال: فجلس وسكتنا، فقال:«عودوا للذي كنتم فيه» قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (364/ 480).
(2)
انظر: القطوف رقم (365/ 481).
(3)
البخاري حديث (119).
أبي هريرة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائنا، قال: ثم دعا أبو هريرة فقال: " اللهم إني أسألك مثل الذي سألك صاحباي هذان، وأسألك علما لا ينسى"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«آمين» ، فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علما لا ينسى فقال:«سبقكما بها الدوسي»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
487 -
(25) أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
(2)
، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ:" أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ حَدِيثَ أَبِيهِ، فَرَآهُ أَبُو مُوسَى فَمَحَاهُ "
(3)
.
رجال السند:
أَسَدُ بْنُ مُوسَى، هو المعروف بأسد السنة إمام ثقة تقدم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ، لعله السبيعي، وهو إمام ثقة، وحُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، هو العدوي أبو نصر البصري، تابعي إمام ثقة، وأَبو بُرْدَةَ، هو ابن أبي موسى الأشعري، مختلف في اسمه، إمام ثقة روى له الستة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
488 -
(26) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَوْنٍ: " وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ حَدِيثاً قَطُّ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ حَدِيثاً قَطُّ.
قَالَ: وَقَالَ لِيَ ابْنُ سِيرِينَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، أَرَادَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنْ أُكْتِبَهُ شَيْئاً، قَالَ: فَلَمْ أَفْعَلْ، قَالَ: فَجَعَلَ سِتْراً بَيْنَ مَجْلِسِهِ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ دَارِهِ، قَالَ: فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ وَيَتَحَدَّثُونَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَأَقْبَلَ مَرْوَانُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: مَا أَرَانَا إِلاَّ قَدْ خُنَّاهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟، قَالَ: مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدْ خُنَّاكَ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟، قَالَ: إِنَّا أَمَرْنَا رَجُلاً يَقْعُدُ خَلْفَ هَذَا السِّتْرِ فَيَكْتُبُ مَا تُفْتِى هَؤُلَاءِ، وَمَا تَقُولُ "
(4)
.
(1)
المستدرك حديث (6158).
(2)
في (ت، ك) أبي موسى.
(3)
فيه أبو موسى: لا يعرف، فإن كان الهلالي فمقبول، وانظر: القطوف رقم (366/ 482).
(4)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (367/ 483).
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، هو أبو همام الكوفي، لابأس به تقدم، وقُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ هو الأنصاري أبو أنس البصري، ثقة تغير روى له الشيخان، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
489 -
(27) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: " إِنَّ سَالِماً أَتَمُّ مِنْكَ حَدِيثاً. قَالَ: إِنَّ سَالِماً كَانَ يَكْتُبُ "
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وسُفْيَانُ، ومَنْصُورٌ، إِبْرَاهِيمُ، سَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا يظهر أهمية الكتابة وأنها حرز العلم، وخزانته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
490 -
(28) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحِمْصِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ قَالَ: " وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِحُوَّارَيْنَ
(2)
حِينَ تُوُفي مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه نُعَزِّيهِ وَنُهَنِّيهِ بِالْخِلَافَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ فِي مَسْجِدِهَا يَقُولُ: أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُرْفَعَ الأَشْرَارُ وَتُوضَعَ الأَخْيَارُ، أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْقَوْلُ وَيُخْزَنَ الْعَمَلُ، أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ، فَلَا يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا
(3)
. قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَثْنَاةُ؟ قَالَ: مَا اسْتُكْتِبَ مِنْ كِتَابٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ، فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَبِهِ هُدِيتُمْ، وَبِهِ تُجْزَوْنَ وَعَنْهُ تُسْأَلُونَ. فَلَمْ أَدْرِ مَنِ الرَّجُلُ، فَحَدَّثْتُ بِذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ ذَلِكَ بِحِمْصَ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَوَ مَا تَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنه "
(4)
.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (368/ 484).
(2)
فسرت في هامش (ت) هي في حمص، وفي معجم البلدان: حصن من ناحية حمص.
(3)
المثنّاة: الصحف المطوية، ولعل المراد بعدم التغيير، عدم وجود من يصحح الخطأ إذا وقع فيها، لذهاب الصحابة رضي الله عنهم.
(4)
فيه الحارث بن يزيد الحمصي: سكت عنه الإمامان: البخاري وأبو حاتم في (التاريخ 2/ 286، والجرح والتعديل 3/ 93) وانظر: القطوف رقم (369/ 485).
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، هو ابن قحذم، ثقة من أفراد الدارمي، والْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحِمْصِيُّ، هو السكوني من أفراد الدارمي، سكت عنه الإمامان ووثقه ابن حبان فلابأس به، وعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، هو بن ثور الحمصي تابعي أدرك أكثر من سبعين من الصحابة رضي الله عنهم، إمام ثقة روى له الأربعة، ويَزِيدَ ابْنِ مُعَاوِيَةَ، هو الملك الثاني في الإسلام، بولاية من أبيه معاوية رضي الله عنه.
الشرح:
قول: «بحوارين» هي في الشام قرية من تدمر على مرحلتين: تساوي ثمانين كيلا؛ لأن المرحلة: تساوي أربعين كيلا، وبها مات يزيد بن معاوية في سنة 64 هـ.
قوله: «فَإِذَا رَجُلٌ فِي مَسْجِدِهَا» هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه المبين في نهاية النص.
قوله: «يَقُولُ: أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُرْفَعَ الأَشْرَارُ» القائل عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنه هو راوي هذه المقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
، ومن الأشرار القوي كالحجاج، وكذلك من عبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:«قبل الساعة سنون خداعا، يُصدق فيهن الكاذب، ويُكذب فيهن الصادق، ويُخون فيهن الأمين، ويؤتمن الخائن، وينطق فيهن الرويبضة»
(2)
، وما أكثر هذه الأصناف في هذا العصر.
قوله: «وَتُوضَعَ الأَخْيَار» .
المراد الصالحون الأمناء يرتقي عليهم السفلة والفساق، فلا يكون لقولهم قبول، ولا يأذَن لنصحهم.
قوله: «أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَظْهَرَ الْقَوْلُ وَيُخْزَنَ الْعَمَلُ» .
المراد يكثر الكلام في العلم، ويقل العمل به.
قوله: «أَلَا إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُتْلَى الْمَثْنَاةُ، فَلَا يُوجَدُ مَنْ يُغَيِّرُهَا» .
ورد في النص هنا أن المراد ما استكتب من كتاب غير القرآن، ولعل المراد ما ينتشر من التوراة والإنجيل مما يطلع عليه بعض المسلمين في هذا العصر، وقد يكون ما
(1)
انظر المستدرك حديث (8660).
(2)
الاعتصام للشاطبي 1/ 680.
يكتب من البدع، وقد يكون المراد ما كتب وطوي على خطأ فيكون من ذلك ما كتب في السنة وفيه الضعيف والموضوع،
ويقصد بها المثناة بعد كتابة القرآن. والله أعلم.
قوله: «فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَبِهِ هُدِيتُمْ، وَبِهِ تُجْزَوْنَ وَعَنْهُ تُسْأَلُونَ» .
المراد العناية بكتاب الله عز وجل وعدم الانشغال عنه، بل له أولوية الحفظ والتلاوة، وفهم ما فيه من العلم والعمل، وكذلك العناية بالسنة، فليس في قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه معارضة لحديث ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
491 -
(29) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ، ثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ:" جَاءَ أَبُو قُرَّةَ الْكِنْدِيُّ بِكِتَابٍ مِنَ الشَّامِ فَحَمَلَهُ فَدَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَنَظَرَ فِيهِ، فَدَعَا بَطَسْتٍ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَرَسَهُ فِيهِ وَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاتِّبَاعِهِمُ الْكُتُبَ وَتَرْكِهِمْ كِتَابَهُمْ "
(1)
.
قَالَ حُصَيْنٌ فَقَالَ مُرَّةُ: " أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ لَمْ يَمْحُهُ، وَلَكِنْ كَانَ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ".
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وأَبُو زُبَيْدٍ، هو عبثر، وحُصَيْنٌ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ، هو ابن شرحبيل الهمداني، أبو إسماعيل تابعي إمام ثقة، روى له الستة، وأَبُو قُرَّةَ الْكِنْدِيُّ، هو قاضي الكوفة وكان قليل الحديث مختلف في اسمه.
الشرح:
قول حصين هذا أرجحه؛ وابن مسعود رضي الله عنه أتقى لله عز وجل أن يمحو شيئا من كلامه، أو من كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن من كلام أهل الكتاب، يؤيد هذا الإنكار من ابن مسعود رضي الله عنه، ما صح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض الكتب قال: فغضب، وقال: «أمُتهوّكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (370/ 486).
جئتكم بها بيضاء نقية»
(1)
، وفي رواية «والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا، ما وسعه إلا أن يتبعني»
(2)
، وهذا هو المعقول، فإنه لا يخشى من السنة على الكتاب، ولكن الضرر في الاشتغال بأخبار أهل الكتاب وقصصهم، ويؤيده ما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
492 -
(30) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى ابْنِ جَعْدَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَتِفٍ فِيهِ كِتَابٌ فَقَالَ: «كَفي بِقَوْمٍ ضَلَالاً أَنْ يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيُّهُمْ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ نَبِيٌّ غَيْرُ نَبِيِّهِمْ، أَوْ كِتَابٌ غَيْرُ كِتَابِهِمْ»
(3)
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، وعَمْرٌو، هو ابن دينار، ويَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، هو المخزومي تابعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد كتاب مما سبق، وليس بقرآن وسنة، فليس لهذه سوى الكتاب والسنة وما عدا ذلك من الكتب فباطل، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
493 -
(31) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنْ أَبِيهِ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ - قَالَ: " رَأَيْتُ مَعَ رَجُلٍ صَحِيفَةً فِيهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَر، فَقُلْتُ: أَنْسِخْنِيهَا، فَكَأَنَّهُ بَخِلَ بِهَا، ثُمَّ وَعَدَنِي أَنْ يُعْطِيَنِيهَا، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه فَإِذَا هِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ بِدْعَةٌ، وَفِتْنَةٌ
(1)
ابن أبي عاصم حديث (50).
(2)
أحمد حديث (15156).
(3)
ت. وهو مرسل رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (371/ 487).
(4)
الآية (51) من سورة العنكبوت.
وَضَلَالَةٌ
(1)
، وَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ هَذَا وَأَشْبَاهُ هَذَا، إِنَّهُمْ كَتَبُوهَا فَاسْتَلَذَّتْهَا أَلْسِنَتُهُمْ، وَأُشْرِبَتْهَا قُلُوبُهُمْ، فَأَعْزِمُ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ يَعْلَمُ بِمَكَانِ كِتَابٍ إِلاَّ دَلَّ عَلَيْهِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ.
قَالَ شُعْبَةُ فَأَقْسَمَ بِاللَّهِ - قَالَ: أَحْسَبُهُ أَقْسَمَ - لَوْ أَنَّهَا ذُكِرَتْ لَهُ بِدَارِ الْهِنْدِ -أُرَاهُ يَعْنِى مَكَاناً بِالْكُوفَةِ بَعِيداً - إِلاَّ أَتَيْتُهُ وَلَوْ مَشْياً ".
رجال السند:
سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، والأَشْعَثُ، هو ابن أبي الشعثاء سليم المحاربي، إمام ثقة غير مكثر روى له الستة، وأَبوه، سليم ابن أسود أبو الشعثاء المحاربي، فقيه من أصحاب ابن مسعود، إمام ثقة لا يسأل عن مثله.
الشرح:
قوله: " بِدَارِ الْهِنْدِ " المراد: دير هند الكبرى بالحيرة. (معجم البلدان 2/ 542).
وتقدم عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين رحمهم الله المنع من كتابة الحديث خوفا من الاشتباه بالقرآن، فمن الأولى المنع من كتابة غير الحديث خوفا من دخول شيء من الكتب السابقة وقد نسخت بالقرآن والسنة، ومما يكتب نشرا للبدع ولذلك أنكر أبو الشعثاء أشد الإنكار، وطالب بمحاربة ذلك، وتعقبه في أي مصر كان، ليبقى الكتاب والسنة نقيان من الدخل، والعمل بهما قائما على الصراط، والخبر سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (372/ 488).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
494 -
(32) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ عَمْرٍو - عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:" أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَتَبُوا كِتَاباً فَتَبِعُوهُ، وَتَرَكُوا التَّوْرَاةَ "
(2)
.
(1)
ذاك من أجل حماية القرآن، بالحفظ واللفظ والكتابة، ولأن السنة كملت ولا مزيد عليها، فالتمام والكمال فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، رخص العلماء في كتابة العلم، ومن طلب غير ذلك فإنما هو عابث.
(2)
ت. ورجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (373/ 489).
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، هو أبو يحيى إمام ثقة تقدم، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب الرقي، إمام ثقة تقدم، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، ربما دلس تقدم، وأَبو بُرْدَةَ، هو ابن أبي موسى إمام ثقة تقدم، وأَبو مُوسَى رضي الله عنه. قاضي الكوفة، من صغار التابعين، مدلس.
الشرح:
المراد أنهم حرفوا التوراة بما يهوون واستعاضوا بما كتبوا عما أنزل على موسى عليه السلام، قال الله عز وجل:{قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا}
(1)
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
495 -
(33) أَخْبَرَنَا بُو نُعَيْمٍ
(2)
، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَفَّاقٍ
(3)
. الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقُولُ: إِنَّ نَاساً يَسْمَعُونَ كَلَامِي، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ فَيَكْتُبُونَهُ، وَإِنِّي لَا أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ إِلاَّ كِتَابَ اللَّهِ عز وجل "
(4)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، هما إمامان ثقتان تقدما، وعُثْمَانُ أَبو الْمُغِيرَةِ، هو الثقفي إمام ثقة روى له البخاري، وعَفَّاقٌ الْمُحَارِبِيُّ، هو ابن عبد الله ذكره ابن حبان في الثقات، وهو من أفراد الدارمي، وأَبوه، هو عبد الله بن مرداس المحاربي، قال ابن سعد: كان قليل الحديث، وذكره البخاري في التاريخ، وابن حبان في الثقات.
(1)
الآية (91) من سورة الأنعام.
(2)
في المطبوع (أبو النعمان).
(3)
في المطبوع (عفان).
(4)
فيه عفاق بن عبد الله بن مرداس المحاربي: سكت عنه البخاري (التاريخ 7/ 88، وذكره ابن حبان في الثقات 7/ 304).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
496 -
(34) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: " مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ، وَلَا اسْتَعَدْتُ حَدِيثاً مِنْ إِنْسَانٍ"
(1)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، هو ابن غزوان، صدوق رمي بالتشيع، وابْنُ شُبْرُمَةَ، هو عبد الله إمام ثقة، والشَّعْبِيُّ، هو عامر تابعي إمام.
الشرح:
المراد أنه يحفظ كل ما يسمع، وهذا الصنف من العلماء لم يشتغلوا بالدنيا، خدموا كتاب الله عز وجل، سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، فمنحهم الله عز وجل العون والمدد، والشعبي رحمه الله من التابعين، ولنأخذ مثلا من الصحابة رضي الله عنهم أبو هريرة الدوسي الزهراني لم يكن يكتب، وحفظ كل ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يحفظ ما يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يحضر سأل من حضر عما قال رسول الله، وفعل
(2)
، ومن أتباع التابعين الإمام البخاري رحمه الله كان بسمرقند أربعمائة محدث فتجمعوا وأحبوا أن يغالطوا محمد بن إسماعيل فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد العراق في إسناد الشام وإسناد الحرم في إسناد اليمن فما استطاعوا مع ذلك أن يتعلقوا عليه بسقطة، فقد رد كل إسناد إلى مكانه الصحيح
(3)
وقد تلا هؤلاء الأفذاذ أفذاذٌ كُثُر ولن يخلو منهم عصر، فهذه الأمة مباركة إلى أن تقوم الساعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
43 -
بابٌ مَنْ رَخَّصَ في كِتَابَةِ الْعِلْمِ:
497 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ وَهْبِ ابْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
(1)
رجاله ثقات.
(2)
الإبانة لابن بطة حديث (76).
(3)
فتح الباري لابن حجر 1/ 486.
" لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنِّي إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، سُفْيَانُ، هو ابن عيينة، وعَمْرٌو، هو ابن دينار تابعي، ووَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، هو تابعي، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَخوه، هو همام أبو عقبة، تابعي روى صحيفته عن أبي هريرة، وروى له الستة، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
498 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:"كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ " وَقَالَ: «اكْتُبْ فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنْهُ إِلاَّ حَقٌّ»
(2)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، هو ابن مسرهد بن مسربل الأسْدي، أزدي إمام ثقة، أول من صنف المسند بالبصرة، ويَحْيَى، هو ابن سعيد القطان، إمام ثقة تقدم، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَخْنَسِ، النخعي أبو مالك إمام ثقة روى له الستة، والْوَلِيدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن أبي مغيث، إمام ثقة روى له أبو داود وابن ما جه، ويُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، هو المكي تابعي ثقة، له مراسيل، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، هو ابن العاص رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم فيما يقول من أمر ونهي، فالرواية عنه مباشرة من غير زيادة ولا نقص وكذلك الكتابة أمر مباح، ولذلك سمى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما صحيفته " الصادقة " وهي من أشهر الصحف المكتوبة في العصر النبوي، كتبها وجمعها عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (113).
(2)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (3646) وصححه الألباني.
من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
499 -
(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ ابْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَرْوِيَ مِنْ حَدِيثِكَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَعِينَ بِكِتَابِ يَدِي مَعَ قَلْبِي إِنْ رَأَيْتَ ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إن كان قاله:«عِ حَدِيثِي، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِيَدِكَ مَعَ قَلْبِكَ» .
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق، واللَّيْثُ، هو ابن سعد إمام ثقة تقدم، خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، هو الجمحي، ثقة إمام تقدم، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، هو الليثي وثقه العلماء، ولا اعتبار لقول ابن حزم: ليس بالقوي، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ، هو السلمي أبو حمزة الأفطس، تابعي يرسل كثيرا، ليس بالقوي، ولم يسمع هذا من عبدالله بن عمرو رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " عِ حديثي " فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، من وعى يعي، والمعنى: افقه حديثي ثم استعن بالكتابة، والخبر في سنده عبد الله كاتب الليث، أراه صدوقا، وعبد الواحد، فيه كلام، وأمره محتمل في مثل هذا، ولما روى شواهد، وانظر: القطوف رقم (376/ 494). انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
500 -
(4) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: " بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ " فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا، بَلْ مَدِينَةُ
(1)
هِرَقْلَ أَوَّلاً»
(2)
.
(1)
في مطبوعة فتح المنان ونسخة (ك) و (ر) و (و) ابن هرقل.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (377/ 495).
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة إمام ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، هو أبو زكريا السليحيني، نسبة إلى قرية سليحين بالعراق، إمام ثقة، ويَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، هو أبو العباس الغافقي الحضرمي، إمام ثقة روى له الستة، وأَبو قَبِيلٍ، هو يحيى بن هاني المعافري، عالم بالملاحم والفتن، تابعي إمام ثقة ولا ينظر لقول ابن حجر: صدوق يهم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد بمدينة هرقل القسطنطينية، وكان أول جيش غزاها كان أميرهم يزيد بن معاوية، وقد صح أن أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم
(1)
، ونحن نعلم أن أكثر المسلمين لا بد لهم من ظلم، فإن فتح هذا الباب ساغ أن يلعن أكثر موتى المسلمين، والله عز وجل أمر بالصلاة على موتى المسلمين ولم يأمر بلعنهم، ثم جاءت المحاولة الثانية في عهد الدولة العثمانية، فقد حاصرها خمسين يوما الخليفة العثماني السلطان محمد بن السلطان مراد خان سابع ملوك بني عثمان، المولود سنة خمس وثلاثين وثمانمائة، وولي السلطنة سنة ست وخمسين، وكانت مدة ولايته إحدى وثلاثين سنة، ففتح القسطنطينية " اصطنبول " في اليوم الحادي والخمسين من أيام محاصرته وهو يوم الأربعاء العشرون من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وصلى في أكبر كنائس النصارى صلاة الجمعة وهي الكنيسة أيا صوفيا، وهي قبة عالية البناء، وأسس في اصطنبول للعلم أساسا راسخا، وبنى بها مدارس كالجنان، وجعل لها ثمانية أبواب، سهلة الدخول، وقنّن بها قوانين تطابق المعقول والمنقول، فجزاه الله خيرا
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
501 -
(5) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ
(1)
البخاري حديث (2924).
(2)
انظر شذرات الدهب 9/ 516.
ابْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: " أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَكَ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِحَدِيثِ عَمْرَةَ، فَإِنِّي قَدْ خَشِيتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَهِ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ، هو القطيعي، إمام ثقة صاحب سنة، وأَبو ضَمْرَةَ، هو أنس بن عياض الليثي، إمام ثقة روى له الستة، ويَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، إمام ثقة تقدم، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو الخليفة العادل، أَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، هو الأنصاري القاضي، إمام ثقة.
الشرح:
هذا يؤيد القائلين فيما تقدم بجواز كتابة العلم، وهي نظرة صائبة لحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم البيان برقم 428، ورقم 463.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
502 -
(6) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ: " أَنِ انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاكْتُبُوهُ، فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ أَهْلِهِ "
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، إمام ثقة تقدم، عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، هو القسملي إمام ثقة، روى له الشيخان، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، إمام ثقة تقدم، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو الخليفة العادل رحمه الله.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
503 -
(7) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: يَعِيبُونَ عَلَيْنَا الْكِتَابَ
(3)
، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
(1)
ت: ورجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (378/ 486).
(2)
رجاله ثقات، وبوب البخاري باب (34) وكتب عمر بن عبد العزيز
…
الخ
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (379/ 498).
{قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ}
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو أزدي، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، أئمة ثقات تقدموا، وأَبو الْمَلِيحِ، هو هذلي مختلف في اسمه، ثقة روى له الستة.
الشرح:
أراد الرد على القائلين بعدم جواز كتابة العلم، وبدلا من ذلك الاجتهاد في فهمه وحفظه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
504 -
(8) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا سَوَادَةُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ ابْنَ قُرَّةَ أَبَا إِيَاسٍ يَقُولُ: " كَانَ يُقَالُ: مَنْ لَمْ يَكْتُبْ عِلْمَهُ لَمْ يُعَد عِلْمُهُ عِلْماً "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي، ثقة تقدم، وسَوَادَةُ بْنُ حَيَّانَ، هو أبو عتبة السعدي، ثقة من أفراد الدارمي، وليس له إلا هذا، ومُعَاوِيَةُ بْن قُرَّةَ أَبو إِيَاسٍ، هو المزني ثقة عالم تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
505 -
(9) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ
(3)
اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ:" أَنَّ أَنَساً رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ، قَيِّدُوا هَذَا الْعِلْمَ "
(4)
.
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، هو أبو المثنى الأنصاري، إمام صالح، روى له البخاري، وثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، هو حفيد أنس بن مالك رضي الله عنه، تولى القضاء في البصرة، إمام فقيه ثقة، روى له الستة.
(1)
من الآية (52) من سورة طه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (380/ 499).
(3)
في الأصل وفي (ر، ف، و) كتب (عبيد) وهو خطأ.
(4)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (381/ 500).
الشرح:
استقر بعد ذلك قيد العلم، ولا يلتفت إلى المنع من ذلك، وصدق من قال:
العلم صيد والكتابة قيده
…
قيد صيودك بالحبال الواثِقه
فمن الحماقة أن تصيد غزالة
…
وتتركها بين الخلائق طالقه
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
506 -
(10) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سَلْمٍ الْعَلَوِيِّ قَالَ:" رَأَيْتُ أَبَانَ يَكْتُبُ عِنْدَ أَنَسٍ فِي سَبُّورَةٍ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، الوراق إمام ثقة تقدم، وابْنُ إِدْرِيسَ، هو عبد الله الأودي، إمام قدوة ثقة تقدم، ومَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، هو الأزدي، إمام ثقة تقدم، وسَلْمٌ الْعَلَوِيِّ، هو ابن قيس قليل الحديث جدا، فلا يحكم له بقوة ولا ضعف، لم يرو له الدارمي إلا هذا، وأَبَانَ، هو ابن أبي عياش، لا يعتد به في الحديث.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
507 -
(11) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ جَابِرٍ:" أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ عَنْ كِتَابِ الْعِلْمِ فَقَالَ: لَابأس بِذَلِكَ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، ابن التستري أبو عبد الله المصري، إمام ثقة روى له الشيخان، ولم يقبل فيه قول ابن معين، وابْنُ وَهْبٍ، هو عبد الله أبو محمد الفهري، من أتباع التابعين شيخ الإسلام الفقيه المصري، مدون كبير إمام ثقة، ومُعَاوِيَةُ، هو ابن صالح الحضرمي، صدوق له أوهام، والْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ، هو أبو عبد الرحمن اللخمي، سكت عنه الإمامان وذكره ابن حبان في الثقات، فلابأس به، وأَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه.
(1)
فيه سلم بن قيس: ضعيف، وأبان بن أبي عياش: متروك، وانظر: القطوف رقم (382/ 501).
قوله: (سبورة) في (ت، ف، و) شبورة. وهي المعروفة: لوح يكتب عليه، فإذا استغني عما فيه محي (الصحاح 1/ 563).
(2)
فيه الحسن بن جابر: هو في مثل هذا صدوق، وانظر: القطوف رقم (383/ 502).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
508 -
(12) أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا مُعَاذٌ، ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ قَالَ:" كُنْتُ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهَ أَتَيْتُهُ بِكِتَابِهِ فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا مَا سَمِعْتُ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ"
(1)
.
رجال السند:
مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، هو الجمال الرازي، إمام ثقة تقدم، ومُعَاذٌ، هو ابن معاذ العنبري إمام ثقة تقدم، وعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، هو أبو عبيدة السدوسي، بصري إمام ثقة روى له مسلم، وأَبو مِجْلَزٍ، هو لاحق بن حميد السدوسي، تابعي فقيه ثقة، قد يرسل، وبَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ، هو أبو الشعثاء السدوسي، بصري من ثقات التابعين، سمع أبا هريرة روى له الستة.
الشرح:
تقدم أن ذكرنا قوة حفظ أبي هريرة رضي الله عنه لما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يقرأ ولا يكتب، وكان راوية الإسلام، انظر ما تقدم برقم 484.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
509 -
(13) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" كُنْتُ أَسْمَعُ مِنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم الْحَدِيثَ بِاللَّيْلِ، فَأَكْتُبُهُ فِي وَاسِطَةِ الرَّحْلِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق يخطئ، وطَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو البجلي لابأس به، روى له الستة، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو شهيد الحجاج.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 510 - (14) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (384/ 503).
(2)
سنده حسن، والمراد بالرحل: ما يوضع على الراحلة للركوب عليه. وواسطته: خشبة تربط بين مقدمة الرحل ومؤخرته. وانظر: رقم (505).
" مَا يُرَغِّبُنِي فِي الْحَيَاةِ إِلاَّ الصَّادِقَةُ وَالْوَهْطُ، فَأَمَّا الصَّادِقَةُ: فَصَحِيفَةٌ كَتَبْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّا الْوَهْطُ
(1)
: فَأَرْضٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، كَانَ يَقُومُ عَلَيْهَا "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وشَرِيكٌ، تقدما آنفا، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم، كثير الغلط، واختلفوا في تحسن حديثه، ومُجَاهِدٌ، تابعي إمام، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
الشرح:
ومما قال رضي الله عنه: " إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد، فإذا سلم لي كتاب الله، وسلمت لي هذه الصحيفة، والوهط لم أبال ما صنعت الدنيا " والوهط هو واد بالطائف لا يزال هذا اسمه، وكانت مزارع العنب، فيه لعمرو وغيره، وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقيم كروم الوهط بألف ألف خشبة، كلّ خشبة بدرهم، وكان قبل ذلك لرجل من ثقيف يقال له: عبد الله بن خباب، وكان رجلا رقوبا لا يولد له، فباع الوهط من عبد المطلب بن هاشم، فنازعته ثقيف أن الوهط لها فتحاكموا وتشاجروا في بيان ذلك، قالوا: بيننا وبينك سطيح الكاهن، وهذا قبل الإسلام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
511 -
(15) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: " أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُولُ: قَيِّدُوا هذا
(3)
الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ "
(4)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو النبيل إمام ثقة تقدم، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك ثبت في عطاء بن أبي رباح، إمام ثقة يدلس ويرسل، وعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، هو من
(1)
هي من أودية في الطائف معروفة بهذا الاسم إلى اليوم.
(2)
فيه ليث بن أبي سليم وهو محتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (386/ 505).
(3)
ليست في باقي الأصول، وكلاهما يصح.
(4)
فيه عبد الملك، سكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل 5/ 354) وذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 116)، وانظر: القطوف رقم (387/ 506).
أفراد الدارمي، عم أبيه العلاء بن جارية صحابي رضي الله عنه، ذكره ابن حبان في الثقات، وعَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أخو عبد الله بن أبي سفيان، تابعي ثقة، روى له الشيخان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
512 -
(16) أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:" قَيِّدُوا هَذَا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ "
(1)
.
رجال السند:
مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، هو الجمال الرازي، إمام ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان إمام ثقة تقدم، وابْنُ جُرَيْجٍ وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ، تقدما آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
513 -
(17) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: " كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي طَرِيقِ مَكَّةَ لَيْلاً، وَكَانَ يُحَدِّثُنِي بِالْحَدِيثِ، فَأَكْتُبُهُ فِي وَاسِطَةِ الرَّحْلِ، حَتَّى أُصْبِحَ فَأَكْتُبَهُ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الملقب بعارم، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْوَاحِدِ، هو ابْنُ زِيَادٍ، إمام ثقة تقدم، وعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، هو أبو سهل الأنصاري، إمام ثقة روى له مسلم، وسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، هو شهيد الحجاج. وانظر رقم 508.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
514 -
(18) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" كُنْتُ أَكْتُبُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي صَحِيفَةٍ، وَأَكْتُبُ فِي نَعْلَيَّ "
(3)
.
(1)
أنظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (389/ 508).
(3)
سنده حسن. أما الكتابة في النعل فعمل لا يليق، وليس من تكريم العلم، وقد يقال: ترخص لعوزه، وانظر: القطوف رقم (390/ 509).
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم، ويَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، هو عبد الله الأشعري، لابأس به تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، هو القمي تابعي صغير، صدوق دخل مكة بصحبة سعيد، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر رحمه الله، انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
515 -
(19) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ ابْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَكْتُبُ فِي الصَّحِيفَةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ، ثُمَّ أَقْلِبُ نَعْلَيَّ فَأَكْتُبُ فِي ظُهُورِهِمَا "
(1)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، إمام ثقة تقدم، ومَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ، هو أبو عبد الله الكوفي، يكتب حديثه في الترغيب والترهيب، وجَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، وسَعِيدُ ابْنُ جُبَيْرٍ، تقدما قريبا. وانظر السابق، وما تقدم برقم وانظر رقم 508.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
516 -
(20) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَ فُضَيْلٌ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ قَالَ:" رَأَيْتُهُمْ يَكْتُبُونَ التَّفْسِيرَ عِنْدَ مُجَاهِدٍ "
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو الواسطي إمام ثقة تقدم، وفُضَيْلٌ، هو ابن عياض إمام ثقة قدوة، وعُبَيْدُ الْمُكْتِبُ، هو ابن مهران الكوفي، إمام ثقة روى له مسلم والنسائي، ومُجَاهِدُ، هو ابن جبر إمام في التفسير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
517 -
(21) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنْبَأَ أَبُو
(3)
وَكِيعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَشٍ قَالَ:" رَأَيْتُهُمْ يَكْتُبُونَ عِنْدَ الْبَرَاءِ بِأَطْرَافِ الْقَصَبِ عَلَى أَكُفِّهِمْ "
(4)
.
(1)
فيه مندل بن على العنزي: ضعيف، ويقوى بما تقدم.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (392/ 511).
(3)
هو الجراح بن مليح الكوفي، والد وكيع الإمام، وقع في المطبوع (وكيع) وهو خطأ.
(4)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (393/ 512).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الاصبهاني ثقة تقدم، أَبُو وَكِيعٍ، هو الجراح بن مليح الكوفي، خازن بيت المال لهارون الرشيد، لابأس به، عَنْ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنَشٍ، هو الأودي تابعي ثقة، من أفراد الدارمي، والْبَرَاءُ، هو ابن عازب رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
518 -
(22) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ هَارُونَ ابْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِحَدِيثٍ، فَقُلْتُ: أَكْتُبُهُ عَنْكَ؟، قَالَ:" فَرَخَّصَ لِي وَلَمْ يَكْرَهْهُ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق إمام ثقة تقدم قريبا، وابْنُ إِدْرِيسَ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، وهَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، هو الشيباني أبو عبد الرحمن الكوفي، لابأس به تقدم، عَنْ أَبِيهِ، هو عنترة بن عبد الرحمن الشيباني، من ثقات التابعين، وانظر رقم 356.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
519 -
(23) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ قال: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ:" كَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عَامِلِهِ أَنْ يَسْأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ. قَالَ رَجَاءٌ: فَكُنْتُ قَدْ نَسِيتُهُ لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي مَكْتُوباً "
(2)
.
رجال السند
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، هو أبو همام الكوفي، لابأس به حفظ حديثا كثيرا تقدم، ومُحَمَّدُ ابْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، هو أبو سليمان المكي ثقة تقدم، والْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، هو القرشي ثقة تقدم، ورَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، هو أبو المقدام الكندي، عالم فقيه زاهد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
520 -
(24) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ ومُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، وهِشَامُ بْنُ الْغَازِ، قَالَ:
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (394/ 513).
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (395/ 514).
" كَانَ يُسْأَلُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَيُكْتَبُ مَا يُجِيبُ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ "
(1)
.
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، تقدما آنفا، وهِشَامُ بْنُ الْغَازِ، هو الجرشي علق له البخاري في الصحيح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
521 -
(25) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى:" أَنَّهُ رَأَى نَافِعاً مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ يُمْلِي عِلْمَهُ، وَيُكْتَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ "
(2)
.
رجال السند:
تقدموا قريبا، انظر رقم 518، وسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الأشدق مفتي دمشق، فقيه محله الصدق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
522 -
(26) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ:" كَانَ سُفْيَانُ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ بِاللَّيْلِ فِي الْحَائِطِ، فَإِذَا أَصْبَحَ نَسَخَهُ ثُمَّ حَكَّهُ "
(3)
.
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، لابأس به تقدم آنفا، والْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الثري أخو سفيان، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
523 -
(27) أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ثَنَا أَبُو غِفَارٍ: الْمُثَنَّى بْنُ سَعْدٍ الطَّائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ - رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفَهُ عُمَرُ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ وَالْعِيَّ، عِيَّ اللِّسَانِ لَا عِيَّ الْقَلْبِ، وَالْفِقْهَ مِنَ الإِيمَانِ، وَهُنَّ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ، وَيُنْقِصْنَ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ أَكْثَرُ، وَإِنَّ
(1)
سنده حسن.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (397/ 416).
(3)
سنده حسن.
الْبَذَاءَ وَالْجَفَاءَ وَالشُّحَّ مِنَ النِّفَاقِ، وَهُنَّ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا، وَيُنْقِصْنَ فِي الآخِرَةِ، وَمَا يُنْقِصْنَ فِي الآخِرَةِ أَكْثَرُ»
(1)
.
رجال السند:
الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو أبو علي النيسابوري، لابأس به تقدم، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، إمام ثقة تقدم، ثَنَا أَبُو غِفَارٍ: الْمُثَنَّى بْنُ سَعْدٍ الطَّائِيُّ، هو بصري صالح الحديث، وعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابْن عتبَة ابْن مَسْعُود الْهُذلِيّ ثقة تقدم، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو الخليفة العادل رحمه الله.
الشرح:
قوله: «حَدَّثَنِي فُلَانٌ _ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَفَهُ عُمَرُ» .
ذكر أنه من الصحابة، وعرفه عمر، ومعلوم أن جهالة الصحابي لا تضر، والطاهر أنه قرة رضي الله عنه فقد قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر عنده الحياء، فقالوا: يا رسول الله، الحياء من الدين؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بل هو الدين كله "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الحياء العفاف، والعي عي اللسان، لا عي القلب، والعمل من الإيمان، وإنهن يزدن في الآخرة، وينقصن من الدنيا، وما يزدن في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا» . قال إياس بن معاوية: " فأمرني عمر بن عبد العزيز فأمليتها عليه، ثم كتبها بخطه، ثم صلى بنا الظهر والعصر، وإنه لفي كمه، ما وضعها إعجابا بها "
(2)
.
قوله: «إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ» .
الحياء خلق كريم مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل، وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول: إنك لتستحيي، حتى كأنه يقول: قد أضر بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دعه، فإن الحياء من الإيمان»
(3)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار»
(4)
، وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان «أشد حياء من العذراء
(1)
سنده حسن.
(2)
السنن الكبير للبيهقي حديث (20808).
(3)
البخاري حديث (6118) ومسلم حديث (36).
(4)
الترمذي حديث (2009).
في خدرها»
(1)
.
والعفاف درجة عالية لا ينالها إلا العظماء من الناس؛ ضبط النفس وصيانتها عن مطاع الدنيا، وبعدها عن الدناءات وكف الجوارح عن الرذائل، والمحرمات، والابتعاد عن كل ما يذل ويشين في الدنيا، هذا تاج السؤدد، وكمال المروءة، وخاتمة مكارم الأخلاق، وذلك كله يورث غنى النفس عما في أيدي الناس فلا يمدن عينيه على ما متعهم الله به زهرة الحياة الدنيا، وهذا نتيجة الدعاء «اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى»
(2)
.
قوله: «وَالْعِيَّ، عِيَّ اللِّسَانِ لَا عِيَّ الْقَلْبِ» .
العِي يطلق على قلة الكلام، وبهذا فسرة الترمذي رحمه الله، فيكون صفة مدح، قال أبو أمامة رضي الله عنه:" الحياء والعي شعبتانِ من الإيمانِ "
(3)
، ومنه من يكون من خجل وغيره، ويراد به الجهل، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شفاء العي السؤال
(4)
، والمراد هنا أن السبب ليس التعب، والعجز عجز اللسان وتعبه، وعدم اهتدائه لوجه الكلام، بل قلة المعرفة بالحق؛ لأنها هي العي على التحقيق، ولا يكون في القلب؛ لأن ابن عمر أنكره فقال: كيف يكون عيياً من في جوفه كتاب الله؟، ولعل المراد المسلم في جوفه شيء من كتاب الله عز وجل، وما من مسلم إلا وفي جوفه شيء من القرآن، وأقل ما يكون منه أم الكتاب الفاتحة، وبعضهم يطلقه على العجز عن الكلام، وهو الإرتاج، وهو استحضار المعنى ولا يحضر اللفظ الدال عليه.
قوله: «وَالْفِقْهَ مِنَ الإِيمَانِ» .
لأن الفقه يشمل أبواب العبادات، بدأ بأركان الإسلام، والإيمان والإحسان، وتفصيل ذلك، فيكون مدار الإيمان على الفقه في الدين، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»
(5)
.
(1)
البخاري حديث (3562) ومسلم حديث (2320).
(2)
أحمد حديث (4162).
(3)
الترمذي حديث (133).
(4)
أحمد حديث (3056).
(5)
أحمد حديث (16846).
قوله: «وَهُنَّ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ» .
منهج أهل السنة أن أعمال العباد توزن يوم القيامة، خيرها وشرها، نطق بذلك القرآن الكريم، قال الله عز وجل:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}
(1)
، فتثقل تَارَة وتخف أُخْرَى، قال الله عز وجل:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}
(2)
.
قوله: «وَيُنْقِصْنَ مِنَ الدُّنْيَا» .
المراد تنقص أعمال الخير في الدنيا بالمعاصي، وتنقص أعمال الشر بكثرة الطاعة.
قوله: «وَمَا يَزِدْنَ فِي الآخِرَةِ أَكْثَرُ» المراد الطاعات يزدن ثوابا كثيرا في الآخرة.
قوله: «وَإِنَّ الْبَذَاءَ وَالْجَفَاءَ وَالشُّحَّ مِنَ النِّفَاقِ» .
قال أبو أمامة رضي الله عنه: " والبذاء والبيان شعبتانِ من النفاق "
(3)
. البذاءة هي الفحش في القول، ولا يلجأ إليها إلا المعاند المغلوب، فهي خلق ذميم، والبذيء لا يتورع عن إطلاق أنواع الأذى وسوء الأدب والبذاءة والقذف والإحراج والبغي والغمز واللمز في حق الله وحق رسوله وحق المؤمنين والمؤمنات.
أما البيان فليس مراد أبي أمامة رضي الله عنه الإطلاق، بل المراد ما كان منه مصادما للحق، وقلب الباطل إلى حق، والحق إلى باطل، أما ما كان لبيان الحق ورد الباطل، فلا ريب أنه من الإيمان، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن من البيان لسحرا»
(4)
؛ لأنه سلاح ذو حدين إن كان في الخير نفع، وإن كان في الشر أضر.
قوله: «وَهُنَّ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا، وَيُنْقِصْنَ فِي الآخِرَةِ» المراد زيادة أحدهما على الآخر في الدنيا، والعكس يحدث في الآخرة فقد تثقل الحسنات وتخف السيئات،
(1)
من الآيتين (8، 9) من سورة الأعراف، والآية (102) من سورة المؤمنون، والآيتان (6، 8) من سورة القارعة.
(2)
الآية (47) من سورة الأنبياء.
(3)
الترمذي حديث (133).
(4)
البخاري حديث (13).
فيحصل النقص، والعكس صحيح.
قوله: «وَمَا يُنْقِصْنَ فِي الآخِرَةِ أَكْثَرُ» .
المراد أن كثرة المعاصي في الدنيا تُنقِص وزن الأعمال الصالحة في الآخرة، فالمؤمن يحتاط لذلك بأمرين:
الأول: الاستغفار من المعصية.
والثاني: المبادرة بالتوبة الصادقة، حتى يلق الله عز وجل خاليا من الذنوب أو قليلها، ورحمة الله عز وجل وعفوه فوق ذلك كله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
524 -
(28) أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَعَهُ قِرْطَاسٌ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا لِصَلَاةِ الْعَصْرِ وَهُوَ مَعَهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا الْكِتَابُ؟، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَدَّثَنِي بِهِ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَعْجَبَنِي فَكَتَبْتُهُ. فَإِذَا فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ "
(1)
.
رجال السند:
الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، وأَبُو أُسَامَةَ، تقدما آنفا، وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو أبو سعيد القيسي، بصري إمام ثقة، قال شعبة: هو سيد أهل البصرة، وأَبُو قِلَابَةَ، هو الجرمي، ثقة إمام، وعون بن عبد الله، ابْن عتبَة بْن مَسْعُود الْهُذلِيّ ثقة تقدم، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
525 -
(29) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا مَسْعُودٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ أَبِي سَعْدٍ قَالَ: دَعَا الْحَسَنُ بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ فَقَالَ: " يَا بَنِيَّ وَبَنِي أَخِي إِنَّكُمْ صِغَارُ قَوْمٍ يُوشِكُ أَنْ تَكُونُوا كِبَارَ آخَرِينَ، فَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ أَنْ يَرْوِيَهُ - أَوْ قَالَ يَحْفَظَهُ - فَلْيَكْتُبْهُ وَلْيَضَعْهُ فِي بَيْتِهِ "
(2)
.
(1)
سنده حسن، ومراده الحديث السابق، وفي هذا كتابة عمر للعلم.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (401/ 620).
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق، إمام ثقة تقدم، ثَنَا مَسْعُودٌ، هو أبوسعيد الجعفي، كوفي أثنى عليه ابن معين، إمام ثقة روى له النسائي، ويُونُسُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، هو من أفراد الدارمي لابأس به، وشُرَحْبِيلَ أَبِي سَعْدٍ، هو الأنصاري من علماء السير، تابعي ضعيف، يصلح للاعتبار، والْحَسَنُ، هو ابن علي رضي الله عنه.
الشرح:
أمر بنيه، وبني أخيه الحسين رضي الله عنهم بطلب العلم، وتقييده وقد أصبحوا كبار آخرين فغلا فيهم الرافضة، وزعموا لهم من الصفات ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل من علم الغيب، والتصرف في الكون، وادعوا أنهم معصومون، وأشركوهم مع الله عز وجل في الدعاء والاستغاثة وكتبهم طافحة بالشر بالله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
44 -
بابٌ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً
526 -
(1) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنَاهُ عَاصِمٌ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً عُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِ شَيْءٌ»
(1)
.
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَاصِمٌ، هو ابن أبي نجود، وشَقِيقٌ، هو ابن سلمة ثقات تقدموا، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الله رضي الله عنه.
الشرح:
قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: " جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة، فحث الناس على الصدقة، فأبطئوا عنه حتى رئي ذلك في وجهه. قال: ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرة من ورق، ثم جاء آخر، ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1017).
الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء»
(1)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا»
(2)
، فالداعي الى ما يهتدى به من العمل الصالح يكتب له مثل أجر من اهتدى بدعوته، وكذلك الداعي إلى ضلالة، يحمل مثل إثم من ضل بدعوته، ولدفع توهم أن أجر الداعي يكون بالنقص من أجر التابع وضمه الى أجر الداعي نفى النقصان من أجر التابع، وكذلك الحال في إثم الداعي إلى ضلاله، وأصل هذا قول الله تعالى:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}
(3)
، وقوله عز وجل:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}
(4)
، وهذا يؤكد أثر المتابعة في الخير والشر، لذلك قال الله عز وجل:{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}
(5)
، وهذا يتناول ما قلَّ وما جلَّ من الخير والشر، ولذلك لما جاء قوم حفاة عراة فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لِما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام، فصلى ثم خطب ومما قال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ}
(6)
، «تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة»
(7)
فلم يفرق بين قليل ولا كثير، وقد رضي الله القليل من ذلك الصحابي رضي الله عنه، الذي جاء بنصف صاع،
(1)
مسلم حديث (1017).
(2)
مسلم حديث (2674).
(3)
الآية (25) من سورة النحل.
(4)
من الآية (13) من سورة العنكبوت.
(5)
من الآية (12) من سورة يس.
(6)
من الآية (18) من سورة الحشر.
(7)
مسلم حديث (1017).
وجاء إنسان بشيء كثير، فقالوا: إن الله غني عن صدقة هذا، وقالوا: هذا مراء، فنزلت {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(1)
.
ما يستفاد:
* الحرص على الدعوة إلى الخير والأعمال الصالحة وسن كل ما يتفق مع الكتاب والسنة.
* الحذر من البدع بما لا يتفق مع الكتاب والسنة، والبعد عن الدعوة إليها.
* إظهار التعاون على البر والتقوى، تحقيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى»
(2)
.
* عدم احتقار ما قل من عمل الخير، ولو كان شق تمرة، جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها تسأل ومعها صبيان فأعطتها ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي تمرة تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين، فعمدت إلى التمرة فشقتها نصفين فأعطت كل صبي لها نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال:«وما يعجبك منها لقد رحمها الله برحمتها صبيها»
(3)
، وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«حاملات، والدات، مرضعات، رحيمات بأولادهن، لولا ما يأتين إلى أزواجهن دخل مصلياتُهن الجنة»
(4)
.
عدم احتقار ما صغر من الذنوب، وإن قل عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم الحج الأكبر:«ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا، ولكن ستكون طاعة في بعض ما تحقرون من أعمالكم يرضى بها»
(5)
.
(1)
الآية (79) من سورة التوبة.
(2)
البخاري حديث (6011) ومسلم حديث (2586).
(3)
المستدرك حديث (7349).
(4)
الطبراني حديث (7985).
(5)
ابن أبي شيبة حديث (561).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
527 -
(2) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ _ مَوْلَى الْحُرَقَةِ _ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنِ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً»
(1)
.
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، هو أبو همام الكوفي، لابأس به تقدم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، هو ابن كثير الأنصاري، إمام ثقة تقدم، والْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ يَعْقُوبَ، مَوْلَى الْحُرَقَةِ، أبو شبل المدني ثقة، وأَبوه، عبد الرحمن تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
528 -
(3) أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ _ يَعْنِى ابْنَ صُبَيْحٍ _ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ جَرِيرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: " خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبْطَئُوا حَتَّى بَانَ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ فَتَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رُئِىَ فِي وَجْهِهِ السُّرُورُ، فَقَالَ:«مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»
(2)
.
رجال السند:
الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، تقدم آنفا، أَبُو مُعَاوِيَةَ، هو محمد بن خازم السعدي، إمام ثقة من أثبت الناس في الأعمش تقدم، والأَعْمَشُ، سليمان بن مهران إمام ثقة تقدم، ومُسْلِمُ
(1)
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (2674).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
ابْنُ صُبَيْحٍ، هو أبو الضحى، الكوفي مشهور بكنيته ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ هِلَالٍ الْعَبْسِيُّ، هو ثقة روى له مسلم، وجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه.
الشرح: انظر رقم 525.
وبالمناسبة:
وأنا أكتب هذا وصلتني رسالة في هذا اليوم الاثنين 30/ 4/ 1439 هـ تخبر بوفاة لأخ سعيد بن سحيم الزهراني نسأل الله عز وجل أن يكرم ضيافته، ويغفر له ويرحمه رحمة واسعة، ويرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه، وأن يجعل خير أيامنا يوم القدوم عليه، وأن يجعل ما بعده مغفرة ورحمة وفوزا بالجنة ونجاة من النار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
529 -
(4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شُعَيْبٌ - هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ- ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَنَا أَعْظَمُكُمْ أَجْراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لأَنَّ لِي أَجْرِى وَمِثْلَ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَنِي»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، هو أبو محمد السلمي صدوق تقدم، وشُعَيْبٌ بْنُ إِسْحَاقَ، هو أبو شعيب الدمشقي، فقيه من ثقات أهل الرأي تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، إمام ثقة اقدم، وحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو المحاربي، إمام ثقة، أثنى عليه الأوزاعي تقدم.
الشرح:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو القائل لعلي رضي الله عنه:«فو الله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم»
(2)
، وقد هدى الله عز وجل به أمة هي خير الأمم بشهادة القرآن قال الله عز وجل:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
(3)
، وأتباعه صلى الله عليه وسلم أكثر من أتباع غيره من الرسل عليهم السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرضت علي الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، قلت: ما
(1)
سنده حسن.
(2)
البخاري حديث (2942).
(3)
من الآية (110) من سورة آل عمران.
هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر ها هنا، وها هنا في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك»
(1)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة» فكبرنا، فقال:«أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة» فكبرنا، فقال:«أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة» فكبرنا
(2)
، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم:«أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة» قلنا: نعم، قال:«أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة» قلنا: نعم، قال:«أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة» قلنا: نعم، قال:«والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة»
(3)
.
الشرح:
سبحان من خص نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، وأمته بهذا الفضل، ورحم به أتباعه، قال الله عز وجل:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}
(4)
، أي: لجميع الناس؛ لأنه خاتم الأنبياء، فلا تبي بعده، فمن أطاعه نجا، ومن عصاه هلك، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:«كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبا» قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟، قال:«من أطاعني قلنا: نعم، قال: «والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل دخل الجنة ومن عصاني فقد أبا»
(5)
.
ما يستفاد:
* بيان شرف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته على الأنبياء عليهم السلام وأممهم.
* أهمية العمل بالكتاب والسنة اتباعا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
* وجوب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الهدى، والتحذير من الضلال.
* تحقق دخول الجنة لكل من أطاع الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(1)
البخاري حديث (5705) ومسلم حديث (220).
(2)
البخاري حديث (3348).
(3)
البخاري حديث (6528).
(4)
الآية (107) من سورة الأنبياء.
(5)
البخاري حديث (7280).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
530 -
(5) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا عَبْدُالسَّلَامِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى أَمْرٍ - وَلَوْ رَجُلٌ رَجُلاً - كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقُوفاً بِهِ، لَازِماً بِغَارِبِهِ»
(1)
ثُمَّ قَرَأَ {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}
(2)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ السَّلَامِ، هو ابن حرب النهدي، أبو بكر الكوفي إمام ثقة، روى له الستة، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم مختلف في تحسين حديثه، وبِشْرٌ، هو مجهول، وقد يكون بشير تصحف، فإن صح فهو بشير بن نهيك، وأَنَسٌ، هو خادم رسول الله رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنه سيختصم الداعي والتابع يوم القيامة، قال الله عز وجل:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ}
(3)
، وهذا غاية في الخصومة والنكال أن يكون المضلون من الأنس أو الجن تحت أقدام الأتباع، في النار؛ لأن الله عز وجل أمر بإيقافهم للحساب، قال عز وجل للملائكة:
(4)
، من المتسبب في الإضلال، ومن التابع، فينال كل جزاءه، على غرار ما تقدم برقم 52، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
531 -
(6) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: " أَرْبَعٌ يُعْطَاهُنَّ الرَّجُلُ بَعْدَ مَوْتِهِ: ثُلُثُ مَالِهِ إِذَا كَانَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ
(1)
فيه بشر صاحب أنس، لا يعرف، وأخرجه الترمذي حديث (3228) وقال: هذا حديث غريب، وابن ماجة من حديث بشير بن نهيك، عن أبي هريرة نحوه، حديث (208) وضعفه الألباني.
(2)
الآية (24) سورة الصافات.
(3)
الآية (29) من سورة فصلت.
(4)
الآية (24) سورة الصافات.
لِلَّهِ مُطِيعاً، وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يَدْعُو لَهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وَالسُّنَّةُ الْحَسَنَةُ يَسُنُّهَا الرَّجُلُ فَيُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْمِائَةُ إِذَا شَفَعُوا لِلرَّجُلِ شُفِّعُوا فِيهِ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، هو القيسي صالح تقدم، وحَمَّادٌ بْنُ سَلَمَةَ، وعَاصِمٌ، هو ابن بهدلة والشَّعْبِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد مطيعا لله عز وجل في الكسب من الحلال، والنفقة في حلال، كإخراج الزكاة، والإنفاق في وجوه الخير، وأداء ما يلزمه شرعا من النفقة على الوالدين وأهل بيته، وغير ذلك، فإن أجر ذلك يلحقه ثوابه بعد الموت؛ عرف فيه حق الله عز وجل، ولذلك «نعم المال الصالح للمرء الصالح»
(2)
، والمراد بالثلث ما يوصي به الرجل بعد موته، قال سعد بن مالك رضي الله عنه: قال: " عادني النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، من مرض أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟، قال:«لا» ، قال: فأتصدق بشطره؟، قال:«الثلث يا سعد، والثلث كثير، إنك أن تذر ذريتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا آجرك الله بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك»
(3)
. قوله: «أ وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يَدْعُو لَهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» .
هذا مقتبس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»
(4)
.
قوله: «وَالسُّنَّةُ الْحَسَنَةُ يَسُنُّهَا الرَّجُلُ فَيُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ» .
المراد ما تقدم بيانه برقم 525 - (1) وما بعده.
(1)
سنده حسن.
(2)
الأدب المفرد (299).
(3)
البخاري حديث (3936)
(4)
البخاري حديث (1631).
قوله: «وَالْمِائَةُ إِذَا شَفَعُوا لِلرَّجُلِ شُفِّعُوا فِيهِ» .
هذا القول لم أقف عليه مرفوعا، وهو ممالا مجال فيه للرأي؛ لأن الشفاعة أمر غيبي لا يعلمه إلا الله عز وجل، لكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه»
(1)
.
ما يستفاد:
* وجوب الكسب مما أحله الله عز وجل، والإنفاق فيما أحل جل جلاله.
* استحباب الوصية عند الموت بالثلث فأقل.
*وجوب تربية الأولاد وإحسان تعليمهم العمل بالكتاب والسنة.
* الحرص على الدعاء للوالدين وبرهم بذلك بعد الموت، والإكثار من قول:{رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
(2)
.
*الحرص على الدعوة إلى الخير، وأن يكون الداعي قدوة في ذلك.
* الحرص على مرافقة الأخيار من لا يشرك بالله عز وجل فإنهم شفعاء لمن يصلون عليه ويقومون على جنازته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
45 -
بابٌ مَنْ كَرِهَ الشُّهْرَةَ وَالْمَعْرِفَةَ
532 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: "جَهَدْنَا بإبرَاهِيمَ أَنْ نُجْلِسَهُ
(3)
إِلَى سَارِيَةٍ فَأَبَى "
(4)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، هو أبو العباس المروزي ثقة تقدم، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، والأَعْمَشُ، إمامان ثقتان تقدما، وإِبْرَاهِيم، هو النخعي تابعي إمام.
(1)
مسلم حديث (948).
(2)
من الآية (24) من سورة الإسراء.
(3)
في الأصل وفي (ر) حتى أن نجلسه، وفي (د) أن نسنده.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (404).
الشرح:
المراد خوف أن يعرف مجلسه فيشتهر بذلك، وكان الرعيل الأول يكرون الشهرة وكثرة اجتماع الناس حولهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
533 -
(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:" أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى السَّارِيَةِ "
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، وأَبُو عَوَانَةَ، ومُغِيرَةُ، وإِبْرَاهِيمُ، أئمة ثقات تقدموا.
وتقدم آنفا أن ذلك كرها للشهرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
534 -
(3) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ:" كَانَ إِبْرَاهِيمُ لَا يَبْتَدِئُ الْحَدِيثَ حَتَّى يُسْأَلَ "
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وأَبُو عَوَانَةَ، ومُغِيرَةُ وإِبْرَاهِيمُ، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
فيه تواضع وبعد عن إشهار نفسه بالعلم؛ ولأن السؤال مفتاح العلم والرغبة فيه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
535 -
(4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، أَنْبَأ الأَعْمَشُ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ:" كَانَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ الْجُعْفِيُّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانُوا مُعْجَبِينَ بِهِ، فَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ فَيُحَدِّثُهُمَا، فَإِذَا كَثُرُوا قَامَ وَتَرَكَهُمْ "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، والمراد التواضع والبعد عن الشهرة والتميز عن الآخرين، وانظر: القطوف رقم (406).
(2)
سنده حسن.
(3)
سنده حسن.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثقة تقدم، ويُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، هو أبو بكر الشيباني الجمال، صدوق روى له مسلم، والأَعْمَشُ، ثقة تقدم، وخَيْثَمَةُ، هو ابن عبد الرحمن بن سبرة، تابعي فقيه، والده وجده صحابيان رضي الله عنهما، والْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ الْجُعْفِيّ، هو تابعي فقيه.
الشرح: المراد بتركه إياهم لما كثروا الهروب من الشهرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
536 -
(5) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:" قِيلَ لَهُ حِينَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: لَوْ قَعَدْتَ فَعَلَّمْتَ النَّاسَ السُّنَّةَ. فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبِي؟! ".
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، هو التميمي ثقة متقن تقدم، وأَبُو شِهَابٍ، هو عبد ربه ابن نافع الكناني، صدوق روى له الشيخان، والأَعْمَشُ، وإِبْرَاهِيمُ، عَلْقَمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (408/ 531).
وفيه توكيد لما تقدم من كراهة العلماء للشهرة، وكثرة الإحاطة بهم والسير خلفهم، ولكن حصل تيسير الأمر ممن جاء بعدهم، وكان الشافعي رحمه الله، يجلس في حلقته إذا صلى الصبح فيجيئه أهل القرآن فإذا طلعت الشمس قاموا، وجاء أهل الحديث فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا، وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار
(1)
، وعلى هذا سار العلماء في عقد مجالس التعليم مع الهيبة والتواضع، فكان يجلس بين يدي العالم العشرات، والمئات والآلاف يلتمسون العلم والفقه في الدين.
(1)
تاريخ التشريع الإسلامي (1/ 362.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
537 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنْبَأَ ابْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ هَارُونَ ابْنَ عَنْتَرَةَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ:" أَتَيْنَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ لِنَتَحَدِّثَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ قُمْنَا وَنَحْنُ نَمْشِي خَلْفَهُ، فَرَهَقَنَا عُمَرُ رضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، فَتَبِعَهُ فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، قَالَ: فَاتَّقَاهُ بِذِرَاعِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَصْنَعُ؟، قَالَ: أَوَ مَا تَرَى فِتْنَةً لِلْمَتْبُوعِ مَذَلَّةً لِلتَّابِعِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أبو كريب إمام ثقة تقدم، وابْنُ إِدْرِيسَ، عبد الله قدوة ثقة تقدم، وهَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، هو الشيباني لابأس به تقدم، وسُلَيْمُ بْنُ حَنْظَلَةَ، هو السعدي، وقيل: البكري، لذلك فرق بينهما البخاري، ولم يفرق ابن حبان بينهما، تابعي من أفراد الدارمي، ليس له عنده إلا هذا، وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد تبعهم عمر رضي الله عنه حتى لحقهم، فضرب أبيا بعصاة، اتقاها أبي رضي الله عنه وأنكر فعل عمر رضي الله عنه، فأخبره أن من يمشون خلفه في ذلك فتنة له بأن يقع في نفسه شيء من الغرور والكبر، وهو لمن يمشي ذلة وإهانة، ولذلك الفضلاء من العلماء لا يرضون بذلك، وقد رأى ابنَ مسعود رضي الله عنه ناسٌ فجعلوا يمشون خلفه، فقال:" ألكم حاجة؟ " قالوا: لا، قال:" ارجعوا فإنها ذلة للتابع فتنة للمتبوع "
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
538 -
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ تُوطَأَ أَعْقَابُهُمْ"
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وجَرِيرٌ، ومَنْصُورُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
فيه سليم بن حنضلة السعدي: سكت عنه الإمامان: البخاري، وأبو حاتم (التاريخ 4/ 122، 124، والجرح 4/ 212) وانظر: القطوف رقم (409/ 532).
(2)
ابن أبي شيبة حديث (26314).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (410، 533).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
539 -
(8) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:" كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إِذَا مَشَى مَعَهُ الرَّجُلُ قَامَ فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَضَاهَا، وَإِنْ عَادَ يَمْشِي مَعَهُ قَامَ فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ
(2)
، هو الضبعي، إمام ثقة تقدم، وبِسْطَامِ بْنِ مُسْلِمٍ، هو العوذي بصري من ثقات أصحاب ابن سيرين، إمام ثقة رفيع، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، هو من سادات التابعين رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
540 -
(9) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ بن حي
(3)
، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ
(4)
عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " إِيَّاكُمْ أَنْ تُوطَأَ أَعْقَابُكُمْ "
(5)
.
رجال السند:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام ثقة تقدم، حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ بن حي، هو أبو عبد الله إمام عابد ثقة تقدم، وأَبو حَمْزَةَ، هو ميمون من أصحاب إبراهيم ضعيف تقدم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
541 -
(10) أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ شُعْبَةُ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ: أَنَّهُ رَأَى نَاساً يَتْبَعُونَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: - فَأُرَاهُ
(6)
قَالَ:
(1)
رجاله ثقات.
(2)
زاد في المطبوع (حميد بن أسود) بين سعيد بن عامر، وبسطام بن مسلم، وأرجح أن يكون هو الصواب، فسعيد من التاسعة، وحميد من الثامنة، وبسطام من السابعة، أو هما شيخا سعيد في هذا.
(3)
سقطت من جميع النسخ الخطية عدا الأصل.
(4)
في المطبوع (عن حمزة) وهو خطأ.
(5)
فيه أبو حمزة صاحب إبراهيم النخعي، ضعيف يقويه ما تقدم.
(6)
في (الأصل، وفي (ف، ك، و) فأريه.
نَهَاهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ صَنِيعَكُمْ هَذَا أَوْ مَشْيَكُمْ هَذَا مَذَلَّةٌ لِلتَّابِعِ فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ ".
رجال السند:
مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، هو الجمال إمام ثقة تقدم، وحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو المصيصي أبو محمد إمام ثقة تقدم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، والْهَيْثَمُ، هو ابن حبيب الصيرفي، ثقة لم يرو له الستة، وعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ، هو السلولي من أصحاب علي ابن أبي طالب مقدم فيه، ثقة روى له الأربعة، وسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، شهيد الحجاج.
الشرح:
قوله: " مشيكم هذا " قال أبو عاصم: ليست في (ك) ولعله الصواب (فتح المنان 3/ 316) بل هي في (ك) كذلك، كتبت لحقا في الهامش، والخبر سنده حسن، وانظر: رقم (529) وانظر: القطوف رقم (413/ 536). وهذا في سياق ما تقدم من كراهة العلماء للتجمهر حولهم والسير معهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
542 -
(11) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ أَسْوَدَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: "شَاوَرْتُ مُحَمَّداً فِي بِنَاءٍ أَرَدْتُ أَنْ أَبْنِيَهُ فِي الْكَلاَّءِ
(1)
، قَالَ: فَأَشَارَ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَسَاسَ الْبِنَاءِ فَآذِنِّي حَتَّى أَجِئ مَعَكَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَمْشِي إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَمَشَى مَعَهُ فَقَامَ، فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟، قَالَ: لَا. قَالَ: أَمَّا لَا فَاذْهَبْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَنْتَ أَيْضاً فَاذْهَبْ. قَالَ: فَذَهَبْتُ حَتَّى خَالَفْتُ الطَّرِيقَ "
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي إمام ثقة تقدم، وحُمَيْدُ بْنُ أَسْوَدَ، هو الكرابيسي وثقه أبو حاتم تقدم، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّد، هو ابن سيرين من سادات التابعين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
543 -
(12) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نُسَيْرٍ:
(1)
اسم محلة مشهورة، وسوق بالبصرة (معجم البلدان 4/ 472).
(2)
سنده حسن.
" أَنَّ الرَّبِيعَ كَانَ إِذَا أَتَوْهُ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكُمْ، يَعْنِى أَصْحَابَهُ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، هو المروزي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، إمام ثقة تقدم، وسُفْيَانَ، هو ابن عيينة إمام ثقة تقدم، ونُسَيْرٌ، هو ابن ذعلوق كوفي ثقة، روى له ابن ماجة، والرَّبِيعُ، هو ابن خثيم أبو يزيد الكوفي، إمام ثقة عابد له أقوال وفضائل مذكورة في الحلية وغيرها.
الشرح:
قوله لأصحابه: " أعوذ بالله من شركم " أراد ما قد يحدث من الشهرة، وأن يوطأ عقبه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
544 -
(13) أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ رَجَاءٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ خَباب بْنِ الأَرَتِّ رضي الله عنه فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تُحَدِّثُ أَصْحَابَكَ قَالَ: أَخَافُ أَنْ أَقُولَ لَهُمْ
(2)
مَا لَا أَفْعَلُ "
(3)
.
رجال السند:
مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، إمام ثقة تقدم آنفا، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، والأَعْمَشُ، هما إمامان ثقتان تقدما، رَجَاءٌ الأَنْصَارِيُّ، كوفي مقبول لم يرو عنه سوى الأعمش، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، هو الأنصاري أبو بشر تابعي صدوق روى له مسلم، وخَباب ابْنُ الأَرَتِّ، أبو عبد الله من السابقين رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من ورع خباب رضي الله عنه، قال ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه " لما نزلت:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية (3) من سورة الحجرات: قال: يا نبي الله، لقد خشيت أن أكون قد هلكت، نهانا الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا امرؤ جهير الصوت، ونهى الله المرء أن يحب أن يحمد بما لم يفعل، وأجدني أحب الحمد، ونهى الله عن
(1)
سنده حسن.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
فيه رجاء الأنصاري مقبول.
الخيلاء وأجدني أحب الجمال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا ثابت أما ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟ " فعاش حميدا، وقتل شهيدا يوم مسيلمة
(1)
.
فمن سدد وقارب، ولم يجفوا ويتعمد فالمرجو من الله عز وجل الرحمة والعفو، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار»
(2)
، وانظر ما تقدم برقم 525 - (1) وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
545 -
(14) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ: " وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْ عِلْمِي
(3)
كَفَافاً لَا لِي وَلَا عَلَيَّ "
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو ابن عييتة، هما إمامان ثقتان تقدما، وصَالِحٌ، هو ابن صالح بن حي، والد الحسن وعلي وهو خير منهما، تابعي ثقة روى له الستة، قَالَ: والشَّعْبِيُّ، هو عامر تابعي جليل.
الشرح:
قال هذا؛ العالم مسئول عن علمه يوم القيامة، ماذا عمل به، صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
546 -
(15) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ:" أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه كَانَ يَمْشِى وَنَاسٌ يَطَئُونَ عَقِبَهُ، فَقَالَ: لَا تَطَئُوا عَقِبِي، فَوَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أُغْلِقُ عَلَيْهِ بابي مَا تَبِعَنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ "
(5)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ عَوْنٍ، عبد الله، والْحَسَنُ، البصري، هم أئمة ثقات تقدموا،
(1)
عبد الرزاق حديث (2925).
(2)
البخاري حديث (3461).
(3)
في الأصل وفي (ت، ك) عملي، وكلاهما له وجه.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (417/ 540).
(5)
رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين الحسن وبين مسعود رضي الله عنه.
وابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا ورع منه وتواضع رضي الله عنه، وحاشاه أن يقارف الذنوب في بيته رضي الله عنه، وإنما أراد إبعادهم عنه، وقدر يرى التقي ما ليس ذنبا معصية، وهو من باب مباحات العوام سيئات الأبرار، وحسنات الأبرار سيئات المقربين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
547 -
(16) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ مَذَلَّةٌ لِلتَّابِعِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون، وجَرِيرٌ، جرير، هو ابن عبد الحميد الضبي، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم بالأرقام 536، 540.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
548 -
(17) أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أُمَيٍّ قَالَ: مَشَوْا خَلْفَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالَ: " عَنِّي خَفْقَ نِعَالِكُمْ فَإِنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِقُلُوبِ نَوْكَى
(2)
الرِّجَالِ "
(3)
.
رجال السند:
شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، هو أبو الصلت الواسطي، إمام ثقة روى له الشيخان، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، إمام ثقة تقدم، وأُمَيٌّ، هو ابن ربيعة المرادي، ثقة، ليس له في الستة رواية، وعَلِيٌّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بنَوْكى الرجال الحمقى من الناس؛ بكثرة الأتباع، فيصابون بالكبر، وانظر التالي.
(1)
فيه محمد بن حميد الرازي: حافظ ضعيف، وهو محتمل في مثل هذا، ويقويه ما ورد برقم (536).
(2)
الحمقى، جمع أنوك. (النهاية 5/ 129).
(3)
رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
549 -
(18) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: " إِنَّ خَفْقَ النِّعَالِ حَوْلَ الرَّجَالِ قَلَّمَا يُلَبِّثُ الْحَمْقَى"
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو عارم، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
550 -
(19) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُكْتِبُ، ثَنَا قَاسِمٌ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ:" كَانَ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ قَامَ فَتَنَحَّى "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُكْتِبُ، ثقة روى له النسائي، وقَاسِمٌ بْنُ مَالِكٍ، هو أبو جعفر الكوفي، صدوق روى الستة سوى أبي داود، لَيْثٌ، هو ابن سليم مختلف في تحسين حديثه تقدم، وطَاوُسٌ، هو ابن كيسان، تابعي جليل.
الشرح: انظر رقم 534.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
551 -
(20) حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ بِهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ»
(3)
.
رجال السند: أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، هو شاذان ثقة، روى له الستة، وأَبُو بَكْرٍ، هو ابن عياش ثقة تقدم، والأَعْمَشُ، إمام ثقة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ، هو مولى أبي برزة، لابأس به وأَبو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ، هو نضلة بن عبيد رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وقوله:(قل ما تلبث الحمقى) أي: أن تتأثر فيصيبها التيه والغرور، انظر قول علي رضي الله عنه المتقدم.
(2)
فيه ليث، ويحتمل في مثل هذا، ويقويه ما ورد برقم (530).
(3)
سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (2417) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
الشرح:
قوله: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ» . المراد لا تغادر قدما أحد من موقفه للحساب حتى يجيب عن هذه الأسئلة،
وأن هذا على وجه العموم فكل أحد يسأل عن سني عمره من سن التكليف بعد البلوغ حتى الموت فيم قضى ذلك، فإن كان الخير فيها أكثر من الشر نجا، وإن كان العكس هلك والعياذ بالله عز وجل من الهلاك.
قوله: «وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ بِهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ» .
هذا على وجه الخصوص بمن كان له علم فإنه يسأل عن العمل به في طاعة الله عز وجل وما يقرب إليه؛ لأن العلم ثمرته العمل به، أم جعل غايته ما حقق به في الدنيا من الشهرة والجاه، وغير ذلك مما يشوب إخلاصه لله عز وجل.
وكذلك من كان له مال يسأل عن كسبه مما أباح الله عز وجل، أو مما حرم، وكذلك يسأل فيم أنفقه، وعلى ذلك يترتب الثواب والعقاب.
قوله: «وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ» .
وهذا على سبيل العموم فكل أحد يسأل عن جسده، وقوته وزمانه الذي يتمكن منه على أقوى العبادة، وما منَّ الله عز وجل عليه من نعم لا تحصى، من أظهرها نعمة العقل، والسمع والبصر، والقلب النابض، قال الله عز وجل:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}
(1)
، وغير ذلك من نعمة اللسان والصحة العامة مما لا يحصى، فيسأل عن استخدام ذلك، أكان فيما يرضي الله عز وجل، أم اتبع فيها الهوى والشهوات، نسأل الله عز وجل أن يوزعنا شكر ما أنعم به علينا، واستنفادها فيما يرضيه ويقربنا إليه جل جلاله، فكل ما أوتي الإنسان من عمر وصحة ومال وعلم هي ملك الله عز وجل، يجب إلا تصرف إلا في طاعته عز وجل وما يقرب إليه، ليس في حاجة إلى شيء من ذلك، ولكنه ابتلاء منه لبني آدم وعلى النتائج يكون الجزاء.
ما يستفاد:
* الإيمان بالسؤال عن هذه الخصال الأربع.
(1)
الآية (36) من سورة الإسراء.
* الحذر من طلب العلم لغير طاعة الله عز وجل.
* أن ثمرة العلم العمل، فلا يعتد بعلم لا ثمرة له.
* وجوب توخي السلامة من كسب المال؛ لأنه يميل بصاحبة عن طاعة لله عز وجل إلا من رحم الله عز وجل.
* وللسلامة من عاقبة الكسب يجب توخي الأسباب المباحة للكسب.
* الحذر من إنفاق المال في غير طاعة الله عز وجل؛ لأنه سيكون وبالا على صاحبه يوم القيامة.
* وجوب حفظ سني العمر عما حرم الله عز وجل، وصرف الوقت في الطاعات، وما يعود على الإنسان بالنفع في الدين والدنيا، والعاقبة الطيبة في الآخرة.
* وجوب حماية الجسد من كل ما حرم الله عز وجل، واستعمال قوة الجوارح فيما يرضي الله عز وجل.
* أن هذه الأسئلة تدل على هول الموقف، وعاقبة المصير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
552 -
(21) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ قَالَ، حَدَّثَنِي فُلَانٌ الْعُرَنِيُّ عَنْ مُعَاذِ ابْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ:"لَا يَدَعُ اللَّهُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَمَّا أَفْنَوْا فِيهِ أَعْمَارَهُمْ، وَعَمَّا أَبْلَوْا فِيهِ أَجْسَادَهُمْ، وَعَمَّا كَسَبُوا فِيمَا أَنْفَقُوا، وَعَمَّا عَمِلُوا فِيمَا عَلِمُوا "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو أبو عثمان المروزي، صاحب السنن إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي إمام ثقة تقدم، وعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، هو المدني صدوق، روى له مسلم، ويَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ، هو أبو هشام الليثي، تابعي ثقة روى له أبو داود، وفُلَانٌ الْعُرَنِيُّ، هو مجهول، ومُعَاذُ ابْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه. انظر السابق.
(1)
فيه راو مبهم (فلان العرني) ولعله الحسن بن عبد الله العرني ثقة، أرسل عن ابن عباس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
553 -
(22) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَدِيِّ ابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ:" لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا وَضَعَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما ثقتان تقدما، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم مختلف في تحسين حديثه تقدم، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، أبو فروة الجزري، والي الموصل لعمر بن عبد العزيز، فاضل لابأس به، ليس له رواية في الصحيحين، وأَبو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، هو عبد الرحمن بن عسيلة، تابعي ثقة قدم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم، فمات النبي وهو في الطرق، ومُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه.
الشرح: تقدم برقم 549.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
554 -
(23) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ:" قَالَ لِي طَاوُسٌ: مَا تَعَلَّمْتَ فَتَعَلَّمْ لِنَفْسِكَ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ ذَهَبَتْ مِنْهُمُ الأَمَانَةُ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ولَيْثٌ، تقدموا آنفا، وطَاوُسٌ إمام تقدم.
الشرح:
المراد بالأمانة: أمانة نقل العلم والعمل به، وهذه الملاحظة من طاوس رحمه الله في القرن الأول من القرون المفضلة، فكيف بحال الأمة اليوم ونحن في القرن الخامس عشر؟!، والله المستعان، ولكن ذهاب أمانة العلم والعمل به وتعليمه لا تزال باقية في الأمة، وإن ذهبت عند البعض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون»
(3)
، والمراد ظهورهم على العموم في
(1)
فيه ليث، والخبر حسن، انظر: ما تدم، وانظر: القطوف رقم (424/ 548).
(2)
ليث محتمل في مثل هذا. وانظر: القطوف رقم (425/ 549).
(3)
البخاري حديث (3640) وعند مسلم أتم حديث (1920).
حماية الدين، ورد كل ما يخالفه، وإن قلوا في الأمة فإن دينهم واعتقادهم وشرع الله عز وجل يبقى ظاهرا فيهم حتى يأتيهم أمر الله عز وجل، وفي رواية «إلى يوم القيامة»
(1)
، وهذا يدل على العموم في الأمة، وليس في مكان مخصص، ولا زمان دون آخر.
ما يستفاد:
* الحث على طلب العلم ليعود نفعه على المتعلم أولا.
* أهمية الضبط والأمانة في نقل العلم ونشره.
* الإشارة إلى أناس يقع منهم التفريط في أمانة العلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
555 -
(24) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " أَدْرَكْتُ النَّاسَ، وَالنَّاسِكُ
(2)
إِذَا نَسَكَ لَمْ يُعْرَفْ مِنْ قِبَلِ [مَنْطِقِهِ، وَلَكِنْ يُعْرَفُ مِنْ قِبَلِ] عَمَلِهِ، فَذَاكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ ".
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو أبو أيوب البصري، أزدي إمام ثقة تقدم، وعُمَارَةُ ابْنُ مِهْرَانَ، هو المعولي أبو سعيد البصري، أزدي ثقة عابد من أفراد الدارمي، ليس له رواية في الستة، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
ما بين المعقوفين كتب لحقا في هامش (الأصل) والخبر سنده حسن، والمراد إذا تعبد العابد من الناس فلا يعرف من جهة كلامه أنه عابد، بل من جهة عمله بما علم، وهذا يستدعي أن يعمل العالم بعلمه، أو على الأقل بشيء من علمه في ذات نفسه وفي غيره بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ما يستفاد:
* أهمية العلم في صحة العبادة، العباد يبنى أداؤها على العلم بفرائضها وأركانها وشروطها وواجبتها ونوافلها، وارتباط ذلك بموافقة الكتاب والسنة.
(1)
مسلم حديث (156).
(2)
هو العابد، والنسك: الطاعة والعبادة. (النهاية 5/ 48).
* أن عبادة الرجل تكشف درجته من العلم، ولذلك كانوا في الصدر الأول إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه العلم نظروا إلى صلاته كيف يؤديها، وإلى سمته وهيئته فيها، فإن أحسن ذلك وإلا انصرفوا عنه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
46 -
باب الْبَلَاغِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَعْلِيمِ السُّنَنِ
556 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، وحَسَّانُ، هو ابن عطية، وأَبو كَبْشَةَ، هو السلولي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، ابن العاص رضي الله عنه.
الشرح:
أصل هذا قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}
(3)
، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من كتم علما تلجم بلجام من نار يوم القيامة»
(4)
، وغاية هذا الأمر أن يكون عَاما فِي جَمِيع مَا سمع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم ولو آية واحدة، ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي ولو قل، ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم، فيبلع كل ما سمع قل أو كثر.
(1)
البخاري حديث (631).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3461).
(3)
الآية (195) من سورة البقرة.
(4)
ابن حبان حديث (95).
ما يستفاد:
* كل من صح لديه علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب عليه أن يبلغه فيكون بذلك في عداد من قال الله عز وجل فيهم: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
(1)
، ويكون له مثل أجر من بلغ ولو بآية من كتاب الله عز وجل، انظر ما تقدم برقم 524.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
557 -
(2) أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ
(2)
، أنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ الْعَوَّامُ ابْنُ حَوْشَبٍ أَبُو عِيسَى الشَّيْبَانِيُّ
(3)
، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:" أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَغْلِبُونَا عَلَى ثَلَاثٍ: أَنْ نَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَنُعَلِّمَ النَّاسَ السُّنَنَ "
(4)
.
رجال السند:
عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، هو ويَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، والْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ أَبُو عِيسَى الشَّيْبَانِيُّ، هو ابن يزيد الواسطي إمام ثقة، والْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ، هو تابعي صدوق، روى له مسلم، وأَبو ذَرٍّ رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: «أَنْ لَا يَغْلِبُونَا» المراد ولاة الأمور يؤيد هذا قول أبي رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال: «إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه، فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وليس بمقبول منه توبة حتى يسد ثلمته التي ثلم، وليس بفاعل، ثم يعود فيكون فيمن يعزه»
(5)
، وفي هذا التشديد على طاعة ولاة الأمر، وعدم إضعاف شوكتهم، ومن فكر في ذلك بغير وجه حق فقد خلع من عنقه الطاعة لله
(1)
الآية (33) من سورة فصلت.
(2)
في (ف، و) السعدي.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
سنده حسن، أخرجه أحمد حديث (21460).
(5)
أحمد حديث (2146).
ورسوله وأولي الأمر؛ لأنه طوق عنقه بها، فلا يفك الطوق إلا أمر مشروع عليه من الله برهان.
قوله: «عَلَى ثَلَاثٍ: أَنْ نَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ» هذا استثناء من وجوب طاعة ولي الأمر، فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم علماء الأمة من عهد الصحابة على قيام الساعة بألا يغلبهم الولاة فيمنعوا الأمر بالمعروف، وهو ما عرفه الشرع من الأقوال والأعمال وأمر به، وهو من فرائض الإسلام الكفائية، إن قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي تعين على الجميع، لقول الله عز وجل:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
(1)
(2)
، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لتأمرون بالمعروف ولتنتهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم»
(3)
.
قوله: «وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ» وكذلك النهي عن المنكر، وفق ما سلف، والمنكر ما أنكره الشرع من الأقوال والأعمال ونهى عنه.
أما كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسب الاستطاعة، فإذا لم يستطع أحد ذلك، فليس مكلفا بذلك، إلا أنه لا بد أن ينكره بقلبك، وتعتزل أهله ويبتعد عنهم، وهذا مستنده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»
(4)
.
أما الذين يحملون السلاح في وجوه المسلمين، ويقولون: هذا هو الأمر المعروف والنهي عن المنكر، فهذا فهم باطل ومذهب سلكه الخوارج وغيرهم.
قوله: «وَنُعَلِّمَ النَّاسَ السُّنَنَ» هذا غرار ما تقدم آنفا برقم 554.
(1)
الآية (104) من سورة آل عمران.
(2)
الآية (122) من سورة التوبة.
(3)
البحر الزخار حديث (8510).
(4)
مسلم حديث (49).
ما يستفاد:
* وجوب طاعة ولاة الأمر ما قضى به الكتاب والسنة.
* تشديد عقوبة من خرج عليهم أو نازعهم الأمر بغير وجه حق.
* الحرص على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
* وجوب اتباع مراتب الأمر بالعروف والنهي عن المنكر.
* مرتبة التغيير باليد: وهذه الرتبة لولي الأمر، ومن في حكمه من القضاة وولاة الأمصار.
ومرتبة التغيير باللسان: وهذه للعلماء ومن في حكمهم، من الوعاظ والكتاب وأعيان الناس.
ومرتبة السكوت والإنكار بالقلب: فلمن لم يستطع، فيلزمه الإنكار بقلبه، والبعد عن المنكر وأهله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
558 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: " كَانَ أَبُو أُمَامَةَ رضي الله عنه إِذَا قَعَدْنَا إِلَيْهِ يَجِيئُنَا مِنَ الْحَدِيثِ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَيَقُولُ لِلنَّاسِ
(1)
: اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا، وَبَلِّغُوا عَنَّا مَا تَسْمَعُونَ
(2)
، قَالَ سُلَيْمٌ: بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُشْهِدُ عَلَى مَا عَلِمَ "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، تقدم قريبا، وصَفْوَانُ، هو ابن عمرو أبو عمرو، محدث حمص إمام ثقة، روى له الستة سوى البخاري، وسُلَيْمُ ابْنُ عَامِرٍ، هو أبو يحيى الحمصي، تابعي ثقة، روى له الستة سوى البخاري، وأَبُو أُمَامَةَ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
559 -
(4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شُعَيْبٌ - هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ - ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ قَالَ: " حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه وَهُوَ جَالِسٌ
(1)
في (ت) ويقول لنا.
(2)
عملا بقوله: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله) الحديث، وانظر رقم (551).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (427/ 553).
عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يَسْتَفْتُونَهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَوَقَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَلَمْ تُنْهَ عَنِ الْفُتْيَا؟، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَرَقِيبٌ أَنْتَ عَلَيَّ؟، لَوْ وَضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لأَنْفَذْتُهَا
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، أبو محمد السلمي صدوق، شُعَيْبٌ بْنُ إِسْحَاقَ، فقيه ثقة تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، إمام تقدم وأَبُو كَثِيرٍ، هو مالك بن مرثد صدوق، وأَبوه، هو مرثد بن عبد الله الذماري مقبول، وأَبو ذَرٍّ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
560 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: " يَا أَبَا الْعَالِيَةِ، أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مُفْتِياً؟، فَقُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ تَذْهَبُوا وَنَبْقَى، فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو الْعَالِيَةِ"
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن نجيح البغدادي إمام ثقة تقدم، وعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، هو أبو سهل البصري ثقة تقدم، وعَوْفٌ، هو ابن أبي جميلة الأعرابي رمي بالتشيع والقدر تقدم، هو رفيع بن مهران، تابعي جليل وابْنَ عَبَّاسٍ، عبد الله رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
561 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" كَانَ عَبِيدَةُ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه كُلَّ خَمِيسٍ فَيَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ غَابَ عَنْهَا، فَكَانَ عَامَّةُ مَا يُحْفَظُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِمَّا يَسْأَلُهُ عَبِيدَةُ عَنْهُ ".
(1)
في سنده مرثد بن عبد الله الزماني الراوي عن أبي ذر، وعنه ابنه مالك، وثقه العجلي (الثقات: 423) وسكت عنه الذهبي (الكاشف 3/ 129) وقال ابن حجر: مقبول، وانظر: القطوف رقم (428/ 554).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (429/ 555).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وعَبَّادٌ، تقدما آنفا، وحُصَيْنٌ، هو ابن عبد الرحمن السلمي، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، و عَبِيدَةُ، هو السلماني، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
562 -
(7) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا غَسَّانُ - هُوَ ابْنُ مُضَرَ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:" سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: مَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُونِي أَفْلَسْتُمْ؟ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، وغَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، هو أبو مضر الأزدي، ثقة روى له النسائي، وسَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، هو أبو مسلمة الأزدي، ثقة روى له الستة، وعِكْرِمَةُ، إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
563 -
(8) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، الْمُكْتِبُ ثَنَا عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:" الْعِلْمُ خَزَائِنُ وَتَفْتَحُهَا الْمَسْأَلَةُ "
(2)
.
مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، الْمُكْتِبُ، ثقة تقدم، وعَامِرُ بْنُ صَالِحٍ، هو ابن عبد الله أبو الحارث، من ولد عروة بن الزبير لابأس به، ويُونُسُ، هو ابن يزيد الأيلي إمام ثقة تقدم، وابْنُ شِهَابٍ، هو الإمام الزهري.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
564 -
(9) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: " مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ "
(3)
.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (431/ 557).
(2)
فيه عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير الزبيري، قال ابن حجر: أفرط فيه ابن معين فكذبه، وقال أبو حاتم: ضعفه ابن معين، ونقل قول أحمد: عامر بن صالح الزبيري: ثقة لم يكن صاحب كذب. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ما أرى بحديثه بأسا، كان يحي بن معين يحمل عليه، وأحمد يروي عنه. (الجرح والتعديل 6/ 324) وانظر: القطوف رقم (432/ 558).
(3)
سنده حسن. والمراد من كان خجولا من السؤال عن العلم يكون علمه ضحلا، فإنما شفاء العي السؤال، والعي: هو الجهل.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو البناني، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، وإِبْرَاهِيمُ، هم ثقات.
الشرح:
المراد من كان خجولا لا يسأل، قل علمه، يوضح هذا قول إبراهيم الآنف الذكر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
565 -
(10) وَوَكِيعٌ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: " مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ جَهِلَ
(1)
عِلْمُهُ"
(2)
.
رجال السند:
وَكِيعٌ: هو ابن الجراح، هو ابن الجراح إمام جليل ثقة تقدم، وأَبِوه، هو الجراح بن مليح الكوفي لابأس به تقدم، والشَّعْبِيُّ، عامر إمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
566 -
(11) وَعَنْ ضَمُرَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:" قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ: مَنْ رَقَّ وَجْهُهُ رَقَّ عِلْمُهُ "
(3)
.
رجال السند:
ضَمُرَةَ، هو ابن ربيعة راوية حديث ابن شوذب، وحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، هو السكوني من جلساء عمر بن عبد العزيز، وفي ذلك تزكية له، وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
567 -
(12) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" لَا يَتَعَلَّمُ مَنِ اسْتَحْيَى وَاسْتَكْبَرَ "
(4)
.
(1)
في حاشية الأصل (رق) وعليها الرمز (ط).
(2)
فيه انقطاع بين الجراح والشعبي، وقوله (جهل) يمكن أن يكون بالبناء للمفعول، أي إذا كثر حياؤه من النقاش والمدارسة فإن الناس يجهلون علمه، وبالبناء للفاعل يكون جهله بكثير من مسائل العلم.
(3)
فيه انقطاع بين حفص وعمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم، وحفص هذا من مستشاري عمر ابن عبد العزيز (تاريخ البخاري 2/ 366، والجرح والتعديل 3/ 178).
(4)
سنده حسن، بوّب له البخاري في كتاب العلم، باب (50) وقال مجاهد: لايتعلم العلم مستحي ولا مستكبر.
رجال السند:
إِسْحَاقَ، هو البناني، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، هما ثقتان تقدما، ورَجُلٍ، هو عبد الله بن أبي نجيح أنظر رقم 211، 290، ومُجَاهِدٌ، إمام معروف.
الشرح:
قوله: " عن رجل " هو عبد الله بن أبي نجيح أبهمه جرير لعدم رضاه عنه، قال: رأيت ابن أبي نجيح ولم أكتب عنه، كان يرى القدر (الضعفاء للعقيلي 2/ 317) وانظر:(تغليق التعليق 2/ 93) وابن أبي نجيح ثقة، أخرج له السنة.
وقول قتادة بين غني عن البيان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
568 -
(13) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَفٍ، ثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَنِيهِ فَيَقُولُ: " يَا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا، فَإِنْ تَكُونُوا صِغَارَ قَوْمٍ، فَعَسَى أَنْ تَكُونُوا كِبَارَ آخَرِينَ، وَمَا أَقْبَحَ عَلَى شَيْخٍ يُسْأَلُ لَيْسَ عِنْدَهُ عِلْمٌ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَفٍ، وأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة ابن الزبير أحد الفقهاء السبعة، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تقدم برقم 524، عن الحسن رضي الله عنه مثله وأمرهم بالكتابة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
569 -
(14) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:" كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَضَعُ فِي رِجْلَيَّ الْكَبْلَ، وَيُعَلِّمُنِي الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ ".
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، هما ثقتان تقدما، والزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، هو بصري ثقة، روى له الشيخان، وعِكْرِمَةُ، إمام ثقة تقدم وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (436/ 563).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
570 -
(15) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ ضَّرِيسِ قَالَ:" سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَنْ تَرَأَّسَ سَرِيعاً أَضَرَّ بِكَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ، وَمَنْ لَمْ يَتَرَأَّسْ طَلَبَ وَطَلَبَ حَتَّى يَبْلُغَ"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه ابن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، ويَحْيَى بْنُ ضَّرِيسِ، هو أبو زكريا الرازي، وسُفْيَانَ، إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
الحث على الإكثار من طلب العلم، وإطالة الوقت في سبيل ذلك وعدم قبول المناصب، أو الصدارة قبل الإتقان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
571 -
(16) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَباب، عَنْ حُصَيْن
(2)
بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ:" عِلْمٌ لَا يُقَالُ بِهِ، كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، والأَعْمَشُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وصَالِحُ ابْنُ خَباب، من أفراد الدارمي وثقه ابن معين، وحُصَيْنُ بْنُ عُقْبَةَ، أفراد الدارمي صدوق، وسَلْمَانَ، هو الفارسي رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
572 -
(17) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو شِهَابٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ عِلْمٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، كَمَثَلِ كَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ فِي سَبِيلِ
(1)
فيه محمد بن حميد حافظ ضعيف، يحتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (438/ 565).
(2)
في نسخة: حسين.
(3)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (439/ 566).
اللَّهِ»
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس ثقة متقن تقدم، وأَبُو شِهَابٍ، هو عبد ربه ابن نافع الكناني، صدوق تقدم، وإِبْرَاهِيمُ، هو ابن مسلم، متكلم فيه، روى عنه شعبة وغيره فلا بأس به، روى له ابن ماجه، وأَبو عِيَاضٍ، هو عمرو ابن الأسود عنسي ثقة متقن تقدم، وأَبُو شِهَابٍ، هو عبد ربه بن نافع الكناني، صدوق عابد، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
573 -
(18) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَمِّهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ سَلْمَانَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: " إِنَّ الْعِلْمَ كَالْيَنَابِيعِ يَغْشَاهُنَّ النَّاسُ، فَيَخْتَلِجُهُ هَذَا وَهَذَا، فَيَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَإِنَّ حِكْمَةً لَا يُتَكَلَّمُ بِهَا كَجَسَدٍ لَا رُوْحَ فِيهِ، وَإِنَّ عِلْماً لَا يُخْرَجُ، كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْعَالِمِ كَمَثَلِ رَجُلٍ حَمَلَ سِرَاجاً فِي طَرِيقٍ مُظْلِمٍ، يَسْتَضِيءُ بِهِ مَنْ مَرَّ بِهِ، وَكُلٌّ يَدْعُو لَهُ بِالْخَيْرِ"
(2)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد الطنافسي، إمام ثقة، مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ، هو يسار صدوق تقدم، ومُوسَى بْنُ يَسَارٍ عَمِّهِ، هو أبو اطيب القرشي المطلبي إمام ثقة، روى له مسلم وغيره، حديثه عن سلمان رضي الله عنه منقطع، وهو الفارسي، وأَبِو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن العلم كالموارد العذبة يرتادها الناس، فمنهم المقل ومنهم المكثر، وعلى قدر ذلك تكون المنفعة، ثم بين أن العلم فيه أحكام وحكم وأمثال، فمن عرفها ولم يتكلم بها فهو جسد بلا روح، وكذلك بين أن العلم كنز تجب فيه النفقة، وإلا كان حامله كصاحب كنز لا ينفق منه، وفي هذا وعيد، قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ
(1)
فيه إبراهيم بن مسلم الهجري: لين الحديث، رفع موقوفات، والأثر أخرجه أحمد حديث (10476) وله شواهد.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (440/ 568).
الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
(1)
، وكذلك العلم، انظر رقم 549.
ما يستفاد:
* الحث على ورود مناهل العلم والمعرفة.
* الاعتناء بفهم العلم والانتفاع به.
* زكاة العلم العمل به وتعليمه والدعوة إليه، وانظر رقم 554.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
574 -
(19) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ومَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " يَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثُ خِلَالٍ: صَدَقَةٌ تَجْرِى بَعْدَهُ، وَصَلَاةُ وَلَدِهِ
(2)
عَلَيْهِ، وَعِلْمٌ أَفْشَاهُ يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهُ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الأصم، إمام ثقة تقدم، ومَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، هو من الشيعة الكبار، قال ابن معين: لابأس به، وأَبو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، هو سليمان بن أبي سليمان، تابعي من أصحاب الشعبي، إمام ثقة تقدم، عَنْ حَمَّادٍ، هو ابن أبي سليمان، أفقه أصحاب إبراهيم النخعي إمام ثقة تقدم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي.
الشرح:
هذا سياق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له»
(4)
، وقد قال الله عز وجل:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}
(5)
، وانظر رقم 375.
(1)
من الآية (34) من سورة التوبة.
(2)
في (ت) لولده. والمراد بالصلاة: الدعاء.
(3)
سنده حسن.
(4)
الترمذي حديث (1376).
(5)
من الآية (30) من سورة الكهف.
ما يستفاد:
* الحرص على الصدقة الخالصة لوجه الله عز وجل؛ لأنها ذخر لا ينقطع نفعه، انظر رقم 525.
* الحرص على نشر العلم خالصا لوجه الله عز وجل؛ عمل يلحق صاحبه مثل أجر من انتفع به إلى يوم البعث.
* الاجتهاد في تربية الأولاد وتنشئتهم على الخير والإعمال الصالحة، فإن صلاحهم، وصلاح ذريتهم، ودعاءهم خير يصب في ميزان حسناته، على يوم البعث.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
575 -
(20) أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عِلْمُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلَاثٍ: عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ صَدَقَةٍ تَجْرِى لَهَ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»
(1)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو أبو سلمة المنقري، إمام ثقة، روى له الستة، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، هو ابن كثير الأنصاري إمام ثقة تقدم، والْعَلَاءُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو مَوْلَى الْحُرَقَةِ، ثقة تقدم، وأَبوه، عبد الرحمن بن يعقوب تابعي ثقة تقدم، وهُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وتقدم سندا برقم 525.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
576 -
(21) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، ثَنَا يُونُسُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه:" أَنَّهُ قَالَ حِينَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ: بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، أُعَلِّمُكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَسُنَّتَكُمْ، وَأُنَظِّفُ طُرُقَكُمْ "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، هو أبو محمد الكوفي، إمام ثقة من شيوخ مسلم، ويُونُسُ، هو ابن بكير صدوق تقدم، وصَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ الْمُزَنِيِّ، هو أبو عامر صدوق، روى له الستة
(1)
سنده حسن، أخرجه مسلم (1631).
(2)
فيه انقطاع بين الحسن وأبي موسى صلى الله عليه وسلم.
سوى البخاري، والْحَسَنُ، هو البصري إمام تقدم، وأَبو مُوسَى رضي الله عنه.
الشرح:
كان عمر رضي الله عنه ولى أبا موسى الأشعري رضي الله عنه على البصرة فقال ذلك استشعارا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته "
(1)
؛ ولأنه رضي الله عنه علم أن الإمارة تكليف وليست تشريفا، ولاسيما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنها:«إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها»
(2)
.
ما يستفاد:
* العلم بأن الرعاية أمانة وإن قلت، وأن كل إنسان سيسأل عنها يوم القيامة.
* الحذر من التفريط في أداء الحقوق العامة والخاصة، واستشعار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما من وال يلي رعية من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلا حرم الله عليه الجنة»
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
577 -
(22) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَلَّى، ثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَخْبَرَةَ، عَنْ سَخْبَرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى»
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه ابن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَلَّى، هو يامي تزل الري، صدوق روى له الترمذي، وزِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، الجعفي،
(1)
البخاري حديث (893) ومسلم حديث (1829).
(2)
مسلم حديث (1825).
(3)
البخاري حديث (7151) ومسلم حديث (142).
(4)
فيه أبو داود نفيع بن الحارث: متروك، كذبه ابن معين، وعبد الله بن سخبرة، مجهول، أخرجه الترمذي في حديث (2648) وقال: هذا حديث ضعيف الإسناد، أبو داود يضعف، ولا نعرف لعبد الله بن سخبرة كبير شيء ولا لأبيه، واسم أبي داود نفيع.
ثقة روى له الستة سوى البخاري، وأَبو دَاوُدَ، هو نفيع بن الحارث الدارمي، قاص متروك، واتهم بالرفض، ولِمَ روى حديثه هذا الدارمي، ولم يرو له سواه؟! الله أعلم، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ سَخْبَرَةَ، مجهول،
(1)
وسَخْبَرَةَ، قال البخاري:" سخبرة الأزدي له صحبة، روى عنه ابنه عبد الله بن سخبرة، حديثه ليس من وجه صحيح"
(2)
.
قلت: هذا سند مظلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
47 -
بابٌ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَاحْتِمَالِ الْعَنَاءِ فِيهِ
578 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ:" لَقَدْ أَقَمْتُ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثاً مَا لِي حَاجَةٌ إِلاَّ وَقَدْ فَرَغْتُ مِنْهَا، إِلاَّ أَنَّ رَجُلاً كَانُوا يَتَوَقَّعُونَهُ كَانَ يَرْوِي حَدِيثاً، فَأَقَمْتُ حَتَّى قَدِمَ فَسَأَلْتُهُ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبَ، وأَبو قِلَابَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
اشتغل طالبوا العلم بالبحث عن العلماء في الأمصار وتجشموا الرحلة إليهم للقائهم والأخذ عنهم، وهذا منذ الصدر الأول فقد رحل رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه قال كثير ابن قيس: كنت جالسا مع أبي الدرداء، في مسجد دمشق فجاءه رجل، فقال: يا أبا الدرداء: إني جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني، أنك تحدثه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئت لحاجة، قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات، ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما ورثوا
(1)
في الأصل، وفي (ر) محمد بن سخبرة وهو خطأ.
(2)
الضعفاء الصغير للبخاري 1/ 73.
(3)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (443/ 573).
العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»
(1)
، ولا نطيل فهذا أصل في الرحلة لطلب العلم، وقبل هذا كتاب الله، قال الله عز وجل:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}
(2)
، وعلى الرغم من تقسيم دولة الإسلام إلى دويلات فلا زالت الرحلة في طلب العلم الشرعي وغيره مستمرة إلى يومنا هذا في سماع الحديث وأخذا إجازات العلماء فيه، وكذلك إجازات القراءات، وفي العلوم المعاصرة يرحل أبناء المسلمين إلى أمريكا وبلاد الغرب وهو ما يعرف بالبعثات الدراسية، فمن أحسن القول والعمل وتعلم ما ينفعه ويعلي شأنه أمته، وأقام فرائض الله فلا ريب أنه ممن سلك طريقا يلتمس فيه علما، ويكون له من الأثر المحمود ما نرجو أن يجزيه الله به خير الجزاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
579 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: " إِنْ كُنْتُ لأَرْكَبُ إِلَى الْمِصْرِ مِنَ الأَمْصَارِ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ لأَسْمَعَهُ "
(3)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، ثقة إمام تقدم، والْوَلِيدُ، هو ابن مسلم القرشي، كثير تدليس التسوية، ثقة إذا سلم من ذلك، وابْنُ جَابِرٍ، هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة، الشامي الداراني، ثقة، وبُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، هو الحضرمي شامي تابعي، إمام ثقة روى له الستة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
580 -
(3) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنْبَأَ أَبُو قَطَنٍ: عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: " كُنَّا نَسْمَعُ الرِّوَايَةَ بِالْبَصْرَةِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ نَرْضَ
(1)
أبو داود حديث (3641).
(2)
الآية (122) من سورة التوبة.
(3)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (444 م 574).
حَتَّى رَكِبْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَسَمِعْنَاهَا مِنْ أَفْوَاهِهِمْ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، هو أبو محمد النيسابوري، إمام مجاب الدعوة ثقة، وأَبُو قَطَنٍ: عَمْرُو ابْنُ الْهَيْثَمِ، بصري حافظ إمام ثقة، روى له الستة سوى البخاري، أبو محمد النيسابوري، إمام مجاب الدعوة ثقة، وأَبو خَلْدَةَ، هو خالد بن دينار تميمي ثقة من رجال البخاري، وأَبو الْعَالِيَةِ، هو رفيع بن مهران إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
581 -
(4) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " قُلْ لِصَاحِبِ الْعِلْمِ يَتَّخِذُ عَصاً مِنْ حَدِيدٍ وَنَعْلَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ، وَيَطْلُبُ الْعِلْمَ حَتَّى تَنْكَسِرَ الْعَصَا وَيَنْخَرِقَ النَّعْلَانِ"
(3)
.
رجال السند:
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو الخزاعي الصحيح أن حديثه لا يقل عن الحسن تقدم، وبَقِيَّةُ، هو ابن الوليد مدلس معروف بالراية عن الضعفاء والمجاهيل، تقبل روايته إذا حدث عن الثقات فهو ثقة، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيِّ، ذكره ابن حجر في إتحاف المهرة
(4)
، ولم يعلق، وابن عساكر
(5)
، وسواء هذا أو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن وهو كذاب متروك الحديث، فهما من بلاوي بقية.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (445/ 575).
(2)
هكذا في الأصول الخطية، وقال أبو عاصم: إنه محمد بن عبد الرحمن القشيري، تصحف اسمه في جميع الأصول الخطية إلى عبد الله (فتح المنان 3/ 365). ومحمد كذاب متروك الحديث.
(3)
فيه بقية، وشيخه عبد الله لم أقف عليه، فإن كان صح التصحيف فمحمد بن عبد الله القشيري قال عنه أبو حاتم: متروك الحديث، كان يكذب ويفتعل الحديث. (الجرح والتعديل 7/ 325).
قلت: ونصيحة في البر على طلب العلم بصرف النظر عن صحة نسبتها.
(4)
برقم (1556).
(5)
ضمن رقم (13032).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
582 -
(5) أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، ثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مِنْ آلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ - قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " طَلَبْتُ الْعِلْمَ فَلَمْ أَجِدْهُ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الأَنْصَارِ، فَكُنْتُ آتِي الرَّجُلَ فَأَسْأَلُ عَنْهُ فَيُقَالُ لِي نَائِمٌ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي ثُمَّ أَضْطَجِعُ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الظُّهْرِ فَيَقُولُ: مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، فَأَقُولُ: مُنْذُ طَوِيلٍ
(1)
: فَيَقُولُ: بِئْسَمَا صَنَعْتَ، هَلاَّ أَعْلَمْتَنِي؟، فَأَقُولُ: أَرَدْتُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيَّ وَقَدْ قَضَيْتَ حَاجَتَكَ "
(2)
.
رجال السند:
مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ، هو الجمال الرازي، إمام ثقة تقدم، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، هو أبو أيوب ثقة تقدم، والْحَجَّاجُ، هو ابن أرطاة فقيه مفتي يدلس ويرسل، صدوق في غير التدليس والإرسال، روى له مسلم في الشواهد، وحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو أبو محمد من آلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، حسن الحديث، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا اهتمام من ابن عباس بالعلم، وتواضع في تحصيله، وإجلال لمن لديه علم، ولذلك حصل ابن عباس رضي الله عنهما على الصدارة في العلم؛ لأنه كان يسأل الصحابة ويعقل، فقد ورد" أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة وجمع ابن عباس معهم وكان صغيراً فقالوا: إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا؟، فقال عمر: إنه فتى له قلب عقول، ولسان سؤول، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان، فسأل ابن عباس عنها، فقال: إني لأظن أين هي، إنها ليلة سبع وعشرين، فقال عمر: وما أدراك؟ فقال: إن الله تعالى خلق السموات سبعاً، وخلق الأرضين سبعاً، وجعل الأيام سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل الطواف سبعاً، والسعي سبعاً، ورمي الجمار سبعاً ".
(1)
أي منذ وقت طويل (وقد أدرجها أبو عاصم في المتن، وليست في الأصول (فتح المنان 3/ 366).
(2)
فيه حصين بن عبد الرحمن بن عمرو الأشهلي، قال ابن حجر: مقبول. وقال الذهبي: ثقة (الكاشف 1/ 237) وحسن حديثه أبو داود ووثقه (تهذيب الكمال 6/ 518، ت: 3).
فيرى ابن عباس رضي الله عنهما أنها ليلة سبع وعشرين من خلال هذه الاستنباطات، وكان رضي الله عنه شديد الحرص على العلم مع التواضع والأدب الجم، قال:" وجدت عامة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الأنصار فإن كنت لآتي الرجل فأجده نائما لو شئت أن يوقظ لي لأوقظ فأجلس على بابه تسفي على وجهي الريح حتى يستيقظ متى ما استيقظ وأسأله عما أريد ثم أنصرف "
(1)
.
ما يستقاد:
* الحرص على طلب العلم.
* الصبر على المشقة فيه.
* التواضع وحسن الأدب.
* توقير العلماء وإجلالهم، ولو كان الطالب حظيا بمكانة عالية في المجتمع بنسب أو مال أوجاه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
583 -
(6) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" وُجِدَ أَكْثَرُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الأَنْصَارِ، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لآتِي الرَّجُلَ مِنْهُمْ فَيُقَالُ: هُوَ نَائِمٌ، فَلَوْ شِئْتُ أَنْ يُوقَظَ لِي، فَأَدَعُهُ حَتَّى يَخْرُجَ لأَسْتَطِيبَ بِذَلِكَ حَدِيثَهُ"
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وأَبُو بَكْرٍ، بن عياش، هما ثقتان تقدما، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو ابن علقمة بن وقاص، كثير الحيث فيه ضعف، وأَبو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو بن عوف إمام ثقة، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
584 -
(7) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:
(1)
الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 281.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (448/ 578).
" لَوْ رَفَقْتُ بابنِ عَبَّاسٍ لأَصَبْتُ مِنْهُ عِلْماً كَثِيراً "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تقدم سندا ومتنا برقم 423.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
585 -
(8) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:" كُنْتُ آتِي باب عُرْوَةَ فَأَجْلِسُ بِالْباب، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَدْخُلَ لَدَخَلْتُ، وَلَكِنْ إِجْلَالاً لَهُ"
(2)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَم، أبو عبد الرحمن النيسابوري، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ، هو بن همام ابن نافع الحميري، أبو بكر الصنعاني إمام ثقة، صاحب المصنف، ثَنَا مَعْمَرٌ، هو ابن راشد أبو عروة البصري، إمام ثقة ثبت، قد يخطئ فيما حدث به بالبصرة، وفي روايته عن الأعمش، وهشام بن عروة، والزُّهْرِيُّ، هما إمامان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
586 -
(9) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا فُلَانُ هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ. فَقَالَ: وَاعَجَباً لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ وَفي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ تَرَى؟، فَتَرَكَ ذَلِكَ
(3)
وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بابهِ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي التُّرَابَ، فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي فَيَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟، أَلَا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟، فَأَقُولُ: لَا، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ،
(1)
رجاله ثقات، وتقدم سندا ومتنا، وفيه توجيه بالتواضع للعلماء، والتأدب معهم، وعدم الملاحاة.
(2)
ت: رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (450/ 580).
(3)
أي الرجل الذي استغرب أن يحتاج إلى ابن عباس رضي الله عنه ترك السؤال عن العلم.
فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ: فَبَقِيَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ فَقَالَ: كَانَ هَذَا الْفَتَى أَعْقَلَ مِنِّي "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، ويَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، هو مكي نزل البصرة، إمام ثقة روى له الشيخان، وعِكْرِمَةُ، إمام تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
587 -
(10) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ:" أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَحَلَ إِلَى فُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، وَهُوَ بِمِصْرَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمُدُّ لِنَاقَةٍ لَهُ، فَقَالَ: مَرْحَباً. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِراً، وَلَكِنْ سَمِعْتُ أَنَا وَأَنْتَ حَدِيثاً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ. قَالَ: مَا هُوَ؟، قَالَ: كَذَا وَكَذَا "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، والْجُرَيْرِيُّ، سعيد بن إياس وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، هم ثقات تقدموا، وفضالة بن عبيد، هو أبو محمد الأوسي رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
48 -
بابٌ صيَانَةِ الْعِلْمِ
588 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنِ الْحَسَنِ:" أَنَّهُ دَخَلَ السُّوقَ فَسَاوَمَ رَجُلاً بِثَوْبٍ فَقَالَ: هُوَ لَكَ بِكَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ غَيْرُكَ مَا أَعْطَيْتُهُ. فَقَالَ: فَعَلْتُمُوهَا. فَمَا رُئِيَ بَعْدَهَا مُشْتَرِياً مِنَ السُّوقِ وَلَا بَائِعاً، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عز وجل "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني، وعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، هو النهدي، هما ثقتان،
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (451/ 851)
(2)
رجاله ثقات.
(3)
سنده حسن.
وعَبْدِ الأَعْلَى، هو التَّيْمِيُّ، من أفراد الدارمي، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان فلابأس. عَنِ والْحَسَنُ، هو الإمام البصري.
الشرح:
هذا من صيانة العلم أن يبتذل في شيء من حطام الدنيا، وهي سيرة الأخيار من العلماء، الزهد في الدنيا، وعدم التطلع للعطايا والهبات، وعدم الرضا بالمجاملات المزرية بالعالم، وما أجمل قول أبي الحسن الجرجاني رحمه الله:
يقولون لي فيك انقباض وإنما
…
رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم
…
ومن أكرمته عزة النفس أكرما
ولم أقض حق العلم أن كان كلما
…
بدا طمع صيرته لي سلما
وما كل برق لاح لي يستفزني
…
ولا كل من في الأرض أرضاه منعما
إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى
…
ولكن نفسي الحر تحتمل الظما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي
…
لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة
…
إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
…
ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهان ودنسوا
…
محياه بالأطماع حتى تجهما
وكفى بها موعظة وصيانة للعلم وحامله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
589 -
(2) أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنْ حُسَامٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:"أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْتَرِي مِمَّنْ يَعْرِفُهُ "
(1)
.
رجال السند:
الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، هو أبو سهل البغدادي نزيل أنطاكية، إمام ثقة حافظ، وحُسَامٌ، هو ابن مصك الأزدي، أبو سهل البصري، من أفراد الدارمي، قال العجلي: ثقة صاحب سنة، وأَبو مَعْشَرٍ، هو زياد بن كليب التيمي الحنضلي، ثقة كان قليل الحديث،
(1)
فيه حسام بن مصك الأزدي، ضعيف يكاد يترك.
توفي في ولاية يوسف بن عمر على العراق، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
590 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ:" قَسَّمَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مَالاً فِي قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، حِينَ دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَعِنْ بِهَا فِي شَهْرِكَ هَذَا. فَرَدَّهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ مَعْقِلٍ، وَقَالَ: لَمْ نَقْرَإِ الْقُرْآنَ لِهَذَا "
(1)
.
رجال السند:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وعَبْدُ السَّلَامِ، ثقتان تقدما قريبا، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزَنِيِّ، هو كوفي ثقة روى له النسائي والترمذي، وعُبَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ، هو أبو الحسن المزني إمام ثقة روى له مسلم، ومُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هو ابن العوام، أخوا عبد الله، والى العراق لأخيه عبد الله بن الزبير، قتله عبد الملك بن مروان، وعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مَعْقِلٍ، هو أبو عاصم تابعي مقرئ مجود.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
591 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَفٍ، ثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ:" مَنْ أَرْباب الْعِلْمِ؟، قَالَ: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ. قَالَ: فَمَا يَنْفي الْعِلْمَ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ؟، قَالَ: الطَّمَعُ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَفٍ، وأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، هو الليثي، وعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، هو العمري، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
592 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" مَا أَوَى شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ حِلْمٍ إِلَى عِلْمٍ "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
رجاله ثقات.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (457/ 587).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وزَيْدٌ، هو أسلم وعَطَاءٍ، هو ابن يسار، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
593 -
(6) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَ عَاصِمٌ
(1)
الأَحْوَلُ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ:" زَيْنُ الْعِلْمِ حِلْمُ أَهْلِهِ "
(2)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وعَامِرُ الشَّعْبِي، هم أئمة ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
594 -
(7) أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ:" مَا حُمِلَ الْعِلْمُ فِي مِثْلِ جِرَابِ حِلْمٍ "
(3)
.
رجال السند:
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الدوقي، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ، هو ابن مهدي، هما إمامان
ثقتان تقدما، وزَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، ضعفه الجمهور، وحديثه عند مسلم مقرون، وسَلَمَةُ ابْنُ وَهْرَامٍ، يعتبر به في غير روايته عن زمه، ووثقه ابن معين، وطَاوُسٍ، تابعي إمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
595 -
(8) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه ابن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، جَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد إمام ثقة تقدم، وابْنُ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:" زَيْنُ الْعِلْمِ حِلْمُ أَهْلِهِ "
(4)
.
(1)
اختلفت النسخ في تسميته بين عاصم الأحول، وعامر الأحول، والأول ثقة والثاني صدوق يخطئ، رجح في (فتح المنان 3/ 380) أنه عامر.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (458/ 588).
(3)
فيه زمعة: ضعيف يحتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (459/ 589).
(4)
فيه محمد بن حميد الرازي: حافظ ضعيف يحتمل في مثل هذا، وانظر: ما تقدم.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي وثقه ابن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، جَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد إمام ثقة تقدم، وابْنُ شُبْرُمَةَ، هو عبد الله أبو شبرمة، إمام ثقة تقدم، والشَّعْبِيُّ، تابعي إمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
596 -
(9) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ:" إِنَّ الْحِكْمَةَ تَسْكُنُ الْقَلْبَ الْوَادِعَ السَّاكِنَ"
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، ثقة إمام تقدم، ومُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، هو أبو أبوب الكناني، قاضي صنعاء ونزبل الرقة، كذبه ابن معين، ولا أظنه كذلك، ويَعْلَى بْنُ مِقْسَمٍ، هو يماني وثقة ابن حبان، وهو من أفراد الدارمي، ليس له عنده إلا هذا، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
597 -
(10) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: " شِنْتُمُ
(2)
الْعِلْمَ وَأَذْهَبْتُمْ نُورَهُ، وَلَوْ أَدْرَكَنِي وَإِيَّاكُمْ عُمَرُ لأَوْجَعَنَا "
(3)
.
جال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، وعُبَيْدُ اللَّهِ، العمري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
598 -
(11) أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أُمَيٍّ الْمُرَادِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: " تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ، فَإِذَا عَلِمْتُمُوهُ فَاكْظِمُوا عَلَيْهِ، وَلَا تَشُوبُوهُ بِضَحِكٍ
(1)
فيه مطرف بن مازن الكناني: كذبه ابن معين، وسكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل (8/ 314) وشيخه يعلى سكت عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل 9/ 304).
(2)
اختلفت النسخ في هذه اللفظة (شنتم، أشنيتم، أشنتم، أشننتم) والأخيرة خطأ.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (462/ 592).
وَلَا بِلَعِبٍ فَتَمُجَّهُ الْقُلُوبُ "
(1)
.
رجال السند:
شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، هو أبو الصلت، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، وأُمَيٌّ، هو ابن ربيعة المرادي، هم ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه.
الشرح:
هذا حث على طلب العلم، وبيان لآداب من حمل علما أن يكظموا عليه، أي: يحرصون عليه من النسيان والتفلت، وأرشدهم إلى الوقار ونهاهم عن الضحك؛ لأنه ضد الوقار والهيبة، ولاسيما القهقهة ورفع الصوت بذلك يشين العلم ويزري بصاحبه، فتمجه قلوب السامعين، ولابأس بالتبسم فقد كان التبسم فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظر رقم 546.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
599 -
(12) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ عَلِيَّ ابْنِ حُسَيْنٍ قَالَ:" مَنْ ضَحِكَ ضَحْكَةً مَجَّ مَجَّةً مِنَ الْعِلْمِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي مختلف في توثيقه تقدم، جَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد ثقة تقدم، والْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، هو أبو الفضل الضبي إمام ثقة، روى له الستة، وعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، هو زين العابدين من ولد علي رضي الله عنه، إمام ثقة جليل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
600 -
(13) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لِكَعْبٍ: مَنْ أَرْباب الْعِلْمِ؟، قَالَ: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ. قَالَ: " فَمَا أَخْرَجَ الْعِلْمَ مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ؟، قَالَ: الطَّمَعُ "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (463/ 593).
(2)
محمد بن حميد الرازي: يحتمل في مثل هذا، لأنهم كانوا يكرهو القهقهة في الضحك، وكذلك رفع الصوت به، ويكتفون بالابتسام، وانظر: القطوف رقم (464/ 594).
(3)
فيه انقطاع بين سفيان وعمر رضي الله عنه، وانظر: رقم (583).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانَ، هو الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، ولِكَعْبٍ، هو كعب الأحبار إمام مخضرم ثقة تقدم، وانظر رقم 594.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
601 -
(14) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
(1)
بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: " كُنْتُ نَازِلاً عَلَى عَمْرِو بْنِ النُّعْمَانِ، فَأَتَاهُ رَسُولُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَضْرَةَ رَمَضَانَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: إِنَّ الأَمِيرَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَقَالَ: إِنَّا لَمْ نَدَعْ قَارِئاً شَرِيفاً إِلاَّ وَقَدْ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَّا مَعْرُوفٌ، فَاسْتَعِنْ بِهَذَيْنِ عَلَى نَفَقَةِ شَهْرِكَ هَذَا.
فَقَالَ: أَقْرِئِ الأَمِيرَ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَرَأْنَا الْقُرْآنَ نُرِيدُ بِهِ الدُّنْيَا وَدِرْهَمَهَا ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي تقدم قريبا، ومُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، هو أبو عبد الله الكوفي، إمام ثقة روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، هو المزني ثقة تقدم، وعُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ، هو المزني من أفراد الدارمي، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان، وأَبو إِيَاسٍ، هو معاوية بن قرة المزني ثقة عالم تقدم، وعَمْرُو بْنُ النُّعْمَانِ، هو ابن مقرن المزني، تابعي ء أهل البصرة، إمام ثقة، ومُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، إمام ثقة تقدم، انظر رقم 593.
الشرح:
في سنده عمر بن أيوب المزني، سكت عنه البخاري (التاريخ 6/ 142 - 143) وأبو حاتم (الجرح والتعديل 6/ 98) وذكره ابن حبان في الثقات 7/ 172) وانظر: رقم (582) وانظر: القطوف رقم (466/ 596).
وهذا وجميع ما تقدم من صيانة العلماء لأنفسهم وللعلم، وتواضعهم ورجاء ما عند الله عز وجل، وانظر ما تقدم برقم 591.
(1)
في الأصول الخطية (أحمد) وهو خطأ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
49 -
بابٌ السّنَّةُ قَاضيَةٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
602 -
(1) أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا مُعَاوِيَةُ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ ابْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ أَشْيَاءَ يَوْمَ خَيْبَرَ الْحِمَارَ وَغَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ:«لَيُوشِكُ بِالرَّجُلِ مُتَّكِئاً عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ فَهُوَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ»
(1)
.
رجال السند:
أَسَدُ بْنُ مُوسَى، هو المعروف بأسد السنة، إمام ثقة تقدم، ومُعَاوِيَةُ، هو ابن صالح صدوق له أوهام تقدم، والْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ، هو اللخمي، سكت عنه الإمامان وذكره ابن حبان في الثقات، فلابأس به تقدم، والْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيّ رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ أَشْيَاءَ يَوْمَ خَيْبَرَ الْحِمَارَ وَغَيْرَهُ» .
المراد ما روى أبو هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، والمجثمة: وهي المصبورة من الطير والأرانب وأشباههما، نهى أن تحبس وتتخذ هدفا فترمى، وسميت مجثمة؛ لأنها مما يجثم بالأرض إذا لزمتها ولبدت عليها، فإن حبسها إنسان قيل: جثمها فهي مجثمة أي محبوسة، فإن فعلت هي، قيل: جثمت فهي جاثمة، والحمار الإنسي» والخبر عند أحمد برقم (8789).
هذا مما حرمته السنة النبوية، زيادة على ما حرم الكتاب العزيز، قال الله عز وجل:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ}
(2)
، فأضافت السّنة كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ناب
(1)
فيه الحسن بن جابر اللخمي الكندي: مقبول. أخرجه أبو داود حديث (4604) والترمذي حديث (2664) وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وابن ماجة حديث (12) وصححه الألباني.
(2)
من الآية (3) من سورة المائدة.
من السباع، وحرمت الحمر الإهلية: جمع حمار، فهي رجس نجسة، اندرج ما حرم في الكتاب وما حرم بالسنة تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «
…
وحرم أشياء فلا تنتهكوها»
(1)
، فكل ما أحل فهو من الطيبات، قال الله عز وجل:{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}
(2)
، وكل ما حرم فهو من الخبائث، وما سُكت عنه فهو رحمة من الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء
فدعوه»
(3)
، وكان الصحابة رضي الله عنهم قد فهموا ذلك وكفوا عن السؤال إلا فيما لا بد منه، وكان يعجبهم أن يجيء الأعراب يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعون ويعون.
قوله: «لَيُوشِكُ بِالرَّجُلِ مُتَّكِئاً عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ
اللَّهِ».
هذا إخبار بما يؤيد صدقه صلى الله عليه وسلم وهو الصادق في كل ما أخبر به فقد ظهر القائلون بهذا من زمن بعيد، وهم اليوم يسمون القرآنيون، والقرآن بريء منهم.
قوله: «مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ» . المراد عدم الاعتراف بالسنة النبوية، وهذا من الضلال، وإن زعموا أنهم مسلمون وإن كانوا يصلون فمن أين عرفوا أعداد ركعات الصلاة المفروضة، والسنن قبلها وبعدها والنوافل كالتراويح وقيام الليل، ومن أعرفوا أوقات الصلاة المفروضة بداية ونهاية، أليس من تعليم جبريل عليه السلام، وبيان ذلك عمليا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أين عرفوا مقادير الزكاة في الأموال والثمار، وعروض التجارة وبهيمة الأنعام أليس من السنة، فالحمد لله على الهداية، والسلامة من الضلال.
قوله: «أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ فَهُوَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ» .
هذا تثبيت لما تحكم السنة بحله، كميتة الجراد والسمك، والكبد والطحال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحلت لكم ميتتان ودمان، فأما الميتتان، فالحوت والجراد، وأما الدمان،
(1)
المستدرك حديث (7114).
(2)
من الآية (4) من سورة المائدة.
(3)
مسلم حديث (1337).
فالكبد والطحال»
(1)
، أو بحرمته كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها «لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
603 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: " السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ الْقُرْآنُ بِقَاضٍ عَلَى السُّنَّةِ
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري ثقة له غرائب بعد أن أضر تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هو إبراهيم بن محمد، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِير، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
قوله: «السّنَّةُ قَاضيَةٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ» .
المراد أنها تفسره، وتبين مقاصده، ولا يمكن فهمه والعمل به إلا بالسنة الموضحة والمبينة له، ويعمل بما ورد فيها مما لم يرد في الكتاب العزيز، قال الله عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}
(4)
.
قوله: «وَلَيْسَ الْقُرْآنُ بِقَاضٍ عَلَى السُّنَّةِ» المراد أنه لا يفسرها، ولا يبين مقاصدها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
604 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ قَالَ:" كَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالسُّنَّةِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ "
(5)
.
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، إمام ثقة تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، إمام ثقة تقدم، عَنْ وحَسَّانُ، هو بن عطية المحاربي، إمام ثقة تقدم.
(1)
ابن ماجه حديث (3214).
(2)
البخاري حديث (5109).
(3)
فيه أبو إسحاق محمد بن عيينة الفزاري، مقبول، وانظر: القطوف رقم (467/ 598).
(4)
من الآية (44) من سورة النحل.
(5)
فيه محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي: صدوق كثير الغلط، ويؤيده حديث (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) أخرجه أبو داود وغيره من حديث المقدام بن معد يكرب الكندي، تقدم وليست فيه هذه العبارة، وانظر: القطوف رقم (468/ 599).
الشرح:
المراد أن السنة وحي ينزل به جبريل عليه السلام، فالسنة هي وحي من الله عز وجل كالقرآن الكريم، وأن مصدرها هو مصدره ومُنزلها هو الله جل جلاله مُنزله، قال الله عز وجل:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
(1)
، فالآيتان تدل صراحة على أنه كما ينزل عليه صلى الله عليه وسلم الوحي الجلي المتلو وهو القرآن الكريم، فكذلك كان ينزل عليه صلى الله عليه وسلم وحي آخر خفي غير متلو: كالقرآن هو السنة النبوية، وهي حجة كالقرآن، ما أحلته فهو حلال، وما حرمته فهو حرام، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
605 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: السُّنَّةُ سُنَّتَانِ: " سُنَّةٌ الأَخْذُ بِهَا فَرِيضَةٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَسُنَّةٌ الأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ، وَتَرْكُهَا إِلَى غَيْرِ حَرَجٍ"
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، والأَوْزَاعِيُّ، ومَكْحُولٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
السنة التي تركها هي المسك بالكتاب والسنة، وهو ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ»
(3)
.
أما السنة التي ترْكها ليس كفرا، فهي من الأعمال ما يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها
(1)
الآيتان (3، 4) من سورة النجم.
(2)
فيه محمد بن كثير الثقفي: صدوق كثير الغلط، ويحتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (469/ 600).
(3)
في إسناد عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة السلمي، مقبول. والخبر أخرجه الترمذي حديث (2676) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (4607) وابن ماجه حديث (43) وصححه الألباني عندهما.
منها النوافل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
606 -
(5) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى ابْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:" أَنَّهُ حَدَّثَ يَوْماً بِحَدِيثٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ: فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا يُخَالِفُ هَذَا!!. قَالَ: لَا أُرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتُعَرِّضُ فِيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْكَ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو أبو أيوب البصري، إمام ثقة تقدم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، إمام ثقة تقدم، ويَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، هو مكي إمام ثقة تقدم، وسَعِيدُ ابْنُ جُبَيْر، شهيد الحجاج رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
50 -
بابٌ تَأْوِيلِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
607 -
(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:" إِذَا حُدِّثْتُمْ بِالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْيَأُ، وَالَّذِي هُوَ أَهْدَى، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى"
(2)
.
رجال السند:
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو الخزاعي الصحيح أن حديثه لا يقل عن الحسن تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد إمام ثقة قيل: اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة تقدم، عَنْ عَوْنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هو الْهُذلِيّ ثقة تقدم، وابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
الشرح:
فيه الحث على نقل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على المعنى أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الداية للحق، أو التحذير من الباطل، وتحري ما هو أتقى وأنفع، والبعد عن المعارضة
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (470/ 601).
(2)
سنده حسن، أخرجه ابن ماجة المقدمة، حديث (19) وقال الألباني: ضعيف منقطع.
والنكير، والتأويل الفاسد، فإنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بما هو حق، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
(1)
، وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:«اكْتُبْ فَوَ الَّذِي نفسي بيده مَا خَرَجَ مِنْهُ إِلاَّ حَقٌّ»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
608 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً
(3)
فُظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى، وَالَّذِي هُوَ أَهْيَأُ "
(4)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، ومِسْعَرٌ، هو ابن كدام، وعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، أَبو الْبَخْتَرِيِّ، هو سعيد بن فيروز تابعي، وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، هو عبد الله بن حبيب، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَلِيُّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
609 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
(5)
[عَنْ صَالِحِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
فكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا حَدَّثَ قَالَ: " إِذَا سَمِعْتُمُونِي أُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَجِدُوهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ حَسَناً عِنْدَ النَّاسِ
(6)
، فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهِ "
(7)
.
(1)
الآيتان (3، 4) من سورة النجم.
(2)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (3646) وصححه الألباني.
(3)
سقطت من (ت، ف، ك، و) وفي (ر) إذا حدثتم شيئأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4)
رجاله ثقات، أخرجه ابن ماجة المقدمة، حديث (20) وصححه الألباني.
(5)
من هنا بداية السقط في (ت) وهو ثلاثة وأربعون حديثا، من حديث (602 - 644).
(6)
المراد أهل العلم منهم.
(7)
ت: سنده حسن.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وصَالِحُ بْنُ عُمَرَ، هو واسطي نزل حلوان، ثقة روى له مسلم، وعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، هو كوفي كان مرجئا، روى له الجماعة سوى البخاري، أثنى عليه أبو داود، أَبِوه، هو كليب ابن شهاب الجرمي، كوفي ثقة روى له الأربعة، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
في الحديث تحذير من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو هريرة إذا حدث قال هذا؛ لأن جمعا من الصحابة رضي الله عنهم أنكروا عليه كثرة روايته الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما لم يسمعه غيره، فكأنه رضي الله عنه تمسك برواية هذا الحديث ليرد على من زعم أنه يكثر الحديث، وفيه إشارة إلى التكذيب، ومن ذلك ما قال علقمة:" كنا جلوسا عند عائشة فدخل أبو هريرة فقالت: أنت الذي تحدث أن امرأة عذبت في هرة ربطتها إلخ؟ فقال: سمعته منه فقالت: هل تدري ما كانت المرأة إن المرأة مع ما فعلت كانت كافرة وإن المؤمن أكرم على الله أن يعذبه في هرة فإذا حدثت عن رسول الله فانظر كيف تحدث"
(1)
، والظاهر أن أم المؤمنين رضي الله عنها، وغيرها أكثروا الملاحظات على أبي هريرة رضي الله عنه، فكان إذا مر بالسوق قال: " أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو هريرة، أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار» .
فدعوا أبا هريرة يتبوأ مقعده من النار إن هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
. وقد توجس عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة الحديث خوفا من الغلط فيه، ولذلك هدد أبا هريرة وقال: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو: لألحقنك بأرض دوس
(3)
، فأراد أن يختبر حفظ أبي هريرة فقال أبو هريرة رضي الله عنه: بلغ عمر حديثي فأرسل إليّ فقال: " كنت معنا يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت فلان؟ " قلت: نعم، وقد علمت لِمَ تسألني عن ذلك؟،
(1)
فيض القدير 3/ 523.
(2)
الكامل في ضعفاء الرجال 1/ 96.
(3)
البداية والنهاية 8/ 115.
قال: ولِمَ سألتك؟، قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده ن النار» قال: أمّا إذًا فاذهب فحدث
(1)
.
فكان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يحدث ابتدأ بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق: «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده ن النار»
(2)
. أما قول ابن عباس رضي الله عنهما فالمراد بيان ثقته بصحة ما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لا يؤتى من قبله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
610 -
(4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:" أَزْهَدُ النَّاسِ فِي عَالِمٍ أَهْلُهُ "
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ، هو الأصبهاني، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وسُلَيْمَانُ الأَحْوَلِ، هو ابن أبي مسلم مكي إمام ثقة، روى له الستة، وهو خال ابن أبي نجيح، عِكْرِمَةَ، مولى ابن عباس إمام ثقة.
الشرح:
المراد أنهم لا يستفيدون من علمه، ولا يحرصون على أن يكونوا علماء مثله، فإذا كان هذا في زمان عكرمة، ففي زماننا ابتعد الكثيرون عن عالِمهم، ولازمه الغرباء وابتعد عنه أقرب الأقرباء، وكم ضاع من مكتبات العلماء بسبب جهل الوارثين، باعوها بأبخس الأثمان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
51 -
بابٌ مذَاكرَةِ الْعِلْمِ:
611 -
(1) أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، وَأَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: " تَذَاكَرُوا، فَإِنَّ الْحَدِيثَ يُهَيِّجُ
(4)
(1)
البداية والنهاية 8/ 115.
(2)
البداية والنهاية 8/ 115.
(3)
سنده حسن، وحقه أن يكون في باب صيانة العلم، لأن من صيانته تقدير حملته والعاملين به.
(4)
أي يثيره فتجر المسألة المسألة، فيحصل الاستذكار، وتثبت المعلومات في الذهن.
الْحَدِيثَ"
(1)
.
رجال السند:
أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا شُعْبَةُ، والْجُرَيْرِيُّ، وَأَبو مَسْلَمَةَ، وأَبو نَضْرَةَ، هو المنذر، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
الشرج:
هذا حث على مدارسة العلم؛ لأن المذاكرة تثبت العلم وتجلب المزيد منه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
612 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:" تَذَاكَرُوا، فَإِنَّ الْحَدِيثَ يُهَيِّجُ الْحَدِيثَ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر ابن إياس، وأَبو نَضْرَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
613 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، عَنْ أبي معاوية، عن الأعمش، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ
(3)
.
وَفِيهِ كَلَامٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا
(4)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ، هو إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، لابأس به تقدم، أبو معاوية، هو محمد بن خازم، والأعمشُ، وأَبو بِشْرٍ، أَبو نَضْرَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيد رضي الله عنه.
قوله: وَابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
(5)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (473/ 707).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(3)
رجاله ثقات.
(4)
زاد في نسخة (ر) يعني: عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.
(5)
رجاله ثقات.
وَأَبِي سَلَمَة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وهو موصول بالسابق، أي: وأخبرنا أبو معمر عن ابن علية به.
وقوله: وأبي سلمة، أي: وابن علية عن أبي سلمة عن أبي تضرة به، وانظر رقم 617.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
614 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي طَاوُسٌ:
" اذْهَبْ بِنَا نُجَالِسِ النَّاسَ"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَمْرُو، هو ابن دينار، وطَاوُسٌ، هو ابن كيسان، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
615 -
(5) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:" تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَنْفَلِتْ مِنْكُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ الْقُرْآنِ مَجْمُوعٌ مَحْفُوظٌ، وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ يَنْفَلِتْ مِنْكُمْ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ حَدَّثْتُ أَمْسِ فَلَا أُحَدِّثُ الْيَوْمَ، بَلْ حَدِّثْ أَمْسِ وَلْتُحَدِّثِ الْيَوْمَ وَلْتُحَدِّثْ غَداً "
(2)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو إمام ثقة تقم، ويَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ، لابأس به، وجَعْفَرُ ابْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، لابأس به، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، شهيد الحجاج، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه.
الشرح: انظر رقم 617، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
616 -
(6) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا مِنْدَلُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةَ قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، ومراده العلماء منهم، لتحصل لهم مذاكرة العلم.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (477/ 611).
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " رُدُّوا
(1)
الْحَدِيثَ وَاسْتَذْكِرُوهُ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ تَذْكُرُوهُ ذَهَبَ، وَلَا يَقُولَنَّ رَجُلٌ لِحَدِيثٍ قَدْ حَدَّثَهُ قَدْ حَدَّثْتُهُ مَرَّةً، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ سَمِعَهُ يَزْدَادُ بِهِ عِلْماً، وَيَسْمَعُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ "
(2)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، إمام ثقة تقدم، ومِنْدَلُ، بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ يكتب حديثه في الترغيب والترهيب تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةَ، لابأس به تقدم، قَالَ: وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
617 -
(7) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ:" تَذَاكَرُوا، فَإِنَّ إِحْيَاءَ الْحَدِيثِ مُذَاكَرَتُهُ "
(3)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وأَبُو عَوَانَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ضعيف يحتمل في هذا ونحوه، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، تابعي ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
618 -
(8) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:" تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ ذِكْرَهُ حَيَاتُهُ "
(4)
.
رجال السند:
قَبِيصَةُ، هو ابن عقبة بن محمد السوائي، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَا: سُفْيَانُ والأَعْمَشُ، وإِبْرَاهِيمُ، وعَلْقَمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
في طبعة فتح المنان (رددوا) وليست في الأصول، والمعنى واحد، أي كرروا الحديث ولا تملوا ذلك.
(2)
فيه مندل بن علي العنزي: ضعيف، ويقويه ما تقدم.
(3)
فيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي، ضعيف، يقويه ما سبق، وانظر: القطوف رقم (479/ 613).
(4)
رجاله ثقات، قبيصة صدوق مقرون بالفريابي وهو ثقة، وانظر: القطوف رقم (480/ 614).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
619 -
(9) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:" كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يُحَدِّثُ الأَعْرَابَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، هو الجوهري ثقة، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وزِيَادُ بْنُ سَعْد، هو الخراساني ثبت في الزهري، كان من أصحابه عالما بحديثه، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
620 -
(10) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ:"كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ يَجْمَعُ صِبْيَانَ الْكُتَّابِ يُحَدِّثُهُمْ يَتَحَفَّظُ بِذَاكَ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، هو ابن غزوان، صدوق رمي بالتشيع، والأَعْمَشُ، هو سليمان إمام ثقة تقدم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، هو ابن ربيعة الزبيدي من أقران الأعمش، ثقة لا حجة للأزدي في قدحه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
621 -
(11) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" حَدِّثْ حَدِيثَكَ مَنْ يَشْتَهِيهِ وَمَنْ لَا يَشْتَهِيهِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ عِنْدَكَ كَأَنَّهُ إِمَامٌ تَقْرَؤُهُ "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَبو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَرِيِّ، هو سلمة ابن تمام الكوفي، ليس بالقوي روى له النسائي، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي،
(1)
لم يتبين لي أي المحمدين: الجوهري وهو الأقدم، أو المصيصي، والأول فيه لين ولا يضر في مثل هذا، والثاني ثقة.
(2)
سنده حسن، وفيه فائدتان: التربية والاستذكار، وانظر: القطوف رقم (482/ 616).
(3)
سنده حسن، أي من قوة حفظه، كأنه كتاب يقرأه، وانظر: القطوف رقم (483/ 617).
هم ثقات تقدموا.
الشرح:
الإكثار من الحديث؛ لأنه يزيد قوة الحفظ حتى يكون المحدث كأنه يقرأ من كتاب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
622 -
(12) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" إِذَا سَمِعْتُمْ مِنَّا حَدِيثاً فَتَذَاكَرُوهُ بَيْنَكُمْ "
(1)
.
أَبُو مَعْمَرٍ، هو إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ليس به بأس تقدم، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني، وعَبْد السَّلَامِ، هو ابن حرب النهدي، هما إمامان ثقتان تقدما، وحَجَّاجٍ، هو ابن أرطاة فقيه مفتي يدلس ويرسل، صدوق في غير التدليس والإرسال تقدم، عَطَاءٍ، هو أبن أبي راح إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
623 -
(13) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، أَنَا يُونُسُ قَالَ:" كُنَّا نَأْتِي الْحَسَنَ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ تَذَاكَرْنَا بَيْنَنَا "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ، تقدم آنفا، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ويُونُسُ، هو ابن أبي إسحاق، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
624 -
(14) أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حُنَيْنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَرْوِيَ حَدِيثاً فَلْيُرَدِّدْهُ ثَلَاثاً "
(3)
.
(1)
سنده حسن، ولا يؤثر فيه وصف حجاج بكثرة الخطأ، وانظر: القطوف رقم (484/ 618).
(2)
رجاله ثقات.
(3)
فيه عمرو بن الحارث: مقبول، وانظر: القطوف رقم (486/ 620).
رجال السند:
صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، هو المروزي، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، هو أبو محمد الفهري، مدون كبير إمام ثقة تقدم، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري أبو أيوب مفتي الديار المصرية، إمام ثقة جليل، وحُنَيْنِ ابْنِ أَبِي حَكِيمٍ، هو الأموي روى له أبو داود والنسائي، نَافِعٍ، مولى ابن عمر، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
625 -
(15) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ:" إِحْيَاءُ الْحَدِيثِ مُذَاكَرَتُهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، كَمْ مِنْ حَدِيثٍ أَحْيَيْتَهُ فِي صَدْرِي كَانَ قَدْ مَاتَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، هو ابن غزوان، هما ثقتان تقدما، يَزِيدُ، هو ابن أبي زياد ضعيف يقبل في هذا ونحوه، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
626 -
(16) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْعُكْلِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ، وَمُغِيرَةُ إِذَا صَلَّوُا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ جَلَسُوا فِي الْفِقْه، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ إِلاَّ أَذَانُ الصُّبْحِ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، تقدما آنفا، وأَبِوه، هو الفضيل ابن غزوان إمام ثقة تقدم، والْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْعُكْلِيُّ، هو كوفي فقيه ثقة روى له الشيخان، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، وَالْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ، هو الضبي من أصحاب إبراهيم، لم يروله الدارمي، وليس له في الستة رواية، وَمُغِيرَةُ، هو ابن مقسم إمام ثقة تقدم.
(1)
فيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي: ضعيف، ويحتمل في مثل هذا.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (488/ 622).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
627 -
(17) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ شَرِيكاً ذَكَرَ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ قَالَ:" عَنِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ: لَابأس بِالسَّمَرِ فِي الْفِقْهِ "
(1)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، إمام ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو بن عبد الله النخعي، صدوق كثير الغلط بعد التغير تقدم، لَيْثٍ، هو ابن أبي سليم يقبل في هذا ونحوه، وعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، هم ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
628 -
(18)[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلَامِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " لَابأس بِالسَّمَرِ في الْفِقْهِ "]
(2)
،
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وعَبْدُ السَّلَامِ ولَيْثٍ ومُجَاهِدٍ، ليث ضعيف، والباقون ثقات تقدموا قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
629 -
(19) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا حَفْصٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: تَدَارُسُ الْعِلْمِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ إِحْيَائِهَا
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني، وحَفْصٌ، هو ابن غياث، وابْنُ جُرَيْجٍ، عبد الملك، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
630 -
(20) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ هُشَيْمٍ، أنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " كُنَّا نَأْتِي جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ تَذَاكَرْنَا، فَكَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ
(1)
سنده حسن، ليث محتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (489/ 623).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ت).
(3)
أنظر: سابقه.
(4)
رجاله ثقات، فيه انقطاع بين ابن جريج وابن عباس رضي الله عنه، وانظر: القطوف رقم (491/ 625).
أَحْفَظَنَا لِحَدِيثِهِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو مَعْمَرٍ، هو إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ليس به بأس تقدم، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن نجيح البغدادي، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، هم أئمة ثقات تقدموا، وحَجَّاجٌ، هو ابن أرطاة ضعيف، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح إمام ثقة تقدم، وجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، وأَبُو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم بن تدرس راوية جابر رضي الله عنه، ثقة مشهور بالتدليس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
631 -
(21) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: " تَذَاكَرَ ابْنُ شِهَابٍ لَيْلَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ حَدِيثاً وَهُوَ جَالِسٌ فَتَوَضَّأَ - قَالَ -: فَمَا زَالَ ذَلِكَ مَجْلِسَهُ حَتَّى أَصْبَحَ ".
قَالَ مَرْوَانُ: جَعَلَ يَتَذَاكَرُ الْحَدِيثَ
(2)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
632 -
(22) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: " كُنْتُ إِذَا لَقِيتُ
(3)
عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَكَأَنَّمَا أُفَجِّرُ بِهِ بَحْراً "
(4)
.
رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، إمام ثقة، وابْنُ إِدْرِيسَ، هو عبد الله إمام قدوة ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو المطلبي صدوق، والزُّهْرِيُّ، ابن شهاب إمام تقدم كثيرا، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن عتبة إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
633 -
(23) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
(1)
فيه الحجاج بن أرطاة: يحتمل في مثل هذا، وانظر: القطوف رقم (492/ 626).
(2)
رجاله ثقات.
(3)
في بعض النسخ الخطية" سألت".
(4)
سنده حسن، وقوله:(أفجر به بحرا) يعني من العلم، وانظر: القطوف رقم (494/ 628).
" كَانَ الْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَأَصْحَابُهُ يَتَجَالَسُونَ بِاللَّيْلِ وَيَذْكُرُونَ الْفِقْهَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي متكلم فيه ووثقه ابن معين، جَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد إمام ثقة تقدم، وعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن موهب أبو عبد الله تابعي إمام ثقة، والْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، هو ابْنُ يَزِيدَ كوفي فقيه ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
634 -
(24) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:" تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ حَيَاتَهُ مُذَاكَرَتُهُ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وأبو إِسْرَائِيلُ، هو إسماعيل خليفة العبسي ضعيف، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، صدوق اختلط تقدم، وأَبوه، السائب بن مالك أو يزيد ثقة، وأَبو الأَحْوَصِ، هو عوف بن مالك الأشجعي، إمام ثقة، والرواية عنه من غير شك، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
635 -
(25) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ حِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ: " هَلْ تَجَالَسُونَ؟، قَالُوا: لَيْسَ نُتْرَكُ ذَاكَ. قَالَ: فَهَلْ تَزَاوَرُونَ؟، قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ الرَّجُلَ مِنَّا لَيَفْقِدُ أَخَاهُ فَيَمْشِي فِي طَلَبِهِ إِلَى أَقْصَى الْكُوفَةِ حَتَّى يَلْقَاهُ. قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، والْمَسْعُودِيُّ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة
ابن عبد الله بن مسعود ثقة تغير، وعَوْنٌ، هو ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْن عتبَة بْن مَسْعُود الْهُذلِيّ
(1)
فيه محمد بن حميد الرازي: يحتمل في مثل هذا.
(2)
فيه أبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة العبسي: في مثل هذا لا يضر كونه سيئ الحفظ، وانظر: القطوف رقم (496/ 630).
(3)
سنده حسن.
وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
قول: «هَلْ تَجَالَسُونَ؟، قَالُوا: لَيْسَ نُتْرَكُ ذَاكَ» هذا حرص من ابن مسعود رضي الله عنه على المجالسة، والمراد مذاكرة العلم ومدارسة مسائله، على نحو ما اقدم من الحث على تعلم العلم ومجالسة العلماء.
قول: «قَالَ: فَهَلْ تَزَاوَرُونَ؟، قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ الرَّجُلَ مِنَّا لَيَفْقِدُ أَخَاهُ فَيَمْشِي فِي طَلَبِهِ إِلَى أَقْصَى الْكُوفَةِ حَتَّى يَلْقَاهُ» هذا حث على التزاور لغرضين: الصلة والمودة في الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا»
(1)
، وإن كان المزور ذا رحم فالزيارة آكد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»
(2)
.
والغرض الثاني طلب العلم ومدارسته، وهذا مقصد نبيل، وسعي مشكور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات، ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»
(3)
.
قول: «قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ» .
هذه وصية من ابن مسعود رضي الله عنه بالحرص على ذلك، وبشارة بأن مآلهم إلى خير ما داوموا على ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
636 -
(26) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:
(1)
الترمذي حديث (2008).
(2)
مسلم حديث (2555).
(3)
أبو داود حديث (3641).
" آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَتَرْكُ الْمُذَاكَرَةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو ابن يعلى أبو عبد الله القلانسي، إمام ثقة روى له الستة، والْوَلِيدُ، هو ابن العباس القرشي الفقيه مولى بني أمية ثقة، الأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما كثيرا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
637 -
(27) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ:" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: آفَةُ الْحَدِيثِ النِّسْيَانُ "
(2)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي، أبو عبد الله العمري، إمام ثقة تقدم، وأَبُو عُمَيْسٍ، هو عتبة بن عبد الله بن عتبة المسعودي، ثقة تقدم، والْقَاسِمُ، هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، تابعي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
638 -
(28) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ حَكِيمِ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ:" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةً، وَآفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وطَارِقٌ، هو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البجلي لابأس به تقدم، وحَكِيمُ بْنُ جَابِرٍ، هو الأحمسي كوفي تابعي ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
639 -
(29) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «آفَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ، وَإِضَاعَتُهُ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (498/ 632).
(2)
سنده حسن.
(3)
سنده حسن.
غَيْرَ أَهْلِهِ»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، والأَعْمَشُ، هو سليمان بن مهران، هم أئمة ثقات، والسند معضل، والمعنى صحيح، ولم أقف عليه مرفوعا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
640 -
(30) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا أَبُو حَمْزَةَ التَّمَّارُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" غَائِلَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ "
(2)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا أَبُو حَمْزَةَ التَّمَّارُ، ضعيف قال أبو حاتم: سأل الحسن حديثا واحدا، والْحَسَنُ، هو البصري.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
641 -
(31) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ:" قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ وَتَزَاوَرُوا، فَإِنَّكُمْ إِنْ لَا تَفْعَلُوا يُدْرَسْ "
(3)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ثقة تقدم، وكَهْمَسٌ، هو ابْنُ الْحَسَنِ القيسي ثقة تقدم، وبْنُ بُرَيْدَةَ، هو عبد الله الأسلمي ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
642 -
(32) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: " قَالَ الزُّهْرِيُّ: كُنْتُ أَحْسَبُ بِأَنِّي أَصَبْتُ مِنَ الْعِلْمِ، فَجَالَسْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَكَأَنِّي كُنْتُ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ "
(4)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (501/ 635).
(2)
فيه أبو حمزة التمار الثمالي: ضعيف، يقويه ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (502/ 636).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (503/ 637).
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (504/ 639).
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو النيسابوري، وسُفْيَانُ، هو ابن عييتة، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، من فقهاء المدينة السبعة إمام ثقة تقدم.
والفقهاء السبعة هم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة ابن زيد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف، وسليمان بن يسار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
52 -
بابٌ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ
643 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ:" قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ جَمَعْتَ النَّاسَ عَلَى شَيْءٍ. فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا. قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الآفَاقِ وَإِلَى الأَمْصَارِ: لِيَقْضِ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فُقَهَاؤُهُمْ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حُمَيْدٌ، هو ابن هلال، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
الاختلاف المؤدي إلى الفرقة والشقاق نهى عنه الله عز وجل في كتابه العزيز قال عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
(2)
، وجه الله عز وجل المؤمنين إلى التمسك بالقرآن وهو حبل الله الذي أقام به شريعة الإسلام، فالتمسك بشريعة الإسلام والاجتماع عليها، يمنع الوقوع في الفرقة والشقاق، فنهى عن ذلك لخطورته على الإيمان قال الله عز وجل:{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}
(3)
، فأرى والله أعلم أن المراد بالكتاب القرآن الكريم، وأن الذين اختلفوا فيه هم المسلمون الذين آمنوا بأنه كلام الله عز وجل منزل من عند الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالفهم اليهود والنصارى الذين كتموا ما
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (505/ 639).
(2)
من الآية (103) من سورة آل عمران.
(3)
من الآية (176) من سورة البقرة.
يؤكد ذلك ويصدقه في كتابهم التوراة والإنجيل، فالفريقان في خلاف بعيدٌ أمده لا يلتقيان إلى يوم القيامة؛ لأنه خلاف على الإيمان وأجاز بعض العلماء أن يراد بالكتاب التوراة والإنجيل، والذين اختلفوا فيه اليهود والنصارى، وأجازوا أيضا أن يراد به القرآن، والذين اختلفوا فيه هم مشركوا العرب اختلفوا في وصفه بأنه شعر أو سحر وغير ذلك، فهدى الله المؤمنين إلى الحق، قال تعالى:{فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)}
(1)
، وهذا أمر جرى به القلم، وقد علم الله عز وجل مسبقا أهل الهداية، وعلم كذلك أهل الضلال، وكل ميسر لما خلق له، فالهداية بيده وحده لا شريك له، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ولخطورة الخلاف في الثوابت الشرعية توعد الله عز وجل المخالفين فوجه نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك الوعيد فقال: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
(2)
، بين أنه القادر على أن يرسل عليهم بعض ما عنده من العذاب؛ فيرسل عليهم عذابا من السماء، أو يبعثه من الأرض من تحت أرجلهم، أو يجعلهم طوائف وأحزابا، والفرقة وشتات الأمر نوع من العذاب، أو يقتل بعضهم بعضا، وانغماس المكذبين في الضلال، وبعدهم عن الهدى قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}
(3)
، المراد عموم من خالفوا في الدين الحق، ووصفهم بالشيَع؛ لأن كل طائفة منهم لها فرق واختلافات، ففي الآية حض لأمة محمد صلى الله عليه وسلم على الائتلاف وعدم الاختلاف، وقوله:{لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} لست على منهجهم أنت على هدى، وليسوا منك، هم أهل البدع، وأهل الشبهات، وأهل الضلالة من هذه الأمة، والحكم فيهم إلى الله عز وجل يوم القيامة، ومن تأمل ما عليه الرافضة اليوم من الاختلافات فيما يزعمون أنه
(1)
من الآية (213) من سورة البقرة.
(2)
من الآية (65) من سورة الأنعام.
(3)
من الآية (65) من سورة الأنعام.
الدين يعلم بالضرورة دخولهم في الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وصدق عليهم قول الله عز وجل:{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} الآية (32) من سورة الروم.
وقد نهى الله عز وجل عن الخلاف في مواجهة العدو فقال جل جلاله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ اللَّهَ} من الآية (46) من سورة الأنفال، فهذا الخلاف محرم في الإسلام.
أما الخلاف الذي استحبه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله فهو الخلاف الناتج عن الاجتهاد في فهم المسائل العلمية، وليس المراد منه الشقاق وتفريق الأمة، ومن هذا النوع ما حدث بين الصحابة رضي الله عنهم، وما وقع بين التابعين، وكذلك من بعدهم، وما حدث بين الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن جاء بعدهم، لهذا رأى عمر رحمه الله أن هذا النوع من الخلاف فيه رحمة بالأمة، ولذلك كتب إلى الأمصار" ليقض كل قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم" وهذا من فقهه رحمه الله، وقد كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابه " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " بين أسباب اختلافهم في فهم المسائل، وأن لكل واحد منهم وجهة نظر فيما فهم وبين مستنده في ذلك، ومعلوم أن مدار الخلاف بين العلماء هو في الفروع، ولا خلاف بينهم في الأصول.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
…
644 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " مَا
أُحِبُّ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَخْتَلِفُوا، فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ فَتَرَكَهُ رَجُلٌ تَرَكَ السُّنَّةَ، وَلَوِ اخْتَلَفُوا فَأَخَذَ رَجُلٌ بِقَوْلِ أَحَدٍ أَخَذَ بِالسُّنَّةِ "
(1)
.
رجال السند: يَزِيدُ، هو ابن هارون، والْمَسْعُودِيُ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ابن عبد الله بن مسعود ثقة تغير، وعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هم ثقات تقدموا.
(1)
سنده حسن، و أخرجه الخطيب من رواية عون بن عبد الله قال: قال لي عمر يعني ابن عبد العزيز (الفقيه والمتفقه 2/ 59 - 60).
الشرح: هذا يفيد أن كل مجتهد مصيب فللعامي أن يعمل بما ذهب إليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
645 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَسَنٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ:" رُبَّمَا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ الرَّأْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وحَسَنٌ، هو ابن صالح، هما ثقتان تقدما، ولَيْثٌ، ضُعّف، وطَاوُسٌ، تابعي إمام، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنه اجتهد ثم تبين له أنه أخطأ، وقد كان يرى جواز الصرف مدة، فكان يقول: إنما الربا في النسيئة فلقيه أبو سعيد الخدري فقال له: يا ابن عباس ألا تتقي الله؟ إلى متى توكل الناس الربا؟ أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو عند زوجته أم سلمة: إني «لأشتهي تمر عجوة» فبعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار، فجاء بدل صاعين صاع من تمر عجوة، فقامت فقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه أعجبه، فتناول تمرة، ثم أمسك، فقال:«من أين لكم هذا؟» فقالت أم سلمة: بعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار، فأتانا بدل صاعين هذا الصاع الواحد، وها هو كل، فألقى التمرة بين يديه فقال:«ردوه لا حاجة لي فيه التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة، يدا بيد، عينا بعين، مثلا بمثل، فمن زاد فهو ربا» ثم قال: «كذلك ما يكال ويوزن أيضا» فقال ابن عباس: جزاك الله يا أبا سعيد الجنة، فإنك ذكرتني أمرا كنت نسيته أستغفر الله
(1)
فيه ليث صدوق اختلط جدا. وقوله (ثم تركه) المراد الرجوع عن الخطأ، من ذلك قوله في الصرف والمتعة، وهذا هو المال في العلم والفقه، فالحق ضالة المؤمن، وهو مسلك الصحابة والتابعين ومن تبعهم. انظر (فتح المنان 3/ 431 - 432).
وأتوب إليه.
فكان ينهى عنه بعد ذلك أشد النهي
(1)
.
وكذلك غيره من الصحابة رضي الله عنهم، منهم، وقد ألف في الخلاف " الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف ".
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
646 -
(4) أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: " قَالَ لِي عُثْمَانُ ابْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه: إِنَّ عُمَرَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ لِي: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ فِي الْجَدِّ
(2)
رَأْياً، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَتَّبِعُوهُ فَاتَّبِعُوهُ. قَالَ عُثْمَانُ: إِنْ نَتَّبِعْ رَأْيَكَ فَإِنَّهُ رُشْدٌ، وَإِنْ نَتَّبِعْ رَأْىَ الشَّيْخِ قَبْلَكَ فَنِعْمَ ذُو الرَّأْىي كَانَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَجْعَلُهُ أَباً "
(3)
.
رجال السند:
الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، وحَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وعُرْوَةُ هو ابن الزبير، ومَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، هو ابن أبي العاص الأموي أبو عبد الملك، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومروان ابن ثماني سنين، ولم يزل مروان مع أبيه بالمدينة حتى مات أبوه في خلافة عثمان، ثم لازم عثمان وكان كاتبه فلما قتل عثمان خرج إلى البصرة مع الزبير وطلحة، ثم رجع إلى المدينة وبقي بها حتى ولي معاوية الخلافة فولاه سنة 42 هـ المدينة، ثم عزله وولي سعيدا، ثم عزل سعيدا وولاه ثانية، ثم عزله وبقي بالمدينة حتى أخرجه أهل المدينة في زمن يزيد بن معاوية سنة 63 هـ، ولما مات معاوية بن يزيد بايعه بنو أمية وبعض أهل الشام، ثم قاتل بمن بايعه بقية أجناد الشام، ثم أخذ مصر من ولاية ابن الزبير، ومات قبل أن يتم له الأمر.
(1)
المستدرك حديث (2282).
(2)
أب الأب، والمراد مسألة ميراثه من ابن ابنه.
(3)
مروان بن الحكم هو الخليفة: قال عنه هشام: سمعت مروان ولا إخاله يتهم علينا (العلل لأحمد 2/ 160)، وانظر: القطوف رقم (508/ 642).
وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة
(1)
، وعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا النص يؤيد ما تقدم برقم 638، وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في ميراث الجد وكان لأبي بكر رضي الله عنه رأي، ولعمر رضي الله عنهم أقوال، ومظنة القول في هذا كتاب الفرائض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
53 -
بابٌ في الْعَرْضِ
(2)
647 -
(1) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثَنَا عَاصِمٌ، الأَحْوَلُ قَالَ:"عَرَضْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ أَحَادِيثَ الْفِقْهِ فَأَجَازَهَا لِي "
(3)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، هو إمام ثقة تقدم، ومَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، هو الفزاري قيل: إنه يدلس بالتسوية، إمام ثقة تقدم، وعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، هو ابن سليمان إمام ثقة تقدم، والشَّعْبِيُّ، هو عامر تابعي إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
648 -
(2) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِسِهَامٍ: «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا» قَالَ: نَعَمْ
(4)
.
رجال السند: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، تقدم آنفا، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
(1)
الطبقات الكبرى 5/ 35.
(2)
المراد القراءة على الشيخ، وبين القراءة والعرض عموم وخصوص، ولذلك غاير بينهما البخاري (ص 18) كتاب العلم، باب (6).
(3)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (509/ 643).
(4)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (451) ومسلم حديث (2614) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1679).
الشرح:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل أن يمسك نصال السهام، وهي جمع نصل، حتى لا يجرح بها أحدا دون قصد، والنهي عام في كل آلة حادة فيشمل نَصْلَ السهم والسيفِ والسكِّين والرَمحِ. والجمع نُصولٌ ونِصالٌ، وفي هذا حرص على عدم أذى الآخرين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
649 -
(3) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: " أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ "
(1)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وسُفْيَانُ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، هو ابن محمد بن أبي بكر، إمام ثقة فقيه، وأَبوه، القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
650 -
(4) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: " كَتَبَ إِلَيَّ مَنْصُورٌ بِحَدِيثٍ، فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ: أُحَدِّثُ بِهِ عَنْكَ؟، قَالَ:]
(2)
أَوَلَيْسَ إِذَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ؟ قَالَ
(3)
: وَسَأَلْتُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيَّ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ "
(4)
.
رجال السند: الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي شعيب الحراني، إمام ثقة حافظ، ومِسْكِينُ ابْنُ بُكَيْرٍ، أبو عبد الرحمن الحذاء الحراني صدوق، وشُعْبَةُ، هو الحجاج إمام ثقة تقدم، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر إمام ثقة تقدم، وأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، إمام ثقة تقدم.
(1)
سنده حسن، ومن طريق أخرى عن عائشة أخرجه البخاري (1928) ومسلم حديث (1106) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 675).
(2)
نهاية السقط في (ت).
(3)
القائل شعبة.
(4)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (510/ 646).
الشرح: فيه اعتبار الكتابة بالحديث كالمشافهة به.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
651 -
(5) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: " عَرَضْتُ
(1)
عَلَيْهِ كِتَاباً فَقُلْتُ: أَرْوِيهِ عَنْكَ؟ قَالَ: وَمَنْ حَدَّثَكَ بِهِ غَيْرِي؟ "
(2)
.
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، هو أبو يحيى، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومَعْمَرٍ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
652 -
(6) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ - مَوْلَى الْمُزَنِيِّينَ- ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" عَرْضُ الْكِتَابِ والخبر سَوَاءٌ "
(3)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، إمام ثقة تقدم، ودَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ، مَوْلَى الْمُزَنِيِّينَ، وقيل: مولى الزبير، ضعيف لم يرو عنه الدارمي سوى هذه الآثار الثلاثة على التوالي، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، إمام ثقة تقدم، وأَبوه، عروة بن الزبير، أحد الفقهاء السبعة إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد بالكتاب القرآن، والخبر السنة النبوية عرضهما من قبل طالب العلم على العالم بهما سواء في الاعتبار بذلك.
(1)
المراد عرض القراءة.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (511/ 647).
(3)
فيه داود بن عطاء المزني: ضعيف. يقويه ما روي عن مالك رقم (651) والمراد أن القراءة على الشيخ مثل السماع منه، وانظر: القطوف رقم (512/ 649).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
653 -
(7) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" عَرْضُ الْكِتَابِ والخبر سَوَاءٌ "
(1)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثقة تقدم، ودَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ، ضعيف تقدم قريبا، وجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الصادق، وأَبوه، هو محمد بن علي الباقر، هما إمامان ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
654 -
(8) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ:" كَانَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ يَرَى عَرْضَ الْكِتَابِ والخبر سَوَاءً، وَكَانَ ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ يَرَى ذَلِكَ "
(2)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ودَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ، تقدما آنفا، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هو مولى عمر، ثقة إمام تقدم، وابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، هو محمد بن عبدالرحمن إمام ثقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
655 -
(9) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ، ثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْعَرْضَ والخبر سَوَاءً
(3)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ، هو المتقدم آنفا، ومُطَرِّفٌ، هو بْنُ عبد الله اليساري، أبو مصعب وهو ابن أخت الإمام مالك، ثقة روى له البخاري، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، إمام دار الهجرة رحمه الله.
(1)
أنظر سابقه.
(2)
أنظر سابقه.
(3)
سنده حسن.
الشرح: أنظر رقم 646، 647، 648.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
54 -
بابٌ الرَّجُلُ يُفْتِي بِشَيْءٍ ثُمَّ يَبْلُغُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَرْجِعُ
656 -
(1) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ: يَقُومُ عَنْ يَسَارِهِ
(1)
. فَحَدَّثْتُهُ عَنْ سُمَيْعٍ الزَّيَّاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ. فَأَخَذَ بِهِ "
(2)
.
رجال السند:
قَبِيصَةُ، وسُفْيَانُ، والأَعْمَشُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسُمَيْعٍ الزَّيَّاتِ، أبو صالح الهاشمي، ثقة من أفراد الدارمي، لم يرو عنه غيره.
الشرح:
المراد موقف المأموم من الإمام إذا كان منفردا، فإنه يقف عن يمين الإمام، إلا إذا تأكد للإمام أنه سيأتي آخر يدرك تكبيرة الإحرام فإنه يقوم خلف الإمام فبإتيان الثاني يكونان خلف الإمام، أما رجوع إبراهيم النخعي رحمه الله عن القول بأن المأموم المنفرد يقف عن يسار الإمام فهو رجوع عن خطأ صححته رواية ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
657 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ: الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: " نَشَدَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ النَّاسَ، أَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي الْجَنِينِ؟، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ: قَضَى فِيهِ عَبْداً أَوْ أَمَةً. فَنَشَدَ النَّاسَ أَيْضاً، فَقَامَ
(1)
المراد عن يسار الإمام إذا كان المأموم واحدا، والصواب أن يكون عن يمين الإمام، كما في قصة ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
سنده حسن، رواه أحمد في (المسند 1/ 365).
الْمَقْضِيُّ لَهُ فَقَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِي بِهِ: عَبْداً أَوْ أَمَةً. فَنَشَدَ النَّاسَ أَيْضاً، فَقَامَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَقَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ: غُرَّةً عَبْداً أَوْ أَمَةً، فَقَالَ: أَتَقْضِي عَلَيَّ فِيهِ؟، فِيمَا لَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَلَا نَطَقَ، إِنْ أَبْطِلْهُ فَهُوَ أَحَقُّ مَا بَطَلَ. فَهَمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1)
بِشَيْءٍ مَعَهُ فَقَالَ: «أَشِعْرٌ؟» فَقَالَ عُمَرُ: لَوْلَا مَا بَلَغَنِي مِنْ قَضَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَجَعَلْتُهُ دِيَةً بَيْنَ دِيَتَيْنِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي مختلف في توثيقه، وهارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو البجلي وثقه النسائي، وعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، هو ابن ضري أبو بكر قاضي الري، ورى عنه ابن المبارك وغيره، وثقه ابن حبان، وروى له النسائي والترمذي، وخَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، هو منسوب إلى جده زيد ابن جارية، من أفراد الدارمي، لابأس به، وعَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ابْنِ شُعْبَةَ، تابعي ثقة روى له النسائي والترمذي وابن ماجه، وأَبوه الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه.
الشرح: سيأتي في كتاب الديات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 658 - (3) ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ سَلاَّمٌ يَذْكُرُ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ خَطَأَ مُعَلِّمِكَ فَجَالِسْ غَيْرَهُ
(3)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، إمام ثقة تقدم، وسَلاَّمٌ، هو بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، ثقة تكلموا في حديثه عن قتادة تقدم، وأيُّوبُ، هو السختياني إمام ثقة تقدم.
(1)
هكذا في (الأصل، ر) وفي بقية الأصول (إليه) والمراد فهم النبي صلى الله عليه وسلم بضربه لمعارضته الحكم، واستعانته بالسجع، تدعيما لحجته.
(2)
فيه محمد بن حميد الرازي: حافظ ضعيف، والخبرصحيح، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة: عبد أو أمة، فكأن عمر رضي الله عنه رأى التقدير من ديتين: دية الرجل الجر، ودية المرأة الحرة، والله أعلم.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (517/ 654).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
659 -
(4) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثَنَا أَيُّوبُ قَالَ: " تَذَاكَرْنَا بِمَكَّةَ الرَّجُلَ يَمُوتُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَيَأْتِيهَا الْخَبَرُ، فَقُلْتُ: عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ، لِقَوْلِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَأَصْحَابِنَا - قَالَ -: فَلَقِيَنِي طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَنَزِيُّ
(1)
فَقَالَ: إِنَّكَ عَلَيَّ كَرِيمٌ، وَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ، الْعَيْنُ إِلَيْهِمْ سَرِيعَةٌ، وَإِنِّي لَسْتُ آمَنُ عَلَيْكَ - قَالَ -: وَإِنَّكَ قُلْتَ قَوْلاً هَاهُنَا خِلَافَ قَوْلِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَلَسْتُ آمَنُ
(2)
. فَقُلْتُ: وَفِي ذَا اخْتِلَافٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ.
فَلَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ تُوُفي ".
وَسَأَلْتُ مُجَاهِداً فَقَالَ: " عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
وَسَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَقَالَ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفّيَ ".
وَسَأَلْتُ أَبَا قِلَابَةَ فَقَالَ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
قَالَ وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
قَالَ وَسَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
قَالَ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
قَالَ حَمَّادٌ: وَسَمِعْتُ لَيْثاً يُحَدِّثُ عَنِ الْحَكَمِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: " مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ ".
قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ: " مِنْ يَوْمِ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ ".
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: " أَقُولُ: مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ "
(3)
.
رجال السند: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أَيُّوبُ، هم أئمة ثقات تقدموا. طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَنَزِي، هو ثقة يرى الإرجاء تقدم.
(1)
في (ف، ك، و) العنبري وهو خطأ.
(2)
في (ف، ك، و) العنبري وهو خطأ.
(3)
رجاله ثقات.
الشرح:
قوله: «وَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِ بَلَدٍ، الْعَيْنُ إِلَيْهِمْ سَرِيعَةٌ، وَإِنِّي لَسْتُ آمَنُ عَلَيْكَ» . المراد أنه من الغرباء لكونه من أهل البصرة قدم مكة، فترصد أعين الناس، وربما يسمعون قوله المخالف لما عليه أهل العلم في مكة، وهذا يوافق أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز المتقدم برقم 648، والمفيد وجوب الأخذ بما اتفق عليه علماء البلد.
ويجمع بين هذه الأقوال بأنه: إذا قامت البينة على يوم الموت أو الطلاق فالعدة من يوم الوفاة أو الطلاق، وإذا لم تكن بينة فمن يوم الخبر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
55 -
بابٌ الرجل يفتي بالشيء ثم يرى غيره
660 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ رضي الله عنه فِي الْمُشَرَّكَةِ
(1)
، فَلَمْ يُشَرِّكْ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ فَشَرَّكَ، فَقُلْنَا لَهُ فَقَالَ:
" تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا قَضَيْنَا ".
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الطريثيثي إمام ثقة، روى له الستة، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله شيخ الإسلام، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد وسِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، هو الصنعاني، لم يرو له الشيخان، ووَهْبُ بْنِ مُنَبِّهٍ، إمام ثقة تقدم، والْحَكَمِ ابْنِ مَسْعُودٍ، هو تابعي ذكره ابن حبان في الثقات، وقيل: لم يسمع منه وهب.
الشرح: قوله: " فلم يشرّك " المراد أنه حرم الأشقاء من الميراث، رجع وجعل الأشقاء شركاء مع بني الأم في الثلث، والأثر رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين الحكم ووهب
(1)
وتسمى العمرية لقضاء عمر رضي الله عنه فيها، والحمارية أو الحجرية أو اليميّة، لقولهم: هب أبانا حمارا أو حجرا ألقي في اليم. وهي أن تورث امرأت زوجا وأما وأخوين فأكثر لأم، وأخ شقيق فأكثر.
وانظر: القطوف رقم (519/ 656).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
56 -
بابٌ فِي إِعْظَامِ الْعِلْمِ
661 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا حَجَّاجٌ الأَسْوَدُ قَالَ: قَالَ ابْنُ مُنَبِّهٍ: " كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا مَضَى يَضِنُّونَ بِعِلْمِهِمْ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا
(1)
، فَيَرْغَبُ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي عِلْمِهِمْ، فَيَبْذُلُونَ لَهُمْ دُنْيَاهُمْ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ الْيَوْمَ بَذَلُوا عِلْمَهُمْ لأَهْلِ الدُّنْيَا، فَزَهِدَ أَهْلُ الدُّنْيَا فِي عِلْمِهِمْ، فَضَنُّوا عَلَيْهِمْ بِدُنْيَاهُمْ "
(2)
.
رجال السند:
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الدورقي إمام ثقة تقدم، ورَوْحٌ، هو ابن عبادة القيسي، أبو محمد ثقة، وحَجَّاجٌ الأَسْوَدُ، هو ابن أبي زياد القسملي، ثقة من أفراد الدارمي، وابْنُ مُنَبِّهٍ، هو عبد الله المتقدم آنفا.
الشرح:
المراد أنهم يشحون بعلمهم فلا يبذلونه لكل أحد، من ذوي اليسار: المال الوفير؛ وفي ذلك إعزاز للعلم، وكرامة للعالم، جاء هارون الرشيد ومعه الأمين والمأمون وأراد لهما أن يسمعا الموطأ من مالك، فطلبه بكتابه إلى دار الإمارة، فامتنع من الذهاب إليه، وقال: إن العلم يؤتى إليه ولا يأتي، فجاء هارون الرشيد بنفسه ليسمع الموطأ من مالك، فلما وصل إلى باب بيته وأخبرته الخادمة أن هارون الرشيد على بابه، أبطأ حتى جاء إلى هارون وأذن له بالدخول، فقال له هارون الرشيد: ما هذا يا مالك! طلبناك فامتنعت علينا، وجئناك فأوقفتنا على بابك؟! قال: يا أمير المؤمنين! إن وقوف العلماء على أبواب الأمراء يزري بهم، ووقوف الخلفاء على باب العلماء يعلي شأنهم، ثم إني علمت أنك جئت إلى بيتي، لا تريد دنيا ولا مالاً إنما تريد العلم، فذهبت فاغتسلت، ولبستثيابي وتهيأت كي ألقي عليك من سنة رسول الله وأنا على أحسن حال.
(1)
المراد الأغنياء.
(2)
ت: رجاله ثقات.
وانظر ما تقدم عن ابن عباس برقم 580، ومن الوصايا للعالم ألا يحمل علمه إلى الوزراء ولا يغشى أبواب الأمراء فإن ذلك يزري بالعلماء، ويذهب بهاء علمهم إذا حملوه إلى ملوكهم ومياسيرهم، قَالَ ابن مسعود رضي الله عنه:" إن على أبواب السلطان فتنا كمبارك الإبل، والذي نفسي بيده، لا تصيبون من دنياهم إلا أصابوا من دينكم مثله"
(1)
، فحاجة أهل الدنيا للعلماء كبيرة، ولا حاجة للعلماء في دنياهم، قال أبو حازم رحمه الله:" إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا، ولم يستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم، فلما رأوا ذلك قدموا بعلمهم إلى أهل الدنيا، ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئا "
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
662 -
(2) أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْكُمَيْتِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ قال: أَنْبَأَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُوسَى قَالَ: " مَرَّ سُلَيْمَانُ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّاماً فَقَالَ: هَلْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَدْرَكَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟، فَقَالُوا لَهُ: أَبُو حَازِمٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَازِمٍ مَا هَذَا الْجَفَاءُ؟، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَيَّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِنِّي؟، قَالَ: أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ تَأْتِنِي. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ، مَا عَرَفْتَنِي قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، وَلَا أَنَا رَأَيْتُكَ. قَالَ: فَالْتَفَتَ سُلَيْمَانُ إِلَى مُحَمَّدِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: أَصَابَ الشَّيْخُ وَأَخْطَأْتُ. قَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قَالَ: لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمُ الآخِرَةَ وَعَمَّرْتُمُ الدُّنْيَا، فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ. قَالَ: أَصَبْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ، فَكَيْفَ الْقُدُومُ غَدًا عَلَى اللَّهِ؟، قَالَ: أَمَّا الْمُحْسِنُ فَكَالْغَائِبِ يَقْدُمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسِيءُ فَكَالآبِقِ يَقْدُمُ عَلَى مَوْلَاهُ. فَبَكَى سُلَيْمَانُ وَقَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ؟، قَالَ: اعْرِضْ عَمَلَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: وَأَيُّ آية
(3)
، وَأَيُّ مَكَانٍ
(1)
جامع معمر بن راشد حديث (20644).
(2)
حلية الأولياء 3/ 233.
(3)
كتبت لحقا في هامش الأصل و (ك)، وسقطت من (ت، ر، ف، و) والمطبوع، وفي (د) وأي مكان وأي آية؟.
أَجِدُهُ؟، قَالَ:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}
(1)
قَالَ سُلَيْمَانُ: فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟، قَالَ أَبُو حَازِمٍ:{قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}
(2)
.
قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، فَأَيُّ عِبَادِ اللَّهِ أَكْرَمُ؟، قَالَ: أُولُوا الْمُرُوءَةِ وَالنُّهَى. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: فَأَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: أَدَاءُ الْفَرَائِضِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ. قَالَ سُلَيْمَانُ: فَأَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ: دُعَاءُ الْمُحْسَنِ إِلَيْهِ لِلْمُحْسِنِ. قَالَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ: لِلسَّائِلِ الْبَائِسِ، وَجُهْدُ الْمُقِلِّ لَيْسَ فِيهَا مَنٌّ وَلَا أَذًى. قَالَ: فَأَيُّ الْقَوْلِ أَعْدَلُ؟ قَالَ: قَوْلُ الْحَقِّ عِنْدَ مَنْ تَخَافُهُ أَوْ تَرْجُوهُ. قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: رَجُلٌ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَدَلَّ النَّاسَ عَلَيْهَا
(3)
، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَحْمَقُ؟، قَالَ: رَجُلٌ انْحَطَّ فِي هَوَى أَخِيهِ وَهُوَ ظَالِمٌ، فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَصَبْتَ، فَمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؟، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوَ تُعْفِينِي؟ قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: لَا، وَلَكِنْ نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا إِلَىَّ. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ آبَاءَكَ قَهَرُوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذُوا هَذَا الْمُلْكَ عَنْوَةً، عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا رِضَاهُمْ، حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، فَقَدِ ارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَلَوْ أُشْعِرْتَ مَا قَالُوا أو مَا قِيلَ لَهُمْ، فَقَالَ لَهُ
(4)
رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: بِئْسَمَا قُلْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: كَذَبْتَ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ
(5)
. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نُصْلِحَ؟، قَالَ تَدَعُونَ الصَّلَفَ، وَتَمَسَّكُونَ بِالْمُرُوءَةِ، وَتَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: كَيْفَ لَنَا بِالْمَأْخَذِ بِهِ؟، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: تَأْخُذُهُ مِنْ حِلِّهِ وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا حَازِمٍ أَنْ تَصْحَبَنَا فَتُصِيبَ مِنَّا وَنُصِيبَ مِنْكَ؟، قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئاً قَلِيلَا فَيُذِيقَنِي اللَّهُ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ. قَالَ: تُنْجِينِي مِنَ النَّارِ، وَتُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَمَا لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ غَيْرُهَا.
(1)
من الآية (13، 14) من سورة الانفطار.
(2)
الآيتان (56) من سورة الأعراف.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
سقطت من (ت).
(5)
في (ف، و) لينبؤنه للناس ولا يكتمونه، وفي (ك) ليبيننه للناس ولا تكتمونه.
قَالَ: فَادْعُ لِي. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: قَطُّ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: قَدْ أَوْجَزْتُ وَأَكْثَرْتُ، إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، فَمَا يَنْفَعُنِي أَنْ أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ لَيْسَ لَهَا وَتَرٌ. قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَوْصِنِي. قَالَ: سَأُوصِيكَ وَأُوجِزُ، عَظِّمْ رَبَّكَ وَنَزِّهْهُ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ
(1)
، أَوْ يَفْقِدَكَ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكَ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ بَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَنْفِقْهَا وَلَكَ عِنْدِي مِثْلُهَا كَثِيرٌ. قَالَ: فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُكَ إِيَّايَ هَزْلاً، أَوْ رَدِّي عَلَيْكَ بَذْلاً، وَمَا أَرْضَاهَا لَكَ، فَكَيْفَ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي؟ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عليه السلام لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهَا
(2)
رِعَاءً يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ جَارِيَتَيْنِ تَذُودَانِ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَتَا:{لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}
(3)
وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ جَائِعاً خَائِفاً لَا يَأْمَنُ فَسَأَلَ رَبَّهُ وَلَمْ يَسْأَلِ النَّاسَ، فَلَمْ يَفْطِنِ الرِّعَاءُ وَفَطِنَتِ الْجَارِيَتَانِ، فَلَمَّا رَجَعَتَا إِلَى أَبِيهِمَا أَخْبَرَتَاهُ بِالْقِصَّةِ وَبِقَوْلِهِ. فَقَالَ أَبُوهُمَا - وَهُوَ شُعَيْبٌ - هَذَا رَجُلٌ جَائِعٌ، فَقَالَ لاحْدَيهُمَا
(4)
: اذْهَبِي فَادْعِيهِ، فَلَمَّا أَتَتْهُ عَظَّمَتْهُ وَغَطَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ:{إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}
(5)
فَشَقَّ عَلَى مُوسَى حِينَ ذَكَرَتْ {أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَتْبَعَهَا، أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْجِبَالِ جَائِعاً مُسْتَوْحِشاً، فَلَمَّا تَبِعَهَا هَبَّتِ الرِّيحُ فَجَعَلَتْ تَصْفِقُ ثِيَابَهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَتَصِفُ لَهُ عَجِيزَتَهَا، وَكَانَتْ ذَاتَ عَجُزٍ، وَجَعَلَ مُوسَى يَعْرِضُ مَرَّةً وَيَغُضُّ مَرَّةً
(6)
أُخْرَى، فَلَمَّا عِيلَ صَبْرُهُ نَادَاهَا: يَا أَمَةَ اللَّهِ كُونِي خَلْفِي وَأَرِينِي السَّمْتَ بِقَوْلِكِ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعَيْبٍ إِذَا هُوَ بِالْعَشَاءِ
(1)
في (ت، ر، ف، ك، و) ينهاك.
(2)
في (ت، د، ك) عليه.
(3)
الآيتان (23، 24) من سورة القصص.
(4)
في (ت، ر) لإحداهما.
(5)
من الآية (25) من سورة القصص.
(6)
هكذا في الأصل، وفي باقي الأصول (ويغض أخرى) وفي (د) ويغض مرة.
مُهَيَّأً فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ: اجْلِسْ يَا شَابُّ فَتَعَشَّ. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَعُوذُ بِاللَّهِ. فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ: لِمَ؟ أَمَا أَنْتَ جَائِعٌ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنِّى أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عِوَضاً لِمَا سَقَيْتُ لَهُمَا، وَأَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ شَيْئاً مِنْ دِينِنَا بِمِلْءِ الأَرْضِ ذَهَباً. فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ: لَا يَا شَابُّ، وَلَكِنَّهَا عَادَتِي وَعَادَةُ آبَائِي، نُقْرِئ الضَّيْفَ، وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ. فَجَلَسَ مُوسَى فَأَكَلَ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِائَةُ دِينَارٍ عِوَضاً لِمَا حَدَّثْتُ فَالْمَيْتَةُ
(1)
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ فِي حَالِ الاِضْطِرَارِ أَحَلُّ مِنْ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَ لِحَقٍّ لِي فِي بَيْتِ الْمَالِ فَلِي فِيهَا نُظَرَاءُ، فَإِنْ سَاوَيْتَ بَيْنَنَا وَإِلاَّ فَلَيْسَ لِي فِيهَا حَاجَةٌ "
(2)
.
رجال السند:
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الدورقي إمام تقدم آنفا، ومُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْكُمَيْتِ، هو الكلابي سمع داود بن يحيى بن يمان، وزافر بن سليمان، وإسحاق المقري
(3)
، سمع محمد بن أبان
(4)
، عَلِيُّ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيّ، مجهول، والضَّحَّاكُ بْنُ مُوسَى، بصري مجهول روى هذا عن أبي بكر الهذلي، وسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، هو الخليفة سليمان ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الخليفة، أبو أيوب القرشي الأموي. بويع بعد أخيه الوليد سنة 96 هـ.
كان ديِّناً، فصيحاً، مفوّهاً، عادلاً، محبّاً للغزو، عهد بالخلافة بعده لعمر ابن عبد العزيز، قيل: عاش أربعين سنة، وخلافته سنتان وتسعة أشهر وعشرون يوماً. توفي في العاشر من صفر سنة 99 هـ، له ترجمة في كتابي " عش مع الخلفاء والملوك ".
أما أبو حازم فليس صحابيا هو سَلَمَةُ بْنُ دِينَار مَوْلًى لِبَنِي شَجَعٍ مِنْ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنانة. وَكَانَ أَعْرَجَ، وَكَانَ عَابِدًا زَاهِدًا، وَكَانَ يَقُصُّ بَعْدَ الْفَجْرِ
(1)
هكذا في الأصول الخطية، عدا (ت) زيادة (والدم).
(2)
فيه ثلاثة لم أقف على تراجمهم: محمد بن عمر بن الكميت، وشيخه، وشيخ شيخه، والقصة أوردها ابن عساكر انظر (تهذيب التاريخ 10/ 67 - 72).
(3)
الزهد لابن أبي الدنيا حديث (302، 304، 397).
(4)
الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا حديث (58).
وَبَعْدَ الْعَصْرِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ
(1)
، يؤيد هذا أن سليمان قال له وقد أحضره: تكلم يا أعرج، فقال: ما للأعرج من حاجة فيتكلم بها، ولولا اتقاء شركم ما أتاكم الأعرج
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
663 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيِّ، ثَنَا زَيْدٌ الْعَمِّيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ قَالَ: " يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ اعْمَلْ بِعِلْمِكَ، وَأَعْطِ فَضْلَ مَالِكَ، وَاحْبِسِ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ يَنْفَعُكَ عِنْدَ رَبِّكَ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّ الَّذِي عَلِمْتَ ثُمَّ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ قَاطِعٌ حُجَّتَكَ وَمَعْذِرَتَكَ عِنْدَ رَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ
(3)
، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّ الَّذِي أُمِرْتَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ سَيَشْغَلُكَ
(4)
عَمَّا نُهِيتَ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ لَا تَكُونَنَّ قَوِيًّا فِي عَمَلِ غَيْرِكَ ضَعِيفاً فِي عَمَلِ نَفْسِكَ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ لَا يَشْغَلَنَّكَ الَّذِى لِغَيْرِكَ عَنِ الَّذِي لَكَ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ، وَزَاحِمْهُمْ وَاسْتَمِعْ مِنْهُمْ، وَدَعْ مُنَازَعَتَهُمْ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ عَظِّمِ الْعُلَمَاءَ لِعِلْمِهِمْ، وَصَغِّرِ الْجُهَّالَ لِجَهْلِهِمْ، وَلَا تُبَاعِدْهُمْ وَقَرِّبْهُمْ وَعَلِّمْهُمْ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ لَا تُحَدِّثْ بِحَدِيثٍ فِي مَجْلِسٍ حَتَّى تَفْهَمَهُ، وَلَا تُجِبِ امْرَأً فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَعْلَمَ مَا قَالَ لَكَ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ لَا تَغْتَرَّ بِاللَّهِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّ الْغِرَّةَ بِاللَّهِ تَرْكُ أَمْرِهِ، وَالْغِرَّةَ بِالنَّاسِ اتِّبَاعُ أَهْوَائِهِمْ، وَاحْذَرْ مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكَ مِنْ نَفْسِهِ، وَاحْذَرْ مِنَ النَّاسِ فِتْنَتَهُمْ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّهُ لَا يَكْمُلُ ضَوْءُ النَّهَارِ إِلاَّ بِالشَّمْسِ كَذَلِكَ لَا تَكْمُلُ الْحِكْمَةُ إِلاَّ بِطَاعَةِ اللَّهِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ الزَّرْعُ إِلاَّ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ، كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ الإِيمَانُ إِلاَّ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ كُلُّ مُسَافِرٍ مُتَزَوِّدٌ، وَسَيَجِدُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى زَادِهِ مَا تَزَوَّدَ، وَكَذَلِكَ سَيَجِدُ كُلُّ عَامِلٍ إِذَا احْتَاجَ إِلَى عَمَلِهِ فِي الآخِرَةِ مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَحُضَّكَ
(5)
عَلَى عِبَادَتِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَكَ كَرَامَتَكَ عَلَيْهِ، فَلَا تَحَوَّلَنَّ إِلَى غَيْرِهِ، فَتَرْجِعَ مِنْ كَرَامَتِهِ إِلَى هَوَانِهِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِنْ تَنْقُلِ الْحِجَارَةَ
(1)
الطبقات الكبرى ص: 332).
(2)
الوافي بالوفيات 15/ 199.
(3)
في (ت) اعمل بعلمك واعط فضل مالك إذا لقيته.
(4)
في (ف) ليشغلك.
(5)
في الأصل (يحظك).
وَالْحَدِيدَ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَ مَنْ لَا يَعْقِلُ حَدِيثَكَ، وَمَثَلُ الَّذِي يُحَدِّثُ مَنْ لَا يُعْقَلُ حَدِيثَهُ، كَمَثَلِ الَّذِي يُنَادِي الْمَيِّتَ وَيَضَعُ الْمَائِدَةَ لأَهْلِ الْقُبُورِ"
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، هو القيسي الكلابي صالح تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيِّ، هو أبو زيد إمام ثقة تقدم، وزَيْدٌ الْعَمِّيُّ، هو ابن الحواري البصري، أبو الحواري قاضي هرات ضعيف روى له الأربعة.
أما قوله: «عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ» فلا يقدح في قبول الموعظة، ولا يقدح كون العمي ضعيفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
57 -
بابٌ رِسَالَةِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ
664 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْطَاكِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، اعْقِلُوا وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ، فَرُبَّ ذِي عَقْلٍ قَدْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِالتَّعَمُّقِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَنْ الاِنْتِفَاعِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، حَتَّى صَارَ عَنْ ذَلِكَ سَاهِياً، وَمِنْ فَضْلِ عَقْلِ الْمَرْءِ تَرْكُ النَّظَرِ فِيمَا لَا نَظَرَ فِيهِ، حَتَّى لَا يَكُونَ فَضْلُ عَقْلِهِ وَبَالاً عَلَيْهِ، فِي تَرْكِ مُنَافَسَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، أَوْ رَجُلٍ شُغِلَ قَلْبُهُ بِبِدْعَةٍ قَلَّدَ فِيهَا دِينَهُ رِجَالاً دُونَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوِ اكْتَفي بِرَأْيِهِ فِيمَا لَا يَرَى الْهُدَى إِلاَّ فِيهَا، وَلَا يَرَى الضَّلَالَةَ إِلاَّ بِتَرْكِهَا، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى فِرَاقِ الْقُرْآنِ، أَفَمَا كَانَ لِلْقُرْآنِ حَمَلَةٌ قَبْلَهُ وَقَبْلَ أَصْحَابِهِ، يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ؟، وَكَانُوا مِنْهُ عَلَى مَنَارٍ كَوَضَحِ الطَّرِيقِ، فَكَانَ الْقُرْآنُ
(1)
فيه زيد العمي، ضعيف يحتمل في مثل هذا، لكنه لم يصرح بشيخه الفقيه، ولم أقف على كشف عنه. قال الأستاذ الداراني في تحقيقه 1/ 56: إسناده مظلم.
قلت: وفي هذا مبالغة، فأبو عثمان البصري عمرو بن عاصم الكلابي، صدوق في حفظه شيء، روى له الجماعة، وشيخه القسملي من رجال الصحيحين، والعمي لا تأثير لضعفه في قبول الموعظة.
إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِمَاماً لأَصْحَابِهِ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَئِمَّةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ، رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ مَنْسُوبُونَ فِي الْبُلْدَانِ، مُتَّفِقُونَ فِي الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الاِخْتِلَافِ، وَتَسَكَّعَ
(1)
أَصْحَابُ الأَهْوَاءِ بِرَأْيِهِمْ فِي سُبُلٍ مُخْتَلِفَةٍ، جَائِرَةٍ عَنِ الْقَصْدِ، مُفَارِقَةٍ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَتَوَّهَتْ بِهِمْ أَدِلاَّؤُهُمْ في مَهَامِهَ مُضِلَّةٍ، فَأَمْعَنُوا فِيهَا مُتَعَسِّفِينَ فِي تِيهِهِمْ، كُلَّمَا أَحْدَثَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ بِدْعَةً فِي ضَلَالَتِهِمُ انْتَقَلُوا مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، لأَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا أَثَرَ السَّابِقِينَ وَلَمْ يَقْتَدُوا بِالْمُهَاجِرِينَ، وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِزِيَادٍ: هَلْ تَدْرِي مَا يَهْدِمُ الإِسْلَامَ؟ زَلَّةُ عَالِمٍ وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ، اتَّقُوا اللَّهَ وَمَا حَدَثَ فِي قُرَّائِكُمْ وَأَهْلِ مَسَاجِدِكُمْ مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْمَشْي بَيْنَ النَّاسِ بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي النَّارِ، يَلْقَاكَ صَاحِبُ الْغِيبَةِ فَيَغْتَابُ عِنْدَكَ مَنْ يَرَى أَنَّكَ تُحِبُّ غِيبَتَهُ، وَيُخَالِفُكَ إِلَى صَاحِبِكَ فَيَأْتِيهِ عَنْكَ بِمِثْلِهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أَصَابَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا حَاجَتَهُ، وَخَفِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مَا أتى عِنْدَ صَاحِبِهِ، حُضُورُهُ عِنْدَ مَنْ حَضَرَهُ حُضُورُ الإِخْوَانِ، وَغَيْبَتُهُ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهُ غَيْبَةُ الأَعْدَاءِ، مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ كَانَتْ لَهُ الأَثَرَةُ، وَمَنْ غَابَ مِنْهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ، يَفْتِنُ
(2)
مَنْ حَضَرَهُ بِالتَّزْكِيَةِ، وَيَغْتَابُ مَنْ غَابَ عَنْهُ بِالْغِيبَةِ، فَيَا لِعِبَادَ اللَّهِ: أَمَا فِي الْقَوْمِ مِنْ رَشِيدٍ وَلَا مُصْلِحٍ يَقْمَعُ هَذَا عَنْ مَكِيدَتِهِ، وَيَرُدُّهُ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ؟، بَلْ عَرَفَ هَوَاهُمْ فِيمَا مَشَىَ بِهِ إِلَيْهِمْ، فَاسْتَمْكَنَ مِنْهُمْ وَأَمْكَنُوهُ مِنْ حَاجَتِهِ، فَأَكَلَ بِدِينِهِ مَعَ أَدْيَانِهِمْ، فَاللَّهَ اللَّهَ، ذُبُّوا عَنْ حُرَمِ غُيَّابِكُمْ، وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ، وَنَاصِحُوا اللَّهَ فِي أُمَّتِكُمْ، إِذْ كُنْتُمْ حَمَلَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ الْكِتَابَ لَا يَنْطِقُ حَتَّى يُنْطَقَ بِهِ، وَإِنَّ السُّنَّةَ لَا تَعْمَلُ حَتَّى يُعْمَلَ بِهَا، فَمَتَى يَتَعَلَّمُ الْجَاهِلُ إِذَا سَكَتَ الْعَالِمُ، فَلَمْ يُنْكِرْ مَا ظَهَرَ، وَلَمْ يَأْمُرْ
(1)
التسكع: التحير، وهل يستوي ضلال قوم تسكعوا، وهو أيضا التمادي في الباطل. (النهاية 2/ 384).
(2)
في (ر، ف، و) يقين، وفي المطبوع (يغبن).
بِمَا تُرِكَ، وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، لِيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ
(1)
، اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ رَقَّ فِيهِ الْوَرَعُ، وَقَلَّ فِيهِ الْخُشُوعُ، وَحَمَلَ الْعِلْمَ مُفْسِدُوهُ، فَأَحَبُّوا أَنْ يُعْرَفُوا بِحَمْلِهِ، وَكَرِهُوا أَنْ يُعْرَفُوا بِإِضَاعَتِهِ، فَنَطَقُوا فِيهِ بِالْهَوَى لِمَا أَدْخَلُوا فِيهِ مِنَ الْخَطَأ، وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَمَّا تَرَكُوا مِنَ الْحَقِّ إِلَى مَا عَمِلُوا بِهِ مِنْ بَاطِلٍ، فَذُنُوبُهُمْ ذُنُوبٌ لَا يُسْتَغْفَرُ مِنْهَا، وَتَقْصِيرُهُمْ تَقْصِيرٌ لَا يُعْتَرَفُ بِهِ، كَيْفَ يَهْتَدِي الْمُسْتَدِلُّ الْمُسْتَرْشِدُ إِذَا كَانَ الدَّلِيلُ حَائِراً؟، أَحَبُّوا الدُّنْيَا وَكَرِهُوا مَنْزِلَةَ أَهْلِهَا، فَشَارَكُوهُمْ فِي الْعَيْشِ، وَزَايَلُوهُمْ بِالْقَوْلِ، وَدَافَعُوا بِالْقَوْلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُنْسَبُوا إِلَى عَمَلِهِمْ، فَلَمْ يَتَبَرَّؤا مِمَّا انْتَفَوْا مِنْهُ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَا نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنْفُسَهُمْ، لأَنَّ الْعَامِلَ بِالْحَقِّ مُتَكَلِّمٌ وَإِنْ سَكَتَ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:«إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلَامِ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إِلَى هَمِّهِ وَهَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَهَوَاهُ لِي جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْداً وَوَقَاراً لِي، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ»
(2)
. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}
(3)
كُتُباً، وَقَالَ:{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}
(4)
قَالَ الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَلَا تَكْتَفُوا مِنَ السُّنَّةِ بِانْتِحَالِهَا بِالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا، فَإِنَّ انْتِحَالَ السُّنَّةِ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا كَذِبٌ بِالْقَوْلِ مَعَ إِضَاعَةِ الْعِلْمِ، وَلَا تَعِيبُوا بِالْبِدَعِ تَزَيُّناً بِعَيْبِهَا، فَإِنَّ فَسَادَ أَهْلِ الْبِدَعِ لَيْسَ بِزَائِدٍ في صَلَاحِكُمْ، وَلَا تَعِيبُوهَا بَغْياً عَلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ الْبَغْىَ مِنْ فَسَادِ أَنْفُسِكُمْ وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يُدَاوِيَ الْمَرْضَى بِمَا يُبْرِئُهُمْ وَيُمْرِضُهُ، فَإِنَّهُ إِذَا مَرِضَ اشْتَغَلَ بِمَرَضِهِ عَنْ مُدَاوَاتِهِمْ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَمِسَ لِنَفْسِهِ الصِّحَّةَ لِيَقْوَى بِهِ عَلَى عِلَاجِ الْمَرْضِى، فَلْيَكُنْ أَمْرُكُمْ فِيمَا تُنْكِرُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ نَظَراً مِنْكُمْ لأَنْفُسِكُمْ، وَنَصِيحَةً مِنْكُمْ لِرَبِّكُمْ، وَشَفَقَةً مِنْكُمْ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، وَأَنْ تَكُونُوا مَعَ ذَلِكَ بِعُيُوبِ أَنْفُسِكُمْ أَعْنَى مِنْكُمْ بِعُيُوبِ
(1)
اقتباس من قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} سورة آل عمران الآية (178).
(2)
فيه صدقة بن عبد الله بن المهاجر: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (168/ 259).
(3)
من الآية (5) من سورة الجمعة.
(4)
من الآية (63) من سورة البقرة.
غَيْرِكُمْ، وَأَنْ يَسْتَطِعم بَعْضُكُمْ بَعْضاً النَّصِيحَةَ، وَأَنْ يَحْظَى عِنْدَكُمْ مَنْ بَذَلَهَا لَكُمْ وَقَبِلَهَا مِنْكُمْ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:" رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي "
(1)
. تُحِبُّونَ أَنْ تَقُولُوا فَيُحْتَمَلَ لَكُمْ، وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ مِثْلُ الَّذِي قُلْتُمْ غَضِبْتُمْ، تَجِدُونَ عَلَى النَّاسِ فِيمَا تُنْكِرُونَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَتَأْتُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، ولا تُحِبُّونَ أَنْ يَؤْخَذَ عَلَيْكُمْ، اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ وَرَأْىَ أَهْلِ زَمَانِكُمْ وَتَثَبَّتُوا قَبْلَ أَنْ تَكَلَّمُوا، وَتَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ تَعْمَلُوا، فَإِنَّهُ يَأْتِي زَمَانٌ يَشْتَبِهُ فِيهِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ، وَيَكُونُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرُ فِيهِ مَعْرُوفاً، فَكَمْ مِنْ مُتَقَرِّبٍ إِلَى اللَّهِ بِمَا يُبَاعِدُهُ، وَمُتَحَبِّبٍ إِلَيْهِ بِمَا يُبَغِّضُهُ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}
(2)
الآيَةَ، فَعَلَيْكُمْ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ حَتَّى يَبْرُزَ لَكُمْ وَاضِحُ الْحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ الدَّاخِلَ فِيمَا لَا يَعْلَمُ بِغَيْرِ عِلْمٍ آثِمٌ، وَمَنْ نَظَرَ لِلَّهِ نَظَرَ اللَّهُ لَهُ، عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَأْتَمُّوا بِهِ وَأُمُّوا بِهِ، وَعَلَيْكُمْ بِطَلَبِ أَثَرِ الْمَاضِينَ فِيهِ، وَلَوْ أَنَّ الأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ لَمْ يَتَّقُوا زَوَالَ مَرَاتِبِهِمْ وَفَسَادَ مَنْزِلَتِهِمْ بِإِقَامَةِ الْكِتَابِ وَتِبْيَانِهِ مَا حَرَّفُوهُ وَلَا كَتَمُوهُ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا خَالَفُوا الْكِتَابَ بِأَعْمَالِهِمُ، الْتَمَسُوا أَنْ يَخْدَعُوا قَوْمَهُمْ عَمَّا صَنَعُوا، مَخَافَةَ أَنْ تَفْسُدَ مَنَازِلُهُمْ، وَأَنْ يَتَبَيَّنَ لِلنَّاسِ فَسَادُهُمْ، فَحَرَّفُوا الْكِتَابَ بِالتَّفْسِيرِ، وَمَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا تَحْرِيفَهُ كَتَمُوهُ، فَسَكَتُوا عَنْ صَنِيعِ أَنْفُسِهِمْ إِبْقَاءً عَلَى مَنَازِلِهِمْ، وَسَكَتُوا عَمَّا صَنَعَ قَوْمُهُمْ مُصَانَعَةً لَهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، لِيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ، بَلْ مَالَئُوا عَلَيْهِ وَرَقَّقُوا لَهُمْ فِيهِ"]
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْطَاكِيُّ، من أفراد الدارمي، له هذا فقط، وابنه الفضل لم أقف على ترجمته، وانظر تعليق 2، وعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ أَبو عُتْبَةَ، هو كاتب هذه الرسالة إلى سفيان الثوري، من زهاد الشاميين وعبادهم، وثقه ابن معين وغيرة، وهو من أفراد الدارمي، وليس له عنده إلا هذا.
(1)
تناقله العلماء أنظر: (تفسير القاسمي 9/ 537، تفسير الرازي 32/ 282، واللطائف من علوم المعارف 1/ 323) وهو دعاء لكل ناصح أمين.
(2)
من الآية (8) من من سورة فاطر.
(3)
نهاية السقط من (د) وبدايته من أول النسخة.
الشرح:
فيها التحذير من البدع، ومن تمكين أصحاب الأهواء، وفيها وصايا وحكم ومواعظ وأمثال يستهوي العقلاء سماعها والعمل بها.
وبهذا ختم كتاب العلم، ونشرع بعده في كتاب الطهارة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
كتاب الصلاة والطهارة
(1)
.
58 -
بابٌ فرض الوضوء والصلاة
665 -
(1) أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قال: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
(2)
مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نُهِينَا أَنْ نَبْتَدِئَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَقْدُمَ الْبَدَوِيُّ وَالأَعْرَابِيُّ الْعَاقِلُ فَيَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَسُولَكَ أَتَانَا، فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ، وَبَسَطَ الأَرْضَ، وَنَصَبَ الْجِبَالَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَكَ زَعَمَ لَنَا، أَنَّكَ
(3)
تَزْعُمُ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَكَ زَعَمَ لَنَا، أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي السَّنَةِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟، قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَكَ زَعَمَ لَنَا، أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلَيْنَا فِي أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ:«صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَكَ زَعَمَ لَنَا، أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلَيْنَا الْحَجَّ إِلَى الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«نَعَمْ» قَالَ: فَوَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَدَعُ مِنْهُنَّ شَيْئاً، وَلَا أُجَاوِزُهُنَّ. قَالَ: ثُمَّ وَثَبَ الأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(1)
ليس في (ك). وحقه أن يقول: كتاب الطهارة للصلاة؛ لأن الطهارة شرط في أداء الصلاة.
(2)
في (ت) عن.
(3)
ما بين القوسين كتب لحقا في هامش الأصل.
«إِنْ صَدَقَ الأَعْرَابِيُّ دَخَلَ الْجَنَّةَ»
(1)
.
رجال السند:
عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، هو المعني من الأزد، كان فاضلا خيرا، عنده أحاديث وهو ابن عم عبد الرحمن بن مصعب، وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو أبو سعيد القيسي إمام ثقة تقدم، وثَابِتٌ، هو البناني إمام ثقة تقدم، وأَنَسُ ابْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه.
الشرح:
ذكرت في أو الكتاب أن الرعيل الأول من الأئمة المؤلفين لم يهتموا كثيرا بذكر تصنيف الكتب وما يندرج تحتها من أبواب، ومن هذا قول الدارمي رحمه الله:" كتاب الصلاة والطهارة " ثم بدأ بذكر فرض الوضوء، وكان الأولى منهجيا أن يقال: " كتاب الطهارة وفرض الوضوء والصلاة؛ لأن الصلاة مبنية على الطهارة، ولعل الدارمي رحمه الله كان يملي الروايات سردا دون عنوان، يؤيد هذا تكرر بعض الروايات سندا ومتنا، وأن العناوين من عمل الرواة عنه من غير تدقيق والله أعلم.
أما رواية أنس رضي الله عنه فليس فيها ذكر لفرض الوضوء البتة، فنقول: إن ضماما لما سأل عن الصلاة كان من لوازمها الوضوء، ولا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بدون وضوء، ولعل في الرواية إشارة إلى وجوب الطهارة المعنوية؛ طهارة الاعتقاد بأن الله عز وجل هو المعبود بحق وحده لا شريك له، والنطق بالشهادتين علامة ذلك، بعد هذا يكون القول في الطهارة الحسية. فالطهارة المعنوية هي الإيمان والخلوص من الشرك، وهي أس الطهارة الحسية، فلا تصح الطهارة الحسية إلا بها، وبها يحصل المسلم على شطر الإيمان، والشطر الثاني يتم بممارسة الطهارة الحسيىة، وهي نوعان: الأول: الطهارة من الحدث الأصغر، وهو ما خرج من السبيلين أو أحدهما، وما كان ناقضا للوضوء من غيرهما، يتطهر منه بالوضوء، وصفته في قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
(1)
رجاله ثقات، قال البخاري بعد أن أخرجه من طريق أخرى عن أنس نحوه: رواه موسى وعلي ابن عبد الحميد، عن سليمان، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، حديث (63) وأخرجه مسلم حديث (12).
آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
(1)
.
ومن السنة صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم رواها حمران بن أبان مولى عثمان رضي الله عنه قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما، ثم تمضمض وستنثر، وغسل وجهه ثلاثا، وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال:«من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله ما تقدم من ذنبه»
(2)
.
الثاني: الطهارة من الحدث الأكبر، وهو الجنابة، من جماع أو احتلام، أو ما سبب ذلك من غيرهما، وقد أمر الله بذلك فقال:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}
(3)
، وصفة التطهر في حديث عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل من الجنابة: بدأ فغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء، ثم غسل فرجه، ويتوضأ وضوؤه للصلاة، ثم يشرّب شعره الماء، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات "
(4)
، وكذلك حديث ميمونة رضي الله عنها قالت:" وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا، فاغتسل من الجنابة، فأكفأ الإناء بشماله على يمينه، فغسل كفيه، ثم أدخل يده في الإناء فأفاض على فرجه، ثم دلك بيده الحائط، أو الأرض، ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه ثلاثا، ثم أفاض على سائر جسده، ثم تنحى فغسل رجليه "
(5)
.
وفيهما أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءه للصلاة، واختاره العلماء على ما سواه، فالتطهر من الجنابة فرض في كل الأحوال، ولذلك قرره الله في حالة عدم القدرة على استعمال
(1)
من الآية (6) من سورة المائدة.
(2)
البخاري حديث (1934).
(3)
من الآية (6) من سورة المائدة.
(4)
الترمذي حديث (104).
(5)
الترمذي حديث (103).
الماء، أو عدم وجود الماء فقال عز وجل:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}
(1)
، ففي هذا بيان حكم من عجز عن استعمال الماء لمرض، ومن لم يجد الماء في حال سفر، وبعد قضاء الحاجة المعبر عنها بالغائط، والغائط المكان المنخفض يُستتر به للتخلي، ومن جامع أو احتلم ولم يجد الماء فقد أحل الله عز وجل مكانه الصعيد الطاهر، يضرب باليدين عليه ويسمح بهما الوجه والكفين، فتلك طهارة كاملة لكل حالة إلى أن يجد الماء، وكيفيته في حديث عمار رضي الله عنه قال:
" بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم "، فقال:«إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا، فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه»
(2)
، ثم بين الله عز وجل سبب هذا التشريع في الطاهرة فقال عز وجل:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
(3)
، بين عز وجل أنه غني عن عبادة الخلق، ولا يريد في أحكامها المشقة عليهم، ولكنه أراد لهم الطهارة والنقاء، وتلك نعمة منه على عباده جل جلاله يستحق منهم الشكر عليها، وعلى كل نعمة أنعم بها عليهم.
أما الأعرابي فهو ضمام بن ثعلبة السعدي بعثه بنو سعد بن بكر في رجب سنة خمس وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جلدا أشعر ذا غديرتين، فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فأغلظ في المسألة؛ سأله عمن أرسله وبم أرسله، وسأله عن شرائع الإسلام، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كله. فرجع إلى قومه مسلما قد خلع الأنداد،
(1)
من الآية (6) من سورة المائدة.
(2)
البخاري حديث (347).
(3)
من الآية (6) من سورة المائدة.
وأخبرهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فما أمسى في ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما، وبنوا المساجد وأذنوا بالصلوات
(1)
، وخبر ضمام هذا له روايات تختلف
في اللفظ وتتفق في المعنى، ويصدق بعضها بعضا، انظر التالي وما بعده.
قوله: «فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ» هذا أسلوب عربي يستعمل فيما هو حقيقة، وما هو كذب أو شك، والقرينة تبين المراد، ومما هو حقيقة قوله صلى الله عليه وسلم لما قام رجل، فقال:" يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أين أنا؟ " قال: «إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، فأنت في الجنة» ثم سكت ورأينا أنه ينزل عليه، ثم قال:«أين الرجل؟» فقال: ها أنذا، قال:«إلا أن يكون عليه دين فإنه مأخوذ به، كذلك زعم جبريل صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
ومن الكذب أو الشك قوله صلى الله عليه وسلم: «بئس مطية الرجل زعموا»
(3)
، أراد الناقل لما لا يعلم صحته، لمجر
الإخبار أو لأمر أراد الوصول إليه، اتخذ زعموا مطية يتوصل بها إلى شيء في نفسه وليس زعموا حقيقة.
ما يستفاد:
* فيه التزام الصحابة رضي الله عنهم بقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}
(4)
.
(1)
الطبقات الكبرى 1/ 228.
(2)
الطيالسي حديث (628).
(3)
أبو داود حديث (4972).
(4)
الآية (101) من سورة المائدة.
* فيه فرح الصحابة رضي الله عنهم بقدوم من يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم فيستفيدوا من إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* فيه بيان العبادات المفروضة، وما عداها فليس فرضا.
* فيه أن ما عدا ما ذكر من العبادات ليس واجبا بل من الطاعات المتقرب بها،
فاعلها مأجور، وتاركها غير مأزور.
يؤيد هذا أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال:«خمس صلوات في يوم وليلة» قال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا» ، وسأله عن الصوم؟ فقال:«صيام رمضان» قال: هل علي غيره؟ قال: «لا» قال: وذكر الزكاة، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا» قال: والله لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أفلح إن صدق»
(1)
.
* فيه دليل على أن المال ليس فيه حق واجب سوى الزكاة.
* وإذا أديت زكاة المال فليس بكنز.
* فيه أن من التزم بما ذكر فهو من أهل الجنة، ولو لم يعمل سواها من الطاعات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
666 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَالِمِ ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا غُلَامَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ» قَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَخْوَالِكَ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَأَنَا رَسُولُ قَوْمِي إِلَيْكَ وَوَافِدُهُمْ، وَإِنِّي سَائِلُكَ، فَمُشَدِّدٌ مَسْأَلَتِي إِلَيْكَ، وَمُنَاشِدُكَ، فَمُشَدِّدٌ مُنَاشَدَتِي إِيَّاكَ. قَالَ:«خُذْ عَنْكَ يَا أَخَا بَنِي سَعْدٍ» قَالَ: مَنْ خَلَقَكَ وَخَلَقَ مَنْ قَبْلَكَ؟، وَمَنْ هُوَ خَالِقُ مَنْ بَعْدَكَ؟، قَالَ:«اللَّهُ» قَالَ: فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ، أَهُوَ أَرْسَلَكَ؟، قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ،
(1)
أحمد حديث (1390).
وَأَجْرَى بَيْنَهُنَّ الرِّزْقَ؟، قَالَ:«اللَّهُ» قَالَ: فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ، أَهُوَ أَرْسَلَكَ؟، قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: إِنَّا وَجَدْنَا فِي كِتَابِكَ، وَأَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُصَلِّيَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لِمَوَاقِيتِهَا، فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ، أَهُوَ أَمَرَكَ؟، قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: فَإِنَّا وَجَدْنَا فِي كِتَابِكَ، وَأَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَأْخُذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِنَا فَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِنَا، فَنَشَدْتُكَ بِذَلِكَ، أَهُوَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ؟، قَالَ:«نَعَمْ» ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْخَامِسَةُ
(1)
فَلَسْتُ بِسَائِلِكَ عَنْهَا وَلَا أَرَبَ لِي فِيهَا. ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لأَعْمَلَنَّ بِهَا وَمَنْ أَطَاعَنِي مِنْ قَوْمِي.
ثُمَّ رَجَعَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ» .
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، هو الرفاعي لابأس به تقدم، وابْنُ فُضَيْلٍ، هو مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ بن غزوان، صدوق رمي بالتشيع تقدم، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، صدوق اختلط تقدم، وسَالِمُ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ، هو الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي ثقة يرسل كثير، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
الحديث في سنده محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي، قال ابن حجر: ليس بالقوي، ذكره ابن عدي في شيوخ البخاري، وجزم الخطيب أن البخاري روى عنه، لكن قد قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه.
قلت: الحديث صحيح، انظر سابقه، وانظر: القطوف رقم (524/ 662). والوافد هو ضمام المتقدم آنفا، وهذه رواية أخرى للحدث المذكور آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
فسرت بالفواحش، ويؤيده قول ضمام نفسه: فأما هذه الهناة فو الله إن كنا لنتنزه عنها في الجاهلية (فتح الباري 1/ 153).
667 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " بَعَثَ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدِمَ عَلَيْهِ، فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى باب الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ - وَكَانَ ضِمَامٌ رَجُلاً جَلْداً أَشْعَرَ ذَا غَدِيرَتَيْنِ
(1)
- حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» . قَالَ: مُحَمَّدٌ؟، قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنِّي سَائِلُكَ، وَمُغَلِّظٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ. قَالَ:«لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي، فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ» قَالَ: إِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ إِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَإِلَهِ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، آللَّهُ بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَسُولاً؟، قَالَ:«اللَّهُمَّ نَعَمْ» قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ إِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَإِلَهِ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَأَنْ نَخْلَعَ هَذِهِ الأَنْدَادَ الَّتِي كَانَتْ آبَاؤُنَا تَعْبُدُهَا مِنْ دُونِهِ؟، قَالَ:«اللَّهُمَّ نَعَمْ» قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ إِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، وَإِلَهِ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّىَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ؟، قَالَ:«اللَّهُمَّ نَعَمْ» قَالَ: ثُمَّ جَعَلَ يَذْكُرُ فَرَائِضَ الإِسْلَامِ فَرِيضَةً فَرِيضَةً: الزَّكَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْحَجَّ، وَشَرَائِعَ الإِسْلَامِ كُلَّهَا، وَيُنَاشِدُهُ عِنْدَ كُلِّ فَرِيضَةٍ كَمَا نَاشَدَهُ في الَّتِى قَبْلَهَا، حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَسَأُؤَدِّي هَذِهِ الْفَرِيضَةَ، وَأَجْتَنِبُ مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ: لَا أَزِيدُ وَلَا أُنْقِصُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَلَّى: «إِنْ يَصْدُقْ ذُو الْعَقِيصَتَيْنِ
(2)
يَدْخُلِ الْجَنَّةَ» فَأَتَى إِلَى بَعِيرِهِ فَأَطْلَقَ عِقَالَهُ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ أَنْ قَالَ: بِئْسَتِ اللاَّتُ وَالْعُزَّى. قَالُوا: مَهْ، يَا ضِمَامُ اتَّقِ الْبَرَصَ، وَاتَّقِ الْجُنُونَ، وَاتَّقِ الْجُذَامَ. قَالَ: وَيْلَكُمْ، إِنَّهُمَا وَاللَّهِ مَا يَضُرَّانِ وَلَا يَنْفَعَانِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ رَسُولاً وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَاباً اسْتَنْقَذَكُمْ بِهِ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا أَمَرَكُمْ
(1)
مثنى غديرة، والجمع غدائر، وهي الذوائب: ضفائر شعر الرأس. (النهاية 3/ 344، 92).
(2)
هي الذوائب: ضفائر شعر الرأس. (النهاية 3/ 344، 92)، والعقص أن يضفر الشعر، ويلوى على الرأس
بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ. قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا أَمْسَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إِلاَّ مُسْلِماً. قَالَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَمَا سَمِعْنَا بِوَافِدِ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ
مِنْ ضِمَامِ ابْنِ ثَعْلَبَةَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي متلف في توثيقه تقدم، وسَلَمَةُ، هو ابن الفضل الأبرش، إمام المغازي أبو عبد الله الرازي، كان صدوقا، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو ابن يسار المكي صدوق تقدم، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ، هو من أفراد الدارمي، لم يرو عنه إلا هذا، وثقه ابن حبان، وكُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هو كريب بن مسلم، إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 670، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
59 -
بابٌ مَا جَاءَ فِي الطُّهورِ
668 -
(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَبَانُ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ - ثَنَا يَحْيَى ابْنُ أَبِى كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ، عَنْ أَبِي مِالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الطُّهُورُ
(2)
شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، تَمْلآنِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالْوُضُوءُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، وَكُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا»
(3)
.
(1)
فيه محمد بن حميد الرازي، وشيخه سلمة بن الفضل الأبرش: في كل منهما كلام، وأخرجه أبو داود مختصرا حديث (487) وقال الألباني: حسن.
قلت: والخبر صحيح، انظر سابقه.
(2)
فيه ثلاث أقوال:
1 -
بالضم المراد به الفعل، وبالفتح الماء. 2 - قيل: بالضم فيهما. 3 - قيل: بالفتح فيهما.
(3)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (223).
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، إمام ثقة تقدم، أَبَانُ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ العطار ثقة تقدم، يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ، هو الطائي، إمام ثقة ربما دلس تقدم، عَنْ زَيْدٍ، هو ابن سلام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو سَلاَّمٍ، هو ممطور الأسود تابعي ثقة، روى له السنة عدا البخاري، وأَبو مِالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، مختلف في اسمه رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ» .
المراد إسباغ الوضوء ورد هذا في رواية ابن ماجه
(1)
، وتقدم بيان أن الطهارة المعنوية وهي الإيمان بالله والخلوص من الشرك، هي أس الطهارة الحسية، فلا تصح الطهارة الحسية إلا بها، وبها يحصل المسلم على شطر الإيمان، والشطر الثاني يتم بممارسة الطهارة الحسيىة، فيحصل بهما تطهير الباطن والظاهر، انظر رقم 670، وما بعده، ومن وجه آخر هنا أن الوضوء والصلاة هما الإيمان فالشطر الأول إسباغ الوضوء، والثاني الصلاة يؤيد هذا قول الله عز وجل:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}
(2)
، يعني صلاتكم إلى بيت المقدس.
ولا تجوز الصلاة إلا بوضوء، فهما شيئان، كل واحد منهما مكمل للآخر، وفي فضل جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«سددوا وقاربوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن»
(3)
، وفي رواية فثبت بهذه الأخبار أن الوضوء إحدى شعب الإيمان، ومن فضله أن الله عز وجل خص به هذه الأمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألوه: كيف تعرف أمتك؟، يعنون يوم القيامة قال: «أرأيت لو أن رجلا له خيل
(1)
حديث (280).
(2)
من الآية (143) من سورة البقرة.
(3)
صحيح ابن حبان 3/ 311.
غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ " قالوا: بلى يا رسول الله قال: «فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض»
(1)
.
قوله: «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يَمْلأُ الْمِيزَانَ» .
لما في الحمد من تعظيم الله عز وجل والثناء عليه، وليس هذا خاصا بالحمد ففي الصحيح، وهو خاتمة كتاب البخاري، قوله صلى الله عليه وسلم:«كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»
(2)
، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يؤتى بابن آدم يوم القيامة، فيوقف بين كفتي الميزان، ويوكل به ملك، فإن ثقل ميزانه، نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا. وإن خف ميزانه، نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا»
(3)
، وفي هذا دليل على أن الأعمال توزن ولا يكون وزنها إلا بعد محاسبة العبد؛ لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقرير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها، ويؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله عز وجل يستخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مد البصر، ثم يقول له: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال: لا، يا رب، فيقول: ألك عذر، أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا، يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك، فتخرج له بطاقة، فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول: أحضروه، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم "، قال: " فتوضع السجلات في كفة"، قال: " فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة»
(4)
. قوله: «وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، تَمْلآنِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» . هذا لأن فيها تحقيق وحدانية الله جل جلاله أنه لا معبود بحق إلا الله عز وجل، يؤيد هذا قول موسى عليه السلام: " يا رب دلني على عمل إذا عملته كان شكرا
(1)
مسلم حديث (249).
(2)
البخاري حديث (6682) ومسلم حديث (2694).
(3)
اللالكائي حديث (2205).
(4)
أحمد حديث (6994).
لك، فيما اصطفيت إلي"، قال: يا موسى قل: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» قال: " فكأن موسى أراد من العمل ما هو أنهد لجسمه مما أمر به "، قال: فقال له: «يا موسى لو أن السماوات السبع، والأرضين السبع، وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، لرجحت بهن»
(1)
.
وقول الله أكبر، فيه تعظيم الله عز وجل وأنه لا شيء أكبر من الله جل جلاله، ولذلك بها تفتتح الصلاة ويكون المصلي مستحضرا هذه الصفة العظيمة لله عز وجل، ومثل هذا قول الله عز وجل:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}
(2)
؛ لأنه يقتضي الجواب بقول: لا شيء أكبر شهادة من الله عز وجل.
قوله: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ» ؛ لأن الصلاة نظافة للباطن والظاهر، فتنير طريق المؤمن إلى الصراط المستقيم.
قوله: «وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ» المراد الزكاة المفروضة أداؤها بنفس طيبة حجة لطالب الأجر فهي عبادة يجازي الله بها فاعلها، وبالأولى غيرها من الصدقات المندوب إليها، وقيل: هي دليل على صحة إيمان صاحبها لطيب نفسه بإخراجها، وذلك لعلاقة ما بين النفس والمال من الحب.
قوله: «وَالْوُضُوءُ ضِيَاءٌ» المراد وضاءة وبهاء في الدنيا، وذلك؛ لأن الله عز وجل يجعل أثر الوضوء في عين الرائي حسنا تابعا للإجلال الذي في نفسه، ومتى أجلّ الإنسان أمرا حسُن عنده منظره، ويحتمل أن تكون علامتهم يوم القيامة تحصيلهم الغرة والحسن والبهاء في موضع الوضوء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء»
(3)
.
(1)
ابن أبي شيبة حديث (29463).
(2)
من الآية (19) من سورة الأنعام.
(3)
البخاري (136) ومسلم حديث (246)،
قوله: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ» .
المراد أنه حجة لمن آمن به، وعمل بحلاله، وحرّم حرامه، وتلاه حق تلاوته، ودعا إلى تعلمه والعمل به.
وحجة على من ضيعه وهجره فيما ذكرت آنفا، وانطبق عليه ما حكى الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}
(1)
.
قوله: «وَكُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» المراد كل أحد يكدح في الدنيا فمن أشغل نفسه في طاعة الله عز وجل واتباع رسوله، وقضى عمره في أعمال الخير، فقد باع نفس لله عز وجل، وأعتقها من الضلال وسوء المآل، قال الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}
(2)
، وهذا يعم جميع الطاعات، وإنما ذكر القتال والقتل في سبيل الله؛ لأنه من أعظم القربات، ولا يمنع من العموم.
أما من ضيع عمره في ضد ما ذكرت آنفا فقد أوبق نفسه في الضلال وسوء المآل، وهذا كله هو معنى قول الله عز وجل: أما من ضيع عمره في ضد ما ذكرت آنفا فقد أوبق نفسه في الضلال وسوء المآل، وهذا كله هو معنى قول الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}
(3)
، وذلك الكدح يترتب عليه فلاح الإنسان في الآخرة، إما معتقها أو موبقها.
ما يستفاد:
* وجوب إسباغ الوضوء، لبناء صحة الصلاة عليه.
(1)
الآية (30) من سورة الفرقان.
(2)
من الآية (111) من سورة التوبة.
(3)
الآية (6) من سورة الانشقاق، وما بعدها.
* الإكثار من قول الحمد لله؛ لأنها تمجيد لعظمة الله لتضمنها كمال الشكر والثناء على الله عز وجل
* الإكثار من قول لا إله إلا الله، لكمالها في النفي الإثبات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه»
(1)
، وتقدم ذكر حديث البطاقة، وكذلك من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، على معناه الصحيح.
* وكذلك الإكثار من قول الله أكبر لما فيها من تعظيم الرب جل جلاله، قال ابن عمر رضي الله عنهما:" بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من القائل كلمة كذا وكذا؟» قال رجل من القوم: أنا، يا رسول الله قال: «عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء " قال ابن عمر: «فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك"
(2)
.
* الحرص على الصدقة المفروضة وهي الزكاة لمن وجبة عليه، فإنها طهرة للمزكي ونما لماله وبركة فيه، وكذلك الصدقة النافلة فإنها تطفي غضب الرب وتدفع ميتة السوء
(3)
، وهي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار
(4)
، فهذه الروايات وغيرها في الصدقة إذا قصد بها وجه الله عز وجل هي سلاح المؤمن للسلامة من غضب الله جل جلاله، والسلامة من الميتة السيئة، وإطفاء عقوبة الذنب.
* المحافظة على الصلاة فهي نور المؤمن ووضاءته، وهي خير الأعمال، وعلى الصلاة مدارها.
(1)
مسلم حديث (386).
(2)
مسلم حديث (601).
(3)
صحيح الجامع حديث (3760).
(4)
الترمذي حديث (614).
* المحافظة على الوضوء في كل وقت وعند كل صلاة لما فيه من كمال الطهارة، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}
(1)
.
* الإكثار من تلاوة القرآن كلام ربنا جل جلاله، وتدبره وتعليمه والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه والوقوف عند أوامره ونواهيه، قال الله عز وجل:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}
(2)
، وقال جل جلاله:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}
(3)
،
* الحرص على تصفية الطاعات وخلوصها لله عز وجل، وتخليتها من شوائب الاعتقاد والرياء، ولا يطلب بها حظوظ الدنيا وشهواتها، قال الله عز وجل:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
669 -
(2) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جُرَيٍّ النَّهْدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ
(5)
مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: عَقَدَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِي - أَوْ قَالَ -: عَقَدَهُنَّ فِي يَدِهِ، وَيَدُهُ فِي يَدِي:«سُبْحَانَ اللَّهِ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ يَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَالْوُضُوءُ نِصْفُ الإِيمَانِ، وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ»
(6)
.
(1)
من الآية (108) من سورة التوبة.
(2)
الآية (9) من سورة الإسراء.
(3)
من الآية (44) من سورة فصلت.
(4)
الآية (162) من سورة الأنعام وما بعدها.
(5)
قال ابن حجر: له صحبه.
(6)
فيه جري: مقبول، أخرجه الترمذي من طريق أخرى عن أبي إسحاق
…
نحوه حديث (3519) وقال: هذا حديث حسن.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، إمام ثقة تقدم، وشُعْبَةَ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي إمام ثقة تقدم، وجُرَيٍّ النَّهْدِيِّ، هو ابن كليب الكوفي السدوسي لم يذكر بجرح ولا تعديل، ورَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، هو صحابي رضي الله عنه لا تضر جهالته.
الشرح: انظر السابق.
وقوله: «والصوم نصف الصبر» ؛ لأن الصبر يجمع مشقتين مشقة الصبر المطلق على جميع الطاعات القليل منها والكثير والناس يتفاوتون في ذلك، وصبر على مشقة حبس النفس عن جميع المعاصي ما قل مناه وما كثر والناس يتفاوتون في ذلك، والصوم يحبس النفس عن الشهوات ومنها شهوة الأكل والشرب، والرفث في النهار، وهذه مشقة تستدعي الصبر؛ لأن الصائم حقا لا يتمكن من ذلك إلا بقوة من الصبر، والصوم خفي لا يظهر على الجوارح، ولذلك ورد في الحديث القدسي قول الله عز وجل:
(1)
، ولم ترد هذه
الخصوصية في غير الصوم.
ما يستفاد:
* وجوب الإخلاص في الصوم، وحبس النفس على ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
670 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا
(1)
البخاري حديث (7492) ومسلم حديث (1151).
وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» وَقَالَ الآخَرُ
(1)
: «إِنَّ مِنْ خَيْرِ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ، وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ
إِلاَّ مُؤْمِنٌ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومَنْصُورٍ، هو ابن المعتمر، وَالأَعْمَشِ، هو سليمان، وسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، لم يسمع من ثوبان، وهم أئمة ثقات تقدموا، ثَوْبَانَ، هو مولى رسول الله رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه أمر بالاستقامة على منهج الكتاب والسنة، والاستقامة تأتي بعد الإيمان بالله عز وجل، قال سفيان بن عبد الله الثقفي: قلت: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال:«قل ربي الله ثم استقم»
(3)
، فالاستقامة شاقة وأمرها عظيم، ومع ذلك فالعبد مهما اجتهد في الاستقامة، فلن يوف الله عز وجل حقه، فحق الله عظيم لا يدركه أحد بعمله، ولكن رحمة الله جل جلاله قريب ممن أحسن العمل، وفي التالي من حديث ثوبان «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا» فالنجاة في رحمة الله وعفوه وكرمه، وليست في أعمال العباد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لن ينجي أحدا منكم عمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا»
(4)
، فمن طلب في عمله الصواب، ولم يغلوا ولم يفرط، وكان بين ذلك قواما فقد بلغ وأفلح.
(1)
هو الأعمش.
(2)
رجاله ثقات، وفيه انقطاع بين سالم وثوبان، أخرجه ابن ماجة حديث (277) وصححه الألباني.
(3)
الترمذي حديث (2410).
(4)
البخاري حديث (6463) ومسلم حديث (2816).
قوله: «وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ» هذه وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحرص على الصلاة؛ لأنها خير الأعمال فقد تضمنت جوانب عظيمة في عبادة الله عز وجل، منها مناجاة العبد ربه في قراءة الفاتحة قال الله تعالى: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي، وقال مرة: فوض إليّ عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل "
(1)
، وفيها الثناء على الله عز وجل والقراءة، والتسبيح، والتضرع وتوحيد الله في التشهد، والخضوع لله في الركوع والسجود والتكبير، وفيها يتكرر ذلك ليلا ونهارا، فبهذا وغير كانت الصلاة خير الأعمال.
قوله: «وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ» ؛ لأن الوضوء ظهارة للظاهر، ولأنه شرط في صحة الصلاة، ولأن من الثلاث المنجيات «إسباغ الوضوء في السبرات»
(2)
، فالمؤمن بهذا لا يفرط في الوضوء.
ما يستفاد:
* وجوب الاستقامة على طاعة الله عز وجل؛ نها فسيمة الإيمان.
* عدم القدرة على الكمال في ذلك؛ لأن العبد لا قدرة له على الوفاء بما يستحق الرب عز وجل من العبادة.
والمراد من قول الله جل جلاله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
(3)
، أن يتقوا الله فيطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى،
(1)
في صحيحه (1/ 296 - رقم 39) وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان حديث (21، 46) وأطال المحقق في تخريجه فليعد إليه الراغب.
(2)
انظر صحيح الجامع الصغير حديث (3045).
(3)
من الآية (102) من سورة آل عمران.
بحسب أوامره ونواهيه، وأن يتقوا الله حق تقاته فيما يستطاع، وقد جعل تعالى الدين يسرا، يؤيد هذا قوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
(1)
، وأمرهم بالاستعداد للموت على الإسلام والمداومة على الطاعة وأن يستمروا على ذلك ويثبتوا عليه ويستقيموا إلى الممات، فيكونوا وفَّوا بتقوى الله حق تقاته.
* المحافظة على الصلاة فرضا ونفلا؛ لأنها خير الأعمال.
* المحافظة على الوضوء في كل وقت وعند كل صلاة لما فيه من كمال الطهارة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
671 -
(4) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ
(2)
عَطِيَّةَ أَنَّ أَبَا كَبْشَةَ السَّلُولِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ، وَلَا
(3)
يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ»
(4)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، هو أحد الراويين عن الوليد، فإن كان الحريري فهو ثقة روى له مسلم، وإن كان الفلاس البلخي فهو ثقة أحد شيوخ البخاري في الصحيح، والْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو كثير التدليس والتسوية، ثقة إذا سلم من ذلك تقدم، وابْنُ ثوبان، هو عبد الرحمن بن ثابت، نسب إلى جده، يعتبر بحديثه روى له الأربعة، وحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو المحاربي إمام ثقة تقدم، وأَبو كَبْشَةَ السَّلُولِيّ، هو تابعي ثقة تقدم، وثَوْبَانَ رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
(1)
من الآية (16) من سورة التغابن.
(2)
في المطبوع (عن).
(3)
في المطبوع (ولن) وكلاهما يصح.
(4)
سنده حسن، أخرجه أحمد حديث (22433).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
60 -
بابٌ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}
(1)
672 -
(1) حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا مَسْعُودُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ سَعْداً كَانَ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ
(2)
، وَتَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}
(3)
الآيَةَ.
رجال السند:
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، أبو سهل إمام ثقة ثبت في شعبة تقدم، وشُعْبَةُ، ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، ومَسْعُودُ بْنُ عَلِيٍّ، هو من أفراد الدارمي، وليس له في الستة شيء، روى عنه الإمامان: شغبة ويحي بن سعيد القطان وهما لا يرويان إلا عن ثقة، وعِكْرِمَةَ، إمام ثقة تقدم، وسَعْد، هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه.
الشرح:
سعد هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه وما فعله هو من السنة، والعمل على هذا عند أهل العلم: أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث
(4)
، وفِعل علي رضي الله عنه هو طلب للأفضل، وليس على سبيل الوجوب، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد، قال البخاري رحمه الله: " وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فرض الوضوء مرة مرة، وتوضأ أيضا مرتين وثلاثا، ولم يزد على ثلاث، وكره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم
(5)
، وفصل ذلك ابن عمر رضي الله عنهما قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
من الآية (6) من سورة المائدة، وفي الأصل (إذا أقيمت الصلاة) وهو خطأ، وكتب قبالته في (ك) بلغ أحمد بن موسى قراءة.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (525/ 668).
(3)
من الآية (6) من سورة المائدة، وفي الأصل (إذا أقيمت الصلاة) وهو خطأ، وكتب قبالته في (ك) بلغ أحمد بن موسى قراءة.
(4)
انظر الترمذي حديث (61)،
(5)
البخاري (1/ 39) باب ما جاء في الوضوء.
مرة مرة، وقال:«هذا وظيفة الوضوء الذي لا تحل الصلاة إلا به» ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، وقال:«هذا وضوء من أراد أن يضاعف له الأجر مرتين» ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، وقال:«هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي»
(1)
.
ما يستفاد:
* يجوز أن يصلي الرجل الصلوات الخمس بوضوء واحد.
* والأفضل أن يتوضأ لكل صلاة.
* أن أقل ما يصح به الوضوء غسل الأعضاء مرة مرة مع الإسباغ.
* وتستحب الزيادة على ذلك بغسل الأغضاء مرتين مرتين، مع الإسباغ.
* أن الأكمل غسل الأعضاء ثلاثا ثلاثا، مع الإسباغ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
673 -
(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ابْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ قُلْتُ: " أَرَأَيْتَ تَوَضُّؤَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِراً أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟.
قَالَ: حَدَّثَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ حَدَّثَهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِراً أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةً، فَكَانَ لَا يَدَعُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ "
(3)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي أبو سعيد الحمصي ثقة تقدم، ومُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ومُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، هو الأنصاري المدني فقيه ثقة، روى له
(1)
أبو داود الطيالسي حديث (2036).
(2)
في المطبوع (عبيد الله)، وفي (ف، و) عبد الله بن عمر، لم يذكر (عبد الله ابن عبد الله).
(3)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (48)، وأحمد (المسند 5/ 225).
الستة، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حفيد عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، أبو عبد الرحمن هو أكبر أبناء عبد الله بن عمر، تابعي ثقة، وأَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، هي القرشية العدوية ابنة أخي عمر بن الخطاب عمها، وكان بعث أبو موسى رضي الله عنه من العراق إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحلية فوضعت بين يديه، وفي حجره أسماء بنت زيد بن الخطاب وكانت أحب إليه من نفسه، لما قتل أبوها باليمامة عطف عليهم فأخذت من الحلية خاتماً، فوضعته في يدها، وأقبل عليها يقبّلها، ويلتزمها. فلما غفلت أخذ الخاتم من يدها، فرمى به في الحلية وقال: خذوها عني، فهي في عداد التابعين، وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، هو أبو سليمان أبوه حنظلة الغسيل قتل يوم أحد وغسلته الملائكة، لخروجه حين سمع النداء جنبا، وأبو عامر هو الراهب بن صيفي، وعبد الله ولد على عهد رسول الله رضي الله عنه وكان عند وفاته صغيرا وقتل عبد الله يوم الحرة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنين.
الشرح:
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد، هي الرواية التالية، وهذا من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن خفف عنها، وأبقى لها الوضوء ولو على الطهر استحبابا، وكتب عليه الأجر.
وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
674 -
(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ: رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ شَيْئاً لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ". قَالَ: «إِنِّي عَمْداً صَنَعْتُ يَا عُمَرُ»
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (61) وقال: حسن صحيح، والنسائي وليس فيه ذكر المسح، حديث (133) وصححه الألباني.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَدَلَّ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ
إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}
(1)
الآيَةَ لِكُلِّ مُحْدِثٍ، لَيْسَ لِلطَّاهِرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ حَدَثٍ» والله أعلم
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو بن باذام العبسي، ثقة تقدم، وسُفْيَانَ، هو الثوري إمام ثقة تقدم، وعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، هو أبو الحارث الكوفي الحضرمي، ثقة روى له الستة، وابْنِ بُرَيْدَةَ، هو سليمان بن بريدة بن الحصيب، تابعي فقيه ثقة، روى له الستة وغيرهم، وأَبوه رضي الله عنه، هو أبو سهل بريدة بن الحصيب الأسلمي تقدم.
الشرح:
هذا إيراد لنسخ وجوب الوضوء لكل صلاة، وتقدم البيان آنفا، ويؤكد هذا ما ذكر الدارمي رحمه في معنى الآية، وأن الأمر موجه لغير المتوضئ، ولا يلزم الطاهر أن يتوضأ.
ما يستفاد: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
61 -
بابٌ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْحَاجَةِ
675 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: " كُنْتُ مَعَ النَّبِيَ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ إِلَى الْحَاجَةِ
(1)
من الآية (6) من سورة المائدة، وفي الأصل (إذا أقيمت الصلاة) وهو خطأ، وكتب قبالته في (ك) بلغ أحمد بن موسى قراءة ....
(2)
أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة حديث (74) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وكذلك ابن ماجه حديث (515) وصححه الألباني.
أَبْعَدَ"
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، هو الطنافسي إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي، ليس به بأس تقدم، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن إمام ثقة تقدم، والْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من تحفظه وكمال أدبه صلى الله عليه وسلم، وهو هدي للأمة أن يحفظوا العورات، ويحرصوا على الأدب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
676 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(2)
، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَبَرَّزَ تَبَاعَدَ "
(3)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هُوَ الأَدَبُ
(4)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، إمام ثقة تقدم، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، إمام
ثقة تقدم، وابْنِ سِيرِينَ، إمام كبير، وعَمْرِو بْنِ وَهْبٍ، هو الثقفي تابعي ثقة، روى له النسائي والْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه.
(1)
سنده حسن، أخرجه الترمذي حديث (20) وقال: حسن صحيح، أبو داود حديث (1) والنسائي حديث (17) وهذا طرف منه، وابن ماجة حديث (331) وقال الألباني: حسن صحيح، عندهم.
(2)
في (ت) إبراهيم.
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(4)
كتبت لحقا في هامش الأصل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
62 -
بابٌ التّسَتُّرِ عِنْدَ الْحَاجَةِ
677 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ، أَخْبَرَنَي أَبُو سَعِيدٍ الْخَيْرُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ
(1)
، مَنْ أَكَلَ فَلْيَتَخَلَّلْ، فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ
(2)
بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ، مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ كَثِيبَ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يَتَلَاعَبُونَ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك إمام ثقة تقدم، وثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، هو الحمصي إمام ثقة تقدم، وحُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ، ويقال الحبراني، وحبران بطن من حمير، وهو غير معروف وتفرد بالرواية عنه ثور، وأَبُو سَعِيدٍ الْخَيْرُ،
(4)
زعم بعضهم أن له صحبة، ولا دليل، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
(1)
ما بين القوسين كتب لحقا في هامش الأصل.
(2)
أي أداره في فمه. انظر (النهاية 4/ 278).
(3)
فيه أبو سعيد الحبراني الحمصي: ضعيف، ومختلف فيه، أخرجه أبو داود حديث (35)، وابن ماجة حديث (337) وضعفه الألباني.
(4)
مختلف فيه: قيل أبو سعيد الحبراني، وقيل: أبو سعد الأنماري، وقيل: هما اثنان، واختلف في اسمه أيضا، انظر (تهذيب الكمال 33/ 353) وجزم الداراني أنه أبو سعد تصحف عند الدارمي. انظر تحقيقه في موارد الظمآن (حديث رقم 132) ولا يقبل منه هذا لثبوت الاختلاف في كنيته واسمه، فالبخاري كناه أبا سعد (التاريخ 3/ 6) وابن أبي حاتم قال: أبو سعيد وأبو سعد (الجرح 3/ 199، 9/ 378) ولعله يرى أنهما واحد، وقال: سألت أبا زرعة عنه فقال: لا أعرفه، وأشار الذهبي إلى الاختلاف في الكنية وقال: وكذا سماه في ثقاته ابن حبان (5/ 568) ولا يدرى من ذا ولا من حصين (الميزان 6/ 204). قلت حصين قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه فقال: شيخ (الجرح 3/ 200) أما أبو سعيد فما عرف، ومع هذا حكم الأستاذ الداراني على سند المصنف بالحسن، ولعله نظر إلى توثيق ابن حبان.
وقال الحاكم رحمه الله: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
(1)
، ووافقه الذهبي، كيف وقد قال في الميزان والضعفاء والديوان: مجهول.
الشرح:
هذه الأمور فعلها على سبيل الاستحباب، ولم أقف على ما يدل على أن الاكتحال سنة، وزعم ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثا في هذه وثلاثا في هذه
(2)
.
قوله: «مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ» المراد بالإيتار أن يجعل ذلك ثلاثا فما فوق، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:«وإن الله وتر، يحب الوتر»
(3)
.
قوله: «مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» المراد أن ذلك مستحب وليس لازما، وفعل المستحب أولى.
قوله: «مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» الاستجمار هو إزالة النجاسة بحصيات هي الجمار، ولم برد الفرد أن يستجمر بواحد. فلما ذكر الوتر علم أن المراد التنقية، وذلك لا يحصل بالواحد على الغالب، فوجب الحمل على الوتر الذي هو خلاف الشفع، وهو ما يحصل به النقاء، وأقله الثلاث.
والاستجمار بالحجارة خاصة ليس واجبا لا يجوز بغيرها، فالممنوع ما ورد النهي عن الاستجمار به كالعظم والروث، ومن استجمر بالحجارة فليجعله وتراً، ويطلب النقاء بثلاث أو أكثر.
قوله: «مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» فيه دليل على أن أنه الأفضل والأكمل، ولذلك قال:«وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» أي:
(1)
المستدرك حديث (7199).
(2)
انظر مسند الطيالسي حديث (2803).
(3)
مسلم حديث (2677)، و البخاري حديث (6410).
لا إثم على من لم يوتر إذا حصلت التنقية.
قوله: «مَنْ أَكَلَ فَلْيَتَخَلَّلْ، فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ» في هذا توجيه إلى الحرص على نظافة الفم، فلا يبقى فيه ما يدعو لرائحة كريهة أو تكاثر الأشياء الضارة، ثم قال:«فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ» فيه توجيه طبي فإن من يتخلل لابد وأن يخرج من دم اللثة ما لوا ابتلعه لأضر به، ولذل أمر صلى الله عليه وسلم بأن يلفظ، ثم قال:
«وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ» لأنه آمن من خروج الدم ولو وُجد فيه الدم لشعر بذلك ولفظه.
قوله: «مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» هنا لفتة هامة وهي أن الخلال ليس بالضرورة أن يخرج معه دم اللثة، ولاحتمال أن المضمضة تذهب بقايا الطعا، ولو تيقن خروج الدم لحرم بلعه.
قوله: «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ كَثِيبَ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ» المراد بالغائط مكان قضاء الحاجة، وهو ما انخفض من الأرض، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرتاد أن يحتجب عن أنظار الناس، فلا يكشف ستره بأي سبب، وليبالغ في الستر ما أمكنه ذلك، ولو بكثيب من الرمل.
قوله: «فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يَتَلَاعَبُونَ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ» لعل المراد أن من لم يفعل ذلك فالشيطان يُجري ما يضره في طهارته، ككشف العورة للناظرين، أو إحداث ريح تصيبه برذاذ البول وغير ذلك.
قوله: «مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» هذا فيه نظر، ولاسيما والخبر في سنده كلام، وفي هذا مخالفة لما ورد من الأمر بالاستتار، وعدم تمكين الشيطان من العبث والإفساد، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعد حتى يتوارى عن الأنظار، انظر ما تقدم برقم 680 - (1)، 681 - (2) وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة،
أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يعذبان، وما يعذبان في كبير» ثم قال: «بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله
…
»
(1)
.
ما يستفاد:
* استحباب الوتر في الاكتحال وغيره وهو الأفضل.
* أقل الوتر ثلاث.
* ومن شفع الاكتحال فلا إثم عليه.
* وجوب الاستجمار بثلاثة أحجار، ويجوز الأقل بشرط الإنقاء.
* من استجمر بثلاث فقد أحسن العمل، ومن شفع الأحجار فلا إثم عليه.
* استحباب تخليل الأسنان ونظافة الفم.
* عدم جواز بلع ما ينتج عن تخليل الأسنان لاحتمال نزيف دم اللثة، وبلع الدم حرام.
* عدم جواز بلع ما يخلله لأن في ذلك فائدة صحية.
* جواز بلع ما يحركه بسانه ويلوكه، للأمن مما يؤذيه صحيا.
* وجوب الاستتار عند قضاء الحاجة، وعدم التساهل في ذلك.
* وجوب الاستعاذة عند قضاء الحاجة لصيانة المسلم من عبث الشيطان، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
678 -
(2) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا مَهْدِيٌّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ:
(1)
البخاري حديث (216) ومسلم حديث (292).
(2)
البخاري حديث (6322) ومسلم حديث (375).
" كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ
(1)
أَوْ حَائِشُ
(2)
نَخْلٍ "
(3)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، هو أبو محمد مظهر السنة، إمام ثقة تقدم، ومَهْدِيٌّ، هو ابن ميمون إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، هو بصري ثقة، روى له الستة، والْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، هو كوفي ثقة، روى له مسلم، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ صحابي صغير، والده جعفر الطيار، رضي الله عنهما.
الشرح:
الهدف ما على عن الأرض من شجر وحجر وحائط وغير ذلك، والحائش والحش مجموعة النخل، وفيه توكيد ما تقدم في وجوب الاستتار، ويستحب البعد والتغييب على الأنظار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
63 -
بابٌ النَّهْىِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ
679 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مَالِكٍ - مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ -
(4)
، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ مَوْلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ سَهْلِ ابْنِ حُنَيْفٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «أَنْتَ رَسُولِي إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا»
(5)
.
(1)
كل بناء مرتفع مشرف. (النهاية 5/ 251).
(2)
أي حائط، أو سور.
(3)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (2429) وزاد فيه (أردفني رسول الله).
(4)
هذا قول عبد الرزاق.
والوليد بم مالك بن عبد القيس
(5)
فيه عبد الكريم: ضعيف، والوليد: سكت عنه البخاري، وابن أبي حاتم (التاريخ 8/ 152، والجرح 9/ 17 - 18) أخرجه أحمد حديث (15984) وقد صح الحديث من طرق في عدم جواز استقبل القبلة أو استد بارها ببول أو غائط، ولكن أهل مكة من كانت قبلته الشرق ينحرف إلى الشمال، أو إلى الجنوب وكذلك من كانت قبلته الغرب، أما من كانت قبلته الشمال فينحرف إلى الشرق أو إلى الغرب، وكذلك من كانت قبلته الجنوب.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك إمام ثقة تقدم، وابْنِ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك إمام ثقة يدلس ويرسل، وعَبْدِ الْكَرِيمِ، هو ابن أبي المخارق، شبه المتروك، وانظر التالي، والْوَلِيدِ ابْنِ مَالِكٍ، هو ابن عبد القيس سكت عنه الإمامان، ومُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ مَوْلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، هو كسابقه مسكوت عنه، وسَهْلِ ابْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه.
الشرح:
ثبت النهي عن ذلك من غير هذا الوجه، وفي التالي عن أبي أيوب رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
680 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ، فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا» قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: " فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ عِنْدَ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ شِبْهُ الْمَتْرُوكِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، ابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيِّ، هو محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، هو الليثي تابعي إمام ثقة نزل الشام، روى له الستة، وأَبو أَيُّوبَ، هو خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ» المراد مكانا منخفضا لتقضوا فيه الحاجة، وكل منخفض من الأرض يسمى غائطا.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري مقيدا بقوله:" ولكن شرقوا أو غربوا" حديث (394) ومسلم حديث (264) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 148) وهذا لمن كانت قبلته إلى الشمال أو الجنوب ومنهم أهل المدينة.
«فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ» هذا نهي عن الاتجاه إلى جهة القبلة في حال قضاء الحاجة وسماه غائطا تنزها عن ذكر ما يخرج من الدبر، وعطف عليه قضا حاجة البول وهو ما يخرج من القبل، وهذا حث على تعظيم القبلة في هذه الحال، وهذا يتأيد بقول الله عز وجل:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}
(1)
، وهذا على العموم في كل مكان يرتاد لقضاء الحاجة سواء في الصحراء أو في البنيان، وهذا رأي أبي أيوب ومن أخذ به، وقال عبد الله بن عمر:" لقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على لبنتين مستقبل بيت المقدس "
(2)
، فأخذ ابن عمر رضي الله عنهما من حديث أبي أيوب خصوص الصحراء، وأنه لا يجوز فيها الاستقبال والاستدبار، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم جواز ذلك في البنيان، والأحوط الأخذ بالعموم، وألا تبنى المراحيض في المنازل باتجاه القبلة بل بعكس الاستقبال والاستدبار، ومن بلي في غير منزله بما يخالف ذلك فليعمل عمل أبي أيوب رضي الله عنه.
قوله: «وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا» هذا نهي عن استدبار القبلة فيقال فيه ما قيل في الاستقبال.
قوله: «فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ عِنْدَ الْقِبْلَةِ» هذا قول أبي أيوب رضي الله عنه، والمراد أن أماكن قضاء الحاجة مبنية بحيث يكون من يقضي الحاجة مستقبل القبلة، وهو ما وردعنه النهي، فأخذ بقول الله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
(3)
، ولذلك قال رضي الله عنه:«فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ» وهذا هو الأحوط.
ما يستفاد:
* تعظيم شعائر الله عز وجل.
* تنزيه القبلة واحترامها بعدم استقبالها أو استدبارها حال قضاء الحاجة.
(1)
الآية (22) من سورة الحج.
(2)
البخاري حديث (149).
(3)
من الآية (16) من سورة التغابن.
* أن الأحوط الأخذ بالعموم، ترجيحا لحديث أبي أيوب رضي الله عنه.
* جواز استعمال ما كان من المراحيض مبنيا إلى جهة القبلة بشرط الانحراف قدر المستطاع، والاستغفار بعد الخروج منها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
681 -
(3) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهَ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الأَرْضِ "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هُوَ أَدَبٌ، وَهَذَا أَشْبَهُ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو أبو عثمان السلمي، وعَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، هو النهدي، والأَعْمَشِ، هو سليمان، ولم يسمع من أنس، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٍ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا احتراز من كشف العورة، وهو عام في البنيان وغيره، وهو من آداب قضاء الحاجة؛ لأن كشف العورة حرام إلا في مواضع منها عند قضاء الحاجة، والاغتسال ومعاشرة الزوجة؛ هذا يكون في خلوة من النظار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
64 -
بابٌ
(2)
65 - بابٌ الرُّخْصَةِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ
682 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى
(1)
رجاله ثقات غير أن فيه انقطاعا، بين الأعمش وأنس رضي الله عنه، أخرجه أبو داود عن ابن عمر حديث (14) وقال: رواه عبد السلام عن الأعمش، عن أنس وهو ضعيف - يعني بسبب الانقطاع- والترمذي حديث (14) وقال: الحديث مرسل، ويقال لم يسمع الأعمش من أنس ولا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نظر إلى أنس بن مالك، قال: رأيته يصلي، فذكر عنه حكاية في الصلاة.
(2)
في (ت) والمطبوع لم تكتب. وترك فراغا في (ف، و).
ابْنِ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَمَّهُ: وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: " رَأَيْتُ
(1)
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَالِساً عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ"
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو الواسطي، ثقة إمام تقدم، يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري ثقة إمام قدوة تقدم، ومُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، هو الأنصاري المدني فقيه ثقة تقدم، وعَمَّهُ وَاسِعَ بْنَ حَبَّانَ، هو الأنصاري تابعي ثقة، روى له السنة، ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.
الشرح:
حديث ابن عمر هذا استدل به القائلون بجواز استقبل القبلة وكذلك استدبارها في البنيان، دون الصحراء، وتقد حديث أبي أيوب تقدم وفيه عموم المنع وهو الأحوط، انظر ما تقدم برقم 686.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
66 -
بابٌ في الْبَوْلِ قَائِماً
683 -
(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: " جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى سُبَاطَةِ
(3)
قَوْمٍ، فَبَالَ وَهُوَ قَائِمٌ "
(4)
.
(1)
هكذا في الأصول الخطية، وفي رواية البخاري (ارتقيت يوما على ظهر بيت لنا) وهو الصواب، وفي نظري يصح (من على ظهر بيتنا) أنظر التخريج.
(2)
رجاله ثقات: أخرجه البخاري حديث (145) ومسلم حديث (266) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 149).
(3)
الموضع الذي يرمى التراب والأوساخ، وما يكنس من المنازل (النهاية 2/ 335).
(4)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (224) ومسلم حديث (273) وهذا طرف منه، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 156).
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ كَرَاهِيَةً]
(1)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي أبو عبد الله، والأَعْمَشُ، سليمان، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق، هم أئمة ثقات تقدموا، وحُذَيْفَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
السباطة هي المزبلة، تجمع فيها فضلات الحيوان، وتكون قريبة من البيوت مرتفقا لأهلها، وكان من عادة العرب أن يبول الرجل واقفا والمرأة جالسة ولا يمكنها غيره فطريا، قال عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كهيئة الدرقة، قال: فوضعها، ثم جلس، فبال إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعض القوم: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة، قال: فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ويحك أما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم شيء من البول، قرضوه بالمقاريض، فنهاهم، فعذب في قبره»
(2)
، والمراد أن موسى عليه السلام أمرهم بالتحرز من البول، ونهاهم أن يصيبهم فلم ينتهوا، فعذب من لم ينته في قبره، وقد التمس بعض العلماء رحمهم الله أعذارا للبول قائما، وأرى أن الأوجه أن يكون لبيان الجواز، ولارتياد المكان الرخو دون الصلب الذي قد يرتد على البائل رذاذ بوله، ولذلك كره بعض العلماء البول قائما، وشدد آخرون، والأولى الاتباع، وجواز البول قائما حكم شرعي.
ما يستفاد:
* جواز البول قائما في المكان الرخو، لئلا يرتد البول على البائل، وقد كانت السباطة كذلك
(1)
ما بين المعقوفين من (د).
(2)
أحمد حديث (17758).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
67 -
بابٌ مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْمَخْرَجَ
684 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، تابعي ثقة مقل تقدم، وأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث في الصحيحين انظر التخريج، والخُبث جمع مفرده خبيث، والخبائث جمع مفرده خبيثة، وهذا تعوذ من الشياطين الذكور والإناث، والذرية وهم يشاركون بني آدم في بعض الأحوال، بينت ذلك في كتابي" جهد المحتفي بأمر العالم المختفي" وقد ورد في روايات أنهم يتشكلون ويتغولون على بني آدم، وقد ورد في كتاب الله عز وجل التحذير من الشيطان وبيان عداوته لبني آدم، ولما كانت مواضع قضاء الحاجة هي مساكنهم، نبه إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخُبث والخبائث»
(2)
؛ ولأنها أماكن لا يذكر الله فيها، جاء الأمر بالاستعاذة قبل الدخول احترازا من شرهم؛ ولأن ذكر الله لا يليق بعد دخول المكان، وقد اختلف العلماء في الذكر عند الخلاء فكرهه جماعة وأجازه آخرون، والأحوط التحفظ وعدم التساهل في ذلك وليكن قبل الدخول، عملا بقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا
(1)
رجاله ثقات: أخرجه البخاري حديث (142، وطرفه: 6322) ومسلم حديث (375) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 211).
(2)
أحمد حديث (19286).
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
(1)
. وكون النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث»
(2)
، مع أنه معصوم من ذلك هو لأجل تعليم الأمة ما يحصنهم من عبث الخُبث والخبائث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هادي اللأمة ودليها إلى كل خير، قال الله عز وجل:{وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}
(3)
، فتغيضت اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمة، فقالوا لسلمان رضي الله عنه:" قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة " فقال: أجل «لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط، أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم»
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
68 -
بابٌ الاسْتِطَابَةِ
685 -
(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ
(5)
، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ»
(6)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو صاحب السنن إمام ثقة تقدم، ويَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، هو ابن محمد المدني، ثقة روى له الستة عد ابن ماجه، وأَبو حَازِمٍ، هو سلمة بن دينار
(1)
من الآية (16) من سورة التغابن.
(2)
البخاري حديث (142) ومسلم حديث (375).
(3)
الآية (46) من سورة الأحزاب.
(4)
مسلم حديث (262).
(5)
المنخفض من الأرض، سمي به مكان قضاء الحاجة. انظر (النهاية 3/ 395).
(6)
فيه مسلم بن قرط المدني: مقبول، أخرجه أبوداود حديث (40) وقال الألباني: حسن، والنسائي حديث (44) وصححه الألباني.
تابعي ثقة تقدم، ومُسْلِمُ بْنُ قُرْطٍ، بالقاف مدني مقبول تفرد عنه أبو حازم، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير إمام ثقة تقدم، وعَائِشَةُ رضي الله عنها.
الشرح:
الاستطابة المراد بها التطهر من الأذى، وتنقية المخرج بالاستجمار بالأحجار أو بالماء أو بهما، ولذلك وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أخذ ثلاثة أحجار عند إرادة التخلي لينقى بها المخرج، ولم يذكر الماء اكتفاء بالمتيسر؛ لأن الماء لا يتيسر في كل مكان، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في وجوب الاستجمار بثلاثة أحجار، فمن قال بالوجوب استدل بحديث عائشة هذا، وبحديث سلمان رضي الله عنه قال:«لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط، أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم»
(1)
، وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه:«وليستنج بثلاثة أحجار»
(2)
، وسيأتي قول أبي هريرة رضي الله عنه عند المصنف في باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالأَحْجَارِ.
واستدل القائلون بعدم الوجوب بحديث أبي هريرة المتقدم برقم 682 - (1) وفيه حُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ، ويقال الحبراني، وهو غير معروف وتقدم شرح الحديث، وبحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته، فقال:«التمس لي ثلاثة أحجار» قال: فأتيتُه بحجرين، وروثة، قال: فأخذ الحجرين وألقى الروثة " وقال: «إنها رِكْسٌ»
(3)
، ولكن هو ضعيف لانقطاعه، أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، لم يسمع من أبيه، وقالوا: لو كانت الثلاثة شرطا لما أخذ الحجرين ورد الروثة، ورد هذ الحافظ ابن حجر رحمه الله بما أخرجه أحمد في مسنده
(4)
، من طريق معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن بن مسعود في هذا الحديث فإن فيه فألقى الروثة وقال:«إنها ركس ائتني بحجر»
(1)
مسلم حديث (262).
(2)
مستخرج أبي عوانة حديث (511).
(3)
الترمذي حديث (3685).
(4)
حديث (4299).
وقال: رجاله ثقات فتح الباري (1/ 257) فتبين أن الإنقاء لا يتم بأقل من ثلاثة أحجار، ولاسيما وأن الحجر لا يزيل أثر الخارج، وإن أزال عينه.
ما يستفاد:
* وجوب الاستجمار من قضاء الحاجة بثلاثة أحجار.
* أقل ما يحصل به النقاء ثلاثة أحجار.
* عدم جواز الاستجمار بالرجيع: بالروث؛ لأنه نجس.
* عدم جواز الاستجمار بالعظام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم من الجن»
(1)
.
* وفي هذا قصة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن» قال الراوي: " فانطلق حتى أرانا نيرانهم وآثارهم، فسألوه عن الزاد: "، فقال:«لكم كل عظم طعام يذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعر علف لدوابكم»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
686 -
(2) أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ مِنْهُنَّ رَجِيعٌ» يَعْنِى الاِسْتِطَابَةَ
(3)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري، أبو عبد الله الثغري، لابأس به تقدم، وعَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، ثقة له غرائب بعد أن أضر تقدم، وهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، هو أبو المنذر
(1)
ابن حبان حديث (6527).
(2)
ابن حبان حديث (6527).
(3)
فيه عمرو بن خزيمة المزني مقبول، وقال الداراني: إسناده جيد (1/ 531) ولا أراه كذلك، أخرجه أبوداود حديث (41) وابن ماجة حديث (315) وصححه الألباني عندهما.
القرشي، إمام ثقة، وعَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ، هو المزني تفرد بالرواية عنه هشام بن عروة، وهو تابعي مقبول، وعُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، تابعي ثقة، لم يصب ابن حزم في تجهيله، وأَبِوه، هو ذو الشهادتين من كبار الصحابة رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
69 -
بابٌ النَّهْىِ عَنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِعَظْمٍ أَوْرَوْثٍ
687 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ - هُوَ ابْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ - عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مَالِكٍ - مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: مَوْلَى سَهْلِ ابْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«أَنْتَ رَسُولِي إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَيَأْمُرُكُمْ أَنْ لَا تَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ وَلَا بِبَعْرَةٍ»
(1)
.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ مَرَّةً: وَيَنْهَاكُمْ أَوْ يَأْمُرُكُمْ.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 691، وما بعده.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنِ جُرَيْجٍ، هو عبد المالك، ثقتان تقدما، وعَبْدِ الْكَرِيمِ هُوَ ابْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ ضعيف، والْوَلِيدِ بْنِ مَالِكٍ من عبد القيس وثقة ابن حبان، ومُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ مولى سهل بن حنيف مجهول، وسَهْلِ ابْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه.
الشرح:
السند ضعيف، والخبر صحيح، وانظر ما تقدم قريبا.
(1)
فيه عبد الكريم بن أبي المخارق: ضعيف، والوليد: ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 552) وشيخه محمد بن قيس مولى سهل: لا يعرف (لسان الميزان 5/ 349).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
70 -
بابٌ النَّهْىِ عَنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ
688 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَمَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَمَسَّحْ
(1)
بِيَمِينِهِ»
(2)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وهِشَامٍ، هو الدستوائي، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، هو أبو يحيى المدني تابعي ثقة، وأَبِوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه مختلف في اسمه.
الشرح:
هذا الحديث ينهى عن مس الذكر باليد اليمنى، وعن التمسح من الغائط بها، وقد ورد تقييد هذا الإطلاق، قال البخاري رحمه الله:" باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال" ثم ذكر حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء»
(3)
، فحُمل المطلق على المقيد، فيكون النهي عنه في حال البول، وما عداه مباح، ويؤيد هذا ما رواه طلق بن علي وفيه:" سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيتوضأ أحدنا إذا مس ذكره؟ " قال: «إنما هو بضعة منك أو جسدك»
(4)
، وفد اختلف العلماء في هذا فمنهم من حسنه، ومنهم من ضعفه،
(1)
في (ف) يمتسح، وفي المطبوع (يستنجي) وهي رواية الأوزاعي عند المصنف في كتاب الأشربة، باب (21) حديث (2128).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (153) ومسلم حديث (267) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 151).
(3)
البخاري حديث (154) ومسلم حديث (267).
(4)
أحمد حديث (16286).
وأكثر نقده البيهقي رحمه الله
(1)
، فالمرجح تنزيه اليد اليمنى عن هذا وما يستقذر، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على استعمال اليد اليمنى في كل ما يستطاب، واليسرى لما عدا ذلك.
ما يستفاد:
* عدم جواز مس الذكر باليد اليمنى، وكذلك المسك؛ لأنه أولى بالمنع.
* عدم جواز التمسح من الغائط باليد اليمنى.
* يجوز في الحالين لمن فقد يده اليسرى.
* عدم اختصاص الذكر بالرجل بل حتى المرأة يشملها الحكم؛ لأن النساء شقائق الرجال في الأحكام إلا ما كان خاصا بهن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
71 -
بابٌ الاِسْتِنْجَاءِ بِالأَحْجَارِ
689 -
(1) حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ أُعَلِّمُكُمْ، فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَإِذَا اسْتَطَبْتَ فَلَا تَسْتَطِبْ بِيَمِينِكَ» وَكَانَ يَأْمُرُنَا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ
(2)
.
قَالَ زَكَرِيَّا: يَعْنِى الْعِظَامَ الْبَالِيَةَ
(3)
.
رجال السند: زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، وابْنِ عَجْلَانَ، هو محمد، والْقَعْقَاعِ هو ابن حكيم الكناني، مدني تابعي ثقة، روى له الجماعة عدا البخاري، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان، هم جميعا أئمة ثقات تقدموا وأَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
(1)
انظر السنن الكبير رقم 645.
(2)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (8) وحسنه الألباني، والنسائي حديث (40) وصححه الألباني، واختصره مسلم حديث (265).
(3)
انظر (النهاية 2/ 266).
الشرح:
النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في حال قضاء الحاجة تقدم برقم 685، وفيما بعده.
والأمر باستصحاب ثلاثة أحجار للاستجمار بها تقدم برقم 691، 692، وفيما بعدهما.
والنهي عن الروث والعظام تقدم برقم 692، 693.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
72 -
بابٌ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ
690 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ أَتَيْتُهُ أَنَا وَغُلَامٌ بِعَنَزَةٍ
(1)
وَإِدَاوَةٍ
(2)
، فَيَتَوَضَّأُ
(3)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وشُعْبَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، هو ابن
منيع، ثقة رمي بالقدر روى له الشيخان، وأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
الشرح:
العنزة لركزها سترة بين يديه، والإداوة فيها الماء، وهي قربة صغيرة، وهي لا تصلح للاستنجاء، وإنما يحمل فيها الماء، ويصب في إناء من تور وهو ما يصنع من
(1)
العنزة: عصا صغيرة، مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا قليلا، في طرفها سنان مثل سنان الرمح. انظر (النهاية 3/ 308).
(2)
إناء صغير من جلد، يتخذ للماء، جمعها: أداوى. (النهاية 1/ 33).
(3)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (150) ولم يذكر العَنَزَة، ومسلم حديث (271) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 153).
الفخار، والاستنجاء منه يكون بالنضح باليد اليمنى، والغسل باليسرى، وهو من الفطرة ورد في رواية أبي داود
(1)
، أو بالركوة وهي من جلد على شكل الإبريق يكون لها صنبور يمكن من الاستنجاء مباشرة، والمراد القول في حكم الاستنجاء بالماء، وقد أنكره بعض العلماء بزعم أنه مطعوم، فلا يجوز الاستنجاء به، وهذا قول باطل مخالف لما ثبت فيه كحديث الباب، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء، أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى، قال أبو داود: في حديث وكيع: ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ "
(2)
، وحديث عائشة رضي الله عنها قالت:" مُرْن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الخلاء، والبول، فإنا نستحي أن ننهاهم عن ذلك، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله "
(3)
.
ما يستفاد:
* جواز الاستنجاء بالماء، والسنة دلك اليد بالتراب، لتزول الرائحة، وأيضا لتطهير اليد كما ثبت في حديث ولوغ الكلب في الإناء، وغسله بالماء ثم دلكه بالتراب
(4)
، وقد أثنى الله عز وجل على أهل قباء في معرض ذكر المسجد، قال عز وجل:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}
(5)
، قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في أمر الطهور.
فماذا تصنعون؟ قالوا: نُمِرُّ الماء على أثر البول والغائط فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية
(6)
.
(1)
أبو داود حديث (54).
(2)
أبو داود حديث (45).
(3)
أحمد حديث (24890).
(4)
انظر مسلم حديث (279، 280).
(5)
من الآية (108) من سورة التوبة.
(6)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 197.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
691 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ جَاءَ الْغُلَامُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ كَانَ بِهِ يَسْتَنْجِى
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَبُو مُعَاذٍ اسْمُهُ: عَطَاءُ بْنُ مَنِيعٍ أَبِي مَيْمُونَةَ.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، هو عبد الملك، ثَنَا شُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وأَبو مُعَاذٍ، هو بصري مان يرى القدر، مات بعد الطاعون، وثقه ابن معين وأبو زرعة، وأَنَسٍ رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
692 -
(3) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ قَالَ:" حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي - وَكَانَتْ تَحْتَ حُذَيْفَةَ - أَنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ "
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو الضبي إمام ثقة تقدم، وعَبَّادِ
(3)
بْنِ الْعَوَّامِ، هو الكلابي ثقة تقدم، وحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو أبو الهذيل إمام ثقة تقدم، وذَرٍّ، هو ابن عبد الله الهذلي، أبو عمر الكوفي، ثقة رمي بالإرجاء، وروى له الستة، والْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ
(4)
، هو كوفي مخضرم، مقبول روى له الترمذي، وعَمَّة المسيب، قيل اسمها جمانة
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
فيه المسيب بن نجبة الكوفي: مخضرم، مقبول، وعمته، قيل: اسمها جمانة، ولم أقف على ما يفيد عنها، وانظر: القطوف رقم (527/ 688).
(3)
في (ك) عبادة.
(4)
بنون ثم جيم ثم باء موحدة، وبفتحات.
ذكرها ابن سعد، ثم ابن حجر في الإصابة، لم أقف على ذكر في غير هذا، وفي السياق أنها زوجة حذيفة رضي الله عنه، وهذا يشعر بأن لها صحبة.
الشرح:
انظر السابق. مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مَوْلًى لأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
73 -
بابٌ فِيمَنْ يَمْسَحُ يَدَهُ بِالتُّرَابِ بَعْدَ الاِسْتِنْجَاءِ
693 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مَوْلًى لأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ائْتِنِي بِوَضُوءٍ» ثُمَّ دَخَلَ غَيْضَةً
(1)
فَأَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَاسْتَنْجَى، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالتُّرَابِ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي تقدم، وأَبَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، هو البجلي، صالح الحديث. وثقه ابن معين والعجلي وابن نمير، واسم أبي حازم صخر بن العيلة البجلي، وتوفي أبان في خلافة أبي جعفر بالكوفة، مَوْلًى أَبِي هُرَيْرَةَ، مجهول، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث في سنده جهالة مولى أبي هريرة، أخرجه أحمد أتم حديث (7695) وأبو داود حديث (45) والنسائي حديث (50) وحسنه الألباني عندهما، ومن حديث جرير عند ابن ماجة عن جرير حديث (359) قال الألباني صحيح لغيره. والمسح بالتراب سنة لتطهير
(1)
جمعها: غياض وهي الشجر الملتف. (النهاية 3/ 402).
(2)
في (ك) يده.
اليد كما ثبت في حديث ولوغ الكلب في الإناء، وغسله بالماء ثم دلكه بالتراب
(1)
، وانظر ما تقدم برقم 695.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
694 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وأَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ تقدما آنفا، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، صدوق لم يسمع من أبيه، وأَبوه، هو الصحابي الجليل جرير ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
74 -
بابٌ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ
695 -
(1) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهُ: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ:
«غُفْرَانَكَ» .
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، إِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، هما ثقتان تقدما، ويُوسُفُ ابْنُ أَبِي بُرْدَةَ، هو ابن أبي موسى الأشعري، ثقة قليل الحديث، وأَبوه، أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة تقدم، وعَائِشَةُ رضي الله عنها.
الشرح:
(1)
انظر مسلم حديث (279، 280).
(2)
فيه انقطاع، إبراهيم بن جرير البجلي: لم يسمع من أبيه، وقد روى عنه بالعنعنة، قال الذهبي: ضعف حديثه جاء من جهة الانقطاع، لا من قبل الحفظ. (الميزان 1/ 25).
الحديث في سنده يوسف بن أبي بردة الأشعري: مقبول، أخرجه الترمذي حديث (7) وقال: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، وأبو داود حديث (30) وابن ماجة حديث (300) وصححه الألباني عندهما.
وقال هذا صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان في مكان لا يجوز فيه ذكر الله عز وجل، ومعناه اللهم إني أسألك غفرانك، وهو سنة يستحب قول ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي رحمه الله: لا يُعْرَف في هذا الباب إلَّا هذا الحديث، ونسأل الله عز وجل اللطف فإنا لا نقوى على ذكره في كل الأحوال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
75 -
بابٌ في السّوَاك
696 -
(1) [أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ» .
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي إمام ثقة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، هو الجهضمي، أخو حماد بن زيد الأزدي، ليس به بأس، وشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، هو أبو صالح الأزدي، بصري ثقة روى له الستة عدا ابن ماجه، وأَنَسٌ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنه صلى الله عليه وسلم أكثر الوصية باستعماله؛ لأنه مطهرة للفم مرضاة للرب
(1)
، وسيأتي عند الدارمي فهو سنة مستحبة، بالغ البعض في فوائده كقول من قال إنه يجلو البصرة، ولكنه يطيب الفم، وفي الشوص به تنظيف للفم مما علق به.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 697 - (2) [أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ» ]
(2)
.
(1)
انظر البخاري صحيح البخاري (3/ 31) باب سواك الرطب واليابس للصائم.
(2)
ما بين المعقوفين كتب لحقا في هامش الأصل. والخبررجاله ثقات، وانظر سابقه.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، أبو جعفر من أعلم الناس بحديث هشيم، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْوَارِثِ، هو ابن سعيد البصري، أبو سهل إمام ثقة ثبت في شعبة تقدم، وشُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ، هو بصري ثقة تقدم آنفا، وَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه.
الشرح: أنظر السابق
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
698 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِهِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِى السِّوَاكَ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو الزِّنَادِ، هو عبد الله بن ذكوان القرشي، إمام فقيه ثقة، صاحب سنة مدرج في سلسلة أصح أسانيد أبي هريرة رضي الله عنه: أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، نقل العلماء هذا عن البخاري رحمهم الله، والأَعْرَجُ، هو عبد الرحمن بن هرمز أبو داود المدني، ثقة ثبت إمام من كُتاب المصحف ومقرئيه، نزل الإسكندرية ومات فيها سنة سبع عشرة ومائة، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمة؛ لأنه لو أمرهم بالسواك عند كل صلاة لكان واجبا مفروضا، يلحق الإثم من تركه، ولكنه حثهم على استعماله؛ لأنه مطهرة للفم مرضاة للرب، ولا تعارض بين هذا وقوله: عند كل وضوء؛ لأن السواك عند الوضوء هو من أجل الصلاة لوقوع الوضوء لها، وهذا على غرار عدم تأخير صلاة العشاء لمنع المشقة على الأمة
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (887).
مع أن التأخير هو وقتها المفضل، أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال:«إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي»
(1)
.
ما يستفاد:
* التوكيد على استحباب السواك عند كل صلاة، وهو قول الجمهور.
* عدم وجوب السواك عند كل صلاة لثبوت المشقة في ذلك، ومن قال بالوجوب فقد حقق المشقة التي خافها الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالغ من قال إنه واجب ومن تركه عمدا بطلت صلاته، وهذه هي المشقة عينها.
* فيه حرص الرسول صلى الله عليه وسلم ألا تكلف الأمة بما يشق عليها، ولو كان واجبا لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شق على الناس إم لم يشق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
76 -
بابٌ السّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ
699 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ - هُوَ الْقَطَوَانِيُّ، - ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» .
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، هو أبو الهيثم البجلي، صدوق عنده مناكير، وهو من رجال الصحيحين، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، هو الأنصاري أبو إسماعيل مدني ضعيف، ودَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، هو أبو سليمان المدني، ثقة روى له الستة، قيل: يرى رأي الخوارج، والْقَاسِمِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، هو أحد الفقهاء السبعة تقدم، وعَائِشَةَ رضي الله عنهما.
الشرح:
(1)
مسلم حديث (638).
في سنده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة المدني: ضعيف، أخرجه النسائي
حديث (5) وصححه الألباني، وبوب له البخاري في كتاب الصوم، باب (27) فقال: باب السواك الرطب واليابس للصائم،
…
ثم قال: وقالت عائشة: عن النبي صلى الله عليه وسلم (مطهرة للفم مرضاة للرب)، وانظر ما تقدم برقم 702.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
77 -
بابٌ السّوَاكِ عِنْدَ التَّهَجُّدِ
700 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى التَّهَجُّدِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ "
(1)
.
رجال السند:
ابن عبد الرحمن، وأبو وَائِلٍ، هو شقيق، هم أئمة ثقات تقدموا، وحُذَيْفَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالتهجد القيام لصلاة الليل، للتهجد معنيان متضادان، تقول هجد القوم إذا ناموا، وتقول هجد القوم إذا سهروا، منه التهجد في الليل إذا سهر الرجل في صلاة الليل، من السنة أن يدرج السواك يمينا وشمالا في فمه لتطيب الفم، تكريما للقراءة والذكر والدعاء، ونعمت السنة، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
78 -
بابٌ لَا تُقْبَلُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ طُهُورٍ
*:
701 -
(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (245) ومسلم حديث (255) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 144).
«لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً
(1)
بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ»
(2)
.
رجال السند:
سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو أبو عتاب العنقزي، لابأس به تقدم، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، وأَبو الْمَلِيحِ، تابعي مختلف في اسمه، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه رضي الله عنه، هو أسامة بن عمير الهذلي صحابي.
الشرح:
ذكّر لفظ الصلاة منكرا للعموم فجميع الصلوات المفروض منها والمسنون لا تصح بدون طهور، والمراد بالفروض الصلوات الخمس، والمسنون ما عدا ذلك ومنها صلاة العيدين والجنازة والاستسقاء، ويدخل في هذا الطواف لا يصح إلا بطهو لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما الطواف صلاة، فإذا طفتم، فأقلوا الكلام»
(3)
، والمراد بالطهور الوضوء، غسل أعضاء الوضوء المعروفة، أو التيمم عند فقد الماء، فالطهارة شرط في صحة الصلاة؛ لأنها من شروط الصلاة التسعة وهي: الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، وإزالة النجاسة، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية. وقوله:«وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» الغلول في الشرع هو خيانة الغنائم في حال الجهاد، وكل خيانة غلول، كالسرقة والنهب من الأموال العامة، والرشوة خيانة لا تجوز الصدقة من ذلك كله لأنها مكاسب خبيثة محرمة، والله لا يقبل إلا طيبا
(4)
.
ما يستفاد:
* الوضوء شرط في قبول الصلاة، وذلك على غرار ما سيأتي في كيفيته.
* عدم قبول الصدقة من مال حرام.
(1)
بداية السقط من (ت) وهو (116) حديثا، بدايته جزء من الحديث رقم (697) ونهايته جزء من الحديث رقم (813).
(2)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (59) والنسائي حديث (139) وصححه الألباني عندهما.
(3)
أحمد حديث (15423).
(4)
أحمد حديث (8346).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
79 -
بابٌ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ
702 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُحَمَّدٍ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، هو ابن علي ابن أبي طالب نسب إلى مه، هو إمام فقيه ثقة، عوَلِيّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه.
الشرح:
المراد عدم الوصول إلى أداء الصلاة إلا بالطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وبغير هذا المفتاح لا يمكن الدخول في الصلاة لا فرضا ولا نفلا، ولا ما كان فرض كفاية. قوله:«وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» المراد أن هذا هو الفعل الثاني بعد الطهور وهو الوضوء، فلا تنعقد الصلاة بالتكبير إلا بعد الوضوء، والتكبير هو الجزء الأول من الصلاة، يدخل المصلي في حريمها فيحرم عليه كل شيء غير الاشتغال بأركانها وشروطها وواجباتها، والحرص على كمالها، وعدم الاشتغال بغير ما طلب فيها، فإذا أتم آخر جزء منها وهو التشهد الأخير تحلل للخروج منها بالتسليم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه، وعن شماله، حتى يرى بياض خده، «السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله»
(2)
، وزاد في رواية كان يسلم عن يمينه:«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» ، وعن شماله:
(1)
سنده حسن، أخرجه الترمذي حديث (3) وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وأبو داود حديث (61) وابن ماجة حديث (275) وصححه الألباني عندهما.
(2)
أبو داود حديث (996).
(1)
.
ما يستفاد:
* عدم جواز افتتاح الصلاة بغير ظهور.
* لا يجوز افتتاح الصلاة بغير تكبيرة الإحرام، وصيغة ذلك " الله أكبر " والتكبير الركن الأول من أركان الصلاة، وهو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* لا يجوز بعد التكبير الاشتغال بغير المطلوب في الصلاة.
* يحل بعد التسليم ما كان محرما قبله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
80 -
بابٌ كَمْ يَكْفِي فِي الْوُضُوءِ مِنَ الْمَاءِ
؟
703 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، ثَنَا أَبُو رَيْحَانَةَ، عَنْ سَفِينَةَ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وابْنُ عُلَيَّةَ، هو إسماعيل، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبُو رَيْحَانَةَ، هو عبد الله بن مطر البصري، مشهور بكنيته تابعي لابأس به، ولم يرو له الدارمي سوى هذا، وسَفِينَةُ رضي الله عنه، هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشرح:
هذا فعله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر العلماء مقادير مختلفة، فيختلف المقدار باختلاف الأحوال، ولا يمنع من الزيادة على هذا، أو النقص منه، على أني لا أتصور كفاية المد من الماء للوضوء ولا سيما على قول إن المد ملء يدي الرجل المعتدل، ولو قسنا هذا اليوم
(1)
أبو داود حديث (997).
(2)
سنده حسن، أخرجه مسلم حديث (326).
لما تجاوز ربع لتر، وهذا من الصعوبة بمكان أن يتوضأ به مع الإسباغ.
ما يستفاد:
* جواز التطهر من الحدثين بأقل ما يمكن من الماء.
* جواز الزيادة على ما ذكر حسب ما تقضي به الحاجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
704 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ قَالَ: " سَمِعْتُ أَنَساً رضي الله عنه يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمَكُّوكِ
(1)
وَيَغْتَسِلُ بِخَمْسِ مَكَاكِي"
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، هو هشام بن عبد الملك الباهلي، إمام ثقة فقيه تقدم، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، هو الأنصاري تابعي ثقة، روى له الستة، قَالَ: وأَنَسٌ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، وهو المكوك ويغتسل بخمسة أمداد، والمكوك من موازين العراق، ويختلف اصطلاح الناس فيه، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
81 -
بابٌ الْوُضُوءِ مِنَ الْمِيضَأَةِ
705 -
(1) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيّدُ الله بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ:
(1)
جمعه: مكاكي، وهو من المكاييل، لعله أراد به المد، وقيل: الصاع، والأول أشبه لأنه جاء مفسرا بالمد في الحديث الذي قبله، انظر:(النهاية 4/ 350).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (325).
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينَا فِي مَنْزِلِنَا فَآخُذُ مِيضَأَةً لَنَا تَكُونُ مُدًّا وَثُلُثَ مُدٍّ أَوْ رُبُعَ مُدٍّ، فَأَسْكُبُ عَلَيْهِ، فَيَتَوَضَّأُ ثَلَاثاً ثَلَاثاً ".
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، هو أبو يحيى إمام ثقة تقدم، وعُبَيّدُ الله بْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب الرقي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، إمام ثقة تقدم، والرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها.
الشرح:
الحديث سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (126) مفصلا وليس فيه ذكر الميضأة، وصححه الألباني، والترمذي بغير هذه القصة، مقتصرا على مسح الرأس مرتين، والأذنين حديث (33) وقال: حسن، وابن ماجة حديث (390) وقال الألباني: حسن، دون الماء الجديد، والميضأة كل إناء يوضع فيه ماء للوضوء، تصنع من الجلود والصفر وغير ذلك، ثبت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء ثلاثا، واثنتين، ومرة مرة، كما سيأتي عند الدارمي، وهذا يفيد أن المفروض في الوضوء غسل الأعضاء مرة مرة، وأن من زاد اثنتين أو ثلاثا فذاك مباح، وفيه زيادة أجر، وعلى هذا أهل العلم كافة ولا خلاف في ذلك، وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة وقال: «هذا وضوء من لا يقبل الله منه الصلاة إلا به» ثم توضأ مرتين مرتين وقال: «هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين مرتين» ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال: «هذا وضوئي ووضوء المرسلين من قبلي»
(1)
.
ما يستفاد:
* جواز أن يسكب الماء على المتوضئ.
* أن من السنة غسل أعضاء الوضوء ثلاثا ثلاثا.
(1)
فيه المسيب بن واضح ضعيف.
* لا تجوز الزيادة على الثلاث المسبغة، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال:«هذا الوضوء، فمن زاد فقد أساء وظلم»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
82 -
بابٌ التَّسمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ
706 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي رُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو أبو قدامة السرخْسي إمام ثقة تقدم، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، هو عبد الملك إمام ثقة تقدم، كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، هو الأسلمي لابأس به، ورُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، لقبه ربيح، واسمه سعيد شيخٌ، وأَبوه، عبد الرحمن ابن الصحابي أبي سعيد الخدري، هو تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري فروى له تعليقا، وجَدُّهُ، هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
لم يثبت في التسمية عند إرادة الوضوء حديث صحيح، ونحى الإمام البخاري إلى العموم فقال رحمه الله:" التسمية على كل حال وعند الوقاع"
(3)
، وعقب بالنص على حالة الجماع لثبوت الحديث في ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:«لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره»
(4)
والخلاصة: أن التسمية زيادة في الخير فيستحب الحرص عليها في كل الأحوال،
(1)
المنهاج في شعب الإيمان (2/ 267) المنهاج في شعب الإيمان (2/ 267).
(2)
فيه ربيح بن عبدالرحمن بن أبي سعيد: مقبول، أخرجه ابن ماجة حديث (397) وحسنه الألباني.
(3)
البخاري 1/ 40.
(4)
البخاري حديث (141) ومسلم حديث (1434).
والطهور حالٌ يقتضيها، وفعلها أولى من تركها عمدا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
83 -
بابٌ فِيمَنْ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُمَا
707 -
(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ يُحَدِّثُ، عَنْ جَدِّهِ: أَوْسِ بْنِ أَبِى أَوْسٍ رضي الله عنه: " أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَاسْتَوْكَفَ ثَلَاثاً". [فَقُلْتُ أَنَا لَهُ: أَيُّ شَيْءٍ اسْتَوْكَفَ ثَلَاثاً؟ قَالَ: غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثاً].
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر الكناني، سكن بغداد، صاحب سنة، ثقة، كان أهل بغداد يفخرون به، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة، والنُّعْمَانُ ابْنُ سَالِمٍ، هو الطائفي من شيوخ شعبة الثقات، صالح الحديث روى له الستة عدا البخاري، وابْنُ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، هو عبد الرحمن، ولم أقف على من ترجمه، وأَوْسُ بْنُ أَبِى أَوْسٍ، هو أوس بن حذيفة رضي الله عنه.
الشرح:
ما بين المعقوفين سقط من الأصل (ل 2) والخبر في سنده ابن عمرو ابن أوس: اضطرب الرواة فيه، وأخرجه النسائي بعبارة " استوكف ثلاثا " حديث (83) وقال الألباني: صحيح الإسناد، وليس مراد الدارمي رحمه ما يوحي به ظاهر ترجمة الباب، فإنا توحي بجواز إدخال اليدين في الإناء قبل غسلهما، وليس الأمر كذلك بل المراد غسل اليدين قبل إدخالها في الإناء، يؤيد هذا معنى الاستيكاف؛ وهو صب الماء وإسالته على اليد لغسل اليدين، وسيأتي عند الدارمي من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه فأكفأ على يده، وقد ثبت النهي عن إدخال اليد في الإناء قال صلى الله عليه وسلم: «وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين
باتت يده»
(1)
، فذكر أن علة ذلك الشك في عدم طهارة اليد، ولذلك لا يكره لغير المستيقظ من النوم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
84 -
بابٌ الوُضُوءِ ثَلَاثاً
708 -
(1) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، الْجَهْضَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ - مَوْلَى عُثْمَانَ -: أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً وَيَدَيْهِ ثَلَاثاً، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثاً، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأْتُ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، الْجَهْضَمِيُّ، إمام ثقة قدوة تقدم، وعَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عبد الأعلى البصري، أبو محمد القرشي، قدري غير داعية ثقة، روى له الستة، مَعْمَرٌ، هو ابن راشد إمام ثقة تقدم، والزُّهْرِيِّ، هو محمد بن مسلم إمام ثقة تقدم، وعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، هو الليثي تابعي إمام ثقة تقدم، وحُمْرَانُ بْنُ أَبَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، ثقة روى له الستة، وعثمان رضي الله عنه.
الشرح:
هذه صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخبر رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (159) ومسلم حديث (226) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 135).
قوله: «فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ» قبل هذا غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، وهذا للمستيقظ من النوم وجوبا، ولغيره جوازا، وتقدم البيان برقم 712، وقبل ذلك بادئ ذي بدء النية، فلا يصح الوضوء بدون نية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات»
(2)
، ثم المضمضة والاستنشاق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
البخاري حديث (162) ومسلم حديث (278).
(2)
البخاري حديث (1) ومسلم حديث (1907).
«إن من الفطرة المضمضة، والاستنشاق»
(1)
.
قوله: «وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً وَيَدَيْهِ ثَلَاثاً، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثاً» بين الله عز وجل فرض الوضوء فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
(2)
، غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين، وهذا الذي نص عليه الكتاب العزيز، هو أركان الوضوء، وما زاد على هذا فمن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الواجبات، غسل اليدين قبل إدخالها في الإناء، ثم المضمضة والاستنشاق، وعموم الرأس بالمسح، ومسح الأذنين باطنا وظاهرا، وتخليل اللحية عند غسل الوجه، وتخليل الأصابع للتأكد من الإسباغ.
قوله: «ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأْتُ» هذا توكيد على أن ما فعله هو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الكمال.
قوله: ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» هذه بشارة لمن توضأ على نحو ما ذكر، ثم صلى صلاة لم يشتغل فيها بشيء من أمور الدنيا غفر له ما تقدم من ذنبه قبل صلاته، وهذا عمل عظيم جعل الله أجره عظيما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
709 -
(2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ دَعَا بِتَوْرٍ
(3)
مِنْ مَاءٍ، فَأَكْفَأَ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ:
(1)
أبو داود حديث (54).
(2)
من الآية (6) من سورة المائدة.
(3)
في الأصل (ل 2) بثور، وهو خطأ والتور: إناء من الفخار، الطين المحروق.
هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ "
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو الواسطي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، هو ابن ابن بنت عبد الله بن زيد رضي الله عنه، ثقة روى له الستة، وأَبوه، هو يحيى بن عمارة الأنصاري، تابعي ثقة روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، أبو محمد رضي الله عنه.
وقال الدارمي: أَخْبَرَنَا يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْواً مِنْهُ
(2)
.
عبد العزيز بن أبي سلمة هو الماجشون نسب إلى جده وهو عبد العزيز بن عبد الله ابن أبي سلمة الماجشون ثقة، روى له الستة.
الشرح:
في هذا الحديث جمع بين صفتين من صفات الوضوء، فغسل بعض الأعضاء ثلاثا، وهذا الكمال، والبعض مرتين، وهو دون الأول في الأجر، وفوق الأجر لمن غسل مرة مرة، والغسل مرة مرة مع الإسباغ هو الوجب الذي لا يصح الوضوء بأقل منه، وانظر ما تقدم برقم 677.
وقوله في رواية الماجشون: " نحوا منه " أي: نحوا من رواية الدراوردي قبله.
ما يستفاد:
* يجوز في الوضوء غسل بعض الأعضاء ثلاثا، والبعض مرتين مرتين.
* الوجب في الوضوء غسل الأعضاء مرة مرة مع الإسباغ، ولا يجوز
(1)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (185) ومسلم (235) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 136).
(2)
رجاله ثقات.
أقل من ذلك.
ولاحظ تكرار هذا الحديث بالروايتين نصا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
85 -
بابٌ الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ
710 -
(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ دَعَا بِتَوْرٍ
(1)
، مِنْ مَاءٍ فَأَكْفَأَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ "
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
711 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْواً مِنْهُ
(3)
.
رجال السند:
يَحْيَى، ثقة تقدم آنفا، وعَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، هو الماجشون تقدم، وعَمْرُو بْنُ يَحْيَى، ثقة تقدم آنفا، وأَبِوه، يحيى ثقة تقدم آنفا، وعَبْدُاللَّهِ ابْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا مكرر السابق برقم 709، للاستدلال بشطره الأخير على جواز غسل الأعضاء مرتين، وفيه توسعة في أمر الوضوء وهو مستحب لما فيه من الأجر بالزيادة على المرة الواحدة وهي الصفة الواجبة ولا يجزي الأقل منها، وانظر السابق.
(1)
في الأصل (ل 2) بثور، وهو خطأ والتور: إناء من الفخار، الطين المحروق.
(2)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (185) وانظر: أطرافه 186، 197، 199) ومسلم (235).
(3)
صيغة الأداء من (ت) وليست في بقية الأصول.
ما يستفاد:
* جواز الاكتفاء في غسل أعضاء الوضوء بمرتين بدلا من الثلاث.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
86 -
بابٌ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً
712 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ قال: ثَنَا
(1)
سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ - أَوْ أَلَا أُخْبِرُكُمْ - بِوُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، أَوْ قَالَ: مَرَّةً مَرَّةً
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هو مولى عمر، وعَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقموا، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه الصفة هي الفريضة في الوضوء، يجب غسل أعضاء الوضوء مرة مرة بإسباغ، ولا يجوز أقل من هذا، وقد بين طريقة الوضوء مرة مرة زيد بن أسلم رحمه الله قال:" أخذ غرفة من ماء، فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء، فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى، فغسل بها رجله، يعني اليسرى" ثم قال: " هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ "
(3)
.
(1)
صيغة الأداء من (ت) وليست في بقية الأصول.
(2)
وانظر ما تقدم، والخبر رجاله ثقات، أخرج البخاري طرفا منه حديث (157) والمراد أنه فعل ذلك عمليا، أو حكى فقال: مرة مرة، الشك من الراوي.
(3)
البخاري حديث (140).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
713 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاِسْتِنْشَاقِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وعَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح: أنظر ما تقدم.
ما يستفاد:
* جواز الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحد، وتجوز الزيادة على غرار ما تقدم في الثلاث والاثنتين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
87 -
بابٌ مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ
714 -
(1) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ
(2)
عَقِيلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَزِيدُ بِهِ فِي الْحَسَنَاتِ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ:
(3)
.
(1)
سنده حسن، أخرجه ابن ماجة حديث (403) وصححه الألباني.
(2)
سقطت من (ل 2).
(3)
سنده حسن، أخرجه ابن ماجة حديث (427) وقال الألباني: حسن صحيح.
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وابْنِ عَقِيلٍ، وسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا أنظر رقم 36 - (6) وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
الشرح:
هذه بشارة للمصلين بكون الوضوء مكفر لذنوبهم، ويزيد في حسناتهم، يؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض، ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه، وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله، إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه، إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين، إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى، فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه»
(1)
.
قوله: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ» من المكروهات شدة البرد يؤيد هذا قوله: صلى الله عليه وسلم: «وإسباغ الوضوء في السبرات» والسبرات جمع مفرده سبرة، وهي وقت شدة البرد مع نزل المطر، أو بدون مطر، وهي تسمية حية إلى اليوم في جنوب المملكة، فإسباغ الوضوء فيه مشقة وقد لمسنا هذا في شبابنا.
قوله: «وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ» بينه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ونقل الأقدام إلى الجماعات» ويجمع هذا حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «وأما الكفارات فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات»
(2)
، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم فإن هو قام فصلى، فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه
(1)
مسلم حديث (832).
(2)
الجامع الصحيح للسنن والمسانيد 6/ 286.
يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة"
(1)
، وهذا لا يقال بالرأس فله حكم المرفوع، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من خرج من بيته إلى المسجد، كتب له بكل خطوة يخطوها عشر حسنات، والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين حتى يرجع إلى بيته»
(2)
.
قوله: «وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ» من تكفير الذنوب المكث في المسجد بعد أداء صلاة لينتظر ما بعدها، كأن يصلي المغرب ويبقى في المسجد ينتظر صلاة العشاء، قال صلى الله عليه وسلم:«والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين حتى يرجع إلى بيته»
(3)
.
ما يستفاد:
* الحرص على مكفرات الذنوب.
* وجوب اسباغ الوضوء على كل حال.
* الحرص على الصلاة في المساجد، واستثمار الخطوات في الذهاب إليه، والعودة منه.
* الحرص على كثرة الخطى إما باختيار الطريق الأبعد أو بتقارب الخطى في السير إلى المسجد.
* استجاب الجلوس في المسجد في انتظار الصلاة التالية.
* اشغال وقت الجلوس في المسجد بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن.
(1)
مسلم حديث (654).
(2)
أحمد حديث (17459).
(3)
أحمد حديث (17459).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
715 -
(2) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، ثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ بِنَحْوِهِ.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، هو أبو حذيفة النهدي، صدوق روى له البخاري في المتابعات، وزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو أبو المنذر التميمي صدوق مستقيم الحديث، روى له الستة، وهنا تابع عبيد الله بن عمرو، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
716 -
(3) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْضَمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُمِرْنَا بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ»
(1)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، هو ابن مسرهد البصري، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، هما ثقتان إمامان تقدما، وأَبو الْجَهْضَمِ، هو موسى بن سالم، مولى آل العباس، ثقة روى له الأربعة، وعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وقيل: وهم فيه حماد، وإنما هو عبدالله بن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، من صغار التابعين ثقة روى له الستة، وما ذكر الحافظ بن حجر رحمه الله
(1)
سنده حسن، أخرجه والترمذي حديث (1701) وهذا طرف منه، وقال: حسن صحيح، و كذلك أبو داود حديث (808) وكذلك النسائي حديث (141) وابن ماجة حديث (426) بلفظ الدارمي، وصححه الألباني عندهم.
في أطراف المسند أنه عبيدالله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود فهو وهم منه، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
انظر المتقدم برقم 714، وروى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء»
(1)
، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يمر والناس يتوضؤون من المطهرة، فيقول: أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: «ويل للأعقاب من النار"
(2)
، والإسباغ مطلوب في جميع أعضاء الوضوء، وإنما ذكر الأعقاب لأنها أكثر عرضة لعدم الإسباغ.
ما يستفاد:
* وجوب إسباغ الوضوء، وتفقد أعضاء الوضوء ولاسيما تخليل اللحية، والمرفقين، والعقبين، وتخليل أصابع الرجلين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
88 -
بابٌ في الْمَضْمَضَةِ
717 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا زَائِدَةُ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ خَيْرٍ قَالَ: " دَخَلَ عَلِيٌّ الرَّحَبَةَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ- قَالَ -: فَجَلَسَ فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ: ائْتِنِي بِطَهُورٍ قَالَ: فَأَتَاهُ الْغُلَامُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ - قَالَ عَبْدُ خَيْرٍ -: وَنَحْنُ جُلُوسٌ نَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَمَلأَ فَمَهُ
(3)
، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَنَثَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَعَلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى طُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا طُهُورُهُ".
(1)
مسلم حديث (241) وحديث عائشة رضي الله عنها حديث (240). 0
(2)
انظر البخاري حديث (165) ومسلم حديث (242).
(3)
ساقط من (ل 2).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، هو هشام، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وخَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ، هو أبو حية الوادعي، ثقة من شيوخ شعبة، وكان يهم فيه، ويسميه مالك بن عرفطة، وعَبْدُ خَيْرٍ، هو ابن يزيد الهمداني، أبو عمارة ثقة مخضرم، من أصحاب علي الكبار، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.
الشرح:
الرحبة الفناء، في الدار أو المسجد، وقد تعددت الرواية عن علي رضي الله عنه في كيفية الوضوء، وهذه إحداها، وهذا يدل على تعدد الواقعة، وهي في تثليث المضمضة والاستنشاق والنثر، والواجب من ذلك ما تقدم بيانه برقم 717، والخبر سنده حسن، أخرجه الترمذي حديث (48) وقال: حسن صحيح، و أبو داود حديث (111) والنسائي حديث (93) وصححه الألباني عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
718 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَسَنُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ خَيْرٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام ثقة تقدم، وحَسَنُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرَادِيُّ، هو أبو كيران ثقة من أفراد الدارمي، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
89 -
بابٌ فِي الاِسْتِنْشَاقِ وَالاِسْتِجْمَارِ:
719 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
(1)
في سنده الحسن بن عقبة: نقل ابن أبي حاتم توثيقه عن ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديث، وذكره ابن حبان في الثقات. أنظر:(الجرح 3/ 28 - 29، والثقات 8/ 168).
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنِ اسْتَنْشَقَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» .
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي أبو سعيد الحمصي ثقة تقدم، ومُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، والزُّهْرِيُّ، محمد بن مسلم إمام ثقة تقدم، وعَائِذُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هو أبو إدريس الخولاني، تابعي إمام ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
فيه وجوب الاستنثار بعد الاستنشاق لتنظيف الأنف وتطهيره، وفيه وجوب الاستجمار بثلاثة أحجار، والحديث فيه عنعنة ابن إسحاق، أخرجه البخاري حديث (161) ومسلم حديث (237) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 137) وانظر المتقدم برقم 683، 690.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
90 -
بابٌ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ
720 -
(1) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ شَقِيقِ ابْنِ سَلَمَةَ قَالَ:" رَأَيْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ "
(1)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، هما إما مان ثقتان تقدما، وعَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، هو ابن جمرة الأسدي لابأس به، وشَقِيقُ ابْنُ سَلَمَةَ، هو أبو وائل إمام ثقة تقدم، وعُثْمَانَ رضي الله عنه.
(1)
فيه عامر: لين الحديث، أخرجه ابن ماجة حديث (430) وصححه الألباني.
الشرح:
فيه وجوب تخليل اللحية ولاسيما إذا كانت كثيفة، وانظر ما تقدم برقم 714، 722.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
91 -
بابٌ فِي تَخْلِيلِ الأَصَابِعِ
721 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَافِدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغْ وُضُوءَكَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ» .
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، هما ثقتان تقدما، وابن جريج يرسل ويدلس، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، هو أبو هاشم المكي، ثقة روى له الأربعة، وعَاصِمُ بْنُ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، تابعي ثقة، ولا يلتفت لقول الذهبي فيه، وأَبوه، هو لقيط بن صبرة أو عامر العقيلي، أبو رزين، وفرق بينهما البعض، وقال البخاري رحمه الله: له صحبة.
الشرح:
فيه وجوب إسباغ الوضوء وتخليل الأصابع والمراد أصابع الرجلين، وتقدم هذا في عموم روايات الوضوء، والحديث رجاله ثقات، أخرجه الترمذي حديث (788) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (142) طويل وهذا طرف منه، والنسائي حديث (114) وابن ماجة حديث (448) وصححه الألباني عندهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
92 -
بابٌ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ:
722 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ جَعْفَرٌ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ ابْنِ يِسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّار، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو إمام ثقة تقدم، جَعْفَرٌ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو الأشهب الواسطي، من أفراد الدارمي وليس به بأس وإن تكلم فيه آخرون، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر إمام ثقة تقدم، وهِلَالُ بْنُ يِسَافٍ، أو إساف الأشجعي، كوفي ثقة روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وأَبو يَحْيَى، هو مصدع الأعرج، قيل: كان غاليا في التشيع، كوفي جهله ابن معين ووثقه العجلي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما.
الشرح: تقدم تفصيل هذا وبرقم 714، 721.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
723 -
(2) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ يَمُرُّ بِنَا وَالنَّاسُ يَتَوَضَّؤون مِنَ الْمِطْهَرَةِ وَيَقُولُ: أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
(3)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر الكناني، ثقة صاحب سنة تقدم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، هو أبو الحارث الجمحي، ثقة ثبت من رجال الصحيح، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
(1)
فيه أبو يحي مصدع الأعرج: مقبول، أخرجه البخاري حديث (60) وليس فيه" أسبغوا الوضوء" ومسلم (241) وهذا طرف منه، وعنده" أسبغوا الوضوء" وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 139).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري (165) ومسلم حديث (242) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 140).
(3)
كأنه يرجح الإدراج.
الشرح:
القائل: محمد بن زياد، وقد ذكر العلماء أن قوله:" أسبغوا الوضوء" أنه مدرج من قول أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الحافظ: قد ثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح (النكت 2/ 824). علق أبو عاصم صاحب فتح المنان على [(و) كان يمر
…
] فقال:
…
ووقع في النسخ الخطية والمطبوع (قال: وكان يمر) لعلها زيادة من النساخ، توهم أنه من كلام أبي هريرة ويعني به الرسول صلى الله عليه وسلم. (فتح المنان 4/ 235) قلت: لا وجود لحرف الواو من (وكان) فيما تيسر الاطلاع عليه من الأصول الخطية، وكذلك المطبوع، بل قال: كان يمر بنا، فالقائل محمد ابن زياد، والمار أبو هريرة رضي الله عنه. والخبر وتقدم البيان برقم 714، 722.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
93 -
بابٌ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَالأُذُنَيْنِ
724 -
(1) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ:" رَأَيْتُ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ أَوْ كَالَّذِي صَنَعْتُ "
(1)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وعَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ، هو ابن جمرة الأسدي لابأس به تقدم، وشَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، هو أبو وائل إمام ثقة، وعُثْمَانَ رضي الله عنه.
الشرح: فيه وجوب مسح الرأس ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما مرة من غير تكرار، وأجاز التكرار بعض أهل العلم من باب الاستحباب لا الوجوب، ومنهم من ألحق الأذنين بالوجه فغسلهما، ومنهم من ألحقهما بالرأس فمسحهما.
(1)
فيه عامر بن شقيق لين الحديث، أخرجه أبو داود حديث (110) وقال الألباني: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (413) وصححه الألباني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
94 -
بابٌ كَانَ النَّبَيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ لِرَأْسِهِ مَاءً جَدِيداً
725 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثَنَا حَبَّانُ بْنُ وَاسِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ
(1)
عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْجُحْفَةِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثاً، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثاً، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ "
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ بِهِ تَفْسِيرَ مَسْحِ الأَوَّلِ.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، إمام ثقة تقدم، ابْنُ لَهِيعَةَ، هو عبد الله متكلم في حفظه وهو صدوق، وحَبَّانُ بْنُ وَاسِعٍ، هو ابن حبان الأنصاري ثقة روى له مسلم، وهو ابن عم يحيى بن حبان، وأَبوه، واسع بن حبان الأنصاري، تابعي ثقة روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ رضي الله عنه. أما قوله:" عَنْ عَمِّهِ عَاصِمٍ الْمَازِنِي" فهو خطأ إنما هو تكملة اسم عبد الله ابن زيد ابن عاصم المازني، انظر قول ابن حجر رحمه الله في التعليق السابق.
الشرح:
الجديد هنا عما تقدم في روايات كيفية الوضوء أنه أخذ لمسح الرأس ماء غير ما كان في يديه متبقا من غسل اليدين، وهذا يؤكد أن لمسح الرأس ماء جديدا ومنه مسح الأنين ظاهرا وباطنا.
(1)
قال ابن حجر: أخرجه أحمد على الصواب قال: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة بهذا السند، الى عبد الله بن زيد بن عاصم فقال: عبد الله بن زيد بن عاصم المازني قال: رأيت هكذا، أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، من طريق حبان ابن واسع، وليس لعبد الله بن زيد عم اسمه عاصم، بل عاصم اسم جده، وليست له صحبة (الإصابة 5/ 171).
(2)
سنده حسن، أخرجه مسلم حديث (236).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
95 -
بابٌ الْمَسحِ عَلَى الْعِمَامَةِ
726 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ "
(1)
.
قِيلَ لأَبِى مُحَمَّدٍ: تَأْخُذُ بِهِ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَعْفَرُ بْنُ عَمْرِوبْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، هو أخوا عبد الملك بن مروان من الرضاعة، مدني ثقة روى له الستة سوى أبي داود، وأَبوه عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه.
الشرح:
فيه المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين والعمامة، يؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم:«توضأ فمسح بناصيته، وعلى العمامة وعلى الخفين»
(2)
، وهو قول جمهور العلماء أنه بعد أن مسح على الناصية كمل على العمامة، وقالوا: لا يجوز الاقتصار في المسح على العمامة؛ لأن العمامة تبع مسحها مسح الناصية، والناصية بعض الرأس، واكتفى بذلك عن نزع العمامة، فوقع أداء الواجب من مسح الرأس بمسح الناصية.
أما المسح على الخفين فله سببان:
الأول: أن يكون لبسهما على طهارة، يؤيد هذا حديث المغيرة رضي الله عنه قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال:«دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين» .
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (205).
(2)
مسلم حديث (247).
فمسح عليهما "
(1)
.
والثاني: المشقة في نزع الخفين، ولأن القدمين عضو يسقط فرضه في التيمم فجاز المسح على ما فوقه من خف، أو جورب صفيق محكم النسج، وفي توقيت المسح قال شريح بن هانئ، " أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب، فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " فسألناه فقال: «جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم»
(2)
، فالمسح على الخفين ونحوهما سنة في الحضر والسفر على ما ذكر علي رضي الله عنه.
ما يستفاد:
* جواز المسح على الناصية والإكمال على العمامة.
* جواز المسح على الخفين ونحوهما بعد لبسهما على طهارة، في السفر
ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
96 -
بابٌ فِي نَضْحِ الْفَرْجِ بَعْدَ الْوُضُوءِ
727 -
(1) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:" أَنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَنَضَحَ فَرْجَهُ "
(3)
.
رجال السند:
قَبِيصَةُ، هو ابن عقبة، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وعَطَاءُ ابْنُ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(1)
البخاري حديث (206، 4799) ومسلم حديث (274).
(2)
مسلم حديث (276).
(3)
رجاله ثقات، رواية الوضوء مرة مرة تقدمت عن ابن عباس، ورواية نضح الفرج عند أبي داود حديث (166) والنسائي حديث (135) وصححه الألباني عندهما.
الشرح:
أنظر ما تقدم برقم 678، 696، 718.
ما يستفاد:
* وجوب نضح الفرج بالماء باليد اليمنى تكريما لليمين عن ملامسة الفرج.
* يجوز استعمال ما يغني عن النضح باليد كالأباريق، وما استجد من أدوات في أماكن الوضوء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
97 -
بابٌ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ
728 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ سَلَمَةَ
ابْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَأَلْتُ مَيْمُونَةَ خَالَتِي عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَتْ: كَانَ يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فَيُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَسَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِنْدِيلِ فَيَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَنْفُضُ أَصَابِعَهُ وَلَا يَمَسُّهُ
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو بن باذام العبسي، ثقة تقدم، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو محمد بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن القاضي ضعف بسوء الحفظ، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، أبو يحيى الحضرمي، تابعي ثقة تقدم، وكُرَيْبُ، هو كريب بن مسلم، إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ومَيْمُونَةَ، هي بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
فيه محمد بن أبي ليلى: صدوق سيء الحفظ جدا، أخرجه البخاري حديث (249) ومسلم حديث (317) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 182).
الشرح:
الحديث صحيح وهو في البخاري ومسلم من وجه آخر عن كريب، عن ابن عباس، قال: قالت ميمونة: " وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماءً للغسل، فغسل يديه مرتين أو ثلاثا، ثم أفرغ على شماله، فغسل مذاكيره، ثم مسح يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه، ثم أفاض على جسده، ثم تحول من مكانه فغسل قدميه "
(1)
، فهذه صفة الغسل من الجنابة.
ما يستفاد:
* غسل اليدين مرتين أو ثلاثا، فيه إشعار بشك الراوي وهو الأعمش رحمه الله، وهذا الشك لا يؤثر فمن غسل مرتين فقد أصاب السنة وهي إحدى صفات غسل أعضاء الوضوء، وإن ثلاثا فهي الصفة الأكمل من صفات الوضوء، هذا ولو لم يزل الشك، وقد زال بجزم الأعمش بالثلاث في رواية عنه، ومعلوم أن الجنب يبدأ في الاغتسال بأن يتوضأ وضوؤه للصلاة، ثم يعمم الماء على الجسد.
أما الدلك بالأرض فإذا لم يتوفر شيء من المنظفات كما هو الحال اليوم، فإن دلك اليدين بالأرض يزيل ما علق بها من غسل المذاكير، ويطهرها، وانظر ما تقدم برقم 623.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
98 -
بابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
729 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ
(1)
البخاري حديث (257) ومسلم حديث (337).
مِنْهَا، حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ:«دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وزَكَرِيَّا، هو ابن عدي، وعَامِرٍ، هو الشعبي إمام تقدم، وعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، هو ابن شعبة الثقفي يكنى أبا يعفور، ثقة من تابعي أهل الكوفة، وعن الشعبي أنه كان أميرا على الكوفة وكان خير أهل بيته وأَبوه، هو المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه.
الشرح:
في الإبعاد انظر ما تقدم برقم 681، 682، وتقدمت صفة الوضوء مرارا، وفي المسح على الخفين ما تقدم برقم 732، وقد ثبت بالتواتر عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، ومنهم العشرة المبشرين بالجنة، والصحيح أن المسح على الخفين أفضل من نزعهما وغسل الرجلين؛ لأنه رخصة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
99 -
بابٌ التَّوْقِيتِ فِي الْمسْحِ
730 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْحَكَمِ ابْنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ:" جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْماً وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ " - يَعْنِى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ -
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (206) ومسلم حديث (274) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 159).
(2)
أحمد حديث (5866).
(3)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (276).
رجال السند:
أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، هو الملائي أبو عبد الله الكوفي، كان الثوري يجله ثقة عابد، روى له الستة عدا البخاري، والْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، هو أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت فقيه وربما دلس، روى له مسلم، و الْقَاسِمِ ابْنِ مُخَيْمِرَةَ، شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، أبو المقدام المذحجي، من كبار أصحاب علي، ثقة روى له الستة عدا البخاري، وعَلِيُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رضي الله عنهم.
الشرح: انظر ما نقدم برقم 731.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
100 -
بابٌ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ
731 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَوَسَّعَ، ثُمَّ قَالَ:" لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ، لَرَأَيْتُ أَنَّ بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ أَحَقُّ بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخٌ. فَقِيلَ لَهُ: مَا نَسَخَهُ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، ويُونُسُ، هو ابن إسرائيل، أَبِي إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وعَبْدُ خَيْرٍ، هم ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا الحديث اختلف العلماء في المراد به، فقيل: هو منسوخ بآية الوضوء، وفيها الأمر بغسل الرجلين، وقيل: مسح على النعلين؛ تبعا للجوربين فالأصل المسح على
(1)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (162) وقال الألباني: حسن.
(2)
من الآية (6) من سورة المائدة.
الجوربين وليس على النعلين، فجاء مسحها فضلا، وهو الأولى في نظري وبه قال بعض العلماء رحمهم الله.
ما يستفاد:
* جواز المسح على النعلين تبعا للجوربين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
101 -
بابٌ الْقَوْلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ
732 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حَيْوَةُ، أَنْبَأَ أَبُو عَقِيلٍ: زُهْرَةُ ابْنُ مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَمِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ فَقَالَ:«مَنْ قَامَ إِذَا اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» .
قَالَ عُقْبَةُ فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَكَانَ تُجَاهِي جَالِساً: أَتَعْجَبُ مِنْ هَذَا؟، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْجَبَ مِنْ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ. فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ بابي أَنْتَ وَأُمِّي؟، فَقَالَ عُمَرُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ - أَوْ قَالَ نَظَرَهُ _ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهِنَّ شَاءَ»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام ثقة تقدم، وحَيْوَةُ، هو أبو المقدام الكندي، عالم فقيه زاهد وأَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، هو مدني ثقة روى له البخاري، وابْنُ عَمِّهِ، لم أقف على من سماه، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه.
(1)
فيه جهالة ابن عم عقبة بن عامر، أخرجه أبو داود حديث (170) بطرف منه، وضعفه الألباني، وأخرجه أحمد من طريق عقبة بسند حسن، حديث (17314، 17393).
الشرح:
الحديث حسن ورد عند مسلم وغيره قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: .. فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس فأدركت من قوله: «ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين، مقبل عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة» قال فقلت: ما أجود هذه فإذا قائل بين يدي يقول: التي قبلها أجود فنظرت فإذا عمر قال: إني قد رأيتك جئت آنفا، قال:«ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ: أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»
(1)
.
ما يستفاد:
* وجوب إسباغ الوضوء، تقدم هذا مرارا.
* استحباب صلاة ركعتين بعد الوضوء، يؤيد هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا بلال بم سبقتني إلى الجنة، إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي» فقال بلال: " يا رسول الله، ما أذنبت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بهذا»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
102 -
بابٌ فَضْلِ الْوُضُوءِ
733 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ: أَنَّهُمْ غَزَوْا غَزَاةَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ أَبُو أَيُّوبَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
مسلم حديث (234).
(2)
ابن خزيمة حديث (1209).
يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ» . أَكَذَاكَ يَا عُقْبَةُ؟، قَالَ: نَعَمْ
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم، سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أو ابن عبد الرحمن مقبول، وعَاصِمُ ابْنُ سُفْيَانَ، هو ابن عبد الله الثقفي، تابعي ثقة روى له الأربعة، ومُعَاوِيَةُ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنهم.
الشرح:
سنده حسن، وانظر السابق حديث عقبة رضي الله عنه، ولذلك سأله معاوية رضي الله عنه التأكيد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
734 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ_ أَوِ الْمُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنِهِ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ، خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ - أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ - حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ»
(2)
.
رجال السند:
مَالِكٌ، هو ابن إمام دار الهجرة، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، هو ابن ذكوان السمان ثقة ساء حفظه، روى له الستة عدا البخاري تعليقا وقرنه بآخر، وأَبوه، هو أبو صالح ذكوان السمان، ثقة تقدم، أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
(1)
أخرجه النسائي حديث (144) وابن ماجة حديث (1396) وأحمد حديث (8020) وعن عثمان رضي الله عنه حديث (415) وعن أبي أمامة رضي الله عنه حديث (22267)
(2)
سنده حسن، أخرجه مسلم حديث (244).
الشرح: انظر ما تقدم برقم 714.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
735 -
(3) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا غُصْناً يَابِساً فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقُهُ، قَالَ: أَمَا تَسْأَلُنِي لِمَ أَفْعَلُ هَذَا؟، قُلْتُ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ؟، قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَصَلَّى الْخَمْسَ تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُ، كَمَا تَحَاتَّ هَذَا الْوَرَقُ» . ثُمَّ قَالَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}
(1)
إلي قوله: {ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو أبو زكريا التنيسي، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان، عَلِيِّ ابْنِ زَيْدٍ، هو ابن جدعان يستشهد به، وأَبو عُثْمَانَ، هو النهدي قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ، هو الفارسي رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه الحث على المحافظة على الوضوء وإسباغه، لما جعل الله عز وجل من الفضل لمن أحسن الوضوء واستعد لمناجاة ربه من الثواب بدءا من الوضوء وانتهاء بالصلاة والذكر بعدها؛ لأن الصلاة لا تستقيم إلا بالعلم والفقه في الدين.
قوله: «وَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى غَيْرِ فِقْهٍ كَانَ هَلَاكاً لَهُ وَلَهُمْ» .
هذا هو الأمر الثاني: أن يجعله قومه سيدا عليهم وهو على جهل في دين الله عز وجل؛ لأنه سيقودهم إلى المهالك انطلاقا من جهله، ولا ريب أن حال الأمة اليوم خير شاهد على هذا، فقد كثر الفساد في الأرض، وعم البلاء المسلمين بسبب عدم فقه من ساد
(1)
من الآية (114) من سورة هود.
(2)
من الآية (114) من سورة هود.
عليهم، وهذا بلاء لا ينكشف إلا بالرجوع إلى منهج الكتاب والسنة وربط الطاعات الثلاث بعضها ببعض، فهي كل لا يتجزاء، والفلاح في الدارين مربوط بذلك المنهج الواقي من الجهل وعمى البصيرة.
ما يستفاد:
* بيان أن التطاول في البنيان من علامات الساعة، وليس من المحرمات. * فطنة عمر رضي الله عنه وحذقه في رعاية الأمة والحث على ما هو خير.
* الحث على ملازمة جماعة المسلمين، فإن الإسلام مرتبط بوحدتهم على الوحيين.
* الحث على إقامة ولي لأمر المسلمين عملا بنص الوحيين، فلا جماعة مسلمة إلا بولي أمر مسلم.
* وجوب طاعة الأمير ما أطاع الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
* يجب على الأمة تنصيب من هو صالح لدينها ودنياه، ورأس ذلك الفقه في دين الله عز وجل، لأن ذلك يجلب الخير للأمة في دينها ودنياها.
* الحذر من تنصيب الجاهل بدين الله عز وجل؛ لأن ذلك يجلب الفساد في
الأرض، وسبب في هلاك الأمة في الدنيا والآخرة.
103 -
بابٌ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ
736 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَ أَحَدُنَا يَكْفِيهِ الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وعَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ، هو تابعي ثقة روى له الستة، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (214).
فيه جواز الاكتفاء بوضوء واحد لأكثر من صلاة ما لم يحدث، وفي هذا تيسير ورحمة، ولا ريب أن الأفضل الوضوء لكل صلاة لإدراك ما ورد في ذلك من حط الخطايا والذنوب، وانظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
104 -
بابٌ لَا وُضُوءَ إِلاَّ مِنْ حَدَثٍ
737 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَحْدَثَ أَمْ لَمْ يُحْدِثْ؟، فَلَا يَنْصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً، أَوْ يَجِدَ رِيحاً»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، هو ثقة ساء حفظه، وأَبو، هو ذكوان السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد نفي الوجوب، ويجوز الوضوء من غير حدث، رغبة في الفضل المتقدم ذكره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
105 -
بابٌ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ
738 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، نَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنِي عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّمَا الْعَيْنَانُ وِكَاءُ السَّهِ
(2)
، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنُ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ»
(3)
.
(1)
سنده حسن، أخرجه مسلم حديث (362).
(2)
السَّهِ: حَلْقَة الدُّبر، وهو من الإسْت. وأصلُها سَتَهٌ بوزن فَرَس، وجمُعها أسْتاه كأفْرَاس، فحذفت الهاء وعُوِّض منها الهمزة فقيل أسْتٌ. فإذا رَدَدْت إليها الهاَء، وهي لامُها وحَذفْت العَين التي هي التَّاء، انْحذَفَت الهمزةُ التي جِيءَ بها عِوضَ الهاء، فتقول سَهٌ بفتح السين، ويُروى في الحديث (وِكاءُ السَّتِ) بحذف الهاءِ وإثباتِ العين، والمشهور الأوّل (النهاية في غريب الحديث).
(3)
فيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني: ضعيف، أخرجه أبو داود عن علي رضي الله عنه حديث (203) وابن ماجة أيضا حديث (477) وحسنه الألباني عندهما.
فَقِيلَ لأَبِى مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ بِهِ؟، قَالَ: لَا. قَالَ: إِذَا نَامَ قَائِماً لَيْسَ عَلَيْهِ الْوُضُوء.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي إمام ثقة تقدم، وبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، يستشهد به تقدم، وأَبو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، هو الغساني، شامي مختلف في اسمه، وهو من شيوخ بقية الضعفاء، وعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْكَلَاعِيُّ، وقيل: بالباء بدل العين " الكلابي " تابعي ثقة مقرئ، ومُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد النوم العميق، الذي لا يدرك صاحبه من حوله، والنوم ذاته ليس بحدث وإنما هو مظنة الحدث؛ لأنه لوكان حدثا لكان على كل حال ناقضا للطهارة كسائر الأحداث التي قليلها وكثيرها وعمدها وخطؤها سواء في نقض الطهارة. أما إذا كان النائم بحال من التماسك والاستواء في القعود المانع من خروج الحدث منه كان محكوما له ببقاء الطهارة السابقة؛ لأن نوم القاعد لو كان ناقضا للطهارة لم يجز على عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلوا محدثين بحضرته، وهو بين أظهرهم والوحي ينزل عليه، فدل على أن النوم إذا كان بهذه الصفة غير ناقض للطهور.
أما إذا زال عن مستوى القعود بأن يكون مضطجعا، أو راكعا، أو ساجدا، أو قائماً، أو مائلا إلى أحد شقيه، أو على حال يسهل معها خروج الحدث من حيث لا يشعر كان ذلك مظنة للحدث؛ لأنه قد يكون منه الحدث في تلك الحالة غالبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
106 -
بابٌ فِي الْمذْي
739 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْي شِدَّةً، فَكُنْتُ أُكْثِرُ الْغُسْلَ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ
الْوُضُوءُ». قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟، قَالَ:«خُذْ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَانْضَحْهُ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو صدوق وسَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، هو أبو السابق الثقفي، مدني تابعي ثقة، روى له أبو داود والترمذي اوابن ماجه، وأَبوه، هو أبو سعيد عبيد بن السباق الثقفي، مدني تابعي ثقة، وسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المذي ماء رقيق لزج أبيض اللون يخرج بغير لذة عند ثوران الشهوة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال، ويكفي منه الوضوء ولا يجب الغسل، وهو حدث حكمه كالبول، ولا يجب الوضوء منه على الفور، واختلف العلماء في نجاسة المذي، والأحوط غسل الفرح وما أصاب من البدن أو اللباس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
107 -
باب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ
740 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ حَزْمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج الحمصي، والأوزاعي عبد الرحمن ابن عمرو، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، حَدَّثَنِي ابْنُ حَزْمٍ، هو عبد الله ابن أبي بكر بن حزم، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وبُسْرَةُ بِنْتِ صَفْوَانَ، رضي الله عنها.
(1)
سنده حسن، أخرجه الترمذي حديث (115) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (210) وابن ماجة حديث (506) وحسنه الألباني عندهما.
(2)
رجاله ثقات، أخرجه الترمذي (61، 82) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (181) والنسائي حديث (164) وابن ماجة حديث (479) وصححه الألباني عندهم.
الشرح:
الوضوء من مس الذكر فيه خلاف بين العلماء، والصحيح أن من مس ذكره مباشرة من غير حائل فإنه يجب الوضوء من ذلك، وكذلك من مس ذكره من فوق اللباس فإن حرك شهوة وجب الوضوء، ومن لا فلا، والأحوط التحرز من ذلك كله، والمرأة كذلك إذا لمست فرجها من غير حائل، أو من فوق اللباس وتحركت شهوتها فيجب عليها الوضوء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
741 -
(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ: أَنَّهَا سُئِلَ أَبُوْ مُحَمَّدٍ عَنْ هَذَا، فَقَالَ أَبُوْ مُحَمَّدٍ: الْوُضُوْءُ أَثْبَتُ إِلِيَّ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَاأَوْثَقُ فِي مَسِّ الْفَرْجِ.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو صدوق، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وعُرْوَةُ، ومَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، هو الخليفة انتقد بعد الخلافة، وهم ثقات تقدموا، عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ، رضي الله عنها، وانظر ما تقدم.
الشرح:
التعبير بالفرج ليشمل الرجل والمرأة، انظر السابق قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
108 -
باب الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ
742 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ»
(1)
.
(1)
فيه عبد الله بن صالح الجهني كاتب الليث: أرجح أنه حسن الحديث، أخرجه مسلم حديث (351).
قِيلَ لأَبِى مُحَمَّدٍ: تَأْخُذُ بِهِ؟ قَالَ: لَا.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، وعُقَيْلٌ، هو أبو خالد الأيلي، من أصحاب الزهري، إمام ثبت ثقة، روى له الستة، وابْنِ شِهَابٍ، هو الزهري، قَالَ: وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، هو أخو عبد الله، شيخهما الزهري، وعبد الملك ثقة، وخَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ، هو أبو زيد مدني تابعي ثقة إمام من فقهاء التابعين، وأَبَوهُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد كل ما طبخ وغيّره الطبخ بالإنضاج، وكان هذا في أول الأمر ثم نسخ، فلا يقول عامة العلماء بوجوب الوضوء منه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
109 -
باب الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ
743 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ:" أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ دُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَى السِّكِّينَ الَّتِي كَانَ يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، واللَّيْثُ، وعُقَيْلٌ، وابْنُ شِهَابٍ، تقدموا قريبا، وجَعْفَرُ ابْنُ عَمْرِو ابْنِ أُمَيَّةَ، هو الضمري ثقة تقدم، وأَبوهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا ناسخ وجوب الوضوء مما مست النار وقد بوب عليه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وكذلك أصحاب السنن.
(1)
فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث: أرجح أنه حسن الحديث، أخرجه البخاري حديث (208) ومسلم حديث (355) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 201).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
110 -
باب الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ
744 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ الْجُلَاحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رِجَالٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أَصْحَابُ هَذَا الْبَحْرِ، نُعَالِجُ الصَّيْدَ عَلَى رَمَثٍ، فَنَعْزُبُ فِيهِ اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَالأَرْبَعَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا مِنَ الْعَذْبِ لِشِفَاهِنَا، فَإِنْ نَحْنُ تَوَضَّأْنَا بِهِ خَشِينَا عَلَى أَنْفُسِنَا، وَإِنْ نَحْنُ آثَرْنَا بِأَنْفُسِنَا، وَتَوَضَّأْنَا مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ، وَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا مِنْ ذَلِكَ، فَخَشِينَا أَنْ لَا يَكُونَ طَهُوراً ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَوَضَّئُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ الطَّاهِرُ مَاؤُهُ، الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ»
(1)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرَّانِيُّ، هو أبو مسلم روى له مسلم، ومُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، هو أبو عبد الله الباهلي الحراني، ثقة من رجال مسلم تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق، ويَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، هو أبو رجاء الأزدي، تابعي إمام حجة، والْجُلَاحِ، هو أبو كثير القرشي، مولى والد عمر بن العزيز الخليفة، روى له مسلم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيِّ، هكذا والصواب سعيد بن سلمة، كما في الرواية التالية، وثقه النسائي، والْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، هو تابعي ثقة، روى له الأربعة، وأَبوه، هو أبو بردة بن أبي
(1)
فيه عنعنة ابن إسحاق، واختلف في اسم المخزومي، وأرى ما عند الحاكم أنه سعيد بن سلمة، كما في التالي عند المصنف، وهو قول يحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن محمد القرشي متابعتان (المستدرك حديث 491) وهو يروي عن أبي هريرة، قال ابن حجر: صحح حديثه عن أبي هريرة في البحر
…
وذكر جماعة (تهذيب التهذيب 10/ 257) قال ابن حبان: عن مغيرة يروي عن أبي هريرة، ومن أدخل بينه وبين أبي هريرة أباه فقد وهم (الثقات 5/ 410) وأخرجه الحاكم بهذا الإسناد، وليس فيه "عن أبيه " المستدرك حديث (491) أخرجه الترمذي حديث (69) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (83) والنسائي حديث (59، 332، 4350) وابن ماجه حديث (386، 3246) وصححه الألباني عندهم.
موسى الأشعري إمام ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وقيل: إن المغيرة يروي هذا عن أبي هريرة مباشرة، وذكر أبيه وهم.
الشرح:
قوله: " نُعَالِجُ الصَّيْدَ عَلَى رَمَثٍ " المراد الاشتغال بصيد السمك، وهم راكبون على أعواد الخشب؛ يُصَفّ بعضها جوار بعض وتشد ويركبون عليها ولا ترسوا، ويسمونها " الرَّمَث " والرِّمْث شجيرة تراعاها لإبل، وهذا نص إباحة الوضوء من ماء البحر، وأنه لا ينجسه شيء، وزاد صلى الله عليه وسلم في الإجابة أن ميتته حلال، لا تحتاج إلى تذكية كالسمك مثلا، ومن العجائب أن بعض الجهات الغربية المصدرة للأسماك كتبت عليه مذبوح على الطريقة الإسلامية.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
745 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكٍ قِرَاءَةً، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ: مِنْ آلِ الأَزْرَقِ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِى بُرْدَةَ - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَمَعَنَا الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، ومَالِكٌ، هو الإمام، وصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، هو من شيوخ مالك الإمام، وهو إِمام قدوة ثقة، و سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ: مِنْ آلِ الأَزْرَقِ، هو المتقدم أنه الصواب، وليس عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَخْزُومِيِّ، والْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِى بُرْدَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ تقدم قريبا، وبينه وبين أبي هريرة أبوه واسطة، وهو وهم، وهذا الصواب، وأبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
111 -
باب الْوُضُوءِ مِنَ الْمَاءِ الرَّاكِدِ
(1)
رجاله ثقات، وانظر السابق.
746 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَبُولُ أَحَدُكُمْ في الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ»
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالراكد الدائم في موقعة لا يستقبل مزيدا فيه، ولا يصرف مما فيه، فالبول فيه قد يسلبه الطهورية ولاسيما إذا كان قليلا، أما إذا كان كثيرا كماء الغدير، أو ما يعرف بالكظائم، والأحواض التي ترد عليها الحيوانات فلا يؤثر ذلك على بقائها طاهرة مطهرة، والأحوط عدم جواز البول في المياه الراكدة، حفاظا على نقاوتها، وهذا النهي شبيه بالنهي عن قضاء الحاجة على قارعة الطريق، والظل والأماكن التي يرتادها الناس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
112 -
باب قَدْرِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَنْجَسُ
747 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ مِنَ الأَرْضِ، وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ:«إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»
(2)
.
رجال السند: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق، مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، هو القرشي، الأسدي، مدني فقيه ثقة ثبت، روى له الستة، وعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ، ثقة قليل الحديث، وأَبوه، هو عبد الله عمر رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (238، 239)، ومسلم حديث (282) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 161).
(2)
سنده حسن، وعنعنة ابن إسحاق، زال أثرها بقوله: حدثنا (الدارقطني 1/ 19) وأخرجه أبو داود حديث (65) وابن ماجة حديث (518) وصححه الألباني عندهما، والترمذي حديث (67) وقال: هو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
الشرح:
هذا من رحمة الله عز وجل بعباده أن أجرى ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فما كان دون القلتين ينجس إذا خالطته نجاسة، ولا يكون ذلك في القلتين فأكثر، والقلتان تتسع لخمس قرب كبار، والأدق في ذلك النظر إلى اللون والطعم والرائحة، وقد يخفف في اللون ولا يخفف في الطعم والرائحة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
748 -
(2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، ولم تصح تهمة وهمه في رواية هذا عن الوليد، والْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو أبو محمد القرشي، قيل: إنه إباضي، مدني ثقة روى له الستة، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، تقدما آنفا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
113 -
باب الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ
749 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ:" سَمِعْتُ جَابِراً يَقُولُ: جَاءَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ مِنْ وَضُوئِهِ عَلَيَّ فَعَقَلْتُ"
(2)
.
(1)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (63) والنسائي حديث (52، 328) وصححه الألباني عندهم، وانظر: السابق.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (194) ومسلم حديث (1616) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 161).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا يدل على طهارة فضل الوضوء، وفي التطهر به خلاف بين العلماء فالجمهور يقولون: إنه لا يتطهر به، ومنهم من قال: إنه نجس، ومنهم من قال: يتطهر به، وهو الصحيح إذا لم يكن على بدن المتطهر به أولا نجاسة، فيكون الماء طاهرا لاقى بدنا طاهرا، وهذا يوافق قول الله عز وجل:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}
(1)
، فمن باب أولى إذا وجد ماء مستعملا أن يتطهر به، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
114 -
باب الْوُضُوءِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ
750 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" قَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلَتْ فِي جَفْنَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى فَضْلِهَا يَسْتَحِمُّ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدِ اغْتَسَلْتُ فِيهِ قَبْلَكَ". فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَاءِ جَنَابَةٌ» .
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو إمام ثقة تقدم، ويَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، هو أبو خالد اليشكري، واسطي حسن الحديث، وسِمَاكٌ، هو ابن حرب ثقة تقدم وعِكْرِمَةُ، إمام تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
الحديث في سنده يزيد بن عطاء اليشكري: لين الحديث، أخرجه الترمذي حديث (65) وقال: حسن صحيح، و أبو داود حديث (68) النسائي حديث (325) وابن ماجة حديث (370) وصححه الألباني عندهم، وفيه طهارة فضل ما تطهرت منه المرأة، وجواز التطهر به، فالماء لا تصيبه الجنابة كما بين صلى الله عليه وسلم.
(1)
من الآية (43) من سورة النساء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
751 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن موسى العبسي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما إمامان تقدما، وسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وعِكْرِمَة، تقدما آنفا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
115 -
باب الْهِرَّةِ إِذَا وَلَغَتْ فِي الإِنَاءِ
752 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِى قَتَادَةَ: " أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءاً، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا أَبُو قَتَادَةَ الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ - قَالَتْ كَبْشَةُ -: فَرَآنِي أَنْظُرُ فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي؟، قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ»
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة، ومَالِكٌ، هو الإمام، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، هو أبو يحيى المدني، إمام ثقة، وحُمَيْدَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ ابْنِ رِفَاعَةَ، هي أم يحيى الأنصارية، وهي زوجة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثقة، وكَبْشَةُ بِنْتُ كَعْبِ ابْنِ مَالِكٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِى قَتَادَةَ، قيل: إنها صحابية، وهي خالة حميدة، وأَبو قَتَادَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: المراد بالولوغ الشرب باللسان وهذا لبعض الحيوانات ومنها القطط والكلاب، وهذا من التخفيف على الأمة لكونها معايشة لهم في بيوتهم؛ ولأنها تذهب عنهم
(1)
أنظر: السابق.
(2)
فيه حميدة بنت عبيد بن رفاعة: مقبولة، أخرجه والترمذي حديث (92) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (75) والنسائي حديث (68، 340) وابن ماجة حديث (367).
الحشرات، والفئران، والثعابين والعقارب ولهم منها منافع، فيسر الله عز وجل عليهم في شأنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
116 -
بابٌ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ
753 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَالثَّامِنَةَ عَفِّرُوهُ في التُّرَابِ»
(1)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وشُعْبَةُ، وأَبو التَّيَّاحِ، هو يزيد بن حميد الضبعي، ثقة قليل الحديث، ومُطَرِّفٌ، هو ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُاللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
الكلب مما يقتنى من الحيوان لثلاث مصالح؛ للصيد وقد أباح الله ذلك قال عز وجل: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ}
(2)
، قوله:{مُكَلِّبِينَ} أي معلمين، والمكلِّب هو معلم الكلاب ومضرّيها، ومن يعلم غير الكلاب يقال له: مكلب؛ لأنه يرد ذلك الحيوان كالكلب، وقوله تعالى:{تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} تعلمونهن الطاعة كما تقدم، وطريقة الصيد بالإمساك وربما عُلّم بأن لا يقتل الصيد بصدمته أو بمخلابه وظفره؛ لأنه لا يحل، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله وطائفة من العلماء، ولا يمسكه لنفسه؛ ويعلمونهن من الحيلة في الاصطياد والتأني لتحصيل الحيوان وهذا كله جزء مما علم الله عز وجل الإنسان، ولذلك قال تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} أي مما أمسكن لكم جراء تعليمكم وأمر تعالى بذكر اسم
(1)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (280).
(2)
من الآية (4) من سورة المائدة ..
الله عز وجل عند إطلاق الجارح فقال عز وجل: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} هذا أصل إباحة الأكل مما أمسكن؛ لأن ما لا يذكر اسم الله عليه لا يؤكل قال الله عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}
(1)
.
والمصلحة الثانية في اقتناء كلب لحراسة الماشية وحمايتها، كحماية الغنم من الذئب مثلا، ومن السارقين، ويدرّب لأغراض تتعلق بها خارج المراح، وغير ذلك.
والمصلحة الثالثة ليدرب للحراسة العامة كحراسة الزرع وغيره مما تلزم حراسته، وما عدا ذلك فلا، فمن اقتنى كلبا لغير ما ذكر فإنه آثم، قال صلى الله عليه وسلم:«من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا، ولا ضرعا، نقص كل يوم من عمله قيراط»
(2)
،
وذكر الماشية في رواية أخرى
(3)
.
نجاسة الكلاب:
أخذ العلماء من قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب»
(4)
، وهو حديث الباب، أخذوا دلالةً على نجاسة الكلب؛ لأنه إذا كان لعابه نجسا، وهو عرق فمه ففمه نجس، ويستلزم نجاسة سائر بدنه، وذلك لأن لعابه جزء من فمه، وفمه أشرف ما فيه، فبقية بدنه أولى بالنجاسة، وقد ذهب إلى هذا الجمهور، وقال عكرمة ومالك في رواية عنه: إنه طاهر، ودليلهم قول الله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}
(5)
، ولا يخلو الصيد من التلوث بريق الكلاب، ولم نؤمر بالغسل، وأجيب عن ذلك بأن إباحة الأكل مما أمسكن لا تنافي وجوب تطهير ما تنجس من الصيد،
(1)
من الآية (121) من سورة الأنعام.
(2)
البخاري حديث (3146).
(3)
البخاري حديث (5163).
(4)
مسلم حديث (422).
(5)
من الآية (4) من سورة المائدة.
وعدم الأمر للاكتفاء بما في أدلة تطهير النجس من العموم، ولو سلم فغايته الترخيص في الصيد بخصوصه، واستدلوا أيضا بما ثبت من حديث ابن عمر بلفظ:«كانت الكلاب تقبل وتدبر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك»
(1)
، وهذا مردود بأن مجرد الإقبال والإدبار لا يدلان على الطهارة، والأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها، واستدلوا على الطهارة أيضا بالترخيص في كلب الصيد والماشية والزرع، وأجيب بأنه لا منافاة بين الترخيص وبين الحكم بالنجاسة، وغاية الأمر أنه تكليف شاق وهو لا ينافي التعبد به
(2)
، وعلى هذا نرى عدم جواز تربية الكلاب واقتنائها، إلا لحاجة ماسة، وفائدة ظاهرة لا يستغنى عنها، فلا بأس حينئذ كما هو الحال من التطور في تعليم الكلاب مهارات نافعة، كالكشف عن السرقات والممنوعات، والحراسات وغير ذلك من المنافع، وما كان استثناء الصيد والماشية والزرع، إلا لبيان الجواز في المنافع ولو تعددت، وليس المراد الحصر، مع لزوم القول بنجاستها تعبدا، وعدم مخالطتها واحتضانها إلا لضرورة ويجب التطهر، ولا يجوز تدريبها على تعذيب الناس، وامتهان كرامة الإنسان، مهما كانت جريمته، ومن فعل ذلك فقد تعدى وظلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
117 -
باب الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ
754 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ»
(3)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن عبد الله بن عمر ثقة تقدم، وهم أئمة ثقات
(1)
البخاري حديث (168).
(2)
نيل الأوطار 1/ 41.
(3)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (235).
تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، ومَيْمُونَةُ، هي أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي خالة ابن عباس.
الشرح:
في الحديث السابق بيان حكم النجاسة إذا خالطت السوائل وولوغ الكلب مثال لذلك، وهذا الحديث فيه التفريق بين السائل والجامد، ومثاله الفأرة إذا وقعت في الجامدات، فتلقى وما حولها؛ ورواية ابن عباس عن ميمونة هي الأشهر، فالنجاسة لا تخالط الشيء الجامد، عكس السائل، فقد ورد النهي في قوله صلى الله عليه وسلم:«وإن كان مائعًا فلا تقربوه»
(1)
، ومع هذا اختلف العلماء في سريان النجاسة، والصحيح التفريق بين السائل والجامد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
118 -
باب الاِتِّقَاءِ مِنَ الْبَوْلِ
755 -
(1) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، كَانَ أَحَدُهُمَا يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَكَانَ الآخَرُ لَا يَسْتَتِرُ عَنِ الْبَوْلِ، أَوْ مِنَ الْبَوْلِ» . قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَكَسَرَهَا فَغَرَزَ عَنِدَ رَأْسِ كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا قِطْعَةً، ثُمَّ قَالَ: فَغَرَزَ عَنِدَ رَأْسِ كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا قِطْعَةً، ثُمَّ قَالَ:«عَسَى أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا حَتَّى يَيْبَسَا»
(2)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، والأَعْمَشُ، ومُجَاهِدٌ، وطَاوُسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
الصحيح من أقوال العلماء أن القبرين لمسلمين، ولذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك رجاء التخفيف عنهما.
(1)
أحمد حديث (7601).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (218) ومسلم حديث (292) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 167).
أما قوله: " وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، " فالمراد ليس التحرز منه أمرا كبيرا وشاقا، أما الذنب فكبير؛ لإن عدم ستر العورة من الكبائر، ولولا أنها من الكبائر لما كانت شرطا في صحة الصلاة، وكذلك النميمة من الكبائر لما فيها من إفساد المجتمع، وزرع الفتنة والشقاق بين الناس، ولكن رحمهما المبعوث رحمة للعالمين فرجا التخفيف عنهما، وهذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم لِطّلاعه على حالهما، وليس ذلك لسواه، وقد جعل الجريدة حدا للتخفيف الذي رجاه لهما.
ما يستفاد:
* فيه إثبات عذاب القبر.
* وجوب ستر العورة على كل حال.
* أن تعمد كشف العورة والتساهل في ذلك من الكبائر.
* تحريم النيمة وهي نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد.
* بيان رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما فرجا لهما التخفيف مع عظم ما يعذبان فيه.
* في هذا موعظة وتحذير من الذنوب صغيرها وكبيرها.
* أن من مات على ذلك لم يتب منه فإنه يؤاخذ عليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
119 -
باب البَوْلِ فِي الْمسْجِدِ
756 -
(1) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" جَاءَ أَعْرَابيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَامَ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَصَاحَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَفَّهُمْ عَنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَى بَوْلِهِ "
(1)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو أبو عبد الله المخزومي، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
(1)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (221) ومسلم حديث (284) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 162).
الشرح:
البول عمدا في المسجد حرام ويعزر صاحبه، ومن كان جاهلا كهذا الأعرابي فيعلم برفق، ويغسل البول بالماء إن كان مفروشا، وبالمكاثرة بصب الماء إن لم يكن مفروشا، ولا يزجر أثناء بوله، حتى لا ينتشر البول فيتسع المصاب بالنجاسة، ولئلا يصيب البائل ضرر بسبب الزجر.
ما يستفاد:
* عدم جواز البول في المسجد.
* أن الماء مطهر للنجاسة إذا أذهب عينها بالغسل أو المكاثرة.
* الرفق بالجاهل وتعليمه، وتعزير العامد وتأديبه.
* أن في ترك الأعرابي يكمل بوله تقديما للمفسدة وهي نجاسة الموقع، على المصلحة وهي تنزيه المسجد.
* وفيه جواز العمل بأخف الضررين فإن البائل لو زجر لاتسع التنجس، فقدم ما يقل ضرره على ما يكثر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
120 -
باب بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ
757 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَحَدَّثَنَاهُ عَنْ يُونُسَ أَيْضاً، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ:" أَنَّهَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ، فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ "
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، ويُونُسٌ، هو ابن عبيد، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، هو من فقهاء المدينة، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (223) ومسلم حديث (287) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 164).
الشرح:
المراد حكم بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، أي لا زال في دور الرضاعة دون سواها، فقد اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك، والصواب أنه ينضح حتى يكثر عليه الماء، ولا فرق بينه وبين بو الجارية، أما إذا أكلا الطعام فإنه يجب غسل ما أصاب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
121 -
باب الأَرْضِ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضاً
758 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْفٍ: أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي فَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ؟. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» . قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تَأْخُذُ بِهَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، ومُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، هو ابن حزم صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، هو ابن الحارث التيمي ثقة، وحفيده موسى ضعيف، وأُمِّ وَلَدٍ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: اسمها حميدة مجهولة، وأُمَّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
الحديث فيه جهالة الراوي عن أم سلمة، وأخرجه أبو داود حديث (383) وابن ماجة حديث (531) وصححه الألباني عندهما وأخرجه أبو داود حديث (383) وابن ماجة حديث (531) وصححه الألباني عندهما، وأخرجه الترمذي حديث (143) وقال: هو قول غير واحد من أهل العلم، قالوا: إذا وطيء الرجل على المكان القذر، أنه لا يجب عليه غسل القدم، إلا أن يكون رطبا فيغسل ما أصابه، وكذلك إذا جر ثوبه على نجاسة يابسة يطهره مروره على أرض طيبة طاهرة، أما إذا كان القذر رطبا فيجب غسله بالماء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
122 -
باب التّيَمُّمِ:
759 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّىَ في الْقَوْمِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، هو أبو كريب، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، وعَوْفٌ، هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، هو عمران بن ملحان التميمي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا أصله قول الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}
(2)
، والمراد بالتيمم أن يقصد فاقد الماء أرضا طيبة طاهرا ترابها إذا أراد الصلاة فيضرب بيديه الأرض ضربة يمسح بها وجهه، وأخرى يمسح بها كفية، فالتيمم من خصائص الأمة، وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، وهو واجب عند فقد الماء، يتطهر به من الحث الأكبر والأصغر، قال الله عز وجل في الحدث الأصغر:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى}
(3)
، المراد في حال المرض وعدم القدرة على استعمال الماء، {أَوْ عَلَى سَفَرٍ}
(4)
، في حال فقد الماء، {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}
(5)
، المراد حال قضاء الحاجة، وفقد الماء، {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}
(6)
، المراد حالة
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري مطولا حديث (344) ومختصرا حديث (348) ومسلم حديث (682) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 396).
(2)
من الآية (43) من سورة النساء.
(3)
من الآية (43) من سورة النساء.
(4)
من الآية (43) من سورة النساء.
(5)
من الآية (43) من سورة النساء.
(6)
من الآية (43) من سورة النساء.
الجماع في سفر أو حضر عند فقد الماء، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
(1)
، في كل الأحوال المذكورة إذا لم تجدوا الماء ففرض التطهر التيمم بالتراب، ضربة للوجه، وأخرى للكفين، وهذا طهارة كاملة من الحدثين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
760 -
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ اللَّيْثِ ابْنِ سَعْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتْهُمَا الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَتَيَمَّمَا صَعِيداً طَيِّباً فَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ بَعْدُ فِي الْوَقْتِ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ بِوُضُوءٍ، وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا ذَلِكَ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ:«أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ» وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: «لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ» .
رجال السند:
محمد بن إسحاق هو المسيبي، من ولد المسيب بن عابد المخزومي المدني أحد مشايخ المصنف الثقات، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، هو أبو محمد الصائغ، مدني ثقة صحيح الكتاب، روى له الستة عدا البخاري، واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، إمام تقدم، وبَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، هو أبو ثمامة الجذامي، فقيه ثقة روى له الستة عدا البخاري تعليا، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هو الهلالي ثقة تقدم، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِي، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يبين أن كلا منهم أصاب، فالذي لم يعد أصاب؛ لأنه تيمم في حال فقد الماء وصلى فصحت صلاته، ولا يجب أن يعيد صلاته، والذي أعاد الصلاة فصلاته بالتيمم صحيحة، وهي الفريضة، والإعادة اجتهاد منه فتكون له نافلة، والله أعلم، والحديث سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (338) وقال: غير ابن نافع يرويه عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذِكْرُ أبي سعيد الخدري في هذا الحديث ليس بمحفوظ، هو مرسل، وأخرجه النسائي حديث (433) وصححه الألباني.
(1)
من الآية (43) من سورة النساء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
123 -
باب التَّيَمّمِ مَرَّةً
761 -
(1) حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي التَّيَمُّمِ:«ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ»
(1)
.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَحَّ إِسْنَادُهُ.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَزْرَةُ، هو ابن عبد الرحمن بن زرارة ثقة تقدم، وسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبْزَى، كوفي تابعي ثقة، وأبوه، عبد الرحمن ابن أبزى من صغار الصحابة رضي الله عنه، وعَمَّارُ ابْنُ يَاسِرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
أصل هذا ما كان من عمر وعمار رضي الله عنهما، وفيه " أن رجلا أتى عمر، فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء فقال: لا تصل، فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين، إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك، وكفيك» فقال عمر: اتق الله يا عمار قال: إن شئت لم أحدث به " وفي رواية: " فقال عمر: نوليك ما توليت "
(2)
، واستنادا إلى هذه الرواية يكفي في التيمم ضربة واحدة في صعيد طيب للوجه والكفين، ومن جعل ضربة للوجه وضربة للكفين فجائز ولا حرج.
وقد كان عمر رضي الله عنه يرى من أحدث ولم يجد الماء فلا يصلي حتى يجد الماء، ولم يذكر ما جرى له هو وعمار رضي الله عنهما، ولا سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحكم، ولم يكذب عمارا رضي الله عنه، وإنما أراد منه الضبط لما يروي والتحقق مما يسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وطاعة لولي الأمر قال عمار رضي الله عنه:" إن شئت لم أحدث به إن شئت لم أحدث به"،
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (341).
(2)
انظر مسلم حديث (368).
وقول عمر رضي الله عنه: " نوليك ما توليت " المراد لا نكذبك ونحملك مسئولية ما قلت وما يكون عليه من تبعات في الدنيا والآخرة، وهذه موعظة عظيمة لعمار رضي الله عنه، ولغيره إلى يوم القيامة، وأن العاقل الثقة الرشيد يقبل منه قوله ويحمل مسئولية ذلك.
وفي حد التيمم خلاف بين العلماء، والصحيح أنه الوجه والكفين وجوبا، واستحب بعضهم إلى المرفقين، وما عدا ذلك فالأمة في جميع الأمصار على خلافه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
762 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما:" أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلَادَةً مِنْ أَسْمَاءَ فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاساً مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْراً، فَوَ اللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجاً، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن سلمة، هو البزاز، وهِشَامُ ابْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح:
في هذا قصة نزول آية التيمم، وهي قول الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}
(2)
، في هذه الآية بيان لأحكام عدة:
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (336) ومسلم حديث (367) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 206)
(2)
من الآية (43) من سورة النساء.
الأول: النهي عن الصلاة في حال السكر، وهذا أول خطوة في تحريم الخمر ألا تشرب عند أوقات الصلوات الخمس، حتى لا يحصل التخليط في القراءة كما حدث لعلي رضي الله عنه، وقيل: عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فكانوا لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة إلى أن حرمت.
الثاني: تحريم دخول المسجد على الجنب والمكث فيه، إلا أن يكون مجتازا من باب إلى آخر، غير جالس فيه؛ لأن من جلس في المسجد فهو في صلاة، ومن شرط الجلوس فيه الطهارة من الحدث الأكبر، والوضوء من الحدث الأصغر لصلاة ركعتين تحية للمسجد.
الثالث: إباحة التيمم في حالات أربع: حالة المرض وعدم القدرة على استعمال الماء للغسل من الجنابة أو الوضوء للصلاة، وفي حالة فقدان الماء للمقيم أو المسافر، أو المجامع فطهارة أحدهم أن يقصد صعيدا طاهرا، فيضرب بيديه ويمسح بهما وجهه وكفيه، وهذه طهارة التيمم، وفي ذلك يسر ورفع للحرج وهو من رحمة الله عز وجل وعفوه ومغفرته لهذه الأمة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
*124 -
بابٌ فِي الْغُسلِ مِنَ الْجَنَابَةِ
763 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ:" وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَاءً فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَغْسِلُ بِهَا فَرْجَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مَسَحَهَا بِالأَرْضِ أَوْ بِحَائِطٍ - شَكَّ سُلَيْمَانُ - ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَأَعْطَيْتُهُ مِلْحَفَةً فَأَبَى وَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ، قَالَتْ: فَسَتَرْتُهُ حَتَّى اغْتَسَلَ " بالمنديل قَالَ سُلَيْمَانُ:
فَذَكَرَ سَالِمٌ: أَنَّ غُسْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا كَانَ مِنَ الْجَنَابَةِ
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (249) ومسلم حديث (317) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 182).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، زَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وسُلَيْمَانَ، هو الأعمش، وسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وكُرَيْبٌ، هو ابن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، ومَيْمُونَةَ، رضي الله عنهما، وهي خالته.
الشرح:
هذه صفة الغسل من الجنابة، والمجنب المبتعد المتنحي عن الشيء، والمراد بالجنابة الحدث الأكبر من جماع أو احتلام، فيجب التطهر منه بغسل بالماء، أو بتيمم في حال فقد الماء، والمشروع للمغتسل من الجنابة أن يتوضأ وضوءه للصلاة، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، على خلاف في وجوبها، ويكفي صب الماء عن مسح الرأس، ويؤخر غسل الرجلين بعد إفاضة الماء على كامل الجسد، وبعد هذا إن شاء نفض عن جسده الماء وإن شاء استعمل المناشف أو أي شيء آخر لتجفيف جسده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
764 -
(2) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثِنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ كَفَّهُ في الْمَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ، حَتَّى إِذَا خُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدِ اسْتَبْرَأَ الْبَشْرَةَ، غَرَفَ بِيَدِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ، فَصَبَّهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ "
(1)
. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح: في هذا زيادة التخليل وإرواء البشرة، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
125 -
باب الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ
(1)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (248) ومسلم حديث (316) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 181).
765 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو صدوق، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ رضي الله عنهما.
الشرح:
في هذا بيان الجواز ولا حرج، ولذلك بوب العلماء على هذا، ويجوز أن يتطهر كل منهما بفضل الآخر، وفرقوا بين أن تخلوا بطهورها، والصحيح الجواز خلت أم لم تخل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
766 -
(2) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ: وَهُوَ الْفَرَقُ "
(2)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ إمام ثقة تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، لا بأس به تقدم، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه بيان مقدار الماء الذي يغتسل به الاثنان، وهو أربعة أمداد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
126 -
باب مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنَ الْجَنَابَةِ
767 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ
(1)
فيه محمد بن كثير بن أبي عطاء، صدوق كثير الغلط، أخرجه البخاري حديث (250) ومسلم حديث (319) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 184).
(2)
سنده حسن، متفق عليه انظر: السابق.
يُصِبْهَا الْمَاءُ، فُعِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ» قَالَ عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي. وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَطَاء بْنُ السَّائِبِ، هو صدوق وقع له اختلاط، وزَاذَانَ، عَنْ عَلِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه شدة ووعيد إن صح عن علي رضي الله عنه، ولاسيما أنه قد روي عنه أنه " كان يقول: إذا اغتسلت من الجنابة أجزأك أن تصب على رأسك مرتين، والأثر موقوف عليه على الراجح، ولكن فيه تحذير من التساهل في تخليل الشعر وعدم إرواء البشرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
127 -
باب الْمَجْرُوحِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ
768 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ: أَنَّ رَجُلاً أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ، فَأُمِرَ بِالاِغْتِسَالِ فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ» .
قَالَ عَطَاءٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: «لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجُرْحُ» .
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن ابن عمرو، وعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ هم أئمة ثقات تقدموا، وفي هذا انقطاع بين الأوزاعي وعطاء، وقد سمع الأوزاعي من عطاء، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
فيه عطاء بن السائب صدوق اختلط، والصواب أنه موقوف على علي رضي الله عنه، وعامة من رفعه إنما رواه عن عطاء بعد الاختلاط، أخرجه أبو داود حديث (249) وابن ماجة حديث (599) وضعفه الألباني.
الشرح:
في هذا بيان خطورة الفتوى بغير علم، ووجوب سؤال أهل العلم، ولذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أولئك المفتين بغير علم، وقد اختلف العلماء رحمهم الله فيمن أصابته جنابة وبه جروح وخاف على نفسه الهلاك أو الضرر، فالصحيح أنه يتيمم ولا يغتسل، عملا بآية التيمم، وقد نهى الله عز وجل عن تعريض النفس للهلاك فقال:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}
(1)
، وهذا تحذير للمسلم أن يقع فيما فيه هلاكه، وتوجيه إلى الأخذ بأسباب السلامة المشروعة، وأمر عز وجل بالمحافظة على النفس فقال:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
(2)
، لأنها ملك الباري عز وجل، فلا يعتدى عليها، والحديث في سنده انقطاع بين الأوزاعي وعطاء، أخرجه أبو داود حديث (337) وابن ماجة حديث (572) وحسنه الألباني عندهما دون البلاغ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
128 -
بابٌ فِي الَّذِي يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ
769 -
(1) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ ".
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو ابن بجيل، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وثَابِتٌ، هو البناني، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه إباحة أن يجامع الرجل زوجاته ولا يغتسل إلا عند الأخيرة منهن، واستحب العلماء رحمهم الله لمن أراد المعاودة أن يغسل فرجه ويتوضأ، وأيضا إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أو يعاود الجماع، وعليه بوب العلماء رحمهم الله.
(1)
من الآية (195) من سورة البقرة.
(2)
من الآية (29) من سورة النساء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
770 -
(2) حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ واحدة أجمع "
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وثَابِتٌ، هو البناني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا أمر في الشريعة سائغ ومباح، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
129 -
باب مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَتَرَ بِهِ
771 -
(1) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا مَهْدِيُّ، بْنُ مَيْمُونٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ:" أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِليَّ حَدِيثاً لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ"
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ومَهْدِيُّ، بْنُ مَيْمُونٍ، هو الأزدي، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، هو التميمي بصري ثقة، روى له الستة، والْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلي، هو ابن معبد كوفي ثقة، روى له مسلم، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ جَعْفَرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه وجوب الاستتار عند قضاء الحاجة من بول أو غائط، وذكر الحائط والجدار؛ لأن الناس كانوا يقضون حوائجهم في العراء، ولا زال في البوادي إلى اليوم، فوجب أن يجعل المرتاد لحاجته أن يستتر بما يحجبه عن الناس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
130 -
باب الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ:
772 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، أنظر: سابقه.
(2)
رجاله ثقات.
سَأَلَ عُمَرُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يَرْقُدَ "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، هو عبد الله، وعُمَرُ، والده رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا هو المستحب للجنب، وفيه فوائد منها: النوم على طهارة، فلو قبض لكان على عمل طيب، أو ينشط للمعاودة، أو يلحق الوضوء الاغتسال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
773 -
(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ؟، فَقَالَتْ: كَانَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَنَامُ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، هو ابن يزيد النخعي، كوفي تابعي فقيه، عَنْ وأبوه، هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، كوفي ثقة إمام فقيه كبير، من أعلم الناس بمرويات ابن مسعود رضي الله عنه، وعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا من كماله صلى الله عليه وسلم وهو عمل مستحب للأمة من بعده، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
131 -
باب الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ:
774 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ،
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (290) ومسلم حديث (306) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 178).
(2)
سنده حسن، أخرجه البخاري (288) ومسلم (305) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 176).
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ سُعَادٍ - وَكَانَ مَرْضِيًّا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ مُوسَى، هو البلخي أبو زكريا، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ، هو ابن همام، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ السَّائِبِ، هو تابعي تفرد عنه عمرو ابن دينا، وقد صح حديثه، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُعَادٍ، تابعي مدني، تفرد عنه عبد الرحمن بن السائب، وذكرهما الحافظ في رتبة مقبول، وأَبو أَيُّوبَ الأَنْصَارِي، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بقوله: " إنما الماء " ماء الغسل، وقوله:" من الماء " المراد المني، والمعنى: أن الاغتسال لا يجب إلا بالإنزال، والحديث التالي يوضح أنه رخصة كانت في أول الإسلام ثم نسخت، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
775 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ مِنْهُ - وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، حِينَ تُوُفي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ: " أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتَوْنَ بِهَا فِي قَوْلِهِ: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» رُخْصَةٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِيهَا فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالاِغْتِسَالِ بَعْدُ ".
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَرْضَى عَنْ سَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ
(2)
.
(1)
فيه عبد الرحمن بن السائب، وابن سعاد: مقبولان، أخرجه الترمذي حديث (112) والنسائي حديث (199) وابن ماجة حديث (607) وصححه الأباني عندهما، وهو عند مسلم من حديث أبي سعيد حديث (343) وهو منسوخ بحديث " إذا التقى الختانان " البخاري حديث (291) ومسلم حديث (349) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 199).
(2)
فيه عبد الله بن صالح: أرجح أنه حسن الحديث، واحتمال الانقطاع بين الزهري وسهل رضي الله عنه يزول بأحد أمرين:
الأول: أن سماع الزهري من سهل ثابت في الصحيحين. والثاني: إنه لم يسمع منه هذا الحديث وقال: حدثني بعض من أرضى عند أحمد (21105) فقد قال ابن خزيمة: يشبه أن يكون أبا حازم سلمة بن دينار (الصحيح 1/ 114) وأخرجه الترمذي حديث (110، 111) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (214) وابن ماجة حديث (609) وصححه الألباني عندهم.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، وعُقَيْلٌ، هو أبو خالد الأيلي، ثقة من أصحاب الزهري، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري محمد بن مسلم، وسَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِي، رضي الله عنه، ولم يسمع منه الزهري هذا، وقد ثبت سماعه منه في غير هذا.
والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وسَهْلُ بْنُ سَعْد، رضي الله عنه، وبينهما مجهول، والزهري يروي عن سهل مباشرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
776 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ، ثَنَا مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي غَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُبَىٌّ: " أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتَوْنَ بِهَا فِي قَوْلِهِ: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ أَوِ الزَّمَانِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو جَعْفَرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ، هو الرازي إمام حافظ، روى له البخاري ومسلم وأبو داود، ومُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ، هو ابن إسماعيل، ثقة روى له الستة، ومُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَسَّانَ، هو أبو الفضل البكري، نسبه أشهر من اسمه، نحوىّ مذكور في وقته، مصنّف، ومن تصنيفه كتاب مختصر في النحو، وأَبو حَازِمٍ، هو سلمة بن دينار، تابعي ثقة تقدم وسَهْلِ بْنُ سَعْدٍ، وأُبوه، سعد بن مالك بن خالد، تجهّز ليخرج إلى بدر، فمرض فمات، فضرب له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
132 -
بابٌ فِي مَسِّ الْخِتَانِ الْخِتَانَ:
777 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (215) وصححه الألباني، وانظر السابق.
«إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» .
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وهِشَامٌ، هو حسان، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، والْحَسَنُ، هو البصري، وأَبو رَافِعٍ، هو القبطي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه إبراهيم، وقيل: أسلم أو هرمز، صحابي. مات في أول خلافة علي رضي الله عنه، وأَبوه هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا هو الناسخ لما سبق، والمراد بالختانين: ختان الرجل وهو الفرج، وختان المرأة كذلك، فإذا ولج شيء من ختان الرجل في ختان المرأة وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل، وقد بوب العلماء على هذا، وقيل: المراد بالشعب الأربع: الفخذين والإسكتين وهما حرفا الفرج، وقيل: المراد بهما رجلي المرأة ويديها، وقوله: جهدها، معناه حفزها، يريد التقاء الختانين، فنسخ ما كان رخصة في صدر الإسلام، وهو عدم الغسل إلا بعد الإنزال، وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في مجاوزة الختان وعدم الإنزال، ثم راجعوا عائشة رضي الله عنها: فقالت: " إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فعلته أنا ورسول الله فاغتسلنا "
(1)
، فقالوا به وهى أعلم بهذا؛ لأنها عرفت فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وتطهره، وعاينته عملا، فقولها أولى ممن لم يشاهد ذلك، وأجمع التابعون ومن بعدهم على هذا، والحديث رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (291) ومسلم حديث (349) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 199).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
133 -
بابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ
778 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ:"سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: سَأَلَتْ خَالَتِي: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَحْتَلِمُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ "
(2)
.
(1)
التمهيد 23/ 104.
(2)
فيه عطاء بن أبي مسلم الخراساني: صدوق يهم كثيرا ويرسل ويدلس، وقد توبع، أخرجه النسائي حديث (198) وصححه الألباني، وابن ماجة حديث (602) وقال الألباني: حسن.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، هو ابن أبي مسلم، أصله من بلخ، ولد سنة خمس وثلاثين، كنيته: أبو عثمان، ثقة، روى له البخاري حديثين، وروى له مسلم، وروى عنه من ثقات الأئمة مالك، ومعمر، وغيرهما، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة تقدموا، يَقُولُ: وخَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
الاحتلام وهو حق في المرأة والرجل يرى كل منهما أنه في حالة جماع، فإذا رأى الرجل أو المرأة المني، فقد وجب عليه الغسل كالمجامع حقيقة، ومن زعم أن المرأة لا تحتلم فقد أبعد النجعة وجهل ما ثبت في ذلك من السنة النبوية فلا يلتفت إلى قوله كائنا من كان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
779 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ:" أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ أُمَّ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَرَى فِي النَّوْمِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ؟ "، قَالَ:«نَعَمْ» فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لها: أُفٍّ لَكِ، أَتَرَى الْمَرْأَةُ ذَلِكَ؟، فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
«تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، وعُقَيْلٌ، هو أبو خالد الأيلي، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، وأُمُّ سُلَيْم، رضي الله عنهما.
الشرح:
انظر السابق، وهو يدمغ من زعم عدم احتلام المرأة.
(1)
فيه عبد الله بن صالح: أرجح أنه حسن الحديث، أخرجه مسلم حديث (311).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
780 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمُّ سُلَيْمٍ، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: الْمَرْأَةُ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: تَرِبَتْ يَدَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْتَصِراً لأُمِّ سُلَيْمٍ:«بَلْ أَنْتِ تَرِبَتْ يَدَاكِ، إِنَّ خَيْرَكُنَّ الَّتِي تَسْأَلُ عَمَّا يَعْنِيهَا، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ» . قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَلِلنِّسَاءِ مَاءٌ يا رسول الله؟، قَالَ:«نَعَمْ، فَأَنَّى يُشْبِهُهُنَّ الْوَلَدُ؟ إِنَّمَا هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو أبو يوسف الثقفي، صدوق يخطئ تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
استحياء أم سلمة رضي الله عنها، وقولها لأم سليم رضي الله عنها:" تَرِبَتْ يَدَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ " المراد أنها ذكر ما يستحي منه النساء، وليس كما قال البعض: لأنه نادر الحدوث من النساء؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» في أصل الخلق، إلا ما كان خاصا بهن مما كتب الله عليهن، كالعادة والحمل والولادة، والنصيب في الميراث، وذلك من شأن الخالق وتدبيره، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
134 -
باب مَنْ يَرَى بَلَلاً وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلَاماً
781 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ فَيَرَى بَلَلاً وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلَاماً، قَالَ:«لِيَغْتَسِلْ، فَإِنْ رَأَى احْتِلَاماً وَلَمْ يَرَ بَلَلاً فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ»
(2)
.
رجال السند: يَحْيَى بْنُ مُوسَى، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو العمري، والْقَاسِمُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
فيه محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي: صدوق كثير الغلط، أخرجه مسلم حديث (310).
(2)
أخرجه الترمذي حديث (113) وقال: وهو قول غير واحد من أهل العلم، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين، حديث (612) وأبو داود حديث (236) وهذا طرف منه حسنه الألباني.
الشرح:
فيه التفريق بين ما يرى الرجل في منامه وكذلك المرأة، أنه يجامع واستيقظ ولم ير بللا فلا غسل عليه، وإن وجد بللا ولو يسيرا وجب الغسل، ولا فرق بين الذكر والأنثى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
135 -
باب إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ
782 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ في الْوَضُوءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثاً»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
لأنه ربما جالت يده في نومه على بعض معاطفه، فغسلها ثلاثا يذهب ما قد يكون علق بها، وهذا من تمام الطهارة، ونظر ما تقدم برقم 767.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
136 -
باب الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنَ الْخَلَاءِ فَيَأْكُلُ
783 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ الْغَائِطَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فَقِيلَ: أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «أُصَلِّى فَأَتَوَضَّأُ؟!»
(2)
.
رجال السند: أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وسَعِيدُ ابْنُ الْحُوَيْرِثِ، هو مولى السائب، مكي ثقة قليل الحديث، وابْنُ عَبَّاس،
(1)
الحديث رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (162) ومسلم حديث (278) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 138).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (374).
رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا يدل على أن الطهارة لا تجب إلا عند إرادة الصلاة، ولا يتوضأ كل ما بال وضوءه الصلاة، واستدامة الطهارة مستحبة وهي فضيلة يُحرص عليها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
137 -
بابٌ في الْمُسْتَحَاضَةِ
784 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتِ: اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ، وَهِىَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَبْعَ سِنِينَ، فَشَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ عِرْقٌ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي» قَالَتْ عَائِشَةُ: " فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ تُصَلِّى، وَكَانَتْ تَقْعُدُ فِي مِرْكَنٍ لأُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حَتَّى إِنَّ حُمْرَةَ الدَّمِ لَتَعْلُو الْمَاءَ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن، والزُّهْرِيُّ، هو محمد، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، آخر مرجع في حديث عائشة ثقة، وكانت في حجر عائشة، وعَائِشَةَ رضي الله عنها، وأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ، رضي الله عنها، وهما زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشرح:
الحيض له في اللغة أسماء عديدة أشهرها: المحيض، أو الحيض قال الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} وقد توسع الدارمي رحمه الله في روايات الاستحاضة والحيض، والاستحاضة ليست حيضا،
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (327) ومسلم حديث (334) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 191).
وحكمها يختلف عن حكم الحيض، وقد ترافق الحيض مدته فينقطع الحيض وتستمر الاستحاضة، ولذلك قال رسول الله عز وجل: «
…
وَإِنَّمَا هِيَ عِرْقٌ» أي ينفجر في الرحم، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المستحاضة فقال:«فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ» ، فحالة الاستحاضة لا تخرج عن واحدة من ثلاث:
الأولى: أن تكون المستحاضة تعرف أيام حيضها، فهذا الحديث يعنيها ويأمرها إذا كان وقت عادتها فهو الحيض تترك فيه الصلاة، قدر الأيام التي كانت تحيض فيه فإذا انقضى وقت العادة بأيامها المعروفة لديها، فما كان بعد ذلك فهو استحاضة، أمرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي» .
أو لا تعرف المستحاضة أيام حيضها أو نسيت، ولكنها تميز دم الحيض بصفته، فإنه يكون في أيامه ثخينًا حارا يضرب إلى السواد، له رائحة كريهة، فتدع الصلاة مادامت هذه الصفة، وهذا مستفاد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق»
(1)
، المراد تميز دم الاستحاضة وهو دم أحمر رقيق مشرق فهو عرق ينفجر في الرحم وليست بالحيضة، وعليها أن تغتسل لكل صلاة.
وهاتان الحالتان تمثلان حالة التمييز: إما بأيام الحيض، أو بتمييز الدم، وهي المستحاضة المعروفة بالمميزة، وكيفية طهارة هذه الحالة، الأمر بمجر الاغتسال ثم الصلاة، فهل المراد الاغتسال لكل صلاة، وهو مالم يتضح في رواية عائشة هذه، فمن قائل: تغتسل لكل صلاة ثم تصلي، ومن قائل: تغتسل المستحاضة غسلا واحدا، ثم تتوضأ لكل صلاة، وليس كل مستحاضة يجب عليها الاغتسال لكل صلاة، وما فعلته أم حبيبة رضي الله عنها من الاغتسال لكل صلاة كان اجتهادا منها، وليس أمرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
أبو داود حديث (304).
الحالة الثانية: أن تكون المستحاضة محتارة أو متحيرة لا تعرف أيام عادتها أو نسيتها، ولا تستطيع تمييز الدم أهو حيض أم استحاضة فدليلها حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها قالت:" كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم" فقال: «أنعت لك الكُرسُف فإنه يذهب الدم» قالت: هو أكثر من ذلك، قال «فاتخذي ثوباً» فقالت هو أكثر من ذلك إنما أثُج ثجا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر وإن قويت عليهما فأنت أعلم» ، وقال لها إنما هذه:«ركضة من ركضات الشيطان فتحيِّضي ستة أيام، أو سبعة أيام، في علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة، أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك»
(1)
، وهذه الحالة أشد حالا الاستحاضة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رد الحكم في هذه الحالة إلى العرف الغالب من أحوال النساء، وعلى الغالب من عاداتهن في الحيض، واعتبار المماثلة في السن والبيئة وجاء التحيض ستا أو سبعا مراعاة لذلك أو احتياطا. والمراد بالكرسف الذي وصفه لها: القطن، ومعنى الثج: السيلان بكثرة، والمراد بركضة الشيطان، العبث الإضرار بالمرأة لكي يفسد عليها دينها، وهذا مبتغاه من الإضرار ببني آدم.
وقيل في كيفية طهارتها يجب عليها الغسل لكل صلاة لعدم قدرتها على تمييز الدم، ولا تعرف أيام عادتها أو نسيتها، فتحيرت أو احتارت في كيفية تطهرها، وكان عليها
(1)
أبو داود حديث (287).
الاغتسال لكل صلاة؛ لأن ذلك الوقت مظنة انقطاع دم الحيض فالغسل في هذه الحال واجب عليها.
وقول آخر في طهارة المستحاضة، أن تجمع بين صلاتين مثلا الظهر والعصر وتغتسل لهما غسلا واحدا عملا بحديث عائشة رضي الله عنها: " أن سهلة بنت سُهيل رضي الله عنها استحيضت فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وتغتسل للصبح
(1)
، رخصة منه صلى الله عليه وسلم نظرا لإجهادها.
وقول آخر: أن تغتسل غسلا واحدا وتتوضأ لكل صلاة، ودليله حديث فاطمة بنت أبي حُبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: «ثم غسلي ثم صلي وتوضئي لكل صلاة»
(2)
، ومن ضعف حديث الباب بأن فيه تتوضأ لكل صلاة فمردود؛ لأن الاغتسال لكل صلاة في حديثه مضاف إلى فعل المستحاضة أم حبيبة رضي الله عنها، وقول عامة الفقهاء: تغتسل غسلا واحدا وتتوضأ لكل صلاة، وعليه العمل.
الحالة الثالثة: أن تكون مبتدئة وهي البكر التي لا تميّز الدم فتأخذ بالأحوط، فلا تترك الصلاة إلاّ في أقل مدة الحيض؛ وهي يوم وليلة، ثم تغتسل وتصلي طيلة الشهر؛ لأن الصلاة لا تسقط بالشك في نوع الدم.
ما يستفاد:
* عدم توافق دم الحيض والاستحاضة في الصفات.
* نجاسة دم الحيض، ووجوب الاغتسال منه.
* طهارة دم الاستحاضة ويكفي منه غسلا واحدا ثم الوضوء لكل صلاة.
* المحتارة تغتسل لكل صلاة.
(1)
أبو داود حديث (295).
(2)
أحمد حديث (25681).
* أن المستحاضة إذا تركت الصلاة جهلا فلا تقضي؛ لأن أم حبيبة لم تؤمر بقضاء صلاة سبع سنين.
* أن أم حبيبة اعتبرت ذلك حيضا حتى قضت سبع سنين ولم تغتسل، ولذلك أمرت بالغسل ولم تخبر بأنها كانت تغتسل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
138 -
بابٌ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِم
785 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ هِشَامٍ: صَاحِبِ الدَّسْتَوَاء، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ هِشَامٍ، هو الدستوائي، حَمَّادٌ، هو ابن سلمة، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي، والأَسْوَدِ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا وعَائِشَةَ رضي الله عنها.
الشرح:
هذا الحديث موقعه في كتاب الصوم وقد تكون فيه إشارة إلى جواز مباشرة الحائض؛ لأنه من باب أولى إذا أقدم الصائم على المباشرة، والصحيح الجواز بشرط الاحتراز.
ما يستفاد:
* جواز المباشرة للصائم بشرط أن يملك نفسه من الوقوع في المحذور.
* لا تجوز المباشرة لمن لا يقوى على امتلاك حاجته.
* من كره المباشرة للصائم فالمراد كراهة تنزيه لا تحريم.
* أن المباشرة ليست من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا دلالة في قول عائشة رضي الله عنها، والمراد استبعاد أن يملك الرجل نفسه عند الإثارة وقوة الداعي للحاجة.
(1)
سنده حسن، أخرجه مسلم من طريق أخرى عن عائشة حديث (1106).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
786 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ الْبَصْرِيُّ: رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو حَاتِمٍ الْبَصْرِيُّ: رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ، هو أبو حاتم يستشهد به، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وسُلَيْمَانُ، هو الأعمش، إِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، والأَسْوَدُ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
139 -
بابٌ الْحَائِضِ تَبْسُطُ الْخُمْرَةَ
787 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ قَالَ: سُلَيْمَانُ أَخْبَرَنِي عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، هو أنصاري كوفي تابعي ثقة، روى له مسلم، والْقَاسِم، هو ابن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا عدا ثابت، عَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد بالخمرة ما يسمى اليوم بالسجادة، من أي شيء صنعت، وقد تكون تسميتها بسبب تخميرها الوجه في السجود، وهذا أصل ما يفعله بعض المصلين من استصحاب
(1)
فيه روح بن أسلم أبو حاتم: ضعيف، انظر: سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وسيأتي عند المصنف مكررا، وأخرجه مسلم حديث (298).
سجادة للصلاة عليها، فلا يعتبر هذا من البدع، وفي الرواية بيان أن الحيض لا ينجس به جسد المرأة ولا أعضائها، عدا موقع الحيض.
ما يستفاد:
* جواز استعمال السجادة للصلاة عليها.
* طهارة جسد وأعضاء الحائض.
* جواز الجلوس مع المرأة الحائض.
* جواز مباشرتها أعمال بيتها من أكل وشرب ونظافة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
140 -
بابٌ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ
788 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ:" سَمِعْتُ امْرَأَةً وَهِيَ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ تَصْنَعُ بِثَوْبِهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ مَحِيضِهَا؟ " قَالَ: «إِنْ رَأَيْتِ فِيهِ دَماً فَحُكِّيهِ، ثُمَّ اقْرُصِيهِ، ثُمَّ انْضَحِي فِي سَائِرِ ثَوْبِكِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ»
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق، وفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، هي زوجة هشام بن عروة، ثقة روى لها الستة، وأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْر، رضي الله عنها، هي جدة فاطمة المذكورة.
الشرح:
في إجابته صلى الله عليه وسلم تيسير على السائلة، ورفع للحرج بأن تتبع ما ترى أثره من الدم فتحك
(1)
سنده حسن لزوال تدليس ابن اسحاق فقد صرح بالسماع عند ابن خزيمة في صحيحه برقم (276).
الجاف منه وتقرصه بأصبعيها مع الماء، ثم تحتاط بنضح الثوب بالماء، وفي هذا مراعاة للحال، ويكفي عنها أن تغسل الثوب، ولا سيما في عصرنا هذا الذي لم يعد في ذلك حرج لتوفر المنظفات والآلات في ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
141 -
بابٌ فِي غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ
789 -
(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حدثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ:" سَأَلَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَيْضِ قَالَ: «خُذِي مَاءَكِ وَسِدْرَكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَأَنْقِي، ثُمَّ صُبِّي عَلَى رَأْسِكِ، حَتَّى تَبْلُغِي شُئُونَ الرَّأْسِ، ثُمَّ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً» قَالَتْ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، فَسَكَتَ، قالت: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، فَسَكَتَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَبَّعِي بِهَا آثَارَ الدَّمِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ، فَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهَا "
(1)
790 -
تكرار للحديث السابق.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، هما ثقتان تقدما، وإِبْرَاهِيمُ ابْنُ مُهَاجِرٍ، هو البجلي صدوق لين الحفظ، وصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، أبوها حاجب الكعبة، تابعية ثقة، روت عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
فرصة المراد قطعة من مَسْك: جلد عليها صوف تبل بالماء وتتبع بها أثر الدم، وانظر السابق.
(1)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (7357) ومسلم حديث (332) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 189).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
791 -
(2) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ "، قَالَ:«لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» .
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه عروة بين الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
792 -
(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بن هارون، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ ابْنَةَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَتَدْخُلُ الْمِرْكَنَ وَإِنَّهُ لَمَمْلُوءٌ مَاءً، فَتَنْغَمِسُ فِيهِ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْهُ، وَإِنَّ الدَّمَ لَعَالِيهِ فَتُصَلِّى "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بن هارون، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو صدوق، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
خالف ابن إسحاق أصحاب الزهري حين قال: " فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، " وقد قال الليث بن سعد: "لم يذكر ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة ولكنه شيء فعلته هي"
(2)
، والحديث سنده
(1)
سنده حسن، أخرج أبو داود طرفا منه حديث (292) و كذلك النسائي حديث (357) وصححه الألباني.
(2)
مسلم حديث (334).
حسن، أخرجه البخاري حديث (228) ومسلم حديث (333) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 190).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
793 -
(4) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" إِنَّمَا هِيَ فُلَانَةُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَتَغْتَسِلَ لِلْفَجْرَ "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: النَّاسُ يَقُولُونَ: سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ. قَالَ يَزِيدُ: سُهَيْلَةُ بِنْتُ سَهْلٍ.
رجال السند:
يَزِيدُ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة، هم أئمة ثقات، عدا ابن إسحاق وهو صدوق تقدموا وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
سهلة رضي الله عنها هي زوجة أبي حذيفة رضي الله عنه هاجرا إلى الحبشة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
794 -
(5) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَأَخْبَرَنِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ امْرَأَةً اسْتُحِيضَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُمِرَتْ - قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا؟، قَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً. قَالَ: فَأُمِرَتْ - أَنْ تُؤَخِّرَ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلَ الْعَصْرَ، وَتَغْتَسِلَ لَهُمَا غُسْلاً، وَتُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلَ الْعِشَاءَ، وَتَغْتَسِلَ لَهُمَا غُسْلاً، وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ غُسْلاً".
رجال السند: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو الكناني، شُعْبَةُ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (295، 296) والنسائي حديث (360، 361) وصححه الألباني عندهما.
الشرح:
انظر التالي، الخبر رجاله ثقات، أخرجه أبو داود حديث (294) والنسائي حديث (213) وصححه الألباني عندهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
795 -
(6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ:" اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ سَبْعَ سِنِينَ، وَهِىَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْفٍ، فَاشْتَكَتْ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِحَيْضَةٍ، إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» .
قَالَتْ عَائِشَةُ: " فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ تُصَلِّى، قَالَتْ: وَكَانَتْ تَقْعُدُ فِي مِرْكَنٍ لأُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حَتَّى إِنَّ حُمْرَةَ الدَّمِ لَتَعْلُو الْمَاءَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
796 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ، أَفَأَتْرُكُ الصَّلَاةَ؟ "، قَالَ:«لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، وَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» .
قَالَ هِشَامٌ فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: " تَغْتَسِلُ غُسْلَ الأَوَّلِ، ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَطَّهَّرُ وَتُصَلِّ "
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذه الميزة بمعرفة أيام حيضها، انظر التفصيل رقم 783.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
797 -
(8) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلاً أَخْبَرَهُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ، الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ، قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بِهَا الَّذِي كَانَ، وَقَدْرَهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ، فَتَتْرُكِ الصَّلَاةَ لِذَلِكَ، فَإِذَا خَلَفَتْ ذَلِكَ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ تُصَلِّي»
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسُلَيْمَانُ ابْنُ يَسَارٍ، هو الهلالي تابعي إمام ثقة فقيه.
الشرح:
قوله: أن رجلا، لم أقف على بيان له، ولكن روى هذا أيوب السختياني، عن سليمان، عن أم سلمة، وسمى المرأة المستحاضة فاطمة بنت أبي حبيش.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
798 -
(9) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ،
(1)
رجاله ثقات، أخرجه أبو داود حديث (274، 275، 276، 277، 278) والنسائي حديث (355) وابن ماجة حديث (623) وصححه الألباني عندهم.
عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَبَنِي الدَّمُ. قَالَ:«اغْتَسِلِي وَصَلِّي»
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
799 -
(10) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ - يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ -عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ: أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: " جَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتِ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَاشْتَكَتْ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَاسْتَفْتَتْهُ فِيهِ "، فَقَالَ لَهَا:«إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، إِنَّمَا هَذَا عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي» .
قَالَتْ عَائِشَةُ: " وَكَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّى، وَكَانَتْ تَجْلِسُ فِي الْمِرْكَنِ، فَتَعْلُو حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ، ثُمَّ تُصَلِّى "
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، هو ابن علي بن عبد الله بن عباس، أبو أيوب البغدادي، فقيه ثقة لم يرو له الشيخان، وإِبْرَاهِيمُ بْنَ سَعْدٍ، هو من لد عبد الرحمن بن عوف، أبو إسحاق إمام ثقة تقدم، والزُّهْرِيِّ، وعَمْرَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، هما تقتان تقدما، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
800 -
(11) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتِ اسْتُحِيضَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَتَنْغَمِسُ فِي الْمِرْكَنِ، وَإِنَّهُ لَمَمْلُوءٌ مَاءً،
(1)
سنده حسن، أخرجه مسلم حديث (334)
(2)
سنده حسن، تقدم تخريجه.
ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْهُ وَإِنَّ الدَّمَ لَعَالِيهِ، فَتُصَلِّى "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، تقدما آنفا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
801 -
(12) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ:" أَنَّهَا كَانَتْ بَادِيَةُ بِنْتُ غَيْلَانَ الثَّقَفِيَّةَ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، والزُّهْرِيُّ، تقدموا آنفا، والْقَاسِمِ، هو ابن محمد إمام ثقة تقدم.
الشرح:
حديث ابنة غيلان أخرجه الطبراني في الأوسط، بسنده من طريق محمد ابن مسلم الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أن ابنة غيلان، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت:" إني لا أقدر على الطهر، أفأترك الصلاة؟ " فقال: «ليست تلك بالحيضة، إنما ذلك عرق، فإذا ذهب قرء الحيض فارتفعي عن الدم، ثم اغتسلي وصلي»
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري، عن القاسم إلا محمد بن إسحاق، ولا عن ابن إسحاق إلا عمرو بن هاشم، تفرد به: عبد الرحمن بن صالح
(3)
.
(1)
فيه عنعنة ابن إسحاق، وتقدم تخريجه.
(2)
فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وتقدم تخريجه.
(3)
الأوسط حديث (788).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" إِنَّمَا هِيَ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، اسْتُحِيضَتْ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ أَمَرَ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ، وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدِ الرَّحْمَنُ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، القاسم بن محمد بن أبي بكر، هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 789.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
802 -
(13) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" إِنَّمَا جَاءَ اخْتِلَافُهُمْ: أَنَّهُنَّ ثَلَاثَتُهُنَّ كُنَّ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أُمُّ حَبِيبَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ بَادِيَةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي ثقة تقدم قريبا، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وسَعْدُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو أبو إسحاق الزهري إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
803 -
(14) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، أَنَّ الْقَعْقَاعَ بْنَ حَكِيمٍ أَخْبَرَهُ:" أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيداً عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ، فَقَالَ: ابْنَ أَخِي مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنِّي، إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَلْتَدَعِ الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ ".
(1)
فيه عنعنة ابن إسحاق، تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى، هو بن سعيد الأنصاري، والْقَعْقَاعَ بْنَ حَكِيمٍ، هو الكناني مدني ثقة، وسَعِيدٌ، هو ابن المسيب، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
الخبر رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (528/ 797) وانظر ما تقدم برقم 784.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
804 -
(15) أَخْبَرَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمَّارٍ - مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ، ثُمَّ تَحْتَشِي وَتَسْتَثْفِرُ، ثُمَّ تُصَلِّي ".
فَقَالَ الرَّجُلُ: " وَإِنْ كَانَ يَسِيلُ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَسِيلُ مِثْلَ هَذَا الْمَثْعَبِ "
(1)
.
رجال السند:
أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، هو شاذان ثقة، وشُعْبَةُ، ثقة، وعَمَّارٌ، هو مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، لا بأس به، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد ألا تترك الصلاة، وهي مستحاضة مهما كثر عليها خروج دم الاستحاضة، وإن كان الدم يصب كالمثعب، وهو الميزاب، وانظر والتالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
805 -
(16) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: "كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ قَوْلاً فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، ثُمَّ رَخَّصَ بَعْدُ، أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: أَدْخُلُ
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (529/ 798).
الْكَعْبَةَ وَأَنَا حَائِضٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتِ تَثُجِّيهِ ثَجًّا، اسْتَدْخِلِي ثُمَّ اسْتَثْفِرِي، ثُمَّ ادْخُلِي "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا حُمَيْدٌ، هو بن عبد الرحمن تابعي ثقة تقدم، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، تقدم قريبا ولا بأس به، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد وهي مستحاضة، وليست حائضا، فالحائض لا تدخل المسجد، ولا تطوف بالكعبة، ولا ريب من باب أولى ألا تدخل الكعبة، وهذا التخفيف الوارد في فتوى ابن عباس رضي الله عنهما، يؤكد رجوعه عن القول بالاغتسال لكل صلاة، والجمع بين الصلاتين، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
806 -
(17) أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" سَأَلْتُهَا عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ، قَالَتْ: تَنْتَظِرُ أَقْراءَهَا الَّتِي كَانَتْ تَتْرُكُ فِيهَا الصَّلَاةَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ طُهْرِهَا الَّذِي كَانَتْ تَطْهُرُ فِيهِ اغْتَسَلَتْ، ثُمَّ تَوَضَّأَتْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ "
(2)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الحلبي صدوق تقدم، ومُعْتَمِرٌ، هو بْنُ سُلَيْمَانَ، إمام صدوق تقدم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، هو البجلي إمام ثقة تقدم، ومُجَالِدٌ، هو بن سعيد
(1)
سنده حسن.
(2)
في سنده مجالد بن سعيد: ضعيف، ويأتي عند المصنف وفيه موسى بن خالد البجلي: مقبول، ويكون لإسماعيل فيه شيخان: مجالد، والآخر عامر، ويأتي عند المصنف أيضا بسند رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (531/ 801).
الهمداني مقبول، وعَامِرٌ، هو الشعبي إمام، وقَمِيرٌ، هي بنت عمرو امرأة مسروق، تابعية ثقة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
إذا جهده الغسل لكل صلاة، فلها أن تكتفي بالوضوء لكل صلاة مع التحفظ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
807 -
(18) أَخْبَرَنَا مُوسَى، عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ رَجُلٍ
(1)
مِنْ حَيِّهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ
(2)
.
رجال السند:
مُوسَى بن خالد الحلبي أبو الوليد، صهر محمد بن يوسف الفريابي، أو أبي إسحاق الفزاري، صدوق روى حديثه مسلم في الصحيح، و مُعْتَمِرٍ هو ابن سليمان، و إِسْمَاعِيلَ هو ابن أبي خالد، عَنْ رَجُلٍ مِنْ حَيِّهِ، هو عبد الملك ابن عبد الله بن جابر، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان، وهو أحد أفراد الدارمي، وأَبو جَعْفَرٍ، هو الصادق إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
808 -
(19) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" تَنْتَظِرُ أَيَّامَهَا الَّتِي كَانَتْ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِيهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ طُهْرِهَا الَّذِي كَانَتْ تَطْهُرُ فِيهِ اغْتَسَلَتْ، ثُمَّ تَوَضَّأَتْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ "
(3)
.
(1)
فيه أمران: أن يكون هو مجالد بن سعيد: وهو ضعيف، أو عبد الملك بن عبد الله ابن جابر: سكت عنه الإمامان: البخاري، وابن أبي حاتم (التاريخ 5/ 420، والجرح والتعديل 5/ 354).
(2)
أنظر: سابقه.
(3)
سنده حسن، تقدم تخريجه.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي إمام ثقة تقدم، وإِسْمَاعِيلُ، وعَامِرٌ وقَمِيرَ، تقدموا آنفا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
809 -
(20) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَبُو الْيَقْظَانِ: عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ - عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ انْقِضَائِهَا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ، وَتَوَضَّأَتْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، إمام ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله النخعي صدوق تقدم، أَبو الْيَقْظَانِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ، هو من غلاة الشيعة، عَدِيُّ بْنِ ثَابِتٍ، هو الأنصاري، روى له الستة، وأَبوه، مجهول، وجَدِّهُ، قيل: من قبل أمه وهو عبد الله ابن يزيد الخطمي.
الشرح:
صح الحديث من غير هذه الرواية، وانظر رقم 806.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 810 - (21) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ، وَحَفْصٍ، عَنِ الْحَسَنِ " فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا
(1)
فيه أبو اليقظان عثمان بن عمير البجلي: ضعيف، عد من غلاة الشيعة، وأخرجه الترمذي حديث (126) وقال: هذا حديث قد تفرد به شريك عن أبي اليقظان، وأبو داود حديث (297) وابن ماجة حديث (625) وصححه الألباني عندهما، وفيه أبو اليقظان، ولعله باعتبار الطرق الصحيحة.
إِذَا طُلِّقَتْ فَيَطُولُ بِهَا الدَّمُ: فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ قَدْرَ أَقْرَائِهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَفِي الصَّلَاةِ إِذَا جَاءَ وَقْتُ الْحَيْضِ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، هما إمامان تقدما، وكَثِيرٌ، هو ابن زياد البرساني، أبو سهل الأزدي، بصري ثقة من كبار أصحاب الحسن البصري، وَحَفْصٌ، هو ابن سليمان المنقري ثقة من أعلم الناس بعلم الحسن، أفراد الدارمي، ليست له رواية في الستة، والْحَسَنِ، هو البصري إمام تقدم.
الشرح:
فيه بيان عدة المستحاضة المميزة أيام حيضها، إذا طال بها الدم اعتدت بثلاث حيض، وفيه أنها تمسك عن الصلاة أيام الحيض، وتغتسل وتصلي بعد انقضاء أيام الحيص؛ لأن الدم بعد ذلك استحاضة، لا يمنعها من الصلاة،.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
811 -
(22) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ بن عيسى، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِقَتَادَةَ: " امْرَأَةٌ كَانَ حَيْضُهَا مَعْلُوماً، فَزَادَتْ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةَ؟، قَالَ: تُصَلِّى. قُلْتُ: يَوْمَيْنِ. قَالَ: ذَاكَ مِنْ حَيْضِهَا ".
وَسَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: " النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدٌ بن عيسى، مُعْتَمِرٌ، وأَبوه، هو سليمان بن طرخان، وقَتَادَةَ، هو ابن دعامة، هم أئمة تقدموا.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (538/ 808).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (536/ 805).
الشرح:
المراد أن المرأة إذا عرفت أيام حيضها، فما زاد عنها فإنها تأخذ بالتمييز فيه، فإذا لم يلتبس عليها بدم الحيض فإنه استحاضة؛ لأن دم الحيض لا يخفي مع العلم بأيامه، ولذلك قال ابن سيرين: النساء أعلم بذلك انظر رقم 811.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
812 -
(23) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ أَيَّامَ طُهْرِهَا قَالَ:" أَرَى أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّىَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ومُعْتَمِرٌ، وأَبوه، انظر السابق، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
المراد أن الدم في أيام الطهر استحاضة، ولا يمنع من الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
813 -
(24) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَ:" تَنْتَظِرُ قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحِيضُ فَلْتُحَرِّمِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ حَتَّى إِذَا كَانَ أَوَانُهَا الَّذِي تَحِيضُ فِيهِ فَلْتُحَرِّمِ الصَّلَاةَ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مِنَ الشَّيْطَانِ يُرِيدُ أَنْ يُكْفِرَ إِحْدَاهُنَّ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، هو الفزاري، من أصحاب شهر، كان حافظا لحديثه، ثقة من أهل الصدق، وشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، أبو
(1)
رجاله ثقات.
(2)
سنده حسن.
سعيد، مولى أسماء بنت يزيد، تابعي قرأ القرآن على بن عباس، وكان يرسل كثيرًا لا بأس به، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
814 -
(25) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَحْتَشِى كُرْسُفاً، وَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، ومُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبو جَعْفَرٍ، هو الباقر، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
815 -
(26) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيّ، عَنْ قَمِيرَ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ: الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ، أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلاً وَاحِدًا، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، سُفْيَانُ، هو الثوري، وفِرَاسٌ، هو ابن يحيى الهمداني، والشَّعْبِيِّ، هو عامر، وقَمِيرٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 765، 766، 1069.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (798).
(2)
سنده حسن، وانظر: رقم (798).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
816 -
(27) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اسْتُحِيضَتِ امْرَأَةٌ مِنْ آلِ أَنَسٍ فَأَمَرُونِي، فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَمَّا مَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّي، فَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وابْنُ عُلَيَّةَ، هو إسماعيل، وخَالِدٌ، هو الحذاء، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، هو أخو محمَّد، تابعي ثقة، روى له الستة.
الشرح:
البحراني وصف لدم الحيض لغلظته وكدرته، وهو مما يميزه عن دم الاستحاضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
817 -
(28) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ:" كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ اسْتُحِيضَتْ، فَأَمَرُونِي أَنْ أَسْتَفْتِىَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: إِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّى، فَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ"
(2)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، إمام ثقة تقدم، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، هو أبو معاوية إمام ثقة، روى له الستة، وخَالِدٌ، وأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، تقدما آنفا.
الشرح: انظر السابق.
(1)
رجاله ثقات، علّقه أبو داود حديث (286)، وانظر: القطوف رقم (540/ 810).
(2)
رجاله ثقات، انظر: سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
818 -
(29) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثَنَا قُرَّةُ عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ فَقَالَتْ: " إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ. فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتِ دَماً عَبِيطاً فَأَمْسِكِي أَيَّامَ أَقْرَائِكِ "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، هو القيسي ضعيف يتلقن، وقُرَّةُ، هو السدوسي، والضحاك، هو ابن مزاحم، هما ثقتان، والضحاك يرسل.
الشرح:
العبيط الثقيل المائل إلى الكدرة، وهو من صفات دم الحيض، ودم الاستحاضة ضده أحمر حفيف، لا يمنع من الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
819 -
(30) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ]
(2)
عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلاً وَاحِداً، وَتُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَذَلِكَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَلِلْفَجْرِ غُسْلاً وَاحِدًا، وَلَا تَصُومُ، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَلَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومَنْصُورٌ، هو بين المعتمر، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر المتقدم برقم 794، 819.
(1)
فيه حجاج بن نصير القيسي: ضعيف، ويقوى بما سبق.
(2)
نهاية السقط من (ت).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (788)، وانظر: القطوف رقم (543/ 813).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
820 -
(31) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: " تَغْتَسِلُ غُسْلاً لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَغُسْلاً لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَكَانَ يَقُولُ: تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ، وَتُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلُ الْعِشَاءَ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، البجلي، ثقة من كبار شيوخ مسلم تقدم، وأبو الأحوص، هو سلام بن سليم، ثقة تقدم، وعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، أبو عبد الله، إمام ثقة تقدم، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح إمام ثقة تقدم، ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
821 -
(32)، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" إِذَا خَلَفَتْ قُرُوءَهَا، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْعَصْرِ تَوَضَّأَتْ وُضُوءاً سَابِغاً، ثُمَّ لِتَأْخُذْ ثَوْباً فَلْتَسْتَثْفِرْ بِهِ، ثُمَّ لِتُصَلِّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعاً، ثُمَّ لِتَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ لِتُصَلِّ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعاً، ثُمَّ لِتَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تُصَلِّى الصُّبْحَ "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو العبسي، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الجمحي، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه، وانظر: القطوف رقم (544/ 814) وهذا الحديث نهاية السقط من (ت) المبتدئ من حديث 697 - 813.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
822 -
(33) حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدٍ، وَعِكْرِمَةَ قَالُوا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ لِصَلَاةِ الأُولَى وَالْعَصْرِ فَتُصَلِّيهُمَا، وَتَغْتَسِلُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَتُصَلِّيهِمَا، وَتَغْتَسِلُ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ "
(1)
.
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أبو يحيى، إمام ثقة، وعبيد الله بن عمرو، هو أبو وهب، إمام ثقة، وعَبْدُ الْكَرِيمِ، هو ابن مالك الجزري، ثقة من جلة العلماء، ومن الحفاظ المتقنين المتفق عليهم، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، وَسَعِيدٌ، هو ابن المسيب، وَعِكْرِمَةُ، مولى ابن عباس، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
823 -
(34) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ، ثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ، ثُمَّ تَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَإِنْ رَأَتْ شَيْئاً اغْتَسَلَتْ، وَجَمَعَتْ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وأَبُو زُبَيْدٍ، هو عبثر بن القاسم، وحُصَيْنٌ، هو السلمي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، هو أبو الوليد تابعي إمام فقيه، قتل بالكوفة.
الشرح: انظر ما سبق.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: ما سبق، وانظر: القطوف رقم (546/ 816).
(2)
رجاله ثقات، علّقه أبو داود بعد حديث (296) وانظر: ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
142 -
بابٌ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الظُّهْرِ وَتُجَامَعُ وَتَصُومُ
824 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيٍّ قَالَ:" سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ: " تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، وَتَغْتَسِلُ مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الظُّهْرِ، وَتَسْتَذْفِرُ بِثَوْبٍ، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَتَصُومُ ". فَقُلْتُ: عَمَّنْ هَذَا؟ فَأَخَذَ الْحَصَا "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، ثَنَا سُفْيَانُ، هو الثوري، وسُمَيٍّ، هو مولى أبي بكر بن عبدالرحمن، هم ثقات تقموا، وسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، تابعي إمام.
الشرح:
قوله: " فَأَخَذَ الْحَصَا " كأنه أراد حصبه؛ لأنه استوضح عمن أخبره، وفيه إشارة إلى وثوق ابن المسيب رجمه الله، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، انظر ما تقدم برقم 790.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
825 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ:" تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ اسْتَثْفَرَتْ"
(2)
.
وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ ذَلِكَ.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن، ويَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وسَعِيد بْنِ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وعلقه أبو داود بعد حديث (287) وانظر: القطوف رقم (548/ 818).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: ما سبق، وانظر: القطوف رقم (549/ 819).
الشرح:
قوله: تغتسل من ظهر إلى ظهر يوافق القول بأنها تغتسل في كل يوم مرة، ومن العلماء من قال: من طهر إلى طهر، وهذا يوافق من قال: تغتسل غسلا واحدا وتتوضأ لكل صلاة، وتقدم ذكر أحوال المستحاضة برقم 824، 828.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
826 -
(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا يَحْيَى، أَنَّ سُمَيًّا مَوْلَى أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ:" أَنَّ الْقَعْقَاعَ بْنَ حَكِيمٍ، وَزَيْدَ ابْنَ أَسْلَمَ، أَرْسَلَاهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُهُ: كَيْفَ تَغْتَسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ؟، فَقَالَ سَعِيدٌ: تَغْتَسِلُ مِنَ الظُّهْرِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْغَدِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ اسْتَثْفَرَتْ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى، هو الأنصاري، وسُمَيٌّ، هو مَوْلَى أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، هم ثقات تقدموا.
الشرح: هذا يوافق ما تقدم آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
827 -
(4) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" تَغْتَسِلُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِمِنَ الْغَدِ ".
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الشامي صهر أبي إسحاق الفزاري، روى له مسلم، ومُعْتَمِرٍ، هو ابن سليمان، وأَبوه، هو سليمان بن طرخان، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (301) وانظر: ما سبق.
تقدموا.
الشرح:
في سنده أبو الوليد موسى بن خالد الشامي: مقبول، ويقوى بما سبق، وانظر: القطوف رقم (550/ 821)، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
828 -
(5) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا مِنَ الشَّهْرِ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الظُّهْرِ، وَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد وحُمَيْدٌ، هو الطويل والْحَسَنِ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن دم الاستحاضة طاهر، ولا يمنع من الصوم والصلاة، والمعاشرة، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
729 -
(6) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ مِثْلَ ذَلِكَ
(2)
.
رجال السند: حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، وعَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو القاضي ضعّف في الرواية، وعدّ في المدلسين، وعدّه ابن حجر في مرتبة صدوق رمي بالقدر،
(1)
رجاله ثقات، وانظر: ما تقدم من أحاديث الباب.
(2)
سنده حسن، وانظر: ما سبق. وقد سقط ما بين المعقوفين من (ك).
والْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، هما ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
830 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَمِيرَ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: " تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، ودَاوُدُ، والشَّعْبِيِّ، وقَمِير، هم ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
831 -
(8) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ
(2)
، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ". قَالَ مَرْوَانُ: وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيُّ
(3)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ، هو الطاطري، إمام ثقة تقدم، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، هو الأسدي، قاضي نيسابور، من أفراد الدارمي، صدوق ليس له في الستة رواية، ومُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، هو البلخي ثقة روى له الستة عدا البخاري، ونَافِعٌ، إمام ثقة، وابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (553/ 822).
(2)
سقط من (ك).
(3)
سنده حسن، علقه أبو داود بعد حديث (301) وانظر: السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
832 -
(9) حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ
(1)
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ صَلَاةِ الأُولَى ليس هذا بمأخوذ "
(2)
.
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أبو يحيى، إمام ثقة، وعبيد الله بن عمرو، هو أبو وهب، إمام ثقة، وعَبْدُ الْكَرِيمِ، هو ابن مالك الجزري، ثقة، تقدموا، وانظر رقم 846، وسَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، تابعي إمام.
الشرح:
انظر ما تقدم برقم 822، فليس فيه قوله: ليس هذا بمأخوذ، ولعل المراد أنهم لم يأخذوا بهذا القول، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
143 -
بابٌ مَنْ قَالَ: الْمُسْتَحَاضَةُ يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا
833 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَتَّابٌ - هُوَ ابْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ -عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" لَمْ يَرَ بَأْساً أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا"
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، إمام ثقة تقدم، وعَتَّابٌ، بتشديد المثناة هُوَ ابْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ، ثقة من رجال البخاري، ما روي عنه من أحاديث منكرة، هي من
(1)
في (ك) عبد الله، وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(3)
فيه خصيف بن عبد الرحمن الجزري: صدوق سيء الحفظ، ويقويه ما بعده، وانظر: رقم (822)، وانظر: القطوف رقم (556/ 827).
قبل شيخه خصيف لسوء حفظه، وخُصَيْفٍ، هو ابن عبد الرحمن الجزري، سيئ الحفظ روى له الأربعة، يستشهد بحديثه، وعِكْرِمَة، هو مولى ابن عباس إمام تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا خلافا للمانعين انظر رقم 847، وانظر عدم المنع رقم 824، 846.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
834 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ قَالَ:" سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَتُجَامَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ؟، فَقَالَ: الصَّلَاةُ أَعْظَمُ مِنَ الْجِمَاعِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما، وسَالِمُ الأَفْطَسِ، هو ابن عجلان أبو محمد، إمام ثقة رمي بالإرجاء، روى له البخاري، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، تابعي إمام تقدم.
الشرح:
المراد أن المستحاضة مأمورة بالصلاة، فإباحة الجماع من باب أولى؛ لأن الصلاة من شروطها الطهارة، فهي أعظم من الجماع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
835 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ:" يَأْتِيهَا زَوْجُهَا "
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (557/ 828).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (558/ 829).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، وسُمَيٌّ، وسُمَيٍّ، هو مولى أبي بكر بن عبدالرحمن، هم ثقات تقموا، وسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، تابعي إمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
836 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ:" يَغْشَاهَا زَوْجُهَا "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل عارم، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
837 -
(5) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" يَغْشَاهَا زَوْجُهَا، وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك بن مخلد النبيل، إمام ثقة جليل تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ مُسْلِمٍ، هو ابن هرمز مكي ضعيف، يستشهد بحديثه، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، تابعي إمام تقدم.
الشرح:
قوله: "وإن قطر الدم على الحصير" مبالغة لبيان الجواز وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
838 -
(6) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لِبَكْرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ: " إِنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ لَا يَغْشَاهَا زَوْجُهَا ".
(1)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (822)، وانظر: القطوف رقم (559/ 830).
(2)
فيه عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي: ضعيف، وانظر: رقم (828).
قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ: " الصَّلَاةُ أَعْظَمُ حُرْمَةً، يَغْشَاهَا زَوْجُهَا "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد وحُمَيْدٌ، هو الطويل، هم أئمة ثقات تقدموا، وانظر رقم 828، وبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو أبو عبد الله المزني البصري، تابعي إِمام ثقة فقيه جليل، والْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ، هو الثقفي المشهود بإجرامه وظلمه، وخالف بقوله هذا الأئمة، ولذلك قال بكر المزني:" الصلاة أعظم حرمة ".
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
839 -
(7) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " يَأْتِيهَا زَوْجُهَا "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد وحُمَيْدٌ، هو الطويل والْحَسَنِ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا، انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
840 -
(8) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا: تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، فَإِذَا حَلَّتْ لَهَا الصَّلَاةُ فَلْيَطَأْهَا "
(3)
.
رجال السند: عمرو بن عون الواسطي، أبو عثمان، إمام ثقة تقدم، وخالد بن عبد الله المزني، أبو الهيثم إمام ثقة تقدم، وعطاء بن السائب صدوق تقدم، و عَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح إمام ثقة تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (561).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (830).
(3)
فيه خالد بن عبد الله: سمع من عطاء بعد الاختلاط، وله متابعات، ويتقوى بما تقدم في الباب، وانظر: القطوف رقم (563/ 834).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
841 -
(9) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ زُرْعَةَ الْخَارِفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، إمام ثقة تقدم، وعُمَرُ بْنُ زُرْعَةَ الْخَارِفِيُّ، هو من أفراد الدارمي، سكت عنه ابن أبي حاتم، ومُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ، هو أبو سهل الهمداني، ضعيف، الشَّعْبِيِّ، هو عامر إمام ثقة تقدم، عَلِيٌّ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا من شواهد ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
842 -
(10) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ قَالُوا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:" تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّى، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَيَغْشَاهَا زَوْجُهَا "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
144 -
بابٌ مَنْ قَالَ: لَا يُجَامِعُ الْمُسْتَحَاضَةَ زَوْجُهَا
843 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَفْصٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" كَانَ يَقُولُ: الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَغْشَاهَا زَوْجُهَا ".
(1)
فيه عمر بن زرعة الخارفي: قال البخاري: فيه نظر (التاريخ 6/ 157) وسكت عنه ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 6/ 110) وفيه محمد بن سالم الهمداني: ضعيف، وأنظر ما سبق.
(2)
رجاله ثقات، انظر: رقم (822، 829).
قَالَ أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: " لَا أَعْلَمُ أَحَداً قَالَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ"
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد، حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وحَفْصٌ، هو ابن سليمان المنقري، من أعلم الناس بحديث الحسن تقدم، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
هذا خلاف ما روي عن الحسن، وغيره، تفرد به المنقري وهو ثقة، فيحمل على أن ذلك فتوى من الحسن المراد منها التنزيه لا التحريم والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
844 -
(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا وُهَيْبٌ، هو ابن خالد عَنْ خَالِدٍ قَالَ:" كَانَ مُحَمَّدٌ يَكْرَهُ أَنْ يَغْشَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِىَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وُهَيْبٌ، هو ابن خالد، هما ثقتان تقدما، وخَالِدٌ، هو الحذاء صدوق تقدم، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين.
الشرح:
هذا مخالف لما عليه الجمهور، ولعله يرى عدم التفريق بين الدّمَين، وقد فرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بالتوقف عن الصلاة مدة الأقراء، فإذا انقضى ذلك فما بعده دم استحاضة، وتعتبر المستحاضة طاهرة، تصلي وتصوم ويغشاها زوجها، وانظر ما تقدم برقم 836، 83، 838، 842.
(1)
رجاله ثقات، وهو خلاف ما تقدم عن الحسن.
(2)
رجاله ثقات، ومحمد: هو ابن سيرين، وانظر: القطوف رقم (567/ 838).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
845 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:"الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَلَا تَصُومُ، وَلَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومَنْصُورٌ، هو بين المعتمر، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا معارض بما رواه ابن أبي شيبة بسنده عن إبراهيم، قال:" المستحاضة تصوم وتصلي، ويأتيها زوجها " فاتضح أن لإبراهيم قولين في المسألة، وانظر ما تقدم برقم 819، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
846 -
(4) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا"
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، وحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، هو ثقة ثبت أثبت الناس في ابن جريج، لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، وشُعْبَةَ، هو ابن الحجاج إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، هو الهلالي إمام ثقة تقدم، والشَّعْبِيُّ، هو عامر تابعي إمام تقدم، وقَمِيرُ، هي زوجة مسروق ثقة تقدمت، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه وانظر: القطوف رقم (568/ 839).
(2)
سنده حسن، وتقدم عن الحسن مثله تقدم تخريجه، وانظر: القطوف رقم (569/ 840).
الشرح:
تقدم عن عائشة رواية أنها تغتسل وتصلي، والصلاة أعظم من إتيان الزوج.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
847 -
(5) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: " الْمُسْتَحَاضَةُ لَا تُجَامَعُ، وَلَا تَصُومُ، وَلَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ، إِنَّمَا رُخِّصَ لَهَا فِي الصَّلَاةِ "
(1)
.
قَالَ يَزِيدُ: "يُجَامِعُهَا زَوْجُهَا، وَيَحِلُّ لَهَا مَا يَحِلُّ لِلطَّاهِرِ".
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو الأشهب لا بأس به، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، هما ثقتان تقدما.
الشرح:
عجبا من هذا القول، رخص لها في الصلاة ومنعت مما هو أقل أهمية من الصلاة، وصدق يزيد بن هارون رحمه الله فيما قال آنفا، وانظر ما تقدم في عدم المنع رقم 824، 846.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
145 -
بابٌ مَا جَاءَ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ
848 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" تُمْسِكُ الْمَرْأَةُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي، حَيْضِهَا سَبْعاً، فَإِنْ طَهُرَتْ فَذَاكَ، وَإِلاَّ أَمْسَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَشْرِ، فَإِنْ طَهُرَتْ فَذَاكَ، وَإِلاَّ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَهِىَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
(1)
فيه أبو الأشهب جعفر بن الحارث الواسطي: صدوق كثير الخطأ، يقوى بما تقدم، انظر: رقم (813، 839).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (804، 806).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
اختلف العلماء في مدة الحيض لعدم وجود النص، فقد يكون أقله يوم وليلة، وقد يكون يومين، وهذا ليس حدا لأقله، ويكون سبعة أيام، وقد يكون سبعة عشر يوما، وليس هذا حدا لأكثره.
وذكر هنا سبعا إلى العشر، وما بعده يكون استحاضة تغتسل وتصلي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
849 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" الْحَيْضُ عَشْرٌ فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، هما إمامان ثقتان تقدما والرَّبِيعُ، هو ابن أنس، صدوق يُجتنب من حديثه ما رواه عن أبي جعفر الرازي، لضعفه في الحديث، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
كأن الحسن رحمه الله يرى الحد لأكثر الحيض، وأنه إذا زاد خروج الدم بعد العشرة فهو دم استحاضة، ولكن يعكر على هذا الفهم اختلاف طبائع النساء، لذلك قال ابن سيرين رحمه الله:" النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ" انظر رقم 811.
(1)
فيه الربيع بن صبيح البصري: قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ.
قلت بالنظر في أقوال النقاد هو فوق ذلك، فالإسناد حسن، وانظر: السابق، وانظر: القطوف رقم (572/ 843).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
وَقَالَ عَطَاءٌ: " الْحَيْضُ خَمْسَةَ عَشَرَ "
(1)
.
رجال السند: تقدموا آنفا، وعطاء، هو ابن أبي رباح إمام ثقة تقدم.
الشرح:
هذا قول عطاء ولا ريب في تأييده اختلاف طبائع النساء، فأخبر كل بما علم من أحوالهن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
850 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" الْحَيْضُ عَشْرٌ، فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانَ، الثوري، والْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، هو أعرابي ضعيف لا يعرف الحديث، وأَبو إِيَاسٍ، هو المزني ثقة تقدم، أوَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم هذا الرأي عن الحسن، انظر رقم 849.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
851 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: " الْحَيْضُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَمَا زَادَ فَهِيَ
(1)
هو بسند سابقه، فله حكمه، وانظر: القطوف رقم (573/ 844).
(2)
فيه الجلد ضعيف جدا، وانظر: ما سبقه، وانظر: القطوف رقم (574/ 845).
مُسْتَحَاضَةٌ"
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَلِيُّ ابْنُ ثَابِتٍ، هو ابن عمرو الأنصاري، ثقة من أفراد الدارمي، ومُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، هو الكندي لابأس به، روى له ابن ماجه وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، تابعي إمام تقدم.
الشرح:
هذا قول آخر في الحد الأعلى لحيض المرأة، وهذا مع ما تقدم يؤكد اختلاف طابع النساء في العادة، وهن أعرف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
852 -
(5) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" الْحَيْضُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، والْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، هو أعرابي ضعيف لا يعرف الحديث، وأَبو إِيَاسٍ، هو مُعَاوِيَةَ ابْنِ قُرَّةَ، هو ابن إياس المزني ثقة.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
853 -
(6) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: " الْحَيْضُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهِيَ
(1)
فيه محمد بن زيد الكندي: ضعيف، وانظر: ما سبقه.
(2)
فيه الجلد ضعيف جدا، وانظر: رقم (845).
مُسْتَحَاضَةٌ "
(1)
.
رجال السند: تقدموا من طريق أبي نعيم سندا ومتنا برقم 851.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
854 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِذَا رَأَتِ الدَّمَ فَإِنَّهَا تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَيَّامَ حَيْضِهَا يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةٌ"
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، حَمَّادٌ، هو ابن سلمة، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هو ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
855 -
(8) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَنْتَظِرُ ثَلَاثاً أَرْبَعاً خَمْساً سِتًّا سَبْعاً ثَمَانِياً تِسْعاً عَشْراً "
(3)
.
رجال السند:
أبو النعمان، محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما ثقتان تقدما والْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، هو أعرابي ضعيف لا يعرف الحديث، وأَبو إِيَاسٍ، هو مُعَاوِيَةَ ابْنِ قُرَّةَ، هو المزني ثقة تقدم، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 856 - (9) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " بَلَغَنَا أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَنْتَظِرُ
(4)
أَعْلَى أَقْرَائِهَا
(1)
فيه محمد بن زيد الكندي: ضعيف، وانظر رقم (846).
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(3)
فيه الجلد: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (579/ 850).
(4)
تستطهر: أي: تزيد على أعلى ما هو معلوم من أقرائها، بزيادة يوم للتأكد من تمام الطهر.
بِيَوْمٍ "
(1)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة تقدموا.
الشرح: المراد أنها تستطهر بيوم بعد نهاية أيام حيضها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
857 -
(10) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، عَمَّنْ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:" مَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، هو السعدي رجل صالح لا بأس به، كان من عباد أهل البصرة وزهادهم، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يهم فيما يروى كثيرًا، حتى وقع في حديثه المناكير من حيث لا يشعر، ويستشهد بروايته.
الشرح: قوله: " عَمَّنْ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ" يحتمل أن يكون معاوية بن قرة الراوي عن أنس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
858 -
(11) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عَشَرَ".
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، هو الأودي إمام قدوة ثقة، ومُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ، هو أبو عبد الرحمن السعدي، إِمام ثبت، روى له مسلم، والنسائي، وابن ماجه، وسُفْيَانُ، هو الثوري وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
فيه تدليس ابن جريج، وجهالة المبلغ.
(2)
فيه جهالة من سمع أنس إن لم يكن معاوية بن قرة، وانظر: القطوف رقم (581/ 852).
الشرح:
الحديث فيه عنعنة ابن جريج، وانظر:(844) والقطوف رقم (592/ 853)، وفيه أن الحد الأعلى خمسة عشر يوما تكون فيه المرأة حائضا، ومعنى هذا أن ما زاد عن هذا الحد فهو استحاضة لا يمنع من الصلاة، وسائر ما يحل للطاهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
146 -
بابٌ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ
859 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: " بَلَغَنِي عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَدْنَى الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ "
(1)
.
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ الدَّارِمِىُّ تَأْخُذُ بِهَذَا؟، قَالَ:" نَعَمْ، إِذَا كَانَ عَادَتَهَا. وَسَأَلْتُهُ أَيْضاً عَنْ هَذَا قَالَ: أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْثَرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هما إما مان ثقتان تقدما.
الشرح:
قوله: " بَلَغَنِي عَنْ أَنَسٍ، هو موصول برواية سفيان عن الجلد عن أنس، أن " الْحَيْضُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ" المراد منه الحد الأعلى، هنا ذكر الحد الأدنى، والمرجع في ذلك طبيعة المرأة وعادتها، ولذلك أجاب الدارمي بقوله: "نَعَمْ، إِذَا كَانَ عَادَتَهَا"، ولم يصرح سفيان بالجلد هنا؛ لأنه ضعيف، وهو تدليس، وربما اكتفى بإسناده في الرواية المتقدمة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
860 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: - هُوَ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
(1)
انظر رقم (845) فلعل الذي أبلغه هو الجلد بن أيوب أحد الضعفاء، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (السنن 1/ 209).
(2)
ما بين المعقوفين ورد في مطبوعة فتح المنان، عقب الرواية التالية.
" أَدْنَي الْحَيْضِ ثَلَاثٌ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، هُوَ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، اسم أبيه ميسرة، ضعيف رمي بالإرجاء، روى له الترمذي، وسُفْيَان، هو الثوري، والرَّبِيعُ، هو ابن أنس، صدوق يُجتنب من حديثه ما رواه عن أبي جعفر الرازي، لضعفه، والْحَسَنُ، هو البصري، تقدم عنه أنه ذكر الحد الأعلى بقوله:" الْحَيْضُ عَشْرٌ فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ ".
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
861 -
(3) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيد، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" أَدْنَى الْحَيْضِ يَوْمٌ "
(2)
.
رجال السند:
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، تقدم آنفا، ومَخْلَدُ بْنُ يَزِيد، هو القرشي، ثقة حافظَ روى له الشيخان، ومَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، هو أبو عبد الله الجزري، ثقة حافظ، روى له مسلم، والبخاري تعليقا، وعَطَاءٌ، إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
862 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثنا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِذَا رَأَتِ الدَّمَ قَبْلَ حَيْضِهَا يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنَ الْحَيْضِ "
(3)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، هو أبو عبد الله البصري، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
فيه محمد بن أبي زكريا ميسّر الصاغاني، ضعيف.
(2)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (585/ 856).
(3)
رجاله ثقات.
الشرح:
هذا على اعتبار أن أقل الحيض يوم، وتقدم عن الحسن أن الأقل ثلاث، وعن عطاء يوم، والمرجح أن النساء علم بطبائع بعضهن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
147 -
بابٌ فِي الْبِكْرِ يَسْتَمِرُّ بِهَا الدَّمُ
863 -
(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْبِكْرِ، إِذَا نَفِسَتْ فَاسْتُحِيضَتْ قَالَا:" تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ، مِثْلَمَا تُمْسِكُ الْمَرْأَةُ مِنْ نِسَائِهَا "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وقَتَادَةَ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، هو أبو عبدالملك مكي من تلاميذ عطاء، وكان ثبتا فيه، حبشي ثقة، عَطَاءٌ، إمام معروف.
الشرح:
أعادها إلى عرف نسائها، الأمها والأخوات وغيرهن من الأقرباء، ومعني نفست: حاضت.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
864 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: " إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَوَّلَ مَا تَحِيضُ تَجْلِسُ فِي الْحَيْضِ مِنْ نَحْوِ نِسَائِهَا ".
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ هَذَا فَقَالَ: هُوَ أَشْبَهُ الأَشْيَاءِ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (587/ 858).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (588/ 859).
الشرح:
هذا رأي حسن لاعتباره طبائع النساء، ولذلك استحسنه الدارمي حين قال:" هُوَ أَشْبَهُ الأَشْيَاءِ" والمراد بالأشياء الأقوال المتعددة في هذا الأمر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
148 -
بابٌ فِي الْكَبِيرَةِ تَرَى الدَّمَ
865 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْكَبِيرَةِ تَرَى الدَّمَ قَالَ:" لَا نَرَاهُ حَيْضاً "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، تقما آنفا، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم صدوق اختلط حديثه، وعَطَاءٍ، تقدم آنفا.
الشرح:
المراد اليائسة، إذا رأت دما فهو استحاضة، ولا يمنعها من الصلاة والصوم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
866 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ:" أَخْبَرَنِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي امْرَأَةٍ تَرَكَهَا الْحَيْضُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ، فَأَمَرَ فِيهَا بِشَأْنِ الْمُسْتَحَاضَةِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
(1)
فيه ليث بن أبي سليم ضعيف.
(2)
فيه تدليس ابن جريج، وانظر: القطوف رقم (590/ 861).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
867 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْكَبِيرَةِ تَرَى الدَّمَ قَالَ:" هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، تَفْعَلُ كَمَا تَفْعَلُ الْمُسْتَحَاضَةُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاء، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
868 -
(4) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا
(2)
حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، فِي الَّتِي قَعَدَتْ مِنَ الْمَحِيضِ:" إِذَا رَأَتِ الدَّمَ تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ وَلَا تَغْتَسِل"
(3)
.
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْكَبِيرَةِ فَقَالَ: " تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، وَإِذَا طُلِّقَتْ تَعْتَدُّ بِالأَشْهُرِ".
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، هما ثقتان تقدما، وحَجَّاجٌ، هو ابن أرطاة ضعيف، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح إمام ثقة تقدم، وَالْحَكَمِ ابْنِ عُتَيْبَةَ، هو أبو محمد ثقة ثبت فقيه ربما دلس تقدم.
الشرح:
المراد اليائسة، إذا رأت الدم فهي مستحاضة لا تترك الصلاة، وعدتها لو طلقت ثلاثة أشهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
149 -
بابٌ فِي أَقلِّ الطُّهْرِ:
869 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: " قَالَ سُفْيَانُ: الطُّهْرُ خَمْسَ عَشْرَةَ ".
(1)
فيه تدليس ابن جريج، وانظر سابقه.
(2)
في (ك) بن، وهو خطأ.
(3)
فيه الحجاج بن أرطاة: صدوق كثير الخطأ والتدليس، وانظر: القطوف رقم (592/ 863).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
870 -
(2) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:"إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ في شَهْرٍ أَوْ فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثَلَاثَ حِيَضٍ، قَالَ: إِذَا شَهِدَ لَهَا الشُّهُودُ الْعُدُولُ مِنَ النِّسَاءِ، أَنَّهَا رَأَتْ مَا يُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ مِنْ طُمُوثِ النِّسَاءِ، الَّذِي هُوَ الطَّمْثُ الْمَعْرُوفُ فَقَدْ خَلَا أَجَلُهَا "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: أَسْتَحِبُّ الطُّهْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ
(2)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، هو أبو الهيثم البصري، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، والْمُغِيرَةِ، هو ابن مقسم دلس عن إبراهيم النخعي، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا مرده إلى طبائع النساء ولذلك استشهدهن إبراهيم؛ لأنه من النادر أن تحيض المرأة في الشهر ثلاث حيض، بل استبعده بعض العلماء، ولذلك قال يزيد بن هارون رحمه الله: أستحب الطهر خمس عشرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
871 -
(3) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ:" جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَلِىٍّ تُخَاصِمُ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَقَالَتْ: قَدْ حِضْتُ في شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ "، فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ هَاهُنَا؟ قَالَ: اقْضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتَ هَاهُنَا؟ قَالَ: اقْضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ: إِنْ جَاءَتْ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (594/ 865).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه، ورقم (844، 853، 854).
يُرْضَى دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ، تَزْعُمُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ، تَطْهُرُ عِنْدَ كُلِّ قَرْءٍ وَتُصَلِّى جَازَ لَهَا، وَإِلاَّ فَلَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: قَالُونُ. وَقَالُونُ بِلِسَانِ الرُّومِ أَحْسَنْتَ
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، وإِسْمَاعِيلُ، هو ابن أبي خالد، وعَامِرٌ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
872 -
(4) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}
(2)
قَالَ: الْحَيْضُ. قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تَقُولُ بِهَذَا؟ قَالَ: لَا. وَسُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ
(3)
أنْ حَدِيثِ شُرَيْحٍ تَقُولُ بِهِ؟ قَالَ: لَا. وَقَالَ: ثَلَاثُ حِيَضٍ في الشَّهْرِ كَيْفَ يَكُونُ؟!
(4)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو الواسطي، وخالد بن عبد الله المزني، وخَالِدٌ الْحَذَّاء، وعِكْرِمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أنه يحرم على المطلقات كتم ما يكون في أرحامهن من الحيض، وقت وقوع الطلاق، فإنه يجب عليها أن تخبر مطلقها أنها حائض، حتى لا يقع منه الطلاق في زمن الحيض، بل في زمن الطهر، وكذلك لا يجوز للمطلقة أن تدعي أنها يائسة
(1)
ذكر الجواليقي أن من معانيه: جيد، أو طيب، أو جميل (المعرب 530) بتصرف.
(2)
من الآية (228) من سورة البقرة.
(3)
هو الدارمي رحمه الله، تارة يذكره الراوي عنه بكنيته أبي محمد، وتارة بالاسم عبد الله.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (596/ 867).
لا تحيض، والواقع أنها من ذوات الحيض، ولو كتمت الحيض كانت كاتمة انقضاء الطهر، ولو ادعت حيضا لم يكن أصلا كانت كاتمة عدم انقضاء الطهر، وحرام عليها أن تكتم الحمل إذا ما وقع عليها طلاق، فإن الواجب عليها أن تخبر مطلقها أنها حامل، لتجري عدتها وفق ما شرع الله عز وجل، ولا يمكن أن يقع ذلك من امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، إلا أن تكون جاهلة، وعليها حينئذ السؤال عن الحكم الشرعي لأي حالة تمر بها.
أما قول الدارمي رحمه الله: " ثَلَاثُ حِيَضٍ في الشَّهْرِ كَيْفَ يَكُونُ؟! " فهو استغراب؛ لأن تحيض المرأة ثلاث مرات في الشهر، وهذا إن لم يكن مستحيلا فهو نادرا، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
150 -
بابٌ الطُّهْرِ كَيْفَ هُوَ
؟
873 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ:" كَانَتْ عَائِشَةُ تَنْهَى النِّسَاءَ أَنْ يَنْظُرْنَ لَيْلاً فِي الْمَحِيضِ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وابْنُ عُلَيَّةَ، هما ثقتان تقدما، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، هو ابن عبد الله بن ا لحارث بن كنانة العامري القرشي، ويقال له: عباد ابن إسحاق صدوق رمي بالقدر، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، هو ابن عمرو ابن حزم، ثقة تقدم، وعَمْرَة، هي مولاة عائشة ثقة تقدمت.
الشرح: قالت عائشة رضي الله عنها ذلك؛ لأن لليل لا يساعد على معرفة ما علق بالقطنة من الصفرة أو الكدرة، والنهار هو وقت معرفة ذلك والحكم بالنقاء من عدمه، انظر رقم 883، 901.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (597/ 868).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
874 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مَوْلَاةِ عَمْرَةَ قَالَتْ:" كَانَتْ عَمْرَةُ تَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ لَا يَغْتَسِلْنَ حَتَّى تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ بَيْضَاءَ"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومَوْلَاةِ عَمْرَةَ، قيل: اسمها ريطة.
الشرح:
المراد أنها تعتبر الصفرة والكدرة في أيام الحيض علامة على عدم النقاء، فلا تصل حتى تكون القطنة بيضاء كما هي قبل الاحتشاء، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
875 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: " الْكُدْرَةُ وَالصُّفْرَةُ في أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ رَأَتْهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ مِنْ دَمٍ أَوْ كُدْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ فَهِي مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
[سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ: تَأْخُذُ بِقَوْلِ سُفْيَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ].
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، سُفْيَانُ، هو الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما.
(1)
فيه ريطة الحنية مولاة عمرة ذكر لها رواية (طبقات ابن سعد 8/ 30)، وانظر: القطوف رقم (598/ 869).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (599/ 870).
الشرح:
في هذا التفريق بين الكدرة والصفرة في أيام الحيض، وبعد انقضاء أيامه، فتعتبر من الحيض في أيامه، وبعد ذلك: هي استحاضة لا تمنع من الصلاة وعمل ما تعمله الطاهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
876 -
(4) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ صَاحِبَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ - وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَمْرَةَ - قَالَتْ:" أَرْسَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَمْرَةَ بِكُرْسُفَةِ قُطْنٍ فِيهَا كَالصُّفْرَةِ تَسْأَلُهَا: هَلْ تَرَى إِذَا لَمْ تَرَ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحَيْضَةِ إِلاَّ هَذَا أَنْ قَدْ طَهُرَتْ؟، فَقَالَتْ: لَا حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ خَالِصاً "
(1)
.
رجال السند:
وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، هو ابن عمرو بن حزم، ثقة تقدم، وفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، هي زوجة عمرو، تربت عند عمرة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
877 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ:" كُنَّا نَكُونُ في حِجْرِهَا فَكَانَتْ إِحَدَانَا تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ، فَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، ثُمَّ تَنْكُسُهَا الصُّفْرَةُ الْيَسِيرَةُ، فَتَأْمُرُنَا أَنْ نَعْتَزِلَ الصَّلَاةَ حَتَّى لَا نَرَى إِلاَّ الْبَيَاضَ خَالِصاً "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، إمام ثقة تقدم، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق قَالَ: حَدَّثَتْنِى فَاطِمَةُ، هي بنت محمد روى عنها ابن إسحاق
(1)
سنده حسن، وقد زال احتمال تدليس ابن إسحاق بالرواية التالية، المصرح فيها بالتحديث، فله في هذا شيخان.
(2)
انظر: سابقه، وانظر: القطوف رقم (601/ 871).
بواسطة، وصرح هنا بأنها حدثته، انظر السابق، وأَسْمَاءُ، هي بنت أبي بكر رضي الله عنها.
الشرح: انظر السابق في اعتبار نقاء القَصة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
878 -
(6) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" الْكُدْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَالدَّمُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ بِمَنْزِلَةِ الْحَيْضِ "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وابْنِ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أنه تحتسب من مدة الحيض؛ لأنها في أيامه المعتادة، وما كان منها زائدا على أيام الحيض فلا يعتد به، ويعتبر علامة طهر توجب الغسل والصلاة، وانظر الروايات التلية.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
879 -
(7) أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " إِذَا رَأَتِ الدَّمَ فَلْتُمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ، حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ أَبْيَضَ كَالْقَصَّةِ
(2)
، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي"
(3)
.
(1)
فيه عنعنة ابن جريج، وانظر: القطوف رقم (602/ 873).
(2)
تصحفت في بعض النسخ الخطية إلى " الفضة " وهي بالقاف والقصة: هي الجبس الأبيض، شبهت القطنة أو الخرقة المستعملة للطهر بذلك لنقاوتها من أثر الدم.
(3)
فيه سليمان بن موسى الأشدق: متكلم فيه، ولا يقل عن رتبة الحسن، وانظر: القطوف رقم (603/ 874).
رجال السند:
زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، هو أبو عبد الله، من شيوخ الدارمي، ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ومُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، هو المكحولي، حسن الحديث، روى له الأربعة، وسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الأشدق فقيه محله الصدق تقدم، وعَطَاءُ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ، إمام ثقة تقدم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
بنت أم المؤمنين رضي الله عنها الحكم على رؤية الدم في أيام الحيض المعتادة، ما لم يكن خارج أيامه، فلا بد من اعتبار الصفات الفارق بين دم الحيض فهو داكن ثقيل له رائحة، ودم الاستحاضة أحمر خفيف ليست له رائحة دم الحيض، فيعتبر بالصفة، ولا تعتبر الكدرة والصفرة شيئا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
880 -
(8) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ:" كَانَ الْحَسَنُ لَا يَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ وَلَا مِثْلَ غُسَالَةِ اللَّحْمِ شَيْئاً "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وعَاصِمٌ الأَحْوَلِ، هو ابن سليمان، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أنه لا يعتبرها حيضا، ويرى طهارة المرأة مع وجود الصفرة أو الكدرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 881 - (9) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:
(1)
سنده حسن.
" كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئاً "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وابْنُ عُلَيَّةَ، هو إسماعيل، وأَيُّوبُ، هو السختياني، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
151 -
بابٌ الْكُدْرَةِ إِذَا كَانَتْ بَعْدَ الْحَيْضِ
882 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ فِي أَيَّامِ طُهْرِهَا قَالَ:" أَرَى أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلّي".
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: " لَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَ بِالْكُدْرَةِ وَالصُّفْرَةِ بَأْساً "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ومُعْتَمِرٌ، هو بن سليمان، وأَبوه، هو سليمان بن طرخان، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا هو المعتبر عند أهل العلم رحمهم الله وتقد بيانه في شرح الحديث رقم 879 - (7)، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
883 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ، قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري سندا ومتنا حديث (326).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (605/ 877).
" تِلْكَ التَّرِيَّةُ، تَغْسِلُهُ وَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، الفريابي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وعَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عبد الأعلى القرشي، قدري غير داعية، ومُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، هو ابن علي بن أبي طالب، أبو القاسم، قيل: كان فاضلا دينا ذا علم جم وورع، ومع هذا قيل: كان منكر الحديث لا يحتجون به، وهو الذي تسميه الشيعة المهدي، ولهم فيه اعتقاد، مات برضوى، ودفن بالبقيع.
الشرح:
قوله: " التَّرِيَّةُ " ما تراه المرأة من أثر الدم، عند نهاية الحيض والغسل منه، كالصفرة والكدرة، وما يشبه غسالة اللحم، وبه فسرها الدارمي، والمراد أن الترية بعد الطهر استحاضة وليست حيضا، والخبر سنده حسن، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
884 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَحَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، وَحُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" لَيْسَ فِي التَّرِيَّةِ شَيْءٌ بَعْدَ الْغُسْلِ إِلاَّ الطُّهُورُ "
(2)
.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: التَّرِيَّةُ؛ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وَحَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، وَحُمَيْدٌ، هو الطويل، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: المراد أن ما تراة المرأة بعد غسلها من الكدرة الخفيفة، والصفرة وما يشبه غسالة اللحم هو علامة نقاء، فهي طاهر ولا تجعل للوسواس إليها سبيلا.
(1)
انظر: القطوف رقم (606/ 878)، وانظر المتقدم برقم 880 - (1).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (607/ 879).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
885 -
(4) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَعَفَّانُ قَالَا: ثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ:" إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ التَّرِيَّةَ بَعْدَ الْغُسْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنَّهَا تَطَهَّرُ وَتُصَلِّى "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وَعَفَّانُ حَمَّادٌ، هم ثقات تقدموا، والْحَجَّاجُ، هو ابن أرطاة ضعيف يستشهد به، أَبِي إِسْحَاقَ، هو السبيعي، ثقة تقدم، والْحَارِثِ، هو الأعور ابن عبد الله الهمداني، ضعيف يستشهد به، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.
الشرح:
كأن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يرى أن تستطهر المرأة بعد حيضها بيوم أو يومين فإذا رأت بعد ذلك الترية: الكدرة أو الصفرة بعد غسلها، فتعتبر استحاضة لا تمنعها من الصلاة وعمل ما تعمله الطاهر، ولكن إذا لم تستطهر وانقطع عنها الدم وقامت علامة طهرها، فلا داعي للاستطهار بيوم أو يومين، بل يجب عليها الغسل والصلاة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
886 -
(5) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:"لَيْسَ فِي التَّرِيَّةِ بَعْدَ الْغُسْلِ إِلاَّ الطُّهُورُ "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسٌ، هو ابن سعد المكي، وعَطَاءٌ، هم ثقات تقدموا.
(1)
فيه حجاج بن أرطاه، والحارث الأعور: كلاهما ضعيف، وانظر: القطوف رقم (608/ 880)
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (609/ 882).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
887 -
(6) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ- وَكَانَتْ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ:" كُنَّا لَا نَعْتَدُّ بِالْكُدْرَةِ وَالصُّفْرَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْئاً"
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، وقَتَادَةُ، هم ثقات تقدموا، وأُمُّ الْهُذَيْلِ، هي أخت محمد ابن سيرين، اسمها حفصة، زوُمُّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 881، 882، 88.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
888 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِذَا رَأَتِ الْحَائِضُ [نَزْياً غَلِيْظاً] دَماً عَبِيطاً بَعْدَ الْغُسْلِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنَّهَا تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ يَوْماً، ثُمَّ هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند: حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، ويُونُسٌ، والْحَسَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن الصفات المذكورة هي صفات دم الحيض، فتمسك عن الصلاة مادامت الصفة قائمة، لاحتمال تغير العادة، فإذا تغيرت الصفات فهي الاستحاضة تغتسل وتصلي، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
889 -
(8) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، هم ثقات تقدموا، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " إِذَا تَطَهَّرَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ
(1)
رواته ثقات، تقدم تخريجه.
(2)
رجاله ثقات.
الْمَحِيضِ، ثُمَّ رَأَتْ بَعْدَ الطُّهْرِ مَا يَرِيبُهَا فَإِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فِي الرَّحِمِ، فَإِذَا رَأَتْ مِثْلَ الرُّعَافِ، أَوْ قَطْرَةِ الدَّمِ، أَوْ غُسَالَةِ اللَّحْمِ، تَوَضَّأَتْ وُضُوءَهَا لِلصَّلَاةِ ثُمَّ تُصَلِّي، فَإِنْ كَانَ دَماً عَبِيطاً: الَّذِي لَا خَفَاءَ بِهِ، فَلْتَدَعِ الصَّلَاةَ "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، و إِسْرَائِيلَ، هو بن يونس، و أَبِو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، هم ثقات تقدمو، و الْحَارِثِ، هو الأعور بن عبد الله الهمداني، ضعيف يستشهد به، وعَلِيٌّ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يلزم منه أن تكون المرأة تعرف أيام عادتها وصفات الدم، وعلامة الطهر، حتى لا تقع في المحذور، وانظر رقم 881.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
890 -
(9) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: " إِذَا كَانَ أَيَّامُ الْمَرْأَةِ سَبْعَةً، فَرَأَتِ الطُّهْرَ بَيَاضاً فَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَشْرِ، فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ صَحِيحٌ، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ دُونَ السَّبْعِ فَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ فَلَا يَجُوزُ وَهُوَ حَيْضٌ"
(2)
.
وَسُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ تَقُولُ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ
(3)
.
رجال السند: أَبُو مُحَمَّدٍ، هو الدارمي، ويَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم.
الشرح:
المراد إذا كانت المرأة عادتها سبعة أيام، وفي العدة طهرت في الحيضة الثالثة ثم تزوجت بعد أن رأت الطهر بياضا، فالزواج صحيح، وإن رأت الطهر دون أيام
(1)
فيه الحارث الأعور: ضعيف، تقدم تخريجه.
(2)
رجاله ثقات، أبو محمد هو الدارمي.
(3)
هو الدارمي.
حيضها المتعاد، فتزوجت بعده ثم رأت الدم فالزواج غير صحيح؛ لأن ذلك من أيام حيضها، فلم تكمل عدتها، وبه يقول الدارمي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
891 -
(10) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي الْمَرْأَةِ يَكُونُ حَيْضُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ تَرَى كُدْرَةً، أَوْ صُفْرَةً، أَوْ تَرَى الْقَطْرَةَ، أَوِ الْقَطْرَتَيْنِ مِنَ الدَّمِ:" أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَلَا يَضُرُّهَا شَيْئاً "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو إمام ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق، وأَبو إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن الكدرة أو الصفرة، أو قطرات من الدم، فلا يعتبر حيضا، فعليها أن تتطهر وتصلي وانظر رقم 881.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
892 -
(11) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ:" سَأَلْتُ عَطَاءً، عَنِ الْمَرْأَةِ تَغْتَسِلُ مِنَ الْحَيْضِ فَتَرَى الصُّفْرَةَ قَالَ: تَوَضَّأُ وَتَنْتَضِحُ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، الفضل ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم عَبْدِ الْكَرِيمِ، هو ابن مالك الجزري، ثقة، وعَطَاءٌ، ثقة تقدم.
الشرح: المراد أنه لا يرى ذلك من الحيض، وانظر ما تقدم في هذا الصدد.
(1)
فيه الحارث الأعور: ضعيف، وشريك سماعه من أبي إسحاق كان متأخرا، تقدم تخريجه.
(2)
فيه شريك: أرجح أنه حسن الحديث، وانظر: القطوف رقم (615/ 887).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
893 -
(12) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ:" تَدَعُ الصَّلَاةَ فِي قَرْئِهَا ذَلِكَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الأُولَى نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَتْ تَرِيَّةً تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ، وَإِنْ كَانَ دَماً أَخَّرَتِ الظُّهْرَ وَعَجَّلَتِ الْعَصْرَ، ثُمَّ صَلَّتْهُمَا بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَتْ تَرِيَّةً تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ، وَإِنْ كَانَ دَماً أَخَّرَتِ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَتِ الْعِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّتْهُمَا بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَتْ تَرِيَّةً تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ، وَإِنْ كَانَ دَماً اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتِ الْغَدَاةَ، فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الأَقْرَاءُ عِنْدِي الْحَيْضُ
(2)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو أبي سليمان ميسرة، وعَطَاءٌ، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن المستحاضة تترك الصلاة في أيام حيضها، والقرء هو الحيض وبه قال الدارمي، فتستبرئ بعد القرء بيوم أو يومين، وهذا الاستبراء لازم للتفريق بين الدمين، فلا تصلي فيهما، فإذا كان الوقت عند الأولى وهي صلاة الظهر نظرة فإن كانت ترية: كدرة أو صفرة توضأت وصلت، وإن كان دم استحاضة لجأت إلى الجمع تؤخر الظهر وتعجل العصر، وتصليهما بغسل واحد، فإذا غربت الشمس نظرة فإن كانت ترية: كدرة أو صفرة توضأت وصلت، وإن كان دما أخرت المغرب وعجلت العشاء ثم صلتهما بغسل واحد، فإذا طلع الفجر عاودت النظر على غرار ما سبق، وفي الدم تغتسل وتصلي، فيكون ذلك ديدنها تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرات غسل لصلاتي الظهر والعصر جمعا، وغسل لصلاتي المغرب والعشاء جمعا، وغسل لصلاة الفجر.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (616/ 888).
(2)
القرء: اسم مشترك بين الحيض والطهر، ينصرف إلى أحدهما بقرينة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
894 -
(13) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ وَاعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِىَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدَّمِ "، وَزَعَمَ
(1)
أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مَاءَ الْعُصْفُرِ فَقَالَتْ: " كَانَ هَذَا شَيْئاً كَانَتْ فُلَانَةُ تَجِدُهُ "
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، هو أبو زكريا الحنظلي التميمي، إمام ثقة، خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هوالطحان مولى لمزينة ثقة، توفي بواسط سنة اثنتين وثمانين ومائة، وخَالِدُ الْحَذَّاءِ، محله الصدق تقدم، وعِكْرِمَة، إمام تقدم، وعَائِشَة، رضي الله عنها.
الشرح: المراد أنه يشبه غسالة اللحم، المائلة إلى الصفرة، انظر ما تقدم.
(1)
قال ابن حجر: هو عطف على معنى العنعنة، أي حدثني عكرمة بكذا وزعم، وأبعد من زعم أنه معلق (الفتح 2/ 89).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (309) وسيأتي عند المصنف أن زينب كانت تعتكف مع النبي وهي تريق الدم، فلعلها هي أو هي أم سلمة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
895 -
(14) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ:" سَأَلْتُ عَطَاءً، عَنِ الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ مِنَ الْمَحِيضِ، ثُمَّ تَرَى الصُّفْرَةَ، قَالَ: تَوَضَّأُ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو عارم إمام تقدم، عَبْدُ الْوَاحِدُ، هو بْنُ زِيَادٍ العبدي إمام ثقة تقدم، الْحَجَّاجِ، هو ابن أرطاة يستشهد به تقدم، وعَطَاءٌ، إمام تقدم.
الشرح: المراد أن ما تراه ليس حيضا وعليها أن تتوضأ وتصلي، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
896 -
(15) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَرَأْتُ عَلَى زَيْدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ قَالَ:" سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ كَانَ حَيْضُهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَزَادَتْ حَيْضَتُهَا قَالَ تَسْتَطْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو مُحَمَّدٍ، هو الدارمي، وزَيْدُ بْنُ يَحْيَى، هو ابن عبيد، أبو عبيد الخزاعي، إِمام حافظ ثقة، من أصحاب مالك، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ومَالِكٌ، إمام دار الهجرة.
الشرح:
المراد استبراء للرحم من الحيض؛ لأنها زادة على عادتها، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
152 -
بابٌ الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ عِنْدَ الصَّلَاةِ أَوْ تَحِيضُ
897 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَوَّامٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ فَلَمْ تَغْتَسِلْ وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى أَنْ تَغْتَسِلَ قَضَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وعَبَّادُ بْنُ عَوَّامٍ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان والْحَسَنُ، هو البصري، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد مبادرة المرأة بالغسل إذا رأت الطهر في وقت الصلاة، إذا كانت قادرة على ذلك، وإن تراخت عن الاغتسال والصلاة فإنها تقضي الصلاة التي طهرت وفي وقتها.
(1)
فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (618/ 891).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (619/ 892).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
898 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:"إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ حَاضَتْ فَلَا تَقْضِي إِذَا طَهُرَتْ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْوَارِثِ، هو أبو عبيدة، مولى لبني العنبر من بني تميم، ثقة حجة توفي أول المحرم سنة ثمانين ومائة، في خلافة هارون، وعَمْرٌو، هو ابن دينار إمام ثقة، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
هذا عكس ما سبق، إذا حاضت في وقت الصلاة فلا قضاء عليها، إلا أن يكون الحيض طرقها بعد خروج وقت الصلاة، فيجب عليها القضاء؛ لأنها فرطت وهي طاهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
899 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا الْمَعْمَرِيُّ أَبُو سُفْيَانَ: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثقة تقدم، والْمَعْمَرِيُّ أَبُو سُفْيَانَ: هو مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ اليشكري ثقة، روى له مسلم، والبخاري تعليقا، عَنْ مَعْمَرٍ، هو ابن راشد ثقة تقدم، وقَتَادَةُ إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: وَثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَطَاءٍ " فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ عِنْدَ الظُّهْرِ فَتُؤَخِّرُ غُسْلَهَا حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَالَا:
(1)
فيه عمرو بن دينار البصري: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (620/ 893).
(2)
رجاله ثقات.
تَقْضِي الظُّهْرَ "
(1)
.
رجال السند:
900 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ أَبُو مُعَاوِيَةَ، محمد بن الفضل، ثقة تقدم، والْحَجَّاجُ، هو ابن أرطاة يستشهد به، وعَطَاءٌ، إمام.
الشرح:
لأنها فرطت في الأداء وهي طاهر، فلزمها القضاء، وقوله:" قالا " المراد قتادة، وعطاء، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
901 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا، وَمُغِيرَةُ، عَنْ عَامِرٍ
(3)
.
رجال السند:
مُغِيرَةُ، هو ابن مقسم إمام ثقة دلس عن إبراهيم النخعي تقدم، وعَامِرٍ، هوالشعبي، تابعي إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
902 -
(6) وَعُبَيْدَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ " فِي الْمَرْأَةِ تُفَرِّطُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُدْرِكَهَا الْحَيْضُ، قَالُوا: تُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ "
(4)
.
(1)
فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف، يقويه السند السابق، وانظر: القطوف رقم (622/ 895).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (623/ 896).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (624/ 897).
(4)
فيه عبيدة بن معتب الضبي: ضعيف، يقويه سابقه، وانظر: القطوف رقم (625/ 898).
رجال السند:
وعبيدة، هو ابن معتَّب الضَّبِّي، أبو عبد الكريم، كوفي ضعيف من أصحاب إبراهيم، ويستشهد به، وإبراهيم، هو النخعي تابعي إمام تقدم.
الشرح:
المراد الصلاة التي فرطت في أدائها حتى خرج وقتها، وانظر ما تقدم آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
903 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، هما ثقتان تقدما، وحَمَّادُ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، هو أبو إسماعيل أفقه أصحاب إبراهيم النخعي تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
904 -
(8) وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ " فِي امْرَأَةٍ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَفَرَّطَتْ حَتَّى حَاضَتْ قَالَا: تَقْضِى تِلْكَ الصَّلَاةَ إِذَا اغْتَسَلَتْ "
(2)
.
رجال السند: وَيُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هما ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
905 -
(9) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ
(3)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ، هو أبو الربيع، إمام ثقة تقدم، وأَبُو شِهَابٍ، هو عبد ربه
ابن نافع الكناني، صدوق تقدم، وهِشَامٌ، هو ابن عروة والْحَسَنُ، هما ثقتان تقدما.
(1)
سنده حسن، تقدم تخريجه.
(2)
رجاله ثقات، موصول بالذي قبله: حماد يرويه عن حماد بن أبي سليمان، وعن يونس، فله فيه شيخان.
(3)
سنده حسن، انظر: سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
906 -
(10) وَقَتَادَةَ قَالَا: " إِذَا ضَيَّعَتِ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ حَتَّى تَحِيضَ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ إِذَا طَهُرَتْ "
(1)
.
رجال السند: قَتَادَةَ، هو ابن دعامة إمام ثقة تقدم.
الشرح: المراد عموم الصلوات تقضى إذا فات وقتها بتفريط، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
907 -
(11) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِىِّ قَالَ:" إِذَا فَرَّطَتْ ثُمَّ حَاضَتْ قَضَتْ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، والْحَسَنُ، بن صالح، هو ابن حي الهمداني، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، والشَّعْبِىُّ، هو عامر، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا على غرار ما تقدم من وجوب قضاء الفائتة، بعذر أو بغير غذر، لغير المتعمد، فإنه له حكم آخر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
908 -
(12) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ابْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:" إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ "
(3)
.
(1)
سنده حسن، موصول بالذي قبله، هشام يريه عن شيخين الحسن وقتادة، وانظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه وانظر: القطوف رقم (630/ 903).
(3)
فيه يعقوب وشيخه: سكت عنهما الشيخان: البخاري (التريخ 8/ 399) وأبو حاتم (الجرح 9/ 212) وذكرهما ابن حبان في الثقات (1/ 265).
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْقُوبُ هُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ، قَاضِى مَرْوٍ، وَأَبُو يُوسُفَ شَيْخٌ مَكِّىٌّ.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو المصيصي أبو عثمان، كان من خيار الناس ثقة تقدم، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله إمام ثقة تقدم، ويَعْقُوبَ، هو ابن القعقاع أبو الحسن الخراساني القاضي، ثقة روى له أبو داود والنسائي، وأَبو يُوسُفَ، سكت عنه الإمامان، ولم يجرح فلا بأس به، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، شهيد الحجاج إمام.
الشرح:
هو كذلك؛ لأنها في فسحة من الأمر ما دامت في الوقت، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
909 -
(13) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، وَقَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْمَغْرِبِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصَرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، هما ثقتان تقدما، وحَجَّاجٍ، هو ابن أرطاة ضعيف يستشهد به، وَقَيْسٍ، هو أبو عبد الملك ثقة من تلاميذ عطاء، وكان ثبتا فيه، عَطَاءٌ، إمام تقدم.
الشرح:
هذه مسألة مختلف فيها فقائل يرى أن تصلي الظهر والعصر، وقائل لا يرى أن تصلي الظهر، وتصلي العصر فقط؛ لأنها طهرت في آخر وقته، وهو الأولى والله أعلم.
وكذلك إذا طهرت في آخر وقت الفجر، تصلي الفجر فقط؛ لأنها طهرت في آخر
(1)
رجاله ثقات، عدا الحجاج بن أرطاة ولا تأثير له لأنه مقرون بثقة، وانظر: القطوف رقم (632/ 905).
وقته، وهو الأولى والله أعلم.
ولكن إذا طهرة قبل المغرب فقد أدركت آخر وقت العصر فتصليها، وكذلك إذا طهرت قبل الفجر فقد أدرك آخر العشاء فتصليها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
910 -
(14) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَلِىِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِثْلَهُ
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ وحَمَّادٌ، ثقتان تقدما، وعَلِىِّ بْنِ زَيْدٍ، هو ابن جدعان ضعيف، يستشهد به، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، تابعي إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
911 -
(15) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة إمام ثقة تقدم، وأَبو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، ثقة تقدم، ويَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، هو أبو عبد الله الكوفي، هاشمي ضعيف يستشهد به، قرنه مسلم في الرواية، واستشهد به البخاري، ومِقْسَمٌ، هو أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث، وقيل له: مولى ابن عباس لروايته عنه ولزومه إياه وانقطاعه إليه، ضعيف كثير الحديث، فيستشهد به، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 912 - (16) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ فِي الْحَائِضِ:
(1)
فيه علي بن زيد بن جدعان: ضعيف، يتقوى بما تقدم.
(2)
ت: فيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي: ضعيف، ويقويه ما سبق، وانظر: القطوف رقم (634/ 907).
" تُصَلِّى الصَّلَاةَ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، يُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أي صلاة تظهر الحائض في وقتها فإنها تصليها لحلول وقتها وهي طاهر، وهذا ضد من يلزم بصلاة الفائتة قبل التي طهرة في وقتها كالمغرب، والفجر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
913 -
(17) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ
(2)
.
914 -
(18) وَطَاووُسٍ
(3)
.
915 -
(19) وَمُجَاهِدٍ قَالُوا: " إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ قَبْلَ الْفَجْرِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ "
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، من أخص أصحاب مجاهد، ثقة تقدم، وعَطَاءٍ، وطاووس، ومجاهد، هم جميعا أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا قول في المسألة؛ لأن العشاء تجمع مع المغرب، وكذلك الحال في صلاة الظهر، لكونها تجمع مع الظهر، وانظر التالي.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (635/ 908).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (636/ 909).
(3)
موصول بالسند السابق، عبد الله بن أبي نجيح يرويه عن ثلاثة شيوخ.
(4)
موصول بالسند الأول ورجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (638/ 911).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
916 -
(20) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، فِي الْحَائِضِ إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ آخِرَ النَّهَارِ:" صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَإِذَا طَهُرَتْ آخِرَ اللَّيْلِ صَلَّتِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، مَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر، الْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
917 -
(21) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاووُسٍ: مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ولَيْثٍ، هو ابن أبي سليم، وطَاوُوسٌ، تابعي إمام، هم أئمة ثقات عدا ليث فهو ضعيف يستشهد به، وتقدموا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
918 -
(22) أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ: " إِذَا طَهُرَتْ عِنْدَ الْعَصْرِ، صَلَّتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ "
(3)
.
رجال السند: أَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الهروي، بصري من قدماء شيوخ البخاري، وشُعْبَةُ، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هم ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (639/ 912).
(2)
فيه ليث بن أبي سليم: ضعيف، ويقويه سابقه، وانظر: القطوف رقم (640/ 913).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (641/ 914).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
919 -
(23) أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ سَأَلْتُ حَمَّاداً قَالَ: " إِذَا طَهُرَتْ في وَقْتِ صَلَاةٍ صَلَّتْ "
(1)
.
رجال السند: أَبُو زَيْدٍ، تقدم آنفا، وشُعْبَةُ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا القول الثاني في المسألة، والمراد أنها تصلي الصلاة التي طهرة في وقتها، بقطع النظر عن سابقتها، فلا يلزمها ذلك، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
920 -
(24) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّاد، عَنْ يُونُسَ، وَحُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِذَا طَهُرَتْ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ صَلَّتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلَا تُصَلِّى غَيْرَهَا "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، حَمَّاد، هو ابن زيد، ويُونُسٌ، هو ابن عبيد، وَحُمَيْدٌ، هو الطويل، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا هو الأولى والأرفق، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
921 -
(25) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَرَأْتُ عَلَى زَيْدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ: " تُصَلِّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ طُهْرُهَا قَرِيباً مِنْ مَغِيبِ الشَّمْسِ. قَالَ:
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (642/ 915).
(2)
رجاله ثقات، وقرن الحسن بحميد لأن حميدا لم يسمع من أنس سوى (24) حديثا، وعامة ما روى عن أنس أخذه عن ثابت، فلم يدع لثابت علما إلا وعاه (تهذيب الكمال 7/ 360) وتقدم عن الحسن تخريجه.
تُصَلِّي الْعَصْرَ وَلَا تُصَلِّى الظُّهْرَ، وَلَوْ أَنَّهَا لَمْ تَطْهُرْ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ "
(1)
.
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ: تَأْخُذُ بِهِ؟ قَالَ: لَا.
رجال السند:
أَبُو مُحَمَّدٍ، هو الدارمي، وزَيْدُ بْنُ يَحْيَى، هو ابن عبيد الدمشقي، أبو عبد الله، ثقة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ومَالِكٌ، هو إمام دار الهجرة.
الشرح:
في هذا ثلاثة أقوال لمالك رحمه الله:
الأول: في المرأة تطهر بعد العصر، قال: " تُصَلِّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وهذا يوافق القائلين به، انظر ما تقدم.
الثاني: في المرأة تطهر قبل مغيب الشمس، قال:"تُصَلِّي الْعَصْرَ وَلَا تُصَلِّى الظُّهْرَ" وهذا يوافق القول بأنها لا تصلي إلا الصلاة التي تطهرت في آخر وقتها، انظر ما تقدم.
الثالث: في المرأة لم تطهر إلا بعد مغيب الشمس، قال:"لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ" المراد فيما فات، وتستقبل الصلاة بعد طهرها.
ولعل الدارمي رحمه الله لم يأخذ به، فيما يخص صلاة الظهر، والله أعلم، وانظر المتقدم برقم 909.
(1)
رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
153 -
بابٌ إِذَا اخْتَلَطَتْ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيَّامُ حَيْضِهَا في أَيَّامِ اسْتِحَاضَتِهَا:
922 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَتَبَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ: إِنِّي قَدِ اسْتُحِضْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَبَلَغَنِى أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا نَجِدُ لَهَا غَيْرَ مَا قَالَ عَلِيٌّ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ، هو كوفي، ثقة مام روى له الستة، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه المرأة إن كانت معتادة أو مميزة فما زاد عن عادتها أو ما ميزته فهو استحاضة، تغتسل عند انقضاء عادتها، وتستثفر بالحفاضة ونحوها، وتتوضأ لكل صلاة.
وإن كانت محتارة أو متحيرة فقد تقدم بيان الأحوال برقم 784، فأغنى عن الإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
923 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ، أَوْ عِكْرِمَةُ قَالَ:" كَانَتْ زَيْنَبُ تَعْتَكِفُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تُرِيقُ الدَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وأَبُو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
الحديث رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (645/ 918).
(2)
رجاله ثقات، وقد صرح أبو سلمة بن عبد الرحمن بالسماع من زينب عند أبي داود، قال: أخبرتني زينب بنت أبي سلمة حديث (293)، وانظر: القطوف رقم (646/ 919).
الشرح: هذا أحد الأقوال في المسألة، وانظر التفصيل برقم 784.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
924 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَقُولَانِ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، هم ثقات، انظر السابق، عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
انظر السابق، وهو أحد الأقوال، وإذا شق عليها الغسل فلها أن تكتفي بالوضوء لكل صلاة مع التحفظ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
925 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءَ ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ:" تَغْتَسِلُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ غُسْلاً وَاحِداً، وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلاً وَاحِداً"
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، وعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا أحد الأقوال، وانظر ما تقدم، فالغسل أتم للطهارة ما لم تكن المشقة فيه، وانظر التالي.
(1)
فيه انقطاع يحي: لم يدرك الصحابيين، وانظر: ما روى المصنف عن علي، وانظر: القطوف رقم (647/ 920).
(2)
فيه انقطاع يحي: لم يدرك الصحابيين، وانظر: ما روى المصنف عن علي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
926 -
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ يَقُولَانِ:" تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ"
(1)
.
رجال السند:
الأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
927 -
(5) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ - قَالَ وَهْبٌ: " أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ - كَانَتْ تُهَرِيقُ تهراق الدَّمَ وَأَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَاكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو الدَّسْتَوَائِيِّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تقدم هذا القول مرارا، ولا داعي للإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
928 -
(6) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا أَبُو بِشْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: كَتَبَتِ امْرَأَةٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ: " إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، وَإِنِّي أُذَكِّرُكُمَا اللَّهَ إِلاَّ أَفْتَيْتُمَانِى، وَإِنِّي سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا: كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
فَقَرَأْتُ وَكَتَبْتُ الْجَوَابَ بِيَدِي: مَا أَجِدُ لَهَا إِلاَّ مَا قَالَ عَلِىٌّ. فَقِيلَ: إِنَّ الْكُوفَةَ أَرْضٌ بَارِدَةٌ
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
فَقَالَ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَابْتَلَاهَا بِأَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وشُعْبَةُ، وأَبُو بِشْرٍ، هو جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا من تشديد ابن عباس رضي الله عنه، وتقدم برقم 805، قول عَمَّار بْنِ أَبِي عَمَّار:" كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ قَوْلاً فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، ثُمَّ رَخَّصَ بَعْدُ "، تقدم ولعله لم يرد مخالفة علي رضي الله عنه، إن كان رخص بالوضوء لكل صلاة بدلا من الغسل، وهو الأرفق بحال السائلة، وما ذكر من شدة برد الكوفة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
929 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّ أَرْضَهَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ. فَقَالَ: تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلُ الْعَصْرَ وَتَغْتَسِلُ غُسْلاً، وَتُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَتَغْتَسِلُ غُسْلاً، وَتَغْتَسِلُ لِلْفَجْرِ غُسْلاً "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وقَيْسٌ، هو ابن سعد، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر، هم أئمة ثقات تقدموا، واِبْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: هذا الحكم هو أحد الأقوال في المسألة وتقدم مرات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 930 - (8) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ:
(1)
رجاله ثقات.
(2)
رجاله ثقات، انظر سابقه، وانظر: القطوف رقم (651/ 924).
" أَنَّ ابْنَةَ جَحْشٍ كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ مِرْكَنِهَا وَإِنَّهُ لَعَالِيهِ الدَّمُ فَتُصَلِّي "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، هو عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا وزَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ، هي ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبوها أبو سلمة رضي الله عنه، تابعية ثقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
931 -
(9) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، وَيَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ يَقُولَانِ:" تُفْرِدُ لِكُلِّ صَلَاةٍ اغْتِسَالَةً "
(2)
. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَكْحُولٍ مِثْلُ ذَلِكَ
(3)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، هو ابن عطية السلمي، أبو عبد الله الدمشقي، ضعيف يستشهد به، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، الدمشقي، فقيه من ثقات أهل الرأي تقدم، والأَوْزَاعِىُّ، هو عبد الرحمن بن عمرو، ثقة تقدم، والزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ومكحول، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا القول لا يرى الجمع بين الصلاتين، بل يرى أن تغتسل لكل صلاة، ولا مانع ما لم توجد المشقة، فلا يجب الغسل لكل صلاة.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (779).
(3)
فيه انقطاع، وانظر: رقم (921).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
932 -
(10) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: " لِكُلِّ صَلَاتَيْنِ اغْتِسَالَةٌ، وَتُفْرِدُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ اغْتِسَالَةً"
(1)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ، ضعيف تقدم آنفا، وشُعَيْبٍ، والأَوْزَاعِيُّ، وعَطَاءٌ، هم ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
933 -
(11) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادٍ الْكُوفِيِّ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ. فَقَالَ: " عَلَيْكِ بِالْمَاءِ فَانْضَحِيهِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الدَّمَ عَنْكِ"
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وحَمَّادٌ الْكُوفِيُّ، هو حماد ابن أبي سليمان، كوفي فقيه ثقة، مولى الأشعريين.
الشرح:
هذا اجتهاد من إبراهيم النخعي رحمه الله، ولا أظن أنها وصفة ناجعة القطع الدم، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 934 - (12) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ:" فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي ارْتِيبَ بِهَا: تَرَبَّصُ سَنَةً، فَإِنْ حَاضَتْ وَإِلاَّ تَرَبَّصَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ وَإِلاَّ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، تقدم.
(2)
رجاله ثقات.
(3)
فيه محمد بن دينار الطلحي، قال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ، وبالنظر في أقوال النقاد فإنه أجل من ذلك ولا يقلّ حديثه عن رتبة الحسن إلا ما ندر مما انفرد به، وانظر: القطوف رقم (656/ 929).
رجال السند:
عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، إمام ثقة تقدم ومُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، هو أبو بكر البصري، لا بأس به رمي بالقدر، روى له أبو داود والترمذي، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هما ثقتان تقدما.
الشرح:
هذه المسألة اختلف فيها العلماء، والأعدل أن تعتد بثلاثة قروء، أو بثلاثة أشهر، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
935 -
(13) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا طُلِّقَتْ فَحَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ:" عِدَّتُهَا سَنَةٌ"
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو القعنبي، من أصحاب امام مالك، ومَالِكٌ، هو الإمام، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
936 -
(14) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ:" سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْمَرْأَةِ تُطَلَّقُ وَهِيَ شَابَّةٌ فَتَرْتَفِعُ حِيضَتُهَا مِنْ غَيْرِ كِبَرٍ، قَالَ: مِنْ غَيْرِ حَيْضٍ تَحَيَّضُ "
(2)
.
رجال السند: أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، هو أبو الشعثاء، اليحمدي الزهراني، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه مالك (ج 2 ح 71) وفي متتابع الأرقام حديث (1213).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (658/ 931).
الشرح:
فيها القول بأن تعتد سنة، تسعة أشهر تستبرئ بها الرحم من الحمل؛ لأن هذه المدة هي غالب مدة الحمل، فإذا علمت براءة الرحم، فتعتد بعد ذلك عدة الآيسات، وهي ثلاثة أشهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
937 -
(15) وَقَالَ طَاوُوسٌ: " ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ "
(1)
. طاووس إمام ثقة تقدم.
الشرح:
هذه عدة الآيسات قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}
(2)
، فكأن طاووسا رحمه الله اعتبرها في حكم الآيسة، ولم يعتبر الاستبراء والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
938 -
(16) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:" إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ حَيْضَةً، أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا، إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ كِبَرٍ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً وَارْتَابَتِ اعْتَدَّتْ سَنَةً بَعْدَ الرِّيبَةِ "
(3)
.
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، هو الجهضمي، وعَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عبد الأعلى، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (659/ 932).
(2)
من الآية (4) من سورة الطلاق.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (660/ 933).
الشرح:
في هذا مسألتان:
الأولى: إذا طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين، وتوقف حيضها من كبر فهي الآيسة تعتد ثلاثة أشهر.
الثانية: أن تكون شابة وارتابت في حيضها فتعتد سنة تسعة أشهر استبراء للرحم، وثلاثة أشهر عدة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
939 -
(17) خْبَرَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، ثَنَا غُنْدَرٌ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ وَالَّتِي لَا يَسْتَقِيمُ لَهَا حَيْضٌ، فَتَحِيضُ في شَهْرٍ مَرَّةً، وَفي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ، عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ "
(1)
.
رجال السند:
خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، هو أبو عمرو البصري، إخباري صدوق، وغُنْدَرٌ، محمد ابن جعفر، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وقَتَادَةُ، هو ابن جبر وعِكْرِمَة، هو مولى ابن عباس، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
940 -
(18) أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ:" تَعْتَدُّ بِالأَقْرَاء "
(2)
.
رجال السند: خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، تقدم آنفا، وأَبُو دَاوُدَ، هو الطيالسي، وهِشَامٌ، هو الدستوائي، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، أفقه أصحاب إبراهيم النخعي إمام تقدم.
(1)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (661/ 934).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (662/ 935).
الشرح:
أحوال عدة الطلاق ثلاث: إما بالأقراء والمراد بالقرء الحيض فتكون العد ثلاثة أقراء، أو بالحمل، أي: حتى تضع، ولو تضع بعد الطلاق بدقيقة فإنها تخرج من العدة، أو بثلاثة أشهر إذا كانت يائسة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
941 -
(19) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ:" عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ "
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، هو الْقَطَوَانِيُّ صدوق عنده مناكير، ومَالِكٌ، هو الإمام، وابْنُ شِهَابٍ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
942 -
(20) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" الْمُسْتَحَاضَةُ تَعْتَدُّ بِالأَقْرَاءِ "
(2)
.
رجال السند:
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ويُونُسٌ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد بالأقراء الحيض، وليس الأطهار، فالمستحاضة تعتد بأقرائها، بأن تعرف أيام حيضها، أو تميز دم الحيض فتحسب ثلاثة أقراء هي عدتها، وقول ابن المسيب: عدتها سنة، أراه قولا شاذا، والله أعلم، وانظر التالي.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (664/ 937).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
943 -
(21) أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:" بِالأَقْرَاءِ"
(1)
.
رجال السند:
خَلِيفَةُ، وعَبْدُ الأَعْلَى، ومَعْمَرٌ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: " الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: هُوَ الْحَيْضُ".
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَأَنَا أَقُولُ هُوَ الْحَيْضُ.
رجال السند:
أبو محمد، هو الدارمي، ذكر مرة بالكنية، وهو عبد الله ذكر بالاسم الصريح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
944 -
(22) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
"الْمُسْتَحَاضَةُ تَعْتَدُّ بِالأَقْرَاءِ"
(2)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد الباهلي، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
تقدم أن الراجح أن المراد بالقرء الحيض، فتعتد بذلك ثلاث حيض، وانظر ما تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (665/ 938).
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
945 -
(23) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ:"سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ شَابَّةٌ تَحِيضُ، فَانْقَطَعَ عَنْهَا الْمَحِيضُ حِينَ طَلَّقَهَا، فَلَمْ تَرَ دَماً كَمْ تَعْتَدُّ؟ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ "
(1)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الحلبي صدوق تقدم، والْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، هو كاتب الأوزاعي، دمشقي ثقة، من أعرف الناس بحديث الأوزاعي، روى له الستة عدا البخاري، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
946 -
(24) قَالَ: " وَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا كَمْ تَرَبَّصُ؟ قَالَ: عِدَّتُهَا سَنَةٌ "
(2)
.
الشرح:
القائل هو الأوزاعي، والزهري، هما إمامان تقدما آنفا، والعدة سنة فيه مشقة، ولو قيل: ثلاثة أشهر لكان أرفق والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
947 -
(25) قَالَ: " وَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تَحِيضُ تَمْكُثُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَحِيضُ حَيْضَةً، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْحَيْضُ، ثُمَّ تَمْكُثُ السَّبْعَةَ الأَشْهُرَ وَالثَّمَانِيَةَ، ثُمَّ تَحِيضُ أُخْرَى، فَتَسْتَعْجِلُ إِلَيْهَا مَرَّةً وَتَسْتَأْخِرُ أُخْرَى، كَيْفَ تَعْتَدُّ؟ قَالَ: إِذَا اخْتَلَفَتْ حَيْضَتُهَا عَنْ أَقْرَائِهَا فَعِدَّتُهَا سَنَةٌ. قُلْتُ:
(1)
فيه خالد بن موسى الشامي: مقبول، وذكره ابن حبان في (الثقات 9/ 161) وروى له مسلم في المتابعات، وكأن الزهري فرق بين الشابة وغيرها، وجعل للشابة الحالتين حسب القرينة، انظر رقم (933).
(2)
أنظر سابقه.
وَكَيْفَ إِنْ كَانَ طَلَّقَ وَهِيَ تَحِيضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً كَمْ تَعْتَدُّ؟ قَالَ: إِنْ كَانَتْ تَحِيضُ أَقْرَاؤُهَا مَعْلُومَةٌ هِيَ أَقْرَاؤُهَا، فَإِنَّا نُرَى أَنْ تَعْتَدَّ أَقْرَاءَهَا "
(1)
.
رجال السند: القائل هو الأوزاعي.
الشرح:
في نظري أن هذه المسألة فرضية لا وجود لها في الواقع، وقد كان العلماء يغرب بعضهم على بعض لاستظهار قدرة المسؤل على الإجابة، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
948 -
(26) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ:"سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ لَمْ تَبْلُغِ الْمَحِيضَ وَلَا تَحْمِلُ مِثْلُهَا بِكَمْ يَسْتَبْرِئُهَا؟ قَالَ: بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ".
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْماً
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، القلانسي، ثقة إمام تقدم، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، هو الدمشقي ثقة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، والأَوْزَاعِيُّ والزُّهْرِيُّ، تقدما آنفا.
الشرح:
الاستبراء أحوط، ولو لَمْ تَبْلُغِ الْمَحِيضَ وَلَا تَحْمِلُ مِثْلُهَا، وقول يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ، وهو إمام ثقة، أرفق وأعدل والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
949 -
(27) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ:
(1)
أنظر سابقه.
(2)
موصول بالسند السابق، وسيأتي في باب استبراء الأمة.
تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيِّ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا أحد الأقوال في المسألة، وتقدم كثيرا، ومع القدرة لا بأس بالاغتسال، وإن شق فيجزئ الوضوء لكل صلاة مع التحفظ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
950 -
(28) قَالَ حَمَّادٌ: " لَوْ أَنَّ مُسْتَحَاضَةً جَهِلَتْ فَتَرَكَتِ الصَّلَاةَ أَشْهُراً فَإِنَّهَا تَقْضِى تِلْكَ الصَّلَوَاتِ. قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ تَقْضِيهَا؟ قَالَ: تَقْضِيهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ إِنِ اسْتَطَاعَتْ"
(2)
.
قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ بِهِ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ.
رجال السند:
حماد، هو ابن زيد، وأيضا حماد بن أبي سليمان كلاهما يروي عن سعيد ابن جبير.
الشرح:
أيد الدارمي القول بالقضاء، والمسألة خلافية، والقضاء أحوط وبه قال أبو حنيفة رحمه الله، ولم يقل به مالك رحمه الله.
(1)
رجاله ثقات، وليعلم أن لابن عباس رضي الله عنهما في هذا فتاوى ثلاث:
الأولى: أنها بعد غسلها عند نهاية حيضها تتوضأ وتصلي، انظر: رقم (797، 899، 807، 810، 811).
الثانية: أنها تجمع بين كل صلاتين بغسل واحد، انظر: رقم (814، 924).
الثالثة: أنها تغتسل عند كل صلاة، انظر: رقم (918، 923).
(2)
موصول بسند الذي قبله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
154 -
بابٌ في الْحُبْلَى إِذَا رَأَتِ الدَّمَ
951 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ:" سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنِ الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ، قَالَ: تَدَعُ الصَّلَاةَ "
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، هو القطواني، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هو إمام دار الهجرة، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات.
الشرح:
هذه المسألة فيها اختلاف بين العلماء، فمن قائل الحامل تحيض، ويجب عليها أن تدع الصلاة، وقال آخرون: الحامل إذا رأت الدم لا تترك الصلاة.
ولعل القول بترك الصلاة أولى؛ لأنه مما تغيض الأرحام، والله أعلم، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
952 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ:" سَأَلْتُ مُجَاهِداً، عَنِ امْرَأَتِي رَأَتْ دَماً، وَأَنَا أُرَاهَا حَامِلاً. قَالَ: ذَلِكَ غَيْضُ الأَرْحَامِ "{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}
(2)
.
رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو باذام، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الجمحي، ومُجَاهِدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
953 -
(3) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي هَذِهِ الآيَةِ {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه الإمام مالك حديث (131).
(2)
من الآية (8) من سورة الرعد.
شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}
(1)
قَالَ: " ذَلِكَ الْحَيْضُ عَلَى الْحَبَلِ، لَا تَحِيضَ يَوْماً في حَبَلِهَا إِلاَّ زَادَتْهُ طَاهِراً في حَبَلِهَا "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَاصِمُ الأَحْوَلِ، هو ابن سليمان، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
قال الله عز وجل: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
954 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ:" أَمْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ عِنْدَنَا عَنْ عَائِشَةَ: الْمَرْأَةُ الْحُبْلَى إِذَا رَأَتِ الدَّمَ، أَنَّهَا لَا تُصَلِّى حَتَّى تَطْهُرَ"
(4)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
الآية (8) من سورة الرعد.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (676/ 948).
(3)
الآية (8) من سورة الرعد.
(4)
فيه عدم سماع يحي من عائشة، لكنه سمع من عمرة عن عائشة، فلعله عنها أخذ هذا، وسيأتي عند المصنف عنها ما يعارضه، انظر: رقم (959، 960) وانظر: القطوف رقم (677/ 949).
الشرح:
هذا أحد القولين في المسألة، وهو الراحج؛ لأن ذلك من الحيض، فلا تصلي حتى تطهر، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
955 -
(5) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ:{وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} قَالَ: هُوَ الْحَيْضُ عَلَى الْحَبَلِ {وَمَا تَزْدَادُ} قَالَ: " فَلَهَا بِكُلِّ يَوْمٍ حَاضَتْ فِي حَمْلِهَا يَوْماً تَزْدَادُ فِي طُهْرِهَا، حَتَّى تَسْتَكْمِلَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ طُهْراً "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو الأحول، وعَاصِمٌ، هو الأحول، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا معنى قول الله عز وجل: {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
956 -
(6) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ}
(2)
.
قَالَ: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَامِلٌ، قَالَ:" يَكُونُ ذَلِكَ نُقْصَاناً مِنَ الْوَلَدِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ تَمَاماً لِمَا نَقَصَ مِنْ وَلَدِهَا "
(3)
.
رجال السند: أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر بن إياس، ومُجَاهِدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
من الآية (8) من سورة الرعد.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: السابق، وانظر: القطوف رقم (679/ 951).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: السابق، وانظر: القطوف رقم (679/ 951).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
957 -
(7) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:" امْرَأَتِي تَحِيضُ وَهِىَ حُبْلَى "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وحُمَيْدٌ، هو بن عبد الرحمن، وبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تقدم القول بأنها تدع الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
958 -
(8) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: " امْرَأَتِي تَحِيضُ وَهِيَ حُبْلَى "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو مُحَمَّدٍ، هو الدارمي، وسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أبو أيوب البصري، إمام ثقة، وهو من شيوخ الدارمي تقدم.
الشرح: انظر ما سبق، والتالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
959 -
(9) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:" إِذَا رَأَتِ الْحُبْلَى الدَّمَ فَلْتُمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ حَيْضٌ "
(3)
.
رجال السند: حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (680/ 852).
(2)
رجاله ثقات.
(3)
فيه عدم سماع يحيى من عائشة، وتقدم تخريجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
960 -
(10) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ: مِثْلُ ذَلِكَ
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو القعنبي، ومَالِكٌ، هو الإمام، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: هذا من بلاغات مالك رحمه الله، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
961 -
(11) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسُ، عَنْ لَيْثٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ:" إِنْ كَانَ الدَّمُ عَبِيطاً اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِيَّةً تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ "
(2)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، الوراق، ابْنُ إِدْرِيسُ، هو عبد الله بن إدريس الأودي، هما إمامان ثقتان تقدما، ولَيْثٌ، هو ابن سليم يستشهد به، والشَّعْبِيُّ، تابعي إمام تقدم.
الشرح:
هذا قول ثالث في المسألة وهو التفريق في نوع الدم، وتقدم أن الدم إذا كان عبيطا، أي: ثقيلا فإنه حيض، فكيف تغتسل وتصلي مع هذا الوصف، الصواب تمسك عن الصلاة؛ لأنه مما تغيض الأرحام، فإذا توقف اغتسلت وصلت، وإن كان ترية، أي: خفيفا كغسالة اللحم، فليس هو الحيض تتوضأ وتصلي، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
962 -
(12) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: مِثْلَهُ
(3)
.
(1)
فيه عدم سماع يحيى من عائشة.
(2)
فيه ليث بن أبي سليم: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (683/ 956).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (684/ 957).
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو الفضل بن دكين، والأَوْزَاعِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
963 -
(13) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبَّادٌ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِنْ كَانَتْ تَرَاهُ كَمَا كَانَتْ تَرَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَقْرَائِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْيَوْمِ أَوِ الْيَوْمَيْنِ لَمْ تَدَعِ الصَّلَاةَ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
(2)
، هو ابن أبي شيبة، وعَبَّادٌ بْنُ الْعَوَّامِ، هو أبو سهل البصري، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد الحامل وهذا عمل بتمييز الدم فإن كان مثل ما كانت تراه في أيام حيضها اعتبرته حيضا، وأمسكت عن الصلاة، وإن لم تره إلا في اليوم واليومين لم تترك الصلاة. هذا رأي الحسن رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
964 -
(14) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ:" فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ قَالَتْ: لَا يَمْنَعُهَا ذَلِكَ مِنَ الصَّلَاةِ "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (685 م 958).
(2)
في (ت، ك) محمد ن عبد الله، صوب في هامش (ت).
(3)
فيه مطر بن طهمان: صدوق كثير الخطأ، سيما في حديث عطاء، لكن يقويه ما صح عنها في هذا، وانظر: القطوف رقم (686/ 959).
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو عثمان البصري، الهجيمي، إمام ثقة ثبت، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو أبو محمد الكلابي، ثقة مات بالكوفة لثلاث خلون من رجب سنة ثمان وثمانين ومائة، في خلافة هارون الرشيد، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، إمام ثقة حافظ، من أوثق الناس في قتادة، له تصانيف لكنه كثير التدليس واختلط، ومَطَرٌ، هو ابن طهمان الوراق، كاتب مصاحف، حديثه حسن تقدم، عَطَاءٌ، إمام تقدم، عَنْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: هذا ضد ما تقدم من القول بأنها تدع الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
965 -
(15) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ:" فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ قَالَ: تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، قَالَ يَزِيدُ: لَا تَغْتَسِلُ "
(1)
. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَقُولُ بِقَوْلِ يَزِيدَ.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى، هما إمامان ثقتان تقدما، ومَطَر، عَطَاءٌ، تقما آنفا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد بقول يزيد بن هارون: " لا تغتسل " الاكتفاء بالوضوء، وبه أخذ الدارمي، وانظر السابق.
تقدم أن الدم مما تغيض الأرحام، وأنه حيض إذا كان ثقيلا، وأنها تمسك عن الصلاة، ولعل قول يزيد وأخذا به الدارمي، أن ما رأت ترية خفيفا فلا تغتسل، وتتوضأ وتصلي، والله أعلم.
(1)
أنظر السابق، وانظر: القطوف رقم (687/ 960).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
966 -
(16) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ قَالَ:" هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
تقدم أن الدم إذا كان عبيطا، أي: ثقيلا فإنه حيض، فكيف تغتسل وتصلي مع هذا الوصف، الصواب تمسك عن الصلاة، وإن كان ترية، أي: خفيفا كغسالة اللحم، فليس هو الحيض تتوضأ وتصلي، والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
967 -
(17) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ قَالَ:" تَغْسِلُ عَنْهَا الدَّمَ وَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، أَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا أحد القولين: أنها لا تدع الصلاة، أو هي بمنزلة المستحاضة، ومنهم من فرق بين أن يكون الدم عبيطا أو ترية، وبه قال الشعبي، وعائشة وإبراهيم وغيرهم، وقد سبقت الرواية عنهم.
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه، وانظر: القطوف رقم (688/ 961).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (689/ 962).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
968 -
(18) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هِشَام، أَنّبَأَ حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَكَمِ قَالَا:" إِذَا رَأَتِ الْحَامِلُ الدَّمَ: تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، هما ثقتان تقدما، وحَجَّاجٌ، هو ابن أرطاة يستشهد به، وعَطَاءٌ، وَالْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، هما ثقتان تقدما.
الشرح:
المراد الدم الخفيف ما ليس عبيطا أي: ثقيلا، والحديث فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف، ويتقوى بما تقدم، وبالذي يليه، وانظر: القطوف رقم (690/ 963).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
969 -
(19) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي رَاشِدٍ - عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ قَالَ:" تَوَضَّأُ وَتُصَلِّى "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وجَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، هو الصيرفي كوفي ثقة، روى له الستة وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
970 -
(20) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:"هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ "
(2)
.
رجال السند:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (691/ 964).
(2)
رجاله ثقات، وتقدم تخريجه.
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ويُونُس، عَنِ الْحَسَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا مرارا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
971 -
(21) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" لَا يَكُونُ حَيْضٌ عَلَى حَمْلٍ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، جَرِيرٌ، هو ابن حازم، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا يؤيد القول بأنها بمنزلة المستحاضة، لا تترك الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
972 -
(22) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ، قَالَ:" هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ "
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
973 -
(23) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:" إِذَا رَأَتِ الْحَامِلُ الدَّمَ لَمْ تَدَعِ الصَّلَاةَ "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وتقدم تخريجه.
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(3)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
974 -
(24) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَكَمِ ابْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحُبْلَى، وَالَّتِي قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ:" إِذَا رَأَتِ الدَّمَ تَوَضَّأَتَا وَصَلَّتَا وَلَا تَغْتَسِلَانِ "
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن المنهال، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، والْحَجَّاجِ، هو ابن أرطاة يستشهد به، وعَطَاءٌ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
لأنهما بمنزلة المستحاضة، وقيل الحبلي: تترك الصلاة لأنه مما تغيض الأرحام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
975 -
(25) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" تَغْتَسِلَانِ وَتُصَلِّيَانِ ".
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، ومَطَرٌ، هو ابن طهمان يستشهد به تقدم، وعَطَاء، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا قول في عدم الاغتسال، والاكتفاء بالوضوء.
(1)
فيه حجاج بن أرطاة: ضعيف، تقدم تخريجه في الحامل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
976 -
(26) أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى الدِّمَشْقِيىُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" إِنَّ الْحُبْلَى لَا تَحِيضُ، فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ "
(1)
.
رجال السند:
زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، هو أبو عبد الله، من شيوخ الدارمي، ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ومُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، هو المكحولي، حسن الحديث، روى له الأربعة، وسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الأشدق فقيه محله الصدق تقدم، وعَطَاءُ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ، إمام ثقة تقدم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
أكثر الدارمي رحمه الله من ذكر الأقوال في الحامل ترى الدم بإحدى صفتيه، والفصل في هذا الخلاف اعتبار الصفة، فإن كان الدم صفته الحيض فتمسك عن الصلاة؛ لأنه حيض مما تغيض الأرحام، وإن كان خفيفا أحمر فتتوضأ وتصلي، وتقدم بيان هذا مرات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
977 -
(27) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، في الْمَرْأَةِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ وَهِىَ تَمَخَّضُ
(2)
قَالَ: "هُوَ حَيْضٌ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ ".
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، هو كوفي ثقة صدوق كثير الحديث، فيه تشيع وبعضهم لا يحتج به، توفي بالكوفة سنة خمس
(1)
سنده حسن، تقدم تخريجه، وانظر: القطوف رقم (698/ 1001).
(2)
أي: جاءها المخاض، وهو قرب الولادة.
وتسعين ومائة، وشهد جنازته وكيع بن الجراح، والْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ، هو أبو الحكم النخعي، صدوق يخطئ، والْحَكَمِ، هو ابن عتيبة، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
المراد حيض النفاس، وليس حيض عادتها، وأنها في بداية المخاض وهو النفاس، وسيأتي الكلام عليه في الباب التالي، والخبر رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (699/ 1002).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
978 -
(28) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إِذَا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَرَأَتِ الدَّمَ عَلَى الْوَلَدِ:" فَلْتُمْسِكْ عَنِ الصَّلَاة "
(1)
. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " تُصَلِّى مَا لَمْ تَضَعْ ".
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
وافق الحسن إبراهيم فيما قال آنفا، أن ذات الطلق إذا رأت الدم تمسك عن الصلاة؛ لأنه نفاس، وخالف الدارمي ولعله اعتبر ذلك في بدايته استحاضة فلا يمنع من الصلاة، وأرجح قول إبراهيم والحسن في ترك الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
155 -
بابٌ وَقْتِ النُّفَسَاءِ وَمَا قِيلَ فِيهِ:
979 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي النُّفَسَاءِ:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (700/ 1003).
" كَطُهْرِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وأَبُو سُفْيَانَ، هو مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ اليشكري، ومَعْمَرٍ، هو ابن راشد، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
اختلف العلماء في أكثر مدة النفاس، فقال الأكثرون: أربعين يوما، وقول آخر شهرين، وهو شاذ ونادر.
أما أقل النفاس فلا حد لأقله فقد يكون ساعات وهذا نادر، والمرجع فيه إلى النساء فهن أعرف بطبائعهن وأحوالهن في النفاس، فتمسك عن الصلاة حتى ترى الطهر قلّت أيام نفاسها أو كثرت، وبعض العلماء يرى ما زاد عن الخمسين استحاضة، لا يمنها من الصلاة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
980 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ:" فِي النُّفَسَاءِ تُمْسِكُ عَنِ الصَّلَاةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ تَرَ الطُّهْرَ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ أَيَّاماً خَمْساً، سِتًّا، فَإِنْ طَهُرَتْ فَذَاكَ وَإِلاَّ أَمْسَكَتْ عَنِ الصَّلَاةِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسِينَ، فَإِنْ طَهُرَتْ فَذَاكَ وَإِلاَّ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وهُشَيْمٌ، ويُونُسُ، الْحَسَنِ، هم أئمة ثقات تقموا مرارا.
الشرح: كأن الحسن رحمه الله يرى أن الأربعين أعلى ما يكون النفاس، وما زاد فهو نادر، احتاط له بما بين الأربعين والخمسين يوما، وحكم بما زاد على الخمسين أنه استحاضة لا يمنع من الصلاة.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (701/ 1004).
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
981 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ:" أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرَبُ النُّفَسَاءَ أَرْبَعِينَ يَوْماً "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ويُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات
تقدموا، وعُثْمَانُ ابْنُ أَبِي الْعَاصِ، رضي الله عنه.
الشرح:
كان لا يرى طهر النفاس قبل الأربعين، وهذا ليس عاما في طبائع النساء، فإن منهن من تطهر بعد أيام من ولادتها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
982 -
(3) وَقَالَ الْحَسَنُ: " النُّفَسَاءُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ إِلَى الْخَمْسِينَ، فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ "
(2)
.
رجال السند: الْحَسَنُ، هو البصري رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
983 -
(4) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ:" وَقْتُ النُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَإِنْ طَهُرَتْ وَإِلاَّ فَلَا تُجَاوِزْهُ حَتَّى تُصَلِّي "
(3)
.
(1)
فيه عدم سماع الحسن من عثمان بن أبي العاص، وانظر: القطوف رقم (703/ 1006).
(2)
رجاله ثقات، موصول بالسند السابق، وانظر: القطوف رقم (704/ 1007).
(3)
فيه ضعف إسماعيل بن مسلم، وعدم سماع الحسن من عثمان بن أبي العاص، وصح فيما تقدم عند المصنف، وانظر: القطوف رقم (705/ 1008).
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي إمام ثقة تقدم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو العبدي، ثقة من أصحاب الحسن، والْحَسَنُ، هو البصري إمام تقدم كثيرا، وعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، رضي الله عنه.
الشرح:
لأنه يرى استمرار الدم مدة النفاس أربعين يوما، فإن لم ينقطع وزاد عن ذلك فهو استحاضة لا تمنع من الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
984 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" إِنْ كَانَ لِلنُّفَسَاءِ عَادَةٌ، وَإِلاَّ جَلَسَتْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَشْعَثُ، هو ابن أبي الأشعث المحاربي، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا رد إلى طبائع النساء فقد تكون العادة في نفاس البعض أقل من الأربعين، وفي هذا إشارة إلى أن أقصي مدة النفاس أربعين يوما، وما زاد عن ذلك فهو استحاضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
985 م- (6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" النِّفَاسُ حَيْضٌ"
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (706/ 1009).
(2)
رجاله ثقات، والمراد أن حكمه حكم الحيض في المنع، وإن اختلفت المدة، وانظر: القطوف رقم (707/ 1010).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن الدم الذي يخرج قبل الولادة وبعدها هو النفاس وهو كالحيض يمنع من الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
986 -
(7) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، وأَبو بِشْرٍ، هو ابن أبي وحشية جعفر بن إياس، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ نَحْوَهَا "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وأَبُو عَوَانَةَ، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر بن إياس، ويُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
156 -
بابٌ في الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ تُصَلِّى في يَوْمِهَا إِذَا طَهُرَتْ
(2)
.
987 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ أَبِي سَهْلٍ الْبَصْرِيِّ، عَنْ مُسَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: " كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تَطْلِي الْوَرْسَ عَلَى وَجْهِهَا
مِنَ الْكَلَفِ ".
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (708/ 1013).
(2)
كتب لحقا في هامش (ك) وهذا العنوان غير مطابق لما تحته من الأحاديث، فلا ذكر فيها للصلاة في الثوب، وهو في شأن النفساء، لا الحائض، وسيأتي ما يتعلق بالحائض في باب مستقل. وفي (و) تصلي في يومها. وسقط من (ر) النسختين (ر/ أ، ر/ ب).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وأَبُو خَيْثَمَةَ، هو زهير بن معاوية، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، هو الثعلبي، ثقة روى له الأربعة، وأَبو سَهْلٍ الْبَصْرِيِّ، هو البرساني، بصري ثقة من كبار أصحاب الحسن تقدم، ومُسَّةَ، هي أزدية تابعية مقبولة، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
عبر بالحائض عن النفاس، هذا ليس عاما في كل النساء، لاختلاف المدة، ولانقطاع الدم وعودته، والكَلَف: حمرة تميل إلى الكدرة تظهر في خدود الحوامل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
988 -
(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ جَلْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْنِ قُرَّةَ:"أَنَّ امْرَأَةً لِعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو نُفِسَتْ فَجَاءَتْ بَعْدَ مَا مَضَتْ عِشْرُونَ لَيْلَةً، فَدَخَلَتْ في لِحَافِهِ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَنَا فُلَانَةُ، إِنِّي قَدْ طَهُرْتُ فَرَكَضَهَا بِرِجْلِهِ فَقَالَ: لَا تُغْرِينِي عَنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِىَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، إمام ثقة تقدم وهِشَامٌ، هو ابن حسان إمام ثقة تقدم، وجَلْدٌ، هو ابن أيوب ضعيف، ومُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، هو المزني ثقة تقدم.
الشرح:
هذا يفيد اختلاف طبائع النساء، ولم يقبل منها ذلك تورعا وأخذا بأن مدة النفاس أربعين يوما، وليس ذلك لعامة النساء.
(1)
فيه الجلد بن أيوب: أحد الضعفاء، انظر: رقم (844).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
989 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْماً "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو بِشْرٍ، ويُوسُفُ ابْنُ مَاهَكَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المرجع في تحديد مدة الطهر من النفاس النساء فهن أعرف بذلك، وإنما جُعل الأربعون لبعض الأحوال، ولذلك قال بعض العلماء ما زاد عن الأربعين استحاضة لا تمنع من الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
990 -
(4) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ [ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: النُّفَسَاءُ تَنْتَظِرُ نَحْوه]
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو الواسطي، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو بِشْرٍ، هو جَعْفَرُ ابْنُ إِيَاسٍ، ويُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
991 -
(5) أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ فِي النُّفَسَاءِ الَّتِي تَرَى الدَّمَ:
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه. وانظر: القطوف رقم (712/ 1015).
(2)
ساقط من (ق) رجاله ثقات، انظر سابقه.
تَرَبَّصُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ تُصَلِّى
(1)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الحلبي صدوق تقدم، ومُعْتَمِرٌ، وأَبوه، سليمان بن طرخان، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد ترى استمرار الدم، فتنتظر لو استمر إلى أربعين يوم، ولا تجاوز الأربعين إلا بالغسل والصلاة، لأنه بعد الأربعين استحاضة، وإن انقطع الدم قبل الأربعين اغتسلت وصلت.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
992 -
(6) وَقَالَ الشَّعْبِيُ: شَهْرَيْنِ ثُمَّ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ
(2)
.
رجال السند: الشعبي هو عامر بن شراحيل، إمام ثقة تقدم.
الشرح:
هذا رأي عامر الشعبي رحمه الله أن أعلى مدة الحيث شهرين، وهذا إن وجد فهو نادر، وأرى أن ما زاد عن الأربعين فهو استحاضة، وقال بهذا عدد من العلماء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
993 -
(7) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَفْطَسُ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ:" الْمَرْأَةُ تَنْتَظِرُ مِنَ الْغُلَامِ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَمِنَ الْجَارِيَةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً. يَعْنِى النُّفَسَاءَ "
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق، وانظر: القطوف رقم (713/ 1016).
(2)
موصول بالسند السابق، وانظر: القطوف رقم (وانظر: القطوف رقم (714/ 1017).
(3)
سنده حسن، وانظر: القطوف رقم (715/ 1018).
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، ومُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، هو ابن شابور، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَفْطَسُ، هو الدمشقي ثقة ثبت ليس له عند الدارمي سوى هذا، والْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، هو الحضرمي، ومَكْحُولٌ، هو الشامي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا قول شاذ، ولا وجه للتفريق بين الغلام والجارية.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
994 -
(8) قَالَ مَرْوَانُ: هُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
رجال السند:
مَرْوَانُ، هو الطاطري، وسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو التنوخي من تلاميذ مكحول، إمام فقيه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
995 -
(9) وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: " هُمَا سَوَاءٌ "
(1)
.
رجال السند:
الأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن بن عمرو، إمام ثقة من تلاميذ مكحول، وقد خالف شيخه في هذا، وهو الحق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
996 -
(10) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنِى يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" إِذَا رَأَتِ الدَّمَ عِنْدَ الطَّلْقِ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنَ النِّفَاسِ"
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هم البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
أي الغلام والجارية لا فرق بينهما في مدة الانتظار بعد الولادة.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (718/ 1021).
الشرح:
المراد أنها تمسك عن الصلاة عند أول رؤيتها لدم النفاس، وتستقبل ولادتها ومدة نفاسها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
997 -
(11) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ وَهِيَ تَطْلُقُ قَالَ:" تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ"
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الرقاشي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد وهي في حالة الطلق فإذا رأت الدم مع ذلك فإنها عندهم كالمستحاضة، لا تمسك عن الصلاة، وأذهب إلى قول الحسن المتقدم آنفا، وأنه من النفاس فتمسك عن الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
157 -
بابٌ الْمَرْأَةِ تُجْنِبُ ثُمَّ تَحِيضُ
998 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، في الْمَرْأَةِ تُجْنِبُ ثُمَّ تَحِيضُ قَالَ: تَغْتَسِلُ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (720/ 1023)، والاغتسال على سبيل الاستحباب لا الوجوب، والمسألة خلافية؛ ولأنها أجنبت قبل الحيض، فوجب عليها غسل الجنابة، ولو أجنبت وهي حائض فلا شيء عليها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
999 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ: مِثْلَهُ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هِشَامٌ، هو ابن حسان، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1000 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: الْحَيْضُ أَكْبَرُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، والْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هو ابن رافع التغلبي الكوفي، ويقال: الكاهلي، ثقة مأمون، روى له: البخاري، ومسلم، والترمذي، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن الحيض أكبر من الجنابة، فإذا أجنبت المرأة وهي حائض فلا تغتسل، فإذا طهرت يكفيها غسل واحد.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه، وانظر: القطوف رقم (721/ 1024).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (722/ 1025) والحيض أكبر من الجنابة، فإذا أجنبت وهي حائض لا تغتسل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1001 -
(4) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي رَجُلٍ غَشِىَ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ فَقَالَ:" تَغْتَسِلُ أَحَبُّ إِلَيَّ "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
بل تغتسل؛ لأنه جامعها وهي طاهر، ولو حاضت بلحظات بعد الجماع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1002 -
(5) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ قَالَا:" لِتَغْتَسِلْ مِنَ الْجَنَابَةِ "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، هما إما مان ثقتان تقدما، وحَجَّاجٍ، هو ابن أرطاة يستشهد به، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رواح، وَالنَّخَعِيُّ، هو إبراهيم، هما إمامان تقدما.
الشرح:
هنا وافق إبراهيم عطاءً، كأنه عدَل عن القول بالاستحباب إلى الوجوب، وهو الصواب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1003 -
(6) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ، عَنِ الْحَسَنِ:
(1)
رجاله ثقات تقدم، ولأنه غشيها قبل الحيض فاستحب له الغسل.
(2)
فيه حجاج بن أرطاة: ضعيف، ولكنه متابع تقدم، وانظر: القطوف رقم (724/ 1027) فهما وغيرهما يرون وجوب الغسل؛ لكون الجنابة حصلت قبل الحيض.
مِثْلَ ذَلِكَ
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٍ، وعَامِرُ الأَحْوَلُ، هو ابن عبد الواحد البصريّ، صدوقٌ يُخطئ والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1004 -
(7) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثَنَا الْعَلَاءُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ: سُئِلَ عَنْهَا حَمَّادٌ فَقَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: تَغْتَسِلُ
(2)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، هو العمي، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، هو العبدي، والْعَلَاءُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، هو الكاهلي، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، أفقه أصحاب إبراهيم النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1005 -
(8) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنِ [ابْنِ]
(3)
فُضَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: تَغْتَسِلُ
(4)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وابْنُ فُضَيْلٍ، هو محمد ثقة تقدم، وليس هو فضلٌ، ولا فُضيل، كما ورد في بعض النسخ، ومُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ، هو أبو سهل العبسي صاحب الفرائض، ضعيف كثير الحديث، والشَّعْبِيُّ، هو عامر إمام تقدم.
(1)
حسن، وانظر: سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: السابق، وانظر: القطوف رقم (727/ 1030).
(3)
في بعض النسخ الخطية " عن فضيل ".
(4)
فيه محمد بن سالم: ضعيف، يقويه ما سبق.
الشرح:
المراد الحائض إذا طرقها الحيض بعد الجماع، وافق محمد بن سالم من تقدم من الثقات في ذلك، وإن كان متروكا لا يعتد بروايته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
158 -
بابٌ الْحَائِضِ تَوَضَّأُ عِنْدَ وَقْتِ الصَّلَاةِ
1006 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ يَقُولُ: كَانَ يُعْجِبُهُمْ في الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ أَنْ تَتَوَضَّأَ وُضُوءَهَا لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ تُسَبِّحَ اللَّهَ وَتُكَبِّرَهُ في وَقْتِ الصَّلَاةِ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ويَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، هو أبو العباس الغافقي، والْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (729/ 1032)، وهذا على سبيل الاستحباب، وهو عمل جيد تتعبد به المرأة الحائض، تطّوع من غير إلزام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1007 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ:" قُلْتُ لأَبِي قِلَابَةَ: الْحَائِضُ تَتَوَضَّأُ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَتَذْكُرُ اللَّهَ. فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ لِهَذَا أَصْلاً "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، سُفْيَانُ، هو الثوري، وسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، هو ابن طرخان، وأبو قِلَابَةَ، هو الجرمي، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (730/ 1033).
الشرح:
المراد أنه ليس له أصل في الشرع، فلا تلزم به الحائض، وإذا تطوعت به أحيانا من غير التزام فلا بأس، والحذر من الغلو واجب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1008 -
(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الصَّدَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ:" أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ عِنْدَ أَوَانِ الصَّلَاةِ أَنْ تَوَضَّأَ، وَتَجْلِسَ بِفِنَاءِ مَسْجِدِهَا، فَتَذْكُرَ اللَّهَ وَتُسَبِّحَ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، هو الخزاعي، وهما إمامان ثقتان تقدما، وخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الصَّدَفِيُّ، تفرد به الدارمي ولم أقف على ترجمته، وكذلك أبوه، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا ليس له أصل كمال قال أبو قلابة رحمه الله، وإن صح فهو اجتهاد من عقبة رضي الله عنه في أمر أهله، وعن غيره ممن تقدم ذكرهم، ولا بأس بذلك من غير اعتقاد أنه من السنة، وإنما رغبة في الذكر في أوقات الصلاة وغيرها، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1009 -
(4) حَدَّثَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ أَتَقْرَأُ؟، قَالَ:" لَا، إِلاَّ طَرَفَ الآيَةِ، وَلَكِنْ تَوَضَّأُ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَتُسَبِّحُ وَتُكَبِّرُ وَتَدْعُو اللَّهَ "
(2)
.
(1)
فيه مجهولان: خالد بن يزيد الصدفي، ووالده يزيد، وانظر: القطوف رقم (731/ 1034).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (732/ 1035).
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أسليمان، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقموا.
الشرح:
المنع من التلاوة لا دليل عليه، ولكن لا تمس المصحف، ويجوز أن تقرأ القرآن المبرمج في الأجهزة الذكية، وفي غيرها يجوز للمعلمات ومن تراجع لأبنائها، وللطالبات ومن تستذكر محفوظها؛ لأنه من الضرورة، وفي شأن الوضوء والتسبيح في أو قات الصلاة، انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1010 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا ضَمْرَةُ
(1)
، ثَنَا الشَّيْبَانِىُّ - وَهُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو، مِنْ أَهْلِ الرَّمْلَةِ - ثَنَا مَكْحُولٌ قَالَ:" تُؤْمَرُ الْحَائِضُ تَتَوَضَّأُ عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، وَتَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَتَذْكُرُ اللَّهَ ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، هو الحزامي، ثَنَا ضَمْرَةُ، هو ابن ربيعة، ثَنَا الشَّيْبَانِىُّ، هُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو، هو أبو زرعة ثقة لم يرو له الشيخان، مَكْحُولٌ، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
رجاله ثقات، وبالأمر قال جماعة من العلماء، وهو على وجه الاستحباب لا الوجوب، وانظر: القطوف رقم (733/ 1036) وتقدم البيان مرارا فلينظر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
159 -
بابٌ فِي الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ:
] 1011 - [(
…
) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " إِذَا سَمِعَ الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ السَّجْدَةَ، يَغْتَسِلُ الْجُنُبُ وَيَسْجُدُ، وَلَا تَقْضِى الْحَائِضُ؛
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (732/ 1035).
لأَنَّهَا لَا تُصَلِّي "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
اختلف العلماء في سجود التلاوة فقال أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله: هو واجب، وليس بفرض على أصولهم في التفريق بين الواجب والفرض، وقال مالك والشافعي والأوزاعي والليث رحمهم الله: هو مسنون وليس بواجب، وعليه جمهور العلماء، ومما ويؤيد هذا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل وسجد، وسجد الناس معه، ثم قرأها الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة وهذا إجماع منهم رضي الله عنهم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ومن الأدلة على أن سجود التلاوة ليس بواجب ما أشار إليه الطحاوي من أن الآيات التي في سجود التلاوة منها ما هو بصيغة الخبر ومنها ما هو بصيغة الأمر وقد وقع الخلاف في التي بصيغة الأمر هل فيها سجود أو لا، وهي ثانية الحج، وخاتمة، النجم، واقرأ، فلو كان سجود التلاوة واجبا لكان ما ورد بصيغة الأمر أولى أن يتفق على السجود فيه مما ورد بصيغة الخبر
(2)
.
وقد اختلف العلماء في عدد سجود التلاوة على عدة أقوال، أصحها: أربع عشرة سجدة: في آخر الأعراف، وفي الرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، وثنتان في الحج، وفي الفرقان، والنمل، و (الم تنزيل)، و (حم السجدة)، والنجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (748/ 1037).
(2)
فتح الباري 2/ 558.
وبالنسبة لما رواه الدارمي في سجود الحائض والجنب هو من باب الجواز، وليس واجبا عليهما، بل من باب الورع فالسجدة ليست واجبة على التالي، ولا على المستمع، سواء كانت الحائض أو غيرها، ويستحب لهما ذلك، ولا تشترط لها الطهارة، ولا استقبال القبلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1012 -
(
…
) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ قَالَ: لَا تَقْضِي
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ومُغِيرَةُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
الحائض لا يجب عليها السجود أصلا ولو كانت طاهرا، وإنما هو مستحب، فمن باب أولى عدم القضاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1013 -
(
…
) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ]
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، ثقة مصنف مدلس تقدم، أَبو مَعْشَرٍ، هو نجيح بن عبد الرحمن وثَّقة جمع، وضعفه آخرون من قبل حفظه، وإِبْرَاهِيمُ، إمام تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(2)
وما بين المعقوفين ثلاثة آثار كان حقها أن تكون في باب الحائض تسمع السجدة فلا تسجد، فليس لها تعلق بهذا لباب، لذلك أهملنا ترقيمها ضمن هذا الباب.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وانظر: سابقه، وما بين المعقوفين ثلاثة آثار كان حقها أن تكون في باب الحائض تسمع السجدة فلا تسجد، فليس لها تعلق بهذا لباب، لذلك أهملنا ترقيمها ضمن هذا الباب.
والمراد لا يجب عليها شيء مما تقدم ذكره في السجود والوضوء والتسبيح في أوقات الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1014 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَأْمُرُ امْرَأَةً مِنَّا بِرَدِّ الصَّلَاةِ "
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، وعُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ، هو الصبي كوفي ضعيف، يستشهد به، روى له البخاري تعليقا، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، والأَسْوَدِ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: المراد لا يؤمن بقضاء الصلاة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1015 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مُعَاذَةَ:" أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ: أَتَقْضِى إِحْدَانَا صَلَاةَ أَيَّامِ حَيْضِهَا؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قَدْ كَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا تُؤْمَرُ بِقَضَاءٍ "
(2)
.
(1)
فيه عبيد بن معتب: ضعيف.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (321) ومسلم حديث (335) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 192).
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الملقب بعارم، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وأَيُّوبُ، هو السختياني، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد الجرمي، ومُعَاذَةُ، هي بنت عبد الله بن عمرو بن بزين بن قيس بن عدي، أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي بصرية، دخلت على عائشة وروت عنها، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
معاذة رضي الله عنها قدمت من البصرة، وسألت عائشة، عن قضاء الحائض لصلاة أيام حيضها، وأنكرت عليها عائشة حين قالت: أحرورية أنت؟!، وحروراء من أرض العراق، ظهر بها الخوارج القائلين بأنه يجب على الحائض قضاء الصلاة، وبينت لها فعل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم وأنهن لم يؤمرن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1016 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادٌ
(1)
، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ
(2)
.
قَالَ أَبُو النُّعْمَانِ: " كَأَنَّ حَمَّاداً فَرَّقَ حَدِيثَ أَيُّوبَ فَجَاءَ بِهَذَا "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، وحَمَّادٌ، تقدما آنفا، ويَزِيدُ الرِّشْكُ، هو ابن أبي يزيد الضبعي، بصري ثقة ثبت، ومُعَاذَة، رضي الله عنها.
الشرح: قول أبي النعمان الآنف الذكر ليس فيه ما يقدح في رواية أيوب، لأن أيوب رحمه الله قد سمع هذا من أبي قلابة، عن معاذة، ومن معاذة مباشرة بدون واسطة، فالروايتان صحيحتان.
(1)
في بعض النسخ الخطية "حميد ".
(2)
رواته ثقات، وأنظر سابقه.
(3)
فرق بين رواية أيوب عن أبي قلابة عن معاذة، وروايته عن معاذة مباشرة، إشارة إلى أن لأيوب شيخين، وأنه سمعه منهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
[1017 [- (
…
) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ:" إِذَا سَمِعَتِ الْحَائِضُ السَّجْدَةَ فَلَا تَسْجُدْ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو الواسطي، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو المزني، وعَطَاءِ ابْنِ السَّائِبِ، صدوق تقدم، وعَامِرٌ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
كأنه يرى الطهارة لذلك، والحائض ليست بطاهرة، وتقدم ما يؤيد جواز أن تسجد؛ لأن السجدة لا تشترط لها الطهارة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1018 -
(
…
) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ:" لَا تَسْجُدُ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ إِذَا سَمِعَتِ السَّجْدَةَ "
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، تقدما آنفا، وخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وأَبو قِلَابَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1019 -
(
…
) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْحَائِضِ أَنْ تَسْجُدَ إِذَا سَمِعَتِ
(1)
رجاله ثقات.
(2)
رجاله ثقات.
السَّجْدَةَ]
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدٌ، هو ابن عبد الله المزني، تقما آنفا، والْحَسَنُ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، هو النخعي ثقة، توفي في خلافة أبي جعفر المنصور، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا رأي إبراهيم رحمه الله، والصحيح أنه لا يجب عليها السجود ولا يستحب، وإن سجدت فلا حرج، لعدم اشتراط الطهارة للسجود، وقد ناولت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمرة: السجادة وهي حائض، وأنكر عليها قولها: إني حائض، فقال:«إنها ليست في يدك» .
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1020 -
(4) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَجْلَانَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النُّفَسَاءِ وَالْحَائِضِ هَلْ يَقْضِيَانِ الصَّلَاةَ إِذَا تَطَهَّرْنَ؟، قَالَ:" هُوَ ذَا أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَوْ فَعَلْنَ ذَلِكَ أَمَرْنَا نِسَاءَنَا بِذَلِكَ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ، وأَبو غَالِبٍ عَجْلَانَ، هو من أفراد الدارمي، خراساني شيخ تابعي، لم يروى له الستة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات،، وانظر: القطوف رقم (752/ 1045) وما بين المعقوفين ثلاثة آثار كان حقها أن تكون في باب الحائض تسمع السجدة فلا تسجد، فليس لها تعلق بهذا لباب، لذلك أهملنا ترقيمها ضمن هذا الباب، وانظر: رقم (1037، 1038، 1039).
(2)
سنده حسن.
الشرح:
هذا من شواهد ما تقدم في عدم قضاء الحائض الصلاة، الفائتة في أيام حيضها، وهو فعل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمرن بالقضاء رضي الله عنهن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1021 -
(5) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا خَالِدٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: " أَقْضِى مَا تَرَكْتُ مِنْ صَلَاتِي في الْحَيْضِ عِنْدَ الطُّهْرِ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ إِحْدَانَا تَحِيضُ وَتَطْهُرُ فَلَا يَأْمُرُنَا بِالْقَضَاءِ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا خَالِدٌ، هو ابن عبد الله، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم يستشهد به، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وأَبِوه، هو القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1022 -
(6) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ كَثِيرِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ قَالَ: قُلْتُ لِفَاطِمَةَ يَعْنِى بِنْتَ عَلِيٍّ: " أَتَقْضِينَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِكِ؟، قَالَتْ: لَا ".
رجال السند:
إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، هو الطباع، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله النخعي، أراه حسن الحديث، وكَثِيرٌ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، هو ابن إسماعيل ضعيف، قيل: أفرط في التشيع، ثم تاب من ذلك، فيستشهد به وفَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيّ، المراد ابن أبي طالب رضي الله عنه، هي فاطمة الصغرى، وليست بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بضعته بنته فاطمة أم الحسنين رضي الله عنهم، وبنت علي أمها أم ولد، تزوجها محمد ابن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب فولدت له حميدة بنت محمد، ثم خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البحتري فولدت له برزة
(1)
فيه ليث بن أبي سليم: ضعيف، والحديث متفق عليه، وتقدم تخريجه.
وخالدا ابني سعيد، ثم خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام فولدت له عثمان وكبرة ابني المنذر، وقد بقيت فاطمة بنت علي ورووا عنها، وهي ثقة لم تسمع من أبيها شيئا وقد رأته، وتوفيت سنة (117) وقد عاشت (86) سنة، وذكرت عمر ابن عبد العزيز فأكثرت الترحم عليه وقالت: " دخلت عليه وهو أمير المدينة يومئذ فأخرج عني كل خصي وحرسي حتى لم يبق في البيت أحد غيري وغيره، ثم قال: يا ابنة علي والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إلي منكم ولأنتم أحب إلي من أهل بيتي.
الشرح:
هذا من شواهد ما تقدم، والخبر فيه كثير بن إسماعيل أبو إسماعيل التيمي: ضعيف، وشريك يخطئ كثيرا، ويقوى بما تقدم، وانظر: القطوف رقم (735/ 1048).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1023 -
(7) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ سَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ: أَتَقْضِى الْحَائِضُ الصَّلَاةَ؟، قَالَتْ:" أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟، قَدْ حِضْنَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُنَّ يَجْزِينَ "
(1)
.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَعْنَاهُ: وأَنَّهُنَّ لَا يَقْضِينَ
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، ويَزِيدُ ومُعَاذَةُ، هم ثقات تقدموا وعَائِشَةُ، رضي الله عنها، وتقدم سندا برقم 1014.
(1)
رجاله ثقات تقدم.
(2)
في بعض النسخ الخطية " تقضين " وكلاهما يجوز، وجزى وقضى بمعنى واحد، انظر:(شرح النووي على مسلم 1/ 639) وبه فسر قوله تعالى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} من الآية (48) من سورة البقرة
الشرح:
المراد أمرهن بعدم القضاء، وبهذا فسره الدارمي رحمه الله، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
160 -
بابٌ الْحَائِضِ تَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ
1024 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:"الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ يَذْكُرَانِ اللَّهَ وَيُسَمِّيَانِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثري، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أنه لا حرج على الحائض، حين تذكر الله عز وجل بجميع أنواع الذكر، وتدعوه عز وجل بما تشاء من الأدعية والأوراد المشروعة، وانظر ما تقدم في شأن التلاوة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1025 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: بَلَغَنِى عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا قَالَا:" لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ آيَةً تَامَّةً، يَقْرَآنِ الْحَرْفَ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، هو الثوري أبلغه حماد بن أبي سليمان راوية إبراهيم، وإِبْرَاهِيمُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (736/ 1050).
(2)
فيه انقطاع بين سفيان وإبراهيم، وانظر: القطوف رقم (737/ 1051).
الشرح:
اختلف العلماء رحمهم الله في قراء الجنب، وأنا مع المانعين من ذلك؛ لأنه قول أكثر أهل العلم من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين ومن بعدهم، إلا فيما تقدم بيانه في شأن الحائض برقم 1008 - (4) وكذلك الجنب لا يقرأ للقدرة على زوال الحدث بالاغتسال، أو التيمم عند فقد الماء، وتيجوز لهما الذكر والتسمية؛ لأن ذلك ليس قرآنا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1026 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ:" الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ لَا يَقْرَآنِ الْقُرْآنَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، هو الحزامي، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، وفِرَاسٌ، هو ابن يحيى الهمداني، وعَامِرٌ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
منع الجنب من قراءة القرآن؛ لأن الجنابة عرض يزول بالاغتسال، وليس كذلك في الحائض، وتقدم بيان ما يجوز لها من ذلك برقم 1008.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1027 -
(4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَطَّافٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" أَرْبَعٌ لَا يَحْرُمْنَ عَلَى جُنُبٍ وَلَا حَائِضٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ "
(2)
.
(1)
فيه شريك أرجح أنه حسن الحديث، ويقوى بما تقدم، وانظر: القطوف رقم (738/ 1052).
(2)
فيه أبو عطاف الأزدي: ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 588).
[سئل أبو محمد عبد الله: يقرأ الجنب آية آية؟، قال: لا يعجبني]
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، والْجُرَيْرِيُّ، هوسعيد ابن إياس، أَبو عَطَّافٍ، هو أزدي من أفراد الدارمي، سكت عنه البخاري، وليس له رواية في الستة، أَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنهم.
الشرح:
قول الدارمي في الجنب يقرأ آية: لا يعجبني، هو الصحيح فالجنب لا يقرأ شيئا من القرآن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
161 -
بابٌ الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ فَلَا تَسْجُدُ
1028 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" سُئِلَ عَنِ الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ قَالَ: لَا تَسْجُدُ؛ لأَنَّهَا صَلَاةٌ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو المعروف بدار أم سلمة موضع سكناه في الكوفة، إمام ثقة، ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ
(3)
بْنُ سُلَيْمَانَ، هو أبو علي الكناني، وقيل: الطائي، كوفي ثقة، والْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ
(4)
، هو النخعي ثقة، ومُسْلِمُ ابْنُ صُبَيْحٍ، هو أبو الضحى تابعي سمع من عدد من الصحابة رضي الله عنهم، إمام فقيه حجة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (753/ 1062).
(3)
في (ك) عبد الرحمن.
(4)
هكذا (7) وتقدم الستة الآثار في باب في الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، وكان حقها أن تكون في هذا الباب، وقد أهملنا ترقيمها هناك لعدم العلاقة، وبنينا على عدتها هنا لعلاقتها بالباب.
الشرح:
لست صلاة؛ لأن الطهارة لا تشترط لها، وإن سجدت تطوعا فلا بأس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1029 -
(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا حَفْصٌ بْنُ غِيَاث، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبِي الضُّحَى قَالَا: لَا تَسْجُدُ
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، تقدم آنفا، وحَفْصُ بْنُ غِيَاث، هو النخعي، إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، هو المتقدم آنفا، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي إمام تقدم، وَأَبو الضُّحَى، هو مسلم بن صبيح تقدم آنفا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1030 -
(3) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَا:" لَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ، الصَّلَاةُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ "
(2)
.
رجال السند:
أحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو المعروف بدار أم سلمة ثقة تقدم، ابْنُ نُمَيْرٍ، هو محمد ابن عبدالله إمام ثقة تقدم، وحَجَّاجٌ، هو أرطاة يستشهد به، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمُ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، هو أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد لا يجب على الحائض سجود التلاوة؛ لأنها منعت من الصلاة وهي أعظم من سجود التلاوة.
(1)
رجاله ثقات، انظر سابقه.
(2)
فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (755/ 1064).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1031 -
(4) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" مُنِعَتْ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٌ، هو أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1032 -
(5) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" لَا تَسْجُدُ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، تقدم قريبا، وغُنْدَرٌ، هو محمد بن جعفر، وأَشْعَثُ، هو ابن عبد الملك، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق، والمتقدم برقم 847.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1033 -
(6) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
(3)
، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الطُّهْرَ فَتَسْمَعُ السَّجْدَةَ قَالَ:" لَا تَسْجُدُ حَتَّى تَغْتَسِلَ "
(4)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (756/ 1065).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(3)
في (ك) أحمد بن حميد، وهو صحيح.
(4)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (758/ 1067).
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، تقدم آنفا، وحَفْصُ ابْنُ غِيَاث، هو النخعي، إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ أَحْمَدُ، هو ابن حميد، يعرف بدار أم سلمة، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والزُّهْرِيُّ، هو محمد ابن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
تقدم مرارا أنه لا يجب سجود التلاوة على الحائض حال سماعها التلاوة، وإن سجدت فلا بأس؛ لأن سجود التلاوة لا تشترط له الطهارة، خلافا لمن زعم أنها صلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1034 -
(7) أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ ذَرًّا، عَنْ وَائِلِ بْنِ مُهَانَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنِّسَاءِ:«تَصَدَّقْنَ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ: لِمَ؟، أَوْ بِمَ؟، أَوْ فِيمَ؟، قَالَ:«إِنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " مَا مِنْ نَاقِصِي الدِّينِ وَالَعَقْلِ أَغْلَبَ لِلرِّجَالِ ذَوِي الأَمْرِ عَلَى أَمْرِهِمْ مِنَ النِّسَاءِ" قَالَ: وقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: " مَا نُقْصَانُ عَقْلِهَا؟ قَالَ: جُعِلَتْ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ. قَالَ: سُئِلَ مَا نُقْصَانُ دِينِهَا؟ قَالَ: تَمْكُثُ كَذَا وَكَذَا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا تُصَلِّى لِلَّهِ صَلَاةً "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وذَرٌّ، هو ابن عبد الله المُرْهِبي الهمداني الكوفي، وثقه ابن معين وقيل: كان مرجئا، مات بعد المائة، ووَائِلُ بْنُ مُهَانَةَ، هو الحضرمي التيمي: تيم الرباب الكوفي، كان من أصحاب ابن مسعود قليل الحديث، قال الذهبي: وثق، وعَبْدُ اللَّهِ،
(1)
فيه وائل بن مهانة التيمي: مقبول، أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، حديث (304) ومسلم حديث (80) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 49).
هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
أورد هذا الدارمي رحمه في مسائل الحائض من أجل إجابة السؤال: " مَا نُقْصَانُ دِينِهَا؟، قَالَ: تَمْكُثُ كَذَا وَكَذَا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا تُصَلِّى لِلَّهِ صَلَاةً "، هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه، وله المرفوع، يؤيد هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل» قلن: بلى، قال:«فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» قلن: بلى، قال:«فذلك من نقصان دينها»
(1)
، المراد أن نقصان دينها بسبب ما كتب الله عليها من العادة، ولم تؤمر بالقضاء؛ لعدم تسببها فيما جرى؛ لأنه قدرها فاعتبر ذلك نقصان في الظاهر، وقد ورد هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى خطبه في عيد الفطر أو الأضحى
(2)
.
أما قوله: «فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ» فقد قال العلماء: إن ذلك كان ليلة الإسراء، تؤيد هذا رواية "رأيتكن"
(3)
، وليس ببعيد أن يكون أريهن في غير ليلة الإسراء، وتؤيده رواية "أريتكن"
(4)
، وبعضهم فسر ذلك بأنه بمعنى أخبرت أنكن أكثر أهل النار.
قوله: «امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ» المراد أنها امرأة من عامة النساء وليست من ذوات الشأن والمكانة، يؤيد هذا رواية «من سطة النساء» مسلم حديث (885). قوله:«إِنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» هذا بيان لسبب كثرتهن في النار؛ لأنهن يكثرن السب والشتم، فالعن من الناس السب والدعاء بلفظ اللعن، وهو من الله عز وجل، الطرد والإبعاد من رحمة الله، وليس في قوله:«تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ» دليل على جواز القيل، بل اللعن حرام قليله وكثيره.
(1)
البخاري حديث (304).
(2)
البخاري حديث (304).
(3)
البخاري حديث (304).
(4)
مسلم حديث (79).
قوله: «وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: أيكفرن بالله؟ قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط»
(1)
وفي هذا تعظيم لحقه، وعدم نكران فضله ومكانته، ويلحق بذلك عموم من يعاشر: والمراد المخالطة والمعاملة الحسنة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، فقد تم بفضله وعونه الجزء الثاني من شرح مسند الدارمي، قبل صلاة المغرب ليلة الجمعة 19/ 12/ 1439 هـ في منزلي بالمدينة النبوية على ساكنها نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام، وصاحبيه المجاورين له أبي بكرو عمر عليهما سلام الله ورضوانه.
ويلي هذا الجزء الثالث أوله: 162 - بابٌ الْمَرْأَةِ الْحَائِض تُصَلِّى في ثَوْبِهَا إِذَ طَهُرَتْ 1035 - (1) نسأل الله عز وجل العون على إنجازه.
(1)
البخاري حديث (29) وله أطراف.