المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

شرح مسند الدارمي الجزء الرابع شرح وتوثيق الدكتور مرزوق بن هياس آل مرزوق - شرح مسند الدارمي - جـ ٤

[مرزوق بن هياس الزهراني]

فهرس الكتاب

شرح مسند الدارمي

الجزء الرابع

شرح وتوثيق

الدكتور مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني

المصدر

المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه المأثورة

تأليف الإمام الحافظ الناقد أبي محمد

عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي رحمه الله

(181 - 255 هـ)

ص: 1

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

489 -

‌ باب الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ

1807 -

(1) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَصُوْمَ

(1)

فَمَاتَتْ، فَجَاءَ أَخُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ كُنْتَ قَاضِيَهُ؟» . قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» .

قَالَ: فَصَامَ عَنْهَا

(2)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، وأَبو بِشْرٍ، وسَعِيدُ ابْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

أجمع العلماء رحمهم الله على أنه لا يُؤمِن أحد عن أحد، ولا يصلى أحد عن أحد، واختلفوا في الصوم والحج.

أما الصوم فاختلفوا فيه لاختلاف الآثار، فقال بعضهم: لما لم يجز الصيام عن الشيخ الكبير في حياته فبعد موته أولى بعدم الجواز، ولو جاز أن يصلى أحد عن أحد لجاز ذلك في جميع ما يلزم الأبدان من الشرائع، وقال آخرون: من مات، وفي ذمته حق الله عز وجل من حج، أو كفارة، أو نذر صدقة، أو زكاة فإنه يجب قضاؤها من رأس ماله مقدماً على الوصايا والميراث، سواء أوصى به أو لم يوص، كما يقضي عنه ديون الناس، وقال آخرون: يطعم عنه من الثلث، عن كل يوم مسكين، ولا يلزم الورثة إذا

(1)

في (ت، ك) تحج، والمثبت أدق.

(2)

رجاله ثقات، وفي الصوم أخرجه البخاري حديث (1953) ومسلم حديث (1148) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 705، 1061).

ص: 2

لم يوص، وحملوا ما ورد في هذا الحديث على التطوع؛ لأنه إنما سأله هل كنت تفعل ذلك تطوعا، وقال آخرون: إن الموت يسقطه عنه، فلا يلزم قضاء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

490 -

‌ بابٌ فِي فضْلِ الصِّيَامِ

1808 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَفْضَلُ

(1)

عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به تقدم، وأَبو سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

الشرح: هذا من تكريم الصائم وأهمية الصوم عند الله عز وجل وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره لإتمام يوم صومه الموعد عليه بالثواب الكثير، ويفرح عند لقاء ربه لما يجد من ثواب صومه، وفيه الترغيب في صوم النافلة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1809 -

(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلاَّ الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، إِنَّهُ يَتْرُكُ الطَّعَامَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، وَيَتْرُكُ الشَّرَابَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ»

(3)

.

رجال السند: هو أئمة ثقات، وانظر ما تقدم آنفا.

(1)

في (ك) أطيب، وكلاهما يصح.

(2)

سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (1894) ومسلم حديث (1151) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 707).

(3)

سنده حسن، هذا الحديث والذي قبله والذي بعد أطراف من حديث أبي هريرة عند البخاري حديث (1904، 5927) ومسلم حديث (1151 مكرر)(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 706، 707).

ص: 3

الشرح:

لا ريب أن العبادات طاعة لله عز وجل، وثوابها المضاعف عائدة للعابد، ولكن فُضّل الصوم عليها؛ لأنه عبادة خالصة لله عز وجل، ولخفائها على الناس ليس فيها رياء ولا سمعة، ولذلك علل الجزاء بإخلاص الصائم في ترك المذكورات من أجل الله عز وجل، فتكفل الله بجزاء الصائم، وهذا يستدعي الإكثار من صيام النفل بعد رمصان.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1810 -

(3) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، والأَعْمَشُ، وأَبو صَالِحٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن الصوم حماية من جميع المعاصي، وبالتالي هو حماية من النار لمن ترك شهوته، وأكله وشاربه من أجل ربه عز وجل، مع امكان ممارسة ذلك في خفاء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

491 -

‌ باب دُعَاءِ الصَّائِمِ لِمَنْ يُفْطِرُ عِنْدَهُ:

1811 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَفْطَرَ عِنْدَ أُنَاسٍ قَالَ: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، ويَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، انظر السابق وهو طرف منه.

(2)

فيه انقطاع بين يحيى بن أبي كثير وأنس، وأخرجه أبو داود حديث (3854) وصححه الألباني، وابن ماجه حديث (1747) قال الألباني: صحيح دون قوله: أفطر رسول الله عند سعد.

ص: 4

الشرح:

هذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ رضي الله عنه لما أفطر عنده في رمضان، وقيل: بل لسعد ابن عبادة رضي الله عنه، ولا مانع من تعدد الواقعة، وهو دعاء يستحب أن يقوله الصائم إذا أفطر عند أناس؛ لأن الصائم إذا أفطر عند أحد، فلمن قدم له ما يفطر عليه مثل أجر الصائم، وفي هذا الدعاء طلب المزيد من إفطار الصائمين ليزداد لهم الأجر.

أما دعاء " وأكل عندكم الأبرار " فالمراد الصائمون، والأبرار غيرهم، ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأبرار، وفيه الدعاء لمن أكل عندهم وشرب من غير صوم؛ لأن هذا الدعاء أعم من السابق.

وقوله: " وصلت عليكم الملائكة " أي: استغفرت لكم الملائكة، ومن تستغفر له الملائكة فقد فاز؛ لأن دعاءهم مستجاب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

492 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ

1812 -

(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِماً الْبَطِينَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي عَشْرِ ذِى الْحِجَّةِ» قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، قَالَ:«وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»

(1)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، وسُلَيْمَانَ، هو الأعمش، ومُسْلِمُ الْبَطِينَ، هو ابن عمران الكوفي صدوق، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن ثواب العمل في هذه العشر لا ينقص عن ثواب صوم رمصان، ولا يفْضل ليالي عشر ذي الحجة إلا ليالي عشر رمضان الأخيرة؛ لأن فيها ليلة القدر والقيام،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (969).

ص: 5

وكان يجتهد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجتهد في غيرها، وأيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمصان الأخيرة؛ لأن فيها يوم عرفة، ويوم النحر، فحري بالمسلم أن يهتم بهذه المواسم، مخلصا أعماله فيها لله وحده لا شريك له؛ ليحصد منها الثواب الجزيل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

493 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ

1813 -

(1) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» .

رجال السند:

أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وأَبُو سُهَيْلٍ، هو نافع بن مالك الأصبحي، وأَبوه، هو مالك بن أبي عامر الأصبحي، تابعي إمام ثقة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1898) ومسلم حديث (1079) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 652). وقوله: " وَصُفِّدَتِ " قُيّدت بالأغلال، قال العلماء رحمهم الله في معنى هذا الحديث: إنه يؤل على أحد أمرين:

الأول: يحتمل أن المراد به أن الشياطين تصفد حقيقة، فتمتنع من بعض الأفعال التي لا تطيقها إلا مع الانطلاق، وليس في ذلك دليل على امتناع تصرفها جملة؛ لأن المصفّد هو المغلول اليدين إلى العنق، ولكنه يتصرف بالكلام والرأي، وكثير من السعي.

والثاني: يحتمل أن المراد أن شهر رمضان لبركته ولثواب الأعمال فيه، ومغفرة الذنوب تكون الشياطين فيه كأنها مصفّدة؛ لأن سعيها لا يؤثر وإغواءها لا يضر المسلم، ويحتمل أن يريد المردة من الشياطين يمنعون من إغوائهم المسلم، وهذه رحمة من الله عز وجل بالعباد فله الحمد والشكر الجزيل.

ص: 6

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

494 -

‌ بابٌ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ

1814 -

(1) حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

(1)

.

رجال السند:

وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وأَبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

الشرح:

لا تزال فضائل ربنا جل جلاله على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا تحصى، ومنها ما هو مبثوث في شهر رمضا المبارك، أن من أخلص صيامه لله عز وجل من ثوابه أن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه، فلا يخرج من رمضان إلا ومحيت ذنوبه بفضل الله ورحمته، ومعلوم فضل ليلة القدر، وأن قيامها يعدل عبادة ألف شهر، أكثر من ثلاث وتمانين سنة، وهذا بإذن الله عز وجل كفيل بمحو ما تقدم من ذنبه، نسأل الله المزيد من فضله وكرمه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1815 -

(2) حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: " صُمْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرَ رَمَضَانَ، قَالَ: فَلَمْ يَقُمْ بِنَا مِنَ الشَّهْرِ شَيْئاً حَتَّى بَقِىَ سَبْعٌ، قَالَ: فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ الآخِرُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ

(1)

رجاله ثقات، وفي الصوم أخرجه البخاري حديث (1901) ومسلم حديث (760) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 435).

ص: 7

لَيْلَتِهِ»

(1)

.

فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ - قُلْنَا: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ - قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ.

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، والْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه السنة في السبع الأواخر من رمضان فرط فيها الناس فيما أعلم، ومن أحياها فقد فاز فوزا عظيما، واختلف العلماء رحمهم الله في صلاة النافلة مع الإمام حتى ينصرف، والأمر فيه سعة، صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خمس تسليمات وهي عشر ركعات، وأوتر بواحدة، فتم احدى عشرة ركعة، وثبت أنه صلى ثلاث عشرة ركعة، وقال صلى الله عليه وسلم:«صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى»

(2)

، وهي زيادة مقبولة، بل هي نص في أن صلاة الليل لا حد لها، سواء مع الإمام أو على انفراد، ومن صلى مع الإمام ما شاء الله حتى ينصرف الإمام فقد أصاب السنة، فقول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله فيه رحمة بالأمة، ومراعاة الأحوال، ولذا الخير في حضور الصلاة مع الإمام لما في ذلك من الخير، والأمر واسع ولكل مجتهد نصيب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1816 -

(3) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: نَحْوَهُ

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (806) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1375) وابن ماجه حديث (1327) وصححه الألباني عندهما.

(2)

البخاري حديث (990) ومسلم حديث (749).

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 8

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، ودَاوُدَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

495 -

‌ باب اعْتِكَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

-

1817 -

(1) حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ قال: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْماً "

(1)

.

رجال السند:

عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، هو اليربوعي لا بأس به تقدم، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وأَبِو حَصِينٍ، هو عثمان بن عاصم الكوفي، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

الشرح:

الاعتكاف لا حد لأكثره، إلا أن يكون نذرا، وإذا لم يكن نذرا له أن يخرج منه في أي وقت، واختلف العلماء في وجوب صوم المعتكف، والصواب أنه لا يجب، ومن صام فلا حرج، والمراد من الاعتكاف الاشتغال بالطاعة، والانقطاع عن مشاغل الحياة، ويخطئ بعض المعتكفين اليوم في التجمع والتحدث فيما بينهم، واستخدام الجوالات لغير ضرورة، والاشتغال بقراءة الرسائل وغير ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1818 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: " أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ

(2)

، فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً

(1)

سنده حس

ن، وأخرجه البخاري حديث (2044).

(2)

في (ت، ك) المسجد الحرام، وهو خطأ، إنما كان في مسجده صلى الله عليه وسلم.

ص: 9

ثُمَّ قَامَتْ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْيَمَانِ، هو الحكم بن نافع، وشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، هو زين العابدين إمام ثقة جليل، وصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، رضي الله عنها.

الشرح:

لم يزره أحد من أصحابه في اعتكافه، وزارته زوجته رضي الله عنها، على أنه تجوز زيارة المعتكف من غير إكثار في الحديث، ويمنع ما يصرف عن المراد من الاعتكاف.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

496 -

‌ بابٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

1819 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ ابَنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ:" خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَكَانَ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لِحَاءٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْراً، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْخَامِسَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالتَّاسِعَةِ»

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا حُمَيْدٌ، هو ابن عبدالرحمن، وأَنَسٌ، وعُبَادَةُ ابْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر وأراد إخبار أصحابه بها، ولأمر أراده الله أنسيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر أن تلتمس في العشر الأواخر من رمضان، وليلة القدر لم ترفع، بل هي باقية إلى يوم القيامة، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه أنها في رمضان كله، وقطعا أن

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2035) ومسلم حديث (2175) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1404).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (49).

ص: 10

من صلى القيام في رمضان كله يوافق ليلة القدر، ومعلوم فضلها وأنها خير من عبادة ألف شهر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1820 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي فَنَسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، وابْنُ شِهَاب، هو الزهري، وأَبُو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: المراد بالغوابر الأخيرة من رمضان، وانظر السابق.

(1)

فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه مسلم حديث (1166) والمراد بقوله: الغوابر: البواقي، فهذا من الأضداد، يقال للباقي، والماضي.

ص: 11

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1821 -

(3) حَدَّثَنِيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقُيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، واللَّيْثُ، تقدما آنفا، وعُقُيْلٌ، هو ابن خالد، وابْنُ شِهَابٍ، وسَالِمُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب المناسك

497 -

‌ باب مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّل:

1822 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ

(2)

، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ، عَنْ مِهْرَانَ أَبِي صَفْوَانَ، عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ»

(3)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، أبُو مُعَاوِيَةَ، هو زهير بن معاوية، والْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ، ومِهْرَانَ أَبِي صَفْوَانَ، تابعي، تفرد بالرواية عنه الحسن، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد من توفرت له القدرة على الحج فلا يؤخره، وليبادر؛ لأنه فرض في العمر، ويخشى من التأخير العوارض، والقدرة ألا يكون مريضا، ويملك نفقة سفره للحج، وزاده وإقامته وعودته والراحلة، ويزاد في حق الأنثى المحرم، أو الرفقة المأمون من النساء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

498 -

‌ باب مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ:

1823 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ، أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ، فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا، وَإِنْ شَاءَ

(1)

فيه عبد الله بن صالح، وأخرجه البخاري أطول، حديث (2015) ومسلم طرف منه حديث (1165) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 723).

(2)

ليس في (ك).

(3)

فيه مهران أبو صفوان، ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1723) وابن ماجه حديث (2883) وحسنه الألباني عندهما، ويحمل الأمر بالتعجل على الاستحباب، لا على الوجوب.

ص: 12

نَصْرَانِيًّا»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق تقدم، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم ضعيف تقدم، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، ويقال: عبد الله مكي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبو أُمَامَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد من ملك القدرة ولم يمنعه عذر شعي مما ذكر وغيرة، فقد فرط وأصاع فرصة عمره، فهو مستحق لهذا الوعيد إن صحت الرواية، ولذا تستحب المبادرة واغتنام ما توفر له من صحة وزاد وراحلة وأمن.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

499 -

‌ بابٌ فِي حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَجَّةً وَاحِدَةً

1824 -

(1) أَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه يَقُولُ: " حَجَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هِجْرَتِهِ حَجَّةً "

(2)

.

قَالَ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: " حَجَّ قَبْلَ هِجْرَتِهِ حَجَّةً "

(3)

.

رجال السند:

مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، هو الخوارزمي، ويَحْيَى بْنُ آدَمَ، هو أبو زكريا ثقة، ثَنَا زُهَيْرٌ، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، هم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال قتادة، رحمه الله: قلت لأنس بن مالك: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم؟، قال: " حجة واحدة، واعتمر أربع عمر: عمرة في ذي القعدة، وعمرة الحديبية، وعمرة مع حجته، وعمرة

(1)

فيه شريك بن عبد الله القاضي، حديثه حسن، وليث بن أبي سليم ضعيف، والحديث أنكره العلماء، وقال بعضهم: موضوع. وانظر: القطوف (904/ 1842).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4404، وطرفه: 3949) ومسلم حديث (1254) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 784) والمراد حجة الوداع.

(3)

موصول بالذي قبله، وأيضا أخرجه البخاري حديث (3949، وطرفاه: 4404، 4471) وانظر (فتح الباري 8/ 107).

ص: 13

الجعرانة "، المراد حجة واحدة بعد هجرته وهي حجة الوداع، والعمرات كلها بعد الهجرة، وقال العلماء رحمهم الله: حج قبل هجرته، وانظر التالي. والترمذي حديث (815).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1825 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: كَمْ حَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: حَجَّةً وَاحِدَةً، وَاعْتَمَرَ أَرْبَعاً: عُمْرَتُهُ

(1)

الَّتِي صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ، وَالْعُمْرَةُ الثَّانِيَةُ حِينَ صَالَحُوهُ فَرَجَعَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَعُمْرَتُهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ حِينَ قَسَّمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَتُهُ مَعَ حَجَّتِهِ

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

500 -

‌ باب كَيْفَ وُجُوبُ الْحَجِّ

؟

1726 -

(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ

(3)

سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ» . فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ:«لَا، وَلَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتِ، الْحَجُّ مَرَّةٌ فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» .

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، وسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، أخو السابق صدوق تقدم، والزُّهْرِيُّ، وأبو سِنَانٍ، هو يزيد بن أمية الدؤلي، إمام تابعي صدوق، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

في بعض النسخ الخطية " الأولى ".

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1778) ومسلم حديث (1253) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 782).

(3)

في بعض النسخ الخطية " سنان " وهو خطأ.

ص: 14

الشرح:

الحديث في سنده سليمان بن كثير، ضعّف في الزهري، وأخرجه أبو داود حديث (1721) وابن ماجه حديث (2886) وصححه الألباني عندهما، والنسائي من حديث أبي هريرة حديث (2619) وصححه الألباني رحمه الله.

والقائل هو الأقرع بن حابس رضي الله عنه، ولو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نعم " لوجب الحج في كل عام، وهذا فيه مشقة عظيمة، ويعجز الناس عن ذلك، وهذه رحمة من الله عز وجل أجراها على لسان نبينا محمد رضي الله عنه إذ جعل الحج مرة واحدة في العمر، ومن زاد على المرة الواحد فهو نافلة له أجرها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1827 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَحْوَهُ

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وشَرِيكٍ، صدوق تقدم، وسِمَاكٌ، عِكْرِمَةُ، هم ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

501 -

‌ باب الْمَوَاقِيتِ فِي الْحَجِّ:

1828 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ

(2)

، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ

(3)

، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْناً

(4)

.

قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما:

(1)

فيه شريك، وسماك، وانظر السابق.

(2)

هو الميقات المعروف اليوم ببير علي، والعامة يقولون: أبيار علي، وليس المنسوب إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(3)

يقع جنوب مدينة رابغ على بعد اثنين وعشرين كيلا، ميقات من لم يمر بالمدينة.

(4)

بين الطائف ومكة، وهو أقرب إلى مدينة الطائف.

ص: 15

" أَمَّا هَذِهِ الثَّلَاثُ فَإِنِّي سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ وَقَّتَ لأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَم"

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذه مواقع يهل منها كل من مر عليها وهو يريد حجا أو عمرة، ولا يجوز له أن يتجاوزها دون إحرام، ومن تجاوزها فقد وقع في مخالفة ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان عامدا فهو آثم وعليه أن يذبح ذبيحة ويوزع لحمها على فقراء مكة، ومن كان ناسيا فإن ذكر وهو قريب رجع وأحرم من الميقات، ومن ابتعد فعليه الدم المذكور، والأخذ بالأيسر أولى، ومن كان منزله واقعا بين مكة والميقات فلا يذهب إلى الميقات وهو يريد الإحرام، بل يحرم من منزله، ومن خرج من منزله متجها إلى مكة وهو يريد حجا أو عمرة ولم يحرم من منزله فقد جاوز ميقاته ويلزمه ما يلزم مَنْ تجاوز الميقات، ومن تجاوز الميقات غير مريد لحج أو عمرة، ثم بدا له ذلك فيحرم على الفور من المكان الذي بدا له العزم على الحج أو العمرة، ولا يجاوزه ولا يلزمه الرجوع للميقات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1829 -

(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: مِثْلَهُ

(2)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، ومَالِكٌ، هو الإمام، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1829 - (3) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا ابْنُ طاووس، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

(1)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1525) ومسلم حديث (1182) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 735).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (23) انظر السابق، وهو متفق عليه.

ص: 16

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ

(1)

: «هُنَّ لَهُنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» .

رجال السند:

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد، وابْنُ طاووس، هو عبد الله، وأَبوه، هو طاووس بن كيسان، هم أئمة ثقات تقدموا، ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1524) ومسلم حديث (1181) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 734)، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

502 -

‌ بابٌ فِي الاِغْتِسَالِ فِي الإِحْرَامِ

1830 -

(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " امْتَرَى

(2)

الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فِي غَسْلِ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلُونِي إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟، فَأَتَيْتُ أَبَا أَيُّوبَ وَهُوَ بَيْنَ قَرْنَيِ

(3)

الْبِئْرِ، وَقَدْ سُتِرَ عَلَيْهِ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَضَمَّ الثَّوْبَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ ابْنُ أَخِيكَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ؟، فَأَمَرَّ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ مُقْبِلاً وَمُدْبِراً"

(4)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هم ثقات تقدموا، وإِبْرَاهِيمُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، هو أبو أسحاق تابعي إمام ثقة، روى له الستة،

(1)

إلى الجنوب من مكة على بعد مائة كيل.

(2)

أي اختلفا، وجرى بينهما مراء، وهو الجدل والتناقش.

(3)

هما خشبتان تنصب متوازيتين على حافة البئر، تشد عليهما أدوات جلب الماء، وقد يقام بدلا منهما بناءان متوازيان.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1840) ومسلم حديث (1205) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 752).

ص: 17

وأَبوه، هو عبد الله ابن حنين مدني تابعي ثقة، والْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وأَبو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنهم.

الشرح:

المراد حصل بين المذكورين جدل في كيفية غسل المحرم رأسه، فأجاب أبو أيوب رضي الله عنه بمسح رأسه؛ لأن المحرم لو دلك رأسه بالماء لربما سقط شيء من شعره، ما لم يكن الغسل من جنابة بالاحتلام، فلا بد من غسل الرأس وكله حتى يروي فروة رأسه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1831 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ لِلإِهْلَالِ وَاغْتَسَلَ ".

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَاد، هو ابن الحكم بن أبي زياد

(1)

، أبو عبد الرحمن القطواني، إمام ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، مجهول الحال وقد توبع، وابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، إمام ثقة تغير حفظ، روى له الستة البخاري تعليقا، وأَبوه، عبد الله بن ذكوان إمام ثقة تقدم، وخَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، هو أبو زيد المدني، إمام ثقة من فقهاء التابعين، وأَبوه، هو زيد بن ثابت رضي الله عنه.

الشرح:

فيه عبد الله بن يعقوب المدني مجهول، وله متابع، وأخرجه الترمذي حديث (830) وقال: هذا حديث حسن غريب.

والسنة أن من نوى الإحرام يتجرد ويغتسل، كالغسل من الجناب، ثم يهل من الميقات، ومن اكتفى بالوضوء فلا بأس.

503 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ:

1832 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ لَيْسَ لَهَا ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ، وَعُمْرَتَانِ تُكَفِّرَانِ مَا بَيْنَهُمَا

(1)

في (ت، ك) ابن أبي الزناد، وهو خطأ.

ص: 18

مِنَ الذُّنُوبِ»

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وسُمَيٍّ، هو مولى أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث ثقة، وأَبو صَالِحٍ، هو السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحج المبرور ما اتُّبع فيه الكتاب والسنة، واجتُنب اللغو والرفث والفسوق، فثواب من أدى حجه بهذه الصفة الجنة، وكذلك العمرة، تكفر ما بينها وبين العمرة التالية لها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1833 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر، وأَبَو حَازِمٍ، هو سلمة ابن دينار المخزومي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

لأن الحج فُرِض في العمر مرة، وهو أُمر بنقاء القلوب، وصيانة الجوارح من اللغو والرفث والفسوق، ومن كان حجة بهذه الصفة غسلت ذنوبه، وعاد كيوم ولدته أمه خاليا من الذنوب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

504 -

‌ باب أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ

؟:

1834 -

(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1773) ومسلم حديث (1349) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 855).

(2)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1521) ومسلم حديث (1350) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 856).

ص: 19

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْعَجُّ وَالثَّجُّ» .

الْعَجُّ: يَعْنِي التَّلْبِيَةَ، وَالثَّجُّ: يَعْنِى: إهْرَاقَةُ الدَّمِ

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، هو أبو كريب إمام ثقة، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِى فُدَيْكٍ، هو أبو إسماعيل الديلي، إمام ثقة روى له الستة، والضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، هو أبو عثمان الحزامي الأسدي، إمام ثقة روى له الستة عدا البخاري، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَرْبُوعٍ، هو ابن سعيد ابن يربوع المخزومي، أبو محمد مدني إمام ثقة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه، وأَبو بَكْرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

من الإخلاص كثرة التلبية ورفع الصوت بها، وذبح الهدي والفدية والصدقة، كل هذا في فضل الحج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

505 -

‌ باب مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

1835 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا نَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ إِذَا أَحْرَمْنَا؟، قَالَ:«لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَجْعَلْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (827) وقال: غريب

لم يسمع محمد ابن المنكدر من عبد الرحمن بن يربوع، وأخرجه ابن ماجه حديث (2924) قال ابن حجر: قال الإمام أحمد والبخاري والترمذي: من قال فيه عن ابن المنكدر، عن ابن عبد الرحمن بن يربوع، عن أبيه عن أبي بكر، فقد أخطأ، وقال الدارقطني: قال أهل النسب من قال: سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع، فقد وهم، وإنما هو عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، التلخيص الحبير، حديث (1003).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (143) ومسلم حديث (1177) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 731).

ص: 20

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، وعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ، مولى ابن عمر ثقة روى له الشيخان، وأَبوهِ، هو نافع مولى ابن عمر، وهم أئمة ثقات تقدموا، ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذه المذكورات ملابس، فالقمص: هي الثياب لباس أهل الجزية العربية، والسراويلات: هي السراويل الفضفاضة الوسيعة منها والصيقة، والعمائم ما تغطى به الرؤوس، وكذلك الطواقي، والبرانس: لباس المغاربة، وجميها لا يجوز لبسها في الإحرام للحج والعمرة، واللباس الجائز هو المتعارف عليه اليوم عند جميع المسلمين المكون من قطعتين يتزر الحاج أو المعتمر بواحدة منها، ويرتدي الأخرى على باقي الجسم، والخفاف: نعل من الجلد خفيف لا يجوز الإحرام فيه إلا لمن لا يجد غيره فيقطعه حتى يكون أعلاه أسفل الكعبين، يقطع ما علا منه.

أما قوله: «وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ» فالمراد بالثياب: الإزار والرداء إذا طُيبت بورس أو زعفران، وهما نوعان من الطيب في ذلك الوقت، وتمنع جميع أبواع الطيب في الإحرام، إلا ما كان على الجسد قبل الإحرام فلا بأس به، وكذلك من لم يجد إزارا فله أن يلبس السراويل الفضفاضة، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1836 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَاراً فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ» . قَالَ: قُلْتُ - أَوْ قِيلَ-: أَيَقْطَعُهُمَا؟، قَالَ:«لَا»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وأَبو الشَّعْثَاءِ، هم أئمة ثقات، هم أئمة ثقات، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1841) وأبو الشعثاء: هو جابر بن زيد رضي الله عنه.

ص: 21

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1837 -

(3) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ، إِلاَّ أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسَ خُفَّيْنِ، وَلِيَقْطَعَهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

506 -

‌ باب الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

1838 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِأَطْيَبِ الطِّيبِ

(2)

.

قَالَ: وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ لَنَا: تَطَيَّبُوا قَبْلَ أَنْ تُحْرِمُوا، وَقَبْلَ أَنْ تُفِيضُوا يَوْمَ النَّحْرِ ".

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه جواز تطييب الجسد قبل الإحرام، وبعد حل الإحرام يوم النحر العاشر من ذي الحجة بعد التحلل الأول.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1839 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُثْمَانَ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (8) وهو متفق عليه، تقدم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5928) ومسلم حديث (1189) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 739).

ص: 22

رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: " لَقَدْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ"

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ إمام تقدم، وهِشَامٌ، هو ابن عروة، وعُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ، هما ثقتان تقدما، وعُرْوَةُ، هو أخو هشام ثقة قليل الحديث، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه استحباب أن يتطيب بأحسن ما يملك من الطيب، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1840 -

(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَا: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: " طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُرْمِهِ، وَطَيَّبْتُهُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ "

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، هو القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

المراد أنها طيبته قبل أن يحرم، وطيبته في منى قبل أن يذهب لطواف الإفاضة وهو بعد التحلل الأول، وقد حل له كل شيء إلا النساء، فلا يحل له النساء إلا بعد طواف الإفاضة وهو التحلل الثاني.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

507 -

‌ باب النُّفَسَاءِ وَالْحَائِضِ إِذَا أَرَادَتَا الْحَجَّ وَبَلَغَتَا الْمِيقَاتَ:

1841 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

(1)

فيه عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، والحديث متفق عليه، انظر: السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5922) ومسلم حديث (1189) متفق عليه وانظر: السابقين.

ص: 23

نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِمُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ

(1)

، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ

(2)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وعَبْدَةُ، هو ابن سليمان، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

فيه صحة اهلال المرأة إذا ولدت وهي في طريقها إلى الحج أو العمرة، ولا تدخل المسجد الحرام ولا تطوف حتى تطهر وانظر هامش (1).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1842 -

(2) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ:" فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله عنها، حِينَ نُفِسَتْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْ يَأْمُرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ".

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو الصادق، وأَبوه، هو الباقر محمد بن علي زين العابدين بن الحسين، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه مسلم حديث (2967). وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

508 -

‌ بابٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُسْتَحَبُّ الإِحْرَامُ

؟:

1843 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا عَبْدُالسَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:

(1)

ميقات أهل المدينة ومن مر بها، وهو المكان الذي بني فيه مسجد الميقات، المسمى ذي الحليفة، كما في الحديث التالي، وهو المعروف اليوم بأبيار علي، والصواب بير علي، وليس هو علي بن أبي طالب.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2966).

ص: 24

" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

(1)

أَحْرَمَ دُبُرَ الصَّلَاةِ"

(2)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، هو أبو بكر الملائي، كوفي به ضعف في الحديث، وخُصَيْفٍ، هو ابن عبد الرحمن، أبو عون ثقة من حران، روى له الأربعة، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إمام تقدم وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن الإهلال بالنسك يستحب أن يكون بعد صلاة فريضة أو نافله، ومن لم يتمكن كمن يحاذي الميقات وهو على سيارته، أو في الطائرة فيهل بالنسك ولو لم يصل، ولا حرج في ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1844 -

(2) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ، أَوْ أَهَلَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ "

(3)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ، هو ابن إبراهيم بن راهويه، والنَّضْرُ، هو ابن شميل، وأَشْعَثُ، هو ابن سوار ضعيف تقدم، والْحَسَنِ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

الصلاة التي أهل في دبرها هي صلاة الظهر في مسجد الميقات ذي الحليفة، وسواء أهل بعد الصلاة مباشرة أو بعد الركوب كل ذلك جائز ولا حرج، وانظر السابق.

(1)

من هنا إلى منتصف الحديث رقم (1878) مكرر في (ت) وقد نُبه عليه في الهامش.

(2)

فيه حصيف صدوق سيئ الحفظ، ويقويه ما بعده، وأخرجه الترمذي حديث (819) وقال: هذا حديث حسن غريب، وهو الذي يستحبه أهل العلم: أن يحرم الرجل في دبر الصلاة، وأبو دود حديث (1770) والنسائي (2754) وضعفه الألباني عندهما.

(3)

رجاله ثقات، و قد ثبت سماع الحسن من أنس، وانظر السابق.

ص: 25

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

509 -

‌ باب فِي التَّلْبيَةِ

1845 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا يَحْيَى - يَعْنِي: ابْنَ سَعِيدٍ -عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا لَبَّى قَالَ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ»

(1)

.

قَالَ يَحْيَى: وَذَكَرَ نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَزِيدُ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: " لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ "

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بن سَعِيدٍ، هو الأنصاري، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذه الصيغة في التلبية هي المستحبة لكونها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن زاد عليها كما فعل ابن عمر فلا حرج، ومعنى:" لبيك اللهم لبيك، لبيلك لا شريك لك " نستجيب لك وحدك لا شريك لك، استجابة بعد أخرى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

510 -

‌ بابٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

1846 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ

(3)

، عن خَلاَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَكَ، أَوْ مَنْ مَعَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، أَوْ بِالإِهْلَالِ»

(4)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، هو ابن عمرو بن حزم، وعَبْدُ الْمَلِكِ

(1)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1549) ومسلم حديث (1184) اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 736).

(2)

الزيادة عند مسلم هكذا " لبيك لبيك وسعديك، والخبير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل".

(3)

ليس في (ت، ك) عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث، والصواب إثباته.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2868، 2869، 2871).

ص: 26

ابْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ، هو المخزومي ثقة، وخَلاَّدُ بْنُ السَّائِبِ، هو ابن خلاد الخزرجي، تابعي ثقة لم تثبت له صحبة، وأَبوه، السائب بن خلاد بن سويد رضي الله عنه.

الشرح:

التلبية استجابة للنداء بالحج، الذي أمر الله عز وجل به إبراهيم عليه السلام، قال الله عز وجل:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}

(1)

، وفي هذا أن الله عز وجل لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت أمره بنداء الناس ليحجوا إليه، وقيل: إن إبراهيم عليه السلام قال: يا رب وإذا ناديت فمن يسمعني؟، فقيل له: ناد يا إبراهيم فعليك النداء وعلينا البلاغ، فصعد على جبل أبي قبيس، وقيل: على حجر المقام، ونادى: أيها الناس، إن الله قد أمركم بحج هذا البيت فحجوا، وفي رواية قال: أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت فأجيبوا ربكم، لبيك اللهم لبيك، ففي رفع الصوت بالتلبية تعظيم لله عز وجل، وإشهار لشعيرة الحج إلى البيت العتيق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1847 -

(2) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِيْ بَكْرٍ، بِإِسْنَادِهِ: نَحْوَهُ

(2)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

511 -

‌ باب الاِشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ

1848 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ قَالَ:[سألت سعيد بن جبير عن الرجل يحج يشترط، قال: الشرط بين الناس، فحدثته حديثه] فَحَدَّثْتُ عِكْرِمَةَ فَحَدَّثَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ

(1)

الآية (28) من سورة الحج.

(2)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

ص: 27

الْمُطَّلِبِ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ فَكَيْفَ أَقُولُ؟ "، قَالَ:«قُولِي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، وَمَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي، فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو الأحول، وهِلَالُ ابْنُ خَبَّابٍ، هو أبو العلا العبدي، وسعيد بن جبير، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا من رحمة الله عز وجل بالعباد أجراها على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيها تخفيف عن الذي يشترط بعد الإهلال، فإنه إذا قال:«وَمَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي» جاز له أن يحل إحرامه في أي مكان إذا عرض له عارض يوجب ذلك، وقد بينت آية البقرة (196) أن من نوى الحج أو العمرة ومنع من الوصول إلى مكة فهو المحصر فإنه يتحلل في المكان الذي أحصر فيه، فيحلق ويذبح الهدى إن كان معه، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم عام الحديبية، إذ لم يتمكنوا من دخول مكة لأداء العمرة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

512 -

‌ بابٌ فِي إِفْرَادِ الْحَجِّ

1849 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ

(2)

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ "

(3)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وأَبوه، القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (1208).

(2)

في بعض النسخ الخطية " بن " وهو تحريف.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1211).

ص: 28

الشرح:

الإفراد هو أحد الأنساك الثلاثة، وهي الإفراد، وهو مع سوق الهدي قران العمرة بالحج، ويجوز الإفراد بالحج من غير هدي يساق، والتمتع: هو الإهلال بالعمرة والطواف بالبيت والتحلل، ثم الإحرام بالحج في اليوم الثامن، والتمتع يستلزم الذبح، ويتلخص أن أنساك الحج ثلاثة؛ الإفراد، والقران، والتمتع، واختلف العلماء في ما هو الأفضل منها، فقال قوم التمتع، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لما سقت الهدي»

(1)

.

وقال آخرون: القران؛ لأن معه سوق الهدي، وقال آخرون: الإفراد، لأنه ينشئ له سفرا وللعمرة سفرا، وللحاج أن يفعل أيها شاء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

513 -

‌ بابٌ فِي الْقِرَانِ

18450 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: " إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ لَعْلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ بَعْدُ: إِنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ، وَإِنَّ ابْنَ زِيَادٍ أَمَرَنِي فَاكْتَوَيْتُ فَاحْتُبِسَ عَنِّي، حَتَّى ذَهَبَ أَثَر الْمَكَاوِي، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتْعَةَ حَلَالٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، لَمْ يَنْهَ عَنْهَا نَبِيٌّ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهَا كِتَابٌ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا بَدَا لَهُ ".

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وأَبُو هِلَالٍ، هو محمد بن سليم الراسبي ليس بالقوي، وقَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، هو ابن عبد الله، وهم أئمة ثقات تقدموا، عِمْرَانُ ابْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

والحديث سنده حسن، وأخرج البخاري ما يتعلق بالمتعة حديث (1571) ومسلم حديث (1226) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 767).

وقوله: " يسلم علي " يعني من قبل الملائكة، انظر (شرح النووي 3/ 365). وقوله:"فاحتبس عني " يعني سلام الملائكة، توقف بسبب الكي وعاد بعد ذهب أثر الكي.

(1)

أبو داود حديث (1784).

ص: 29

وقوله: " أن المتعة " المراد التمتع بالعمرة إلى الحج، وقد نهى عن ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لأنه يرى الإهلال بما أهل به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولعله الرجل الذي ذكر عمران أنه قال برأيه، قال الحسن رحمه الله:" إن عمر أراد أن ينهى عن متعة الحج، فقال له أُبي: ليس ذاك لك قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينهنا عن ذلك " فأضرب عن ذلك عمر "

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

514 -

‌ بابٌ فِي التَّمَتُّعِ:

1851 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَبْدِ

(2)

اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ:

" سَمِعْتُ عَامَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ يَسْأَلُ سَعْدَ ابْنَ مَالِكٍ: كَيْفَ تَقُولُ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ؟، قَالَ: حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ. فَقَالَ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَنْهَى عَنْهَا، فَأَنْتَ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ؟، قَالَ: عُمَرُ خَيْرٌ مِنِّي، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ "

(3)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، والزُّهْرِيِّ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ، ذكره الدارقطني رحمه الله ضمن رجال حديث رقم (1210)، وقال عقب الحديث: رواته كلهم ثقات، ومُعَاوِيَةُ وسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

التمتع بالعمرة إلى الحج هو أحد الأنساك الثلاثة، وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وردوا قول عمر ومعاوية رضي الله عنهما، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1852 -

(2) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَجَّ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ لِي:

(1)

أحمد حديث (21283).

(2)

في (ت، ك) عبيد الله، وهو خطأ.

(3)

سنده حسن، وأخرجه أبو يعلى حديث (805) وابن حبان، حديث (3923، 3939) وانظر: الموارد حديث (990، 996).

ص: 30

«أَحَجَجْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ أَهْلَلْتَ؟» . قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَحْسَنْتَ، اذْهَبْ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ» . قَالَ: فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ فَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسِي، فَجَعَلْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ رُوَيْداً بَعْضَ فُتْيَاكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ. فَقُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَبِهِ فَأْتَمُّوا. فَلَمَّا قَدِمَ أَتَيْتُهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ "

(1)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، وقَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو الجدلي كوفي ثقة ثبت، وكان مرجئا، وطَارِقٌ، هو ابن شهاب، هو أبو عبد الله البجلي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وغزوت في خلافة أبي بكر وعمر ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين من غزوة إلى سرية، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مُوسَى، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد بالأخذ بكتاب الله عز وجل قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}

(2)

، والمراد إتمام ما أهل به من الأنساك الثلاثة، ولا يتحلل من نسك إلى آخر، وقوله:" وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ " المراد أنه لم يحل؛ لأنه ساق الهدي، ولما قال:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لما سقت الهدي»

(3)

، لأن قريش لا يرون الجمع بين الحج والعمرة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلغي ما كانوا عليه، بجواز الجمع بين الحج والعمرة، بالتمتع بالعمرة أولا ثم الإحرام بالحج في اليوم الثامن، وعمر رضي الله يعلم ذلك، ولكنه لما صار ولي

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1559) ومسلم حديث (1221) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 766).

(2)

من الآية (196) من سورة البقرة.

(3)

أبو داود حديث (1784).

ص: 31

أمر المؤمنين كره لهم متعة الحج؛ لأنهم بأداء العمرة والتحلل يحل لهم معاشرة الزوجات، وهو رأي منه رده الصحابة رضي الله عنهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

515 -

‌ باب مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فِي إِحْرَامِهِ

1853 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَمْسٌ لَا جُنَاحَ فِي قَتْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُنَّ: الْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

إذا قتل المحرم هذه الخمس لا حرج عليه، وكذلك كل سبع، وكل حيوان لا يؤكل لحمه، وكذلك الهوام القاتلة كالحيات والثعابين، والعقارب، وكل ما يؤذي، ومن الطير ما هو مستخبث اللحم لا يؤكل، وتحريم الأكل يجمع هذه الأشياء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1854 -

(2) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةِ، وَالْغُرَابِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ"

(2)

.

[قال عبد الله: الكلب العقور]

(3)

قَالَ بَعْضُهُمُ: الأَسْوَدُ

(4)

.

رجال السند: إِسْحَاقُ، هو ابن راهويه، وعَبْدُالرَّزَّاقِ، هو الصنعاني، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيِّ، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1828) ومسلم حديث (1199) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 747).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3314) ومسلم حديث (1198) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 746).

(3)

ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).

(4)

المراد الكلب المعروف، وكل سبع عاد مفترس.

ص: 32

رضي الله عنها.

الشرح: أمر صلى الله عليه وسلم بقتلها لضررها، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1855 -

(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ مَعْمَراً كَانَ يَذْكُرُهُ

(1)

عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ومَعْمَرٌ، والزُّهْرِيُّ، تقدموا آنفا، وسَالِمٌ، إمام ثقة تقدم، أَبوه، عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، عُرْوَةَ، إمام تقدم آنفا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

516 -

‌ باب الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ

1856 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ"

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، هو ا عز وجل المكي، قارئ ثقة روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: لا مانع من الحجامة للمحرم عند الضرورة، بشرط عدم حالق الشعر، ومن فعل فعليه الفدية، ولا خلاف بين العلماء رحمهم الله أن المحرم لا يحلق الشعر حتى

(1)

عند عبد الرزاق: وذكره ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه (المصنف (8374).

(2)

فيه مجهول، وهو ثابت عن ابن عمر من طريق نافع، انظر:(رقم 1872).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد من طريق عكرمة حديث (2108، 2243، 2355، 3282) ومن طريق مهران حديث (02890) ومن طريق طاووس حديث (3524) ومن حديث جابر (14900) وانظر: التالي.

ص: 33

يرمي جمرة العقبة يوم النحر، إلا المضطر فله ذلك، قال ابن عباس رضي الله عنهما:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه، من شقيقة كانت به "

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1857 -

(2) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، ثَنَا عَلْقَمَةُ ابْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه قَالَ: " احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْيِ جَمَلٍ

(2)

وَهُوَ مُحْرِمٌ "

(3)

.

رجال السند:

مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، هو مولى القاسم، وعَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ، هو مولى لأم المؤمنين عائشة، ثقة له أحاديث، وكتاب يعلم العربية والنحو والعروض، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1858 -

(3) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ

(4)

.

قَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: عَنْ عَطَاءٍ، وَمَرَّةً عَنْ طَاوُوسٍ، وَجَمَعَهُمَا مَرَّةً.

رجال السند: إِسْحَاقُ، هو ابن راهويه، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَمْرٌو، هو ابن دينار، وعَطَاءٌ، وَطَاوُوسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

البخاري حديث (5701).

(2)

هو بفتح اللام اسم موضع، عند عقبة الجحفة، وليس المراد لحي الجمل الحيوان المعروف، كما ظن البعض، انظر (معجم البلدان 5/ 15).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1836) ومسلم حديث (1203) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 751).

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1835، 5691) ومسلم حديث (1202) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) عن ابن عباس بهذا اللفظ.

ص: 34

الشرح: انظر المتقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

517 -

‌ بابٌ فِي تَزْوِيجِ الْمُحْرِمِ:

1859 -

(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ "

(1)

.

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، هو أبو الشعثاء، هم أئمة ثقات تقدموا، ابْنِ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح:

اختلف العلماء رحمهم الله في زواج رسول الله من ميمونة وهو محرم، فقال به قوم، وقال آخرون بل تزوجها وهو حلال، وهو الصحيح، لأن أبا رفع رضي الله عنه قال:" تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة حلالا، وبنى بها حلالا، وكنت الرسول بينهما"

(2)

، صاحبة القصة ميمونة رضي الله عنها قالت:" إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها، وهما حلالان بسرف، بعدما رجع " وقد اختلف العلماء في جواز نكاح المحرم، وسببه الاختلاف في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح أن المحرم لا يَنكح، ولا يُنكح، ومن وقع منه ذلك فنكاحه باطل عير صحيح يجب فسخه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1860 -

(2) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ خَطَبَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ، فَقَالَ أَبَانُ:" أَلَا أُرَاهُ عِرَاقِيًّا جَافِياً، إِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عُثْمَانُ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1837) ومسلم حديث (1410) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 891) والمراد أنه تزوجها وهو في الحرم، تقول أحرم فلان إذا دخل أرض الحرم، كما تقول أتهم وأنجد، وهذا مخرج جيد، والراجح ما في حديث ميمونة التالي، قال ابن عبد البر: قصة ميمونة أصل هذا الباب عند أهل العلم (التمهيد 3/ 151).

(2)

الآحاد لابن أبي عاصم حديث (461).

(3)

رجاله ثقات، وفي النكاح أخرجه البخاري حديث (5114) مسلم حديث (1409، 1410).

ص: 35

[سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ: تَقُولُ بِهَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ]

(1)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، ونَافِعٌ، ونُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ، وأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، هو ابن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، أمه أم عمرو بنت جندب الدوسية

(2)

، وكان ابنها أبان إماما ثقة، وكان واليا على المدينة.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1861 -

(3) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبِ ابْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنُ الأَصَمِّ، أَنَّ مَيْمُونَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ حَلَالَانِ بَعْدَ مَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ بِسَرِفَ "

(3)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، هو القيسي صالح تقدم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثقة تقدم، وحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، هو البصري إمام ثبت حافظ، روى له الستة، مَيْمُونُ ابْنُ مِهْرَانَ، هو الجزري، فقيه ثقة، ويَزِيدَ بْن الأَصَمِّ، تابعي ثقة خالته ميمونة، ومَيْمُونَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: هذا هو الصحيح، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1862 -

(4) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه قَالَ:" تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ حَلَالاً، وَبَنَى بِهَا حَلَالاً، وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا "

(4)

.

(1)

ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).

(2)

انظر الجوس في المنسوب إلى دوس ترجمة رقم (30).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1411).

(4)

فيه مطر الوراق، صدوق كثير الخطأ، وعدم صحة سماع سليمان بن يسار من أبي رافع، الترمذي حديث (841) وصحح الألباني الشطر الأول منه، وقال الترمذي: وروي عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال، و يزيد بن الأصم هو ابن أخت ميمونة، انظر: حديث (845) قال الترمذي: غريب، وصححه الألباني.

ص: 36

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ومَطَرٍ الْوَرَّاقِ، حسن الحديث تقدم، ورَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ابن فروخ التميمي، الملقب ربيعة الرأي، مدني إمام ثقة حافظ مجتهد، من تلاميذه الأمام مالك، وسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، هو الهلالي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو رَافِعٍ، رضي الله عنه.

الشرح: هذا هو الصحيح، وانظر ما تقدم برقم 1859.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

518 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَصِدْ هُوَ

.

1863 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ

(1)

اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: " انْطَلَقَ أَبِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَأَصَابَ حِمَارَ وَحْشٍ، فَطَعَنَهُ وَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ فَطَعَنْتُهُ. فَقَالَ لِلْقَوْمِ: «كُلُوا» وَهُمْ مُحْرِمُونَ "

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وعَبْدِاللَّهِ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ، وأبوه، هم أئمة ثقات، أبو قتادة، رضي الله عنه.

الشرح:

أبو قتادة رضي الله عنه لم يكن محرما فحل له الصيد، والمحرم محرم عليه أن يصيد بنفسه، ويجوز أن يأكل من صيد غير المحرم ولا حرج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1864 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: " بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَأَبُو قَتَادَةَ

(1)

في (ت) عبيد وهو خطأ.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1821) ومسلم حديث (1196) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 743).

ص: 37

حَلَالٌ، إِذْ رَأَيْتُ حِمَاراً فَرَكِبْتُ فَرَساً فَأَصَبْتُهُ، فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَلَمْ آكُلْ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ " فَقَالَ:«أَشَرْتُمْ؟ قَتَلْتُمْ؟» . أَوْ قَالَ: «ضَرَبْتُمْ؟» . قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَكُلُوا»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

فيه منع المحرم عن الصيد، والإشارة إليه مطلقا، ولهم أن يأكلوا مما صيد، ولم يشاركوا في صيده ولو بالإشارة والتنبيه، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1865 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلَحْمِ حِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ، وَقَالَ:«إِنَّا حُرُمٌ لَا نَأْكُلُ الصَّيْدَ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، هو أبو محمد من أقران الزهري، ثقة كثير الحديث، عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن عتبة، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1824) ومسلم حديث (1196) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 744).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1825) ومسلم حديث (1193) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 742) يجمع بين الأحاديث في هذا الباب بأن يحمل حديث أبي قتادة على أنه لم يقصدهم باصطياده، وهذا على أنه قصدهم بذلك وهم محرمون، والمراد بالآية {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} في حال الإحرام، وما صيد لأجلهم وهم محرمون.

ص: 38

الشرح:

رده عليه لأنه صاده لأجله، والصحيح أن المحرم لا يأكل مما صيد له، ولو كان الدي صاد غير محرم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1866 -

(4) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي سَفَرٍ فَأُهْدِيَ لَهُ طَيْرٌ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَهُوَ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ، فَاسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ فَأَخْبَرُوهُ فَواَفقَ

(1)

مَنْ أَكَلَهُ وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ".

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وابْنِ الْمُنْكَدِرِ، هو محمد، ومُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، هو تابعي صدوق، وقيل: له صحبة، وأَبوه، عبد الرحمن بن عثمان التيمي له صحبة، وطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، ومسلم حديث (1197) وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1867 -

(5) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ رضي الله عنه.

قَالَ: " مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِالأَبْوَاءِ

(2)

- أَوْ بِوَدَّانَ

(3)

- فَأَهْدَيْتُ لَهُ لَحْمَ حِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ عَلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى فِي وَجْهِي الْكَرَاهِيَةَ قَالَ:«إِنَّهُ لَيْسَ بِنَا رَدٌّ عَلَيْكَ وَلَكِنَّا حُرُمٌ»

(4)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

(1)

في بعض النسخ الخطية " فوفَّق " وكلاهما يصح، والأولى عندي " فوافق ".

(2)

القرية المعروفة اليوم إلى الشرق من مدينة مستورة.

(3)

وودّان: واد قريب منها.

(4)

رجاله ثقات، وتقدم.

ص: 39

الشرح: المراد أن الرد لم يكن سببه أمر شخصي، بل السبب الإحرام، ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم إنما رده لظنه أن الصعب رضي الله عنه إنما صاده له صلى الله عليه وسلم، والمحرم لا يأكل مما صيد له.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

519 -

‌ بابٌ فِي الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ

1868 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا:" أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخاً كَبِيراً لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى رَاحِلَته وَلَمْ يَحُجَّ، فَأَحُجُّ عَنْهُ؟ "، قَالَ:«نَعَمْ»

(1)

.

[سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ تَقُولُ بِهَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ]

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ووُهَيْبٌ، ومَعْمَرٌ، والزُّهْرِيُّ، وسُلَيْمَانَ بْنُ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، والْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، هو أخو عبد الله رضي الله عنهما.

الشرح:

أجمع العلماء رحمهم الله على أنه لا يُؤمِن أحد عن أحد، ولا يصلى أحد عن أحد، واختلفوا في الصوم والحج، والصحيح أنه يجوز تطوعا من غير وجوب، وهو من البر بعد الموت.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1869 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ الْفَضْلِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ لَا يَسْتَوِي عَلَى الْبَعِيرِ، أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ؟

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1513) ومسلم حديث (1334) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 844).

(2)

ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).

ص: 40

". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «حُجِّي عَنْهُ»

(1)

.

رجال السند: هم السابقون آنفا.

الشرح: هو مختصر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1870 -

(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا:" أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخاً كَبِيراً، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ "، قَالَ:«نَعَمْ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1871 -

(4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْواً مِنْ حَدِيثِ الأَوْزَاعِيِّ

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1872 -

(5) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1853) ومسلم حديث (1335) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 845).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4399) وانظر السابق.

(3)

رجاله ثقات، وأنظر السابق.

ص: 41

عَنْهُمَا

(1)

- أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي - أَوْ أُمِّي - عَجُوزٌ كَبِيرٌ، إِنْ أَنَا حَمَلْتُهَا لَمْ تَسْتَمْسِكْ، وَإِنْ رَبَطْتُهَا خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهَا؟ "، قَالَ:«أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ أَوْ أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ أَوْ أُمِّكَ»

(2)

.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، هو الحضرمي، ثقة روى له الستة، وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، قيل: لم يسمع من الفضل، وهم أئمة ثقات تقدموا، والْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا للسائل ترغيبا في الحج عن أبيه، وهو مستحب من غير وجوب، وهو من البر بعد الموت، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

520 -

‌ بابٌ فِي الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ

1873 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ - مَوْلًى لآلِ الزُّبَيْرِ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ " قَالَ: «أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟» . قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاحْجُجْ عَنْهُ»

(3)

.

(1)

قيل ليحيى: إن محمد بن سيرين حدث عنك أنك حدثت بهذا الحديث عن سليمان ابن يسار، عن الفضل بن عباس، فقال: ما حفظته إلا عن عبيد الله بن عباس (تحفة الأشراف 8/ 265) وسليمان لم يدرك الفضل.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (5395) وقال الألباني: شاذ، والترمذي حديث (930) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (2904) وصححه الألباني.

(3)

فيه محمد بن حميد ضعيف، ويوسف بن الزبير فيه جهالة، وانظر: السابق.

ص: 42

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الرازي ثقة تقدم، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر، ومُجَاهِدٌ، ويُوسُفُ بْنُ الزُّبَيْرِ مَوْلًى لآلِ الزُّبَيْرِ، روى له النسائي ووثقه ابن حبان، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1874 -

(2) حَدَّثَنَا صَالِحُ

(1)

بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ - عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ - يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ بْنُ الزُّبَيْرِ - أَوِ الزُّبَيْرُ بْنُ يُوسُفَ - عَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ؟ "، قَالَ:«أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ قُبِلَ مِنْهُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فاللَّهُ أَرْحَمُ، حُجَّ عَنْ أَبِيكَ»

(2)

.

رجال السند:

صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن ذكوان الباهلي، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ومَنْصُورٍ، هو ابن المعتمر، ومُجَاهِدٍ، ومَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ يُوسُفُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَوِ الزُّبَيْرُ بْنُ يُوسُفَ، هو رضيع عبد الملك بن مروان، كان يقرأ الكتب، وثقه ابن حبان، وسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

521 -

‌ بابٌ فِي اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

1875 -

(1) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ في شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ، مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا " قُلْتُ لِنَافِعٍ: " أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؟، قَالَ:

(1)

في بعض النسخ الخطية " أبو صالح " وهو خطأ.

(2)

سنده جيد، وانظر السابق.

ص: 43

إِنَّمَا كَانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أَيْسَرَ لاِسْتِلَامِهِ "

(1)

.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى، هو ابن سعيد القطان، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

استلام الركن اليماني والمسح عليه من غير تقبيل سنة، والركن الشرقي يستلم منه الحجر بالتقبيل، وهو سنة ومستحب من غير أذى الطائفين، وهذا من حرص ابن عمر رضي الله عنهما على السنة ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

522 -

‌ باب الْفَضْلِ فِي اسْتِلَامِ الْحَجَرِ

1876 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ الْحَجَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، يَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ»

(2)

.

قَالَ سُلَيْمَانُ: «لِمَنِ اسْتَلَمَهُ» .

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

استلام الحجر وتقبيله ليس لذاته بل طاعة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد جعله الله شاهدا لمن استلمه تعبدا لله، ولذلك قال عمر رضي الله عنه: " أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا

(1)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1606، 1611) ومسلم حديث (1268) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 797).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (691) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (2944) وصححه الألباني.

ص: 44

أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك لم أقبلك "، والمراد أنه لا ينفع ولا يضر بذاته، ولكن تنفع شهادته لمن استلمه بإذن الله عز وجل. والأثر أخرجه الإمام أحمد حديث (229).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

523 -

‌ باب مَنْ رَمَلَ ثَلَاثاً وَمَشَى أَرْبَعاً:

1877 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ:" رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ "

(1)

.

رجال السند: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو الصادق، الصادق، هو الباقر محمد بن علي زين العابدين بن الحسين، وأَبوه، علي زين العابدين، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

الرمل هو الهرولة فوق المشي العادي، ودون الركض، وفيه إظهار القوة على الطاعة، ولاسيما أمام أعداء الإسلام، فالرمل في الأشواط الثلاثة الأول سنة، ومن لم يتسن له ذلك للزحام فلا حرج عليه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1878 -

(2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأَوَّلَ، خَبَّ

(2)

ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً، وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ، إِذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَمْشِي إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ؟، قَالَ: لَا، إِلاَّ أَنْ يُزَاحَمَ عَلَى الرُّكْنِ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَدَعُهُ حَتَّى يَسْتَلِمَهُ "

(3)

.

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، هو ابن عقبة أبو مسعود السكوني، إمام ثقة روى له الستة، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر، حديث (1263).

(2)

هو الرمل الآتي في الرواية التالية، وهما بمعنى واحد: المشي السريع مع تقارب الخطى.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1644) ومسلم حديث (1261) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 768).

ص: 45

تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد بالخبب الرمل المتقدم بيانه، والسعي ببطن المسيل المراد بطن الوادي في ذلك الوقت، وهو اليوم معلم بالإنارة الخضراء بداية ونهاية، وهو سنة من تمكن منها من غير أذى فذاك مستحب، ومن خاف الأذى فلا حرج، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1879 -

(3) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثاً، وَمَشَى أَرْبَعاً "

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، صدوق تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر ما تقدم قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

524 -

‌ باب الاِضْطِبَاعِ فِي الرَّمَلِ

1880 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ - هُوَ ابْنُ جُبَيْرٍ - عَنِ ابْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّهُ طَافَ مُضْطَبِعاً"

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ، هو ثقة قليل الحديث تقدم، وابْنُ يَعْلَى، لم يسم ولعله صفوان بن يعلى بن أمية وهو ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو يعلى بن أمية صحابي شهد غزوة تبول رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1262).

(2)

فيه عنعنة ابن جريج، الترمذي حديث (859) وقال: حسن صحيح، وأخرجه أبو داود حديث (1883) وابن ماجه حديث (2954) وحسنه الألباني عندهم.

ص: 46

الشرح:

الاضطباع هو إخراج اليد اليمنى والكتف من الرداء، وجعل الرداء من تحت الإبط الأيمن، وطرفيه على الكتف الأيسر، وهو سنة ومباح في الصلاة لإمكان المحرم السجود على يديه مع ستر العورة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

525 -

‌ باب طَوَافِ الْقَارِنِ

1881 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا»

(1)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراودي لا بأس به تقدم، وعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا نسك القران، ويشترط له سوق الهدى وعليه طواف واحد لهما وسعي واحد إن شاء قدم وإن شاء أخره، ويبقى على إحرامه حتى يعود من عرفات إلى منى؛ لأنه ليس على من أحرم بالحج قارنًا طواف ولا سعي للعمرة؛ لأن صفة القران أن يحرم بالحج والعمرة معًا إحراما واحدا، فتدخل أعمال العمرة في أعمال الحج ويصبح الميقات واحدا، والأفعال كذلك، فيكفي للحج والعمرة طواف واحد، وسعي واحد، وتحلل واحد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

526 -

‌ باب الطَّوَافِ عَلَى الرَّاحِلَةِ:

1882 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَافَ بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ

(1)

سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (948) وقال: حسن غريب تفرد به الدراوردي على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصح، وأصله عند البخاري حديث (1640).

ص: 47

وَكَبَّرَ "

(1)

.

رجال السند: عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالُد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وخَالِدٌ الْحَذَّاءِ، وعِكْرِمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا لبيان الجواز عند الضرورة، ويحل محله اليوم ما أمكن من الآلات ووسائل النقل، ومن له القدرة الأولى أن يطوف بنفسه وأعتقد أنه أعظم للأجر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

527 -

‌ باب مَا تَصْنَعُ الْحَاجَّةُ إِذَا كَانَتْ حَائِضاً

1883 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ»

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، هو القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا حكم الحائض في الحج تؤدي جمع أعمال الحج أو العمرة، ولا تطوف بالكعبة إلا بعد الطهر، ولو حاضت بعد الطواف جاز لها السعي وهي حائض، لأن المسعى ليس من المسجد.

(1)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1607) ومسلم حديث (1272) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 800).

(2)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1757) ومسلم حديث (1211) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 757).

ص: 48

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

528 -

‌ باب الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ

1884 -

(1) حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ طَاووُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ، فَمَنْ نَطَقَ فِيهِ فَلَا يَنْطِقْ إِلاَّ بِخَيْر»

(1)

.

رجال السند:

الْحُمَيْدِيُّ، هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى المكي، إمام ثقة روى له البخاري وغيره، والْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، هو أبو علي اليربوعي التميمي، إمام ثقة ثبت فاضل عابد ورع كثير الحديث، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ مختلط تقدم، وطاووس، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا حديث مختلف في رفعه ووقف، وفيه أن حكم الطوف حكم الصلاة يجب له الوضوء، وليس هذا للسعي، فلو طاف الرجل ثم انتقض وضوؤه فله أن يسعى، ولا يلزمه الوضوء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1885 -

(2) أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ عَطَاءِ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ

(2)

.

رجال السند:

عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، هو أبو الحسن مصري ثقة صاحب سنة، ومُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، هو أبو سعيد صدوق، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، مختلط تقدم، وطاووس، إمام تقدم، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

فيه عطاء مقبول، وسماع الفضيل من عطاء متأخر، وصله هنا المصنف، والترمذي حديث (960) وقال: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب، والنسائي حديث (2922، 2923) وصححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 49

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

529 -

‌ باب الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمَقَامِ

1886 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وحُمَيْدٌ، هو ابن عبد الرحمن، عَنْ أَنَسٌ، وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

اختلف العلماء في المراد بمقام إبراهيم فقول الجمهور: أنه الحَجَر الذي قام عليه إبراهيم في حال بناء البيت، ويتأيد هذا برواية أنس عن عمر رضي الله عنهما، وانظر الهامش رقم (1).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

530 -

‌ بابٌ فِي سُنَّةِ الْحَجِّ

1887 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: " دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى زِرِّيَ الأَعْلَى، وَزِرِّيَ الأَسْفَلِ،

ثُمَّ وَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ يَا ابْنَ أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ، كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ رَجَعَ طَرَفُهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ فَصَلَّى، فَقُلْتُ:

(1)

من الآية (125) من سورة البقرة، والحديث: رجاله ثقات، وتمامه (وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر الفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فنزلت هذه الآية) وأخرجه البخاري حديث (402) ومسلم حديث (2399) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 50

أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بِيَدِهِ

(1)

فَعَقَدَ تِسْعاً، فَقَالَ: مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فِي الْعَاشِرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجٌّ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَصْنَعُ؟، قَالَ:«اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَخَلْفَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَعَلَيْهِ يُنْزَلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ:«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» . فَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَيْئاً، وَلَبَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ. قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلاَّ الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَلَ ثَلَاثاً، وَمَشَى أَرْبَعاً، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

(2)

فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ - وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لَا - قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا أَتَى الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

(3)

«أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِىَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِى وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» . ثُمَّ دَعَا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ: يَعْنِى فَرَمَلَ - حَتَّى إِذَا صَعِدْنَا مَشَى، حَتَّى إِذَا

(1)

أي أشار بها موافقا.

(2)

من الآية (125) من سورة البقرة.

(3)

من الآية (158) من سورة البقرة.

ص: 51

أَتَيْنَا الْمَرْوَةَ، فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ:«إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلَّ وَيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» . فَقَامَ سُرَاقَةُ ابْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَوْ لأَبَدِ أَبَدٍ؟، فَشَبَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَابِعَهُ فِي الأُخْرَى فَقَالَ:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» .

هَكَذَا مَرَّتَيْنِ «لَا بَلْ لأَبَدِ أَبَدٍ، لَا بَلْ لأَبَدِ أَبَدٍ» . وَقَدِمَ عَلِيٌّ بِبُدْنٍ مِنَ الْيَمَنِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابَ صَبِيغٍ وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ عَلِيٌّ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي، فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُحَرِّشُهُ عَلَى فَاطِمَةَ فِي الَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِياً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا ذَكَرَتْ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:«صَدَقَتْ، مَا فَعَلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّ أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ:«فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحْلِلْ» قَالَ: فَكَانَ جُمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌ مِنَ الْيَمَنِ، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلاَّ النبي صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَّهَ إِلَى مِنًى فَأَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بَقُبَّةٍ مِنَ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَ لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلاَّ أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتْ - يَعْنِى: الشَّمْسَ - أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِّلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَال:«إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ وُضِعَ دِمَاؤُنَا: دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ» كَانَ مُسْتَرْضَعاً فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ: «وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُهُ رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَداً تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» .

ص: 52

قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ فَرَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ:«اللَّهُمَّ اشْهَدِ، اللَّهُمَّ اشْهَدِ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَةٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئاً، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى وَقَفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصُّخَيْرَاتِ - وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: إِلَى الشُّجَيْرَاتِ - وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفاً حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ، حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، فَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، ثُمَّ دَفَعَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُصِيبُ رَأْسُهَا مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ، كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنَ الْحِبَالِ

(1)

أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً، حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى، أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، صَلَّى الْفَجْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَا اللَّهَ، وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ ابْنَ الْعَبَّاسِ وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيماً، فَلَمَّا دَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِالظُّعُنِ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ رَأْسَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ، فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ، حَتَّى إِذَا أَتَى مُحَسِّرَ

(2)

حَرَّكَ قَلِيلاً، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى، الَّتِي تُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى إِذَا أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَهَا الشَّجَرَةُ فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ حَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ، ثُمَّ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثاً وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي بُدْنِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لُحُومِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَأَتَى الْبَيْتَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، وَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَسْتَقُونَ على زَمْزَمَ فَقَالَ:«انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا يَغْلِبُكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ» فَنَاوَلُوهُ دَلْواً فَشَرِبَ "

(3)

.

(1)

المراد تلال من الرمل.

(2)

هو الوادي الذي بين المزدلفة ومنى، وهو معلوم معروف.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1218).

ص: 53

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، لوراق، وحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الصادق، وأَبوه، هو الباقر، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّه، رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1888 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: بِهَذَا

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، هو إمام ثقة تقدم، والباقون تقدموا آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

531 -

‌ بابٌ فِي الْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ مَا يُصْنَعُ بِهِ

؟

1889 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادٌ - هُوَ ابْنُ زَيْدٍ - عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ فَوَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ - أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّياً»

(2)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادٌ بْنُ زَيْدٍ، أَيُّوبَ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أنه سقط عن راحلته فدُقت عنقه، ولكونه محرما بقيت له صفات المحرم، من عدم تغطية الرس، وعدم الطيب، والتكفين في ثوبين أسوة بالحجاج، وأنه سيبعث ملبيا، وهذا عام في كل من يموت وهو محرم بحج أو عمرة.

(1)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1265) ومسلم حديث (1206) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 753).

ص: 54

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

532 -

‌ باب الذِّكْرِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

1890 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَرَمْىُ الْجِمَارِ، وَالسَّعْىُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ "

(1)

.

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: كَانَ يَرْفَعُهُ.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك إمام تقدم، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، هو أبو الحصين القداح، مكي لا بأس به، والْقَاسِمِ، هو ابن محمد إمام تقدم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: المراد أن هذا الأفعال محورها ذكر الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1891 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ

(2)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانَ، هو الثوري، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

533 -

‌ بابٌ فِي فَسْخِ الْحَجِّ

1892 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ ابْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِمَنْ بَعْدَنَا؟ "، قَالَ:«بَلْ لَنَا خَاصَّةً» .

(1)

فيه عبيد الله بن أبي زياد القداح، ليس بالقوي، وأخرجه أبو داود حدبث (1888) وضعفه الألباني، والترمذي حديث (902) وقال: حسن صحيح.

(2)

انظر: السابق.

ص: 55

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حديثه حسن تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراودي لا بأس به تقدم، ورَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ربيعة الرأي إمام فقيه تقدم، وبِلَالُ بْنُ الْحَارِثِ، هذا وهم من نعيم بن حماد قَلَبه، وإنما هو الحارث بن بلال، ولم يذكر بجرح ولا تعديل، وهو عند أبي داود في عداد الحسن؛ لأنه سكت عنه ولم يضعفه، وأَبوه، رضي الله عنه.

الشرح: كان جواز فسخ الحج إلى عمرة خاصا لمن حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي متعة لهم دون غيرهم؛ لأن العمرة عند قريش كانت من أفجر الفجور في أشهر الحج، فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة في ذلك، بأمره لمن لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى عمرة يتمتعون بها إلى الحج، ولا يجوز الفسخ لغيرهم؛ لأنه كان لبيان جواز العمرة في أشهر الحج، و الخبر في سنده الحارث بن بلال مجهول الحال، وأخرجه أحمد حديث (15852) أبو داود حديث (1808) والنسائي حديث (2808) وضعفه الألباني، وحديث (2812) صحح الألباني وقفه، وابن ماجه حديث (2994) وضعفه الألباني.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

534 -

‌ باب مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ

1893 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَقَدْ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

(1)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، ومُجَاهِدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

الشرح: المراد بالحل كله أن يحلق أو يقصر بعد الطوف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ويحل له كل ما حرم عليه بسبب الإحرام، وجاز لكل أحد أن يعتمر في أشهر الحج إلى يوم القيامة.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1241).

ص: 56

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1894 -

(2) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قال: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَاهُ رضي الله عنه حَدَّثَهُ:" أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَلَغُوا عُسْفَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ: يُقَالُ لَهُ مَالِكُ ابْنُ سُرَاقَةَ - أَوْ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ -: اقْضِ لَنَا قَضَاءَ قَوْمٍ وُلِدُوا الْيَوْمَ "، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدْخَلَ عَلَيْكُمْ فِي حَجِّكُمْ هَذَا عُمْرَةً، فَإِذَا أَنْتُمْ قَدِمْتُمْ فَمَنْ تَطَوَّفَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ حَلَّ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ»

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو أبو محمد الأموي، ابن الخليفة عمر بن عبد العزيز صدوق، ورَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، ذكره ابن حبان في الثقات، وأَبوهُ، سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

535 -

‌ باب كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

-

1895 -

(1) أَخْبَرَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ - أَوْ قَالَ: الْقِصَاصِ شَكَّ شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ - مِنْ قَابِلٍ، وَالثَّالِثَةَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَالرَّابِعَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ "

(2)

.

رجال السند:

شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، هو الواسطي، ودَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو أبو سليمان العطار العبدي، مكي ثقة لم يثبت فيه قول ابن معين، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر ما تقدم برقم 1826، شرحه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1801) وصححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (1122) وأبو داود حديث (1993) والترمذي حديث (816) وقال: حسن غريب، وابن ماجه حديث (3003) وضعفه الألباني عندهم.

ص: 57

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

536 -

‌ باب فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ:

1896 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاِمْرَأَةٍ:«اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

فيه تكريم شهر رمضان، وأنه من مواسم الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، ولذلك فضلت العمرة فيه عن غيره من الأشهر، وهو فضل من الله عز وجل، ورحمة بالأمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1897 -

(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى ابْنِ مَعْقِلِ ابْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الأَسَدِيِّ - أَسَدُ خُزَيْمَةَ - قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقِلٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» .

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وعِيسَى بْنِ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الأَسَدِيِّ، أَسَدُ خُزَيْمَةَ، هو حفيد أم معقل وثقه ابن حبان، ويُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، هو أبو يعقوب قيل: له صحبة أثبتها البخاري، ونفاها ابن حبان مثبتا له الرؤية، وجَدَّتُهُ أُمُّ مَعْقِلٍ، رضي الله عنها.

الشرح:

في سنده عنعنة ابن إسحاق، وعيسى مقبول، وانظر: السابق، انظر السابق.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1782) ومسلم حديث (1256) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 786).

ص: 58

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

537 -

‌ باب الْمِيقَاتِ فِي الْعُمْرَةِ

1898 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُزَاحِمُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ رضي الله عنه:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ [حِينَ أَنْشَأَ مُعْتَمِراً، فَدَخَلَ مَكَّةَ لَيْلاً فَقَضَى عُمْرَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ بِالْجِعْرَانَةِ كَبَائِتٍ "]

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، هو الكوفي لا بأس به، وهو غير الرفاعي، ويَحْيَى ابْنُ زَكَرِيَّا، هو ابن أبي زائدة، وابْنُ جُرَيْجٍ، ومُزَاحِمُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، هو ثقة قليل الحديث، وليس هو ابن زافر، وعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن خالد بن أسيد الأموي، تابعي ثقة، كان أميرا لمكة، ومُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ، ليس له إلا هذا الحديث رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1899 -

(2) حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَمْرَو ابْنَ أَوْسٍ يَقُولُ:" أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ فَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ "

(2)

.

قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُعْجِبُهُ مِثْلُ هَذَا الإِسْنَادِ.

رجال السند:

صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرٌو، هو ابن دينار، وعَمْرُو بْنَ أَوْسٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنه.

(1)

فيه مزاحم مقبول، وما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ الخطية، وأخرجه أبو داود حديث (1996) وقال الألباني: صحيح دون ركوعه في المسجد فإنه منكر، والترمذي حديث (935) وقال: حسن غريب، والنسائي حديث (2863، 2864) وصححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1784) ومسلم حديث (1212) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 760).

ص: 59

الشرح:

الإرداف يكون خلف المردِف، ولا يكون أمامه، وهو عمل بالأدب وعدم الفتنة، ولو كان الرديف ذو محرم، والتنعيم هو المعروف اليوم شمال مكة وليس هو من الحرم، وهو اليوم من أحياء مكة، والمراد بالخروج إلى التنعيم ليجمع المعتمر بين الحل والحرم، ولغير الساكن في الحرم، فإنه يحرم من مكانه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1900 -

(3) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ يُوسُفَ ابْنِ مَاهَكَ، وحَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه:«أَرْدِفْ أُخْتَكَ» . يَعْنِى عَائِشَةَ: «وَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَإِذَا هَبَطْتَ مِنَ الأَكَمَةِ مُرْهَا فَلْتُحْرِمْ، فَإِنَّهَا عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ»

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ودَاوُدُ الْعَطَّارُ، هو ابن عبد الرحمن، وابْنُ خُثَيْمٍ، هو عبد الله بن عثمان، ويُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، هم ثقات تقدموا، وحَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، تابعية ثقة، وأَبوهَا رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " التَّنْعِيمِ" هو المكان المعروف على طريق مكة المدينة، وهو في الحل مما يلي الحرم بين جبلين: نعيم عن اليمين، وناعم عن اليسار، بينه وبين مكة (8 كم)، انظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

538 -

‌ بابٌ فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ:

1901 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ قَالَ:

" إِنِّي لأُقَبِّلُكَ، وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ "

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1995) وصححه الألباني، دون قوله فإذا هبطت.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (860) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1995) وابن ماجه حديث (2943) وصححه الألباني عندهم.

ص: 60

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر ما تقدم برقم 1876.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1902 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ:" رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ ثُمَّ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟، فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ فَعَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ هَذَا "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الوضاح، وجَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، هو جعفر الحميدي نسب إلى جده، وثقه الإمام أحمد وحسبك به، وتوبع على هذه الرواية، ومُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ ابْنِ جَعْفَرٍ، هو ثقة قليل الحديث، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

تقدم القول في تقبيل الحجر، والمراد بالسجود عليه وضع الوجه عليه واحتضان الركن، وانظر ما سبق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

539 -

‌ باب الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

1903 -

(1) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَرَدِيفُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَأَنَاخَ فِي أَصْلِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَسَعَى النَّاسُ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبِلَالٌ وَأُسَامَةُ،

فَقُلْتُ لِبِلَالٍ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، فَقَالَ: بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ "

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وانظر: القطوف (906/ 1920).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (397) وهو أتم ومسلم حديث (1329) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 448).

ص: 61

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَيُّوبُ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا فيه جواز الطواف على الراحلة، وفيه جواز الصلاة في جوف الكعبة، وأن المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما بين الساريتين، وهي سنة لمن تيسر له دخول الكعبة، وهو قول عامة أهل العلم، فتصلى النافلة دون الفريضة؛ لأن الفريضة لا بد فيها من استقبال كامل الكعبة، وليس كذلك في النافلة، فإنها تجوز في الكعبة وفي الحجر وعلى ظهرها، وقيل: دعا في نواحيها ولم يصل إلا بعد الخروج منها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1904 -

(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلَالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ رضي الله عنهم: فَذَكَرَ نَحْوَهُ

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم ضعيف تقدم، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَالِمٌ، هو ابن عبد الله بن عمر، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدِ اللَّهِ، هو ابن عمر رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

540 -

‌ باب الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ

1905 -

(1) حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ لَبَنَيْتُهَا عَلَى أُسِّ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّ قُرَيْشاً حِينَ بَنَتِ اسْتَقْصَرَتْ، ثُمَّ جَعَلَتْ لَهَا خَلْفاً»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (126) مسلم حديث (1333) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 841).

ص: 62

رجال السند:

فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، صدوق تقدم، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

المراد أن حداثة الناس بالإسلام منعته من نقض الكعبة؛ لأنه قد يلتبس عليهم الأمر وظنون أنه أراد أن ينفرد بالفخر دونهم، فتنكر قلوبهم فعله، ولاسيما وقد سبق في بناء الكعبة أن وقع الخلاف بين قريش في رفع الحجر في مكانه من الكعبة، ثم اتفقوا على تحكيم أول رجل يطلع عليهم، فكان الطالع محمد صلى الله عليه وسلم فحكم بوضع الحجر في ثوب وتأخذ كل قبيلة بطرف منه ليرفع ويوضع في مكانه، فلما رفعوا الحجر مشتركين أخذه صلى الله عليه وسلم من الثوب ووضعه في مكانه في الركن المعروف اليوم، فلما كان ابن الزبير تذكر رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلها وفق ما تمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الحجاج لم يرق له ذلك فأعاده على بناء قريش، وتوقف الأمر فيما بعد حتى لا يتلاعب السلطان بالبيت تارة يهدم وأخرى يبنى.

والمراد بقوله: " ثُمَّ جَعَلَتْ لَهَا خَلْفاً " أي: بابا من خلفها، وفي رواية: ولجعلت لها بابا شرقيا، وبابا وغربيا، وهو ما فعله ابن الزبير رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1906 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَشْعَثِ ابْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحِجْرِ

(1)

أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟، قَالَ:«نَعَمْ» قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ» قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعٌ؟، قَالَ:«فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا، وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، لَعَمَدْتُ إِلَى الْحِجْرِ فَجَعَلْتُهُ فِي الْبَيْتِ، وَأَلْزَقْتُ بَابَهُ بِالأَرْضِ»

(2)

.

رجال السند:

(1)

في (ت، ك) الجدر، وهو تحريف يؤيد ذلك قوله:(لعمدت إلى الحجر).

(2)

رجاله ثقات، وأنظر: السابق.

ص: 63

مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وأَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام بن سليم، والأَشْعَثِ ابْنِ سُلَيْمٍ، هو ابن أسود المحاربي ثقة، والأَسْوَدُ، هو ابن يزيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

المراد النفقة المأخوذة من كسب حلال عندهم، ورفعوا الباب لافتخارهم على الناس فيدخلون من شاءوا، ويمنعون من شاءوا، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

541 -

‌ بابٌ فِي التَّحْصِيبِ

1907 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: التَّحْصِيبُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "

(1)

.

[قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: التَّحْصِيبُ مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِبَطْحَاءَ]

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو، هو ابن دينار، وعَطَاءٌ، هو ابن أبي رباح، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن التحصيب أو المحصب نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هو من مناسك الحج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

542 -

‌ باب كَمْ صَلَاةً تُصَلَّى بِمِنًى حَتَّى يَغْدُوَ إِلَى عَرَفَاتٍ

؟

1908 -

(1) أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ - هُوَ يَحْيَى بْنُ المهلب، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمِنًى خَمْسَ

(1)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1766) ومسلم حديث (1312) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 826).

(2)

ما بين المعقوفين ليس في (ت، ك).

ص: 64

صَلَوَاتٍ "

(1)

.

رجال السند:

الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وأَبُو كُدَيْنَة يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ، والأَعْمَشُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، ومِقْسَمٌ، هو ابن بجرة مولى ابن عباس، صدوق يرسل، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن من سنة الحج يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، أن يصلي الإمام الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر بمنى ثم يغدون إلى عرفة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1909 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ:" قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟، قَالَ: بِمِنًى، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟، قَالَ: بِالأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَ: اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ أُمَرَاؤُكَ "

(2)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، هو الإمام، إِسْحَاقُ ابْنُ يُوسُفَ، هو الأزرق، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ،

هو المكي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المرادم النفر من منى وهو للمتعجل اليوم الثاني عشر، ولفت أنس رضي الله عنه النظر إلى اتباع أمير الحج، وصلاة العصر يوم النفر بالأبطح ليست من مناسك الحج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1910 - (3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ

(1)

فيه أن الحكم لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث، ليس هذا منها، وأخرجه أحمد حديث (2700) وقال شعيب: إسناده صحيح على شرط البخاري.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1653) ومسلم حديث (1309) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 824).

ص: 65

حَدَّثَهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرَقَدَ رَقْدَةً بِمِنًى، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ "

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ إمام تقدم، وخَالِدٌ، هو ابن يزيد المصري صدوق، وسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، صدوق روى عنه النسائي حديثا واحدا، قَتَادَةُ إمام تقدم، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ، هو ابن يزيد المصري.

الشرح:

المراد يوم النفر لم يخرج من منى إلا بعد اليوم الآخر من أيام التشريق، ونام ساعة بالمحصب من الليلة التي بعد أيام التشريق، ثم ركب ومشى إلى مكة، فطاف طواف الوداع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

543 -

‌ باب قَصرِ الصَّلَاةِ بِمِنًى

1911 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه وَصَلَّى مَعَ عُثْمَانَ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ -: لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَكَانِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ،

فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الأصم ثقة تقدم، ومَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ حازم الليثي، كوفي تاجر كثير الحديث، وسُلَيْمَانُ، هو الأعمش، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، هما ثقتان تقدما، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، هو النخعي ثقة تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، انفرد به الدارمي.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1084) ومسلم حديث (695) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 753).

ص: 66

الشرح:

هذا في قصر الصلاة في السفر، وخالف عثمان رضي الله عنه من سبقه فأتم في منى، وسبق له أن أتم صدرا من خلافته، ثم أتم وقال:" إن القصر سنة " والمراد أنه مخير بين القصر والإتمام، فأخذ بالأكمل، وقالوا:" إنه اتخذ أموالا في الطائف فأراد أن يقيم فأتم " والصحيح أن القصر في السفر دأب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولم يؤثر عنهم الإتمام، واجتهد عثمان في ذلك رضي الله عنه، ولمزيد الفائدة انظر العواصم من القواصم ففيها التفصيل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1912 -

(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَعُمَرَ رَكْعَتَيْنِ، وَعُثْمَانَ رَكْعَتَيْنِ صَدْراً مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا بَعْدُ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

الشرح: انظر ما تقدم، وكان إتمام عثما اجتهادا منه وتقدم ذكر بعض الأسباب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

544 -

‌ باب كَيْفَ الْعَمَلُ فِي الْقُدُومِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ

؟

1913 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:" خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مِنًى فَمِنَّا مَنْ يُكَبِّرُ، وَمِنَّا مَنْ يُلَبِّى "

(2)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، هو أبو عبد العزيز، وأخو يعقوب، واسم أبي سلمة

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1082) ومسلم حديث (694) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 403).

(2)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

ص: 67

ميمون، ومعنى الماجشون: المورَّد الوجنتين، فقيه قليل الحديث، متقن في الرواية، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد جواز التكبير والتلبية حين الخروج من منى إلى عرفات فالمقصود ذكر الله عز وجل والثناء عليه بالألفاظ المشروعة، ومن أجلها التكبير والتلبية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1914 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا مَالِكٌ قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَنَحْنُ غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ عَنِ التَّلْبِيَةِ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الْمُلَبِّي فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ ".

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، ومَالِكٌ، هو الإمام، ومُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ، هو مدني تابعي ثقة، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح: الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (970) ومسلم حديث (1285) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 806)، وكل ذلك في إطار ذكر الله عز وجل وتعظيمه، وانظر: السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

545 -

‌ باب الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

1915 -

(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو ابْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ جُبَيْرٌ رضي الله عنه: " أَضْلَلْتُ بَعِيراً لِي فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقِفاً مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ هَاهُنَا؟ "

(1)

.

(1)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1664) ومسلم حديث (1220) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 765).

ص: 68

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، ومُحَمَّدُ ابْنُ جُبَيْرِ ابْنِ مُطْعِمٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجُبَيْرٌ هو ابن مطعم رضي الله عنه.

الشرح:

الحمس هم قريش ومن والاها، ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يقفون في المزدلفة، ولا يخرجون من الحرم، ويقولون: لا نخلي الحرم، فأبطل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوقوفه بعرفة. والحمد لله على نعمة الإسلام.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

546 -

‌ باب عَرْفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ

1916 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَى ثُمَّ قَعَدَ لِلنَّاسِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ "، قَالَ:«لَا حَرَجَ» ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ، قَالَ:«لَا حَرَجَ» قَالَ: فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ قَالَ: «لَا حَرَجَ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ»

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، إمام تقدم، وأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، هو الليثي لا بأس به تقدم، وعَطَاءٌ، إمام تقدم، وجَابِرٌ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا من التيسير على الحجاج، فعرفة كل أرضها موقف لا فضل في الوقوف في مكان عن آخر، والمكان الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو كغيره من أرض عرفة، وكذلك مزدلفة، ومنى جميع أرضها منحر، وجميع فجاج مكة طرق ومنحر، وقد يسر الله عز وجل لحكومتنا الرشيدة عناية فائقة في خدمة المشاعر فاقت التصور، فيجب

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1218).

ص: 69

على كل حاج ومعتمر أن يلتزم التعليمات الخاصة بها، لكي يتموا مناسكهم في أمن ويسر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

547 -

‌ باب كَيْفَ السَّيْرُ فِي الإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَةَ

؟

1917 -

(1) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه:" أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ، وَكَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا أَتَى عَلَى فَجْوَةٍ نَصَّ "

(1)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَبوه، هو عروة ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد بالعنق هرولة الدابة من غير ركض، والنص هو جر الراكب لرسن الدابة ومنعها من السير الحثيث، وقد يسر الله عز وجل ما جد من المراكب الوثيرة الآمنة، وأصبح الحج والعمرة سياحة واستجمام، واستمتاع بما وفرته هذه الدولة المباركة من وسائل الأمن للراكب والماشي، جهود مشكورة علمها القصي والداني، ونقول للأعداء {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}

(2)

، فنحن وولاة أمرنا خدام الحرمين على الحقيقة، والبرهان قائم لذوي الألباب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

548 -

‌ باب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ

1918 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ: أَنَّهُ سَأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: " أَخْبِرْنِي عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ فَعَلْتُمْ - أَوْ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1666) ومسلم حديث (1286) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 808).

(2)

من الآية (119) من سورة آل عمران.

ص: 70

صَنَعْتُمْ -؟، قَالَ: جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ لِلْمُعَرَّسِ

(1)

، فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاقَتَهُ ثُمَّ بَالَ - وَمَا قَالَ أَهْرَاقَ الْمَاءَ - ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ وُضُوءاً لَيْسَ بِالسَّابِغِ جِدًّا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الصَّلَاةَ. قَالَ:«الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» قَالَ: فَرَكِبَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمُزْدَلِفَةَ، فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ وَالنَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ، فَصَلَّى ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ، قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟، قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَيّ "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، زُهَيْرٌ، هو أبو معاوية، إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، هو ابن أبي عياش، مدني ثقة روى له مسلم، قَالَ: وكُرَيْبٌ، هو ابن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه هي السنة بعد الوصول إلى مزدلفة المبادرة بصلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا، ثم النزول والمبيت، ومن شاء انطلق إلى منى بعد منتصف الليل، وقد ترخص أكثر الناس اليوم في عدم المبيت خوفا من الزحام على جمرة العقبة، وقد بذلت الدولة حرسها الله جهودا كبيرة في تنظيم رمي الجمرات، كان لها أثر عظيم في سهولة الرمي وسلامة الناس.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1919 -

(2) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادٌ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبِ ابْنِ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أُسَامَةَ: نَحْوَهُ

(3)

.

(1)

المراد النزول لا المبيت، وهذا الشعب بين عرفات والمزدلفة، وليس ذا الحليفة كما ذكر الداراني (2/ 1199).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (139) ومسلم حديث (1280) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 807، 805).

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 71

رجال السند:

حَجَّاجٌ، وحَمَّادٌ، ومُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، هو أخو إبراهيم المتقدم آنفا، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1920 -

(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: عَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ أَنْبَأَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاء" - يَعْنِى بِجَمْعٍ -.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وعَدِىُّ بْنُ ثَابِتٍ، هو الأنصاري، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، هو الخطمي جده لأمه، هم ثقات تقدموا، وأَبو أَيُّوبَ، رضي الله عنه.

الشرح: رجاله ثقات، تقدم وهو متفق عليه. وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1921 -

(4) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، لَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلاَّ

(1)

بِالإِقَامَةِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، وَلَا عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا "

(2)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَالِمٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

الشرح

المراد أنه أمر بالإقامة دون الأذان، ولم يصل نافلة بعدهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

549 -

‌ باب الرُّخْصَةِ فِي النَّفْرِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ:

1922 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ شَوَّالٍ، أَخْبَرَهُ:

(1)

ليس في (ت) إلا، والصواب إثباتها.

(2)

رجاله ثقات، وتقدم من حديث أبي أيوب الأنصاري دون ذكر النداء، ومن حديث سالم بإطلاق الجمع.

ص: 72

أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا أَنْ تَنْفِرَ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ"

(1)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ شَوَّالٍ، هو مولى حبيبة مكي ثقة، روى له مسلم، وأُمُّ حَبِيبَةَ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا من ضمن الإذن للنساء والضعفة أن يخرجوا من مزدلفة ليلا رحمة بهم من شدة الزكام، والناس في هذا الزمان أحوج لهذا فقد تجاوز العدد مئات الألوف إلى الملايين، فلا حرج من تفويجهم بليل من مزدلفة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1923 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا أَفْلَحُ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ ابْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتِ: " اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ رضي الله عنها رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فَتَدْفَعَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ فَأَذِنَ لَهَا - قَالَ الْقَاسِمُ: وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً، قَالَ الْقَاسِمُ: الثَّبِطَةُ الثَّقِيلَةُ - فَدَفَعَتْ، وَحُبِسْنَا مَعَهُ حَتَّى دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَلأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رضي الله عنها

فَأَدْفَعَ قَبْلَ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ

مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ "

(2)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وأَفْلَحُ، هو ابن حميد، والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، هي عمته رضي الله عنها.

الشرح:

المراد أن سودة رضي الله عنها كانت ثقيلة الجسم فأستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفر من المزدلفة ليلا ليخف عليها الزحام، لذلك تمنت عائشة أن لو استأذنت لما في ذلك من التيسير، وانظر السابق.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1292).

(2)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1680) ومسلم حديث (1290) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 812).

ص: 73

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

550 -

‌ باب بِمَا يَتِمُّ الْحَجُّ

1924 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْمُرَ الدِّيليَّ رضي الله عنه يَقُولُ: " سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَجِّ فَقَالَ: «الْحَجُّ عَرَفَاتٌ أَوْ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَمَنْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ» وَقَالَ: «أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وبُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، هو الليثي تابعي ثقة، روى له الأربعة، وعَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ يَعْمُرَ الدِّيليَّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن نهار عرفة وليها موقف فمن أدرك وقتا من نهارها أو ليلها فقد أدرك الحج، ومن أدرك ليلة مزدلفة قبل الفجر فقد أدرك الحج؛ لأنه لا ريب في إدراكه عرفة قبلها، وأيام منى ثلاثة هي أيام التشريق الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فمن دفع من منى إلى البيت في اليوم الثاني عشر قبل الغروب جاز له ذلك، ولا إثم عليه في التعجل، ومن تأخر إلى الثالث عشر جاز له ذلك، ولا إثم عليه في التأخر، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1925 -

(2) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ

(2)

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَوْقِفِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ مِنْ جَبَلَيْ طَيِّء، أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِى، وَاللَّهِ إِنْ

(3)

بَقِيَ جَبَلٌ إِلاَّ وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟، قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (880، 890) وقال: هذا حديث صحيح حسن، وأبو داود حديث (1949) والنسائي حديث (3044) وصححه الألباني.

(2)

هو عروة نفسه، وانظر التالي.

(3)

نافية بمعنى (ما) أي ما بقي جبل.

ص: 74

«مَنْ شَهِدَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَقَدْ أَتَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً، فَقَدْ قَضَى

تَفَثَهُ

(1)

وَتَمَّ حَجُّهُ»

(2)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، إِسْمَاعِيلُ، هو ابن أبي خالد، وعَامِرٌ، هو الشعبي، وعُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1926 -

(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لَامٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَ نَحْوَهُ

(3)

.

رجال السند: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، هو الهمداني من أصحاب الشعبي ثقة تقدم، وتقدم الباقون وهم أئمة ثقات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

551 -

‌ باب وَقْتِ الدَّفْعِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ

1927 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ: مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ لَعَلَّنَا نُغِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْمُسْفِرِينَ - أَوْ قَالَ الْمُشْرِقِينَ - بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ "

(4)

.

رجال السند: أَبُو غَسَّانَ: مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبو إِسْحَاقَ، السبيعي يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ:

(1)

هو ما يعْلَق بالجسد من جفاف وروائح نتيجة عدم الادهان والتطيب، ويقضى التقث باستعمال ذلك.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (891) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1950) والنسائي حديث (3039، 3043) وابن ماجه حديث (3016) وصححه الألباني.

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(4)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1684).

ص: 75

أَشْرِقْ ثَبِيرُ لَعَلَّنَا نُغِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْمُسْفِرِينَ - أَوْ قَالَ الْمُشْرِقِينَ - بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ " جد إسرائيل، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، هو ابن مهران أبو عبد الله الجزري، إمام ثقة جده لأمه سعيد بن جبير، وأبوه ميمون إمام فقيه، وعُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه.

الشرح:

وقوله: " أَشْرِقْ ثَبِيرُ " ثبير من جبال مكة، يقع على يسار الذاهب إلى منى، دفن فيه رجل من هذيل اسمه ثبير، فسمي به.

وقوله: لَعَلَّنَا نُغِيرُ " أي نفيض إلى منى، فخالفهم صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس، وانتظار المشركين لإشراق الشمس، ومخاطبتهم ثبيرا وطلب الإشراق نوع شرك وتعظيم له، فكانت إفاضة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل طلوع الشمس إخلاصا لله وبعدا عن شبة الاعتقاد في غير الله جل جلاله.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

552 -

‌ باب الْوَضْعِ فِي وَادِى مُحَسِّرٍ:

1928 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ الْفَضْلِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ، وَغَدَاةِ جَمْعٍ حِينَ دَفَعُوا:«عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ» وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ مُحَسِّراً أَوْضَعَ

(1)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، وعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وابْنُ جُرَيْجٍ وأَبُو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم، أَبو مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

محسر هو واد بين عرفة ومزدلفة وهو المكان الذي كان يقف فيه النصارى، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أتاه أسرع وقال:

إليك تعدوا قلقًا وضينها

* * *

مخالفًا دين النصارى دينها

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1282). -

ص: 76

ولذلك يستحب الإسراع في قطعه عرضا، وقد قيل: إن الله عز وجل أهلك فيه أصحاب الفيل، كما يستحب الإسراع في الأماكن التي نزل بها عذاب كالحجر أهلك الله عز وجل فيها قوم ثمود.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1929 -

(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، بِإِسْنَادِهِ: نَحْوَهُ

(1)

.

[قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الإِيضَاعُ لِلإِبِلِ، وَالإِيجَافُ لِلْخَيْلِ]

(2)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، إمام ثقة تقدم، ولَيْثٌ، هو ابن أبي سليم ضعيف.

وبالمناسبة:

في هذا اليوم السبت الموافق 4/ 6/ 1440 هـ، استصحبت العصا لوهن أشعربه، والحمد لله لقد متعني الله بالصحة دهرا، فأسأل جل جلاله حسن العمل وحسن الخاتمة، وأن يرحم ضعفي ويتجاوز عن تقصيري، وأن يجعل خير أيامي يوم القدوم عليه، وأن يجعل ما بعده رضا منه ورحمة ومغفرة، وفوزا بالجنة ونجاة من النار.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

553 -

‌ باب فِي الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ

1930 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَالِماً كَلَّمَا ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما لَيَالِىَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ فَقَالَا:" لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَحُجَّ الْعَامَ، نَخَافُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَقَالَ: قَدْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَمِرِينَ فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَجَعَ، فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، وإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَعَلْتُ كَمَا كَانَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ سَارَ فَقَالَ: إِنَّمَا شَأْنُهُمَا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي ".

(1)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

(2)

ما بين المعقوفين ليس في (ك) ومعناهما الإسراع.

ص: 77

قَالَ نَافِعٌ: " فَطَافَ لَهُمَا طَوَافاً وَاحِداً، وَسَعَى لَهُمَا سَعْياً وَاحِداً، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى جَاءَ يَوْمُ النَّحْرِ فَأَهْدَى، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ جَمَعَ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ فَأَهَلَّ لَهِمَا جَمِيعاً فَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعاً يَوْمَ النَّحْرِ "

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن عبد الله ابن عتبة، ونَافِعٌ، وعَبْدٌ اللَّهِ، وَسَالِمٌ هما ابنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه، هم ثقات تقدموا.

الشرح:

المراد أن حكم من يُمنع من أداء الحج أو العمرة إنه يعمل عمل الرسول صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، حين منعته قريش من الوصول إلى البيت، فتحلل في مقامه في الحديبية، ولذلك من السنة أن يشترط الحاج أو المعتمر عند الإهلال فيقول: " فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1931 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ كُسِرَ أَوْ عُرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ

(3)

، وَمَعْمَرٌ

(4)

، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

رجال السند: أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، هو ابن أبي عثمان، ثقة ثبت حافظ، روى له الستة، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1639 - 1640) ومسلم حديث (1230) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 772).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1862، 1863) والترمذي حديث (940) وقال: حسن، والنسائي حديث (2861) وابن ماجه حديث (3077) وصححه الألباني عندهم.

(3)

أخرجه الطحاوي (مشكل الآثار 1/ 252).

(4)

أخرجه أبو داود حديث (1862، 1863) والترمذي حديث (940) وقال: سمعت محمدا - البخاري - يقول: رواية معمر، ومعاوية بن سلام أصح، والنسائي حديث (2861) وابن ماجه حديث (3078، 3078) وصححه الألباني عندهم.

ص: 78

تقدموا، والْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

أما قول الدارمي: " رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلاَّمٍ " ففيه بيان مخالفة جماعة للحجاج فأدخلوا عبد الله بن رافع بين عكرمة والحجاج بن عمرو، وقد سمع عكرمة من الحجاج بن عمرو.

والمراد أن من عرض له عارض كمن كسرت رجله، أو أصابه عرج فإنه معذور ويحل، وعليه الحج مرة أخرى، ولكن في هذا الزمن وبفضل الله عز وجل ثم ما هُيئ للمصابين والمرضى من وسائل يستطيعون معها الحج تحت إشراف الأطباء والعناية الفائقة بهم، زال هذا العذر حتى من تجرى لهم عمليات يكملون الحج من غير عائق يمنعهم من ذلك، وهذا مما يدعى للدولة وفقها الله بالجزاء الحسن.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

554 -

‌ باب فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَيُّ سَاعَةٍ تُرْمَى

؟:

1932 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما قَالَ:

" رَمَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ الضُّحَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ "

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وابْنُ جُرَيْجٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد جمرة العقبة، وهي الجمرة الوحيدة التي ترمى يوم النحر، وترمى مع بقية الجمرات في أول أيام التشريق بعد الزوال، ونظر لكثرة الحجيج، فقد أفتى العلماء بجواز الرمي بعد منتصف ليلة النحر، وبقية الجمرات قبل الظهر من أيام التشريق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1933 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه:

(1)

رجاله ثقات، ابن جريج صرح بالتحديث، أخرجه مسلم حديث (1299).

ص: 79

" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُوا الْغَدَ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُوا يَوْمَ النَّفْرِ "

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ"

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو القعنبي، مَالِكٌ، هو الإمام، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وأَبو الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ، أبو البداح لقب وهو أبو عمرو الأوسي ثقة قليل الحديث، وهو

أخو عباد، وأَبوه، عاصم بن عدي رضي الله عنه.

أما قول الدارمي: " مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ" فالذي قاله هو يحيى بن يحيى خالف أصحاب مالك في هذا الحديث، والصحيح أن الحديث لعاصم الصحابي، وابنه أبو البداح يرويه عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

555 -

‌ بابٌ فِي الرَّمْيِ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ:

1934 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

" أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنْ نَرْمِيَ الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ "

(3)

.

(1)

فيه انقطاع بين عبد الله بن أبي بكر وأبي البداح، ولذلك أردف الدارمي بالسند التالي ورجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (955) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1975) والنسائي حديث (3069) وابن ماجه حديث (3037) وصححه الألباني عندهم.

(2)

إشارة إلى الرواية التي فيها مالك عن أبي البداح عاصم بن عدي، هكذا ذكر أحمد بن خالد، أن يحيى بن يحيى وحده من بين أصحاب مالك قال هذا، قال ابن عبد البر: إنما هو لعاصم بن عدي هو الصاحب، وأبو البداح ابنه، يرويه عنه، وهو الصحيح فيه، ثم قال: ولم نجده عند شيوخنا في كتاب يحيى إلا عن أبي البداح ابن عاصم، كما رواه جماعة عن مالك، وهو الصحيح في إسناد هذا الحديث (التمهيد 17/ 252) ورواه أيضا ابن جريج، عن محمد بن أبي بكر - أخي عبد الله - عن أبي البداح، ولم يقل: عن أبيه (المعجم الكبير 17/ 172) وخالف ابن جريج سائر أصحابه، فرووه عنه، عن محمد بن أبي بكر، عن أبيه، مثل قول مالك: عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه.

(3)

ت: رجاله ثقات، وأنظر: القطوف (906/ 1952).

ص: 80

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس إمام تقدم، وعُثْمَانُ بْنُ مُرَّةَ، هو البصري لا بأس به، روى له مسلم. وأَبو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو إمام تقدم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

لأن الرمي بالحصباء: الخذف الصغير رمز لفعل إبراهيم عليه عليه السلام، وليس لإصابة الشيطان ذاته كما يعتقد بعض الجهال، وقد أحسنت الدولة في خدمة الحجيج، ومما وفرت لهم حصى الحصباء التي ترمى الجمرات بها، وقضت على ما كان يفعله بعض الحجاج من الرمي بالأحذية والحجارة الكبيرة اعتقادا منهم أن ما يرمونه هو الشيطان.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1935 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما قَالَ: " أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَمَوْا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، وَأَوْضَعَ

(1)

فِي وَادِي مُحَسِّرٍ"، وَقَالَ:«عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ»

(2)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد عدم التسابق والتدافع؛ لأنه ينافي الوقار في العبادة، ويسبب الأذى وربما هلاك البعض كما حدث ذلك مرارا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1936 -

(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَرْمِيَ الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ

(3)

.

قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاذٍ لَهُ صُحْبَةٌ؟، قَالَ: نَعَمْ.

(1)

أي أسرع.

(2)

رجاله ثقات، وأصله عند مسلم من حديث الفضل بن عباس، حديث (1299).

(3)

رجاله ثقات، وهو طرف من حديث ابن عباس عند مسلم، المذكور آنفا.

ص: 81

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدٌ، هو ابن عبد الله المزني، وحُمَيْدٌ الأَعْرَجِ، هوبن قيس المكي، أبو صفوان المقرئ، إمام ثقة مجود، روى له الستة، مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن الحارث التيمي، ثقة له أفراد، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ مُعَاذٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

556 -

‌ بابٌ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ يَرْمِيهَا رَاكِباً

.

1937 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَالْمُؤَمَّلُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْكِلَابِيِّ رضي الله عنه قَالَ:" رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ، لَيْسَ ثَمَّ ضَرْبٌ وَلَا طَرْدٌ، لَا إلَيْكَ إِلَيْكَ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وَالْمُؤَمَّلُ، هو ابن إسماعيل أبو عبد الرحمن البصري، صدوق حفظه سيئ، ولذلك قرنه الدارمي بإمامين، وَأَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ، هو حبشي نزل عسقلان، صدوق روى له البخاري، وقُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

عَمَّارٍ

(2)

الْكِلَابِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز الرمي راكبا، واستصحاب الهدوء والسكينة، وقد حلت الآلات اليوم محل الرواحل كالعربيات والسيارات الصغير، والسيور الكهربائية، وسبحان الله يخلق ما لا تعلمون.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1938 -

(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ - هُوَ الْجَزَرِيُّ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ الْفَضْلِ

(1)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (903) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (3061) وابن ماجه حديث (3035) وصححه الألباني عندهم.

(2)

في (ت، ك) عمارة، وهو خطأ.

ص: 82

قَالَ رضي الله عنه: " كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ "

(1)

.

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، إمام تقدم، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب أحفظ من روى عن عبد الكريم الجزري تقدم، وعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، هو ابن مالك أبو سعيد الحراني، إمام ثقة روى له الستة، وهو أثبت حديثا من خصيف، سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا في الإفاضة من المزدلفة، وتقدم في الصعود إلى عرفة أن منهم من يكبر ومنهم من يلبي، ولا مانع من التكبير والتلبية تارة وتارة، وهما من أعظم الذكر، انظر ما تقدم برقم 1834، 1845.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

557 -

‌ باب الرَّمْيِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَالتَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ

.

1939 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي الْمَسْجِدَ: مَسْجِدَ مِنًى، يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ رَافِعاً يَدَيْهِ، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ، فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ مِنْ ذَاتِ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِي، رَافِعاً يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا". قَالَ الزُّهْرِيُّ: " سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ "

(2)

.

رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات، وأَبوه، هو عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1670) ومسلم حديث (1281) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 805).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1751) ومسلم حديث (1281) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 83

الشرح:

في هذا العهد الزاهر، وما تم من مشروعات توسعة المشاعر ذهب الوادي وبطنه، ولم يبق إلا تلك الخدمات الميسِّرة للرمي مع التكبير والتلبية والذكر والدعاء والحمد لله على ما أنعم به ويسره لخدمة الحجيج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

558 -

‌ باب الْبَقَرَةِ تُجْزِئُ عَنِ الْبَدَنَةِ

1940 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ الْمَاجِشُونُ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَذْكُرُ إِلاَّ الْحَجَّ فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَضْتُ فَأُتِيَ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَقُلْتُ:

مَا هَذَا؟ قَالُوا: أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ"

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وعَبْدُ الْعَزِيزِ، هُوَ الْمَاجِشُونُ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، والْقَاسِمُ، هو ابن محمد، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

البقر من بهيمة الأنعام التي امتن الله بها على عباده، وهي الإبل والبقر والضأن والمعز، وهي مما يهدى أو يضحى به الشاة عن الرجل وأهل بيته، وكذلك الضأن، الواحدة منها عن الرجل وأهل بيته، والإبل الواحدة منها عن سبعة ومن يعولون، والبقر الواحدة منها عن سبعة وهي من نعم الله على عباده وان اختلفت الأنظار حيال اقتنائها وتربيتها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

559 -

‌ باب مَنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ:

1941 -

(1) أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (294 - 1709) ومسلم حديث (1211) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 757).

ص: 84

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ»

(1)

.

رجال السند:

عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، هو أبو الحسن قرين الإمامين أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وكان أسرد أقرانه للأحاديث، وأكثرهم تصنيفا، إمام ثقة حجة، هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، هو أبو عبد الرحمن الأبناوي، قاضي صنعاء وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرٍ، هو ابن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، ثقة قليل الحديث، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، هي أخت عبد الحميد، لها رؤية وصرح البخاري بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم، روى لها الستة، وأُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، هي أم ولد شيبة بن عثمان بن أبي طلحة لها صحبة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المرأة لا تحلق شعرها لا في حج ولا عمرة، وإنما تجمع ظفائر شعرها وتقص من آخرها قدر الأنملة لتحلل من إحرامها، أما الحلق محرم على النساء إلا لضرورة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

560 -

‌ باب فَضْلِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ:

1942 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ؟، قَالَ:«رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ» قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: «وَالْمُقَصِّرِينَ»

(2)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1984، 1985) وصححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1727) ومسلم حديث (1301) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 819).

ص: 85

الشرح:

وفيه بيان أن الحلق في حج أو عمرة أفضل من التقصير، لذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثا، ولمن قصر مرة واحدة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

561 -

‌ بابٌ فِيمَنْ قَدَّمَ نُسُكَهُ شَيْئاً قَبْلَ شَيْءٍ

1943 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ - عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْجَمْرَةِ وَهُوَ يُسْأَلُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟، قَالَ:

«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟، قَالَ:«انْحَرْ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وعَبْدُ الْعَزِيزِ، هُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، والزُّهْرِيُّ، وعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، هو ابن عبيد الله التيمي، أبو محمد تابعي إمام ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهما.

الشرح:

في هذا تيسير على الناس، وجميع أفعال الحاج في منى ليست على الترتيب، بل كيفما تيسر، ولا حرج على من قدم أو خر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1944 -

(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عِيسَى ابْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ لِلنَّاسِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟، قَالَ:«لَا حَرَجَ» قَالَ: لَمْ أَشْعُرْ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟، قَالَ:«لَا حَرَجَ» قَالَ: فَلَمْ يُسْأَلْ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (83) وأخرجه مسلم حديث (1306) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 822).

ص: 86

«لَا حَرَجَ»

(1)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا أَقُولُ بِهَذَا، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يُشَدِّدُونَ.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، يَحْيَى، هو ابن سعيد القطان، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، هما

إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

562 -

‌ باب سُنَّةِ الْبَدَنَةِ إِذَا عَطِبَتْ

1945 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَاجِيَةَ الأَسْلَمِيِّ: صَاحِبِ هَدْي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْي؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَدَنَةٍ عَطِبَتْ فَانْحَرْهَا، ثُمَّ أَلْقِ نَعْلَهَا

(2)

فِي دَمِهَا، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ فَلْيَأْكُلُوهَا».

رجال السند:

عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الدمشقي صدوق، وشعيب بن إسحاق الدمشقي، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، ونَاجِيَةُ الأَسْلَمِيُّ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (910) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1762) وابن ماجه حديث (3105) وصححه عندهما الألباني رحمه الله.

والإشعار وتعليق النعل في الإبل المهداة للحرم، فلا يعترضها أحد، وإذا عطب منها شيء ذبح، وغمست النعل في الدم ليعلم المار أنها هدي فلا يأكل منه إلا المضطر، وذا الحاجة.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (251) وانظر السابق.

(2)

واختار الداراني (رجلها) بدل نعلها (2/ 1215) والمراد النعل التي علقت في عنقها إشعارا بأنها مهداة، تغمس في الدم ويضرب بها صفحة سنامها، لتطبع صورتها، فيعلم الناس أنها هدي، وهو بين في التالي.

ص: 87

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1946 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَاجِيَةَ: بِنَحْوَهُ

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

563 -

‌ باب مَنْ قَالَ الشَّاةُ تُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ

1947 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً غَنَماً "

(2)

.

رجال السند:

يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، والأَعْمَشُ، إِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، والأَسْوَدُ، هو ابن قيس النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: تقدم أن الهدي لا يكون إلا من بهيمة الأنعام ومنها الغنم، وهي الضأن أو الماعز، وانظر ما تقدم قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

564 -

‌ بابٌ فِي الإِشْعَارِ كَيْفَ يُشْعَرُهُ

؟

1948 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ أُتِيَ بِرَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا قَعَدَ عَلَيْهَا وَاسْتَوَتْ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ "

(3)

.

رجال السند: أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، وأَبو حَسَّانَ، هو الأعرج مشهور بكنيته واسمه مسلم بن عبد الله ثقة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

الحديث رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري، حديث (1701) ومسلم حديث (1321) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1243).

ص: 88

الشرح:

وقوله: " فشعرها " أي: وضع عليها علامة أنها هدي، بجرحها في سنامها من الجهة اليمنى. انظر ما تقدم برقم 1945.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

565 -

‌ باب فِي رُكُوبِ الْبَدَنَةِ

1949 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَساً يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى رَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَتَهُ، قَالَ:«ارْكَبْهَا» قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:«ارْكَبْهَا» قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ:«ارْكَبْهَا وَيْحَكَ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو النَّضْرِ: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز الركوب على البدنة المهداة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

566 -

‌ بابٌ فِي نَحْرِ الْبُدْنِ قِيَاماً:

1950 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

" أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً قَدْ أَنَاخَ بَدَنَةً، فَقَالَ: ابْعَثْهَا قِيَاماً مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم "

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ويُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، هو ابن حية الثقفي البصري، ثقة روى له الستة، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1690) ومسلم حديث (1323) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 834).

(2)

الحديث رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1713) ومسلم حديث (1320) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث (830).

ص: 89

الشرح: السنة في نحر الإبل أن تكون واقفة، معقولة اليد اليمنى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

567 -

‌ بابٌ فِي خُطْبَةِ الْمَوْسِمِ

1951 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ: مُوسَى ابْنِ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ، بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ، فَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ

(1)

، ثُوِّبَ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ سَمِعَ الرَّغْوَةَ

(2)

خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَوَقَفَ عَنِ التِّكْبِيرِ، فَقَالَ: هَذِهِ رَغْوَةُ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجَدْعَاءِ، لَقَدْ بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصَلِّىَ مَعَهُ، فَإِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِيرٌ أَمْ رَسُولٌ؟، فَقَالَ: لَا، بَلْ رَسُولٌ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِـ {بَرَاءَةٌ} أَقْرَؤُهَا عَلَى النَّاسِ فِي مَوَاقِفِ الْحَجِّ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ {بَرَاءَةٌ} حَتَّى خَتَمَهَا، [ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ {بَرَاءَةٌ} حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَأَفَضْنَا، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ إِفَاضَتِهِمْ، وَعَنْ نَحْرِهِمْ، وَعَنْ مَنَاسِكِهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ {بَرَاءَةٌ} حَتَّى خَتَمَهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الأَوَّلِ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ، فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ {بَرَاءَةٌ} عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا

(3)

.

رجال السند: إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، وأَبو قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ، هو الزبيدي القاضي، إمام ثقة روى له النسائي، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ

(1)

واد بين مكة والمدينة، به قرية جامعة من عمل الفرع أيام المدينة (النهاية 3/ 432)

(2)

صوت الناقة.

(3)

فيه عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال ابن المديني: منكر الحديث، والجمهور على تقويته، وقبول روايته، وأخرجه النسائي حديث (2993) وضعفه الألباني.

ص: 90

عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّه، رضي الله عنهما.

الشرح:

لا مزيد، وخطبة الموسم هي خطبة عرفة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

568 -

‌ بابٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

1952 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ: أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ، ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ قَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرٍ - لَا أَدْرِى جَمَلٌ أَوْ نَاقَةٌ - قَالَ: وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ، - أَوْ قَالَ بِزِمَامِهِ - فَقَالَ:«أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قَالَ: فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:«أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:«فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قَالَ: فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:«أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:«فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قَالَ: فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، فَقَالَ:«أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ

أَوْعَى مِنْهُ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو حَاتِمٍ: أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ، هو بصري صدوق روى له البخاري، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، ومُحَمَّدٌ، هو ابن سيرين، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، هو أول مولود بالبصرة، ثقة له أحاديث، عَنْ أَبوه، هو أبو بكرة رضي الله عنه.

الشرح:

هذه خطبة حجة الوداع بين فيها حرمة أموال المسلمين بعضهم على بعض، وحرمة دمائهم، وحرمة أعراضهم، إلى يوم القيامة، ولعلمهم بحرمة يوم النحر وهو العاشر

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (67) ومسلم حديث (1679) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1094).

ص: 91

من ذي الحجة، وحرمة شهر ذي الحجة، وعلمهم بحرمة البلد الحرام، ويوم عرفة، مثل بذلك كله لعظمة حرمة أموالهم ودمائهم وأعراضهم، حرمة مؤبدة إلى يوم القيامة، ثم أمرهم بالبلاغ.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

569 -

‌ باب الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الزِّيَارَةِ

1953 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ النَّفْرِ قُلْتُ: أَيْ حَلْقَى، أَيْ عَقْرَى

(1)

: بِلُغَةٍ لَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَسْتِ قَدْ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قَالَتْ: بَلَى، قَالَ:

«فَارْكَبِي»

(2)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، والأَعْمَشُ، وإِبْرَاهِيمُ، والأَسْوَدُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه أن المرأة إذا حاضت بعد طواف الإفاضة فلها أن تغادر مكة، ولو لم طوف طواف الوداع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1954 -

(2) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ: بِنَحْوِهِ

(3)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، وشُعْبَةَ، والْحَكَمِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

(1)

أي حلقى، أي عقرى هذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس من قول عائشة، وهو دعاء لا يقصد وقوعه، كقوله: تربت يداك.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (328) ومسلم حديث (1211) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 837).

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 92

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

570 -

‌ باب لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ

1955 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ قَالَ:" سَأَلْنَا عَلِيًّا بِأَيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ؟، قَالَ: بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فِي الْحَجِّ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، يَقُولُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، أَجَلُهُمْ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَاقْتُلُوهُمْ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّازُ، لا بأس به تقدم، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وأَبو إِسْحَاقَ، هما إمامان ثقتان تقدما، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، هو كوفي مخضرم ثقة، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.

الشرح: المراد ما كان من إعلانه سورة براءة، وكانت قبل حجة الوداع، في الموسم الذي حج فيه بالناس أو بكر رضي الله عنه، ثم لحقه علي رضي الله عنه.

قوله: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ " هذا إخبار أن الجنة ليست لغير المؤمنين بالله ورسوله، فلا يطمع فيها من مات على الكفر.

وقوله: " وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ " كانت عادة المشركين أن يطوفوا عراة الذكور والإناث، ولا يتحرجون من كشف العورات، ولذلك قالت امرأة وهي تطوف عارية:

اليوم يبدو بعضه أو كله

* * *

وما بدا منه فلا أحله

جج

فلا يطوفون في ثيابهم إلا أن يعطيهم الحمس ثيابا، فيعطي الرجال الرجال،

والنساء النساء، وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة، كان الناس يفيضون من عرفات. وكان الحمس يفيضون من المزدلفة، يقولون: لا نفيض إلا من الحرم، وأنزل الله فيهم {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(2)

، والحمس هم: قريش، وبنو عامر بن صعصعة، وثقيف، كان أحدهم

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (871، 872) وقال: حسن.

(2)

الآية (199) من سورة البقرة.

ص: 93

إذا أحرم يجتنب السمن، وبيع الوبر، ولا يدخل من باب بيته، وسموا حمساً؛ لأنهم تحمسوا في دينهم وتشددوا.

هذه سيرة العرب في الجاهلية أبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا لإعلان، وكانوا يقولون لا نطوف في ثياب عصينا فيها، ولا يأخذونها بعد إلقائها ولا يأخذها غيرهم.

وقوله: " وَلَا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فِي الْحَجِّ " والمراد في طاعة وقد حرم الله مكة على الكافرين فلا يدخلونها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يترك بجزيرة العرب دينان»

(1)

، وعمل أمير المؤمنين عمر بهذا، وبين الإمام مالك رحمه الله المراد بجزير العرب فقال: " وهي مكة والمدينة، واليمن، وأرض العرب، فأجلى عمر أهل نجران، وفدك بخيبر، فصولحوا على النصف، وقوم النصف الذي لهم فأعطاهم به جمالا، وأقتابا وذهبا،

فابتاعه للمسلمين وأجلى يهود خيبر، ولم يأخذوا شيئا؛ لأنهم لم يكن لهم شيء "

(2)

.

قوله: " وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ " المراد الوفاء لمن عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا إلى مدته المقررة لهم، وينتهي العهد فلا يجدد لهم، ومن ليس له معاهدة فيمهل أربعة أشهر تبدأ من عشرين ذي الحجة، ولا عهد لهم بعد ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

571 -

‌ باب إِذَا وَدَّعَ الْبَيْتَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ

1956 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَةَ قَالَ:" سَمِعْتُ مُهَاجِراً يَقُولُ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَفْعِ الأَيْدِي عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ الْيَهُودُ، حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَصَنَعْنَا ذَاكَ؟ "

(3)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ وهو في بعض النسخ الخطية " الثقفي " وهو تحريف، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبُو قَزَعَةَ، هو سويد ابن حجير، الباهلي،

(1)

أحمد حديث (26352).

(2)

أحمد حديث (26352).

(3)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (1870) والترمذي حديث (855) وقال: إنما نعرفه من حديث شعبة، عن أبي قزعة، والنسائي حديث (2908).

ص: 94

البصري تابعي ثقة، ومُهَاجِرٌ، هو ابن عكرمة المخزومي، ذكره ابن حبان في الثقات، روى له هذا الحديث أبو داود، والترمذي، والنسائي، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّه، رضي الله عنهما.

الشرح:

وقوله: " أفصنعنا " هكذا في بعض النسخ الخطية، واعتمد صاحب فتح المنان لفظة " فصنعنا " وبناء عليه علق على الحديث (فتح المنان 7/ 661) والصواب الإنكار، وورد عند النسائي (فلم نكن نفعله)، والمراد أن رفع اليدين لتوديع البيت ليس من عمل الصحابة، فيقتدى بهم رضي الله عنهم، فمسألة رفع اليدين إذا رأى البيت، قادما أو مودعا مسألة خلافية، انظر:(معالم السنن 2/ 191).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

572 -

‌ بابٌ فِي حُرْمَةِ الْمُسْلِمِ

1957 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجٌ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَلِيُ ابْنُ مُدْرِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ قَالَ:«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وَحَجَّاجٌ، هو ابن منهال، وشُعْبَةُ، وعَلِيُ بْنُ مُدْرِكٍ، هو أبو مبارك النخعي، كوفي ثقة روى له الستة، وأَبو زُرْعَةَ، هو ابن عمر بن جرير البجلي، هم أئمة ثقات تقدموا، جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللّه، هو البجلي رضي الله عنه.

الشرح:

هذا تحذير من الردة، والعودة إلى ما كانوا عليه قبل الإسلام، فقد كان يقتل بعضهم بعضا، ويغير بعضهم على بعض.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (121) وانظر أطرافه (4405، 6869، 7080) ومسلم حديث (118) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 44).

ص: 95

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

573 -

‌ بابٌ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

.

1958 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفى يَقُولُ: " سَعَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَنَحْنُ نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَنْ يُصِيبَهُ أَحَدٌ بِحَجَرٍ أَوْ بِرَمْيَةٍ "

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وابْنُ أَبِي أَوْفى، هو عبد الله رضي الله عنه.

الشرح:

فيه بيان شفقة الصحابة رضي رضي الله عنهم، والاحتراز من غدر المشركين، ونعم المستور صلى الله عليه وسلم، والساتر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

574 -

‌ بابٌ فِي الْقِرَانِ

(2)

1959 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ الْحُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ:" أَنَّهُ شَهِدَ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعاً فَقَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعاً، فَقَالَ: تَرَانِي أَنْهَى عَنْهُ وَتَفْعَلُهُ؟، فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لأَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ"

(3)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، والْحَكَمِ، هو ابن عتيبة، وعَلِيُّ ابْنُ الْحُسَيْنٍ، هو زين العابدين، ومَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، هو الخليفة، هم ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1791، 4188).

(2)

هذا الباب أدخله صاحب فتح المنان ضمن باب (17) تنسيقا منه (فتح المنان 7/ 667).

(3)

أخرجه أيضا البخاري حديث (1569، وطرفه: 1563).

ص: 96

الشرح:

كان اجتهادا من عثمان، ومن قبله عمر رضي الله عنهما، لا يريان التمتع بالعمرة إلى الحج، وقد رد الصحابة رضي الله عنهم ولم يطيعوا، وانظر ما تقدم برقم 1941

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1960 -

(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وحُمَيْدٌ، هو ابن أبي حميد الطويل أدرك أنسا ولم يرو عنه إلا من طريق ثابت البناني، وهما ثقتان تقدما، وأَنَسٍ، رضي الله عنه.

الشرح: هذا هو الإهلال بنسك القران، ويشترط له سوق الهدي، وهو النسك الذي أهل به الرسول صلى الله عليه وسلم، والأفضل لمن لم يسق الهدي الإهلال بعمرة يتمتع بها إلى الحج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1961 -

(3) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعاً، فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ أَنَسٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَنَسٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا يَعُدُّونَا إِلاَّ صِبْيَاناً "

(2)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هو المزني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

الصحيح ما قال أنس رضي الله عنه، وانظر السابق.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1251).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1232) وانظر: السابق.

ص: 97

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

575 -

‌ بابٌ فِي الطَّوَافِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ

1962 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، إِنْ وَلِيتُمْ هَذَا الأَمْرَ، فَلَا تَمْنَعُوا أَحَداً طَافَ، أَوْ صَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ، مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ»

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ، هو مولى آل حجير بن أبي إهاب المكي ثقة، وجُبَيْرُ ابْنُ مُطْعِمٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه أن الطواف على مدار الساعة، وهو كذلك لم يتوقف إلا في أحداث جرت تعدا فيها قوم حدود الله، وتسببوا بإيقاف الطواف كالقرامطة، والحجاج، وجهيمان.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

576 -

‌ بابٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ نَهَاراً

1963 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ "

(2)

.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: وذي طوى: هو اليوم حي من أحياء مكة يسمى الزاهر، وكان ابن عمر رضي الله عنهما شديد التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أفعاله، وليس المبيت بذي طوى

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (868) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1894) والنسائي حديث (585) وابن ماجه حديث (1254) وصححه الألباني عندهم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1574) ومسلم حديث (1259) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 791، 792).

ص: 98

سنة، وإنما هو مكان نزل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كنزوله في الجعرانة وفي المحصب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

577 -

‌ بابٌ فِي أَيِّ طَرِيقٍ يَدْخُلُ مَكَّةَ

؟

1964 -

(1) أَخْبَرَنَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى "

(1)

.

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِد، وعُبَيْدِ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد بدخوله من الثنية العليا أنه أيسر واسهل، وكذلك خروجه من السفلى، وقد تلمس العلماء أسبابا لذلك منها أنه أيسر في الدخول والخروج، أو يطلب في ذلك الأجر كما ورد في العيدين الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر، أو ليغيظ المنافقين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

578‌

‌ باب مَتَى يُهِلُّ الرَّجُلُ

؟

1965 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ

(2)

وَاسْتَوَتْ بِهِ

نَاقَتُهُ، أَهَلَّ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ "

(3)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1575) ومسلم حديث (1257) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 788).

(2)

الركاب: اسم يختص بالإبل، وجعها ركائب (درة الغواص 1/ 43) والمراد هنا موضع الرجْل من الرحل.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2865) ومسلم حديث (1187) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 737).

ص: 99

الشرح:

وهي السنة في الإهلال بحج أو عمرة أو بهما، فإذا استوى قاصد ذلك على مركبه من أي نوع كان وتحرك به أهل ولبى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

579 -

‌ باب مَا يَصْنَعُ الْمُحْرِمُ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ

.

1966 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْمُحْرِمِ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ:«يَضْمِدُهُمَا بِالصِّبرِ»

(1)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ وسُفْيَانُ، وأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، ونُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، لا بأس به تقدم، وأَبوه، عثمان بن عفان رضي الله عنه.

الشرح:

هذه وصفة طبية، واليوم بتطور الطب، وتوفر الخدمات في مجاله لا يجد المصاب عناء في التداوي والأخذ بأسباب الشفاء، والمراد أن الضماد لا يؤثر في الإحرام.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

580 -

‌ باب أَيْنَ يُصَلِّى الرَّجُلُ بَعْدَ الطَّوَافِ

؟

1967 -

(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: " قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا "

(2)

.

قَالَ شُعْبَةُ: فَحَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: هِيَ السُّنَّةُ.

رجال السند: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1204).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (395) ومسلم حديث (1234) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 774).

ص: 100

الشرح:

هذه هي السنة، يصلي الطائف بعد الانتهاء من الطواف ركعتين يجعل المقام بينه وبين الكعبة، ويدعو بما شاء ويجوز أن يصلي في أي مكان من الحرم ولا حرج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

581 -

‌ بابٌ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ

1968 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

" كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وسُلَيْمَانُ الأَحْوَلِ، وطاووس، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

الحج يتم بطواف الإفاضة وهو المسمى طواف الزيارة، أما طواف الوداع فليس بفرض، ولا يجوز تركه إلا من عذر، ومن تعمد تركه فعليه فدية، إلا الحائض فإنه لا يلزمها طواف الوداع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1969 -

(2) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا ابْنُ طاووس، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ "

(2)

. قَالَ: " وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَامَ الأَوَّلِ أَنَّهَا لَا تَنْفِرُ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَنْفِرُ، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لَهُنَّ"

(3)

.

رجال السند: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ووُهَيْبٌ، وابْنُ طَاووُسٍ، هو عبد الله، وأَبوه، طاووس ابن كيسان، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1755) ومسلم حديث (1327) متفق عليه) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 835).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1760) وانظر: السابق.

(3)

متصل بالسند السابق، وأخرجه البخاري حديث (1761).

ص: 101

الشرح: انظر السابق.

1970 -

(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:" أَخْبَرَنِي طَاوُوسٌ الْيَمَانِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ حَبْسِ النِّسَاءِ عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، إِذَا حِضْنَ قَبْلَ النَّفْرِ وَقَدْ أَفَضْنَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْكُرُ رُخْصَةً لِلنِّسَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِعَامٍ ".

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، صدوق تقدم، واللَّيْثُ، وعُقَيْلٌ، هو ابن خالد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وطاووس الْيَمَانِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

فيه كاتب الليث عبد الله بن صالح، أرجح أنه حسن الحديث، وبسند صحيح أخرجه النسائي في الكبرى حديث (4198) وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

582 -

‌ بابٌ فِي الَّذِي يَبْعَثُ هَدْيَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي بَلَدِهِ

.

1971 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى: ابْنَ أَبِي خَالِدٍ - عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ:" يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رِجَالاً يَبْعَثُ أَحَدُهُمْ بِالْهَدْي مَعَ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: إِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَقَلِّدْهُ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ لَمْ يَزَلْ مُحْرِماً، حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ قَالَ: فَسَمِعْتُ صَفْقَتَهَا بِيَدِهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، وَقَالَتْ: لَقَدْ كُنْتُ أَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَبْعَثُ بِالْهَدْي إِلَى الْكَعْبَةِ، مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ "

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وعَامِرٌ، هو الشعبي، ومَسْرُوقٍ هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: هذا رد على من قال: إن من بعث بهديه إلى الكعبة لزمه إذا قلده الإحرام،

(1)

رجاله ثقات، وأصله في الصحيحين: البخاري حديث (1696) ومسلم حديث (1321) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 831).

ص: 102

أن يجتنب كل ما يجتنبه الحاج حتى ينحر هديه، وكذلك المضحي لا يمنع من قص الشعر والظفر، وبه قال أكثر العلماء خلافا لرواية أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من رأى منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحى، فلا يأخذ من شعره أو أظفاره حتى يضحى»

(1)

، وبهذا قال بعض العلماء، فمن أخذ بقول عائشة فلا حرج، ومن أخذ برواية أم سلمة واحب التشبه بالحاج، ورجا أن تكون أضحيته سببا للمغفرة وأحب أن يكون ذلك لكمال أجره وعتقه من النار فلا حرج، وقد قال الإمام الشافي رحمه الله مرة بهذا وأخرى بذاك، والترك عند أبي حنيفة رحمه الله غير مستحب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1972 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ الْهَدْي: هَدْي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مُقَلَّدَةً، وَيُقِيمُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا يَجْتَنِبُ شَيْئاً حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ

(2)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا وعَائِشَةَ رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

583 -

‌ باب كَرَاهِيَةِ الْبُنْيَانِ بِمِنًى

1973 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أُمِّهِ مُسَيْكَةَ - وَأَثْنَى عَلَيْهَا خَيْراً - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي لَكَ بِمِنًى بِنَاءً يُظِلُّكَ ".

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا، مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» .

رجال السند:

إِسْحَاقُ، هو ابن راهويه، ووَكِيعٌ، هو ابن الجراح، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، هو ابن جابر البجلي صدوق، ويُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، هم أئمة ثقات

(1)

النسائي حديث (4361).

(2)

رجاله ثات، وانظر السابق فهو طرف منه.

ص: 103

تقدموا، ومُسَيْكَةُ، هي مكية لم تذكر بجرح ولا تعديل، تابعية تفرد ابنها بالرواية عنها، عَنْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

في سنده مسيكة، قال ابن حجر: لا يعرف حالها (لسان الميزان 3/ 291) وأخرجه الترمذي حديث (881) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2019) وابن ماجه حديث (6/ 206) وعندهم جميعا ضعفه الألباني رحمه الله، قلت: معناه صحيح. ولم تعد هذه الكراهة واردة، فقد حصل في منى تطور هائل بسبب قدوم الملايين، فلم تبقى منى مناخ من سبق، وقد قامت الدولة حرسها الله بحلول عديدة لاستيعاب مئات الآلاف من الحجاج، والتفكير في البنيان قائم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

584 -

‌ بابٌ فِي دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ بِغَيْرِ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ

1974 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ حَازِمٍ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْتُلُوهُ»

(1)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ: وَقُرِئَ عَلَى مَالِكٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ

(2)

: " وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مُحْرِماً ".

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ حَازِمٍ، هو مقل وليس به بأس، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وابْنِ شِهَابٍ، هو الزهري هما إمامان ثقتان تقدما، وأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن محرما، وكل من دخل مكة لحاجة سوى العمرة فلا يجب عليه الإحرام، وفيه جواز تنفيذ الحدود وأن المحكوم شرعا لا يعصمه كونه في

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1846) ومسلم حديث (1357) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 862).

(2)

في الموطأ - بعد التخريج - قال مالك.

ص: 104

الحرم، ولذلك أمر بقتل ابن خطل، ولا حجة في الخصوصية، في معاقبة الجناة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أبيح له القتال، أما الجناة فيعاقبون بما يقرره الشرع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1775 -

(2) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:" دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ حِينَ افْتَتَحَهَا وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ "

(1)

.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ: سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، كَانَ مَعَ أَبِيهِ.

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، هو الوراق ثقة تقدم، ومُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، كوفي صدوق، روى له مسلم والنسائي، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو محمد بن مسلم ثقة تقدم، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

انظر السابق، ولا خلاف بين رواية على رأسه المغفر، وعمامة سوداء، فالمغفر فوق العمامة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

585 -

‌ باب لَا يُعْطَى الْجَازِرُ مِنَ الْبُدْنِ شَيْئاً

1976 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:" أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، أَنَّ مُجَاهِداً أَخْبَرَهُمَا، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلَيًّا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَلَا يُعْطِىَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئاً " جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئاً "

(2)

.

رجال السند: مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى، هو القطان، وابْنُ جُرَيْجٍ، والْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو ابن يناق، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، هو ابن مالك، ومُجَاهِدٌ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَلَيٌّ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1358).

(2)

الحديث رجاله ثقات، وفي الحج أخرجه البخاري حديث (1716) ومسلم حديث (1317) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 829).

ص: 105

الشرح:

هذه هي السُّنة في الهدي؛ ولأنها صدقة لا يعطي منها أجرة الجزار، وقد تولت الدولة حرسها الله عز وجل ذبح الهدي والفدية والأضاحي بأحدث الطرق، وتوزيعها على الفقراء في مكة وغيرها، وللفقراء في العالم الإسلامي منها الحظ الأوفر، وحصل النفع بما يذبح في الحج في الداخل والخارج، والحمد لله على التوفيق لكل خير.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

586 -

‌ بابٌ فِي جَزَاءِ الضَّبُعِ:

1977 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ، فَقَالَ:«هُوَ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، هو الليثي مكي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، هو مكي تابعي ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وجَابِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

كون الضبع صيد، ويفدى بكبش إذا صاده المحرم فيه دليل على جواز صيده خارج الحرم لغير المحرم، وأنه حلال رغم أنه من السباع وذو ناب، قال الإمام الشَّافِعِي رحمه الله:" ولحوم الضباع تباع عندنا بمكة بين الصفا والمروة، لا أحفظ عن أحد من أصحابنا خلافاً في إحلالها ".

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1978 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: " سَأَلْتُ جَابِرَ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ

(1)

والحديث رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (851) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (3801) والنسائي حديث (2836) وابن ماجه حديث (3236) وصححه الألباني عنهم جميعا.

ص: 106

الضَّبُعِ آكُلُهُ؟، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هُوَ صَيْدٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: نَعَمْ "

(1)

.

قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: مَا تَقُولُ فِي الضَّبُعِ تَأْكُلُهُ؟، قَالَ: أَنَا أَكْرَهُ أَكْلَهُ.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

587 -

‌ بابٌ فِي مَنْ يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ عِلَّةٍ

1979 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْنَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ "

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو ابن عمر بن الخطاب، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

أذن للعباس رضي الله عنه من أجل سقايته الحجاج، وهو إذن لكل من له خدمة في مكة تتعلق بالحجاج، فله أن يبيت بمكة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1980 -

(2) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: نَحْوَهُ

(3)

.

رجال السند: سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو المصيصي، وعِيسَى بْنِ يُونُسَ، هو ابن أبي إسحاق، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو العمري، هم أئمة ثقات تقدموا.

(1)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1634) ومسلم حديث (1315) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 882).

(3)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

ص: 107

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب الأضاحي

588 -

‌ باب السُّنَّةِ فِي الأُضْحِيَّةِ

1981 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيُسَمِّى وَيُكَبِّرُ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ وَاضِعاً عَلَى صِفَاحِهِمَا قَدَمَهُ.

قُلْتُ

(1)

: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟، قَالَ: نَعَمْ

(2)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةَ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " قلت " القائل هو شعبة، وهذا مستحب أن يقتدى فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم، والأضحية الواحدة من الغنم تكفي عن الرجل وأهل بيته.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1982 -

(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبش فِي يَوْمِ الْعِيدِ، فَقَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

(3)

، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ» ثُمَّ سَمَّى اللَّهَ وَكَبَّرَ وَذَبَحَ ".

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ويَزِيدُ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو ثقة تقدم، وأَبو عَيَّاشٍ، لم يعرف اسمه وهو مقبول وقد توبع على هذا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّه، رضي الله عنهما.

(1)

القائل هو شعبة.

(2)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (1551) ومسلم حديث (1966) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1284).

(3)

الآية (162) من سورة الأنعام

ص: 108

الشرح:

فيه تدليس ابن إسحاق، وأبو عياش مقبول، وقد توبع، وأخرجه الترمذي حديث (1520) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم، وأبو داود حديث (2795) وابن ماجه حديث (3121) وضعفه عندهما الألباني رحمه الله.

وهذه السنة وإن اكتفى بقوله: بسم الله والله أكبر جاز ولا حرج، والعمل بالسنة أولى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

589 -

‌ باب مَا يُسْتَدَلُّ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الأُضْحِيَّةَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ

.

1983 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ - يَعْنِي: ابْنَ يَزِيدَ - حَدَّثَنِي سَعِيدٌ - يَعْنِي: ابْنَ أَبِي هِلَالٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّىَ فَلَا يُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ، وَلَا يَحْلِقْ شَيْئاً مِنْ شَعْرِهِ، فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، وخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، هو أبو العلاء، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، ثقة رد تضعيف ابن حزم، وعَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ، هو الليثي مدني ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وابْنُ الْمُسَيَّبِ، هو سعيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1984 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا أَظْفَارِهِ شَيْئاً»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَبْدُالرَّحْمَنِ ابْنُ حُمَيْدٍ، وسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.

(1)

فيه عبد الله بن صالح، وقد توبع، ويقويه التالي، وأخرجه مسلم حديث (1977).

(2)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

ص: 109

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

590 -

‌ باب مَا لَا يَجُوزُ فِي الأَضاحِىِّ

1985 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ ابْنِ فَيْرُوزَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا؟، قَالَ:«الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي»

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري، وعُبَيْدُ بْنُ فَيْرُوزَ، هو الشيباني تابعي ثقة، روى له الأربعة، والْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن هذه الموصوفات لا تجزئ، وكل ما تكون الأضحية صحيحة نقية كان أجرها أكثر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1986 -

(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ قَالَ:" سَأَلْتُ الْبَرَاءَ عَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَضَاحِيِّ، فَقَالَ: أَرْبَعٌ لَا يُجْزِئْنَ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي "

(2)

.

قَالَ: قُلْتُ لِلْبَرَاءِ: " فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ، وَفِي الأُذُنِ نَقْصٌ، وَفِي الْقَرْنِ نَقْصٌ، قَالَ: فَمَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ، وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ ".

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ابن خباب لا بأس به تقدم.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1577) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (4388) وصححه الألباني.

(2)

التي لا مخ فيها، لشدة ضعفها.

ص: 110

الشرح:

رجاله ثقات، وما ذكر عبيد بن فيروز أكمل وأفضل، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1987 -

(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ حُجَيَّةَ ابْنَ عَدِيٍّ قَالَ: " سَمِعْتُ عَلِيًّا وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، الْبَقَرَةُ؟، قَالَ: عَنْ سَبْعَةٍ ".

قُلْتُ: الْقَرْنُ، قَالَ: لَا يَضُرُّكَ، قَالَ: قُلْتُ: الْعَرَجُ؟، قَالَ: إِذَا بَلَغَتِ الْمَنْسَكَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، خو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحُجَيَّةُ ابْنُ عَدِيٍّ، صدوق تقدم، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن عليا رضي الله عنه لم ير القرن المكسور عيبا، وأنه لا يؤثر في إجزاء الأضحية، وكذلك العرج لا يعد عيبا إذا وصلت المنسك، ولم يعقها عن الوصول، واستشراف العين والأذن ينبئ عن عدم إجزاء العوراء ومقطوعة الأذن، والبقرة عن سبعة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1988 -

(4) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ شُرَيْحِ ابْنِ النُّعْمَانِ الصَّائِدِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ، وَأَنْ لَا نُضَحِّىَ بِمُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ

(2)

، فَالْمُقَابَلَةُ:

(1)

سنده حسن: حجية بن عدي أرجح أن حديثه حسن، وأخرجه النسائي حديث (4376) وابن ماجه حديث (3143) وصححه الألباني عندهما.

(2)

فيه عدم سماع أبي إسحاق من شريح، قال قيس بن الربيع: قلت: لأبي إسحاق: سمعت من شريح؟ قال: حدثني ابن أشوع عنه، المستدرك حديث (7639) وابن أشوع هذا ثبت (لسان الميزان 3/ 207) وأخرجه الترمذي حديث (1498) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (1498) والنسائي حديث (4372) وابن ماجه حديث (3142) وضعفه الألباني، دون جملة الاستشراف.

ص: 111

مَا قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِهَا، وَالْمُدَابَرَةُ: مَا قُطِعَ مِنْ جَانِبِ الأُذُنِ، وَالْخَرْقَاءُ الْمَثْقُوبَةُ، وَالشَّرْقَاءُ الْمَشْقُوقَةُ "

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وإِسْرَائِيلُ، هو ابن يونس، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي جد إسرائيل، هم ثقات تقدموا، وشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ الصَّائِدِيُّ، هو أبو الحسن، وقيل: أبو الحسين، صدوق قليل الحديث، وعَلِيٌّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن تكون الأضحية منتقاة على أصل الخلقة، لم يُعبث بها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

591 -

‌ باب مَا يُجْزِئُ مِنَ الضَّحَايَا

1989 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ بَعْجَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ:" قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَايَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَأَصَابَنِي جَذَعٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ "، فَقَالَ:«ضَحِّ بِهَا» .

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هِشَامٌ، هو الدستوائي، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وبَعْجَةُ الْجُهَنِيُّ، هو ابن عبد الله بن بدر، تابعي ثقة، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أنها من الضأن فإنها تجزئ أضحية إذا تم لها ستة أشهر، ولذلك كانت من جملة الأضاحي التي وزعها رسول الله على أصحابه رضي الله عنهم، وقد ضحى رسول الله بكبشين، وهذا يدل على جواز الأضحية بأكثر من واحدة، وفي الأمر سعة لمن أراد أن يضحي بعدد، ولا ريب أنه أعظم للأجر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1990 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:

(1)

هذا التفسير من أبي إسحاق، كما في رواية زهير عنه.

ص: 112

" أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَماً أُقَسِّمُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَسَمْتُهَا وَبَقِىَ مِنْهَا عَتُودٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ: «ضَحِّ بِهِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْعَتُودُ: الْجَذَعُ مِنَ الْمَعْزِ.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، واللَّيْثُ، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر، رضي الله عنه.

الشرح:

والعتود إذا بلغ السفاد أي الضراب جاز أن يكون أضحية، ولكن المعز، والإبل، والبقر، لا يضرب فحولتها إلا بعد أن يثنى بتمام سنة، وفي رواية عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:" أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما أقسمها ضحايا بين أصحابي فبقي عتود منها فقال: ضح بها أنت ولا رخصة لأحد فيها بعدك " دليل على الخصوصية؛ ولذلك قال رسول الله: «ضَحِّ بِهِ» لأن العتود الجذع لا يضحى به حتى يتم سنة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

592 -

‌ باب الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ

1991 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:" نَحَرْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً، الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «اشْتَرِكُوا فِي الْهَدْيِ»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز الاشتراك في الهدي، وذلك في البقر والإبل، عدا الغنم: الضأن والماعز، فلا يشترك فيهما، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1992 - (2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ:" نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ".

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1318).

ص: 113

[قيل لأبي محمد: تقول به؟ قال: نعم]

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

593 -

‌ بابٌ فِي لُحُومِ الأَضَاحِيِّ

1993 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ أَوْ قَالَ: «لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد بالنهي أن تنفق اللحوم فتعم الفقراء، خلال الثلاثة الأيام، ولما شكا أهل المدينة وقالوا: عيالنا وأهلنا؟ قال: «كلوا، وأطعموا، واحبسوا»

(3)

، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1994 -

(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ نُبَيْشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّا كُنَّا نَهَيْنَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ أَنْ تَأْكُلُوهَا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَيْ تَسَعَكُمْ، فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَاتَّجِرُوا» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: «اتَّجِرُوا» اطْلُبُوا وَادَّخِرُوا وَاتَّجِرُوا» وَادَّخِرُوا وَاتَّجِرُوا» فِيهِ الأَجْرَ.

(1)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(2)

رجاله ثقات، والأضاحي أخرجه البخاري حديث (5574) ومسلم حديث (1970) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1287).

(3)

مسلم حديث (1973).

ص: 114

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ثقة، وخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، هو الواسطي، وخَالِدٌ الْحَذَّاءِ، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد، وأَبو الْمَلِيحِ، هو الحسن بن عمر الفزاري، هم ثقات تقدموا، ونُبَيْشَةُ، هو ابن عبد الله الهذلي، يقال له: نبيشة الخير له صحبة.

الشرح:

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2813) والنسائي حديث (4230) وابن ماجه حديث (3160) وصححه الألباني عندهم، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1995 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ وَضَحَّى النَّاسُ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الأَضَاحِيُّ لَتَرْفُقُ بِالنَّاسِ، كَانُوا يَدَّخِرُونَ مِنْ لُحُومِهَا وَوَدَكِهَا، قَالَ: «فَمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ؟» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَنْهَهُمْ عَامَ أَوَّلَ عَنْ أَنْ يَأْكُلُوا لُحُومَهَا فَو وَادَّخِرُوا وَاتَّجِرُوا» فوقَ ثَلَاثٍ؟، فَقَالَ ": «إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ ذَلِكَ لِلْحَاضِرَةِ الَّتِي حَضَرَتْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، لِيَبُثُّوا لُحُومَهَا فِيهِمْ، فَأَمَّا الآنَ فَلْيَأْكُلُوا وَلْيَدَّخِرُوا» .

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، هو من ولد عمرو بن حزم، وعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، وأصله في الصحيحين: البخاري حديث (5423) ومسلم حديث (1971) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1288)، انظر ما تقدم قريبا.

ص: 115

وقد أحسنت الدولة حرسها الله في ذبح الأضاحي وما يهدى ويفتدى به، وتوزيها في الداخل والخارج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1996 -

(4) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِمِنًى: «أَصْلِحْ لَنَا مِنْ هَذَا اللَّحْمِ» فَأَصْلَحْتُ لَهُ مِنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ "

(1)

.

رجال السند:

مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي، ومُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، هو ثقة كان أعلم أهل الشام بالفتوى والحديث، لقي الزهري وكتب عنه، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وأَبوه جبير ابن نفير، هم أئمة ثقات تقدموا، وثَوْبَانَ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز الأكل من لحم الهدي والأضاحي، والزود منه، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 1997 - (5) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً قَالَ: سَمِعْتُ جَابِراً يَقُولُ: " إِنْ كُنَّا لَنَتَزَوَّدُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي: لُحُومَ الأَضَاحِيِّ.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر ما تقدم.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1975).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5567) ومسلم حديث (1972) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1279).

ص: 116

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

594 -

‌ بابٌ فِي الذَّبْحِ قَبْلَ الإِمَامِ

1998 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَزُبَيْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ:" أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ ضَحَّى قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ فَذَكَرَ لَهُ مَا فَعَلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي عَنَاقٌ لِي جَذَعَةٌ مِنَ الْمَعْزِ: هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ، قَالَ ": «فَضَحِّ بِهَا وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قُرِئَ عَلَى مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ:«وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ أَجْزَأَهُ» .

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر، وزُبَيْدٌ، هو ابن الحارث اليامي، والشَّعْبِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، والْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه دليل على أن الجذع من الماعز لا تصح أضحية، وإنما كانت خصوصية لهذ الصحابي، ولا تجوز لغيره.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

1999 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ ابْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ:" أَنَّ رَجُلاً ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ "

(2)

.

رجال السند: أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، هو عبيد الله بن عبد المجيد، ومَالِكٌ، هو الإمام،

ويَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ، هو الأنصاري، وبُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، هو الحارثي الأنصاري، تابعي ثقة إمام فقيه، وأَبو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، هو البلوي صحابي مختلف في اسمه.

(1)

رجاله ثقات، وفي الأضاحي أخرجه البخاري حديث (5556) ومسلم حديث (1961) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1281).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (4) وهو طرف من السابق.

ص: 117

الشرح:

فيه عدم جواز ذبح الأضحية قبل صلاة العيد، ومن فعل فهي صدقة وليست أضحية، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

595 -

‌ بابٌ فِي الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ

2000 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ " بفتح الراء: نتاج الحيوانات، وهو المولود الأول يذبحه الجاهليون لطواغيتهم تبركا، والعتيرة: ما يذبح في رجب تعظيما له باعتباره من الأشهر الحرم.

والمراد نفي الوجوب، ويجوز الذبح صدقة في أي شهر من غير تخصيص رجب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2001 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حدسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ: لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَذْبَحُ فِي رَجَبٍ فَمَا تَرَى؟ "، قَالَ:«لَا بَأْسَ بِذَلِكَ»

(2)

. قَالَ وَكِيعٌ: لَا أَدَعُهُ أَبَداً.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5473) ومسلم حديث (1976) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1291).

(2)

فيه وكيع بن عدس مقبول، قال الذهبي: لا يعرف، وأخرجه النسائي حديث (4233) وقال الألباني: صحيح لغيره.

ص: 118

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، ويَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، هو الطائفي، هم أئمة ثقات تقدموا، وَكِيعِ بْنِ حدسٍ، هو أبو مصعب العقيلي الطائفي مقبول، وأَبو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ: لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

596 -

‌ باب السُّنَّةِ فِي الْعَقِيقَةِ

2002 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ مَيْسَرَةَ بْنِ أَبِي خُثَيْمٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْعَقِيقَةِ:«عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» .

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، عَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحَبِيبَةُ بِنْتُ مَيْسَرَةَ بْنِ أَبِي خُثَيْمٍ، هي مولاة لعطاء، تفرد بالرواية عنها، وهي مقبولة، وأُمُّ كُرْزٍ، رضي الله عنها.

الشرح:

الحديث فيه حبيبة بنت ميسرة مقبولة، تقوى بالتالي، وأخرجه النسائي حديث (4215، 4216) وابن ماجه حديث (3162) والترمذي من حديث عائشة حديث (1513) وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.

ومن السنة أن يسمى المولود ويحلق شعر رأسه ويعق عنه؛ شاتين عن الذكر متساويتين في السن، كإجزاء الأضحية، وعن الأنثى شاة واحدة مجزية؛ لأن حكم العقيقة حكم الأضحية في السن والخلو من العيوب، ومن العلماء من قال: إن العقيقة واجبة، ومنهم من قيد الوجوب بالسبعة الأيام، ومنهم من قال: هي سنة لا تترك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

ص: 119

2003 -

(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ سَلْمَانَ

(1)

بْنِ عَامِرٍ الضَّبّىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَماً، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى»

(2)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وهِشَامٌ، هو الدستوائي، وحَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَلْمَانُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبّىِّ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2004 -

(3) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مِثْلَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ»

(3)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، هما ثقتان تقدما، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، هو المكي تابعي ثقة، روى له الستة، وسِبَاعُ بْنُ ثَابِتٍ، هو ثقة قيل: له صحبة، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2005 -

(4) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ وَيُدَمَّى»

(4)

.

(1)

في بعض النسخ الخطية " سليمان " وهو تحريف.

(2)

فيه حفصة بنت سيرين، رواه غير واحد بواسطة بينها وبين سلمان، وهي الرباب، وأخرجه البخاري حديث (5471، 5472).

(3)

رجاله ثقات، تقدم تخريجه.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5472).

وقوله (ويدمى) قال أبو داود: هذا وهم من همام، خولف في هذا الكلام، إنما قالوا: يسمّى، حديث (2837) وتعقب ابن حجر قول أبي داود هذا وفيه نظر (الفتح 9/ 593 - 594) وانظر:(نيل الأوطار 5/ 225 - 226، ومشكل الآثار 1/ 453 - 456).

ص: 120

وَكَانَ قَتَادَةُ يَصِفُ الدَّمَ فَيَقُولُ: " إِذَا ذُبِحَتِ الْعَقِيقَةُ يُؤْخَذُ صُوفَةٌ فَيُسْتَقْبَلُ بِهَا أَوْدَاجُ الذَّبِيحَةِ، ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ، حَتَّى إِذَا سَالَ شَبَهُ الْخَيْطِ غُسِلَ رَأْسُهُ، ثُمَّ حُلِقَ بَعْدُ ".

قَالَ عَفَّانُ: ثَنَا أَبَانُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ:«وَيُسَمَّى»

(1)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَلَا أُرَاهُ وَاجِباً.

رجال السند:

عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ سَمُرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

قد يقال: إن أصل الحديث (ويسمَّى) وأن قتادة ذكر الدم حاكيا ما كان أهل الجاهلية يصنعونه (الفتح 9/ 594). وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

597 -

‌ بابٌ فِي حُسْنِ الذَّبِيحَةِ

2006 -

(1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ثُمَّ لِيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانَ، وخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وأَبو قِلَابَةَ، وأَبوالأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، هو شراحيل بن آدة، هم أئمة ثقات تقدموا، وشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، رضي الله عنه.

(1)

قال أبو داود: ويسمى أصح، كذا قال: سلام بن أبي مطيع، عن قتادة، وإياس ابن دغفل، وأشعث، عن الحسن، حديث (2838) وصححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1955).

ص: 121

الشرح:

المراد الإحسان إلى ذوات الأرواح، وهذا يشمل ما أمر به الشرع في القصاص مثلا، وتذكية البهيمة، ومن الإحسان أن تحد آلة الذبح قبل إحضار البهيمة، ويكره أن تحد الآلة والبهيمة تنظر؛ لأن لها إحساس فيجي إحسان طريقة التذكية، فالإجهاز فيه راحة لها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

598 -

‌ باب مَا يَجُوزُ بِهِ الذَّبْحُ

2007 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَرْعَى لآلِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ غَنَماً بِسَلْعٍ، فَخَافَتْ عَلَى شَاةٍ مِنْهَا أَنْ تَمُوتَ، فَأَخَذَتْ حَجَراً فَذَبَحَتْهَا بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم بِأَكْلِهَا".

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2304)، الأصل في الذبح أن يكون بالسكين، ولذلك تقدم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، ثُمَّ لِيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» ويجوز الذبح بكل ما قطع الأوداج وأنهر الدم، ولذلك أجاز فعل المرأة؛ وفيه أمران: حل تذكية المرأة، وجواز الذبح بغير السكين كالحجر المحدد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

599 -

‌ بابٌ فِي ذَبِيحَةِ الْمُتَرَدِّي فِي الْبِئْرِ

.

2008 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَعَفَّانُ، عَنْ حَمَّادِ ابْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلاَّ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ "، فَقَالَ:«لَوْ طَعَنْتَ في فَخِذِهَا لأَجْزَأَ عَنْكَ»

(1)

.

(1)

في سنده أبو العشراء مجهول، وأخرجه أبو داود حديث (2825) وقال: هذا لا يصح إلا في المتردية، والمتوحش، وقال الألباني: منكر، والترمذي حديث (1481) وقال: هذا حديث غريب، والنسائي حديث (4408) وابن ماجه حديث (3184) ضعيف عند الجميع.

ص: 122

قَالَ حَمَّادٌ: حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُتَرَدِّي.

رجال السند: أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، وَعَفَّانُ، هو ابن مسلم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو الْعُشَرَاءِ، مختلف في اسمه والأكثر على أنه أسامة بن مالك، مجهول، وأَبوه، مالك ابن قهطم، قيل: له صحبة.

الشرح:

الطعن في غير المتردية والنادّة لا يعتبر ذكاة، وإنما اعتبر في المتردية والنّادّة لعدم القدرة على تذكيتها بالمتعارف عليه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

600 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ مُثْلَةِ الْحَيَوَانِ

2009 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: " خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا بغِلْمَةٌ يَرْمُونَ دَجَاجَةً، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟، فَتَفَرَّقُوا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ يُمَثِّلُ بِالْحَيَوَانِ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، وشُعْبَةُ، والْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، هو الأسدي كوفي وثقه ابن معين والنسائي، وابن حبان، وقَالَ غيرهم: صدوق، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» والرفق والرحمة من قيم الإسلام، ولذلك حرم رسول الله التمثيل بالحيوان، ودون ريب أنه في الإنسان من المحرمات.

(1)

رجاله ثقات، وفي أخرجه البخاري حديث (5515) ومسلم حديث (1958) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1279).

ص: 123

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2010 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ تِعْلَى

(1)

، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ:

" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَبْرِ الدَّابَّةِ "

(2)

.

قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: " لَوْ كَانَتْ دَجَاجَةً مَا صَبَرْتُهَا ".

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، هو الأنصاري صدوق رمي بالقدر، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وأَبوه، هم أئمة ثقات تقدموا، وعبد الله بن الأشج، هو من أفراد الدارمي، تابعي ثقة، وعُبَيْدُ بْنُ تِعْلَى، هو الفلسطيني صدوق، وأَبو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد بصبر الدابة أن تقيد وتتخذ غرضا ترمى حتى تموت، والنهي حمله العلماء على التحريم، لما فيه من العذاب، وعدم الرحمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2011 -

(3) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُجَثَّمَةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْمُجَثَّمَةُ: الْمَصْبُورَةُ ".

رجال السند:

عَفَّانُ، وحَمَّادٌ، وقَتَادَةُ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: المصبورة: هي المقيدة تتخذ عرضا للرمي، والحديث رجاله ثقات، ويؤيده المتفق عليه السابق.

(1)

في المطبوع (يعلى) وهو تصحيف.

(2)

فيه والد بكير: عبد الله بن الأشج عمران، مجهول، وأخرجه أبو داود حديث (2687) وضعه الألباني.

قلت: الصبر نوع من التمثيل، وصح النهي عنه، أنظر: ما تقدم.

ص: 124

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

601 -

‌ باب اللَّحْمِ يُوجَدُ فَلَا يُدْرَي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا

؟.

2012 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْيمَ

(1)

- هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ - عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: " أَنَّ قَوْماً قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْماً يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟، فَقَالَ:«سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا»

(2)

. وَكَانُوا حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ".

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو أبو جعفر الأصبهاني، وعَبْدُ الرَّحْيمَ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو الكنانى وقيل: الطائي، أبو على المروزي الاشل، متفق على توثيقه روى له الستة، وهِشَامُ ابْنِ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: الأصل الإباحة وتكفي التسمية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

602 -

‌ بابٌ فِي الْبَهِيمَةِ إِذَا نَدَّتْ

2013 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ ابْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ جَدِّهِ: رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: " أَنَّ بَعِيراً نَدَّ وَلَيْسَ فِي الْقَوْمِ إِلاَّ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ "، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» .

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَبوه، هو سعيد بن مسروق الثوري، إمام ثقة روى له الستة، وعَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، هو أبو رفاعة الزرقي، تابعي إمام ثقة روى له الستة، وجَدُّهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، رضي الله عنه.

(1)

في بعض النسخ الخطية " عبد الرحمن " وهو تحريف.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2057).

ص: 125

الشرح:

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2488) ومسلم حديث (1968) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1285، 1286). وفيه بيان جواز قتل البهيمة الشاردة بأي شيء كالرمي بالرصاص، ويعتبر ذكاة لها مع التسمية، وإذا أدركها حية أجهز عليها بقطع الأوداج وهي التذكية المعتبرة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

603 -

‌ باب مَنْ قَتَلَ شَيْئاً مِنَ الدَّوَابِّ عَبَثاً

2014 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو - هُوَ ابْنُ دِينَارٍ - عَنْ صُهَيْبٍ: مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً بِغَيْرِ حَقِّهِ سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قِيلَ: وَمَا حَقُّهُ؟، قَالَ:«أَنْ يَذْبَحَهُ فَيَأْكُلَهُ»

(1)

.

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو القطيعي، سُفْيَانُ، هو الثوري، وعَمْرُو بْنُ دِينَار، هم أئمة ثقات تقدموا، وصُهَيْبٍ: مَوْلَى ابْنِ عَامِرٍ، هو أبو موسى المكي مقبول، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهما.

الشرح: فيه النهي عن العبث، وعدم فعل الشيء لغير حاجة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

604 -

‌ بابٌ فِي ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ

2015 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ»

(2)

. قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: يُؤْكَلُ؟، قَالَ: نَعَمْ.

رجال السند: إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، وعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، هو أبو الحسن الحراني، لم يذكر بجرح ولا تعديل، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، هو القداح مكي

(1)

فيه صهيب مولى ابن عامر مقبول، وأخرجه النسائي حديث (4445) وضعفه الألباني، وصححه الحاكم حديث (7574) ووافقه الذهبي.

(2)

سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (2828) وصححه الألباني.

ص: 126

لا بأس به، وأَبو الزُّبَيْرِ، إمام تقدم، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح: اختلف العلماء رحمهم الله في أكل الجنين على ثلاثة أقوال: أن ذكاته ذكاة أمه فمن شاء أكله، والثاني: بشرط أن يكون أنبت الشعر، والثالث: إذا خرج حيا وإلا لم يؤكل، وإذا خرج حيا فلم تكن ذكاته ذكاة أمه بإجماع، ولا خلاف في أنه يذكى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

605 -

‌ باب مَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ السِّبَاعِ

2016 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ "

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، وأَبو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، هو عائذ بن عبد الله، من كبار التابعين، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيّ، رضي الله عنه.

الشرح:

اتفق العلماء رحمهم الله على تحريم كل ذي ناب من السبع، واختلفوا في الضبع، فأباحه جماعة، وكرهه آخرون.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2017 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا أَبُو أُوَيْس، ابْنُ عَمِّ مَالِكِ ابْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيّ، عَنْ أبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَطْفَةِ، وَالْمُجَثَّمَةِ، وَالنُّهْبَةِ، وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ "

(2)

.

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو القعنبي إمام تقدم، وأَبُو أُوَيْسٍ، هو عبد الله ابن عبد الله، وهو ابْنُ عَمِّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وصهره على أخته، صالح الحديث، وتقدم

(1)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (5530) ومسلم حديث (1932) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1260).

(2)

سنده حسن، أبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أبي عامر، وأخرجه النسائي حديث (4325، 4326) دون الخطفة والنهبة، وصححه الألباني، وانظر السابق.

ص: 127

الباقون آنفا.

الشرح:

وقوله: " الْخَطْفَةِ " ما يختطفه السبع من البهيمة، فإنه ميتة لا يحل أكله، فيما لو استنقذ منه، " وَالنُّهْبَةِ " ما ينتهب من مال غيره، وفسره البعض بما ينتهب من الغنيمة في الغزو، " والمجثمة " هي الحيوان يقيد ويتخذ غرضا يرمي حتى الموت، ولذلك سميت المصبورة، وانظر ما تقدم في الجزء الثاني برقم 1012، وما بعده.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2018 -

(3) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مَيْمُونِ ابْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ "

(1)

.

رجال السند:

يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، هو الشيباني، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر ابن أبي وحشية، ثقة كثير الحديث، واسم أبي وحشية إياس، ثقة كثير، ومَيْمُونُ ابْنُ مِهْرَانَ، هو الجزي، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد تحريم كل طائر له مخلب، كالصقر والنسر، وروي عن الإمام مالك رحمه الله جواز أكل الطير مطلقا حتى الصرد والهدهد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

606 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ

.

2019 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْمَرُ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ "

(2)

.

رجال السند: يَعْمَرُ بْنُ بِشْرٍ، هو أبو عمرو من أفراد الدارمي، خراساني من كبار أصحاب ابن المبارك لا بأس به، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، وسَعِيدٌ، هو ابن

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1934).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1771) وأبو داود حديث (4132) والنسائي (7/ 176) حديث (4253، 4255) وصححه الألباني.

ص: 128

أبي عروبة، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو الْمَلِيحِ، هو عامر بن أسامة الهذلي ثقة له أحاديث، وأَبوه، أسامة بن عمير الهذلي له صحبة رضي الله عنه.

الشرح:

اختلف العلماء في جلود السباع فذهب جماعة إلى أنها نجسة ولذلك لا تطهر بالدباغ، وفرق جماعة بين جلود ما يؤكل لحمة وما لا يؤكل، فقالوا بطهارة جلود ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل لجمه، وقال آخرون كل الجلود تطهر بالدباغ إلا الخنزير باتفاق، والكلب على خلاف، وهو الصحيح.

قال الترمذي: لا نعلم أحدا قال: عن أبي المليح، عن أبيه، غير سعيد بن أبي عروبة، ثم أورده من طريق يزيد بن الرشك، عن أبي المليح مرسلا، وقال: هذا أصح، حديث (1771).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2020 -

(2) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ

(1)

.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيد، هما ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

607 -

‌ باب الاِسْتِمْتَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ

2021 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الأَسْقِيَةِ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ، غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُالرَّحْمَنِ

ابْنُ وَعْلَةَ، هو السبائي حجازي تابعي ثقة، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (366).

ص: 129

الشرح:

بهذا يتقوى القائلون بعمل الدباغ في طهارة الجلود، ويبقى جلد الخنزير على عدم طهارته.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2022 -

(2) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دِبَاغُهَا طَهُورُهَا»

(1)

.

قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ بِهَذَا؟، قَالَ:" نَعَمْ إِذَا كَانَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ".

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد إمام تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، والْقَعْقَاعُ ابْنُ حَكِيمٍ، هو الكناني مدني ثقة.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2023 -

(3) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

" أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ "

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ويَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ، هو ابن عبد الله بن قسيط، من أفراد الدارمي تابعي ثقة، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، هو العامري مدني تابعي ثقة، روى له الستة، وأُمِّهُ، مجهولة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

فيه عنعنة ابن إسحاق، وأنظر السابق.

(2)

فيه أم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، مقبولة، يقوى حديثها بما تقدم، وأخرجه أبو داود حديث (4124) والنسائي حديث (4252) وابن ماجة حديث (3612) وضعفه الألباني عندهم، والصحيح جواز ذلك لحديث ابن عباس عند الترمذي حديث (1728) وقال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، قالوا في جلود الميتة: إذا دبغت فقد طهرت. وانظر: التالي.

ص: 130

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2024 -

(4) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَتْ شَاةٌ لِمَيْمُونَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوِ اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ، قَالَ:«إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا»

(1)

.

رجال السند:

يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قد يستدل به على جواز الانتفاع بجلد الميتة دبغ أم لم يدبغ، والصحيح أنه لا بد من الدباغ؛ لأنه طهورها، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2025 -

(5) أخبرنا محمد بن المصفي، ثنا بقية، عن الزبيدي، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:

نحو هذا الحديث

(2)

.

قيل لأبي محمد: ما تقول في الثعالب [اذا دبغت؟] قال: اكرهها.

رجال السند:

محمد بن المصفي، هو الحمصي صدوق، وبقيةُ، ضعيف وقد توبع، والزبيدي، هو محمد بن الوليد، لقي الزهري وكتب عنه، ثقة عالم بالفتوى والحديث، والباقون تقدموا آنفا.

الشرح: تقدم أن جميع الجلود يطهرها الدباغ عدا الخنزير، وفي الكلب خلاف، وقوله:" إذا دبغت " ليست في بعض النسخ الخطية.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1492) ومسلم حديث (363) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 205).

(2)

فيه عنعنة بقية بن الوليد، الراجح أنه ثقة إذا حدث عن ثقة، وصرح بالتحديث، وانظر السابق.

ص: 131

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

608 -

‌ بابٌ فِي لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ

2026 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ "

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، ومَالِكٌ، والزُّهْرِيُّ، والْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّه ابْنَا مُحَمَّدٍ، الحسن إمام ثقة فقيه، وأخوه عبد الله هو أبو هاشم ثقة، روى له الستة، وأَبوهُمَا، هو محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية، ثقة فقيه، وعَلِيُّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه، واِبْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

الصحيح من أقوال العلماء رحمهم الله أن المتعة حرام إلى يوم القيامة، وأنها لم تحل إلا ثلاثة أيام في عمرة القضاء، ولم تحل قبلها ولا بعدها، ولم يعمل بها اليوم إلا الرافضة، ولهم فيها تشريعات ما أن نزل الله بها من سلطان وقد سمعت عبر برامج التواصل امرأة عراقية تقول: إنها شيعية من منطقة ببغداد لا يسكنها إلا الشيعة، ولا يمكن لسني أن يدخلها، وهي تنكر زواج المتعة، وذكرت أن صديقة لها شكت إليها أن زوجها له ثلاثة إخوة غير متزوجين وأبوهم كلهم يأتونها باسم المتعة ولا تعرف ممن أنجبت، نعوذ بالله مما حرم على عباده.

وكذلك حرم لحوم الحمر الأهلية إلى يوم القيامة، وكل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، وهذا قول عامة العلماء رحمهم الله، وروى الرخصة فيها ابن عباس رضي الله عنهما، ولعل النهي لم يبلغه، وثبت أن تحريمها كان لنجاستها، وقد أكفئت القدور وهي تفور بلحمها، ولم يرخص لأصحابه في أكل ما طبخ، وانظر التالي.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4216) ومسلم حديث (1941) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 889، 1262).

ص: 132

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2027 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قام رَجُلٌ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُكِلَتِ الْحُمُرُ - أَوْ أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ - ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ - أَوْ أُكِلَتِ الْحُمُرُ- فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً فَنَادَى: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ

(1)

عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وهِشَامٌ، هو ابن عروة، وابْنِ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

609 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ

.

2028 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ:

" أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ "

(3)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ، هم ثقات تقدموا، وأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: اختلف العلماء رحمهم الله في أكل لحوم الخيل، فحرمها بعضهم وكرهها آخرون، ورخص في أكلها طائفة؛ لأن أحاديث الإباحة في أكل لحوم الخيل أصح

(1)

في بعض النسخ الخطية "ينهيانكم ".

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2991) ومسلم حديث (1940) ولم أقف عليه من رواية أنس (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(3)

رجاله ثقات، وفي الصيد أخرجه البخاري حديث (5510) ومسلم حديث (1942) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1270).

ص: 133

عندهم، وأثبت من أحاديث النهي عن أكلها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2029 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، هو ابن الحنفية، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

610 -

‌ باب النَّهْيِ عَنِ النُّهْبَةِ

(2)

:

2030 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ

(3)

يَرْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ، وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا مُؤْمِنٌ»

(4)

.

رجال السند:

أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4219) ومسلم حديث (1941) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1269).

(2)

هذا الباب تصرف فيه صاحب فتح المنان، فنقله إلى كتاب السير، عقب باب: في الغال (فتح المنان 8/ 86).

(3)

أي كل منهم يستشرف، ويتطلع أن تكون من نصيبه، ولذلك عقب بقوله:" يرفع المؤمنون فيها أبصارهم ".

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2475)) ومسلم حديث (57) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 36).

ص: 134

الشرح:

النهب: هو الاختلاس، وذات شرف أي ذات قيمة يستشرف الناس مثلها، ويرغبون في اقتنائها، والمراد بنفي الإيمان نفي أصله كرجل صدق بلسانه دون قلبه، كالمنافقين؛ لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، فأبطنوا الكفر وزعموا الإيمان.

أما المسلم فمعه أصل الإيمان؛ صدق بلسانه وقلبه، فلما تدنس بالذنوب، وقصّر في الطاعات من غير إصرار فهو مؤمن ما ابتعد عن الكبائر، فإذا قارفها انتفى عنه كمال الإيمان، ولم يكن في حال الملابسة مؤمنا كامل الإيمان، فالمنتهب لا يكون مؤمنا في وقته ذلك؛ لأنه قبل ذلك الوقت غير مصر فهو مؤمن، وبعد الانتهاب غير مصر، فهو مؤمن تائب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:«وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا مُؤْمِنٌ» وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» سواء بسواء، وهو عام في الغزو وغيره وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2031 -

(2) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ، بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهْبَةِ "

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا فِي الْغَزْوِ إِذَا غَنِمُوا قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ووَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وأَبوه، جريرُ بنُ حازم، ويَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو لَبِيدٍ، هو لمازة بن زياد الأزدي الجهضمي، صدوق صالح الحديث، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، هو ابن حبيب رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

611 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ:

2032 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، الْمَخْمَصَةُ عَنْ حَسَّانَ ابْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ قَالَ قُلْنَا:

(1)

فيه أبو لبيد لمازة بن زبار، سكت عنه ابن ما كولا (الإكمال 2/ 53) وذكره ابن حجر (لسان الميزان 3/ 237، ونقل عن ابن سعد توثيقه 3: 276، وفي التقريب قال: صدوق) وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 345) وأخرجه البخاري من حديث عبد الله بن يزيد رضي الله عنه، حديث (5516).

ص: 135

" يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ يَكُونُ فِيهَا الْمَخْمَصَةُ، فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنَ الْمَيْتَةِ؟ "، قَالَ:«إِذَا لَمْ تَصْطَبِحُوا وَلَمْ تَغْتَبِقُوا وَلَمْ تَخْتَفِئُوا بَقْلاً فَشَأْنُكُمْ بِهَا» .

قَالَ: النَّاسُ يَقُولُونَ: بِالْحَاءِ وَهَذَا بِالْخَاء: الْمَخْمَصَةُ.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، والأَوْزَاعِيُّ، وحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو المحاربي، وأَبو وَاقِدٍ، هو الحار ث بن عوف الليثي رضي الله عنه.

الشرح:

في سنده عدم سماع حسان من أبي واقد، وأخرجه أحمد حديث (21948، 21951).

قوله" الْمَخْمَصَةُ " المراد شدة الجوع، والألفاظ التالية لذلك المراد منها أن إباحة الأكل

من الميتة متوقفة على عدم وجود ما يؤكل أو يشرب من الطيبات، فإذا عدمت الطيبات، واشتدت المخمصة، جاز الأكل من الميتة بقدر ما يدفع الهلاك.

المراد أن الميتة لا تحل إلا بعد عدم وجود ما يشرب صباحا، وهو اللبن؛ لأن توفره هو الغالب، وعدم ما يشرب مساء وهو الغبوق، وعدم ما يمكن الحصول عليه من البقل، وحينئذ يحل الأخذ من الميتة ما يسد الرمق، ويمنع من الهلاك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

612 -

‌ بابٌ فِي الْحَالِبِ يَجْهَدُ الْحَلْبَ

2033 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بَحِيرٍ

(1)

، عَنْ ضِرَارِ بْنِ الأَزْوَرِ قَالَ:" أَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِقْحَةً فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلُبَهَا، فَحَلَبْتُهَا فَجَهَدْتُ حَلْبَهَا " فَقَالَ: «دَعْ دَاعِىَ اللَّبَنِ»

(2)

.

رجال السند: يَعْلَى، هو ابن عبيد، والأَعْمَشُ، هما إمامان ثقتان، والأعمش مدلس، ويَعْقُوبُ بْنُ بَحِيرٍ، سكت عنه الإمامان، ولذلك قيل: مجهول، وهو من أفراد الدارمي، وتفرد عنه بهذا الأعمش، وقيل: ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ، رضي الله عنه، لا يعرف له حديث إلا هذا.

(1)

في بعض النسخ الخطية " يحيى " وهو تحريف.

(2)

فيه يعقوب، قال الذهبي: لا يعرف (الميزان 4/ 449) وساق حديثه هذا، وكذلك ابن حجر (لسان الميزان 3/ 131) وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 553) وأخرجه أحمد في روايات تدور عليه، حديث (16748).

ص: 136

الشرح:

جهد حلبها المراد أنه بلغ الجهد في استخراج لبنها، وقوله:«دَعْ دَاعِىَ اللَّبَنِ» أي اترك شيئا من اللبن في الضرع ليكون أدعى للمزيد عليه، وهذا يتفق مع المعقول؛ لأن عصر الضرع قد يضر بالمحلوب، وبقاء بعض اللبن أرفق وأدعى لمزيد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

613 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ وَالنَّحْلَةِ:

2034 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْقَارِظِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ "

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِالْمَجِيدِ، هو أبو علي الحنفي، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، وسَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَارِظِيِّ، هو ابن عبد الله بن قارظ، لا بأس به وله أحاديث، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عُثْمَان، هو من أفراد الدارمي، قاتل مع ابن الزبير حتى قتل وله صحبة رضي الله عنه.

الشرح:

النهي عن قتل الضفدع؛ لأنه لا يؤذي، وإنما يقتل كل ما طبعه الأذى والعدوان كالعقرب وغيره، والضفدع لا توكل فقتلها عبث، وقال بعض العلماء رحمهم الله بجواز أكلها كالسرطان والسلحفاة من غير ذكاة، وقول آخر؛ أن ما كان مأواه الماء يؤكل من غير ذكاة، وإن كان يرعى في البَر، وما كان مأواه ومستقره البَر فلا يؤكل إلا بذكاة، وورد ضده لا يجوز الأكل إلا بذكاة.

أما النحلة فنهى عن قتلها لنفعها، فهي تنتج العسل، وقد ذكر الله عز وجل أن فيه شفاء، فقتلها إتلاف لمنفعتها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2035 - (2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3871) وصححه الألباني.

ص: 137

" نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ أَرْبَعَةٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، هو الذهلي إمام ثبت حجة، روى له الستة سوى مسلم، وعَبْدُالرَّزَّاقِ، هو ابن همام، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ، هم ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

النملة معروفة ونهى عن قتلها إذا لم يكن لها ضرر، والنحلة تقدم القول بأن لها منافع، والهدهد والصرد: طائر أكبر من العصفور، ضخم الرّأس والمنقار، يصيد صغار الحشرات، وما نُهي عن قتله حرام أكله، وقتله عبث لا يجوز.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

614 -

‌ بابٌ فِي قَتْلِ الْوَزَغِ

2036 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ"

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، هو ابن الغامدية، ثقة قليل الحديث، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، أُمِّ شَرِيك، هي غزية الدوسية رضي الله عنها، ترجمتها في كتابي " الجوس في المنسوب إلى دوس ".

الشرح: الوزغ مستقذر وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم فويسقا، والآثار في الأمر بقتله كثيرة، وقيل: هومن ذوات السموم، ويجوز قتله في الحل والحرم، وقيل لا يقتل في الحرم

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (5267) وابن ماجه حديث (3224) وعندهما صححه الألباني رحمه الله.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3307) ومسلم حديث (2237) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1443).

ص: 138

إلا إذا آذى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

615 -

‌ بابٌ فِي الْجَلاَّلَةِ وَمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ النَّهْيِ:

2037 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُجَثَّمَةِ، وَعَنْ لَبَنِ الْجَلاَّلَةِ

(1)

،

وَأَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو زَيْدٍ: سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، وقَتَادَةَ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المجثمة هي المصبورة، تقدم الكلام عليها برقم 2003، والجلالة هي التي تأكل فضلات الناس وما يكون في الزبالة، فلا يكون لبنها نقيا، بل قد يكون ناقلا للأمراض.

أما الشرب من فم القربة ونحوها من الأسقية فالنهي عنه من أجل سلامة الآخرين، فقد يكون الشارب ناقلا لمرض، وهذا احتراز من أذى الآخرين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن

(3)

كتاب الصيد

616 -

‌ باب التَّسْمِيَةِ عِنْدَ إِرْسَالِ الْكَلْبِ وَصَيْدِ الْكِلَابِ

.

2038 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ ابْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَيْدِ الْكَلْبِ، فَقَالَ: «مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فَإِنَّ أَخْذَهُ

(1)

البهيمة التي تأكل القذارة والأوساخ، وغالبا ما يكون مرتعها مواقع المزابل، وما يلقى حول المنازل.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه وأبو داود حديث (3719) والترمذي حديث (1825) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (4448) وصححه الألباني. وفي البخاري حديث (5629) النهي عن الشرب من فم السقاء.

والمجثمة: هي التي تربط وترمى حتى تموت، وهي في معنى المصبورة، وهو من الأذى والتعذيب.

(3)

في بعض النسخ الخطية " من " بدون واو، وفي بعضها " كتاب الصيد ".

ص: 139

ذَكَاتُهُ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَهُ كَلْباً فَخَشِيتَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَهُ مَعَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ فَلَا تَأْكُلْهُ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكِ، وَلَمْ تَذْكُرْ عَلَى غَيْرِهِ»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وزَكَرِيَّا، هو ابن عدي، وعَامِرٌ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقموا، وعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

الأصل في إباحة صيد الجوارح الكتاب قال الله عز وجل: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ}

(2)

، وفصلت السنة النبوية إذ حذرت من الشك في حال وجود كلبا آخر، فلا يأكل؛ لأن تسميته عند الإطلاق كانت خاصة بكلبه، وهذا من اتقاء الشبهات، والمقصود بالكلب المعلم، وكذلك ما عُلّم من الجوارح كالصقور، والفهود، والأسود ونحوها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2039 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ

(3)

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

(4)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (175) ومسلم حديث (1929) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1257).

(2)

من الآية (4) من سورة المائدة.

(3)

في بعض النسخ الخطية " سأل ".

(4)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 140

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

617 -

‌ بابٌ فِي اقْتِنَاءِ كَلْبِ الصَّيْدِ أَوِ الْمَاشِيَةِ

(1)

.

2040 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَنَى كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ»

(2)

.

رجال السند: أَبُو نُعَيْمٍ، هو المتقدم آنفا، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد عدم جواز اقتنا الكلاب إلا لحاجة مشروعة، كحماية الماشية من السباع، ومن اعتداء البشر، وفي ذلك قصص عجيبة، وحماية الحرث وجيع أنواع الزروع، والثمار، وجميع منافع البادية، وكذلك حماية الدور، وكل ما يتطلب حراسته وحمايته، وانظر السابق في كلاب الصيد وغيرها من الجوارح.

أما اقتناء الكلب لغير حاجة فلا يجوز ويأثم من اقتناه؛ لأن أقل ما فيه ترويع الآخرين، وينقص من أجر المقتني كل يوم قيراط أو قيراطان، وقد أول بعض العلماء رحمهم الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر القيراط أولا، ولما لم يحصل الامتثال غلظ العقوبة فذكر نقص القيراطين، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2041 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ ابْنِ يَزِيدَ: أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ يُحَدِّثُ نَاساً مَعَهُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِد، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْباً لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعاً، وَلَا ضَرْعاً

(3)

، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ».

(1)

هذا الباب أخره صاحب فتح المنان، وجعله بعد باب: في صيد المعراض، وزعم أنه من تصرف النساخ، وليس من عمل الدارمي.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5480) ومسلم حديث (1574) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1012).

(3)

أراد كلب الحراسة للزرع أو الماشية، فإنه مرخص في اقتنائه.

ص: 141

قَالُوا: " أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ "

(1)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومَالِكٌ، هما إمامان ثقتان تقدما، ويَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، والسَّائِبِ ابْنِ يَزِيدَ، هو من صغار الصحابة، وسُفْيَانُ بْنُ أَبِي زُهَيْرٍ، رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2042 -

(3) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، ثُمَّ قَالَ:«مَا بَالِى وَلِلْكِلَابِ» ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الرَّعْيِ، وَكَلْبِ الصَّيْد

(2)

.

رجال السند:

وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وشُعْبَةُ، وأَبو التَّيَّاحِ، هو يزيد بن حميد الضبعي، إمام ثقة ثبت، روى له الستة، ومُطَرِّفٌ، هو ابن عبد الله بن الشخير، هم أئمة ثقات تقدوا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

618 -

‌ باب فِي قَتْلِ الْكِلَابِ

2043 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْكِلَابِ

(3)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2323) ومسلم حديث (1576) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1014).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (280) ولفظه " ما بالهم وبال الكلاب ".

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3323) ومسلم حديث (1570) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1011).

ص: 142

الشرح:

الصحيح أن أمره صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ليس على إطلاقه؛ لأن في الكلاب منافع للناس منها، ويقتصر في قتل الكلاب على ما كان ضارا، كالسائبة المؤذية، ولاسيما ما كان في الأحياء السكنية، وغيرها من المرافق التي يكون فيها وجود الكلاب فيه خطر على الناس.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2044 -

(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا كُلِّهَا، وَلَكِنِ اقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ»

(1)

.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: الْبَهِيمُ: الأَسْوَدُ كُلُّهُ.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وعَوْفٌ، هو ابن أبي جميلة الأعرابي، والْحَسَنُ، هو البصري، هم ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

كونها أمة منع من إفنائها، ولكن يقتل الأشرار منها، ومن ذلك الأسود شديد السواد، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

619 -

‌ بابٌ في صَيْدِ الْمِعْرَاضِ

2045 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ فَلَا تَأْكُلْ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2845) والترمذي حديث (1486) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (4288، 735) وابن ماجه حديث (3205، 769) وصححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (5465) ومسلم حديث (1929) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1256).

ص: 143

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، هو صاحب الشعبي، والشَّعْبِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المعراض سهم حاد الرأس ترمى بع الطيور، فما أصاب برأسه المحدد وجرح فهو حلال، وما أصاب بعرضه وقتل فهي صدمة فلا يحل لأنه وقيذ.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

620 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ الْجَرَادِ

2046 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفي قَالَ:" غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وأَبو يَعْفُورٍ، هو عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بن شعبة الثقفي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفي، رضي الله عنه.

الشرح:

الجراد من الطيبات، وفيه فوائد صحية، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أحلت لنا ميتتان: الحوت، والجراد»

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

621 -

‌ بابٌ فِي صَيْدِ الْبَحْرِ

.

20467 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ قِرَاءَةً، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ ابْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ: مِنْ آلِ الأَزْرَقِ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:" سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْبَحْرِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5495) ومسلم حديث (1952) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1275).

(2)

ابن ماجه حديث (3218).

(3)

رجاله ثقات، تقدم تخريجه.

ص: 144

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، هو القلانسي، ومَالِكٌ، هو الإمام، وصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، هم ثقات تقدموا، وسَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ، هو المخزومي من آلِ الأَزْرَقِ، من أهل المدينة وثقة النسائي، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ، هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ولاه سليمان بن عبد الملك غزو البحر، وهو تابعي ثقة روى له الأربعة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الأصل في الماء المتطهر به أن يكون عذبا نقيا من موانع الطهارة، ولذلك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر، لما رأوا من تغير لونه وطعمه المر، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن ماء البحر طهور، فلا حرج من الوضوء والاغتسال منه، وزاد في الجواب أن ما يموت في البحر من السمك وغيره حلال أكله؛ لأنه أطلق فقال:«الْحَلَالُ مَيْتَتُهُ» .

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2048 -

(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو - يَعْنِي: ابْنَ دِينَارٍ - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في ثَلَاثِمِائَةٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ حَتَّى أَتَيْنَا الْبَحْرَ وَقَدْ قَذَفَ دَابَّةً، فَأَكَلْنَا مِنْهَا حَتَّى ثَابَتْ أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعاً مِنْ أَضْلَاعِهَا فَوَضَعَهُ، ثُمَّ حَمَلَ أَطْوَلَ رَجُلٍ فِي الْجَيْشِ، عَلَى أَعْظَمِ بَعِيرٍ فِي الْجَيْشِ فَمَرَّ تَحْتَهُ

(1)

هَذَا مَعْنَاهُ ".

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا منة من الله عز وجل على عباد خرجوا في سبيله، وابتغاء مرضاته، مَنْ عليهم بعد نالهم الجهد من الجوع، فأخرج لهم من دواب البحر حوتا عظيما، أكلوا منه شهرا أو نصف شهر، كما ورد في بعض الروايات، فزال عنهم الضعف وما أصابهم من

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2483) ومسلم حديث (1935) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1261).

ص: 145

الوهن، وهذا يؤكد أن طعام البحر وميتته لا تحتاج إلى ذكاة، الطافي منه والمقذوف خارج الماء، فهو مباح وليس ميتة محرمة لا يؤكل منها إلا بقدر ما يدفع الضرر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

622 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ الأَرْنَبِ

.

2049 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ أَخْبَرَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: " أَنْفَجْنَا أَرْنَباً وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغِبُوا

(1)

فَأَخَذْتُهَا، وَجِئْتُ بِهَا إِلَى أَبِي طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِوَرِكَيْهَا، أَوْ فَخِذَيْهَا - شَكَّ شُعْبَةُ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَبِلَهَا "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، هما إمامان تقدما، وهِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، هو حفيد أنس بن مالك تابعي ثقة، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز إثارة الصيد، وملاحقته، وقال العلماء رحمهم الله: يجوز أكل لحم الأرنب وهو حلال يذبح ويؤكل ويهدى، ومن زعم أنها تحيض فعليه إثبات مدة حيضها وأيام طهرها؛ لأنه كلام لا دليل عليه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2050 -

(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ: " أَنَّهُ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَرْنَبَيْنِ مُعَلِّقُهُمَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي دَخَلْتُ غَنَمَ أَهْلِي فَاصْطَدْتُ هَذَيْنِ الأَرْنَبَيْنِ، فَلَمْ أَجِدْ حَدِيدَةً أُذَكِّيهِمَا بِهَا، فَذَكَّيْتُهُمَا بِمَرْوَةٍ

(3)

أَفَآكُلُ؟ " قَالَ:

(1)

أي تعبوا.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5535) ومسلم حديث (1953) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1276).

(3)

الحجر الأبيض البراق، إذا كسر كانت حافته حادة.

ص: 146

«نَعَمْ»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وعَامِرٌ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُحَمَّدُ بْنُ صَفْوَانَ، رضي الله عنه.

الشرح: هو في سياق ما سبق في جواز أكل لحم الأرنب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

623 -

‌ باب في أَكْلِ الضَّبِّ

.

2051 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ: «لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانَ، هو الثوري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

ترك تحريمه وجعله مباحا لمن رغب في أكله، وسيأتي قريبا أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أكله بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2052 -

(2) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا الْحَكَمُ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يُحَدِّثُ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِضَبٍّ فَقَالَ: «أُمَّةٌ مُسِخَتْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2822) والنسائي حديث (4313) وابن ماجه حديث (3244، 4313، 4399) صححه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5536) ومسلم حديث (1943) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1271).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (7395) والنسائي حديث (4322) وابن ماجه حديث (3238) صححه الألباني.

ص: 147

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدُ بْنَ وَهْبٍ، هو أبو سليمان الجهني، كوفي تابعي مخضرم إمام ثقة روى له الستة، والْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وثَابِتُ بْنِ وَدِيعَةَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد فلعل الضب منها، ولكن ثبت حله، ومن المعلوم أن أي أمة تمسخ لا يبقى لها نسل ولا عقب، انظر التالي، وما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2053 -

(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ:" سَيْفُ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِىَ خَالَتُهُ، وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذاً، قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسْوَةِ الْحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدَّمْتُنَّ، قُلْنَ: هَذَا الضَّبُّ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَمُحَرِّمُ الضَّبَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ "، قَالَ:«لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ» قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ، فَلَمْ يَنْهَنِي "

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ ابْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وخَالِدُ ابْنُ الْوَلِيدِ، رضي الله عنهم.

(1)

فيه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، أرجح أنه حسن الحديث، وأخرجه البخاري حديث (5391) ومسلم حديث (1946) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1273).

ص: 148

الشرح:

ذكر هنا أن العلة في عدم الأكل أنه ليس مما هو معروف في أرض الحجاز، ولذلك عافته نفسه، لا لأنه حرام، وقد اجتمع في هذا السند ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظر ما تقدم برقم 2051.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

624 -

‌ بابٌ فِي الصَّيْدِ يَبِينُ مِنْهُ الْعُضْوُ

.

2054 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحْسَبُهُ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ:" قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإِبِلِ، وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «مَا قُطِعَ مِنْ بَهِيمَةٍ وَهِىَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»

(1)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ هو إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، هو مولى ابن عمر، صدوق يخطئ، روى له البخاري، وزَيْدُ ابْنُ أَسْلَمَ، وعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

قول عبد الرحمن: " أحسبه عن عطا " هو كذلك عن عطاء، وقد رواه غيره عن عطاء بيقين.

أما ما قطع من بهيمة وهي حية فهو حرام؛ لأن قطعه لا يعد ذكاة؛ ولأنه مثلة بالبهيمة، ولا يفعله إلا جاهل أو سارق أو عدو يريد الضرر بمالك البهيمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌وَمِنْ كِتَابِ الأَطْعِمَةِ

625 -

‌ بابٌ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ

2055 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:

(1)

فيه انقطاع بين عطاء وأبي واقد، وأخرجه أبو داود حديث (2858) والترمذي حديث (1480) وقال: حسن غريب، وابن ماجه حديث (3216) وصححه الأباني.

ص: 149

«سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، هما إمامان تقدما، ووَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، هو أبو نعيم القرشي، مدني إمام ثقة روى له الستة، وعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه هي السنة في الأكل، وعمر بن أبي سلمة أمه أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ربين النبي صلى الله عليه وسلم علمه أدب الأكل أن يبدأ بالتسمية، ثم يأكل مما يليه من الطعام، ولا تطيش يده في الإناء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2056 -

(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا هِشَامٌ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

(2)

ابْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ طَعَاماً فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ "، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا إِنَّهُ لَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ، فَلْيَقُلْ:

بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ»

(3)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وهِشَامٌ، هما إما مان ثقتان تقدما، وبُدَيْلٌ، هو ابن ميسرة العقيلي، إمام ثقة روى له الستة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، هو ثقة روى له الستة، عَنْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: في هذا السند انقطاع عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من عائشة، بل من أم كلثوم عن عائشة، هكذا رواه أصحاب هشام، وانظر التالي.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5376) ومسلم حديث (2022) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1313).

(2)

في بعض النسخ الخطية " عبيد الله " وهو تحريف.

(3)

فيه عبد الله بن عبيد الله، لم يسمع من عائشة، وهو موصول بالذي يليه، وأخرجه واختصره أبو داود حديث (3767) والترمذي حديث (1858) وقال: حسن صيح، وابن ماجه حديث (3264) وصححه الألباني عندهم.

ص: 150

أما التسمية فهي من أهم آداب الأكل، وهي بركة في الطعام، ومنع للشيطان فلا نصيب له مع التسمية، ومن نسي فليحجر بقوله:" بسم الله أوله وآخرة ".

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2057 -

(3) أَخْبَرَنَا بُنْدَارٌ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، عَنْ عَائِشَةَ: بِهَذَا الْحَدِيثِ

(1)

.

رجال السند:

بُنْدَارٌ، هو محمد بن بشار إمام تقدم، ومُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، هو الدستوائي، صدوق لا بأس به، وأَبوه، هشام الدستوائي، عَنْ بُدَيْلٍ، وأُمُّ كُلْثُومٍ، هي أخت عائشة رضي الله عنهما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

626 -

‌ باب الدُّعَاءِ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ إِذَا أَطْعَمَ

2058 -

(1) أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ يَسِيرَةٌ قَالَ:" قَالَ أَبِي لأُمِّي: لَوْ صَنَعْتِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً، فَصَنَعَتْ ثَرِيدَةً - وَقَالَ بِيَدِهِ يُقْلِلُ- فَانْطَلَقَ أَبِي فَدَعَاهُ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى ذِرْوَتِهَا، ثُمَّ قَالَ ": «خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ» فَأَخَذُوا مِنْ نَوَاحِيهَا، فَلَمَّا طَعِمُوا دَعَا لَهُمْ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي رِزْقِهِمْ»

(2)

.

رجال السند:

مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو الحلبي صدوق، وعِيسَى بْنُ يُونُسَ، هو حفيد أبي إسحاق السبيعي، وصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، هو السكسكي، إمام ثقة مأمون، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2042) بالدعاء، وأبو داود حديث (3729) دون ذكر الدعاء، وصححه الألباني، والترمذي حديث (3576) وابن ماجه حديث (3275) دون ذكر الدعاء، وصححه الألباني.

ص: 151

الشرح:

هذه بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم خصه الله عز وجل بأن يجري على يديه ما يؤيد نبوته وفضله وبركته، وتقدم القول بأن التسمية بركة في الطعام وفي كل شيء سواه، ومن السنة أن يدعى للمُطعم بهذا الدعاء اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإحياء للسنة التي غفل عنها كثير من الناس.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

627 -

‌ باب الدُّعَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّعَامِ

.

2059 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَسَدِيُّ، ثَنَا ثَوْرٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، حَمْداً كَثِيراً، طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ، غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَسَدِيُّ، هو الملقب كاو، أبو القاسم شامي رمي بالكذب، وله متابع هنا، وثَوْرٌ، هو ابن يزيد، وخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، هما ثقتان تقدما، وأَبو أُمَامَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا ثناء على الله عز وجل، يستحب قوله عقب الأكل، فالله عز وجل هو الغني ولا يستغني عنه أحد من عباده، فهو يطعم ولا يطعم، ولا يكافأ إلا بالحمد والثناء؛ لأنه المنعم المتفضل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

628 -

‌ بابٌ فِي الشُّكْرِ عَلَى الطَّعَامِ

2060 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَنَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ، كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ»

(2)

.

(1)

فيه محمد بن القاسم الأسدي، رمي بالكذب، وأخرجه البخاري من طريق ثور، حديث (5458).

(2)

سنده حسن، وأخرجه أحمد، وليس فيه: عن أبيه حديث (19036) وابن ماجه حديث (1725) وصححه الألباني، وبوب له البخاري وقال: فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه ابن ماجه حديث (1764) وليس لسنان بن سنة في الكتب الستة شيء إلا هذا الحديث عند ابن ماجه (الزوائد).

ص: 152

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ هو حسن الحديث تقدم، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي لا بأس به تقدم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، هو الأسلمي مدني ثقة، روى له ابن ما جه، وعَمُّهُ، هو الأسلمي حكيم بن أبي حرة، صدوق روى له البخاري وابن ماجه، وسِنَانُ بْنُ سَنَّةَ، هو الأسلمي رضي الله عنه.

أما قوله: " عَنْ أَبِيهِ "، فهي مقحمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

629 -

‌ بابٌ فِي لَعْقِ الأَصَابِعِ

2061 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ»

(1)

.

رجال السند: إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وثَابِتٌ، هو البناني، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا من آداب الفراغ من الطعام، أن يلعق أصابعه فيأخذ بلسانه ما علق بها من الطعام، وهذا مستحب فعله؛ لأنه من التواضع، ومن شكر الله على نعمته، وإن مسح بالمنديل بعد اللعق فلا بأس، وإن غسل يده فلا بأس، وإن استعمل المنديل أو الغسل من غير لعق فلا بأس وهو خلاف الأولى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

630 -

‌ بابٌ فِي الْمِنْدِيلِ عِنْدَ الطَّعَامِ

2062 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ

(1)

رجاله ثقات، وأصله من فعله صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم حديث (2034).

ص: 153

أَوْ يُلْعِقَهَا»

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد يلعقها من لا يشنأ ذلك من أسرته، وغالبا الزوجة الصالحة تقوم بهذا، ولا غرابة فمحبة الأزواج الصالحين لا تقف عند حد إلا ما حرم الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

631 -

‌ بابٌ في لَعْقِ الصَّحْفَةِ

.

2063 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْبَرَّاءُ - وَهُوَ مُعَلَّى ابْنُ رَاشِدٍ - قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ عَاصِمٍ قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيْنَا نُبَيْشَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَأْكُلُ طَعَاماً، فَدَعَوْنَاهُ فَأَكَلَ مَعَنَا، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ": «مَنْ أَكَلَ في قَصْعَةٍ ثُمَّ لَحِسَهَا اسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْقَصْعَةُ»

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو إمام تقدم، وأَبُو الْيَمَانِ الْبَرَّاءُ مُعَلَّى بْنُ رَاشِدٍ، هو الهذلي بصري لا بأس به، وهو يبري النبال، ومن ذلك المَثَل:" أعط القوس باريها "، وأُمُّ عَاصِمٍ، هي أم ولد تابعية روت عن عائشة وغيرها، ونُبَيْشَةُ، هو ابن عبد الله بن عمرو الهذلي له صحبة، يقال له نبيشة الخير رضي الله عنه.

الشرح:

فيه دلالة على التواضع وحفظ النعمة، وفيه شكر للمنعم جل جلاله، وقل اليوم من يعمل بهذا احتسابا، وانظر هامش (1).

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5456) ومسلم حديث (2031) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1320).

(2)

فيه أم عاصم، لم توصف بجرح ولا تعديل، وأخرجه الترمذي حديث (1804) وقال: غريب، وابن ماجه حديث (3271، 3272) وضعفه الألباني.

ص: 154

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

632 -

‌ بابٌ فِي اللّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ

.

2064 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَمْسَحْ عَنْهَا التُّرَابَ، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ وَلْيَأْكُلْهَا»

(1)

.

رجال السند: تقدموا وهم أئمة ثقات.

الشرح:

هو كسابقة في شكر الله والتواضع وحفظ النعمة، وندر من يعمل هذا في هذا الزمان والله أعلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2065 -

(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " كَانَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ يَتَغَدَّى فَسَقَطَتْ لُقْمَتُهُ فَأَخَذَهَا، فَأَمَاطَ مَا بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ أَكَلَهَا، قَالَ: فَجَعَلَ أُولَئِكَ الدَّهَاقِينُ

(2)

يَتَغَامَزُونَ بِهِ فَقَالُوا لَهُ: مَا تَرَى مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الأَعَاجِمُ؟، يَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ وَإِلَى مَا يَصْنَعُ بِهَذِهِ اللُّقْمَةِ؟، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَدَعُ

(3)

مَا سَمِعْتُ بِقَوْلِ [من رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

هَؤُلَاءِ الأَعَاجِمِ، إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ إِذَا سَقَطَتْ لُقْمِةُ أَحَدِنَا أَنْ يُمِيطَ مَا بِهَا مِنَ الأَذَى وَأَنْ يَأْكُلَهَا ".

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ويُونُسٌ، هو ابن عبيد، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

في سنده عدم سماع الحسن من معقل بن يسار، ويشهد له ما سبقه، وأخرجه ابن ماجه حديث (3278) والمرفوع منه صحيح.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2034) وليس عنده ذكر التسمية.

(2)

جمع دهقان، وهو زعيم الفلاحين عندهم.

(3)

في بعض النسخ الخطية " أدع ".

(4)

ليس في بعض النسخ الخطية.

ص: 155

هذه هي السنة، وغير المسلمين يستقذرون هذا ويعتبرونه أمرا غير حضاري؛ لأنه يتلوث بسقوطه على الأرض، ومن المسلمين اليوم يفعل فعل غير المسلمين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

633 -

‌ باب الأَكْلِ بِالْيَمينِ

.

2066 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍ

(1)

الْحَنَفِيُّ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَلِيٍ الْحَنَفِيُّ، هو عبيد الله بن عبد المجيد، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو حفيد عبد الله بن عمر بن الخطاب ثقة، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: هذا الأمر على الوجوب للذكر والأنثى، ولا يجوز لمسلم أن يأكل أو يشرب بيساره، إلا من كان معذورا شرعا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وحرام على كل

مسلم ومسلمة أن يتعمد ترك اليمين ويأكل باليسار.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

634 -

‌ باب الأكل بثلاثة أصابع

2067 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنِ ابْنِ

(3)

كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا "

(4)

.

(1)

في بعض النسخ الخطية " أبو محمد " وهو خطأ.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2020).

(3)

في بعض النسخ الخطية " ابن أبي " وهو خطأ، وهو عبد الله بن كعب بن مالك.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد (المسند، حديث (27211) وفي الصحيحين شطره الأخير من حديث ابن عباس: البخاري حديث (5456) ومسلم حديث (2031).

ص: 156

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وأَبُو مُعَاوِيَةَ، هو زهير بن معاوية، وهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ سَعْدٍ الْمَدَنِيِّ، مولى بن سفيان، وقيل: هو المُقعد، من رجال مسلم، ابْنِ

(1)

كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، هو عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقد رويا الحديث، هما ثقتان روى لهما الشيخان، وأَبوه، هو كعب بن مالك رضي الله عنه.

الشرح:

الأكل بثلاثة أصابع هو السنة، وهو مستحب ولاسيما في هذا العصر؛ لإحياء السنة وقد تطورت عادة الناس في الأكل، واصبح البعض لا يستسيغ الأكل بالأصابع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

635 -

‌ باب في الضيافة

.

2068 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ: جَائِزَتَهُ يَوْماً وَلَيْلَةً، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ

صَدَقَةٌ»

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أرجح أنه حسن الحديث، وسَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ، هو المقبري، وهما ثقتان تقدما، وأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

عقد الدارمي العنوان على جزء من الحديث وهو الضيافة، وأوضح الخطابي رحمه الله معنى قوله:" جَائِزَتَهُ يَوْماً وَلَيْلَةً " فقال: معناه أنه يتكلف له إذا نزل به الضيف يومًا وليلة فيتحفه، ويزيده في البر على ما يحضره في سائر الأيام، وفي اليومين الآخرين

(1)

في بعض النسخ الخطية " ابن أبي " وهو خطأ، وهو عبد الله بن كعب بن مالك.

(2)

فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وأخرجه البخاري حديث (6019) ومسلم حديث (48) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 30).

ص: 157

يقدم له ما حضر، فإذا مضى الثلاث فقد قضى حقه، فإن زاد عليه استوجب به أجر الصدقة

(1)

.

أما قوله: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ " فالجار له ثلاث حالت: جار من ذوي القربى، وجار جنب، ليس له صلة نسب ولا رحم، والصاحب بالجنب، وقد أوصى الله عز وجل بهم فقال:{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}

(2)

، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما زال يوصيني جبريل بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه»

(3)

.

وقوله: " وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ " فيه إرشاد المؤمن إلى مكاسب اللسان من أقوال الخير؛ لأنها من المغانم التي يحرص عليها المؤمن، وإلا فالصمت أسلم، من إثم القول، وأبعد عن الشر.

وهذا يجمعه قول الله عز وجل: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

(4)

.

وهكذا تكون أخلاق المؤمن، وشهامته وشيمته في هذه الخلال وغيرها من الفضائل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

636 -

‌ باب الذباب يقع في الطعام

2069 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عُتْبَةَ ابْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ

(5)

كُلَّهُ ثُمَّ لْيَنْزَعْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الآخَرِ شِفَاءً»

(6)

.

(1)

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)(3/ 2172).

(2)

من الآية (36) من سورة النساء.

(3)

البخاري حديث (6014) ومسلم حديث (2625).

(4)

من الآية (134) من سورة آل عمران.

(5)

في بعض النسخ الخطية زيادة " كله " وزاد بعده في بعضها " ثم لينزعه ".

(6)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3320).

ص: 158

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وعُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، هو التيمي ثقة روى له مسلم، وعُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، هو أبو عبد الله المدني، تابعي ثقة مقل، روى له الستة، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا هو السنة في التعامل مع الذباب الساقط في الشراب.

قال الخطابي رحمه الله: وهذا مما يُنكره من لا يثبِتُ من الأمور إلا ما أدركه بحسه ومشاهدته، ومن لا يعرف منها إلا ما صح عنده بالعُرف الجاري والتجربة القائمة، فأما من شَرَح الله قلبه بنور معرفته، وأثلج صدره بثبوت نبوة رسوله رضي الله عنه، فإنه لا يستنكر ذلك ولا يَدْفعه إذا ثبتت به الرواية، وليس لا يصح الشيء إلا بوجود نظيره

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

637 -

‌ باب المؤمن يأكل في معين واحد

.

2070 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو النبيل، وابْنِ جُرَيْجٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هو ثقات تقدموا، وجَابِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: معنى هذا الكلام: أن المؤمن الممدوح بإيمانه بالمُستحق لشرائط كماله يُقِلُّ الطُّعم، ويكتفِي باليسير منه، ويؤثِر على نفسه لما يرجو من ثوابه، وأن الكافر يستكثر منه، ويستأثر به لا يدَّخر للآخرة ولا ينظر للعاقبة، وبذلك وُصفوا في قوله تعالى:{وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ}

(3)

وقوله: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ}

(4)

،

(1)

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)(3/ 2141).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2061).

(3)

من الآية (12) من سورة محمد.

(4)

من الآية (19) من سورة الفجر.

ص: 159

وليس وجه الحديث أن من كان كثير الأكل لا يُشبعه القليل من الطعام، كان ناقص الإيمان، فقد ذُكر عن غير واحد من أفاضل السلف وصالحي الخلف: أنهم كانوا يستوفون الطعام وينالون منه النيل الصالح، فلم يكن ذلك وَصْمةً في دينهم ولا نقصًا في إيمانهم

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

638 -

‌ باب طعام الواحد يكفي اثنين

.

2071 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(2)

.

رجال السند:

هم أئمة ثقات تقدموا.

[ح]

2072 -

(2) وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(3)

.

رجال السند:

مجالد، مقبول تقدم، وأبو الوداك صدوق قليل الحديث تقدم، وأبو سعيد رضي الله عنه.

[ح]

2073 -

(3) وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»

(4)

.

رجال السند: هم ثقات تقدموا. وتقدم شرحه برقم 2070.

(1)

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)(3/ (3/ 2045).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5394) ومسلم حديث (2060) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1334).

(3)

فيه مجالد بن سعيد، صاحب الشعبي، متكلم فيه، وقال ابن حجر: صدوق يخطئ، وأبو الوداك، جبر بن نوف، صدوق يهم، والحديث صحيح، انظر السابق.

(4)

سنده حسن، وأخرجه البخاري حديث (5396).

ص: 160

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

639 -

‌ باب في الذي يأكل مما يليه

.

2074 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُمَرَ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:«سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ»

(1)

.

رجال السند: هم ثقات تقدموا.

الشرح:

الذي يأكل الطعام مما يلي غيره ممن يأكل معه مخالف لأدب الأكل؛ لأنه فيه شبه بالنهبة تنتهب ممن هو أحق بها، قال ابن بطال رحمه الله: كما فعل النبي مع عمر ابن أبى سلمة أمره أن يأكل مما يليه، وكان هو عليه السلام، يتتبع الدباء في الصحفة، علما منه أنه لا يقذر منه شيء عليه السلام، وكيف يظن ذلك وكان إذا تنخم تبادر أصحابه نخامته فدلكوا بها وجوههم، وكذلك فضل وضوئه، فهذا فرق بين فعل النبي وأمره غيره بالأكل مما يليه

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

640 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ وَسَطِ الثَّرِيدِ حَتَّى يَأْكُلَ جَوَانِبَهُ

.

2075 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِجَفْنَةٍ - أَوْ قَالَ قَصْعَةٍ - مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: «كُلُوا مِنْ حَافَاتِهَا» - أَوْ قَالَ -: «جَوَانِبِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا»

(3)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، مختلط تقدم، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم تخريه.

(2)

شرح صحيح البخاري (6/ 79).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3772) والترمذي حديث (1805) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (3402) وصححه الألباني.

ص: 161

الشرح:

هذا من أدب الأكل، فالتسمية بركة في الطعام، والاجتماع عليه بركة فيه، وأكل الآكل مما يليه، فيه حسن معشر مع الآكلين، فلا يمد يده لمالا يليه، لعدم أحقيته في ذلك، ولا يخبط بيده في وسط الطعام حتى لا يَقْذره الآخرون، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

641 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الطَّعَامِ الْحَارِّ

.

2076 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ:" أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أُتِيَتْ بِثَرِيدٍ أَمَرَتْ بِهِ فَغُطِّيَ حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرَةُ دُخَانِهِ، وَتَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ": «هُوَ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ»

(1)

.

رجال السند:

وهذا أيضا من أدب أكل الطعام؛ لأن أكله حارا فيه شره، وقد يحدث من الآكل ما يَقْذره الآخرون سواء بالمشاركة أو بالمشاهدة، وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصحفة تفور، فأسرع يده فيها، ثم رفع يده، فقال:«إن الله لم يطعمنا نارا»

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

642 -

‌ باب أَيُّ الإِدَامِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

2077 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ: أَبُو سُفْيَانَ، ثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ:«هَلْ مِنْ غَدَاءٍ أَوْ مِنْ عَشَاءٍ؟» شَكَّ طَلْحَةُ قَالَ: فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقاً

(3)

مِنْ خُبْزٍ، فَقَالَ:«مَا مِنْ أُدْمٍ؟» قَالُوا: لَا، إِلاَّ شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ، قَالَ:«هَاتُوهُ، فَنِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ» قَالَ جَابِرٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ:

(1)

سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (27002).

(2)

المعجم الأوسط حديث (7012).

(3)

أي نصف خبزة، والفلق هو شق الشيء نصفين، كما في رواية مسلم.

ص: 162

فَمَا زِلْتُ أُحِبُّهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنْ جَابِرٍ "

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، هو إمام تقدم، والْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ أو سعد، وهو الضبعي بصري تابعي ثقة، روى له الستة، وطَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو سُفْيَانَ، هو تابعي لا بأس به تقدم، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

تفرد به الدارمي رحمه الله، وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، ورفقه بأصحابه، ورفقه بأهله، وثناؤه على ما تيسر من إدام، حتى اقتدى به جابر رضي الله عنه فأحب الخل لثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، وأحبه طلحة كذلك فأين هذا من كبرياء الولائم والتبذير، والتطاول في إهدار النعمة باسم كرم لا يرجى منه إلا ثناء الناس، وكأنهم لم يسمعوا بقول الله عز وجل:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2078 -

(2) حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ ابْنُ بِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نِعْمَ الإِدَامُ - أَوِ الأُدْمُ - الْخَلُّ»

(3)

.

رجال السند:

يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، هو عروة ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم من حديث عائشة حديث (2051) قال الذهبي: هذا حديث صحيح غريب فرد، على شرط الشيخين، انفرد مسلم به - يعني عن البخاري - (سير أعلام النبلاء 10/ 129 - 130، 12/ 229، 230) وأخرجه الباقون عن جابر، وعن عائشة.

(2)

الآية (8) من سورة التكاثر.

(3)

رجاله ثقات، وانظر: السابق.

ص: 163

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

643 -

‌ باب الْقَرْعِ:

2079 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ يَأْكُلُهُ"

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، ومَالِكٌ، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا على سبيل الاستحباب، والقرع هو اليقطين، الذي أنبته الله ظلالا ليونس عليه السلام قال الله صلى الله عليه وسلم:{وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ}

(2)

. الشايع منه القرع البلدي، وهو أنواع وفوائده كثيرة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2080 -

(2) أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ الْقَرْعُ، قَالَ: فَقُدِّمَ إِلَيْهِ، فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ وَأَجْعَلُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ "

(3)

.

رجال السند:

الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

644 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ الزَّيْتِ

2081 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَطَاءٍ - وَلَيْسَ بِابْنِ أَبِي رَبَاحٍ - عَنْ أَبِي أَسِيدٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2092) ومسلم حديث (2041) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 3124).

(2)

الآية (146) من سورة الصافات.

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق فهو طرف منه عند مسلم.

ص: 164

«كُلُوا الزَّيْتَ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ، وَائْتَدِمُوا بِهِ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، وسُفْيَانُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، هو الأنصاري، وعَطَاءٌ لَيْسَ بِابْنِ أَبِي رَبَاحٍ، هو ابن السائب صدوق اختلط، وأَبو أَسِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد زيت الزيتون، وهو من شجرة مباركة قال الله عز وجل:{يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

645 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ الثّوْمِ

.

2082 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ:«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ» يَعْنِي: الثُّومَ: «فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ»

(3)

.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد لقوة رائحتها المؤذية للملائكة والمصلين المجاورين له، والثوم هو نبات ينتج بصلة تحت الأرض، تتكون من عدة فصوص ذات رائحة نفاثة، وهو مفيد جدا لرفع

(1)

الحديث فيه عطاء الشامي، ذكره ابن حبان في الثقات، أخرجه وابن ماجة حديث (3319) وصححه الألباني، والترمذي حديث (1853) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وصححه الحاكم، وله شاهد من حديث عمر، أخرجه الترمذي حديث (1969) حكم عليه بالاضطراب.

(2)

من الآية (35) من سورة النور.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (853) ومسلم حديث (561) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 331).

ص: 165

المناعة، وله خصائص علاجية للبدن رغم كراهة رائحته، ويجوز للمضطر أن يتناوله للعلاج، مع استعمال ما يمنع رائحته.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2083 -

(2) أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أُمَّ أَيُّوبَ، أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ:" نَزَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّفْنَا لَهُ طَعَاماً فِيهِ شَيْءٌ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْبُقُولِ، فَلَمَّا أَتَيْنَا بِهِ كَرِهَهُ، وَقَالَ لأَصْحَابِهِ ": «كُلُوهُ، فَإِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ أُوذِيَ صَاحِبِي»

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " إِذَا لَمْ يُؤْذِ أَحَداً فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ ".

رجال السند:

عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو المديني، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، هو المكي تابعي ثقة، روى له الستة، وأَبوه، هو مولى آل قارظ، ذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه، وأُمُّ أَيُّوبَ، هي زوج أبي أيوب رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد ذات رائحة، وكره أكلها لمقابلته جبريل عليه السلام، فهو صاحبه ينقل إليه الوحي من الله عز وجل، وفيه كمال أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحمته بأصحابه رضي الله عنهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

646 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ الدَّجَاجِ

.

2084 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْقَاسِمِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ زهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ:" كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى فَقُدِّمَ طَعَامُهُ، فَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ - أَحْمَرُ - فَلَمْ يَدْنُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: ادْنُ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مِنْهُ "

(2)

.

(1)

فيه أبو يزيد المكي: السفر بن نسير، قيل: له صحبة، وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 349) والترمذي حديث (1811) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب وابن ماجه حديث (3364) وحسنه الألباني رحمه الله.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5517) ومسلم حديث (1649) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1070).

ص: 166

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وابْنُ عُلَيَّةَ، هو إسماعيل، وأَيُّوبُ، هو السختياني، والْقَاسِمُ التَّمِيمِيُّ، هو ابن عاصم تابعي مقل، مقبول ذكره ابن حبان في الثقات، روى له الشيخان، وزَهْدَمٌ الْجَرْمِيُّ، هو ابن مضرّب أبو مسلم البصري ثقة، وأَبو مُوسَى، رضي الله عنه.

الشرح:

الدجاج من الطيور الدواجن، لا يكاد يجهله أحد، وهو أكثر الطيور انتشارا عند الناس، حلال اللحم والبيض.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2085 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى:" أَنَّهُ ذَكَرَ الدَّجَاجَ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُهُ"

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَيُّوبُ، وأَبو قِلَابَةَ، هو الجرمي، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم زدهم آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

647 -

‌ باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُطْعِمَ طَعَامَهُ إِلاَّ الأَتْقِيَاءَ

2086 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثَنَا حَيْوَةُ، ثَنَا سَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ - أَوْ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«لَا تَصْحَبْ إِلاَّ مُؤْمِناً، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

الحديث فيه الوليد بن قيس مقبول، وأخرجه أبو داود حديث (2395) وحسنه الألباني، والترمذي حديث (2395) وقال: حسن.

ص: 167

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وحَيْوَةُ، وسَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ، هو التجيبي مصري إمام ثقة حافظ، روى له أبو داود والترمذي والنسائي، والْوَلِيدُ بْنُ قَيْسٍ، هو التجيبي مصري، وثقه العجلي، وأَبو سَعِيدٍ، هو الخدري، فإن كان الوليد روى عنه فهو تابعي، وأَبو الْهَيْثَمِ، هو سليمان بن عمرو العتواري، مصري ثقة، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِي، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: «لَا تَصْحَبْ إِلاَّ مُؤْمِناً» لأن الصحبة تستدعي المخالطة والأفة، وبذل الطعام والمواكلة تنتج عنه مودة، لذلك أمر رسول الله بعدم موالفة غير المؤمنين.

أما قوله: «وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ» فلأن بذل الطعام ابتغاء وجه الله من أطيب القربات، لذلك ندب إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«أطعموا الطعام»

(1)

، وإطعام الطعام له حالتان:

الأولى: الدعوة العامة وهي المراد في الحديث لا تدعوا دعوة عامة إلا المؤمنين الأتقياء، حسب ظاهر الحال، وما في القلوب لا يعلمه إلا الله عز وجل.

والثانية: الإطعام لحاجة المُطْعَم فهذه يدخل فيها غير المؤمنين، قال الله عز وجل:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}

(2)

، ومعلوم أن الأسرى في ذلك الوقت غير المسلمين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

648 -

‌ باب مَنْ لَمْ يَرَ بَأْساً أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ

.

2087 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ

(3)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وأَبوه، سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، رضي الله عنه.

(1)

ابن حبان 2/ 242.

(2)

الآية (8) من سورة الإنسان.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5440) ومسلم حديث (2043) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1325).

ص: 168

الشرح:

هذا على سبيل الإباحة، والحمد لله الذي أباح لنا الطيبات من المآكل والمشارب، بجمع بعضها إلى بعض، ونحن اليوم نجمع بين أصناف منها كثيرة، اللهم أوزعنا شكر نعمك، فأنت المنعم المتفضل وحدك لا شريك لك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

649 -

‌ باب النَّهْيِ عَنِ الْقِرَانِ

(1)

2088 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ: " كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُ التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا وَيَقُولُ: لَا تُقَارِنُوا

(2)

، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْقِرَانِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ"

(3)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وجَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، هو الكوفي تابعي ثقة، روى له الستة، وابْنُ الزُّبَيْرِ، هو عبد الله، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا في التمر، والقران ما زاد على الحبة الواحدة، ونهى عنه لأمرين: الأول: لأنه مناف للأدب مع الآخرين، ويوحي بالجشع، والإسلام دين الأدب ومراعاة الآخرين.

والثاني: لأنه قد يأخذ ما نظر إليه من معه ولذلك روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: " إلا أن يستأذن الرجل أخاه ".

ويجوز في مائدة التمر الانتقاء، وتجاوز الآكل ما يليه، ولا يجوز ذلك في غيره، ولذك درج على ألسنة الناس قولهم:" التمر خص" أي: انتقاء، والعيش قص أي: مما

يلي الآكل.

(1)

الإقران في نظري أولى، وهو كذلك في الصحيحين.

(2)

أي لا يأخذ أحد حبتين من التمر في آن واحد.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2455) ومسلم حديث (2045) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1326).

ص: 169

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

650 -

‌ باب فِي التَّمْرِ

.

2089 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبيىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، إمام تقدم، ويَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ، صدوق روى له مسلم، وأَبو الرِّجَالِ، هو أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن حارثة الأنصاري، ولقبه أبو الرجال ثقة روى له الشيخان، وأُمُهُ عَمْرَةُ، هي بنت عبد الرحمن ثقة تقدمت، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

التمر من خيار ما يجب اقتناؤه، أمه النخلة وهو فاكهة في الصيف، وطعام يكال ويوزن ويدخر، يحتوي على فوائد كثيرة، وهو كامل الغذاء تزيد قيمته الغذائية إذا أخذ مع الحليب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم «بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ» .

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2090 -

(2) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَجُوعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمُ التَّمْرُ»

(2)

.

رجال السند: يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة ابن الزبير، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2091 -

(3) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ:" سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم التَّمْرُ فَأَخَذَ يُهَدِّيهِ، " قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ تَمْراً مُقْعِياً مِنَ الْجُوعِ ".

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2046).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2046) وانظر السابق.

ص: 170

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُهَدِّيهِ: يَعْنِي يُهْدِي هَاهُنَا وَهَاهُنَا.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل إمام تقدم، ومُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ، هو مولى الزبير بن العوام لا بأس به، وكان عريف بنى زهرة، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، وأخرج طرفا منه مسلم حديث (2044) وقال: مقعيا، وهو كذلك عند أبي داود حديث (3771) صححه الألباني، وورد عند أحمد بسند قوي من رواية أنس قال: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمر، فجعل يقسمه بمكتل واحد وأنا رسوله به، حتى فرغ منه، قال: فجعل يأكل وهو مقع أكلا ذريعا، فعرفت في أكله الجوع حديث (15123).

قوله: " مقعيا " المراد أنه نصب قدمية وجلس على عقبيه، أو متعبا أي: ظهر عليه التعب من الجوع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

651 -

‌ بابٌ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الطَّعَامِ

.

2092 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ نَامَ وَفي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ

(1)

فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ»

(2)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدٌ، هو القطواني، وسُهَيْلٌ، هو ابن أبي صالح، وأَبوه، أبو صالح ذكوان السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: المراد بالوضوء غسل اليدين، وليس وضوء الصلاة، والغَمَر ريح اللحم، ويكره عدم الغسل، ويستحب بعد لعق الأصابع، انظر ما تقدم برقم 2061،

(1)

بفتحتين: هو الدسم من أي شيء كان.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3852) والترمذي حديث (1860) وقال: حسن غريب، وابن ماجه حديث (3297) وصححه الألباني.

ص: 171

ولأن الهوام قد تجد ريح اللحم، فيقع منها الأذى، وهذا من كمال عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما ينفع الأمة ويجنبها الأذى، سواء من الهوام أو غيرها من الجن، كما في بعض الروايات، وفي بعضها وَضَحٌ وهو البرص، وعمم في رواية فقال:" فأصبه شيء "، وغسل اليدين بعد الطعام سلوك حضاري أرشدت إليه السنة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2093 -

(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:" جَاءَ رَجُلٌ قَدْ صَنَعَ طَعَاماً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَكَذَا: وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَكَذَا، وَأَشَارَ إِلَى عَائِشَةَ، قَالَ: لَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ": «وَهَذِهِ» قَالَ: نَعَمْ، فَانْطَلَقَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَائِشَةُ، فَأَكَلَا مِنْ طَعَامِهِ "

(1)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو سعدويه، وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو القيسي، وثَابِتٌ، هو البناني، هم ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

يفهم من هذا ثلاث حالات:

الأولى: حُبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، والثانية: أنه كان في يوم عائشة رضي الله عنها، والثالثة: إجابة الدعوة، وتطييب خاطر الداعي من أصحابه رضي الله عنهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2094 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَاماً أَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّكَ دَعَوْتَنَا خَامِسَ خَمْسَةٍ، وَهَذَا رَجُلٌ قَدْ تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَ» .

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2037) وفيه اختلاف في اللفظ غير مخل.

ص: 172

قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، والأَعْمَشُ، هو سليمان، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مَسْعُودٍ، هو عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه.

الشرح:

كان الأمر في هذا الرجل عاديا، فمن حق المتبوع منع من تبعه من غير دعوة، واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرفق فأخبر الداعي أنه بالخيار في شأن التابع إن شاء رده وإن شاء أذن له؛ لأنه لم يتوقع منه ضررا على الداعي والمدعو، واختار الداعي ما هو أليق وأرحم فأذن، وهذا من مكارم الأخلاق، ولا تعارض بين هذا وما فعل مع أبي طلحة رضي الله عنه إذ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وهم زهاء ثمانين رجلا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أحدث الله عز وجل له معجزة لا ريب أنه صلى الله عليه وسلم علم بها فدعا القوم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

652 -

‌ بابٌ فِي الْوَليمَةِ

.

2095 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَرَأَى عَلَيْهِ وَضَراً مِنْ صُفْرَةٍ:«مَهْيَمْ؟» قَالَ: تَزَوَّجْتُ، قَالَ:«أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»

(2)

.

رجال السند: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وحُمَيْدٌ، هو الطويل، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

الوضر: أثر الطيب ونحوه، ومهيم: تعني ما هذا، والوليمة على العرس سنة من غير تبذير، فقد أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن يولم ولو بشاة، والمراد حسب القدرة وفي الوليمة اقتداء وكرم من غير مخيلة ولا إسراف.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5434) ومسلم حديث (2036) وانظر: اللؤلؤوالمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1321).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2049) ومسلم حديث (1327) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 899).

ص: 173

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2096 -

(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفَ أَعْوَرَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ لَهُ: مَعْرُوفٌ، أَيْ ايُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ - إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ زُهَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ، فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثَ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ»

(1)

.

رجال السند:

عَفَّانُ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ، لم يذكر بجرح ولا تعديل، تفرد بالرواية عنه الحسن، روى له أبو داود والنسائي، قال الحسن: عن رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفَ أَعْوَرَ يُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ زُهَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ، فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُه.

الشرح:

الرواية في سندها من لا يعرف، وتكره الوليمة في اليوم الثالث؛ لإنها أقرب إلى التباهي والخيلاء، وطلب الاشتهار والسمعة، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ:" أَنَّهُ دُعِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ فَأَجَابَ، وَدُعِيَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ فَأَجَابَ، وَدُعِيَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَحَصَبَ الرَّسُولَ، وَلَمَ يُجِبْهُ وَقَالَ: أَهْلُ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ "

(2)

.

رجال السند:

قَتَادَةُ، إمام تقدم، وقوله:" عن رَجُلٌ "، الرجل مجهول، ولكن روي عن قتادة، عن سعيد بن المسيب بغير واسطة، وسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، إمام تقدم، ولهذا شواهد لا تخلوا أسانيدها من ضعف، وانظر ما تقدم.

(1)

فيه عبد الله بن عثمان الثقفي، مجهول، وشيخه رجل من ثقيف، ذكرت له صحبة، ولم يسلم البخاري بذلك وقال: لم يصح إسناده، ولا يعرف له صحبة (التاريخ الكبير 4/ 425، 5/ 146) وأخرجه أبو داود حديث (3745) وضعفه الألباني.

(2)

هو موصول بالسابق، وفيه مجهول.

ص: 174

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2097 -

(3) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:" شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى إِلَيْهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْمُغِيرَةِ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، والأَعْرَجُ، هو عبد الرحمن بن هرمز، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

لإجابة الدعوة أربع حالات:

الأولى: أن يكون في الدعوة منكر يقدر المدعو على تغييره، فيجب عليه إجابة الدعوة وإنكار المنكر.

الثانية: أن يكون المدعو غير قادر على إنكار المنكر، ولا تغييرة فلا حرج عليه في عدم الإجابة.

الثالثة: أن يكون الداعي من القرابة وذوي الرحم، وكان عدم الإجابة يفضي إلى قطيعة، فلا حرج أن يحضر المدعو عملا بأخف الضررين.

الرابعة: ألا يكون في الدعوة ما يكره فإن حضر المدعو فلا حرج، وإن اعتذر فلا حرج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

653 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ الثَّرِيدِ

2098 -

(1) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ: عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5177) ومسلم حديث (1432) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 907)

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3770) ومسلم حديث (2446) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1588).

ص: 175

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدٌ، هما ثقتان تقدما، وأَبو طُوَالَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَعْمَرٍ، هو مدني من بني النجار، كان قاضيا بالمدينة، تابعي ثقة إمام، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه إشادة بفضل عائشة، أم المؤمنين رضي الله عنها، وأنها مفضلة على النساء، وضرب لذلك شبيها وهو الثريد الخبز المفتوت في اللحم والمرق، وهو أجود الطعام في ذلك الوقت.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

654 -

‌ بابٌ فِي مَنِ اسْتَحَبَّ أَنْ يَنْهَسَ اللَّحْمَ وَلَا يَقْطَعَهُ

.

2099 -

(1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ:" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: زَوَّجَنِي أَبِي فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ، فَدَعَا رَهْطاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ فِيمَنْ دَعَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ": «انْهَسُوا اللَّحْمَ نَهْساً فَإِنَّهُ أَشْهَى أَوْ أَمْرَأُ»

(1)

.

رجال السند: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وسُفْيَانُ، هما ثقتان تقدما، وعَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، هو ابن أبي الخارق ضعيف، وقيل: متروك، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، هو ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي المدني الأمير، وله رؤية، ولأبيه وجده صحبة.

الشرح:

ليس في هذا استحباب ولا كراهة، بل هو عادة في المجتمع من نهس، أو اقتطع، وهو اليوم مما لا يستحب في الولائم، والصواب أن يقال فيه حسب عادة الناس والله أعلم.

(1)

فيه عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف، وأخرجه الترمذي حديث (1951) وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الكريم، وأبو داود حديث (3779) وقال: عثمان لم يسمع من صفوان، وروي من طريق أخرى لذلك حسنه ابن حجر (الفتح 15/ 294).

ص: 176

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

655 -

‌ بابٌ فِي الأَكْلِ مُتَّكِئاً

.

2100 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ، بْنِ الأَقْمَرِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جُحَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا آكُلُ مُتَّكِئاً»

(1)

.

رجال السند:

أبُو نُعَيْمٍ، وسُفْيَانُ، هما إمامان تقدما، وعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، هو ابن عمرو الهمداني الوادعي تابعي ثقة، وأَبُو جُحَيْفَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الاتكاء مختلف في صفته وعلى أي حال كان الاتكاء فهو مناف للتواضع، والأكل متكئا صفة كبر إلا لمضطر، وقد فسره البعض بأنه مضر بالجهاز الهضمي، والاستواء في حال الأكل أولى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

656 -

‌ بابٌ فِي البَاكُورَةِ

2101 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِالْبَاكُورَةِ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا وَفي ثَمَرَتِنَا وَفي مُدِّنَا وَفي صَاعِنَا بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ» ثُمَّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِالْبَاكُورَةِ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا وَفي ثَمَرَتِنَا وَفي مُدِّنَا وَفي صَاعِنَا بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ» ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنَ الْوِلْدَانِ "

(2)

.

رجال السند:

2102 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو حسن الحديث تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي صدوق تقدم، وسُهَيْلٌ، وأَبو ذكوان السمان، هما ثقتان تقدما، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات وأخرجه البخاري حديث (5398).

(2)

فيه نعيم بن حماد، أراه حسن الحديث، وأخرجه مسلم بزيادة " اللهم إن إبراهيم عبدك " حديث (1373).

ص: 177

الشرح:

الباكورة هي أول ما يخرج من الثمار من النخل وغيره، وأول ما يطيب أكله، ويستحب لمن حصل على شيء من البواكير أن يدعو بهذا الدعاء:" اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في مَدِينَتِنَا وَفي ثَمَرَتِنَا وَفي مُدِّنَا وَفي صَاعِنَا بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ " فقد دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة، ونحن اليوم فيها نلمس بركة دعائه صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

657 -

‌ بابٌ فِي إِكْرَامِ الْخَادِمِ عِنْدَ الطَّعَامِ

.

2103 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ خَادِمُ أَحَدِكُمْ بِالطَّعَامِ فَلْيُجْلِسْهُ، فَإِنْ أَبَي فَلْيُنَاوِلْهُ» .

رجال السند: يَعْلَى، هو ابن عبيد، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، أَبوه، هو هرمز أبو خالد مولى بجيلة، كان ينزل على أبي هريرة، لم أقف على من جرحه ولا من وثقه، أَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

في هذا تواضع وحسن معشر، وخلق كريم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2104 - (2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامٍ فَلْيُجْلِسْهُ مَعَهُ، أوْ لْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، ومُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، هو الجمحي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: المراد تقدير الخادم ومكا فأته على عمله، وإشعاره بأهميته في الأسرة، بالإضافة إلى تقدم آنفا.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 178

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

658 -

‌ بابٌ فِي الْحَلْوَى وَالْعَسَلِ

.

2105 -

(1) حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَى وَالْعَسَلَ

(1)

.

رجال السند:

فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، هو أبو القاسم صدوق تقدم، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، ثقة له غرائب تقدم، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه عروة بن الزبير، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها، وتقدم هذا السند في الجزء الثاني برقم 1376.

الشرح:

هذا من الطيبات أحلها الله عز وجل لعباده، والعسل انتاج النحل، سميت إحدى سور القرآن به وهي سورة النحل، قال الله عز وجل:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)} في هذه الآية بيان أن الله عز وجل ألهم النحل أن تصنع بيوتها في الكهوف من الجبال، وفيما تجويف من الشجر، وكذلك في العُرُش التي يقيمها الناس من الخلايا وغيرها، وفي ذلك ارتفاق الناس بما يخرج من بطونها، ومن قال غير هذا فهم من أرباب الجهالة والضلال، فليس المراد بالنحل بني هاشم، وليس المراد بالشراب القرآن والحكمة.

وأمر الله عز وجل النحل فقال: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)} .

فيها أمر الله جل جلاله النحل بالأكل من كل الثمرات: وهو أخذ الرحيق من الأزهار، لما في ذلك من صلاح ما يخرج من بطونها من العسل، وأمرها أن تسلك الطرق والمسالك التي هداها الله عز وجل إليها فتصل إلى المراعي وتعود إلى بيوتها من غير ضياع ولا توهان، ثم بين تعالى أنه يخرج من بطونها شراب: هو العسل فيه شفاء لبعض الأدواء،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5431).

ص: 179

وغذاء للأجساد، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب العسل ومنه تصنع الحلوى، وفي ذلك كله برهان على أن الله عز وجل هو المتفرد بالخلق والتدبير، وأنه لا معبود بحق سواه، وقد خاطب الله عز وجل النحلة الأنثى ولم يخاطب الذكور؛ لأن الذكور لا تعمل في انتاج العسل، ومهمتها التلقيح فقط.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

659 -

‌ باب الأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

.

2106 -

(1) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي

(1)

الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبِرَازِ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَوَضَّأُ؟ " قَالَ فَقَالَ: «أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأُ؟»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ.

رجال السند: قَبِيصَةُ، هو ابن عقبة، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وسَعِيدُ ابْنُ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، وهم فيه قبيصة، وإنما هو سعيد بن الحويرث قليل الحديث، ثقة روى له نسلم والنسائي، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح:

لعل القائل ظن أنه بعد الخروج من البِراز يجب الوضوء، وليس الأمر كذلك، وربما قصد بالوضوء غسل اليدين قبل الطعام.

وبالمناسبة:

في يوم الجمعة الموافق اليوم الأول من شهر رجب سنة 1440، كنت معتمرا، وكان أول يوم أركب فيه العربية للطواف والسعي، وذلك لعجزي عن الطواف على القدمين، فالحمد لله عز وجل، وأسأله القبول وحسن الخاتمة.

(1)

في بعض النسخ الخطية " ابن " الحويرث، وهو الصواب.

(2)

رجاله ثقات، قبيصة وصف بالحفظ والعلم والصلاح، وأخرجه مسلم حديث (374) وتقدم.

ص: 180

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2107 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2108 -

(3) قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادِهِ

(2)

.

رجال السند:

أَبو عَاصِمٍ، الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

660 -

‌ بابٌ فِي الْجُنُبِ يَأْكُلُ:

2109 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَجْنَبَ فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ "

(3)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو حسن الحديث تقدم، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، وإِبْرَاهِيمُ، والأَسْوَدُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

والحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (288) ومسلم حديث (305) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 176).

ص: 181

الشرح:

ما كان في حال الأكل فتقدم برقم 2108، أن المراد بالوضوء غسل اليدين، وأما في حال النوم فالسنة أن يتوضأ وضوءه للصلاة، فينام على طهارة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

661 -

‌ بابٌ فِي إِكْثَارِ الْمَاءِ فِي الْقِدْرِ

.

2110 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَاغْرِفْ لَهُمْ مِنْهَا»

(1)

.

رجال السند: أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وشُعْبَةُ، وأَبو عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، هو عبدالملك بن حبيب البصري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، هو أبو النضر عمه أبوذر، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَر، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا فيه تقوية الروابط الاجتماعية، بالإضافة إلى أن للجار حقوقا جارية أشبه بالوجوب.

وقوله: «ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَاغْرِفْ لَهُمْ مِنْهَا» ليس المراد العموم، بل من هو أكثر حاجة، وإن عمم الغرف لجيرانه فهو أحب، وأنفع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

662 -

‌ بابٌ فِي خَلْعِ النِّعَالِ عِنْدَ الأَكْلِ

2111 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَ الطَّعَامُ فَاخْلَعُوا نِعَالَكُمْ، فَإِنَّهُ أَرْوَحُ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم باختلاف في اللفظ غير مخل، حديث (2625).

ص: 182

لأَقْدَامِكُمْ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأصبهاني، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، هو السكوني، ومُوسَى ابْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ، هو التميمي ضعيف له مناكير، وأَبوه، هو محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي، ثقة له أفراد، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

مع ضعف الرواية فخلع النعال عند الأكل من الأدب والتواضع إلا إذا كان الوضع يستدعي بقاء النعال، كالأكل على الكراسي والطاولات فلا حرج في ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

663 -

‌ بابٌ فِي إِطْعَامِ الطَّعَامِ

.

2112 -

(1)، 2113 م - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ تَدْخُلُوا الْجِنَانَ»

(2)

.

فيه حث على عمل ثلاث تعد من القربات، فعبادة الرحمن تكون بالإخلاص له عز وجل، وطاعته فيما شرع، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم فيما أمر، واجتناب ما عنه نهى وزجر.

أما إفشاء السلام فهو من أسباب نشر المحبة بين المسلمين، وكذلك إطعام الطعام صدقة أو ضيافة فهو من القربات ومكارم الأخلاق، وثمرة ذلك أن يكون الفاعلون لها من أهل الجنة، يدخلونها بسلام.

(1)

فيه موسى بن محمد منكر الحديث، ووالده لم يسمع من أبي هريرة، وصححه الحاكم، وتعقبه الحافظ الذهبي فقال: أحسبه موضوعا، وإسناده مظلم، وموسى تركه الدارقطني حديث (1729).

(2)

فيه عطاء بن السائب، مختلط، وسمع من جرير بعد الاختلاط، وله متابعات، وشواهد، يقوى بها، وأخرجه ابن ماجه منه " أفشوا السلام " حديث (3694) ومن طريق عطاء سندا ومتنا أخرجه البخاري في الأدب المفرد حديث (1018) وابن حبان من طريق جرير حديث (490، 508).

ص: 183

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

664 -

‌ بابٌ فِي الدَّعْوَةِ

.

2114 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَجِيبُوا الدَّاعِيَ إِذَا دُعِيتُمْ» قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ، وَفِي غَيْرِ الْعُرْسِ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ"

(1)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي صدوق تقدم، ومُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.

الشرح:

إجابة الدعوة واجبة بالشروط المتقدم بيانها برقم 2097، شرحه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

665 -

‌ بابٌ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ فَتَمُوتُ

.

2115 -

(1) أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ ": «أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا» .

رجال السند:

عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّه، هو المديني، وسُفْيَانُ، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، ومَيْمُونَةُ، رضي الله عنهما.

الشرح:

والحديث رجاله ثقات، تقدم وهو متفق عليه.

الفأرة نجسة، ولما قال صلى الله عليه وسلم:«أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوا» أراد إن كان السمن جامدا؛ لأن الفأرة إذا وقعت فيه فلا تتحلل، ولذلك تستبعد ما حولها، ويبقى ما بعد ذلك طاهرا لا حرج في أكله.

(1)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (5173) ومسلم حديث (1422) ولم أقف الْحَكَمُ بْنُ عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 184

أما إذا وقعت في سائل فقد روي تكملة للحديث فقيل: يا نبي الله أفرأيت إن كان السمن مائعا؟، قال:«انتفعوا به ولا تأكلوه»

(1)

، واختاره الدارمي وسيأتي قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2116 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: بِإِسْنَادِهِ

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2117 -

(3) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَقَالَ": «خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ» .

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْن عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح:

والحديث رجاله ثقات، وانظر السابق.

وأمر صلى الله عليه وسلم بطرحها وما حولها؛ لأن السمن كان جامدا، وأمر فيما تقدم بأكل ما بقي، انظر ما تقدم قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2118 -

(4) أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ

(3)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " إِذَا كَانَ ذَائِباً أُهَرِيقَ ".

رجال السند: زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، هو ابن عبيد أبو عبد الله الدمشقي، ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، مَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة

(1)

معرفة السنن حديث (19364)، وهو ضعيف.

(2)

رجاله ثقات، وتقدم سندا ومتنا، انظر السابق.

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق، ورقم (749).

ص: 185

ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، ومَيْمُونَةُ، رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

666 -

‌ بابٌ فِي التَّخْليلِ

.

2119 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعدِ الْخَيْر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ فَلْيَتَخَلَّلْ، فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْهُ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ» .

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، هو أبو يزيد الحمصي، وحُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ، هو ابن عبد الرحمن، وأَبُو سَعدِ الْخَيْر، هو الأنماري قيل: له صحبة، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه أدب نظافة الفم والأسنان، ولا يبلع ما كان بين الأسنان، وما كان استطاع جمعه باللسان من نواحي الفم فلا حرج في ابتلاعه، والحديث فيه أبو سعد الخير، مختلف فيه، وتقدم سندا ومتنا أطول، وهذا طرف منه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

667 -

‌ باب مَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ

2120 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، ثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: " أُتِىَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ

(1)

بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ "

(2)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.

(1)

هي القدس.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3394) ومسلم حديث (168) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 106، 1308).

ص: 186

الشرح:

قوله: " للفطرة " المراد الدين الحق، والاستقامة عليه، وهذا من هداية الله عز وجل لنبي هذه الأمة، ولمن آمن به صلى الله عليه وسلم واتبع هداه، والخمر حرمها الله عز وجل فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

(1)

، أمر الله عز وجل في الآية باجتناب هذه الأمور والخمر اقترنت معها بصيغة الأمر في قوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوهُ} فحصل الاجتناب في رتبة التحريم، فحرّمت الخمر بظاهر القرآن ونص الحديث وإجماع الأمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

668 -

‌ بابٌ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ كَيْفَ كَانَ

.

2121 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالَ: فَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَي، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا؟، فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا، قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ

(2)

، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهِىَ في بُطُونِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل ":{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا}

(3)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وثَابِتٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه، وأَبو طَلْحَةَ، رضي الله عنه.

(1)

الآية (90) من سورة المائدة.

(2)

هو البسر والتمر يكسر ويترك حتى يَنُش، ويغلي فإذا نش أي: أخذ ماؤه في النضوب ماؤه شُرب.

(3)

من الآية (93) من سورة المائدة، والحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2464) ومسلم حديث (1980)(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1293).

ص: 187

الشرح:

كان أنس يسقيهم الخمر قبل التحريم، وكانت خمرهم حين ذاك مصنوعة من البسر يدق ويترك فإذا أشتد وقذف بالزبد صار خمرا، وهو حرام في الإسلام.

وقد اختلف العلماء رحمهم الله في الخمر مم تصنع فقال قوم: تتخذ من العنب فقط، ويرد هذا التخصيص بقول عمر رضي الله عنه:" إنما الخمر من هاتين الشجرتين "، يعني الكَرمَة والنخلة، والفضيخ مصدره النخلة، والمعنى الذي أراده بهذا القول: أن معظم الخمر إنما هو من عصير العنب ومن البسر والتمر، ولا يمنع أن تكون الخمر من غيرهما، وما أسكر كثيره من أي شيء كان فقليله حرام.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

669 -

‌ بابٌ فِي التَّشْدِيدِ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ:

2122 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ فَلَمْ يُسْقَهَا»

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

الخمر في الدنيا محرمة؛ لأنها تغتال عقول الشاربين، وتدفعهم إلى ارتكاب العديد من الجرائم؛ لذلك سماها عثمان رضي الله عنه أم الخبائث وقال محذرا منها: " اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد، فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو تشرب من هذه الخمرة كأسا، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأسا، فسقته كأسا، قال: زيدوني فلم

(1)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (5575) ومسلم حديث (2003)(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1303).

ص: 188

يرم حتى وقع عليها، وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنها والله لا يجتمع الإيمان، وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه"

(1)

. المراد أن يخرجها الإيمان ويعف صاحبه، أو تخرج الإيمان من شاربها فيقع في المهالك، ويحرم عليه شربها في الآخرة، والخمر في الآخرة ليست من الخبائث، قال الله عز وجل:{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47)}

(2)

، هذه خمر الآخرة بيضاء لذيدة لا ضرر فيها، فلا تذهب بعقولهم فيقع منهم ما يقع لشاربها في الدنيا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2123 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ ابْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ الْعَاصِ فِي حَائِطٍ لَهُ بِالطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ: الْوَهْطُ، فَإِذَا هُوَ مُخَاصِرٌ فَتًى مِنْ قُرَيْشٍ، يُزَنُّ ذَلِكَ الْفَتَى بِشُرْبِ الْخَمْرِ، فَقُلْتُ: خِصَالٌ بَلَغَتْنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ شَرْبَةً لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً» فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ الْفَتَى بذْكُرُ الْخَمْرَ اخْتَلَجَ

(3)

يَدَهُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ وَلَّى " فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ شَرْبَةً لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ، أَوْ فِي الرَّابِعَةِ:«كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدْغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(4)

.

(1)

النسائي حديث (5666، 5667).

(2)

الآيات من سورة الصافات.

(3)

أي جذبها وانتزعها من يد صاحبه.

(4)

رجاله ثقات، وذكر المزي أن بين ربيعة والديلمي، أبو إدريس الخولاني، وأخرجه الترمذي حديث (1982) والنسائي حديث (5670) وقال: لم تقبل له توبة، وابن ماجه حديث (3377) وصححه الألباني عندهم. رجاله ثقات، وذكر المزي أن بين ربيعة والديلمي، أبو إدريس الخولاني، وأخرجه الترمذي حديث (1982) والنسائي حديث (5670) وقال: لم تقبل له توبة، وابن ماجه حديث (3377) وصححه الألباني عندهم.

ص: 189

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، ورَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، هو أبو شعيب الإيادي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ، هو ابن فيروز أبو بشر، تابعي إمام ثقة، لم يرو له في الصحيحين، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قول: " الْوَهْطُ " هو من أودية الطائف لا زال بهذا الاسم إلى اليوم.

وقوله: " هُوَ مُخَاصِرٌ " أي آخذ بخنصره، والمخاصرة: أن يأخذ الرجل بيد الرجل، ويماشيه.

وقوله: " يُزَنُّ " أي يتهم.

وقوله: " رَدْغَةِ الْخَبَالِ " هي عصارة أهل النار، والخبال الفساد.

وهذه عقوبة من يشرب الخمر مرة واحدة لم تقبل صلاته أربعين يوما، ومن مات ولم يتب من شربها سقي من ردغة الخبال.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

670 -

‌ باب النَّهْيِ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ:

2124 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا

الْخَمْرُ»

(1)

.

رجال السند:

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو إمام ثقة تقدم، والْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، هو بصري ضعيف ويعتبر بما يروي، وأَبُو الزُّبَيْرِ، إمام راية جابر، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

وقد ورد هذا التحذير؛ لأن المائدة التي يدار عليها الخمر هي مائدة الفساق أو غير المسلين، وحرم ذلك لإشعاره بالرضى، ولو لم يشرب المجالس، وفيه مؤانسة للشاربين،

(1)

الحديث فيه الحسن بن أبي جعفر، بصري ضعيف، أخرجه أبو داود طرفا من حديث (3774) هذا الحديث لم يسمعه جعفر، من الزهري، وهو منكر، وحديث (3775) وصححه الألباني.

ص: 190

والبعد عن ذلك وإنكاره هو من كمال الإيمان بحرمتها، ومنابذة من يشربها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

671 -

‌ بابٌ فِي مُدْمِنِ الْخَمْرِ

.

2125 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ ابْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زِنْيَةٍ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ، وسُفْيَانُ، هو الثوري، ومَنْصُورٌ، هو ابن المعتمر، وسَالِمُ ابْن أَبِي الْجَعْدِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابَانُ، لم ينسب فهو مجهول، وعَبْدُ اللَّه ابْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهما.

الشرح: قوله: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَدُ زِنْيَةٍ» المراد المشتهر بالزنا، المنسوب له لكثرة تحققه صار صفة له، فكأنه ابن له، وهذا إذا مات ولم يتب، وليس المراد من وُلِد من زنا.

وقوله: «وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ» المنان كثير المن بما يعطي، ولذلك يتناوله الوعيد على كثرة مَنّه بما يعطي؛ والمنان لا يبتغي بعطائه وجه الله عز وجل، فشمله الوعيد إذا مات ولم يتب.

أما العاق لوالديه، فهو العاصي لهما وقد يتجاوز العصيان إلى أذاهما وهذا من أكبر الكبائر، فاستحق الوعيد بعدم دخول الجنة، والحديث فيه جابان، لم ينسب، ومختلف في إسناده، بذكر نبيط بين سالم وجابان عند البعض، وإسقاطه عند آخرين، ولا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمر (التاريخ الكبير رقم 2381).

وقوله: «وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ» المراد المداوم على شرب الخمر، ولم يتب حتى مات، فإنه يحرم عليه دخول الجنة، وانظر السابق برقم 2120، وما بعده.

(1)

هذا السند فيه علل فلم يسمع سالم من جابان، ولا جابان من ابن عمر، وأخرجه أحمد حديث (6892) والنسائي في الكبرى حديث (4923) والحديث صح فيما عداعبارة (ولد زنية)، وانظر التالي.

ص: 191

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2126 -

(2) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ جَابَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ» ، وانظر السابق.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وشُعْبَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا، ونُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ، من صفار الصحابة.

الشرح:

تبقى جهالة جابان وعدم سماعه من ابن عمر، وانظر السابق، ومعلوم أن هذه المعاصي من الكبائر، لا يخلد أصحابها في النار.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

672 -

‌ باب لَيْسَ فِي الْخَمْرِ شِفَاءٌ

.

2127 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا سِمَاكٌ قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلٍ:" أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ طَارِقٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ عَنْهَا أَنْ يَصْنَعَهَا، فَقَالَ: إِنَّهَا دَوَاءٌ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهَا لَيْسَتْ دَوَاءً وَلَكِنَّهَا دَاءٌ»

(1)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، لا بأس به، وشُعْبَةُ، إمام تقدم، وسِمَاكٌ، صدوق تقدم، وعَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ، هو ابن حجر الحضرمي، تابعي ثقة صرح بالتحديث عن أبيه، وأَبوه وَائِل، هو ابن حجرٍ رضي الله عنه، وسُوَيْدُ بْنُ طَارِقٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» أنظر مسند إسحاق بن راهويه حديث (1912)، وعلق البخاري عن ابن

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (5256).

ص: 192

مسعود رضي الله عنه.

ولكن عند الضرورة القصوى تعامل الخمر معاملة الميتة، فيؤخذ منها ما يدفع الضر، ويحرم تجاوز ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

673 -

‌ باب مِمَّا يَكُونُ الْخَمْرُ

؟.

2128 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، والأَوْزَاعِيُّ قَالَ: أَبَا كَثِيرٍ يَقُولُ: [سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ]

(1)

: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْخَمْرُ فِي هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ، وَالْعِنَبَةِ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس بن الحجاج الحمصي، والأَوْزَاعِيُّ، وأَبو كَثِيرٍ، هو يحيى، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

ليس المراد حصر الخمر في العنبة والنخلة، بل المراد أكثر ما يكون الخمر من ثمرة الشجرتين؛ لأنها متوفرة، ولا يمنع صنعها من غير الشجرتين، ومن أي شيء صنعت فهي حرام، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

674 -

‌ باب مَا قِيلَ فِي الْمُسْكِرِ

2129 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ، فَقَالَ:«كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ حَرَامٌ»

(3)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (5258).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5585) ومسلم حديث (2001) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1301)

ص: 193

الشرح:

البتع: هو شراب العسل، وكل شراب حلال، ما لم يكن مسكرا فهو حرام، يجب اجتنابه، وكل عصير يشرب ما لم يشتد ويقذ الزبد فهو خمر؛ لأنه تحول من حالة يباح فيها إلى حالة محرمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2130 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: «اشْرَبُوا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِراً، فَإِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»

(1)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وإِسْرَائِيلَ، وأَبو إِسْحَاقَ، وأَبو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.

الشرح:

واليمن فيها الأعناب بأنواعها إلى يومنا هذا، لذلك نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على جواز الشرب ما لم يكن مسكرا فإنه حرام.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2131 -

(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، أنَا أَبُو أُسَامَةَ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَنْهَاكُمْ عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد، هما إمامان تقدما، والْوَلِيدُ ابْنُ كَثِيرِ بْنِ سِنَانٍ، هو أبو محمد القرشي المخزومي، إمام ثقة، روى له الستة، وقيل: كان إباضيا، والضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، هو أبو عثمان الحزامي، روى له الستة عدا البخاري،

(1)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3038) ومسلم حديث (1733) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1302)، وانظر ما تقدم.

(2)

فيه الوليد بن كثير المزني، مقبول، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه (الكاشف رقم 6089) وليست هذه العبارة في (الجرح والتعديل رقم 63) وعليه اعتمد من حسن حديثه، وأخرجه النسائي حديث (5609).

ص: 194

إمام ثبت، وبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الأَشَجِّ، وعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، هو ابن سعد بن أبي وقاص، هما إمامان تقدمان، وسَعْدٍ، هو ابن أبي وقاص رضي الله عنه.

الشرح:

هذه قاعدة شرعية أن ما أسكر كثيره فالقليل منه حرام؛ لأنه تأهل للإسكار.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2132 -

(4) أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْكَلَاعِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُكْفَأُ» قَالَ زَيْدٌ: يَعْنِي فِي الإِسْلَامَ «كَمَا يُكْفَأُ الإِنَاءُ» يَعْنِيَ: الْخَمْرِ، فَقِيلِ: فَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا مَا بَيَّنَ؟، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا فَيَسْتَحِلُّونَهَا»

(1)

.

رجال السند:

زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، هو أبو عبد الله الدمشقي، ومُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، هو صاحب مكحول حسن الحديث، روى له الأربعة، وأَبو وَهْبٍ الْكَلَاعِيِّ، مصري تابعي ثقة، والْقَاسِمِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي بكر إمام ثقة تقدم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

المراد يكفأ الإناء بعد شرب ما فيه، والمراد أن الناس يكثر فيهم شرب الخمر؛ لأنهم يسمونها بغير اسمها، وهو اليوم واقع الحال في الأمة، وقد تعددت فيه أسماء المسكرات، وإنما هي الخمر سميت بغير اسمها وشربت باستحلالها بمسميات حديدة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2133 -

(5) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو وَهْبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ أَعْفَرُ، ثُمَّ مُلْكٌ وَجَبَرُوتٌ، يُسْتَحَلُّ فِيهَا الْخَمْرُ وَالْحَرِيرُ» .

[قال أبو محمد: سئل عن أعفر، فقال: يشبهه بالتراب، وليس فيه خير]

(2)

.

(1)

سنده حسن، انظر: القطوف حديث (2155).

(2)

إشارة إلى اختلاط الأمور، ما بين حلال وحرام، وخير وشر، وليس المراد نفي الخير مطلقا.

ص: 195

رجال السند:

مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي، وأَبُو وَهْبٍ، هو الكلاعي، مَكْحُولٍ، هو الشامي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأبو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وأَبو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

في سنده انقطاع بين مكحول الشامي، وأبي ثعلبة، واختلاف على ذكر أبي وهب، خرجناه في القطوف.

وقوله: «أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ» المراد أول ظهور الإسلام، نبوة: بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ورحمة: طيلة حياته صلى الله عليه وسلم، فلم يكن فيه ظلم ولا باطل، وكان كله رحمة بنزول الوحي.

قوله: «ثُمَّ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ» المراد وقت الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فكانت خلافتهم اقتداء

ورحمة وعدل وشفقة.

قوله: «ثُمَّ مُلْكٌ أَعْفَرُ» المراد ما كان بعد انقضاء الخلافة الراشدة اضطرب الأمر وظهر شيء من الظلم بين الناس، ولم يقتد من الخلافة الراشدة بالنبي صلى الله عليه وسلم اقتداء تاما، كما كان الحال في الخلافة الراشدة، بل خلطوا العدل بالظلم.

قوله: «أَثُمَّ مُلْكٌ وَجَبَرُوتٌ، يُسْتَحَلُّ فِيهَا الْخَمْرُ وَالْحَرِيرُ» المراد أن يكون غالب حال من يلي أمر الناس أن يسوسهم بالقوة والقهر، فيغلب الظلم والفساد، ويقل العدل ورحمة الناس، وتكثر الشهوات حتى يستحل ما حرم الله عز وجل، كما هو الحال في هذا الزمان.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

675 -

‌ باب النَّهْىِ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَشِرَائِهَا

.

2134 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا طُعْمَةُ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ بَيَانٍ التَّغْلِبِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ»

(1)

.

(1)

في سنده عمر بن بيان، أو عمرو وكلاهما مقبول، وعليه يدور السند وأخرجه أبو داد حديث (3489).

ص: 196

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا هُوَ عُمَرُ بْنُ بَيَانٍ

(1)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، لا بأس به تقدم، وطُعْمَةُ، هو ابن عمر الجعفري ثقة عابد، عَمْرُو ابْنُ بَيَانٍ التَّغْلِبِيُّ، مقبول، وإن كان عمر بن بيان كما قال الدارمي فهو مقبل، وعُرْوَةُ ابْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، هو كوفي تابعي ثقة، وأَبوه، هو المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " فليشقص الخنازير " أي يجعلها أجزاء ويستحل بيعها، كما يبيع الذبيحة من بهيمة الأنعام، وهو زيادة في الإنكار، والخمر محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي نجسة لا تباع ولا تشترى، ومن استحل بيعها فليستحل بيع لحم الخنزير، المجمع

على نجاسته وحرمته، والمراد أن لا فرق بينهما في التحريم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2135 -

(2) حَدَّثَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ فَقَالَ: " كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ - أَوْ مِنْ دَوْسٍ - فَلَقِيَهُ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ بِرَاوِيَةٍ مِنْ خَمْرٍ يُهْدِيهَا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا فُلَانُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَهَا». قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلَامِهِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَبِعْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِمَاذَا أَمَرْتَهُ يَا فُلَانُ؟» قَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ فِي الْبَطْحَاءِ "

(2)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد إمام تقدم، ومُحَمَّدِ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، والْقَعْقَاعُ ابْنُ حَكِيمٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَعْلَةَ، هو تابعي ثقة، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح: هذا في سياق ما تقدم بشأن حرمة الخمر، وحرمة بيعها.

(1)

في بعض النسخ الخطية " دينار " وهو خطأ.

(2)

سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (1579).

ص: 197

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2136 -

(3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو - يَعْنِي: ابْنَ دِينَارٍ - عَنْ طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ سَمُرَةَ بَاعَ خَمْراً، فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ سَمُرَةَ، أَمَا عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا»

(1)

قَالَ سُفْيَانُ: جَمَلُوهَا: أَذَابُوهَا.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، هو ابن أبي خلف، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وطاووس، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

676 -

‌ باب الْعُقُوبَةِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ

2137 -

(1) حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ»

(2)

. يَعْنِي فِي الرَّابِعَةِ.

رجال السند:

عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، هو ابن عاصم أبو الحسن التيمي الواسطي، إمام ثقة روى له البخاري، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد إمام تقدم، والْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو خال ابن أبي ذئب لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ، إمام تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا فيه بيان خطورة الخمر على الفرد والمجتمع، وتقدم أنها أم الخبائث، تدفع شاربها إلى كبائر الذنوب، وقد خففت عنه العقوبة في الثلاث رجاء أن يتوب، ولما شرب

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2223) ومسلم حديث (1582) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1019).

(2)

سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (7898) وأبو داود حديث (2337) والنسائي حديث (5662) وابن ماجه حديث (2572) وصححه الألباني عندهم.

ص: 198

الرابعة تبين أنه خطر على المجتمع ولا أمل في توبته فحكم عليه بالقتل تعزيرا، ومما يؤسف أن عقوبة الشارب في هذا الزمان تركه حتى يفيق من سكرته، ثم يطلق سراحه، بحجة أن غيرها أكثر خطرا كالمخدرات بأنواعها، وانظر ما تقدم برقم 2122.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

677 -

‌ بابٌ فِي التَّغْلِيظِ لِمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ

.

2138 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أنه لا يكون مؤمنا إيمانا كاملا في حال تلبسه بالمعصية، فيبقى معه أصل الإيمان دون كماله، ولا يُعارَض بحديث أبي ذر وفيه:«ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة»

(2)

، المراد أن هذا عند الموت، أو قبله إذا تاب وندم، وقال: لا إله إلا الله، غفر له، ومن مات على شيء من هذه الكبائر، فهو تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

678 -

‌ بابٌ فِي مَا يُنْبَذُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ

2139 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " كَانَ يُنْتبَذُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السِّقَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِقَاءٌ نُبِذَ لَهُ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2475) ومسلم حديث (57) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 36).

(2)

البخاري حديث (5827).

ص: 199

فِي تَوْرٍ مِنْ بِرَامٍ "

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1999).

وفيه أن النبيذ حلال ما لم يخشى تغيره، وكان ينتبذ للنبي صلى الله عليه وسلم ليلا ويشربه نهارا، ونهارا ويشربه ليلا، والنبيذ في السقاء لا يسرع إليه الاشتداد، وكذلك أواني الفخار، ويجتنب من الأوعية ما يسرع فيه الاشتداد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

679 -

‌ باب فِي النّقِيعِ

2140 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَاهُ - أَوْ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ - سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ خَرَجْنَا مِنْ حَيْثُ عَلِمْتَ، وَنَزَلْنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ، فَمَنْ وَلِيُّنَا؟، قَالَ: «اللَّهُ وَرَسُولُهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا أَصْحَابَ كَرْمٍ وَخَمْرٍ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَا نَصْنَعُ بِالْكَرْمِ؟، قَالَ: «اصْنَعُوهُ زَبِيباً» قَالُوا: فَمَا نَصْنَعُ بِالزَّبِيبِ؟ "، قَالَ: «انْقَعُوهُ فِي الشِّنَانِ

(2)

، انْقَعُوهُ عَلَى غَدَائِكُمْ وَاشْرَبُوهُ عَلَى عَشَائِكُمْ، وَانْقَعُوهُ عَلَى عَشَائِكُمْ وَاشْرَبُوهُ عَلَى غَدَائِكُمْ، فَإِنَّهُ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ الْعَصْرَانِ كَانَ خَلاًّ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ خَمْراً»

(3)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، هو أبو زرعة ثقة، ليست له رواية في الصحيحين، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، ليست له رواية

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1999).

(2)

جمع شنّ: وهي القربة القديمة.

(3)

فيه محمد بن كثير ضعيف، وله متابعات، وأخرجه أبو داود حديث (3710) وصححه الألباني، والنسائي حديث (5735، 5736).

ص: 200

في الصحيحين، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو فيروز الديلمي صحابي رضي الله عنه.

الشرح:

أي شراب ينقع من تمر أو زبين أو غيرهما من المباحات يجب ألا يترك حتى يتحول إلى صفة السكر، فإنه حينئذ يكون خمرا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

680 -

‌ باب النَّهْيُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ وَمَا يُنْبَذُ فِيهِ

.

2141 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ

(1)

، فَقَالَ: حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ"

(2)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وقَتَادَةُ، وعَزْرَةُ، هو ابن عبد الرحمن الخزاعي الأعور، قيل: لا بأس به، وقال ابن المديني وابن حجر: ثقة، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد الجرار المزفتة فإن النبيذ فيها يسرع فيه التخمر، وما كان فيها على غرار ما تقدم آنفا فلا بأس.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2142 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ»

(3)

.

(1)

والجر والجرار، والمفرد جرة: وهي ما يصنع من فخار، ونحوه.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1997).

(3)

رجاله ثقات، وفي الأشربة أخرجه البخاري حديث (5587) ومسلم حديث (1992) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1296).

ص: 201

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه الأواني في ذلك الوقت، والسبب في النهي عن الانتباذ فيها سرعة التغير إلى خمر، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2143 -

(3) أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ:" سَمِعْتُ أَبَا الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - أَوْ سَمِعْتُهُ سُئِلَ - عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو زَيْدٍ، هو سعيد بن الربيع، وشُعْبَةُ، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وأَبو الْحَكَمِ، هو سيار العنزي، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن جميع الأواني التي يسرع فيها النبيذ إلى الاشتداد والتخمر لا يجوز الانتباذ فيها القديمة منها والحديثة كما في عصرنا انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2144 -

(4) وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: مِثْلَ

(2)

قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ

(3)

.

رجال السند: ابْنَ الزُّبَيْرِ، هو عبد الله رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2145 -

(5) قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحَرِّمَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - أَوْ مَنْ كَانَ مُحَرِّماً مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - فَلْيُحَرِّمِ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (5616) وصحح إسناده الألباني.

(2)

في بعض النسخ الخطية ذكر ما نصه" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر، والدباء ".

(3)

موصول بالسند السابق، وأخرجه النسائي حديث (5618) وصححه الألباني.

ص: 202

النَّبِيذَ

(1)

.

رجال السند: هذا قول أبو الحكم العنزي المتقدم آنفا.

الشرح:

الحديث موصول بالسند السابق، وأخرجه أبو يعلى حديث (2344) وأخرجه أحمد حديث (185) والنسائي حديث (5688) وصحح الألباني وقفه، وانظر السابق، وما تقدم برقم 2143، وليس التحريم على الإطلاق، بل المراد ما اشتد وقذف بالزبد، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2146 -

(6) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْبِذُوا في الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ» .

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2147 -

(7) قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْجَرِّ، وَالدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَعَنِ الْبُسْرِ، وَالتَّمْرِ

(2)

.

رجال السند:

أبو الحكم عمران بن الحارث السلمي، ومالك بن الحارث السلمي، ثقة له أحاديث صالحة، وأبو سعيد رضي الله عنه.

الشرح:

وقوله: قال: وحثني أخي " هو أبو الحكم، وأخوه هو مالك بن الحارث السلمي، هذه الأواني لا يجوز الانتباذ فيها للعلة السابق ذكرها، ونهى عن خلط البسر والتمر لحرارته

(1)

موصول بالسند السابق، وأخرجه أبو يعلى حديث (2344) وأخرجه أحمد حديث (185) والنسائي حديث (5688) وصحح الألباني وقفه، وانظر السابق.

(2)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1987) ولم يذكر البسر، والتمر.

ص: 203

وسرعة اشتداده، والبسرة ثمرة النخل قبل أن يرطب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2148 -

(8) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ زَيْدٍ الرَّقَاشِيِّ، أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ فَقَالَ: " أَخْبِرْنِي بِمَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا مِنَ الشَّرَابِ، فَقَالَ: الْخَمْرُ، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: مَا أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بِالاِسْمِ، أَوْ بِالرِّسَالَةِ

(1)

قَالَ: فَقَالْ: نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، هو الأحول، وعَاصِمٌ، هو ابن سليمان الأحول، وفُضَيْلِ بْنِ زَيْدٍ الرَّقَاشِيِّ، هو أبو حسان البصري، تابعي إمام ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه المسميات أواني ينتبذ فيها، ونهى عنها؛ لأنها تسرع بالخمر، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

681 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ

2149 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ - وَاللَّفْظُ لِيَزِيدَ- قَالَا: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ، وَالرُّطَبَ جَمِيعاً، وَلَا تَنْتَبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعاً، وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَة»

(3)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وعَبْدُاللَّهِ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.

الشرح: لأن الخلط يؤدي إلى التخمر.

(1)

أي قال: محمد رسول الله، أو رسول الله محمد.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (16853) صحيح.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5602) ومسلم حديث (1988) ولم أقف عليه في وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 204

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

682 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يُسَمَّى الْعِنَبُ الْكَرْمَ

.

2150 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ ابْنِ وَائَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَقُولُوا الْكَرْمَ، وَقُولُوا الْعِنَبَ، وَالْحَبَلَةَ»

(1)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وشُعْبَةُ، وسِمَاكٌ، صدوق تقدم، وعَلْقَمَةَ بْنِ وَائَلٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، وائل بن حجر رضي الله عنه.

الشرح:

والسبب في النهي عن تسمية العنب كرما؛ لأنها تسمية ما قبل الإسلام، وكانوا يزعمون أن الخمر تبعث على السخاء، فسموها ابنة الكرَم، وجاءت الحقيقة في الإسلام أنها أم الخبائث، ونهى عن تسمية شجرة العنب كرْما، ويقال بدلا من ذلك الحبلة أو العنبة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

683 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يُجْعَلَ الْخَمْرُ خَلاًّ

.

2151 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:" كَانَ فِي حِجْرِ أَبِي طَلْحَةَ يَتَامَى، فَاشْتَرَى لَهُمْ خَمْراً، فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَجْعَلُهُ خَلاًّ؟، قَالَ: «لَا» فَأَهْرَاقَهُ "

(2)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وإِسْرَائِيلَ، هما إمامان ثقتان تقدما، والسُّدِّيِّ، هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، صدوق يهم، ويَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، هو من ولد عبدالله بن الزبير ثقة تقدم، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2248).

(2)

الحديث سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (3675) وصححه الألباني، والترمذي حديث (1294) وقال: حسن صحيح.

ص: 205

الشرح:

وجاء النهي عن تخليل الخمر لأنها نجسة، ولا يطهرها التخليل على الصحيح، إلا إذا تخللت بذاتها من غير صنعة فإنها تطهر بالإجماع، ولا خلاف في ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

684 -

‌ بابٌ فِي سُنَّةِ الشَّرَابِ كَيْفَ هِيَ

.

2152 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، ثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ:"أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَناً، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ "، ثُمَّ قَالَ:«الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ»

(1)

.

رجال السند:

أبُو الْمُغِيرَةِ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

السنة البدء باليمين في كل عمل طيب، وتستعمل اليسار فيما عدا ذلك، كالخروج من المسجد، ودخول أما كن التطهر وقضاء الحاجة وغير ذلك، ويجوز لمن لا قدرة له على تحريك اليد اليمنى أن يستعمل اليسرى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

685 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ

.

2153 -

(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ"

(2)

.

رجال السند:

عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وقَتَادَةُ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا عمل حضاري فيكره الشرب من فم السقاء حتى لا يتلوث بما يؤذي الآخرين،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2352) ومسلم حديث (2029) ولم أقف عليه في وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5629).

ص: 206

والأفضل أن يصب في إناء ما يحتاج مما في السقاء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2154 -

(2) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ".

رجال السند:

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، ووُهَيْبٌ، هو ابن خالد وخَالِدٌ الْحَذَّاءِ، وعِكْرِمَةٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5627)، انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2155 - (3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ اخْتِنَاثِ

(1)

الأَسْقِيَةِ "

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد ثني فم السقاء، فيجعل باطنه ظاهرا، والمراد من النهي عدم التلوث والإضرار بالآخرين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

686 -

‌ بابٌ فِي الشُّرْبِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ

2156 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: " كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً

(3)

، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ

(1)

ثني فم السقاء والشرب منه.

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

المراد يتنفس أثناء شربه خارج الإناء، وهو أهنأ وأمرأ، كما ورد في رواية ابن أبي شيبة.

ص: 207

ثَلَاثاً "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، هو حفيد أنس، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد إذا شرب ماءً يجعله مرتين أولا ثلاثا، يتنفس بعد كل مرة خارج الإناء، ولا يتنفس في الإناء؛ لأنه لا يأمن تلوث المشروب، إذا كان الإناء كبيرا ويفْضل فيه ما يشرب، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

687 -

‌ باب مَنْ شَرِبَ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ

2157 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

(2)

، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى قَالَ:" كُنْتُ عِنْدَ مَرْوَانَ فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ فقال له مروان: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشراب؟ فَقَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ "، قَالَ:«فَأَبِنِ الإِنَاءَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنَفَّسْ» قَالَ: إِنِّي أَرَى الْقَذَاةَ، قَالَ:«أَهْرِقْهُ»

(3)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ومَالِكٌ، وأَيُّوبُ بْنُ حَبِيبٍ، هو مولى سعد بن أبي وقاص، مدني إمام ثقة روى له الترمذي والنسائي، والزُّهْرِيُّ، وأَبو الْمُثَنَّى، هو الجهني تابعي ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح: النفخ في الشراب ليس من أدب الشرب؛ لأنه مستقذر وربما تلوث الشراب بما يكون في نفس النافخ، والسنة ألا يتنفس في الإناء، وإذا رأى فيه القذاة أو ما يعكر شربه فيصغي الإناء حتى يخرج منه القذاة وغيرها ثم يشرب.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5631) ومسلم حديث (2028) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1317).

(2)

في بعض النسخ الخطية " عن الزهي " وهو خطأ.

(3)

فيه أبو المثنى الجهني، مقبول، ونقل توثيقه عن ابن معين كمافي رواية ابن منصور، وأخرجه الترمذي حديث (1887) وقال: حسن صحيح.

ص: 208

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2158 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَسْتَنْجِى بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ»

(1)

.

رجال السند: أَبُو الْمُغِيرَةِ، عبدالقدوس، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.

الشرح:

المراد من النهي تنزيه اليد اليمنى وإكرامها عن كل ما يستقذر، واليسار لما سوى ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

688 -

‌ بابٌ فِي الَّذِي يَكْرَعُ فِي النَّهْرِ

2159 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:" أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يَعُودُهُ، وَجَدْوَلٌ يَجْرِي "، فَقَالَ:«إِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ مَاءٌ بَاتَ فِي الشَّنِّ وَإِلاَّ كَرَعْنَا»

(2)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، هو ابن الطباع إمام تقدم، وفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، صدوق يخطئ تقدم، وسَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، ثقة تقدم، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

فيه جواز أن يكرع بفمه من الماء الجاري، كالأنهار والجداول، والعيون الجارية في الأودية، وفي رؤوس الجبال.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

689 -

‌ بابٌ فِي الشُّرْبِ قَائِماً

2160 -

(1) أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ ابْنَةِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (153) ومسلم حديث (267) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 151).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5613، وطرفه: 5621).

ص: 209

" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ مِنْ فَمِ قِرْبَةٍ قَائِماً "

(1)

.

رجال السند:

مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، إمام تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق تقدم، وعَبْدُ الْكَرِيمِ، هو ابن مالك الجزري، ثقة ثبت، والْبَرَاءُ بْنُ ابْنَةِ أَنَسٍ، هو ابن زيد البصري وثقه ابن حبان، وتفرد عبد الكريم بالرواية عنه، وأَنَسٍ، هو ابن مالك، أُمِّ سُلَيْمٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

فعل هذا صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز عند الضرورة، فيكون النهي للتنزيه وليس للتحريم، وليعلم أن شربه من فم السقاء ليس كغيره من الناس، فهو صلى الله عليه وسلم طيب الرائحة لا يقع منه تلويث ولا أذى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2161 -

(2) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْبَزَرِيِّ: يَزِيدَ بْنِ عُطَارِدَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" كُنَّا نَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ، وَنَأْكُلُ وَنَحْنُ نَسْعَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ " صلى الله عليه وسلم

(2)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، وأَبو الْبَزَرِيِّ: يَزِيدُ بْنُ عُطَارِدَ، مقبول قليل الحديث، تفرد بالرواية عنه ابن حدير، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا فيه بيان الجواز، والنهي عن ذلك محمول على التنزيه واستصحاب الأدب، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2162 - (3) أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

(1)

في سنده شريك أرجح أنه صدوق، والبراء بن زيد، مقبول، وأخرجه أحمد حديث (12871) صحيح.

(2)

فيه يزيد بن عطارد أبو البزري، وثقه ابن حبان (الثقات 5/ 547) ورواه الترمذي من طريق أخرى عن ابن عمر، حديث (1880) وقال: صحيح غريب، وصححه الألباني.

ص: 210

نَحْوَهُ

(1)

.

رجال السند:

أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

690 -

‌ باب مَنْ كَرِهَ الشُّرْبَ قَائِماً:

2163 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ:

" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً ". قَالَ: " وَسَأَلْتُهُ عَنِ الأَكْلِ، فَقَالَ: ذَاكَ أَخْبَثُ"

(2)

.

رجال السند:

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح: تقدم قريبا أن النهي ليس للتحريم، بل للتنزيه وحسن الأدب في الأكل والشرب، وفيه التواضع واحترام نعمة الأكل والشرب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2164 -

(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي زِيَادٍ الطَّحَّانِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ رَآهُ يَشْرَبُ قَائِماً:«قِء» قَالَ: لِمَ؟، قَالَ:«أَتُحِبُّ أَنْ تَشْرَبَ مَعَ الْهِرِّ؟» قَالَ: لا، قَالَ:«فَقَدْ شَرِبَ مَعَكَ شَرٌّ مِنْهُ الشَّيْطَانُ»

(3)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو زِيَادٍ الطَّحَّان، هو مولى الحسن بن علي، ثقه ابن معين، وهو من أفراد الدارمي، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وانظر:(المصنف لابن أبي شيبة حديث 4170) وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2024).

(3)

فيه أبو زيد الطحان، جهله الذهبي، وفي الحديث غرابة، وأخرجه أحمد حديث (8003) ولا معارضة بين جواز الشرب قائما والنهي عنه؛ فالفعل لبيان الجواز، والنهي محمول على الكراهة.

ص: 211

الشرح:

تقدم القول بأن النهي للتنزيه وليس للتحريم، وهذا من باب إشاعة الأدب وهو أولى بالعمل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

691 -

‌ باب الشُّرْبِ فِي الْمُفَضَّضِ

2165 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ»

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ونَافِعُ، وزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو حفيد عمر ابن الخطاب، تابعي ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، هو حفيد أبي بكر الصديق، وخالته أم سلمة، هو تابعي ثقة، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه تحريم أواني الفضة في الأكل والشرب، ومن وقع في ذلك فهو متوعد بالعذاب في النار، وذلك لله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2166 -

(2) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ:" خَرَجْنَا مَعَ حُذَيْفَةَ إِلَى الْمَدَائِنِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَى بِهِ وَجْهَهُ، فَقُلْنَا: اسْكُتُوا فَإِنَّا إِنْ سَأَلْنَاهُ لَمْ يُحَدِّثْنَا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ رَمَيْتُهُ؟، قُلْنَا: لَا، قَالَ: إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُهُ وَذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ "، وَقَالَ:

«هُمَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5634) ومسلم حديث (2065) أنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1337).

ص: 212

فِي الآخِرَةِ»

(1)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وابْنُ عَوْنٍ، هو عبد الله، ومُجَاهِدٌ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، هم أئمة ثقات تقدموا وحُذَيْفَةُ، رضي الله عنه.

الشرح: فيه نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأربع: أواني الذهب والفضة محرمة على المسلمين الرجال والنساء، لا يأكلون فيها ولا يشربون، والحرير والديباج محرم على الذكور دون النساء، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

692 -

‌ بابٌ فِي تَخْمِيرِ الإِنَاءِ

2167 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ فَقَالَ: «أَلَا خَمَّرْتَهُ

(2)

وَلَوْ تَعْرِضُ عَلَيْهِ عُوداً»

(3)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات، وجابرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد تغطية الأواني لحماية ما فيها من شراب أو طعام حتى لا يسري إليها ما يلوثها، أو يقع فيها ما يضر من الحشرات وغيرها، وأكد أهمية التغطية ولو بعود يوضع معترضا فوق الإناء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2168 -

(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5426) ومسلم حديث (2067) أنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1339).

(2)

المراد التغطية، وعدم تركه مكشوفا.

(3)

رجاله ثقات، وفي الأشربة أخرجه البخاري حديث (5605) ومسلم حديث (2010) أنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1309).

ص: 213

" أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَغْطِيَةِ الْوَضُوءِ، وَإِيكَاءِ السِّقَاءِ، وَإِكْفَاءِ الإِنَاءِ "

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدٌ، هو ابن مخلد، وسُهَيْلٌ، وأَبوه، أبو صالح ذكوان السمان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد من هذه الأوامر النبوية البعد عن الإهمال، لأن ماء الوضوء قد يتلوث بنجاسة تقع فيه، أو كلب يلغه، وغير ذلك، وإيكاء السقاء احتراز من عبث يذهب ما فيه، وإذا لم يكن السقاء معلقا تطرق إليه الضرر بتلوث أو غيره، وكب الإناء كذلك يحمى من الحشرات وغيرها من ذوات الضرر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

693 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ

2169 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ لأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: " هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ؟، قَالَ: نَعَمْ ".

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وأَيُّوبُ بْنُ حَبِيبٍ، وأَبو الْمُثَنَّى الْجُهَنِيِّ، هو تابعي ثقة، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِي، رضي الله عنه.

الشرح:

جاء النهي عن النفخ والتنفس في الإناء لتوقي ما قد يقع من تلوث يؤذي الأخرين إذا كان إناء الشرب واحدا لأكثر من شخص، ولإنه يستقذر وينافي الأدب، وانظر ما تقدم برقم 2158.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2170 -

(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:

(1)

سنده حسن، وأخرجه أحمد، حديث (8786) وهو طرف من حديث جابر عند مسلم حديث (12).

ص: 214

" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ "

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

694 -

‌ بابٌ فِي سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْباً

2171 -

(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْباً»

(2)

.

رجال السند:

عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو القيسي، وثَابِتٌ، هو البناني، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ، هو الأنصاري تابعي ثقة له أحاديث، وأَبو قَتَادَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا من كمال الأدب، فلا يبدأ الساقي بنفسه، بل بالأكبر والأهم، من أصحاب الفضل والمكانة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب الرؤيا

695 -

‌ بابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}

(3)

2172 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَبَانُ، ثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَوْلُ اللَّهِ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3728) وصححه الألباني، والترمذي حديث (1888) وقال: حسن صحيح.

(2)

رجاله ثقات، وهو طرف من حديث أبي قتادة عند مسلم حديث (681).

(3)

من الآية (64) من سورة يونس.

ص: 215

{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}

(1)

فَقَالَ: «سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، أَوْ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي» قَالَ: «هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ»

(2)

.

رجال السند:

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وأَبَانُ، هو ابن يزيد، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبدالرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.

الشرح:

ذكر العلماء رحمه الله أن الرؤيا على أحوال، منها المبشرات وهي الرؤيا الصادقة من الله عز وجل تسر رائيها وقد تكون صادقة منذرة من الله عز وجل لا تسر رائيها يريها الله عز وجل المؤمن رفقا به ورحمة له؛ ليستعد لنزول البلاء قبل وقوعه، والرؤيا لها أسباب منها الوسوسة، ومنها تحزين للمؤمن، ومنها من حديث النفس في اليقظة فيراه في نومه، ومنها ما هو وحى من الله رضي الله عنه، فما كان من حديث النفس، ووسوسة الشيطان فإنه لا يظهر في الواقع فيكون كاذبا، وما كان من قبل الله عز وجل فإنه الرؤيا الصادقة، يراها المؤمن أو ترى له من غيره.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

696 -

‌ بابٌ فِي رُؤْيَا الْمُسْلِمِ

جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ

2173 -

(1) أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ»

(3)

.

(1)

من الآية (64) من سورة يونس.

(2)

الحديث في سنده أبو سلمة بن عبد الرحمن، يرى البعض أنه لم يسمع من عبادة، ويؤيده رواية الترمذي " نبئت " وأخرجه الترمذي حديث (2275) وقال: حسن، وابن ماجه حديث (3898) ويشهد له حديث ابن عباس عند مسلم حديث (479).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6987) ومسلم حديث (2264) أنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1468).

ص: 216

رجال السند:

الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، وعُبَادَةُ ابْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنهما.

الشرح: اختلف العلماء رحمهم الله في عدد الأجزاء، حتى إن بعضهم نزل العدد على مدة الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس كل رؤيا جزء من النبوة، إلا إذا وقعت لمسلم مؤمن صالح، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

697 -

‌ باب ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ

2174 -

(1) أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ»

(1)

.

رجال السند:

هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو أبو موسى الحمال، بغدادي إمام ثقة حافظ، روى له الستة عدا البخاري، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، هو القداح لا بأس به تقدم، وأَبوه، لم أعرفه، وسِبَاعُ بْنُ ثَابِتٍ، هو القرشي حليف بني زهرة، صدوق ليس له إلا هذا الحديث، وأُمُّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

698 -

‌ بابٌ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

2175 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ

(1)

فيه أبو يزيد، والد عبيد الله، تفرد بالرواية عنه ابنه، ووثقه العجلي، وأخرجه ابن ماجه حديث (3896) وصححه الألباني، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري، حديث (6589).

ص: 217

مِثْلِي»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وأَبو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، وأَبو الأَحْوَصِ، هو سلام بن سليم، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ عَبْدِ اللَّه، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

هذا من تكريم الله عز وجل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إذ منع الشيطان أن يتمثل بصورته، وأن من رآه في المنام فقد رآه على الحقيقة، وسيراه يوم القيامة عموم الأمة، أسأل الله عز وجل ألا يحرمنا رؤيته على الحقيقة في الدنيا والآخرة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2176 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفي، هو الحمصي صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، هو الخولاني أبو عبد الله الحمصي، إمام حافظ ثقة، روى له الستة، والزُّبَيْدِيِّ، هو محمد بن الوليد، ثقة عالم بالفتوى، لقي الزهري وكتب عنه، والزُّهْرِيُّ، وأَبو سَلَمَةَ، هما إمامان تقدما، وأَبو قَتَادَة، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أنه رأى الرسول على الحقيقة، وانظر السابق.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (2276) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (3900) وصححه الألباني، وله شاهد في الصحيحين من حديث أبي هريرة: البخاري حديث (6592) ومسلم حديث (6056) أنظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1461).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6996) ومسلم حديث (2267) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 218

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

699 -

‌ بابٌ فِي مَنْ يَرَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا

2177 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْماً يَخَافُهُ، فَلْيَبْصُقْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو قتادة رضي الله عنه.

الشرح:

هذه وصفة نبوية مباركة، لكل من يقع له في نومه حُلما يخيفه أن يعمل بهذه الوصفة جازما غير شاك فإن ما أزعجه لا يضره بإذن الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2178 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: " إِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِي قَتَادَةَ قَالَ: وَأَنَا إِنْ كُنْتُ لأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ":

«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَحِبُّ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُهُ، فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثاً، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَداً، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو ثقة كثير الحديث، وأَبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، وهم أئمة ثقات تقدموا.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3292) ومسلم حديث (2261) أنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1456).

(2)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، انظر السابق.

ص: 219

الشرح:

تقدم ما يتعلق بالرؤيا المخيفة وذكر وصفةٍ إذا كانت الرؤيا مفرحة، فيبادر الرائي إلى الثناء على الله عز وجل ولا يخبر بها إلا من يحب، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

700 -

‌ باب الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ

(1)

2179 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: فَالرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَالرُّؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَالرُّؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُهُ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ وَلْيَقُمْ وَلْيُصَلِّ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، هو العبدي، ومَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، هو المصيصي ثقة، كان من عقلاء الرجال، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، وابْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.

الشرح: تقدم البيان برقم 2173.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

701 -

‌ باب أَصْدَقُ النَّاسِ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثاً

2180 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنُ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثاً»

(3)

.

رجال السند: انظر السابق.

(1)

من هنا بدأ النقص في (ك) وفي (ت).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (7017) ومسلم حديث (2263) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(3)

رجاله ثقات، وهو طرف من سابقه.

ص: 220

الشرح:

المراد تقارب آخره وظهور الفتن وقرب قيام الساعة بظهور علاماتها، ومن ذلك موت العلماء وانقطاع العلم الشرعي، وقلة من يقتدى به في العلم والعمل، فيرى المؤمن الرؤيا مناما وتقع له يقظة رأي العين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

702 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَحَلَّمَ الرَّجُلُ رُؤْيَا لَمْ يَرَهَا

2181 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ كَذَبَ فِي حُلْمِهِ، كُلِّفَ عَقْدَ شَعِيرَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، وإِسْرَائِيلُ، وعَبْدُ الأَعْلَى، هو ابن عامر الثعلبي ضعيف، وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو عبد الله بن حبيب السلمي، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَلِيٌّ، هو ابن أبي طالب رضي الله عنه.

الشرح:

هذا وعيد شديد؛ لأن الكاذب في الرؤيا يكلف يوم القيامة أن يعقد بين حبتي شعير، ومستحيل أن يقوم بذلك، وكانت هذه العقوبة؛ لأنه أرى عينيه في منامه ما لم تر، فكان أحق بأعظم عقوبة؛ وذلك لتظاهر الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، والنبوة لا تكون إلا وحيا من الله عز وجل، فعلم أن الكاذب في نومه كاذب على الله عز وجل؛ لأنه زعم أنه رأى ما لم ير، والكاذب على الله عز وجل أعظم فرية، وأولى بعظيم العقوبة من الكاذب على نفسه في اليقظة بأنه فعل ما لم يفعل.

(1)

فيه عبد الأعلى بن عامر، ضعيف، وأخرجه الترمذي حديث (2282، 2283) وقال: هذا حديث حسن، ويشهد له حديث ابن عباس عند البخاري حديث (7042).

ص: 221

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

703 -

‌ باب أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالأَسْحَارِ:

2182 -

(1) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالأَسْحَارِ»

(1)

.

رجال السند: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الطاطري، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، هو الفهري، وعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، هو الأنصاري، ودَرَّاجٌ أَبِي السَّمْحِ، هو ابن سمعان صدوق في غير أبي الهيثم، وأَبو الْهَيْثَمِ، هو العتواري، وهم ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحا ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل، يأتيك به ملك الرؤيا، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها، وهي على أنواع، تقدم ذكرها برقم 1952.

أما كون الأصدق من الرؤيا يكون بالأسحار، فلأن السحر وقت نزول الرب إلى السماء الدنيا، فالداعي في هذا الوقت موعود بالإجابة، فإذا دعا صاحب الرؤيا وقد كانت في السحر، فإن كانت مبشرة شكر الله ودعا، وإن كانت محذرة حمد الله ودعا بالسلامة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

704 -

‌ باب كَرَاهِيَةِ أَنْ يَعْبُرَ الرُّؤْيَا إِلاَّ عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ

2183 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَة، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«لَا تَقُصُّوا الرُّؤْيَا إِلاَّ عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ»

(2)

.

(1)

فيه دراج روايته عن أبي الهيم متكلم فيها، وأخرجه الترمذي حديث (2443) ولم يعقب عليه، وضعفه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (2281) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 222

رجال السند:

هو الرقاشي، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، سَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةَ، وابْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه التوجيه إلى ما هو أسلم، ولا ينبغي لمن يرون في المنام أن يخبروا بها كل أحد، فقد تؤل الرؤيا على غير وجهها الصحيح، فقد تكون رؤيا فيها نذارة وتحذير، وقد تكون رؤيا صالحة فالعالم أدرى بتأويل الرؤيا، ولا سيما إذا كانت رؤيا فيها تحذير، وكذلك الناصح وذا المودة يستنصح فيما يعلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

705 -

‌ باب الرُّؤْيَا لَا تَقَعُ مَا لَمْ تُعَبَّرْ

2184 -

(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ:

سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ عُدُسٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الرُّؤْيَا هِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ يُحَدَّثْ بِهَا، فَإِذَا حُدِّثَ بِهَا وَقَعَتْ»

(1)

.

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، هو الكناني، وشُعْبَةُ، ويَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، هو الطائفي، هم أئمة ثقات تقدموا، ووَكِيعُ بْنُ عُدُسٍ، هو أبو مصعب مقبول، وعَمُّهُ أَبو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ " المراد أنها شبيهة بما يعلق على رجل طائر لأنه لا يستقر، والجاهل لا يعبر الرؤيا، وإنما العالم هو الذي يعبرها، وهذا مثل لتعلق الرؤيا بالتأويل، يفيد أن الرؤيا معلقة تنتظر التأويل، فإن قصها صاحبها على من يحب حدثه فيها بخير، كان بمشيئة الله عز وجل خير له، وإن قصها على من لا علم له أو مبغض لا يريد خيرا ينال صاحبها، فيؤلها بسوء فيقع القضاء على ما ذكر من الشر، والله عز وجل فعال لما يريد، وتقدم أن الرؤيا لا تقص إلا على عالم، أو ناصح محب.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (5020) والترمذي حديث (2278، 2279) وقال: حسن صحيح، وابن ماجة حديث (3914) وهو حسن لغيره.

ص: 223

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

706 -

‌ بابٌ فِي رُؤْيَةِ الرَّبِّ تَعَالَى فِي النَّوْمِ

2185 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي، الْوَلِيدُ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ خَالِدِ ابْنِ اللَّجْلَاجِ، وَسَأَلَهُ مَكْحُولٌ أَنْ يُحَدِّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ عَائِشٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَبِّي في أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأُ الأَعْلَى؟، فَقُلْتُ: أَنْتَ أَعْلَمُ يَا رَبِّ، قَالَ: فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفي فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» وَتَلَا:

{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، والْوَلِيدُ، هو ابن مسلم العنبري، وابْنُ جَابِرٍ، هو عبد الرحمن ابن يزيد، وخَالِدُ بْنُ اللَّجْلَاجِ، هو أبو إبراهيم الحمصي، تابعي إمام ثقة، من فقهاء الشام، وَمَكْحُولٌ، هو الشامي، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عَائِشٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

وهذا الحديث مختلف في قوته وضعفه، وقد صحح بعض العلماء بعض رواياته، وفيه مبالغات، اعتمد عليها من يغلو في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم غلوا قد يخرجه عن حد البشرية التي وصفه الله بها في كتابه العزيز، وزعموا أنه يعلم كل شيء، مما كان وما يكون، وتجرأ من وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه يعلم علم اللوح والقلم، وهذا اعتقاد باطل، ومصادم لنصوص الكتاب والسنة، لذلك قال البيهقي: وفي ثبوت هذا الحديث نظر (الأسماء والصفات 301) وقد خاض أناس في هذه الرؤية هل كانت يقظة أو مناما، ومن زعم أنها يقظة فقد غلط، لذلك قال ابن الجوزي: هذه أحاديث مختلفة، وأحسن طرقها يدل على أن ذلك كان في النوم، ورؤيا المنام وهم، والأوهام لا تكون حقائق، وكذلك الأسماء والصفات القاعدة فيها عند أهل السنة والجماعة قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الآية (11) من سورة الشورى، فلا تأويل ولا تكييف ولا تشبيه.

(1)

من الآية (75) من سورة الأنعام.

ص: 224

وهذه المسألة أقول فيها بقول ابن قتيبة رحمه الله قال: ونحن نقول: إن الله لا تدركه الأبصار يعني: في الدنيا، وهو يدرك الأبصار، فإذا كان يوم القيامة، رآه المؤمنون كما يرون القمر ليلة البدر، وقد سأله موسى عليه السلام فقال:{رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}

(1)

،

يريد أن يتعجل من الرؤية ما أجله الله تعالى له ولأمثاله من أوليائه، فقال:{لَنْ تَرَانِي}

(2)

، وانظر التعليق في الهامش رقم (1).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2186 -

(2) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو أبو يحيى الحماني، كوفي صدوق قيل: إنه يرى الإرجاء، وقُطْبَةُ، هو ابن عبد العزيز بن سياه الأسدي، كوفي صدوق روى له الستة عدا البخاري، ويُوسُفُ، هو ابن ميمون المخزومي كوفي ضعيف، وابْنُ سِيرِينَ قَالَ:" مَنْ رَأَى رَبَّهُ فِي الْمَنَامِ دَخَلَ الْجَنَّةَ "

(3)

.

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو حسن الحديث، وعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قُطْبَةَ عَنْ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، هو محمد إمام تقدم.

الشرح:

هذا سند لا تقوم به حجة على مثل هذا القول، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

707 -

‌ باب فِي الْقُمُصِ وَالْبِئْرِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي النَّوْمِ

2187 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ - هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ،

(1)

من الآية (143) من سورة الأعراف.

(2)

انظر تأويل مختلف الحديث 1/ 214.

(3)

فيه عبد الحميد الحماني متكلم فيه، ويوسف بن ميمون المخزومي ضعيف، وانظر: القطوف (909/ 2208).

ص: 225

مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ» فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: فَمَاذَا تَأَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ:«الدِّينُ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هما إما مان ثقتان تقدما، وأَبو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، هو مدني تابعي متفق على توثيقة، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه تأويل رؤيا القميص بأنه الدين، وقد ما يكون القميص سابغا، فهو علامة على مقدار الصلابة في الدين، ولذلك جر عمر رضي الله عنه قميصه في الرؤيا دليل على قوة تدينه، وهو المعروف من سيرة عمر رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2188 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ عُمَرَ - عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ:" كُنْتُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا لِي مَبِيتٌ إِلاَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ النَّبِيُّ إِذَا أَصْبَحَ يَأْتُونَ فَيَقُصُّونَ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا لِي لَا أَرَى شَيْئاً؟، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ فَيُرْمَى بِهِمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ فِي رَكِيٍّ، فَأُخِذْتُ فَلَمَّا دَنَا إِلَى الْبِئْرِ قَالَ رَجُلٌ: خُذُوا بِهِ ذَاتَ الْيَمِينِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ هَمَّتْنِي رُؤْيَايَ، وَأَشْفَقْتُ مِنْهَا، فَسَأَلْتُ حَفْصَةَ عَنْهَا فَقَالَتْ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، فَقُلْتُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتُ؟! فَقُلْتُ لَهَا: سَلِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَسَأَلَتْهُ " فَقَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، هو عبيد الله بن عبد المجيد إمام تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، هو العمري، ضُعّف وقيل صدوق، ونَافِعٌ، إمام تقدم، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

(1)

فيه كاتب الليث، حديثه لا يقل عن الحسن، وأخرجه البخاري حديث (23) ومسلم حديث (2390) أنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1545).

(2)

فيه عبد الله بن عمر العمري ضعيف، ويقويه ما في الصحيحين البخاري حديث (1122، 3739) ومسلم حديث (2479) وأنظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1611).

ص: 226

كان ابن عمر رضي الله عنه حريصا على الفرائض، وكان إذا نام لم يقم حتى يصبح، ولما كان مبيته في المسجد جاءته الرؤيا أنه على خير فيما يعمل، ولذلك قيل له: خذوه ذات اليمين، ولما سأل عن تأويل الرؤيا وقع له الثناء وأرشد إلى أهمية قيام الليل، فلم يترك صلاة الليل بعد ذلك، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2189 -

(3) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " وَكُنْتُ إِذَا نِمْتُ لَمْ أَقُمْ حَتَّى أُصْبِحَ ". قَالَ نَافِعٌ: " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّى بِاللَّيْلَ "

(1)

.

رجال السند:

مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، هو أبو الوليد الحلبي، شامي صدوق روى له مسلم، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيِّ، وعُبَيْدِ اللَّهِ، هو العمري، ونَافِعٌ، وهم أئمة ثقات تقدموا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: المراد أنه لم يترك صلاة الليل، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2190 -

(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لأَرَى الرِّيَّ فِي ظُفْرِي - أَوْ قَالَ: فِي أَظْفَارِي - ثُمَّ نَاوَلْتُ فَضْلَهُ عُمَرَ» .

فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَوَّلْتَهُ؟، قَالَ:«الْعِلْمُ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هو حفيد عمر بن الخطاب، ثقة إمام، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

فيه موسى بن خالد ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 161) وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (82) ومسلم حديث (2391) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1611).

ص: 227

الشرح:

هذا تأويل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يؤل أيضا بالفطرة، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2191 -

(5) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا الْوَلِيدُ، ثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّبَنُ الْفِطْرَةُ، وَالسَّفِينَةُ نَجَاةٌ، وَالْجَمَلُ حُزْنٌ، وَالْخُضْرَةُ الْجَنَّةُ، وَالْمَرْأَةُ خَيْرٌ

(1)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، الْوَلِيدُ، هو ابن مسلم العنبري، وابْنُ جَابِرٍ، هو عبد الرحمن بن يزيد، ومُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ، مَوْلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، سكت عنه الإمامان البخاري وأبو حاتم.

الشرح:

المراد أن تأويل هذه إذا وردت رؤيتها في المنام فهي مبشرات، عدا رؤية الجمل فهي حزن أو عدو للرائي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2192 -

(6) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ - هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ - عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا فَلْيَقُصَّهَا عَلَيَّ فَأَعْبُرَهَا لَهُ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ ظُلَّةً بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ تَنْطِفُ عَسَلاً وَسَمْناً، وَرَأَيْتُ سَبَباً وَاصِلاً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَرَأَيْتُ أُنَاساً يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَمُسْتَكْثِرٌ وَمُسْتَقِلٌّ، فَأَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ فَأَعْلَاكَ

اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ الَّذِي بَعْدَكَ فَعَلَا فَأَعْلَاهُ اللَّهُ، ثُمَّ

(1)

محمد بن قيس روايته عن الصحابة مرسلة، إلا أن يصح أنه الرجل الذي قدم على عمر بن عبد العزيز من الشام، أخرجه أبو يعلى بسنده عن رجل من أهل الشام قال: كنا جلوسا عند عمر ابن عبد العزيز فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ههنا رجل قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقام عمر رحمه الله فقمنا معه، فقال: أنت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قال: نعم، قال: فهل سمعت منه شيئا؟، أو رأيته يصنع شيئا؟، قال: إني رأيته عليه كبكبة من الناس، ورجل يسأله عن الرؤيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرؤيا ستة

" الحديث (معجم شيوخ أبي يعلى الموصلي 259 - 260) وانظر: القطوف (911/ 2213).

ص: 228

أَخَذَ الَّذِي بَعْدَهُ فَعَلَا فَأَعْلَاهُ اللَّهُ، ثُمَّ

أَخَذَ الَّذِي بَعْدَهُ فَقُطِعَ بِهِ ثُمَّ وُصِلَ فَاتَّصَلَ ".

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فَأَعْبُرَهَا، فَقَالَ: «اعْبُرْهَا» وَكَانَ أَعْبَرَ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلَامُ، وَأَمَّا الْعَسَلُ وَالسَّمْنُ فَالْقُرْآنُ: حَلَاوَةُ الْعَسَلِ، وَلِينُ السَّمْنِ، وَأَمَّا الَّذِينَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهُ فَمُسْتَكْثِرٌ وَمُسْتَقِلٌّ: فَهُمْ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ " فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَصَبْتَ وَأَخْطَأْتَ» فَقَالَ: " فَمَا الَّذِي أَصَبْتُ، وَمَا الَّذِي أَخْطَأْتُ؟

(1)

،

فَأَبَي أَنْ يُخْبِرَهُ "

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ - هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ - عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

أرى الاكتفاء بتأويل أبي بكر رضي الله عنه، وعدم الخوض بالمزيد من التأويل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2193 -

(7) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثَنَا مِسْكِينٌ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ ابْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ:" رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ شَمْساً أَوْ قَمَراً - شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ - فِي الأَرْضِ يُرْفَعُ إِلَى السَّمَاءِ بِأَشْطَانٍ شِدَادٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «ذَاكَ ابْنُ أَخِيكَ» يَعْنِي: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ "

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، هو الجمال إمام تقدم، ومِسْكِينٌ الْحَرَّانِيُّ، هو ابن بكير صدوق تقدم، وجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، هو الجزري إمام تقدم، ويَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، هو تابعي ثقة تقدم، والْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِب، رضي الله عنه.

الشرح: المراد أن انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ليس بعيدا.

(1)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (7000) ومسلم حديث (2269) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1462).

(3)

رجاله ثقات، وانظر: القطوف (912/ 2215).

ص: 229

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2194 -

(8) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ: أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفاً فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ كَأَحْسَنِ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضاً بَقَراً وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصَّبْرِ، وَالَّذِي آتَانَا بَعْدَ

يَوْمِ بَدْرٍ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، وبُرَيْدٌ، هو ابن عبد الله يروي عن جده أبي بردة، وأَبو بُرْدَةَ، هو الحارث أو عامر بن أبي موسى، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مُوسَى، هو الأشعري رضي الله عنه.

الشرح:

هذه الرؤيا أولها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقت رؤياه صلى الله عليه وسلم فيما قال، يوم أحد، ولا مزيد على ذلك، ولكن المهلب رحمه الله قال في رؤيا السيف: " هذه الرؤيا على ضرب المثل وغير الوجه المرئي والسيف ليس هو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكنهم لما كانوا ممن يصول بهم النبي صلى الله عليه وسلم كما يصول بالسيف ويغنون عنه غنى السيف عبر عنهم بالسيف، وللسيف وجوه، فمن تقلده في المنام فإنه ينال سلطانا أو ولاية، أو إمامة أو وديعة يعطاها، أو زوجة ينكحها إن كان عزبا، أو تلد زوجته غلاما إن كانت حاملا، فإن سله من غمده وتكسر الغمد وسلم السيف فإن امرأته تموت، وينجو ولده، فإن تكسر السيف وسلم الغمد هلك الولد وسلمت الأم، وربما يكون السيف أباه أو عمه أو أخاه يموت، فإن انكسرت النعلة ماتت أمه، أو خالته أو نظيرهما، والقائم أبدا في آباء، والنعلة في الأمهات، فإن رآه بيده وتهيأ ليلقى به عدوا أو يضرب به شخصا، فسيفه لسانه يجرده في خصومه أو منازعه، فإن لم تكن له نية وكان بذلك في مسجد أو كان الناس يتوضؤون

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3622) ومسلم حديث (2272) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1464).

ص: 230

من عنده، أو رأى شيئا في لحيته، فإنه يقوم مقاما بحجة، ويبدي لسانه بالنصيحة، والعلم والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وربما يكون السيف سلطانا جائرا

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2195 -

(9) أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، وَرَأَيْتُ بَقَراً يُنْحَرُ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ الْمَدِينَةُ، وَأَنَّ الْبَقَرَ نَفَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ، وَلَوْ أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ» فَقَالُوا: " وَاللَّهِ مَا دُخِلَتْ عَلَيْنَا فِي جَاهِلِيَّةٍ، فَتُدْخَلُ عَلَيْنَا فِي الإِسْلَامِ" قَالَ: «فَشَأْنَكُمْ إِذاً» .

وَقَالَتِ الأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: " رَدَدْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَأْيَهُ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَأْنُكَ " فَقَالَ: «الآنَ؟ إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَامَتَهُ أَنْ يَضَعَهُ حَتَّى يُقَاتِلَ»

(2)

.

رجال السند:

الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَبُو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ جَابِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

كان هذا وهم يتهيؤون لقتال المشركين في وقعة أحد، وقد أول لأصحابه رضي الله عنهم أن الدرع الحصينة هي المدينة وقال: امكثوا في المدينة، فإن دخل القوم قاتلناهم ورُمُوا من فوق البيوت، وكانوا قد شبّكوا المدينة بالبنيان، فهي كالحصن، ولكن حمزة بن عبد المطلب وجماعة من شباب الصحابة رضي الله عنهم اختاروا الخروج؛ لئلا تظن قريش أنهم لم يخرجوا جبناً وخوفاً منهم، فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيهم، فصلى الجمعة ووعظ الناس وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم، ثم صلى العصر، ودخل بيته، ولبس لامته وخرج متقلداً سيفه، فندم الذين اختاروا الخروج، وقالوا: ما كان ينبغي لنا أن نخالفك، فاصنع ما شئت، فقال: ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها فخرج يوم الجمعة، فأصبح في الشعب من أُحُد يوم السبت منتصف شوال، وجعل لواء الأوس بيد أسيد بن حضير، ولواء الخزرج بيد حباب بن المنذر، ولواء المهاجرين بيد علي بن أبي طالب، وكان في

(1)

شرح صحيح البخاري لابن بطال 9/ 553.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (14829).

ص: 231

المسلمين مائة دارع، وكان عددهم ألف مقاتل، فانخذل عبد الله بن أبي ورجع ومعه ثلاثمائة، وكان على ميمنة خيل المشركين خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة ابن أبي جهل، وعلي المشاة صفوان بن أمية. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير الأوسي، وكان عددهم خمسين رامياً أقامهم النبي صلى الله عليه وسلم على الجبل المعروف بجبل الرماة، وقال لهم: احموا ظهورنا، وإن رأيتمونا هزمنا القوم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، ونشب القتال، ولم يزل حملة اللواء يقتلون واحداً بعد الآخر حتى أصبح اللواء طريحاً على الأرض فحملته امرأة؛ وهي عمرة بنت علقمة الحارثية وكان عدد الذين قتلوا من حملة اللواء أحد عشر رجلاً، فتفرّق جيشهم إلى كتائب متعددة، وانهزم المشركون. غير أن المسلمين اهتموا بالغنائم، وطمع الرماة في الغنيمة، وأسرعوا إلى الغنائم يأخذونها قائلين الغنيمة الغنيمة، وذكَّرهم أميرهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أن لا يبرحوا الجبل، فلم يلتفتوا إليه، وذهبوا لجمع الغنائم فلما وقع ذلك منهم، نظر خالد بن الوليد إلى مؤخرة الجيش، فرأى الجبل خالياً، ولم يبق عليه سوى القليل فكر بخيله عليهم، فقتل عبد الله بن جبير ومن معه، وهاجم مؤخرة الجيش فارتبك المسلمون، وصار يضرب بعضهم بعضاً، ووقعت الهزيمة فيهم، فأصيب منهم سبعون قتيلاً، وشاع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، ووصلت هذه الإشاعة إلى أبي سفيان، فأراد أن يتأكد من ذلك، فنادى بأعلى صوته أفي القوم محمد؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم عمر؟ فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يجيبوه، فلما لم يسمع منهم جواباً قال: إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يقدر عمر أن يسيطر على نفسه، ويمنعها عن الإِجابة، فقال لأبي سفيان:" كذبت يا عدوَّ الله " أي كذَّب الله ظنك، وخيَّب أملك " وأبقى الله عليك ما يحزنك " وهو بقاء النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أبو سفيان أن يعبر عن فرحه وسروره واعتزازه بآلهتهم الباطلة، فقال: أعل هبل؟، أي: زدت عزاً ورفعة وعلواً يا هبل بانتصارنا على محمد وأصحابه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يجيبوه بقولهم:" الله أعلى وأجل" فأراد أبو سفيان أن يفاخر المسلمين ببعض أسماء آلهتهم، وأنهم ليس لهم مثلها فقال:" لنا العزى ولا عزى لكم " فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه بقولهم: " الله مولانا ولا مولى لكم"، أي: الله ناصرنا ولا ناصر لكم، عند ذلك قال أبو سفيان:" يوم بيوم بدر"، أي: هذا اليوم مقابل يوم بدر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أصاب منهم يوم بدر

ص: 232

سبعين قتيلاً، وأصابوا من المسلمين يوم أحد سبعين شهيداً، فكانت هذه بهذه والحرب سجال " أي نوب، نوبة لك ونوبة لنا، مرة تغلبنا، ومرة نغلبك فأقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا سفيان على ذلك ولم يجبه؛ لأنه الحقيقة والواقع، ثم قال أبو سفيان: " وتجدون مُثْلَةً" أي: وتجدون في قتلاكم بعض التمثيل بهم من جدع أنوفهم، وقطع آذانهم، قال:

" لم آمر بها " أي لم آمر بهذه المثلة قبل وقوعها، " ولم تسؤني " بعد وقوعها

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2196 -

(10) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«أَكْرَهُ الْغُلَّ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ، الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةَ، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الغل قيد تقيد به اليدان والعنق، ورؤيا القيد نذير شر، والقيد من غير الغل فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالثبات في الدين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2197 -

(11) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى ابْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الشَّعْرِ تَفِلَةً، أُخْرِجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأُسْكِنَتْ مَهْيَعَةَ، فَأَوَّلْتُهَا وَبَاءَ الْمَدِينَةِ، يَنْقُلُهَا اللَّهُ إِلَى مَهْيَعَةَ»

(3)

.

(1)

انظر نار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (4/ 335 - 338).

(2)

رجاله ثقات، وهذا طرف من حديث البخاري حديث (7017) ومسلم حديث (2263) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (7038).

ص: 233

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، وابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، هو عبد الرحمن، ومُوسَى ابْنُ عُقْبَةَ، وسَالم بن عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

الشرح:

قوله: " تَفِلَةً " المعنى ذات رائحة كريهة، وقوله:" مهيعة " هي الحجفة، وهو اسمها اليوم، وكانت المدينة ذات عيون ومياه تسيل غيلا، وكانت وبية ولا استبعد أن يكون الوباء الذي يصيب الناس فيها هو حمى الملاريا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنقل حماها إلى مهيعة في الجحفة أرض اليهود، وكانت الرؤيا مبشرة بالاستجابة ونقل الوباء إلى مهيعة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2198 -

(12) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ يَوْماً مِنَ الأَيَّامِ:«إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ، أَنَّ رَجُلاً أَتَانِي بِكُتْلَةٍ مِنْ تَمْرٍ فَأَكَلْتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا نَوَاةً آذَتْنِي حِينَ مَضَغْتُهَا، ثُمَّ أَعْطَانِي كُتْلَةً أُخْرَى فَقُلْتُ إِنَّ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي وَجَدْتُ فِيهَا نَوَاةً آذَتْنِي فَأَكَلْتُهَا» .

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " نَامَتْ عَيْنُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ السَّرِيَّةُ الَّتِي بَعَثْتَ بِهَا غَنِمُوا مَرَّتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، وَجَدْنَا رَجُلاً يَنْشُدُ ذِمَّتَكَ "

(1)

.

فَقُلْتُ لِمُجَالِدٍ: " مَا يَنْشُدُ ذِمَّتَكَ؟، قَالَ: يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ".

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ إمام تقدم، ويَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو كوفي صدوق له عن عبيدة غرائب، وعَبِيدَةُ بْنُ الأَسْوَدِ، صالح يعتبر به، روى له الترمذي وابن ما جه، ومُجَالِدٌ،

هو ابن سعيد مقبول، عَامِرٍ، هو الشعبي، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه الرواية رغم ضعف السند لا غرابة فيها من حيث البشارة بالنصر والإسلام.

(1)

فيه مجالد بن سعيد ضعيف، وأخرجه أحمد حديث (15323).

ص: 234

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2199 -

(13) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، ثَنَا يُونُسُ - هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ - أَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: " كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَهَا زَوْجٌ تَاجِرٌ يَخْتَلِفُ، فَكَانَتْ تَرَى رُؤْيَا كُلَّمَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَلَّمَا يَغِيبُ إِلاَّ تَرَكَهَا حَامِلاً، فَتَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَقُولُ: إِنَّ زَوْجِي خَرَجَ تَاجِراً وَتَرَكَنِي حَامِلاً، فَرَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ سَارِيَةَ بَيْتِي انْكَسَرَتْ، وَأَنِّي وَلَدْتُ غُلَاماً أَعْوَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خَيْرٌ، يَرْجِعُ زَوْجُكِ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى صَالِحاً، وَتَلِدِينَ غُلَاماً بَرًّا» فَكَانَتْ تَرَاهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً، كُلُّ ذَلِكَ تَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ ذَلِكَ لَهَا، فَيَرْجِعُ زَوْجُهَا، وَتَلِدُ غُلَاماً، فَجَاءَتْ يَوْماً كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَائِبٌ، وَقَدْ رَأَتْ تِلْكَ الرُّؤْيَا فَقُلْتُ لَهَا: عَمَّ تَسْأَلِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا أَمَةَ اللَّهِ؟، فَقَالَتْ: رُؤْيَا كُنْتُ أُرَاهَا فَآتِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْأَلُهُ عَنْهَا فَيَقُولُ: خَيْراً فَيَكُونُ كَمَا قَالَ.

فَقُلْتُ: فَأَخْبِرِينِي مَا هِيَ، قَالَتْ: حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْرِضَهَا عَلَيْهِ كَمَا كُنْتُ أَعْرِضُ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهَا حَتَّى أَخْبَرَتْنِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَيَمُوتَنَّ زَوْجُكِ، وَتَلِدِينَ غُلَاماً فَاجِراً، فَقَعَدَتْ تَبْكِي وَقَالَتْ: مَا لِي حِينَ عَرَضْتُ عَلَيْكِ رُؤْيَايَ؟، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا:«مَا لَهَا يَا عَائِشَةُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، وَمَا تَأَوَّلْتُ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَهْ يَا عَائِشَةُ، إِذَا عَبَرْتُمْ لِلْمُسْلِمِ الرُّؤْيَا فَاعْبُرُوهَا عَلَى خَيْرٍ، فَإِنَّ الرُّؤْيَا تَكُونُ عَلَى مَا يَعْبُرُهَا صَاحِبُهَا» فَمَاتَ وَاللَّهِ زَوْجُهَا وَلَا أُرَاهَا إِلاَّ وَلَدَتْ غُلَاماً فَاجِراً "

(1)

.

رجال السند: عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، هو أبو محمد الكوفي، ويُونُسُ بْنُ بُكَيْر، وابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، هو الهلالي، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه إرشاد المعبرين للرؤى إلى التماس طلب الخير والسلامة للرائي، ولو علم المعبر فيه إرشاد المعبرين للرؤى إلى التماس طلب الخير والسلامة للرائي، ولو علم المعبر

(1)

فيه عنعنة ابن إسحاق، وقال الحافظ ابن حجر: وعند الدارمي بسند حسن، عن سليمان بن يسار

الخ (الفتح 12/ 432) وانظر: القطوف (913/ 2221).

ص: 235

أنها على خلاف ذلك، ومن رحمة الله عز وجل أنه جعلها على ما تؤل، فليلتمس الخير ويجتنب التأويل السيء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب النكاح

(1)

708 -

‌ باب الْحَثِّ عَلَى التَّزْوِيجِ

2200 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ أَبِي الْمُغَلِّسِ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ فَلَمْ يَنْكِحْ فَلَيْسَ مِنَّا»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو الْمُغَلِّسِ، مختلف في اسمه، مقبول تفرد ابن جريج بالرواية عنه، وأَبو نَجِيحٍ، هو الثقفي عايد وثقه الجمهور.

الشرح:

المراد ليس من العاملين بالسنة؛ لأن النكاح سنة في حق من ملك القدرة على المهر والنفقة، ومن لم يجد ما يمكنه من الزواج فعليه باستعمال ما يخفف غريزته، وانجع ما يفيد في هذا الصوم، وما عداه فلا تؤمن عاقبته بما يضر، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

709 -

‌ باب مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَوْلٌ فَلْيَتَزَوَّجْ

2201 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَبَابٌ لَيْسَ لَنَا شَيْءٌ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ

(3)

الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ»

(4)

.

(1)

نهاية النقص في (د).

(2)

هذا مرسل، انفرد به الدارمي.

(3)

الطائفة والجماعة.

(4)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1905) ومسلم حديث (1400) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 884).

ص: 236

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، والأَعْمَشُ، هو سليمان، عُمَارَةَ، هو ابن عمير، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ يَزِيدَ، هو ابن جابر، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللّه، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " الباءة " المراد النكاح وما يلزم له، هذا حث للشباب على الزواج؛ لأنه من أسباب العفة في النظر، والحصانة للفرج من الفاحشة، وخاطب الشباب؛ لأنهم أحوج ما يكونون إلى الحصانة وأسبابها، وأرشد القادر منهم على لوازم النكاح منها المهر والنفقة والعشرة، ومن لم يستطع فالصوم دواء علة الغريزة، وهو علاجها الناجع،

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2202 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " لَقِيَهُ عُثْمَانُ وَأَنَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَلْ لَكَ فِي جَارِيَةٍ بِكْرٍ تُذَكِّرُكَ؟، فَقَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ

(1)

مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، والأَعْمَشُ، هو سليمان، وإِبْرَاهِيمُ، هو النخعي، وعَلْقَمَةُ، هو النخعي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الله، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

710 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّبَتُّلِ

(1)

في بعض النسخ الخطية " من كان يستطيع ".

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 237

2203 -

(1) ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: " لَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ التَّبَتُّلَ

(1)

لَاخْتَصَيْنَا "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْيَمَانِ، هو الحكم بن نافع، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبتل أي: لا يتزوج وينقطع للعبادة، فلم يجز له ذلك، وأكد سعد رضي الله عنه أنه لو جاز ذلك لعثمان لاختصى الصحابة، وهذا يؤكد أن لا غلو في الإسلام، وإنما هو اتباع لا بتداع، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال:«أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»

(3)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2204 -

(2) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثَنَا الأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّبَتُّلِ"

(4)

.

رجال السند: إِسْحَاقُ، هو ابن إبراهيم، وحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، هو أبو سعيد البصري التيمي، إمام حافظ ثقة، روى له الستة، والأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، هو أبو هاني

(1)

هو الانقطاع عن الشيء، والمراد هنا ترك النكاح ومعاشرة النساء.

(2)

رجاله ثقات، وفي النكاح أخرجه البخاري حديث (5073) ومسلم حديث (1402) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 886).

(3)

البخاري حديث (5063).

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (3213) وقال الألباني: صحيح لغيره.

ص: 238

الحمراني، بصري ثقة فقيه، والْحَسَنُ، هو البصري، وسَعْدِ ابْنِ هِشَامٍ، هو ابن عامر الأنصاري، ابن عم أنس بن مالك ثقة، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2205 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحِزَامِيُّ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَعْدِ ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ الَّذِي كَانَ مِمَنْ تَرْكِ النِّسَاءِ، بَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«يَا عُثْمَانُ، إِنِّي لَمْ أُومَرْ بِالرَّهْبَانِيَّةِ، أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي؟» قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«إِنَّ مِنْ سُنَّتِي أَنْ أُصَلِّيَ وَأَنَامَ، وَأَصُومَ وَأَطْعَمَ، وَأَنْكِحَ وَأُطَلِّقَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، يَا عُثْمَانُ، إِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» . قَالَ سَعْدٌ: " فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَجْمَعَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم إِنْ هُوَ أَقَرَّ عُثْمَانَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَنْ نَخْتَصِيَ فَنَتَبَتَّلَ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحِزَامِيُّ، وثقه ابن حبان تقدم، ويُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ صدوق تقدم، وابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة تقدموا، وسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى المسلم السمع والطاعة والاقتداء، وليست العبادة بالهوى والتكلف، فالدين فيه اليسر والرحمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة»

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

711 -

‌ باب تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى أَرْبَعٍ

2206 -

(1) أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

(1)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم تخريجه.

(2)

البخاري حديث (39).

ص: 239

«تُنْكَحُ النِّسَاءُ لأَرْبَعٍ: لِلدِّينِ، وَالْجَمَالِ، وَالْمَالِ، وَالْحَسَبِ

(1)

، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ

(2)

تَرِبَتْ يَدَاكَ»

(3)

.

رجال السند:

صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، هو المروزي، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، وعُبَيْدِ اللَّهِ، هو ابن عمر العمري، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، وأَبوه كيسان المقبري، هم ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه بيان الأسباب الداعية للزواج من امرأة، فالمرأة ذات الجمال تستدعي الرغبة في الزواج، وهو مطلب للخاطب، والسبب الثاني أن تكون المرأة ذات مال فيرغب الخاطب في مالها، وقد يكون الخيار الأسوأ للرجل، ولاسيما في هذا الزمان فكم من أسرة شقيت وساءت العشرة بسبب المال، والسبب الثالث أن تكون المرأة ذات مكانة في المجتمع ولها أفعال حسنة، والرابع هو السبب الأمثل وهو في المرأة ذات الدين ولا أفضل من هذا ولذلك حث عليه رسول الله رضي الله عنه ونعم المرأة ذات الدين، ونعم الرجل المتدين، والمراد من هذا حقيقة الدين المنبعث من العمل بالكتاب والسنة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2207 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِالْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: بِهَذَا الْحَدِيثِ.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، لا بأس به تقدم، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، هو القرشي، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٍ، هو ابن أبي رباح، هم ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

(1)

الجاه والفعال الحسنة.

(2)

لأنه لا يوجد أكرم وأعلا من الدين، فمن اتصف به حقا كمل.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5090) ومسلم حديث (1466) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 928).

ص: 240

712 -

‌ باب الرُّخْصَةِ فِي النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ

2208 -

(1) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ

(1)

بَيْنَكُمَا»

(2)

.

رجال السند:

قَبِيصَةُ، هو ابن عقبة، وسُفْيَانُ، وعَاصِمُ الأَحْوَلُ، وبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، والْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا من السنة؛ لأنه فيه ما يدعو للإقدام من كل طرف، أو الإحجام، والرؤية المشرعة، لا تجاوز الوجه والكفين والقدمين، وتكون فيما عدا هذا محتشمة، وفي هذا العصر تجاوز الكثير من الناس ما يبيحه الشرع إلى أمور لا يجيزها، سواء في اللباس أو الزينة، وإذا كانت النظرة في حدود الشرع فإن عاقبة ذلك تكون حميدة للطرفين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

713 -

‌ باب إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مَا يُقَالُ لَهُ

2209 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " قَدِمَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْبَصْرَةَ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُشَمٍ، فَقَالُوا لَهُ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُولُوا ذَاكَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا

عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ ":«بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ»

(3)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، وسُفْيَانُ، ويُونُسَ، والْحَسَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِب، هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

المراد به التأليف والتوفيق، فيميل أحدهما للآخر.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (18162) والترمذي حديث (1087) وقال: حديث حسن، والنسائي حديث (3235) وابن ماجه حديث (1865، 1866) وصححه الألباني عندهم.

(3)

قيل: الحسن لم يسمع من عقيل، وعند النظر في الأمر فإن السماع ممكن، وقد توبع الحسن على ذلك، وأخرجه النسائي حديث (3371) وابن ماجه حديث (1906) وصححه الألباني، والمرفوع منه صحيح لغيره، وانظر التالي.

ص: 241

مهاجرا في أول سنة ثمان، فشهد غزوة مؤتة وأصاب خاتما يوم مؤتة فيه تماثيل، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفله إياه فكان في يده، ثم رجع فعرض له مرض فلم يسمع له بذكر في فتح مكة ولا الطائف ولا خيبر ولا في حنين. وقد أطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر مائة وأربعين وسقا كل سنة.

الشرح:

عبارة " بالرفاء والبنين " هذا دعا الناس قبل الإسلام، والرفاء: المراد به الوفاق وحسن الاجتماع، والبنين: أن ينجب الذكور على عادة الجاهليين في كره البنات، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأن يقال:«بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ» .

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2210 -

(2) حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفّأَ لإِنْسَانٍ قَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ»

(1)

.

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حديثه حسن تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ، هو الدراوردي صدوق تقدم، وسُهَيْلٌ، هو ابن أبي صالح، وأَبوه، هو أبو صالح ذكوان، هما ثقتان تقدما، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا هو السنة في مباركة الزوجين، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

714 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ خِطْبَةِ الرَّجُلِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

2211 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ

(1)

سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (1091) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2130) وابن ماجه حديث (1905) وصححه الألباني.

ص: 242

أَخِيهِ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

فيه عدم جواز خطبة الرجل على من تقدم خاطبا قبله؛ لأن ذلك حق من حقوق الخاطب الأول؛ ولأنه يسبب الكراهية والحقد في النفوس، ومن أراد خطبة امرأة فلا بد أن يتأكد من عدم وجود خاطب قبله، ويجوز في حال يتأكد عدم الاتفاق فله أن يخطب.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2212 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يَبِيعُ

(2)

عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ»

(3)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، هو أبو عقبة السكوني، وعُبَيْدُ اللَّهِ، هو العمري، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.

الشرح:

زاد في هذه الرواية على ما تقدم، «وَلَا يَبِعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ» لأن السابق منهما أحق واللاحق إذا لم يؤذن له فهو معتد، وللعلماء رحمهم الله كلام كثير في هذه المسألة، وتفصيل حسب الروايات، وأرى أن حمل هذا على المنع فيه خير، وبعد عن الشحناء والتقاطع بسبب التنافس على السلع ولا سيما بعد التعاقد، فالكف عن الخطبة على الخطبة، والبيع على البيع، أولى وأسلم والله أعلم.

(1)

رجاله ثقات، وهو جملة من حديثه في الصحيحين: البخاري حديث (2140) ومسلم حديث (1413) وانظر التالي.

(2)

ويجوز (لا يبع) فتكون ناهية، وهو أبلغ.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2139) ومسلم حديث (1412) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 892).

ص: 243

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2213 -

(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ وَكَتَبَهُ مِنْهَا كِتَاباً:" أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِى مَخْزُومٍ فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَهْلِهِ تَبْتَغِى مِنْهُمُ النَّفَقَةَ، فَقَالُوا: لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَعَلَيْكِ الْعِدَّةُ، وَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، وَلَا تُفَوِّتِينَا بِنَفْسِكِ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ يَدْخُلُ إَلَيْهَا إِخْوَانُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، إِنْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ لَمْ يَرَ شَيْئاً، وَلَا تُفَوِّتِينَا بِنَفْسِكِ» فَانْطَلَقَتْ إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَلَمَّا حَلَّتْ ذَكَرَتْ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ أُسَامَةَ؟» فَكَأَنَّ أَهْلَهَا كَرِهُوا ذَلِكَ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَنْكِحُ إِلاَّ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَكَحَتْ أُسَامَةَ "

(1)

.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: " يَا فَاطِمَةُ اتَّقِي اللَّهَ، فَقَدْ عَلِمْتِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا ".

قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}

(2)

، وَالْفَاحِشَةُ أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِهَا، فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهَا "

(3)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ إمام تقد، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ، إمام تقدم، وفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، رضي الله عنها.

الشرح:

قوله: " من البذاءة " ولأنها كتمت السبب في نظره، وبيانه في رواية عمرو ابن ميمون، عن أبيه قال: قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها، فدفعت إلى سعيد بن المسيب، فسألته عن المبتوتة، تعتد في بيت زوجها، فقلت: فأين حديث فاطمة بنت قيس؟

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1480).

(2)

الآية (1) من سورة الطلاق.

(3)

موصول بالسن السابق، وانظر: القطوف (914).

ص: 244

فقال: هاه! - ووصف أنه تغيظ - فتنت فاطمة الناس، كانت بلسانها ذرابة، فاستطالت على أحمائها، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، فتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن لها في الانتقال لعلة، ولم يرد نفي السكنى أصلا، ألم تر لم يقل لها: اعتدي حيث شئت، ولكنه حصنها حيث رضي، إذ كان زوجها غائبا ولم يكن له وكيل، كي يحصنها (السنن الكبير للبيهقي 7/ 433).

والأصل في عدة المطلقة رجعية أو مبتوتة أن تكون في بيت زوجها، ولا تخرج إلا بسبب يجيز ذلك، وانظر الهامش رقم (2).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

715 -

‌ باب الْحَالِ الَّتِي تَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَ فِيهَا

2214 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا دَاوُدُ - يَعْنِي: ابْنَ أَبِي هِنْدٍ -

ثَنَا عَامِرٌ، ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنَ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَالْعَمَّةُ عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا، أَوِ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، أَوِ الْخَالَةُ عَلَى ابْنَةِ أُخْتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى، وَلَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى"

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ودَاوُدُ بْنَ أَبِي هِنْدٍ، وعَامِرٌ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبُو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا فيه الحفاظ على العلاقة والتواصل بينهن، ولو سمح بالنكاح لحصل من عدم المودة والتواصل ما لا تحمد عقباه، بل زاد في المودة والتراحم أن اعتبر المكانة في النسب، فالعمة والخالة أعلى في رتبة النسب من بنت الأخ وبنت الأخت، ولذلك عبر عنهن الكبرى والصغرى لتبقى العلاقة قائمة في توقير الأكبر رتبة، والعطف على الأصغر رتبة.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4049) ومسلم حديث (1408) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 890).

ص: 245

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2215 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَالْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا"

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وأَبو الزِّنَادِ، هو عبد الله بن ذكوان، والأَعْرَجُ، هو عبدالرحمن بن هرمز، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: أنظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

716 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الشِّغَارِ

2216 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الشِّغَارِ "

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

قَالَ مَالِكٌ: " وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ الآخَرَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ ".

قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: تَرَى بَيْنَهُمَا نِكَاحاً؟، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي.

الشرح:

تعريف الإمام مالك رحمه الله للشغار صحيح، أما إذا جعل لكل واحدة مهر فلا بأس من غير اشتراط أن يزوج موليته بشرط أن يزوج الآخر موليته، فإن كان بينهما الشرط فلا يجوز ولو كان لكل واحدة مهر.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (20) وانظر السابق.

(2)

الحديث رجاله ثقات، وفي النكاح أخرجه حديث (24) والبخاري حديث (5112) ومسلم حديث (1415) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث (893).

ص: 246

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

717 -

‌ بابٌ فِي نِكَاحِ الصَّالِحِينَ وَالصَّالِحَاتِ

2217 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ أَبِي مُغِيثٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَنْكِحُوا الصَّالِحِينَ وَالصَّالِحَاتِ»

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَقَطَ عَلَيَّ مِنَ الْحَدِيثِ، فَمَا تَبِعَهُمْ بَعْدُ فَحَسَنٌ.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ، هو أبو إسحاق الصنعاني، ثقة عابد روى له أبو داود والنسائي، وأَبوه، عمر بن كيسان من أفراد الدارمي وثقه ابن حبان، ووَهْبُ بْنُ أَبِي مُغِيثٍ، هو يماني من أفراد الدارمي وثقه ابن حبان، وأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.

الشرح:

فيه الحث على تزويج الرجل الصالح، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»

(2)

، ولا ريب أن هذا تفضيل للرجل الصالح، ولكن يجب السؤال عن صلاحه وسيرته؛ لأنه وجد من يتشبه بالصالحين وليس ومنهم، واغتر بهم من زوجهم وكانت فاجعة بسبب الصلاح الظاهر، وكذلك على نكاح الصالحات وهذا هو الأولى للإشادة بذات الدين انظر ما تقدم برقم 2206.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

718 -

‌ باب النَّهْيِ عَنِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ

2218 -

(1) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ

(3)

، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

(1)

فيه عمر بن كيسان، ووهب بن أبي مغيث، ذكر كل منهما ابن حبان (الثقات 7/ 182، 5/ 489) وقد تحرف اسم الأخير إلى " متعب ".

(2)

ابن ماجه حديث (1967).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2085) والترمذي حديث (1101) وصححه الألباني.

ص: 247

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ»

(1)

.

رجال السند:

مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، وإِسْرَائِيلُ، وأَبو إِسْحَاقَ، وأَبو بُرْدَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.

الشرح:

اختلف العلماء رحمهم الله في هذا، والصحيح أنه «لَا نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» في البكر والثيب، غير أن الثيب تستأمر، وليس ذلك للبكر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2219 -

(2) ثَنَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ»

(2)

.

رجال السند:

علي بن حجر، هو أبو الحسن المروزي السعدي، ثقة حافظ روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق، وأَبو إِسْحَاقَ، وأَبو بُرْدَةَ، هما ثقتان تقدما، أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2220 -

(3) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنِ اشْتَجَرُوا» .

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: وَقَالَ مَرَّةً: «فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2085) والترمذي حديث (1101) وصححه الألباني.

(2)

فيه شريك بن عبد الله، وانظر السابق.

(3)

سنده حسن، سليمان بن موسى الأشدق، وأخرجه وأبو داود حديث (2083) والترمذي حديث (1102) وقال: حديث حسن، وابن ماجه حديث (1879) وهذا الحديث اختلفت فيه آراء النقاد، حول القبول والرد، فقبله الجمهور منهم، وجعلوه عمدة في الباب، يقول ابن حبان: هذا خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه منقطع، أو لا أصل له، بحكاية حكاها ابن علية، عن ابن جريج، وليس هذا مما يهي الخبر بمثله، وذلك أن الخير الفاضل المتقن الضابط من أهل العلم قد يحدث بالحديث ثم ينساه، وإذا سئل عنه لم يعرفه، فليس نسيانه بدال على بطلان أصل الخبر، والمصطفي صلى الله عليه وسلم خير البشر صلى فسها، فقيل له: يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: كل ذلك لم يكن، فلما جاز على من اصطفاه الله لرسالته، وعصمه من بين خلقه، النسيان في أعم الأمور للمسلمين: الذي هو الصلاة، حتى نسي فلما استثبتوه أنكر ذلك، كان من بعد المصطفي صلى الله عليه وسلم من أمته الذين لم يكونوا معصومين، جواز النسيان عليهم أجوز، ولا يجوز مع وجوده أن يكون فيه دليل على بطلان الشيء، الذي صح عنهم قبل نسيانهم ذلك. (17/ 151).

ص: 248

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَمْلَاهُ عَلَيَّ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، هو الدمشقي، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا يؤكد أن المرأة لا يصح نكاحها إلا بولي، والمراد الأولياء حسب الرتبة في النسب من الأب إلى العصبة، فإن لم يوجد فالقاضي ولي من لا ولي له، وهذا التسلسل في الولاية يؤكد عدم صحة أي عقد لم يكن من ولي شرعي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

719 -

‌ بابٌ فِي اليَتِيمَةِ تُزَوَّجُ

2221 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ، وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، ويُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مُوسَى، هو الأشعري رضي الله عنه.

الشرح: هذا من حق اليتيمة أن وليّها يطلب موافقتها على الزواج، فإن سكتت فهو خجل ويكون إذنا منها وموافقة، وإن أبت فلا تجبر.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (19534).

ص: 249

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

720 -

‌ باب اسْتِئْمَارِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

2222 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، وَإِذْنُهَا الصُّمُوتُ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه الاحتفاظ بحق المرأة الثيب في الإذن، وكذلك البكر، فلا يزوج الولي إلا بموافقة كل منهما، وهذا لا يسقط حق الولي المقرر شرعا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2223 -

(2) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:" أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِهَذَا الْحَدِيثِ "

(2)

.

رجال السند:

وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2224 -

(3) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا»

(3)

.

رجال السند: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، هو ابن الفضل بن عباس ابن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب [الهاشمي ثقة، ونَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6970) ومسلم حديث (1419) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 895).

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

رجاله ثقات، وفي النكاح أخرجه مسلم حديث (1421).

ص: 250

وهم ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاس، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2225 -

(4) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَوَّلُ شَيْءٍ سَأَلْتُهُ عَنْهُ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تُسْتَأْذَنُ الْبِكْرُ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا»

(1)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ومَالِكٌ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2226 -

(5) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: أَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الأَيِّمُ أَمْلَكُ بِأَمْرِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا»

(2)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ إمام تقدم، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، اختلف قول ابن معين فيه، وهو ليس بالقوي صالح الحديث، روى له أبو داود،

والنسائي، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

المراد بالأيم من لم تتزوج بكرا كانت أو ثيب، ويقال للرجل غير المتزوج أيضا، ولا تزوج إلا بموافقتها، ولا سلطة للولي في إجبارها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

721 -

‌ باب الثَّيِّبِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَهِىَ كَارِهَةٌ

2227 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ،

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

فيه عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، ليس بالقوي، ويقوى بما تقدم، وأخرجه أحمد حديث (2481).

ص: 251

وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّيْنِ حَدَّثَاهُ: " أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: يُدْعَى خِذَاماً أَنْكَحَ بِنْتاً لَهُ، فَكَرِهَتْ نِكَاحَ أَبِيهَا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَرَدَّ عَنْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا، فَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، فَذَكَرَ يَحْيَى أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّباً "

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، هو ابن جارية الأنصاري، تابعي إمام ثقة، ومُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ، هو أخو عبد الرحمن تابعي، وقيل: له صحبة، والصواب أن الصحبة لعمه مجمع بن جارية.

الشرح:

رد عنها لأنها كانت ثيبا، وتقدم أنها أحق بنفسها، ولا تجبر على من لا تريد الزواج منه، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2228 -

(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعِ ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ: " أَنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذَامٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِىَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

فَرَدَّ نِكَاحَهُ "

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

722 -

‌ باب الْمَرْأَةِ يُزَوِّجُهَا الْوَلِيَّانِ

2229 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ ا-بْنِ عَامِرٍ، أَوْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ لَهَا فَهِيَ لِلأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ بَيْعاً مِنْ رَجُلَيْنِ فَهُوَ لِلأَوَّلِ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5139).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (25) وأحمد حديث (26829) وأنظر السابق.

ص: 252

مِنْهُمَا»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ، وعُقْبَةُ ابْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه، أَوْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه أن الأول أحق سواء في الزواج أو في البيع، وهو على مبدأ لا يخطب الرجل على خطبة، ولا يبع على بيعه، وانظر ما تقدم برقم 2211، والذي بعده.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2230 -

(2) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِنَحْوِهِ.

رجال السند:

عَفَّانُ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

723 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ

2231 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ:" أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: «اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النِّسَاءِ» وَالاِسْتِمْتَاعُ عِنْدَنَا: التَّزْوِيج، فَعَرَضْنَا ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ، فَأَبَيْنَ إِلاَّ أَنْ نَضْرَبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُنَّ أَجَلاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «افْعَلُوا» فَخَرَجْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي مَعَهُ بُرْدٌ، وَمَعِى بُرْدٌ، وَبُرْدُهُ أَجْوَدُ مِنْ بُرْدِي، وَأَنَا أَشَبُّ مِنْهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى امْرَأَةٍ فَأَعْجَبَهَا شَبَابِي وَأَعْجَبَهَا بُرْدُهُ فَقَالَتْ: بُرْدٌ كَبُرْدٍ، وَكَانَ الأَجَلُ بَيْنِى وَبَيْنَهَا عَشْراً، فَبِتُّ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ غَدَوْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ"،

(1)

فيه عدم سماع الحسن من عقبة، ومن سمرة؛ أثبته الأئمة: البخاري، وابن المديني، والترمذي، وأخرجه والترمذي حديث (1110) وقال: حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، ولا نعلم بينهم في ذلك اختلافا، والنسائي حديث (4682) وابن ماجه حديث (2190) في البيع دون النكاح، وضعفه الألباني عندهما، وصححه الحاكم، حديث (2254) وقال الذهبي: على شرط البخاري.

ص: 253

فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الاِسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً»

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، هو المخزومي إمام ثقة تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، هو ابن الخليفة عمر بن عبد العزيز صدوق تقدم، ورَبِيعُ ابْنُ سَبْرَةَ، ذكره ابن حبان في الثقات، وأَبوهُ، سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه.

الشرح:

فيه تحريم التمتع بالنساء بعد أن كان حلالا، فهو محرم إلى يوم القيامة، ولم يبق من يعتقد حله إلا الرافضة، ولهم في إباحته غرائب وعجائب، واستباحوا نكاح المتعة مخالفة لأهل السنة، وهو حرام إلى يوم القيامة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2232 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ ابْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ"

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2233 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ: مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ عَامَ خَيْبَرَ "

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1406).

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

رجاله ثقات، متفق عليه، تقدم.

ص: 254

رجال السند:

مُحَمَّدٌ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، تقدموا آنفا، والْحَسَنُ، هو ابن محمد ابن الحنفية،

صحيح الحديث، وَعَبْدِ اللَّهِ، هو ابن محمد بن الحنيفة أخو الحسن وكان يتبع السبئية، والحسن أوثق منه، وأَبوهِمَا، محمد بن على المعروف بابن الحنفية، هو أبو القاسم ثقة عالم، وعَلِيٌّ، واِبْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا يؤكد تحريم متعة النساء، ولم يستحلها إلا الرافضة، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

724 -

‌ بابٌ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ

2234 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ»

(1)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، وأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، ونُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ، وأَبَانَ

ابْنِ عُثْمَانَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُثْمَانَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن المحرم لا يجوز له الزواج حال تلبسه بالإحرام لحج أو عمرة، ولا يجوز له أن يزوج غيره، إلا إذا أنهى النسك، وحل من الإحرام، حينه يجوز له الأمران.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

725 -

‌ باب كَمْ كَانَتْ مُهُورُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبنَاتِهِ

2235 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:" سَأَلْتُ عَائِشَةَ، كَمْ كَانَ صَدَاقُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا ".

وَقَالَتْ: " أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟، قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَتْ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1409) تقدم.

ص: 255

نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَزْوَاجِهِ "

(1)

.

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حسن الحديث تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي صدوق تقدم، ويَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن الهاد، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن الحارث التيمي ثقة، روى له الستة، وأَبو سَلَمَةَ، إمام تقدم، وعَائِشَةُ، رضي الله عنهما.

الشرح:

اثنتا عشرة أوقية ونصف في ذلك الوقت ليست قليلة سواء كانت ذهبا أو فضة، والمهر حسب القدرة لا حد لأقله ولا لأكثره، قال الله عز وجل:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}

(2)

، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتت فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما لي في النساء من حاجة» فقال رجل: زوجنيها، قال:

«أعطها ثوبا» قال: لا أجد، قال:«أعطها ولو خاتما من حديد» ، فاعتل له، فقال:«ما معك من القرآن؟» قال: كذا وكذا، قال:«فقد زوجتكها بما معك من القرآن»

(3)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2236 -

(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هُشَيْمٌ

(4)

، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قَالَ: " سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَخْطُبُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ فَوْقَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، أَلَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُغَالِي بِصَدَاقِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَبْقَى لَهَا فِي نَفْسِهِ عَدَاوَةٌ حَتَّى يَقُولَ:

(1)

فيه نعيم بن حماد فيه كلام، وقد توبع، وأخرجه مسلم حديث (1426).

(2)

من الآية (20) من سورة النساء.

(3)

البخاري حديث (5029).

(4)

في بعض النسخ الخطية " هيثم " وهو تحريف.

ص: 256

كَلِفْتُ لَكِ عَلَقَ

(1)

الْقِرْبَةِ - أَوْ عَرَقَ

(2)

الْقِرْبَةِ - "

(3)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وهُشَيْمٌ، هو ابن بُشير، ومَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وابْنُ سِيرِينَ، وأَبو الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيّ، مختلف في اسمه، والصحيح أنه ثقة، وعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه.

الشرح:

الصحيح أن المغالاة في المهور لا تعود بخير على الزوجين، فالزوج لا تصفو مودته لزوجه، ويمن عليها ما أعطاها، وما لحقه من عناء مهرها، ولا الزوجة تحتمل ذلك منه فتسوء العشرة بينهما إلا ما ندر، والصواب لا إفراط ولا تفريط، وخير الأمور الوسط، وقد تساهل الأولياء في طلب المهر، وعاد ذلك باحتقار الزوج لزوجته وزعم أن أهلها أرخصوا مهرها لقلة مكانتها عندهم، ونسمع في المهور عبارة " المهر ريال وشيمة رجال " وهذا أعظم الإضرار، ومهر المثل الأمثل، فلا يجهد الزوج فهو كغيره من بني قومه، وتبقى الزوجة معززة مكرمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

726 -

‌ باب مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَهْراً

2237 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّهَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ» فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ:«أَعْطِهَا ثَوْباً» .

قَالَ: لَا أَجِدُ، قَالَ:«أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ» فَاعْتَلَّ لَهُ فَقَالَ: «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟» قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ:

(1)

الحبل الذي تعلق فيه القربة.

(2)

شك من الراوي، ومعناه: تكلفت لك حتى تعبت وعرقت من التعب عرقا كعرق القربة، يعني سيلان ماءها، ورواية علق القربة هي الأصوب.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (2114) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2106) والنسائي حديث (3349) وابن ماجه حديث (1887) وصححه الألباني عندهما.

ص: 257

«فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَبو حَازِمٍ، هو سلمة بن دينار المخزومي، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق وما تقدم برقم 2237، شرحه وما بعده.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

727 -

‌ بابٌ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ

2238 -

(1) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجٌ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةَ الْحَاجَةِ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ - أَوْ إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ - نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» ثُمَّ يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}

(2)

، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}

(3)

، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ

وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}

(4)

ثُمَّ يَتَكَلَّمُ بِحَاجَتِهِ "

(5)

.

رجال السند: أَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجٌ، وشُعْبَةُ، وأَبُو إِسْحَاقَ، وأَبو عُبَيْدَةَ، هو ابن عبدالله ابن مسعود، هم أئمة ثقات تقدموا، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وعَبْدالله

(1)

رجاه ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5087) ومسلم حديث (1425) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 898).

(2)

الآية (102) من سورة آل عمران.

(3)

الآية (1) من سورة النساء.

(4)

الآيتان (70، 71) من سورة الأحزاب.

(5)

في سنده عدم سماع أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود من أبيه، أخرجه الترمذي حديث (1105) وقال: حسن، وأبو داود حديث (2118) والنسائي حديث (1404) وابن ماجه حديث (1892) وصححه الألباني عندهم.

ص: 258

هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

هذه تعرف بخطبة الحاجة، صححها العلماء والسنة أن تستفتح بها المواعظ والمحاضرات، وقل من يعمل بها اليوم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

728 -

‌ باب الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ

2239 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ

(1)

بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[قَالَ:«إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك إمام تقدم، وعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، هو الأنصاري صدوق رمي بالقدر، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو أبو رجاء الأزدي ثقة تقدم، ومَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو الذماري مقبول، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد الشروط التي تستحق شرعا كفريضة الصدق، والنفقة وحسن العشرة ولو لم تدرج في العقد؛ لأنها مستحقة شرعا، وقد يقع اشتراط المحرم كأن تشترط المرأة طلاق زوجة قبلها، هذا منكر ومحرم ولا يجوز الوفاء به، أو الابتعاد عن الأبوين وذوي الأرحام كالإخوة والأخوات، وهذا منكر وباطل، ولا غرابة فقد اشترط أناس مثل هذا، ولا سيما في هذا العصر الذي قلّ فيه العمل بالكتاب والسنة، وكثرت المخالفات الشرعية، فكل شرط لا باب له في الشرع فهو باطل ولا يعتبر، العجب من إهمال الأزواج قول الله عز وجل:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}

(3)

، وهي مدونة في العقد، ولم يتعبد بها أحد من الفتيان في هذا العصر، ولو عمل الأزواج بهذه الآية الكريمة لكانوا من أسعد

(1)

في بعض النسخ الخطية " يزيد " وهو تحريف.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2721) ومسلم حديث (1418) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 894).

(3)

من الآية (229) من سورة البقرة.

ص: 259

الناس، حتى لو سرحوا بإحسان، لإن الإحسان يبقى أثره لدى الطرفين، وتظهر فائدته حينما يكون بين الزوجين ذرية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

729 -

‌ بابٌ فِي الوَليمَةِ

2240 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ صُفْرَةً، فَقَالَ:

«مَا هَذِهِ الصُّفْرَةُ؟» قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ ":«بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وثَابِتٌ، هو البناني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا يؤكد أهمية الوليمة من غير مباهاة ولا إسراف؛ لأنها من إعلان النكاح، وما يعمل في هذا العصر من احتفال ورقص وعرضات فليس له في الشرع أصل للرجال، وجاز للنساء الضرب بالدف، وما عدا ذلك من آلات اللهو فهو محرم على الرجال والنساء على حد سواء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

730 -

‌ باب ما جاء فِي إِجَابَةِ الوَلِيمَةِ

2241 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْ»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " يَنْبَغِي أَنْ يُجِيبَ، وَلَيْسَ الأَكْلُ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ ".

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6386) ومسلم حديث (1427) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 902).

(2)

رجاله ثقات، وفي النكاح أخرجه البخاري حديث (5173) ومسلم حديث (1429) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 906).

ص: 260

الشرح:

انظر ما تقدم برقم 2097.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

731 -

‌ بابٌ فِي الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ

2242 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وهَمَّامٌ، هو بن يحيى، وقَتَادَةُ، والنَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، هو بصري تابعي ثقة، روى له الستة، وبَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ، هو أبو الشعثاء، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا فيه الحث على العدل بين الزوجات، وعدم الميل فيما هو حق لكل زوجة، وأن من تعمد الميل إلى زوجة على حساب الزوجة الأخرى، ومات ولم يتب ويطلب العفو ممن مال عنها فإن الله عز وجل يفضحه على روس الأشهاد يوم القيامة، فيكون مائل أحد شقيه؛ لأنه عدّد ولم يعدل، وقد قال الله عز وجل:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}

(2)

، فالعدل شرط أساس في التعدد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

732 -

‌ بابٌ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ

2243 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1141) وأبو داود حديث (2133) والنسائي حديث (3942) وابن ماجه حديث (1969) وصححه الألباني عندهم.

(2)

من الآية (3) من سورة النساء.

ص: 261

«اللَّهُمَّ هَذِهِ قِسْمَتِى فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُومُنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ»

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، هو القيسي صالح تقدم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَيُّوبٌ، هو السختياني، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، مختلف في صحبته، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا عين العدل حينما يوفي الزوج بما يملك من النفقة والمبيت، وما لا يملك وهو الرغبة في المعاشرة، وميل القلب لوجود صفات في البعض وليست لدى البعض الآخر، فإنه مما لا يقدر عليه الزوج.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

733 -

‌ باب الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ النِّسْوَةُ

2244 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ

خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ "

(2)

.

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ، هو ابن إبراهيم القطيعي، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، يُونُسَ ابْنِ يَزِيدَ، هو راوية الزهري، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا عين العدل، واللجوء إلى الشرع الذي لا يدع مجالا للشك في صحة الاختيار؛ لأن القرعة عمل شرعي، واختيار لا دخل فيه لأحد سوى إجراء ما أمر به الشرع،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1140) وقال: هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة، ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلا، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة، وأبو داود حديث (2134) وأخرجه النسائي حديث (3943) وضعفه الألباني عندهما.

(2)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (2593) ومسلم حديث (2770) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1763).

ص: 262

ولذلك عائشة رضي الله عنها تروي هذا بكل رضى وطيبة نفس، وهذا ما ينبعي أن يعمله الأزواج المعدّدون، فإن فيه رضى الأطراف جميعها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

734 -

‌ باب الإِقَامَةِ عِنْدَ الثَّيّبِ وَالْبِكْرِ إِذَا بَنَى بِهَا

2245 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وأَيُّوبٌ، وأَبو قِلَابَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شرع للأمة فمن سلك طريق التعدد وجب عليه أن يسلك طريق العدل والعمل بالكتاب والسنة، فإن تزوج بكرا أقام عندها سبع ليالي متواليات، ثم يقسم، ويجوز تخيير البكر في الإقامة أو القسم بالسوية، انظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2246 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، هو المخزومي ثقة، وأَبوه، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثاً، وَقَالَ:«إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِسَائِرِ نِسَائِي»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وسُفْيَانُ، هو ابن عيينة، ومُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ، هو ابن محمد بن عمرو بن حزم، عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ

(1)

فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وأخرجه البخاري حديث (5213) ومسلم حديث (1461) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 925).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1460).

ص: 263

الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، هو المخزومي ثقة، وأَبوه، أحد الفقهاء السبعة، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا من العدل وطيب المعشر، فقد طيب خاطرها وأبرز مكانتها، وأكد ذلك بأن خيرها بين بقاء ثلاث ليال عندها ثم تقسم، وبين التسبيع للجميع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

735 -

‌ باب بِنَاءِ الرَّجُلِ بِأَهْلِهِ فِي شَوَّالٍ

2247 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّالٍ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟، قَالَ: وَكَانَتْ تَسْتَحِبُّ أَنْ يُدْخَلَ عَلَى النِّسَاءِ فِي شَوَّالٍ

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، هو ابن عمرو بن العاص الأموي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ، وعُرْوَةَ، هو ابن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا من فخر عائشة رضي الله عنها برسول الله صلى الله عليه وسلم ويحق لها ذلك، فقد صرح بحبه لها، وفضلها على النساء، فهي زوجته البكر، فكانت أحب نسائه إليه.

أما شوال فهو كغيره من الأشهر، ليس للزواج فيه فضيلة، وإنما كان بالسنبة لعائشة فرحة عمرها، ولذلك ترى كانت ذكرى تلك الفرحة جعلت لشوال مكانة في نفسها رضي الله عنها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

736 -

‌ باب الْقَوْلِ عِنْدَ الْجِمَاعِ:

2248 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، و أخرجه مسلم حديث (1423، 1990).

ص: 264

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَقُولَ حِينَ يُجَامِعُ أَهْلَهُ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنْ قَضَى اللَّهُ وَلَداً لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ»

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وإِسْرَائِيلُ، ومَنْصُورٌ، وسَالِمٌ، وكُرَيْبٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا توجيه كريم أن ترتبط أقوال المسلم وأفعاله باسم الله عز وجل؛ لأنه لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، ولما كان الشيطان عدوا لدودا للإنسان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاحتماء باسم الله عز وجل ولا سيما في حال يرجى خيرها، ويتقى شرها، فمن عمل بهذه الوصفة النبوية فقد دخر الشيطان وكف ضرره.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

737 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَعْجَازِهِنَّ

2249 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ قَيْسٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، هو حماد، والْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، هو أبو محمد المخزومي، قرشي إباضي محتج به ثقة روى له الستة، وعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ، هو الخطمي ثقة روى له النسائي، وعَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْخَطْمِيِّ، هو الأنصاري ذكره ابن حبان في الثقات، وروى له النسائي هذا الحديث، وهَرَمِيُّ بْنُ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (141) ومسلم حديث (1434) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 910).

(2)

سنده جيد وانظر ما تقدم.

ص: 265

عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن رفاعة الواقفي، ذكر في الصحابة وقال ابن مندة لا يثبت، وخُزَيْمَةُ ابْنُ ثَابِتٍ، هو ذو الشهادتين رضي الله عنه.

الشرح:

الصحيح أن الوطء في الدبر محرم، وقد وردت أحاديث كثيرة بالمنع، وقال بالتحريم عدد من الصحابة رضي الله عنهم، ولم يصح عن ابن عمر رضي الله عنهما القول بالجواز.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2250 -

(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُدْبِرَةٌ جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا تكذيب لمزاعم اليهود، وبين أن للزوج إتيان زوجه كيف شاء، وبين أن الزوجات محل استنبات الذرية فلا يكون الاستنبات إلا في المكان المعد له، ولذلك شبههن بالأرض التي تحرث ويستنبت فيها الزرع، وقد تضمنت الآية تحريم الوطء في الدبر؛

لأنه المكان الذي لا تستنبت فيه الذرية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

738 -

‌ باب الرَّجُلِ يَرَى الْمَرْأَةَ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ

2251 -

(1) أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ حَلاَّمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَتَى سَوْدَةَ وَهِيَ تَصْنَعُ طِيباً، وَعِنْدَهَا نِسَاءٌ فَأَخْلَيْنَهُ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ رَأَى امْرَأَةً تُعْجِبُهُ فَلْيَقُمْ إِلَى أَهْلِهِ، فَإِنَّ مَعَهَا مِثْلَ الَّذِي

(1)

من الآية (223) من سورة البقرة، والحديث رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم.

ص: 266

مَعَهَا»

(1)

.

رجال السند:

قَبِيصَةُ، وسُفْيَانُ، وأَبو إِسْحَاقَ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَلاَّمٍ، هو العبسي كوفي من أفراد الدارمي قليل الحديث، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه صيانة المسلم عما حرم الله عز وجل، فمن وقع نظر على امرأة لا تحل له فليعد إلى بيته وما أحل الله له، فإن حاجته متوفرة لقضاء وطره، وإرغام الشيطان، والسلامة من غضب الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

739 -

‌ بابٌ فِي تَزْوِيجِ الأَبْكَارِ

2252 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، ثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَلَمَّا قَفَلْنَا تَعَجَّلْتُ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ، قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: «مَا أَعْجَلَكَ يَا جَابِرُ؟» قَالَ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ:«أَفَبِكْراً تَزَوَّجْتَهَا أَمْ ثَيِّباً؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّباً، قَالَ:«فَهَلاَّ بِكْراً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ» قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: «إِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ» قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا نَدْخُلُ، قَالَ:«أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلاً» أَيْ عِشَاءً: «لِكَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ

الْمُغِيبَةُ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، هو البكري لا بأس به تقدم، وهُشَيْمٌ، هو ابن بُشير، وسَيَّارٌ، هو العنزي، والشَّعْبِيُّ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.

(1)

راجع القطوف فيه عبد الله بن حلام، ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 27) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف 4/ 321) والبيهقي (شعب الإيمان حديث (4535، 5436) ويشهد له حديث جابر، أخرجه مسلم برقم (1403).

(2)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4052، وطرفه: 443) ومسلم حديث (715) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 931، 1253).

ص: 267

الشرح:

وقوله: " الْكَيْسَ " يطلق على العقل، والجماع وهو المراد هنا طلبا للولد، فيه تفضيل البكر على الثيب، وليس على الإطلاق فقد تفوق الثيب البكر في بعض الصفات، وللثيب ما اعتبره جابر من حيث النضج والقدرة على تدبير الأمور، وفيه عدم النظر لحظ النفس وإثار الغير بما يصلحه ويقوم على شؤونه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

740 -

‌ بابٌ فِي الْغِيلَةِ

2253 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ نَوْفَلٍ الأَسَدِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ

(1)

بِنْتِ وَهْبٍ الأَسَدِيَّةِ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " الْغِيلَةُ أَنْ يُجَامِعَهَا وَهِىَ تُرْضِعُ ".

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الأَسَدِيِّ، هو يتيم عروة، وعُرْوَةُ، هو ابن الزبير، وعَائِشَةُ، وجُدَامَةُ بِنْتُ وَهْبٍ الأَسَدِيَّةِ، رضي الله عنهما.

الشرح: الغيلة في الرضاع أن تحمل المرأة لديها رضيع، والناس يزعون أن ذلك غيلة للراضع فهو يتضرر إذا كانت الأم حاملا، وليس صحيحا؛ لأن أناسا يفعلون ذلك منهم نساء فارس والروم ولا يتضرر الرضع من ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

741 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ

2254 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَادِماً قَطُّ، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئاً قَطُّ، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ

(1)

وقيل: جدامة، بالدال المهملة، وصححه مسلم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1442).

ص: 268

اللَّهِ "

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا من كمال خلقه صلى الله عليه وسلم، والسعيد من تأسى به صلى الله عليه وسلم، وترفع عن شتم من كان تحت يده، ومنهم العمالة رجالا ونساءً.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2255 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ» . فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ ذَئِرْنَ

(2)

عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ "، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ»

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وسُفْيَانُ، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن عتبة، هم أئمة ثقات تقدموا، وإِيَاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، مختلف في صحبته.

الشرح:

لا زال بعض الناس يضرب نساءه ولأتفه الأسباب وإن كانوا اليوم قلة، لكن ليسوا من خيار الناس، والمرأة لا بد من وقوعها في الخطأ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2328).

(2)

أي: نشزن، وحصلت منهن جرأة.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2146) وابن ماجه حديث (1985) وصححه الألباني عندهما.

ص: 269

بالنساء»

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2256 -

(3) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ زَمْعَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْماً وَوَعَظَهُمْ فِي النِّسَاءِ فَقَالَ: «مَا بَالُ الرَّجُلِ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ يَوْمِهِ»

(2)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، هو عروة، هم أئمة ثقات تقدموا، عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ زَمْعَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الواقع حتى العبد لا يجوز جلده وإنما ضرب مثلا لعدم الرحمة، روت عائشة رضي الله عنها، أن رجلا قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" يا رسول الله، إن لي مملوكين، يكذبونني، ويخونونني، ويعصونني، وأشتمهم وأضربهم، فكيف أنا منهم؟ "، قال:«يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل» فتنحى الرجل فجعل يبكي ويهتف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما تقرأ كتاب الله» {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}

(3)

، فقال الرجل:" والله يا رسول الله ما أجد لي ولهم شيئا خيرا من مفارقتهم، أشهدك أنهم أحرار كلهم "

(4)

.

أما ضرب المرأة بالصورة المذكورة فأين هذا من قول الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ

(1)

البخاري حديث (3331) ومسلم حديث (1468).

(2)

ت: رجاله ثقات، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة حديث (4942) ومسلم حديث (2855) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1815).

(3)

الآية (47) من سورة الأنبياء.

(4)

الترمذي حديث (8) شاكر.

ص: 270

لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}

(1)

، فأين المودة والرحمة في جلد كجلد العبد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

742 -

‌ باب مُدَارَاةِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ

2257 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثَنَا الْجُرَيْرِيُّ،

عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، فَإِنْ تُقِمْهَا كَسَرْتَهَا، فَدَارِهَا فَإِنَّ فِيهَا أَوَداً أَوْ بُلْغَةً»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، وعَبْدُ الْوَارِثِ، والْجُرَيْرِيُّ، هو سعيد بن إياس، وأَبو الْعَلَاءِ، هو يزيد بن عبد الله، ونُعَيْمِ بْنُ قَعْنَبٍ، هو الرياحي مخضرم من كبار التابعين، ومنهم من ذكره في الصحابة، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أنها لا تسلم من الخطأ هذه طبيعتها، وذكّر بما خلقت منه وهو ضلع آدم عليه السلام الضلع الأيسر كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وأمر بمداراتها بالحلم تذكيرا بالآية السابقة وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2258 -

(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«إِنَّمَا الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ الأَعْوَجْ إِنْ تُقِمْهَا تَكْسِرْهَا، وَإِنْ تَسْتَمْتِعْ، تَسْتَمْتِعْ وَفِيهَا عِوَجٌ»

(3)

.

رجال السند: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وأَبو الزِّنَادِ، والأَعْرَجُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.

(1)

الآية (21) من سورة الروم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة حديث (3331) ومسلم حديث (1468) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 934).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5184، وطرفه: 3331) ومسلم حديث (1468) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 933).

ص: 271

الشرح:

المراد أن المرأة طبعها يقتضي عدم السلامة من الخطأ، ويقع منها كفران العشير، وكونها خلقت من ضلع، فلا سبيل إلى إقامته، فالمرأة كذلك لا سبيل إلى السلامة من الخطأ، ومحاولة تعديل طبعها قد يؤدي إلى الطلاق المعبر عنه بكسر الضلع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

743 -

‌ بابٌ فِي الْعَزْلِ

2259 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، هو ابن عبد الرحمن بن عوف، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: «أَوَ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟، فَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسَمَةٍ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ إِلاَّ كَانَتْ»

(1)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حفيد عبد الرحمن بن عوف، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

العزل وسيلة من وسائل منع الحمل، وكانوا يعزلون عن الإيماء، وعن الحرائر لا يجوز إلا بإذنهن، وأرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عدم العزل؛ لأنه لا يرد إرادة الله عز وجل، ويجوز العزل واستعمال موانع الحمل للضرورة من مرض وتنظيم والله على كل شيء قدير، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2260 -

(2) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَشْرٍ، يَرُدُّ الْحَدِيثَ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْجَارِيَةُ فَيُصِيبُ مِنْهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ أَفَيَعْزِلُ عَنْهَا؟، وَتَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ فَيُصِيبُ مِنْهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَيَعْزِلُ عَنْهَا؟ "، قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2510) ومسلم حديث (1438) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 914).

ص: 272

«لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ»

(1)

.

قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ، فَقَالَ:" وَاللَّهِ لَكَأَنَّ هَذَا زَاجِراً، وَاللَّهِ لَكَأَنَّ هَذَا زَاجِراً ".

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وابْنُ عَوْنٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشْرٍ، هو تابعي صدوق تقدم، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز العزل ولا يرد أمرا قدره الله عز وجل، وانظر السابق، الحسن البصري رحمه الله لا يرى الجواز.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

744 -

‌ بابٌ فِي الْغَيْرَةِ

2261 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ لِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ»

(2)

.

رجال السند: يَعْلَى، هو ابن عبيد، والأَعْمَشُ، وشَقِيقٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن الله عز وجل يغار على عباده أن يقعوا في المعاصي؛ لأنه عز وجل يدعوهم إلى الجنة، والعصاة يدعون إلى النار، ولذلك حرم الفواحش، وحرم الخبائث، والمراد بمدحه جل جلاله تعظيمه والثناء عليه، وحمده وشكره على ما أنعم به، وذلك نفعه عائد على العباد لذلك قال في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5220) ومسلم حديث (2760) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1755).

ص: 273

أتاني يمشي أتيته هرولة»

(1)

، فالله عز وجل يحب أوبت العباد إليه وهو الغني عن عبادتهم ومدائحهم، ولكونها تقربهم من مرضاته وعفوه وكرمه، وتعود عليهم بالخير

في الدنيا والأخرة، فأحبها لهم ودعاهم إليه عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2262 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ: الْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ: الْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْمُغِيرَةِ، هو عبد القدوس، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ومُحَمَّدُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن الحارث، وابْنُ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، هو عبد الرحمن وقيل: أبو سفيان، جهله النقاد وله فرد حديث، وهو أخوه عبد الملك، وأَبو، جابر بن عتيك له صحبة.

الشرح:

الغيرة منها الجائز ومنها ما لا يجوز، الجائز منها ما كان لشك ظاهر، والناس في تقدير الشك يختلفون، فمنهم من يخيل إليه الأمر فيشك ويرتاب؛ لأنه شديد الإحساس، فيغار من غير ريبة، ومنهم من يتساهل في الأمر ويحمله على حسن الظن، فلا تفريط ولا إفراط، ويجب أن يكون كيسا فطنا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2263 -

(3) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ:" بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ يَقُولُ: لَوْ وَجَدْتُ مَعَهَا رَجُلاً لَضَرَبْتُهَا بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟، أَنَا أَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ

(1)

البخاري حديث (7405) ومسلم حديث (2675).

(2)

فيه عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، جهله الذهبي، وابن حجر، وأخرجه أبو داود حديث (2659) والنسائي حديث (2558) وحسنه الألباني عندهما، وابن ماجه حديث (1996) وصححه الألباني.

ص: 274

الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْمَعَاذِرِ، وَلِذَلِكَ بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ وَعَدَ الْجَنَّةَ»

(1)

.

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو الرقي، وعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، ووَرَّادٌ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ وكاتبه، هم أئمة ثقات تقدموا، والْمُغِيرَةُ، هو ابن شعبة رضي الله عنه.

الشرح:

هذا ثناء على سعد رضي الله عنه، وإقرار لغيرته ثم ذكر غيرة الله عز وجل على عباده أن يقعوا في الفواحش، ثم ذكر غيرته صلى الله عليه وسلم وأن الله عز وجل أغير منه، وأنه صلى الله عليه وسلم أغير من سعد على محارم الله، وأقر غيرة سعد رضي الله عنه، ولكن لو ابتلي مسلم فرأى رجلا مع امرأته فقتله، كما قال سعد فإن الشرع لا يعفيه من اقصاص إلا أن يأتي بأربعة يشهدون على الواقعة وهذا شبه المستحيل، ولكن له أجر غيرته، وعليه القصاص في جرم يده.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

745 -

‌ بابٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

2264 -

(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، أَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ ابْنِ أَوْفي الْعَامِرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً لِفِرَاشِ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ»

(2)

.

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، وزُرَارَةَ بْنِ أَوْفي الْعَامِرِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا تجسيد لحق الزوج على زوجته؛ لأنها حصنه مما لا يرضي الله عز وجل، وكذلك لو دعت المرأة زوجها إلى فراشه فليس له أن يمتنع؛ لأن امتناعه قد يعرضها لخطر

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البحاري حديث (7416) ومسلم حديث (1499) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 956).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3237) ومسلم حديث (1436) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 912).

ص: 275

المعصية، وهذا مقتضى قول الله عز وجل:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}

(1)

، فالامتناع من أيهما ينافي السكن والمودة والرحمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

746 -

‌ بابٌ فِي اللّعَانِ

2265 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ:" أَنَّ عُوَيْمِراً الْعَجْلَانِيَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا» . قَالَ سَهْلٌ: " فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثاً قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ".

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: " فَكَانَتْ تِلْكَ بَعْدُ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ "

(2)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، هم أئمة تقدموا، وسَهْلُ ابْنُ سَعْدٍ، وعُوَيْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ، رضي الله عنهما.

الشرح:

اللعان حكم شرعي في كتاب الله عز وجل، ويكون بين الزوجين حين يدّعي الزوج أنه وجد رجلا معها، وعدم القدرة على الشهود لإثبات ما رأى وفي قصة عويمر رضي الله عنه نزل الحكم الشرعي، قال الله عز وجل:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)}

(3)

، فإذا جرى اللعان حرمت المرأة إلى الأبد، أما طلاق عويمر فكان؛

(1)

الآية (21) من سورة الروم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5259) ومسلم حديث (1492) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 952).

(3)

الآيات من (6 - 9) من سورة النور

ص: 276

لأنه ظن أنها ستبقى في عصمته فاستبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وفعل، قول ابن شهاب رحمه الله:" فَكَانَتْ تِلْكَ بَعْدُ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ" أي: الطلاق بعد اللعان؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكره على عويمر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2266 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ:" أَنَّ عُوَيْمِراً أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلَانَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ طَلَّقَهَا ثَلَاثاً "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2267 -

(3) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: " سُئِلْتُ عَنِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي إِمَارَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟، فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، قَالَ: فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَنْزِلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَائِلٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَدْخُلَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَمِعَ ابْنُ عُمَرَ صَوْتِي فَقَالَ: ابْنُ جُبَيْرٍ؟، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: ادْخُلْ، فَمَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلاَّ حَاجَةٌ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ وَهُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةَ رَحْلِهِ، مُتَوَسِّدٌ مِرْفَقَةً - أَوْ قَالَ: نُمْرُقَةً، شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ - حَشْوُهَا لِيفٌ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُتَلَاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَحَدَنَا رَأَى امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟، إِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ تَكَلَّمَ فَمِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَامَ لِحَاجَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَؤُلَاءِ الآيَاتِ: الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}

(2)

حَتَّى خَتَمَ هَؤُلَاءِ الآيَاتِ قَالَ: فَدَعَا الرَّجُلَ فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ، وَذَكَّرَهُ بِاللَّهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

الآيات من (6 - 9) من سورة النور.

ص: 277

أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، فَقَالَ: مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَدَعَا الرَّجُلَ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}

(1)

ثُمَّ أُتِيَ بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}

(2)

، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا "

(3)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح: انظر السابق وما تقدم قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2268 -

(4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعاً، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:" فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ"

(4)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا حكم المتلاعنين أن الملاعنة تحرم إلى الأبد، وينفى الولد عن الملاعن، ويلحق بأمه الملاعنة.

(1)

الآية (7) من سورة النور.

(2)

الآية (7) من سورة النور.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1493) وانظر السابق.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5315) ومسلم حديث (1493) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 954).

ص: 278

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

747 -

‌ بابٌ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ

2269 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِراً يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، أَوْ أَهْلِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، والْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

لأنه لا يملك نفسه، فنكاحه بدون إذن باطل، وإنما بطل نكاح العبد من أجل ملك البدن والمنفعة لسيده، فلا يشتغل بغير منفعة مولاه، لذلك أبطل النكاح، إلا أن يجيز ذلك سيده.

وقد يقول قائل: أبطلت العبودية في هذا الزمان نقول يبقى الحكم الشرعي قائما لمن أحتاج إليه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2270 -

(2) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَهُوَ زَانٍ»

(2)

.

(1)

سنده ضعيف، وأخرجه الترمذي حديث (1112) وقال: حسن، روي بعضهم هذا الحديث عن جابر بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح، والصحيح عن عبد الله ابن محمد بن عقيل، عن جابر، قلت: عبد الله تفرد به، وفي تفرده نظر، وحديث (1111) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2078) وحسنه الألباني.

(2)

فيه مندل بن علي، ضعيف، وعنعنة ابن جريج، وأخرجه أبو داود حديث (2079) وقال: هذا الحديث ضعيف، وابن ماجه حديث (1960) وقال الألباني: حسن لغيره.

قلت: وحكم عليه بذلك لأنه لا يملك نفسه، وبالتالي نتاجه لمالكه، فلا بد من علم مولاه.

ص: 279

رجال السند:

مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هو النهدي، ومِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ، هو العنزي يكتب حديثه في الترغيب والترهيب تقدم، وابْنُ جُرَيْجٍ، ومُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، ونَافِعٌ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

وصفه في الرواية السابقة بالعهر، وهنا بالزنا؛ لأنه مارس أمرا غير مجاز من مالكه، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

748 -

‌ باب الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ

2271 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ قَالَ:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وابْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن المرأة إذا وقعت في الزنا وحملت سفاحا فالولد للفراش والمراد فراش الزوج، ويلحق به وللزاني الرجم إن كان محصنا، إلا أن ينفي الفراش الولد باللعان فيلحق بأمه، كما تقدم في قصة عويمر رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2272 -

(2) حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ»

(2)

.

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ومَالِكٌ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1458).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2218) ومسلم حديث (1457) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 922).

ص: 280

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2273 -

(3) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:" كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَقَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ» مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «احْتَجِبِى مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ» مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ: زوج النبي صلى الله عليه وسلم "

(1)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

749 -

‌ باب مَنْ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَعْرِفُهُ

2274 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: حِينَ أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ نَسَباً لَيْسَ مِنْهُمْ، فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَمْ يُدْخِلْهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ»

(2)

.

قالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَسَعِيدٌ، يُحَدِّثُهُ بِهِ:" بهَذَا، قَدْ بَلَغَنِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ".

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق، فهو طرف منه.

(2)

فيه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، أراه حسن الحديث، وأخرجه أبو داود حديث (2263) والنسائي حديث (3481) وابن ماجه حديث (2743) وضعفه الألباني عندهم.

ص: 281

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، ويَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، هو التميمي، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، هو المقبري، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه عقوبة زائدة على عقوبة الفاحشة، وجميعها ذنوب عظيمة وهي من كبائر الذنوب، متوعد عليها بالنار، ولا تستوجب الخلود في النار إذا قضى الله عز وجل العقاب عليها؛ وهي داخلة تحت المشيئة، إن شاء عذب وإن شاء غفر جل جلاله.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

750 -

‌ باب الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةَ أَبِيهِ

2275 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟، فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَآخُذَ مَالَهُ

(1)

.

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو الرقي، وزَيْدٌ، هو ابن أبي أنيسة، وعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، ثقة يتشيع، ويَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، هو ابن عازب

الأنصاري، وأَبوه، هو البراء عازب رضي الله عنه، وعَمُّه، لم يتبين، وقد اختلف فيه على عدي بن ثابت.

الشرح:

كانت هذه عادة جاهلية، أن المرأة يملكها ابن زوجها، فحرم الإسلام ذلك، واعتبرها من المحارم، ومن كان عالما بالتحريم وتزوج امرأة أبيه فإنه يرجم بكرا كان أو متزوجا؛ لأنه من المحارم ولو طلقها الأب أو مات عنها، فقد دخلت في عموم الأمهات وهن محرمات على التأبيد.

(1)

سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (4457) والنسائي حديث (3332، 3331) وابن ماجه حديث (2607) وصححه الألباني عندهم.

ص: 282

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

751 -

‌ باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}

2276 -

(1) أَخْبَرَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ

(1)

قَالَ: ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى

(2)

، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: يُسَمَّى زِيَاداً قَالَ: " قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُتْنَ كَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؟، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضَرْباً مِنَ النِّسَاءِ، وَوَصَفَ لَهُ صِفَةً، فَقَالَ:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}

(3)

أي: مِنْ بَعْدِ هَذِهِ الصِّفَةِ "

(4)

.

رجال السند:

مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ووُهَيْبٌ، ودَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، ومُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، هو مستور، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: سَمَّى زِيَاداً، هو ابن عبد الله، سكت عنه الإمامان، وذكره ابن حبان في الثقات.

الشرح:

قال ابن كثير رحمه الله: ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، وابن جرير، وغيرهم: أن الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضا عنهن، على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة، لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جزاؤهن أن الله قصره عليهن، وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن، ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حجر عليه فيهن. ثم إنه تعالى رفع عنه الحجر في ذلك، ونسخ حكم

(1)

في بعض النسخ الخطية " يعلى بن راشد " وهو تحريف.

(2)

في بعض النسخ الخطية " ابن موسى " وهو خطأ.

(3)

من الآية (52) من سورة الأحزاب.

(4)

الحديث فيه زياد الأنصاري نسبه البخاري وابن أبي حاتم: زياد بن عبد الله، وسكتا عنه (التاريخ 3/ 359، والجرح والتعديل 3/ 536) وجاء في بعض الروايات: رجل اسمه زياد، أخرجه أحمد حديث (21208). الحديث فيه زياد الأنصاري نسبه البخاري وابن أبي حاتم: زياد بن عبد الله، وسكتا عنه (التاريخ 3/ 359، والجرح والتعديل 3/ 536) وجاء في بعض الروايات: رجل اسمه زياد، أخرجه أحمد حديث (21208).

ص: 283

الآية، وأباح له التزوج، ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة للرسول صلى الله عليه وسلم عليهن

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2277 -

(2) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" مَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ النِّسَاءِ مَا شَاء ".

رجال السند:

الْمُعَلَّى، ثَنَا وُهَيْبٌ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَطَاءٌ، وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

الحديث رجاله ثقات، ابن جريج صرح بالتحديث (تفسير ابن جرير 22/ 32) والترمذي حديث (3216) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (3205) وصححه الألباني رحمه الله، وانظر ما ورد في مسلم وغيره حديث (1464) وفيه ترجي من تشاء: أي تؤخر في القسم، فإنه آوى عائشة، وحفصة، وزينب، وأم سلمة، فكان يستوفي لهن القسم، وأرجأ سودة، وجويرية، وأم حبيبة، وميمونة، وصفية، فكان يقسم لهن ما شاء، قال: فيحتمل أن تكون رواية ابن جريج صحيحة ويكون ذلك في آخر أمره، حيث آوى الجميع فكان يقسم لجميعهن إلا لصفية، وفي رواية ضعيفة أنه كان يقسم لها مع الجميع. أنظر (الفتح 14/ 297) وثبت أن سودة وهبت يومها لعائشة، ولا يلزم منه عدم القسم في المبيت. انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

752 -

‌ بابٌ فِي الأَمَةِ يُجْعَلُ عِتْقُهَا صَدَاقَهَا

2278 -

(1) أَخْبَرَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ:

" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا

(1)

التفسير 6/ 447.

ص: 284

صَدَاقَهَا "

(1)

.

رجال السند:

مُسَدَّدٌ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، هو أبو صالح الأزدي، بصري إمام ثقة، روى له الستة عدا ابن ماجه، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

اختلف العلماء في هذه المسألة، وأنا أميل إلى أن ذلك من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون عتقها مهرها، ولذلك لم أقف على من فعل هذا من الصحابة ومن بعدهم، فالأقرب للصواب أن يكون من الخصائص.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2279 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وأَبُو عَوَانَةَ، هو الوضاح، وقَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

753 -

‌ باب فَضْلِ مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا

2280 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّ مَنْ قِبَلَنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ كَالرَّاكِبِ بَدَنَتَهُ. فَقَالَ الشَّعْبِىُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ ثُمَّ أَدْرَكَ النبي فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5169) ومسلم القصة بطولها حديث (1365) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 285

فَغَذَّاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ»

(1)

ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: خُذْ هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَقَدْ كَانَ يُرْحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إِلَى الْمَدِينَةِ".

قَالَ هُشَيْمٌ: " أَفَادُونِي بِالْبَصْرَةِ فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ ".

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وهُشَيْمٌ، هو ابن بُشير، وصَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، هو ثقة روى الستة، والشَّعْبِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وكذلك أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وأَبو، أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.

الشرح:

المؤمنون من أهل الكتاب منهم عبدالله بن سلام رضي الله عنه، والمملوك إذا كان أمينا يخدم سيده بإخلاص، ومن يعتق جاريته ويتزوجها، ولا بد من صداق تعطاه، ولا يجعل صداقها عتقها، إذا قلنا بأنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

22801 -

(2) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ

(2)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقد الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

754 -

‌ باب الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا

2282 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: " فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا شَيْئاً،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (97، 5083) ومسلم حديث (7256، 7323) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 94).

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 286

وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَمَاتَ عَنْهَا، قَالَ فِيهَا: لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ".

قَالَ مَعْقِلٌ الأَشْجَعِيُّ: " قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ: امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي رُوَاسٍ، بِمِثْلِ مَا قَضَيْتَ

(1)

، قَالَ: فَفَرِحَ بِذَلِكَ ".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسُفْيَانُ يَأْخُذُ بِهَذَا.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وسُفْيَانُ، هو الثوري، وقد أخذا بهذا، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، وعَلْقَمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللّه، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

755 -

‌ باب مَا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ

2283 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَسَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُ صَوْتَ إِنْسَانٍ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُرَاهُ فُلَاناً» لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ؟ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«نَعَمْ، يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ

الْوِلَادَةِ»

(2)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ، هو ابن راهويه، ورَوْحٌ، هو ابن عبادة القيسي، ومَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وعَمْرَةُ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1145) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2114) والنسائي حديث (3355) وابن ماجه حديث (1891) وصححه الألباني عندهم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2646، وطرفاه: 3105، 5099) ومسلم حديث (1444) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 916).

ص: 287

الشرح:

ما يحرم من الولادة، المراد ما يحرم من النسب، قال الله عز وجل عطفا على بعض المحرمات من النسب:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2284 -

(2) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ: " أَنَّ عَمَّهَا أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ، فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْتَأْذِنَهُ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَتْ: جَاءَ عَمِّي أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ فَرَدَدْتُهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، قَالَ: «أَوَلَيْسَ بِعَمِّكِ؟» قَالَتْ: إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ "، فَقَالَ:«إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ»

(2)

.

قَالَتْ

(3)

: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ "

(4)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبِوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2285 -

(3) أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُحَرِّمُ الرَّضَاعَةُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ»

(5)

.

(1)

من الآية (23) من سورة النساء.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5239) ومسلم حديث (1445) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 918).

(3)

عمرة بنت عبد الرحمن.

(4)

وصله البخاري حديث (2646) ومسلم حديث (1444) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 916) تقدم.

(5)

رجاله ثقات، وأخرجه مالك حديث (2251) وانظر السابق.

ص: 288

رجال السند:

صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2286 -

(4) قَالَ مَالِكٌ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ

(1)

.

رجال السند:

مَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وعَمْرَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها، وانظر السند رقم 2065.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

756 -

‌ باب كَمْ رَضْعَةً تُحَرِّمُ

؟

2287 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَالْمَصَّتَانِ» .

رجال السند: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويُونُسُ، هو ابن يزيد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُرْوَةُ، وهم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وأخرجه مسلم حديث (1450).

ولأنها في الغالب غير مشبعة فلا أقل من خمس رضعات مشبعات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2288 -

(2) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ: " أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا

(1)

وانظر السابق، وأخرجه الترمذي حديث (1147) وقال: حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا، وأبو داود حديث (2055) والنسائي حديث (3300) وصححه الألباني عندهما.

ص: 289

رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً وَعِنْدِي أُخْرَى، فَزَعَمَتِ الأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ الْحُدْثَى"

(1)

، فَقَالَ: «لَا تُحَرِّمُ الإِمْلَاجَةُ

(2)

وَلَا الإِمْلَاجَتَانِ»

(3)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوب، هو السختياني، وأَبو الْخَلِيلِ، هو الضبعي صالح بن أبي مريم ثقة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، وهم ثقات تقدموا، وأُمُّ الْفَضْلِ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2289 -

(3) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا رَوْحٌ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ

(4)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ، ورَوْحٌ، ومَالِكٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وعَمْرَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: المراد أن ما نزل في الرضعات نسخ تلاوة وبقي حكما، كآية الرجم، وعلى هذا أكثر العلماء رحمهم الله، وفي عدد الرضعات خلاف، فمن أخذ بظاهر القرآن قال: الرضعة الواحدة تحرم، وقال آخرون بثلاث رضعات، وقال أكثر العلماء: لا أقل من خمس رضعات معلومات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

757 -

‌ باب مَا يُذْهِبُ مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ

2290 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَجَّاجِ ابْنِ حَجَّاجٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ:

(1)

أي الجديدة، وعنى بها المرأة الثانية.

(2)

المراد المصة الواحدة، يفسره ما سبق.

(3)

رجاله ثقات، أبو خليل صالح بن أبي مريم الضبعي ثقة، وأخرجه ومسلم حديث (1451).

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1452).

ص: 290

" يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ؟ "، قَالَ:«الْغُرَّةُ: الْعَبْدُ أَوِ الأَمَةُ»

(1)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وعَبْدَةُ، هو ابن سليمان أبو محمد اسمه عبد الرحمن فغلب عليه لقبه ثقة، وهِشَامٌ، هو ابن عروة، وأَبوه، عروة بن الزبير، وحَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الأَسْلَمِيِّ، تابعي صحح حديثه الترمذي وابن ماجه، وأَبوه، حجاج بن مالك الأسلمي رضي الله عنه.

الشرح:

المراد بها هنا الحق اللازم للمرضعة بسبب الرضاع، وكانوا يستحبون الوفاء للمرضعة عند انفصال الصبي، أن تعطى شيئا سوى الأجرة، تكريما منهم، أن من لم يفعل تلحقه المذمة، فأرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما هو أتم في التكريم، أن تعطى عبدا أو أمة مكافأة لها على الرضاع والخدمة في الصغر، فيقدم لها من يخدمها عبد أو أمة لقاء ما أحسنت إليه، وفي هذا العصر يمكن أن يقدم لها من يخدمها شغالة يدفع أجرتها أو مبلغا من المال تجد فيه سعة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

758 -

‌ باب شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الرَّضَاعِ

2291 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، ثُمَّ قَالَ:" لَمْ يُحَدِّثْنِيهِ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ قَالَ: تَزَوَّجْتُ بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: إِنِّي أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي ".

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: قَالَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ قَالَ:«كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟» وَلَمْ يَقُلْ: نَهَاهُ عَنْهَا.

(1)

فيه حجاج بن حجاج الأسلمي، مقبول، وأخرجه الترمذي حديث (1153) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2064) والنسائي حديث (3329) وضعفه عندهما الألباني رحمه الله.

ص: 291

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ:«فَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟»

(1)

وَلَمْ يَقُلْ نَهَاهُ عَنْهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَذَا عِنْدَنَا.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، هو عبد الله، هم ثقات تقدموا، وعُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد الأخذ بالأحوط، وقد قيل بالرضاع، فليقطع الشك باليقين، ولا يقدم على الزواج، وقد قيل بالرضاع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

759 -

‌ بابٌ فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ

2292 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَكَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِي فَقَالَ: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانِكُنَّ؟ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وأَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، هو ابن أسود المحاربي، وأَبوه، سليم ابن أسود أبو الشعثاء، كوفي تابعي إمام ثقة، وهو فقيه من أصحاب ابن مسعود، ومَسْرُوقٌ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا الوصف لا يشمل رضاع الكبير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام»

(3)

، أما خبر عائشة في رضاع سالم فهو بين أمرين: إما أنه منسوخ أو خاص بسالم دون غيره، وهو الأولى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2293 - (2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ: الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ ابْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ - رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ:

(1)

رجاله ثقات، وفيه عنعنة ابن جريج، وأخرجه البخاري حديث (88).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه والبخاري حديث (5102) ومسلم حديث (1455) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 921).

(3)

الترمذي حديث (1152) شاكر.

ص: 292

إِنَّ سَالِماً مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَأَنُّا فُضُلٌ

(1)

، وَإِنَّمَا نَرَاهُ وَلَداً، وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ تَبَنَّاهُ كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْداً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}

(2)

، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِماً "

(3)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لِسَالِمٍ خَاصَّةً.

رجال السند:

أَبُو الْيَمَانِ: الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

انظر السابق، وفيه للعلماء ثلاثة أقوال:

1 -

القول بالنسخ. 2 - القول بالتخصيص. 3 - إنما هو رخصة للحاجة لمن لا يُستغنى عن دخوله على المرأة، ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثّر رضاعه، وأما من عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا أولى من النسخ، ومن دعوى التخصيص بشخص معين، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين. انظر (زاد المعاد 5/ 593، ومجموع الفتاوى 34/ 60).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

760 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّحْلِيلِ

2294 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وسُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ الْهُزَيْلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحِلَّ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ

(4)

.

(1)

متبذلة في ثياب منزلها.

(2)

من الآية (5) من سورة الأحزاب.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5088، 4000) ومسلم حديث (1453) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(4)

سنده حسن، أبو قيس هو الأودي، والهزيل هو ابن شرحبيل، وأخرجه أحمد حديث (4308) والترمذي حديث (1120) وقال: حسن صحيح، والنسائي حديث (3416) وصححه الألباني، وسُمي مُحِلا، أو محللا بالنظر إلى قصده، وإلا فهو عمل باطل، مثل نكاح المتعة.

ص: 293

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، وسُفْيَانُ، هما إمامان تقدما، وأَبو قَيْسٍ، هو عبد الرحمن بن ثروان الأودي، كوفي صدوق، روى له الستة عدا مسلم، والْهُزَيلُ، هو ابن شرحبيل الأودي، تابعي ثقة روى له الستة عدا مسلم، وعَبْدُ الله، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

المحلل في حال الرجل يطلق زوجته البتة، فيأتي برجل آخر يتزوجها بنية التحليل لزوجها المطلق، وهذا هو التيس المستعار، ولذلك لعنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لما في فعلهما من الخسة والدناءة، والتلاعب بالشرع؛ لأن المطلقة ثلاثا لا تحل إلا بعد أن تتزوج بآخر عن رغبة من الطرفين، فإذا قُدّر الطلاق عن عدم رغبة في بقاء زوجين، فيجوز للزوج الأول أن يتزوجها بعد العدة بعقد جديد ومهر جديد.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

761 -

‌ بابٌ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ

2295 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ هِنْدَ: أُمَّ مُعَاوِيَةَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ، إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَىَّ فِي ذَلِكَ جُنَاحٌ؟ " فَقَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة بن الزبير، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

المراد أن النفقة بالمعروف وحسب قدرة الزوج، فإذا بخل بما يقدر عليه وهو القدر المطلوب شرعا، فلزوجة أن تأخذ ما نقص عن حاجتها، ولو دون علم الزوج، وقدر ذلك بالمعروف، والمراد من غير إسراف أو زيادة على الحاجة وما هو مستحق شرعا،

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2211) ومسلم حديث (1714) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1115).

ص: 294

ومعلوم أن النفقة واجبة على الزوج ولو كانت المرأة ذات مال، فإذا لم تستعف وتعاشر زوجها بالمعروف فلها أن تطالبه بالنفقة على قدر سعته بالمعروف.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

762 -

‌ بابٌ فِي حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ

2296 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وأَبوه، عروة، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

ليس المراد بالخيرية الإطلاق، فقد يكون هناك من هو خيرهم في أمور أخر، ولكن المراد أنه من خيارهم، ومن أسباب الخيرية، إحسان العشرة، والصبر على ما يحصل منهن من مضايقات أو أذى، ويتذكر أن المرأة خلت من ضلع، انظر ما تقدم برقم 2037 - (2) وما بعده.

أما قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ» فله تأويلات فقيل: المراد إذا مات الرجل منكم فاتركوه ولا تتعرضوا بذكر معايبه، والمراد النهي عن غِيبة الموتى، وقيل: أراد بالصاحب نفسَه صلى الله عليه وسلم، ومعناه اتركوا التلهف والتحسر عليه، واصبروا فإنَّ في الله خَلَفًا عن كل فائت، والخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسك بالكتاب والسنة، ليكونوا من الواردين حوضه صلى الله عليه وسلم.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (3895) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه حديث (1977) وصححه الألباني.

ص: 295

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

763 -

‌ بابٌ فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ إِذَا زَوَّجَهُنَّ آبَاؤُهُنَّ

2297 -

(1) 2298 م - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَوُعِكْتُ فَتَمَزَّقَ رَأْسِي فَأَوْفي جُمَيْمَةً

(1)

، فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبَاتٌ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئاً مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابِنْة تِسْعِ سِنِينَ

(2)

.

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

هذه عائشة رضي الله عنها تقول: إن رسول الله تزوجها أي: عقد عليها وهي بنت ست سنين، ودخل عليها وهي بنت تسع سنين، وهي في حال التزويج والدخول صغيره ممن لا أمر له في نفسه، وهذا يدل على أن الأب له أن يزوج ابنته الصغيرة، ولا يستأمرها، فلو كان النكاح لا يجوز على البكر إلا بإذنها لم يجز أن تزوج حتى يكون لها أمر في نفسها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

764 -

‌ باب السُّنَّةِ فِي الطَّلَاقِ

2299 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

(1)

تصغير الجمة: وهي شعر الرأس المدلى على المنكبين، وأرادت أنه بسبب المرض لم يكن كثيفا، لكنه أتم جميمة تصل إلى المنكبين.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3894) ومسلم حديث (2438) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث (897).

ص: 296

" أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ: «مُرْهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَيُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

ما فعله ابن عمر رضي الله عنهما طلاق بدعي، بين له رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاق السنة، وكم من أناس يجهلون هذا، والأولى أن يسأل الرجل عن السنة في الطلاق، ولا يقدم على شيء قبل سؤال العلماء ليكون على بصيرة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2300 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ:"سَمِعْتُ سَالِماً، يَذْكُرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ "، فَقَالَ:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا وَهِىَ طَاهِرَةٌ»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ:«أَوْ حَامِلٌ»

(3)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هو ابن نوفل، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

لأنه لو طلقها في غير طهر كان الطلاق بدعيا، ويصح طلاق الحامل على رواية عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح الآنفة، وهما إمامان ثقتان تقدما، وانظر السابق.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5258) ومسلم حديث (1471) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 937).

(2)

رجاله ثقات، متفق عليه، انظر السابق.

(3)

أخرجه أبو داود حديث (2181) والنسائي حديث (3397) وابن ماجه حديث (2023) وصححه الألباني عندهم.

ص: 297

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

765 -

‌ بابٌ فِي الرَّجْعَةِ

2301 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ قَالَا: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:" طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا "

(1)

.

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، هو ابن زكريا بن أبي زائدة، نسب إلى جده، وصَالِحُ بْنُ صَالِحٍ، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، وعُمَرُ، رضي الله عنهما.

الشرح:

وهذه فائدة الطلاق الرجعي، أنه يمكّن الزوجين من إصلاح ذات البين، ويعودان إلى ما كانا عليه من المعاشرة بالمعروف.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2302 -

(2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا "

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: لَيْسَ عِنْدَنَا هَذَا الْحَدِيثُ بِالْبَصْرَةِ عَنْ حُمَيْدٍ.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو سعدويه، وهُشَيْمٌ، وحُمَيْدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه. وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

766 -

‌ باب لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ

2303 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ،

(1)

الحديث أخرجه أبو داود حديث (2283) والنسائي حديث (3560) وصححه عندهما الألباني رحمه الله، وأخرجه ابن ماجة حديث (2016) وصححه الأرنؤط رحمه الله.

(2)

ت: رجاله ثقات، وانظر: القطوف (916/ 2322).

ص: 298

حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ الْحَكَمُ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ: أَفْصِلُ

(1)

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ، وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ إِمْلَاكٍ، وَلَا عَتَاقَ حَتَّى يَبْتَاعَ»

(2)

.

قِيلَ لأَبِي مُحَمَّدٍ: مَنْ سُلَيْمَانُ؟، قَالَ: أَحْسَبُه كَاتِباً مِنْ كُتَّابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، هو الحضرمي، وسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، هو الخولاني، والزُّهْرِيُّ، وأَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وأَبوه، محمد ابن عمرو بن حزم، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَدُّهُ، عمرو بن حزم، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " أَفْصِلُ " أي: أحزم، واختلف العلماء في وجوب الوضوء لمس المصحف، ومن باب الأولى القراء في المصحف، فقال جمهور الصحابة والتابعين ومن بدهم لا يمس المصحف إلا بوضوء مستدلين بحديث عمرو هذا، وحملوا قوله تعالى:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}

(3)

على ظاهرها، وأن المراد به المصحف وليس اللوح المحفوظ، وقال آخرون بحديث أبي هريرة قال: لقيني رسول الله رضي الله عنه وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل، فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد، فقال:«أين كنت يا أبا هر» فقلت له، فقال:«سبحان الله يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس»

(4)

، وقالوا: بجواز مس المصحف بغير وضوء، وقراءة القرآن كذلك، والتكليف بوجوب الوضوء فيه مشقة، ويبقى الاستحباب قائما وهو الأولى، وحملوا الآية على أن المراد اللوح المحفوظ، والمطهرون هم الملائكة.

(1)

أي أجزم.

(2)

في سنده مجهول، ويشهد لهذا حديث ابن عمر " لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك، .. " الحديث حسن أخرج أبو داود حديث (2190)، والترمذي حديث (1181) وابن ماجه حديث (2027) وصححه عندهما الألباني رحمه الله: قال: حسن صحيح.

(3)

الآية (79) من سورة البقرة.

(4)

البخاري حديث (285) ومسلم حديث (371).

ص: 299

وقوله: «وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ إِمْلَاكٍ» المراد قبل العقد على الزوجة؛ لأن الزوج لا يملك عصمتها إلا بعد العقد عليها، فبه تكون مملوكة العصمة. وقوله:«وَلَا عَتَاقَ حَتَّى يَبْتَاعَ» المراد أن عتق العبد لا يكون إلا بعد ملكه، بشراء أو بإرث، فإن شاء ملك، وإن شاء أعتق، فلا عتق قبل إثبات الملكية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

767 -

‌ باب مَا يُحِلُّ الْمَرْأَةَ لِزَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا فَبَتَّ طَلَاقَهَا

2304 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى الْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي، قَالَ:

«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟، لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي

عُسَيْلَتَهُ»

(1)

فَنَادَى خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبَا بَكْرٍ: أَلَا تَرَى مَا تَجْهَرُ بِهِ هَذِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ ".

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وابْنُ عُيَيْنَةَ، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

الظاهر أن رفاعة طلقها ثلاثا متوالية طالق طالق طالق، وليس بقوله: أنت طالق ثلاثا، وهذا والله أعلم نظير طلاق عويمر بعد اللعان وقبل أن يخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها تحرم عليه بمجرد اللعان، وكذلك زوج فاطمة بنت قيس لعله بت طلاقها بالصورة المذكورة.

أما العودة إلى رفاعة فالمراد بذوق العسيلة المعاشرة، واستمرار ذلك من غير نية التحليل لتعود إلى رفاعة، وانظر التالي.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5260) ومسلم حديث (1433) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 300

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2305 -

(2) أَخْبَرَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " طَلَّقَ رِفَاعَةُ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ - امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ

(1)

، فَدَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنْ مَعَهُ إِلاَّ مِثْلُ هُدْبَتِي هَذِهِ "، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟، لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ - أَوْ قَالَ: تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ -»

(2)

.

رجال السند:

فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، صدوق تقدم، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وأَبوه، هم ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

768 -

‌ بابٌ فِي الْخِيَارِ:

2306 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنِ الْخِيَرَةِ فَقَالَتْ:" قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَكَانَ طَلَاقاً؟ "

(3)

.

رجال السند:

يَعْلَى، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، والشَّعْبِيُّ، ومَسْرُوقٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

إذا اختلف الزوجان فخير الزوج زوجته في الطلاق فسكت ولم تختر فهي باقية في العصمة ولا يعد ذلك التخيير طلاقا.

(1)

بفتح الزاي المعجمة، وكسر الباء الموحدة.

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5263) ومسلم حديث (1477) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 301

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

769 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ أَنْ تَسْأَلَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا طَلَاقَهَا

2307 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، هو أبو النعمان، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبٌ، وأَبو قِلَابَةَ وأَبو أَسْمَاءَ هو عمرو بن مرثد الرحبي، تابعي إمام ثقة، وثَوْبَانَ رضي الله عنه.

الشرح:

المراد الترهيب من التلاعب بعقد النكاح؛ لأنه ميثاق غليظ يجب الوفاء به من الطرفين، وخاطب المرأة بهذا؛ لأن المشاجرة في الغالب تكون من الزوجة، ونادرا ما تكون

من الزوج، ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم:«تكثرن اللعن وتكفرن العشير»

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

770 -

‌ بابٌ فِي الْخُلْعِ

2308 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ عَمْرَةَ أَخْبَرَتْهُ:" أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ، تَزَوَّجَهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ هَمَّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَكَانَتْ جَارَةً لَهُ، وَأَنَّ ثَابِتاً ضَرَبَهَا فَأَصْبَحَتْ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَلَسِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فَرَأَى إِنْسَاناً فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قَالَتْ: أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكِ؟» قَالَتْ: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتٌ، فَأَتَى ثَابِتٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خُذْ مِنْهَا وَخَلِّ سَبِيلَهَا» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي كُلُّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ، فَأَخَذَ مِنْهَا وَقَعَدَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا "

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1178) وقال: حسن، وأبو داود حديث (2226) وابن ماجه حديث (2055) وصححه الألباني.

(2)

البخاري حديث (304) ومسلم حديث (132).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2227، 2228) والنسائي حديث (3462) وصححه الألباني عندهما.

ص: 302

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وعَمْرَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وحَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، وثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

أظهرت كرهها لثابت، وقوله:«خُذْ مِنْهَا» يدل على جواز أن يستعيد بعض ما أعطاها، ويجوز كل ما أعطاها؛ لأنها هي التي لا ترغب في البقاء، قال الله عز وجل:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}

(1)

، المراد إذا ساءت العشرة وتكارها، ولم يراعيا حقوق بعضهما فالخلع سبيل قطع ذلك بأن تفتدي من زوجها بمال أو متاع ويخلي سبيلها، وللأسف كثيرون الذين لا يتراحمون بتطبيق الشرع في يسر وسهولة، بل يذهبون إلى التنازع والدعاوى الكاذبة والكيد لبعضهم، ويصر الزوج على المغالاة في مقابل الخلع، ولم يهتد بكتاب ولا سنة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

771 -

‌ بابٌ فِي طَلَاقِ الْبَتَّةِ

2309 -

(1) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ ابْنِ

(2)

سَعِيدٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ: " بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، وَهُوَ فِي قَرْيَةٍ لَهُ فَأَتَيْتُهُ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «مَا أَرَدْتَ؟» فَقَالَ: وَاحِدَةً، قَالَ: «آللَّهِ؟» قَالَ: آللَّهِ "، قَالَ:«هُوَ مَا نَوَيْتَ»

(3)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، هما إمامان ثقتان تقدما، والزُّبَيْرُ ابْنُ سَعِيدٍ، هو ابن سليمان الهاشمي لين الحديث، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، هو لين الحديث، وأَبوه، علي بن يزيد بن ركانة، وثقه ابن حبان، وجَدُّهُ، يزيد بن ركانة

(1)

من الآية (229) من سورة البقرة.

(2)

في بعض النسخ الخطية " عن " وهو تحريف.

(3)

فيه المطلبي، لين الحديث.

ص: 303

-رضي الله عنه

الشرح:

رغم هشاشة السند فإن بعض العلماء يأخذ به، ويتعبر الطلاق ثلاثا بلفظ واحد كأن يقول: أنت طالق بالثلاث، يعتبره بدعيا ويجريه طلقة واحدة، من غير الرجوع إلى النية والمسألة خلافية والعمل بالسنة فيه نجاة ورحمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

772 -

‌ بابٌ فِي الظِّهَارِ

2310 -

(1) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ ابْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ قَالَ: " كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ فِي لَيْلِي شَيْئاً فَيَتَتَابَعَ بِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ أُصْبِحَ - قَالَ - فَتَظَاهَرْتُ إِلَى أَنْ يَنْسَلِخَ، فَبَيْنَا هِيَ لَيْلَةً تَخْدُمُنِي إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَمَا لَبِثْتُ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ وَقُلْتُ: امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَمْشِي مَعَكَ مَا نَأْمَنُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكَ الْقُرْآنُ أَوْ أَنْ يَكُونَ فِيكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَةٌ يَلْزَمُنَا عَارُهَا، وَلَنُسْلِمَنَّكَ بِجَرِيرَتِكَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قصتي، فَقَالَ:«يَا سَلَمَةُ أَنْتَ بِذَاكَ؟» قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، قَالَ:«يَا سَلَمَةُ أَنْتَ بِذَاكَ؟» قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، قَالَ:«يَا سَلَمَةُ أَنْتَ بِذَاكَ؟» قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ، وَهَا أَنَا ذَا صَابِرٌ نَفْسِي، فَاحْكُمْ فِيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ:«فَأَعْتِقْ رَقَبَةً» قَالَ: فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا، قَالَ:«فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قُلْتُ: وَهَلْ أَصَابَنِي الَّذِى أَصَابَنِي إِلاَّ فِي الصِّيَامِ؟ قَالَ: «فَأَطْعِمْ وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِيناً» فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا وَحْشَى مَا لَنَا طَعَامٌ، قَالَ:«فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، وَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ، وَكُلْ بَقِيَّتَهُ أَنْتَ وَعِيَالُكَ» قَالَ: فَأَتَيْتُ قَوْمِي فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ

ص: 304

الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْي وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّعَةَ وَحُسْنَ الرَّأْي، وَقَدْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ "

(1)

.

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، هو الأودي إمام تقدم، ومُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو ابن علقمة ثقة تقدم، وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، إمام ثقة، وقيل: لم يدرك سلمة، وسَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيّ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث له متابعات وشواهد فهو حسن لغيره، وتضمن حكم الظهار أنه محرم وفيه الكفارة، وهنا اجتمع أمران: أنه ظاهر من امرأته حتى ينتهي رمضان، وهذا له كفارة.

والأمر الثاني الجماع في رمضان، وهذا له كفارة، ولكن من رحمة الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلهما كفارة واحدة، وتتجلى الرحمة في التدرج في الكفارة إلى أن أسقطها عن سلمة، وصرف تمرا من صدقة قومه بني زريق، رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يَا سَلَمَةُ أَنْتَ بِذَاكَ؟» ثلاثا، أي: أنت ارتكبت الخطأ فعليك أن تتحمل الحكم الشرعي، ثم آل الأمر إلى الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

773 -

‌ بابٌ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثاً أَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ أَمْ لَا

2311 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ:" أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثاً، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى، قَالَ سَلَمَةُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ، فَجَعَلَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ "

(2)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، والشَّعْبِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، رضي الله عنها.

(1)

فيه انقطاع بين سليمان بن يسار وسلمة بن صخر، وله متابعات وشواهد يرقى بها، وأخرجه الترمذي مختصرا حديث (1198) قال: حسن غريب، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وأبو داود حديث (2213) وابن ماجه حديث (2062) وصححه الألباني عندهما.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1840).

ص: 305

الشرح:

المراد أنه طلقها طلاق السنة، فلا يفهم أن الثلاث بلفظ واحد، وقد أو ضحت الروات المراد بجلاء، فقد جاء في رواية " أنه طلقها البته " وفي رواية " طلقها آخر ثلاث تطليقات " وفي رواية " طلقها طلقة كانت بقيت من طلاقها " وفي رواية " طلقها " فيحمل المطلق على المقيد، وهو طلاق السنة، على هذا صح قول عمر رضي الله عنه.

واختلف العلماء رحمهم الله في حديث فاطمة هذا، والخلاصة: أن على الزوج السكنى مدة العدة، وأما السكنى مدة الزوجية فلا يسأل عن مثله؛ لاتفاق الجميع على أن السكنى مدة الزوجية على الزوج، وأما في مدة العدة، فإن كان الطلاق رجعيا أو بائنا فالسكنى على الزوج، ولا خلاف بين الفقهاء في الطلاق الرجعي، وإن اختلفوا في البائن، والدليل قوله تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}

(1)

، والأمر يقتضي الوجوب، وإنما خوطب بذلك من طلق، وكان الإنفاق والسكنى لازمين للزوج قبل الطلاق، فلما أمر بالسكنى بعد الطلاق علم أن حكمه بعد الطلاق غير حكم الإنفاق؛ لأن للزوجة إسقاط النفقة قبل الطلاق وبعده، وليس لها إسقاط السكنى ولا نقله عن محله، وقد روي عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: أن المبتوتة لها النفقة مع السكنى، قال عمر رضي الله عنه: المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة، ولا نجيز قول امرأة في دين المسلمين، وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: المطلِّق ثلاثا لا يُجبر على النفقة، فلعل الذي قال عمر رضي الله عنه إنما أراد به الحامل، ولذلك قال: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم نسيت، والذي في كتاب الله تعالى للمطلقة إنما هو السكنى، وأما النفقة فتختص بالحامل، قال الله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2312 - (2) أَخْبَرَنَا يَعْلَى

(3)

، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: " أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثاً، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ

(1)

من الآية (6) من سورة الطلاق.

(2)

من الآية (6) من سورة الطلاق، وانظر المنتقى شرح الموطأ (4/ 103) بتصرف.

(3)

في بعض النسخ الخطية " معلى " وهو تحريف.

ص: 306

عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، وزَكَرِيَّا، هو ابن عدي، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا، وعامر، هو الشعبي.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2313 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:" لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ، الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثاً لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ "

(2)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، والأَشْعَثِ، هو ابن سوار، ضعفه الجمهور تقدم، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وَحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمَ، والأَسْوَدُ، هو ابن يزيد، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعُمَرُ، هو ابن الخطاب رضي الله عنه.

الشرح: انظر المتقدم آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2314 -

(4) أَخْبَرَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، [عَنْ عُمَرَ نَحْوَهُ

(3)

.

رجال السند:

طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، هو أبو محمد النخعي، ثقة من رجال البخاري، وحَفْصُ ابْنُ غِيَاثٍ، والأَعْمَش، هو سليمان بن مهران، هما إمامان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2315 - (5) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ]

(4)

:

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

فيه الأشعث ضعيف، تقدم تخريجه.

(3)

رجاله تقات، وانظر السابق.

(4)

ما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ الخطية.

ص: 307

" لَا نُجِيزُ قَوْلَ امْرَأَةٍ فِي دِينِ اللَّهِ، الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثاً لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ "

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " لَا أَرَى السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ "

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو أبو بكر بن أبي شيبة، إمام ثقة، وتقدم الباقون آنفا.

أما الدارمي رحمه الله فقال إنه لا يرى السكنى والنفقة للمطلقة، يعني المبتوتة، وهي المطلقة ثلاثا، وأنظر ما تقدم قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

774 -

‌ بابٌ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفي عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْمُطَلَّقَةِ

2316 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ: " أَنَّهُ اجْتَمَعَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرُوا الرَّجُلَ يُتَوَفي عَنِ الْمَرْأَةِ فَتَلِدُ بَعْدَهُ بِلَيَالٍ قَلَائِلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حِلُّهَا آخِرُ الأَجَلَيْنِ

(3)

، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: إِذَا وَضَعَتْ فَقَدْ حَلَّتْ، فَتَرَاجَعَا فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي، يَعْنِى أَبَا سَلَمَةَ، فَبَعَثُوا كُرَيْباً مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا، فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةَ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَنَفِسَتْ

(4)

بَعْدَهُ بِلَيَالٍ، وَأَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُكْنَى أَبَا السَّنَابِلِ خَطَبَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ، فَقَالَ لَهَا أَبُو السَّنَابِلِ: فَإِنَّكِ لَمْ تَحِلِّينَ، فَذَكَرَتْ سُبَيْعَةُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ "

(5)

.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

لأن المبتوتة لا تعد زوجة، إذ لا حق للرجل في الرجعة، فكذلك لا حق عليه في النفقة.

(3)

المراد بالأجلين: عدة الوفاة، ووصع الحمل، ومعنى هذا أن ابن عباس يرى أن عليها الأخذ بالأطول، وهو عدة الوفاة، لكونها وضعت بعد موت زوجها بليال، والصواب مع أبي سلمة وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، عملا بقول الله عز وجل:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الآية (4) من سورة الطلاق.

(4)

بضم النون وفتحها: لغتان، والمراد الولادة.

(5)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4909) ومسلم حديث (1485) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 949).

ص: 308

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وأَبو سَلَمَةَ ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا هو الصحيح أن المرأة الحامل إذا مات زوجها ووضعت بعد موته بدقائق أن أنها حلت للأزواج، عملا بقول الله عز وجل:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ولكن ابن عباس رضي الله عنها يرى أن عليها أن تعتد بأبعد الأجلين؛ وضعُ الحمل، أو عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا، ورد هذا أبو هريرة رضي الله عنه، ورأى تداخل العدتين وأنها تحل بمجرد الوضع بعد وفاة الزوج ولو بوقت قصير، ولكن بعد انقطاع دم الولادة، ومعلوم أن أبا أبو هريرة رضي الله عنه من فقهاء الصحابة رضي الله عنهم، ومن كبار أئمة الفتوى".

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2317 - (2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ يَسَارٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:

" تُوُفي زَوْجُ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَوَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَيَّامٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَزَوَّجَ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، كُرَيْبٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها.

الشرح: انظر ما تقدم قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2318 -

(3) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، ثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ قَالَ: " وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا تَعَلَّتْ

(2)

مِنْ نِفَاسِهَا تَشَوَّفَتْ

(3)

فَعِيبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَذُكِرَ أَمْرُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

أي ارتفعت عن فراش نفاسها، وخرجت منه بالطهر.

(3)

أي تطلعت إلى الزواج.

ص: 309

«إِنْ تَفْعَلْ فَقَدِ انْقَضَى أَجَلُهَا»

(1)

.

رجال السند:

بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وأَبُو الأَحْوَصِ، هو سلام بن سليم، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، والأَسْوَدُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو السَّنَابِلِ، هو لبيد بن بعكك القرشي رضي الله عنه.

الشرح:

هذا في سياق ما تقدم والمراد إن تتزوج بعد خروجها من دم الولادة فقد حلت لانقضاء أجلها بالولادة والطهر، ولا عيب عليها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2319 - (4) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ:

" أَنَّ سُبَيْعَةَ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَيَّامٍ فَتَشَوَّفَتْ، فَعَابَ أَبُو السَّنَابِلِ، فَسَأَلَتْ أَوْ ذُكِرَ أَمْرُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ "

(2)

.

رجال السند: هم أئمة ثقات تقدموا آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

775 -

‌ بابٌ فِي إِحْدَادِ

(3)

الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ

2320 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَوْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ أَنْ تَحِدَّ عَلَى أَحَدٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجِهَا»

(4)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثقة تقدم، وسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، هو أخو محمد صدوق ضعف في الزهري تقدم، وسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، هو أخو محمد صدوق ضعّف

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد منقطعا حديث (18714) والترمذي حديث (1193) وقال: مشهور من هذا الوجه، ولا نعرف للأسود سماعا من أبي السنابل، سمعت محمد - البخاري - يقول: لا يعرف أن أبا السنابل عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي حديث (3508) وابن ماجه حديث (2027) وصححه الألباني عندهما.

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

في (ك) احتداد.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1491) وانظر التالي ..

ص: 310

في الزهري تقدم، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَة، هما إمامان تقدما، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه بيان أن الحِداد لا يزيد عن ثلاثة أيام، وأن الزيادة محرمة، إلا الحِداد على الزوج فقد ثبت بنص الكتاب العزيز قال الله عز وجل:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}

(1)

، وهذه عدة الوفاة، وهي حق فرضه الله على كل امرأة يتوفى زوجها، حتى من عقد عليها ولم يدخل بها، فلها الميراث ولا مهر لها، وعليها عدة الوفاة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2321 -

(2) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ:" سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ تُحَدِّثُ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ أَخاً لَهَا مَاتَ أَوْ حَمِيماً لَهَا فَعَمِدَتْ إِلَى صُفْرَةٍ فَجَعَلَتْ تَمْسَحُ يَدَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَفْعَلُ هَذَا لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ": «لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تَحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجِهَا، فَإِنَّهَا تَحِدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً»

(2)

.

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وحُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، هو أبو أفلح وثقه النسائي، وزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، هي ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، رضي الله عنمها.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2322 -

(3) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ، عَنْ أُمِّهَا أَوِ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ

(3)

.

(1)

من الآية (234) من سورة البقرة.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1281) ومسلم حديث (1486) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 950).

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 311

رجال السند: تقدموا آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

776 -

‌ باب النَّهْيِ لِلْمَرْأَةِ عَنِ الزِّينَةِ فِي الْعِدَّةِ

2323 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا تَحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تَحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، لَا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَمَسُّ طِيباً إِلاَّ فِي أَدْنَى طُهْرِهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ مَحِيضِهَا، نُبْذَةً مِنْ كُسْتٍ

(1)

، وَأَظْفَارٍ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وزَائِدَةُ، وهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وحَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها.

الشرح:

للشطر الأول من الحديث انظر ما تقدم قريبا، والشطر الثاني يتضمن منع المرأة في حالة الحداد من جميع أنواع الزينة والأطياب، نعم يجوز لها اللباس النظيف، واستبداله إذا اتسخ.

أما قوله: " عَصْبٍ " فالمراد به نوع من الأكسية يجلب من بلاد اليمن في ذلك الوقت، والمراد اجتناب ما فيه زينة، ولا يمنع الثوب النظيف من المعتاد لبسه في المنزل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

777 -

‌ بابٌ فِي خُرُوجِ الْمُتَوَفى عَنْهَا زَوْجُهَا

2324 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكٍ أَخْبَرَتْهَا: " أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ زَوْجِها قَدْ

(1)

القسط الهندي والأظفار، نوعان من البخور، والمقصود نبذ شيء منهما في المبخر، واستعماله على ما ورد في الحديث.

(2)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (5341، 5342، 5343) ومسلم حديث (938) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 312

خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا فَأَدْرَكَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِطَرَفِ الْقَدُومِ قَتَلُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«امْكُثِى في بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» . فَقُلْتُ: إِنَّهُ لَمْ يَدَعْنِي فِي بَيْتٍ أَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةٍ، فَقَالَ:«امْكُثِي حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» . فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَ ذَلِكَ

وَقَضَى بِهِ "

(1)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، وسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، هو ثقة له أحاديث، عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، صحابية كانت زوجة أبي سعيد الخدري، رضي الله عنهما، والْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِك، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه أن المعتدة عدة الوفاة لا تخرج من بيت زوجها حتى تنقضي أربعة أشهر وعشرا، وهي عدة الوفاة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2325 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ

(2)

نَخْلاً لَهَا فَقَالَ لَهَا رَجُلٌ: لَيْسَ لَكِ أَنْ تَخْرُجِي، قَالَتْ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «اخْرُجِى فَجُدِّى نَخْلَكِ فَلَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِى أَوْ تَصْنَعِى مَعْرُوفاً»

(3)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، و ابْنُ جُرَيْجٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1204) وقال: حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وأبو داود حديث (2300) والنسائي حديث (3529) وابن ماجه حديث (2031) وصححه الألباني عندهم.

(2)

تقطع الثمرة.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1483).

ص: 313

الشرح:

وفيه جواز أن تخرج المعتدة لحاجتها الضرورية، ولا حرج عليها إذا اجتنبت دواعي الزينة، وما يلفت لها الأنظار، ولها أن تزور محارمها إذا احتاجت لذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

778 -

‌ بابٌ فِي تَخْيِيرِ الأَمَةِ تَكُونُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتُعْتَقُ

2326 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، فَأَرَادَ مَوَالِيهَا أَنْ يَشْتَرِطُوا وَلَاءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَاشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا، وَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَكَانَ حُرًّا"، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بِلَحْمٍ فَقَالَ:«مِنْ أَيْنَ هَذَا؟» قِيلَ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ:«هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ»

(1)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وإِبْرَاهِيمُ، والأَسْوَدُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

اختلفت الروايات في كون زوج بريرة حرا أو عبدا، فرواية القاسم، وعروة تقول: إنه كان عبدا، ورواية الأسود تقول: إنه كان حرّا، وخرج هذا الاختلاف بأن الراجح رواية القاسم عن عائشة وهي عمته، ورواية عروة عنها وهي خالته، وكانا يسمعان منها مباشرة بدون حجاب، أما الأسود فكان يسمع منها من وراء حجاب، وقيل: قوله: كان زوجها حرّا، هو من كلام الأسود، وليس قولا لعائشة، وتؤيد رواية القاسم وعروة رواية ابن عباس، وقد ورد فيها أنه كان عبدا، وذكر اسمه وصفته، فتأيد رجحان ذلك.

وفيه دليل على أنه لا ولاء لغير المعتِق، وأن مَنْ شرط ذلك فشرطه باطل، وفيه دليل على جواز بيع المكاتب إذا عجز عن دفع ما جرت مكاتبته عليه، وقد أذن رسول الله

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1493) ومسلم حديث (1504) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 314

-صلى الله عليه وسلم لعائشة في شراء بريرة، فاشترتها وأعتقتها وكان الولاء لها رضي الله عنها، وفيه جواز بيع المملوك بشرط العتق.

وأما قوله: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» يعني بريرة المراد أن الصدقة جائزة لها، وليست محرمة كماهي على الرسول صلى الله عليه وسلم وقرابته، ولهم قبول الهدية ولو تصدق بها على غيرهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2327 -

(2) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ طَعَاماً لَيْسَ فِيهِ لَحْمٌ فَقَالَ: «أَلَمْ أَرَ لَكُمْ قِدْراً مَنْصُوبَةً؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَأَهْدَتْ لَنَا، قَالَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا مِنْهَا هَدِيَّةٌ» وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ فَلَمَّا عُتِقَتْ خُيِّرَتْ "

(1)

.

رجال السند:

إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وأَبوه، القاسم بن محمد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيما يتعلق بالهدية أنظر السابق، وفيه تخيير المعتَقة إذا كانت تحت زوج مملوك، فإن شاءت بقيت، وإن شاءت امتنعت من البقاء، أما الحرة فلا يجوز لها أن تتزوج من مملوك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2328 -

(3) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:" أَنَّ بَرِيرَةَ حِينَ أَعْتَقَتْهَا عَائِشَةُ كَانَ زَوْجُهَا عَبْداً، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحُضُّهَا عَلَيْهِ فَجَعَلَتْ تَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَيْسَ لِي أَنْ أُفَارِقَهُ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَتْ: فَقَدْ فَارَقْتُهُ"

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (4643) وصححه الألباني، وانظر السابق.

(2)

سنده حسن، وانظر السابق.

ص: 315

رجال السند:

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ، هو صدوق من أفراد الدارمي، والْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ، هو ثقة من أصحاب مالك، مات بعده بسبع سنين، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

فيه تأييد ما تقدم من جواز تخيير الجارية إذا عتقت وهي تحت زوج مملوك، ويفهم من إصرار بريرة رضي الله عنها أن لديها علم بفقه المسألة، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2329 -

(4) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ - يَعْنِي الْحَذَّاءَ - عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْداً يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ: «يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ شِدَّةِ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ شِدَّةِ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثاً؟

فَقَالَ لَهَا: «لَوْ رَاجَعْتِيهِ فَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِكِ» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْمُرُنِي؟ قَالَ:

«إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ» قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ "

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وخَالِدٌ الْحَذَّاءَ، وعِكْرِمَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

نعم حب مغيث كان لصلاحها، وكونها أم ولده، وبغضها إياه؛ لأن ثمن الحرية غال، هذا ما يفهم من ظاهر الأمر، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرغبها في البقاء هو من كمال رحمته صلى الله عليه وسلم، ولأن الموقف يستدعي الشفقة على مغيث وولده، ولو قبلت لتغير الحكم الشرعي في عدم جواز نكاح الحرة من مملوك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

779 -

‌ بابٌ فِي تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

2330 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5283).

ص: 316

" سُلَيْمَانَ مَوْلًى لأَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِوَلَدِي أو بإبني، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِوَلَدِي - أَوْ بِابْنِي - وَقَدْ نَفَعَنِي وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَهِمَا - أَوْ قَالَ -: تَسَاهَمَا» أَبُو عَاصِمٍ الشَّاكُّ، فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ: مَنْ يُخَاصِمُنِي فِي وَلَدِي - أَوْ فِي ابْنِي -؟ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ»

(1)

.

وَقَدْ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: «فَاتْبَعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ» فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ، وزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، هو الخراساني مكي يماني ثقة ثبت، من أصحاب الزهري، وهِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ، هو ابن أبي ميمونة، روى عنه مالك، وهو صالح يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات، وأَبو مَيْمُونَةَ: سُلَيْمَانَ، ويقال أسامة أبو هلال وثقة النسائي، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

والمسألة خلافية بين العلماء، لكن الأم أحق مادام الغلام أو الفتاة في سن الحضانة، ولا يكون التخيير بعد ذلك إلا للغلام، ومن لم ير التخيير نظر إلى أن الأم حظها في الحضانة فقط لكونها أرفق، فإذا جاوز ذلك فإنه أحوج إلى المعاش والأدب، والأب أبصر من الأم وأقدر. قلت: ليس هذا على الإطلاق فالنظر إلى الأهلية معتبر في الأبوين، ولاسيما في هذا العصر، فقد تكون الأم أقدر من الأب وأولى.

وفيه دليل على أن الولد يخير فمن اختار فهو له، وقد اختار أمه على أبيه، وفيه دلالة على أن الغلام يفهم معنى التخيير، ولم يكن دون ذلك، أما البنت فلا تخير تبقى مع أمها حتى تبلغ سبع سنوات فإن تنازعا بعد سن سبع سنوات فهي لأبيها.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (7352) وأخرجه الترمذي حديث (1357) وقال: حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وأبو داود حديث (2277) والنسائي حديث (3496) وابن ماجه حديث (2351) وصححه عندهم الألباني رحمه الله.

ص: 317

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

780 -

‌ بابٌ فِي طَلَاقِ الأَمَةِ

2331 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُظَاهِرٌ - وَهُوَ ابْنُ أَسْلَمَ- أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لِلأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ»

(1)

.

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُظَاهِرٍ، أبو عاصم هو النبيل.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، ومُظَاهِرٌ بْنُ أَسْلَمَ، هو المخزومي كان أبو عاصم النبيل يضعفه، وروى عنه سليمان بن موسى الزهراني، ولم أقف على ترجمته، والْقَاسِمُ ابْنُ مُحَمَّدٍ، وهم أئمة ثقات، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

رغم تضعيف مُظاهر العملُ على هذا عند أهل العلم رحمهم الله، فهي تبين بطلقتين؛ لأن طلاق الثلاث لا يتنصف، وتنقضي عدتها بحيضتين؛ لأن الثلاث حيضات لا تتنصف.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

781 -

‌ بابٌ فِي اسْتِبْرَاءِ الأَمَةِ:

2332 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وشَرِيكٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَرَفَعَهُ أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ:«لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»

(2)

.

(1)

المراد السبايا، وفيه مظاهر بن أسلم، ضعيف، الترمذي حديث (1182) وقال: حديث غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وأبو داود حديث (2189) وابن ماجه حديث (2080) وشاهده حديث ابن عمر عند ابن ماجه حديث (2079) وضعفه الألباني عندهم.

(2)

فيه شريك بن عبد الله، وهو صدوق، وأخرجه والترمذي حديث (1564) وأبو داود حديث (2157) وصححه الألباني عندهما.

ص: 318

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، ثقة تقدم، وشَرِيكٌ، هو ابن عبد الله صدوق تقدم، وقَيْسِ

ابْنِ وَهْبٍ، هو الهمداني كوفي ثقة، روى له مسلم، وأَبو الْوَدَّاكِ، هو جبر بن نوف ابن ربيعة الهمداني، صدوق قليل الحديث، وأَبو سَعِيدٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

الحامل استبراؤها بالوضع، ولا يجوز وطؤها قبل ذلك، وغير الحامل تستبرأ بحيضة، وهذا الحكم الشرعي، وقد لا يكون واقعا في هذا العصر، امنع الرق في جميع الدول الإسلامية، ومطالبة الأرقاء بالحرية، وقد يوجد منه سرا والله أعلم، وقد بلغني أن رجلا من مريتانيا ذكر أنه يملك سبعين رقيقا ذكورا وإناثا، وأنه طلب منهم أن يذهبوا لحال سبيلهم، فأبوا إلا البقاء والعيش معه حتى ولو حررهم، وآخرون في مريتانيا اختاروا الحرية وتركوا أسيادهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

782 -

‌ باب رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ

2333 -

(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ»

(1)

.

وَقَدْ قَالَ حَمَّادٌ أَيْضاً: «وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ» .

رجال السند:

عَفَّانُ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وحَمَّادٌ، هو ابن أبي سليمان، وإِبْرَاهِيمُ، والأَسْوَدُ، هو ابن يزيد، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذا من رحمة الله عز وجل إذ أسقط التكليف في هذه الأحوال الثلاث: فالنائم لا تحصي عليه الملائكة في حال نومه، فالنوم هو الموتة الصغرى، قال الله عز وجل: {اللَّهُ يَتَوَفَّى

(1)

سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (24694) وأبو داود حديث (4398) والنسائي حديث (2041) والنسائي حديث (3432) وابن ماجة حديث (2041) وصححه الألباني عندهم.

ص: 319

الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}

(1)

، المراد أن الله عز وجل يتوفى الأنفس التي قضى عليها أن تموت لاستيفائها ما قدر لها أن تحيا فيمسكها ولا يعيدها إلى الجسد، والأنفس التي لم يقض عليها يتوفاها في منامها ثم يعيدها إلى الجسد باستيقاضها من النوم لتستوفي ما كتب لها من الحياة، فالنائم في حكم الميت حتى يستيقظ، فيجري عليه القلم بما يعمل من خير أو شر.

والصغير ذكرا أو أنثى لا يجري عليه القلم إلا بعد البلوغ، إلا في تعليمه الطاعات وتعويده عليها فإذا أحسن الأداء فإن الله عز وجل لا يضيع {أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}

(2)

، وإذا بلغ الذكر أو الأنثى جرى عليه القلم بما يعمل من الخير والشر.

والمجنون أو المعتوه لا يجري عليه بما يعمل لزوال عقله وهو مناط التكليف في الثلاث الحالات، فالنائم لا يعقل في حال المنام، والصغير كذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

783 -

‌ باب مَا يَحِلُّ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ

2334 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: بَكُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ، أَوْ بِزِناً بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ بَقَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَيُقْتَلُ»

(3)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو أُمَامَةَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وعُثْمَانُ، رضي الله عنهما.

(1)

من الآية (42) من سورة المر.

(2)

من الآية (30) من سورة الكهف.

(3)

رحاله ثقات، وأخرجه أحمد (437) وأبو داود حديث (4502) والترمذي حديث (2158) وقال: حسن، والنسائي حديث (4019) وابن ماجه حديث (2533) وصححه عندهم الألباني رحمه الله.

ص: 320

الشرح:

هذه قاعدة شرعية في إزهاق النفس، لا يحل قتلها إلا بإحدى ثلاث: أن يكون مسلما ثم يرتد إلى الكفر، أو يكون متزوجا فيقع في فاحشة الزنا، فإنه يرجم حتى يموت وقد أمر رسول الله برجم ماعز والغامدية وقد اعترفا بالزنا رضي الله عنهما، أو يقدم على قتل نفس بغير حق، فجزاءه القتل قصاصا، أو تعزيرا على ما جنت يداه كالحرابة وما يستوجب ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2335 -

(2) حَدَّثَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلاَّ أَحَدَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ

لِلْجَمَاعَةِ»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد الطنافسي، والأَعْمَشُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةٍ، هو الهمداني ثقة له أحاديث صالحة، توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز، ومَسْرُوقٌ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

تقدم آنفا، وهذا في سياقه، في توكيد الأسباب المبيحة لقتل المسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

784 -

‌ باب السَّارِقِ يُوهَبُ مِنْهُ السَّرِقَةُ بَعْدَ مَا سَرَقَ:

2336 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعْدُ ابْنُ حَفْصٍ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" كَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ نَائِماً فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ وَهُوَ نَائِمٌ فَاسْتَلَّ رِدَاءَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، فَنَبِهَ بِهِ فَلَحِقَهُ فَأَخَذَهُ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتُ نَائِماً فِي الْمَسْجِدِ فَأَتَانِي هَذَا، فَاسْتَلَّ رِدَائِي مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَلَحِقْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ". فَقَالَ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6878) ومسلم حديث (1676) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

ص: 321

لَهُ صَفْوَانُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ رِدَائِي لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ هَذَا "، قَالَ:«فَهَلاَّ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ»

(1)

.

رجال السند:

سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، هو الطلحي، وشَيْبَانُ، هو ابن عبد الرحمن أبو معاوية التميمي، وأَشْعَثُ، هو ابن سوار ضعفه الجمهور، وعِكْرِمَةُ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قال ابن عبد البر رحمه الله: " لأن السلطان لا يحل له أن يعطل حدا من الحدود التي لله عز وجل إقامتها عليه إذا بلغته، كما ليس له أن يتجسس عليها إذا استترت عنه، وبأن الشفاعة في ذوي الحدود حسنة جائزة، وإن كانت الحدود فيها واجبة إذا لم تبلغ السلطان، وهذا كله لا أعلم فيه خلافا بين العلماء وحسبك بذلك علما

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

785 -

‌ باب مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيدُ

2337 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً»

(3)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، وإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ

(4)

، والزُّهْرِيُّ، وعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

(1)

فيه أشعث بن سوار، ضعيف، ومن طرق عن صفوان أخرجه النسائي حديث (4882، 4883، 4878، 4879) وأبو داود حديث (4394) وابن ماجه حديث (2595) وصححه الألباني عندهم.

(2)

الاستذكار (7/ 540).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6791) ومسلم حديث (1684) ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(4)

في بعض النسخ الخطية زاد " ابن حفص " وهو خطأ.

ص: 322

الشرح:

الدينار من الذهب وربعه ثلاثة دراهم فضة، وقد غلظت عقوبة السارق؛ لأنه خائن شنيع في المجتمع، انتهك ما حرم الله عز وجل، واستحل مال غيره بدون حق، والسارق آفة في المجتمع، قد يرتكب أفضع الجرائم من أجل المال، فقد يقتل وينتهك الأعراض، وهو ما يحدث في هذا العصر، وقد استفسر بعض المعارضين في وقته لقطع اليد فقال:

يد بخمس مئين عسجد ودين

ما بالها قطعت قي ربع دينار

ورد عليه القائل:

عز الأمانة أغلاها وأرخصها

ذل الخيانة فافهم حكمت الباري

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2338 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مِجَنٍّ، قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، سُفْيَانُ، وأَيُّوبٌ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، هو حفيد عمرو بن العاص رضي الله عنه، وَعُبَيْدِ اللَّهِ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا هو الحد الأنى لما تقطع فيه يد السارق إذا استوفت شروط القطع المعتبرة عند الفقهاء، ولا قطع فيما دون ذلك، ويكتفى بما يراه القاضي عقوبة تعزيرية.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6795، 6796، 6797، 6798) ومسلم حديث (1686) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1098).

ص: 323

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

786 -

‌ باب الشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّود دُونَ السُّلْطَانِ:

2339 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ:

" أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟، قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ

لَقَطَعْتُ يَدَهَا»

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو التميمي، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

لم تكن الشريعة الغراء في الثواب والعقاب تعفي شريفا ولا ترحم ضعيفا بل العدل للناس كافة الحاكم والمحكوم، القوي والضعيف، من أحسن فله الحسنى، ومن أساء يناله الجزاء، وإذا رفعت القضية للحاكم فلا شفاعة لا لصغير ولا لكبير، الناس في الثواب والعقاب سواسية، وما يحدث في هذا العصر من رد القصاص بالشفاعة المقرون بالملايين من الريالات مخالفة شرعية، فقد عدل الله عز وجل وانصف، المجني عليه والجاني، أنصف المجني عليه بأن خيّر ورثته بين القصاص، أو أخذ الدية المقررة شرعا، أو العفو لوجه الله عز وجل من غير مال قلّ أو كثير، وأنصف الجاني بما يقبله ورثة المجني عليه، ولو كان القصاص، أما الإغراء بالملايين فهو دفع لحكم الشرع ولا يجوز، وهو تشجيع للجناة على القتل، أما الصلح بما يزيد بعض الشيء على

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2648) ومسلم حديث (1688) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1100).

ص: 324

مقدار الدية المقررة شرعا، وتغليظها بزيادة النصف أو الضعف فلا حرج فيه، وإنما الحرج في المتاجرة بدماء الناس وجمع الملايين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

787 -

‌ باب الْمُعْتَرِفِ بِالسَّرِقَةِ

2340 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ - مَوْلَى أَبِي

ذَرٍّ - عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَارِقٍ قَدْ اعْتَرَفَ اعْتِرَافاً لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ:«مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ» قَالَ: بَلَى، قَالَ:«مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ» قَالَ: بَلَى، قَالَ:«فَاذْهَبُوا فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ جِيئُوا بِهِ» فَقَطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ» فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ»

(1)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما ثقتان تقدما، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّه ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، هو مدني تابعي ثقة، كان مالك لا يقدم عليه أحدا، وأَبو الْمُنْذِرِ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ، مقبول روى له أَبُو داود، والنَّسَائي، وابن ماجه، وأَبو أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا الإيمان دفعه إلى الندم، فقرر الاعتراف، وفضل إقامة الحد، وقد حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع عنه التهمة ليتوب ولكنه أصر، شأنه شأن ماعز رضي الله عنهما، ولو أنهما تابا وسترا نفسيهما لقُبل منهما ذلك، ولكن الندم وحرارة الخوف من الله عز وجل ألجأتهما إلى طلب التطهير.

(1)

فيه أبو المنذر، مقبول، وأخرجه أبو داود حديث (4380) والنسائي حديث (4877) وابن ماجة حديث (2597) وضعفه الألباني عندهم، قال ابن حجر: وحكى أبو داود أنه وقع في رواية همام عن إسحاق عن أبي المنذر عن أبي أمية رجل من الأنصار والأول أكثر قال بن السكن تفرد به حماد عن إسحاق قلت: ورواية همام التي أشار إليها أبو داود ترد عليه وقد وصلها الدولابي من طريقه (الإصابة 7/ 23).

ص: 325

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

788 -

‌ باب مَا لَا يُقْطَعُ فِيهِ مِنَ الثِّمَارِ

(1)

2341 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنَا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَخْبَرَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ»

(2)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ويَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، ومُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنُ حَبَّانَ، هو مدني ثقة، ولم يسمع من رافع وواسطته في التالي، ورَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

الكثر: جمار النخل، والمراد بالثمر: التمر على النخل قبل الجداد، فهو مباح ما لم يتجاوز ما يؤكل، فلو جَدّ تمرا آواه إلى الجرين فإنه يقطع فيه؛ لأنه سرقة غلة، وجمار النخل، إذا قطع من قبل صاحبه فمن أخذ منه شيئا فلا قطع عليه، والمسألة محل خلاف بين العلماء رحمهم الله، قال أبو ثور إذا سرق ثمر نخل أو شجر أو عنب كرم، وذلك الثمر قائم في أصله وكان محروزا فبلغ قيمة المسروق من ذلك ما تقطع فيه اليد قطعت يده، وذلك أن هذا كله ملك لمالكه لا يحل أخذه وعلى من استهلكه قيمته، في قول جماعة أهل العلم، لا أعلمهم اختلفوا في ذلك، فلذلك رأينا على من سرق من ذلك ما يوجب القطع، أنه يقطع

(3)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2342 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» .

(1)

في (ر) كتبت في الهامش.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (4388) والنسائي من طريق أخرى عن رافع حديث (4960) وعن أبي هريرة عند ابن ماجه حديث (2593) وصححه عندهم الألباني رحمه الله.

(3)

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (23/ 310) بتصرف غير مخل.

ص: 326

رجال السند:

الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، صاحب السنن إمام تقدم، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة إمام تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

في سنده مجهول، ولعله واسع بن حبان، الوارد في الرواية التالية، وانظر السابق، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2343 - (3) أخبرنا إسحاق، ثنا وكيع، عن سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن محمد ابن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان،

عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ»

(1)

.

رجال السند:

إسحاق، هو ابن إبراهيم، ووكيعٌ، وسفيانُ، واسع بن حبان، هو المازني الأنصاري، تابعي ثقة روى له الستة، وهو عم محمد بن يحيى بن حبان المتقدم، وهم ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2344 -

(4) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ

(2)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2345 -

(5) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، وَالثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 327

قَالَ: " وَهُوَ شَحْمُ النَّخْلِ، وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ ". بل شحم النخل هو الجمار، والتفريق بينهما خطأ.

رجال السند:

إِسْحَاقُ، هو ابن إبراهيم بن راهويه، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد الضبي، وَالثَّقَفِيُّ، هو أبو محمد عبد الوهاب بن عبد المجيد ثقة، هم ثقات تقدموا، وتقدم الباقون قريبا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2346 -

(6) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ:

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي كَثَرٍ»

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَوْلُ مَا قَالَ أَبُو أُسَامَةَ

(2)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو صاحب السنن إمام تقدم، عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي صدوق تقدم، وتقد الباقون انظر رقم 2322.

أبو محمد، هو الدارمي، وأبو أسامة، هو حماد بن أسامة، ولعل المراد قوله:" لا قطع في ثمر ولا كثر " أو في الواسطة وهو قوله: " عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ " وتبين أنه عمه واسع.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

789 -

‌ باب مَا لَا يُقْطَعُ مِنَ السُّرَّاقِ

2347 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ جَابِرٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ، وَلَا عَلَى الْمُخْتَلِسِ، وَلَا عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ»

(3)

.

(1)

فيه أبو ميون أو ميمونة، لا يعرف، وأخرجه النسائي حديث (4968) وقال: هذا خطأ أبو ميمون لا يعرفه، وقال الألباني: صحيح لغيرة.

(2)

انظر رقم (2327).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1448) وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (4391، 4391) وصححه الألباني، والنسائي حديث (4972 - 4976) وابن ماجه حديث (2591) وصححه الألباني عندهم.

ص: 328

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، وأَبُو الزُّبَيْر، محمد بن مسلم، هو أئمة ثقات، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: أجمع عامة أهل العلم على أن المختلس والخائن لا يقطعان وذلك أن الله سبحانه إنما أوجب القطع على السارق، والسرقة إنما هي أخذ المال المحفوظ سراً عن صاحبه، والاختلاس غير محترز منه فيه، وقد قيل إن القطع إنما سقط عن الخائن؛ لأن صاحب المال قد أعان على نفسه في ذلك بائتمانه إياه وكذلك المختلس وقد يحتمل أن يكون إنما سقط القطع عنه لأن صاحبه قد يمكنه رفعه عن نفسه بمجاهدته وبالاستغاثة بالناس فإذا قصر في ذلك ولم يفعل صار كأنه أتي من قبل نفسه.

وحُكي عن إياس بن معاوية أنه قال يقطع المختلس، ويُحكى عن داود أنه كان يرى القطع على من أخذ مالاً لغيره سواء أخذه من حرز أو غير حرز وهذا الحديث حجة عليه

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

790 -

‌ بابٌ فِي حَدِّ الْخَمْرِ

2348 -

(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ خَمْراً فَضَرَبَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ، ثُمَّ فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، قَالَ: فَفَعَلَ"

(2)

.

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

(1)

معالم السنن (3/ 306).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6776) ومسلم حديث (1706) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1108).

ص: 329

الشرح:

الخمر فالدنيا محرمة؛ لأنها تغتال عقول الشاربين، وتدفهم إلى ارتكاب العديد من الجرائم؛ لذلك سماها عثمان رضي الله عنه أم الخبائث وقال محذرا منها: " اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، انظر 2123، 2128، شرحه.

ولم يرد فيها حد في الكتاب العزيز؛ لأن العرب قبل الإسلام كانوا مولعين بها، وكانت فخرهم في نواديهم، وأشادت بها أشعارهم، ولما أسلم منهم من أسلم قدرت السنة النبوية هذا، وأنهم حديثوا عهد بإسلام فعوقب الشارب بعقوبة خفيفة نحو أربعين سوطا خفيفا، وبأخف من ذلك قال هريرة رضي الله عنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، قال:«اضربوه» قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، وسيأتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر جلدا أربعين، وجلد عمر رضي الله عنه ثمانين، بمشورة من عثمان رضي الله عنه، وهذا تدرج في العقوبة، وسيأتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الشارب في بعض الأحوال، وقد حصل في هذا العصر التساهل في الخمر وشاربيها بل إن بعض الدول الإسلامية أجازت شرب الخمر في بعض فنادقها.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2349 -

(2) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ، ثَنَا حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ قَالَ: " شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ ابْنِ

(1)

عُقْبَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ "

(2)

.

رجال السند:

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو الفراهيدي، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، هو الدباغ مولى حفصة بنت سيرين، بصري ثقة روى له الستة، وعَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ، هو ابن فيروز ثقة عالم، معنى لقبه الداناج، بالفارسية: العالم، ثَنَا وحُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ، هو بالتصغير، أبو محمد يلقب: ساسان، تابعي ثقة، وعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الكل سنة هذا هو الصحيح، ولكن تعالج كل حالة بقدرها، وانظر السابق.

(1)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1707).

ص: 330

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

791 -

‌ بابٌ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ إِذَا أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ

2350 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ - ثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَاضْرِبُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاضْرِبُوهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وهما إمامان ثقتان، ومُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، لم أقف على ترجمته، وعَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، هو الثقفي تابعي ثقة، روى له الشيخان، وأَبوه، هو الشريد بن سويد الثقفي رضي الله عنه.

الشرح:

تقدم قريبا أنه لا يجوز قتل النفس إلا بإحدى ثلاث، ليس منها إذا شرب الخمر في الرابعة، ولم يذهب أحد من أهل العلم إلى أن شارب الخمر يقتل، وقالوا: إن القتل نسخ باقتصار النبي صلى الله عليه وسلم على جلد ذلك الرجل، وعلى هذا نقلوا الإجماع؛ لأنه أتي به في الرابعة فجلده ولم يقتله، فخرج الأمر بالقتل مخرج الترهيب، إلا من شذ وقال: يقتل بعد الرابعة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

792 -

‌ باب التَّعْزِيرِ فِي الذُّنُوبِ

2351 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ - قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ جَابِرٍ - عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

(1)

فيه عبد الله بن عتبة بن عروة، لم أقف له على ترجمة، وأخرجه أحمد حديث (2359) الحديث صحيح له شواهد ثابتة، وهذا الحديث تأويله على أحد أمرين:

الأول: أن القتل لمن أنكر التحريم، واستحل الشرب، والثاني: أنه منسوخ، وقد حكى الخطابي اجماع على أنه لا يقتل (معالم السنن 3/ 339).

ص: 331

«لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَضْرِبَ أَحَداً فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ، إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ، وسَعِيدٌ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، هو الخزاعي، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو الأزدي، وبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وسُلَيْمَانُ ابْنُ يَسَارٍ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ جَابِرٍ، هو حفيد الصحابي عبد الله والده وجده صحابيان، وهو مدني ثقة روى له الستة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، رضي الله عنه.

الشرح: أذهب إلى القول بأن هذا كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يكفي في ردع من يُضر هذا القدر، أما في الأزمنة بعده فلا بد من الردع على قدر الجرم، وهذا عمر رضي الله عنه ضرب ضبيعا ضربا كاد يهلك به وتقدم الخبر برقم 150، ويجوز في عصرنا ردع المفسدين بأقصى عقوبات التعزير، لحماية المجتمع من فسادهم وجرائمهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

793 -

‌ باب الاِعْتِرَافِ بِالزِّنَا

2352 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ:" أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ زَنَى، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى أَرْبَعاً، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، هو عبد الملك، ابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

الرجل هو ماعز رضي الله عنه، وفيه أن الاعتراف بعد الإحصان يوجب الرجم حتى الموت، وهي عقوبة قاسية، لقاء تركه الحلال، وانصرافه إلى الحرام.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6850) ومسلم حديث (1708) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1110).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5270) ومسلم حديث (1691) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1102).

ص: 332

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2353 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ:" أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ - رَجُلٍ قَصِيرٍ - فِي إِزَارٍ مَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ عَلَى يَسَارِهِ فَكَلَّمُهُ، فَمَا أَدْرِي مَا يُكَلِّمُهُ بِهِ، وَأَنَا بَعِيدٌ مِنْهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْقَوْمُ، فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» ثُمَّ قَالَ: «رُدُّوهُ» فَكَلَّمَهُ أَيْضاً وَأَنَا أَسْمَعُ، غَيْرَ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْقَوْمَ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ وَأَنَا أَسْمَعُهُ " ثُمَّ قَالَ: «كُلَّمَا نَفَرْنَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَلَفَ أَحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ، يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثْبَةَ مِنَ اللَّبَنِ، وَاللَّهِ لَا أَقْدِرُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلاَّ نَكَّلْتُ بِهِ»

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، هو العبسى، وإِسْرَائِيلُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وسِمَاكٌ، صدوق تقدم، جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن ما عزا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه زنى، فأمر برجمه، ثم قال: ردوه، ليستوثق من اعترافه أو نكوله، ولكنه أصر على الاعتراف، ولو ستر نفسه ستره الله عز وجل، قال أبو هريرة رضي الله عنه: " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الناس وهو في المسجد، فناداه: يا رسول الله، إني زنيت، يريد نفسه، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه، فجاء لشق وجه النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«أبك جنون؟» قال: لا يا رسول الله، فقال:«أحصنت» قال: نعم يا رسول الله، قال:«اذهبوا به فارجموه»

(2)

، ثم وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، يحذر من ذلك العمل الفاحش، وتعب المسلمين وهتك أعراضهم، الرجل هو ماعز بن مالك رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1692).

(2)

البخاري حديث (6825) ومسلم حديث (1691).

ص: 333

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2354 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَشِبْلٍ قَالُوا: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ

(1)

إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ خَصْمُهُ - وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ -: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَتَكَلَمْ

(2)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قُلْ» فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً

(3)

عَلَى أَهْلِ هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَالَ:«وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَسَلْهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» ،

فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا "

(4)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الجني رضي الله عنه وَشِبْلٌ، اختلف النقاد فيه، فقيل: هو شبل ابن خالد، أو ابن خليد، أو ابن معبد، ونقلوا عن يحيى بن معين أن شبل ابن معبد هو الأشبه بالصواب.

الشرح:

تضمن هذا حُكمين:

الأول: حكم الزاني غير المحصن يجلد مائة ويغرب عن بلده الذي وقع فيه الزنى سنة كاملة.

(1)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(2)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(3)

أي أجيرا.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2695) ومسلم حديث (1697) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1103).

ص: 334

والثاني: حكم الزاني المحصن أنه يرجم حتى الموت.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

794 -

‌ باب الْمُعْتَرِفِ يَرْجِعُ عَنِ اعْتِرَافِهِ

2355 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا مُحَمَّدٌ - هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ - قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ نَصْرِ ابْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي: مَاعِزَ ابْنَ مَالِكٍ - فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً، قَالَ: فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ": «فَهَلاَّ تَرَكْتُمُوهُ؟»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، هما إمامان تقدما، ومُحَمَّدٌ ابْنُ إِسْحَاقَ ابْنِ يَسَارٍ، صدوق تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، هو مدني ثقة له أفراد، روى له الستة، وأَبو الْهَيْثَمِ بْنُ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيِّ، قيل: اسمه عامر مقبول، ويؤيده ما تقدم، وأَبوه، هو نصر بن دهر الأسلمي له صحبة ورواية رضي الله عنه.

الشرح:

في قوله صلى الله عليه وسلم: «فَهَلاَّ تَرَكْتُمُوهُ؟» فيه الرحمة وأنهم لو تركوه لربما رجع عن اعترافه، وقد ذاق شيئا من العذاب، وهو ما حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا أن يفعله ماعز رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

795 -

‌ باب الْحَفْرِ لِمَنْ يُرَادُ رَجْمُهُ

2356 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْطَلِقُوا بِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فَارْجُمُوهُ» فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَوَاللَّهِ مَا أَوْثَقْنَاهُ، وَلَا حَفَرْنَا لَهُ، وَلَكِنْ قَامَ فَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ، وَالْخَزَفِ، وَالْجَنْدَلِ "

(2)

.

(1)

فيه الهيثم، مقبول، يقوى بالرواية التاليه، تقدم المتفق عليه، وأخرجه أبو داود حديث (4420) وحسنه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1694).

ص: 335

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ويَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، هو ابن زكريا نسب لجده، ودَاوُدَ، هو ابن أبي هند، وأَبو نَضْرَةَ، هو المنذر بن مالك، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِي، رضي الله عنه.

الشرح:

هده الخوف من الله عز وجل، ودفعه طلب التطهير إلى هذا الموقف، ولما آلمه الرجم حاول الهرب، وطاردوه حتى قتلوه رضي الله عنه، في حرة لُحي جمل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2357 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ، فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، فَرَدَّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَحُفِرَ لَهُ حُفْرَةٌ فَجُعِلَ فِيهَا إِلَى صَدْرِهِ، وَأَمَرَ النَّاسَ

أَنْ يَرْجُمُوهُ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل إمام تقدم، وبَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، هو الغنوي، كوفي صدوق تقدم، وروايته قصة ماعز بن مالك رضي الله عنه، وأنكروها، وأنكروا ذكره الحفر، ولم يقل ذلك أحد من الرواة: إنه حفر له غيره، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، إمام ثقة تقدم، وأَبوه، هو بريدة رضي الله عنه.

الشرح: انظر ما تقدم آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

796 -

‌ باب فِي الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ

2358 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا زُهَيْرٌ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ:

(1)

فيه بشير بن المهاجر، فيه كلام، وأنكر عليه حديث ماعز هذا، فلم يذكر الحفر أحد سواه، ولا الترديد في مجلس واحد، وأخرجه أحمد (22942) ومسلم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه القصة بتمامها حديث (1695).

ص: 336

«كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ؟» قَالُوا: لَا نَجِدُ فِيهَا شَيْئاً، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمُ، {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

(1)

فَجَاءُوا بِالتَّوْرَاةِ فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا - الَّذِي يَدْرُسُهَا مِنْهُمْ - كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا قَرِيبا، مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ ".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَحْنَي عَلَيْهَا: يَقِيهَا الْحِجَارَةَ "

(2)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وزُهَيْرٌ، هو ابن معاوية، ومُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، هو صاحب المغازي، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

أجرى عليهم حكم الله عز وجل بما في كتابهم التوراة، واليهود لم يفارقهم المكر والخديعة حتى مع من ينزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم، وهو دأبهم إلى قيام الساعة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

797 -

‌ بابٌ فِي حَدِّ الْمُحْصَنِينَ بِالزِّنَا

2359 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا نَجِدُ حَدَّ آيَةِ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَي مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أُحْصِنَ، إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ

(3)

، أَوْ الاِعْتِرَافُ "

(4)

.

(1)

من الآية (93) من سورة آل عمران.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6841، 7332) ومسلم حديث (1699) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1104).

(3)

المراد حمل المرأة من الزنا.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6829) ومسلم حديث (1691) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1101).

ص: 337

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، والزُّهْرِيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، عُمَرُ، رضي الله عنهما.

الشرح:

رضي الله عن عمر وأرضاه، كأنه يعيش زماننا إذ فعلا وجد من يقول: ليس في كتاب الله حكم الرجم، ولذلك هو معطل في البلاد الإسلامية، ولو لم يذكر عمر رضي الله عنه آية الرجم المنسوخة تلاوة، والباقي حكمها لما جاز لأحد أن يشكك في حكم رجم الزاني المحصن؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك رضي الله عنه، ورجم الغامدية لما جاءته فقالت:" يا رسول الله، طهرني "، فقال:«ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه» فقالت: " أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك "، قال:«وما ذاك؟» قالت: " إنها حبلى من الزنى "، فقال:«آنت؟» قالت: نعم، فقال لها:«حتى تضعي ما في بطنك» ، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " قد وضعت الغامدية "، فقال:«إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه» ، فقام رجل من الأنصار، فقال:" إلي رضاعه يا نبي الله "، قال: فرجمها

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2360 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، ثَنَا الْعَقَدِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ زَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ» .

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، هو المقرئ لا بأس به، والْعَقَدِيُّ، هو أبو عامر عبد الملك، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، ويُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو الباهلي، وكَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الكندي أخو زيد بن الصلت، تابعي ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، رضي الله عنه.

(1)

مسلم حديث (1695) وانظر رواية عنها في مصنف ابن أبي شيبة حديث (28809).

ص: 338

الشرح:

هذه شهادة زيد بن ثابت رضي الله عنه وكان من كتاب الوحي، ولم تكتب؛ لأنها نسخت تلاوة، وبقيت حكما.

والخبر سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (21596).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

798 -

‌ باب الْحَامِلِ إِذَا اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا

2361 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ

(1)

فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَقَالَ لَهَا:«ارْجِعِي» فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ أَيْضاً فَاعْتَرَفَتْ عِنْدَهُ بِالزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ طَهِّرْنِي، فَلَعَلَّكَ أَنْ تَرْدُدَنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ارْجِعِي حَتَّى تَلِدِي» فَلَمَّا وَلَدَتْ جَاءَتْ بِالصَّبِيِّ تَحْمِلُهُ فِي خِرْقَةٍ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا قَدْ وَلَدْتُ، قَالَ:

«فَاذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ ثُمَّ افْطِمِيهِ» فَلَمَّا فَطَمَتْهُ جَاءَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدَيْهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّبِيِّ فَدُفِعَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا حُفْرَةٌ فَجُعِلَتْ فِيهَا إِلَى صَدْرِهَا، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْجُمُوهَا، فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ فَرَمَى رَأْسَهَا، فَتَلَطَّخَ الدَّمُ عَلَى وَجْنَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّهُ إِيَّاهَا فَقَالَ:«مَهْ يَا خَالِدُ لَا تَسُبَّهَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» فَأَمَرَ بِهَا فَصُلِّيَ عَلَيْهَا فَدُفِنَتْ "

(2)

.

رجال السند:

تقدم السند والكلام عليه في رواية قصة ماعز رضي الله عنه برقم 2352، وأنكروا على بشير ابن المهاجر ذكر الحفر.

(1)

في بعض النسخ الخطية " من بني غامد ".

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم مقرونا بحديث ماعز حديث (1695).

ص: 339

الشرح:

المرأة هي الغامدية المتقدم ذكرها آنفا، وقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على خالد ابن الوليد رضي الله عنه لما سبها، وبين له أنها تابت توبة عظيمة، كيف لا وقد جاءت طواعية ومصرة على التطير رضي الله عنها، وليعلم العصاة أن رحمة الله عز وجل قريبة منهم لو ستروا أنفسهم وتأبوا توبة نصوحا، لوجدوا الله عز وجل توابا رحيما، والاستتار والتوبة أولى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها، فليستتر»

(1)

، ولو اختاروا الاعتراف وطلبوا التطهير فتلك توبه عظيمة جدا، ويشهد لهم بالجنة بعدها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماعز:«فوالذي نفسي بيده، لقد رأيته يتقمص في نهر الجنة»

(2)

، وانظر توبة الجهنية رضي الله عنها في الحديث التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2362 -

(2) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَّهَا فَقَالَ:«اذْهَبْ فَأَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَأْتِنِي بِهَا» فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشُكَّتْ

(3)

عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ " فَقَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ عز وجل؟»

(4)

.

رجال السند: وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، هو ابن حسان، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد، وأَبو الْمُهَلَّبِ، هو عبد الرحمن بن معاوية الجرمي عم أبي قلابة، ثقة قليل الحديث، هم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

(1)

مصنف عبد الرزاق حيث (13336).

(2)

مسند الطيالسي حديث (2595).

(3)

أي: شدت، حتى لا تتكشف عند اضطرابها من وقع الرجم.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1696).

ص: 340

الشرح:

رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على استغراب عمر رضي الله عنه الصلاة عليها وقد زنت، فبين له صلى الله عليه وسلم أن توبة الجهنية توازي أن يتوب مثلها سبعون من أهل المدينة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

799 -

‌ باب فِي الْمَمَالِيكِ

(1)

إِذَا زَنَوْا يُقِيمُ عَلَيْهِمْ سَادَتُهُمُ الْحَدَّ دُونَ السُّلْطَانِ

2363 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ فَقَالَ:«إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا» قَالَ:

فَمَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ: «فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ»

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُتْبَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: " فيه من الفقه وجوب إقامة الحد على المماليك إلاّ أن حدودهم على النصف من حدود الأحرار قال تعالى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}

(3)

.

ولا يرجم المماليك وإن كانوا ذوي أزواج؛ لأن الرجم لا يتنصف فعلم أنهم لم يدخلوا في الخطاب ولم يعنوا بهذا الحكم.

وأما قوله إذا زنت ولم تحصن فقد اختلف الناس في هذه اللفظة فقال بعضهم: إنها غير محفوظة.

(1)

في (ر) العبيد.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2232) ومسلم حديث (1704) ولم يذكرا الجبل، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1107).

(3)

من الآية (25) من سورة النساء.

ص: 341

وقد روي هذا الحديث من طريق غير هذا ليس فيه ذكر الإحصان.

وقال بعضهم: إنما هو مسألة عن أمة زنت ولا زوج لها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تجلد أي: تجلد كما تجلد ذوات الأزواج

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

800 -

‌ بابٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}

(2)

2364 -

(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، الْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفي سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ»

(3)

.

رجال السند:

بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ، هو البصري، وحِطَّانُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو الرقاشي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.

الشرح:

أذهب إلى القول أن الأمة المتزوجة إذا زنت فليس عليها عقوبة الرجم، ولكن الجلد؛ لأن الرجم لا يتنصف، وأذهب إلى القول بعدم التغريب؛ خوفا من أن تقع في الفتنة، ولكن في هذا العصر، لا توجد إماء إلا ما ندر، وقد تخلى الناس عن عقوبة الحرائر وانتشرت الدعارة وشرب الخمر في كثير من الدول الإسلامية، بل تمارس بتصاريح من الحكومات، وانظر ما تقدم برقم 2331، شرحه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2365 -

(2) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ

(4)

.

(1)

معالم السنن (3/ 334).

(2)

من الآية (15) من سورة النساء.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1690).

(4)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 342

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وهُشَيْمٌ، هو ابن بُشير، ومَنْصُورٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

801 -

‌ باب فِيمَنْ يَقَعُ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

2366 -

(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ: " أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُنْبَزُ قُرْقُوراً، فَوَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ فَرُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، فَقَالَ: لأَقْضِيَنَّ فِيهِ بِقَضَاءٍ شَافٍ، إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جَلَدْتُهُ مِائَةً، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُحِلَّهَا لَهُ رَجَمْتُهُ، فَقِيلَ لَهَا: زَوْجُكِ

(1)

، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَحْلَلْتُهَا لَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةً ".

قَالَ يَحْيَى: هُوَ مَرْفُوعٌ.

رجال السند:

يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، هو صهر أبي عوانة وراويته، وأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، هو العطار، وقَتَادَةُ، وخَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ، مقبول، وحَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، هو كاتب النعمان بن بشير لا بأس به.

الشرح:

قوله: " أن رجلا " في بعض النسخ غلاما، وقوله:" قرقورا " سفينة كبيرة، وهذا الحديث اتقاه أهل العلم، قال الخطابي رحمه الله: الحديث غير متصل وليس العمل عليه

(2)

.

أما إن أذنت له زوجته أن يطأ جاريتها يجلد ولا يرجم؛ لأن الأذن مكن منه الشبهة، فأندفع عنه الرجم، والحديث فيه خالد بن عرفطة، مقبول، وأخرجه الترمذي حديث (1451) وقال: سمعت محمدا - البخاري - يقول: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث إنما رواه، عن خالد ابن عرفطة وأبو بشر لم يسمع من حبيب بن سالم هذا أيضا، إنما رواه عن خالد بن عرفطة.

قلت: وهو عند الدارمي على الصحيح، وأبو داود حديث (4458) وضعفه الألباني.

(1)

أي: ارفقي به، وعند الطيالسي: ويحك أبو ولدك يرجم؟! حديث (833).

(2)

معالم السنن (3/ 330).

ص: 343

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2367 -

(2) أَخْبَرَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ ابْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ

(1)

.

رجال السند:

صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، هو غندر، وشُعْبَةُ، وأَبو بِشْرٍ، هو جعفر ابن أبي وحشية، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: أعل هذا الحديث بالاضطراب وانظر المتقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

802 -

‌ باب الْحَدُّ كَفَّارَةٌ لِمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ

2368 -

(1) أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ ابْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ غُفِرَ لَهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ»

(2)

.

رجال السند:

مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، هو الطاطري، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، هو عبد الله، وأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، هو الليثي لا بأس به، ومُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وابْنُ خُزَيْمَةَ ابْنِ ثَابِتٍ، هو عمارة ابن خزيمة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو خزيمة بن ثابت رضي الله عنه.

الشرح:

إذا اقترن بالتوبة فالحد طهرة له وكفارة، ومن لم يتب سواء كان الحد جلدا أو كان قتلا، فلن يكون الحد كفارة حيث لم يصحبه الندم ولا التوبة الصادقة.

(1)

فيه خالد، وانظر السابق.

(2)

سنده حسن، وأخرجه الترمذي حديث (2626) وقال: حسن غريب صحيح.

قلت: ويشهد له حديث عبادة المتفق عليه: البخاري حديث (18) ومسلم (1709) وهذا طرف منه.

ص: 344

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب النذور والأيمان

803 -

‌ باب الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ

2369 -

(1) أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ، فَجَاءَ أَخُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ "، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أكُنْتَ قَاضِيَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَاقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ»

(1)

.

رجال السند:

سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، هو العنقزي لا بأس به، وشُعْبَةُ، وأَبو بِشْرٍ، هو إياس ابن أبي وحشية، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

القضاء لا يلزم وجوبا، لكن تطوعا وبرا هذا عمل عظيم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث السائل عليه إذ ضرب له مثلا بقضاء دين المخلوق فدين الخالق أحق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2370 -

(2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا حَفْصٌ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ نَذْراً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ جَاءَ الإِسْلَامُ "، قَالَ:«أوفِ بِنَذْرِكَ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وحَفْصٌ، هو ابن غياث، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، وعُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

نعم النذر إذا كان طاعة فالإسلام لا يسقطه بل يأمر بالوفاء به، ولاسيما إذا كان عبادة مالية أو بدنية، أو كلاهما كالحج والعمرة.

(1)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم تخريجه.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2032) ومسلم حديث (1656) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1075).

ص: 345

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

804 -

‌ بابٌ فِي كفَّارَةِ النَّذْر

2371 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ ابْنِ زَحْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ:"نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَحُجَّ لِلَّهِ مَاشِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ": «مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»

(1)

.

رجال السند: جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هو القطان، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، هو الضمري إفريقي صدوق، روى له الأربعة، وأَبو سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيِّ، هو جعثل بن هاعان، مصري من صغار التابعين ثقة فقيه، روى له الأربعة، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، هو أبو تميم الجيشاني، مصري ثقة روى له الشيخان، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِي، رضي الله عنه.

الشرح:

التكليف بما لا يطاق ليس من الإسلام، ونذر عدم الخمار معصية؛ لأن الخمار لتغطية الرأس والنحر، ولا يجوز كشفهما لا في حج ولا غيره، ولذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تختمر، وتصوم ثلاثة أيام كفارة يمين وأن تحج ماشية، وهو تكليف بما لا يطاق ولاسيما في الكبر وكونها امرأة قد لا تحتمل المشي، والإسلام دين الرحمة والرفق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2372 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ":

«إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ نَذْرِ أُخْتِكَ، لِتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ هَدْياً»

(2)

.

(1)

فيه عبيد الله بن زحر مختلف فيه، ضعفه أحمد وابن المديني وابن حبان والحاكم والدارقطني والخطيب، ووثقه أحمد بن صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال البخاري: مقارب الحديث.

وأخرجه البخاري حديث (1866) ومسلم حديث (1644)(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1065).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3296، 3297، 3295، 3303) وصححه الألباني، وانظر السابق.

ص: 346

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وهَمَّامٌ، هو ابن يحيى، وقَتَادَةُ، وعِكْرِمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2373 -

(3) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ شَيْخاً يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُ هَذَا الشَّيْخِ؟» فَقَالَ ابْنَاهُ: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، فَقَالَ ": «ارْكَبْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ»

(1)

.

رجال السند: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ إمام تقدم، وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي صدوق تقدم، وعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، هو المخزومي ليس بع بأس تقدم، والأَعْرَجِ، ثقة تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

805 -

‌ باب لَا نَذْرَ فِي مَعْصيَةِ اللَّهِ

2374 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، وأَبو قِلَابَةَ، وأَبو الْمُهَلَّبِ، هو أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

لأن ما يقرب إلى الله عز وجل هو الطاعة، والمعصية تبعد عن الله جل جلاله، وما لا يملك لا يصح النذر به؛ لأنه من المستحيل الوفاء به، وإنما هو من العبث.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1643).

(2)

رجاله ثقات، وهو طرف من حديث مسلم حديث (1641).

ص: 347

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2375 -

(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ»

(1)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَيْلِيِّ، هو إمام ثقة روى له الستة، والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

فيه الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

806 -

‌ باب مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَيُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ

؟

2376 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبِ ابْنِ أَبِي بَقِيَّةَ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:" أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَنْ أُصَلّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ ": «صَلِّ هَاهُنَا» فَأَعَادَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَشَأْنُكَ إِذاً»

(2)

.

رجال السند: حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وحَبِيبُ بْنُ أَبِي بَقِيَّةَ الْمُعَلِّمِ، هو بصري ثقة روى له الستة، وعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّه، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد فتح مكة، والصحيح أنه لو صلى في مسجد الكعبة يجزئه ذلك؛ لأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، وفي الأقصى على أعلى الأقوال خمسمائة صلاة، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم:«صَلِّ هَاهُنَا» يعني في مكة، أو في مسجده صلى الله عليه وسلم في المدينة، فالصلاة فيه بألف، ومن أصر على ما نذر فعليه الوفاء، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:«فَشَأْنُكَ إِذاً» .

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6696).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3305) وصححه الألباني.

ص: 348

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

807 -

‌ باب النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ

2377 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ شَيْئاً، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ»

(1)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وأَبُو عَوَانَةَ، ومَنْصُورٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

الصحيح أن النذر لا يأتي بخير ولا يدفع شرا، ولذلك كرهه العلماء؛ لأن فيه رائحة الشرط على الله عز وجل، والله فعال لما يريد، وأمره نافذ، ولكن الأفضل، عدم النذر، ويدعو الله عز وجل ليحقق حاجته، فإن استجيب له، فله أن يعمل ما شاء من الطاعات شكرا لله عز وجل عملا بقول الله عز وجل:

{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

808 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ

2378 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ":

«إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6608) ومسلم حديث (1639)(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1062).

(2)

من الآية (7) من سورة إبراهيم.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2679) ومسلم حديث (1646) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1067).

ص: 349

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ونَافِعٌ، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

الأيمان في الخصومات وغيرها هي تعظيم للمحلوف به، ولا يعظم إلا الله عز وجل، ومن حلف بغير الله عز وجل فقد عظمه، ومن عظم غير الله فقد أشرك، ولذلك منع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلف إلا بالله عز وجل، وأن خيرا منه الصمت واجتناب الحلف بغيره عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

809‌

‌ باب الاِسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

2379 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وأَيُّوبَ، هو السختياني، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

لأن قوله: " إن شاء الله حرز من الفجور، فإذا لم يتحقق المحلوف عليه، فلا إثم على الحالف؛ لأنه قيد يمينه بمشيئة الله عز وجل، ولو شاء الله عز وجل لكان المحلوف عليه، ولما لم يكن فلم يشاء الله تحقق ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2380 -

(2) أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1531) وقال: حسن، وأبو داود حديث (3261) والنسائي حديث (3829) وابن ماجه حديث (2106) وصححه الأباني عندهم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (3262) والنسائي حديث (3830) وابن ماجه حديث (2105) وصححه الألباني عندهم.

ص: 350

رجال السند:

حَجَّاجٌ، هو ابن منهال إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

لأن اليمن لا تنعقد لاشتراطه المشيئة، فإن عدل عن يمينة نجا من الإثم؛ لأنه لا حنث عليه وقد اشترط المشيئة، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

810 -

‌ باب الْقَسَمُ يَمِينٌ

2381 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ

(1)

، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي بَكْرٍ:«لَا تُقْسِمْ»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْحَدِيثُ فِيهِ طُولٌ.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، واللَّيْثُ، هو ابن سعد، ويُونُسُ، هو ابن عبيد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقسم الرجل على ما يقول؛ لأن قوله: " أقسم " حلف لتأكيد ما يقول، فلا ينبغي أن يكون ذلك طبعه، قال تعالى:{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

(3)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

811 -

‌ باب مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا

2382 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو - هُوَ ابْنُ مُرَّةَ - قَالَ: " سَمِعْتُ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو زَمَنَ الْجَمَاجِمِ يُحَدِّثُ، قَالَ: سَأَلَ

(1)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(2)

فيه عبد الله بن صالح، والحديث متفق عليه، تقدم.

(3)

الآية (224) من سورة البقرة.

ص: 351

رَجُلٌ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ شَيْئاً، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ": «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وشُعْبَةُ، وعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو مولى الحسن بن على تابعي مستور، وليس هم من صالب السند، وعَدِيُّ ابْنُ حَاتِمٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " زَمَنَ الْجَمَاجِمِ " المراد وقعة الجماجم بين الحجاج وابن الأشعث سنة (83).

وهذا من رحمة الله وتيسيره على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه توجيه المسلم إلى ما هو خير، والانصراف عن غيره مما لا يعد عليه بنفع في دينه ودنيا وآخرته، والحمد لله على التيسير.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2383 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثَنَا الْحَسَنُ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، فَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، والْحَسَنُ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، رضي الله عنه.

(1)

فيه مولى الحسن، عبد الله بن عمرو، مستور، وأخرجه مسلم حديث (1651).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (7147) ومسلم حديث (1652) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1071، 1197).

ص: 352

الشرح:

أذهب إلى أن المراد بالإمارة العموم، في كل عمل لك فيه سلطة على غيرك، وأقله أن من سافر في رفقة فلابد أن يؤمروا أحدهم لينتظم أمرهم ولا تحصل فوضى بينهم، أما عدم طلب الإمارة ببعض مفرداتها فهو الصحيح الأمثل، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، فمن غير طلب ولا تطلع وُلّيت مناصب في الجامعة الإسلامية، أولها مدير إدارة المجلس العلمي، وثانيها وكيل عميد كلية الحديث، وثالثها عميد كلية الحديث، ورابعها وكيل مركز خدمة السنة، وخامسها مدير مركز السنة، وقد جاهدنا في بنائه أكثر من عشر سنوات، ولكن كان الهادم أقوى، وصدق القائل:

متى يبلغ البنيان يوما تمامه

* * *

إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

وسادسها عميد كلية الحديث مرة أخرى، وسابعها رئاسة عدة دورات خارج المملكة، وكل ما ذكرت والله ما سعيت له بعبارة ولا إشارة، وأنني أفاجأ بالقرار من غير رغبة مني، والحمد لله لمست العون من الله عز وجل حتى فيما ذكرت عن مركز خدمة السنة، ولم يكن جهادي لمصلحته يرد أمرا أراده الله عز وجل وهو أحكم الحاكمين.

أما في التكفير عن اليمن وإتيان ما هو خير فانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2384 -

(3) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

فَذَكَرَ نَحْوَ الْحَدِيثِ

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ويُونُسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

812 -

‌ باب إِذَا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ

2385 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الشَّرِيدِ قَالَ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ عَلَى أُمِّي رَقَبَةً، وَإِنَّ

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 353

عِنْدِي جَارِيَةً سَوْدَاءَ نُوبِيَةً، أَفَتُجْزِئُ عَنْهَا؟ "، قَالَ:«ادْعُ بِهَا» فَقَالَ: «أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، والشَّرِيدُ، هو ابن سويد الثقفي رضي الله عنه.

الشرح:

الشهادة هي أعلى مقامات العبودية والاعتراف بوحدانية الله عز وجل، ولذلك شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان: ومن كان مؤمنا فلا بد أن يحقق معنى الشهادتين قولا وعملا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

813 -

‌ باب الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يُوَرِّك

(2)

عَلَى يَمِينِهِ

2386 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَمِينُكَ عَلَى مَا صَدَّقَكَ بِهِ صَاحِبُكَ»

(3)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وهُشَيْمٌ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، هو عباد أخو سهيل وثقه العجلي، وأَبوه، ذكون بن عبد الله السمان، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

وهذه المسألة يغلط فيها كثير من الناس مع الخصوم وغيرهم، إذ يُستحلف على شيء، فيحلف على شيء يضمره، ولا يريد بالحلف ما يريد صاحبه، ولكن اليمين تنعقد على ما يصدقه صاحبه إن كان خصما أو غير خصم.

(1)

سنده حسن، وأخرجه أحمد وليس هذا لفظه حديث (17945) حديث (3283) وقال الألباني: حسن صحيح، والنسائي حديث (6353) وقال الألباني: حسن.

(2)

في بعض النسخ الخطية " يوري " وهو خطأ.

(3)

في سنده عبد الله بن أبي صالح، وهو أخو سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، ويقال: عباد، ولعله لقب، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والعجلي، أخرج حديثه هذا مسلم حديث (1653).

ص: 354

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

814 -

‌ باب بِأَيِّ أَسْمَاءِ اللَّهِ حَلَفْتَ لَزِمَكَ

2387 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ يَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا: «لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ»

(1)

. والله أعلم بالصواب

(2)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، ومُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وسَالِمٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح: قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

(3)

، أما وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه بأسمائه، فلا ريب أن الحلف بها جائز، وأن اليمين تنعقد بها، وهي لازمة

للحالف.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب الديات

815 -

‌ باب الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ

2388 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ - وَالْخَبْلُ الْجُرْحُ - فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ: بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ، أَوْ يَعْفُوَ، أَوْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ

(4)

،

فَإِنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً ثُمَّ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَهُ النَّارُ خَالِداً فِيهَا مُخَلَّداً»

(5)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6617).

(2)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(3)

من الآية (180) من سورة الأعراف.

(4)

الدية.

(5)

فيه سفيان بن أبي العوجاء السلمي، ضعيف، والحديث فيه نكارة، وأخرجه أبو داود حديث (4496) وابن ماجه حديث (4/ 31) وضعفه الألباني عندهما.

ص: 355

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، والْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ، هو أبوعبد الله الخطمي، مدني أنصاري ثقة روى له مسلم، وسُفْيَانُ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيُّ، هو أبو ليلى تابعي ضعيف، وأَبو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد من وقع في خصومة ولحقه الأذى بدم أو جروح أو فساد في أعضائه، فحقه الشرعي واحد من ثلاثة: أن يقتص، أو يعفوا، أو يأخذ العقل، وهو الدية، والمراد بالرابعة الزيادة على تقرر شرعا، فهي حرام عليه، إذ لم يرض بالشرع، ولو عدا بعد الخيار بين الثلاث فهو متوعد بالنار، ولولا ضعف سفيان بن أبي العوجاء لقلت: بإثم الساعين بالملايين للخروج من الحكم بالقصاص.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2389 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، أَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَكَانَ فِي كِتَابِهِ: «أَنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِناً قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدُ يَدَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ»

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: اعْتَبَطَ قَتَلَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو القنطري، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، هو الخولاني،

والزُّهْرِيُّ، وأَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وأَبوه، هو محمد بن عمرو،

هم أئمة ثقات تقدموا، وجَدُّهُ، هو عمرو بن جزم رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن من قتل مؤمنا بغير سبب، وقامت عليه البينة، فإنه يقتل به قصاصا؛ لأنه جناية يديه، إلا أن يرضى أو لياء المقتول بالدية المقررة شرعا، أو العفو عن القاتل ابتغاء رضوان الله عز وجل، وانظر ما تقدم برقم 2389.

(1)

تكلم العلماء على سنده، وتقدم، انظر (1679، 1685، 1692، 2323).

ص: 356

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

816 -

‌ بابٌ فِي الْقَسَامَةِ

2390 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ

(1)

بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: " خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ - أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ - إِلَى خَيْبَرَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ يُرِيدُونَ الْمِيرَةَ

(2)

بِخَيْبَرَ، قَالَ: فَعُدِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقُتِلَ، فَتُلَّتْ عُنُقُهُ حَتَّى نُخِعَ

(3)

، ثُمَّ طُرِحَ فِي مَنْهَلٍ

(4)

مِنْ مَنَاهِلِ خَيْبَرَ، فَاسْتُصْرِخَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَاسْتَخْرَجُوهُ فَغَيَّبُوهُ

(5)

، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَتَقَدَّمَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ - وَكَانَ ذَا قِدَمٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنَا عَمِّهِ مَعَهُ: حُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَمُحَيِّصَةُ، فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَحْدَثَهُمْ سِنًّا، وَهُوَ صَاحِبُ الدَّمِ وَذَا قَدَمٍ

(6)

في الْقَوْمِ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْكُبْرَ الْكُبْرَ» قَالَ: فَاسْتَأْخَرَ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، وَمُحَيِّصَةُ ثُمَّ هُوَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تُسَمُّونَ قَاتِلَكُمْ، ثُمَّ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِيناً، ثُمَّ نُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ عَلَى مَا لَا نَعْلَمُ، مَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُ إِلاَّ أَنَّ يَهُودَ عَدُوُّنَا، وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قُتِلَ، قَالَ:«فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَبُرَآءُ مِنْ دَمِ صَاحِبِكُمْ، ثُمَّ يَبْرَؤُنَ مِنْهُ؟» قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَقْبَلَ أَيْمَانَ يَهُودَ، مَا فِيهِمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى إِثْمٍ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةِ

نَاقَةٍ "

(7)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، هو صدوق تقدم وبُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ، هو الحارثي تابعي فقيه، وسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، رضي الله عنه.

(1)

في بعض النسخ الخطية " سهيل " وهو تحريف.

(2)

الطعام، مما يكال ويدخر، من أنواع الحبوب، وغيرها كالتمر والزبيب، والأقط.

(3)

أي حتى قضي عليه بالموت، باستعمال أشد ما يكون من أسبابه.

(4)

عين من عيون خيبر.

(5)

دفنوه في الأرض.

(6)

بكسر القاف، فضل وشرف.

(7)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6898) ومسلم حديث (1669) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1085).

ص: 357

الشرح:

هذه القسامة حكم شرعي، ولم أعرف حسب علمي أنها تكررت في الإسلام بعد هذه المرة، وفي هذا دليل على أن ولي الأمر يعقل من بيت المال في مثل هذه الحادثة العمياء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

817 -

‌ باب الْقَوَدِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

2391 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَكَانَ فِي كِتَابِهِ: «أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ» .

رجال السند: تقدموا برقم 1653، وهم أئمة ثقات.

الشرح:

وهو كذلك قال الله عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(1)

.

والحديث في سنده أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك جده، وتقويه رواية أنس التالية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

818 -

‌ باب كَيْفَ الْعَمَلُ فِي الْقَوَدِ

؟

2392 -

(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا هَمَّامٌ، أَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ جَارِيَةً رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟، أَفَلَانٌ، أَفُلَانٌ؟، حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَبُعِثَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ "

(2)

.

رجال السند:

عَفَّانُ، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه.

(1)

من الآية (45) من سورة المائدة.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2413) ومسلم حديث (1672) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 1087).

ص: 358

الشرح:

المراد أن قتل القاتل بمثل ما قتل به فيه عدالة وفيه هيبة القضاء، وان الإنسان يدان بما جنته يداه، وإن قتل بوسيلة أخرى كالسيف وغيره فهو جائز، والأولى بنفس ما قتل به.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

819 -

‌ باب لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

2393 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ عَلِمْتَ شَيْئاً مِنَ الْوَحْيِ إِلاَّ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟، قَالَ: لَا، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ فَهْماً يُعْطِيهِ اللَّهُ الرَّجُلَ فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ، قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟، قَالَ: الْعَقْلُ

(1)

، وَفِكَاكُ الأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِمُشْرِكٍ "

(2)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ، هو ابن إبراهيم، وجَرِيرٌ، هو ابن حازم، ومُطَرِّفٌ، هو ابن عبد الله، والشَّعْبِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو جُحَيْفَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

العقل: المراد به الدية، وفكاك الأسير: المراد به الفدية، ولو قتل مسلم مشركا فلا يقاد به؛ ولكن يدفع الدية، هذا في الخصومة وليس في المعركة بين المسلمين وغيرهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

820 -

‌ باب فِي الْقَوَدِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ

2394 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ دِينَارٍ، عَنْ طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقَادُ بِالْوَلَدِ

(1)

الدية.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (111).

ص: 359

الْوَالِدُ»

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو العبدي إمام ثقة، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وطاووس، وهم أئمة يقات تقدموا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

ولأن المساجد للعبادة وطلب الرحمة والمغفرة، والحدود ليس فيها ذلك فكرمت المساجد؛ ولأن الوالد سبب في وجود الولد، فلا يقتل والد بولده وهذا من تعظيم حق الوالدين، ولولي الأمر معاقبة الوالد بما دون القتل كالسجن ونحوه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

821 -

‌ بابٌ فِي الْقَوَدِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ

2395 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ ابْنِ جُنْدُبٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ عبدهُ جَدَعْنَاهُ»

(2)

.

قَالَ: ثُمَّ نَسِيَ الْحَسَنُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَكَانَ يَقُولُ: لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ ".

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، وقَتَادَةُ، والْحَسَنُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، رضي الله عنه.

الشرح: والمراد بالجدع القطع، ورحم الله الحسن البصري، فقد نسي ما روى، وقال:" لا يقتل حر بعبد " والصواب ما روى، عملا بقول الله عز وجل:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(3)

.

(1)

فيه إسماعيل بن مسلم المكي، ضعيف، وله متابعات وشواهد مجمع الأحاديث (2075، 2076).

(2)

سماع الحسن من سمرة أثبته الأئمة: البخاري، وابن المديني، والترمذي.

وأخرجه والترمذي حديث (1414) وقال: حسن غريب، وأبو داود حديث (4515) والنسائي حديث (4736) وابن ماجه حديث (2663) كلهم من طريق الحسن عن سمرة، وضعفه الألباني عندهم.

(3)

من الآية (45) من سورة المائدة.

ص: 360

وقول العلماء رحمهم الله: أنه لا يقتل سيد بعبده، وأجابوا عن الحديث بأنه خرج مخرج الترهيب، واختلفوا في عبد غيره.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

822 -

‌ باب لِمَنْ يَعْفُو عَنْ قَاتِلِهِ

2396 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الغْدَانِيُّ

(1)

، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ حَمْزَةَ أَبِي عُمَرَ

(2)

، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: " شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُتِيَ بِالرَّجُلِ الْقَاتِلِ يُقَادُ فِي نِسْعَةٍ

(3)

، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ:«أَتَعْفُو؟» قَالَ: لَا، قَالَ:«فَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ:

«فَتَقْتُلُهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ» قَالَ: فَتَرَكَهُ، قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ "

(4)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الغُدَانِيُّ، هو إمام ثقة، روى له البخاري وأبو داود، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، وعَوْفٌ، هو الأعرابي رمي بالتشيع والقدر، وحَمْزَةُ أَبِي عُمَرَ، هو العائذي، ذكره العقيلي في الضعفاء، وعَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، حديثه عن أبيه

مرسل، وأَبوه وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

رغم ضعف السند فإنه يقوى برواية مسلم، وفيه تخيير ولي الدم بين إحدى ثلاث: الدية أو العفو أو القصاص، وفيه شفاعة الإمام بعد ثبوت القصاص، ولا شفاعة في عدم أخذ الدية، ولا يلزم القتل شيء بعد العفو.

(1)

في بعض النسخ الخطية " عبد الله الهمداني " وهو تحريف.

(2)

في بعض النسخ الخطية " عمرو " والصواب عمر.

(3)

سير من جلد مظفور، ويستعمل في أزِمَّة الإبل، ورسن الخيل.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1680).

ص: 361

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

823 -

‌ باب التَّشْدِيدِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ

2397 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ - أَوِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، هو بندار، ومُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، هو غندر، وشُعْبَةُ، وفِرَاسٌ، هو ابن يحيى الهمداني، والشَّعْبِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، هو ابن العاص رضي الله عنهما.

الشرح:

الكبيرة كل ذنب تُوُعّد عليه بعقوبة، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار»

(2)

، ومنها الأربع المذكورة آنفا، ولا شك أنها من أكبر الكبائر، وليست الكبائر محصورة في هذه بل هي أكثر فكل ما اندرج تحت التعريف فهو من الكبائر، نعوذ بالله عز وجل منها، فإنه من مات وعليه شيء منها فهو تحت المشيئة، إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له، إلا الإشراك بالله، فإن الله عز وجل لا يغفر لمن مات على الشرك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

824 -

‌ باب التَّشْدِيدِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

2398 -

(1) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6675).

(2)

البخاري حديث (5787).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6047) وهذا طرف منه، ومسلم حديث (110) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 70).

ص: 362

رجال السند:

وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، هِشَامٌ، هو ابن حسان، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو قِلَابَةَ، ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه تعظيم أمر المسلم وأن لعنه كقتله في الإثم؛ ينافي أخوة الإيمان، وما أشنع ما يقدم عليه المنتحرون من المسلمين، ولاسيما من انتحر تسخطا، وعدم رضى بقدر الله عز وجل، ومن زعم أن المنتحر يزعم نكاية العدو فقد أخطأ، ولو كان جائزا لعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وبين فضله لهم، قال أبو بكر ليزيد بن أبي سفيان لما بعثه في جيش إلى الشام: أوصيكم بتقوى الله، لا تعصوا، ولا تغلوا، ولا تجبنوا، ولا تهدموا بيعة، ولا تُعرّقوا نخلا، ولا تحرقوا زرعا، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تقتلوا شيخا كبيرا، ولا صبيا صغيرا، وستجدون أقواما حبسوا أنفسهم للذي حبسوا أنفسهم له، فذروهم وما حبسوا أنفسهم له، وستردون بلدا يغدو عليكم ويروح فيه ألوان الطعام فلا يأتيكم لون إلا ذكرتم اسم الله عليه

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2399 -

(2) حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ، يَتَوَجَّأُ

(2)

بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسُمٍّ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ

(3)

فِي نَارِ جَهَنَّمَ، خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا

أَبَداً»

(4)

.

(1)

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (4/ 116).

(2)

يضرب ويطعن بها في حسده.

(3)

يتناوله كالحساء، جرعة بعد أخرى.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5778) ومسلم حديث (109) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 69).

ص: 363

رجال السند:

يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، والأَعْمَشُ، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن الجزاء من جنس العمل؛ ولأن النفس ملك الله عز وجل يحرم التعدي عليها، ولأن من يقتل نفسه بشيء مما ذكر أو غيره فقد خالف أمر الله عز وجل ولم يقبل على رحمة ربه الموعود بها، قال الله عز وجل:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}

(1)

.

أما قوله: " خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً ".

ففي تأويله أقوال:

1 -

أن هذا جزاء من فعل ذلك مستحلا له، مع علمه بالتحريم، فقد استحل ما حرم الله، ومن استحل ما حرم الله فهو كافر، وعقوبته الخلود في النار.

2 -

أن المراد طول المدة، لا حقيقة الخلود.

3 -

أن هذا هو الجزاء المستحق عليه، لكن الله تعالى تكرم بأن من مات مسلما لا يخلد في النار.

وأراه والله أعلم من باب الترهيب والزجر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

825 -

‌ باب كَمِ الدِّيَةُ مِنَ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ

؟

2400 -

(1) أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلاً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}

(2)

(1)

من الآية (29) من سورة النساء.

(2)

من الآية (74) من سورة التوبة.

ص: 364

بِأَخْذِهِمُ الدِّيَةَ "

(1)

.

رجال السند:

مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، لم أقف على ترجمته، ومُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو الطائفي، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وعِكْرِمَةَ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتغيرت قيمة الدية النقدية فيما تلا من الزمن، ولكن أصلها ثابت، وهو عدد مائة ناقة مختلفة الأعمار، تقدم البيان في الجزء الثالث، واليوم الناقة تقيم حسب أوصافها المعتبرة عند مالكيها، ولكن هنا في المملكة العربية السعودية حرسها الله الدية المقررة نقدا ثلاثمائة ألف ريال.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2401 -

(2) ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ»

(2)

.

رجال السند: الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ويَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، هو الخولاني، والزُّهْرِيُّ، وأَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وأَبوه، محمد بن عمرو، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَدُّهُ، عمرو بن حزم رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

826 -

‌ باب كَمِ الدِّيَةُ مِنَ الإِبلِ

؟

2402 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بَنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ

(1)

فيه محمد بن مسلم الطائفي، قواه بن حجر فقال: صدوق يخطئ، وضعفه غيره، وأخرجه الترمذي حديث (1388) ولم يعقب، وأبو داود حديث (4546) والنسائي حديث (4803، 4804) وابن ماجه حديث (2629، 2632) وضعفه الألباني عندهم.

(2)

فيه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمع من جده، وتقدم.

ص: 365

النَّبِيِّ إِلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِكُلَالٍ» قِيَلِ: ذِي رُعَيْنٍ، وَهَمَدَانَ، وَمَعَافِرَ، فَكَانَ فِي كِتَابِهِ:«وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ»

(1)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2403 -

(2) حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، وَكَانَ في كِتَابِهِ: «وَفِي الأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ جَدْعُهُ

(2)

الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الرِّجْل الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَة

(3)

ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفي الْجَائِفَةِ

(4)

ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ

(5)

خَمْسَ عَشَرَةَ مِنَ الإِبِلِ»

(6)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، هو إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

هذا بيان لدية الأعضاء فالمفرد منه له دية كاملة، كاللسان، والذكر، والمجوز منها تنصف فيه الدية كالعينين، واليدين، والرجلين، والشفتين، وفي الجفون الأربعة دية كاملة، وربع الدية في الواحد، وهكذا فيما بقي، وفيه بيان لمسميات الجروح، وما

(1)

انظر السابق.

(2)

أي قطع كاملا، من أصله.

(3)

الشجة التي تصل إلى العظم.

(4)

الشجة الغائرة، وهي دون الآمة لعدم وصولها العظم.

(5)

هي الشجة الناقلة للشيء من موضعه، من عظم وغيره.

(6)

أنظر السابق

ص: 366

يجب فيها من تعويض مادي، أجزاء من الدية، وهي قاعدة عامة صالحة لكل زمان ومكان، وانظر الهوامش لمعرة المراد بمسميات الجروح.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

827 -

‌ باب كَيْفَ الْعَمَلُ فِي أَخْذِ دِيَةِ الْخَطَأ

؟

2404 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأ أَخْمَاساً "

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، أَبُو مُعَاوِيَةَ، هو محمد بن خازم، وحَجَّاجُ، هو ابن أرطاة متكلم فيه تقدم، وزَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، هو الطائي إمام ثقة، روى له الستة، وخِشْفُ بْنُ مَالِكٍ، هو الطائي تابعي ثقة، وعَبْدُاللَّه، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

المراد بالأخماس تقسيم دية الخطأ حسب الدية من الإبل فقيل: عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنات مخاض، وعشرون بنو مخاض، وقيل: خمس بنو مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون وخمس حقاق، وخمس جذاع، وفي التخميس خلاف بين الرواة في الأنواع.

(1)

فيه حجاج بن أرطاة ضعيف، وهو مشهور بالتدليس، وخشف جهَّله بعض النقاد، ووثقه النسائي، وأحرجه الترمذي حديث (1386) وهذا طرف منه، وقال: حديث ابن مسعود، لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. وقد روي عن عبد الله موقوفا. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، وهو قول أحمد، وإسحاق، وقد أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين؛ في كل سنة ثلث الدية، ورأوا أن دية الخطأ على العاقلة، ورأى بعضهم أن العاقلة قرابة الرجل من قبل أبيه، وهو قول مالك، والشافعي. وقال بعضهم: إنما الدية على الرجال دون النساء، والصبيان من العصبة، وأبو داود حديث (4545) وهذا طرف منه، والنسائي حديث (4802) وابن ماجه حديث (2631) وضعفه الألباني عندهم.

ص: 367

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

828 -

‌ باب الْقِصَاصِ بَيْنَ الْعَبِيدِ في القتل

2405 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ

(1)

، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " أَنَّ عَبْداً لأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ يَدَ

(2)

غُلَامٍ لأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ، فَأَتَى أَهْلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لأُنَاسٍ فُقَرَاءَ، فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئاً "

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، لا بأس به تقدم، ومُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، هو الدستوائي، صدو ق مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، لا بأس به تقدم، ومُعَاذُ ابْنُ هِشَامٍ، هو الدستوائي، صدوق لا بأس به تقدم، وأَبوه، هشام بن حسان الدستوائي، وقَتَادَةُ، وأَبو نَضْرَةَ، هو المنذر ابن مالك، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: "معنى هذا أن الغلام الجاني كان حراً وكانت جنايته خطأ وكانت عاقلته فقراء وإنما تواسي العاقلة عن وُجْد وسعة ولا شيء على الفقير منهم.

ويشبه أن يكون الغلام المجني عليه أيضاً حراً لأنه لو كان عبداً لم يكن لاعتذار أهله بالفقر معنى لأن العاقلة لا تحمل عبداً كما لا تحمل عمداً ولا اعترافاً وذلك في قول أكثر أهل العلم، فأما الغلام المملوك إذا جنى على عبد أو حرٍّ فجنايته في رقبته في قول عامة الفقهاء"

(4)

.

(1)

في بعض النسخ الخطية " أبي قتادة " وهو خطأ.

(2)

في بعض الروايات (أذن).

(3)

والحديث سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (4590) والنسائي حديث (4751) وصححه الألباني عندهما.

(4)

معالم السنن (4/ 41).

ص: 368

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

829 -

‌ بابٌ فِي دِيَةِ الأَصَابِعِ

2406 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الأَصَابِعُ سَوَاءٌ» قَالَ: قُلْتُ: عَشْرٌ عَشْرٌ، قَالَ:«نَعَمْ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وغَالِبٌ التَّمَّارِ، هو ابن مهران لا بأس به، ومَسْرُوقُ بْنُ أَوْسٍ، قيل: مقلوب وهو أوس بن مسروق اليربوعي، تميمي تابعي روى عنه جماعة ولم يجرح، وأَبو مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن أصابع اليدين تشكل دية كاملة بواقع عشر من الإبل عشر الدية لكل أصبع، والرجلين كذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2407 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَذَا وَهَذَا سَوَاءٌ» وَقَالَ بِخِنْصِرِهِ وَإِبْهَامِهِ

(2)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةَ، وعِكْرِمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح: هذا على عدم التفريق في الدية بين الخنصر والإبهام وأنهما سواء، في كل واحد عشر الدية.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2408 -

(3) حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

(1)

سنده حسن، مسروق بن أوس هو الصواب وهو حسن الحديث، وأخرجه أبو داود حديث (4557، 4556) والنسائي حديث (4844، 4843، 4845، 4851) وابن ماجه حديث (2654) وصححه الألباني عندهم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6895).

ص: 369

جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «فِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ»

(1)

.

رجال السند: هم أئمة ثقات تقدموا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

830 -

‌ باب فِي الْمُوضِحَةِ

2409 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَوَاضِحِ خَمْساً خَمْساً مِنَ الإِبِلِ.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي شيبة، وعَبْدَةُ، هذا لقبه واسمه عبد الرحمن، وسَعِيدٌ، هو ابن أبي عروبة، عَنْ مَطَرٍ، هو ابن عبد الله، هم أئمة ثقات تقدموا، تقدم الباقون قريبا وهم ثقات، هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق، وأَبوه، هو شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، يقال: إنه حدث من كتاب جده ولم يسمع منه، قال البخاري رحمه الله: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيدة وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو ابن شعيب، وأبوه، هو شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، يقال: إنه حدث من كتاب جده ولم يسمع منه، وجَدُّهُ، عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

الشرح: سنده حسن، وأخرجه والترمذي حديث (4852) وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود حديث (4566) وقال الألباني: حسن صحيح، والنسائي حديث (1390) وابن ماجه حديث (2655) وصححه الألباني عندهم.

قوله: " الْمَوَاضِحِ " هي جمع موضحة، وهي الشجة توضح العظم، وانظر التالي.

(1)

أنظر السابق.

ص: 370

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2410 -

(2) حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «وَفي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ، وَفي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ»

(1)

.

رجال السند: هم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح: انظر السابق برقم 2406.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

831 -

‌ باب فِي دِيَةِ الأَسْنَانِ

2411 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: " قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَسْنَانِ خَمْساً من الإبل، أي دية كل سن خمسا من الأبل

(2)

.

رجال السند: هم أئمة ثقات تقدموا آنفا.

الشرح:

المراد في السن الواحدة خمس من الإبل، وفي الأسنان كلها دية كاملة، وفي أسنان الفك الواحد نصف الدية، وانظر التالي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2412 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ: «وَفي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ»

(3)

.

رجال السند:

هم أئمة ثقات تقدموا.

(1)

هو مكرر رقم (2428) سندا ومتنا.

(2)

سنده حسن، وأخرجه أبو داود حديث (4563) والنسائي حديث (4841) وصححه الأباني عندهما.

(3)

يعضده السابق.

ص: 371

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

832 -

‌ باب فِي مَنْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ

2413 -

(1) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَتَادَةُ، أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفي، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، قَالَ: فَنَزَعَ يَدَهُ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ

(1)

، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ":«يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ، لَا دِيَةَ لَكَ»

(2)

.

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، وزُرَارَةَ بْنَ أَوْفي، هو أبو حاجب العامري، قاضي البصرة، تابعي إمام ثقة عابد، روى له الستة، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

أسقط رسول الله صلى الله عليه وسلم حقه لسببين: الأول أنه قد يمون المعتدي، والثاني: أنه عض خصمه كما تعض الدابة، وهذا غير لائق بالإنسان المسلم، ولو كان معتدا، ليس هذا لائقا في دفعه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

833 -

‌ باب الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ

2414 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«الْعَجْمَاءُ

(3)

جُرْحُهَا جُبَارٌ

(4)

، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ

(5)

جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ

(6)

،

(1)

الثنايا أربع علويتان في مقدمة الفم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6892).

(3)

الدابة.

(4)

أي هدر، إذا كانت منفلتة لا راعي لها، فما أتلفت فهور هدر، لا يلزم مالكها بشيء، وكذلك الساقط في البئر، وفي مناجم المعادن، لا ضمان فيه.

(5)

ما يستخرج من الأرض، معادن: ذهب أو فضة أو غير ذلك.

(6)

الكنز المدفون.

ص: 372

الْخُمُسُ»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، هو الليثي لا بأس به، وأَبو سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: أنظر الهوامش السابقة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2415 -

(2) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وسَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2416 -

(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالسَّائِمَةُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»

(3)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، وأَبو الزِّنَادِ، والأَعْرَجُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: أنظر ما تقدم.

(1)

رجاله ثقات، متفق عليه، تقدم تخريجه.

(2)

تقدم سندا ومتنا.

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 373

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

834 -

‌ بابٌ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ

2417 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبيىِّ صلى الله عليه وسلم: " أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَحْتَ رَجُلٍ، فَتَغَايَرَتَا فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِعَمُودٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى فِيهِ بغُرَّةً

(1)

، وَجَعَلَهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمَرْأَةِ "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، ومَنْصُورٌ، وإِبْرَاهِيمُ، وعُبَيْدُ بْنُ نُضَيْلَةَ، هو أبو معاوية الخزاعي تابعي ثقة مقرئ، وهم أئمة ثقات تقدموا والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الغرة عبد أو أمة وهذا في حالة موته في بطن أمه، أما إذا خرج حيا ثم مات فأجمع العلماء رحمهم الله: أن الجنين إذا خرج حيا ثم مات أن فيه الدية والكفارة، واختلفوا في الكفارة إذا خرج ميتا، فقيل: فيه الغرة والكفارة معا، ووقول آخر: أن فيه الغرة ولا كفارة، وقالوا: تكون الغرة موروثة عن الجنين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2418 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" أَنَّ عُمَرَ نَشَدَ النَّاسَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ، فَقَامَ حَمَلُ ابْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِمِسْطَحٍ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ، وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا "

(3)

.

(1)

الغرة: المراد بها عبد أو أمة، كما سيأتي مفسرا في الرواية الآتية.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6905) ومسلم حديث (1682) ذكر البخاري قضاء عمر به حديث (6905).

(3)

والحديث رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي في العلل حديث (237) وقال: سألت محمدا - هو البخاري - عن هذا الحديث فقال: هو حديث صحيح، وأبو داود حديث (4572) وصححه الألباني، وابن ماجه حديث (2641) وصحح إسناده الألباني، وزيادة " وأن تقتل بها " لم ترد في غير هذه الرواية، وفيها دليل على أن القتل إذا وقع بالمثقل الذي يقتل غالبا، ففيه القصاص.

ص: 374

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وابْنُ جُرَيْجٍ، وعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وطَاوُسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قوله: " بمسطح " هو العمود تقدم في الرواية السابقة، والمراد أن القصاص في قتل الأم، والغرة عبد أو أمة في الجنين، لموته في بطن أمة، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

835 -

‌ باب دِيَةِ الْخَطَأ عَلَى مَنْ هِيَ

؟

2419 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:" أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ، فَقَتَلَتْهَا وَمَا في بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا فِي الدِّيَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَتِهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرَثَتِهَا - وَرَثَتُهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهَا - فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِىُّ: كَيْفَ أُغَرَّمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ» مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ "

(1)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ويُونُسُ، هو ابن يزيد، والزُّهْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبو سَلَمَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة؛ لأنه مات في بطنها، وفيها بدية على عاقلة القاتلة؛ لأن فعلها خطأ، ولو كان عمدا لقتلها قصاصا.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5758) ومسلم حديث (1681) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1095).

ص: 375

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

836 -

‌ باب شِبْهِ الْعَمْدِ:

2420 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«دِيَةُ قَتِيلِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ: مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا، مِنْهَا أَرْبَعُونَ في بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا»

(1)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وشُعْبَةُ، وأَيُّوبُ، والْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، هو الغطفاني بصري عالم بالأنساب تابعي ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن إنسانا لو ضرب آخر بسوط أو عصا، فمات من ذلك فليس هو العمد، ولكن هو شبه عمد؛ لأنه لم يرد قتله فلا قصاص بل الدية مائة ناقة، وتغلظ بشرط أن يكون منها أربعون ناقة عشراء، أي: في بطونها أولادها، وهذا من باب التغليظ في الدية، وقد قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة؛ لأنه مات في بطن أمه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

837 -

‌ باب مَنِ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ

2421 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَخْبَرَهُ:" أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ مِنْ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِدْرًى يُخَلِّلُ بِهَا رَأْسَهُ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ": «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (6533) وأبو داود حديث (4588) وهو طرف من حطبته صلى الله عليه وسلم، والنسائي حديث (4791) وابن ماجه حديث (2627) طرف من الخطبة، وصححه الألباني.

(2)

الحديث رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (6241) ومسلم حديث (2156) وأنظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1393).

ص: 376

رجال لسند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، والأَوْزَاعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " مِدْرًى " هو المشط، وهذا أصل في عدم جواز النظر إلى المستور في البيوت، فقد يقع النظر على عورة، وذلك ن هتك حرمة البيت، ولو علم مختلس النظر فطعن في عينه لكانت عينه هدرا، لا حق له في دية ولا أرش جناية؛ تجاوز واعتدى على حق أخيه المسلم في ستر حاله داخل منزله، ولذلك شرع الاستئذان من أجل عدم النظر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2422 -

(2) خْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُجْرَةٍ وَمَعَهُ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَقُمْتُ حَتَّى أَطْعَنَ بِهِ عَيْنَكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ»

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، هما إما مان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

838 -

‌ باب لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْراً

2423 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، عَنْ مُطِيعٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «لَا يُقْتَلُ قُرَشِىٌّ صَبْراً بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1782).

ص: 377

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وزَكَرِيَّا، هو ابن عدي، والشَّعْبِيُّ، وعَبْدُاللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، هو ابن الأسو القرشي، رسول الله صلى الله عليه وسلم حنكه وسماه ودعا له، ومُطِيعٌ، هو أبو عبد الله رضي الله عنه.

الشرح:

المراد من يسلم منهم وهذا إعلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم بانهم سيسلمون ولا يرتدون بعده، كما ارتد غيرهم ممن حورب وقتل صبراً على الكفر، ومن كان من قريش اسمه العاصي لم يسلم منهم أحد إلا مطيع بن الأسود، كان اسمه العاص فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2424 -

(2) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، سَمِعْتُ مُطِيعاً يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَ نَحْوَهُ

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " فَسَّرُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُقْتَلَ قُرَشِيٌّ عَلَى الْكُفْرِ، يَعْنِي لَا يَكُونُ هَذَا أَنْ يَكْفُرَ قُرَشِيٌّ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَأَمَّا فِي الْقَوَدِ فَيُقْتَلُ ".

رجال السند: يَعْلَى، هو ابن عبيد إمام ثقة تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

839 -

‌ باب لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ

2425 -

(1) أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ - يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ:" قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَمَعِيَ ابْنٌ لِي، وَلَمْ يَكُنْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُهُ بِالصِّفَةِ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ ": «مَنْ هَذَا الَّذِى مَعَكَ؟» قُلْتُ: ابْنِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ:«ابْنُكَ؟» فَقُلْتُ: أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ: «فَإِنَّ ابْنَكَ هَذَا لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي

(1)

رجاله ثقات، وانظر السابق، ومعنى الحديث أنهم لا يكفرون، فيغزون ويقتلون، وهذا في العموم، أي لا يجمعون على كفر، ولا يمنع أن يقع ذلك من أفراد، وقد يحدث قتل أحدهم صبرا، وقد حدث هذا لأفواج منهم فيما بعد الفتنة.

ص: 378

عَلَيْهِ»

(1)

.

رجال السند:

يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو أبو محمد المؤدب، ثقة صدوق، وجَرِيرُ بْنَ حَازِمٍ، وعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ عُمَيْرٍ، هما ثقتان تقدما، وإِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ، هو تابعي ثقة روى له مسلم، وأَبو رِمْثَةَ، مختلف في اسمه ونسبته، وهو صحابي مات بأفريقيا رضي الله عنه.

الشرح:

أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل منهما عليه جنايته كما أن له عمله، ولا يؤخذ أحد بجريرة الآخر، قال الله عز وجل {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2426 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ إِيَادٍ، ثَنَا إِيَادٌ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: " انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لأَبِي: «ابْنُكَ هَذَا؟» قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ:«حَقًّا؟» قَالَ: أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَاحِكاً مِنْ ثَبَتِ شَبَهِي فِي أَبِي، وَمِنْ حَلِفِ أَبِي عَلَيَّ، فَقَالَ:«إِنَّ ابْنَكَ هَذَا لَا يَجْنِى عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِى عَلَيْهِ» قَالَ: وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}

(3)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، هو إمام تقدم، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَاد، هو حفيد لقيط ثقة، وتقدم الباقون آنفا.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (7116) وفي أكثر من موضع بألفظ، وأبو داود حديث (4495) والترمذي بطرف منه حديث (2812) وكذلك النسائي حديث (4832) وصححه الألباني عندهما.

(2)

من الآية (164) من سورة الأنعام.

(3)

من الآية (164) من سورة الأنعام، والآية (15) من سورة الإسراء، والآية (18) من سورة فاطر، والحديث رجاله ثقات، وهو أحد ألفاظ أحمد حديث (7109) وانظر: السابق.

ص: 379

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌كتاب الجهاد

840 -

‌ باب الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ العملِ

2427 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: قَعَدْنَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرْنَا فَقُلْنَا: لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الأَعْمَالِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَعَمِلْنَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}

(1)

حَتَّى خَتَمَهَا.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَتَمَهَا.

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ابْنُ سَلَامٍ.

قَالَ يَحْيَى: " فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ، وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا يَحْيَى، وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الأَوْزَاعِيُّ، وَقَرَأَهَا عَلَيْنَا مُحَمَّدٌ "

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، والأَوْزَاعِيُّ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وأَبو سَلَمَةَ، هو ابن عبد الرحمن، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

لما أخبرهم الله عز وجل بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}

(3)

، وبين أن أحب الأعمال القتال في سبيله، ومعلوم أن أعظم الأعمال وأحبها الإيمان بالله عز وجل، ويليه القتال في سبيله، فقد آمنوا رضي الله عنهم ولكنهم كرهو القتال، فعاتبهم الله عز وجل بقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} ثم أخبرهم جل جلاله بأنه يحب الذين يقاتلون في سبيله وهذا ثناء على من وفى بما نوى من الطاعات.

(1)

الآيتان (1، 2) من سورة الصف.

(2)

الحديث فيه محمد بن كثير بن أبي عطاء، ضعيف، وقد توبع، انظر: الموارد حديث (1589) والمستدرك حديث (487) ومسند أبي يعلى حديث (7499) والحديث أخرجه الترمذي حديث (3309).

(3)

الآية (4) من سورة الصف.

ص: 380

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

841 -

‌ باب فَضْلِ الْجِهَادِ

2428 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلاَّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ»

(1)

.

رجال السند: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانُ، وأَبو الزِّنَادِ، والأَعْرَجُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَة، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا فضل من الله عز وجل لمن قدم إيمانه وتصديقه بوعد الله عز وجل، فخرج في سبيل الله عاقدا العزم على إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وله على كل منهما ما وعد الله عز وجل، وقد حظي بهذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم ممن خرج مجاهدا في سبيل الله لإعلاء كلمته وتحكيم شرعه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

842 -

‌ باب أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ

؟

2429 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قِيلَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْجِهَادُ أَفْضَلُ؟ "، قَالَ:«مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3123) ومسلم حديث (1876) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1230).

(2)

فيه أبو سفيان طلحة بن نافع، لم يسمع منه الأعمش شيئا، وقد روى عنه نحوا من مئة حديث، ونما يثبت من حديثه ما لا يحفظه من غيره (تهذيب الكمال 12/ 79 ت 1) وأخرجه أحمد حديث (14233).

ص: 381

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ إمام تقدم، ومَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وثقه ابن حبان، والأَعْمَشُ، إمام تقدم، وأَبو سُفْيَانَ، هو طلحة بن نافع لا بأس به تقدم، وجَابِرٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد عقر جواده، وأهريق دمه، وهو يقاتل في سبيل الله، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

843 -

‌ باب أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ

؟

2430 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قَالَ: قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟، قَالَ:«ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟، قَالَ:

«ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو كاتب الليث صدوق تقدم، وإِبْرَاهِيمُ ابْنُ سَعْد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وابْنُ الْمُسَيَّبِ، هو سعيد، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هنيئا لمن اجتمعت له هذه الفضائل، آمن بالله عز وجل، ثم جاهد في سبيله انتصر أو استشهد، وحج حجا مبرورا، أخلص عمله في كل ذلك لله وحده لا شريك له.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

844 -

‌ باب مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ

2431 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» وَهِيَ قَدْرُ مَا تَدُرُّ حَلْبَهَا لِمَنْ

(1)

فيه كاتب الليث، وأخرجه البخاري حديث (26، 1519) ومسلم حديث (83) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 50).

ص: 382

حَلَبَهَا

(1)

.

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حديثه حسن تقدم، وبَقِيَّةُ، هو ابن الوليد ثقة إذا حدث عن الثقات تقدم، وبَحِيرٍ، هو ابن سعد ثقة تقدم، وخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، إمام تقدم، ومَالِكُ بْنُ يَخَامِرَ، هو الألهاني ثقة من أصحاب معاذ، ومُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه بيان عظمة أجر الجهاد في سبيل الله مهما قل ذلك، فإن فضل الله عز وجل أجل، وكرمه أعظم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

845 -

‌ باب أَفَضْلُ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ

2432 -

(1) أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلَةً؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ:«رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ» أَوْ قَالَ: «فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ» قَالَ: «فَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ» قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«امْرُؤٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ: يُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ» قَالَ: «فَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً؟» قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ الْعَظِيمْ وَلَا يُعْطِي بِهِ»

(2)

.

رجال السند:

عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، هو ابن عاصم، أبو الحسن الواسطي، إمام ثقة حافظ، روى له البخاري، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، وسَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، هو القارضي لا بأس به

(1)

فيه عنعنة بقية، وتابعه إسماعيل بن عياش، وأخرجه الترمذي حديث (1657) ولم يعلق، وأبو داود حديث (2541) هذا طرف منه، والنسائي حديث (3141) وهذا طرف منه، وابن ماجه حديث (2792) وصححه الألباني عندهم ..

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد (2116) والنسائي حديث (2569) وصححه الألباني.

ص: 383

تقدم، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، ثقة روى له النسائي، وعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، إمام تقدم، وابْنُ عَبَاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أنه حبس نفسه وفرسه في سبيل الله عز وجل، لإعلاء كلمة التوحيد، حتى لا يعبد إلا الله وحده لا شريك، فحق له هذا التفضيل من الله عز وجل، ومن سول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

846 -

‌ باب فَضْلِ مَقَامِ الرَّجُلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

2433 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَقَامُ الرَّجُلِ فِي الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الرَّجُلِ سِتِّينَ سَنَةً»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو صدوق تقدم، ويَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، هو الغافقي، وهِشَامٌ، والْحَسَنُ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

ولا ريب أن الإيمان بالله رسوله أعظم؛ لأن الجهاد في سبيل الله هو في المرتبة الثانية بعد الإيمان، وهذا الفضل العظيم الأجر الكبير للمجاهد في سبيل الله ولو قدر ما تحلب ناقة فيه دلالة على فضل الإيمان، وأن أجر الجهاد وغيره من الطاعات لا يتحصل إلا بالإيمان؛ لأنه الدافع الأساس في جميع الطاعات.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

847 -

‌ بابٌ في فَضْلِ الْغُبَارِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

2434 -

(1) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَيْحٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ:" أَنَّ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَرَّ عَلَى حَبِيبِ ابْنِ مَسْلَمَةَ، أَوْ حَبِيبٌ مَرَّ عَلَى مَالِكٍ وَهُوَ يَقُودُ فَرَساً وَيَمْشِي، فَقَالَ لَهُ: ارْكَبْ حَمَلَكَ اللَّهُ "، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ في سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»

(2)

.

(1)

ت: فيه عدم سماع الحسن من عمران بن حصين، وانظر: القطوف رقم (917/ 2463).

(2)

أخرجه أحمد بسند صحيح حديث (21962، 21063).

ص: 384

رجال السند:

الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ، هو القرشي صدوق تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، هو المعافري صدوق تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، سماه الطبراني ابن أبي زينب، لم أقف على ترجمته، ومَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو الخثعمي مختلف في صحبته، وحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو الفهري رضي الله عنه.

الشرح:

فيه أن كل ما يمر بالمجاهد في سبيل الله عز وجل، يصب في رضوان الله عليه، وتكريمه له، ولا ثواب أعظم من دخول الجنة إلا لذة النظر إلى وجه الله الكريم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

848 -

‌ باب الغدوة في سبيل الله والروحة

2435 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«لَغَدْوَةٌ في سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلْ اللِّه خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وأَبو حَازِمٍ، هو سلمة بن دينار المخزومي، وسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا في سياق ما تقدم في فضل الجهاد في سبيل الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

849 -

‌ باب مَنْ صامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ

2436 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ

(2)

بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2794) ومسلم حديث (1881) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1235).

(2)

في بعض النسخ الخطية " سهل " وهو تصحيف.

ص: 385

«مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللَّهِ ابْتَغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللَّهُ بَيْنَ وَجْهِهِ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً»

(1)

.

رجال السند:

الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، والنُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، هو أبو سلمة الزرقي، تابعي ثقة روى له الستة عدا أبي داود، وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، رضي الله عنه.

الشرح:

قيل: المراد في سبيل الله الجهاد، وقيل: بل المراد في طاعة الله عز وجل وابتغاء رضوانه، وإني لأرجو أن يكون المراد العموم ومن سبيل الله طاعته جل جلاله والإخلاص له.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

850 -

‌ بابٌ فِي الَّذِي يَسْهرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَارِساً

2437 -

(1) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَيْحٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ، مُحَمَّدِ بْنِ سُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ:" أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ فَسَمِعَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يَقُولُ ": «حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» قَالَ: وَقَالَ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا، قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَاكَ: «حُرِّمَتِ» .

رجال السند:

الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ هو القرشي صدوق تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، هو المعافري صدوق تقدم، وأَبو الصَّبَّاحِ مُحَمَّدِ بْنِ سُمَيْرٍ، مقبول، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، هو ثمامة بن شفي، مصري تابعي ثقة، وأَبو رَيْحَانَةَ، هو شمعون بن زيد الأزدي، صحابي شهد فتح دمشق، وسكن ببيت المقدس، يقال: هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشرح: هذه بشارة لكل مسلم غض بصره عما حرم الله عز وجل، ولاسيما في هذا الزمان الذي انتشر فيه التبرج، والاختلاط في الأسواق وغيرها، وهنيئا لمن أصيب في سبيل

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2840) ومسلم حديث (1153) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 709).

ص: 386

الله في أي عضو من أعضائه العين وغيرها، واليوم المرابطون في الحد الجنوبي، يدافعون عن أرض الحرمين، ويقارعون فئة تكفر الصحابة وتطعن في عرض رسول الله عز وجل، ويزعمون أن أم المؤمنين عائشة وقعت فيما حرم الله عز وجل، وعدم إيمانهم ببراءتها المنزلة قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، إن من يقاتلهم اليوم إذا احتسب في يجاهد في سبيل الله عز وجل، وكل ما تقدم في ثواب المجاهد هم اليوم أحرى الناس به، نسأل الله لهم النصر المؤزر، ولمن قتل منهم منازل الشهداء، والحديث فيه صالح بن محمد بن زائدة، ضعيف، وأعله الدارمي بعدم سماع عمر بن عبد العزيز من عقبة، وأخرجه ابن ماجه حديث (2769) وضعفه الألباني.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2438 -

(2) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عُقْبَةَ ابْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الْحَرَسِ» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الدَّارِمِيُّ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَلْقَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ، هو عبد العزيز بن محمد صدوق تقدم، وصَالِحُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، هو أبو واقد الليثي، له أحاديث وهو ضعيف، وقال أحمد: ما رأينا به باسا، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، الخليفة، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه أبو واقد متكلم فيه، وعمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يلق عقبة كما قال الدارمي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

851 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

2439 -

(1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ: هَذِهِ فِي

ص: 387

سَبِيلِ اللَّهِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةَ سَبْعُمِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، هو ابن أبي سيبة، وجَرِيرٌ، هو ابن عبد الحميد، والأَعْمَشِ، هو سليمان بن مهران، وأَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، هو سعد بن إياس، ثقة له أحاديث، شهد القادسية، أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، هو عقبة بن عمرو رضي الله عنه.

الشرح:

المراد مضاعفة الأجر إلى سبعمائة ضعف، أجر سبعمائة ناقة مخطومة في سبيل الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

852 -

‌ باب مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

-

2440 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ صَعْصَعَةَ ابْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ:" لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ يَسُوقُ جَمَلاً، أَوْ يَقُودُهُ فِي عُنُقِهِ قِرْبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مَالُكَ؟ قَالَ: لِي عَمَلِي، فَقُلْتُ: مَا مَالُكَ؟ قَالَ: لِي عَمَلِي، قُلْتُ: حَدِّثْنِي حَدِيثاً سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالٍ في سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: " هُوَ دِرْهَمَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ دَابَّتَيْنِ "

(3)

.

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وهِشَامٌ، والْحَسَنُ، وصَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، هو السعدي عم الأحنف ابن قيس، مختلف في صحبته، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.

الشرح: بين المراد الدارمي رحمه الله بقوله الآنف، وفيه عظمة أجر المنفق في الجهاد في سبيل الله، ولو شيئا قليلا كالدرهم؛ لأن الله عز وجل يضاعفه إلى سبعمائة ضعف، بل إلى أضعاف كثيرة.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1892).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه النسائي حديث (3185) وفيه زيادة بيان، وصححه الألباني.

(3)

ما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ الخطية.

ص: 388

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

853 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ الرَّمْيِ وَالأَمْرِ بِهِ

2441 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنْهُ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}

(1)

أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وسَعِيدٌ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، هو الخزاعي، ويَزِيدُ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو الأزدي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو الْخَيْرِ مَرْثَدِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هو الذماري مقبول، وعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

صدق الله ورسوله، وقد تجلى هذا في كل عصر بحسب ما يتوفر فيه من صنعة وعتاد، وفي عصرنا هذا ما يذهل من قوة الرمي برا وبحرا وجوا، اللهم هيئ لعبادك الصالحين من أمرهم رشدا، ولا تسلط عليهم أحدا، واجعلهم منصورين بطاعتك، وعفوك وكرمك، يا ذا الجلال والإكرام.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2442 -

(2) أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ

(3)

الأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الثَّلَاثَةَ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالْمُمِدَّ بِهِ، وَالرَّامِيَ بِهِ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَلأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا» وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ إِلاَّ رَمْيَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ» وَقَالَ: «مَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ فَقَدْ كَفَرَ الَّذِي

(1)

من الآية (60) من سورة الأنفال.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1917).

(3)

في بعض النسخ الخطية " يزيد " وهو تحريف.

ص: 389

عُلِّمَهُ»

(1)

.

رجال السند:

وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وهِشَامٌ، ويَحْيَى، هو ابن أبي كثير، وأَبو سَلاَّمٍ، هو ممطور شامي تابعي ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الأَزْرَقِ، ويقال: خالد بن زيد، وثقة ابن حبان، وعُقْبَةُ ابْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

سبحان من عظّم أجر المجاهد في سبيله عز وجل، حتى نال فضله الصانع المحتسب، والمحتسب الذي يزود الرامي، والرامي في سبيل الله عز وجل، ونال من يلاعب فرسه ويجريها أو حصانه ويجريه، ومن يتدرب على الرمي لأنه الأهم في الجهاد، وقد فاز والله الرعيل الأول بهذا الفضل العظيم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

854 -

‌ باب مَنْ جُرِحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جُرْحاً

2443 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَمِّي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَجْرُوحٍ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ بَعَثَهُ اللَّهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَدْمَى، الرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، ويَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ومُوسَى بْنُ يَسَارٍ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

(1)

فيه عبدالله بن زيد مختلف في اسمه، مقبول، وأخرجه ابن ماجه حديث (2811) وقال الألباني: ضعيف لكن قوله: كل ما يلهو صحيح، إلا فإنهن من الحق.

قلت: قوله: " فإنهن من الحق " ضعف الألباني نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه صحيح.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (237، 2803) ومسلم حديث (1876) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1231).

ص: 390

الشرح:

هذا في سياق ما تقدم وهو من تعظيم الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على الجهاد ورغب فيه لما فيه من نشر شرع الله عز وجل ودعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وانظر ما تقدم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

855 -

‌ بابٌ فِيمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ

2444 -

(1) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَيْحٍ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يُحَدِّثُ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقاً مِنْ قَلْبِهِ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ

وَإِنْ مَاتَ

عَلَى فِرَاشِهِ»

(1)

.

رجال السند:

الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ، صدوق تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، صدوق تقدم، وسَهْل بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، هو الأنصاري نزيل مصر إمام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وأَبوه، أبو أمامة رضي الله عنه، وجَدُّهُ، سهل ابن حنيف، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا من ثمرة الإخلاص لله عز وجل، والله كريم واسع الفضل والعطاء، فيجب على المسلم أن يطرق باب الله مخلطا، والله أحق من سئل، وأكرم من أعطى، نسأل الله عز وجل عيش السعداء ومنازل الشهداء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

856 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ الشَّهِيدِ

2445 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(1)

فيه القاسم بن كثير بن النعمان الاسكندرانى قاضى الاسكندرية، صالح الحديث، وأخرجه مسلم حديث (1909).

ص: 391

«مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ أَلَمِ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ أَلَمِ الْقَرْصَةِ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، هو أبو هشام لا بأس به تقدم، وصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، هو أبو محمد الزهري البصري، إمام حافظ ثقة، روى له الستة عدا البخاري تعليقا، وابْنُ عَجْلَانَ، هو محمد بن عجلان القرشي، والْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ، هو الكناني الأزدي المدني، من مفتي أهل المدينة وصالحيهم، وأَبو صَالِحٍ، هو ذكوان، وهم أئمة تقات تقدموا، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

الله أكبر ما عظم فضل الله عز وجل على المجاهد وسبيله فالشهيد علاوة على ما تقدم من ذكر ما له من الأجر، خفف الله عز وجل عنه ألم القتل، فلا يحس منه إلا كألم القرصة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

857 -

‌ باب مَا يَتَمَنَّى الشَّهِيدُ مِنَ الرَّجْعَةِ إِلَى الدُّنْيَا

2446 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ

(2)

الْحَنَفِيُّ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ فَتَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَتَوَدُّ أَنَّهَا رَجَعَتْ إِلَيْكُمْ وَلَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلاَّ الشَّهِيدَ، فَإِنَّهُ وَدَّ أَنَّهُ قُتِلَ كَذَا مَرَّةً لِمَا رَأَى مِنَ الثَّوَابِ»

(3)

.

رجال السند:

أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، وشُعْبَةُ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، أَنَسٌ رضي الله عنه.

(1)

فيه محمد بن عجلان، صدوق اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وأخرجه الترمذي حديث (1668) وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي حديث (3161) وابن ماجه حديث (2802) وقال الألباني: حسن صحيح.

(2)

في بعض النسخ الخطية " أبو يعلى " وفي بعضها " يعلى " وكلاهما محرف.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2795، 2817) ومسلم حديث (1877) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1232).

ص: 392

الشرح:

هذا في سياق ما تقدم من تنوع الثواب الجزيل للمجاهد في سبيل الله، ولقد اصطفى الله من جاهد في سبيله من الرعيل الأول رضي الله عنهم، وممن تلاهم على نهجهم، فمن عظيم ما يلقون في الجنة يتمنى كل واحد منهم أن يعود إلى الدنيا مرات لا لشيء غير الشهادة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

858 -

‌ باب أرواح الشهداء

(1)

2447 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:" سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ، وَلَوْلَا عَبْدُ اللَّهِ لَمْ يُحَدِّثْنَا أَحَدٌ، قَالَ: أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ، خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ فِي أَيِّ الْجَنَّةِ شَاءُوا، ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَى قَنَادِيلِهَا، فَيُشْرِفُ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ فَيَقُولُ: أَلَكُمْ حَاجَةٌ تُرِيدُونَ شَيْئاً؟ فَيَقُولُونَ: لَا إِلاَّ أَنْ نَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَنُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى "

(2)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةَ، سُلَيْمَانَ، هو الأعمش، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، ومَسْرُوقٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

هذه البشرى العظيمة وجعل أرواح الشهداء في هذه الصفة ليست مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو موقوفة على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، لكن لها حكم المرفوع؛ لأمثلها لا يقال بالرأي، ولا ريب في أنها خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

استبعد هذا الباب من مطبوعة فتح المنان، بحجة أن الحديث وقع في جميع النسخ الخطية في الباب الذي قبله. (فتح المنان 9/ 41، ونبه عليه: 42 في الهامش) وليس الأمر كذلك.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1887).

ص: 393

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

859 -

‌ بابٌ فِي صِفَةِ الْقَتْلَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ

2448 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى - هُوَ الصَّدَفِيُّ - ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الأُمْلُوكِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ ابْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْقَتْلَى ثَلَاثَةٌ: مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ، إِذَا لَقِىَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ» . قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: «فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ

(1)

اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ، لَا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلَا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ، وَمُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ» قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم فِيهِ: «مُمَصْمِصَةٌ

(2)

مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا، وَأُدْخِلَ

(3)

الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، وَمُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ فَذَاكَ فِي النَّار، إِنَّ السَّيْفَ لَا يَمْحُو النِّفَاقَ»

(4)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يُقَالُ لِلثَّوْبِ إِذَا غُسِلَ مُصْمِصَ.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ومُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ، ضعفه الجمهور، وصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، هو السكسكي، وأَبو الْمُثَنَّى الأُمْلُوكِيِّ، اسمه ضمضم حمصي ثقة، ذكر هذا ابن عبدالبر، وابن خلفون، وابن حبان، وعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِي، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه ثلاثة أصناف ممن يجاهد في سبيل الله عز وجل شهيد امتحن في سبيل الله عز وجل فصبر حتى قتل فهو في خيمة الله عز وجل تحت عرشه، دون الأنبياء بدرجة.

(1)

أي مطهرة له من دنس الذنوب والخطايا.

(2)

حقيقة اتفقت في الاسم، واختلفت في المسمى.

(3)

في بعض النسخ الخطية زيادة " الجنة ".

(4)

فيه معاوية بن يحيى، ضعيف، وأبو المثنى مجهول، وأخرجه أحمد حديث (17657).

ص: 394

والصنف الثاني: خلط في كسبه الخير والشر، فأخلص الجهاد في سبيل الله عز وجل بنفسه وماله، فقاتل حتى قتل فكان ذلك مظهرة له، وكان سيفه ممحاة لذنوبه، ففتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء.

والصنف الثالث: منافق جاهد لا لمرضاة الله عز وجل، فقاتل حتى قتل فهو في النار، ولم يمح سيفه نفاقه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

860 -

‌ بابٌ فِيمَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِراً مُحْتَسِباً

2449 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْجِهَادَ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً أَفْضَلَ مِنْهُ إِلاَّ الْفَرَائِضَ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَلْ ذَلِكَ مُكَفِّرٌ عَنْهُ خَطَايَاهُ؟ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ إِذَا قُتِلَ صَابِراً مُحْتَسِباً مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلاَّ الدَّيْنَ، فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ كَمَا زَعَمَ لِى جِبْرِيلُ»

(1)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، هو محمد، والْمَقْبُرِيُ، هو سعيد، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، أبو قتادة مختلف في اسمه رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن ما كان لله عز وجل يسقطه الجهاد في سبيل الله عز وجل بشرط الاحتساب والإقبال وعدم الإدبار أو التولي، ولا يسقط دينه لأنه حق لغير الله عز وجل، فحقوق العباد لا تسقط بالجهاد.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1885).

ص: 395

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

861 -

‌ باب مَا يُعَدُّ مِنَ الشُّهَدَاءِ

24450 -

(1) أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ - هُوَ التَّيْمِيُّ -عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ النَّبِييِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالْغَزْوُ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ شَهَادَةٌ»

(1)

.

رجال السند:

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، هو ابن طرخان، وأَبو عُثْمَانَ، هو النهدي، وعَامِرُ بْنُ مَالِكٍ، هو البصري مقبول في المتابعات والشواهد، وصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا فضل من الله عز وجل ورحمة، وليس لغير المسلم الصابر المحتسب، وتبقى الشهادة في سبيل الله عز وجل لا تنال إلا به، وما أعد لهم من الأجر العظيم قاصر عليهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2451 -

(2) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ ابْنِ حَفْصٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ، وَالْمَرْأَةُ يَقْتُلُهَا

وَلَدُهَا جُمْعاً

(2)

شَهَادَةٌ»

(3)

.

(1)

فيه عامر بن مالك، مقبول، ويقوى بالرواية التالية، وأخرجه أحمد حديث (15307، 27641، 27642) والنسائي حديث (2054) وصححه الألباني، وهو متفق عليه من حديث أنس: البخاري حديث (2830) ومسلم حديث (1916) بذكر الطاعون فقط، وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1248).

(2)

أي مجموعة مع ما في بطنها.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (17797، 22684).

ص: 396

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وإِسْرَائِيلَ، ومَنْصُورٍ، وأَبو بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، هو ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص، يكنى أبا القاسم ثقة له أحاديث، وشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ، هو الكندي مختلف في صحبته، وقيل: له وفاة، روى عن عدد من الصحابة، ورى له الستة عدا البخاري تعليقا، وعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

862 -

‌ باب مَا أَصَابَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَغَازِيهِمْ مِنَ الشِّدَّةِ

2452 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: " كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ السَّمَرُ وَوَرَقُ الْحُبْلَةِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ يُعَزِّرُونِي

(1)

، لَقَدْ خِبْتُ إِذاً وَضَلَّ عَمَلِي "

(2)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، وإِسْمَاعِيلُ، هو ابن إبراهيم، وقَيْسٍ، هو ابن أبي حازم، هم أئمة ثقات تقدموا، وسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاص، رضي الله عنه.

الشرح:

تجاوزوا الشدة بالصبر والاحتساب، ومنهم سعد رضي الله عنه، والمستغرب أن قوما جاؤوا لتقويمه وتأديبه، وهم ليسوا أهلا لذلك، وليس لهم من الفضل في الجهاد ما له رضي الله عنه.

قوله: " الْحُبْلَةِ " بضم الحاء: هُوَ شِبه اللوبياء وَهُوَ الحُبْلة من السّمُر، تهذيب اللغة (2/ 243) ولعل المراد أنه من ثمر السمر، وقيل: إنه ثمر العضاه عموما.

(1)

له معان عدة منها: التوقيف على الأحكام، أو اللوم والعتاب، أو التوبيخ، أو التقويم والتعليم، وهو المراد هنا، فكأن سعدا رضي الله عنه أنكر على بني أسد تعليمه الأحكام مع صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3728) ومسلم حديث (2966) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1869).

ص: 397

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

863 -

‌ باب مَنْ غَزَا يَنْوِي شَيْئاً فَلَهُ مَا نَوَى

2453 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا جَبَلَةُ

(1)

بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ

(2)

، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ لَا يَنْوِي فِي غَزَاتِهِ إِلاَّ عِقَالاً فَلَهُ مَا نَوَى»

(3)

.

رجال السند: الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وجَبَلَةُ بْنُ عَطِيَّةَ، هو الفلسطيني ثقة، يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، هو حفيد عبادة رضي الله عنه، وليس ابن أخيه، وهو تابعي وثقه ابن حبان، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.

الشرح:

الغزو النافع هو ما كان خالصا لله عز وجل في سبيله وإعلاء كلمته، وطلب ما عند من الفضل للماهدين المخلصين، وليس لمن شيئا من متاع الدنيا نصيب في ثواب المجاهدين الصادقين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

864 -

‌ باب فِي صِفَةِ: الْغَزْوُ غَزْوَانِ

.

2454 -

(1) أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْغَزْوُ غَزْوَانِ: فَأَمَّا مَنِ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ وَأَطَاعَ الإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ، وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْراً وَرِيَاءً وَسُمْعَةً وَعَصَى الإِمَامَ وَأَفْسَدَ فِي الأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْكَفَافِ»

(4)

.

(1)

في بعض النسخ الخطية " صلة " وهو تحريف.

(2)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(3)

فيه يحيى بن الوليد أراه حسن الحديث، وأخرجه النسائي حديث (3138، 3139) وحسنه الألباني.

(4)

فيه عنعنة بقية، وأخرجه أبوداود حديث (2515) والنسائي حديث (3188، 4195) وحسنه الألباني عندهما.

ص: 398

رجال السند:

نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، هو حسن الحديث، وبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثقة إذا حدث عن الثقات، وبَحِيرِ بْنُ سَعْدٍ، هو السحولي، وخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وأَبو بَحْرِيَّةَ، هو عبد الله بن قيس التراغمي، شامي تابعي ثقة، ومُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

خلاصة هذا أن من خرج مخلصا لله ورسول مجاهدا في سبيل الله رضي الله عنه، فهذا سلك الجادة واستثمر عمله في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن خرج لغير هذا فقد خسر، وقد لا يعود بالكفاف.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

865 -

‌ بابٌ فِي مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ:

2455 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا يَحْيَى ابْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ بن

(1)

عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِياً أَوْ يَخْلُفْ غَازِياً فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

(2)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، والْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو القرشي ثقة إذا سلم من التدليس تقدم، ويَحْيَى ابْنُ الْحَارِثِ، هو الذماري، والْقَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو أُمَامَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد يصيبه بشدة وعذاب يقرعه به، وقد سميت القيامة القارعة؛ لأن فيها عذاب للعصاة، وهذا ترهيب للمتخلفين عن الجهاد؛ لأنهم أشبهوا المنافقين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

866 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِياً:

2456 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(1)

في بعض النسخ الخطية " أبي " وهو صحيح، فكنيته أبو عبد الرحمن.

(2)

أخرجه أبو داود حديث (2503) وابن ماجه حديث (2762) حسنه الألباني.

ص: 399

«مَنْ جَهَّزَ غَازِياً فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَخَلَّفَهُ فِي أَهْلِهِ، كُتِبَ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْئاً»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، وعَبْدُ الْمَلِكِ، هو ابن أبي سليمان، وعَطَاءٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

867 -

‌ باب الْعُذْرِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجِهَادِ

2457 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

(2)

دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْداً فَجَاءَ بِكَتِفٍ فَكَتَبَهَا، وَشَكَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}

(3)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، هم أئمة ثقات تقدموا، والْبَرَاءُ، رضي الله عنه.

الشرح:

صدق الله ورسوله، وتقدمت الروايات في فضل المجاهد الصادق، وثلب من فسدت نيته، ولم يطلب سوى الدنيا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

868 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ غُزَاةِ الْبَحْرِ

2458 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2843) ومسلم حديث (1895) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1239).

(2)

من الآية (95) من سورة النساء

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2831، 4593) ومسلم حديث (1898) وانظر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1240).

ص: 400

ابْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ

(1)

: فِي بَيْتِهَا يَوْماً فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ:«أَنْتِ مِنْهُمْ» ثُمَّ نَامَ أَيْضاً فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ، قَالَ:«أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ» قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَغَزَا فِي الْبَحْرِ فَحَمَلَهَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمُوا قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَدُقَّتْ عُنُقُهَا فَمَاتَتْ "

(2)

.

رجال السند:

سلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ابْنِ حَبَّانَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وأُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، وفيه بشارة بانتشار الإسلام في غير جزير العرب، وإقبال الأمة على الجهاد في سبيل الله، ولذلك ضحك صلوات الله وسلامه عليه، فهنيئا لأولئك الأخيار، ونسأل أن يلحقنا بعباده الصالحين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

869 -

‌ بابٌ فِي النِّسَاءِ يَغْزُونَ مَعَ الرِّجَالِ:

2459 -

(1) أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: "غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ

(3)

غَزَوَاتٍ أُدَاوِي الْجَرِيحَ

أَوِ الْجَرْحَى وَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ "

(4)

.

(1)

من القيلولة، وهو النوم في وسط النهار.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2894) ومسلم حديث (1912) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1246).

(3)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1812).

ص: 401

رجال السند:

عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، هو اليربوعي لا بأس به، وأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، هو إبراهيم محمد، وهِشَامٌ، هو ابن عروة، وحَفْصَةُ، هي بنت سيرين، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأُمُّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها.

الشرح:

أم عطية رضي الله عنها وغيرها ممن غزون مع الصحابة هم من أتقى الناس وأخشاهم لله عز وجل، وفيه جواز غزو النساء مع الرجال لما ذكر من العمل، إذا أمنت الفتنة والأذى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

870 -

‌ بابٌ فِي خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ بَعْضِ نِسَائِهِ فِي الْغَزْوِ

2460 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعاً

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، هو المكي، وابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، هو عبد الله، والْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

هذه سنته ونهجه صلى الله عليه وسلم، والأحرى بالمعددين العمل بها ففيها خير كثير، ولاسيما في هذا العصر الذي ذئر فيه النساء على الرجال فسلكن النشوز على الرجال في حقوق منحها الشرع الحكيم لهم {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

871 -

‌ باب فَضْلِ مَنْ رَابَطَ يَوْماً وَلَيْلَةً:

2461 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا لَيْثُ ابْنُ سَعْدٍ، ثَنَا أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ ابْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5211) وهذا طرف منه، ومسلم حديث (2445) وهذا طرف منه وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1586).

(2)

من الآية (227) من سورة الشعراء.

ص: 402

سَمِعْتُ عُثْمَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ:" إِنِّي كُنْتُ كَتَمْتُكُمْ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ لِيَخْتَارَ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ": «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، الطيالسي، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وأَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، مصري، اسمه: الحارث، ويُقال: بركان، تابعي ثقة روى له الترمذي والنسائي، وعُثْمَانَ، الخليفة الراشد رضي الله عنه.

الشرح:

تقدمت روايات في فضل المجاهد ومن الجهاد الرباط على الثغور، وهذا ظاهر أنه من كلام عثمان رضي الله عنه والواقع أن له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي، أو لا مجال للرأي فيه، والحديث سنده حسن من أجل أبي صالح.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

872 -

‌ بابٌ فِي فَضْلِ مَنْ مَاتَ مُرَابِطاً:

2462 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزَيْدَ، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ ابْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

«كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلاَّ الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُجْرَى لَهُ عَمَلُهُ حَتَّى يُبْعَثَ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزَيْدَ، هو المقرئ، وابْنُ لَهِيعَةَ، هو عبد الله حسن الحديث، ومِشْرَحٍ، هو ابن عاهان، أبو مصعب المعافري، الصحيح أنه ثقة، وعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، رضي الله عنه.

(1)

أخرجه الترمذي حديث (1667) وقال: حسن غريب، والنسائي حديث (3169) وحسنه الألباني.

(2)

والحديث فيه عبد الله بن لهيعة، يشهد له حديث فضالة بن عبيد أخرجه أبو اود حديث (2500) وصححه الألباني، وأخرجه أحمد حديث (17359) وله طرق.

ص: 403

الشرح:

المرابطون هم من يقومون على حراسة الثغور، المعروفة اليوم بالحدود، وجميع من يعمل في حراسة الحدود اليوم هم مرابطون، فإذا احتسبوا ذلك وأخلصوا العمل فهم داخلون في هذه البشار، التي ينفردون بها عن بقية المجاهدين في سبيل الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

873 -

‌ باب فَضْلِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

2463 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الأَجْرُ وَالْمَغْنَم»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، هو ابن عبيد، وزَكَرِيَّا، هو ابن عدي، وعَامِرٍ، هو الشعبي، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُرْوَةُ الْبَارِقِي، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد ما دام الجهاد قائما، ولو قام به الفاجر من الولاة فإن على الأمة القيام معه، قال بعض أهل العلم رحمهم الله:" معناه الحث على ارتباط الخيل في سبيل الله، يريد أن من ارتبطها كان له ثواب ذلك فهو خير آجل، وما يصيب على ظهرها من الغنائم وفى بطونها من النتاج خير عاجل، وخص النواصي بالذكر؛ لأن العرب تقول: فلان مبارك الناصية، فيكنّى بها عن الإنسان، والجهاد ماض مع البر والفاجر إلى يوم القيامة، من أجل أنه صلى الله عليه وسلم أبقى الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وقد علم أن من أمته أئمة جور لا يعدلون، ويستأثرون بالمغانم، فأوجب هذا الحديث الغزو معهم "

(2)

، وفيه إشارة إلى أن الخيل سيبقى لها هذا الوصف إلى يوم القيامة، وإن تبدلت وسائل الحرب كما هو معلوم في عصرنا هذا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى: 2464 - (2) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي السَّفَر، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2852) ومسلم حديث (1873) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1227).

(2)

شرح صحيح البخاري لابن بطال (5/ 57) بتصرف.

ص: 404

«الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ»

(1)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو الحرشي، وشُعْبَةُ، وحُصَيْنٌ، هو ابن عبد الرحمن السلمي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، هو الهمداني، والشَّعْبِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُرْوَةُ، هو البارقي رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

874 -

‌ باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُكْرَهُ

2465 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ:" أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ فَرَساً، فَأَيُّهَا أَشْتَرِي؟ " قَالَ: «اشْتَرِ أَدْهَمَ أَرْثَمَ مُحَجَّلَ طَلْقَ الْيَدِ الْيُمْنَى، أَوْ مِنَ الْكُمْيتِ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ تَغْنَمْ وَتَسْلَمْ»

(2)

.

رجال السند: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، لم أقف على ترجمته، والْوَلِيدُ، هو ابن مزيد البيروتي، ثقة مكثر عن الأوزاعي، وابْنُ لَهِيعَةَ، هو عبد الله حسن الحديث، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ إمام تقدم، وعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ إمام تقدم، وأبو قَتَادَةَ الأَنْصَارِي، رضي الله عنه.

الشرح:

الخيل على العموم مباركة، ولكنها تتفاضل في أو صافها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحسن منها الأرثم: وهو الذي أنفه أبيض وشفته العليا كذلك، والمحجل: وهو ما كان البياض في بعض قوائمه، والمطلق اليدين: الذي لم يكن في يديه بياض، والكميت: هو ما كان لونه بين الحمرة والسواد، ويستحب كل كميت أغر محجل فإن لم يكن كميتا، فأدهم أغر محجلا، وأشقر، وهي صفاتُ تميّزٍ حري بها أن تغنم وتعود سالمة والله أعلم.

(1)

رجاله ثقات، عامر هو الشعبي فهو مكرر السابق.

(2)

فيه ابن لهيعة، وأخرجه الترمذي حديث (1696) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه حديث (2789) وصححه الألباني.

ص: 405

أما ما يكره من الخيل فيكره الشِكال في الخيل، والشكال: أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض، وفي يده اليسرى بياض، أو في يده اليمنى وفي رجله اليسرى، أو تكون ثلاث قوائم مجلة وواحدة مطلقة لا تحجيل فيها، وقيل: لا يكون إلا في الرِّجْل، ولا يكون في الأيدي، والحقيقة أن الخيل لا يكره منها شيء؛ لأنها خلق الله عز وجل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره شيئا خلقه الله، وإنما ذكر ما يعجبه منها من حيث اللون والقوة، فحصل الظن بأن ما عداها مكروه وليس الأمر كذلك والله أعلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

875 -

‌ بابٌ فِي السَّبْقِ

2466 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَابِقُ بَيْنَ الْخَيْلِ الْمُضَمَّرَةِ مِنَ الْحَفْيَا

(1)

إِلَى الثَّنِيَّةِ

(2)

، وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا "

(3)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، ضي الله عنهما.

الشرح:

قوله: " مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ " وهو المعروف اليوم بمسجد السبق، قريب من الداودية، أزيل في مشروع.

وكان الهدف من السباق تقوية الخيل، ومعرفة الأقوى والأسرع، وتعليم الفروسية ومهارات ركوب الخيل، وإذكاء التنافس في هذا المجال، مسافات الجري حسب القوة والتضمير، لتكون قوة في الفتح الإسلامي.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

876 -

‌ بابٌ فِي رِهَانِ الْخَيْلِ

2467 -

(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ:

(1)

مكان يلي أحد من جهة الشمال الغربي.

(2)

ليست بعيدة من المسجد المذكور، على رأس نفق المناخة اليوم، وتسمى ثنية. الوداع.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (420) ومسلم حديث (1870) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1225).

ص: 406

" أُجْرِيَتِ الْخَيْلُ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَأَتَيْنَا الرِّهَانَ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْخَيْلُ قَالَ: قُلْنَا: لَوْ مِلْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَسَأَلْنَاهُ أَكَانُوا يُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ فِي قَصْرِهِ فِي الزَّاوِيَةِ

(1)

فَسَأَلْنَاهُ، فَقُلْنَا له: يَا أَبَا حَمْزَةَ أَكُنْتُمْ تُرَاهِنُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرَاهِنُ؟ قَالَ: نَعَمْ لَقَدْ رَاهَنَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ فَسَبَقَ النَّاسَ فَانْهَشَّ لِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ"

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: انْهَشَّه يَعْنِى أَعْجَبَهُ.

رجال السند:

عَفَّانُ، هو ابن مسلم، وسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، هو أخو حماد بن زيد، ليس به بأس تقدم، والزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وأَبو لَبِيدٍ، هو لماز بن زياد صدوق، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه جواز الرهان على سباق الخيل، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

877 -

‌ بابٌ فِي جِهَادِ الْمُشْرِكِينَ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ:

2468 -

(1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ»

(3)

.

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، هو القيسي صالح تقدم، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وحُمَيْدٌ، هو الطويل، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه وجوب جها المشركين بالمال، وقد فعل عثمان رضي الله عنه ذلك، ووجوب الجهاد بالنفس والخروج في سبيل الله عز وجل إذا دعا ولي الأمر وعقد اللواء، ووجوب الجهاد باللسان ببان

فضل المجاهد في سبيل الله عز وجل، وذكر ثواب الشهيد، والحث على ذلك،

(1)

موضع قريب من البصرة.

(2)

سنده حسن من أجل سعيد بن زيد، ولماز، وأخرجه أحمد حديث (13689).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2504) والنسائي حديث (3096) وصححه الألباني عندهما.

ص: 407

والترغيب فيه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

878 -

‌ باب لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ:

2469 -

(1) أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ابْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ»

(1)

.

رجال السند:

جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا لفظ وللحديث ألفاظ كلها تدور حول هذا، والمراد الانتصار للحق ظاهرين به غالبين سائر الناس بالبرهان أو به وبالسنان وقال بعض العلماء رحمهم الله:" عالين منصورين؛ وهم جيوش الإِسلام، أو العلماء الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر، أو الفريقان معًا " وقوله: «حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» المراد حتى تقترب القيامة؛ لأنها لا تقوم إلا على شرار الناس، وليس فيهم مجاهد، ولا آمر بمعروف، ولا ناهٍ عن المنكر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2470 -

(2) أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ»

(2)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3640) ومسلم حديث (1921) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1249).

(2)

فيه سليمان بن الربيع، ذكره ابن حبان في الثقات، وعدم سماع قتادة من ابن بريدة، ولا سماعه من سليمان بن الربيع، والحديث صحيح، انظر السابق.

ص: 408

رجال السند:

أَبُو بَكْرِ بْنُ بَشَّارٍ، لم أقف على ترجمته، وأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، هو سليمان بن داود، وهَمَّامٌ، وقَتَادَةُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، هم ثقات تقدموا، وسُلَيْمَانُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو العدوي من أفراد الدارمي، سكت عنه الإمامان، وذكره ابن حبان في الثقات، وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق والسند فيه انقطاع، انظر الهامش رقم (2).

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

879 -

‌ بابٌ فِي قِتَالِ الْخوَارِجِ

2471 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْماً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَلَاقِيمَهُمْ، يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هو القيسي، وحُمَيْدُ ابْنُ هِلَالٍ، هو العدوي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرّ، رضي الله عنه.

الشرح: هم الخوارج هذه صفتهم في كل عصر، يكفرون بالخطيئة، ويستحلون الدماء والأعراض، وهم متشددون في العبادة على غير هدى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2472 -

(2) قَالَ سُلَيْمَانُ: قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: فَلَقِيتُ رَافِعاً أَخَا الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ رَافِعٌ: وَأَنَا أَيْضاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ، هو ابن المغيرة، وحُمَيْدٌ، هو الطويل، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ، تقدموا آنفا، ورَافِعٌ، والْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، هم أخوان صحابيان، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، أخرجه مسلم حديث (1067).

ص: 409

الشرح:

المراد أنهما سمعا حديث صفة الخوارج من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المذكور آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

‌ومن كتاب السير

880 -

‌ باب «بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا»

2473 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَارَةَ ابْنِ حَدِيدٍ، عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا» وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً بَعَثَهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، قَالَ: فَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ رَجُلاً تَاجِراً فَكَانَ يَبْعَثُ غِلْمَانَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَكَثُرَ مَالُهُ "

(1)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وشُعْبَةَ، ويَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، هو الطائفي، وعُمَارَةُ بْنُ حَدِيدٍ، هو البجلي متكلم في تفرد عطاء عنه، وحديثه حسن لغيرة، وصَخْرٌ الْغَامِدِي، رضي الله عنه.

الشرح:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرسل جيسا أو سرية، بعثها أو النهار، إنما خص البكور بالدعاء من بين سائر الأوقات؛ لأنه وقت يقصده الناس بابتداء أعمالهم، وهو وقت نشاط وقيام من دعةٍ، فخصه بالدعاء لينال بركة دعوته جميع أمته، وكان صخر رضي الله عنه يراعي هذه السنة، وكان تاجرا يبعث ماله في أول النهار في السفر للتجارة، فكثر ماله ببركة مراعاة السنة؛ ولأن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مقبول لا محالة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

881 -

‌ بابٌ فِي الْخُرُوجِ يَوْمَ الْخَمِيسِ

2474 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِذَا أَرَادَ سَفَراً إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ

(2)

.

(1)

فيه عمار بن حديد، ذكره ابن حبان في الثقات، والحديث حسن لشواهده، وأخرجه الترمذي حديث (1212) وقال: حسن، وأبو داود حديث (2606) وابن ماجه حديث (2236) وصححه الألباني عندهما.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2949).

ص: 410

رجال السند:

عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ويُونُسُ، هو ابن يزيد، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ، هو أبو الخطاب ثقة، وهو أكثر حديثا من أخيه عبد الله، وروى لهما البخاري، وأَبوه، كعب بن مالك رضي الله عنه.

الشرح:

هذا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيختار للخروج من الأوقات أول النهار البكور، ومن الأيام الخميس، ومن اقتدى فهو أولى ومن خرج في غيره هذا فلا حرج، والاقتداء أفضل وأبرك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

882 -

‌ بابٌ فِي حُسْنِ الصَّحَابَةِ

2475 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالَا: أَخْبَرَنَا شُرَحْبِيلُ ابْنُ شَرِيكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، وحَيْوَةُ، هو ابن شريح، هما إمامان تقدما، وَابْنُ لَهِيعَةَ، هو عبد الله صدوق، وشُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، هو المعافري لا بأس به، وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُليَّ، هو عبد الله بن يزيد المصري تابعي ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رضي الله عنه.

الشرح:

حسن المصاحبة في الحل والترحال، فخير الناس الذي يحسن مصاحبة صاحبة في الإقامة والسفر، و خير الجيران من يحسن الجوار، ويكف الأذى ويبذل المعروف لكل من جاوره، وهذه من مكارم الأخلاق التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بها.

(1)

سنده حسن، ابن لهيعة مقرون بثقة، وأخرجه الترمذي حديث (1944) وقال: حسن غريب.

ص: 411

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

883 -

‌ بابٌ فِي خَيْرِ الأَصْحَابِ وَالسَّرَايَا وَالْجُيُوشِ

2476 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، ثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ يُونُسَ، وَعُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الأَصْحَابِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَمَا بَلَغَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً فَصَبَرُوا وَصَدَقُوا فَغُلِبُوا مِنْ قِلَّةٍ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، هو الأصم، وحِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، هو أبو علي العنزي، فقيه ضعيف حديثه في الشواهد والمتابعات، ويُونُسَ، هو ابن يزيد، وَعُقَيْلٍ، هو ابن خالد، وابْنُ شِهَابٍ، هو الزهري، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هم ابن عتبة، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا مع العمل بالكتاب والسنة، والسلامة من المعاصي؛ لأن ذنوب الجيش خطر عظيم عليه، وتكون في معزل عن نصر الله عز وجل، لذلك وصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين كتب إلى قائده سعد بن أبى وقاص يقول له: " كونوا أشدَّ الناس احتراسًا من المعاصي بينكم، من عدوّكم، فإن ذُنوبَ الجيش أخوفُ عليهم من عدوِّهم، وإنما يُنصر المسلمون بمَعصية عدوِّهم، ولولا ذلك لم يكن لنا بهم قُوَّة؛ لأن عَددنا ليس كعددهم، وقوَّتنا ليست كقُوَّتهم، فإن استَوينا في المعصية كان لهم الفضلُ علينا في القوة. واعلموا أن عليكم من اللَّه حَفَظة في مسيركم وإقامتكم يعلمون ما تفعلون، فاستَحيُوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي اللَّه وأنتم في سبيله، ولا تقولوا عدوُّنا شرٌّ منا، فلن يُسَلَّط علينا وإن أسأنا، فرُبَّ قومٍ سُلِّط عليهم مَنْ هو شرٌّ منهم، كما سُلّط علي بني إسرائيل لما عملوا بالمعاصي مَنْ هو شرٌّ منهم، فجاسوا خلال الديار، وكان وعد اللَّه مفعولًا، وذكر ألفاظًا أُخر، وقال: وإياكم وقُرى أهلِ الذِّمّة والصلح، ولا يدخلنَّها منكم إلا الموثوق بدينه وأمانته، فإن لهم حُرمة وذِمامًا، ولا تُروا أهلها شيئًا، ولتَنْتَقِ للطلائع

(1)

فيه حبان بن علي، ضعيف، وأخرجه أبو داود حديث (2611) وصححه الألباني، والترمذي حديث (1555) وقال: حسن غريب.

ص: 412

أهلَ الرأي والنَجدةِ والصِّدقِ، وتخيَّر لهم سوابقَ الخيل، ولا تُعاجلوا العدوَّ بالقتال ما لم يَستكرهوكم عليه، وأبصروا عورات عدوِّكم، ومن أين يُؤتى، وأقيموا الحرس، واحذروا من البَيات، ولا تُؤتَوا بأسيرٍ له عهد إلا قتلتموه؛ لتُرهبوا به عدوَّكم، والسّلام "

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

884 -

‌ باب وَصِيَّةِ الإِمَامِ لِلسَّرَايَا

2477 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْراً، وَقَالَ ": «اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيداً»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وعَلْقَمَةُ بْنِ مَرْثَدٍ، هو الحضرمي، وسُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوهِ، هو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

الشرح:

هذه توجيهات ولي الأمر أيام الفت الإسلامي، ونشر الإسلام في الأرض، حتى لا يعبد إلا الله عز وجل، وفي هذال عصر وما تقدمه بمئات السنين توقف الفتح الإسلامي، وتفرقت الأمة الإسلامية، وأصبحت دويلات بنهاية الدولة العباسية إلى اليوم، وقام نظام جديد بين الدول الإسلامية مع بعضها، ومع غير من دول العالم، وأصبحت أرض الحرمين المملكة العربية السعودية بيضة الإسلام، المحروسة بإذن الله عز وجل، ونوصي ولاة الأمر فيها بالعلم بالكتاب والسنة، وأن يوصوا جميع القطاعات العسكرية بحراسة حدودها، وبما أوصى به عمر بن الخطاب سعد بن أبي وقاص وجيشه رضي الله عنهم، فإنها ركائز النصر والأمن والاستقرار، أسأل الله عز وجل أن يديم ذلك على بلادنا، ويصلح أمور المسلمين في كل مكان.

(1)

مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (5/ 169).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1731) وهذا طرف منه.

ص: 413

وبالمناسبة:

فقد سمعت في وسائل التواصل إماما يدعو للمملكة العربية السعودية ويقول: " اللهم إنك تعلم أنه لم يبق في هذا الزمان من يحكم بالإسلام إلا المملكة العربية السعودية، اللهم أحفظها وانصرها ....... الى آخر ما دعا، فقلت: آمين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

885 -

‌ باب لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ

2478 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَاثْبُتُوا، وَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ، فَإِنْ أَجْلَبُوا وَضَجُّوا فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ إمام تقدم، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، مقبول الرواية في الترغيب والترهيب، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، هو الحبلي إمام تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهما.

الشرح:

المسلم لا يتمنى الشر له ولا لغيره، ويستعيذ بالله منه، ومن ذلك لقاء العدو، فإذا ابتلي به صبر وأقبل ولم يدبر؛ لأنه يعلم ما أعد الله للصابرين، وللذابين عن بيضة الإسلام، وصيانة حماه، ومن سأل الله العافية سلم، وإن ابتلي ثبت وذكر الله كثيرا، ولا يقال: كانت الحرب بين المسلمين والأعداء وجها لوجه بخلاف هذا العصر، نقول نعم ولكن المسلم المقاتل لا غنى له عن هذا التوجيه النبوي، فإن قتاله بهذا وبما لديه

من عتاد أقوى، وأمضى وأنكى للعدو.

(1)

فيه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، ضعيف، والحديث صحيح من حديث أبي هريرة عند البخاري حديث (3026) ومن حديث ابن أبي أوفي، عند البخاري أيضا حديث (2966).

ص: 414

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

886 -

‌ بابٌ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْقِتَالِ

2479 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو أَيَّامَ حُنَيْنٍ: «اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَبِكَ أُقَاتِلُ»

(1)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادٌ، هو ابن زيد، وثَابِتٍ، هو البناني، وعَبْدُالرَّحْمَنِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، هم أئمة ثقات تقدموا، وصُهَيْبٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا الدعاء يستحب للمقاتل أن يدعو به، إذا أراد مقارعة العدو، فهو من طلب العون والمدد من الله عز وجل، وقد قال الله عز وجل:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}

(2)

، وهذا من مواطن إجابة الدعاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

887 -

‌ بابٌ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلَامِ قَبْلَ الْقِتَالِ

2480 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ: «إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِلَالٍ - أَوْ خِصَالٍ -: فَأَيَّتُهُمْ مَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ إِنْ هُمْ فَعَلُوا أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا أَنْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلَامِ فَسَلْهُمْ إِعْطَاءَ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ فَعَلُوا

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (18940) وهذا طرف منه.

(2)

من الآية (60) من سورة غافر.

ص: 415

فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، وَإِنَ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ، فَإِنْ أَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ، فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ، وَذِمَّةَ أَبِيكَ، وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا بِذِمَّتِكُمْ وَذِمَّةِ آبَائِكُمْ، أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَإِنْ حَاصَرْتَ حِصْناً، فَأَرَادُوكَ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا، ثُمَّ اقْضِ فِيهِمْ بِمَا شِئْتَ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وعَلْقَمَةُ بْنِ مَرْثَدٍ، هو الحضرمي، وسُلَيْمَانُ ابْنُ بُرَيْدَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوهِ، هو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

الشرح:

المراد من هذه الخصال العدالة ونشر الإسلام، حتى لا يعبد في الأرض بحق إلا الله عز وجل، ولا مزيد بيان على ما ورد في النص.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2481 -

(2) وقَالَ عَلْقَمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ ابْنُ هَيْصَمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِثْلَهُ

(2)

.

رجال السند:

عَلْقَمَةُ، هو ابن مرثد تقم آنفا، ومُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، هو البلخي إمام ثقة، روى له الستة عدا البخاري، ومُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ، هو العبدي مقبول في المتابعات والشواهد، روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، قيل بتوثيقه، والنُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ، رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2482 -

(3) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1731).

(2)

موصول بالسابق.

ص: 416

" مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْماً حَتَّى دَعَاهُمْ "

(1)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سُفْيَانُ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ. يَعْنِي: هَذَا الْحَدِيثَ.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وسُفْيَانَ، وابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، هو عبد الله، وأَبوه، هو يسار المكي، ثقة مشهور بكنيته أبو نجيح، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما. ويرى عبد الله الدارمي أن سفيان لم يسمع من أبي نجيح هذا الحديث.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

888 -

‌ بابٌ فِي الإِغَارَةِ عَلَى الْعَدُوِّ

2483 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُغِيرُ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَكَانَ يَسْتَمِعُ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَاناً أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَاناً أَغَارَ

(2)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وثَابِتٌ، هم أئمة تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

لأن المستهدفين هم غير المسلمين، ويلزم للإغارة ما تقدم من الشروط؛ لأن القصد دعوة الناس إلى الإسلام، وعبادة الله وحده لا شريك، فمن دخل في الإسلام عصم نفسه بذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

889 -

‌ بابٌ فِي الْقِتَالِ عَلَى قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ

2484 -

(1) أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيَّ قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ، قَالَ: وَكُنْتُ فِي

(1)

فيه عدم سماع سفيان هذا الحديث من ابن أبي نجيح، وقد توبع، وأخرجه أحمد حديث (2053).

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (2634) والبخاري من طريق حميد قال: سمعت أنسا حديث (2943).

ص: 417

أَسْفَلِ الْقُبَّةِ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ إِلاَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَائِمٌ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَقَالَ:«اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ» قَالَ ثُمَّ قَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» .

قَالَ شُعْبَةُ وَأَشُكُّ: «أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ

(1)

؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ:«إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا حَرُمَتْ عَلَىَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»

(2)

.

قَالَ: وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ أَبَا مَسْعُودٍ

(3)

، قَالَ: وَمَا مَاتَ حَتَّى قَتَلَ خَيْرَ إِنْسَانٍ بِالطَّائِفِ ".

رجال السند:

هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وشُعْبَةُ، والنُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، هو الطائفي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَوْسُ بْنُ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِي، رضي الله عنه.

الشرح:

لأن لا إله إلا الله، إقرار بالألوهية والوحدانية لله عز وجل؛ ولأنها تتضمن النفي والإثبات؛ نفي الألوهية عن غير الله عز وجل، وإثباتها لله وحده جل جلاله، فحرم دم قائلها وماله إلا بحق يوجب ذلك، ومن حقها انكار ركن من أركان الإيمان، أو الإسلام، ولذلك قاتل أبو بكر رضي الله عنه الذين ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنعوا الزكان، رغم تأول بعضهم، ورغم إنكار عمر رضي الله عنه، فمن معنى لا إله إلا الله العمل بمقتضاها، ومنه إقامة أركان الإيمان والإسلام وعدم استحلال ما حرم الله عز وجل.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

890 -

‌ باب لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ:

2485 -

(1) أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

(1)

المراد قول الشهادتين، وهما متلازمتان

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه النسائي (3983) وابن ماجه حديث (3929) وصححه الألباني عندهما، ومتفق عليه من حديث أبي هريرة: البخاري حديث (1399) ومسلم حديث (21) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 14).

(3)

هو الراوي أوس بن أبي أوس عوف الثقفي، رمى أبا مسعود عروة بن مسعود الثقفي، فأصاب أكحله، فلم يرق دمه فمات رضي الله عنه (الطبقات الكبرى 6/ 45، 46) ثم قدم أوس بن عوف الثقفي بعد ذلك في وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم رضي الله عنه (الطبقات لكبرى 5/ 510).

ص: 418

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ إِلاَّ إِحْدَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»

(1)

.

رجال السند:

يَعْلَى، والأَعْمَشُ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، ومَسْرُوقٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ، هو ابن مسعود رضي الله عنه.

الشرح:

تقدم الحديث سندا ومتنا برقم 2334، الجزء الثالث.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

891 -

‌ بابٌ فِي بَيَانِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ

2486 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ قَالَ: ثَنَا أَبُو قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشَ الأُمَرَاءِ، قَالَ: فَانْطَلَقُوا فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ فَأَمَرَ، فَنُودِيَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ

(2)

.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، والأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، هو السدوسي إمام ثقة عابد، وخَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ، هو بالتصغير، وقيل: شُمير، تابعي صدوق، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيُّ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبُو قَتَادَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

النداء بالصلاة جامعة ينادى به في غير الصلوات المفروضة، ويجوز في صلاة الكسوف، وفيما يراد اجتماع الناس له لبيان أمر من الأمور ذات العلاقة بشئون الناس.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

892 -

‌ بَابٌ فِي المُسْتَشَارِ مُؤْتَمَنٌ:

2487 -

(1) أَخْبَرَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ

(1)

رجاله ثقات، متفق عليه، تقدم.

(2)

سنده حسن، وأخرجه أحمد حديث (22566) وهذا طرف منه.

ص: 419

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ»

(1)

.

رجال السند:

الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، هو شاذان، وشَرِيكٌ، صدوق تقدم، والأَعْمَشً، وأَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، هو سعد بن إياس، وهم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد أن المستشار مؤتمن على إخلاص النصح فيما استشير فيه ولو على نفسه، ولا يغرر بمن استشاره، وهو مؤتمن على عدم إفشاء ما استشير فيه، فهو صادق مخلص كتوم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

893 -

‌ بابٌ فِي الْحَرْبِ خُدْعَةٌ

2488 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحِزَامِيُّ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا "

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحِزَامِيُّ، وابْنُ الْمُبَارَكِ، هو عبد الله، ومَعْمَرٌ، هو ابن راشد، والزُّهْرِيُّ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، هو ثقة وأكثر من أخيه حديثا، وهم أئمة ثقات تقدموا، وكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا من الذكاء في القيادة، وفيها التورية لإيهام العدو بقصد جهة غير جهتهم، ومن السياسة العسكرية استخدام تضليل العدو.

(1)

فيه شريك بن عبد الله، وأخرجه أحمد حديث (22360) وله شواهد من حديث أبي هريرة عند أبي داود حديث (5128) وابن ماجه حديث (3745) وصححه الألباني عندهما، ومن حديث ابي مسعود عند ابن ماجه أيضا حديث (3746) وصححه الألباني، والترمذي حديث (2822) وقال: حسن، وحديث.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2947، 2948) ومسلم حديث (2769) وهذا طرف مما عندهما، وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1762).

ص: 420

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

894 -

‌ باب الشِّعَارِ

2489 -

(1) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" بَارَزْتُ رَجُلاً فَقَتَلْتُهُ فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَلَبَهُ، فَكَانَ شِعَارُنَا مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَمِتْ، يَعْنِي: اقْتُلْ "

(1)

.

الشرح:

المراد بالشعار كلمة السر، ليتم التخاطب بها دون علم العدو، وهي مستعملة في الجيوش إلى يومنا هذا.

وبالمناسبة:

فقد نقل عن الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز وكان سفيرا للملك فهد في أمريكا، وأنه لما غزا صدام الكويت، جهزوا لطرده المعاهدة بينهم وبين أمريكا فقال بندر ليلة بدء الحرب: مستأذنا الملك فهد رحمه الله في مكالمة: قال: سنرسل لكم بنات العجوز أم شاهين، فرد الملك فهد رحمه الله قائلا: على بركة الله، وكان القصد من تلك العبارة كلمة سر، وبنات العجوز أم شاهين هي الطائرات، وبدأ القضاء على صدام وجيشه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

895 -

‌ باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: شَاهَتِ الْوُجُوهُ

2490 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانُ قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ: أَبِي هَمَّامٍ

(2)

، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ

(3)

قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، فَكُنَّا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلَالِ الشَّجَرِ: فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنِّي، أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ وَقَالَ:«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ،

(1)

رجاله ثقات، وأخرج أصله البخاري حديث (3051) ومسلم حديث (1754).

(2)

في بعض النسخ الخطية " عن أبي همام " وهو خطأ.

(3)

وهو غير القرشي، وقد ظنهما أبو عمر بن عبد البر واحدا، انظر:(الإصابه 7/ 263).

ص: 421

قَالَ يَعْلَى: فَحَدَّثَنِي أَبْنَاؤُهُمْ، أَنَّ آبَاءَهُمْ قَالُوا: فَمَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ تُرَاباً "

(1)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانُ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ويَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، هو الطائفي، هم أئمة ثقات تقدموا، عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ أَبِي هَمَّامٍ، كوفي مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيّ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: كان هذا يوم حنين على بغلته حين رمى المشركين بالحصباء وقال شاهت الوجوه فانهزموا

(2)

، والمراد قبحت وشوهت.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

896 -

‌ بابٌ فِي بَيْعَةِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

-

2491 -

(1) أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: " قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مَعَهُ فِي مَجْلِسٍ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ: تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، فَمَنْ وَفي مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ [فَسَتَرَهُ اللَّهُ، فَأَمْرُهُ إِلِى اللَّهِ: إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً]

(3)

فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ».

قَالَ: فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ

(4)

.

رجال السند: عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، هو ابن فارس، ويُونُسُ، هو ابن يزيد، والزُّهْرِيُّ، وأَبو إِدْرِيسَ، هو الخولاني، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (22468) والحديث عند مسلم من حديث سلمة الأكوع حديث (1777).

(2)

معالم السنن (2/ 252) بتصرف.

(3)

ما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ الخطية.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (18) ومسلم حديث (1709) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1111).

ص: 422

الشرح:

هذه فيها أكبر الكبائر؛ وهو الشرك بالله ومن مات وهو مشرك بالله فمأواه النار، والأمور المذكورة بعده هي كبائر، تغفر بالتوبة، ومن مات على شيء منها فهو تحت المشيئة، إن شاء الله عز وجل غفر وستر، وإن شاء عذب بالنار من غير خلود.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

897 -

‌ بابٌ فِي بَيْعَتِهِ أَنْ لَا يَفِرُّوا

2492 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: " كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفاً وَأَرْبَعَمِائَةٍ فَبَايَعْنَاهُ، وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ: وَهِىَ سَمُرَةٌ

(1)

، وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ، وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ"

(2)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هو ابن يونس، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا حصر لعدد الصحابة رضي الله عنهم الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبة، الموقع المعروف قرب مكة، وبيان لمكانة عمر رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الموقع الذي اجتمعوا فيه لمبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدم الفرار إذا التقوا بالمشركين، وهو تحت شجرة سمرة كبيرة، ولم يكن لها ميزة عن غيرها من الأشجار، فقد استضل بها الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، وكم ن شجرة على وجه الأرض استظل بها قبل النبوة وبعدها فلم تعد عند الصحابة رضي الله عنهم أكثر من ذلك، ولا ريب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أمر بقطعها كان خوفا من تعلق الناس بها، وقد حدث بعد الخلافة الراشدة من حاول ذكرها والتبرك بها وأنكر قطعها، وإلى اليوم تتوالى الدعاوى ومحاولة التبرك بالموقع وربما زرعوا شجرة فيه لشغل الناس بما لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم ومن اهتدى بهديهم.

(1)

في بعض النسخ الخطية " ثمرة " وهو تحريف.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1856).

ص: 423

أما المبايعة على عدم الفرار، وعدمها على الموت، ففي الحقيقة أن المبايعة على عدم الفرار يتضمن المبايعة على الموت؛ لأن من لا يفر من العدو فهو معرض للموت، ولو لم يبايع عليه، وربما والله أعلم أن استثناء الموت من المبايعة ربما يكون فيه مندوحة في حال أن تكون الغلبة للعدو ولا مفر إلا محاولة النجاة بالنفس، والأولى الثبات ولو حصل الموت فمنازل الشهداء تستوعب من مات في سبيل الله عز وجل، ومن رجز الصحابة رضي الله عنهم يوم الخندق:

نحن الذين بايعوا محمدا

* * *

على الجهاد مابقينا أبدا

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

898 -

‌ بابٌ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ

2493 -

(1) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا شُعْبَةُ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وشُعْبَةُ، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، والْبَرَاءُ ابْنُ عَازِب، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفع الخلق قدرا وأكرمهم عند الله عز وجل امتهن نفسه طاعة لله جل جلاله، وليكون قدوة لجند الله معه، ولأئمة المسلمين وقادة الجند، لما في ذلك من طاعة عز وجل والتواضع لمن معه ولا يربأ بنفسه عنهم، وذلك أمكن لقهر العدو وبذل النفس والنفيس لتحقيق النصر.

(1)

رجاله ثقات، أخرجه البخاري حديث (2837) ومسلم حديث (1803) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1182).

ص: 424

أما الرجز الذي ردده رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، وفيه جواز رفع الصوت في مثل هذه الأعمال؛ لأن في ذلك شحذ للهمم وإقبال على العمل، وهو مجرب حتى في الأعمال الحرفية الجماعية كالبناء والحصاد وإصلاح الطرق وغير ذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

899 -

‌ باب كَيْفَ دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ

2494 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ حَازِمٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اقْتُلُوهُ»

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ حَازِمٍ، هو الرملي لا بأس به، ومَالِكٌ، والزُّهْرِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن محرما؛ لأن على رأسه المغفر، ولأنه خل فاتحا فلا يلزمه الإحرام، وكذلك كل من يدخل مكة لحاجة غير الحج والعمرة فلا يجب عليه الإحرام، وفيه جواز قتل الجاني وأن الحرم لا يجيره ولا يعصمه من إقامة الحد المقرر شرعا، وكان ابن خطل ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

900 -

‌ بابٌ فِي قَبِيعَةِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم

-

2495 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " كَانَ قَبِيعَةُ سَيْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم.

ص: 425

مِنْ فِضَّةٍ "

(1)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ خَالَفَهُ قَالَ: قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَعَمَ النَّاسُ أَنَّهُ هُوَ الْمَحْفُوظُ.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

فيه حواز أن يحلى نصاب السيف بالفضة، والفضة حلال للرجال والنساء، وتجوز حلية السيف بالذهب، والذهب حرام على الرجال حلال للنساء.

وقوله قال عبد الله هو الدارمي، والمراد أن هشاما خالف جرير بن حازم فقال: عَنْ قتادة عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، وهو أخو الحسن بن أبي الحسن البصري، إمام ثقة.

وقوله: " عن النبي صلى الله عليه وسلم " المراد أنه مرسل؛ لأن سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، ليس صحابيا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

901 -

‌ باب أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إذا ظهر على قوم أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثة

2496 -

(1) أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ:" أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثاً ". طَلْحَةَ: " أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثاً "

(2)

.

رجال السند:

الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ومُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وقَتَادَةُ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسٌ، وأَبو طَلْحَة، رضي الله عنهما.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2583) وقال: أقوى هذه الأحاديث حديث سعيد بن أبي الحسن، والباقية ضعاف، والنسائي من حديث أبي أمامة، وصححهما الألباني والترمذي حديث (1691) وقال: حسن غريب - حديث أنس -.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3065) ومسلم حديث (2875) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1826) وهذا طرف منه.

ص: 426

الشرح:

المراد ثلاثة أيام ولياليهن؛ وذلك الرحة الجيش بعد القتال، ولقسم الغنائم، واستحب العلماء رحمهم الله أن يقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا فيعطى الجراحة بعد القتال وهزيمة العدو.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

902 -

‌ بابٌ فِي تَحْرِيقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ

2497 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ "

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، هو السكوني، وعُبَيْدُ اللَّهِ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

النضير تمترس فيها العدو، فدعت الضرورة إلى أحراقها وقطعها لينكشف العدو، وهذا يجوز عند الضرورة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

903 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّعْذِيبِ بِعَذَابِ اللَّهِ

2498 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرَ

(2)

بْنِ أَبَانَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الدَّوْسِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ فَقَالَ: «إِنْ ظَفِرْتُمْ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ» حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ بَعَثَ إِلَيْنَا فَقَالَ:

«إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِتَحْرِيقِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِنْ ظَفِرْتُمْ بِهِمَا فَاقْتُلُوهُمَا»

(3)

.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3021) ومسلم حديث

(1746)

وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1140).

(2)

في بعض النسخ الخطية " عمرو " وهو تحريف.

(3)

فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وأخرجه البخاري حديث (3016).

ص: 427

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرَ بْنِ أَبَانَ، هو الكوفي صدوق تقدم، وعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، هو الأشل، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ الأَشَجِّ، وأَبو إِسْحَاقَ الدَّوْسِيِّ، هو المدني مولى بني هاشم مقبول وأَبو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِي، رضي الله عنه.

الشرح:

الحديث صحيح، ولا يجوز التعذيب بالنار لا بكي ولا بغير، والحق أن يعاقب الجاني بمثل فعله قال الله عز وجل:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}

(1)

، وقال:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}

(2)

، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برض رأس اليهودي الذي رض رأس الجارية بحجر، فرض بحجر عقوبة له بمثل فعله.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

904 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

2499 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ - هُوَبْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ - عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" وُجِدَ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مَقْتُولَةٌ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ"

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، لا بأس به تقدم، وعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، هو القرشي، وعُبَيْدِاللَّهِ بْنُ عُمَرَ ابْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، ونَافِعٌ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا نهج الإسلام، فلا قتال في النساء، إلا قاتلن فيجوز قتلهن، للاعتداء منهن، أو لمناصرتهن العدو، ولا يقتل الصبيان إذا تميزوا عن البالغين، ويحرم قصدهم بالقتل، وإذا قاتل النساء والصبيان ولم يتميزوا عن البالغين فإن الحضر يسقط عن قتلهم،

(1)

من الآية (194) من سورة البقرة.

(2)

من الآية (126) من سورة النحل.

(3)

فيه محمد بن عيينة، هو الفزاري، وأخرجه البخاري حديث (3014، 3015) ومسلم حديث (1744) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1138).

ص: 428

والأصل في قتل الكفار الإباحة إلا بشرائط الحقن ومنها الإسلام، وانظر وصية أبي بكر رضي الله عنه ليزيد بن أبي سفيان وجيشه برقم 2378، الشرح.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2500 -

(2) أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ

(1)

، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ

(2)

قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَظَفِرَنا بِالْمُشْرِكِينَ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ فِي الْقَتْلِ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ ذَهَبَ بِهِمُ الْقَتْلُ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَّةَ، أَلَا لَا تُقْتَلوا ذُرِّيَّةٌ» ثَلَاثاً"

(3)

.

رجال السند:

عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، هو اليربوعي لا بأس به، وأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، هو إبراهيم بن محمد، ويُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، والْحَسَنِ، هو البصري، هم أئمة ثقات تقدموا، والأَسْوَدِ ابْنِ سَرِيعٍ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

905 -

‌ باب في حَدِّ الصَّبِيِّ مَتَى يُقْتَلُ

2501 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ

(4)

عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ:" عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ أَنْبَتَ شَّعَرَا قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ تُرِكَ، فَكُنْتُ أَنَا مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتِ الشَّعْرَ فَلَمْ يَقْتُلُونِي: يَعْنِي يَوْمَ قُرَيْظَة "

(5)

.

رجال السند: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، وعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ هم أئمة ثقات تقدموا، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، رضي الله عنه.

(1)

في بعض النسخ الخطية " الحسين " وهو تحريف.

(2)

هذا الصحابي رضي الله عنه، ليس له حديث في الصحيحين، وابن المديني لا يرى سماع الحسن منه، رغم وجود التصريح بالسماع.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (15589).

(4)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(5)

رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي حديث (1584) وقال: حسن صحيح وأبو داود حديث (4404) والنسائي حديث (3430) وابن ماجه حديث (2541، 2542) وصححه الألباني عندهم.

ص: 429

الشرح:

هذا حكم الله الخالق العليم أن الفتى إذا أنبت شعر العانة فقد وجبت في حقه جميع التكاليف الشرعية المبنية على أركان الإيمان الستة، وأركان الإسلام الخمسة، ويكون مسئولا عن كل ما يقترف من الجنايات صغيرها وكبيرها، ومعلوم أن الإنبات والاحتلام في الغالب المطلق يكون ببلوغ خمس عشرة سنة، وكذلك الفتاة تنبت وتحتلم ويحيض من سن الخامسة عشرة، وتطبق عليها جميع الأحكام الشرعية، ومن يطلق على ابن الخامسة عشرة أو بنت الخامسة عشرة أنهم أطفال فقد جانب الصواب، وابتعد عن الحق، وربما كانت هذه الدعوى معطلة لما يجب من الأحكام الشرعية ومعلوم أن الإنبات عند افتى والفتاة يكفي في القطع بالبلوغ وتحمل ما يترتب عليه من أكام شرعية، وهذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعرفة من بلغ سن التكليف ومن لم يبلغ، فحكم على من أنبت ولم يحكم على من لم ينبت، وهو قطعا دون الخامسة عشرة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

906 -

‌ بابٌ في فكاك الأسير

2502 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فُكُّوا الْعَانِيَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، ومَنْصُورٌ، وأَبو وَائِلٍ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو مُوسَى، رضي الله عنه.

الشرح:

العاني هو الأسير، وهذا اللفظ أصله الخضوع؛ لأن الأسير في محبسه يخضع، وفكاكه إما بالفدية، والتعاون في جمعها، أو بتبادل الأسرى مع العدو، وهو السائر في هذا العصر، حتى الجثث لا تعطى إلا بمصالح بين الدول، وربما تبقى الجثة مجمدة عدة سنوات.

(1)

رجاله ثقات، البخاري حديث (3046).

ص: 430

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

907 -

‌ بابٌ فِي فِدَاءِ الأُسَارَى

2503 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَادَى رَجُلاً بِرَجُلَيْنِ

(1)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، وأَبو قِلَابَةَ، وأَبو الْمُهَلَّبِ، هو ابن عم أبي قلابة، وهم أئمة ثقات، وعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

908 -

‌ باب الْغَنِيمَةِ لَا تَحِلُّ لأَحَدٍ قَبْلَنَا

2504 -

(1) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ

(2)

مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي: بُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ شَهْراً: يُرْعَبُ مِنِّي الْعَدُوُّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَقِيلَ لِي سَلْ تُعْطَهْ، فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي، وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً»

(3)

.

رجال السند:

يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، هو الشيباني، وأَبُو عَوَانَةَ، وسُلَيْمَانُ، هو ابن بلال، ومُجَاهِدٌ، وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، هو أبو عاصم المكي، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو ذَرٍّ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1641) في قصة طويلة.

(2)

في بعض النسخ الخطية " ابن " وهو خطأ.

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (21314) والمتفق عليه من حديث جابر: البخاري حديث (335، 438) ومسلم حديث (521) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 299).

ص: 431

الشرح:

قوله: «أُعْطِيتُ خَمْساً» أي خمس خصال، وليس المراد الحصر في هذا بل الخصائص كثيرة، وروي منها ستٌّ، وروي ثلاثٌ، وروي أكثر من سبع، إنما ذكر مرة ستا ومرة خمسا ومرة أربعا ومرة ثلاثا بحسب ما تدعو الحاجة إلى ذكره في كل وقت بحسبه، وهذه من خصائص رسول الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أعطاه الله عز وجل الشمول في الرسالة ودعوة الأحمر وهم العجم ذكروا بألوانهم، والأسود وهم العرب وشملت رسالته الثقلين الإنس والجن، ولم يكن هذا للرسل قبله عليهم السلام.

قوله: «وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً» وزاد في رواية عن جابر رضي الله عنه «فأيما رجل من أمتي أدركته الصَّلاة فليصل» المراد إن كان معه الماء، وإن لم يكن فالتراب طهوره يتيمم ويصلي على الأرض من غير فراش، فالأرض مسجده، ولم يكن هذا جائزا في الشرائع السابقة.

وقوله: «وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي» المراد أن الغنائم الناتجة عن جهاد الكفار هي كسب أحله الله عز وجل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، ولا ينقص أجر الجهاد بالحصول على الغائم، إلا من كان قاصدا لها وخارجا لأجلها، فهذا له ما نوى، وانظر ما تقدم برقم 2433.

قوله: «وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ شَهْراً: يُرْعَبُ مِنِّي الْعَدُوُّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» المراد أن الله عز وجل قذف الخوف في قلوب أعدائه، فهم يتناقلون خبر وبينهم وبينه مسيرة شهر.

قوله: «وَقِيلَ لِي سَلْ تُعْطَهْ» المراد قيل له ذلك في الدنيا فلم يتعجل ذلك أخبر صلى الله عليه وسلم الأمة فقال: «فَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي» هذا من رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته، وحرصه على دخولهم الجنة، ونجاتهم من النار، اللهم إنا نسألك قبول دعوته وشمولها لنا وللأمة يا ذا الجلال والإكرام، وقد بشرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم فقال والخطاب لأصحابه ولأمة المؤمنون به صلى الله عليه وسلم:«وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً» نعوذ بالله من الشرك، الله الله ربي لا أشرك به شيئا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 432

وهذه الخصال وردت من رواية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وبعضهم يذكر ما لم يذكره غيره، وهي صحاح وإن اختلفت في ذكر عدد الخصال، فيتمم بعضها بعضا، وللنسائي رحمه الله مؤلف في خائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

909 -

‌ باب قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ

2505 -

(1) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ:" قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ حُنَيْنٍ بِالْجِعْرَانَةِ "

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي الإِسْنَادِ.

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وعَاصِمُ، هو ابن بهدلة، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق بن سلمة راوية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولذلك نبه عليه الدارمي رحمه الله، حتى لا يظن أنه من قول أبي وائل، وهم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح:

هذا من باب الإخبار بأنه صلى الله عليه وسلم غنم هو وأصحابه من يوم حنين، وأن الغنائم قسمت في الجعرانة المكان المعروف اليوم قرب مكة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

910 -

‌ بابٌ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ كَيْفَ تُقَسَّمُ

2506 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، ثَنَا عُبَيْدُ

(2)

اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ

(3)

زَيْدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " شَهِدْتُ فَتْحَ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ فَوَقَعْنَا فِي رِحَالِهِمْ، فَابْتَدَرَ النَّاسُ مَا وَجَدُوا مِنْ جَزُورٍ، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ فَارَتِ الْقُدُورُ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُكْفِئَتْ

(4)

، قَالَ: ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ لِكُلِّ عَشْرَةٍ شَاةً، قَالَ:

(1)

رجاله ثقات، أصله في الصحيحين: البخاري حديث (3150) ومسلم حديث (1062).

(2)

في بعض النسخ الخطية " عبد الله " وهو تحريف.

(3)

في بعض النسخ الخطية " بن " وهو تحريف.

(4)

عقابا بسبب تعجلهم قبل القسم، وإنما أكفئ المرق، وقسم اللحم.

ص: 433

وَكَانَ بَنُو فُلَانٍ مَعَهُ تِسْعَةً، وَكُنْتُ وَحْدِي فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِمْ فَكُنَّا عَشْرَةً بَيْنَنَا شَاةٌ "

(1)

.

قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ

(2)

: " بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكُمْ يَقُولُ: عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهُ ".

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، هو أبو وهب الرقي، وزَيْدٌ، هو ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبوه، هو أبو ليلى صحابي مختلف في اسمه رضي الله عنه.

الشرح:

أمْرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور فيه تأديب وتعليم بأن الغنائم لا يؤخذ منها شيء قبل قسمتها، ولذلك أدبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور وهي تغلي بلم ما نحروا من إبل الغنيمة، قال النووي رحمه الله: إنما أموا به من إراقة القدور كان إتلافا لنفس المرق عقوبة لهم، وأما نفس اللحم فلم يتلفوه بل يُحمل على أنه جُمع ورد إلى المغنم ولا يظن أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإتلافه؛ لأنه مال للغانمين وقد نهى عن إضاعة المال، مع أن الجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، بل من جملتهم أصحاب الخمس، ومن الغانمين من لم يطبخ، فإن قيل: فلم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم، قلنا: ولم ينقل أيضا أنهم أحرقوه وأتلفوه، وإذا لم يأت فيه نقل صريح وجب تأويله على وفق القواعد الشرعية وهو ما ذكرناه، وهذا بخلاف إكفاء قدور لحم الحمر الأهلية يوم خيبر، فإنه أتلف ما فيها من لحم ومرق؛ لأنها صارت نجسة ولهذا قال النبي رضي الله عنه فيها: إنها رجس أو نجس، وأما هذه اللحوم فكانت طاهرة منتفعا بها بلا شك فلا يظن إتلافها والله أعلم

(3)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2507 -

(2) أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ -عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ،

(1)

فيه عبيد الله بن عمرو أختلف عليه.

(2)

القائل هو الدارمي، وعبد الله هذا هو شيخه عبد الله بن جعفر الرقي.

(3)

شرح النووي على مسلم (13/ 127) بتصرف.

ص: 434

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: نَحْوَهُ، قَالَ: فَالتفَتُّ إِلَيْهِمْ

(1)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَ زَكَرِيَّا فِي الإِسْنَادِ.

رجال السند:

زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، وقَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، هو الجدلي، هما إما مان ثقتان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

الشرح:

انظر السابق، ورجح أو محمد الدارمي رحمه الله هذا الإسناد على السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

911 -

‌ باب سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى

2508 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ:" كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ سَأَلْتَ عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تعالى في القرآن، وَإِنَّا كُنَّا نَرَى أَنَّ قَرَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُمْ نحن، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا "

(2)

.

رجال السند:

أَبُو النُّعْمَانِ، هو محمد بن الفضل، وجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، هو بن عبادة صحابي، ويَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ، هو الليثي مدني تابعي ثقة، روى له مسلم، ونَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ، هو الخارجي وزاد على معتقد الخوارج أنّ من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر، ولو اعتقد معتقدهم، وهو رئيس الفرقة النجدية منهم، وابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

أجاب ابن عباس عن ذلك السؤال فقال: " إنك سألت عن سهم ذي القربى الذي ذكر الله، من هم؟، وإنا كنا نُرَى أن قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم نحن " يعني بني هاشم.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أحمد حديث (19058) وانظر السابق.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1812) وهذا طرف منه.

ص: 435

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

912 -

‌ بابٌ فِي سُهْمَانِ الْخَيْلِ

2509 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ

(1)

اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْماً "

(2)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، هو الطباع، ومُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، عَنِ ابْنِ عُمَر، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أن الفارس احتبس فرسه في سبيل الله عز وجل، فأعطي ثلاثة أسهم له سهم واحد، لفرسه سهمان.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2510 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: نَحْوَهُ

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ، هما إمامان تقدما، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

913 -

‌ بابٌ فِي الَّذِي يَقْدَمُ بَعْدَ الْفَتْحِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ

؟

2511 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ ابْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" مَا شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَغْنَماً إِلاَّ قَسَمَ لِي، إِلاَّ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ لأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً ".

(1)

في بعض النسخ الخطية "عبد الله " وهو تحريف.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (4228) ومسلم حديث (1762) وعندهما:" للفرس سهمين " وليس ثلاثة، ولم أقف عليه في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان).

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 436

وَكَانَ أَبُو مُوسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَاآ بَيْنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرَ

(1)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، هما إمامان ثقتان تقدما، وعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، هو ابن جدعان، ضعفه الجمهور، وروى له مسلم مقرونا، ويقبل في المتابعات والشواهد، وعَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، هو لا بأس به تقدم، وأَبو هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

كانت خيبر مغنما وعد الله عز وجل به أهل الحديبية، من شهد منهم خيبر ومن لم يشهدها فهي خاصة لهم رضي الله عنهم، ولكن " لما أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي دعا قومه فأسلموا، وقدم معه منهم المدينة سبعون أو ثمانون أهل بيت. وفيهم أبو هريرة وعبدالله بن أزيهر الدوسي، قدموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فساروا إليه فلقوه هناك، وقسم لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنيمة خيبر، ثم قدموا معه المدينة "

(2)

، فأبو هريرة إذن أعطي من غنيمة خيبر، ولعل ذلك بعد أن قسمت الغنيمة على أهل الحديبية، رضخ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سهمه خمس الخمس، ولذلك قال قسم لهم، ولم يقل أسهم لهم والله أعلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

914 -

‌ بابٌ فِي سِهَامِ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ

2512 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا حَفْصٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ:" شَهِدْتُ خَيْبَرَ وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ، وَأَعْطَانِي سَيْفاً " فَقَالَ: «تَقَلَّدْ بِهَذَا»

(3)

.

رجال السند: إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، هو الخزاز، وحَفْصٌ، هو ابن غياث، ومُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، هم أئمة ثقات تقدموا، وعُمَيْرٌ مَوْلَى

(1)

فيه علي بن زيد بن جدعان، ضعيف، وأخرجه أحمد حديث (10912) وهذا لا يخالف قول أبي الطفيل رضي الله عنه: نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس ()، ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فأسهم لنا مع المسلمين، لاحتمال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبهم شيئا، لا يساوي ما لأهل الحديبية رضي الله عنهم.

(2)

الجوس في المنسوب إلى دوس (ص: 112).

(3)

والحديث رجاله ثقات، وأخرجه والترمذي حديث (1557) وفيه زيادة، وقال: حسن صحيح، وأبو داود حديث (2730) وصححه الألباني، وابن ماجه حديث (3855) وحسن الألباني.

ص: 437

آبِي اللَّحْمِ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: " خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ " أي: المتاع الرديء قليل الثمن، يقال: فلان يسمع خرثي الكلام، أي: يسمع ما لا خير فيه من القول.

وأعطاه ذلك؛ لأنه مملوك، وطيب خاطره بالسيف، قال الخطابي رحمه الله: ذهب أكثر الفقهاء إلى أن النساء والعبيد والصبيان لا يسهم لهم. وإنما يرضخ لهم، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يرضخ للنساء من الغنيمة، وإنما يرضخ لهن من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

915 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ

2513 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَمَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّهَامُ حَتَّى تُقْسَمَ "

(2)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، هو الطريثيثي، وأَبُو أُسَامَةَ، هو حماد بن أسامة، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، والْقَاسِمُ، هو ابن محمد، وَمَكْحُولٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو أُمَامَة، رضي الله عنه.

الشرح::

المراد أنه لا يجوز التصرف في سهام المغانم بشيء حتى تقسم، ويحوز كل سهمه، وانظر ما تقدم برقم 2506.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

916 -

‌ بابٌ فِي اسْتِبْرَاءِ الأَمَةِ:

2514 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِد، ثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ - مَوْلًى لِتُجِيبَ - قَالَ:

(1)

معالم السنن (2/ 307).

(2)

رجاله ثقات، ولا يضر عدم سماع مكحول من أبي أمامة، مع رؤيته له، لأنه مقرون بالقاسم، وانظر: القطوف رقم (918/ 2542).

ص: 438

حَدَّثَنِي حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: " غَزَوْنَا الْمَغْرِبَ وَعَلَيْنَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، فَافْتَتَحْنَا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا: جَرْبَةُ، فَقَامَ فِينَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ خَطِيباً فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُومُ فِيكُمْ إِلاَّ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحْنَاهَا " فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَأْتِيَنَّ شَيْئاً مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا»

(1)

.

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ خَالِد، هو الوهبي، هو إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، ويَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، هو إمام ثقة تقدم، وأَبو مَرْزُوقٍ مَوْلًى لِتُجِيبَ، هو ربيعة التجيبي، مقبول روى عن جماعة، وحَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ، هو ابن عبدالله أبو رشدين، ثقة روى له الستة عدا البخاري، ورُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، رضي الله عنه.

الشرح:

المراد الاستبراء من الحمل، فلا يجوز وطء الحامل، والاستبراء أن نأتيها العادة، فإذا طهرت حلت.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

917 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ وَطْءِ الْحَبَالَى

2515 -

(1) أَخْبَرَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ - أَبِي عُمَرَ الشَّامِيِّ الْهَمْدَانِيِّ - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً مُجِحَّةً - يَعْنِي: حُبْلَى - عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ "، فَقَالَ:«لَعَلَّهُ قَدْ أَلَمَّ بِهَا» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:«لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟، وَكَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟»

(2)

.

رجال السند:

أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وشُعْبَةُ، ويَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ أَبِي عُمَرَ الشَّامِيِّ الْهَمْدَانِيِّ، ثقة روى له الستة عدا البخاري، وعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، هو الحضرمي، وأَبوه، جبير ابن نفير، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه.

(1)

فيه أبو مرزوق، ضعيف، وأخرجه أبو داود حديث (2158، 2159) وحسنه الألباني.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1441).

ص: 439

الشرح:

هذا الحكم في المسبيات الحوامل، يحرم الاقتراب منهن حتى تضع ما في بطنها، حفاظا على الأنساب، فلا يستعبد الحر، ولا يحرر العبد إلا وفق ما شرع الله عز وجل؛ لأن المسبية يتبعها ولدها في الرق، فإذا أتاها سيدها وهي حامل من قبل السبي فإنه يقع الخلل في النسب لو اعتبره ابنا له.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

918 -

‌ باب النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا

2516 -

(1) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قِرَاءَةً، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ:" أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَانَ فِي جَيْشٍ فَفُرِّقَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَبَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ، فَرَآهُمْ يَبْكُونَ، فَجَعَلَ يَرُدُّ الصَّبِيَّ إِلَى أُمِّهِ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ": «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَحِبَّاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(1)

.

رجال السند:

الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ، هو صدوق تقدم، واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إمام تقدم، وعَبْدُ اللَّهِ ابْنُ جُنَادَةَ، هو المعافري مصري سكت عنه الإمامان، ووثقه الهيثمي في المجمع، وهو من أفراد الدارمي، وأَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، هو عبد الله بن يزيد المصري ثقة تقدم، وأَبو أَيُّوبَ، رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

919 -

‌ بابٌ فِي الْحَرْبِيِّ إِذَا قَدِمَ مُسْلِماً

2517 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ صَخْرِ بْنِ عَيْلَةِ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْعِيلَةِ - قَالَ: " أَخَذْتُ عَمَّةَ الْمُغِيرَةِ ابْنِ شُعْبَةَ فَقَدِمْتُ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَمَّتَهُ فَقَالَ: «يَا صَخْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ» وَكَانَ مَاءٌ لِبَنِي سُلَيْمٍ فَأَسْلَمُوا، فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ ذَلِكَ فَدَعَانِي فَقَالَ: «يَا صَخْرُ، إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِمْ» فَدَفَعْتُهُ "

(2)

.

(1)

فيه عبد الله بن جنادة لم أعرفه، وأخرجه الترمذي حديث (1283) وقال: حسن غريب.

(2)

تقدم سندا ومتنا.

ص: 440

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل بن دكين، وأَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، هما ثقتان تقدما، وعُثْمَانَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، هو حفيد صخر، مقبول، وصَخْرُ بْنُ عَيْلَةِ، رضي الله عنه.

الشرح:

أخرج أبو داود رحمه الله القصة بسند عن صخر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفا، فلما أن سمع ذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انصرف، ولم يفتح فجعل صخر يومئذ عهد الله وذمته ألا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقيفا قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وأنا مقبل إليهم وهم في خيل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة، فدعا لأحمس عشر دعوات:«اللهم بارك لأحمس، في خيلها ورجالها» وأتاه القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا نبي الله، إن صخرا أخذ عمتي، ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه، فقال:«يا صخر، إن القوم إذا أسلموا، أحرزوا دماءهم، وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته» فدفعها إليه، وسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم ماءً لبني سليم قد هربوا عن الإسلام، وتركوا ذلك الماء؟، فقال: يا نبي الله، أنزلنيه أنا وقومي، قال:«نعم» فأنزله وأسلمَ - يعني السُّلميين - فأتوا صخرا فسألوه أن يدفع إليهم الماء، فأبى، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله؟، أسلمنا وأتينا صخرا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا، فأتاه، فقال:«يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم، فادفع إلى القوم ماءهم» قال: نعم يا نبي الله، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذه الجارية، وأخذه الماء

(1)

.

قال الخطابي رحمه الله: يشبه أن يكون أمره برد الماء عليهم إنما هو على معنى استطابة النفس عنه، ولذلك كان يظهر في وجهه أثر الحياء، والأصل أن الكافر إذا هرب عن مال له فإنه يكون فيئا، فإذا صار فيئا وقد ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جعله لصخر فانه لا ينتقل عنه ملكه إليهم باسلامهم فيما بعد، ولكنه استطاب نفس صخر عنه، ثم رده عليهم تألفا لهم على الإسلام وترغيبا لهم في الدين، والله أعلم.

(1)

أبو داود حديث (3067).

ص: 441

وأما رده المرأة فقد يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضاً، كما فعل ذلك في سبي هوازن بعد أن استطاب أنفس الغانمين عنها، وقد يحتمل أن يكون ذلك الأمر فيها بخلاف ذلك؛ لأن القوم إنما نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان السبي والماء والأموال موقوفة على ما يريه الله فيهم، فرأى صلى الله عليه وسلم أن ترد المرأة وألا تسبى

(1)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

920 -

‌ بابٌ فِي أَنَّ النَّفْلَ إِلَى الإِمَامِ

2518 -

(1) أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فِيهَا ابْنُ عُمَرَ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرا، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً، وَنُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً "

(2)

.

رجال السند:

خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ومَالِكٌ، ونَافِعٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد بالنفل الزيادة على الأسهم، وهو من صلاحية الإمام ولي الأمر، ويكون النفل بعد القسمة، ومعرفة نصيب كل فرد حسب ما يستحق من الأسهم، كالفارس فإن له سهما واحدا وللفرس سهمين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2519 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ أبْنِ الصَّامِتِ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَغَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَّلَ

(3)

الرُّبُعَ،

(1)

معالم السنن (3/ 45).

(2)

رجاله ثقات، وأحرجه البخاري حديث (3134) ومسلم حديث (1749) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1142).

(3)

صفته مثلا: أن يدخل الجيش أرض العدو، فيوجه الإمام سراياه في البداة، إلى عدة جهات، ويتوجه بمن معه إلى جهة أخرى من أرض العدو، ويواعد السرايا أن تجمع به في مكان معين، وفي وقت معين، وعند ما يتم الأمر، تقدم كل سرية غنائمها، فيعزل منها الخمس، وتنفل السرية بعد الخمس ربع الباقي، ثم يجمع ما بقي بعد ذلك من كل سرية ويعاد توزيعه على كل الجيش بالتساوي، ويكرر هذا الأمر عند عودة الجيش، غير أن مقدار نفل السرية يرتفع من الربع إلى الثلث، تقديرا لصبرهم وثباتهم، وقد كلوا ونالهم الجهد من ذلك.

ص: 442

وَإِذَا أَقْبَلَ رَاجِعاً وَكَلَّ النَّاسُ نَفَّلَ الثُّلُثَ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، لا بأس به تقدم، أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، هو إبراهيم بن محمد، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، هو أبو الحارث المخزومي، هو مدني ثقة، وقيل: لا بأس به، وفيه اختلاف بين النقاد، وسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، هو الأشدق صدوق، وأَبو سَلاَّمٍ، هو ممطور، وأَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

النفل عطية من الإمام على حب ما يرى، وما يوافق مصلحة الجيش، ففي الإقبال

على العدو وهم في نشطة وحماس نفلهم القليل، وليس الربع بقليل، وإذا قفلوا راجعين وظهر عليهم التعب بعد قتال العدو والسفر زادهم في النفل إلى الثلث إكراما لهم وتطييبا لأنفسهم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

921 -

‌ بابٌ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الْخُمُسِ:

2520 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ

(2)

يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ

الْخُمُسِ "

(3)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِمٍ، هو الضحاك، وسُفْيَانَ، ويَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، ومَكْحُولٍ، وزِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ، هو التميمي الدمشقي، تابعي إمام ثقة، أنكر على الوليد بن عبد الملك تأخير

(1)

وأخرجه أحمد حديث (2852، 22726، 22762).

(2)

ليس في بعض النسخ الخطية.

(3)

رجاله ثقات، أخرجه أبو داود مختصرا حديث (2748) و وكذلك ابن ماجه حديث (2851) وصححه الألباني عندهما ..

ص: 443

صلاة الجمعة إلى العصر، فطرد من المسجد وقتل، وقيل: له صحبة، وحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

922 -

‌ باب مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ

2521 -

(1) أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَتَلَ كَافِراً فَلَهُ سَلَبُهُ» فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ

(1)

.

رجال السند:

حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

لو لم يؤذن له رضي الله عنه لما أخذ السلب؛ لأنه من الغلول، فإذا أذن الإمام جاز للمقاتل أن يأخذ سلب من قتل، سلاحه وغيره؛ لأن السلب يعم السلاح وغيره، وليس قادحا في الأجر؛ لأنه من الغنيمة وقد أباحها الله عز وجل لهذه الأمة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2522 -

(2) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ - هُوَ عُمَرُ بْنُ كَثِيرٍ - عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ:

" بَارَزْتُ رَجُلاً فَقَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَلَبَهُ "

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وابْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ هو عُمَرُ بْنُ كَثِيرٍ، هو المكي أنصاري إمام ثقة، روى له الستة، وأَبو مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2718) صححه الألباني، وفيه قصة أم سليم.

(2)

رجاله ثقات، أخرجه أحمد حديث (22527) وأصله في الصحيحين: البخاري حديث (3142) ومسلم حديث (1751) وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 299).

ص: 444

قَتَادَةَ، هو نافع بن عباس، وقيل: عياش، تابعي ثقة روى له الستة، ليس هو مولى لأبي قتادة، بل قيل له ذلك لملازمته أبا قتادة، وأَبو قَتَادَة، رضي الله عنه.

الشرح: انظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

923 -

‌ بابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الأَنْفَالِ

وَقَالَ: لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ

2523 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ

(1)

، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُ الأَنْفَالَ، وَيَقُولُ:«لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ»

(2)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، لا بأس به تقدم، أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، هو إبراهيم بن محمد، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، هو أبو الحارث المخزومي، هو مدني ثقة، وقيل: لا بأس به، وفيه اختلاف بين النقاد، وسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، هو الأشدق صدوق، وأَبو سَلاَّمٍ، هو ممطور، وأَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رضي الله عنهما.

الشرح: الأنفال ليست مكروهة إذا وجد ما يؤيدها شرعا، وقد نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه دعوة لأصحاب الأسهم أن يردوا على المسلمين الذين لم يحضروا القتال وقُسّمت الغنائم، والدعوة تشمل الرد عليهم، والأقربون أولى.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

924 -

‌ باب مَا جَاءَ أَنَّهُ قَالَ: أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمَخِيطَ

2524 -

حدثنا محمد بن عيينة، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن عبد الرحمن بن عياش، عن سليمان بن موسى، عن أبي سلام، عن أبي أمامة الباهلي، عن عبادة بن الصامت «أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمَخِيطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ

(1)

في بعض النسخ الخطية " سلامة " وهو تحريف.

(2)

تقدم وليس في بعض النسخ الخطية.

ص: 445

الْقِيَامَةِ»

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، لا بأس به تقدم، أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، هو إبراهيم بن محمد، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، هو أبو الحارث المخزومي، هو مدني ثقة، وقيل: لا بأس به، وفيه اختلاف بين النقاد، وسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، هو الأشدق صدوق، وأَبو سَلاَّمٍ، هو ممطور، وأَبو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد أنه يحرم إخفاء شيء من الغنائم، ولو كان خيطا أو مخيطا، ويلزم دفعه للإمام حتى يقسم المغنم بين أفراد الجيش.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

925 -

‌ باب النَّهْيِ عَنْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ مِنَ الْمَغْنَمِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ مِنْهُ

2525 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ - مَوْلًى لِتُجِيبَ - قَالَ: حَدَّثَنِي حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: " غَزَوْنَا الْمَغْرِبَ وَعَلَيْنَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، فَافْتَتَحْنَا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا: جَرْبَةُ، فَقَامَ فِينَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ خَطِيباً فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُومُ فِيكُمْ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَامَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحْنَاهَا ": «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَجْحَفَهَا» أَوْ قَالَ: «أَعْجَفَهَا» «رَدَّهَا، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلَا يَلْبَسْ ثَوْباً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ»

(2)

.

قالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَنَا أَشُكُّ فِيهِ.

رجال السند: أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، هو الوهبي إمام ثقة تقدم، ومُحَمَّدٌ، هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ، صدوق تقدم، وتقدم الباقون آنفا.

(1)

هو طرف من السابق، وتقدم، وفي بعض النسخ الخطية قال:" وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ " والمراد سند الحديث رقم 2506.

(2)

فيه أبو مرزوق، ضعيف، وتقم.

ص: 446

الشرح:

شك الدارمي رحمه الله في لفظ " أجحفها أو أعجفها " والصواب " أعجفها " والمراد منع استخدام شيء من دواب الغنيمة حتى تقسم، وربما أن ذلك بعد القسمة، فتخرج الدابة من نصيب الرجل فيركبها حتى تضعف، وتكون هزيلة ثم يردها.

وانظر ما تقدم برقم 2512، وقوله:" جربة " هي من مدن تونس اليوم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

926 -

‌ باب مَا جَاءَ فِي الْغُلُولِ مِنَ الشِّدَّةِ

2526 -

(1) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: " قُتِلَ نَفَرٌ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى ذَكَرُوا رَجُلاً فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَلاَّ إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ، فِي عَبَاءَةٍ أَوْ بُرْدَةٍ غَلَّهَا» قَالَ لِي: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، قُمْ نَادِ فِي النَّاسِ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ» فَقُمْتُ فَنَادَيْتُ فِي النَّاسِ "

(1)

.

رجال السند:

أَبُو الْوَلِيدِ، هو الطيالسي، وعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّار، هو تابعي لا بأس به، وأَبُو زُمَيْلٍ، هو سماك بن الوليد الحنفي، لا بأس به روى له الستة عدا البخاري، وابْنُ عَبَّاسٍ، وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

هذا وعيد شديد على من اختلس من الغنيمة شيئا؛ لأنها حق لجميع الجيش، ولذلك دخل الرجل النار في عباءة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

927 -

‌ بابٌ فِي عُقُوبَةِ الْغَالِّ

2527 -

(1) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(1)

سنده حسن، وأخرجه مسلم حديث (114) وطرف منه عند البخاري من حديث عبد الله بن عمرو، حديث (3074).

ص: 447

«مَنْ وَجَدْتُمُوهُ غَلَّ فَاضْرِبُوهُ وَاحْرِقُوا مَتَاعَهُ»

(1)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، هو إمام تقدم، عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، هو الدراوردي صدوق تقدم، وصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، هو الليثي ضعفه الجمهور وقال أحمد: ما رأينا به باسا تقدم، وسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، إمام ثقة تقدم، وأَبوه، عبد الله بن عمر، وجَدُّهُ، عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

الشرح:

هذه عقوبة من انكشف أمره في الدنيا، ومن لم ينكشف أمر فعقوبته النار في الآخرة، وانظر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

928 -

‌ بابٌ فِي الْغَالِّ إِذَا جَاءَ بِمَا غَلَّ بِهِ

2528 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُكْتِبُ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نَهْبَ، وَلَا إِغْلَالَ، وَلَا إِسْلَالَ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

(2)

.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الإِسْلَالُ: السَّرِقَةُ.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُكْتِبُ، هو ثقة من شيوخ الدارمي، روى له النسائي، والْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، هو أبو جعفر المزني، كوفي صدوق روى له الستة عدا أبي داود، وكَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، ضعفه الجمهور، وأَبوه، عبد الله بن عمرو، مقبول لم يرو عنه سوى ابنه كثير، وجَدُّهُ، عمرو بن عوف بن يزيد، لم أقف على ترجمته، ولعله يماني حليف لبني عامر بن لؤي، أسلم قديما وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه.

(1)

فيه صالح بن محمد بن زائدة، ضعيف، وأخرجه أبو داود حديث (2713) وضعفه الألباني، والترمذي حديث (1461) وقال: غريب.

(2)

فيه كثير بن عبد الله المزني، ضعيف، وانظر: القطوف رقم (919/ 2557).

ص: 448

الشرح:

هذا في سياق ما تقدم من الوعيد على الاغلال في الغنائم، سواء كان نهبة ينتهبها، أو إسلالا: أي: سرقة، والغال متوعد بالنار والفضح على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

929 -

‌ باب لَا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ

2529 -

(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ لَهِيعَةَ ثَنَا عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ شِيَيْمِ بْنِ بَيْتَانَ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ:" لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ ابْنَ أَرْطَاةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ» لَقَطَعْتُهَا "

(1)

.

رجال السند:

بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، صدوق تقدم، وعَيَّاشُ ابْنُ عَبَّاسٍ، هو القتباني مصري ثقة، روى له الستة عدا البخاري، وشِيَيْمُ بْنُ بَيْتَانَ، هو القتباني مصري تابعي ثقة، وجُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، هو الأزدي الدوسي رضي الله عنه، وقد وقع خلط في بعض المصادر بتعدد الترجمة الواحدة بجعلها تراجم لأشخاص عدة مثل: جنادة الأزدي، جنادة الزهراني، جنادة الدوسي، جنادة بن أبي أمية، جنادة بن كبير، جنادة ابن مالك، وهذا في الحقيقة شخص واحد، هو صاحبنا هذا، وأيضا الصحيح أنه صحابي ابن صحابي، رضي الله عنهما، وهو جنادة بن أبي أمية: كبير أو مالك، أبو أمية الدوسي الزهراني، الأزدي، كان من صغار الصحابة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وعن الصحابة، ولأبيه صحبة، وكان من كبار الغزاة في العصر الأموي، شهد فتح مصر، وولي البحر لمعاوية رضي الله عنه على غزو الروم في الصوائف، وفي الشتاء، فتحت رودس في خلافة معاوية على يده، وهو ثقة روى له الستة،

(2)

.

الشرح:

ثبت أن جنادة صحابي رضي الله عنه، وكان قائدا في الغزو، واستشهد بما سمع من بسر بن أرطاة في عدم قطع اليد في الغزو، وابْنُ أَرْطَاةَ، هو بسر ابن أرطاة، بعض النقاد

(1)

فيه ابن لهيعة وقد توبع، وبسر بن أرطاة له صحبة، وكان هواه مع معاوية، وأخرجه الترمذي حديث (1450) وقال: غريب، وأبو داود (4408) وصححه الألباني.

(2)

الجوس في المنسوب إلى دوس (ص: 60).

ص: 449

صحح صحبته، والبعض سكك فيها، وقلوا: لم تكن له استقامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ساء فعله في قتال الحرة.

الشرح:

المراد لا يقطع من سرق من الغنيمة، وفي التعليل غير هذا، وأنا إلى هذا أميل؛ لأن له سهم في الغنيمة فإذا سرق منها فيدرأ عنه القطع لذلك.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

930 -

‌ بابٌ فِي الْعَامِلِ إِذَا أَصَابَ فِي عَمَلِهِ شَيْئاً

2530 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، ثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ عَامِلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الَّذِي لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَهَلاَّ قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لَا» ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ: فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَهَلاَّ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَغُلُّ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيراً جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعِرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ» .

قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ ".

قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: " وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِي مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَسَلُوهُ "

(1)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وشُعَيْبٌ، هو ابن أبي حمزة، والزُّهْرِيُّ، وعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم.

ص: 450

الشرح:

هذا التنبيه لكل من يُستعمَل من قبل ولي الأمر أن يكون أمينا نزيها مخلصا في عمله لله عز وجل أولا ثم لولي الأمر الذي استعمله، وأن يكون بعيدا عن الشبهات، لأن الصحابي الذي استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم حصل اشتباه في أن يكون غل شيئا من المال العام، ويحتمل أن أهدي له، وهو الراجح عندي، ولم يكن ابن اللتبية الأزدي رضي الله عنه يعلم بأن العامل ليس له أن يقبل الهدية وهو عامل؛ لأن المهدي قدم له الهدية لكونه عاملا ويرجو من وراء ذلك شيئا ما، وربما أراد تكريمه، ولكن الشبهة قائمة ولذلك أنكر قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو لم يكن عاملا ما أهدي له، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرض، وفي هذا العصر قام ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود بحملة قوية حدا للقضاء على الفساد واستغلال المناصب والعلاقات لنهب المال العام، اللهم ول علينا من يخافك فينا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

931 -

‌ بابٌ فِي قَبُولِ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ

2531 (1) أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:" أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنٍ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً أَخَذَهَا بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيراً، أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ نَاقَةً فَقَبِلَهَا ".

رجال السند:

عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وعُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، هو بصري لا بأس به، ثَابِتٍ، هو البناني، وهما إما مان ثقتان تقدما، وأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

الصحيح جواز قبول هدايا المشركين؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهدية من ذي يزن، وأهدى له المقوقس بغلة وجارية فقبلها، والجارية هي مارية أم إبراهيم عليه السلام، والحديث فيه عمارة بن زاذان البصري له مناكير، وتفرد بهذا، وأخرجه أبو داود حديث (4034) وضعفه الألباني.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

ص: 451

2532 -

(2) أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ

(1)

، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ:" بَعَثَ صَاحِبُ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكِتَابٍ وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْدَى لَهُ بُرْداً "

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، هو العنبي، وسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وعَمْرُو بْنُ يَحْيَى، هو المازني، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ، رضي الله عنه.

الشرح: هذا في سياق ما سبق وانزر السابق.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

932 -

‌ بابٌ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ

2533 -

(1) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ

(3)

، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ»

(4)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، ووَكِيعٌ، هو ابن الجراح، ومَالِكُ ابْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ، هو الأسلمي إمام ثقة، إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هو ابن راهويه، ووَكِيعٌ، هو ابن الجراح، ومَالِكُ ابْنُ أَنَسٍ، هو الإمام، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ، هو الأسلمي إمام ثقة، لم يسمع منه مالك انظر الوسطة بينهما في التالي، وعُرْوَةُ،

(1)

في بعض النسخ الخطية " سلمة " وهو تحريف.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3161) ومسلم حديث (1392) وهذا طرف منه، وانطر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1469).

(3)

في بعض النسخ الخطية " دينار " وهو خطأ.

(4)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1817) وهذا طرف منه.

ص: 452

وهم أئمة ثقات تقدموا، عَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

قال ابن بطل رحمه الله: قد يكون خاصا في ذلك الوقت؛ لأنه قد استعان بصفوان بن أمية في هوازن، واستعار منه مائة درع، وخرج معه صفوان بن أمية حتى قالت له هوازن:" تقاتل مع محمد ولست على دينه؟ " فقال: " رب من قريش خير من رب من هوازن " وقد غدا معه المنافقون وهو يعلم نفاقهم وكفرهم

(1)

، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي، وكل هذا وغير يؤيد الاستعانة بغير المسلم عند الضرورة إذا لم يكن محاربا للمسلمين.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

2534 -

(2) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ رَوْحٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ فُضَيْلٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -، هُوَ الْخَطْمِي

(2)

، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَطْوَلُ مِنْهُ

(3)

.

رجال السند:

إِسْحَاقُ إمام تقدم آنفا، ورَوْحٍ، هو ابن القاسم أبو غياث العنبري التميمي من أهل البصرة، إمام حافظ متقن، مَالِكٌ، هو الإمام، وفُضَيْلٌ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَطْمِي، ثقة ليس له عند الدارمي إلا هذا، روى له مسلم، وتقدم الباقون آنفا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

933 -

‌ باب إِخْرَاجِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ

2535 -

(1) أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ - حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ: كَانَ فِي آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَخْرِجُوا يَهُودَ الْحِجَازِ، وَأَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ

(1)

شرح صحيح البخاري لابن بطال (5/ 222).

(2)

نسبة إلى خطمة بن جشم، بطن من الأنصار.

(3)

رجاله ثقات، وانظر السابق.

ص: 453

الْعَرَبِ»

(1)

.

رجال لسند:

عَفَّانُ، هو ابن مسلم، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ

(2)

الْقَطَّانُ، هما إمامان ثقتان تقدما، وإِبْرَاهِيمُ ابْنُ مَيْمُونٍ، هو الخياط كوفي ثقة، وسَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، مسكوت عنه وتفرد بالرواية عنه الدارمي، ووثقه ابن جبان، أَبوه سَمُرَة، وعُبَيْدَةُ بْنُ الْجَرَّاحِ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قال ابن الملقن رحمه الله: " لم يتفرغ أبو بكر لذلك، فأجلاهم عمر، قيل: كانوا زهاء أربعين ألفا، ولم ينقل أن أحدًا من الخلفاء أجلاهم من اليمن، مع أنها من الجزيرة، وإنما أخرج أهل نجران من الجزيرة، وإن لم يكن من الحجاز؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صالحهم على ألا يأكلوا الربا فأكلوه، وعن الأصمعي: هي الطول من أقصى عدن إلى ريف العراق، وأطراف الشام طولاً، وعرضًا من جدة وما والاها إلى ساحل البحر

(3)

، والمراد بالبحر الخليج العربي شرقا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

934 -

‌ بابٌ فِي الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ

2536 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو ثَعْلَبَةَ قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كُنْتَ بِأَرْضٍ كَمَا ذَكَرْتَ فَلَا تَأْكُلْ فِي آنِيَتِهِمْ، إِلاَّ أَنْ لَا تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا، ثُمَّ كُلُوا

(1)

فيه سعد بن سمرة ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرجه أحمد حديث (1691، 1694، 1699) وأصله في الصحيحين: البخاري من حديث ابن عباس حديث (3053، 3168، 4431) ومسلم من حديث عمر حديث (1767) وانطر: (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1059).

(2)

في بعض النسخ الخطية " سعد " وهو تحريف.

(3)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (18/ 286) بتصرف.

ص: 454

فِيهَا»

(1)

.

رجال السند:

أَبُو عَاصِم، هو الضحاك، وحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، ورَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، هو الإيادي وأَبُو إِدْرِيسَ، هو الخولاني، هم أئمة ثقات تقدموا، وأَبُو ثَعْلَبَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: " هذا إنما جاء في أواني المجوس، ومن يذهب مذهبهم في مسَّ بعض النجاسات، واستعماله في طُهورهم كأبوال البقر ونحوها، وكذلك فيمن يعتاد أكل لحوم الخنازير، فإنه لا تستعمل أوانيهم إلا بعد إعواز غيرها، وعند الضرورة المؤدية إليها، وبعد الغُسل والتنظيف لها.

فأما من كان مذهبه توقى النجاسات والتنزه منها، فإن أصل آنيتهم وثيابهم على الطهارة حتى يظهر خلافها "

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

935 -

‌ بابٌ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ الْغَنِيمَةُ

2537 (1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ هُوَابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: " دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَالْتَزَمْتُهُ، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: لَا أُعْطِي مِنْ هَذَا أَحَداً الْيَوْمَ شَيْئاً، قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَسِمُ

إِلَيّ "

(3)

.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ حُمَيْدٌ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، هما إمامان ثقتان تقدما، وحُمَيْدٌ، هو ابن هلال العدوي تابعي إمام فقيه ثقة، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، رضي الله عنه.

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (5496) ومسلم حديث (1930) وانظر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1259).

(2)

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)(3/ 2070).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم وهذا لفظه حديث (1772) والبخاري حديث (3153) وانطر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1161).

ص: 455

الشرح:

في رواية عند أبي داود الطيالسي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هو لك"، وكأنه عرف شدة حاجته إليه، فسوَّغ له الاستئثار به

(1)

.

قال السهارنفوري رحمه الله: أجمع العلماء على جواز أكل طعام الحربيين، ما دام المسلمون في دار الحرب على قدر حاجتهم، ولم يشترط أحد من العلماء استئذان الإِمام إلا الزهري، وجمهورهم على أنه لا يجوز أن يخرج معه منه شيئًا إلى عمارة دار الإِسلام، فإن أخرجه لزمه رده إلى المغنم، ولا يجوز بيع شيء منه في دار الحرب، ويجوز أن يركب دوابهم، ويلبس ثيابهم، ويستعمل سلاحهم في حال الحرب بغير الاستئذان، وشرطه الأوزاعي، وفيه دليل على جواز أكل شحوم ذبائح اليهود وإن كانت محرمة عليهم

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

936 -

‌ بابٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ

2538 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو عَنْ بَجَالَةَ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " لَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ "

(3)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، هو الفريابي، وابْنُ عُيَيْنَةَ، هو سفيان، وعَمْرُو، هو ابن دينار وبَجَالَةَ، هو ابن عبدة التميمي، تابعي ثقة، وهم أئمة ثقات تقدموا.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: فيه دليل على أن رأي الصحابة رضي الله عنهم أنه لا تقبل الجزية من كل مشرك، كما ذهب إليه الأوزاعي، وإنما تقبل من أهل الكتاب، واختلف العلماء في المعنى الذي من أجله أخذت منهم الجزية فذهب بعضهم إلى أنها إنما قبلت منهم؛

(1)

فتح الباري (6/ 257)

(2)

بذل المجهود في حل سنن أبي داود (9/ 358).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (3156).

ص: 456

لأنهم من أهل الكتاب، وقال أكثر أهل العلم انهم ليسوا من أهل الكتاب، وإنما أخذت الجزية من اليهود والنصارى بنص الكتاب قال الله عز وجل:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}

(1)

.

ومن المجوس بنص السنة شهادة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخذها من مجوس هجر.

واتفق عامة أهل العلم على تحريم نكاح نسائهم وذبائحهم

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

937 -

‌ باب يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ

2539 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تُحَدِّثُ:" أَنَّهَا ذَهَبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً أَجَرْتُهُ: فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»

(3)

.

رجال السند:

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ومَالِكٌ، هما إما مان ثقتان تقدما، وأَبِي النَّضْرِ، هو سالم ابن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بم معمر، وثقه العجلي وقال: رجل صالح، وأَبو مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، هو شيخ ثقة قليل الحديث تقدم، أَخْبَرَهُ، وأُمُّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنها.

الشرح: هذا يندرج تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته عام الفتح: «يجير على المسلمين أدناهم، ويرد على المسلمين أقصاهم»

(4)

، فتدخل المرأة والعبد، فهم

(1)

الآية (29) من سورة التوبة.

(2)

معالم السنن (3/ 39).

(3)

رجاله ثقات، وهو متفق عليه، تقدم.

(4)

أحمد حديث (7012).

ص: 457

من المسلمين حتى الصبي إذا عقل الإسلام؛ لأنه يصح منه التطوع، وإذا قاتل فله سهم في الغنيمة، والأمان مما اختص به من له حرمة الإسلام، فجعل لأدناهم كما جعل لأعلاهم، على أن الصبى والعبد أحسن حالا من المرأة؛ لأنها ليست من جيش من يقاتل

(1)

، فلا يخفر لهم أمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف، ولا عدل» .

وهذا اللعن وسائر لعن المسلمين إنما هو متوجه إلى الإغلاظ والترهيب لهم عن المعاصي، والإبعاد لهم من قبل مواقعتها، فإذا وقعوا فيها دعي لهم بالتوبة، يبين هذا قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل منه صرف ولا عدل» يعنى: في هذه الجناية أي: لا كفارة لها؛ لأنه لم يشرع فيها كفارة، فهي إلى أمر الله إن شاء عذب فيها، وإن شاء غفرها، وهذا على مذهب أهل السنة في الوعيد

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

938 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الرُّسُلِ

2440 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مُعَيْزٍ السَّعْدِيِّ قَالَ:" خَرَجْتُ أُسْفِرُ فَرَساً لِي مِنَ السَّحَرِ، فَمَرَرْتُ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ، فَسَمِعْتُهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الشُّرَطَ فَأَخَذُوهُمْ، فَجِيءَ بِهِمْ إِلَيْهِ، فَتَابَ الْقَوْمُ وَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، وَقَدَّمَ رَجُلاً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُوَاحَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَقَالُوا لَهُ: تَرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَتَلْتَ هَذَا؟! فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِساً إِذْ دَخَلَ هَذَا وَرَجُلٌ: وَافِدَيْنِ مِنْ عِنْدِ مُسَيْلَمَةَ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْهَدَانِ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ؟» فَقَالَا لَهُ: تَشْهَدُ أَنْتَ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ؟، فَقَالَ: «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، لَوْ كُنْتُ قَاتِلاً وَفْداً لَقَتَلْتُكُمَا» فَلِذَلِكَ قَتَلْتُهُ، وَأَمَرَ بِمَسْجِدِهِمْ فَهُدِمَ "

(3)

.

(1)

شرح صحيح البخاري لابن بطال (5/ 351) بتصرف.

(2)

شرح صحيح البخاري لابن بطال (5/ 351) بتصرف.

(3)

في سنده عبد الله بن معيز، مسكوت عنه، وقد صح الحديث، وأخرجه أبو داود بقصة ابن النواحة حديث (2762) وصححه الألباني ..

ص: 458

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، هو الأشج، وأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، هو المقرئ، عَاصِمٍ، هو ابن سليمان الأحول، وأَبو وَائِلٍ، هو شقيق، وابْنِ مُعَيْزٍ السَّعْدِيِّ، هو عبد الله لم يجرح ولم يوثق مسكوت عنه، وصح الحدي من رواية أبي وائل عن ابن مسعود بغير ابْنِ مُعَيْزٍ السَّعْدِيِّ.

الشرح:

قوله: " أسفِرُ " السفير: رعي الدابة من أسافل الشجر، وما سقط منه من ورق، وقد جاء في بعض النسخ (أسفد) وهو إنزاء الحصان على الفرس، وتؤيده رواية ابن أبي شيبة (خرج رجل يطرق فرسا له).

وفيه دليل على أن الرُّسل بين الأخصام يُؤَمنون على كل حال، ويحرم الاعتداء عليهم، سواء نَقَلوا سلما أو حربا.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

939 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ:

2541 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ الْغَطَفَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً فِي غَيْرِ كُنْهِهِ

(1)

، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُاللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، هو المقرئ، وعُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ الْغَطَفَانِيُّ، صدوق روى له الأربعة، وأَبوه، عبد الرحمن بن جوشن، هو بصري تابعي ثقة، روى له الأربعة، وأَبو بَكْرَةَ، رضي الله عنه.

الشرح:

قوله: «فِي غَيْرِ كُنْهِهِ» المراد في غير ما يجيز قتله، وهو متوعد بعدم دخول الجنة، وهذا وعيد شديد، حتى يحتر العهد الذي أعطي المعاهد، وصار في ذمة الإسلام.

(1)

أي ما يجوز به قتله.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود حديث (2760) والنسائي حديث (4747) وصححه الألباني عندهما.

ص: 459

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

940 -

‌ باب إِذَا أَحْرَزَ الْعَدُوُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ

2542 -

(1) أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: " كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ، فَأُسِرَ وَأُخِذَتِ الْعَضْبَاءُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي وَثَاقٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عَلَى مَا تَأْخُذُونِي وَتَأْخُذُونَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ وَقَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَأْخُذُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ» وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذِهِ حَاجَتُكَ» ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ فُدِيَ بِرَجُلَيْنِ، فَحَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَضْبَاءَ لِرَحْلِهِ، وقال غيره: برجله - وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ الْحَاجِّ - ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَذَهَبُوا بِهِ فِيهَا الْعَضْبَاءُ، وَأَسَرُوا امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ ذَكَرَ كَلِمَةً - إِبِلُهُمْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَامَتِ الْمَرْأَةُ وَقَدْ نُوِّمُوا، فَجَعَلَتْ لَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى بَعِيرٍ إِلاَّ رَغَا حَتَّى أَتَتِ الْعَضْبَاءَ، فَأَتَتْ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلُولٍ مُجَرَّسَةٍ

(1)

، فَرَكِبَتْهَا ثُمَّ تَوَجَّهَتْ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَنَذَرَتْ لَئِنِ اللَّهُ نَجَّاهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَتْ عُرِفَتِ النَّاقَةُ فَقِيلَ: نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَتِ الْمَرْأَةُ بِنَذْرِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بِئْسَمَا جَزَيْتِهَا، إِنِ اللَّهُ نَجَّاهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»

(2)

.

رجال السند:

أَبُو نُعَيْمٍ، هو الفضل، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، هو السختياني، وأَبو قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، رضي الله عنه.

الشرح: فيه دليل على أن المرأة لم تملك الناقة، وإنما ارتحلتها حتى وصلت المدينة عند مالكها، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نذرت المرأة أمرا لا تملك التصرف فيه، فلا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك.

(1)

مدربة ومروضة.

(2)

رجاله ثقات، وأخرجه مسلم حديث (1641) وتقدم.

ص: 460

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

941 -

‌ بابٌ فِي الْوَفَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْعَهْدِ

2543 -

(1) أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كُنْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى بِأَرْبَعٍ حَتَّى صَهَلَ صَوْتُهُ، أَلَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَلَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ فَإِنَّ أَجَلَهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتِ الأَرْبَعَةُ فَإِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ"

(1)

.

رجال السند:

بِشْرُ بْنُ ثَابِتٍ، هو البزار لا بأس به تقدم، وشُعْبَةُ، والْمُغِيرَةُ، هو ابن مقسم أبو هشام الضبي إمام ثقة كثير الحديث، والشَّعْبِيُّ، ومُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، هو أبو مسلم الدوسي الزهراني، لم نقف على جرحه ووثقه ابن حبان، وأَبوه، رضي الله عنه.

الشرح:

هذه الشروط بعض ما أعلن للناس في عرفات، لاستبعاد ما كان عليه الجاهليون، وبيان أن الجنة لا يدخلها إلا من آمن بالله عز وجل وبرسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وليست لغيرهم بعد هذا الإعلان، فلا ملة إلا ملة الإسلام، لا يهودية ولا نصرانية ولا غيرها، ولا يحج بعد هذا لإعلان إلا مسلم إلى يوم القيامة، وأنهى الإعلان اعتقاد المشركين في خلع لباسهم والطواف عراه يزعمون التجرد لله كما خلقوا، فأصبح الطواف في إزار ورداء عبادة خالصة لله عز وجل، وأعلن الوفاء بالعهد، وأمهل كل من له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ينتهي بنهاية أربعة أشهر من بدء الإعلان، وبعد تمام الأربعة أشهر، تكون البراءة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم من كل عهده.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

942 -

‌ بابٌ فِي صُلْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ

2544 -

(1) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ أَنْ يَدْخُلَ

(1)

فيه محرر، مقبول، والحديث صحيح تقدم.

ص: 461

مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئاً، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ:«أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» .

فَقَالَ لِعَلِيٍّ: «امْحُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» . فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمْحُوهُ أَبَداً، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ فَكَتَبَ مَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلاَّ السَّيْفَ فِي الْقِرَابِ، وَأَنْ لَا يُخْرِجَ مِنْ أَهْلِهَا أَحَداً أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَلَا يَمْنَعَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا» فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا:

قُلْ لِصَاحِبِكَ فَلْيَخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ "

(1)

.

رجال السند:

مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وإِسْرَائِيلُ، هو حفيد أبي إسحاق، وأَبُو إِسْحَاقَ، هو السبيعي، هم أئمة ثقات تقدموا، والْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رضي الله عنه.

الشرح:

هذا عهد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، نتج عنه بعد حوار إعطاء ثلاثة أيام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، يخرجون بعدها من مكة، واشتدت الشروط للمشركين، فلا يدخلون مكة بسلاح سوى السيف المغمد، ومن أراد من أهل مكة اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يسمح له بالخروج، ويرد إلى قريش ولو أسلم، ولا يمنع أحدا من أصحابه رضي الله عنهم إذا رغب في البقاء بمكة، وفى المشركون بالعهد، فلما تمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام بمكة أخبروا عليا رضي الله عنه بنهاية العهد، وطلبوا مغادرة مكة، فكانت الشروط في ظاهرها في صالح المشركين، وقاسية على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، لكن الطاعة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ألزمت الصحابة رضي الله عنهم بالقبول.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

943 -

‌ بابٌ [فِي عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ يَفِرُّونَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2699) ومسلم حديث (1783) وانطر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1167).

ص: 462

2545 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

" خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَانِ مِنَ الطَّائِفِ فَأَعْتَقَهُمَا، أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرَةَ "]

(1)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وأَبُو خَالِدٍ، هو سليمان بن حيان الأحمر، والْحَجَّاجِ، هو ابن أرطاة صدوق في غير التدليس والإرسال تقدم، والْحَكَمُ، هو ابن عتيبة، ومِقْسَمٌ، هو ابن بجرو صدوق يرسل تقدم، وهم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

المراد خرجا في سهمه من الغنيمة، فأعتقهما؛ لعل ذلك بسبب أنهما من عبيد قوم مرضعته حليمة السعدية، والله أعلم.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

944 -

‌ باب نُزُولِ أَهْلِ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ

2546 -

(1) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: " رُمِىَ يَوْمَ الأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ

(2)

، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ فَنَزَفَهُ

(3)

، فَحَسَمَهُ أُخْرَى فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَحَكَمَ أَنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُمْ وَيُسْتَحْيَي نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ يَسْتَعِينُ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ» وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ قَتْلِهِمُ انْفَتَقَ عِرْقُهُ فَمَاتَ "

(4)

.

(1)

فيه حجاج بن أرطاة، ضعيف، وأخرجه أحمد حديث (2176). وما بين المعقوفين ليس في (ر).

(2)

عرق يسمى الأكحل، وقيل الأبجل للفرس والبعير، والأكحل للإنسان، وهو في اليد، والنَّساء عرق في الرجل، والأبهر في الظهر، والأخدع في العنق.

(3)

سال دمه حتى أضعفه.

(4)

رجاله ثقات، وأخرج مسلم طرفا منه حديث (2208).

ص: 463

رجال السند:

أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ولَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وأَبو الزُّبَيْرِ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّه، رضي الله عنهما.

الشرح:

سعد بن معاذ رضي الله عنه هو أبو عمرو وفقه الله عز وجل للحكم في بني قريظة، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ» فلما نفذ الحكم في بني قريظة دعا الله سعد فقال: "اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك، قالت فانفجر كَلْمُه، بسبب الإصابة يوم الأحزاب فمات رضي الله عنه.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

945 -

‌ باب إِخْرَاجِ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ

2547 -

(1) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابَنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيَّ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَاقِفاً بِالْحَزْوَرَةِ

(1)

يَقُولُ ": «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّى أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»

(2)

.

رجال السند:

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هو صدوق تقدم، واللَّيْثُ، وعُقَيْلٌ، هو ابن خالد صاحب الزهري ثقة، وابَنُ شِهَابٍ، وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهم أئمة ثقات تقدموا، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيَّ، رضي الله عنه.

الشرح:

مكة فيها بيت الله العتيق وهي حرم، والصلاة فيه بمائة ألف صلاة، وتضاعف صلاة الجماعة، والمدينة الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، وتضاعف صلاة الجماعة، واختلف العلماء رحمهم الله في أيهما أفضل مكة أو المدينة، وقد قيل: مكة

(1)

بمكة وكان سوقا فيها.

(2)

فيه عبد الله بن صالح، كاتب الليث وهو حسن الحديث، وأخرجه الترمذي حديث (3925) وقال: حسن صحيح غريب، وابن ماجه حديث (3108) وصححه الألباني.

ص: 464

أفضل لوجود البيت الحرام، ومضاعفة الصلاة إلى مائة ألف، وهي للسكنى والعبادة أفضل، والمدينة أفضل بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لطلب الوفاة فيها أفضل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا، أو شهيدا يوم القيامة»

(1)

، وقال صلى الله عليه وسلم:«من استطاع منكم أن يموت بالمدينة، فليمت بالمدينة، فإني أشفع لمن مات بها»

(2)

.

فتبين أن فضل مكة وفضل المدينة بينهما عموم وخصوص، فلمكة فضلها على المدينة من وجه، وللمدينة فضلها من وجه آخر، والحمد لله الذي أكرم ساكنيهما بما في سكناهما من الأجر.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

946 -

‌ بابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ

2548 -

(1) أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا»

(3)

.

رجال السند:

سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، هو الحرشي، وشُعْبَةُ، وسُلَيْمَانُ، هو ابن بلال، ومُجَاهِدٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وعَائِشَةُ، رضي الله عنها.

الشرح:

سب الأموات حرام، فقد لحقوا بالرفيق الأعلى، وهو أعلم بما آلوا إليه، ويدعى لهم بالعفو والمغفرة، ومن سبهم فإنه يخسر من حسناته، وهو أحوج ما يكون إليها.

(1)

مسلم حديث (1363).

(2)

ابن حبان حديث (4731).

(3)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (1393).

ص: 465

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

947 -

‌ باب لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ

2549 -

(1) أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ

وَنِيَّةٌ»

(1)

.

رجال السند: عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُوسَى، إِسْرَائِيلُ، ومَنْصُورٌ، ومُجَاهِدٌ، وطَاوُسٌ، هم أئمة ثقات تقدموا، وابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

الشرح:

قال الخطابي رحمه الله: كانت الهجرة على معنيين:

أحدهما: أن الآحاد من القبائل كانوا إذا أسلموا، وأقاموا في ديارهم بين ظهراني قومهم فتنوا وأوذوا، فأمروا بالهجرة ليسلم لهم دينهم، ويزول الأذى عنهم.

والمعنى الآخر: أن أهل الدِّين بالمدينة كانوا في قلة من العدد، وضعف من القوة، فكان الواجب على من أسلم من الأعراب، وأهل القرى أن يهاجروا، فيكونوا بحضرة الرسول

(2)

.

وقال ابن عبد البر رحمه الله: وقد قيل إنه لم تكن هجرة مفترضة بالجملة على أحد إلا على أهل مكة فإن الله عز وجل افترض عليهم الهجرة إلى نبيهم حتى فتح عليه مكة فقال حينئذ لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فمضت الهجرة على أهل مكة من كان مهاجرا لم يجز له الرجوع إلى مكة واستيطانها وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بل افترض عليهم المقام معه فلما مات صلى الله عليه وسلم افترقوا في البلدان وقد كانوا يعدون من الكبائر أن يرجع أعرابيا بعد هجرته، ولكن لا هجرة بعد الفتح، أي: لا هجرة مبتدأة يهجر بها المرء وطنه هجرانا لا ينصرف إليه، ومن أهل مكة قريش خاصة بعد

(1)

رجاله ثقات، وأخرجه البخاري حديث (2783) ومسلم حديث (1353) وانطر:(اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان حديث 1219) وزاد في بعض النسخ الخطية: وإذا استنفرتم فانفروا.

(2)

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)(2/ 1354).

ص: 466

الفتح

(1)

، وخرج فديك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر هلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فديك أقم الصلاة وآت الزكاة واهجر السوء واسكن من أرض قومك حيث شئت تكن مهاجرا، ضعفه الألباني رحمه الله، ولكن معناه صحيح، ولذلك قال الحكم بن عتيبة رحمه الله: أفضل الجهاد والهجرة كلمة عدل عند إمام جائر

(2)

.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

948 -

‌ باب أَنَّ الْهِجْرَةَ لَا تَنْقَطِعُ

2550 -

(1) أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ أبي عوف

- وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ - عَنِ أَبِي هِنْدٍ

(3)

الْبَجَلِيِّ، وَكَانَ مِنَ السَّلَفِ قَالَ: تَذَاكَرُوا الْهِجْرَةَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ - ثَلَاثاً - وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»

(4)

.

رجال السند:

الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، وحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، مقبول تقدم، وابْنُ أَبِي عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هو الجرشي قاضي حمص، وثقه الجمهور، وأَبو هِنْدٍ الْبَجَلِيِّ، هو مقبول.

الشرح:

صح أن معاوية، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الهجرة خصلتان، إحداهما أن تهجر السيآت، والأخرى أن تهاجر»

(5)

، وانظر السابق.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، فقد تم بفضله وعونه الجزء الرابع من شرح مسند الدارمي، بعد صلاة الفجر يوم الجمعة 29/ 12/ 1440 هـ في منزلي بالمدينة النبوية

(1)

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 390) بتصرف.

(2)

مستفاد من التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 389).

(3)

في بعض النسخ الخطية " ابن أبي " وهو خطأ.

(4)

فيه أبو هند البجلي، مقبول، وأخرجه أبو داود حديث (2479) وصححه الألباني.

(5)

مسند أحمد شاكر حديث (1671).

ص: 467

على ساكنها نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام، وصاحبيه المجاورين له أبي بكرو عمر عليهما سلام الله ورضوانه.

ويلي هذا الجزء الخامس أوله: 949 - باب قَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأَنْصَار 2551 - (1) نسأل الله عز وجل العون على إنجازه.

ص: 468