الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح مسند الدارمي
الجزء الثالث
شرح وتوثيق
الدكتور مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني
المصدر
المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه المأثورة
تأليف الإمام الحافظ الناقد أبي محمد
عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي رحمه الله
(181 - 255 هـ)
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
162 -
بابٌ الْمَرْأَةِ الْحَائِض تُصَلِّى في ثَوْبِهَا إِذَا طَهُرَتْ
1035 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" إِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحَيْضِ فَلْتَتَّبِعْ ثَوْبَهَا الَّذِي يَلِي جِلْدَهَا فَلْتَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، والأَوْزَاعِيُّ، عبدالرحمن بن عمرو، وعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، أَبوه، القاسم بن محمد بن أبي بكر، هو أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا من شروط الصلاة فلابد من طهارة البدن، واللباس، والمكان، والمراد باللباس الشعار الذي يلامس البشرة، ولا يحول بينه وبينها شيء، فيجب على الحائض تفقده إذا كان لابد لها من الصلاة فيه، فقد يكون لحقه من دم حيضها فتغسله، ولو تيسر لها الغسل كاملا كما هو الحال اليوم فلا بأس، وان استبدلته بلباس طاهر فلا بأس، والحمد لله على ما يسر علينا وعلى نسائنا في هذا العصر من كثرة اللباس ووسائل التنظيف، ونشكره على كريم عطائه، وعلى نعمه التي لا نحصيها، ونسأله دوامها وحفظها من الزوال، ولا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1036 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاء، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ يَكُونُ لإِحْدَانَا الدِّرْعُ فِيهِ تَحِيضُ وَفِيهِ تُجْنِبُ، ثُمَّ تَرَى فِيهِ الْقَطْرَةَ مِنْ دَمِ حَيْضَتِهَا فَتَقْصَعُهُ بِرِيقِهَا "
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، أصله في البخاري حديث (308).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أبودا ود حديث (364) وصححه الألباني.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، من أخص أصحاب مجاهد، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا من التيسير ومراعاة الحال، وعدم التكليف بغسل الثوب كاملا، ولم يكن هذا اجتهاد من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غير علم، فعن عبد الله بن شهاب الخولاني، قال: كنت نازلا على عائشة فاحتلمت في ثوبي فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها فبعثت إلي عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبيك؟ قال قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه، قالت: هل رأيت فيهما شيئا؟ قلت: لا، قالت:«فلو رأيت شيئا غسلته لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري»
(1)
، وهذ من سماحة هذا الذي أرسل نبيه رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1037 -
(3) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ،
عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: " إِنَّ إِحْدَاكُنَّ تَسْبِقُهَا الْقَطْرَةُ مِنَ الدَّمِ، فَإِذَا أَصَابَتْ إِحْدَاكُنَّ ذَلِكَ فَلْتَقْصَعْهُ بِرِيقِهَا "
(2)
.
رجال السند: سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو أبو عتاب العنقزي، لابأس به تقدم، وأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، متروك تقدم، والْحَسَنُ، هو البصري، وأُمِّهُ، هي خيرة مولاة أم سلمة، تابعية ثقة، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
(1)
البخاري حديث (290).
(2)
فيه أبو بكر الهذلي: متروك، أخرج نحوه ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن الحسن، فيه أم الحسن مقبولة، يقوى حديثها بما تقدم عن عائشة، وانظر: القطوف رقم (759/ 1071).
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1038 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو الأحول، عَاصِمٌ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" إِذَا غَسَلَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ فَلَمْ يَذْهَبْ فَلْتُغَيِّرْهُ بِصُفْرَةِ وَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ".
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، و عَاصِمٌ، هو الأحول، ومُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةِ، هم ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
الخبر رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (760/ 1073) وهذا يؤيد ما تقدم من مراعاة حالات العوز، وقلة ذات اليد، وحينما أمرت عائشة رضي الله عنها تغيير أثر الدم بالصفرة من ورس أو زعفران، ليس لأن أثر الدم لم يطهر، بل لأن الصفرة مما ذكر، ومن غيره من أنواع الطيب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن خير طيب الرجل ما ظهر ريحه وخفي لونه، وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه»
(1)
.
ولا يجوز في هذا الزمان استغراب قلة ذات اليد، فكانت ظاهرة في صدر الإسلام، حتى فتح الله عز وجل على المسلمين ونالوا من ذلك خيرا، حتى قيل: إن أول امرأة لبست المصبغات في الإسلام شميلة، زوج ابن عباس، وهي أول من عبأت الطيب
(2)
، أي: جعلته منوعا في عبوات، ولم تزل قلة ذات اليد في الناس عامة والمسلمين خاصة موجودة في زمننا هذا، وفيهم من تنطبق عليه هذه المسائل المذكورة.
(1)
الترمذي حديث (2788).
(2)
الجوس في المنسوب إلى دوس رقم (104).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1039 -
(5) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ قال: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ:" الدَّمُ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ فَأَغْسِلُهُ فَلَا يَذْهَبُ فَأُقَطِّعُهُ؟، قَالَتِ: الْمَاءُ طَهُورٌ".
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، ويَزِيدُ الرِّشْكِ ومُعَاذَةُ، هم ثقات تقدموا وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا يؤيد ما تقدم وأن بقاء أثر الدم لا يؤثر في الطهارة؛ لأن الما طهور حسب الوصف، إذ لا ينجسه شيء إلا ما غلب من النجاسات، والماء المتطهر به يصونه المسلم ويحافظ عليه من التلوث فضلا عن النجاسة، وإنما أمرت بتغيير أثر الدم بالصفرة لما تقدم ذكره آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1040 -
(6) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ خِلَاسَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْقَاسِمِ يَكُونُ مَعِي فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ وَأَنَا حَائِضٌ طَامِثٌ، إِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ، لَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَصَلَّى فِيهِ ثُمَّ يَعُودُ، وَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، غَسَلَ مَكَانَهُ لَمْ يَعْدُ إِلَى غَيْرِهِ وَصَلَّى فِيهِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وجَابِرُ بْنُ صُبْحٍ، هو أبو بشر الراسبي البصري، صدوق روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وخِلَاسُ بْنَ عَمْرٍو، هو
(1)
رجاله ثقات، أخرجه أبوداود حديث (269) وصححه الألباني.
الهجري البصري، تابعي ثقة ربما أرسل، روى له الستة، وبقية السند هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَة، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا من أعظم ما يدل على كمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن المعاشرة، وكمال تواضعه ورحمته، والمراد بالشعار اللباس الذي يدخلان فيه سويا.
ما يستفاد:
* جواز الدخول مع الزوجة في لحاف واحد ولو كانت حائضا.
* لا يجب غسل اللباس كاملا بل يكفي غسل المكان الذي لحقه شيء من الدم.
* جواز الصلاة في اللباس الذي لحقه شيء من دم الحيض والجنابة بعد غسل المواضع المصابة منه.
* جواز معاودة ذلك وإن تكررت الإصابة.
* فيه أمانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في نقل أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتدي به المؤمنون، في الرحمة وحسن المعاشرة، وبيان ما يجب تطيره من اللباس وغيره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1041 -
(7) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِيمَا تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ وَهِىَ حَائِضٌ:" إِنْ أَصَابَهُ دَمٌ غَسَلَتْهُ وَإِلاَّ فَلَيْسَ عَلَيْهَا غَسْلُهُ، وَإِنْ عَرِقَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهَا أَنْ تَنْضَحَهُ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ حَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (761/ 1075).
الشرح:
هذا منقول عن عائشة رضي الله عنها قالت: "إنما يكفي إحداكن أن تغسله بالماء"
(1)
، وأجاب إبراهيم رحمه الله عن عرق الحائض في الثوب فقال:" يُجْزِئُهَا أَنْ تَنْضَحَهُ"، أي ترشه، وهو دون الغسل، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1042 -
(8) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
" الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ تُصَلِّي فِي ثِيَابِهَا الَّتِي تَحِيضُ فِيهَا إِلاَّ أَنْ يُصِيبَ شَيْئاً مِنْهَا دَمٌ فَتَغْسِلَ مَوْضِعَ الدَّمِ "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو باذام، وعُثْمَانُ، هو ابن الأسود الجمحي، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1043 -
(9) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنَتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ قَالَ: «حُتِّيهِ ثُمَّ رُشِّيهِ بِالْمَاءِ»
(3)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو أبو عثمان الواسطي، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، هو ابن الزبير، وفَاطِمَةُ بِنَتُ الْمُنْذِرِ، هي زوجة هشام بن عروة، ثقة تقدمت، وأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنهما.
(1)
ابن أبي شيبة حديث (1013).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (762/ 1076).
(3)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
الشرح:
المراد إذا كان جافا تحكه بظفرها ثم تنضحه بالماء، أما إذا كان طريا فتغسله، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1044 -
(10) حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" الْحَائِضُ لَا تَغْسِلُ ثَوْبَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَمٌ "
(1)
.
رجال السند:
مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، هو أبو هانئ القيسي، بصري إمام ثقة، من شيوخ البخاري، وإِبْرَاهِيمُ ابْنُ طَهْمَانَ، ومُغِيرَةُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أنه لا يجب على الحائض غسل الثوب الذي لبسته وهي حائض، فإذا طهرت ولم تر في الثوب أثرا للدم، فثوبها إذا طاهر ولا تغسله ولها أن تصلي فيه، وإن غسلته احتياطا لا وجوبا فلا بأس، وانظر التالي ففيه مزيد بيان على ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1045 -
(11) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ - هو ابْنُ زُرَيْعٍ -
(2)
قال: ثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ:" سَمِعْتُ امْرَأَةً تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَوْبِهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ مَحِيضِهَا كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ " قَالَ: «إِنْ رَأَيْتِ فِيهِ دَماً فَحُكِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ بِمَاءٍ، ثُمَّ انْضَحِى في سَائِرِهِ فَصَلِّي فِيهِ»
(3)
.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
في (ك) زريع بن محمد، وهو خطأ.
(3)
سنده حسن: محمد بن إسحاق صرح بالتحديث، تقدم.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ومُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق، وفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، هم ثقات تقدموا، وأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1046 -
(12) أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ: الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ دِينَارٍ - مَوْلَى أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ- عَنْ أُمِّ قَيْسٍ قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يَكُونُ في الثَّوْبِ فَقَالَ: «اغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَحُكِّيهِ بَضِلَعٍ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عُبَيْدٍ: الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هم أئمة ثقات تقدموا، وثَابِتٌ الْحَدَّادُ، هو أبوا المقدم ثقة عبد الجمهور، وعَدِيِّ بْنُ دِينَارٍ مَوْلَى أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، وثقه النسائي، وأُمُّ قَيْسٍ، رضي الله عنها.
الشرح:
ذكر الضلع والأصل فيه ضلع الحيوان، وكان يستخدم في بعض الحاجات، ولا مانع من الحك بالظفر وغيره مما يزيل الأثر الجاف، ولها أن تحكه بالحجر أو العود، كما سيأتي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1047 -
(13) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: سَمِعْتُ كَرِيمَةَ قَالَتْ: " سَمِعْتُ عَائِشَةَ وَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ فَقَالَتِ: الْمَرْأَةُ يُصِيبُ ثَوْبُهَا مِنْ دَمِ حَيْضَتِهَا؟، فَقَالَتْ: لِتَغْسِلْهُ بِالْمَاءِ. قَالَتْ: فَإِنَّهَا تَغْسِلُهُ فَيَبْقَى أَثَرُهُ؟،. قَالَتْ: إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ"
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه، وهذه رواية أحمد.
(2)
فيه كريمة: مقبولة، ويقويه ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (765/ 1081).
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو أبو زيد إمام ثقة تقدم، وعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو الهنائي، بصري ثقة، روى له الستة، وكَرِيمَةُ، هي بنت همام مقبولة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: تقدم برقم 1038.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1048 -
(14) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" كَانَتْ عَائِشَةُ تَرَى الشَّيْءَ مِنَ الْمَحِيضِ فِي ثَوْبِهَا فَتَحُتُّهُ بِالْحَجَرِ، أَوْ بِالْعُود أَوْ بِالْقَرْنِ ثُمَّ تَرُشُّهُ "
(1)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: تقدم نظيره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
163 -
بابٌ فِي عَرَقِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ
1049 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عَبْدِالْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ:" سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ الْجُنُبِ يَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ ثُمَّ يَمْسَحُهُ بِهِ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ "
(2)
.
رجال السند: أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، هو ابن عبد المجيد، أبو محمد بصري ثقة، تغير قبل موته، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ
(1)
رجاله ثقات، وصرح ابن جريج بالتحديث.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (767/ 1083).
ابْنِ خُثَيْمٍ، هو مكي صدوق، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، تابعي إمام تقدم.
الشرح:
المراد أن عرق الجنب طاهر، أخذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في قصة أبي هريرة:«سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس»
(1)
وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1050 -
(2) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:" أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَعَرَقِ الْجُنُبِ فِي الثَّوْبِ بَأْساً "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، صدوق تقدم، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1051 -
(3) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:" أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْساً "
(3)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ
(4)
، تقدما آنفا، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، صدوق اختلط تقدم، والشَّعْبِيُّ، تابعي إمام تقدم.
الشرح:
المراد عرق الجنب في الثوب، ومثله عرق الحائض في الثوب، يؤيده ما تقدم.
(1)
البخاري حديث (285) ومسلم حديث (371).
(2)
رجاله ثقات.
(3)
سنده حسن، وحماد سمع من عطاء قبل الاختلاط، وانظر: القطوف رقم (769/ 1085).
(4)
في بعض الأصول الخطية " حميد " وتصحيف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1052 -
(4) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " مَا كُلُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَجِدُونَ ثَوْبَيْنِ. وَقَالَ: إِذَا اغْتَسَلْتَ أَلَسْتَ تَلْبَسُهُ؟ فَذَاكَ بِذَاكَ
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، وحُمَيْدٌ، هو الطويل، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أنه لا يرى بأسا بعرق الجنب، ولو اشتد العرق وكثر، يؤيده عن الحسن الجنب يعرق في الثوب حتى ينعصر؟، قال:" يصلي فيه "
(2)
، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1053 -
(5) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ:" أَنَّ عَائِشَةَ سُئِلَتْ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَلْبَسُ الثَّوْبَ فَيَعْرَقُ فِيهِ، فَلَمْ تَرَ بِهِ بَأْساً "
(3)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1054 - (6) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قال: أَنْبَأَ يَحْيَى ابْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " لَا بَأْسَ أَنْ يَعْرَقَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ فِي الثَّوْبِ
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (770/ 1086).
(2)
ابن أبي شيبة حديث (2002).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (771/ 1078).
يُصَلِّي فِيهِ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ويَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، هو الطائفي شيخ صالح محله الصدق تقدم، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
ولا يعارض هذا ما تقدم عن إبراهيم في عرق الحائض، وأنه قال:" يجزئ أن تنضحه"، وهذا استحسان منه رحمه الله ولا يجب النضح، وانظر التالي فإنه يوضح عدوله عن القول بالنضح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1055 -
(7) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْجُنُبِ يَعْرَقُ فِي ثَوْبِهِ قَالَ:" لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْضَحُهُ بِالْمَاءِ "
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وأَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام بن سليم، هما ثقتان تقدما، وأَبو حَمْزَةَ، هو ميمون الأعور من أصحاب إبراهيم وهو ضعيف، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي إمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1056 -
(8) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْحَائِضِ إِذَا عَرِقَتْ فِي ثِيَابِهَا:" فَإِنَّهُ يُجْزِئُهَا أَنْ تَنْضَحَهُ بِالْمَاءِ "
(3)
.
(1)
فيه يحي بن سليم: صدوق سيء الحفظ، ويقوى بما تقدم، وانظر: القطوف رقم (772/ 1088).
(2)
فيه أ بو حمزة ميمون الأعور: ضعيف، ويقوى بما تقدم.
(3)
رجاله ثقات، انظر ما تقدم.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ، هو الدستوائي، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمُ، هو أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هو المتقدم سندا وبجزء من المتن برقم 1040، والصحيح عدم وجوب النضح، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1057 -
(9) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" كَانَ يَعْرَقُ فِي الثَّوْبِ وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ يُصَلِّى فِيهِ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو القعنبي، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح: المراد أنه لا حرج في ذلك على غرار ما تقدم من الروايات في هذا الصدد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1058 -
(10) أَخْبَرَنَي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ هُشَيْمٌ، عَنْ هِشَامٍ - هُوَ ابْنُ حَسَّانَ-عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْساً بَعَرَقِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ "
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، هو الحنظلي، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، وهِشَامٌ، هُوَ ابْنُ حَسَّانَ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: هو متفق مع ما تقدم من الروايات.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (118).
(2)
فيه عنعنة هشيم، وانظر: ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (776/ 1092).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
164 -
بابٌ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ
1059 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ:" سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ " قَالَ: «لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا»
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، هو القطواني صدوق عنده مناكير تقدم، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هو مولى عمر بن الخطاب، ثقة تقدم، وقد أرسل هذا، وتبين من رواية أبي داود رحمه الله أن الرجل الذي سأل هو عم حرام بن حكيم، عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه
(2)
.
الشرح:
هذا معنى مباشرة الحائض، تجعل الإزار حائلا دون الموضع، وما عدا ذلك مما هو أعلا الإزار فمباح للزوج المباشرة، وهو ما أجاب به رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه حين قال: " ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ " قال: «لك ما فوق الإزار»
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1060 -
(2) أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا: " هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِىَ حَائِضٌ؟ فَقَالَتْ:
(1)
فيه زيد بن أسلم مولى عمر: لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا مرسل، وأخرجه مالك حديث (124) ووصله الطبراني من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس به (المعجم الكبير 10/ 382).
(2)
أبوداود حديث (212).
(3)
أبوداود حديث (212).
لِتَشُدَّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا "
(1)
.
رجال السند:
خَالِدٌ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، تقدموا آنفا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو أبو عبد الرحمن تابعي ثقة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هو على نسق ما تقدم في طريقة مباشرة الحائض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1061 -
(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " الْحَائِضُ يَأْتِيهَا زَوْجُهَا في مَرَاقِّهَا وَبَيْنَ فَخِذَيْهَا، فَإِذَا دَفَقَ غَسَلَتْ مَا أَصَابَهَا وَاغْتَسَلَ هُوَ ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وابْنُ أَبِى زَائِدَةَ، هو زكريا، والْعَلَاءُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وحَمَّادٌ، وهو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
الخبر رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (777/ 109) والمراد ما دون الفرج، يجوز في جميع معاطفها، ويجب الاغتسال إذا أنزل، وإذا لم ينزل فلا يجب الغسل، للبعد عن الختان، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1062 - (4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَمْرو
(2)
قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الْكَرِيمِ عَنِ الْحَائِضِ فَقَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (126).
(2)
في بعض النسخ الخطية تصحف من " عمرو " إلى " عدي ".
" لَقَدْ عَلِمَتْ أُمُّ عِمْرَانَ أَنِّي أَطْعُنُ فِي أَلْيَتِهَا - يَعْنِى وَهِىَ حَائِضٌ - "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وعُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرو، هو أبو وهب الرقي، وعَبْدُالْكَرِيمِ، هو ابن مالك الجزري، إِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1063 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ:" سَأَلَ رَجُلٌ عَطَاءً، عَنِ الْحَائِضِ فَلَمْ يَرَ بِمَا دُونَ الدَّمِ بَأْساً ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، ومَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، هو أبو عبد الله البجلي، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
الخبر فيه عدم سماع مالك بن مغول من عطاء بن أبي رباح، ويعارضه ما بعده، وما أخرجه عبد الرزاق بسنده عن عطاء قال: يباشر الحائض زوجها إذا كان على جزلتها السفلى إزار (المصنف 1/ 323، 1242) والجزلة ما بين السرة إلى الركبة. والمراد بما دون الدم: الصفرة والكدرة، فلا يؤثر في الطهارة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1064 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ إِذَا حِضْتُ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَّزِرُ، وَكَانَ يُبَاشِرُنِي"
(2)
.
رجال السند:
(1)
رجاله ثقات، انظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (300، 302).
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومَنْصُورٌ هو ابن المعتمر، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، والأَسْوَدُ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1085، وما بعده، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1065 -
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ: " مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ وَهِىَ حَائِضٌ؟، قَالَتْ: مَا فَوْقَ الإِزَارِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن بن عمرو، ومَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، هو الجزري، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1066 -
(8) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: " مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضاً؟، قَالَتْ: كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ الْجِمَاعِ ". قَالَ: قُلْتُ: " فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهَا إِذَا كَانَا مُحْرِمَيْنِ؟، قَالَتْ: كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ كَلَامِهَا "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ، هو الغطفاني صدوق روى له الأربعة، ومَرْوَانَ الأَصْفَرِ، هو أبو خليفة ثقة حديثه في الصحيحين، ومَسْرُوقٌ، هو ابن الأجدع، والباقون هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَة، رضي الله عنها.
(1)
فيه انقطاع بين ميمون وعائشة، وانظر: رقم (1093، 1094، 1098)، وانظر: القطوف رقم (780/ 1099).
(2)
سنده حسن.
الشرح:
في هذا الإباحة المطلقة في مباشرة الحائض عدا الجماع، وفي الحج يحرم ما عدا الكلام، وتقم كل أحوال مباشرة الحائض فيما عدا الفرج، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1067 -
(9) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ جَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لإِنْسَانٍ:" اجْتَنِبْ شِعَارَ الدَّمِ ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، الثوري، وجَلْدُ
(1)
بْنُ أَيُّوبَ، هو أعرابي ضعيف لا يعرف الحديث، والرَجُلٍ الذي روى عنه الجلد، هو معاوية بن قرة فالجلد راويته، عَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
…
الحديث فيه الجلد بن أيوب: ضعيف، ويروي عن رجل لعله مسروق، أو معاوية بن قرة، وانظر: القطوف رقم (781/ 1100)، والمراد بشعار الدم الفرج، ولا تجوز مباشرة المرأة في حال حيضها وقوة الدم، وقد قالت عائشة رضي الله عنها:" ليعتزل الرجل امرأته عند فور المحيض، فإن سكن فورُه فليجعل بينه وبينها إزارًا ".
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1068 -
(10) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قال: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:" إِذَا كَفَّ الأَذَى، يَعْنِي الدَّمَ "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وإِسْمَاعِيلَ، هو ابن أبي خالد، والشَّعْبِيِّ، هو عامر، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
في بعض النسخ الخطية تصحف إلى " خالد ".
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (782/ 1101).
الشرح:
المراد بالأذى المحيض، قال الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}
(1)
، وفي الرواية إشارة إلى أن الكدرة والصفرة ليست من الحيض، ولا تمنع الحكم بالطهارة، وانظر ما تقدم برقم 875، 878، 882.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1069 -
(11) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَ الْحَائِضَ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، أَوْ فِي سُرَّتِهَا "
(2)
.
رجال السند:
شَرِيكٌ، صدوق، لَيْثٍ، يستشهد به، الباقون ثقات وتقدموا جميعا.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1059.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1070 -
(12) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" يُقْبِلُ بِهِ وَيُدْبِرُ إِلاَّ الدُّبُرَ وَالْمَحِيضَ "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، والْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، هو أبو عبد الله الهمداني، لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، لَيْثٌ، هو ابن أبي سليم، يستشهد به، ومُجَاهِدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(2)
فيه ليث بن أبي سليم: ضعيف، وانظر: السابقة، ورقم (1096، 1101)، وانظر: القطوف رقم (784/ 1103).
(3)
فيه ليث: ضعيف، وانظر: سابقه.
الشرح:
هذا على نحو ما تقدم في مباشرة الحائض.
أما الدبر فقد حرم الله الجماع فيه، قال الله تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(1)
، فالآية توضح العلاقة بين المؤمنين ونسائهم، فقد شرع الله زواج الرجل بالمرأة لما في ذلك من عمارة الأرض بعبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
(2)
، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«تزوجوا الودود الولود اني مكاثر الأنبياء يوم القيامة»
(3)
، وفي بعض الروايات «مكاثر بكم الأمم»
(4)
، ومحور التوالد العلاقة المشروعة بين الرجل وامرأته بالجماع ويكون في القبل قال تعالى:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(5)
، وهذا يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث، يعني بذر الولد بالنطفة، وذلك هو القبل دون الدبر؛ لأن الدبر ليس محلا لبذر الأولاد، يؤيد هذا قوله تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}
(6)
، فالمراد بما كتب الله: الولد، عند جماهير العلماء؛ لأن ابتغاء الولد إنما يكون بالجماع في القبل، فالقبل هو المحل للإنجاب؛ إذن هو المأمور بالمباشرة فيه، والمراد بالمباشرة: الجماع الحقيقي، وليس مجرد الملامسة والملاعبة، والمراد بقوله تعالى:{أَنَّى شِئْتُمْ} إباحة جميع صفات الجماع في القبل، وفي ذلك سعة في متعة الرجل والمرأة بما أحل الله لهما، وتقوية لعفة الطرفين، وتقوية الصلة بينهما في هذا الأمر.
(1)
من الآية (223) من سورة البقرة.
(2)
الآية (56) من سورة الذاريات.
(3)
أحمد حديث (12634) صحيح.
(4)
أبو داود حديث (2050) صحيح.
(5)
من الآية (223) من سورة البقرة.
(6)
من الآية (187) من سورة البقرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1071 -
(13) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ
(1)
، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافٍ فَوَجَدْتُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟» قُلْتُ: وَجَدْتُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ. قَالَ: «ذَاكَ مَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» قَالَتْ: فَقُمْتُ فَأَصْلَحْتُ مِنْ شَأْنِي ثُمَّ رَجَعْتُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ادْخُلِي فِي اللِّحَافِ» فَدَخَلْتُ "
(2)
.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو ابن علقمة، حسن الحديث، روى حديثه البخاري مقرونا، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن ابن عوف، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
فيه تسمية الحيض نفاسا، وفيه طهارة جسد الحائض، وجواز مباشرتها والنوم معها في فراش واحد، وتحت لحاف واحد، والحيض من أصل خلقة المرأة، وفيه حكم، تتعلق بالإخصاب، وتنقية الرحم، وتهيئته للإنجاب، وإظهار أنوثة المرأة، وغير ذلك، فسبحان الله الخلاق العليم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1072 -
(14) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: " بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعَةٌ فِي الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ:«أَنَفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. قَالَتْ: وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلَانِ مِنَ الإِنَاءِ الْوَاحِدِ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ
(1)
في (ت) عبيد الله، وهو خطأ.
(2)
سنده حسن، أخرجه ابن ماجه حديث (637) وحسنه الألباني، وانظر: التالي
صَائِمٌ "
(1)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن سعيد الأنصاري، وأَبِو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، وزَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، تابعية، هم ثقات تقدموا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
في هذا جزء مما تقدم، وجواز اغتسال الزوجين من إناء واحد، إذا كانا مجنبين، ومن غير جنابة من باب أولى، وجواز القبلة للصائم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يباشر الحائض من أزواجه، والقبلة دون ذلك، في الإثارة، ولا يجوز ذلك لمن لا يملك نفسه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1073 -
(15) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا خَالِدٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ فَوْقَ الإِزَارِ وَهِىَ حَائِضٌ "
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدٌ، هو الواسطي، والشَّيْبَانِيُّ
(3)
، هو ضرار بن مرة، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ شَدَّادٍ، هو ابن الهاد الليثي، تابعي إمام فقيه، ومَيْمُونَةَ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، متفق عليه أخرجه البخاري حديث (298) ومسلم حديث (296) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 170).
(2)
رجاله ثقات، وعلقه البخاري عقب حديث (303) وقال: ورواه سفيان عن الشيباني، وأخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، حديث (300، وطرفاه: 302، 303) وبوب عليه مسلم باب مباشرة الحائض فوق الإزار، وقال: في باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد: كان رسول الله رضي الله عنه يباشر نساءه فوق الإزار، وهنّ حيض.
(3)
في بعض النسخ الخطية تحرفت إلى " الشعبي ".
الشرح:
مضى نحو هذا عدة روايات، وتقدم البيان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1074 -
(16) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ
(1)
الزَّهْرَانِيُّ ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ: عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضاً أَنْ تَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا: ثُمَّ يُبَاشِرُهَا ".
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وأَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وأَبو مَيْسَرَةَ: عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، هو الهمداني إمام عابد ثقة، وعَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح: رجاله ثقات، تقدم تخريجه، وتقدم مثل هذا برقم 1061، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1075 -
(17) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: " كُنْتُ أَتَّزِرُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أَدْخُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في لِحَافِهِ"
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ الصَّمَدِ، وشُعْبَةُ، وأبو إِسْحَاقَ، أَبو مَيْسَرَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وانظر السابق، وأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، هي عائشة رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1076 -
(18) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ جُبَيْرٍ: " مَا لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضاً؟، قَالَ: مَا فَوْقَ
(1)
في بعض النسخ الخطية " عمرو " وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه، وانظر: القطوف رقم (787/ 1109).
الإِزَارِ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، يستشهد به، وابْنُ جُبَيْرٍ، هو سعيد شهيد الحجاج، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تقدم مثله برقم 1057، 1058.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1077 -
(19) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، فِي الْحَائِضِ قَالَ:" الْفِرَاشُ وَاحِدٌ، وَاللُّحُفُ شَتَّى، فَإِنْ كَانُوا لَا يَجِدُونَ رَدَّ عَلَيْهَا مِنْ لِحَافِهِ "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ عَوْنٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وعَبِيدَةُ، هو السلماني، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
تقدم أن أم سلمة رضي الله عنها كانت تدخل مع الرسول صلى الله عليه وسلم في لحاف واحد وهي حائض، وكذلك عائشة رضي الله عنها، انظر رقم 1071، 1072.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1078 -
(20) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ لَهُ:" مَا فَوْقَ السَّرَرِ أَوِ السُّرَّةِ "
(3)
.
(1)
فيه يزيد بن أبي زياد: ضعيف، ويقويه ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (788/ 1110).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (789/ 1111).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (790/ 1112).
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ عَوْنٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وشُرَيْحٌ، هو القاضي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: المراد حال مباشرة الحائض، وتقدم برقم 1066.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1079 -
(21) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بابنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَشَّحُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَيُصِيبُ مِنْ رَأْسِي وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو الأزدي البصري، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَبو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، هو عبد الملك بن حبيب البصري، ويَزِيدُ بْنُ بابنُوسَ، يستشهد به، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح: هذا نوع من مباشرة الحائض يؤيده ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1080 -
(22) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
" أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَأَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُمْ في الْبُيُوتِ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}
(2)
فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤَاكِلُوهُنَّ وَيُشَارِبُوهُنَّ وَأَنْ يَكُنَّ مَعَهُمْ في الْبُيُوتِ، وَأَنْ يَفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا النِّكَاحَ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا يُرِيدُ هَذَا أَنْ يَدَعَ شَيْئاً
(1)
فيه يزيد بن بابنوس: مقبول، يقوى بما تقدم في المباشرة، وأخرجه أحمد حديث (25542، ومطولا: 25841).
(2)
من الآية (222) من سورة البقرة
مِنْ أَمْرِنَا إِلاَّ خَالَفَنَا فِيهِ. فَجَاءَ عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ وَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ في الْمَحِيضِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَمَعُّراً شَدِيداً حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قد وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَقَامَا فَخَرَجَا فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ]
(1)
هَدِيَّةُ لَبَنٍ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آثَارِهِمَا فَرَدَّهُمَا فَسَقَاهُمَا فَعَلِمَا أَنَّهُ لَمْ يَغْضَبْ عَلَيْهِمَا "
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وثَابِتٌ، هو البناني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من صلف اليهود، إذ لم يكن في التوراة، ولم يؤمروا به، ولو كان في التوراة المنزلة لما وقع عليهم اللوم، وجاء الإسلام بتكريم المرأة معيدا لها عزها وكرامتها، ولم تمنع من شيء يحفظ لها كرامتها، وفي المعاشرة كانت مدللة معززة، ولم تمنع من شيء سوى الجماع في حال حيضها لقول الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
(3)
، فلم يصف النساء بما يهدر كرامتهن بل وصف المحيض، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتكريمهن بالمأكل والمشرب والجلوس معهن، وفعل كل ما يسرهن عدا الجماع، ولم يتمعر وجهه صلى الله عليه وسلم عضبا لما سئل عن نكاحهن في حال الحيض، وإنما كراهة للأذى الذي ذكر الله عز وجل، ولذلك أزال ما ظن السائلان من غضبه عليهما؛ لأنه الرحمة المهداة، المبشر بكل خير، والنذير من كل شر، وللأسف تخلق بعض المسلمين من الرجال والنساء ولاسيما الشباب والشابات تخلقوا بعادات غير المسلمين في المأكل، والمشرب، والملبس، وفيما أسموه
(1)
في بعض النسخ الخطية " فاستقبلتهما ".
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (302).
(3)
من الآية (222) من سورة البقرة.
بالحرية، حتى طمسوا بعض الأخلاق الإسلامية التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحث عليها وحرّم أو كرّه مخالفتها، اللهم رد عبدك المسلمين إلى دينهم وأخلاق نبيهم صلى الله عليه وسلم، وأجرهم من صنائع السفهاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1081 -
(23) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْبَةُ بْنُ هِشَامٍ الرَّاسِبِيُّ قَالَ: " سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الرَّجُلِ يُضَاجِعُ امْرَأَتَهُ وَهِىَ حَائِضٌ في لِحَافٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ آلَ عُمَرَ فَنَهْجُرُهُنَّ إِذَا كُنَّ حُيَّضاً "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وأَبُو هِلَالٍ، هو محمد بن سليم الراسبي البصري، ليس بالقوي تقدم، قَالَ: وشَيْبَةُ بْنُ هِشَامٍ الرَّاسِبِيُّ، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان فلابأس، وسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو حفيد عمر ابن الخطاب، هم ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا من باب الورع، وليس محرما، وليس المراد الهجر القطيعة فيما سوى المحيض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1082 -
(24) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" لَا بَأْسَ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَكُنْ جُنُباً، أَوْ حَائِضاً "
(2)
.
رجال السند: أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ونَافِعٌ، هم ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
فيه أبو هلال الراسبي محمد بن سليم: فيه لين، وشيبة ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 445) والمراد بالهجر هجر التمتع بما دون المحل، من باب الورع، والتحفظ من الوقوع في الممنوع، وانظر: رقم (1121) وانظر: ما سلف.
(2)
فيه عنعنة ابن اسحاق، وقد توبع، وانظر: القطوف رقم (792/ 1116).
الشرح:
المراد أن ما يفضل من الماء بعد وضوء المرأة يجوز أن يتوضأ به الرجل، سوى ما فضل عن غسلها وهي حائض أو جنب؛ لأنه متطهر به من حدث أكبر، وتقدم جواز أن يغتسلا من إناء وحد، انظر رقم 765، 1069.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1083 -
(15) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ:" يَضَعُهُ وَضْعاً يَعْنِى عَلَى الْفَرْجِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، سُفْيَانُ، وغَيْلَانُ، هو ابن جامع، أبو عبد الله المحاربي، قاضي الكوفة ثقة روى له مسلم، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا توسع في المباشرة، وقل من يسلم من أثر الإثارة في هذا الوضع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1084 -
(16) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ، عَنْ نُدْبَةَ مَوَلى
(2)
مَيْمُونَةَ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وِهِىَ حَائِضٌ، إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ، أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ مُحْتَجِزَةً بِهِ "
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وحَبِيبٌ مَوْلَى عُرْوَةَ، هو المدني الأعور، لم يذكر بجرح، روى له مسلم، وهو قليل
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (793/ 1117).
(2)
في بعض النسخ الخطية " مولاة ".
(3)
فيه حبيب الأعور: مقبول، وندبة: كذلك، وقيل لها صحبة، ويقوى بما تقدم في الباب، وانظر رقم (1107).
الحديث، ونُدْبَةُ مَوَلى مَيْمُونَةَ، ويقال: بدية خطأ، تابعية تفرد بالرواية عنها حبيب، ومَيْمُونَةَ، رضي الله عنها.
الشرح: هذا يؤيده ما تقدم برقم 1057.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
165 -
بابٌ الْحَائِضِ تَمْشُطُ زَوْجَهَا
1085 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا حَائِضٌ "
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، هو القطواني، ومَالِكٌ، هو الإمام، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
رجاله ثقات، أخرجه البخاري من طريقه حديث (295) ومسلم حديث (297) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 173) وهذا طرف منه في الغَسل، وهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم:«لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا»
(1)
، وتقدم، وهو من المباشرة باللمس باليدين، والترجيل غسل الرأس ومشطه، وكذلك دهنه ومشطه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1086 -
(2) أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، أَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا حَائِضٌ "
(2)
.
(1)
فيه زيد بن أسلم مولى عمر: لم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا مرسل، وأخرجه مالك حديث (124) ووصله الطبراني من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس به (المعجم الكبير 10/ 382).
(2)
رجاله ثقات، انظر سابقه.
رجال السند:
تقدم سندا ومتنا آنفا، وزاد في السند هنا هشام بن عروة بن الزبير، وهو إمام ثقة تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1087 -
(3) أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:" كُنَّ جَوَارِي ابْنِ عُمَرَ يَغْسِلْنَ رِجْلَيْهِ وَهُنَّ حُيَّضٌ، وَيُعْطِينَهُ الْخُمْرَةَ "
(1)
.
رجال السند: خَالِدٌ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا يؤكد أن المراد بقول سالم: " أمَّا نَحْنُ آلَ عُمَرَ فَنَهْجُرُهُنَّ إِذَا كُنَّ حُيَّضاً " يعني في الاستمتاع بالمباشرة، من باب الورع، ولا هجر في غير هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1088 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ ابْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ أُوتَى بِالإِنَاءِ فَأَضَعُ فَمِي فَأَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، فَيَضَعُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَهُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِى وَضَعْتُ فَيَشْرَبُ، وَأُوتَى بِالْعَرْقِ فَأَنْتَهِسُ، فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِى وَضَعْتُ فَيَنْتَهِسُ، ثُمَّ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُبَاشِرُنِي"
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، والْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، هو كوفي ثقة، روى له مسلم، عَنْ أَبوه، شريح من كبار أصحاب علي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (119).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (300).
الشرح:
هذا ليس لأنها أحب نسائه إليه صلى الله عليه وسلم فحسب، بل ليبين كرامة الإسلام للمرأة بها وبكل ما يسعدها ويصونها، وليأخذ الناس مثل هذه الخفايا عنها، وأنها من محاسن الإسلام، وطيب العشرة بين الأزواج، ثم لبيان أن جسد المرأة طاهر، سوى مخرج المحيض، ومما تقدم عن عائشة وما سيأتي عنها ظن البعض أن أصله ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" خذوا نصف دينكم عن الحميراء" وفي رواية شطر دينكم، وفي رواية ثلثي دينكم هذا لم يصححه العلماء وليس له سند، فلا يحتج به وهو قول باطل، ومن احتج بهذا لم يوفق؛ ولكن آل العلم لعائشة رضي الله عنها، ولاسيما فيما يتعلق بأحوال النساء، ولها في غير ذلك مجال فهي من فقهاء الصحابة، وكان كبارهم يرجعون لها فيجدون عندها علما يستفيدونه منها، وهي رابعة المكثرين من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال السيوطي:
والمكثرون في رواية الأثر
…
* *
…
أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والحبر كالخدري
…
* *
…
وجابر وزوجة النبي
والنظم ليس على الترتيب وقد روت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2210) أحاديث، ليست كلها في الأحكام، روى منها الإمامان البخاري ومسلم في الجملة (316) حديثا، منها المتفق عليه (194) حديثا، وتفرد البخاري عن مسلم بـ (54) حديثا، ومسلم بـ (68) حديثا، وتريبهم كما يلي:
* أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي الزهراني، راوية الإسلام رضي الله عنه، روى (5374) حديثا.
* عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، روى (2630) حديثا.
* أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى رضي الله عنه (2286) حديثا.
* أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها روت (2210) أحاديث.
* عبد الله بن عباس رضي الله عنهما روى (1660) حديثا.
* جابر بن عبد الله رضي الله عنهما روى (1540) حديثا.
* أبو سعيد الخدري رضي الله عنه روى (1170) حديثا.
* عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قيل: كان أصغر من أبيه بـ (11) سنة، روى (700) حديث، وليس في الصحابة رضي الله عنهم من جاوز ألف حديث سوى هؤلاء.
وتقدمت عائشة رضي الله عنها على أكثر من ألف راو من الصحابة رووا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أحد الفضلاء:
سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا
…
* * *
…
من الحديث عن المختار خير مضر
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1089 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: الْحَائِضُ لَيْسَتِ الْحِيضَةُ فِي يَدِهَا، تَغْسِلُ يَدَهَا وَتَعْجِنُ وَتَنْبِذ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ومُغِيرَةُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا كثيرا.
الشرح:
هذا من التفصيل فيما سبق، من معاشرة الحائض في كل الأحوال عدا الجماع، والأصل في هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:«نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» انظر رقم 787.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1090 -
(6) أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: " إِنَّ الْحَائِضَ حِيضَتُهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهَا، وَكَانَ يَقُولُ:
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
الْحَائِضُ حِبُّ
(1)
الْحَيِّ"
(2)
.
رجال السند:
أَبُو زَيْدٍ، هو سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1091 -
(7) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ:" سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُصَافَحَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ، وَالْحَائِضِ، فَلَمْ يَرَ فِيهِ وُضُوءاً "
(3)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
قد يفهم من هذا جواز مصافحة المذكورين، إذا هم بدأوا بالمصافحة، ولا ينبغي أن يبدأ المسلم بذلك، مع أن أجسادهم طاهرة، ورجسهم فيما يعتقدون، أما مصافحة الحائض فالمراد ذات المحرم، ولا يجوز مصافحة غير ذات محرم، لا حائضا ولا طاهرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1092 -
(8) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا زَائِدَةُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ السُّدّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: «نَاوِلِينِى الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: أَرَادَ أَنْ يَبْسُطَهَا وَيُصَلِّىَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهَا حَائِضٌ ". فَقَالَ:
(1)
أي: جزء منه، منسوب إليه كقولك: حب القمح، والجزء من الشيء يعطى حكمه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(3)
رجاله ثقات.
«إِنَّ حِيضَتَهَا لَيْسَ في يَدِهَا»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، زَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وإِسْمَاعِيلُ السُّدّيُّ، هو ابن عبدالرحمن بن أبي كريمة بن عبد الرحمن بن أبي كريمة صدوق تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ الْبَهِيُّ، هو ابن يسار أبو محمد، مولى مصعب بن الزير، روى له مسلم وكان ثقة قليل الحديث، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 787.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1093 -
(9) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْرِجُ إِلَيَّ رَأْسَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَغْسِلُهُ، تَعْنِى: وَهُوَ مُعْتَكِفٌ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ، من أفراد الدارمي لم يتبين لي، وفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، هو أبو علي التميمي، إمام ثبت عابد كثير الحديث، وسُلَيْمَانُ، هو الأعمش، وتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، هو السلمي كوفي تابعي ثقة، روى له مسلم، والبخاري تعليقا، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (5382، وفي سنده زهير بن معاوية روايته عن أبي إسحاق بعدما تغير، لكن تابعه شريك وهو قديم السماع من أبي إسحاق، وانظر: 24747 - 24794 - 5589، وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ضعيف، 24184، 24695) وانظر: رقم (24838، 25838) وتقدم.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري ومسلم تقدم تخريجه، متفق عليه.
الشرح: فيه شيخ الدارمي لم يتبين لي، ويؤيده ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1094 -
(10) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:" كَانَ لَا يَرَى بَأْساً أَنْ تُوَضِّئَ الْحَائِضُ الْمَرِيضَ "
(1)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد غسل أعضاء الوضوء، وانظر ما تقدم عن ابن عمر رضي الله عنهما، وهو في المريض من باب أولى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1095 -
(11) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ أَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَاحَائِضٌ".
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو الأشهب لا بأس به، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، هما ثقتان تقدما، والأَسْوَدُ، هو ابن قيس إمام ثقة تقدم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
…
الحديث فيه جعفر بن الحارث الواسطي: صدوق كثير الخطأ، والحديث متفق عليه، وانظر: رقم 1039، 1072، 1076.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: تقدم تخريجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1096 -
(12) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قال: ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" لَقَدْ كُنْتُ أَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا حَائِضٌ وَهُوَ عَاكِفٌ "
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، والأَعْمَشُ، وتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد أن فعلها وهو عاكف لا يؤثر في الاعتكاف، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم:«نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» .
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1097 -
(13) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ مُغِيرَةَ قَالَ: " أَرْسَلَ أَبُو ظَبْيَانَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْحَائِ [ضِ: تُوَضِّئُ الْمَرِيضَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَتُسْنِدُهُ؟ قَالَ: لَا]
(2)
، فَقُلْتُ لِلْمُغِيرَةِ: سَمِعْتَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لَا "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، ومُغِيرَةُ، وأبُو ظَبْيَانَ، هو حصين بن جندب الجنبي، وإِبْرَاهِيمَ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا كثيرا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من بعض النسخ الخطية.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من بعض النسخ الخطية، فيه انقطاع بين أبي ظبيان وإباهيم، وانظر: القطوف رقم (799/ 1131).
الشرح:
ما يتعلق بالوضوء لا بأس به، وانظر ما تقدم برقم 1082.
أما الإسناد بالمراد به مساعدته على الوقوف في الصلاة فلا يلزم ذلك، لأنه معذور من القيام فيصلي وهو جالس، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صل قائما، فإن لم تستطع فجالسا، فإن لم تستطع فعلى جنب»
(1)
، فلا تسنده الحائض ولا الطاهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1098 -
(14) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سُلَيْمَانُ أَخْبَرَنِي، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:«نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» .
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، وشُعْبَةُ، وسُلَيْمَانُ، هو الأعمش، وثَابِتُ بْنُ عُبَيْدٍ، هو مولى زيد بن ثابت رضي الله عنه، تابعي ثقة روى له الستة عدا البخاري، والْقَاسِمِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
رجاله ثقات، وانظر:(778، 1133، 1138) وأخرجه مسلم حديث (298)، وهذا مع ما تقدم من الروايات يدل على أن الحيض لا تأثير له على بشرة المرأة، فلها مباشرة جميع الأعمال عدا الجماع، وانظر ما تقدم برقم 1082، ولا يجوز لها دخول المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال:«نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» ولم يقل ادخلي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1099 -
(15) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرِ ابْنِ شِنْظِيرٍ، عَنِ الْحَسَنِ: " أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ شَرِبَتْ مِنْ مَاءٍ أَيُتَوَضَّأُ بِهِ؟، فَضَحِكَ وَقَالَ:
(1)
صحيح ابن خزيمة حديث (979).
نَعَمْ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وكَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ، هو أبو قرة صدوق، روى له الشيخان، والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
هذا السؤال في نظري ينبئ عن أمانة وحرص، لكون السائلة متلبسة بعادتها، فظنت أن شربها يؤثر في طهارة الماء الذي شربت منه، وهذا من الأمانة لغيرها، وسبحان الله تجد بعض العوام يحرص على السؤال عن أشياء يظنها البعض فيها سذاجة وتفاهة، وهي ذات مدلول تحفظي، وكثير من العوام لا يفرطون فيما سمعوا لأنه من الدين ولو كان نفلا، فمثلا نجد بعض العوام يحرصون على السنن بعد الصلوات ولا يتساهلون فيها، ونرى بعض المتعلمين يهمل السنن الراتبة وقد يكون تعليمه شرعيا، نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1100 -
(16) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:" سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَوَاكَلَةِ الْحَائِضِ " قَالَ: «وَاكِلْهَا»
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، هو البكري أبو العباس المروزي، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، هما إمامان ثقتان تقدما، ومُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، صدوق له أوهام تقدم، والْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ،
(1)
سنده حسن.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (19007، 19008 - ومكرره 22505) وأبو داود (212) وابن ماجه حديث (651) وصححه الألباني عندهما، والترمذي (133) وقال: حسن غريب، وهو قول عامة أهل العلم، لم يروا بمواكلة الحائض بأسا.
هو أبو وهب الحضرمي ثقة فقيه تقدم، وحَرَامُ ابْنُ مُعَاوِيَةَ
(1)
، هو ابن حكيم العنسي، تابعي ثقة، وعَمِّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، هو الأنصاري رضي الله عنه.
الشرح:
فيه طهارة جسد المرأة الحائض ما عدا مخرج الحيض، وكان اليهود لا يواكلون الحائض، ويخرجونها من البيوت.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1101 -
(17) أَخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ جَارِيَتَهُ أَنْ تُنَاوِلَهُ الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَتَقُولُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَيَقُولُ: إِنَّ حِيضَتَكِ لَيْسَتْ في كَفِّكِ. فَتُنَاوِلُهُ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري لا بأس به تقدم، وعَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، هو القرشي ثقة له غرائب بعد أن أضر، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، إمام ثقة تقدم، ونَافِعٌ، إمام تقدم، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1102 -
(18) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قال: ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُوَاكَلَةِ الْحَائِضِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(1)
هو كذلك عند أحمد حديث (19008، 22505) والترمذي حديث (133) ويقال: حرام بن حكيم، وهو كذلك في (الكاشف ترجمة 967) وعند أحمد حديث (19007) وذكرهما ابن حجر وقال: حرام بمهملتين مفتوحتين، ابن حكيم بن خالد ابن سعد الأنصاري، ويقال: العنسي بالنون، الدمشقي، وهو حرام بن معاوية، كان معاوية ابن صالح يقوله على الوجهين، ووهم من جعلهما اثنين (التقريب) وانظر:(الحلية 9/ 51).
(2)
سنده حسن، تقدم تخريجه، وانظر: القطوف رقم (801/ 1135).
«إِنَّ بَعْضَ أَهْلِي لَحَائِضٌ، وَإِنَّا لَمُتَعَشُّونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَمِيعاً»
(1)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري إمام ثقة تقدم، والْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الغساني صدوق رمي بالقدر، روى له الأربعة، ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ ثقة فقيه تقدم، وحَرَامُ بْنُ حَكِيمٍ، هو العنسي تابعي ثقة تقدم، وعَمُّهُ، هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، هو الأنصاري رضي الله عنه.
الشرح:
هذا بيان لجواز مخالطة الحائض في كل الأحوال، وقد تكرر الإخبار بالجواز فيما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1103 -
(19) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى بَأْساً أَنْ تَمَسَّ الْحَائِضُ الْخُمْرَةَ "
(2)
.
رجال السند:
سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي، لابأس به تقدم، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، هو القاسم بن محمد هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
قد يفهم البعض من هذا أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تمنع الحائض مما عدا الخمرة، وليس الأمر كذلك بال المعاملة مطلقة تقدم بيان ذلك كثيرا.
(1)
سنده حسن، تقدم تخريجه.
(2)
سنده حسن، وتقدم مرفوعا من روايتها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
166 -
بابٌ مُجَامَعَةِ الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ
1104 -
(1) حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(1)
.
(2)
وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ
(2)
.
(3)
وَعَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ
(3)
.
(4)
قَالَ مُحَمَّدٌ
(4)
:
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الدَّمِ:" لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ "
(5)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
وأيضا: رواه هشيم عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، هم أئمة ثقات تقدموا.
وأيضا: رواه هشيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
قوله: " قال أبو محمد " هو ابن عيسى، وهو ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الجمحي، ومُجَاهِدُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (804/ 1138).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (804/ 1138).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (804/ 1138).
(4)
هو ابن عيسى.
(5)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (804/ 1138).
الشرح: لأن الله عز وجل قال: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}
(1)
، فالغسل من تمام الطهارة عملا بقول الله عز وجل:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}
(2)
، والمراد إذا اغتسلن بعد انقطاع الدم، وانظر ما يلي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1105 -
(5) حَدَّثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: مِثْلَهُ سَوَاءً
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، ومُجَاهِدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1106 -
(6) حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: " سُئِلَ سُفْيَانُ أَيُجَامِعُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ؟، فَقَالَ: لَا. فَقِيلَ أَرَأَيْتَ إِنْ تَرَكَتِ الْغُسْلَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَيَّاماً؟، قَالَ: تُسْتَتَابُ "
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
لما تقدم من النهي عن ذلك قبل الغسل، وتستتاب المرأة لو مكنت من الجماع قبل الغسل لمخالفتها نص الكتاب العزيز في وجوب التطهر، وانظر التالي.
(1)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(2)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(3)
رجاله ثقات.
(4)
رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1107 -
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}
(1)
قَالَ: حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}
(2)
، قَالَ: إِذَا اغْتَسَلْنَ
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، وحَدَّثَهُ ابن أبي نجيح المبين في التالي، وهو عبد الله، من أخص أصحاب مجاهد، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر، وهم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1102.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1108 -
(8) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} من الآية (222) من سورة البقرة، قَالَ: إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} قَالَ: اغْتَسَلْنَ.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانَ، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، ومُجَاهِدٍ، انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1109 -
(9) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ قَالَ:" سَأَلْتُ مُجَاهِداً، عَنِ امْرَأَةٍ رَأَتِ الطُّهْرَ أَيَحِلُّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ؟، قَالَ: لَا، حَتَّى تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ "
(4)
.
(1)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(2)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(3)
رجاله ثقات، وهو موصول بالذي بعده، وانظر: القطوف رقم (807/ 1141).
(4)
رجاله ثقات، وانظر سابقه، وانظر: القطوف رقم (811/ 1143).
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو الطنافسي، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الجمحي، ومُجَاهِدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
لأن الصلاة لا تحل لها إلا بالاغتسال، والحديث رجاله ثقات، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1110 -
(10) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ
(1)
- هُوَ ابْنُ زِيَادٍ - ثَنَا الْحَجَّاجُ ابْنُ أَرْطَاةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً.
(11)
وَمَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ.
(12)
وَحَدَّثَنِي حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَال:" لَا يَغْشَاهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ ".
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، هو العبدي، هما إمامان ثقتان تقدما، والْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، يستشهد به، وعَطَاءٌ، إمام تقدم.
وأيضا: عن ميمون بن مهران، وهو ثقة فقيه تقدم.
وأيضا: عن حماد بن أبي سليمان، وهو إمام ثقة تقدم، وإبراهيم، هو النخعي
(2)
.
الشرح:
تقدم القول بالمنع من الجماع قبل الاغتسال، وهو إجماع وانظر ما سبق، والحديث في سنده الحجاج بن أرطاة ضعيف يقوى بما تقدم.
(1)
في (ك) عبد الوهاب، وهو خطأ.
(2)
هكذا في بعض النسخ الخطية قال، وهو صواب على أن القائل إبراهيم، وفي بعض الأصول
الخطية (قالوا) وهو صحيح أي الرواة عن إبراهيم قالوا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1111 -
(13) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ:" فِي الرَّجُلِ يَطَأُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ، قَالَ: هِيَ حَائِضٌ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ، هو ابن حسان، عَنِ الْحَسَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد في حال الطلاق الرجعي، من طلقة واحدة، أو من الطلقة الثانية؛ لأنها لو اغتسلت ولم يراجعها قبله، لما صحت الرجعة إلا برضى الزوجة، وبمهر جديد، وعقد جديد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1112 -
(14) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَا يَغْشَاهَا زَوْجُهَا
(2)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وعَبْدُ الْوَاحِدِ، هو ابن زياد، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد الحائض، لا يجامعها زوجها حتى تغتسل، وانظر ما تقدم في هذا الصدد.
(1)
رجاله ثقات، تقدم، وقوله:" وله أن يراجعها " في حالة الطلاق الرجعي، فإذا اغتسلت لا حق له في المراجعة إلا برضاها.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (814/ 1146).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1113 -
(15) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْخَيْرِ: مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَا أُجَامِعُ امْرَأَتِي فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَطْهُرُ فِيهِ حَتَّى يَمُرَّ يَوْمٌ
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ، وحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو أبو رجاء الأزدي مولاهم، عالم مصر ومفتيها، تابعي إمام حجة، وأَبُو الْخَيْرِ: مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، هو حميري تابعي ثقة له فضل وعبادة، عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا محمول على الورع، والحائض يحل جماعها بعد انطاع الدم واغتسالها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1114 -
(16) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ:" فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الطُّهْرَ أَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ؟ قَالَ: لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ "
(2)
.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وعَبْدُالْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاء، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن المستحسن طلب كمال الطهارة، فإن جامع قبل الاغتسال فقد خالف الكتاب في قوله:" إذا تطهرن " والمراد به الاغتسال.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1115 -
(17) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءٍ:" فِي الْمَرْأَةِ يَنْقَطِعُ عَنْهَا الدَّمُ قَالَ: إِنْ أَدْرَكَهُ الشَّبَقُ غَسَلَتْ فَرْجَهَا ثُمَّ أَتَاهَا "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الفضل بن دكين، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، يستشهد به، وعَطَاءٍ، هم أئمة تقدموا.
الشرح:
هذا اجتهاد من عطاء بن أبي رباح رحمه الله، وهو خلاف نص الكتاب العزيز، انظر ما تقدم برقم 1104، 1105، وما بعده، وقد يكون عليه كفارة إذا فعل هذا، والشبق: هو قوة الشهوة واشتدادها، وانظر قول الدارمي التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1116 -
(18) حَدَّثنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ شَرِيكاً، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ:" الْمَرْأَةُ يَنْقَطِعُ عَنْهَا الدَّمُ أَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ؟، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ لِلشَّبِقِ "
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَا خَطَأً، أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حَدِيثِ لَيْثٍ، لَا أَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الشَّبِقُ الَّذِى يَشْتَهِى.
رجال السند:
فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، هو الكندي، صدوق تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق تقدم.
(1)
فيه ليث بن أبي سليم: ضعيف، وانظر: القطوف رقم (817/ 1149).
(2)
فيه شريك: لذلك قال الدارمي: أخاف أن يكون أخطأ.
قلت: لا أراه خطأ إن شاء الله، إذا توضأت، فالموضع يطهر بانقطاع الدم.
الشرح:
قوله: " قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ لِلشَّبِقِ" هو ما تقدم الكلام عليه برقم 1110، وهذا استصحاب للتقوى، والتحرز من الحرام. وشك أبو محمد الدارمي هنا في هذا الترخيص، وقال:" لَا أَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ " وخشي أن يكون خطأ من حديث ليث، انظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
167 -
بابٌ فِي الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ تَخْتَضِبُ وَالْمَرْأَةِ تُصَلِّى فِي الْخِضَابِ
1117 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَ: زَعَمَ لَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ - هو وَاصِلِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:" رَأَيْتُ نِسَاءً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُصَلِّينَ فِي الْخِضَابِ"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، وأَبو حُرَّةَ واصِلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو البصري صدوق عابد، وقد يدلس عن الحسن ما لم يسمعه منه، روى له مسلم، والْحَسَنِ، وهم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد ما يعصب به الحناء على أعضاء الوضوء أو أحدها، أجازه الجمهور ومنعه غيرهم، والصحيح أنه لا يجوز لغير الحائض؛ لأن الحائض لا تصلي، وغير الحائض تنزعه في أو قات الصلاة.
أما أثر الحناء بعد نزع اللفافة عنه، وإزالة ما تلبد منه فلا بأس به؛ لأنه لون لا يمكن إزالته.
أما ما جد في هذا العصر من استعمال أدوات الزينة مما له سماكة تحول دون وصول ماء الوضوء فيجب نزعه، ما أجل وصول الماء إلى البشرة وإسباغ الوضوء.
(1)
فيه عنعنة هشيم، وراويه عن الحسن أبو حرة: متكلم في روايته عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1118 -
(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ: " سُئِلَتْ عَنِ الْمَرْأَةِ تَمْسَحُ عَلَى الْخِضَابِ، فَقَالَتْ: لأَنْ تُقْطَعَ يَدِي بِالسَّكَاكِينِ
(1)
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ "
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، وشُعْبَةُ، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، من أخص أصحاب مجاهد، فلعله الواسطة بينه وبين عَائِشَةَ، أم المؤمنين رضي الله عنها.
الشرح:
المراد المسح على لفافة الخضاب؛ لأن ذلك ليس من الضرورة، فلا يجوز التجوز في ذلك، وان التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1119 -
(3) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ:" أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي الْخِضَابِ؟، قَالَتِ: اسْلُتِيهِ وَرَغْماً "
(3)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَبُو سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي الْعَنْبَسِ، وَاسْمُ أَبِي الْعَنْبَسِ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، وأَبو سَعِيدٍ، هو كثير بن عبيد القرشي، مولى آل أبي بكر، أخو عائشة من الرضاع، وثقه ابن حبان، وعَائِشَة، رضي الله عنها.
(1)
في بعض النسخ الخطية " بالسكين ".
(2)
فيه انقطاع بين ابن أبي نجيح وعائشة، وانظر: القطوف رقم (820/ 1152).
(3)
فيه ابن أبي العنبس كثير بن عبيد: ذكره ابن جبان في الثقات (5/ 330) وقولها: رغما، أصله من الرغام: وهو التراب، أي: أميطيه وألقي به في التراب، وانظر:(غريب الحديث لأبي عبيد 4/ 326)، وانظر: القطوف رقم (821/ 1153) والمراد به لبخة الحناء وليس أثره، انظر التالي.
الشرح:
هذا يؤيد أن ما ينزع هو اللفافة على الحناء، وما تلبد منه، ولا خيار إلا الإزالة، وليس الأثر لاستحالة نزعه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1120 -
(4) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كُنَّ نِسَاؤُنَا يَخْتَضِبْنَ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَ فَتَحْنَهُ فَتَوَضَّأْنَ وَصَلَّيْنَ، ثُمَّ يَخْتَضِبْنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الظُّهْرِ فَتَحْنَهُ فَتَوَضَّأْنَ وَصَلَّيْنَ بِأَحْسَنَ
(1)
خِضَابٍ، وَلَا يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ "
(2)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، وأَبو مِجْلَزٍ، هو لاحق بن حميد، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا يؤكد ما تقدم من وجوب إزالة اللفافة عن أعضاء الوضوء، وهذا فيه يسر أن يكون الخضاب ليلا، وقد لا يحتجن للمعاودة في النهار، وان اختضبن نهارا لزيادة حسن الحناء على نحو ما ذكر ابن عباس رضي الله عنهما فلا بأس، وفيه دلالة على أن أثر الخضاب لا يمنع من الوضوء والصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1121 -
(5) حَدَّثنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ:" أَنَّ نِسَاءَ ابْنِ عُمَرَ كُنَّ يَخْتَضِبْنَ وَهُنَّ حُيَّضٌ "
(3)
.
(1)
تصحف في بعض النسخ الخطية إلى " فأحسن ".
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (822/ 1154).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (823/ 1155).
رجال السند:
حَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وأَيُّوبُ، هو السختياني، ونَافِعٌ، هو مولى ابن عمر، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
لا خلاف في جواز الخضاب للحائض؛ لأنها لا تصلي، وإنما الخلاف في غير الحائض، وتقدم البيان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1122 -
(6) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هِشَامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" كُنَّ نِسَاؤُنَا إِذَا صَلَّيْنَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ اخْتَضَبْنَ، فَإِذَا أَصْبَحْنَ أَطْلَقْنَهُ وَتَوَضَّأْنَ وَصَلَّيْنَ، وَإِذَا صَلَّيْنَ الظُّهْرَ اخْتَضَبْنَ، فَإِذَا أَرَدْنَ أَنْ يُصَلِّينَ الْعَصْرَ أَطْلَقْنَهُ، يَخْضِبْنَ بِأَحْسَنَّ خِضَابٍ، وَلَا يُحْبَسْنَ عَنِ الصَّلَاةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، وقَتَادَةُ، وأَبو مِجْلَزٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه برقم 1119.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
168 -
بابٌ إذَا أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ
1123 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، أَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
(2)
.
[ح]
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(2)
رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1124 -
(2) وَأَخّبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ: فِيمَنْ أَتَى أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَا: ذَنْبٌ أَتَاهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتُوبُ إِلَيْهِ، وَلَا يَعُدْ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وهُشَيْمٌ، هو ابن بشير، ومُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا.
[ح]
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وعَامِر، هو الشعبي، هما إما مان ثقتان تقدما.
الشرح:
المراد أن الإمامين النخعي، والشعبين لا يريان الكفارة إلا الاستغفار والتوبة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1125 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَطَاءٍ: مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ويَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، والْمُثَنَّى، هو ابن الصباح أبو عبد الله اليماني، مكي ضعيف يستشهد به، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1126 -
(4) حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (825/ 1157).
(2)
فيه المثنى بن الصبح: ضعيف، يقوى بما تقدم.
(3)
في (ك) اختلط على الناسخ بالسند الثاني فقال: عن عبيد الله
…
الخ. فلم يذكر متن السند الأول.
قَالَ: " ذَنْبٌ أَتَاهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ابن الطباع، وَأَبُو النُّعْمَانِ، هو الفضل بن دكين، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ، ويَعْقُوبُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، هو أبو الحسن القاضي، ومُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، هو الكندي ضعيف يستشهد به، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن جماع الحائض ذنب لا كفارة له إلا الاستغفار والتوبة وعدم العود، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1127 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: يَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ، وَيَتُوبُ إِلَى اللَّهِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو العمري، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1128 -
(6) حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:"تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ ".
يَعْنِى: إِذَا وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ
(3)
.
(1)
فيه محمد بن زيد: مقبول، يقويه ما تقدم، وانظر: القطوف رقم (827/ 1159).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (828/ 1160).
(3)
فيه عنعنة ابن جريج، وتقدم.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
كأن عطاء بن أبي رباح رحمه الله يرى الاستغفار كافيا، ولم يذكر التوبة، وتقدمت موافقته للإمامين النخعي والشعبي إذ قَالَا: ذَنْبٌ أَتَاهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَيَتُوبُ إِلَيْهِ، وَلَا يَعُدْ " انظر ما تقدم برقم 1120، 1121.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1129 -
(7) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مَالِكِ ابْنِ الْخَطَّابِ الْعِنِزيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ:" سُئِلَ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ "
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، هو أبو إسماعيل ثقة كثير الحديث، عَنْ مَالِكِ ابْنِ الْخَطَّابِ الْعنزي
(2)
، سكت عنه البخاري، وابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، محمد، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1130 -
(8) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ:
(1)
فيه مالك بن الخطاب: سكت عنه البخاري (التاريخ الكبير 7/ 309).
(2)
في بعض النسخ الخطية " العنبزي " بعضها " العنزي " بعضها " الغنزي ".
" رَأَيْتُ في الْمَنَامِ كَأَنِّى أَبُولُ دَماً. قَالَ: تَأْتِى امْرَأَتَكَ وَهِىَ حَائِضٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَعُدْ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، هو أبو أيوب البصري، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، عَنْ وأَبو قِلَابَةَ، عبد الله بن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو بَكْرٍ، هو الصديق رضي الله عنه.
الشرح:
نص الكتاب على حرمة الاقتراب من الحائض بقد الجماع، وتواترت أقوال العلماء على النهي عن ذلك، وأن من وقع على الحائض يجب عليه الاستغفار لذنبه، ويتوب ولا يعد مرة أخرى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1131 -
(9) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ سِيرِينَ:" فِي الَّذِي يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِىَ حَائِضٌ، قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ومُحَمَّدُ ابْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: المراد أن هذه كفارته مع التوبة كما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
169 -
بابٌ مَنْ قَالَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ:
1132 -
(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: " سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ فِي الَّذِى يُفْطِرُ يَوْماً مِنْ رَمَضَانَ قَالَ:
(1)
فيه انقطاع بين أبي قلابة، وأبي بكر رضي الله عنه، وانظر: القطوف رقم (831/ 1163).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: ما تقدم.
عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ بَدَنَةٌ، أَوْ عِشْرِينَ صَاعاً لأَرْبَعِينَ مِسْكِيناً
(1)
، وَفِي الَّذِي يَغْشَى امْرَأَتَهُ وَهِىَ حَائِضٌ مِثْلُ ذَلِكَ
(2)
.
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو التستري، والْحَسَنَ، هو البصري هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
ما يتعلق بالإفطار في رمضان سيأتي الكلام عليه في الصوم.
أما ما يتعلق بالذي يغشى امرأته وهي حائض، فقول الحسن رحمه الله أن علية الكفار بما ذكر، فهو مخالف لقول الجمهور فيما تقدم، وقاسه الحسن رحمه الله على الذي يقع على أهله في نهار رمضان، وعنه رواية يوافق فيها الجمهور، وأنه لا شيء عليه سوى الاستغفار والتوبة وعدم العود، انظر مصنف عبد الرزاق رقم (1267).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1133 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ:«يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي إمام ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق تقدم، وخُصَيْفٌ، هو ابن عبد الرحمن الجزري، سيئ الحفظ تقدم، ومِقْسَمٌ، هو ابن بُجْرة، ثقة، وكان كثير الإرسال، لازم ابن عباس، رضي الله عنهما ..
(1)
فيه مسلم بن إبراهيم التستري: مقبول، وانظر: القطوف رقم (833/ 1165).
(2)
موصول بالسند السابق، وانظر: القطوف رقم (833/ 1165).
(3)
فيه شريك بن عبد الله: أرجح أن حديث حسن، وخصيف صدوق سيء الحفظ، ويقويهما ما تقدم، وأخرجه الترمذي حديث (136) وقال: قد روي عن ابن عباس موقوفا، ومرفوعا، وهو قول بعض أهل العلم، والنسائي حديث (289) وصححه الألباني، وأبو داود حديث (266) وابن ماجه حديث (650) وضعفه الألباني عندهما، وانظر:(649).
الشرح:
هذا اجتهاد من ابن عباس رضي الله عنهما، وسواء كان الدم عبيطا أو في حال كدرة أو صفرة، وتقدم النص على عدم الاقتراب من الحائض بقصد الجماع حتى تطهر وتغتسل، انظر ما تقدم، وقد تحمل الأقوال بالكفارة على الاستحباب، فتكون صدقة من غير اسقاط للاستغفار والتوبة وعدم العود، ويؤيد هذا ما يأتي من استعمال كلمة "يتصدق"، وانظر التال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1134 -
(3) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ:" يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ. شَكَّ الْحَكَمُ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، وشُعْبَةُ، والْحَكَمِ، وعَبْدُ الْحَمِيدِ، هو ابن عبد الرحمن بن زيد ابن الخطاب ثقة، مِقْسَمٍ، هو ابن بجرة تقدم، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1135 -
(4) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" فِي الَّذِي يَغْشَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ "
(2)
.
قَالَ شُعْبَةُ: " أَمَّا حِفْظِى فَهُوَ مَرْفُوعٌ
(3)
، وَأَمَّا فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالُوا: غَيْرُ مَرْفُوعٍ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: حَدِّثْنَا بِحِفْظِكَ، وَدَعْ مَا قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ. فَقَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (264) وصححه الألباني، وانظر: رقم (1166).
(3)
يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنِّي عُمِّرْتُ فِي الدُّنْيَا عُمُرَ نُوحٍ، وَأَنِّي حَدَّثْتُ بِهَذَا أَوْ سَكَتُّ عَنْ هَذَا ".
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَكَانَ وَالِيَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْكُوفَةِ ".
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي إمام ثقة تقدم، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، وعَبْدُ الْحَمِيدِ، ومِقْسَمٍ، تقدموا آنفا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
لم يجزم شعبة رحمه الله بالرفع، وذكر أن غير وثقه على ابن عباس، وفي ما ذهب إليه الجماعة خير، وخالف الأعمش، شعبة فرواه عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1136 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" إِذَا أَتَاهَا في دَمٍ فَدِينَارٌ، وَإِذَا أَتَاهَا وَقَدِ انْقَطَعَ الدَّمُ فَنِصْفُ دِينَارٍ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وابْنُ جُرَيْجٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الْكَرِيمِ، هو ابن أبي المخارق، ضعيف يستشهد به تقدم، والواسطة هم مقسم بن بجيرة ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
تقدم القول بأن هذا اجتهاد من ابن عباس رضي الله عنهما، والأصل الاستغفار والتوبة، ولا كفارة، عملا بنص الكتاب العزيز، وانظر ما تقدم.
(1)
ابن أبي شيبة حديث (13275).
(2)
فيه مجهول، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1137 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ: «يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وخُصَيْفٌ يستشهد به تقدم ومِقْسَمٌ، ثقة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1138 -
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: " كَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ تَكْرَهُ الْجِمَاعَ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهَا اعْتَلَّتْ عَلَيْهِ بِالْحَيْضِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ صَادِقَةٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسَيْ
(2)
دِينَارٍ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما، ويَزِيدَ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، هو يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهمداني، دمشقي صدوق روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، ثقة تقدم.
الشرح:
هذا حديث معضل، ولا تقوم به حجة بجانب النص من الكتاب العزيز.
(1)
فيه خصيف بن عبد الرحمن صدوق سيء الحفظ، تقدم.
(2)
في بعض النسخ الخطية " بخمس ".
(3)
إعضال بين عبد الحميد وعمر رضي الله عنه، وأخرجه أبو داود حديث (266) وقال: وهذا معضل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1139 -
(8) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِىَ حَائِضٌ فَإِنْ كَانَ الدَّمُ عَبِيطاً فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِنْ كَانَتْ صُفْرَةً فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ»
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، إمام ثقة تقدم، أَبو جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، هو عيسى بن أبي عيسى، ضعيف روى له الأربعة، وعَبْدُ الْكَرِيمِ، هو ابن أبي المخارق ضعيف تقدم، ومِقْسَمٌ، هو ابن بجيرة ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
وفي سنده ضعيفان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1140 -
(9) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قال: ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ "
(2)
.
1141 -
(10) وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: " يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ "
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو أبو بكر بن أبي شيبة، وحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، هو النخعي، والأَعْمَشُ، والْحَكَمِ، ومِقْسَمٍ، هم ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما. أما قوله:" وقال إبراهيم: يستغفر الله" فقدم تقدم عنه وعن غيره الاستغفار مع التوبة وعدم العود، وهو أحب إلي.
(1)
رجاله ثقات، عبد الكريم هو الجزري، وانظر رقم (1169).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: ما تقدم.
(3)
موصول بالذي قبله، وانظر: رقم (1157، 1162).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1142 -
(11) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى،
عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" إِذَا وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ "
(1)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو عبد الرحمن سيء الحفظ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
تقدم عن عطاء أنه يقول بعدم الكفارة، وأنه ذنب أتاه فليستغفر الله ويتوب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1143 -
(12) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ:" فِي رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ"
(2)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1144 -
(13) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَي، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ "
(3)
.
(1)
فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: صدوق سيء الحفظ جدا، وانظر: رقم (1170) وانظر: القطوف رقم (835/ 1174).
(2)
سنده قوي، وانظر سابقه.
(3)
انظر: رقم (1174).
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وابْنُ أَبِي لَيْلَي، هو عبد الرحمن سيء الحفظ، ومِقْسَمٍ، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1145 -
(14) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ
(1)
، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ:" فِي رَجُلٍ يَغْشَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَمْ تَغْتَسِلْ، قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَتَصَدَّقُ بِخُمُسَيْ دِينَارٍ "
(2)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الدمشقي ضعيف يستشهد به، وشعيب بن إسحاق هو الدمشقي، فقيه من ثقات أهل الرأي تقدم، والأَوْزَاعيُّ، هو عبد الرحمن ابن عمرو، ثقة تقدم.
الشرح:
أفهم من قول الأوزاعي رحمه الله، أن الاستغفار توبة وعدم العود، وأن الصدقة بخمسي دينار استحبابا وطهرة غير واجبة وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1146 -
(15) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" إِذَا وَقَعَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِىَ حَائِضٌ يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: فَإِنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ: يُعْتِقُ رَقَبَةً. فَقَالَ: مَا أَنْهَاكُمْ أَنْ تَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ "
(3)
.
(1)
في (ت) ابن سعيد، وهو صحيح.
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(3)
فيه محمد بن عيينة الفزاري: مقبول، يقوى بما تقدم، وانظر: رقم (1174).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري لا بأس به تقدم، وعَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، هو القرشي ثقة له غرائب بعد أن أضر تقدم، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان وعَطَاءٌ، هما إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
فيما يخص الصدقة انظر السابق، وأما قول الحسن رحمه الله فقد قاسه على الجماع في نهار رمضان، ولم يقل به أحد حسب علمي، لأنه غاية في الشدة، وقول عطاء رحمه الله: " ما أنهاكم أن تقربوا
…
" المراد به التطوع أي: من أراد العتق تطوعا فلا ينهى عنه، والأرفق ما دون ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1147 -
(16) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" فِي الَّذِى يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ"
(1)
.
رجال السند:
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، سيء الحفظ، وعَطَاءٌ، هما إمامان ثقتان تقدما، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا اجتهاد من حبر الأمة رضي الله عنه، وانظر ما تقدم برقم 1142 - (11)، وما بعده، وانظر رقم 1146.
تقدمت روايات في كفارة من يأتي امرأته وهي حائض، والذي أميل إليه هو قول إبراهيم النخعي، وعامر الشعبي وغيرهما أنه ذنب أتاه لا كفارة له إلا الاستغفار والتوبة.
(1)
سنده ضعيف، تقدم تخريجه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
170 -
بابٌ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ
1148 -
(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ قَالَ: سَأَلْتُ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ أَبِى بَكْرٍ قُلْتُ لَهَا: " إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْهُ، قَالَتْ: سَلْ يَا ابْنَ أَخِي عَمَّا بَدَا لَكَ. قَالَ: أَسْأَلُكِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. فَقَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَتِ الأَنْصَارُ لَا تُجَبِّي، وَكَانَتِ الْمُهَاجِرُونَ تُجَبِّي، فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ فَجَبَّاهَا، فَأَبَتِ الأَنْصَارِيَّةُ، فَأَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ النَّبِيُّ، اسْتَحْيَتِ الأَنْصَارِيَّةُ وَخَرَجَتْ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«ادْعُوهَا لِي» فَدُعِيَتْ لَهُ، فَقَالَ لَهَا:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}
(1)
، صِمَاماً وَاحِداً، وَالصِّمَامُ السَّبِيلُ الْوَاحِدُ
(2)
.
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، مكي صدوق تقدم، وابْنُ سَابِطٍ، هو عبد الرحمن أو عبد الله، مكي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وحَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَبِى بَكْرٍ، حفيدة الصديق رضي الله عنه، تابعية ثقة.
الشرح:
المراد بالتجبية أن تكب المرأة على وجهها كهيئة السجود، ثم يأتيها الزوج في القبل، وهذه عادة المهاجرين القادمين من مكة في معاشرة الزوجات، ولم يكن الأنصار يفعلون هذا، وكان سبب السؤال ما ذكر من فعل المهاجري مع زوجته الأنصارية، فدعيت لتسمع الحكم الشرعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تلا عليها قول الله عز وجل:
(1)
من الآية (223) سورة البقرة.
(2)
سنده حسن، أخرجه الترمذي حديث (2979) وقال: حسن صحيح.
(1)
.
ثم بين لها مكان الحرث بقوله: «صِمَاماً وَاحِداً، وَالصِّمَامُ السَّبِيلُ الْوَاحِدُ» . وفي رواية «سماما» والمراد مكان الحرث وهو محور التوالد والعلاقة المشروعة بين الرجل وامرأته بالجماع ويكون في القبل قال تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وهذا يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث، يعني: بذر الولد بالنطفة، وذلك هو القبل دون الدبر؛ لأن الدبر ليس محلا لبذر الأولاد، يؤيد هذا قوله تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}
(2)
. فالمراد بما كتب الله: الولد، عند جماهير العلماء؛ لأن ابتغاء الولد إنما يكون بالجماع في القبل، فالقبل هو المحل للإنجاب؛ إذن هو المأمور بالمباشرة فيه، والمراد بالمباشرة: الجماع الحقيقي، وليس مجرد الملامسة والملاعبة، والمراد بقوله تعالى:{أَنَّى شِئْتُمْ} إباحة جميع صفات الجماع في القبل، وفي ذلك سعة في متعة الرجل والمرأة بما أحل الله لهما، وتقوية لعفة الطرفين، وتقوية الصلة بينهما في هذا الأمر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1149 -
(2)[أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ]
(3)
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " لَقَدْ عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى بْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ، أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ أَسْأَلُهُ فِيمَ أُنْزِلَتْ؟، وَفِيمَ كَانَتْ؟، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(4)
، قَالَ: مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ
(1)
من الآية (223) سورة البقرة.
(2)
من الآية (187) من سورة البقرة.
(3)
سقط من بعض النسخ الخطية.
(4)
من الآية (222) من سورة البقرة.
أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، هو الحراني، ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، هو القرشي مولاهم، ثقة روى له الستة عدا مسلم والبخاري تعليقا، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
بيان اهتمام مجاهد رحمه الله بطلب العلم، وصبر ابن عباس رضي الله عنهما على التعليم، فقد كان يستجلي معارف ابن عباس وعلمه بكتاب الله عز وجل ثلاث مرات من أول سورة إلى آخر سورة، يوقف ابن عباس عند كل آية، وهذا تثبيت للفهم والعلم.
أما سؤاله ابن عباس عن الآية وإجابته فالمراد، بقول الله عز وجل:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} من الآية (222) من سورة البقرة.
المراد إذا انقطع الدم، واغتسلن فجامعوهن في المكان الذي أمركم الله به، وهو القبل، الذي نهاكم عنه في حال الحيض، وأمركم باعتزال النساء فيه، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1150 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(2)
قَالَ: " أُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا مِنْ حَيْثُ نُهُوا "
(3)
.
(1)
ت: فيه عنعنة محمد بن إسحاق، أخرجه الحاكم وصرح فيه بالسماع من أبان، حديث (3105) أبو داود حديث (2164) على التفصيل، وحسنه الألباني.
(2)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(3)
رجاله ثقات.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ، هو الجمحي، ومُجَاهِدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1151 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(1)
قَالَ: " مِنْ قِبَلِ الطُّهْرِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، والأَعْمَشُ، سليمان بن مهران، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو رَزِينٍ، هو مسعود بن مالك الأسدي، كوفي تابعي إمام ثقة.
الشرح: المراد القبل وهو مخرج دم الحيض، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1152 -
(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ}
(3)
قَالَ "هُوَ وَاللَّهِ الْقُبُلُ "
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، هو الحزامي غير الرفاعي تقدم، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، هو البجلي يستشهد به تقدم، مُجَاهِدٌ، إمام.
الشرح:
المراد ما خلق الله لكم هو القبل من المرأة وانظر ما تقدم برقم 1150.
(1)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(2)
رحاله ثقات، وانظر: القطوف (842/ 1183).
(3)
من الآية (166) من سورة الشعراء.
(4)
فيه محمد بن يزيد البزار: صدوق لين الحديث، وشريك أرجح أنه حسن الحديث، ويقويهما ما تقدم، وانظر سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1153 -
(6) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} من الآية (223) من سورة البقرة، قَالَ:" إِنَّمَا هُوَ الْفَرْجُ ".
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ
(1)
، هو بن فارس، ثقة تقدم، وخَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ، هو أبو الفضل البصري، أحد أفراد الدارمي إمام ثقة، وعِكْرِمَةُ، مولى ابن عباس إمام تقدم.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، خالد بن رباح وثقه أئمة، وانظر: القطوف (844/ 1185)، والمراد فأتوا نساءكم في الفروج كيف شئتم وانظر السابق، والتالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1154 -
(7) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: " كَانَتِ الْيَهُودُ لَا تَأْلُو مَا شَدَّدَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْتُوا نِسَاءَكُمْ إِلاَّ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} من الآية (223) من سورة البقرة، فَخَلَّى اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ حَاجَتِهِمْ ".
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وعَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، هو أبو إسماعيل اليشكري، بصري، إمام ثقة روى له الأربعة، وقيل: كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم. والْحَسَنُ، هو البصري.
الشرح:
سنده حسن، وانظر: القطوف (845/ 1186).
(1)
في (ت) أحمد.
والمراد أن اليهود يجتهدون في صرف المؤمنين عن دينهم، ويشككونهم فيما يعملون، فرد الله كيدهم، وأباح للمؤمنين الوصول إلى حاجتهم، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1155 -
(8) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(1)
قَالَ: " ائْتِهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا وَمِنْ خَلْفِهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَأْتَى "
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، صدوق تقدم، وسَعِيدُ بْنِ جُبَيْرٍ، إمام شهيد، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1156 -
(9) أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قال: ثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَ فِي الْحَائِضِ نَحْواً مِنْ صَنِيعِ الْمَجُوسِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}
(3)
فَلَمْ يَزْدَدِ الأَمْرُ فِيهِنَّ إِلاَّ شِدَّةً "
(4)
.
رجال السند:
خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، هو أبو عمرو البصري، إخباري صدوق تقدم، وعَبْدُ الْوَهَّابِ، هو ابن أبي بكر المدني، من أصحاب الزهري ثقة تقدم، وخَالِدٌ، لعله ابن معدان إمام ثقة، وعِكْرِمَةُ، مولى ابن عباس إمام.
(1)
من الآية (223) من سورة البقرة.
(2)
فيه خالد بن عبد الله: سماعه من عطاء بعد الاختلاط، وتابعه شريك، أرجح أنه حسن الحديث، وانظر: القطوف (846/ 1187).
(3)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(4)
سند حسن، وانظر: القطوف (847/ 1188).
الشرح:
لم أقف على صنيع المجوس، ولعل المقصود استباحة إتيان الحُيّض، فمنع الإسلام ذلك بوصف المحيض بالأذى، والأمر بعدم الاقتراب منهن في حال المحيض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1157 -
(10) أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ، ثَنَا مُؤَمَّلٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: قَالَ: هُوَ الدَّمُ.
رجال السند:
خَلِيفَةُ، صدوق تقدم آنفا، ومُؤَمَّلٌ، هو ابن إسماعيل، أبو عبد الرحمن البصري، أحد شيوخ المصنف، مكي قيل: شيء الحفظ، وهو شيخ الدارمي روى عنه بواسطة شيخه خليفة، ورى عنه الدارمي مقرونا بابي عاصم، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، من أخص أصحاب مجاهد ثقة تقدم، ومُجَاهِدٌ، إمام.
الشرح:
في سنده مؤمل بن إسماعيل: صدوق سيء الحفظ، وانظر: القطوف (848/ 1179). والمراد أن الموصوف بالأذى هو دم الحيض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1158 -
(11) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:{قُلْ هُوَ أَذًى} قَالَ: قَذَرٌ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الأصم، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، وقَتَادَةَ، هو ابن دعامة، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
تعددت الألفاظ والمعنى واحد، والمراد أن الموصوف بالأذى هو دم الحيض، والحديث رجاله ثقات، وانظر: القطوف (849/ 1190).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1159 -
(11) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:{قُلْ هُوَ أَذًى} قَالَ: قَذَرٌ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الأصم، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، وقَتَادَةَ، هو ابن دعامة، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: تعددت الألفاظ والمعنى واحد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1160 -
(12) أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ، ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثاً حَدَّثَ، عَنْ عِيسَى ابْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(2)
قَالَ: " إِنْ شِئْتَ فَاعْزِلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَعْزِلْ"
(3)
.
رجال السند:
خَلِيفَةُ، صدوق تقدم والْمُعْتَمِرُ، هو ابن سليمان إمام ثقة تقدم، ولَيْثٌ، هو ابن سليم يستشهد به تقدم، حَدَّثَ، وعِيسَى بْنُ قَيْسٍ، مختلف في اسمه والمثبت هو الصحيح، مجهول، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، إمام ثقة تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (849/ 1190).
(2)
من الآية (223) من سورة البقرة.
(3)
فيه ليث بن أبي سليم: ضعيف، وعيسى مجهول (الجرح والتعديل 6/ 284)، وانظر: القطوف (850/ 1191).
الشرح:
هذا مما يباح للزوج، والعزل، منع النطفة من ولوج الرحم، والأصل أنه يُعزل عن الجواري؛ لأن الجارية إذا حملت عتقت بمولودها، وهي ما تسمى بأم ولد، أما الحرة فلا يجوز العزل عنها إلا برضاها، وقد قال جابر رضي الله عنه:" كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل "
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1161 -
(13) أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " كَيْفَ شِئْتَ؟: يَعْنِى ائْتِهَا
(2)
فِي الْفَرْجِ "
(3)
.
رجال السند:
خَلِيفَةُ، صدوق، وعَبْدُ الْوَهَّابِ، هو ابن عبد المجيد الثقفي، وعَوْفٌ، هو ابن أبي جميلة الأعرابي رمي بالتشيع والقدر تقدم، والْحَسَنِ، هو البصري.
الشرح:
المراد بأي طريقة تستحبها في الجماع في الفرج، محل طلب الذرية، ويحرم إتيان الدبر؛ لأنه ليس محلا للإنجاب، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1162 -
(14) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:" أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُدْبِرَةٌ جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(4)
.
(1)
البخاري حديث (5209) ومسلم حديث (1440) وعنده زيادة " لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن".
(2)
في بعض النسخ الخطية " إتيانها " وفي في بعضها " إذا أتاها ".
(3)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(4)
من الآية (223) من سورة البقرة.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ومَالِكٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، هم أئمة ثقات تقدموا وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.
الشرح:
كذب الله اليهود ومن يفتري الكذب، وهم أهل لذلك، وبين الله عز وجل ما يحل للمؤمنين من أزواجهم، وما يحرم، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1163 -
(15) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
(1)
قَالَ: " يَأْتِي أَهْلَهُ كَيْفَ شَاءَ قَائِمَاً أَوْ قَاعِداً
(2)
، وَبَيْنَ يَدَيْهَا وَمِنْ خَلْفِهَا "
(3)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، الواسطي، وخالد بن عبد الله المزني الواسطي، وخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1164 -
(16) حَدَّثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(4)
قَالَ: في الْفَرْجِ
(5)
.
(1)
من الآية (223) من سورة البقرة.
(2)
في بعض النسخ الخطية " هي قائمة وقاعدة:.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (852/ 1194).
(4)
من الآية (222) من سورة البقرة.
(5)
فيه يزيد بن الوليد: ذكره ابن حبان في الثقات، وانظر سابقه، وانظر: القطوف (853/ 1195).
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ، إمام ثقة تقدم، ابْنُ إِدْرِيسَ، هو عبد الله، وأَبوه هو إدريس ابن يزيد الأودي، ثقة روى له الستة، ويَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، هو أحد أفراد الدارمي، ليس له في الستة شيء، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان، وإبراهيم، هو النخعي إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
171 -
بابٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ في دُبُرِهَا
1165 -
(1) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:"مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَهُوَ مِنَ الْمَرْأَةِ مِثْلُهُ مِنَ الرَّجُلِ ثُمَّ تَلَا: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} من الآية (222) من سورة البقرة، أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ في الْمَحِيضِ الْفَرْجَ، ثُمَّ تَلَا {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} من الآية (223) من سورة البقرة، قَائِمَةً وَقَاعِدَةً وَمُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً في الْفَرْجِ "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وعُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، ومُجَاهِدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1166 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى حَائِضاً أَوِ امْرَأَةً في دُبُرِهَا أَوْ كَاهِناً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ
(2)
عَلَى مُحَمَّدٍ»
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (1181، 1182، 1183) وانظر: القطوف (854/ 1196)
(2)
لم ترد في بعض النسخ الخطية.
(3)
فيه حكيم الأثرم: بعد النظر في أقول النقاد نرى أنه صدوق، كما قال الذهبي في الكاشف.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، الفضل بن دكين، وحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وحَكِيمٌ الأَثْرَمِ، هو بصري ثقة، وأَبو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ، ثقة روى له البخاري والأربعة، مات سنة 97 هـ وقيل غير ذلك، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالتكفير من استحل واحدا من هذه الأمور، وأنكر أنها محرمة، وكان عالما بذلك، أما من اعترف بأنها حرام وإنما سولت له نفسه فعل ذلك فقد أتي كبيرة من الكبائر، ولاسيما في إتيان الكاهن وتصديقه، وإتيان المرأة في الدبر، فيجب عليه الاستغفار والتوبة الصادقة، وعدم العود إلى ذلك الفعل القبيح المنكر، وانظر ما تقدم في شأن الحائض، وأن من فعل ذلك فعليه الاستغفار والتوبة، والصدقة ليست كفارة، وإنما هي طهرة مستحبة، وانظر ما تقدم برقم 1126، 1127.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1167 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْقَعْقَاعِ الْجَرْمِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: " يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ آتِي امْرَأَتِي حَيْثُ شِئْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ شِئْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَكَيْفَ شِئْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ هَذَا يُرِيدُ السُّوءَ. قَالَ: لَا، مَحَاشُّ
(1)
النِّسَاءِ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ "
(2)
.
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ: تَقُولُ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
(1)
كناية عن الأدبار.
(2)
فيه محمد بن سليم الراسبي: صدوق فيه لين، وسماع أبي القعقاع عبد الله بن خالد الجرمي من ابن مسعود ممكن إذا صح أنه شهد القادسية، وحضر القصة وهو غلام يافع، وانظر: القطوف (855/ 1198).
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وأَبُو هِلَالٍ، هو محمد بن سليم الراسبي، ليس بالقوي تقدم، وأَبو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَرِيِّ، هو سلمة بن تمام الكوفي، ليس بالقوي تقدم، عَنْ أَبو الْقَعْقَاعِ الْجَرْمِيُّ، هو عبد الرحمن بن خالد، من أفراد الدارمي، سكت عنه الإمام البخاري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
فهم بن مسعود رضي الله عنه من السائل أنه يرد الكيفيات المباحة، فلما نبه إلى أن الرجل يشير إلى الدبر فقال: أدبار النساء عليكم حرام، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1168 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ إِتْيَانَ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا وَيَعِيبُهُ عَيْباً شَدِيداً ".
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل عامر، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، ودَاوُدُ، هو ابن أبي هند، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
في سنده داود بن الحصين: في روايته عن عكرمة اضطراب، وليس هو ابن أبي هند كما ذكر صاحب فتح المنان (5/ 340) وانظر: القطوف (856/ 1199).
والمراد كراهة التحريم، وأن من يفعل ذلك فقد انتهك ما نهي الله عنه، ولذلك عابه ابن عباس رضي الله عنهما عيبا شديدا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1169 -
(5) حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، ثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ
بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} من الآية (28) من سورة العنكبوت قَالَ: " مَا نَزَا ذَكَرٌ عَلَى ذَكَرٍ حَتَّى كَانَ قَوْمُ لُوطٍ "
(1)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد أن ذلك الفعل الشنيع لم يكن في الأمم السابقة على قوم لوط، وهو من عمل قوم لطو أهل سدوم، فعاقبهم الله باقتلاع قراهم وقلبها رأسا على عقب، وأمطر عليها حجارة من سجيل، هذا عقابهم في الدنيا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1170 -
(6) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُخَلَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ في دُبُرِهَا لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، هو ثقة ساء حفظه تقدم، والْحَارِثُ بْنُ مُخَلَّدٍ، هو الأنصاري الزرقي، تابعي مجهول، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: تقدم برقم 1166، 116 وانظر ما بعده.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (857/ 1200).
(2)
فيه الحارث بن مخلّد، مجهول الحال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1171 -
(7) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلاَّمٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ في الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ، وَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ يُصَلِّى» .
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، هو الثقفي ثقة حافظ روى له النسائي، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، هو العبدي، وعَاصِمٌ الأَحْوَلِ، هو ابن سليمان، هما ثقتان تقدما، وعِيسَى بْنُ حِطَّانَ، هو الرقاشي تابعي ثقة، مُسْلِمِ بْنِ سَلاَّمٍ الْحَنَفِيِّ، هو أبو عبد الملك وثقه ابن شاهين وأبو نعيم، وعَلِيُّ بْنُ طَلْقٍ، هو اليمامي صحابي رضي الله عنه، قيل: ليس له سوى هذا الحديث.
الشرح:
المراد إذا أحدث وهو في الصلاة بخروج الريح، ويتأكد ذلك بأن يسمع صوتا أو يجد ريحا، ففي هذه الحال لا يبقى في الصلاة بل ينصرف ويتوضأ ثم يعود فما أدرك صلى وما فاه أتم، والحديث في سنده عيسى ابن حطان الرقاشي: مقبول، وكذلك مسلم بن سلام الحنفي، أخرجه أبو داود حديث (502، 1005) وضعفه الألباني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1172 -
(8) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ في أَدْبَارِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ»
(1)
.
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ: عَلِىُّ بْنُ طَلْقٍ لَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
رجال السند: أنظر السابق.
(1)
موصو بالسند السابق.
الشرح:
ذكر في بعض الروايات قبل هذا قوله: " إذا فسا أحدكم فليتوضأ" وتقدم القول في تحريم إتيان النساء في أدبارهن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1173 -
(9) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُباب قَالَ:" قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: مَا تَقُولُ فِي الْجَوَارِي حِينَ أُحَمِّضُ لهُنَّ؟ قَالَ: وَمَا التَّحْمِيضُ؟ فَذَكَرْتُ الدُّبُرَ فَقَالَ: هَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ، هو الأنصاري، مصري إمام ثقة حافظ، وسَعِيدُ بْنُ يَسَار أَبو الْحُباب، هو مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ثقة كثير الحديث، واِبْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
التحميض الأصل في معناه التغيير، والمراد هنا التغيير من القبل إلى الدبر، وهو شيء كانوا يفعلونه قبل الإسلام، فشدد ابن عمر رضي الله عنهما بأن المسلم لا يفعل ذلك، ومن توهم جواز ذلك، فإنما أتي من سوء الفهم لمّا ذكروا جواز إتيان المرأة من الخلف، فظن أنه في الدبر، وإنما أرادوا أن المأتى هو القبل، وليس الدبر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1174 -
(10) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
(1)
فيه كاتب الليث عبد الله بن صالح: أرجح أن حديثه حسن.
عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ - رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي وَكَانَ مِنْ أَسْنَانِي - حَدَّثَنِي هَرَمِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: تَذَاكَرْنَا شَأْنَ النِّسَاءِ فِي مَجْلِسِ بَنِي وَاقِفٍ وَمَا يُؤْتَى مِنْهُنَّ، فَقَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ» .
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، هما إمامان تقدما، ومُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ الأَنْصَارِيُّ، هو أبو ميمونة الخطمي، وثقه أبو زرعة، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، هو الوائلي الخطمي المدني، روى له النسائي هذا الحديث، وثقه ابن حبان، وهَرَمِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، بن رفاعة الواقفي، مختلف في صحبته، وقيل: شهد الخندق، وذكر ابن إسحاق أنه أحد البكائين الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون، فإن صح فروايته هنا عن خزيمة ابن ثابت رواية صحابي عن صحابي رضي الله عنهما.
الشرح:
في سنده عبيد الله بن عبد الله بن حصين الأنصاري: فيه لين، وعبد الملك ابن عمرو ابن قيس الأنصاري مقبول، وهرمي بن عبد الله الخطمي مستور، ويقوى بما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1175 -
(11) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، ثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " كَانُوا يَجْتَنِبُونَ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ، وَيَأْتُونَهُنَّ فِي أَدْبَارِهِنَّ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(1)
فِي الْفَرْجِ، وَلَا تَعْدُوهُ ".
(1)
من الآية (222) من سورة البقرة.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وعَبْدُ الْوَاحِدِ، هو ابن زياد، وخُصَيْفٌ، هو ابن عبد الرحمن الجزري، يستشهد به تقدم، ومُجَاهِدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
في سنده خصيف بن عبد الرحمن: صدوق سيء الحفظ، يقوى بما تقدم من روايات، وانظر: القطوف (858/ 1205).
وتقدم مرارا، ولا داعي للإعادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1176 -
(12) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ طَاوُوسٍ.
1177 -
(13) وَسَعِيدٍ
(1)
.
1178 -
(14) وَمُجَاهِدٍ
(2)
.
1179 -
(15) وَعَطَاءٍ: " أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَيَقُولُونَ: هُوَ الْكُفْرُ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، هو الحزامي، ويُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، هو أبو بكر الشيباني الجمال، صدوق تقدم، وابْنُ إِسْحَاقَ، هو محمد صدوق تقدم، وأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، هوالقرشي، وطَاوُوسٌ، وسعيدُ، ومجاهدٌ، وعطاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
موصول بالسند السابق وهو سند حسن.
(2)
موصول بالسند السابق وهو سند حسن.
(3)
موصول بالسند السابق وهو سند حسن، وانظر: القطوف (859/ 1206).
الشرح:
المراد من فعل ذلك مستبيحا تحريمه، فإنه يكفر، لاستحلال ما حرم الله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
172 -
بابٌ اغْتِسَالِ الْحَائِضِ إِذَا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ
1180 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ
(1)
، وَالزُّهْرِيِّ قَالَا:" الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَاحِدٌ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، وعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات.
الشرح:
المراد وجوب الاغتسال إذا أجنبت من جماع أو احتلام قبل أن تحيض، أما أثناء الحيض فلا يجب عليها الاغتسال إذا أجنبت، فإذا طهرت كفاها غسل واحد لهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1181 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ:" خَلِّلِي شَعْرَكِ بِالْمَاءِ قَبْلَ أَنْ تَخَلَّلَهُ نَارٌ قَلِيلَةُ الْبُقْيَا عَلَيْهِ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، والأَعْمَشُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحُذَيْفَةُ، رضي الله عنه.
الشرح:
(1)
رجاله ثقات.
(2)
موصول بالسند السابق، وانظر: القطوف (860/ 1207).
(3)
فيه انقطاع بين إبراهيم وحذيفة، وثبت وصله بذكر همام بن الحارث بينهما، وانظر: القطوف (861/ 1208).
المراد بالتخليل إدخال الأصابع في أصول الشعر، وإرواء البشرة بالماء، ونقض الظفائر قال العلماء: الرجل والمرأة في ذلك سواء، ففي الجنابة يكفي التخليل وإرواء البشرة، ولا يلزم النقض؛ لأن الجنابة يتكر بها الغسل فيشق النقض، ولا يشق النقض في الغسل للإحرام؛ لأنه لا يشق، وكذلك الحيض بالنسبة للمرأة لا يشق، ومن استحب النقض فلا بأس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1182 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ - أَحَدُ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ - قَالَ: " دَخَلْتُ مَعَ أُمِّي وَخَالَتِي عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَتْهَا إِحْدَاهُمَا: كَيْفَ تَصْنَعِينَ
(1)
عِنْدَ الْغُسْلِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَطَهَّرُ طُهُورَهُ لِلصَّلَاةِ، وَيُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَنَحْنُ نُفِيضُ عَلَى رُؤُوسِنَا خَمْساً، مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وصَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَنَفِيِّ، كوفي من تلاميذ أبي حاتم، لم يذكر بجرح ولا تعديل، فيستشهد به في هذا، وجُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ، هو أبو الأسود التيمي، صالح الحديث، وقيل: ضعيف رمي بالرفض، روى له الأربعة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
في سند ضعيفان، وقد يستشهد به من يرى عدم النقض في الجنابة، ويكتفي بالإرواء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1183 - (5) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زَاذِي، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
(1)
في بعض النسخ الخطية " تصنع.
(2)
فيه جميع بن عمير: اختلفت فيه أقوال النقاد، وأرى أنه كما قال ابن حجر: مقبول، والحديث أخرجه أحمد أبو داود حديث (241) وابن ماجه حديث (574) وقال الألباني: ضعيف جدا.
" أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَغْتَسِلُ تَنْقُضُ شَعْرَهَا، فَقَالَتْ: بَخٍ وَإِنْ أَنْفَقَتْ
(1)
فِيهِ أُوقِيَّةً، إِنَّمَا يَكْفِيهَا أَنْ تُفْرِغَ عَلَى
(2)
رَأْسِهَا ثَلَاثاً "
(3)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، ويَزِيدَ بْنِ زَاذِي
(4)
، هو البجلي، عم يزيد بن هارون، وهو من أفراد الدارمي وثقه ابن معين، وأَبو زُرْعَةَ، هو ابن عمرو ابن جرير البجلي، كوفي تابعي ثقة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
لم يقيد الغسل من جنابة أو حيض، وهذا يؤيد من قال بعدم النقض مطلقا، والاكتفاء بالإرواء، وهذ القول من أم المؤمنين يؤيد أنها ترى النقض من التكلف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1184 -
(6) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" تُخَلِّلُهُ بِأَصَابِعِهَا "
(5)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو خَالِدٍ، هو الأحمر، هما ثقتان تقدما، وحَجَّاجٌ، هو ابن أرطاه يستشهد به تقدم، وفُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، هو أبو النضر الفقيمي، كوفي ثقة، وإِبْرَاهِيم، وعَلْقَمَةُ، هو ابن قيس، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
(1)
في بعض النسخ الخطية " أنقضت ".
(2)
في بعض النسخ الخطية " عن ".
(3)
رجاله ثقات، يزيد بن زاذي وثقه ابن معين (الجرح والتعديل 9/ 262)، وانظر: القطوف (862/ 1210).
(4)
في (حميد).
(5)
فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف، وانظر: القطوف (863/ 1210).
الشرح:
المراد أنه لا يرى النقض واجبا، وإنما على ما تقدم، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1185 -
(7) حَدَّثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:" فِي الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ: يَصُبَّانِ الْمَاءَ صَبًّا، وَلَا يَنْقُضَانِ شُعُورَهُمَا "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو خَالِدٍ، وحَجَّاجٌ، تقدموا آنفا، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم المكي، صدوق مدلس، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1186 -
(8) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو خَالِدٍ، وحَجَّاجٌ، تقدموا آنفا، وعَطَاءٌ، إمام تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1187 -
(9) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: " إِذَا بَلَّتْ أُصُولَهُ وَأَطْرَافَهُ لَمْ تَنْقُضْهُ "
(3)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، ومَنْصُورٍ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف، وانظر: القطوف (864/ 1211).
(2)
انظر: سابقه.
(3)
رجاله ثقات.
الشرح:
هذا على غرار ما تقدم في عدم وجوب النقض إذا حصل التخليل والإرواء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1188 -
(10) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ نِسَاءَ ابْنِ عُمَرَ، وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ كُنَّ إِذَا اغْتَسَلْنَ لَمْ يَنْقُضْنَ عِقَصَهُنَّ
(1)
مِنْ
(2)
حَيْضٍ وَلَا جَنَابَةٍ
(3)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو العمري، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1189 -
(11) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:" لَا تَنْقُضْنَ عِقَصَكُنَّ مِنْ حَيْضٍ وَلَا مِنْ جَنَابَةٍ "
(4)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، تقدما آنفا وعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، هو ابن جدعان يستشهد به تقدم، وأُمُّ مُحَمَّدٍ، هي أمية، ويقال: أمينة زوجة زيد والد على، تابعية يستشهد بها، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
يقويه في عدم النقض ما تقدم، وانظر التالي.
(1)
هو الضفائر، أو ما تربط به، وانظر:(النهاية 3/ 212).
(2)
ليست في بعض النسخ الخطية.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (866/ 1213).
(4)
فيه أم محمد، أمية، أو أمينة بنت عبد الله: لم توصف بجرح ولا تعديل، والأثر صحيح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1190 -
(12) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:" جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَوْ عُقَدَهُ ". قَالَ: «احْفِنِي
(1)
عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ: ثُمَّ اغْمِزِي
(2)
عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَفْنَةٍ غَمْزَةً».
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن موسى، إمام ثقة تقدم، وأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، هو أبو زيد الليثي، كثير الحديث لكنه يستضعف فيعتبر به، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، إمام ثقة تقدم، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
قوله: " ثم اغمزي " الغمز: هو الكبس باليد، وانظر:(النهاية 3/ 292)، وهذا على غرار ما تقدم، وفيه بيان كيفية الإرواء، وهو مرسل؛ لأن المقبري لم يسمع من أم سلمة، وأسامة بن زيد الليثي: صدوق يهم، ولعل إسقاط مولى أم سلمة من وهمه، وأخرجه مسلم حديث (330) سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1191 -
(13) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ:" اسْتَأْصِلِي الشَّعْرَ، لَا تَخَلَّلُهُ نَارٌ قَلِيلٌ بُقْيَاهَا عَلَيْهِ"
(3)
.
قَالَ مَنْصُورٌ: يَعْنِى الْجَنَابَةَ.
(1)
الحفنة: ملء الكف، والجمع حفنات وانظر:(النهاية 1/ 334).
(2)
المراد تعصر أصول الضفائر وتحركها ليصل الماء إليها.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (869/ 1217).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، وزَائِدَةُ، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، أئمة تقدموا قريبا، وهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، هو النخعي تابعي كبير إمام ثقة، وحُذَيْفَةُ، رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم هذا عن حذيفة رضي الله عنه مرارا، وهو يدل على وجوب الإسباع، ولاسيما في الغسل من الجنابة والحيض؛ ذلك أصل في صحة الطهارة، وانظر ما تقدم برقم 767، 1178، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1192 -
(14) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَارِثِ، [عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ]
(1)
عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: " اسْتَأْصِلِي الشَّعْرَ بِالْمَاءِ، لَا تَخَلَّلُهُ نَارٌ قَلِيلٌ بُقْيَاهَا عَلَيْهِ "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وجَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو الأشهب الواسطي، من أفراد الدارمي وليس به بأس تقدم، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، وهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحُذَيْفَةُ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1193 -
(15) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:" إِذَا اغْتَسَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَلَا تَنْقُضْ شَعْرَهَا، وَلَكِنْ تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى أُصُولِهِ وَتَبُلُّهُ "
(3)
.
(1)
ما بين المعقوفين سقط من بعض النسخ الخطية.
(2)
فيه جعفر بن الحارث: صدوق كثير الخطأ، وانظر: سابقه.
(3)
فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، صدوق سيء الحفظ جدا، يقوى بما تقدم.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو الواسطي، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو عبد الرحمن سيء الحفظ، فيستشهد به تقدم، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح: تقدمت روايات في هذا الصدد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1194 -
(16) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ:" فِي الْمَرْأَةِ تُصِيبُهَا الْجَنَابَةُ، وَرَأْسُهَا مَعْقُوصٌ تَحُلُّهُ؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا الْمَاءَ صَبًّا، حَتَّى تُرَوِّىَ أُصُولَ الشَّعْرِ "
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، عَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (872/ 1220)، وانظر ما تقدم برقم 767، 1178.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1195 -
(17) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَبِيبَةُ بِنْتُ حَمَّادٍ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ حَيَّانَ السَّهْمِيَّةُ قَالَتْ: " قَالَتْ لِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: أَمَا تَسْتَطِيعُ إِحْدَاكُنَّ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا أَنْ تُدَخِّنَ شَيْئاً مِنْ قُسْطٍ
(1)
، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئاً مِنْ آسٍ
(2)
، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئاً مِنْ نَوًى، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئاً مِنْ مِلْحٍ "
(3)
.
(1)
عقّار معروف في الأدوية، طيب الرائحة، تبخر به النفساء، والأطفال (النهاية 4/ 48).
(2)
نوع من الزهور.
(3)
فيه حبيبة بنت حماد المازنية ذكرت في شيوخ محمد بن منهال (تهذيب الكمال 26/ 510) ولم أعرفها.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، هو أبو عبد الله بصري ضرير، ثقة روى له الشيخان، وحَبِيبَةُ بِنْتُ حَمَّادٍ، هي من شيوخ محمد بن المنها، لم تذكر بترجمة، وعَمْرَةُ بِنْتُ حَيَّانَ السَّهْمِيَّةُ، مجهولة لم أقف على ترجمتها، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا حث للنساء من أم المؤمنين رضي الله عنها على بعث الروائح الزكية الطيبة في بيوتهن، ولا سيما بعد الطهر من الحيض، وفي ذلك من إظهار طهرها وطيب بيتها ما يدل على عنايتها بنفسها وبيتها وزوجها، بأي نوع من الطيب، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1196 -
(18) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" إِذَا اغْتَسَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحَيْضِ، فَلْتُمِسَّ أَثَرَ الدَّمِ بِطِيبٍ"
(1)
.
رجال السند:
أبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو أبو يزيد الأحول، وعَاصِمٌ، هو ابن سليمان الأحول، هو أئمة ثقات تقدموا، ومُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، هي بنت عبد الله بن عمرو، صحابية رضي الله عنها تقدمت، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
ما تقدم آنفا كان الأمر بالتطيب عاما في البدن واللباس والبيت، وهنا أرادت أم المؤمنين توجيه النساء إلى مخرج الحيض والنفاس، وتطييبه لكراهة ما لامسه من الرائحة، فتأخذ
قطنة وتمسح بها ظاهر المخرج وتحتشي بها، وهذا من تعطير الجسد والقضاء على
(1)
رواته ثقات، وانظر سابقه.
ما علق به من أثر ورائحة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1197 -
(19) أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ نِسَاءَهُ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ كُنَّ يَغْتَسِلْنَ مِنَ الْحِيضَةِ وَالْجَنَابَةِ، ثُمَّ لَا يَنْقُضْنَ شُعُورَهُنَّ، وَلَكِنْ يُبَالِغْنَ فِي بَلِّهَ ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري مقبول، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، ثقة له غرائب بعد أن أضر تقدم، عُبَيْدِ اللَّهِ، هو العمري، نَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
في سنده محمد بن عيينة الفزاري: مقبول، ويقويه ما تقدم في عدم النقض، وانظر: القطوف (875/ 1223) وانظر ما تقدم برقم 1182، 1184، 1186، 1186، ولا يجب النقض، بل يجب التخليل والإرواء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
173 -
باب دُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ
1198 -
(1) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" لَا بَأْسَ أَنْ تَتَنَاوَلَ الْحَائِضُ مِنَ الْمَسْجِدِ الشَّيْءَ "
(1)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وأَبُو عَوَانَةَ، ومُغِيرَةُ، وإِبْرَاهِيمُ، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
فيه جعفر بن الحارث: صدوق كثير الخطأ، ويقويه سابقه.
الشرح:
هذا يدل على عدم جواز دخول الحائض المسجد، ولها أن تتناول الشيء من المسجد، أو تناوله، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:«نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»
(1)
، ولم يأمرها بدخول المسجد، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1199 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بْنُ هَارُوْنَ، عَنْ جَعْفَرَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" تَتَنَاوَلَ الْحَائِضُ مِنَ الْمَسْجِدِ، الشَّيْءَ ولا تدخله "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو الأشهب لا بأس به، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، هما ثقتان تقدما، وتقدم السند برقم 847.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1200 -
(3) أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:" الْجُنُبُ يَأْخُذُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَضَعُ فِيهِ "
(3)
.
رجال السند:
مُسْلِمٌ، هو الفراهيدي، وهِشَامٌ، الدستوائي، وقَتَادَةَ، هو ابن جبر، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: هذا قول قتادة رحمه الله في الرجل الجنب، وكذلك المرأة غير الحائض، لهما في حال الجنابة أخذ الشيء من المسجد، وذلك لداعي الحاجة، وليس لهما الدخول إلى
(1)
رجاله ثقات، وسيأتي عند المصنف مكررا، وأخرجه مسلم حديث (298).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (876/ 1224)
(3)
هذا الأثر سقط من بعض النسخ الخطية، ورجاله ثقات.
المسجد في حال الجنابة لوضع الشيء فيه، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1201 -
(4) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ:" فِي الْحَائِضِ تَنَاوَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الشَّيْءَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِلاَّ الْمُصْحَفَ "
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو الطنافسي، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
174 -
بابٌ مُرُورِ الْجُنُبِ في الْمَسْجِدِ
1202 -
(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، ثَنَا هِشَامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
" فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}
(2)
قَالَ: هُوَ الْمُسَافِرُ "
(3)
.
رجال السند:
مُسْلِمٌ، وهِشَامٌ، وقَتَادَةُ، تقدموا آنفا، وأَبو مِجْلَزٍ، هو لا حق بن حميد إمام ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
الصحيح من أقوال أهل العلم أن ذلك ليس خاصا بالمسافر، بل هو عام فللجنب أن يمر في السجد ولا يقعد فيه، وانظر ما يلي.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: رقم (782)، وانظر: القطوف (878/ 1226).
(2)
من الآية (43) من سورة النساء.
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (880/ 1228).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1203 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثَنَا سَلْمٌ الْعَلَوِيُّ، عَنْ أَنَسٍ {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} من الآية (43) من سورة النساء، قالَ: " الْجُنُبُ يَجْتَازُ الْمَسْجِدَ وَلَا يَجْلِسُ فيه
(1)
.
رجال السند:
مُسْلِمٌ، هو الفراهيدي، والْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، هو بصري يستشهد به، وسَلْمٌ الْعَلَوِيُّ، هو ابن قيس يستشهد به، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1204 -
(3) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: الْجُنُبُ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَقْعُدُ فِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ:{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو البلخي، وَأَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، هما إمامان ثقتان تقدما، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق، وعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، هو ابن مالك إمام ثقة تقدم، وأَبو عُبَيْدَةَ، هو ابن عبد الله بن مسعود الكوفي، تابعي، إمام ثقة فقيه روى له الستة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1205 -
(4) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
(3)
.
(1)
فيه الحسن بن أبي جعفر البصري: ضعيف، وكذلك سلم بن قيس العلوي، وانظر: القطوف (881/ 1229).
(2)
من الآية (43) من سورة النساء.
(3)
فيه شريك أرجح أن حديثه حسن، وسماك بن حرب روايته عن عكرمة مضطربة.
1206 -
(5) وَسَالِمٍ عَنْ سَعِيدٍ قَالَا: " يَمُرُّ وَلَا يَقْعُدُ فِيهِ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وشَرِيكٌ، تقدما آنفا، وسِمَاكٌ، هو ابن حرب صدوق تقدم، وعِكْرِمَةُ، وَسَالِمٌ، هو ابن عجلان الأفطس، وسَعِيدٌ، هو ابن جبير، هم أئمة ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1207 -
(6) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:" كُنَّا نَمْشِي فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ جُنُبٌ، لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْساً "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، إمام ثقة تقدم، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو عبد الرحمن يستشهد به تقدم، وأَبو الزُّبَيْرِ، ثقة يرسل تقدم، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
ذكر المشي في المسجد، ولم يذكر القعود، وهو توكيد لما تقدم من جواز المرور، وعدم جواز الجلوس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
175 -
بابٌ التَّعْوِيذِ لِلْحَائِضِ
1208 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ:" فِي الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ فِي عُنُقِهَا التَّعْوِيذُ، أَوِ الْكِتَابُ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي أَدِيمٍ فَلْتَنْزِعْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي قَصَبَةٍ مُصَاغَةٍ مِنْ فِضَّةٍ فَلَا بَأْسَ، إِنْ شَاءَتْ وَضَعَتْ، وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَفْعَلْ "
(3)
.
(1)
موصول بالسند الذي قبله، وبه يزول اصطراب سماك.
(2)
فيه محمد بن أبي ليلى: صدوق سيء الحفظ جدا، ويقويه ما تقدم من جواز العبور، وانظر: القطوف (884/ 1232).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (885/ 1233).
قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ بِهَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وعَبْدُ الْمَلِكِ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا قريبا.
الشرح:
المراد ما كتب من التعاويذ المشروعة، وهي ما يكون من الكتاب والسنة، والأدعية المأثورة، وهذا جائز ولا حرمة فيه، والمحرم ما كان من عمل السحرة والكهان، وما كان من عمل الجاهلية، وقد كره التعاويذ جمع من الصحابة لهذا، وتورعوا بعدم كتابتها، وثبت التعويذ بالقراءة وهو أحب إلي من الكتابة والتعليق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا ابن عابس، ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ " قال: قلت: بلى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس هاتين السورتين»
(1)
، وغير ذلك ما ورد في أذكار الصباح والمساء، وعقب الصلوات، وعند الخروج والدخول والركوب والنزول، نعم قد لا يلقن الأطفال كل هذا، ويكفي تلقينهم البسملة، والتعوذ من الشيطان، وما تيسر من الذكر والإكثار من ذلك، وهذا شيء جربناه في تربية البنين والبنات، والحمد لله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
176 -
بابٌ الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ
(2)
وَلَمْ تَجِدِ الْمَاءَ
(3)
1209 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ: عَبْدُاللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ ثَنَا، عَنْ مَطَرٍ قَالَ: " سَأَلْتُ الْحَسَنَ
(4)
.
(1)
أحمد حديث (17297).
(2)
في بعض النسخ الخطية " تطهرت ".
(3)
هذا الباب نقله صاحب فتح المنان، وجعله عقب باب مجامعة الحائض إذا طهرت (5/ 289)، ونبه على ذلك (فتح المنان 5/ 385).
(4)
فيه مطر بن طهمان الوراق: صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف، ويقويه ما بعده، وانظر: القطوف (886/ 1234).
1210 -
(2) وَعَطَاءً، عَنِ الرَّجُلِ تَكُونُ مَعَهُ امْرَأَتُهُ فِي سَفَرٍ فَتَحِيضُ، ثُمَّ تَطْهُرُ وَلَا تَجِدُ الْمَاءَ. قَالَا: تَتَيَمَّمُ وَتُصَلِّي. قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: يَطَؤُهَا زَوْجُهَا؟، قَالَا: نَعَمِ، الصَّلَاةُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، هو الحزامي، وضَمْرَةُ، هو ابن ربيعة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، البلخي، أبو عبد الرحمن ثقة، ومَطَرٌ، هو ابن طهمان الوراق، حديثه حسن، والْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، هما إمامان تقدما.
الشرح:
التيمم طهارة بديلة عن الماء عند فقده ولو مدة طويلة، ويبيح للمتيمم ما يبيح الماء من طهارة الحدث الأصغر، والحدث الأكبر الجنابة، وطهارة المرأة من الحيض والنفاس، وهذه رحمة من الله بعباده عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1211 -
(3) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ فَلَا تَجِدُ الْمَاءَ، قَالَ:" يُصِيبُهَا زَوْجُهَا إِذَا تَيَمَّمَتْ"
(2)
. سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ تَقُولُ بِهَذَا؟، قَالَ: إِي وَاللَّهِ.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو المصيصي أبو عثمان، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: لأنها طهرت وتطهرت بالتيمم فحلت لها الصلاة ومعاشرة الزوج ولو دهرا عند فقد الماء، فإذا وجدته اغتسلت.
(1)
موصول بالسند الذي قبله، ولا يعارضه الأثر رقم (1148) لأن المراد به إذا كانت في الحضر، وهذا في حالة السفر، ولا ماء فيكفي التيمم.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (887/ 1235).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
177 -
بابٌ استِبْرَاءِ الأَمَةِ
1212 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ:" فِي اسْتِبْرَاءِ الأَمَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ، قَالَ: خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ ".
رجال السند:
يَزِيدُ، هو ابن هارون، إمام تقدم، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، ولَيْثٌ، يستشهد به تقدم، وطَاووُسٌ، إمام تقدم
الشرح:
المراد معرفة براءة الرحم من الحمل، فلا يجوز وطء الأمة إن وجدت في هذا الزمان، إلا بعد خلو رحمها من الحمل، وهذا في كل الأحوال حالة الشراء، وحالة السبي، ولا تستبرأ البكر، وقد يقول لماذا الكلام على الإماء وزمننا هذا ليس فيه إماء لا بيعا ولاسبيا، والجواب: أن الشريعة ليست لزمن دون آخر، ولو انعدم سبب الحكم الشرعي؛ لأن الشريعة خالدة إلى يوم القيامة وقد يأتي وقت يكون فيه إماء، وهذا علمه عند الله فيما يستقبل من الدهر.
والحديث فيه شريك: أرجح أنه حسن الحديث، وليث بن أبي سليم ضعيف، وله ما يقويه، وانظر: القطوف (888/ 1236).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1213 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ:
" ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ، وشَرِيكٌ، تقدما آنفا، وخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد، هما
(1)
فيه شريك، وانظر: القطوف (889/ 1237).
إمامان ثقتان تقدما.
الشرح:
لعل أبا قلابة رحمه الله أراد الأمة التي لا تحيض، أو أنه عمم الحكم على من تحيض ولا من لا تحيض، والحقيقة أن حيضة واحدة تكفي، ولا تستبرأ البكر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1214 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنِ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْجَارِيَةَ لَمْ تَبْلُغِ الْمَحِيضَ، وَلَا تَحْمِلُ مِثْلُهَا، كَمْ يَسْتَبْرِئُهَا؟، قَالَ: ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو أبو عبد الله القلانسي، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، هو السلمي دمشقي إمام ثقة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن ابن عمر، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
المراد بالتي لا تحمل مثلها من تكون صغيرة دون البلوع ولكن حصل لها من سيدها استمتاع، فالأولى أن تستبرأ بشهر، ومن قال ثلاثة أشهر فهو احتياط، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1215 -
(4) وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: " بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْماً "
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، هو الطائي، أبو نصر اليماني، إمام ثقة تقدم.
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
(2)
موصول بالسند الذي قبله، وتقدم (943).
الشرح: أخذ بقول طاووس المتقدم برقم 1209.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1216 -
(5) أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: بِشَهْرٍ
(1)
.
سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ: بِأَيِّهِمَا تَقُولُ؟، قَالَ: " ثَلَاثَةُ
(2)
أَشْهُرٍ أَوْثَقُ، وَشَهْرٌ يَكْفي ".
رجال السند:
الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، هو أبو سهل البغدادي، إمام ثقة تقدم، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، ويَحْيَى بْنُ بِشْرٍ، هو أحد راويين عن الوليد، يحيى بن بشر الحرير أو يحيى بن بشر الفلاس البلخي، وهما ثقتان، وعِكْرِمَةُ، إمام.
الشرح:
القول في الاستبراء بحيضة أو شهر أعدل، وذلك يكفي كما قال الدارمي وغيره.
ومن كتَابُ الصَّلَاةِ
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
178 -
بابٌ فِي فَضْلِ الصَّلَوَاتِ
1217 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، كَمَثَلِ نَهَرٍ جَارٍ عَذْبٍ عَلَى باب أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ»
(3)
.
رجال السند: يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، والأَعْمَشُ، وأَبو سُفْيَانَ
(4)
هو طلحة بن نافع الواسطي، من صغار التابعين لا بأس به تقدم، وجَابِرٌ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات.
(2)
في بعض النسخ الخطية " ثلاث ".
(3)
والحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (668).
(4)
في (ك) أبي إسحاق.
الشرح:
هذا مثل عظيم فالصلوات الخمس تكفر الذنوب وتمحوها، كما أن الماء العذب النقي يزيل كل ما يعلق بالبدن واللباس من الملوثات والأوساخ، فلا يبقى من درن المغتسل كل يوم شيء، وهذا في المحسوس؛ لأن الماء كل ما كان عذبا كان أقوى في الإنقاء، وكل ما كان كثيرا كان أقوى في الإزالة، والصلاة في المعنوي تزيل كل ما يقترف العبد من الذنوب، فكل ما أديت أركانها وشروطها وواجباتها وسننها كان أثر ذلك أقوى في محو الذنوب، فالإنسان يحترق باقتراف الذنوب، والصلوات تطفئ ذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:" تحترقون حتى إذا صلوا الفجر غسلت، ثم تحترقون حتى إذا صلوا الظهر غسلت، ثم تحترقون حتى إذا صلوا العصر غسلت، حتى عد الصلوات كلها هكذا "
(1)
.
ما يستفاد:
* ضرب الأمثلة من أهم وسائل الدعوة والتعليم.
* أهمية الماء العذب في تنقية وتطير الأبدان والملابس.
* الماء الكثير أقوى في التنقية والتطهير.
* أهمية المحافظة على الصلوات الخمس.
* إقامة الصلاة على الحقيقة هي الاهتمام بأوقاتها والمحافظة على أركانها، وشروطها، وواجباتها والسنن فيها.
* أهمية الصلاة في تكفير الذنوب ومحوها.
* قل من يسلم من اقتراف الذنوب والخطايا وهي محرقة لمن يقع فيها.
* الصلوات تطفئ احتراق المسلم بالذوب، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1218 - (2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي
(1)
الطبراني حديث (8739).
هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَراً بِباب أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، مَاذَا تَقُولُونَ ذَلِكَ مُبْقِياً مِنْ دَرَنِهِ؟» قَالُوا: لَا يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ. قَالَ: «كَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا»
(1)
.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدِيْثُ أَبِيْ هُرَيْرَةَ عِنْدِيْ أَصَحُّ.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن الهاد، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن الحارث التيمي المدني، ثقة له أفراد وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
179 -
بابٌ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ
1219 -
(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: " سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ - وَكَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا
(2)
- فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَهِيَ حَيَّةٌ أَوْ نَقِيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ تَجِبُ
(3)
الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ رُبَّمَا عَجَّلَ وَرُبَّمَا أَخَّرَ، إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَجَّلَ وَإِذَا تَأَخَّرُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ رُبَّمَا كَانُوا
أَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا بَغَلَسٍ "
(4)
.
(1)
فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، صدوق، وأخرجه البخاري حديث (528) واختصره مسلم حديث (667) وانظر: السابق.
(2)
في الأصول وقت الصلاة، وهذا من إظهار المضمر، وكلاهما يصح.
(3)
في بعض النسخ الخطية " تحجب " والصواب تجب: أي تغرب، والمراد سقوطها مع المغيب، انظر:(النهاية 5/ 123) وقد تحجب ولا تغرب.
(4)
سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (560) ومسلم حديث (646) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 378).
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر الكناني، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو ابْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، هو حفيد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ثقة روى له الشيخان، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصلوات في أول وقتها ما عدا العشاء فكان يراعي أحوال الناس فإذا حضروا أول وقتها صلى، وإن تأخروا أخر؛ لأن العشاء موسع وقتها، وتأخيرها أفضل لولا المشقة على الناس.
ما يستفاد:
* فضل أداء الصلوات في أول وقتها.
* جواز تأخير صلاة العشاء.
* استحباب مراعاة حصور المصلين، ولاسيما في صلاة العشاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1220 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: " أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْماً، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخْبَرَهُ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْماً، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ
يَا عُرْوَةَ، أَوَ إِنَّ
(1)
جِبْرِيلَ أَقَامَ وَقْتَ الصَّلَاةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: كَذَاكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، هو أبو علي ثقة تقدم، وهو أخو عبد الكبير، كلاهما من شيوخ الدارمي، ومَالِكٌ، هو الإمام تقدم، وابْنُ شِهَابٍ، هو محمد ابن مسلم الزهري، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، الخليفة تقدم، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هو ابن العوام، ومُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، هو أمير الكوفة رضي الله عنه، وأَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، هو عقبة بن عمرو، صحابي نزل الكوفة رضي الله عنه.
وبشير بن أبي مسعود، هو تابعي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ذكره بعضهم في الصحابة، وأبو مسعود، هو عقبة بن عمرو، الآنف الذكر رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنهم أخروها عن وقتها المستحب، وهو ما علّم جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يؤخروها حتى خرج الوقت الاختياري، وقد روى أبو مسعود قال:" أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قم فصل، وذلك لدلوك الشمس حين مالت الشمس، فقام فصلى الظهر أربعا، ثم ذكر سائر الصلوات بأعدادهن هكذا في أول الوقت وفي آخره، إلا المغرب، فإنه قال في اليوم الأول: ثم أتاه حين غربت الشمس، فقال: قم فصل المغرب ثلاثا"
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1221 -
(3) قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا،
(1)
ليس في بعض النسخ الخطية.
(2)
سند حسن، أخرجه البخاري حديث (521) ومسلم حديث (610) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 355).
(3)
معرفة السنن حديث (2344).
قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ"
(1)
.
رجال السند: عُرْوَةُ، هو ابن الزبير إمام ثقة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد أنه صلى العصر في أول وقتها والشمس مرتفعة لم تمل إلى الغروب، وهو ما يعبر عنه في بعض الروايات " والشمس حية " كما في حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال:" كان يصلي الظهر حين تزول الشمس، والعصر يرجع الرجل إلى أقصى المدينة، والشمس حية، والمغرب قال سيار: نسيتها، والعشاء لا يبالي بعض تأخيرها إلى ثلث الليل، وكان لا يحب النوم قبلها والحديث بعدها، وكان يصلي الصبح، فينصرف الرجل فيعرف وجه جليسه، وكان يقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة " قال سيار: لا أدري أفي إحدى الركعتين، أو في كلتيهما "
(2)
.
قلت: قد لا تكون القراءة في الركعة الثانية مثل الأولى؛ لأن السنة الاطالة في الأولى، والثانية دونها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
180 -
بابٌ فِي بدْءِ الأَذَانِ
1222 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: "وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَهَا - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِى الْمَدِينَةَ - إِنَّمَا يُجْتَمَعُ إِلَيْهِ بِالصَّلَاةِ
(3)
لِحِينِ مَوَاقِيتِهَا بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، فَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ بُوقاً كَبُوقِ الْيَهُودِ، الَّذِي يَدْعُونَ بِهِ لِصَلَاتِهِمْ ثُمَّ كَرِهَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِالنَّاقُوسِ فَنُحِتَ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَى الصَّلَاة، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ رَأَى
(4)
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ - أَخُو بَلْحَارِثِ بْنِ
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(2)
أحمد حديث (19811).
(3)
في بعض النسخ الخطية " بالصلاة " وكلاهما يصح.
(4)
في (إذ رأى).
الْخَزْرَج - فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ طَافَ بِيَ اللَّيْلَةَ طَائِفٌ، مَرَّ بِي رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوساً فِي يَدِهِ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ هَذَا النَّاقُوسَ؟، فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟، قُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. ثُمَّ اسْتَأْخَرَ غَيْرَ كَثِيرٍ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، ثُمَّ
(1)
جَعَلَهَا وِتْراً، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَلَمَّا خَبَّرَ بِهَا
(2)
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتاً مِنْكَ» فَلَمَّا أَذَّنَ بِلَالٌ سَمِعَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَجُرُّ إِزَارَهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَذَاكَ أَثْبَتُ»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو أبو عبد الله الرازي، وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، وسَلَمَةُ، بن وهرام، يماني من قرية جبا باليمن، وثقه ابن معين، ولم يختلف في كونه صدوقا، وهو إمام في المغازي، لكن روى عن زمعة، ما ينكر، وزمعة
(1)
في بعض النسخ الخطية " ثم جعلها ".
(2)
في بعض النسخ الخطية " خبّرتها " وكلاهما يصح.
(3)
فيه محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه، وتابعه الإمام محمد بن يحي الذهلي، في الرواية التالية عند المصنف، وهو موصول بالسند المذكور في آخر الرواية، أخرجه الترمذي حديث (189) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (706) وحسنه الألباني، وقال ابن خزيمة: خبر ابن إسحاق، عن محمد ابن عبد الله بن زيد، عن أبيه ثابت صحيح من جهة النقل، لأن محمد بن عبد الله بن زيد قد سمعه من أبيه، وابن إسحاق قد سمعه من محمد بن إبراهيم التيمي، وليس هو مما دلسه ابن إسحاق (الصحيح 1/ 196 ت: الأعظمي).
ضعيف، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، إمام المغازي صدوق تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1223 -
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنِيهِ سَلَمَةُ قَالَ: حَدَّثَنِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِيهِ: بِهَذَا الْحَدِيثِ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وسَلَمَةُ وابْنُ إِسْحَاقَ، تقدموا آنفا، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، هو ثقة له أفراد تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، هو تابعي ثقة روى له الستة عدا البخاري، وأَبو، هو الصحابي الجليل عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
الشرح:
لا ريب أن ما رأى عبد الله بن زيد رضي الله عنه، حق لا مرية فيه، وأن الذي علمه الأذان طائف من الملائكة، والأذان المراد منه إعلام الناس بدخول وقت الصلاة، وقد كان لليهود بوق يصوتون فيه للإعلام بوقت صلاتهم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم مسايرتهم في ذلك، ومال إلى اتخاذ ناقوسا كالنصارى، لكونهم أقرب من اليهود، وهو ما يقرعونه للإعلام بوقت صلاتهم، ولكن الله عز وجل هدى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ما هو خير، فأرى ذلك العبد الصالح رضي الله عنه في نومه أن طائفا ولا ريب أنه من الملائكة ساومه عبد الله على ناقوس رآه يحمله، ولما سأله عن حاجته به، أخبره ليكون سببا لجمع المسلمين وحضورهم الصلاة، فدله على ما هو خير، وعلّمه صيغة الأذان، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله رضي الله عنه على ما ذكر، وعلمه بلالا رضي الله عنه، وأصبح الأذان من شعائر الإسلام، لا يجوز تركه، ولولي الأمر معاقبة من تركه، وكان سماعه أيام الفتح الإسلامي عاصما لأهله من القتال، لضمنه الشهادتين، والحمد لله الذي من على الأمة بالفضل والتيسير.
(1)
انظر: السابق.
ما يستفاد:
* مخالفة اليهود والنصارى في شعائرهم الدينية، وعاداتهم الاجتماعية.
* أن الخير لهذه الأمة فيما أمر الله عز وجل به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
* أن الرؤيا الصالحة علامة للرجل الصالح.
* أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى ما رأى عبد الله رضي الله عنهما، إذا قال: يَجُرُّ إِزَارَهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى، وصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال:«فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَذَاكَ أَثْبَتُ» وفي هذا رد على من ادعى ذلك ليحظى بفضله، وعبد الله بن زيد صادق أمين وعمر كذلك رضي الله عنهما، زاد خبر عمر الأمر ثبوتا، وخبر الإثنين أقوى من خبر الواحد.
* المحافظة على صيغتي الأذان والإقامة بالألفاظ المذكورة، فهي سنة تقريرية، وقولية أيضا في حديث أبي محذورة رضي الله عنه، علمه ألفاظها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما أختاره مؤذنا.
* في الأذان إشهار بتوحيد الله عز وجل في العبادة، والخلوص من الشرك وذلك في قول المؤذن: أشهد ألا إله إلا الله.
* في الأذان إشهار بعظمة الله عز وجل وأنه أكبر وأعظم من كل شيء، وذلك في قول المؤذن: الله أكبر.
* في الأذان إشهار لتوحيد الاتباع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك في قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله.
* في الأذان إشهار للصّلاة وأنها أحب الأعمال إلى الله عز وجل.
* في الأذان إشهار بتسمية الصلاة الفلاح؛ والمراد بالفلاح النجاة في الدنيا
والفوز في الآخرة.
وفي ختام الأذان عود لتوكيد ما بدأ به من عظمة الله وتوحيده جل جلاله، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1224 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ:" حَدَّثَنِي أَبِي: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، هو الذهلي شيخ البخاري، إمام ثقة جليل، ويَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، هو أبو يوسف من ذرية عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ثقة فاضل نزل بغداد، قَالَ: وأَبوه، هو أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ثقة كثير الحديث، سكن بغداد هو وولده وكان على بيت المال، وابْنُ إِسْحَاقَ، هو محمد صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، وأَبوه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنه، تقدموا قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
181 -
بابٌ فِي وَقْتِ أَذَانِ الْفَجْرِ
1225 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ يَرْفَعُهُ قَالَ:«إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله بن عمر، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
(1)
سنده حسن، ابن إسحاق صرح بالتحديث، وانظر: سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (617) ومسلم حديث (1092) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 662).
الشرح:
هذا في أذان الفجر في رمضان، كان بلال رضي الله عنه يؤذن قبل الوقت، وعلل هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال - أو قال نداء بلال - من سحوره، فإنه يؤذن- أو قال ينادي - بليل، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم»
(1)
، المراد ليعلم بقرب طلوع الفجر، ويرد المتعبد بقيام الليل، ليتزود براحة أو سحور أو ماء، أو لوتر إن لم يكن أوتر أو يتأهب الساع للصبح ويصلح بعض شأنه كطهارة من حدث أصغر أو أكبر أو نحو ذلك مما يترتب على علمه بقرب طلوع الفجر.
أما أذان ابن أم مكتوم فلقطع الشك في عدم طلوع الفجر، وبسماعه يجب
الإمساك عن كل ما يحرم فعله بعد سماع الأذان.
ما يستفاد:
* جواز الأذان لصلاة الفجر قبل دخول وقتها، لتذكير الراغب في قيام أو وتر آخر الليل، أو لتنبيه من يصوم تطوعا بقرب طلوع الفجر، ولراغي في مناجاة ربه في وقت النزول وغير ذلك، ولا زالت هذه السنة قائمة في الحرمين المكي والمدني، فيؤذن قبل الوقت بساعة، لا يقال في الأذان الأول: الصلاة خير من النوم، وإنما يقال في الأذان الثاني للإعلام بدخول وقت صلاة الفجر، وهذه من نعم الله على عباده الصالحين، ولا حجة لمن منعه أو أنكره.
* جواز أن يكون في المسجد أكثر من مؤذن، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:" كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين؛ بلال، وأبو محذورة، وابن أم مكتوم "
(2)
، ذكرت أبا محذورة، وليس هو في المدينة كان يؤذن بمكة، والرابع هو سعد القرظ، وهو الثالث بالمدينة يأتي في التثويب.
(1)
مسلم حديث (1093).
(2)
السنن الكبير للبيهقي حديث (2016).
* جواز الاقتصار على مؤذن واحد في المسجد، فقد كان أبو محذورة رضي الله عنه يؤذن في المسجد الحرام بمكة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1226 -
(2) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا عَبْدَةُ، أنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
(1)
.
رجال السند:
إِسْحَاقُ، هو ابن إبراهيم الفراهيدي، وعَبْدَةُ، هو ابن سليمان الكلابي، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن عمر العمري، ونَافِعٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1227 -
(3) وَعَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»
(2)
. قَالَ الْقَاسِمُ: " وَمَا كَانَ بَيْنَهُمَا إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا ".
رجال السند: الْقَاسِمُ، هو ابن محمد، إمام تقدم وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا الحديث لعبيد الله بن عمر طريقان: طريقٌ عن نافع عن ابن عمر، رضي الله عنهما، وهو المتقدم آنفا، وهو بنص الحديث في صحيح مسلم رحمه الله
(3)
، وطريقٌ عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها، وهو هذا الذي تلاه المتن.
ما يستفاد:
* جواز أذان الأعمى واستعانته بمن يعلّمه.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(3)
مسلم حديث (1092).
* في هذا العصر يجوز أن يستغني المؤذن الأعمى بساعته، وكذلك بالصوت عبر برامج أوقات الصلاة.
* جواز الاقتداء في أوقات الصلاة بالثقات من المؤذين، وإعلامهم بدخول
وقت الصلاة.
* جواز قبول خبر الواحد في العبادات كالمؤذن في قبول إعلامه بوقت الصلاة.
* عدم جواز الأكل والشرب وسائر المفطرات إذا أذن المؤمن لصلاة الفجر، إلا من كان شاكا، فله أن يتحقق من طلوع الفجر الصادق، والامتناع أحوط.
* من سمع البدء في الأذان وهو على طعام أو شراب فله اللقمة في يده والشربة التي شرع فيها.
* من كان في حال جماع فإنه ينزع فورا ولا شيء عليه، ومن تباطأ ولو شيئا يسيرا أتم صوم يومه وقضى.
* في قوله صلى الله عليه وسلم: «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» أن ما بين أذان بلال وابن أم مكتوم رضي الله عنهما متسع للأكل والشرب، ولو على عجل، ولو كان الوقت لا يسمح بشيء من الأكل والشرب، لما أمر به صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
182 -
بابٌ التثْوِيبِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ
1228 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَفْصِ بْنِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ:" أَنَّ سَعْداً كَانَ يُؤَذِّنُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
. قَالَ: حَفْصٌ حَدَّثَنِي أَهْلِي: أَنَّ بِلَالاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَالُوا: إِنَّهُ نَائِمٌ، فَنَادَى بِلَالٌ بَأَعْلَى صَوْتِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ. فَأُقِرَّتْ فِي أَذَانِ صَلَاةِ الْفَجْرِ
(2)
.
(1)
فيه حفص بن عمر: مقبول، وانظر: القطوف (893/ 1249).
(2)
موصول بالسند الذي قبله، وانظر: سابقه، وانظر: القطوف (893/ 1249).
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُقَالَ سَعْدٌ الْقَرَظُ.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو بن فارس، ثقة تقدم، ويُونُسُ، هو ابن يزيد الأيلي، القرشي، ثقة حافظ، وقيل: ثقة في غير الزهري، روى له الستة، وحَفْصِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ، هو حفيد سعد القرض المؤذن، وثقه، وسَعْدٌ، هو الصحابي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المعروف بسعد القُرَظ رضي الله عنه.
الشرح:
التثويب: هو قول المؤذن " الصلاة خير من النوم "، ولا يكون إلا في الأذان لصلاة الفجر، وهو سنة تقريرية إذ ورد في القصة السابقة أن بلالا قال ذلك لما أراد أن يخبر رسول الله بصلاة الفجر، فقيل له: إنه نائم، فوفق الله عز وجل بلالا رضي الله عنه ليقول هذه العبارة، والمراد بها هنا الدعوة إلى ثواب الصلاة لما فيها من الخير، وإن كان في النوم خير راحة البدن، ولكن الصلاة خيرها عظيم، ونفعها عميم في الدنيا والآخرة، وجميع الصلوات فيها تلك الخيرية، ولكنها في صلاة الفجر آكد، وأقوى على محاربة الشيطان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه «يعقد على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل، فارقد فإن استيقظ فذكر الله، انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان»
(1)
.
ما يستفاد:
* التثويب سنة مؤكدة في أذا ن الفجر، ومن التثويب الإقامة لكل صلاة؛ لأنها دعوة إلى عمل عظيم يترتب على فعله ثواب عظيم.
(1)
البخاري حديث (1142) ومسلم حديث (776).
* لما وفق الله عز وجل بلالا رضي الله عنه إلى هذا القول أراد به الخير له وللأمة إلى يوم القيامة، فلبلال رضي الله عنه من الأجر في التثويب مثل أجور المؤذنين المثوّبين بذلك إلى يوم القيامة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
* في التثويب محاربة للشيطان؛ لأنه «إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان، وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى»
(1)
، والمراد بالنداء الأذان، والتثويب الإقامة.
* أن من كره التثويب في صلاة الفجر لا حجة له في قصة الأذان التي رواها عبد الله بن زيد رضي الله عنه، وخالفوا بهذه الكراهة جماهير المسلمين، وهو معلوم في نداء مؤذني رسول الله في مكة والمدينة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
183 -
بابٌ الأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى وَالإِقَامَةُ مَرَّةً
1229 -
(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ:" كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَثْنَى مَثْنَى، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَالَهَا مَرَّتَيْنِ، فَإِذَا سَمِعْنَا الإِقَامَةَ تَوَضَّأَ أَحَدُنَا وَخَرَجَ "
(2)
.
رجال السند: سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي، لابأس به تقدم، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ
(3)
، هو محمَّد بن إبراهيم بن مسلم بن المثنى القرشي لا بأس به، ومُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى، هو كوفي تابعي ثقة، وتلميذه أبو جعفر هو حفيده، وكل منهما مؤذن، وابْنُ عُمَرَ، رضي
(1)
البخاري حديث (608) ومسلم حديث (389).
(2)
سنده حسن، أخرجه أبو داود حديث (510) وحسنه الألباني.
(3)
هو محمد بن إبراهيم بن مسلم، القرشي، المدائني، وليس هو عمير بن يزيد الخطمي.
الله عنهما.
الشرح:
المراد أنه بالصيغة المعروفة عند أهل السنة والجماعة، إلا قد قامة الصلاة فتثنى، وقال مالك رحمه بالإفراد مستدلا بالحديث التالي، ورد بأن حديث أنس جاء في بعض رواياته " إلا الإقامة " يعني " قد قامة الصلاة " تثنى، وقال آخرون ومنهم الكوفيون: يُرَبّع التكبير في أول الأذان، وأول الإقامة، وثنى بقية ألفاظ الإقامة، الإقامة ثنى، مستدلين بحديث مكحول الآتي في باب الترجيع، وكل ذلك جائز إن شاء الله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1230 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ ".
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، هو ابن مسلم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وخَالِدٌ الْحَذَّاء، هو ابن عبد الله، وأَبو قِلَابَةٌ هو عبد الله بن زيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
استدل به الإمام مالك على إفراد قوله: " قد قامة الصلاة "، وانظر السابق، والحديث رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (603) ومسلم حديث (378) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 214).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1231 -
(3) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
" أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ، الأَذَانَ وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو المربدي من أهل البصرة ثقة، روى له الشيخان وأبو داود، وأَيُّوبُ، هو السختياني، وأَبو قِلَابَةٌ هو عبد الله ابن زيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1232 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: نَحْوَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، عَنْ سُفْيَانَ، هو الثوري، وخَالِد، هوٌ الْحَذَّاء، وأَبو قِلَابَةٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
184 -
بابٌ التَّرْجِيعِ فِي الأَذَانِ
1233 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ نَحْواً مِنْ عِشْرِينَ رَجُلاً فَأَذَّنُوا، فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَعَلَّمَهُ الأَذَانَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى
(1)
رجاله ثقات، وهو مكرر في (ت) وأنظر سابقه.
(2)
هذا الأثر أسقطه الداراني من مطبوعته وجعله في الهامش (2/ 763) والأثر رجاله ثقات، انظر: سابقه، وهو ليس في بعض النسخ الخطية.
الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَالإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى ئ»
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، وهِمامٌ، هو ابن يحيى، وعَامِرُ الأَحْوَلُ، هو ابن عبد الواحد البصريّ، صدوقٌ يُخطئ تقدم، ومَكْحُولٌ، هو الشامي، وابْنُ مُحَيْرِيزٍ، هو يتيم أبي محذورة، واسمه عبد الله، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مَحْذُورَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: تقدم البيان برقم 1119، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1234 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَا: ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا عَامِرٌ الأَحْوَلُ، قَالَ:" حَجَّاجٌ فِي حَدِيثِهِ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ، أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وهَمَّامٌ، وعَامِرٌ الأَحْوَلُ، ومَكْحُولٌ، وابْنُ مُحَيْرِيزٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وانظر السابق، وأبو مَحْذُورَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا معارض برواية الإفراد، ومخالف لأذان بلال، وقد ألقاه عليه عبد الله بن زيد رضي
(1)
هكذا أربع مرات، وهو كذلك في الأصول، وعند مسلم من رواية هشام الدستوائي، عن عامر (الله أكبر) مرتين، ونقل النووي قول القاضي: وقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم أربع مرات، وبالتربيع قال جمهور العلماء (شرح صحيح مسلم 2/ 8) بتصرف، والحديث رجاله ثقات، عامر الأحول ثقة، أخرجه مسلم حديث (369).
(2)
ت: رجاله ثقات، وانظر: سابقه، وانظر: القطوف (894/ 1255).
الله عنهما.
أما قول أبي محذورة واسمه سمرة بن معين، وقيل غير ذلك:" الأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، علمه بذلك رسول الله رضي الله عنه " وليس المراد كلمة واحدة مفردة، بل جملة كلمات سماها كلمة، وصورة ذلك في الأذان أن يقول: التكبير أولاً أربع كلمات، والشهادتان ثماني كلمات؛ أربع يقولها في نفسه، وأربع يقولها جهرًا، والحيعلة أربع كلمات، والتكبير الآخر كلمتان، والتهليل كلمة واحدة، فهذه تسع عشرة كلمة؛ ويزيد في أذان الصبح التثويب مرتين، فيصير إحدى وعشرين كلمة.
وصورة الإقامة أن يقول: الله أكبر الله أكبر أربع كلمات، أشهد أن لا إله إلا الله مرتان جهرا، وكذا أشهد أن محمدًا رسول الله مرتان جهرا، حيَّ على الصلاة مرتان، حي على الفلاح مرتان، قد قامت الصلاة مرتان، وهذا معارض بما تقدم من الروايات، وروي عن أبي محذورة أنه كان يفرد الإقامة. وقال مالك: الأذان سبع عشرة كلمة، فأسقط من التكبير الأول مرتين.
وقال أبو حنيفة: الأذان خمسة عشرة كلمة، فأسقط الترجيع، وهو الأذان المعروف في قصة عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
والترجيع وعدمه سنة ولا ينكر على من فعله، ولا على من تركه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
185 -
بابٌ الاِستِدَارَةِ فِي الأَذَانِ
1235 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّهُ رَأَى بِلَالاً أَذَّنَ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتْبَعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا بِالأَذَانِ "
(1)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، هو السوائي كوفي تابعي ثقة، وأَبوه، مشهور بكنيته، واسمه وهب بن
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (634) ومسلم حديث (503) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 280).
عبد الله السواني، ويلقب بوهب الخير، صحابي صحب عليا رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا الالتفات لا يكون إلا عندما يقول حي على الصلاة، حي على الفلاح، يلتفت بوجهه يمينا ثم شمالا من غير أن يحول قدميه عن القبلة، والقصد من ذلك توجيه النداء ذات اليمين، وذات الشمال، لتوجيه الصوت يمينا وشمالا. أما مع وجود مكبرات الصوت فإن فعل المؤذن هذا فقد درج عليه المؤذنون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ومن لم يفعله اكتفاء بالمكبر فلا حرج لتحقق المقصود من الالتفات، والأحب إليّ فعل ذلك ليعرف من يجهل هذا في الأذان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1236 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ بِلَالاً رَكَزَ الْعَنَزَةَ، ثُمَّ أَذَّنَ وَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ يَدُورُ فِي أَذَانِهِ "
(1)
. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدِيثُ الثَّوْرِىِّ أَصَحُّ.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وعَبَّادٌ، هو ابن منصور، ضعيف تقدم، وحَجَّاجٍ، هو ابن أرطاة ضعيف، وعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، تقدم آنفا، وأَبوه، أبو جحيفة رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
أما قول الدارمي: " حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ أَصَحُّ " فالثوري هو سفيان رحمه الله الله، وهو أصح؛ لأن في سند هذه الرواية ضعيفان هما عباد وشيخة حجاج، ويعتبر بهما في الشواهد.
وروى تفصيل هذا الإمام مسلم رحمه الله بسنده من طريق سفيان قال أبو جحيفة رضي الله عنه:
(1)
فيه الحجاج بن أرطاة: ضعيف، والحديث في الصحيحين: انظر سابقه.
" أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوئه، فمن نائل وناضح، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضأ، وأذن بلال، قال: فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة حي على الفلاح، قال: ثم رُكزت له عنزة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين،
…
"
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
186 -
بابٌ الدُّعَاءِ عِنْدَ الأَذَانِ
1237 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا مُوسَى ابْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ - أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ - الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُ بَعْضاً»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، هو الذهلي، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، هو سعيد بن الحكم ابن محمَّد ابن أبي مريم الجمحي، مصري، إمام ثقة ثبت، ومُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، هو أبو محمد المطلبي، مدني مختلف في توثيقه، ويستشهد به، وأَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ، هو سلمة بن دينار المخزومي، تابعي ثقة تقدم، قَالَ: وسَهْلُ بْنُ سَعْد، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا منة من الله عز وجل على عبادة أن جعل لهم فرصة قبول الدعاء عند النداء للصلاة، وقبوله عند ملاقاة العدو في الدفع عن الحرمات والمقدسات، وإعلاء كلمة الله عز وجل.
(1)
مسلم حديث (305) وانظر رواية البخاري من طريق أخرى عن عون بن أبي جحيفة، حديث (376).
(2)
فيه موسى بن يعقوب: صدوق سيء الحفظ، أخرجه أبو داود حديث (2540) وصححه الألباني.
ما يستفاد:
* الحرص على الدعاء عند سماع النداء للصلاة، وعند مواجهة الأعداء، ولاسيما في العقيدة.
* سعة فضل الله عز وجل أن سهل لعباده ما يحقق لهم القبول والرحمة والرضى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
187 -
بابٌ مَا يُقَالُ عَنْدَ الأَذَانِ
1238 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ»
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، أَنَا يُونُسُ، هو ابن يزيد تقدم، والزُّهْرِيُّ، وعَطَاءُ ابْنُ يَزِيدَ، هو الليثي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
المراد عموم السماع عند الصلاة، وفي غير وقت الصلاة كأن تكون في المدينة وتسمع الأذان في الرياض أو غيرها عبر وسائل النقل المذاعة فتقول مثل ما يقول المؤذن ثم تدعو بالدعاء المأثور فيكون لك الأجر بفضل الله ورحمته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1239 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: " دَخَلْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَنَادَى الْمُنَادِي فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ مُعَاوِيةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ [أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ]
(2)
، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (611) ومسلم حديث (383) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 215).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ك) وأظنه سبق قلم من الناسخ.
قَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ [أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ "]
(1)
.
قَالَ يَحْيَى: " وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ: [هَكَذَا]
(2)
سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ يَقُولُ هَذَا "
(3)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى، هو ابن أبي كثير، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، هو التيمي، وعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، هو ابن عبيد الله التيمي، أبو محمد تابعي ثقة، هم أئمة ثقات تقدموا ومُعَاوِيَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
في هذا حكاية المتابعة وقول السامع مثل ما يقول المؤذن، إلا في قوله: حي على الصلاة، فلا يحكي قول المؤذن، بل يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وكذلك عند قول حي على الصلاة، ومنعى هذا لا حول لنا على الاستجابة ولا قوة إلا بالله، أي بعونه لنا وتوفيقة.
ثم أسند معاوية هذا إلى رسول الله هذه المتابعة وذكر يحيى بن أبي كثير وهو إمام ثقة أن معاوية رضي الله عنه قال: " هَكَذَا سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ يَقُولُ هَذَا ".
والمستحب للمؤذن والمتابع أن يقول كل منهم الدعاء المأثور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له
(1)
ما بين المعقوفين سقط من (ت) والحديث رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (612، 613).
(2)
بعض النسخ الخطية زيادة " من ".
(3)
موصول بالسند الذي قبله، وفيه مجهول.
الشفاعة»
(4)
، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، إلا حلت له شفاعتي يوم القيامة»
(5)
، والوسيلة: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: أنها منزلة في الجنة، والدعوة التامة: دعوة الأذان، سميت بذلك لكمالها وعظيم أجرها، والصلاة القائمة: المراد التي نودي لها، وأنها ستقام ويحضر السامعون الدعوة لها، والمقام المحمود هو مقام الشفاعة، ذكر في الدعاء منكرا، هكذا " مقامًا محمودًا " اتباعا للفظ القرآن، قال الله عز وجل:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}
(6)
.
المستفاد:
* الحرص على متابعة المؤذن عند سماع الأذان، على نحو ما ورد آنفا.
* الحرص على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لما في ذلك من الأجر، وأن الله عز وجل يصلي على قائلها عشرا.
* الحرص على الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون له منزلة في الجنة خاصة به صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى الفضيلة، أنه يفضل بها.
* الحرص على الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يبعث مقاما محمودا، والمعنى تحمد الخلائق له ذلك المقام وهو مقام الشفاعة.
* والحرص على الثناء على الله جل جلاله بأنه لا يخلف الميعاد، وقد قال عز وجل:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}
(7)
، وانظر التالي.
(4)
مسلم حديث (384).
(5)
أبو داود حديث (680).
(6)
من الآية (79) من سورة الإسراء.
(7)
من الآية (79) من سورة الإسراء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1240 -
(3) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: " أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا
إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو راوية أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف، ثقة مكثر، وأبوه، هو عمرو بن علقمة بن وقاص، تابعي، تفرد ابنه بالرواية عنه ولم يذكر بجرح، وثقه ابن حبان، وجَدُّهِ، هو ابن محصن بن كلدة، كان ثقة قليل الحديث، ومُعَاوِيَةُ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
188 -
بابٌ الشَّيْطَانُ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فَرَّ
1241 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا نُودِىَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ قَبْلَ ذَلِكَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُوِّبَ يَعْنِى أُقِيمَ.
(1)
فيه محمد بن عمرو بن علقمة: صدوق له أوهام، وليس هذا مما وهم فيه، وأبو عمرو بن علقمة: قبول، يقوى بما تقدم، وانظر: سابقه.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، هو أبو العباس الجهضمي، وهِشَامٌ، ويَحْيَى، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (608) ومسلم حديث (389) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 216، 334).
وقوله: " يخطر " أي: يوسوس، والشيطان عدو الله ورسوله والمؤمنين فهو لا يقوى على ما يرضي الله ورسوله والمؤمنين، فيدبر عند النداء للصلوات، وعند ذكر الله عز وجل ومن ذلك التسمية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قال في أول يومه، أو في أول ليلته: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء في ذلك اليوم، أو في تلك الليل»
(1)
، لا شيطان ولا غيره، ومن تلاوة القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه البقرة»
(2)
، وقد علم الشيطان أبا هريرة رضي الله عنه آية الكرسي، وهذه قصته قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته، وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج، وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة» ، قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله، قال:«أما إنه قد كذبك، وسيعود» ، فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك» ، قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة،
(1)
أحمد حديث (474).
(2)
أحمد حديث (9042).
وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله، قال:«أما إنه قد كذبك وسيعود» ، فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات، أنك تزعم لا تعود، ثم تعود قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(1)
، حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما فعل أسيرك البارحة» ، قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال:«ما هي» ، قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(2)
، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة» ، قال: لا، قال:«ذاك شيطان» ، وصدق الله القائل:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الآية (28) من سورة الرعد.
ما يستفاد:
* محاصرة الشيطان بكل ما يرضي الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
* التحصن من كيد الشيطان بالسور والآيات والأذكار.
* تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به من عند الله عز وجل، وما نطق به أو فعله أو أقر صحابيا على فعله، فإنه لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
(3)
. التحذير من عدم يأس الشيطان من الاضرار بالمؤمن وإيذائه في طاعته لله رسوله، فهو إذا
(1)
من الآية (255) من سورة البقرة.
(2)
من الآية (255) من سورة البقرة.
(3)
الآية (4) من سورة النجم.
سمع الذكر هرب وابتعد، وإذا انتهى عاد للكيد كما هو الحال سماعه الأذان، وعودته بعده، وهروبه عند سماعه الإقامة وعودته بعدها، وكذلك يفعل إذا سمع الأذكار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
189 -
بابٌ كَرَاهِيَةِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ
1242 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ:" أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَأَى رَجُلاً خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، أنكر عليه بعض ما روى، وعامة حديثه مستقيم، وأَبو الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ، هو سليم بن أسود، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا القول من أبي هريرة رضي الله عنه يحمل على عدم العذر المبيح للخروج، ولا يشمل من كان معذورا، فالحاقن مثلا له أن يخرج من المسجد وقت الأذان، وكذلك المحدث، وكذلك من أصابه رعاف، ومن له حاجة وأراد أن يصلي في مسجد قريب من موقع حاجته، وعلى العموم كل من كان له عذر يبيح خروجه وقت الأذان فلا يعد عاصيا.
ويكره الخروج لمن لا عذر له؛ لأن في خروجه مشابهة لفعل الشيطان، وهروبه عند سماع النداء.
أما وجه عصيانه لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلأنه ليس في الشرع الخروج من المسجد بعد النداء، ولأن أبا هريرة رضي الله عنه لا يجازف بهذا القول من عند نفسه فلا بد أن يكون سمع من رسول الله نهيا عن الخروج من المسجد بعد الأذان فأطلق على الفاعل المعصية، ومن
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (655).
محاذير الخروج بغير عذر أن تفوت الصلاة في مسجد آخر، أو يمنع ما نع من العودة إلى المسجد الذي خرج منه، فيفوته فضل صلاة الجماعة.
ما يستفاد:
* كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان.
* جواز الخرج من المسجد بعد الأذان لمن كان له عذر يبيح ذلك.
* أن قول أبي هريرة رضي الله عنه له حكم الرفع لذكره معصية من خرج بغير عذر.
* أن الخروج بغير عذر قد يفوت إدراك الصلاة في مسجد آخر فيُحرم فضل صلاة الجماعة
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
190 -
بابٌ فِي وَقتِ الظُّهْرِ
1243 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:" أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ".
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، هو البهراني، وشعيبٌ، هو ابنُ أبي حمزة دينار الحمصي، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (540) ومسلم حديث (2359) وهذا طرف منه، ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) إلا في الارتحال حديث (410). والمراد أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في أول وقتها، وذلك عندما تميل إلى جهة الغرب، وهو الزوال، ويقال: زالت الشمس، أي تحركت عن كبد السماء إلى جهة الغرب، وقد فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس بداية ونهاية فقال: «إن للصلاة أولا وآخرا، وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر
الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس»
(1)
، وروى مسلم رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام بالظهر، حين زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول قد طلعت الشمس، أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال:«الوقت بين هذين»
(2)
، فالحمد لله على كرمه وما يسر على عباده، وعلى سماحة هذا الدين، والتوسعة على العباد، ولكن الصلاة في أول وقتها أفضل، إلا الظهر في الصيف فيؤخر للإبراد، والعشاء السنة فيه التأخير.
ما يستفاد:
* فضل الصلاة في أول وقتها.
* أن من أخر الصلاة عن أول وقتها فلا حرج.
* من السنة الابراد بصلاة الظهر في شدة الحرارة.
* أن السنة في صلاة العشاء التأخير.
(1)
أحمد حديث (19733).
(2)
مسلم حديث (614).
* أن من أدرك ركعة من الصلاة في آخر الوقت فقد أدرك الصلاة.
* أن من صلى الصلاة في آخر وقتها، ثم صلى التي تليها في أول وقتها فصلاته صحيحة، وهو الجمع الصوري.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
191 -
بابٌ الابْرَادِ بِالظُّهْرِ
1244 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ
(1)
جَهَنَّمَ».
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " هَذَا عِنْدِي على التَّأْخِيرِ إِذَا تَأَذَّوْا بِالْحَرِّ ".
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
في سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث: أرجح أنه حسن الحديث، وليس هذا مما غلط فيه، أخرجه البخاري حديث (533) ومسلم حديث (615) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 357).
والمراد الانتظار بصلاة الظهر حتى تخف شدة الحر، ولم يرد بالإبراد التأخير حتى يقترب برد العشي، وفيح جنهم: غليانها وشدة حرها نعوذ الله من جنهم، ولا يكون الإبراد إلا في الأماكن التي يشتد حرها صيفا،
فالإبراد بالظهر فيها سنة، وليس في شتائها ولا الأماكن المعتدلة صيفا.
(1)
شدة حرها.
ما يستفاد:
* أن الابراد بصلاة الظهر سنة شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكسر حرارة الشمس، ولو مع وجود المكيفات في المساجد، لأن الماشي يتأذى من سموم الحر.
* إن الابراد في الصيف دون الشتاء.
* أن الأماكن المعتدلة صيفا لا يبرد بالظهر فيها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
192 -
بابٌ وَقتِ الْعَصْرِ
1245 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي، " فَيَأْتِيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ ".
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو العبسي، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث
(1)
، والمراد أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في أول وقتها، وهو الأفضل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
193 -
بابٌ وَقْتِ الْمَغْرِبِ
1246 -
(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ - هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ - أَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، إِذَا غَابَ حَاجِبُهَا ".
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (550) ومسلم حديث (621) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 361).
رجال السند:
إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهوية إمام ثقة تقدم، وصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، هو أبو محمد القسام، بصري ثقة، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، هو مولى سلمة، تابعي ثقة وسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (561) ومسلم حديث (636) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 370). والمراد أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في أول وقتها، وهو الأفضل، ووقتها يمتد إلى غروب الشفق الأحمر، أول وقت العشاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
194 -
بابٌ كَرَاهِيَةِ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ
1247 -
(1) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«لَا تَزَالَ أُمَّتِي بِخَيْرٍ، مَا لَمْ يَنْتَظِرُوا بِالْمَغْرِبِ اشْتِبَاكَ النُّجُومِ»
(1)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، هو الرازي، وعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، هو أبو سهل البصري، وعُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو العبدي بصري لا بأس به، وانتقد في حديث عن قتادة، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، والْحَسَنُ، هو البصري، والأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، هو السعدي تابعي، هم أئمة ثقات تقدموا، والْعَبَّاسُ، رضي الله عنه.
(1)
فيه عمر بن إبراهيم العبدي: في حديثه عن قتادة ضعف، وأخرجه ابن ماجه حديث (689) ويشهد له حديث أبي أيوب عند أحمد حديث (23534 - ومكرراه: 23535، 23582) وهو عند أبي داود حديث (418).
الشرح:
وقت المغرب أضيق الأوقات، والأفضل أداء الصلاة في أول وقتها ولا يجوز تأخيرها حتى تظهر النجوم كثيرة مختلطة، وفي هذا مخالفة للغلاة والمبتدعة، والخير فيما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي البعد عما حذر منه ونهى عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
195 -
بابٌ وَقْتِ الْعِشَاءِ
1248 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: " وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بِوَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ - يَعْنِى صَلَاةَ الْعِشَاءِ - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ
(1)
. قَالَ يَحْيَى: أَمَلَّهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ ".
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، هو صهر أبي عوانة وراويته، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر بن إياس، وبَشِيرُ بْنُ ثَابِتٍ، هو الأنصاري بصري ثقة، وحَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، هو الأنصاري كاتب النعمان ومولاه، تابعي لا بأس به، روى له مسلم، والنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في أول وقتها، وسقوط القمر في ليلته الثالثة من أوله يوافق أول وقت العشاء، وهذه نظرة دقيقة من النعمان رضي الله عنه، وإن كان تأخيرها أفضل إذا اجتمع الناس لذلك ولم تكن مشقة، قالت عائشة: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر: الصلاة نام النساء والصبيان، فخرج، فقال: «ما ينتظرها أحد من أهل
(1)
رجاله ثقات، أخرجه أحمد حديث (8903، 9383، 10803، 10935) وعن النعمان رضي الله عنه مختصرا حديث (18396، 18415) والنسائي حديث (529) حديث (419) والترمذي حديث النعمان (165).
الأرض غيركم»، قال: ولا يصلى يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
196 -
بابٌ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ
1249 -
(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِشَاءِ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى كَادَ أَنْ يَذْهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ قَرِيبُهُ، فَجَاءَ وَفِي
(2)
النَّاسُ رُقُودٌ، وَهُمْ عِزُونَ
(3)
، وَهُمْ
(4)
حِلَقٌ فَغَضِبَ" فَقَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلاً نَادَى النَّاسَ» .
وَقَالَ عَمْرٌو: «نَدَبَ النَّاسَ إِلَى عَرْقٍ
(5)
، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ
(6)
، لأَجَابُوا إِلَيْهِ، وَهُمْ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ، لَهَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلاً لِيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَتَخَلَّفَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الدُّورِ، الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ، فَأُضْرِمَهَا عَلَيْهِمْ بِالنِّيرَانِ»
(7)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، هو القيسي أبو عثمان البصري، صالح تقدم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان السمان، هم أئمة تقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
البخاري حديث (569) ومسلم حديث (638).
(2)
في بعض النسخ الخطية " والناس " وكلاهما يصح.
(3)
أي: جماعات. وليست في بعض النسخ الخطية.
(4)
في بعض النسخ الخطية " هي ".
(5)
في بعض النسخ الخطية " هي ".
(6)
اللحم بين الظلفين.
(7)
سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (644) ومسلم حديث (651) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 382).
الشرح:
في هذا خلاف هل المراد صلاة الجمعة أو العشاء أو الفجر، أو جميع الصلوات، رجح البيهقي رحمه الله رواية الجماعة على رواية الجمعة يدل عليه سائر الروايات أنه عبر بالجمعة عن الجماعة
(1)
، وقال النووي رحمه الله: رواية في الجمعة، ورواية في الجماعة في سائر الصلوات، وكلاهما صحيح
(2)
.
وهذا يدل على أهمية صلاة الجماعة والجمعة منها، وإنما خصت لمزيد فضل في شهودها والمحافظة عليها، والصلاة أهم العبادات؛ لأن الصلاة من تركها عمدا يكفر، ومن تركها تساهلا يعزر، وهي أول شيء من العبادات، يحاسب عليه العبد، قَالَ أبو هريرة رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، يَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ: انْظُرُوا إِلَى صَلَاةِ عَبْدِي، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً، قَالَ اللَّهُ عز وجل بِحِلْمِهِ وفضلِ وُدِّهِ عَلَى عَبْدِهِ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ تَطَوُّعٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ بِهِ» .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَلِكُمْ»
(3)
، لهذا كانت الصلاة صلة بين العبد وربه، فهو يناجي ربه في اليوم والليلة على الأقل سبعا وعشرين مرة ما بين فريضة ونافلة، «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل»
(4)
.
والصلاة تضمنت العديد من العبادات، البدنية كالطهارة وستر العورة وصرف المال فيهما والتوجّه إلى القبلة.
والنفسية، كإخلاص النية لله عز وجل وهي عمل قلبي، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، والعكوف في المسجد لأدائها، وإظهار خشوع الجوارح المنبعث من القلب، ومجاهدة
(1)
السنن الكبير حديث (4934).
(2)
خلاصة الأحكام انظر رقم (2254، 2255).
(3)
مسند عبد الله بن المبارك حديث (40).
(4)
مسلم حديث (395).
الشيطان ووساوسه، ومناجاة الرب جل جلاله بالدعاء وقراءة القرآن، وتوحيده جل جلاله بالنطق بالشهادتين: شهادة توحيد الألوهية، وشهادة توحيد الاتباع، وشرع الله عز وجل في الصلاة المناجاة سرًّا وجهرًا، وجمع للعبد فيها ذكر السر وذكر العلانية، فالمصلّي في صلاته يذكر الله في ملأ الملائكة ومَن حضر من الموجودين السامعين وهو ما يجهر به من القراءة فيها، وعلى قدر صلة العبد بربه تنفتح له الخيرات وتخف عنه الشرور فتقل، وقد تنعدم بفضل الله ورحمته، والصلوات متفاوتة في الأجر، فأفضل الصلوات في ذلك العشاء والفجر، قال رسول الله:«ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا»
(1)
، وقال صلى الله عليه وسلم: «أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر،
…
»
(2)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«من صلى العشاء في جماعة فهو كقيام نصف ليلة، ومن صلى الصبح في جماعة فهو كقيام ليلة»
(3)
.
وقد أفاد أبو عبد الله الحليمي رحمه الله، وبين ما يجني المحافظ على صلاة الجماعة من الأجر، والسلوك الإسلامي بين المصلين فقال رحمه الله: جاء عنه صلى الله عليه وسلم ما يبين أنها فرض وليست بفرض، وهو قوله «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»
(4)
، وهذا يحتمل أن يكون، على أن فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: " حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات لم يدعهن: ركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء "، فإذا ضممت بالعشر ركعات إلى السبع عشرة كانت صلاة
(1)
البخاري حديث (654) ومسلم حديث (437).
(2)
أحمد حديث (10016).
(3)
أحمد حديث (408).
(4)
البخاري حديث (654)
اليوم والليل، فرضها ونفلها سبعًا وعشرين ركعة، فإذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن كل صلاة أقيمت جماعة تعدل صلاة يوم وليلة إذا أقيمت لا في جماعة
(1)
.
ويحتمل ذلك وجهًا آخر وهو أن يكون إشارة إلى الفوائد التي تعود على المصلي في الجماعة، لأجل اجتماعه مع الناس على الصلاة.
ما يستفاد:
* الأمن من السهو عن بعض أركان الصلاة، والشك في أنه ركع أو لم يركع، وسجد سجدة أو سجدتين وصلى ركعة أو ركعتين.
* أن الصلاة في الجماعة إظهار للدين وليس إظهاره كإخفائه.
* أن الشغل في صلاة الجماعة أكثر منه في الانفراد، ولولا ذلك لم يجد المتخلف عن الجماعة بتخلفه تخفيفًا عن نفسه، والشغل بالعبادة عبادة.
* أن من يلزم المسجد منتظرًا الصلاة فذلك في حكم الصلاة وهو له عبادة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي»
(2)
.
وأما أن يتردد إلى المسجد في الظلمة مرة وفي الضياء أخرى والحر الشديد والبرد الشديد، ومقاساة العناء في العبادة عبادة، قال رسول الله رضي الله عنه:«بشر المشائين في الظلام بالنور التام»
(3)
.
* أن المسلمين إذا التقوا كل يوم وليلة خمس مرات للاجتماع على الصلاة عاد ذلك عليهم بالألفة والمودة، ولم يتقاطعوا ولم يستوحش بعضهم من بعض بأدنى بلاغ وأقل سبب.
(1)
مراده رحمه الله أن صلاة واحدة في جماعة تعدل صلاة الفرد في غير جماعة في يوم وليلة، على ما ذكر آنفا من عدد الصلوات فريضة ونافلة.
(2)
أبو داود حديث (1046).
(3)
ابن خزيمة حديث (1499).
ويلتحق بهذا أن بعضهم يسأل عن بعض إذا لم يره، وإن كان وجب له حق قضاء، وإذا لم يجتمعوا ولم يتلاقوا جهلوا حال بعضهم، ولم يصل إلى قضاء حق إن كان قد وجب له.
* أنهم إذا قصدوا أن يصلوا جماعة احتاجوا إلى مكان يضمهم، فبنوا المساجد وعمروا ما قد بني منها، وكل واحد من البناء والعمارة عبادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، أَوْ أَصْغَرَ: بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة»
(1)
. أنهم إذا أرادوا ذلك احتاجوا إلى مؤذن يحفظ عليهم الأوقات، ويعلمهم بها، فإذا نصبوه فالأذان للمؤذن عبادة.
* أنهم يحتاجون إلى إمام يكون لهم بمنزلة القائد والوالي، فإمامته لهم عبادة، واقتداؤهم به عبادة.
* أن الصلاة في الجماعة تقع لأوقاتها؛ لأن كل واحد يفزع نفسه لشهورها وإقامتها، وصلاة المنفرد تقع مرة لأول الوقت ومرة لآخره، وربما تنتهي عن الوقت، وليس المحاسب نفسه كالمتساهل.
* أن التدرب على الجماعة عصمة من ترك الصلاة؛ لأن المنفرد قد ينام عن الصلاة وقد ينساها، وقد يغفل منها وقد يكسل عنها ويتركها.
* أن في ذلك غيظًا على الكفار إن شاهدوا من المسلمين جموعهم ومساجدهم واجتماعهم بأمر دينهم ومواظبتهم على عبادتهم.
* أن فيها تشبهًا بالملائكة حيث يقولون: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}
(2)
.
* أن الصلاة من بعضهم على عين بعض أجزى وأخضع، ومن التجبر والتعظم أبعد.
(1)
ابن ماجة حديث (738).
(2)
الآيتان (165، 166) من سورة الصافات.
* أنه قد يدخل مع القوم من لا يحسن الصلاة فيصلي بصلاتهم ويأخذ عنهم فيكون أقام الصلاة بجماعة وهي من هذا الوجه إعانة على البر وهداية إلى الخير.
* أن الإمام يدعو لنفسه وللقوم، وكل واحد من القوم يدعو لنفسه وللجماعة، وذلك أرجى من دعاء المنفرد وحده.
فكيف يجرؤ بعد هذا البيان إنسان على القول بأن صلاة الجماعة سنة بإطلاق، ويجوز التخلف عنها وأداؤها في المنازل مع القدرة على شهودها في المساجد، ولو صح هذا القول فكم هي خسارة المصلي في البيت بدون عذر، نعم قد تصح صلاة المتخلف عن الصلاة ويتأول قوله صلى الله عليه وسلم:«لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» على فرض صحة الحديث، وفي رواية:«لا صلاة لمن سمع النداء ثم لم يأت إلا من علة»
(1)
، على فرض الصحة، يتأول بأن المراد نفي الكمال وليس نفي الصحة، وقد يكون هذا التأويل سائغا على غرار ما تقدم ن المفاضلة بين صلاة الجماعة وصلاة المنفرد، ولكن من يرضي بالنقص في دنياه، لا أحد، ألا ترى أن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل للحريص على ذلك بقوله المتقدم:«لَوْ أَنَّ رَجُلاً نَادَى النَّاسَ» ، وَقَالَ عَمْرٌو: أو: «نَدَبَ النَّاسَ إِلَى عَرْقٍ
(2)
، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ
(3)
، لأَجَابُوا إِلَيْهِ، وَهُمْ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ» ولا ريب أن ما دعوا له أمر حقير وتافه، فضلوه على حضور الصلاة جماعة، وقد حدث أكبر من هذا فقد خرج أناس لتلقي قافلة التجارة وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يخطب، نعم يقدم على هذا من لم يوازن بين ما يجد من الفضل والفوائد في شهود صلاة الجماعة وما يصرف عنها من أمور الدنيا، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1250 - (2) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
(1)
الدار قطني حديث (1552).
(2)
في بعض النسخ الخطية " هي ".
(3)
اللحم بين الظلفين.
" أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعِشَاءِ حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: قَدْ نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ يُصَلِّى هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرَكُمْ» وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُصَلِّى يَوْمَئِذٍ غَيْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ "
(1)
.
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، هو الجهضمي، وعَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عبد الأعلى، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد لم يكن إسلام في غير المدينة النبوية، وما عداها فهم على الشرك في ذلك الوقت.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1251 -
(3) حَدَّثنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ: أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَرَقَدَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ فَصَلاَّهَا " فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» .
رجال السند:
إِسْحَاقُ، هو ابن راهويه، ومُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، هو من ولد نصر بن مالك من الأزد، يكنى أبا عثمان، بصري ثقة، من شيوخ الدارمي الكبار، ولعل الدارمي لم يأخذ عنه هذا الحديث فنزل إسناده، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، والْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ، هو الصنعاني ثقة، روى له مسلم، وعلق عنه البخاري، وأُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، هي أخت عائشة غير شقيقة تابعية، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (862).
الشرح:
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (638)، وهذا يدل على أن وقت العشاء الأفضل فيه التأخير إذا لم يكن فيه مشقة على المصلين، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1252 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ. وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ الصَّلَاةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الصَّلَاةَ: نَامَ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ. فَخَرَجَ وَهُوَ يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ شِقِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«هُوَ الْوَقْتُ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَمْرُو، هو ابن ينار، وَابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
197 -
بابٌ التَّغْلِيسِ فِي الْفَجْرِ
1253 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ
(2)
بِمُرُوطِهِنَّ قَبْلَ أَنْ يُعْرَفْنَ "
(3)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، والأَوْزَاعِيُّ، هو عبد الرحمن بن عمرو، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (571) ومسلم حديث (642) وقد صرح ابن جريج بالتحديث عند مسلم، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 376)
(2)
أي مشتملات، بالملاءات، وهو من الفعل تلفع: إذا اشتمل باللباس.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (372) ومسلم حديث (645) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 377).
وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد بالتغليس أن تؤدى صلاة الفجر في أول وقتها، بعد تبن الفجر الصادق، وهذا معنى المحافظة على الصلاة؛ لأن من يقدم الصلاة في أول وقتها أكثر حرصا وتمكنا في المحافظة، وقد لا يسلم مؤخرها من نقص يلحقه.
أما قول عائشة رضي الله عنها: " كُنَّ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ"، فالمراد أزواجه وبناته وما يلتحق بهن من الجواري، فقد كن يحضرن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يمنع هذا من أن نساء المؤمنين كذلك يحضرن الصلاة معه صلى الله عليه وسلم، وقد صح ذلك، ثم وصفت عائشة رضي الله عنها حال خروجهن من المسجد، فقالت: " ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ
(1)
بِمُرُوطِهِنَّ قَبْلَ أَنْ يُعْرَفْنَ "، أي: متسترات بالملاءات حتى لا يعرفن، وهذا غاية التستر، والبعد عن الأعين، وهن العفيفات الطاهرات فأين هذا من حال نساء المسلمين في هذا العصر المليء بالمتناقضات.
ما يستفاد:
* فضل الصلاة في أول وقتها، ووقت الفجر أن ينصرف منها بغليس.
* جواز خروج النساء ليلا إلى المسجد لشهود الصلاة.
* وجواز ذلك نهارا مع العفة والاحتشام.
* الحرص على الاحتشام والتستر في خروج المرأة في كل الأحوال، فإذا كان ذلك وهي ذاهبة للصلاة فمن باب الأولى في الخروج لغير صلاة.
(1)
أي مشتملات، بالملاءات، وهو من الفعل تلفع: إذا اشتمل باللباس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
198 -
بابٌ الإِسْفَارِ بِالْفَجْرِ
1254 -
(1) حَدَّثنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«أَسْفِرُوا بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ»
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، هو ابن النعمان الأوسي، أنصاري تابعي ثقة عالم بالمغازي، روى له الستة، ومَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، هو من صغار الصحابة رضي الله عنه، أكثر ما يروي عن الصحابة رضي الله عنهم، ورَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالإسفار تحقق طلوع الفجر الصادق، وليس التأخير حتى يقترب من آخر الوقت، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1255 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَوِّرُوا بِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ»
(2)
.
(1)
سنده حسن، ولا تضر عنعنة ابن إسحاق لمتابعة ابن عجلان له، وقد ذكر سماع ابن إسحاق من ابن غيلان الإمام أحمد، فلا يبعد سماعه منه ومن شيخه عاصم، وأخرجه الترمذي حديث (154) وقال: حسن صحيح، والصحيح أن المراد بالإسفار تحقق طلوع الفجر الصادق، وليس التأخير، فلا تؤدى بغلس شديد، ولا إسفار شديد.
(2)
سنده حسن، وانظر: سابقه.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد بن عجلان القرشي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَاصِمُ بْنُ
(1)
عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، ومَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، تقدما آنفا، رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1256 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ: نَحْوَهُ أَوْ: «أَسْفِرُوا»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام تقدم، وسُفْيَانُ، وابْنُ عَجْلَانَ، تقدما آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
199 -
بابٌ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ فَقَدْ أَدْرَكَ
1257 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث فيه محمد بن كثير الثقفي، صدوق كثير الخطأ، ويؤيده ما بعده. والمراد من أدرك من قت الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة، والمراد بالركعة أن يدرك الروع وسجود
(1)
في بعض النسخ الخطية " عن " وهو خطأ ..
(2)
انظر سابقه.
(3)
أخرجه البخاري حديث (580) ومسلم حديث (608) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 353)
سجدتين ركعة كاملة، ولو أتم ما بقي من صلاته بعد خروج الوقت فصلاته صحيحة، وهذا من رحمة الله عز وجل وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم للأمة، والمراد من هذا حالات الضرورة وليس الإهمال والتفريط، فالمسلم مطالب بالصلاة في أول وقتها وهو الأفضل، أو في وقتها من غير تأخير، إلا لضرورة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1258 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلِهِ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةُ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1259 -
(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا، وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي، ومَالِكٌ، هو الإمام، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، هو مولى عمر بن الخطاب، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هو مولى ميمونة أم المؤمنين، وبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، مولى بن الحضرمي، مدني تابعي إمام ثقة، وعَبْدُالرحمن
(1)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (579) ومسلم حديث (608) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 353) ..
الأَعْرَجِ، هو ابن هرمز، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةُ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد جميع الصلوات من أدرك ركعة كاملة قبل خروج الوقت فقد أدرك الصلاة، وإنما نص على الصبح والعصر؛ لأنهما مظنة أن يحصل فيهما التأخير بنوم أو غيره، وليحذر المسلم التساهل فإنه إن فعل من غير عذر فالأمر جد خطير، وهذا غالبا يقع للمنفرد عن الجماعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
200 -
بابٌ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ
(1)
1260 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَجِدَ، فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، أبو بكر الأسدي القرشي، مكي إمام ثقة من أصحاب سفيان بن عيينة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، هو أبو محمد الفهري إمام تقدم، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري أبو أيوب إمام تقدم، ودَرَّاجُ أَبِي السَّمْحِ، هو عبد الرحمن السهمي، المصري، ودرّاج لقبه، ضُعِّف في أبي الهيثم خاصة، وهو شيخه هنا، وأَبو الْهَيْثَمِ، هو سليمان بن عمرو العتواري ثقة، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث في سنده دراج بن سمعان أبو السمح، ضعف في حديثه عن أبي الهيثم سليمان بن عمرو العتواري، وأخرجه الترمذي حديث (2617) وقال: حسن غريب. وهذه
(1)
في (ك) أخر هذا الباب، ويأتي بعد أربعة أبواب.
(2)
من الآية (18) من سورة التوبة.
شهادة على الظاهر والله يتولى السرائر، والمعاودة في كل صلاة ينبئ عن وازع ورغبة في الخير، ومن هنا يستحق أن يُشهد له بمعاودة المسجد في الصلوات، ولآية تضمنت الخبر عن المؤمنين مع أمرهم بعمارة المساجد؛ وهي قسمان: عمارة حسية: هي البناء والعناية بشؤون المساجد، وعمارة معنوية: هي الإيمان بالله عز وجل وهو أول أركان الإيمان، واليوم الآخر وفيه الإشارة إلى أهمية الإيمان بالبعث، ركنان عظيمان منبها بهما على ما سواهما من أركان الإيمان السته وفيهما خلوص القلب من أي اعتقاد ينقضهما، وكذلك الحال في العبادة البدنية الصلاة، والمالية الزكاة منبها بهما على ما سواهما من أركان الإسلام الخمسة، ثم ذكر أمرا هاما في الاعتقاد وهو عدم خشية غير الله عز وجل، منبها بذلك على كل ما ينقض التعلق بالله عز وجل في كل شيء، ومن ذلك الدعاء وطلب الغوث والمدد، وطلب الولد، وقضاء الحاجات، والتماس سعة الرزق وغير ذلك، وشتان بين العمارة الحسية والمعنوية، فالحسية يقبل فيها القصور، فقد يكفي في بناء المسجد ما يُكِن من الشمس والمطر، وقد بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده بلبِن الطين، وسقفه بخشب من النخل وسعف منه، فقام فيه خير خلق الله عز وجل مصليا بأفضل الناس بعده صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم. أما العمارة المعنوية فلا يقبل فيها القصور أبدا، بل تطبق فيها أحكام الشرع خذو القذة بالقذة، اعتقادا وقولا وعملا، ومن قصر في شيء من ذلك مع القدرة حوسب بما يقضي به الشرع في الواقعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1261 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ. قَالَ: وَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ»
(1)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، أَبو سَهْلٍ، هو عثمان بن حكيم، هم أئمة ثقات تقدموا.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (656).
وأَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، هو أبو سهل المتقدم آنفا، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، هو أنصاري من أتباع تابعين ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأبيه صحبة روى عن التابعين، عَنْ عُثْمَانَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه رحمة من الله عز وجل بعباده أجراها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يستدعي من عباده المحافظة عليها في جماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نص عليها، فصلاة الصبح بعد صلاة العشاء يجتمع منهما للمصلي أجر قيام ليلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
201 -
بابٌ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ في أَوَّلِ الْوَقْتِ
1262 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ أَخْبَرَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ - أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ - أَوْ أَحَبُّ-إِلَى اللَّهِ؟، قَالَ:«الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، والْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ، هو ابن حريث العبدي، كوفي ثقة، روى له الشيخان، وأَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، هو سعد بن إياس ثقة مخضرم، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
(1)
وأخرجه البخاري حديث (2782) ومسلم حديث (85) وهذا جملة منه، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 52)
الحديث رجاله ثقات، ولعل الأمر يشمل أول الوقت وهو الأفضل، أو الوقت الموسع بمعنى أن تؤدى في وقتها المعلوم، ولكن حمل هذا الإطلاق على المقيد في الروايات أن المراد أول وقتها؛ لأنه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله جل جلاله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1263 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ- قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ سَبْعَةٌ، مِنَّا
(1)
ثَلَاثَةٌ مِنْ عَرَبِنَا، وَأَرْبَعَةٌ مِنْ مَوَالِينَا، أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْ عَرَبِنَا، وَثَلَاثَةٌ مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَعْضِ
(2)
حُجَرِهِ، حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:«مَا يُجْلِسُكُمْ هَا هُنَا؟» قُلْنَا: انْتِظَارُ الصَّلَاةِ. قَالَ: فَنَكَتَ بِإِصْبَعِهِ فِي الأَرْضِ، وَنَكَسَ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ إِلَيْنَا رَأْسَهُ فَقَالَ:«هَلْ تَدْرُونَ مَا يَقُولُ رَبُّكُمْ؟» قَالَ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «إِنَّهُ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَأَقَامَ حَدَّهَا، كَانَ لَهُ بِهِ عَلَيَّ عَهْدٌ أُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَلَمْ يُقِمْ حَدَّهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ إِنْ شِئْتُ أَدْخَلْتُهُ يُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَلَمْ يُقِمْ حَدَّهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ إِنْ شِئْتُ أَدْخَلْتُهُ النَّارَ، وَإِنْ شِئْتُ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، هو أبو النعمان مختلف في تعديله، والظاهر أنه مجهول، وإِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيُّ، وقع قلب في اسمه، والصواب سعد بن إسحاق، هو ثقة روى له الأربعة، وأَبوه، هو إسحاق ابن كعب بن عجرة، تابعي سكت عنه الإمامان ووثقه ابن حبان، وكَعْبٍ، هو ابن عجرة رضي الله عنه.
(1)
في بعض النسخ الخطية " منها ".
(2)
في بعض النسخ الخطية " من حجره ".
(3)
وقع في (ك) تقديم وتأخير، هكذا (إن شئت أدخله الجنة، وإن شئت أدخله النار) وسنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (18132) وفيه الشعبي: لم يسمع من كعب.
الشرح:
هذا في سنده مجهول تقدم ذكره، وعلى المعنى، فالصلاة هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فمن صلاها كما أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم صح وعد الله عز وجل أن يدخله الجنة، ومن لم يصلها على الوجه المطلوب، صح وعد الله عز وجل بكونه تحت المشيئة إن شاء رحمه وأدخله الجنة، وإن شاء أدخله النار، ولازم هذا أنه لم يصلها على الوجه المطلوب وأنه لم يشرك بالله عز وجل؛ لأن الله جل جلاله يقول:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
202 -
بابٌ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا
1264 -
(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاخْرُجْ، فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعَهُمْ»
(2)
.
رجال السند:
سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي، لابأس به تقدم، وشُعْبَةُ، إمام تقدم، وبُدَيْلٌ، هو ابن ميسرة العقيلي، بصري ثقة روى له الستة، وأبز الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ، بصري ثقة مختلف في اسمه، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، هو ابن أخي أبي ذر، تابعي ثقة، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا حدث في أمراء بني أمية منهم ابن زياد والحجاج، ومن بعدهم إلا ما رحم الله عز وجل، وهو من أعلام نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر أباذر بذلك، ولم يسأله أبو ذر رضي الله عنه، وشرّع حكما لأبي ذر رضي الله عنه، وللأمة فقال:«صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاخْرُجْ، فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعَهُمْ» وفي هذا براءة الذمة من تأخير الصلاة بغير عذر،
(1)
من الآية (48) من سورة النساء.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (648).
وفيه عدم الخلاف وشق صف الأمة بأن قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعَهُمْ» فتكون له نافلة، ولا يقل: إني صليت، لئلا يتوهم فيه أنه لا يرى الصلاة خلفه، ولا يخرج لما يسببه الخروج من المسجد وقد أقيمت الصلاة من حرج وربما تكون فتنة في الناس، فإن صلى في أول الوقت وذهب في مصالحه وقد صلوا أجزأته صلاته، وإن أدركها معهم صلى ثانية تكون له نافلة، والأولى هي الفرض، وقد قال أبو ذر رضي الله عنه:" إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدا مجدع الأطراف، وأن أصلي الصلاة لوقتها، فإن أدركت القوم وقد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك، وإلا كانت لك نافلة "
(1)
.
ما يستفاد:
* فيه معجزة تؤيد نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أخبر أبا ذر رضي الله عنه من سؤال منه بأنه سيدرك قوما يؤخرون الصلاة عن أول وقتها، وقد حدث.
* فيه فضل المحافظة على الصلاة في أول وقتها.
* فيه نهي عن اعتزال المصلين لمن سبق له أن صلى.
* فيه وجوب الصلاة ثانية مع الجماعة، فتكون صلاته الأولى فرضا،
ومع الجماعة نفلا.
* فيه الدخول مع الجماعة وعدم مفارقتها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1265 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أَدْرَكْتَ أُمَرَاءَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلْ صَلَاتَكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً» .
(1)
مسلم حديث (648).
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ابْنُ الصَّامِتِ هُوَ ابْنُ أَخِي أَبِي ذَرٍّ.
رجال السند: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى أبو عبد الله البصري، وأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، هو عبد الملك بن حبيب، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، تقدم آنفا، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
203 -
بابٌ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا
1266 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه رحمة من الله عز وجل بعباده أجراها على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه»
(2)
، وذكر نص الكتاب العزيز على الحكم فقال: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}
(3)
، والمراد
(1)
من الآية (14) من سورة طه، والحديث فيه سعيد بن عامر: سماعه من ابن أبي عروبة متأخر، والحديث أخرجه البخاري حديث (597) ومسلم حديث (684) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 397).
(2)
ابن ماجه حديث (2043).
(3)
من الآية (14) من سورة طه ..
عموم ذكره عز وجل في أوقاتها، وذكره إذا نام عنها أو نسيها، فإن ذلك وقت أدائها من غير تأخير.
ما يستفاد:
* فيه بيان رحمة الله بعبادة والتخفيف عن النائم والناسي.
* أن الصلاة لا تسقط بالنوم عنها ولا بنسيانها.
* وجوب أداء الصلاة لمن نام عنها فور استيقاظه من النوم في أي وقت كان من غير تأخير، وكذلك فور ذكرها لمن نسيها.
* أن من نام عن الصلاة فهو معذور ما لم يكن متساهلا أو مفرطا.
* أن نسيان الصلاة عذر ما لم يكن مفرطا، أو متساهلا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
204 -
بابٌ فِي الَّذِى تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ
(1)
1267 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، يَرْفَعُهُ قَالَ: «إنَّ الَّذِي تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ
(2)
أَهْلَهُ وَمَالَهُ»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبيه، هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا حث من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحافظة على صلاة العصر، لما فيها من الأجر؛ لأن وقتها وقت راحة وخمول، ولاسيما في أوقات الصيف، ومن أهميتها شهود الملائكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار،
(1)
في (ك) هذا وبعد ثلاثة أبواب، تقدمت في الترتيب على باب المحافظة على الصلوات.
(2)
معناها على تقدم هذا الباب النصب: أنه كمن يصح وترا لا مال له ولا أهل. وعلى الرفع: يكون كمن انتزع منه ماله وولده وبقي وحيدا، وكلاهما صحيح.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (552) ومسلم حديث (626) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 364).
ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون»، فمن تساهل في أدائها في جماعة، فكأنما أفلس من ماله، وهلك أهله
(1)
.
ما يستفاد:
* وجوب المحافظة على صلاة الجماعة إلا من عذر.
* اغتنام ما في صلاة العصر والفجر من الأجر، وانظر التالي.
* شهادة الملائكة الموكلين بالتعاقب للمصلين وهذا فضل عظيم.
* فيه تعظيم خسارة من فاتته صلاة العصر، كمن خسر ماله وأهله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1268 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَوْ مَالَهُ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن عمر العمري، ونَافِعٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
205 -
بابٌ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى
1269 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ: «مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَاراً، كَمَا حَبَسُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى، حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ»
(3)
.
(1)
والحديث أخرجه الب خاري حديث (555) ومسلم حديث (632).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4533) ومسلم حديث (627) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 365).
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، هو ابن سيرين، وعَبِيدَةُ، هو السلماني، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد غزوة الأحزاب، دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين؛ ولأنهم فوتوا عليه صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى، المأمور بالمحافظة عليها قال الله عز وجل:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}
(1)
، ومن فضلها أنها صلاة مشهودة من الملائكة عليهم السلام، وأثواب أدائها في وقتها عظيم، وانظر ما سبق.
ما يستفاد:
* جواز الدعاء على الأعداء.
* أهمية الصلوات وصلاة العصر، وهو من باب ذكر الخاص بعد العام.
* جواز تأخير الصلاة عن وقتها للعارض المشروع.
* جواز تأدية الصلاة بعد خروج وقتها لعذر منع من أدائها في قتها كهذه الواقعة، ولمن نام أو نسي، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
206 -
بابٌ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ
1270 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال: أَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابراً يَقُولُ - أَوْ قَالَ جَابِرٌ -: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ، أَوْ بَيْنَ الْكُفْرِ إِلاَّ تَرْكُ الصَّلَاةِ»
(2)
.
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " الْعَبْدُ إِذَا تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَعِلَّةٍ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِهِ كُفْرٌ، وَلَمْ يَصِفِ الْكُفْرَ"]
(3)
.
رجال السند:
(1)
من الآية (238) من سورة البقرة.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (82).
(3)
ما بين المعقوفين لم يرد في (ت، ك).
أَبُو عَاصِمٍ، هو النبيل، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، قال: وأَبُو الزُّبَيْرِ، محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن الصلاة حاجز يمنع من الوقع في الكفر، والكفر يستلزم الشرك بالله عز وجل؛ لأن الكافر لا غنى له عن معبود فيتخذ إلاها غير الله عز وجل، ومن ترك الصلاة فقد أزال المانع من عبادة غير الله عز وجل، وقد وقع الخلاف بين العلماء في حكم تارك الصلاة تهاونا والصحيح أنه يستتاب فإن تاب ولإ قتل حدا لا كفرا، أما المنكر لوجوبها فهو كافر بالإجماع.
ولعل المراد من قول أبي محمد الدارمي: " الْعَبْدُ إِذَا تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَعِلَّةٍ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِهِ كُفْرٌ، وَلَمْ يَصِفِ الْكُفْرَ " المتهاون غير المنكر، فلا يوصف بكفر مطلق، بل يقال: به كفر، وهذا يوافق القول بأنه يفسق
ويستتاب، على غرار ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
207 -
بابٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ
1271 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَ بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي قُبَاءٍ، جَاءَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَ وَجْهُ
(1)
النَّاسِ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا فَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ "
(2)
.
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، هو أبو محمد التيمي، مدني، حافظ ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، هو أبو عبد الرحمن، مولى عمر، ثقة روى له الستة، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.
(1)
في بعض النسخ الخطية " وجوه ".
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (403) ومسلم حديث (526) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 304).
الشرح:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مكة يصلي متوجها إلى الكعبة وهي قبلة إبراهيم عليه السلام، وهي حائلة بينه وبين جهة بيت المقدس، وكذلك من أسلم، فلما قدم المدينة كان اليهود يصلون جهة بيت المقدس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطلع لاستقبال مكة، فقال الله عز وجل:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}
(1)
، انظر معنى الآية في كتابنا " رياض الأذهان في فهم القرآن " وقد جاء البشير بهذا التحول في وقت صلاة العصر لبني حارثة في مسجدهم المعروف اليوم بمسجد القبلتين، بعد أن صلى مع النبي في المدينة صلاة الظهر، ومن كان خارجها وصلهم نبأ التحول في صلاة الفجر، وهم أهل قباء، وسكانها بنو عمرو بن عوف، فيكون البشير توجه إلى بني حاثة أولا فأخبرهم وهم في صلاة العصر، وبعد ذلك أوصل الخبر لأهل قباء في صلاة الفجر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1272 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ "، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} .
رجال السند:
عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو العبسي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وعِكْرِمَةُ، مولى ابن عباس، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد أن صلاتهم إلى بيت المقدس عمل صالح، لن يضيع بتوجههم إلى الكعبة، والحديث فيه سماك بن حرب في روايته عن عكرمة اضطراب، وهو من رجال مسلم،
(1)
الآية (144) من سورة البقرة.
وعكسه عكرمة من رجال البخاري، والحديث في نظري لا يقل عن درجة الحسن، وأصله من حديث البراء رضي الله عنه أخرجه البخاري حديث (40).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
208 -
بابٌ فِي افتِتَاحِ الصَّلَاةِ
1273 -
(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، ثَنَا بُدَيْلٌ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَيَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(1)
وَيَخْتِمُهَا بِالتَّسْلِيمِ"
(2)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو أبو عبد الله المخزومي، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وبُدَيْلٌ الْعُقَيْلِيُّ، هو ابن أبي ميسرة، وأَبو الْجَوْزَاءِ، هو أوس بن عبد الله الربعي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد أنه صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالركن الأول من أركان الصلاة على الصحيح؛ وهو تكبيرة الإحرام، ولا يجزئ إلا لفظها " الله أكبر "؛ لأن فيه التنزيه والتقديس لله عز وجل، ثم يفتتح بعده بالركن الثاني وهو قراءة الفاتحة الحمد لله رب العالمين، ومنها بسم الله الرحمن الرحيم لكنه لا يجهر بالبسملة، ويجهر بعدها بالحمد لله رب العالمين إلى آخر السورة ولا الضالين، وفي الجهر بالبسملة خلاف بين العلماء في الجهر وعدمه، وكل على خير من جهر ومن أسر، وكان صلى الله عليه وسلم يختتم الصلاة بالتسليم، وفيه خلاف بين العلماء فالجمهور يرون فرضية التسليمتين عن اليمن وعن اليسار وهو الصحيح، وقال قوم: إنها سنة.
(1)
الآية (2) من سورة الفاتحة
(2)
فيه جعفر بن عون سماعه من ابن أبي عروبة متأخر، ومن حديث أنس أخرجه البخاري حديث (743) ومسلم حديث (399) وانظر (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 225) وسيأتي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
209 -
باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ
(1)
افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ:
1274 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
ابْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلاَّ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، هو أبو علي، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، هو أبو عبد الله القرشي، مدني تابعي ثقة، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، هو العامري، مدني تابعي ثقة روى له الستة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا في تكبيرة الإحرام، فإنه صلى الله عليه وسلم يمد يديه عند رفعهما حتى تكون مسامتة لمنكبيه، وأطراف الأصابع محاذية للأذنين، الإبهام يحاذي أسفل الأذن، وبقية الأصابع تحاذي أعلى الأذنين، ولا تعلو عليهما، حيث يغلط كثير من المصلين بالرفع فو الإذنين ومن الناس من يمسك أذنيه، ومنهم من يضع أصابعه خلف أذنيه، وهذا خلاف السنة، ورفع اليدين عند تكبيرة الإحرام مجمع على استحبابه، واختلفوا فيما عداه، ويستحب رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه على الصحيح، ومن العلماء من استحبه في القيام من التشهد الأول، ومنهم من استحبه في السجود.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
210 -
باب مَا يُقَالُ بَعْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ
1275 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «وَجَّهْتُ
(1)
في بعض النسخ الخطية " بعد ".
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أحد حديث (8875) وأبو داود حديث (753) وصححه الألباني، والترمذي حديث (240) ونقل قول شيخه: وهذا أصح من حديث يحيى بن اليمان، وحديث يحيى ابن اليمان خطأ.
وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(1)
اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعاً، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، هو من فقهاء المالكية، نسب إلى جده وهو ثقة، روى له الستة، وعَمُّهٌ الْمَاجِشُونِ، هو أبو يوسف يعقوب بن أبي سلمة القرشي، مولى آل المنكدر، مدني ثقة روى له مسلم، والأَعْرَجُ، هو عبد الرحمن بن هرمز، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي رضي الله عنه، تابعي ثقة، هم أئمة ثقات، وعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا أحد أدعية الاستفتاح بعد تكبيرة والإحرام، والغالب أن يكون في صلاة الليل لطوله، وهو بلسان عربي مبين لا يتاج إلى شرح، ومعنى حنيفا: أي على الملة الحنيفة وهي ملة إبراهيم عليه السلام، قال الله عز وجل:{فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
(3)
، ومعنى لبيك: أي نستجيب لك إجابة بعد إجابة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1276 -
(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَكَبَّرَ، قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ،
(1)
الآية (162) من سورة الأنعام.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (771، 202) وهذا طرف منه.
(3)
من الآية (95) من سورة آل عمران.
أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ» ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ
(1)
.
قَالَ جَعْفَرٌ: وَفَسَّرَهُ مَطَرٌ: هَمْزُهُ الْمُوتَةُ، وَنَفْثُهُ الشِّعْرُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ.
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، هو أبو يحي، وجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو الضبعي، وعَلِيُّ ابْنُ عَلِيٍّ، هو أبو إسماعيل اليشكري، يصري إِمام عابد ثقة: روى له الأربعة، وأَبو الْمُتَوَكِّلِ، هو علي بن داود، وقيل: دؤاد الناجي، بصري تابعي ثقة، روى له الستة، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
هذه صيغة أخرى في دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، فيه الثناء على الله عز وجل بكمال البركة والخير في اسمه جل جلاله وفي سائر مخلوقاته، والثناء عليه بكمال عظمته وكبريائه سبحانه جل جلاله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
211 -
باب كَرَاهِيَةِ الْجَهْرِ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
1277 -
(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هِشَامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بِهَذَا نَقُولُ، وَلَا أَرَى الْجَهْرَ بِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، وَأَبو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، رضي الله عنهم.
الشرح:
المراد لا يجهرون بقراءة البسملة، ويقرؤنها سرا، ومن جهر بالقراءة لا حرج عليه، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
(1)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (775) والترمذي حديث (242) وصححه الألباني رحمهم الله جميعا.
(2)
الآية (2) من سورة الفاتحة
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
212 -
باب قَبْضِ
(1)
الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ:
1278 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ ابْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، قَرِيباً مِنَ الرُّسْغِ"
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وزُهَيْرٌ، هو ابن معاوية الجعفي، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، ثقة قليل الحديث لم يسمع من أبيه، وسمع من أخيه علقمة، وأَبوه، هو وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه.
الشرح: هذه هي السنة، أن يضع كف اليد اليمنى على كف اليسرى، وتكون أطراف
الأصابع على الذراع، وما عدا هذا فهو خلاف السنة ولا يبطل الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
213 -
باب لَا صَلَاةَ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
1279 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْكِتَابِ
(3)
فَلَا صَلَاةَ لَهُ»
(4)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، ومَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو أبو محمد الخزرجي، من صغار الصحابة، وأكثر روايته عنهم، وعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد في عموم الصلوات الفرض والنفل، وفي الجهرية يقرأ المأموم أو لا؟، فيه خلاف فمن العلماء من يرى قراءة الإمام تكفي المأموم ويستمع لقراءة الإمام، ومن
(1)
في بعض النسخ الخطية " وضع ".
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (18886، 18893).
(3)
في بعض النسخ الخطية " القرآن ".
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (756) ومسلم حديث (394) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 222).
العلماء من يقول بوجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام وهو الصحيح، وقد أوضحت هذا في " النظرات الماتعة في سورة الفاتحة " وكذلك في مقدمة " رياض الأذان في فهم القرآن"
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
214 -
بابٌ فِي السَّكْتَتَيْنِ
1280 -
(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ ابْنِ جُنْدُبٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ: إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، فَكَتَبُوا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ قَدْ صَدَقَ سَمُرَةُ "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: ثَلَاثُ سَكَتَاتٍ، وَفي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ سَكْتَتَانِ"
(2)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وحُمَيْدٌ، هو الطويل، والْحَسَنُ، هو البصري، ولم يسمع من سمرة، ولكن سمعه من عمران بن حصين رضي الله عنهم، وسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالسكتة التي بعد تكبيرة الإحرام هي لقول دعاء الاستفتاح، والسكتة التي بعد قراءة الفاتحة، وفائدة هذه السكتة أن يتمكن المأموم ءة الفاتحة، وهذه السكتة أحب إلي من عدمها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1281 - (2) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنُ زِيَادٍ، ثَنَا عُمَارَةُ ابْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
(1)
فيه من سمرة غير مقطوع به، وأثبته الأئمة: البخاري، وابن المديني، والترمذي، وأخرجه الترمذي حديث (251) وقال: حديث سمرة حديث حسن، وهو قول غير واحد من أهل العلم، يستحبون للإمام أن يسكت بعدما يفتتح الصلاة، وبعد الفراغ من القراءة. وأبو داود حديث (777) وضعفه الألباني.
(2)
المختار أنهما سكتتان، ومن قال ثلاث فقد احتسب سكتة قصيرة جدا قبل الركوع للراحة واستعادة النفس.
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - حَسِبْتُهُ
(1)
قَالَ: هُنَيَّةً
(2)
- فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِسْكَاتَتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ "، قَالَ: «أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ، بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ الْبَارِد
(3)
»
(4)
.
[قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: هَذَا فِي الْفَرِيضَةِ؟ قَالَ: إِنْ قَالَ فَهُوَ جَائِزٌ].
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ آدَمَ، هو أبو عبد الله الضرير، بغدادي ثقة، روى له البخاري في الصحيح، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، هو العبدي، وعُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، هو الضبي، وأَبو زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، هو ابن جرير بن عبد الله البجلي، المشهور أن اسمه كنيته، هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
215 -
باب فِي فَضْلِ التَّأْمِينِ
1282 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَالَ الْقَارِئُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقَالَ مَنْ خَلْفَهُ: آمِينَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ قول أَهْلَ السَّمَاءِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
(5)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ،
(1)
في بعض النسخ الخطية " حسنة " وهو تصحيف.
(2)
وقتا قليلا من الزمن.
(3)
ليست في بعض النسخ الخطية " والماء البارد ".
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (744) ومسلم حديث (598) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 349، 1731).
(5)
فيه محمد بن عمرو بن وقاص، صدوق له أوام، والحديث أخرجه البخاري حديث (782) ومسلم حديث (410) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 231).
هو ابن عبد الرحمن، إمام ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
قول آمين دعاء بمعنى استجب، والملائكة عليهم السلام يؤمنون على الدعاء، وقبل التأمين الفاتحة تعظيم لله عز وجل ودعاء، والملائكة يؤمنون على دعاء المصلين، ولا تعارض في كون المؤمّنين الحفظة من الملائكة أو مطلق الملائكة يتناقلون التأمين حتى ينتهي إلى أهل السماء.
ما يستفاد:
* فيه فضل الدعاء بقول آمين عقب انتهاء الإمام من قراءة الفاتحة.
* استحباب المزامنة في تأمين المأموم مع تأمين الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم: «فوافق قول أهل السماء» .
* كثيرون من المصلين لا يفقهون هذه المزامنة، بل يخالفون باستباق الإمام بالتأمين، ومن تخلف عن المزامنة فقد يخسر ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من المغفرة، ولا نحجر واسعا فقد يصح أن يقال:«هم القوم لا يشقى بهم جليسهم»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1283 -
(2) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَالَ الإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ: آمِينَ، وَإِنَّ الإِمَامَ يَقُولُ: آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
(2)
.
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، هو الجهضمي، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عبد الأعلى، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا أَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
انظر البخاري حديث (6408) ومسلم حديث (2689).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
الشرح:
هذه بشارة عظيمة لعباد الله الصالحين، فليحرص عليها المأموم والمنفرد على ما بشر به رسول الله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم. وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
216 -
باب الْجَهْرِ بِالتَّأْمِينِ
1284 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَلَمَةَ ابْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرِ أَبِيْ الْعَنْبَسِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَرَأَ: {وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: «آمِينَ» وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، وسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الثوري، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، هو أبو يحيى الحضرمي، هم أئمة ثقات تقدموا، وحُجْرُ أَبو
(2)
الْعَنْبَسِ، هو ابن عنبس الحضرمي، مخضرم ثقة، ولم تصح تخطئة شعبة في رواية هذا الحديث، ووَائِلُ
(3)
ابْنُ حُجْرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وهذا دليل على الجهر بالتأمين؛ لأنه يتفق مع الأمر بالمزامنة مع تأمين الإمام، ولولا هذا لم يكن لتحري المأمون مزامنة الإمام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
217 -
باب التَّكْبِيرِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ
1285 -
(1) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " أَنَّهُمَا صَلَّيَا خَلْفَ أَبِي
(1)
وأخرجه الترمذي حديث (248) وقال: حديث وائل بن حجر حديث حسن، وأبو داود حديث (932) وهو من طريق العلاء بن صالح، وليس علي بن صالح) والنسائي حديث (879) وابن ماجه حديث (855) وصححه الألباني عندهم.
(2)
في بعض النسخ الخطية " ابن " وكلا هما صحيح، فاسم أبيه كنيته.
(3)
في (ت) أبي وائل، وهو خطأ.
هُرَيْرَةَ، فَلَمَّا رَكَعَ كَبَّرَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. ثُمَّ سَجَدَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّي لأَقْرَبُكُمْ شَبَهاً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ هَذِهِ صَلَاتُهُ، حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا "
(1)
.
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وعَبْدُ الأَعْلَى، ومَعْمَرٌ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ابن حارثة أحد الفقهاء السبعة، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، أَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
وإني لأرجوا أن تكون صلاة الناس في الحرمين، وفي بقاع الأرض أن تكون على ما ذكر أبو هريرة رضي الله عنه موافقة لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم ما ورد في فضل التأمين، وفي قول:" ربنا ولك الحمد " فضيلة أيضا فمعناه ربنا تقبل منا ولك الحمد المطلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه»
(2)
، وهذه بشارة عظيمة فليحرص عليها المصلي المأموم والمنفرد لينال ما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما يستفاد:
* فضل قول ربنا ولك الجمد، مع الحرص والتزامن كما ورد في الهدي النبوي.
* في قول: " سمع الله لمن حمده " تجاوبا من المصلي مع ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: " سمع الله لمن حمده " فهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم، فكان جوابه وأمته على ذلك قولهم " ربنا ولك الحمد " أي: استجب دعاءنا يا ربنا ولك الحمد المطلق.
* فيه ثمرة هذا الثناء المبارك ما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم من المغفرة بشرطها.
* التذكير بأهمية هذا القول وتزامنه فالحرص عليه من عمل الصالحين.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (7657) والنسائي حديث (1156) وصححه الألباني.
(2)
البخاري حديث (796) ومسلم حديث (409).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1286 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ وَوَضْعٍ، وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وأَبُو خَيْثَمَةَ، هو زهير بن معاوية، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، وأَبوه، الأسود بن قيس، وَعَلْقَمَةُ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
218 -
باب فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
1287 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَوْ فِي السُّجُودِ "
(2)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ومَالِكٌ، هو الإمام، الزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو، هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الشرح:
تقدم بيان حكم رفع اليدين في 209 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، فأغنى عن الإعادة، وانظر التالي.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (253) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (1083) وصححه الألباني.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (753) ومسلم (390) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 217).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1288 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قال: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِىَ أُذُنَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيّ، هو سليمان بن داود، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وقَتَادَةَ، هو ابن دعامة، ونَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، هو الليثي بصري خارجي تابعي ثقة في الحديث، والخوارج يكفر بالذنوب منها الكذب، ولذلك اعتبروا ثقات في رواية الحديث، مَالِكِ ابْنِ الْحُوَيْرِثِ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1289 -
(3) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَحْصُبِيِّ، عَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ:" أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يُكَبِّرُ إِذَا خَفَضَ وَإِذَا رَفَعَ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ، وَيُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ. قَالَ: قُلْتَ: حَتَّى يَبْدُوَ وَضَحُ وَجْهِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ "
(2)
.
رجال السند:
سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي، لابأس به، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، هو أبو عبد الله الكوفي، وأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، هو سعيد بن فيروز الطائي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَحْصُبِيِّ، كوفي سكت عنه الإمامان، وانفرد به الدارمي، ووَائِلُ الْحَضْرَمِيُّ، هو ابن حجر رضي الله عنه.
الشرح: المرا أن السلام عن اليمين ثم عن اليسار، ويلتفت فيهما حتى يرى من عن يمينه ويساره صفحة وجهه صلى الله عليه وسلم، ولصفة السلام حالات هذه أحبها إليّ، ولا ينكر على من عمل بصفة أخرى مما صح كزيادة وبركاته.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (737) ومسلم حديث (391) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 218).
(2)
فيه اليحصبي، سكت عنه الإمامان: البخاري وأبو حاتم (التاريخ 5/ 369، والجرح 5/ 303) وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 107) وأخرجه أحمد حديث (18868، 18873).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
219 -
باب مَنْ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ
1290 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي وَنَحْنُ شَبَبَةٌ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفِيقاً، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهْلِينَا قَالَ:«ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَكُونُوا فِيهِمْ، فَمُرُوهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ووُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، أَيُّوبُ، هو السختياني، وأَبو قِلَابَةَ، هوعبد الله ابن زيد الجرمي، هم أئمة ثقات تقدموا، ومَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن ما لكا رضي الله عنه قدم في عدد من قومه وهم في سن الشباب متقاربة أعمارهم، فوجدوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفق والرقة، ولما علم منهم فهم الإسلام في العموم، ورأى رغبتهم في الرجوع إلى ديارهم، أمرهم بالعودة، ولم يأمرهم ابتداء حتى لا يكون تنفيرا لهم، وأمرهم أن يؤمهم في الصلاة أكبرهم سنا لفهمهم لما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تعلموا منه، فأطلق لهم الأذان بأحدهم؛ لأنه يكفي في الإعلام بدخول وقت الصلاة، فلا يحتاج إلى علم بأكثر من صيغة الأذان والإقامة، وخص الإمامة بمزيد فضل، وهذا يتفق مع قوله صلى الله عليه وسلم:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما»
(2)
، وهذا الوصف لم ينطبق على مالك وقومه الوافدين؛ لأنهم وفدوا جميعا، واستووا فيما علموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعارض بين الروايتين.
ما يستفاد:
* وجوب تقديم الأكبر سنا عند استواء المصلين في العلم.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6008، وطرفه 2848) ومسلم حديث (674) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 391).
(2)
لعل المراد إسلاما، وفي بعض الروايات أقدمهم سنا.
* وجوب تقديم الأقرأ من المصلين عند تفاوت الأقدار وفق ما ورد في الرواية المكورة آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1291 -
(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ»
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى، وقَتَادَةُ، هو ابن دعامة، وأَبو نَضْرَةَ، هو المنذر بن مالك، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يؤيد ما تقدم في أحقية التقديم للإمامة، وانظر ما تقدم قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
220 -
باب مَقَامِ مَنْ يُصَلِّي مَعَ الإِمَامِ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ
1292 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ ابْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" كُنْتُ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعِشَاءِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «أَنَامَ الْغُلَيِّمُ؟» أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، فَقَامَ فَصَلَّى، فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو شهيد الحجاج، يُحَدِّثُ، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: في هذا تحديد مقام المأموم المنفرد من مقام الإمام، فالإمام مقامه عن يسار المأموم، والمأموم عن يمين الإمام.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (672).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري أتم حديث (183) ومسلم حديث (763) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 437).
ما يستفاد:
* فيه الحث على تعليم الصغير الحرص على الصلاة.
* أن مقام الصغير من الإمام عن اليمين كالكبير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
221 -
بابٌ فِيمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ الإِمَامِ وَالإِمَامُ جَالِسٌ
1293 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَساً فَصُرِعَ عَنْهُ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ جُلُوساً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ ": «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قِيَاماً، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ»
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي، ومَالِكٌ، هو الإمام، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه الالتزام بأحوال الإمام في الصلاة من استواء الصفوف وهو سنة شدد عليها رسول الله رضي الله عنه، ومن تكبيرة الإحرام حتى السلام، ويحرم على المصلي مخالفة الإمام.
أما قوله: «وَإِنْ صَلَّى قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمَعُونَ» فهو منسوخ بما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا والناس خلفه قياما "
(2)
، وهي آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، والناس خلفه قيام لم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمره صلى الله عليه وسلم وهذا وجه القول بالنسخ.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (378) ومسلم حديث (411) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 232).
(2)
معرفة السنن والآثار حديث (5679).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1294 -
(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا زَائِدَةُ، ثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ لَهَا: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: بَلَى، ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَصَلَّى النَّاسُ؟» . قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ:«ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» . قَالَتْ: فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ:«أَصَلَّى النَّاسُ؟» فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ:«ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ» . فَفَعَلْنَا ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ:«أَصَلَّى النَّاسُ؟» . فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ، يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ، يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ، قَالَتْ: فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ بِأَنْ
(1)
تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - وَكَانَ رَجُلاً رَقِيقاً -: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ. قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ. قَالَتْ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ، وَقَالَ لَهُمَا:«أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ» فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ قَائِمٌ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ "
(2)
.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ
(3)
: " فَدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، فَقَالَ: هَاتِ. فَعَرَضْتُ حَدِيثَهَا عَلَيْهِ، فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئاً غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِى كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟، قُلْتُ: لَا. فَقَالَ: هُوَ عَلِيٌّ بنُ أَبِيْ طَالِبٍ ".
(1)
في بعض النسخ الخطية " أن " وكلاهما يصح.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (198) ومسلم حديث (418) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 235، 238، 239).
(3)
في (ت) أبو، وهو خطأ.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، هما إما مان ثقتان تقدما، ومُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، هو أبو الحسن الهمداني، كوفي إمام ثقة فاصل، روى له الستة، وعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن عتبة إمام ثقة تقدم، وعَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا يؤيد ما تقدم من أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيها جالسا، والناس قياما وفيهم أبو بكر رضي الله عنه، ولعله كان يبلغ التكبيرات للناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان مريضا فلعله لا يقوى على رفع الصوت، والله أعلم، وانظر السابق.
أما قوله: " قال عبيد الله " هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبه الراوي عن عائشة آنفا، فلعله عرض الحديث على ابن عباس لا للاستيثاق، وإنما ظن أنه جديد على ابن عباس، فاتضح علم ابن عباس بذلك، زاد ذِكْر علي بن أبي طالب، والعباس رضي الله عنهم أجمعين، فأكد بهذا القول بالنسخ، إذ لم يأمر صلى الله عليه وسلم المصلين خلفه بالجلوس، وهو آخر الأمرين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
222 -
باب الإِمَامِ يُصَلِّى بِالْقَوْمِ وَهُوَ أَنْشَزُ مِنْ أَصْحَابِهِ
1295 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:" رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ، وَكَبَّرَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ "
(1)
. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ لِلإِمَامِ، أَنْ يَكُونَ أَرْفَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْرُ هَذَا الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ أَيْضاً ".
رجال السند: أَبُو مَعْمَرٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو القطيعي إمام تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، سَلمَة بن دِينَار، الْمدنِي، صَدُوق، فَقِيه وأَبوه، هو سَلمَة بن دِينَار، الْمدنِي، هو مولى الأسود بن سفيان ثقة، وسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وبأتم أخرجه البخاري حديث (377) ومسلم حديث (544) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 316).
الشرح:
هذا فيه رخصة للإمام أن يكون في مكان أرفع من المأمومين، ولعل من فوائد هذه الرخصة أن يرى المأمومون حركات الإمام من رفع وخفض وسجود.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
223 -
باب مَا أُمِرَ الإِمَامُ مِنَ التَّخْفِيفِ فِي الصَّلَاةِ
*
1296 -
(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فِيهَا فُلَانٌ. فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ غَضَباً فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ "، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا
(1)
الْحَاجَةِ»
(2)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، المخزومي، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، هو البجلي، وقَيْسٌ، هو ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِي، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه رحمة من الله عز وجل أجراها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لمراعاة أحوال المصلين، وهي سنة غفل عنها بعض الأئمة، فإن تقدير أحوال الناس وقدراتهم أمر شرعه الإسلام، وحث عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولذلك أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ رضي الله عنه تطويله فقال:«يا معاذ، أفتان أنت» - أو " أفاتن " - ثلاث مرار: «فلولا صليت بسبح اسم ربك، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة»
(3)
؛ في التطويل وعدم مراعاة أحوال الناس فتنة لهم فينصرفون عن الجماعة التي يطول الإمام فيها، فحث صلى الله عليه وسلم على التخفيف بقوله:«فلولا صليت» أي: فهلا صليت.
(1)
في بعض النسخ الخطية " وذو " وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (90) ومسلم حديث (466) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 267).
(3)
البخاري حديث (705) ومسلم حديث (465).
ما يستفاد:
* استحباب التوسط في الصلاة فلا تطويل يضر بالكبير والضعيف وذا الحاجة، ولا إسراع يخل بأركان الصلاة وواجباتها وسننها.
* جواز أن يؤم المتنفل المفترض كما في قصة معاذ رضي الله عنه.
* جواز خروج المصلي من الصلاة إذا عرض له أمر لم يحتمل معه مسايرة الإمام وإتمام الصلاة.
ما يستفاد: * أهمية التوسط في القراءة في الصلاة الطويل وقتها كالعشاء، والضيق وقتها كالمغرب، فقد روى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالتين والزيتون "
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1297 -
(2) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:" سَمِعْتُ أَنَساً يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخَفَّ النَّاسِ صَلَاةً فِي تَمَامٍ ".
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر الكناني، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا لازمه التوسط في القراءة، في تمام أركان الصلاة وواجباتها وسننها، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (706) ومسلم حديث (469) وبوب له في وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1/ 98)، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
224 -
باب مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ:
1298 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» .
(1)
شرح معاني الآثار حديث (1277).
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو الدستوائي، وابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، هو يحيى، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، هو أبو يحيى المدني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبِوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه مختلف في اسمه رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالنداء الإقامة، وأن الإمام إذا كان في السجدة فالأولى عدم القيام حتى يروه، وفي الأمر سعة حسب وسع الناس فمنهم الثقيل، والكبير والمريض، فإذا قال المؤذن قد قامة الصلاة حسن ألا يتخلف أحد، ولا صلاة إلا المكتوبة، ومن كان في صلاة نافلة كتحية المسجد وصلى ركعة تجوز في الثانية والتحق بالقيام ليدرك فضل تكبيرة الإحرام مع الإمام، ونظر التالي.
والحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (637) ومسلم حديث (604) متفق عليه، ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1299 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
225 -
باب فِي إِقَامَةِ الصُّفُوفِ:
1300 -
(1) حَدَّنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ ابْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
«سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفوفِ
(1)
مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ»
(2)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، وشُعْبَةَ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
تسوية الصفوف سنة في الصلاة ذات مدلول كبير، استواء الناس في القيام لله عز وجل، وتوحدهم في متابعة الإمام فلا فرق بين أمير ولا مأمور، ولا غني ولا فقير، ولا صغير ولا كبير، فالمصلون مصطفون لعبادة ربهم جل جلاله، وهم في جهاد عدوهم ابليس اللعين، بإذعانهم لله عز وجل، وخشوعهم في صلاتهم، وكثرة إنابتهم واستغفارهم، وهم كذلك في قتال أعداء الإسلام لذلك أحبهم الله عز وجل، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}
(3)
، فتطابق الموقفان في صفوف الصلاة، وصفوف الجهاد في سبيل الله عز وجل، ومما يلاحظ جهل بعض الناس بطريقة الاستواء في الصلاة، فتجده ينظر إلى تراص أصابع الأقدام وهو خطأ في الاستواء، وإنما هو بتراص الأعقاب والأكعاب والأكتاف؛ لأن الأقدام لا تحقق الاستواء لاختلاف الناس في طول القدم وقصره، وكم من المصلين من يجهل هذا أصلحهم الله وغفر لنا ولهم، والاختلاف في تسوية الصفوف نقص في الصلاة، وهو منذر بخطر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم»
(4)
، وفي رواية قال البراء ابن عازب رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم»
(5)
، ولا ريب أن اختلاف القلوب يورث
(1)
في بعض النسخ الخطية " الصف ".
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (723) ومسلم حديث (433) بلفظ مقارب، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 248).
(3)
الآية (4) من سورة الصف.
(4)
البخاري حديث (717) ومسلم حديث (436).
(5)
أبو داود حديث (664).
الكره والفرقة، ويثير الوحشة بين المصلين، واختلاف الوجوه ناتج عن اختلاف القلوب، لذلك كان تسوية الصفوف مثار تواضع وتآلف ومحبة في الطاعة وفي المطيع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
226
باب - فَضْلِ مَنْ يَصِلُ الصَّفَّ فِي الصَّلَاة
1301 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ لَا تَخْتَلِفُ قُلُوبُكُمْ» . قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ، أَوِ الصُّفُوفِ الأُوَلِ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، هما إمامان تقدما، وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، هو اليامي كوفي إمام ثقة ثبت، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ، هو الهمداني كوفي قليل الحديث، تابعي ثقة روى له الأربعة، والْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
انظر ما تقدم في تسوية الصفوف، وزاد «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ، أَوِ الصُّفُوفِ الأُوَلِ» وهذا يستدعي الحرص على الصلاة في الصف الأول، ولأهمية فضل الصف الأول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا عليه»
(2)
، وهذا حث على التسابق إلى الصف الأول، ولكن يجب عدم مضايقة السابقين، إذ يأت المتأخر ويتخطى الصفوف، وهذا في حد ذاته خطأ، ثم يزاحم السابقين في الصف الأول، مع عدم وجود فرجة يمكن أن يتقدم لها، عفى الله عنا وعنهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
227 -
بابٌ فِي فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّلِ:
1302 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (18435) بشطره الأول، وابن ماجه حديث (997) بشطره الثاني، وصححه الألباني.
(2)
البخاري حديث (653).
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الأَوَّلِ ثَلَاثاً، وَلِلثَّانِى مَرَّةً "
(1)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، هِشَامٌ، هو الدستوائي، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن الحارث أبو محمد التيمي، مدني ثقة، وخَالِدُ ابْنُ مَعْدَانَ، هو الحمصي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
في هذا التفضيل بين الصفين الأول والثاني فيه إشعار للمصلين بأهمية الحرص على هذين الصفين، والأول أفضل من الثاني، والثاني أفضل من الثالث، ولا فضيلة للصفوف التالية، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1303 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ
(2)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، هو أبو محمد الحلواني الخلال، والْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، هو أبو علي قاضي الموصل، إمام ثقة روى له الشيخان، وشَيْبَانُ، هو ابن عبد الرحمن أبو معاوية التميمي، بصري ثقة روى له الشيخان، ويَحْيَى، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، هو الحضرمي، هم جميعا أئمة ثقات، وعِرْبَاضُ ابْنُ سَارِيَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
228 -
باب مِنْ يَلِي الإِمَامَ مِنَ النَّاسِ
1304 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ
(1)
فيه انقطاع بين خالد والعرباض، أخرجه أحمد حديث (17181، 17188).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولَ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: " فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافاً ".
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، والأَعْمَشُ، هو سليمان بن مهران، وعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، هو التيمي، وأَبو مَعْمَرٍ، هو عبد الله ابن سخبرة الأزدي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه هي السنة التي أضاعها بعض المصلين هداهم الله، فقد رأينا وقوف الصبيان خلف الإمام، وربما آباؤهم يرافقونهم أو ينظرون، من غير نكير لما يحث من تلاعبهم وحركاتهم المؤذية للمصلين، وقد رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يلي الإمام، فذكر أنهم «أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» أي: العقلاء من الناس، ثم الأمثل فالأمثل، وليس الصبيان ومن أشبههم في الجهل وعدم العلم، أما قول أَبي مَسْعُودٍ رضي الله عنه:" فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافاً " فإنما أنكر على أفضل أهل زمانه من الصحابة والتابعين، وهم من هم في الفضل والصلاح، فأقول: بل نحن اليوم أشد اختلافا وتنافرا، وقلّ من يستجيب النصيحة والموعظة، والله المستعان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1305 -
(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَهَوْشَاتِ الأَسْوَاقِ»
(2)
.
رجال السند: زكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وخَالِدٌ، هو ابن مهران، وأَبو مَعْشَرٍ، هو زياد بن كليب، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، وعَلْقَمَةُ، هو ابن قيس وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (432).
(2)
رجاله ثقات، وأنظر سابقه، وأخرجه أحمد من طريق أخرى عن يزيد حديث (4373).
-رضي الله عنه. هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
انظر السابق، وقوله:«وَإِيَّاكُمْ وَهَوْشَاتِ الأَسْوَاقِ» المراد صخب الناس في الأسواق، وكثرة تنازعهم على بيع وشراء السلع، ولججهم وخصوماتهم في ذلك، ولقلة ذكر الله عز وجل فيها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«شر البقاع الأسواق»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
229 -
باب أَيُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ أَفْضَلُ
؟:
1306 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد، وأَبوه، لعله عجلان ابن المشمعل، أو مولى المشمعل الراوي عن أبي هريرة حديث " لا تساب وأنت صائم، لا بأس به، حديثه عند النسائي، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
تقدم فضل الصف الأول، ولاستغفار لمن كان فيه ثلاثا، وللصف الثاني مرة، وهنا كانت الخيرية في صفوف النساء للصف الآخر؛ لأن فيه أمنا من الفتن بالنظر إلى الرجال، وشرها أولها لمظنة وقوع النظر إلى الرجال فتحدث الفتنة بحركاتهم في الركوع والسجود ولذلك فصل النساء عن الرجال في المساجد فيه صيانة لهن من الفتنة، فتصفو صلاتهن من الكدر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
230 -
باب أيُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَثْقَلُ
؟
1307 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ
(1)
المستدرك حديث (2149).
(2)
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (440).
عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «أَشَاهِدٌ فُلَانٌ؟» فَقَالُوا: لَا. فَقَالَ: «أَشَاهِدٌ فُلَانٌ؟» . فَقَالُوا: لَا. لِنَفَرٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَشْهَدُوا الصَّلَاةَ فَقَالَ: «إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أُبَيٍّ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتُهُ مِنْ أُبَيٍّ.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، شُعْبَةُ، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَصِيرٍ، هو العبدي كوفي وثقه العجلي وابن حبان، وأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ، رضي الله عنه. وقد سمعه من أبيه أبي بصير مرة، وأخرى من أُبي.
الشرح:
الحديث فيه عبد الله بن أبي بصير وثقه العجلي، والصلوات ثقيلة على المنافقين وأثقلها صلاتي الفجر والعشاء، فلما سأل عن أشخاص بأعيانهم بين أن ذلك للمنافقين؛ لأنهم هم المذكورون في الخبر بتأخرهم عن صلاة العشاء ويؤكد هذا ما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:" وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه "
(2)
، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ثم أخالف إلى رجال، فأحرق عليهم بيوتهم»
(3)
؛ فهم لا يشهدون الصلاة وإن شهدوها فذلك على كره وعدم إيمان، ولذلك أنه صلى الله عليه وسلم هم أن يؤدبهم بإتلاف الأموال على سبيل المبالغة في النكاية، وشبه عقوبتهم بعقوبة أهل الكفر الصريح في تحريق بيوتهم وتخريب ديارهم، وكفر المنافقين ليس صريحا فهم يظهرون أنهم مؤمنون، وهم في الحقيقة يبطنون الكفر، ولذلك وردت هذه المقولة فيهم، وفي هذا تنبيه للمؤمنين على الحرص على شهود الصلوات ولاسيما العشاء والفجر، وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: " لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
أخرجه أحمد حديث (رقم 1477، 21309) وأبو داود حديث (554) والنسائي حديث (843) وحسنه الألباني عندهما، وفيه طرف من حديث أبي هريرة عند مسلم حديث (651).
(2)
انظر مسلم حديث (654) ومسلم حديث (651).
(3)
البخاري حديث (2724) ومسلم حديث (651).
علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه "
(1)
، وقال رضي الله عنه:" من سره أن يلقى الله عز وجل غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله قد شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجد يصلي فيه في بيته، ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم لتركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم "
(2)
، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، فأنت القوي ونحن الضعفاء، ارحم ضعفنا وتجاوز عن تقصيرنا، يا أرحم الراحمين، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1308 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ
(3)
.
رجال السند:
أَبُو غَسَّانَ، وزُهَيْرٌ، هو ابن معاوية، وأَبو إِسْحَاقَ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَصِيرٍ، وأَبوه، أَبُو بصير العبدي الكوفي الأعمى، والد عَبد اللَّهِ بن أَبي بصير، يقال: اسمه حفص. قال صالح بن الإمام أحمد: قال أبي: حديث ابن أبي بصير، زهير وإسرائيل يقولون: عن أبي بصير، عن أبيه. وقال شعبة: عن أبي بصير، عن أبي إسحاق، قد سمعه من أبي بصير مرسلا، وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، رضي الله عنه.
(1)
مسلم حديث (654).
(2)
مسند الطيالسي حديث (311).
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1309 - (3) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ خَالِدِ ابْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَثْلَهُ.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وخَالِدُ بْنُ مَيْمُونٍ، هو الخراساني قال أبو حاتم: ما أرى به بأسا. وهو من أفراد الدارمي، وأَبو إِسْحَاقَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَصِيرٍ، وأَبوه، هم ثقات تقدموا، وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر المتقدم برقم 1302، والخبر فيه خالد بن ميمون قال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسا لا بأس به، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1310 -
(4) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قال: ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَلَاةٍ أَثْقَلُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا
وَلَوْ حَبْواً»
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (657، 644) ومسلم حديث (651، 252) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 383).
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو أبو علي القسري البجلي، إمام ثقة من كبار شيوخ مسلم، ومن أوثق أصحاب ابن إدريس، وأَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام بن سليم، والأَعْمَشُ، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق والإحالة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
231 -
بابٌ فِيمَنْ يتَخَلَّفَ
(1)
عَنِ الصَّلَاة
1311 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي فَيَجْمَعُوا حَطَباً، فَآمُرَ رَجُلاً يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى أَقْوَامٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، لَوْ كَانَ عَرْقاً سَمِيناً، أَوْ مُعَرَّقَتَيْنِ مرماتين
(2)
لَشَهِدُوهَا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، وابْنُ عَجْلَانَ، وأَبوه، لعله عجلان بن المشمعل، تقدموا برقم 1198، فانظره، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر المتقدم برقم 1302، وما بعده
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
232 -
باب الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ إِذَا كَانَ مَطَرٌ فِي السَّفَرِ
1312 -
(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ نَزَلَ بِضَجْنَانَ
(4)
فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى: الصَّلَاةُ فِي لرِّحَالِ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، أَوِ مَطَيْرَةٍ
(5)
أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى: الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ
(6)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبَ، ونَافِعٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
في (ك) تخلف، وكلاهما يصح.
(2)
المعرقتان: الصلعان عليهما القليل من اللحم، وقد تصحفت في بعض النسخ الخطية.
(3)
سنده حسن من أجل ابن عجلان، وأخرجه أحمد حديث (8877، 7903، 8239) وأخرجه البخاري حديث (644) ومسلم حديث (651) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 382) وانظر رقم (1271) المتقدم عند المصنف.
(4)
اسم جبل بين مكة والمدينة، قريب من مكة، ضَجَنَان: بالتحريك ونونين. قال أبو منصور: ولم أسمع فيه شيئاً مستعملاً غير. جبل بناحية تهامة يقال له ضجنان ولست أدري مما أخذ ورواه ابن دريد بسكون الجيم، وقيل ضجنان جُبيل على بريد من مكة، وهناك الغميم في أسفله، ومسجد صلى فيه رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وله ذكر في المغازي، وقال الواقدي بين ضجنان ومكة خمسة وعشرون ميلاً، وهي لأسلم وهذيل وغاضرة معجم البلدان (3/ 129) قلت: الواقدي إمام في المغازي، ضعيف في الرواية قال ابن حجر: الواقدي ليس بحجة، وقد تعصب مغلطاي للواقدي فنقل كلام من قواه ووثقه، وسكت عن ذكر من وهاه واتهمه، وهم أكثر عددا وأشد إتقانا، وأقوى معرفة به من الأولين، ومن جملة ما قواه به أن الشافعي روى عنه، وقد أسند البيهقي عن الشافعي أنه كذبه، ولا يقال: فكيف روى عنه، لأنا نقول: رواية العدل ليست بمجردها توثيقا، فقد روى أبو حنيفة عن جابر الجعفي وثبت عنه أنه قال: ما رأيت أكذب منه (الفتح 14/ 297).
(5)
في (ت) أمطر المطر.
(6)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (632، وطرفه 666) ومسلم حديث (697) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 404).
الشرح:
هذه رخصة من الله عز وجل ورحمة بعباده أجراها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهي سنة في حال اشتداد البرد أو المطر، أو الخوف كما يحدث اليوم في العالم من حضر التجول، وما يترتب على الخروج إلى المساجد من التعرض للتهلكة، وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}
(1)
، فهذه الرخصة وإن كانت سنة فهي في حال الخوف من التهلكة والضرر فإنها حينئذ عزيمة، يجب الأخذ بها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
233 -
بابٌ فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
1313 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: رَجُلٌ صَلَّى فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ أَدْرَكَ الإِمَامَ وَهُوَ يُصَلِّي، أَيُصَلِّى مَعَهُ؟، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: بِأَيَّتِهِمَا يَحْتَسِبُ؟، قَالَ: بِالَّتِي صَلَّى مَعَ الإِمَامِ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمِيعِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ بِضْعاً
(2)
وَعِشْرِينَ جُزْءاً»
(3)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
هذا سبب المفاضلة؛ من صلى في بيته فاته أجر كثير، الخروج والخطى والذكر وفضيلة الصف الأول أو الثاني، وفضل انتظار الصلاة، وفضل الجماعة، ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»
(4)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1314 - (2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ قال: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
من الآية (195) من سورة البقرة.
(2)
في الأصول الخطية (بضع) وهو خطأ.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (648، 176) ومسلم حديث (649) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 380).
(4)
البخاري حديث (645) ومسلم حديث (650).
«صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ سَبْعاً وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»
(1)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى، هو ابن سعيد الأنصاري، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن عبد الله ابن عتبة، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدِ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
234 -
باب النَّهْىِ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ عَنِ الْمَسَاجِدِ وَكَيْفَ يَخْرُجْنَ إِذَا خَرَجْنَ
(2)
1315 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ زَوْجَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، الأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٍ، هو ابن عبد الله بن عمر، هو أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا هو المشروع للنساء والواجب عليهن استئذان الأزواج في الخروج؛ لأن ذلك شرع الله عز وجل على لسان رسوله الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فإذا علمت المرأة المؤمنة أنه يجب عليها استئذان زوجها للخروج للصلاة في المسجد، فلتعلم أن استئذانها ليس قاصرا على الصلاة في المسجد بل في كل ما تحتاج الخروج له من بيتها، حتى لزيارة أهلها، هذا شرع الله عز وجل لكل مسلمة تؤمن بالله ربا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، وبالإسلام دينا، ولما تغير حال النساء بعض الشيء أنكرت عليهن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وقالت: " لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (645، 649) ومسلم حديث (650) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 381).
(2)
ليست في بعض النسخ الخطية.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (865) ومسلم حديث (442) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 253).
بني إسرائيل "
(1)
، هذا في عهد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قبل (1400) سنة، فكيف بنساء اليوم قد يخرج البعض منهن فيما هي منهية عن الخروج فيه من لباس وعدم حجاب وعطر، فتعود من صلاتها بذنوب لا تكفي صلاتها لمحوها، فقد وجد في نساء المسلمين من تتمرد على الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وولي أمرها، وقد قال الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
(2)
، ومن زعم أن النساء غير داخلات في هذا الخطاب فقد جانب الصواب، ولو أمر ولي الأمر بمعصية فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا طاعة لمخلوق في معصية الله»
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1316 -
(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، بِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: التَّفِلَةُ الَّتِي لَا طِيبَ لَهَا
(4)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به.
الشرح:
هذا من لوازم الخروج بعد الاستئذان ألا تكون متعطرة؛ لأنه من أسباب الفتنة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية»
(5)
، وهذا تحذير ومبالغة بقصد الزجر عن الطيب الظاهر ريحه، ولاسيما إذا قصدت أن يجد الرجال ريحها، وإن لم تقصد فهي آثمة لتفريطها وإظهار ريحها، وتهييجها شهوة الرجال ودفعهم إلى النظر إليها، والمزاحمة محرمة على الرجل والمرأة، ولاسيما إذا تحققت المفسدة؛ لأن المرأة مثار شهوة، وكل نظرة إلى محرم من امرأة أو رجل فقد وقع لها نصيبها من الزنا فيلحقها من العذاب قسط من الذي يستحقه الواقع في الزنا
(1)
البخاري حديث (869) ومسلم حديث (445).
(2)
من الآية (59) من سورة النساء.
(3)
أحمد حديث (1094).
(4)
سنده حسن.
(5)
النسائي حديث (5126).
حقيقة، نسأل الله عز وجل العفو والعافية.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
235 -
باب إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقيمَتِ الصَّلَاةُ
1317 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وهِشَامٌ، هو ابن عروة، وأبوه، هو عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا فيه جواز عدم حضور صلاة الجماعة إذا حضر العَشاء، والمراد صلاة المغرب حال الصيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا أقيمت الصلاة وأحدكم صائم، فليبدأ بالعَشاء قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم»
(2)
، فاتضح أن المراد صلاة المغرب، والمراد بالعشاء ما يعرف اليوم بفطور الصائم، وكانت عادة الناس في ذلك الوقت وفي بعض القرى اليوم يكون العَشاء بعد صلاة المغرب، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1318 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَابْدَؤوا بِالْعَشَاءِ»
(3)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، هو أخو محمد العبدي صدوق، ضعفوا روايته عن الزهري خاصة، وهو هنا مقرون بسفيان، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (671) ومسلم حديث (558) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 327 - 330).
(2)
ابن حبان حديث (2068).
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (672) ومسلم حديث (557) وانظر: سابقه.
الشرح:
قال ابن بطال رحمه الله: وفيه أن رسول الله قال: «إذا قدم العشاء، فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم» رواه ابن عمر، عن النبي أيضا، فكان ابن عمر يوضع له الطعام، وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ منه، وإنه ليسمع قراءة الإمام. وقال ابن عمر مرة: قال رسول الله: «إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل، حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة» .
واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث: فذكر ابن المنذر أنه قال بظاهره عمر بن الخطاب، وابن عمر، وهو قول الثوري، وأحمد، وإسحاق، وقال الشافعى: يبدأ بالطعام إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه، فإن لم يكن كذلك ترك العَشاء، وإتيان الصلاة أحب إلى.
وذكر ابن حبيب مثل معناه، وقال ابن المنذر: عن مالك، يبدأ بالصلاة، إلا أن يكون طعاما خفيفا، وقال أهل الظاهر: لا يجوز لأحد حضر طعامه بين يديه، وسمع الإقامة، أن يبدأ بالصلاة قبل العشاء، فإن فعل فصلاته باطلة.
وحجة الذين قالوا يبدأ بالصلاة، أنهم حملوا قوله عليه السلام:«فابدؤوا بالعشاء» على الندب لما يخشى من شغل باله بالأكل فيفارقه الخشوع، وربما نقص من حدود الصلاة، أو سها فيها، وقد بين هذا المعنى أبو الدرداء في قوله:«من فقه المرء إقباله على طعامه حتى يقبل على صلاته وقبله فارغ» ولو كان إقباله على طعامه هو الفرض عليه لم يقل فيه: «من فقه المرء أن يبدأ به» بل كان يقول: الواجب عليه اللازم له أن يبدأ به، فبين العلة في قوله عليه السلام:«ابدؤوا بالعشاء) أنها لما يخاف من شغل البال، وقد رأينا شغل البال فى الصلاة لا يفسدها؛ ألا ترى أن النبى صلى في جبة لها علم، فقال: «خذوها وائتونى بأنبجانية» فأخبر أن قلبه اشتغل بالعَلم ولم تبطل صلاته. «»
وقال عمر بن الخطاب: إني لأجهز جيشى وأنا في الصلاة، وقال عليه السلام:«لا يزال الشيطان يأتي أحدكم فيقول له: اذكر كذا، حتى يضل الرجل، لا يدرى كم صلى» ، ولم يأمرنا بإعادتها لذلك، وإنما استحب أن يكون المصلى فارغ البال من
خواطر الدنيا؛ ليتفرغ لمناجاة ربه. وقد اشترط بعض الأنبياء على من يغزو معه أن لا يتبعه من ملك بضع امرأة ولم يبن بها، ولا من بنى دارا ولم يكملها؛ ليتفرغ قلبه من شواغل الدنيا، فهذا في الغزو، فكيف في الصلاة التي هي أفضل الأعمال، والمصلى واقف بين يدى الله.
وقد احتج بهذا الحديث الكوفيون، وأحمد، وإسحاق، في أن وقت المغرب واسع، وقالوا: لو كان لها وقت واحد، ما كان لأحد أن يشتغل فيه بالأكل حتى يفوت
(1)
.
قال الخطابي رحمه الله تعالى: قوله: «فابدؤوا بالعشاء» لفظه عام والمراد به خاص، وإنما رخص في ذلك للصائم الذي تاقت نفسه إلى الطعام، أو الجائع الذي قد بلغ منه الجوع الضعف، لأنهما إذا قاما إلى الصلاة وفي أنفسهما الحاجة إلى الطعام لم يستوفيا شرائط الصلاة وحقوقها من الخشوع والإخلاص لمنازعة النفس الطعام، ولم يكن من عادة القوم الاستكثار من الأطعمة ونقل الألوان فتطول مدة الأكل ويفوت معه وقت الصلاة، إنما كانوا يتناولون الخفيف من الطعام شربة لبن أو كف تمر أو نحو ذلك.
فأما من لم يكن به الجوع الغالب فإنه لا يؤخر الصلاة للطعام بدليل الحديث الآخر
(2)
.
قلت: تبين مما تقدم أن المراد بالعِشاء صلاة المغرب، وعلى هذا بنى الإمام أحمد والكوفيون وإسحاق بن راهوية فيم تقدم، وهنا قول الخطابي: أنه عام أريد به الخصوص، يعني عموم الصلوات، وأريد خصوص صلاة المغرب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
236 -
باب كَيْفَ يُمْشَي إِلَى الصَّلَاةِ:
1319 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَتَيْتُمُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»
(3)
.
(1)
شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 294).
(2)
أما أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)(1/ 477).
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (636، 907) ومسلم حديث (602) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 350، 351).
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
لأن من لوازم الطاعات الخشوع والوقار والجري ينافي ذلك، ولذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على السكينة والوقار، فالنهي المراد به الشد على الأقدام، وهو خلاف السعي المأمور به في قول الله عز وجل:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}
(1)
، فلا تعارض؛ السعي المأمور به المرابد به الاستجابة للنداء والقصد إلى المساجد للصلاة وعدم التخلف عنها، ومن جوز عدم الإسراع في هذا فقد أخطأ، وإنما النهي عن الإسراع بعد الإقامة لإدراك الإمام، وهو خطأ يقع فيه الكثيرون حتى أنهم يشدون شدا لإدراك الإمام في الركوع فلا يتمكن من تكبيرة الإحرام، أو من قول سبحان ربي العظيم مرة واحدة، وهذا لو تمهل في سيره حظي بالسكينة والوقار، واستجاب لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتم ما فاته، كان مصيبا في ذلك كله، وهذا يؤيد من قال: إن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه: «زادك الله حرصا ولا تَعْدُ»
(2)
، النهي عن العَدْو، وإن كان أحب له الدخول في الصف، ولم ير له أن يعجل في التحاقه بالصف.
ما يستفاد:
* عدم إثم من لا يجري لإدراك الركوع مع الإمام، فالتزام السكينة والوقار أولى من الجري؛ ذلك سنة قولية يؤجر العامل بها.
* الصحيح أن ما يدرك من الصلاة مع الإمام هو أول صلاة من فاته شيء منها لقوله: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .
* جواز أن يكون الإمام في أمر قد مضى بعضه.
* أن من أدرك من الصلاة جزءا من الصلاة قبل سلام الإمام فهو مأمور بالدخول فيها مع الإمام، وانظر التالي.
(1)
من الآية (9) من سورة الجمعة.
(2)
أبو داود حديث (684).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1320 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا شَيْبَانُ
(1)
، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا سُبِقْتُمْ فَأَتِمُّوا»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، شَيْبَانُ، هو أبو معاوية التميمي، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
237 -
باب فَضْلِ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ
1321 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ لَا أَعْلَمُ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ يُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ أَبْعَدَ مَنْزِلاً مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهُ: لَوِ ابْتَعْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ فِي الرَّمْضَاءِ وَالظَّلْمَاءِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي بِلِزْقِ الْمَسْجِدِ. فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْمَا يُكْتَبَ أَثَرِي وَخُطَايَ، وَرُجُوعِي إِلَى أَهْلِي، وَإِقْبَالِي وَإِدْبَارِي. أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَنْطَاكَ
(3)
اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَعْطَاكَ مَا احْتَسَبْتَ أَجْمَعَ»
(4)
أَوْ كَمَا قَالَ ".
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، التَّيْمِيُّ، هو سليمان بن طرخان، وأَبو عُثْمَانَ، هو النهدي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُبَيُّ ابْنِ كَعْبٍ، رضي الله عنه.
(1)
في بعض النسخ الخطية تصحف إلى " شعبان ".
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (637) ومسلم حديث (604)(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 350، 351).
(3)
لغة في (أعطى) وورد (اللهم لا ممنّع لما أنطيت، ولا منطي لما منعت) وكذلك (اليد المنطية خير من اليد السفلى) أنظر: (النهاية 5/ 76).
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (663).
الشرح:
أنطاك وأعطاك كلمتان مترادفتان معناهما وحد، ومن زعم أن " أنطاك " قراءة في سورة الكوثر فقد أخطأ، ولعله اغتر بكونها لغة في " أعطاك " وفي هذا أهمية الخطى إلى المسجد في الصلوات ذهابا وإيابا، وأن ذلك مع الاحتساب يكتب له ويحط عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإذا خرج إلى المسجد كتب له بكل خطوة خطاها حسنة ومحا عنه بها سيئة حتى يأتي مقامه»
(1)
، وفي الجمعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من اغتسل يوم الجمعة وغسل، وبكر وابتكر، ودنا واستمع وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
238 -
بابٌ فِي صَلَاةِ الرَّجُلِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ
1322 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ - هُوَ عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ - عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ
(3)
بْنِ يَسَافٍ قَالَ: " أَخَذَ بِيَدي زِيَادُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ فَأَقَامَنِي عَلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهُ: وَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي هَذَا - وَالرَّجُلُ يَسْمَعُ- أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّى خَلْفَهُ رَجُلٌ، وَلَمْ يَتَّصِلْ بِالصُّفُوفِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ "
(4)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُثْبِتُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو التميمي، وأَبُو زُبَيْدٍ، هُوَ عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ الزبيدي، وحُصَيْنٌ، هو ابن جندب الجنبي وهِلَالُ بْنُ يَسَافٍ، هو الأشجعي، وزِيَادُ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ، هوأخو سالم وثقه ابن حبان، فَأَقَامَنِي، وَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، رضي الله عنه.
(1)
مسند البزار - البحر الزخار حديث (9116).
(2)
الترمذي حديث (496).
(3)
في بعض النسخ الخطية تصحف إلى " بلال ".
(4)
فيه زياد بن أبي الجعد، مقبول، وأخرجه الترمذي حديث (230) وقال: حديث حسن، وابن ماجه حديث (1004) وصححه الألباني.
الشرح:
في قيام هلال على وابصة وقول زياد وسكوت وابصة فيه جواز تحمل هلال لهذا من وابصة؛ كالعرض على وابصة، وبه يصح سماع هلال من وابصة هذا، فصحت الدلالة من حديث وابصة على عدم صحة صلاة المنفرد خلف الصف، ويعارض هذا أن أبا بكرة ركع خلف الصف وهو منفرد ولما يدخل في الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«زادك الله حرصا ولا تَعْدُ»
(1)
، وجاء النهي عن العَدْو، ورأى ركوعه منفردا مجزئا ولم يأمره بالإعادة، وحديث أنس رضي الله عنه قال:«صليت أنا ويتيم لنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأمي أم سليم خلفنا»
(2)
، فأنس يحكي أن أم سليم صلت منفردة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فرق في هذا بين المرأة والرجل، فإذا أجزأت المرأة صلاتها مع الإمام منفردة، أجزأ الرجل صلاته مع الإمام منفردا كذلك، فالمنفرد إذا لم يجد من يقف بجواره ووجد الصف مكتملاً يقف بمفرده وصلاته صحيحة، وهذا هو الصحيح؛ لأنه لا تكليف إلا بمقدور، وهذا عاجز عن الوقوف في الصف، ولا يلزم أن يجذب واحداً من الصف، وإنما يقف بمفرده؛ لأنه عاجز.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1323 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ وَابِصَةَ: أَنَّ رَجُلاً صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ
(3)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَقُولُ بِهَذَا
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، هو الخريبي، ويَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، هو ابن أخي عبيد التالي ثقة، وعُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، صدوق قليل الحديث، وهو أخو سالم، وزياد، وزِيَادُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وثقه ابن حبان، وقال ابن حجر: مقبول، ووَابِصَةُ، رضي الله عنه.
(1)
أبو داود حديث (684).
(2)
البخاري حديث (727).
(3)
وفيه زياد مقبول، وهو وأثنان بعده من أسرة واحده، وانظر: القطوف (895/ 1344)
الشرح:
الذي عليه جمهور من الفقهاء إجازة صلاة المنفرد خلف الصف وحده، وأعل بعض المحدثين حديث وابصة هذا بالاضطراب، ويؤيد الجواز حديث أبي بكرة وقد ركع منفردا خلف الصفوف، وإذا جاز الركوع للرجل خلف الصفوف وحده وأجزأ ذلك عنه فكذلك سائر صلاته؛ لأن الركوع ركن من أركانها فإذا جاز للمصلى أن يركع خلف الصفوف وحده كان له أن يسجد وأن يتم صلاته، فترجح قول جمهور من الفقهاء بالجواز والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1324 -
(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ: " دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا فَلأُصَلِّيَ بِكُمْ». قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ وَرَاءَنَا، فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، هو الإمام، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، زيد بن سهل، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه بيان موقف الغلام من الإمام، فهو كالرجل الكبير يقف عن يمين الإمام، وموقف المرأة خلف الإمام ولو كانا منفردين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
239 -
باب قدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ
1325 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ فِي
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (380) ومسلم حديث (658) وليس في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ عَلَى قَدْرِ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ الأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ "
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، هو الشيباني، صهر أبي عوانة وراويته، أَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، هما إمامان ثقتان تقدما، ومَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، هو أبو المغيرة الثقفي الواسطي، إمام ثقة ثبت، والْوَلِيدُ أَبو بِشْرٍ، هو ابن مسلم العنبري، ثقة روى له مسلم، وأَبو الصِّدِّيقِ، هو بكر بن عمرو الناجي، ثقة روى له الستة، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
هذه هي السنة في الصلاة تكون القراءة في الركعة الأولى بقدر قراءة سورة التكوير، وفي الثانية بقدر قراءة سورة الشمس، وهذا هو التوسط الذي فيه مراعاة الكبير والضعيف وذا الحاجة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1326 -
(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ قِرَاءَةَ (الم تَنْزِيلُ) السَّجْدَةِ
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، هو ابن بشير الواسطي، هما إمامان ثقتان تقدما، ومَنْصُورٌ، هو ابن زاذان، الْوَلِيدُ أَبو بِشْرٍ، وأَبو الصِّدِّيقِ، ثقات تقدموا، آنفا، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
هنا قدر القراءة في الركعة الأولى بقراءة سورة السجدة وهي ثلاثون أية، وعلى هذا تكون القراءة في الثانية بقدر النصف منها، وانظر السابق.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (452).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (452) وأنظر سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1327 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ ابْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان تقدما، وسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، صدوق تقدم، وجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا في مجال التوسط والرفق بالمصلين فسورة البروج اثنتان وعشرون آية، وسورة الطارق سبع عشرة آية فليس فيه معارضة بما سبق؛ لأن الكل في إطار التوسط ومراعاة حال المصلين، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
240
باب كَيْفَ الْعَمَلُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْر:
1328 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِسُورَتَيْنِ مَعَهَا، فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَاناً، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج الحمصي، الأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا وأَبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.
الشرح: هذا في سياق ما تقدم فانظره.
(1)
سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (21020) وأبو داود حديث (805) وصححه الأألباني، والترمذي حديث (307) وقال: حسن، والنسائي حديث (979).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (759) ومسلم حديث (451) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 260).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1329 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بِإِسْنَادِهِ: نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك إمام ثقة تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، تقدما آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1330 -
(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَبِسُورَتَيْنِ، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَكَانَ يُسْمِعُنَا الآيَةَ، وَكَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَةِ
(2)
الأُولَى مَا لَا يُطِيلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ "
(3)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى هما إما مان تقدما، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، تقدما قريبا، وأَبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
241 -
باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ في الْمَغْرِبِ
1331 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بالْمُرْسَلَاتِ
(4)
.
رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس إمام تقدم، أَنَا يُونُسُ، هو ابن يزيد الأيلي، لا بأس به تقدم، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، إمامان تقدما، وابْنُ
(1)
أبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقة، وانظر سابقه.
(2)
في بعض النسخ الخطية " في الركعة " وكلاهما يصح.
(3)
رجاله ثقات، والبخاري حديث (776) ومسلم حديث (451، 155) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 260).
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (763).
عَبَّاسٍ، وأُمُّ الْفَضْلِ، رضي الله عنهم.
الشرح:
هذا أيضا في حدود التوسط، ومراعاة أحوال الناس مطلب شرعي، وسورة المرسلات إحدى وثلاثون آية، وانظر ما تقدم قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1332 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، هو أبو سعيد المدني، إمام ثبت أعلم قريش بأخبارها، وأبوه، هو جبير ابن مطعم رضي الله عنه نسابة كبير هو مرجع العرب في ذلك.
الشرح:
جميع الروات السابقة واللاحقة في القراءة في الصلاة لا تخرج عن حد الاعتدال ومراقبة أحوال المصلين وإن تفاوتت في عدد آيات السور، وطول الآيات وقصرها، فالطور مثلا آياته تسع وأربعون آية لكن الآيات قصيرة المبنى، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة كاملة في الركعة الواحدة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
242 -
باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ
1333 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ:" أَنَّ مُعَاذاً كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ، فَجَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَصَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذاً يَنَالُ مِنْهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذٍ:
«فَاتِناً فَاتِناً فَاتِناً، أَوْ فَتَّاناً فَتَّاناً فَتَّاناً» ثُمَّ أَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ وَسَطِ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (765) ومسلم حديث (463) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 350، 351).
الْمُفَصَّلِ
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: [نَأْخُذُ بِهَذَا]
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنِ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ومُعَاذٌ، رضي الله عنهم.
الشرح:
هذا خروج عن الوسطية والرفق بالمصلين، ولذلك أغلظ الرسول صلى الله عليه وسلم اللوم ووصف بما يدل على أن فعل معاذ رضي الله عنه فيه تنفير للناس وفتنة لهم تصرفهم عن شهود الجماعة لعدم مراعاة الكبير والضعيف وذا الحاجة، وانظر ما تقدم برقم 1292.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
243 -
باب قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ:
1334 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي يَقُولَ: " إِنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الصُّبْحِ {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}
(3)
.
قَالَ شُعْبَةُ: وَسَأَلْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ بِقَاف "
(4)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وزِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، أبو مالك الثعلبي، كوفي ثقة روى له الشيخان، وعَمُّهُ، هو قطبة بن مالك رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من التوسط فسورة ق: آياتها خمس وأربعون آية ليس فيها طول، وانظر ما تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (700) ومسلم حديث (465) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 266).
(2)
ليست في (ت، ك).
(3)
الآية (10) من سورة: ق، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (457).
(4)
لا فرق فقد أخبر بالآية التي سمعها أول وهلة، ولا ينافي قراءته للسورة كاملة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1335 -
(2) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}
(1)
.
رجال السند:
قَبِيصَةُ، هو ابن عقبة السوائي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وقُطْبَةُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح: المراد أنه قرأ من سورة ق، انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1336 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سَرِيعٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ: " أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}
(2)
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هَذِهِ الآيَةِ {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}
(3)
جَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِى: مَا اللَّيْلُ إِذَا عَسْعَسَ؟ ".
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، والْمَسْعُودِيُّ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ثقة تغير، ولا يضره ذلك لوجود المتابع له، والْوَلِيدِ بْنِ سَرِيعٍ، هو الكوفي تابعي ثقة، روى له مسلم، وعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، اختلط في آخر حياته، وأخرجه مسلم حديث (456)، وانظر ما تقدم برقم 1320، وشرحه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1337 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا مِسْعَرٌ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ:
(1)
الآية (10) من سورة: ق، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (457).
(2)
الآية (1) من سورة التكوير.
(3)
الآية (17) من سورة التكوير.
نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، ومِسْعَرٌ، هو ابن كدام إمام ثقة تقدم والْوَلِيدُ، والباقون تقدموا آنفا، وعَمْرُو ابْنُ حُرَيْثٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1338 -
(5) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَيَّارِ بنِ سَلَامَةَ قَالَ: "دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَهُوَ عَلَى عُلْوِيَّةٍ
(2)
مِنْ قَصَبٍ، فَسَأَلَهُ أَبِي، عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي تَدْعُونَ الظُّهْرَ، إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَيَنْطَلِقُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِي أَقْصَى -الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، قَالَ: وَنَسِيتُ مَا ذَكَرَ فِي الْمَغْرِبِ، وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ فِيْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، الَّتِي تَدْعُونَ الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالرَّجُلُ يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا مِنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ "
(3)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وعَوْفٌ، هو الأعرابي رمي بالتشيع والقدر، وسَيَّارُ بنُ سَلَامَةَ، هو أبو المنهال الرياحي، بصري تابعي ثقة، روى له الستة، وأَبوه، سلامة لم أقف على ترجمته وظني أنه مجهول، وأَبو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بدحوض الشمس زوالها وميولها إلى جهة الغرب، والاشتغال بالتهيؤ للصلاة ولو بعد دخول الوقت، وذهب إلى المسجد وانتظار الجماعة والصلاة فلا ينافي الحصول على فضيلة أول الوقت؛ لأنه اشتغل بما يتعلق بالصلاة، وتصح صلاة المغرب إذا دحضت الشمس أي دخلت في الغروب، وصلاة العصر تصلى في أول وقتها فيذهب
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
في بعض النسخ الخطية " علو " والمراد به هنا عريش صنعه مرتفعا للجلوس عليه والإشراف على ما دونه.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (541) ومسلم حديث (647) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 350، 351).
الذاهب بعد وهي نقية لم تخالطها صفرة، ولا يستحب تأخير الصلاة عن أول وقتها إلا صلاة العشاء فالأفضل فيها التأخير، وقد أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال:«إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي»
(1)
، يستجب الزيادة في القراءة فيها كأن يقرأ سورة الواقعة في الركعة الأولى، وعدد آياتها ست وتسعون آية، وفي الثانية دون ذلك، ويجوز قراء المقطع من السور الطوال كالبقرة وما بعدها، واستحباب زيادة القراءة في الفجر عن غيرها من الصلوات عملا بقول الله عز وجل:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}
(2)
، والمراد أن الملائكة تشهد صلاة الفجر، وكذلك صلاة العصر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1339 -
(6) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمُسَيَّبِ ابْنِ
(3)
رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ، وَقَدْ رَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ:«لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَا تَرْجَعُ إِلَيْكُمْ أَبْصَارُكُمْ»
(4)
.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، هو الخزاز وثقه أبو حاتم، وروى له الشيخان، وعَلِيُّ ابْنُ مُسْهِرٍ، هو القرشي، والأَعْمَشُ، والْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، هم ثقات تقدموا، وتَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ، المسلي تابعي ثقة، وجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا النهي مجمع عليه، ورفع البصر إلى السماء في الصلاة فيه وعيد شديدة، ومخالفة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولا حرج من رفعه خارج الصلاة في حال الدعاء، لأن السماء قبلة الدعاء، كما أن الكعبة القبلة في الصلاة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1340 - (7) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
مسلم حديث (638).
(2)
من الآية (78) من سورة الإسراء
(3)
في بعض النسخ الخطية "عن ".
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (21126، 21168، 21274، 21356) بألفاظ.
«مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ؟» فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَتَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَيَخْطِفَنَّ اللَّهُ أَبْصَارَكُمْ»
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، ومُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، هو أبو عبدالرحمن الكوفي، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
244 -
باب الْعَمَلِ فِي الرُّكُوعِ
1341 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، ثَنَا أَبُو يَعفور
(2)
الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: " كَانَ بَنُوا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إِذَا رَكَعُوا جَعَلُوا أَيْدِيَهُمْ بَيْنَ أَفْخَاذِهِمْ، فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ سَعْدٍ فَصَنَعْتُهُ فَضَرَبَ يَدِي، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا بُنَيَّ اضْرِبْ بِيَدَيْكَ رُكْبَتَيْكَ. ثُمَّ فَعَلْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَضَرَبَ يَدِي، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا وَأُمِرْنَا أَنْ نَضْرِبَ بِالأَكُفِّ عَلَى الرُّكَبِ"
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبُو يَعفور الْعَبْدِيّ الأكبرُ، اسمه على الأشهر وقدان، ثقة أدرك المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، ومُصْعَبُ بْنُ سَعْدٌ، هو ابن وقاص إمام ثقة كثير الحديث، وسَعْدٌ، هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه، وفي رواية قال مصعب:" صليت إلى جنب أبي، فتوضح أنه أراد بقوله: إلى جنب سعد " يريد بذلك والده رضي الله عنه.
الشرح:
تطبيق اليدين في الصلاة ووضعها بين الفخذين كان في أول الأمر ثم نسخ بجعل اليدين على الركبين مفرجة الأصابع، كما هو الحال في صلاة أكثر الناس اليوم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1342 - (2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبٍ بِإِسْنَادِهِ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (750).
(2)
في بعض النسخ الخطية " يعقوب " وهو تصحيف.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (790) ومسلم حديث (535) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وإِسْرَائِيلَ، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، ومُصْعَبٍ، ثقات تقدموا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1343 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَالِمٍ الْبَرَّادِ - قَالَ: وَكَانَ أَوْثَقَ عِنْدِي مِنْ نَفْسِي - قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ: " أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: فَكَبَّرَ وَرَكَعَ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، لا يضر كونه اختلط لوجود المتابع، وسَالِمٍ الْبَرَّادِ، هو أبو عبد الله تابعي إمام ثقة، وأَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
تأييد لما تقدم، وفيه بيان صفة وضع اليدين على الركبتين، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
245 -
باب مَا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ
1344 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، الْمُقْرِيُ، ثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ قال: حَدَّثَنِي عَمِّي: إِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}
(3)
قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوهَا في رُكُوعِكُمْ» فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}
(4)
قَالَ: «اجْعَلُوهَا في سُجُودِكُمْ»
(5)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (863) والنسائي حديث (1036، 1037) وصححه الألباني عندهما، عدا جملة الأصابع.
(3)
الآية (74) من سورة الواقعة.
(4)
الآية (1) من سورة الأعلى.
(5)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (869) وابن ماجه حديث (887) وضعفه الألباني.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُ إمام تقدم، ومُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، هو ابن عامر الغافقي، مصري ثقة، وهو ابن أخي إياس، وإِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ، هو الغافقي من شيعة علي رضي الله عنه، سكت عنه أبو حاتم، ووثقه يعقوب بن سفيان، والعجلي وابن حبان، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
ضعّف هذا بعض العلماء بأن إياس بن عامر الغافقي لم يرو عنه غير ابن أخيه موسى بن أيوب، وهو إلى التحسين أقرب وأولى، والمراد يثنى على الله عز وجل بالتسبيح في السجود، وليس فيه ما ينكر ويستدعي التضعيف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1345 -
(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، [عن سعيد بن عبيد]
(1)
عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ: " أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّىَ الْعَظِيمِ» وَفي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى» . وَمَا أَتَى
(2)
عَلَى آيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ عِنْدَهَا فَسَأَلَ، وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ تَعَوَّذَ "
(3)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وسُلَيْمَانُ، هو ابن مهران الأعمش، والْمُسْتَوْرِدُ، هو ابن الأحنف، روى عن حذيفة وصلة وعبد الله بن مسعود، كان ثقة له أحاديث ووثقه ابن حبان، وسعيدُ ابنُ عبيد: الصواب سعد بن عبيدة، هو السلمي ختن أبي عبد الرحمن السلمي ثقة، روى له الشيخان، وصِلَةُ بْنُ زُفَرَ، هو أبو العلاء العبسي ثقة له أحاديث، من كبار أصحاب ابن مسعود، توفي بالكوفة زمن مصعب بن الزبير، عَنْ حُذَيْفَةُ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا من السنة لمن يصلي منفردا في النافلة، أما الفريضة فيجوز للمأموم من غير رفع الصوت حتى لا يشوش على المصلين.
(1)
سقط من السند في (ت، ك) والصواب إثباته.
(2)
في بعض النسخ الخطية " يأتي ".
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أخرجه مسلم حديث (772).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
246 -
باب التَّجَافِي فِي الرُّكُوعِ
1346 -
(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثَنَا فُلَيْحُ ابْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ:" اجْتَمَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَبُو أُسَيْدٍ، وَأَبُو حُمَيْدٍ، وَسَهْلُ ابْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، ثُمَّ رَكَعَ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَوَتّرَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما، وفُلَيْحُ ابْنُ سُلَيْمَانَ، صدوق يخطئ، وعَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، هو ابن سعد الساعدي والده صحابي رضي الله عنه، ثقة روى له الشيخان وغيرهما، ومُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، رضي الله عنه، وَأَبُو أُسَيْدٍ، هو مالك ابن ربيعة الساعدي رضي الله عنه، وَأَبُو حُمَيْدٍ، هو عبدالرحمن ابن عمر الساعدي رضي الله عنه، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، هو الساعدي رضي الله عنه.
الشرح:
هذا وصف لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم البيان برقم 1338.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
247 -
باب الْقَوْلِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ
1347 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ
(1)
فيه فليح بن سليمان، صدوق كثير الخطأ، وأخرجه أبو داود حديث (967، وانظر: رقم 730، 735) والترمذي حديث (260) وقال: حسن صحيح، وانظر: رقم (304) والنسائي حديث (1181) وابن ماجه حديث (862) وصححه الألباني عندهم، وانظر البخاري حديث (828).
فِي السُّجُودِ "
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وابْنِ شِهَابٍ، وسَالِمٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الشرح: تقدم البيان برقم 1271، 1272، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1348 -
(2) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ:«رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»
(2)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1349 -
(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«وَإِذَا قَالَ الإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
انظر ما تقدم برقم 1271، 1272.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (735) ومسلم حديث (390) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 218) وتقدم وزاد هنا: وَقَالَ «سمع اله لمن حمده، اللهم ربنا ولك الحمد» .
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه، وانظر رقم (1307).
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه ورقم (1313).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1350 -
(4) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قِيَاماً، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به تقدم، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا منسوخ، ونظر ما تقدم برقم 1289.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1351 -
(5) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا فَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، وَسَنَّ لَنَا سُنَّتَنَا - قَالَ أَحْسَبُهُ قَالَ -:«إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ يُجِبْكُمُ اللَّهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ» .
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ - أَوْ قَالَ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ - فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وقَتَادَةُ، ويُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو أبو غلاب الباهلي، بصري تابعي ثقة، روى له الستة، وحِطَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، هو
(1)
رجاله ثقات، تقدم، أخرجه البخاري حديث (722) ومسلم حديث (414) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 232).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (404).
بصري ثقة، وأَبو مُوسَى، هو الأشعري رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1352 -
(6) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ
(1)
، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ»
(2)
.
رجال السند: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، وسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو التنوخي، وعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، هو أبو يحيى الكلابي، وقَزَعَةُ، هو ابن يحيى بصري تابعي ثقة، روى له الستة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " ملء السماوات وملء الأرض " المراد حمد الله عز وجل والثناء عليه بأكثر ما يكون ذلك عددا، حتى لو كان ذلك جسما لملأ السماوات والأرض، وقوله:"وملء ما شئت من شيء بعد " المراد إطلاق الثناء على الله عز وجل بغير حصر على ما يشاء كما وكيفا؛ لأنه جل جلاله مستحق ذلك من غير حصر، ومهما بالغ العبد في الثناء على الله عز وجل فإن ذلك أحق وأصدق ما يقو العبد، وقوله:" لا مانع لما أعطيت " يقتضى نفى جميع المانعين سوى الله عز وجل، وكذلك قوله:" ولا معطى لما منعت " يقتضى نفى جميع المعطين سواه، وأنه لا معطى ولا مانع على الحقيقة بفعل المنع والعطاء سواه، وقوله:" لا ينفع ذا الجَد منك الجَد"، المراد أن ذا الحظ في الدنيا من المال والولد لا ينفعه حظه عند الله في الآخرة؛ لأنه إنما ينفع في الآخرة عند الله العمل الصالح، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1353 -
(7) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قال: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:
(1)
في بعض النسخ الخطية " العبد " وكلاهما يصح.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (477).
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ
(1)
الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وملء
(2)
وَالأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»
(3)
.
قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَأْخُذُ بِهِ؟، قَالَ: لَا. وَقِيلَ لَهُ: تَقُولُ هَذَا فِي الْفَرِيضَةِ؟، قَالَ: عَسَى. وَقَالَ: كُلُّهُ طَيِّبٌ.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قال: وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، هو الماجشون، وعمه الْمَاجِشُونُ، هو أبو يوسف يعقوب بن أبي سلمة القرشي، مدني ثقة روى له مسلم، والأَعْرَجِ، هو عبد الرحمن بن هرمز، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي رضي الله عنه، تابعي ثقة، وعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
248 -
باب النَّهْىِ عَنْ مُبَادَرَةِ الأَئِمَّةِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
1354 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا لَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ
(4)
فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَإِنِّي مَهْمَا أَسْبِقُكُمْ حِينَ أَرْكَعُ تُدْرِكُونِي حِينَ أَرْفَعُ، وَمَهْمَا أَسْبِقُكُمْ حِينَ أَسْجُدُ تُدْرِكُونِي حِينَ أَرْفَعُ»
(5)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ولَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، صدوق، ومُحَمَّدُ ابْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وابْنُ مُحَيْرِيزٍ، هو عبد الله، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُعَاوِيَةَ، رضي الله عنه.
(1)
في (ت) ولك، وكلاهما يصح.
(2)
ليست في (ت، ك) وكلاهما يصح.
(3)
رجاله ثقات، وانظر رقم (1295) وانظر: القطوف (897/ 1482).
(4)
أي كبرت سني، وثقلت، يقال بدن إذا أسن (غريب الحديث 1/ 152).
(5)
فيه محمد بن عجلان، صدوق اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وليس هذا منها، وأخرجه أبو داود حديث (619) وابن ماجه حديث (963) وقال الألباني: حسن صحيح. عندهما.
الشرح:
مسابقة الإمام في الصلاة فيها وعيد شديد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما يخشى أحدكم - أو: لا يخشى أحدكم - إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار»
(1)
، والمراد بهذا الوعيد من تعمد مسابقة الإمام وعدم الاقتداء به في حركات الصلاة، وهذا يلزم منه أن مسابقة الإمام حرام، ولما تغير حال الرسول صلى الله عليه وسلم وثقل بدنه خشي أن يسبقه المأمومون غير ملاحظين ثقل بدنه صلى الله عليه وسلم فنبههم إلى ذلك حتى لا يقع أحد في استباقه، ونبه على الركوع والسجود ولم يذكر باقي الحركات؛ لأن صعوبة النهوض تكون في الركوع والقيام من السجود، فيجب على المصلين مراعاة حال الإمام وعدم استباقه في شيء من أفعال الصلاة، ومن وقع منه مسابقة فالجمهور على أنه آثم وصلاته صحيحة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1355 -
(2) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ - أَوْ لَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ -إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ، أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ»
(2)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر الكناني، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، هو أبو الحارث الجمحي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبَو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1356 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَثَّهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَسْبِقُوهُ إِذَا كَانَ يَؤُمُّهُمْ بِالرُّكُوعِوَالسُّجُودِ، وَأَنْ يَنْصَرِفُوا قَبْلَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ:
(1)
البخاري حديث (691) ومسلم حديث (427).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (691) ومسلم حديث (427) انظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 247).
«إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِي وَأَمَامِي»
(1)
.
رجال السند: أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، والْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، تابعي ثقة، وأَنَسُ ابْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم، وكونه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالانصراف قبله، فلعل ذلك مراعاة لحوائجهم وبعد منازلهم؛ ولأنه كان يطيل الذكر بعد الصلاة، وكونه صلى الله عليه وسلم يراهم من خلفه فهذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها أحد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
249 -
باب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَكَيْفَ الْعَمَلُ فِي السُّجُودِ:
1357 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَاووُساً يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، وَأُمِرَ أَنْ لَا يَكُفَّ شَعَراً وَلَا ثَوْباً "
(2)
.
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِيهِ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ: «أُمِرْتُ بِالسُّجُودِ، وَلَا أَكُفَّ شَعَراً وَلَا ثَوْباً»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو النَّضْرِ: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وطَاووُسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد بالسبعة الأعضاء: ومن الوجه الجبهة بصريح اللفظ، والأنف بالإشارة كما في الحديث التالي في الشرح، فلا يجوز السجود على أحدهما دون الآخر؛ لأنهما عضو واحد، لا بد من إلصاقهما بالأرض، وقال البعض: بل مستحب ويجوز السجود على أحدهما دون الآخر، والعضوان الثاني والثالث هما الكفان من اليدين، يُسجد على بطونهما باتجاه القبلة، والعضوان الرابع والخامس هما الركبتان، والعضوان السادس
(1)
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (426).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (809) وانظر أطرافه (812، 815، 816) ومسلم حديث (490) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 276).
(3)
نظر السابق.
والسابع هما أصابع القدمين، فهذه سبعة أعضاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة، وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين، وأطراف القدمين»
(1)
، والأمر هنا للوجوب. وقوله:" وَأُمِرَ أَنْ لَا يَكُفَّ شَعَراً وَلَا ثَوْباً " المراد لا يرفع الثياب في حال السجود ولا يضمها، بل يتركها مرسلة تصيب الأرض، فلا يرفع أسافل الثوب عن الأرض، ولا يشمر عن يديه، ومن كان له شعر فلا يعقصه بل يتركه مرسلا لكمال هيئة السجود، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1358 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَا: ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا ابْنُ طَاووُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: الْجَبْهَةِ» ، قَالَ وُهَيْبٌ: وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ:«وَلَا نَكُفَّ الثِّيَابَ وَلَا الشَّعَرَ»
(2)
.
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ووُهَيْبٌ، وابْنُ طَاوُسٍ، هو عبد الله بن طاووس أبو محمد اليماني إمام ثقة، وأَبوه، طاووس تابعي، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
250 -
باب أَوَّلِ مَا يَقَعُ مِنَ الإِنْسَانِ إلى
(3)
الأَرْضِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ
1359 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ:" رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ "
(4)
.
(1)
البخاري حديث (812) ومسلم حديث (470).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (812) ومسلم حديث (490) وانظر السابق.
(3)
سقطت من (ت) وفي بعض النسخ الخطية " على " وكلاهما يصح.
(4)
فيه شريك بن عبد الله، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه الترمذي حديث (268) وقال: حسن غريب، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. وأبو داود حديث (838) وابن ماجه حديث (882) وضعفه الألباني. عندهما.
رجال السند:
يزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق، وعَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، مرجئ روى له الجماعة عدا البخاري تقدم، وأَبوه، كليب بن شهاب ثقة تقدم ووَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
وضع الركبتين قبل اليدين، مسألة اختلف فيها العلماء رحمهم الله، فالأكثرون منهم قالوا: يضع المصلي ركبتيه قبل يديه؛ أرفق بالمصلي، وأحسن في الهيئة، وقال آخرون: بل يضع يديه قبل ركبتيه عملا برواية أبي هريرة عند أبي داود، ولكن حديث وائل أثبت، وقالوا إنه ناسخ لرواية أبي هريرة، وقال قوم: دلت رواية أبي هريرة على الجواز، ورواية وائل على الأولى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1360 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
.
قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ؟، قَالَ: كُلُّهُ طَيِّبٌ. وَقَالَ: أَهْلُ الْكُوفَةِ يَخْتَارُونَ الأَوَّلَ
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، هو النفس الزكية، إمام ثقة، وأَبو الزِّنَادِ، هو عبد الله بن ذكوان القرشي، إمام فقيه ثقة تقدم، والأَعْرَجُ، هو عبدالرحمن بن هرمز إمام ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (840).
(2)
ليست في (ك).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
251 -
باب النَّهْيِ عَنْ الاِفْتِرَاشِ وَنَقْرَةِ الْغُرَابِ
1361 -
(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اعْتَدِلُوا فِي الرُّكُوعِ
(1)
وَالسُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ بِسَاطَ الْكَلْبِ»
(2)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه هي السنة وهي من صفة صلاة رسول الله رضي الله عنه، فالأخذ بها من كمال الصلاة، فعلى المصلى أن يباعد يديه عن جنبيه، ولا يلصقهما بجنبيه، ويرفع صدره عن الأرض، ولا يفرش ذراعيه على الأرض؛ لأنه إذا بسطهما على الأرض لم يبد وضح إبطيه كما كان يبدو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن حصره الزحام وضاق عليه تطبيق ما تقدم ففي الأمر سعة، ومن وقع منه شيء مما يخالف ما أمر به صلى الله عليه وسلم فقد ترك الأولى وصلاته صحيحة وقد ينقص منها ما نقص من صفة الأداء الصحيح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1362 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تَمِيمِ ابْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ افْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَنَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَأَنْ يُوطِنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ، كَمَا يُوطِنُ الْبَعِيرُ ".
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، هو الأنصاري صدوق رمي بالقدر، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وأَبوه، هو جعفر بن عبد الله بن الحكم
(1)
في (ت، ك) لم يذكر السجود، وفي بعض النسخ الخطية لم يذكر الركوع، والصواب ذكرهما فالاعتدال مطلوب فيهما.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (822) ومسلم حديث (493) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
الأنصاري، تابعي ثقة، وتَمِيمُ بْنُ مَحْمُودٍ، لين الحديث، تفرد جعفر بالرواية عنه، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " وَأَنْ يُوطِنَ " أي: لا يتخذ مكانا واحدا في المسجد، ويجعله موطنا لصلاته، لا يغادره إلى سواه، والحديث فيه تميم بن محمود، فيه لين، وأخرجه النسائي حديث (1112) وابن ماجه حديث (1429) وحسنه الألباني عندهما، وأبو داود بطرف منه حديث (897) وصححه الألباني. وصلاة الرجل تنبئ عن فقهه فيها ولذلك لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا أساء في صلاته قال له:«ارجع فصل، فإنك لم تصل» ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، فقال:«إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها»
(1)
، وهذا أقل ما تؤدى به الصلاة، ولذلك ورد النهي عن عدم إقامة الصلب بعد الرفع من الركوع، ونهى عن بسط الذراعين؛ لأنها لا تليق بالمصلي، ولذلك شبهت ببسط الكلب دراعيه تنفيرا، وكذلك السباع تفعل، فكرم المصلي عن التشبه بها، وعن العجلة التي تذهب الخشوع في الصلاة؛ لأن العجلة تؤدي إلى الإخلال بالطمأنينة وهي ركن في الصلاة، ونفّر من عمل بالتشبيه بنقر الغراب، ونهى عن استدامة الجلوس في مكان واحد لا يعدوه إلى غيره؛ لأن ذلك من أسباب الشهرة، بل ينتقل من مكان لآخر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
252 -
باب الْقَوْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
1363 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي» والخبر رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود على التفصيل حديث (874) و كذاك النسائي حديث (1069) ونفي النسائي علمه بسماع طلحة بن
(1)
البخاري حديث (757) ومسلم حديث (397).
يزيد من حذيفة، وقال في الكبرى: هذا حديث عندي مرسل (1378) و كذلك ابن ماجه حديث (897) وصححه الألباني عندهم.
قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ تَقُولُ هَذَا؟، قَالَ: رُبَّمَا قُلْتُ، وَرُبَّمَا سَكَتُّ.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وزُهَيْرٌ، هو ابن معاوية، هما إمامان ثقتان، والْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هو ابن رافع الأسدي ثقة، وعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وطَلْحَةُ ابْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، أبو حمزة الكوفي، تابعي وثقه النسائي، روى له الستة عدا مسلم، وحُذَيْفَةُ، رضي الله عنه.
الشرح:
ليس في الدعاء بين السجدتين صيغة لا يجوز غيرها، بل يجوز أن يدعو بما شاء مما يتفق مع الكتاب والسنة وهذا الدعاء منه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
253 -
باب النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
1364 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ: «أَيُّهَا
(1)
النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلاَّ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا رَبَّكُمْ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ
(2)
أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، ابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، وسُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
في بعض النسخ الخطية " يا أيها " وكلاهما صحيح.
(2)
أي: جدير.
(3)
سنده حسن، وأخرجه ومسلم حديث (479) وأبو داود حديث (479) والنسائي حديث (1045) وصححه الألباني.
الشرح:
قول سبحان ربي العظيم من تعظيم الرب جل جلاله، وثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي "
(1)
، وعن عائشة، رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده وركوعه: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح "
(2)
، وهذا التنويع في الدعاء يدل على جواز تعظيم الرب جل جلاله بما شاء العبد، وله التطويل في صلاة النافلة فقد روى ابن جريج قال: قلت لعطاء: هل بلغك من قول يقال في الركوع؟ قال: لا، قلت: فكيف تقول أنت؟ قال: " إذا لم أعجل ولم يكن معي شيء يشغلني فإني أقول قولا إذا بلغته فهو ذلك، أقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت ثلاث مرات، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ثلاثا، سبحان الله العظيم ثلاثا، سبحان الله وبحمده ثلاث مرات، سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمة ربي غضبه ثلاث مرات "، قلت: فهل بلغك أنه كان يقول شيئا منهن في الركوع؟ قال: «لا» قلت: فما تتبع في ذلك؟ قال: «أما سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت» فأخبرني ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فجسست ثم رجعت فإذا هو راكع وساجد يقول:«سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت» قالت: قلت: بأبي أنت وأمي، إني لفي شأن وإنك لفي آخر قال: أما «سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا»
(3)
، فأتبع بها التي في سورة بني إسرائيل، وأما " سبحان الله العظيم، وسبحان الله وبحمده فأعظم بهما الله "، وأما " سبحان الملك القدوس" فبلغني، عن عبيد بن عمير أنه قال:" ينزل الرب تبارك وتعالى شطر الليل الآخر في السماء فيقول: «من يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟» ويقول الملك: سبحوا الملك القدوس، حتى إذا كان الفجر صعد الرب، فأتبع قول الملك: سبحان الملك القدوس، وأما سبوح قدوس سبقت رحمة ربي غضبه"
(4)
، وانظر التالي.
(1)
البخاري حديث (794) ومسلم حديث (484).
(2)
أحمد حديث (25146).
(3)
الآية (108) من سورة الإسراء.
(4)
مصنف عبد الرزاق حديث (2898).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1365 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ جَعْفَرٍ، هو الأنصاري، وسُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، هو أبو أيوب المدني، تابعي ثقة روى له مسلم، وإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ، هو هاشمي صدوق، وأَبوه، هو عبد الله ابن معبد هاشمي تابعي ثقة قليل الحديث، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
254 -
بابٌ فِي الَّذِي لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ
1366 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ هُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ - عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» .
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، هو الطنافسي، والأَعْمَشُ، هو سليمان، وعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، هوالتيمي تابعي ثقة، وأَبو مَعْمَرٍ، هو عبد الله بن سخبرة، أزدي تابعي إمام ثقة، وأَبو مَسْعُودٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (265) وقال: حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود حديث (855) والنسائي حديث (1027) وابن ماجه حديث (870) وصححه الألباني عندهم. والمصلي مطالب بأقل ما يجب من الأركان فصلاته باطلة، وتلزمه الإعادة والأصل في هذا حديث المسيء في صلاته انظره 1357، وشرحه.
(1)
سنده حسن، وانظر سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
255 -
باب التَّجَافِي فِي السُّجُودِ
1367 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ جَافي حَتَّى يَرَى مَنْ خَلْفَهُ وَضَحَ إِبِطَيْهِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، هو الجزري، ويَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ: هو ابن عمرو بن عبيد الأصم البكائي كوفي، خالته ميمونة أم المؤمنين، يقال: تابعي ثقة، قيل له رؤية، ومَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، رضي الله عنها.
الشرح:
في السجود يجافي ذراعيه عن فخذية، ويباعد بين الأعضاء، من غير غلو، وهذا عكس ما تفعل المرأة فقد كانت المرأة تؤمر إذا سجدت أن تلزق بطنها بفخذيها كيلا ترتفع عجزتها ولا تجافي كما يجافي الرجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1368 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ عَمِّهِ: يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ جَافي، حَتَّى لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ
(2)
تَمُرُّ تَحْتَهُ لَمَرَّتْ"
(3)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هما إمان ثقتان تقدما، وَإِسْمَاعِيلُ بْىنُ زَكَرِيَّا، هو الملقب شقوصا، كوفي صدوق، روى له الستة، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ، هو العامري مقبول غير مشهور، وعَمِّهِ: يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، ابن أخت ميمونة تابعي ثقة، ومَيْمُونَةُ، أم المؤمنين رضي الله عنها.
الشرح: هذا خلاف ما يقع فيه كثير من المصلين من الضم وبسط الأذرع، ولزق البطن بالفخذين، وهو خلل بين في أداء الرجال، وإنما هو للنساء فقط ستر لهن.
(1)
رجاله ثقات، من طرق عن جعفر أخرجه مسلم حديث (497).
(2)
واحدة البهم من ولد الضأن.
(3)
فيه عبيد الله بن عبد الله بن الأصم مقبول، وأخرجه مسلم حديث (496) وانظر سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1369 -
(3) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مَرْوَانُ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبيِّ، قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ خَوَّى بِيَدَيْهِ: يَعْنِى جَنَّحَ، حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ، وَإِذَا قَعَدَ اطْمَأَنَّ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى "
(1)
.
رجال السند:
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، ومَرْوَانُ، هو ابن محمد الطاطري، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ، مقبول، ويَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومَيْمُونَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
قوله " خَوَّى " أي: رفع بطنه عن الأرض، وباعد بين عضديه وجنبيه مجنحا بهما، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
256 -
باب قَدْرِ كم كَانَ يَمْكُثُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ
؟
1370 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ رُكُوعُهُ إذا ركع، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَالسُجُودُ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، قَرِيباً مِنَ السَّوَاءِ ".
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو الحرشي، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، والْبَرَاءُ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (792) ومسلم حديث (471، 194)، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 272)، والمراد أن ما يقضي من الوقت في الركوع والرفع منه والسجود قريبا من السواء، فلا يطيل في ركوعه أكثر
(1)
وأنظر سابقه.
من سجوده، وهذا في صلاة الفريضة، أما النافلة فللمصلي أن يطيل ما شاء، وله أن يطيل في سجوده أكثر من ركوعه، وانظر التالي ففيه تفصيل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1371 -
(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ الْوَزَّانِ
(1)
، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: " رَمَقْتُ
(2)
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاتِهِ، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ
(3)
فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ، فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالاِنْصِرَافِ قَرِيباً مِنَ السَّوَاءِ"
(4)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هِلَالُ بْنُ حُمَيْدٍ
(5)
أُرَى أَبُو حُمَيْدٍ الْوَزَّانُ.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وأَبُو عَوَانَةُ، وهِلَالٌ الْوَزَّانِ، كوفي روى له الشيخان، مختلف في اسم أبيه، وذكر الدارمي أن كنيته أبو حميد، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، هم أئمة ثقات تقدموا، والْبَرَاءُ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
257 -
باب السُّنَّةِ فِيمَنْ سُبِقَ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ
1372 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر
(6)
، وَحَمْزَةَ ابْنِ الْمُغِيرَةِ: أَنَّهُمَا سَمِعَا الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُخْبِرُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ الْمُغِيرَةُ، حَتَّى وَجَدُوا النَّاسَ قَدْ أَقَامُوا الصَّلَاةَ: صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يُصَلِّى لَهُمْ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَفَّ مَعَ النَّاسِ وَرَاءَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فِي الرَّكْعَةِ
(1)
في بعض النسخ الخطية "الخازن " ولا يبعد أن يكون صحيحا فقد يكون الخازن وزّانا.
(2)
أي: راقبت ونظرت.
(3)
في بعض النسخ الخطية " ركوعه ".
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (471) وانظر سابقه.
(5)
في بعض النسخ الخطية " هلال بن محمد أبو حميد ".
(6)
في (ك) المغيرة، وهو خطأ.
الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَلَّى، فَفَزِعَ النَّاسُ لِذَلِكَ وَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ لِلنَّاسِ ":«قَدْ أَصَبْتُمْ أَوْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق، واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وعُقَيْلٌ، هو ابن خالد صاحب الزهري ثقة، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعَبَّادُ ابْنُ زِيَادٍ، أبو حرب وثقه ابن حبان وروى له مسلم، وهو أخو عبيد الله، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر، ويحتمل أن يكون عروة ابن المغيرة بن شعبة، تابعي ثقة، وهو أخو حمزة التالي، وَحَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تابعي ثقة روى له مسلم، هم ثقات تقدموا، والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه جواز تقديم المفضول على الإمام الفاضل إذا تأخر عن وقت إقامة الصلاة، ولذك أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فاته، ثم أثنى على فعلهم، وكونهم سبحوا لعل ذلك تنبيه لعبد الرحمن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد حضر، ولذلك أراد أن يتأخر كما في الرواية التالية.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1373 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، ثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ:" فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ، يُصَلِّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْتُ فَرَكَعْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا "
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " أَقُولُ فِي الْقَضَاءِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَنْ يَجْعَلَ مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَاةِ قَضَاءً ".
رجال السند: مُسَدَّدٌ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، ثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، ثقة ثبتا مأمونا كثير الحديث حجة. وكان فقيها، وحَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأبوه، هو والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، رضي الله عنه.
(1)
فيه عباد بن زياد، ضعيف، وأخرجه أحمد حديث (748، 249) وأبو داود حديث (149) ..
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (274).
الشرح:
انظر السابق، وقول الدارمي رحمه الله:" وَأَنْ يَجْعَلَ مَا فَاتَهُ مِنَ الصَّلَاةِ قَضَاءً" أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» لأن القضاء لصلاة فات وقتها، أما التي لم يفت وقتها فهو إتمام، وليس قضاءً.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
258 -
باب الرُّخْصَةِ فِي السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ
1374 -
(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثَنَا غَالِبٌ الْقَطَّانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ "
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو مسلم، وبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، هو أبو إسماعيل ثقة كثير الحديث، وغَالِبٌ الْقَطَّانُ، هو ابن خطاف بن أبي غيلان البصري، صدوق روى له الستة، وبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من سماحة الإسلام أجاز اتقاء حر الأرض وبردها بما يتسر من لباس وغيره، هكذا كان حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، والحمد لله المنعم المتفضل الذي يسر لنا ما نحن فيه من عمارة المساجد وفرشها، وما فيها من ملطفات الجو صيفا وشتاء، ولم نقدم لديننا ما قدم الصفوة رضي الله عنهم، فنسأل الله كما من علينا بهذا النعيم أن يمن علينا بالعفو عن تقصيرنا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
259 -
باب الإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ
1375 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (385) ومسلم حديث (620) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 360).
" رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو هَكَذَا فِي الصَّلَاةِ. وَأَشَارَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِأُصْبُعِهِ، وَأَشَارَ أَبُو الْوَلِيدِ بِالسَّبَّاحَةِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد، وعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، هو أبو الحارث الأسدي، تابعي ثقة، وأَبوه، عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
الشرح:
الإشارة عند التشهد بالسبابة خفضا ورفعا في حركة معتدلة، ولها ثلاث حالات: الأولى: أن يشير بها عند التشهد مع الاستمرار في الإشارة وعدم التحريك. والثانية: أن يشير ويحرك الإصبع باعتدال إلى أعلى وإلى أسفل. والثالثة: أن يشير عند الدعاء، ويكرر الإشارة كلما دعا، والإبهام في كل هذه معقود على الوسطى كحلقة.
والملاحظ تساهل بعض المصلين في هذا ويبسط يده اليمني على الفخذ، وهذا خطأ، وبعض المصلين يبالغ في تحريك السبابة بسرعة، والبعض يحركها بطريقة دائرية، والبعض يحركها يمين وشمال كمن يشير لا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1376 -
(2) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَنَصَبَ إِصْبَعَهُ "
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَيُّوبُ، السختياني، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا وضع الجلوس في التشهد الأول والثاني، أما نصب الإصبع السبابة فهو يمثل الحالة الأولى المبينة آنفا.
(1)
فيه محمد بن عجلان، صدوق اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وليس هذا منها، وأخرجه مسلم حديث (579).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (580).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
260 -
باب في التَّشَهُّدِ
1377 -
(1) حَدَّثَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى إِسْرَافِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ": «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا جَلَسْتُمْ فِي الصَّلَاةِ فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مَا شَاءَ»
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو بن عبيد، والأَعْمَشُ، هو سليمان، وشَقِيقٌ، هو ابن سلمة، وعَبْدُاللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
الصيغة الأولى اجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم، صححها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الصيغة الراجحة من صيغ التشهد الأول، ويزاد عليها في التشهد الأخير اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، والتشهد الأول واجب بالصيغة المذكورة، ولذلك من نسي وقام ولم يتشهد جاز ويجبره بسجود السهو، أما التشهد الأخير فركن لا يجبره شيء، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
(2)
، وهذا في الصلاة من أوجب الواجبات، وفي غير الصلاة سنة تضاعف لقائلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (831) ومسلم حديث (402) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 226).
(2)
من الآية (56) من سورة الأحزاب.
«فإنه من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشرا»
(1)
.
واختلفوا في وجوب التشهد، فمن قال بالوجوب قال: تبطل صلاة من لم يتشهد، والمراد التشهد الأخير، ومن قال بعدم الوجوب صحح صلاة من ترك التشهد، والأصح القول بالوجوب، ومن صيغ التشهد ما روى ابن عباس أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول «التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رسول الله»
(2)
.
ومنها صيغة تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو " التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"
(3)
.
وأصحها إسنادا وأشهرها رجالا تشهُّد ابن مسعود، ومن أخذ بغيرها فلما
فيها من زياد الثناء، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1378 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حُرٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ قَالَ: " أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي فَحَدَّثَنِي: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ ": «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ» .
قَالَ زُهَيْرٌ: أُرَاهُ قَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» .
أَيْضاً شَكَّ فِي هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ: «إِذَا فَعَلْتَ هَذَا - أَوْ قَضَيْتَ - فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ»
(4)
.
(1)
أبو داود حديث (523).
(2)
مسلم حديث (403).
(3)
ابن أبي شيبة حديث (2992).
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (4006) وأبو داود حديث (970).
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وزُهَيْرٌ، هو ابن معاوية، والْحَسَنُ بْنُ حُرٍّ، هو أبو محمد الجعفي، ثقة لم يرو له الشيخان، والْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، هو أبو عروة الهمداني، كوفي ثقة له أحاديث، وعَلْقَمَةُ، هو ابن قيس، هم ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
261 -
باب الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1379 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيىُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: الْحَكَمُ أَخْبَرَنِي قَالَ: " سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا: قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي؟ " قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيىُّ، وشُعْبَةُ والْحَكَمُ، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هم أئمة ثقات تقدموا، وكَعْبُ ابْنُ عُجْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره يقتضي اللزوم والوجوب، فقرر العلماء أن ذلك منصرف إلى الحال في الصلاة، وأنه خارج الصلاة سنة لما في ذلك من الفضل والثواب الحسن، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1380 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ: مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ - الَّذِى كَانَ أُرِىَ النِّدَاءَ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3370) ومسلم حديث (406) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 227).
بِالصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيَّ قَالَ:" أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ مَعَنَا فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ - وَهُوَ أَبُو النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟، قَالَ: فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ": «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ»
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونُعَيْمٌ الْمُجْمِرِ، هو ابن عبد الله المدني، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، تابعي ثقة روى له الستة، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيّ، هو تابعي ثقة، والده صاحب رؤيا الأذان رضي الله عنه، وأَبَو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِي، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه الصيغة تقال وجوبا في التشهد الأخير، واستحبابا في الأوقات خارج الصلاة، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
262 -
باب الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ
1381 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَشَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»
(2)
.
رجال السند: أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو الفضل، والأَوْزَاعِيُّ، وحَسَّانُ، هو ابن عطية المحاربي، ومُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، هو تابعي لا بأس به، روى له مسلم، هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وفي الصلاة أخرجه مسلم حديث (405).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (588).
الشرح:
هذه الأربع من جوامع الكلم، فمن استجيب له فيها فقد نجا، ولذلك قال بعض العلماء من لم يقلها تبطل صلاته، والصحيح أن صلاته صحيحة، وقد خسر هذه الوصفة النبوية وما يترتب على قبولها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1382 -
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: بِنَحْوِهِ.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، والأَوْزَاعِيُّ، هما ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
263 -
باب التَّسْلِيمِ فِي الصَّلَاةِ
1383 -
(1) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ "
(1)
.
رحال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، هو القطواني، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، هو أبو محمد المخرمي صدوق، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، هو ابن أبي وقاص أبو محمد، إمام ثقة حجة، وهو ابن أخي عامر، وعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، هو ابن أبي وقاص تابعي إمام قفة، روى له الستة، وأَبوه، سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
الشرح:
هذه هي السنة التي تساهل فيها بعض الأئمة فضلا عن بعض المصلين، تجد البعض لا يكاد يميل وجهه، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم من سنن الهدى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1384 -
(2) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ:" صَلَّيْتُ خَلْفَ رَجُلٍ بِمَكَّةَ فَسَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: أَنَّى عَلِقَهَا؟، وَقَالَ الْحَكَمُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ ذَلِكَ ".
رجال السند:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (582).
مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، هو ابن حماد، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وَمَنْصُورٍ، هو ابن المعتمر، ومُجَاهِدٌ، هو ابن جبر، وأَبو مَعْمَرٍ، هو عبد الله بن سخبرة، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح:
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (581).
قوله: " صَلَّيْتُ خَلْفَ رَجُلٍ بِمَكَّةَ " هو أميرها نافع بن عبد الحارث، كان يؤم الناس فإذا سلم يسلم عن يمينه، ثم عن شماله، وهذه هي السنة، ولما بلغ ابن مسعود رضي الله عنه قال:" أنّى أخذها ابن عبد الحارث؟! " أي: كيف أخذ هذه السُّنة، أو متى أخذ أخذها؛ لأنه ليس صحابيا، ثم أيد فعله وقال رضي الله عنه:" فإني رأيت بياض وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلا الشقين "
(1)
، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
264 -
باب الْقَوْلِ بَعْدَ السَّلَامِ
1385 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ - هُوَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ بَعْدَ الصَّلَاةِ إِلاَّ قَدْرَ مَا يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ» .
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعَاصِمٌ، هو ابن سليمان الأحول، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو الْوَلِيدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري زوج أخت ابن سيرين، ثقة روى له الستة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (592).
وهذا أدنى الكمال والسنة بعد الفراغ من الفريضة يثنى على الله عز وجل بهذا المأثور، وبغيره معه مما ورد في السنة، كالتسبيح، والتحميد، والتكبير ويختم بالشهادة لا إله إلا الله، وقراءة آية الكرسي كل ذلك دبر كل صلاة.
(1)
انظر مصنف عبد الرزاق حديث (3136).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1386 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ ": «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو الفضل، والأَوْزَاعِيُّ، وشَدَّادُ أَبو عَمَّارٍ، هو ابن عبد الله القرشي، تابعي إمام ثقة ربما أرسل، روى له مسلم، وأَبو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، هو عمرو بن مرثد، هم أئمة ثقات تقدموا، وثَوْبَانُ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1387 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ
(2)
: الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ في الكِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: «لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، ربما دلس، ووَرَّادٍ، هو أبو سعيد كاتب الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، كوفي تابعي ثقة، روى له الستة، وهم أئمة ثقات تقدموا، والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، ومُعَاوِيَةَ، هما صحابيان رضي الله عنهما.
الشرح: هذا من التنويع في الثناء على الله عز وجل في دبر كل صلاة، ويحسن أن ينوع المصلي ثناءه على الله عز وجل دبر الصلوات، ولو جمع أكثر مما أثر فحسن، والجَد على
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (591).
(2)
في بعض النسخ الخطية " الكاتب ".
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (844) ومسلم حديث (593) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 347).
الصحيح المشهور أنه بفتح الجيم: الحظ، أي لا ينجيه حظه، وإنما بفضل الله ورحمته
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
265 -
باب عَلَى أَيِّ شِقَّيْهِ يَنْصَرِفُ مِنَ الصَّلَاةِ
؟
1388 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" لَا يَجْعَلْ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ نَصِيباً مِنْ صَلَاتِهِ، يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلاَّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيراً يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، الأَعْمَشِ، عُمَارَةُ، هو ابن عمير، والأَسْوَدُ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
في هذا الرد على من يصر على عدم الانصراف من الصلاة عن اليسار، وقد اعتبر ابن مسعود رضي الله عنه أن هذا من كيد الشيطان فحذر من كيده على العموم، ومن كيده الوسوسة في الصلاة، بكثير من بلايا الحياة، فليحارب بالخشوع وتدبر ما يقرأ، وخارجها بالإلهاء عن الطاعة، والإشغال عنها بشؤون الحياة وغير ذلك كثير، نسأل الله الثبات على ما يرضيه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1389 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقُولُ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ ".
رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو الطنافسي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، والسُّدِّيِّ، هو إسماعيل ابن عبد الرحمن ثقة له أوهام، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
(1)
انظر (فتح الباري 2/ 332).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (852) ومسلم حديث (707) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 412).
الشرح:
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (708).
ولا خلاف بين الروايتين، والمراد من ذلك الجواز في الحالين، وكلتاهما سنة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1390 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: " انْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ يَمِينِهِ: يَعْنِى فِي الصَّلَاةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، سُفْيَانُ، السُّدِّيُّ، هم ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
266 -
باب التَّسْبِيحِ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ
1391 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا هِقْلٌ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قال: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّى، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَتَصَدَّقُونَ بِهَا، وَلَيْسَ لَنَا مَا نَتَصَدَّقُ ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا أَنْتَ
(2)
قُلْتَهُنَّ أَدْرَكْتَ مَنْ سَبَقَكَ، وَلَمْ يَلْحَقْكَ مَنْ خَلَفَكَ، إِلاَّ مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِكَ؟». قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «تُسَبِّحُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُهُ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرْهُ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَتَخْتِمُهَا بِلَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
(3)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو القنطري، وهِقْلٌ، هو ابن زياد ثقة روى له مسلم، والأَوْزَاعِيُّ، وحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو المحاربي، ومُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، هو أبو الحسن الهمداني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، وأَبُو ذَرّ، رضي الله عنهما.
(1)
سنده حسن، وانظر سابقه.
(2)
ليست في بعض النسخ الخطية، وكلاهما صحيح.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (843) ومسلم حديث (595) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 348).
الشرح:
هذا من الحرص على الخير والتنافس فيه، فأصحاب الأموال بادروا بها أفعال الخير من الصدقات وغيرها إضافة إلى الاجتهاد في القيام بالفرائض، فتمنى الفقراء أن يخصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمل يماثل عمل الأغنياء أو يزيد عليهم، فأرشدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التسبيح والتحميد والتكبير ويختم التمام بلا إله الا الله، دبر كل صلاة، وفي رواية: " فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء»
(1)
؛ لأن أفعال الخير مبنية على التسابق والمسارعة في العمل الصالح، وقد يزاد في أجور الفقراء؛ لأنهم تمنوا أن تكون لهم أموال فيفعلون ما فعل الأغنياء، فالمنفق والمتمنى في الأجر سواء إذا صدق في النية، وقد كان الفقراء سببا في معرفة الأغنياء الذكر دبر كل صلاة، فحصل للفقراء أجر الذكر بر الصلوات، وأجر النية على الإنفاق فيما لو كان لهم أموال، وأجر السبب في معرف الأغنياء على قاعدة من سن سنة حسنة، فصار للفقراء ثلاثة عوامل للأجر مقابل عاملين للأغنياء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1392 -
(2) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:" أُمِرْنَا أَنْ نُسَبِّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَهُ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ، فَأُتِيَ رَجُلٌ - أَوْ أُرِيَ - رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْمَنَامِ، فَقِيلَ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُسَبِّحُوا اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُوا ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُوا أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ؟، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْساً وَعِشْرِينَ، خَمْساً وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا مَعَهَا التَّهْلِيلَ. فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ": «افْعَلُوهَا» والخبر رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (3413) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (1350) وصححه الألباني.
رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وكَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، هو مولى أبي أيوب رضي الله عنه، هم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، رضي الله عنه.
(1)
مسلم حديث (595).
الشرح:
المراد تنويع الثناء على الله عز وجل، وليس المراد ترك العدد ثلاثا وثلاثين، وأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا الأنصاري؛ لأنها في إطار ما يصح الثناء به على الله عز وجل، فصارت سنة تقريرية، فيكون عدد كل ثناء خمسا وعشرين مرة، ولا إله إلا الله خمس وعشرون مرة، ليتم بها العدد مائة مرة، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
267 -
باب مَا أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
؟
1393 -
(1) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفي، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ، فَإِنْ وَجَدَ صَلَاتَهُ كَامِلَةً كُتِبَتْ لَهُ كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟، فَأَكْمِلُوا لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ. ثُمَّ الزَّكَاةُ، ثُمَّ الأَعْمَالُ، عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا أَعْلَمُ أَحَداً رَفَعَهُ غَيْرَ حَمَّادٍ.
قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: صَحَّ هَذَا؟ قَالَ: إِيْ
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وزُرَارَةُ بْنُ أَبِي أَوْفي، هو أبو حاجب العامري، قاضي البصرة، تابعي إمام ثقة روى له الستة، وتَمِيمٍ الدَّارِي، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا الحديث رفعه حماد بن سلمة ووقفه غيره، وصح أنه مرفوع، وليس هو مما يقال بالرأي، وهذا يدل على أن الصلاة أهم ما فرض الله عز وجل، ولذلك ترتب على صحتها
(1)
رجاله ثقات، لكن مختلف في رفعه ووقفه، وأخرجه أحمد حديث (16990) وله شواهد من حديث أبي هريرة، عند أبي داود حديث (864) والنسائي حديث (465، 467) وابن ماجه حديث (1426) وصححه الألباني عندهم.
(2)
في بعض النسخ الخطية " وهو خطأ " وقد رُجح الوقف على الرفع، وقال آخرون: إنه زيادة من ثقة، وهي مقبولة.
وكمالها صحة الفرائض الأخر، فكان أو ما يسأل عنه العبد يوم القيامة صلاته، ومن فضل الله عز وجل ورحمته أن من نقصت صلاته يبحث له عما يتممها من صلاة النافلة، وهذا يدل على الاهتمام بالنوافل، ولاسيما الرواتب بعد وقبل الفرائض، ومما يؤسف تقصير بعض المصلين في النوافل، مع أنها رصيد ينال به العبد رحمة الله عز وجل، فالنوافل كالسور على البستان إذا لم يكن تطرقت إليه السوارف وأتلفته، وإن وجد كان حمى له من الضرر.
ثم ذكر الزكاة، يحاسب عليها بعد الصلاة؛ لأنها حق الفقراء فمن أداها نجا، ومن قصر هلك، وبعد الصلاة والزكاة باقي الأعمال الأهم فالأهم، اللهم ثبتنا على ما يرضيك، وارحم ضعفنا وتجاوز عن تقصيرنا، يا ذا الجلال والإكرام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
268 -
باب صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
-
1394 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ: " أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: لِمَ؟ فَمَا كُنْتَ أَكْثَرَنَا لَهُ تَبَعَةً، وَلَا أَقْدَمَنَا لَهُ صُحْبَةً. قَالَ: بَلَى. قَالُوا: فَاعْرِضْ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يكَبَّرَ
(1)
حَتَّى يَقَرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، وَلَا يُصُوِّبُ رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ:«سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» . ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ - يَظُنُّ أَبُو عَاصِمٍ أَنَّهُ قَالَ: حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً، ثُمَّ يَقُولُ -:«اللَّهُ أَكْبَرُ» . ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الأَرْضِ يُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ:«اللَّهُ أَكْبَرُ» . وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا مُعْتَدِلاً، حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً، ثُمَّ يَقُومُ فَيَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، كَمَا فَعَلَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ
(1)
في (ت) كبر وكلاهما صحيح.
يَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ أَوِ الْقَعْدَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا التَّسْلِيمُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَجَلَسَ مُتَوَرِّكاً عَلَى شِقِّهِ الأَيْسَرِ". قَالَ قَالُوا:" صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، الضحاك، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، هو الأنصاري صدوق رمي بالقدر، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، هو أبو عبد الله القرشي، مدني تابعي ثقة، وأَبو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه الصفة لا مزيد عليها، فهي غنية عن البيان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1395 -
(2) حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قال: ثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، ثَنَا عَاصِمُ ابْنُ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: قُلْتُ: " لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَامَ فَكَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، قَالَ: ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ مِثْلَهَا، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ مِثْلَهَا، ثُمَّ سَجَدَ فَجَعَلَ كَفَّيْهِ بِحِذَاءِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَعَدَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ وَرُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ مِرْفَقَهُ الأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَبَضَ ثِنْتَيْنِ فَحَلَّقَ حَلْقَةً ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَانٍ فِيهِ بَرْدٌ فَرَأَيْتُ عَلَى النَّاسِ جُلَّ الثِّيَابِ يُحَرِّكُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ "
(2)
.
رجال السند:
مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، هو أبو عمرو الأزدي المعني، إمام ثقة روى له الستة، وزَائِدَةُ ابْنُ قُدَامَةَ، وعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، هو مرجئ أثني عليه أبوداود، وأَبوه، هو كليب بن شهاب الجرمي، هم ثقات تقدموا، ووَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، تخريجه.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (726) والنسائي حديث (1268) وصححه الألباني عندهما.
الشرح: انظر السابق ولا تعليق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1396 -
(3) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: " صَلَّى بِنَا أَبُو مُوسَى إِحْدَى صَلَاتَي الْعَشِيِّ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ؟، فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلَاةَ قَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟، فَأَرَمَّ
(1)
الْقَوْمُ فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا؟، قَالَ: مَا أَنَا قُلْتُهَا وَقَدْ خِفْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي
(2)
بِهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا، وَمَا أَرَدْتُ بِهَا إِلاَّ الْخَيْرَ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَوَ مَا تَعْلَمُونَ مَا تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ؟، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا- قَالَ: أَحْسَبُهُ - قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ يُجِبْكُمُ اللَّهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ» .
قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَتِلْكَ بِتِلْكَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ - أَوْ قَالَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ - فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ» . قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَتِلْكَ بِتِلْكَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
(3)
، السَّلَامُ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»
(4)
.
(1)
أي تغتاظ وتحنق.
(2)
أي تقول ما يخجلني.
(3)
ليست في (ت، ك).
(4)
فيه سعيد بن عامر سماعه من ابن أبي عروبة متأخر، وهو ثقة، والحديث أخرجه مسلم حديث (404).
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وقَتَادَةُ، ويُونُسَ بْنُ جُبَيْرٍ، وحِطَّانَ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، هو بصري ثقة، هم ثقات تقدموا، وأَبُو مُوسَى، هو الأشعري رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1345، 1371، 1287.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
269 -
باب الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ
(1)
1397 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يُصَلِّي، وَقَدْ حَمَلَ عَلَى عُنُقِهِ - أَوْ عَاتِقِهِ - أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد، والْمَقْبُرِيُّ، هو سعيد، وعَمْرُو ابْنُ سُلَيْمٍ، هو الزرقي الأنصاري تابعي إمام ثقة، قيل: له روية روى له الستة، وأَبو قَتَادَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هو معلم الأمة صلى الله عليه وسلم، فإن خروجه للصلاة حاملا أمامة لم يكن عبثا، بل ليعلم الأمة حكما شرعيا، وخلقا رفيعا، وتواضعا جما، فإنه صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1398 -
(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ:" حَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا "
(3)
.
(1)
في (و) العمل في الصلاة فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها، واختلاط في الحديثين.
(2)
سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (516) ومسلم حديث (543) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 315).
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (410) وانظر سابقه.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، هو الإمام،
(1)
وعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو قَتَادَةَ الأنصاري، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
270 -
باب كَيْفَ يَرُدُّ السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ
1399 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي بُكَيْرٌ - هُوَ ابْنُ الأَشَجِّ - عَنْ نَابلٍ
(2)
صَاحِبِ الْعَبَاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ:" مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً "
(3)
.
قَالَ لَيْثٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: بِأُصْبُعِهِ.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، هما ثقتان تقدما، وبُكَيْرٌ ابْنُ الأَشَجِّ، هو أبو عبد الله المخزومي، إمام ثقة روى له الستة، ونَابلٍ صَاحِبِ الْعَبَاءِ، بائع العباءات مقل في الرواية، وثقه النسائي وقال مرة ليس بالمشهور، وبه قال الذهبي رحمه الله، وابْنُ عُمَرَ، وصُهَيْبٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه السنة أن يرد المصلي على من سلم عليه إشارة بيده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1400 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَسْجِدَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَدَخَلَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ: فَسَأَلْتُ صُهَيْباً، كَيْفَ كَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟، قَالَ: هَكَذَا وَأَشَارَ
(1)
في بعض النسخ الخطية " وعن " وهو خطأ.
(2)
في (ك) عدلت نايل، وهو خطأ بل هو بالموحدة.
(3)
فيه نابل: مقبول، ووثقه الذهبي (الكاشف) وأخرجه الترمذي حديث (367) ولم يعقب، وأبو داود نحوه في الرد إشارة حديث (925) وكذلك النسائي حديث (1186) وصححه الألباني عندهما.
بِيَدِهِ "
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هو مولى عمر رضي الله عنه، من فقهاء المدينة، إمام في التفسير ثقة، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المسجد المذكور هو مسجد قباء وهو اليوم من معالم المدينة، والصحيح في رد المصلي على من سلم عليه أن يكون إشارة، أو بعد الانتهاء من الصلاة، وكلاهما سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
271 -
باب التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ
1401 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ»
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا الحكم الشرعي فيه مراعاة لحال المصلي رجلا كان أو امرأة إذا عرض له في الصلاة ما يستدعي تنبيه الإمام إذا سها، أو من كان خارج الصلاة، فالرجل المصلي في هذه الحال يسبح رافعا صوته بقدر ما يُسمع، والمرأة تصفق بضرب كفها الأيسر براحة كفها الأيمن، وهذا من تكريم المرأة صيانة لصوتها، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1402 - (2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (1187) وابن ماجه حديث (1017) وصححه الألباني عندهما.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1203) ومسلم حديث (422) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 244).
«إِذَا نَابَكُمْ فِي صَلَاتِكُمْ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَبو حَازِمٍ، هو سلمة بن دينار المخزومي، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1403 -
(3) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ [وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ]
(2)
عَنْ سَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ
(3)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، إمام ثقة تقدم، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، هو أبو عبد الله، قاضي بغداد، مدني صدوق، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، هو ابن سلمة بن دينار، أبو تمام كان كثير الحديث، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، إمام تقدم عَنْ أَبِي حَازِمٍ، وسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
272 -
باب صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ أَفْضَلُ
1404 -
(1) أَخْبَرَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الْجَمَاعَةَ»
(4)
.
رجال السند:
مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الحنظلي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، هو الفزاري، وأَبو النَّضْرِ، هو مولى عمر بن عبيد الله وكاتبه ثقة، وبُسْرُ ابْنُ سَعِيدٍ، هو مولى
(1)
والحديث رجاله ثقات، وأخرج أصله البخاري حديث (684) وانظر أطرافه (12 - 1، 1204، 1218، 1234، 2690، 2693، 7190) ومسلم حديث (421)
(2)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
(3)
سنده حسن، وانظر سابقه.
(4)
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (781).
الحضرميين وثقه ابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم:" لا يُسأل عن مثله "، وزَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
كان الصحابة رضي الله عنهم شديدي التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم يرونه في كل أحواله، فما يعمل عملا إلا ويسارعون بالاقتداء به رضي الله عنهم، روى زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال:" احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة مخصفة، أو حصيرا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، ثم جاءوا ليلة فحضروا، وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم مغضبا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "«ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة»
(1)
، وهذا من رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمة، فقد كاد حرص أصحابه رضي الله عنهم على الصلاة معه نافلة أن يؤدي بفرض ذلك عليهم ثم لا يطيقون، فكان غضبه شفقة عليهم، وأرشدهم إلى ما هو أفضل وأرفق بهم صلاة النافلة في البيوت، وبشرهم أن ذلك خير من صلاتها في المسجد، أما صلاة الفريضة فخيريتها أن تصلى في المسجد؛ لأن الفريضة لا يتطرق إليها احتمال الريا، بخلاف النافلة فمن يحرص عليها مع عدم لزومها، يخشى عليه من الرياء في ذلك، فكان أداؤها في البيت أخفى وأبعد عن الريا؛ لأنه حينئذ إن شاء صلى وإن شاء ترك، وبصلاتها في البيت تحل البركة فيه، وتحضره الملائكة، ولا يكون للشيطان فرصة للبقاء في بيت تقام فيه الصلاة، ولاسيما إذا كانت الصلاة في وقت نزول الرحمن عز وجل حين يقول:
«هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟»
(2)
.
(1)
البخاري حديث (6113).
(2)
رجاله ثقات، انظر ما سبقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
273 -
باب إِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ
(1)
فِي الْجَمَاعَةِ بَعْدَ مَا يُصَلِّي
(2)
فِي بَيْتِهِ
1405 -
(1) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ السُّوَائِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ، قَالَ: فَإِذَا رَجُلَانِ حِينَ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدَانِ فِي نَاحِيَةٍ لَمْ يُصَلِّيَا، قَالَ: فَدَعَا بِهِمَا فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا قَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَ؟». قَالَا: صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: «فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَدْرَكْتُمَا الإِمَامَ فَصَلِّيَا، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» قَالَ: فَقَامَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِيَدِهِ يَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَمَسَحْتُ بِهَا وَجْهِى، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحاً مِنَ الْمِسْكِ"
(3)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر، وشُعْبَةُ،
(4)
ويَعْلَى بْنُ
(5)
عَطَاءٍ، هو الطائفي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ السُّوَائِيَّ، صدوق تفرد بالرواية عنه يعلى بن عطاء، وأَبوه، يزيد ابن الأسود رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " تُرْعَدُ " أي: تتحرك باضطراب من شدة الخوف.
وهذا توجيه كريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا أدى صلاة منفردا أو في جماعة ثم أدركها تصلى في مسجد آخر فإنه يصليها معهم فتكون نافلة له، ولا يكتفي بصلاته الأولى وهي الفريضة بل يصليها مع الناس نافلة، واختلف العلماء في إعادة بعض
الصلوات كالمغرب والفجر، والصحيح عدم الاستثناء.
(1)
في بعض النسخ الخطية " الصلاة ".
(2)
في بعض النسخ الخطية " صلى " وكلاهما يصح.
(3)
سنده حسن، وأخرجه الترمذي دون " فقام الناس
…
" حديث (219) وقال: حسن صحيح، وكذلك النسائي حديث (858) وصححه الألباني.
(4)
في بعض النسخ الخطية " بن " وهو خطأ.
(5)
في بعض النسخ الخطية " عن " وهو خطأ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
274 -
بابٌ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّىَ فِيهِ مَرَّةً
1406 -
(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا سُلَيْمَانُ الأَسْوَدُ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ؟» .
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، هما ثقتان تقدما، وسُلَيْمَانُ
(1)
الأَسْوَدُ، هو أبو محمد الناجي، بصري ثقة مقل، أَبو الْمُتَوَكِّلِ، هو علي ابن داود الناجي، ثقة روى له الستة، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (574) وصححه الألباني.
وفيه دليل على جواز أن تصلي جماعة بعد جماعة، وبه قال بعض الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، ومنع من ذلك جماعة من العلماء، والصحيح الجواز اتباعا للأحاديث الصحيحة في فضل الجماعة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1407 -
(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا سُلَيْمَانُ الأَسْوَدُ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّى مَعَهُ»
(2)
.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يُصَلِّى صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَيُصَلِّى الْمَغْرِبَ وَلَكِنْ يَشْفَعُ
(3)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم إمام ثقة تقدم، والباقون تقدموا آنفا برقم 1400.
(1)
في بعض النسخ الخطية " سليمان بن الأسود ".
(2)
سنده حسن، وانظر سابقه.
(3)
ليس هذا القول في (ت، ك).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
275 -
باب الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ
1408 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّرَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟، قَالَ:«أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ، أَوْ لِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟»
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الضبعي، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالثوبين الإزار والرداء يؤيد هذا " أن جابرا رضي الله عنه صلى في إزار قد عقده من قبل قفاه وثيابه موضوعة على المشجب "، قال له قائل: تصلي في إزار واحد؟، فقال:" إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك وأينا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم "
(2)
، ولا خلاف في صحة الصلاة في ثوب واحد في حال لم يجد إلا هو؛ لأنه يستر العورة وهي ما بين السرة والركبة، وأجمع العلماء على أن الصلاة في ثوبين هما الإزار والرداء أفضل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1409 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ»
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وأَبو الزِّنَادِ،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري، حديث (358) ومسلم، حديث (515) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 295).
(2)
البخاري حديث (352).
(3)
رجاله ثقات، والبخاري حديث (359) ومسلم حديث (516) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 295).
هو عبد الله بن ذكوان، والأَعْرَجِ، هو عبد الرحمن بن هرمز، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا أورده الدارمي رحمه الله لبيان أن النهي للتنزيه وليس للتحريم؛ لأن من لا يجد إلا ثوبا واحدا وهو الإزار فإذا تيسر له أن يجعل منه على عاتقه فذاك حسن، وكذلك فعل جابر رضي الله عنه مع وجود ثيابه معلقة ليعلم من يجهل الحكم في هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
276 -
باب النَّهْي عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ
1410 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لِبْسَتَيْنِ: أَنْ يَحْتَبِيَ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ بَيْنَ فَرْجِهِ وَبَيْنَ السَّمَاءِ شَيْءٌ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ: اشْتِمَالِ الْيَهُودِ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، إمام ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
اشتمال الصماء هو التحاف بلباس يُلف حول الجسم وليس فيه ما تخرج اليدان منه، وهذا يجعل الابس عاجزا عن دفع الأذى عن نفسه، وهو مكروه لاحتمال العجز عن دفع الضرر عن النفس، وقيل: هو أن يُلف اللباس حول البدن ويرفع أحد طرفيه على الكتف وهذا محرم لاحتمال انكشاف العورة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
277 -
باب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ:
1411 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عَلَى
(1)
سنده حسن، أخرجه البخاري حديث (368) ومسلم حديث (1511) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 967).
الْخُمْرَةِ "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وسُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، هو سليمان بن أبي سليمان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، هو أبو الوليد المدني، تابعي فقيه إمام ثقة، ومَيْمُونَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد بالخمرة ما يسجد عليه في الصلاة، وهو المعروف بالسجادة، وانظر ما تقدم برقم 787.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1412 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَا: ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ"
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو القعنبي، ومَالِكٌ، هو الإمام، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحصير: ما يصنع من سعف النخل، فراشا أو قطعة صغيرة للصلاة عليها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
278 -
باب الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ النِّسَاءِ
1413 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: " أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ حَبِيبَةَ، هَلْ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (333) ومسلم حديث (513) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 386).
(2)
رجاله ثقات، بوب له البخاري: الصلاة على الحصير وذكر قول أنس حديث (380، 860) ومسلم حديث (658) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى فِي الثَّوْبِ الَّذِى يُضَاجِعُكِ فِيهِ؟، قَالَتْ: نَعَمْ، إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، هو الأنصاري صدوق رمي بالقدر، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو أبو رجاء الأزدي، مفتي مصر تابعي إمام ثقة، ومُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ، هو التجيبي عامل معاوية على مصر، قيل: له صحبة، ومُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، رضي الله عنه.
الشرح:
جواز أن يصلي الرجل في الثوب الذي جامع فيه، ما لم ير به أثر المني، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1414 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ: زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: " أَنَّهُ سَأَلَهَا، هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُهَا فِيهِ؟، قَالَتْ: نَعَمْ، إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، ومُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وأُخْتُه أُمِّ حَبِيبَةَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
279 -
باب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ:
1415 -
(1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ - هُوَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ - قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟، قَالَ:
(1)
فيه انقطاع بين يزيد ومعاوية، وصله المصنف في الرواية التالية، وسماع يزيد من معاوية محتمل، وأخرجه ابن ماجه حديث (540) وصححه الألباني.
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
نَعَمْ "
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، وشُعْبَةُ، وأَبو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
الصلاة في النعلين أو الخفين جائزة بشرط التحقق من طهارتها وأنه لم يعلق بها شيء نجس، هذه السنة ينكرها بعض من يجهل الحكم، ولكن حينما تكون المساجد مفروشة فلا ينبغي لبس العلين والصلاة فيهما، ويجوز استعمال الخفين؛ لأنها محفوظة بالنعلين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1416 -
(2) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ:" بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَخَلَعُوا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ ": «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ؟» قَالُوا: رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا، قَالَ:«إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي - أَوْ آتى - فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا أَذًى، أَوْ قَذَراً، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ، فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا أَذًى فَلْيُمِطْ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا»
(2)
.
رجال السند: حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَبو نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ، ثقة روى له مسلم، وأَبو نَضْرَةَ، هو المنذر بن مالك، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه حرص الصحابة رضي الله عنهم على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن صلاة من وجد في ملبسه أو نعله نجاسة لم يعلم بها قبل الدخول في الصلاة فصلاته صحيحة ومجزية ولا إعادة عليه، فقد خلع الرسول صلى الله عليه وسلم نعليه ولم يعد الصلاة، ومن علم بنجاسة في
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (386) ومسلم حديث (555) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 325).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (650) وصححه الألباني.
نعله أثنا الصلاة فإنه يخلعها ولا يقطع صلاته، فإن لم يكن عن يساره أحد وضعها عن يساره، وإن وجد عن يساره أحد وضعها عن يمينه، فإن وجد أحد، وضعها بين رجليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
280 -
باب النَّهْي عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ
1417 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عِسْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:" أَنَّهُ كَرِهَ السَّدْلَ، وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وعِسْلٌ، هو ابن سفيان أبو قرة التميمي، بصري ضعيف تابعه سليمان الأحول يأتي، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
281 -
بابٌ فِي عَقْصِ الشَّعْرِ
1418 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُخَوَّلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ:" رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا سَاجِدٌ وَقَدْ عَقَصْتُ شَعْرِي - أَوْ قَالَ: عَقَدْتُ - فَأَطْلَقَهُ "
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، ومُخَوَّلٌ، هو ابن راشد النهدي، ثقة حافظ قيل: فيه تشيع، روى له الستة، وأَبو سَعِيدٍ، هو المقبري، وأَبو رَافِعٍ، رضي الله عنه.
(1)
فيه تأخر سماع سعيد من ابن أبي عروبة، وعسل ضعيف، ويرقى إلى الحسن أخرجه الترمذي حديث (378) وقال: لا نعرفه من حديث عطاء مرفوعا غلا من حديث عس، وذكر الخلاف فيه، والثابت من السنة يغني عن ذلك. وأبو داود حديث (643) حسنه الألباني.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه ابن ماجه حديث (1042) حسنه الألباني، وقد تصحفت عنده كنية المقبري من " أبي سعيد " إلى " أبي سعد ".
الشرح:
فيه كراهة أن يصلي الرجل وهو كافٌ ثوبه أو عاقص شعره، وقال أكثر أهل العلم رحمهم الله: أن من صلى وهو عاقص شعره أو كاف ثوبه، فقد أساء ولا إعادة عليه، وقال آخرون عليه الإعادة، والصحيح أن ما روي في النهي فهو للكراهة وليس للتحريم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1419 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي بَكْرٌ - هُوَ ابْنُ مُضَرَ - عَنْ عَمْرٍو - يَعْنِي: ابْنَ الْحَارِثِ - عَنْ بُكَيْرٍ، أَنَّ كُرَيْباً مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ:" أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَامَ وَرَاءَهُ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ وَأَقَرَّ لَهُ الآخَرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَرَأْسِي؟، قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ": «إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا كَمَثَلِ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، وبَكْرُ بْنُ مُضَرَ، هو أبو محمد مصري ثقة تقدم، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري إمام ثقة تقدم، وبُكَيْرٌ، هو ابن عبد الله بن الأشج، أبو عبد الله كثير الحديث ثقة، وكُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، ثقة تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
شبهه بالمكتوف؛ لأن المكتوف لا يستطيع السجود، فكذلك الشعر المربوط لا ينتشر في حال السجود، وهو الأولى للنهي عن عقص الشعر في الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
282 -
باب التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلَاةِ
1420 -
(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَشُدَّ يَدَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِى عَلَى فِيهِ
(2)
.
(1)
فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، أرجح أنه حسن الحديث، والحديث صحيح أخرجه مسلم حديث (492).
(2)
فيه نعيم بن حماد، صدوق يخطئ كثيرا، والحديث صحيح، أخرجه مسلم حديث (2995).
رجال السند:
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو الخزاعي والصحيح أن حديثه لا يقل عن الحسن، وما أنكر عليه محدود، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي، لا بأس به، أخذ عليه إذا حدث من حفظه، وسُهَيْلٌ، هو ابن ذكوان السمان ثقة ساء حفظه، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ، هو خدري تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وأَبوه، هو سعد بن مالك أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن يضع يده على فمه حتى يمنع دخول الشيطان، ولا غرابة في دخوله؛ لأنه يجري من الإنسان مجرى الدم، وهو حريص على إيذاء بني آدم بكل ما يمكنه ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
283 -
باب كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ لِلنَّاعِسِ
1421 -
(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمُ النَّوْمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَنَمْ حَتَّى يَذْهَبَ نَوْمُهُ، فَإِنَّهُ عَسَى يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ» إن الشيطان يدخل في فيه
(1)
.
قال أبو محمد: يعني على فيه.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد في قيام الليل، خوفا من الغلط في القراءة والدعاء، فقد يوافق غلطه في الدعاء ساعة الاستجابة، فالحرص على النشاط في قيام الليل لما في ذلك من حضور القلب، وخشوع الجوارح، ومناجاة الرب في ساعة ترجا فيها الإجابة.
(1)
فيه نعيم بن حماد، صدوق يخطئ كثيرا، والحديث صحيح، أخرجه مسلم حديث (2995).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
284 -
باب صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ
1422 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا جَعْفَرٌ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - عَنْ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ جَالِساً نِصْفُ الصَّلَاةِ» قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي جَالِساً فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ:«صَلَاةُ الرَّجُلِ جَالِساً نِصْفُ الصَّلَاةِ» وَأَنْتَ تُصَلِّي جَالِساً، قَالَ:«أَجَلْ، وَلَكِنِّى لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وجَعْفَرٌ بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو الأشهب الواسطي ليس به بأس، ومِنْصُورٍ، هو ابن المعتمر، وهِلَالٌ، هو ابْنُ يِسَافٍ، أو إساف الأشجعي، وأَبو يَحْيَى، هو الأعرج، قيل: كان غاليا في التشيع، وثقه العجلي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، هو ابن العاص رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا في النافلة؛ لأنه لا يجوز في الفريضة إلا من عذر، أما النافلة فأجر القاعد فيها مع القدرة على النصف من أجر القائم، أما النبي صلى الله عليه وسلم فصلاته جالسا كصلاته قائما تكريما له صلى الله عليه وسلم وتشريفا، وذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
285 -
باب فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَاعِداً
1423 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال: حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ: أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: " لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في سُبْحَتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ، حَتَّى كَانَ قَبْلَ أَنْ يُتَوَفى بِعَامٍ وَاحِدٍ أَوْ عَامَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَيُرَتِّلُ السُّورَةَ
حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ
(1)
فيه جعفر بن الحارث، صدوق كثير الخطأ، وأبو يحي مصدع الأعرج: مقبول، وفيه جهالة المبلغ، والحديث صحيح أخرجه مسلم حديث (735).
مِنْهَا "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق نقدم، واللَّيْثُ، وهو ابن سعد إمام ثقة تقدم، ويُونُسُ، هو ابن يزيد، وابْنُ شِهَابٍ، والسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، صحابي صغير ابن صحابيين تقدم، والْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، هو أبو عبد الله السهمي رضي الله عنه، وحَفْصَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
فيه جواز صلاة النافلة جالسا، واستحباب إطالة ترتيل القراءة فيها، وهي لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف من صلاة القائم، وللرسول صلى الله عليه وسلم كصلاته قائما وهذه من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1424 -
(2) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِيْ وَدَاعَةَ، عَنْ حَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ
(2)
.
رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ومَالِكٌ، هو الإمام، والباقون تقدموا، وهم جميعا ثقات، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
286 -
باب النَّهْي عَنْ مَسْحِ الْحَصَا
1425 -
(1) حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَيْقِيبٌ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ فِي الْمَسْحِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: «إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلاً فَوَاحِدَةً»
(3)
.
قَالَ هِشَامٌ: أُرَاهُ قَالَ: يَعْنِى مَسْحَ الْحَصَى.
(1)
فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، أرجح أنه حسن الحديث، والحديث صحيح، أخرجه مسلم حديث (733).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(3)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1207) ومسلم حديث (546) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 318).
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، هو العبدي، عَنْ وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم ثقات تقدموا، ومُعَيْقِيبٌ، هو الدوسي رضي الله عنه.
الشرح:
لم تكن المساجد مفروشة كحالها اليوم، بل كانت تفرش بالحصباء، أو بتراب مختلط بالرمل، فيمسح المصلي موضع سجود ويسويه، فجاء النهي عن ذلك؛ لأن المصلي يجب ألا يشغل جوارحه بغير الصلاة، ومسح الحصا وتسويتها للسجود ليس من عمل الصلاة، ومن فعل فصلاته صحيحة، ورخص بعض العلماء رحمهم الله في اليسير من ذلك، فأجازوا المسح مرة واحدة، وكرهوا ما زاد عليها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1426 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وأَبو الأَحْوَصِ، هو مولى بني غفار، صحح حديثه ابن خزيمة، وابن حبان، وهم أئمة ثقات تقموا، وأَبو ذَرٍّ، أصح ما قيل في اسمه: جندب بن جنادة رضي الله عنه.
الشرح:
الصلاة في حد ذاتها رحمة فهي مناجاة بين العبد وربه جل جلاله، وزيادة على ذلك فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يزال الله مقبلا على العبد ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه»
(2)
، والمراد بالالتفات العموم: الْتفات النظر وهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة المصلي، والْتفات القلب بالوسوسة، وهذا يوجب الحرص على الإقبال
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (21330، 21332، 21448) وأبو داود حديث (946) والترمذي حديث (380) وقال: حسن، والنسائي حديث (1191) وابن ماجه حديث (1026).
(2)
المستدرك حديث (862).
على الله في الصلاة، ويتحرى الخشوع والتدبر حتى يسلم من الوسوسة الداعية إلى الانصراف عن الله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
287 -
باب الأَرْضُ كُلُّهَا طَاهِرَةٌ
(1)
مَا خَلَا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ
1427 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا هِشَيمٌ
(2)
، أَنَا سَيَّارٌ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ الْفَقِيرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي؛: كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً
(3)
، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ
(4)
، وَحُرِّمَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَيِّبَةً مَسْجِداً وَطَهُوراً، وَيُرْعَبُ مِنَّا عَدُوُّنَا مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ».
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وهِشَيمٌ، هو ابن بشير، وسَيَّارٌ، هو أبو الحكم العنزي، هم أئمة ثقات تقدموا، ويَزِيدَ الْفَقِيرَ، هو الشاكي من فقار ظهره، يزيد ابن صهيب الكوفي، أبو عثمان إِمام ثقة، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (335) ومسلم حديث (521) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 299).
وهذه الخمس وفي رواية ست، هي من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فقد جعلت له ولأمته الأرض كلها مسجدا وطهورا، وقد قيد هذا لإطلاق بقوله:«وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَيِّبَةً مَسْجِداً وَطَهُوراً» وخرج بهذا القيد من الأرض كل مكان غير طيب ولا طاهر، كالحمام والمزابل وكل موضع نجس، وكان في هذا تيسيرا على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته يؤدون الصلاة على وقتها في أي مكان أدركتهم الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: «فأيما
(1)
في بعض النسخ الخطية " طهور ".
(2)
في بعض النسخ الخطية " هشام ".
(3)
في بعض النسخ الخطية " عامة ".
(4)
في بعض النسخ الخطية " الغنائم " وكلاهما صحيح وردت عند البخاري.
رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل»
(1)
، وما خص به نبينا صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء كثير سواء ما
كان خاضا بذاته صلى الله عليه وسلم، أو بأمته.
ما يستفاد:
* إكرام الله عز وجل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتيسير على أمته، وفي هذا رأفة بهم ورحمة. * رفع الخرج والإصر عن الأمته، فإن أهل الكتاب لم تكن أبيحت لهم الصلاة إلا في بيعهم وكنائسهم.
* أن أداء الصلاة ليس قاصرا على المساجد المعدة لذلك، بل جعل الطاهر من الأرض مسجدا.
* وجعل التراب طهورا عند فقد الماء، أو العجز عن التطهر به، وشرع التيمم.
* جواز بذل العلم من غير سؤال.
* أن الأصل في الصعيد الطهارة بنص الكتاب والسنة.
* فكل موضع من الأرض جازت فيه الصلاة يجوز التيمم.
* في هذا دلالة علي خيرية الأمة المحمدية.
* أن ما ذكر في هذا الحديث وغيره من فضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومما خص به، وفضائله عند أهل العلم لا يجوز عليها النسخ ولا التبديل ولا النقص.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1428 -
(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا سَأَلْتُهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِيْ سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلاَّ الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ»
(2)
.
قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تُجْزِئُ الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ؟، قَالَ: إِذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْقَبْرِ فَنَعَمْ. وَقَالَ: الْحَدِيثُ أَكْثَرُهُمْ
(3)
أَرْسَلُوهُ.
(1)
البخاري حديث (335).
(2)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (492) وابن ماجه حديث (745) وصححه الألباني عندهما.
(3)
في بعض النسخ الخطية " كلهم " وليس بصواب، وزيادة الثقة مقبولة بقيدها.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو صاحب السنن، إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لابأس به تقدم، وعَمْرُو بْنُ يَحْيَى، هو ثقة تقدم، وأَبوه، هو يحيى بن عمرو، روى عنه شعبة، والثوري، وهما لا يرويان إلا عن ثقة تقدم، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
أنظر السابق، والصلاة في المقبرة اختلف العلماء في جواز ذلك، فمنهم من أجاز ومنهم من منع، وهواي مع من منع، إلا أن يكون في موضع منها لا قبر فيه، ولا خلاف في عدم جوازها في الحمام، وهو أمر بدهي، وإنما ذكروه لدخوله في عموم الأرض.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
288 -
باب الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَمَعَاطِنِ الإِبِلِ
1429 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمْ تَجِدُوا إِلاَّ مَرَابِضَ الْغَنَمِ، وَأَعْطَانَ
(1)
الإِبِلِ، فَصَلُّوا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
علل جواز الصلاة في مرابض الغنم بقوله صلى الله عليه وسلم: «الغنم من دواب الجنة، فامسحوا رغامها، وصلوا في مرابضها»
(3)
، وبقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها؛ فإنها سكينة وبركة»
(4)
، وعلل عدم جواز الصلاة في معاطن
(1)
المراح الذي تأوي إليه.
(2)
رجاله ثقات، الترمذي حديث (348) وقال: حسن، وابن ماجه حديث (768، 769) وصححه الألباني.
(3)
المعجم الأوسط حديث (5346).
(4)
مسند الشافعي حديث (199).
الإبل بقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا أدركتم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا؛ فإنها جن من جن خلقت، ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها»
(1)
، وبقوله صلى الله عليه وسلم:«ولا تصلوا في معاطن الإبل فإنها خلقت من الشياطين»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
289 -
باب مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِداً
1430 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مَحْمُودِ ابْنِ لَبِيدٍ: أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ الْمَسْجِدَ كَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِداً، بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، إمام ثقة تقدم، هو الضحاك، وعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، صدوق تقدم، وأَبوه، هو جعفر بن عبد الله الأنصاري، تابعي ثقة، ومَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، هو ابن رافع الأوسي، صحابي صغير، وعُثْمَانُ، هو الخليفة الراشد رضي الله عنه.
الشرح:
فيه الحث على بناء المساجد، وعمارتها حسبما يلزم لها من بناء وفرش وصيانة، ومن عمارتها أداء الصلوات فيها، وبذكر الله فيها بتلاوة القرآن وبجميع أنواع الذكر والدعاء، وإقامة الدروس فيها وتعليم الناس الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك ومن عمارتها وإعلاء شأنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
290 -
باب الرَّكْعَتَيْنِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ
1431 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، قَبْلَ
(1)
مسند الشافعي حديث (199).
(2)
صحيح ابن حبان حديث (1702).
(3)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (450) ومسلم حديث (533) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 309).
أَنْ يَجْلِسَ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، وفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو الخزاعي، وعَامِرُ
(2)
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، هو أبو الحارث تابعي صغير ثقة، وعَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ
(3)
، هو الأنصاري الزرقي، من كبار التابعين وقيل: له رؤية، ثقة روى له الستة، وأَبو قَتَادَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه الأمر بصلاة ركعتين حين دخول المسجد، وهي المعروفة بتحية المسجد، يصليها من دخل المسجد، ولو في وقت النهي؛ لأنها من ذوات السبب، قال جابر رضي الله عنه:" دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب "، فقال:«أصليت؟» قال: لا، قال:«قم فصل ركعتين»
(4)
، وهاتان الركعتان هما تحية المسجد، وقال صلى الله عليه وسلم:«إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس»
(5)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
291 -
باب الْقَوْلِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ
1432 -
(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ - أَوْ أَبَا أُسَيْدٍ - الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ»
(6)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (444، وطرفه 1163) ومسلم حديث (714) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 414).
(2)
في بعض النسخ الخطية " عمار " وهو خطأ.
(3)
في (ك) سليمان، وهو خطأ.
(4)
البخاري حديث (931).
(5)
البخاري حديث (444) ومسلم حديث (714).
(6)
سنده حسن، أخرجه مسلم حديث (713).
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به تقدم، ورَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ربيعة الرأي إمام ثقة فقيه، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، هو الأنصاري ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وأَبو حُمَيْدٍ، هو الساعدي عبد الرحمن بن سعد بن المنذر الأنصاري له صحبة رضي الله عنه، أَوْ أَبو أُسَيْدٍ، هكذا بالشك، وورد بالعطف دون شك أبو أسيد وأبو حميد، وأبو أسيد هو مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه.
الشرح:
السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم يتبعه بالدعاء: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإن قال: اللهم اغفر لي وأفتح لي أبواب رحمتك فحسن، وعند الخروج من المسجد يقول: اللهم إني أسألك من فضلك، وإن قال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك فحسن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
292 -
باب كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ
1433 -
(1) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قُلْتُ لِقَتَادَةَ: أَسَمِعْتَ أَنَساً يَقُولُ: عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ» قَالَ: نَعَمْ: «وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا»
(1)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، أَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
البزاق في المسجد خطيئة، ولا يكون خطيئة إلا إذا كان محرما، والمراد بالدفن حينما يكون المسجد غير مفروش، وهذا حال المساجد في ذلك الوقت وإذا فرشت فبالحصباء أو الرمل، أما المسجد المفروش كما هو الحال اليوم فلا يتصور أن يبزق فيه، بل يستخدم منديلا من الورق أو القماش يجعل فيه البزاق، صيانة للمسجد من ذلك.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (415) ومسلم حديث (552).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1434 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ - أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - فَإِذَا بَزَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، أَوْ يَقُولُ هَكَذَا» وَبَزَقَ فِي ثَوْبِهِ، وَدَلَكَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وحُمَيْدٌ، هو الطويل، هما إما مان ثقتان تقدما، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد عدم حذف البزاق تجاه القبلة، وعن اليسار إذا لم يكن المسجد مفروشا، وكذلك تحت القدم، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1435 -
(3) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، إِذْ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَتَغَيَّظَ عَلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ أَحَدِكُمْ إِذَا كَانَ في صَلَاتِهِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ - أَوْ قَالَ: لَا يَتَنَخَّمعنَّ
(2)
» ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُكَّ مَكَانُهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَلُطِخَتْ. قَالَ حَمَّادٌ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ: بِزَعْفَرَانٍ
(3)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، ونَافِعٌ، هو مولى ابن عمر، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (408) ومسلم حديث (551) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 320 - 323).
(2)
في (ت) علق في الهامش (تتنخمنّ) وكلاهما صحيح.
(3)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1213، وطرفه 406) ومسلم حديث (547) وانظر سابقه.
الشرح:
تأول بعض العلماء هذا بأن الثواب تجاهه، تنزيها لله رضي الله عنه، والصواب أن الله عز وجل يكون تجاه العبد في صلاته، ولا يلزم من ذلك الحلول، بل على ما يليق بالله جل جلاله، كالاستواء على العرش من غير تكييف ولا تشبيه، وانظر ما تقدم وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1436 -
(4) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى نُخَامَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَصَاةً وَحَتَّهَا ثُمَّ قَالَ:«إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ»
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، هو الطيالسي، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، هو ابن عبد الرحمن ابن عوف، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو الحميري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ، وَأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
293 -
باب النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ
1437 -
(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:" أَتَانِي نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ قَالَ: «أَلَا أَرَاكَ نَائِماً فِيهِ» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، غَلَبَتْنِي عَيْنِي"
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو المصيصي، ومُعْتَمِرٌ، هو ابن سليمان، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وأَبو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، هو بصري تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وعَمُّهُ، مجهول، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (408) ومسلم حديث (548) اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 321) وانظر سابقه.
(2)
فيه جهالة عم أبي حرب، أخرجه أحمد (المسند 5/ 144، 156، 6/ 457).
الشرح:
ظاهره عدم جواز النوم في المسجد، ولكن في السند مجهول فلا تقوم به حجة على المنع من النوم في المسجد، وفيه خلاف الجمهور على الجواز مطلقا لمن أراد الصلاة، ومن ليس له مسكن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1438 -
(2) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَهْلٌ، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا انْطُلِقَ بِي إِلَى بِئْرٍ فِيهَا رِجَالٌ مُعَلَّقُونَ، فَقِيلَ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى ذَاتِ الْيَمِينِ، فَذَكَرْتُ الرُّؤْيَا لِحَفْصَةَ، فَقُلْتُ: قُصِّيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَصَّتْهَا عَلَيْهِ فَقَالَ:«مَنْ رَأَى هَذِهِ؟» قَالَتِ: ابْنُ عُمَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«نِعْمَ الْفَتَى - أَوْ قَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ - لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» . قَالَ: وَكُنْتُ إِذَا نِمْتُ لَمْ أَقُمْ حَتَّى أُصْبِحَ. قَالَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي اللَّيْلَ "
(1)
.
رجال السند:
مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الحلبي صدوق تقدم، وأَبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هو إبراهيم بن محمد، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
ليس له أهل، أي ليس له زوجة.
وفيه جواز النوم في المسجد، واستحباب قيام جزء من الليل، وكراهية النوم فيه حتى يصبح من غير قيام.
(1)
فيه موسى بن خالد ختن أبي إسحاق الفزاري صدوق، والحديث أخرجه البخاري حديث (1121، 1122) ومسلم حديث (2479) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1611).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
294 -
باب النَّهْي عَنِ اسْتِنْشَادِ
(1)
الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالشِّرَى وَالْبَيْعِ
(2)
1439 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْكُوفِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قال: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ [
…
]
(3)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ، أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ الضَّالَّةَ، فَقُولُوا: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ»
(4)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْكُوفِيُّ، هو من أفراد الدارمي، سكت عنه الإمامان، ووثقه ابن حبان، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به تقدم، قال: ويَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، هو ابن عبد الله بن خصيفة نسب لجده، ثقة روى له الستة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، يعتبر به، وأخطأ من قال في هذا عن أبيه، بل عن أبي هريرة مباشرة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا النهي عام في كل ما ليس بعبادة؛ لأن المساجد لم تبن إلا للعبادة، وأجاز بعض العلماء رحمهم الله أن يتصدق فيها على السائل المتعرض، ومنع ذلك آخرون، وهو الأولى لصيانة المساجد عما سوى العبادة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
295 -
باب النَّهْي عَنْ حَمْلِ السِّلَاحِ فِي الْمَسْجِدِ
1440 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ في المسجد يَحْمِلُ نَبْلاً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمْسِكْ نُصُولَهَا» ؟،
(1)
في بعض النسخ الخطية " إنشاد " والمراد به السؤال عن المفقود من المتاع والدواب وغير ذلك.
(2)
ليست في بعض النسخ الخطية.
(3)
في بعض النسخ الخطية " عن أبيه ".
(4)
سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (1321) وقال: حسن غريب، هذا في الشطر الأول منه أما الثاني فانظر السابق.
قَالَ: نَعَمْ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه الحرص على عدم إيذاء أحدا من الناس، فلا يجوز الدخول بالسلاح في زحمة الناس في الأسواق وغيرها إلا أن تكون مؤمنة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
296 -
باب النَّهْي عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ
1441 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». حَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا "
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، هو البهراني، وشُعَيْبٌ، هو بن أبي حمزة دينار الحمصي، والزُّهْرِيُّ وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا فعل اليهود والنصارى يتوجهون إلى قبور أنبيائهم فيصلون إليها ويسجدون تعبدا وتعظيما لهم، واتخذوا قبورهم أوثانا لذلك لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذر أمته من فعلهم، وقال صلى الله عليه وسلم:«اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»
(3)
، وقالت عائشة رضي الله عنها:" لولا ذلك لأبرز قبره خشي أن يتخذ مسجدا "
(4)
،
(1)
رجاله ثقات، وتقدم من طريق أخرى عن سفيان.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (435) وحديث (436) ومسلم حديث (531) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 306 - 308).
(3)
أحمد حديث (7358).
(4)
البخاري حديث (4441).
قال ابن حجر رحمه الله: وهذا قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوي ولهذا لما وسع المسجد جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر مع استقبال القبلة
(1)
، ومما يؤسف انتشار بناء المساجد على القبور أو وضع القبور في المساجد، والتبرك بها في مخالفة صريحة لما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
297 -
باب النَّهْى عَنْ الاِشْتِبَاكِ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ
1442 -
(1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ، عَنْ سَعْدِ
(2)
ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ الْحَنَّاطِ قَالَ: أَدْرَكَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ بِالْبَلَاطِ، وَأَنَا مُشَبِّكٌ بَيْنَ أَصَابِعِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ ثُمَّ خَرَجَ عَامِداً إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَا يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ»
(3)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس إمام تقدم، ودَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ، هو أبو سليمان القرشي الدباغ، إمام ثقة روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو ابن كعب بن عجرة من بلي، حليف للأنصار، ثقة له أحاديث، وأَبو ثُمَامَةَ الْحَنَّاطِ، هو بمهملة القماح الحجازي وثقه ابن حبان، وقال غيره مجهول، وقال الدار قطني متروك، وكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: ورد أحاديث تمنع التشبيك بين الأصابع، وورد عن بعض الصحابة أنه فعل ذلك، وقال العلماء رحمهم الله: لا تعارض، فمن روي عنه التشبيك قالوا: كان للتعليم والتمثيل، وإنما النهي عما كان منه على سبيل العبث والتلهي، ولتأييد المنع، وأنظر التالي.
(1)
فتح الباري 2/ 200.
(2)
في (ك) سعيد، وهو خطأ.
(3)
فيه أبو ثمامة الحناط مجهول الحال، ومدار الحديث عليه، أخرجه أبو داود حديث (562) وصححه اللألباني، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1443 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَعَمِدْتَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَلَا تُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِكَ، فَإِنَّكَ فِي صَلَاةٍ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، والْمَقْبُرِيُّ، هو سعيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1444 -
(3) أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، فَلَا تَقُولُوا: هَكَذَا» . يَعْنِى يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ
(2)
.
رجال السند:
الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، هو أبو سهل البغدادي، ومُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، هو الطائفي ثقة روى له مسلم، وإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، هو ابن عمرو بن العاص الأموي، ثقة حافظ، والْمَقْبُرِيُّ، هو سعيد هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
انظر السابق، وعلل النهي بأن التشبيك يناف الخشوع، ويدعو إلى العبث، وربما جلب النوم والاسترخاء والكسل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
298 -
باب فَضْلِ مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ:
1445 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ ابْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
(1)
سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (386) وقال: حديث كعب بن عجرة رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث، وانظر السابق.
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى الْعَبْدِ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ
(1)
مَا لَمْ يَقُمْ، أَوْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، إمام ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا مجال من مجالات الكسب للآخرة، وقد تفضل الله به على عباده الصالحين، إذ وفقهم له، وجعل الملائكة عليهم السلام تدعو له بالمغفرة والرحمة، مالم يقم من مكانه، أو ينتقض وضوؤه، ولذا وجب الحث على هذا العمل اليسير المبارك، واكتساب ما فيه من الخير والبركة بغير عناء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
299 -
بابٌ فِي تزْوِيقِ الْمَسَاجِدِ
1446 -
(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ»
(3)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من علامات القيامة الصغرى، وهي ماثلة للعيان، يبالغ الناس في زخرفتها ونقوشها، وكأنهم يعدونها لتكون آثارا لهم وذكرا بعد الموت، وهو عمل مكروه قد يحرم صاحبه من الأجر، وكم من مسجد زخرفت ولم تعمر بالطاعة إلا قليلا، وقد
(1)
سقط من بعض النسخ الخطية.
(2)
سنده حسن، أخرجه أحمد حديث (7603) وأصله عند البخاري حديث (445) ومسلم حديث (649) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 387).
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (688449) والنسائي حديث (689) وابن ماجه حديث (739) وا صححه الألباني عندهم.
رأينا سياحا غير مسلمين يدخلون مساجد ليشاهدوا ما فيها من زخارف وأشياء كرهت عمارة المساجد بها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
300 -
باب الصَّلَاةِ إِلَى سُتْرَةٍ
1447 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ يَقُولُ: " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ بِالْهَاجِرَةِ، فَصَلَّى الظُّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَإِنَّ الظُّعُنَ لَتَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، والْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو جُحَيْفَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " بين يديه عنزة " في بعض النسخ الخطية " بالبطحاء " والبطحاء من أرض مكة
(2)
وهذا يدل على وجوب اتخاذ السترة للإمام والمنفرد، وتجعل بينه وبين القبلة، فلا يمر أحد بينه وبينها، وإن وجد من يفعل ذلك فإنه يدفع وبقوة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا كان أحدكم في صلاة فأراد إنسان يمر بين يديه فيدرؤه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنه شيطان»
(3)
، ومن فرط في استعمال السترة إماما كان أو مأموما فإنه يأثم بذلك، ولا إثم على المار بين يديه، واتخاذ السترة عام في كل مسجد ومكان، ويستثنى المسجد الحرام، فالطائفون يمرون في طوافهم من أمام المصلين، وكذلك إذا اشتد الزحام، وربما يجوز ذلك في المسجد النبوي، وقال بوجوب اتحاذ السترة جمع من العلماء، وهو أحب إلي، وقال آخرون بالاستحباب، ومقدار ما يكون بين المصلي وسترته ما يمكنه من تمام السجود والطمأنينة فيه، وربما يكون مقدار ثلاثة أذرع، وسترة الإمام سترة للمأمومين.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (187) مختصرا، وله أطراف، ومسلم حديث (503) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 281).
(2)
أنظر (معجم البلدان 1/ 446، ومعجم ما استعجم 1/ 257، والمعالم الأثيرة 49).
(3)
النسائي حديث (4862).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1448 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو ابن سعيد القطان، وعُبَيْدُ اللَّه، هو ابن عبد الله بن عمر، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تُرْكَزُ لَهُ الْعَنَزَةُ يُصَلِّى إِلَيْهَا "
(1)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا يؤكد أهمية السترة للمصلي، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
301 -
باب فِي دُنوِّ الْمُصَلِّى إِلَى السُّتْرَةِ
1449 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلَا يَدَعْ أَحَداً يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، مَالِكٌ، هو الإمام، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ، هو الخدري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد من يمر بين المصلي وسترته، وهذا يدل على وجوب اتخاذ السترة، ووصفه بأنه شيطان وإن كان من الإنس؛ لأنه لم يراع حرمة المصلي، وحمله الشيطان على ذلك، فوجب دفعه بقوة وردعه وهذا معنى المقاتلة، وهذا حق من صلى إلى سترة، ومن صلى لغير سترة فقد فرط، وليس له حق المدافعة.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (494) ومسلم حديث (501) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 281) وقالوا: الحربة؛ وهي العنزة.
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (494) ومسلم حديث (501) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 283).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
302 -
باب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ
1450 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو ابن أبي هند، وأَبو خَالِدٍ الأَحْمَرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي إِلَى رَاحِلَتِهِ
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، هو سليمان ابن حيان، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد أنه يتخذها سترة بينه وبين القبلة، وعليه يجوز في العراء أن يتخذ المصلي سيارته سترة بينه وبين القبلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
303 -
باب الْمَرْأَةِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي
1451 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ: اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، هو ابن خالد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (430) ومسلم حديث (502) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 406).
(2)
الحديث في سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث، صدوق إن شاء الله، وأخرجه البخاري حديث (382) ومسلم حديث (512) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 288).
الشرح:
المراد المرأة تكون بين يدي محرمها وهو يصلي، وهي نائمة بين يديه معترضة كاعتراض الجنازة في الصلاة عليها، وهذا دليل على جوازه لذات المحرم، وبعض العلماء خصه بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا دليل على الخصوصية، إذ لم تذكر ذلك عائشة رضي الله عنها، وروت الواقعة بإطلاق، ولكن من علم من نفسه أنه يفتتن بالنظر فيكره له ذلك، وعليه الاحتياط لكمال صلاته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
304 -
باب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَمَا لَا يَقْطَعُ
1452 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجٌ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ:" يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ: الْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ الأَسْوَدُ، وَالْمَرْأَةُ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا بَالُ الأَسْوَدِ مِنَ الأَحْمَرِ مِنَ الأَصْفَرِ؟ "، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وَحَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وشُعْبَةُ، وحُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، هو العدوي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، هو أبو النضر عمه أبو ذر، ثقة له أحاديث، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.
الشرح:
الصحيح أن الصلاة لا تبطل بمرور أحد المذكرات، وأن المراد بالقطع اشتغال المصلي بالمار وهو نقص في الصلاة لا يبطلها، وبهذا قال جمهور العلماء، وبالنسبة لمرور الحمار فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما:" أقبلت وقد ناهزت الحلم، أسير على أتان لي ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي بمنى، حتى سرت بين يدي بعض الصف الأول، ثم نزلت عنها، فرتعت، فصففت مع الناس وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (510).
(2)
البخاري حديث (1857) ومسلم حديث (504).
الكلب الأسود علل بأنه شيطان
(1)
، والمرأة المراد الأجنبية؛ لأنها تشغل من تمر بين يديه، وكل ذلك لا يبطل الصلاة، ولكن من يشتغل بالمار تنقص صلاته والله أعلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
305 -
باب لَا يَقطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ
1453 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" جِئْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ يَعْنِى عَلَى أَتَانٍ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَةَ، فَمَرَرْتُ عَلَى بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ عَنْهَا وَتَرَكْتُهَا تَرْعَى، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ"
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
الأكثر عن الزهري أنه بمنى، وهي رواية البخاري من غير شك، ورواية مسلم وغيره " بعرفة " والصواب رواية البخاري، والشك من سفيان بن عيينة، وقد فعل هذا ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يستأنف الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة، ولم ينكر على ابن عباس ما فعل، فدل على صحة الصلاة، والحديث رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
306 -
باب كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي
1454 -
(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَرْسَلَنِيأَبُو جُهَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، إِلَى زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[
…
] فِي الَّذِى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ": «لأَنْ يَقُومَ أَحَدُكُمْ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ
(3)
لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي»، قَالَ: فَلَا أَدْرِي سَنَةً، أَوْ شَهْراً،
(1)
انظر مسلم حديث (510).
(2)
وأخرجه البخاري حديث (86) ومسلم حديث (504) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 282).
(3)
في بعض النسخ الخطية " خيرا " وهو خطأ.
أَوْ يَوْماً
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وسَالِمٌ أَبو النَّضْرِ، وبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، هم ثقات تقدموا، وأَبُو جُهَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، وزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، هما صحابيان رضي الله عنهما.
الشرح:
ذكر العلماء أن في هذا الحديث قلبا، وإنما هو (أرسلني زيد إلى أبي جهيم) قلبه سفيان بن عيينة، وقال ابن القطان: ليس خطأ ابن عيينة فيه بمتعين، لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بُسْراً إلى زيد، وبعثه زيد إلى أبي جهيم ليستثبت كل منهما ما عند الآخر
(2)
، ورجح ابن عبد البر رواية مالك الآتية عند المصنف وفيها (أن زيد بن خالد أرسله)
(3)
قال الحافظ ابن حجر: تعليل الأئمة للأحاديث مبني على غلبة الظن، فإذا قالوا: أخطأ فلان في كذا، لم يتعين خطؤه في نفس الأمر، بل هو راجح الاحتمال فيعتمد، ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشاذ، وهو ما يخالف الثقة من هو أرجح منه في حد الصحيح
(4)
.
وللمصلي دفع من يريد المرور دفعا شديدا، مال لم يكن ذلك مفسد لصلاته، وهذا يدل على التحذير من الاستهانة بالمرور بين يدي المصلي، ولتعظيم الأمر لم يميز مدة الوقوف، وتركها محتملة للأكثر تخويفا من الوقوع في الاثم، وكلا الرجلين المصلي والمار آثمان في حال علمهما بالنهي، وإثم المار أعظم من إثم المصلي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1455 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ- مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ -: أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ: " أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ، يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ
(1)
رجاله ثقات، والبخاري حديث (510) ومسلم حديث (507) البخاري حديث (1190) ومسلم حديث (1395) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 284).
(2)
نقله ابن حجر: الفتح 2/ 264
(3)
انظر: (التمهيد 21/ 148)
(4)
(الفتح 2/ 264).
الْمُصَلِّي؟، فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» . قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِى أَرْبَعِينَ يَوْماً، أَوْ شَهْراً، أَوْ سَنَةً "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، هو الإمام، وأَبو النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ مَعْمَرٍ، وبُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ، هم ثقات تقدموا، وزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ، أَبِي جُهَيْمٍ، هما صحابيان، وحصل تقديم وتأخير في المرسِل، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
307 -
باب فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1456 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا أَفْلَحُ - هُوَ ابْنُ حُمَيْدٍ - قال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الأَغَرُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، هو إمام ثقة تقدم، وأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو أبو عبد الرحمن، مدني ثقة روى له الشيخان، وأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن عمرو بن حزم، وسَلْمَانُ الأَغَرُّ، هو أبو عبد الله مدني تابعي ثقة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا يدل على فضل الصلاة في المسجد النبوي على العموم، وليس ذلك قاصر على الفريضة بل حتى النافلة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا» وهذا يتناول الفريضة والنافلة، واستثنى المسجد الحرام؛ لأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه»
(3)
، وقد اختلف العلماء في المراد بالمسجد الحرام، مسجد الكعبة أو مكة كلها،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1190) ومسلم حديث (1394) وانظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1190) ومسلم حديث (1394) البخاري حديث (1190) مسلم حديث (1395) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 881).
(3)
أحمد حديث (15271).
فمن رجح أن المسمى لمكة أجاز المضاعفة في جميع مساجدها، ومن جعل المسمى قاصرا على مسجد الكعبة لم يرى الفضل فيما سواه، وكذلك اختلف العلماء في أيهما أفضل مكة أو المدينة، ويمكن أن يقال: مكة أفضل من المدينة ببيت الله الحرام الكعبة، والمدينة أفضل من مكة بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أراد التعبد فمكة أفضل فالصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والطواف المستمر ليل نهار عبادة لها وزنها وفضلها، ومن أراد الموت في المدينة فهو أفضل، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشفع لمن مات بها»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1457 -
(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»
(2)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، إمام تقدم، وبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، هو أبو إسماعيل ثقة كثير الحديث، عُبَيْدُ اللَّهِ، هو العمري تقدم، ونَافِعٍ، إمام تقدم، وابْنُ عُمَرُ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1458 -
(3) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
(3)
، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ:«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»
(4)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
أحمد حديث (5437).
(2)
رجاله ثقات، وانظر السابق.
(3)
ليس في بعض النسخ الخطية.
(4)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه ..
الشرح: انظر المتقدم برقم 1450.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
308 -
باب لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ
1459 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْكَعْبَةِ
(1)
، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى»
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي ليس به بأس، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
في هذا بيان مشروعية شد الرحال إلى المساجد الثلاثة للتعبد، وفيه جواز نذر السفر إليها والصلاة فيها، ولذلك فُضّل ومُيز عن المساجد سواها، ولذلك لا يسافر للتعبد إلا إلى المساجد الثلاثة، ولا يجوز لغيرها من المساجد والمشاهد في العالم، ولو نذر أحد السفر لغير الثلاثة، فلا يلزمه الوفاء، ويمكنه التحلل من نذره بالصلاة في مكانه الذي نذر فيه السفر؛ لأنه خالف النهي عن السفر لغير الثلاثة، ومن نذر أن يصلي في واحد من الثلاثة لزمه الوفاء، وقد علل بعض العلماء رحمهم الله تخصيص الثلاثة وجواز السفر إليها بأنها مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد فرض الله جل جلاله السفر إلى الحرمين الشريفين في مكة للحج والعمرة، مرة واحدة في العمر، وأباحه من غير وجوب إلى المدينة للزيارة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، ومن العلماء من حمل النهي عن شد الرحال لغير الثلاثة على العموم، وهو الأولى ولاسيما في هذا الزمان الذي أكثر الناس فيه من القبور في المساجد وأحدثوا ما لا يجوز من التبرك بدعاء الأموات، والتمسح بها.
(1)
في بعض النسخ الخطية " مسجد الكعبة "
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1396، وزفي رواية: «ومسجد إليا» ومراده الأقصى حديث (1397).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
309 -
باب فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ
1460 -
(1) حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ جُنَادَةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَشَى في ظُلْمَةِ لَيْلٍ إِلَى صَلَاةٍ آتَاهُ اللَّهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
(1)
.
رجال السند:
زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب الرقي، وزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، هو الرهاوي، وجُنَادَةُ، هو ابن أبي خالد الشامي، سكت عنه الإمامان، وهو من أفراد الدارمي، تفرد عنه ابن أبي أنيسة، ومَكْحُولٌ، وأَبو إِدْرِيسَ، هو الخولاني، هم أئمة ثقات، وجنادة لحديث شاهد، وأَبو الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه بشارة عاجلة للمحافظين على الصلاة، ولاسيما صلاة العشاء والفجر، ويشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم:«بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
310 -
باب كَرَاهِيَةِ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ
1461 -
(1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ اللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ»
(3)
.
(1)
فيه جنادة بن أبي خالد الشامي، سكت عنه الإمامان: البخاري وأبو حاتم (التاريخ 1/ 63، والجرح 2/ 515) وانظر: القطوف (897/ 1482).
(2)
أبو داود حديث (561).
(3)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه أبو داود حديث (910) والنسائي (1195) وضعفه الألباني عندهما.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويُونُسُ، هو ابن يزيد الأيلي، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وأَبو الأَحْوَصِ، هو مولى بني ليث، ويقال مولى بني غفار، ولم يرو عنه غير الزهري، تكلم فيه ابن معين، وقيل له: يكفيه قول الزهري سمعت أبا الأحوص، وذكره ابن حبان في الثقات، وابْنُ الْمُسَيَّبِ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم 1421، شرحه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
311 -
باب أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ
1462 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الأَزْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ الله
(1)
ابْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
بْنِ حُبْشِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟، قَالَ: «إِيمَانٌ [
…
]
(3)
لَا شَكَّ فِيهِ، وَجِهَادٌ لَا غُلُولَ فِيهِ، وَحَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ». قِيلَ: فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ:«طُولُ الْقِيَامِ» . قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ:«جُهْدُ مُقِلٍّ» . قِيلَ: فَأَىُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ:«أَنْ تَهْجُرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ» . قِيلَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟، قَالَ:«مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ» . قِيلَ: فَأَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ؟، قَالَ:«مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ»
(4)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، وحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو المصيصي، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، هو النوفلي قرشي إمام ثقة، روى له الشيخان؛ البخاري تعليقا، وعَلِيٍّ الأَزْدِيِّ، هو ابن عبد الله البارقي، أبو عبد الله تابعي
(1)
في بعض النسخ الخطية " عبيد " وهو خطأ.
(2)
في (ت) عبيد الله، وهو تصحيف.
(3)
في بعض النسخ الخطية زيادة " بالله ".
(4)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (1449) والنسائي حديث (2526) وصححه الألباني عندهما.
صدوق، روى له الستة عدا البخاري، وعُبَيْدُ الله بْنُ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، لعل الصواب: عبيد ابن عمير، وهو المكي قاضيها، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُبْشِي، صحابي نزل مكة روى هذا الحديث رضي الله عنه.
الشرح:
عبيد الله بن عمير سماه عمرو بن دينار عبيد بن عمير قال سمعت عبيد ابن عمير يحدث قال: قيل: أي الجهاد أفضل؟ قال: «من عقر جواده وأهريق دمه» قيل: فأي الصلوات أفضل؟ قال: «طول القنوت» قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال:
«جهد المقل» قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: «من هجر ما نهاه الله عنه ورسوله» قيل: فأي الناس أحكم؟ قال: «الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه» قيل: فأي الناس أعلم؟ قال: «الذي يجمع علم الناس إلى علمه» قال: لا أعلم عبيدا إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
312 -
باب فَضْلِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ
1463 -
(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»
(2)
.
قِيلَ لأَبِى مُحَمَّدٍ
(3)
: مَا الْبَرْدَيْنِ؟ قَالَ: الْغَدَاةُ، وَالْعَصْرُ.
رجال السند:
عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى، هما إمامان تقدما، وأَبو حَمْزَةَ، هو عبد الواحد بن قيس تابعي ليس بالقوي تقدم، وأَبو بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، هو ابن أبي موسى الأشعري، تابعي وأَبِوِ، هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
الشرح: المراد بالغداة الفجر، ومعها العصر وصفتا بالبردين؛ لأن بردهما في الشتاء شديد، وفي هذا الحث على المواظبة عليهما لما في ذلك من الأجر.
(1)
مصنف عبد الرزاق حديث (4844).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (574) ومسلم حديث (635) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 369).
(3)
ليس في (ك).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1464 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قال: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي جِوَارِ اللَّهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي جَارِهِ، وَمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فَهُوَ فِي جِوَارِ اللَّهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي جَارِهِ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا أُمِّنَ وَلَمْ يَفِ فَقَدْ غَدَرَ وَأَخْفَرَ.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، هو أبو محمد مولى للقاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق، ثقة كثير الحديث، وإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، ذكره البخاري في التاريخ، ولم يذكره بجرح ولا تعديل، وقال: إبراهيم بن أبي أسيد، المدني البراد، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وجده، أبو أسيد لم أقف على ترجمته، وقيل هو جده لأمه، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
فالرواية ضعيفة بهذا السند، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم:«من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم»
(2)
، والمراد أنه في ذمة الله عز وجل وأمانته، وفيه تحذيره من إيذانه والتعدي عليه، ومن وقع فيما نهى الله عز وجل فهو متوعد بعقاب شديد، لإخفاره ذمة الله عز وجل، ومن طلبه الله عز وجل بذلك أكبه في نار جهنم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
313 -
باب النَّهْيِ عَنْ دَفْعِ الأَخْبَثَيْنِ فِي الصَّلَاةِ
1465 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَأَرَادَ الرَّجُلُ الْخَلَاءَ، فابدأ
(3)
(1)
فيه جهالة جد إبراهيم بن أبي أسيد البراد، انظر (انظر التهذيب 12/ 362، ومختصره التقريب، وميزان الاعتدال 4/ 602) وأخرجه الترمذي حديث (2165) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (3945) وهو عند مسلم من حديث جندب لن علد الله حديث (657).
(2)
مسلم حديث (657).
(3)
في (ك) قال في الهامش: صوابه فليبدأ.
قلت: كلاهما يصح.
بِالْخَلَاءِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ، هو أبو يحيى محمَّد بن عبد الله بن عبد الأعلى الأسدي، إمام حافظ ثقة، ليس له في الستة رواية، سوى النسائي روى عنه بواسطة، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَرْقَمَ، صحابي رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من آداب التهيؤ للصلاة، فلا ينشغل عنها بشيء، وليُقبل على صلاته بخشوع ووقار، ولو عرض له عارض من هذا أثناء الصلاة فليخرج وينيب غيره، ولو لم يفعل لربما وقع في حرج شديدة، فوجب أن يتهيأ العبد للصلاة بكل ما يستدعي السكين والو القار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
314 -
باب النَّهْيِ عَنْ الاِخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ
1466 -
(1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو خَالِدٍ، هو سليمان بن حيان الأزدي، وهِشَامٌ، هو ابن عروة، وابْنُ سِيرِينَ، هو محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالاختصار أن يضع يديه على خصريه أو إحداهما، فليس هذا من آداب الصلاة، ولا الوقوف بين يدي الله عز وجل، وقيل في المعنى غير هذا وهذا هو الصحيح، وعلى المسلم أن يلتزم صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعدوها إلى غيرها.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه الترمذي حديث (142) وقال حسن صحيح، وأبو داود حديث (88) وابن ماجه حديث (616) وصححه الألباني عندهما.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1220، وطرفه 1219) ومسلم حديث (545) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 317).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
315 -
باب النَّهْيِ عَنِ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا
1467 -
(1) أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْمِنْهَالِ الرِّيَاحِيِّ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا"
(1)
.
رجال السند:
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، هو أبو عمر إمام ثقة من شيوخ البخاري وأبي داود، نسب إلى حوض داود، محلة بالبصرة، وشُعْبَةُ، وسَيَّارٌ أَبي الْمِنْهَالِ الرِّيَاحِيِّ، هو سيار بن سلامة، تابعي ثقة، وأَبو بَرْزَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
لأن النوم قبلها قد يكون سببا في ذهاب وقت أدائها الأفضل، أو تأخيرها عنه، أو خروج وقتها، وكراهة الحديث بعدها فيما لا مصلحة فيه، وما يكون سببا لتأخير أو تفويت صلاة الفجر، وأما ما كان فيه مصلحة كمذاكرة علم، أو مؤانسة ضيف، أو مسامرة الأسرة والحديث معهم بما يدخل عليهم السرور وكل ما هو مباح فلا مانع منه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
316 -
باب النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ
1468 -
(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّار، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى بِأَرْبَعٍ حَتَّى صَهَلَ صَوْتُهُ: " أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مَؤْمِنَةٌ، وَلَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فَإِنَّ أَجَلَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
(2)
، فَإِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (568) ومسلم حديث (647) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
(2)
فيه قولان هذا أحدها، والثاني: من كان له أجل فهو إلى أمده ولو زاد عن أربعة أشهر، أما من كان دون ذلك فله إلى أربعة أشهر.
وَرَسُولُهُ "
(1)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ الْبَزَّار، هو أبو محمد صدوق، وقيل: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وشُعْبَةُ، والْمُغِيرَةُ، هو ابن مقسم، والشَّعْبِيُّ، هو عامر، والْمُحَرَّرُ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، هو الدوسي الزهراني، تابعي ثقة روى عنه الأكابر، وأَبوه، أبو هريرة رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " صَهَلَ " في بعض النسخ الخطية " صحل " وهما بمعنى واحد، وهو الصوت يكون فيه بحة، وقيل: الصحل الصوت فيه رقة (انظر: النهاية في غريب الحديث) في بعض النسخ الخطية " صحل " وهما بمعنى واحد، وهو الصوت يكون فيه بحة، وقيل: الصحل الصوت فيه رقة (انظر: النهاية في غريب الحديث).
وهذا لما نزلت براءة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا على الحج، فقيل: لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ثم دعا عليا فقال اخرج بصدر براءة وأذن في الناس يوم النحر بمنى إذا اجتمعوا، قال الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}
(2)
فيها بيان حكم الله عز وجل على المشركين بأنهم نَجَس؛ لاعتقادهم في غير الله عز وجل، فنجاستهم معنوية، وليست حسية، وبالغ من قال: نجاسة حسية؛ لأنهم لا يتطهرون، ولذلك أمر تعالى عباده المؤمنين الطاهرين اعتقادا وذاتا، بنفي المشركين، الذين هم نجس اعتقادا، فلا يدخلوا المسجد الحرام، والتعبير بالقرب استبعاد لإمكانية الدخول؛ لأنه من باب أولى، فمنعهم الله عز وجل من ذلك اعتبارا من سنة تسع وإلى قيام الساعة، وللعلماء في هذا أقوال وتفصيل، ولهذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا صحبة أبي بكر رضي الله عنهما، في الحج سنة تسع، وأمره أن ينادي في المشركين: «لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت
(1)
فيه محرر بن أبي هريرة، مقبول، والحديث أصله أخرجه البخاري (396) ومسلم حديث (1347) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 854).
(2)
الآية (28) من سورة التوبة.
عريان»
(1)
، فأتم الله عز وجل ذلك، وحكم به شرعا وقدرا، ونصّ رواية المحرر عن أبيه أبي هريرة رضي الله عنه بينت ما أعلنه علي رضي الله عنه، أن الجنة لا يدخلها إلا المؤمنين بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبدين الإسلام، ومن هنا نعلم أهمية الأخوة الإيمانية قال الله عز وجل {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
(2)
، وهي أخوة أقوى من أخوة النسب؛ لأن رابط الأخوة الإيمانية لا علاقة له بالدنيا، وإنما يتعلق بمقاصد الآخرة، وقد أوجد الله عز وجل في قلوب المؤمنين منابع الوداد والمحبة الخالصة، أما رابط أخوة النسب فمتعلق بالميراث وهو من حظوظ الدنيا، وكثيرا ما يثير العداوة بين الإخوة، اللهم إلا من جمع بين الصدق في الأخوتين فذاك فضل الله يؤتيه من يشاء، وقد أوجد الله عز وجل في قلوب المؤمنين منابع الوداد والمحبة الخالصة، فالمؤمن يدخل الجنة وإن عصى، ولا يدخلها الكافر؛ لأنها محرمة عليه، ثم أعلن علي رضي الله عنه، منع المشركين من الحج بعد عام البراءة، وتقدم بيان أنهم نجس، وقد كان من عادة المشركين الطواف عراة يزعمون به التجرد من الذنوب، فأعلن منع الطواف بالبيت عراة، وأعلن الوفاء بالعهود وضرب له أجلا لا يجاوز أربعة أشهر كيما يتدبر من لا عهد لهم أمورهم، وتبرأ ذمة الله ورسوله بعد ذلك من نقض العهود، ومن كان له عهد فالوفاء له به إلى المدة المتفق عليها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
317 -
باب مَتَى يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ
؟
1469 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ ابْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ»
(3)
.
(1)
البخاري حديث (369) ومسلم حديث (1347).
(2)
من الآية (10) من سورة الحجرات.
(3)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (494) وقال الألباني: حسن صحيح، والترمذي حديث (407) وقال: حسن.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ، هو أبو بكر الأسدي القرشي، إمام ثقة فقيه حافظ، وحَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ، هو أبو معبد لا بأس به روى له الترمذي، وعَمّه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، وثقة العجلى، وضعفه ابن معين وأبو خيثمة وغيرهما، وأخرج له مسلم حديثًا واحدًا في المتعة متابعة، وأَبوه، الربيع بن سبرة، تابعي ثقة روى له الستة عدا البخاري، وجَدِّهِ سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه.
الشرح:
فيه قاعدة شرعية في تربية الأبناء بنين وبنات وتعليمهم الصلاة ابتداء من سن السابعة، ليعتادوا الصلاة، ويستأنسوا بأدائها، ولم يأمر بضرب من لا يستجيب في هذه السن، ولكن يستعمل الترغيب والترهيب حتى يبلغ العاشرة، فإن لم يستجب وجب عقابه بالضرب غير المبرج، ليعي أهمية الصلاة، وزاد في رواية «وفرقوا بينهم في المضاجع»
(1)
، وجاء الأمر بالتفريق بينهم في المضاجع في هذه السن، والمراد فرِّقوا بين الأخ والأخت؛ لأن الأطفال في هذه يدركون العلاقة بين الذكر والأنثى، ولاسيما في هذا العصر الذي عرف فيه الأطفال شيئا من تفاصيل هذا الأمر؛ ولأن البلوغ في عشر سنين محتملٌ، فربما تغلب الشهوة على الذكور، فيفعلون الفاحشة بالإناث وإن كن أخواتهم، بل والمستحب التفريق بينهم جميعا ذكرا وإناثا لأبعادهم عن الريبة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
318 -
باب أَيُّ سَاعَةٍ تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ
؟
1470 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يقَولَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: " ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ "
(2)
.
(1)
أبو داود حديث (495).
(2)
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (831).
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، هو ابن حازم، إمام ثقة تقدم، ومُوسَى بْنُ عُليٍّ، هو اللخمي مصري صدوق، روى له الستة عدا البخاري، أَبوه، هو أبو عبد الله عُلي ابن رباح اللخمي، تابعي إِمام ثقة، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه الأوقات الثلاثة تعرف بأوقات النهي عن الصلاة فيها، والمراد بالصلاة صلاة النافلة، أما الفريضة فتصلى فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر»
(1)
، وهذا المراد به أصحاب الأعذار، ولا يكون مدركا للركعة بجزء منها كتكبيرة الإحرام، أو الركوع بل المراد الركعة كاملة، من تكبيرة الإحرام حتى تمام السجود، هذه هي الركعة التي تدرك بها الصلاة، ولو أدى الركعة التالية لها في وقت النهي فصلاته صحيحة، وهذا في صلاة الفجر، وصلاة العصر، وأجاز العلماء أن تصلى في أوقات النهي ذوات السبب كتحية المسجد، وصلاة الخوف والكسوف وغير ذلك، ومنع من ذلك مطلقا بعض العلماء، وكراهة التنفل عامة في كل المساجد وغيرها، واستثنى بعض العلماء المسجد الحرام، ويوم الجمعة لا يكره فيه التنفل في وقت النهي.
أما قوله: " وأن نقبر فيها موتانا " المراد صلاة الجنازة لا يتحرى بها وقت النهي، فتقدم عنه أو تؤخر، وليس المراد الدفن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1471 -
(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ
(2)
عُمَرُ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ
حَتَّى تَغْرُبَ
(1)
مسلم حديث (608).
(2)
في المطبوع منهم.
الشَّمْسُ»
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، وأَبو الْعَالِيَةِ، هو رافع، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، ورِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، لا أشك في أنهم صحابة، فِيهِمْ عُمَرُ، هو ابن الخطاب رضي الله عنه.
الشرح: المراد صلاة النافلة، عدا ذوات السبب، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
319 -
باب فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ
(2)
1472 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ، وَمَسْرُوقاً يَشْهَدَانِ عَلَى عَائِشَةَ:" أَنَّهَا شَهِدَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا يَوْماً إِلاَّ صَلَّى هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ "
(3)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِى بَعْدَ الْعَصْرِ.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو الحرشي، وشُعْبَةُ، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، والأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، هو النخعي تابعي إمام فقيه كبير، من أعلم الناس بعبد الله بن مسعود، وهو خال إبراهيم النخعي، وَمَسْرُوقٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
معلوم النهي عن الصلاة بعد صلاة العصر، وقال بعض العلماء: إنها من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر رضي الله عنه يضرب من يصليهما، وأن ابن عباس، وعبد الرحمن بن
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (581) ومسلم حديث (826) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 473).
(2)
في بعض النسخ الخطية " الظهر ".
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (590) ومسلم حديث (835) ويعارضه في النهي حديث ابن عباس أخرجه البخاري حديث (4370، 1233) ومسلم حديث (834) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 477) وأن سبب صلاته الركعتين بعد العصر أنه أخره عن صلاتها قبل العصر ناس من عبد القيس.
أزهر، والمسور بن مخرمة أرسلوا إلى عائشة رضي الله عنها، فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعا، وسلها عن الركعتين بعد العصر، وإنا أخبرنا أنك تصلينها، وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها، قال ابن عباس:" وكنت أضرب مع عمر الناس عنهما"، قال كريب: فدخلت عليها وبلغتها ما أرسلوني، فقالت: سل أم سلمة، فأخبرتهم فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني إلى عائشة، فقالت أم سلمة: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما، وإنه صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فصلاهما، فأرسلت إليه الخادم، فقلت: قومي إلى جنبه، فقولي: تقول أم سلمة: يا رسول الله ألم أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين؟ فأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري، ففعلت الجارية، فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال:«يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني أناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان»
(1)
، فعرف السبب وأنه كانت قضاء لسنة الظهر، وفي هذا دليل على أن قضاء السنة سنة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1473 -
(2) حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ قَطُّ "
(2)
.
رجال السند:
فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، هو أبو القاسم صدوق تقدم، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، ثقة له غرائب تقدم، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه عروة بن الزبير، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا خلاف بين أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما، أم سلمة تنفي وعائشة تثبت، والصواب وما تقدم من أنها قضاء لسنة الظهر.
(1)
البخاري حديث (4370) ومسلم حديث (834).
(2)
رجاله ثقات، انظر سابقه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1474 -
(3) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: اقْرَأْ عليها السلام مِنَّا جَمِيعاً وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقُلْ: إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا
(1)
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُمَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّاسَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي بِهِ، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ.
فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، أَمَّا حِينَ صَلاَّهُمَا فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَصَلاَّهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ، قَالَتْ: فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:«يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ»
(2)
.
سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَنَا أَقُولُ بِحَدِيثِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» .
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن التستري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، هو أبو محمد الفهري، وعَمْرُو ابْنُ الْحَارِثِ، هو أبو أيوب الأنصاري، بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، هو بن عبد الله بن الأشج، مولى المسور بن مخرمة الزهري، كنيته أبو عبد الله ثقة كثير الحديث، وكُرَيْبٌ مَوْلَى
(1)
في (ت) تصليهما، وفي (ك) تصليها.
قلت: والصواب تصلينهما.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1233) ومسلم حديث (1970) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 477).
ابْنِ عَبَّاسٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَة، رضي الله عنها.
الشرح:
تقدم البيان وأن القول الفصل في هذا حديث أم سلمة رضي الله عنها، وإنما كانت صلاة الركعتين بعد العصر قضاء لسنة الظهر التي شغل عنها، ولذلك أخذ الدارمي رحمه الله بحديث عمر رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
320 -
بابٌ فِي صَلَاةِ السُّنَّةِ
1475 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه الرواتب قبل وبعد الفرائض، سنن مؤكدة، وقد روت أم حبيبة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بني له بيت في الجنة» قالت أم حبيبة: " فما برحت أصليهن بعد "
…
(2)
، بينت رواية أبي إسحاق الهمداني بسنده عن عنبسة فقال:«من صلى ثنتي عشرة ركعة في اليوم بنى الله له بيتا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل الصبح» قال الألباني رحمه الله: صحيح لغيره، والمحفوظ عنها:" وركعتين بعد العشاء " مكان: " قبل
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (937) ومسلم حديث (882) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 473.
(2)
مسلم حديث (728).
العصر "
(1)
، فمن صلاها قبل وعقب الفريضة في المسجد فحسن، ومن صلاها في البيت فهو الأفضل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1476 -
(2) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ الثَّقَفيىَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، تَطَوُّعاً غَيْرَ الْفَرِيضَةِ، إِلاَّ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ - أَوْ بُنِيَ - لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ»
(2)
.
قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وَقَالَ عَمْرٌو: مِثْلَهُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: مِثْلَهُ.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر الكناني، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، والنُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، هو الطائفي من شيوخ شعبة الثقات، وابْنُ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، هو عبد الرحمن، ولم أقف على من ترجمه، وأَوْسُ بْنُ أَبِى أَوْسٍ، هو أوس بن حذيفة رضي الله عنه. تقدم السند برقم 713، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
فيه عمرو بن أبي أوس لم أعرفه، وصح الحديث فيما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1477 -
(3) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَدَعُ أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ "
(3)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، وشُعْبَةُ، هما إما مان ثقتان تقدما، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، هو ابن الأجدع، ابن أخي مسروق، كوفي ثقة فاضل، وأَبوه، هو محمد بن المنتشر بن لأجدع، ثقة قليل الحديث، وعَائِشَةُ رضي الله عنها.
(1)
ابن حبان حديث (2452).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (728).
(3)
رجاله ثقات، البخاري حديث (1182).
الشرح:
قولها: قبل الظهر، يحتمل قبل أذان الظهر، فيكون المراد سنة الضحي، أو بعد الأذان فتكون سنة الظهر، وركعتي الفجر المراد بعد الأذان وهي سنة صلاة الفجر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
321 -
باب الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ
1478 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا الْجُرَيْرِيُّ
(1)
، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ»
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، والْجُرَيْرِيُّ، هو سعيد بن إياس، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، هو الأسلمي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " قبل المغرب " المراد بعد الأذان وقبل الإقامة، والمراد بالأذانين أذان النداء للصلاة، والأذان الثاني الإقامة، بينهما صلاة ركعتين نافلة لمن أراد التطوع بهما، سوى الرواتب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1479 -
(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَساً قَالَ: " كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُومُ لُبَابُ
(3)
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ، حَتَّى يَخْرُجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالَ: وَقَلَّ مَا كَانَ يَلْبَثُ "
(4)
.
(1)
في بعض النسخ الخطية " الجرير " وهو تحريف.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (624) ومسلم حديث (838) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 480).
(3)
المراد صفوة الصحابة وأكابرهم رضي الله عنهم.
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (503) ومسلم حديث (837) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 479).
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، هو الأنصاري كوفي ثقة، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " لباب " المراد الصفوة من الصحابة رضي الله عنهم، وهذا يدل على عدم الوجوب، وإنما هي نافلة لمن يريد، قوله:" فيبتدرون السواري " المراد أنهم يقومون بعد الأذان فيجعلون السواري سترة لصلاة النافلة، فيصلون ما شاء الله صلى الله عليه وسلم حتى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتام الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
322 -
باب الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
1480 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْفي مَا يَقْرَأُ فِيهِمَا وَذَكَرَتْ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(1)
. قَالَ سَعِيدٌ: في رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ.
رجال السند
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، هو ابن حسان، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد سنة صلاة الفجر، فالأصل فيها التخفيف، وما يفعله بعض المصلين من إطالة السجود فيها خلاف السنة، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1481 -
(2) حَدّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَكَانَتْ سَاعَةً لَا أَدْخُلُ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
(1)
ت: فيه انقطاع بين محمد بن سيرين وعائشة.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1173) ومسلم حديث (723) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 419).
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى، هو ابن سعيد القطان، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ وحَفْصَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هي ركعتي الفجر، السنة المتقدم القول فيها، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1482 -
(3) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَكَتَ
(1)
الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَذَانِ الصُّبْحِ، وَبَدَا الصُّبْحُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ "
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، هو القطواني، مَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، وحَفْصَةُ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1483 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ.
وَأَخْبَرَتْهُ حَفْصَةُ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِذَا أَضَاءَ الصُّبْحُ رَكْعَتَيْنِ "
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرٌو، هو ابن دينار، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(1)
في بعض النسخ الخطية " سكن " ويجوز سكن عن النطق بالأذان.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (618).
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
الشرح:
سنة الجمعة أربع ركعات في المسجد عقب الصلاة، وركعتين في المنزل، وهي خيار إن شاء المصلي صلاها في المسجد أربعا، وإن شاء صلاها في بيته ركعتين. أما قول حفصة رضي الله عنها:" كَانَ يُصَلِّي إِذَا أَضَاءَ الصُّبْحُ رَكْعَتَيْنِ " فهذه الروايات هي مع ما تقدم في سياق واحد، وهو إثبات أن ركعتي الفجر السنة فيها التخفيف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
323 -
باب الْكَلَامِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
1484 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي
(1)
النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ كَلَّمَنِي بِهَا، وَإِلاَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ".
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، هو الأودي، ومَالِكُ ابْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، وسَالِمٌ أَبو النَّضْرِ، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
رجاله ثقات، وهو مما انفرد به الدارمي وقد سقط من كتابنا " القطوف الدانية " وسبحان من له الكمال.
وفيه دليل على عدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الاضطجاع بعد الركعتين، وعلل بعض العلماء رحمهم الله عز وجل أن فائدة الاضطجاع الفصل بين الركعتين وبين صلاة الفجر، ولا ريب أن الكلام بعد الصلاة مباح سواء كانت فريضة أو نافلة والفائدة منه الفصل بين الصلاتين النافلة والفريضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
324 -
بابٌ فِي الاِضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
1485 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً،
(1)
في (ك) ابن أبي، وهو خطأ.
يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الأَذَانِ الأَوَّلِ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ فَيَخْرُجُ مَعَهُ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، وبن عبد الرحمن، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
فيه بيان الفصل بين قيام الليل وصلاة الوتر، فهما قبل أذان الفجر، وصلاة ركعتي الفجر السنة بعد الأذان، وتقدم أن فائدة الاضطجاع الفصل بين النافلة والفريضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
325 -
باب إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ
1486 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، إمام ثقة تقدم، وزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، هو المكي، رمي بالقدر ثقة روى له الستة، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، هو الهلالي أحد الفقهاء السبعة، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد من كان داخلا المسجد فأقيمت الصلاة فلا يصلي تحية المسجد، ويبادر بإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، وقد رأينا بعض الناس يبدأ بتحية المسجد رغم إقامة الصلاة، وإذا شرع المصلي بتحية المسجد أو نافلة كمن يصلي بين المغرب والعشاء فإن كان في بداية الركعة الأولى فإنه يتحلل بالسلام، ويدخل في صلاة الفريضة مع الإمام،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (626) ومسلم حديث (736) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان بهذا اللفظ، وانظر: اللؤلؤ حديث (426).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (710).
ومن أدى ركعة وتهيأ للثانية، أو شرع فيها فإنه يتجوز فيها بقراءة الفاتحة وتخفيف الركوع والسجود، ثم يسلم ويلتحق بالإمام في صلاة الفريضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1487 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ: عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلاَّسُ، ثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو حَفْصٍ: عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلاَّسُ، غُنْدَرٌ، هو محمد بن جعفر، وشُعْبَةُ، ووَرْقَاءُ، هو ابْنُ عُمَر، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما سبق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1488 -
(3) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَفْصِ ابْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ:" أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَرَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ لَاثَ بِهِ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ": «أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعاً؟»
(2)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وحَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ بُحَيْنَةَ، هو عبد الله، وقيل مالك رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يؤيد عدم الاشتغال بالنافلة عن الفريضة إذا أقيمت الصلاة، ولذلك أنكرالنبي صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك، وبين أن هذا يثير الشُّبة عند البعض فيظن أن الفجر أربع ركعات،
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (663) ومسلم حديث (711) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 419).
وقد سمعت من قال: إن وافدا صلى الفجر في المسجد الحرام يوم جمعة، وكان الإمام قرأ سورة السجدة فلما سلم الإمام سأل الرجل متعجبا وقال: الفجر ثلاث ركعات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1489 -
(4) حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ فَالْبَيْتُ أَهْوَنُ.
رجال السند:
مُسْلِمٌ، هو الفراهيدي، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن المصلي إذا أقيمت الصلاة ولم يصل ركعتي الفجر فإنه يمتنع من صلاتها، ويصليها بعد الانتهاء من الفريضة، وهو وغيره ممن صلى ركعتي الفجر ممنوعون من أي صلاة إذا أقيمت الصلاة، وعلى جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله عز وجل، وقد لا من بعص المصلين مخالفة هذا التوجيه النبوي الكريم.
وقول الدارمي رحمه الله: " إِذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ فَالْبَيْتُ أَهْوَنُ " المراد أن يتساهل في مخالفة هذا لمن صلى في بيته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
326 -
بابٌ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ
1490 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ بُرْدٍ قال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ قَيْسٍ الْجُذَامِيِّ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «ابْنَ آدَمَ صَلِّ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ
(1)
رجاله ثقات، وانظر (رقم 1508).
آخِرَهُ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، ومُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وبُرْدٌ، هو ابن سنان الدمشقي، سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الدمشقي، ومَكْحُولٌ، هو الشامي، وكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، هم ثقات تقدموا، وقَيْسٌ الْجُذَامِيُّ، هو صحابي ابنه نائل بن قيس، ونُعَيْمُ ابْنُ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيُّ.
الشرح:
المراد صلاة الضحى، أقلها ركعتين ولا حد لأكثرها، وانظر التالي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى، ويندب إلى صلاتها، وعلى هذا عمل العلماء رحمهم الله، وقول:«أَكْفِكَ آخِرَهُ» هَم كسبه وشغله وقضاء حوائجه، ويدفع عنه ما يكره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
327 -
باب صَلَاةِ الضُّحَى
(2)
1491 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ أَنْبَأَنِي قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: " مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ. قَالَتْ: وَلَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ "
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ وعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو محمد بن عبد الرحمن ضعيف.
(1)
سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (475) وقال: حسن غريب، وأبو داود حديث (1289) وصححه الألباني.
(2)
في (ف) صلاة الصبح.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري (1176) ومسلم حديث (336) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 417).
الشرح:
هي صلاة الضحى وبهذا استدل البخاري رحمه الله على جواز صلاة الضحى في السفر، وكونه صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات فلأنه لا حد لأكثرها، ويمكن أن يكون لموافقتها الشكر على الفتح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1492 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تُحَدِّثُ:" أَنَّهَا ذَهَبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدَتْهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ. قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ ضُحًى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ هَذِهِ؟». فَقُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ. قَالَتْ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، مُلْتَحِفاً في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً أَجَرْتُهُ: فُلَانَ بْنَ هُبَيْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، إمام ثقة تقدم، ومَالِكٌ، هو الإمام تقدم، وأَبو النَّضْرِ، هو ملى عمر بن عبيد الله التيمي، مدني ثقة، وأَبو مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب ولكنه كان يلزم عقيلا فنسب إلى ولايته، وكان شيخا ثقة قليل الحديث، وأُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنها.
الشرح:
انظر ما تقدم، وفيه جواز أن تستر المرأة محرمها بثوب ونحوه، وإجازة أن تجير المرأة الصالحة المسلمة غير المسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1493 - (3) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبَّاسٍ
(2)
الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (357) ومسلم حديث (336) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 193).
(2)
في (ك) ابن عباس، وهو خطأ.
لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: الْوِتْرِ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ، وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَمِنَ الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ "
(1)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، شُعْبَةُ، وعَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، هو فروخ أبو محمد إمام ثقة، روى له الستة، وأَبو عُثْمَانَ، هو النهدي، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وفيه إشارة إلى فضل المحافظة على صلاة الوتر، وسيأتي مزيد، وأن أقل صلاة الضحى ركعتين، وفضل صيام الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، وهي المسماة الأيام البيض لسطوع نور القمر وبياضه فيها أكثر من غيرها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
328 -
باب مَا جَاءَ فِي الْكَرَاهِيَةِ فِيهِ
1494 -
(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُبْحَةَ الضُّحَى فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذه التسمية المراد منها التفريق بين الفريضة والنافلة، فالنافلة سميت سُبحة؛ لأن التسبيح في الفريضة والدعاء نافلة وبقية أفعال الصلاة فريضة، أما النافلة فكلها نافلة.
وتقدم ما يؤيد عدم صلاة الضحى، وما يؤيد فعلها، روايات متعارضة، جمع بينها العلماء رحمهم الله فقالوا: المراد بقول عائشة هذا أنها ما رأته يداوم عليها، وقولها:
(1)
وأخرجه البخاري حديث (1178) ومسلم حديث (721) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 418).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1128) ومسلم حديث (718) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 416).
"إني لأسبحها " المراد به أنها تداوم عليها تطوعا منها، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يداوم عليها، والمراد بقولها:" وما أحدث الناس شيئًا " تعني: المداومة عليها، والصحيح من أقوال العلماء رحمهم الله أن صلاة الضحى سنة مستحبة، ثبت هذا من حديث أبي ذر، وأبي الدرداء رضي الله عنهما، فمن داوم عليها فحسن، من لم يداوم فلا بأس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1495 -
(2) حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْفُضَيْلِ ابْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ:" أَنَّ أَبَاهُ رَأَى أُنَاساً يُصَلُّونَ صَلَاةَ الضُّحَى قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ ليُصَلُّونَ صَلَاةً مَا صَلاَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ "
(1)
.
رجال السند:
صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ومُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وشُعْبَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، والْفُضَيْلِ بْنِ فَضَالَةَ، هو القيسي، وثقه شعبه وتفرد بالرواية عنه والراجح أنه ثقة، وعَبْدُ الرَّحْمَن ابْنُ أَبِي بَكْرَةَ، تابعي ثقة، وأَبوهُ، أبو بكرة مشهور بكنيته رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
329 -
باب فِي صَلَاةِ الأَوَّابِينَ
1496 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَلَاةُ الأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ»
(2)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، إمامان تقدما، والْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ، هو الشيباني صدوق تقدم، وزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (20478) والنسائي في الكبرى حديث (477).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (748) ومعنى (رمضت الفصال) احترّت من الشمس، والفصال صغار الإبل.
الشرح:
المراد صلاة الضحى، والفصال صغار الإبل، إذا طلبت الظل هروبا من حرارة الشمس، وهذا يوافق ما بعد الساعة التاسعة ولاسيما في الصيف، وهو من أدلة استحباب صلاة الضحى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
330 -
باب صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى
1497 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا وَكِيعٌ، وَغُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيٍّ الأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
(1)
مَثْنَى مَثْنَى»
(2)
، وَقَالَ أَحَدُهُمَا:«رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ» .
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَكِيعٌ، هو ابن الجراح، وَغُنْدَرٌ، هو محمد بن جعفر، وشُعْبَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، ويَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، هو الطائفي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وعَلِيُّ الأَزْدِيِّ، هو ابن عبد الله البارقي، أبو عبدالله تابعي صدوق، روى له الستة عدا البخاري، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد صلاة النافلة تؤدى ركعتين ركعتين، وقد رد جماعة من العلماء رحمهم الله إضافة النهار، وأتهم البارقي بالوهم، ولما سئل البخاري أمير المؤمنين في الحديث رحمه الله عن حديث يعلى أصحيح هو؟، قال نعم. وصحت إضافة النهار؛ لأن التنفل فيه كالليل، وفي هذا رد على من لا يرى الزيادة في صلاة التراويح، وتبديع من يفعل ذلك.
(1)
قوله (والنهار) اعترض عليها بعض العلماء، وهي رواية ثابتة، انظر (السنن الكبير للبيهقي حديث (4755) وصحيح ابن خزيمة حديث (1146).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (472) ومسلم حديث (749) ولم يذكرا " النهار "، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 432).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
331 -
باب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ
(1)
1498 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ مَا قَدْ صَلَّى»
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضب الله عنهما.
الشرح:
فيه التوجيه إلى ختم قيام الليل بركعة توتر صلاته، وليس ذلك في نافلة النهار، كمن يصلي في الضحى أو بعد الظهر أو بين المغرب والعشاء؛ لأن الوتر بعد العشاء وليس قبله، فإن النافلة تبقى شفعية ولا يوتر إلا صلاة الليل؛ لأن الوتر لا يكون في النهار إلا قضاء ويكون شفعا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
332 -
باب فَضْلِ صَلَاةِ اللَّيْلِ
(3)
1499 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ:" لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَهُ النَّاسُ فَقَالُوا: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، فَخَرَجْتُ فِيمَنْ خَرَجَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ": «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»
(4)
.
(1)
في (و) ما جاء في صلاة الليل.
(2)
رجاله ثقات، وانظر السابق.
(3)
هكذا كرره الدارمي رحمه الله من أجل قوله صلى الله عليه وسلم: «وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ» .
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (2485) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (1334، 3251) وصححه الألباني.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، هو إمام تقدم، وعَوْفٌ، هو الأعرابي، رمي بالقدر وهو ثقة تقدم، وزُرَارَةُ بْنُ أَوْفي، هو أبو حاجب قاضي البصرة، تابعي إمام ثقة، روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بعد القيام بما هو فرض، وهذه الخلال الأربع من قواعد الإسلام العظيمة، من حافظ عليها مع القيام بما فرض الله عز وجل فثوابها دخول الجنة بأمان، وكانت أول ما قال صلى الله عليه وسلم عند دخول المدينة لما لها من الأثر وحسن الجزاء مع سهولتها وعدم الكلفة فيها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
333 -
باب فَضْلِ مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً
1500 -
(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ، فَإِذَا رَجُلٌ يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قُلْتُ: لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَنْظُرَ عَلَى شَفْعٍ يَنْصَرِفُ، أَمْ عَلَى وِتْرٍ؟، فَلَمَّا فَرَغَ قُلْتُ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعَلَى شَفْعٍ تَدْرِي انْصَرَفْتَ، أَمْ عَلَى وِتْرٍ؟، فَقَالَ: إِنْ أنا
(1)
لَا أَدْرِي فَإِنَّ اللَّهَ يَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ": «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً»
(2)
.
قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟، قَالَ: أَنَا أَبُو ذَرٍّ. قَالَ: فَتَقَاصَرَتْ إِلَيَّ نَفْسِي.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي صدوق تقدم، والأَوْزَاعِيُّ، إمام تقدم، وهَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، ثقة قليل الحديث جدا، والأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، اسمه الضحاك ثقة مخضرم تقدم.
الشرح: هذا من ثقة أبي ذر بالله عز وجل، ثم بنفسه وعلمه بما صلى، وفي قوله هذا إشارة إلى أن المصلي اجتهد في أداء صلاته وحصل منه سهو لم يتنبه له، فإن خطؤه
(1)
ليس في بعض النسخ الخطية، وفي بعضها " أَكُ ".
(2)
فيه محمد بن كثير الصنعاني ضعيف، وأخرجه النسانئ حديث (1139) وصححه الألباني.
مغفور، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»
(1)
، والمخطئ في صلاته إذا لم يتنبه لخطئه ولم يُنبه فصلاته صحيحه لاجتهاده في أدائها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
334 -
بابٌ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ
1501 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَتْنَا شَعْثَاءُ قَالَتْ:" رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفي صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ، حِينَ بُشِّرَ بِالْفَتْحِ أَوْ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام تقدم، وسَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، هو أبو عبدالرحمن التيمي، كوفي صدوق يغرب، وشَعْثَاءُ، هي بنت عبد الله أسدية مجهولة تفرد سلمة ابن رجاء بالرواية عنها، وأَبو أَوْفي، رضي الله عنه.
الشرح:
سجدة الشكر استحبها بعض العلماء رحمهم الله على حصول نعمة واندفاع بلية، وفيها اختلاف فعند الإمامين: الشافعي وأحمد رحمهما الله هي سنة، وعند الإمامين: أبي حنيفة ومالك رحمهما الله ليست سنة بل مكروهة، صحح فيها بعض العلماء حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارج من المسجد فتبعته أمشي وراءه وهو لا يشعر حتى دخل نخلا فاستقبل القبلة فسجد فأطال السجود وأنا وراءه حتى ظننت أن الله قد توفاه فأقبلت أمشي حتى جئته فطأطأت رأسي أنظر في وجهه فرفع رأسه، فقال:«ما لك يا عبد الرحمن» فقلت: لما أطلت السجود يا رسول الله خشيت أن يكون توفي نفسك فجئت أنظر، فقال: «إني لما دخلت النخل لقيت جبريل، فقال: إني أبشرك أن الله يقول من سلم عليك سلمت عليه، ومن صلى
(1)
البخاري حديث (7352) ومسلم حديث (1716).
(2)
فيه الشعثاء بنت عبد الله الأسدية مجهولة الحال، وأخرجه ابن ماجه حديث (1391) ولم يذكر الفتح، وضعفه الألباني.
عليك صليت عليه» قال الحاكم رحمه الله: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا الحديث
(1)
.
قلت: تكلم العلماء في الراوي عبد الرحمن بن الحويرث، عن عبد الرحمن ابن عوف.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
335 -
باب النَّهْيِ أَنْ يُسْجَدَ لأَحَدٍ
1502 -
(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ
(2)
، ثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: " أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانَ لَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَسْجُدُ لَكَ؟، قَالَ:«لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً لأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ، لِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقِّهِمْ»
(3)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، هو أبو عثمان الواسطي، ثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، هو إسحاق بن يوسف المخزومي، واسطي، إمام ثقة، روى له الستة، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله، صدوق تقدم، وحُصَيْنٌ، هو ابن عبد الرحمن، عَنِ الشَّعْبِيِّ، هو عامر، هم أئمة يقات تقدموا، وقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث متكلم في صحته، وهو على ضعفه يدل علم حق الزوج على زوجته، والسجود لغير الله عز وجل كفر ومحرم مطلقا في الإسلام، والحمد لله الذي كرمنا عن السجود لغيره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1503 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحِزَامِيُّ، ثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فَلأَسْجُدَ لَكَ. قَالَ:
(1)
المستدرك حديث (810).
(2)
في (ك) عوف، وهو خطأ.
(3)
فيه شريك بن عبد الله أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه أبو داود وهذا طرف منه، مع اختلاف في اللفظ، حديث (2140) وصححه الألباني، دون ما ذكر عن القبر.
«لَوْ كُنْتُ آمِراً أَحَداً يَسْجُدُ لأَحَدٍ، لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ تَسْجُدُ لِزَوْجِهَا»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحِزَامِيُّ، وثقه ابن حبان، وحِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، هو العنزي، كوفي فقيه، ضعيف لا يحتج به، وصَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، هو القرشي ضعيف، وابْنِ بُرَيْدَةَ، هو عبد الله ثقة، وأبوه بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
الشرح:
هذه الرواية لا يقوى بها ما تقدم، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
336 -
باب السُّجُودِ فِي النَّجْمِ
1504 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ النَّجْمَ فَسَجَدَ فِيهَا، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلاَّ سَجَدَ، إِلاَّ شَيْخٌ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصاً فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِى هَذَا "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، الأَسْوَدُ، هو ابن قيس، هم أئمة ثقات تقدموا، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
قال بعض العلماء رحمهم الله: السجدة في سورة النجم أول سجدة نزلت، وفيه ويستحب السجود في هذه السورة، وفي سجود من سجد من المشركين والجن والإنس تأييد لنبوته صلى الله عليه وسلم، وتأييد للمؤمنين بذلك، والذي لم يسجد هو أمية بن خلف وقد مات كافرا، وقد ذكر بعض العلماء أنه لا سجود في المفصل، وزعموا أن ما وقع من السجود في بعض السور نسخ بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة، ورُد هذا بما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ
(1)
فيه حبان بن علي القشي ضعيف، وانظر سابقه.
(2)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (1067) ومسلم حديث (576) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 393).
انْشَقَّتْ} وفي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
(1)
، وقد أجمع العلماء على أن إسلام أبي هريرة رضي الله عنه كان سنة سبع من الهجرة، فدل على أن السجود في المفصل بعد الهجرة، وقد جمع بعض العلماء رحمهم الله بين القولين بحمل حديث زيد بن ثابت على بيان جواز ترك السجود، وأنه سنة وليس بواجب، وسيأتي حديث زيد برقم 1414، وكذا أحاديث في الإثبات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
337 -
باب السُّجُودِ فِي " ص
"
1505 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِى ابْنَ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ:" خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً فَقَرَأَ (ص) فَلَمَّا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ، وَقَرَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَيَسَّرْنَا لِلسُّجُودِ فَلَمَّا رَآنَا قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَدِ اسْتَعْدَدْتُمْ لِلسُّجُودِ». فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، كاتب الليث صدوق، واللَّيْثُ، وخَالِدٌ بْنَ يَزِيدَ، هو أبو عبد الرحيم الجمحي، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، وعِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، هو ابن أبي السرح القرشي، تابعي ثقة، وهم ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا من أدلة الإثبات وأن السجود سنة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1506 -
(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ في السُّجُودِ فِي (ص):" لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِيهَا "
(3)
.
رجال السند: عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، هو الكلابي، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، وعِكْرِمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
أحمد حديث (9939).
(2)
أنظر سابقه، وأخرجه أبو داود حديث (1410) وصححه الألباني.
(3)
رجاله ثقات، والبخاري حديث (3422، 1069).
الشرح:
المراد أنها ليست فريضة، وإنما هي سنة لسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
338 -
باب السُّجُودِ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
1507 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:" رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَسْجُدُ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَقِيلَ لَهُ: تَسْجُدُ فِي سُورَةٍ مَا يُسْجَدُ فِيهَا؟، فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي ليس به بأس تقدم، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبَو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا من أدلة الثبوت، وهو رد على القائلين بالنسخ، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1508 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: " رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَسْجُدُ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَقُلْتُ: [يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرَاكَ
(2)
تَسْجُدُ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ؟]
(3)
فَقَالَ: لَوْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا لَمْ أَسْجُدْ "
(4)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، هو ابن أبي كثير، هم ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
(1)
سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (766) ومسلم حديث (578) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 341).
(2)
في بعض النسخ الخطية " ألم أرك ".
(3)
ما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ الخطية.
(4)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1509 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ سَجَدَ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}
(1)
.
رجال السند:
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، وأَبو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وعُمَرُ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو الخليفة، وأَبو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، هو إمام فقيه كثير الحديث، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
339 -
باب السُّجُودِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
1510 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ مِينَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، هو ابن عمرو بن سعيد ابن العاص إمام ثقة، روى له الستة، وعَطَاءِ بْنِ مِينَا، هو أبو معاذ المكي، تابعي إمام ثقة روى له الستة، هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (574) وقال: حديث أبي هريرة حسن صحيح، وأخرجه النسائي حديث (963، 964) وصححه الألباني.
(2)
أخرجه الترمذي حديث (583) والنسائي حديث (962) وابن ماجه حديث (1058) وصححه الألباني،
الشرح:
رجاله ثقات، وانظر ما تقدم قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
340 -
باب فِي الَّذِي يَسْمَعُ السَّجْدَةَ فَلَا يَسْجُدُ
1511 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:" قَرَأْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا "
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو الطنافسي، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، ويَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، هو أبو عبد الله الليثي الأعرج، مدني تابعي ثقة، روى الستة، وعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه دليل على عدم الوجوب، فهي سنة على غرار ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
341 -
باب صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
-
1512 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِيْ ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَيَسْجُدُ فِي سُبْحَتِهِ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً، قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَذَانِ الأَوَّلِ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ فَيَخْرُجَ مَعَهُ "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ أَبِيْ ذِئْبٍ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1072) ومسلم حديث (577) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 341).
(2)
رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تدم.
الشرح:
هذا بيان لصلاة رسول لله وأنه كان يقوم عشر ركعات، يوترها بالحادية عشرة، أما الاضطجاع فهذه السنة قل من يعمل بها اليوم، والصحيح أن الاضطجاع بعد سنة الفجر سنة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه» رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم قال الترمذي هو حديث حسن صحيح، وقد بين النووي رحمه الله القول في هذه المسألة
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1513 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَا: ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:" سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَا: وهِشَامٌ، و يَحْيَى، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَائِشَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
في هذه رواية ثلاث حالات لصلاة الليل:
الأولى أن يصلي ثمان ركعات ثم يوتر.
والثانية: يستأنف بصلاة ركعتين وهو جالس، يقوم فيهما عند الركوع ثم يركع.
أما الثالثة في صلاة سنة الفجر بعد الأذان.
(1)
شرح النووي 1/ 19، 20.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (619) ومسلم حديث (737) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 420).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1514 -
(3) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفي، عَنْ سَعْدِ
(1)
بْنِ هِشَامٍ: " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَأَتَى الْمَدِينَةَ لِيَبِيعَ عَقَارَهُ فَيَجْعَلَهُ في السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، فَلَقِيَ رَهْطاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا: أَرَادَ ذَلِكَ سِتَّةٌ مِنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنَعَهُمْ وَقَالَ: "«أَمَا لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» . ثُمَّ إِنَّهُ قَدِمَ الْبَصْرَةَ فَحَدَّثَنَا أَنَّهُ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْلَمِ النَّاسِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، فَأْتِهَا فَاسْأَلْهَا، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ فَحَدِّثْنِي بِمَا تُحَدِّثُكَ، فَأَتَيْتُ حَكِيمَ بْنَ أَفْلَحَ فَقُلْتُ لَهُ: انْطَلِقْ مَعِي إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ. قَالَ: إِنِّي لَا آتِيهَا، إِنِّي نَهَيْتُ عَنْ هَاتَيْنِ الشِّيعَتَيْنِ فَأَبَيْتُ إِلاَّ مُضِيًّا، قُلْتُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا انْطَلَقْتَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَسَلَّمْنَا فَعَرَفَتْ صَوْتَ حَكِيمٍ فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟، قُلْتُ: سَعْدُ ابْنُ هِشَامٍ. قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟، قُلْتُ: هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ. قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ. قُلْتُ: أَخْبِرِينَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟، قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّهُ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ، وَلَا أَسْأَلَ أَحَداً عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ، فَعَرَضَ لِيَ الْقِيَامُ فَقُلْتُ: أَخْبِرِينَا عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأ {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّهَا كَانَتْ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُنْزِلَ أَوَّلُ السُّورَةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَحُبِسَ آخِرُهَا فِي السَّمَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْراً، ثُمَّ أُنْزِلَ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعاً بَعْدَ أَنْ كَانَ فَرِيضَةً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلَ أَحَداً عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ، فَعَرَضَ لِيَ الْوِتْرُ فَقُلْتُ: أَخْبِرِينَا عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَامَ وَضَعَ سِوَاكَهُ عِنْدِي فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ لِمَا شَاءُ أَنْ يَبْعَثَهُ، فَيُصَلِّى تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ إِلاَّ فِي الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو رَبَّهُ، ثُمَّ يَقُومُ وَلَا يُسَلِّمُ
(2)
ثُمَّ يَجْلِسَ فِي التَّاسِعَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو رَبَّهُ وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَحَمَلَ اللَّحْمَ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ، لَا يَجْلِسُ إِلَا فِي السَّادِسَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو رَبَّهُ، ثُمَّ
(1)
في (ت) سعيد، وهو خطأ.
(2)
في (ت، ك) ولا يجلس، وهو خطأ.
يَقُومُ وُلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَجْلِسُ في السَّابِعَةِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو رَبَّهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ مَرَضٌ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَخَذَ خُلُقاً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ، وَمَا قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ، وَلَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَامَ شَهْراً كَامِلاً، غَيْرَ رَمَضَانَ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: صَدَقَتْ، أَمَا إِنِّي لَوْ كُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لَشَافَهْتُهَا مُشَافَهَةً. قَالَ: قُلْتُ: أَمَا إِنِّي لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا حَدَّثْتُكَ "
(1)
.
رجال السند:
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، ومُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، هو الدستوائي، بصري، سكن اليمن، صدوق لا بأس به، روى له الستة، وأَبوه، هشام الدستوائي، ثقة ثبت رمي بالقدر، وقَتَادَةُ، وزُرَارَةُ بْنُ أَوْفي، هو أبو حاجب الحرشي، قاضي البصرة، ثقة روى له الستة، وسَعْدُ بْنُ هِشَامٍ، هو ابن عامر الأنصاري، المدني، تابعي إمام ثقة مجاهد.
الشرح:
اجتهد هذا التابعي الجليل في طلب ما عند الله عز وجل للمجاهدين في سبيلة، فطلق امرأته ليتفرغ لذلك، واستعد بالسلاح والخيل، فلما أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع من أراد مثل ذلك من الصحابة رضي الله عنهم راجع امرأته، وما ذكر عن عائشة رضي الله عنها وصدقها ابن عباس رضي الله عنهما هو جماع خصال الخير المراعى فيها أحوال النشاط والضعف، وهذا من تيسير الإسلام على الأمة، فثواب الأعمال لهم، والله عز وجل غني حميد، ولا تكلف نفس إلا ما تطيق، وفي هذا حث على الطاعة والابتعاد عن الغلو.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
342 -
باب أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ
؟
1515 -
(1) أَخْبَرَنَا زَيْدُ
(2)
بْنُ عَوْفٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري مختصرا حديث (619) ومسلم حديث (746).
(2)
في (ت) يزيد، وهو خطأ.
«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ»
(1)
.
رجال السند:
زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ، أبو ربيعة القطيعي متروك تقدم، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ عُمَيْرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ، وحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
زيد بن عوف اتهم بسرقة الحديث، واعتبر حديثه حسن لغيره، ورده من قال: إنه متروك، وله متابع عن أبي عوانه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
343 -
باب إِذَا نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ
1516 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ
(2)
اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ»
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، اللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويُونُسُ، هو ابن يزيد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة ثقات تقدموا، والسَّائِبُ ابْنُ يَزِيدَ، هو صحابي صغير، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ، قيل: له رؤية، من ثقات التابعين، روى له الستة، وعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه.
(1)
فيه زيد بن عوف أبو ربيعة لقبه فهد،: كتب عنه أبو حاتم (الجرح والتعديل 3/ 570) وأخرجه مسلم حديث (1163) وهذا طرف منه.
(2)
في بعض النسخ الخطية "عبيد وهو تحريف ".
(3)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحيث، وأخرجه مسلم حديث (747).
الشرح:
هذا هو الصواب ومن قال: " فقرأه عند زوال الشمس " فقد وهم؛ لأنه وقت لا يتسع لقراءة حزب، ولاسيما إذا كان طويلا، كقراءة جزء فأكثر، وقد كان حزب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات من الليل، ثم يوتر بواحدة، فكم يكون الحزب على هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
344 -
باب يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا
1517 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ لِنِصْفِ اللَّيْلِ الآخِر، أَوْ لِثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَيَقُولُ: مَنْ
(1)
الَّذِى يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ الَّذِى يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ الَّذِى يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ أَوْ يَنْصَرِفَ الْقَارِئُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ»
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا معتقد الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأن الله عز وجل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
(3)
، ينزل في كل ليلة لحاجة الخلق إليه {وَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
(4)
، وهو رحيم بما خلق، قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه:"قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلّب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته "، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم:«أترون هذه طارحة ولدها في النار» قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال:«لله أرحم بعباده من هذه بولدها» أخرجه البخاري حديث (5999) ومسلم حديث (2754)، فالأحرى
(1)
ليس في بعض النسخ الخطية " من ذا " في المواضع الثلاثة.
(2)
سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (1145) ومسلم حديث (758) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 434).
(3)
من الآية (11) من سورة الشورى.
(4)
من الآية (26) من سورة لقمان.
بكل مسلم ألا يفوته من هذا الفضل شيء في حياته، فإن فضل الله ورحمته لا حد لهما، وانظر التالي، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1518 -
(2) حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرُّ صَاحِبَا أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ اسْمُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ حَتَّى الْفَجْرِ»
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، هو البهراني، وشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، هو الحمصي، والزُّهْرِيُّ، وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرُّ، هو سلمان كان قصا، ثقة قليل الحديث، وهم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1519 -
(3) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا عَمْرُو ابْنُ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟»
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، ونَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ ابْنِ مُطْعِمٍ، هو ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا عَنْ أَبِيهِ، هو جبير بن مطعم رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1520 -
(4) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، ثَنَا يَحْيَي بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ ابْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ عَرَابَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثَاهُ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَقُولُ: لَا
(1)
رجاله ثقات، وأنظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، انظر ما سبقه.
أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي غَيْرِي، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَي بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، هو الطائي، وهِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، ثقة تقدم، وعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ورِفَاعَةُ بْنُ عَرَابَةَ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد لا واسطة بين الله عز وجل وعباده إلا العمل الصالح، يؤيد هذا قول الله عز وجل:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1521 -
(5) حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَي، عَنْ هِلَالِ ابْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رِفَاعَةَ أَخْبَرَهُ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ
(3)
.
رجال السند: وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هما إمامان ثقتان تقما، ويَحْيَي، وهِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، تقدموا أنفا، ورِفَاعَةُ بِنَحْوِهِ.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1522 -
(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُخْتَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ» فَذَكَرَ النُّزُولَ
(4)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي، وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه آخرون تقدم، وإِبْرَاهِيمُ ابْنُ مُخْتَارٍ، هو الرازي ضعّف، وقال أبو حاتم صالح الحديث،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه ابن ماجه حديث (1367) وصححه الألباني، وانظر ما سبق.
(2)
الآية (186) من سورة البقرة.
(3)
رجاله ثقات، وأنظر ما سابق.
(4)
فيه علل: محمد بن حميد، ضعيف، وشيخه ابراهيم، كذلك، وأخرجه أحمد وفيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث، انظر ما تقدم، وما بعد الحديث التالي.
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، صدوق وصح بالسماع في رواية عند أحمد، وعَمُّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، من أفراد الدارمي، وثقه ابن معين، وابن حبان، ليس له شيء في الستة، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ
(1)
، عَنْ عَلِيٌّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه.
الشرح:
المراد ذكر وقت النزول على ما يليق بجلال الله وكماله عز وجل، والصحيح المتقدم برقم 1511، وعليه قول جمهور العلماء رحمهم الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1523 -
(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَي، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أُمِّ صُبَيَّةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَلَمْ يَزَلْ هُنَالِكَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ يَقُولُ قَائِلٌ:
أَلَا سَائِلٌ يُعْطَى؟ أَلَا دَاعٍ يُجَابُ؟ أَلَا سَقِيمٌ يَسْتَشْفي فَيُشْفي؟ أَلَا مُذْنِبٌ يَسْتَغْفِرُ فَيُغْفَرَ لَهُ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَي، هو الذهلي، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو يوسف المدني نزيل بغداد ثقة فاضل، وأَبوه، إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف بن عبد عوف ثقة كثير الحديث وسكن بغداد هو وولده وكان على بيت المال، ابْنِ إِسْحَاقَ، هو محمد صدوق تقدم، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَطَاءٍ مَوْلَى أُمِّ صُبَيَّةَ، ضعيف يقوى حديثه بالمتابعات والشواهد، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
في بعض النسخ الخطية " عن أبيه " وعبيد الله هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يروي عن علي وهو كاتبه، ويروي عن أبيه أبي رافع، فيكون من المزيد في متصل الأسانيد، وهو كذلك في الحيث بعد التالي.
(2)
فيه عطاء مولى أم صبية، مقبول، ويقوى بما تقدم، وانظر: القطوف (898/ 1545).
الشرح:
السواك مستحب عند الوضوء لكل صلاة، وعند إقامة الصلاة؛ مطهرة للفم مرضاة للرب جل جلاله، وحث الرسول رضي الله عنه على السواك ورغب فيه، ولو أمر به لكان واجبا ولكن رحمة بالأمة حث ورغب ولم يأمر، ليرتفع عند الحرج كغيرة من المسنونات، وليكون أدعى للقبول، والصلاة يناجي فيها العبد ربه فيتأكد السواك لتطهير الفم وتحسين النكهة، والأحاديث في شأن السواك متواترة. أما الأفضل في صلاة العشاء التأخير لولا المشقة، فقيل: يستحب تأخيرها إلى الثلث وقيل: إلى النصف، أما تأخيرها إلى قبيل الفجر فكرهه قوم كراهة تحريم، وقال آخرون: بل كراهة تنزيه، وهذا الاستحباب غير متأت لقوة المشقة على الناس، أما القيام فقال الله عز وجل:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)}
(1)
، فيجوز النقص من الليل إلى النصف، ومن النصف إلى الثلث، وتجوز الزيادة على النصف إلى الثلثين، ومن صلى العشاء في أول وقتها، فقيامه على ما ذكر؛ النصف أو النقص إلى الثلث أو الزيادة إلى الثلثين، وهذا خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرض عليه القام أولا، وانظر ما تقدم في شأن النزول.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1524 -
(8) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدٌ، هو ابن يوسف الفريابي، ثَنَا يَعْقُوبُ، هو القمي من رجال الشيعة لا بأس به تقدم، وأَبوه، هو عبد الله بن سعد لم أقف على ترجمته، وابْنُ إِسْحَاقَ، هو محمد صدوق تقدم، وعَمُّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، وثقه ابن معين، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي تابعي ثقة، وأَبِوه، اسمه إبراهيم، وقيل: أسلم، أو هرمز، صحابي مات في أول خلافة علي على الصحيح وعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنه.
(1)
الآيات (2 - 4) من سورة المزمل.
(2)
سنده حسن، تقدم تخريجه.
الشرح:
قوله: " مثل حديث أبي هريرة " المراد المتقدم برقم 1517.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
345 -
باب الدُّعَاءِ عِنْدَ التَّهَجُّدِ
1525 -
(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ - هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ -، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاووُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ يَتَهَجَّدُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالْبَعْثُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، وسُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، هو ابن أبي مسلم، وطَاوُوسٌ، هو ابن كيسان، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
الشرح:
رجاله ثقات، وهذا دعاء عظيم فيه الاخبات وتقديس الله عز وجل، وفيه ترغيب في قيام الليل، والتقرب إلى الله عز وجل بهذا التقديس والتعظيم، فهو خالق نورها وموجده، والسماوات والأرض هو ومدبر شمسها وقمرها ونجومها، ونور من فيهن بالهداية فيسلكون سبلهم ويهتدون إلى شؤونهم، له الملك المطلق في السماوات والأرض، وفي الدنيا والآخرة، وأن كل ما خلق وقدر حق لا مرية فيه.
(1)
أخرجه البخاري حديث (1120) ومسلم حديث (769) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 440).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
346 -
باب مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ
1526 -
(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ الآخِرَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ»
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، شُعْبَةُ، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، هو ابن جابر النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مَسْعُودٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وقد ثبت سماع عبد الرحمن بن يزيد النخعي من أبي مسعود، والآيتان هما قول الله عز وجل:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} .
أما قوله: " كفتاه " فقيل: كفتاه قيام الليل، وقيل: أذى الشياطين، وما يضره، كما ورد في آية الكرسي، وقيل: بما يحصل له من الثواب؛ لاشتمال الآيتين على أبواب الإيمان، وكل ذلك وارد فالقرآن شفاء ورحمة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
347 -
باب التَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ
1527 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(1)
أخرجه البخاري حديث (4008) ومسلم حديث (808) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 465).
«مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " ما أذن " أي استمع، والمراد بالتغني: أن يحسن القارئ صوته بالقرآن، وذلك لأنه إذا رفع صوته غنى، وإذا حسن الصوت للقراءة كان أوقع في النفس وأخشع للقلب، ولذلك يستحب تحسن الصوت بالقرآن من غير مبالغة ولا تكلف، وسيأتي قريبا تفسيره بالاستغناء، أي يستغني به في صلاح دنياه وآخرته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1528 - (2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ابْنُ عُيَيْنَةَ أُرَاهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا مُوسَى وَهُوَ يَقْرَأُ فَقَالَ: «لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
المراد أنه كان ذا صوت حسن، وأراد بآل داود، نفس داود خاصة؛ لأنه لم يذكر أن أحدا من آل داود كان أعطي من حسن الصوت ما أعطي داود عليه السلام، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1529 - (3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو يَعْنِى ابْنَ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5024) ومسلم حديث (792) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 455).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري من حديث أبي بردة عن أبي موسى حديث (5048) ومسلم حديث (793) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 456).
«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وسُفْيَانُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَار، ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، هو عبد الله، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَهِيكٍ، هو القرشي ويقال: عبد الله، تفرد الن أبي مليكة بالرواية عنه وجهله الذهبي، وسَعْدٌ، هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه.
الشرح:
المراد تحسين الصوت بتلاوته من غير تكلف، ويتضمن إشارة إلى كثرة التلاوة، فحسن الصوت يكسب السامع اصغاء، وكثرة التلاوة تكسب التالي ثوابا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1530 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ بِهِ الاِسْتِغْنَاءَ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، وسُفْيَانُ، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظره فقد تقدم قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
348 -
باب أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي
1531 -
(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
(1)
فيه عبيد الله بن أبي نهيك، وثقه النسائي، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة حديث (7527).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5024) ومسلم حديث (792) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 455).
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
(1)
» ثُمَّ قَالَ: أُعَلِّمُكَ سُورَةً
(2)
، أعظَمَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ» فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قَالَ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَهِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُمْ»
(3)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وشُعْبَةُ، وخَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو الأنصاري أبو الحارث المدني، إمام ثقة، روى له الستة، وحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، هو ابن عمر بن الخطاب، مدني تابعي ثقة، وأَبو سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، رضي الله عنه.
الشرح:
اختلف العلماء في المراد بالسبع المثاني، الراجح في نظري أنها الفاتحة من وجه، والقرآن كله من وجه آخر، وذكرت تفصيل هذا " في رياض الأذهان في فهم القرآن" وفي " النظرات الماتعة في سورة الفاتحة، عند عنوان " لماذا سميت السبع المثاني " ولماذا سميت " بالقرآن العظيم "، من ذلك حديث أبي سعيد بن المعلى هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
349 -
باب فِي كَمْ يُخْتَمُ الْقُرْآنُ
1532 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ: يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ في أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ»
(4)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةَ، وأَبو الْعَلَاءِ: يَزِيدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهما.
(1)
من الآية (24) من سورة الأنفال.
(2)
ليست في بعض النسخ الخطية.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد والبخاري حديث (4474).
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1390) وهذا طرف منه، وابن ماجه حديث (1347) وصححه الألباني عندهما.
الشرح:
ليس المراد نفي الفهم المتبادر للذهن، وإنما أراد نفي الفقه والدلالة، وهذا لا يحصل إلا بتدبر وتأمل، فقراءة عشرة أجزاء في اليوم والليلة كثير على التدبر، ولذلك قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله:" حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل"
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
350 -
باب الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَثَلَاثاً صَلَّى أَمْ أَرْبَعاً
1533 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ - يَعْنِى - يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِى كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلَاثاً أَمْ أَرْبَعاً فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ»
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ، ويَحْيَي، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه بيان كره الشيطان لسماع الحق؛ لأن همه صرف المؤمن عن طاعة ربه، فيهرب من سماع الأذان ولا ييأس من إبطال عبادة المصلي، فيقود لتحقيق أربه، ثم يهرب من سماع الإقامة؛ لأنها صوت الحق لإداء الصلاة، ثم لا ييأس من إبطال صلاة العبد فيعاود التذكير بما يحقق ذلك، وليس للشيطان كلام مسموع، ولكن له قدرة على الوسوسة؛ لأنه يجري من الإنسان مجرى الدم، أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم لما كان في المسجد وعنده أزواجه فرُحْن، فقال لصفية بنت حيي: لا تعجلي حتى أنصرف معك،
(1)
أحمد حديث (23482).
(2)
رجاله ثقات، تقدم، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 334).
وكان بيتها في دار أسامة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم معها، فلقيه رجلان من الأنصار فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أجازا، وقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:«تعاليا إنها صفية بنت حيي» قالا: سبحان الله يا رسول الله، قال:«إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا»
(1)
.
لقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إلى علاج كيد الشيطان في الصلاة فإذا لبّس على المصلي فلم يعلم كم صلى فإنه يسجد وهو جلس سجدتين تصح بهما صلاته، ويرد كيد الشيطان، والحمد لله على سماحة الإسلام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1534 -
(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ - أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ صَلَّى أَثَلَاثاً صَلَّى أَمْ أَرْبَعاً فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ يَسْجُدْ
(2)
بَعْدَ ذَلِكَ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْساً شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَرْبَعاً كَانَتَا تَرْغِيماً لِلشَّيْطَانِ»
(3)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: آخُذُ بِهِ.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، هو ابن يونس، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هو مولى عمر، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
في هذا تصحيح لما صلى وهو الأحوط، وفيه رد لكيد الشيطان؛ عدو المؤمن والساعي بالوسوسة للإضرار بعبادته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
351 -
باب فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ مِنَ الزِّيَادَةِ:
1535 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
(1)
البخاري حديث (2038) ومسلم حديث (2175).
(2)
في (ك) ليسجد، وكلاهما صحيح.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (571).
" صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَي
(1)
الْعَشِيِّ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مُعْتَرِضَةٍ في الْمَسْجِدِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا - قَالَ يَزِيدُ: وَأَرَانَا ابْنُ عَوْنٍ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ أحْدَهُمَا
(2)
عَلَى ظَهْرِ الأُخْرَى وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ الْعُلْيَا في السُّفْلَى وَاضِعاً خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى- وَقَامَ كَأَنَّهُ غَضْبَانُ - قَال: فَخَرَجَ السَّرَعَانُ مِنَ النَّاسِ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: قُصِرَتِ الصَّلَاةُ قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، وَفي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَلَمْ يَتَكَلَّمَا وَفي الْقَوْمِ رَجُلٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ
(3)
، يُسَمَّى ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ الصَّلَاةَ أَمْ قُصِرَتْ؟ فَقَالَ: «مَا نَسِيتُ وَلَا قُصِرَتِ الصَّلَاةُ» فَقَالَ: «أَوَ كَذَلِكَ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَرَجَعَ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ ثُمَّ سَلَّمَ وَكَبَّرَ، فَسَجَدَ طَوِيلاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَمَا سَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَانْصَرَفَ "
(4)
.
رجال السند: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، مُحَمَّد، هو ابن سيرين، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، ونفيه صلى الله عليه وسلم كان مبنيا على غلبة الظن، فلما تأكد قول الكثرة أخذ به، وهذا الواجب فعله في سهو الزيادة ويكون السجود للسهو بعد السلام، وهو عكس سجود النقص فإنه قبل السلام، والكلام لمصلحة معفو عنه ولا يبطل الصلاة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1536 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
(5)
أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ في رَكْعَتَيْنِ مِنْ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ ابْنُ عَبْدِ عَمْرِو
(1)
هما الظهر والعصر.
(2)
يصح أيضا إحداهما.
(3)
قيل له ذلك لطولهما.
(4)
أخرجه البخاري حديث (482) ومسلم حديث (573) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 337)
(5)
في " الزهري " هو وابن شهاب.
ابْنِ نَضْلَةَ الْخُزَاعِيُّ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِى زُهْرَةَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ» فَقَالَ ذُو الشِّمَالَيْنِ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ فَقَالَ:«أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يُحَدِّثْنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ في تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ فِيمَا يُرَى والله أعلم مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّاسَ يَقَّنُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَيْقَنَ ".
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، ويُونُسُ، وابْنُ شِهَابٍ، وابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
في سنده عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، والحديث صحيح، وانظر السابق.
وقوله: " ذو الشمالين " في بعض النسخ الخطية "عبد الله بن عمرو " وهو خطأ، وقد وهّم العلماء الإمام الزهري في هذا الحديث، إذ جعل عمير بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعي المقتول ببدر هو ذو الشمالين؛ لأن مقتضى قوله أن تكون القصة وقعت قبل بدر، قبل إسلام أبي هريرة، لذلك لم يعول أهل العلم على رواية الزهري هذه، وكلهم تركوه لاضطرابه، وأنه لم يتم له إسنادا ولا متنا، وإن كان الزهري إماما عظيما في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال لله تعالى، أما ذو اليدين فتأخر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بمدة، فقد حدث بهذا الحديث بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1537 -
(3) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْساً فَقِيلَ لَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ "
(1)
.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وإِبْرَاهِيمُ، وعَلْقَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
(1)
أخرجه البخاري حديث (401) ومسلم حديث (572) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 335).
الشرح:
رجاله ثقات، وهذا سجود السهو في الزيادة انظر ما تقدم برقم 1529.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
352 -
باب إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ نُقْصَانٌ
1538 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ
(1)
قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ وَلَمْ يَجْلِسْ وَقَامَ النَّاسُ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ نَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ فَكَبَّرَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، هو أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ بُحَيْنَةَ، هو عبد الله رضي الله عنه.
الشرح:
هذا سجود السهو عن النقص، يكون قبل السلام، عكس سجود السهو عن الزيادة يكون بعد السلام، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1539 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَي ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ ابن مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ في الرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَىي الْوَهْمِ ثُمَّ سَلَّمَ"
(3)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، هو الملقب بعارم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ويَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابن مَالِكُ ابْنُ بُحَيْنَةَ، هو عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه.
(1)
في (ك) يحيى بن بحينة، وهو خطأ، انظر التالي.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (829) ومسلم حديث (570) وانظر السابق.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1225، وطرفه: 829) ومسلم حديث (570) وانظر: السابق.
الشرح: المراد أنه صلى الله عليه وسلم لم يجلس للتشهد الأول فلما انتصب قائما لم يعد للجلوس، فلما أتم أربع ركعات سجد للسهو قبل السلام؛ لأنه عن نقص التشهد الأول.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1540 -
(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْمَسْعُودِىِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: " صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَامَ وَلَمْ يَجْلِسْ، فَسَبَّحَ بِهِ بعَضُ
(1)
مَنْ خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ قُومُوا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَلَّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: هَكَذَا صَنَعَ بِنَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
[قَالَ يَزِيدُ: يُصَحِّحُونَهُ]
(3)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، والْمَسْعُودِىُّ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، وزِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، هو أبو مالك التغلبي، كوفي ثقة روى له الشيخان، والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه أنه عن نقص بعد السلام، والمعمول به قبل السلام، وقول يزيد بن هارون رحمه الله:" يصححونه " يفيد بجواز ذلك، ولاسيما وقد أسند فعل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر ما تقدم برقم 1529.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
353 -
باب النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ
1541 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَي، عَنْ
(4)
هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الصَّلَاةِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: " يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قالَ: فَحَدَّقَنِي الْقَوْمُ
(1)
ليست في (ك) وكلاهما يصح.
(2)
فيه تأخر سماع يزيد من عبد الرحمن المسعود وليس بضار فقد توبع وصح الحديث، وأخرجه أحمد حديث (18163، 18216) وأبو داود حديث (1037، 1026) والترمذي حديث (364) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (1208).
(3)
ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).
(4)
في بعض النسخ الخطية " بن " وهو تحريف.
بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَاثَكْلَاهُ مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ قَالَ فَضَرَبَ الْقَوْمُ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى
(1)
أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونَنِي فَقُلْتُ مَا لَكُمْ تُسَكِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ؟ قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي
(2)
وَلَا سَبَّنِي وَلَكِنْ قَالَ ": «إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَي، هو ابن أبي كثير، وهِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
ويستثنى من هذا ما كان لمصلحة الصلاة، وما كان لدفع أذى، فإنه معفو عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1542 -
(2) حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، أَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، وَيَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بِنَحْوِهِ
(4)
.
رجال السند:
صَدَقَةُ، هو ابن الفضل، وابْنُ عُلَيَّةَ، هو إسماعيل، وَيَحْيَي بْنُ سَعِيدٍ، وحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، هو ابن أبي عثمان الكندي، بصري إمام ثقة، روى له الستة، والباقون تقدموا آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
354 -
باب قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ
1543 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ ضَمْضَمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الأَسْوَدَيْنِ في الصَّلَاةِ ".
(1)
في بعض النسخ الخطية " عن " وهو تحريف.
(2)
أي: نهرني ومعناهما واحد.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (537).
(4)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
قَالَ يَحْيَي: وَالأَسْوَدَيْنِ: الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ويَحْيَى، وضَمْضَمٌ، هو ابن جوس الهفاني، تابعي ثقة روى له الأربعة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
أخرجه الترمذي حديث (390) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (921) والنسائي حديث (1202) وابن ماجه حديث (1245) وصححه الألباني عندهم.
وهذا من دفع الضرر، والأمر فيه سعة كإنقاذ طفل أو أعمى باللفظ أو بالحركة، وقوله وَالأَسْوَدَيْنِ: في بعض النسخ الخطية " والأسودين " هذا على الحكاية، والأفصح والأسودان، وصوبه في هامش (ت).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
355 -
باب قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ
1544 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}
(2)
فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، قَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، هما إمامان ثقتان تقدما وابْنُ أَبِي عَمَّارٍ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار المكي، يلقب بالقس، تابعي إِمام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَيْهِ، هو المكي ويقال: باباه، روى له الستة عدا البخاري، ويَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ، رضي الله عنه.
(1)
وقع في هامش بعض النسخ الخطية بلاغ للحافظ الذهبي قال فيه: (بلغت قراءة في الميعاد التاسع، وحضره ابني أبو هريرة عبد الرحمن).
(2)
من الآية (101) من سورة النساء.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (686).
الشرح:
المراد أنهما فهما أن القصر مؤقت حتى يأمن الناس، فإذا حصل الأمن انتهت الرخصة، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها رخصة للأمة ولا توقيت لها، تبقى للأمة إلى الأبد، وقصر الصلاة هو في الرباعية فقط؛ الظهر والعصر والعشاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1545 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَعُمَرُ رَكْعَتَيْنِ، وَعُثْمَانُ رَكْعَتَيْنِ صَدْراً مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبِوه، هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد الصلاة الرباعية؛ الظهر والعصر والعشاء، أما إتمام أمير المؤمنين عثمان ابن عفان رضي الله عنه بعد ذلك ففي تأويله أقوال:
1 -
أنه اتخذ أهلا بمكة، وأجيب عنه بأنه مهاجر، والإقامة في مكة محرمة على المهاجرين.
2 -
أنه قال: أنا خليفة على المؤمنين وحيث كنت فهو عملي.
3 -
أن أعرابيا صلى معه قصرا، وظن أن الصلاة كذلك فظل يصلي عاما الرباعية ركعتين، فبلغ ذلك عثمان فأتم.
4 -
أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان على ظهر سير، أما من أقام في سفره فله حكم المقيم. انظر المزيد:(فتح الباري 4/ 59).
وهذا مبسوط في كتاب " العواصم من القواصم " لمن أراد العلم بالتفصيل.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1655) ومسلم حديث (694) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 402).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1546 -
(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" صَلَّيْنَا الظُّهْرَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعاً، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
الشرح:
هذا حين كانت ذي الحليفة قرية من خرج إليها يتوارى عن بنيان المدينة، أما اليوم فقد أصبحت حيا من أحياء المدينة، فلا يجوز القصر إلا بعد التواري عن البنيان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1547 -
(4) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ مَيْسَرَةَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَا
(2)
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: " صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعاً وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ "
(3)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، هو الطائفي، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1548 -
(5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَذْكُرُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " إِنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1089) ومسلم حديث (690) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 400).
(2)
في بعض النسخ الخطية " أنهما " وكلاهما يصح.
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
الْحَضَرِ"
(1)
.
فَقُلْتُ: مَا لَهَا كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ
(2)
كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
أكثر العلماء يجوز القصر والإتمام، والقصر أفضل؛ لأنه رخصة من الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته»
(3)
.
فالقصر رحمة من الله عز وجل وصدقة منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا» انظر ما تقدم برقم 1538.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
356 -
باب فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِبَلْدَةٍ كَمْ يُقِيمُ حَتَّى يَقْصُرَ الصَّلَاةَ
؟
1549 -
(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَي - هُوَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رضي الله عنه:" خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَقْصُرُ حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ، وَذَلِكَ في حَجِّهِ "
(4)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هما إمامان ثقتان تقدما، ويَحْيَي بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، هو الحضرمي صاحب قرآن وعلم بالعربية، تابعي إمام ثقة روى له الستة، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (350) ومسلم حديث (685) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 398).
(2)
تأولت أنها أم المؤمنين، وحيث كانت فهي مع أهلها وولدها، وهذا اجتهاد منها، وكذلك عثمان في كونه أمير المؤمنين رضي الله عنهما.
(3)
أحمد حديث (5866).
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1081) ومسلم حديث (693) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 401).
الشرح:
هذا رسول الله عز وجل أقام بمكة عشرا يقصر الصلاة، ولماَّ فتح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مكَّة أقام فيها سبع عشرة يصلِّي ركعتين، وأقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة، وهذا يؤيد ما نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه قال: لم يرد تحديد مدة القصر، لا مسافة ولا زمنًا، وأن هذا أمر يرجع إلى العادة والعرف، فما سماه الناس سفرًا فهو سفر، وما لم يسموه سفرًا فليس بسفر. واعتبار الأحوال في ذلك أمر تجب مراعاته فمن سافي إلى بلد لقضاء حاجة فإنه بين حالتين:
الأولى: أن يجهل مدة البقاء لقضائها، فله القصر مطلقا حتى يقضي حاجته وإن طالت المدة، وله أن يجمع فقد فعل ذلك رسول الله في تبوك لبيان الجواز، والأولى أن يصلي كل صلاة في وقتها عملا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى.
والثانية: أن يعلم أنه سيقضي حاجته في أيام فله أربعة أيام يقصر فيها، وما زاد عنها فحكمه حكم المقيم يتم كل صلاة وفي وقتها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1550 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلَاءِ ابْنِ الْحَضْرَمِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُكْثُ الْمُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثٌ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، وابْنِ جُرَيْجٍ، وإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو ابن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو محمد مدني إمام ثقة حجة، وحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، هو أبو عبد الرحمن مدني متفق على توثيقه، روى له الستة، هم أئمة ثقات تقدموا، والسَّائِبُ ابْنُ يَزِيدَ، هو من صغار الصحابة، والْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح: المراد بعد الانتهاء من أيام منى والانصراف إلى مكة، فإن البقاء فيها ثلاثة أيام وينصرف إلى المدينة؛ لأن المهاجرين إلى المدينة حرم الله عليهم العودة إلى مكة
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3933) ومسلم حديث (1352) وعنده صرح ابن جريج بالتحديث، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 858).
والبقاء فيها إلا لحج أو عمرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1551 -
(3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا حَفْصٌ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ:"رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُهَاجِرِينَ أَنْ يُقِيمُوا ثَلَاثاً بَعْدَ الصَّدَرِ بِمَكَّةَ "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَقُولُ بِهِ.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وحَفْصٌ، هو ابن غياث، هما إمامان ثقتان تقدما، والباقون تقدموا آنفا.
الشرح:
انظر السابق والمراد بقوله: " يوم الصدر " اليوم الرابع من أيام منى، الرابع عشر من ذي الحجة، سمي بذلك؛ لأن الناس يصدرون من مكة إلى بلدانهم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
357 -
باب الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ
1552 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ "
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، هو الدمشقي يعتبر بحديثه تقدم، وجَابِرٌ رضي الله عنه.
الشرح: الصلاة على الراحلة الأصل فيها قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
(3)
، وبه قال جمع من العلماء، قولٌ
(1)
رجاله ثقات، وأنظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1099).
(3)
الآية (115) من سورة البقرة.
حسن تعضده السنة، وهذا في صلاة النافلة دون الفريضة، لأن الفريضة لا يكلف النزول لها لقلتها، والنافلة يكلف النزول لها؛ لأنها ليست محصورة فالتطويل فيها أكثر من الفريضة، مما يفوت على المسافر ما يلزم لسفره، فالسيارة اليوم هي راحلة تؤدى عليها النافلة حيث ما توجهت، ولله الحمد والمنة على هذا التيسير، وإكساب العبد ما ينفعه في آخرته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1553 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، أَنَّ عَامِرَ ابْنَ رَبِيعَةَ قَالَ:" رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَبِّحُ وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ ذَلِكَ في الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، وعُقَيْلٌ، هو ابن خالد، والزُّهْرِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، هو أبو محمد العنزي، ثقة قليل الحديث، روى له الستة، وعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: تقدم البيان فيما سبق فانظره.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
358 -
باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ
1554 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الْحَنَفي، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ: عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه أَخْبَرُهُ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وكَانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعاً ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعاً ".
رجال السند: أَبُو عَلِىٍّ الْحَنَفي، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، هم ثقات تقدموا، وأَبو الطُّفَيْلِ: عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ، ومُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنهما.
(1)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (1093) مسلم حديث (701) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 406).
وبالمناسبة:
دخل أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني على معاوية، فقال له معاوية: أبا الطفيل قال: نعم، قال: ألست من قتلة عثمان؟، قال: لا، ولكني ممن حضره فلم ينصره، قال: وما منعك من نصره؟، قال: لم ينصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية: أما لقد كان حقه واجبا وكان عليهم ان ينصروه، قال: فما منعك يا أمير المؤمنين من نصره ومعك أهل الشام؟، فقال معاوية: أما طلبي بدمه نصرة له، فضحك أبو الطفيل ثم قال: أنت وعثمان كما قال الشاعر:
لا الفينك بعد الموت تندبني
ج
…
* * *
…
وفي حياتي ما زودتني زادي
فقال له معاوية: يا أبا الطفيل ما أبقى لك الدهر من ثكلك عليا؟، قال: ثكل العجوز المقلات، والشيخ الرقوب ثم ولى، قال: فكيف حبك له؟، قال: حب أم موسى لموسى، وإلى الله اشكو التقصير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1555 -
(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ".
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، هو الأنصاري كوفي ثقة يتشيع، روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، مختلف في صحبته، وأَبو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1674) ومسلم حديث (1287) متفق عليه) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 809).
قوله: " بِجَمْعٍ " المراد مزدلفة، وهذا بعد الانصراف من عرفة بعد غروب الشمس، وعند الوصول إلى مزدلفة المسماة جمع، تؤدى صلاة المغرب وبعدها العشاء ركعتين جمع تأخير، وهذا يدل على مشروعية الجمع في السفر، وقصر الرباعية في جمع التقديم أو جمع التأخير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1556 -
(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، رصي الله عنهما.
الشرح:
المراد أن الجمع في السفر يكون في حال السير، فيؤخر المغرب إلى أول دنو وقت العشاء ويصليهما جمعا وقصرا، والجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر والطين والظلمة سنة، فعل ذلك الخلفاء بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤذن للمغرب في أول وقتها، ثم تؤخر قليلا، ثم يؤذن للعشاء في داخل المسجد، ثم يصلى العشاء، ولا يتنفل بين الصلاتين، والجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء، والظهر والعصر هو رحمة بالأمة المسافر والمريض وأحوال الضرورة، قال ابن عباس رضي الله عنهما:" جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف، ولا مطر " فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: " أراد أن لا يحرج أمته"، وأقوال العلماء رحمهم الله في الجمع كثيرة والأمر أوسع من ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
359 -
باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ
1557 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، وَسَلَمَةُ ابْنُ كُهَيْلٍ قَالَا:" صَلَّى بِنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِجْمَعٍ بِإِقَامَةِ الْمَغْرِبِ ثَلَاثاً، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ الْعِشَاءَ، ثُمَّ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ صَنَعَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَحَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِثْلَ ذَلِكَ "
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1091) ومسلم حديث (703) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 810).
(2)
رجاله ثقات، وأخرج أصله مسلم عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر حديث (1288).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1539 وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1558 -
(2) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ بِإِسْنَادِهِ: نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند: سعيد بن الربيع، ثقة تقدم، والباقون تقدموا آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
360 -
بابٌ فِي صَلَاةِ الرَّجُلِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ
1559 -
(1) حدثنا [
…
]
(2)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ ابن كَعْبٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلاَّ بِالنَّهَارِ ضُحًى ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ ".
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ ابْنِ مَالِكٍ، هو أبو الخطاب ثقة قليل الحديث، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَمُّهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ كَعْبٍ، أبو الخطاب، أو أبو فضالة، ثقة قليل الحديث، وكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3088) ومسلم حديث (716) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1762) حديث كعب بطوله وفيه: «وكان، إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس» وفي الحديث فوائد جمة انظرها (فتح الباري 8/ 123 - 125). وهذه سنة في القدوم من السفر، وقد
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
في (ت) زيادة حدثنا أبو الوليد الطيالسي، وهو خطا.
اندثرت حسب علمي أو ندر من يفعلها، وفي حديث صحيح لغيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من أحيا سنة من سنتي، فعمل بها الناس، كان له مثل أجر من عمل بها، لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن ابتدع بدعة، فعمل بها، كان عليه أوزار من عمل بها، لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا»
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
361 -
بابٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ
1560 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ:" غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَته قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ وَصَافَفْنَاهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لَنَا فَقَامَ طَائِفَةٌ مِنَّا مَعَهُ، وَأَقْبَلَ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً وسَجَدَ سجتين، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ فَرَكَعَ بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ"
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، هو البهراني، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، والزُّهْرِيِّ، وسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه صفة صلاة الخوف، لا تحتاج إلى بيان، والحمد لله على نعمة الأمن، فقد أطعمنا الله عز وجل في هذا البلد وآمننا من خوف بفضله وكرمه جل جلاله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1561 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ ابْنِ أَبِي حَثْمَةَ في صَلَاةِ الْخَوْفِ قَالَ: " يُصَلِّي الإِمَامُ بِطَائِفَةٍ وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ
(1)
ابن ماجه حديث (209).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (942) ومسلم حديث (839) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان من حديث صالح بن خوات حديث 483)
مَعَهُ رَكْعَةً وَيَذْهَبُ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ وَيَجِيءُ أُولَئِكَ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَيَقْضُونَ رَكْعَةً لأَنْفُسِهِمْ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، هو الملقب بندار، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، ويَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ، هو ابن جبير الأنصاري، مدني تابعي ثقة، روى له الستة، وسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، من صغار الصحابة رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن الإمام إذا صلى ركعة ثبت جالسا، وأكمل الركعة الثانية من بعده، ثم انصرفوا إلى مراقبة العدو، وتأتي الطائفة الثانية ليصلي بهم الإمام الركعة الثانية له، وهي الأولى للطائفة، فيثبت الإمام جالسا، وتتم الطائفة الركعة الثانية، وبعد تشهدهم يسلم الإمام ويسلمون بعده، وانظر ما قبله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1562 -
(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ويَحْيَى، هو القطان، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، هو القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، والباقون تقدموا آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
362 -
باب الْحَبْسِ عَنِ الصَّلَاةِ
1563 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: " حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ هَوِىٌّ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى كُفِينَا وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4131) ومسلم حديث (841) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 482).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}
(1)
فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَالاً فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَأَحْسَنَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلاَّهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلاَّهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلاَّهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِل " {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}
(2)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والْمَقْبُرِيُّ، هو سعيد بن أبي سعيد، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه.
الشرح:
الله أكبر ما عظم دين الإسلام، وما أوسع رحمة الله عز وجل، أربع صلوات تصلي في وقت الأخيرة منها؛ لأنهم شُغلوا بمواجهة المشركين في غزوة الأحزاب، ولما اشتغلوا بعمل فيه طاعة لله ورسوله، تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقت الظهر وهم منهمكون في مراقبة المشركين، وذهب وقت العصر وهم كذلك، وحل وقت المغرب هم كذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم ولم يوقهم عن العمل لأداء صلاة الظهر، ولا لصلاة العصر، ولما حان وقت المغرب ومضى شيء من الليل، نادى بالصلاة: الظهر والعصر والمغرب، فما أعظم سماحة الإسلام، ليكون للأمة يسر وسهولة إذا شغلوا عن الصلاة بعمل لله عظيم، فإن فيه مندوحة لتأخير الصلوات، ثم نسخ هذا بنزول آية صلاة الخوف، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
363 -
باب الصَّلَاةِ عِنْدَ الْكُسُوفِ
1564 -
(1) حَدَّثَنَا يَعْلَى، ثنَا إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْسَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا
(1)
من الآية (25) من سورة الأحزاب.
(2)
من الآية (239) من سورة البقرة، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (661) وصححه الألباني.
فَصَلُّوا»
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، إِسْمَاعِيلُ، هو ابن أبي خالد، وقَيْسٌ، هو ابن أبي حازم، وأَبو مَسْعُودٍ، هو عقبة بن عمرو رضي الله عنه.
الشرح:
وهكذا كان اعتقاد الناس في الجاهلية، أن الشمس لا يكون فيها الكسوف إلا لموت عظيم، وكذلك خسوف القمر، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما علامتان يخوف الله عز وجل العباد إذا كثرت معاصيهم، فيذكرهم بذلك لغضبه تعالى منهم وأنه قادر على إنزال العقوبة بهم، وقد جعل الله عز وجل للكسوف والخسوف أسبابا فلكية تحدث ذلك بإرادته جل جلاله، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف لحث الناس على التوبة والاستغفار والصدق، وصلاة الكسوف، والخسوف فرض كفاية إذا صلاها البعض سقطت عن الآخرين، ولا يجوز تركها، ولو أن أهل بلد أجمعوا على تركها وجب على الحاكم معاقبتهم على ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1565 - (2) أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي كُسُوفٍ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ"
(2)
.
رجال السند:
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، هو أبو الحسن السعدي، إمام كبير ثقة حافظ، من شيوخ البخاري وكان البخاري يستصغر نفسه عنده، وَمُسَدَّدٌ، ويَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، هو الثوري، وحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وطَاوُوسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1041) ومسلم حديث (911) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 527، وعن ابن عمر حديث 529).
(2)
فيه عدم سماع حبيب من طاووس، وحبيب مدلس، وفيه مخالفة لما هو أصح، 346) وأخرجه مسلم حديث (908).
الشرح:
المراد أنه صلى الله عليه وسلم صلى أربع ركوعات وسجدتين في الركعة الأولى، وفي الثنية مثلها، فصح أنه صلى ثمان ركوعات وأربع سجدات، وهذ يوحي بأن الكسوف طال وقته فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة بزيادة القراء والركوع، والأصل أن صلاة الكسوف ركوعين وسجدتين في الأولى، وكذلك في الثانية، فصح وأربع ركوعات وأربع سجدات، وقد اختلف العلماء في صفة صلا الكسوف، أرجح منها هذا والله أعلم، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1566 -
(3) حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: " أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَتْهُ: أَيُعَذَّبُ النَّاسُ في قُبُورِهِمْ؟ قَالَ: «عَائِذاً بِاللَّهِ»
(1)
. قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ يَوْماً مَرْكَباً فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مَقَامِهِ الَّذِى كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَجَلَّتِ
(2)
الشَّمْسُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ فَقَالَ ":«إِنِّي أَرَاكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: هذا بيان لصفة صلاة الكسوف، قيام طويل، وركوع طويل، ثم قيام طويل ولكنه أقل من القيام الأول، ثم ركوع طويل ولكنه دون الركوع الأول، ثم سجدتين، وهذه الركعة الأولى، ثم قام للركعة الثانية وصنع ما صنعه في الركعة الأولى.
(1)
أي قال: أعوذ بالله.
(2)
في بعض النسخ الخطية " انجلت ".
(3)
رجاله ثقات، وفي الكسوف أخرجه البخاري حديث (1049، 1050) ومسلم حديث (903) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 521، 423، 525).
أما قوله: «إِنِّي أَرَاكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . «إِنِّي أَرَاكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ كَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» فالمراد بفتنة القبر السؤال فيقال للمؤمن: " من ربك؟ فيقول: ربي الله، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله جل جلاله:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}
(1)
، أما غير المؤمن فيقال له:" من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، ويقال له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فينادي مناد من السماء: أن كذب، فافرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار "
(2)
، وهذا معنى قول الله عز وجل:{وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}
(3)
، أي كذلك يضلهم في الدنيا والآخرة.
أما استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من عاب القبر ففيه جواب ما سألت عنه عائشة رضي الله عنهما، وهو إثبات منه صلى الله عليه وسلم لعذاب القبر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر،
وأعوذ بك من عذاب النار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1567 -
(4) حدثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ: يُوسُفُ الْبُوَيْطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ - هُوَ الشَّافِعِيُّ - ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: " خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»
(4)
.
رجال السند: أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ الْبُوَيْطِيُّ، هو ابن يحيى منسوب إلى قرية بمصر، إمام ثقة صحب الشافعي حتى صار أعلم الناس به، له مواقف وفضائل، ومُحَمَّدِ بْنِ
(1)
من الآية (27) من سورة إبراهيم.
(2)
انظر سنن أبي داود حديث (4753)
(3)
من الآية (27) من سورة إبراهيم.
(4)
وأخرجه البخاري حديث (1052) ومسلم حديث (5197) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 525).
إِدْرِيسَ، هُوَ الإمام الشَّافِعِيُّ، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، وزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْن عَبَّاسٍ، رضي الله عنه.
الشرح: رجاله ثقات، تقدم حديث أبي مسعود.
قوله: " رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ " المراد في كل ركعة ركوعين، فيخلص بركعتين فيهما أربعة ركوعات، وانظر ما تقدم برقم 1558، 1559.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1568 -
(5) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
رجال السند:
مَالِكٌ، هو الإمام، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1569 -
(6) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَحَكَتْ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ "
(1)
.
رجال السند:
مَالِكٌ، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، عَمْرَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: المراد أربع ركوعات في ركعتين، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1570 -
(7) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ:
(1)
رجاله ثقات، وقوله:(ركعتين) الصواب ركوعين. وأخرجه البخاري حديث (1044) ومسلم حديث (903) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 527، وعن ابن عمر حديث 520، 521).
" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ حِينَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ بِعَتَاقَةٍ "
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وفَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، هي زوجة هشام بن عروة، جدها الزبير بن العوام، ثقة روى لها الستة، وأَسْمَاءُ بِنتُ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنها.
الشرح:
في بعض النسخ عقد للعتاقة والصدقة بابا قال: " بَابُ الأمْرِ بالصَّدَقَةِ وَالعَتَاقَةِ عِنْدَ الكُسُوف " وهو عمل مستحب للتقرب إلى الله جل جلاله بما في المقدور، والعتاقة في هذا الزمان قد تكون مستحيلة، فيلجأ إلى أبواب الخير من الصدقات الجارية، والصدقة على الفقراء وغير ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1571 -
(8) قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ
(2)
، عَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
(3)
.
رجال السند:
أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، هو النهدي صدوق تقدم، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وفَاطِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَسْمَاءُ، رضي الله عنها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
364 -
باب فِي صَلَاةِ الاِسْتِسْقَاءِ
1572 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ يَذْكُرُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2519، وطرفه: 86) ومسلم حديث (905) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، والمراد بالعتاقة: الصدقة.
(2)
ليس في بعض النسخ الخطية.
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
رِدَاءَهُ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وأَبو بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ أَخْبَرَهُ، وعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، هو المازني، مدني قيل: له رؤية، وهو ثقة معدود في التابعين، عمه عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
الشرح:
صلاة الاستسقاء فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الآخرين، وهي مما تستجلب به رحمة الله عز وجل في حالات الجدب، وانقطاع المطر، وهي كغيرها من الصلوات تستقبل فيها القبلة وهي ركعتان تصلى قبل الخطبة، ويجهر فيها بالقراءة، ثم تليها الخطبة، يلح في الدعاء ولاستغفار، ويطلب من الله عز وجل السقيا ورحمة البلاد والعباد، ويحث الناس على التوبة والصدقة ومن خصوصيتها تحويل الرداء تفاؤلا بتغيُّر الحال من جدب إلى خصب، وقيل: يكون ذلك إذا صليت في الصحراء دون المساجد، ويكون الاستسقاء حسب حاجة الناس، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1573 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ ابْنُ تَمِيمٍ، أَنَّ عَمَّهُ أَخْبَرَهُ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي لَهُمْ؛ فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِماً، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَسْقُوا "
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، والزُّهْرِيُّ، وعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، وعَمُّهُ، هو عبد الله بن زيد رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1005) ومسلم حديث (894) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 515).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1023) وانظر السابق وأطرافه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
365 -
باب رَفْعِ الأَيْدِي فِي الاِسْتِسْقَاءِ
1574 -
(1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ "
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، ثَنَا عَبْدَةُ، هو ابن سليمان بن حاجب أبو محمد ثقة، وسَعِيدٍ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
يستحب في الاستسقاء رفع اليدين في الدعاء، ومواضع الدعاء، ومن مواضع الدعاء: بعد ركعتي الطواف، وعند الصفا والمروة، وعند الجمرتين، وبعرفات وبالمشعر الحرام، رفعا خفيفا، وإن اختلف العلماء في رفع اليدين في الدعاء فإن الجواز أحرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه، أن يردهما صفرا» فيستحب رفع اليدين افتقارا إلى الله جل جلاله، وطلبا لفضله وكرمه، ولكن من غير مبالغة في رفع اليدين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
366 -
باب الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَة
1575 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ»
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1031) ومسلم حديث (859) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 516).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (877) ومسلم حديث (844) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 485).
الشرح:
كان الناس عمال أنفسهم فيأتون إلى الجمعة من ضيعاتهم بهيئاتهم فقيل لهم: " لو اغتسلتم " لتذهب روائح العرق من أجسادهم، لذا يستحب الغسل ليوم الجمعة، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل»
(1)
، وسيأتي عند الدارمي برقم 1482، فاستحب العلماء الغسل يوم الجمعة من غير وجوب، والوضوء يجزئ عنه، وحديث ابن عباس هذا لا يدل على الوجوب الذي لا يجزئ غيره؛ لأنه يكون عاما على من حضر الجمعة ومن لم يحضر، والحديث نص على من أتى الجمعة دون من لم يأت، وفي قصة عمر مع عثمان رضي الله عنهما دليل على عدم الوجوب، إذ لم يأمر عثمان بأن يغتسل، وقد قال بالوجوب جماعة من السلف،
والراجح عدم الوجوب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1576 -
(2) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، هو مولى حميد بن عبد الرحمن ابن عوف، أبو عبد الله ثقة عابد كثير الحديث، وعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
اختلف العلماء رحمهم الله في وجوب الغسل يوم الجمعة والراجح أن غسل يوم الجمعة هو على الأحب لا على الإيجاب الذي لا يجزئ غيره، وانظر ما تقدم آنفا، والله أعلم.
(1)
أبو داو حديث (354).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (858) ومسلم حديث (846) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 487، 490).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1577 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1578 -
(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِدْتُ أَنْ تَوَضَّأْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ. فَقَالَ: وَالْوُضُوءَ أَيْضاً، أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وأَبو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
قول عمر رضي الله عنه يحمل على الأفضل من غير وجوب، وانظر التالي وما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1579 -
(5) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَوَضَّأَ لِلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ»
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، تقدم حديث ابن عمر، وأخرجه البخاري حديث (878) ومسلم حديث (845) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 486).
(3)
رجاله ثقات، وقد صحح الأئمة سماع الحسن من سمرة، وأخرجه الترمذي حديث (497) وقال: حديث حسن، وأبو داود حديث (354) وحسنه الألباني، والنسائي حديث (1380) وصححه الألباني.
رجال السند:
عَفَّانُ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَمُرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
367 -
باب فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ وَالْغُسْلِ وَالطِّيبِ فِيهَا
1580 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(1)
بْنِ وَدِيعَةَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ نَبيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ثُمَّ ادَّهَنَ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والْمَقْبُرِيُّ، هو صعيد، وأَبوه، كيسان أبو سعيد المقبري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، ذكروا أن له صحبة، وسَلْمَانُ الْفَارِسِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
صلاة الجمعة وفادة أسبوعية على الله عز وجل فالأجدر بكل مسلم أن يلتزم الهيئة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحرص على التبكير وعدم إيذاء المصلين بالتخطي، أو التفريق بين المصلين، إلا من رأى فرجة خالية، وتنفل بما شاء الله عز وجل، وهذا يلزم له التبكير، فإن جائزته على هذا أن يغفر الله له ما بين جمعته التي صلاها والجمعة التالية لها، فليحرص كل مسلم على هذا التوجيه الكريم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
368 -
باب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ:
1581 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ في صَلَاةِ الْغَدَاةِ تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ
(1)
في (ت، ك) عبيد الله وقد ورد في الروايات على الوجهين، وصوبه في (ك) عبد الله.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (883) ومسلم من حديث أبي هريرة حديث (857).
وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن عبدالرحمن بن عوف، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، هو الأعرج، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
قراءة هاتين السورتين في صلاة الفجر يوم الجمعة سنة، تستحب ومن داوم عليها فلا بأس، ومن قرأ في الفجر بغيرها من غير هجر فلا بأس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
369 -
باب فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ
1582 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُتَعَجِّلُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِى جَزُوراً، ثُمَّ الَّذِى يَلِيهِ كَالْمُهْدِى بَقَرَةً، ثُمَّ الَّذِى يَلِيهِ كَالْمُهْدِى شَاةً، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ طُوِيَتِ الصُّحُفُ وَجَلَسُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالتهجير: التبكير بالذهاب إلى المسجد، وكلما بكر الذاهب للمسجد كان أجره أعظم، فالمبكر أولا له من الأجر مثل أجر من أهدى جزورا من الإبل، والتالي له في التبكير له مثل أجر من أهدى بقرة، والذي يأتي بعده كمن أهدى شاة، وهكذا يتناقص الأجر حتى يكون كمن أهدى بيضة، انظر التالي.
(1)
رجاله ثقات، وفي أخرجه البخاري حديث (891) ومسلم حديث (880) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 486).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه وفي الجمعة البخاري حديث (881) ومسلم حديث (850) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 493).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1583 -
(2) أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الأَغَرِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَكَتَبُوا مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَإِذَا رَاحَ الإِمَامُ طَوَتِ الْمَلَائِكَةُ الصُّحُفَ وَدَخَلَتْ تَسْتَمِعُ الذِّكْرَ» . قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُتَهَجِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِى بَدَنَةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِى بَقَرَةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِى شَاةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِى بَطَّةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِى دَجَاجَةً، ثُمَّ كَالْمُهْدِى بَيْضَةً»
(1)
.
رجال السند:
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وعَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عبد الأعلى، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، الزُّهْرِيُّ، والأَغَرُّ أَبو عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا تكملة السابق وبيان تناقص الأجر على قدر ما يكون التبكير، فإذا صعد الإمام على المنبر للخطبة طوت الملائكة عليهم السلام الصحف وبادرت إلى سماع الخطبة، وما فيها من الثناء على الله وعلى رسوله والموعظة والدعاء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1584 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَبَادَرُ الظِّلَّ فِي أُطُمِ
(2)
بَنِي غَنْمٍ، فَمَا هُوَ إِلاَّ مَوَاضِعُ أَقْدَامِنَا "
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، ومُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ، هو الهذلي تابعي ثقة مقرئ، روى له الترمذي، والزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
هو الحصن.
(3)
ت: فيه عدم سماع مسلم بن جندب من الزبير.
الشرح:
المراد التبكير بصلاة الجمعة بحيث يفرغ الإمام من الخطبة والصلاة مع أول وقت الظهر المعتاد، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعودون إلى بيوتهم لا يجدون ظلا إلا ظل الحصون العالية يتبادرون ظلها في أول ميول الشمس للزوال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
370 -
باب فِي وَقْتِ الْجُمُعَة:
1585 -
(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا يَعْلَى ابْنُ الْحَارِثِ قَالَ: سَمِعْتُ إِيَاسَ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ فيْءٌ يُسْتَظَلُّ بِهِ "
(1)
.
رجال السند:
عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ويَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ، هو المحاربي إمام ثقة حافظ، روى له الستة عدا الترمذي، وإِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، هو تابعي ثقة، وأَبوه، هو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
الشرح:
هذا في سياق ما تقدم في التبكير بصلاة الجمعة، يخرجون وليس للحيطان ظل، بل ظل قليل للحصون كما في الرواية السابقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
371 -
باب فِي الاِسْتِمَاعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ وَالإِنْصَاتِ
1586 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا صَدَقَةُ هُوَ ابْنُ خَالِدٍ عَنْ يَحْيَى ابْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، يَرُدُّهُ إِلَى أَوْسِ بن أوس
(2)
يَرُدُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ غَدَا وَابْتَكَرَ ثُمَّ جَلَسَ قَرِيباً مِنَ الإِمَامِ، وَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ حَتَّى يَنْصَرِفَ الإِمَامُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا كَعَمَلِ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا»
(3)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4168) ومسلم حديث (860) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 498).
(2)
في بعض النسخ الخطية " بن أبي أوس " وكلاهما يصح.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد الترمذي حديث (496) وقال: حسن، أبو داود حديث (345) والنسائي حديث (1381) وابن ماجه حديث (1087) وصححه الألباني عندهم.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، هو أبو العباس القرشي، إمام حافظ ثقة، ويَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ، هو أبو عمرو الذماري، مقرئ إمام ثقة، روى له الأربعة، وأَبو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، هو شراحيل بن آدة، تابعي إمام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَوْسُ بنُ أوس، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " غسّل واغتسل " في معناه أقوال: الأقرب في نظري أن قوله: " غسّل " المراد به غسل أعضاء الوضوء ثلاث مرات، وقيل: جامع زوجته فكان سببا في غسلها من الجنابة " واغتسل " أي غسل الجمعة، أو من الجنابة، وفي هذه الرواية ترغيب عظيم فيما يترتب على هذه الصفة من الأجر بكل خطوة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1587 -
(2) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ»
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وأَبو الزِّنَادِ، هو عبد الله بن ذكوان، والأَعْرَجُ، هو عبد الرحمن ابن هرمز، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد لزوم الإنصات للخطبة، وعدم التشاغل بأي شيء، ومن تشاغل عن الخطبة فقد أتى باطلا بعبثه والإمام يخطب، ولو قال لشخص: أنصت فقد أتى محذورا، ولو كان في ظاهره أمر بمعروف، وهو تنبيه على ما سوى هذه اللفظة، ولو نهى غيره عن عبثه بالإشارة دون اللفظ جاز، ويحرم تعمد الكلام والإمام يخطب، ومن لغا فلا جمعة له، أي كجمعة من أتى ولم يلغ، والمراد نقصان الأجر، وانظر التالي.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (934) ومسلم حديث (851) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 934).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1588 -
(3) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ»
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، هو ابن المسيب، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1589 -
(4) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
372 -
بابٌ فِي مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ
1590 -
(1) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ قَدْ خَرَجَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»
(3)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو أبو النضر، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(3)
رجاله ثقات، وفي الجمعة أخرجه البخاري حديث (930) ومسلم حديث (875) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 503).
الشرح:
هاتان الركعتان هما تحية المسجد، يصليها الداخل فيه في أي وقت، حتى في أوقات النهي؛ لأنها من ذوات السبب، واختلف العلماء فيها، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الداخل لما جلس أن يقوم ويصلي ركعتين وسيأتي، وهذا ما نراه راجحا وانظر التالي من الروايات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1591 -
(2) أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ، ثنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" جَاءَ أَبُو سَعِيدٍ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ، فَقَامَ يُصَلِّى الرَّكْعَتَيْنِ، فَأَتَاهُ الْحَرَسُ يَمْنَعُونَهُ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَتْرُكُهُمَا وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِهِمَا "
(1)
.
رجال السند:
صَدَقَةُ، هو ابن الفضل المروزي، سُفْيَانُ، هو الثوري، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد، وعِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن سعد بن أبي سرح القرشي، تابعي ثقة، وأَبُو سَعِيدٍ، هو الخدري رضي الله عنه.
الشرح:
انظر ما تقدم وهذا يؤكد سنية الركعتين وقد أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعجب ممن ينكر على فاعلها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1592 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ:" رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ "
(2)
.
وَقَالَ: الْحَسَنُ رضي الله عنه قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا»
(3)
.
(1)
سنده حسن، وهو مما انفرد به الدارمي. وسقط من القطوف.
(2)
رجاله ثقات، أخرجه الترمذي حديث (511) وقال: حسن صحيح
…
إنما فعل الحسن اتباعا للحديث، وهو روى عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، ولم يسمع من جابر.
(3)
موصول بالسند السابق، وأخرجه أبو يعلى بسند صحيح، المسند حديث (2276).
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَقُولُ بِهِ]
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، والرَّبِيعِ، هو ابن أنس صدوق يُجتنب من حديثه ما رواه عن أبي جعفر الرازي لضعفه، الْحَسَنَ، هو البصري رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
373 -
بابٌ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
1593 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: أَخْبَرَنِي خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ يَزِيدَ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً فَقَرَأَ " ص " فَلَمَّا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ نَزَلَ فَسَجَدَ
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، خَالِدٌ بْنَ يَزِيدَ، هو الجمحي، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح:
انظر تفصيل سجود التلاوة فيما تقدم برقم 1010.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
374 -
باب الْكَلَامِ في الْخُطْبَةِ
1594 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يَقُولُ: دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَقَالَ: «أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»
(3)
. [قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَقُولُ بِهِ]
(4)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
(1)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
(2)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، والحديث صحيح تقدم.
(3)
رجاله ثقات، وهو متفق عليه، انظر (رقم 1636).
(4)
ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).
الشرح:
المراد جواز الكلام للإمام ومن يخاطبه أثناء الخطبة، وليس لغيرهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
375 -
باب فِي قِصَرِ الْخُطْبَةِ
1595 -
(1) أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عُصَيْمٍ الْجُعْفِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ أَبْجَرَ قال: حدثَنَي أَبِي: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَأَبْلَغَ وَأَوْجَزَ فَقُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَوْ كُنْتَ نَفَّسْتَ شَيْئاً؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ
(1)
مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا هَذِهِ الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْراً»
(2)
.
رجال السند:
الْعَلَاءُ بْنُ عُصَيْمٍ الْجُعْفِيُّ، هو أبو عبد الله المؤذن، كوفي ثقة روى عنه النسائي بواسطة، ولم يرو له غيره من الستة، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ أَبْجَرَ، هو كوفي ثقة صاحب سنة، روى له مسلم والنسائي، وأَبوه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، هو ابن سعيد، نسب لجده حيان بن أبجر، إمام حافظ روى له مسلم، ووَاصِلُ بْنُ حَيَّانَ، هو الأحدب كوفي ثقة، روى له الستة، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق بن سلمة، إمام ثقة تقدم، وعَمَّارُ ابْنُ يَاسِرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
خطبة الجمعة واجبة وهي شرط في صحة الصلاة، وفرض من فروضها، يقوم الخطيب فيها، والخطبة القصيرة تجمع الموضوع الواحد، ولا يتسنى للخطيب الخروج عنه، ويساعد السامع على استيعاب ما يسمع، وهذا من البيان الذي يشد السامع لقصر القول
(1)
أي علامة.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (869) وفي قوله:(إن من البيان لسحرا) تأويلان:
الأول: أنه مدح لأن الله تعالى امتنّ على عباده بتعليمهم البيان، ووصفه بالسحر لأنه يستميل القلوب.
والثاني: أنه ذم لما في ذلك من صرف القلوب، وقد يكسب صاحبه إثما كما يكسبه السحر، والحق أنه مدح في إحقاق الحق وإبطال الباطل، وذم في عكس ذلك.
فيه، وحصر الموضوع بداية ونهاية، ومن فقه الخطيب مراعاة أحوال المصلين، وإذا أطال الخطيب توسع القول وتواردت عليه الأفكار، فيخرج عن الموضوع، فيثقل على السامعين حتى يصيبهم الملل، فيضطر الإمام إلى تقصير الصلاة، وربما بحثوا عن خطيب آخر يستمعون خطبته، ويستمتعون بصلاته، وليس المقصود كثرة القول بل المرام إفهام الناس ما ينفعهم وقد يكون التطويل مناسبا لحادثة ما أو موضوع ما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1596 -
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ:"صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْداً وَخُطْبَتُهُ قَصْداً "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام، وسِمَاكٌ، صدوق تقدم، وهم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن الخطبة والصلاة تكون معتدلة، إطالة وليس تطويلا يمل الناس، ومراعاة الأحوال تجعل الإمام يتجوز أحيانا، أو يطيل بعض الشيء لما يروى من الإقبال على السماع، أما إذا رأى النعاس أو التثاؤب فالقصد أولى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
376 -
باب الْقُعُودِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ
1597 -
(1) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ "
(2)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، وبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (866).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (928) ومسلم حديث (861) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 499).
الشرح:
هذا وصف لحال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة، وهي حال الأئمة اليوم والحمد لله على الاتباع، وفي الجلوس راحة الخطيب والفصل بين الخطبتين، وانظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1598 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُذَكِّرُ النَّاسَ"
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو الأَحْوَصِ، وسِمَاكٌ، وجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ رضي الله عنه، تقدموا برقم 1499.
الشرح:
المراد أنه يقرأ في الخطبة ويذكر الناس، وليس في الجلسة بين الخطبتين تذكير ولا قراء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
377 -
باب كَيْفَ يُشِيرُ الإِمَامُ في الْخُطْبَةِ
1599 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ، ثَنَا حُصَيْنٌ قَالَ: رَأَى عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعاً يَدَيْهِ فَقَالَ: " قَبَّحَ اللَّهُ هَذِهِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَمَا يُشِيرُ إِلاَّ بِأُصْبُعِهِ "
(2)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ، هو عبثر بن القاسم، وحُصَيْنٌ، هو ابن عبد الرحمن، هم ثقات تقدموا، وعُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ، هو أبو زهير رضي الله عنه، وبِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، هو ابن الحكم كان ثقة قليل الحديث.
الشرح:
المراد أن رفع اليدين في الدعاء خلاف السنة، لكن يشير بأصبعه، ويجوز رفع اليدين في مواضع انظر ما تقدم برقم 1568 وشرحه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (862).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (874).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1600 -
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ قَالَ:" رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رَافِعاً يَدَيْهِ يَدْعُو عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَسَبَّهُ وَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَمَا يَقُولُ بِأُصْبُعِهِ إِلَا هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ عِنْدَ الْخَاصِرَةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح:
إنكار بشر بن مروان المقصود منه الاقتداء، وليس أنه أتى منكرا برفع يديه في الدعاء، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
378 -
باب مَقَامِ الإِمَامِ إِذَا خَطَبَ
1601 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ قَبْلَ أَنْ يُجْعَلَ الْمِنْبَرُ، فَلَمَّا جُعِلَ الْمِنْبَرُ حَنَّ ذَلِكَ الْجِذْعُ حَتَّى سَمِعْنَا حَنِينَهُ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَنَ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، وسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، أخو محمد، صدوق، ضعفوا روايته عن الزهري خاصة تقدم، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
الشرح:
انظر ما تقد في الجزء الأول رقم 32 إلى 38، وانظر التالي.
(1)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(2)
فيه سليمان بن كثير العبدي، ضعيف في الزهري، والحديث صحيح.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1602 -
(2) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ حَنَّ الْجِذْعُ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ " وَقَالَ: «لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، هو مولى بني هاشم، لا بأس به تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1603 -
(3) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثَنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، تقدما آنفا، وثَابِتٌ، هو البناني إمام ثقة تقدم، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1604 -
(4) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ بِالْمَدِينَةِ جَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ وَالْقَوْمُ يَجِيئُونَ، فَلَا يَكَادُونَ أَنْ يَسْمَعُوا كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَرْجِعُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرُوا، وَإِنَّ الْجَائِيَ يَجِيءُ فَلَا يَكَادُ يَسْمَعُ كَلَامَكَ، قَالَ:«فَمَا شِئْتُمْ؟» . فَأَرْسَلَ إِلَى غُلَامٍ لَامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ نَجَّارٍ وَإِلَى طَرْفَاءِ الْغَابَةِ، فَجَعَلُوا لَهُ مِرْقَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً
(3)
، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَيَخْطُبُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ الَّتِي كَانَ يَقُومُ عِنْدَهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ "
(4)
.
(1)
سنده حسن، وتقدم برقم (39).
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(3)
أي درجتين أو ثلاث، وليس من السنة الزيادة على ذلك، فلا داعي لها إلا عند الضرورة.
(4)
فيه المسعودي صدوق اختلط قبل موته، وتقدم مختصرا برقم (41) وأخرجه البخاري حديث (917) ومسلم حديث (544) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 316).
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ، والْمَسْعُودِيُّ، عبد الرحمن بن عبد الله ابن عتبة، وأَبو حَازِمٍ، سلمة بن دينار المخزومي، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَهْلُ ابْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
379 -
باب الْقِرَاءَةِ في صَلَاةِ الْجُمُعَةِ
1605 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ
(1)
سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيَّ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟، قَالَ:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، هو الأنصاري مدني تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، والضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، هو من صغار الصحابة، يقال: ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسبع سنين أو نحوها، وليس رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
من السنة قراءتهما وكذلك سبح والغاشية من غير مداومة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1606 -
(2) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَأَلْنَاهُ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ السُّورَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا الْجُمُعَةُ؟، قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ مَعَهَا {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}
(3)
.
(1)
في بعض النسخ الخطية "عن " وهو تحريف.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (878).
(3)
أبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس، وانظر: سابقه.
رجال السند:
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق، إمام ثقة تقدم، وأَبُو أُوَيْسٍ، هو ابن عم مالك، واسمه عبد الله بن عبد الله، صدوق ضعف في الزهري، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1607 -
(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} وَرُبَّمَا
(1)
اجْتَمَعَا فَقَرَأَ بِهِمَا
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، هو كوفي ثقة فاضل تقدم، وأَبوه، هو محمد بن المنتشر بن لأجدع، أخو مسروق ثقة قليل الحديث، وحَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، هو مولى النعمان وكاتبه لا بأس به، والنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
380 -
باب السَّاعَةِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي الْجُمُعَةِ
1608 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: الْتَقَيْتُ أَنَا وَكَعْبٌ فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي عَنِ التَّوْرَاةِ، حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ فِيهَا لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْراً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»
(3)
.
(1)
ليست في بعض النسخ الخطية.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد (18433، 18454، 20092، 20173، 20230) وفي الصلاة حديث (1122) والترمذي حديث (533) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (1424) حديث (1568).
(3)
وأخرجه البخاري حديث (935) ومسلم حديث (852) وأنظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 495).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، هو المهلبي الأزدي، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، وابْنُ سِيرِينَ، هو محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.
الشرح:
في سنده محمد بن كثير الصنعاني ضعيف، وهذه الساعة مختلف في وقتها فقيل: هي من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس من يوم الجمعة، ومعنى قائم يصلي، قالوا: له حكم المصلي، أو بمعنى يدعو، أو بمعنى مواظب على الطاعة، وقيل: هي ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة، ويجب أن تكون الساعة على هذا القول في نفس الصلاة، فيلزم تأويل معنى: قائم يصلي؛ لأن وقت الخطبة ليس بوقت قيام في صلاة، وعن علي رضي الله عنه أنها إذا زالت الشمس، والأحوط أن يكون التحري في هذه الأوقات لمن شاء أن يحظى بفضلها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
381 -
بابٌ فِي مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ
1609 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ قال: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ سَلاَّمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلاَّمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مِينَا، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ
(1)
الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ»
(2)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ومُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ، هو ثقة، وزَيْدُ بْنُ سَلاَّمٍ، هو أخو معاوية، وأَبو سَلاَّمٍ، هو ممطور الحبشي، وهو جد معاوية وزيد، وثقه الدارقطني وابن حبان، والْحَكَمُ بْنُ مِينَا، هو الأنصاري تابعي ثقة، وابْنُ عُمَرَ، وَأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنهما.
(1)
أي: تركهم الجمعات.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (865).
الشرح:
الجمعة هي أعظم أيام الأسبوع، وصلاتها كفارة لما بين الجمعتين، وفيها ساعة الإجابة، وانظر فضلها برقم 1574، ولا يجوز تركها إلا من عذر، ومن يتخلف عنها فله حالات:
الأولى: أن يكون من أصحاب الأعذار ومنهم المريض الشديد مرضه، وممرضه القائم عليه، ومن به خوف عدو أو مطر غزير، أو تجهيز ميت، ومن كان مسافرا، وغير ذلك مما هو عذر شرعا.
الثانية: أن يكون معتقدا وجوبها ولكنه متساهل وهذا متوعد بالعقوبة.
الثالثة: أن يكون منكرا لوجوبها وهذا عقابه أشد من المتساهل؛ وقد يؤديه اعتقاده إلى الكفر؛ لأنه إذا أنكر وجوب الجمعة فمن باب أولى أن ينكر بقية الفرائض، ويصح فيه الوعيد بالختم على قلبه، وهذا وعيد شديد؛ لأن من طبع على قلبه وختم عليه لم يعرف معروفا ولم ينكر منكرا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1610 -
(2) حَدَّثَنَا يَعْلَى قال: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ تَهَاوُناً بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ»
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو ابن وقاص فيه ضعف تقدم، عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ، هو الحضرمي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، صحابي مختلف في اسمه رضي الله عنه.
الشرح:
هذا سنده حسن، وفي هذا وعيد شديد على المتهاون فما حال المنكر لها والعياذ بالله، انظر ما تقدم برقم 1603.
(1)
أخرجه الترمذي حديث (500) وقال: حسن، وأبو داود حديث (1052) والنسائي حديث (1369) وقال الألباني: حسن صحيح. عندهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
382 -
بابٌ في فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
1611 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ الأيام
(1)
يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ».
قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟ يَعْنِى بَلِيتَ. قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ»
(2)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، والْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، هو الجعفي، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، هو النخعي، وأَبو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، هو شراحيل بن آدة تابعي تقدم، أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
فضل يوم الجمعة لا يعارض فضل يوم عرفة ولا يوم النحر؛ فضل يوم الجمعة المراد به على أيام الأسبوع، وفضل يوم عرفة المراد به الفضل على أيام السنة؛ لأن الله عز وجل ينزل إلى السماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا كان يوم عرفة إن الله ينزل إلى السماء فيباهي بهم الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق أشهدكم أني قد غفرت لهم»
(3)
، وفضل يوم النحر على أيام منى لاجتماع العيد والذبح فيه وهو اليوم الأول منها، والله أعلم. أما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فهي أعظم القربات؛ لأن الله عز وجل يصلي عشر مرات على من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا»
(4)
، ومن التكريم
(1)
في (ك) أيامكم، وكلاهما يصح.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (16207) والنسائي حديث (1374) وابن ماجه حديث (1085).
(3)
ابن خزيمة حديث (2840).
(4)
مسلم حديث (408).
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تعرض عليه؛ لأن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، أما سائر الخلق فتأكلهم الأرض، ثم يبعثون في أجسادهم التي كانت في الدنيا، فتنال نعيم الجنة لمن دخل الجنة، وتحرق أجساد من دخلوا النار، نعوذ بالله من النار.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
383 -
باب مَا جَاءَ في الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ
1612 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه هي السنة أن تصلى السنن في البيت وليس سنة الجمعة وحدها، بل جميع الصلوات، ومن صلى في المسجد فلا حرج، وسنة الجمعة في المسجد أربع ركعات، ومن صلى في البيت أربعا فلا حرج، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1613 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو ابْنَ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وسُفْيَانُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وابْنُ شِهَابٍ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1614 - (3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، متفق عليه أنظر: رقم (1521).
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه.
«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّياً بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً»
(1)
.
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أُصَلِّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعاً]
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، هو ثقة ساء حفظه تقدم، وأَبوه، هو ذكوان، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
الشرح:
فيه إشارة إلى أنها بالخبار؛ لأنها نافلة، فمن شاء صلاها ركعتين في المسجد أو البيت، أو أربعا فيهما، ومن تركها فاته خير كثير، وهو عمل الكثير من المسلمين اليوم، لا يحرصون على النوافل، رغم التذكير بفضلها، وما فيها من الأجر وسد النقص، وهو ظاهر في صلاة البعض من الناس، والله المستعان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
384 -
بابٌ في الْوِتْرِ
1615 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا لَيْثٌ - هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الزَّوْفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الزَّوْفِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ ابْنِ حُذَافَةَ الْعَدَوِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، جَعَلَهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ» .
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ولَيْثٌ بْنُ سَعْدٍ، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وانظر التعليق، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ الزَّوْفِيِّ، هو الضحاك المصري، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُرَّةَ الزَّوْفِيِّ، هو تابعي سكن مصر، ولم يعرف سماعة من خارجة، وخَارِجَةُ بْنُ حُذَافَةَ الْعَدَوِيّ، رضي الله عنه.
الشرح:
في سنده عبد الله بن راشد الزوقي، فيه كلام، ونرى أنه حسن الحديث، فقد قال فيه ابن حجر: صدوق، وذكره العجلي في الثقات، وأخرجه الترمذي حديث (452)
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (881).
(2)
ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).
وقال: غريب، وأبو داود حديث (1418) وضعفه الألباني، وابن ماجه حديث (1168) وصححه الألباني دون " خير لكم
…
".
وفيه إثبات فضل الوتر، وأن وقته من بعد صلاة العشاء إلى قبيل الفجر، وأقله ركعة، وأكثره الوتر بعد شفع، ثلث أو خمس أو سبع بتسليمة واحدة، ومن صلى القيام مثنى أوتر بواحدة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1616 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنَ يَحْيَى ابْنِ حَبَّانَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ الْقُرَشِيَّ، ثُمَّ الْجُمَحِيَّ أَخْبَرَهُ - وَكَانَ يَسْكُنُ بِالشَّامِ وَكَانَ أَدْرَكَ مُعَاوِيَةَ - أَنَّ الْمُخْدَجِيَّ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ - أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الشَّامِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُ: " أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَرَاحَ الْمُخْدَجِيُّ، إِلَى عُبَادَةَ ابْنِ الصَّامِتِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذَبَ
(1)
أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ":«خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضِيِّعْ مِنْ حَقِّهِنَّ شَيْئاً اسْتِخْفَافاً بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ جَاءَ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» .
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ابْنِ حَبَّانَ، وابْنُ مُحَيْرِيزٍ الْقُرَشِيَّ، ثُمَّ الْجُمَحِيَّ، هو عبد الله، والْمُخْدَجِيَّ هو رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، يقال له: رفيع أو أربو رفيع، تابعي مستور، وأَبو مُحَمَّدٍ صحابي مختلف في اسمه، وعُبَادَةُ ابْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه وأبو داود حديث (1420) والنسائي حديث (461) وصححه الألباني عندهما.
الوتر سنة مؤكدة، وليس بواجب، وقال بالوجوب الأحناف وهو عندهم فوق السنة المؤكدة، ودون الفرض، وعندهم كل فرض واجب، وليس كل واجب فرضا.
(1)
أي: أخطأ، فإنه ضد الصواب، ولم يرد الكذب الذي هو ضد الصدق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1617 -
(3) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ ابْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ:" يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالصِّيَامَ». فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَائِعِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئاً وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وأَبو سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ، هو عم الإمام مالك ثقة، وأَبوه مالك بن أبي عامر تابعي إمام ثقة، وطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه أن من حافظ على الفرائض ولم يبخس منها شيئا فقد أتى بما فرض الله عليه، ولم يتنفل، وفيه أن النوافل ليست من العزائم، ولكن هي قربات تسد ما قد يحصل من إخلال بالفرائض، أما قوله:" أفلح وأبيه " فليس المراد منه القسم؛ لأنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل، وإنما هو أسلوب عربي يقصد به تأكيد الشيء، وتعظيم الفلاح والفوز بالمقصود.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1618 -
(4) حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:" سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ ضَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَالصَّلَاةِ وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ فَلَا تَدَعُوهُ"
(2)
.
رجال السند: عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وعَاصِمُ ابْنُ ضَمْرَةَ، هو السلولي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه في الإيمان البخاري حديث (46) ومسلم حديث (11) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 6)
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (453، 454) وقال: حسن، والنسائي حديث (1675) وصححه الألباني.
الشرح:
انظر ما تقدم برقم 1480، 1488، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
385 -
باب الْحَثِّ عَلَى الْوِتْرِ
1619 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو القنطري، وهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، وابْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
386 -
باب كَمِ الْوِتْرُ
؟
1620 -
(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ صَلَاتُهُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْهَا بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ في شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ، حَتَّى يَجْلِسَ فِي الآخِرَةِ فَيُسَلِّمَ "
(2)
.
رجال السند:
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي، وهِشَامٌ، وأَبوه عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذه إحدى صفات صلاة الليل والوتر، يصلي ثمان ركعات مثنى، ثم يوتر بخمس سردا لا يجلس إلا في الخامسة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1621 - (2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2736) ومسلم حديث (2677) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1714).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1140) ومسلم حديث (736) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 427).
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوْتِرْ بِخَمْسٍ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِثَلَاثٍ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِوَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَأَوْمِئْ إِيمَاءً»
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، هو ثقة في غير الزهري، وقد تابعه في هذا أصحاب الزهري، والزُّهْرِيُّ، وعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو أَيُّوبَ الأَنْصَارِي، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا تيسير على الأمة من المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، ولكون الوتر من أحب الأعمال إلى الله عز وجل؛ ولأنه سنة مؤكدة خيّر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيه من الأجر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1622 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1623 -
(4) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ مَا قَدْ صَلَّى»
(3)
.
[قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تَأْخُذُ بِهِ؟، قَالَ: نَعَمْ]
(4)
.
رجال السند: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
فيه سفيان بن حسين ضعف في الزهري، وقد توبع، وأخرجه أبو داود حديث (1422) والنسائي حديث (1710، 1711) وابن ماجه حديث (1190) وصححه الألباني عندهم.
(2)
رجاله ثقات، وانظر السابق.
(3)
رحاله ثقات، تقدم.
(4)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
الشرح:
وهذه صفة أخرى لقيام الليل، ثم الوتر بواحدة إذا خشي طلوع الفجر، ووقت قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى قبيل الفجر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1624 -
(5) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
الوقت ما بين العشاء والفجر هو وقت صلاة الليل والوتر، وهذه صفة لصلاة الليل يصلي عشر ركعات مثنى، ثم يوتر بواحدة تكمل إحدى عشرة ركعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1625 -
(6) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِثَلَاثٍ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(2)
.
رجال السند:
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو أبو غسان النهدي، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وتقدم عن ابن عمر، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 426).
(2)
أخرجه الترمذي حديث (462) والنسائي حديث (1202، 1703) وابن ماجه حديث (1172) وصححه الألباني عندهما.
الشرح:
هذه صفة أخرى للوتر، يصلي ثلاث ركعات متواليات، يقرأ في الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفي الثانية ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويجلس في الثالثة للتشهد، والحديث رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
387 -
باب مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الْوِتْرِ
1626 -
(1) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ
(1)
قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ "
(2)
.
رجال السند: قَبِيصَةُ، هو أبو عامر، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَبو حَصِينٍ، هو عثمان ابن عاصم، ويَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، هو الأسدي المقرئ، كوفي تابعي ثقة عابد، روى له الستة عدا أبي داود، ومَسْرُوقٍ، هو ابن سعيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَة.
الشرح:
فيه بيان أن كل الليل وقت للصلاة إن شاء من أوله، أو وسطه أو آخرة، وفي هذا مراعاة لحال المسلم وما يتسر له.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1627 -
(2) حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى ابْنُ أَبِيْ كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو نَضْرَةَ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ الْفَجْرِ» .
رجال السند: عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، ويَحْيَى بْنُ أَبِيْ كَثِيرٍ، وأَبُو نَضْرَةَ، هو المنذر بن مالك، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ
(1)
في (ت) في كل الوقت.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (996) ومسلم حديث (742) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 431).
الْخُدْرِيَّ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (754).
وهذا توجيه إلى الوقت الأفضل لصلاة الوتر، وهو قت نزول الرب جل جلاله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
388 -
باب الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ
1628 -
(1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: زَكَرِيَّا حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ بِثَلَاثٍ يَقْرَأُ فِي الأُولَى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَفي الثَّانِيَةِ بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفي الثَّالِثَةِ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، وزَكَرِيَّا، هو ابن أبي زائدة، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذه صفة أخرى للوتر، يصلي ثلاث ركعات متواليات، يقرأ في الأولى بـ
…
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفي الثانية ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويجلس في الثالثة للتشهد، والحديث رجاله ثقات.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
389 -
باب الوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ
1629 -
(1) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مَالِكٌ قال: حَدَّثَنِيْ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
(1)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
أَنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ
(1)
.
قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تَأْخُذُ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، ومَالِكٌ، هو الإمام، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ، هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، إمام ثقة روى له الستة عدا أبي داود، وسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، هو أبو الحباب مولى الحسن بن علي رضي الله عنه، ثقة كثير الحديث، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه جواز صلاة النافلة على الراحلة، كيف ما توجهت، ولا تجوز صلاة الفريضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
390 -
باب الدُّعَاءِ فِي الْقنُوتِ
1630 -
(1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما: مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: حَمَلَنِي عَلَى عَاتِقِهِ فَأَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَأَدْخَلْتُهَا فِي فَمِي فَقَالَ
(2)
: «أَلْقِهَا، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» ، قَالَ: وَكَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِى وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ»
(3)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وشُعْبَةُ، وبُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، هو السلولي ثقة روى له الأربعة، وأَبو الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ، من صغار التابعين، والحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (999) ومسلم حديث (700) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.
(2)
في بعض النسخ الخطية " فقال لي " وكلاهما يصح.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1425، 1426) وصححه الألباني رحمه الله، والنسائي حديث (1746) وضعفه الألباني رحمه الله.
الشرح:
فيه إشارة إلى تحريم الصدقة على آل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر الدعاء المأثور، وهو من جوامع الكلم يجدر بالمسلم الدعاء به ولاسيما في الوتر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1631 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ:"عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْقُنُوتِ: فَذَكَرَ مِثْلَهُ ".
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وإِسْرَائِيلَ، وأَبو إِسْحَاقَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
…
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1632 -
(3) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَبُو الْحَوْرَاءِ اسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، هو التنيسي، أَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر ما تقدم قريبا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
391 -
باب فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ
1633 -
(1) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ،
ابْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ هَذَا السَّهَرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَإِلاَّ كَانَتَا لَهُ»
(1)
.
وَيُقَالُ: هَذَا السَّفَرَ، وَأَنَا أَقُولُ: «السَّهَرَ
(2)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ، هو ابن محمد، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، ومُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، صدوق له أوهام، وشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، هو أبو الصلت الحضرمي المقرئ، تابعي ثقة، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، هو أبو حمير الحضرمي، وأَبوه: جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وثَوْبَانَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا توحيه لاعتبار قيام الليل، وعقد النية للقيام بعد صلاة الوتر يصلي ركعتين، فإن قام بنى عليها ما شاء الله له، وإن شاء شفع الوتر الذي صلاه، وإن ترك واكتفى بصلاته من غير وتر مرة أخرى، وإن نام ولم يتيسر له القيام كتبت له الركعتان قيام ليل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
392 -
باب فِي الْقنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ
1634 -
(1) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ يَدْعُوَ لأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى
(1)
رجاله ثقات، وانظر: القطوف (900/ 1653)
(2)
لعله من قول الدارمي، والأشبه السفر فقد ورد (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: إن هذا السفر
…
) ولأن الوتر سنة لا تسقط في السفر، فنبه لذلك رسول الله.
مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ». وَيَجْهَرُ بِذَلِكَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ:«اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَاناً وَفُلَاناً» لِحَيَّيْنِ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، والزُّهْرِيُّ، وابْنُ الْمُسَيَّبِ، وأَبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه بيان موقع الدعاء وأنه بعد الركوع كما هو الحال اليوم، وقد ورد النهي عن التعيين في الدعاء؛ لأن علم ما يكون من حال المدعو عليه غيب لا يعلمه إلا الله فقد يهتدي ويكون من المسلمين، ولهذا جاز التعميم في الدعاء كأن يقول: اللهم دمر أعداء الدين، اللهم عليك بالظالمين ونحو هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1635 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَاصِمٌ قَالَ:" سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْقُنُوتِ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ فُلَاناً زَعَمَ أَنَّكَ قُلْتَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ. قَالَ: كَذَبَ، ثُمَّ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْراً بَعْدَ الرُّكُوعِ، يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو الأحول، وعَاصِمٌ، هو ابن سليمان الأحول، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
(1)
الآية (128) من سورة آل عمران، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4560) ومسلم حديث (675) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 392).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1002، 1001) ومسلم حديث (677) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 394).
كذب هنا بمعنى أخطأ، ولم يرد الكذب واختلاق القول، ودعاء القنوت محله بعد الرفع من الركوع، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1636 -
(3) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وابْنُ أَبِي لَيْلَى، هو عبد الرحمن، والْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
يجوز القنوت عند النوازل في جميع الأوقات، وأفضل قنوت الأفراد في الثلث الأخير من الليل، وهو وقت النزول.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1637 -
(4) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ: نَحْوَهُ
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وشُعْبَةُ، هو ابن الحجاج، هما إمامان ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1638 م - (5) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:" سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ؟، قَالَ: نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ - أَوَ قُلْتَ لَهُ -: قَبْلَ الرُّكُوعِ، أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ؟، قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيراً "
(3)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " أَقُولُ بِهِ، وَآخُذُ بِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ آخُذَ بِهِ إِلاَّ فِي الْحَرْبِ ".
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (678).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (678).
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1001) مسلم حديث (677) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، هم أئمة ثقات تقدموا.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1635، 1636.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
أَبْوابُ الْعِيدَيْنِ
393 -
باب فِي الأَكْلِ قَبْلَ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ
1639 -
(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ الأَصَمِّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطْعَمُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، وَكَانَ إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ لَمْ يَطْعَمْ حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ ذَبِيحَتِهِ "
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ إمام ثقة تقدم، وعُقْبَةُ بْنُ الأَصَمِّ، هو ابن عبد الله الرفاعي، ضعيف، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، ثقة تقدم، وأَبوه، بريدة رضي الله عنه.
الشرح:
هذا في عيد الفطر ليقطع الصوم، وإعلان الفطر فالاقتداء برسول الله في هذا سنة يثاب عليها المسلم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1640 -
(2) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وهُشَيْمٌ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَفْصِ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِنَحْوِهِ
(2)
.
رجال السند: عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، هو ابن بشير، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ صدوق تقدم، وحَفْص بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، هو ابن أنس بن مالك، ثقة روى له الشيخان، وحديثه ثابت عن جده وغيره، وأَنَسٌ، هو ابن مالك رضي الله عنه.
(1)
ت: فيه عقبة بن عبد الله بن الأصم ضعيف، وقد توبع، وأخرج البخاري ما يؤيد طرفه الأول حديث (953).
(2)
فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
394 -
باب صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ
1641 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:"شَهِدْتُ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ "
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
ليس لصلاة العيدين أذان ولا إقامة، وقد ينادى لها الصلاة جامعة، والخطبة فيها تكون بعد الصلاة، ومن شاء جلس واستمع الخطية، ومن انصرف بعد الصلاة فلا حرج.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1642 -
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قال: حَدَّثَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ قال: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: "أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ ثُمَّ خَطَبَ، فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَاهُنَّ فَذَكَّرَهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ، وَبِلَالٌ قَابِضٌ بِثَوْبِهِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَجِيءُ بِالْخُرْصِ وَالشَّيْءِ، ثُمَّ تُلْقِيهِ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ "
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، وأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (958) مسلم حديث (885، 886) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 507، 508).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1449) ومسلم حديث (884) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان بهذا الله، وانظر: اللؤلؤ حديث (505).
الشرح:
هذه صفة صلاة العيد، ويسن للنساء شهود صلاة العيد في معزل عن الرجال، حتى ربات الخدور، والحيّض في معزل عن المصلى.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1643 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدِ "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، قال: الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو ابن يناق ثقة له أحاديث، وطاووس، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
395 -
باب لَا صَلَاةَ قَبْلَ الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهَا
1644 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قال: حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:" أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا"
(2)
. قيل لأبي محمد: تقول بهذا؟ قال لي وأومأ: أي نعم.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ وعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، هو الأنصاري كوفي ثقة، روى له الستة، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وفي العيدين أخرجه البخاري حديث (962) ومسلم حديث (884) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 505).
(2)
رجاله ثقات، وفي العيدين أخرجه البخاري حديث (964) ومسلم حديث (884) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
الشرح:
إذا كانت الصلاة في الصحراء فلا صلاة قبل ولا بعد صلاة العيد، أما إذا كانت في مسجد الحي كما هو الحال اليوم فتلى قبها تحية المسجد ركعتين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
396 -
باب التَّكْبِيرِ في الْعِيدَيْنِ
1645 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، فِي الأُولَى سَبْعاً، وَفي الأُخْرَى خَمْساً، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ
الْخُطْبَةِ "
(1)
.
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنِ الْحَجَّاجِ، هو أبو العباس المروزي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ سَعْدِ ابْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ، ضعيف، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، هو من أفراد الدارمي، وأَبوه، هو محمَّد بن عمار بن سعد القَرَظ، تابعي مستور، وجَدُّهُ، عمار ابن سعد مقبول لم تثبت له صحبة.
الشرح: رغم ضعف هذه الرواية إلا أن العمل على هذا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
397 -
باب الْقِرَاءَةِ في الْعِيدَيْنِ
1646 (1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ، عن أبيه، عن حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ:"كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فَقَرَأَ بِهِمَا "
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، سُفْيَانُ، هو الثوري، وإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وأَبوه، هو محمد بن المنتشر بن الأجدع، وحَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، هو مولى النعمان وكاتبه
(1)
فيه ضعفاء، وأخرجه ابن ماجه حديث (1277).
(2)
رجاله ثقات، وتقدم سندا ومتنا.
ثقة، والنُّعْمَانُ بْنِ بَشِيرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه سنة في صلاة العيد وفي الجمعة، ومن قرأ بغيرهما فلا حرج، وإذا وافق العيد يوم الجمعة فقرأ بهما فتلك سنة، ومن قرأ بغيرهما فلا حرج.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
398 -
باب الْخُطْبَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ
1647 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سَلَمَةُ - يعْنِى ابْنَ نُبَيْطٍ - قال: حَدَّثَنِي أَبِي أَوْ نُعَيْمُ بْنُ أَبِى هِنْدٍ، قَالَ:" حَجَجْتُ مَعَ أَبِي وَعَمِّي فَقَالَ لِي أَبِي: تَرَى ذَاكَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ الَّذِى يَخْطُبُ؟ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، سَلَمَةُ بْنَ نُبَيْطٍ، هو أبو فراس الأشجعي، تابعي ثقة وأَبوه، نبيط بن شريط الأشجعي، من صغار الصحابة، أَوْ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ
(2)
، وهو النعمان بن أشيم، ثقة رمي بالنصب، روى له الستة عدا البخاري تعليقا
(3)
، والشك من أبي نعيم، وقد ورد عند ابن سعد من غير شك، وأَبوه وَعَمُّهُ، وجده شريط أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاري في تاريخه عن سلمة هذا.
الشرح: فيه جواز الخطبة على الرحلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
399 -
باب خُرُوجِ النِّسَاءِ في الْعِيدَيْنِ
1648 -
(1) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: " أَمَرَنَا بِأَبِي هُوَ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَإِنَّهُنَّ يَعْتَزِلْنَ الصَّفَّ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (20812، 20818) وأبو داود حديث (1916) والنسائي حديث (3007، 3008) وابن ماجة حديث (1286) وصححه الألباني عندهم.
قلت: نبيط بن شريط له الرؤية المذكورة، ووالده شريط صحابي.
(2)
في بعض النسخ الخطية زيادة " عن أبي قلابة ".
(3)
في بعض النسخ الخطية زيادة " عن أبي قلابة ".
الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لإِحْدَاهُنَّ الْجِلْبَابُ؟ " قَالَ: «تُلْبِسُهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا»
(1)
.
رجال السند:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، هو الخوارزمي، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، هو العمي، هِشَامٌ، هو ابن عروة، هم أئمة ثقات تقدموا، وحَفْصَة، وأُمُّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
خروج النساء لصلاة العيد استحبابا وليس وجوبا، والمراد بالعواتق البالغات حديثا، وهن ربات الخدور؛ لأن من عادتهم إذا راهقت الفتاة حجبت في الستر.
400 -
باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ يَوْمَ الْعِيدِ
1649 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " شَهِدْتُ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئاً عَلَى بِلَالٍ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ:
«تَصَدَّقْنَ» فَذَكَرَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ جَهَنَّمَ، فَقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سَفِلَةِ
(2)
النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «لأَنَّكُنَّ تُفْشِينَ الشَّكَاءَ وَاللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» فَجَعَلْنَ يَأْخُذْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ وَأَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ يَطْرَحْنَهُ في ثَوْبِ بِلَالٍ يَتَصَدَّقْنَ بِهِ"
(3)
.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، جَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد الغالب وليس الكل ففيهن نساء طيبات المعشر، وأراد أن منهن من تجحد نعمة الزوج، ويكثر اللعن في شتمهن.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (324) ومسلم حديث (890) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 511).
(2)
ليست من علية النساء، ولعلها من المملوكات.
(3)
رجاله ثقات، وتقدم.
قوله: " وذكر شيئا من أمر جهنم " المراد قوله: «يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار»
(1)
، فبادرن إلى الصدقة استجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بهذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء زمانه، فماذا يقول لو رأى نساء هذا العصر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1650 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هَذَا
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
401 -
باب إِذَا اجْتَمَعَ عِيدَانِ في يَوْمٍ
1651 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ ابْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ قَالَ:" شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: أَشَهِدْتَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا في يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ ثُمَّ رَخَّصَ في الْجُمُعَةِ فَقَالَ ": «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ»
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وعُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو أبو المغيرة الثقفي، ثقة روى له البخاري، وإِيَاسُ بْنُ أَبِي رَمْلَةَ، هو تابعي تفرد عنه عثمان بن المغيرة، جهلة النقاد، ومُعَاوِيَةُ وزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
رغم ضعف هذا السند إلا أن العمل عليه، إذا كان العيد يوم جمعة فمن شاء صلى مع الإمام، ومن شاء اكتفى بصلاة العيد وصلى ظهرا.
(1)
البخاري حديث (304).
(2)
رجاله ثقات، وتقدم.
(3)
فيه إياس بن أبي رملة جهله علماء، وأخرجه أبو داود حديث (1070) والنسائي حديث (1591) وابن ماجه حديث (1310) وصححه عندهم الألباني رحمه الله.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
402 -
باب الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ
1652 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الأصم، وفُلَيْحٌ، هو ابن سليمان الخزاعي، هما إمامان ثقتان تقدما، وسَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري تابعي ثقة، روى له الستة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
لفائدتين: أن يكون أحد الطريقين أطول فيحصل أجر الخطوات، أو يجد فيه من الفقراء فيتصدق عليهم، لإغنائهم عن السؤال في ذلك اليوم، لتعم الفرحة الجميع.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
ومن كتاب الزكاة
403 -
باب فِي فَرْضِ
(2)
الزَّكَاةِ
1653 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذاً إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْماً أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ
(1)
رجاله ثقات، علقه البخاري حديث (986) و أخرجه الترمذي حديث (541) وقال: حسن غريب، وابن ماجه حديث (1301) وصححه الألباني رحمه الله.
(2)
في بعض النسخ الخطية " فضل " وهو تحريف.
حِجَابٌ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، هو المكي، ويَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، هو المكي ثقة، روى له الستة، وأَبو مَعْبَدٍ، هو نافذ مولى ابن عباس، تابعي ثقة روى له الستة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه إلى أنه سيجد قوما من أهل اليمن هم أهل كتاب يؤمنون بالله عز وجل، فليكن أول ما يدعوهم إلى توحيد الله جل جلاله، فإن هم شهدوا ألا إله إلا الله، فقد نطقوا بتوحيد الألوهية، وعليهم أن يوحدوا المتبوع بشهادة أن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا، فليخبرهم أن الله فرض عليهم صلادة يؤدونها خمس مرات في اليوم والليلة، فإن هم استجابوا لذلك، فليخبرهم بفريضة الزكاة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، وردها على فقرائهم أدعى للقبول، وأمره أن يجتنب كرائم أموالهم الطيب الغالي، ويأخذ ما دون ذلك الوسط، ولا يأخذ الردي منها، فالكرائم تبقى لهم والوسط تؤخذ منه الزكاة، وأمره بالعدل في معاملتهم، وأن يحذر الظلم فإن دعوة المظلوم لا تحجب عن الله عز وجل ولو كان المظلوم كافرا، وهذا التدرج قاعدة في الدعوة إلى الله عز وجل، وترغيب المدعو في الخير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
404 -
باب مَنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ
؟
1654 -
أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالْكِسْرَةُ وَالْكِسْرَتَانِ أوْ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لَيْسَ لَهُ غِنًى يُغْنِيهِ يَسْتَحْيِي أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ إِلْحَافاً أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1395) ومسلم حديث (19) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 12).
إِلْحَافاً»
(1)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، هو الجمحي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
ليس المراد نفي الصدقة على المسكين الذي يقنع بالشيء اليسير، وهو يلح في السؤال، ويقبل ما يعطى، ولكن أراد التنبيه إلى من هو أشد حاجة، ولكن الحياء يمنعه من السؤال والإلحاح فيه، وهذ الصنف من المساكين يغفل عنه الكثيرون، وفي هذا توجيه إلى البحث والتحري عن الذي يستحي من السؤال، وهو في حاجة إلى الصدقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
405 -
باب مَنْ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
1655 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلاَّ أُقْعِدَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ ذَاتُ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا وَتَنْطَحُهُ ذَاتُ الْقَرْنِ بِقَرْنِهَا، لَيْسَ فِيهَا يَوْمَئِذٍ جَمَّاءُ وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: «إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا وَمِنْحَتُهَا وَحَلَبُهَا عَلَى الْمَاءِ وَحَمْلٌ عَلَيْهَا في سَبِيلِ اللَّهِ»
(2)
.
رجال السند:
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم ابن تدرس، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح: قوله: «وَمِنْحَتُهَا» المراد إهداء منافعها من حليب وغيره مع بقاء ملك العين، وتطلق على الموهوبة أيضا.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1476) ومسلم حديث (1039) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 616).
(2)
فيه تدليس أبي الزبير، وأخرجه مسلم حديث (988).
وهذا وعيد شديد لمانعي زكاة بهيمة الأنعام، وعذابهم بأن تدوسهم بأظلافها، وتنطحهم بقرونها يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وهذا فيه فضح لهم، ومن وراء ذلك عذاب عظيم، وسيأتي تفصيل زكاة كل صنف من بهيمة الأنعام.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1656 -
(2) حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يَفْعَلُ فِيهَا حَقَّهَا إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ قَطُّ أُقْعِدَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَسْتَنُّ عَلَيْهِ بِقَوَائِمِهَا وَأَخْفَافِهَا، وَلَا صَاحِبِ بَقَرٍ لَا يَفْعَلُ فِيهَا حَقَّهَا إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ قَطُّ وَأُقْعِدَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِقَوَائِمِهَا، وَلَا صَاحِبِ غَنَمٍ لَا يَفْعَلُ فِيهَا حَقَّهَا إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ وَأُقْعِدَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا لَيْسَ فِيهَا جَمَّاءُ وَلَا مَكْسُورٌ قَرْنُهَا، وَلَا صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يَفْعَلُ فِيهِ حَقَّهُ إِلاَّ جَاءَ كَنْزُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً
(1)
أَقْرَعَ يَتْبَعُهُ فَاتِحاً فَاهُ، فَإِذَا أَتَاهُ فَرَّ مِنْهُ فَيُنَادِيهِ خُذْ كَنْزَكَ الَّذِي خَبَّأْتَهُ قَالَ: فَأَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ، فَإِذَا رَأَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ سَلَكَ يَدَهُ فِي فَمِهِ فَيَقْضَمُهَا قَضْمَ الْفَحْلِ»
(2)
.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: هَذَا الْقَوْلَ، ثُمَّ سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: مِثْلَ قَوْلِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ
(3)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، هو أبو عبد الرحمن النيسابوري، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ، هو ابن همام الصنعاني، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح:
أنظر السابق وزاد هنا صاحب الكنز الذي لا يؤدي زكاته، يصور كنزه ثعبانا عظيما يطارده فاتحا فمه على الصفة المذكورة، والكنز يكون من الذهب والفضة، قال الله
(1)
المراد ثعبان، أو حية.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (988).
(3)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(1)
، والمراد بالنفقة إخراج زكاتها، والتصدق منها في أوجه الخير والبر والصلة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1657 -
(3) قَالَ: وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الإِبِلِ؟ قَالَ: «حَلَبُهَا عَلَى الْمَاءِ، وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا، وَإِعَارَة فَحْلِهَا، وَمِنْحَتَهَا، وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الزُّبَيْرِ، محمد بن مسلم تقدم آنفا، وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، هو أبو عاصم مكي ثقة.
الشرح:
المراد بحقها المبذول غير الزكاة، لا يمنع مار من حليبها، ويعار دلو سقيها، ويعار فحلها، وتعطى منها المنيحة مع بقاء ملكها، ويحمل عليها الحاج والمجاهد، كل هذا بدون مقابل إلا الثواب من الله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1658 (4) أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ ابْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ
(3)
.
رجال السند:
الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، البجلي، وأبو الأحوص سلام بن سليم، والأعمش سليمان بن مهران والْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ، هو الأسدي، تابعي ثقة عُمّر، روى له الستة، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.
(1)
من الآية (24) من سورة التوبة.
(2)
رجاله ثقات، وانظر سابقه.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1460) ومسلم حديث (990) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 576).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
406 -
بابٌ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ
1659 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ صَدَقَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ الصَّدَقَةَ فَكَانَ: «فِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ سَائِمَةً شَاةٌ إِلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ شَاةً لَمْ يَجِبْ فِيهَا إِلاَّ ثَلَاثُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعمِائَةٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ»
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ صَدَقَةَ، هو أبو عامر الأنصاري صدوق، وسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، ثقة انتقد في الزهري، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله بن عمر، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.
الشرح: لا مزيد على ما ورد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1660 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إِلَى شُرَحْبِيلَ ابْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثَةٌ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثَمِائَةٍ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ»
(2)
.
(1)
فيه سفيان بن حسين في روايته عن الزهري كلام، وأخرجه البخاري حديث (1455).
(2)
تكلم العلماء في سنده، والعمل عليه عند أهل العلم، ولم يلتفتوا إلى ما قيل في السند، قال ابن عبد البر: هو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم، معرفة يُستغنى بشهرتها عن الإسناد، لأنه أشبه التواتر في مجيئه، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة (التمهيد 17/ 338) وقال ابن عبد الهادي: لا أعلم في جميع الكتب كتابا أصح من كتاب عمرو بن حزم، كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون يرجعون إليه ويدعون آراءهم (التنقيح 1/ 412) وأخرجه النسائي حديث (4854، 4855، 4857) وضعفه الألباني رحمه الله.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو القنطري، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي، وسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيِّ، هو من أهل دمشق، ثقة وليس هو سليمان بداود اليمامي الضعيف، والزُّهْرِيُّ، وأَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، هو الأنصاري من بني النجار، إمام ثقة عالم بالقضاء، وأَبوه، محمد بن عمرو بن حزم، هو أبو عبد الملك الأنصاري، تابعي يروي عن الصحابة، كان فقيها روى عنه جماعة من أهل المدينة، وجَدُّهُ، عمرو بن حزم، رضي الله عنه.
الشرح:
يشترط في زكاة بهيمة الأنعام ما يشترط في الأضحية، فلا بد أن تكون خالية من العيوب، وأن تبلغ سن الاجزاء، فالغنم الضأن والماعز مستوية في بلوغ النصاب، ولكن زكاة الماعز يجب أن تكون ثنية تم لها سنة، والضأن يجزئ منه الجذع وهو ما له ستة أشهر فأكثر، وتؤدى الزكان بناء على التفصيل الوارد في كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1661 -
(3) حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّه رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لَهُمْ كِتَاباً فَذَكَرَ نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، وعَبْدُ الرَّزَّاقِ، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، هو أبو محمد الأنصاري، ليس له عقب كان ثقة كثير الحديث، وأَبوه، أبو بكر بن محمد، وجَدُّهُ، محمد ابن عمرو بن حزم، هم ثقات تقدموا.
(1)
أنظر السابق.
الشرح: انظر ما تقدم
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
407 -
بابٌ في زَكَاةِ الْبَقَرِ
1662 -
(1) حَدَّثَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَالأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: قَالَ مُعَاذٌ: " بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعاً أَوْ تَبِيعَةً "
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، والأَعْمَشُ، وشَقِيقٌ، هو ابن سلمة، ومَسْرُوقٌ، هو ابن سعيد، وإِبْرَاهِيمٌ، هو النخعي، ومُعَاذٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
ليس فيم دون ثلاثين من البقر زكاة، وزكاة الثلاثين تبيع أو تبيعة والمراد التابع لأمه، وهو ما تم له سنة، والمسنة ما تم لها سنتان، وهذا في مراعاة لحالات النصب، ثم في كل ثلاثين تبيعه وهي أحب من الذكر، وفي كل أربعين مسنة، فلو بلغت ستين ففيها تبيعان عن كل ثلاثين تبيع، ولكن في السبعين مسنة عن أربعين، وتبيع عن ثلاثين، وعلى هذا المنوال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1663 -
(2) حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ:" بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ ثَلَاثِينَ تَبِيعاً حَوْلِيًّا، وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً "
(2)
.
رجال السند:
عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، هو اليربوعي لابأس به، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وعَاصِمٌ، هو الأحول، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق، ومَسْرُوقٌ، هم ثقات تقدموا، ومُعَاذٌ، رضي الله عنه.
(1)
السند إلى مسروق رجاله ثقات، وإبراهيم لم يدرك معاوية، وأخرجه والترمذي حديث (623) وقال: حسن، وأبو داود حديث (1577، 1578) والنسائي حديث (2450) وابن ماجه حديث (1803) وصححه عندهم الألباني رحمه الله.
(2)
سنده حسن، وانظر: السابق.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1664 -
(3) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، بِنَحْوِهِ
(1)
.
رجال السند: أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وأَبو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، هما ثقتان تقدما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
408 -
باب زَكَاةِ الإِبِلِ
1665 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَإِبْرَاهِيمُ ابْنُ صَدَقَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَتَبَ الصَّدَقَةَ، فَلَمْ يُخْرَجْ إِلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قُبِضَ أَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ، أَخَذَهَا عُمَرُ فَعَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَلَقَدْ قُتِلَ عُمَرُ وَإِنَّهَا لَمَقْرُونَةٌ بِسَيْفِهِ أَوْ بِوَصِيَّتِهِ، وَكَانَ فِي صَدَقَةِ الإِبِلِ فِي كُلِّ
(2)
خَمْسٍ شَاةٌ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْساً وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ
(3)
فَابْنُ لَبُونٍ
(4)
ذَكَرٌ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا بِنْتُ
لَبُونٍ
(5)
إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا جَذَعَةٌ
(6)
إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا حِقَّتَانِ
(1)
سنده حسن، وانظر السابق
(2)
ليس في (ت) والأدق إثباتها.
(3)
المخاض من الإبل: هي التي دخل ولدها في السنة الثانية وتسمى مخاضا، وإن لم تكن لأنها مهيئة للحمل، والعشراء (الحامل).
(4)
ابن اللبون من الإبل ما دخل في السنة الثالثة من عمره، وسمي بذلك لأن أمه أصبحت ذات لبن، لكونها حملت بعده حملا آخر.
(5)
ابن اللبون من الإبل ما دخل في السنة الثالثة من عمره، وسمي بذلك لأن أمه أصبحت ذات لبن، لكونها حملت بعده حملا آخر.
(6)
ما دخل في السنة الخامسة من عمره.
إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا في كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ"
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، هو أبو سهل، إمام ثقة حافظ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ صَدَقَةَ، هو أبو عامر الأنصاري صدوق، وسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، ثقة انتقد في الزهري، والزُّهْرِيُّ، هو محمد بن مسلم، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله بن عمر، هما إمامان تقدما، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.
الشرح:
في الإبل ثلاثة حقوق:
الأول: حق مبذول غير الزكاة، وهو لا يمنع مار من حليبها، ويعار دلو سقيها، ويعار فحلها، وتعطى منها المنيحة مع بقاء ملكها، ويحمل عليها الحاج والمجاهد، كل هذا بدون مقابل إلا الثواب من الله عز وجل.
الثاني: فرض الزكاة، ولكن ليس من أعيانها من الخمس إلى العشرين، بل من الغنم، فالخمس زكاتها شاة واحدة، والعشر زكاتها شاتان، وخمس عشرة زكاتها ثلاث شياه، والعشرون زكاتها أربع شياه.
الثالث: حق في أعيانها تخرج زكاتها منها إذا بلغت خمسا وعشرين فما فوق وفق المنصوص عليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1666 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
رضي الله عنهما، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ
(2)
.
رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هو الفزاري، لا بأس به وأَبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هو إبراهيم بن محمد، وسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
فيه سفيان بن حسين في روايته عن الزهري كلام، وتقدم طرفه في زكاة الغنم.
(2)
انظر: السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
409 -
بابٌ في زَكَاةِ الوَرِقِ
1667 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ:«إِنَّ فِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ شَيْءٌ»
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي، وسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيِّ، وأَبو بَكْرِ ابْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وأَبوه، محمد بن عمرو بن حزم، وجَدُّهُ، هم ثقات تقدموا قريبا، وعمرو بن حزم، رضي الله عنه.
الشرح:
أصبحت العملة الورقية هي الدارجة بأيدي الناس في جميع البلدان، وهي عبار عن صكوك، مخزونها الفضة، وأصبح الدرهم من الفضة يساوي الريال من العملة الورقية، فخمس أواق من الفضة تساوي مئتي درهم، وهي تعادل مئتي ريال من العملة الورقية وزكاتها خمسة ريالات بواقع اثنين ونصف في المائة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1668 -
(2) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه رَفَعَهُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، هَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ» .
رجال السند:
الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ، هو السلولي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.
(1)
سنده حسن، وانظر: السابق، وتقدم طرفه في زكاة الغنم.
الشرح:
هذا سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (620) وقال: وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: كلاهما عندي صحيح عن أبي إسحاق. ومحمد هذا هو البخاري، وأبو داود حديث (1572، 1573، 1474) والنسائي حديث (2477، 2478) وصححه الألباني عندهما، ولا زكاة في الخيل؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط زكاتها تخفيفا، ولم يوجب الزكاة فيها أحد من العلماء إلا الحنفية أوجبوا زكاة السائمة منها.
أما إذا كانت للسباقات والتجارة فلا خلاف في وجوب الزكاة فيها.
أما الرقيق ففي هذا العصر لا يوجد رقيق بالمسمى الشرعي، وما يسمى بتجارة البشر عدوان على حريات الناس واستغلال ضعفهم، وتسخيرهم للبيع وهم أحرار.
والمراد بالرقَةِ: الفضة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
410 -
باب النَّهْيِ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُفَتَرِقِ
(1)
.
1669 -
(1) أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي لَيْلَى - هُوَ الْكِنْدِيِّ - عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ:" أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَرَأْتُ فِي عَهْدِهِ: أَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ ".
رجال السند:
الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، هو الملقب شاذان، أصله من الشام، ثقة صالح الحديث، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، وعُثْمَانُ الثَّقَفِيُّ، هو أبو المغيرة الكوفي، ثقة روى له البخاري، وأَبو لَيْلَى الْكِنْدِيُّ هو كوفي مختلف في اسمه، تابعي ثقة، وسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، هو أبو أمية الكوفي، مخضرم من كبار التابعين.
الشرح:
في سنده شريك بن عبد الله، أرجح أنه حسن الحديث أخرجه أبو داود حديث (1580) وابن ماجه حديث (1801) وعند البخاري من حديث أنس حديث (1450) وحسنه الألباني عندهما.
مثال التفريق بين مجتمع تجب فيه الزكاة باجتماعه، أن يكون لشخصين مئتان وعشر
(1)
في (ك) المتفرق، وكلاهما يصح.
شياه زكاتها ثلاث شياه، وإذا اقتسماها هروبا من الزكاة فتسقط عنهما شاة من الثلاث، ويصبح على كل واحد منهما شاة واحدة، وهذا محرم؛ لأن اقتسمهما هروب من الواجب الشرعي وهو ثلاث شياه. ومثال الجمع بين المتفرق هروبا من الزكاة أن يكون لثلاثة أشخاص مائة وعشرون شاة، لكل واحد منهم أربعين شاة، زكاة كل واحد منهم شاة واحدة فيلزم الثلاثة ثلاث شياه، فإذا اجتمعوا على مائة وعشرين كانت الزكاة شاة واحدة، وهذا هروب من الثلاث، وهو عمل محرم؛ لأن فيه منعا للواجب الشرعي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
411 -
باب النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ كَرَائِمِ أَمْوَالِ النَّاسِ
1670 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ مُعَاذاً إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وزَكَرِيَّا، هو ابن إسحاق المكي، ويَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، وأَبو مَعْبَدٍ، هو نافذ مولى ابن عباس، هم ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا من سماحة الإسلام وعدل الشريعة، ألا يؤخذ في زكاة الأنعام الغالي والكريم على مالكه، بل ما دونه وهو الوسط منها، وهذا أطيب لنفس المالك، وأيسر عليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
412 -
باب مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِنَ الْحَيَوَانِ
1671 -
(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ عَلَى فَرَسِ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى غُلَامِهِ صَدَقَةٌ» .
رجال السند:
(1)
رجاله ثقات، وتقدم مطولا وهو متفق عليه.
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، هو الهلالي، وعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، هو الكناني تابعي ثقة، روى له السنة، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1463) ومسلم حديث (982) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 568)، وانظر ما تقدم برقم 1661.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
413 -
باب مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ:
1672 -
(1) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى،
عَنْ أَبِيهِ
(1)
، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ صَدَقَةٌ، وَليس فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعاً، وَالصَّاعُ مَنَوَانِ وَنِصْفٌ في قَوْلِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَرْبَعَةُ أَمْنَاءٍ في قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانَ، وعَمْرِو بْنِ يَحْيَى، هو المازني، وأَبوه، هو يحيى بن عمارة الأنصاري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " منوان " مثنى مفرده: منا وهو مكيال يساوي رطلين، وعليه فالصاع يساوي خمسة أرطال، على قول أهل الحجاز، وعشرة أرطال على قول أهل العراق وهو ستة كيلو جرام، وربع، والوسق يساوي: ثلاثمائة وخمسة وسعيين كيلو جرام. وخمسة أوسق هي ثلاثمائة صاع، وهذا نصاب الحبوب والتمور، كل ما يكال ويدخر،
(1)
ليس في (ت، ك) والصواب إثباته، وهو عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1405) ومسلم حديث (979) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 567).
وخمس أواق هي نصاب الفضة، وهي مئتا درهم، انظر ما تقدم برقم 1665، والمراد بالذود الخمس من الإبل وهي أقل نصاب الزكاة فيها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1673 -
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ مِنْ حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1674 -
(3) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ": «إِنَّ فِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ شَيْءٌ»
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو القنطري، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي، وسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلَانِيِّ، هو من أهل دمشق، ثقة وليس هو سليمان بن داود اليمامي الضعيف، والزُّهْرِيُّ، وأَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، هو الأنصاري من بني النجار، إمام ثقة عالم بالقضاء، وأَبوه، محمد بن عمرو بن حزم، هو أبو عبد الملك الأنصاري،
(1)
رجاله ثقات، وانظر السابق.
(2)
سنده حسن، وتقدم.
تابعي يروي عن الصحابة، كان فقيها روى عنه جماعة من أهل المدينة، وجَدُّهُ، عمرو بن حزم، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1667، 1672.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
414 -
باب فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ
1675 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرَيَّا، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ حُجَيَّةَ بْنِ عَدِىٍّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه:
" أَنَّ الْعَبَّاسَ رضي الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ "
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: آخُذُ بِهِ وَلَا أَرَى في تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بَأْساً.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ إمام تقدم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرَيَّا، هو أبو زياد الواسطي ثقة، والْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، هو الواسطي صدوق، روى له الأربعة، والْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ إمام تقدم، وحُجَيَّةُ بْنُ عَدِىٍّ، هو الكندي تابعي صدوق، وعَلِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه جواز تقديم الزكاة عند الحاجة، ولاسيما إذا طلبها ولي الأمر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
415 -
باب مَا يَجِبُ فِي مَالٍ سِوَى الزَّكَاةِ
1676 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الطُّفَيْلِ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ في أَمْوَالِكُمْ حَقًّا سِوَى
(1)
سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (822) وفي الزكاة أبو داود حديث (1642) والترمذي حديث (678، 679) وقال: حديث إسماعيل بن زكريا عندي أصح، وحسنه الألباني رحمه الله، وابن ماجه حديث (1795).
الزَّكَاةِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ الطُّفَيْلِ، هو أبو جعفر النخعي كوفي صدوق، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، وأَبو حَمْزَةَ، هو ميمون الأعور ضعيف، وعَامِرٌ، هو الشعبي إمام تقدم، وفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، رضي الله عنها.
الشرح: المراد بقوله: " حق " ما يلزم به المسلم نفسه من أعمال البر، كالصدقة على الفقراء، وصلة الأرحام، والنفقة في الصدقات الجارية، ومن أعظم الصدقات ما يصرف على القرابة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
416 -
باب فِي مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى غَنِيٍّ
16677 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، ثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيُّ، أَنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُ قَالَ:" بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي، وَخَطَبَ عَلَيَّ فَأَنْكَحَنِي، وَخَاصَمْتُ إِلَيْهِ، كَانَ أَبِي " يَزِيدُ " أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ بِهَا. فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ: «لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ يَا مَعْنُ مَا أَخَذْتَ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبُو الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيُّ، هو مشهور بكنيته، وهو حطان بن خفاف تابعي ثقة، ومَعْنَ بْنَ يَزِيدَ، رضي الله عنه.
الشرح:
كان يزيد أبو معن أعطى رجلا دنانير، وأذن له أن يتصدق بها على المحتاجين، لكن معنا أخذها من الرجل، وأعلم أباه أنه أخذ الدنانير، ولم يرض يزيد بما فعل معن؛ لأن أباه أراد الفقراء، ومعن ابن غني، فاحتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقر يزيدا
(1)
فيه ميمون أبو حمزة الأعور ضعيف، وأخرجه الترمذي حديث (660، 659) وقال: هذا حديث إسناده ليس بذاك، وضعفه الألباني رحمه الله رحمه الله، ومن طريق أخرى عن شريك أخرجه ابن ماجه (ليس في المال
…
) حديث (1789) قال الألباني رحمه الله: ضعيف منكر.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1422).
على ما نوى، أي أن له ثواب ما نوى من الصدقة، وأقر معنا على أخذ الدراهم، على سبيل أنها صدقة عليه وهو غني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
417 -
باب مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ
16678 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ رَيْحَانَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ»
(1)
.
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِى قَوِىٍّ]
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، هو بن عبدالرحمن بن عوف ورَيْحَانُ بْنُ يَزِيدَ، هو العامري أعرابي ثقة، وعَبْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو ابن العاص رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد أن الصدقة وهي الزكاة لا تجوز لغني، ولا لقوي قادر على الكسب، ولا لصاحب هيئة سوي الخلق، صحيح البدن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1679 -
(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ أَوْ خُدُوشٌ» .
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْغِنَى؟ قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَماً أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ»
(3)
.
رجال السند: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق تقدم، وحَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، هو كوفي رمي بالتشيع، ضعّف ولم ينفرد بالرواية، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
(1)
فيه ريحان المرجح أنه صدوق، وأخرجه الترمذي حديث (652) وقال: حسن، وأبو داود حديث (1634) وصححه الألباني رحمه الله.
(2)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
(3)
فيه حكيم بن جبير ضعيف، وأخرجه الترمذي حديث (650) وقال: حسن.
يَزِيدَ، هو أبو جعفر النخعي ابن أخي الأسود بن يزيد النخعي، كوفي ثقة، وأَبوه، هو أبو بكر عبد الرحمن بن يزيد النخعي، تابعي إمام فقيه، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن من يسأل وهو غني، ليست الحاجة التي دفعته للسؤال، بل التمول وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وهو اعتداء على حق الفقير المحتاج، ولكونه لم يستحي من السؤال عاقبه الله عز وجل بأن يأتي يوم القيامة، وفي وجهه خموش وكدوش، وهذا فضح له على رؤوس الأشهاد، وقد يناله عذاب النار.
ثم سئل صلى الله عليه وسلم عن الغنى، فقدره بملك ما زاد عن حاجته، وهو خمسون درهما فضة أو قيمتها من الذهب، والعجب في هذا الزمان الذي يتسول فيه البعض ويتنقل من مكان لآخر بسيارة قيمتها فوق ستين ألف ريال، ومن ضبط منهم وجدت عنده عشرات الألوف، فما حال هؤلاء يوم القيامة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
16680 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، هم ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
418 -
باب الصَّدَقَةِ لَا تَحِلُّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا لأَهْلِ بَيْتِهِ
1681 -
(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَخَذَ الْحَسَنُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا في فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كِخْ كِخْ أَلْقِهَا، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟»
(2)
.
(1)
انظر: السابق.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1491) ومسلم حديث (1069) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، هو الجمحي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
اختلف العلماء في من هم آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة، والأقرب إلى الصواب أنهم بنوا هاشم وآل المطلب بن عبد مناف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» ، ثم شبك رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إحداهما في الأخرى
(1)
.
وهم أبناء الأخوين: هاشم والمطلب، ولذلك دخلوا معهم في الحصار، وناصروهم على قريش، فهم أولى بالقرب من غيرهم، فأوجب لهم خمس الخمس، وحرمت عليهم الصدقة المفروضة وهي الزكاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد»
(2)
، فأغناهم عنها بالخمس، وما يعطون من غير الزكاة المفروضة، فهو هدية وليس صدقة، لقول عائشة رضي الله عنها:"دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرجل يفور بلحم "، فقال:«من أين لك هذا؟» قلت: " أهدته لنا بريرة، وتصدق به عليها " فقال: «هذا لبريرة صدقة، ولنا هدية»
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1682 -
(2) أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَي، عَنْ أَبِى لَيْلَى رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَأَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَقَالَ:«أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ؟»
(4)
.
رجال السند: الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا زُهَيْرٌ، هو ابن معاوية، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، هو أبو محمد الأنصاري، حفيد عبد الرحمن بن أبي ليلى، كوفي ثقة روى له الستة،
(1)
السنن الكبير للبيهقي حديث (12953).
(2)
مسلم حديث (1072).
(3)
أحمد حديث (25468).
(4)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
وعِيسَى، هو والد عبد الله، وهو ابن عبد الرحمن، ثقة روى له الأربعة، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَي، هو أبو عيسى المتقدم، وأَبو لَيْلَى، هو يسار بن بلال، رضي الله عنه، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد معه أحدًا وما بعدها من المشاهد.
وقد اجتمع في هذا السند الصحابي الجد، وابنه عبد الرحمن، وابن ابنه عيسى، وعبد الله حفيد ابنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
419 -
باب التَّشْدِيدِ عَلَى مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنِيٌّ
1683 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قال: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُلْحِفُوا بِيْ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَوَاللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ شَيْئاً فَأُعْطِيَهُ وَأَنَا كَارِهٌ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ»
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، ووَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وأَخوه، همام، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُعَاوِيَةُ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا وعيد بنزع البركة مما يعطى المُلِح في السؤال؛ لأن الإلحاح ضد خلق الحياء، فالملحف لا يستحي من إحراج المسئول حتى يعطي وهو كاره، والإلحاح في السؤال خلق ذميم وسيء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1684 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ- قال: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ مَسْأَلَةً وَهُوَ عَنْهَا غَنِيٌّ كَانَتْ شَيْناً
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1038).
فِي وَجْهِهِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وسَعِيدٌ، وقَتَادَةُ، وسَالِمُ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، هو اليعمري شامي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، ثَوْبَانُ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
420 -
بابٌ فِي الاِسْتِعْفَافِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ
1685 -
أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوا فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ
مِنَ الصَّبْرِ»
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ ومَالِكٌ، هو الإمام، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعَطَاءُ ابْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا حث على عدم المسألة، وصيانة النفس عنهما، والتزام العفة عما في أيدي الناس، والاستغناء بالله عز وجل وطلب الرزق من غير المسألة، وهي تربية للأمة على عزة النفس ورفعتها.
(1)
رجاله ثقات، وأصله الصحيحين عن ابن عمر؛ البخاري حديث (1474) وعن أبي هريرة مع اختلاف في اللفظ مسلم حديث (1041) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 617).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1469) ومسلم حديث (1053) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 627).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
421 -
باب النَّهْيِ عَنْ رَدِّ الْهَدِيَّةِ
1686 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: سَمِعْتُ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُذْهُ، وَمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ»
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، اللَّيْثُ، ويُونُسُ، وابْنُ شِهَابٍ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن عمر رضي الله عنهما.
الشرح: هذا استعفاف وإيثار من عمر رضي الله عنه، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما يعطى المسلم من غير تطلع ولا مسألة لا غضاضة عليه في ذلك، وإنما الاستعفاف يكون عن المسألة والاستشراف لما عند الآخرين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1687 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُمَرَ: بِنَحْوِهِ
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، والزُّهْرِيُّ، هو أئمة ثقات تقدموا، والسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، صحابي صغير تقدم، حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، هو القرشي من مسلمة فتح
مكة، ولا تعرف له رواية، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّعْدِيِّ، هو من مسلمة الفتح، والسعدي
(1)
فيه كاتب الليث عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (1473) ومسلم حديث (1045) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 619).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (7163) ومسلم حديث (1045، 2452، 2453) وانظر: السابق.
اسمه عمرو بن وقدان، وعُمَرُ، هو ابن الخطاب رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1688 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ: فَذَكَرَ نَحْواً مِنْهُ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ ابْنِ سَعِيدٍ، هو مولى الحضرميين، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ السَّعْدِيّ، تقدم آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
422 -
باب النَّهْىِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ
1689 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَقَالَ:«يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ»
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيِّ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1679.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
423 -
باب مَتَى يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ الصَّدَقَةُ
؟
1690 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامٌ عن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(1)
رجاله ثقات، وانظر السابقين.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1472) ومسلم حديث (1035) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث (614).
«خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَلْيَبْدَأْ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ» .
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، اللَّيْثُ، هِشَامٌ
(1)
، هو ابن عروة، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
في سنده عبد الله بن صالح، وأراه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (1426) ومسلم حديث (1034) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.
والمراد ما كان زائدا عن حاجته، ومن يعول، فأفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية لأهله وعياله، حتى لا يحتاج إلى السؤال، بل يستبقي من ماله ما يستعين به على النوائب، وأيضا يراعي حال الورثة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه:«إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس»
(2)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
424 -
باب فِي فَضْلِ الْيَدِ
(3)
الْعُلْيَا
1691 -
(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»
(4)
.
قَالَ: وَالْيَدُ الْعُلْيَا يَدُ الْمُعْطِى، وَالْيَدُ السُّفْلَى يَدُ السَّائِلِ.
رجال السند: سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
في بعض النسخ الخطية " بن عروة " وهو تحريف.
(2)
انظر البخاري حديث (2742)
(3)
في بعض النسخ الخطية " يد ".
(4)
رجاله ثقات، وفي الزكاة أخرجه البخاري حديث (1429) ومسلم حديث (1033) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 612).
الشرح:
سقط هذا الباب من (ر/ 2)، والمراد يد المعطي، أفضل من يد المتلقي؛ لأن كونها تحت يد المعطي فيه شيء من الذلة، وهذا فيه تنفير من السؤال إلا لضرورة بالغة، وانظر التالي، وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1692 -
(2) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى ابْنَ طَلْحَةَ يَذْكُرُ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، هو أبو سعيد التميمي، كوفي ثقة روى له الشيخان، ومُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، هو التميمي كوفي تابعي ثقة، روى له الستة، وحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
425 -
باب أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ
؟
1693 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سُلَيْمَانُ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهَا قَالَتْ:" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ، فَوَافَقْتُ زَيْنَبَ - امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ - تَسْأَلُ عَمَّا أَسْأَلُ عَنْهُ، فَقُلْتُ لِبِلَالٍ رضي الله عنه: سَلْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْنَ أَضَعُ صَدَقَتِي عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ فِي قَرَابَتِي؟، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ: «أَيُّ الزَّيَانِبِ؟» . فَقَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: «لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ: الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ»
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، ومن طريق أبي نعيم أخرجه البيهقي (السنن الكبير حديث (8003، 8133) وهو متفق عليه، انظر: السابقين.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1466) ومسلم حديث (1034) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 584).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وسُلَيْمَانُ، هو الأعمش، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، هو أخو جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم صحابي قليل الحديث، وزَيْنَبُ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه فضل الصدقة على القرابة من النسب أو الرحم، فإن للمصدق عليهم أجران.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1694 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ
(1)
أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً نَخْلاً، وَكَانَتْ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ
(2)
، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا طَيِّب - فَقَالَ أَنَسٌ -: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}
(3)
قَالَ: إِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ - أَوْ رَائِحٌ (- وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ فِي الأَقْرَبِينَ» .
فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: " أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَّمَهُ أَبُو طَلْحَةَ فِي قَرَابَةِ بَنِي عَمِّهِ "
(4)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومَالِكٌ، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
(1)
في (ك) عن، وهو خطأ.
(2)
بفتح الباء الموحدة، وضم الراء المهملة، بستان أبي طلحة، موضع قبلي المسجد النبوي، يعرف بقصر بني جديلة انظر: معجم البلدان (1/ 382).
(3)
من الآية (92) من سورة آل عمران.
(4)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1461) ومسلم حديث (998) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 582).
الشرح:
قوله: " أَوْ رَائِحٌ " بالباء الموحدة، من الربح، أي ذو ربح ولا خسارة فيه، وبالياء المثناة من تحت: من الرواح وهو العودة، أي عائد، والمعنى أنه مال عائد بالخير في الدنيا والآخرة.
وهذا يؤيد أن القرابة من غير الورثة هم الأولى، وأن أجر صلتهم مضاعف، فالصدقة على الأقارب وضعفاء الأهلين أفضل منها على سائر الناس إذا كانت صدقة تطوع، وكذلك الصدقة المفروضة وهي الزكاة، لغير الورثة ومن تلزم النفقة عليه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
426 -
باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ
1695 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ هَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ:" مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ أَمَرَنَا فِيهَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، هو الملقب بندار إمام تقدم، ومُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، هو الدستوائي، لا بأس به، روى له الستة، وأَبوه، هشام بن حسان الدستوائي، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ هو البصري، هم أئمة تقدموا، وهَيَّاجُ بْنُ عِمْرَانَ، هو ابن الفضيل التميمي البرجمي، بصري ثقة قليل الحديث، روى له أبو داود، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
الحث على الصدقة لأهميتها في بناء المجتمع، وتكافل المسلمين، ولما لها من تأثير في فك الكربات، وإشعار المجتمع بأنهم إخوة يشد بعضهم بعضا، وقد ورد في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يؤيد هذه المعاني.
أما المثلة فهي حرام؛ لأنها خارجة عن العقوبات، وما جرت به العادة، والمثلة يكون فيها وحشية وعبث وانتقام، إما بجهل حرمتها، أو إيغال في التشفي، وهو أمر محرم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1696 - (2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو ابْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ، بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه،
(1)
أصله في حديث أنس أخرجه البخاري حديث (4192).
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ وعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، خَيْثَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَدِيُّ بْنُ حَاتِم، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا فيه الحث على الصدقة ولو بالقليل، فلا يحقر من العمل شيئا ولو شق تمرة، ولا يحقرن من الكلام الطيب شيئا ولو كلمة واحدة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»
(2)
، وقال صلى الله عليه وسلم:«يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
427 -
باب النَّهْيِ عَنِ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَا عِنْدَ الرَّجُلِ
.
1697 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ: دُحَيْمٌ، ثَنَا سَعِيدُ ابْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي وَأُسَاكِنَكَ، وَأَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(4)
.
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1413) ومسلم حديث (1016) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 596، 597).
(2)
مسلم حديث (2626).
(3)
مسلم حديث (720).
(4)
فيه سعيد بن مسلمة ضعيف، وعبد الرحمن بن أبي لبابة مجهول، وأخرجه أحمد بسند ضعيف حديث (15788) وعلقه أبو داود حديث (3320) والمشهور حيث كعب بن مالك الطويل أخرجه مسلم حديث (2769) وذكره البخاري معلقا بعد الحديث (1425) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1762).
رجال السند:
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ: دُحَيْمٌ، هو أبو سعيد إمام حافظ ثبت ناقد، وسَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو ابن هشام بن عبد الملك، أموي ضعيف، وإِسْمَاعِيلَ ابْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، لم يذكر بترجمة، واختلف قول الزهري رحمه الله في تسميته، وأَبو لُبَابَةَ، هو بشير أو رفاعة بن المنذر، رضي الله عنه.
الشرح:
كان أبو لبابة رضي الله عنه من الأوس وهم حلفاء بني قريظة، وكان سبب ذلك أن بني قريظة لما حصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم استشاروه في أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأشار إليهم أنه الذبح، قال: فما برحت قدماي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله، فجاء وربط نفسه، وقيل: إنما ربط نفسه لأنه تخلف عن غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية، فقال: والله لا أحل نفسي ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى يتوب الله علي، فمكث سبعة أيام لا يذوق شيئا حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عز وجل عليه، فقيل له: قد تاب الله عليك، فقال: والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلني، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فحله بيده، وقال أبو لبابة: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله تعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يجزئك يا أبا لبابة الثلث» .
(1)
.
فلما أدركته رحمة الله ورضي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن شدة فرحة بالتوبة قال ما قال، شكرا لله عز وجل، فهوّن عليه الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يجزيه الثلث، وقد قال في قصة سعد رضي الله عنه:«الثلث، والثلث كثير أو كبير»
(2)
، وعلل هذا بقوله:«إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»
(3)
، وقال على رضي الله عنه: " لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع، وأن أوصي بالربع أحب إلي من أن
(1)
انظر أسد الغابة 6/ 260.
(2)
البخاري حديث (2744) ومسلم حديث (1628).
(3)
البخاري حديث (2744) ومسلم حديث (1628).
أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك شيئا "
(1)
، وأبو بكر رضي الله عنه أوصى بالخمس وقال: " أوصي بما رضي الله به لنفسه ثم تلا {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}
(2)
، وأوصى عمر رضي الله عنه بالربع
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1698 -
(2) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:" بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ بِمِثْلِ الْبَيْضَةِ مِنْ ذَهَبٍ، أَصَابَهَا فِي بَعْضِ الْمَغَازِي - وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي بَعْضِ الْمَعَادِنِ - وَهُوَ الصَّوَابُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُذْهَا مِنِّي صَدَقَةً، فَوَاللَّهِ مَا لِي مَالٌ غَيْرَهَا. فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ جَاءَهُ عَنْ رُكْنِهِ الأَيْسَرِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: «هَاتِهَا». مُغْضَباً فَحَذَفَهُ بِهَا حَذْفَةً لَوْ أَصَابَهُ لأَوْجَعَهُ أَوْ عَقَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى مَالِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، خُذِ الَّذِي لَكَ، لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ» فَأَخَذَ الرَّجُلُ مَالَهُ وَذَهَبَ "
(4)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا جَعَلَ الرَّجُلُ مَالَهُ فِي الْمَسَاكِينِ، يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ ".
رجال السند:
يَعْلَى، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هما ثقتان تقدما، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ صدوق تقدم، وعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، هو الأنصاري تابعي صغير إمام في المغازي، ثقة روى له الستة، ومَحْمُودُ بْنِ لَبِيدٍ، هو ابن عقبة بن رافع، تابعي ثقة قليل الحديث، جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.
(1)
عبد الرزاق حديث (16361).
(2)
من الآية (41) من سورة الأنفال.
(3)
عبد الرزاق حديث (16363).
(4)
فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وأخرجه أبو داود حديث (1673، 1674) صحح منه الألباني جملة خير الصدقة.
الشرح:
هذا في إطار منع الإنسان أن يتصدق بكل ما يملك، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
428 -
باب الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ مَا عِنْدَهُ
1699 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالاً عِنْدِي فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْماً - قَالَ -: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟». قُلْتُ: مِثْلَهُ قَالَ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟». فَقَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَداً ".
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل إمام تقدم، وهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، هو أبو عباد مولى آل أبي لهب، صدوق فيه تشيع لآل أبي طالب، وزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ثقة تقدم، وأَبوه، أسلم مولى عمر، من كبار التابعين ثقة، وعُمَرَ، رضي الله عنه.
الشرح:
سنده حسن، هشام بن سعد، صدوق له أوهام، وليس غاليا في التشيع، فقد روى هذا الحديث وفيه أبو بو بكر وعمر، وقد تكون تهمة هو بريء منها، وأخرجه أبو داود حديث (1678) وحسنه الألباني، والترمذي حديث (3675) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهذه حالة يجوز فيها أن يتصدق الإنسان بكل ما يملك، وهي إذا أمن من ضعف النفس، وعدم الاستجداء، وهذا أبو بكر رضي الله عنه أفضل الأمة بعد نبيها رضي الله عنه، حالة نادرة في الأمة، وقد قال فيه عمر رضي الله عنه:" لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم "
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
أحمد في فضائل الصحابة حديث (653).
429 -
باب فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ
1700 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: " فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ
مِنْ رَمَضَانَ: صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ، ذَكَرٍ وأُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تَقُولُ بِهِ؟ قَالَ: مَالِكٌ كَانَ يَقُولُ بِهِ]
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، هو الإمام، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه من حديث ابن عمر البخاري حديث (1504) ومسلم حديث (984) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 570).
والصحيح أن زكاة الفطر واجبة، وبوجوبها قال عامة أهل العلم، وعلة الوجوب أنها طهرة للصائم من الرفث واللغو، عنه وعمن يعول صغيرا كان أو كبيرا، وعلى كل فقير يجدها فضلا عن قوته، وهذا بعض ما تخرج منه زكاة الفطر، وبيان ذلك في قول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:" كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب "
(2)
، وقد فسر العلماء الطعام بأنه البُر؛ لأنه ذكر الطعام ثم عقب بعده بذكر الأنواع الأخر، وبناء عليه لا يجوز من البُر أقل من الصاع، كغيره من المطعومات، وقال معاوية رضي الله عنه ومن أخذ بقوله يجزي منه نصف صاع.
أما وقت إخراجها فقبل صلاة العيد، ويجوز تقديمها بيوم أو يومين، ومن تأخر ولم يخرجها إلا بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، وانظر التالي وما بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
(2)
البخاري حديث (1506) ومسلم حديث (985).
1701 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِزَكَاةِ الْفِطْرِ: " عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ ".
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " فَعَدَلَهُ النَّاسُ بِمُدَّيْنِ مِنْ بُرٍّ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وبْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1702 -
(3) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: " كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ، صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ
(2)
، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِراً فَقَالَ: إِنِّي أَرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ يَعْدِلُ
صَاعاً مِنَ التَّمْرِ. فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ ".
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: " أَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ "
(3)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " أَرَى صَاعاً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ".
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ودَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، وعِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح: والصحيح عدم التفريق، والصاع من البُر، المراد صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يساوي كيلوين ونصف، ويرى بعض العلماء الأخذ برأي أبي حنيفة رحمه الله في جواز إخراج القيمة، والجمهور لا يرون ذلك، وانظر ما تقدم.
(1)
رجاله ثقات، وانظر السابق.
(2)
هو ما يصنع من اللبن، ويكون جافا يوزن ويدخر، وهو ما يعرف عند أكثر العامة بالمضير.
(3)
رجاله ثقات، وفي الزكاة أخرجه البخاري حديث (1506) ومسلم حديث (985) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 572).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1703 -
(4) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
(1)
سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:" كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ "
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، هو الإمام، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وعِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ سَعْدِ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1700.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1704 -
(5) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ:" كُنَّا نُعْطِي عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ " صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَ نَحْوَهُ
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
430
باب كَرَاهِيَةِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ عَشَّاراً:
1705 -
(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ»
(4)
، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي عَشَّاراً
(5)
.
(1)
في بعض النسخ الخطية " عن " وهو تحريف.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1508) وانظر: السابق.
(4)
فيه عنعنة ابن إسحاق، وأخرج أبو داود حديث (2937) وضعفه الألباني رحمه الله.
(5)
هو من يأخذ العشر من أموال الناس بغير وجه حق، وهو من أمور الجاهلية، والمكس: هو ما يعمل به في بعض البلاد تحت مسمى (الضريبة) تؤخذ من البائع والمشتري. وانظر (المحيط في اللغة 2/ 32).
رجال السند:
أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي إمام تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِمَاسَةَ، هو المهري مصري تابعي ثقة، روى له الستة، عدا البخاري وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
العشار هو الذي يأخذ ما لا يحل وهو الجابي الذي يأخذ الضرائب، وهو العشر، وليس هو الجابي للزكاة ذاك هو المحتسب، والمكس ما أخذ بغير وجه حق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
431 -
بابٌ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ:
1706 -
(1) أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ:" بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنَ الثِّمَارِ مَا سُقِيَ بَعْلاً الْعُشْرَ، وَمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ فَنِصْفَ الْعُشْرِ "
(1)
.
رجال السند:
عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، هو اليربوعي لا بأس به تقدم، وأَبُو بَكْرٍ، هو ابن عياش، وعَاصِمٌ، هو الأحول، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق، ومَسْرُوقٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُعَاذٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " بعلا " المراد بدون كلفة، من مياه جارية، كالأمطار والعيون والأنهار ونحو ذلك.
وقوله: " سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ " المراد ما كانت فيه كلفة ومؤنة، كالسانية وهي: الدابة من الإبل وغيرها، يستخرج بواسطتها الماء للسقي، ويحل محل الدواب ما وجد من أدوات وتقنية حديثة.
(1)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (1596) النسائي حديث (2490) وابن ماجه حديث (1818) وصححه الألباني عندهم، وأصله في البخاري من حديث سالم عن أبيه حديث (1483) وعند مسلم من حديث جابر حديث (981).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
432 -
باب فِي الرِّكَازِ
1707 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَار، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ " العجماء: الحيوان، وسميت بذلك؛ لأنها لا تنطق، ومعنى جبار: أي هدر لا ضمان فيه، بشرط عدم التفريط، وأن لا يكون معها راع أو سائق.
وقوله: " وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ " المعدن: المراد ما يحفر في الأرض من أجل الحصول على معدن، أو ركاز: مال مدفون، فمن وقع في تلك الحفر فهو هدر، لا ضمان فيه، إلا أن تكون الحفرة في طريق الناس، أو في ملك الغير، والمراد بالركاز المال المدفون في الأرض، وهو غير المعدن، ومذهب الجمهور التفريق بينهما، وزكاة الركاز الخمس، ولم يفرق بينهما أبو حنيفة رحمه الله وجعلهما شيئا واحدا، وانظر التعليق في الهامش.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
433 -
باب مَا يُهْدَى لِعُمَّالِ الصَّدَقَةِ لِمَنْ هُوَ
؟
1708 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: حَدَثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1499) ومسلم حديث (1710) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1112).
اسْتَعْمَلَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَهَلاَّ قَعَدْتَ في بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لَا؟» . ثُمَّ قَامَ النبي صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، مَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَهَلاَّ قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ إِنْ كَانَ بَعِيراً جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ» .
قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِي مِنَ النبي صلى الله عليه وسلم زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَسَلُوهُ ".
رجال السند:
أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، ثُمَّ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
العامل هو عبد الله بن اللتبية، وفي هذا تحذير لكل من يتولى عملا للدولة من قبول الهدايا؛ لأن قبولها ينافي النزاهة، ويوقع في الشبهة، وهذا العامل رضي الله عنه غفل عن هذا المعنى ولذلك نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الباعث على الإهداء ليس مودة ولا محبة لله عز وجل، بل لكونه ولي عملا عاما قد يجني من وراء الهدية ما لا يجوز له، وبرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا بقوله:«فَهَلاَّ قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟» ، ولا يعارض هذا ما حدث لأبي هريرة مع عمر رضي الله عنهما؛ لأنه كسب لا شبهة فيه.
وقد استعمله عمر بن الخطاب على البحرين في أيام إمارته، وقاسمه مع جملة العمال، إذ شك عمر رضي الله عنه في المال الذي استأثر به أبو هريرة رضي الله عنه وهو أميره على البحرين.
قال عمر رضي الله عنه: " استأثرت بهذه الأموال أي عدو الله وعدو كتابه؟ " فقال ابو هريرة رضي الله عنه: " لست بعدو الله، ولا عدو كتابه، ولكن عدو من عاداهما " فقال عمر رضي الله عنه: " فمن أين هي لك؟ " قال: " خيل نتجت، وغلة ورقيق لي، وأعطية تتابعت عليّ " فنظروا فوجدوه كما قال.
فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال له عمر رضي الله عنه:" تكره العمل وقد طلبه من كان خيرا منك؟ طلبه يوسف عليه السلام " فقال: " إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثا واثنين " قال عمر: "فهلا قلت خمسة؟ قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم، أو يضرب ظهري، وينزع مالي، ويشتم عرضي. ". وفي رواية لا أظنها صحيحة أن عمر رضي الله عنه غرّمه اثني عشر ألفا، لذلك امتنع أبو هريرة، ولا أظن ثبوت هذه الرواية؛ فلو ثبت عند عمر رضي الله عنه ما يؤاخذ عليه أبو هريرة رضي الله عنه ما عاد عمر رضي الله عنه لتوليته مرة أخرى، وهذا برهان قوي على عدم صحة هذه الرواية؛ لأن عمر اشتد على أبي هريرة لمجرد تهمة فقال له:" أي عدو الله وعدو كتابه؟ " فلو ثبتت التهمة لكان الموقف أشد
(1)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
434 -
باب لِيَرْجِعِ الْمُصَدِّقُ عَنْكُمْ وَهُوَ رَاضٍ
1709 -
(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ، وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَكُمُ الْمُصَدِّقُ فَلَا يَصْدُرَنَّ عَنْكُمْ إِلاَّ
وَهُوَ رَاضٍ»
(2)
.
رجال السند:
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وهُشَيْمٌ، هو ابن بُشير، ودَاوُدُ، هو ابن أبي هند، وَمُجَالِدٌ، هو ابن سعيد الهمداني، مقبول ولذلك قرن بداود، والشَّعْبِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَرِيرٌ، هو البجلي، رضي الله عنه.
(1)
انظر كتابي الجوس في المنسوب إلى دوس (ص: 125).
(2)
فيه عنعنة هشيم، وأخرجه والترمذي حديث (647، 648) وقال: حديث داود أصح من حديث مجالد
…
، وأبو داود حديث (1589) والنسائي حديث (2461) وصححه الألباني عندهما.
الشرح:
المصدق هو الساعي على الزكاة، والمراد التجاوب معه في دفع الواجب، وعدم المماطلة، بل يعطى المطلوب بطيب نفس، من غير مماحكة، وهذا من أسباب البركة والنماء.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1710 -
(2) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، لا بأس به تقدم، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هو إبراهيم ابن محمد، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
435 -
باب كَرَاهِيَةِ رَدِّ السَّائِلِ بِغَيْرِ شَيْءٍ
1711 -
(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ مُعَاذٍ الأَشْهَلِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ - يُقَالُ لَهَا حَوَّاءُ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ إِحْدَاكُنَّ جَارَتَهَا وَلَوْ كُرَاعُ شَاةٍ مُحَرَّقٌ»
(2)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومَالِكٌ، وزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، هم ثقات تقدموا، وعَمْرُو ابْنُ مُعَاذٍ الأَشْهَلِيِّ، هو ابن سعد بن معاذ، نسب إلى جده وهو مقبول، وجَدَّتُهُ حَوَّاءُ، هي بنت يزيد رضي الله عنها.
الشرح:
فيه توثيق العلاقة بين الجيران، فإشراك الجارة جارتها في الشيء القليل، ينبئ عن مودة وتواصل بالقليل والكثير، وهذا له في النفس أثر كبير.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(2)
فيه عمرو، مقبول، وأخرجه مالك، رواية محمد ن الحسن، حديث (931، 932) ومن طريق أبي هريرة أخرجه البخاري حديث (2566) ومسلم حديث (2424) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 609).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
436 -
باب مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيءٍ
1712 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةِ رضي الله عنه قَالَ: " أُخِذَتْ عَمَّةُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَمَّتَهُ
(1)
وَكَانَ مَاءٌ لِبَنِى سُلَيْمٍ فَأَسْلَمُوا فَسَأَلُوهُ ذَلِكَ فَدَعَانِى فَقَالَ: «يَا صَخْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ، وَدِمَاءَهُمْ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِمْ» فَدَفَعْتُهُ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وأَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، هو ابن أبي حازم ثقة صالح الحديث، وعُثْمَانُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، هو البجلي مقبول لم يرو عنه إلا أبان وهو ابن أخيه، وصَخْرُ بْنُ الْعَيْلَةِ، صحابي قليل الحديث رضي الله عنه.
الشرح:
كان صخر رضي الله عنه في غزاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبى عمة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وقد أسلمت، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لصخر رضي الله عنه أن الإسلام يعصم من دخله، فلا تؤخذ أموالهم ولا يسفك دماؤهم؛ لأن الإسلام جاء لهداية الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ومن عصى ولم يسلم، حل دمه وماله، وسبي من أهله النساء، وانظر القصة عند أبي داود رحمه الله
(3)
.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1713 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ صَخْرٍ رضي الله عنه أَطْوَلَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ
(4)
.
(1)
طلب المغيرة بن شعبة فكاك عمته من السبي.
(2)
فيه عثمان بن أبي حازم، مقبول، وأخرجه أبو داود حديث (3067) وضعفه الألباني.
(3)
أبو داود حديث (3067)
(4)
وأخرجه أبو داود حديث (3067) وانظر السابق.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
437 -
باب فِي فَضْلِ الصَّدَقَةِ
1714 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا تَصَدَّقَ امْرُؤٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ - وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ طَيِّباً - إِلاَّ وَضَعَهَا حِينَ يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُرْبِي لأَحَدِكُمُ التَّمْرَةَ كَمَا يُرْبِي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ
أُحُدٍ»
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو أبو عثمان المصيصي الضياد، من خيار الناس احتج به النسائي، وأثنى عليه أبو حاتم، وعِيسَى بْنِ يُونُسَ، هو ابن أبي إسحاق السبيعي، أخو إسرائيل، إمام ثقة حافظ، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وسَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " فلوه أو فصيله " الفلو هو الصغير من الخيل، والفصيل هو الصغير من الإبل يفصل عن الرضاع، وفيه بيان لأهمية الصدقة في حياة المسلم وآخرته، وأن بركتها تعود عليه بالنفع العاجل والآجل، وأن الله عز وجل ينميها له فيجد أجرها أعظم ما يكون.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1715 -
(2) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ»
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1410) ومسلم حديث (1014) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 595).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2588).
رجال السند:
أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، هو سليمان بن داود، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، هو أبو إسحاق الزرقي، والْعَلَاءُ، هو ابن عبد الرحمن مولى الحرقة، وأبوه، عبد الرحمن، هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه ثلاث خلال من أعظم ما يتصف به المسلم، فالصدقة تزيد المال بركة ونماء، وانظر ما تقدم آنفا في شأن الصدقة، والعفو خلة عظيمة أمر الله بها في كتابه العزيز قال عز وجل:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
(1)
، وقال عز وجل:{وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(2)
، والخلة الثالثة التواضع يرفع الله به أقواما، ويضع به آخرين، وعدم التواضع كبرياء وصاحبها ممقوت في الدنيا والآخرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
438 -
باب ليس في عوامل الإبل صَّدَقَةِ
1716 -
(1) أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«في كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ
(3)
، في كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِراً بِهَا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إبله عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ اللَّهِ، لَا يَحِلُّ لآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيءٌ».
رجال السند:
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ إمام ثقة تقدم، وبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، هو ابن معاوية القشيري صدوق روى له الأربعة وعلق له البخاري، وأَبِوه، هو حكيم بن معاوية ابن حيدة، ثقة روى له الأربعة وعلق له البخاري، وجَدُّهُ، معاوية بن حيدة، رضي الله عنه.
(1)
من الآية (237) من سورة البقرة.
(2)
من الآية (14) من سورة التغابن.
(3)
التي تسام في المرعى، ولا تعلف.
الشرح:
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (1575) والنسائي حديث (2449) وحسنه الترمذي عندهما.
ولم يرد النص على ما تضمنه العنوان، وقد قال النسائي رحمه الله: باب سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلًا لأهلها ولحمولتهم، قوله: رسلًا لأهلها.
والمراد ما كان منها للسواني والركوب والحلايب فلا زكاة فيها.
ولم يذكر زكاة ما دون الأربعين، وتقدم تفصيل ما دونها من الخمس إلى الخامسة والثلاثين، انظر ما تقدم برقم 1658، ثم بين أن من أدى الزكاة يريد الأجر فله أجر نيته، ثم توعد من لم يؤدها بأن يعاقب بأخذ شطر ماله، حق عليه من حقوق الله عز وجل، وهذا كما روى أبو هريرة في ضالة الابل المكتومة فيها عزامتها ومثلها معها وكما، روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، في الثمر المعلق غرامة مثليه وجلدات نكال، قال أبو عمر بن عبد البر:" وهذا كله منسوخ ".
قلت: المراد بالثمر المعلق، ما كان باقيا على النخل، ولم يجد.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
439 -
باب مَنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ
…
1717 -
(1) حَدَّثِنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ قال: حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ رضي الله عنه قَالَ: تَحَمَّلْتُ بِحَمَالَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ:«أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا» . ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ
(1)
فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ، أَوْ قَالَ: سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ
(2)
، حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ قَدْ أَصَابَ فُلَاناً الْفَاقَةُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ، أَوْ
(1)
هي الآفة تصيب الزوع والأموال.
(2)
هي الفقر الشديد.
سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكَ، وَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ سُحْتٌ
(1)
يَا قَبِيصَةُ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتاً»
(2)
.
رجال السند:
مُسَدَّدٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وهَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، هو بصري قليل الرواية ثقة زاهد، وكِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ، هو العدوي بصري تابعي ثقة، وقَبِيصَةُ بْنُ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " تَحَمَّلَ حَمَالَةً " المراد ما يغرم من مال لإصلاح ذات البين، أو دية أو غير ذلك.
قوله: " ذي الحِجَى " المراد أصحاب العقول السليمة، واختلف العلماء في من تحل له الصدقة، وأكثرهم يرون أن من لم يكن له في داره فضل على سكناه ولا في خادمه فضل عن من يقوم بخدمته وكذلك الدابة إذا احتاج إليها وليس له مال غيرها أنه فقير تحل له الصدقة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
440 -
باب الصَّدَقَةِ عَلَى الْقَرَابَةِ
1718 -
(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ ابْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه:" أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّدَقَاتِ أَيُّهَا أَفْضَلُ؟ " قَالَ: «عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ
(3)
»
(4)
.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو سعدويه، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، هو ثقة في غير الزهري، وله متابع، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا،
(1)
حرام.
(2)
رجاله ثقات، وفي الزكاة أخرجه مسلم حديث (1044).
(3)
العدو المبغض.
(4)
فيه سفيان، ضعيف في الزهري، وأخرجه أحمد حديث (15355، 23577) وحسنه الهيثمي (المجمع حديث (4648).
وأَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ، هو ابن سعد الأنصاري، له رؤية وهو قليل الرواية، وحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
لأن أجرها مضاعف؛ أجر الصدقة، وأجر صلة الرحم، وانظر ما تقدم برقم 1669.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1719 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمْ
(1)
الْبَصْرِيُّ، ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ الرَّاَئِحِ بِنْتِ صُلَيْعٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبّيِّ رضي الله عنه، ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَإِنَّهَا عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمْ الْبَصْرِيُّ، هو الضحاك، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، وحَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، هو ثقات تقدموا، وأُمُّ الرَّاَئِحِ بِنْتُ صُلَيْعٍ، هي الرباب الضبية، بصرية تابعية روت عن عمها سليمان بن عامر، ذكرها ابن حبان في الثقات، وسَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبّيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيها أجر الصدقة، وأجر الصلة، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1720 -
(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ قَالَ: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ
(3)
عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ».
(1)
في (ت، ك) أبو حاتم، وهو خطأ.
(2)
فيه سفيان، ضعيف وأخرجه أحمد، بأسانيد ضعيفة، المسند حديث (16277 - 16280، 17905، 17916) والترمذي حديث (658) وقال: حسن، وحديث سفيان الثوري وابن عيينة أصح.
(3)
ليست في بعض النسخ الخطية.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والثَّوْرِيُّ، هو سفيان، وعَاصِمٌ، هو الأحول، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح:
فيها أجر الصدقة، وأجر الصلة، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
ومن كتاب الصيام
441 -
باب في النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ
1721 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بن زفر قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِىَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ: كُلُوا. فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِى يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيد، هو الأشج، وأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، هو سليمان بن حيان، وعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، هو الملائي أبو عبد الله الكوفي ثقة حافظ، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وصِلَةَ ابن زفر، وعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد الشك في صيام أول يوم من رمضان لعدم ثبوت الرؤية، والأولى عدم الانفراد بالصوم من غير رؤية، ولا بد من التحقق من رؤية الهلال، فإن غم بقتر وسحب أكمل شعبان ثلاثين يوما، وهذا من يسر الإسلام، ولو ثبت بعد ذلك أن شعبان لم يتم فعلى الناس القضاء والحمد لله على التيسير وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1722 -
(2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، ثَنَا حَاتِمُ ابْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: " أَصْبَحْتُ فِي يَوْمٍ قَدْ أُشْكِلَ عَلَيَّ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ
(1)
فيه عمرو بن قيس سماعه من أبي إسحاق متأخر، وأخرجه ابن حبان حديث (595، 3596) وموارد الظمآن حديث (878) وأبو يعلى حديث (1644).
مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَصْبَحْتُ صَائِماً، فَأَتَيْتُ عِكْرِمَةَ فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ خُبْزاً وَبَقْلاً، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ. فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُفْطِرَنَّ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ حَلَفَ وَلَا يَسْتَثْنِي تَقَدَّمْتُ فَعَذَّرَتُ
(1)
وَإِنَّمَا تَسَحَّرْتُ قُبَيْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قُلْتُ: هَاتِ الآنَ مَا عِنْدَكَ " فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ فَكَمِّلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ، وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالاً»
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، وحَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، هو أبو يونس البصري، ثقة روى له الستة، وسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، صدوق تقدم، وعكرمة إمام تقدم.
الشرح:
انظر السابق، والمراد بعدم استقبال الشهر عد صيام قبله، أي لا يصل رمضان بصوم من شعبان، ولابد بالفصل بينهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
442 -
باب الصَّوْمِ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ
1723 -
(1) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»
(3)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.
الشرح: فيه وجوب التحقق من رؤية هلال رمضان يقينا، ولا يبنى على الشك، فإذا تعذرت الرؤية أكمل شعبان ثلاثين يوما، وكذلك التحقق من رؤية هلال شوال للخروج
(1)
لعل المراد اعتذرت بقليل من الأكل لقاء اليمين.
(2)
في رواية سماك عن عكرمة خاصة كلام، وأخرجه أحمد بدون قول سماك حديث (1985) وعلقه أبو داود حديث (2327) وانظر: التالي.
(3)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1906) ومسلم حديث (1080) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 653).
من صوم رمضان، ولا يبنى على الشك، فإذا تعذرت الرؤية أكمل رمضان ثلاثين يوما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1724 -
(2) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ»
(1)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1725 -
(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو - يَعْنِى ابْنَ دِينَارٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ عَجِبَ مِمَّنْ يَتَقَدَّمُ الشَّهْرَ، وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ»
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وسُفْيَانُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
443 -
باب مَا يُقَالُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ
1726 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، وَعَمِّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1909) ومسلم حديث (1081) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 656).
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
-صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ»
(1)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو سعدويه، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، هو الجمحي ضعيف، من أفراد الدارمي، وأَبوه، عثمان بن إبراهيم بن محمد الجمحي، مدني يُكتب حديث، من أفراد الدارمي، وأَبوه، هو إبراهيم ابن محمد بن حاطب الجمحي، كوفي صدوق، روى له أبو داود، وَعَمُّهُ، لم أقف على ترجمته، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
رغم ضعف السند هذا دعاء حسن لا حرج في قوله عند رؤية الهلال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1727 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
(2)
قَالَا: ثَنَا الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ»
(3)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، هو غير الحزامي المتفق معه في الاسم، وَإِسْحَاقُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، والْعَقَدِيُّ، هو عبد الملك بن عمر، وسُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَدَنِيُّ، ضعيف وقيل: منكر الحديث، وبِلَالُ بْنُ يَحْيَى ابْنِ طَلْحَةَ، هو التيمي مدني ليِّن لم يرو عنه إلا سليمان بن سفيان، وأَبوه، يحيى بن طلحة، تابعي ثقة، وطَلْحَةُ، هو ابن عبيد الله، من المبشرين بالجنة رضي الله عنه.
(1)
فيه عبد الرحمن بن عثمان، ضعيف، ويقوى بما بعده، وانظر: القطوف (903/ 1744).
(2)
في (ك) العقدي، وهو خطأ.
(3)
فيه سليمان بن سفيان، ضعيف، وبلال بن يحيى ليّن، وأخرجه الترمذي حديث (3451) وقال: حسن غريب.
قلت: هو دعاء حسن، ولا حرج في العمل به.
الشرح: انظر السابق، وهذا دعاء حسن.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
444 -
باب النَّهْيِ عَنِ التَّقَدُّمِ فِي الصِّيَامِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ
1728 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقَدَّمُوا قَبْلَ رَمَضَانَ يَوْماً وَلَا يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ»
(1)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو الدستوائي، ويَحْيَى، هو الأنصاري أو ابن أبي كثير وهما إمامان، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة يقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: فيه النهي عن استباق رمضان بصوم يوم أو يومين من شعبان، حتى لا يحصل الاشتباه بأنه من رمضان، واستثنى من كانت عادته الصوم في شعبان فلا حرج في صوم عادته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
445 -
باب الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ
1729 -
(1) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
رجاله ثقات، وفي الصوم أخرجه البخاري حديث (1914) ومسلم حديث (1082) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 657).
(2)
رجاله ثقات، تقدم تخريجه.
الشرح:
فائدة الإخبار بأن الشهر تسعة وعشرون، أن المسلم إذا كان يوم التاسع والعشرين من رمضان ولم يوجد ما يمنع الرؤية يكون الفطر، وإن حال شيء دون الرؤية لزم الصوم لإكمال الثلاثين، وأن الإنسان إذا نذر صوم شهر بعينه فجاء تسعة وعشرين يوما لم يلزمه أكثر من ذلك، وإذا أطلق وقال: لله علي أن أصوم شهرا من غير تعيين كان عليه إكمال العدد ثلاثين يوما، وكذلك من حلف ألا يقرب زوجته شهرا، فجاء تسعة وعشرين يوما لم يلزمه أكثر من ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
446 -
باب الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ
1730 -
(1) حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:" تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ، فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ "
(1)
.
رجال السند:
مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، ويَحْيَى بْنُ سَالِمٍ، هو أبو عبد الله يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، القرشي، نسب لجده، صدوق روى له مسلم، وأَبو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، هو مولى عبد الله بن عمر، ثقة روى له مسلم، وأَبوه، هم أئمة ثقات تقدموا، نافع مولى ابن عمر، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه الاكتفاء بشهادة رجل عدل في إثبات دخول رمضان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1731 -
(2) حَدَّثَنِي عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» . قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «يَا بِلَالُ نَادِ في النَّاسِ فَلْيَصُومُوا
(1)
سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (2342).
غَداً»
(1)
.
رجال السند:
عِصْمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، وحُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، هو ابن علي، وزَائِدَةُ، هو ابن قدامة، وسِمَاكٌ، صدوق تقدم، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه الاكتفاء بشهادة الناطق بالشهادتين ظاهرا، على قاعدة أن الأصل في المسلم العدالة، فيحكم بالبراءة الأصلية، ولذلك لم يسأل عن عدالته وصدقه، وانظر الهامش رقم (1).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
447 -
باب مَتَى يُمْسِكُ الْمُتَسَحِّر عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
؟
1732 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِماً فَحَضَرَ الإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِىَ، وَإِنَّ قَيْسَ ابْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِماً فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ: عِنْدَكِ طَعَامٌ؟ فَقَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ. وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ وَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ. فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِىَ عَلَيْهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى
(1)
فيه سماك بن حرب، روايته عن عكرمة خاصة فيها اضطراب، وأخرجه الترمذي حديث (691) وقال: حديث ابن عباس فيه اختلاف، وروى سفيان الثوري وغيره عن سماك، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، قالوا: تقبل شهادة رجل واحد في الصيام، وبه يقول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وأهل الكوفة، قال إسحق: لا يصام إلا بشهادة رجلين، ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين. والنسائي حديث (2112، 2113) وابن ماجه حديث (1652) وضعفه الألباني عندهما.
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
(1)
فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد "
(2)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو العبسي، وإِسْرَائِيلُ، وأَبو إِسْحَاقَ، هم أئمة ثقات تقدموا، والْبَرَاءُ رضي الله عنه.
الشرح:
هكذا كانت صفة الصوم قبل نزول الآية، وكان نزولها رحمة من الله عز وجل بعباده، الغني الحميد لا تنفعه طاعة ولا تضره معصية، فله الحمد والشكر على الرحمة والتيسير.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1733 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ:" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ جَعَلْتُ تَحْتَ وِسَادَتِي خَيْطاً أَبْيَضَ، وَخَيْطاً أَسْوَدَ، فَمَا تَبَيَّنَ لِي شَيْءٌ ". فَقَالَ: «إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْوِسَادِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}
(3)
.
رجال السند: أَبُو الْوَلِيدِ، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، وحُصَيْنٍ، هو ابن عبد الرحمن، والشَّعْبِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ رضي الله عنه.
(1)
من الآية (187) من سورة البقرة.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1915).
(3)
من الآية (187) من سورة البقرة، والحديث فيه شريك بن عبد الله، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (1916) ومسلم حديث (1090) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 660).
الشرح:
المراد تحقق طلوع الفجر الصادق، وعنده يجب الإمساك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
448 -
باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَأْخِير السُّحُورِ
1734 -
(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ السُّحُورِ؟، قَالَ: قَدْرُ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً
(1)
.
رجال السند:
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، وهِشَامٌ، هو الدستوائي، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٍ، هو ابن مالك، وزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، صحابيان رضي الله عنهما.
الشرح:
يقدر ما بين السحور والأذان بخمس عشرة دقيقة وهي قراءة خمسين آية بترسل وتدبر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
449 -
باب فِي فَضْلِ السُّحُورِ
1735 -
(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ في السُّحُورِ بَرَكَةً»
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، هو مولى أنس ثقة، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه الحث على السحور ليكون قوة للصائم، ولاسيما من يعمل في يومه، وهذا الأمر للندب والاستحباب، ومن لم يتسحر فلا إثم عليه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1921) ومسلم حديث (1097) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 666).
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1923) ومسلم حديث (9510) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 665).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1736 -
(2) حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضي الله عنه يَأْمُرُنَا أَنْ نَصْنَعَ
(1)
لَهُ الطَّعَامَ يَتَسَحَّرُ بِهِ فَلَا يُصِيبُ مِنْهُ كَثِيراً، فَقُلْنَا: تَأْمُرُنَا بِهِ وَلَا تُصِيبُ مِنْهُ كَثِيراً، قَالَ: إِنِّي لَا آمُرُكُمْ بِهِ إِنِّي أَشْتَهِيهِ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السُّحُورِ»
(2)
.
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ إمام تقدم، ومُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، هو ابن رباح اللخمي، صدوق روى له الستة عدا البخاري، وأَبوه، هو أبو عبد الله اللخمي، علي بن رباح مصري تابعي إمام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، تابعي ثقة روى له الستة، وعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
450 -
باب مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ
1737 -
(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» .
[قال عبد الله: منهم من يقول: عن عبد الله، عن الزهري، عن سالم]
(3)
. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: في فَرْضِ الْوَاجِبِ أَقُولُ بِهِ، [يجعل النية كل ليلة]
(4)
.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، هو أبو عثمان الكندي مصري ليس به بأس، ولَيْثُ ابْنُ سَعْدٍ، ويَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(1)
في (ت) نضع، والمثبت أدق.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1096).
(3)
ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).
(4)
ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).
الشرح:
سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (730) وقال: لا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى بن أيوب، لا صيام لمن لم يُجمع الصيام قبل طلوع الفجر، في رمضان أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر، فذا لم ينوه من الليل لم يجزه، وأما صيام التطوع فمباح له أن ينوه بعد ما أصبح.
قوله: لا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى، أقول: بل تابعه على رفعه عبد الله بن لهيعة (المسند حديث (26500) وأبو داود حديث (2454) وقال: رواه الليث، وإسحاق بن حازم أيضا جميعا عن عبد الله بن أبي بكر مثله (2454) وقال: رفعه عبد الله بن أبي بكر، وهو من الثقات الرفعاء (سنن الدارقطني 2/ 172) والنسائي حديث (2331، 2333) وابن ماجه حديث (1700) وصححه الألباني عندهم، وفرق العلماء بين النية لصيام الواجب فأوجبوا له تبييت النية من الليل، أما صيام التطوع فلا يؤثر عدم تبييت النية.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
451 -
باب فِي تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ
1738 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ، وأَبو حَازِمٍ، هو سلمة بن دينار المخزومي، هم أئمة ثقات تقدموا، سَهْلِ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد منه مخالفة من يؤخر الإفطار إلى اشتباك النجوم، والسنة المبادرة بالإفطار فور غروب الشمس، ويؤخر السحور إلى قبيل الفجر بوقت كاف للأكل والشرب.
(1)
رجاله ثقات، وفي الصوم أخرجه البخاري حديث (1957) ومسلم حديث (1098) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 667).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1739 -
(2) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرْتَ»
(1)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وعَبْدَةُ، هو ابن سليمان، وهِشَامُ ابْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، وعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن قتادة، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُمَرَ، هو ابن الخطاب رضي الله عنه.
الشرح:
المراد تعجيل الفطر فور إقبال الليل، وإدبار النهار، ولا يجوز التأخير عن ذلك، وهذا احتراز من مشابهة المخالفين.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
452 -
باب مَا يُسْتَحَبُّ الإِفْطَارُ عَلَيْهِ
1740 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ الرَّبَابِ الضَّبِّيَّةِ، عَنْ عَمِّهَا سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ، فَإِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ» .
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو الأحول، وعَاصِمٌ، هو الأحول، وحَفْصَةُ، هي بنت سيرين، والرَّبَابُ الضَّبِّيَّةِ، وعمها هو سَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبّيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا هو أفضل ما يبدأ به في إفطار الصائم، الرطب أو التمر أو الماء، وبعد الإفطار يأكل ما شاء من الطعام.
(1)
الحديث رجاله ثقات، وفي الصوم أخرجه البخاري حديث (1954) ومسلم حديث (1100) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 668).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
453 -
باب الْفَضْلِ لِمَنْ فَطَّرَ صَائِماً
1741 -
(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ»
(1)
.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه.
الشرح:
المراد من أطعم صائما وسقاه من كسب حلال، كتب الله له مثل أجر الصائم من غير نقص لأجر الصائم، وهذا من أعمال البر التي يؤجر فاعلها، وفي هذا الحث على هذه الأعمال الصالحة، مع النية الخالصة والاحتساب بعيدا عن الشهرة وطلب السمعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
454 -
باب النَّهْىِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ
1742 -
(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ» . مَرَّتَيْنِ قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ:«إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي»
(2)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وأَبو الزِّنَادِ، والأَعْرَجِ، عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
فيه عطاء بن أبي رباح لم يسمع من زيد، وأخرجه الترمذي حديث (807) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (1746) وصححه الألباني رحمه الله.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1965) ومسلم حديث (1103) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 672).
الشرح:
الوصال من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم وخصائصه لا يشاركه فيها أحد، ولذلك نهى عن صيام الوصال، وهو أن يصوم الرجل أو المرأة اليومين أو الثلاثة دون أن يأكل، فلا ينبغي لأحد أن يفعل ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه، فالوصال خاص به صلى الله عليه وسلم؛ لأن حالته تختلف عن أمته فهو إذا واصل فإنه يطعم ويسقى من عند الله عز وجل، وهم إذا فعلوا ضعفوا ولذلك منعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم ألا يتكلفون من العمل إلا ما يطيقون.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1743 -
(2) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ
(1)
، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُوَاصِلُوا» . قِيلَ: إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى»
(2)
.
رجال السند:
سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1744 -
(3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ يُرِيدُ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ» . قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي»
(3)
.
رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويَزِيدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن الشخير، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ، هو الأنصاري من بني النجار، تابعي إمام ثقة، روى له الستة، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
(1)
في (ك) ابن أبي الربيع، وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1961، وطرفه: 7241) ومسلم حديث (1104) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 673).
(3)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (1963) وانظر: السابق.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1745 -
(4) حَدَّثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ، فَقَالَ لَهُ رَجَلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» . فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْماً ثُمَّ يَوْماً، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ فَقَالَ:«لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ» .
كَالْمُنَكِّلِ
(1)
لَهُمْ حِينَ أَبَوْا
أَنْ يَنْتَهُوا "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، واللَّيْثُ، تقدما آنفا، وعُقَيْلٌ، هو ابن خالد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
انظر السابق، وهنا زاد عقوبتهم لما واصل بهم ولما أبوا ترك الوصال، ولولا طلوع هلال شوال لزادهم في الوصال عقوبة، ولكن الله عز وجل رحمهم بهلال شوال.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
455 -
باب الصَّوْمِ في السَّفَرِ
1746 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ رضي الله عنه سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ السَّفَرَ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ»
(3)
.
(1)
المنكل: المعاقب، والتنكيل: العقاب.
(2)
انظر: سابقه، وأخرجا البخاري حديث (1965) ومسلم حديث (1103) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 671).
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1943) ومسلم حديث (1121) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 684).
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
هذا فيه الخيار للمسافر في رمضان، إن شاء صام، وإن شاء أخذ برخصة الفطر، وقال بعض العلماء رحمهم الله: الصوم في السفر أفضل إذا لم يشق، وقال آخرون رحمهم الله: الفطر أفضل؛ لأنه رخصة وصدقة تصدق الله بها فيجب قبولها.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1747 -
(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فَصَامَ وَصَامَ النَّاسُ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ، فَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
(1)
.
رجال السند:
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
قوله: " يأخذون بالأحدث فالأحدث " هذا قول الزهري رحمه الله، وهو يشير إلى نسخ الصوم في السفر، وبين بعض العلماء قول الزهري فقال: وكأنه مال إلى أن الإفطار أفضل؛ لأن فطر الرسول صلى الله عليه وسلم كان بعد الصوم، والأخذ بآخر الأمرين أولى، وتقدم خلاف العلماء في أيهما أفضل الصوم أو الفطر، ويؤخذ من هذا أن من أصبح صائمًا في السفر جاز له أن يفطر، وأن المسافر في رمضان يجوز له أن يفطر، وفيه بيان قوله صلى الله عليه وسلم:«ليس من البر الصيام في السفر»
(2)
أراد به من يشق عليه
(1)
الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1944) ومسلم حديث (1113) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 680).
(2)
أبو داود حديث (2407).
الصوم ويجهده، ولما رغبهم في الإفطار عام الفتح، كان من أجل أن يتقووا على مواجهة العدو، فلمَّا لم برضوا بالإفطار والنبي صلى الله عليه وسلم صائم وافقهم في الفطر، ولما علم أن بعضهم صاموا ولم يفطروا سماهم العصاة
(1)
؛ لأنهم خالفوا ما رغَّب فيه صلى الله عليه وسلم ووافقهم عليه، وعدم رغبتهم في الأخذ بالرخصة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1748 -
(3) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ يُحَدِّثُ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّهُ ذَكَرَ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلٌ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ ": «مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا صَائِمٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»
(2)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، هو ابن سعد بن زرارة، ثقة روى له الستة، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ، هو ابن علي بن أبي طالب، تابعي ثقة روى له الشيخان، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.
الشرح:
لم يرد به منع الصيام في السفر وإنما أراد به من يشق عليه الصوم ويجهده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1749 -
(4) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رضي الله عنها، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ»
(3)
.
(1)
مسلم حديث (1114).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1646) ومسلم حديث (1115) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 681).
(3)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والزُّهْرِيُّ، وصَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن أمية القرشي، تابعي ثقة روى له مسلم، وأُمُّ الدَّرْدَاءِ، زوج أبي الدرداء، وكَعْبُ ابْنُ عَاصِمٍ الأَشْعَرِي، هما صحابيان رضي الله عنهما.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1750 -
(5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رضي الله عنها، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: في سياق ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
456 -
باب الرُّخْصَةِ لِلْمُسَافِرِ في الإِفْطَارِ
1751 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا ذَهَبْتُ لأَخْرُجَ قَالَ:«انْتَظِرِ الْغَدَاءَ يَا أَبَا أُمَيَّةَ» قَالَ: فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ:«تَعَالَ أُخْبِرْكَ عَنِ الْمُسَافِرِ، إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْهُ الصِّيَامَ وَنِصْفَ الصَّلَاةِ»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ ".
رجال السند:
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
تنبيه: ورد الحديث مكررا في (ك) غير أنه قال: (عن أبي الدرداء) بدلا من (أم الدرداء).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (2267 - 2269، 2271، 2272، 2279 () وفيه الاختلاف على الأوزاعي، في أبي المهاجر، وقال الألباني: صحيح الإسناد.
أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو الفضل بن دكين، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأَبو الْمُهَاجِرِ، أقحمه في السند خطأ الأوزاعي رحمه الله، ولم يذكره كل من رواه عن يحيى ابن أبي كثير، وأَبو أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، هو عمرو بن أمية له صحبة رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يؤيد من يرى أن الإفطار في السفر أفضل، والدارمي رحمه الله يرى التخيير وجواز الأمرين: إن شاء صام وإن شاء أفطر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
457 -
باب مَتَى يُفْطِرُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ سَفَراً
؟
1752 -
(1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ ذُهْلٍ الْحَضْرَمِيَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جَبَيْرٍ
(1)
قَالَ: " رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ سَفِينَةً مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَدَفَعَ فَقَرَّبَ غَدَاءَهُ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَرِبْ، قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ؟ فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ: أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ "
(2)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، هو الخزاعي، ويَزِيدُ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو أبو رجاء الأزدي، هم أئمة ثقات تقدموا، وكُلَيْبَ بْنَ ذُهْلٍ الْحَضْرَمِيَّ، مجهول تفرد يزيد بن أبي حبيب بالرواية عنه، عُبَيْدِ ابْنِ جَبَيْر، هو قبطي مولى لأبي بصرة ثقة، وقيل: له صحبة؛ لأن المقوقس بعث به مع مارية، وأَبو بَصْرَةَ الْغِفَارِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح:
اختلف العلماء رحمهم الله في المقيم الصائم إذا سافر من يومه، فقال قوم يجوز له الفطر، وقال والجمهور يصوم يومه، ولا يفطر، وهو الأحوط.
(1)
في بعض النسخ الخطية " جبر ".
(2)
فيه كليب بن ذهل المصري، مقبول، وأخرجه أبو داود حديث (2412) وصححه الألباني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
458 -
باب مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً:
1753 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي
(1)
الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(2)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانَ، هو الثوري وحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وأَبو الْمُطَوِّسِ، مجهول، وأَبوه، مجهول، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
من أفطر يوما من رمضان بالأكل عامدا عليه التوبة والقضاء، ومن أفطر بالجماع عليه الكفارة المنصوص عليها حسب القدرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1754 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ» .
(1)
في (ك) ابن، وهو على خلاف فيه.
(2)
فيه المطوس وأبوه مجهولان، علقه البخاري حديث في باب إذا جامع في رمضان، والترمذي حديث (723) وقال: سمعت محمد يقول: أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس، ولا أعرف له غير هذا الحديث، وأبو داود حديث (2396) وضعفه الألباني، قال ابن حجر: فيه ثلاث علل: الاضطراب، والجهل بحال المطوس، والشك في سماع أبيه من أبي هريرة، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء (الفتح 4/ 161) وعلقه البخاري في الصوم، عقب قوله: باب إذا جامع في رمضان، وعمل به أهل العلم، صيانة لحرمة رمضان من أن يتعمد إنسان انتهاك حرمته، ولكونه لا مجال للرأي في مثله، والله أعلم.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، هم ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح:
الحديث أخرجه أبو داود حديث (2396) وفيه العلل المذكورة، انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
459 -
باب فِي الَّذِي يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَهَاراً
1755 -
(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: " أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ:«وَمَا أَهْلَكَكَ؟» . قَالَ: وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، قَالَ:«فَأَعْتِقْ رَقَبَةً» . قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي، قَالَ:«فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» . قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ:«فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً» قَالَ: لَا أَجِدُ، قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ
(1)
فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:«أَيْنَ السَّائِلُ؟ تَصَدَّقْ بِهَذَا» . فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنْ أَهْلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرَ مِنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَأَنْتُمْ إِذاً» . وَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ "
(2)
.
رجال السند:
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، هو أبو أيوب ثقة، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، والزُّهْرِيُّ، وحُمَيْدُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يدل على وجوب الكفارة على من جامع في نهار رمضان، وأنها تتدرج حسب القدرة، ولا يلزم المرأة كفارة إلا إذا طاوعت.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
(1)
هو الزنبيل الكبير، ويقال له المكتل، يصنع من الخوص وغيره، أنظر: تهذيب اللغة (1/ 59) وانظر: التالي.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1936) ومسلم حديث (1111) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 678).
1756 -
(2) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ في رَمَضَانَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
(1)
.
رجال السند:
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، وحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة
ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1757 -
(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ الْقَاسِمِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: إِنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَقَ فَسَأَلَهُ: «مَا لَهُ؟» . فَقَالَ: أَصَابَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِكْتَلٍ
(3)
يُدْعَى الْعَرَقَ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ:«أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ؟» . فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ:«تَصَدَّقْ بِهَذَا»
(4)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِم، ومُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، هو حفيد الزبير بن العوام، إمام ثقة فقيه، روى له الستة، وعَبَّادُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، هو حفيد الزبير بن العوام، ثقة كثير الحديث، روى له الستة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر ما تقدم برقم 1755.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
460 -
باب النَّهْىِ عَنْ صَومِ الْمَرْأَةِ تَطَوُّعاً إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (28) وانظر: السابق.
(2)
في (ك) بن جعفر، وهو خطأ
(3)
هو العرْق، المتقدم ذكره.
(4)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1935) ومسلم حديث (1112) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 679).
1758 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لاِمْرَأَةٍ:«لَا تَصُومِي إِلاَّ بِإِذْنِهِ»
(1)
.
رجال السند: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، والأَعْمَشِ، وأَبو صَالِحٍ، هو السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.
الشرح:
فيه بيان عظم حق الزوج، ولكون الزوجة محل صيانته وعفافه، وإن صامت نفلا بغير إذنه فله أن يُفطّرها لحاجته.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1759 -
(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْماً في غَيْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ» .
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَبو الزِّنَادِ، هو عبد الله ابن ذكوان، والأَعْرَجُ، هو عبد الرحمن بن هرمز، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5192) ومسلم حديث (1026) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 604). وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1760 -
(3) أَخَبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى ابْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْماً وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»
(2)
.
(1)
فيه شريك، أرجح أنه حسن الحديث، ويقويه ما بعده، وأخرجه ابن ماجه حديث (1762) وصححه الألباني.
(2)
فيه موسى بن أبي عثمان التبان، مقبول، ويقويه ما تقدم فانظره.
مَعْنَاهُ قَالَ: فِي النُّذُورِ تَفِي بِهِ
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
461 -
باب الرُّخْصَةِ في الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
1761 -
(1) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَا إِنَّهَا لَا تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ "
(2)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح:
اختلف العلماء رحمهم الله في جواز القبلة للصائم فقال قوم: إن القبلة للصائم تفسد الصوم؛ لأنها تبعث الشهوة وتستدعي المذي، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم، وتقبيله زوجته وهو صائم، هو مثل تقبيل الوالد ولده ويؤيد هذا قول عائشة رضي الله عنها:" وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟ "
(3)
.
وقال آخرون:: يجوز للصائم أن يقبل إذا لم يخف من القبلة شيئا، وأمن على نفسه من الوقوع في المحذور، فالقبلة له مباحة، يؤيد هذا قول عائشة رضي الله عنها: "ربما قبلني رسول الله وباشرني وهو صائم، وأما أنتم فلا بأس للشيخ الكبير
الضعيف "
(4)
.
(1)
ليس في بعض النسخ الخطية.
(2)
رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم.
(3)
البخاري حديث (302) ومسلم حديث (293).
(4)
شرح معاني الآثار حديث (3392).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1762 -
(2) حَدَّثَنَا سَعْدُ
(1)
بْنُ حَفْصٍ الطَّلْحِيُّ، ثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ
(2)
.
رجال السند:
سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ الطَّلْحِيُّ، هو أبو محمد الكوفي، إمام ثقة حافظ، روى له البخاري، وشَيْبَانُ، هو بن عبد الرحمن التميمي، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وأَبو سَلَمَةَ، هو بن عبد الرحمن، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو الخليفة، هم ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1663 -
(3) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:" هَشِشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنِّي صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْراً عَظِيماً، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ ": «أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الْمَاءِ» . قُلْتُ: إِذاً لَا يَضِيرُ، قَالَ:«فَفِيمَ؟»
(3)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وبُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وعَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.
(1)
في (ت) سعيد، وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وأنظر: السابق.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (372) أبو داود حديث (2385) وصححه الألباني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
462 -
باب فِيمَنْ
(1)
يُصْبِحُ جُنُباً وَهُوَ يُرِيدُ الصَّوْمَ
1764 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ - يَعْنِي ابْنَ جُرَيْجٍ -أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما أَخْبَرَتَاهُ:
" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُباً مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَصُومُ "
(2)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ، وابْنُ شِهَابٍ، وأَبَو بَكْرٍ، هو ابن عبد الرحمن بن الحارث، وأَبوه، عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام، إمام ثقة قيل: له رؤية، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمًّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه جواز عقد الصيام لمن أصبح جنبا من جماع؛ لأنه وقع في وقت الإباحة، والجنابة من الاحتلام لا تنقض الصوم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
463 -
بابٌ فِيمَنْ أَكَلَ نَاسِياً
1765 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ»
(3)
.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، ثَنَا جَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، وهِشَامُ، هو ابن عروة، وابْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
في (و) قال ففيم فيمن.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1926) ومسلم حديث (1109) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 677).
(3)
رجاله ثقات، وفي الصوم أخرجه البخاري حديث (1933) ومسلم حديث (1155) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 710).
الشرح:
هذه منة من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي تندرج تحت قوله صلى الله عليه وسلم:«إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه»
(1)
.
والمراد رفع إثم ذلك الخطأ أو النسيان عن الأمة، فالمرفوع هو الإثم وليس النسيان؛ لأن النسيان واقع، والخطأ واقع، وهذه رحمة من الله عز وجل، والإنسان من طبعه الخطأ والنسيان.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1766 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ
(2)
، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ أَوْ شَرِبَ نَاسِياً وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ ذَكَرَ فَلْيُتِمَّ صِيامَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ»
(3)
.
[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: يَقْضِى وَأَنَا أَقُولُ: لَا يَقْضِى]
(4)
.
رجال السند:
أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْجَمَّالُ، إمام ثقة حافظ، روى له الشيخان، حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو أبو إسماعيل الحارثي، إمام حافظ روى له الستة، والْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، هو أبو عبد الرحمن القرشي، خال ابن أبي ذئب الراوي عنه، لا بأس به، وعَمُّهُ، هو عياض بن عبد الله ابن سعد بن أبي ذباب، قيل: له صحبة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: انظر: السابق، وما تقدم.
(1)
ابن ماجه حديث (2043).
(2)
في بعض النسخ الخطية " الحمال " بالمهملة وهو تصحيف.
(3)
فيه عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب، عم الحارث، مختلف في صحبته، وذكره ابن منده في الصحابة (الإصابة 4/ 756) وقال في التقريب: وسماه ابن حبان عبد الله بن المغيرة ابن أبي ذباب، فإن ثبتت وإلا فهو مجهول، والحديث متفق عليه.
(4)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
464 -
باب الْقَيْءِ لِلصَّائِمِ
1767 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قال: حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَعِيشَ ابْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه:" أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ".
قَالَ: " فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: صَدَقَ وَأَنَا صَبَبْتُ لَهُ
الْوَضُوءَ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وأَبوه، هو أبو عبيدة عبد الوارث بن سعيد، إمام حجة، وحُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، هو ابن ذكوان ثقة، ويَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، والأَوْزَاعِيِّ، ويَعِيشُ بْنُ الْوَلِيدِ، هو ابن هشام الأموي، تابعي ثقة روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وأَبوه، الوليد بن هشام، هو أبو يعيش ثقة روى له الستة عدا البخاري، ومَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، هو اليعمري شامي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو الدَّرْدَاء، رضي الله عنه.
الشرح:
العمل عند أهل العلم بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه. وإذا استقاء عمدًا فليقض "
(2)
، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
465 -
باب الرُّخْصَةِ فِيهِ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3281) وصححه الألباني، والترمذي حديث (87) وقال: وقد روي عن أبي الدرداء، وثوبان، وفضالة بن عبيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، وإنما معنى هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر، لذلك هكذا روي في بعض الحديث مفسرا، والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمدا، فليقض.
وبه يقول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
(2)
الترمذي حديث (720).
1768 -
(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ حَسَّانَ
(1)
، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ذَرَعَ الصَّائِمَ الْقَيْءُ وَهُوَ لَا يُرِيدُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ»
(2)
.
قَالَ عِيسَى: زَعَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنَّ هِشَاماً أَوْهَمَ فِيهِ [فَمَوْضِعُ الْخِلَافِ هَاهُنَا]
(3)
.
رجال السند:
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وعِيسَى بْنُ يُونُسَ، حفيد السبيعي، وهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وبْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
قوله: " زَعَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنَّ هِشَاماً أَوْهَمَ فِيهِ " والمعروف عن هشام أنه من أثبت الناس في ابن سيرين، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
466 -
باب الْحِجَامَةِ تُفْطِرُ الصَّائِمَ
1769 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَ عَاصِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
(4)
، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ شَدَّادِ ابْنِ أَوْسٍ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَبْصَرَ رَجُلاً يَحْتَجِمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»
(5)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعَاصِمٌ، هو ابن سليمان الأحول، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، هو أبو قلابة، وأَبو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، هو شراحيل، وأَبو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، هو عمرو بن مرثد، هم أئمة ثقات تقدموا، وشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، رضي الله عنه.
(1)
في (ك) كيسان، وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (720) وقال: حسن غريب، وأبو داود حديث (3280) وابن ماجه حديث (1676) وصححه الأباني عندهما.
(3)
ما بين المعقوفين ليس في (ك).
(4)
في (ت) يزيد، وهو تصحيف.
(5)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2369، 2368) وصححه الألباني، وقال بنسخه بحديث أنس بعض أهل العلم كالدارقطني وغيره.
الشرح:
اختلف العلماء في الحجامة للصائم فأجازها قوم ومنعها آخرون والأحوط عدم الحجامة للصائم، وهو خروج من الخلاف، ولهم تأويلات في معنى أفطر الحاجم والمحجوم، أي: تعرضًا للإِفطار، أما المحجوم فللضعف الذي يلحقه من ذلك فيؤديه إلى أن يعجز عن الصوم.
وأما الحاجم فلأنه لا يؤمن أن يصل إلى جوفه من طعم الدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1770 -
(2) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ حَدَّثَهُ، أَنَّ ثَوْبَانَ رضي الله عنه حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي بِالْبَقِيعِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْتَجِمُ، فَقَالَ:
«أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»
(1)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " أَنَا أَتَّقِي الْحِجَامَةَ فِي الصَّوْمِ في رَمَضَانَ ".
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
467 -
باب الصَّائِمِ يَغْتَابُ فَيَخْرِقُ صَوْمَهُ
(2)
1771 -
(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ بَشَّارِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2367) وابن ماجه حديث (1680) وصححه الألباني عندهما.
(2)
ليس في بعض النسخ الخطية.
غُطَيْفٍ
(1)
، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِى بِالْغِيبَةِ
(3)
.
رجال السند: عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو المزني، ووَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، إمام ثقة روى له الستة عدا الترمذي، وبَشَّارِ بْنِ أَبِي سَيْفٍ، هو الجرمي بصري مقبول، والْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو الجرشي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وعِيَاضُ بْنُ غُطَيْفٍ، مختلف في صحبته، وقيل: تابعي، وأَبو عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد أن الصوم يقي من النار، ما لم يخرق بمعصية وإن صغرت.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
468 -
باب الْكُحْلِ لِلصَّائِمِ
1772 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ أَبُو النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، وَكَانَ جَدِّي قَدْ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ:«لَا تَكْتَحِلْ بِالنَّهَارِ وَأَنْتَ صَائِمٌ، اكْتَحِلْ لَيْلاً بِالإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ»
(4)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " لَا أَرَى بِالْكُحْلِ بَأْساً ".
(1)
في (ك) عطية، وهو خطأ.
(2)
فيه بشار بن أبي سيف، مقبول، وأخرجه النسائي حديث (2233، 2235) وضعفه الألباني، وأصله عند البخاري من حديث أبي هريرة حديث (1894) وعند مسلم حديث (1151) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 706).
(3)
ليس في (ت، ك).
(4)
ت: فيه النعمان بن معبد، ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 530) وقال ابن حجر: مجهول، وصح منه جملة:" فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر " من حديث ابن عباس 2219، 3036) أخرجه الترمذي حديث (1757) وقال: حسن، وأبو داود حديث (3878، 4061) والنسائي حديث (5113) وابن ماجه حديث (3497) وصححه الألباني عندهم.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ أَبُو النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ، ضعيف، وأَبوه، مجهول، ابنه تفرد بالرواية عنه، وجَدُّهُ، هو معبد بن هوذة له صحبة رضي الله عنه.
الشرح: لا حرج في الكحل للصائم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
469 -
بابٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
.
1773 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ - هُوَ ابْنُ مُضَرَ-
(1)
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}
(2)
قَالَ: كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِىَ فَعَلَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا ".
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، وبَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، ويَزِيدُ مَوْلَى سَلَمَةَ، هو يزيد بن أبي عبيد الأسلمي، تابعي ثقة، وسَلَمَةُ ابْنُ الأَكْوَعِ، رضي الله عنه.
الشرح:
في سنده عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه مسلم حديث (1145) ومن حديث ابن عمر البخاري حديث (4506، وطرفه: 1949). والآية الناسخة هي قول الله عز وجل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
(3)
.
والنسخ هو قول الجمهور، والإطعام باق في حق من لم يطق الصوم.
(1)
في بعض النسخ الخطية " عَنْ بُكَيْرٍ - هُوَ ابْنُ الأَشَجِّ - ".
(2)
من الآية (184) من سورة البقرة.
(3)
من الآية (185) من سورة البقرة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
470 -
بابٌ فِيمَنْ يُصْبِحُ صَائِماً تَطَوُّعاً ثُمَّ يُفْطِرُ
1774 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ بِنْتِ
(1)
أُمِّ هَانِئٍ - أَوِ ابْنِ ابْنِ
(2)
أُمِّ هَانِئٍ - عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِىَ صَائِمَةٌ، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَصُومِي يَوْماً آخَرَ
(3)
، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعاً فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِيهِ، وَإِنْ شِئْتِ فَلَا تَقْضِيهِ»
(4)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، هو الملقب بعارم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وهَارُونُ ابْنِ بِنْتِ أُمِّ هَانِئٍ، مجهول ولا يعرف لأم هاني ابن بنت، وابْنُ ابْنِ أُمِّ هَانِئٍ، وابنها هو جعدة بن هبيرة، وابنه، لم أقف على معلومة عنه، وأُمُّ هَانِئٍ، رضي الله عنها.
الشرح:
قال بعض العلماء رحمهم الله: بجواز قطع صوم القضاء الواجب، وقال آخرون: من تعمد الفطر في صوم واجب لا يجوز له الخروج من صومه قضاء؛ لأن القضاء في حقه واجب على الفور، ومن لم يتعمد فالقضاء في حقه على التراخي، ويجوز له قطع صومه؛ لأنه أشبه المسافر يشرع في الصوم، ثم يبدو له الخروج منه.
أما صوم التطوع فلا يجب على من أفطر قضاء، وهو بالخيار فيه إن شاء قضى، وإن شاء ترك ولا حرج.
(1)
قال ابن حجر: هو وَهَم (الفتح 11/ 16).
(2)
ليس في بعض النسخ الخطية.
(3)
ليس في المطبوع.
(4)
فيه هارون مجهول، وأخرج أحمد نحوه من حديث عائشة بسند ضعيف، حديث (26310) والترمذي حديث (731) وقال: ذهب قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا الحديث، فرأوا عليه القضاء إذا أفطر، وهو قول مالك بن أنس، وأخرجه النسائي في الكبرى حديث (3305، 3307 - 3309).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1775 -
(2) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ:" لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، قَالَتْ: فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً ". فَقَالَ لَهَا: «أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئاً؟» قَالَتْ: لَا، قَالَ:«فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعاً» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَقُولُ بِهِ.
رجال السند:
عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ضعيف، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، هو ابن نوفل هاشمي ثقة له رؤية، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ هَانِئٍ، رضي الله عنها.
الشرح:
الحديث في سنده يزيد بن أبي زياد ضعيف، وأخرجه أبو داود حديث (2456) وصححه الألباني، والحديث فيه اضطراب، وعليه مآخذ انظر:(الفتح 4/ 212، ونيل الأوطار 4/ 346 - 348)، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
471 -
باب مَنْ دُعِيَ إِلَى طَّعَامِ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ
…
1776 -
(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ»
(1)
.
رجال السند:
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَبو الزِّنَادِ، والأَعْرَجُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1150).
الشرح:
هذا مرتبط بإجابة الدعوة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دُعِيَ فليجِبْ، فإن كان مفطرًا أَكل، وإن كان صائمًا فليُصَلّ ولْيَدْعُ لهم»
(1)
، المراد بقوله: " فليصل: أي: فليدع للداعي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
472 -
باب فِي الصَّائِمِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ
1777 -
(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مَوْلَاةً لَنَا يُقَالُ لَهَا لَيْلَى تُحَدِّثُ، عَنْ جَدَّتِهَا أُمِّ عُمَارَةَ بِنْتِ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَتْ لَهُ بِطَعَامٍ فَقَالَ لَهَا: «كُلِي» . فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصَّائِمَ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَفْرُغُوا» . وَرُبَّمَا قَالَ: «حَتَّى يَقْضُوا
أَكْلَهُمْ»
(2)
.
رجال السند:
هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وحَبِيبٌ الأَنْصَارِيُّ، هو ابن زيد الأنصاري، ثقة روى له الأربعة، ولَيْلَى، هي بنت سعد تفرد حبيب بالرواية عنها، وثقها ابن حبان، وأُمِّ عُمَارَةَ بِنْتِ كَعْبٍ، هي نَسيبة صحابية، وهي جدة ليلى، وحبيب.
الشرح:
هذا من بركة الصوم وفضله؛ لأن الصائم إذا رأى الطعام ورأى من يأكل الطعام عنده ربما تميل نفسه إلى الطعام، فيكون الصيام عليه شديدا في هذه الحالة، فمن صبر على الصوم مع هذه المشقة صلت عليه الملائكة؛ أي: استغفروا له عوضا عن هذه المشقة.
(1)
أحمد حديث (7749).
(2)
فيه ليلى ذكرها ابن حبان في الثقات (5/ 346) وأخرجه والترمذي حديث (785، 786) وقال: حسن صحيح، وهو أصح من حديث شريك، وابن ماجه حديث (1748) وضعفه الألباني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
473 -
باب فِي وِصَالِ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ
1778 -
(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما قَالَتْ:" مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَامَ شَهْراً تَامًّا إِلاَّ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ لِيَكُونَا شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَكَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ "
(1)
.
رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن موسى، وإِسْرَائِيلَ، هو ابن يونس، ومَنْصُورٍ، هو ابن المعتمر، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله بن عمر، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.
الشرح:
ثبت النهي عن تقدم رمضان بصوم من شعبان، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم صام شعبان بعضه أو كله، وجمع العلماء بين الأحاديث بأن النهي متوجه إلى من لم يكن له صوم من أول شعبان، أما من صام بعضه أو كله فلا نهي عنه، وصيام شعبان كله سنة، وقد صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة كله، وتارة بعضه حتى لا يتوهم أحد أنه واجب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
474 -
باب النَّهْيِ عَنِ الصَّوْمِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ
1779 -
(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَنَفِيُّ - يُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَأَمْسِكُوا عَنِ الصَّوْمِ»
(2)
.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (736) وقال: حسن، وأبو داود حديث (2336) والنسائي حديث (2352، 2353) وابن ماجه حديث (1648) وصححه الألباني عندهما، وأصله في الصحيحين من حديث عائشة، البخاري حديث (1969) ومسلم حديث (1156).
(2)
سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (738) وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود حديث (2337) وابن ماجه حديث (1651) وصححه الألباني عندهم.
رجال السند:
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَنَفِيُّ هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قاصٌّ من أفراد الدارمي، والْعَلَاءِ، هو ابن عبد الرحمن، وأَبوه، عبد الرحمن بن يعقوب، مدني تابعي ثقة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد من لم يكن له صوم في شعبان، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1780 -
(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: نَحْوَ هَذَا
(1)
.
رجال السند:
الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ إمام ثقة تقدم، وعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به تقدم، وتقدم الباقون آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
475 -
باب الصَّوْمِ مِنْ سَرَرِ الشَّهْرِ
1781 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ هَذَا الشَّهْرِ؟» فَقَالَ: لَا، قَالَ:«فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: سَرَرُهُ آخِرُهُ
(3)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، والْجُرَيْرِيُّ، هو ابن إياس، وأَبو الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، هو يزيد بن عبد الله ومُطَرِّفٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، وانظر: السابق.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1983) ومسلم حديث (1161) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 722).
(3)
وقيل: أول الشهر، وقيل: وسطه.
الشرح:
المراد أنه يستحب الصيام من آخر كل شهر؛ ليكون عادة، ولا يعارضه النهي عن استباق رمضان بيوم أو يومين، لجواز ذلك لمن كان من عادته الصيام من آخر كل شهر.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
476 -
بابٌ فِي صِيَامِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
1782 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" مَا صَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهْراً كَامِلاً غَيْرَ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ لَيَصُومُ إِذَا صَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ إِذَا أَفْطَرَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يَصُومُ "
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وأَبُو عَوَانَةَ، وأَبو بِشْرٍ، هو جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، وإياس هو أبو وحشية، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
المراد صيام التطوع، وهذا بيان للأمة، وفيه مراعاة للأحوال، حتى لا يظن المتطوع عدم جواز الفطر، وفيه الحث على صيام التطوع فلا يهمله المفطر؛ لأن صيام التطوع من أفضل القربات، وانظر ما تقدم برقم 1579، وقد كان صلى الله عليه وسلم يواصل الصوم ونهى أمته عن ذلك، وكان يترك بعض النوافل خوفا من أن تفرض على أمته إذا اقتدوا به، وترك القيام في شهر رمضان بعد أن قام بهم ليلة أو ليلتين ثم لم يخرج إليهم، وذكر لهم إنه خاف أن يكتب عليهم ثم لا تقومون بعد ذلك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
477 -
باب النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ الدَّهْر:
1783 -
(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
(1)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1971) ومسلم حديث (1157) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 713).
" ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَصُومُ الدَّهْرَ " فَقَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، وقَتَادَةُ، ومُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، عبد الله بن الشخير له صحبة رضي الله عنه.
الشرح:
هذا النهي لخشية أن يفرض عليهم، وفي النهي رحمة بالأمة، وهم لا يطيقون ذلك، فجاءهم بالبديل الهين، قال عمر رضي الله عنه:" يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟ " قال: «لا صام ولا أفطر» - أو قال - «لم يصم ولم يفطر» قال: " كيف من يصوم يومين ويفطر يوما؟ " قال: «ويطيق ذلك أحد؟» قال: " كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟ " قال: «ذاك صوم داود عليه السلام» قال: " كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟ " قال: «وددت أني طوقت ذلك» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»
(2)
.
أما قوله لا صام ولا أفطر المراد أنه لعجزه لم يصم ولم يفطر؛ وقد يكون المراد به الدعاء، تخويفا وتحذيرا من التكلف والغلو، وستأتي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه بما يعدل صيام الدهر، تقدم في الجزء الثاني رقم 1587.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
478 -
بابٌ فِي صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ:
1784 -
(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا الْعَوَّامُ قال: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (2380، 2381) وابن ماجه حديث (1705) وصححه الألباني عندهما، ووردت جملة " لا صام ولا أفطر " عند مسلم من حديث أبي قتادة في السياق ذاته، حديث (1162)
(2)
مسلم حديث (1162).
" أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَسْتُ بِتَارِكِهِنَّ: أَنْ لَا أَنَامَ إِلاَّ عَلَى وِتْرٍ، وَأَنْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَنْ لَا أَدَعَ رَكْعَتَي الضُّحَى "
(1)
.
رجال السند:
يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، الْعَوَّامُ، هو ابن حوشب ثقة ثبت، وسُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، هو مولى ابن عباس، لذلك يقال: الهاشمي، روى له الترمذي حديثا واحدا، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذه من أجل ما أوصى به رسول الله؛ ولذلك نقلها أبو هريرة إلى الأمة، وهي تحث على المحافظة على الوتر ولو بركعة واحدة.
وصيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ هي الأيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1785 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
نَحْوَهُ
(2)
.
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، شُعْبَةُ، عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، هو ابن فروخ إمام ثقة حافظ، روى له الستة، وأَبو عُثْمَانَ، هو النهدي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1786 -
(2) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صِيَامُ الْبِيضِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ»
(3)
.
(1)
فيه سليمان منبوذ بن أبي سليمان، مقبول، وأخرجه البخاري حديث (1178) ومسلم حديث (721) ولم أقف عليه في اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.
(2)
رجاله ثقات، وانظر: سابقه، وهو عند مسلم أيضا ما بعد حديث (721) بدون ترقيم.
(3)
رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (15584).
رجال السند:
أَبُو الْوَلِيدِ، وشُعْبَةُ، تقدما آنفا، مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وأَبوه، قرة بن إياس، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا يبين أهمية صيام البيض سميت بذلك لبياضها بنور القمر، وانظر المتقدم في الجزء الثاني برقم 1584.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
479 -
بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الصِّيَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
1787 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟، قَالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، ثقة قليل الحديث، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، هو المخزومي ثقة قليل الحديث، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد نهي عن إفراده بالصوم، ويجوز صيامه مع يوم قبله أو بعده.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
480 -
بابٌ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ
1788 -
(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ - يُقَالُ لَهَا الصَّمَّاءُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ كَذَا أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضَغْهُ» .
رجال السند: أَبُو عَاصِمٍ، وثَوْر، هو ابن يزيد، وخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، هم ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، هو المازني صحابي صغير رضي الله عنه، وأُخْتِهِ يُقَالُ لَهَا الصَّمَّاءُ،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1984) ومسلم حديث (1143) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 700).
صحابية رضي الله عنها.
الشرح:
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (744) وقال: هذا حديث حسن ومعنى كراهته في هذا: أن يخص الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود تعظم يوم السبت، وأبو داود حديث (2421) وابن ماجه حديث (1726) وصححه الألباني.
واختلف العلماء رحمهم الله في الاحتجاج بهذا الحديث، والصحيح أن المراد بالنهي عن صومه مفردا، كيوم الجمعة.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
481 -
بابٌ فِي صِيَامِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ
1789 -
(1) حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ ابْنِ الْحَكَمِ ابْنِ ثَوْبَانَ، أَنَّ مَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ مَوْلَى أُسَامَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ يَرْكَبُ إِلَى مَالٍ لَهُ بِوَادِي الْقُرَى، فَيَصُومُ الاِثْنِينِ، وَالْخَمِيسَ، فِي الطَّرِيقِ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصُومُ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ فِي السَّفَرِ، وَقَدْ كَبِرْتَ وَضَعُفْتَ - أَوْ رَقِقْتَ -؟، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، وَقَالَ:«إِنَّ أَعْمَالَ النَّاسِ تُعْرَضُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ» .
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، تابعي إمام ثقة، روى له مسلم، البخاري تعليقا، ومَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، هو أبو عبيد الله مجهول، ومَوْلَى أُسَامَةَ، قيل: حرملة الكلبي، روى له البخاري، وقيل: غيره مجهول، وأُسَامَةُ، هو ابن زيد رضي الله عنه.
الشرح:
صيام الاثنين والخميس سنة ثابتة عن رسول الله رضي الله عنه، مستحبة ومندوب إليها، ويجوز صيامها حضرا وسفرا، والمواظبة عليها، ولمزيد من صيام التطوع انظر ما تقدم برقم 1777 والحديث فيه من الموالي: مولى قدامة، ومولى أسامة مجهولان، وأخرجه وأبو داود حديث (2436) وصححه الألباني.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1790 -
(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ:«إِنَّ الأَعْمَالَ تُعْرَضُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، ومُحَمَّدُ بْنُ رِفَاعَةَ، هو القرظي تفرد أبو عاصم بالرواية عنه، وذكره ابن حبان في الثقات، وله متابع، وسُهَيْلٌ، هو ابن أبي صالح ذكوان، وأَبوه، ذكوان السمان، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا مما يحث على صيام الاثنين والخميس، فمن الخير أن تعرض أعمال الأسبوع والعبد متلبس بطاعة الصيام ابتغاء فضل الله عز وجل.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
482 -
بابٌ فِي صَوْمِ دَاوُدَ عليه السلام
1791 -
(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو - يَعْنِي: ابْنَ دِينَارٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما يَرْفَعُهُ قَالَ: «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ عز وجل صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ عز وجل صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يُصَلِّي نِصْفاً، وَيَنَامُ ثُلُثاً، وَيُسَبِّحُ سُدُساً»
(2)
.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا اللَّفْظُ الأَخِيرُ غَلَطٌ - أَوْ خَطَأٌ - إِنَّمَا هُوَ أَنَّهُ: «كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيُصَلِّي ثُلُثَهُ، وَيُسَبِّحُ سُدُسَهُ
(3)
».
رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، هو الثقفي، طائفي من كبار التابعين إمام ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو ابن العاص
(1)
فيه محمد بن رفاعة، مقبول، تابعه وهيب بن خالد، ولذلك حسن الترمذي حديثه، وهو طرف مما أخرجه مسلم من طريق أخرى عن أبي هريرة، حديث (2565).
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1131) ومسلم حديث (1159) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 720).
(3)
في (ت، ك) تسبيحة، والمثبت أدق.
رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا نبي أقدره الله عز وجل على هذا المنهج في العبادة، نسأل الله العون والمدد، وانظر ما تقدم في الجزء الثاني برقم 1584.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
483 -
باب النَّهْىِ عَنِ الصِّيَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ
1792 -
(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ
(1)
عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ»
(2)
.
رجال السند: سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وقَزَعَةُ مَوْلَى زِيَادٍ بن أبي سفيان، هو قزعة بن يحيى ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ،
رضي الله عنه.
الشرح:
هما يوما عيد، فيهما فرحة الناس وبهجتهم، لذلك حرُم صيامهما، ولزم فطرهما.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
484 -
بابٌ فِي صِيَامِ السِّتَّةِ مِنْ شَوَّالٍ:
1793 -
(1) حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا صَفْوَانُ، وَسَعْدُ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ
(3)
بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»
(4)
.
رجال السند:
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، الصحيح أن حديثه لا يقل عن الحسن، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
(1)
في (ك) عثمان، وهو خطأ.
(2)
رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1197) ومسلم حديث (827) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 698).
(3)
في (ك) عثمان، وهو خطأ.
(4)
سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (1164).
مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به، وصَفْوَانُ، هو ابن سليم ثقة، تقدموا جميعا، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو أخو يحيى بن سعيد القطان قيل: سيء الحفظ روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وعُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ، هو الأنصاري خزرجي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو أَيُّوبَ، رضي الله عنه.
الشرح:
المراد بالدهر السنة؛ لأن صيام رمضان يعدل صوم عشرة أشهر، على قاعدة الحسنة بعشر أمثالها، والستة من شوال تعدل صوم شهرين، فصار صومهما يعدل صوم السنة، ومن حافظ عليها عمره فهي تعادل صيام سنوات عمره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1794 -
(2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«صِيَامُ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَهُنَّ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ تَمَامُ سَنَةٍ» .
يَعْنِى شَهْرَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ
(1)
.
رجال السند:
يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، ويَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وثَوْبَانُ، رضي الله عنه.
الشرح: النظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
485 -
بابٌ فِي صِيَامِ الْمُحَرَّمِ
1795 -
(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه يَسْأَلُهُ عَنْ شَهْرٍ
(2)
يَصُومُهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ عَنْ هَذَا بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه ابن ماجه حديث (1715) وصححه الألباني.
(2)
في بعض النسخ الخطية " بعْدِ شَهْرٍ رَمَضَانَ ".
أَيُّ شَهْرٍ يَصُومُهُ مِنَ السَّنَةِ؟ فَأَمَرَهُ بِصِيَامِ الْمُحَرَّمِ وَقَالَ: «إِنَّ فِيهِ يَوْماً تَابَ اللَّهُ عَلَى قَوْمٍ، وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ»
(1)
.
رجال السند:
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو أبو جعفر الأصبهاني، الملقب حمدان حافظ متقن لا يقبل التلقين، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، صدوق فيه تشيع تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ، لا يحتج به، والنُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، هو ابن أخت عبد الرحمن المتفرد بالراوي عنه مقبول، وعَلِيُّ، رضي الله عنه.
الشرح: هذا سند ضعيف ويقويه التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1796 - (2) أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ
الْمُحَرَّمَ»
(2)
.
رجال السند:
زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ، هو أبو ربيعة القطيعي، بصري مختلف في الاحتجاج به، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح إمام تقدم، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ، وحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.
الشرح: فيه تقوية لما تقدم آنفا.
قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1797 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَا: ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بشر عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُحَرَّمُ»
(3)
.
(1)
فيه عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، وأخرج مسلم طرف صيام المحرم ضمن حديث عن أبي هرير، حديث (1163) والترمذي حديث (741) وقال: هذا حديث حسن غريب.
(2)
فيه زيد بن عوف لقبه فهد، نقل الذهبي قول أبي حاتم: يعرف وينكر، والحديث صحيح أخرجه أحمد، انظر: السابق.
(3)
رجاله ثقات، وانظر ما قبل السابق.
رجال السند:
أَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وأَبُو عَوَانَةَ، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر بن إياس، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.
الشرح: انظر ما تقدم.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
486 -
بابٌ فِي صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
1798 -
(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:" قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَالْيَهُودُ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «أَنْتُمْ
(1)
أَوْلَى بِمُوسَى فَصُومُوهُ»
(2)
.
رجال السند:
سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، وأَبو بِشْرٍ، وسَعِيدُ ابْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.
الشرح:
خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم بأنهم أحق؛ لأن قوم موسى عليه السلام غيروا وبدلوا فيما جاء به، وآمن به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه، وتبعته الأمة في ذلك، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام يوم عاشوراء شكرا لله على أن نجي موسى عليه السلام ومن آمن به من فرعون وقومه.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1799 -
(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ ".
رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هو بن الزبير، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
(1)
يخاطب أصحابه رضي الله عنهم، وهو خطاب للأمة كلها.
(2)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2004) ومسلم حديث (1130) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 692).
الشرح:
رجاله ثقات، وهذا قبل فرض رمضان، وخير بعد فرض رمضان كما في البخاري حديث (1592) وانظر أطرافه: ومسلم حديث (1125) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان)، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1800 -
(3) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ: «إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ كَانَ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيَصُمْهُ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، هو الأسلمي، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَلَمَةُ بْنِ الأَكْوَعِ، رضي الله عنه.
الشرح:
هذا الأمر يحمل على ما كان قبل فرض رمضان، ولما فرض صوم رمضان، صار صوم عاشوراء نافلة على الخيار من شاء صام، ومن شاء ترك.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1801 -
(4) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُهُ في الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ»
(2)
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَصُومُهُ إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ صِيَامَهُ.
رجال السند:
يَعْلَى، هو ابن عبيد، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ونَافِعٌ، هما إمامان ثقتان تقدما، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنها.
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1924) ومسلم حديث (1135) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 695).
(2)
فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وقد توبع، أخرجه البخاري حديث (1892) ومسلم حديث (1126) ولم أقف عليه اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.
الشرح:
سمي ما قبل الإسلام بالجاهلية لتمسك العرب وقريش خاصة بعبادة الأصنام، وما كان عليه آباؤهم، وكانوا يصومون عاشوراء متابعة لليهود، فلما جاء الله عز وجل بالإسلام وأذهب الله الجاهلية، أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوب صوم عاشوراء قبل فرض رمضان، فلما فرض صار صوم عاشوراء على الخيار لمن شاء، وانظر المتقدم برقم 1783، 1798، وما بعده وانظر التالي.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1802 -
(5) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْماً تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ حَتَّى إِذَا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ هُوَ الْفَرِيضَةُ وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ "
(1)
.
رجال السند:
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الدمشقي صدوق تقدم، وشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو الدمشقي، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، هو عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.
الشرح: انظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
487 -
بابٌ فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ
1803 -
(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلَامِ، وَهِىَ: أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» .
رجال السند:
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ومُوسَى بْنُ عُلَيٍّ، هو اللخمي صدوق تقدم، وأَبوه، هو عُلي بن رباح، هما إمامان ثقتان تقدما، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.
(1)
رجاله ثقات، تقدم متفق عليه.
الشرح:
الحديث رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (773) وقال: حسن صحيح، وأبو داو حديث (2419) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (3004) وصححه الألباني.
والمراد أنه عيد للحاج وغيره، ولكن لا ينبغي للحاج صوم يوم عرفة ليقوى على الدعاء والذكر، أما غير الحاج فصوم يوم عرفة مستحب، وهو كفارة لسنتين؛ وفي صحيح مسلم الماضية والآتية، ويكون تكفيره للسنة الآتية، بحفظه وتوفيقه لعدم الوقوع في الذنوب، أو يجعل له من رحمته وثوابه ما يكون كفارة لذنوب السنة التالية، والنهي الوارد عن صوم الحاج نهي استحباب، وليس نهي تحريم، ومن وجد من نفسه قدرة على الجمع بين الصوم والذكر فلا بأس.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1804 -
(2) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، ثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:"سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَحَجَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لَا أَصُومُهُ وَلَا آمُرُ بِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ "
(1)
.
رجال السند: الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، وأَبِوه، هو أبو نجيح يسار المكي، مولى ثقيف. مشهور. بكنيته، هما ثقتان، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
الشرح:
هذا يؤيد أن الحاج لا يستحب له صوم يوم عرفة، ليشتغل بالذكر والدعاء، وانظر السابق.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
488 -
باب النَّهْيِ عَنِ الصِّيَامِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ
1805 -
(1) حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ رضي الله عنه:
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (751) وقال: حسن، وقال الألباني: صحيح الإسناد.
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَوْ أَمَرَ رَجُلاً يُنَادِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: «أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَهِىَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»
(1)
.
رجال السند:
أَبُو النُّعْمَانِ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، ونَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وبِشْرُ بْنُ سُحَيْمٍ، رضي الله عنه.
الشرح:
لأن الإيمان أصل جميع الأعمال الصالحة، وليس المراد أن يكون المؤمن معصوما من المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ زَنَا وَإِنْ سَرَقَ»
(2)
، وفي هذا رد على من يزعم أن المعاصي تخرج من الإيمان وتوجب الخلود في النار، بل من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة.
أما أيام التشريق فهي الأيام المعدودات، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، والنهي عن صيامها للحاج غير المتمتع؛ لأنها أيام ذكر وأكل وشرب.
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
1806 -
(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قال: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ:" أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَذَلِكَ الْغَدَ - أَوْ بَعْدَ الْغَدِ - مِنْ يَوْمِ الأَضْحَى، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو طَعَاماً، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَمْرٌو: أَفْطِرْ فَإِنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا. فَأَفْطَرَ عَبْدُ اللَّهِ، فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ "
(3)
.
رجال السند:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، ويَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هما ثقتان تقدما،
(1)
رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (4994) وابن ماجه حديث (1720) وصححه الألباني عندهما.
(2)
المنتخب من مسند عبد بن حميد حديث (389).
(3)
فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وقد تابعه عليه شعيب بن الليث، وهو ثقة، وأخرجه أبو داود حديث (2418) وصححه الألباني.
وأَبو مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ، مشهور بكنيته تابعي ثقة، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رضي الله عنهما.
الشرح:
فيه دلالة على أن النهي يشمل غير الحاج؛ لأنها أيام عيد وذكر وشكر لله عز وجل.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، فقد تم بفضله وعونه الجزء الثالث من شرح مسند الدارمي، قبل صلاة العصر ليلة الأربعاء 9/ 9/ 1440 هـ في منزلي بالمدينة النبوية على ساكنها نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام، وصاحبيه المجاورين له أبي بكرو عمر عليهما سلام الله ورضوانه.
ويلي هذا الجزء الرابع أوله 489 - باب الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ
1807 -
(1). نسأل الله عز وجل العون على إنجازه.